مباني منهاج الصالحين

اشارة

سرشناسه : طباطبائی قمی، تقی، 1301 -

عنوان قراردادی : منهاج الصالحین. شرح

عنوان و نام پديدآور : مبانی منهاج الصالحین/ تالیف تقی الطباطبایی القمی.

مشخصات نشر : قم: محلاتی ، 14ق. = 20 م. = 13 -

مشخصات ظاهری : ج.

شابک : دوره 978-964-7455-58-9 : ؛ ج. 4 978-964-7455-57-2 :

يادداشت : عربی.

يادداشت : فهرستنویسی بر اساس جلد چهارم، 1430ق. = 1388.

يادداشت : کتاب حاضر شرحی بر کتاب " منهاج الصالحین" اثر ابوالقاسم خویی است.

یادداشت : کتابنامه.

موضوع : خوئی، ابوالقاسم، 1278 - 1371. منهاج الصالحین -- نقد و تفسیر.

موضوع : فقه جعفری -- قرن 14

شناسه افزوده : خوئی، ابوالقاسم، 1278 - 1371. منهاج الصالحین. شرح.

رده بندی کنگره : BP183/5 /خ9م80216 1300ی

رده بندی دیویی : 297/342

شماره کتابشناسی ملی : 1852734

الجزء الأول

[كلمة المؤلف]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه رب العالمين و الصلاة و السلام علي أشرف الانبياء و المرسلين محمد و آله الطاهرين و اللعن علي أعدائهم و غاصبي حقوقهم و منكري فضائلهم من الاولين و الاخرين الي يوم الدين.

و بعد فهذا شرح استدلالي كتبته اثناء البحث علي كتاب «منهاج الصالحين» الذي الفه سيدنا الاستاد السيد ابو القاسم الخوئي دام ظله و حيث كان نشره نافعا للفضلاء و العلماء الاعلام تصديت لطبعه و اهديه اولا: الي غوث الشريعة ولي الامر صاحب الزمان عجل اللّه تعالي فرجه الشريف. و ثانيا: الي روح المرحوم المبرور سيد الامة، حامي الشريعة المثل الاعلي للتقي فقيه اهل بيت الرسالة

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 4

سيدي الوالد قدس اللّه نفسه الزكيه و ارجو من المولي ان يقبله بقبول حسن و يجعله ذخرا ليوم فقري و فاقتي و يجعل كتابي بيدي اليمني و يغفر ذنوبي و يحشرني مع الائمة الاطهار سلام اللّه عليهم و رحمته و بركاته.

الثالث عشر من جمادي

الثانية سنة 1405.

الاحقر تقي الطباطبائي القمي

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 5

[في التقليد]

اشارة

في التقليد

[مسألة 1 يجب علي كل مكلف لم يبلغ رتبة الاجتهاد أن يكون في جميع عباداته و معاملاته و سائر أفعاله و تروكه مقلدا أو محتاطا]

(مسألة 1) يجب علي كل مكلف (1).

______________________________

(1) هذا الوجوب المذكور فطري او عقلي او شرعي؟.

افاد في المستمسك: بانه فطري من باب وجوب دفع الضرر المحتمل، و عقلي من باب وجوب شكر المنعم.

و قد ذكرنا في الدورة السابقة: ان الوجوب العقلي بهذا التقريب لا نفهمه اذ علي تقدير وجوب الشكر لو فرض تركه، فهل يستحق العقاب علي تركه أم لا؟

فعلي الاول يدخل في دفع الضرر، و علي الثاني لا يلزم في نظر العقل الاتيان بمصداق الشكر، نعم لا اشكال في حسن الشكر، و لكن مجرد حسن فعل لا يكون مقتضيا للإتيان به و الا لم يكن الالزام مختصا بالحكم الالزامي فان امتثال المولي حسن من باب حسن شكر المنعم علي الاطلاق، كما انه لم يكن مختصا بموارد العلم الإجمالي بل الامر كذلك في موارد الشبهة البدوية، فظهر بما ذكرنا ان

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 6

لم يبلغ رتبة الاجتهاد (1).

______________________________

تقريب الوجوب من باب وجوب الشكر غير تام، كما انه ظهر بما ذكرنا ان هذا الوجوب فطري بمناط دفع الضرر المحتمل اذ لا فرق فيه بين ذوي الشعور و العقول و غيرهم فانا نري ان حيوانا لو ذهب الي مكان و ضرب، يترك الذهاب الي ذلك المكان لدفع الضرر، فالوجوب المذكور فطري لعدم اختصاصه بالعاقل نعم العقل بما هو يدرك لزوم دفع الضرر.

فالحق ان يقال: ان هذا الوجوب فطري، عقلي، لا شرعي نعم الشرع يرشد المكلف الي حكم عقله بالطرق المختلفة كبيان العذاب و التخويف منه بل لنا ان نقول: بان الوجوب الشرعي في مثل المقام امر غير معقول اذ ما دام لا تصل النوبة الي احتمال العقاب و لزوم دفعه بحكم العقل او الفطرة، لا

اثر لإلزام الشرع نعم لا مانع من الزام الشرع خصوص الاحتياط او التقليد لكن لا اثر لهذا الالزام ما دام لا يحكم العقل بلزوم احد الامور و هذا لعله ظاهر واضح فلا تغفل.

ثم: انه لا يخفي ان هذا الوجوب انما يتحقق في مورد العلم الإجمالي بالتكليف الالزامي؟؟؟؟ الشبهة البدوية فانه في هذين الموردين يتحقق احتمال الضرر و هو العقاب اما مع عدم احتمال التكليف الالزامي فلا يحتمل العقاب و لا موضوع لدفع الضرر و في مورد احتمال الالزام يستحق المكلف العقاب بترك الامور المذكورة اي التقليد و الاحتياط و الاجتهاد.

و بعبارة اخري: ان عفو المولي و ان كان امرا ممكنا، لكن حيث ان الاستحقاق متحقق يكون اللازم بحكم العقل احد الامور المذكورة و الا تتحقق الجرأة علي المولي و هي توجب استحقاق العقاب.

(1) اذ مع بلوغ رتبة الاجتهاد و فعليته لا يجوز له التقليد.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 7

ان يكون في جميع عباداته و معاملاته و ساير أفعاله و تروكه، مقلدا أو محتاطا (1).

______________________________

و ربما يقال: بان من له الملكة و القوة لا يكون عارفا بالحكم بالفعل بل يكون جاهلا و يجوز رجوع الجاهل الي العالم.

و لا يبعد ان يكون الامر كذلك، اذ لا اشكال في ان الادلة اللفظية التي استند اليها في جواز التقليد تشمل مثله، فانه قبل فعلية اجتهاده لا يكون عارفا و لا يكون من اهل الذكر. و اما السيرة فالظاهر انها تشمله أيضا اذ لا اشكال في انه جاهل بالفعل.

(1) اذا لعبد لا يملك شيئا فكل فعل او ترك يصدر منه لا بد ان يكون مستندا الي حجة.

و بعبارة اخري: لا بد من اقامة حجة في كل شي ء فعلا كان او

تركا.

ثم ان المكلف اذا كان مجتهدا، و استنبط الحكم الشرعي فلا اشكال في جواز العمل علي مقتضي اجتهاده اذ يري ما وصل اليه نظره مطابقا للوظيفة المقررة و اما الاحتياط و التقليد، فلا بد ان يستندا اما الي الاجتهاد او القطع بالجواز بالسؤال من العلماء.

و بعبارة اخري: العامي لا يمكنه الاحتياط او التقليد الا بعد القطع بجوازهما فيصح ان يقال: بان التقليد ليس تقليديا لكن لا يصح ان يقال: ان تقليد العامي في اول الامر و في نفس تقليده اجتهادي و ذلك لان العامي لا يقدر علي الاجتهاد.

و قد افاد سيدنا الاستاد: بان ما يمكن ان يعتمد العامي عليه امران: احدهما:

السيرة التي لم يردع عنها الشارع. ثانيهما: دليل الانسداد اذ بعد العلم بانه في وعاء الشرع احكاما الزامية و لا يمكن لكل احد الاجتهاد فلا يجب الاجتهاد.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 8

______________________________

و ان شئت قلت: انه من الضروري عدم وجوب الاجتهاد بالنسبة الي كل احد بل هو امر غير مقدور في اول البلوغ و اما الاحتياط فايضا يعلم ان الشارع لم يرده من الناس.

مضافا الي انه ربما لا يعرف العامي طريق الاحتياط فيتعين التقليد و يجوز و ليس له ان يعمل بظنونه في قبال شكوكه و اوهامه لأنه لا يحصل الظن له اولا لعدم كونه من اهل النظر و ثانيا: لا اثر لظنه من حيث عدم حصوله بالنظر في الادلة.

و لا يخفي ما في كلا الوجهين اما الوجه الاول فلانه لا يمكن للعامي ان يستدل بالسيرة اذ من الممكن ان السيرة مردوعة من قبل الشارع و كيف يمكن للعامي ان يستند الي السيرة؟ و الحال انه بالنسبة الي جميع الجهات عامي و مما ذكرنا ظهر

ما في الوجه الثاني أيضا.

نعم- كما ذكرنا- العامي يمكنه القطع بالحكم الشرعي من طريق السؤال ممن يراه اهلا للسؤال كما انه لو أراد الاحتياط لزم عليه اما ان يجتهد و يستنبط جوازه او يسأل ممن يعلم الحكم الشرعي.

و صفوة القول: انه يلزم عليه اما ان يجتهد فيري ان الحكم الفلاني مستندا الي الدليل الكذائي فيتم له الحجة او يحتاط و لا بد في الجزم بجوازه من الاجتهاد او القطع بجوازه من طريق السؤال من اهل الخبرة و العلم بجوازه و مما ذكرنا ظهر ان الامر كذلك بالنسبة الي التقليد.

فانقدح: ان جواز التقليد لا يكون تقليديا للزوم التسلسل لكن ليس اجتهاديا أيضا لعدم امكانه بالنسبة الي العامي، بل بالعلم الحاصل من السؤال كما انه يحصل العلم بكثير من الامور بسؤال العالم.

ثم انه يقع الكلام في أدلة جواز التقليد و قد ذكر للاستدلال علي جوازه أمور:

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 9

______________________________

الامر الاول: السيرة القطعية بين العقلاء علي رجوع الجاهل الي العالم فيما لا يعلم، و اتباعه و هذه السيرة لم يردع عنها الشارع فتكون حجة و لا مجال لان يقال: ان الدليل الدال علي النهي عن العمل بغير العلم رادع عن السيرة، اذ يرد عليه:

اولا انه يلزم عدم حجية قول العادل او الثقة و أيضا يلزم عدم حجية الظواهر فان اعتبار مثل هذه الامور يكون بالسيرة التي امضيت و لم يردع عنها و علي فرض الالتزام يكون الدليل الدال علي عدم جواز العمل بغير العلم رادعا عن السيرة في جميع هذه الموارد فما الحيلة؟

و ثانيا: نجيب بالحل و هو ان العقلاء يرون هذه الامور علما جعليا اعتباريا اذ لولاه لاختل النظام.

و ان شئت قلت: ان الشارع الاقدس

لم يؤسس طريقا خاصا الي بيان مقاصده بل يحاور مع الناس علي طبق المتداول بينهم في محاوراتهم فما يدل علي سقوط غير العلم ناظر الي الاوهام او الظنون التي لا دليل علي اعتبارها كالقياس و الاستحسان فلاحظ.

و ربما يقال: انه يستفاد من بعض الآيات انكار التقليد و ردعه:

منها قوله تعالي: «وَ إِذٰا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ قٰالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مٰا أَلْفَيْنٰا عَلَيْهِ آبٰاءَنٰا أَ وَ لَوْ كٰانَ آبٰاؤُهُمْ لٰا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَ لٰا يَهْتَدُونَ «1».

و منها قوله تعالي: وَ إِذٰا قِيلَ لَهُمْ تَعٰالَوْا إِليٰ مٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ وَ إِلَي الرَّسُولِ قٰالُوا حَسْبُنٰا مٰا وَجَدْنٰا عَلَيْهِ آبٰاءَنٰا أَ وَ لَوْ كٰانَ آبٰاؤُهُمْ لٰا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَ لٰا يَهْتَدُونَ «2».

و يرد علي الاستدلال بالآيتين: ان الآيتين تردعان و تنكران رجوع الجاهل

______________________________

(1) البقرة، 171.

(2) المائدة، 104.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 10

______________________________

الي مثله بل لنا ان نقول: بأن الآيتين تدلان علي صحة التقليد. و ان شئت فقل ان الشارع بمثل هذه الآيات يرشد الناس الي ما يستقل به عقولهم و انه لا بد من الاستناد الي علم أو علمي و المفروض ان رجوع الجاهل الي العالم ليس عملا بالوهم و الظن بل عمل بالحجة العقلائية فلا تكون الآيات المذكورة ناظرة اليه فلاحظ. و مما ذكرنا تقدر علي الجواب عن الاستدلال بسائر الآيات التي ربما يستدل بها علي عدم جواز التقليد.

و صفوة القول في رد الاستدلال بالآيتين و نحوهما من الآيات انا لا ندعي جواز رجوع الجاهل الي مثله بلا دليل و لا بينة بل ندعي ان السيره العقلائية جارية علي رجوع الجاهل الي العالم في كل حرفة و صناعة بل هذا الامر ارتكازي موجود في نفس الانسان

و هذه الآيات لا تردع عن مثله كما هو ظاهر الا ان يقال:

ان الآيات المذكورة لا تدل علي حجية التقليد الا علي القول بمفهوم الوصف.

الامر الثاني: قوله تعالي: «فَلَوْ لٰا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذٰا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ «1».

بتقريب ان ما بعد كلمة (لعل) علة غائية لما قبلها بلا فرق بين ان يكون ما قبلها أمرا خارجيا أم حكما مولويا فاذا كان ما قبلها حكما مولويا وجوبيا و كان ما بعدها أمرا اختياريا يدل الكلام علي ان ما بعدها محكوم بحكم ما قبلها بداهة ان الغاية الاختيارية للفعل الواجب واجبة فالحذر واجب ثم ان الانذار كما يتحقق بالاخبار كذلك يتحقق بالافتاء فان الافتاء يكون انذارا بالدلالة الالتزامية و الحذر الواجب بالفهم العرفي هو التقليد عملا لا مجرد الخوف النفساني فتكون الاية دالة علي حجية الفتوي.

______________________________

(1) التوبة، 123.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 11

______________________________

ان قلت: يمكن ان يكون وجوب الحذر منوطا بالعلم بالتطابق مع الواقع.

قلت: الاطلاق يقتضي عدم هذا التقييد.

ان قلت: الاية ناظرة الي مورد الاخبار عن شي ء و ليست ناظرة الي الافتاء فان التفقه في الصدر الاول كان بسماع الحكم من النبي صلي اللّه عليه و آله أو الائمة عليهم السلام فالانذار يتحقق ببيان الحكم الذي سمعه فلا تدل الاية علي حجية الرأي و الاجتهاد.

قلت: التفقه له مراتب فربما يحصل بمجرد السماع، و أخري باعمال النظر و كان في عصر الائمة عليهم السلام من الفقهاء من كان صاحب نظر و رأي و لذا نري ان المعصوم عليه السلام سئل عن تعارض الروايات.

و صفوة القول: انه لا وجه لتقييد الاية بخصوص أخبار الراوي بل مقتضي الاطلاق شمولها لفتوي

الفقيه بل لقائل ان يقول: انه يعتبر في حجية قول الراوي فهمه للخبر المروي اذ بدون فهم الخبر لا يصدق التفقه و الظاهر من الاية اعتبار التفقه.

فتحصل: ان دلالة الاية علي حجية الفتوي أولي من دلالتها علي حجية الاخبار.

و يرد علي الاستدلال أولا: ان المستفاد من الاية وجوب الانذار رجاء تحقق الحذر، فان الحذر أمر نفساني غير اختياري فوجب الانذار برجاء تحقق الحذر و لا يستلزم الحمل علي هذا المعني الجهل بالنسبة الي ذاته تعالي فان الجمل الانشائية تستعمل في معانيها بالدواعي المناسبة بها و كلمة لعل تستعمل بداعي ابراز الرجاء و ابراز الرجاء لا يكون ملازما لجهل المستعمل.

و ان شئت قلت: المستفاد من الاية ان الحكمة الداعية الي ايجاب الانذار

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 12

______________________________

تحقق الحذر و حمل الحذر علي الفعل الخارجي المقدور للمكلف لا دليل عليه فلا تدل الاية علي وجوب العمل الخارجي بل تدل علي وجوب الانذار رجاء تحقق الحذر.

و ثانيا: ان الاية مسوقة لبيان وجوب الانذار فلا مجال للقول بأن مقتضي الاطلاق وجوب الحذر بلا فرق بين حصول العلم بمطابقة الانذار للواقع و عدمه فان الاطلاق يتوقف علي احراز كون المولي في مقام البيان و المفروض ان المولي في مقام بيان وجوب الانذار لا وجوب الحذر.

و ثالثا: لو تم مدعي الخصم، فانما يتم فيما يكون الخطاب و الغاية راجعين الي شخص واحد كما لو قال الطبيب للمريض اشرب الدواء الفلاني لعلك تفعل كذا و اما لو كان الانذار متوجها الي شخص و الحذر الي شخص آخر كما في الاية الشريفة فلا يدل الكلام علي المدعي.

أضف الي ذلك انه لم يقيد المنذر في الاية بكونه عادلا أو ثقة و لا اشكال في

عدم حجية قول الفاسق و لا اعتبار بكلامه فليس المقصود من الاية الا وجوب التفقه و الانذار رجاء حصول الحذر اما من باب حصول العلم من قول المنذر أو من باب احتمال الصدق و علي كلا التقديرين يترتب علي الحذر المقصود و هو التصدي للامتثال الا أن يقال: انه يمكن تقييد الاطلاق بالمقيد الخارجي.

الامر الثالث: قوله تعالي: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لٰا تَعْلَمُونَ «1».*

بتقريب: ان الامر بالسؤال يقتضي حجية الجواب و الا يكون السؤال لغوا و بما ان الفقيه أهل الذكر فقوله حجة و معتبر.

لا يقال: ان الامر بالسؤال لأجل تحصيل العلم لا العمل بقول المسئول بلا

______________________________

(1) الانبياء، 7 و النحل، 43.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 13

______________________________

علم بالواقع، فانه يقال: ان العرف يفهم من هذه الجملة ان غير العالم يرجع الي العالم مثلا لو قيل لأحد: راجع الطبيب يفهم العرف منه ان قول الطبيب حجة و لا يكون المقصود مراجعة الطبيب لأجل صيرورته طبيبا.

و يرد عليه أولا: ان استعمال هذه الجملة في مقام الارشاد الي تحصيل العلم بواسطة السؤال أمر متعارف في المحاورات و اما المثال المذكور في تقريب الاستدلال و أمثاله، فهو خارج بلحاظ القرينة.

و بعبارة أخري: القرينة قائمة علي ان الشخص الجاهل الذي يراجع الطبيب يعمل بقوله و رأيه فلا وجه لقياس المقام علي مورد المثال.

و ثانيا: ان السؤال في الآيتين مربوط بالنبوة و النبوة من الاصول و لا تثبت الاصول الدينية بالتقليد بل يلزم فيها العلم.

و ثالثا: المسئول بحسب الظهور علماء أهل الكتاب فلا وجه للتعدي كما ان الخطاب متوجه الي أشخاص مخصوصين.

و بعبارة أخري: مورد السؤال و المسئول و المأمور بالسؤال كلها في أطار خاص و دائرة مخصوصة و لا

وجه للتعدي. و التوسل الي ذيل عدم القول بالفصل رجوع الي دليل آخر. مضافا الي عدم رجوعه الي محصل صحيح فان عدم القول بالفصل ليس من الادلة.

و رابعا: ان أخبار المسئولين عن الرسالة في مورد الاية أخبار حسي و كون الخبر الحسي حجة في مورد لا يستلزم حجية الفتوي المستند الي الحدس فلا تغفل.

الامر الرابع: الروايات و هي علي طوائف:

الاولي: ما تدل علي عدم جواز الافتاء بغير علم.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 14

______________________________

منها: ما رواه: أبو عبيدة قال: قال أبو جعفر عليه السلام من افتي الناس بغير علم و لا هدي من اللّه لعنته ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب و لحقه وزر من عمل بفتياه «1».

و منها: ما رواه مفضل بن يزيد (مزيد) قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام انهاك عن خصلتين فيهما هلك الرجال: انهاك ان تدين اللّه بالباطل و تفتي الناس بما لا تعلم 2.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام:

اياك و خصلتين ففيهما هلك من هلك: اياك ان تفتي الناس برأيك او تدين بما لا تعلم 3.

و منها: ما رواه عبيدة السلماني قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: يا أيها الناس اتقوا اللّه و لا تفتوا الناس بما لا تعلمون فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قد قال قولا آل منه الي غيره و قد قال قولا من وضعه غير موضعه كذب عليه فقام عبيدة و علقمه و الاسود و اناس معه فقالوا: يا أمير المؤمنين فما نصع بما قد خبرنا به في المصحف؟ فقال: يسأل عن ذلك علماء آل محمد صلي اللّه عليه و آله 4.

و منها: ما رواه

عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن مجالسة أصحاب الرأي فقال: جالسهم و إياك عن خصلتين تهلك فيهما الرجال ان تدين بشي ء من رأيك أو تفتي الناس بغير علم 5.

و منها: ما رواه موسي بن بكر قال: قال أبو الحسن عليه السلام: من أفتي

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 4 من أبواب صفات القاضي الحديث: 1 و 2 و 3.

(2) (4 و 5) وسائل الشيعة الباب 4 من أبواب صفات القاضي الحديث: 19 و 29.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 15

______________________________

الناس بغير علم لعنته ملائكة الارض و ملائكة السماء «1».

و منها: ما رواه الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: من أفتي الناس بغير علم فليتبوأ مقعده من النار 2 فان هذه الطائفة تدل بالمفهوم علي جوازه مع العلم و بالملازمة العرفية يفهم جواز العمل به.

الثانية: ما تدل علي الرجوع الي رواة الحديث و الاخذ منهم منها: ما رواه أحمد بن اسحاق عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته و قلت: من اعامل؟

و عمن آخذ؟ و قول من اقبل؟ فقال: العمري ثقتي فما ادي إليك عني فعني يؤدي و ما قال لك عني فعني يقول فاسمع له و اطع فانه الثقة المأمون قال: و سألت أبا محمد عليه السلام عن مثل ذلك فقال: العمري و ابنه ثقتان فما اديا إليك عني فعني يؤديان و ما قالا لك فعني يقولان فاسمع لهما و اطعهما فانهما الثقتان المأمونان الحديث 3.

و منها ما رواه أبان بن عثمان ان أبا عبد اللّه عليه السلام قال له: ان ابان ابن تغلب قد روي عني رواية

كثيرة فما رواه لك عني فاروه عني 4.

و منها: ما رواه اسحاق بن يعقوب قال سألت محمد بن عثمان العمري ان يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل اشكلت علي فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان عليه السلام: اما ما سألت عنه ارشدك اللّه و ثبتك الي ان قال:

و اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و أنا

______________________________

(1) (1 و 2) وسائل الشيعة الباب 4 من أبواب صفات القاضي الحديث: 31 و 33.

(2) (3 و 4) الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث: 4 و 8.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 16

______________________________

حجة اللّه و اما محمد بن عثمان العمري فرضي اللّه عنه و عن أبيه من قبل فانه ثقتي و كتابه كتابي «1».

و منها ما رواه شعيب العقرقوفي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ربما احتجنا ان نسأل عن الشي ء فمن نسأل؟ قال: عليك بالاسدي يعني أبا بصير 2.

و منها: ما رواه حمزة بن حمران قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

من استأكل بعلمه افتقر قلت: ان في شيعتك قوما يتحملون علومكم و يبثونها في شيعتكم فلا يعدمون منهم البر و الصلة و الاكرام فقال: ليس أولئك بمستأكلين انما ذاك الذي يفتي بغير علم و لا هدي من اللّه ليبطل به الحقوق طمعا في حطام الدنيا 3.

و منها: ما روا، جميل بن دراج قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ بالجنة: بريد بن معاوية العجلي و أبو بصير ليث ابن البختري المرادي و محمد بن مسلم و زرارة أربعة نجباء أمناء اللّه علي حلاله و حرامه لو لا هؤلاء انقطعت آثار النبوة و اندرست 4.

و

منها: ما رواه علي ابن المسيب الهمداني قال: قلت للرضا عليه السلام:

شقتي بعيدة و لست أصل إليك في كل وقت فمن آخذ معالم ديني؟ قال: من زكريا بن آدم القمي المأمون علي الدين و الدنيا 5.

و منها: ما رواه مسلم بن أبي حية قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام في خدمته فلما اردت ان افارقه و دعته و قلت: أحب ان تزودني فقال: ائت أبان ابن تغلب فانه قد سمع مني حديثا كثيرا فما رواه لك فاروه عني 6.

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث: 9 و 15 و 12.

(2) (4 و 5 و 6) الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث: 14 و 27 و 30.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 17

______________________________

و منها: ما رواه عبد العزيز بن المهتدي و الحسن بن علي بن يقطين جميعا عن الرضا عليه السلام قال: قلت: لا أكاد أصل إليك اسألك عن كل ما أحتاج اليه من معالم ديني أ فيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه ما أحتاج اليه من معالم ديني؟ فقال: نعم «1».

و منها: ما رواه عبد العزيز ابن المهتدي قال: سألت الرضا عليه السلام فقلت اني لا القاك في كل وقت فعمن آخذ معالم ديني؟ فقال: خذ عن يونس بن عبد الرحمن «2».

و منها: ما رواه أيضا قال قلت للرضا عليه السلام: ان شقتي بعيد فلست أصل إليك في كل وقت فآخذ معالم ديني عن يونس مولي آل يقطين؟ قال:

نعم 3.

و منها: ما رواه احمد بن حاتم بن ماهويه قال: كتبت اليه يعني ابا الحسن الثالث عليه السلام اسأله عمن آخذ معالم ديني و كتب

اخوه أيضا بذلك فكتب اليهما: فهمت ما ذكرتما فاصمدا في دينكما علي كل مسن في حبنا و كل كثير القدم في امرنا فانهما كافو كما إن شاء اللّه تعالي 4.

بدعوي دلالة هذه الطائفة باطلاقها علي اعتبار الفتوي و عدم تقييدها بخصوص الاخبار و الانصاف ان الجزم به مشكل نعم لا اشكال ان بعض نصوص الباب واف باثبات المدعي لاحظ حديث الحسن بن علي بن يقطين و امثاله.

الثالثة: ما تدل علي عدم جواز الاستناد الي القياس و الاستحسان و الرأي.

منها: ما رواه ابان بن تغلب عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: ان السنة

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث: 33.

(2) (2 و 3 و 4) الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث: 34 و 35 و 45.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 18

الا ان يحصل له العلم بالحكم لضرورة أو غيرها كما في بعض الواجبات و كثير من المستحبات و المباحات (1).

______________________________

لا تقاس الا تري ان المرأة تقضي صومها و لا تقضي صلاتها يا ابان ان السنة اذا قيست محق الدين «1».

و منها: ما رواه عثمان بن عيسي قال: سألت ابا الحسن موسي عليه السلام عن القياس فقال: و ما لكم و للقياس ان اللّه لا يسأل كيف احل و كيف حرم 2.

و منها ما رواه طلحة بن زيد عن ابي عبد اللّه عن ابيه عليهما السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام لا رأي في الدين 3.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: في كتاب آداب امير المؤمنين عليه السلام: لا تقيس في الدين فان امر اللّه لا يقاس و سيأتي قوم يقيسون و هم

اعداء الدين 4.

فان المستفاد من هذه الطائفة- و هي كثيرة جدا- بالفهم العرفي المنع عن القياس و جواز الافتاء عن مدرك شرعي اذ لو كان الاجتهاد فاسدا كالقياس كان المناسب التعرض له فلاحظ.

الخامس: انه لا شبهة في ان العوام مكلفون بالتكاليف الشرعية و لا يقدرون علي الاجتهاد و لم يرد منهم الاحتياط قطعا مضافا الي ان جواز الاحتياط يتوقف علي الاجتهاد او التقليد فيكون المتعين في حقهم جواز التقليد و هذا من احسن الوجوه و اخصرها.

(1) اذا حصل للمكلف العلم بالواقع اما لكونه ضروريا او لكونه من

______________________________

(1) (1 و 2 و 3 و 4) الوسائل الباب 6 من أبواب صفات القاضي الحديث: 10- 15 34- 36.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 19

[مسألة 2 عمل العامي بلا تقليد و لا احتياط باطل]

(مسألة 2) عمل العامي بلا تقليد و لا احتياط باطل، لا يجوز له الاجتزاء به الا ان يعلم بمطابقته للواقع أو لفتوي من يجب عليه تقليده فعلا (1).

[مسألة 3: الاقوي جواز ترك التقليد و العمل بالاحتياط]

(مسألة 3): الاقوي جواز ترك التقليد و العمل بالاحتياط سواء اقتضي التكرار كما اذا ترددت الصلاة بين القصر و التمام أم لا، كما اذا احتمل وجوب الاقامة في الصلاة لكن معرفة موارد الاحتياط متعذرة غالبا أو متعسرة علي العوام (2)

______________________________

اليقينيات فلا مجال للتعبد بالامارة سواء ذلك فتوي الغير أو غيرها من الامارات و ذلك لاختصاص الحجية بمن جهل الواقع اذ مع العلم به لا معني للتعبد لا بالمعلوم اذ تحصيل الحاصل محال و لا بخلافه لا و له الي اجتماع الضدين كما هو ظاهر بادني تأمل.

(1) فالمراد بالبطلان هو البطلان في نظر العقل بمعني عدم جواز الاكتفاء بالعمل ما لم ينكشف مطابقته للواقع أو لرأي من يجوز تقليده فعلا أما في الاول فظاهر و أما في الثاني فلقيام الحجة و هو قول المجتهد فعلي تقدير مخالفته للواقع تكون الحجة تامة للمكلف علي المولي فلاحظ.

(2) نقل عن الميرزا النائيني قدس سره: الاشكال فيه و ما قيل في وجه الاشكال أو يمكن أن يقال أمور:

الاول: انه لعب و عبث بأمر المولي. و فيه أولا: انه يمكن أن يكون في اختيار طريق الاحتياط غرض عقلائي و اللعب ما لا يكون فيه غرض عقلائي اذ في البحث و الفحص تفويت الوقت و بالاحتياط يكون جمعا بين الحقين مضافا الي ان اللعب علي فرض تحققه يكون في طريق الامتثال لا في نفسه و لا دليل

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 20

[مسألة 4 التقليد هو العمل اعتمادا علي فتوي المجتهد]

(مسألة 4) التقليد هو العمل اعتمادا علي فتوي المجتهد (1).

______________________________

علي لزوم رعاية عدم اللعب في طريق الامتثال.

الثاني: انه اخلال بقصد الوجه. و فيه: انه لا دليل علي وجوب قصدا لوجه مضافا الي عدم الاخلال بقصد الوجه بل الفائت قصد التميز.

الثالث:

انه لا يتحقق التميز. و فيه انه لا دليل علي وجوب التميز.

الرابع: ان الامتثال الاحتمالي في طول الامتثال التفصيلي و ان العقل لا يحكم بالتسوية بينهما. و فيه ان شأن العقل ادراك لزوم الاتيان بما يجب علي المكلف من قبل المولي لا غيره و المفروض ان العبادة مقيده بقصد القربة و يتحقق مع الاحتياط و غاية ما في الباب ان يشك في لزوم الامتثال التفصيلي و مقتضي البراءة عدم لزومه كاحتمال كون الواجب تعبديا فلاحظ.

(1) قد وقع الخلاف بين الاصحاب في معني التقليد و الذي يظهر من اللغة:

ان التقليد عبارة عن العمل ففي المنجد: قلده السيف جعله حمالته في عنقه، قلده القلادة جعلها في عنقه، العمل فوضه اليه و عن المجمع في حديث الخلافة:

قلدها رسول اللّه عليا أي جعلها قلادة له الي غير ذلك من الكلمات و الظاهر ان المدعي أظهر من أن يخفي فان معناه بحسب الفهم العرفي ما ذكرنا و منه جعل القلادة في عنق الحيوان فلاحظ.

و يؤيد ما ذكرنا- لو لم يدل عليه- ما في جملة من الاخبار منها ما ورد في الاخبار المستفيضة- علي ما في كلام سيدنا الاستاذ- من ان من أفتي بغير علم فعليه وزر من عمل به لاحظ ما رواه أبو عبيدة قال: قال أبو جعفر عليه السلام من أفتي الناس بغير علم و لا هدي من اللّه لعنته ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب و لحقه وزر من عمل بفتياه «1» فانه يستفاد من هذه الرواية و أمثالها ان التقليد

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب صفات القاضي الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 21

______________________________

عبارة عن نفس العمل، و ما رواه عبد الرحمن ابن الحجاج قال: كان أبو عبد

اللّه عليه السلام قاعدا في حلقة ربيعة الرأي فجاء اعرابي فسأل ربيعة الرأي عن مسألة فأجابه فلما سكت قال له الاعرابي: أ هو في عنقك؟ فسكت عنه ربيعة و لم يرد عليه شيئا فأعاد المسألة فأجابه بمثل ذلك فقال له الاعرابي: أ هو في عنقك؟

فسكت ربيعة فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: هو في عنقه قال أو لم يقل و كل مفت ضامن «1» فانه يستفاد من هذا الحديث ان عمل المقلد تقليد و جعل العمل في عنق المفتي، و ما رواه اسحاق الصير في قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السلام ان رجلا احرم فقلم اظفاره و كانت له إصبع عليلة فترك ظفرها لم يقصه فافتاه رجل بعد ما أحرم فقصه فادماه فقال: علي الذي أفتي شاة «2» فان المستفاد من هذه الرواية ان عمل المقلد في عنق من أفتي به فلاحظ.

فالمتحصل حسب الفهم العرفي و اللغة و الأخبار أن التقليد عبارة عن العمل.

و في المقام شبهة لصاحب الكفاية و هي ان العمل لا بد ان يكون مسبوقا بالتقليد كما ان الاستنباط أو عمل المجتهد يتوقف علي الاجتهاد و الا يلزم ان يكون أول عمل صادر من العامي بلا تقليد.

و يمكن ان يجاب عن هذه الشبهة بأن اللازم ان يكون العمل عن تقليد و اما سبق التقليد فلا دليل عليه.

و بعبارة أخري: يتوقف العمل علي التقليد و هذا التوقف يستلزم التقدم الرتبي لا الزماني كما ان الامر كذلك في الاجتهاد غاية الامر انه لا يتصور التقارن الزماني بين الاجتهاد و العمل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب آداب القاضي الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 13 من ابواب بقية كفارات الاحرام الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 22

و

لا يتحقق بمجرد تعلم فتوي المجتهد و لا بالالتزام بها من دون عمل.

______________________________

ان قلت: ان مشروعية العمل تتوقف علي التقليد و التقليد يتوقف علي العمل و هذا دور.

قلت: مشروعية العمل تتوقف علي فتوي من يجوز اتباعه و التقليد يتوقف علي العمل فلا دور.

و ربما يقال: بأن ما ذكر يتم علي تقدير كون المجتهد واحدا و علي فرض التعدد يكون آرائهم متحدة و اما مع اختلاف الفتاوي فلا يتم الامر اذ حجية الجميع غير معقول و الترجيح لا وجه له اذ لا مرجح فلا بد من القول بأن التقليد هو الالتزام مقدمة للعمل.

و فيه: انه في صورة التعدد و الاختلاف إن كان واحد منهم اعلم من البقية فالمتعين تقليده و الا لا يجوز التقليد لسقوط الحجية بالتعارض مضافا الي ان الحجية التخييرية لو صحت فاي محذور في العمل برأي كل واحد علي سبيل التخيير.

فانقدح بما ذكرنا ان التقليد هو العمل لا اخذ الفتوي للعمل و لا الالتزام بنفسه و لا الاخذ بقول الغير و لا قبول قول الغير و لا اخذ فتوي الغير.

و لا يخفي انه لا يترتب علي تحقيق معني التقليد بما هو مفهوم من المفاهيم اثر عملي اذ لم يرد هذا اللفظ في حديث الا في حديث رواه احمد بن علي بن ابي طالب الطبرسي في الاحتجاج عن ابي محمد العسكري حيث قال فيه: فاما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا علي هواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام ان يقلدوه «1» و هذا الحديث ضعيف سندا بالارسال.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب صفات القاضي الحديث: 20.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 23

[مسألة 5: يصح التقليد من الصبي المميز]

(مسألة 5): يصح التقليد من الصبي المميز (1) فاذا مات المجتهد

الذي قلده الصبي قبل بلوغه جاز له البقاء علي تقليده (2).

و لا يجوز له ان يعدل عنه الي غيره الا اذا كان الثاني أعلم (3).

______________________________

و ربما يتوهم انه تظهر النتيجة في مسألة البقاء علي تقليد الميت و العدول عن الحي الي غيره اذ لو كان معني التقليد هو العمل لا يجوز البقاء قبل العمل كما انه لو لم يشترط بالعمل لم يجز العدول في المسألة الثانية، و هذا توهم فاسد بل لا بد من مراجعة دليل الفرعين و ملاحظته فربما يجوز البقاء او يجب و لو لم يعمل مع القول بان التقليد مشروط بالعمل كما انه يمكن ان يكون مقتضي الدليل جواز العدول او وجوبه و لو كان بعد العمل فلا اثر لتحقيق معني التقليد فلا تغفل.

(1) يمكن ان يستدل عليه بوجهين: الاول: اطلاق ادلة حجية قول المجتهد للجاهل فان تلك الادلة علي تقدير تماميتها لم تعتبر البلوغ في المقلد و أيضا لا فرق في حكم العقل و السيرة العقلائية في رجوع الجاهل الي العالم بين البالغ و غيره.

الثاني: انه من الظاهر ان الامر بالنسبة الي غير البالغ ليس اشد منه الي البالغ فلو قلنا بشرعية عباداته- كما نقول به- يجوز له التقليد فلاحظ.

(2) لخروجه عن مورد الاجماع علي عدم الجواز و ان شئت قلت: ان تقليده بقاء بعدا البلوغ ليس تقليدا ابتدائيا.

(3) المجتهد الاخر اما يكون اعلم، او يكون مساويا او يكون مفضولا، و علي جميع التقادير، اما يكون الاتفاق في الفتوي محرزا او مشكوكا فيه او محرز العدم، اما علي تقدير الاتفاق في الفتوي او الشك في الاختلاف

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 24

[مسألة 6: يشترط في مرجع التقليد أمور]

(مسألة 6): يشترط في مرجع التقليد البلوغ (1).

______________________________

فلا مانع من

العدول و اما مع احراز الاختلاف ففي صورة التساوي يجب الاخذ بالاحوط و في صورة كون من قلده اعلم يجب البقاء و في صورة العكس يجب العدول بلا فرق بين البالغ و غيره.

(1) يقع الكلام في هذا المقام في موضعين: الموضع الاول في المقتضي الموضع الثاني في المانع اما الموضع الاول، فالظاهر عدم قصور في المقتضي فانه لا فرق في السيرة العقلائية الجارية في رجوع الجاهل الي العالم بين كون المرجع بالغا و غيره كما ان الادلة اللفظية من الكتاب و السنة تشمل غير البالغ فان قوله عليه السلام: «من كان من الفقهاء» «1» يشمل غير البالغ كما يشمل البالغ و الانصراف علي فرض تسلمه بدوي يزول بالتأمل فالاقتضاء تام.

و ربما يقال: بان المقتضي قاصر عن الشمول و ذلك لان حديث ابي خديجه قد جعل الموضوع عنوان الرجل حيث قال: «قال ابو عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: اياكم ان يحاكم بعضكم بعضا الي اهل الجور و لكن انظروا الي رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم فاني قد جعلته قاضيا فتماكموا اليه» «2» و هذا العنوان لا يصدق علي غير البالغ.

و يرد عليه اولا: انه ضعيف سندا بضعف اسناد الصدوق الي احمد بن عائذ مضافا الي ان التوثيق الوارد في ابي خديجة معارض بتضعيفه و ثانيا: ان الحديث وارد في القضاء و لا يرتبط بالفتوي فلاحظ.

لكن يمكن تصحيح الخبر سندا فان تضعيف الشيخ للرجل تاريخه مجهول كتوثيقه اياه فباعتبار الجهل بالتاريخ يسقط كلام الشيخ عن الاعتبار و ان شئت

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب صفات القاضي الحديث: 20.

(2) الوسائل الباب الاول من أبواب صفات القاضي الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص:

25

______________________________

قلت: يصير المقام من موارد الشبهة المصداقية للتضعيف فيبقي توثيق النجاشي بحاله من الاعتبار مضافا الي أنا قد ذكرنا في بحث المعاملات انه يمكن ان يقال:

ان الشيخ قد اشتبه عليه الامر و تخيل ان المراد بأبي خديجة سالم بن أبي سلمة.

و اما اسناد الصدوق الي احمد بن عائذ فيمكن القول باعتباره لان الحسن الواقع في السند قال النجاشي في حقه: «انه خير» و هذا توثيق فمن حيث السند الخبر تام الا ان يقال: بان الاخبار عن كون الشخص خير اعم من التوثيق و علي كل فالحديث لا يرتبط بالمقام بل وارد في القضاء.

و اما الموضع الثاني: فما يمكن ان يقال في مقام الاشكال او قيل امور:

الاول الاجماع و حاله في الاشكال ظاهر اذ من الممكن- ان لم يكن مقطوعا- ان منشأ قول المجمعين الامور التي تذكر في مقام المنع فلا يكون اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السلام.

مضافا الي انه كيف يمكن تحصيل الاجماع و اما الاجماع المنقول فقد ثبت في محله عدم اعتباره.

الثاني: ان المعلوم من الشارع ان غير البالغ غير لائق لهذا المنصب.

و فيه انه علم خلافه فان المسيح كان نبيا في المهد و الجواد عليه السلام كان اماما قبل بلوغه و كذلك ولي اللّه الاعظم عجل اللّه تعالي فرجه كان حين وفات والده ابن خمس سنين فاذا كان منصب النبوة و الامامة لا يشترطان بالبلوغ فكيف بمقام المرجعية للتقليد و الحال ان النسبة و البعد بين المرحلتين ما بين المشرقين.

الثالث: ان القلم مرفوع عن غير البالغ حتي يبلغ كما في رواية عمار عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة؟ قال:

اذا اتي عليه ثلاث عشرة

سنة فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 26

______________________________

عليه القلم «1» و مع فرض رفع القلم عنه كيف يجوز اتباعه؟. و فيه ان المستفاد من هذا الحديث و امثاله: ان القلم تكليفا او وضعا او كليهما مرفوع عن غير البالغ و لا منافاة بين اعتبار رأيه للغير و كون القلم مرفوعا عنه و لا تلازم بين الامرين كما هو ظاهر.

الرابع: انه قد دل بعض النصوص ان عمده مثل خطاءه و هو ما رواه محمد بن مسلم عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: عمد الصبي و خطأه واحد «2»، فلا اثر لقوله.

و الاشكال فيه بان المراد منه عدم توجه الدية اليه، مدفوع بان الحديث مطلق و لا وجه لحمله علي المقيد فانه حمل علي خلاف القاعدة فان المثبتين لا تنافي بينهما.

و الحق ان يورد عليه بايراد آخر و هو ان الظاهر من الحديث ان افعاله في اعتبار الشارع افعال غير اختيارية فلو قتل احدا عمدا يعتبر قتل الخطأ ففتوي غير البالغ كالعدم لكن يدفع الايراد المذكور بان الرواية لا تسقط آراء الصبي عن الاعتبار.

ثم انه علي فرض التنزل لو صار مجتهدا قبل البلوغ فلا اشكال في جواز تقليده بعد بلوغه و لا مجال لان يقال: بان اجتهاده قبل بلوغه ساقط عن الاعتبار اذ لا وجه لعدم اعتباره لأنه يصدق عليه عنوان العالم و المجتهد، كما انه لو تعلم مسائله قبل ان يبلغ و بعد البلوغ مات فعلي تقدير جواز تقليد الميت ابتداء لا اشكال

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمات العبادات الحديث 12.

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب العاقلة الحديث 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 27

و العقل (1).

______________________________

في

جواز تقليده نعم لو مات قبل البلوغ يشكل جواز تقليده حتي علي القول بجواز تقليد الميت ابتداء.

(1) الذي يمكن ان يقال في المقام: ان الجنون اذا كان ادواريا فلا مانع من تقليده حال الافاقة مع اجتماع بقية الشرائط، و اما الاطباقي فتارة يقع الكلام في تقليده ابتداء و اخري في البقاء علي تقليده بان قلده حال العقل ثم يبقي علي تقليده بعد عروض الجنون.

اما الصورة الاولي فلا اشكال في عدم الجواز اذ لا وثوق باقوال من لا عقل له و لا بآرائه كما ان العقلاء لا يرون له وقعا في انفسهم و الاطلاقات علي فرض تماميتها لا تشمله اذ الموضوع في تلك النصوص قد قيدت بقيود لا تنطبق علي المجنون لاحظ ما ارسله في الاحتجاج «1» فان الموضوع المذكور في الحديث لا تنطبق علي المجنون اذ المذكور في الرواية فاما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا علي هواه مطيعا لأمر مولاه «2» فانه من الظاهر ان هذه العناوين لا تنطبق علي المجنون.

مضافا الي انه قيل: لا خلاف في اعتبار العقل في المرجع.

و اما الصورة الثانية فلا مانع من البقاء علي تقليده اما السيرة فهي جارية علي العمل بقول من زال عنه عقله كما انه يمكن ان يقال: ان الاطلاقات تشمله اذ بعد فرض شمول الاطلاق يكون مقتضاه عدم الفرق بين بقاء عقله و زواله.

و بعبارة اخري: مفاد قضية الحجية اعتبار قول فلان و اطلاقه يقتضي ثبوت الاعتبار و لو مع التغيير و التبدل و القول بان هذا المقام ينافي مع كونه مجنونا،

______________________________

(1) لاحظه في ص 22.

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب صفات القاضي الحديث: 20.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 28

و الايمان (1).

______________________________

مردود

بانه ما الفرق بين اعتبار رأي المرجع في الامر الديني و قول العادل في الموضوعات فهل يمكن ان يتوهم احد بانه لو اخبر البينة عن شي ء ثم سقط اعتباره بعروض الفسق او الجنون، لم يبق كلامه معتبرا و سقط و لا يترتب الاثر عليه؟ كلا و الظاهر انه لا فرق بين المقامين فلاحظ.

(1) ربما يستدل عليه بالإجماع، و حال الاجماع في الاشكال واضح اذ المنقول منه غير حجة و اما المحصل منه، فعلي تقدير حصوله يحتمل كونه مدركيا فلا يكون اجماعا تعبديا كاشفا.

و ربما يستدل علي المدعي بجملة من الروايات:

الاولي ما رواه علي بن سديد السابي قال: كتب الي ابو الحسن عليه السلام و هو في السجن: و اما ما ذكرت يا علي ممن تأخذ معالم دينك لا تأخذن معالم دينك عن غير شيعتنا فانك ان تعديتهم اخذت دينك عن الخائنين الذين خانوا اللّه و رسوله و خانوا اماناتهم «1».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان معالم الدين لا يمكن اخذه من المخالف.

و فيه: اولا ان السند ضعيف بعلي بن حبيب حيث انه لم يوثق و ثانيا: ان الظاهر من الحديث المنع عن اخذ الدين و معالمه عن المخالف من حيث خيانته.

و بعبارة اخري: ان الممنوع اخذ الدين ممن يستفيد الحكم الشرعي عن غير طريق الحق و هذا ليس محل الكلام بل الكلام في جواز الاخذ من المخالف الذي يستفيد الحكم الشرعي عن طريق الحق الا ان يقال: بان الخيانة لا تنفك عن غير الشيعة و المستفاد من الحديث عدم جواز اخذ معالم الدين عن الخائن فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث 42.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 29

______________________________

الثانية: ما رواه احمد بن حاتم

بن ماهويه قال: كتب اليه- يعني ابا الحسن الثالث عليه السلام.- اسأله عمن آخذ معالم ديني و كتب اخوه أيضا بذلك فكتب اليهما: فهمت ما ذكرتما فاصمدا في دينكما علي كل مسن في حبنا و كل كثير القدم في امرنا فانهما كافوكما إن شاء اللّه تعالي «1».

و تقريب الاستدلال ظاهر. و فيه اولا: ان السند ضعيف بموسي بن جعفر بن وهب و ثانيا: ان الشرط المذكور في الخبر لا اشكال في عدم لزومه فان شدة الحب و الثبات التام في امر هم لا يشترطان في المرجع.

الثالثة ما رواه أبو خديجة «2» فان الظاهر من الرواية اشتراط كون المرجع من الشيعة اذ الظاهر من قوله عليه السلام الي رجل منكم، لزوم كونه شيعيا.

و فيه: أولا: انه ضعيف سندا بالحسن بن علي بن الوشاء للنقاش في توثيقه 3 و ثانيا: انه وارد في القضاء.

الرابعة: ما رواه عمر بن حنظلة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما الي أن قال: فان كان كل واحد اختار رجلا من أصحابنا فرضيا ان يكونا الناظرين في حقهما و اختلف فيما حكما و كلاهما اختلفا في حديثكم (حديثنا) فقال: الحكم ما حكم به اعدلهما و افقهما و اصدقهما في الحديث و اورعهما و لا يلتفت الي ما يحكم به الاخر 4.

و التقريب هو التقريب. و فيه: أولا انه ضعيف بعمر، و ثانيا بأنه وارد في القضاء و ثالثا: ان كلام الامام عليه السلام في مورد سؤال الراوي و الراوي فرض

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث 45.

(2) (2 و 3) لاحظ ص 24.

(3) (4) الوسائل الباب 9 من أبواب

صفات القاضي الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 30

و الذكورة (1).

______________________________

الامر في رجلين من أصحابنا و اللّه العالم بحقائق الاشياء.

(1) ما يمكن ان يذكر في هذا المقام أو ذكر أمور: الاول: الاجماع و اشكاله ظاهر.

الثاني: ما رواه أبو خديجة «1» بتقريب ان عنوان الرجل لا يصدق علي غير المذكر. و فيه: انه قد مر 2 ان الرواية واردة في القضاء و مقامنا البحث عن الفتوي.

الثالث: ما رواه ابن حنظلة 3 و فيه ان الرواية ضعيفة سندا بعمر مضافا الي انها واردة في حكم القضاء فلا يرتبط بالمقام.

و في المقام روي مرسلا عن عامر بن عبد اللّه بن خزاعة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: امرأتي تقول بقول زرارة و محمد بن مسلم في الاستطاعة و تري رأيهما فقال: ما للنساء و للرأي و هذه الرواية ساقطة سندا فان العامر لم يوثق.

الوجه الثالث ما افاده سيدنا الاستاد و ملخصه: انه فهم من مذاق الشرع ان اللازم علي المرأة الاستتار و لم يرض الشارع تصدي المرأة للأمور العامة و ادارتها و هذا رادع عن السيرة الجارية علي رجوع الجاهل الي العالم.

و هذا الوجه لا يرجع الي محصل و انه أخص من المدعي فان جواز تقليد المرأة لا يستلزم تصديها للأمور العامة و بين المقام و بينه بون بعيد اذ يمكن ان تكون امرأة مجتهدة مستترة في كمال التستر و الجاهل يعمل بآرائها لا سيما اذا كان المراجع امرأة مثلها كما يجوز امامتها للنساء.

______________________________

(1) (1 و 2) لاحظ ص 24.

(2) (3) لاحظه في ص 29.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 31

و الاجتهاد (1).

______________________________

(1) اذ مع عدم الاجتهاد يكون من مصاديق رجوع الجاهل الي مثله فاشتراط الاجتهاد في مرجع

التقليد مما لا كلام فيه انما الكلام في انه يشترط فيه الاجتهاد المطلق- كما في عبارة السيد اليزدي في عروته- أو يكفي التجزي بناء علي امكانه؟ لا يبعد ان يكون كلام الماتن ظاهرا في الثاني، حيث لم يقيده بالاطلاق و كيف كان الظاهر انه لا فرق في بناء العقلاء بين المجتهد المطلق و المتجزي في جواز الرجوع فان الميزان كون المرجع عالما كي يكون الرجوع اليه من مصاديق رجوع الجاهل الي العالم.

و لا يخفي ان الاجتهاد المطلق لا يلازم استنباط جميع الاحكام بالفعل فان المراد من الاجتهاد المطلق الملكة الثابتة في النفس الموجبة للقدرة علي استنباط الاحكام فالميزان حصول الملكة و من البديهي ان الفرق بين الملكة الناقصة و الكاملة بلا وجه و لذا لم يفرق الاستاد بين قليل الاستنباط و كثيره.

و صفوة القول في المقام: انه لا وجه للتفصيل بين الاجتهاد المطلق و غيره بالنسبة الي بناء العقلاء و أما من حيث الدليل اللفظي، فالظاهر انه ليس في الادلة ما يكون تاما سندا و دلالة كي يعتمد عليه فان حديثي أبي خديجة و ابن حنظلة «1» ضعيفان سندا مضافا الي انهما متعرضان لحكم القضاء لا الافتاء فلاحظ و اما ما عن تفسير العسكري «2» فهو أيضا ساقط سندا فان استناد التفسير المذكور الي الامام عليه السلام أول الكلام نعم من حيث الدلالة لا بأس به فان الفقيه علي الاطلاق لا يصدق علي كل متجزي.

______________________________

(1) لاحظهما في ص 24- 29.

(2) لاحظه في ص 29 فانه عين رواية الاحتجاج.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 32

و العدالة (1).

______________________________

(1) ما يمكن ان يقال في وجهه أمور: الاول الاجماع و حاله في الاشكال واضح فان المنقول منه ليس حجة و

المحصل منه علي فرض حصوله يكون محتمل المدرك ان لم يكن مقطوعا به.

الثاني: انها شرط في امام الجماعة فتكون شرطا في المرجع بالاولوية.

و فيه ان الاولوية أول الكلام و ملاك الاحكام غير معلوم لدنيا و علي فرض التسليم تكون ظنية لا يغني من الحق شيئا.

الثالث ما رواه أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في الاحتجاج و في تفسير العسكري عليه السلام في قوله تعالي «فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتٰابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هٰذٰا مِنْ عِنْدِ اللّٰهِ قال: هذه لقوم من اليهود الي ان قال: و قال رجل للصادق عليه السلام: اذا كان هؤلاء العوام من اليهود لا يعرفون الكتاب الا بما يسمعونه من علمائهم فكيف ذمهم بتقليدهم و القبول من علمائهم؟ و هل عوام اليهود الا كعوامنا يقلدون علمائهم الي ان قال: فقال عليه السلام: بين عوامنا و عوام اليهود فرق من جهة و تسوية من جهة أما من حيث الاستواء فان اللّه ذم عوامنا بتقليدهم علمائهم كما ذم عوامهم و أما من حيث افترقوا فان عوام اليهود كانوا قد عرفوا علمائهم بالكذب الصراح و أكل الحرام و الرشا و تغيير الاحكام و اضطروا بقلوبهم الي ان من فعل ذلك فهو فاسق لا يجوز ان يصدق علي اللّه و لا علي الوسائط بين الخلق و بين اللّه فلذلك ذمهم و كذلك عوامنا اذا عرفوا من علمائهم الفسق الظاهر و العصبية الشديدة و التكالب علي الدنيا و حرامها فمن قلد مثل هؤلاء فهو مثل اليهود الذين ذمهم اللّه بالتقليد لفسقة علمائهم فاما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا علي هواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 33

______________________________

ان يقلدوه و ذلك لا

يكون الا بعض فقهاء الشيعة لا كلهم فان من ركب من القبائح و الفواحش مراكب علماء العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئا و لا كرامة و انما كثر التخليط فيما يتحمل عنا أهل البيت لذلك لان الفسقة يتحملون عنا فيحرفونه باصله لجهلهم و يضعون الاشياء علي غير وجهها لقلة معرفتهم و آخرون يتعمدون الكذب علينا «1».

بتقريب ان المستفاد من مجموع الحديث اشتراط العدالة في المرجع.

و فيه: أولا: ان السند ضعيف، و ثانيا،: انه يمكن ان يقال: انه يكفي الحدوث و اما البقاء فلا اذ لو كان عادلا يشمله دليل الاعتبار و مقتضي اطلاق الدليل بقائه و لو مع زوال صفة العدالة.

الرابع: انه كيف يرضي الشارع ان يسلم أمور المسلمين الي الفاسق.

و فيه: أولا: انه يكفي الوثوق و هو العمدة و ثانيا: ان جواز التقليد لا يستلزم جواز تصديه لأمور المسلمين فان تناسب الحكم مع موضوعه يقتضي الاشتراط في الثاني بخلاف المرجع للتقليد و لا وجه لقياس أحد المقامين علي الاخر.

فتحصل: انه لا وجه للاشتراط و أما من حيث المقتضي فلا فرق في نظر العقلاء بين الموردين كما هو كذلك بالنسبة الي بقية موارد رجوع الجاهل الي العالم و اما الدليل اللفظي فايضا يقتضي عدم الاشتراط لاحظ ما رواه أحمد بن اسحاق «2».

فان المستفاد من هذا الحديث ان الاخذ مشروط بكون من يؤخذ منه ثقة فالنتيجة انه لا دليل علي اشتراط العدالة في المرجع.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب صفات القاضي الحديث 20.

(2) لاحظه في ص 15.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 34

و طهارة المولد (1).

و ان لا يقل ضبطه عن المتعارف (2) و الحياة فلا يجوز تقليد الميت ابتداء (3).

______________________________

(1) ما يمكن ان يستدل به عليه

أمور: الاول: الاجماع. و فيه: ان المنقول منه غير حجة، و المحصل منه غير حاصل و علي فرض الحصول يكون محتمل المدرك.

الثاني: الاصل فان مقتضاه عدم حجية قول ولد الزنا للغير و فيه: انه لا يفرق في السيرة العقلائية بين ولد الزنا و غيره مضافا الي ان الادلة اللفظية تشمله فلاحظ

الثالث: فحوي ما دل علي اشتراطها في امام الجماعة و الشاهد فانه يفهم العرف اشتراطها في المرجع بالاولوية فان الشارع اذا لم يرض لولد الزنا لان يتصدي لإمامة الجماعة و الشهادة، فكيف يرضي لان يتصدي مقام المرجعية و الزعامة العامة. و فيه: ان ملاكات الاحكام ليست محرزة عندنا و هذا الوجه غايته ان يورث الظن بالاشتراط و هو لا يغني من الحق شيئا.

فانقدح بما ذكر عدم قيام دليل معتبر علي الاشتراط فالحق عدمه. و لا يخفي:

ان ما ذكرنا مبني علي عدم ملازمة خباثة المولد مع الكفر و الا فلا يجوز تقليده لاشتراط الايمان في المرجع و لكن قد مر انه مبني علي الاحتياط.

(2) الانصاف انه لا دليل عليه و لا يفرق في السيرة العقلائية بين من تعارف ضبطه و من يكون خارجا عن المتعارف بأن يكون ضبطه قليلا نعم ربما يقال:

بانصراف الادلة اللفظية عن مثله لكنه علي فرض تسليمه بدوي يزول بالتأمل.

(3) وقع الكلام فيما بينهم في اشتراط الحياة في مرجع التقليد ابتداء و لا يخفي ان جواز التقليد يحتاج الي الدليل و بدونه لا يمكن الحكم بالجواز فلو لم

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 35

______________________________

يتم دليل علي الجواز يكون مقتضي الاصل الاولي عدم الجواز اذ مرجعه الشك في جعل الحجية و مقتضي الاصل عدم الجعل فلا بد من النظر في أدلة التقليد كي نري هل

تشمل الميت أولا؟ و علي فرض الشمول هل يكون دليل علي التخصيص أو لا.

فنقول: قد ادعي علي عدم الجواز الاجماع قال سيد المستمسك قدس سره شرحا علي كلام الماتن: و لا يجوز تقليد الميت ابتداء: «اجماعا الا من جماعة من علمائنا الاخباريين».

و فيه: انه كيف يمكن تحصيل الاجماع بل نقطع بعدم تحققه فان جملة من الاخباريين و صاحب القوانين من الاصوليين قائلون بالجواز فلم يتحقق الاجماع و علي فرض حصوله يكون محتمل المدرك فلا يترتب عليه أثر و المنقول منه غير حجة فالعمدة: النظر في أدلة التقليد فنقول: اما الكتاب فربما يدعي- كما في كلام سيدنا الاستاد- ان أهل الذكر في قوله: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لٰا تَعْلَمُونَ «1» * لا يشمل الميت فان كل عنوان ظاهر في الفعلية و من الظاهر ان الميت ليس من أهل الذكر فعلا كما ان آية النفر «2» لا تشمل الميت لظهور الاية في الانذار الفعلي و ان شئت قلت: ان موضوع الحكم عبارة عن المنذر بالفعل لا من كان منذرا سابقا فلا يشمل الميت.

و يرد عليه: أولا: انه لو انذر ثم نام أو سكت أو اغمي عليه فعلم انذاره من لم يكن حاضرا في مجلس الانذار فهل يمكن ان يقال: بعدم اعتبار الانذار بالنسبة اليه؟ كلا.

______________________________

(1) الانبياء 7 و النحل 43.

(2) لاحظها في ص 10.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 36

______________________________

و ثانيا: ان الذي يستفاد من هذه الجملة بحسب الفهم العرفي حجية قوله للغير بلا فرق بين موته و حياته.

و أورد علي الاستدلال بالكتاب سيدنا الاستاد أيضا: بأنه كيف يمكن شموله للميت و الحال ان فتواه يخالف فتوي الاحياء و الاموات و مع المخالفة لا يشمله دليل الحجية.

و

فيه: أولا: انه أخص من المدعي اذ ربما لا يعلم الخلاف. و ثانيا: ان هذا الاشكال يرجع الي المانع و لذا لا يمكن تقليد الحي مع العلم بالخلاف كما هو معترف به. و بعبارة أخري: الكلام في الاقتضاء لا في المانع. أضف الي ذلك ان غاية ما في الباب، عدم شمول الآيات للميت.

و بعبارة أخري لا مفهوم لها ينفي اعتبار قول الميت فلو قام دليل دال علي جوازه نأخذ به لكن الذي يهون الخطب انه قد انكرنا دلالة الآيتين علي المدعي و انهما لا ترتبطان بمسألة جواز التقليد.

و أما الروايات: فربما يقال: بأنها لا تشمل الميت فان قوله: من عرف أحكامنا «1» و كذا قوله من كان من الفقهاء «2» أو قوله و اما الحوادث الواقعة فارجعوا الي رواة أحاديثنا «3» و كذا قوله: فما أدي إليك عني فعني يؤدي «4» الي غيرها من العناوين المأخوذة في لسان الروايات لا يشمل الميت فلا يجوز تقليده ابتداء.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث 1.

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب صفات القاضي الحديث: 20.

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث: 9.

(4) الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 37

______________________________

و فيه: أولا: انه ننقض بمن ينقل الرواية فهل يمكن لأحد الاشكال في شمولها للراوي الميت؟ كلا. و أي فرق بين المقامين؟

و أفاد سيدنا الاستاد: بأن العرف يفهم من دليل حجية قول الراوي ان المرجع الرواية لا الراوي فلا يسقط اعتبار الرواية بموت الراوي و أما المرجع في الفتوي هو المجتهد لا رأيه.

و فيه: انه دعوي بلا دليل مضافا الي انه بنفسه يصرح بأن حجية الاخبار باطلاقها تقتضي حجية

قول الراوي و اعتبار حجية رأي المجتهد و معه كيف يمكن التفكيك بين الموردين لاحظ ما رواه أحمد بن اسحاق «1»، فانه يصرح بأن اطلاق هذا الخبر يقتضي حجية الرواية و الفتوي.

و ثانيا: ان غاية ما في الباب عدم شمول الروايات للميت و ليس لها نفي الحجية عن قوله الا ان يقال: ما كان منها بلسان التحديد ينفي بالمفهوم كقوله:

من كان من الفقهاء «2» لكن قد مر ضعف الرواية سندا.

و ثالثا: ان العرف يستفيد بمناسبة الحكم و الموضوع ان قول من يتصف بالصفة المذكورة حجة للغير بلا فرق بين كونه حيا أو ميتا.

و أما العقل فربما يقال- كما عن الشيخ قدس سره-: انه لا يجوز عقلا تقليد الميت الا بعد انسداد العلم و العلمي و المفروض ان الادلة وافية لإثبات جواز تقليد الحي فلا تصل النوبة الي اقامة دليل الانسداد. و فيه ان هذا البيان انما يتم في حق من لا يجوز تقليد الميت ابتداء و أما من يجوز تقليده كذلك فلا يتم في حقه هذا التقريب و المفروض انه قد تقدم تمامية دلالة النصوص علي جواز

______________________________

(1) مر في ص 15.

(2) راجع ص 36.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 38

______________________________

تقليد الميت ابتداء مضافا الي السيرة العقلائية فان العقلاء لا يفرقون في جواز رجوع الجاهل الي العالم بين الحي و الميت.

و أفاد سيدنا الاستاد في المقام: بأن السيرة العقلائية مردوعة من قبل الشارع بتقريب: ان تقليد الميت لو كان جائزا ابتداء لزم حصر المرجع من زمان الكليني الي زماننا هذا في واحد و ذلك للعلم الإجمالي بوجود الخلاف بين الفقهاء الامامية في المسائل الفرعية و مع العلم بالخلاف يجب تقليد الاعلم فينحصر التقليد في واحد و هذا

ضروري البطلان من مذهب الشيعة اذ معناه الاعتقاد بامامة الامام الثالث عشر.

و فيه: أولا: ان هذا المحذور يختص بالعلم بالخلاف حتي في مورد الابتلاء و يمكن ان لا يكون العامي عالما بالخلاف في مورد ابتلائه فلا يتحقق المحذور المذكور و ثانيا: ان الاعلم يختلف بحسب اختلاف الازمنة و لا يكون منحصرا في شخص واحد و بعبارة أخري: يمكن ان يكون الشيخ الطوسي اعلم العلماء في زمان و يكون المحقق الكركي اعلم العلماء في زمان آخر و هذا واضح و ثالثا:

ان وجوب تقليد شخص واحد لا يستلزم كونه اماما بل ليس فيه استنكارا بل لنا ان نقول: بأن كون المرجع شخصا واحدا أحسن اذ عليه لا يلزم الاختلاف و لا يقع التكالب و المسابقة في الوصول الي مقام المرجعية اعاذنا اللّه من الزلل.

و ربما يقال: انه يكفي سندا للجواز استصحاب حجية رأي المجتهد بعد وفاته فان استصحاب بقاء الحجية يكفي ان يستدل به علي جواز تقليد الميت ابتداء. و يرد عليه انه علي فرض تمامية هذا الاصل و خلوه عن النقاش يسقط بمعارضة أصالة عدم الجعل الزائد.

و بعبارة أخري: قد حققنا في محله ان الاستصحاب في الحكم الكلي غير

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 39

[مسألة 7: اذا قلد مجتهدا فمات]

(مسألة 7): اذا قلد مجتهدا فمات فان كان اعلم من الحي وجب البقاء علي تقليده فيما اذا كان ذاكرا لما تعلمه من المسائل و ان كان الحي اعلم وجب العدول اليه مع العلم بالمخالفة بينهما و لو اجمالا و ان تساويا في العلم أو لم يحرز الاعلم منهما جاز له البقاء في المسائل التي تعلمها و لم ينسها ما لم يعلم بمخالفة فتوي الحي لفتوي الميت و الا وجب الاخذ بأحوط القولين

و أما المسائل التي لم يتعلمها أو تعلمها ثم نسيها فانه يجب ان يرجع فيها الي الحي (1).

______________________________

جار للمعارضة مضافا الي ان حجية قوله أما تختص بمن ادرك زمانه و كان معاصرا معه أو تعم المعدوم اما علي الاول فلا يقين بالحدوث كي يستصحب و اما علي الثاني فلا تصل النوبة الي الاصل كما هو ظاهر اذ الاصل يجري مع الشك و المفروض ان قوله حجة لمن وجد بعد زمانه متأخرا عنه فلاحظ.

(1) في هذه المسألة فروع: الاول: انه لو قلد مجتهدا ثم مات يجوز البقاء علي تقليده بدعوي: ان المقتضي للجواز تام و لا يمنع عنه مانع فان المفروض ان اطلاق الكتاب يقتضي جواز تقليد المنذر حتي بعد موته كما ان قول أهل الذكر بعد السؤال حجة حتي بعد وفاته و قس عليه الروايات فان مقتضي اطلاقها جواز التقليد حتي بعد وفات المرجع.

و صفوة القول: ان المستفاد من الكتاب و السنة اعتبار قول المنذر و أهل الذكر و الثقة و لم تقيد تلك الادلة بكون هؤلاء الاشخاص احياء كما ان مقتضي السيرة كذلك اذ لا فرق فيها بين الحياة و الممات.

الثاني: انه يشترط في جواز البقاء كون المقلد ذاكرا لفتاوي المرجع التي تعلمها حال الحياة و الوجه في هذا الاشتراط انه في غير هذه الصورة يكون من

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 40

______________________________

التقليد الابتدائي الذي لا يجوز.

و يرد عليه: ان مقتضي اطلاقات الادلة عدم الفرق بين عروض النسيان و عدمه كما ان الامر كذلك بالنسبة الي السيرة فانها تقتضي رجوع الجاهل الي العالم و المفروض ان المحذور الذي ذكر في كلامه من عدم جواز تقليد الميت ابتداء ليس واردا فان القول بالجواز في مفروض الكلام

لا يستلزم الاعتقاد بامامة الامام الثالث عشر.

الثالث: ان الميت لو كان اعلم من الحي يجب البقاء علي تقليده مع العلم بالمخالفة و لو اجمالا و الوجه فيه ان أدلة الحجية لا تشمل مورد التعارض فتصل النوبة الي السيرة العقلائية و مقتضي السيرة البقاء علي تقليد الاعلم.

و بعبارة أخري: العقلاء عند الاختلاف في الرأي يقلدون الاعلم و المفروض ان الميت أعلم و قلنا بجواز البقاء مع كونه ذاكرا لما تعلمه فالسيرة جارية علي البقاء و لم يردع عن تقليد الميت في هذه الصورة. أضف الي ذلك ان مقتضي حكم العقل أيضا كذلك اذ المقام مقام دوران الامر بين التعيين و التخيير و مقتضي حكم العقل الاخذ بمحتمل التعيين و احتمال التعيين في تقليد الاعلم و لم يثبت اجماع علي عدم وجوب البقاء علي تقليد الميت في هذه الصورة لكن هذا التقريب يتوقف علي ثبوت عدم وجوب الاحتياط شرعا أو عدم امكانه و اما مع امكانه و عدم دليل علي عدم وجوبه يجب الاحتياط اذا لم تكن سيرة من العقلاء.

و بعبارة أخري: هذا فيما اذا أحرزت السيرة العقلائية علي الرجوع الي الاعلم و أما لو كانت السيرة جارية علي الاحتياط أو لم تحرز سيرتهم عند العلم بالاختلاف فالمتعين العمل بالاحتياط.

الرابع: انه لو كان الحي أعلم مع العلم بالاختلاف يجب الرجوع اليه

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 41

[مسألة 8: اذا اختلف المجتهدون في الفتوي وجب الرجوع الي الاعلم]

(مسألة 8): اذا اختلف المجتهدون في الفتوي وجب الرجوع الي الاعلم (1)

______________________________

و الوجه فيه ظهر مما ذكرنا فان الادلة اللفظية تتساقط بالتعارض فتصل النوبة الي السيرة الجارية علي الرجوع الي الاعلم مع العلم بالاختلاف مضافا الي احتمال تعيين الاعلم فيجب عقلا.

الخامس: اذا احرز تساويهما في العلم أو لم يحرز كون احدهما

أعلم جاز له البقاء في المسائل التي تعلمها و لم ينسها ما لم يعلم بالمخالفة بينهما في الفتوي فانه لا مانع من البقاء علي تقليد الميت اذ ليس من التقليد الابتدائي و لا وجه لترجيح الحي علي الميت لا من حيث الادلة اللفظية اذ المفروض انها تشمل الميت كما تشمل الحي و مجرد احتمال المخالفة لا يوجب المعارضة و التساقط اذ المعارضة فرع الوصول كما ان مقتضي السيرة العقلائية جواز البقاء اذ المفروض عدم العلم بالخلاف.

السادس: انه مع عدم احراز أعلمية أحدهما و العلم باختلافهما في الفتوي يجب الاخذ بأحوط القولين اذ الادلة اللفظية تسقط بالتعارض و لا سيرة من العقلاء في مثل الفرض و مقتضي حكم العقل وجوب الاحتياط.

السابع: انه يجب التقليد عن الحي في المسائل التي لم يتعلمها أو تعلمها ثم نسيها بدعوي: انه يكون من التقليد الابتدائي و قد مر ان الماتن لا يجوز التقليد الابتدائي عن الميت هذا علي مسلكه و أما علي ما تقدم منا من جواز تقليد الميت ابتداء فلا فرق بين الميت و الحي فلا وجه للتفصيل.

(1) فان الاطلاقات تتعارض فتتساقط و مقتضي السيرة العقلائية ترجيح الاعلم كما ان مقتضي دوران الامر بين التعيين و التخيير كذلك فان تعين تقليد الاعلم

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 42

و مع التساوي وجب الاخذ بأحوط الاقوال (1) و لا عبرة بكون أحدهم اعدل (2).

[مسألة 9: إذا علم أن أحد الشخصين أعلم من الآخر]

(مسألة 9): اذا علم ان أحد الشخصين اعلم من الاخر فان لم يعلم الاختلاف في الفتوي بينهما تخير بينهما (3).

______________________________

محتمل و أما تعين تقليد المفضول فلا.

(1) فان اعتبار الجميع غير معقول و الترجيح بلا مرجح فلا مناص عن الاحتياط.

(2) لعدم دخل الاعدلية في تعين الاعدل ان قلت: عند

دوران الامر بين التعيين و التخيير يجب الاخذ بما يحتمل تعينه فلا بد من تقليد الاعدل. قلت:

هذا فرع عدم وجوب الاحتياط و لا دليل علي عدمه. و بعبارة أخري دليل الحجية من النصوص لا يشمل المورد للتعارض و لا سيرة من العقلاء فلا بد من الاخذ بأحوط القولين و أما حديث ابن حنظلة «1» فضعيف أولا و مورده القضاء ثانيا.

(3) و الوجه فيه: ان دليل الحجية يشمل كلا القولين فيجوز تقليد المفضول مع العلم بأعلمية الاخر فضلا عما اذا احتمل ذلك.

ان قلت: مع احتمال المخالفة يكون من الاخذ بالعام في الشبهة المصداقية فان دليل الاعتبار لا يشمل المتعارضين و المفروض ان التعارض محتمل.

قلت: يدفع احتمال الخلاف بالاصل الازلي بل النعتي اذ لا اشكال في عدم الخلاف بينهما في زمان بعد وجودهما. ان قلت: يجب علي المقلد الفحص عن المعارض كما يجب علي المجتهد في الروايات.

______________________________

(1) لاحظ ص 29.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 43

و ان علم الاختلاف وجب الفحص عن الاعلم (1) و يحتاط وجوبا

______________________________

قلت: الفارق بين المقامين أولا: انه يجب الفحص في الشبهات الحكمية فقبل الفحص لا يجوز العمل بالعام أو المطلق.

و ثانيا: العلم الإجمالي بالتخصيص و التقييد مانع عن العمل بالعام و المطلق و أما في المقام فلا وجه للفحص مع شمول دليل الاعتبار بمعونة اصالة عدم المخالفة مضافا الي ان السيرة جارية علي الرجوع الي المفضول مع عدم العلم بالخلاف لكن يمكن ان يقال: بأنهم يراجعون الي الاعلم في الامور المهمة و لو مع عدم العلم بالخلاف اللهم الا ان يقال: ان الائمة عليهم السلام ارجعوا الناس الي الرواة كيونس بن عبد الرحمن مع انهم عليهم السلام كانوا اعلم.

و افاد سيد المستمسك في

الجواب عن الاشكال: بأن احتمال الاختلاف لا يعتني به حيث ان التخصيص لبي و يقتصر فيه علي المتيقن.

و يرد عليه: ان هذا مبني علي عدم تعنون العام بالمخصص اللبي و أما علي القول بتعنونه به كاللفظي- كما عليه سيدنا الاستاد- فلا يرتفع الاشكال الا بما ذكرنا فالنتيجة عدم وجوب تقليد الاعلم ان قلت: قول الاعلم أقرب الي الواقع قلت: لا دليل علي أن الملاك كله الاقربية الي الواقع بل الدليل قائم علي خلافه و هو ارجاع الائمة الناس الي الرواة مع انهم عليهم السلام موجودون. ان قلت:

يدور الامر بين التعيين و التخيير قلت: هذا التقريب عند فقد الدليل علي الاعتبار و قد اقمنا الدليل علي حجية قول غير الاعلم فلا تصل النوبة الي هذا البيان.

(1) اذ مع العلم بالخلاف لا يشمل دليل الاعتبار لأجل المعارضة و الحجة هو خصوص قول الاعلم فاشتبه الحجة بلا حجة فيجب الفحص و لا يجوز تقليد أحدهما مع احتمال كون الاخر اعلم.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 44

في مدة الفحص (1) فان عجز عن معرفة الاعلم فالاحوط وجوبا الاخذ بأحوط القولين مع الامكان (2).

و مع عدمه يختار من كان احتمال الاعلمية فيه أقوي منه في الاخر (3) فان لم يكن احتمال الاعلمية في أحدهما أقوي منه في الاخر تخير بينهما (4) و ان علم انهما اما متساويان أو أحدهما المعين اعلم وجب الاحتياط (5) و ان لم يمكن وجب تقليد المعين (6).

[مسألة 10: اذا قلد من ليس أهلا للفتوي وجب العدول عنه الي من هو أهل لها]

(مسألة 10): اذا قلد من ليس أهلا للفتوي وجب العدول عنه الي من هو أهل لها و كذا اذا قلد غير الاعلم وجب العدول الي الاعلم

______________________________

(1) اذ من يجب تقليده غير معلوم فلا حجة للعبد في ترك الاحتياط.

(2) اذ

لا طريق غير الاحتياط و دعوي الاجماع علي عدم وجوب الاحتياط علي المقلد حتي في مفروض الكلام عهدتها علي مدعيها.

(3) كما لو أفتي أحدهما بوجوب شي ء و الاخر بحرمته فانه في مثله لا يمكن الاحتياط فلا بد بحكم العقل الاخذ بما يكون أقرب الي الصواب و هو قول من كان احتمال الاعلمية فيه أقوي.

(4) اذ المفروض عدم امكان الاحتياط و لا تعين بحكم العقل لأحدهما لاحتمال الاعلمية في كل منهما علي حد سواء.

(5) اذ دليل الاعتبار لا يشمل المقام للمعارضة و لا دليل علي اعتبار احتمال الاعلمية في أحدهما المعين و بمقتضي تنجيز التكليف الواقعي يجب عليه الاحتياط.

(6) لدوران الامر بين التعيين و التخيير و بحكم العقل لا بد من الاخذ بالمعين فان اعتباره معلوم و أما الاخر فلا.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 45

مع العلم بالمخالفة بينهما و كذا لو قلد الاعلم ثم صار غيره اعلم (1).

[مسألة 11: اذا قلد مجتهدا ثم شك في انه جامع للشرائط أم لا وجب عليه الفحص]

(مسألة 11): اذا قلد مجتهدا ثم شك في انه جامع للشرائط أم لا وجب عليه الفحص فان تبين له انه جامع للشرائط بقي علي تقليده و ان تبين انه فاقد لها أو لم يتبين له شي ء عدل الي غيره (2).

______________________________

(1) الوجه ظاهر بالنسبة الي جميع ما أفيد في هذا الفرع فان من ليس أهلا لا يجوز تقليده من أول الامر فلا بد من العدول و مع العلم بالمخالفة لا بد من تقليد الاعلم كما مر آنفا.

(2) تارة يحرز الشرائط حدوثا و يشك في بقائه بعد ذلك، و أخري يحرز اجتماع الشرائط حدوثا لكن يقطع بارتفاعه بقاء، و ثالثة يحرز اجتماعها حدوثا ثم يشك فيه بنحو الشك الساري أما الصورة الاولي فمقتضي القاعدة البناء علي بقاء الشرائط للاستصحاب و

أما الصورة الثانية فيمكن ان يقال: بجواز البقاء كما لو قلد مجتهدا ثم مات فانه يجوز البقاء علي تقليده و المقام كذلك فان أدلة التقليد اذ اشتملت شخصا كان مقتضي اطلاقها بقاء الحجية لقوله و لو مع زوال بعض الشرائط فلا يسقط رأيه بالجنون أو الفسق أو غيرهما كما لا يسقط بالموت.

و قد أفاد سيدنا الاستاد: بأنا علمنا من مذاق الشارع ان المتصدي للزعامة العامة لا يمكن ان يكون مجنونا أو فاسقا.

و لقائل ان يقول: انه فرق بين المقامين فان من يتصدي للزعامة و يتصرف في الامور العامة لا يمكن ان يكون مجنونا و هذا ظاهر فان تصرف المجنون في ملكه الشخصي باطل فكيف بتصديه للأمور العامة و كذلك الفاسق فانه لا قابلية للفاسق ان يتصدي الامور الجزئية فكيف بالزعامة العامة؟ لكن لا ملازمة بين

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 46

و اما اعماله السابقة فان عرف كيفيتها رجع في الاجتزاء بها الي المجتهد الجامع للشرائط (1) و ان لم يعرف كيفيتها بني علي الصحة (2).

______________________________

الامرين فانه أي محذور في البقاء علي تقليده مع انعزاله عن كل الامور فالحق انه لا فرق بين هذه الامور و الموت و لكن الانصاف ان في النفس شيئا و اما الصورة الثالثة و هي ما لو شك في حدوث اجتماع الشرائط فلا بد من الفحص فمع احراز الاجتماع يقلده و مع احراز عدمه أو الشك فيه يعدل الي غيره ممن هو أهله- كما في المتن-.

(1) اذ مع احراز كيفيتها يشك في الصحة و الفساد و قد فرض انه أتي بها بلا تقليد فيجب بقاء ان يقلد من هو أهل له و يعمل علي طبق نظره في الحكم بالصحة و البطلان و

هذا ظاهر.

(2) الظاهر ان ما أفاده في المقام يناقض لما أفاده في شرح الفرع الاربعين من الاجتهاد و التقليد من العروة الوثقي فراجع «1» و لم يظهر لي وجه صحيح لما أفاده في المقام من الحكم بالصحة مع الشك اذ مقتضي الاصل الاولي هو البطلان فان كل حادث مسبوق بالعدم و مع الشك في وجوده يحكم بعدمه و لا طريق الي اثبات صحة الاعمال السابقة الخالية عن التقليد اذ قاعدة الفراغ لا تجري الا فيما يحتمل الاذكرية بحيث يكون المأتي به صحيحا مع الذكر و أما فيما يكون احتمال الصحة من باب التصادف و الاتفاق فلا تشمله قاعدة الفراغ فالظاهر ان اعماله السابقة مع الشك في كيفيتها محكومة بالبطلان فمع بقاء الوقت لا بد من الاعادة و مع فوت الوقت يجب القضاء نعم لو قلنا بأن القضاء مترتب

______________________________

(1) التنقيح الاجتهاد و التقليد ص 327.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 47

[مسألة 12: اذا بقي علي تقليد الميت غفلة أو مسامحة من دون ان يقلد الحي في ذلك]

(مسألة 12): اذا بقي علي تقليد الميت غفلة أو مسامحة من دون ان يقلد الحي في ذلك كان كمن عمل من غير تقليد و عليه الرجوع الي الحي في ذلك (1).

[مسألة 13: اذا قلد من لم يكن جامعا للشرائط و التفت بعد مدة كان كمن عمل من غير تقليد]

(مسألة 13) اذا قلد من لم يكن جامعا للشرائط و التفت بعد مدة كان كمن عمل من غير تقليد (2).

[مسألة 14: لا يجوز العدول من الحي الي الميت الذي قلده أولا]

(مسألة 14): لا يجوز العدول من الحي الي الميت الذي قلده أولا (3) كما لا يجوز العدول من الحي الي الحي الا اذا صار

______________________________

علي الفوت و الفوت أمر وجودي، لا يثبت باصالة العدم الجارية في العمل- كما عليه سيدنا الاستاد-، يمكن أن يقال: بعدم الوجوب لكن قد ذكرنا في محله ان الفوت حسب ما يظهر من اللغة أمر عدمي يثبت باصالة عدم الاتيان بالمأمور به.

(1) لوضوح انه ليس من التقليد الصحيح و بعبارة أخري لم يكن عمله علي طبق الموازين و لا مجال للحكم بالاجتزاء و الكفاية الابان يراجع الي الحي الذي يكون مقتضي الوظيفة الرجوع اليه و هو يجوز البقاء فتكون اعماله مطابقة للحجة.

(2) لبطلان تقليده و الباطل في حكم العدم بل هو هو غاية الامر يمكن ان يكون المكلف معذورا و العذر لا يوجب انقلاب البطلان كما هو ظاهر.

(3) الماتن يري ان الميت لو كان اعلم من الحي يجب البقاء مع كون المقلد ذاكرا لفتاويه و ان كان الحي اعلم وجب العدول اليه و عليه اذا عدل عن الميت الي الحي فاما يكون عدوله عدولا صحيحا بأن كان الحي اعلم مثلا فلا وجه

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 48

الثاني اعلم (1).

______________________________

للعدول الي الميت و ان لم يكن عدوله عدولا صحيحا و في محله فعدوله كالعدم و لا مناص عن بقائه علي تقليد الميت فالنتيجة انه لو عدل الي الحي عن الميت عدولا صحيحا لم يجز العدول منه الي الميت لكن الظاهر انه يمكن ان يتصور العدول عن الحي الي الميت بنحو صحيح و هو

فيما كان الميت اعلم و المكلف نسي فتوي الميت فعدل الي الحي ثم تذكر فتوي الميت ففي مثله يمكن ان يقال:

بوجوب العدول الي الميت لكونه اعلم و ليس مثله تقليدا ابتدائيا كي يقال: بأن الاجماع قائم علي خلافه مضافا الي ما ادعاه الاستاد من التقليد الابتدائي عن الميت مستنكر عند الشرع و المتشرعة فلاحظ.

(1) أقول: اما مع عدم العلم بالاختلاف فلا مانع من العدول فكما انه يجوز ابتداء تقليد أيهما شاء كذلك يجوز له البقاء و يجوز له العدول فان مقتضي أدلة الحجية اعتبار كلا القولين فله الاخذ بكل واحد منهما و قد صرح الماتن بما ذكرنا في شرحه علي العروة حسب ما كتبه المقرر لبحثه و اما مع العلم بالاختلاف فلا يخلو الامر من احدي الصور الثلاث اذ مع العلم بالاختلاف أما يكون المجتهدان متساويين في الفضيلة و اما يكون أحدهما اعلم أما في الصورة الاولي أعني التساوي بينهما فلا مناص عن الاخذ بأحوط القولين اذ ليس علي التخيير دليل فان الادلة الاولية و هي النصوص الدالة علي جواز التقليد تسقط بالمعارضة و اما الاجماع المدعي فلم يثبت لنا اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم.

و أما السيرة بدعوي جريانها علي الرجوع الي العالم من زمن المعصومين و لو مع العلم بالاختلاف فان أمر التقليد لم يحدث بعد زمان الائمة بل كان ثابتا في ذلك الزمان، ففيه ان الامر و ان كان كذلك فانهم عليهم السلام كانوا يرجعون الي الرواة و أمر التقليد كان جاريا من ذلك الزمان لكن جريان السيرة علي

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 49

[مسألة 15: اذا تردد المجتهد في الفتوي أو عدل من الفتوي الي التردد]

(مسألة 15): اذا تردد المجتهد في الفتوي أو عدل من الفتوي الي التردد تخير المقلد بين الرجوع الي

غيره و الاحتياط ان أمكن (1).

[مسألة 16: اذا قلد مجتهدا يجوز البقاء علي تقليد الميت فمات ذلك المجتهد]

(مسألة 16): اذا قلد مجتهدا يجوز البقاء علي تقليد الميت فمات ذلك المجتهد لا يجوز البقاء علي تقليده في هذه المسألة، بل يجب الرجوع فيها الي الاعلم من الاحياء (2).

______________________________

الرجوع و لو مع العلم بالاختلاف و عدم أعلمية أحدهما عن الاخر فهو غير ثابت كيف و الحال ان بناء العقلاء علي التوقف عند العلم بالاختلاف في الامور المهمة و أما مع التفاضل و كون أحدهما أعلم من الاخر فلا مناص عن تقليد الاعلم فان كان من قلده أعلم وجب البقاء و يحرم العدول و ان كان الاخر أعلم وجب العدول بلا كلام.

(1) لعدم الرأي في الصورة الاولي و انكشاف خطأ مستنده- و ان لم يتبدل الي رأي آخر- في الصورة الثانية و لا دليل علي اعتباره بعد كشف خطأ مستنده و ان لم ينكشف الخطأ في نفس الامر و لعله مطابق للواقع المحفوظ و ان شئت قلت: ان حجية الرأي بالنسبة الي العامي ليست بأولي من اعتباره الي نفس المجتهد و من الواضح انه مع تردده لا موضوع للحجية حتي بالنسبة الي نفسه فكيف بالنسبة الي غيره و أما تخييره بين الامرين فقد مر ان المكلف مختار بين التقليد و الاحتياط.

(2) فان جواز البقاء يتوقف علي اعتبار قوله بعد موته و اعتبار قوله يتوقف علي جواز البقاء بعد الموت و هذا دور و بتقريب آخر: ان جواز البقاء علي تقليد الميت و عدمه كسائر المسائل يجب فيها التقليد كبقية المسائل و بعد فوت المجتهد يشك في حجية فتاويه فلا بد من الرجوع الي الحي الاعلم لحجية قوله علي كل حال.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 50

______________________________

و يرد عليه أولا: ان

اعتبار قول الحي يتوقف علي سقوط رأي الميت عن الاعتبار بعد موته و سقوطه يتوقف علي اعتبار قول الحي بعد موت المجتهد الميت و هذا دور.

و ثانيا: ان الشخص العامي كيف يمكنه الاستدلال اذ المفروض انه جاهل و يحتمل اعتبار قول الميت في حقه بعد موته كما انه يحتمل سقوطه و اعتبار قول الاعلم من الاحياء و مع احتمال كلا الطرفين كيف يمكن ان يقال: ان حجية قول الحي الاعلم أمر مقطوع به علي كل حال نعم لو جوز الميت البقاء أو أوجبه و الحي الاعلم جوز البقاء أو أوجبه لا يبقي العامي متحيرا اذ يعلم بأن تقليده من الميت بقاء لا اشكال فيه قطعا لتوافق كلا المجتهدين علي عدم البأس في البقاء كما انه لو جوز الميت العدول الي الحي أو أوجبه و كذلك الحي الاعلم جوز العدول أو أوجبه لا يبقي المكلف متحيرا.

و الذي يختلج بالبال: ان يقال: المكلف أما يعلم بالمخالفة في الرأي بين الميت الاعلم و الاعلم من الاحياء أو لا يعلم بالمخالفة أما في الصورة الثانية فيجوز له البقاء علي رأي الميت كما يجوز له الرجوع الي الحي اذ قد مر منا ان أدلة جواز التقليد من النصوص لا تقصر عن شمول الميت كالحي و كذلك السيرة العقلائية لا تقصر عن الشمول و علي فرض تسليم قيام الضرورة علي بطلان تقليد الميت ابتداء لا نسلم قيامها علي بطلان البقاء كما هو المفروض في المقام فالنتيجة انه لا فرق بين الحي و الميت غاية الامر ان العامي لجهله بالموازين العلمية لا يشخص الحجة و يكون متحيرا و لا يمكنه الجزم باعتبار قول الحي دون الميت و لكن الصناعة تقتضي التسوية بين

الميت و الحي و حيث ان نفس هذه المسألة محل الخلاف بين الاعلام لا سبيل للعامي الا الاخذ بالاحتياط و أما مع العلم

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 51

______________________________

بالاختلاف في الفتوي فالقاعدة تقتضي البقاء علي تقليد الميت لكونه اعلم و مقتضي السيرة تعين الاخذ بقول الاعلم مع العلم بالاختلاف بلا فرق بين الميت و الحي هذا ما يختلج بالبال عاجلا.

و أما لو قلنا بأن اعتبار قول الميت محل الترديد و قول الحي الاعلم حجة قطعا فلا ريب في وجوب الرجوع الي الحي الاعلم و يجب العمل بمقتضي قوله في كل فرع و من جملة الفروع مسألة جواز البقاء و عدمه فلو قلد الميت في هذه المسألة فلا اشكال في عدم جواز البقاء برأيه لما تقدم لكن الكلام في ان هذه المسألة كبقية المسائل أو ان لها خصوصية فنقول: لا اشكال في وجوب الرجوع إلي الحي في نفس هذه المسألة لسقوط رأي الميت عن الاعتبار بموته فإذا أفتي بحرمة البقاء لم يجز البقاء علي تقليد الميت.

اذا عرفت ما ذكرنا فاعلم انه يتصور في المقام صور:

الصورة الاولي: ان يفتي الميت بالجواز و الحي بالحرمة.

الصورة الثانية: ان يفتي الميت بالحرمة و الحي كذلك.

الصورة الثالثة ان يفتي الميت بالوجوب و الحي بالحرمة فانه يحرم البقاء في جميع هذه الصور الثلاث اذ بعد فرض تعين الرجوع الي الحي لا يبقي اشكال في حرمة البقاء كما هو ظاهر بأدني تأمل.

الصورة الرابعة: ان يفتي كلاهما بالجواز و في هذه الصورة لا اشكال في جواز البقاء في ساير المسائل علي تقليد الميت استنادا الي فتوي الحي به و هل يجوز البقاء علي تقليد الميت في فتواه بالجواز من جهة فتوي الحي بذلك و بعبارة

أخري هل يشمل فتوي الحي بالجواز فتوي الميت لجواز البقاء؟ ربما يقال بالمنع لوجهين:

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 52

______________________________

الاول لزوم اللغوية و بتعبير آخر يكون من تحصيل الحاصل اذ المفروض ان الحي يجوز البقاء فباستناد فتوي الحي يبقي علي تقليد الميت في بقية المسائل بلا احتياج الي تقليد الميت في جواز البقاء.

و يمكن ان يجاب عن اشكال لزوم اللغوية بأنه قد يفرض موضوع جواز البقاء متحدا في نظر الحي و الميت و لا يختلفان فيه كما لو كان نظرهما في جواز البقاء منوطا بالتعلم و الالتزام ففي مثل الفرض لا يجوز تقليد الميت في جواز البقاء باعتبار قول الحي لان نتيجة ذلك اعتبار بقية فتاوي الميت للمقلد و قد فرضنا انها معتبرة له بفتوي الحي بجواز البقاء فيكون من تحصيل الحاصل، و قد يفرض ان موضوع جواز البقاء بنظر الميت أوسع من نظر الحي بأن يقول الميت يكفي في البقاء الالتزام بالعمل و ان لم يتعلم و الحي يقول باشتراط التعلم في جواز البقاء فاذا تعلم المكلف فتوي الميت بجواز البقاء يمكن ان يبقي علي تقليد الميت بفتوي الحي بجواز البقاء و بعد بقائه علي تقليده يقلده في بقية المسائل التي لم يتعلمها و هذا ظاهر فيما اذا كان اعتبار التعلم بنظر الحي من باب القدر المتيقن و عدم جزمه بالجواز و عدمه في صورة عدم التعلم و اما لو جزم بذلك و افتي بعدم الجواز في صورة عدم التعلم فربما يقال: بعدم جواز الرجوع الي الميت بالنسبة الي المسائل التي لم يتعلمها اذ المفروض ان الحي قد حرم البقاء فيها و لكن يمكن ان يقال بجوازه اذ المفروض ان المكلف تعلم مسألة جواز البقاء

عن الميت و المفروض ان الحي يجوز البقاء فيما تعلم فيبقي علي تقليد الميت في مسألة البقاء بفتوي الحي و يقلد الميت في بقية المسائل فلاحظ.

الثاني: انه لا يمكن ان يؤخذ الحكم في موضوع نفسه فلا يمكن ان يؤخذ جواز البقاء علي تقليد الميت في موضوع جواز البقاء فان رتبة الموضوع مقدم

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 53

______________________________

علي الحكم و معني أخذ الحكم في موضوع نفسه فرض الحكم موجودا و محققا حين جعله و هذا خلف.

و الجواب عن هذه الشبهة: ان المحذور انما في جعل الموضوع شخص الحكم فانه لا يعقل أخذ شخص الحكم في موضوعه و اما أخذ حكم في موضوع حكم آخر فلا محذور فيه فاذا فرضنا ان الميت أفتي بوجوب صلاة الجمعة و أفتي بجواز البقاء و أفتي الحي أيضا بجواز البقاء فيترتب علي فتوي الحي بجواز البقاء اعتبار قول الميت في جواز البقاء و باعتبار قوله في جواز البقاء يعتبر فتواه بوجوب صلاة الجمعة فلا محذور.

الصورة الخامسة: ان يفتي كل من الميت و الحي بوجوب البقاء و يظهر حكم هذه الصورة مما مر في الصورة الرابعة فان فرضنا الاتحاد بينهما في موضوع وجوب البقاء أو اختلفا لكن دائرة الموضوع عند الحي أوسع كان البقاء في مسألة البقاء لغوا بل يقلد الحي ابتداء في مسألة البقاء في بقية المسائل و ان كانت دائرة الموضوع عند الميت أوسع و قد تحقق الموضوع بنظر الحي بالنسبة الي مسألة البقاء جاز للمقلدان يبقي علي فتوي الميت في بقية المسائل بتقليد الميت في وجوب البقاء استنادا الي فتوي الحي بوجوب البقاء في مسألة البقاء فلاحظ.

الصورة السادسة: ان يفتي الميت بجواز البقاء و الحي يفتي بوجوبه فربما يقال:

بأنه لا يمكن شمول فتوي الحي بالوجوب لفتوي الميت بالجواز لان مقتضي فتواه بالوجوب تعين قول الميت و مرجع فتوي الميت بالجواز تخيير المكلف فلو فرض شمول قول الحي لفتوي الميت في جواز البقاء يكون مرجعه الي التناقض أي يجوز الرجوع الي الحي و يجب البقاء علي قول الميت.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 54

______________________________

و يمكن دفع الاشكال باختلاف الموضوع في جواز البقاء و وجوبه مثلا اذا كان الحي قائلا بالوجوب مع التعلم و الميت قائلا بالجواز مع الالتزام و المقلد تعلم عن الميت مسألة البقاء و التزم في بقية المسائل يجب البقاء علي تقليد الميت بفتوي الحي في مسألة البقاء و بفتوي الميت بالجواز يجوز له البقاء في بقية المسائل كما انه يجوز له الرجوع الي الحي.

الصورة السابعة: ما اذا بني الحي علي جواز البقاء و أفتي الميت بوجوبه فهل يجوز للمقلدان يرجع الي الميت في مسألة وجوب البقاء كي يبقي وجوبا علي تقليده في بقية المسائل؟ أو ان المقلد اذا رجع في وجوب البقاء لم يجب عليه البقاء في بقية المسائل بل يجوز له الرجوع الي الحي و لعل الصحيح ان يقال: ان فتوي الحي بجواز البقاء علي تقليد الميت و جواز العدول عنه ان كان المراد منه التخيير الابتدائي بأنه يجوز له العدول كما يجوز البقاء لكن بعد الاخذ بأحد الطرفين يجب عليه بنحو التعين فلو رجع الي الميت في وجوب البقاء يتعين عليه و يجب عليه فليس للمقلد بعد الاخذ بفتوي الميت في مسألة البقاء بعد تحقق موضوع التقليد فيه ان يعدل الي الحي لان فتوي الميت بالبقاء بعد الاخذ بها تعينت في حقه فيجب عليه البقاء في بقية المسائل و اما

ان كان المراد بالجواز حدوثا و بقاء بحيث لا يتعين عليه أحد الطرفين بالاخذ فيجوز له ان يرجع الي فتوي الميت في وجوب البقاء و يبقي في بقية المسائل كما انه يجوز له العدول و تقليد الحي و الظاهر هو الثاني لعدم الدليل علي التعين بعد الاخذ لكن لا بد من النظر في دليل الجواز و التخيير و الذي يهون الخطب انه لا دليل علي التخيير مع العلم بالاختلاف بل يجب البقاء علي تقدير كون الميت أعلم و الي الحي ان كان اعلم و يجب الاحتياط في صورة التساوي و عدم التفاضل بينهما أو الشك

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 55

______________________________

في التفاضل و عدمه.

الصورة الثامنة: ان يفتي الميت بحرمة البقاء و الحي يفتي بالجواز و فرضنا انه تحقق التقليد عن الميت في مسألة البقاء فيقع الكلام في ان فتوي الحي بجواز البقاء هل تشمل نفس مسألة البقاء أو لا تشملها الحق هو الثاني و السر فيه ان قول الميت قد سقط عن الاعتبار بموته و لا اعتبار الا بقول الحي و قول الحي لا يمكن ان يوجب اعتبار قوله في فتواه بحرمة البقاء اذ يلزم من وجوده العدم و ما يلزم من وجوده العدم محال بيان ذلك ان قول الحي بجواز البقاء يوجب اعتبار أقوال الميت و فتاواه و من جملة فتاواه فتواه بحرمة البقاء فيلزم من جواز البقاء في فتواه بالحرمة سقوط فتواه اذ المفروض ان الميت يحرم البقاء و يري رأي الميت ساقطا عن الاعتبار فاعتبار قول الميت بشمول قول الحي اياه و بعد الشمول و الاعتبار يسقط عن الاعتبار و هذا معني ما يلزم من وجوده العدم المحال و اما بقية المسائل فليس

في البقاء عليها برأي الحي هذا المحذور علي أنا نعلم تفصيلا بعدم شمول رأي الحي في جواز البقاء لقول الميت في حرمة البقاء و ذلك لان البقاء علي قول الميت أما جائز في الواقع و أما حرام و لا ثالث أما علي الاول فقول الميت بالحرمة مخالف للواقع و أما علي الثاني فقول الحي بالجواز باطل فيعلم تفصيلا بعدم حجية قول الميت في حرمة البقاء. و بعبارة أخري ان كان البقاء جائزا فقول الميت باطل و ان كان حراما فقول الحي كذلك فلا يمكن جعل الاعتبار لقول الميت بقول الحي علي كلا التقديرين فالنتيجة ان فتوي الحي بجواز البقاء لا تشمل فتوي الميت بحرمة البقاء و أما شمولها لبقية المسائل فلا مانع منه مع تحقق موضوع التقليد.

الصورة التاسعة: ان يفتي الميت بحرمة البقاء و الحي بوجوبه و قد ظهر مما

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 56

و اذا قلد مجتهدا فمات فقلد الحي القائل بجواز العدول الي الحي أو بوجوبه فعدل اليه ثم مات فقلد من يقول بوجوب البقاء وجب عليه البقاء علي تقليد الاول فيما تذكره من فتاواه فعلا (1).

[مسألة 17: اذا قلد المجتهد و عمل علي رأيه ثم مات ذلك المجتهد فعدل الي المجتهد الحي]

(مسألة 17): اذا قلد المجتهد و عمل علي رأيه ثم مات ذلك المجتهد فعدل الي المجتهد الحي لم يجب عليه اعادة الاعمال

______________________________

ذكرنا في الصورة الثامنة، حكم هذه الصورة و الحق ان فتوي الحي بالوجوب لا تشمل فتوي الميت بالحرمة و اما بالنسبة الي بقية المسائل فلا مانع من الشمول فلاحظ.

(1) و الوجه فيه ان وظيفة المكلف بعد موت الثاني الرجوع الي الثالث و قد فرض ان الثالث يري عدول المكلف الي الثاني باطلا و يراه كالعدم و فرض انه يوجب البقاء فيجب البقاء علي تقليد الاول

و هذا التقريب علي تقدير القول باعتبار رأي المجتهد اللاحق بالنسبة الي الاعمال السابقه و اما علي القول بعدم اعتبار قول اللاحق بالنسبة الي الاعمال السابقة- كما عليه جملة من الاساطين- فربما يقال انه يجب عليه البقاء علي تقليد الثاني اذ بناء علي هذا المبني يكون عدوله من الاول الي الثاني صحيحا و مع فرض الصحة يكون رجوعه الي الاول تقليدا ابتدائيا و هو لا يجوز لكن التقليد الابتدائي بهذا المعني ليس علي بطلانه دليل الا أن يقال: بأن مقتضي، قول الثالث وجوب البقاء علي تقليد الميت و المفروض ان المكلف قلد الثاني و عدل اليه فيجب البقاء علي تقليد الثاني.

ثم انه لا يخفي ان قيد التذكر في عبارة المتن من باب انه لو لم يكن متذكرا كان من التقليد الابتدائي و قد مر الاشكال فيه.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 57

الماضية و ان كانت علي خلاف رأي الحي في ما اذا لم يكن الخلل فيها موجبا لبطلانها مع الجهل كمن ترك السورة في صلاته اعتمادا علي رأي مقلده ثم قلد من يقول بوجوبها فلا تجب عليه اعادة ما صلاها بغير سورة (1)

______________________________

(1) مقتضي القاعدة الاولية علي القول بالطريقية في الامارات عدم الاجزاء عند انكشاف الخلاف و عليه يجب اعادة الاعمال السابقة المخالفة للواقع بمقتضي نظر المرجع الثاني و الاجزاء يحتاج الي دليل.

و ما يمكن ان يقال في وجه الاجزاء أو قيل أمور:

الاول ان الاجتهاد الثاني لا يكشف عن عدم حجية الاجتهاد الاول فكل منهما حجة في ظرفه فلا وجه لعدم الاجزاء.

و يرد عليه: ان الاجتهاد الثاني و ان لم يكشف عن عدم حجية الاجتهاد الاول لكن مقتضي الاجتهاد الثاني ثبوت مقتضاه من أول الامر فما

تحقق بمقتضي الاجتهاد الاول باطل بمقتضي الثاني و الوظيفة الفعلية العمل بالثاني و الاجتهاد الاول و ان كان حجة في ظرفه و لا ينقلب عما هو عليه لكن لا أثر له بقاء بعد سقوطه عن الاعتبار.

الثاني: ما عن المحقق الاصفهاني قدس سره و استدل علي المدعي و هو الاجزاء في كل من الاحكام الوضعية و التكليفية بوجه أما في الاحكام الوضعية فان المصالح فيها قائمة بنفسها فلو قامت الامارة علي تحقق الاباحة بالمعاطاة و بعد ذلك قامت علي ان المتحقق بها الملكية لم تكشف الامارة الثانية عن كون الاباحة غير مطابقة للواقع اذ ليس في الاحكام الوضعية واقع سوي أنفسها فلا معني لكشف الخلاف و أما في الحكم التكليفي فكشف الخلاف فيه و ان كان متصورا لكن

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 58

______________________________

اعتبار الاجتهاد الثاني من حين صدوره و تحققه و لا يوجب سقوط السابق عن الاعتبار في ظرفه.

و بعبارة أخري: الاجتهاد الاول كان حجة في ظرفه و لا ينقلب و الاعادة و القضاء و ان كانا متأخرين لكنهما من آثار بطلان العمل و قد فرض ان الاعمال الواقعة علي طبق الاجتهاد الاول صحيحة.

و بتقريب أوضح: ان الحجة الثانية انما صارت حجة بعد سقوط الحجة الاولي عن الاعتبار فالمتأخرة لا تكون حجة الا بعد موت المرجع الاول و كيف يمكن أن تكون الحجة اللاحقة موجبة لانقلاب الاعمال السابقة عن الصحة الي الفساد حتي علي القول بالطريقية.

و صفوة القول: ان الحجة المتأخرة لا يمكن أن تكون مؤثرة في المتقدم عليها من الاعمال و المفروض ان الاعادة و القضاء من آثار بطلان العمل المتقدم فان لم يكن المتأخر مؤثرا في المتقدم فلا وجه للإعادة أو القضاء.

و يرد عليه

أولا: النقض بشهادة العادل الذي كان فاسقا في زمان ثم تاب و بعد صيرورته عادلا شهد علي أمر مربوط بزمان فسقه فهل يشك في اعتبار شهادته؟

و ثانيا نجيب بالحل و هو انه ان كان المراد من عدم تأثير المتأخر انه لا يوجب فساد ما وقع صحيحا فهو حق و ان كان المراد ان المتأخر لا يمكن ان يكشف عن مخالفة الاعمال مع الواقع فهو غير صحيح فان الامارة المتأخرة يمكن ان يكشف عن مخالفة المأتي به مع المأمور به فلاحظ.

و أما ما أفيد في كلامه من أن الاحكام الوضعية تابعة لمصالح في نفسها فالامر كما أفيد أي المصالح في نفس الجعل و لا واقع لها الا تلك الاحكام لكن تمام الكلام في أن المجعول ما هو؟ مثلا في المعاطاة هل المجعول هي الاباحة أو

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 59

______________________________

الملكية و الميزان الاجتهاد الثاني اذ الاجتهاد الاول سقط عن الاعتبار علي الفرض و أما في الاحكام التكليفية فنقول: ان المكلف بعد سقوط الاجتهاد الاول عن الاعتبار يشك في وجوب الاعادة و القضاء عليه فلو أدي الاجتهاد الثاني الي فساد الاجتهاد الاول تجب الاعادة و القضاء اذ بمقتضي الاجتهاد الثاني لم يتحقق الواجب و لم يتحقق الامتثال فتجب الاعادة و القضاء.

الثالث: الاستدلال بقاعدة رفع العسر و الحرج بتقريب ان رفع اليد عن الاعمال السابقة ربما يوجب الحرج علي المكلف فلا أثر لكشف الخلاف.

و فيه: انه قد حقق في محله ان المرفوع من الحرج هو الحرج الشخصي ففي كل مورد تحقق الحرج يرفع بدليل رفع العسر و الحرج و أما فيما لا يكون في الاعادة أو القضاء حرج فلا مجال للاستدلال بتلك القاعدة كما هو ظاهر.

الرابع: ان الاجماع

قائم علي عدم وجوب الاعادة و القضاء اذا كان المأتي به علي طبق الحجة بل نقل بأنه قيل في المقام: انه ضروري.

و فيه: انه كيف يمكن دعوي الضرورة مع هذا الاختلاف و القيل و القال و اما الاجماع فكيف يمكن التصديق بحصوله مع أن المنقول من العلامة و العميدي دعوي الاجماع علي الخلاف مضافا الي أن الاجماع علي فرض تحققه محتمل المدرك و لعل مدرك القائلين أحد الوجوه المذكورة.

الخامس: السيرة بدعوي انه جرت سيرة المتشرعة علي عدم الاعادة و القضاء في موارد العدول و التبدل.

و فيه ان قيام السيرة علي عدم الاعادة و القضاء في مورد، لا دليل علي الاجزاء فيه بالخصوص أول الكلام و الاشكال و علي فرض تحققها من أين علم اتصالها

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 60

______________________________

بزمان المعصوم كي يقال: من عدم ردعه يكشف الامضاء و لو كانت المسألة محل الابتلاء في زمانهم لكان المناسب ان وقع السؤال عن حكم العدول و التبدل و الحال انه لم توجد رواية دالة علي هذا المعني.

السادس: ما أفاده سيد المستمسك و هو استصحاب حجية رأي الميت اذ الرجوع الي الحي إما بلحاظ قيام الاجماع أو من باب دوران الامر بين التعيين و التخيير و في مثله يجب الاخذ بالمعين بحكم العقل و مع جريان الاستصحاب لا تصل النوبة الي الاصل العملي و أما الاجماع فالقدر المتيقن منه غير مورد الكلام.

و يرد عليه:

أولا: انه من صغريات استصحاب الحكم و قد قلنا في الاصول بأن الاصل الجاري في الحكم الكلي معارض دائما باستصحاب عدم الجعل الزائد فلا يجري الاستصحاب.

و ثانيا: انه أما يفرض الكلام فيما يعلم المكلف بالاختلاف بين الميت و الاحياء أو يفرض في مورد عدم العلم

بالاختلاف أما في الصورة الاولي فان كان الميت أعلم يجب البقاء علي رأيه و ان كان الحي أعلم يجب الرجوع اليه نعم مع التساوي أو الشك في التفاضل يمكن القول بجريان الاستصحاب و أما في الصورة الثانية فلا موضوع للبحث اذ المفروض التوافق في الفتوي فلا وجه للإعادة و القضاء.

فالنتيجة انه لا دليل علي الاجزاء فمقتضي القاعدة الاولية وجوب ترتيب الآثار علي طبق فتوي المجتهد المعدول اليه نعم في كل مورد قام دليل علي عدم وجوب الاعادة أو القضاء يؤخذ به و لذا يمكن الحكم بالصحة ببركة قاعدة

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 61

[مسألة 18: يجب تعلم أجزاء العبادات الواجبة و شرائطها]

(مسألة 18): يجب تعلم أجزاء العبادات الواجبة و شرائطها و يكفي ان يعلم اجمالا ان عباداته جامعة لما يعتبر فيها من الاجزاء و الشرائط و لا يلزم العلم تفصيلا بذلك (1).

______________________________

لا تعاد في كثير من الموارد من الخلل الواقع في الصلاة فما أفاده في المتن من قوله: «لم يجب عليه اعادة الاعمال الماضية و ان كانت علي خلاف رأي الحي فيما اذا لم يكن الخلل في حال الجهل موجبا للبطلان» في محله.

(1) أقول: تارة لا يكون التعلم مقدمة علمية و لا وجودية للواجب بل يمكن الاتيان بالواجب و احرازه و لو مع الجهل بأن يحتاط المكلف و يأتي بكل ما يحتمل كونه دخيلا في الواجب و أخري يكون التعلم دخيلا في احراز الامتثال و ثالثة يكون التعلم مقدمة وجودية للواجب و لولاه لا يتحقق الواجب فهنا صور:

أما الصورة الاولي فلا دليل علي وجوب التعلم لان الواجب علي المكلف الاتيان بالواجب علي وجهه المقرر و لا دليل علي وجوب التمييز و أما الصورة الثانية و هي صورة توقف احراز الامتثال علي التعلم اذ

مع عدم التعلم لا يميز بين الشرط و المانع فلا بد من التعلم كي يأتي بالعمل الجامع للاجزاء و الشرائط الخالي عن الموانع و في هذه الصورة تارة يتمكن المكلف من التعلم بعد تحقق الوجوب و الفعلية و أخري لا يتمكن أما مع التمكن من التعلم بعد تحقق الوجوب و فعليته فلا اشكال في وجوب التعلم في زمان الواجب بحكم العقل اذ المفروض تحقق الوجوب و تنجزه و يجب بحكم العقل الخروج عن عهدة التكليف و افراغ الذمة و المفروض ان احراز الفراغ لا يحصل الا بالتعلم فيجب بلا اشكال.

و بعبارة واضحة يجب التعلم في زمان الواجب و أما في صورة عدم التمكن في زمان الواجب فربما يقال: يجب التعلم قبل ذلك الزمان و قبل حصول شرط

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 62

______________________________

الواجب اذ المفروض فعلية الحكم في ذلك الزمان و صيرورته علي عهدة المكلف و قدرته علي الامتثال فيجب بحكم العقل سد باب عدم الامتثال و يشكل بأن وجوب التعلم قبل زمان فعلية الوجوب لا يثبت الا بالالتزام بوجوب المقدمة الدخيلة في تحقق الواجب قبل زمانه و هو مورد الاشكال و لكن لنا ان نتمسك علي المدعي بما ورد من الامر بالتعلم لاحظ ما رواه مسعدة بن زياد قال: سمعت جعفر بن محمد و قد سئل عن قوله تعالي: فَلِلّٰهِ الْحُجَّةُ الْبٰالِغَةُ فقال: ان اللّه تعالي: يقول للعبد يوم القيامة: عبدي كنت عالما؟ فان قال: نعم، قال له: أ فلا عملت بما علمت و ان قال: كنت جاهلا قال: أ فلا تعلمت حتي تعمل فيخصمه فتلك الحجة البالغة «1» و تقريب الاستدلال بالرواية علي المدعي ظاهر.

فهذه الصورة أيضا لا اشكال فيها و هل يلحق بها

ما لو احتمل عدم التمكن من التعلم أم لا؟ الحق هو الالتحاق و ذلك لشمول النص فان مقتضي وجوب التعلم المستفاد من النص وجوبه في هذه الصورة أيضا.

و اما الصورة الثالثة و هي صورة توقف وجود الواجب علي التعلم فمع التمكن من التعلم بعد تحقق الوجوب و فعليته لا اشكال في عدم وجوب التعلم قبل زمان الواجب و تحقق الوجوب و أما مع عدم التمكن من التعلم في زمان تحقق الوجوب فتارة تكون القدرة دخيلة في الخطاب فقط و لا تكون دخيلة في الملاك و أخري تكون دخيلة في الملاك كما تكون دخيلة في الخطاب أما علي الاول فلا اشكال في وجوب التعلم قبل زمان الوجوب اذ روح الحكم ملاكه و المفروض انه يتحقق الملاك و يفوت بتركه التعلم فيجب لكن يشكل بأنه لا دليل علي حفظ الملاك كما مر آنفا نعم يكفي لإثبات المدعي حديث مسعدة و أما علي الثاني فربما

______________________________

(1) البرهان ج 1 ص: 560 الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 63

و اذا عرضت له في اثناء العبادة مسألة لا يعرف حكمها جاز له العمل علي بعض الاحتمالات ثم يسأل عنها بعد الفراغ فان تبينت له الصحة اجتزأ بالعمل و ان تبين البطلان اعاده (1).

______________________________

يقال: بأنه لا وجه لوجوب التعلم اذ قبل زمان الواجب لا مقتضي لوجوب التعلم و بعد زمان الواجب لا يتحقق الوجوب لعدم القدرة فلا مقتضي لوجوب التعلم أيضا و لذا نقل عن المقدس الأردبيلي انه التزم بالوجوب النفسي بالنسبة الي التعلم و لكن يرد عليه ان الظاهر من أدلة وجوب التعلم هو الوجوب الطريقي لا النفسي فالحق ان يقال ان التعلم بخصوصه واجب بالوجوب الشرعي الطريقي بمقتضي النص فلا

بد من الالتزام بأن للتعلم خصوصية ليست لبقية المقدمات الوجودية و مما ذكرنا يعلم حكم صورة احتمال عدم التمكن من التعلم في ظرف تحقق الوجوب فان مقتضي الوجوب الطريقي المستفاد من النص عدم الفرق بين صورة العلم بعدم التمكن و الشك فيه و قد مثل في كلام سيدنا الاستاد بما لو توقف القراءة علي التعلم و يمكن ان يقال بأن المكلف لو لم يتمكن من القراءة لعدم تعلمها لم يشمله النص الوارد في المقام فان الظاهر من النص ان المنشأ لترك الواجب ان كان عدم العلم و الجهل بالواجب يعاقب فيجب تعلم الواجبات كي لا ينجر الجهل بها الي تركها و مع عدم القدرة علي القراءة لا يصدق عنوان عدم العلم و الجهل بل الصادق فيه عدم القدرة فلاحظ.

(1) اذ بهذا النحو يتحقق الامتثال و ما أفاده لا اشكال فيه بالنسبة الي الاعمال التي لا يكون أبطالها حراما و أما اذا كان الابطال حراما كالصلاة مثلا علي القول بحرمة أبطالها كما هو الحق فيشكل اذ يجب علي المكلف تعلم الصلاة الصحيحة كي لا يقع في الحرام بابطالها.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 64

[مسألة 19: يجب تعلم مسائل الشك و السهو التي هي في معرض الابتلاء لئلا يقع في مخالفة الواقع]

(مسألة 19): يجب تعلم مسائل الشك و السهو التي هي في معرض الابتلاء لئلا يقع في مخالفة الواقع (1).

______________________________

(1) اذ مع عدم المعرضية لا وجه لوجوب التعلم فانه قد مران وجوب التعلم ليس نفسيا كما نسب الي الأردبيلي. ثم انه لو قلنا بجواز أبطال الصلاة فيجوز الاحتياط بالاتيان بالاطراف مع سعة الوقت و لا يتوقف الامتثال علي التعلم و أما لو قلنا بحرمة الابطال- كما نقول- فمع العلم بالابتلاء أو احتماله يجب التعلم كي لا يقع في الخلاف كما في المتن و تفصيل

الكلام: انه لو أمكنه التعلم بعد الوقت لا يجب عليه التعلم قبله و الا يجب قبله كما تقدم في المسألة المتقدمة.

ان قلت: مع عدم العلم بالابتلاء ما وجه الوجوب مع جريان الاستصحاب الاستقبالي بعدم الابتلاء؟

قلت: أولا: هذا انما يتصور مع عدم العلم الإجمالي بالابتلاء و أما مع العلم الإجمالي فلا مجري للأصل كما هو ظاهر.

و ثانيا: انه لا مجري للأصل مع وجود الدليل علي وجوب التعلم كما مر ذكره في المسألة المتقدمة اذ الاستصحاب و ان كان عبارة عن الطريق المجعول لكن موضوعه الشك و مع وجود الشك في الابتلاء يجب التعلم فلا يقاس استصحاب عدم الابتلاء علي مورد قيام الامارة علي عدمه فان مفاد الامارة نفي الشك فلا يجب التعلم اذ يعلم علما تعبديا بعدم الابتلاء.

و ملخص القول: ان الاستصحاب موضوعه الشك و مع حفظ الشك يجري و الامارة موردها الشك و يعتبر عدمه.

و لقائل ان يقول: ان قلنا بقيام الاستصحاب مقام القطع الموضوعي المأخوذ بنحو الطريقية، يمكن ان يقال: بجريان الاستصحاب الاستقبالي و يحرز به

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 65

[مسألة 20: تثبت عدالة المرجع في التقليد بأمور]

(مسألة 20): تثبت عدالة المرجع في التقليد بأمور: الاول:

العلم الحاصل بالاختبار أو بغيره (1) الثاني: شهادة عادلين بها (2) و لا يبعد ثبوتها بشهادة عدل الواحد بل بشهادة مطلق الثقة أيضا (3).

______________________________

عدم الابتلاء فلا يجب التعلم.

و بعبارة اخري: يكفي في جريان الاستصحاب عدم كونه لغوا و المفروض في المقام انه يترتب عدم وجوب التعلم و لا يتوجه اليه ما أفاده سيدنا الاستاد من التخصيص المستهجن بالنسبة الي دليل وجوب التعلم لأنه مع جريان الاستصحاب ينقلب الشك في الابتلاء الي العلم بعدمه.

و ان شئت قلت: ان دليل الاستصحاب حاكم علي دليل وجوب التعلم.

(1) كما

هو ظاهر فان حجية العلم عقلي و لا اشكال فيها.

(2) بلا اشكال فانه لا ريب في ثبوت الموضوعات الخارجية بشهادة عدلين.

(3) اذ أخبار العدل الواحد بل مطلق الثقة طريق عقلائي و لم يردع عن العمل به شرعا و اما حديث مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سمعته يقول: كل شي ء هو لك حلال حتي تعلم انه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك الي أن قال: و الاشياء كلها علي هذا حتي يتبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة «1» فسنده ضعيف بمسعدة مضافا الي أن البينة عبارة عن ما يتبين به الشي ء لا خصوص أخبار عدلين.

ان قلت: ان مقتضي مفهوم حديث ابن المغيرة الآتي عدم اعتبار خبر من لم يعرف بحسن في نفسه كما لو علم بأنه شارب الخمر مع كونه ثقة فيلزم عدم اعتبار قول الثقة و يترتب عليه عدم اعتبار روايات وردت عن طريق ثقات مع

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 66

الثالث: حسن الظاهر و المراد به حسن المعاشرة و السلوك الديني بحيث لو سئل غيره عن حاله لقال لم نر منه الا خيرا (1).

و يثبت اجتهاده و اعلمية أيضا بالعلم و بالشياع المفيد للاطمينان و بالبينة و بخبر الثقة في وجه (2) و يعتبر في البينة و في خبر الثقة هنا

______________________________

عدم حسن حالهم كسماعة مثلا.

و بعبارة أخري: هذه الرواية توجب الردع عن السيرة الجارية علي العمل بخبر الثقة.

قلت: الاستدلال بهذه الرواية علي الردع يستلزم المحال اذ كونها رادعة يتوقف علي حجية قول الثقة و مع ثبوت الردع بها يلزم من رادعيتها عدم اعتبار قول الثقة فيلزم من رادعيتها عدمها

و ما يلزم من وجوده العدم محال.

(1) لجملة من الروايات: منها ما رواه عبد اللّه بن المغيرة قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: رجل طلق امرأته و اشهد شاهدين ناصبيين قال: كل من ولد علي الفطرة و عرف بالصلاح جازت شهادته «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لو كان الامر إلينا لأجزنا شهادة الرجل اذا علم منه خير مع يمين الخصم في حقوق الناس «2» فان الظاهر منهما انه يكفي حسن الظاهر في قبول الشهادة.

(2) اما ثبوتها بالعلم فلان العلم حجة عقلا و ذاتا و أما اعتبار الاطمينان الحاصل بالشياع فلان الاطمينان الحاصل بالشياع طريق عقلائي أمضاه الشارع و أما ثبوتهما بالبينة فهو علي طبق القاعدة المقررة من ثبوت الموضوعات بالبينة الا

______________________________

(1) الوسائل الباب 41 من أبواب الشهادات الحديث: 5.

(2) نفس المصدر الحديث: 8.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 1، ص: 67

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 67

ان يكون المخبر من أهل الخبرة (1).

[مسألة 21: من ليس أهلا للمرجعية في التقليد يحرم عليه الفتوي بقصد عمل غيره بها]

(مسألة 21): من ليس أهلا للمرجعية في التقليد يحرم عليه الفتوي بقصد عمل غيره بها (2).

______________________________

فيما علم من الشرع من لزوم رعاية بعض القيود و أما اعتبار خبر الثقة فقد مر تقريبه.

(1) اذ يشترط في حجية الشهادة ان تكون حسية فان لم يكن الشاهد من أهل الخبرة لم تكن شهادته عن حس لعدم امكانه لغير أهلها.

(2) عدم الاهلية تارة من جهة عدم كونه مجتهدا و أخري من جهة فقدانه لبقية الشرائط فيقع الكلام في مقامين أما المقام الاول فلا اشكال في حرمته فانه يدل علي حرمته قوله تعالي

اللّه أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَي اللّٰهِ تَفْتَرُونَ «1» فان الاخبار عن الحكم الشرعي و أسناده الي اللّه من غير حجة افتراء علي اللّه تعالي و يدل علي حرمته أيضا من الكتاب قوله تعالي وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنٰا بَعْضَ الْأَقٰاوِيلِ لَأَخَذْنٰا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنٰا مِنْهُ الْوَتِينَ «2» و لو قال نظري في هذا الحكم كذا كان كذبا من هذه الجهة أيضا و تدل علي الحرمة أيضا جملة من الروايات منها ما رواه أبو عبيدة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: من أفتي الناس بغير علم و لا هدي من اللّه لعنته ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب و لحقه وزر من عمل بفتياه «3» و مثله غيره من الروايات الواردة في الباب الرابع من أبواب صفات القاضي من الوسائل.

و لا يخفي ان حرمة الافتاء بالنسبة الي من لا يكون مجتهدا لا تختص بصورة

______________________________

(1) يونس 59.

(2) الحاقة 44- 45.

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب صفات القاضي الحديث 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 68

______________________________

كونه بقصد عمل غيره بل تحرم و لو مع عدم هذا القصد بل تحرم و لو مع عدم مخاطب لكلامه فان مقتضي حرمة القول بغير العلم و الافتراء علي اللّه بمقتضي الكتاب عدم اشتراطها بشرط الا أن يقال: بانصراف الدليل عن صورة عدم وجود المخاطب.

و أما المقام الثاني فربما يقال في وجه الحرمة: ان الافتاء منصب للنبي و لعلي عليهما السلام و خلفائه من بعده فلا يجوز بغير اذنهما و لم يأذن لمن يكون فاقدا لبعض الشرائط.

و يرد عليه: ان أدلة الشرائط تقتضي عدم اعتبار رأي فاقد الشرط و لا تدل علي عدم جواز الافتاء.

و ربما يقال: بأن افتائه مع عدم كونه أهلا إغراء بالجهل

و اضلال للغير.

و فيه انه لو فرض أخباره بعد افتائه بأن نظري ليس معتبرا لك لم يتحقق اغراء بلا اشكال و اما مع عدم أخباره بذلك بعد افتائه فتارة يكون الطرف معتقدا بأنه واجد للشرائط فالظاهر انه لا بأس بالافتاء في هذه الصورة أما من حيث الافتاء فالمفروض انه مجتهد و يكون افتائه مستندا الي الحجة الشرعية و أما من حيث فقدانه لبعض الشرائط فالمفروض ان المقلد قد قام عنده الطريق المعتبر غاية الامر انه جاهل بواقع الامر و لا دليل علي وجوب اعلام الجاهل في الموضوعات.

و أما ان كان من يريد تقليده عالما بفسقه مثلا لكن لا يعلم ان تقليد الفاسق غير جائز فافاد سيدنا الاستاد بأنه لا يجوز الافتاء في هذه الصورة اذ تبليغ الاحكام واجب.

و يرد عليه: أولا: انه لو تم الدليل علي وجوب تبليغ الاحكام و وجوب

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 69

كما ان من ليس أهلا للقضاء يحرم عليه القضاء (1).

______________________________

اعلام الجاهل بالحكم فلا فرق بين صورة الافتاء و عدمه بل يجب علي كلا التقديرين و ثانيا: ان الظاهر انه لم يقم دليل علي وجوب تبليغ الاحكام بنحو الاطلاق.

و بعبارة أخري: لم نجد دليلا دالا علي اعلام الاحكام الشرعية و بيانها لكل واحد من المكلفين نعم المقدار اللازم التهيّؤ لبيانها كي لا يندرس الاحكام و ان شئت قلت: يلزم بنحو الواجب الكفائي التحفظ علي الاحكام و أما قوله تعالي:

فَلَوْ لٰا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذٰا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ «1» فانما تدل علي وجوب التفقه كفائيا و انذار الناس بان في الشرع أحكاما الزامية و أما أعلام كل جاهل و لو قصورا فلا

دليل عليه نعم اذا وصلت النوبة الي الامر بالمعروف و النهي عن المنكر وجب القيام بهما مع تمامية الشرائط المقررة.

(1) بلا اشكال كما في كلام بعض الاصحاب و عن المسالك انه موضع وفاق بين أصحابنا و قد صرحوا بكونه اجماعيا و يدل علي المدعي من النصوص ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اتقوا الحكومة فان الحكومة انما هي للإمام العالم بالقضاء العادل في المسلمين لنبي [كنبي] أو وصي نبي «2» فان مقتضي هذه الرواية ان المتصدي للقضاء يجب ان يكون نبيا أو وصي نبي فلا بد من الاقتصار علي المرضي به و هو الواجد للشرائط و يؤيد المدعي ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لشريح: يا شريح قد جلست مجلسا لا يجلسه [ما جلسه]

______________________________

(1) التوبة 123.

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب صفات القاضي الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 70

______________________________

الا نبي أو وصي نبي أو شقي «1» و ربما يستدل علي جواز الحكومة للمجتهد بما رواه أبو خديجة سالم بن مكرم الجمال قال: قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: اياكم ان يحاكم بعضكم بعضا الي أهل الجور و لكن أنظروا الي رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم فاني قد جعلته قاضيا فتحاكموا اليه «2» بتقريب: ان المستفاد من هذا الخبر جواز الحكومة لمن يعرف شيئا من قضاياهم عليهم السلام و لا اشكال في ان المجتهد كذلك.

و فيه ان الرواية ضعيفة سندا بالحسن بن علي الوشاء الواقع في السند فمع قطع النظر عن أبي خديجة و فرض كونه ثقة لا يتم سند الرواية

أيضا.

فالحق: انه يشترط في الحاكم كل أمر يحتمل اعتباره اذ مقتضي تلك الرواية حرمة التصدي للقضاوة الا لمن يعلم كونه مأذونا من قبل الامام عليه السلام و الظاهر انه لا فرق بين قاضي التحكيم و القاضي المنصوب.

و أفاد سيدنا الاستاد انه لا يشترط في قاضي التحكيم الاجتهاد و استدل بقوله تعالي: وَ إِذٰا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّٰاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ «3» بتقريب ان مقتضي الاطلاق جواز الحكومة لكل أحد غير مقيد بكونه مجتهدا.

و فيه ان المستفاد من الاية ان الوظيفة علي القاضي ان يحكم بالعدل فليست الاية في مقام بيان شرائط القاضي.

و ثانيا: انه لو التزمنا بالاطلاق يلزم القول بعدم الاشتراط في القاضي المنصوب أيضا.

______________________________

(1) نفس المصدر ح 2.

(2) الوسائل الباب الاول من أبواب صفات القاضي الحديث: 5.

(3) النساء 58.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 71

و لا يجوز الترافع اليه (1).

______________________________

و ثالثا: علي فرض تسليم الاطلاق لا بد من تقييد الاية برواية سليمان فان مقتضي هذه الرواية ان مقام الحكومة مختص بالنبي و الوصي و ليس لأحد التصدي له نعم لو ثبت في مورد اذن الامام لجاز.

و استدل علي مدعاه أيضا بما رواه الحلبي قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

ربما كان بين الرجلين من أصحابنا المنازعة في الشي ء فيتراضيان برجل منا فقال: ليس هو ذاك انما هو الذي يجبر الناس علي حكمه بالسيف و السوط «1» بدعوي: ان المستفاد من الرواية انه يكفي لجواز القضاء التراضي بين المترافعين.

و يرد عليه: انه علي فرض تمامية الاطلاق لا بد من ان تقيد الرواية بما رواه سليمان فان مقتضي تلك الرواية حرمة القضاوة و الحكومة علي نحو الاطلاق الا ما خرج بالدليل الا أن يقال: ان مقتضي القاعدة التصرف

في رواية سليمان برواية الحلبي بأن يقال: ان مقتضي رواية سليمان حرمة الحكومة علي نحو الاطلاق و المستفاد من رواية الحلبي جواز الحكومة لكل شيعي مرضي للمترافعين لكن مورد رواية الحلبي خصوص قاضي التحكيم الذي رضي المتخاصمان بحكمه فلاحظ أضف الي ذلك ان نفوذ حكم شخص في حق غيره يحتاج الي دليل و مقتضي الاصل الاولي عدم النفوذ.

(1) عن المسالك انه كبيرة. و الحق أن يقال: الترافع تارة يكون عند قضاة الجور و أخري عند من لا أهلية له من حيث فقد الشرائط أما في الصورة الاولي فلا اشكال في الحرمة نصا و فتوي.

و أما الصورة الثانية فافاد سيدنا الاستاد: بأنه لا دليل علي حرمته الذاتية

______________________________

(1) الوسائل الباب الاول من أبواب صفات القاضي الحديث: 8.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 72

و لا الشهادة عنده (1) و المال المأخوذ بحكمه حرام و ان كان الآخذ محقا الا اذا انحصر استنقاذ الحق المعلوم بالترافع اليه هذا اذا كان المدعي به كليا و أما اذا كان شخصيا فحرمة المال المأخوذ بحكمه لا تخلو من اشكال (2).

______________________________

و استدل سيد المستمسك علي الحرمة بأنه اعانة علي الاثم.

و فيه: انه لا دليل علي حرمة الاعانة علي الاثم و انما المحرم التعاون عليه و يمكن أن يستدل علي حرمته بأنه أمر و دعوة الي الحرام اذ مع فرض كونه حراما علي المتصدي يكون الترافع اليه دعوة منه الي الحرام و بعبارة أخري: يستفاد من دليل وجوب النهي عن المنكر حرمة الامر به و الدعوة اليه.

(1) الانصاف ان اثبات الحرمة لها في نفسها مع قطع النظر عن عروض عنوان محرم آخر عليها مشكل فلاحظ.

(2) تارة انقاذ الحق لا يكون منحصرا بالترافع عند من لا

أهلية له و أخري يكون منحصرا أما في الصورة الاولي فلا اشكال في حرمة الترافع اليه كما تقدم و المال المأخوذ منه ان كان شخصيا جاز أخذه فانه ماله و الاجماع المدعي علي الحرمة حاله في الاشكال معلوم و أما ما رواه عمر بن حنظله قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما الي السلطان أو الي القضاة أ يحل ذلك؟ فقال: من تحاكم اليهم في حق أو باطل فانما تحاكم الي طاغوت و ما يحكم له فانما يأخذ سحتا و ان كان حقه ثابتا لأنه أخذه بحكم الطاغوت و قد أمر اللّه أن يكفر به قال اللّه تعالي: يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحٰاكَمُوا إِلَي الطّٰاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ «1» فضعيف بعمر سندا.

______________________________

(1) الوسائل الباب الاول من أبواب صفات القاضي الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 73

______________________________

و أما ان كان كليا و لم يكن للمحكوم له و لا لغيره تشخيصه كما في دين قبل حلول أجله فلا اشكال في حرمة أخذه و أما مع جواز أخذه كما لو حل أجله.

فأفاد سيدنا الاستاد بأن المباشر للأداء باجبار الحاكم لو كان شخص المديون يجوز الاخذ اذ المفروض ان المديون شخص الكلي في الشخص و لا مجال لان يقال انه مكره و رفع الاكراه اذ رفع الاكراه امتناني و لا امتنان بالنسبة الي الدائن بل هو خلاف الامتنان، لكن ذكرنا في محله ان حديث الرفع لا بد ان يكون امتنانيا بالنسبة الي كل من ينطبق عليه لا بالنسبة الي غيره فيمكن التمسك بالحديث.

و أما ان كان التشخيص بغير فعل المديون كما لو شخصه الحاكم بنفسه أو أمر

الدائن به لم يكن الاخذ جائزا.

فالنتيجة: ان الحق ان كان كليا يشكل جواز الاخذ نعم لو كان المديون عاصيا عن الادعاء جاز الاخذ بعنوان التقاص مع اجتماع شرائطه.

و أما الصورة الثانية و هي صورة الانحصار فقد تمسكوا للجواز بقاعدة لا ضرر و قد ذكرنا في بحث القاعدة ان المستفاد من نصوص الباب حرمة الاضرار بالغير لا رفع الاحكام الضررية فلا فرق بين الصورتين في الحرمة الا أن يكون المنع عن الترافع حرجيا فترفع الحرمة بالحرج هذا بالنسبة الي جواز الترافع و عدمه و أما بالنسبة الي أخذ الحق فالكلام فيه هو الكلام في الصورة الاولي اذ دليل لا ضرر علي المشهور أو دليل لا حرج لا يقتضي الا نفي الحكم و أما اثبات كون تشخيص الكلي بفعل الحاكم أو بأمره فلا يستفاد منهما فلاحظ. و ربما يستدل علي الجواز بما ورد في جملة من النصوص من جواز الحلف كاذبا تقية مثل ما رواه اسماعيل بن سعد الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 74

[مسألة 22: الظاهر ان المتجزي في الاجتهاد يجوز له العمل بفتوي نفسه]

(مسألة 22): الظاهر ان المتجزي في الاجتهاد يجوز له العمل بفتوي نفسه (1) بل اذا عرف مقدارا معتدا به من الاحكام جاز لغيره العمل بفتواه (2).

______________________________

سألته عن رجل أحلفه السلطان بالطلاق أو غير ذلك فحلف قال: لا جناح عليه و عن رجل يخاف علي ماله من السلطان فيحلفه لينجو به منه قال لا جناح عليه و سألته هل يحلف الرجل علي مال أخيه كما يحلف علي ماله؟ قال: نعم «1» و غيرها من الروايات المذكورة في الباب الثاني عشر من أبواب الايمان في الوسائل و الانصاف انه لا دلالة في هذه النصوص علي المدعي.

(1) اذ المفروض

انه عالم و عارف بالحكم الشرعي عن دليله فجواز العمل بنظره من الواضحات و الاحسن في التعبير ان يقال: يجب عليه اذ لا يمكن ان يرجع الي الغير و الحال انه يري الغير جاهلا و هل يمكن رجوع العالم الي الجاهل؟

(2) اذ الميزان في جواز الرجوع كون المرجع عالما و المفروض في المقام كذلك.

و الظاهر انه لا وجه لقيد معرفة مقدار معتد به من الاحكام اذ الميزان في السيرة العقلائية ان يكون المرجع عالما بل لا يبعد شمول بعض الادلة اللفظية للمقام لاحظ ما رواه أبو عبيدة «2»، فان المستفاد من هذه الرواية كما تقدم سابقا انه يجوز افتاء الناس مع العلم و انما المحرم الفتوي عن غير علم و المفروض ان المتجزي يفتي مع العلم فلا يحرم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب الايمان الحديث: 1.

(2) راجع ص 67.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 75

الا مع العلم بمخالفة فتواه لفتوي الافضل أو فتوي من يساويه في العلم (1) و ينفذ قضائه و لو مع وجود الاعلم (2).

______________________________

(1) ففي الصورة الاولي يجب الرجوع الي الافضل و في الصورة الثانية يجب الاحتياط كما تقدم.

(2) تقدم ان الاصل الاولي يقتضي عدم نفوذ القضاء و أيضا قد مر ان المستفاد من حديث سليمان «1» حرمة الحكومة فلا بد من الاقتصار علي المقدار المعلوم و هو المجتهد المطلق الذي استنبط معظم الاحكام.

ان قلت: يمكن استفادة الاطلاق من حديث أبي خديجة قال: بعثني أبو عبد اللّه عليه السلام الي أصحابنا فقال: قل لهم: إياكم اذا وقعت بينكم خصومة أو تداري في شي ء من الاخذ و العطاء ان تحاكموا الي أحد من هؤلاء الفساق اجعلوا بينكم رجلا قد عرف حلالنا و حرامنا فاني

قد جعلته عليكم قاضيا و اياكم ان يخاصم بعضكم بعضا الي السلطان الجائر «2».

قلت: هذه الرواية ضعيفة سندا بابي الجهم فانه يمكن ان يكون المراد به بكير بن أعين و هو لم يوثق و لا يمكن الحكم بوثاقته من الروايات الواردة في مدحه عن الامام عليه السلام اذ يمكن تأخر تاريخ المدح عن زمان الرواية.

لكن الانصاف ان حديث الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ربما كان بين الرجلين من أصحابنا المنازعة في الشي ء فيتراضيان برجل منا فقال ليس هو ذاك انما هو الذي يجبر الناس علي حكمه بالسيف و السوط «3»، باطلاقه يدل علي جواز حكومة رجل من الشيعة لكن الرواية مخصوصة بقاضي التحكيم.

______________________________

(1) لاحظ ص 69.

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث: 6.

(3) الوسائل الباب الاول من أبواب صفات القاضي الحديث: 8.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 76

[مسألة 23 اذا شك في موت المجتهد أو في تبدل رأيه أو عروض ما يوجب عدم جواز تقليده]

(مسألة 23) اذا شك في موت المجتهد أو في تبدل رأيه أو عروض ما يوجب عدم جواز تقليده جاز البقاء علي تقليده الي أن يتبين الحال (1).

[مسألة 24: الوكيل في عمل يعمل بمقتضي تقليد موكله لا تقليد نفسه]

(مسألة 24): الوكيل في عمل يعمل بمقتضي تقليد موكله لا تقليد نفسه و كذلك الحكم في الوصي (2).

[مسألة 25: المأذون و الوكيل عن المجتهد في التصرف في الاوقاف أو في أموال القاصرين ينعزل بموت المجتهد]

(مسألة 25): المأذون و الوكيل عن المجتهد في التصرف في الاوقاف أو في أموال القاصرين ينعزل بموت المجتهد (3) و كذلك المنصوب من قبله وليا و قيما فانه ينعزل بموته علي الاظهر (4).

______________________________

(1) للاستصحاب.

(2) الوجه فيما أفاده ان المنصرف اليه من الوكالة أو الوصاية هو العمل الصحيح بنظر الموكل و الموصي فلا مجال للوكيل أو الوصي اعمال نظره و أفاد سيد المستمسك: انه لو تمت مقدمات الحكمة جاز الاخذ باطلاق الكلام و العمل علي نظر الوكيل أو الوصي و يشكل ما أفاده فان مقصود الموكل أو الموصي افراغ ذمته فلا يرضيان بعمل غير صحيح في نظرهما و ان أبيت عما ذكرنا فلا أقل من كونه مانعا عن الاطلاق لصلاحيته للقرينية فلا تتم مقدمات الاطلاق و لو وصلت النوبة الي الشك وجب الاقتصار علي نظرهما لعدم الدليل علي خلافه.

(3) اذ لا معني للإذن بعد الموت كما ان الوكالة تنتهي بموت الموكل فان الوكالة قوامها بوجود الموكل و هذا ظاهر.

(4) أفاد سيد العروة: بأنه لا تبطل و ما يمكن أن يكون دليلا لعدم البطلان أمور:

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 77

[مسألة 26: حكم الحاكم الجامع للشرائط لا يجوز نقضه حتي لمجتهد آخر]

(مسألة 26): حكم الحاكم الجامع للشرائط لا يجوز نقضه حتي لمجتهد آخر الا اذا علم مخالفته للواقع أو كان صادرا عن تقصير

______________________________

الاول: أن الفقيه له الولاية كولاية الامام عليه السلام فله جعل السلطنة المطلقة للغير و لا تنتهي بموته و فيه أنا قد أثبتنا في بحث الولاية عدم الولاية للفقيه فليس له الا الاذن و التوكيل و علي فرض تسليم ولايته لا بد من الاقتصار علي المتيقن و هو ما دام حيا و أما نفوذ عمله بعد وفاته فلا دليل عليه.

الثاني: ان الفقيه قاض و هذه المناصب

من مناصب القضاة. و فيه: ان القاضي لا ولاية له و لا دليل علي أنه يمكنه جعل هذه المناصب. ان قلت: ان المذكور في المقبولة «فاني قد جعلته عليكم حاكما» «1» فهو الحاكم المطلق قلت: المستفاد منها انه جعلته عليكم قاضيا مضافا الي ان السند ضعيف بعمر.

الثالث: ان جعله كجعل اللّه فيبقي ما دام القيم باقيا و فيه: انه دعوي بلا دليل.

الرابع: ان عمل الفقيه واسطة في الثبوت الي جعل اللّه. و فيه: انه لا دليل عليه.

الخامس: السيرة المستمرة غير المردوعة. و فيه: ان اثبات السيرة و استمرارها الي زمان المعصوم أول الاشكال و الكلام.

السادس: الاستصحاب. و فيه: أولا: انه لا يجري للمعارضة فانه من الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي و ثانيا: مع عدم احراز الموضوع لا مجال للاستصحاب.

و بعبارة أخري نحتمل أن تكون القيمومة للقيم ما دام حياة المجتهد و مع عدم احراز الموضوع لا يمكن جريان الاستصحاب فتأمل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 78

في مقدماته (1).

______________________________

(1) الحق في المقام أن يقال: ان لحكم الحاكم جهتين: الاولي: رفع الخصومة و فصلها الثانية: ترتيب آثار الواقع عليه أما الجهة الاولي فربما يتمسك لعدم جواز نقضه بالإجماع و أخري بما رواه عمر بن حنظلة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما الي السلطان و الي القضاة أ يحل ذلك؟ قال: من تحاكم اليهم في حق أو باطل فانما تحاكم الي الطاغوت و ما يحكم له فانما يأخذ سحتا و إن كان حقا ثابتا له لأنه أخذه بحكم الطاغوت و ما أمر اللّه أن يكفر به قال اللّه

تعالي: يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحٰاكَمُوا إِلَي الطّٰاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ قلت: فكيف يصنعان؟ قال:

ينظر ان من كان منكم ممن قد روي حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف أحكامنا فليرضوا به حكما فاني قد جعلته عليكم حاكما فاذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فانما استخف بحكم اللّه و علينا رد و الراد علينا الراد علي اللّه «1»، و لكن حال الاجماع في الاشكال معلوم و المقبولة ضعيفة سندا و لكن لا اشكال في ان حكم الحاكم يقضي علي الخصومة بفصلها فلا يجوز وصلها و قيل انما سمي القاضي قاضيا لما ذكر.

و علي الجملة لا اشكال في ان النزاع لو لم يتم بالقضاء و كان جائزا رفع النزاع الي حاكم آخر لاختل النظام و لزم الهرج و المرج و لا يترتب الاثر المرغوب فيه علي جعل القضاوة و لا فرق في نفوذ حكمه بين مورد الشك و القطع بالخلاف و الذي يدل علي ما ذكرنا: انه لا اشكال و لا خلاف في نفوذ حكمه في حق المتخاصمين في الشبهات الموضوعية مع ان الغالب ان كلا منهما يدعي العلم بكذب الاخر أو كذب بينته و الا لم تقع بينهما خصومة و لو كان العلم بخطإ

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 79

______________________________

القاضي مجوزا لنقض حكمه فيها لعطل أمر الخصومات غالبا و الحال ان دليل نفوذ حكم الحاكم يشمل جميع الموارد بلا اشكال. و صفوة القول: انه لا مجال لهذا الاشكال.

و أما الجهة الثانية و هي ترتيب آثار الواقع علي حكم الحاكم مع القطع بالخلاف فلا دليل عليه بل الدليل علي خلافه لاحظ ما رواه هشام بن

الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: انما اقضي بينكم بالبينات و الايمان و بعضكم الحن بحجته من بعض فايما رجل قطعت له من مال أخيه شيئا فانما قطعت له به قطعة من النار «1» و ما في تفسير العسكري عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يحكم بين الناس بالبينات و الايمان في الدعاوي فكثرت المطالبات و المظالم فقال:

أيها الناس انما أنا بشر و أنتم تختصمون و لعل بعضكم الحن بحجته من بعض و انما أقضي علي نحو ما اسمع منه فمن قضيت له من حق أخيه بشي ء فلا يأخذ به فانما اقطع له قطعة من النار «2» فان الروايتين صريحتان في ان المال اذا لم يكن لمن حكم له يكون قطعة من النار فيفهم ان حكم الحاكم لا يغير الواقع نعم لا اشكال في نفوذه مع الشك و المراد من موارد الشك ما تكون الشبهة موضوعية و الا يلزم كون الحكم لغوا مضافا الي أن السيرة جارية علي ترتيب الاثر علي الحكم عند الشك فالنتيجة ان الحكم لا يغير الواقع بلا فرق في محل الخلاف بين الحكم و الموضوع فلو ادعي أحد المترافعين بطلان البيع من حيث نجاسة المبيع حيث لاقي العرق من الجنب حراما و الاخر يري الصحة لعدم

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب كيفية الحكم و أحكام الدعوي الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 80

[مسألة 27: اذا نقل ناقل ما يخالف فتوي المجتهد وجب عليه اعلام من سمع منه ذلك]

(مسألة 27): اذا نقل ناقل ما يخالف فتوي المجتهد وجب عليه اعلام من سمع منه ذلك (1).

______________________________

نجاسة ذلك العرق عنده فترافعا و الحاكم حكم بالصحة من

حيث انه يري العرق الكذائي طاهرا لم يجز للمدعي عليه ترتيب آثار الطهارة علي المبيع و كذلك الحال في الشبهة الموضوعية فاذا علمنا مخالفة حكمه للواقع بالعلم الوجداني أو بامارة معتبرة لا يجوز ترتيب آثار الواقع علي الحكم.

و بعبارة أخري: يكون الواقع علي حاله و يترتب علي ما ذكر انه لو حكم الحاكم بمال علي المدعي عليه فهو و ان كان ملزما بالدفع الا أنه يجوز له سرقة عين ماله بل يجوز له التقاص من آخر مع تمامية شرائطه هذا فيما لم يكن حكمه صادرا عن التقصير في المقدمات و الا لا يكون حكمه نافذا لعدم قابليته للحكم.

(1) ربما يستدل علي المدعي- كما في كلام سيد المستمسك- بوجوب اعلام الجاهل بمقتضي آية النفر «1» بدعوي: ان المستفاد من الاية وجوب اعلام الجاهل و رفع عذره و ايجاد الداعي في نفسه للعمل بالوظيفة.

و يرد عليه: ان المستفاد منها ليس وجوب ايصال الاحكام الي آحاد المكلفين بأي نحو ممكن و لو بدق أبواب بيوتهم بل المستفاد منها و غيرها وجوب التبليغ فحسب و يتحقق ذلك ببيان الاحكام الشرعية علي نحو يتمكن العامي من الوصول اليه حتي لا يندرس الدين و أما الايصال الي كل فرد فرد فلم يلتزم به الائمة عليهم السلام فكيف بغيرهم نعم يجب تبليغ الاحكام اما بطبع رسالة و نشرها أو الجلوس في البيت و التهيّؤ لجواب الأسئلة كما كان شأن الائمة عليهم السلام و ينقل عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال لعلي عليه السلام: مثلك مثل الكعبة تؤتي و لا تأتي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 10.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 81

و لكنه اذا تبدل رأي المجتهد لم يجب عليه اعلام مقلديه فيما

اذا كانت فتواه السابقة مطابقة لموازين الاجتهاد (1).

______________________________

و أفاد سيدنا الاستاد في هذا المقام بأنه تارة ينقل فتوي المجتهد بالاباحة و الحال ان يكون هو الوجوب أو الحرمة و أخري يكون عكس الفرض أما في الصورة الاولي فلا اشكال في وجوب الاعلام بتقريب ان الناقل قد سبب الي الوقوع في الحرام و المستفاد من أدلة المحرمات حرمة انتساب ارتكاب المحرم الي المكلف بلا فرق بين المباشرة و التسبيب و لذا يحرم تقديم الطعام النجس الي الجاهل بالنجاسة للأكل فان الحرمة المستفادة من الدليل و ان كانت متعلقة بالاكل الا أن العرف يفهم حرمة تحقق الاكل النجس بلا فرق بين المباشرة و التسبيب و استدل ثانيا بجملة من الروايات: الاولي: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «1» الثانية ما رواه أبو عبيدة 2 الثالثة ما رواه ابن عمار 3 بتقريب ان المستفاد من هذه النصوص ان التسبيب كالمباشرة مورد المنع.

اذا عرفت هذا نقول: أما دليله الاول فيرد عليه أولا: ان دعوي ان العرف يفهم من أدلة المحرمات مبغوضية تحقق الفعل بلا فرق بين المباشرة و التسبيب بلا بينة و نحن لا نجزم بها.

و ثانيا: المفروض ان الناقل حين النقل كان معذورا فيما ارتكبه و لم يصدر عنه بعده شي ء فلا وجه لوجوب الاعلام.

و ثالثا: علي فرض القول به انما نقول فيما نعلم بارتكاب المنقول اليه و أما مع الشك في الارتكاب فلا يتم الدليل المذكور لإثبات الحرمة و أما الروايات المشار اليها فانما هي واردة في الافتاء و لا وجه لقياس نقل الناقل علي الافتاء.

(1) بتقريب ان الاجتهاد السابق اذا كان علي طبق الموازين و المقلد باق

______________________________

(1) (1- 2- 3) لاحظ ص 20- 21.

مباني منهاج الصالحين،

ج 1، ص: 82

______________________________

علي تلك الفتوي و العمل بها اما باعتقاد بقائها علي ما هي عليها و اما لاستصحاب البقاء فلا يرتبط بالمجتهد بخلاف ما لو اشتبه المجتهد في الفتوي السابقة أو اشتبه في نقل فتواه فانه يجب عليه الاعلام لاستناد وقوع المكلف في الخلاف بسببه و أما في الصورة الاولي فلا، نعم لو عمل علي خلاف الفتوي الثانية بمحضر من المجتهد كما لو ترك السورة علي طبق الفتوي الاولي وجب علي المجتهد اعلامه اذ لو سكت يكون إغراء بالجهل.

و يرد عليه: ان الفتوي السابقة لو كانت علي خلاف الموازين لم يكن وجه لوجوب الاعلام بقاء اذ حين الافتاء و في زمانه لم يكن مقصرا بل كان قاصرا في ذلك الافتاء فما صدر منه كان معذورا في صدوره و المفروض ان بقاء لم يصدر منه أمر جديد فلا وجه لوجوب الاعلام الا من باب وجوب تبليغ الجاهل علي الاطلاق بلا خصوصية للمقام.

و لما انجر الكلام الي هنا كان الحري بنا ان نذكر ما يمكن أن يكون وجها لوجوب اعلام الجاهل و تنبيه الغافل.

فنقول: يقع الكلام في مقامين: أحدهما: الجهل بالموضوع، ثانيهما الجهل بالحكم، أما المقام الاول فلا اشكال في عدم وجوب الاعلام الا في بعض الموارد الذي علم من الشارع انه لا يرضي بتحققه و أوجب التنبيه كما لو أراد شخص قتل انسان بتصور انه غنم فلا اشكال في وجوب الاعلام لكن هذا من جهة وجوب حفظ النفس فانه يجب حفظها بأي وجه ممكن.

و أما المقام الثاني فما يمكن ان يقال أو قيل في وجهه أمور:

الاول: ما ربما يدعي: من ان العقل حاكم بوجوب انقاذ من يشرف علي الهلاك.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 83

______________________________

و يرد عليه:

انا أنكرنا حكم العقل الا في باب حسن الاطاعة و قبح المعصية و أما بالنسبة الي ثبوت الاحكام الشرعية فلا سبيل للعقل الي كشفها. مضافا الي ان اشراف الجاهل علي الهلاك أول الاشكال و الكلام فان غايته عدم وصوله الي درجة الكمال و أما الزائد عليه فلا اذ المفروض انه جاهل نعم ان كان مقصرا يجب ردعه من باب النهي عن المنكر أو الامر بالمعروف.

و لا يخفي ان ما ذكر من الدليل علي فرض تماميته انما يقتضي اعلام الاحكام الالزامية و أما غير الالزامية من الاحكام فلا اذ ليس في ترك المباح خطر فلاحظ.

الثاني: قوله تعالي: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مٰا أَنْزَلْنٰا مِنَ الْبَيِّنٰاتِ وَ الْهُديٰ مِنْ بَعْدِ مٰا بَيَّنّٰاهُ لِلنّٰاسِ فِي الْكِتٰابِ أُولٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللّٰهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللّٰاعِنُونَ «1» بتقريب:

ان المستفاد من الاية ان الذي يكتم ما هو سبب للهداية كان ملعونا و لا شبهة ان الاحكام الشرعية توجب السعادة الابدية أو فقل: ان بيان الاحكام هداية للناس فيحرم كتمانها.

و يرد عليه: ان الكتمان علي ما يستفاد من اللغة عبارة عن الامساك و الاصرار علي عدم البيان و يؤيد المدعي ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله: قال:

من سئل عن علم يعلمه فكتمه الجم يوم القيامة بلجام من النار و هو قوله: أُولٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللّٰهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللّٰاعِنُونَ «2» فتأمل.

و من الظاهر ان مجرد عدم الاعلام ليس اصرارا علي عدم البيان و ان شئت فقل: ان المستفاد من الاية بحسب الفهم العرفي ان السكوت و الامساك عن الجواب في مورد الاظهار كتمان و بعبارة أخري: الكتمان عدم التكلم في مورد يكون

______________________________

(1) البقرة 156.

(2) البرهان ج 1 ص: 171 الحديث: 7.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص:

84

______________________________

معرضا للإظهار فالكتمان عدم الملكة لا العدم المطلق بل لا يبعد ان يستفاد من هذه الكلمة عدم الاظهار عن داع نفساني فالنتيجة ان مجرد عدم الاعلام لا يكون مصداقا للكتمان.

الثالث قوله تعالي: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ لِئَلّٰا يَكُونَ لِلنّٰاسِ عَلَي اللّٰهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ «1».

بتقريب ان المستفاد من الاية وجوب اتمام الحجة بحيث لا تبقي للناس حجة فاللازم علينا اتمام الحجة علي الناس باعلامهم و تعليمهم الاحكام.

و فيه: ان المستفاد من الاية ان اللّه تعالي أتم الحجة و قد تمت و تحققت في الخارج فلا يكون للناس حجة علي اللّه بل له تعالي الحجة البالغة و لا يستفاد من الاية الشريفة وجوب اتمام الحجة علينا بالاعلام.

و ان شئت قلت: ان المستفاد من الاية ان اتمام الحجة قد تحقق و تم بفعله تعالي بارسال الرسل و انزال الكتب و بعد تماميتها لا موضوع للإتمام.

الرابع قوله تعالي: قُلْ فَلِلّٰهِ الْحُجَّةُ الْبٰالِغَةُ فَلَوْ شٰاءَ لَهَدٰاكُمْ أَجْمَعِينَ «2».

و التقريب هو التقريب و الجواب هو الجواب.

و ملخص الكلام: ان المستفاد من الاية ان اللّه تبارك و تعالي تمم الحجة بايصال التكاليف الي المكلفين بحيث لا تكون لهم حجة عليه بل له الحجة البالغة و ليس ارادته متعلقة بالالجاء و الاجبار و علي كل لا يرتبط بالمقام كما هو ظاهر.

______________________________

(1) النساء 163.

(2) الانعام 150.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 85

[مسألة 28: اذا تعارض الناقلان في الفتوي]

(مسألة 28): اذا تعارض الناقلان في الفتوي فمع اختلاف التاريخ و احتمال عدول المجتهد عن رأيه الاول يعمل بمتأخر التاريخ و في غير ذلك عمل بالاحتياط- علي الاحوط وجوبا- حتي يتبين الحكم (1).

______________________________

الخامس قوله تعالي: وَ مٰا كٰانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لٰا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ

وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذٰا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ «1»

بتقريب: ان المستفاد من الاية وجوب النفر و التفقه و الرجوع و التحذير برجاء تحقق الحذر و العمل علي طبق ما حذر فيجب اعلام الجاهل و تحذيره.

و فيه: ان المستفاد من هذه الاية وجوب التفقه كي لا يندرس امر الشريعة و التهيّؤ للتعليم و اما وجوب اعلام كل واحد واحد باي نحو كان فلا يستفاد من الاية عرفا و ان أبيت فاعتبر بما ذكرنا من السيرة المستمرة الي زمانهم و سيرتهم عليهم السلام فانه لم يسمع ان احدا منهم عليهم السلام كان يدق الابواب و يعلم الناس الاحكام.

فانقدح من مجموع ما ذكرنا عدم دليل علي وجوب الاعلام علي الاطلاق نعم لو ارتكب احد معصية جهلا تقصيرا يجب تنبيهه من باب النهي عن المنكر فلا يرتبط بالمقام.

(1) ما افاده علي طبق القاعدة الاولية اذ مع التأخر و احتمال العدول يكون النقل الثاني حجة بلا معارض فلا بد من العمل به و اما في غير هذه الصورة فمقتضي التعارض التساقط و عدم حجية كلا النقلين معا فلا مناص عن الاحتياط و لم افهم وجه عدم الجزم و عدم الفتوي.

______________________________

(1) التوبة 123.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 86

[مسألة 29: العدالة المعتبرة في مرجع التقليد عبارة عن الاستقامة في جادة الشريعة المقدسة و عدم الانحراف عنها يمينا و شمالا]

(مسألة 29): العدالة المعتبرة في مرجع التقليد عبارة عن الاستقامة في جادة الشريعة المقدسة و عدم الانحراف عنها يمينا و شمالا بأن لا يرتكب معصية بترك واجب أو فعل حرام من دون عذر شرعي (1).

و لا فرق في المعاصي من هذه الجهة بين الصغيرة و الكبيرة (2) و في عدد الكبائر خلاف (3) و قد عد من الكبائر الشرك باللّه تعالي و اليأس من روح اللّه تعالي و الامن من مكر اللّه تعالي

و عقوق الوالدين (4).

______________________________

(1) اذ لا دليل علي اعتبار ازيد من هذا المقدار و بعبارة اخري علي فرض الالتزام باشتراط العدالة في المرجع تكون المرتبة الاولي منها التي يصدق عليها عنوان العدل كافية لعدم دليل علي ازيد منها و العدالة عبارة عن كون الشخص علي الجادة من غير انحراف يمنة و يسرة.

(2) اذ مع فرض ارتكاب ما يكون مخالفا للشرع لا يصدق عنوان الكون علي الجادة الشرعية فيسقط عنوان العدالة و العدل و لا ينافي ما ذكر العفو عنه شرعا مع اجتناب الكبيرة.

(3) اذ النصوص المبينة للكبائر مختلفة.

(4) كما وردت في رواية عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني قال: حدثي ابو جعفر الثاني عليه السلام قال: سمعت ابي يقول: سمعت ابي موسي بن جعفر عليه السلام يقول: دخل عمرو بن عبيد علي ابي عبد اللّه عليه السلام فلما سلم و جلس تلا هذه الاية «الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبٰائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَوٰاحِشَ» * ثم امسك فقال له ابو عبد اللّه عليه السلام ما اسكتك؟ قال احب ان اعرف الكبائر من كتاب اللّه عز و جل

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 87

______________________________

فقال: نعم يا عمرو اكبر الكبائر الاشراك باللّه يقول اللّه: وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللّٰهِ* فقد حرم اللّه عليه الجنة و بعده الاياس من روح اللّه لان اللّه عز و جل يقول: إِنَّهُ لٰا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللّٰهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكٰافِرُونَ ثم الامن من مكر اللّه لان اللّه عز و جل يقول فَلٰا يَأْمَنُ مَكْرَ اللّٰهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخٰاسِرُونَ و منها عقوق الوالدين لان اللّه سبحانه جعل العاق جبارا شقيا و قتل النفس التي حرم اللّه الا بالحق لان اللّه عز و جل يقول:

فَجَزٰاؤُهُ جَهَنَّمُ خٰالِداً فِيهٰا الي آخر

الاية و قذف المحصنة لان اللّه عز و جل يقول:

لُعِنُوا فِي الدُّنْيٰا وَ الْآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذٰابٌ عَظِيمٌ و اكل مال اليتيم لان اللّه عز و جل يقول: إِنَّمٰا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نٰاراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً و الفرار من الزحف لان اللّه عز و جل يقول: وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلّٰا مُتَحَرِّفاً لِقِتٰالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِليٰ فِئَةٍ فَقَدْ بٰاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللّٰهِ وَ مَأْوٰاهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ و اكل الربا لان اللّه عز و جل يقول:

الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبٰا لٰا يَقُومُونَ إِلّٰا كَمٰا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطٰانُ مِنَ الْمَسِّ و السحر لان اللّه عز و جل يقول: وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرٰاهُ مٰا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلٰاقٍ و الزنا لان اللّه عز و جل يقول: وَ مَنْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثٰاماً يُضٰاعَفْ لَهُ الْعَذٰابُ يَوْمَ الْقِيٰامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهٰاناً و اليمين الغموس الفاجرة لان اللّه عز و جل يقول:

الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّٰهِ وَ أَيْمٰانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا أُولٰئِكَ لٰا خَلٰاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ و الغلول لان اللّه عز و جل يقول وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمٰا غَلَّ يَوْمَ الْقِيٰامَةِ و منع الزكاة المفروضة لان اللّه عز و جل يقول: فَتُكْويٰ بِهٰا جِبٰاهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ و شهادة الزور و كتمان الشهادة لان اللّه عز و جل يقول: وَ مَنْ يَكْتُمْهٰا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ و شرب الخمر لان اللّه عز و جل نهي عنها كما نهي عن عبادة الاوثان و ترك الصلاة متعمدا أو شيأ مما فرض اللّه عز و جل لان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: من ترك الصلاة متعمدا فقد برئي من ذمة اللّه و ذمة رسوله و

نقض العهد و قطيعة الرحم لان اللّه عز و جل

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 88

و هو الإساءة اليهما (1).

و قتل النفس المحترمة و قذف المحصنة و اكل مال اليتيم ظلما و الفرار من الزحف و اكل الربا و الزنا (2) و اللواط (3).

______________________________

يقول: لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدّٰارِ «1».*

(1) قال الطريحي في مجمع البحرين في مادة عقق: «يقال: عق الولد اباه يعقه عقوقا من باب قعد اذا آذاه و عصاه و ترك الاحسان اليه و هو البر به».

و عليه لا يمكن الالتزام بان كل اسائة مصداق للعقوق اذ يمكن ان يتحقق الإساءة و لا يتحقق الاذي.

(2) كما ذكرت في حديث عبد العظيم «2».

(3) فان حرمة اللواط اشد من الزنا فالدليل علي ان الزنا كبيرة يدل علي أن اللواط من الكبائر بالاولوية مضافا الي ان كونه من الكبائر كالنار علي المنار.

اضف الي ذلك كلمه انه عد من الكبائر في حديث الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتابه الي المأمون قال: الايمان هو اداء الامانة و اجتناب جميع الكبائر و هو معرفة بالقلب و اقرار باللسان و عمل بالاركان الي ان قال و اجتناب الكبائر و هي قتل النفس التي حرم اللّه تعالي و الزنا و السرقه و شرب الخمر و عقوق الوالدين و الفرار من الزحف و اكل مال اليتيم ظلما و اكل الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما اهل لغير اللّه به من غير ضرورة و اكل الربا بعد البينة و السحت و الميسر و هو القمار و البخس في المكيال و الميزان و قذف المحصنات و الزنا و اللواط و اليأس من روح اللّه و الامن من مكر اللّه

و القنوط من رحمة اللّه و معونة الظالمين و الركون اليهم و اليمين الغموس و حبس الحقوق من غير عسر و الكذب و الكبر

______________________________

(1) الوسائل الباب 46 من أبواب جهاد النفس الحديث 2.

(2) لاحظ ص: 86.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 89

و السحر و اليمين الغموس الفاجرة (1) و هي الحلف باللّه تعالي كذبا علي وقوع أمر أو علي حق امرئ أو منع حقه خاصة (2) كما قد يظهر من بعض النصوص (3).

و منع الزكاة المفروضة و شهادة الزور و كتمان الشهادة و شرب الخمر و ترك الصلاة متعمدا أو شيئا مما فرض اللّه و نقض العهد و قطيعة الرحم (4) بمعني ترك الاحسان اليه من كل وجه في مقام يتعارف فيه

______________________________

و الاسراف و التبذير و الخيانة و الاستخفاف بالحج و المحاربة لأولياء اللّه و الاشتغال بالملاهي و الاصرار علي الذنوب «1».

(1) كما في حديث عبد العظيم و الفضل.

(2) قال الطريحي قدس سره في المجمع: اليمين الغموس بفتح الغين هي اليمين الكاذبة الفاجرة التي يقطع بها الحالف ما لغيره مع علمه ان الامر بخلافه.

(3) و هو ما رواه حريز عن بعض اصحابه عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال:

اليمين الغموس التي توجب النار: الرجل يحلف علي حق امرء مسلم علي حدس ماله «2».

و ما رواه محمد بن علي بن الحسين قال: قال الصادق عليه السلام: اليمين علي وجهين الي ان قال و اما التي عقوبتها دخول النار ان يحلف الرجل علي مال امرء مسلم او علي حقه ظلما فهذه يمين غموس توجب النار و لا كفارة عليه في الدنيا «3».

(4) كما في حديث عبد العظيم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 46 من أبواب جهاد النفس الحديث: 33.

(2) الوسائل الباب

4 من أبواب الايمان الحديث: 10.

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب الايمان الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 90

ذلك (1) و التعرب بعد الهجرة (2) الي البلاد التي ينقص بها الدين (3).

و السرقة (4) و انكار ما نزل اللّه تعالي (5) و الكذب علي اللّه أو علي رسوله صلي اللّه عليه و آله أو علي الاوصياء عليهم السلام (6) بل مطلق

______________________________

(1) اذ مع التعارف لو تركه يصدق القطع و بعبارة اخري عدم الوصل ملازم للقطع كما ذكرنا في رسالة صلة الارحام التي كتبها المقرر.

(2) كما في حديث عبيد بن زرارة قال: سالت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الكبائر فقال: هن في كتاب علي عليه السلام سبع: الكفر باللّه و قتل النفس و عقوق الوالدين و اكل الربا بعد البينة و اكل مال اليتيم ظلما و الفرار من الزحف و التعرب بعد الهجرة «1»

(3) الظاهر ان الوجه في هذا القيد المذكور في كلام الماتن انه لا وجه للحرمة الا ان يترتب عليه هذه المفسدة و ان شئت قلت: انه لا اشكال في السكني و التوطن في البادية و انه ليس حراما قطعا فالحصة المحرمة هي المقيدة بهذا القيد فلاحظ.

(4) كما في حديث الفضل.

(5) كما في رواية ابي الصامت عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: اكبر الكبائر سبع: الشرك باللّه العظيم و قتل النفس التي حرم اللّه الا بالحق و اكل اموال اليتامي و عقوق الوالدين و قذف المحصنات و الفرار من الزحف و انكار ما انزل اللّه عز و جل «2»

(6) كما في حديث ابي خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال الكذب علي اللّه و علي رسوله و علي الاوصياء عليهم السلام

من الكبائر «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 46 من أبواب جهاد النفس الحديث: 4.

(2) الوسائل الباب 46 من أبواب جهاد النفس الحديث 20.

(3) نفس المصدر الحديث: 25.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 91

الكذب (1).

و أكل الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهل به لغير اللّه و القمار (2) و أكل السحت (3).

كثمن الميتة و الخمر و المسكر و اجر الزانية و ثمن الكلب الذي لا يصطاد و الرشوة علي الحكم و لو بالحق و اجر الكاهن و ما أصيب من أعمال الولاة الظلمة و ثمن الجارية المغنية و ثمن الشطرنج فان

______________________________

(1) كما في رواية الفضل.

(2) كما في خبر الفضل.

(3) كما في خبر الاعمش عن جعفر بن محمد عليهما السلام في حديث شرايع الدين قال: و الكبائر محرمة و هي الشرك باللّه و قتل النفس التي حرم اللّه و عقوق الوالدين و الفرار من الزحف و اكل مال اليتيم ظلما و اكل الربا بعد البينة و قذف المحصنات و بعد ذلك الزنا و اللواط و السرقة و اكل الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما اهل لغير اللّه به من غير ضرورة و اكل السحت و البخس في الميزان و المكيال و الميسر و شهادة الزور و اليأس من روح اللّه و الامن من مكر اللّه و القنوط من رحمة اللّه و ترك معاونة المظلومين و الركون الي الظالمين و اليمين الغموس و حبس الحقوق من غير عسر و استعمال التكبر و التجبر و الكذب و الاسراف و التبذير و الخيانة و الاستخفاف بالحج و المحاربة لأولياء اللّه و الملاهي التي تصد عن ذكر اللّه عز و جل مكروهة كالغناء و ضرب الاوتار و الاصرار علي

صغائر الذنوب «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 46 من أبواب جهاد النفس الحديث: 36.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 92

جمع ذلك من السحت (1).

______________________________

(1) اما ثمن الميتة فقد دلت علي كونه سحتا جملة من النصوص: منها ما رواه السكوني عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: السحت ثمن الميتة و ثمن الكلب و ثمن الخمر و مهر البغي و الرشوة في الحكم و اجر الكاهن «1». و منها ما رواه الصدوق مرسلا قال: قال عليه السلام: اجر الزانية سحت و ثمن الكلب الذي ليس بكلب الصيد سحت و ثمن الخمر سحت و اجر الكاهن سحت و ثمن الميتة سحت فاما الرشا في الحكم فهو الكفر باللّه العظيم 2. و منها ما رواه باسناده عن حماد بن عمرو و انس بن محمد عن ابيه جميعا عن جعفر بن محمد عن آبائه في وصية النّبيّ صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: يا علي من السحت ثمن الميتة و ثمن الكلب و ثمن الخمر و مهر الزانية و الرشوة في الحكم و اجر الكاهن 3.

لكن هذه النصوص كلها ضعيفة سندا و اما ثمن الخمر فقد ذكر في عداد السحت في حديث السكوني 4. و قد ذكر في غيره أيضا، و اما المسكر و اجور الفاجرة فقد ذكر في ما رواه عمار بن مروان قال سالت ابا جعفر عليه السلام عن الغلول فقال: كل شي ء غل من الامام فهو سحت و اكل مال اليتيم و شبهه سحت و السحت انواع كثيرة منها اجور الفواجر و ثمن الخمر و النبيذ. و المسكر و الربا بعد البينه فاما الرشا في الحكم فان ذلك الكفر باللّه العظيم جل اسمه و برسوله صلي

اللّه عليه و آله 5، و اما ثمن الكلب فقد ذكر فيما رواه ابو بصير عن ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ثمن الخمر و مهر البغي و ثمن الكلب الذي لا يصطاد من السحت 6، و اما الرشوة

______________________________

(1) (1- 2- 3) الوسائل الباب 5 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5- 8- 9.

(2) (4) لاحظ الرواية الاولي من هذه الصحيفة.

(3) (5) الوسائل الباب 5 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1.

(4) (6) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 93

و من الكبائر: البخس في الميكال و الميزان (1) و معونة

______________________________

علي الحكم فقد ذكر فيما رواه سماعة قال: قال ابو عبد اللّه عليه السلام: السحت انواع كثيرة منها كسب الحجام اذا شارط و اجر الزانية و ثمن الخمر و اما الرشا في الحكم فهو الكفر باللّه العظيم «1». و قد صرح بانها من السحت في حديث حماد بن عمرو و اما اجر الكاهن فقد ذكر في حديث حماد «2»، و اما ما اصيب من اعمال الولاة فقد ذكر في حديث عمار بن مروان قال: قال ابو عبد اللّه عليه السلام كل شي ء غل من الامام فهو سحت و السحت انواع كثيرة: منها ما اصيب من اعمال الولاة الظلمة و منها اجور القضاة و اجور الفواجر و ثمن الخمر و النبيذ المسكر و الربا بعد البينة «3»، و اما ثمن الجارية المغنية فقد ذكر فيما رواه ابراهيم ابن ابي البلاد قال: قلت لأبي الحسن الاول عليه السلام جعلت فداك ان رجلا من مواليك عنده جوار مغنيات قيمتهن اربعة عشر الف دينار و قد جعل لك

ثلثها فقال: لا حاجة لي فيها ان ثمن الكلب و المغنية سحت «4».

و أما ثمن الشطرنج فقد ذكر فيما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: بيع الشطرنج حرام و اكل ثمنه سحت «5».

(1) يمكن ان يستدل عليه بقوله تعالي: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتٰالُوا عَلَي النّٰاسِ يَسْتَوْفُونَ وَ إِذٰا كٰالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَ لٰا يَظُنُّ أُولٰئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النّٰاسُ لِرَبِّ الْعٰالَمِينَ كَلّٰا إِنَّ كِتٰابَ الفُجّٰارِ لَفِي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2.

(2) لاحظ ص: 92.

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 12.

(4) نفس المصدر الباب 16 الحديث: 4.

(5) الوسائل الباب 103 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 94

الظالمين (1).

______________________________

سِجِّينٍ «1»، فانه يستفاد من الاية- و اللّه العالم- ان مكانهم سجين.

و يؤيد المدعي ما في رواية الفضل أضف الي ما ذكرنا ما رواه عباد بن كثير النواء قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الكبائر فقال: كل ما أوعد اللّه عليه النار «2».

(1) يمكن الاستدلال عليه بأنه علم من مجموع ما وصل إلينا منهم عليهم السلام ان معونة الظالمين من الكبائر.

و يدل علي المدعي ما رواه ابن أبي يعفور قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام اذ دخل (فدخل) عليه رجل من أصحابنا فقال له: جعلت فداك (أصلحك اللّه خ ل) انه ربما أصاب الرجل منا الضيق أو الشدة فيدعي الي البناء يبنيه أو النهر يكريه أو المسناة يصلحها فما تقول في ذلك؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:

ما أحب اني عقدت لهم عقدة أو وكيت وكاء و ان لي ما بين لابتيها، لا و لا مدة بقلم ان أعوان

الظلمة يوم القيامة في سرادق من نار حتي يحكم اللّه بين العباد «3».

و لاحظ غيره الدال علي المدعي في الباب 42 من أبواب ما يكتسب به من الوسائل. و يؤيد المدعي ما رواه الفضل «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 46 من أبواب جهاد النفس الحديث: 24.

(2) المطففين 1- 7.

(3) الوسائل الباب 42 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 6.

(4) لاخصاص: 88.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 95

و الركون اليهم (1) و الولاية لهم (2).

و حبس الحقوق من غير عسر (3) و الكبر (4).

______________________________

(1) يمكن ان يستدل عليه بقوله تعالي وَ لٰا تَرْكَنُوا إِلَي الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّٰارُ وَ مٰا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللّٰهِ مِنْ أَوْلِيٰاءَ ثُمَّ لٰا تُنْصَرُونَ «1» و يؤيده حديث الفضل «2».

(2) يمكن ان يستدل عليه بقوله تعالي و لا تركنوا الخ، و يؤيده ما رواه داود بن زربي قال: أخبرني مولي لعلي بن الحسين عليه السلام قال: كنت بالكوفة فقدم أبو عبد اللّه عليه السلام الحيرة فاتيته فقلت جعلت فداك لو كلمت داود بن علي أو بعض هؤلاء فادخل في بعض هذه الولايات فقال: ما كنت لا فعل الي أن قال: جعلت فداك ظننت انك انما كرهت ذلك مخافة ان أجور أو اظلم و ان كل امراة لي طالق و كل مملوك لي حر و علي و علي ان ظلمت أحدا أو جرت عليه (علي أحد خ ل) و ان لم أعدل قال: كيف قلت؟ فاعدت عليه الايمان فرفع رأسه الي السماء فقال: تناول السماء أيسر عليك من ذلك «3».

(3) الجزم به علي الاطلاق مشكل نعم لا شبهة في صحة المدعي في الجملة نعم يدل علي المدعي حديثا الفضل و الاعمش «4».

(4) يدل علي المدعي

ما رواه العلاء بن الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام: العزر داء اللّه و الكبر ازاره فمن تناول شيأ منه أكبه اللّه في جهنم «5».

______________________________

(1) هود 115.

(2) لاحظ ص: 88.

(3) الوسائل الباب 45 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 4.

(4) لاحظ ص: 88 و 91.

(5) الوسائل الباب 58 من أبواب جهاد النفس الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 96

و الاسراف (1) و التبذير (2) و الاستخفاف بالحج (3) و المحاربة لأولياء اللّه (4).

______________________________

و ما رواه ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان في جهنم لواديا للمتكبرين يقال له سقر شكي الي اللّه عز و جل شدة حره و سأله عز و جل ان يأذن له ان يتنفس فتنفس فاحرق جهنم «1».

و يؤيد المدعي حديثا الاعمش و الفضل «2».

(1) يدل علي المدعي حديثا الاعمش و الفضل «3» لكن الخبرين ضعيفان سندا و الجزم بالمدعي علي نحو الاطلاق مشكل.

و يمكن ان يستدل عليه بقوله تعالي إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كٰانُوا إِخْوٰانَ الشَّيٰاطِينِ وَ كٰانَ الشَّيْطٰانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً «4» اذ كون الشخص أخا للشيطان يدل علي سقوطه عن عين الرب بمرحلة صار أخا للشيطان.

(2) قد ظهر وجه الاستدلال علي المدعي آنفا و يؤيد المدعي حديثا الفضل و الاعمش «5».

(3) يمكن ان يستدل عليه بما في حديث عبد العظيم «6» بتقريب ان وجوب الحج فوري فالمستخف ترك ما فرضه اللّه و مقتضي الحديث المذكور ان ترك ما فرضه اللّه كبيرة.

(4) هذا من الواضحات التي ليست قابلة للشك فان المحاربة بأي معني كانت

______________________________

(1) الوسائل الباب 58 من أبواب جهاد النفس الحديث 6.

(2) لاحظ ص: 88 و 91.

(3) لاحظ ص: 91 و 88.

(4)

الاسراء 27.

(5) لاحظ ص: 88 و 91.

(6) لاحظ ص: 86.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 97

و الاشتغال بالملاهي- كالغناء بقصد التلهي- و هو الصوت المشتمل علي الترجيع علي ما يتعارف عند أهل الفسوق (1) و ضرب الاوتار و نحوها مما يتعاطاه أهل الفسوق (2).

______________________________

مع أولياء اللّه بعنوان انهم أولياء اللّه من الكبائر بلا اشكال و يؤيد المدعي حديثا الاعمش و الفضل «1».

(1) الجزم بكون حرمة الغناء من الكبائر عهدة اثباته علي الجازم به نعم لا اشكال في ان بعض أقسامه من الكبائر و حديث الاعمش «2» يؤيد كونه من الكبائر.

(2) كما في رواية الاعمش 3 و قد ادعي سيدنا الاستاد تواتر الروايات من طرقنا و من طرق العامة علي حرمة الانتفاع بآلات اللهو في الملاهي و المعازف و الاستماع و الاشتغال بها من الكبائر الموبقه و الجرائم المهلكة.

و الانصاف ان الجزم بالتواتر في غاية الاشكال فان الروايات التي ذكرها صاحب الوسائل في الباب المائة من أبواب ما يكتسب به تحت عنوان باب تحريم استعمال الملاهي بجميع أصنافها و بيعها و شرائها و في غير هذا الباب ليس فيها ما يصلح لإثبات المدعي.

فلنذكر الروايات و نتكلم في دلالتها و سندها:

فمنها ما رواه اسحاق بن جرير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

ان شيطانا يقال له القفندر و اذا ضرب في منزل الرجل أربعين صباحا بالبربط و دخل الرجال وضع ذلك الشيطان كل عضو منه علي مثله من صاحب البيت ثم نفخ

______________________________

(1) لاحظ ص: 91 و 88.

(2) (2- 3) لاحظ ص 91.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 98

______________________________

فيه نفخة فلا يغار بعدها حتي تؤتي نسائه فلا يغار «1» و المستفاد منها الاثر الوضعي المترتب علي استعمال البربط مضافا

الي انه يحتمل أن يكون المراد منها اختلاط النساء بالرجال بلا رعاية الحجاب و الستر.

و منها ما رواه أبو داود المسترق قال: من ضرب في بيته بربط أربعين يوما سلط اللّه عليهم شيطانا يقال له القفندر فلا يبقي عضو من أعضائه إلا قعد عليه فاذا كان كذلك نزع منه الحياء و لم يبال ما قال و لا ما قيل فيه «2» و هذه الرواية ضعيفة بسهل مضافا الي عدم دلالتها علي المدعي.

و منها ما رواه كليب الصيداوي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

ضرب العيدان ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الخضرة «3» و هذه الرواية أيضا ضعيفة بسهل أضف اليه ضعف دلالتها.

و منها ما رواه موسي ابن حبيب عن علي بن الحسين عليهما السلام قال:

لا يقدس اللّه أمة فيها بربط يقعقع و ناية (فاية) تفجع «4» و هذه أيضا ضعيفة سندا و دلالة.

و منها ما رواه سماعة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام لما مات آدم شمت به ابليس و قابيل فاجتمعا في الارض فجعل ابليس و قابيل المعازف و الملاهي شماتة بآدم عليه السلام فكل ما كان في الارض من هذا الضرب الذي يتلذذ به الناس فانما هو من ذلك «5» و هذه الرواية ضعيفة سندا و دلالة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 100 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2.

(3) الوسائل الباب 100 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 3.

(4) نفس المصدر الحديث: 4.

(5) نفس المصدر الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 99

______________________________

و منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: انهاكم عن الزفن و المزمار و

عن الكوبات و الكبرات «1» و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي.

و منها ما رواه عمران الزعفراني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من أنعم اللّه عليه بنعمة فجاء عند تلك النعمة بمزمار فقد كفرها «2» و هذه الرواية ضعيفة سندا و دلالة.

و منها ما رواه حماد بن عمرو و أنس بن محمد عن أبيه عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال:

يا علي ثلاثة يقسين القلب: استماع اللهو و طلب الصيد و اتيان باب السلطان «3» و هذه الرواية لا دلالة فيها علي المقصود.

و منها ما رواه في المقنع مرسلا قال: و اجتنب الملاهي و اللعب بالخواتيم و الاربعة عشر و كل قمار فان الصادقين عليهم السلام نهوا عن ذلك «4» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها ما رواه عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي عن أبيه عن الرضا عليه السلام في حديث الشامي انه سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن معني هدير الحمام الراعية (عبية) قال: تدعو علي أهل المعازف و المزامير و العيدان «5»

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6.

(2) نفس المصدر الحديث: 7.

(3) نفس المصدر الحديث: 8.

(4) نفس المصدر الحديث: 9.

(5) نفس المصدر الحديث: 10.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 100

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة سندا و دلالة.

و منها ما رفعه السياري عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن السفلة فقال:

من يشرب الخمر و يضرب بالطنبور «1» و هذه الرواية ضعيفة بالرفع و لا دلالة فيها.

و منها ما رواه نوف عن أمير المؤمنين عليه السلام قال يا نوف اياك أن تكون عشارا أو شاعرا أو شرطيا أو عريفا أو صاحب عرطبة

و هي الطنبور أو صاحب كوبة و هو الطبل فان نبي اللّه خرج ذات ليلة فنظر الي السماء فقال: أما انها الساعة التي لا ترد فيها دعوة الا دعوة عريف أو دعوة شاعر أو دعوة عاشر أو شرطي أو صاحب عرطبة أو صاحب كوبة «2» و هذه الرواية ضعيفة بالربيع و لا دلالة فيها علي المدعي.

و منها ما رواه و رام بن ابي فراس في كتابه قال: قال عليه السلام لا تدخل الملائكة بيتا فيه خمر أو دف أو طنبور أو نرد و لا تستجاب دعائهم و ترفع عنهم البركة «3» و هذه الرواية ضعيفة بورام مضافا الي ضعف الدلالة.

و منها ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن اللعب بأربعة عشر و شبهها قال: لا يستحب شيأ من اللعب غير الرهان و الرمي «4» و هذه الرواية لا تدل علي المدعي.

و منها ما رواه عبد اللّه بن علي عن علي بن موسي عن آبائه عن علي عليه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11.

(2) نفس المصدر الحديث 12.

(3) نفس المصدر الحديث: 13.

(4) نفس المصدر الحديث: 14.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 101

______________________________

السلام قال: كل ما الهي عن ذكر اللّه فهو من الميسر «1» و هذه الرواية ضعيفة بجعفر بن محمد بن عيسي.

و منها ما رواه معمر بن خلاد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: خرجت و أنا أريد داود بن عيسي بن علي و كان ينزل بئر ميمون و علي ثوبان غليظان فلقيت امرأة عجوزا و معها جاريتان فقلت: يا عجوز اتباع هاتان الجاريتان فقالت نعم و لكن لا يشتريها مثلك قلت: و لم؟ قالت: لان احداهما مغنية

و الاخري زامرة «2» و هذه الرواية لا تدل علي المدعي فان امساك الامام عليه السلام عن أمر لا يدل علي حرمته.

و منها ما رواه عون بن محمد الكاتب عن محمد بن أبي عباد- و كان مستهترا بالسماع و يشرب النبيذ- قال: سألت الرضا عليه السلام عن السماع فقال: لأهل الحجاز (العراق خ ل) فيه رأي و هو في حيز الباطل و اللهو، اما سمعت اللّه عز و جل يقول: و اذا مروا باللغو مروا كراما «3» و هذه الرواية ضعيفة بعون و لا دلالة فيها.

و منها ما رواه الحسن بن محمد الديلمي في الارشاد قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: يظهر في أمتي الخسف و القذف قالوا: متي ذلك؟ قال:

اذا ظهرت المعازف و القينات و شربت الخمور و اللّه ليبيتن أناس من أمتي علي أشر و بطر و لعب فيصبحون قردة و خنازير لاستحلالهم الحرام و اتخاذهم القينات

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 15.

(2) الوسائل الباب 99 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 4.

(3) نفس المصدر الحديث 19.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 102

______________________________

و شربهم الخمور و اكلهم الربا و لبسهم الحرير «1» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال و لا دلالة فيها.

و منها ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عليهم السلام في حديث المناهي قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن اللعب بالنرد و الشطرنج و الكوبة و العرطبة و هي الطنبور و العود و نهي عن بيع النرد «2» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي شعيب.

و منها ما رواه ابن عباس عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال في حجة الوداع ان من

اشراط القيامة اضاعة الصلاة و اتباع الشهوات الي أن قال: ثم قال: و عندها تظهر القينات و المعازف «3» و هذه الرواية ضعيفة بسليمان بن مسلم و لا دلالة فيها.

و منها ما رواه الفضل «4» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق اليه.

و منها ما رواه الاعمش «5» و هذه الرواية ضعيفة بالاعمش.

فالنتيجة انه ليس في المقام حديث تاما سندا و دلالة.

و ربما يقال: بأن رواية علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن الغناء هل يصلح في الفطر و الاضحي و الفرح قال: لا بأس ما لم يزمر به «6» تدل

______________________________

(1) الوسائل الباب 99 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 30.

(2) الوسائل الباب 104 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 6.

(3) الوسائل الباب 49 من أبواب جهاد النفس الحديث: 22.

(4) لاحظ ص: 88.

(5) لاحظ ص: 91.

(6) الوسائل الباب 15 من أبواب ما يكتسب به ذيل الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 103

و الاصرار علي الذنوب الصغائر (1) و الغيبة (2)

______________________________

علي المدعي بتقريب ان المستفاد منها ان الغناء في حد نفسه جائز الا أن يقرء في المزمار و لكن يمكن ان يكون المراد به- كما في كلام الاستاد- ان الغناء انما يحرم اذا قرء بنحو يكون صوتا مزماريا و هذا لا يدل علي حرمة المزمار بل يدل علي حرمة الغناء في صورة خاصة لكن مع ذلك كله الانصاف انه لا اشكال في حرمة استعمال آلات اللهو و التشكيك في حرمته شبهة في مقابل البديهة.

و أما كونه من الكبائر فلا اشكال في انه كذلك في الجملة و أما علي نحو الاطلاق فاللّه العالم بحقائق الاشياء.

(1) كما في رواية الاعمش المتقدم ذكرها. «1».

(2) أفاد الشيخ الانصاري قدس

سره في بحث الغيبة: «انها من الكبائر» و أفاد سيدنا الاستاد- علي ما في التقرير- «بأن الكبيرة ليست لها حقيقة شرعية».

و الامر كما افاده لكن لا اشكال في ان المراد من الكبائر معاص خاصة و بعبارة اخري: لا اشكال في ان المعاصي في الشرع الاقدس علي نحوين: كبيرة و صغيرة

و يدل عليه من الكتاب قوله تعالي: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبٰائِرَ مٰا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئٰاتِكُمْ «2» فان هذه الاية تدل علي ان السيئة علي قسمين

و اما النصوص فمنها ما يدل علي عد جملة من المعاصي من الكبائر:

منها ما رواه ابن محبوب قال: كتب معي بعض اصحابنا الي ابي الحسن عليه السلام يسأله عن الكبائر كم هي؟ و ما هي؟ فكتب: الكبائر من اجتنب ما وعد اللّه عليه النار كفر عنه سيئاته اذا كان مؤمنا و السبع الموجبات: قتل النفس الحرام

______________________________

(1) لاحظ ص: 91.

(2) النساء 35.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 104

______________________________

و عقوق الوالدين و اكل الربا و التعرب بعد الهجرة و قذف المحصنة و اكل مال اليتيم و الفرار من الزحف «1».

و منها ما رواه عبد العظيم «2».

و منها ما رواه عبيد بن زرارة «3».

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال. الكبائر سبع:

قتل المؤمن متعمدا و قذف المحصنة و الفرار من الزحف و التعرب بعد الهجرة و اكل مال اليتيم ظلما و اكل الربا بعد البينة و كل ما اوجب اللّه عليه النار «4» و الروايات الدالة علي هذا المعني كثيرة مذكورة في الوسائل في الباب 46 من ابواب جهاد النفس فراجع.

و لا ينافي ما ذكر كون كل ذنب عظيم كما في خبر الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه

السلام في القنوت في الوتر الي ان قال و استغفر لذنبك العظيم ثم قال: كل ذنب عظيم «5» اذ لا تنافي بين كون ذنب عظيما مع عدم كونه من الكبائر.

و الحاصل انه لا اشكال في الفرق بين الكبيرة و الصغيرة موضوعا و اثرا.

ثم انه لا ريب في كون الغيبة من الكبائر و يمكن الاستدلال عليه بوجوه:

الاول: قوله تعالي: وَ لٰا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ «6» فان المستفاد من الاية ان الغيبة في حكم اكل لحم الاخ ميتا هذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 46 من أبواب جهاد النفس الحديث 1.

(2) لاحظ ص: 86.

(3) لاحظ: 90.

(4) الوسائل الباب 46 من أبواب جهاد النفس الحديث 6.

(5) نفس المصدر الحديث 5.

(6) الحجرات 12.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 105

و هي ان يذكر المؤمن (1).

______________________________

من ناحية و من ناحية اخري قد عد اكل الميتة في حديث الفضل و الاعمش «1» من الكبائر فاذا كان اكل الميتة من الكبائر تكون الغيبة كبيرة أيضا لأنها في حكمه الا ان السند في الروايتين مخدوش.

الثاني: ان ترك الصلاة قد عد في حديث عبد العظيم «2» من الكبائر و علل بقول رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: «بان من ترك الصلاة متعمدا فقد برئي من ذمة اللّه و رسوله» فيعلم من هذه الجملة ان التوعيد علي ذنب و لو من رسول اللّه يدل علي كون ذلك الذنب كبيرة و لا اشكال في ان الغيبة ما توعد عليها النار في النصوص.

الثالث: كونها كبيرة عند اهل الشرع و الدين و هذا الارتكاز ليس الا بلحاظ استفادة كونها كبيرة عند الشارع و هل يمكن تحقق هذا الارتكاز بلا تلقيه من صاحب الشرع.

(1)

يظهر من العبارة ان حرمة الغيبة خاصة بالمؤمن و حكي عن الأردبيلي حرمة غيبة المخالفين و لكن لم ينقل في وجه المدعي ما تركن اليه النفس و الحق ما ذكر، في المتن- موافقا للمشهور- و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه:

الوجه الاول: ان الآية الشريفة المذكورة «3» دلت علي حرمة غيبة الاخ و المقصود بالاخوة في المقام الاخوة الايمانية و من الظاهر انقطاع العصمة بيننا و بينهم اذ لا ايمان لهم.

و لا يحفي ان الاية صدرت بقوله تعالي يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فلا اشكال في ان المراد الاخوة الايمانية.

______________________________

(1) لاحظ ص: 88- 91.

(2) لاحظ ص 86.

(3) راجع ص: 104.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 106

______________________________

اضف الي ذلك ان المناسبة بين الحكم و الموضوع يقتضي اختصاص الحرمة بالمؤمن مضافا الي انه قيل: ان المستفاد من اخبار تفسير الغيبه تقييدها بالمؤمن فعلي فرض الاطلاق تقيد بتلك المقيدات فانتظر.

و لا فرق من هذه الجهة بين المقصر منهم و قاصرهم اذ موضوع الغيبة حسب الاية الشريفة خصوص المؤمن و لا ايمان للمخالف فيكون القاصر كالمقصر.

الوجه الثاني: انه قد دلت جملة من الاخبار علي كفر المخالفين و من الظاهر ان الكافر لا حرمة له:

منها: ما رواه الفضيل بن يسار عن ابي جعفر عليه السلام قال: ان اللّه عز و جل نصيب عليا عليه السلام علما بينه و بين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا و من انكره كان كافرا و من جهله كان ضالا و من نصب معه شيأ كان مشركا و من جاء بولايته دخل الجنة «1».

و منها: ما رواه ابو حمزة قال: سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول: ان عليا عليه السلام باب فتحه اللّه فمن دخله كان مؤمنا و من

خرج منه كان كافرا و من لم يدخل فيه و لم يخرج منه كان في الطبقة الذين قال اللّه تبارك و تعالي: لي فيهم المشيئة «2».

و منها: ما رواه أبو سلمة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول:

نحن الذين فرض اللّه طاعتنا لا يسع الناس الا معرفتنا و لا يعذر الناس بجهالتنا من عرفنا كان مؤمنا و من أنكرنا كان كافرا و من لم يعرفنا و لم ينكرنا كان ضالا حتي يرجع الي الهدي الذي افترض اللّه عليه من طاعتنا الواجبة فان يمت علي

______________________________

(1) الاصول من الكافي ج 1 ص 437 الحديث 7.

(2) نفس المصدر الحديث 8.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 107

______________________________

ضلالته يفعل اللّه به ما يشاء «1».

و منها: ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أهل الشام شر من أهل الروم و أهل المدينة شر من أهل مكة و أهل مكة يكفرون باللّه جهرة «2».

و منها ما رواه أبو بصير عن أحدهما عليها السلام قال: ان أهل مكة ليكفرون باللّه جهرة و ان أهل المدينة اخبث من أهل مكة أخبث منهم سبعين ضعفا «3».

و منها ما رواه الحسين بن نعيم الصحاف قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عز و جل «فَمِنْكُمْ كٰافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ» فقال: عرف اللّه ايمانهم بولايتنا و كفرهم بها يوم أخذ عليهم الميثاق في صلب آدم عليه السلام و هم ذر «4».

و منها ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من اشرك مع امام امامته من عند اللّه من ليست امامته من اللّه كان مشركا باللّه «5».

و منها ما رواه جابر قال: سألت أبا

جعفر عليه السلام عن قول اللّه عز و جل «وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللّٰهِ أَنْدٰاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّٰهِ» قال هم و اللّه أولياء فلان و فلان اتخذوهم أئمة دون الامام الذي جعله اللّه للناس اماما فلذلك قال:

«وَ لَوْ يَرَي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذٰابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّٰهِ جَمِيعاً وَ أَنَّ اللّٰهَ شَدِيدُ الْعَذٰابِ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَ رَأَوُا الْعَذٰابَ وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبٰابُ و قال

______________________________

(1) الاصول من الكافي ج 1 ص 187 ح 11.

(2) الاصول من الكافي ج 2 ص 409 ح 3.

(3) نفس المصدر ص 410 ح 4.

(4) الاصول من الكافي ج 1 ص 413 ح 4.

(5) الاصول من الكافي ج 1 ص 373 ح 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 108

______________________________

الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنٰا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمٰا تَبَرَّءُوا مِنّٰا كَذٰلِكَ يُرِيهِمُ اللّٰهُ أَعْمٰالَهُمْ حَسَرٰاتٍ عَلَيْهِمْ وَ مٰا هُمْ بِخٰارِجِينَ مِنَ النّٰارِ» ثم قال أبو جعفر عليه السلام: هم و اللّه يا جابر أئمة الظلمة و اشياعهم «1».

و مما يدل علي كونهم كافرين ما دل من النصوص علي ان من مات و لم يعرف امام زمانه مات ميتة الجاهلية، فروي الفضيل بن يسار قال: ابتدأنا أبو عبد اللّه عليه السلام يوما و قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من مات و ليس عليه امام فميتته ميتة جاهلية فقلت: قال ذلك رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله؟ فقال: أي و اللّه قد قال قلت: فكل من مات و ليس له امام فميتته ميتة جاهلية؟ قال نعم «2».

و روي ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول رسول اللّه صلي

اللّه عليه و آله: من مات و ليس له امام فميتته ميتة جاهلية؟ قال: قلت:

ميتة كفر؟ قال: ميتة ضلال قلت: فمن مات اليوم و ليس له امام فميتته ميتة جاهلية؟

فقال: نعم «3».

و روي الحارث بن المغيرة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله من مات لا يعرف امامه مات ميتة جاهلية؟ قال: نعم قلت:

جاهلية جهلاء أو جاهلية لا يعرف امامه؟ قال: جاهلية كفر و نفاق «4».

و الاخبار الدالة علي المطلوب أو المؤيدة الي ما شاء اللّه:

______________________________

(1) نفس المصدر ص 374 ح 11.

(2) الاصول من الكافي ج 1 ص 376 ح 1.

(3) نفس المصدر الحديث 2.

(4) نفس المصدر ص 377 ح 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 109

______________________________

منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لم تجد رجلا يقول: انا أبغض محمدا و آل محمد و لكن الناصب من نصب لكم و هو يعلم انكم تتولونا و انكم من شيعتنا «1».

و منها: ما رواه أبو حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: منا الامام المفروض طاعته من جحده مات يهوديا أو نصرانيا و اللّه ما ترك الارض منذ قبض اللّه عز و جل آدم عليه السلام الا و فيها امام يهتدي به الي اللّه حجة علي العباد من تركه هلك و من لزمه نجا حقا علي اللّه «2».

و مما يدل علي المطلوب ما رواه عمار الساباطي قال: قال سليمان بن خالد لأبي عبد اللّه عليه السلام و أنا جالس: اني منذ عرفت هذا الامر اصلي في كل يوم صلاتين اقضي ما فاتني قبل معرفتي

قال: لا تفعل فان الحال التي كنت عليها اعظم من ترك ما تركت من الصلاة «3».

و منها ما رواه المفضل بن عمر قال: دخلت علي أبي الحسن موسي ابن جعفر عليه السلام و علي ابنه في حجره و هو يقبله و يمص لسانه و يضعه علي عاتقه و يضمه اليه و يقول: بأبي أنت ما أطيب ريحك و اطهر خلقك و أبين فضلك الي أن قال: قلت: هو صاحب هذا الامر من بعدك؟ قال: نعم من اطاعه رشد و من عصاه كفر «4».

______________________________

(1) عقاب الاعمال للصدوق ص 247 ح 4.

(2) نفس المصدر ص 245 ح 2.

(3) الوسائل الباب 31 من أبواب مقدمات العبادات الحديث: 4.

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب حد المرتد الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 110

______________________________

و منها ما رواه محمد بن حسان عن محمد بن جعفر عن أبيه عليه السلام قال: علي عليه السلام باب هدي من خالفه كان كافرا و من انكره دخل النار «1».

و منها ما رواه المفضل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ان اللّه جعل عليا عليه السلام علما بينه و بين خلقه ليس بينه و بينهم علم غيره فمن تبعه كان مؤمنا و من جحده كان كافرا و من شك فيه كان مشركا «2».

و منها ما رواه مروان بن مسلم قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: الامام علم فيما بين اللّه عز و جل و بين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا و من أنكره كان كافرا «3».

و منها ما رواه سدير قال: قال أبو جعفر عليه السلام في حديث: ان العلم الذي وضعه رسول اللّه صلي اللّه

عليه و آله عند علي عليه السلام من عرفه كان مؤمنا و من جحده كان كافرا ثم كان من بعده الحسن عليه السلام بتلك المنزلة «4».

و منها ما رواه في الاعتقادات قال: قال الصادق عليه السلام: من شك في كفر أعدائنا و الظالمين لنا فهو كافر «5».

و منها ما رواه صفوان الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لما نزلت الولاية لعلي عليه السلام قام رجل من جانب الناس فقال: لقد عقد هذا الرسول

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 14.

(2) نفس المصدر الحديث: 13.

(3) نفس المصدر الحديث: 18.

(4) نفس المصدر الحديث: 19.

(5) نفس المصدر الحديث: 20.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 111

______________________________

لهذا الرجل عقدة لا يحلها الا كافر الي أن قال: فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: هذا جبرئيل عليه السلام «1». و هذه الرواية تامه سندا.

و منها ما رواه يحيي بن القاسم عن جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: الائمة بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب و آخرهم القائم الي ان قال: المقرّ بهم مؤمن و المنكر لهم كافر «2».

و منها ما رواه موسي بن عبد ربه عن الحسين بن علي عليهما السلام عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في حديث قال: من زعم انه يحب النبي صلي اللّه عليه و آله و لا يحب الوصي فقد كذب و من زعم انه يعرف النبي صلي اللّه عليه و آله و لا يعرف الوصي فقد كفر «3».

و منها ما رواه أبو خالد الكابلي عن علي بن الحسين عليهما السلام قال:

قلت له: كم الائمة بعدك؟ قال: ثمانية لان الائمة بعد رسول اللّه صلي اللّه عليه

و آله اثنا عشر الي أن قال و من أبغضنا و ردنا أورد واحدا منا فهو كافر باللّه و بآياته «4».

و منها ما رواه أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: من المحتوم الذي لا تبديل له عند اللّه قيام قائمنا فمن شك فيما أقول لقي اللّه و هو به كافر و له جاحد «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 25.

(2) نفس المصدر الحديث: 27.

(3) نفس المصدر الحديث: 28.

(4) نفس المصدر الحديث: 29.

(5) نفس المصدر الحديث: 32.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 112

______________________________

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال:

من أصبح من هذه الامة لا امام له من اللّه أصبح تائها متحيرا ضالا ان مات علي هذه الحال مات ميتة كفر و نفاق «1».

و منها ما رواه أحمد بن محمد بن مطهر قال: كتب بعض أصحابنا الي أبي محمد عليه السلام يسأله عمن وقف علي أبي الحسن موسي عليه السلام فكتب:

لا تترحم علي عمك و تبرأ منه أنا الي اللّه منه بري ء فلا تتولهم و لا تعد مرضاهم و لا تشهد جنائزهم وَ لٰا تُصَلِّ عَليٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مٰاتَ أَبَداً من جحد اماما من اللّه أو زاد اما ما ليست امامته من اللّه كان كمن قال: ان اللّه ثالث ثلاثة ان الجاحد أمر آخرنا جاحد أمر أولنا «2».

و مما يدل علي كفرهم بالصراحة ما ورد في الزيارة الجامعة و هو قوله عليه السلام و من جحدكم كافر فيترتب عليهم جميع الاحكام المترتبة علي الكفار فعلي القول بنجاسة الكافر يكون المخالف نجسا لأنه كافر بمقتضي جملة من الاخبار تقدم ذكرها لكن نقطع بعدم نجاستهم فانهم طاهرون في ظاهر الشرع و

ذبائحهم محللة فالحق ان يقال: انهم كافروا الآخرة و مسلموا الدنيا.

الوجه الثالث: ما دل من النصوص علي جواز الوقيعة في المخالفين أي غيبتهم بل الامر ببهتانهم:

منها ما رواه داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا رأيتم أهل الريب و البدع من بعدي فاظهروا البراءة منهم و اكثروا من سبهم و القول فيهم و الوقيعة و باهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 37.

(2) نفس المصدر الحديث: 40.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 113

بعيب في غيبته (1).

______________________________

في الإسلام و يحذرهم الناس و لا يتعلمون من بدعهم يكتب اللّه لكم بذلك الحسنات و يرفع لكم به الدرجات في الآخرة «1».

الوجه الرابع: انهم متجاهرون بالفسق فانه أي فسق أعظم من انكار الولاية لكن تمامية هذا الوجه تتوقف علي جواز غيبة المتجاهر حتي في غير ما تجاهر به و سيجي ء تحقيقه.

الوجه الخامس: السيرة العملية من المتشرعة فانها جارية علي عدم المبالات من غيبتهم و سبهم و الوقيعة فيهم بلا نكير و هذا أدل دليل علي الجواز فلاحظ.

(1) عن الصحاح و مجمع البحرين: «الغيبة ان يتكلم خلف انسان مستور بما يغمه لو سمعه فان كان صدقا سمي غيبة و ان كان كذبا سمي بهتانا».

و الظاهر من هذا التفسير: ان موضوع الغيبة عبارة عن ذكر شخص بأمر لو اطلع عليه يغمه و لازمه انه لو ذكر شخص بمحاسنه يكون غيبة اذا لا يرضي بافشاء تلك المحاسن و الحال انه ليس غيبة كما انه ليس بهتانا.

و عن المصباح: «اغتابه اذا ذكره بما يكره من العيوب و هو حق» فان لازم هذا التعريف انه لو ذكره بعيب كان تقول: فلان يلوط

و لا يكره ذلك الشخص ان لا يكون غيبة و من الظاهر انه غيبة بلا اشكال.

و قال سيدنا الاستاد: ان المروي عن الخاصة و العامة و المعروف بيننا و بين الجماعة و بعض أهل اللغة: ان الغيبة ذكر انسان بما يكره و هو حق.

و هذا التعريف كتعريف المصباح غير تام اذ المقصود من الموصول ان كان هو الذكر بحيث يكون الغيبة ذكر الغير ذكرا لا يرضي به فلازمه انه لو ذكر

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من أبواب الامر بالمعروف الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 114

______________________________

انسانا بفضائل لا يرضي ذلك الانسان، يكون غيبة و من الظاهر انه ليس كذلك و ان كان المراد من الموصول القبائح فلازمه انه لو ذكر أحد باقبح القبائح لكن الطرف لا يكره لا يكون غيبة و هذا فاسد أيضا.

و قد وردت في تفسير الغيبة عدة نصوص:

منها ما أرسله ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من قال في مؤمن ما رأته عيناه و سمعته اذناه فهو من الذين قال اللّه عز و جل «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفٰاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذٰابٌ أَلِيمٌ» «1».

و هذه الرواية في مقام بيان مصداق من مصاديق حب تشييع الفاحشة لا في مقام تفسير الغيبة.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن سيابة عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: قال: ان من الغيبة ان تقول في أخيك ما ستره اللّه عليه و ان من البهتان ان تقول في أخيك ما ليس فيه «2» و هذه الرواية ضعيفة بعبد الرحمن.

و منها ما في تفسير العياشي عن عبد اللّه بن حماد الانصاري عن عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه

السلام: الغيبة ان تقول في أخيك: ما قد ستره اللّه عليه فأما اذا قلت ما ليس فيه فذلك قول اللّه عز و جل: «فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتٰاناً وَ إِثْماً مُبِيناً «3».

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال مضافا الي ان عبد اللّه بن حماد الانصاري لم يوثق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 152 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 6.

(2) نفس المصدر الحديث 14.

(3) نفس المصدر الحديث: 22.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 115

سواء أ كان بقصد الانتقاص أم لم يكن و سواء أ كان العيب في بدنه أم في نسبه أم في خلقه أم في فعله أم في قوله أم في دينه أم في

______________________________

و منها ما رواه داود بن سرحان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الغيبة قال: هو ان تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل و ثبت «تبث خ ل» عليه أمرا قد ستره اللّه عليه لم يقم عليه فيه حد «1». و هذه الرواية ضعيفة بمعلي بن محمد.

و منها ما رواه عبد الرحمن بن سيابة قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: الغيبة ان تقول في أخيك ما ستره اللّه عليه و أما الامر الظاهر مثل الحدة و العجلة فلا و البهتان ان تقول فيه ما ليس فيه «2». و هذه الرواية ضعيفة بعبد الرحمن.

و منها ما رواه أبان عن رجل لا نعلمه الا يحيي الأزرق قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام من ذكر رجلا من خلفه بما هو فيه مما عرفه الناس لم يغتبه و من ذكره من خلفه بما هو فيه مما لا يعرفه الناس اغتابه و من ذكره بما ليس فيه فقد بهته «3».

و الرواية مرسلة اذ علم شخص لا يترتب عليه

أثر بالنسبة الي الغير و انما المفيد الشهادة مضافا الي انه في يحيي الأزرق اشكال فان يحيي بن عبد الرحمن ثقة و يحيي بن حسان لم يوثق و يحيي الأزرق مجهول و مع الاشتراك بهذا النحو لا تكون الرواية معتبرة فلا بد من الاقتصار علي المتيقن و عليه كلما يحتمل دخله في صدق الموضوع يلزم اعتباره و الا يكون مقتضي القاعدة عدم الحرمة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 154 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2.

(3) نفس المصدر الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 116

دنياه أم في غير ذلك مما يكون عيبا مستورا عن الناس كما لا فرق في الذكر بين ان يكون بالقول أم بالفعل الحاكي عن وجود العيب (1) و الظاهر اختصاصها بصورة وجود سامع يقصد افهامه و أعلامه (2).

كما ان الظاهر انه لا بد من تعيين المغتاب فلو قال: واحد من أهل البلد جبان لا يكون غيبة و كذا لو قال: أحد أولاد زيد جبان (3)

______________________________

(1) كل ذلك للإطلاق فان مقتضي اطلاق دليل المنع عدم الفرق بين العيوب المستورة من البدني و الديني و غيرهما كما انه لا فرق بحسب الاطلاق بين قصد الانتقاص و عدمه كما ان مقتضي الاطلاق و المناسبة بين الموضوع و الحكم عدم الفرق بين انحاء الاخبار فان العرف يفهم- مضافا الي ما ذكر- ان المناط مطلق الاعلام و كشف ما ستره اللّه و ما ذكرناه لا يتم علي القول بعدم دليل مطلق مضافا الي أن ما ورد في خبر داود بن سرحان «1» يقتضي تقييد الموضوع بخصوص العيب الديني فالنتيجة انه لا بد من اعتبار كل قيد محتمل في الموضوع و الاقتصار علي القدر المتيقن.

(2) فان المستفاد

من مجموع ما ورد في المقام: ان المنهي عنه كشف مما هو مستور و الكشف لا يتحقق بدون سامع يفهم المراد و هذا ظاهر.

(3) لعدم صدق الموضوع فانه لا ينكشف مع عدم المعرفة و الترديد فان مقتضي الاية الشريفة «2» ان يكون الطرف مشخصا كي يصلح ان يقال:

زيد اغتاب فلانا و مع الترديد لا يصدق و بعبارة أخري: انه بعد معلومية حدود الموضوع لا بد من الاكتفاء علي القدر المتيقن.

______________________________

(1) لاحظ ص 115.

(2) لاحظ ص: 104.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 117

نعم قد يحرم ذلك من جهة لزوم الاهانة و الانتقاص لا من جهة الغيبة (1) و يجب عند وقوع الغيبة التوبة و الندم (2).

و الاحوط استحبابا الاستحلال من الشخص المغتاب اذا لم تترتب علي ذلك مفسدة أو الاستغفار له (3).

______________________________

(1) هذا أمر آخر فانه ربما يكون أمر جائزا معنونا بعنوان حرام بالعنوان الثانوي و هذا خارج عن موضوع البحث.

(2) كبقية المحرمات و قد ذكرنا في بحث التوبة عدم وجوب التوبة وجوبا شرعيا بل وجوبها عقلي فراجع ما ذكرناه هناك و لا يخفي ان ما حققناه في بحث التوبة كتبه المقرر و طبعه.

(3) ربما يقال: بأنه ما لم يتحقق الاستحلال و لم يرتفع الحق يحكم ببقائه بالاستصحاب.

و فيه: أولا: انه لا دليل علي الثبوت كي يحتاج الي السقوط و ثانيا: ان الاستصحاب لا يجري في الحكم الكلي.

و ربما يستدل بجملة من الروايات:

منها ما رواه الشيخ في المجالس و الاخبار باسناده عن أبي ذر عن النبي صلي اللّه عليه و آله في وصية له قال: يا أبا ذر اياك و الغيبة فان الغيبة أشد من الزنا قلت: و لم ذاك يا رسول اللّه صلي اللّه عليه و

آله؟ قال: لان الرجل يزني فيتوب الي اللّه فيتوب اللّه عليه و الغيبة لا تغفر حتي يغفرها صاحبها «1».

و منها ما رواه اسباط بن محمد يرفعه الي النبي صلي اللّه عليه و آله قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 152 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 9.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 118

______________________________

الغيبة أشد من الزنا فقيل: يا رسول اللّه و لم ذلك؟ قال: أما صاحب الزنا فيتوب فيتوب اللّه عليه و أما صاحب الغيبة فيتوب فلا يتوب اللّه عليه حتي يكون صاحبه الذي يحله «1».

و منها ما رواه جابر عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: اياكم و الغيبة فان الغيبة أشد من الزنا ثم ذكر نحو الحديث السابق «2».

و هذه الروايات كلها ضعيفة سندا أما الاولي فبوهب بن عبد اللّه و أما الثانية و الثالثة فبالرفع.

و مما يمكن ان يستدل به علي المدعي، ما رواه القاسم بن محمد بن جعفر العلوي عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: للمسلم علي أخيه ثلاثون حقا لا براءة له منها الا بالاداء أو العفو: يغفر زلته و يرحم عبرته و يستر عورته الي ان قال ثم قال عليه السلام: سمعت رسول اللّه يقول: ان أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئا فيطالبه به يوم القيامة فيقضي له و عليه «3».

و فيه: أولا: انها ضعيفة سندا و ثانيا: لا دلالة فيها علي وجوب الاستحلال و ملخص الكلام انه ليس في الباب ما يكون تاما سندا و دلالة.

و أما وجوب الاستغفار فقد دل عليه ما رواه حفص بن عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل النبي صلي اللّه عليه و آله:

ما كفارة الاغتياب؟ قال:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 18.

(2) نفس المصدر ذيل الحديث 18.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 1، ص: 118

(3) الوسائل الباب 122 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 24.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 119

و قد تجوز الغيبة في موارد: منها المتجاهر بالفسق فيجوز اغتيابه (1).

______________________________

تستغفر اللّه لمن اغتبته كلما ذكرته «1».

و فيه: ان الرواية ضعيفة بحفص بن عمير.

(1) قال سيدنا الاستاد: «المتجاهر بالفسق يجوز اغتيابه بلا خلاف بين الشيعة و السنة». و الانصاف انه لو كان الامر كذلك و كان جوازه متفقا عليه بين المسلمين كفي دليلا للجواز فان النفس تطمئن بالحكم الشرعي.

أضف الي ذلك انه لا يبعد قيام سيرة المتشرعة علي جوازها في الجملة.

و قد دلت علي المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال: من عامل الناس فلم يظلمهم و حدثهم فلم يكذبهم و وعدهم فلم يخلفهم كان ممن حرمت غيبته و كملت مروته و ظهر عدله و وجبت اخوته «2».

فان هذه الرواية تدل بالمفهوم علي ان من عامل الناس فظلمهم أو حدث الناس فكذبهم بحيث يكون واضح الظلم أو الكذب عند الناس يجوز اغتيابه.

و الظاهر ان الرواية تامة سندا و دلالة و لا اشكال في السند من جهة عثمان ابن عيسي الواقفي المستبد بمال أبي الحسن الرضا عليه السلام فان سيدنا الاستاد اختار وثاقته في رجاله و الامر كما أفاده فان الشيخ و ابن شهر آشوب وثّقاه.

مضافا الي انه من أصحاب الاجماع علي ما نقل و أنا حققنا ان كون الشخص من أصحاب الاجماع دليل

علي وثاقته اذ الاجماع بلحاظ جلالة الشخص فلا

______________________________

(1) الوسائل الباب 155 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 152 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 120

و لو بذكر العيب المستتر به (1).

______________________________

اشكال في انه توثيق اياه من قبل المجمعين.

و تؤيد المدعي طائفة من النصوص: منها ما رواه هارون بن الجهم عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: اذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له و لا غيبة «1».

و منها: ما رواه أبو البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: ثلاثة ليس لهم حرمة: صاحب هوي متبدع و الامام الجائر و الفاسق المعلن بالفسق 2.

بل يمكن ان يقال: ان ذكر الغير بأمر تجاهر فيه خارج عن الغيبة موضوعا اذ موضوعها اعلان ما ستره اللّه و علي تقدير التجاهر لا يكون مستورا.

و في المقام رواية رواها ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا غيبة الا لمن صلي في بيته و رغب عن جماعتنا و من رغب عن جماعة المسلمين وجب علي المسلمين غيبته و سقطت بينهم عدالته و وجب هجرانه و اذا رفع الي امام المسلمين انذره و حذره فان حضر جماعة المسلمين و الا أحرق عليه بيته و من لزم جماعتهم حرمت عليهم غيبته و ثبتت عدالته بينهم 3.

و مقتضي اطلاقها جواز الغيبة بمجرد ترك الجماعة.

و يرد عليه: أولا ان الجماعة ليست واجبة و ثانيا: ان مقتضي اطلاقها عدم الفرق بين التجاهر و عدمه فالعمل بالرواية مشكل و علي فرض العمل بها يختص الحكم بمورده.

(1) لإطلاق رواية سماعة 4 فان مقتضي اطلاق قوله عليه السلام

______________________________

(1) (1 و

2) الوسائل الباب 154 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 4 و 5.

(2) (3) الوسائل الباب 41 من أبواب الشهادات الحديث: 2.

(3) (4) لاحظ ص 119.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 121

و منها: الظالم لغيره فيجوز للمظلوم غيبته (1).

______________________________

فيها سقوط حرمة الغيبة بالنسبة الي المتجاهر بالفسق علي الاطلاق.

(1) قال سيدنا الاستاد- علي ما في التقرير-: «انه ذكر الشيعة و السنة من مستثنيات الغيبة تظلم المظلوم و اظهار ما أصابه من الظالم و ان كان مستترا في ظلمه اياه».

و ما يمكن ان يقال في وجه جوازه أمور:

الاول: قوله تعالي: «لٰا يُحِبُّ اللّٰهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلّٰا مَنْ ظُلِمَ «1» فانه لو ظلم أحد أحدا بضربه مثلا خفية كان الجهر به من قبل المظلوم و نقله جائزا بمقتضي الاية الشريفة و قد فسر الجهر بالشتم في بعض الروايات لاحظ ما رواه الطبرسي قال: لا يحب اللّه الشتم في الانتصار الا من ظلم فلا بأس له ان ينتصر ممن ظلم مما يجوز الانتصار في الدين قال: و هو المروي عن أبي جعفر عليه السلام «2» لكن الرواية ضعيفة سندا.

و يؤيد المدعي ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام: ان الضيف ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته فلا جناح عليه ان يذكر سوء ما فعله «3» و أيضا يؤيد المدعي ما عن علي بن ابراهيم قال: أي لا يحب اللّه ان يجهر الرجل بالظلم و السوء و لا يظلم الا من ظلم فقد أطلق له ان يعارضه بالظلم «4».

الثاني: قوله تعالي: «وَ انْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مٰا ظُلِمُوا «5» و قوله تعالي أيضا: وَ جَزٰاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهٰا فَمَنْ عَفٰا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَي اللّٰهِ إِنَّهُ لٰا يُحِبُّ

______________________________

(1) النساء 148.

(2) البرهان

ج 1 ص 425.

(3) الوسائل الباب 154 من أبواب أحكام العشرة الحديث 7.

(4) البرهان ج 1 ص 425.

(5) الشعراء 227.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 122

و الاحوط استحبابا الاقتصار علي ما لو كانت الغيبة بقصد الانتصار لا مطلقا (1).

______________________________

الظّٰالِمِينَ وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولٰئِكَ مٰا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ «1».

بتقريب: ان المستفاد من هذه الآيات ان الانتصار، و الانتقام من الظالم جائز، و الغيبة نحو من الانتقام فيجوز للمظلوم.

و يرد عليه: أولا ان الآيات المذكورة ليست في مقام بيان الانتقام و انه بأي نحو يحصل بل في مقام بيان ان الانتقام من الظالم ليس ممنوعا.

و ثانيا: لا يمكن الالتزام بالاطلاق و الا يلزم جواز الانتقام بأي محرم كالزنا و اللواط و اني لنا بذلك.

و ثالثا: قد علم بدليل آخر ان الانتقام يلزم ان يكون مسانخا لظلم الظالم لاحظ قوله تعالي: فَمَنِ اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ «2» و قوله تعالي: وَ جَزٰاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهٰا «3».

الثالث: ان منع المظلوم من التكلم حرجي و الحرج يرفع التكاليف.

و فيه: ان الدليل أخص من المدعي فانه ربما لا يكون حرجيا و اماما في كلام الاستاد من انه خلاف الامتنان بالنسبة الي المغتاب بالفتح فقد بينا ما فيه في بحث لا ضرر و لا حرج.

(1) الامر كما أفاده فانه لا اشكال في حسن الاحتياط و أما اللزوم، فلا فان مقتضي الاطلاق عدم التقييد.

______________________________

(1) الشوري 37/ 38.

(2) البقرة 190.

(3) الشوري 39.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 123

و منها نصح المؤمن فتجوز الغيبة بقصد النصح كما لو استشار شخص في تزويج امرأة فيجوز نصحه و لو لزم اظهار عيبها (1).

بل لا يبعد جواز ذلك ابتداء بدون استشارة اذا علم بترتب

______________________________

(1)

الذي يمكن ان يجعل دليلا لما ذكر طوائف من الروايات:

الطائفة الاولي ما دل علي حرمة خيانة المؤمن لأخيه، مثل ما رواه أبو المعزا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المسلم أخو المسلم لا يظلمه و لا يخذله و لا يخونه «1».

و ما رواه الحرث بن مغيرة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: المسلم أخو المسلم هو عينه و مرآته و دليله لا يخونه «2».

فان المستفاد من هذه الروايات ان من جملة حقوق المسلم علي أخيه المسلم ان لا يخونه. و فيه: انه لا اشكال في حرمة الخيانة ببعض مراتبها و لكن عدم النصح ليس خيانة بلا اشكال و هذا اظهر من ان يخفي.

الطائفة الثانية: ما دل علي وجوب نصح المؤمن و حرمة تركه مثل ما رواه عيسي بن أبي منصور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يجب للمؤمن علي المؤمن ان يناصحه «3».

و ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يجب للمؤمن علي المؤمن النصيحة له في المشهد و المغيب «4».

و ما رواه أبو عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام قال: يجب للمؤمن

______________________________

(1) الوسائل الباب 122 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 2.

(2) نفس المصدر الحديث: 4.

(3) الوسائل الباب 35 من أبواب فعل المعروف الحديث: 1.

(4) الوسائل الباب 35 من أبواب فعل المعروف الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 124

______________________________

علي المؤمن النصيحة «1».

و ما رواه سماعة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ايما مؤمن مشي في حاجة أخيه فلم يناصحه فقد خان اللّه و رسوله «2».

و هذه الروايات تدل علي وجوب نصح المؤمن ابتداء و لا مجال للمناقشة فيها سندا فانها كثيرة مذكورة في الوسائل

في الباب 21 و 35 و 36 من أبواب فعل المعروف و في المعتبرة منها كفاية، لكن لا يجب النصح بلا اشكال و السيرة القطعية المتشرعية الجارية علي الترك أكبر شاهد علي عدم الوجوب.

أضف الي ذلك ان النسبة بين دليل حرمة الغيبة و دليل وجوب النصح عموم من وجه فيقع التعارض بين الدليلين في مورد الاجتماع و لا وجه لترجيح دليل وجوب النصح بل لا بد اما من القول بالتساقط و اما من ترجيح أحدهما بالمرجحات السندية فلاحظ.

الطائفة الثالثة: ما يدل علي جواز نصح المستشير مثل ما رواه حسين بن عمر ابن يزيد عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من استشار أخاه فلم ينصحه محض الرأي سلبه اللّه عز و جل رأيه «3».

و لاحظ الباب 22 من أبواب أحكام العشرة من مستدرك الوسائل.

و هذه الروايات كلها ضعيفة سندا مضافا الي قصور الدلالة في بعضها و لكن في المقام رواية، و هي ما رواها عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

أتي رجل أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: جئتك مستشيرا ان الحسن و الحسين

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3.

(2) الوسائل الباب 36 من أبواب فعل المعروف الحديث: 2.

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 125

______________________________

و عبد اللّه بن جعفر خطبوا الي، فقال أمير المؤمنين عليه السلام المستشار مؤتمن أما الحسن فانه مطلاق للنساء و لكن زوجها الحسين فانه خير لا بنتك «1» و الظاهر انها لا بأس بالاستدلال بها علي المطلوب الا ان يقال: بأنه يمكن ان كون الحسن عليه السلام مطلاقا لم يكن أمرا مستورا مضافا الي انه لم يكن عيبا و

نقصا فيه و كيف يمكن ان يكون عيبا و نقصا؟ و الحال انه أحد المعصومين و هو السبط الاكبر روحي له الفداء.

و ملخص الكلام: ان المطلاقية ان كانت عيبا فيلزم رد الرواية و غمض العين عنها و ان لم تكن فلا تكون دليلا كما هو ظاهر.

الطائفة الرابعة: ما يدل علي وجوب كشف الكرب عن المؤمن و قضاء حاجته مثل ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان من حق المؤمن علي أخيه المؤمن ان يشبع جوعته و يواري عورته و يفرج عنه كربته و يقضي دينه فاذا مات خلفه في أهله و ولده «2».

و ما رواه المعلي بن خنيس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: ما حق المسلم علي المسلم قال: له سبع حقوق واجبات ما منهن حق الا و هو عليه واجب ان ضيع منها شيئا خرج من ولاية اللّه و طاعته الي ان قال و اذا علمت ان له حاجة تبادره الي قضائها و لا تلجئه الي ان يسألكها و لكن تبادره مبادرة فاذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته و ولايته بولايتك «3».

و لا شبهة في ان نصح المؤمن و ارشاده من أظهر أنواع الاعانة و الاحسان

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 122 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 5.

(3) نفس المصدر الحديث: 7.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 126

مفسدة عظيمة علي ترك النصيحة (1).

و منها ما لو قصد بالغيبة ردع المغتاب عن المنكر فيما اذا لم يمكن الردع بغيرها (2).

______________________________

اليه فيجب.

و فيه: أولا انه لا اشكال في عدم وجوب اعانة المؤمن و الضرورة قائمة علي خلافه و الا يلزم ان يكون جميع المؤمنين

الا القليل النادر فساقا.

و ثانيا انه لا اشكال في عدم استحباب الاعانة بفعل الحرام و المفروض ان الغيبة حرام.

(1) المفسدة المترتبة علي ترك النصح ان كانت مفسدة يجب دفعها علي كل أحد كما لو فرض ترتب قتل مؤمن علي ترك النصح، فلا اشكال في وجوب النصح و في غير هذه الصورة لا وجه للجواز اذا فرضنا حرمة الغيبة و تمامية دليل حرمتها علي الاطلاق.

(2) استدل عليه بوجهين: الاول: انه احسان اذ يوجب نجاته من العذاب الالهي. و فيه: انه لا يجوز الاحسان بالفعل المنكر و إلا لجاز أعظم المحرمات الالهية احيانا بلحاظ ادخال السرور في قلب المؤمن أو المؤمنة حاشا.

الثاني: ان النهي عن المنكر واجب. و فيه أولا: انه علي هذا الفرض تجب الغيبة.

و ثانيا: ان أدلة النهي عن المنكر تنصرف عن النهي بالحرام و لذا لا يجوز النهي عن الزنا بالزنا أو اللواط.

و ثالثا: تقع المعارضة بين دليل النهي عن المنكر و دليل حرمة الغيبة نعم اذا كان الحرام الذي يرتكبه يجوز بل يجب علي كل أحد ردعه و منعه بأي نحو

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 127

و منها: ما لو خيف علي الدين من الشخص المغتاب فتجوز غيبته لئلا يترتب الضرر الديني (1).

و منها جرح الشهود (2).

______________________________

كان تجوز الغيبة مع انحصار السبب فيها لكن هذا فرض خارج عن محل الكلام.

(1) ذكر في وجه الجواز وجوه: الاول: انه علم من الشرع ان مصلحة دفعه أولي من الستر عليه بل ربما يجب ردعه بما هو أعظم من الغيبة كالإهانة امام الناس و هتكه.

الثاني: انه دلت جملة من النصوص علي وجوب سب المبدع و الوقيعة فيه و بهتانه:

منها ما رواه داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه

عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا رأيتم أهل الريب و البدع من بعدي فاظهروا البراءة منهم و اكثروا من سبهم و القول فيهم و الوقيعة و باهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام «و يحذرهم الناس» و لا يتعلمون من بدعهم يكتب اللّه لكم بذلك الحسنات و يرفع لكم به الدرجات في الآخرة «1».

الثالث: ما دل علي جواز غيبة المبدع مثل ما رواه أبو البختري عن جعفر ابن محمد عن أبيه قال: ثلاثة ليس لهم حرمة، صاحب هوي مبتدع و الامام الجائر و الفاسق المعلن بالفسق «2».

(2) قال سيدنا الاستاد: «اتفق الاصحاب علي جواز جرحهم و هذا لعله من الواضحات اذ لو لم يجز جرح الشاهد الفاسق و حرمت اشاعة ما ستره لزم الهرج و المرج و لضاع كثير من الحقوق المالية و العرضية و قس عليه جرح الرواة

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من أبواب الامر و النهي الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 154 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 128

و منها ما لو خيف علي المغتاب الوقوع في الضرر اللازم حفظه عن الوقوع فيه فتجوز غيبته لدفع ذلك عنه (1) و منها القدح في المقالات الباطلة و ان أدي ذلك الي نقص في قائلها و قد صدر من جماعة كثيرة من العلماء القدح في القائل بقلة التدبير و التأمل و سوء الفهم و نحو ذلك و كان صدور ذلك منهم لئلا يحصل التهاون في تحقيق الحقائق عصمنا اللّه تعالي من الزلل و وفقنا للعلم و العمل انه حسبنا و نعم الوكيل (2)

و قد يظهر من الروايات عن النّبيّ و الائمه عليهم أفضل الصلاة و السلام: انه

يجب علي سامع الغيبة ان ينصر المغتاب و يرد عنه و انه اذا لم يرد خذ له اللّه تعالي في الدنيا و الآخرة و انه كان عليه كوزر من اغتاب (3).

______________________________

الضعفاء اذ لولاه لضاع الحكم الشرعي» فتأمل.

(1) فانه في هذا الفرض تجوز الغيبة بل تجب كما لو توقف حفظ نفسه علي غيبته.

(2) الانصاف ان الجزم بالجواز مشكل فان بيان الحقائق لا يتوقف علي سوء التعبير كما هو ظاهر.

(3) فمن تلك الروايات ما رواه انس بن محمد عن أبيه عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام، يا علي من اغتيب عنده أخوه المسلم فاستطاع نصره فلم ينصره خذ له اللّه في الدنيا و الآخرة «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 156 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 129

و من الكبائر: البهتان علي المؤمن و هو ذكره بما يعيبه و ليس هو فيه (1).

______________________________

و منها ما رواه أبو الورد عن أبي جعفر عليه السلام قال: من اغتيب عنده أخوه المؤمن فنصره و اعانه نصره اللّه و اعانه في الدنيا و الآخرة و من لم ينصره و لم يعنه و لم يدفع عنه و هو يقدر علي نصرته و عونه الا خفضه اللّه في الدنيا و الآخرة «1».

و منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من رد عن عرض أخيه المسلم وجبت له الجنة البتة «2».

الي غيرها من الروايات الواردة في الباب 156 من أبواب أحكام العشرة من الوسائل و الظاهر ان هذه الروايات غير نقية سندا.

(1) البهتان من مصاديق الكذب فعلي تقدير

كون الكذب من الكبائر يكون البهتان معصية كبيرة بلا اشكال اذ البهتان كذب مع الاضافة لكن الاشكال في كون الكذب من الكبائر اذ ليس علي كونه من الكبائر دليل صحيح نعم لا اشكال في تأكد حرمة البهتان بل لا يبعد ان يستفاد من بعض النصوص كونه كبيرا لاحظ ما رواه ابراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا اتهم المؤمن أخاه انماث الايمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء «3»، فان البهتان بمقتضي هذه الرواية يوجب زوال الايمان.

لكن سند الرواية لا يخلو من خدش فان الاقوال في ابراهيم بن عمر اليماني متعارضة و لا يبعد ان يثبت كون البهتان من الكبائر ارتكازه كذلك في اذهان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2.

(2) نفس المصدر الحديث: 3.

(3) الوسائل الباب 161 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 130

و منها: سب المؤمن و اهانته و اذلاله (1) و منها: النميمة بين المؤمنين بما يوجب الفرقة بينهم (2).

______________________________

المتشرعة فانا ذكرنا في رسالة العدالة انه من طرق اثبات كون المعصية كبيرة و اللّه العالم.

(1) لم أظفر علي دليل يدل علي كون المذكورات من الكبائر لكن لا يبعد ان يستفاد المدعي من النصوص الكثيرة الدالة علي احترام المؤمن و حرمة هتكه و اذلاله و اهانته.

(2) قال سيدنا الاستاد- علي ما في التقرير: «النميمة من الكبائر المهلكة» و لا يبعد ان تكون كذلك في ارتكاز المتشرعة و قد عقد في الوسائل بابا لحرمتها و أورد فيها أربعة عشر رواية:

منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أنبئكم بشراركم؟ قالوا بلي يا رسول

اللّه قال: المشاءون بالنميمة المفرقون بين الاحبة الباغون للبراء المعايب «1».

و لا بأس بالاستدلال بقوله تعالي: وَ الْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ «2» علي المدعي.

ان قلت: لا تكون الفتنة مطلقا أشد من القتل قلت: يفهم من الاية كون الفتنة في مرتبة شديدة من الحرمة.

و بعبارة أخري: لا ريب انه يفهم من الاية ان الفتنة من المحرمات الموبقة المهلكة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 164 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 1.

(2) البقرة 191.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 131

و منها القيادة و هي السعي بين اثنين لجمعهما علي الوطء المحرم (1) و منها الغش للمسلمين (2) و منها: استحقار الذنب فان أشد الذنوب ما يستهان به صاحبه (3).

و منها الرياء (4) و غير ذلك مما يضيق الوقت عن بيانه.

______________________________

(1) قال سيدنا الاستاد: «هي من الكبائر الموبقة و الجرائم المهلكة و لا اشكال ظاهرا في حرمتها».

و الظاهر انه لا خلاف في حرمتها و أما الجزم بكونها من الكبائر فمحل تامل.

(2) قال سيدنا الاستاد: «ان حرمة الغش من ضروريات مذهب المسلمين».

لكن لا يدل ما ذكره علي كونه من الكبائر و الاخبار الدالة علي حرمته متعددة:

منها ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس منا من غشنا «1».

و منها ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لرجل يبيع التمر: يا فلان أما علمت انه ليس من المسلمين من غشهم «2».

(3) لا يبعد دخوله في الا من من مكر اللّه مع الاهانة بمقام الكبرياء.

(4) لا يبعد ان يستفاد المدعي من جملة من النصوص.

منها ما رواه زرارة و حمران عن ابي جعفر عليه السلام قال: لو ان عبدا

______________________________

(1) الوسائل الباب

86 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2:

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 132

[مسألة 30: ترتفع العدالة بمجرد وقوع المعصية و تعود بالتوبة و الندم]

(مسألة 30) ترتفع العدالة بمجرد وقوع المعصية (1) و تعود بالتوبة و الندم (2) و قد مر انه لا يفرق في ذلك بين الصغيرة و الكبيرة (3).

______________________________

عمل عملا يطلب به وجه اللّه و الدار الآخرة و ادخل فيه رضا احد من الناس كان مشركا و قال ابو عبد اللّه عليه السلام من عمل للناس كان ثوابه علي الناس يا زرارة كل رياء شرك و قال عليه السلام: قال اللّه عز و جل: من عمل لي و لغيري فهو لمن عمل له «1».

و منها ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي ابن جعفر عن ابيه عن آبائه صلوات اللّه عليهم قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: يؤمر برجال الي النار الي ان قال: فيقول لهم خازن النار: يا اشقياء ما كان حالكم؟ قالوا كنا نعمل لغير اللّه فقيل لنا: خذوا ثوابكم ممن عملتم له «2».

و الروايات كثيرة مذكورة في الوسائل في الابواب: 11 و 12 و 14 من مقدمات العبادات فلاحظ.

(1) فان العدالة عبارة عن الكون علي الجادة و بارتكاب الفسق يحصل الانحراف فتزول العدالة كما هو ظاهر.

(2) بل تعود بالعزم علي الترك و الكون علي الجادة و قد ذكرنا في رسالة التوبة: انه لا دليل علي وجوب التوبة بل العقل من باب دفع الضرر المحتمل يحكم باللزوم.

(3) و قد مر ان الصغيرة توجب زوال العدالة اذ لا تنافي بين رفع العدالة و تكفير الذنب و بعبارة اخري: المرتكب للذنب يخرج به عن سلسلة العدول

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب مقدمات العبادات الحديث:

11.

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب مقدمات العبادات الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 133

[مسألة 31: الاحتياط المذكور في مسائل هذه الرسالة ان كان مسبوقا بالفتوي أو ملحوقا بها فهو استحبابي]

(مسألة 31): الاحتياط المذكور في مسائل هذه الرسالة ان كان مسبوقا بالفتوي أو ملحوقا بها فهو استحبابي يجوز تركه و الا تخير العامي بين العمل بالاحتياط و الرجوع الي مجتهد آخر الاعلم فالاعلم و كذلك موارد الاشكال و التأمل فاذا قلنا: يجوز علي اشكال أو علي تأمل فالاحتياط في مثله استحبابي و ان قلنا: يجب علي اشكال أو علي تأمل فانه فتوي بالوجوب و ان قلنا: المشهور كذا أو قيل كذا و فيه تأمل أو فيه اشكال فاللازم العمل بالاحتياط أو الرجوع الي مجتهد آخر.

[مسألة 32: ان كثيرا من المستحبات المذكورة في أبواب هذه الرسالة يبتني استحبابها علي قاعدة التسامح في أدلة السنن]

(مسألة 32): ان كثيرا من المستحبات المذكورة في أبواب هذه الرسالة يبتني استحبابها علي قاعدة التسامح في أدلة السنن و لما لم تثبت عندنا فيتعين الاتيان بها برجاء المطلوبية و كذا الحال في المكروهات فتترك برجاء المطلوبية (1) و ما توفيقي الا باللّه عليه توكلت و اليه أنيب.

______________________________

و ان كان ذلك الذنب صغيرا فلاحظ.

تذكرة: لا يخفي علي الطالب انا باحثنا الابحاث المرتبطة بالعدالة في بحث صلاة الجماعة و قد كتب ما حققناه المقرر و جعل تلك الابحاث رسالة خاصة و طبعها منضمة الي رسالتي التوبة و اللاضرر فمن اراد الاطلاع عليها فليراجع تلك الرسالة.

(1) اعلم انه قد دلت جملة من الاخبار علي ان من بلغه ثواب علي عمل

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 134

______________________________

فعمل به التماس ذلك الثواب اوتيه و ان لم يكن الحديث كما بلغه فمن تلك الروايات ما رواه صفوان عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: من بلغه شي ء من الثواب علي شي ء من الخير فعمل (فعمله) به كان له اجر ذلك و ان كان (و ان لم يكن علي ما بلغه خ ل) رسول اللّه صلي اللّه

عليه و آله و سلم لم يقله «1».

و منها ما رواه هشام بن سالم عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: من بلغه عن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم شي ء من الثواب فعمله كان اجر ذلك له و ان كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم لم يقله «2».

و منها ما رواه محمد بن مروان عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: من بلغه عن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله شي ء من الثواب ففعل ذلك طلب قول النّبيّ صلي اللّه و آله و سلم كان له ذلك و ان كان النّبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم لم يقله «3».

و منها ما رواه عبد اللّه بن القاسم الجعفري عن ابي عبد اللّه عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: من وعده اللّه علي عمل ثوابا فهو منجزه له و من اوعده علي عمل عقابا فهو فيه بالخيار «4».

و منها ما رواه هشام بن سالم عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: من سمع شيأ من الثواب علي شي ء فصنعه كان له و ان لم يكن علي ما بلغه «5».

و منها ما رواه محمد بن مروان قال: سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول:

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب مقدمات العبادات الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 3.

(3) نفس المصدر الحديث: 4.

(4) نفس المصدر الحديث: 5.

(5) نفس المصدر الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 135

______________________________

من بلغه ثواب من اللّه علي عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب اوتيه و ان لم يكن الحديث كما بلغه «1».

و منها ما رواه الصدوق عن محمد

بن يعقوب بطرقه الي الائمة عليهم السلام ان من بلغه شي ء من الخير فعمل به كان له من الثواب ما بلغه و ان لم يكن الامر كما نقل اليه «2».

و منها ما رواه علي بن موسي بن جعفر بن طاوس في كتاب الاقبال عن الصادق عليه السلام قال: من بلغه شي ء من الخير فعمل به كان له ذلك و ان لم يكن الامر كما بلغه «3».

و لا مجال للتكلم و المناقشة في هذه الاخبار من حيث السند فان فيها ما يكون معتبرا سندا كالحديث الثالث.

و الوجوه المحتملة المذكورة في معني الجملة ثلاثة:

الاول: ان يكون المراد بها اثبات اعتبار السند و لو لم يكن معتبرا، و بعبارة اخري يكون مفادها التسامح في ادلة السنن و لا يبعد ان لا ينسبق هذا المعني الي الذهن.

و ان شئت قلت: ان لسان جعل الحجية الغاء احتمال الخلاف.

و بعبارة أخري: فرض كون المؤدي مطابقا للواقع و في هذه الروايات فرض عدم التطابق و ان ابيت فلا أقلّ من عدم ظهورها فيه.

الثاني: ان يكون المراد منها الاخبار عن تفضل اللّه تعالي بانه تبارك و تعالي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7.

(2) نفس المصدر الحديث: 8.

(3) نفس المصدر الحديث: 9.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 136

______________________________

يعطي الثواب الموعود و لو لم يكن الخبر مطابقا للواقع و ليس فيها تعرض لاستحباب العمل.

و الانصاف: ان خبري هشام «1» ظاهران بل صريحان في هذا المعني فلا ترتبط الروايات بالتسامح في ادلة السنن.

الثالث: ان يكون مفادها جعل الاستحباب للعمل المعنون بعنوان بلوغ الثواب عليه و يكون عنوان البلوغ عنوانا ثانويا يوجب استحباب العمل كإجابة التماس المؤمن او ايجاد السرور في قلب الشيعي و امثالهما.

و الانصاف: انه لا يستفاد منها

هذا المعني و لا يمكن الجزم به.

فالحق: ان المستفاد منها المعني الوسط الذي هو خير الامور و ان شئت قلت: ان المستفاد من هذه الاخبار تحريص المكلف علي الاتيان بما يحتمل كونه مستحبا بشرط بلوغ الشواب عليه فتكون نظير الاوامر الطريقية لإيصال الواقعيات الي المكلف فلاحظ.

ثم انه لا يبعد ان يستفاد من حديث هشاء «2» بلحاظ التفريع المذكور في الحديث: ان مورد الرواية و موضوعها العمل الذي يكون الداعي الي اتيانه بلوغ الثواب.

و بعبارة اخري: يكون الداعي طلب ذلك الثواب فان قوله عليه السلام:

«من بلغه شي ء من الثواب فعمله» ظاهر في هذا المعني و كذا قوله عليه السلام في الحديث السابع من الباب «3».

______________________________

(1) لاحظ ص 134.

(2) لاحظ ص 134 الحديث الرقم: 2 في الهامش.

(3) لاحظ ص 134.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 137

[كتاب الطهارة]

اشارة

كتاب الطهارة و فيه مباحث:

[المبحث الأول أقسام المياه و أحكامها]

اشارة

المبحث الاول أقسام المياه و أحكامها و فيه فصول:

[الفصل الأول: ينقسم ما يستعمل فيه لفظ الماء الي قسمين]

الفصل الاول:

ينقسم ما يستعمل فيه لفظ الماء الي قسمين:

الاول: ماء مطلق و هو ما يصح استعمال لفظ الماء فيه بلا مضاف اليه كالماء الذي يكون في البحر أو النهر أو البئر أو غير ذلك فانه يصح ان يقال له ماء و اضافته الي البحر- مثلا- للتعيين لا لتصحيح الاستعمال.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 138

الثاني: ماء مضاف و هو ما لا يصح استعمال لفظ الماء فيه بلا مضاف اليه كماء الرمان و ماء الورد فانه لا يقال له ماء الا مجازا و لذا يصح سلب الماء عنه (1).

[الفصل الثاني: انقسام الماء المطلق إلي أقسام]
[الأول ما لا مادة له]
اشارة

الفصل الثاني:

الماء المطلق اما لا مادة له أو له مادة و الاول أما قليل لا يبلع

______________________________

(1) المائع علي أقسام: منها ما لا يصح اطلاق الماء عليه كالزيت و نحوه و لا يطلق علي مثله الماء و لا يبعد ان يكون اطلاق الماء عليه غلطا. و منها ما يطلق عليه الماء مع الاضافة كالمضافات فانه يصح ان يطلق علي ما يعصر من الرمان ماء الرمان و لا يطلق عليه الماء بلا اضافة الا علي نحو المجاز. و منها ما يصح اطلاق الماء عليه بلا اضافة و هو الماء المطلق.

و مما ذكرنا علم ان تقسيم الماء الي المطلق و المضاف انما هو تقسيم للمعني الجامع بين نوعين حقيقيين- خلافا لما أفاده سيدنا الاستاد- حيث قال: «انما هو تقسيم للجامع بين المعني الحقيقي و المجازي نظير تقسيم الصلاة الي الصحيحة و الفاسدة بناء علي وضعها لخصوص الصحيحة» اذ لا شبهة في ان اطلاق الماء مع الاضافة علي المضاف اطلاق حقيقي فلو قلنا: بأن قول الفقهاء: «الماء اما مطلق أو مضاف» يراد منه ان الماء تارة يطلق مع الاضافة، و أخري يطلق

بلا اضافة، يكون المقسم مقسما لمعنيين حقيقيين الا ان يقال: بأن المراد في قولهم:

«الماء اما مطلق أو مضاف» الجامع بين المطلق و المضاف و حيث ان اطلاق الماء علي المضاف يكون مجازيا، يكون التقسيم باعتبار الجامع بين المعني

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 139

مقداره الكر أو كثير يبلغ مقداره الكر و القليل ينفعل بملاقاة النجس أو المتنجس علي الاقوي (1).

______________________________

الحقيقي و المجازي و الظاهر هو هذا المعني الثاني، لا الاول فما أفاده صحيح.

[تنجس الماء القليل بملاقاة النجس أو المتنجس و عدمه و ذكر النصوص الواردة في المقام و بيان الأدلة من الطرفين]
اشارة

(1) لا اشكال في عدم انفعال الكر و ما فوقه الا بالتغير بالنجاسة في أحد أوصافه الثلاثة كما انه لا ريب في انفعال القليل بالتغير انما الكلام في انفعال القليل مطلقا و عدمه و المشهور هو الاول بل قيل: انه أدعي عليه الاجماع في كلام كثير من الاعلام و نسب الي ابن أبي عقيل: القول بعدم الانفعال و نسب هذا القول الي الفيض و السيد الجزائري و الشيخ الفتوني و السيد عبد اللّه الشوشتري و يقع البحث في مواضع:

[الموضع الاول: في الانفعال في الجملة و بنحو الموجبة الجزئية
اشارة

و في هذا الموضع يقع البحث تارة من حيث المقتضي و أخري في بيان ما يتوهم كونه دليلا علي عدمه.

فنقول: الاخبار التي يمكن الاستدلال بها علي المدعي علي طوائف:
الطائفة الاولي: الاخبار الناهية عن الوضوء و الشرب من الاناء الذي وقع فيه قطرة دم أو شرب منه طير علي منقاره دم أو قذر

بتقريب: ان المستفاد من هذه الروايات ان العلة لحرمة الشرب كون الماء نجسا و ليس لحرمته ملاك آخر غير النجاسة كما ان النهي عن الوضوء ارشاد الي نجاسته و لا يحتمل فساد الوضوء مستندا الي وجه آخر.

و من تلك الطائفة ما رواه علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل رعف فامتخط فصار بعض ذلك الدم قطعا صغارا فأصاب انائه هل يصلح له الوضوء منه؟ فقال: ان لم يكن شيأ

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 140

______________________________

يستبين في الماء فلا بأس و ان كان شيئا بينا فلا تتوضأ منه و قال: و سألته عن رجل رعف و هو يتوضأ فتقطر قطرة في انائه هل يصلح الوضوء منه؟ قال: لا «1».

و منها ما رواه أيضا عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الدجاجة و الحمامة و اشباههما تطأ العذرة ثم تدخل في الماء يتوضأ منه للصلاة؟

قال: لا الا ان يكون الماء كثيرا قدر كر من ماء «2».

و منها ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عما تشرب منه الحمامة فقال: كل ما أكل لحمه فتوضأ من سؤره و اشرب و عن ماء شرب منه باز أو صقر أو عقاب فقال: كل شي ء من الطير يتوضأ مما يشرب منه الا ان تري في منقاره دما فان رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ منه و لا تشرب «3».

الطائفة الثانية: الاخبار الدالة بالمفهوم شرطا أو قيدا علي نجاسة ما دون الكر أو الرواية:

منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام و سئل عن الماء تبول فيه الدواب و نلغ فيه الكلاب و يغتسل فيه الجنب. قال: اذا كان الماء قدر كر لم ينجسه

شي ء «4».

و منها: ما رواه زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام: اذا كان الماء أكثر من راوية لم ينجسه شي ء تفسخ فيه أو لم يتفسخ الا ان يجئ له ريح تغلب علي ريح الماء «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المطلق الحديث: 4.

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب الأسآر الحديث: 2.

(4) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1.

(5) الوسائل الباب 3 من أبواب الماء المطلق الحديث: 9.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 141

______________________________

و منها ما رواه اسماعيل بن جابر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الماء الذي لا ينجسه شي ء؟ قال: ذراعان عمقه في ذراع و شبر و سعة (سعته) «1».

و منها ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الماء الذي لا ينجسه شي ء؟ فقال: كر. قلت و ما الكر؟ قال: ثلاثة اشبار في ثلاثة اشبار «2».

الطائفة الثالثة: ما يدل علي اراقة الاناء الذي أدخل فيه اليد القذرة

من نجاسة البول أو المني أو غيرهما أو وقع فيه قذر و في بعضها الامر بالتيمم بعد الامر بالاهراق و ليس هذا بحسب الفهم العرفي الا للنجاسة كي لا يستعمل الماء النجس فيما يشترط فيه الطهارة كالوضوء و الشرب و احتمال وجوب الاراقة تعبدا من غير جهة النجاسة بعيد عن الفهم العرفي، فمن تلك الطائفة ما رواه أحمد ابن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يدخل يده في الاناء و هي قذرة قال: يكفي الاناء «3».

و منها ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل يمس الطست أو الركوة ثم يدخل يده في الاناء قبل ان يفرغ علي كفيه؟ قال: يهريق من الماء ثلاث جفنات و

ان لم يفعل فلا بأس و ان كانت أصابته جنابة فادخل يده في الماء فلا بأس به ان لم يكن أصاب يده شي ء من المني و ان كان أصاب يده فادخل يده في الماء قبل ان يفرغ علي كفيه فليهرق الماء كله «4».

و منها ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل معه اناءان

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المطلق الحديث: 7.

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب الماء المطلق الحديث: 7.

(4) نفس المصدر الحديث: 10.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 142

______________________________

فيهما ماء وقع في أحدهما قذر لا يدري أيهما هو و ليس يقدر علي ماء غيره قال:

يهريقهما جميعا و يتيمم «1».

و منها ما رواه محمد يعني ابن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الكلب يشرب من الاناء قال: أغسل الاناء «2».

و منها ما رواه الفضل أبو العباس عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه سأله عن الكلب فقال: رجس نجس لا يتوضأ بفضله و اصبب ذلك الماء و اغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء «3».

و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر قال: و سألته عن خنزير يشرب من أناء كيف يصنع به؟ قال: يغسل سبع مرات «4»، الي غيرها من الروايات الواردة في المقام الدالة علي انفعال الماء القليل.

و عن شيخنا الانصاري انه قدس سره نقل في طهارته عن بعضهم: ان هذه الروايات تبلغ ثلاثمائة رواية و الانصاف انها و ان لم تبلغ هذا المبلغ لكن لا يشك الشخص العادي: ان بعضها مطابق للواقع و صادر عن المعصوم عليهم السلام و

ان شئت قلت: انها متواترة اجمالا بلا اشكال هذا كله من حيث المقتضي

و اما ما يمكن ان يستدل به علي قول ابن أبي عقيل و اتباعه من عدم الانفعال فوجوه:
الوجه الاول: ما استدل به الكاشاني- علي ما نقل عنه-

و هو ما أرسله المحقق في المعتبر قال: قال عليه السلام: خلق اللّه الماء طهورا لا ينجسه شي ء

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الماء المطلق الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 1 من الأسآر الحديث: 3.

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(4) الوسائل الباب 13 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 143

______________________________

الا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه «1» و من الظاهر ان المرسل لا اعتبار به.

الوجه الثاني: الروايات الدالة علي ان الميزان في نجاسة الماء تغيره فما دام لم يتغير لا ينفعل.

و من تلك الروايات ما رواه حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كلما غلب الماء علي ريح الجيفة فتوضأ من الماء و اشرب فاذا تغير الماء و تغير الطعم فلا توضأ منه و لا تشرب «2» و تقريب الاستدلال: ان مقتضي اطلاق تلك الروايات عدم الفرق بين القليل و الكثير فانهم عليهم السلام لم يفصلوا بين القسمين.

و الجواب: ان غاية ما في الباب اطلاق تلك الروايات كما ذكر في التقريب لكن المستفاد من جملة من الروايات الدالة علي التنجيس، انفعال القليل و لو مع عدم التغير اذ من الظاهر: ان الماء الذي يشرب منه الكلب أو الخنزير أو أصابته يد قذرة لا يتغير و مع ذلك حكم عليه السلام بالانفعال فيكون مقتضي القاعدة تقييد تلك المطلقات بهذه الروايات فان النسبة بينهما عموم و خصوص بالاطلاق.

و مما يؤيد المدعي- بل يدل عليه- ما رواه صفوان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحياض التي ما بين مكة الي (و خ ل) المدينة تردها السباع و تلغ فيها الكلاب و تشرب منها الحمير و يغتسل فيها الجنب و يتوضأ منها قال:

و كم قدر الماء؟ قال: الي نصف الساق و الي

الركبة فقال: توضأ منه «3»

______________________________

(1) الوسائل الباب الاول من أبواب الماء المطلق الحديث: 9.

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1.

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المطلق الحديث: 12.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 144

______________________________

اذ لو كان الميزان في الانفعال و عدمه بالتغير و عدمه لما كان وجه لسؤاله عليه السلام عن مقدار الماء و بعد ما اجاب الراوي بأنه الي نصف الساق أجاب عليه السلام بالجواز و الوجه في هذه الاستفادة: ان الصحاري مسطحة و ليست مرتفعة الاطراف فالماء الموجود فيها اذا بلغ نصف الساق أو الركبة يكون أكثر من مقدار الكر.

الوجه الثالث: ما رواه محمد بن ميسر

قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل الجنب ينتهي الي الماء القليل في الطريق و يريد ان يغتسل منه و ليس معه اناء يغرف به و يداه قذرتان قال: يضع يده ثم (و خ ل) يتوضأ ثم يغتسل هذا مما قال اللّه عز و جل: مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ «1» فان مورد السؤال في الرواية الماء القليل و حكم عليه السلام بعدم انفعاله بملاقاة يده القذرة.

و فيه: ان القليل ليس في مقابل الكر في لسان الاخبار بل القليل يراد منه ما يكون مقابلا للكثير كماء النهر و البحر و انما القليل اصطلاح عند الفقهاء يراد منه ما يكون أقل من الكر و عليه تكون الرواية مطلقة من هذه الجهة نعم اطلاقها يقتضي الحكم بعدم انفعال القليل بملاقاة النجاسة لكن تقيد بما دل من النصوص المتقدمة الدالة علي انفعال الماء الاقل من الكر و يمكن ان تكون الرواية ناظرة الي عدم تنجيس المتنجس فلا ترتبط بالمقام.

الوجه الرابع: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام:

قال: سألته عن الحبل يكون من شعر الخنزير يستقي به الماء من البئر هل يتوضأ من ذلك الماء؟

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الماء المطلق الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 145

______________________________

قال: لا بأس «1» و تقريب الاستدلال: ان شعر الخنزير نجس و الغالب تقاطر الماء من الحبل علي الماء الموجود في الدلو فيفهم من حكمه عليه السلام بعدم انفعال ماء الدلو ان الماء القليل لا ينفعل بملاقاة النجس.

و فيه: انه من الممكن ان تكون الرواية ناظرة الي عدم نجاسة شعر الخنزير كما ذهب اليه سيد المرتضي علي ما نقل عنه كما انه يمكن ان تكون ناظرة الي عدم تنجيس المتنجس.

و أفاد سيدنا الاستاد في

المقام: انه من الجائز ان يكون الحبل المفروض من شعر الخنزير غير متصل بالدلو و وجه السؤال احتمال ان استعمال شعر الخنزير مبغوض شرعا و يفسد الوضوء من ذلك الماء و الامام عليه السلام أجاب بأنه لا بأس و لا يوجب الحرمة الوضعية.

و ما أفاده خلاف الظاهر فان الظاهر من الرواية ان الحبل بتمامه شعر الخنزير و كان مورد السؤال الشعر المتصل بالدلو فلاحظ.

الوجه الخامس: ما رواه أبو مريم الانصاري

قال: كنت مع أبي عبد اللّه عليه السلام في حائط له فحضرت الصلاة فنزح دلوا للوضوء من ركي له فخرج عليه قطعة عذرة يابسة فاكفا رأسه و توضأ بالباقي «2».

و هذه الرواية ضعيفة سندا فانه لم تثبت وثاقة بشير فلاحظ حاله في الرجال.

و اما الجواب عن دلالة الرواية تارة بأنه يمكن كون الدلو المذكور في الرواية مقدار الكر، و أخري بأنه يمكن ان يكون المراد من العذرة مدفوع الحيوان المأكول لحمه و ثالثة بأنه يمكن ان يكون المراد بالباقي، الباقي في

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب الماء المطلق الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الماء المطلق الحديث: 12.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 146

______________________________

البئر لا يرجع الي محصل فانه أي دلو يسع هذا المقدار من الماء و العذرة ظاهرة في عذرة الانسان و السباع و مدفوع المحلل اكله يطلق عليه الروث و الظاهر من الباقي الباقي في الدلو.

الوجه السادس ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام

قال: قلت له راوية من ماء سقطت فيها فارة أو جرذ أو صعوة ميتة قال: اذا تفسخ فيها فلا تشرب من مائها و لا تتوضأ و صبها و ان كان غير متفسخ فاشرب منه و توضأ و اطرح الميتة اذا أخرجتها طرية و كذلك الجرة و حب الماء و القربة و اشباه ذلك من أوعية الماء «1».

و فيه ان الرواية ضعيفة سندا بعلي بن حديد.

الوجه السابع: ما رواه عبد اللّه بن سنان

قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام- و انا حاضر- عن غدير أتوه و فيه جيفة؟ فقال: ان كان الماء قاهرا و لا توجد منه الريح فتوضأ «2».

و فيه: أولا انها ضعيفة سندا بالعبيدي و ثانيا: ان غاية ما في الباب الدلالة علي المدعي بالاطلاق فيرفع اليد عنه بتلك الروايات الدالة علي انفعال القليل.

الوجه الثامن: ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال: سألته عن الرجل يمر بالماء و فيه دابة ميتة قد انتنت قال: اذا كان النتن الغالب علي الماء فلا تتوضأ و لا تشرب «3».

و فيه: ان دلالتها علي المدعي علي فرض التسليم بالاطلاق فتقيد بتلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الماء المطلق الحديث: 8.

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب الماء المطلق الحديث: 11.

(3) نفس المصدر الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 147

______________________________

الادلة مضافا الي ان الظاهر ان مورد السؤال لم يكن ماء قليلا.

الوجه التاسع: ما رواه عثمان بن زياد

قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أكون في السفر فآتي الماء النقيع و يدي قذرة فاغمسها في الماء قال: لا بأس «1».

و هذه الرواية ضعيفة بعثمان بل و بغيره و من حيث الدلالة الكلام فيها هو الكلام في سابقتها فلاحظ.

الوجه العاشر: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام

انه سأل عن الماء النقيع تبول فيه الدواب فقال: ان تغير الماء فلا تتوضأ و ان لم تغيره أبوالها فتوضأ منه و كذلك الدم اذا سال في الماء و اشباهه «2».

و هذه الرواية ضعيفة بياسين الضرير بل و بغيره و من حيث الدلالة الكلام فيها هو الكلام.

الوجه الحادي عشر: ما رواه أبو خالد القماط

انه سمع أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في الماء يمر به الرجل و هو نقيع فيه الميتة و الجيفة فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان كان الماء قد تغير ريحه أو طعمه فلا تشرب و لا تتوضأ منه و ان لم يتغير ريحه و طعمه فاشرب و توضأ «3».

و الكلام في دلالة الرواية هو الكلام.

الوجه الثاني عشر: ما رواه العلاء بن الفضيل

قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحياض يبال فيها قال: لا بأس اذا غلب لون الماء لون البول «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المطلق الحديث: 16.

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب الماء المطلق الحديث: 3.

(3) نفس المصدر الحديث: 4.

(4) نفس المصدر الحديث: 7.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 148

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن سنان و الجواب عن الدلالة هو الجواب.

الوجه الثالث عشر: ما رواه ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال:

سألته عن الوضوء مما ولغ الكلب فيه و السنور أو شرب منه جمل أو دابة أو غير ذلك أ يتوضأ منه؟ أو يغتسل؟ قال: نعم الا ان تجد غيره فتنزه عنه «1».

و الجواب عن دلالتها هو الجواب.

الوجه الرابع عشر: ما أرسله الصدوق

قال: و أتي أهل البادية رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فقالوا: يا رسول اللّه ان حياضنا هذه تردها السباع و الكلاب و البهائم فقال لهم صلي اللّه عليه و آله و سلم: لها ما أخذت أفواهها و لكم سائر ذلك «2».

و ضعفه سندا واضح و الجواب من حيث الدلالة هو الجواب.

الوجه الخامس عشر: ما رواه أبو بصير

قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

انا نسافر فربما بلينا بالغدير من المطر يكون الي جانب القرية فيكون فيه العذرة و يبول فيه الصبي و تبول فيه الدابة و تروث. فقال: ان عرض في قلبك منه شي ء فقل هكذا يعني افرج الماء بيدك ثم توضأ فان الدين ليس بمضيق فان اللّه يقول:

مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ «3».

و الجواب هو الجواب.

الوجه السادس عشر: ما رواه شهاب بن عبد ربه

قال: أتيت أبا عبد اللّه عليه السلام أسأله فابتدأني فقال: ان شئت فسل يا شهاب و ان شئت أخبرناك بما

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الأسآر الحديث: 6.

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المطلق الحديث: 10.

(3) نفس المصدر الحديث: 14.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 149

______________________________

جئت له قلت: أخبرني قال: جئت تسألني عن الغدير يكون في جانبه الجيفة أتوضأ منه أولا؟ قال: نعم قال: توضأ من الجانب الاخر الا ان يغلب الماء الريح فينتن و جئت تسأل عن الماء الراكد من الكر مما لم يكن فيه تغير أو ريح غالبة قلت: فما التغير؟ قال: الصفرة فتوضأ منه و كلما غلب كثرة الماء فهو طاهر «1».

و الجواب هو الجواب. ان قلت: ان التقابل بين الغدير و الكر يقتضي ان يكون الغدير أقل من الكر و مع ذلك حكم عليه السلام بعدم انفعاله. قلت:

الغدير أعم من الكر و ليس ظاهرا في خصوص القليل المقابل للكر و يمكن ان السائل كان في مقام السؤال عن حكم الغدران بنحو مطلق و عن الكر بالخصوص.

أضف الي ذلك كله انه لو وصلت النوبة الي المعارضة يكون الترجيح مع تلك الطائفة الدالة علي الانفعال فانها- كما سبق- متواترة و لا اشكال في صدورها اجمالا عن المعصوم فيكون المعارض له مصداقا

لقوله: كل حديث مردود الي الكتاب و السنة «2» بدعوي: ان السنة أعم من حديث مروي عن النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم و أوصيائه. لكن الرواية لضعفها بالارسال ليست قابلة للاعتماد و قريب من هذه المرسلة ما رواه عمر بن حنظلة و أرسلها في الاحتجاج عنه قال فيه: فان كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟ قال:

ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب و السنة و خالف العامة فيؤخذ به و يترك ما خالف حكمه حكم الكتاب و السنة و وافق العامة «3» فان الرواية ضعيفة بالارسال و بعمر بن حنظلة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11.

(2) جامع أحاديث الشيعة باب ما يعالج به تعارض الروايات الحديث: 9.

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب صفات القاضي الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 150

الوجه السابع عشر: ان القليل لو قلنا بانفعاله بالملاقات لما أمكن تطهير شي ء من المتنجسات

______________________________

و هذا مقطوع البطلان و لهذا الاستدلال تقريبان:

الاول: ان الجزء المتصل بالمتنجس من الماء ينجس بالملاقات فلا تحصل الطهارة اذ يشترط ان يكون المطهر طاهرا.

الثاني: ان الجزء المتصل بالمتنجس اذا انفعل بالملاقاة فهو يوجب تنجس المغسول به ثانيا لأنه نجس فينجس ما يلاقيه. ان قلت: الطهارة تحصل بانفصال الماء عن المغسول. قلت: فرضنا ان الامر كذلك لكن لا اشكال في بقاء قطرات علي المحل و هو يوجب الانفعال و القول بأن الانفصال ليس من المطهرات كما في كلام سيدنا الاستاد مدفوع بأنه موافق للحكم العرفي فان اليد القذرة اذا غسلت بالماء القليل فلا بد من انفصال ذلك الماء كي يحكم عليها بالنظافة.

و الجواب عن التقريب الاول: ان الدليل قائم علي اشتراط طهارة الماء قبل غسل المتنجس و أما النجاسة الحادثة في الماء بالغسل فلا دليل علي قدحها بل الدليل قائم علي عدمه

فان الادلة الدالة علي جواز تطهير المتنجس بالماء القليل تدل علي عدم الاشتراط.

و ان شئت قلت: لو بني علي انفعال القليل علي الاطلاق- حتي في محل الكلام- نبني علي عدم قدح انفعال المطهر فيما يكون انفعاله بالتطهير و لا يتوجه اشكال و هذا أمر موافق مع حكم العرف فان الشي ء القذر لو نظف بالماء فلا بد من كون المغسول به نظيفا و بالغسل تنتقل القذارة العرفية الي الماء و لكن اليد يحكم عليها بالنظافة.

و الجواب عن التقريب الثاني: انه لو قلنا بنجاسة الغسالة فنقول: بأن الماء الباقي علي المحل المغسول لا ينجس المحل لأدلة جواز التطهير بالقليل اذ لا

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 151

______________________________

يعقل ان يجتمع جواز التطهير به مع تنجس المحل به أيضا فالجمع بين الادلة يقتضي الالتزام بالانفعال و عدم تنجيسه المحل المغسول ثانيا.

الوجه الثامن عشر: ان دلالة أدلة انفعال الماء القليل بالمفهوم و دلالة أدلة عدم الانفعال بالمنطوق

و الدلالة المنطوقية تتقدم علي ما بالمفهوم.

و فيه: أولا: انه ليس دليل الانفعال منحصرا بالدلالة المفهومية بل في الادلة ما يدل عليه بالمنطوق.

و ثانيا: انه ليس من المرجحات في باب التعارض كون أحد الطرفين دالا بالمنطوق بل ربما يتقدم ما بالمفهوم علي ما يدل بالمنطوق كما لو كان المفهوم أخص من المنطوق.

و ثالثا: ان المفهوم تابع للمنطوق و التصرف في المفهوم تصرف في المنطوق.

و رابعا: قد تقدم عدم تمامية أدلة عدم الانفعال اما سندا و اما دلالة فلاحظ.

الوجه التاسع عشر: ان أدلة الكر مختلفة من حيث الدلالة علي مقدار الكر

فنكشف من هذا الاختلاف ان اشتراط مقدار الكر في الاعتصام استحبابي و ان الشارع لم يهتم بهذا الامر. و فيه: ان الاختلاف لا يكشف عن عدم الاهتمام بل لا بد من ملاحظتها فاما تكون قابلة للجمع العرفي فيجمع بينها و يؤخذ بالنتيجة و اما لا تكون قابلة للجمع فتدخل في موضوع التعارض و لا بد من اعمال قانونه.

الوجه العشرون: ان الماء القليل لو كان قابلا للانفعال لبين الشارع كيفية التحفظ عليه

و أمر بحفظه عن ملاقاة النجاسات و المتنجسات كأيدي الاطفال و المجانين المتقذرة علي الاغلب و حيث لم يرد في هذا الباب أمر من الشارع و لا توجد رواية تدل علي هذا المعني نكشف عدم انفعاله.

و هذا الاستدلال من الغرائب فان الشارع الاقدس شأنه بيان الاحكام و قد

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 152

______________________________

حكم بانفعال الماء القليل بالادلة المتقدمة و أما بيان حفظ الموضوعات الخارجية فليس من شئون الشارع.

الوجه الواحد و العشرون: انه يلزم نجاسة جميع مياه مكة و المدينة

لانحصار مياههما في القليل غالبا و تصل الي المياه أيدي الاطفال و المجانين و معه كيف يصنع أهل البلدتين بل يلزم جعل أحكام الماء في حقهم لغوا.

و فيه: ان مقتضي قاعدة الطهارة و استصحابها طهارة كل ما يشك في طهارته هذا من ناحية و من ناحية أخري لقائل ان يقول: بأن المتنجس لا ينجس مطلقا أو مع الواسطة لا ينجس أو يفصل بين الماء و غيره بأن يقول: ينجس الماء و لا ينجس غيره فاذا التزمنا بأحد هذه الوجوه و لاحظنا مفاد القاعدة فلا يحصل القطع بالنجاسة نعم لو قلنا: بانفعال الماء القليل و قلنا: بأن المتنجس منجس علي الاطلاق لكان هذا المحذور متوجها اذ يحصل القطع بنجاسة جميع مياه البلدين بل لو ادعي أحد انه تلزم نجاسة جميع ما في العالم لم يكن مجازفا في قوله.

فانقدح مما تقدم: ان الحق ما ذهب اليه المشهور من انفعال القليل بملاقاة النجاسة.

الموضع الثاني: ان الحق انفعال الماء القليل بكل نجاسة

بلا فرق بين أقسامها و يمكن الاستدلال عليه بجملة من النصوص:

منها ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر «1» فان الموضوع في هذه الرواية عبارة عن اليد القذرة و حيث ان اليد تصير قذرة باصابة كل نجاسة و لم تفصل في الرواية، يعلم عدم الفرق بين النجاسات.

______________________________

(1) لاحظ ص 141.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 153

______________________________

و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الجنب يحمل (يجعل خ ل) الركوة أو التور فيدخل اصبعه فيه قال: ان كانت يده قذرة فاهرقه و ان كان لم يصبها قذر فليغتسل منه هذا مما قال اللّه تعالي: مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ «1».

و منها ما رواه شهاب بن عبد ربه

عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل الجنب يسهو فيغمس يده في الاناء قبل ان يغسلها، انه لا بأس اذا لم يكن أصاب يده شي ء «2»، فان مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين أقسام النجاسات.

و منها ما رواه عمار قال: و سئل عن ماء شربت منه الدجاجة قال: ان كان في منقارها قذر لم يتوضأ منه و لم يشرب و ان لم يعلم ان في منقارها قذرا توضأ منه و اشرب «3»، الي غيرها من النصوص مضافا الي ان العرف يفهم من الحكم بالنجاسة في موارد مختلفة انه لا خصوصية لنجاسة دون أخري و ان الماء ينفعل بملاقات النجاسة خصوصا مع ملاحظة أدلة اعتصام الكر حيث يستفاد من تلك الادلة ان الميزان في اعتصام الماء بلوغه هذا المقدار.

أضف الي ذلك التسالم فيما بين القوم علي اتحاد حكم النجاسات من هذه الجهة و ان وقع الخلاف في بعض الخصوصيات كالتفصيل المنسوب الي الشيخ الطوسي قدس سره في الدم الملاقي مع الماء القليل بأنه ان كان بمقدار لا يدركه الطرف لا ينجس الماء.

فالنتيجة: ان الحق عدم الفرق بين أقسام النجاسات و الماء القليل ينفعل

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الماء المطلق الحديث: 11.

(2) نفس المصدر الحديث: 3.

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب الأسآر الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 154

______________________________

بملاقاة كل من الاعيان النجسة.

الموضع الثالث: ان ما ذكر من انفعال الماء القليل بالملاقات هل يختص بالاعيان النجسة أو يعم المتنجسات؟

نسب الي صاحب الكفاية قدس سره: ان الماء القليل لا ينفعل بملاقاة المتنجس و استدل عليه: بأن الدليل علي الانفعال اما الاجماع و اما أخبار الكر و اما الروايات الخاصة اما الاجماع فحيث انه دليل لبي يكون القدر المتيقن منه انفعاله بالاعيان و اما أخبار الكر فمفهومها موجبة جزئية و بعدم القول بالفصل

و بالاخبار الخاصة نلتزم بانفعاله بكل عين نجسة و أما الروايات الخاصة فهي مختصة بالاعيان كما ان المنسبق من لفظ الشي ء في الاخبار العامة هي الاعيان فلا دليل علي انفعاله بالمتنجس هذا ملخص ما أفيد في المقام.

و لكن يرد عليه: ان مقتضي جملة من الروايات عدم الفرق:

منها: ما رواه أبو بصير عنهم عليهم السلام قال: اذا أدخلت يدك في الاناء قبل ان تغسلها فلا بأس الا ان يكون أصابها قذر بول أو جنابة فان أدخلت يدك في الماء و فيها شي ء من ذلك فاهرق ذلك الماء «1» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية ان اليد اذا أصابه بول أو مني ينجس الماء المصاب به و ان لم يكن عند الاصابة عين النجاسة موجودة الا ان يقال: انه يفهم من ذيل الرواية ان الميزان ملاقاة عين المني أو البول مع الماء.

و منها ما رواه شهاب «2» و التقريب هو التقريب و منها ما رواه أحمد ابن محمد بن أبي نصر «3» و التقريب هو التقريب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الماء المطلق الحديث: 4.

(2) لاحظ ص 153.

(3) انظرها في ص: 141.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 155

______________________________

و منها ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أصاب الرجل جنابة فادخل يده في الاناء فلا بأس اذا لم يكن أصاب يده شي ء من المني «1» و التقريب هو التقريب و منها ما رواه أبو بصير «2» و التقريب هو التقريب.

و يمكن ان يقال: ان مقتضي رواية أبي بصير «3»، عدم انفعال الماء القليل الذي لاقاه المتنجس بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان انفعال الماء القليل باصابة اليد مشروط بوجود شي ء من البول أو المني في اليد

و الا لا ينفعل الماء باصابة اليد و لو مع نجاسة اليد بل صرح به في قوله عليه السلام «الا ان يكون أصابها قذر بول أو جنابة» و بهذه الرواية يقيد اطلاق الروايات الدالة بالاطلاق علي انفعاله بملاقاة المتنجس.

و يجاب عن هذا التقريب: بأن القذر علي ما يستفاد من اللغة تارة يطلق و يراد منه المعني الوصفي أي ذات ثبت له المبدأ و أخري يطلق و يراد منه المعني المصدري فعلي الاول تكون اضافة لفظ القذر الي البول اضافة بيانية فالقذر يكون نفس البول و علي الثاني تكون الاضافة نشوية أي قذارة ناشئة من البول و الاستدلال انما يتم علي الفرض الاول كما هو ظاهر و اما علي التقدير الثاني فلا اذ اليد القذرة يكون فيها قذر بول و لو مع ازالة العين و حيث انه لا قرينة في الرواية تعين أحد الاحتمالين يكون المستفاد من هذه الجملة مجملة فتكون تلك الاطلاقات محكمة.

و ربما يستدل علي عدم الانفعال بالمتنجس بما رواه علي بن جعفر عن أخيه

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الماء المطلق الحديث: 9.

(2) أنظرها في ص 153.

(3) لاحظ ص 154.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 156

______________________________

موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن جنب أصابت يده جنابة فمسحها بخرقة ثم ادخل يده في غسله هل يجزيه ان يغتسل من ذلك الماء؟ قال: ان وجد ماء غيره فلا يجزيه ان يغتسل و ان لم يجد غيره أجزأه «1».

و فيه مضافا الي الشذوذ و التفصيل الذي لم يلتزموا به- و لعله لا قائل به- ان مفادها مطلق من حيث القلة و الكثرة، و يقيد اطلاقها بتلك الروايات الدالة علي الانفعال.

الموضع الرابع: انه علي القول بانفعال القليل هل ينفعل بملاقاة المتنجس مطلقا

بلا فرق بين ما لاقي النجس

بلا واسطة و ما لاقاه مع الواسطة أو يختص الانفعال بالمتنجس الملاقي لعين النجس.

و الذي يمكن ان يكون مستندا للعموم أحد أمور:

الاول: ما رواه الفضل أبو العباس قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن فضل الهرة و الشاة و البقرة و الابل و الحمار و الخيل و البغال و الوحش و السباع فلم أترك شيأ الا سألته عنه فقال: لا بأس به حتي انتهيت الي الكلب فقال: رجس نجس لا تتوضأ بفضله و اصبب ذلك الماء و اغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء «2».

و تقريب الاستدلال بالرواية: ان المستفاد من الحديث ان الواجب الاجتناب عن الملاقي مع النجس و النجس بماله من المفهوم كما انه يطلق علي عين النجاسة يطلق علي المتنجس.

و فيه: انه عليه السلام رتب الحكم علي كون الكلب رجسا نجسا كليهما فلا بد في التسرية التحفظ علي كلا العنوانين و صدق الرجس علي المتنجس أول الكلام

______________________________

(1) قرب الاسناد ص 84.

(2) الوسائل الباب الاول من أبواب الأسآر الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 157

______________________________

فان المستفاد من موارد استعماله ان الرجاسة خباثة ذاتية و قذارة معنوية و يشهد له قوله تعالي: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصٰابُ وَ الْأَزْلٰامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «1».

و عن الزجاج: «ان الرجس في اللغة اسم لكل ما استقذر من عمل» و لو شك في انه لغة يعم مطلق النجس أم لا لكان مقتضي القاعدة الاقتصار علي المقدار المعلوم اذ مع الشك لا يمكن ترتيب الحكم بل مقتضي القاعدة عدم العموم و استعماله في العين النجسة كما في قوله تعالي: قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَليٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّٰا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً

أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ «2» بناء علي عود الضمير الي المجموع لا خصوص الخنزير، لا يكون دليلا علي انه حقيقة في العموم فان جريان اصالة الحقيقة يتوقف علي الشك في المستعمل فيه و اما مع احرازه و الشك في انه حقيقة أو مجاز فلا موقع لأصالة الحقيقة و لو تنزلنا و قلنا بأنه اسم للأعم و سلمنا اطلاقه علي الاعيان النجسة، لكن لا نسلم اطلاقه علي المتنجس أيضا.

و بعبارة أخري: بأي دليل و مستند نستند و نقول: بأن الماء القليل النظيف عن الاوساخ الملاقي مع اليد القذرة التي ليست فيها عين النجاسة، رجس بل لنا ان نقول: بأن صحة سلب هذا العنوان عنه يدل علي عدم كونه حقيقة فيه.

أضف الي ذلك ان استفادة الكبري الكلية من الحديث ليست واضحة و لذا لا يترتب حكم التعفير علي غير الكلب من الاعيان و الحال انه لو كان المستفاد من الرواية العلية و عمومية الحكم لكان اللازم تسرية وجوب التعفير الا ان يقال:

______________________________

(1) المائدة 90.

(2) الانعام 145.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 158

______________________________

بأنه علم من الخارج بالضرورة عدم وجوبه بالنسبة الي غيره فلاحظ.

الثاني: ما رواه معاوية بن شريح قال: سأل عذافر أبا عبد اللّه عليه السلام و انا عنده عن سؤر السنور و الشاة و البقرة و البعير و الحمار و الفرس و البغل و السباع يشرب منه أو يتوضأ منه؟ فقال: نعم اشرب منه و توضأ منه. قال:

قلت له: الكلب؟ قال: لا. قلت: أ ليس هو سبع؟ قال: لا و اللّه انه نجس لا و اللّه انه نجس «1».

بتقريب ان المستفاد من الرواية: ان النجس يؤثر فيما يلاقيه و حيث ان المتنجس يصدق عليه

عنوان النجس فيؤثر فيما يلاقيه.

و فيه: أولا: ان الرواية ضعيفة سندا بمعاوية و ثانيا: ان الرواية لا يستفاد منها العلية و العموم بل الامام في صدد ردع السائل و بيان الفرق بين الكلب و غيره فتأمل.

الثالث: ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: الا احكي لكم وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم؟ فقلنا: بلي فدعا بقعب فيه شي ء من ماء فوضعه بين يديه ثم حسر عن ذراعيه ثم غمس فيه كفه اليمني ثم قال:

هكذا اذا كانت الكف طاهرة «2».

بتقريب ان المستفاد من الرواية ان اليد اذا لم تكن طاهرة ينجس الماء و لا يجوز الوضوء من الملاقي لليد القذرة فلو فرضنا ان اليد صارت قذرة بملاقاة العين فهذه اليد القذرة تنجس الماء بهذه الرواية فاذا بنينا علي ان الماء ينفعل بها فيلزم ان اليد القذرة تنجس اليد الاخري بالملاقاة أيضا فيصح ان يقال:

______________________________

(1) الوسائل الباب الاول من الأسآر الحديث: 6.

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 159

______________________________

بأن اليد الاخري ليست طاهرة فعند الملاقاة مع الماء تنجس الماء بمقتضي الرواية و هكذا.

و الجواب عن هذا الاستدلال: ان هذا التقريب يتوقف علي كون السبب لعدم جواز الوضوء انفعال الماء القليل بملاقاة اليد القذرة و الحال انه من الممكن ان يكون السبب لعدم الجواز بعد وضع اليد غير الطاهرة في الماء، صيرورته مستعملا في الخبث اذ بمجرد وضع اليد في الماء و لو مع عدم القصد يصدق علي الماء انه غسالة الخبث و مع هذا الاحتمال كيف يمكن الاستدلال.

ان قلت: لو علم اجمالا بأن المنشأ في عدم الجواز أحد هذين الامرين و بمقتضي تنجيز العلم الإجمالي

لا بد من الالتزام بكليهما.

قلت: هذا العلم منحل لأنا نقطع بأن الماء القليل المستعمل في الخبث لا يجوز معه الوضوء.

و بعبارة أخري: تنجيز العلم الإجمالي يتوقف علي تعارض الاصول في الاطراف و اصالة الطهارة الجارية في الماء لا يعارضها أصل آخر اذ مع العلم التفصيلي بعدم جواز الوضوء لا مجال لأصالة البراءة عن الاشتراط.

مضافا الي ان غاية ما يستفاد من الرواية انفعال الماء بالمتنجس و لو مع الواسطة و لكن أي دليل دل علي مساواة الماء مع غيره في هذا الحكم فمن الممكن ان الماء ينفعل و غير الماء لا ينفعل و علي هذا الاساس يمكن ان يقال:

بأن جملة من الاطلاقات المتقدمة تقتضي انفعال القليل بملاقاة المتنجس بعين النجاسة و أما الزائد عليه فلا و تفصيل الكلام بالنحو التام موكول الي بحث تنجيس المتنجس فانتظر.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 160

[في انفعال القليل يشترط عدم التدافع]

الا اذا كان متدافعا بقوة فالنجاسة تختص حينئذ بموضع الملاقاة و لا تسري الي غيره (1).

سواء أ كان جاريا من الاعلي الي الاسفل كالماء المنصب من الميزاب الي الموضع النجس فانه لا تسري النجاسة الي أجزاء العمود المنصب فضلا عن المقدار الجاري علي السطح، أم كان متدافعا من الاسفل الي الاعلي كالماء الخارج من الفوارة الملاقي للسقف النجس فانه لا تسري النجاسة الي العمود و لا الي ما في داخل

______________________________

(1) و الوجه فيه: ان السيلان و الاندفاع يجعلان الماء متعددا بالنظر العرفي فاذا كان الماء متعددا بالنظر العرفي يترتب علي كل من الفردين حكمه.

و ملخص الكلام ان الدفع يوجب عدم تقوي أحد الطرفين بالاخر فلا تسري النجاسة من أحد الطرفين الي الاخر لان الطرفين لا يصدق عليهما عنوان الوحدة في نظر العرف فلا يتقوي العالي

بالسافل كما انه لا يتقوي السافل بالعالي و لذا لا يكون الماء الموجود في الحياض الصغار في الحمامات متقو بالماء الجاري فيها من المادة الجعلية نعم بالتعبد الشرعي نحكم عليها بالطهارة عند اتصالها بما في المادة كما ان العالي لا يتقوم بالسافل و من هنا اذا صببنا ماء ابريق علي ماء سافل منه و هو كر ثم وقعت نجاسة علي الابريق فلا نحكم بطهارة ما فيها كما انه لو صب ماء من الابريق علي يد كافر مثلا لا يحكم بنجاسة ما في الابريق و كذا في الفوارات اذا تنجس اعلاها بشي ء لا نحكم بنجاسة اسفلها فالميزان في السراية و عدمها صدق الوحدة العرفية و عدمها بلا فرق بين ان يكون الدفع من العالي الي السافل أو من السافل الي العالي أو من اليمين الي اليسار.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 161

[عدم انفعال الكر إلا بالتغير بأحد الأوصاف الثلاثة]
اشارة

الفوارة و كذا اذا كان متدافعا من أحد الجانبين الي الآخر (1) و اما الكثير الذي يبلغ الكر فلا ينفعل بملاقاة النجس فضلا عن المتنجس (2) الا اذا تغير بلون النجاسة (3).

______________________________

(1) قد ظهر الوجه فيما ذكر.

(2) كما هو المعروف المشهور بين الاصحاب و تدل عليه جملة من النصوص:

منها ما رواه علي بن جعفر «1» و منها ما رواه شهاب بن عبد ربه «2».

(3) قد استشكل في الحاق اللون باخويه بأنه لم يذكر في شي ء من نصوص الباب و الحال انه ليس الامر كذلك اذ دلت جملة من الروايات علي الحاقه بهما منها ما رواه العلاء بن الفضيل «3».

و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن سنان و منها ما رواه أبو بصير «4» و هذه الرواية ضعيفة بياسين و منها ما رواه شهاب «5».

و هذه الرواية

تامة سندا مضافا الي ان الظاهر ان الحاقه بهما متفق عليه بينهم.

اضف الي ذلك: انه لا يبعد ان يقال: ان التغير باللون في النجاسات يلازم التغير بالطعم أو الريح و لا يوجد التغير باللون الا و التغير بالطعم أو الريح موجود معه و لا تقاس النجاسات الخارجية بالاصباغ فان التغير بالاصباغ لا يلازم التغير بالطعم أو الريح بخلاف التغير بالنجاسات كالميتة و العذرة و البول و غيرها و لعله لهذه الجهة لم يذكر اللون في قبال أخويه في أكثر النصوص.

______________________________

(1) لاحظ ص: 139.

(2) لاحظ ص: 148.

(3) قد مر في ص 147.

(4) قد مر في ص 147.

(5) قد مر في ص 148.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 162

أو طعمها أو ريحها (1).

______________________________

(1) قد ذكر بأن الروايات الواردة من طرقنا في المقام من الكثرة بمكان ربما يدعي تواترها.

و الاخبار الواردة في هذا الباب علي طوائف:

منها: ما دل علي انفعال الماء بالتغير علي الاطلاق و من تلك الطائفة مما رواه أبو خالد القماط «1».

الطائفة الثانية: ما ورد في ان الماء البالغ قدر كر ينجس بالتغير كما وردت في رواية شهاب «2».

الطائفة الثالثة: ما ورد في البئر و منها ما رواه محمد بن اسماعيل عن الرضا عليه السلام قال: ماء البئر واسع لا يفسده شي ء الا ان يتغير ريحه أو طعمه فينزح حتي يذهب الريح و يطيب طعمه لان له مادة «3».

فالنتيجة: ان الماء علي الاطلاق حتي الكر ينفعل بالتغير بالنجاسة.

ان قلت: النسبة بين أدلة اعتصام الكر و أدلة الانفعال بالتغير عموم من وجه فلا بد من اعمال قانون التعارض.

قلت: أولا: ان الامر مسلم بين القوم و مورد الاتفاق ظاهرا.

و ثانيا: انه لو وقع التعارض بالعموم من وجه بين العموم

الوضعي و الاطلاقي يقدم ما بالوضع علي ما بالاطلاق و المقام كذلك لاحظ حديث حريز «4».

______________________________

(1) لاحظ ص 147.

(2) مرت في ص 148.

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب الماء المطلق الحديث: 6.

(4) قد مر في ص 143.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 163

تغيرا فعليا (1).

______________________________

الا ان يقال: بأن الانفعال بالتغير يفهم من الشرطية الواقعة في ذيل الحديث و يكون بالاطلاق لكن يكفي في المقام حديث شهاب «1» فان قوله عليه السلام في ذيل الحديث «و كلما غلب كثرة الماء فهو طاهر» يدل علي المدعي لان مفهوم الشرطية كلما لم يغلب فهو نجس فيكون عمومه بالوضع.

و ثالثا: ان الكر بنفسه ورد فيه الدليل لاحظ حديث شهاب «2» فان المستفاد من هذا الحديث ان الماء الكر ينفعل بالتغير فلاحظ.

و رابعا: لو دار الامر في المتعارضين بالعموم من وجه بأنه لو عمل بأحدهما دون الاخر يبقي موضوع للمتروك و لو عكس لما بقي للمتروك مورد، فالترجيح مع الاول اذ به يعمل بكلا الدليلين و المقام كذلك فانه لا اشكال في ان القليل ينجس بالملاقاة و لو مع عدم التغير فلو لم ينفعل الكر بالتغير لا يبقي موضوع للتغير فلاحظ.

(1) التغير الموضوع للحكم في لسان الادلة يلزم ان يكون فعليا كما في المتن أو يكفي الاعم منه و من التقديري؟ و ان شئت قلت: هل التغير المذكور في النصوص طريق الي كم خاص من النجاسة في الماء فلو احرز ذلك المقدار و لم يحصل تغير فعلي في الماء ينجس؟ فيكون التقديري كافيا أو ان التغير لا بد ان يكون فعليا فلا يكفي التقديري؟

الحق هو الثاني فان الظاهر من الدليل ان الموضوع للحكم هو التغير الفعلي و التقديري خلاف ظاهر الادلة

و بعيد عن الفهم العرفي مضافا الي ان لازمه عدم

______________________________

(1) قد مر في ص 148.

(2) قد مر في ص 148.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 164

______________________________

الانفعال فيما تكون النجاسة قليلا من حيث الكم و شديدا من حيث الوصف.

اضف الي ذلك: ان لازم ما ذكر ان التغير لو حصل في الماء و لكن نشك في ذلك المقدار ان نحكم بالطهارة بمقتضي الاستصحاب الا ان يقال:

بأن التغير طريق شرعي ظاهري و معه لا مجال للاستصحاب و لكن بطلان هذا كله من الواضحات فالميزان بالتغير الفعلي و ان نسب الي العلامة في القواعد و بعض من تأخر عنه كفاية التقديري و العرف ببابك.

و ربما يقال- كما في كلام سيدنا الاستاد-: بأن عدم الفعلية تارة من باب القصور في المقتضي كما اذا وقع مقدار من الدم الاصفر في الماء بحيث لو كان أحمر لكان مغيرا للماء و لكن لضعف لونه لم يؤثر في الماء، و أخري من باب القصور في الشرط كما اذا وقعت ميتة في الماء في أيام الشتاء بحيث لو كان في الصيف لكانت مؤثرة في تغير الماء و لكن في أيام الشتاء لا تؤثر لانجماد الميتة و سد خلله و فرجه، و ثالثة من باب وجود المانع كما اذا صب في الماء مقدار من الصبغ الاحمر ثم وقع فيه الدم بحيث لو لم يكن مقرونا بالصبغ لكان مغيرا للون الماء فان كان التقدير من القسم الاول أو الثاني لم يحكم بالنجاسة و الانفعال و ان كان من القسم الثالث يحكم بها اذ الفرض ان التغير حاصل غاية الامر المانع يمنع عن ادراكه و نظيره ما اذا جعل احد علي عينيه نظارة حمراء أو جعل الماء في آنية

حمراء فانه لا يري تغير الماء بالدم في هذا الحال و نسب هذا القول الي البيان و جامع المقاصد بل نسب الي قطع المتأخرين بتقريب:

ان التغير حقيقي و لكن مستور.

و الانصاف انه لا يمكن المساعدة عليه فانه يمتنع اجتماع المثلين كاجتماع الضدين و تنظير سيدنا الاستاد ليس في محله اذ الماء في الصورتين المفروضتين

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 165

[مسألة 1 اذ كانت النجاسة لا وصف لها أو كان وصفها يوافق وصف الماء لم ينجس الماء بوقوعها فيه]

(مسألة 1) اذ كانت النجاسة لا وصف لها أو كان وصفها يوافق وصف الماء لم ينجس الماء بوقوعها فيه و ان كان بمقدار بحيث لو كان علي خلاف وصف الماء لغيره (1).

[مسألة 2 إذا تغير الماء بغير اللون و الطعم و الريح بل بالثقل أو الثخانة أو نحوهما لم ينجس أيضا]

(مسألة 2) اذا تغير الماء بغير اللون و الطعم و الريح بل بالثقل او الثخانة او نحوهما لم ينجس أيضا (2).

______________________________

متغير اللون باللون الاحمر غاية الامر ان القصور في الناظر و لا يمكنه الادراك للمانع كما لو غمض عينه فان وضع النظارة المانعة عن ادراك الالوان كالتغميض بلا فرق من هذه الجهة فكم فرق بين ما لو تغير الماء و لا يدرك تغيره و بين عدم تغيره للاستحالة العقلية كما ذكرنا.

(1) قد ظهر الوجه مما تقدم، فان الميزان التغير الفعلي و التقديري منه لا أثر له و لا يخفي ان ما افاده في هذا الفرع ينافي ما تقدم منه آنفا من التفصيل في التقدير بين الاقسام فلاحظ.

(2) لعدم الدليل فان الدليل مختص بالثلاثة المذكورة و مقتضي الاصل الطهارة بل الدليل قائم علي عدم الانفعال لاحظ خبر محمد بن اسماعيل «1»، و مثله رواية القماط «2»، فان مقتضي هذين الحديثين بل غيرهما انه لا ينفعل الماء الا في صورة تغير الطعم أو الريح و قد مر الحاق اللون بهما و بالدليل المقيد يرفع اليد عن اطلاق بعض النصوص كرواية أبي بصير «3».

______________________________

(1) مر في ص 162.

(2) مرت في ص 147.

(3) مرت في ص 147.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 1، ص: 166

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 166

[مسألة 3 إذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه بالمجاورة للنجاسة لم ينجس أيضا]

(مسألة 3) اذا تغير لونه او طعمه او ريحه بالمجاورة للنجاسة لم ينجس أيضا (1).

[مسألة 4 إذا تغير الماء بوقوع المتنجس لم ينجس إلا أن تغير بوصف النجاسة]

(مسألة 4) اذا تغير الماء بوقوع المتنجس لم ينجس الا ان تغير بوصف النجاسة التي تكون للمتنجس كالماء المتغير بالدم يقع في الكر فيغير لونه و يكون اصفر فانه ينجس (2).

______________________________

(1) و ذلك لان النصوص الدالة علي الانفعال بالتغير اما واردة في خصوص ملاقاة الماء و اما تكون محفوفة بقرينة تعين المقصود اما القسم الاول فمثل رواية القماط «1» و أبي بصير 2، و اشباههما و اما القسم الثاني فمثل رواية ابن بزيع 3، فانه يفهم من الرواية ان الافساد فرع الملاقاة.

و تقريب المدعي انه عليه السلام قال: لا يفسده شي ء و من الظاهر ان المراد بالشي ء ما يقتضي التنجيس لا مطلق الشي ء و اقتضاء التنجيس حسب المعهود مخصوص بما يلاقي النجس.

فالنتيجة: ان سراية أوصاف العين المجاورة الي الماء بلا تحقق الملاقاة لا توجب الانفعال.

(2) المتنجس تارة يكون حاملا لأجزاء النجس، فيقع في الماء فيحصل التغير بنفس أجزاء النجس. كما لو مزج مقدار من الدم بالماء ثم القي في كر من الماء فتغير بلون الدم- ففي هذه الصورة ينجس الكر اذ المفروض ان التغير بعين الدم فان الاجزاء الدموية المنتشرة في الماء غيرت لون الماء.

و بعبارة أخري: الدم لو غير وصف الماء و أثر فيه ينجسه بلا فرق بين ان

______________________________

(1) (1- 2) لاحظ ص 147.

(2) (3) لاحظ ص 162.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 167

______________________________

ألقي في الماء وحده و بين ان ألقي فيه ممزوجا مع غيره، و أخري يكون موجبا لتغير أوصاف الماء بأوصاف نفسه لا بوصف النجس- كما لو لاقي الصبغ البول و تنجس ثم ألقي في الكر فتغير لون

الكر بلون الصبغ- فالظاهر انه لا وجه لانفعال الماء في هذا الفرض و الوجه فيه قصور المقتضي اذ أكثر نصوص الباب موردها وقوع عين النجاسة كالميتة و العذرة و البول في الماء.

لكن ربما يقال: بأن مقتضي حديث ابن بزيع «1» انفعال الماء بتقريب:

ان الشي ء عبارة عما يكون قابلا و مقتضيا للتأثير في الانفعال و المتنجس مما يقتضي التأثير في نجاسة ملاقيه.

و فيه: أولا: ان كون المتنجس مقتضيا للتأثير أول الكلام نعم قد استفيد مما رواه عمار بن موسي الساباطي انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يجد في انائه فأرة و قد توضأ من ذلك الاناء مرارا أو اغتسل منه أو غسل ثيابه و قد كانت الفارة متسلخة فقال: ان كان رآها في الاناء قبل ان يغتسل أو يتوضأ أو يغسل ثيابه ثم يفعل ذلك بعد ما رآها في الاناء فعليه ان يغسل ثيابه و يغسل كل ما أصابه ذلك الماء و يعيد الوضوء و الصلاة و ان كان انما رآها بعد ما فرغ من ذلك و فعله فلا يمس من ذلك الماء شيئا، و ليس عليه شي ء لأنه لا يعلم متي سقطت فيه ثم قال: لعله ان يكون انما سقطت فيه تلك الساعة التي رآها «2»، ان الماء المتنجس ينجس ملاقيه و اما بقية المتنجسات ففي كونها منجسة اشكال.

______________________________

(1) مر في ص 162.

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب الماء المطلق الحديث 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 168

______________________________

و ثانيا: ان القرينة الداخلية الموجودة في رواية ابن بزيع «1» تقتضي اختصاص الحكم بمورد تغير الماء بأوصاف نفس النجس و المراد بالقرينة قوله عليه السلام: حتي يذهب الريح و يطيب طعمه» و من الظاهر ان

المتنجس بما هو متنجس ليس خبيث الطعم و الرائحة، و اما حديث «خلق اللّه الماء طهورا لا ينجسه شي ء الا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه «2»، فهو باطلاقه يقتضي الانفعال لكن الحديث مرسل لا اعتبار بسنده مضافا الي ان اطلاقه يقيد برواية ابن بزيع «3».

و ثالثة يكون مكتسبا وصف النجس فيغير الماء و يتصف الماء بوصف عين النجاسة كما لو اكتسب الماء رائحة الميتة فالقي في الكر فتغير ريح الماء بريح الميتة.

و ما يمكن ان يستدل به علي النجاسة في هذا الفرض وجوه:

الاول: ان الغالب ان التغير في الماء يحصل بملاقاة المتنجس و التغير بملاقاة عين النجاسة قليل و يكون فردا نادرا لأفراد التغير مثلا لو وقعت ميتة في الكر تغير تلك الميتة المقدار المجاور لها و بقية الكر تتأثر من المياه المتنجسة فلو اشتملت أدلة الانفعال بالتغير تلك الموارد تشمل المقام أيضا لعدم الفرق.

و فيه: ان المستفاد من الادلة الانفعال بعين النجاسة فلا بد من تحقق الموضوع

______________________________

(1) لاحظ ص 162.

(2) الوسائل الباب الاول من أبواب الماء المطلق الحديث 9.

(3) مرت في ص 162.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 169

______________________________

و الا فيكفي التغير بالمجاورة و هو كما تري.

و الحاصل: انه لا مناص من التحفظ علي قيود الموضوع.

و ملخص الكلام: ان المستفاد من الادلة انه يلزم وقوع عين النجس في الماء.

الثاني: انه لو فرض امتزاج كر من الماء بالماء المتغير الحامل لا وصاف النجس و بعد الامتزاج حصل التغير في المجموع فلا يخلو حكم هذا الماء عن أحد الوجوه الثلاثة: اما يحكم عليه بالطهارة و اما يحكم عليه بالطهارة و النجاسة و أما يحكم عليه بالنجاسة لا سبيل الي الاول لأنه يلزم ان يحكم علي

المتغير بالطهارة مع بقاء التغير، كما انه لا سبيل الي الثاني اذ الماء الواحد محكوم بحكم واحد فينحصر الامر في الثالث و هو المطلوب.

و فيه: انه لو فرض الامتزاج فاما يستهلك المتغير في الكر و اما يكون بالعكس و اما لا هذا و لا ذاك اما الصورة الاولي فيحكم عليه بالطهارة بلا اشكال لعدم ما يقتضي الالتزام بالانفعال و أما الصورة الثانية فلا اشكال في ان حكمها النجاسة و اما الصورة الثالثة فلا بد من اعمال قانون التعارض بين دليل اعتصام الكر و دليل نجاسة المتغير فلو قلنا: بأن نتيجة التعارض التساقط تصل النوبة الي الاصل العملي و مقتضاه الطهارة بلا فرق بين عدم جريان الاستصحاب في الحكم الكلي و بين جريانه فيه اما علي الاول فواضح و اما علي الثاني فبعد تعارض الاستصحابين و تساقطهما تصل النوبة الي قاعدة الطهارة فلاحظ.

الا ان يقال: الترجيح مع نصوص الانفعال بالتغير و ذلك لان بعض نصوص ذلك الباب صادر عن الرضا عليه السلام كرواية ابن بزيع «1» و إلا حديثة

______________________________

(1) مرت في ص 162.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 170

______________________________

من المرجحات.

الثالث: انه يمكن ان يستفاد المدعي من حديث ابن بزيع «1» بتقريب ان النزح يوجب قلة الماء و قلته لا توجب طهارته و لذا تقليل الماء القليل المنفعل لا يوجب طهارته بل السبب اتصاله بالمادة فلا بد من النزح حتي يطيب الطعم و عليه كلما يخرج الماء من المادة ينجس بالمتغير و هذا هو المدعي.

و فيه: ان انفعال ما يخرج من المادة قبل زوال التغير بلحاظ استهلاكه في المتغير فلا يرتبط بمحل البحث.

الرابع: ان مقتضي حديث ابن بزيع «2» ان ماء البئر يفسد بمطلق ملاقاة ما يوجب تغيره

لكن حيث ان مناسبة الحكم و الموضوع اختصاص الحكم بما يترقب منه التنجيس نرفع اليد عن اطلاق الرواية بالنسبة الي الاعيان الطاهرة كما ان قوله عليه السلام «حتي يطيب طعمه» يكون قرينة علي كون المراد بالتغير عروض وصف النجاسة و أما وصف المتنجس كرائحة العطر الملاقي للنجس فلا تكون الطباع متنفرة منها، لكن يبقي تحت الدليل المتنجس الحامل لأوصاف الاعيان النجسة كالماء الحامل لرائحة الجيفة و هذا الوجه أحسن وجه في المقام.

و يمكن ان يقال: بأن المستفاد من الدليل ان المفسد للماء ما يكون معهودا تنجيسه عند المتشرعة و كون المتنجس الحامل لوصف النجاسة من هذا القسم أول الكلام و الاشكال و اللّه العالم.

______________________________

(1) مرت في ص 162.

(2) مر في ص 162.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 171

[مسألة 5 يكفي في حصول النجاسة التغير بوصف النجس في الجملة]

(مسألة 5) يكفي في حصول النجاسة التغير بوصف النجس في الجملة و لو لم يكن متحدا معه فاذا اصفر الماء بملاقاة الدم تنجس (1).

______________________________

(1) هل يكون المراد من التغير، التغير بوصف العين، أو التغير بسنخ وصفها مثل التغير بالصفرة من وقوع الدم الاحمر أو التغير بوصف النجس في الجملة و لو كان وصفا لها بعد ملاقاة الماء نظير الحناء التي وصفها الخضرة فاذا لاقت الماء صار وصف الحمرة؟ أو يكون المراد منه التغير علي الاطلاق و لو بوصف أجنبي عن وصفها النجاسة مطلقا؟

يمكن ان يقال: بأن مقتضي الادلة هو الاخير لإطلاق بعض النصوص لاحظ خبر القماط «1» فان مقتضي هذا الخبر ان التغير يوجب الانفعال، كما ان مقتضي الاطلاق في خبر ابن بزيع «2» كذلك فان مقتضي اطلاق التغير عدم الفرق بين أقسامه فلو تغير بوصف آخر غير وصف النجاسة لكفي في الحكم بالانفعال.

لا يقال: ان الذيل و

هو قوله عليه السلام: «حتي يذهب الريح و يطيب طعمه» قرينة علي اشتراط كون التغير بوصف النجاسة، فانه يقال: ما ذكر في الذيل بلحاظ الغلبة حيث ان الغالب في نجاسة الآبار وقوع الميتة فيها و التغير فيها بأوصافها.

و يؤيد المدعي ما رواه العلاء «3» فان مفهوم الرواية انه لو لم يغلب لون

______________________________

(1) لاحظ ص 147.

(2) لاحظ ص 162.

(3) لاحظ ص 147.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 172

[الثاني: و هو ما له مادة لا ينجس بملاقاة النجاسة]
اشارة

و الثاني: و هو ما له مادة لا ينجس بملاقاة النجاسة (1) الا اذا تغير علي النهج السابق.

______________________________

الماء لون البول ينجس و لو بأن يتلون بلون غير لون البلول.

و مما ذكرنا يعلم الجواب عن حديث شهاب «1»، حيث انه يمكن ان يقال: بأن الميزان في الانفعال ظهور النتن في الماء فانه يقال: بأن الغالب في مورد وقوع الميتة في الماء كذلك فالمعيار بما أفاده في الذيل بقوله: كلما غلب كثرة الماء» فان مفهومه انه لو لم يغلب فهو نجس و مقتضي الاطلاق بل العموم الانفعال و لو بحصول وصف آخر في الماء غير وصف النجس بل يمكن ان يقال:

بأن المستفاد من الرواية ان الامر كذلك من ناحية قوله عليه السلام: «الصفرة» في جواب السائل حيث سأل: «فما التغير» بدعوي: ان الصفرة ليست من أوصاف الميتة لكن الانصاف: ان الجزم بالاطلاق في غاية الاشكال و حمل كلامه عليه السلام في حديثي شهاب و ابن بزيع «2» علي الغلبة اشكل فعليه يقيد الحكم بما لو تغير وصف الماء بوصف النجاسة في الجملة كما ذكر في المتن.

(1) بلا اشكال و لا كلام، و المادة اما مادة طبيعية كمادة ماء البئر و الجاري و اما مادة جعلية كمادة ماء الحمام و الدليل علي

اعتصام القسم الاول ما ورد في ماء البئر كرواية ابن بزيع «3»، فان مقتضي عموم العلة سريان الحكم الي كل مورد تكون العلة فيه موجودة و عليه يكون كل ماء ذي مادة و لو لم يكن ماء البئر عاصما و الدليل علي اعتصام القسم الثاني ما ورد في عدم انفعال ماء الحمام.

______________________________

(1) مر في ص 148.

(2) لاحظ ص 148- 162.

(3) لاحظ ص 162.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 173

فيما لا مادة له (1) من دون فرق بين ماء الانهار و ماء البئر و ماء العيون و الثمد و غيرها مما كان له مادة (2) و لا بد في المادة من ان تبلغ الكر و لو بضميمة ماله المادة اليها فاذا بلغ ما في الحياض في الحمام مع مادته كرا لم ينجس بالملاقاة علي الاظهر (3).

______________________________

و من النصوص الدالة علي المقصود ما رواه داود بن سرحان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ما تقول في ماء الحمام؟ قال: هو بمنزلة الجاري «1».

(1) و قد مر الكلام في انفعال الماء علي الاطلاق بالتغير علي التفصيل فراجع.

(2) لاشتراك الجميع في علة الاعتصام و هي المادة مضافا الي وضوح الحكم في المذكورات.

(3) ما أفاده من الاشتراط مخصوص بالمادة الجعلية و الا فلا اشكال في عدم هذا الشرط بالنسبة الي المادة الطبيعية كمادة البئر و الجاري، و اما ماء الحمام فالاقوال فيه مختلفة:

الاول: ما نسب الي المشهور من اشتراط الكرية في المادة.

الثاني: ما نسب الي صاحب الحدائق و نسب الي المحقق في المعتبر و الي جملة من المتأخرين من عدم اشتراطها في دفع النجاسة عما في الحياض مطلقا لا في المادة و لا في المجموع منها و مما في الحياض

فذهبوا الي خصوصية في ماء الحمام تمتاز بها عن مطلق الماء القليل.

الثالث: التفصيل بين بلوغ المجموع كرا و عدمه.

الرابع: التفصيل بين تساوي السطوح و عدمه ففي الاول يكفي بلوغ المجموع

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 174

______________________________

كرا و في الثاني يشترط كرية المادة وحدها.

و لا بد من تحقيق ما هو الحق في المقام من تقديم مقدمات:

الاولي: ان السافل هل يتقوي بالعالي أم لا؟ و الظاهر انه لا يتقوي اذ التقوي يتوقف علي الوحدة و حيث ان العرف لا يري الوحدة و لا يري الماء العالي و السافل فيما يكون الماء جاريا من العالي الي السافل ماء واحدا فلا يكون ما في الحياض الصغار متقوما بما في المادة.

الثانية: ان النصوص الدالة علي اعتصام ماء الحمام هل تكون ناظرة الي القضية الحقيقية أو تكون ناظرة الي القضية الخارجية؟ الظاهر هو الثاني فان المستفاد منها حسب الفهم العرفي انها في مقام بيان حكم الحمامات الموجودة المتداولة في ذلك العصر.

الثالثة: ان العرف بحسب المناسبة بين الحكم و الموضوع لا يري خصوصية للحمام بحيث يكون لهذا الاسم و العنوان خصوصية بل له و لا مثاله حكم عام.

اذا عرفت هذه المقدمات فاعلم: انه لا يكفي كون ما في الحوض الصغير مع الماء الموجود في المادة كرا لعدم تقوي السافل بالعالي كما ذكرنا و لا يمكن التمسك بأدلة ماء الحمام لان تلك الادلة ناظرة الي الحمامات الموجودة في ذلك العصر و لا اشكال في ان المياه التي كانت موجودة في خزائن تلك الحمامات كانت تبلغ اكرارا من الماء.

فالحق: هو القول الرابع، اذ مع تساوي السطوح يتقوي كل جزء بالجزء الاخر لكن بشرط ان لا يكون

من أحد الطرفين جاريا بالدفع و الا فقد مر ان

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 175

[مسألة 6: يعتبر في عدم تنجس الجاري اتصاله بالمادة]

(مسألة 6): يعتبر في عدم تنجس الجاري اتصاله بالمادة فلو كانت المادة من فوق تترشح و تتقاطر فان كان دون الكر ينجس (1).

نعم اذا لاقي محل الرشح للنجاسة لا ينجس (2).

______________________________

الدفع ينافي الوحدة العرفية و ان الاتصال يساوقها في نظر العقل.

فيظهر مما ذكرنا عدم تمامية القول المشهور لأنه مع تساوي السطوح و عدم الدفع من طرف الاخر يكون المجموع واحدا عرفيا كما انه واحد عقلا فيكفي بلوغ المجموع كرا كما انه ظهر مما بينا عدم تمامية القول الثاني لما ذكرنا من عدم خصوصية للحمام كي يقال: بأن مقتضي عموم المنزلة في رواية داود ابن سرحان «1» عدم الفرق و مقتضي الاطلاق عمومية الحكم حتي لمورد لا يكون المجموع كرا اذ لا اطلاق في الرواية حيث ذكرنا ان القضية خارجية.

و بهذا البيان يظهر انه لا يمكن الاستناد علي ما رواه بكر بن حبيب عن أبي جعفر عليه السلام قال: ماء الحمام لا بأس به اذا كانت له مادة «2». و أيضا ظهر فساد القول الثالث و هي كفاية بلوغ المجموع كرا علي الاطلاق بل لا بد من التفصيل بين عدم تساوي السطوح و بين تساويها بأن نقول: يشترط الكرية في المادة في الاول و كفاية بلوغ المجموع في الثاني فلاحظ.

(1) اذ مجرد وجود المادة لا يكفي و لو مع عدم الاتصال فانه مع عدم الاتصال يكون كالأجنبي و هذا مما لا شبهة فيه و لا يمكن انكار فهم الاشتراط بحسب الفهم العرفي فعليه لو لم يكن متصلا فان كان قليلا ينجس بالملاقاة و ان كان كرا لا ينجس.

(2) اذ الاتصال محفوظ.

______________________________

(1)

مرت في ص 173.

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب الماء المطلق الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 176

[مسألة 7: الراكد المتصل بالجاري كالجاري في عدم انفعاله بملاقاة النجس و المتنجس]

(مسألة 7): الراكد المتصل بالجاري كالجاري في عدم انفعاله بملاقاة النجس و المتنجس فالحوض المتصل بالنهر بساقية لا ينجس بالملاقاة و كذا اطراف النهر و ان كان مائها راكدا (1).

[مسألة 8: إذا تغير بعض الجاري دون بعضه الآخر]

(مسألة 8): اذا تغير بعض الجاري دون بعضه الاخر فالطرف المتصل بالمادة لا ينجس بالملاقاة و ان كان قليلا (2) و الطرف الاخر حكمه حكم الراكد ان تغير تمام قطر ذلك البعض و الا فالمتنجس هو المقدار المتغير فقط لاتصال ما عداه بالمادة (3).

[مسألة 9: إذا شك في أن للجاري مادة أم لا و كان قليلا ينجس بالملاقاة]

(مسألة 9): اذا شك في ان للجاري مادة أم لا و كان قليلا ينجس بالملاقاة (4).

______________________________

(1) و الوجه فيه: انه يصدق ان لها مادة و المفروض بمقتضي حديث ابن بزيع «1» ان ماله مادة لا يفسده شي ء.

(2) لان المفروض ان له مادة فلا ينجس.

(3) الامر كما أفاده و الوجه فيه ظاهر اذ الفصل بالمتغير كالفصل بعين النجس أو بالحائل في كونه قاطعا عن المادة و الاتصال بها شرط في الاعتصام.

(4) اذا شك في نجاسة الماء القليل بالملاقاة للشك في اتصاله بالمادة فمقتضي قاعدتي الاستصحاب و الطهارة، عدم انفعاله لكن الاقوي ان يحكم عليه بالنجاسة.

و ما يمكن ان يقال: في وجهه أمور:

الاول: انه قد دل الدليل علي ان القليل ينفعل بالملاقاة و المفروض قلة الماء فينجس بالملاقاة.

______________________________

(1) مر في ص 162.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 177

______________________________

و فيه: انه قد ثبت في الاصول انه لا يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية و المقام كذلك فان المخصص و ان كان منفصلا لكن يوجب تعنون العام بعدم ذلك الخاص و المفروض ان دليل انفعال القليل خصص بدليل اعتصام ماله المادة و الكر و مع الشك في المصداق كيف يمكن التمسك و التوسل بالعام و الحال ان صدقة علي مورد الكلام محل الاشكال و يمكن ان يكون أجنبيا عنه.

الثاني: قاعدة المقتضي و المانع بدعوي انه لو تحقق المقتضي و شك في المانع يحكم بتحقق المقتضي بالفتح.

و

فيه: انه لا دليل علي اعتبار هذه القاعدة.

الثالث: ما أفاده الميرزا قدس سره: من أن العام لو اقتضي حكما الزاميا أو ما في حكمه و خصص العام بعنوان وجودي يفهم العرف أنه لا بد في رفع اليد عن الدليل العام احراز المخصص مثلا لو قال المولي: لا تدخل علي الا أصدقائي لا يجوز للعبد ادخال أحد الا بعد احراز كونه صديقا للمولي و مع الشك يكون عدم الجواز المستفاد من العام محكما.

و فيه: انه لا فرق بين الموارد و الاحراز لا دخل له في المخصص بل الخارج الصديق بما هو نعم ربما يمكن احراز المصداق بالاصل كما في المثال فان مقتضي الاستصحاب عدم حصول علقة الصداقة بين مورد الشك و المولي فلا يجوز ادخاله و الحاصل ان هذا البيان لإثبات المدعي أيضا غير صحيح.

الرابع: استصحاب العدم الازلي فان موضوع الانفعال يحرز به اذ قد دل الدليل علي انفعال القليل بالملاقاة و قد خصص هذا الدليل بما دل علي عدم انفعال ماله المادة و بعد التخصيص يتعنون موضوع العام و يكون موضوع الانفعال بعد التخصيص القليل الذي لا مادة له فلو لاقاه النجس يحكم عليه

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 178

______________________________

بالانفعال اذ القلة محرزة بالوجدان و عدم المادة يحرز بالاصل فيتم موضوع الانفعال بلا كلام.

و توضيح المقام: هو انه تارة يشك في بقاء اتصال القليل بالمادة مع العلم السابق به و لا اشكال في انه يحكم عليه بالاعتصام لاستصحاب بقاء الاتصال و أخري يشك في الاتصال مع العلم السابق بعدمه و فيه يجري استصحاب العدم بلا اشكال، و ثالثة يشك في المتأخر من الاتصال و عدمه لتوارد الحالتين علي الماء، و رابعة يشك في مقارنته للمادة من

اول وجوده نظير المرأة القرشية.

و قد وقع الكلام في جريان الاصل و عدمه فذهب صاحب الكفاية الي انه يجري و انكره المحقق النائيني و اسس ما افاده علي مقدمات:

الاولي: أن تخصيص العام بامر وجودي او عدمي سواء كان بمتصل او منفصل يوجب تقييد موضوع العام بغير ذلك فان كان التخصيص بأمر وجودي يتقيد موضوع العام بعدم ذلك الامر الوجودي فلو قال: أكرم العلماء الا الفساق يتقيد موضوع العام و يكون الموضوع بعد التقييد العالم غير الفاسق و الوجه فيه: ان الاهمال محال في الواقع و عليه لو كان الفسق دخيلا فيه يلزم التنافي مع التخصيص و عدم دخله لا وجودا و لا عدما يستلزم التناقض اذ نقيض الموجبة الكلية السالبة الجزئية فلا اشكال في أن الموضوع يقيد بعدم الفسق.

الثانية: انه لو كان الموضوع مركبا من العرض و محله لكان التقييد علي نحو التوصيف به لا مجرد المقارنة بين العرض و المعروض اذ انقسام الشي ء باعتبار نعوته سابق علي انقسامه باعتبار مقارناته فاذا قيد العام بوجود العرض

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 179

______________________________

أو بعدمه فلا بد أن يكون علي نحو مفاد كان أو ليس الناقصتين المعبر عنهما بالوجود و العدم النعتين.

و الوجه فيه: هو أنه اذا قيد بالوجود أو العدم علي نحو المحمولي و بنحو المقارنة فاما يكون بالاضافة الي الاتصاف بوجود العرض أو عدمه باقيا علي اطلاقه أو مقيدا و كلاهما باطل أما الاول فللتدافع و أما الثاني فمن جهة اللغوية.

الثالثة: انه لا بد في العدم النعتي من وجود الموضوع خارجا كالوجود النعتي اذ هو عبارة عن اتصاف شي ء بعدم العرض و في الاتصاف لا بد من وجود الموضوع بخلاف العدم المحمولي اذ هو عبارة عن

عدم الماهية.

اذا عرفت هذه المقدمات فنقول: ان استصحاب العدم المحمولي و ان كان جاريا لكن لا يمكن اثبات العدم النعتي به الا علي المثبت لان العدم المحمولي لا يكون عدما نعتيا الا بعد وجود الموضوع فما يجري فيه الاصل لا يكون موضوعا للحكم و لا يترتب الاثر عليه و ما يكون موضوعا للحكم لا يكون موردا للأصل لعدم احراز الحالة السابقة.

و يرد عليه: انه لا اشكال في المقدمة الاولي كما انه لا اشكال في المقدمة الثالثة و انما الاشكال في المقدمة الثانية و ذلك لان العرض وجوده في الخارج عين وجوده لموضوعه فلو قيد الموضوع بالعرض معناه كون الموضوع متصفا بالعرض و اما لو قيد بعدم العرض يكون الموضوع عبارة عن الموضوع و عدم ذلك العرض اذا لعدم لا يحتاج الي الموضوع فالموضوع لا يكون متصفا بذلك العدم الا بالعناية و الاعتبار فعليه لو خصص العام بعنوان وجودي يكون الباقي تحت العام ما ليس بذلك الخاص لا ما يكون متصفا بعدمه و كم فرق بين الامرين

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 180

______________________________

و لنا ان نقلب الدليل الذي اقامه بان نقول: لو قيد بالعدم بالنحو النعتي نقول:

اما يكون بالنسبة الي عدم الاتصاف باقيا علي اطلاقه و اما يكون مقيدا به اما علي الاول فيلزم التهافت و اما علي الثاني فيلزم اللغوية.

و حل هذه العويصة: ان احدهما يغني عن الاخر و ملخص الكلام: ان الجوهر اما متصف بالعرض و اما لا يكون متصفا و هذا امر واقعي و لا يحتاج الي عناية و لحاظ و اعتبار بخلاف الاتصاف بالعدم فانه يحتاج الي اعمال مؤنة زائدة فزيد مثلا اما عالم و اما لا يكون عالما و اما اتصافه بعدم

العلم فيحتاج الي اعمال نظر.

فالنتيجة: انه دل الدليل علي انفعال القليل بملاقاة النجاسة و قد دل الدليل علي ان ماله مادة لا ينجس و بعد التخصيص يكون الحاصل ان الماء القليل الذي لا يكون ذا مادة ينجس فلو شك في المادة يحكم عليه بالانفعال لان القلة محرزة بالوجدان و عدم المادة له يحرز بالاستصحاب اذ يصح ان يقال: بانه قبل وجوده لم يكن ذا مادة بالعدم المحمولي اي هذا الماء قبل وجوده لم يكن و لم يكن ذا مادة و بعد وجوده صار كائنا لكن نشك في المادة و عدمها و الاصل عدمها.

و بعبارة اخري: لم تكن لهذا الماء قبل وجوده مادة و الان كما كان بلا اشكال نعم لا يصح ان يقال: بانه كان متصفا بالعدم لعدم الحالة السابقة لكن موضوع العام أي الانفعال ليس بنحو العدم النعتي بل الموضوع مركب من ذات الموضوع و من عدم الوصف فلاحظ.

و ملخص الاستدلال علي عدم جريان الاستصحاب: انه لو خصص العام بامر وجودي لكان الموضوع مقيدا بعدم ذلك الشي ء اذ الاهمال غير معقول

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 181

______________________________

و الاطلاق ينافي التقييد و أيضا: ان انقسام الموضوع بالنسبة الي اعراضه و عدمها في رتبة سابقة علي انقسامه بالنسبة الي مقارناته و يكون تقييده بوجود العرض او عدمه بنحو النعت المعبر عنه بكان او ليس ناقصتين و من ناحية اخري الاتصاف بوجود العرض او بعدمه يتوقف علي وجود الموضوع و بدون الموضوع لا يتحقق الاتصاف فعليه لو قيد الانفعال بعدم كون الماء ذا مادة لا يمكن استصحاب عدم المادة اذ الماء الذي ينفعل يقيد بعدم المادة بنحو الاتصاف و الاتصاف فرع وجود الموضوع و حيث ان الحالة السابقة

غير معلومة فلا يمكن الجزم بكونه متصفا بعدمها و اما استصحاب عدم المادة بنحو العدم المحمولي فلا يثبت الاتصاف بالعدم لعدم وجود الموضوع الاعلي القول بالمثبت.

و الجواب عن الاستدلال: ان الاتصاف بالعدم و اخذ الموضوع كذلك يحتاج الي عناية خاصة و لحاظ مخصوص و حيث لا دليل عليه فلا وجه للتحفظ به و بدون اللحاظ لا يكون الموضوع متصفا بالعدم بل ما هو في الواقع عبارة عن عدم الاتصاف و عدم الاتصاف يصدق و لو مع عدم الموضوع اذ مرجعه الي السالبة بانتفاء الموضوع و لا اشكال في صحتها.

فنقول: الماء القليل المشكوك فيه قبل وجوده لم يكن ذا مادة بالعدم المحمولي و بعد وجوده نشك في تحقق المادة و مقتضي الاستصحاب عدم تحققها فالموضوع للانفعال يتم بالوجدان و الاصل.

و اما في صورة توارد الحالتين بان عرض علي الماء وصف القلة و الاتصال بالمادة لكن لا نعلم المتأخر و المتقدم فاذا لاقاه نجس فلا نحكم عليه بالانفعال اذ

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 182

[مسألة 10: ماء المطر بحكم ذي المادة لا ينجس بملاقاة النجاسة في حال نزوله]

(مسألة 10): ماء المطر بحكم ذي المادة لا ينجس بملاقاة النجاسة في حال نزوله (1).

______________________________

استصحاب بقاء المادة الي زمان الملاقاة يقتضي عدم الانفعال و استصحاب بقاء انقلة الي زمانها يقتضي الانفعال و بعد تعارض الاستصحابين تصل النوبة الي قاعدة الطهارة فلاحظ.

(1) بلا اشكال و لا كلام ظاهرا و تدل علي المقصود جملة من النصوص:

منها ما رواه هشام ابن الحكم عن ابي عبد اللّه عليه السلام في ميزا بين سالا احدهما بول و الاخر ماء المطر فاختلطا فاصاب ثوب رجل لم يضره ذلك «1».

و دلالة الرواية علي المدعي ظاهرة اذ مدلولها عدم انفعال ماء المطر باختلاطه بالبول لكن لا بد من حمل الرواية علي

مورد لا يكون البول غالبا علي الماء بحيث يستهلك الماء في البول او يؤثر البول فيه بان يغير وصف الماء فان المتغير بعين النجس ينجس كما مر فمن هذه الرواية يستفادان ماء المطر الملاقي لعين النجاسة لا ينفعل اذ لا اشكال في انه لو انفعل بملاقاة البول لكان منجسا لما يلاقيه و وجب غسل كل ما اصابه الماء بمقتضي موثق عمار «2».

و منها: ما رواه هشام بن سالم أنه سأل ابا عبد اللّه عليه السلام عن السطح يبال عليه فتصيبه الماء فيكف فيصيب الثوب؟ فقال: لا بأس به ما اصابه من الماء اكثر منه «3» فان المستفاد من الرواية ان ماء المطر اذا لم يتغير بالبول لكونه اكثر من البول لا ينجس و لا ينجس.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الماء المطلق الحديث: 4.

(2) مر في ص 167.

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 183

______________________________

و منها ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي عليه السلام قال: سألته عن المطر يجري في المكان فيه العذرة فيصيب الثوب أ يصلي فيه قبل ان يغسل؟

قال: اذا جري به المطر فلا بأس «1».

و دلالة الرواية علي اعتصام ماء المطر لا ينكر اذ فرض في السؤال ملاقاة ماء المطر مع العذرة.

و منها: ما رواه ابو بصير قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الكنيف يكون خارجا فتمطر السماء فتقطر علي القطرة قال: ليس به بأس «2» الي غيرها من الروايات.

ثم ان المشهور ذهبوا الي كون ماء المطر كالجاري و لم يشترطوا فيه جريانه من الميزاب- كما نسب الي الشيخ- او جريانه علي مطلق وجه الارض- كما نسب الي ابن حمزة- او

جريانه التقديري كما نسب الي الأردبيلي و لا اشكال في عدم اعتبار الجريان من الميزاب و لذا قيل: بان مراد الشيخ مطلق الجريان و ذكر الميزاب من باب المثال كما ان اعتبار الجريان الفعلي مما لا يمكن الالتزام به و الا يلزم عدم ترتب الحكم فيما لم يحصل هذا الوصف كما اذا نزل علي ارض رميلة او وقع في البحر بل يلزم التفكيك في ارض واحدة يكون بعضها صلبة و بعضها الاخر رخوة و اما الجريان التقديري فلا دليل عليه اذ الجريان المذكور في النصوص ظاهر في الفعلية.

و المنشأ لهذه الاقوال و الاختلاف جملة من النصوص و قبل الخوض في

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9.

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الماء المطلق الحديث: 8.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 184

______________________________

الروايات نقول: ربما يقال: ان صدق مفهوم المطر عرفا يتوقف علي بلوغ القطرات النازلة من السماء حدا يكون قابلا للجريان علي وجه الارض و ان لم يجر بالفعل و في غير هذه الصورة لا يصدق المفهوم فالاطلاقات الاولية كافية لإثبات المدعي و لا نحتاج الي دليل آخر.

و فيه: انه ليس الامر كذلك فان صدق المفهوم لا يتوقف علي قابلية الجريان و العرف ببابك فالعمدة ملاحظة النصوص الخاصة.

و من تلك النصوص ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي عليه السلام قال:

سألته عن البيت يبال علي ظهره و يغتسل من الجنابة ثم يصيبه المطر أ يؤخذ من مائه فيتوضأ به للصلاة؟ فقال اذا جري فلا بأس به قال: و سأله عن الرجل يمر في ماء المطر و قد صب فيه خمر فاصاب ثوبه هل يصلي فيه قبل ان يغسله؟

فقال: لا يغسل ثوبه و لا رجله و يصلي فيه و

لا بأس (به خ ل) «1».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان جواز الوضوء بماء المطر قد علق علي الجريان و مع عدم الجريان لا يجوز فيعلم انه في فرض عدم الجريان ينفعل بالملاقاة و لذا لا يجوز الوضوء منه.

و يمكن ان يرد علي الاستدلال امور:

الاول: ما افاد الاستاذ و هو ان اشتراط الجريان لخصوصية في المورد و هو انه فرض انه يبال علي ظهر البيت و مع عدم الجريان يتغير الماء بالآثار الموجودة من البول الباقية علي ظهر البيت فلا ينافي الاطلاق المستفاد من بقية النصوص، و هذا الايراد غير تام اذ مقتضي اطلاق الرواية عدم الفرق بين

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الماء المطلق الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 185

______________________________

صورة تغير الماء بالنجاسة و عدمه.

الثاني: ما افاده سيد المستمسك و هو انه يقع التعارض بين هذه الرواية «1»، و ما رواه هشام بن سالم «2»، فان المستفاد من تلك الرواية ان الميزان في عدم انفعال ماء المطر اكثرية الماء و غلبته علي النجاسة.

و فيه: ان النسبة بين الروايتين عموم من وجه اذ يمكن فرض الغلبة بلا جريان و يمكن فرض الجريان بلا غلبة و يمكن اجتماعهما فيكون المورد داخلا في كبري اتحاد الجزاء و تعدد الشرط و مقتضي القاعدة في مثله الاخذ بكلا الدليلين و تخصيص مفهوم كل منهما بمنطوق الاخر و الوجه فيه ان نسبة كل من المنطوقين الي مفهوم الاخر نسبة الخاص الي العام فيخصص به.

لا يقال: كما يمكن الجمع بين الدليلين بهذا النحو يمكن الجمع بينهما بوجه آخر و هو جعل الشرط مجموع الامرين و تكون النتيجة العطف ب «الواو» لا ب «او».

فانه يقال: اولا: ينقض ما افيد بانه اذا

وجب اكرام العلماء بايجاب المولي اكرامهم و قال في دليل آخر لا يجب اكرام زيد العالم هل يمكن رفع التعارض بحمل الامر بوجوب الاكرام علي الاستحباب؟ كلا، بل يتعين تخصيص العام بزيد مع ان ظهور المحلي باللام بالوضع و ظهور الصيغة في الوجوب بالاطلاق.

و ثانيا: نجيب بالحل و هو ان محل التعارض في زيد العالم بلحاظ وجوب

______________________________

(1) أي رواية ابن جعفر.

(2) مر في ص 182.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 186

______________________________

اكرام العلماء و عدم وجوب اكرام زيد و لا بد من العلاج و مجرد رفع التعارض باي نحو كان ليس جمعا عرفيا و الا يمكن الجمع بين المتباينات بوجه من الوجوه.

الثالث: ما عن المحقق الهمداني قدس سره: بان المراد من الجريان التقاطر من السماء في مقابل وقوفه اذ لو لم يتقاطر لكان المجتمع منه في مكان بمنزلة الراكد ينفعل بالملاقاة.

و الحق عدم تمامية هذا لكونه خلاف الظاهر من الرواية.

الرابع: ما افاد في مصباح الهدي و هو احتمال كون الشرط المذكور في القضية شرط سيق لبيان الموضوع نظير قوله: ان رزقت ولدا فأختنه اذ المفروض الاخذ من ماء المطر للوضوء و الاخذ منه يتوقف علي الجريان و مع عدمه لا موضوع للأخذ.

و بعبارة اخري: الاخذ من ماء المطر لا يمكن بدون الجريان فلا مفهوم للشرطية. و الانصاف: ان هذا الايراد قوي و لا دافع له.

الخامس: ان غاية ما يستفاد من الرواية عدم جواز الوضوء لكن عدم جواز الوضوء ليس مستلزما لانفعال الماء فانه يمكن ان يكون من باب عدم جواز رفع الحدث بما يزال به الخبث.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم انه لو لم تتم دلالة الحديث علي المدعي فهو، و ان تمت فمقتضي القاعدة ان يقال: ان

المانع عن الانفعال احد الامرين اما الاكثرية و لو لم يكن جاريا و اما الجريان.

لكن يرد عليه: ان لازم ذلك انه مع فرض الجريان و عدم الغلبة نلتزم بعدم الانفعال و هو كما تري فالتعارض باق بين الدليلين نعم بناء علي القول

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 187

______________________________

بانقلاب النسبة يمكن ان يقال. بأن دليل الجريان بعد خروج الجاري المتغير عن تحته يكون خاصا بالنسبة الي دليل الاكثرية فيخصصه لكن لا نلتزم بالانقلاب و عليه يقع التعارض فيما يكون الماء اكثر و لم يكن جاريا

و من الايرادات الواردة علي الرواية. ان الظاهر من الجريان الفعلي و حمله علي التقديري لا دليل عليه فيلزم التفكيك بين ما يكون جاريا و عدمه بالفعل و هو كما تري لا يمكن الالتزام به فيدور الامر بين ان نحمل الرواية علي التقديري و بين ان نحمل علي خصوصية المورد بأن نقول: انما فرض الجريان للتحفظ علي اكثرية الماء فيطابق مع رواية هشام.

و من تلك النصوص ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي عليه السلام قال:

سألته عن المطر يجري في المكان فيه العذرة فيصيب الثوب أ يصلي فيه قبل ان يغسل؟ قال: اذا جري به المطر فلا بأس «1».

و لا يبعد ان تدل هذه الرواية علي اشتراط الجريان اذ مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين كون العذرة رطبة او يابسة.

و افاد سيدنا الاستاد بان الوجه في اشتراط الجريان انه لولاه يحصل التغير في الماء بواسطة العذرة.

و لكن يرد عليه: انه لا وجه لرفع اليد عن الاطلاق و العرف ببابك.

و منها ما رواه، أيضا عن اخيه قال: و سألته عن الكنيف يكون فوق البيت فيصيبه المطر فيكف فيصيب الثياب أ يصلي فيها قبل ان

تغسل؟ قال: اذا جري من ماء المطر فلا بأس «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الماء المطلق الحديث: 9.

(2) نفس المصدر الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 188

اما لو وقع علي شي ء كورق الشجر او ظهر الخيمة او نحوهما ثم وقع علي النجس تنجس (1).

______________________________

و قد مر الاشكال في الدلالة بان الشرطية سيقت لبيان الموضوع فلاحظ.

فالنتيجة: اشتراط الجريان في اعتصام ماء المطر بلحاظ حديث علي بن جعفر الذي تقدم آنفا و لكن مع ذلك كله في النفس شي ء و لا يبعد ان يكون الوجه في التوقف ان المركوز في اذهان المتشرعة ملازمة ماء المطر مع العصمة و عدم الانفعال ما دام لا يكون متغيرا و اللّه العالم بحقائق الامور.

بقي ان الماتن قيد عدم الانفعال بحال نزول المطر من السماء كبقية المتون الفقهية و الوجه فيه: انه لو قطع النزول لكان الماء النازل بعد القطع منفعلا بملاقاة النجس لان الماء القليل حكمه الانفعال الا ان يكون كرا و لا مجال لان يقال:

بان الماء المجتمع من المطر يصدق عليه المطر و يصدق انه ماء المطر فلا ينفعل اذ المراد بالاضافة البيان لا النشو و لو كان النشو كافيا لكان لازمه عدم انفعال اي ماء من مياه العالم لما قيل بان اصل المياه هو المطر.

و ملخص الكلام: انه لا ريب في ان المراد بماء المطر الماء النازل من السماء حين نزوله.

(1) و الوجه فيه عنده عدم صدق ماء المطر عليه و لا بد من التفصيل، فتارة لا يصدق عليه ماء المطر و اخري يصدق فعلي الاول ينجس بالملاقاة كما لو وقع المطر علي عتبة الباب ثم ترشحت منها الي داخل الغرفة فان صدق العنوان عليه مشكل و مع

الشك في الصدق ينفعل لأدلة انفعال الماء القليل.

ان قلت: دليل عصمة ماء المطر يقتضي عدم الانفعال قلت: المفروض اجمال مفهوم ماء المطر بين الاقل و الاكثر و اجماله لا يوجب اجمال دليل انفعال القليل

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 189

[مسألة 11: اذا اجتمع ماء المطر في مكان و كان قليلا]

(مسألة 11) اذا اجتمع ماء المطر في مكان و كان قليلا فان كان يتقاطر عليه المطر فهو معتصم كالكر (1).

و ان انقطع عنه التقاطر كان بحكم القليل (2).

______________________________

مضافا الي انه يمكن احراز عدم الصدق باستصحاب العدم الازلي لما ذكرناه مرارا من صحة جريان الاستصحاب في الشبهة المفهوميه.

و اما القسم الثاني فلا ينفعل كما لو اصاب ورق الشجر و وقع عليه ثم اصاب الارض او رأس انسان قاعد تحت الشجرة فانه يصدق عليه أنه اصاب رأسه المطر فالحكم بالانفعال و عدمه تابع لعدم صدق العنوان و صدقه.

(1) يمكن ان يستدل عليه بوجوه:

الاول انه يصدق عليه ماء المطر حال التقاطر.

الثاني: انه يصدق عليه كونه ذا مادة فيشمله عموم التعليل الوارد في صحيح ابن بزيع «1» و هو قوله عليه السلام «لان له مادة» فانه يصدق علي ماء المطر المجتمع اذا كان يتقاطر عليه انه له مادة و هي اتصاله بما يجي ء من السماء.

الثالث: ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي عليه السلام قال: و سأله عن الرجل يمر في ماء المطر و قد صب فيه خمر فاصاب ثوبه هل يصلي فيه قبل ان يغسله؟ فقال: لا يغسل ثوبه و لا رجله و يصلي فيه و لا بأس (به خ ل) «2» فان هذه الرواية تدل علي ان الخمر المنصب في الماء المجتمع من ماء المطر لا ينجسه.

(2) اذ المفروض انه ماء قليل و قد تقدم ان القليل

ينفعل بملاقاة النجس

______________________________

(1) مر في ص 162.

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الماء المطلق الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 190

[مسألة 12: الماء النجس اذا وقع عليه ماء المطر بمقدار معتد به]

(مسألة 12): الماء النجس اذا وقع عليه ماء المطر بمقدار معتد به لا مثل القطرة او القطرات طهر (1).

______________________________

و توهم انه يصدق عليه ماء المطر باعتبار اصله قد مر آنفا فساده مضافا الي انه لا يبعد ان جملة من نصوص انفعال القليل موردها الحياض و الغدران التي اصلها من المطر و لا مجال لتوهم المعارضة بين هذه الادلة و بين ادلة اعتصام ماء المطر اذ قلنا بان ماء المطر بماله من المفهوم لا يصدق علي الماء الموجود في الارض بعد قطع التقاطر و يتضح ما ذكرنا بانه لو كان الامر كما توهم لكان اللازم ترتب حكم ماء البئر علي ماء اخذ من البئر فوضع في خابية و ترك في بيت فان حكم الامثال واحد و اني لنا بذلك فما عن صاحب الجواهر: «من ترتيب حكم ماء المطر علي المجتمع منه و لو مع عدم التقاطر عليه بالفعل فيما يكون متهيأ للتقاطر عليه لكن لا يتقاطر عليه و بعد لم يقطع التقاطر»، ليس سديدا و اللّه العالم.

(1) ما يمكن ان يستدل به علي المدعي امور:

منها: الاجماعات المحكية علي اختلافها في المفاد اذ ربما يدعي الاجماع علي انه بحكم الجاري، و اخري ان الماء النجس يطهر بتقاطر المطر عليه، و ثالثة: ان الماء الواحد له حكم واحد و بما ان السطح الفوقاني يطهر بالملاقاة و يلزم طهارة بقية السطوح و الا يلزم الاختلاف في الحكم.

و لا يخفي: ان هذه الاجماعات لا ترجع الي محصل و قد ثبت في محله ان الاجماع المنقول ليس حجة و المحصل

منه علي فرض تحققه مدركي و لا أقلّ من احتماله مضافا الي ان طهارة السطح الفوقاني اول الكلام و الاشكال اذ كل قطرة تصل الي السطح الفوقاني تستهلك في الماء المنفعل فكيف يطهر السطح الفوقاني فتأمل.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 191

______________________________

و منها: ما رواه الكاهلي عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت: يسيل علي من ماء المطر أري فيه التغير و أري فيه آثار القذر فتقطر القطرات علي و ينتضح علي منه و البيت يتوضأ علي سطحه فيكف علي ثيابنا قال:

ما بذا بأس لا تغسله كل شي ء يراه ماء المطر فقد طهر «1».

و فيه: اولا: انه لا اعتبار به لإرساله و ثانيا: انه لا يصدق الرؤية الا مع السطح الفوقاني و لو كان كافيا لكان اللازم القول بطهارة المضاف النجس اذا اصابه المطر و اني لنا بذلك.

و منها ما رواه هشام بن الحكم عن ابي عبد اللّه عليه السلام في ميزابين سالا احدهما بول و الاخر ماء المطر فاختلطا فاصاب ثوب رجل لم يضره ذلك «2».

توضيح الاستدلال: ان الاختلاط بين ميزابي المطر و البول الذي هو مورد الصحيحة و استهلاك البول فيه لا يمكن حصوله دفعة بل تكون هناك آنات ثلاثة ففي الان الاول تحصل طبيعة ثالثة لا يصدق عليه لا عنوان الماء و لا عنوان البول و بعد غلبة الماء يصدق عليه المتغير و في الان الثالث يزول التغير و يصدق عليه الماء لكن لا يكون طاهرا فان زوال التغير لا يوجب طهارة المتغير فيكون الوجه في الطهارة اتصاله بالمطر.

و منها: رواية ابن بزيع «3» فان المستفاد من تلك الرواية ان الاتصال بالمادة يكفي في حصول الطهارة و حيث

ان ماء المطر ماء عاصم ناش عن المادة يكفي وصوله بالماء النجس لتحصل الطهارة و تزول عنه النجاسة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الماء المطلق الحديث: 5.

(2) نفس المصدر الحديث: 4.

(3) لاحظ ص 162.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 192

و كذا ظرفه كالإناء و الكوز و نحوهما (1).

[(مسألة 13: يعتبر في جريان حكم ماء المطر ان يصدق عرفا ان النازل من السماء ماء مطر]

(مسألة 13): يعتبر في جريان حكم ماء المطر ان يصدق عرفا ان النازل من السماء ماء مطر و ان كان الواقع علي النجس قطرات منه و اما اذا كان مجموع ما نزل من السماء قطرات قليلة فلا يجري عليه الحكم (2).

______________________________

ثم ان المناسب للمقام التعرض لعدة فروع:

الاول: انه هل يشترط في حصول الطهارة و زوال الانفعال وقوع المطر علي الماء بمقدار معتد به أم يكفي وصوله و لو كانت قطرة واحدة كما نسب الي بعض لا يبعد الاكتفاء بمجرد صدق وصول المطر اليه و ان شئت قلت:

الاتصال بالمادة يوجب التطهير و المفروض انه يحصل الاتصال بوصول قطرة اليه.

الثاني: هل يشترط الامتزاج فيه أم لا؟ الظاهر هو الثاني لعدم الدليل عليه بل مقتضي رواية هشام «1» و تعليل حديث ابن بزيع «2» عدم الاشتراط فلاحظ.

الثالث: هل يلزم وصوله الي جميع السطح الاعلي أم لا؟ الظاهر هو الثاني و قد ظهر وجهه فان مقتضي حديث هشام عدم الاشتراط كما ان مقتضي كفاية المادة المستفادة من حديث ابن بزيع كذلك.

(1) اذ بعد فرض طهارة المظروف بالمطر يطهر الظرف بالمظروف.

(2) المستفاد مما ذكره ان المطر بما له من المفهوم لا يصدق علي القطرات

______________________________

(1) مرت في ص 191.

(2) مر في ص 162.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 193

[مسألة 14: الثوب أو الفراش النجس اذا تقاطر عليه المطر و نفذ في جميعه طهر الجميع]

(مسألة 14) الثوب أو الفراش النجس اذا تقاطر عليه المطر و نفذ في جميعه طهر الجميع (1).

______________________________

النازلة القليلة و مع الشك في الصدق أيضا لا يترتب حكمه بل مقتضي الاصل عدم الصدق.

لكن الانصاف: ان توقف الصدق علي الكثرة محل اشكال فاذا فرض نزول قطرات قليلة من السماء و لم يصدق عليه عنوان المطر فالعنوان المنطبق عليه ما هو؟

و الذي يختلج ببالي: انه يصدق

عليه و لا يتقوم صدقه عليه بالكثرة فلاحظ و العرف ببابك.

(1) استدل علي المدعي بمرسلة الكاهلي «1» و لا اعتبار بالمرسلات و عمل المشهور علي فرض تحققه ليس جابرا، لكن يكفي لإثبات المدعي ما رواه هشام بن سالم أنه سأل ابا عبد اللّه عليه السلام عن السطح يبال عليه فيصيبه السماء فيكف فيصيب الثوب؟ فقال: لا بأس به ما اصابه من الماء اكثر منه «2».

تقريب الاستدلال به ان الظهور اللفظي يقتضي اتحاد مرجع الضمير المجرور و الضمير الواقع في كلمة اصابه فلا بد من فرض وحدة محل مورد لإصابة البول و اصابة المطر كي يصح ان يقال: بان الماء اكثر من البول و ذلك المحل هو السطح فانه مجمع العنوانين فلا يرجع الضمير الي الثوب اذ الثوب لم يصبه البول بل اصابه ماء المطر فعليه يكون المراد من قوله عليه السلام: «لا بأس به» نفي البأس عن السطح الذي يبال عليه و معني عدم البأس بالسطح طهارته

______________________________

(1) لاحظ ص 191.

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 194

و لا يحتاج الي العصر (1).

______________________________

بوصول ماء المطر به و اكثريته و وقوعه عليه و حيث انه لا فرق بين البول و بقية النجاسات من هذه الجهة و كذلك لا فرق بين السطح و بقية الاشياء يحكم بالنحو الكلي علي ان ماء المطر يطهر ما اصابه و يمكن تقريب الاستدلال بعموم العلة المستفاد من الرواية.

(1) افاد سيد المستمسك في هذا المقام: بأن مقتضي مرسلة الكاهلي «1»، كفاية الرؤية و عدم الاحتياج الي العصر مع ان عمدة دليل العصر هو ارتكاز العرف حيث يرون انفعال القليل بالملاقاة و مع اعتصام الماء لا يبقي

مجال لهذا البيان.

و فيه: ان المرسلة لا اعتبار بها و اما ما افاده اخيرا في العصر فليس الامر كذلك بل اشتراط العصر من باب توقف صدق الغسل عليه و لذا نشترط العصر حتي فيما يغسل الثوب بالكثير فانه ما دام لم يخرج الغسالة من الثوب لا يصدق غسله فعليه لا بد من الاعتماد علي وجه آخر

و الذي يمكن ان يقال في هذا المقام: ان المدرك حديث هشام «2» حيث علل طهارة السطح بكون الماء اكثر فالمستفاد منه ان الملاك اكثرية الماء.

ان قلت: النسبة بين هذا الدليل و دليل وجوب الغسل عموم من وجه فيقع التعارض في مثل تطهير الثوب و الفرش.

قلت: لو طرح دليل مطهرية المطر و اخذ بدليل وجوب الغسل لم يبق لعنوان مطهرية المطر موضوعية و يكون العنوان المذكور في حديث هشام لغوا

______________________________

(1) لاحظ ص 191.

(2) لاحظ ص: 193.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 195

أو التعدد (1) و اذا وصل الي بعضه دون بعض طهر ما وصل اليه دون غيره (2) هذا اذا لم يكن فيه عين النجاسة و الا فلا يطهر الا اذا تقاطر عليه بعد زوال عينها (3).

[مسألة 15: الارض النجسة تطهر بوصول المطر اليها]

(مسألة 15): الارض النجسة تطهر بوصول المطر اليها بشرط أن يكون من السماء و لو باعانة الريح و أما لو وصل اليها بعد الوقوع علي محل آخر كما اذا ترشح بعد الوقوع علي مكان فوصل مكانا نجسا لا يطهر (4) نعم لو جري علي وجه الارض فوصل الي مكان مسقف طهر (5).

[مسألة 16: اذا تقاطر علي عين النجس فترشح منها علي شي ء آخر لم ينجس ما دام متصلا بماء السماء]

(مسألة 16): اذا تقاطر علي عين النجس فترشح منها علي شي ء آخر لم ينجس ما دام متصلا بماء السماء بتوالي تقاطره عليه (6).

______________________________

بخلاف العكس و هذا احد وجوه تقديم احد المتعارضين علي الاخر فلا تغفل.

(1) قد ظهر الوجه فيه مما ذكرناه في عدم اشتراط تطهيره بالعصر فلا نعيد.

(2) كما هو ظاهر.

(3) و الوجه فيه ظاهر واضح.

(4) لعدم صدق العنوان كما مر.

(5) لصدق العنوان.

(6) هذا من فروع عدم انفعال ماء المطر بملاقاة النجاسة و مقتضي القاعدة

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 196

[مسألة 17: مقدار الكر وزنا بحقة الاسلامبول التي هي مائتان و ثمانون مثقالا صيرفيا]

(مسألة 17): مقدار الكر وزنا بحقة الاسلامبول التي هي مائتان و ثمانون مثقالا صيرفيا «مائتان و اثنتان و تسعون حقة و نصف حقة» و بحسب وزنة النجف التي هي ثمانون حقة اسلامبول «ثلاث وزنات و نصف و ثلاث حقق و ثلاث أواق» و بالكيلو «ثلاثمائة و سبعة و سبعون كيلوا» تقريبا، و مقداره في المساحة ما بلغ مكسره سبعة و عشرون شبرا (1).

______________________________

عدم انفعال آخر قطرة نازلة من السماء واقعة علي النجاسة و عليه فلا وجه للتقييد بتوالي تقاطره عليه كما في المتن فلاحظ لكن الظاهر ان المراد من توالي تقاطره اصل التقاطر فلا اشكال.

(1) المذكور في كلمات الفقهاء حدان للكر تبعا للنصوص فقد حدد تارة بالوزن و اخري بالمساحة و المشهور ان حده بالوزن (1200) رطل بالعراقي و قد فسر بعض الاصحاب هذا المقدار بالمدني و الرطل المدني يزيد علي العراقي بالنصف و عليه يكون وزنه بالعراقي (1800) رطل و عليه لا يكون الاختلاف بينهم في العدد بل الاختلاف في المراد من الرطل.

اذا عرفت هذا فاعلم ان الروايات الواردة في بيان حد الكر بالوزن عدة نصوص:

فمنها ما رواه ابن ابي عمير عن بعض اصحابنا

عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: الكر من الماء الذي لا ينجسه شي ء الف و مأتا رطل «1».

و حيث ان مرسلات ابن ابي عمير كبقية المراسيل في عدم الاعتبار فلا

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 197

______________________________

تكون الرواية حجة.

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

و الكر ستمائة رطل «1».

و لا بد من حمل العدد في هذه الرواية علي الرطل المكي كي يطابق (1200 بالعراقي اذ الرطل المكي ضعف الرطل العراقي و الوجه في لزوم حمل الرطل في هذه الرواية علي المكي ان مقتضي ادلة انفعال الماء القليل نجاسته عند ملاقاته مع النجس و حيث ان تلك الادلة خصصت بدليل اعتصام الماء الكر و المخصص المنفصل المردد بين الاقل و الاكثر لا يعمل به الا في المقدار المعلوم القطعي من دليل التخصيص و المقدار المعلوم من الدليل هذا المقدار اذ الرطل في هذه الرواية مردد بين كونه مكيا او مدنيا او عراقيا و القدر المعلوم من الخروج ما لو كان هذا الوزن بالرطل المكي الذي يكون ضعف العراقي و الباقي يبقي تحت دليل الانفعال لعدم دليل علي عدمه و لا يتوقف هذا التقريب علي القول بانقلاب النسبة الذي لا نقول به اذ لا اشكال في ان جملة من ادلة انفعال الماء القليل وردت في الماء القليل الذي لا مادة له و لم يتغير بالنجاسة و الامام عليه السلام قد حكم بالنجاسة.

لاحظ ما رواه، شهاب بن عبد ربه قال: اتيت ابا عبد اللّه عليه السلام اسأله فابتدأني فقال، ان شئت فاسأل يا شهاب و ان شئت اخبرناك بما جئت له

قال: قلت له: اخبرني جعلت فداك قال: جئت تسألني عن الجنب يسهو فيغمر يده في الماء قبل ان يغسلها؟ قلت: نعم قال: اذا لم يكن اصاب يده

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 198

______________________________

شي ء فلا بأس و ان شئت سل و ان شئت اخبرناك قلت: اخبرني جعلت فداك قال: جئت تسألني عن الجنب يغرف الماء من الحب فيصيب يده الماء؟ قلت:

نعم قال: لا بأس «1»، الي غيره من الروايات الواردة الدالة علي انفعال الماء القليل فانه لا اشكال في تقدم دليل الانفعال علي دليل عدم الانفعال الا بالغلبة لان النسبة بينهما بالعموم و الخصوص و ان دليل الانفعال اخص فلا تصل النوبة الي ما افاده سيدنا الاستاد في هذا المقام:

بأن النسبة بين دليل الانفعال و الغلبة نسبة التباين لكن نخصص دليل الانفعال بدليل عاصمية ذي المادة فتنقلب النسبة من التباين الي العموم و الخصوص المطلقين ثم يخصص دليل الانفعال بدليل الكر لكن بالمقدار المتيقن»، فانه لا تصل النوبة الي هذا التقريب مضافا الي ان انقلاب النسبة مردود عندنا.

فالنتيجة علي كلا التقديرين الالتزام بالانفعال الا اذا كان (1200) رطل عراقي.

بقي شي ء و هو ان المشهور و الاكثر استعمالا في تلك العصور ان لفظ الرطل كان يستعمل في العراقي فما الحيلة؟

و الجواب عنه: ان الامام عليه السلام يمكن ان راعي عرف السائل اي محمد بن مسلم الذي قيل في حقه: انه من أهل الطائف مضافا الي ان الاجماع لو كان قائما علي عدم عصمة الماء الاقل من هذا المقدار فكيف يمكن الاكتفاء ب (600) رطل عراقي اضف الي ذلك انه لو قلنا بان القاعدة تقتضي الاخذ بما يدل علي (27) شبرا من حيث المساحة لزم

ان يراد من هذه الرواية الرطل

______________________________

(1) الوسائل الباب 45 من أبواب الجنابة الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 199

______________________________

المكي اذ علي ما ذكره سيدنا الاستاد انه وزن الماء و كان (1200) رطل من من الوزن مطابقا مع (27) شبرا من حيث المساحة لكن الذي يختلج بالبال ان الميزان بعرف المتكلم فلا بد من حمل الرطل علي المدني فليكن هذا بذكرك.

و اما الروايات الواردة في تحديدها بالمساحة، فمنها ما رواه اسماعيل بن جابر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الماء الذي لا ينجسه شي ء؟ قال:

ذراعان عمقه في ذراع و شبر و سعة (سعته) «1».

و يظهر من الرواية ان الماء المفروض الذي حدده عليه السلام سطحه علي نحو الدائرة اذ حدد سعة السطح ببعد واحد و هذا يناسب الدائرة فيناسب ان هذا المقدار المعين سعة السطح من جميع الاطراف و هذا ينطبق علي الدائرة فان جميع الخطوط الممتدة من محيطها الي المركز واحدة بخلاف بقية السطوح حتي المربع المتساوي الاضلاع فان اضلاعها و ان كانت متساوية لكن الخط الممتد من احدي الزاويتين الي الاخري اطول من بقية الاضلاع.

اذا عرفت ذلك نقول: كل ذراع شبران فتكون المساحة بحسب السطح ثلاثة اشبار و يكون العمق المفروض اربعة اشبار و الميزان في معرفة المجموع في الدائرة ان يضرب نصف القطر في نصف المحيط و المحيط ثلاثة أمثال القطر فيكون مجموع القطر تسعة اشبار فنصفها اربعة اشبار و نصف، و نصف الدائرة شبران و نتيجة ضرب احدهما في الاخر تصير ستة اشبار و ثلاثة ارباع شبر و نتيجة ضرب هذا المقدار في العمق سبعة و عشرين شبرا فتكون مطابقا

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين،

ج 1، ص: 200

______________________________

للتحديد الوزني الذي مر الكلام فيه.

و منها: ما رواه اسماعيل بن جابر أيضا قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الماء الذي لا ينجسه شي ء فقال: كسر، قلت: و ما الكر؟ قال: ثلاثة اشبار في ثلاثة أشبار «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بمحمد بن خالد فان توثيق الشيخ يعارضه تضعيف النجاشي و اما وقوعه في اسناد كامل الزيارة فلا يترتب عليه اثر لما حققناه و بينّا ما عندنا في هذا المقام في مستدركات كتاب مصباح الناسك فراجع و علي فرض الاغماض يعارضه تضعيف النجاشي أيضا.

و اما من حيث الدلالة فلم يذكر فيها البعد الثالث و هو بعده من حيث العمق و حيث ان الاقل من ثلاثة اشبار خلاف الاجماع مضافا الي منافاته لتلك الرواية يتعين ان تحمل عليها و النتيجة متحدة.

و ان شئت قلت: ان هذه الرواية مطلقة من حيث البعد الثالث و بمقتضي حمل المطلق علي المقيد تحمل عليها.

و ان ابيت عن ذلك و قلت: انها ناظرة الي العمق و السعة فالنتيجة كما ذكر أيضا لما ذكرناه من ان امثال هذه التحديدات ناظرة الي ما يكون السطح بنحو الدائرة فمقتضي اطلاقها ان تكون سعته كذلك من جميع الاطراف فالنتيجة بلوغ المجموع (27) شبرا و لكن الظاهر انها ناظرة الي العرض و الطول فلاحظ.

و منها ما رواه الحسن بن صالح الثوري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اذا كان الماء في الركي كرا لم ينجسه شي ء قلت: و كم الكر؟ قال: ثلاثة

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المطلق الحديث: 7.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 201

______________________________

اشبار و نصف عمقها في ثلاثة اشبار و نصف عرضها «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالحسن بن صالح

فانه لم يوثق.

و منها ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكر من الماء كم يكون قدره؟ قال: اذا كان الماء ثلاثة اشبار و نصف في مثله ثلاثة أشبار و نصف في عمقه في الارض فذلك الكر من الماء «2».

و الظاهر: ان الرواية معتبرة سندا فانه نوقش في سندها تارة باحمد بن محمد بن يحيي المذكور في رواية الشيخ و اخري بعثمان بن عيسي و ثالثة بأبي بصير اما الاشكال الاول فيدفع بان المذكور في كتاب الكافي احمد بن ابن محمد و حيث ان الراوي عنه العطار و المروي عنه عثمان يعلم ان المراد به ابن عيسي و لا اشكال في وثاقته.

و اما الطعن من جهة عثمان بانه واقفي فيجاب عنه بان الوقف لا ينافي الوثاقة و حكي عن الشيخ في العدة نقل الاتفاق علي العمل برواياته و رواية امثاله من ثقاة الواقفية و الفطحية و عن الكشي عن بعضهم ان عثمان بن عيسي ممن اجمع العصابة علي تصحيح ما يصح عنه و نقل عنه أيضا: بانه تاب و رجع من الوقف.

و اما من جهة أبي بصير فالظاهر ان المراد منه يحيي بن القاسم أو ابن أبي القاسم بقرينة رواية ابن مسكان و هو عبد اللّه عنه قال في الحدائق: الراوي عن أبي بصير هنا ابن مسكان و لا يخفي علي الممارس انه عبد اللّه و هو قرينة ليث المرادي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8.

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب الماء المطلق الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 202

______________________________

لتكرر روايته عنه في غير موضع.

و العجب من الاستاد حيث اورد علي صاحب الحدائق: «بانا لا يمكننا المساعدة علي ذلك اذ مجرد الظن

لا يغني ما لم يثبت بطريق معتبر» فانه دام ظله قبل اسطر استدل بقول صاحب الحدائق في امثال المقام.

فالانصاف: ان الخدشة في سند هذه الرواية من جهة اشتراك أبي بصير بين الثقة و الضعيف غير قابلة للقبول فلا ايراد فيها من حيث السند.

و أما من حيث الدلالة فالظاهر أنها ناظرة الي السطح المدور حيث لم يذكر فيها الا بعد ان، العمق و العرض اي السعة و لا دليل علي تقدير البعد الثالث و تكون نتيجة ضرب نصف القطر في نصف المحيط و ضرب نتيجتها في العمق (32) شبرا و شيئا كما في كلام سيدنا الاستاد أو تكون النتيجة ثلاثة و ثلاثين و خمسة أثمان أشبار و نصف الثمن- كما في كلام السيد الحكم-.

و أورد سيدنا الاستاد علي الرواية بأنه لا قائل بهذا القول.

و هذا ليس محذورا فان العجب من سيدنا الاستاد كيف يجعل هذا اشكالا مع أنه لا يعمل بالإجماعات.

و الحاصل: أنه لا وجه لرفع اليد عن الرواية و حمل الاكثر عن (27) شبرا علي الاستحباب او الاحتياط فهذه الرواية طرف للمعارضة و لا بد من العلاج و حيث انه لا مرجح لا من الكتاب و لا من حيث المخالفة مع العامة و لا من حيث الاحدثية تتعارضان و تسقطان عن الاعتبار فلا بد من الرجوع الي العموم الفوق أو الاطلاق ان كان فنقول: يمكن جعل رواية زرارة مرجعا و هي: قال:

و قال أبو جعفر عليه السلام: اذا كان الماء اكثر من راوية لم ينجسه شي ء تفسخ

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 203

______________________________

فيه او لم يتفسخ الا ان يجي ء له ريح تغلب علي ريح الماء «1».

فان متقضي هذه الرواية أن الماء اذا كان أكثر من رواية

لم ينجسه شي ء و اطلاق هذه الرواية يقتضي أن الماء اذا كان أكثر من هذا المقدار و لو بقليل لم ينجسه شي ء و تلك الروايات الخاصة لا تكون طرفا للمعارضة مع هذه الرواية لان مفادها خاص و الخاص لا يعارضه العام لكن الروايتين تتعارضان فتساقطان و المرجع اطلاق هذه الرواية فبالمقدار المعلوم ترفع اليد عنها و في مورد الشك يعمل بها و عليه يمكن أن نلتزم بان الماء البالغ (27) شبرا عاصم لا ينجسه شي ء كما عليه القميون و ما ذكرناه جار بالنسبة الي النص الدال علي أن الكر بحسب الوزن (600) رطل فان هذا التقدير طرف للمعارضة و بالتعارض تسقط الرواية الدالة عليه و المرجع رواية زرارة.

و تؤيد المدعي مرسلتا عبد اللّه بن مغيرة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الكر من الماء نحو حبي هذا و أشار الي حب من تلك الحباب التي تكون بالمدينة و عن بعض اصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كان الماء قدر قلتين لم ينجسه شي ء و القلتان جرتان «2».

قال في الوسائل: و نقل المحقق في المعتبر عن ابن الجنيد أنه قال:

«الكر قلتان و مبلغ وزنه الف و ماتا رطل».

فانقدح من مجموع ما تقدم: أن قول القميين أرجح و أما القول بأن الكر بحسب المساحة ما يكون مجموع تكسير أبعاده (100) شبر فلا دليل عليه و هذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الماء المطلق الحديث: 9.

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب الماء المطلق الحديث: 7 و 8.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 204

______________________________

القول منسوب الي ابن الجنيد.

و أما ما نسب الي الراوندي من أن الكر ما بلغ مجموع ابعاده عشرة اشبار و

نصف من دون ضرب بعضها في البعض فهو مردود بأن المستفاد من الروايات خلافه كما مر.

و أما القول المنسوب الي المحقق في المعتبر و هو القول بأن الكر ما يكون مجموع تكسير ابعاده (36) شبرا، فمستنده ما رواه اسماعيل بن جابر «1».

بدعوي أن السعة في الرواية اريد منها كل من جهتي الطول و العرض و نتيجة ضرب إحداهما في الاخري تسعة و نتيجة ضرب العمق في التسعة تكون (36) شبرا، لكن قد عرفت أن الظاهر أن المراد من الرواية بيان مساحة الكر في السطح المدور.

و أما مستند المشهور القائلين بأن مساحة الكر اثنان و اربعون شبرا و سبعة اثمان الشبر، فهو حديثا الحسن بن صالح و أبي بصير «2» بدعوي: أن البعد الثالث مقدر في الكلام و يكون تكسير المجموع هذا المقدار.

و فيه أن الرواية الاولي ضعيفة سندا كما مر و الرواية الثانية لا دلالة فيها علي التقدير فتحمل علي المدور كما مر الكلام فيها.

فالنتيجة: أن قول القميين أقرب الي ما يستفاد من الادلة و اللّه العالم بحقائق الاشياء و الاحكام و عليه التكلان.

تتمة: و هي أنه لو فرضنا الاجمال في رواية الوزن و لم نعلم المراد بالرطل

______________________________

(1) مر في ص 199.

(2) لاحظ ص 200 و 201.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 205

______________________________

الواقع في كلام الامام عليه السلام و قلنا: بأنه مردد بين المكي و المدني و العراقي بل حتي لو قلنا بأنه مردد بين ما يوزن و ما يكال أو قلنا بأن الظاهر منه الرطل العراقي كما قيل فعلي جميع التقادير يكون طرفا للمعارضة و بعد التساقط تصل النوبة الي العمل باطلاق رواية زرارة و الكلام هو الكلام بلا فرق فلا تغفل.

و لقائل أن يقول:

أن حديث زرارة لا يكون مرجعا بعد المعارضة بل بنفسه طرف التعارض مضافا الي أنه ينافيه اخبار الكر فان مفهوم تلك الاخبار أن الماء الذي لم يبلغ قدر كر ينجسه شي ء و كون الاكثر من الراوية بمقدار الكر أول الكلام و الاشكال.

فالذي يمكن أن يقال و يختلج بالبال القاصر أن يقال: أن المرجع بعد التعارض و التساقط أخبار الكر فان الكر له مفهوم لغوي و هو الميزان و حيث ان القاعدة تقتضي حمل الكلام علي عرف المتكلم فلا بد من حمل الكر علي معناه اللغوي بحسب العرف المتكلم و الكر بحسب المعني اللغوي يساوي (4320) رطل مدني و حيث لا يمكن الالتزام به يصير الدليل مجملا فنقول: القدر المتيقن من العاصم ما ذهب اليه المشهور اذ الزائد علي هذا المقدار خلاف الاجماع المتسالم عليه و ان شئت قلت: الجمع بين دليل انفعال الماء القليل و دليل الكر و التسالم و الاجماع أن الماء البالغ مقداره اثنان و أربعون شبرا و سبعة أثمان شبر هو العاصم و في الاقل عن هذا المقدار نلتزم بالانفعال و اللّه العالم بحقائق الاشياء.

فلا بد في الحكم بالاعتصام أن تكون مساحة الماء هذا المقدار و أما الوزن فلا بد أن يفرض مقدارا ينطبق عليه هذا التحديد و الظاهر- و اللّه العالم- أن الماء

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 206

[مسألة 18: لا فرق في اعتصام الكر بين تساوي سطوحه و اختلافها]

(مسألة 18): لا فرق في اعتصام الكر بين تساوي سطوحه و اختلافها (1) و لا بين وقوف الماء و ركوده و جريانه (2) نعم اذا كان الماء متدافعا لا تكفي كرية المجموع في اعتصامه و لا كرية المتدافع اليه في اعتصام المتدافع منه (3) نعم تكفي كرية المتدافع منه في اعتصام المتدافع اليه

(4).

[مسألة 19: لا فرق بين ماء الحمام و غيره في الأحكام]

(مسألة 19): لا فرق بين ماء الحمام و غيره في الاحكام فما في الحياض الصغيرة اذا كان متصلا بالمادة و كانت وحدها أو بضميمة ما في الحياض اليها كرا اعتصم (5).

______________________________

من حيث الوزن يختلف بل هذا من الواضحات بعد التدبر في اختلاف المياه من حيث المواد الممزوجة مع بعض اقسامه و مجرد كون ماء الفرات من حيث الوزن مطابقا لمساحة لا يكون دليلا و طريقا علي الكليه كما هو ظاهر.

(1) للإطلاق و عدم دليل علي التقييد فلو كان الماء ساكنا كما لو عمل ظرف من نحاس علي هيئة المنبر فالظاهر أنه لا اشكال في تقوي كل من الاعلي و الاسفل بالاخر و هذا ظاهر.

(2) لما تقدم من الاطلاق لوحدة الماء عرفا و تقوي كل جزء منه بالاخر.

(3) لعدم الوحدة العرفية و قد مر الكلام فيه و قلنا بأنه لو صب الماء في ابريق علي الكر لم يتقو ما في الابريق بالكر المتصل به كما أنه لو انصب من الابريق علي العين النجسة لا ينجس ما في الابريق بل المنفعل المقدار الملاقي للنجاسة.

(4) للنصوص الواردة في ماء الحمام و قد مر الكلام فيه فراجع.

(5) لأنه لا فرق بين ماء الحمام و غيره و لذا لو انهدم الحمام و انتفي هذا

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 207

و ان لم يكن متصلا بالمادة أو لم تكن المادة و لو بضميمة ما في الحياض اليها كرا لم يعتصم (1).

[مسألة 20: الماء الموجود في الانابيب المتعارفة في زماننا بمنزلة المادة]

(مسألة 20): الماء الموجود في الانابيب المتعارفة في زماننا

______________________________

العنوان فهل يشك احد في بقاء الحكم؟ و العمدة و الملاك في التعميم أن العرف لا يري تقوي السافل بالعالي فيسأل عن ماء الحمام و حيث ان الملاك واحد يكون الحكم عاما.

و هذا

هو الملاك لا ما عن شذرات صاحب الكفاية قدس سره: بأن التعدي بلحاظ عموم العلة و هو قوله: «لان له مادة» «1» اذ ليس في أخبار الحمام ما يكون تعليلا و أن الوارد في حديث بكر بن حبيب عن أبي جعفر عليه السلام قال: ماء الحمام لا بأس به اذا كانت له مادة «2» عنوان الشرط و عن الفقه الرضوي: ماء الحمام سبيله سبيل الجاري اذا كانت له مادة «3».

فالوجه ما ذكرنا لكن لا يخفي أنه قد مر منا أنه لا يكفي في اعتصام ما في الحوض كون مجموع ما في المادة مع ما في الحوض كرا بل لا بد من كون المادة وحدها بمقدار الكر و ذكرنا هناك أن الروايات ناظرة الي الحمامات الخارجية و من الظاهر أنها كذلك فلا اطلاق فيها من هذه الجهة فلاحظ.

(1) لان القليل ينفعل بالملاقاة كما مر و قد تقدم قريبا أن اللازم كرية المادة وحدها و الضمية لا تفيد فلا تغفل.

______________________________

(1) لاحظ ص 162.

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب الماء المطلق الحديث: 4.

(3) فقه الرضا: ص 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 208

بمنزلة المادة فاذا كان الماء الموضوع في اجانة و نحوها من الظروف نجسا و جري عليه ماء الانبوب طهر (1).

بل يكون ذلك الماء أيضا معتصما ما دام ماء الانبوب جاريا عليه (2) و يجري عليه حكم ماء الكر في التطهير به (3) و هكذا الحال في كل ماء نجس فانه اذا اتصل بالمادة طهر اذا كانت المادة كرا (4).

______________________________

(1) يمكن أن يستدل عليه بنصوص ماء الحمام فان تلك الاخبار تدل علي اعتصام ما في الحياض كما أنها تدل علي طهارته بالاتصال بالخزانة و احتمال عدم انقطاع ما

في الخزانة عن الحياض فلا تدل علي الرفع، احتمال بعيد.

و أيضا يدل علي المقصود التعليل الوارد في رواية ابن بزيع «1» بتقريب:

أن المستفاد من تلك الرواية أن العلة لارتفاع النجاسة و طهارة الماء بعد زوال التغير كون الماء ذا مادة معتصمه و هذه العلة موجودة في المقام علي الفرض.

(2) كما هو أوضح من أن يخفي فانه مفاد أدلة ماء الحمام.

(3) اذ بعد فرض حكم الشارع بتقويه بالاتصال بالمادة يجري عليه الحكم ترتب الحكم علي الموضوع لاحظ ما رواه داود بن سرحان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ما تقول في ماء الحمام؟ قال: هو بمنزلة الماء الجاري «2».

(4) لعين الملاك و وحدة العلة فلاحظ.

______________________________

(1) مرت في ص 162.

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 209

[الفصل الثالث الماء القليل المستعمل في رفع الحدث الاصغر طاهر و مطهر من الحدث و الخبث]

الفصل الثالث الماء القليل المستعمل في رفع الحدث الاصغر طاهر و مطهر من الحدث و الخبث (1).

______________________________

(1) بلا خلاف بين أصحابنا في طهارته و طهوريته، حكاه غير واحد منهم هكذا في الحدائق، و في بعض الكلمات أنه لا اشكال و لا خلاف بيننا في كونه طاهرا و مطهرا من الحدث و الخبث بل ادعي ضرورة المذهب علي طهارته و الاجماع علي طهوريته فلا اشكال فيه بحسب الفتوي، نعم نقل عن المفيد- علي ما في الحدائق- بأنه يستحب التنزه عن الماء المستعمل في الوضوء.

و كيف كان الامر ظاهر و يدل علي المدعي قوله تعالي: وَ أَنْزَلْنٰا مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً طَهُوراً «1» اذ لم يقيد في الاية طهوريته بعدم الاستعمال في الوضوء كما أنه يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من الروايات.

منها: ما رواه داود بن فرقد قال: كان بنو اسرائيل اذا أصاب أحدهم قطرة

بول قرضوا لحومهم بالمقاريض و قد وسع اللّه عليكم بأوسع ما بين السماء و الأرض و جعل لكم الماء طهورا فانظروا كيف تكونون «2».

مضافا الي جملة من النصوص الخاصة الدالة علي المطلوب:

منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بأن يتوضأ بالماء المستعمل فقال: الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به الرجل من الجنابة لا يجوز أن يتوضأ منه و أشباهه و أما الذي يتوضأ الرجل به فيغسل به وجهه و يده

______________________________

(1) الفرقان: 49.

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المطلق الحديث: 10.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 210

و المستعمل في رفع الحدث الاكبر طاهر و مطهر من الخبث (1).

و الاحوط استحبابا عدم استعماله في رفع الحدث اذا تمكن من ماء آخر و الا جمع بين الغسل أو الوضوء به و التيمم (2).

______________________________

في شي ء نظيف فلا بأس أن يأخذه غيره و يتوضأ به «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: كان النّبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم اذا توضأ اخذ ما يسقط من وضوئه فيتوضون به «2» و عليه لا نحتاج الي التوسل بذيل قاعدة الطهارة اذ لا وجه لاحتمال عروض النجاسة للماء مع عدم ملاقاته للنجاسة كما أنه لا وجه للأخذ باستصحاب طهوريته كي يقال: بأنه من الاستصحاب التعليقي مضافا الي أنه من الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي المعارض بغيره فالنتيجة: أن الامر ظاهر لا غبار عليه.

(1) الظاهر أنه لا اشكال في طهارته و لا وجه لانفعاله بعد فرض عدم ملاقاته الا مع البدن الطاهر و بعد فرض طهارته لا وجه للتوقف في كونه رافعا للخبث و يدل عليه دليل كون

الماء طهورا فانه باطلاقه يشمل المقام مضافا الي أنه ادعي عليه الاجماع و عدم الخلاف نعم نقل عن الوسيلة بأنه صرح بعدم كونه رافعا للحدث و الخبث بل قيل: ان ظاهر عبارتها يفيد القول بنجاسته و ما افيد غريب غايته و اللّه العالم.

(2) الذي يظهر من كلمات القوم في هذا المقام أنه وقع الكلام بين الاعلام في هذه المسألة و وقع الخلاف بينهم بحيث أصبحت المسألة ذات قولين معروفين، فعن الصدوقين و المفيد و الطوسي و جمع آخر المنع و المشهور بين

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المضاف الحديث: 13.

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الماء المضاف الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 211

______________________________

المتأخرين الجواز و القاعده الاولية تقتضي الجواز اذ مقتضي اطلاق كون الماء طاهرا و طهورا جواز استعماله مكررا في ازالة الخبث و الحدث و لا وجه للالتزام بعدم جواز المستعمل في رفع الحدث الاكبر، ثانيا. و ما أوجب هذا الاختلاف في المقام عدة روايات:

منها ما رواه عبد اللّه بن سنان «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا باحمد بن هلال و لم يثبت كون الراوي عنه ابن فضال كي يقال بأنه ورد في بني فضال الاخذ بروايتهم «2».

و علي فرض تسليم كون الحسن الواقع في السند هو ابن فضال لا يكون ما ورد في حقهم دالا علي المدعي فان المستفاد من هذا الخبر أن انحرافهم لا يضر بوثاقهم.

و بعبارة اخري: هذه الرواية الواردة عن العسكري عليه السلام تدل علي عدم التوقف في رواية من جهة بني فضال لا أن المراد العمل برواياتهم علي الاطلاق بحيث يكون مقامهم أعلي و أرفع من زرارة و اضرابه.

و ان شئت قلت: هذه الرواية انما تقتضي عدم

التوقف في العمل برواية في طريقها من بني فضال و لكن لا تدل علي توثيق كل من يروي بنو فضال عنه فلاحظ

فالرواية ساقطة عن الاعتبار فلا تصل النوبة الي النظر في دلالتها و ان كانت لا تخلو عن خدش.

______________________________

(1) لاحظ ص 209.

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب صفات القاضي الحديث: 79.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 212

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما قال: سألته عن ماء الحمام فقال: ادخله بازار و لا تغتسل من ماء آخر الا أن يكون فيهم (فيه خ ل) جنب أو يكثر أهله فلا يدري فيهم جنب أم لا «1».

بتقريب: انه عليه السلام نهي عن الاغتسال بماء آخر غير ماء الحمام الا مع وجود الجنب في الحمام او احتمال وجوده و لا وجه للمنع الا من جهة عدم جواز الاغتسال بغسالة الجنب.

و أجاب عنه صاحب المعالم- علي ما نقل عنه- بأن النهي عن الاغتسال بغسالة الجنب انما استفيد من الاستثناء عن النهي عن الاغتسال بماء آخر.

و بعبارة اخري: المستفاد من الرواية حرمة الاغتسال بماء آخر الا مع وجود الجنب لكن الاستثناء من الحرمة يجتمع مع الوجوب و مع الاباحة.

فالنتيجة: أنه مع عدم وجود الجنب يحرم الغسل بماء آخر و أما مع وجوده فلا يحرم و عدمه كما أنه يجتمع مع الوجوب يجتمع مع الاباحة فلا دلالة في الرواية علي وجوب الاحتراز.

و اجاب عنه صاحب الحدائق- علي ما نقل عنه- بأن الاستثناء من النهي دال علي الوجوب كقولنا: لا تضرب أحدا الا زيدا و الاستثناء من الوجوب يدل علي الحرمة كما في قول القائل: «اقتلوا المشركين الا اهل الذمة» فان الاول يدل علي وجوب ضرب زيد و الثاني علي حرمة

قتل اهل الذمة و استشهد بكلام نجم الائمة حيث قال: «الاستثناء من الاثبات نفي و بالعكس».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب الماء المطلق الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 213

______________________________

و هذا الجواب ليس تاما فان كلام نجم الائمة متين لكن لا يتم كلام صاحب الحدائق و الا يلزم أنه لو قال المولي: «لا تأكل مال احد الا برضاه» لكان أكل ماله برضاه واجبا و هو كما تري فانه يكفي في الاستثناء أن يكون حكم ما بعد حرف الاستثناء مخالفا لما قبله فلا يرد كلام صاحب المعالم بهذا الجواب.

و الذي يخطر بالبال: أنه لا شبهه في عدم محذور في الاغتسال بماء آخر غير ماء الحمام فلا يكون النهي عنه لا تحريميا و لا تنزيهيا فالمراد من النهي عنه الاذن في تركه و عدم وجوبه الا مع وجود الجنب أو احتمال وجوده فانه لا يجوز ترك الاغتسال بماء آخر بل يجب.

و بعبارة اخري: لا يجوز الاغتسال من ماء الحمام في هذا الحال فنقول:

ما المراد من ماء الحمام الذي نهي عن الاغتسال به فان في المقام في بدو النظر احتمالات ثلاثة: اما يكون المراد من ماء الحمام، الماء الموجود في الخزانة التي نعبر عنها بالمادة، و اما الماء الموجود في الحياض الصغار، و اما الماء المجتمع في البالوعة أما الاحتمال الاول فمدفوع بأن الاغتسال من الخزانة لم يكن أمرا متعارفا في تلك العصور و علي تقدير كون المراد من المنهي عنه الماء الموجود في الخزانة لا يمكن الالتزام به اذ لا اشكال في كون ما في الخزانة أكرارا من الماء و لا اشكال في الجواز بالنسبة الي الكر و انما الكلام في المستعمل القليل.

و أما الاحتمال الثاني فيدفع

بأن الماء الموجود في الحياض لا يصدق عليه الماء المستعمل الذي يكون موضوعا للحكم فان الاغتسال من ماء الحوض بالاخذ منه و لا يمكن الاغتسال في الحوض حتي يصدق العنوان.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 214

______________________________

ان قلت: ان وقوع القطرات الناضحة في الحوض يوجب صدق الماء المستعمل عليه.

قلت: كيف يصدق مع كون القطرة الناضحة مستهلكة في الماء الموجود مضافا الي أن اتصال ما في الحوض بالمادة يجعله عاصما و في حكم الكثير و الكلام في القليل المستعمل بل قد دلت جملة من الروايات علي عدم قدح وقوع القطرات في الاناء و من تلك النصوص ما رواه الفضيل قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الجنب يغتسل فينتضح من الارض في الاناء فقال: لا بأس هذا مما قال اللّه تعالي: «مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» «1».

اضف الي ذلك أنه يلزم الحرج فانه كيف يمكن أن يكون الاغتسال من ماء الحياض ممنوعا مع ندرة العلم بعدم وجود الجنب في الحمام و مع الاغماض عن جميع ذلك تكون الرواية معارضة بروايات دالة علي الجواز و عدم البأس فمن تلك الروايات ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

الحمام يغتسل فيه الجنب و غيره أغتسل من مائه؟ قال: نعم لا بأس أن يغتسل منه الجنب و لقد اغتسلت فيه ثم جئت فغسلت رجلي و ما غسلتهما الا مما لزق بهما من التراب «2».

و منها ما رواه أبو الحسن الهاشمي قال: سئل عن الرجال يقومون علي الحوض في الحمام لا أعرف اليهودي من النصراني و لا الجنب من غير الجنب

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المضاف الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب

الماء المطلق الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 215

______________________________

قال: تغتسل منه و لا تغتسل من ماء آخر فانه طهور «1».

و منها ما رواه علي بن جعفر عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصيبه الماء في ساقية أو مستنقع أ يغتسل منه للجنابة أو يتوضأ منه للصلاة؟ اذا كان لا يجد غيره و الماء لا يبلغ صاعا للجنابة و لا مدا للوضوء و هو متفرق فكيف يصنع و هو يتخوف ان يكون السباع قد شربت منه؟ فقال. ان كانت يده نظيفة فليأخذ كفا من الماء بيد واحدة فلينضحه خلفه و كفا أمامه و كفا عن يمينه و كفا عن شماله فان خشي أن لا يكفيه غسل رأسه ثلاث مرات ثم مسح جلده بيده فان ذلك يجزيه و ان كان الوضوء غسل وجهه و مسح يده علي ذراعيه و رأسه و رجليه و ان كان الماء متفرقا فقدر أن يجمعه و الا اغتسل من هذا و من هذا و ان كان في مكان واحد و هو قليل لا يكفيه لغسله فلا عليه أن تغتسل و يرجع الماء فيه فان ذلك يجزيه «2» فان دلالة هذا الخبر مع عدم وجدان ماء آخر علي الجواز ظاهر فان قوله عليه السلام «فلا عليه ان يغتسل و يرجع الماء فيه» يدل علي الجواز و عدم البأس برجوع الغسالة في الساقية أو المستنقع و هذه الرواية و ان كان الظاهر منها في بادي النظر الجواز مع عدم ماء آخر لكن يمكن أن يستفاد منها الجواز علي الاطلاق اذ الماء الذي يغسل به بعض الاعضاء و يرجع الي الساقية مما يكفي في تحصيل مسمي الغسل بالنسبة الي جميع البدن

بأن يأخذ قليلا قليلا و يمسح البدن فالمراد من عدم الكفاية، عدم الكفاية علي نحو الصب علي الاعضاء علي ما هو المتعارف و علي هذا يكون قرينة علي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6.

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب الماء المضاف الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 216

______________________________

الجواز و لو مع رجوعه الي الموضع.

و الحاصل: أن المستفاد من الرواية أنه مع امكان الاغتسال بنحو لا يرجع الماء الي الموضع بأن يكون بنحو المسح و التدهين، يجوز الاغتسال و لو مع رجوع الماء الي الموضع و مع المعارضة يكون الترجيح مع دليل الجواز لأحدثيته و مخالفته للعامة علي ما يظهر من كلماتهم في هذا المقام حسب نقل الشيخ في كتاب الخلاف «1».

و مع الاغماض عن جميع ما تقدم يرد علي الاستدلال بالرواية بأنه ان كان المنع بلحاظ الاغتسال كان المناسب أن يجعل موضوع المنع غسل الجنب لا وجوده أو احتمال وجوده مع أن استصحاب العدم محكم عند الشك.

بقي الاحتمال الثالث و هو أن يكون المراد بماء الحمام الغسالة المجتمعة في البالوعة علي ما هو المتعارف.

و ربما يقال بأن ارادة ما في البالوعة بعيد اذ الطبع يتنفر من استعماله و الاخذ منه.

و فيه: أنه و ان كان بعيدا و الطبع متنفر منه لكن قد وردت في جملة من الروايات حكمها و السؤال عنها:

منها ما رواه حمزة بن احمد عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال:

سألته أو سأله غيري عن الحمام قال: ادخله بمئزر و غض بصرك و لا تغتسل من البئر التي تجتمع فيها ماء الحمام فانه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب و ولد الزنا و الناصب لنا اهل البيت و هو شرهم «2».

______________________________

(1) الخلاف ج 1 ص

46.

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب الماء المضاف الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 217

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن علي بن جعفر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في حديث قال: من اغتسل من الماء الذي قد اغتسل فيه فأصابه الجذام فلا يلومن الا نفسه فقلت لأبي الحسن عليه السلام: ان اهل المدينة يقولون: ان فيه شفاء من العين فقال: كذبوا يغتسل فيه الجنب من الحرام و الزاني و الناصب الذي هو شرهما و كل من خلق اللّه ثم يكون فيه شفاء من العين؟ «1».

و منها ما رواه علي بن الحكم عن رجل عن أبي الحسن عليه السلام في حديث أنه قال: لا تغتسل من غسالة ماء الحمام فانه يغتسل فيه من الزنا و يغتسل فيه ولد الزنا و الناصب لنا اهل البيت و هو شرهم «2».

و منها ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تغتسل من البئر التي يجتمع فيها غسالة الحمام فان فيها غسالة ولد الزنا و هو لا يطهر الي سبعة آباء و فيها غسالة الناصب و هو شرهما ان اللّه لم يخلق خلقا شرا من الكلب و أن الناصب أهون علي اللّه من الكلب «3».

و منها ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: اياك ان تغتسل من غسالة الحمام ففيها تجتمع غسالة اليهودي و النصراني و المجوسي و الناصب لنا أهل البيت فهو شرهم فان اللّه تبارك و تعالي لم يخلق خلقا أنجس من الكلب و أن الناصب لنا اهل البيت لا نجس منه «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2.

(2) نفس المصدر الحديث: 3.

(3) نفس المصدر

الحديث: 4.

(4) نفس المصدر الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 218

______________________________

و علي فرض أن يكون المقصود النهي عن ما في البالوعة يكون المراد بغير ذلك الماء، ماء الحياض الصغار فلا يتوجه الايراد بأنه كيف أمر عليه السلام بالاغتسال من ماء آخر لأنه يمكن أن يكون المراد من المنهي عنه الماء الموجود في البالوعة و لا يمكن أن يكون الوجه فيه كونه غسالة الجنب و ذلك لوجهين:

أحدهما: أنه لم يفرض غسل الجنب بل فرض وجوده او احتمال وجوده فالموضوع غير محرز.

ثانيهما: أن الغسالة المجتمعة في البالوعة مجموعة من المياه المختلفة و فيها غسالة غسل الجنب و بحسب الطبع يستهلك في المجموع فالوجه فيه ليس هذا بل الوجه نجاسة ما في البالوعة احتمالا و لا اشكال في طهارة غسالة الحمام ما لم يعلم نجاستها كما دلت عليه جملة من الروايات:

منها ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الحمام يغتسل فيه الجنب و غيره اغتسل من مائه؟ قال: نعم لا بأس أن يغتسل منه الجنب و لقد اغتسلت فيه ثم جئت فغسلت رجلي و ما غسلتهما الا مما لزق بهما من التراب «1».

فيكون النهي نهيا تنزيهيا لعدم وجه للمنع مع فرض كونها طاهرة لعدم العلم.

فالنتيجة: أن الجنب اذا كان في الحمام أو احتمل وجوده أمكن كون بدنه نجسا و بملاقاته الماء ينفعل فنهي نهيا تنزيهيا عن الاغتسال منه فلاحظ.

و منها: ما دل علي المنع عن الاغتسال بالماء القليل الذي اغتسل فيه الجنب مثل ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام و سئل عن الماء تبول

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب الماء المطلق الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 219

______________________________

فيه

الدواب و تلغ فيه الكلاب و يغتسل فيه الجنب قال: اذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شي ء «1».

و لا يخفي: أن المستفاد من هذه الرواية أن جواب الامام عليه السلام ناظر الي بيان حكم الماء من حيث الطهارة و النجاسة لا من حيث غسالة الجنب مع فرض الطهارة كما هو محل الكلام في المقام فلا بد اما أن نلتزم بأن الامام عليه السلام لم يجب سؤال السائل من حيث الغسالة و اما أن نلتزم بنجاسة الماء بواسطة الاغتسال و اما أن نلتزم بأن النظر في السؤال الي كون بدن الجنب بلحاظ تلوثه بالمني ينجس الماء و السؤال و الجواب ناظران الي انفعال الماء و عدمه و علي جميع التقادير لا تدل الرواية علي المدعي.

و منها: ما رواه ابن مسكان قال: حدثني صاحب لي ثقة أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل ينتهي الي الماء القليل في الطريق فيريد أن يغتسل و ليس معه اناء و الماء في وهدة فان اغتسل رجع غسله في الماء كيف يصنع؟ قال: ينضح بكف بين يديه و كفا من خلفه و كفا عن يمينه و كفا عن شماله ثم يغتسل «2».

و تقريب الاستدلال: أن المستفاد من الرواية أن المركوز في نظر السائل أن رجوع الماء الي الوهدة يوجب عدم جواز الاغتسال و الامام عليه السلام قرره علي ما في ذهنه من عدم جواز الاغتسال بغسالة الجنب و علمه طريق التخلص.

و يرد عليه: أولا: أنه ليس في الرواية قرينة علي كون الغسل غسل الجنابة و عليه يمكن أن يكون النضح من آداب الغسل بالماء القليل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 10 من

أبواب الماء المضاف الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 220

______________________________

و ثانيا: أن نضح الماء علي الارض لا يمنع عن رجوعه الي الوهدة بل ربما يوجب سرعة الجريان نعم في الارض الرخوة يمكن أن يمنع النضح عن الجريان و لكن الجواب مطلق و عليه لقائل أن يقول: بأن الرواية علي خلاف الخصم ادل.

اضف الي ذلك أن الرواية علي تقدير تمامية دلالتها علي المدعي معارضة بما رواه علي بن جعفر عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصيبه الماء في ساقية أو مستنقع أ يغتسل منه للجنابة أو يتوضأ منه للصلاة؟ اذا كان لا يجد غيره و الماء لا يبلغ صاعا للجنابة و لا مدا للوضوء و هو متفرق فكيف يصنع و هو يتخوف أن يكون السباع قد شربت منه؟ فقال: ان كانت يده نظيفة فليأخذ كفا من الماء بيد واحدة فلينضحه خلفه و كفا أمامه و كفا عن يمينه و كفا عن شماله فان خشي أن لا يكفيه غسل رأسه ثلاث مرات ثم مسح جلده بيده فان ذلك يجزيه و ان كان الوضوء غسل وجهه و مسح يده علي ذراعيه و رأسه و رجليه و ان كان الماء متفرقا فقدر أن يجمعه و الا اغتسل من هذا و من هذا و ان كان في مكان واحد و هو قليل لا يكفيه لغسله فلا عليه أن يغتسل و يرجع الماء فيه فان ذلك يجزيه «1».

ان قلت: ما رواه علي بن جعفر مخصوص بصورة الاضطرار حيث ذكر فيها عدم وجدان ماء غيره.

قلت: اما أولا: فان رواية ابن مسكان أيضا موردها الاضطرار اذ الظاهر من الرواية أن الامر منحصر في الاغتسال عن الماء المفروض و أما

ثانيا: فلان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 221

و المستعمل في رفع الخبث نجس عدا ما يتعقب استعماله طهارة المحل (1).

______________________________

مقتضي الدقه كما مر منا عدم الاضطرار في مورد رواية ابن جعفر و لا في مورد رواية ابن مسكان اذ يمكن الاغتسال بنحو لا يرجع الماء بأن يغتسل بنحو التدهين و مع ذلك أجاز الامام عليه السلام بالاغتسال فيقع التعارض بين الخبرين و الترجيح مع رواية ابن جعفر لمخالفته لفتاوي العامة و كونها أحدث و اللّه العالم.

فالنتيجة: عدم دليل علي المنع حيث ان الماء طاهر كما هو مورد التسالم مع الخصم و ادعاء أن ادلة الاغتسال منصرفة عن الاغتسال بمثل هذا الماء المستعمل، لا وجه له بل مقتضي الاطلاق جواز الاغتسال لكن لا ينافي حسن الاحتياط كما في المتن و لا يختص حسن الاحتياط بوجود ماء آخر- كما في العروة- بل مقتضي الاحتياط الاجتناب عنه مع وجود ماء آخر و الجمع بين الترابية و المائية مع الانحصار فلا تغفل.

(1) يقع الكلام في المستعمل في الخبث غير الاستنجاء المعبر عنه بالغسالة في مقامين:

أحدهما: في جواز رفع الخبث و الحدث به.

الثاني في طهارته و نجاسته.

أما المقام الاول فنقول: علي القول بنجاسة الغسالة فلا اشكال في عدم جواز استعماله لا في رفع الحدث و لا في رفع الخبث اذ يشترط في المطهر أن يكون طاهرا فالعمدة الكلام في الجواز و عدمه في فرض القول بطهارته و في هذه الصورة تارة نتكلم في مقتضي القواعد الاولية و اخري فيما تقتضيه الادلة الخاصة أما مقتضي القواعد الاولية فلا مانع من استعماله علي نحو الاطلاق فان مقتضي جواز

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 222

______________________________

غسل المتنجس بالماء جواز رفع الخبث به

كما أن مقتضي دليل الغسل و الوضوء جواز الاتيان بهما بلا اشكال.

و أما الادلة الخاصة فما يمكن أن يكون وجها لعدم الجواز أمور:

الاول: الاجماع بأن يقال: نقل الاجماع علي عدم جواز رفع الحدث بمطلق الغسالة.

و فيه: أنه اجماع منقول و لا يخرج عن هذا العنوان و لو بنقل جملة من الاعيان.

و بعبارة اخري: الاجماع المنقول لا يخرج عن عنوانه الا بأن ينقل متواترا فيكون اجماعا محصلا مضافا الي أنه لا يفيد و لو مع فرض كونه حاصلا اذ مدرك المجمعين معلوم و لا أقل من احتمال استنادهم الي خبر ابن سنان الذي سنذكره إن شاء اللّه تعالي او غيره و مع هذا القطع او الاحتمال لا يكون اجماعا تعبد يا كاشفا عن رأي المعصوم.

الثاني: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بأن يتوضأ بالماء المستعمل فقال: الماء الذي يغسل به الثوب او يغتسل به الرجل من الجنابة لا يجوز أن يتوضأ منه و أشباهه و أما الذي يتوضأ الرجل به فيغسل به وجهه و يده في شي ء نظيف فلا بأس أن يأخذه غيره و يتوضأ به «1».

فان المستفاد من الرواية أن الماء الذي غسل به الثوب لا يجوز الوضوء به و من الظاهر أن الوجه في المنع كون الثوب نجسا و حيث لا فرق بين الثوب و غيره تكون النتيجة عدم جواز الوضوء بماء الغسالة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المضاف الحديث: 13.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 223

______________________________

و فيه: أن الرواية ضعيفة سندا بأحمد بن هلال كما مر في بعض الفروع السابقة و عمل المشهور بها علي تقدير ثبوته لا يجبر ضعفها.

الثالث: ما رواه زرارة قال:

قال أبو جعفر عليه السلام ألا احكي لكم وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله؟ فقلنا: بلي فدعا بقعب فيه شي ء من ماء فوضعه بين يديه ثم حسر عن ذراعيه ثم غمس فيه كفه اليمني ثم قال: هكذا اذا كانت الكف طاهرة «1».

حيث ان المستفاد من الرواية أن ادخال اليد في القعب للوضوء يشترط بكونها طاهرة و أما لو كانت نجسة لم يكن الوضوء جائزا بهذا النحو.

و ان شئت قلت: لو التزمنا بطهارة الغسالة و لم نقل بانفعال الماء بادخال اليد فيه يجب أن نلتزم بعدم جواز استعماله في الوضوء.

و العجب من سيدنا الاستاد أنه جزم في بحث انفعال القليل بالمتنجس و لو مع الواسطة و عدمه بأنه لا يستفاد من هذه الروايه انفعال الماء لا مكان أن يكون الوجه في المنع أن الماء غسالة الخبث و في باب حكم الماء المستعمل في رفع الخبث التزم بأنه علي القول بطهارة الغسالة لا وجه للمنع فراجع.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 1، ص: 223

فالنتيجة: أنه لو قام دليل علي طهارة الغسالة لم يمكن الالتزام بجواز استعمالها في الوضوء اذ المستفاد من الرواية عدم الجواز و حيث لا فرق بين الوضوء و الغسل نلتزم بعدم الجواز علي الاطلاق بل يمكن أن يقال: بأن المستفاد من الرواية عدم الجواز حتي فيما لا يكون الوضوء و الغسل رافعا للحدث كالوضوء التجديدي و ذلك لإطلاق كلام الامام عليه السلام فان المستفاد من

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 224

______________________________

كلامه أنه لا يجوز الوضوء بالماء المستعمل في الخبث.

و

أما المقام الثاني: فيظهر من مراجعة كلام القوم أن للأصحاب في المقام اقوالا:

أحدها: القول بنجاسة الغسالة علي الاطلاق.

ثانيها: القول بطهارتها كذلك.

ثالثها: التفصيل بين الغسلة المزيلة للعين و غير المزيلة بالنجاسة في الاولي دون الثانية.

رابعها: التفصيل بين الغسلة المطهرة و غيرها بالطهارة في الاولي و النجاسة في الثانية.

و لا يخفي أن النزاع في المقام بعد الفراغ عن انفعال الماء القليل أما بناء علي عدم انفعاله فلا مجال للبحث اذ لا شبهة في أن المقام ليس له خصوصية بلا كلام و لذا نسبة القول بالطهارة الي مثل العماني أو السيد القائلين بعدم الانفعال في غير محلها كما لا يخفي.

و يمكن الالتزام بقول خامس و هو الاقتصار في نجاسة الغسالة بالمقدار المستفاد من أدلة انفعال الماء القليل بلا خصوصية للمورد لعدم الدليل علي الاختصاص لكن هذا ليس قولا بالتفصيل بل موافق للقول بالانفعال مطلقا.

و الحق: هو القول بالانفعال علي الاطلاق و بعبارة اخري: لا نفرق بين المقام و غيره.

فنقول: حيث انه لا فرق في الانفعال بين أن يكون الماء واردا علي النحاسة و بين أن يكون مورودا لها و من ناحية اخري قلنا بأنه لا خصوصية للمورد يكون

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 225

______________________________

مقتضي القاعدة أن نقول: بأن الغسالة ان كانت مزيلة للعين كانت نجسة اذ المفروض ملاقاة النجاسة للماء و ان لم تكن مزيلة فان كان المغسول بالماء متنجسا بعين النجاسة كما لو أصاب اليد البول و بعد زواله بالماء تنجس الماء المغسول به اذ ثبت في محله ان العين الملاقية لعين النجس تنجس الماء القليل و أما لو فرض أن اليد تنجست بالماء الملاقي لعين النجاسة ثم تجففت ثم غسلت بالماء القليل لم تنجس الغسالة لعدم الدليل

علي الانفعال بهذا المقدار.

فالميزان تحقق موضوع انفعال الماء فمع تحققه تتحقق النجاسة و مع عدمه فلا، بلا فرق بين الغسلة المزيلة و غيرها و بلا فرق بين الغسلة المتعقبة للطهارة و غيرها.

و اختار سيدنا الاستاذ القول الرابع و استدل علي طهارة الغسلة المتعقبة للطهارة بأن القول بالنجاسة يستلزم أحد الامرين: اما نجاسة الغسالة بعد الانفصال و اما استمرار النجاسة الي حين الانفصال و كلاهما باطل اذ لا موجب للانفعال بعد الانفصال فلا بد من الالتزام بنجاسته قبل الانفصال و عليه يلزم الالتزام بنجاسة المتخلف في المغسول كالثوب مثلا فلو كانت الغسالة المنفصلة نجسة كان المتخلف أيضا نجسا و لم يقل به احد اذ لازمه تأثير تجفيف المتنجس في حصول التطهير.

و بعبارة اخري: ان قلنا بأن الجزء المتخلف طاهر قبل انفصال الغسالة لزم اختلاف حكم الماء الواحد و ان قلنا بطهارته بعده لزم الحكم بطهارته من دون مطهر.

و ثانيا: أن القول بنجاسة الغسالة قبل الانفصال يستلزم بقاء المحل علي النجاسة و عدم امكان تطهيره الي الابد اذ الماء الموجود في المغسول نجس فيكف يؤثر في طهارة المحل و بعد الانفصال لا مطهر للمحل علي الفرض و لذا

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 226

______________________________

قال سيد العروة: «ان خروج الغسالة من المطهرات» و لا يمكن الالتزام به لبعده عن الاذهان العرفية.

و ثالثا: أن الالتزام بما ذكر قد يوجب تنجس جميع الجسم المغسول المتنجس بعضه و ذلك فيما لو فرضنا تنجس بعض أطراف الثوب مثلا فصب عليه الماء لأجل التطهير فلا محالة تجري غسالته الي غير الموضع المتنجس فاذا أردنا تطهيره تنجس موضع آخر و هكذا و كيف يمكن الالتزام بهذا اللازم؟

فيجب الالتزام بطهارة الغسالة المتعقبة للطهارة هذا ملخص ما

أفاده في هذا المقام.

و نقول- في جواب هذا الاستدلال مستمدين من الملك العلام-: ان ماء الغسالة ينفعل بمجرد ملاقاة ما يوجب انفعاله و يكون مجموع الماء المصاب للمغسول نجسا و لا مانع من كونه مطهرا للثوب لكن يشترط انفصاله عن المغسول و ليس هذا بعيدا عن الذهن العرفي بل الاذهان العرفية تساعده و لذا نري أنه لو غسل شي ء غير نظيف بالماء فما دام لم تنفصل الغسالة عن ذلك الشي ء لا يحكم بنظافته فلم يلزم بقاء المتنجس علي نجاسة الي الابد بل يطهر بانفصال الغسالة.

و أما الماء الموجود الباقي في الثوب أو غيره لا ينجس المغسول لعدم دليل علي تنجيسه بل الدليل قائم علي خلافه و هو دليل التطهير بالغسل بل نلتزم بطهارة الباقي بعد انفصال الغسالة كما هو الحال في التطهيرات العرفية الخارجية اذ العرف لا يتنفر من الغسالة الباقية في المغسول و وزان الشرع وزان العرف في هذا الباب كما هو مسلم عند سيدنا الاستاد فلا يلزم المحذور الاول و هو نجاسة الجزء المتخلف اذ قلنا بأنه تبعا للمغسول يطهر و أيضا ظهر عدم بقاء نجاسة المغسول الي الابد و هو المحذور الثاني اذ قلنا بان المحل يطهر بانفصال الغسالة.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 227

______________________________

و أما المحذور الثالث و هو لزوم نجاسة جميع الثوب الذي تنجس جزء منه فلا يلزم أيضا اذ يمكننا بأن نقول كما أن المتخلف في الثوب يطهر بالتبع يطهر ما تنجس من الثوب من سراية الغسالة أيضا.

و ملخص الكلام: أن الجمع بين أدلة انفعال القليل بالمقدار المستفاد منها و أدلة جواز غسل المتنجس و تطهيره بالقليل ما ذكرنا فانه لا دليل علي طهارة الغسالة المنفصلة في مورد انفعالها حسب

القواعد كما أنه لا اشكال في حصول الطهارة بالغسل و عدم نجاسة المتخلف و عدم نجاسة غير الموضع النجس من الثوب فان الضرورات تقدر بقدرها لا الزائد عليها و هذا القول عين القول الاول غاية الأمر يكون الاختلاف في انفعال القليل سعة و ضيقا فانه لو قلنا بأن الماء القليل ينجس بملاقاة المتنجس و لو مع الوسائط تكون الغسالة نجسة مطلقا و الا فلا، فلا تغفل.

و ربما يقال: في مقام اثبات طهارة الغسلة المتعقبة للطهارة بأنه يلزم من القول بالنجاسة خرق قواعد ثلاث: الاولي: أن النجس لا يطهر، الثانية: الماء الواحد لا يكون محكوما بحكمين، الثالثة: أن المتنجس منجس و الوجه فيما ذكر أنه علي القول بالنجاسة يلزم أن يكون الماء النجس مطهرا و الحال أنه يشترط في المطهر أن يكون طاهرا و حيث ان المتخلف من الغسالة طاهر بلا كلام يلزم أن يكون الماء الواحد مقداره نجسا و هو المنفصل و مقداره طاهرا و هو المتخلف و أيضا يلزم أن لا يكون المتنجس منجسا و الا يلزم تسرية النجاسة الي جميع الثوب الذي تنجس جانب منه فانه بعد ما صب عليه الماء تسري الغسالة الي الي المحل الطاهر فينجس و هكذا و مع دوران الامر بين تخصيص قاعدة واحدة

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 228

______________________________

و هي انفعال الماء القليل و بين تخصيص قواعد ثلاث الترجيح مع الاول و لا أقل من التساقط و الرجوع الي الاستصحاب أو القاعدة.

و يجاب عن هذا الاشكال أولا: بأن القواعد الثلاث لا تكون حجة في المقام لخروج المقام عن تحتها اما بالتخصيص أو بالتخصص اذ الماء المفروض اما طاهر فيكون خارجا عن تحتها بالتخصص و اما نجس فتكون القواعد مخصصه

بلا كلام فلا دوران و لا تعارض كي تصل النوبة إلي التقديم أو الي التساقط و الاخذ بقاعدة اخري كالاستصحاب و قاعدة الطهارة.

و ثانيا: يمكن لنا أن نقول: بأن القواعد الثلاث لم تخصص و لم تخرق اذ لا مانع من القول بكون النجس مطهرا في المقام فان الماء النجس لا يمكن أن يكون مطهرا فيما تكون نجاسته عارضة عليه من غير ناحية التطهير و أما النجاسة الحاصلة بالتطهير فلا دليل علي منعها عن التطهير بل الارتكاز العرفي علي خلافه كما أن مقتضي الدليل الشرعي كذلك و أما الماء الواحد فلا يكون حكمه متعددا بل نقول: بأنه نجس غاية الامر الباقي يطهر بالانفصال.

و ان شئت عبر: بأنه يطهر بالتبعية و عدم كون التبعية من المطهرات كلام لا يرجع الي محصل فانه لا مانع عنها ثبوتا و مقتضي الدليل اثباتا كذلك.

و بهذا البيان يجاب عن الاشكال الثالث و هو تخصيص تنجيس المتنجس اذ نلتزم بطهارة ما وصلت اليه الغسالة بالتبع و لا مانع منه و اللّه العالم.

ان قلت: ربما يحصل الطهارة في المحل و لا يمكن الالتزام بطهارة المتخلف اذ لم ينفصل ماء الغسالة فالمحذور باق و هذا يتصور فيما تنجس أعلي الكف فصب عليه الماء و جري عليه حتي انفصل من أطراف الاصابع فهذا

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 229

______________________________

الانفصال من أعلي الكف يتقدم علي الانفصال من أطراف الاصابع و طهارة المحل مقارنة للأول و طهارة المتخلف مقارنة للثاني فأين التبعية؟.

قلت: بعد انفصال الماء من أعلي الكف يبقي مقدار من الغسالة في المحل و ذلك المقدار يطهر بمجرد الانفصال و ليس فيه ذلك المحذور المذكور اذ الباقي بعد الانفصال غير ما انفصل من الا علي و ينفصل

بعد ذلك من الاصابع.

و ان شئت فقل: لا يعقل حصول الانفصال من الاعلي و بقاء مقدار من الغسالة علي المحل و مع ذلك تكون الوحدة بين أجزاء الغسالة محفوظة كي يتحقق المحذور المذكور.

نعم يمكن فرض استمرار الجريان كما لو غسل الاعلي من الكف بماء الابريق بأن يصب الماء بالابريق علي الاعلي و يستمر الصب فانه يطهر الاعلي بمرور الجزء الاول من الماء و الجزء الثاني يكون طاهرا و لا محذور اذ لا يلزم صدق الوحدة كي يتوجه المحذور و مع عدم الوحدة العرفية و عدم تقوي الاجزاء عرفا لا مانع من اختلاف احكام الاجزاء فلاحظ.

و ملخص الكلام: أنه لا وجه لرفع اليد عن قاعدة انفعال الماء القليل نعم كما قلنا لا بد من الاقتصار علي مقدار دلالة الادلة في ذلك و الذي يستفاد من تلك الادلة- كما مر البحث فيها- أن الماء القليل ينفعل بملاقاة عين النجاسة و ينفعل أيضا بملاقاة ما لاقي عين النجس فلو قلنا بأن المتنجس لا يكون منجسا و فرضنا نجاسة اليد مثلا بملاقاة الماء الملاقي للنجاسة فاردنا تطهير اليد بعد تجفيفها لا تكون الغسالة في مفروض الكلام نجسا لعدم المقتضي للنجاسة.

و ربما يستدل علي المدعي بجملة من النصوص:

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 230

______________________________

منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: لا بأس بأن يتوضأ بالماء المستعمل فقال:

الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به الرجل من الجنابة لا يجوز أن يتوضأ منه و أشباهه و أما الذي يتوضأ الرجل به فيغسل به وجهه و يده في شي ء نظيف فلا بأس أن يأخذه غيره و يتوضأ به «1».

بتقريب: أن النهي عن الوضوء بماء الغسالة لأجل النجاسة.

و فيه: أولا: أن السند مخدوش

بأحمد بن هلال و ثانيا: أنه لا ملازمة بين الامرين و يمكن الالتزام بعدم جواز الوضوء من جهة أن المستعمل في الخبث لا يمكن رفع الحدث به.

و منها ما رواه العيص بن القاسم قال: سألته عن رجل أصابته قطرة من طشت فيه وضوء فقال: ان كان من بول أو قذر فيغسل ما أصابه «2» و هذه الرواية ضعيفة سندا بالارسال اذ الشيخ رواها في الخلاف عن العيص و حيث انه لا يمكن روايته عنه بلا واسطة لاختلاف الطبقة، تكون مرسلة و لا دليل علي كون روايته من كتابه كي يقال: بأن طريقه اليه صحيح، و يؤيد ذلك أنه لم يذكر الرواية في كتابي الحديث: التهذيب و الاستبصار و مجرد نسبة الشيخ الرواية الي العيص لا تدل علي كون الرواية من الكتاب- كما في الحدائق- اذ يمكن أن يكون بواسطة اخري اضف اليه ان طريق الشيخ الي كتاب العيص مخدوش مضافا الي أن دلالة الرواية مخدوشة اذ لا يبعد أن يكون المراد من الرواية فرض وجود البول أو غيره من الاعيان النجسة في الطشت لكنه خلاف الاطلاق و ليس هذا اشكالا تاما.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المضاف الحديث: 13.

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المضاف الحديث: 14.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 231

______________________________

و منها: ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الكوز و الاناء يكون قذرا كيف يغسل، و كم مرة يغسل، قال: يغسل ثلاث مرات يصب فيه الماء فيحرك فيه ثم يفرغ منه ثم يصب فيه ماء آخر فيحرك فيه ثم يفرغ ذلك الماء ثم يصب فيه ماء آخر فيحرك فيه ثم يفرغ منه و قد طهر

«1».

بتقريب: أن الامر بالافراغ يدل علي نجاسة الغسالة و لو لا ذلك لم يكن وجه للإفراغ.

و فيه: أن الافراغ مقوم لصدق الغسل بالماء القليل بخلاف الكثير فان انفصال الماء عن المغسول لا يشترط في صدق الغسل به فهذه الرواية أيضا لا تكون دليلا.

و منها: النصوص الدالة علي النهي عن الاغتسال بغسالة الحمام المذكورة في الوسائل في الباب 11 من ابواب الماء المضاف.

منها ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

و اياك أن تغتسل من غسالة الحمام ففيها تجتمع غسالة اليهودي و النصراني و المجوسي و الناصب لنا اهل البيت فهو شرهم فان اللّه تبارك و تعالي لم يخلق خلقا أنجس من الكلب و أن الناصب لنا أهل البيت لا نجس منه «2».

و هذه الروايات المذكورة في الباب المشار اليه مضافا الي أن اكثرها ضعيفة سندا، لا تدل علي المدعي اذ غسالة الحمام تجتمع من مختلف الغسالات الكثيرة التي يكون بعضها نجسا بلا اشكال و مع الامتزاج يصير المجموع نجسا فالدليل

______________________________

(1) الوسائل الباب 53 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب الماء المضاف الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 232

______________________________

علي نجاستها لا يكون دليلا علي نجاسة الغسالة علي نحو الاطلاق.

بالاضافة الي أنه قد علل في تلك الاخبار بأنه يغتسل فيها ولد الزنا و الحال أنه لا اشكال في عدم نجاسته و أما الاجماع المدعي في المقام علي نجاسة الغسالة علي الاطلاق فحاله في الاشكال واضح كبقية الاجماعات المنقولة.

و ربما يستدل علي طهارة الغسالة بجملة من الروايات:

منها ما رواه يونس بن عبد الرحمن عن رجل عن الغير أو عن الاحول أنه قال لأبي عبد اللّه عليه

السلام في حديث: الرجل يستنجي فيقع ثوبه في الماء الذي استنجي به؟ فقال: لا بأس فسكت فقال: أو تدري لم صار لا بأس به؟ قال:

قلت: لا و اللّه فقال: ان الماء أكثر من القذر «1».

و فيه: أولا: أن الرواية لا اعتبار بها سندا للإرسال.

و ثانيا: أن هذه الرواية بهذا التقريب تقتضي عدم انفعال الماء القليل و الكلام في المقام بعد الفراغ عن انفعاله.

و منها: ما رواه عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اغتسل في مغتسل يبال فيه و يغتسل من الجنابة فيقع في الاناء ما ينزو من الارض فقال:

لا بأس به «2».

و فيه: أولا أنها ضعيفة سندا بمعلي بن محمد، و ثانيا: أنه حكم خاص في مورد خاص و مع التعدي يلزم القول بعدم انفعال الماء القليل و هو خلاف المفروض.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الماء المضاف الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المضاف: الحديث: 7.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 233

______________________________

و منها ما رواه أبو هريرة: أن اعرابيا بال في المسجد فقال النّبيّ صلي اللّه عليه و آله: صبوا عليه سجالا من ماء أو قال: ذنوبا من ماء «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بأبي هريرة مضافا الي أن دلالتها علي المدعي غير تام فيمكن النقاش في دلالتها.

و منها: ما رواه محمد بن النعمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

أستنجي ثم يقع ثوبي فيه و أنا جنب؟ فقال: لا بأس به «2».

بتقريب: أن الاستنجاء من المني و مع ذلك حكم بعدم تنجس الثوب الواقع فيه.

و فيه: أولا: أنه يمكن أن يكون الوجه في السؤال احتمال خصوصية في حال الجنابة لا أن يكون المقصود الاستنجاء من المني.

لكن

الانصاف أن هذا الاحتمال غير معتد به و خلاف الظهور العرفي.

و ثانيا: أنه حكم وارد في مورد خاص و لا وجه للتعدي.

و ثالثا: أن عدم تنجس الثوب لا يدل علي طهارة الماء بل يدل علي عدم تنجيس الماء المستعمل الا أن يقال: بأن المستفاد من بعض أدلة انفعال الماء القليل أن الماء القليل المنفعل بعين النجاسة ينجس ملاقيه.

لاحظ ما رواه عمار بن موسي الساباطي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يجد في انائه فارة و قد توضأ من ذلك الاناء مرارا أو اغتسل منه أو غسل ثيابه و قد كانت الفارة متسلخة فقال: ان كان رآها في الاناء قبل أن يغتسل أو يتوضأ أو

______________________________

(1) المستدرك الباب 52 من أبواب النجاسات الحديث: 4.

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب الماء المضاف الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 234

______________________________

يغسل ثيابه ثم يفعل ذلك بعد ما رآها في الاناء فعليه أن يغسل ثيابه و يغسل كل ما أصابه ذلك الماء و يعيد الوضوء و الصلاة و ان كان انما رآها بعد ما فرغ من ذلك و فعله فلا يمس من ذلك الماء شيئا و ليس عليه شي ء لأنه لا يعلم متي سقطت فيه ثم قال: لعله أن يكون انما سقطت فيه تلك الساعة التي رآها «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الثوب يصيبه البول قال: اغسله في المركن مرتين فان غسلته في ماء جار فمرة واحدة «2».

و غاية ما يستفاد من هذه الرواية عدم تنجس الثوب بماء الغسالة و هذا لا يدل علي المدعي.

و بعبارة اخري: لو التزمنا بجواز غسل الثوب في المركن بأن نضع الثوب في

المركن و نصب عليه الماء يمكننا أن نلتزم بعدم تنجس الثوب بالغسالة بل يمكن أن يقال: بأنه لا وجه لنجاسة الغسالة كي يلزم هذا المحذور و ذلك لأنه لو افرغ المركن من الماء المغسول به أولا و جعل فيه ماء آخر فما الوجه في نجاسة الماء الجديد فان المتنجس لا ينجس علي الاطلاق.

و ربما يقال: بأن ادلة انفعال الماء القليل لا تشمل الغسلة المطهرة لان الماء مزيل للنجاسة فلا يكون مغلوبا في قبالها.

و فيه: أن الامر بحسب الارتكاز عكس هذه الدعوي فان الماء كأنه ينقل النجاسة و القذارة من المغسول الي نفسه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 235

و عد ماء الاستنجاء و سيأتي حكمه (1).

[الفصل الرابع إذا علم إجمالا بنجاسة أحد الإنائين و طهارة الآخر]

الفصل الرابع اذا علم اجمالا بنجاسة أحد الإناءين و طهارة الاخر لم يجز رفع الخبث بأحدهما و لا رفع الحدث (2).

______________________________

و ان شئت قلت: كأنه تتحقق معاملة بين المغسول و المغسول به فان الماء يبدل طهارتها بنجاسة المغسول و يتعاطيان.

و ربما يستدل علي المدعي بالاصل.

و من الظاهر أن الاصل لا مجري له مع وجود الدليل كما هو الظاهر.

و صفوة القول: أن الغسالة أحد افراد الماء القليل و حكمها حكمه.

(1) و سيأتي شرح ما في المتن إن شاء اللّه تعالي.

(2) لتنجز العلم الإجمالي بتعارض الاصول في الاطراف كما هو المقرر في محله فانه بعد التعارض لا دليل علي طهارة الإناءين و مع عدم ثبوت الطهارة لا يجوز استعماله لا في رفع الحدث و لا في رفع الخبث بل كاستصحاب محكم.

و لا يخفي: أن ما ذكرنا علي مسلك القوم من عدم جريان الاصل في شي ء من

اطراف العلم الإجمالي و أما علي ما سلكناه في الدورة الاخيرة فلا مانع من جريان الاصل في بعض الاطراف و قد ذكرنا هناك أنه لا مانع من شمول دليل الاصل الاطراف تخييرا.

و لتوضيح الحال لا بد من بيان أقسام التخيير.

فاعلم: أن التخيير علي اقسام:

القسم الاول: التخيير الشرعي الجاري في المسألة الاصولية كالتخيير الوارد

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 236

______________________________

في الاخبار المتعارضة و هذا التخيير في المقام يتصور لكن لا دليل عليه.

القسم الثاني: التخيير الجاري في المسألة الفقهية، و جعله لا يمكن في المقام لا و له الي الترخيص في المعصية.

القسم الثالث: التخيير بحكم العقل في مورد تزاحم واجبين و عدم المرجح في أحد الاطراف و هذا أيضا لا يمكن انطباقه في المقام اذ التزاحم متصور فيما لا يمكن للمكلف امتثال كلا الحكمين كمثال الغريقين و المفروض في المقام امكان امتثال الحكم الواقعي.

القسم الرابع: التخيير العقلي بانضمام الحكم الشرعي كما لو ورد دليل دال علي وجوب اكرام كل عالم بلا اشتراط وجوب اكرام كل منهم بعدم اكرام الاخر ثم علم بعدم وجوب فردين من افراد العام كإكرام زيد و خالد العالمين معا بأن يعلم من الدليل أن اكرام كليهما غير واجب فبحكم العقل نقول: يكون المكلف مخيرا بين اكرام أحدهما و ترك اكرام الاخر اذ اكرامهما معا غير واجب و لكن هل يجب اكرام كل منهما مع ترك اكرام الاخر أم لا؟.

مقتضي اطلاق دليل الوجوب، وجوب الاكرام بالنسبة الي كل منهما مع ترك اكرام الاخر.

و بعبارة اخري: يدور الامر بين رفع اليد عن أصل الدليل و رفع اليد عن اطلاقه فبحكم العقل نرفع اليد عن الاطلاق و النتيجة هو التخيير ففي المقام نقول: لا يمكن الاخذ باطلاق

دليل الاصل لمحذور الوقوع في المعصية و لكن أي مانع من الاخذ به بنحو التخيير و الامر دائر بين رفع اليد عن الاطلاق و عن أصل الدليل و المتعين هو الاول.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 237

______________________________

و عن المحقق النائيني: أن التقابل بين الاطلاق و التقييد تقابل العدم و الملكة فاذا استحال الاطلاق استحال التقييد فلا مجال للتقييد كما أنه لا مجال للإطلاق.

و أورد عليه سيدنا الاستاد: بأنا ذكرنا مرارا أن الاهمال محال في الواقع فاذا استحال الاطلاق وجب التقييد و كون التقابل بينهما بالعدم و الملكة لا يقتضي الالتزام بالاستحالة كما ذهب اليه شيخه قدس سره، فان التقابل بين العلم و الجهل بالعدم و الملكة و الحال أنا نري أن جهل ذاته تعالي بالممكنات محال و علمه بها واجب، و من ناحية اخري نري أن علمنا بذاته محال و الحال أن جهلنا به واجب.

و أيضا التقابل بين الفقر و الغني بالعدم و الملكة و الحال أنا نري فقر ذاته تعالي الي الممكن محال و الحال أن غناه عنه واجب و فقرنا اليه واجب و الحال أن غنانا عنه محال هذا ما اورد عليه.

و لكن يمكن أن يقال ان الكبري الكلية التي ذكرها سيدنا الاستاد و ان كانت تامة لكن يمكن عدم انطباقها علي المورد اذ الاهمال في الواقع و ان كان محالا لكن يتوقف وجود واحد من الاطلاق و التقييد علي الجعل و أما مع عدم جعل الحكم فلا موضوع للإطلاق و التقييد.

و ان شئت قلت انه سالبة بانتفاء الموضوع، فللمحقق المذكور أن يقول:

ان دليل الاصل لا يشمل المقام.

و كيف ما كان الحق ما افاده سيدنا الاستاد من حيث الكبري.

ثم ان سيدنا الاستاد تصدي للجواب

عن هذا التقريب بوجوه:

الوجه الاول: أنه لو كان المانع في المقام الترخيص في الجمع لا يرتفع بما ذكر من التقييد لكن المانع هو الجمع في الترخيص و هذا المانع موجود بعد

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 238

______________________________

لأنا اذا فرضنا أن المكلف تارك لكلا الطرفين كان ارتكاب كل واحد منهما جائزا له لحصول قيده و الحال ان المحرم المنهي عنه موجود فيهما.

و يرد عليه: أن ما ذكر من المحذور ليس محذورا و ذلك لان المانع و المحذور في الجمع بين الحكم الواقعي و الظاهري، اما من ناحية المبدأ و اما من ناحية المنتهي، اما من ناحية المبدأ فلا محذور اذ الاحكام من الاعتباريات و لا تنافي بينها و اما من ناحية المنتهي فلا يتخير المكلف في مقام العمل اذ علي فرض ارتكاب احد الطرفين لا يجوز له ارتكاب الطرف الاخر لفقدان شرطه و علي فرض عدم ارتكاب شي ء من الطرفين لا يلزم الجمع بين المنع و الترخيص في المعلوم كما هو ظاهر.

و ان شئت قلت: القضية الشرطية لا تنقلب الي المطلقه و يتضح ما ذكرنا بملاحظة الخطاب الترتبي في باب المتزاحمين فان وجوب الاتيان بكل من الطرفين مشروط بترك الطرف الاخر فلو فرض أن المكلف ترك كلا الطرفين لا ينقلب الوجوب المشروط الي الوجوب المطلق.

نعم يمكن أن يقال: أنه يستحق عقا بين لصدق تركه الواجبين لإمكان صرف قدرته في كل من الطرفين علي البدل مثلا في مثال الغريقين اذا وقف المكلف و امتنع عن الانقاذ و لم ينقذ حتي الواحد منهما يصح أن يقال: أنه ترك انقاذ زيد بلا عذر و أيضا يصدق أنه ترك انقاذ عمرو لا عن عذر فيستحق عقابين مع أن المشروط لم ينقلب

الي المطلق.

الوجه الثاني: أن حرمة الفرد المعلوم بالاجمال مطلقة بلا تقيد كما أن حلية الفرد الاخر كذلك فكيف يمكن جعل الترخيص المقيد؟ فان الحكم الظاهري لا بد أن يطابق الحكم الواقعي احتمالا و في المقام لا يحتمل التطابق أما مع

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 239

______________________________

فرض كون المختار للمكلف هو الحرام فواضح و أما مع فرض كونه هو الحلال فأيضا التطابق غير محتمل، اذا الحلية الواقعية مطلقة و الحلية الظاهرية مقيدة فلاحظ.

و يرد عليه: أن هذا المدعي لا دليل عليه فان المسلم أن الحكم الظاهري يشترط فيه احتمال تطابقه مع الواقع من حيث السنخية مثلا في مورد احتمال الحل لا بد من احتمال كون الحكم الواقعي الحلية و السرّ فيه أنه مع عدم الاحتمال و القطع بالخلاف يكون مرجع الحكم الظاهري الي القطع بحكمين متخالفين و هذا لا يمكن للإشكال المتحقق في مورد العبد المعبر عنه بمقام الانتهاء و أما الزائد علي هذا المقدار فلا دليل عليه بل المحكم اطلاق دليل الحل.

الوجه الثالث: أن لازم هذا القول شمول دليل الاصل لجميع الاطراف من أول الامر فيما كان بين تلك الأطراف تضاد لا يمكن الجمع بينها و الحال أنه ليس الامر كذلك.

و يرد عليه: أن هذا أهون من سابقيه اذ ما ذكر بعنوان الاشكال و النقض من مصاديق الكبري الواقعة في محل الكلام غاية الامر في بقية الموارد يمكن الاطلاق و لا بد من التقييد و في المثال الاطلاق غير متصور.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم: أن الحق في المقام أن يقال: ان مقتضي القاعده الالتزام بالجواز في أحد الطرفين مع ترك الطرف الاخر لتمامية المقتضي و عدم المانع أما الاول فلا طلاق دليل الاصل و أما الثاني

فلان المحذور منحصر في ناحية المنتهي و المفروض أن هذا المحذور غير متوجه في المقام كما علم مما تقدم.

و لسنا منفردين في هذه المقالة فان المحقق التنكابني نقل في كتابه (شرح الفرائد) أنه التزم به المقدس الأردبيلي و تلميذه صاحب المدارك و جماعة من

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 240

و لكن لا يحكم بنجاسة الملاقي لأحدهما (1) الا اذا كانت الحالة السابقة فيهما النجاسة (2).

و اذا اشتبه المطلق بالمضاف جاز رفع الخبث بالغسل بأحدهما ثم الغسل بالاخر و كذلك رفع الحدث (3) و اذا اشتبه المباح بالمغصوب حرم التصرف بكل منهما (4) و لكن لو غسل نجس بأحدهما طهر (5)

______________________________

الاعلام- علي ما في الدرر النجفية-.

(1) لاستصحاب بقاء الطهارة في الملاقي كما ثبت في محله من طهارة ملاقي الشبهة المحصورة.

(2) اذ في هذه الصورة يكون استصحاب النجاسة في الملاقي بالفتح مقتضيا لإثبات النجاسة في الملاقي بالكسر.

و ان شئت قلت: ان الشك في نجاسة الملاقي بالكسر مسبب عن الشك في نجاسة الملاقي بالفتح و مع جريان الاصل في السبب لا تصل النوبة الي جريانه في المسبب كما هو المقرر في الاصول.

(3) و الوجه فيه: أنه يحصل العلم بالطهارة في كلتا الصورتين.

و بعبارة اخري: يعلم المكلف بأن التطهير و الاغتسال تحققا بالماء المطلق فلا وجه للفساد بوجه و هذا ظاهر.

(4) حتي بالرش علي الارض و ذلك لتنجر العلم الإجمالي بتعارض الاصول في الاطراف.

(5) و الوجه فيه ظاهر اذ لا يشترط في ارتفاع الخبث الاباحة بل تحصل الطهارة بالغسل بالماء الطاهر بأي وجه كان.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 241

و لا يرفع بأحدهما الحدث (1).

و اذا كانت أطراف الشبهة غير محصورة جاز الاستعمال مطلقا (2) و ضابط غير المحصورة أن تبلغ

كثرة الاطراف حدا يوجب خروج بعضها عن مورد التكليف (3).

______________________________

(1) اذ يعتبر في الماء الذي يغتسل أو يتوضأ به أن يكون مباحا و يشترط في الطهارات الثلاث قصد القربة و مع عدم جواز التصرف كيف يمكن تحصيل الطهارة بالماء المحتمل كونه غصبا نعم لو قلنا: بأنه يمكن قصد القربة بالمباح المردد في البين و يمكن اجتماع رجاء المطلوبية مع تنجز الحرمة فتوضأ بكليهما يرتفع الحدث و لكن يتوقف علي صحة الصغري في الشرطية.

(2) بلا فرق بين الموارد لعدم تنجز العلم الإجمالي و عدم مانع من جريان الاصل في بعض الاطراف و مع جريان الاصل يتحقق الموضوع و لا مجال للتأمل في ترتب الحكم عليه.

(3) الظاهر أن الميزان الذي أفاده هو الصحيح فان السر في تنجز العلم الإجمالي عبارة عن العلم بأصل التكليف و الشك في انطباقه علي الاطراف فلو خرج بعض الاطراف عن محل الابتلاء بحيث لو كان موضوع التكليف ذلك الطرف لم يكن التكليف متوجها الي المكلف كما لو علم بنجاسة انائه في الدار او اناء زيد في الهند، لم يكن مثل هذا العلم منجزا فانه لو علم تفصيلا بنجاسة الاناء الهندي لم يكن منجزا في حقه فكيف مع الاجمال و عليه لا يكون جريان الاصل بالنسبة الي الطرف الاخر الذي هو محل الابتلاء ممنوعا بل يجري فيه الاصل بلا معارض.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 242

و لو شك في كون الشبهة محصورة أو غير محصورة فالاحوط استحبابا اجراء حكم المحصورة (1).

[الفصل الخامس الماء المضاف كماء الورد و نحوه و كذا سائر المائعات ينجس القليل و الكثير منها بمجرد الملاقاة للنجاسة]
اشارة

الفصل الخامس الماء المضاف كماء الورد و نحوه و كذا سائر المائعات ينجس القليل و الكثير منها بمجرد الملاقاة للنجاسة (2).

______________________________

(1) بأن يجتنب من جميع الاطراف فان الاحتياط حسن و لعله مستحب و

أما الوجوب فلا، اذ مناط التنجيز و هو العلم بالتكليف مع الشك مفقود و بعبارة اخري ليس للمكلف علم بالتكليف فلا تغفل.

(2) يقع الكلام في هذا الفرع في مقامين:

أحدهما: في أصل انفعال المضاف بملاقاه النجاسة.

ثانيهما: بعد ثبوت الانفعال هل يفرق بين القليل و الكثير أو الانفعال حكم لكل من القليل و الكثير أما المقام الاول فما يظهر في المقام من بعض كلمات القوم أنهم متسالمون علي أصل الحكم و لم يستشكل فيه أحد.

و يمكن أن يستدل عليه بما ورد من الاخبار في نجاسة الزيت و السمن و المرق و نحوها بملاقاة النجاسة، فمن تلك الروايات ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا وقعت الفارة في السمن فماتت فان كان جامدا فألقها و ما يليها و كل ما بقي و ان كان ذائبا فلا تأكله و استصبح به و الزيت مثل ذلك «1».

و منها ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: أتاه رجل فقال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الماء المضاف الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 243

______________________________

وقعت فارة في خابية فيها سمن أو زيت فما تري في أكله؟ قال: فقال له أبو جعفر عليه السلام: لا تأكله فقال له الرجل: الفارة أهون علي من أن أترك طعامي من أجلها قال: فقال له أبو جعفر عليه السلام، انك لم تستخف بالفارة و انما استخففت بدينك ان اللّه حرم الميتة من كل شي ء «1».

و منها: ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام سئل عن قدر طبخت و اذا في القدر فأرة قال: يهرق مرقها و يغسل اللحم و يؤكل «2».

و منها: ما رواه زكريا بن آدم

قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قطرة خمر او نبيذ مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير و مرق كثير قال: يهراق المرق أو يطعمه اهل الذمة أو الكلب و اللحم اغسله و كله قلت: فانه قطر فيه الدم قال: الدم تأكله النار ان شاء اللّه قلت: فخمر او نبيذ قطر في عجين أو دم قال: فقال:

فسد. قلت: أبيعه من اليهودي و النصاري و ابين لهم؟ قال: نعم فانهم يستحلون شربه قلت: و الفقاع هو بتلك المنزلة اذا قطر في شي ء من ذلك؟ قال: فقال:

اكره أنا أن آكله اذا قطر في شي ء من طعامي «3».

فان موارد هذه النصوص و ان لم تكن من المضاف الا أنها مثله في الميعان الموجب لسراية النجاسة بل يستفاد الحكم الكلي من قوله عليه السلام في رواية جابر فانه لا يبعد أن يستفيد العرف من هذه الرواية أن الميعان يوجب

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2.

(2) نفس المصدر الحديث: 3.

(3) الوسائل الباب 38 من أبواب النجاسات الحديث: 8.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 244

______________________________

السراية فلا فرق بين افراده.

و أما المقام الثاني: فلا يبعد شمول معاقد الاجماعات له مضافا الي امكان ادعاء الاطلاق في بعض النصوص فان قوله عليه السلام في حديث زرارة «و ان كان ذائبا فلا تأكله» يشمل باطلاقه أي مقدار من السمن و لا يفرق فيه بحسب هذا الاطلاق بين مصاديقه.

و مما يمكن أن يستدل به ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الخنفساء و الذباب و الجراد و النملة و ما أشبه ذلك يموت في البئر و الزيت و السمن و شبهه قال: كل ما ليس له دم فلا بأس «1».

فان مفهوم كلامه

عليه السلام يشمل باطلاقه كل مورد يفرض فيه ما فرضه السائل بلا فرق بين انواع المائع و بلا فرق بين افراده من حيث الكمية و لا مجال لان يقال: بأن الدليل منصرف عن الكثير لقلة وجوده اذ الانصراف عن الفرد الذي يكون قليلا لا وجه له و لا سيما علي مسلك من يري أن الاطلاق عبارة عن رفض القيود، فعليه لا مجال لان يقال: بأن المضاف اذا كان بمقدار اكرار و لقي مقدار منه مع النجاسة يشكل الحكم بنجاسة الجميع لعدم السراية عرفا و عدم وفاء الادلة شرعا.

و عليه يسهل الحكم بطهارة عيون النفط المعلوم غالبا مباشرة الكافر لها فان الحكم بالطهارة لأجل عدم السراية العرفية أشكل لمنافاته للأدلة كما ذكرنا و ملاقاة يد الكافر اذا كان كتابيا لا توجب النجاسة علي القول بطهارة الكتابي.

فالنتيجة: أن المضاف الملاقي مع النجاسة ينجس و لو كان كثيرا بلحاظ

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 245

الا اذا كان متدافعا علي النجاسة بقوة كالجاري من العالي و الخارج من الفوارة فتختص النجاسة حينئذ بالجزء الملاقي للنجاسة و لا تسري الي العمود (1).

و اذا تنجس المضاف لا يطهر أصلا و ان اتصل بالماء المعتصم كماء المطر أو الكر (2).

______________________________

هذه الاطلاقات.

و لسيدنا الاستاذ بيان في المقام و هو: أن الالتزام بعدم انفعال المضاف بالمرة ينافي الادلة الدالة علي الانفعال و القول بالانفعال بنحو الموجبة الجزئية لا يمكن اذ نسأل بأن المضاف الذي لاقاه النجس في بعض نواحيه بأي مقدار ينجس بمقدار شبر أو شبرين أو الثلاثة و هكذا و حيث لا طريق الي التعيين يلزم القول بانفعال الكل.

و يرد عليه: أن هذا منوط بالنظر العرفي

بمعني أن العرف بأي مقدار يحكم بالسراية ففي المقدار الذي لا شك فيه نحكم بالنجاسة و في المقدار الذي يحكم فيه بالعدم نحكم بالطهارة و في مقدار يكون محل الشك و الترديد نتمسك بقاعدة الطهارة أو استصحابها علي القول المشهور.

(1) كما مر في الماء حيث ان العرف لا يري المجموع واحدا.

(2) اذ الدليل الدال علي طهارة الملاقي بالعاصم مخصوص بالماء المطلق و لا يشمل المضاف و من ناحية اخري المتنجس لا يطهر الا بالغسل و من الظاهر أنه لا يمكن تحقق هذا المعني في المضاف الا بارتفاع الاضافة و تغير الموضوع.

و بعبارة اخري: ما دام لا يصل الماء الي اجزاء المضاف لا يصدق الغسل و بعد

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 246

______________________________

تحقق الغسل لا يبقي موضوع لعنوان المضاف.

و نقل عن العلامة: «أن المضاف النجس كما يطهر بالاستهلاك و التصعيد كذلك يطهر بالاتصال بالعاصم من المياه كالكر» و لم يعلم له موافق في هذه المقالة كما أن الظاهر أنه لا دليل علي مقالته اذ ما يمكن أن يكون دليلا علي هذا المدعي امور:

منها: قوله تعالي: «وَ أَنْزَلْنٰا مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً طَهُوراً «1»» بدعوي أن المستفاد من الاية أن الماء مطهر لغيره من الاشياء و المضاف النجس من جملتها.

و فيه: أنه لا دليل علي كون المراد بالآية التطهير من الخبث الشرعي اذ يمكن أن وقت نزول الاية لم يكن حكم النجاسة و الطهارة مجعولا.

مضافا الي أنه علي فرض التسليم ليس في الاية اطلاق يستفاد منه الكيفية و أنه بأي نحو يحصل الطهارة و بأي شرط من الشرائط.

اضف الي جميع ذلك أن التناسب بين الحكم و الموضوع يقتضي وصول المطهر الي ما يتطهر به و من الظاهر أن وصول

الماء بكل جزء من المضاف يخرجه عن هذا العنوان.

و منها: قوله تعالي: «وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ» «2».

و تقريب الاستدلال و الجواب عنه يعرف مما ذكرنا في الاية السابقة فلا نعيد.

و منها: ما رواه داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان بنو اسرائيل اذا أصاب أحدهم قطرة بول قرضوا لحومهم بالمقاريض و قد وسع

______________________________

(1) الفرقان: 46.

(2) الانفال: 11.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 247

______________________________

اللّه عليكم بأوسع ما بين السماء و الارض و جعل لكم الماء طهورا فانظروا كيف تكونون «1».

بتقريب: أن المستفاد من الرواية طهارة كل نجس بالماء علي الاطلاق.

و يرد عليه: أن هذه الروية في مقام بيان اصل النعمة و أما أنه بأي نحو و أي شرط فليست الرواية في مقام بيانهما مضافا الي أن التناسب العرفي بين الحكم و الموضوع يقتضي ما ذكرنا في ذيل الجواب عن الاستدلال بالآية.

و منها ما رواه الصدوق قال: و قال عليه السلام الماء يطهر و لا يطهر «2».

و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي أنه مرسل لا اعتبار به.

و منها: ما رواه الكاهلي عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت: يسيل علي من ماء المطر أري فيه التغير و أري فيه آثار القذر فتقطر القطرات علي و ينتضح علي منه و البيت يتوضأ علي سطحه فيكف علي ثيابنا قال: ما بذا بأس لا تغسله كل شي ء يراه ماء المطر فقد طهر «3».

و مثله ما أرسله العلامة في المختلف عن أبي جعفر عليه السلام حيث أنه اشار الي غدير من الماء و قال: ان هذا لا يصيب شيئا الا و طهره.

و تقريب الاستدلال بهما أنه لو اتصل

المضاف بالكر يصدق أنه أصابه الكر كما أنه لو أمطر عليه يصدق أنه يراه المطر.

و فيه: أولا أنهما لا اعتبار بهما لإرسالهما و ثانيا: لو تم هذا التقريب يلزم أن الفرش النجس لو أصاب المطر بأحد جوانبه أن يتطهر و كذلك لو أصاب

______________________________

(1) الوسائل الباب الاول من أبواب الماء المطلق الحديث: 4.

(2) الوسائل الباب الاول من أبواب الماء المطلق الحديث: 3.

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب الماء المطلق الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 248

نعم اذا استهلك في الماء المعتصم كالكر فقد ذهبت عينه (1) و مثل المضاف في الحكم المذكور سائر المائعات (2).

______________________________

الكر موضعا منه و اني لنا بذلك.

فالتناسب بين الحكم و الموضوع يقتضي أن يكون الوصول أو الرؤية بنفس الموضع النجس و تحقق هذا المعني في المضاف يلازم انعدام الموضوع كما هو واضح.

ان قلت: فعليه يلزم أن الماء المتنجس لا يطهر الا بالاستهلاك في العاصم و اللازم باطل فالملزوم مثله.

قلت: انما نخرج في الماء بأحد امور: اما الاجماع و لا اجماع في المقام و اما بحديث محمد بن اسماعيل عن الرضا عليه السلام قال: ماء البئر واسع لا يفسده شي ء الا أن يتغير ريحه أو طعمه فينزح حتي يذهب الريح و يطيب طعمه لان له مادة «1».

و اما باخبار طهارة ماء الحمام فانه يستفاد من رواية ابن بزيع بعموم التعليل ان الاتصال بالعاصم يوجب طهارة الماء المتنجس كما أن المستفاد من روايات ماء الحمام طهارة ما في الحياض بالاتصال بالمادة و هذا التقريب لا يتم بالنسبة الي المضاف كما أنه لا اجماع في المقام بل الامر بالعكس و مقتضي الاصل عدم مطهرية شي ء للمضاف فلاحظ.

(1) و ينهدم الموضوع.

(2) لوحدة الملاك.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14

من أبواب الماء المطلق الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 249

[مسألة 21: الماء المضاف لا يرفع الخبث]

(مسألة 21): الماء المضاف لا يرفع الخبث (1).

______________________________

(1) المشهور فيما بين القوم أنه لا يطهر المتنجس بالمضاف و يلزم في حصول الطهارة الغسل بالماء الا فيما دل عليه الدليل الشرعي في موارد خاصة.

و في قبال القول المعروف قولان.

أحدهما للمحدث الكاشاني حيث ذهب الي أن النجاسة لا تسري الي الاجسام الصيقلية كالزجاج و نحوه نعم في بعض الموارد تسري النجاسة اليه اذا لاقاه النجس كالثوب و البدن و أما في غيره فيكفي في طهارته إزالة العين فتكون الاجسام كباطن الانسان حيث لا ينجس و لو تنجس تطهر بزوال النجاسة.

ثانيهما: ما نسب الي المفيد و السيد حيث ذهبا الي أن الغسل لا يلزم ان يكون بالماء المطلق بل الغسل بالمضاف أيضا يكفي.

و بعبارة اخري: يشترط في التطهير حصول عنوان الغسل أعم من أن يكون ما يغسل به ماء أو مضافا أو شيئا آخر كالنفط و أشباهه غاية الامر يشترط فيه أن يكون طاهرا.

أما القول الاول ففيه: أن العرف يفهم مما ورد في باب الثوب و البدن و الاواني و أشباهها أن حصول الطهارة يتوقف علي طهور من ماء أو غيره و لا تحصل الطهارة بمجرد زوال النجاسة، كما أن النظافة العرفية لا تحصل الا بالتنظيف بشي ء كالماء مثلا مضافا الي أنه لا يمكن المساعدة معه فان بقاء النجاسة في المتنجس و توقف زوالها علي المطهر مما لا اشكال فيه و من الامور المركوزة في الاذهان و لو كان كما قال لشاع و ذاع.

اضف الي ذلك: أن استصحاب بقاء النجاسة ما دام لم يتحقق المطهر في الخارج يقتضي بقائها لكن هذا علي مذهب المشهور القائلين بجريان الاستصحاب

مباني

منهاج الصالحين، ج 1، ص: 250

______________________________

في الحكم الكلي لا علي مسلك سيدنا الاستاد و هو المسلك المنصور فلا تغفل.

و مضافا الي ما تقدم يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عمار «1» فان مقتضي هذه الرواية وجوب غسل كل ما أصابه ذلك الماء المتنجس فلا مجال لما أفاده الكاشاني.

و ما يمكن أن يستدل به علي مدعي المفيد و السيد أمور:

الاول: الاجماع. و فيه: أنه اجماع علي الصغري أو اجماع علي الكبري؟

و بعبارة اخري: تارة يدعي بأنه قام الاجماع علي كفاية غسل المتنجس بالمضاف، و اخري يدعي أنه قام الاجماع علي طهارة ما يشك في طهارته و اباحته فمع الشك في النجاسة تكون القاعدة محكمة كما أن شربه او أكله جائز لقاعدة الحل فان كان المراد بالإجماع، الاجماع علي الصغري ففساده أوضح من أن يخفي، اذ كيف يمكن ادعاء الاجماع مع عدم القول به الا من هذين العلمين؟ و ان كان المراد به الاجماع علي الكبري فصحيح، لكن يتوقف الاخذ بالاصل علي عدم الدليل فعلي تقدير تمامية الادلة و اثبات أن المستفاد منها اشتراط الطهاره بالغسل بالماء لا بالاعم منه، لا يمكن الاخذ بالاصل و القاعدة كما أنه لو ثبت استصحاب بقاء النجاسة بالاصل الحاكم علي القاعدة لا يبقي مجال للتمسك بها و مقتضي الاصل الحاكم، النجاسة فان مقتضي الاستصحاب عدم جعل الشارع المضاف مطهرا.

و بعبارة اخري: نشك في أنه هل جعل الشارع المضاف مطهرا للمتنجس أم لا؟ فيكون مقتضي الاستصحاب عدمه فلا تصل النوبة الي قاعدة الطهارة فلا نحتاج

______________________________

(1) لاحظ ص 233.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 251

______________________________

الي استصحاب النجاسة كي يقال: بأنه معاوض بعدم الجعل الزائد بل نجري الاصل في ناحية عدم جعل الشارع المطهرية للمضاف.

الثاني: تنقيح

المناط: بأن يقال: أن الغرض من الغسل بالماء ازالة النجاسة فليس للماء خصوصية.

و فيه: أولا: انه يلزم تمامية ما أفاده الكاشاني فان الازالة اذا حصلت بالدلك كان اللازم القول بالطهارة لوحدة الملاك.

و ثانيا: علي تقدير ثبوت الدليل علي وجوب الغسل لا يبقي مجال لهذه المقالة و تنقيح المناط أمر لا يمكن في الامور التعبدية التي لا طريق اليها بل لنا أن نقول:

بأنه لا يمكن التعدي عن مقتضي الادلة و لو بعد تنقيح المناط اذا الطهارة و النجاسة أمران اعتباريان، لا يتحققان بدون اعتبار الشارع و مع تنقيح المناط لو لم يعتبر الشارع الطهارة لا يمكن ترتيب آثارها كما هو ظاهر فتأمل.

الثالث: قوله تعالي: وَ ثِيٰابَكَ فَطَهِّرْ «1» بتقريب: أن مقتضي اطلاق الاية حصول التطهير بأي شي ء و منه المضاف.

و فيه: أولا: أن التفسير الوارد في مورد الاية يقتضي أن يكون المراد بالتطهير التشمير أي قصر الثوب لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله تعالي: «وَ ثِيٰابَكَ فَطَهِّرْ» فشمر «2».

و ثانيا: أنه علي فرض التنزل لا يكون في الاية اطلاق و المفهوم منها مجرد التطهير و لكن بأي نحو و أي شي ء فليس في الاية تعرض له و الا يلزم القول بمقالة الكاشاني.

______________________________

(1) المدثر: 4.

(2) البرهان ج 4 ص 399.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 252

______________________________

الرابع: اطلاق الامر بالغسل فان الغسل كما يصدق اذا كان بالماء كذلك يصدق فيما يكون بالمضاف بل بغيره من المائعات.

و الانصاف: أن دعوي الاطلاق ليست جزافية فانه لو غسل أحد يده بالاسبرتو يصدق عنوان الغسل بلا كلام و يرتب العرف آثار النظافة علي النظافة الحاصلة بالغسل بأمثاله و ليس هذا الا من جهة صدق

هذا العنوان.

نعم يمكن أن يدعي أحد بأن الامر و ان كان كذلك، لكن كثرة افراد الغسل بالماء تقتضي انصراف اللفظ الي الفرد الكثير.

لكن يرد عليه: أن ندرة الافراد لا توجب الانصراف اليها لا أنها تقتضي الانصراف عنها.

و ملخص الكلام: أن الانصراف اذا كان بحد يوجب ظهور اللفظ في نوع خاص بحيث لا يصدق علي غيره و لو بعد التأمل و النظر، لا يتحقق الاطلاق و الا فلا و اثبات الظهور في مقامنا هذا مشكل.

لكن يمكن اثبات المدعي بتقريب آخر و هو: أن المركوز في الاذهان من الباب الي المحراب أن الغسل الشرعي يتوقف علي الغسل بالماء و السيرة جارية عليه و لو كان الغسل بغيره أمرا شرعيا لذاع و شاع و لم يكن باقيا تحت الستار بحيث لا يكون به قائلا الا العلمان.

و يؤيد المدعي بل يدل عليه ما ورد في الامر بالغسل في موارد خاصة:

منها: ما ورد من الامر بالاستنجاء بالاحجار، فروي بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: يجزي من الغائط المسح بالاحجار و لا يجزي من البول الا الماء «1» فانه يستفاد من هذه الرواية أنه لا بد في تطهير المحل من

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 253

______________________________

غسله بالماء.

و منها ما ورد في كيفية غسل الكوز مثل ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الكوز و الاناء يكون قذرا كيف يغسل؟ و كم مرة يغسل؟ قال: يغسل ثلاث مرات يصب فيه الماء فيحرك فيه ثم يفرغ منه ثم يصب فيه ماء آخر فيحرك فيه ثم يفرغ ذلك الماء ثم يصب فيه ماء آخر فيحرك فيه

ثم يفرغ منه و قد طهر الي أن قال: اغسل الاناء الذي تصيب فيه الجرذ ميتا سبع مرات «1».

فانه لو كان مجرد الغسل كافيا لم يكن وجه لذكر خصوص الماء.

و منها: ما ورد في غسل الثوب مثل ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الثوب يصيبه البول قال: اغسله في المر كن مرتين فان غسلته في ماء جار فمرة واحدة «2».

و منها: ما ورد في تعفير الاناء ثم غسله بالماء مثل ما رواه الفضل أبو العباس في حديث أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكلب فقال: رجس نجس لا يتوضأ بفضله و اصبب ذلك الماء و اغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء «3».

و منها ما ورد في غسل الجسد بالماء مثل ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: سألته عن البول يصيب الجسد قال: صب عليه الماء مرتين فانما هو ماء و سألته عن الثوب يصيبه البول قال: اغسله مرتين «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 53 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب النجاسات الحديث: 2.

(4) الوسائل الباب الاول من أبواب النجاسات الحديث: 7.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 254

______________________________

اضف الي جميع ذلك أن المدعي يستفاد من رواية داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان بنو اسرائيل اذا أصاب أحدهم قطرة بول قرضوا لحومهم بالمقاريض و قد وسع اللّه عليكم بأوسع ما بين السماء و الارض و جعل لكم الماء طهورا فانظروا كيف تكونون «1» فانه يستفاد من هذه الرواية حصر المطهر في الماء فانه لو كان غيره مطهرا كان المناسب أن

يذكر في مقام الامتنان.

الخامس: جملة من الروايات:

الاولي: ما أرسله المفيد فانه نقل عنه بأنه بعد ما حكم بجواز الغسل بالمضاف قال: ان ذلك مروي عن الائمة «2».

و عدم اعتبار هذا الحديث أوضح من ان تخفي.

الثانية: ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عن علي عليه السلام قال: لا بأس أن يغسل الدم بالبصاق «3».

و هذه الرواية علي تقدير تمامية سندها تكون أخص من المدعي اذ وردت في مورد خاص و هو جواز غسل الدم بالبصاق و لا عموم في مدلولها بل وردت رواية اخري عن غياث عن أبي عبد اللّه عن ابيه عليهما السلام قال: لا يغسل بالبصاق (البزاق خ ل) غير الدم «4»، تدل علي الاختصاص و أنه لا يغسل بالبصاق

______________________________

(1) الوسائل الباب الاول من أبواب الماء المطلق الحديث: 4

(2) الحدائق ج 1 ص 402.

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب الماء المضاف الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 255

و لا الحدث (1).

______________________________

الا الدم و الظاهر أنه لا اشكال في الرواية سندا و تضعيف المحقق غياث بن ابراهيم لا اثر له حيث انه من المتأخرين.

الثالثة: ما أرسله الكليني قال: روي أنه لا يغسل بالريق شي ء الا الدم «1» و الظاهر أنه ناظر الي رواية غياث و ليست رواية اخري مضافا الي ارسالها.

الرابعة: ما رواه حكم بن حكيم ابن أخي خلاد أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام فقال له: أبول فلا اصيب الماء و قد أصاب يدي شي ء من البول فأمسحه بالحائط و بالتراب ثم تعرق يدي فأمسح (فأمس) به وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي قال: لا بأس به «2».

و هذه الرواية لا ترتبط بما نحن فيه

فانها بعد تمامية سندها تكون من أدلة عدم تنجيس المتنجس كما هو ظاهر لمن أمعن النظر فيها.

فالنتيجة: أنه لا دليل علي جواز رفع الخبث بالمضاف فلاحظ.

(1) ما يمكن أن يستدل به عليه أو استدل أمور:

الاول: الاجماع. و فيه: أنه علي تقدير تحققه ليس اجماعا تعبديا اذ لو لم يكن مقطوعا فلا أقل من احتمال استناد المجمعين الي أحد الوجوه المذكورة في المقام.

الثاني: ما عن الفقه الرضوي من عدم جواز رفع الحدث بالمضاف.

و فيه: أنه ضعيف و لا اعتبار بهذا الكتاب.

الثالث: قوله تعالي: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا قُمْتُمْ إِلَي الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3.

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 256

______________________________

وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَي الْمَرٰافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَي الْكَعْبَيْنِ وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضي أَوْ عَلي سَفَرٍ أَوْ جٰاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغٰائِطِ أَوْ لٰامَسْتُمُ النِّسٰاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مٰاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً «1» فان مقتضي الاية الشريفة عدم جواز الوضوء أو الغسل بغير الماء.

و بعبارة اخري: لا اشكال في انه يفهم من الاية أن أمر المكلف دائر بين تحصيل الطهارة بالماء اما بالاغتسال و اما بالتوضي و مع فقدانه، بالتراب بلا فرق بين حالتي الاختيار و الاضطرار.

و في قبال هذا القول قولان:

أحدهما: للصدوق حيث نقل عنه جواز رفع الحدث بماء الورد و وافقه الكاشاني.

ثانيهما: ما نسب الي ابن أبي عقيل بأنه يجوز الوضوء بالنبيذ.

و استدل علي مدعي الصدوق بما رواه يونس عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له: الرجل يغتسل بماء الورد و يتوضأ به للصلاة؟ قال: لا بأس بذلك «2».

و هذه الرواية ضعيفة بسهل و بالعبيدي و مع سقوط

سند الرواية عن الاعتبار لا وجه لملاحظة متنها.

و أما مستند ابن أبي عقيل فهو ما رواه عبد اللّه بن المغيرة عن بعض الصادقين قال: اذا كان الرجل لا يقدر علي الماء و هو يقدر علي اللبن فلا

______________________________

(1) المائدة: 7.

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب المضاف الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 257

[مسألة 23: الأسآر كلها طاهرة]

(مسألة 23): الأسآر كلها طاهرة (1).

______________________________

يتوضأ باللبن انما هو الماء أو التيمم فان لم يقدر علي الماء و كان نبيذ فاني سمعت حريزا يذكر في حديث أن النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم قد توضأ بنبيذ و لم يقدر علي الماء «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا اذ لا ندري أنه ما المراد ببعض الصادقين.

الا أن يقال: بأن قول ابن المغيرة سمعت بعض الصادقين شهادة بصدق المخبر و توثيق اياه.

مضافا الي أن حريزا ينقل ممن و من يكون منقولا عنه له فلا اعتبار بها اضف الي ذلك أنه كيف يمكن الالتزام بمفاد الرواية و يضاف الي ذلك كله أنه ما المراد بالنبيذ؟ فالحق هو القول المشهور.

(1) يظهر من مجمع البحرين: أن السؤر عبارة عن الباقي من الشراب بعد الشرب في الاناء أو الحوض ثم استعير لبقية الطعام و قد يقال في تعريفه:

«السؤر ما باشره جسم حيوان الي أن قال: و لعله اصطلاح انتهي».

و عليه حملت الأسآر كسؤر اليهودي و النصراني.

و كيف كان لا وجه لنجاسة سؤر الحيوان الطاهر لعدم المقتضي للنجاسة بل الدليل قائم علي الطهارة فان رواية البقباق تدل علي المدعي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن فضل الهرة و الشاة و البقرة و الابل و الحمار و الخيل و البغال و الوحش و السباع فلم أترك شيئا الا

سألته عنه فقال: لا بأس به حتي انتهيت الي الكلب فقال: رجس نجس لا تتوضأ بفضله و اصبب ذلك الماء

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الماء المضاف الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 258

______________________________

و اغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء «1».

و لا فرق فيما ذكرنا بين المحرم أكله و غيره و لا بين المسوخ و غيرها و لا بين الجلال و غيره.

و نقل عن الشيخ في المبسوط وجوب الاجتناب عن سؤر الحيوانات الطاهرة التي لا يؤكل لحمها عدا الانسان و الطيور و ما لا يمكن التحرز عن سؤره كالفأرة و الحيه و الهرة.

و نسب الي الحلي في السرائر: الحكم بنجاسة أسئارها و لا ملازمة بين طهارة الحيوان نفسه و عدم نجاسة سؤره.

و ما يمكن أن يكون وجها للقول بالنجاسة حديثان: أحدهما ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عما تشرب منه الحمامة فقال:

كل ما اكل لحمه فتوضأ من سؤره و اشرب و عن ماء شرب منه باز أو صقر أو عقاب فقال: كل شي ء من الطير يتوضأ مما يشرب منه الا أن تري في منقاره دما فان رأيت في منقاره دما فلا توضأ منه و لا تشرب «2».

ثانيهما ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس أن تتوضأ مما شرب منه ما يؤكل لحمه «3».

و تقريب الاستدلال بالحديثين: أن ظاهرهما في مقام التحديد و لا اشكال في أن الحد له المفهوم فبمفهومهما يدلان علي نجاسة سؤر الحيوان غير ما خرج و عليه لا مجال لان يقال: بأن الروايتين مشتملتان علي العقد الاثباتي

______________________________

(1) الوسائل الباب الاول من أبواب الأسآر الحديث: 4.

(2) الوسائل الباب

4 من أبواب الأسآر الحديث: 2.

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب الأسآر الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 259

______________________________

و ليس فيهما تعرض للعقد السلبي.

و ملخص الكلام: أن الوصف و ان لم يكن ذا مفهوم لكن لا شبهة في ظهور التحديد في المفهوم بل يمكن تقريب المفهوم بنحو آخر تعرض له سيدنا الاستاد و هو أنه لا اشكال في أن الوصف المذكور في الكلام بظاهره يدل علي دخله في الموضوع و ترتب الحكم عليه و الا يكون ذكره لغوا الا أن تقوم قرينة تدل علي أن ذكره لفائدة، فعليه يدل الوصف علي انتفاء الحكم بانتفائه نعم لا يدل علي انحصار العلة فيه بحيث لو قام دليل علي ثبوت الحكم بعلة اخري يعارضه كما أن الامر كذلك في الشرط و لذا لا يتوجه الاشكال بأنه لو كان الوصف دالا علي المفهوم لم يكن موقع لسؤال الراوي عن ماء شرب منه باز أو صقر فان تعليق حكمه عليه السلام بالجواز علي حلية الا كل يدل علي انتفاء الجواز بانتفائه و وجه عدم توجه الاشكال ما ذكرنا من عدم دلالة ذكر الوصف علي انحصار العلية فيه فينبغي أن يسئل من أنه هل يكون هناك علة اخري للجواز أم لا؟ هذا ما أفاده في هذا المقام.

و الذي يختلج ببالي: أن ما أفاده لا يرجع الي محصل صحيح اذ ما يترتب علي هذا البيان أن الوصف يدل علي اختصاص الحكم بمورده و لا يعم غيره و لكن لا ينفي الحكم عن غير مورده و هذا المقدار موجود في اللقب اذ لا اشكال في ارتفاع الحكم بارتفاع موضوعه و لا اشكال في أن الكلام المقيد لا يدل علي الاطلاق و هذا المقدار

لا يكون دليلا علي المدعي ففي المقام لو شك في طهارة غير المأكول أو غير الطير نرجع الي اصالة الطهارة أو استصحاب العدم الازلي اذا لم يكن عموم أو اطلاق دال علي الطهارة و لكن يكفي للدلالة

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 260

______________________________

علي المفهوم كون الكلام مسوقا للتحديد.

الا أنه يعارضهما في موردهما ما يدل علي الطهارة و مما يدل علي طهارة مطلق الحيوان الا الكلب ما رواه البقباق «1».

و مثله في الدلالة علي أن ميزان وجوب الاجتناب عن السؤر نجاسة الحيوان ما رواه معاوية بن شريح قال: سأل عذافر أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده عن سؤر السنور و الشاة و البقرة و البعير و الحمار و الفرس و البغل و السباع يشرب منه أو يتوضأ منه؟ فقال: نعم اشرب منه و توضأ منه قال: قلت له: الكلب؟

قال: لا. قلت: أ ليس هو سبع؟ قال: لا و اللّه انه نجس، لا و اللّه انه نجس «2»

فيقع التعارض بين الطرفين فان قلنا بمقالة المشهور في مثل هذه الموارد من عدم التعارض العرفي نقول بكراهة الاستعمال و نحمل النهي علي الكراهة و ان قلنا بأنهما متعارضان و لا جمع عرفي بينهما فاللازم اعمال قانون التعارض.

و لا يبعد أن يكون الترجيح مع رواية الجواز اذ يظهر مما ذكر في كتاب «الفقه علي المذاهب الخمسة» ص 26 لمغنية: ان جماعة من العامة قائلون بحرمة الاستعمال فان الحنابلة علي حسب ما في الكتاب المشار اليه قالوا: «بأنه لا يتوضأ بسؤر كل بهيمة لا يؤكل لحمها الا السنور فما دونها في الخلقة».

بل لا يبعد أن يقال: بأن ما دل علي الطهارة موافق للكتاب فان قوله تعالي:

«وَ أَنْزَلْنٰا مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً

طَهُوراً «3»» يدل باطلاقه علي طهارة الماء و لو باشره

______________________________

(1) لاحظ ص 257.

(2) الوسائل الباب الاول من أبواب الأسآر الحديث: 6.

(3) الفرقان: 48.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 261

______________________________

جسم حيوان غير مأكول لحمه و علي فرض عدم الترجيح يتساقطان فتصل النوبة الي الاصل و مقتضاه الطهارة كما أن مقتضي الاصل الحكمي البراءة فلاحظ.

أضف الي ذلك كله أنه لا مجال لهذا التوهم فانه لو كان الامر كما ذكر لشاع و ذاع لم يبق تحت الستار مع كثرة الابتلاء و لعله ظاهر لا يحتاج الي اقامة برهان و مزيد بيان.

و أما المسوخ فمنشأ الخلاف في سؤرها الاختلاف في كونها نجسا كالكلب أم لا و البحث فيه من هذه الجهة موكول الي بحث النجاسات.

و أما الاختلاف في سؤر الجلال فايضا ناش من كونه نجسا أم لا و الا فلا وجه لنجاسة سؤره.

و ربما يذكر لتوجيه القول بالنجاسة وجهان:

الاول: أن رطوبة فمه نشأ من النجاسة فتكون نجسا.

و فيه: أن هذا الاستدلال من الغرائب اذ يرد عليه: أولا: أنه لو استمر انسان علي اكل الميتة كان اللازم أن يكون لعاب فمه نجسا.

و ثانيا: أن الاستحالة من المطهرات.

الثاني: أن لعاب فمه باشر النجاسة فينجس ما يلاقيه.

و فيه: أولا. أنه لا يختص بالجلال بل يعم كل حيوان آكل لأي نجاسة.

و ثانيا: أن هذا يختص بما باشر شيئا بفمه و الكلام في السؤر في مطلق ما باشره جسم حيوان و لو بغير فمه.

و ثالثا: أنه لا دليل علي نجاسة ما في الباطن فلعاب فمه لا يتنجس كي ينجس.

و رابعا: أن زوال العين من بدن الحيوان يكون مطهرا فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 262

الا سؤر الكلب (1).

و الخنزير (2) و الكافر غير الكتابي بل الكتابي

أيضا علي الاحوط وجوبا (3) نعم يكره سؤر غير مأكول اللحم (4).

______________________________

(1) كما صرح به في رواية البقباق «1» و علل فيها بأنه رجس نجس و قد تقدم أن الحق انفعال الماء القليل بملاقاة النجاسة فلو باشر جسم الكلب الماء القليل ينجس الماء و كذلك كل مائع يلاقيه بل ينجس كل جسم يلاقي مع الكلب مع الرطوبة نعم لا ينفعل العاصم كالكر و الجاري بمباشرة جسم الكلب كما هو ظاهر.

(2) لأنه من الاعيان النجسة بلا اشكال و يترتب عليه انفعال ما لاقاه بشرائطه.

(3) سيأتي إن شاء اللّه تعالي البحث عن نجاسة الكافر و قد وقع الخلاف في المسألة و تحقيق الحال موكول الي ذلك البحث و الميزان كون المباشر نجسا فكل قسم من اقسام الكافر تحققت نجاسته يترتب عليه الحكم.

(4) ذكر في بعض الكمات: «أنه ذهب الي القول بالكراهة جمهور الاصحاب».

و من الظاهر أن هذا المقدار لا يكفي للحكم بالكراهة و استدل عليها بمرسلة الوشاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام: أنه كان يكره سؤر كل شي ء لا يوكل لحمه «2».

و هذه الرواية لا اعتبار بها للإرسال و عمل المشهور بها علي تقدير تحققه لا يجبر الضعف و دليل التسامح لا يشمل المكروه مضافا الي أنا ناقشنا في اثباته

______________________________

(1) لاحظ ص 257.

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب الأسآر الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 263

عدا الهرة (1).

______________________________

الاستحباب بل قلنا: بأن تلك الاخبار ترشد الي حكم العقل و التفصيل موكول الي ذلك البحث.

و استدل عليها أيضا بمفهوم موثقة عمار «1» بدعوي: أن الجمع بين الموثقة و الدليل الدال علي الجواز كرواية البقباق «2». يقتضي حمل الموثقة علي الكراهة.

و يشكل هذا الاستدلال بما قلناه كرارا من أن

العرف يري مثل هذه الموارد من التعارض فلا يكون الجمع بهذا النحو جمعا عرفيا بل لا بد من اعمال قانون التعارض لكن الظاهر بمقتضي السيرة جواز الشرب و الوضوء و غيرهما.

فالنتيجة: أن القول بالكراهة لا دليل عليه لكن الاحتراز برجاء كون الامر كذلك من مكملات العبودية كما هو ظاهر.

(1) كما هو المشهور و تدل علي المدعي جملة من النصوص.

منها ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الهرة: أنها من أهل البيت و يتوضأ من سؤرها «3».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: في كتاب علي عليه السلام: ان الهر سبع و لا بأس بسؤره و اني لأستحيي من اللّه أن أدع طعاما لان الهر اكل منه «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 258.

(2) لاحظ ص 257.

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب الأسآر الحديث: 1.

(4) نفس المصدر الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 264

و أما المؤمن فان سؤره شفاء بل في بعض الروايات أنه شفاء من سبعين داء (1).

______________________________

(1) و قد عقد بهذا العنوان بابا في الوسائل ذكر فيها روايات:

منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: في سؤر المؤمن شفاء من سبعين داء «1».

مضافا الي أنه يمكن أن يقال: بأن دليل النهي لا يشمله فان الماخوذ في ذلك الدليل عنوان ما لا يؤكل و المؤمن آكل لا مأكول.

اضف الي ذلك. أن المطلق قد ينصرف عن بعض الافراد لخسة ذلك الفرد أو لرفعته و المقام من القسم الثاني فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب الاشربة المباحة الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 265

[المبحث الثاني احكام الخلوة]

اشارة

المبحث الثاني احكام الخلوة و فيه فصول

[الفصل الأول يجب حال التخلي بل في سائر الاحوال ستر بشرة العورة]
اشارة

الفصل الاول يجب حال التخلي بل في سائر الاحوال ستر بشرة العورة (1).

______________________________

(1) وجوب ستر العورة عن الناظر المحترم من الامور الواضحة القطعية في الجملة و لا مجال لإنكاره و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عليهم السلام عن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله في حديث المناهي قال: اذا اغتسل احدكم في فضاء من الارض فليحاذر علي عورته و قال: لا يدخل أحدكم الحمام الا بمئزر و نهي أن ينظر الرجل الي عورة اخيه المسلم و قال: من تأمل عورة اخيه المسلم لعنه سبعون ألف ملك و نهي المرأة أن تنظر الي عورة المرأة و قال: من نظر الي عورة أخيه المسلم أو عورة غير أهله متعمدا أدخله اللّه مع المنافقين الذين كانوا

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 266

______________________________

يبحثون عن عورات الناس و لم يخرج من الدنيا حتي يفضحه اللّه الا أن يتوب «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالحسين بن زيد فانه لم يوثق.

و منها مرسلة الصدوق قال: و سئل الصادق عليه السلام عن قول اللّه عز و جل:

قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصٰارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذٰلِكَ أَزْكيٰ لَهُمْ، فقال:

كل ما كان في كتاب اللّه من ذكر حفظ الفرج فهو من الزنا الا في هذا الموضع فانه للحفظ من أن ينظر اليه «2».

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال و لكن للفقيه أن يستدل بقوله تعالي: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصٰارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذٰلِكَ أَزْكيٰ لَهُمْ إِنَّ اللّٰهَ خَبِيرٌ بِمٰا يَصْنَعُونَ وَ قُلْ لِلْمُؤْمِنٰاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصٰارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ «3» بلا احتياج الي التفسير فان من أنحاء حفظ الفرج أن

يستره عن أن ينظر اليه الغير.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الحمام فقال: ادخله بازار «4».

و الظاهر: أنه لا بأس بهذه الرواية سندا و دلالة.

و منها: ما رواه سدير قال: دخلت أنا و أبي و جدي و عمي حماما بالمدينة فاذا رجل في البيت المسلخ فقال لنا:؟ الي أن قال: ما يمنعكم من الازار فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: عورة المؤمن علي المؤمن حرام قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب الاول من أبواب أحكام الخلوة الحديث 2.

(2) نفس المصدر الحديث: 3.

(3) النور 31.

(4) الوسائل الباب 9 من أبواب آداب الحمام الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 267

______________________________

فبعث أبي الي عمي كرباسة فشقها بأربعة ثم أخذ كل واحد منا واحدا ثم دخلنا فيها الي أن قال: فسألنا عن الرجل فاذا هو علي بن الحسين عليه السلام «1».

فانه صرح فيها بحرمة عورة المؤمن علي المؤمن و لا مجال للمناقشة في دلالته علي المطلوب كما هو ظاهر الي غيرها من النصوص المذكورة في الباب التاسع و الحادي عشر من أبواب آداب الحمام.

و ربما يقال: بأنه قد فسر العورة في بعض النصوص بالغيبة و من تلك النصوص ما رواه حذيفة بن منصور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: شي ء يقوله الناس: عورة المؤمن علي المؤمن حرام فقال: ليس حيث يذهبون انما عني عورة المؤمن أن يزل زلة أو يتكلم بشي ء يعاب عليه فيحفظ عليه ليعيره به به يوما ما «2».

و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن عورة المؤمن علي المؤمن حرام فقال: نعم: قلت: أعني سفليه فقال: ليس حيث

تذهب انما هو اذاعة سره «3»:

و منها: ما رواه زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام في عورة المؤمن علي المؤمن حرام قال: ليس أن ينكشف فيري منه شيئا انما هو أن يزري عليه أو يعيبه «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب آداب الحمام الحديث: 4.

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب آداب الحمام الحديث: 1.

(3) نفس المصدر الحديث: 2.

(4) نفس المصدر الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 268

______________________________

و يجاب عن هذا الاشكال بأن هذا التفسير لا يقبل و لا يحتمل في رواية سدير «1» كما أشرنا اليه كما أنه لا مجال لان يقال: بأن ما يدل علي دخول الحمام بمئزر لا يدل علي المطلوب لاحتمال أن يكون من آداب الغسل و الحمام فانه يقال: قد صرح في رواية عبيد اللّه بن علي الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عن الرجل يغتسل بغير ازار حيث لا يراه أحد قال: لا بأس «2»، بعدم البأس بالاغتسال بغير ازار اذا لم يكن هناك ناظر مضافا الي أنه يكفي للمدعي ما يدل علي أن الايمان يقتضي حفظ الفرج عن النظر كرواية رفاعة بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من كان يؤمن باللّه و اليوم الاخر فلا يدخل الحمام الا بمئزر «3».

ان قلت: ان هذه الروايات و ان كانت دالة علي الحرمة لكن يرفع اليد عنها برواية ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام أ يتجرد الرجل عند صب الماء تري عورته؟ أو يصب عليه الماء؟ أو يري هو عورة الناس؟

قال: كان أبي يكره ذلك من كل أحد «4» اذ دلت هذه الرواية علي الكراهة.

قلت:

ان الكراهة الواردة في النصوص ليست كراهة مصطلحة بل غايتها الاجمال فتكفي تلك الروايات مضافا الي أنه علي تقدير التنزل يقع التعارض بين الطرفين و الترجيح مع ما يدل علي الحرمة لموافقته الكتاب كما أنه يكفي

______________________________

(1) لاحظ ص 266.

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب آداب الحمام الحديث: 1.

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب آداب الحمام الحديث: 5.

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب آداب الحمام الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 269

و هي القبل و الدبر و البيضتان (1).

______________________________

للمرجعية بعد التساقط نفس الاية الشريفة فلاحظ.

و ربما يستدل علي المدعي بما دل علي حرمة النظر و لكن هذا الاستدلال مخدوش اذ لا ملازمة بين حرمة النظر و وجوب الحفظ.

ان قلت: علي فرض ثبوت حرمة النظر يكون عدم الستر إعانة علي الاثم فتحرم.

قلت: كون الاعانة اثما أول الكلام.

(1) الوارد في الدليل عنوان الفرج و العورة و الفرج كما يظهر من اللغة عبارة عن القبل و الدبر و أيضا العورة فسرت في اللغة بهما مضافا الي أن المتبادر من لفظ الفرج و العورة، القبل و الدبر و البيضتان داخلتان في القبل بلا اشكال و أما الزائد علي ذلك فلا دليل علي وجوب ستره و مقتضي اصالة الحل و البراءة عدم وجوبه كما هو ظاهر نعم وردت في المقام جملة من الروايات يستفاد منها وجوب ستر أزيد من هذا المقدار فمن تلك الروايات ما رواه بشير النبال قال:

سألت أبا جعفر عليه السلام عن الحمام فقال: تريد الحمام؟ قلت نعم فأمر باسخان الماء ثم دخل فاتزر بازار فغطي ركبتيه و سرته الي أن قال: هكذا فافعل «1».

و منها ما رواه الصدوق في الخصال باسناده عن علي عليه السلام في حديث الاربعة

مأئة قال: اذا تعري أحدكم (الرجل) نظر اليه الشيطان فطمع فيه فاستتروا ليس للرجل أن يكشف ثيابه عن فخذيه و يجلس بين قوم «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب آداب الحمام الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب أحكام الملابس الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 270

______________________________

و منها: ما رواه الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عليه السلام قال: اذا زوج الرجل أمته فلا ينظرن الي عورتها و العورة ما بين السرة و الركبة «1».

و الروايتان الاوليتان ضعيفتان سندا أما الاولي فبسهل و بغيره و أما الثانية فبضعف اسناد الصدوق في حديث الاربعة مأئة و أما الثالثة فالظاهر أنه لا باس بسندها لكن لا يمكن الالتزام بمفادها فانه لا اشكال في عدم وجوب ستر ما بين السرة و الركبة فان السيرة القطعية علي خلافها و ذهن المتشرعه يأباه فلاحظ.

مضافا الي جملة من النصوص الدالة علي خلاف تلك النصوص:

منها ما رواه محمد بن حكيم قال الميثمي: لا أعلمه الا قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام أو من رآها متجردا و علي عورته ثوب فقال: ان الفخذ ليست من العورة «2».

و منها: ما رواه ابو يحيي الواسطي عن بعض اصحابه عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: العورة عورتان: القبل و الدبر و الدبر مستور بالاليتين فاذا سترت القضيب و البيضتين فقد سترت العورة «3».

و منها: ما رواه الكليني قال: و قال في رواية اخري: فأما الدبر فقد سترته الأليتان و أما القبل فاستره بيدك «4».

لكن هذه النصوص كلها ضعيفة بالارسال.

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من أبواب أحكام نكاح العبيد و الاماء الحديث: 7.

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب آداب الحمام الحديث: 1.

(3) نفس المصدر الحديث:

2.

(4) نفس المصدر الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 271

عن كل ناظر مميز (1) عدا الزوج و الزوجة (2) و شبههما كالمالك و مملوكته (3).

______________________________

(1) بلا فرق فيه بين المسلم و الكافر و العاقل و المجنون و الرجل و المرأة و البالغ و الصبي و ذلك لإطلاق الاية الشريفة فان مقتضي عدم ذكر نوع خاص و حذف المتعلق عموم الحكم كما أن مقتضي اطلاق بعض نصوص الباب هو العموم لاحظ ما رواه رفاعة «1» فانها مطلقة و مناسبة الحكم و الموضوع تقتضي العموم نعم يشترط التميز فان الدليل منصرف عن غير المميز اذ من لا يميز و لا يشعر يكون كالجدار و الحيوان و لذا لا يجب الستر عن المجنون الذي لا يميز و مثله الصبي غير المميز كابن ثلاث سنين، و علي فرض الشك في الانصراف و عدم الجزم بالاطلاق تكفي أصالة البراءة لعدم الوجوب.

(2) لا مجازفة في القول بأن هذا من الضروريات التي لا يعتريها ريب و التشكيك فيه يعد من الانحراف و يدل علي الجواز قوله تعالي: وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حٰافِظُونَ إِلّٰا عَليٰ أَزْوٰاجِهِمْ أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ «2».

و جواز اللمس و الوطء و غيرهما يدل علي جواز الكشف بالاولوية القطعية بل يمكن أن يقال: أن النظر الي الفرج من اللوازم العادية للوطي فلا معني لجواز الوطء و مع ذلك يحكم بحرمة الكشف.

(3) الكلام فيهما هو الكلام بلا فرق نعم الضرورة في الزوج و الزوجة لعلها أظهر فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص 268.

(2) المؤمنون 4 و 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 272

و الامة المحللة بالنسبة الي المحلل له (1) فانه يجوز لكل من هؤلاء أن ينظر الي عورة الاخر (2)

نعم اذا كانت الامة مشتركة (3) أو مزوجة (4) أو محللة (5).

______________________________

(1) اذ كما ذكرنا: أن النظر من لوازم الوطء مضافا الي الفحوي.

(2) كما ذكرنا و كان المناسب أن يفرع علي ما تقدم عدم وجوب الستر لا جواز النظر فانه قد مر أنه لا ملازمة بين الامرين من حيث الجواز و الحرمة لكن لا اشكال في أن المستفاد مما تقدم جواز الكشف و النظر فلاحظ.

(3) الامة المشتركة لا يصدق عليها عنوان ملك اليمين و لا يجوز وطيها فلا دليل علي الجواز و الادلة الاولية تقتضي وجوب الستر الا ما خرج فلا تغفل.

(4) للنص لاحظ ما رواه الحسين بن علوان «1» و قد عقد صاحب الوسائل بابا لحرمة الوطء و النظر بهذا العنوان.

(5) فان المسلم عند القوم أنه لا يجوز الوطء و حيث انه لا يجوز و طي المحللة فلا يجوز للمحلل النظر.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه مسمع كردين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: عشر لا يحل نكاحهن و لا غشيانهن امتك امها امتك و امتك اختها امتك و امتك و هي عمتك من الرضاعة و امتك و هي خالتك من الرضاعة و امتك و هي اختك من الرضاعة و امتك و قد ارضعتك و امتك و قد وطيت حتي تستبرأ بحيضة و امتك و هي حبلي من غيرك و امتك و هي علي سوم

______________________________

(1) لاحظ ص: 270.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 273

أو معتدة لم يجز لمولاها النظر الي عورتها و كذا لا يجوز لها النظر الي عورته (1).

______________________________

من مشتر و امتك و لها زوج و هي تحته «1».

فانه يستفاد من هذه الرواية عدم جواز وطي المحللة

فانه يستفاد من قوله عليه السلام: و امتك و قد وطيت الخ، عدم جواز وطي المحللة.

(1) اذ المفروض عدم جواز وطيها كما تدل عليه ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يزوج جاريته من عبده فيريد أن يفرق بينهما فيفر العبد كيف يصنع؟ قال: يقول لها: اعتزلي فقد فرقت بينكما فاعتدي فتعتد خمسة و أربعين يوما ثم يجامعها مولاها ان شاء و ان لم يفر قال له:

مثل ذلك قلت: فان كان المملوك لم يجامعها قال: يقول لها: اعتزلي فقد فرقت بينكما ثم يجامعها مولاها من ساعته ان شاء و لا عدة عليها «2».

فانه يستفاد من هذه الرواية أنه لا يجوز وطي الامة في عدتها و مع فرض عدم جواز الوطء لا دليل علي جواز النظر.

و الانصاف أنه لا بد من اتمام الامر بالتسالم و الاجماع و الا فلقائل أن يقول:

أي ملازمة بين حرمة الوطء و حرمة النظر فلو فرضنا أن المستفاد من الاية الشريفة «3» أنه لا يجب حفظ الفرج عن المذكورين فالتقييد يحتاج الي الدليل.

ان قلت: لا يمكن الاخذ باطلاق الاية و الا تلزم المحاذير الكثيرة.

قلت نأخذ باطلاق الاية و نرفع اليد عنه بالمقدار المعلوم و نبقيه في مورد الشك.

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 45 من أبواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 3.

(3) قد مرت في ص 271.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 274

______________________________

و لكن الامر مسلم عند القوم و بنوا علي وجوب الستر و حرمة النظر الا في مورد جواز الوطي و مع قطع النظر عن التسالم و ضرورية الامر في الجملة يمكن النقاش في جملة من

فروع المسألة و حيث ان الماتن تعرض لحرمة النظر و الملازمة بين وجوب الستر و حرمة النظر يكون المناسب أن نذكر جملة من النصوص الدالة علي حرمة النظر بالمطابقة أو بالاستلزام.

فمن تلك الروايات ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا ينظر الرجل الي عورة اخيه «1».

و منها ما رواه حمزة بن احمد عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال: سألته أو سأله غيري عن الحمام فقال: ادخله بمئزر و غض بصرك «2».

و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من دخل الحمام فغض طرفه عن النظر الي عورة اخيه آمنه اللّه من الحميم يوم القيامة «3».

و منها ما رواه الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال: يا علي اياك و دخول الحمام بغير ميزر ملعون ملعون الناظر و المنظور اليه «4».

و منها: ما رواه الحسين بن زيد «5».

و منها: ما رواه علي بن الحسين المرتضي في رسالة المحكم و المتشابه

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب آداب الحمام الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2.

(3) نفس المصدر الحديث: 4.

(4) نفس المصدر الحديث 5.

(5) لاحظ ص 265.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 275

و يحرم علي المتخلي استقبال القبلة و استدبارها حال التخلي (1).

______________________________

نقلا من تفسير النعماني بسنده الآتي عن علي عليه السلام في قوله عز و جل:

«قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصٰارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذٰلِكَ أَزْكيٰ لَهُمْ» معناه:

لا ينظر أحدكم الي فرج اخيه المؤمن أو يمكنه من النظر الي فرجه ثم قال:

«قُلْ لِلْمُؤْمِنٰاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصٰارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ» أي ممن يلحقهن النظر كما جاء في حفظ الفروج

فالنظر سبب ايقاع الفعل من الزنا و غيره «1».

و منها: ما رواه ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

النظر الي عورة من ليس بمسلم مثل النظر الي عورة الحمار «2» فتأمل.

و منها: ما رواه سدير «3».

و منها: ما رواه بشير النبال في حديث: أن أبا جعفر عليه السلام دخل الحمام فاتزر بازار و غطي ركبتيه و سرته ثم أمر صاحب الحمام فطلي ما كان خارجا من الازار ثم قال: اخرج عني ثم طلي هو ما تحته بيده ثم قال: هكذا فافعل «4».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 1، ص: 275

(1) المسألة محل الاشكال و الكلام و الاختلاف فالمشهور قائلون بالحرمة علي الاطلاق- علي ما في الحدائق- و عن المدارك: الكراهة علي الاطلاق و عن السلار: الحرمة في الصحراء و الكراهة في البنيان الي غيرها من الاقوال و وردت في المقام عدة روايات:

منها ما رفعه علي بن ابراهيم قال: خرج أبو حنيفة من عند أبي عبد اللّه عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب الاول من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 5.

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب آداب الحمام الحديث: 1.

(3) لاحظ ص 266.

(4) الوسائل الباب 31 من أبواب آداب الحمام الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 276

______________________________

السلام و أبو الحسن موسي عليه السلام قائم و هو غلام فقال له أبو حنيفة: يا غلام أين يضع الغريب ببلدكم؟ فقال: اجتنب أفنية المساجد و شطوط الانهار و مساقط الثمار و منازل النزال و لا تستقبل القبلة بغائط و لا بول و ارفع ثوبك وضع حيث شئت «1».

و منها: ما رفعه

محمد بن يحيي قال: سئل أبو الحسن عليه السلام ما حد الغائط؟ قال: لا تستقبل القبلة و لا تستدبرها و لا تستقبل الريح و لا تستدبرها «2».

و منها: ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عليهم السلام أن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله قال: في حديث المناهي اذا دخلتم الغائط فتجنبوا القبلة «3».

و منها ما رواه عيسي بن عبد اللّه الهاشمي عن ابيه عن جده عن علي عليه السلام قال: قال النّبيّ صلي اللّه عليه و آله: اذا دخلت المخرج فلا تستقبل القبلة و لا تستدبرها و لكن شرقوا او غربوا «4».

و منها: ما رواه عبد الحميد بن أبي العلاء و غيره مرفوعا قال: سئل الحسن بن علي عليه السلام: ما حد الغائط؟ قال: لا تستقبل القبلة و لا تستدبرها و لا تستقبل الريح و لا تستدبرها «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2.

(3) نفس المصدر الحديث: 3.

(4) نفس المصدر الحديث: 5.

(5) نفس المصدر الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 277

و يجوز حال الاستبراء (1).

______________________________

و الانصاف: أن الروايات تفي بالمقصود من حيث الدلالة و تضمن بعضها بعض المكروهات لا يوجب رفع اليد عن النهي الظاهر في التحريم و لكن اسنادها غير تامة أما الاولي فهي مرفوعة و كذلك الثانية و السادسة و أما الرابعة فهي مرسلة و أما الثالثة فطريق الصدوق الي شعيب بن واقد ضعيف علي ما في كتاب الشيخ الحاجياني و أما الخامسة فبعيسي بن عبد اللّه و عمل المشهور بها علي فرض ثبوتها لا ينفع كما هو المقرر عندنا.

و في قبال هذه النصوص رواية ربما يتوهم منها الجواز و هي ما رواه

محمد ابن اسماعيل قال: دخلت علي أبي الحسن الرضا عليه السلام و في منزله كنيف مستقبل القبلة و سمعته يقول: من بال حذاء القبلة ثم ذكر فانحرف عنها اجلالا للقبلة و تعظيما لها لم يقم من مقعده ذلك حتي يغفر له «1».

و لكن الرواية لا دلالة فيها علي الجواز و ان كان المذكور و المحكي موهما بلا اشكال.

و الانصاف أن ظهور الرواية في الجواز لا ينكر فانه لو لم يكن جائزا كيف يمكن أن يكون الكنيف في منزله مستقبل القبلة الا أن سندها ضعيف بهيثم.

اذا عرفت ما ذكرنا فهل يمكن القول بالجواز استنادا الي البراءة؟ الانصاف أنه مشكل فان سيرة الشيعة علي الحرمة بنحو يكون القول بعدمها مستنكرا فلاحظ.

(1) لعدم الدليل علي الحرمة و ربما يقال: بأنه يمكن خروج قطرة بول عنده فيحرم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 278

و الاستنجاء (1) و ان كان الاحوط استحبابا الترك (2) و لو اضطر الي أحدهما فالاقوي التخيير (3).

______________________________

و يرد عليه أنه لا يصدق علي مثله عنوان بال أو يبول مضافا الي ان الروايات ضعيفة و القدر المتيقن من السيرة غير المقام.

(1) الامر فيه أوضح و ربما يقال: أن المستفاد من رواية عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يريد أن يستنجي كيف يقعد؟ قال: كما يقعد للغائط «1»، الحرمة و هذه الرواية ضعيفة سندا بسهل.

(2) لا اشكال في حسن الاحتياط فانه المرتبة الراقية من التقوي بل يمكن أن يقال: بأن مقتضي النصوص الدالة علي الاحتياط استحبابه.

(3) اذا كان المدرك الاجماع و التسالم و السيرة فتارة نقول: بأن القدر المتيقن منها صورة الاختيار ففي صورة الاضطرار لا دليل علي الحرمة و

أصل البراءة يقتضي الجواز و أما لو قلنا بأن صورة الاضطرار أيضا مورد الاجماع فما هي الوظيفة؟.

أفاد سيدنا الاستاد في المقام: بأن الحرمة معلومة في الجملة لكن حيث ان الامر دائر بين التعيين و التخيير و حقق في محله أن النتيجة هو التخيير فنلتزم به هذا كلامه.

و فيه أنا لا نتصور التخيير في المقام اذ مع فرض الجواز في الجملة كما هو المفروض للاضطرار فالمكلف يختار أحد الطرفين لا محالة فالنتيجة أن المحرم هو الاستقبال.

______________________________

(1) الوسائل الباب 37 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 279

و الاولي اجتناب الاستقبال (1).

[مسألة 23: لو اشتبهت القبلة لم يجز له التخلي إلا بعد اليأس عن معرفتها]

(مسألة 23): لو اشتبهت القبلة لم يجز له التخلي (2) الا بعد اليأس عن معرفتها و عدم امكان الانتظار أو كون الانتظار حرجيا أو ضرريا (3).

[مسألة 24 لا يجوز النظر الي عورة غيره من وراء الزجاجة و نحوها و لا في المرآة و لا في الماء الصافي]

(مسألة 24) لا يجوز النظر الي عورة غيره من وراء الزجاجة و نحوها و لا في المرآة و لا في الماء الصافي (4).

______________________________

و بعباره اخري: لا اشكال في جواز أحد الامرين و لا مجال لان يقال: بأن التخيير في المقام كالتخيير في المسألة الاصولية بحيث لو اختار أحد الطرفين يكون ملزما به لعدم الدليل فعليه نلتزم بحرمة الاستقبال و جواز الاستدبار لعدم احتمال العكس.

(1) بل الاحوط لو لم يكن أظهر فلاحظ.

(2) لتنجز العلم الإجمالي.

(3) فان التكليف مع عدم الامكان ساقط و مع فرض بقاء القدرة لا يصدق عنوان عدم الامكان الا بنحو المجاز و هي صورة الحرج و الضرر و أما رفع الحرمة في صورة الحرج فللقاعدة المقررة في الشريعة و أما رفعها للضرر فهو مبني علي مسلك القوم في باب قاعدة لا ضرر.

(4) ما أفاده من حرمة النظر من وراء الزجاجة تام فان النظر من ورائها كالنظر من وراء النظارة فانه نظر الي نفس العورة فيكون حراما لإطلاق الدليل و أما الجزم بالحرمة فيما ينظر اليها في المرآة أو في الماء الصافي فمشكل فانه قد وقع

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 280

______________________________

البحث في الفلسفة بأن المنظور في المرآة عينه أو صورة منبطعة و فيه اختلاف و عليه تكون الشبهة مصداقية و مقتضي الاستصحاب عدم الانطباع كما ان مقتضي البراءة الجواز.

يبقي في المقام أن يقال: أن النظر الي الصورة في المرآة يصدق عليه عرفا انه نظر الي ذي الصورة.

و هذه الدعوي عهدتها علي مدعيها، نعم يمكن الصدق مسامحة و من

الظاهر أن التسامح العرفي في الاطلاق لا أثر له.

و يؤيد المدعي ما ورد في مورد الخنثي كرواية موسي بن محمد أخي أبي الحسن الثالث عليه السلام: أن يحيي بن اكثم سأله في المسائل التي سأله عنها:

اخبرني عن الخنثي و قول علي عليه السلام: تورث الخنثي من المبال من ينظر اليه اذا بال؟ و شهادة الجار الي نفسه لا تقبل مع أنه عسي أن يكون امرأة و قد نظر اليه الرجال أو يكون رجلا و قد نظر اليه النساء و هذا مما لا يحل فاجاب أبو الحسن الثالث عليه السلام أما قول علي عليه السلام في الخنثي أنه يورث من المبال فهو كما قال و ينظر قوم عدول يأخذ كل واحد منهم مرآة و تقوم الخنثي خلفهم عريانة فينظرون في المرايا فيرون شبحا فيحكمون عليه «1».

و رواية محمد بن محمد المفيد قال روي بعض اهل النقل أنه لما ادعي الشخص ما ادعاه من الفرجين أمر أمير المؤمنين عليه السلام عدلين من المسلمين يحضرا بيتا خاليا و أمر بنصبة مرآتين احداهما مقابلة لفرج الشخص و الاخري مقابلة للمرآة الاخري و أمر الشخص بالكشف عن عورته في مقابلة المرآة

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب ميراث الخنثي الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 281

[مسألة 25: لا يجوز التخلي في ملك غيره الا باذنه و لو بالفحوي]

(مسألة 25): لا يجوز التخلي في ملك غيره الا باذنه و لو بالفحوي (1).

______________________________

حيث لا يراه العدلان و أمر العدلين بالنظر في المرآة المقابلة لهما فلما تحقق العدلان صحة ما ادعاه الشخص من الفرجين اعتبر حاله بعد اضلاعه فلما الحقه بالرجال أهمل قوله في ادعاء الحمل و ألقاه و لم يعمل به و جعل حمل الجارية منه و الحقه به «1».

فانه لو كان الامر كذلك

و كان النظر حراما لما كان وجه للتثبث بهذه الوسيلة.

مضافا الي ما في جواب أبي الحسن عليه السلام ليحيي حين اورد بأن النظر الي العورة حرام فان جوابه في هذا المقام أدل دليل علي الجواز.

و انما عبرنا بالتأييد لما في سنديهما من الضعف أما في الاولي فبالاذربيجاني و ابن كيسان و أما في الثانية فبالارسال.

و الحق هو الجواز و لكن الاحتياط في مثل المقام لا يمكن تركه و اللّه العالم.

(1) اذ التصرف في ملك الغير حرام بالضرورة و النص دال عليه و من النصوص الدالة علي المدعي ما رواه سماعة عن ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: من كانت عنده أمانة فليؤدها الي من ائتمنه عليها فانه لا يحل دم امرؤ مسلم و لا ماله إلا بطيبة نفس منه «2» و يلحق بالمسلم من يكون محترما ما له.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 282

[مسألة 26: لا يجوز التخلي في المدارس و نحوها ما لم يعلم بعموم الوقف]

(مسألة 26): لا يجوز التخلي في المدارس و نحوها ما لم يعلم بعموم الوقف (1) و لو أخبر المتولي أو بعض أهل المدرسة بذلك كفي و كذا الحال في سائر التصرفات فيها (2).

[الفصل الثاني: يجب غسل موضع البول بالماء القليل مرتين]
اشارة

الفصل الثاني:

يجب غسل موضع البول بالماء القليل مرتين علي الاحوط وجوبا (3).

______________________________

(1) فان الوقوف علي ما حسب ما اوقفها اهلها فلا يجوز التصرف فيها لغير من وقف عليه و مع الشك في عموم الوقف و خصوصه يكون مقتضي عدم عمومه عدم الجواز و هذا الاستصحاب حاكم علي اصالة الحل و لا مجال لان يتوهم أحد بأن مقتضي الاستصحاب أيضا عدم الخصوصية اذ لا يثبت به العموم الا علي القول بالمثبت الذي لا نقول به مضافا الي المعارضة فلاحظ.

(2) لحجية قول ذي اليد و هذا من أظهر مصاديقه.

(3) يقع الكلام في المقام في أنه هل يطهر مخرج البول بالمسح كمخرج الغائط أو ينحصر تطهيره بالغسل؟.

ربما يقول بأنه يستفاد من جملة من الروايات أنه يكفي فيه المسح:

منها ما رواه سماعة قال: قلت لأبي الحسن موسي عليه السلام: اني أبول ثم أتمسح بالاحجار فيجي ء مني البلل ما يفسد سراويلي قال: ليس به بأس «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 283

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة سندا بحكم بن مسكين و هيثم مضافا الي أنه لا تدل علي المدعي فان المستفاد منها عدم تنجيس المتنجس و لا تدل علي طهارة المخرج بالمسح.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن بكير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يبول و لا يكون عنده الماء فيمسح ذكره بالحائط قال: كل شي ء يابس زكي «1».

و هذه الرواية لا تدل علي المدعي كما هو

ظاهر.

و منها ما رواه حنان بن سدير قال: سمعت رجلا سأل أبا عبد اللّه عليه السلام فقال اني ربما بلت فلا اقدر علي الماء و يشتد ذلك علي فقال: اذا بلت و تمسحت فامسح ذكرك بريقك فان وجدت شيئا فقل هذا من ذاك «2».

و غاية ما يستفاد من هذه الرواية عدم تنجيس المتنجس.

و يدل علي وجوب الغسل بالماء جملة من النصوص:

منها: ما رواه بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: يجزي من الغائط المسح بالاحجار و لا يجزي من البول الا الماء «3».

و منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا صلاة الا بطهور و يجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار بذلك جرت السنة من رسول اللّه صلي اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 5.

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 7.

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 284

______________________________

عليه و آله و أما البول فانه لا بد من غسله «1».

و منها: ما رواه يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الوضوء الذي افترضه اللّه علي العباد لمن جاء من الغائط أو بال قال: يغسل ذكره و يذهب الغائط ثم يتوضأ مرتين مرتين «2».

و منها: ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام في الرجل يبول فينسي غسل ذكره ثم يتوضأ وضوء الصلاة قال: يغسل ذكره و لا يعيد الوضوء «3».

و منها ما رواه سليمان بن خالد عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يتوضأ فينسي غسل ذكره قال يغسل ذكره ثم يعيد الوضوء «4».

و منها ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد

اللّه عليه السلام: ان أهرقت الماء و نسيت أن تغسل ذكرك حتي صليت فعليك اعادة الوضوء و غسل ذكرك «5».

و منها: ما رواه عمرو بن أبي نصر قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يبول فينسي أن يغسل ذكره و يتوضأ قال: يغسل ذكره و لا يعيد وضوئه «6»

و منها ما رواه ابن اذينة قال: ذكر أبو مريم الانصاري أن الحكم بن عتيبة بال يوما و لم يغسل ذكره متعمدا فذكرت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السلام فقال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 5.

(3) الوسائل الباب 18 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 1.

(4) نفس المصدر الحديث: 9.

(5) عين المصدر الحديث: 8.

(6) نفس المصدر الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 285

______________________________

بئس ما صنع عليه أن يغسل ذكره و يعيد صلاته و لا يعيد وضوئه «1».

و منها: ما رواه ابن بكير عن بعض اصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يبول و ينسي أن يغسل ذكره حتي يتوضأ و يصلي قال: يغسل ذكره و يعيد الصلاة و لا يعيد الوضوء «2».

و منها: ما رواه عمرو بن أبي نصر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

أبول و أتوضأ و انسي استنجائي ثم أذكر بعد ما صليت قال: اغسل ذكرك و أعد صلاتك و لا تعد وضوئك «3».

و منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال اذا انقطعت درة البول فصب الماء «4».

فلا اشكال في وجوب غسل مخرج البول بالماء انما الكلام في أنه هل يكفي المرة أم يجب الغسل مرتين؟

ربما يقال: بأنه يستفاد من جملة من النصوص الاكتفاء بالمرة:

منها رواية يونس «5»

فان مقتضي اطلاق هذه الرواية كفاية الغسل مرة و لا بأس بهذا الاطلاق الا مع المقيد فلو لم يقيد بما يصلح للتقييد يعمل به كما هو ظاهر.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4.

(2) نفس المصدر الحديث: 2.

(3) نفس المصدر الحديث: 3.

(4) الوسائل الباب 31 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1.

(5) لاحظ ص 284.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 286

______________________________

و منها ما رواه نشيط بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته كم يجزي من الماء في الاستنجاء من البول؟ فقال: مثلا ما علي الحشفة من البلل «1»

بدعوي: أن صب مثلي ما علي الحشفة اما يصب دفعة علي الحشفة أو دفعتين لا سبيل الي الثاني لان مثل البلل اذا صب علي الحشفة يتغير بالبول الموجود علي رأسها و ليس قابلا لان يطهر به اذا المضاف لا يطهر فيتعين الاول و يحصل به المقصود.

و فيه: أن الرواية ضعيفة بهيثم بل بغيره و ليست قابلة للاعتماد.

و منها ما رواه جميل بن دراج «2» و هذه الرواية لا تدل علي المدعي فان النظر فيها الي أن صب الماء بعد انقطاع درة البول.

فنقول لا بد من تقييد المطلقات بما رواه الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن البول يصيب الجسد؟ قال: صب عليه الماء مرتين «3»، و ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: سألته عن البول يصيب الجسد قال: صب عليه الماء مرتين فانما هو ماء «4».

و ربما يقال بأن هاتين الروايتين لا ترتبطان بالمقام فان الاصابة منصرفة عن مخرج البول فان ظاهر الاصابة، الاصابة للجسد من الخارج.

و هذه الدعوي غير تامة فانه لا اشكال في صدق اصابة الدم للجسد بخروج الدم

منه فلو ورد دليل بأنه يجب تطهير البدن من اصابة الدم أو المني لا يشك في شمول

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 5.

(2) لاحظ ص 285.

(3) الوسائل الباب 26 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث 9.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 287

______________________________

الاطلاق للموضع الذي خرج منه الدم او المني فانه يجب تطهير مخرج الدم و كذلك المني.

و ملخص الكلام: أنه امر في جملة من النصوص بالغسل مرتين من البول:

منها ما رواه أبو اسحاق النحوي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن البول يصيب الجسد قال: صب عليه الماء مرتين «1».

و منها: ما رواه الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن البول يصيب الجسد قال: صب عليه الماء مرتين فانما هو ماء و سألته عن الثوب يصيبه البول قال: اغسله مرتين «2».

فعلي فرض وجود اطلاق في ادلة تطهير مخرج البول يقيد بهذه المقيدات و لقائل ان يقول: أنه يقع التعارض بين ما دل علي التعدد و بين ما دل علي وجوب غسل رأس الحشفة و بين الدليلين عموم من وجه و يجتمعان في تطهير مخرج البول فان مقتضي اطلاق الغسل كفاية المرة و مقتضي ما دل علي التعدد وجوبه فعلي القول بالتساقط يتساقطان فتصل النوبة الي الاخذ باطلاق وجوب الغسل من البول علي الاطلاق ان كان و الا تصل النوبة الي الاصل العملي و هو الاستصحاب علي مسلك القوم- و علي المسلك الحق بعد المعارضة تصل النوبة الي اصالة الطهارة و اما علي القول بالتعارض فلا بد من اعمال قانونه و حيث ان العامة لا يقولون بالتعدد يكون الترجيح مع ما دل عليه.

الا أن

يقال: بأن العرف بحسب فهمه لا يفرق بين رأس الحشفة و غيره من

______________________________

(1) الوسائل الباب الاول من أبواب النجاسات الحديث: 3.

(2) نفس المصدر الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 288

و في الغسل بغير القليل يجزئ مرة واحدة علي الاظهر (1).

و لا يجزئ غير الماء (2).

و أما موضع الغائط فان تعدي المخرج تعين غسله بالماء كغيره من المتنجسات (3).

______________________________

مواضع البدن فلا تعارض بل لا بد من التقييد و اللّه العالم.

(1) يمكن الاستدلال علي ما افاده بتقريبين:

احدهما: أن مقتضي اطلاق بعض الاوامر الواردة في النصوص كحديث يونس «1» كفاية الغسل لكن يقيد بما اذا غسل بالقليل بما دل علي وجوب الغسل مرتين كما مر و أما بالنسبة الي غير القليل فيؤخذ باطلاق الغسل.

لا يقال: مقتضي اطلاق الامر بالصب مرتين عدم الفرق بين صب القليل و الكثير كما لو صب بالمزملة، فانه يقال: لا اشكال في ظهور الصب في القليل.

ثانيهما: أن دليل وجوب الغسل مرتين لا يشمل ما لو غسل بالكثير و بعد تحقق الغسل يشك في الطهارة و النجاسة و قاعدة الطهارة تقتضي الطهارة و لا مجال لاستصحاب النجاسة لعدم جريانه في الحكم الكلي للمعارضة.

(2) كما نص عليه في جملة من النصوص.

منها: ما رواه بريد بن معاوية «2» و منها ما رواه زرارة «3» و منها ما رواه يونس «4».

(3) قد يتعد الغائط الي جسم غير متصل بالمخرج كما اذا طفر و أصاب رجله

______________________________

(1) لاحظ ص 284.

(2) لاحظ ص 283.

(3) لاحظ ص 283.

(4) لاحظ ص 284.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 289

______________________________

أو فخذه فلا اشكال في الغسل لعدم الدليل علي كفاية المسح فكما أفاد في المتن لا بد من غسله و قد يتعدي الي ما هو متصل بالمخرج

زائدا علي المتعارف و في هذه الصورة أيضا يلزم تطهير المقدار الزائد بالماء لعين ما ذكرناه و في هذه الصورة هل يكفي المسح بالنسبة الي نفس المخرج أم لا؟

الحق هو الاول لإطلاق الدليل، و يتعدي ثالثا الي حواشي المخرج بالمقدار المتعارف و الحق: أنه يكفي المسح فانه لو فرض المقدار المعتاد المتعارف كما فرض يكون مقتضي الدليل كفايته فان الدليل وارد مع هذا التعارف فلو كان مضرا لكان عليهم بيانه و ليس ما يدل علي التقييد.

و بعبارة اخري: مقتضي اطلاق الدليل، و عدم البيان- مع كونهم في مقام البيان- اطلاق الحكم و لا وجه لحمل الدليل علي الفرد النادر.

و ما عن علي عليه السلام من قوله: كنتم تبعرون بعرا و انتم اليوم تثلطون ثلطا فاتبعوا الماء الاحجار «1».

بتقريب: أن المستفاد من الرواية وجوب الغسل بالماء بعد المسح بالاحجار و أن الاكتفاء بالاحجار مخصوص بالصدر الاول.

فيرد عليه: أولا: أن السند مخدوش.

و ثانيا: علي فرض وروده معارض بما صدر عن الائمة عليهم السلام المتأخر زمانهم عن زمانه عليه السلام و في زمان صدور روايات المسح كان الناس في سعة و رخاء فلا دليل لرفع اليد عن الاطلاق الا الاجماع التعبدي الكاشف ان

______________________________

(1) المغني لابن قدامة ج 1 ص 159 و المستدرك الباب 25 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 290

و ان لم يتعد المخرج تخير بين غسله بالماء (1).

______________________________

تحقق و أني لنا بذلك.

و عن روض الجنان و المسالك و الروضة و غيرها: اعتبار التعدي عن حواشي الدبر و عن شرح المفاتيح: أن الفقهاء بأجمعهم صرحوا بأن الاستنجاء من الغائط غير منحصر بالماء الا أن يتعدي عن المحل المعتاد.

و ربما يستفاد من بعض النصوص

أن جواز المسح مقيد بصورة عدم التعدي عن المعتاد لاحظ ما رواه فخر المحققين عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: يجزي من الغائط المسح بالاحجار اذا لم يتجاوز محل العادة «1».

لكن الرواية ضعيفة سندا لا اعتبار بها.

و يستفاد من مرسلة أحمد بن محمد عن بعض أصحابنا رفعه الي أبي عبد اللّه عليه السلام قال: جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة احجار ابكار و يتبع بالماء «2» أنه يجب الجمع بين المسح بالاحجار و الغسل بالماء.

و هذه الرواية لا اعتبار بها سندا و معارضة بجملة من الروايات و مخالفة للضرورة فضلا عن الاجماع فانه لا يجب الجمع بالضرورة فلاحظ.

(1) أما وجوب الاستنجاء من الغائط في الجملة فلا اشكال فيه و لا ريب يعتريه.

مضافا الي أن المقعد يتنجس بها فيجب تطهيره و أما اجزاء الماء فأيضا مما لا خلاف فيه.

و يدل عليه ما رواه ابراهيم ابن أبي محمود قال: سمعت الرضا عليه السلام

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 25 الحديث: 7.

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 291

حتي ينقي (1).

______________________________

يقول في الاستنجاء: يغسل ما ظهر منه علي الشرج و لا يدخل فيه الا نملة «1».

و ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال انما عليه أن يغسل ما ظهر منها يعني المقعدة و ليس عليه أن يغسل باطنها «2».

و أما كفاية الاستنجاء مسحا فعليها نقل الاجماع مضافا الي النصوص الدالة عليه.

منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن التمسح بالاحجار فقال: كان الحسين بن علي عليه السلام يمسح بثلاثة أحجار «3».

و منها: ما رواه بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام

أنه قال: يجزي من الغائط المسح بالاحجار و لا يجزي من البول الا الماء «4».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: جرت السنة في أثر الغائط بثلاثة أحجار أن يمسح العجان و لا يغسل و يجوز أن يمسح رجليه و لا يغسلهما «5».

و منها: ما رواه أحمد بن محمد عن بعض أصحابنا رفعه الي أبي عبد اللّه عليه السلام قال: جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار و يتبع بالماء «6».

(1) نقل عليه الاجماع من الخلاف و غيره.

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2.

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1.

(4) نفس المصدر الحديث: 2.

(5) نفس المصدر الحديث: 3.

(6) نفس المصدر الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 292

و مسحه بالاحجار أو الخرق (1) أو نحوها من الاجسام القالعة للنجاسة (2).

______________________________

و يدل عليه ما رواه ابن مغيرة عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له:

للاستنجاء حد؟ قال: لا، ينقي ما ثمة قلت: ينقي ما ثمه و يبقي الريح قال:

الريح لا ينظر اليها «1».

و يدل عليه أيضا حديث يونس «2» فان المستفاد من الحديثين أن الميزان حصول النقاء و ذهاب الغائط.

(1) كما نص عليه في بعض النصوص لاحظ ما رواه زرارة قال: كان يستنجي من البول ثلاث مرات و من الغائط بالمدر و الخرق «3».

و ما رواه أيضا قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كان الحسين بن علي عليهما السلام يتمسح من الغائط بالكرسف و لا يغتسل (يغسل خ ل) «4».

(2) هذا هو المشهور بين القوم و عن الخلاف و الغنية: «الاجماع عليه».

و ربما يستدل عليه بما رواه ليث المرادي عن أبي عبد

اللّه عليه السلام قال:

سألته عن استنجاء الرجل بالعظم أو البعر أو العود قال: أما العظم و الروث فطعام الجن و ذلك مما اشترطوا علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقال:

لا يصلح بشي ء من ذلك «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1.

(2) لاحظ ص: 284.

(3) الوسائل الباب 35 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 2.

(4) الوسائل الباب 35 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 3.

(5) الوسائل الباب 35 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 14.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 293

______________________________

بتقريب: أن المستفاد من الخبر عموم الحكم و انما الخارج بالخصوص ما ذكر في الرواية.

و هذه الرواية ضعيفة بمفضل بن صالح اذ أنه لم يوثق لكن لا يبعد أن يقال:

ان مقتضي اطلاق رواية يونس «1» الجواز بكل قالع كما عبر به في متن العروة.

فنقول: ان مقتضاها عموم الحكم لكل قالع و انما الخارج يحتاج الي الدليل بل لا يبعد أن يستفاد من التعبير بالكرسف تارة و بالحجر اخري و بالمدر ثالثة أن الحكم عام.

بل يمكن أن يستدل باطلاق حديث ابن المغيرة «2» فان المستفاد من الرواية أن الحد النقاء الا ان يقال: بأن سؤال الراوي عن الحد لا عن حد ما يستنجي به و كم فرق بين الامرين.

و لا يخفي: أنه لا دليل في المقام يلزمنا القول باشتراط خصوص الحجر فان المذكور في رواية زرارة «3» لفظة يجزي كما أن الواقع في حديث بريد معاوية «4» كذلك و لا جزاء بالحجر لا يدل علي نفيه عن غيره.

نعم ربما يستفاد من حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: جرت السنة في اثر الغائط بثلاثة أحجار أن يمسح العجان و لا يغسله و يجوز أن يمسح

______________________________

(1)

مرت في ص 284.

(2) لاحظ ص: 292.

(3) لاحظ ص 283.

(4) لاحظ ص 283.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 294

و الماء أفضل (1) و الجمع أكمل (2).

______________________________

رجليه و لا يغسلهما «1»، أنه لا يجزي غيره لكن لا مفهوم للرواية فيكفي للعموم حديث يونس «2».

(1) لجملة من النصوص:

منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ التَّوّٰابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ» قال: كان الناس يستنجون بالكرسف و الاحجار ثم احدث الوضوء و هو خلق كريم فأمر به رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و صنعه فأنزل (له خ ل) اللّه في كتابه: «إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ التَّوّٰابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ» «3».

الي غيرها من الروايات الواردة في الباب (34) من أبواب أحكام الخلوة في الوسائل.

(2) لا دليل عليه نعم الاحتياط حسن علي كل حال.

و اما ما روي عن عليه السلام «4»: فانه ضعيف و لا يثبت الاستحباب بالرواية الضعيفة و مفاد حديث من بلغ ارشاد الي حكم العقل كما حقق في محله.

و مما ذكرنا يظهر الاشكال في الاستدلال بمرفوعة أحمد بن محمد الي أبي عبد اللّه عليه السلام قال: جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار و يتبع بالماء «5».

______________________________

(1) التهذيب ج 1 ص 46 و لاحظ ص 291 من الكتاب.

(2) لاحظ ص: 284.

(3) الوسائل الباب 34 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 4.

(4) لاحظ ص: 289.

(5) الوسائل الباب 30 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 295

[مسألة 27: الأحوط وجوبا اعتبار المسح بثلاثة أحجار أو نحوها إذا حصل النقاء بالأقل]

(مسألة 27): الاحوط وجوبا اعتبار المسح بثلاثة أحجار أو نحوها اذا حصل النقاء بالاقل (1).

______________________________

(1) يقع الكلام في أنه هل لنا ما يقتضي الاكتفاء بالاقل في فرض حصول

النقاء به أم لا؟.

الحق أن بعض النصوص يقتضي ذلك كرواية يونس «1» و ابن المغيرة «2» فان المستفاد من هذين الحديثين جواز الاكتفاء بالاقل فان الميزان حسب المستفاد من الخبرين حصول الذهاب و النقاء و لذا لو فرضنا عدم النقاء بالمسح بثلاثة أحجار يلزم المسح حتي ينقي.

و عن الشيخ الانصاري قدس سره: «المناقشة في رواية يونس بأن ذكر الوضوء في صدر الرواية و ذكر غسل الذكر في الجواب قرينتان علي أن الامام عليه السلام ناظر الي الغسل بالماء و ليس ناظرا الي المسح و انما ترك ذكر الدبر للاستهجان».

و فيه: أن ذكر الذكر و الدبر في الاستهجان سواء مضافا الي أنه يمكن أن يعبر عنه بمخرج الغائط.

اضف الي ذلك أنه قد صرح بالعجان في رواية زرارة «3» فانه عبر بالعجان و لا استهجان فيه فلا وجه لرفع اليد عن الاطلاق نعم يمكن أن يناقش في رواية ابن المغيرة «4» بأن السؤال عن بقاء الريح قرينة علي أن الكلام في الغسل بالماء و الا كان الاولي ان يسئل عن بقاء أجزاء الغائط الباقية في المحل.

______________________________

(1) لاحظ ص: 284.

(2) لاحظ ص: 292.

(3) لاحظ ص: 291.

(4) لاحظ ص: 292.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 296

______________________________

و بعبارة اخري: أن الراوي يسئل عن بقاء الريح و لا يسأل عن بقاء اجزاء الصغار و الحال أن السؤال عنها أولي من السؤال عن الريح فيعلم انه فرض زوال الغائط بتمامه و هو لا يحصل غالبا الا بالماء و لكن مع ذلك كله لا أري وجها لرفع اليد عن الاطلاق.

و من الروايات التي يمكن أن يستدل بها علي الاطلاق ما رواه بريد «1».

بتقريب أن اللام في الاحجار للجنس و مقتضاه أن جنس الحجر كاف

في تطهير المحل أعم من أن يكون متعددا أو واحدا اذ لم يرد به الجمع كي يقال:

بأن اقله ثلاثة.

و الوجه في القول بان اللام للجنس أنه لا اشكال في أن اللام ليس للاستغراق اذ لا يعقل أن يأمر بالاستنجاء بجميع افراد الحجر في العالم و ليس للعهد لعدم قرينة و عدم معهودية عدد خاص في البين فتكون للجنس.

و يمكن أن يرد عليه بأنه لا منافاة بين كون اللام للجنس و بين الالتزام بوجوب التعدد، و حيث ان اللام ليست للعهد و لا للاستغراق و لا وجه لرفع اليد عن ظهور لفظ الجمع في معناه فلا بد من كون اللام لجنس الجمع فهذه الرواية تدل علي خلاف المدعي كما عرفت.

و مما استدل به علي المدعي مضمر زرارة قال: كان يستنجي من البول ثلاث مرات و من الغائط بالمدر و الخرق «2».

بتقريب: أن المدر و الخرق باطلاقهما يشمل الاقل و الاكثر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 291.

(2) الوسائل الباب 26 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 297

______________________________

و اورد علي الرواية: أنها غير واردة في مقام بيان العدد بل واردة في مقام بيان فعل الامام عليه السلام بأنه كان يكتفي بالمسح اذ لم يكن الامام عليه السلام يستنجي بمرئي من الناس كي يشاهد فعله.

و يرد علي هذا الايراد: بأنه صرح في الرواية بأنه كان يستنجي من البول ثلاث مرات و ما الفرق بين الاستنجاء من البول و بين الاستنجاء من الغائط؟.

و الكلام في احدهما عين الكلام في الاخر و لكن لا يقيد الاطلاق الا مع ما يقيده و في المقام المقيد موجود لاحظ ما رواه زرارة «1»، فانه صرح في الرواية أن السنة جرت بالثلاثة.

و قد نوقشت

في الرواية بأمور:

الاول: أن ملاك الاستنجاء حصول النقاء و مع حصوله باقل من ثلاث يكون الزائد لغوا.

و فيه: أن ملاك الاحكام الشرعية ليس بايدينا ألا تري ان الانية يجب غسلها ثلاثا و الحال أنها لو كسرت و خرجت عن الهيئة الا نائية يكفي الغسل فيها مرة واحدة كما أن المتنجس بالبول يجب غسله بالقليل مرتين و الحال انه يمكن أن يزول العين و الاثر بالغسلة الاولي.

الثاني: أنه ذكر في الرواية: «بذلك جرت السنة» فيكون مستحبا.

و فيه: أن المراد بها ما سنه النّبيّ صلي اللّه عليه و آله في مقابل ما فرضه اللّه كما يقال: الختان من سنن ابراهيم الخليل عليه السلام.

______________________________

(1) لاحظ ص: 283.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 298

[مسألة 28: يجب أن تكون الأحجار أو نحوها طاهرة]

(مسألة 28): يجب أن تكون الاحجار أو نحوها طاهرة (1).

______________________________

الثالث: أن النقاء حيث لا يحصل غالبا الا بالثلات أمر به و لا مفهوم للقيد اذا ورد مورد الغالب كقوله تعالي «وَ رَبٰائِبُكُمُ اللّٰاتِي فِي حُجُورِكُمْ».

و يرد عليه أنه يلزم التحفظ علي القيد بلا فرق بين الموارد و انما لا نلتزم بالقيد في الاية لدليل خارجي و لكن نلتزم باشتراط الدخول و الحال أنه هل يمكن عدم الدخول الا في أقل قليل.

اضف الي ذلك: ان الكلي غير منطبق علي المقام اذ لا يحصل النقاء غالبا بالثلاثة فانه قد يحصل بالثلاث و اخري بالاربعة و ثالثة بالخمس فلا غلبة في الثلاث.

فتحصل: أن مقتضي القاعدة الالتزام بالثلاثة و لا أدري ما الوجه في تعبير الماتن بالاحوط و لم يقل الاظهر و لعله ناظر الي وجه لم يخطر ببالي القاصر و اللّه العالم.

(1) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي امور:

منها: الاجماع و في بعض الكمات عبّر بالإجماع المستفيض نقله

عن غير واحد من الاعيان.

و يرد عليه: الاشكال الساري في الاجماعات.

و منها: استصحاب النجاسة مع عدم رعاية الشرط.

و فيه: أولا: أنه لو تم الدليل علي كفاية الاستجمار بالنجس فلا مجال للأصل كما هو ظاهر و ثانيا: لا يجري الاستصحاب في الحكم الكلي.

و منها: النبوي المحكي: «فليستطب بثلاثة احجار أو اعواد أو ثلاث خشنات

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 299

[مسألة 29: يحرم الاستنجاء بالأجسام المحترمة]

(مسألة 29): يحرم الاستنجاء بالاجسام المحترمة (1) و أما العظم و الروث فلا يحرم الاستنجاء بهما (2).

______________________________

من تراب طاهر «1»» و حال النبوي المذكور معلوم.

و منها: الارتكاز المتشرعي بأن المطهر لا بد أن يكون طاهرا.

و هذا الارتكاز علي فرض ثبوته بحيث يكون هذا الاشتراط جليا عندهم يكون دليلا علي المدعي انما الكلام في ثبوته.

و منها: ما رواه زرارة «2» بتقريب ان الطهور المذكور في الرواية أعم من الطهارة الحدثية و الخبثية بقرينة ذكر الاستنجاء من الغائط و البول و الطهور ما يكون طاهرا بنفسه و مطهرا لغيره.

و يظهر من اللغة: أن الطهور عبارة عن الطاهر في نفسه و مطهر لغيره أو يكون عبارة عن المبالغة في الطهارة فعلي كلا التقديرين لا يصدق الا علي ما يكون طاهرا و اللّه العالم و طريق الاحتياط ظاهر.

(1) كأوراق القرآن الكريم فانه هتك بها و حرمته من الواضحات الاوليه.

(2) لعدم وجه للحرمة الا الاجماع المنقول عن جملة من الاعاظم و هذه الاجماعات حالها معلوم في الاشكال و اما حديث ليث «3» فيدل علي الحرمة الوضعية و مع ذلك يكون سنده ضعيفا و اما مرسلة الصدوق قال: ان وفد الجان (1) لجن خ ل) جاءوا الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقالوا يا رسول اللّه متعنا فاعطاهم الروث و العظم

فلذلك لا ينبغي أن يستنجي بهما «4» فلا يتم

______________________________

(1) مصباح الهدي للآملي ج 3 ص 47.

(2) مر في ص 283.

(3) لاحظ ص: 292.

(4) الوسائل الباب 35 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 300

و لكن لا يطهر المحل به علي الاظهر (1).

[مسألة 30: يجب في الغسل بالماء إزالة العين و الأثر]

(مسألة 30): يجب في الغسل بالماء ازالة العين و الاثر (2) و لا تجب ازالة اللون و الرائحة (3) و يجزي في المسح ازالة العين و لا تجب ازالة الاثر الذي لا يزول بالمسح بالاحجار عادة (4).

______________________________

لا سندا و لا دلالة و قس عليهما ما رواه في دعائم الإسلام قال: و نهوا عليهم السلام عن الاستنجاء بالعظام و البعر و كل طعام و أنه لا بأس بالاستنجاء بالحجارة و الخرق و القطن و اشباه ذلك «1».

(1) الظاهر أنه لا وجه له بعد عدم حجية الاجماعات و ضعف الروايات فالاظهر- كما في العروة- حصول الطهارة بهما الا أن يقال: بانصراف الدليل عنهما.

(2) فانه لا يصدق الغسل ما دام بقاء الاجزاء الصغار مضافا الي انها مصداق للغائط و لا معني لحصول الطهارة مع بقاء عين النجاسة.

(3) فانهما من الاعراض بالنظر العرفي الذي هو الميزان في الشرعيات اضف الي ذلك رواية ابن المغيرة «2» فانه قد صرح في هذه الرواية بأن الريح لا ينظر اليها.

مضافا الي جميع ذلك أن السيرة جارية علي عدم ترتيب الاثر علي اللون و الرائحة.

و ملخص الكلام: انه لا اشكال فيه.

(4) فان الامر بالمسح، أمر بالمسح المتعارف و في المسح المتعارف

______________________________

(1) المستدرك الباب 26 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1.

(2) لاحظ ص: 292.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 301

[مسألة 31: إذا خرج مع الغائط أو قبله أو بعده نجاسة أخري مثل الدم و لاقت المحل لا يجزي في تطهيره إلا الماء]

(مسألة 31): اذا خرج مع الغائط أو قبله أو بعده نجاسة أخري مثل الدم و لاقت المحل لا يجزي في تطهيره الا الماء (1).

[الفصل الثالث في مستحبات التخلي]
اشارة

الفصل الثالث يستحب للمتخلي- علي ما ذكره العلماء رضوان اللّه تعالي عليهم- أن يكون بحيث لا يراه الناظر و لو بالابتعاد عنه (2) كما

______________________________

تبقي الاجزاء الصغار أو اللزوجة فلا يلزم إذهابهما و الظاهر أن هذا أيضا أمر واضح لا يحتاج الي تطويل البحث.

(1) ان قلنا: بان المتنجس يتنجس ثانيا فالوجه فيما أفاده ظاهر اذ المستفاد من دليل الاستجمار تطهير المحل المتنجس بالغائط بالحجر و شبهه فلا وجه لتطهيره غير الغائط.

و ان قلنا: بأن المتنجس لا يتنجس ثانيا فما أفاده صحيح أيضا اذ المحل و ان لم يتنجس ثانيا لكن قد لاقي نجاسة اخري و تبدل موضوع الحكم فلا بد من ترتيب اثر حكمه و لذا لو تنجس المحل بالدم ثم لاقي مع البول يجب مراعاة التعدد في غسله بالماء القليل مثلا.

و ملخص الكلام: ان اطلاق ادلة وجوب الغسل في النجاسات محكم الا مع قيام دليل علي الخلاف.

اضف الي ذلك كله أنه لو خرج الدم مثلا قبل خروج الغائط يصدق ان المحل تنجس بالدم فلاحظ.

(2) عن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله انه لم ير علي بول و لا غائط «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 302

يستحب له تغطية الرأس (1) و التقنع و هو يجزئ عنها (2).

و التسمية عند التكشف (3) و الدعاء بالماثور (4) و تقديم الرجل

______________________________

و في المقام روايات اخر تدل علي المدعي مذكورة في الباب الرابع من أبواب أحكام الخلوة من الوسائل.

(1) يدل عليه ما رواه المفيد قال: ان تغطية

الرأس ان كان مكشوفا عند التخلي سنة من سنن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله «1».

(2) كما يستفاد من بعض النصوص: منها ما رواه علي بن اسباط أو رجل عنه عمن رواه عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه (كان يعمله) اذا دخل الكنيف يقنع رأسه و يقول سرا في نفسه بسم اللّه و باللّه «2».

و منها: ما رواه أبو ذر عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في وصيته له قال:

يا أبا ذر استحي من اللّه فاني و الذي نفسي بيده لا ظل حين اذهب الي الغائط متقنعا بثوبي «3».

(3) كما يدل عليه ما رواه معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اذا دخلت المخرج فقل: بسم اللّه اللهم اني اعوذ بك من الخبيث الخ «4».

(4) كما في جملة من النصوص منها: ما رواه أبو بصير عن أحدهما عليهما السلام قال: اذا دخلت الغائط فقل: اعوذ باللّه من الرجس النجس

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2.

(3) نفس المصدر الحديث: 3.

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 303

اليسري عند الدخول و اليمني عند الخروج (1) و الاستبراء (2).

و أن يتكي حال الجلوس علي رجله اليسري و يفرج اليمني (3) و يكره الجلوس في الشوارع و المشارع و مساقط الثمار و مواضع

______________________________

الخبيث المخبث الشيطان الرجيم و اذا فرغت فقل: الحمد اللّه الذي عافاني من البلاء و اماط عني الاذي «1».

(1) يظهر من كلام بعض الاصحاب أنه لا مستند له من النصوص بل هو المشهور بين القوم و عن الغنية الاجماع عليه و هو المستند.

(2) علي المشهور علي

ما في كلام بعض الاصحاب و اثبات الاستحباب بهذا المقدار يتوقف علي الالتزام بقاعدة التسامح و صدق البلوغ و قد انكرنا القاعدة في بحث الاصول و تقدم التعرض لها في بعضي المباحث السابقة في هذا الشرح فراجع.

و اما النصوص المتعرضة لكيفية الاستبراء فلا تدل علي المدعي فانها ارشاد الي طهارة البلل الخارج بعد البول فلاحظ.

(3) لم يوجد له مستند كما صرح في كلام القوم نعم ذكر في عداد المستحبات في جملة من كتبهم.

و قد نقل سيدنا الاستاد- علي ما في التقرير- عن سنن الكبري للبيهقي عن سراقة بن جشعم قال: علمنا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا دخل أحدنا في الخلاء ان يعتمد اليسري و ينصب اليمني «2».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2.

(2) التنقيح ج 1 ص 86- ج 3 ص 451.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 304

اللعن كأبواب الدور و نحوها من المواضع التي يكون المتخلي فيها عرضة للعن الناس و المواضع المعدة لنزول القوافل (1).

و استقبال قرص الشمس أو القمر بفرجه (2).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه عاصم بن حميد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رجل لعلي بن الحسين عليه السلام: أين يتوضأ الغرباء؟ فقال: يتقي شطوط الانهار و الطرق النافذة و تحت الاشجار المثمرة و مواضع اللعن فقيل له: اين مواضع اللعن؟ قال: ابواب الدور «1».

و ما رواه علي بن ابراهيم مرفوعا قال: خرج ابو حنيفة من عند أبي عبد اللّه عليه السلام، و أبو الحسن موسي عليه السلام قائم و هو غلام فقال له أبو حنيفة: يا غلام أين يضع الغريب ببلدكم؟ فقال: اجتنب افنية المساجد و شطوط الانهار و مساقط الثمار و منازل النزال و لا تستقبل القبلة بغائط

و لا بول و ارفع ثوبك وضع حيث شئت «2».

الي غيرهما من الروايات المذكورة في الباب 15 من ابواب احكام التخلي في الوسائل.

(2) لاحظ ما رواه السكوني عن جعفر عن ابيه عن آبائه عليهم السلام قال:

نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ان يستقبل الرجل الشمس و القمر بفرجه و هو يبول «3»، و غيره من الروايات المذكورة في الباب 25 من ابواب احكام التخلي من الوسائل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2.

(3) الوسائل الباب 25 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 305

و استقبال الريح بالبول (1) و البول في الارض الصلبة (2) و في ثقوب الحيوان (3) و في الماء (4).

______________________________

(1) كما في مرفوعة محمد بن يحيي قال: سئل أبو الحسن عليه السلام ما حد الغائط؟ قال: لا تستقبل القبلة و لا تستدبرها و لا تستقبل الريح و لا تستدبرها «1».

و غيرها من الروايات الواردة في الباب الثاني من أبواب أحكام الخلوة من الوسائل و المستدرك.

(2) لاحظ ما رواه ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اشد الناس توقيا للبول كان اذا اراد البول يعمد الي مكان مرتفع من الارض او الي مكان من الامكنة يكون فيه التراب الكثير كراهية ان ينضح عليه البول «2».

(3) لما عن الباقر عليه السلام قال لبعض اصحابه: و قد اراد السفر و من جملة ما قال: و لا تبولن في نفق «3».

و عن النّبيّ صلي اللّه عليه لا يبولن احدكم في جحر «4».

(4) لجملة من النصوص: منها ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام

انه قال: لا تشرب و انت قائم و لا تبل في ماء نقيع «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 22 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 2.

(3) المستدرك الباب 29 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1.

(4) كنز العمال ج 5 ص 87.

(5) الوسائل الباب 24 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 306

خصوصا الراكد (1) و الاكل (2).

______________________________

و منها: ما رواه حكم عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت له: يبول الرجل في الماء؟ قال: نعم و لكن يتخوف عليه من الشيطان «1».

(1) لاحظ ما رواه محمد بن علي بن الحسين قال: و قد روي أن البول في الماء الراكد يورث النسيان «2».

و ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق جعفر ابن محمد عن آبائه عليهم السلام عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: و نهي أن يبول أحد في الماء الراكد فانه يكون منه ذهاب العقل «3».

و ما رواه الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بأن يبول الرجل في الماء الجاري و كره أن يبول في الماء الراكد «4».

(2) استدل عليه بما رواه محمد بن علي بن الحسين قال: دخل أبو جعفر الباقر عليه السلام الخلا فوجد لقمة خبز في القذر فأخذها و غسلها و دفعها الي مملوك معه فقال: تكون معك لأكلها اذا خرجت فلما خرج عليه السلام قال للملوك: اين اللقمة؟ فقال: اكلتها يا بن رسول اللّه.

فقال عليه السلام: انها ما استقرت في جوف احد الا وجبت له الجنة فاذهب فانت حرّ فإني اكره أن استخدم رجلا من اهل الجنة «5».

______________________________

(1) نفس المصدر

الحديث: 2.

(2) نفس المصدر الحديث: 4.

(3) نفس المصدر الحديث: 5.

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1.

(5) الوسائل الباب 39 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 307

و الشرب حال الجلوس للتخلي (1) و الكلام (2).

______________________________

و ما رواه أيضا باسانيده عن الرضا عن آبائه عن الحسين بن علي عليه السلام انه دخل المستراح فوجد لقمة ملقاة فدفعها الي غلام له و قال: يا غلام اذكرني بهذه اللقمة اذا خرجت فأكلها الغلام فلما خرج الحسين بن علي عليه السلام قال: يا غلام اللقمة؟ قال: اكلتها يا مولاي قال: انت حر لوجه اللّه فقال رجل: اعتقته؟.

قال: نعم سمعت رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يقول: من وجد لقمة ملقاة فمسح منها أو غسل منها ثم أكلها لم تستقر في جوفه الا اعتقه اللّه من النار و لم اكن لاستعبد رجلا اعتقه اللّه من النار «1».

بتقريب: انه لو لم يكن الاكل مكروها في بيت الخلوة لما اخره الامام عليه السلام مع علمه بأن آكله من اهل الجنة.

(1) الحاقا له بالاكل و الجزم باللحوق مشكل.

(2) لما عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن يجيب الرجل آخر و هو علي الغائط او يكلمه حتي يفرغ «2».

و ما رواه أبو بصير قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: لا تتكلم علي الخلا فإنه من تكلم علي الخلا لم تقض له حاجة «3».

فانه حمل النهي علي الكراهة اذ لا يحرم قطعا و ضرورة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1.

(3) نفس المصدر الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 308

بغير

ذكر اللّه (1) الي غير ذلك مما ذكره العلماء رضوان اللّه تعالي عليهم.

[مسألة 32: ماء الاستنجاء طاهر علي الأقوي]

(مسألة 32): ماء الاستنجاء طاهر علي الاقوي (2).

______________________________

(1) لجملة من النصوص: منها ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: مكتوب في التوراة التي لم تغير أن موسي سأل ربه فقال: الهي انه يأتي علي مجالس اعزك و اجلك ان اذكرك فيها فقال: يا موسي: ان ذكري حسن علي كل حال «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بذكر اللّه و أنت تبول فان ذكر اللّه حسن علي كل حال فلا تسأم من ذكر اللّه «2».

(2) وقع الكلام بين الاعلام في أن ماء الاستنجاء طاهر، و قد خصص دليل انفعال الماء القليل أو نجس و لكن لا ينجس ما يلاقيه؟

و قد نقل النص علي الطهارة من جماعة كما أنه نقل عن جماعة: أنه لا بأس به.

و عن بعض. انه لا ينجس الثوب و عن آخر: انه معفو عنه.

و لا يظهر من هذه العبارات غير الاولي ان القائلين بها قائلون بالطهارة و قد نقل ادعاء الاجماع علي كل واحد من التعبيرات الثلاثة الاول.

و الذي يهمنا النظر في النصوص الواردة في المقام و استفادة ما هو الحق منها و النصوص الواردة متعددة:

منها: ما رواه يونس بن عبد الرحمن عن رجل عن الغير او عن الاحول انه قال لأبي عبد اللّه عليه السلام في حديث: الرجل يستنجي فيقع ثوبه في الماء

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 309

______________________________

الذي استنجي به؟ فقال: لا بأس فسكت فقال: أو تدري لم صار لا بأس به؟

قال: قلت: لا و

اللّه فقال: ان الماء أكثر من القذر «1».

و هذه الرواية لإرسالها لا اعتبار بها و كون المرسل مثل يونس لا يقتضي الاعتبار فان غاية ما في الباب انه ادعي الاجماع علي العمل بمرسلات جماعة كما يعمل بمسنداتهم و لا اعتبار بهذه الاجماعات.

و منها: ما رواه الاحول قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اخرج من الخلا فاستنجي بالماء فيقع ثوبي في ذلك الماء الذي استنجيت به؟ فقال: لا بأس به «2».

و لا يستفاد من هذه الرواية غير عدم البأس بالثوب أو بوقوعه في ماء الاستنجاء و لا دلالة فيها علي طهارة ذلك الماء و ان شئت قلت: لا اشكال في عدم شمول تنجيس الماء الملاقي للنجس ما يلاقيه المقام اما من باب التخصيص او من باب التخصص.

و اما تخصيص دليل انفعال الماء القليل فلا دليل عليه و اصالة العموم و الاطلاق في ذلك الدليل يقتضي انفعال الماء بلا كلام.

و بتقريب آخر: ان الاخذ بعموم العام او اطلاق المطلق فيما شك في حال الفرد كما لو قال المولي: اكرم العلماء و نشك في وجوب اكرام زيد العالم يكون محكما و أما لو فهمنا عدم وجوب اكرام زيد و لا ندري ان زيدا عالم و قد

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الماء المضاف الحديث: 2.

(2) المصدر السابق الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 310

______________________________

خرج بالتخصيص او جاهل و خروجه بالتخصص فلا يكون العام مرجعا في مثله.

و في المقام نعلم بان دليل تنجيس الماء المتنجس لما يلاقيه لا يشمل ماء الاستنجاء و انما الشك في التخصيص و التخصص فلا مجال للأخذ بالاطلاق او العموم فلاحظ.

ان قلت: في نظر العرف ملازمة بين طهارة ملاقي شي ء و طهارته و بهذا

الاعتبار نحكم بطهارة الماء لطهارة ملاقيه.

قلت: أولا لا نسلم هذه الملازمة و العرف اجنبي عن هذه الامور و ليس مرجعا في الاحكام الشرعية.

و يدل علي ما ذكرنا ان القائل بعدم تنجيس المتنجس ينكر هذه الملازمة نعم يمكن ان يقال: بانه لو حكم بطهارة الملاقي لشي ء يفهم ان ذلك الشي ء ليس من الاعيان النجسة لما علم من الشرع الاقدس أن الاعيان النجسة تنجس ما يلاقيها.

و ما في كلام سيدنا الاستاد من أن العرف يرون التسرية من لوازم النجاسة و مع عدم السراية يكشفون ان الملاقي بالفتح ليس نجسا، يعد من الغرائب، اذ العرف لا شأن له في هذه الامور.

و لقائل أن يقول: بانه لو حكم بنجاسة شي ء عند ملاقاة شي ء آخر يحكم بنجاسة الملاقي اذ لا وجه لنجاسة الملاقي الا سرايتها من ناحية الملاقي و اما لو حكم بطهارة شي ء عند ملاقاته لشي ء آخر لا تفهم طهارة الملاقي.

و ثانيا: علي فرض تسلم هذه الملازمة يكون مقتضاها تنجس الماء اذ المفروض انه لاقي عين النجاسة و الاخذ بالملازمة في ذلك الطرف ليس بأولي ان لم يكن العكس اولي.

ان قلت: ان قلنا بنجاسة الماء يلزم تخصيص جملة من العمومات اعني

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 311

و ان كان من البول (1).

______________________________

عموم حرمة شرب النجس و أكله و الوضوء و الصلاة و غيرها و أما لو قلنا بالطهارة لزم تخصيص واحد اي تخصيص عموم انفعال الماء القليل و لو دار الامر بين تخصيص واحد و متعدد قدم الاول.

قلت: أولا اي دليل علي تلك المذكورات و بأي مستند نقول بجواز الشرب و غيره.

و ثانيا: لو ثبت المدعي نقول: بأن تلك العمومات لا تشمل المقام قطعا اما للتخصيص أو للتخصص و لا

مجال للأخذ بالعموم و أما عموم انفعال الماء القليل فهو باق بحاله.

ان قلت ان الاخذ بهذا العموم يستلزم التخصيص في تلك الادلة.

قلت: لا دليل علي ترجيح التخصيص الواحد علي المتعدد و بعبارة اخري ليس هذا دليلا بل امر ذوقي.

ان قلت: نعلم اجمالا بأحد التخصيصين اما خصص دليل الانفعال و اما خصص دليل تنجس الملاقي فلا مجال للأخذ بعموم الانفعال فتصل النوبة الي قاعد الطهارة.

قلت: لا شبهة في سقوط عموم تنجس الملاقي اما بالتخصيص أو التخصص و يبقي عموم الانفعال بحاله.

(1) قال في الحدائق: «و اطلاق هذه الاخبار يقتضي عدم الفرق بين المخرجين لصدق الاستنجاء بالنسبة الي كل منهما و بذلك صرح الاصحاب أيضا انتهي» «1».

______________________________

(1) الحدائق ج 1 ص 469.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 312

______________________________

و يؤيد المدعي ما في بعض النصوص لاحظ ما رواه عبد الملك بن عمرو عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يبول ثم يستنجي ثم يجد بعد ذلك بللا قال: اذا بال فخرط.

ما بين المقعدة و الأنثيين ثلاث مرات و غمز ما بينهما ثم استنجي فان سال حتي يبلغ السوق فلا يبالي «1».

و ما رواه زرارة قال: كان يستنجي من البول ثلاث مرات و من الغائط بالمدر و الخرق «2».

فانه يستفاد من الحديثين أنه يطلق الاستنجاء علي الاستنجاء من البول.

و لا يبعد ان يكون الاطلاق مقتضي المعني اللغوي اذ المستفاد من اللغة:

أن الاستنجاء من النجو، و النجو بمعني الخلاص و من الظاهر ان الخلاص يتحقق في كل من البول و الغائط فالقول بالاطلاق بهذا الاعتبار ليس بعيدا.

و ربما يقال: لا اطلاق من حيث اللغة و لا أقلّ من الانصراف الي خصوص الاستنجاء من الغائط خصوصا مع لحاظ أن النجو فسرت

في اقرب الموارد- حسب النقل- بما يخرج من البطن من ريح او غائط.

و الانصاف: ان ادعاء الانصراف- كما عن الشيخ الاعظم قدس سره- في محله اذ قد قوبل في جملة من الروايات الاستنجاء فيها بغسل مخرج البول:

منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا صلاة الا بطهور و يجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار بذلك جرت السنة من رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و أما البول فانه لا بد من غسله «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 35 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 2.

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 313

فلا يجب الاجتناب عنه و لا عن ملاقيه اذا لم يتغير بالنجاسة (1).

______________________________

و منها ما رواه سماعة قال: قال ابو عبد اللّه عليه السلام اذا دخلت الغائط فقضيت الحاجة فلم ترق (يرق) (تهرق) الماء ثم توضأت و نسيت ان تستنجي فذكرت بعد ما صليت فعليك الاعادة و ان كنت اهرقت الماء فنسيت ان تغسل ذكرك حتي صليت فعليك اعادة الوضوء و الصلاة و غسل ذكرك لان البول مثل البراز «1».

و لكن مع ذلك يمكن أن يستدل علي المدعي بوجه آخر و هو:

ان الغائط يستلزم البول غالبا فيكون الاستنجاء من الغائط ملازما للاستنجاء من البول و مع ذلك حكم عليه السلام بطهارة الماء فيفهم انه لا فرق في هذه الجهة بين الموردين.

و اما صورة كون الاستنجاء من البول وحده فحكمه حكم صورة الاجتماع لعدم الفرق قطعا.

و الانصاف ان الجزم بعدم الفرق مشكل.

(1) بلا خلاف ظاهرا و نقل عليه ادعاء الاجماع مضافا الي ان المعهود عن الشرع نجاسة الماء بالتغير

بلغ ما بلغ كالكر و الجاري و البئر فكيف بماء الاستنجاء.

بل يمكن ان يقال: بان المنصرف اليه من الأسئلة عن ماء الاستنجاء غير المتغير فان منشأ السؤال ملاقاته مع النجاسة خصوصا عدم تغيره بها الا نادرا فان الاغلب عدم حصول التغير.

و ان لم تقنع بهذا المقدار و قلت: ان النسبة بين الدليلين عموم من وجه فانهما يفترقان في المتغير من غير ماء الاستنجاء و غير المتغير من الاستنجاء و في المتغير من الاستنجاء يقع التعارض بينهما.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 314

و لم تتجاوز نجاسة الموضع عن المحل المعتاد (1).

______________________________

قلت: مع ذلك كله يكون الترجيح مع ما دل علي النجاسة لاحظ ما رواه حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كلما غلب الماء علي ريح الجيفة فتوضأ من الماء و اشرب فاذا تغير الماء و تغير الطعم فلا توضأ منه و لا تشرب «1».

اذ قد حقق في الاصول بأن أحد الطرفين في العموم من وجه اذا كان عمومه بالوضع و الطرف الاخر بالاطلاق يقدم ما يكون بالوضع علي الطرف الاخر.

اللهم الا أن يقال: العموم الوضعي في هذه الرواية في طرف المنطوق الدال علي طهارة الماء مع الغلبة و أما الدال علي النجاسة في صورة التغير يكون الدلالة فيه بالاطلاق فلا وجه للترجيح.

و لو وصلت النوبة الي هذا البيان فلنا ان نقول: غاية ما في الباب ان تكون نتيجة التعارض، التساقط فلا بد من الرجوع الي الدليل الفوق ان كان و الا تصل النوبة الي الاصل العملي و الدليل الفوقاني يقتضي النجاسة اذ دليل انفعال القليل مقتض لها.

لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن

أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الدجاجة و الحمامة و أشباههما تطأ العذرة ثم تدخل في الماء يتوضأ منه للصلاة؟

قال: لا الا ان يكون الماء كثيرا قدر كر من ماء «2».

هذا كله علي القول بطهارة ماء الاستنجاء و أما علي القول بالنجاسة فلا موضوع للتعارض كما هو ظاهر.

(1) اذ الاستنجاء عبارة عن غسل موضع النجواي الغائط و مع التعدي لا يصدق

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المطلق الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 315

و لم تصحبه أجزاء النجاسة متميزة (1) و لم تصبه نجاسة من الخارج أو من الداخل (2) فاذا اجتمعت هذه الشروط كان طاهرا (3) و لكن لا يجوز الوضوء به (4).

______________________________

العنوان المأخوذ في الموضوع ففي الحقيقة هذا شرط لبيان الموضوع.

و عليه لو فرض تعدي الغائط الي فخذه لا يكون غسالته طاهرة لعدم الدليل بل مقتضي انفعال الماء القليل نجاسته.

(1) قال في الحدائق: «فيه اشكال لإطلاق اخبار المسألة».

و تقريب المدعي: ان السؤال عن ماء الاستنجاء ناظر الي صورة ملاقاة الماء مع النجاسة في المحل و ليس السؤال عن الملاقاة بعد انفصال النجاسة عن المحل و عليه لا يمكن الالتزام بالطهارة اذ دليل الانفعال محكم بلا مخصص.

و لكن الانصاف أن ما افاده في الحدائق متين اذ قلما ينفك ماء الاستنجاء عن الاجزاء التي تغسل بالماء و لكن الالتزام بالاطلاق و الحكم بالطهارة جرأة و الاحتياط طريق النجاة و لا فرق فيما ذكر بين القول بطهارته و نجاسته فان الملاك واحد فلاحظ.

(2) و الوجه فيه: عدم اطلاق الادلة من هذه الجهة فان مقتضي دليل انفعال الماء القليل انفعاله بكل نجس أو متنجس

قابل للتنجيس بلا فرق بين ان يكون من الداخل أو من الخارج و بلا فرق بين السبق و اللحوق فتارة تكون الارض نجسة من قبل فيقع الماء عليه و اخري تصل النجاسة لاحقا كما لو كانت اليد قذرة و لاقت الماء و انما الدليل دل علي عدم انفعاله بملاقاة الغائط او البول في المحل المعهود و الزائد عليه بلا دليل.

(3) قد ظهر مما ذكرنا أن الاظهر نجاسة الماء.

(4) الذي يظهر من كلماتهم أن الاقوال في المقام ثلاثة:

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 316

______________________________

الاول: القول بالنجاسة.

الثاني: القول بالطهارة و جواز رفع الخبث و الحدث به.

الثالث: القول بالطهارة و عدم جواز رفع الحدث به و حيث ان المختار عندنا النجاسة فلا تصل النوبة الي جواز رفع الحدث و الخبث به و عدمه و لكن تبعا للقوم نبحث عن مقتضي القاعده علي فرض القول بالطهارة فنقول:

لو قلنا: بطهارة ماء الغسالة فالقاعدة الاولية تقتضي ترتيب جميع الآثار عليه فيجوز شربه و رفع الخبث و الحدث به و لكن ذهب بعض الي طهارته و عدم جواز رفع الحدث به.

و الذي يمكن أن يكون وجها لهذا القول أمران:

الاول: الاجماع فانه نقل الاجماع تارة علي عدم جواز رفع الحدث بمطلق الغسالة و منه المقام و اخري علي عدم الجواز بماء الاستنجاء.

و الاجماع لا يكون حجة حتي المحصل منه ما دام لم يحصل الجزم برأي المعصوم عليه السلام و حيث انه يحتمل استناد المجمعين الي نجاسة ماء الاستنجاء كما انه يحتمل استنادهم الي رواية عبد اللّه بن سنان الآتية فلا يترتب عليه اثر.

الثاني ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال لا بأس بأن يتوضأ بالماء المستعمل فقال: الماء

الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به الرجل من الجنابة لا يجوز أن يتوضأ منه و أشباهه و أما الذي يتوضأ الرجل به فيغسل به وجهه و يده في شي ء نظيف فلا بأس أن يأخذه غيره و يتوضأ به «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بأحمد بن هلال فلا يترتب عليها الاثر أيضا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المضاف الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 317

[الفصل الرابع في كيفية الاستبراء من البول]
اشارة

الفصل الرابع كيفية الاستبراء من البول أن يمسح من المقعدة الي أصل القضيب ثلاثا ثم منه الي رأس الحشفة ثلاثا ثم ينترها ثلاثا (1).

______________________________

و العجب من سيدنا الاستاد كيف أفتي بعدم جواز الوضوء مع ذهابه الي الطهارة و عدم ترتيب الاثر علي الاجماعات المنقولة و عدم عمله بالرواية الضعيفة و عدم التزامه بانجبار الخبر الضعيف بعمل المشهور الا ان يستند الي وجه آخر.

و لا يبعد أن يكون ناظرا الي ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام:

ألا احكي لكم وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله؟ فقلنا: بلي فدعا بقعب فيه شي ء من ماء فوضعه بين يديه ثم حسر عن ذراعيه ثم غمس فيه كفه اليمني ثم قال: هكذا اذا كانت الكف طاهرة «1».

لكنه دام ظله استدل بهذا الحديث علي تنجيس المتنجس.

(1) الاقوال المنقولة عن الاصحاب في كيفية الاستبراء مختلفة فعن المفيد قدس سره في المقنعة: «انه يمسح باصبعه الوسطي تحت انثييه الي اصل القضيب مرتين او ثلاثا ثم يضع مسبحته تحت القضيب و ابهامه فوقه و يمرها باعتماد قوي من اصله الي رأس الحشفة مرتين أو ثلاثا ليخرج ما فيه من بقية البول».

و يظهر من هذه العبارة أن الميزان بنظره اخراج ما بقي من البول في

المجري بلا خصوصية في السبب.

و قد نقل اقوال اخر من جملة من الاعاظم و لا يبعد أن يكون الوجه في اختلاف الاقوال، اختلاف النصوص الواردة في المقام فالحري بالبحث النظر

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 318

______________________________

في نصوص الباب فنقول: الروايات الواردة في المقام ثلاثة:

الاولي: ما رواه عبد الملك بن عمرو عن ابي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يبول ثم يستنجي ثم يجد بعد ذلك بللا قال: اذا بال فخرط ما بين المقعدة و الأنثيين ثلاث مرات و غمز ما بينهما ثم استنجي فان سال حتي يبلغ السوق فلا يبالي «1».

و هذه الرواية ضعيفة بعبد الملك فلا يترتب أثر عليها راجع رجال سيدنا الاستاد.

الثانية ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يبول قال: ينتره ثلاثا ثم ان سال حتي يبلغ السوق فلا يبالي «2».

و هذه الرواية أيضا لا اعتبار بها سندا فان وثاقة أحمد و والده المروي عنه لابنه لم تثبت.

الثالثة ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل بال و لم يكن معه ماء قال، يعصر أصل ذكره الي طرفه ثلاث عصرات و ينتر طرفه فان خرج بعد ذلك شي ء فليس من البول و لكنه من الحبائل «3».

و الظاهر أن هذه الرواية صحيحة سندا و مقتضي هذه الرواية: ان الاستبراء عبارة عن مسح القضيب من أصله الي رأسه ثلاثا و نتر رأسه.

هذا علي تقدير الاغماض عن الحديثين الاولين و أما مع ملاحظتهما فيكون مقتضي خبر حفص كفاية نتر الذكر ثلاثا و مقتضي خبر عبد الملك أن الاستبراء

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 2.

(2) نفس

المصدر الحديث: 3.

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 319

______________________________

عبارة عن مسح ما بين المقعدة و الأنثيين ثلاث مرات و غمز ما بينهما و لا اشكال في لزوم تقييد رواية حفص بحديث محمد بن مسلم اذ المطلق يقيد بالمقيد.

و اما تقييد كل من الاخرين بالاخر فلا وجه له بل مقتضي القاعدة كفاية كل من الامرين بتقريب: أن مقتضي الشرطية في كل منهما انحصار العلة فيما ذكرت فيهما و بقانون تقييد المطلق بالمقيد، يقيد مفهوم كل من الخبرين بالاخر نظير ما نقول في قوله: «اذا خفي الاذان فقصر و اذا خفي الجدران فقصر» و تكون النتيجة كفاية خفاء أحد الامرين و اما لو قلنا: بانه يلزم تقييد كل بالاخر فيقيد خبر محمد بن مسلم بخبر عبد الملك و بالعكس و تكون النتيجة لزوم ثلاث خرطات من المقعدة الي أصل القضيب بمقتضي خبر عبد الملك و عصر الذكر من أصله الي رأسه ثلاث مرات بمقتضي حبر ابن مسلم و بهذا تتحقق ما ذكر في رواية حفص اي النتر ثلاث مرات اذ النتر عبارة عن الجذب بالشدة و هو يحصل بعصر الذكر من اصله الي طرفه الذي ذكر في رواية ابن مسلم.

نعم يلزم نتر رأس الذكر للأمر به في حديث ابن مسلم فعلي ما ذكرنا لا مجال لان يقال بأن النتر المذكور في رواية ابن مسلم يقيد بما في رواية حفص من التقييد بالثلاث فعلي هذا تكون النتيجة أن العدد المعتبر في الاستبراء سبعة: ثلاث من المقعدة الي اصل الذكر، و ثلاث من اصل الذكر الي رأسه و يعصر مرة رأس الذكر و اللّه العالم.

ثم انه لا دليل علي هذا الترتيب

بل مقتضي تقييد النصوص بعضها ببعض ان تتحقق علي ما هو المشهور تسع خرطات أعم من أن يكون المبتدأ به المسح من عند المقعدة أو غيره كما أن مقتضي الاطلاق جواز الاتيان به بما في المتن و غيره

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 320

و فائدته طهارة البلل الخارج بعده اذا احتمل أنه بول (1) و لا يجب الوضوء منه (2).

______________________________

من كلمات الاصحاب و جواز مسح ما بين المقعدة و اصل القضيب مرة و عصر القضيب بعده و نتر رأسه بعده ثم التكرار الي ثلاث مرات لكن مناسبة الموضوع مع الحكم تقتضي أن يبتدأ بالمقعدة و ينتهي بالنتر اذ ملاك الاستبراء نقاء المحل و هو يحصل بهذا الترتيب و مع فرض العكس بأن يعصر الذكر قبل عصر ما بين المقعدة و القضيب يجذب البول الباقي الي الذكر و يبقي فيه و هو خلاف المقصود.

(1) كما نص في جملة من النصوص و قد مر الكلام فيها و يمكن ان يقال:

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 1، ص: 320

بان مقتضي القاعدة الاولية طهارة ما يخرج من البلل فان مقتضي استصحاب عدم كونه بولا طهارته و احتمال نجاسته في حد نفسه مدفوع بقاعدة الطهارة.

لكن المستفاد من النص الخاص ان الشارع الاقدس ردع عن العمل بالاصل و قدم الظاهر فان مقتضي الظاهر أن الخارج هو البول.

(2) اذ حكم عليه من ناحية الشارع كما في رواية ابن مسلم بعدم كونه بولا و مع عدم كونه بولا لا يكون ناقضا اذ النواقض منحصرة في أمور خاصة مضافا الي نقل عدم الخلاف فيه عن السرائر و نقل الاتفاق

عليه من كشف اللثام.

و ملخص الكلام: أن مقتضي رواية محمد بن عيسي قال: كتب اليه رجل هل يجب الوضوء مما خرج من الذكر بعد الاستبراء؟ فكتب نعم «1» ناقضية البلل مطلقا و لكنها ساقطة عن الاعتبار سندا، و مقتضي النصوص الواردة في الاستبراء التفصيل في الناقضية بين أن يكون الخارج قبل الاستبراء او بعده لاحظ خبر

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 9.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 321

و لو خرج البلل المشتبه بالبول قبل الاستبراء و ان كان تركه لعدم التمكن منه أو كان المشتبه مرددا بين البول و المني بني علي كونه بولا فيجب التطهير منه و الوضوء (1).

______________________________

ابن مسلم «1».

اذ المستفاد من ذلك الحديث: ان الخارج قبل الاستبراء محكوم بالبولية فيكون ناقضا و اما الخارج بعده، فلا يكون ناقضا لكون الناقض منحصرا في امور خاصة.

(1) في هذا الفرع امور ثلاثة:

الاول: ان المشتبه لو كان مرددا بين البول و غيره و كان خارجا قبل الاستبراء يحكم عليه بالبولية و يجب تطهير ما لاقاه و يجب الوضوء.

و الامر كما افاده فان مقتضي الجمع بين النصوص الالتزام بكونه بولا في فرض خروجه قبل الاستبراء لاحظ ما رواه ابن مسلم «2» فان مفهوم الشرطية:

انه لو خرج قبل الاستبراء كان بولا و حكم البول من حيث الناقضية و النجاسة ظاهر.

الثاني: أنه لا فرق في هذا الحكم بين ترك الاستبراء اختيارا و بين تركه اضطرارا و الامر كما افاده لإطلاق الدليل و دليل رفع الاضطرار لا يقتضي طهارة النجس فان المستفاد منه رفع الحكم الالزامي عند الاضطرار و تفصيل الكلام موكول الي محله.

الثالث: أن الخارج لو تردد بين كونه بولا او منيا يحكم عليه بالبولية فانه صرح

به في حديث سماعة قال: سألته عن الرجل يجنب ثم يغتسل قبل أن يبول

______________________________

(1) لاحظ ص 318.

(2) مر في ص: 318.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 322

و يلحق بالاستبراء في الفائدة المذكورة طول المدة علي وجه يقطع بعدم بقاء شي ء في المجري (1) و لا استبراء للنساء (2) و البلل المشتبه الخارج منهن طاهر لا يجب له الوضوء (3).

______________________________

فيجد بللا بعد ما يغتسل قال: يعيد الغسل فان كان بال قبل أن يغتسل فلا يعيد غسله و لكن يتوضأ و يستنجي «1».

اذ قد صرح فيه بعدم وجوب الغسل و قد صرح أيضا بوجوب الوضوء فيعلم أنه محكوم بالبولية مضافا الي بقية النصوص.

الرابع: أنه يستفاد من كلامه أنه لو خرج بعد الاستبراء لا يحكم عليه بالبولية و لا يكون ناقضا و قد مر قريبا ان مقتضي الجمع بين النصوص كذلك فلاحظ.

(1) فانه يفهم من ادلة الاستبراء ان ملاك الحكم براءة المحل من البول فاذا حصل الملاك بوجه آخر يرتب عليه ذلك.

مضافا الي أن ما افاده علي القاعدة فان مقتضي قاعدة الطهارة، طهارة البلل المشتبه كما أن مقتضي عدم كون الخارج بولا بقاء الطهارة من الحدث فانه بعد فرض انحصار الناقض في أمور خاصة يكون مقتضي استصحاب عدم كون الخارج من تلك الامور بقاء الطهارة و عدم انتقاضها.

(2) لعدم الدليل عليه.

(3) أما طهارته فلقاعدتها و أما عدم ناقضيتها فلحصر الناقض في امور خاصة.

و بعبارة اخري: لا اشكال في عدم نقض الطهارة بغير الامور المعهودة فمع الشك يمكن الحكم ببقاء الطهارة بالاستصحاب و لجريانه تقريبان:

______________________________

(1) الوسائل الباب 36 من أبواب الجنابة الحديث: 8.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 323

نعم الاولي أن تصبر قليلا و تتنحنح و تعصر فرجها عرضا (1).

[مسألة 33: فائدة الاستبراء تترتب عليه و لو كان بفعل غيره]

(مسألة

33): فائدة الاستبراء تترتب عليه و لو كان بفعل غيره (2).

[مسألة 34: إذا شك في الاستبراء أو الاستنجاء بني علي عدمه]

(مسألة 34): اذا شك في الاستبراء أو الاستنجاء بني علي عدمه (3) و ان كان من عادته فعله (4).

و اذا شك من لم يستبرئ في خروج رطوبة بني علي عدمها (5) و ان كان ظانا بالخروج (6).

______________________________

احدهما. استصحاب عدم كون الخارج بولا.

ثانيهما: استصحاب عدم خروج البول فلاحظ.

(1) الظاهر أنه ليس المراد من الاولوية استحباب هذا العمل للمرأة من حيث العمل نفسه اذ لا دليل عليه بل المراد التجنب من النجاسة الاحتمالية و الاجتناب عن نقض الطهارة من الحدث كذلك بالنسبة الي ما يشترط بالطهارة الحدثية أو الخبثية فلاحظ.

(2) للقطع بعدم الخصوصية و حصول الملاك.

و ان شئت قلت: ان الاستبراء ليس واجبا و لا مستحبا لعدم الدليل عليه و انما المستفاد من الدليل جعل الاستبراء وسيلة لتنقية المحل فالموضوع للحكم تحقق العمل المعهود و عليه لا فرق في تحققه بين أن يكون بفعله أو بفعل غيره.

(3) لاستصحاب العدم.

(4) لعدم دليل قبال الاصل.

(5) و هذا أيضا للاستصحاب.

(6) لعدم اعتبار الظن و أنه لا يغني عن الحق شيئا.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 324

[مسألة 35): اذا علم أنه استبرأ أو استنجي و شك في كونه علي الوجه الصحيح بني علي الصحة]

(مسألة 35): اذا علم أنه استبرأ أو استنجي و شك في كونه علي الوجه الصحيح بني علي الصحة (1).

[مسألة 36: لو علم بخروج المذي و لم يعلم استصحابه لجزء من البول بني علي طهارته]

(مسألة 36): لو علم بخروج المذي و لم يعلم استصحابه لجزء من البول بني علي طهارته و ان كان لم يستبرئ (2).

______________________________

(1) لقاعدتها الجارية في المعاملة بالمعني الاعم.

(2) للاستصحاب، و الذي يختلج بالبال أن يقال: ما يخرج من المخرج علي فرض كونه مذيا كما فرض في كلام الماتن لا يحكم عليه بالنجاسة و لو مع العلم بدخول الاجزاء البولية فيه فلا نحتاج الي اثبات عدمه بالاصل مع الشك و الوجه فيه ان تلك الاجزاء تستهلك في المذي فلا يقتضي انفعال المستهلك فيه.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 325

[المبحث الثالث الوضوء]

اشارة

المبحث الثالث الوضوء و فيه فصول

[الفصل الأول: في أجزائه]
اشارة

الفصل الاول: في اجزائه و هي: غسل الوجه و اليدين و مسح الرأس و الرجلين فهنا امور:

[الأول: يجب غسل الوجه]
اشارة

الاول: يجب غسل الوجه (1) ما بين قصاص الشعر الي طرف الذقن طولا و ما اشتملت عليه الاصبع الوسطي و الابهام عرضا (2).

______________________________

(1) لا اشكال في وجوب غسله و قد امر به صريحا في الكتاب في قوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا قُمْتُمْ إِلَي الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَي الْمَرٰافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَي الْكَعْبَيْنِ «1» و في جملة من الاخبار التي ادعي تواترها بل لا يبعد نظمه في سلك الضروريات.

(2) بلا خلاف فيه كما في بعض الكلمات- و عن المعتبر و المنتهي:

______________________________

(1) المائدة: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 326

______________________________

«انه مذهب اهل البيت» و عن جماعة ادعاء الاجماع عليه.

و يدل عليه ما رواه زرارة بن أعين أنه قال لأبي جعفر الباقر عليه السلام:

أخبرني عن حد الوجه الذي ينبغي أن يوضأ الذي قال اللّه عز و جل فقال:

الوجه الذي قال اللّه و أمر اللّه عز و جل بغسله الذي لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه و لا ينقص منه ان زاد عليه لم يوجر و ان نقص منه اثم ما دارت عليه الوسطي و الابهام من قصاص شعر الرأس الي الذقن و ما جرت عليه الاصبعان من الوجه مستديرا فهو من الوجه و ما سوي ذلك فليس من الوجه فقال له: الصدغ من الوجه؟ فقال: لا «1».

و رواه الكليني الا أنه قال: و ما دارت عليه السبابة و الوسطي و الابهام «2».

و يمكن أن يكون الوجه في ذكره في كلامه عليه السلام، من باب جريان العادة في العمل الخارجي بل يمكن أن يقال: بأن ادارة

الاصبعين لا تنفك عن ادارة السبابة حيث انها واقعة بين الابهام و الوسطي.

و الحاصل: أن انضمام السبابة لا دخل له في الاتيان بالواجب.

و في المقام اشكال معروف من الشيخ البهائي قدس سره و هو أن المبدأ للغسل ان كان قصاص الشعر بعرض ما بين اصبعين لدخل النزعتان بذلك تحت الوجه الواجب غسله و هما البياضان فوق الجبين و ذلك لان سعة ما بين الاصبعين تشمل النزعتين قطعا مع أنهما خارجتان عن المحدود جزما بل و تدخل الصدغان فيه أيضا مع عدم وجوب غسلهما علي ما صرح في الرواية

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

(2) نفس المصدر.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 327

______________________________

و لأجل هذا الاشكال لم يرتض بالتفسير المشهور و فسر الرواية بالمعني الاخر المناسب لمذهبه البعيد عن الفهم العرفي و هو: أن المقدار الواجب غسله انما هو ما تشتمل عليه الاصبعان علي وجه الدائرة الهندسية بأن توضع أحدهما علي القصاص و الاخر علي الذقن من دون أن يتحرك وسطهما بل يدار كل من الاصبعين علي الوجه أحدهما من طرف الفوق الي الاسفل و ثانيهما من الاسفل الي الاعلي و بهذا يتشكل شبه الدائرة الحقيقية و تخرج النزعتان عن المحدود الواجب غسله لان الاصبع الموضوع علي القصاص ينزل الي الاسفل شيئا فشيئا و النزعتان تقعان فوق ذلك و يكون ما زاد عليه خارجا عن الحد كما تخرج الصدغان.

و انما عبر بشبه الدائرة من جهة أن الوجه غير مسطح و لو كان مسطحا لكان الحاصل من أدارة الاصبعين دائرة حقيقة و لعل الموجب لهذا التفسير، أنه ذكر في الرواية لفظا «دارت و مستديرا» فتوهم أن المقصود تشكيل الدائرة و هي تحصل بالنحو المذكور.

و فيه: أن

المذكور في الرواية قصاص الشعر و المتفاهم العرفي من هذا اللفظ خصوص منبت الشعر من مقدم الرأس المتصل بالجبين و من الواضح أن وضع الاصبعين من القصاص بهذا المعني غير موجب لدخول النزعتين في الوجه لأنهما تبقيان فوق المحدود الذي يجب غسله.

و أما الصدغ فان فسر بما بين العين و الاذن- كما عن بعض اهل اللغة- و عن القاموس و المجمع: أنه احد معنييه فيدخل بعضه في الوجه اللازم غسله علي كلا التفسيرين و ان فسر بالشعر المتدلي علي ما بين العين و الاذن- كما نقل

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 328

______________________________

عن الصحاح و النهاية-، فهو خارج عن الحد علي كلا التقديرين و عليه لا يكون التصريح في ذيل الرواية بخروجه دليلا علي ما رامه البهائي معينا لما ادعاه.

و أما ما ذكر في الخبر من قوله عليه السلام: «دارت» ليس المراد منه الدائرة الهندسية بل المراد الإطافة، كما أن المراد بقوله عليه السلام: «و ما جرت عليه الاصبعان من الوجه مستديرا» بمعني تحريك الاصبعين علي وجه الدائرة.

و الحق ما ذهب اليه المشهور فان الفهم العرفي ميزان الاستنباط و الدليل علي أن ذلك المعني خلاف الظاهر أن البهائي قدس سره منفرد بهذا القول ظاهرا- حتي قيل، و ذكر في بعض كلمات الاصحاب: انه لم يخطر ببال احد هذا المعني من لدن عصر النبي صلي اللّه عليه و آله الي زمان الصادقين و الفقهاء الي زمان الشيخ البهائي لم يفسروا الرواية بمثل تفسيره.

و مما يرد عليه أيضا: أنه لا اشكال في أن مقدارا من الجبين علي شكل الخط المستقيم و معه لا يمكن أن يراد من الرواية ما ذكره اذ كل جزء من الدائرة بشكل القوس فيخرج مقدار

من الجبين عن المحدود و لا اشكال في وجوب غسل الجبين.

و مما يرد عليه أيضا: انه لا يبعد أن يقال: بأن صريح الرواية أن المبدأ لكل من الاصبعين شي ء واحد كما أن المنتهي كذلك فيشرع بالغسل من القصاص و ينتهي الي الذقن بحيث يلتقي الاصبعان في الذقن و هذا لا ينطبق علي مختار البهائي.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 329

و الخارج عن ذلك ليس من الوجه (1) و ان وجب ادخال شي ء من الاطراف اذا لم يحصل الواجب الا بذلك (2) و يجب الابتداء بأعلي الوجه (3).

______________________________

و مما يرد عليه أيضا: ان المشاهدة الخارجية تشهد بأن الفصل ما بين الاصبعين أطول من الفصل بين القصاص و الذقن فاذا وضع احدهما علي القصاص تجاوز الاخر عن الذقن كما أنه لو وضع احدهما علي الذقن تجاوز الاخر عن القصاص فلا بد من الالتزام بوجوب غسل فوق القصاص أو وجوب غسل تحت الذقن.

و كيف يمكن الالتزام به؟ فلاحظ فالحق ما ذهب اليه المشهور.

(1) كما يستفاد من حديث زرارة «1» فان المقدار الذي يجب غسله قد حدد بهذا الحد كما مر.

(2) من باب وجوب المقدمة فان ما يتوقف عليه اتيان الواجب واجب بلا اشكال كما حقق في محله.

(3) هذا المشهور بين الاصحاب و نسب الي السيد المرتضي و الشهيد و صاحب المعالم و الشيخ البهائي و ابن ادريس و غيرهم، جواز النكس.

و ما يمكن أن يستدل به علي القول المشهور امور:

الامر الاول: أن ذلك مقتضي اصالة الاشتغال اذ لا اشكال في وجوب الوضوء و لا يحصل العلم بالبراءة الا بهذا النحو حيث يحتمل الاشتراط به دون العكس.

و هذا الاستدلال يتوقف علي مقدمتين:

______________________________

(1) لاحظ ص 326.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 330

______________________________

الاولي:

ان لا يكون دليل يدل باطلاقه علي جواز الغسل بأية كيفية كانت اذ مع وجود مثل هذا الدليل لا تصل النوبة الي الاصل العملي.

الثانية عدم جريان البراءة في الطهارات الثلاث بدعوي أن المأمور به تحصيل الطهارة علي ما يستفاد من النصوص.

لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا صلاة الا بطهور «1».

و ما رواه أيضا قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الفرض في الصلاة فقال: الوقت و الطهور و القبلة الخ «2».

و ما رواه الصدوق قال: قال أبو جعفر عليه السلام لا صلاة الا بطهور «3».

و ما رواه أيضا قال: و قال الصادق عليه السلام: الصلاة ثلاثة أثلاث:

ثلث طهور، و ثلث ركوع و ثلث سجود «4» و هو أمر معلوم انما الشك في المحصل فلا مجال للبراءة.

و يمكن أن يرد الاشكال في كلتيهما أما المقدمة الاولي فيمكن أن يقال: بأن مقتضي الاية المباركة «5» جواز الغسل باية كيفية و انكار الاطلاق فيها بدعوي:

انه ليس المولي في مقام البيان من هذه الجهة، لا وجه له و مثل الاية من حيث

______________________________

(1) الوسائل الباب الاول من أبواب الوضوء الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 3.

(3) نفس المصدر الحديث: 6.

(4) نفس المصدر الحديث: 8.

(5) لاحظ ص 325.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 331

______________________________

الاطلاق بعض النصوص لاحظ ما رواه زرارة و بكير أنهما سألا أبا جعفر عليه السلام عن وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فدعا بطست او تور فيه ماء فغمس يده اليمني فغرف بها غرفة فصبها علي وجهه فغسل بها وجهه «1».

فان مقتضي قول الراوي: «فغسل بها وجهه» عدم تقييد الغسل بنحو خاص.

و أما المقدمة الثانية فنقول: ان المستفاد من النصوص أن الطهارة عبارة

عن الغسلتين و المسحتين لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت له الرجل ينام و هو علي وضوء أ توجب الخفقة و الخفقتان عليه الوضوء؟ فقال: يا زرارة قد تنام العين و لا ينام القلب و الاذن فاذا نامت العين و الاذن و القلب وجب الوضوء قلت: فان حرك علي جنبه شي ء و لم يعلم به؟ قال: لا حتي يستيقن انه قد نام، حتي يجئ من ذلك أمر بين و الا فانه علي يقين من وضوئه و لا تنقض اليقين ابدا بالشك و انما تنقضه بيقين آخر «2».

فان المستفاد من هذه الرواية أن هذه الافعال بنفسها لها بقاء و دوام في عالم الاعتبار.

و يؤيد المدعي عدة روايات: منها ما رواه سماعة بن مهران، قال: قال أبو الحسن موسي عليه السلام: من توضأ للمغرب كان وضوئه ذلك كفارة لما مضي من ذنوبه في ليلته الا الكبائر «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 3.

(2) الوسائل الباب الاول من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 1.

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 332

______________________________

و منها ما رواه سماعة قال: كنت عند أبي الحسن عليه السلام فصلي الظهر و العصر بين يدي و جلست عنده حتي حضرت المغرب فدعا بوضوء فتوضأ للصلاة ثم قال لي: توض فقلت: جعلت فداك أنا علي وضوء فقال: و ان كنت علي وضوء ان من توضأ للمغرب كان وضوئه ذلك كفارة لما مضي من ذنوبه في يومه الا الكبائر و من توضأ للصبح كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضي من ذنوبه في ليلته الا الكبار «1».

و منها غيرهما المذكور في الباب الثامن من أبواب الوضوء من الوسائل فان المستفاد من

هذه الروايات أن الوضوء بنفسه محبوب و مندوب فيه.

بل يمكن الاستدلال علي المدعي بالآية المباركة «2» حيث ان المستفاد منها أن المطلوب نفس هذه الافعال لا المسبب منها، بل يمكن اثبات المدعي بما دل علي أن التيمم أحد الطهورين مثل ما رواه زرارة في حديث قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام ان أصاب الماء و قد دخل في الصلاة قال فلينصرف فليتوضأ ما لم يركع و ان كان قد ركع فليمض في صلاته فان التيمم أحد الطهورين «3».

و ما رواه محمد بن حمران و جميل بن دراج أنهما سألا أبا عبد اللّه عليه السلام عن امام قوم أصابته جنابة في السفر و ليس معه من الماء ما يكفيه للغسل أ يتوضأ بعضهم و يصلي بهم؟ فقال: لا، و لكن يتمم الجنب و يصلي بهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

(2) لاحظ ص: 325.

(3) الوسائل الباب 21 من أبواب التيمم الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 333

______________________________

فان اللّه عز و جل جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا «1».

و ما رواه الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يجنب و معه من الماء بقدر ما يكفيه لوضوئه للصلاة أ يتوضأ بالماء أو يتيمم؟ قال: يتيمم ألا تري أنه جعل عليه نصف الطهور «2».

و ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون معه الماء في السفر فيخاف قلته قال: يتيمم بالصعيد و يستبقي الماء فان اللّه عز و جل جعلهما طهورا: الماء و الصعيد «3».

و ما رواه ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يجنب و معه من الماء

قدر ما يكفيه لشربه أ يتيمم أو يتوضأ به؟ قال: يتيمم أفضل ألا تري أنه انما جعل عليه نصف الطهور «4».

فيستفاد من مجموع هذه الادلة أن الغسلات و المسحات بنفسها مأمور بها فلا يبقي مجال لهذا البيان.

اضف الي ذلك كله: أن الطهور اما مبالغة في الطهارة و اما عبارة عن الطاهر في نفسه و مطهر لغيره و علي كلا التقديرين يكون مصداقه هذه الافعال المعهودة:

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب التيمم الحديث: 2.

(2) نفس المصدر الحديث: 3.

(3) الوسائل الباب 25 من أبواب التيمم الحديث: 3.

(4) نفس المصدر الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 334

______________________________

عليه السلام: الرجل يقلم أظفاره و يجز شاربه و يأخذ من شعر لحيته و رأسه هل ينقض وضوؤه؟ فقال: يا زرارة كل هذا سنة و الوضوء فريضة و ليس شي ء من السنة ينقض الفريضة و ان ذلك ليزيده تطهيرا «1».

فان المستفاد من هذه الرواية و أمثالها أن النواقض للوضوء تنقضه فيعلم أن الوضوء بنفسه قابل للدوام و للانتقاض.

و صفوة القول: أنه لا دليل علي أن المأمور به في باب الوضوء هي الطهارة الحاصلة من الغسل و المسح بل الامر بالعكس.

و يدل عليه زيادة علي ما تقدم ما يدل علي ان افتتاح الصلاة الوضوء لاحظ ما رواه القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: افتتاح الصلاة الوضوء و تحريمها التكبير و تحليلها التسليم «2».

و ما رواه الصدوق قال: و قال امير المؤمنين عليه السلام: افتتاح الصلاة الوضوء الخ «3».

و ما يدل علي أن الواجب هو الوضوء لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر

عليه السلام- في حديث- قال: يا زرارة الوضوء فريضة «4» و ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الوضوء شطر الايمان «5».

و لكن جميع ذلك مخدوش و التفصيل موكول الي بحث استحباب الوضوء

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب الاول من أبواب الوضوء الحديث: 4.

(3) نفس المصدر الحديث: 7.

(4) نفس المصدر الحديث: 2.

(5) نفس المصدر الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 335

______________________________

نفسا.

الامر الثاني: ما رواه أبو جرير الرقاشي قال: قلت لأبي الحسن موسي عليه السلام: كيف أتوضأ للصلاة؟ فقال: لا تعمق في الوضوء و لا تلطم وجهك بالماء و لكن اغسله من أعلي وجهك الي اسفله بالماء مسحا و كذلك فامسح الماء علي ذراعيك و رأسك و قدميك «1».

و تقريب الاستدلال علي المدعي ظاهر و لكن الرواية ضعيفة بالرقاشي فلا مجال لملاحظة دلالتها.

فالنتيجة: أنه يمكن اجراء البراءة بان نقول: القدر المعلوم من الادلة وجوب غسل الوجه لكن لا ندري بأية كيفية و مقتضي البراءة عن الزائد عدم وجوب رعاية الغسل من الاعلي فتأمل.

الامر الثالث: الروايات البيانية الواردة في حكاية وضوء النّبيّ صلي اللّه عليه و آله:

منها ما رواه زرارة بن أعين قال: حكي لنا أبو جعفر عليه السلام وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فدعا بقدح من ماء فأدخل يده اليمني فأخذ كفا من ماء فأسدلها علي وجهه من اعلي الوجه ثم مسح بيده الجانبين جميعا ثم أعاد اليسري في الاناء فأسدلها علي اليمين ثم مسح جوانبها ثم أعاد اليمن في الاناء ثم صبها علي اليسري فصنع بها كما صنع باليمني ثم مسح ببقية ما بقي في يديه رأسه و رجليه و لم يعدهما في

الاناء «2».

و تقريب الاستدلال ظاهر فانه صرح في الرواية بأنه صلي اللّه عليه و آله أسدلها

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 22.

(2) نفس المصدر الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 336

______________________________

علي وجهه من أعلي الوجه، لكن للمناقشة في دلالة الرواية مجال اذ من الممكن أن الغسل من الاعلي يكون راجحا و أنه صلي اللّه عليه و آله أتي بالراجح.

نعم نقل عن العلامة في المنتهي و عن الشهيد في الذكري: أنهما ذيلا الروايه بهذا القول: «روي عنه عليه السلام أنه صلي اللّه عليه و آله قال- بعد ما توضأ-: «ان هذا وضوء لا يقبل اللّه الصلاة الا به» «1».

و لكن لم يثبت هذا الذيل نعم قد ورد هذا الذيل في رواية مرسلة رواها الصدوق قال: و توضأ النّبيّ صلي اللّه عليه و آله مرة مرة فقال: هذا وضوء لا يقبل اللّه الصلاة الا به «2».

و هذه الرواية مرسلة مضافا الي انها لا ترتبط بالمقام فلاحظ.

و في المقام رواية اخري لزرارة قال: حكي لنا أبو جعفر عليه السلام وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فدعا بقدح من ماء فأخذ كفا من ماء فأسدلها علي وجهه (من أعلي الوجه) ثم مسح (علي خ ل) وجهه من الجانبين جميعا ثم أعاد يده اليسري في الاناء فأسدلها علي يده اليمني ثم مسح جوانبها ثم أعاد اليمني في الاناء فصبها علي اليسري ثم صنع بها كما صنع باليمني ثم مسح بما بقي في يده رأسه و رجليه و لم يعدهما في الاناء «3» و تقريب الاستدلال بها و الايراد عليها كما تقدم.

و صفوة القول: أنه لا دليل علي أن الامام عليه السلام في مقام بيان حدود

______________________________

(1) الجواهر

ج 2 ص 149.

(2) الوسائل الباب 31 من أبواب الوضوء الحديث: 11.

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 337

الي الاسفل فالاسفل عرفا (1).

______________________________

الوضوء و شرائطه بل في مقام بيان وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فلا يستفاد منه الا الرجحان.

الامر الرابع: أن الامر بالغسل في الاية و النصوص منصرف الي ما هو المتعارف و المتعارف منه هو الغسل من الاعلي.

و فيه: أن التعارف الخارجي لا يوجب الانصراف بحيث يكون خلافه لا يعد امتثالا.

و بعبارة اخري: تارة يكون الانصراف مستقرا بحيث لا يعد غير ما هو المتعارف من مصاديق المأمور به، و اخري يكون انصرافا بدويا و لا اثر للثاني.

فتحصل: أنه لا يكون دليل علي الاشتراط نعم لا اشكال في التسالم و تحقق السيرة عليه بحيث يعد خلافه مستنكرا عند المتشرعة.

(1) علي القول بوجوب الغسل من الاعلي، يقع الكلام في كيفية غسل الوجه و ذكرت في المقام وجوه:

أحدها: أن الواجب وجوب الابتداء بالغسل من قصاص الشعر بحيث يصدق الشروع من الاعلي و اما بعده فلا يجب النحو الخاص بل يكفي مطلق الغسل بأي نحو كان.

و هذا الوجه باطل اذ علي تقدير تمامية تلك الادلة يكون مقتضاها رعاية الاعلي فالاعلي.

ثانيها: أن الواجب غسل الاجزاء العالية فالعالية بحسب الخطوط العرضية بحيث لا يجوز غسل شي ء من الاجزاء السافلة حتي الجزء السافل الذي لا يكون مسامتا للجزء الاعلي غير المغسول الا بعد غسل تمام الاجزاء الواقعة فوقها في

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 338

و لا يجوز النكس (1).

______________________________

خط عرضي دقيق و نقل الالتزام به عن المحقق التقي الميرزا محمد تقي الشيرازي قدس سره.

و قد استشكل في هذا الكلام بأن هذا خلاف المستفاد

من رواية زرارة «1».

الحاكية لوضوء النّبيّ صلي اللّه عليه و آله حيث ذكر فيها: أنه عليه السلام «أخذ كفا من الماء فاسد لها علي وجهه من أعلي الوجه ثم مسح بيده الجانبين» فان الماء اذا اسدل من أعلي الوجه نزل الي الاسفل منه فيغسل به الجزء السافل قبل بقية الاجزاء العالية و لذا كان عليه السلام يمسح الجانبين فوصول الماء اليهما كان متأخرا عن الاسدال فلا يمكن الالتزام بهذا الوجه.

مضافا الي أن السيرة جارية علي خلافه بالاضافة الي كونه حرجيا.

ثالثها: أن الواجب انما هو غسل الاجزاء العالية فالعالية بحسب الخطوط الطولية فلا بد من غسل الجزء العالي قبل الجزء السافل المسامت له.

و هذا القول أيضا مخدوش اذ الماء اذا صب من الاعلي لم ينزل الي الاسفل بالخط المستقيم و لا دليل علي اعتبار هذا القيد أيضا.

رابعها: وجوب الغسل من الاعلي الي الاسفل عرفا بأن يصدق عرفا أنه غسل وجهه من الاعلي الي الاسفل فانه لا دليل علي وجوب أزيد من ذلك اذ العمدة في الدليل الانصراف و السيرة الخارجية، و السيرة بأزيد من هذا المقدار لم تتحقق.

(1) و قد ظهر وجهه.

______________________________

(1) لاحظ ص 335.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 339

نعم لورد الماء منكوسا و نوي الوضوء بارجاعه الي الاسفل صح وضوؤه (1).

[مسألة 37: غير مستوي الخلقة- لطول الاصابع أو لقصرها يرجع الي متناسب الخلقة المتعارف]

(مسألة 37): غير مستوي الخلقة- لطول الاصابع أو لقصرها- يرجع الي متناسب الخلقة المتعارف (2).

و كذا لو كان أغم قد نبت الشعر علي جبهته أو كان أصلع قد انحسر الشعر عن مقدم رأسه فانه يرجع الي المتعارف (3).

______________________________

(1) اذ المطلوب- و هو الغسل من الاعلي الي الاسفل- يحصل بهذا النحو فلا وجه للفساد كما هو ظاهر.

(2) يعني من يكون أصابعه خارجة عن المتعارف طولا

أو قصرا يراعي في مقدار الغسل من الوجه الاصابع المتناسبة مع وجهه علي طبق المتعارف الخارجي و هكذا الكلام بالنسبة الي من يكون وجهه خارجا عن المتعارف.

و السر فيه: ان التحديد الشرعي ربما يكون عاما لجميع المكلفين كالتحديد في الكر و المسافة و أمثالهما و في هذا القسم لا فرق بين الافراد و لا يختلف التحديد و مع عدم البيان يحمل علي المتعارف فيقال: المراد بالشبر في الكر الشبر المتعارف و لا يختلف الحكم بل عام بالنسبة الي الجميع، و اخري يكون الحكم انحلاليا بالنسبة الي الافراد كالمقام و يختلف المعنون بحسب اختلاف الاشخاص و يلاحظ التعارف في كل مورد بالنسبة الي نفسه فالتعارف في المقام يختلف عن التعارف في ذلك الباب.

(3) الكلام فيهما هو الكلام بعين الملاك فانه يفهم عرفا من الدليل: أن الميزان بالنسبة الي كل أحد ملاحظة أصابعه و وجهه بالنسبة و رعاية المتعارف

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 340

و اما غير مستوي الخلقة- بكبر الوجه أو لصغره- فيجب عليه غسل ما دارت عليه الوسطي و الابهام المتناسبتان مع ذلك الوجه (1).

[مسألة 38: الشعر النابت فيما دخل في حد الوجه يجب غسل ظاهره]

(مسألة 38): الشعر النابت فيما دخل في حد الوجه يجب غسل ظاهره و لا يجب البحث عن الشعر المستور فضلا عن البشرة المستورة (2).

______________________________

مع رعاية النسبة.

(1) كما ظهر وجهه.

(2) لا يخفي أن مقتضي وجوب غسل الوجه المستفاد من الاية و النصوص وجوب غسل البشرة فان الوجه عبارة عن البشرة فلا بد من غسلها لكن لا يبعد أن يستفاد من الوضوءات البيانية كفاية غسل ظاهر الشعر و عدم وجوب التعميق و التبطين اذ الشعر صيقلي و لا ينفذ فيه الماء بلا علاج و حيث انه ليس في نقل وضوئه صلي اللّه عليه

و آله اشارة الي التعميق يكشف عن عدم الوجوب.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه زرارة قال: قلت له: أ رأيت ما كان تحت الشعر؟ قال: كل ما أحاط به الشعر فليس للعباد أن يغسلوه و لا يبحثوا عنه و لكن يجري عليه الماء «1».

و ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: أ رأيت ما أحاط به الشعر؟ فقال: كل ما أحاط به من الشعر فليس للعباد أن يطلبوه و لا يبحثوا عنه و لكن يجري عليه الماء «2».

و أيضا يدل عليه ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 46 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

(2) نفس المصدر الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 341

نعم ما لا يحتاج غسله الي بحث و طلب يجب غسله (1) و كذا الشعر الرقيق النابت في البشرة يغسل مع البشرة و مثله الشعرات الغليظة التي لا تستر البشرة علي الاحوط وجوبا (2).

______________________________

سألته عن الرجل يتوضأ أ يبطن لحية؟ قال: لا «1».

و يؤيد المدعي ما رواه الرقاشي «2» أضف الي ذلك كله السيرة العملية الخارجية فانها جارية علي غسل ظاهر الشعر بلا رعاية التعميق و التبطين.

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية اذ الواجب بحسب الدليل وجوب غسل البشرة و العدول عنه يحتاج الي دليل و لا دليل عليه في مفروض الكلام.

(2) ما يمكن أن يقال في وجوب غسل الشعر في مفروض الكلام امور:

الاول: قاعدة الاشتغال بدعوي: أن الشك في المحصل و فيه: أنه قد تقدم أن المأمور به نفس الغسلات و المسحات مضافا الي أنه يكفي لعدم الوجوب الوضوءات البيانية فان بيان المحصل في المقام شأن المولي و مع عدم البيان في

مقامه يعلم عدم وجوبه.

الثاني: التبعية فانه يجب غسله بتبع البشرة و فيه أنه لا دليل علي التبعية.

لكن الانصاف: أن انكار التبعية مشكل و لذا يلتزمون بوجوب غسل اللحم الزائد النابت في الاعضاء الا أن يقال: بأن اللحم جزء من الوجه و الشعر ليس جزء منه فلاحظ.

الثالث: قوله عليه السلام «ما جرت عليه الاصبعان» في رواية زرارة أنه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 1.

(2) لاحظ ص 335.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 342

______________________________

قال لأبي جعفر عليه السلام: أخبرني عن حد الوجه الذي ينبغي أن يوضأ الذي قال اللّه عز و جل فقال: الوجه الذي قال اللّه و أمر اللّه عز و جل بغسله الذي لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه و لا ينقص منه، ان زاد عليه لم يوجر و ان نقص منه اثم ما دارت عليه الوسطي و الابهام من قصاص شعر الرأس الي الذقن و ما جرت عليه الاصبعان من الوجه مستديرا فهو من الوجه و ما سوي ذلك فليس من الوجه فقال له: الصدغ من الوجه؟ فقال: لا «1».

بدعوي انهما تجريان علي الشعر أيضا فيجب غسله.

و فيه: أن الامام عليه السلام في مقام بيان تحديد الوجه و الشعر ليس جزء من الوجه فالحكم مبني علي الاحتياط، و لكن لا يبعد أن يقال: بأنه اذا وجب غسل الوجه يفهم عرفا أنه يجب غسل ما فيه و هذا الوجه يرجع الي التبعية و ليس وجها مستقلا.

بقي شي ء: و هو: أن في مورد الشعر الكثيف هل يكفي غسل الوجه بلا غسل الشعر؟ أم لا بد من غسل ظاهر الشعر؟.

الحق أن يقال: ان روايتي زرارة «2» ان كان الجار فيهما الداخل علي العباد (اللام)، يكون مقتضاها وجوب غسل ظاهر الشعر

و لا يجزي غسل البشرة اذ يستفاد منهما عدم الاجزاء كما هو ظاهر و أما ان كان الجار لفظ علي فربما يقال: الامر كذلك اذ يستفاد من الروايتين أن البشرة لا يجب غسلها و مع عدم تعلق الامر به لا دليل علي الاجزاء و لا يكفي اطلاق الاية و النصوص لأنه

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

(2) لاحظ ص: 340.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 343

[مسألة 39: لا يجب غسل باطن العين و الفم، و الانف، و مطبق الشفتين، و العينين]

(مسألة 39): لا يجب غسل باطن العين و الفم، و الانف، و مطبق الشفتين، و العينين (1).

______________________________

خصص بهذه الرواية.

لكن لا يبعد أن يقال: بأن العرف يفهم من الروايتين الترخيص في الترك و عدم التعيين.

و بعبارة اخري: يفهم التخيير و حيث ان الرواية نقلت بنحوين تصل النوبة الي الاصل العملي فانه لا يتعين غسل البشرة انما الكلام في ان الواجب الجامع أو خصوص غسل ظاهر الشعر و مقتضي البراءة عدم التعين فلاحظ.

(1) اتفاقا- كما في بعض الكلمات- و لا مقتضي للوجوب فان صب الماء من قصاص الشعر و اسداله لا يغسل البواطن.

و يمكن تقريب المدعي بأنه لا يستفاد من دليل وجوب الغسل أزيد من وجوب غسل ظاهر الوجه و أما وجوب غسل بواطنه كالمذكورات فيحتاج الي عناية و تنبيه.

مضافا الي أنه يستفاد عدم الوجوب من النص الخاص لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ليس المضمضة و الاستنشاق فريضة و لا سنة انما عليك ان تغسل ما ظهر «1».

و ما رواه أبو بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس عليك مضمضة و لا استنشاق لأنهما من الجوف «2».

و ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنهما قالا:

المضمضة

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب الوضوء الحديث: 6.

(2) نفس المصدر الحديث: 10.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 344

[مسألة 40: الشعر النابت في الخارج عن الحد اذا تدلي علي ما دخل في الحد لا يجب غسله]

(مسألة 40): الشعر النابت في الخارج عن الحد اذا تدلي علي ما دخل في الحد لا يجب غسله، و كذا المقدار الخارج عن الحد و ان كان نابتا في داخل الحد كمسترسل اللحية (1).

[مسألة 41: إذا بقي مما في الحد شي ء لم يغسل و لو بمقدار رأس ابرة لا يصح الوضوء]

(مسألة 41): اذا بقي مما في الحد شي ء لم يغسل و لو بمقدار رأس ابرة لا يصح الوضوء (2) فيجب أن يلاحظ آماق و أطراف عينيه لا يكون عليها شي ء من القبح أو الكحل المانع و كذا يلاحظ حاجبه لا يكون عليه شي ء من الوسخ و أن لا يكون علي حاجب المرأة و سمة و خطاط له جرم مانع.

[مسألة 42: اذا تيقن وجود ما يشك في مانعيته عن الغسل أو المسح يجب تحصيل اليقين بزواله]

(مسألة 42): اذا تيقن وجود ما يشك في مانعيته عن الغسل أو المسح يجب تحصيل اليقين بزواله (3) و لو شك في أصل وجوده

______________________________

و الاستنشاق ليسا من الوضوء لأنهما من الجوف «1».

(1) الوجه فيهما ظاهر فانه لا مقتضي للوجوب أما في الاول فانه خارج عن الوجه و الظاهر من قوله عليه السلام: «كلما احاط به الشعر» الشعر النابت في الحد لا المتدلي و أما في الثاني فانه و ان كان نابتا في الحد لكن المقدار الخارج عن الحد طولا أو عرضا لا وجه لوجوب غسله فلاحظ.

(2) اذ الصحة تتفرع علي تحقق المأمور به و المفروض عدم تحققه فلا تتحقق الصحة.

(3) فان مقتضي تنجز التكليف الجزم بسقوطه بالامتثال و مع عدم حصول

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 345

يجب الفحص عنه- علي الاحوط وجوبا- الا مع الاطمئنان بعدمه (1).

[مسألة 43: الثقبة في الانف موضع الحلقة أو الخزامة لا يجب غسل باطنها]

(مسألة 43): الثقبة في الانف موضع الحلقة أو الخزامة لا يجب غسل باطنها بل يكفي غسل ظاهرها سواء كانت فيها الحلقة أم لا (2).

______________________________

اليقين بالزوال لا يحصل العلم بالامتثال.

(1) يظهر من بعض الكلمات أن المعروف عن الاصحاب انه لا اعتبار بالشك في وجود المانع و من القائلين بهذه المقالة صاحبا الجواهر و مصباح الفقيه و ما قيل في وجهه امور:

الاول: الاجماعات المنقولة. و فيه: أن الاجماع المنقول لا اعتبار به و المحصل منه غير حاصل و علي تقدير الحصول محتمل المدرك و ليس تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم.

الثاني: استصحاب عدمه. و فيه: أنه لا أثر لهذا الاصل فان الاثر يترتب علي وصول الماء و اثبات وصوله بالاصل يتوقف علي القول بالمثبت بل مقتضي الاستصحاب عدم الوصول و عدم تحقق الغسل.

الثالث: السيرة بدعوي أن سيرة المتشرعة

قائمة علي عدم الفحص.

و فيه: أن عدم الفحص ربما يستند الي الغفلة، و اخري الي القطع بعدم المانع، و ثالثة يستند الي عدم المبالات و رابعة الي الاجتهاد أو التقليد ممن يري عدم الوجوب و من الظاهر أنه لا أثر لمثل هذه السيرة.

و الانصاف أن السيرة من المتدينين مع التوجه و احتمال وجود المانع ممنوعة فلاحظ و مما ذكر ظهر وجه الاحتياط في كلام الماتن.

(2) لعدم وجوب غسل البواطن علي ما هو المعروف بين الاصحاب.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 346

[الثاني: يجب غسل اليدين من المرفقين الي أطراف الاصابع]
اشارة

الثاني: يجب غسل اليدين (1) من المرفقين الي أطراف الاصابع (2) و يجب الابتداء بالمرفقين (3).

______________________________

و يمكن الاستدلال عليه بالوضوءات البيانية فان اسدال الماء من قصاص الشعر لا يقتضي الوصول الي داخل الثقبة الا بعلاج فنفهم أن غسل داخلها لا يكون واجبا.

و بعبارة اخري: لو كان غسل داخل الثقبة واجبا لكان عليه. عليه السلام البيان.

(1) بلا اشكال و لا خلاف و يدل عليه الكتاب و السنة و الظاهر انه لم يخالف فيه أحد من المسلمين بل يمكن أن يقال: بأن وجوب غسل اليدين في الجملة من ضروريات الدين انما الاشكال و الخلاف في بعض الخصوصيات.

(2) بلا اشكال و لا خلاف في الجملة و الكتاب و السنة ناطقان به.

(3) الانصاف أن هذا من الواضحات و أنه من شعائر الشيعة و لا اشكال في التسالم عليه و عدم الخلاف و السيرة الجارية عليه أقوي شاهد علي المدعي.

اضف الي ذلك ما رواه زرارة قال لأبي جعفر الباقر عليه السلام اخبرني عن حد الوجه الذي ينبغي أن يوضأ الذي قال اللّه عز و جل فقال: الوجه الذي قال اللّه و امر اللّه عز و جل بغسله الذي لا ينبغي

لأحد أن يزيد عليه و لا ينقص منه ان زاد عليه لم يوجر و ان نقص منه اثم ما دارت عليه الوسطي و الابهام من قصاص شعر الرأس الي الذقن و ما جرت عليه الاصبعان مستديرا فهو من الوجه و ما سوي ذلك فليس من الوجه.

فقال له: الصدغ من الوجه؟ فقال: لا قال زرارة: قلت له: أ رأيت ما احاط به الشعر؟ فقال: كلما احاط به من الشعر فليس علي العباد أن يطلبوه و لا يبحثوا عنه و لكن يجري عليه الماء.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 347

______________________________

و حد غسل اليدين من المرفق الي اطراف الاصابع و حد مسح الرأس أن تمسح بثلاث أصابع مضمومة من مقدم الرأس و حد مسح الرجلين ان تضع كفيك علي أطراف أصابع رجليك و تمدهما الي الكعبين فتبدأ بالرجل اليمني في المسح قبل اليسري و يكون ذلك بما بقي في اليدين من النداوة من غير أن تجدد له ماء و لا ترد الشعر في غسل اليدين و لا في مسح الرأس و القدمين «1».

فان الظاهر من النهي عن رد الشعر، غسل اليد منكوسا.

و يدل عليه أيضا ما رواه الهيثم بن عروة التميمي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قوله تعالي: «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَي الْمَرٰافِقِ قلت:

هكذا و مسحت من ظهر كفي الي المرفق فقال: ليس هكذا تنزيلها انها هي فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ (من) إِلَي الْمَرٰافِقِ ثم أمر يده من مرفقه الي اصابعه «2».

و يدل عليه أيضا ما رواه محمد بن الفضل أن علي بن يقطين كتب الي أبي الحسن موسي عليه السلام يسأله عن الوضوء فكتب اليه أبو الحسن عليه السلام:

فهمت ما ذكرت من الاختلاف في

الوضوء و الذي آمرك به في ذلك أن تمضمض ثلاثا و تستنشق ثلاثا و تغسل وجهك ثلاثا و تخلل شعر لحيتك و تغسل يديك الي المرفقين ثلاثا و تمسح رأسك كله و تمسح ظاهر اذنيك و باطنهما و تغسل رجليك الي الكعبين ثلاثا و لا تخالف ذلك الي غيره فلما وصل الكتاب الي علي بن يقطين تعجب مما رسم له أبو الحسن عليه السلام فيه مما جميع العصابة علي

______________________________

(1) من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 28 باب حد الوضوء الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 348

______________________________

خلافه.

ثم قال: مولاي أعلم بهما قال و أنا أمتثل أمره فكان يعمد في وضوئه علي هذا الحد و يخالف ما عليه جميع الشيعة امتثالا لأمر أبي الحسن عليه السلام.

و سعي بعلي بن يقطين الي الرشيد و قيل: انه رافضي فامتحنه الرشيد من حيث لا يشعر فلما نظر الي وضوئه ناداه: كذب يا علي بن يقطين من زعم انك من الرافضة و صلحت حاله عنده و ورد عليه كتاب أبي الحسن عليه السلام ابتدأ من الان يا علي بن يقطين و توضأ كما أمرك اللّه تعالي اغسل وجهك مرة فريضة و اخري اسباغا، و اغسل يديك من المرفقين كذلك و امسح بمقدم رأسك و ظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك فقد زال ما كنا نخاف منه عليك و السلام «1».

و يدل عليه أيضا ما رواه الاربلي في كتاب كشف الغمة قال: ذكر علي بن ابراهيم بن هاشم- و هو من أجل رواة اصحابنا- في كتابه- عن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله و ذكر حديثا في ابتداء النبوة يقول فيه: فنزل عليه

جبرئيل و أنزل عليه ماء من السماء فقال له: يا محمد قم توضأ للصلاة فعلمه جبرئيل الوضوء علي الوجه و اليدين من المرفق و مسح الرأس و الرجلين الي الكعبين «2».

بل يمكن أن يستدل بما رواه بكير و زرارة ابنا أعين أنهما سألا أبا جعفر عليه السلام عن وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فدعا بطست أو بتور فيه ماء فغسل كفيه ثم غمس كفه اليمني في التور فغسل وجهه بها و استعان بيده اليسري بكفه علي غسل وجهه ثم غمس كفه اليمني في الماء فاغترف بها من الماء فغسل

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب الوضوء الحديث: 3.

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 24.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 349

______________________________

يده اليمني من المرفق الي الاصابع لا يرد الماء الي المرفقين ثم غمس كفه اليمني في الماء فاغترف بها من الماء فافرغه علي يده اليسري من المرفق الي الكف لا يرد الماء الي المرفق كما صنع باليمني ثم مسح رأسه و قدميه الي الكعبين بفضل كفيه لم يجدد ماء «1».

فان اهتما مهما بحكاية عدم رده عليه السلام الماء الي المرفق دليل علي أنه معتبر في الوضوء.

ان قلت: ان المستفاد من الآية الشريفة أنه لا بد من الابتداء بالأسفل و الختم بالأعلي فهذه النصوص تخالف الآية.

قلت: لا دليل علي أن التحديد في الاية تحديد للغسل بل التحديد راجع الي المغسول اذ لا يجب غسل تمام اليد بل الواجب غسل هذا المقدار فلا بد من التحديد و علي ما نقل ان العامة لم يدعوا ظهور الاية في مدعاهم بل انما يدعون الاطلاق و ان ابيت عن الظهور في المغسول فلا أقلّ من عدم الظهور في

الخلاف.

و يؤيد المدعي ما عن العياشي في تفسيره عن صفوان قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن قول اللّه عز و جل «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَي الْمَرٰافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَي الْكَعْبَيْنِ» فقال عليه السلام: قد سأل رجل أبا الحسن عليه السلام عن ذلك فقال: سيكفيك أو كفتك سورة المائدة يعني:

المسح علي الرأس و الرجلين قلت: فانه قال: اغسلوا أَيْدِيَكُمْ إِلَي الْمَرٰافِقِ.

فكيف الغسل؟ قال: هكذا ان يأخذ الماء بيده اليمني فيصبه في اليسري ثم يفضه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 350

ثم الاسفل منهما فالاسفل عرفا (1) الي أطراف الاصابع (2) و المقطوع بعض يده يغسل ما بقي (3).

______________________________

علي المرفق ثم يمسح الي الكف الخبر «1».

(1) كما عليه السيرة و التسالم و ظهور جملة من النصوص و عليه لا مجال لان يقال: بان الواجب الابتداء من المرفق و لا دليل علي وجوب المراعات بنحو الترتيب.

(2) بلا اشكال فانه المستفاد من الاية الشريفة اذ المستفاد منها أن الواجب غسل اليد الي المرفق فما يكون فوقه لا يجب غسله و ما يكون تحته يجب و تدل عليه رواية زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ألا احكي لكم وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله؟ فقلنا: بلي فدعا بقعب فيه شي ء من ماء فوضعه بين يديه ثم حسر عن ذراعيه ثم غمس فيه كفه اليمني ثم قال: هكذا اذا كانت الكف طاهرة ثم غرف ملاها ماء فوضعها علي جبهته ثم قال: بسم اللّه و سد له علي أطراف لحيته ثم أمر يده علي وجهه و ظاهر جبهته مرة واحدة ثم غمس يده اليسري فغرف بها ملاها ثم وضعه علي مرفقه

اليمني فأمر كفه علي ساعده حتي جري الماء علي أطراف أصابعه ثم غرف بيمينه ملاها فوضعه علي مرفقه اليسري فأمر كفه علي ساعده حتي جري الماء علي أطراف أصابعه و مسح مقدم رأسه و ظهر قدميه ببلة يساره و بقية بلة يمناه «2».

(3) ما استدل به علي المدعي امور:

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 18 من أبواب أحكام الوضوء الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 351

______________________________

الاول: الاجماع المدعي في المقام- كما عن المدارك و كشف اللثام، و عن المنتهي نسبته الي اهل العلم. لكن الظاهر أنه ليس اجماعا تعبديا لاحتمال استناد المجمعين الي النصوص الواردة في الاقطع.

الثاني قاعدة الميسور. و هذه القاعدة لم يدل عليها دليل معتبر كما حقق في مسألة الشك في الجزئية أو الشرطية في بحث البراءة.

الثالث: الاستصحاب بتقريب: أن غسل هذا المقدار كان واجبا قبل القطع و الان كما كان.

و فيه: أنه يتوقف أولا علي أن يكون القطع بعد دخول الوقت كي يتحقق الوجوب و أما اذا كان قبل الوقت فلا يقين بوجوب الغسل فلا مورد للاستصحاب.

و ثانيا: أن غسل اليد ليس واجبا بالوجوب الاستقلالي كي يستصحب بقائه بل وجوبه في ضمن وجوب الوضوء و مقتضي القاعده سقوط الوجوب عن الوضوء بعد عدم التمكن من امتثال الامر

و ربما يقال: - كما في كلام سيدنا الاستاد-: أنا نقطع بعدم سقوط الصلاة من ذمة المكلف و نقطع بعدم كون وظيفته التيمم فالنتيجة وجوب غسل ما بقي من اليد فتأمل.

و ثالثا: أن الاستصحاب لا يجري في الحكم الكلي الالهي كما حقق في محله.

الرابع: النصوص: فمنها ما رواه رفاعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الاقطع فقال: يغسل

ما قطع منه «1»

و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي ابن جعفر عليه السلام قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 49 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 352

______________________________

سألته عن رجل قطعت يده من المرفق كيف يتوضأ؟ قال: يغسل ما بقي من عضده «1».

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الاقطع اليد و الرجل قال: يغسلهما «2».

و منها ما رواه رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الاقطع اليد و الرجل كيف يتوضأ قال: يغسل ذلك المكان الذي قطع منه «3».

و هذه النصوص لا اشكال فيها سندا و أما المراد فمعلوم أن المقصود منها غسل المقدار الباقي الذي يجب غسله مع المقطوع في فرض عدم القطع و يتضح هذا المعني بملاحظة رواية علي بن جعفر «4».

و تقريب الاستفادة من الرواية أن الظاهر من قوله عليه السلام: «من المرفق» أن المرفق لم يقطع بل ابتدء في القطع منه و حيث ان المرفق يجب غسله فيكون مقدار من محل وجوب الغسل باقيا و عليه يكون الجار للتبعيض و لا يكون بيانا للموصول و لا يكون متعلقا ببقي اذ الاول خلاف الظاهر فان المناسب أن يقول: يغسل عضده و الثاني ينافي أن القطع من المرفق

و لتوضيح المدعي نقول: لو كان الجار متعلقا ببقي يكون المعني أن الواجب غسله المقدار الباقي من العضد و الحال أن العضد بتمامه باق فان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2.

(2) عين المصدر الحديث: 3.

(3) نفس المصدر الحديث: 4.

(4) مرت آنفا.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 353

و لو قطعت من فوق المرفق سقط وجوب غسلها (1).

______________________________

المستفاد من اللغة أن العضد من المرفق الي الكتف

فالعضد بتمامه باق فيكون المراد بالجار التبعيض و بهذه الرواية يرتفع الابهام الموجود في غيرها.

(1) المعروف بين القوم عدم الوجوب و نقل عن المنتهي و كشف اللثام الاجماع عليه و عن مفتاح الكرامة: «لا أجد فيه مخالفا الا ما نقل عن المفيد».

و في بعض الكلمات نسبة الخلاف الي ابن جنيد و نقل عن بعضهم الالتزام بالاستحباب.

و مقتضي القاعدة الاولية عدم الوجوب لانتفاء الحكم بانتفاء موضوعه.

و يظهر من كلام سيد المستمسك: «ان اصالة الاحتياط محكمة في المقام».

و لا أدري ما المراد بما افاده قدس سره و يمكن أن يكون ناظرا الي أن الشك في المقام شك في المحصل و في مثله يكون المرجع الاشتغال.

و لكن يرد عليه أنه قد مر منا أن المرجع في هذا الباب البراءة مضافا الي أنه يمكننا أن نقول: بأن بيان المحصل اذا كان من شئون المولي يكون المرجع البراءة أيضا و ان كان الشك في المحصل.

و ربما يقال في وجوب غسله وجهان: أحدهما اطلاق حديثي رفاعة و محمد بن مسلم «1» بتقريب أن مقتضي اطلاقهما وجوب غسل الباقي.

و فيه أن لازم الالتزام بهذا الاطلاق وجوب غسل الكتف لو قطع منه و هو كما تري.

______________________________

(1) لاحظ ص: 352.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 354

و لو كان له ذراعان دون المرفق وجب غسلهما (1).

______________________________

و لا يبعد أن يقال: بأن التناسب يقتضي أن يكون السؤال عن المقدار الباقي الواجب غسله لو لا القطع لا عن محل آخر.

و لكن يمكن أن يقال: بأنا نلتزم بالاطلاق ما دام لا نقطع بالخلاف و حيث ان وجوب غسل الكتف مقطوع العدم فلا نلتزم به و أما ما دونه فلا و أما التناسب المذكور فالانصاف أنه ليس مانعا عن الاطلاق

و لكن يمكن أن يقال: بأن المستفاد من حديث ابن جعفر «1»، أن الواجب غسله بعد القطع المقدار الباقي مما كان واجبا غسله و به يرفع اليد عن اطلاق غيره مضافا الي الاجماع المدعي علي العدم كما سبق.

ثانيهما رواية ابن جعفر 2 بدعوي أن المستفاد منها وجوب غسل العضد بعد القطع لكن تقدم أن المستفاد منها ليس كذلك.

(1) بلا فرق بين كونها أصلية و بين كونها زايدة أما في الصورة الاولي فلا طلاق الادلة من الكتاب و السنة اذ المفروض صدق اليد عليها و يجب غسل اليد و أما اذا كانت غير اصلية فأيضا يجب غسلها اذ لا اشكال في كونها تابعة لليد الاصلية في نظر العرف.

و لا يبعد أن يقال: بان مقتضي وجوب عسل اليد وجوب غسلها مع توابعها.

و يؤكد المدعي ما رواه زرارة و بكير أنهما سألا أبا جعفر عليه السلام عن وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فدعا بطست او تور فيه ماء فغمس يده اليمني فغرف بها غرفة فصبها علي وجهه فغسل بها وجهه ثم غمس كفه اليسري فغرف بها غرفة فأفرغ علي ذراعه اليمني فغسل بها ذراعه من المرفق الي الكف

______________________________

(1) (1 و 2) لاحظ ص: 351.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 355

و كذا اللحم الزائد و الاصبع الزائدة (1).

و لو كان له يد زائدة فوق المرفق فالاحوط استحبابا غسلها أيضا (2).

______________________________

لا يردها الي المرفق ثم غمس كفه اليمني فأفرغ بها علي ذراعه اليسري من المرفق و صنع بها مثل ما صنع باليمني ثم مسح رأسه و قدميه ببلل كفه لم يحدث لهما ماء جديدا.

ثم قال: و لا يدخل أصابعه تحت الشراك ثم قال: ان اللّه تعالي يقول: «يٰا

أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا قُمْتُمْ إِلَي الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ» فليس له أن يدع شيئا من وجهه الا غسله و أمر بغسل اليدين الي المرفقين فليس له أن يدع من يديه الي المرفقين شيئا الا غسله لان اللّه تعالي يقول: «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَي الْمَرٰافِقِ» «1».

فان المستفاد من هذا الحديث وجوب غسل اليد الي المرفق بجميع ما في الحد.

(1) لعين التقريب المذكور فيما قبله للإطلاق فانه قد ثبت وجوب غسل اليد مع توابعها.

و ما في رواية زرارة «2» من تحديد المغسول الي اطراف الاصابع محمول علي الاشخاص المتعارفة فلا نظر في الرواية الي التابع الخارج عن الحد فتلك الرواية محكمة بل العرف يفهم من هذه الرواية أيضا وجوب غسل ما في الحد.

و صفوة القول: أن التوابع في حكم اليد بحسب الفهم العرفي.

(2) اليد الزائدة فوق المرفق يتصور علي نحوين:

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 3.

(2) لاحظ ص 346.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 356

______________________________

أحدهما: أن تكون مثل اليد الاصلية في جميع الآثار المترقبة من القوة و البطش و الاعطاء و الاخذ الي غيرها من الآثار.

ثانيهما: أن تكون يدا بلا أثر مترتب عليها كيد المشلول أما النحو الاول فيجب غسلها لإطلاق الا دلة كتابا و سنة المقتضي لوجوب غسل اليد فانها يد حقيقة فيجب غسلها.

و قد يقال- في وجه عدم وجوب غسلها- أمران:

الاول: أن المستفاد من الاية الشريفة و الروايات وجوب غسل اليدين لا أزيد و إضافة الجمع الي المكلفين باعتبار إضافة الجمع الي الجميع.

و فيه: أنه لا دليل علي هذا المدعي فان الدليل يقتضي وجوب غسل اليد فذو يد واحدة يجب عليه غسل الواحدة و يجب علي ذي يدين غسلهما و علي

ذي الايدي الاربع غسلها و هكذا فلا وجه للقول بعدم الوجوب.

الثاني: قد حدد المغسول بالمرفق في الاية و الاخبار فالواقعة فوق المرفق خارجة.

و فيه: أولا: ينقض بمن لا يكون ليده مرفق فهل يمكن الالتزام بعدم وجوب غسل يده؟ كلا.

و ثانيا: أن هذا حد و انه لا بد من غسل هذا المقدار بمعني انه لو كان له المرفق يكون في المحل الفلاني فيجب الغسل من ذلك المحل كما أنه لو أن أحدا لم ينبت الشعر علي رأسه لم يسقط غسل الوجه عن ذمته.

فالنتيجة وجوب الغسل في هذه الصورة بل يمكن أن يقال: أنه يجوز المسح بها اذ يصدق أنه مسح بيده اليمني او اليسري.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 357

و لو اشتبهت الزائدة بالاصلية غسلهما جميعا (1) و مسح بهما علي الاحوط وجوبا (2).

[مسألة 44: المرفق مجمع عظمي الذراع و العضد و يجب غسله مع اليد]

(مسألة 44): المرفق مجمع عظمي الذراع و العضد و يجب غسله مع اليد (3).

______________________________

و أما النحو الثاني: فغاية ما يمكن أن يقال في وجه عدم وجوب الغسل أن وجوب الغسل في الاية و الروايات ينصرف الي اليد المتعارفة المترتبة عليها الآثار.

و لا وجه لهذا الانصراف الا بدوا و الا يلزم أن يقال: بعدم الوجوب حتي بالنسبة الي اليد الاصلية اذا كانت مشلولة فان حكم الامثال واحد و مما ذكرنا ظهر أن الاحتياط بغسلها وجوبي لا استجابي- كما في المتن- فتأمل.

(1) لو قلنا بوجوب غسل الزائدة لم يكن اشكال في وجوب غسلهما، و ان قلنا بعدم الوجوب و اشتبهت الاصلية بالزائدة التي لا تكون مصداقا لليد عرفا يجب غسلهما من باب المقدمة العلمية لكن الاشكال في أنه كيف يمكن اشتباه اليد الاصلية بغيرها.

(2) لا اشكال في أن هذا طريق الاحتياط و لكن مقتضي الصناعة

كفاية المسح بكل منهما بعد صدق اليد عليهما فلاحظ.

(3) نقل عن الشيخ الطوسي قدس سره في الخلاف: بأن الفقهاء بأجمعهم ملتزمون بوجوب غسل المرفقين مع اليدين الا زفر و قد ثبت عن الائمة عليهم السلام ان (الي) في الاية بمعني (مع).

مضافا الي أنه يمكن أن يستفاد المطلوب من روايات الوضوءات البيانية

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 358

______________________________

لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال زرارة: «ثم غرف بيمينه ملاها فوضعه علي مرفقه اليسري «1» فان وضع اليد علي المرفق يدل علي أن غسل المرفق واجب.

و يمكن اثبات المدعي ببيان آخر و هو يتوقف علي بيان المرفق فنقول.

المستفاد من بعض الكلمات: أن المحصل مما ذكروه في تفسير المرفق معان ثلاثة:

الاول: أن المرفق هو الخط الموهومي الفاصل بين عظم الذراع المحاط بعظمي العضد المحيطين فان من وضع يده علي مفصل العضد و الذراع يري أن في العضد عظمين محيطين بعظم الذراع و عليه لا معني للبحث عن الوجوب و عدمه فان الخط الموهومي غير قابل للغسل نعم يجب غسل كلا عظمي الذراع و العضد لوقوعهما تحت ذلك الخط.

الثاني: أن المرفق هو العظم المتداخل في عظمي العضد و علي هذا يصح النزاع فانه يرجع الي وجوب غسل ذلك العظم المتداخل.

الثالث: أن يكون المراد به مجموع العظام الثلاثة.

لا اشكال في أن مقتضي الاجماع القطعي علي أن لفظ (الي) بمعني (مع)، أن المرفق ليس عبارة عن الخط الموهومي فيدور الامر بين الامرين الاخيرين و الظاهر هو المعني الاخير فانه فسر في مجمع البحرين ب «موصل الذراع في العضد» و في المنجد ب «الموصل بين الساعد و العضد» و كون المجموع مقصودا من المرفق يناسب الرفق و الالتيام فان الملتئم

في المفصل

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 359

[مسألة 45: يجب غسل الشعر النابت في اليدين مع البشرة حتي الغليظ منه]

(مسألة 45): يجب غسل الشعر النابت في اليدين مع البشرة حتي الغليظ منه علي الاحوط وجوبا (1).

______________________________

مجموع العظام.

و يدل علي أن المرفق بالمعني الثالث ما رواه علي بن جعفر «1» اذ المفروض ان الذراع قطع من المرفق فلم يبق من الذراع شي ء فوجوب غسل الباقي بمعني ان عظمي العضد داخلان في المرفق.

و يدل عليه لفظ الجار فانا ذكرنا سابقا أن الجار ليس بيانا للموصول و لا متعلقا ببقي فانه لو كان بيانا للموصول كان المناسب ان يقول: يغسل عضده و لو كان متعلقا ببقي كان منافيا مع القطع من المرفق فان الظاهر أن العضد كله باق فيكون المراد انه يغسل ما بقي من المحل الواجب غسله الذي يكون بعضا من العضد.

(1) الكلام في المقام يقع في موردين:

الاول: في وجوب غسل الشعر النابت علي اليدين.

الثاني: في وجوب غسل البشرة و عدم كفاية غسل الشعر النابت و ان كان كثيفا أما المورد الاول فنقول:

الشعر النابت علي اليد كالشعر النابت علي الوجه يجب غسله بالفهم العرفي و أما المورد الثاني فنقول:

مقتضي القاعدة الاولية وجوب غسل نفس البشرة و الاكتفاء بغسل الشعر يحتاج الي الدليل و ما يمكن ان يقال في وجه تسرية الحكم من الوجه الي

______________________________

(1) مر في ص 351.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 360

[مسألة 46: اذا دخلت شوكة في اليد لا يجب اخراجها الا اذا كان ما تحتها محسوبا من الظاهر]

(مسألة 46): اذا دخلت شوكة في اليد لا يجب اخراجها الا اذا كان ما تحتها محسوبا من الظاهر فيجب غسله حينئذ و لو باخراجها (1)

[مسألة 47: الوسخ الذي يكون علي الاعضاء اذا كان معدودا جزءا من البشرة لا تجب ازالته]

(مسألة 47): الوسخ الذي يكون علي الاعضاء اذا كان معدودا جزءا من البشرة لا تجب ازالته و ان كان معدودا أجنبيا عن البشرة تجب ازالته (2).

______________________________

اليدين اطلاق رواية زرارة «1» بدعوي أن مقتضي اطلاقها عدم الفرق بين الوجه و اليدين.

و الظاهر ان هذه الرواية ليست رواية مستقلة بل هي ذيل الرواية التي نقلها الصدوق 2 و عليه فعموم قوله عليه السلام: «كلما احاط به» انما بحسب ما اريد من الموصول المراد به الوجه بقرينة الصدر و عليه ليس للرواية عموم يشمل المقام و حيث ان هذا الذيل لا بد من سبقه بكلام كما في رواية فقيه فلا بد من الالتزام بأن الشيخ قدس سره قد ارتكب التقطيع فلا عموم له.

و علي فرض كونها رواية مستقلة لا يفيد أيضا اذ لا معني لهذا السؤال بلا تقديم مقدمة و سبق سابقة و حيث لا نعلم سابقه يكون الكلام مجملا.

فالنتيجة: ان ما ذهب اليه المشهور صحيح و ما ذهب اليه كاشف الغطاء ليس سديدا و اللّه العالم.

(1) أما عدم وجوب اخراجها في مفروض المسألة فلان غسل البواطن غير واجب و المفروض أن مدخل الشوكة من الباطن و أما وجوب الاخراج في الفرض الثاني فلان غسل الظاهر واجب و المفروض أنه منه.

(2) أما علي التقدير الاول فلانه يعد من البدن فهو جزء منه و غسله مصداق

______________________________

(1) (1 و 2) لاحظ ص 340 و قد أخرجناها من الوسائل الباب 46 من أبواب الوضوء الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 361

[مسألة 48: ما هو المتعارف بين العوام من غسل اليدين الي الزندين و الاكتفاء عن غسل الكفين بالغسل المستحب قبل الوجه باطل]

(مسألة 48): ما هو المتعارف بين العوام من غسل اليدين الي الزندين و الاكتفاء عن غسل الكفين بالغسل المستحب قبل الوجه باطل (1).

[مسألة 49: يجوز الوضوء برمس العضو في الماء]

(مسألة 49): يجوز الوضوء برمس العضو في الماء من أعلي الوجه أو من طرف المرفق مع مراعاة غسل الاعلي فالاعلي (2).

و لكن لا يجوز أن ينوي الغسل لليسري بادخالها في الماء من المرفق لأنه يلزم تعذر المسح بماء الوضوء (3) و كذا الحال في اليمني اذا لم يغسل بها اليسري (4) و أما لو قصد الغسل باخراج العضو من الماء تدريجا فهو غير جائز مطلقا علي الاحوط (5).

______________________________

للغسل الواجب و أما علي الثاني فلا بد من ازالته كي يحصل الامتثال.

(1) الامر ظاهر فان الاجزاء يحتاج الي الدليل و ليس فليس.

(2) نقل عن البرهان: الاتفاق عليه، و كذلك عن ظاهر الجواهر.

و مقتضي القاعدة جوازه فان مقتضي اطلاق الغسل جوازه بأي نحو يحصل و عليه يجوز الارتماس لكن يلزم أن يراعي الاعلي فالاعلي و عليه لا يمكن تحقق الغسل بالارتماس دفعة بل لا بد من التدريج الزماني بان يحصل غسل كل جزء قبل الجزء الاخر كي يحفظ الترتيب.

(3) فلا يجوز و هذا ظاهر لأنه يختلط ماء الوضوء بالماء الخارجي و لا يجوز المسح الا ببلة الوضوء.

(4) و الوجه فيه ظاهر.

(5) الظاهر انه ناظر الي ان الاحداث لازم في امتثال الاوامر و لا يكفي الابقاء.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 362

[مسألة 50: الوسخ تحت الأظفار اذا لم يكن زائدا علي المتعارف لا تجب إزالته]

(مسألة 50): الوسخ تحت الاظفار اذا لم يكن زائدا علي المتعارف لا تجب ازالته (1) الا اذا كان ما تحته معدودا من الظاهر (2).

و اذا قص أظفاره فصار ما تحتها ظاهرا وجب غسله بعد ازالة الوسخ (3).

[مسألة 51: إذا انقطع لحم من اليدين غسل ما ظهر بعد القطع]

(مسألة 51): اذا انقطع لحم من اليدين غسل ما ظهر بعد القطع (4) و يجب غسل ذلك اللحم أيضا ما دام لم ينفصل و ان كان اتصاله بجلدة رقيقة (5).

______________________________

(1) فان الميزان في وجوب الازالة و عدمه عد ما تحت الوسخ من الظاهر و عدمه فانه لو عد من الظاهر تجب الازالة مقدمة للغسل و كفاية غسل الوسخ عنه يحتاج الي الدليل.

و توهم كونه مستورا بالوسخ فلا يكون من الظاهر، فاسد فان الستر بالوسخ و امثاله لا يقتضي عد ما تحته من البواطن.

(2) قد ظهر الوجه فيه.

(3) اذ المفروض أنه بعد القص يدخل في موضوع وجوب الغسل فيجب.

(4) فانه يعد من الظاهر علي الفرض فيجب غسله.

(5) أما وجوب غسله فلانه من التوابع و قوله عليه السلام: «فليس له ان يدع شيئا» «1» يقتضي غسل ما يكون تابعا و لا يجب قطعه، لعدم المقتضي اذ انه ليس شيئا خارجيا كي يجب قطعه مقدمة لغسل ما تحته و ان شئت قلت: أن غسله

______________________________

(1) لاحظ ص: 355.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 363

و لا يجب قطعه ليغسل ما كان تحت الجلدة (1).

و ان كان هو الاحوط وجوبا لو عد ذلك اللحم شيئا خارجيا و لم يحسب جزءا من اليد (2).

[مسألة 52: الشقوق التي تحدث علي ظهر الكف من جهة البرد ان كانت وسيعة يري جوفها وجب ايصال الماء اليها]

(مسألة 52): الشقوق التي تحدث علي ظهر الكف من جهة البرد ان كانت وسيعة يري جوفها وجب ايصال الماء اليها (3) و الا فلا (4) و مع الشك فالاحوط استحبابا الايصال (5).

______________________________

يكفي عن غسل البشرة.

(1) قد ظهر الوجه فيه.

(2) و الوجه فيه أنه أمر خارجي مانع عن وصول الماء الي البشرة فيحب قطعه.

و لكن يرد عليه أن كونه شيئا خارجيا تسامح فانه من قبيل الشعر حيث انه لا يعد

من اليد و لكن من توابعها بلا اشكال فلا وجه لوجوب الاحتياط نعم يحسن الاحتياط بلا اشكال.

(3) اذ المفروض كونها من الظاهر.

(4) فقد ظهر وجهه و الميزان في كون الشي ء من الظاهر أن يري بسهولة من دون علاج و امكان الرؤية بالعلاج كما اذا فصل طرفي الشق باليد لا يقتضي كونها من الظاهر.

(5) فانه قد مر أن المستفاد من النصوص أن الواجب غسل ظاهر البشرة بل استفيد من حديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المضمضة و الاستنشاق قال: ليس هما من الوضوء هما من الجوف «1»، و غيره، عدم

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب الوضوء الحديث: 9.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 364

[مسألة 53: ما ينجمد علي الجرح عند البرء و يصير كالجلدة لا يجب رفعه]

(مسألة 53): ما ينجمد علي الجرح عند البرء و يصير كالجلدة لا يجب رفعه (1) و ان حصل البرء (2) و يجزي غسل ظاهره و ان كان رفعه سهلا (3)،

[مسألة 54: يجوز الوضوء بماء المطر إذا قام تحت السماء حين نزوله فقصد بجريانه علي وجهه غسل الوجه مع مراعاة الأعلي فالأعلي]

(مسألة 54) يجوز الوضوء بماء المطر اذا قام تحت السماء حين نزوله فقصد بجريانه علي وجهه غسل الوجه مع مراعاة الاعلي فالاعلي و كذلك بالنسبة الي يديه (4).

______________________________

وجوب غسل الجوف و مع الشك يستصحب كونه من الجوف.

هذا اذا كانت الشبهة مصداقية و اما اذا كانت شبهة مفهومية فيشكل اذ المفروض أن مقتضي وجوب غسل اليد من المرفق الي أطراف الاصابع وجوب غسل ما بين الحدين علي الاطلاق و حيث ان المقيد منفصل و أمره دائر بين الاقل و الاكثر فلا يسري اجماله الي المطلق و عليه يرفع اليد عن الاطلاق بالمقدار المعلوم و أما في مورد الشك فيؤخذ بالاطلاق.

و لنا أن نقول: ان هذا التقريب يتم بناء علي عدم جريان الاصل في الشبهة المفهومية، و أما مع جريانه فما المانع من أن يقال: ان هذا الموضع قبل وجوده لم يكن محدودا من الظاهر و الان كما كان.

(1) فانه من العضو فيكفي غسله عن غسل العضو.

(2) فانه معدود من اليد حتي في هذا الحال.

(3) قد ظهر وجهه فلاحظ.

(4) فان مقتضي اطلاق الغسل كفايته بأي نحو يحصل فلا فرق بين اقسامه في تحقق الامتثال فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 365

و كذلك اذا قام تحت الميزاب أو نحوه (1) و لو لم ينو من الاول لكن بعد جريانه علي جميع محال الوضوء مسح بيده علي وجهه بقصد غسله و كذا علي يديه اذا حصل الجريان يكفي أيضا (2).

[مسألة 55: إذا شك في شي ء انه من الظاهر حتي يجب غسله أو الباطن فالأحوط استحبابا غسله]

(مسألة 55): اذا شك في شي ء انه من الظاهر حتي يجب غسله أو الباطن فالاحوط استحبابا غسله نعم اذا كان قبل ذلك من الظاهر وجب غسله (3).

______________________________

(1) بعين التقريب فلا وجه للإعادة.

(2) لان الميزان حصول الغسل فباي وجه يحصل يكفي

للامتثال.

(3) تارة تكون الشبهة مفهومية و اخري تكون مصداقية فان كانت مفهومية فتارة نقول بعدم جريان الاصل في موردها و اخري نقول بجريانها أما علي الاول فيجب غسل مورد الشك اذ قد مر قريبا ان مقتضي وجوب غسل ما بين الحدين وجوب غسل كل ما يمكن قابلا له مما وقع بينهما بتقريب أن اجمال المنفصل لا يسري الي العام و المطلق فيقتصر في رفع اليد عن دليل الوجوب علي القدر المعلوم.

و أما علي الثاني، فلا مانع من جريان الاصل فيما يترتب عليه اثر شرعي.

و أما ان كانت الشبهة مصداقية فتارة تكون الحالة السابقة معلومة بأن كانت معدودة من الجوف، و اخري تكون الحالة السابقة عكس ذلك بأن تكون معدودة من الظاهر، و ثالثة لا تكون الحالة السابقة معلومة أما علي الاولي فلا مانع من جريان الاستصحاب.

ان قلت: أركان الاستصحاب و ان كانت تامة لكن لا يترتب عليه تحقق الطهارة الاعلي القول بالمثبت فان الغسلات و المسحات تسبب حصول الطهارة.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 366

[الثالث يجب مسح مقدم الرأس]
اشارة

الثالث يجب مسح مقدم الرأس (1).

______________________________

قلت: أما علي القول بأن الطهارة هي عين الغسلات و المسحات فلا تصل النوبة الي هذا الاشكال و أما علي القول بأنها غيرها فلا نلتزم بكونها مسببة عنها تكوينا كي يتوجه هذا الاشكال بل الطهارة بحكم الشارع تترتب عليها ترتب الحكم علي موضوعه و هو ليس من المثبت.

و احتمال كونها امرا تكوينيا كشف عنها الشارع، احتمال بعيد لا يساعد عليه الدليل.

و أما علي الثانية فلا اشكال في جريان استصحاب كونها من الظاهر و وجوب غسله.

و أما علي الثالثة فعلي تقدير عدم جريان الاصل في الاعدام الازلية يجب الغسل مقدمة لامتثال وجوب الغسل و أما علي القول

بكونه جاريا فيها فعلي القول بان المستفاد من الادلة وجوب غسل الظاهر فلا مانع من اثبات عدم كون المورد من الظاهر بالاصل الازلي و أما ان قلنا بأن الخارج عنوان الجوف فلا اثر للأصل في اثبات عدم الوجوب بل مقتضاه الوجوب و حيث انا لم نجد دليلا معتبرا دالا علي الاختصاص بالظاهر تكون النتيجة وجوب الغسل فلاحظ.

(1) يقع الكلام تارة في أصل وجوب مسح الرأس و اخري في خصوصياته أما الكلام من الناحية الاولي فلا اشكال و لا خلاف بين المسلمين في وجوبه بل يمكن أن يقال: بأن وجوبه من ضروريات الإسلام و قد دلت عليه الاية الكريمة:

وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَي الْكَعْبَيْنِ «1».

و أما الكلام من الناحية الثانية فنقول: مقتضي الاية المباركة و الاخبار الدالة

______________________________

(1) المائدة: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 367

______________________________

علي وجوب مسح الرأس عدم الفرق بين مقدمه و غيره.

لاحظ ما رواه زرارة قال: و قال أبو جعفر عليه السلام: ان اللّه وتر يحب الوتر فقد يجزيك من الوضوء ثلاث غرفات: واحدة للوجه و اثنتان للذراعين و تمسح ببلة يمناك ناصيتك و ما بقي من بلة يمينك ظهر قدمك اليمني و تمسح ببلة يسارك ظهر قدمك اليسري «1».

و ما رواه زرارة و بكير أنهما سالا أبا جعفر عليه السلام عن وضوء رسول اللّه «ص» الي أن قال: ثم قال: «وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَي الْكَعْبَيْنِ» فاذا مسح بشي ء من رأسه أو بشي ء من قدميه ما بين الكعبين الي اطراف الاصابع فقد أجزأه «2».

و ما رواه داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ان أبي كان يقول: ان للوضوء حدا من تعداه لم يوجر، و كان أبي يقول:

انما يتلدد فقال له رجل: و ما حده؟ قال تغسل وجهك و يدك، و تمسح رأسك و رجليك «3»، الي غيرها من الروايات الواردة في الباب 15 من أبواب الوضوء من الوسائل.

و قد دلت جملة من النصوص علي أنه يلزم أن يكون علي مقدمه:

منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: مسح الرأس علي مقدمه «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

(2) نفس المصدر الحديث: 3.

(3) نفس المصدر الحديث: 1.

(4) الوسائل الباب 22 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 368

______________________________

و منها ما رواه أيضا قال: قال: أبو عبد اللّه عليه السلام: مسح الرأس علي مقدمه «1».

مضافا الي السيرة الجارية بين المتشرعة من الامامية و أنه لا شك في أنه مقتضي مذهب الشيعة.

و في المقام جملة من الروايات يستفاد منها خلاف ذلك:

منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في مسح القدمين و مسح الرأس فقال: مسح الرأس واحدة من مقدم الرأس و مؤخره و مسح القدمين ظاهرهما و باطنهما «2».

و هذه الرواية ضعيفة بالرفع.

و منها ما رواه الحسين بن أبي العلاء قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: امسح الرأس علي مقدمه و مؤخره «3».

و المستفاد من هذه الرواية وجوب مسح مقدم الرأس و مؤخره و لا بد من طرحها لمخالفتها لمذهب أهل البيت قطعا أو تحمل علي التقية لما نقل عن المالك:

«بأن الواجب مسح جميع الرأس».

و منها ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المسح علي الرأس فقال: كأني انظر الي عكنة في قفاء أبي يمر عليها يده و سألته عن الوضوء بمسح الرأس مقدمه و مؤخره

فقال: كأني انظر الي عكنة في رقبة أبي يمسح عليها «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب الوضوء الحديث: 7.

(3) الوسائل الباب 22 من أبواب الوضوء الحديث: 6.

(4) نفس المصدر الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 369

و هو ما يقارب ربعه مما يلي الجبهة (1) و يكفي فيه المسمي طولا و عرضا (2).

______________________________

و هذه الرواية أيضا مطروحة بل الناظر فيها يفهم أن الامام عليه السلام في مقام الجواب كان يتقي.

مضافا الي أن المستفاد منها تعين المسح علي القفاء.

و الحاصل: أنه لا مجال للعمل بهذه الاخبار بلا اشكال و لا كلام.

(1) فان المقدم من المفاهيم العرفيه و ينطبق علي هذا المقدار بحسب الفهم العرفي فلاحظ.

(2) فان هذا مقتضي اطلاق الادلة كتابا و سنة، و هذا هو المنسوب الي المشهور، و نقل عن غير واحد نسبته الي مذهب الاصحاب و نقل عن الأردبيلي دعوي الاجماع عليه بل نقل عن بعض بأن ادعاء الاجماع عليه مستفيض.

و ما نقل من بعض من الاكتفاء بمقدار الاصبع لا ينافي ما تقدم، اذ يمكن أن يكون بيانا للمقدار الأقل الذي يتحقق المسح به لا الالزام بهذا المقدار.

و لا يبقي في الحكم شك مع النصوص الواردة في المقام:

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 1، ص: 369

منها ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام ألا تخبرني من أين علمت و قلت: أن المسح ببعض الرأس و بعض الرجلين؟ فضحك فقال: يا زرارة قاله رسول اللّه و نزل به الكتاب من اللّه عز و جل لان اللّه عز و جل قال (يقول يب خ):

«فَاغْسِلُوا

وُجُوهَكُمْ» فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل ثم قال: «وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَي الْمَرٰافِقِ» فوصل اليدين الي المرفقين بالوجه فعرفنا أنه ينبغي لهما أن يغسلا الي المرفقين ثم فصل بين الكلام فقال: «وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ» فعرفنا حين قال:

«برؤسكم» أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء ثم وصل الرجلين بالرأس كما

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 370

______________________________

وصل اليدين بالوجه فقال: «وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَي الْكَعْبَيْنِ» فعرفنا حين وصلهما (وصلها) بالرأس أن المسح علي بعضهما (بعضها خ) ثم فسر ذلك رسول اللّه عليه و آله للناس فضيعوه الحديث «1».

فان المستفاد من هذه الرواية كفاية مسح بعض الرأس.

و لا يخفي أن بعد صدور الرواية من الامام عليه السلام و قوله: «لمكان الباء» بعد سؤال زرارة، لا مجال للبحث في أن كلمة الباء تجئ للتبعيض أم لا؟.

و منها ما رواه زرارة و بكير ابنا اعين عن أبي جعفر عليه السلام انه قال في المسح: تمسح علي النعلين و لا تدخل يدك تحت الشراك و اذا مسحت بشي ء من رأسك أو بشي ء من قدميك ما بين كعبيك الي أطراف الاصابع فقد أجزأك «2».

و منها ما رواه الاخوان أيضا «3»».

و ربما يقال: بأنه يجب أن يكون مقدار الاصبع عرضا، و ما يمكن أن يكون مدركا لهذا القول حديثان:

أحدهما: ما رواه حماد بن عيسي عن بعض اصحابه عن أحدهما عليهما السلام في الرجل يتوضأ و عليه العمامة قال: يرفع العمامة بقدر ما يدخل اصبعه فيمسح علي مقدم رأسه «4».

ثانيهما ما رواه الحسين قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل توضأ و هو

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

(2) المصدر السابق الحديث: 4.

(3) لاحظ ص: 367.

(4) الوسائل الباب 24 من أبواب الوضوء الحديث:

1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 371

______________________________

معتم فثقل عليه نزع العمامة لمكان البرد، فقال: ليدخل اصبعه «1».

و الحديث الاول ضعيف بالارسال مضافا الي أن دلالتهما علي المدعي محل نقاش اذ أقل المسح لا يتحقق الا بادخال الاصبع تحت العمامة.

اضف الي ذلك أن الاصبع من المدورات و لا يكون باطنه بمقدار الاصبع فالحديثان علي خلاف المدعي أدل فلاحظ.

و عن جملة من الاعيان- كالفقيه و السيد و الشيخ في بعض كتبه-، وجوب المسح بثلاث أصابع مضمومة و المستند لهذا القول حديثان:

أحدهما: ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: المرأة يجزيها من مسح الرأس أن تمسح مقدمه قدر ثلاث أصابع و لا تلقي عنها خمارها «2».

ثانيهما: ما رواه معمر بن عمر عن أبي جعفر عليه السلام قال: يجزي من المسح علي الرأس موضع ثلاث اصابع و كذلك الرجل (الرجلين خ ل) «3».

أما الرواية الثانية فضعيفة سندا و أما الاولي فالاستدلال بها يتوقف علي القول بمفهوم العدد فلا مجال لهذا القول كما أنه لا مجال للتفصيل بين المرأة و الرجل.

مضافا الي أن السيرة علي خلافه و أنه لو كان واجبا لم يكن مورد الخلاف فان مقتضي القاعدة انكشاف الحال و عدم بقاء هذا الحكم مستورا مخفيا عن الانظار.

فانقدح من جميع ما تقدم كفاية المسمي طولا و عرضا.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2.

(2) نفس المصدر الحديث: 3.

(3) نفس المصدر الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 372

______________________________

بقي في المقام شي ء و هو أنه يستفاد من رواية زرارة وجوب مسح الناصية قال: و قال أبو جعفر عليه السلام: ان اللّه و وتر يحب الوتر فقد يجزيك من الوضوء ثلاث غرفات: واحدة للوجه و اثنتان للذراعين و تمسح ببلة يمناك ناصيتك و ما

بقي من بلة يمينك ظهر قدمك اليمني و تمسح ببلة يسارك ظهر قدمك اليسري «1».

و لكن يمكن أن يقال: بأنه يدخل قوله: «تمسح» تحت قوله: «يجزيك» بتأويله الي المصدر فان الظاهر كذلك فلا دلالة علي اللزوم.

الا أن يقال: ان الاضمار علي خلاف الظاهر و الاصل فان عطف تمسح علي فاعل يجزي لا يجوز الا بتأويل الفعل الي المصدر و هذا يتوقف علي تقدير «أن» الناصبة.

و ثانيا: أن الناصية علي ما في كلام بعض اللغويين عبارة عن مقدم الرأس أو شعره و علي فرض الاجمال يرجع الي الروايات الدالة علي أن محل المسح مقدم الرأس لكن يشكل بأن الظاهر من وجوب مسح الناصية وجوب مسح جميعها فعلي تقدير كون الناصية مقدم الرأس يجب مسح جميع مقدمه و علي فرض الاجمال لا بد من الاحتياط كي يحرز مسح الناصية اذ المفروض أنه علم من الدليل وجوب مسح الناصية فلا بد من تحقق الامتثال و احرازه فالعمدة الاشكال الاول مضافا الي السيرة الخارجية علي عدم استيعاب المقدم و اكتفاء المتشرعة علي مسمي المسح الحاصل علي مقدم الرأس فلاحظ.

و يمكن أن يقال: بأن الناصية لفظ مجمل و حيث ان اجمال المقيد المنفصل لا يسري الي المطلق فيؤخذ باطلاق المطلق و هو قوله عليه السلام: «مقدم الرأس»

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 373

و الاحوط استحبابا أن يكون العرض قدر ثلاثة أصابع (1) و الطول قدر طول اصبع (2).

و الاحوط وجوبا أن يكون المسح من الاعلي الي الاسفل (3).

______________________________

و يرتفع الاجمال من الناصية.

و ان شئت قلت: ان المطلق الوارد في المقام قابل لان يبين اجمال الناصية فان الناصية لا جمالها بلا اقتضاء و ما

لا اقتضاء له لا يعارض المقتضي فلاحظ فتأمل.

(1) لرواية زرارة «1».

(2) بدعوي: أن المستفاد من رواية زرارة «2» كل من الطول و العرض و مقدار طول الاصابع الثلاث، انما هو طول الاصبع الواحد فلاحظ.

(3) ربما يقال: بأن مقتضي قاعدة الاشتغال لزوم الاحتياط.

و فيه: أنه قد مر أن مقتضي القاعدة، البراءة بعد البناء علي أن الامر متوجه الي الغسل و المسح.

مضافا الي أنه لا تصل النوبة الي القاعدة فان اطلاق الاية و الروايات يقتضي جواز المسح باي نحو كان.

و دعوي انصراف الاطلاق الي المتعارف، و المتعارف من المسح، من الاعلي ممنوعة أولا: بعدم التعارف في المسح كذلك و ثانيا: بمنع الانصراف الي المتعارف الخارجي.

اضف الي جميع ذلك ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) لاحظ ص: 371.

(2) لاحظ ص: 371.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 374

و يكون بنداوة الكف اليمني (1).

______________________________

قال: لا بأس بمسح الوضوء مقبلا و مدبرا «1» فان مقتضاه عدم الفرق.

و له رواية اخري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بمسح القدمين مقبلا و مدبرا «2» و لا مجال لان يقال: بأنهما رواية واحدة لأجل وحدة السند اذ وحدة السند لا تدل علي وحدة الرواية و حيث لا تنافي بين الروايتين و لا نقول بمفهوم اللقب نأخذ بالرواية الاولي و نلتزم بمفادها.

(1) يستفاد من هذا المتن أمور:

الامر الاول: أن يكون المسح بنداوة ماء الوضوء لا ماء آخر فنقول:

المعروف بين الامامية وجوب كون المسح بنداوة ماء الوضوء و عدم جوازه بالماء الجديد و لم ينقل في ذلك خلاف الا من الاسكافي.

و كيف كان يمكن الاستدلال علي مسلك المشهور بوجوه:

الاول: الروايات الحاكية لوضوء النّبيّ صلي اللّه عليه و آله.

فمنها ما

رواه زرارة «3».

و منها ما رواه زرارة و بكير «4».

و منها ما رواه بكير بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: ألا احكي لكم وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فأخذ بكفه اليمني كفأ من ماء فغسل به وجهه ثم أخذ بيده اليسري كفا فغسل به يده اليمني ثم أخذ بيده اليمني كفا من

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2.

(3) لاحظ ص: 350.

(4) لاحظ ص: 367.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 375

______________________________

ماء فغسل به يده اليسري ثم مسح بفضل يديه رأسه و رجليه «1».

و منها ما رواه عمر بن اذينة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث طويل:

ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: لما اسري بي الي السماء أوحي اللّه الي يا محمد ادن من صاد فاغسل مساجدك و طهرها وصل لربك، فدنا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله من صاد و هو ماء يسيل من ساق العرش الايمن فتلقي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الماء بيده اليمني فمن اجل ذلك صار الوضوء باليمين، ثم أوحي اللّه اليه أن اغسل وجهك فانك تنظر الي عظمتي ثم اغسل ذراعيك اليمني و اليسري فانك تلقي بيديك كلامي ثم امسح رأسك بفضل ما بقي في يدك من الماء و رجليك الي كعبيك فاني أبارك عليك و اوطئك موطأ لم يطأ أحد غيرك «2».

و منها ما رواه زرارة قال: حكي لنا أبو جعفر عليه السلام وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فدعا بقدح من ماء فأخذ كفا من ماء فأسدلها علي وجهه (من أعلي الوجه) ثم مسح (علي ل خ) وجهه

من الجانبين جميعا ثم أعاد يده اليسري في الاناء فأسدلها علي يده اليمني ثم مسح جوانبها ثم أعاد اليمني في الاناء فصبها علي اليسري ثم صنع بها كما صنع باليمني ثم مسح بما بقي في يده رأسه و رجليه و لم يعد هما في الاناء «3».

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: يأخذ أحدكم الرائحة من الدهن فيملا بها جسده و الماء أوسع ألا أحكي لكم وضوء رسول

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 4.

(2) نفس المصدر الحديث: 5.

(3) نفس المصدر الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 376

______________________________

اللّه صلي اللّه عليه و آله؟ قلت: بلي.

قال: فأدخل يده في الاناء و لم يغسل يده فاخذ كفا من ماء فصبه علي وجهه ثم مسح جانبيه حتي مسحه كله ثم أخذ كفا آخر بيمينه فصبه علي يساره ثم غسل به ذراعه الايمن ثم أخذ كفا آخر فغسل به ذراعه الايسر ثم مسح رأسه و رجليه بما بقي في يديه «1».

و منها ما رواه زرارة «2» و منها ما رواه بكير و زرارة «3».

فانه يستفاد من هذه النصوص وجوب كون المسح بنداوة ماء الوضوء فان نقل الكيفية مع كون الامام عليه السلام في مقام التعليم يقتضي وجوبها سيما مع التصريح في جملة من النصوص بأنه لم يعد يده في الاناء فان الافعال الصادرة منهم عليهم السلام حال الوضوء كانت كثيرة كنظر هم الي السماء، و لم يتصد الرواة للنقل و مع ذلك نقلوا هذه الخصوصية فنكشف لزومها.

الثاني: الروايات الدالة علي أنه لو نسي المسح حتي دخل في الصلاة أخذ من بلل لحيته أو أشفاره:

منها ما رواه خلف بن حماد عمن اخبره عن

أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قلت له: الرجل ينسي مسح رأسه و هو في الصلاة قال: ان كان في لحيته بلل فاليمسح به قلت: فان لم يكن له لحية؟ قال: يمسح من حاجبيه أو أشفار عينيه «4».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا ذكرت و انت في صلاتك، انك قد تركت شيئا من وضوئك (الي أن قال): و يكفيك من مسح

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7.

(2) لاحظ ص: 335.

(3) لاحظ ص 348.

(4) الوسائل الباب 21 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 377

______________________________

رأسك أن تأخذ من لحيتك بللها اذا نسيت أن تمسح رأسك فتمسح به مقدم رأسك «1».

و منها ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل ينسي مسح رأسه حتي دخل في الصلاة قال: ان كان في لحيته بلل بقدر ما يمسح رأسه و رجليه فليفعل ذلك و ليصل «2».

فانه يستفاد من هذه النصوص أن المسح لا يجوز بغير ماء الوضوء.

الثالث ما رواه عمر بن أذينة «3»، فان هذه الرواية تدل علي أنه كان يجب عليه أن يمسح بفضل ما في يده، و الاخبار المشتملة علي الوضوءات البيانية تدل علي أن الواجب عليه واجب علي جميع المسلمين.

و ربما يقال: بأن ما رواه زرارة «4» يدل علي خلاف المقصود فان مفاده الاجزاء لا الوجوب.

و اجيب عنه: بأن عطف كلمة «تمسح» علي فاعل يجزئ لا يمكن الا بتأويل المصدر، و الاضمار علي خلاف الظاهر فتكون الجملة مستقلة خبرية في مقام الانشاء و تدل علي الوجوب.

و يرد عليه: أن كون الجملة مستأنفة أيضا خلاف الظاهر فان الظاهر أن كلمة (واو) للعطف لا للاستيناف و لا أقل من

الاجمال.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2.

(2) نفس المصدر الحديث: 3.

(3) لاحظ ص 375.

(4) لاحظ ص 367.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 378

______________________________

و لكن علي كل تقدير لا يستفاد من الرواية جواز المسح بغير ماء الوضوء اذ يمكن أن يكون الاجزاء راجعا الي مسح الناصية.

فالنتيجة أن مسح الناصية يجزي عن غيرها.

و لكن الانصاف: أن الالتزام بالاستيناف ليس خلاف الظاهر فلاحظ.

و في المقام طائفتان من النصوص:

الاولي: ما تدل علي وجوب الاخذ من الماء الجديد و المسح به و هي جملة من النصوص:

منها ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن مسح الرأس قلت:

أمسح بما علي يدي من الندي رأسي؟ قال: لا بل تضع يدك في الماء ثم تمسح «1».

و منها: ما رواه معمر بن خلاد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام: أ يجزئ الرجل ان يمسح قدميه بفضل رأسه؟ فقال برأسه: لا، فقلت أ بماء جديد فقال برأسه: نعم «2».

و منها: ما رواه جعفر بن عمارة بن أبي عمارة قال: سألت جعفر بن محمد عليه السلام: أمسح رأسي ببلل يدي؟ قال: خذ لرأسك ماء جديدا «3».

و يرد عليه: أنه لا يمكن الالتزام بمفادها حيث ان مفادها خلاف المذهب و الضرورة فان الاسكافي أيضا لا يقول بالوجوب بل قائل بالجواز فتحمل علي التقية مضافا الي ضعف السند في بعضها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب الوضوء الحديث: 4.

(2) نفس المصدر الحديث: 5.

(3) نفس المصدر الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 379

______________________________

الثانية: ما تدل علي جواز المسح بماء جديد منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل نسي أن يمسح علي رأسه فذكر و هو في الصلاة فقال:

ان كان استيقن ذلك انصرف فمسح

علي رأسه و رجليه و استقبل الصلاة و ان شك فلم يدر مسح أو لم يمسح فليتناول من لحيته ان كانت مبتلة و ليمسح علي رأسه و ان كان أمامه ماء فليتناوله منه فليمسح به رأسه «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بمحمد بن سنان و مخدوشة دلالة لان موردها مورد جريان قاعدة الفراغ فلا مانع من الالتزام بمفادها رجاء.

و منها: ما يدل بالاطلاق علي الجواز لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل توضأ و نسي أن يمسح رأسه حتي قام في صلاته قال: ينصرف و يمسح رأسه ثم يعيد «2».

و ما رواه أبو الصباح قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل توضأ فنسي أن يمسح علي رأسه حتي قام في الصلاة قال: فلينصرف فليمسح علي رأسه و ليعد الصلاة «3».

و منها غيرهما المذكور في الباب 35 من أبواب الوضوء من الوسائل.

و من الظاهر أن المطلق يحمل علي المقيد و منه يظهر أن الاستدلال باطلاق الاية و جملة من الروايات غير صحيح اذ الاطلاق يقيد بالمقيد.

الامر الثاني: أن يكون المسح بنداوة الكف. و الظاهر أن مراده وجوب المسح بنداوة الكف بالكف لا بشي ء آخر اذ يمكن أن يكون المسح بنداوة

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الوضوء الحديث: 8.

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

(3) نفس المصدر الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 380

______________________________

الكف و لكن بواسطة شي ء آخر غير الكف فالمستفاد من كلامه وجوب المسح بالكف بنداوتها فلا يجوز الاخذ من نداوة الكف بخرقة و المسح بها فلا بد من اقامة الدليل علي وجوب أن يكون المسح بنداوة الكف، و لا يكفي غير الكف

و بعد اثبات ذلك لا بد من الاستدلال علي وجوبه بنفس الكف لا بشي ء آخر.

فنقول: يدل علي وجوب كون المسح ببلة الكف بعض النصوص لاحظ حديثي زرارة و الاخوين «1».

و اما وجوبه بالكف فمضافا الي دعوي الاتفاق عليه من جملة من الاصحاب- كما في الحدائق-، و نفي الخلاف عنه نصا و فتوي- كما عن شيخنا الانصاري-، يمكن أن يقال بدلالة الاطلاق عليه فان المتعارف من المسح أن يكون باليد.

ان قلت: التعارف لا يقتضي الانصراف الا بدوا.

قلت: الامر كذلك لكن فرق بين عدم التعارف لعدم القدرة كالغسل بماء الكبريت و الزاج، و بين عدم التعارف مع القدرة عليه كالمشي بالنحو القهقري فان عدم التعارف مع القدرة لا يبعد أن يكون موجبا لانصراف الاطلاق عنه.

اضف الي ذلك أن الاخبار البيانية ليست فيها ما يكون دالا علي أنه مسح بذراعه أو بشي ء آخر غير الكف.

و الحاصل: انه لا اشكال في أن الظاهر من تلك النصوص أنه عليه السلام مسح رأسه بكفه و هذا الظهور لا يقبل الانكار مضافا الي أن الراوي بصدد بيان جميع الخصوصيات و لو كان مسح الامام بواسطة غير اليد لكان علي الراوي بيانه و لم يبين.

______________________________

(1) لاحظهما في ص: 367 و 348.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 381

______________________________

مضافا الي جميع ذلك قول الراوي في جملة من تلك النصوص: «و لم يعدهما في الاناء» أو ما هو قريب من هذا المضمون فانه يفهم من هذا الكلام ان آلة المسح هي الكف.

ان قلت: ان غاية دلالة هذه الاخبار، أن تدل علي كون المسح باليد و اليد ليست مختصة بما دون الزند.

قلت: ان المتبادر من اليد في مثل هذه الموارد ما دون الزند فانه لو قال أحد: أكلت

بيدي لا يحتمل أن يكون مراده أنه اكل بذراعه او بعضده.

اضف الي ذلك انه قد صرح في بعض نصوص الوضوءات البيانية بالكف لاحظ روايتي الاخوين «1» فانه قد صرح فيهما بأنه مسح رأسه و قدميه الي الكعبين بفضل كفه لم يجدد ماء فتأمل.

مضافا الي أن صاحب الحدائق- علي ما نقل عنه-، نقل عن جملة من الاصحاب الاتفاق علي الحكم المذكور.

الامر الثالث: أن يكون المسح بالكف اليمني، و قد نسب الي المشهور الاستحباب و عن الحدائق: «أن ظاهرهم الاتفاق عليه».

و الوجه فيه- ظاهرا- اطلاق الادلة بل قيل انه صرح بالاطلاق في رواية زرارة حيث قال: «و مسح مقدم رأسه و ظهر قدميه ببلة يساره و بقية بلة يمناه» «2»

لكن لنا أن نقول: بأن الروايات الحاكية للوضوءات البيانية، نقل عمل خارجي و لا معني لانعقاد الاطلاق فيها و لا ندري بأنه عليه السلام مسح رأسه باليمني أو باليسري.

______________________________

(1) لاحظ ص: 348 و 354.

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 382

بل الاحوط وجوبا باطنها (1).

[مسألة 56: يكفي المسح علي الشعر المختص بالمقدم]

(مسألة 56): يكفي المسح علي الشعر المختص بالمقدم (2).

______________________________

و لا يبعد أن يقال: بأن الطبع الاولي يقتضي أن يمسح الرأس باليمني و لو كان الامر بالعكس كان الراوي ينقله و مع التعارف الخارجي لا يبقي مجال للأخذ بالاطلاق المنعقد في الاية علي فرض انعقاده و كذلك بالاطلاق الوارد في النصوص.

هذا علي ما قلناه في رواية زرارة بان قوله «و تمسح ببلة يمناك ناصيتك» «1» مؤول بالمصدر و معطوف علي فاعل يجزي و أما لو قلنا بان الواو حرف استيناف فيكون الدال علي الوجوب تاما لكن يمكن أن يقال: انه لا تنافي بين كون المسح ببلة اليمني و

كون آلة المسح غيرها.

(1) الكلام فيه هو الكلام، فان المتعارف من المسح أن يكون بالباطن، فلا ينعقد الاطلاق.

مضافا الي أنه ليس في روايات الوضوءات البيانية، ذكر من المسح بالظاهر، و لو كان الامام عليه السلام مسح بالظاهر لكان علي الرواة بيانه و نقله فمن عدم نقلهم يعلم أن عملهم عليهم السلام كان علي طبق ما هو المتعارف بحيث لا يحتاج الي البيان و التنبيه.

(2) يظهر من بعض كلمات القوم: أن المسألة موضع تسالم بين الاصحاب و هو مقتضي القاعدة فان المسح علي الشعر يصدق عليه عنوان المسح علي الرأس و يظهر هذا بملاحظة نظائره فانه لو دهن أحد شعر رأسه يصدق أنه دهن رأسه

______________________________

(1) عين المصدر.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 383

______________________________

و ان أبيت عن الصدق قلنا: ان تعارف الشعر علي الرأس و كونه غالبيا في الافراد قرينة علي الجواز فانه لو لم يكن جائزا لكان علي المولي البيان.

و أما حديث محمد بن يحيي رفعه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الذي يخضب رأسه بالحناء ثم يبدو له في الوضوء قال: لا يجوز حتي يصيب بشرة رأسه بالماء «1» ففيه: أولا أنه ضعيف سندا بالرفع و ثانيا: أنه لوحظ الامر بالنسبة الي الحناء الذي يكون امرا خارجيا فيكون المراد بالبشرة نفس الرأس بما فيه من الشعر.

اضف الي ذلك ما ورد في جواز المسح علي الناصية بناء علي كون المراد منها الشعر النابت علي المقدم.

و في المقام روايتان تدلان علي جواز المسح علي الحائل.

إحداهما ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يحلق رأسه ثم يطليه بالحناء يتوضأ للصلاة فقال: لا بأس بان يمسح رأسه و الحناء عليه «2».

ثانيتهما ما رواه

عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يخضب رأسه بالحناء ثم يبد و له في الوضوء قال: يمسح فوق الحناء «3».

و يعارضهما حديث علي بن جعفر في كتابه عن اخيه عليه السلام قال: سألته عن المرأة هل يصلح لها أن تمسح علي الخمار؟ قال: لا يصلح حتي تمسح علي رأسها «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 37 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 4.

(3) نفس المصدر الحديث: 3.

(4) نفس المصدر الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 384

بشرط أن لا يخرج بمده عن حده فلو كان كذلك فجمع و جعل علي الناصية لم يجز المسح عليه (1).

[مسألة 57: لا تضر كثرة البلل الماسح، و ان حصل معه الغسل]

(مسألة 57): لا تضر كثرة البلل الماسح، و ان حصل معه الغسل (2).

[مسألة 58: لو تعذر المسح بباطن الكف مسح بغيره]

(مسألة 58): لو تعذر المسح بباطن الكف مسح بغيره (3).

______________________________

و ما يدل علي وجوب مسح الرأس موافق للكتاب.

اضف الي ذلك ما ورد في منع المسح علي العمامة أو الخفين لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه سئل عن المسح علي الخفين و علي العمامة فقال: لا تمسح عليهما «1».

(1) و ذلك لوجوب وقوع المسح علي الرأس و المفروض أنه لم يقع لا علي البشره و لا علي النابت عليه بل وقع علي أمر خارج عن الحد فلا وجه للجواز و لا مجال للأخذ باطلاق الناصية الواقعة في النص اذ قد مر أن الناصية بما لها من المفهوم مجملة.

(2) للإطلاق فان الواجب حصول المسح ببلل الكف و المفروض حصوله.

و ان شئت قلت: الغسل و المسح متخالفان لا ضدان فربما يجتمعان و ربما يفترقان.

(3) يمكن أن يقال أن وجوب المسح بباطن الكف لم يرد في رواية و انما ذكرنا في وجه الوجوب أمرين:

أحدهما التعارف الخارجي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب الوضوء الحديث: 8.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 385

و الاحوط وجوبا المسح بظاهر الكف (1).

______________________________

ثانيهما: أنه الظاهر من الوضوءات البيانية و الا فمقتضي الاية الشريفة و النصوص عدم التقييد و من الظاهر ان التعارف مع القدرة و المفروض أن المسح بالباطن لا يمكن كما أن فعل الامام عليه السلام لا يقتضي التقييد بالنسبة الي المورد لفرض عدم القدرة.

و ان شئت قلت: ان الاطلاق محكم لان دليل المقيد ليس فيه اطلاق.

و صفوة القول: أن دليل المقيد لو لم يكن فيه اطلاق يكون المرجع عند الشك اطلاق دليل المطلق فلاحظ.

فانه لا اشكال عندهم

في عدم سقوط الحكم بالوضوء.

و ان شئت قلت: ان المستفاد من الاية بمقتضي التقسيم أن المكلف اذا كان واجدا للماء يجب عليه الوضوء و اذا كان فاقدا لم يجب و الفقدان يتحقق اما بفقدان الماء و اما بكون استعماله غير ممكن في حقه لمرض أو نحوه و المفروض أن المكلف ليس فاقدا للماء فيجب عليه الوضوء و حيث انه يمكنه المسح بغير الباطن يجب عليه و يأتي في شرح كلام الماتن ما ينفع في المقام فانتظر.

(1) ما يمكن أن يقال في وجهه امور:

الاول: قاعدة الميسور. و فيه أنه قد حقق في محله عدم اعتبارها.

الثاني: أصالة الاحتياط. و فيه أن مقتضي القاعدة، البراءة كما مر.

الثالث: الاتفاق عليه و لذا نقل عن المدارك «بانه لو تعذر المسح بالباطن يكفي المسح بالظاهر قطعا» لكن الكلام في تعين الظاهر.

الرابع: ان التقييد بالباطن من باب التعارف الخارجي و من استفادة المدعي من روايات الوضوءات البيانية و مع عدم امكان المسح بالباطن كما هو المفروض

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 386

فان تعذر فالاحوط وجوبا أن يكون بباطن الذراع (1).

______________________________

لا مجال للوجهين.

و بعبارة اخري: ان مقتضي اطلاق الادلة عدم الفرق بين الظاهر و الباطن و انما رفعنا اليد عن الاطلاق بالوجهين المذكورين و من الظاهر أنه مع عدم امكان المسح بالباطن لا موضوع للتقييد فلا مانع من العمل بالاطلاق.

و ان شئت قلت: المقيد في المقام لا اقتضاء له للتقييد أزيد من هذا المقدار.

و يمكن اثبات المدعي ببيان آخر و هو أن المسح لا بد أن يكون باليد و المراد باليد ما دون الزند و ذلك لوجوه:

الاول: أنه قد صرح في بعض اخبار الوضوءات البيانية أنه عليه السلام مسح بكفه لاحظ ما رواه بكير

و زرارة «1».

الثاني: أن اطلاق اليد في مقابل الذراع ظاهر في ما دون الزند لاحظ حديث ابن مسلم «2».

الثالث: أن تناسب الحكم و الموضوع يقتضي انصراف اليد في المقام الي ما دون الزند فانه لو قال أحد: أكلت بيدي يفهم من كلامه أنه أكل بكفه و كذلك لو قال: مسحت بيدي.

(1) هذه الجملة متضمنة لفرعين:

أحدهما: أنه لو تعذر المسح بظاهر الكف و بباطنها تصل النوبة الي المسح بالذراع و لا يبعد أن يكون مقتضي القاعدة كذلك اذا لوجه في وجوب المسح بما دون الزند حسب ما تقدم انصراف الاطلاقات و دلالة الوضوءات البيانية علي المدعي خصوصا مع التصريح في بعض تلك الروايات بالمسح بالكف لاحظ

______________________________

(1) مر في ص 348 زائدة.

(2) راجع ص 375.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 387

[مسألة 59: يعتبر أن لا يكون علي الممسوح بلل ظاهر]

(مسألة 59): يعتبر أن لا يكون علي الممسوح بلل ظاهر بحيث يختلط ببلل الماسح بمجرد المماسة (1).

[مسألة 60: لو اختلط بلل اليد ببلل أعضاء الوضوء لم يجز المسح به علي الاحوط وجوبا]

(مسألة 60): لو اختلط بلل اليد ببلل أعضاء الوضوء لم يجز المسح به علي الاحوط وجوبا (2).

______________________________

ما رواه زرارة و بكير «1».

مضافا الي تناسب الحكم و الموضوع كما تقدم و من الظاهر أنه لا مجال لهذه الوجوه مع فقدان الكف أو وجدانها مع تعذر المسح بها لقرحة و نحوها فان انصراف الاطلاق مع الامكان.

كما أنه عليه السلام كان يمكنه المسح حين توضأ وضوءا مثل وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله. كما أن تناسب الحكم و الموضوع مختص بوجود الموضوع و امكان الاتيان بالنحو الخاص و عليه يكون المرجع اطلاق الاية و النصوص.

ثانيهما: أن يكون بباطن الذراع لا يبعد أن يكون الوجه فيه التعارف الخارجي المانع للإطلاق الموجب للانصراف.

(1) الذي استفيد من الادلة، لزوم أن يتحقق المسح ببلل ماء الوضوء فلو صدق هذا العنوان كفي في تحقق الامتثال و عليه لا يشترط كون الممسوح جافا حيث ان هذا القيد مخالف لإطلاق الادلة و لذا نفرق بين ما يكون بمقدار يختلط ببلل الكف و بين ما يكون قليلا غير ظاهر.

و ملخص الكلام: انما يلزم حصول عنوان المسح ببلة الكف.

(2) قد وقع الكلام بين الاصحاب و اختلفوا في هذه المسألة فجملة، منهم- و منهم سيد العروة- جوزوا اختلاط بلل اليد ببلل بقية الاعضاء و المستند

______________________________

(1) لاحظ ص 348- 354.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 388

نعم لا بأس باختلاط بلل اليد اليمني ببلل اليد اليسري الناشئ من الاستمرار في غسل اليسري بعد الانتهاء من غسلها اما احتياطا أو للعادة الجارية (1).

[مسألة 61: لو جف ما علي اليد من البلل لعذر أخذ من بلل لحيته الداخلة في حد الوجه و مسح به]

(مسألة 61): لو جف ما علي اليد من البلل لعذر أخذ من بلل لحيته الداخلة في حد الوجه و مسح به (2).

______________________________

للجواز اطلاق الادلة المقتضي للجواز و

عدم التقييد.

و يمكن أن يقال: بأن الصناعة تقتضي التقييد و عدم جواز الاختلاط لاحظ ما رواه عمر بن أذينة «1» فان الامر الوارد في الرواية بالمسح بفضل ما بقي في اليد يقتضي تعينه.

و يدل علي التقييد أيضا حديث زرارة «2» لكن علي جعل الواو استينافا لا عاطفا اذ علي تقدير العطف يدخل تحت قوله عليه السلام: «يجزيك» و الاجزاء لا يقتضي التعين نعم يستفاد التقييد أيضا مما دل من روايات الوضوءات البيانية علي أنه عليه السلام مسح رأسه و رجليه ببلة كفيه لاحظ حديثي زرارة و بكير «3» و بقية الأحاديث الدالة علي ذلك الواردة في الباب الخامس عشر من أبواب الوضوء من الوسائل.

(1) أما صورة الاحتياط فلا اشكال اذ لا يبعد أن يكون المستفاد من الادلة استحباب الاستظهار فتأمل و أما صورة العادة فلا يبعد أن يكون الوجه فيه جريان السيرة عليه.

و الحق: أن الالتزام بالجواز في هذه الصورة مشكل فلاحظ.

(2) يظهر من بعض كلمات الاصحاب أنه مورد وفاق، و لا اشكال فيه و تدل

______________________________

(1) لاحظ ص 375.

(2) لاحظ ص 367.

(3) لاحظ ص: 348- 350.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 389

[مسألة 62: لو لم يمكن حفظ الرطوبة في الماسح لحر أو غيره فالاحوط استحبابا الجمع بين المسح بالماء الجديد و التيمم]

(مسألة 62): لو لم يمكن حفظ الرطوبة في الماسح لحر أو غيره فالاحوط استحبابا الجمع بين المسح بالماء الجديد و التيمم (1) و الاظهر جواز الاكتفاء بالتيمم (2).

______________________________

عليه جملة من النصوص لاحظ حديث خلف «1» و الحلبي «2» و هذا الحديث نقي السند فلاحظ و لكن المذكور في الرواية خصوص مسح الرأس فيشكل بالنسبة الي مسح الرجلين الا أن يقال: بأن العرف يفهم عدم الفرق فتأمل.

(1) سيظهر عن قريب إن شاء اللّه تعالي وجه حسن الاحتياط المذكور.

(2) المشهور فيما بين القوم- علي ما يظهر

من بعض الكلمات- جواز المسح بالماء الجديد في هذه الصورة، و عن الجواهر: «أنه لم يعثر علي مفت بالتيمم في حقه».

و السيد اليزدي في العروة- بعد الحكم بجواز المسح بالماء الجديد- احتاط بالجمع بين المسح باليد اليابسة و المسح بالماء الجديد و التيمم.

و الكلام يقع في المقام في موردين:

أحدهما: أنه لا وجه للمسح باليد اليابسة و هذا الاحتياط ساقط عن درجة الاعتبار بل الامر دائر بين المسح بالماء الجديد، لوجوه سنذكرها إن شاء اللّه تعالي و بين لزوم التيمم بلحاظ عدم القدرة علي الطهارة المائية و أما لزوم المسح باليد اليابسة فلا وجه له، اذ الروايات الناهية عن اعادة اليد في الاناء انما يستفاد منها النهي عن اختلاط ماء الوضوء بالماء الخارجي و لا موضوع له في مفروض

______________________________

(1) لاحظ ص 376.

(2) لاحظ ص 376.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 390

______________________________

الكلام لاحظ حديثي زرارة «1» و حديث بكير و زرارة «2».

و بعبارة اخري: النهي عن تجديد الماء الخارجي لأجل عدم اختلاط ما في الكف مع الماء الخارجي و مع فرض عدم بقية شرائطه لا موضوع لهذا النهي

ثانيهما: أن مقتضي القاعدة المسح بالماء الجديد أو التيمم فنقول: ما يمكن أن يقال في وجه وجوب المسح بالماء الجديد أو قيل امور:

الاول: قاعدة الميسور، بتقريب: أن الواجب المسح ببلة الوضوء و بعد تعذره تصل النوبة الي الميسور، و الميسور في المقام المسح بالماء الخارجي.

و بعبارة اخري: بالتعذر يسقط الوجوب عن المقيد و يجب المسح بمطلق البلة.

و فيه: أولا: أنه لا مدرك لهذه القاعدة كما حقق في محله من الاصول فاصل الكبري مورد الاشكال.

و ثانيا: أنه يشترط في الاخذ بالقاعدة علي فرض تماميتها صدق الميسور كما لو وجب علي المكلف الصلاة

في المسجد فتعذر عليه الصلاة فيه، وجب عليه الصلاة في الدار اذ الصلاة الخارج عن المسجد ميسور الصلاة في المسجد و أما مع عدم الصدق العرفي فلا مجال لهذا الاستدلال مثلا لو كان الواجب علي زيد الاتيان بماء الرمان فتعذر عليه الاتيان به فهل يمكن أن يقال: بأنه يجب عليه الاتيان بماء الرقي؟ كلا اذ ماء الرقي ليس ميسورا لماء الرمان بل يبانيه و المقام كذلك فان الماء المضاف الي الوضوء يباين ماء الحوض و لا أقلّ من عدم الجزم بالصدق

______________________________

(1) لاحظهما في ص 335- 436.

(2) لاحظ ص 348.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 391

______________________________

العرفي و مع ذلك لا مانع من الحكم بعدم الصدق بالاستصحاب علي ما قلنا بجريان الاستصحاب في موارد الشبهات المفهومية.

الثاني: الاستصحاب اي استصحاب وجوب المسح بدعوي: أن المسح بالبلل كان واجبا عليه قبل حدوث الموجب للتعذر و بالاستصحاب يحكم ببقاء وجوب المسح باليد اليابسة أو بالماء الجديد.

و يرد عليه: أولا: أنه من الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي الذي لا نقول به- تبعا لسيدنا الاستاد-.

و ثانيا: أنه داخل في الاستصحاب القسم الثالث من الكلي و قد ثبت في محله عدم اعتباره اذ الامر مردد بين مقطوع الزوال و مشكوك الحدوث فان الفرد المعلوم وجوده زال قطعا و قيام فرد مقام الزائل أول الكلام.

و ثالثا: يختص جريان الاصل- علي فرض القول به- بما تعلق التكليف بعد الوقت و عرض التعذر بعده بأن كان أول الوقت قادرا علي الاتيان بالوضوء الكامل ثم عرض العجز بلحاظ بعض العوارض و أما لو كان عدم التمكن من أول الوقت فلا مجال لهذا الاستصحاب اذ المفروض أن المكلف لم يحكم عليه بوجوب الوضوء كي يستصحب الوجوب بهذا التعذر.

و رابعا:

أن الوضوء شرط للصلاة و الواجب علي المكلف، الصلاة لا الوضوء، الا أن يقال: بأنه يكفي لجريان الاصل تعلق الوجوب بالصلاة المقيدة بالوضوء الخاص.

الثالث: ما دل من المطلقات علي وجوب المسح فان مقتضي اطلاقها جواز المسح في مفروض الكلام باليد اليابسة أو بالماء الجديد و أن ما دل علي وجوب المسح ببلة الوضوء مخصوص بحال القدرة و لا يشمل حال العجز و عند العجز

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 392

[مسألة 63: لا يجوز المسح علي العمامة و القناع أو غيرهما من الحائل]

(مسألة 63): لا يجوز المسح علي العمامة و القناع أو غيرهما من الحائل و ان كان شيئا رقيقا لا يمنع من وصول الرطوبة الي البشرة (1).

______________________________

يسقط الدليل عن الاعتبار و المرجع دليل وجوب المسح.

و فيه: أولا: أن هذا لو تم لم يكن دليلا علي وجوب المسح بالماء الجديد بل مقدار دلالته وجوب المسح علي الاطلاق.

و ثانيا: ان المستفاد من دليل التقييد عدم صحة الوضوء بهذا النحو لاحظ رواية ابن أذينة «1» فان المستفاد من هذه الرواية و امثالها انه يشترط في الوضوء أن يكون المسح بنداوة ماء الوضوء و لا فرق في الحكم الوضعي بين القادر و العاجز.

فالنتيجة أن الوضوء المأمور به غير ممكن بالنسبة الي هذا الشخص و مع عدم امكان الوضوء تصل النوبة الي التيمم لتحقق موضوعه و لم يقم اجماع علي خلافه و علي فرض تحققه يكون محتمل المدرك- ان لم يكن معلوما مستنده- فلاحظ.

فانقدح الوجه فيما أفاده من حسن الاحتياط بالجمع بين الماء الجديد و التيمم و اللّه العالم.

(1) لظهور أدلة وجوب المسح في مسح نفس البشرة فان المسح علي العمامة ليس مسحا للرأس.

و يؤيد المدعي بل يدل عليه عدة روايات: منها ما رواه حماد بن عيسي «2»، و منها ما رواه

الحسين «3». و يدل علي المدعي أيضا ما رواه ابن جعفر «4»

______________________________

(1) لاحظ ص 375.

(2) انظر ص 370.

(3) راجع ص 370.

(4) لاحظ ص: 383.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 393

______________________________

و مثله في الدلالة مرفوعة محمد بن يحيي «1». و يدل علي المدعي أيضا ما رواه ابن مسلم «2».

اضف الي ذلك ما ادعاه من الاجماع في المدارك- علي ما نقل عنه- و مثله عن كشف اللثام، و قال في الحدائق: «اجماعا منا فتوي و رواية».

و في قبال هذه النصوص رواية دالة علي جواز المسح علي الحائل و هي رواية عمر بن يزيد «3» فان الظاهر من الرواية بل الصريح منها جواز المسح علي الحائل، فما الحيلة؟.

ربما يقال: بأنه حكم وارد في مورد خاص و لا بأس بتخصيص الادلة به في المورد لكن الظاهر أنه لا خصوصية للمورد.

و قال صاحب الوسائل: «يمكن الحمل علي ارادة لون الحناء».

و لكن لا يمكن المساعدة عليه فان الطلي بماء الحناء أمر غير معهود مضافا الي أنه خلاف الظاهر من الرواية فان المسح علي الحناء ظاهر بل صريح في ارادة الجسم فان اللون من الاعراض لا يتصور فيها الفوق و التحت فهذه الحيلة أيضا لا تفيد.

و ربما يقال: بأن النصوص الدالة علي عدم الجواز مشهورة لا ريب فيها فلا يقاومها ما يدل علي خلافها فان المستفاد من بعض نصوص الترجيح أن الوظيفة الاخذ بما لا ريب فيه و طرح ما يدل علي الخلاف.

لاحظ مقبولة عمر بن حنظلة فانه قال فيها- بعد الترجيح بامور-،: قال:

فقال: ينظر الي ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه عند

______________________________

(1) مر في ص 383.

(2) لاحظ ص: 383.

(3) انظر ص 383.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص:

394

[الرابع: يجب مسح القدمين]
اشارة

الرابع: يجب مسح القدمين (1).

______________________________

اصحابك فيؤخذ به من حكمنا و يترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند اصحابك فان المجمع عليه لا ريب فيه «1».

و فيه أن الخبر الدال عليه ضعيف بعمر بن حنظلة فلاحظ.

لكن يمكن ترجيح تلك الروايات بطريق آخر و هو أن المخالف لتلك الروايات موافق للعامة فترجيح تلك بلحاظ مخالفتها للعامة، فان سيدنا الاستاد أفاد- علي ما في تقرير مقرر بحثه-: أن جماعة من العامة ذهبوا الي جواز المسح علي الحائل اما مطلقا، أو فيما اذا كان رقيقا دون غير الرقيق علي ما نقل عن أبي حنيفة مضافا الي موافقة تلك مع الكتاب.

و قال في الوسائل: «هذا محمول علي حصول الضرر بكشفه كما ذكره صاحب المنتقي».

و فيه: أنه لا دليل علي ما ذكر في الروايتين مضافا الي كون الضرر مجوزا للمسح علي الحائل أول الكلام و الاشكال فان مقتضي القاعدة الاولية أن تصل النوبة الي التيمم فان المقيد ينتفي بانتفاء قيده او شرطه.

ثم انه ليس في رواية محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يحلق رأسه ثم يطليه بالحناء ثم يتوضأ للصلاة فقال: لا بأس بأن يمسح رأسه و الحناء عليه «2»، ما يدل علي جواز المسح علي الحناء بل يستفاد منها عدم البأس بالمسح علي الرأس و الحال ان الحناء عليه فلا يرتبط بالمقام.

(1) و يدل عليه قوله تعالي «3» فان قوله تعالي: «وَ أَرْجُلَكُمْ» يدل علي وجوب مسحهما بلا فرق بين أن يقرء بالجر كي يكون عطفا علي رءووسكم و أن يقرء بالنصب

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب صفات القاضي الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 37 من أبواب الوضوء الحديث: 4.

(3) لاحظ ص 325.

مباني منهاج الصالحين، ج 1،

ص: 395

______________________________

كي يكون عطفا علي محل رءوسكم و أما احتمال أن يكون معطوفا علي الايدي و الوجوه كي يكون الواجب غسلهما- كما عليه العامة-، فهو علي خلاف النظم الادبي، اذ يلزم بناء عليه أن يفصل بين المعطوف عليه و المعطوف بالاجنبي و التكلم علي خلاف النظم الادبي لا يصدر عن الاديب فضلا عن الخالق تعالي.

و يدل بعض النصوص علي أن قراءة أهل البيت كانت علي الخفض لاحظ ما رواه غالب بن الهذيل قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللّه عز و جل: «وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَي الْكَعْبَيْنِ» علي الخفض هي أم علي النصب؟ قال: بل هي علي الخفض «1».

و أما الاخبار الدالة علي وجوب المسح فمستفيضة- علي ما في الحدائق- و نقل عن السيد في الانتصار: أنه بالغ حيث قال: «انها أكثر من عدد الرمل و الحصي».

و الذي لا يمكن انكاره: أن النصوص الدالة علي وجوب مسح القدمين كثيرة منها ما ورد في الوضوءات البيانية «2».

و قال في الحدائق- في هذا المقام-: «بل الظاهر أنه من ضروريات مذهبنا» و الانصاف: ان ما افاده تام.

و في المقام روايتان تدلان علي جواز الغسل:

إحداهما: ما رواه ايوب بن نوح قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام أسأله عن المسح علي القدمين فقال: الوضوء بالمسح و لا يجب فيه إلا ذاك و من

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب الوضوء الحديث: 10.

(2) لاحظ ص: 335- 336- 348- 350.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 396

من أطراف الاصابع الي الكعبين (1).

______________________________

غسل فلا بأس «1».

ثانيتهما: ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتوضأ الوضوء كله الا رجليه ثم يخوض بهما الماء خوضا قال: اجزأه

ذلك «2».

لكنهما تحملان علي التقية لما نقل عن بعض العامة: التخيير بين الامرين لاحظ ما في هامش الحدائق ج 2 ص 288 فان المنقول عن الحسن و البصري و ابن جرير الطبري و الجبائي التخيير بين المسح و الغسل.

(1) يظهر من بعض كلمات القول: أن هذا هو المشهور بينهم و في كلام بعضهم:

أنه ادعي عليه الاجماع، و عن الشهيد في الذكري: احتمال عدم وجوب المسح الي الكعبين، و عن المفاتيح: اختياره.

و يدل علي القول المشهور قوله تعالي «3» فان الظاهر من اللفظ: أن الواجب بين الحدين، نعم لا يستفاد منه وجوب الابتداء من الاصابع.

و بعبارة اخري: الحد للمسوح لا للمسح و لذا يجوز النكس ففي المقام يبحث عن أمرين:

أحدهما: هل يحب الابتداء من الاصابع أم لا؟ بل يجوز النكس.

ثانيهما: أنه هل يحب استيعاب ما بين الحدين أم لا؟.

أما الكلام من الجهة الاول فاختار في الحدائق «4» جواز النكس و يظهر من كلامه- في هذا المقام-: أن هذا هو المشهور فيما بين القوم و خالف

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب الوضوء الحديث: 13.

(2) نفس المصدر الحديث: 14.

(3) لاحظ ص: 325.

(4) الحدائق ج 2 ص 306.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 397

______________________________

المشهور بعض الاصحاب كالمرتضي و الصدوق.

و كيف كان فما يمكن أن يقال في وجه عدم الجواز: أن قوله تعالي: «وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَي الْكَعْبَيْنِ» «1»، ظاهر في لزوم الابتداء من الاصابع اذا لغاية، غاية للمسح و قس علي الاية المباركة الروايات البيانية.

و أورد علي هذا التقريب في الحدائق: بأنه لا دليل علي كون الغاية، غاية للمسح بل يمكن أن تكون للممسوح».

لكن الانصاف: أن ظهور الكلام في المسح مما لا ينكر كما يظهر من النظر في أمثاله فانه لو

أمر المولي عبده بالسير من البصرة الي الكوفة فالظاهر وجوب كون مبدأ السير، البصرة كما أنه لو قال أحد: بأني سرت من السوق الي الدار يفهم من كلامه أن مبدأ السير، السوق فهذا الظهور في الاية مما لا ينكر و مثله ظهور الاخبار البيانية في المدعي.

لاحظ حديث بكير و زرارة «2» فان قول الراوي في هذا الحديث:

«ثم مسح رأسه و قدميه الي الكعبين» يكون ظاهرا أشد الظهور في كون الغاية غاية للمسح.

نعم في الاية خصوصية يمكن أن يقال: بأنها قرينة علي الخلاف و هي: أنه لا اشكال في أن الغاية في الايدي غاية للمسح لعدم وجوب النكس بل لا يجوز كما مر و بلحاظ وحدة السياق يكون الامر في الارجل كذلك لكن يكفي للمدعي الاخبار الواردة في الوضوءات البيانية.

______________________________

(1) لاحظ ص: 325.

(2) لاحظ ص: 348.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 398

______________________________

و مما يدل علي المدعي بالصراحة ما رواه أحمد بن محمد أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن المسح علي القدمين كيف هو؟ فوضع كفه علي الاصابع فمسحها الي الكعبين الي ظاهر القدم، فقلت: جعلت فداك لو أن رجلا قال باصبعين من أصابعه هكذا فقال: لا الا بكفيه (بكفه) كلها «1».

و مع ذلك كله لقائل أن يقول: بعدم وجوب الاشتراط و جواز النكس و ذلك لرواية حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس يمسح القدمين مقبلا و مدبرا «2» بأن يقول: ان الجمع بين هذه الرواية و ما تقدم الالتزام باستحباب رعاية الابتداء بالاصابع.

و يؤيد المطلوب مرسل يونس قال أخبرني من رأي: أبا الحسن عليه السلام بمني يمسح ظهر القدمين من أعلي القدم الي الكعب و من

الكعب الي أعلي القدم و يقول: الامر في مسح الرجلين موسع من شاء مسح مقبلا، و من شاء مسح مدبرا فانه من الامر الموسع إن شاء اللّه «3» و أما صحيح الاخوين عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال في المسح: تمسح علي النعلين و لا تدخل يدك تحت الشراك و اذا مسحت بشي ء من رأسك أو بشي ء من قدميك ما بين كعبيك الي أطراف الاصابع فقد أجزأك «4»، فلا يستفاد منه أن التحديد للمسح بل الظاهر منه أن التحديد للممسوح.

فالنتيجة: أنه لا يجب الابتداء من الاصابع لكن كيف يمكن الالتزام به في مقام العمل؟ و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب الوضوء الحديث: 4.

(2) الوسائل الباب 20 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

(3) نفس المصدر الحديث: 3.

(4) الوسائل الباب 23 من أبواب الوضوء الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 399

______________________________

و أما الكلام من الجهة الثانية فنقول: لا اشكال في وجوب الاستيعاب من حيث الادلة و لا فرق في هذه الجهه بين أن تكون (الي) غاية للمسح و أن تكون غاية للممسوح فانه يجب الاستيعاب علي كلا التقديرين و ذهب صاحب الحدائق و المفاتيح الي عدم وجوب الاستيعاب.

و ما استدل به عليه عدة روايات:

منها: صحيح الاخوين «1» بدعوي: أن المستفاد من الرواية: أن المسح بشي ء من القدمين يكفي.

و فيه: أن استفادة هذا المدعي من الرواية تتوقف علي كون قوله عليه السلام:

«ما بين كعبيك و اصابعك» بيانا للجار و المجرور و الحال أن الظاهر كون الموصول بيانا للشي ء المذكور في الكلام فتدل الرواية علي القول المشهور و علي فرض انكار الظهور فلا أقل من الاجمال و عليه يكون المرجع ظهور الكتاب و السنة في وجوب الاستيعاب.

و

منها: ما رواه زرارة و بكير أنهما سألا أبا جعفر عليه السلام عن وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الي أن قال: «فاذا مسح بشي ء من رأسه أو بشي ء من قدميه ما بين الكعبين الي أطراف الاصابع فقد أجزأه قال: فقلنا: أين الكعبان قال:

هاهنا يعني المفصل دون عظم الساق فقلنا: هذا ما هو فقال هذا من عظم الساق و الكعب أسفل من ذلك «2».

و تقريب الاستدلال بالرواية و الجواب عنه عين ما ذكر آنفا فلا نعيد.

______________________________

(1) لاحظ ص: 398.

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 400

______________________________

و منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أن عليا عليه السلام مسح علي النعلين و لم يستبطن الشراكين «1».

بتقريب: أن المستفاد من الرواية عدم استبطان الشراكين فلو فرض كون الشراك ساترا للكعب و فرض كونه عليه فيدور الامر بين أن نلتزم بأن الشراك له خصوصية و المسح عليه كالمسح علي البشرة و هذا خلاف الاجماع و الضرورة و الشراك كبقية الاجسام الاخر و بين أن نقول: بعدم وجوب الاستيعاب و المتيقن هو الثاني.

و حيث انجر الكلام الي هنا لا بد من تحقيق معني الكعب كي نري بأن الاستدلال بالرواية بالتقريب المذكور تام أم لا؟:

و بعبارة اخري: الشراك واقع فيما دون الكعب فلا يجب الاستيعاب. و هذا الاستدلال انما يتم علي تقدير كون الشراك دون الكعب بأن نقول: الكعب عبارة عن مفصل الساق و القدم و أما علي القول بأن الكعب عبارة عن العظم المرتفع فوق القدم فيكون الشراك فوق الكعب لا دونه، فلا بد من تحقيق هذا المعني و حصول المعرفة بالكعب و أنه في أي موضع فنقول:

قال في

الحدائق: «المشهور بين الاصحاب أن الكعبين هما قبتا القدمين بين المفصل و المشط بل أدعي عليه جمع منهم الاجماع».

و يظهر من كلامه: أن العلامة و جمعا ممن تأخر عنه ذهبوا الي أن الكعب عبارة عن ملتقي الساق و القدم المعبر عنه بالمفصل.

و قد فصل صاحب الحدائق في هذا المقام و نقل أقوال أهل اللغة و اختلافهم و كذلك نقل أقوال الفقهاء و أضاف اليه جملة من النصوص التي لا يمكن استفادة

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب الوضوء الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 401

______________________________

المقصود منها اذ لا يمكن أخذ النتيجة من كلام أهل اللغة لاختلافهم و لا فرق بينهم من كون القائل شيعيا أو سنيا فان اللغوي السني من أهل الخبرة كاللغوي الشيعي بلا فرق و الاجماع المدعي في كلام الاصحاب لا يرجع الي محصل فانه اجماع مدركي لا اعتبار به و عليه لا بد من ايكال الامر الي الروايات و مع عدم امكان تحصيل النتيجة منها للإجمال او للمعارضة تصل النوبة الي الاصل العملي.

فنقول: مقتضي بعض النصوص وجوب مسح ظهر القدم لاحظ ما رواه زرارة فان قوله عليه السلام في هذه الرواية: «و تمسح ببلة يمناك ناصيتك و ما بقي من بلة يمينك ظهر قدمك اليمني و تمسح ببلة يسارك ظهر قدمك اليسري «1»، يقتضي وجوب مسح تمام ظهر القدم- كما عليه العلامة و جمع آخر-.

و ما استدل به علي القول المشهور عدة روايات.

منها ما رواه ميسر عن أبي جعفر عليه السلام قال: ألا احكي لكم وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ثم أخذ كفا من ماء فصبها علي وجهه ثم أخذ كفا فصبها علي ذراعه ثم أخذ كفا آخر فصبها علي

ذراعه الاخري ثم مسح رأسه و قدميه ثم وضع يده علي ظهر القدم ثم قال: هذا هو الكعب و قال: و أومأ بيده الي الاسفل العرقوب ثم قال: ان هذا هو الظنبوب «2».

بتقريب: أن المستفاد من الرواية أن الكعب في ظهر القدم فان الكعب يطلق علي المرتفع و من هذه الجهة أطلق الكعبة علي البيت الشريف.

و فيه: أولا: أن الرواية مخدوشة بميسر فان ميسر بن عبد العزيز وثق و لكن

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 9.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 402

______________________________

لا دليل علي أن الراوي في الرواية هو أو غيره و مع عدم التميز لا تكون الرواية معتبرة كما هو ظاهر.

و ثانيا: لا دليل في الرواية علي كون الكعب هو العظم المرتفع بل يمكن أن يكون المراد من هذا الكلام الرد علي العامة حيث ذهبوا الي أن الكعب في جانب القدم. و بعبارة اخري يكون المراد أن الكعب واقع في ظهر القدم لا في جانبه.

و منها ما رواه ميسر (ميسرة خ ل) عن أبي جعفر عليه السلام قال: الوضوء واحد و وصف الكعب في ظهر القدم «1».

و الاشكال في السند عين تلك المناقشة و تقريب الاستدلال بها و الجواب عنه ما تقدم فلا نعيد.

و منها: ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر «2» بتقريب: أن قوله عليه السلام في الرواية «الي ظاهر القدم» بيان للكعب و لفظ الظاهر في اللغة يطلق علي المرتفع من المكان و عن القاموس: «أن الظواهر اشراف الارض و المكان العالي.

و فيه: أنه يمكن أن يقال: بأن ظاهر القدم مقابل الباطن و بما أنه ذو أجزاء و لا يعقل جعله

غاية فتكون الغاية مقدرا و هو آخره.

لكن الانصاف أن الايراد غير وارد اذ المفروض في الرواية أنه عليه السلام وضع كفه علي الأصابع و مسحها إلي الكعب و المستفاد من لفظ الظاهر و الكعب

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

(2) لاحظ ص: 398.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 403

و الاحوط وجوبا المسح الي مفصل الساق (1) و يجزي المسمي عرضا (2).

______________________________

كما قلنا المرتفع من المكان.

و منها: ما رواه زرارة «1» و دلالة هذه الرواية علي القول المشهور ظاهرة فانه كيف يمكن أن يمسح الي المفصل و لم يستبطن الشراك.

و يؤيده ما رواه زرارة أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: توضأ علي عليه السلام فغسل وجهه و ذراعيه ثم مسح علي رأسه و علي نعليه و لم يدخل يده تحت الشراك «2».

و في قبال هذه الروايات ما رواه الاخوان «3».

و الانصاف أن هذه الرواية دالة علي خلاف القول المشهور، و احتمال كون المراد بالمفصل، مفصل الأشاجع بعيد و لا مانع من أن يكون المراد بالكعب الخط الموهومي الواقع تحت عظم الساق.

فالنتيجة: أن النصوص متعارضة و الترجيح مع تلك الروايات للأحدثية فان رواية البزنطي مروية عن الرضا عليه السلام فلاحظ بل لنا أن نقول: أن هذه الرواية توافق الكتاب أيضا اذ المستفاد منه كفاية المسح الي الكعب و الكعب هو المرتفع من المكان فينطبق علي قبة القدم.

(1) قد ظهر وجه الاحتياط فلاحظ.

(2) هذا هو المعروف من مذهب الاصحاب و في قبال هذا القول ما نسب

______________________________

(1) لاحظ ص: 400.

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب الوضوء الحديث: 3.

(3) لاحظ ص: 399.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 404

______________________________

الي الصدوق في الفقيه و هو وجوب المسح علي جميع الاصابع بمقدار

الكف

و استدل علي قول الصدوق بما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر «1».

بتقريب: أن المستفاد من الرواية لزوم كون المسح بالكف علي الاصابع.

و لا يبعد أن يقال: بأنه يمكن الاستدلال بموردين من الرواية:

أحدهما: قول السائل- نقلا عن الامام عليه السلام- بأنه وضع كفه علي الاصابع، فانه عليه السلام في مقام بيان الوظيفة وضع كفه علي الاصابع فيستفاد منه أن الواجب وضع الكف علي جميعها فلا يكفي الاقل.

ثانيهما: قوله عليه السلام- في ذيل الحديث في جواب السائل- «لا الا بكفه كلها» و عليه لا مجال للإشكال في الرواية: بأن المذكور في بعض نسخ الوسائل لفظ «بكفيه» بالتثنية فيكون المراد مسح ظاهر القدم و باطنه فلا بد من الحمل علي التقية للموافقة مع مذهب العامة فانه يرد علي هذا الايراد:

أولا: أن صدر الرواية كاف للاستدلال علي المدعي.

و ثانيا: أن تاكيد اللفظ بقوله عليه السلام: «كلها» لا يناسب التثنية كما هو ظاهر.

و ثالثا: أنه من الممكن أن يكون المراد مسح القدمين بالكفين لا القدم الواحد.

و ربما يقال: بأن الرواية معارضة بعدة روايات:

منها: رواية الاخوين «2» بدعوي: أن المستفاد من هذه الرواية كفاية مسح مقدار من القدمين.

و فيه: أنه قد مر أن الظاهر أن قوله عليه السلام: «ما بين كعبيك الخ» بيان

______________________________

(1) لاحظ ص: 398.

(2) لاحظ ص: 398.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 405

______________________________

للشي ء لا للقدمين و قس علي ما ذكر الرواية الاخري لهما «1».

و منها ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ألا تخبرني من أين علمت و قلت: أن المسح ببعض الرأس و بعض الرجلين؟ فضحك فقال: يا زرارة قاله رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و نزل به الكتاب من اللّه عز و

جل لان اللّه عز و جل قال: (يقول يب خ) فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل ثم قال: «وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَي الْمَرٰافِقِ» فوصل اليدين الي المرفقين بالوجه فعرفنا أنه ينبغي لهما أن يغسلا الي المرفقين ثم فصل بين الكلام فقال: «وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ» فعرفنا حين قال: «برؤوسكم» أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال: «وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَي الْكَعْبَيْنِ» فعرفنا حين وصلهما (وصلها خ) بالرأس أن المسح علي بعضهما (بعضها خ) ثم فسر ذلك رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله للناس فضيعوه «2».

بتقريب: أن المستفاد من الرواية: أن المسح ببعض الرجل يكفي.

و فيه أن وجوب مسح تمام ظاهر القدم لا ينافي البعضية كما هو ظاهر.

و منها: ما رواه معمر بن عمر عن أبي جعفر عليه السلام قال: يجزي من المسح علي الرأس موضع ثلاث أصابع و كذلك الرجل (الرجلين خ ل) «3» و هذه الرواية ضعيفة بمعمر.

و منها: ما رواه جعفر بن سليمان عمه (عن عمه كا) قال: سألت أبا الحسن

______________________________

(1) لاحظ ص: 399.

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

(3) الوسائل الباب 24 من أبواب الوضوء الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 406

______________________________

موسي عليه السلام قلت: جعلت فداك يكون خف الرجل مخرقا فيدخل يده فيمسح ظهر قدميه أ يجزيه ذلك؟ قال: نعم «1».

بدعوي: ان المستفاد من الرواية أن ادخال اليد في الخف المخرق للمسح جائز و من الظاهر أن تمام الكف لا يدخل عادة في الخف المخرق فيكفي المسح ببعض الكف.

و فيه: أن المضبوط عن نسخة الكافي- علي ما في «جامع احاديث الشيعة» - هكذا: «جعفر بن سليمان عن عمه» و عم

الرجل مجهول فلا يعتمد علي الرواية سندا.

مضافا الي المناقشة في السند من غير هذه الجهة.

اضف الي ذلك: أن النوبة اذا وصلت الي المعارضة كان الترجيح مع رواية البزنطي «2» للأحدثية.

الا أن يقال: بأن ما يدل علي كفاية البعض يوافق ظاهر الكتاب و الترجيح به مقدم علي الترجيح بالاحدثية.

و يمكن الاستدلال علي مدعي الصدوق بما رواه زرارة «3» فان الظاهر من قوله عليه السلام: «ما بقي من بلة يمينك ظهر قدمك اليمني» وجوب مسح ظاهر القدم.

لكن مع ذلك كله، يمكن أن يقال: بعدم وجوب الاستيعاب العرضي و ذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

(2) لاحظ ص: 398.

(3) لاحظ ص: 401.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 407

و الاحوط وجوبا مسح اليمني باليمني أولا ثم اليسري باليسري (1).

______________________________

للسيرة الجارية و عدم القول بالخلاف الا من أقل قليل فان مثل هذا الحكم العام البلوي كيف يمكن أن يبقي مكتوما؟ و الاحتياط طريق النجاة.

(1) في المقام فرعان:

أحدهما: أنه لا بد من مسح اليمني باليمني و اليسري باليسري.

ثانيهما: أنه يجب الترتيب بينهما، فلا بد من التكلم في كل من الفرعين فنقول:

أما الفرع الاول فمقتضي اطلاق الكتاب و جملة من الروايات، جواز مسح كل من الرجلين باليد بلا تقييد بقيد لكن يستفاد من رواية زرارة «1» وجوب مسح اليمني باليمني و اليسري باليسري و مقتضي تقييد الاطلاق بالمقيد، تقييد الكتاب و السنة بالمقيد بل لا يبعد أن يستفاد التقييد من جملة اخري من النصوص:

منها ما رواه بكير بن اعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: ألا أحكي لكم وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فأخذ بكفه اليمني كفا من ماء فغسل به وجهه ثم أخذ بيده اليسري كفا

فغسل به يده اليمني ثم أخذ بيده اليمني كفا من ماء فغسل به يده اليسري ثم مسح بفضل يديه رأسه و رجليه «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: يأخذ أحدكم الراحة من الدهن فيملا بها جسده و الماء أوسع ألا أحكي لكم وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله؟ قلت: بلي، قال: فأدخل يده في الاناء و لم يغسل يده فأخذ كفا من ما فصبه علي وجهه، ثم مسح جانبيه حتي مسحه كله ثم أخذ كفا آخر بيمينه فصبه علي يساره، ثم غسل به ذراعه الايمن ثم أخذ كفا آخر فغسل به

______________________________

(1) لاحظ ص: 401.

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 408

______________________________

ذراعه الا يسر، ثم مسح رأسه و رجليه بما بقي في يديه «1».

و منها ما رواه زرارة بن أعين قال: حكي لنا أبو جعفر عليه السلام وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فدعا بقدح من ماء فأدخل يده اليمني فأخذ كفا من ماء فاسد لها علي وجهه من أعلي الوجه ثم مسح بيده الجانبين جميعا ثم أعاد اليسري في الاناء فأسدلها علي اليمني ثم مسح جوانبها ثم أعاد اليمني في الاناء ثم صبها علي اليسري فصنع بها كما صنع باليمني ثم مسح ببقية ما بقي في يديه رأسه و رجليه و لم يعد هما في الاناء «2»، فتأمل.

و أما الفرع الثاني: فالاقوال فيه مختلفة، فمنها: لزوم مراعاة الترتيب ذهب اليه- علي ما نقل في بعض الكلمات-، جملة من الاعيان، كالفقيه و المراسم و شرح الفخر و البيان و اللمعة و جامع المقاصد بل نقل عن بعض ادعاء الاجماع

عليه.

و يؤيد المدعي جملة من النصوص:

منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام- في حديث- قال:

امسح علي القدمين و ابدأ بالشق الايمن «3».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن محمد بن عبيد اللّه (عبد اللّه خ ل) بن أبي رافع و كان كاتب امير المؤمنين عليه السلام- أنه كان يقول: اذا توضأ احدكم للصلاة فليبدأ باليمني (باليمين) قبل الشمال من جسده «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7.

(2) نفس المصدر الحديث: 10.

(3) الوسائل الباب 34 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

(4) نفس المصدر الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 409

و حكم العضو المقطوع من الممسوح حكم العضو المقطوع من المغسول و كذا حكم الزائد من الرجل و الرأس و حكم البلة و حكم جفاف الممسوح و الماسح كما سبق (1).

[مسألة 64: لا يجب المسح علي خصوص البشرة بل يجوز المسح علي الشعر النابت فيها أيضا]

(مسألة 64): لا يجب المسح علي خصوص البشرة بل يجوز المسح علي الشعر النابت فيها أيضا، اذا لم يكن خارجا عن

______________________________

و منها: ما عن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله قال: اذا لبستم و توضأتم فابدءوا بميامنكم «1».

بل يمكن الاستدلال بالوضوءات البيانية بدعوي: أن المقطوع أنهم لم يخالفوا الترتيب و حيث انهم في مقام التعليم يظهر من فعلهم وجوب جميع ما روعي في وضوئهم.

و أما التوقيع المروي في الاحتجاج عن محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن صاحب الزمان عليه السلام أنه كتب اليه يسأله عن المسح علي الرجلين بأيهما يبدأ باليمين أو يمسح عليهما جميعا معا؟ فأجاب عليه السلام: يمسح عليهما جميعا معا فان بدأ باحداهما قبل الاخري فلا يبدأ الا باليمين «2»، فلا يترتب عليه اثر لعدم اعتباره سندا للإرسال.

فالنتيجة: أن مقتضي الاحتياط رعاية الترتيب- كما في المتن- بل مقتضي القاعدة

كذلك.

(1) لوحدة الدليل و أن العرف يفهم من الادلة عدم الفرق و عدم الخصوصية للمورد الواقع في السؤال فلاحظ.

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 30 من أبواب الوضوء الحديث: 4.

(2) الوسائل الباب 34 من أبواب الوضوء الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 410

المتعارف، و الا وجب المسح علي البشرة (1).

[مسألة 65: لا يجوز المسح علي الحائل كالخف لغير ضرورة أو تقية]

(مسألة 65): لا يجوز المسح علي الحائل كالخف لغير ضرورة أو تقية (2).

______________________________

(1) قد وقع الكلام بين الاصحاب في لزوم مسح نفس البشرة و عدم كفاية مسح الشعر و في كفايته، فربما يقال: بأن مسح الرجل واجب و الشعر جسم خارجي فلا يكفي مسحه و ربما يقال: بأن الشعر من التوابع فيكفي مسحه.

و الحق أن يقال: ان المتعارف من الناس يكون الشعر نابتا علي أرجلهم فعلي تقدير وجوب خصوص مسح البشرة لا بد من البيان و من عدم البيان و عدم التنبيه يكشف عدم الوجوب كما أن الوضوءات البيانية تدل علي المدعي اذ لم ينقل في هذه الروايات أنهم عليهم السلام خللوا و استبطنوا بل الظاهر من تلك الروايات أنهم عليهم السلام مسحوا علي أرجلهم مع وجود الشعر فيكفي مسح الشعر.

نعم لو كان خارجا عن المتعارف و كان كثيرا- كما اذا نبت الشعر علي تمام رجله أو أكثره علي نحو يمنع عن رؤية البشرة تحته-، فلا ريب في لزوم مسح نفس البشرة اذ لا دليل علي كفاية مسح الشعر في هذه الصورة.

و أما رواية زرارة قال: قلت له: أ رأيت ما كان تحت الشعر؟ قال: كل ما أحاط به الشعر فليس للعباد أن يغسلوه و لا يبحثوا عنه و لكن يجري عليه الماء «1»، فالمستفاد منها اختصاص الحكم بالغسل و لا تشمل الرواية المسح.

(2) و الوجه فيه

ظاهر اذ الواجب المسح علي الرجل و كفاية المسح علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 46 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 411

بل في جوازه مع الضرورة و الاجتزاء به مع التقية اشكال (1).

______________________________

الحائل- كالخف- لا دليل عليها، فلا يجوز.

(1) يقع الكلام تارة في الجواز مع الضرورة و اخري في الاجتزاء به مع التقية، فالكلام وارد في موضعين:

أما الموضع الاول، فنقول: ما يمكن أن يستدل به علي الجواز عند الضرورة- كالبرد او الخوف من السبع و نحوهما-، أمور:

أحدها: الاجماع فانه يظهر من بعض الكلمات أن المشهور بين المتقدمين و المتأخرين الجواز عند الضرورة و المخالف جملة من المتأخرين.

و فيه: انه علي فرض تحقق الاجماع المحصل نحتمل استناد القائلين ببعض الوجوه المذكورة في المقام و مع هذا الاحتمال يخرج عن كونه اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم فلا يترتب عليه اثر.

ثانيها ما رواه أبو الورد قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ان أبا ظبيان حدثني أنه رأي عليا عليه السلام أراق الماء ثم مسح علي الخفين فقال: كذب أبو ظبيان أما بلغك قول علي عليه السلام فيكم سبق الكتاب الخفين فقلت: فهل فيهما رخصة؟ فقال: لا، الا من عدو تتقيه أو ثلج تخاف علي رجليك «1»، فان الرواية تامة الدلالة علي المقصود لكن الاشكال في سندها اذ ابو الورد لم يوثق في الرجال و مجرد عمل الاصحاب بها لا يفيد كما مر غير مرة.

و أما الاجماع علي تصحيح ما يصح عن حماد بن عثمان فالمنقول منه غير حجة و المحصل منه غير حاصل.

و بعبارة اخري: انا لم نحرز أن الرجل لا يروي الا عن ثقه بل علي حسب

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب الوضوء الحديث: 5.

مباني

منهاج الصالحين، ج 1، ص: 412

______________________________

نقل بعض الاكابر انه ظفر علي خلافه في جملة من الموارد.

اضف الي ذلك: أن الرجل يروي في هذه الرواية عن محمد بن النعمان اي محمد بن علي بن النعمان الموثق و الظاهر من عبارتهم ما يكون بلا واسطة.

الا أن يقال: بأن قولهم: «فلان لا يروي و لا يرسل الا عن ثقة» ظاهر في جميع الطبقات فلاحظ.

و أما مدح المجلسي للرجل أي أبي الورد، فلا يفيد فان المجلسي من المتأخرين و الظاهر أن مدحه اياه مستند الي ما رواه سلمة بن محرز قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام اذ جاءه رجل يقال له: أبو الورد فقال لأبي عبد اللّه عليه السلام: رحمك اللّه انك لو كنت أرحت بدنك من المحمل فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: يا أبا الورد اني احب أن أشهد المنافع التي قال اللّه تبارك و تعالي: «لِيَشْهَدُوا مَنٰافِعَ لَهُمْ» انه لا يشهدها أحد الا نفعه اللّه أما أنتم فترجعون مغفورا لكم و أما غيركم فيحفظون في أهاليهم و أموالهم «1».

و هذه الرواية ضعيفة بسلمة بن محرز و دلالتها أيضا مخدوشة فلاحظ.

أضف الي ذلك: أنه لا دليل علي أن أبا الورد المذكور فيها متحد مع الرجل الواقع في الرواية الواردة في المقام بل- علي ما قيل- تكون القرينة دالة علي عدم الاتحاد.

ثالثها: ما رواه عبد الاعلي مولي آل سام، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام عثرت فانقطع ظفري فجعلت علي إصبعي مرارة فكيف أصنع بالوضوء؟ قال:

يعرف هذا و أشباهه من كتاب اللّه عز و جل قال اللّه تعالي: «مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي

______________________________

(1) الكافي ج 4 ص 263 الحديث: 46.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 413

______________________________

الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ»

امسح عليه «1».

بتقريب: أن المستفاد من الرواية أنه مع الضرورة يجوز المسح علي الحائل.

و فيه: أن الرواية ضعيفة بعبد الاعلي اذ لم يوثق.

مضافا الي أن المستفاد من الكتاب سقوط التكليف مع الحرج و أما المسح علي المرارة فلا يستفاد من الكتاب بل استفيد من كلامه عليه السلام فالرواية من أدلة جواز الجبيرة و لا ترتبط بالمقام.

و مقتضي القاعدة أنه تصل النوبة الي التيمم و مقتضي الاحتياط الجمع بينه و بين المسح علي الخف فلاحظ.

و أما الموضع الثاني فنقول: ما يمكن أن يقال في مقام الاستدلال علي جواز التقية و كونها مجزءة وجوه:

الاول: حديث الرفع و ما هو ما رواه حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: رفع عن أمتي تسعة أشياء:

الخطأ، و النسيان، و ما أكرهوا عليه، و ما لا يعملون، و ما لا يطيقون، و ما اضطروا اليه، و الحسد، و الطيرة، و التفكر في الوسوسة في الخلق (الخلوة خ ل) ما لم ينطقوا بشفة «2».

بتقريب: أن مقتضي الرفع المطلق ارتفاع جميع الآثار عند الاضطرار و من الآثار الجزئية و الشرطية فلو اقتضت التقية المسح علي الخف يرتفع جزئية المسح علي البشرة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من أبواب الوضوء الحديث: 5.

(2) الوسائل الباب 56 من أبواب جهاد النفس و ما يناسبه الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 414

______________________________

و فيه: أن الاضطرار اما مستوعب للوقت و اما مختص بزمان خاص و لا يستوعب أما علي الثاني فلا مجال للقول بالاجزاء اذ الامر لم يتعلق بالفرد بل تعلق بالطبيعي و المفروض أن المكلف قادر علي الاتيان بالطبيعي في ضمن فرد آخر و أما علي الاول

فأيضا لا مجال للتقريب المذكور و ذلك لان الجزئية لا تنالها يد الجعل لا وضعا و لا رفعا فان الجزئية تنتزع من الامر بالمركب و حيث ان المركب ينتفي بانتفاء أحد أجزائه و المكلف مضطر الي الترك كان مقتضي القاعدة سقوط الامر عن المركب.

فانقدح بما ذكرنا: أن مقتضي الحديث سقوط الوجوب و ارتفاع الامر عن المأمور به الواقعي و لا يستفاد من الحديث كفاية العمل الاضطراري و كونه مجزيا عن المأمور به الواقعي الاولي.

الثاني: قاعدة لا ضرر بتقريب: أن الاتيان بالمأمور به الواقعي المخالف للتقية أمر ضرري يرتفع وجوبه فيجوز تركه و الاكتفاء بالناقص.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 1، ص: 414

و فيه: أولا: أنه لا يتم الا علي مسلك القوم في مفاد لا ضرر. و ثانيا: يرد فيه ما اوردناه في الاستدلال بحديث الرفع.

الثالث: قاعدة لا حرج و التقريب هو التقريب و الجواب هو الجواب فلاحظ.

الرابع: الروايات الدالة علي أن التقية واجبة أو مستحبة مثل ما رواه هشام بن سالم و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «أُولٰئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمٰا صَبَرُوا» قال: بما صبروا علي التقية «وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ» قال: الحسنة التقية و السيئة الاذاعة «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب الامر و النهي الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 415

______________________________

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: التقية في كل ضرورة و صاحبها أعلم بها حين تنزل به «1».

و ما رواه درست الواسطي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ما بلغت تقية أحد تقية

أصحاب الكهف ان كانوا ليشهدون الاعياد و يشدون الزنانير فأعطاهم اللّه أجرهم مرتين «2».

و ما رواه موسي بن اسماعيل عن أبيه عن جده موسي بن جعفر عليهما السلام أنه قال لشيعته: لا تذلوا رقابكم بترك طاعة سلطانكم فان كان عادلا فاسألوا اللّه بقاءه و ان كان جائرا فاسألوا اللّه اصلاحه فان صلاحكم في صلاح سلطانكم الحديث «3».

و ما في تفسير العسكري عليه السلام في قوله تعالي: «وَ عَمِلُوا الصّٰالِحٰاتِ» * قال: قضوا الفرائض كلها بعد التوحيد و اعتقاد النبوة و الامامة قال: و أعظمها فرضان: قضاء حقوق الاخوان في اللّه و استعمال التقية من اعداء اللّه «4».

و ما رواه بكر بن محمد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان التقية ترس المؤمن و لا ايمان لمن لا تقية له فقلت له: جعلت فداك قول اللّه تبارك و تعالي:

«إِلّٰا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ» قال: و هل التقية الا هذا «5».

و ما رواه أبان بن تغلب قال قلت: لأبي عبد اللّه عليه السلام: اني أقعد في المسجد

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من هذه الابواب الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 26 من هذه الابواب الحديث: 1.

(3) الوسائل الباب 27 من هذه الابواب الحديث: 1.

(4) الوسائل الباب 28 من أبواب الامر و النهي الحديث 1.

(5) الوسائل الباب 29 من أبواب الامر و النهي الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 416

______________________________

فيجي ء الناس فيسألوني فان لم اجبهم لم يقبلوا مني و أكره أن اجيبهم بقولكم و ما جاء عنكم فقال لي: انظر ما علمت أنه من قولهم فأخبرهم بذلك «1».

و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: انما جعل التقية ليحقن بها الدم فاذا بلغ الدم

فليس تقية «2».

و ما رواه سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: يا سليمان انكم علي دين من كتمه أعزه اللّه و من اذاعه أذله اللّه «3».

و ما رواه عنبسة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اياكم و ذكر علي و فاطمة عليهما السلام، فان الناس ليس شي ء أبغض اليهم من ذكر علي و فاطمة عليهما السلام «4».

و ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من استفتح نهاره باذاعة سرنا سلط اللّه عليه حر الحديد و ضيق المجالس «5».

و ما رواه بريد بن معاوية قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ان يزيد بن معاوية دخل المدينة و هو يريد الحج فبعث الي رجل من قريش فأتاه فقال له يزيد: أ تقر لي أنك عبد لي ان شئت بعتك، و ان شئت أسترققتك الي أن قال:

فقال له يزيد: ان لم تقر لي و اللّه قتلتك فقال له الرجل: ليس قتلك اياي بأعظم من قتل الحسين عليه السلام قال: فأمر به فقتل، ثم ارسل الي علي بن الحسين

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب الامر و النهي الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 31 من أبواب الامر و النهي الحديث: 1.

(3) الوسائل الباب 32 من أبواب الامر و النهي الحديث: 1.

(4) الوسائل الباب 33 من أبواب الامر و النهي الحديث: 2.

(5) الوسائل الباب 34 من أبواب الامر و النهي الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 417

______________________________

عليهما السلام فقال له مثل مقاله للقرشي فقال له علي بن الحسين عليهما السلام:

أ رأيت ان لم اقر لك أ ليس تقتلني كما قتلت الرجل بالامس؟ فقال له يزيد:

بلي، فقال له علي بن الحسين:

قد أقررت لك بما سألت، أنا عبد مكره، فان شئت فأمسك و ان شئت فبع، فقال له يزيد: أولي لك، حقنت دمك و لم ينقصك ذلك من شرفك «1».

و ما رواه هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ما أيسر ما رضي الناس به منكم، كفوا ألسنتكم عنهم «2».

و غيرها من الروايات الكثيرة المذكورة في الوسائل في الابواب 24- 25- 26- 27- 28- 29- 30- 31- 32- 33- 34- 36 من أبواب الامر و النهي و ما يناسبهما.

و فيه: أنه لا يستفاد من هذه الروايات الا جواز التقية.

و أما كون العمل المخالف للواقع الموافق للتقية مجزيا عن الواقع و وظيفة فعلية للمكلف و بعبارة اخري: تكليفيا ثانويا قائما مقام الوظيفة الاولية فلا يستفاد من هذه الروايات فلاحظ.

الخامس: ما رواه اسماعيل الجعفي و معمر بن يحيي بن سالم و محمد بن مسلم و زرارة قالوا سمعنا أبا جعفر عليه السلام يقول: التقية في كل شي ء يضطر اليه ابن آدم فقد احله اللّه له «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب الامر و النهي الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 36 من أبواب الامر و النهي الحديث: 1.

(3) الوسائل الباب 25 من أبواب الامر و النهي الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 418

______________________________

بتقريب: أن المستفاد من الرواية أن كل واجب يضطر الي تركه يكون تركه جائزا كما أن كل حرام يضطر الي فعله يصير فعله مباحا و حيث انه لا فرق في الواجب و الحرام بين كونهما نفسيا و بين كونهما غيريا فلو اضطر الي ترك جزء أو شرط يكون الترك جائزا فيجوز ترك المسح علي البشرة في المقام.

و بعبارة اخري: ان حلية كل شي ء بحسبه فاذا

كان العمل محرما نفسيا لا يترتب علي فعله المؤاخذة و العذاب و اذا كان حراما غيريا فالتقية تجعله مباحا غيريا و معناه عدم كون الفعل مشروطا بذلك- مثلا- اذ اضطر المكلف الي التكتف في الصلاة أو الي ترك البسملة فالتقية تجعل مثل هذه الامور حلالا و معناه عدم الاشتراط و ارتفاع الحرمة فيكون مرجع الارتفاع الي عدم مانعية التكفير و سقوط البسملة عن الجزئية.

و ملخص الكلام: أنه لا فرق بين الحرمة الغيرية و النفسية و الحديث يشمل كلا الموردين.

و فيه: أن الاضطرار ان لم يكن مستوعبا فلا مجال لهذا التقريب كما هو ظاهر و ان كان مستوعبا فنقول: لا نتصور الاضطرار الي ترك الجزء اذ المركب ينهدم بانتفاء الجزء أو الشرط ففي الحقيقة يضطر المكلف الي ترك الواجب.

ان قلت: يجوز الاتيان بالفاقد عند الاضطرار. قلت: جواز الإتيان بالفاقد للجزء أو الشرط أو المقرون بالمانع امر علي القاعدة الا من ناحية التشريع، و التشريع أمر قلبي لا يعلمه الا اللّه فالعمدة جواز ترك الواجب و في خصوص الصلاة حيث انه علم من الخارج أنها لا تسقط بحال يتبدل التكليف و يتوجه الامر الي فاقد الجزء أو الشرط او المقرون بالمانع.

و ان شئت قلت: انه لا معني للحرمة الغيرية فان مرجع الحرمة الغيرية في

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 419

______________________________

المقام تعلق الوجوب بالمركب المقيد بقيود عدمية أو وجودية و الاضطرار يرفع الوجوب أو الحرمة النفسيين و لا يستفاد من هذا الحديث و أمثاله رفع اليد عن الجزئية و الشرطية.

و بعبارة واضحة: ان وجوب المركب ارتباطي و ليس الوجوب متعلقا بكل جزء جزء علي حياله بل الوجوب يتعلق بالكل و مع الاضطرار الي ترك الجزء يكون المكلف مضطرا الي

ترك المركب فيجوز بواسطة التقية، نعم لو لم يمكن للمكلف ترك المركب لوجوبه- كما في الصلاة-، يصح أن يقال بسقوط الشرطية أو الجزئية أو المانعية عند الاضطرار لكن هذا لم يستفد من دليل التقية بل استفيد من دليل خارجي حيث قام الدليل علي عدم سقوط الصلاة بحال.

السادس: ما رواه أبو الصباح قال: و اللّه لقد قال لي جعفر بن محمد عليهما السلام: ان اللّه علم نبيه التنزيل و التأويل فعلمه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عليا قال و علمنا و اللّه ثم قال: ما صنعتم من شي ء أو حلفتم عليه من يمين في تقية فأنتم منه في سعة «1».

بتقريب: أن المستفاد من الرواية أن كلما صنعه المكلف من فعل أو ترك بلحاظ التقية فهو في سعة و لا ضيق عليه فلو ترك الجزء أو الشرط تقية يكون في سعة كما أنه يستفاد هذا المعني من قوله عليه السلام- في حديث السفرة: «هم في سعة حتي يعلموا» «2».

و فيه: أنه مع عدم الاستيعاب فلا مجال لهذا التقريب كما تقدم و مع استيعاب

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب الايمان الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب اللقطة الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 420

______________________________

العذر فالجواب هو الجواب و هو أن العذر- و هي التقية- في المقام تقتضي ترك الواجب و لا تقتضي التوسعة رفع الجزئية أو الشرطية فان الجزئية غير قابلة للرفع و لا يقاس المقام علي الرفع الظاهري في مورد الشك فان الحكم بعدم وجوب الجزء الفلاني عند الشك أمر قابل و أما في المقام فلا اشكال في عدم توجه الامر الي الجزء بل الامر متعلق بالمركب فلا بد من رفع الحكم من المركب

نفسه.

ان قلت: ان الاعادة و القضاء من آثار العمل الصادر عن تقية فيرتفعان بعد جواز التقية و جعل التوسعة.

قلت: ليس الامر كذلك بل الاعادة و الفضاء من آثار عدم الاتيان بالمأمور به الواقعي و المفروض أنه لم يأت المكلف به فيترتب عليه اثره.

و ملخص الكلام: أن المستفاد من الرواية أن المكلف اذا كان في ضيق من ناحية فعل كما في شرب الخمر حيث ان المكلف اذا شرب الخمر لزمه العقاب الاخروي و الحد الشرعي فلو عرضت التقية يكون في سعة فلا حد و لا عقاب فيصح أن يقال: بأن المكلف مضطر الي شرب الخمر و لكن لا يصح أن يقال: بأن المكلف مضطر الي رفع الجزئية أو الشرطية فان أمر الجزئية و الشرطية بيد المولي و ليس بيد العبد نعم يكون العبد مضطرا الي ترك الواجب بلحاظ ترك الجزء و يكون الترك جائزا له بهذا الاعتبار.

و ان شئت قلت: ان سقوط الجزئية و الشرطية أمر غير ممكن الا بسقوط الامر عن الكل فالنتيجة: أنه لا يجب الاتيان بالمركب و أما جعل العمل الفاقد للشرط أو الجزء بد لا عن الواجب الاختياري فلا يستفاد من الرواية فلاحظ.

السابع: ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث:

ان المؤمن اذا أظهر الايمان ثم ظهر منه ما يدل علي نقضه خرج مما وصف و أظهر

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 421

______________________________

و كان له ناقضا الا أن يدعي أنه انما عمل ذلك تقية و مع ذلك ينظر فيه فان كان ليس مما يمكن أن تكون التقية في مثله لم يقبل منه لان للتقية مواضع من أزالها عن مواضعها لم تستقم له و تفسير ما يتقي مثل أن

يكون قوم سوء ظاهر حكمهم و فعلهم علي غير حكم الحق و فعله فكل شي ء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لا يؤدي الي الفساد في الدين فانه جائز «1».

و فيه: أولا: أن مسعدة لم يوثق.

و ثانيا: أن المستفاد من الرواية أن التقية لها ميزان و معيار و ليس لأحد أن يرتكب كل أمر يريد و يدعي أنه كان عن تقية فليس المقام، مقام بيان جواز التقية من حيث الموارد.

الثامن: ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل كان يصلي فخرج الامام و قد صلي الرجل ركعة من صلاة فريضة قال: ان كان اماما عدلا فليصل اخري و ينصرف و يجعلهما تطوعا و ليدخل مع الامام في صلاته كما هو و ان لم يكن امام عدل فليبن علي صلاته كما هو و يصلي ركعة اخري و يجلس قدر ما يقول: «أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله» ثم ليتم صلاته معه علي ما استطاع فان التقية واسعة و ليس شي ء من التقية الا و صاحبها مأجور عليها ان شاء اللّه «2».

بتقريب: أن الرواية دالة علي أن التقية واسعة و بأي نحو يمكن ايقاعها يجوز أو يجب فيجوز المتابعة بأي نحو ممكن فلو نقص من صلاته شي ء بالمتابعة

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب الامر و النهي الحديث: 6.

(2) الوسائل الباب 56 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 422

______________________________

لا يضر و يكون المأتي به بدلا عن الواجب الاختياري.

و فيه: أن المستفاد من الرواية التفصيل بين الامام العادل و الجائر فلو كان عادلا، يجوز الايتمام و ان كان جائرا يبني علي صلاته و يتمها بأي

نحو ممكن بحيث يتخيل بأنه معتقد و الحال أنه لم يعتقد و لا يستفاد من الرواية أن العمل الناقص يقوم مقام الكامل بل لا يبعد أن يقال: بأن الرواية تدل علي عكس المدعي.

مضافا الي أنه ربما يقال: بأن مضمر سماعة ليس كمضمر زرارة و اضرابه اذ سماعة من الواقفة و من الممكن أن سؤاله كان من غير المعصوم فتأمل.

التاسع: النصوص الدالة علي جواز غسل الرجلين كرواية أيوب بن نوح «1» و رواية عمار بن موسي «2».

بدعوي: أنه يستفاد من هذه النصوص جواز الغسل فيكون مجزيا عن المسح.

و فيه: أن هذه النصوص متعارضة مع النصوص الكثيرة الدالة علي لزوم المسح و عدم جواز الغسل و الترجيح مع روايات المسح لمخالفتها للعامة بل و موافقتها مع الكتاب.

و أما حديث زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام. قال: جلست أتوضأ فأقبل رسول اللّه (صلي اللّه عليه و آله) حين ابتدأت في الوضوء فقال لي:

تمضمض و استنشق و استن، ثم غسلت وجهي ثلاثا فقال: قد يجزيك من ذلك المرتان، قال: فغسلت ذراعي و مسحت برأسي مرتين فقال: قد يجزيك من ذلك المرة و غسلت قدمي قال: فقال لي: يا علي خلل بين الاصابع لا تخلل بالنار «3»، فلا اعتبار بسنده فان عبد اللّه بن منبه لم يوثق فلا مجال لان

______________________________

(1) لاحظ ص: 395.

(2) لاحظ ص: 296.

(3) الوسائل الباب 25 من أبواب الوضوء الحديث: 15.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 423

______________________________

يقال: بأن الصادر عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله، لا يحمل علي التقية لعدم موضوعها بالنسبة اليه.

مضافا الي أن الترجيح أيضا مع روايات المسح لكونها موافقة للكتاب.

اضف الي ذلك كله أنه لا ريب في أن مذهب أهل

البيت في الرجل وجوب المسح و عدم جواز الغسل.

العاشر: النصوص الواردة في الموارد الخاصة بتقريب: أن المستفاد من هذه النصوص جواز الاتيان بالعمل الفاقد و كفايته عن الكامل التام في مورد التقية.

فمن تلك الروايات ما رواه داود الرقي قال: دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقلت له: جعلت فداك كم عدة الطهارة؟ فقال: ما أوجبه اللّه فواحدة و أضاف اليها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله واحدة لضعف الناس و من توضأ ثلاثا ثلاثا فلا صلاة له، أنا معه في ذا حتي جاءه داود بن زربي فسأله عن عدة الطهارة فقال له: ثلاثا ثلاثا من نقص عنه فلا صلاة له، قال فارتعدت فرائصي و كاد أن يدخلني الشيطان فأبصر أبو عبد اللّه إلي و قد تغير لوني، فقال: اسكن يا داود هذا هو الكفر، أو ضرب الاعناق، قال: فخرجنا من عنده و كان ابن زربي الي جوار بستان أبي جعفر المنصور و كان قد القي الي أبي جعفر أمر داود بن زربي و أنه رافضي يختلف الي جعفر بن محمد فقال أبو جعفر المنصور: اني مطلع الي طهارته فان هو توضأ وضوء جعفر بن محمد فاني لأعرف طهارته حققت عليه القول و قتلته فاطلع و داود يتهيأ للصلاة من حيث لا يراه فأسبغ داود بن زربي الوضوء ثلاثا ثلاثا كما أمره أبو عبد اللّه عليه السلام فما تم وضوءه حتي بعث

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 424

______________________________

اليه أبو جعفر المنصور فدعاه قال: فقال داود: فلما أن دخلت عليه رحب بي و قال: يا داود: قيل فيك شي ء باطل و ما أنت كذلك قد اطلعت علي طهارتك و ليس طهارتك طهارة الرافضة فاجعلني في حل

و أمر له بمائة ألف درهم، قال:

فقال داود الرقي: التقيت انا و داود بن زربي عند أبي عبد اللّه عليه السلام فقال له داود بن زربي: جعلت فداك حقنت دماؤنا في دار الدنيا و نرجو أن ندخل بيمنك و بركتك الجنة، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: فعل اللّه ذلك بك و باخوانك من جميع المؤمنين، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام لداود بن زربي: حدث داود الرقي بما مر عليكم حتي تسكن روعته، قال: و حدثته بالامر كله، قال:

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: لهذا أفتيته لأنه كان اشرف علي القتل من يد هذا العدو، ثم قال: يا داود بن زربي توضأ مثني مثني و لا تزدن عليه و انك ان زدت عليه فلا صلاة لك «1».

و هذه الرواية ضعيفة بأحمد بن سليمان.

و منها: ما رواه محمد بن الفضل أن علي بن يقطين كتب الي أبي الحسن موسي عليه السلام يسأله عن الوضوء فكتب اليه أبو الحسن عليه السلام: فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء و الذي آمرك به في ذلك أن تمضمض ثلاثا و تستنشق ثلاثا و تغسل وجهك ثلاثا و تخلل شعر لحيتك و تغسل يديك الي المرفقين ثلاثا و تمسح رأسك كله و تمسح ظاهر اذنيك و باطنهما و تغسل رجليك الي الكعبين ثلاثا و لا تخالف ذلك الي غيره فلما وصل الكتاب الي علي بن يقطين تعجب مما رسم له أبو الحسن عليه السلام فيه مما جميع العصابة علي خلافه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 425

______________________________

ثم قال: مولاي أعلم بما قال، و أنا أمتثل أمره فكان يعمل في وضوئه علي هذا الحد

و يخالف ما عليه جميع الشيعة امتثالا لأمر أبي الحسن عليه السلام، و سعي بعلي بن يقطين الي الرشيد، و قيل: انه رافضي فامتحنه الرشيد من حيث لا يشعر، فلما نظر الي وضوئه ناداه كذب يا علي بن يقطين من زعم أنك من الرافضة و صلحت حاله عنده، و ورد عليه كتاب أبي الحسن عليه السلام: ابتدأ من الان يا علي بن يقطين و توضأ كما أمرك اللّه تعالي اغسل وجهك مرة فريضة و اخري اسباغا، و اغسل يديك من المرفقين كذلك و امسح بمقدم رأسك و ظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك فقد زال ما كنا نخاف منه عليك و السلام «1».

و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن فضل فانه مشترك و لا نعلم ان الراوي في هذه الرواية ثقة أم لا.

و منها: ما رواه عثمان بن زياد أنه دخل علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال له رجل: اني سألت أباك عن الوضوء، فقال: مرة مرة فما تقول انت؟ فقال:

انك لن تسألني عن هذه المسألة الا و أنت تري أني اخالف أبي توضأ ثلاثا و خلل أصابعك «2».

و هذه الرواية ضعيفة بعثمان.

و منها: ما رواه داود بن زربي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الوضوء فقال لي: توضأ ثلاثا ثلاثا، قال: ثم قال لي: أ ليس تشهد بغداد و عساكرهم؟

قلت: بلي، قال، فكنت يوما أتوضأ في دار المهدي فرآني بعضهم و أنا لا أعلم به فقال: كذب من زعم أنك فلاني و أنت تتوضأ هذا الوضوء قال: فقلت لهذا

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 3.

(2) نفس المصدر الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 426

______________________________

و اللّه أمرني «1».

و لا يمكن استفادة الحكم منها فانها واردة

في مورد خاص و لا اطلاق لها فانه يمكن جواز التقية و كونها مجزيا في مورد خاص و هو فيما يؤدي تركها الي تلف النفس مضافا الي المناقشة في السند من جهة حسن بن علي الوشاء.

الحادي عشر: النصوص الواردة في الحث علي حضور جماعاتهم فمن تلك النصوص ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: من صلي معهم في الصف الاول كان كمن صلي خلف رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في الصف الاول «2».

و منها: ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يحسب لك اذا دخلت معهم و ان كنت لا تقتدي بهم مثل ما يحسب لك، اذا كنت مع من تقتدي به «3».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من صلي معهم في الصف الاول كان كمن صلي خلف رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله «4».

الي غيرها من الروايات الواردة المذكورة في الباب 5 من أبواب صلاة الجماعة في الوسائل.

بتقريب: أن مقتضي هذه النصوص جواز الاقتداء بهم و الصلاة الناقصة معهم تقية تقوم مقام الصلاة التامة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1.

(3) نفس المصدر الحديث: 3.

(4) نفس المصدر الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 427

______________________________

و لا يعارضها ما دل علي عدم جواز الاقتداء بهم و أنهم عند المعصوم عليه السلام كالجدر مثل ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الصلاة خلف المخالفين، فقال: ما هم عندي الا بمنزلة الجدر «1» و غيرها من الروايات الواردة المذكورة في الوسائل في الباب 10 من أبواب صلاة الجماعة.

اذ مفاد

تلك النصوص جواز الصلاة معهم تقية و مفاد هذه النصوص اشتراط الولاية و العدالة في امام الجماعة فلا تنافي بين الطائفتين لكن مفاد تلك النصوص الترغيب في اقامة الصلاة معهم و لو مع عدم الخوف و عدم تحقق عنوان التقية المتقوم بالخوف مضافا الي أنه يعارضها ما رواه سماعة «2» فان مفاد هذه الرواية أن المطلوب صورة الصلاة معهم لا الاقتداء بهم واقعا.

و يدل علي المدعي ما رواه زرارة قال: كنت جالسا عند أبي جعفر عليه السلام ذات يوم اذ جاءه رجل فدخل عليه فقال له: جعلت فداك اني رجل جار مسجد لقومي فاذا أنا لم اصل معهم وقعوا في و قالوا: هو هكذا و هكذا، فقال: أما لئن قلت ذلك لقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: من سمع النداء فلم يجبه من غير علة فلا صلاة له، فخرج الرجل فقال له: لا تدع الصلاة معهم و خلف كل امام فلما خرج قلت له: جعلت فداك كبر علي قولك لهذا الرجل حين استفتاك، فان لم يكونوا مؤمنين، قال فضحك ثم قال: ما اريك بعد الا هاهنا، يا زرارة فاية علة تريد أعظم من أنه لا يأتم به ثم قال: يا زرارة أما تراني قلت: صلوا في مساجدكم و صلوا مع أئمتكم «3»:

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1.

(2) لاحظ ص: 421.

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 428

______________________________

و بعبارة أخري أن نقول: بأن النصوص من الجانبين متعارضة و ليست قابلة للجمع فان مفاد طائفة منها عدم جواز الاقتداء و مفاد الاخري الجواز.

لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام:

يا اسحاق أ تصلي معهم في المسجد؟ قلت: نعم، قال: صل معهم فان المصلي معهم في الصف الاول كالشاهر سيفه في سبيل اللّه «1».

فالتعارض قطعي و بعد التساقط و رفع اليد عن الترجيح بمخالفة العامة لا دليل علي الجواز بل الدليل من الاصل و النص علي عدم الجواز فان مقتضي الاصل عدم كون التقية مجزية كما أن مقتضي الادلة الاولية من الكتاب و السنة وجوب الاتيان بالمأمور به الواقعي الاولي.

الثاني عشر: ما ذكر في المقام بأن السيرة كانت جارية علي الغسل و المسح في زمن الائمة عليهم السلام و لم يردع عنه فيستفاد الجواز مع تحقق التقية.

و فيه: أولا أن جريان السيرة عليه من الشيعة اول الكلام.

و ثانيا: كيف يمكن أن يقال: بأنه لم يردع عنه؟ فان النصوص الكثيرة الدالة علي عدم جواز الغسل أو المسح علي الخف تدل علي عدم الجواز و الجواز يحتاج الي الدليل و ليس.

الثالث عشر ما رواه أبو الورد «2» فان مقتضي هذه الرواية انه لو اضطر الي الوضوء عند عدو بتقية و لا يمكنه الاتيان بالمأمور به الواقعي يجوز أن يمسح علي الخف بدلا عن المسح علي البشرة.

و قد مر الكلام في الاشكال في سند هذه الرواية فلا نعيد و راجع ما ذكرناه هناك.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 7.

(2) لاحظ ص: 411.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 429

______________________________

الي هنا ظهر: أنه لا مقتضي للاجزاء.

أضف الي ذلك ما دل علي عدم جواز التقية في المسح علي الخف و قد دلت عليه عدة روايات:

الاولي: ما رواه الاعجمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث أنه قال:

لا دين لمن لا تقية له و التقية في كل شي ء الا

في النبيذ و المسح علي الخفين «1».

و هذه الرواية ضعيفة بأبي عمر فانه لم يوثق مضافا الي أنه مردد بين كونه أبا عمر و ابن عمر و علي كل تقدير لم يوثق.

الثانية: ما رواه محمد بن الفضل الهاشمي قال: دخلت مع إخوتي علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقلنا: انا نريد الحج و بعضنا صرورة فقال: عليكم بالتمتع فانا لا نتقي في التمتع بالعمرة الي الحج سلطانا و اجتناب المسكر و المسح علي الخفين «2».

و هذه الرواية ضعيفة بدرست فانه لم يوثق بل بمحمد بن الفضل أيضا فانه لم يوثق في كلام الشيخ الحر بعنوان الهاشمي.

الثالثة: ما رواه زرارة عن غير واحد قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام في المسح علي الخفين تقية قال: لا يتقي في ثلاث قلنا و ما هن؟ قال شرب الخمر أو قال شرب المسكر و المسح علي الخفين و متعه الحج «3».

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال فان النقل عن غير واحد لا يخرج الحديث

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب الامر و النهي الحديث: 3.

(2) الكافي ج 4 ص 293 الحديث: 14.

(3) جامع أحاديث الشيعة ج 2 ص 222 ج 21.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 430

______________________________

عن كونه حديثا واحدا مرسلا و لا يدخله في المتواتر فان عنوان غير واحد يصدق علي ثلاثة اشخاص مثلا فلاحظ.

الرابعة: ما راه زرارة أيضا قال: قلت له: في مسح الخفين تقية؟ فقال:

ثلاثة لا أتقي فيهن أحدا: شرب المسكر، و مسح الخفين و متعة الحج قال زرارة و لم يقل الواجب عليكم أن لا تتقوا فيهن أحدا «1».

و هذه الرواية تامة سندا و أما الاشكال في الدلالة: بأن زرارة فهم من كلامه عليه السلام أنه من مختصاته

فلا يكون حكما عاما لجميع آحاد المكلفين، فيرده:

أن فهم زرارة لا يكون دليلا.

و ربما يقال: بأنه يحتمل أن يكون الحكم من مختصاته و مع هذا الاحتمال يبطل الاستدلال بالرواية.

لكن يرد علي هذا البيان: أن الرواية ظاهرة بل صريحة في أن الراوي يسأله عن حكم المسألة و الظاهر من كلامه عليه السلام في مقام الجواب أن الامام عليه السلام في مقام بيان حكم الواقعة و الوظيفة العامة.

و أما ما قيل: من أن قوله عليه السلام: «لا أتقي» فرار عن الجواب و أنه عليه السلام لم يجبه عن حكم المسألة، فهو خلاف الظاهر.

و ربما يقال: بأن التقية لا مجال لها في الامور المذكورة في الرواية أما شرب الخمر فلانه ليس من العامة أحد يفتي بالجواز و أما متعة الحج فلان حج التمتع مثل حج القران الا من جهة النية و التقصير أما النية فهي أمر قلبي و أما التقصير فيمكن الاتيان به في الخفاء و أما المسح علي الخف فليس وجوبه اتفاقيا بينهم بل

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 431

[مسألة 66: لو دار الامر بين المسح علي الخف و الغسل للرجلين للتقية اختار الثاني]

(مسألة 66): لو دار الامر بين المسح علي الخف و الغسل للرجلين للتقية اختار الثاني (1).

______________________________

الاكثر منهم قائلون بالتخيير بينه و بين الغسل و بعضهم قائل بأن المسح علي الخف أفضل فلا موضوع للتقية فيه فالرواية ناظرة الي أن التقية في الامور المذكورة سالبة بانتفاء الموضوع و الا فلا ريب في أن الامر اذا دار بين المسح علي الخف و ضرب العنق لم يرض الشارع بترك المسح.

و فيه: أن السائل سأل عن الحكم و الجواب عن بيان الموضوع خلاف الظاهر و ليس معناه أنه يترك و لو مع استلزامه ضرب

العنق اذ التقية تتحقق بالاتيان بالمسح علي الخف صورة و المستفاد من الرواية: أن المسح علي الخف تقية لا يكون مصداقا للمأمور به.

فانقدح بما ذكرنا: عدم قيام دليل علي جواز التقية و كونها مجزأة عن المأمور به الواقعي فما أفاده في المتن من الاشكال في كمال المتانة و لكن ما أفاده من الاشكال ينافي ما يذكره في الفروع الآتية فلاحظ.

(1) ذكر في وجه التعين و تقديم الغسل أمران:

أحدهما: ان المسح لو تحقق بالمسح علي الخف لم يتحقق المسح علي البشرة لا برطوبة ماء الوضوء و لا بالرطوبة الخارجية و أما في الغسل فالمسح بالرطوبة الخارجية متحققة و ما لا يدرك كله لا يترك كله.

و هذا الوجه ليس تحته شي ء و مجرد اعتبار و استحسان فان قاعدة الميسور لا أساس لها مضافا الي أن الغسل بالماء الخارجي ليس ميسورا لرطوبة ماء الوضوء.

ثانيهما: أنه استفيد من الادلة جواز الغسل و أما المسح فلا دليل عليه و حديث

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 432

[مسألة 67: يعتبر عدم المندوحة في مكان التقية علي الاقوي]

(مسألة 67): يعتبر عدم المندوحة في مكان التقية علي الاقوي فلو أمكنه ترك التقية و إراءتهم المسح علي الخفين مثلا لم تشرع التقية (1).

______________________________

أبي الورد «1» ضعيف سندا و مقتضي الامر بشي ء تعينه بلا بدل بل الغسل موافق للاحتياط لان الامر دائر بين تعين الغسل و التخيير بين الامرين فالغسل مجز قطعا فالاتيان به موافق الاحتياط.

و فيه: أن هذا التقريب انما يتم علي تقدير وجود دليل دال علي جواز الغسل بدل المسح عند التقية و المفروض أنه ليس في المقام ما يدل عليه كما تقدم، فلا مجال لهذا التقريب و عليه لو دار الامر بين الامرين لم يكن الاتيان بأيهما مجزيا و مكفيا و اللّه

العالم.

(1) قد ظهر مما تقدم عدم دليل علي جواز التقية و قد مر منا أن النصوص بالنسبة الي الاقتداء بهم تقية متعارضة و أن مفاد بعضها انه يصلي صلاة نفسه و يري بأنه يقتدي لاحظ ما رواه سماعة «2».

نعم لو قلنا: بأن الروايات الدالة علي جواز الاقتداء بهم «3» بلا معارض أمكن ان يقال: بأنه يجوز الاقتداء و لا يشترط بعدم المندوحة مطلقا بل مقتضي تلك النصوص محبوبية الاقتداء بهم علي الاطلاق فيجوز بل يستحب أن يسافر الشيعي الي بلاد المخالفين للاقتداء بهم.

اضف الي ذلك أن هذا الحكم مخصوص بالصلاة و لا وجه لجريانه في

______________________________

(1) لاحظ ص: 411.

(2) لاحظ ص: 421.

(3) لاحظ الروايات في ص: 426.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 433

______________________________

بقية العبادات.

فالنتيجة: عدم جواز التقية مع عدم المندوحة فضلا عن صورة وجودها لكن الظاهر أنه لا اشكال من حيث النصوص في جواز الصلاة مع المخالف بشرط أن يقرأ لنفسه و لو مع عدم سماعة قراءة نفسه كما تدل عليه عدة روايات:

منها ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يصلي خلف من لا يقتدي بصلاته و الامام يجهر بالقراءة قال: اقرأ لنفسك و ان لم تسمع نفسك فلا بأس «1».

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا صليت خلف امام لا يقتدي به فاقرأ خلفه سمعت قراءته أو لم تسمع «2».

و منها ما رواه أبو بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: من لا أقتدي الصلاة قال: افرغ قبل أن يفرغ فانك في حصار فان فرغ قبلك فاقطع القراءة و اركع معه «3».

و منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أكون

مع الامام فأفرغ من القراءة قبل أن يفرغ قال: ابق آية و مجد اللّه و أثن عليه فاذا فرغ فاقرأ الآية و اركع «4» و منها غيرها المذكور في الوسائل في الابواب 33 و 34 و 35 من أبواب صلاة الجماعة.

لكن الاشكال تمام الاشكال في أن الحكم مختص بمورده.

______________________________

(1) الوسائل الباب 33 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) الوسائل الباب 34 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1.

(4) الوسائل الباب 35 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 434

______________________________

و ملخص الكلام في المقام أن المستفاد من جملة من النصوص جواز الصلاة معهم:

منها ما رواه حماد بن عثمان «1» و منها ما رواه الحلبي «2».

و منها ما رواه أبو علي في حديث قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان لنا اماما مخالفا و هو يبغض أصحابنا كلهم فقال: ما عليك من قوله، و اللّه لئن كنت صادقا لانت أحق بالمسجد منه فكن أول داخل و آخر خارج و أحسن خلقك مع الناس و قل خيرا «3».

و منها ما رواه اسحاق بن عمار «4».

و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

اوصيكم بتقوي اللّه عز و جل و لا تحملوا الناس علي أكتافكم فتذلوا ان اللّه تبارك و تعالي يقول في كتابه: «قُولُوا لِلنّٰاسِ حُسْناً» ثم قال: عودوا مرضاهم و اشهدوا جنائزهم و اشهد و الهم و عليهم و صلوا معهم في مساجدهم «5».

و منها ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: صلي حسن و حسين خلف مروان و نحن نصلي معهم «6».

و منها ما

رواه سماعة قال: سألته عن مناكحتهم و الصلاة خلفهم فقال: هذا

______________________________

(1) لاحظ ص 426.

(2) لاحظ ص: 426.

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1.

(4) لاحظ ص 428.

(5) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 8.

(6) نفس المصدر الحديث: 9.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 435

______________________________

أمر شديد لم تستطيعوا ذلك قد أنكح رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و صلي علي عليه السلام ورائهم «1».

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي عدم الجواز: منها ما رواه زرارة «2».

و منها غيره الوارد في الباب 10 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل.

و في المقام رواية مفصلة بين صورة الخوف و غيرها و هي ما رواه اسماعيل الجعفي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل يحب أمير المؤمنين عليه السلام و لا يتبرأ من عدوه و يقول: هو أحب الي ممن خالفه فقال: هذا مخلط و هو عدو فلا تصل خلفه و لا كرامة الا أن تتقيه «3».

فانه يمكن أن يجمع بين المتعارضين من النصوص بهذه الرواية و يفصل بين صورة الخوف و عدمه

الا أن يقال: بأن النصوص الحاثة علي الصلاة معهم تأبي عن هذا التقييد و علي تقديرا لتعارض يكون الترجيح مع النصوص المانعة حيث انها خلاف التقية و يبقي الدليل المفصل علي حاله.

و يظهر من جملة من النصوص: أن الايتمام بالمخالف صورة الايتمام و لذا يحب أن يقرأ و لو بنحو حديث النفس لاحظ حديث علي بن يقطين «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10.

(2) لاحظ ص: 427.

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3.

(4) لاحظ ص 433.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 436

و لا يعتبر عدم المندوحة في الحضور في مكان التقية

و زمانها (1).

______________________________

و يظهر من مجموع النصوص الواردة في الابواب 33 و 34 و 35 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل أن الصلاة معهم تشبه الايتمام فلاحظ و ما رواه أبو بصير «1» و ما رواه زرارة «2».

و غيرها من الروايات الواردة في الابواب المشار اليها فان المستفاد من تلك النصوص جواز الاقتداء بأن يقرأ لنفسه و عند الضرورة يكتفي بأم الكتاب بل اذا اقتضت الضرورة يقطع الفاتحة و يركع لكن لا تدل هذه النصوص علي جواز التقية في غير موردها من الموارد كالوضوء و امثاله و يستفاد من مجموع نصوص الباب أنه مع الخوف يصلي معهم بالنحو المذكور و يجزي و مع صدق الخوف لا يشترط الجواز و الاجزاء بعدم المندوحة بل يجوز و يكفي حتي مع المندوحة فلاحظ.

(1) مقتضي القاعدة الاولية اعتبار عدم المندوحة و ذلك لان التقية من الوقاية و مع امكان الوقاية مع وجود المندوحة لا يصدق العنوان.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه معمر بن يحي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ان معي بضايع للناس و نحن نمر بها علي هؤلاء العشار فيحلفونا عليها فنحلف لهم فقال: وددت أني أقدر علي أن اجيز أموال المسلمين كلها و أحلف عليها كلما خاف المؤمن علي نفسه فيه ضرورة، فله فيه التقية «3».

بتقريب: أن فاء التفريع تقتضي المفهوم و مثل هذه الرواية ما- رواه

______________________________

(1) لاحظ ص 433.

(2) لاحظ ص 433.

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب الايمان الحديث: 16.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 437

______________________________

اسماعيل الجعقي و معمر بن يحيي بن سالم و محمد بن مسلم و زرارة عن أبي جعفر عليه السلام «1»، و التقريب هو التقريب.

و استدل أيضا علي المدعي بما رواه

زرارة «2» و بما رواه معمر بن يحيي سالم عن أبي جعفر عليه السلام قال: التقية في كل ضرورة «3».

لا يقال: دلالتها علي المدعي تتوقف علي القول بمفهوم اللقب الذي لا نقول به.

قلت: ورد في بعض كلمات الاصحاب: أن حق العبارة أن يقال: كل ضرورة فيها التقية فتقديم ما حقه التأخير يقتضي حصر المسند في المسند اليه.

و ربما يختلج بالبال أن يقال: أن حديث زرارة «4» في مقام التحديد و بيان الضابطة و لا ريب في أن مقتضي التحديد هو الحصر فلا تغفل.

و يكفي لإثبات المدعي ما رواه الجعفي «5» فان المستفاد من هذه الرواية حصر الجواز في صورة الاتقاء و مع وجود المندوحة لا يصدق هذا العنوان.

نعم ربما يصدق العنوان و لو مع عدم استيعاب الضرر تمام الوقت كما لو ذهب أحد الي محل الجائر و صادف اقامة الجماعة و لا يمكن للمكلف أن لا يقتدي فيجوز له الاقتداء و لا يحب الاعادة بعد رفع الضرورة.

الا أن يقال: أنه مع وجود المندوحة و لو طولا و امكان الاتيان بالصلاة بعد رفع الضرورة لا تصدق الضرورة اذ الامر لم يتعلق بالفرد بل تعلق بطبيعي الصلاة

______________________________

(1) لاحظ ص 417.

(2) لاحظ ص 415.

(3) الوسائل الباب 25 من أبواب الامر و النهي الحديث: 8.

(4) لاحظ ص 415.

(5) لاحظ ص 435.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 438

كما لا بجب بذل مال لرفع التقية (1) و أما في سائر موارد الاضطرار فيعتبر فيها عدم المندوحة مطلقا (2) نعم لا يعتبر فيها بذل المال لرفع الاضطرار اذا كان ضرريا (3).

______________________________

بين الحدين فلاحظ.

هذا ما يرجع الي الصلاة و علي كل حال لا دليل علي الاجزاء في المقام فلا تصل النوبة الي هذا البحث.

(1)

ربما يقال: في وجوب البذل: انه استفيد من وجوب بذل المال في قبال ماء الوضوء في بعض النصوص.

لاحظ ما رواه صفوان قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل احتاج الي الوضوء للصلاة و هو لا يقدر علي الماء فوجد بقدر ما يتوضأ به بمائة درهم أو بألف درهم و هو واجد لها أ يشتري و يتوضأ أو يتيمم؟ قال: لا بل يشتري قد أصابني مثل ذلك فاشتريت و توضأت و ما يسوؤني (يسرني) بذلك مال كثير «1».

لكن يرد عليه أن هذا حكم وارد في مورد خاص و لا يجري في غيره و من الظاهر أن الوضوء ليس حكما واردا في مورد الضرر مثل وجوب الخمس و الزكاة.

فالحق أن يقال: بانه لا يجب لدليل نفي الضرر لكن هذا يتم علي مسلك القوم في قاعدة نفي الضرر و لا يتم علي ما سلكناه.

فالحق وجوب البذل لعدم صدق الضرورة مع امكان رفعها بدفع مقدار من المال فلاحظ.

(2) لعدم صدق الاضطرار مع وجود المندوحة.

(3) لقاعدة نفي الضرر و قد مر قريبا الاشكال في هذا التقريب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب أحكام التيمم الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 439

[مسألة 68: اذا زال السبب المسوغ للمسح علي الحائل بعد الوضوء لم تجب الاعادة في التقية]

(مسألة 68): اذا زال السبب المسوغ للمسح علي الحائل بعد الوضوء لم تجب الاعادة في التقية (1) و وجبت في سائر الضرورات (2) كما تجب الاعادة اذا زال السبب المسوغ اثناء الوضوء مطلقا (3).

[مسألة 69: لو توضأ علي خلاف التقية فالأظهر وجوب الإعادة]

(مسألة 69): لو توضأ علي خلاف التقية فالاظهر وجوب الاعادة (4).

______________________________

(1) هذا مبني علي كون التقية مجزية عن المأمور به بالامر الواقعي و قد ظهر مما مر أنه لا دليل عليه و ما أفاده هنا مناف لما سبق منه من الاشكال في الاجزاء فلاحظ.

(2) لعدم تحقق الموضوع فان الزوال يكشف عن عدم تحقق الاضطرار.

(3) اذ العمل ارتباطي فلا يمكن التجزية في الصحة و البطلان فلاحظ.

(4) لتنقيح المقام نتكلم في مقامين: المقام الاول في حكم التقية تكليفا، المقام الثاني في الجهة الوضعية.

أما المقام الاول فنقول: لا اشكال في أن المستفاد من النصوص وجوب التقية و الانصاف أن النصوص الواردة في الابواب المختلفة متواترة بل يكفي لإثبات المدعي جملة منها:

منها: ما رواه معمر بن خلاد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن القيام للولاة فقال: قال أبو جعفر عليه السلام: التقية من ديني و دين آبائي و لا ايمان لمن لا تقية له «1».

و منها ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب الامر و النهي الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 440

______________________________

: التقية ترس المؤمن و التقية حرز المؤمن و لا ايمان لمن لا تقية له «1».

و منها ما رواه محمد بن ادريس في آخر السرائر نقلا من كتاب مسائل الرجال و مكاتباتهم مولانا علي بن محمد عليهما السلام من مسائل داود الصرمي قال:

قال لي: يا داود لو قلت: ان

تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقا «2».

فان هذه النصوص تامة سندا فلا اشكال في وجوب التقية و حرمة تركها.

اذا عرفت هذا نتكلم في المقام الثاني فنقول: للمسألة صورتان:

الصورة الاولي: أن المكلف ترك التقية و ترك المأمور به الواقعي كما لو فرضنا أن التقية اقتضت المسح علي الخف و المكلف تركه و ترك المسح علي البشرة أيضا فتارة نقول: بأن الواجب هو المأمور به الواقعي غاية الامر قد ثبت بالسيرة انه يجزي العمل المطابق للتقية فلا اشكال في الفساد لان المفروض انه ترك المأمور به الواقعي و لا دليل علي الاجزاء، و اخري نقول: بأن مقتضي الادلة الواردة انقلاب المأمور به الواقعي الي العمل المطابق للتقية فأيضا يحكم بالفساد اذ المفروض أنه لم يأت بالوظيفة المقررة.

و أما لو قلنا بأن المستفاد من الادلة سقوط الشرطية او الجزئية فربما يقال:

بالصحة لان عمله مطابق للواقع غاية الامر ترك التقية و عصي و لكن هذا كله فرض في فرض و مجرد احتمال.

الصورة الثانية: انه ترك التقية و أتي بالمأمور به الواقعي فان قلنا: بالانقلاب فالبطلان علي القاعدة لأنه لم يأت بالمأمور به و أما لو قلنا: بأن العمل المطابق

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6.

(2) نفس المصدر الحديث: 26.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 441

[مسألة 70 يجب في مسح الرجلين أن يضع يده علي الأصابع و يمسح إلي الكعبين بالتدريج أو بالعكس]

(مسألة 70) يجب في مسح الرجلين أن يضع يده علي الاصابع و يمسح الي الكعبين بالتدريج أو بالعكس فيضع يده علي الكعبين و يمسح الي أطراف الاصابع تدريجا (1) و لا يجوز أن يضع تمام كفه علي تمام ظهر القدم من طرف الطول الي المفصل و يجرها قليلا بمقدار صدق المسح علي الاحوط (2).

______________________________

للتقية في طول الواقع و أنه مصداق للمأمور به الواقعي بحكم الشارع أو قلنا

بعدم كون التقية مجزية و لا دليل علي الاجزاء فربما يقال: بأن العمل صحيح و لا يحتاج الي الاعادة اذ المفروض أنه اتي بما هو واجب عليه و لا وجه للبطلان.

لكن هذا توهم فاسد اذ لا اشكال في أن الاتيان بالمأمور به الواقعي مصداق لما هو مضاد للتقية فيكون مصداقا للحرام و الحرام لا يمكن أن يتقرب به.

و لا مجال لان يقال: بأن التقية واجبة و تركها حرام و الامر بالتقية لا يقتضي النهي عن ضده كما هو المقرر في محله فانه يرد علي هذا البيان أن المعصية تتحقق بنفس الاتيان بالمأمور به الواقعي كما لو قال عند المخالف: أنا لا أكتفي بالمسح علي الخف فانه لا اشكال في حرمة هذا الكلام فكذلك الاتيان بالمسح علي البشرة حرام و الحرام لا يقع مصداقا للواجب فلا يكون صحيحا.

(1) هذا مبني علي جواز الاقبال و الادبار في مسح الرجلين كما تدل عليه رواية حماد «1» و قد مر الكلام في هذه المسألة فراجع.

(2) ربما يقال بجواز التدريجي و الدفعي- كما في كلام سيد العروة- و قيل في تقريب الاستدلال عليه- كما في كلام سيد المستمسك قدس سره-: أن

______________________________

(1) لاحظ ص 398.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 442

[الفصل الثاني في الجبيرة و أحكامها]
اشارة

الفصل الثاني من كان علي بعض أعضاء وضوئه جبيرة فان تمكن من غسل ما تحتها بنزعها أو بغمسها في الماء مع امكان الغسل من الاعلي الي الاسفل وجب (1).

______________________________

مقتضي الاطلاق الثابت في الكتاب و الاخبار جواز الدفعي كالتدريجي بلا فرق بين النحوين.

و لكن لا يمكن المساعدة عليه اذ الاطلاق المشار اليه و ان كان مقتضيا لجواز كلا النحوين لكن لا بد من رفع اليد عنه و تقييده بما رواه البزنطي «1»

فان السائل يسأله عن كيفية المسح علي القدمين فأجابه عليه السلام عملا بأن وضع كفه علي الاصابع فمسحها الي الكعبين فلا بد من التحفظ علي جميع القيود المرعية في فعله عليه السلام غاية الامر نرفع اليد عن لزوم الاقبال و عن الاستيعاب العرضي للدليل الخاص كما مر البحث فيما تقدم و أما بالنسبة الي هذه الجهة فلا دليل علي الخلاف و قول السائل: «لو أن رجلا قال بإصبعين» لا يدل علي أن السؤال من هذه الجهة فقط فلا نظر الي بقية الجهات فلا وجه لرفع اليد عن الاطلاق المنعقد في الادلة من الكتاب و السنة و ذلك لان ظاهر السؤال أولا السؤال عن كيفية المسح من جميع الجهات.

فالحق ما أفاده الماتن من الاحتياط الوجوبي بل لا يبعد أن يقال بأنه الاظهر لا الاحوط و اللّه العالم.

(1) يستفاد من هذه العبارة أمران:

الاول: أنه يجب غسل ما تحت الجبيرة مع الامكان و هذا أمر علي القاعدة

______________________________

(1) لاحظ ص 398.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 443

______________________________

فان المأمور به أولا غسل أعضاء الوضوء و مع امكان الاتيان بالواجب الاولي يجب بلا اشكال.

مضافا الي بعض النصوص الدال عليه فمن تلك النصوص ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأل عن الرجل تكون به القرحة في ذراعه أو نحو ذلك من الوضوء فيعصبها بالخرقة و يتوضأ و يمسح عليها اذا توضأ فقال: اذا كان يؤذيه الماء فليمسح علي الخرقة و ان كان لا يؤذيه الماء فلينزع الخرقة ثم ليغسلها قال:

و سألته عن الجرح كيف أصنع به في غسله؟ قال: اغسل ما حوله «1».

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل ينكسر ساعده أو موضع

من مواضع الوضوء فلا يقدر أن يحله لحال الجبر اذا جبر كيف يصنع؟

قال: اذا أراد أن يتوضأ فليضع إناء فيه ماء و يضع موضع الجبر في الماء حتي يصل الماء الي جلده و قد أجزأه ذلك من غير أن يحله «2».

الثاني: أنه يستفاد من كلامه انه يكفي الغمس في الماء و لا يتعين النزع.

و يتوجه الاشكال: بأنه مع وجود الجبيرة علي العضو لا يتحقق الغسل فلا يحصل الواجب و لذا لا بد من النزع ان أمكن.

و يمكن أن يجاب عن الاشكال: بأن الجريان لا يشترط في صدق مفهوم الغسل بل يكفي في صدقه الاستيلاء و غلبة الماء فلو غمس يده في الماء مع كون الجبيرة عليه فمع تحقق الجريان و لو بعلاج لا يبقي وجه للإشكال و مع عدم الجريان

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

(2) نفس المصدر الحديث: 7.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 444

و ان لم يتمكن لخوف الضرر اجتزأ بالمسح عليها (1).

______________________________

و غلبة الماء علي البشرة يتحقق المطلوب لصدق الغسل بهذا المقدار.

و يدل علي المطلوب ما رواه عمار «1».

يبقي في المقام: أن المستفاد من رواية الحلبي المتقدمة «2» لزوم النزع مع الامكان و لكن لا يبعد أن تكون الرواية ارشادا الي الاحتراز عن وصول البلل الي الخرقة و الا لو قلنا بصدق الغسل جاز للمكلف أن يتوضأ و يغسل العضو السالم مع وضع شي ء عليه فيلزم أن يكون حكم ذي الجبيرة أشد من غيره و هو كما تري نعم لا بد من مراعات الاعلي و الغسل منه الي الاسفل كما في المتن لما استفيد من الادلة اعتباره.

(1) كما يدل عليه خبر الحلبي «3» و يدل عليه أيضا ما رواه كليب الاسدي

قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل اذا كان كسيرا كيف يصنع بالصلاة؟

قال: ان كان يتخوف علي نفسه فليمسح علي جبائره و ليصل «4».

و مثلهما في الدلالة ما رواه الحسن بن زيد عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال:

سألت رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن الجبائر تكون علي الكسير كيف يتوضأ صاحبها؟ و كيف يغتسل اذا أجنب؟ قال يجزيه المسح عليها في الجنابة و الوضوء قلت: فان كان في برد يخاف علي نفسه اذا أفرغ الماء علي جسده فقرأ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: «و لا تقتلوا أنفسكم ان اللّه كان بكم رحيما «5»».

______________________________

(1) مر في ص: 443.

(2) لاحظ ص 443.

(3) لاحظ ص 443.

(4) الوسائل الباب 39 من أبواب الوضوء الحديث: 8.

(5) نفس المصدر الحديث: 11.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 445

و لا يجزئ غسل الجبيرة عن مسحها علي الاقوي (1) و لا بد من استيعابها بالمسح الا ما يتعسر استيعابه بالمسح عادة كالخلل التي تكون بين الخيوط و نحوها (2).

[مسألة 71: الجروح و القروح المعصبة حكمها حكم الجبيرة المتقدم]

(مسألة 71): الجروح و القروح المعصبة حكمها حكم الجبيرة المتقدم (3).

______________________________

(1) الامر كما أفاده فان الظاهر من حديث الحلبي «1» و غيره كون الوظيفة في الصورة المفروضة وجوب المسح و لا بد من الاتيان بما تعلق به الامر من قبل المولي و لا دليل في قبال هذا الظهور يقتضي خلافه و اللّه العالم.

(2) كما أنه يظهر من النصوص فان الظاهر من حديث الحلبي «2» و غيره لزوم الاستيعاب.

مضافا الي أن مناسبة الحكم و الموضوع تقتضيه نعم لا اشكال في أنه لا يستفاد من النص أزيد من المقدار المتعارف فما يتعسر مسحه لا يجب كما أفاده في المتن.

(3) كما

يستفاد بنحو الوضوح من حديث عبد الرحمن بن الحجاج قال:

سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الكسير تكون عليه الجبائر أو تكون به الجراحة كيف يصنع بالوضوء و عند غسل الجنابة و غسل الجمعة؟ فقال: يغسل ما وصل اليه الغسل مما ظهر مما ليس عليه الجبائر و يدع ما سوي ذلك مما لا يستطيع غسله و لا ينزع الجبائر و يبعث بجراحته «3».

______________________________

(1) لاحظ ص 443.

(2) لاحظ ص 443.

(3) الوسائل الباب 39 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 446

و ان لم تكن معصبة غسل ما حولها (1) و الاحوط- استحبابا- المسح عليها ان أمكن (2).

______________________________

(1) بلا اشكال و لا خلاف- كما في بعض الكلمات و تقتضيه القاعدة الاولية و يدل عليه من نصوص الباب حديث الحلبي «1» و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الجرح كيف يصنع صاحبه؟ قال:

يغسل ما حوله «2».

(2) الظاهر من رواية الحلبي «3» كفاية غسل أطراف الجرح المكشوف و عدم وجوب مسحه.

و عن المدارك: «أنه مقطوع به» و عن جامع المقاصد: نسبته الي نص الاصحاب و عن جملة من الاعاظم: وجوب مسحه و قيل في وجهه: أنه مقتضي قاعدة الميسور.

و فيه: أنه لا أصل لتلك القاعدة مضافا الي أن المسح مباين للغسل و لا يكون ميسورا منه فتأمل.

و ربما يقال: بأن وجوب مسح الجرح المكشوف يفهم بالفحوي من وجوب مسح الجبيرة.

لكن يرد عليه: أن عدم تعرضه عليه السلام للمسح في ذيل رواية الحلبي «4» يدل علي عدم وجوب مسح الجرح فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص 443.

(2) الوسائل الباب 39 من أبواب الوضوء الحديث: 3.

(3) لاحظ ص 443.

(4) لاحظ ص 443.

مباني منهاج

الصالحين، ج 1، ص: 447

و لا يجب وضع خرقة عليها و مسحها، و ان كان أحوط استحبابا (1).

[مسألة 72: اللطوخ المطلي بها العضو للتداوي يجري عليها حكم الجبيرة]

(مسألة 72): اللطوخ المطلي بها العضو للتداوي يجري عليها حكم الجبيرة (2).

و أما الحاجب اللاصق اتفاقا كالقير و نحوه فان أمكن رفعه وجب (3).

______________________________

(1) الظاهر أن المراد بالعبارة الجمع بين الامرين كما يدل ما أفاده في هامش العروة من الاحتياط بالجمع بين الامرين و مقتضي الصناعة عدم وجوب شي ء منهما و الاحتياط الاستحبابي يقتضي الجمع بينهما و اللّه العالم.

(2) يدل علي الحكم المذكور ما رواه الحسن بن علي الوشاء قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الدواء اذا كان علي يدي الرجل أ يجزيه أن يمسح علي طلا الدواء؟ فقال: نعم يجزيه أن يمسح عليه «1».

و مثلها روايته الاخري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الدواء يكون علي يد الرجل أ يجزيه أن يمسح في الوضوء علي الدواء المطلي عليه؟ فقال: نعم يمسح عليه و يجزيه «2».

لكن يمكن أن يرد الاشكال في الاستدلال بالحديثين من جهة كون الوشاء في السند فعليه لا بد اما من الاحتياط و اما من الالتزام بأن المستفاد من الادلة عدم الفرق بين الخرقة و الدواء الموضوع علي الجرح فلاحظ.

(3) بلا اشكال و لا ريب فانه مقتضي القاعدة الاولية بعد وجوب غسل الاعضاء

______________________________

(1) الوسائل الباب 37 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 39 من أبواب الوضوء الحديث: 10.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 448

و الا وجب التيمم ان لم يكن الحاجب في مواضعه (1) و الا جمع بين الوضوء و التيمم (2).

[مسألة 73: يختص الحكم المتقدم بالجبيرة الموضوعة علي الموضع في موارد الجرح أو الكسر]

(مسألة 73): يختص الحكم المتقدم بالجبيرة الموضوعة علي الموضع في موارد الجرح أو الكسر، أما في غيرها كالعصابة التي يعصب بها العضو لا لم أو ورم و نحو ذلك فلا يجزي المسح علي الجبيرة بل يجب

التيمم ان لم يمكن غسل المحل لضرر نحوه (3).

______________________________

أو مسحها.

(1) لعدم القدرة علي الوضوء فتصل النوبة الي البدل الاضطراري و لا تدل عليه الروايتان «1» كما هو ظاهر.

و لا يمكن القول بجواز الجبيرة بتقريب تنقيح المناط فان دعوي تنقيحه عهدتها علي مدعيها.

و ما عن الجواهر بادعاء القطع بفساد القول بوجوب التيمم بدل الغسل أو الوضوء لمن كان في يده قطعة قير مثلا مدي عمره، لا يرجع الي محصل فانه استبعاد بلا وجه و المرجع ظهور الادلة و هو يقتضي وجوب التيمم كما تقدم.

(2) الظاهر أنه من باب العلم الإجمالي بأحد الامرين فيجب كلاهما من باب كون العلم منجزا.

و بعبارة اخري: نعلم بوجوب شرطية الطهارة اجمالا في هذه الحال.

و لقائل أن يقول: بأن مقتضي القاعدة عدم وجوب شي ء لا الوضوء و لا التيمم الا أن يقال: بأنه مقطوع الخلاف.

(3) و الوجه فيه: أن الوضوء الاختياري غير واجب علي الفرض و لا دليل

______________________________

(1) ناظر الي روايتي الوشاء لاحظ ص 447.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 449

كما يختص الحكم بالجبيرة غير المستوعبة للعضو أما اذا كانت مستوعبة لعضو فان كانت في الرجلين تعين التيمم و ان كانت في الوجه او اليد فلا يترك الاحتياط الوجوبي فيها بالجمع بين وضوء الجبيرة و التيمم و كذلك الحال مع استيعاب الجبيرة تمام الاعضاء (1).

______________________________

بدلية الجبيرة فتصل النوبة الي التيمم.

لكن لا يخفي أن هذا التقريب انما يتم بالنسبة الي صورة الضرر علي مسلك المشهور القائلين برافعية دليل القاعدة و أما علي ما سلكناه فغير تام الا أن يكون مصداقا للحرج و الا يجب تحمل الضرر حيث ان حرمة الاضرار مختصة بالاضرار بالغير و لا يكون الاضرار بالنفس حراما فانه بلا دليل الا في

بعض الموارد.

(1) أما في الصورة الاخيرة و هي صورة استيعاب الجبيرة جميع الاعضاء فاستفادة شمول حكم الجبيرة لها محل اشكال فان حمل ما ورد في النصوص علي المثال- كما عن الشيخ الانصاري- لا دليل عليه كما أن ادعاء العلم بالمساواة بلا وجه.

و أما صورة استيعاب الجبيرة لعضو واحد فالظاهر أنه لا وجه لما أفاده في المتن اذ مقتضي اطلاق حديث ابن الحجاج شمول الحكم للصورة المذكورة.

و أما علي تقدير عدم الشمول فيتعين التيمم فيما تكون في الرجلين من باب عدم شمول الدليل فتصل النوبة الي التيمم اذ المفروض أنه لا محذور فيه.

و أما ان كانت في الوجه او اليدين فبمقتضي العلم الإجمالي بوجوب أحد الامرين يلزم الجمع بينهما.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 450

و أما الجبيرة النجسة التي لا تصلح أن يمسح عليها فان كانت بمقدار الجرح أجزأه غسل أطرافه و يضع خرقة طاهرة علي الجبيرة و يمسح عليها علي الاحوط (1).

______________________________

لكن لقائل أن يقول: انه مع عدم شمول دليل الجبيرة للمقام تصل النوبة الي التيمم بلا اشكال فلا مورد للعلم الإجمالي المذكور الا أن يقال: بأن شمول دليل التيمم أيضا محل الاشكال فتصل النوبة الي العلم الإجمالي.

(1) هذا فيما تعد الخرقة الموضوعة علي الجبيرة جزءا منها و الظاهر أنه لا وجه للترديد و الاحتياط في مفروض الكلام فان المستفاد من الادلة بدلية المسح علي الجبيرة عن الغسل و المفروض امكان الاتيان بالبدل.

و ان شئت فقل: ان الوظيفة المقررة في صورة وجود الجبيرة المسح عليها و المفروض وجودها و عدم صلاحيتها للمسح عليها و صدق الخرقة الموضوعة عليها جزءا منها فلاحظ.

نعم اذا لم يمكن وضع الخرقة بحيث تعد جزءا فالاحوط الجمع بين غسل الاطراف و المسح

علي الخرقة الموضوعة و التيمم.

و ملخص الكلام: أن وضع الخرقة المعدة جزءا يمكن أن يكون مقدمة للواجب فيجب.

و الذي يختلج بالبال: أن الماتن ناظر الي أن المستفاد من بعض النصوص كفاية غسل ما حول الجرح المكشوف و حيث ان الجبيرة لنجاستها غير قابلة للمسح عليها فتكون وجودها كالعدم فيكفي غسل ما حولها.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 451

و ان كانت أزيد من مقدار الجرح و لم يمكن رفعها و غسل ما حول الجرح تعين التيمم علي الاظهر اذا لم تكن الجبيرة في مواضع التيمم (1).

و الا جمع بين الوضوء و التيمم (2).

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون الفارق في نظر الماتن بين الصورتين أنه لو لم تكن الجبيرة أزيد من مقدار الجرح يكفي غسل ما حوله و المفروض حصوله و لذا احتاط بوضع الخرقة الطاهرة و المسح عليها و أما في صورة كونها أزيد حيث لا دليل علي كفاية غسل الاطراف و لا دليل علي كفاية مسح الخرقة الموضوعة تصل النوبة الي التيمم.

و لكن الظاهر: أن الميزان- كما ذكرنا- كون الخرقة الموضوعة معدودة منها و عدمه فعلي الاول يلزم وضعها و المسح عليها و علي الثاني يتعين التيمم اذ المفروض أن دليل الجبيرة لا يشملها فتصل النوبة الي البدل و هو التيمم.

(2) لا يبعد أن يكون الوجه في التفريق بين كون الجبيرة في مواضع التيمم و عدمه أنه لو لم تكن في مواضعه وصلت النوبة الي التيمم بناء علي نظر الماتن حيث يري عدم شمول دليل الجبيرة للصورة المذكورة بلا اشكال و أما لو كانت في مواضعه فالامر يدور بين وجوب المسح علي الجبيرة و التيمم و مقتضي العلم الإجمالي الاتيان بأطرافه.

و بعبارة اخري: نعلم بأن الصلاة

واجبة بلا اشكال و لا صلاة الا بطهور و شرط كل من الطهارة المائية و الترابية مفقود لوجود الجبيرة في المحل.

و لكن لم يظهر لي وجه التفصيل بين الصورتين بالجزم بوجوب التيمم في إحداهما و الاحتياط في الاخري فانه قد صرح في فصل التيمم بأنه اذا كان علي

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 452

[مسألة 74: يجري حكم الجبيرة في الأغسال غير غسل الميت]

(مسألة 74): يجري حكم الجبيرة في الاغسال (1) غير غسل الميت (2). كما كان يجري في الوضوء، و لكنه يختلف عنه بأن المانع عن الغسل اذا كان قرحا أو جرحا تخير المكلف بين الغسل و التيمم (3) و اذ اختار الغسل فالاحوط أن يضع خرقة علي موضع القرح او الجرح و يمسح عليها (4).

______________________________

الممسوح حائل لا تمكن ازالته مسح عليه و عليه لا بد من تعينه حيث يري عدم شمول دليل مسح الجبيرة للمورد فتصل النوبة الي البدل و اللّه العالم.

(1) نقل عليه الاجماع عن المنتهي و غيره و يدل عليه ما رواه ابن الحجاج «1» و مثله العلوي «2».

(2) لقصور الادلة عن الشمول و المستفاد من جملة من النصوص أنه مع تعذر الغسل تصل النوبة الي التيمم و تفصيل الكلام موكول الي ذلك الباب فانتظر.

(3) لا يبعد أن يكون ناظرا فيما أفاده من التخيير الي ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يكون به القرح و الجراحة يجنب قال: لا بأس بأن لا يغتسل يتيمم «3» فان المستفاد منه كون المكلف مخيرا بين الغسل و التيمم اذا كان به جرح أو قرح فلاحظ.

و الانصاف: أنه لا بأس بهذا البيان.

(4) فان الاحتياط طريق النجاة و اللّه يحب المتقين.

______________________________

(1) لاحظ ص: 445.

(2) لاحظ ص 444.

(3) الوسائل الباب

5 من أبواب التيمم الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 453

و ان كان الاظهر جواز الاجتزاء بغسل أطرافه (1) و أما اذا كان المانع كسرا فان كان محل الكسر مجبورا تعين عليه الاغتسال مع المسح علي الجبيرة (2) و أما اذا كان المحل مكشوفا.

______________________________

و لا يخفي ان هذا فيما يكون الجرح مكشوفا كما لعله الظاهر من العبارة و أما اذا كان مستورا فمقتضي القاعدة وجوب المسح علي الساتر كما يستفاد من رواية الحلبي «1».

لا يقال: الحكم المذكور في رواية الحلبي مخصوص بالوضوء فانه يقال:

فما الوجه في الزامه المسح علي الجبيرة اذا كان المانع كسرا و كان المحل مجبورا فالتفريق بين الموردين بلا وجه و بعبارة اخري لم يذكر في الرواية المسح علي الجبيرة بالنسبة الي الغسل و الوجه في التسرية أن المستفاد من مجموع النصوص اتحاد الحكم فيهما و اللّه العالم.

(1) لعدم الدليل علي وجوب وضع الخرقة و المسح عليها.

(2) لم أظفر علي دليل معتبر عليه أما حديث ابن الحجاج «2» فلا تعرض فيه للمسح علي الجبيرة و أما حديث الحلبي «3» فالمذكور فيه الوضوء و بيان بعض احكامه و أما حديث الاسدي «4» فضعيف به اذ هو لم يوثق و أما حديث العياشي «5» فضعيف بحسن بن زيد فالحكم مبني علي الاحتياط.

______________________________

(1) لاحظ ص: 443.

(2) لاحظ ص 445.

(3) لاحظ ص 443.

(4) لاحظ ص: 444.

(5) لاحظ ص: 444.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 454

أو لم يتمكن من المسح علي الجبيرة تعين عليه التيمم (1).

[مسألة 75: لو كانت الجبيرة علي العضو الماسح مسح ببلتها]

(مسألة 75): لو كانت الجبيرة علي العضو الماسح مسح ببلتها (2).

[مسألة 76: الأرمد ان كان يضره استعمال الماء تيمم]

(مسألة 76): الارمد ان كان يضره استعمال الماء تيمم (3).

______________________________

الا أن يقال: ان المستفاد من مجموع النصوص اتحاد الحكم بينهما كما تقدم آنفا.

(1) اذ لا دليل علي غسل أطرافه و قد مر أن الماتن لا يري وجوب وضع الخرقة علي الجبيرة و المسح عليها فمع كون المحل مكشوفا أولا يمكن المسح عليها لنجاستها مثلا يتعين التيمم.

لكن قد مر أن وضع الخرقة بحيث تعد جزءا منها شرط للواجب فيجب نعم اذا لم تعد جزءا منها أمكن القول بتعين التيمم لعدم دليل علي مسح الجبيرة في مفروض الكلام كما أنه لو كان المحل مكشوفا كان التيمم متعينا لعدم الدليل علي كفاية غسل ما حوله و المسح علي الجبيرة يتوقف علي وجودها.

و بعبارة اخري: موضوع المسح علي الجبيرة وجودها فهي شرط للوجوب و لا دليل علي أزيد من هذا المقدار.

(2) اذ المسح يلزم أن يكون ببلة ماء الوضوء كما تقدم.

(3) و الوجه فيه ظاهر اذ المفروض أن الماء يضره فتصل النوبة الي التكليف العذري و هو التيمم.

و لا يخفي أن هذا انما يتم علي تقدير حرمة الاضرار أو نلتزم بمقالة المشهور في قاعدة الضرر حيث لا يجب الوضوء بلا كلام اللهم الا أن يكون حرجيا فيرتفع الوجوب بالحرج فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 455

و ان أمكن غسل ما حول العين فالاحوط استحبابا له الجمع بين الوضوء و التيمم (1).

[مسألة 77: اذا برئ ذو الجبيرة في ضيق الوقت أجزأ وضوئه]

(مسألة 77): اذا برئ ذو الجبيرة في ضيق الوقت أجزأ وضوئه سواء برئ في أثناء الوضوء أم بعده قبل الصلاة أم في أثنائها أم بعدها (2) و لا تجب عليه اعادته لغير ذات الوقت اذا كانت موسعة كالصلوات الآتية (3).

______________________________

(1) الوجه في عدم الجزم أن دليل غسل ما حول

الجرح لا يشمل المقام فان الرمد ليس جرحا بل عبارة عن هيجان العين فلا وجه للتعدي لكن الاحتياط حسن علي كل حال.

(2) و الوجه فيه ظاهر اذ في الصور المفروضة يتعين الوضوء بهذا النحو فلا وجه للفساد.

و بعبارة اخري: يكون الاجزاء علي القاعدة فان المأمور به قد أتي به و الاجزاء عقلي.

(3) قد وقع الكلام بينهم في أن الوضوء مع الجبيرة رافع للحدث أم مبيح؟

و قد أفتي السيد اليزدي في العروة بالاول و قد أمضاه جملة من المحشين منهم الماتن كما اختاره هنا.

و الظاهر أن الامر كذلك اذ المستفاد من نصوص الباب أن الوضوء مع الجبيرة مع تحقق موضوعه هو الوضوء التام في ظرفه فالاثر المترتب علي الاصل يترتب علي بدله.

و نقل عن جملة من الاساطين الذهاب الي خلاف هذا القول فانه نقل

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 456

أما لو برئ في السعة فالاحوط وجوبا- ان لم يكن أقوي- الاعادة في جميع الصور المتقدمة (1).

______________________________

الخلاف عن المبسوط، و المعتبر، و الايضاح، و شرح المفاتيح و أنه مبيح بدعوي قصور النصوص عن اثبات الرافعية.

و قد قرب سيد المستمسك كونه رافعا ناقصا فانه يتصور ثبوتا كونه رافعا تاما و رافعا ناقصا، و مبيحا بتقريب: أن الجمع بين أدلة الحكم الاختياري و أدلة الحكم الاضطراري يقتضي بدلية الناقص عن التام مع بقاء الملاك التام فلا يكون الاضطرار كالسفر و الحضر و لذا لا يجوز للمكلف ايقاع نفسه في العذر هذا ملخص كلامه.

و لكن يرد عليه: أولا: أنه أمضي ما أفاده سيد العروة فكيف الجمع بين ما أفاده في المقام و بين امضائه فتوي صاحب العروة.

و ثانيا: أن ما أفاده و ان كان أمرا ممكنا ثبوتا لكنه خلاف الدليل الموجود

في المقام فان المستفاد- كما تقدم- أن الوضوء مع الجبيرة بعينه هو الوضوء التام و يترتب عليه ما يترتب علي العمل الاختياري و لذا أفتوا بأنه لا فرق بين حدوث الجرح أو الكسر بلا اختيار و معه عصيانا في أن الواجب الوضوء مع الجبيرة و الوجه فيه كون العمل الناقص قائما مقام التام في حال العذر فلاحظ.

(1) و الوجه فيه: أن البدار عند الاضطرار لا يجوز الا بلحاظ الاصل أي الاستصحاب الاستقبالي فيكون مقتضاه حكما ظاهريا و الحكم الظاهري لا يجزئ كما هو المقرر في محله.

و الحاصل: أن المستفاد من دليل الاضطرار ترتب الحكم عند حصوله

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 457

[مسألة 78: اذا كان في عضو واحد جبائر متعددة يجب الغسل أو المسح في فواصلها]

(مسألة 78): اذا كان في عضو واحد جبائر متعددة يجب الغسل أو المسح في فواصلها (1).

[مسألة 79: اذا كان بعض الأطراف الصحيح تحت الجبيرة]

(مسألة 79): اذا كان بعض الأطراف الصحيح تحت الجبيرة فان كان بالمقدار المتعارف مسح عليها (2).

و ان كان أزيد من المقدار المتعارف فان أمكن رفعها، رفعها و غسل المقدار الصحيح، ثم وضعها و مسح عليها (3) و ان لم يمكن ذلك وجب عليه التيمم ان لم تكن الجبيرة في مواضعه (4).

______________________________

و تحققه و من الظاهر أنه مع عدم الاستيعاب لا يكون الموضوع متحققا.

فالحق ما أفاده من أن الاعادة واجبة و اللّه العالم.

(1) فانه علي طبق القاعدة الاولية اذ المستفاد من دليل الجبيرة غسل ما ليس عليه الجبيرة و مسحها لاحظ خبر ابن الحجاج «1».

(2) لإطلاق الادلة.

(3) فان القاعدة الاولية تقتضيه كما هو ظاهر.

(4) تارة يتضرر الجرح أو الكسر برفع الجبيرة، و اخري لا يتضرر بالرفع بل يتضرر بغسل أطرافه، فعلي الاول الامر كما أفاده فانه لا وجه للمسح علي الجبيرة.

و لكن للإشكال مجال واسع فان المستفاد من حديث ابن الحجاج «2» جواز المسح علي الجبيرة و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين المتعارف و غيره و لا وجه لانصراف المطلق الي صورة التعارف و علي الثاني يتعين التيمم كما في المتن.

______________________________

(1) لاحظ ص: 445.

(2) لاحظ ص: 445.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 458

و الا جمع بين الوضوء و التيمم (1).

[مسألة 80: في الجرح المكشوف اذا أراد وضع طاهر عليه و مسحه يجب أولا أن يغسل ما يمكن من أطرافه، ثم وضعه]

(مسألة 80): في الجرح المكشوف اذا أراد وضع طاهر عليه و مسحه يجب أولا أن يغسل ما يمكن من أطرافه، ثم وضعه (2).

[مسأله 81: اذا أضر الماء بأطراف الجرح بالمقدار المتعارف يكفي المسح علي الجبيرة]

(مسأله 81): اذا أضر الماء بأطراف الجرح بالمقدار المتعارف يكفي المسح علي الجبيرة (3)، و الاحوط وجوبا ضم التيمم اذا كانت الاطراف المتضررة أزيد من المتعارف (4).

______________________________

(1) للعلم الإجمالي بوجوب أحد الامرين. و يشكل الامر كما قلنا سابقا بأن دليل التيمم ان كان قاصرا عن شمول مورد يكون علي مواضعه مانع فلا بد اما من الحكم بجواز الصلاة بلا طهارة و اما بسقوط الوجوب رأسا.

الا أن يقال: بأن الصلاة لا تسقط قطعا و الصلاة لا تتحقق الا بطهور و هذا منشأ للعلم الإجمالي بوجوب أحد الامرين المذكورين.

(2) اذ في غير هذه الصورة لا يحصل المطلوب و هو غسل أطراف الجرح كما في حديث الحلبي «1».

(3) كما يدل عليه حديث ابن الحجاج «2».

(4) الظاهر أن مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين المتعارف و غيره فلا وجه لإيجاب الاحتياط.

و لكن الانصاف أن في النفس شيئا فانه لا يبعد انصراف الدليل و جوابه عليه السلام بعد سؤال الراوي الي المتعارف الخارجي.

______________________________

(1) لاحظ ص 443.

(2) لاحظ ص 445.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 459

[مسألة 82: اذا كان الجرح أو نحوه في مكان آخر غير مواضع الوضوء]

(مسألة 82): اذا كان الجرح أو نحوه في مكان آخر غير مواضع الوضوء، لكن كان بحيث يضره استعمال الماء في مواضعه فالمتعين التيمم (1).

[مسألة 83: لا فرق في حكم الجبيرة بين أن يكون الجرح أو نحوه حدث باختياره علي وجه العصيان، أم لا]

(مسألة 83): لا فرق في حكم الجبيرة بين أن يكون الجرح أو نحوه حدث باختياره علي وجه العصيان، أم لا (2).

[مسألة 84: إذا كان ظاهر الجبيرة طاهرا لا يضره نجاسة باطنها]

(مسألة 84): اذا كان ظاهر الجبيرة طاهرا لا يضره نجاسة باطنها (3).

[مسألة 85: محل الفصد داخل في الجروح]

(مسألة 85): محل الفصد داخل في الجروح، فلو كان غسله مضرا يكفي المسح علي الوصلة التي عليه ان لم تكن ازيد من المتعارف و الا حلها و غسل المقدار الزائد ثم شدها (4) و أما اذا لم يمكن غسل المحل لا من جهة الضرر بل لأمر آخر كعدم انقطاع الدم مثلا فلا بد من التيمم و لا يجري عليه حكم الجبيرة (5).

______________________________

(1) الامر كما أفاده فان المقتضي قاصر اذ عدم شمول دليل الجبيرة للمفروض في الكلام من الواضحات.

(2) لإطلاق دليل الجبيرة فانه لآتنا في بين حرمة ايجاد الموضوع و شمول دليل الاضطرار و لذا لا اشكال في أنه لو أراق المكلف الماء و اضطر الي التيمم يشمله دليله مع عصيانه في الاراقة.

(3) اذ لا مقتضي للفساد و المنع و اطلاق الدليل يقتضي الصحة.

(4) اذ هو من أفراد الجرح فيشمله اطلاق الدليل.

(5) لعدم الدليل و لا يستفاد من الادلة ازيد من هذا المقدار.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 460

[مسألة 86: اذا كان ما علي الجرح من الجبيرة مغصوبا]

(مسألة 86): اذا كان ما علي الجرح من الجبيرة مغصوبا لا يجوز المسح عليه بل يجب رفعه و تبديله (1).

و ان كان ظاهره مباحا و باطنه مغصوبا فان لم يعد مسح الظاهر تصرفا فيه فلا يضر و الا بطل (2).

[مسألة 87: لا يشترط في الجبيرة أن تكون مما تصح الصلاة فيه]

(مسألة 87): لا يشترط في الجبيرة أن تكون مما تصح الصلاة فيه فلو كانت حريرا أو ذهبا أو جزء حيوان غير مأكول لم يضر بوضوئه فالذي يضر هو نجاسة ظاهرها أو غصبيتها (3).

[مسألة 88: ما دام خوف الضرر باقيا يجري حكم الجبيرة]

(مسألة 88): ما دام خوف الضرر باقيا يجري حكم الجبيرة و ان احتمل البرء (4) و اذا ظن البرء و زال الخوف وجب رفعها (5).

[مسألة 89: اذا أمكن رفع الجبيرة و غسل المحل لكن كان موجبا لفوات الوقت]

(مسألة 89): اذا أمكن رفع الجبيرة و غسل المحل لكن

______________________________

(1) اذ لا يمكن أن يكون الحرام مصداقا للعبادة فلا بد من التبديل.

(2) اذ مع عدم التصرف في المغصوب لا وجه للبطلان و أما معه فالبطلان علي القاعدة كما ذكرنا.

(3) لعدم وجه للإشكال و مقتضي الاطلاق هو الجواز.

(4) فانه مقتضي الاصل و كون الخوف طريقا الي بقاء الضرر و يؤيده حديث كليب «1».

(5) لا يبعد أن يكون المراد حصول الظن الاطميناني بعدم الضرر اذ مع عدم الخوف كيف يتحقق الظن الا مع الاطمينان بالبرء و الا يشكل وجوب الرفع مع احتمال بقاء الضرر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 444.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 461

كان موجبا لفوات الوقت فالاظهر العدول الي التيمم (1).

[مسألة 90: الدواء الموضوع علي الجرح و نحوه اذا اختلط مع الدم و صار كالشي ء الواحد و لم يمكن رفعه بعد البرء]

(مسألة 90): الدواء الموضوع علي الجرح و نحوه اذا اختلط مع الدم و صار كالشي ء الواحد و لم يمكن رفعه بعد البرء بان كان مستلزما لجرح المحل، و خروج الدم فلا يجري عليه حكم الجبيرة بل تنتقل الوظيفة الي التيمم (2).

[مسألة 91: اذا كان العضو صحيحا لكن كان نجسا و لم يمكن تطهيره]

(مسألة 91): اذا كان العضو صحيحا لكن كان نجسا و لم يمكن تطهيره لا يجري عليه حكم الجرح بل يتعين التيمم (3).

[مسألة 92: لا يلزم تخفيف ما علي الجرح من الجبيرة ان كانت علي المتعارف]

(مسألة 92) لا يلزم تخفيف ما علي الجرح من الجبيرة ان كانت علي المتعارف (4).

كما أنه لا يجوز وضع شي ء آخر عليها مع عدم الحاجة الا ان يحسب جزءا منها بعد الوضع (5).

______________________________

(1) الامر كما افاده اذ دليل الجبيرة لا يشمل محل الكلام فان المفروض برء المحل و عدم تضرره بالماء فلا وجه للجبيرة.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 1، ص: 461

(2) لخروجه عن موضوع حكم الجبيرة كما يظهر بالتأمل.

(3) فانه ظاهر اذ المفروض أنه ليس جرحا و لا كسرا و بانتفاء الموضوع ينتفي الحكم كما هو المقرر.

(4) اذ حكم الجبيرة مترتب علي المتعارف الخارجي و لا مقتضي للزوم التخفيف و ان شئت قلت: مقتضي الاطلاق عدم الوجوب.

(5) فانه مع عده جزءا منها يكون من أجزاء الموضوع و أما مع عدم العد

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 462

[مسألة 93: الوضوء مع الجبيرة رافع للحدث و كذلك الغسل]

(مسألة 93): الوضوء مع الجبيرة رافع للحدث و كذلك الغسل (1).

______________________________

يكون شيئا أجنبيا و لا دليل علي كفاية المسح عليه فلاحظ.

(1) فانه مقتضي ظاهر أدلتها اذ الظاهر من الادلة أن الوضوء بهذا النحو قائم مقام الوضوء الاصلي و لا وجه للقول بأنه رافع موقت- كما في كلام سيد المستمسك- و لا منافاة بين كونه رافعا علي الاطلاق و بين عدم جواز ادخال المكلف نفسه في الموضوع.

و بعبارة اخري: يمكن أن يقال بأن العمل الاضطراري ليس كالاختياري بالوفاء بتمام المقصود و لذا لا يجوز للمكلف ادخال نفسه في الاضطرار و ليس الاضطرار و الاختيار كالسفر و الحضر بحيث يكون كل منهما موضوعا علي حدة و يكون جائزا للمكلف اختيار أي منهما و لكن

مع ذلك كله لا منافاة بينه و بين كون الوضوء ناقصا و رافعا للحدث اذ من الممكن عدم امكان تحصيل الملاك ما دام الفعل الاضطراري باقيا.

الا أن يقال: بأن مقتضي القاعدة وجوب نقضه و تحصيل الطهارة التامة بالاتيان بالفعل الاختياري.

نعم يمكن أن يقال: بأنه لا دليل علي أن كل فعل اضطراري قائم مقام الاختياري لا يكون وافيا بتمام الغرض فانه من الممكن عدم الفرق بينهما من حيث الاثر غاية الامر الفعل الاضطراري لا يكون مؤثرا الا في ظرفه و هو الاضطرار فلا مانع من الالتزام بكونه رافعا علي الاطلاق و يترتب عليه أنه لا يجب التجديد للصلوات الآتية و غيرها مما هو مشروط بالطهارة.

و صفوة القول: ان المستفاد من أدلة الجبيرة كونها في عرض الوضوء من

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 463

[مسألة 94: يجوز لصاحب الجبيرة الصلاة في أول الوقت برجاء استمرار العذر]

(مسألة 94): يجوز لصاحب الجبيرة الصلاة في أول الوقت برجاء استمرار العذر (1) فاذا انكشف ارتفاعه في الوقت أعاد الوضوء و الصلاة (2).

[مسألة 95: اذا اعتقد الضرر في غسل البشرة لاعتقاده الكسر مثلا فعمل بالجبيرة ثم تبين عدم الكسر في الواقع]

(مسألة 95): اذا اعتقد الضرر في غسل البشرة لاعتقاده الكسر مثلا فعمل بالجبيرة ثم تبين عدم الكسر في الواقع لم يصح الوضوء و لا الغسل (3) و أما اذا تحقق الكسر فجبره، و اعتقد الضرر فغسله فمسح علي الجبيرة ثم تبين عدم الضرر فالظاهر صحة وضوئه و غسله (4 و اذا اعتقد عدم الضرر فغسل، ثم تبين أنه كان مضرا و كان وظيفته الجبيرة صح وضوئه و غسله (5) الا اذا كان الضرر ضررا كان تحمله

______________________________

حيث الاثر فلا وجه لرفع اليد عنها لكن لازم هذا القول جواز ادخال المكلف نفسه في ذوي الجبائر اذ بناء علي ذكرنا يكون المقام من اختلاف الحكم باختلاف الموضوع كالحاضر و المسافر في باب الصلاة فلاحظ.

(1) للاستصحاب الاستقبالي.

(2) لعدم دليل علي الاجزاء فتجب الاعادة.

(3) لعدم دليل علي الصحة و مقتضي القاعدة الفساد لعدم تحقق الموضوع.

(4) الذي يستفاد من رواية الحلبي «1» أن الموضوع لجواز الجبيرة الضرر الواقعي و عليه يشكل ما افاده فان اعتقاد الضرر طريق الي احراز الواقع و ليس له موضوعية.

(5) اذ المفروض أن الوضوء اتي به بعنوان القربة و من الظاهر أن جواز

______________________________

(1) لاحظ ص: 443.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 464

حراما شرعا (1).

و كذلك يصحان لو اعتقد الضرر، و لكن ترك الجبيرة و توضأ أو اغتسل، ثم تبين عدم الضرر و ان وظيفته غسل البشرة و لكن الصحة في هذه الصورة تتوقف علي امكان قصد القربة (2).

[مسألة 96: في كل مورد يشك في أن وظيفته الوضوء الجبيري أو التيمم الاحوط وجوبا الجمع بينهما]

(مسألة 96): في كل مورد يشك في أن وظيفته الوضوء الجبيري أو التيمم الاحوط وجوبا الجمع بينهما (3).

______________________________

الجبيرة ارفاق علي المكلف و الا فالغسل محبوب للمولي فلا قصور في حصول الامتثال.

(1) الظاهر أنه لا وجه لهذا الاستثناء اذ مع اعتقاد

عدم الضرر لا يعقل تعلق النهي بالغسل فانه ليس في مثله قابلية الزجر لمكان القطع و الاعتقاد.

الا أن يقال: بأن المبغوضية أعم من النهي اي يمكن ان يكون فعل مبغوضا و لا يكون منهيا عنه و المانع عن الصحة هي المبغوضية.

لكن يرد عليه أولا: أن الماتن فصل في الوضوء بالماء المغصوب بين صورة الجهل بالغصبية و الغفلة عنها فحكم بالفساد في الاولي و بالصحة في الثانية.

و ثانيا: أن الجزم بالمحبوبية و المبغوضية في الموضوعات الشرعية و متعلقات أوامر الشارع و نواهيها في غاية الاشكال و الذي لا يقبل الانكار الامر و النهي و هما المدار فلاحظ.

(2) اذ لا قصور في الفعل و يكون قابلا للتقرب به من اللّه و المفروض أنه قصد القربة فلا وجه للفساد.

(3) للعلم الإجمالي، لكن لقائل أن يقول: بأن الشبهة اما موضوعية و اما

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 465

[الفصل الثالث في شرائط الوضوء]
اشارة

الفصل الثالث في شرائط الوضوء

[منها: طهارة الماء]

منها: طهارة الماء (1).

______________________________

حكمية أما في الشبهة الموضوعية فيمكن احراز الموضوع بالاصل فلا يبقي مجال للاحتياط.

و أما في الشبهة الحكمية فاما تكون الشبهة قبل الفحص و اما تكون بعده أما الشبهة بعد الفحص فأيضا لا مجال للاحتياط اذ الادلة اما تفي بوجوب الجبيرة و اما لا تفي أما علي الاول فيجب الوضوء الجبيري و أما علي الثاني فيجب التيمم و أما الشبهة قبل الفحص فالمورد مورد الاحتياط بالجمع بين الاطراف.

(1) هذا من الواضحات و ادعي عليه الاجماع بل يمكن أن يقال: انه ضروري في الجملة و تدل عليه جملة من النصوص و لا يبعد أن يقال: بأنها متواترة: منها:

ما رواه حريز «1» و منها ما رواه أبو خالد القماط «2» و منها ما رواه أبو بصير «3» و منها ما رواه علي بن جعفر «4» و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان «5» و منها ما رواه سماعة «6».

و منها ما رواه سماعة أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل معه اناء ان

______________________________

(1) لاحظ ص 143.

(2) لاحظ ص: 147.

(3) لاحظ ص: 147.

(4) لاحظ ص: 139.

(5) لاحظ في ص: 146.

(6) لاحظ ص 146.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 466

و اطلاقه (1) و اباحته (2).

______________________________

وقع في أحدهما قذر و لا يدري أيهما هو، و ليس يقدر علي ماء غيرهما قال:

يهريقهما و يتيمم «1» الي غيرها من الروايات الواردة في الابواب المختلفة.

(1) قد مر في بحث المضاف أن الماء المضاف لا يرفع حدثا و لا خبثا فراجع.

(2) قال سيد المستمسك قدس سره: «قد استفاض نقل الاجماع علي اعتبار اباحة ماء الوضوء في الجملة».

و هذا أمر علي القاعدة اذ بعد فرض كون

التصرف في الماء حراما كيف يمكن أن يقع مصداقا للعبادة.

ثم انه لا يخفي: أن فساد الوضوء بالماء المغصوب غير متبن علي مسألة جواز اجتماع الامر و النهي و استحالته، و نسب الي الكليني: جواز التوضؤ بالماء المغصوب و لعل وجه الجواز في نظره، جواز اجتماع الامر و النهي.

و الوجه في عدم الابتناء: أن مسألة الاجتماع تتحقق فيما يكون عنوانان تعلق الامر بأحدهما و النهي بالاخر كالغصب و الصلاة فيقع الكلام في أن العنوانين موجود ان بوجود واحد حقيقة كي يكون متعلق الوجوب و الحرمة أمرا واحدا أو أن متعلق أحدهما غير متعلق الاخر.

و بعبارة اخري: أنه موجود واحد بالاشارة و لكن في الحقيقة أمران قد انضم أحدهما الي الاخر.

و ان شئت فعبر بأن النزاع في أن التركيب اتحادي أو انضمامي فلا يجوز علي الاول و يجوز علي الثاني و أما في المقام فالامر متعلق بالغسل، و الغسل

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 467

و عدم استعماله في التطهير من الخبث، بل و لا في رفع الحدث الاكبر علي الاحوط استحبابا علي ما تقدم (1) و منها طهارة أعضاء الوضوء (2).

______________________________

بعينه متعلق للنهي لكونه غصبا.

و بتعبير آخر: لا اشكال في أن ما تعلق به النهي عين ما تعلق به الامر فلا يمكن الالتزام بكونه حراما و مقربا مصداقا للمأمور به.

و لا يبعد أن يقال: بأن مقتضي الفهم العرفي في أمثال المقام تقديم النهي و تقييد دليل الامر به بأن يقال: ان النهي حيث انه انحلالي يقتضي حرمة كل تصرف و منه الغسل و بعد تعلق النهي بالفرد تقيد طبيعة المأمور به بغيره بلا فرق بين كون الماء منحصرا به

و عدمه فلاحظ.

(1) و قد تقدم الكلام في الماء المستعمل مفصلا فراجع.

(2) اعتبار الطهارة في مواضع الوضوء و ان نسب الي المشهور الا أنه لم ينص عليه في الروايات و من هنا وقع الكلام في مدرك الحكم.

و ما يمكن أن يستدل به أو استدل وجوه.

الاول: أنه يستفاد مما ورد في غسل الجنابة من لزوم غسل الفرج أولا ثم الشروع في الاغتسال و هي عدة روايات.

منها ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن غسل الجنابة فقال: تبدأ بكفيك فتغسلهما ثم تغسل فرجك الحديث «1».

و منها ما رواه زرارة قال: قلت: كيف يغتسل الجنب؟ فقال: ان لم يكن

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب الجنابة الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 468

______________________________

أصاب كفه شي ء غمسها في الماء ثم بدأ بفرجه فأنقاه بثلاث غرف الحديث «1» بأن يقال: لا وجه لغسل الفرج الا اشتراط الطهارة في المحل و لا فرق بين الغسل و الوضوء.

و فيه: أولا: أنه في الغسل محل الكلام فكيف بالمقام.

و ثانيا: القياس باطل فلا وجه لإسراء الحكم الي مقامنا.

الثاني أن الماء بملاقاته للمحل ينفعل «2» و قد مر اشتراط الطهارة في ماء الوضوء.

و فيه: أن هذا الدليل أخص من المدعي و لا يمكن أن يكون وجها له علي نحو الاطلاق اذ لو توضأ بالماء العاصم كماء المطر أو ارتمس في الكر لم يتم الدليل.

و أيضا لو توضأ بالماء القليل لكان القول باعتبار طهارة المحل متوقفا علي نجاسة الغسالة بمجرد الملاقاة مع المتنجس اذ لو قلنا بعدم انفعال القليل بالملاقاة أو قلنا بطهارة الغسالة علي الاطلاق أو بطهارتها في الغسلة المطهرة أو بنجاستها بعد الانفصال لم يكن وجه للاشتراط من هذه الناحية

غلي نحو الاطلاق بل لا بد من التفصيل فهذا الوجه كما تقدم ليس مقتضيا للقول بالاشتراط مطلقا و كما ذكرنا انه أخص من المدعي.

الثالث: أن اصالة عدم التداخل تقتضي هذا الاشتراط فانه يجب الغسل لأجل الوضوء كما أنه يجب غسل المحل النجس فلا بد من غسله أولا لتحصيل الطهارة ثم غسله لأجل الوضوء و أما رفع كلا الامرين بغسل واحد فهو علي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2.

(2) نفس المصدر الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 469

______________________________

خلاف قاعدة عدم التداخل.

و هذا الوجه أيضا غير تام اذ مسألة التداخل تتصور فيما يكون أمران مولويان من قبل المولي كما في كفارتي الافطار في شهر رمضان و الحنث مثلا فيقع الكلام في أنه هل يمكن امتثال كلا التكليفين بفعل واحد و يجوز الالتزام بالتداخل أم لا؟

و أما في المقام و أمثاله من كون أحد الامرين ارشاديا فلا مجال لهذا النزاع فان المستفاد من الامر بالغسل نجاسة ما امر بغسله.

و بعبارة اخري: ان المولي يرشد الي النجاسة و الي أن الغسل يرفعها و هذا لا يرتبط بفعل المكلف بل الغسل بأي نحو كان يوجد يترتب عليه الطهارة فاذا غسل المكلف أعضاء الوضوء لأجله يحصل الامتثال و يطهر المحل لأجل تحقق الغسل و اشتراط طهارة المحل قبل الوضوء يحتاج الي الدليل.

اضف الي ذلك: انه اذ اقصد الغسل الوضوئي فباي دليل لا يحصل الامتثال اذ غاية ما في الباب بقاء النجاسة علي المحل فان الاشتراط يحتاج الي دليل و هذا الدليل غير كاف لإثباته.

الرابع: ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ألا احكي لكم وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقلنا بلي فدعا بقعب فيه شي ء من ماء فوضعه

بين يديه ثم حسر عن ذراعيه ثم غمس فيه كفه اليمني ثم قال: هكذا اذا كانت الكف طاهرة «1».

فان المستفاد من هذه الرواية كما ذكرناه في بحث الماء المستعمل في الخبث أنه لا يجوز الوضوء به اذ يفهم منها: أن اليد اذا لم تكن طاهرة لم يكن الوضوء

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 470

[و منها: اباحة الفضاء الذي يقع فيه الغسل]
اشارة

و منها: اباحة الفضاء الذي يقع فيه الغسل علي الاحوط وجوبا (1).

و الاظهر عدم اعتبار اباحة الاناء الذي يتوضأ منه مع عدم الانحصار به (2).

______________________________

صحيحا و لذا نلتزم بعدم الجواز و لو مع عدم الالتزام بنجاسة الغسالة.

و الظاهر أن هذا الاستدلال متين الا أن يقال: بأن المستفاد من الرواية أن الوضوء لا يجوز بماء الغسالة بأن يصدق عليه ماء الغسالة و يقع عنوان التوضي منه بعد صدق العنوان.

و بعبارة اخري: يكون بين الامرين ترتب زماني و أما في المقام يكون تحقق العنوانين بنحو التقارن فلا تكون الرواية دليلا علي حكم المقام.

(1) الوجه في هذا الاشتراط أن الفضاء اذا كان غصبا يكون الغسل المأمور به تصرفا فيه لان الغسل عبارة عن امرار الماء علي العضو و يمكن أن يكون الوجه في عدم جزم الماتن أن هذا النحو من التصرف لا يعد تصرفا في الغصب في نظر العرف.

و لا أنسي أن سيدنا الاستاد كان يقول: بأنه لو نفخ أحد في فضاء دار غيره هل يمكن أن يقال: بأنه فعل محرما؟.

و يمكن أن يكون الوجه في عدم الجزم أن المأمور به وصول الماء الي المحل و امرار اليد مقدمة له و حرمة المقدمة لا تسري الي ذيها و هذا الوجه يشكل اذ الغسل مأمور به و هو

لا يتحقق الا بالإمرار فتأمل.

و يمكن أن يكون الوجه فيه: أن في المقام قولا بالاشتراط.

(2) و الوجه فيه: أنه لا يرتبط متعلق النهي بما تعلق به الامر و ليس للمكلف محذور من الامتثال مع فرض عدم الانحصار فانه بسوء اختياره اختار الطريقة

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 471

بل مع الانحصار أيضا (1) و ان كانت الوظيفة مع الانحصار التيمم (2) لكن لو خالف و توضأ بماء مباح من اناء مغصوب اثم (3).

و صح وضوؤه (4).

______________________________

المحرمة.

و الحاصل: أنه لا وجه للبطلان و لا يصغي الي أن الوضوء من الاناء بهذا النحو استعمال للغصب اذ لا اشكال في أن الغسل الوضوئي بعد الاغتراف ليس تصرفا في الاناء.

(1) اذ لو عصي و اغترف من الاناء المغصوب لم يكن مانع من صحة وضوئه.

ان قلت: مع الانحصار لا يمكن توجيه التكليف الي المكلف و مع عدم التكليف كيف يمكن الحكم بالصحة و من أين يحرز الملاك.

قلت: أولا: لا ريب في كون الوضوء في هذا الحال واجد للملاك و عدم التكليف لأجل المانع و لذا لا يجوز لأحد اراقة الماء و الاتيان بالتيمم.

و ثانيا: لا نري مانعا من توجه التكليف الترتبي فان العاصي الذي يغترف الماء من الاناء تدريجا لا مانع من توجه التكليف بالوضوء اليه و لو بنحو الشرط المتأخر و بعبارة اخري العاصي الذي يأخذ الماء غرفة غرفة بالعصيان يطلب منه الطهارة المائية اذ اللازم القدرة علي الاتيان و يكفي في القدرة التدريجية منها و المفروض حصولها.

(2) و الوجه فيه: أن الوضوء غير مقدور للمكلف فان عدم القدرة شرعا كعدمها عقلا فتصل النوبة الي التيمم.

(3) اذ المفروض انه تصرف غصبي فيكون حراما و مرتكبه آثما.

(4) كما مر آنفا.

مباني منهاج الصالحين،

ج 1، ص: 472

من دون فرق بين الاغتراف منه دفعة أو تدريجا و الصب منه (1) نعم لا يصح الوضوء في الاناء المغصوب اذا كان بنحو الارتماس فيه (2) كما أن الاظهر ان حكم المصب اذا كان وضع الماء علي العضو مقدمة للوصول اليه، حكم الاناء مع الانحصار و عدمه (3).

[مسألة 97: يكفي طهارة كل عضو حين غسله]

(مسألة 97): يكفي طهارة كل عضو حين غسله و لا يلزم أن تكون جميع الاعضاء قبل الشروع طاهرة (4) فلو كانت نجسة و غسل

______________________________

(1) لاشتراك الجميع في حصول القدرة علي الامتثال و انما الاثم في المقدمة نعم لو اغترف دفعة يتعين عليه الوضوء و ليس له اختيار التيمم و أما مع التدريج فله أن ينصرف و يختار التيمم.

(2) بدعوي: أن الارتماس يوجب تموج الماء و تموج الماء علي السطح الداخل تصرف في المغصوب فيكون مصداق الحرام مصداقا للغسل الواجب و لا يمكن اجتماع الحرام و الواجب.

و لقائل أن يقول: بأن الارتماس سبب للتموج و حرمة المسبب لا تسري الي السبب.

و ان شئت قلت: المبغوض تموج الماء علي السطح الداخل و التموج ليس عين الغسل بل مسبب اللهم الا أن يقال: بان الارتماس في الاناء مع حصول التموج يعد تصرفا فيه عرفا و التصرف في الاناء حرام.

(3) لعين الملاك فلاحظ.

(4) لعدم الدليل عليه.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 473

كل عضو بعد تطهيره أو طهره بغسل الوضوء كفي (1) و لا يضر تنجس عضو بعد غسله و ان لم يتم الوضوء (2).

[مسألة 98: اذا توضأ من اناء الذهب أو الفضة بالاغتراف منه دفعة أو تدريجا أو بالصب منه]

(مسألة 98): اذا توضأ من اناء الذهب أو الفضة بالاغتراف منه دفعة أو تدريجا أو بالصب منه فصحة الوضوء لا تخلو من وجه من دون فرق بين صورتي الانحصار و عدمه (3).

______________________________

(1) و ملخص الكلام: الموجب للبطلان نجاسة ماء الوضوء و مع التحفظ علي هذا الامر لا يبقي اشكال و يحصل التطهير بالغسل الوضوئي بالوضوء من الماء العاصم أو القليل بشرط أن لا ينفعل الماء بمجرد الملاقاة كما لو قلنا: بأن النجاسة لا تتحقق الا بعد انفصال الغسالة.

و لنا أن نقول: لا يبعد القول بالصحة حتي

مع انفعال الماء بالملاقاة فان الضرورة و النصوص انما تقتضي طهارة الماء قبل الاستعمال و أما الانفعال الحاصل بالاستعمال فلا و لكن الالتزام به مشكل فانه خلاف اطلاق ما دل علي عدم جواز الوضوء بالماء النجس لكن الاشكال في وجود مثل هذا الاطلاق.

(2) لعدم الدليل.

(3) المدار علي صدق اطلاق عنوان الاستعمال علي الاغتراف فعلي فرض الصدق يحرم و علي فرض عدم الصدق يصح الوضوء فلا فرق بين صورة الانحصار و عدمه لعدم صدق عنوان المحرم علي كل تقدير.

و الظاهر أن الماتن لا يري صحة صدق الاستعمال و لا يري صدق الاطلاق فمال الي الجواز و لا اشكال في صورة الجزم بعدم الصدق و صورة الشك أما علي الاول فظاهر و أما علي الثاني فلجريان الاستصحاب في الشبهة المفهومية علي ما اخترناه.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 474

و لو توضأ بالارتماس فيه فالصحة مشكلة (1) و منها: عدم المانع من استعمال الماء لمرض أو عطش يخاف منه علي نفسه او علي نفس محترمة (2).

______________________________

(1) لصدق عنوان استعمال آنية الذهب أو الفضة.

(2) فان المستفاد من جملة من النصوص وصول النوبة الي التيمم في مفروض الكلام:

منها: ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: في رجل أصابته جنابة في السفر و ليس معه الا ماء قليل و يخاف ان هو اغتسل أن يعطش، قال:

ان خاف عطشا فلا يهريق منه قطرة و ليتمم بالصعيد فان الصعيد أحب الي «1».

و منها: ما رواه محمد الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الجنب يكون معه الماء القليل فان هو اغتسل به خاف العطش، أ يغتسل به أو يتيمم؟

فقال: بل يتيمم و كذلك اذا اراد

الوضوء «2».

و منها ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون معه الماء في السفر فيخاف قلته، قال: يتيمم بالصعيد و يستبقي الماء فان اللّه عز و جل جعلهما طهورا: الماء و الصعيد «3».

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يجنب و معه من الماء قدر ما يكفيه لشربه، أ يتيمم أو يتوضأ به؟ قال: يتيمم أفضل ألا تري أنه انما جعل عليه نصف الطهور؟ «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب التيمم الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2.

(3) نفس المصدر الحديث: 3.

(4) نفس مصدر الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 475

نعم الظاهر صحة الوضوء مع المخالفة في فرض العطش (1).

______________________________

فانه يستفاد من هذه النصوص أن خوف العطش يسقط وجوب الوضوء كما انه لا يبعد أن يستفاد منها حكم صورة خوف الضرر.

و أيضا يستفاد حكم هذه الصورة من حديث يعقوب بن سالم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل لا يكون معه ماء و الماء عن يمين الطريق و يساره غلوتين أو نحو ذلك، قال: لا آمره أن يغرر بنفسه فيعرض له لص او سبع «1».

و يؤيد المدعي بل يدل عليه بعض ما ورد في الباب الخامس من أبواب التيمم من الوسائل لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يكون به القرح و الجراحة يجنب قال: لا بأس بأن لا يغتسل يتيمم «2».

(1) لا يبعد أن يكون نظر الماتن في التفريق بين الصورتين و الحكم بالصحة في الاولي الي أن المستفاد من قوله تعالي: «وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضيٰ أَوْ عَليٰ سَفَرٍ أَوْ جٰاءَ

أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغٰائِطِ أَوْ لٰامَسْتُمُ النِّسٰاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مٰاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً «3»» أن المريض وظيفته التيمم فلا يصح منه الوضوء و أما صورة خوف العطش فلا مانع من الصحة اذ لا يحرم تحمل العطش فان المقدار المعلوم جواز ترك الوضوء و الاتيان بالتيمم و أما الوجوب فلا.

لكن يرد عليه أن مقتضي جملة من النصوص خلاف ما أفاده لاحظ حديث

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب التيمم الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب التيمم الحديث: 5.

(3) المائدة: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 476

و لا سيما اذ أراق الماء علي أعلي جبهته و نوي الوضوء بعد ذلك بتحريك الماء من أعلي الوجه الي أسفله (1).

[مسألة 99: اذا توضأ في حال ضيق الوقت عن الوضوء]

(مسألة 99): اذا توضأ في حال ضيق الوقت عن الوضوء فان قصد أمر الصلاة الادائي و كان عالما بالضيق بطل (2).

و ان كان جاهلا به صح (3).

______________________________

ابن سنان «1» و محمد الحلبي 2 و سماعة 3 فان مقتضاها تعين التيمم و حمل النصوص علي مجرد الترخيص لا دليل عليه.

و القول بأن النهي الوارد في مورد توهم الوجوب أو الامر بالتيمم الوارد في مورد توهم الحظر لا يدل علي أزيد من الترخيص لا يمكن المساعدة عليه و لذا حكم الماتن في محل آخر بتعين التيمم و عدم جواز الوضوء بتقريب أن مقتضي الامر بالتيمم تعينه و وجوبه معينا عليه لا مخيرا.

و ملخص الكلام: أن المستفاد من النصوص التعين.

(1) يمكن أن يكون الوجه في الخصوصية انه بإراقة الماء علي أعلي الجبهة يتلف الماء فلا يبقي موضوع لإبقائه لرفع العطش فلا مانع من صحة الوضوء و لكن علي هذا الوجه يجب الوضوء لتحقق الوجدان و عدم المانع و اللّه العالم.

(2) اذ مع العلم

بالضيق يعلم بأنه لم يتوجه اليه تكليف بالوضوء من قبل الصلاة فيكون تشريعا محرما و لا يمكن تحقق عنوان العبادة.

(3) اذ يكفي في تحقق العبادة قابلية العمل لان يؤتي به بقصد القربة و يتحقق الإضاقة الي المولي بأي وجه كان و المفروض أن الوضوء محبوب نفسا عند

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) لاحظ ص 474.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 477

و ان قصد أمر غاية أخري- و لو كانت هي الكون علي الطهارة- صح حتي مع العلم بالضيق (1).

[مسألة 100: لا فرق في عدم صحة الوضوء بالماء المضاف أو النجس أو مع الحائل بين صورة العلم و العمد و الجهل و النسيان]

(مسألة 100) لا فرق في عدم صحة الوضوء بالماء المضاف أو النجس أو مع الحائل بين صورة العلم و العمد و الجهل و النسيان و كذلك الحال اذا كان الماء مغصوبا فانه يحكم ببطلان الوضوء به حتي مع الجهل (2).

نعم يصح الوضوء مع النسيان اذا لم يكن الناسي هو الغاصب (3).

______________________________

الماتن كما يأتي إن شاء اللّه تعالي فلو اضيف الي المولي كفي في صحته فلا تغفل.

(1) فان الامر بالشي ء لا يقتضي النهي عن الضد الخاص فلا مانع من الصحة اذ الوضوء كما ذكرنا عمل قابل للإضافة و المفروض أنه اضيف فيصح.

(2) أما بالنسبة الي المضاف و النجس و الحائل فلا طلاق الدليل فان مقتضي دليل اشتراط الاطلاق و الطهارة و وصول الماء الي البشرة، عدم الفرق في البطلان بين الصور المذكورة و أما بالنسبة الي الغصب فلانه مع الجهل يلتفت المكلف أنه يمكن أن يكون الاستعمال حراما واقعا للغصبية و مع التوجه و الالتفات يكون الحكم الواقعي محفوظا فالنهي فعلي و لا يمكن التقرب بما يكون منهيا عنه من قبل المولي و ان شئت قلت: لا يمكن ان يكون مبغوض المولي محبوبا له.

(3) اذ مع النسيان لا

يكون الحكم الواقعي محفوظا فان الناسي ليس قابلا للتكليف لعدم امكان الانزجار منه ما دام ناسيا الا فيما يكون هو الغاصب فان النهي و ان لم يكن موجودا حين الغصب لكونه لغوا لكن حيث ان المكلف عصي و لا بد من أن يتحفظ كي لا ينسي يكون صدور الفعل منه مبغوضا فلا يكون قابلا لان يقع عبادة.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 478

[مسألة 101: إذا نسي غير الغاصب و توضأ بالماء المغصوب و التفت الي الغصبية في أثناء الوضوء]

(مسألة 101): اذا نسي غير الغاصب و توضأ بالماء المغصوب و التفت الي الغصبية في أثناء الوضوء صح ما مضي من أجزائه و يجب تحصيل الماء المباح للباقي (1). و لكن اذا التفت الي الغصبية بعد الغسلات و قبل المسح فجواز المسح بما بقي من الرطوبة لا يخلو من قوة (2).

______________________________

(1) أما الصحة فيما مضي فلفرض النسيان و أما لزوم تحصيل المباح للباقي فلان التصرف مع فرض الالتفات يكون حراما و لا يجتمع الحرام مع القربة.

(2) ربما يقال: بأن مثله لا يكون مالا و لا دليل علي حرمة التصرف في ملك الغير بل الدليل وارد في المال:

لاحظ ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: من كانت عنده أمانته فليؤدها الي من ائتمنه عليها فانه لا يحل دم امرء مسلم و لا ماله الا بطيبة نفس منه «1»، و مثل الماء في الوضوء لا يكون مالا فلا يحرم التصرف فيه.

لكن يرد عليه أن التصرف في ملك الغير بدون رضاه حرام لأنه عدوان.

و ربما يقال: بأن مثله يعد تالفا و لا تعتبر الملكية للتالف و بعد سلب الملكية لا مانع من التصرف و قد التزم سيدنا الاستاد بجواز العبور عن الشوارع المستحدثة

في املاك الناس بدعوي أن الدار المملوكة لزيد مثلا بعد الخراب و وقوعها في الشارع لا تنسب الي زيد و لا تعتبر ملكيتها له فان مثل هذا الاعتبار لغو

و الانصاف أن الاذعان بهذه الدعوي مشكل و الا يلزم أن يكون الخاتم المغصوب من زيد من قبل سلطان جائر الذي لا يرجي رجوعه من المباحات الاصلية فيجوز أخذه من الجائر لغير المالك فهل يمكن الالتزام به؟ الظاهر انه مستنكر

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 479

و ان كان الاحوط استحبابا اعادة الوضوء (1).

[مسألة 102: مع الشك في رضا المالك لا يجوز التصرف]

(مسألة 102): مع الشك في رضا المالك لا يجوز التصرف و يجري عليه حكم الغصب فلا بد من العلم باذن المالك و لو بالفحوي أو شاهد حال (2).

[مسألة 113: يجوز الوضوء و الشرب من الأنهار الكبار المملوكة لأشخاص خاصة]

(مسألة 113): يجوز الوضوء و الشرب من الانهار الكبار المملوكة لأشخاص خاصة سواء كانت قنوات أو منشقة من شط و ان لم يعلم رضا المالكين و كذلك الاراضي الوسيعة جدا أو غير المحجبة فيجوز الوضوء و الجلوس و النوم و نحوها فيها ما لم ينه المالك أو علم بأن المالك صغير أو مجنون (3).

______________________________

عند المتشرعة بل عند العقلاء.

(1) فان الاحتياط حسن بلا اشكال.

(2) قد لا يكون لرضي المالك حالة سابقة، و اخري تكون أما علي الاول فمقتضي عدم رضاه و لو ببركة الاصل عدم جواز التصرف و أما علي الثاني فتارة تكون الحالة السابقة عدم الرضا و اخري تكون الحالة السابقة الرضا بالتصرف أما الصورة الاولي فلا اشكال في عدم جواز التصرف لاستصحاب بقائه و أما الصورة الثانية فتارة احرز رضاه بالتصرف علي الاطلاق و اخري احرز في الجملة أما في فرض احراز الاطلاق فيجوز التصرف لاستصحاب بقاء الرضا و أما الصورة الاخيرة فحكمها عدم الجواز أيضا اذ اللازم الاقتصار علي المقدار المعلوم و في غيره مما يشك في الرضا يؤخذ بالاستصحاب المقتضي لعدم الجواز فلاحظ.

(3) هذا منسوب الي ظاهر الاكثر- علي ما في بعض الكلمات- و ما قيل في هذا المقام أو يمكن أن يقال في وجه الجواز أمور:

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 480

______________________________

الاول: انصراف دليل الحرمة عن مثل هذه التصرفات و لذا لا اشكال بالاستظلال بجدار الغير و بالاستضاءة بناره.

و يرد عليه: أنه لا وجه للانصراف و جواز الاستظلال و الاستضاءة المذكور من باب التخصص

لا التخصيص اذ الاستظلال ليس تصرفا في مال الغير و كذلك الاستضاءة.

الثاني: أن ادلة عدم جواز التصرف تعارضها ادلة جواز الوضوء بالماء و شربه و لأجل المعارضة لا تشمل المقام.

و فيه: أولا: أنه لا معارضة بينهما فان ادلة احكام العناوين الاولية لا تعارض ادلة احكام العناوين الثانوية و لذا لا يتوهم أن دليل جواز اكل التفاح يكون معارضا لدليل وجوب العمل بالشرط فيما لو شرط أحد علي غيره في ضمن عقد بأن لا يأكل التفاح مثلا.

و ثانيا: سلمنا المعارضة لكن ما الوجه في تقديم هذه الادلة و بأي وجه لا نلتزم بسقوط المتعارضين.

الا أن يقال: بأن نتيجة التعارض وصول النوبة الي الاصل العملي و مقتضاه الجواز.

الثالث: ما نسب الي الكاشاني و غيره من الاستدلال بما رواه محمد بن سنان عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن ماء الوادي فقال: ان المسلمين شركاء في الماء و النار و الكلاء «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بمحمد بن سنان و عمل المشهور بها علي فرض

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب احياء الاموات الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 481

[مسألة 104: الحياض الواقعة في المساجد و المدارس إذا لم يعلم كيفية وقفها]

(مسألة 104): الحياض الواقعة في المساجد و المدارس اذا لم يعلم كيفية وقفها من اختصاصها بمن يصلي فيها أو الطلاب الساكنين فيها، أو عدم اختصاصها لا يجوز لغيرهم الوضوء منها الا مع جريان العادة بوضوء كل من يريد مع عدم منع أحد، فانه يجوز الوضوء لغيرهم منها اذا كشفت العادة عن عموم الاذن (1).

[مسألة 105: اذا علم أن حوض المسجد وقف علي المصلين فيه لا يجوز الوضوء منه بقصد الصلاة في مكان آخر]

(مسألة 105): اذا علم أن حوض المسجد وقف علي المصلين فيه لا يجوز الوضوء منه بقصد الصلاة في مكان آخر (2).

______________________________

تحققه لا يجبر الضعف.

اضف الي ذلك: أنه لا يمكن الالتزام بهذا المفاد فيمكن حمل الخبر علي الحكم الادبي الاستحبابي كما يؤيده ما رواه أبو البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام أنه قال: لا يحل منع الملح و النار «1».

الرابع: السيرة الجارية القطعية المتصلة بزمان المعصومين عليهم السلام و حيث ان السيرة لا لسان لها كي يتمسك باطلاقها أو عمومها، لا بد من الاقتصار علي المقدار المعلوم منها و الماتن يري أن السيرة بهذا المقدار أما مع النهي أو العلم بكون المالك صغيرا أو مجنونا فلا سيرة و أما مع الشك في الرضا أو الشك في صغر المالك أو جنونه فالسيرة جارية و اللّه العالم.

(1) قد تعرضنا لهذه المسألة في ضمن أحكام التخلي فراجع.

(2) فانه تصرف غير جائز و يبطل الوضوء بلا اشكال.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 482

و لو توضأ بقصد الصلاة فيه ثم بدا له أن يصلي في مكان آخر فالظاهر بطلان وضوئه (1)

و كذلك اذ توضأ بقصد الصلاة في ذلك المسجد و لكنه لم يتمكن و كان يحتمل أنه لا يتمكن و أما اذا كان قاطعا بالتمكن ثم انكشف عدمه فالظاهر صحة وضوئه

و كذلك يصح لو توضأ غفلة أو باعتقاد عدم الاشتراط (2) و لا يجب عليه أن يصلي فيه (3) و ان كان أحوط (4).

[مسألة 106: إذا دخل المكان الغصبي غفلة و في حال الخروج توضأ بحيث لا ينافي فوريته]

(مسألة 106): اذا دخل المكان الغصبي غفلة و في حال الخروج توضأ بحيث لا ينافي فوريته،

______________________________

(1) البداء لا مدخلية له في الصحة و الفساد بل الميزان في الصحة عدم فعلية النهي عن التصرف بأن يقطع حين الوضوء بأن يصلي في المسجد فانه يصح وضوئه قطعا اذ النهي لا يتعلق بالقاطع بعدمه فلا وجه للفساد و لكن لو احتمل أن لا يصلي و بعد ذلك لم يصل ينكشف عدم الصحة اذ المفروض أنه وقف لمن يتوضأ و يصلي بعده و مع هذا الاحتمال يكون التصرف حراما.

(2) قد ظهر الوجه فيما أفاده بتمامه.

(3) لعدم دليل عليه و لكن لا منافاة بين عدم وجوب الصلاة و بين تحقق الضمان فلو أتلف من ماء المسجد بمقدار يقدر بمقدار من المال كان المتلف ضامنا لقاعدة من أتلف.

(4) خروجا عن شبهة الخلاف.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 483

فالظاهر صحة وضوئه (1) و أما اذا دخل عصيانا و خرج و توضأ في حال الخروج فالحكم فيه هو الحكم فيما اذا توضأ حال الدخول (2)

[و منها النية]
اشارة

و منها النية (3).

______________________________

(1) اذ المفروض انه لم يدخل بسوء الاختيار فلا يكون خروجه منهيا عنه فليس تصرفه في الهواء و الفضاء غصبيا نعم لو اشترط كون المصب مباحا في صحة الوضوء يشكل الحكم بالصحة من هذه الجهة الا أن يتحقق الوضوء بنحو لا يصب علي الارض لكن أصل المبني فاسد فان حلية المصب ليست شرطا.

و يمكن الاشكال في الوضوء من جهة التصرف في الفضاء فان القدر الضروري من التصرف في الفضاء بمقدار الخروج و أما الزائد عليه فلا وجه للجواز و لكن قد مر أن صدق التصرف عرفا علي امرار الماء محل الاشكال و الكلام

مضافا الي أنه يمكن

أن يقال: بأن الوضوء لا يكون تصرفا في الغصب و لذا يلتزم الفقهاء بجواز الصلاة للمحبوس في المكان الغصبي فلاحظ.

(2) لان المفروض أن دخوله بسوء الاختيار فيكون خروجه حراما كدخوله فلاحظ.

(3) هذا من الواضحات اذ الوضوء أمر عبادي بلا اشكال و الامر العبادي لا يتحقق الا بقصد القربة فان الوضوء و ان كان من المقدمات و لا يعتبر في مقدمات الصلاة قصد القربة لكن لا اشكال في كون الوضوء من العبادات.

و يمكن الاستدلال علي كونه عبادة بأمور:

الاول: الاجماع و ارتكاز المتشرعة فان كل من يكون متشرعا يعلم كون الوضوء من العبادات.

و ان شئت قلت: ان كل لاحق يتلقي من سابقه أن الامر كذلك.

و يؤيد المدعي- لو لم يدل عليه- ما ورد في النصوص من كون الصلاة

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 484

______________________________

ثلاثة اثلاث ثلث الوضوء لاحظ ما رواه الصدوق قال: و قال الصادق عليه السلام الصلاة ثلاثة أثلاث: ثلث طهور و ثلث ركوع و ثلث سجود «1».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الصلاة ثلاثة أثلاث:

ثلث طهور و ثلث ركوع و ثلث سجود «2».

و كذلك ما دل علي أن الوضوء من الصلاة، لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: خصلتان لا احب أن يشاركني فيهما أحد: وضوئي فانه من صلاتي الحديث «3».

الثاني: دعوي ان الاصل الاولي في كل واجب كونه تعبديا الا ان أن يقوم دليل علي الخلاف.

و قد أجبنا عن هذه الدعوي و ذكرنا في بحث التعبدي و التوصلي أن مقتضي الاطلاق عدم التعبدية كما أن مقتضي الاصل العملي أيضا كذلك و تفصيل الكلام موكول

الي ذلك البحث.

الثالث: قوله تعالي: «أَطِيعُوا اللّٰهَ» «4» بتقريب أن الاطاعة لا تتحقق الا بقصد الامر فكل واجب تعبدي.

و فيه: أن اثبات المدعي بهذه الاية يتوقف علي أمرين:

______________________________

(1) الوسائل الباب الاول من أبواب الوضوء الحديث: 8.

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب الركوع الحديث: 1.

(3) الوسائل الباب 47 من أبواب الوضوء الحديث: 3.

(4) النساء: 59.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 485

______________________________

أحدهما: كون امر الاطاعة مولويا اذ علي تقدير كونه ارشاريا الي ما هو مستفاد من العقل لا يستفاد منه شي ء الا الحكم العقلي.

ثانيهما: أن يكون الوجوب المستفاد منه وجوبا غيريا اي ارشادا الي الشرطية بمعني أن المستفاد منه شرطية العنوان.

و بعبارة اخري: لو لم يكن غيريا لكان كبقية الواجبات النفسية و بعبارة ثالثة اذا كان واجبا غيريا فلا يكون المستفاد منه الا شرطية الاطاعة فيدل علي المدعي و أما لو كان واجبا نفسيا فغاية دلالته وجوب الاطاعة.

و في كلا الامرين اشكال أما الاول فلان الظاهر من الامر بوجوب الاطاعة الارشاد الي حكم العقل و قد ثبت في محله كون وجوب الاطاعة ارشاديا و مما يدل عليه: أنه باطلاقه يشمل المحرمات كالواجبات و من الظاهر أن المحرم لا يشترط بقصد القربة.

و أما الامر الثاني: فلان الظاهر من كل واجب كونه نفسيا و الغيرية تحتاج الي دليل و مؤنة زائدة.

اضف الي ذلك كله أن وجوب الاطاعة بهذا المعني لا يجري في التوصليات فيلزم تخصيص الاكثر المستهجن هذا.

و لكن الانصاف أن الاشكال الثاني غير وارد اذ لو كان الاطاعة واجبة و لو بالوجوب النفسي لوجب قصد التقرب في كل واجب لان الاطاعة عبارة عن الانقياد و الانقياد لا يتحقق الا بأن يؤتي بالمأمور به بقصد العبودية الا أن يقال:

بأن الطاعة

كثر استعماله في الاتيان- كما قال الراغب في مفرداته- فمعناها علي هذا الاتيان بالمأمور به كما أمر به و لقائل أن يقول: بأن وجوب الاطاعة لو

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 486

______________________________

كان نفسيا و لم تقصد القربة في واجب يحصل الامتثال بالنسبة الي اصل ذلك الواجب و يحصل العصيان بترك قصد القربة.

الرابع: قوله تعالي: «وَ مٰا أُمِرُوا إِلّٰا لِيَعْبُدُوا اللّٰهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفٰاءَ» «1» بتقريب أن السلام بمعني الباء اي امر الناس بعبادة اللّه و الحال أن الظاهر أن اللام للغاية نظير قوله تعالي: «وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلّٰا لِيَعْبُدُونِ» «2» فان الغاية من الخلق ليست الا عبادة اللّه تعالي.

الخامس: جملة من النصوص: منها: ما رواه أبو حمزة عن علي بن الحسين عليه السلام قال: لا عمل الابنية «3».

و منها: ما رواه أبو عثمان العبدي عن جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا قول الا بعمل و لا قول و لا عمل الابنية «4».

و منها: ما رواه أبو حمزة الثمالي عن علي بن الحسين عليه السلام قال:

لا حسب لقرشي و لا عربي الا بتواضع و لا كرم الا بتقوي و لا عمل الابنية و لا عبادة الا بتفقه «5».

الي غيرها من الروايات الواردة في الباب 5 من أبواب مقدمات العبادات من الوسائل.

______________________________

(1) البينة: 5.

(2) الذاريات 56.

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب مقدمات العبادات الحديث: 1.

(4) نفس المصدر الحديث: 2.

(5) نفس المصدر الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 487

و هي أن يقصد الفعل و يكون الباعث الي القصد المذكور أمر اللّه تعالي (1).

من دون فرق بين أن يكون ذلك بداعي الحب له سبحانه

(2).

______________________________

بتقريب: أن مرجع نفي العمل المستفاد من هذه الروايات الي نفي الصحة بدون قصد القربة.

و فيه: انه لا دليل علي كون المراد من النية قصد الامتثال. مضافا الي أنه يستلزم التخصيص الاكثر لعدم الاشتراط في اكثر الواجبات و الظاهر أن المراد من النية الداعي و معناه ان قوام العمل بالداعي فعلي تقدير حسن الداعي يكون العمل حسنا و ان كان الداعي قبيحا لكان العمل كذلك و ان لم يكن قبيحا و لا حسنا فالعمل كذلك فان روح العمل متقوم بالداعي فلا يرتبط بالمقام.

و يدل علي المدعي ما روي عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في حديث قال: انما الاعمال بالنيات و لكل امرء ما نوي فمن غزي ابتغاء ما عند اللّه فقد وقع أجره علي اللّه عز و جل و من غزي يريد عرض الدنيا أو نوي عقالا لم يكن له الا ما نوي «1».

(1) اذ المفروض أن العبادة تتوقف علي قصد القربة و هو يتحقق بأحد أمرين:

أحدهما: كون الداعي أمر المولي ثانيهما كون الداعي محبوبية الفعل له.

(2) قد ظهر مما ذكرنا أن محبوبية الفعل للمولي في عرض أمره يكون باعثا للعمل غاية الامر الداعي لهذا الامر قد يكون استحقاق المولي للعبادة كما أنه دل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 488

أو رجاء الثواب أو الخوف من العقاب (1) و يعتبر فيها الاخلاص فلو ضم اليها الرياء بطل (2).

______________________________

الخبر علي أن عليا عليه السلام كان يعبد اللّه حيث وجده مستحقا للعبادة «1» و اخري يكون الداعي خوف العبد من اللّه و ثالثة الطمع في ثوابه.

(1) اذ العبادية متحققة في الجميع.

(2) هذا من الواضحات الفقهية و الظاهر أنه لا خلاف فيه الا

من السيد المرتضي و يمكن أن يستدل عليه بجملة من النصوص:

منها: ما رواه الفضل أبو العباس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ما يصنع أحدكم أن يظهر حسنا و يسر سيئا أ ليس يرجع الي نفسه فيعلم أن ذلك ليس كذلك؟ و اللّه عز و جل يقول: «بَلِ الْإِنْسٰانُ عَليٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ» ان السريرة اذا صحت قويت العلانية «2».

و منها ما رواه ابراهيم بن أبي البلاد عن سعد الاسكاف قال: لا أعلمه الا قال عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان في بني اسرائيل عابد فأعجب به داود عليه السلام فأوحي اللّه اليه لا يعجبك شي ء من أمره فانه مراء «3».

و منها ما رواه داود عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من أظهر للناس ما يحب اللّه عز و جل و بارز اللّه بما كرهه لقي اللّه و هو ماقت له «4».

و منها ما رواه زرارة و حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال: لو أن عبدا

______________________________

(1) لاحظ الوافي الباب نية العبادة من أبواب جنود الايمان من المكارم و المنجيات.

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب مقدمات العبادات الحديث: 1.

(3) نفس المصدر الحديث: 2.

(4) نفس المصدر الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 489

______________________________

عمل عملا يطلب به وجه اللّه و الدار الآخرة و أدخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركا «1».

و منها ما رواه مسعدة بن زياد عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله سئل فيما النجاة غدا؟ فقال: انما النجاة في أن لا تخادع اللّه فيخدعكم فانه من يخادع اللّه يخدعه و يخلع منه الايمان و نفسه يخدع لو يشعر قيل له: فكيف يخادع

اللّه؟ قال: يعمل بما أمره اللّه ثم يريد به غيره فاتقوا اللّه في الرياء فانه الشرك باللّه ان المرائي يدعي يوم القيامة بأربعة اسماء: يا كافر يا فاجر يا غادر يا خاسر حبط عملك و بطل أجرك فلا خلاص لك اليوم فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له «2».

و الظاهر أن الحديثين الاخيرين معتبران سندا. فمضافا الي الاجماع و عدم الخلاف و وضوح الامر، لا ريب في الحكم من حيث دلالة النصوص.

و يمكن الاستدلال بقوله تعالي: «فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلٰاتِهِمْ سٰاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرٰاؤُنَ» «3» فان الظاهر من الاية أن الرياء حرام و لا اشكال في أن مصداق الرياء هو الفعل الخارجي بداعي الرياء.

و الانصاف: أنه لا يصل المجال الي ما ينقل عن السيد: بأن الرياء أمر قلبي فلا تسري حرمته الي الفعل الخارجي اذ مصداق الرياء هو الفعل الخارجي و مع الحرمة لا تتحقق العبادة بل صريح بعض نصوص الباب عدم احتسابه عند اللّه و اعتبار وجوده كالعدم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11.

(2) نفس المصدر الحديث: 16.

(3) الماعون 4- 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 490

و لو ضم اليها غيره من الضمائم الراجحة كالتنظيف من الوسخ أو المباحة كالتبريد فان كانت الضمية تابعة أو كان كل من الامر و الضميمة صالحا للاستقلال في البعث الي الفعل لم تقدح (1).

و في غير ذلك تقدح (2) و الاظهر عدم قدح العجب حتي المقارن (3) و ان كان موجبا لحبط الثواب (4).

______________________________

(1) نقل عليه الاجماع و في قباله قول عن بعض بالبطلان. و الحق أنه لا وجه للبطلان فان المقدار المسلم أنه يلزم في تحقق العبادة كون الداعي أمر المولي و أما الزائد فلا.

(2) اذ العبادة ما يكون

الداعي الالهي تاما في الداعوية.

(3) لعدم الدليل عليه و لا تنافي بين حرمته و عدم افساده العبادة كما هو ظاهر.

(4) لا يبعد أن يستفاد من بعض النصوص لاحظ ما رواه أبو عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال اللّه تعالي: ان من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي فيقوم من رقاده و لذيذ وساده فيجتهد لي الليالي فيتعب نفسه في عبادتي فاضربه بالنعاس الليلة و الليلتين نظرا مني له و ابقاء عليه فينام حتي يصبح فيقوم و هو ماقت زارئ لنفسه عليها و لو اخلي بينه و بين ما يريد من عبادتي لدخله العجب من ذلك فيصيره العجب الي الفتنة باعماله فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه لعجبه بأعماله و رضاه عن نفسه حتي يظن أنه قد فاق العابدين و جاز في عبادته حد التقصير فيتباعد مني عند ذلك و هو يظن أنه يتقرب الي «1» و ما رواه سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه السلام قال في حديث: ثلاث

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب مقدمات العبادات الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 491

[مسألة 107: لا تعتبر نية الوجوب و لا الندب و لا غيرهما من الصفات و الغايات]

(مسألة 107): لا تعتبر نية الوجوب و لا الندب و لا غيرهما (1) من الصفات و الغايات (2) و لو نوي الوجوب في موضع الندب أو العكس جهلا أو نسيانا صح (3) و كذا الحال اذا نوي التجديد و هو محدث أو نوي الرفع و هو متطهر (4).

______________________________

موبقات: شح مطاع و هوي متبع و اعجاب المرء بنفسه «1» و عن الجواهر:

أنه نقل عن بعض مشايخه القول بالافساد في المقارن.

(1) اذ قد ثبت في التعبدي و التوصلي أنه يمكن للمولي أن يبين

دخله في المأمور به بالامر الاول أو الثاني فمع كونه في مقام البيان و عدم تعرض المولي يكشف عن عدم الدخل فلا تجب مضافا الي أن السيرة جارية علي الاكتفاء بقصد القربة.

(2) التوصيف بأن يقصد الاتيان بالوضوء الواجب و الغاية بأن يقصد الاتيان بالوضوء لوجوبه.

(3) و الوجه في الصحة أنه يلزم الاتيان بالوضوء مضافا بنحو اضافة الي المولي و المفروض حصوله و قد تقدم عدم مدخلية الوجوب و الندب فالصحة علي القاعدة.

(4) الكلام فيه هو الكلام فان المفروض أنه قاصد للإتيان بما هو وظيفته الفعلية غاية الامر يتخيل كونها كذا فقد أتي بالفعل بقصد القربة فالصحة علي القاعدة فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 492

[مسألة 108: لا بد من استمرار النية بمعني صدور تمام الاجزاء عن النية المذكورة]

(مسألة 108): لا بد من استمرار النية بمعني صدور تمام الاجزاء عن النية المذكورة (1).

[مسألة 109: لو اجتمعت أسباب متعددة للوضوء كفي وضوء واحد]

(مسألة 109): لو اجتمعت أسباب متعددة للوضوء كفي وضوء واحد (2).

______________________________

(1) اذ المفروض أن المركب بجميع أجزائه عبادة فلا بد من تحقق الشرط في كل جزء منه.

(2) اذ المستفاد من ادلة الاحداث أن الحدث عبارة عن الحالة المسببة عن أحد الموجبات الممتنع الدخول معها في الصلاة و هي أمر كلي و ان تعددت اسبابه من البول و الغائط و نحوهما فلا فرق بين أن يكون السبب واحدا أو متعددا.

و بعبارة اخري: انه لا خلاف فيه علي ما يظهر من بعض كلمات الاصحاب نعم هذا علي خلاف اصالة عدم التداخل في الاسباب التي يقتضيها اطلاق حديث عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام قال: من وجد طعم النوم قائما أو قاعدا فقد وجب عليه الوضوء «1» فان مقتضي اطلاق وجوب الوضوء بسبب النوم و لو كان النوم مسبوقا بنوم آخر أو بحدث غيره عدم الكفاية و لكن لا بد من رفع اليد عن اطلاقه بالإجماع بل الضرورة.

و لعل مرجع المستفاد من هذه الرواية الي قوله عليه السلام في جملة من النصوص ان الحدث ناقض لاحظ ما رواه اسحاق بن عبد اللّه الاشعري عن ابي عبد اللّه قال لا ينقض الوضوء الاحدث و النوم حدث «2» فان الوارد في هذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الوضوء الحديث: 9.

(2) نفس المصدر الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 493

و لو اجتمعت أسباب للغسل أجزأ غسل واحد بقصد الجميع (1).

و كذا لو قصد الجنابة فقط (2) بل الاقوي ذلك أيضا اذا قصد منها واحدا غير الجنابة (3).

______________________________

الحديث عنوان النقض و هو

ليس قابلا للتكرار.

(1) لعله مما لا خلاف فيه بل لا يبعد أن يكون مورد الاجماع و تدل عليه جملة من النصوص: منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة و الحجامة و عرفة و النحر و الحلق و الذبح و الزيارة فاذا اجتمعت عليك حقوق اللّه أجزأها عنك غسل واحد قال:

ثم قال: و كذلك المرأة يجزيها غسل واحد لجنابتها و احرامها و جمعتها و غسلها من حيضها و عيدها «1».

(2) لا اشكال فيه من حيث النص لاحظ حديث زرارة «2» فان الظاهر منه أنه لو اغتسل المكلف و قصد بغسله الجنابة تسقط عنه بقية الاغسال فان قوله عليه السلام: «اذا اغتسلت بعد طلوع الفجر» ظاهر في خصوص غسل الجنابة.

اضف الي ذلك عدم الخلاف المدعي في المقام بل نقل عن السرائر و جامع المقاصد الاجماع عليه.

و يستفاد من هذا الخبر انه لا فرق بين كون غير الجنابة واجبا أو مستحبا.

(3) فانه مقتضي رواية زرارة «3» اذ المستفاد من مجموع الصدر و الذيل

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من أبواب الجنابة الحديث: 1.

(2) مر آنفا.

(3) مر آنفا.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 494

و لو قصد الغسل قربة من دون نية الجميع و لا واحد بعينه فالظاهر البطلان الا أن يرجع ذلك الي نية الجميع اجمالا (1).

[و منها: مباشرة المتوضي للغسل و المسح]

و منها: مباشرة المتوضي للغسل و المسح فلو وضأه غيره علي نحو لا يسند اليه الفعل بطل (2).

______________________________

جواز قصد واحد من الحقوق.

و صفوة العقول: أن المستفاد من الصدر كفاية قصد خصوص الجنابة و يستفاد من الذيل بيان الكبري الكلية فانه عليه السلام فرع الكبري الكلية علي الصغري المذكورة في كلامه.

(1) اذ الامتثال لا

يتحقق الا مع القصد و بعبارة اخري الامر بالغسل متوجه الي المكلف بعناوين مختلفة فلا بد من أحد الامرين اما قصد امتثال الجميع بقصد الكل و اما قصد واحد بالخصوص.

و لقائل أن يقول: اذا قلنا بكون الغسل مستحبا نفسيا لكفي نية القربة.

الا أن يقال: بأن مرجع هذا القصد الي قصد الجميع. لكن يرد علي المتن بأن التلازم ان كان ثابتا فما الوجه في التفصيل و ان لم يكن ثابتا فما الوجه في الحكم بالبطلان.

الا أن يقال: بأنه يصح التفصيل مع عدم التلازم اذ مع عدم التلازم ان تحقق قصد الجميع صح و الا فلا.

(2) هذا علي طبق القاعدة الاولية فان مقتضي ايجاب فعل علي عهدة شخص اتيانه بنفسه و عدم جواز التولية.

و بعبارة اخري: مقتضي الاطلاق عدم جوز تصدي الغير اذ الاطلاق يرجع الي وجوب الاتيان أعم من أن يتصدي غيره أم لا.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 495

الا مع الاضطرار فيوضأه غيره (1).

______________________________

اضف الي ذلك: أن المستفاد من روايات الوضوءات البيانية أنهم عليهم السلام كانوا يتصدون بانفسهم فيستفاد منه أن المباشرة شرط مضافا الي جميع ذلك أنه لم ينقل الخلاف الا من ابن جنيد حيث نقل عنه ذهابه الي كراهة التولية.

(1) مقتضي القاعدة الاولية أنه مع عدم التمكن من الوضوء وصول النوبة الي التيمم فلا بد من اقامة دليل علي أنه مع الاضطرار يستنيب و يوضأه غيره.

و ما يمكن أن يذكر في هذا المقام وجوه.

الاول: قاعدة الميسور. و فيه: أولا منع الكبري و عدم اعتبار هذه القاعدة.

و ثانيا: منع الصغري فان عمل الغير ليس ميسورا لعمل الشخص.

الثاني: الاجماع فانه نقل عن المنتهي الاجماع عليه، و عن المعتبر انه عليه اتفاق الفقهاء و قد اورد فيه:

بانه محتمل المدرك فلا يكون تعبديا لتعدد الوجوه.

الرابع: بعض النصوص: منها ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث أنه كان وجعا شديد الوجع فأصابته جنابة و هو في مكان بارد قال: فدعوت الغلمة فقلت لهم: احملوني فاغسلوني فحملوني و وضعوني علي خشبات ثم صبوا علي الماء فغسلوني «1».

و منها ما رواه محمد بن مسكين و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قيل له: ان فلانا أصابته جنابة و هو مجدور فغسلوه فمات فقال: قتلوه ألا سألوا الا ييمموه؟ ان شفاء العي السؤال «2».

و منها: ما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 48 من أبواب الوضوء.

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب التيمم الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 496

______________________________

قال: سألته عن مجدور أصابته جنابة فغسلوه فمات فقال: قتلوه ألا سألوا؟ فإن دواء العي السؤال «1».

و منها: ما رواه جعفر بن ابراهيم الجعفري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

ان النبي صلي اللّه عليه و آله ذكر له أن رجلا أصابته جنابة علي جرح كان به فأمر بالغسل فاغتسل فكز فمات فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: قتلوه قتلهم اللّه انما كان دواء العي السؤال «2».

و لا يخفي أن ما ورد في باب التيمم ضعيف سندا و أما ما ورد في الغسل فالاستدلال به علي المدعي يتوقف علي تسوية الحكم بين الغسل و الوضوء و القطع بالتسوية مشكل.

الرابع: أن دليل شرطية المباشرة ليس دليلا لفظيا كي يمكن التمسك به باطلاقه في كلتا حالتي الاختيار و الاضطرار، و لا يصغي الي المنقول عن القمي و صاحب الجواهر من «أن دليل الشرطية اذا

كان هو الامر و الايجاب اختص بصورة الاختيار و لا يشمل صورة العجز»، فانه غير صحيح اذ هذا مختص بالامر المولوي المقتضي لاشتراط القدرة في المكلف و الامر الارشادي ليس مختصا بالمختار بل اعتبار المباشرة استفيد في المقام من الخطاب المقتضي لاستناد الفعل الي المخاطب و المكلف و هذا يختلف باختلاف المختار و العاجز فان المختار لا يستند اليه الفعل الا عند المباشرة و أما العاجز اذا تسبب فاتي النائب بالفعل يصدق أنه أتي به.

ان قلت: يلزم استعمال اللفظ في اكثر من معني واحد و هو خلاف الظاهر.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3.

(2) نفس المصدر الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 497

و لكن هو الذي يتولي النية (1) و الاحوط أن ينوي المتوضي أيضا (2).

[و منها: الموالاة]
اشارة

و منها: الموالاة و هي التتابع في الغسل و المسح بنحو لا يلزم جفاف تمام السابق في الحال المتعارفة (3).

______________________________

قلت: انا ندعي أن المتفاهم من الخطاب تحقق الطبيعة مستندة الي المكلف و المكلف القادر لا يستند اليه الفعل بالاستنابة و أما العاجز فيستند اليه الفعل بالاستنابة.

و الانصاف أن الجزم بهذه المقالة مشكل فان الاستناد اول الكلام ففي المقام لا بد من الاحتياط بالجمع بين الاستنابة و التيمم.

(1) ان كان المدرك الاجماع فلا بد من الاحتياط اذ الاجماع دليل لبي و لا يستفاد منه شي ء من هذه الجهة فلا بد من الجمع بين الامرين من نية المكلف و نية النائب و ان كان المدرك الاخبار فالمستفاد منها أن المتولي للنية هو النائب فان الظاهر من قوله عليه السلام: «اغسلوني» أن الواجب بتمام شئونه محول الي الغلمة و ان كان المدرك قاعدة الميسور أو الوجه الاخير فالمتولي لا بد أن يكون المكلف نفسه

فان الميسور من فعله أن يستند اليه بقدر الامكان كما أن المستفاد من الخطاب أنه يتصدي الغسل و لو بالاستعانة و تظهر النتيجة في الاستعانة بالحيوان المعلم أو الصبي أو نحوهما فانه لو لم تكن نية النائب لازمة جاز التولية في هذه الموارد.

(2) قد ظهر ما هو الحق من التفصيل و طريق الاحتياط ظاهر.

(3) الذي يظهر من بعض الكلمات أنه لا اشكال و لا كلام في وجوب الموالاة اجمالا غاية ما في الباب أن الموالاة واجب شرطا أو تكليفا اختلف الكلام فيما

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 498

______________________________

بين القوم كما أنه وقع الكلام بينهم في أن المراد من الموالاة هي التتابع العرفي بين الافعال أو عدم جفاف الاعضاء السابقة قبل اللاحقة و العمدة مقدار دلالة الادلة من الكتاب و السنة.

فنقول: ربما يقال: بأن مقتضي اطلاق الكتاب و الاخبار عدم اشتراط الموالاة العرفية في الوضوء و أنه يكون كالغسل اذ كما لا تعتبر الموالاة بين أجزاء الغسل كذلك لا تعتبر في المقام فيجوز الفصل الطويل بين غسل الاعضاء نعم الفصل الطويل بين الغسلتين و المسحتين مضر بالمسح من جهة اعتبار كونه بنداوة يد المتوضي و مع الفصل الطويل ترتفع النداوة و الحاصل أن مقتضي الاطلاق عدم الاعتبار.

و في المقام روايتان يستفاد منهما اشتراط الموالاة بنحو خاص:

الاولي: ما رواه أبو بصير عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا توضأت بعض وضوئك و عرضت لك حاجة حتي يبس وضوئك فأعد وضوئك فان الوضوء لا يبعض «1» فان المستفاد من هذه الرواية أن الفصل اذا كان بمقدار يوجب جفاف الاعضاء يبطل الوضوء فكأن بقاء الرطوبة يوجب الارتباط بين السابق و اللاحق و اما اذا جفت فلا تقبل السابقة لان

يلحق بها اللاحق و هذا المعني موافق للذوق العرفي.

و بعبارة اخري: ان المستفاد من الرواية أن بقاء الرطوبة كاف في صحة الوضوء و ان طال الزمان بين الاعضاء عرفا و انتفت الموالاة بنظر العرف.

الثانية: ما رواه معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ربما

______________________________

(1) الوسائل الباب 33 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 499

______________________________

توضأت فنفد الماء فدعوت الجارية فابطأت علي بالماء فيجف وضوئي فقال اعد «1».

و المستفاد من هذه الرواية أيضا أن الفصل اذا كان بمقدار يترتب عليه الجفاف يبطل الوضوء.

ثم ان المذكور في المتن التقييد بحال المتعارف و لقائل أن يقول: أنه لو حصل الجفاف خارجا عن المتعارف لكان مقتضي النص الحكم بالبطلان لحصول الجفاف.

و يرد عليه: أن المستفاد من رواية أبي بصير أن الجفاف لو حصل من التأخير يبطل الوضوء و أما لو جف بواسطة حرارة الهواء- مثلا- فلا دليل علي البطلان.

و بعبارة اخري: لا اشكال في أن المستفاد من الرواية الكبري الكلية و لكن الاشكال في الصغري و هو أن الرواية لم تبين الصغري و المذكور فيها كلا الامرين اي الجفاف و الفصل الخارج عن المتعارف.

و الانصاف ان التأمل في الرواية يقتضي الالتزام باشتراط الموالاة العرفية و لا مدخلية للجفاف و عدمه فان التبعيض لا يجوز في الوضوء و التبعيض بلحاظ الفصل الخارج عن المتعارف فلو تحقق الفصل بهذا المقدار يبطل الوضوء و لو بقي النداوة و لا يبطل الوضوء مع التحفظ علي الموالاة العرفية و لو مع جفاف الاعضاء هذا بالنسبة الي رواية أبي بصير و أما حديث معاوية بن عمار فلا يستفاد منه شي ء الا بطلان الوضوء في صورة جفاف الاعضاء الحاصل من الفصل

الطويل الخارج عن المتعارف.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 500

______________________________

فالمتحصل من الرواية أنه تجب الموالاة بين اجزاء الوضوء بمقدار تبقي الرطوبة في الهواء المتعارف و المزاج كذلك فبقاء الرطوبة لا يوجب الصحة علي الاطلاق كما أن الجفاف لا يقتضي الفساد كذلك.

و ربما يقال: بأنه يرد علي هذا التقريب اشكالان:

أحدهما: أن حمل الجفاف علي التقديري خلاف الظاهر. ثانيهما: أن غاية ما يترتب علي هذا البيان أن نقول: ان صورة بقاء الرطوبة في الهواء غير المتعارف خارجة عن مورد الرواية و أما البطلان فلا يلزم بل مقتضي اطلاق الادلة كتابا و سنة جواز التفكيك بين الاجزاء كالغسل.

اضف الي ذلك أن النص قد دل علي أن من نسي المسح في وضوئه يأخذ البلة من لحيته مع بقائها لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اذا ذكرت و أنت في صلاتك أنك قد تركت شيئا من وضوئك (الي أن قال) و يكفيك من مسح رأسك أن تأخذ من لحيتك بللها اذا نسيت أن تمسح رأسك فتمسح به مقدم رأسك «1» و غيرها من الروايات الواردة في الباب 21 من أبواب الوضوء من الوسائل.

و بهذا الدليل يدفع اعتبار الجفاف التقديري اذ الدليل شامل لكل مكلف و لا يختص بمن يكون من المتعارف من حيث المزاج و المكان و الهواء بل دل الدليل علي الصحة علي تقدير بقاء البلة علي الاطلاق هذا ما افيد في المقام.

و لنا أن نقول: في الجواب عما ذكر أنه لو لم يحمل علي التقديري كان لازمه الالتزام بالبطلان في صورة الجفاف علي الاطلاق و لو من جهة المزاج أو

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1،

ص: 501

فلا يقدح الجفاف لأجل حرارة الهواء أو البدن الخارجة عن المتعارف (1).

[(مسألة 110: الاحوط وجوبا عدم الاعتداد ببقاء الرطوبة في مسترسل اللحية الخارج عن حد الوجه]

(مسألة 110): الاحوط وجوبا عدم الاعتداد ببقاء الرطوبة في مسترسل اللحية الخارج عن حد الوجه (2).

______________________________

الهواء و الحال أن المستشكل لا يلتزم بهذا اللازم.

و القول بأن الشرط أحد الامرين من التوالي العرفي و بقاء الرطوبة، خلاف الظاهر.

و أما ما افيد في الاشكال بأن غاية ما في الباب، خروج صورة بقاء الرطوبة في غير الصورة المتعارفة عن تحت النص، فيؤخذ باطلاق الادلة، فيرد عليه:

أن المستفاد من التعليل عدم جواز التبعيض فالنص متعرض لحكم الصورة المفروضة اي يستفاد منه البطلان بلحاظ التبعيض.

و أما النص الدال علي جواز أخذ الرطوبة من بلل اللحية علي الاطلاق، فاما يقيد بالتعليل و أما لا يقيد أما علي الاول، فلا مورد للإشكال و النقض و أما علي الثاني فغاية ما يلزم التخصيص في دليل الموالاة و ليس أمرا عزيزا.

ثم ان الموضوع للحكم في المقام جفاف تمام الاعضاء؟- كما في المتن- أو يكفي جفاف بعضها؟ الذي يظهر من بعض كلمات القوم أن ابن الجنيد خالف و التزم بالاكتفاء، و لكن الحق خلافه لظهور النص فيه اذ علق الحكم علي يبس الوضوء و هذا العنوان لا يصدق الا بجفاف تمام الاعضاء.

(1) قد ظهر مما ذكرنا أن الحكم مترتب علي الموالاة العرفية غاية الامر أن ميزان الموالاة العرفية بقاء الرطوبة في الاحوال المتعارفة من جميع الجهات و لا يبعد ان ما ذكرنا مرجعه الي ما افاده الماتن.

(2) الامر كما افيد بل يمكن الحكم ببطلان الوضوء حينئذ من جهة أن ظاهر

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 502

[و منها الترتيب بين الاعضاء]

و منها الترتيب بين الاعضاء بتقديم الوجه ثم اليد اليمني ثم اليسري ثم مسح الرأس (1).

______________________________

قوله عليه السلام في حديثي عمار و ابي بصير «حتي يبس وضوئك» «1» أو «فيجف

وضوئي» «2»، أن ماء الوضوء انما يجف في مورد امر فيه بغسله لا أنه يجف في موضع لم يؤمر بغسله.

و ان شئت قلت: ان الظاهر من النص بحسب المتفاهم العرفي أن موضوع الحكم جفاف ماء غسل به الاعضاء المأمور به غسلها فلاحظ.

(1) الظاهر تحقق التسالم عليه و يكفي لإثبات المدعي النصوص الواردة في المقام.

لاحظ ما رواه زرارة قال: سئل أحدهما عليهما السلام عن رجل بدأ بيده قبل وجهه و برجليه قبل يديه قال: يبدأ بما بدأ اللّه به و ليعد ما كان «3» فان المستفاد منه وجوب تقديم الوجه.

و يدل علي وجوب تقديم اليد اليمني علي اليسري ما رواه منصور عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتوضأ فيبدأ بالشمال قبل اليمين قال: يغسل اليمين و يعيد السيار «4».

و مثله ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام- في حديث تقديم السعي علي الطواف- قال: ألا تري أنك اذا غسلت شمالك قبل يمينك كان عليك أن

______________________________

(1) لاحظ ص: 498.

(2) لاحظ ص: 498.

(3) الوسائل الباب 35 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

(4) نفس المصدر الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 503

و الاحوط تقديم الرجل اليمني علي اليسري (1) و كذا يجب الترتيب في أجزاء كل عضو علي ما تقدم (2).

______________________________

تعبد علي شمالك «1».

و يدل علي وجوب تقديم مسح الرأس علي الرجلين ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان نسيت غسل وجهك فغسلت ذراعيك قبل وجهك فأعد غسل وجهك ثم اغسل ذراعيك بعد الوجه فان بدأت بذراعك الايسر قبل الايمن فأعد علي غسل الايمن ثم اغسل اليسار و إن نسيت مسح رأسك حتي تغسل رجليك فامسح رأسك ثم اغسل رجليك «2».

و

يدل علي بعض ما ذكر ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام:

تابع بين الوضوء كما قال اللّه عز و جل ابدأ بالوجه ثم باليدين ثم امسح الرأس و الرجلين و لا تقدمن شيئا بين يدي شي ء تخالف ما امرت به فان غسلت الذراع قبل الوجه فابدأ بالوجه و أعد علي الذراع و ان مسحت الرجل قبل الرأس فامسح علي الرأس قبل الرجل ثم أعد علي الرجل ابدأ بما بدأ اللّه عز و جل به «3».

فالمستفاد من مجموع النصوص وجوب الابتداء بالوجه ثم اليد اليمني ثم اليسري ثم مسح الرأس.

(1) و قد تقدم الكلام عليه فراجع.

(2) فراجع.

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 6.

(2) نفس المصدر الحديث: 8.

(3) الوسائل الباب 34 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 504

و لو عكس الترتيب سهوا أعاد علي ما يحصل به الترتيب مع عدم فوات الموالاة (1).

______________________________

(1) هذا علي القاعدة اذ المفروض أن المأمور به لم يؤت به فلا يحصل الاجزاء فلا بد من الاعادة لكن مع بقاء الموالاة اذ مع فواتها يفسد الوضوء بانتفاء شرطه فلاحظ.

اضف الي ذلك النص الوارد في المقام و هو ما رواه منصور بن حازم «1» و ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عمن نسي أن يمسح رأسه حتي قام في الصلاة قال: ينصرف و يمسح رأسه و رجليه «2» و ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل ينسي مسح رأسه حتي يدخل في الصلاة قال:

ان كان في لحيته بلل بقدر ما يمسح رأسه و رجليه فليفعل ذلك و ليصل قال: و ان نسي شيئا من الوضوء المفروض فعليه أن يبدأ بما نسي و يعيد

ما بقي لتمام الوضوء «3».

و يستفاد من بعض النصوص أن نسيان بعض الاعضاء يوجب اعادة الوضوء لاحظ ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من نسي مسح رأسه أو قدميه أو شيئا من الوضوء الذي ذكره اللّه تعالي في القرآن كان عليه اعادة الوضوء و الصلاة «4» و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين بقاء الموالاة و عدمه.

و في قباله نصوص تدل علي كفاية تدارك الفائت و لا يحتاج الي الاعادة:

______________________________

(1) لاحظ ص: 502.

(2) الوسائل الباب 35 من أبواب الوضوء الحديث: 3.

(3) نفس المصدر الحديث: 4.

(4) نفس المصدر الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 505

______________________________

منها: ما رواه أبو بصير «1» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا نسي الرجل أن يغسل يمينه فغسل شماله و مسح رأسه و رجليه فذكر بعد ذلك غسل يمينه و شماله و مسح رأسه و رجليه و ان كان انما نسي شماله فليغسل الشمال و لا يعيد علي ما كان توضأ و قال: اتبع وضوئك بعضه بعضا «2».

و منها: ما رواه الصدوق قال: روي في حديث آخر فيمن بدأ بغسل يساره قبل يمينه أنه يعيد علي يمينه ثم يعيد علي يساره «3».

و منها: ما رواه أيضا قال: و قد روي أنه يعيد علي يساره «4».

و منها: ما رواه أيضا قال: و قال الصادق عليه السلام ان نسيت مسح رأسك فامسح عليه و علي رجليك من بلة وضوئك «5».

و منها ما رواه علي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا قال: يعيد ألا تري أنه لو بدأ بشماله قبل يمينه في الوضوء أراد أن يعيد الوضوء «6»

و هذه الرواية تدل علي اعادة الوضوء.

و منها ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا بدأت بيسارك قبل يمينك و مسحت رأسك و رجليك ثم استيقنت بعد أنك بدأت بها

______________________________

(1) لاحظ ص: 503.

(2) الوسائل الباب 35 من أبواب الوضوء الحديث: 9.

(3) نفس المصدر الحديث: 10.

(4) نفس المصدر الحديث: 11.

(5) نفس المصدر الحديث: 12.

(6) نفس المصدر الحديث: 13.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 506

و الا استأنف (1) و كذا لو عكس عمدا (2) الا أن يكون قد أتي بالجميع عن غير الامر الشرعي فيستأنف (3):

[الفصل الرابع في احكام الخلل]
اشارة

الفصل الرابع في احكام الخلل:

[مسألة 111: من تيقن الحدث و شك في الطهارة تطهر]

(مسألة 111): من تيقن الحدث و شك في الطهارة تطهر (4) و كذا لو ظن الطهارة ظنا غير معتبر شرعا (5) و لو تيقن الطهارة و شك في الحدث بني علي الطهارة (6).

______________________________

غسلت يسارك ثم مسحت رأسك و رجليك «1».

و الترجيح مع ما يدل علي الصحة لموافقته اطلاق الكتاب فلاحظ.

(1) لفوات الشرط علي الفرض و لا دليل علي الاجزاء مع فرض فواته و النصوص الدالة علي الصحة ليست ناظرة الي صورة انتفاء الشرط.

(2) بعين الملاك فانه مع انتفاء الشرط لا يمكن الحكم بالصحة فلو تدارك الفائت مع بقاء الموالاة يكون الوضوء صحيحا و لا فرق بين العامد و غيره.

(3) كما لو قصد الوضوء الخاص الذي لا امر به من قبل الشارع فان الامتثال في هذه الصورة غير حاصل.

(4) فانه من الواضحات الاولية.

(5) اذ الظن لا يغني من الحق شيئا و ما دام لم يكن معتبرا يكون مثل الشك فالاستصحاب جار و لا بد من العمل به.

(6) لاستصحاب الطهارة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 14.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 507

و ان ظن الحدث ظنا غير معتبر شرعا (1).

[مسألة 112: اذا تيقن الحدث و الطهارة، و شك في المتقدم و المتأخر تطهر]

(مسألة 112): اذا تيقن الحدث و الطهارة، و شك في المتقدم و المتأخر تطهر (2) سواء علم تاريخ الطهارة، أو علم تاريخ الحدث، أو جهل تاريخهما جميعا (3).

[مسألة 113: اذا شك في الطهارة بعد الصلاة، أو غيرها مما يعتبر فيه الطهارة بني علي صحة العمل]

(مسألة 113): اذا شك في الطهارة بعد الصلاة، أو غيرها مما يعتبر فيه الطهارة بني علي صحة العمل، (4) و تطهر لما يأتي (5).

______________________________

(1) اذ مر قريبا أن الظن لا اعتبار به و هو في حكم الشك.

(2) لتعارض الاستصحابين فلا يمكن احراز الطهارة الا بالتطهر.

(3) ذهب صاحب الكفاية (قده) الي عدم جريان الاستصحاب في مجهولي التاريخ، و أيضا ذهب الي عدم جريانه في خصوص مجهول التاريخ فيما اذا كان أحدهما معلوم التاريخ و الاخر مجهول التاريخ بدعوي: عدم احراز اتصال زمان الشك باليقين فيكون شبهة مصداقية لدليل، عدم نقض اليقين، بالشك.

و فيه: أن المعتبر في الاستصحاب المتيقن السابق و الشك في البقاء، و هذا أمر وجداني غير قابل لان يشك فيه، و لا يعتبر في الاستصحاب كون زمان الحدوث معلوما بالتفصيل و لذا لو علم زيد بحدوث الطهارة لكن لا يعلم بحدوثها في الساعة الاولي أو الثانية و شك في بقائها أول الظهر فهل يمكن المنع من جريان الاستصحاب؟ كلا و تفصيل الكلام موكول الي بحث الاستصحاب.

(4) لقاعدة الفراغ بالنسبة الي العمل فان المفروض فراغه عن العمل، و احتمال بطلانه لفقدان الشرط مدفوع بالقاعدة كما هو ظاهر.

(5) اذ المفروض أن المكلف شاك في الطهارة و لا بد من احرازها لما تشترط

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 508

الا اذا تقدم منشأ الشك علي العمل، بحيث لو التفت اليه قبل العمل لشك، فان الاظهر حينئذ الاعادة (1).

[مسألة 114: اذا شك في الطهارة في أثناء الصلاة مثلا قطعها و تطهر، و استأنف الصلاة]

(مسألة 114): اذا شك في الطهارة في أثناء الصلاة مثلا قطعها و تطهر، و استأنف الصلاة (2).

______________________________

فيها كالصلاة مثلا و ليست القاعدة مثبتة لما يترتب عليها عقلا.

(1) كما لو شك في صحة وضوئه و لم يكن أذكر حين الوضوء بل كان

غافلا و لكن يحتمل وجدانه للشرائط المقررة فانه لو شك في هذه الصورة قبل الصلاة لم يكن مجال لجريان القاعدة اذ المفروض كون صورة العمل محفوظة فلا مجال للأخذ بالقاعدة للحكم بصحة الصلاة فان المفروض بطلان الوضوء و منشأ الشك في الصلاة ليس الا الشك في صحة الوضوء فلاحظ.

(2) اذ الطهارة شرط للصلاة حتي بالنسبة الي الاكوان المتخللة فاذا شك المصلي في الطهارة بالنسبة الي الاجزاء السابقة يكون شاكا فيها فعلا.

و بعبارة اخري يكون شاكا في الطهارة بالنسبة الي الكون المتخلل الذي هو فيه فلا مجال لجريان قاعدة الفراغ بالنسبة الي الكون الذي فيه لعدم صدق الفراغ.

ان قلت: ما المانع من جريان قاعدة الفراغ بالنسبة الي الاجزاء السابقة و وجوب الوضوء للاجزاء اللاحقة مع التمكن و عدم فوات الموالاة.

قلت: لا يمكن لان الطهارة شرط للكون المتخلل كما ذكرناه فهو، شاك فيها في الان الذي يشتغل بتحصيل الطهارة و لا تجري فيه قاعدة الفراغ لعدم الفراغ بالنسبة اليه فلا بد من استئناف العمل لقاعدة الاشتغال او الاستصحاب.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 509

______________________________

ان قلت: ان الشك في الطهارة مسبب عن الشك في تحقق الغسل و المسح قبل الصلاة و حيث ان محلهما قبل الصلاة فلا مانع من جريان قاعدة التجاوز فيهما و بعد جريان القاعدة لا يكون شك في الشرط اي الطهارة.

قلت: ليس محلهما شرعا قبل الصلاة فان المقرر الشرعي اقترانهما مع الصلاة، نعم يلزم تحققهما قبلا بحكم العقل.

ان قلت: ما المانع من جريان قاعدة التجاوز فيما اذا كان محل المشكوك فيه مقدما عقلا؟ فان عموم التعليل بالاذكرية، و الاقربية الي الحق شامل له أيضا.

قلت: ليس الميزان في جريان القاعدة مجرد الا ذكرية و لو كان المشكوك

فيه خارجا عن المأمور به بل الميزان كون المأمور به جزء أو شرطا قد تجاوز عن محله و المفروض في المقام أن الشرط هو الاقتران و لم يتجاوز عن المحل.

و بعبارة اخري: الشرط هي الطهارة المقترنة و أما الغسل و المسح فهما خارجان عن الصلاة و لذا لا يلتزم الفقهاء بجريان القاعدة فيما يتحقق التجاوز عن المحل العادي كما لو كان عادة الشخص الاستنجاء في بيت الخلا و شك فيه بعد ذلك لا يحكم بتحققه و كذلك من كان عادته الاتيان بالصلاة في اول الوقت فانه لا يحكم به عند الشك.

و مخلص الكلام: أن جريان قاعدة التجاوز مشروط بأمرين: كون المشكوك فيه جزء أو شرطا للمأمور به و كون المكلف في مقام الامتثال و الامر الاول مفقود في المقام.

اضف الي ذلك كله انه لا دليل علي قاعدة التجاوز و التفصيل موكول الي محله.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 510

[مسألة 115: لو تيقن الاخلال بغسل عضو أو مسحه أتي به و بما بعده]

(مسألة 115): لو تيقن الاخلال بغسل عضو أو مسحه أتي به و بما بعده، مراعيا للترتيب و الموالاة و غيرهما من الشرائط (1) و كذا لو شك في فعل من أفعال الوضوء قبل الفراع منه (2).

______________________________

(1) هذا علي طبق القاعدة الاولية فان الاجزاء علي خلاف القاعدة، اضف الي ما ذكر ما مرت من النصوص الدالة علي وجوب الترتيب.

و من النصوص الدالة علي المدعي ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا كنت قاعدا علي وضوئك فلم تدر أ غسلت ذراعيك أم لا فاعد عليهما و علي جميع ما شككت فيه انك لم تغسله، أو تمسحه مما سمي اللّه ما دمت في حال الوضوء فاذا قمت الي الوضوء و فرغت منه و قد صرت في حال

اخري في الصلاة أو في غيرها فشككت في بعض ما سمي اللّه مما أوجب اللّه عليك فيه وضوئه لا شي ء عليك فيه فان شككت في مسح رأسك فاصبت في لحيتك بللا فامسح بها عليه، و علي ظهر قدميك، فان لم تصب بللا فلا تنقض الوضوء بالشك و امض في صلاتك و ان تيقنت انك لم تتم وضوئك فاعد علي ما تركت يقينا حتي تأتي علي الوضوء الحديث «1».

فان ذيل الرواية يدل عليه.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 1، ص: 510

(2) نقل عليه عدم الخلاف بل نقل عليه الاجماع، و يدل عليه ما رواه زرارة «2» فان مقتضي هذه الرواية ان الشك في اثناء الوضوء لا بد من الاعتناء به، و انه لا تجري فيه القاعدة.

و ربما يقال بانه يعارضها ما رواه ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

(2) مر آنفا.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 511

______________________________

قال: اذا شككت في شي ء من الوضوء و قد دخلت في غيره فليس شكك بشي ء انما الشك اذا كنت في شي ء لم تجزه «1».

بتقريب: ان الضمير يرجع الي لفظ الشي ء الوارد في الحديث بدعوي ان الجهة المتبوعية أولي بالملاحظة من الجهة الاقربية فيقع التعارض بين الحديثين، و بعد التعارض يحمل الحديث الاول علي الاستحباب لكن الاجماع المتقدم نقله يقتضي رفع اليد عن الظاهر و الحمل علي بعض المحامل أو طرحه اذ الاجماع قائم علي عدم جريان قاعدة التجاوز اثناء الوضوء.

و ربما يرجع الضمير الي لفظ الشي ء لكن بجعل الجار بيانية، فيكون المراد من الشي ء الوضوء.

ان

قلت: ان اريد من الشي ء الواقع في الذيل خصوص الوضوء كان اللازم أن يقال، اذا كنت في وضوء لم تجزه، و ان اريد مطلق الشك لا يكون الكلي الوارد في الذيل منطبقا علي الصدر.

قلت: علي فرض رجوع الضمير الي الوضوء يستكشف ان الشارع جعل الوضوء شيئا واحدا، أو يقال بان الصدر من حيث المفهوم مهمل.

و لقائل أن يقول: بأن الرواية مجملة و لا تكون ظاهرة في الرجوع الي لفظ الشي ء بل يحتمل رجوعه الي الوضوء، و لا يبعد أن يقال بأن الظاهر من الرواية رجوع الضمير الي الوضوء بحسب الفهم العرفي يبقي اشكال التنافي بين الصدر من حيث المفهوم و كلية الذيل، فلا بد اما من رفع اليد عن المفهوم في الصدر أو جعل الوضوء أمرا واحدا شرعا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 512

اما لو شك بعد الفراغ لم يلتفت (1).

______________________________

اضف الي ذلك انه لا تنافي بين الحديثين فان المستفاد من رواية زرارة ان الشك في الوجود لا بد من الاعتناء به و المستفاد من هذه الرواية عدم الاعتناء به مع الشك في الصحة و احراز اصل الوجود، اذ التجاوز عن الشي ء لا يتحقق الا مع الاتيان به و عليه لا يكون الحديثان متعارضين بل متوافقين في المفاد اذ المستفاد من حديث ابن أبي يعفور ان الشك في أصل الوجود يجب أن يعتني به، و رواية زرارة أيضا تدل علي هذا المعني فان موردها الشك في اصل الوجود.

و بتعبير اخر: رواية ابن أبي يعفور ناظرة الي الشك في الصحة بعد فرض الوجود اي مفاد قاعدة الفراغ، اذ التجاوز عن الشي ء لا يصدق الا مع الاتيان به و حمله

علي التجاوز عن المحل خلاف الظاهر لا يصار اليه بلا قرينة.

نعم يبقي شي ء و هو انه لو شك المتوضي في اثناء الوضوء في صحة بعض الاجزاء مع فرض وجوده فهل تجري القاعدة اي قاعدة الفراغ بناء علي عدم الفرق في جريانها بين كون الشك في أصل العمل بعد الفراغ منه و بين كون الشك في الجزء قبل الفراغ عن العمل؟ فان قلنا بانه قام الاجماع التعبدي علي عدم الجريان فنلتزم بالعدم و بالإجماع نقيد دليل القاعدة و ان لم نقل به اذ قلنا بان القدر المتيقن من الاجماع صورة الشك في اصل الوجود نلتزم بالجريان فلاحظ و تأمل.

(1) لقاعدة الفراغ المعول عليها عندهم و ادعي في المقام انه استفاض نقل الاجماع عليها او تواتره و تدل عليها جملة من النصوص:

منها ما رواه زرارة «1» فان المستفاد من هذه الرواية أنه لا اعتبار بالشك بعد

______________________________

(1) لاحظ ص 510.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 513

______________________________

الفراغ من الوضوء، و منها ما رواه ابن أبي يعفور «1» فان هذه الرواية علي جميع التقادير تدل علي المدعي في المقام كما هو ظاهر.

و منها ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

كل ما مضي من صلاتك و طهورك فذكرته تذكرا فامضه و لا اعادة عليك فيه «2»

و منها ما رواه بكير بن اعين قال: قلت: له الرجل يشك بعد ما يتوضأ قال هو حين يتوضأ اذكر منه حين يشك «3» فان دلالة هذه الرواية علي المدعي في كمال الظهور.

و منها ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كلما شككت فيه مما قد مضي فامضه كما هو «4» الي غيرها من النصوص.

اضف الي ذلك

جريان السيرة و بناء العقلاء في أمورهم، فلا ريب في أصل الحكم و لا اشكال في جريان قاعدة الفراغ.

انما الاشكال في أمر: و هو أنه بما يتحقق الفراغ فانه قيل في هذا المقام بأن المحكي عن جماعة تحققه بفعل الجزء الاخير اذا كان الشك في غيره و ان لم يدخل في شي ء آخر.

و عن بعض الاصحاب الاجماع عليه، و عن بعض نسبته الي ظاهر الاصحاب فيكفي مجرد الفراغ عن الوضوء و لا يلزم الدخول في عمل آخر من صلاة

______________________________

(1) لاحظ ص 510.

(2) الوسائل الباب 42 من أبواب الوضوء الحديث: 6.

(3) الوسائل الباب 42 من أبواب الوضوء الحديث: 7.

(4) الوسائل الباب 23 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 514

______________________________

و نحوها.

لكن ربما يقال: بأن مقتضي حديث زرارة «1» اشتراط جريان القاعدة بالدخول في الغير، و اجيب عن الاستدلال بأن المستفاد من صدر الرواية أن الميزان في عدم الجريان الاشتغال بالوضوء فيكون قرينة علي أن المراد بالذيل التصريح بمفهوم الصدر و العكس بأن يقال: ان الصدر تصريح بمفهوم الذيل خلاف الاصل العقلائي.

و ان شئت قلت: اما يكون المدرك هو الصدر و بالصدر يتصرف في الذيل و اما تصبح الرواية مجملة.

اضف الي ذلك كله: ان المذكور في الذيل عنوان حال اخري و لا يبعد ان يكون المستفاد من هذه الكلمة غير حال الوضوء و الشاهد عليه قوله (ع) في مقام التفسير في الصلاة او غيرها، فانه لو كان المراد حالة مخصوصة لكان المناسب ان يقول- او مثلها- فعليه لا يكون المستفاد من الرواية الا الفراغ.

و اما حديث ابن ابي يعفور «2» فالمستفاد من ذيله اشتراط جريان القاعده بصدق التجاوز، و هذا العنوان يصدق

بالفراغ، و اما صدره فقد مر ان الرواية ليست واضحة المراد و ذكرنا انه يعتبر الصدر مهملا من حيث المفهوم.

و اما حديث زرارة فربما يقال: بأن المستفاد من ذيله و هو قوله: «اذا خرجت من شي ء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشي ء «3» يدل بمفهومه علي ان جريان القاعدة يتوقف علي الدخول في الغير، فيقع التعارض بين

______________________________

(1) تقدم في ص: 510.

(2) تقدم في ص: 510.

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 515

و اذا شك في الجزء الاخير، فان كان ذلك قبل الدخول في الصلاة و نحوها و قبل أن يقوم من مكانه و قبل فوت الموالاة لزمه الاتيان به، و الا فلا (1).

______________________________

الدليلين و بعد التعارض و التساقط لا دليل علي اعتبار القاعدة فلا بد من الاحتياط.

و لكن يمكن ان يقال: اولا: أنه لا يستفاد من رواية زرارة ازيد من الخروج و الدخول في الغير و لا اشكال في أن حال الفراغ من الوضوء غير حال الاشتغال به فيصح ان يقال ان زيدا خرج من الوضوء و دخل في غير الوضوء.

و ثانيا: انه ان ابيت عما ذكرنا فلا أقلّ من الاجمال، و عليه لا مانع من الاخذ بقوله عليه السلام في رواية محمد بن مسلم «كلما شككت فيه مما قد مضي فامضه كما هو «1»» فان مقتضي هذه الرواية ان كل عمل مضي فلا يعتبر الشك فيه.

و ثالثا: انه لا مجال للإشكال مع كون الامر مسلما عند الاصحاب، و كيف يمكن انكار جريان القاعده بعد الفراغ من العمل اي الوضوء.

و رابعا: ان ما رواه محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام «2» دل بالعموم

الوضعي علي كفاية المضي فيقع التعارض بين هذه الرواية و مفهوم حديث زرارة بالعموم من وجه فان ما به الافتراق من ناحية خبر زرارة ما لو لم يخرج من الشي ء و ما به الافتراق من ناحية حديث محمد بن مسلم صورة الدخول في الغير، و أما صورة المضي و عدم الدخول في الغير فتكون مورد التعارض و يؤخذ بحديث محمد بن مسلم لصلاحية العام الوضعي للقرينية للعموم الاطلاقي.

(1) اذ مع الدخول في الصلاة و نحوها يصدق انه خرج من الوضوء و دخل

______________________________

(1) راجع الحديث في الصفحة: 513.

(2) راجع الحديث في ص: 513.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 516

[مسألة 116: ما ذكرناه آنفا من لزوم الاعتناء بالشك، فيما اذا كان الشك أثناء الوضوء]

(مسألة 116): ما ذكرناه آنفا من لزوم الاعتناء بالشك، فيما اذا كان الشك أثناء الوضوء، لا يفرق فيه بين أن يكون الشك بعد الدخول في الجزء المترتب (1) أو قبله (2) و لكنه يختص بغير الوسواسي و أما الوسواسي (و هو من لا يكون لشكه منشأ عقلائي بحيث لا يلتفت العقلاء الي مثله) فلا يعتني بشكه مطلقا (3).

______________________________

في غيره كما انه لو قام من مكانه يصدق انه انصرف عن هذا الحال و دخل في حال آخر فتجري القاعدة كما انه لو فاتت الموالاة يصدق عنوان المضي و الخروج عن الوضوء و الدخول في غيره و اما لو لم تفت الموالاة، و لم يدخل في الصلاة او نحوها و لم يقم من مكانه لم يكن وجه لجريان القاعدة لعدم تحقق موضوعها فلاحظ.

(2) لإطلاق معقد الاجماع و النص، لاحظ رواية زرارة «1».

(3) يمكن ان يذكر في وجه ما ذكر امور:

الاول: الروايات الدالة علي النهي عن العمل بالوسواس، و أنه يلزم ان لا يعود الخبيث بشي ء، منها ما رواه محمد بن

مسلم، عن ابي جعفر عليه السلام قال: اذا كثر عليك السهو فامض علي صلاتك فانه يوشك أن يدعك انما هو من الشيطان «2».

و منها ما رواه زرارة و أبو بصير- الي ان قالا قلنا فانه يكثر عليه ذلك كلما اعاد شك قال يمضي في شكه ثم قال: - لا تعودوا الخبيث من انفسكم نقض الصلاة فتطمعوه، فان الشيطان خبيث معتاد لما عود فليمض احدكم في الوهم

______________________________

(1) راجع الحديث في ص: 510.

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 517

[مسألة 117: اذا كان مأمورا بالوضوء من جهة الشك فيه بعد الحدث اذا نسي شكه و صلي]

(مسألة 117): اذا كان مأمورا بالوضوء من جهة الشك فيه بعد الحدث اذا نسي شكه و صلي، فلا اشكال في بطلان صلاته بحسب الظاهر فتجب عليه الاعادة ان تذكر في الوقت، و القضاء ان تذكر بعده (1).

[مسألة 118: اذا كان متوضئا، و توضأ للتجديد، و صلي، ثم تيقن بطلان احد الوضوءين]

(مسألة 118): اذا كان متوضئا، و توضأ للتجديد، و صلي، ثم تيقن بطلان احد الوضوءين، و لم يعلم ايهما لا اشكال في صحة صلاته،

______________________________

و لا يكثرن نقض الصلاة، فانه اذا فعل ذلك مرات لم يعد اليه الشك، الحديث «1» و هكذا يستفاد ذلك من الحديث الرابع الوارد في هذا الباب فراجع «2».

الثاني: النص الدال علي أنه لا ينبغي أن يعد الوسواسي عاقلا و ان مرشده الشيطان «3».

الثالث: أن الوسواسي لا يجب عليه الجزم بالامتثال لعدم جريان الاستصحاب و لا قاعدة الاشتغال في حقه أما عدم جريان الاستصحاب فلان المنصرف اليه من لفظ الشك الواقع في دليل لا تنقض هو الشك العقلائي، و أما عدم جريان القاعدة فلان العقل انما يستقل بلزوم الامتثال العقلائي دون ما يعد عملا سفهائيا لدي الناس فلا يجب عليه الجزم بالامتثال بل يكفي الاحتمال نعم اذا كان شكه متعارفا يترتب عليه الاثر لكونه مشمولا للدليل.

(1) هذا في كمال الوضوح و المتانه، لا يحتاج الي بسط الكلام فيه فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 4.

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب مقدمات العبادات.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 518

و لا تجب عليه اعادة الوضوء للصلوات الآتية أيضا (1).

[مسألة 119: إذا توضأ وضوءين، و صلي بعدهما، ثم علم بحدوث حدث بعد أحدهما يجب الوضوء للصلاة الآتية]

(مسألة 119): اذا توضأ وضوءين، و صلي بعدهما، ثم علم بحدوث حدث بعد أحدهما يجب الوضوء للصلاة الآتية، لان الوضوء الاول معلوم الانتقاض، و الثاني غير محكوم ببقائه للشك في تأخره و تقدمه علي الحدث (2).

______________________________

(1) اختلف قول الاصحاب في هذا الفرع فنقل عن العلامه (ره) في بعض كتبه و جامع المقاصد و بعض آخر وجوب اعادة الوضوء و الصلاة،

و عن الشيخ (ره) في المبسوط و بعض آخر الصحة.

و الحق أن يقال: ان الوضوء التجديدي علي فرض اصابته للحدث، اما أن يكون رافعا و اما ان لا يكون، اما علي الاول فلا وجه للإشكال، نعم لو قصد التجديدي بنحو التقييد لم يصح علي تقدير فساد الوضوء الاول و اما لا يكون رافعا للحدث، و علي جميع التقادير يكون مقتضي القاعدة صحة الصلاة و الحكم بالطهارة، أما علي تقدير القول بكون التجديدي رافعا للحدث و لم يقصد التجديدي بنحو التقييد فالامر ظاهر و أما علي تقدير عدم القول به أو قصد التجديدي بنحو التقييد، فلا يمكن الحكم بالطهارة علي تقدير فساد الوضوء الاول، لكن لا مانع من الحكم بالصحة علي الوضوء الاول بقاعدة الفراغ، فان اركانها بالنسبة الي الوضوء الاول تامة، و لا يعارضها جريانها بالنسبة الي الوضوء الثاني اذا المفروض ان الوضوء الثاني باطل، اما بلحاظ فساد الاول و اما بلحاظ التقييد.

(2) علي ما تقدم و الامر كما افاده.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 519

و اما الصلاة فيبني علي صحتها لقاعدة الفراغ (1) و اذا كان في محل الفرض قد صلي بعد كل وضوء صلاة اعاد الوضوء لما تقدم، و اعاد الصلاة الثانية، و اما الصلاة الاولي فيحكم بصحتها الاستصحاب الطهارة بلا معارض (2).

______________________________

(1) و الامر كما ذكره اذ لا مانع من جريان قاعدة الفراغ بالنسبة الي الصلاة كما تقدم.

(2) الذي يختلج بالبال انه يشكل جريان استصحاب الطهارة اذ المفروض انه يعلم بحدوث حدث و أيضا يعلم بانه صلي و شك في المتقدم و المتأخر و مقتضي استصحاب الطهارة الي تحقق الفراغ من الصلاة الصحة و مقتضي عدم الاتيان بالصلاة الي زمان حدوث الحدث البطلان

فلا وجه للترجيح.

ان قلت: استصحاب بقاء الطهارة الحاصلة من الوضوء الثاني يعارضها استصحاب بقاء الحدث، و بعد التعارض و التساقط تصل النوبة الي استصحاب بقاء الوضوء الاول.

قلت: التعارض واقع بين استصحاب عدم الاتيان بالصلاة و عدم حدوث الحدث الي زمان الفراغ من الصلاة.

ان قلت: بعد التعارض تصل النوبة الي استصحاب بقاء الطهارة و مقتضاه صحة الصلاة.

قلت: هذا الاصل معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد علي المقدار المعلوم.

و بعبارة اخري: بعد عدم جريان الاستصحاب في عدم حدوث الحدث للمعارضة يشك في ان المجعول الطهارة بمقدار ساعة او ازيد، و مقتضي الاصل

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 520

و الاحوط استحبابا- في هذه الصورة- اعادتها أيضا (1).

[مسألة 120: إذا تيقن بعد الفراغ من الوضوء انه ترك جزءا منه و لا يدري أنه الجزء الواجب أو المستحب]

(مسألة 120): اذا تيقن بعد الفراغ من الوضوء انه ترك جزءا منه و لا يدري انه الجزء الواجب أو المستحب فالظاهر الحكم بصحة وضوئه (2).

[مسألة 121: إذا علم بعد الفراغ من الوضوء أنه مسح علي الحائل، أو مسح في موضع الغسل]

(مسألة 121): اذا علم بعد الفراغ من الوضوء انه مسح علي الحائل، أو مسح في موضع الغسل، أو غسل في موضع المسح، و لكن شك في أنه هل كان هناك مسوغ لذلك من جبيرة، أو ضرورة، أو تقية أولا، بل كان علي غير الوجه الشرعي فالاظهر وجوب الاعادة (3).

______________________________

عدم جعل الزائد فلاحظ و تأمل، فانه دقيق و بالتأمل حقيق.

و الذي يهون الخطب: انه لا مانع من جريان قاعدة الفراغ بالنسبة الي الصلاة الاولي و اما الثانية فلا طريق الي الحكم بالصحة فيها فلا بد من الاعادة كما انه لا مناص من تجديد الوضوء.

(1) للخروج عن شبهة الخلاف.

(2) لقاعدة الفراغ.

(3) ربما يقال بأنه يحكم عليه بالصحة لقاعدة الفراغ.

و فيه أن الظاهر من دليل القاعدة اختصاصها بصورة احراز الوظيفة و الشك في التطبيق و في المقام اصل الوظيفة غير محرز.

و ان شئت قلت: قاعدة الفراغ لا تجري في مورد كون صورة العمل محفوظة، بل تجري في مورد لا تكون صورة العمل محفوظة، فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 521

[مسألة 122: إذا تيقن انه دخل في الوضوء و أتي ببعض أفعاله]

(مسألة 122): اذا تيقن انه دخل في الوضوء و أتي ببعض افعاله و لكن شك في أنه اتمه علي الوجه الصحيح أولا، بل عدل عنه اختيارا او اضطرارا- فالظاهر عدم صحة وضوئه (1).

[مسألة 123: إذا شك بعد الوضوء في وجود الحاجب، أو شك في حاجبيته كالخاتم]

(مسألة 123): اذا شك بعد الوضوء في وجود الحاجب، أو شك في حاجبيته كالخاتم أو علم بوجوده و لكن شك بعده في أنه ازاله أو أنه اوصل الماء تحته بني علي الصحة مع احتمال الالتفات حال الوضوء و كذا اذا علم بوجود الحاجب، و شك في أن الوضوء كان قبل حدوثه او بعده بني علي الصحة (2).

[مسألة 124: إذا كانت أعضاء وضوئه أو بعضها نجسا فتوضأ و شك- بعده- في أنه طهرها أم لا]

(مسألة 124): اذا كانت أعضاء وضوئه أو بعضها نجسا فتوضأ و شك- بعده- في انه طهرها أم لا بني علي بقاء النجاسة، فيجب غسله لما يأتي من الاعمال، و أما الوضوء فمحكوم بالصحة (3) و كذلك لو كان الماء الذي توضأ منه نجسا ثم شك- بعد الوضوء- في أنه طهره قبله أم لا، فانه يحكم بصحة وضوئه، و بقاء الماء نجسا فيجب عليه تطهير ما لاقاه من ثوبه و بدنه (4).

______________________________

(1) لعدم المقتضي للصحة فان مقتضي اصالة عدم تحقق ما شك في حدوثه الحكم بالعدم و لا دليل علي الاتيان، فان قاعدة الفراغ تختص بمورد احراز الفراغ و لو بحسب البناء و في المقام الفراغ غير محرز.

(2) كل ذلك لقاعدة الفراغ فلاحظ.

(3) أما نجاسة العضو فلاستصحاب النجاسة، و أما صحة الوضوء فلقاعدة الفراغ.

(4) قد ظهر وجهه مما ذكرناه فلا نعيد.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 522

[الفصل الخامس في نواقض الوضوء]
اشارة

الفصل الخامس في نواقض الوضوء:

[يحصل الحدث بأمور]
اشارة

يحصل الحدث بأمور.

[الأول و الثاني: خروج البول و الغائط]

الاول و الثاني: خروج البول و الغائط، سواء أ كان من الموضع المعتاد بالاصل (1) أم بالعارض (2).

______________________________

(1) لا اشكال و لا خلاف في أن البول و الغائط الخارجين من الموضع الخلقي، الطبيعي ناقضان للوضوء، و تقتضيه الاية الشريفة من قوله تعالي- أَوْ جٰاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغٰائِطِ «1» * بتقريب أن المجي ء من الغائط كناية عن التخلي، و النصوص المتعددة المتصفة في لسان بعض الاصحاب بالمتواترة.

منها قوله (ع) ليس تنقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك الاسفلين «2» و مثل ذلك احاديث الباب «3».

و قال بعض الاساطين علي ما نقل عنه انه قامت علي ذلك ضرورة الإسلام، و لا يكون المدعي مجازفا في قوله.

(2) يظهر من كلمات القوم في هذا المقام أن الاقوال مختلفة، فمنهم من ذهب كصاحب الحدائق و السبزواري (قدهما) الي عدم الانتقاض و لو مع انسداد المخرج الطبيعي و حصول الاعتياد بقضاء الحاجة عن غير المخرج الطبيعي، و منهم من ذهب الي الانتقاض علي الاطلاق و لو بالخروج بالوسائل الجديدة

______________________________

(1) النساء 43.

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 3.

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب نواقض الوضوء.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 523

______________________________

علي ما هو المتعارف في العصور المتأخرة.

و منهم من فصل بين انسداد المخرج الطبيعي و انفتاح مخرج غيره و بين كون المخرج علي حاله، فيحصل الانتقاض في الصورة الاولي و عدمه في الثانية، و منهم من فصل بين ان يخرج مما دون المعده و بين ما يخرج مما فوقها فيحصل الانتقاض بالاول دون الثاني.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان مقتضي جملة من النصوص حصر الناقض في البول و الغائط الخارجين من الدبر و القبل كما صرح

في جملة من الأحاديث «1» و منها ما رواه زرارة، قال: قلت لأبي جعفر، و أبي عبد اللّه عليهما السلام: ما ينقض الوضوء؟ فقالا: ما يخرج من طرفيك الاسفلين: من الذكر و الدبر، من الغائط و البول الحديث «2» فلا يبقي اشكال من هذه الناحية.

و اما حمل النصوص علي أن موضوع الحكم عبارة عن نفس البول و الغائط بلا مدخلية للمخرج ببركة الحديث السابع و العاشر من الباب المشار اليه (و هما قوله (ع) انما وجب الوضوء مما خرج من الطرفين خاصة، و قوله (ع) و علة التخفيف في البول و الغائط لأنه اكثر و ادوم من الجنابة، فرضي فيه بالوضوء و لكثرته و مشقته و مجيئه بغير ارادة منهم و لا شهوة، و الجنابة لا تكون الا بالاستلذاذ منهم و الاكراه لأنفسهم).

ففيه أنه علي تقدير تمامية الدلالة مخدوش بضعف سنديهما فان طريق الصدوق (ره) الي الفضل ضعيف، كما ان الحديث الاخر، مخدوش بمحمد

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 1 و 2 و 3.

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 524

______________________________

بن سنان.

و لكن يمكن أن يقال: بان الخطاب في النصوص الدالة علي المدعي شخصي يتوجه الي مخاطب خاص كزرارة و لم يكن زرارة مريضا منسد المخرج، و من حيث ان التكليف مشترك بقاعدة الاشتراك لا يكون فرق بين زرارة و غيره فكل من يكون صحيحا لا يكون البول الخارج منه ناقضا الا ما خرج من الذكر و كذلك الغائط و حيث انه مختص بمخاطب لا يكون له مخرج آخر مع الانسداد أو بغيره فلا مانع من الاخذ باطلاق قوله تعالي او جاء احد منكم من

الغائط، و يؤيده اطلاق بعض النصوص «1».

و الاشكال بالاستدلال بالآية الكريمة: بأن ظاهر الكتاب ليس حجة أو الاستدلال به نوع تخمين، كما عن صاحب الحدائق (ره) ليس تاما، فقد ثبت في محله أن ظاهر الكتاب حجة، كما ان الاستدلال به ليس تخمينا بل برهان قوي، كما ان حمل البول و الغائط علي الخارج من المخرجين ليس تاما، فما صنعه صاحب الحدائق (ره) علي ما نقل عنه و كذلك السبزواري (ره) ليس علي طبق القواعد.

يضاف الي ذلك: ان لازم هذا الكلام أن من يخرج مدفوعه من البول و الغائط من المخرج غير الاصلي طوال سنين لا يكون ناقضا لوضوئه، و هو كما تري.

و اما ما اختاره بعض من الانتقاض و لو بسبب خارجي فلا يمكن المساعدة عليه،

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 6.

و سيأتي بعض هذه الاخبار في ص 526 و 527 و لاحظ الوسائل الباب الاول من نواقض الوضوء الحديث 3 و 12 و راجع أيضا الحديث 4 و 10 من هذا الباب.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 525

أم كان من غيره علي الاحوط وجوبا (1) و البلل المشتبه الخارج قبل الاستبراء بحكم البول ظاهرا (2).

______________________________

اذ مقتضي الحصر عدم ناقضية الاخراج بالوسائل الخارجية.

و اما التفصيل بين ما خرج مما دون المعدة و ما فوقها فليس عليه دليل الا أن يكون نظر القائل الي تعيين الموضوع بأن يقول ان ما خرج عن ما فوق المعدة لا يصدق عليه الغائط حتي يحكم بكونه ناقضا، لوضوح ان الغذاء الوارد في المعدة انما يصدق عليه الغائط اذا انهضم و انحدر الي الا معاء و خلع عنه الصورة النوعية الكيلوسية، و اما اذا لم ينحدر من المعدة بل

خرج عن ما فوقها فلا يطلق عليه الغائط بل يعبر عنه بالقي ء.

(1) فان الحكم مبني علي الاحتياط و الا فمقتضي ما ذكرناه عدم ناقضية ما يخرج من غير المخرج المعتاد اعم من العارضي و الاصلي.

ان قلت: ما الوجه في عدم الاخذ بالاطلاق و الالتزام بناقضية البول و الغائط علي نحو الاطلاق حتي فيما يكون الخروج بسبب خارجي قلت: يستفاد من جملة من النصوص «1» حصر الناقض فيما يخرج من القبل و الدبر، فتأمل.

اضف الي ذلك: ان الانصاف يقتضي بأن المطلق من الادلة ينصرف عن الافراد غير المتعارفة فان قوله تعالي أَوْ جٰاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغٰائِطِ «2» * لا يشمل باطلاقه البول الخارج بسبب خارجي من الظهر و لكن الاحتياط لا ينبغي تركه بل تلزم رعايته.

(2) كما مر في فصل الاستبراء فراجع.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 1 و 2 و 3 و 4.

(2) النساء: 43.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 526

[الثالث: خروج الريح من الدبر أو من غيره]

الثالث: خروج الريح (1) من الدبر (2) أو من غيره، اذا كان من شأنه أن يخرج من الدبر (3) و لا عبرة بما يخرج من القبل و لو مع الاعتياد (4).

______________________________

(1) انتقاض الوضوء بالريح من المسائل المتسالم عليها بين الفريقين.

يضاف الي ذلك: جملة من النصوص الدالة علي المدعي، منها ما ورد عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يوجب الوضوء الا من غائط او بول او ضرطة تسمع صوتها او فسوة تجد ريحها «1» و بهذا المضمون ورد اخبار اخر في باب النواقض فراجع «2».

(2) الكلام فيه هو الكلام في البول و الغائط، فان مقتضي الحصر عدم انتقاض ما يخرج من غير الدبر، لاحظ الحديث الثاني من الباب

الثاني من النواقض «3».

لكن هذا مخصوص بالشخص السالم كزرارة و اما غيره فمع كون الخروج من المخرج العادي و لو بالعارض، فيدل علي كونه ناقضا اطلاق الحديث الثاني من الباب الاول من النواقض (الذي تقدم ذكره آنفا) و غيره.

(3) بأن يصدق عليه احد العنوانين المذكورين في النصوص، من الفسوة و الضرطة و قد ظهر الوجه في التعميم مما ذكرناه آنفا فلاحظ.

(4) الظاهر انه لا يتفق في الرجال و عن جماعة ان ذلك يتفق في قبل النساء و انه سبب للانتقاض معللين ذلك بان له منفذا الي الجوف فيمكن الخروج من

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 1 و 2 الحديث: 3 و 4 و 5 و 9 و الحديث: 6 و 7.

(3) قد تقدم في ص 523.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 527

[الرابع: النوم الغالب علي العقل]

الرابع: النوم (1).

______________________________

المعدة اليه.

و الحق عدم الانتقاض به كما ذكره الماتن، و ذلك لان الريح ليس ناقضا علي الاطلاق بل الناقض ما يكون معنونا باحد العنوانين، و الخارج من القبل لا يعنون بهذا العنوان كما أنه لا يعنون بهما ما لا يخرج من المعدة كنفخ الشيطان او الريح الداخل من الخارج بالاحتقان و نحوه.

(1) لا اشكال في كون النوم ناقضا للوضوء اجمالا، نعم نسب الخلاف الي الصدوقين (ره) من الخاصة و الي الاوزاعي من العامة، و في صحة النسبة اشكال.

و كيف كان يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي «إِذٰا قُمْتُمْ إِلَي الصَّلٰاةِ» «1» و ذلك باحد وجهين:

احدهما ان القيام في الاية هو القيام من النوم لرواية ابن بكير، قال: قلت:

لأبي عبد اللّه عليه السلام: قوله تعالي: (إِذٰا قُمْتُمْ إِلَي الصَّلٰاةِ) ما يعني بذلك؟

قال: اذا قمتم من النوم قلت:

ينقض النوم الوضوء؟ فقال: نعم اذا كان يغلب علي السمع و لا يسمع الصوت «2».

اضف الي ذلك: انه نقل عن الشيخ (ره) في التبيان و العلامة (ره) في المنتهي اجماع المفسرين عليه.

ثانيهما: اطلاق الاية الكريمة، مع قطع النظر عن الرواية فان مقتضي الاطلاق ان القائم للصلاة يجب عليه الوضوء اعم من أن يكون قيامه من النوم

______________________________

(1) المائدة: 6.

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 7.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 528

الغالب علي العقل (1) و يعرف بغلبته علي السمع (2).

______________________________

أو من غيره، و انما لا نقول بالنسبة الي غير النوم بالإجماع و الضرورة، فان المتطهر لا يحب عليه الوضوء فيبقي القائم من النوم تحت الآية الشريفة.

يضاف الي ذلك: النصوص الدالة علي ناقضية النوم، منها ما مر قريبا و منها قوله (ع) لا ينقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك أو النوم «1» و جملة من الأحاديث الاخر فراجع «2».

(1) المستولي علي القلب الموجب لتعطيل الحواس.

و ان شئت قلت: الناقض هو حقيقة النوم و يدل علي كون الناقض النوم اذا ذهب بالعقل، ما عن الرضا عليه السلام اذا ذهب النوم بالعقل فليعد الوضوء «3».

و يدل علي المدعي أيضا من كون الميزان تحقق النوم، حديثا زيد الشحام و عبد الرحمن بن الحجاج (و هما قوله (ع) ان عليا عليه السلام كان يقول: من وجد طعم النوم فانما اوجب عليه الوضوء و قوله (ع) من وجد طعم النوم قائما او قاعدا فقد وجب عليه الوضوء «4»).

(2) الناقض كما مر تحقق النوم الذي يذهب بالعقل، و بعبارة اخري: النوم هو الذي يوجب تعطيل الحواس عن احساساتها، فيصح أن يقال بأن طريق استكشاف حصوله استيلائه علي السمع و البصر،

لا أن نومهما موضوع للحكم كي يتوهم عدم انتقاض الوضوء في فاقد الحاستين اذ لا عين له فيبصر و ينام و لا اذن له ليسمع و ينام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب نواقض الوضوء الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 3 من ابواب نواقض الوضوء الحديث: 2 و 3 و 4 و 13.

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 2.

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء الحديث 8 و 9.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 529

من غير فرق بين أن يكون قائما و قاعدا و مضطجعا (1).

______________________________

و تدل علي المدعي بالصراحة النصوص الواردة عن زيد و عبد الرحمن و عبد اللّه بن المغيرة (و تقدم ذكر الاخير) «1».

نعم ربما يستفاد من بعض النصوص: ان الميزان في الانتقاض، استيلاء النوم علي القلب و السمع و الاذن كرواية زرارة قال: قلت له الرجل ينام و هو علي وضوء أ توجب الخفقة و الخفقتان عليه الوضوء؟ فقال: يا زرارة قد تنام العين و لا ينام القلب و الاذن فاذا نامت العين و الاذن و القلب وجب الوضوء الحديث «2» و كرواية سعد «3» لكن المراد معلوم و انه ربما يغمض الشخص عينه و ليس نائما.

و صفوة القول ان نوم العين و الاذن لا دخل له في تحقق الموضوع، و الموضوع عبارة عن تحقق النوم بحيث يجد الانسان طعمه كما ذكر في الخبر.

(1) لإطلاق النصوص و في المقام نصوص ربما يستفاد منها الخلاف:

الاول: ما ارسله الصدوق (ره) و هذه الرواية «4» لا اعتبار بها لإرسالها، و مجرد كونها مروية للصدوق، و هو ملتزم بالعمل بما يرويه لا يوجب الاعتبار كما هو ظاهر.

الثاني: ما رواه بكر بن أبي بكر الحضرمي،

قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام هل ينام الرجل و هو جالس؟ فقال: كان ابي يقول: اذا نام الرجل

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 2 و 8 و 9.

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 1.

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 8.

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 11.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 530

______________________________

و هو جالس مجتمع فليس عليه وضوء و اذا نام مضطجعا فعليه الوضوء «1» و هذه الرواية ضعيفة ببكر.

الثالث: ما رواه عمران بن حمران، و هذه الرواية ضعيفة بعمران «2».

الرابع: ما رواه سماعة بن مهران، انه سأله عن الرجل يخفق رأسه و هو في الصلاة قائما او راكعا، فقال: ليس عليه وضوء «3».

و هذه الرواية قاصرة من حيث الدلالة فان الخفقة اعم من النوم.

يضاف الي ذلك: انها تعارض بغيرها لاحظ حديث عبد الحميد بن عواض عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: من نام و هو راكع أو ساجد أو ماش علي أي الحالات فعليه الوضوء «4» و الترجيح مع الطائفة الثانية لموافقتها الكتاب، فلاحظ.

بقي شي ء: و هو انه ربما يستفاد من رواية أبي الصباح الكناني- عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يخفق و هو في الصلاة؟ فقال: ان كان لا يحفظ حدثا منه ان كان، فعليه الوضوء و اعادة الصلاة، و ان كان يستيقن انه لم يحدث فليس عليه وضوء و لا اعادة «5»، ان النوم انما يكون ناقضا لأنه مظنة الحدث و مع القطع بعدم تحققه لا يوجب النوم الوضوء.

و لا يبعد أن يكون المراد من الخبر انه اذا كان بحد لا يلتفت

الي خروج

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 15.

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 14.

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 12.

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 3.

(5) الوسائل الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 531

و مثله كل ما غلب علي العقل من جنون أو اغماء أو سكر أو غير ذلك (1).

______________________________

الحدث منه يبطل وضوئه و الا فلا، فيكون المقصود تحقق النوم و عدمه، و لا اشكال في أن النوم ناقض بنفسه، لاحظ ما رواه اسحاق بن عبد اللّه الاشعري، عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: لا ينقض الوضوء الا حدث، و النوم حدث «1».

(1) الظاهر ان العمدة التسالم عليه بين الاصحاب، فعن المنتهي لا نعرف فيه خلافا و عن النهاية نسبته الي علمائنا و عن الغنية و الدلائل و الكفاية اجماع الاصحاب عليه، و عن التهذيب اجماع المسلمين، و عن الخصال انه من دين الامامية، و عن البحار ان اكثر الاصحاب نقلوا الاجماع علي ناقضيته، و عن المحقق الهمداني (ره) انه قلما يوجد في الاحكام الشرعية مورد يمكن استكشاف قول الامام (ع) أو وجود دليل معتبر من اتفاق الاصحاب مثل المقام، كما انه قلما يمكن الاطلاع علي الاجماع لكثرة ناقليه و اعتضاد نقلهم بعدم نقل الخلاف كما فيما نحن فيه.

و لا يخفي ان هذه الاجماعات المنقولة و التسالم المدعي ان اوجبا العلم برأي المعصوم كما هو ليس ببعيد فهو و الا يشكل الامر اذ مجرد الاجماع و التسالم لا يغنيان من الحق شيئا.

و في المقام نصوص يمكن القول بانها دالة علي المدعي.

منها ما رواه زرارة بتقريب ان

المستفاد من ذيل الرواية ان الناقض ذهاب العقل،- و هو قوله (ع) و النوم حتي يذهب العقل- «2» و فيه ان المستفاد

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 4.

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 532

______________________________

من الرواية ان حد النوم الناقض ذهاب العقل.

و منها ما عن عبد اللّه بن المغيرة، و محمد بن عبد اللّه، قالا: سألنا الرضا عليه السلام عن الرجل ينام علي دابته؟ فقال: اذا ذهب النوم بالعقل فليعد الوضوء «1».

و التقريب، هو التقريب و الجواب هو الجواب.

و منها ما رواه معمر بن خلاد، قال: سألت ابا الحسن عليه السلام عن رجل به علة لا يقدر علي الاضطجاع و الوضوء يشتد عليه و هو قاعد مستند بالوسائد فربما اغفي و هو قاعد علي تلك الحال قال: يتوضأ، قلت له ان الوضوء يشتد عليه لحال علته فقال: اذا خفي عليه الصوت فقد وجب عليه الوضوء و قال: يؤخر الظهر و يصليها مع العصر يجمع بينهما، و كذلك المغرب و العشاء «2».

و تقريب الاستدلال بالرواية علي المدعي بنحوين:

احدهما: ان المراد بالاغفاء الاغماء بقرينة لفظ ربما الدال علي التكثير، فان العارض علي القاعد كثيرا هو الاغماء، و فيه ان المراد به النوم و المراد من لفظ ربما التقليل اي قد اغفي و انما استعمل هذا اللفظ في المقام لان العادة في النوم ان يكون في حال الاضطجاع فعروض النوم في حال القعود اتفاقي.

ثانيهما: قوله (ع) في الذيل اذا خفي عليه الصوت فقد وجب عليه الوضوء، فانه يدل علي أن خفاء الصوت علي المكلف علة للانتقاض، و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين أن يكون للنوم او لعلة اخري،

فالناقض زوال العقل باي سبب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 533

[الخامس: الاستحاضة]

الخامس: الاستحاضة علي تفصيل يأتي ان شاء اللّه تعالي (1).

[مسألة 125: اذا شك في طر واحد النواقض بني علي العدم]

(مسألة 125): اذا شك في طر واحد النواقض بني علي العدم (2) و كذا اذا شك في أن الخارج بول أو مذي، فانه يبني علي عدم كونه بولا، الا أن يكون قبل الاستبراء فيحكم بانه بول، فان كان متوضأ انتقض وضوئه (3).

[مسألة 126: إذا خرج ماء الاحتقان و لم يكن معه شي ء من الغائط لم ينتقض الوضوء]

(مسألة 126): اذا خرج ماء الاحتقان و لم يكن معه شي ء من الغائط لم ينتقض الوضوء و كذا لو شك في خروج شي ء من الغائط معه (4).

______________________________

و فيه ان الضمير يرجع الي الرجل النائم، فالاستدلال غير تام.

(1) و نتعرض لدليل المسألة هناك ان شاء اللّه تعالي.

(2) للاستصحاب فان مقتضاه عدم حدوث ما شك فيه كما دل عليه النص بالخصوص، كقوله (ع) اذا استيقنت انك قد احدثت فتوضأ، و اياك ان تحدث وضوءا ابدا حتي تستيقن انك قد احدثت «1» و كرواية اخري «2».

(3) لتقديم الظاهر علي الاصل، و قد مر تفصيل الكلام في فصل الاستبراء فراجع.

(4) الوجه فيه ظاهر فانه مع القطع بعدم خروج الغائط يعلم بعدم تحقق الناقض و في صورة الشك يشك في تحققه، و الاصل عدمه كما هو المقرر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 7.

(2) قد تقدم في ص: 529.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 534

[مسألة 127: لا ينتقض الوضوء بخروج المذي]

(مسألة 127): لا ينتقض الوضوء بخروج المذي (1).

______________________________

(1) اذ ادلة الناقضية الحاصرة تقتضي نفي ناقضيته، اضف الي ذلك جملة من النصوص الدالة علي عدم كونه ناقضا:

منها ما ورد عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن المذي يسيل حتي يصيب الفخذ، قال: لا يقطع صلاته و لا يغسله من فخذه، انه لم يخرج من مخرج المني، انما هو بمنزلة النخامة «1».

و منها ما ورد عن زيد الشحام، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: المذي ينقض الوضوء؟ قال: لا و لا يغسل منه الثوب و لا الجسد، انما هو بمنزلة البزاق و المخاط «2».

و منها ما رواه محمد بن علي بن الحسين. قال: كان امير المؤمنين عليه السلام لا يري في

المذي وضوء، و لا غسل ما اصاب الثوب منه «3» و هكذا ورد روايات اخر في الباب فراجع «4».

فان هذه النصوص، كما تري تدل علي عدم ناقضية المذي علي نحو الاطلاق.

و في قبال هذه النصوص نصوص تدل علي ناقضيته كذلك منها قوله (ع) المذي منه الوضوء «5» و منها ما ورد عن محمد بن اسماعيل بن بزيع قال:

سألت الرضا (ع) عن المذي، فامرني بالوضوء منه، ثم اعدت عليه في سنة

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 3.

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 5.

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 18.

(4) الوسائل الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 1 و 2 و 4 و 7 و 8 و 9 و 14 و 19.

(5) الوسائل الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 16.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 535

______________________________

اخري، فامرني بالوضوء منه، و قال: ان عليا عليه السلام امر المقداد بن الاسود ان يسأل النّبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم و استحي ان يسأله، فقال: فيه الوضوء «1» فيقع التعارض بين الطرفين و الترجيح مع الطائفة الاولي، فانها موافقة مع اطلاق الكتاب فان مقتضي اطلاق قوله تعالي (المائدة: 5) ان من قام من النوم و توضأ او من كان جنبا فاغتسل جاز له الدخول في الصلاة أمذي او لم يمذ، مضافا الي ان العامة قائلون بالنقض علي ما نقل عنهم، فالترجيح مع الطائفة الدالة علي عدم الناقضية.

و في المقام: طائفة ثالثة من النصوص تدل علي التفصيل بين أن يكون خارجا عن شهوة فينقض و أن لا يكون خارجا عن شهوة فلا ينقض، منها ما ورد عن ابي بصير،

قال: قلت لأبي عبد اللّه (ع): المذي يخرج من الرجل، قال احد لك فيه حدا؟

قال: قلت نعم، جعلت فداك، قال: فقال: ان خرج منك علي شهوة فتوضأ، و ان خرج منك علي غير ذلك فليس عليك فيه وضوء «2» و قريب من هذا المضمون خبر آخر «3».

و هذه الطائفة غير قابلة لان تقيد الطائفة الاولي، اذ المذي كما يستفاد من كلام بعض اهل اللغة و أيضا يستفاد من بعض النصوص، هو الماء الذي يخرج عن شهوة و لذا كان علي (ع) يستحيي أن يسأل رسول اللّه (ص)، فبعد دلالة بعض النصوص علي عدم ناقضيته و بعض آخر علي ناقضيته يكون التعارض بينهما بالتباين، و الترجيح كما مر مع الطائفة الاولي بالموافقة مع الكتاب

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 17.

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 10.

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 11.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 536

او الودي (1).

______________________________

و المخالفة مع العامة هذا علي تقدير القول بان المذي لا ينفك عن الشهوة.

و اما لو قلنا بان المذي اعم من أن يخرج عن شهوة فلا اشكال في أن الفرد الغالب منه الخارج عن شهوة، فلا يمكن حمل المطلقات علي الفرد النادر، فالتعارض بحاله.

و ان ابيت و قلت: بأن التعارض بالاطلاق و التقييد، فنقول: قد دل بعض النصوص علي عدم ناقضية ما كان خارجا عن شهوة، منها قوله (ع) ليس في المذي من الشهوة و لا من الانعاظ، و لا من القبلة، و لا من مس الفرج، و لا من المضاجعة وضوء، و لا يغسل منه الثوب و الجسد «1» و نظير ذلك وردت رواية اخري فراجع «2».

اضف الي

ذلك: انه لو كان المذي ناقضا لم يكن امرا مستورا عند الاصحاب، و الحال ان عدم كونه ناقضا من الامور الظاهرة لدي الكل بحيث يكون خلافه قارعا للسمع فلاحظ.

(1) قد ظهر مما ذكرناه آنفا ان اطلاق الكتاب يقتضي عدم ناقضيته و كذلك النصوص الحاصرة، مضافا الي ان اقتضاء الاصل العملي كذلك فلاحظ.

و قد وردت عدة نصوص في الودي لا بد من ملاحظتها، منها ما رواه ابن رباط، عن بعض اصحابنا، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يخرج من الاحليل المني و الوذي و المذي، و الودي، فاما المني فهو تسترخي له العظام، و يفتر منه الجسد و فيه الغسل، و أما المذي يخرج من شهوة و لا شي ء فيه، و اما الودي

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 13.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 537

أو الوذي (1).

______________________________

فهو الذي يخرج بعد البول، الحديث «1» و هذه الرواية لاعتبار بسندها مضافا الي انه ليس لها دلالة علي المقصود.

و منها ما رواه زرارة، عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: ان سال من ذكرك شي ء من مذي او ودي و انت في الصلاة فلا تغسله، و لا تقطع له الصلاة، و لا تنقض له الوضوء، و ان بلغ عقبيك، فانما ذلك بمنزلة النخامة، الحديث «2» و هذه الرواية تدل علي عدم الانتقاض بالودي.

و منها ما رواه ابن سنان: يعني عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه (ع) قال: ثلاث يخرجن من الاحليل: و هن المني، و فيه الغسل، و الودي فمنه الوضوء، لأنه يخرج من دريرة البول الحديث «3».

و هذه الرواية تدل علي الانتقاض، و يقع التعارض بين

الحديثين و الترجيح مع الاول لموافقة الكتاب بل و لمخالفة العامة.

قال في الوسائل: بعد نقل الحديث، و يمكن الحمل علي التقية و علي الاستحباب، و ينقل عن الشيخ (قده) انه محمول علي من ترك الاستبراء بعد البول، و علي جميع التقادير لا يثبت به المدعي، مضافا الي وضوح الامر كما اشرنا اليه آنفا فلاحظ.

(1) ذكر في ذيل مرسلة ابن رباط لفظ الوذي و هو قوله (ع) و اما الوذي

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 6.

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 2.

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 14.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 538

و الاول ما يخرج بعد الملاعبة (1).

و الثاني ما يخرج بعد خروج البول (2) و الثالث ما يخرج بعد خروج المني (3).

______________________________

فهو الذي يخرج من الادواء و لا شي ء فيه «1» و المرسله لاعتبار بها، مضافا الي ان مفادها يقتضي عدم الانتقاض بالصراحة.

(1) كما هو المشاهد بالوجدان و يستفاد من أن عليا (ع) كان رجلا مذاء فاستحيي ان يسأل رسول اللّه (ص) الحديث «2» و قريب من هذا الحديث خبر آخر «3».

و يؤيد المدعي، بل يدل عليه ما رواه عمر بن يزيد، قال: اغتسلت يوم الجمعة بالمدينة و لبست اثوابي، و تطيبت، فمرت بي وصيفة، ففخذت لها، فامذيت انا و امنت هي، فدخلني من ذلك ضيق، فسألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذلك، فقال: ليس عليك وضوء، و لا عليها غسل «4».

(2) يدل عليه حديث ابن سنان «5» و مرسل ابن رباط «6».

(3) لم نجد له مستندا، و مرسل ابن رباط لا يدل علي المدعي، مضافا الي ضعف السند فيه.

______________________________

(1) قد تقدم صدر الحديث

في ص: 536 فراجع.

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 7.

(3) قد تقدم هذا الخبر في ص: 536.

(4) الوسائل الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 13.

(5) قد تقدم في ص: 537.

(6) قد تقدم في ص: 536.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 539

[الفصل السادس حكم من استمر به الحدث كالمبطون و المسلوس و احواله الأربع]
اشارة

الفصل السادس من استمر به الحدث في الجملة كالمبطون و المسلوس و نحوهما له احوال اربع: الاولي: ان تكون له فترة تسع الوضوء و الصلاة الاختيارية، و حكمه وجوب انتظار تلك الفترة و الوضوء و الصلاة فيها (1).

______________________________

(1) هذا ما تقتضيه القاعدة الاولية فان الصلاة التامة مطلوبة من المكلف بين الحدين و مع امكان امتثاله لا تصل النوبة الي البدل الاضطراري.

و بعبارة اخري: مع امكان الاتيان بالعمل التام الاختياري لا تصل النوبة الي العمل الاضطراري الا مع الدليل. و ليس لنا دليل في المقام بل الدليل علي خلافه:

لاحظ ما رواه منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يعتريه البول و لا يقدر علي حبسه، قال: فقال لي: اذا لم يقدر علي حبسه فاللّه اولي بالعذر يجعل خريطة «1» فان مفاد هذا الحديث يقتضي عدم وصول النوبة الي العمل الاضطراري الا مع عدم القدرة.

و عن الجواهر لا اجد في المسلوس خلافا سوي ما ينقل عن الأردبيلي (قده) من احتمال عدم الوجوب لإطلاق الادلة، و من الظاهر ان المكلف لا يمكنه الاتيان بالعمل الاختياري حين العذر و اما مع الفترة فلا تصل النوبة الي الاضطراري و صفوة القول ان دليل العمل الاضطراري لا يشمل صورة امكان الاتيان بالعمل الاختياري كما هو المفروض.

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 540

الثانية: أن لا تكون

له فترة اصلا، او تكون له فترة يسيرة لا تسع الطهارة و بعض الصلاة، و حكمه الوضوء و الصلاة، و ليس عليه الوضوء لصلاة اخري (1).

______________________________

(1) كما عليه صاحب العروة (قده) و يمكن ان يستدل عليه بانه لا فائدة في التجديد.

و ان شئت قلت اما لا يكون هذا الحدث الخاص حدثا بالنسبة الي هذا الشخص و اما يكون، اما علي الاول فلا يكون ناقضا فلا وجه لإعادة الوضوء و اما علي الثاني فلا اثر للتجديد و لو لا قيام الاجماع علي الوجوب للصلاة الاولي لم يجب الوضوء لها هكذا نقل عن الجواهر.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه سماعة قال: سألته عن رجل اخذه تقطير من قرحه (فرجه خ ل) اما دم، و اما غيره قال: فليصنع خريطة و ليتوضأ و ليصل، فانما ذلك بلاء ابتلي به، فلا يعيدن الا من الحدث الذي يتوضأ منه «1».

بتقريب ان المستفاد من هذا الحديث كفاية الوضوء الواحد في اول الامر و عدم اعادته الا عند حصول الحدث الناقض.

لكن يرد علي الاستدلال اولا: بان سماعة من الواقفة و لا يعمل مع مضمراته ما يعمل مع مضمرات امثال زرارة و ابن مسلم، فتأمل.

و ثانيا: لم يفرض في الحديث خروج البول بل فرض خروج الدم و امثاله فلا يرتبط بالمقام و لذا اورد الحديث الشيخ الحر العاملي (قده) في باب عدم الانتقاض بالرعاف و الحجامة، و خروج الدم غير الحيض و النفاس و الاستحاضة

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 9.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 541

______________________________

- و اللّه العالم.

و لكن الحق عدم تمامية ما ذكر فانه يعمل بمضمرات سماعة كما ان كلمة- غيره- يشمل البول فلاحظ.

و عن العلامة (قده)

في المنتهي: جواز الجمع بين كل من الظهرين و العشاءين بوضوء واحد و اختصاص الصبح بوضوء واحد و اما ما عداها فيجب الوضوء لكل صلاة.

و احتج علي ذلك بما رواه حريز بن عبد اللّه عن ابي عبد اللّه عليه السلام انه قال: اذا كان الرجل يقطر منه البول و الدم اذا كان حين الصلاة اخذ كيسا و جعل فيه قطنا ثم علقه عليه و ادخل ذكره فيه ثم صلي يجمع بين صلاتين الظهر و العصر يؤخر الظهر، و يعجل العصر باذان و اقامتين، و يؤخر المغرب و يعجل العشاء باذان و اقامتين و يفعل ذلك في الصبح «1».

و هذه الرواية كما تري لا تدل علي المدعي اذ ليس فيها ذكر من الوضوء، فانه لا يبعدان يكون الامر بالجمع بين الصلاتين ارشادا الي الطريق الاسهل اذ يلزم التحفظ عن تلوث البدن و الثياب بالبول، فاذا جمع المكلف بين الصلاتين يكون اسهل فلاحظ.

و اما الحديث الرابع من الباب فهو ضعيف سندا بضعف اسناد الشيخ (ره) الي العياشي و رواه الصدوق (قده) مرسلا في الفقيه عن أبي جعفر عليه السلام انه قال: صاحب البطن الغالب يتوضأ و يبني علي صلاته «2» و ليس له طريق آخر،

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 1.

(2) الفقيه ج 1 ص 237 الحديث: 11.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 542

الا ان يحدث حدثا اخر، كالنوم و غيره، فيجدد الوضوء لها (1).

______________________________

فالرواية ضعيفة سندا فلا تغفل.

و اما الحديث الثالث: فلا يدل علي تجديد الوضوء بل يدل علي عدم وجوب التجديد في الاثناء، و لنا ان نقول ان المستفاد من الحديث الثاني ان المسلوس ليس عليه شي ء و لا بأس بان يصلي محدثا

فان اللّه اولي بان يقبل العذر فانما عليه ان يجعل خريطة مانعة عن السراية، فيستفاد من هذه الراوية حكم المسلوس و يستفاد حكم المبطون من حديث محمد بن مسلم قال: سألت ابا جعفر عليه السلام عن المبطون فقال: يبني علي صلاته «1» و رواه في الوسائل مثله «2» فان المستفاد من هذا الحديث ان المبطون معذور و يصلي، بل المستفاد من حديثي منصور و سماعة «3» عموم الحكم للمسلوس و المبطون لاشتراك العذر و العلة.

و المستفاد منهما ان الملاك للاجزاء وجود العذر، فالنتيجة انه لا دليل علي تجديد الوضوء.

(1) الظاهر من كلامه عدم وجوب تجديد الوضوء للبول حتي اذا بال علي النحو العادي و بالاختيار

و بعبارة اخري: لا يلزم الوضوء بالنسبة الي المسلوس اذا بال و المبطون اذا تغوط، و الامر كما افاده اذ كما ذكرنا ليس علي ما ادعوه في المقام دليل من النصوص.

و لقائل أن يقول: ان المستفاد من حديث سماعة، ان التقطير لا باس به، و اما لو بال المسلوس علي النحو العادي ينتقض وضوئه الا ان يقال بان الظاهر من قوله

______________________________

(1) التهذيب ج 3 ص 305 الحديث: 19.

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 3.

(3) قد تقدم الخبر ان في ص 539- 540.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 543

الثالثة: ان تكون له فترة تسع الطهارة و بعض الصلاة، و لا يكون عليه- في تجديد الوضوء في الاثناء مرة أو مرات- حرج، و حكمه الوضوء و الصلاة في الفترة (1).

و لا يجب عليه اعادة الوضوء اذا فاجأه الحدث اثناء الصلاة او بعدها (2).

______________________________

(ع) الا من الحدث الذي يتوضأ منه ظاهر في بقية الاحداث، و اللّه العالم.

(1) استدل عليه بالإجماع و بالنصوص

اما الاجماع فالانصاف ان تحصيله بنحو يكون كاشفا عن رأي المعصوم في غاية الاشكال، و اما النصوص فالظاهر انه ليس نص معتبر دال علي المدعي.

نعم يمكن استفادة المدعي من حديث محمد بن مسلم الذي يأتي ذكره «1» و لكنه ضعيف سندا.

و ربما يقال بان مقتضي ما دل علي اشتراط افعال الصلاة بالطهارة التجديد فيكفي له الادلة الاولية الدالة علي اشتراط الطهارة.

ان قلت: ان الاكوان المتخللة في الصلاة مشروطة بالطهارة.

قلت: الاجماع قائم علي عدم بطلان الصلاة بالحدث في الفرض المذكور، لكن لا تصل النوبة الي هذا البيان بعد النصوص الخاصة الواردة في المقام، و قلنا ان المستفاد منها انه لا يجب الوضوء.

(2) لعدم الدليل عليه و ضعف رواية محمد بن مسلم كما ذكرناه.

______________________________

(1) يأتي ذكره في ص 444.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 544

و ان كان الاحوط أن يجدد الوضوء كلما فاجأه الحدث اثناء صلاته و يبني عليها (1) كما ان الاحوط اذا احدث- بعد الصلاة- ان يتوضأ للصلاة الاخري (2).

الرابعة: الصورة الثالثة، لكن يكون تجديد الوضوء في الاثناء حرجا عليه، و حكمه الاجتزاء بالوضوء الواحد، ما لم يحدث حدثا آخر (3).

______________________________

و لقائل ان يقول كيف التوفيق في الجمع بين صدر عبارة الماتن و ذيله اذ لو كان تجديد الوضوء واجبا عليه كما يستفاد من الصدر كيف لا يجب عليه الوضوء اذا فاجأه الحدث اثناء الصلاة و بعدها، و أيضا كيف التوفيق بين الزامه بالوضوء مكررا في الصدر و الاحتياط بالتكرار في الذيل، و يمكن أن يكون مراده من الاثناء في صدر العبارة اثناء الصلوات، و لا تخلو العبارة أيضا من الاشكال كما لا يخفي علي الخبير.

(1) كي يعمل بالرواية.

(2) خروجا عن شبهة الخلاف، فان المستفاد من

كلام السيد اليزدي (قده) في عروته وجوب التجديد، كما انه يمكن ان يقال ان مقتضي اطلاق حديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال: صاحب البطن الغالب يتوضأ ثم يرجع في صلاته فيتم ما بقي «1» وجوبه فلاحظ.

(3) الوجه فيه ما مر، مضافا الي أن الحرج يقتضي رفع الوجوب فعلي فرض الوجوب في صورة عدم الحرج نلتزم بعدمه للحرج في هذه الصورة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 545

و الاحوط أن يتوضأ لكل صلاة (1).

[مسألة 128: الاحوط لمستمر الحدث الاجتناب عما يحرم علي المحدث]

(مسألة 128): الاحوط لمستمر الحدث الاجتناب عما يحرم علي المحدث (2) و ان كان الاظهر عدم وجوبه، فيما اذا جاز له الصلاة (3).

[مسألة 129: يجب علي المسلوس و المبطون التحفظ من تعدي النجاسة الي بدنه و ثوبه مهما امكن]

(مسألة 129): يجب علي المسلوس و المبطون التحفظ من تعدي النجاسة الي بدنه و ثوبه مهما امكن بوضع كيس أو نحوه (4).

______________________________

(1) يمكن أن يكون الوجه في هذا الاحتياط انه اسند الي المشهور الحكم علي المسلوس بالوضوء لكل صلاة بالنسبة الي الصورة المفروضة في المتن و كذلك بالنسبة الي المبطون فاقتضاء الاحتياط موجود.

و ان شئت قلت: الاحتياط للخروج عن شبهة الخلاف.

(2) لعدم دليل علي رفع الحدث، و عموم الادلة محكم فان مقتضي اطلاق دليل الناقض حصول النقض، فيحرم عليه مس القرآن الشريف مثلا.

(3) بدعوي ان المستفاد من النصوص كون المسلوس او المبطون طاهرا حين جواز الصلاة له.

و الانصاف ان استفادة هذا المدعي من الادلة في غاية الاشكال كما ان الالتزام بعدم كون الحدث الحاصل ناقضا بالنسبة اليهما اشكل، فلاحظ.

(4) كما هو مقتضي القاعدة الاولية.

مضافا الي النصوص الواردة في المقام، منها ما مر في اوائل هذا الفصل «1» و منها ما ورد عن الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن تقطير البول،

______________________________

(1) راجع ص 539 و 540 و 541.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 546

و لا يجب تغييره لكل صلاة (1).

[الفصل السابع لا يجب الوضوء لنفسه]
اشارة

الفصل السابع لا يجب الوضوء لنفسه (2).

______________________________

قال: يجعله خريطة اذا صلي «1».

(1) لعدم المقتضي فانه مما لا تتم فيه الصلاة، بل يمكن ان يقال انه من المحمول لكن الالتزام به مشكل.

و لقائل أن يقول: بأن الاطلاق المقامي يقتضي عدم الوجوب، لكن يرد عليه أنه ليس في مقام البيان من هذه الجهة، فلا مجال لهذا الادعاء.

فالحق أن يقال: ان كان مما لا تتم فيه الصلاة فلا يجب و الا فيلزم الاحتياط فتأمل.

(2) قال في الحدائق: عدم وجوب الوضوء نفسا هو المشهور بين الاصحاب و

ادعي الاجماع عليه، و نقل دعوي الاجماع عليه من جمع من الاصحاب، و قال نقل السيد (قده) في المدارك عن الشهيد (قده) في الذكري القول بالوجوب النفسي الخ.

و الذي يمكن ان يستدل عليه وجوه: منها ظهور قوله تعالي: إِذٰا قُمْتُمْ إِلَي الصَّلٰاةِ، فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَي الْمَرٰافِقِ الاية «2».

بتقريب ان المستفاد من الاية الشريفة وجوب الوضوء، غاية الامر وجوبه عند ارادة القيام الي الصلاة لا علي الاطلاق.

و الجواب عن هذا الاستدلال ان المفهوم العرفي من الاية الكريمة وجوب

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 5.

(2) المائدة الاية: 7.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 547

______________________________

الوضوء للصلاة، كما يقال اذا لقيت العدو فخذ سلاحك.

يضاف الي ذلك: ان الاية الشريفة بمفهومها تدل علي عدم وجوب الوضوء عند عدم ارادة الصلاة، فيفهم انه ليس للوضوء وجوب نفسي، مضافا الي جميع ذلك، حديث ابن بكير المتقدم ذكره «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان المقصود من الاية ان المكلف اذا قام من النوم و اراد الصلاة وجب عليه الوضوء و لا فرق بين النوم و غيره.

و بتعبير آخر: يستفاد من الحديث ان وجوب الوضوء للصلاة، لا لنفسه و منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا دخل الوقت وجب الطهور و الصلاة، و لا صلاة الا بطهور «2» بتقرب ان المستفاد من الرواية وجوب الطهور بعد دخول الوقت.

و فيه: أولا: انه لو كان الوضوء واجبا نفسيا لم يكن مرتبطا بدخول الوقت و ثانيا: ان المعلق علي دخول الوقت وجوب مجموع الامرين اي وجوب الطهارة و الصلاة معا فلا يكون الوضوء واجبا بنفسه بل وجوبه غيري.

و منها جملة من النصوص «3» و تقريب الاستدلال بهذه النصوص

انه قد امر بالوضوء في بعضها و قد ذكر بلفظ وجب في بعضها الاخر.

و الجواب: أولا ان اشتراط الوضوء في الصلاة بمرحلة من الظهور يمكن ان يقال انه ظهور ثانوي.

______________________________

(1) قد تقدم هذا الحديث في ص 527.

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

(3) قد تقدم هذه الأحاديث في ص 528 و 559 فراجع.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 548

و تتوقف صحة الصلاة- واجبة كانت أو مندوبة- عليه (1).

______________________________

و بعبارة اخري يكون ظاهرا في الوجوب الغيري و لا أقلّ من الاجمال.

و ثانيا: انه لا يبعد أن يقال: بان الظاهر من هذه النصوص ان هذه الامور موجبات للوضوء، و بتعبير اخر: الظاهر من الاخبار وجوب الوضوء عند هذه الاشياء و ليس المولي في مقام بيان ان وجوبه نفسي او غيري.

اضف الي ذلك كله: ان وجوب الوضوء رتب علي تحقق النوم و كيف يمكن أن يجب شي ء علي النائم و الحال ان التكليف لا يتوجه اليه.

مضافا الي جميع ذلك ان عدم الوجوب النفسي للوضوء بالعنوان الاولي من الواضحات التي لا يعتريه ريب و لا شك.

و يضاف الي جميع ما ذكر ان الظاهر من هذه الجملة و امثالها بحسب الفهم العرفي الشرطية و العرف ببابك لكن لا يجري هذا البيان، فيما ذكر الوضوء وحده كقوله عليه السلام وجب الوضوء.

(1) فانه من الامور الواضحة التي لا سبيل للشك فيها، مضافا الي جملة من النصوص منها ما مر آنفا عن زرارة «1» و منها قوله (ص) افتتاح الصلاة الوضوء و تحريمها التكبير و تحليلها التسليم «2» و منها قوله (ع) لا صلاة الا بطهور «3» و منها قول الصادق (ع): الصلاة ثلاثة اثلاث: ثلث طهور، و ثلث ركوع و ثلث

سجود «4» و منها قوله (ع) قال: قال رسول اللّه (ص) ثمانية لا يقبل اللّه منهم

______________________________

(1) في الصفحة 547.

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الوضوء الحديث: 4.

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب الوضوء الحديث: 6.

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب الوضوء الحديث: 8.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 549

و كذا أجزائها المنسية (1) بل سجود السهو علي الاحوط استحبابا (2) و مثل الصلاة الطواف الواجب و هو ما كان جزءا من حجة او عمرة (3).

______________________________

صلاة، وعد منهم تارك الوضوء «1» و جملة من الأحاديث الاخر في ابواب الوضوء «2» فراجع.

يضاف الي ذلك: انه ادعي عليه الضرورة، و ليس بجزاف.

(1) كالسجدة الواحدة فانه لا بد من قضائها، و الوجه في الاشتراط اشتراط الصلاة و أجزائها بها فان الجزء المنسي المقضي عين ما يكون جزءا في الصلاة فلا بد من رعاية الشروط فيه.

و بعبارة اخري: الصلاة عبارة عن الاجزاء و لا اشكال في اعتبار الطهارة في الصلاة، و الجزء المنسي قد تغير ظرفه فلا بد من رعاية الشرائط فيه.

(2) اذ الاحتياط طريق النجاة، و لكن الاظهر عدم الاشتراط اذ لا دليل عليه فانهما مرغمتان و قد بينا في بحث الصلاة خروجهما عنها و عدم اشتراط الصلاة بهما، و لذا لو تركتا عمدا لا تبطل الصلاة.

(3) اجماعا محكيا كما في بعض الكلمات و تدل عليه جملة من النصوص.

منها ما ورد عن محمد بن مسلم قال: سألت أحدهما عليهما السلام عن رجل طاف طواف الفريضة و هو علي غير طهور قال: يتوضأ و يعيد طوافه، و ان كان تطوعا توضأ و صلي ركعتين «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الوضوء الحديث: 4.

(2) الوسائل الباب 1 و 2 و 3 الحديث

7 و 9 و الحديث 1 و 2 و 3 و الحديث 1 و 2 و 3 و 4 و 5 و 6 و 7 و 8 من أبواب الوضوء.

(3) الوسائل الباب 38 من أبواب الطواف الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 550

______________________________

و منها قوله (ع): اذا طاف الرجل بالبيت و هو علي غير وضوء فلا يعتد بذلك الطواف و هو كمن لم يطف «1» و نظيرهما ورد احاديث اخر في الباب فراجع «2».

و الظاهر: من كلام الماتن اشتراط الطواف الذي يكون جزءا من الحج أو العمرة بالوضوء و ان كانا مندوبين فيشكل بانه ما الوجه فيه؟ و لذا استدل عليه بان الاجماع قائم علي وجوب اتمامهما بعد الشروع، فيجب الطواف فيهما لكن الاجماع حاله في الاشكال معلوم، خصوصا في مثل المقام حيث انه من المحتمل قويا ان يكون مستند المجمعين الاية الشريفة «وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ» «3» بتقريب ان الاية الكريمة تدل علي الاتمام بعد الشروع.

و فيه: مضافا الي التأمل في ظهور الاية المباركة في المدعي انه ورد النص الخاص في تفسيرها و منه: ما ورد عن الفضل ابي العباس، عن ابي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه: «وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ» قال: هما مفروضان «4».

و في خبر آخر عن عمر بن اذينة قال: كتبت الي ابي عبد اللّه (ع) بمسائل- الي ان قال- و سألته عن قول اللّه عز و جل: «وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّٰهِ» قال: يعني بتمامهما ادائهما و اتقاء ما يتقي المحرم فيهما (الحديث) «5» فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب الطواف الحديث: 11.

(2) الوسائل الباب 38 من أبواب الطواف الحديث: 4 و 5

و 6.

(3) البقرة 197.

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب وجوب الحج و شرائطه الحديث: 1.

(5) الوسائل الباب 1 من أبواب وجوب الحج و شرائطه الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 551

دون المندوب (1) و ان وجب بالنذر (2) نعم يستحب له (3).

[مسألة 130: لا يجوز للمحدث مس كتابة القرآن]

(مسألة 130): لا يجوز للمحدث مس كتابة القرآن (4).

______________________________

(1) كما صرح عليه في بعض النصوص، منها ما رواه عبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قلت له: رجل طاف علي غير وضوء، فقال: ان كان تطوعا فليتوضأ و ليصل «1».

و منها عنه أيضا، عن ابي عبد اللّه (ع) قال: قلت له: اني اطوف طواف النافلة و انا علي غير وضوء، قال: توضأ وصل و ان كنت متعمدا «2».

(2) للإطلاق و المستفاد من ظاهر النصوص اشتراط ما يكون فريضة بالاصالة فلاحظ.

(3) كما في جملة من النصوص، منها ما رواه معاوية بن عمار، عن ابي عبد اللّه عليه السلام انه قال لا بأس ان يقضي المناسك كلها علي غير وضوء الا الطواف بالبيت و الوضوء أفضل «3» فتأمل.

(4) هذا هو المشهور بين الاصحاب، و نقل عن جملة من الاساطين منهم الشيخ (قده) و ابن السراج (قده) القول بالكراهة.

و الحق ما ذهب اليه المشهور، لرواية أبي بصير قال: سألت ابا عبد اللّه (ع) عمن قرء في المصحف و هو علي غير وضوء؟ قال: لا بأس و لا يمس الكتاب «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب الطواف الحديث: 8.

(2) الوسائل الباب 38 من أبواب الطواف الحديث: 9.

(3) الوسائل الباب 38 من أبواب الطواف الحديث: 1.

(4) الوسائل الباب 12 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 552

حتي المد و التشديد و نحوهما (1).

______________________________

و

ربما يقال: بانه يدل علي المطلوب قوله تعالي «لٰا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ» «1» و الحق ان الاية الكريمة لا تدل علي المدعي، فان السياق يمنع عن هذا المعني اذ ليس المقام مقام التشريع مضافا الي ان الضمير يرجع الي ما في الكتاب المكنون أو الي نفس الكتاب المكنون و هو اللوح المحفوظ فلا ترتبط بالمقام.

و اما النص الدال علي ان المراد من الكتاب القرآن الشريف- كقوله (ع) المصحف لا تمسه علي غير طهر، و لا جنبا، و لا تمس خطه و لا تعلقه، ان اللّه تعالي يقول: لا يمسه الا المطهرون «2» - فضعيف سندا بضعف اسناد الشيخ (قده) الي ابن فضال، مضافا الي عدم ثبوت وثاقة جعفرين الواقعين في السند.

(1) لان الموضوع هو القرآن و المذكورات اجزاء له، فان المتبادر من كتابة القرآن التي ورد النهي عن مسها مطلق النقوش المرسومة للإفصاح عما كلم اللّه به نبيه (ص) مما بين الدفتين من دون فرق بين ما يفصح عن مراد الكلمة او هيئاتها كالإعراب و الشد و المد.

ان قلت: هذه الامور حادثة و لم تكن مرسومة في الصحف القديمة، و عدم دخلها فيما يتقوم به اسم القرآن الكريم.

قلت: ما ذكرته ليس مجديا في جواز المس لان الامور المذكورة جزء من القرآن الشريف ما دامت موجودة بشهادة العرف، و لا يضر بالمدعي بقاء الاسم بعد فقدها فان هذه الامور كالعوارض العارضة علي الاشخاص.

ألا تري انك تسمي ابنك زيدا في صغره، و هو مصداق لهذا الاسم الي ان

______________________________

(1) الواقعة 80.

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب الوضوء الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 553

و لا مس اسم الجلالة و سائر اسمائه و صفاته علي الاحوط وجوبا (1).

و الاولي

الحاق اسماء الانبياء و الاوصياء و سيدة النساء- صلوات اللّه و سلامه عليهم اجمعين- به (2).

______________________________

يموت، و مع ذلك يكون شعره النابت علي وجهه بعد بلوغه من اجزائه و هكذا غير الشعر من العوارض كالسن و الظفر، و لذا لا يفرق في هذا الحكم بين ان ان يكتب القرآن الكريم بالخطوط المتعارفة و ان يكتب بالخطوط الحادثة بعد نزول القرآن الشريف و ليس هذا الا من جهة صدق الموضوع.

(1) الظاهر ان الوجه في عدم الجزم عدم الدليل علي المدعي، فان دليل حرمة مس القرآن ان كان رواية ابي بصير «1»؟ فلا وجه للتعدي عن موردها و دعوي دلالتها علي المدعي في المقام بالاولوية جزافية، فان ملاك الاحكام مجهول عندنا.

و ربما يقال: بانه لو كان المدرك الاية الشريفة لكانت دالة علي المقام أيضا بدعوي دلالة الاية علي العلة للنهي الوارد في الاية و هو كون الكتاب كريما و بلحاظ اشتراك العلة في المقامين يكون الحكم مشتركا لعمومية العلة.

و الامر ليس كذلك فان الحكم في الاية الشريفة لم يعلل كي يصح هذا البيان فانه لم يقل لا يمسه الا المطهرون فانه كريم بل قال إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتٰابٍ مَكْنُونٍ لٰا يَمَسُّهُ، و الفرق ظاهر لدي أقلّ من له خبرة باللسان فلاحظ.

مضافا الي انه قد مر عدم دلالة الاية الكريمة فالتسرية من باب الاحتياط الذي يكون طريقا للنجاة.

(2) لا اشكال في الاولوية فان الاحتياط حسن.

______________________________

(1) قد تقدم هذا الخبر في ص 551.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 554

[مسألة 131: الوضوء مستحب لنفسه فلا حاجة في صحته الي جعل شي ء غاية له]

(مسألة 131): الوضوء مستحب لنفسه فلا حاجة في صحته الي جعل شي ء غاية له (1).

______________________________

(1) ربما يقال: الوضوء مستحب بمعني انه لا يحتاج في استحبابه الي جعل شي ء غاية له

كالصلاة مثلا بل يكفي قصد الكون علي الطهارة. و اخري يراد من هذه الجملة ان الوضوء بنفسه اي بما انه غسلتان و مسحتان مستحب كما هو المراد من عبارة الماتن، اما بالمعني الاول فلا اشكال في استحبابه و عن الشيخ (قده) في طهارته انه مما لا خلاف فيه، و عن الحلي و الشهيدين و غيرهم (قد هم) التصريح به و عن الطباطبائي (قده) دعوي الاجماع عليه، و اما بالمعني الثاني فعن الشيخ (قده) بانه تشريع، و عن الشهيد (قده) في الذكري انه حكم ببطلانه، و لا بد من ملاحظة ما يمكن ان يكون مدركا لهذا القول كي نري صلاحيته للاستناد.

فنقول: ما يمكن ان يستند اليه جملة من النصوص، منها رواية السكوني، عن ابي عبد اللّه (ع) قال: الوضوء شطر الايمان «1».

و منها ما ورد عن المفضل بن عمر عن ابي عبد اللّه (ع) قال: من جدد وضوئه لغير حدث جدد اللّه توبته من غير استغفار «2» و زاد: و في حديث آخر الوضوء علي الوضوء نور علي نور «3».

و منها ما ورد عن محمد بن مسلم، عن ابي عبد اللّه (ع) قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: الوضوء بعد الطهور عشر حسنات، فتطهروا «4»

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الوضوء الحديث: 5.

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الوضوء الحديث: 7.

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب الوضوء الحديث: 8.

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب الوضوء الحديث: 10.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 555

______________________________

و جملة من الأحاديث الاخر «1» فراجع.

لكن هذه النصوص لضعف اسنادها كما تري قاصرة عن اثبات المدعي.

و ربما يستدل علي المدعي بقوله تعالي «إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ التَّوّٰابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ» «2» بدعوي ان حب اللّه

تعالي لشي ء معناه الامر به، هذا من ناحية و من ناحية اخري ان مقتضي الاطلاق في الاية الشريفة عدم الفرق بين النظافة الظاهرية و المعنوية، و الوضوء بنفسه طهارة لا انه سبب للطهارة، فبضم الصغري الي الكبري تحصل النتيجة و هي محبوبية الغسلات و المسحات بنفسها.

و فيه ان الوضوء عبارة عن الطهارة، اول الكلام، فان الوضوء علي وزن فعول اي ما يتوضأ به، كالوقود اي ما يتوقد به كما انه قد فسر الوضوء في اللغة بالماء الذي يتوضأ به فالوضوء ما تتحقق و تحصل به الطهارة و مصداقه الماء في النظافة العرفية و مصداقه الاخر الغسلة و المسحة في الطهارة الشرعية المعنوية، و لا دليل علي ان الوضوء في اعتبار الشارع عين الطهارة.

و ما استشهد به من النصوص لا يدل علي مدعي الخصم، فانه استشهد بما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا (ع) قال: انما امر بالوضوء و بدئ به لان يكون العبد طاهرا اذا قام بين يدي الجبار عند مناجاته اياه، مطيعا له فيما امره، نقيا من الادناس و النجاسة، مع ما فيه من ذهاب الكسل، و طرد النعاس، و تزكية الفؤاد للقيام بين يدي الجبار قال: و انما جوزنا الصلاة علي الميت بغير وضوء لأنه ليس فيها ركوع، و لا سجود، و انما يجب الوضوء في الصلاة التي فيها ركوع

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الوضوء الحديث: 2 و باب 1 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 6.

(2) البقرة 223.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 556

______________________________

و سجود «1»،

فان المستفاد من الرواية انه انما امر بالوضوء لحصول الطهارة، و ليس في الرواية شاهد علي كون المراد من الوضوء الطهارة كما هو ظاهر، و أيضا لا دلالة

في قوله (ع) لا صلاة الا بطهور «2» و لا في قوله (ع) الصلاة ثلاثة اثلاث ثلثه الطهور «3» و لا في قوله (ص) افتتاح الصلاة الوضوء «4».

اذ كما تري ليس في شي ء من هذه النصوص ما يدل علي ان الغسلات بنفسها مصداق للطهارة، بل الامر بالعكس و ذلك لان المستفاد من بعضها أن ثلث الصلاة هو الطهور و الطهور ما يتطهر به لا نفس الطهارة، فلاحظ.

و اما ما جري بين الاصحاب في استعمالاتهم من اطلاق الطهارة علي الثلاث حيث يقولون الطهارات الثلاث و يريدون نفس الافعال الواقعة في الغسل و الوضوء و التيمم فليس دليلا شرعيا علي المدعي كما هو ظاهر، فلا يناسب ان يذكر في مقام الاستدلال علي المدعي، فلا تغفل.

و في نهاية المطاف لا بد من الالتزام بعدم جواز الاتيان بالوضوء لأجل كونه محبوبا للمولي من حيث كونه مجموعا من الغسلات و المسحات لعدم الدليل عليه، بل لا بد اما من قصد الكون علي الطهارة و اما من قصد غاية من الغايات التي قام الدليل علي اشتراطها بالوضوء فلو قصد المكلف الاتيان بالوضوء لأجل

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الوضوء الحديث: 9.

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الوضوء الحديث: 6.

(3) قد تقدم هذا الخبر في ص 547.

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب الوضوء الحديث: 4 «و أيضا راجع باب 9 من الركوع و باب 28 من السجود».

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 557

______________________________

صلاة الظهر مثلا صح اذ المستفاد من قوله تعالي «إِذٰا قُمْتُمْ إِلَي الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَي الْمَرٰافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَي الْكَعْبَيْنِ» «1» ان الصلاة مشروطة بهذه الغسلات و المسحات المأتي بها بقصد القربة.

ان قلت: اذا ثبت

كون الوضوء مقدمة للصلاة و ثبت أيضا ان الصلاة مشروطة بالطهارة فلا بد من الالتزام باحد الامرين، اما كون الوضوء بنفسه طهارة في اعتبار الشرع و اما عدم كفاية الاتيان به الا بقصد الكون علي الطهارة، و حيث انه لا مجال للثاني فالمتعين هو الاول.

قلت: نفهم من الادلة ان الوضوء امر عبادي لا بد فيه من قصد القربة، و اذا تحقق بهذا النحو تترتب عليه الطهارة و حيث ان الامر في جملة من الموارد تعلق بالوضوء و ارشد فيها الي شرطيته يمكن الاتيان به بقصد القربة.

و بعبارة اخري: يفهم من تلك الادلة كالأمر الوارد في الكتاب بالوضوء، ان الوضوء قابل لان يقصد به القربة، و يكفي لتحقق القربة قصد الغاية، فلاحظ و اغتنم.

ان قلت: ان المستفاد من حديث زرارة «2» ان الوضوء بنفسه في وعاء الشرع له بقاء و استمرار بحيث يكون قابلا للنقض بالحدث، قلت: مجرد كونه قابلا للبقاء لا يدل علي كونه طهارة بل يمكن ان يكون سببا للطهارة و في وعاء الشرع محكوم بالبقاء و لأجل بقائه تبقي الطهارة الحاصلة منه فلا تغفل.

و مما ذكرنا يظهر الجواب عن الاستدلال بما رواه زرارة (أيضا) قال:

______________________________

(1) سورة المائدة الاية: 7.

(2) قد تقدم هذا الخبر في ص: 331.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 558

______________________________

قلت لأبي جعفر عليه السلام: الرجل يقلم اظفاره. و يجز شاربه، و يأخذ من شعر لحيته و رأسه، هل ينقض ذلك وضوئه، فقال: يا زرارة كل هذا سنة، و الوضوء فريضة، و ليس شي ء من السنة ينقض الفريضة، و ان ذلك ليزيده تطهيرا «1» فان هذا الحديث يدل علي ان الوضوء قابل للبقاء لكن كما مر ان قابليته للبقاء لا تستلزم كونه مصداقا

للطهارة.

ان قلت: قد حكم (ع) بكون الوضوء فريضة فيعلم انه بنفسه متعلق للأمر و محبوب بنفسه.

قلت: لا اشكال في ان الوضوء بنفسه ليس من الفرائض الشرعية فالمراد بكونه فريضة اما كونه شرطا للواجب فيجب بوجوبه، و اما المراد به ما يقابل ما سنه النّبيّ أي الوضوء مما فرضه اللّه و تلك الامور مما سنها رسول اللّه (ص).

ان قلت: المستفاد من جملة من الروايات الواردة في التيمم انه احد الطهورين منها قوله (ع) (في حديث) قال: ان اللّه جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا «2» و منها قوله (ع) ان النّبيّ (ص) قال: يا ابا ذر يكفيك الصعيد عشر سنين «3» و في حديث محمد بن مسلم عن ابي عبد اللّه (ع) قال: ان رب الماء هو رب الصعيد، فقد فعل احد الطهورين «4» فالوضوء طهور.

قلت: قد ظهر الجواب مما ذكرنا، فان الطهور ما تحصل به الطهارة لا نفسها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب التيمم الحديث: 1.

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب التيمم الحديث: 4.

(4) الوسائل الباب 23 من أبواب التيمم الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 559

______________________________

ان قلت: المستفاد من الاية الشريفة وجوب نفس هذه الافعال، فتكون هذه الافعال الخاصة محبوبة للمولي.

قلت: الامر بالغسلات و المسحات في الكتاب و السنة ارشاد الي الشرطية و العرف يفهم من الادلة انها واجب غيري.

فالمتحصل مما ذكرنا انه لا دليل علي كون الوضوء بنفسه مستحبا، و لكن مع ذلك كله لا يخفي انه لو شك في جزئية شي ء او شرطيته للطهارات الثلاث يمكن الحكم بعدم الجزئية و الشرطية اذ لا منافاة بين كون الامر بالغسل و المسح في الكتاب

و السنة للإرشاد و انعقاد الاطلاق فيه، فانها اسباب شرعية و بيان حدودها بعهدة الشارع الاقدس، فلو كان في مقام البيان و لم يقيد الافعال الخاصة ينعقد الاطلاق كما ان الوضوءات البيانية تفي بالمقصود فان المستفاد منها عدم جزئية ما يشك في جزئيته و عدم شرطية ما يشك في شرطيته اذ لو كان لبينه الامام (ع) فان المفروض انه في مقام البيان.

بل لنا ان نقول: بانه لا مانع من اجراء البراءة بالنسبة الي المشكوك فيه بتقريب ان المستفاد من بعض النصوص انه لا صلاة الا بطهور «1» و الطهور كما سبق منا عبارة عما تحصل به الطهارة، فالامر الصلاتي تعلق بالصلاة المشروطة بالطهور فنأخذ بالمقدار المعلوم من الدليل و نجري الاصل في الزائد.

و ان شئت قلت: كما انه تجري البراءة اذا شك في تقيد الستر الصلاتي بشي ء، كذلك تجري في المقام أيضا بلا فرق اذ المفروض ان الامر تعلق بالصلاة المسبوقة بهذه الافعال الخاصة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 560

و ان كان يجوز الاتيان به لغاية من الغايات المأمور بها مقيدة به فيجوز الاتيان بها لأجلها (1) و يجب ان وجبت، و يستحب ان استحبت (2) سواء توقف عليه صحتها أم كما لها (3).

[مسألة 132: لا فرق في جريان الحكم المذكور بين الكتابة بالعربية و الفارسية و غيرهما]

(مسألة 132): لا فرق في جريان الحكم المذكور بين الكتابة بالعربية و الفارسية و غيرهما (4) و لا بين الكتابة بالمداد و الحفر و التطريز و غيرها (5).

______________________________

(1) اذ الفعل العبادي لا بد ان يؤتي به بداع قربي و لا اشكال في أن قصد الغاية داع قربي الهي فيكون صحيحا بلا اشكال و لا كلام.

(2) تارة يتعلق الطهارة بنفسها مورد النذر و اشباهه فتجب

و اما في غير هذه الصورة فالظاهر انه ليس الا اللابدية العقلية بلا فرق بين موارد وجوب الغاية و استحبابها، فلا نفهم ما رامه الماتن الا ان يكون من باب المسامحة في الاطلاق و الاستعمال، و اللّه العالم.

(3) كما هو ظاهر واضح.

(4) لإطلاق الموضوع فان موضوع الحرمة القرآن المكتوب، و لا فرق فيه بين انحاء الكتابة من الكوفي و غيره كما انه لا فرق بين العربي و العجمي، فان الاطلاق الموجود في الدليل يقتضي سريان الحكم، فلاحظ.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 1، ص: 560

(5) نقل عن المستند جواز المس في المحفور و عن الشيخ (قده) الاشكال في حرمته بتقريب ان الكتابة بالحفر غير قابلة للمس لقيام الخط بالهواء و لا يصدق عليه المس عرفا.

و لكن ما ذكره علي فرض صحته دقة فلسفية و لا يدور الحكم الشرعي مدارها

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 561

كما لا فرق في الماس بين ما تحله الحياة و غيره (1) نعم لا يجري الحكم في المس بالشعر اذا كان الشعر غير تابع للبشرة (2).

[مسألة 133: الالفاظ المشتركة بين القرآن و غيره يعتبر فيها قصد الكاتب]

(مسألة 133): الالفاظ المشتركة بين القرآن و غيره يعتبر فيها قصد الكاتب (3).

______________________________

بل الحكم الشرعي يدور مدار الصدق العرفي، و الظاهر انه يصدق عرفا موضوع مس القرآن و قس علي المحفور ما يكون بالتطريز لعين الملاك، و علي فرض الشك في الصدق يكون مقتضي الاصل الموضوعي اي استصحاب عدم الصدق الجواز كما ان مقتضي الاصل الحكمي اي البراءة كذلك، فلاحظ.

(1) للإطلاق فان صدق المس لا يتوقف علي كون العضو ذا حياة.

(2) لعدم الصدق بل يكون مثل المس بالثوب كما في

كلام بعض الاصحاب في هذا المقام.

(3) كما هو الحال في غير الكلمات القرآنية من المشتركات، كأعلام الاشخاص مثلا، لفظة محمد مشتركة بين اسم النّبيّ صلي اللّه عليه و آله و سلم و غيره من المسلمين المسمي بها، و لا تتميز الا بالقصد بحيث لا يترتب عليها آثارها الا اذا قصد بها النّبيّ (ص) فجملة (قال موسي) مثلا انما يحرم مسها اذا كتب مقصودا بها القرآن الكريم و أما لو قصد بها شي ء آخر او لم يقصد بها شي ء كما اذا قصد بها تجربة الخط، فلا وجه للحرمة.

و اما الكلمات المختصة فانها محرمة المس مطلقا، للصدق و استشكل في الصدق سيد المستمسك لكن لا وجه له فانه مع الاختصاص يصدق و لا يقاس المقام علي باب القراءة اذ من الممكن ان الواجب في القراءة ان يقصد عنوان القرءانية.

و بعبارة اخري: لو قلنا بأن الواجب قراءة القرآن عن قصد لوجب القصد فلا ارتباط بين المقامين من هذه الجهة.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 562

و ان شك في قصد الكاتب جاز المس (1).

[مسألة 134: يجب الوضوء اذا وجبت احدي الغايات المذكورة آنفا]

(مسألة 134): يجب الوضوء اذا وجبت احدي الغايات المذكورة آنفا، و يستحب اذا استحبت (2) و قد يجب بالنذر و شبهه (3 و يستحب للطواف المندوب (4) و لسائر افعال الحج (5) و لطلب الحاجة (6)

______________________________

(1) للأصل الموضوعي اي استصحاب عدم القصد و الحكمي اي البراءة.

(2) الظاهر ان المراد بالوجوب و الاستحباب اشتراط المقيد بالوضوء وجوبا تارة، و ندبا اخري و الا فلا نفهم معني وجوب الوضوء او استحبابه عند وجوب ذي المقدمة او استحبابه فلاحظ.

(3) اذ لا اشكال في محبوبية الوضوء في نفسه للكون علي الطهارة، و رجحانه و مع تعلق النذر به يجب و

قس عليه غيره.

(4) الظاهر انه لا دليل علي استحباب الوضوء في الطواف المندوب بل قد صرح بعدم الاشتراط في جملة من النصوص، منها ما رواه عبيد بن زرارة «1» الا ان يقال انه يدل علي المدعي ما عن ابي الحسن (ع) «2» لكن يرد عليه ان الرواية تحمل علي طواف الفريضة جمعا، نعم لا يبعدان يستفاد المدعي من حديث معاوية بن عمار و يأتي قريبا لكن الاستدلال به أيضا لا يخلو عن تأمل.

(5) يمكن ان يستدل عليه بما عن ابي عبد اللّه (ع) قال: لا بأس ان يقضي المناسك كلها علي غير وضوء الا الطواف بالبيت و الوضوء افضل «3».

(6) لاحظ خبر عبد اللّه بن سنان، عن ابي عبد اللّه (ع) قال سمعته يقول:

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب الطواف الحديث: 2.

(2) نفس المصدر الحديث: 11.

(3) الوسائل الباب 38 من أبواب الطواف الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 563

و لحمل المصحف الشريف (1) و لصلاة الجنائز (2) و تلاوة القرآن (3).

______________________________

من طلب حاجة و هو علي غير وضوء فلم تقض فلا يلومن الا نفسه «1».

(1) لاحظ ما رواه ابراهيم بن عبد الحميد عن ابي الحسن (ع) قال: المصحف لا تمسه علي غير طهر، و لا جنبا، و لا تمس خطه و لا تعلقه، ان اللّه تعالي يقول:

لا يمسه الا المطهرون «2».

و هذه الرواية ضعيفة بجعفرين الواقعين في السند، مضافا الي المناقشة في اسناد الشيخ (ره) الي ابن فضال كما مر سابقا.

اضف الي ذلك: انه لا يستفاد من الرواية استحباب الوضوء للحمل، نعم يمكن ان يقال بانه اذا ثبت استحباب الحمل، جاز قصده للوضوء غاية و بتعبير آخر: لا يستفاد منها استحباب حمل المصحف مع الوضوء.

(2)

لما رواه عبد الحميد بن سعد قال: قلت لأبي الحسن (ع) الجنازة يخرج بها و لست علي وضوء، فان ذهبت اتوضأ فاتتني الصلاة أ يجزيني ان اصلي عليها و انا علي غير وضوء؟ فقال: تكون علي طهر احب الي «3» و السند مخدوش بعبد الحميد.

(3) لجملة من النصوص، منها ما ورد في (الخصال) باسناده عن علي عليه السلام (في حديث الأربعمائة) قال: لا يقرأ العبد القرآن اذا كان علي غير طهور حتي

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب الوضوء الحديث: 3.

(3) الوسائل الباب 21 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 564

و للكون علي الطهارة (1) و لغير ذلك (2).

[مسألة 135: اذا دخل وقت الفريضة يجوز الاتيان بالوضوء بقصد فعل الفريضة]

(مسألة 135): اذا دخل وقت الفريضة يجوز الاتيان بالوضوء بقصد فعل الفريضة، كما يجوز الاتيان به بقصد الكون علي الطهارة و كذا يجوز الاتيان به بقصد الغايات المستحبة الاخري (3).

[مسألة 136: سنن الوضوء علي ما ذكره العلماء «رض»]

(مسألة 136): سنن الوضوء علي ما ذكره العلماء «رض»:

وضع الاناء الذي يغترف منه علي اليمين (4).

______________________________

يتطهر «1» و نظير هذا ورد خبران آخران «2» فراجع.

(1) بلا اشكال و لا كلام، و قد مر انه نقل عن الشيخ (قده) نقل عدم الخلاف فيه، و عن الطباطبائي (قده)، دعوي الاجماع عليه، و كيف كان لا اشكال و لا ريب في محبوبية الوضوء للكون علي الطهارة فانه نور و «إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ التَّوّٰابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ» «3».

(2) من بقية الغايات.

(3) و الوجه فيه: ان الوضوء عمل عبادي و لا بد فيه من نية القربة، و هي تحصل بكل واحد مما ذكر، فلاحظ.

(4) الظاهر انه مذكور في كلام الاصحاب، و نقل عن الحدائق انه لا مستند له بل يمكن ان يقال بانه يستفاد خلافه من بعض الروايات البيانية، لاحظ ما رواه زرارة قال: قال ابو جعفر (ع): الا احكي لكم وضوء رسول اللّه (ص)؟ فقلنا:

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 1 و 3.

(3) سورة البقرة الاية: 223.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 565

و التسمية، و الدعاء بالمأثور (1) و غسل اليدين من الزندين قبل ادخالهما في الاناء الذي يغترف منه، لحدث النوم او البول مرة (2)

______________________________

بلي، فدعا بقعب فيه شي ء من ماء فوضعه بين يديه (الحديث) «1» فانه (ع) وضع القعب بين يديه، و نظير هذا ورد خبر آخر «2» فراجع.

(1) لاحظ حديث زرارة، عن ابي جعفر (ع)

قال: اذا وضعت يدك في الماء فقل: بسم اللّه و باللّه اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين، فاذا فرغت فقل: الحمد للّه رب العالمين «3» و مثل هذا الحديث ما مر عن زرارة عن قريب.

و يدل أيضا علي محبوبية التسمية و الدعاء ما رواه في (الخصال) باسناده الآتي عن علي عليه السلام- في حديث الأربعمائة- قال: لا يتوضأ الرجل حتي يسمي يقول: قبل ان يمس الماء بسم اللّه و باللّه اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين، فاذا فرغ من طهوره قال: اشهد ان لا إله الا اللّه وحده لا شريك له، و اشهد ان محمدا عبده و رسوله صلي اللّه عليه و آله و سلم، فعندها يستحق المغفرة «4».

(2) لاحظ مرسلي الصدوق (قده) عن الصادق (ع): اغسل يدك من البول مرة، و من الغائط مرتين و من الجنابة ثلاثا «5» و لقوله (ع): اغسل يديك من النوم مرة «6» و لاحظ أيضا ما رواه الحلبي قال: سألته عن الوضوء كم

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 47 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

(3) الوسائل الباب 26 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

(4) الوسائل الباب 26 من أبواب الوضوء الحديث: 10.

(5) الوسائل الباب 27 من أبواب الوضوء الحديث: 4.

(6) الوسائل الباب 27 من أبواب الوضوء الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 566

و للغائط مرتين (1) و المضمضة و الاستنشاق (2) و تثليثهما (3) و تقديم المضمضة (4).

______________________________

يفرغ الرجل علي يده اليمني قبل ان يدخلها في الاناء؟ قال: واحدة من حدث البول و اثنتان من حدث الغائط و ثلاث من الجنابة «1».

(1) لاحظ حديث الحلبي الذي مر آنفا.

(2) لاحظ ما رواه

عبد اللّه بن سنان، عن ابي عبد اللّه (ع) قال: المضمضة و الاستنشاق مما سن رسول اللّه (ص) «2» و يدل علي المطلوب ما رواه مالك ابن اعين قال: سألت ابا عبد اللّه (ع) عمن توضا و نسي المضمضة و الاستنشاق ثم ذكر بعد ما دخل في صلاته قال لا بأس 3.

(3) لما رواه ابو اسحاق الهمداني، عن امير المؤمنين (ع)- في عهده الي محمد بن ابي بكر- لما ولاه مصر- الي ان قال-: و انظر الي الوضوء فانه من تمام الصلاة، تمضمض ثلاث مرات، و استنشق ثلاثا، و اغسل وجهك، ثم يدك اليمني، ثم اليسري ثم امسح رأسك و رجليك فاني رأيت رسول اللّه (ص) يصنع ذلك، و اعلم ان الوضوء نصف الايمان 4.

(4) لعل وجه التقديم تقدمها ذكرا عليه في النصوص، و اللّه العالم.

و يمكن ان يكون ناظرا الي رواية عبد الرحمن بن كثير الهاشمي مولي محمد بن علي، عن ابي عبد اللّه (ع) قال: بينا امير المؤمنين (ع) ذات يوم جالسا مع محمد بن الحنفية اذ قال له: يا محمد ايتني باناء من ماء اتوضأ للصلاة، فاتاه محمد بالماء فاكفاه فصبه بيده اليسري علي يده اليمني، ثم قال: بسم اللّه و باللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 29 من أبواب الوضوء الحديث: 1 و 3.

(3) (4) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 19.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 567

و الدعاء بالمأثور عندهما، و عند غسل الوجه و اليدين، و مسح الرأس، و الرجلين (1).

______________________________

و الحمد للّه الذي جعل الماء طهورا و لم يجعله نجسا، قال: ثم استنجي فقال:

اللهم حصن فرجي و اعفه و استر

عورتي و حرمني علي النار، قال: ثم تمضمض فقال: اللهم لقني حجتي يوم القاك و أطلق لساني بذكراك، ثم استنشق فقال:

اللهم لا تحرم علي ريح الجنة و اجعلني ممن يشم ريحها و روحها و طيبها، قال:

ثم غسل وجهه فقال: اللهم بيض وجهي يوم تسود فيه الوجوه، و لا تسود وجهي يوم تبيض فيه الوجوه، ثم غسل يده اليمني فقال: اللهم اعطني كتابي بيميني و الخلد في الجنان بيساري و حاسبني حسابا يسيرا، ثم غسل يده اليسري فقال: اللهم لا تعطني كتابي بشمالي و لا تجعلها مغلولة الي عنقي و اعوذ بك من مقطعات النيران، ثم مسح رأسه فقال: اللهم غشني برحمتك و بركاتك و عفوك، ثم مسح رجليه فقال: اللهم ثبتني علي الصراط يوم تزل فيه الاقدام و اجعل سعيي فيما يرضيك عني، ثم رفع رأسه فنظر الي محمد فقال: يا محمد من توضأ مثل وضوئي و قال مثل قولي خلق اللّه له من كل قطرة ملكا يقدسه و يسبحه و يكبره فيكتب اللّه له ثواب ذلك الي يوم القيامة «1».

حيث ان المستفاد من الرواية انه (ع) اخر الاستنشاق عن المضمضة، و الظاهر من الرواية، انه (ع) في مقام بيان الوضوء بآدابه لأنه (ع) بعد اتمام وضوئه قال يا محمد من توضأ مثل وضوئي الخ، فلاحظ.

(1) لاحظ رواية الهاشمي (قبل اسطر).

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 568

و تثنية الغسلات (1).

______________________________

(1) كما هو المشهور المعروف بين الاصحاب، و استدل علي المدعي بجملة من النصوص، منها ما رواه عبد اللّه بن بكير، عن ابي عبد اللّه (ع) قال: من لم يستيقن ان واحدة من الوضوء تجزيه لم يوجر علي الثنتين

«1» و منها قوله (ع) الوضوء مثني مثني من زاد لم يوجر عليه (الحديث) «2».

و منها قوله (ع) قال: فرض اللّه الوضوء واحدة واحدة و وضع رسول اللّه (ص) للناس اثنتين اثنتين «3» و منها ما رواه ابن وهب قال: سألت ابا عبد اللّه (ع) عن الوضوء فقال: مثني مثني 4، و منها احاديث اخر في الباب فراجع 5.

فان المستفاد من هذه النصوص استحباب الغسلة الثانية.

و استدل علي خلاف قول المشهور بحملة من الوجوه.

الاول: الاخبار البيانية 6 بدعوي عدم ذكر الغسلة الثانية فيها، و يرد عليه ان الاخبار البيانية غير متعرضة لجميع الآداب في الوضوء فلا تنافي ما يدل علي استحباب التثنية، و بعبارة اخري الاخبار البيانية متعرضة لما يعتبر في الوضوء و لا تعرض فيها للآداب بجميعها.

الثاني: ما رواه زرارة قال قال ابو جعفر (ع): ان اللّه و وتر يحب الوتر فقد يجزيك من الوضوء ثلاث غرفات: واحدة للوجه، و اثنتان للذراعين، و تمسح

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب الوضوء الحديث: 4.

(2) الوسائل الباب 31 من أبواب الوضوء الحديث: 5.

(3) (3 و 4) الوسائل الباب 31 من أبواب الوضوء الحديث: 15 و 28.

(4) (5) الوسائل الباب 31 من أبواب الوضوء الحديث 16 و 23 و 30 و أيضا باب 32 من هذه الابواب الحديث: 3.

(5) (6) راجع الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 569

______________________________

ببلة يمناك ناصيتك و ما بقي من بلة يمناك ظهر قدمك اليمني، و تمسح ببلة يسراك ظهر قدمك اليسري «1» بتقريب ان المستفاد من الرواية اجزاء الغسلة الواحدة، فلا مجال للزيادة، و فيه ان الاجزاء لا ينافي فضيلة الزائد فلا تعارض.

الثالث: ما رواه عبد الكريم يعني ابن

عمرو، قال: سألت ابا عبد اللّه (ع) عن الوضوء فقال: ما كان وضوء علي (ع) إلا مرة مرة «2» بتقريب ان الرواية دالة علي ان وضوء علي عليه السلام كان مرة و كيف يمكن ان تكون التثنيه راجحة، و مع ذلك كان (ع) وضوئه واحدة واحدة فتدل الرواية علي عدم الرجحان.

و من الغرائب ما صدر عن سيدنا الاستاد (دام ظله) علي ما في التقرير ان فعله (ع) لا يعارض النصوص الدالة علي الترجيح لان الوجه في فعله غير معلوم لنا و لعله كان محكوما بحكم خاص كجواز دخوله في المسجد جنبا.

و ما افاده كما ذكرنا من الغرائب و لا يمكن مساعدته اذ السائل يسئل عن حكم الوضوء و الامام (ع) في مقام الجواب ينقل فعل علي (ع)، و الظاهر من الرواية بحسب الفهم العرفي انه (ع) بين حكم المسألة بنقل فعل علي (ع) لا انه سكت عن الجواب و نقل فعل علي (ع) بعنوان نقل قضية في الواقعة، و العرف ببابك، و مثل هذه المناقشات يسد باب الاجتهاد فلا اشكال في التعارض و حيث انه لا مرجح لأحد الطرفين يسقط جميعها عن درجة الاعتبار.

ان قلت: من الاخبار الدالة علي افضلية الزياده حديث محمد بن الفضل

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 31 من أبواب الوضوء الحديث: 7.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 570

و الاحوط استحبابا عدم التثنية في اليسري احتياطا للمسح بها (1) و كذلك اليمني اذا اراد المسح بها من دون ان يستعملها في غسل اليسري (2).

______________________________

ان علي بن يقطين كتب الي ابي الحسن موسي (ع) يسأله عن الوضوء فكتب اليه ابو الحسن (ع) فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء،

و الذي آمرك به في ذلك ان تمضمض ثلاثا و تستنشق ثلاثا، و تغسل وجهك ثلاثا، و تخلل شعر لحيتك و تغسل يديك الي المرفقين ثلاثا الي ان قال: - و ورد عليه كتاب ابي الحسن (ع) ابدأ من الان يا علي بن يقطين و توضأ كما امرك اللّه تعالي اغسل وجهك مرة فريضة و اخري اسباغا و اغسل يديك من المرفقين كذلك الحديث «1».

بتقريب ان هذه الرواية مروية عن الكاظم (ع) و بمقتضي كون الاحدثية من المرجّحات علي ما اخترناه تتقدم هذه الرواية علي الطرف المعارض-.

قلت: الاشكال في هذه الرواية في سندها فانه لم يظهر عندنا وثاقة محمد بن اسماعيل و محمد بن الفضل الواقعين في الطريق، فالنتيجة انه لا دليل علي افضلية الزيادة، الا ان يقال ان افضلية التثنية بمرتبة من الظهور لا تصل النوبة الي هذا التقريب و عهدة هذه الدعوي علي مدعيها.

(1) نقل عن الشيخ الانصاري (قده) انه احتاط بترك الغسلة الثانية في اليد اليسري لاحتمال عدم مشروعية الغسلة الثانية و معه يقع المسح ببلة الغسلة غير المشروعة و ليست هي من الوضوء فلا بد من الحكم بالبطلان.

(2) نقل عن السيد الشيرازي المجدد (قده) انه احتاط بترك الغسلة الثانية

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب الوضوء الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 571

و كذلك الوجه لأخذ البلل منه عند جفاف بلل اليد (1) و يستحب ان يبدأ الرجل بظاهر ذراعيه في الغسلة الاولي و الثانية و المرأة تبدأ بالباطن فيهما (2) و يكره الاستعانة بغيره في المقدمات القريبة (3).

______________________________

حتي في اليد اليمني فيما اذا كان غسل اليسري علي نحو الارتماس الذي لا يحتاج معه الي امرار اليد اليمني عليها حتي تكون البلة

الموجودة في اليمني مستندة الي بلة اليد اليسري، و المفروض ان بلتها بلة الغسله الاولي التي هي من الوضوء لفرض ترك الغسلة الثانية في اليسري للاحتياط.

(1) نقل عن المحقق التقي الميرزا محمد تقي (قده) انه احتاط بترك الغسلة الثانية في الوجه أيضا فيما اذا احتيج في المسح الي بلته.

(2) لاحظ ما رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع، عن ابي الحسن الرضا (ع) قال: فرض اللّه علي النساء في الوضوء للصلاة ان يبتدئن بباطن اذرعهن و في الرجل بظاهر الذراع «1» و نظير هذا الخبر قوله (ع) فرض اللّه عز و جل علي الناس في الوضوء ان تبدأ المرأة بباطن ذراعيها و الرجل بظاهر الذراع «2»

(3) لجملة من النصوص منها ما رواه الحسن بن علي الوشاء، قال: دخلت علي الرضا (ع) و بين يديه ابريق يريد ان يتهيأ منه للصلاة فدنوت منه لا صب عليه فابي ذلك فقال: مه يا حسن فقلت له: لم تنهاني ان اصب علي يديك تكره ان اوجر قال: توجر انت و اوزر انا فقلت: و كيف ذلك؟ فقال: اما سمعت اللّه عز و جل يقول: «فَمَنْ كٰانَ يَرْجُوا لِقٰاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صٰالِحاً وَ لٰا يُشْرِكْ بِعِبٰادَةِ

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 40 من أبواب الوضوء الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 572

______________________________

رَبِّهِ أَحَداً» و ها انا ذا اتوضأ للصلاة و هي العبادة فاكره ان يشركني فيها احد «1» و منها قول محمد بن محمد بن النعمان المفيد في (الارشاد) قال: دخل الرضا (ع) يوما و المأمون يتوضأ للصلاة و الغلام يصب علي يده الماء، فقال: لا تشرك يا امير المؤمنين بعبادة ربك احدا فصرف المأمون الغلام

و تولي تمام وضوئه بنفسه «2» و لاحظ أيضا خبرين آخرين في هذا الباب «3».

فان المستفاد من هذه النصوص و ان كانت هي الحرمة لكن تحمل علي الكراهة بملاحظة ما رواه ابو عبيدة الحذاء قال: وضأت ابا جعفر (ع) بجمع و قد بال فناولته ماء فاستنجي ثم صببت عليه كفا فغسل به وجهه (و كفا غسل به ذراعه الايمن) و كفا غسل به ذراعه الايسر ثم مسح بفضلة الندي رأسه و رجليه «4» و اللّه العالم بحقايق الاشياء.

الي هنا تم الجزء الاول من كتابنا «مباني منهاج الصالحين» و يتلوه الجزء الثاني من اول الاغسال و الحمد للّه اولا و آخرا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 47 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 47 من أبواب الوضوء الحديث: 4.

(3) الوسائل الباب 47 من أبواب الوضوء الحديث: 2 و 3.

(4) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 8.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 573

استدراكات

______________________________

1- قد ذكرنا في السطر العاشر من صحيفة- 10- (الا ان يقال ان الآيات المذكورة لا تدل علي حجية التقليد الا علي القول بمفهوم الوصف) و لا يخفي ان محله في السطر الاول من الصحيفة المذكورة بعد كلمة «التقليد».

2- السطر الخامس من صحيفة- 72- ينتهي بكلمة «و الدعوة اليه» و لا بد من اضافة جملة اليها و هو قولنا: اضف الي ذلك انه لا يبعد ان يشمله دليل حرمة التحاكم الي الطاغوت.

3- السطر السادس من صحيفة- 145- ينتهي بكلمة «المتنجس» و لا بد من اضافة متمم و هو قولنا: و لقائل ان يقول بانه يمكن ان يكون الوجه في السؤال استعمال شعر الخنزير و جواب الامام (ع) ناظر الي نفي البأس عن استعماله و كون الحبل

من شعر الخنزير لا يستلزم وصوله الي الماء و تقاطره في الدلو كي يلزم القول بعدم تنجيس المتنجس او القول بطهارة شعر الخنزير،

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 574

______________________________

بل لا هذا و لا ذاك و غاية ما في الباب ان مقتضي عدم البأس بنحو الاطلاق جواز الوضوء بماء الدلو و لو مع التقاطر فيه من الحبل لكن ترفع اليد عن هذا الاطلاق بادلة انفعال الماء القليل، بل ربما يقال لا مجال لتقريب الاطلاق المذكور اذ الامام (ع) لو كان في مقام الجواب من حيث استعمال شعر الخنزير لم يكن مجال للأخذ بالاطلاق الا ان يقال ان الاطلاق في الجواب محكم و الميزان بعموم الجواب لا بخصوص السؤال و بعبارة اخري: السؤال و ان كان في اطار خاص و ناظر الي جهة مخصوصة لكن يكفي للمدعي اطلاق الجواب، و ان شئت قلت: لا وجه لحمل كلامه (ع) علي الحكم الحيثي فالنتيجة ان الاطلاق محكم لكن يرفع اليد عنه بدليل الانفعال فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 589

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

شكر و تقدير

لقد تفضل سيدنا الاستاد الاعظم آية اللّه العظمي السيد الخوئي ادام اللّه ايام افاضاته الشريفة بكتاب تقدير و شكر و نحن نشكر له هذه الرعاية و اللطف و هذا نص ما تلطف به علينا.

مباني منهاج الصالحين، ج 1، ص: 590

تعريب ما أفاده السيد الاستاد الاعظم دام ظله في مقام الشكر و الرعاية.

بسمه تعالي جناب المستطاب آية اللّه الحاج الآقا تقي الطباطبائي القمي دامت تأييداته.

المعروض بخدمتكم انه اتمني أن تكونوا ان شاء اللّه في تمام الصحة و العافية و مؤيدين بكمال التأييدات الالهية و دوامها.

و ان سألتم عنا فنحن و الحمد للّه و له المنة في صحة و عافية و

لا يشوب مزاجنا عارض و نحن كسابق عهدنا و عادتنا مشغولون بتأدية تكاليفنا و نحن و ان كنا لا نراسلكم الا اننا نسأل عن أحوالكم من المطلعين عنها، لقد وصلنا من طرفكم سبعة اجزاء من كتاب «مباني المنهاج» فكان هذا سببا لأتم سرورنا و استيناسنا و قد طالعت مقدارا منها «شكر اللّه سعيكم و كثر اللّه أمثالكم» و اني لاشكر اللّه كثيرا بأنه قد من علي بولد مثلكم يكون مفخرة لي بقيامه بخدمة هذا الدين الحنيف و خدمة الحوزة العلمية بالتدريس و التأليف و تنشئة و تربية طلاب مدرسة الامام جعفر الصادق عليه السلام أتمني أن تكون هذه الخدمات الكبيرة و الجليلة محل التوجه و النظر و الرعاية للإمام صاحب الأمر أرواحنا فداه و أن تكونوا مورد ألطافه و دعائه عجل اللّه تعالي فرجه الشريف.

و علي الجملة فإن جميع خدماتكم الدينية مورد تقديري و شكري اسأل اللّه تعالي لكم المزيد من التوفيقات و التأييدات و السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته.

28/ شوال المكرم سنة 1410 ه ابو القاسم الموسوي.

الجزء الثاني

[استدراك ما فاتنا من مقدمة الكتاب]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه رب العالمين و الصلاة و السلام علي محمد اشرف الانبياء و المرسلين و علي آله الائمة الهداة الميامين.

و بعد يقول العبد المفتقر الي رحمة ربه الراجي توفيقه و تسديده «ابو القاسم» خلف العلامة الجليل المغفور له «السيد علي اكبر الموسوي الخوئي» ان رسالة «منهاج الصالحين» لآية اللّه العظمي المغفور له «السيد محسن الطباطبائي الحكيم» قدس سره لما كانت حاوية لمعظم المسائل الشرعية المبتلي بها في «العبادات و المعاملات» فقد طلب مني جماعة من اهل الفضل و غيرهم من المؤمنين أن أعلق عليها و ابين موارد اختلاف النظر فيها فاجبتهم الي

ذلك.

ثم رأيت أن ادراج «التعليقة» في الاصل يجعل هذه الرسالة اسهل تناولا و أيسر استفادة فادرجتها فيه.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 6

و قد زدت فيه بعض الفروع الاخري لكثرة الابتلاء بها مع بعض التصرف في العبارات من الايضاح و التيسير و تقديم بعض المسائل أو تأخيرها فاصبحت هذه الرسالة الشريفة مطابقة لفتاوانا.

و أسأل اللّه تعالي مضاعفة التوفيق و اللّه ولي الرشاد و السداد.

ابو القاسم الموسوي الخوئي

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 7

[تتمة كتاب الطهارة]

[المبحث الرابع الغسل]

اشارة

المبحث الرابع الغسل و الواجب منه لغيره غسل الجنابة و الحيض و الاستحاضة و النفاس و مس الاموات و الواجب لنفسه غسل الاموات فهنا مقاصد:

[المقصد الأول: غسل الجنابة]
اشارة

المقصد الاول: غسل الجنابة و فيه فصول:

[الفصل الأول: سبب الجنابة أمران]
اشارة

الفصل الاول: سبب الجنابة امران:

[الأول خروج المني من الموضع المعتاد]
اشارة

الاول خروج المني من الموضع المعتاد (1).

______________________________

(1) نقل عن الخلاف و غيره دعوي الاجماع عليه و عن بعض الاصحاب:

نقل دعوي اجماع المسلمين عليه و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها ما رواه عبيد اللّه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المفخذ عليه غسل؟ قال: نعم اذا أنزل «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب الجنابة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 8

______________________________

و منها: ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

ثلاث يخرجن من الاحليل و هن المني و فيه الغسل الحديث «1».

و منها ما رواه عنبسة بن مصعب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان علي عليه السلام لا يري في شي ء الغسل الا في الماء الاكبر «2».

مضافا الي أن تحقق الجنابة و وجوب الغسل بخروج المني في الجملة من الواضحات.

ثم: ان المحكي عن جماعة عدم الفرق بين الرجل و المرأة و عن محكي المعتبر و المدارك دعوي اجماع المسلمين عليه و عن المقنع «انه ان أنزلت فليس عليها غسل» و تدل علي عدم الوجوب جملة من النصوص:

منها ما رواه عمر بن اذينة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: المرأة تحتلم في المنام فتهريق الماء الاعظم قال: ليس عليها غسل «3».

و منها ما رواه عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يضع ذكره علي فرج المرأة فيمني عليها غسل؟ فقال: ان أصابها من الماء شي ء فلتغسله فليس عليها شي ء الا أن يدخله قلت: فان أمنت هي و لم يدخله؟

قال: ليس عليها الغسل «4».

و منها: ما رواه أيضا قال: اغتسلت يوم الجمعة بالمدينة و لبست ثيابي و

تطيبت فمرت بي وصيفة لي ففخذت لها فأمذيت أنا و أمنت هي فدخلني

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 21

(4) نفس المصدر الحديث: 18

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 9

______________________________

من ذلك ضيق فسألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذلك فقال: ليس عليك وضوء و لا عليها غسل «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: كيف جعل علي المرأة إذا رأت في النوم أن الرجل يجامعها في فرجها الغسل؟

و لم يجعل عليها الغسل اذا جامعها دون الفرج في اليقظة فأمنت؟ قال: لأنها رأت في منامها أن الرجل يجامعها في فرجها فوجب عليها الغسل و الاخر انما جامعها دون الفرج فلم يجب عليها الغسل لأنه لم يدخله و لو كان أدخله في اليقظة وجب عليها الغسل أمنت أو لم تمن «2».

و في قبال هذه النصوص عدة نصوص تدل علي الوجوب:

منها: ما رواه اسماعيل بن سعد الاشعري قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يلمس فرج جاريته حتي تنزل الماء من غير أن يباشر يعبث بها بيده حتي تنزل قال: اذا أنزلت من شهوة فعليها الغسل «3».

و منها ما رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يجامع المرأة فيما دون الفرج و تنزل المرأة هل عليها غسل؟ قال:

نعم «4».

و منها: ما رواه محمد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المرأة تعانق زوجها من خلفه فتحرك علي ظهره فتأتيها الشهوة فتنزل الماء عليها

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 20

(2) نفس المصدر الحديث: 19

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 10

______________________________

الغسل أو لا يجب عليها الغسل؟

قال: اذا جاءتها الشهوة فانزلت الماء وجب عليها الغسل «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المرأة تري في المنام ما يري الرجل قال: اذا انزلت فعليها الغسل و ان لم تنزل فليس عليها غسل «2».

و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة تري أن الرجل يجامعها في المنام في فرجها حتي تنزل قال: تغتسل «3» قال في الحدائق: «الاقرب عندي خروج هذه الاخبار مخرج التقية».

لكن هذا الحمل خلاف القاعدة اذ لم يثبت خلاف العامة بل نقل المعلق علي المتن في الهامش عن الشوكاني انه بعد أن ذكر حديث خولة بنت حكيم الي أن قال: يدل الحديث علي وجوب الغسل علي الرجل و المرأة اذا وقع الانزال و هو اجماعي الا ما يحكي عن النخعي» و عليه ينعكس الامر بأن ما دل علي عدم الوجوب خلاف التقية لكن الوجوب كأنه اتفاقي بين الاصحاب فلا اشكال.

ثم: ان مقتضي تقييد المطلق بالمقيد التفصيل بين الخروج عن شهوة و الخروج عن غير شهوة لاحظ حديث اسماعيل بن سعد «4» فان مقتضي الشرطية التفصيل الا أن يثبت الاطلاق بالإجماع و عدم الخلاف و اللّه العالم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) لاحظ ص: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 11

و غيره (1).

و ان كان الاحوط، استحبابا، عند الخروج من غير المعتاد الجمع بين الطهارتين اذا كان محدثا بالاصغر (2).

[مسألة 137: إن عرف المني فلا اشكال و ان لم يعرف فالشهوة و الدفق و فتور الجسد امارة عليه]

(مسألة 137): ان عرف المني فلا اشكال و ان لم يعرف فالشهوة و الدفق و فتور الجسد امارة عليه (3).

______________________________

(1) قد وقع الكلام بينهم فان المنقول عن جماعة القول

بالاطلاق و عن جامع المقاصد اعتبار الاعتياد في غير ثقبة الاحليل و الخصية و الصلب و عن القواعد و الايضاح و الذكري و غيرها اعتبار الخروج من الموضع المعتاد.

و قد ذكرنا في بحث ناقضية البول: أن الانصاف يقتضي عدم الالتزام بناقضية ما يخرج من البول بالطرق المتداولة في العصور الاخيرة و المقام كذلك و لكن التقييد بخصوص ما يخرج من المخرج الطبيعي خلاف الاطلاق المستفاد من الادلة و مع الشك في الصدق يحكم بالعدم.

(2) قد ظهر الوجه فيه.

(3) قال في الحدائق: «الظاهر أنّه لا خلاف بين الاصحاب- كما نقله جماعة منهم- في وجوب الغسل مع تيقن كون الخارج منيا و إن لم يكن علي الصفات الخ».

و أما الرجوع الي الامارات عند الاشتباه فتدل عليه جملة من النصوص:

منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يلعب مع المرأة و يقبلها فيخرج منه المني فما عليه؟ قال: اذا جاءت الشهوة و دفع و فتر لخروجه فعليه الغسل و ان كان انما هو شي ء لم يجد له فترة

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 12

______________________________

و لا شهوة فلا بأس «1».

فان مقتضي هذه الرواية أنه مع الشك يحكم بكونه منيا عند اجتماع الاوصاف الثلاثة و بالمفهوم تدل علي العدم عند الانتفاء مضافا الي الاصل المقتضي للعدم.

و في المقام رواية رواها عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قلت له الرجل يري في المنام و يجد الشهوة فيستيقظ فينظر فلا يجد شيئا ثم يمكث الهون بعد فيخرج قال: ان كان مريضا فليغتسل و ان لم يكن مريضا فلا شي ء عليه قلت: فما فرق بينهما؟ قال: لان الرجل اذا كان

صحيحا جاء الماء بدفقة قوية و ان كان مريضا لم يجي ء الا بعد «2».

و ربما يقال: بأن المستفاد منها أن الشهوة في الصحيح أمارة المني كالمريض غاية الامر يكون عدم الدفق أمارة العدم فعليه لو أحرز وجود الشهوة و أحرز عدم الدفق لا يحكم بوجود المني للتعارض و أما لو أحرز الشهوة و شك في الدفق يحكم به اذ لا اعتبار بالشك في وجود المعارض.

و فيه: أنه يمكن أن يقال: بأن المستفاد من حديث ابن أبي يعفور ليس أمرا شرعيا بل في مقام جواب السائل عن الفرق بين الامور الخارجية هذا أولا.

و ثانيا: أنه لا يستفاد من الرواية أمارية الشهوة بالنسبة الي الصحيح.

و ثالثا: أنه لو فرض أن عدم الدفق أمارة العدم فما الوجه في الحكم بتحقق المني مع الشك في الدفق؟ و ما الوجه في عدم جريان الاستصحاب؟ بأن نقول:

مقتضي الاستصحاب عدم الدفق و مع إحراز عدمه و لو بالاصل نحكم بعدم

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 13

و مع انتقاء واحد منها لا يحكم بكونه منيا (1) و في المريض يرجع الي الشهوة و الفتور (2).

[مسألة 138: من وجد علي بدنه أو ثوبه منيا و علم أنه منه بجنابة لم يغتسل منها وجب عليه الغسل]

(مسألة 138): من وجد علي بدنه أو ثوبه منيا و علم أنه منه بجنابة لم يغتسل منها وجب عليه الغسل (3) و يعيد كل صلاة لا يحتمل سبقها علي الجنابة المذكورة (4) دون ما يحتمل سبقها عليها و ان علم تاريخ الجنابة و جهل تاريخ الصلاة (5) و ان كانت الاعادة لها أحوط استحبابا (6)

______________________________

المني.

فالنتيجة. ان الحق ما افاده الماتن و الدليل عليه حديث ابن جعفر.

(1) قد ظهر الوجه فيه.

(2) و الوجه فيه حديث ابن أبي يعفور

«1» فان المستفاد من هذه الرواية أن الفرق بين المريض و الصحيح بالدفق و عدمه فالجمع بين هذا الحديث و حديث ابن جعفر «2» التفصيل بين الموردين بما في المتن فلاحظ.

(3) و الوجه فيه ظاهر فانه يعلم بجنابته و الجنب يجب عليه الغسل.

(4) اذ يعلم بطلانها لأجل الجنابة.

(5) فان مقتضي قاعدة الفراغ الحكم بصحة الصلاة ما دام لا يقطع بالخلاف فلا اثر للاستصحاب. و عن المبسوط: «وجوب قضاء كل صلاة صلاها بعد آخر غسل واقع و علل بالاحتياط» و هو كما تري.

(6) لاستحباب الاحتياط.

______________________________

(1) لاحظ ص: 12

(2) لاحظ ص: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 14

و ان لم يعلم أنه منه لم يجب عليه شي ء (1).

[مسألة 139: إذا دار أمر الجنابة بين شخصين يعلم كل منهما أنها من أحدهما]

(مسألة 139): اذا دار أمر الجنابة بين شخصين يعلم كل منهما أنها من أحدهما ففيه صورتان:

الاولي: أن يكون جنابة الاخر موضوعا لحكم الزامي بالنسبة الي العالم بالجنابة اجمالا و ذلك كحرمة استيجاره لدخول المسجد أو للنيابة عن الصلاة عن ميت مثلا ففي هذه الصورة يجب علي العالم بالاجمال ترتيب آثار العلم فيجب علي نفسه الغسل و لا يجوز له استيجاره لدخول المسجد أو للنيابة في الصلاة (2) نعم لا بد له من التوضي أيضا تحصيلا للطهارة لما يتوقف عليها (3).

الثانية: أن لا تكون جنابة الاخر موضوعا لحكم الزامي بالاضافة الي العالم بالجنابة اجمالا ففيها لا يجب الغسل علي أحدهما لا من حيث تكليف نفسه و لا من حيث تكليف غيره اذا لم يعلم بالفساد (4)

______________________________

(1) لاستصحاب عدم الجنابة كما هو ظاهر.

(2) و ذلك لتنجيز العلم الإجمالي بالنسبة الي أطرافه و عدم جريان الاصل.

(3) للعلم الإجمالي أيضا اذ يعلم بوجوب واحد من الغسل و الوضوء فلا بد من الجمع بين الامرين.

(4)

فلا مانع من جريان استصحاب عدم الجنابة و يترتب عليه تكليف نفسه بأن لا يغتسل و يكتفي في صلاته بالوضوء و يدخل المسجد و هكذا كما أنه يجوز للغير أن يقتدي به.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 15

أما لو علم به و لو اجمالا لزمه الاحتياط فلا يجوز الايتمام لغيرهما باحدهما ان كان كل منها موردا للابتلاء (1).

فضلا عن الائتمام بكليهما (2) أو ائتمام أحدهما بالاخر (3) كما لا يجوز لغيرهما استنابة أحدهما في صلاة أو غيرها مما يعتبر فيه الطهارة (4).

[مسألة 140: البلل المشكوك الخارج بعد خروج المني و قبل الاستبراء منه بالبول بحكم المني ظاهرا]

(مسألة 140): البلل المشكوك الخارج بعد خروج المني و قبل الاستبراء منه بالبول بحكم المني ظاهرا (5).

______________________________

(1) فانه يعلم اجمالا بفساد أحد الاقتدائين و العلم منجز.

(2) لا يبعد أن يكون المراد الاقتداء في صلاة واحدة بكليهما.

(3) لا يبعد أن التعرض لهذه الصورة بلا وجه اذا المفروض في كلامه في هذه الصورة عدم ابتلاء أحدهما للاخر.

(4) أي يكون كل من الطرفين مورد الابتلاء للمستأجر أو المستنيب.

(5) كما نص عليه في عدة نصوص: منها: ما رواه محمد بن مسلم قال:

قال أبو جعفر عليه السلام: من اغتسل و هو جنب قبل أن يبول ثم يجد بللا فقد انتقض غسله و ان كان بال ثم اغتسل ثم وجد بللا فليس ينقض غسله و لكن عليه الوضوء لان البول لم يدع شيئا «1».

و منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يغتسل ثم يجد بعد ذلك بللا و قد كان بال قبل أن يغتسل قال: ليتوضأ و ان لم يكن بال قبل الغسل فليعد الغسل «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 36 من أبواب

الجنابة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 16

______________________________

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سئل عن الرجل يغتسل ثم يجد بعد ذلك بللا و قد كان بال قبل أن يغتسل؟ قال: ان كان بال قبل أن يغتسل (الغسل ل) فلا يعيد الغسل «1».

و في قبال هذه النصوص طائفة تعارضها: منها ما رواه جميل بن دراج قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصيبه الجنابة فينسي أن يبول حتي يغتسل ثم يري بعد الغسل شيئا أ يغتسل أيضا؟ قال: لا قد تعصرت و نزل من الحبائل «2».

و منها ما رواه أحمد بن هلال قال: سألته عن رجل اغتسل قبل أن يبول فكتب: ان الغسل بعد البول الا أن يكون ناسيا فلا يعيد منه الغسل «3».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن هلال قال. سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يجامع أهله ثم يغتسل قبل أن يبول ثم يخرج منه شي ء بعد الغسل قال:

لا شي ء عليه عليه أن ذلك مما وضعه اللّه عنه «4».

و منها: ما رواه زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل أجنب ثم اغتسل قبل أن يبول ثم رأي شيئا قال: لا يعيد الغسل ليس ذلك الذي رأي شيئا «5».

و هذه الطائفة ضعيفة سندا أما الاولي فبعلي بن السندي و أما الثانية فبأحمد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 12

(4) نفس المصدر الحديث: 13

(5) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 17

[الثاني: الجماع و لو لم ينزل]
اشارة

الثاني: الجماع و لو لم ينزل (1).

______________________________

بن هلال و أما الثالثة فبعبد اللّه بن هلال و أما الرابعة فبمفضل فالحق ما أفاده في

المتن.

(1) عن الجواهر: انه اجماعي محصلا و منقولا مستفيضا كاد أن يكون متواترا بل هو كذلك».

و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته متي يجب الغسل علي الرجل و المرأة؟

فقال: اذا أدخله فقد وجب الغسل و المهر و الرجم «1».

و منها: ما رواه محمد بن اسماعيل يعني ابن بزيع قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يجامع المرأة قريبا من الفرج فلا ينزلان متي يجب الغسل؟ فقال: اذا التقي الختانان فقد وجب الغسل فقلت: التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة؟ قال: نعم «2».

و أما حديث محمد بن عذافر قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام متي يجب علي الرجل و المرأة الغسل؟ فقال: يجب عليهما الغسل حين يدخله و اذا التقي الختانان فيغسلان فرجهما «3» فضعيف بمحمد بن عمر بن يزيد فانه لم يوثق.

و أما حديث عنبسة بن مصعب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان علي عليه السلام لا يري في شي ء الغسل الا في الماء الاكبر «4» فضعيف به مضافا الي أن اطلاقه يقيد بالنصوص الاخر و بالإجماع.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) الوسائل الباب 7 من أبواب الجنابة الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 18

و يتحقق بدخول الحشفة في القبل أو الدبر من المرأة (1).

______________________________

(1) أما تحقق الجنابة بالدخول في الدبر فيظهر من كلمات الاصحاب انه مشهور و عن المدارك: «أنه مذهب المعظم». و عن المرتضي: «أنه اجماعي» و عن الحلي: «أنه اجماع بين المسلمين». و عن المرتضي: «أنه لا أعلم خلافا بين المسلمين».

و لا يخفي: ان الاعتماد علي هذه

الاجماعات في مثل المسألة محل اشكال، اذ يمكن و يحتمل قويا استناد المجمعين الي بعض الامور المذكورة.

أضف الي ذلك: أنه يناقش في الاجماع بظهور الخلاف من الصدوق في الفقيه و الكليني و الشيخ في بعض كتبه و تردد العلامة في المنتهي و تردد كشف الرموز و بعض المتأخرين و عن السيد نسبة الخلاف الي بعض معاصريه فلاحظ.

و استدل عليه بما رواه حفص بن سوقة عمن أخبره قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي أهله من خلفها قال: هو أحد المأتيين فيه الغسل «1».

و هذه الرواية لا اعتبار بسندها و انجبارها بعمل المشهور بها ممنوع صغري و كبري و كون الراوي عن حفص ابن أبي عمير، فيكون الحديث صحيحا و معتبرا و ان كان مرسلا قد ذكرنا في محله المناسب أنه لا يرجع الي محصل صحيح.

و استدل علي المدعي بقوله تعالي: «أَوْ لٰامَسْتُمُ النِّسٰاءَ» «2» بتقريب: أن اللّه تعالي جعل الملامسة سببا للتيمم مع فقد الماء و التيمم اما عن الوضوء أو الغسل

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب الجنابة الحديث: 1.

(2) النساء/ 43.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 19

______________________________

و من الظاهر أنه ليس بدلا من الوضوء اذ الملامسة لا توجب الوضوء فيكون بدلا عن الغسل لأجل الجنابة و لا اشكال في أن الملامسة في غير القبل و الدبر لا يوجب الغسل كما دل عليه ما رواه أبو مريم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام:

ما تقول في الرجل يتوضأ ثم يدعو جاريته فتأخذ بيده حتي ينتهي الي المسجد؟

فان من عندنا يزعمون أنها الملامسة فقال: لا و اللّه ما بذلك باس و ربما فعلته و ما يعني بهذا (أو لامستم النساء) الا المواقعة في الفرج «1».

فتقريب الاستدلال:

أن مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين القبل و الدبر.

و فيه: أولا: أن الخبر ضعيف بأبي مريم و ثانيا: أن الاطلاق منصرف الي اللمس المتعارف و هو الدخول في القبل.

و ربما يستدل علي المدعي باطلاق الا دخال كما في رواية محمد بن مسلم «2» أو باطلاق الايلاج كما في رواية البزنطي صاحب الرضا عليه السلام قال: سألته ما يوجب الغسل علي الرجل و المرأة؟ فقال: اذا أولجه وجب الغسل و المهر و الرجم «3».

و في الاستدلال بهما نظر حيث ان المنصرف منهما المتعارف الخارجي مضافا الي ما رواه الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصيب المرأة فيما دون الفرج أ عليها غسل ان هو أنزل و لم تنزل هي؟ قال: ليس عليها غسل و ان لم ينزل هو فليس عليه غسل «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 17

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب الجنابة الحديث: 8

(4) الوسائل الباب 11 من أبواب الجنابة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 20

______________________________

الا أن يقال: بأن الاستدلال به علي الخلاف مبني علي ارادة خصوص القبل من الفرج و هو أول الكلام.

و أما الاستدلال علي المشهور بما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: جمع عمر بن الخطاب أصحاب النبي صلي اللّه عليه و آله فقال: ما تقولون في الرجل يأتي أهله فيخالطها و لا ينزل؟ فقالت الانصار: الماء من الماء و قال المهاجرون:

اذا التقي الختانان فقد وجب عليه الغسل فقال عمر لعلي عليه السلام: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال: علي عليه السلام: أ توجبون عليه الحد و الرجم و لا توجبون عليه صاعا من الماء؟ اذا التقي

الختانان فقد وجب عليه الغسل «1» فيرد عليه:

انه أشبه بالقياس اذ لا يستفاد منه الميزان الكلي و لا شبهة في ان الرجم و الحد لا يلازمان الغسل في جميع المصاديق- كما هو ظاهر- بل الرواية تدل علي خلاف المدعي فان الشرطية الواردة في كلامه عليه السلام تدل بمفهومها علي عدم وجوب الغسل عند عدم تلاقي الختانين و مثلها عدة نصوص واردة في نفس الباب.

و يؤيد المدعي مرفوعة البرقي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أتي الرجل المرأة في دبرها فلم ينزلا فلا غسل عليهما و ان انزل فعليه الغسل و لا غسل عليها «2».

و مرفوعة بعض الكوفيين الي أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يأتي المرأة في دبرها و هي صائمة قال: لا ينقض صومها و ليس عليها غسل «3».

فالحكم مبني علي الاحتياط لكن الانصاف أن منع اطلاق الادخال و الايلاج

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الجنابة الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 21

و أما في غيرها فالاحوط الجمع بين الغسل و الوضوء للواطي و الموطوء فيما اذا كانا محدثين بالحدث الاصغر و الا يكتفي بالغسل فقط (1).

______________________________

و اختصاصهما بخصوص الادخال و الايلاج في القبل بلا وجه و ينافي القواعد المقررة اذ الغلبة الخارجية لا نوجب الانصراف.

و لقائل أن يقول: بأن غاية ما في الباب تحقق الاطلاق لكن لا بد من رفع اليد عنه بمفهوم قوله: «اذا التقي الختانان» فلاحظ و مما ذكرنا ظهر الوجه في ترتب الحكم بدخول الحشفة اذ بدخولها يتحقق التقاء الختانين و هو موضوع الحكم.

(1) قد وقع الخلاف بين القوم في أن الدخول في دبر الغلام

يوجب الجنابة أم لا؟

و استدل عليه بالإجماع بدعوي: أن كل من أوجبه بالدخول في دبر المرأة أوجبه في دبر الغلام و من الظاهر أن حال هذه الاجماعات معلومة من حيث الضعف مضافا الي أن المسألة بالنسبة الي دبر المرأة مورد الخلاف.

و استدل عليه بما رواه أبو بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله من جامع غلاما جاء يوم القيامه جنبا لا ينقيه ماء الدنيا و غضب اللّه عليه و لعنه و أعدله جهنم و ساءت مصيرا ثم قال: ان الذكر يركب الذكر فيهتز العرش لذلك «1».

و الرواية ضعيفة بابي بكر حيث انه لم يوثق أضف الي ذلك أن دلالتها علي المدعي مخدوشة فان الظاهر منها أن الجنابة المذكورة في الرواية بمعني

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب النكاح المحرم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 22

و يكفي في مقطوع الحشفة دخول مقدارها (1) بل الاحوط وجوبا الاكتفاء بمجرد الادخال منه (2).

______________________________

آخر و لذا لا ترتفع بماء الدنيا فلاحظ.

و استدل عليه بما رواه زرارة «1» بدعوي استفادة التلازم بين الحد و الغسل و حيث ان الحد ثابت في المقام فالغسل ثابت.

و فيه: أنه قد تقدم الاشكال في الاستدلال بالرواية و أنه لا يستفاد منها أزيد من التلازم بين الامرين في الادخال في القبل.

فالنتيجة: أن اقامة الدليل علي تحقق الجنابة بالنسبة الي الواطئ بالادخال في مورد غير المرأة مشكل و اثباته بالنسبة الي الموطوء أشكل فالحكم مبني علي الاحتياط فعلي تقدير كون الواطئ أو الموطوء محدثا بالاصغر لا بد من الجمع بين الغسل و الوضوء للعلم الإجمالي و علي تقدير الطهارة من الحدث الاصغر يكفي الغسل اذ الامر دائر

بين بقاء الطهارة و تحقق الجنابة فلاحظ.

(1) الظاهر انه لا وجه للتقدير المذكور فانه اما نأخذ بالدليل المقيد الدال علي اشتراط التقاء الختانين أو لا نأخذ به أما علي الاول فلا بد من الالتزام بالتقييد علي نحو الاطلاق بلا فرق بين الموارد و النتيجة أن مقطوع الحشفة لا يصير مجنبا بالادخال لفقد الشرط و هذا هو الحق اذا لأحكام الوضعية غير مرهونة بالاختيار و لا فرق بين المختار و غيره و علي الثاني فلا وجه للتقييد أيضا اذ مقتضي الاطلاق كفاية مطلق الدخول أو لزوم ادخال الكل بناء علي أن الظاهر من الادخال و الايلاج ادخال تمام الذكر.

(2) للإطلاق كما مر آنفا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 23

[مسألة 141: اذا تحقق الجماع تحققت الجنابة للفاعل و المفعول به من غير فرق بين الصغير و الكبير و العاقل و المجنون و القاصد و غيره]

(مسألة 141): اذا تحقق الجماع تحققت الجنابة للفاعل و المفعول به من غير فرق بين الصغير و الكبير و العاقل و المجنون و القاصد و غيره (1) بل الظاهر ثبوت الجنابة للحي اذا كان أحدهما ميتا (2).

______________________________

(1) تارة يقع الكلام في الدخول في قبل المرأة و اخري في غيره أما الدخول في قبل المرأة فالحكم بتحقق الجنابة علي الاطلاق- كما في- المتن من باب اطلاق الدليل و أما في غيره فقد مر الاشكال فيه لعدم ثبوت الاطلاق فلا بد من التماس الدليل ففي كل مورد ثبت الاجماع التعبدي و الا فمقتضي القاعدة اجراء اصالة البراءة و استصحاب العدم.

(2) ما ذكر في المقام أو يمكن أن يذكر امور:

منها اطلاق الادلة و الانصاف أن شمول الاطلاق للمقام مشكل و منها الاجماع و الاشكال فيه أظهر و منها الاستصحاب و فيه أنه تعليقي لا يجري مضافا الي أنه لا يجري الاستصحاب في الحكم الكلي.

و منها الفحوي المستفاد من

حديث زرارة «1» و قد مر الاشكال فيه.

و استدل علي المدعي بما دل من النصوص علي أن حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا مثل ما رواه العلاء بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: حرمة المسلم ميتا كحرمته و هو حي سواء «2» و ما رواه مسمع كردين قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل كسر عظم ميت فقال: حرمته ميتا أعظم من حرمته و هو حي «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 20

(2) الوسائل الباب: 51 من أبواب الدفن

(3) الوسائل الباب 25 من أبواب ديات الاعضاء الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 24

[مسألة 142: اذا خرج المني بصورة الدم وجب الغسل بعد العلم بكونه منيا]

(مسألة 142): اذا خرج المني بصورة الدم وجب الغسل بعد العلم بكونه منيا (1).

[مسألة 143: اذا تحرك المني عن محله بالاحتلام و لم يخرج الي الخارج لا يجب الغسل]

(مسألة 143): اذا تحرك المني عن محله بالاحتلام و لم يخرج الي الخارج لا يجب الغسل (2).

[مسألة 144: يجوز للشخص اجناب نفسه بمقاربة زوجته]

(مسألة 144): يجوز للشخص اجناب نفسه بمقاربة زوجته و لو لم يقدر علي الغسل و كان بعد دخول الوقت (3) نعم اذا لم يتمكن

______________________________

و في دلالته علي المدعي اشكال ظاهر فلا بد من اتمام الامر بالإجماع و التسالم.

(1) لإطلاق الدليل و الانصراف لا وجه لادعائه- بعد فرض كون المورد من مصاديق الموضوع- الا بدوا.

(2) لعدم تحقق الجنابة.

(3) ادعي عليه الاجماع و العمدة النص الوارد في المقام لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون معه أهله في سفر لا يجد الماء يأتي أهله؟

قال: ما أحب أن يفعل الا أن يخاف علي نفسه قلت: فيطلب بذلك اللذة أو يكون شبقا الي النساء فقال: ان الشبق يخاف علي نفسه قال: قلت: طلب بذلك اللذة قال: هو حلال «1».

و ما رواه أيضا قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الرجل يكون مع أهله في السفر فلا يجد الماء يأتي أهله؟ فقال: ما أحب أن يفعل ذلك الا أن يكون شبقا أو يخاف علي نفسه «2» و لا فرق بين كونه قبل دخول الوقت و بعده

______________________________

(1) الوسائل الباب 50 من أبواب مقدمات النكاح

(2) الوسائل الباب 27 من أبواب التيمم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 25

من التيمم لا يجوز ذلك (1).

و أما في الوضوء فلا يجوز لمن كان متوضئا و لم يتمكن من الوضوء لو أحدث أن يبطل وضوئه اذا كان بعد دخول الوقت (2).

[مسألة 145: إذا شك في أنه هل حصل الدخول أم لا]

(مسألة 145): اذا شك في أنه هل حصل الدخول أم لا، لا يجب عليه الغسل و كذا لا يجب لو شك في أن المدخول فيه فرج أو دبر أو غيرهما (3).

[مسألة 146: الوطء في دبر الخنثي موجب للجنابة علي الاحوط]

(مسألة 146): الوطء في دبر الخنثي موجب للجنابة علي الاحوط فيجب الجمع بين الغسل و الوضوء اذا كان الواطئ أو

______________________________

لإطلاق الدليل فلاحظ.

(1) فانه تفويت للصلاة و لا يجوز تفويتها علي حسب القاعدة الاولية و الجواز مع عدم التمكن من الغسل بلحاظ النص الخاص كما مر.

(2) فان المستفاد من دليل التيمم أنه بدل اضطراري و لا يجوز للمكلف أن يعجز نفسه.

و بعبارة اخري ليس وجوب التيمم للفاقد مثل القصر بالنسبة الي المسافر كي يقال: بأن الاختيار بيد المكلف.

و بتوضيح آخر ملاك الوضوء موجود مع فقدان الماء فلا يجوز تفويت الملاك و لذا يشكل الجوز حتي قبل دخول الوقت اذا قلنا بوجوب المقدمات المفوتة.

(3) فان الشبهة موضوعية و الاستصحاب محكم و مقتضاه عدم حصول ما يقتضي الجنابة.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 26

الموطوء محدثا بالاصغر (1) دون قبلها (2) الا مع الانزال فيجب عليه الغسل دونها الا أن تنزل هي أيضا (3) و لو أدخلت الخنثي في الرجل أو الانثي مع عدم الانزال لا يجب الغسل علي الواطئ و لا علي الموطوء (4).

و اذا أدخل الرجل بالخنثي و تلك الخنثي بالانثي وجب الغسل

______________________________

(1) الوجه في عدم الجزم ناش من التردد في كون الخنثي رجلا أو امرأة و بني الماتن وجوب الغسل في غير القبل و الدبر من المرأة علي الاحتياط فعليه الامر كما أفاده.

(2) كما نقل عن جماعة التصريح به و الوجه أنه مورد الشك لاحتمال كونه ثقبا و ليس بفرج و الاصل يقتضي عدم الجنابة.

ان قلت:

ما المانع من الاخذ باطلاق قوله عليه السلام «اذا التقي الختاتان وجب الغسل»؟ قلت: الظاهر من الرواية الاكتفاء في العضو الاصلي لا المشابه.

و لكن لقائل أن يقول بان من أدخل ذكره في قبل الخنثي يعلم اجمالا اما يجب عليه الغسل أو يحرم عليه النظر الي ما يمكن أن يكون ذكرا لها و مقتضي العلم الإجمالي تنجز أطرافه فلاحظ.

(3) اذ الا نزل يوجب الجنابة بلا كلام و أما مع عدم الانزال فيجري في الخنثي ما ذكرناه في الواطئ من حيث الشك في تحقق السبب و الاصل عدمه.

و لقائل أن يقول: ان الانزال لو لم يكن من الموضع المعتاد لا يوجب الجنابة و الموضع المعتاد في الخنثي غير معلوم.

(4) للشك في سبب تحقق الجنابة كما ذكرنا.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 27

علي الخنثي دون الرجل و الانثي (1).

[الفصل الثاني فيما يتوقف صحته أو جوازه علي غسل الجنابة]
اشارة

الفصل الثاني فيما يتوقف صحته أو جوازه علي غسل الجنابة

[و هو أمور]
اشارة

و هو أمور:

[الأول: الصلاة مطلقا]

الاول: الصلاة مطلقا (2).

______________________________

(1) و الوجه فيه أن الخنثي تعلم تفصيلا بكونها جنبا لكونها اما واطئة أو موطوئة و أما الرجل و المرأة فيجري الاصل في حقهما و مقتضاه عدم الجنابة.

(2) الظاهر أن هذا اجماعي بل لا يبعد أن يقال: بأنه من ضروريات الفقه و يدل عليه قوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا قُمْتُمْ إِلَي الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَي الْمَرٰافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَي الْكَعْبَيْنِ وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا» «1» مضافا الي جملة من النصوص:

منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا دخل الوقت وجب الطهور و الصلاة و لا صلاة الا بطهور «2».

و منها ما رواه الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتي خرج شهر رمضان قال: عليه أن يغتسل و يقضي الصلاة و الصيام «3».

و منها ما رواه علي بن مهزيار في حديث ان الرجل اذا كان ثوبه نجسا لم يعد الصلاة الا ما كان في وقت و اذا كان جنبا أو صلي علي غير وضوء فعليه اعادة

______________________________

(1) المائدة/ 6

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 39 من أبواب الجنابة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 28

عدا صلاة الجنائز (1).

______________________________

الصلوات المكتوبات اللواتي فاتته لان الثوب خلاف الجسد فاعمل علي ذلك إن شاء اللّه «1».

(1) لجملة من النصوص المذكورة في الوسائل في الباب 21 من أبواب صلاة الجنازة:

منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الرجل تفجأه الجنازة و هو علي غير طهر قال: فليكبر معهم «2».

و منها: ما رواه يونس بن

يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجنازة اصلي عليها علي غير وضوء؟ فقال: نعم انما هو تكبير و تسبيح و تحميد و تهليل كما تكبر و تسبح في بيتك علي غير وضوء «3».

فانها دالة علي عدم اشتراطها بالطهارة لا من الاصغر و لا من الاكبر و تفصيل الكلام موكول الي بحث صلاة الجنازة فانتظر.

مضافا الي أن عدم الاشتراط مطابق الاصل الاولي فان صلاة الجنازة ليست صلاة كما نص عليه في بعض النصوص لاحظ ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال: انما جوزنا الصلاة علي الميت بغير وضوء لأنه ليس فيها ركوع و لا سجود و انما هي دعاء و مسألة و قد يجوز أن تدعو اللّه و تسأله علي اي حال كنت و انما يجب الوضوء في الصلاة التي فيها ركوع و سجود «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 21 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 29

و كذا أجزائها المنسية (1) بل سجود السهو علي الاحوط استجابا (2).

[الثاني: الطواف الواجب بالاحرام مطلقا]

الثاني: الطواف الواجب بالاحرام مطلقا كما تقدم في الوضوء (3).

[الثالث: الصوم]

الثالث: الصوم بمعني انه لو تعمد البقاء علي الجنابة حتي طلع الفجر بطل صومه و كذا صوم ناسي الغسل علي تفصيل يأتي في محله ان شاء اللّه تعالي (4).

[الرابع: مس كتابة القرآن الشريف و مس اسم اللّه تعالي]

الرابع: مس كتابة القرآن الشريف (5) و مس اسم اللّه تعالي علي

______________________________

(1) قد ذكرنا وجه الاشتراط في مبحث الوضوء و قلنا بان الظاهر اعتبار الاشتراط حيث ان الجزء تبدل مكانه و انه هو فتعتبر فيها شروطها.

(2) فانه قد مر في بحث الوضوء انه لا دليل علي اعتبار الطهارة فيه اذ انه ليس جزءا من الصلاة و لا يكون تركه- و لو عمدا- موجبا لبطلانها.

(3) و قد ذكرنا ما يرتبط به فراجع.

(4) و يأتي الكلام في شرح المتن هناك ان شاء اللّه تعالي.

(5) العمدة فيه الاجماع و التسالم و الاولوية المستفادة من حرمة المس للمحدث بالحدث الاصغر حيث دل عليه ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عمن قرء في المصحف و هو علي غير وضوء قال: لا بأس و لا يمس الكتاب «1» فانه يدل علي الحرمة بالنسبة الي الجنب بطريق أولي.

و أما ما رواه ابراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام قال: المصحف لا تمسه علي غير طهر و لا جنبا و لا تمس خطه و لا تعلقه ان اللّه يقول: لا يمسه الا المطهرون «2»، فضعيف كما مر في فصل الوضوء.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب الوضوء الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 30

ما تقدم في الوضوء (1).

[الخامس: اللبث في المساجد]

الخامس: اللبث في المساجد بل مطلق الدخول فيها (2).

______________________________

(1) بلا خلاف- كما عن النهاية- و عن بعض الاصحاب دعوي الاجماع عليه و يدل عليه ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يمس الجنب درهما و لا دينارا عليه اسم اللّه «1».

و يعارضه ما رواه أبو الربيع عن أبي عبد

اللّه عليه السلام في الجنب يمس الدراهم فيها اسم اللّه و اسم رسوله قال: لا بأس به ربما فعلت ذلك «2».

و هذه الرواية ضعيفة بخالد و في الباب حديثان آخر ان أحدهما ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: سألته عن الجنب و الطامث يمسان أيديهما الدراهم البيض قال: لا بأس «3».

ثانيهما: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته هل يمس الرجل الدراهم الابيض و هو جنب؟ فقال: اي اني و اللّه لأوتي بالدرهم فآخذه و اني لجنب «4».

و يمكن الجمع بينهما و بين حديث عمار بحمل حديث عمار علي مس الاسم و حملهما علي الموضع الخالي و علي تقدير التعارض و عدم امكان الجمع يكون الترجيح مع دليل الجواز للأحدثية و طريق الاحتياط ظاهر.

(2) نقل عن بعض الاصحاب: التعبير عن موضوع الحرمة باللبث و عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 31

______________________________

جماعة (التعبير بالاستيطان) و عن بعض: التعبير بالجلوس.

و يدل علي المدعي ما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قالا: قلنا له: الحائض و الجنب يدخلان المسجد أم لا؟ قال: الحائض و الجنب لا يدخلان المسجد إلا مجتازين ان اللّه تبارك و تعالي يقول: «و لا جنبا الا عابري سبيل حتي تغتسلوا «1».

و مقتضي اطلاق الرواية حرمة مطلق الدخول- كما في المتن- بل الصحيح أن يقال: ان الاية تدل علي المدعي ببركة بيان المعصوم الذي هو عدل الكتاب.

و تدل علي المدعي جملة اخري من النصوص الواردة في الباب 15 من أبواب الجنابة

من الوسائل.

نعم في المقام رواية تعارض دليل النهي و هي ما رواه محمد بن القاسم قال، سألت أبا الحسن عليه السلام عن الجنب ينام في المسجد؟ فقال: يتوضأ و لا بأس أن ينام في المسجد و يمر فيه «2».

و يمكن أن يقال بانها واردة في خصوص مورد خاص فتأمل.

و مقتضي القاعدة التخصيص و علي تقدير الالتزام بالمعارضة يكون الترجيح مع دليل المنع لموافقتها لظاهر الكتاب و هو قوله تعالي و لا جنبا الا عابري سبيل حتي تغتسلوا «3» بل قيل ان دليل الجواز موافق للتقية فما نقل عن سلار من القول بالكراهة ضعيف كما ان ما نقل عنه في مقام الاستدلال بان الجواز مقتضي

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الجنابة الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 18

(3) النساء/ 43

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 32

و ان كان لوضع شي ء فيها (1) بل لا يجوز وضع شي ء فيها حال الاجتياز و من خارجها (2) كما لا يجوز الدخول لأخذ شي ء منها (3).

______________________________

الاصل ضعيف فان الاصل لا يعارض الدليل الاجتهادي كما هو ظاهر.

(1) لإطلاق الدليل.

(2) للنص و هو ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجنب و الحائض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه؟ قال: نعم و لكن لا يضعان في المسجد شيئا «1».

و ما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: الحائض و الجنب فيه شيئا قال زرارة: قلت له فما بالهما يأخذان منه و لا يضعان فيه؟ قال: لأنهما لا يدخلان المسجد الا مجتازين الي أن قال: و يأخذان من المسجد و لا يضعان فيه شيئا قال زرارة: قلت له فما بالهما يأخذان منه و

لا يضعان فيه؟ قال: لأنهما لا يقدران علي أخذ ما فيه الا منه و يقدران علي وضع ما بيد هما في غيره «2» و أما مرسل علي بن ابراهيم «3» الوارد بهذا المضمون فلا اعتبار بسنده للإرسال.

(3) لإطلاق النهي عن الدخول و ما دل علي جواز الاخذ منها كحديث محمد بن مسلم و مرسل علي بن ابراهيم لا يدل علي جواز الدخول فانهما يدلان علي جواز الاخذ في مقابل عدم جواز الوضع و أما الدخول لهذه الغاية فلا يستفاد من الحديثين.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 33

و يجوز الاجتياز فيها بالدخول من باب مثلا و الخروج من آخر (1) الا في المسجدين الشريفين- المسجد الحرام و مسجد النّبيّ صلي اللّه عليه و آله- (2) و الاحوط وجوبا الحاق المشاهد المشرفة بالمساجد في الاحكام المذكورة (3).

______________________________

و ان شئت قلت: ان العرف لا يري معارضة بين الدليلين.

و ما أفاده سيد المستمسك في هذا المقام من أن التأمل في النص يعطي أن الجواز بلحاظ الدخول، مدفوع بان المستفاد من النص ان الفرق بين الوضع و الاخذ أن الوضع لا ينحصر موضعه و أما الاخذ فلا بدل له و لا ترتبط هذه الجهة بالدخول و عدمه.

و بعبارة أخري موضوع الحكم هو الاخذ و الوضع و لذا قلنا بان الوضع لا يجوز حتي من الخارج فلاحظ.

(1) كما دلت عليه الاية و الرواية.

(2) ادعي عليه الاجماع و عن الحدائق نفي الخلاف فيه و تدل عليه جملة من النصوص.

منها ما رواه جميل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجنب يجلس في المساجد؟ قال: لا و

لكن يمر فيها كلها الا المسجد الحرام و مسجد الرسول صلي اللّه عليه و آله «1».

و منها ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: للجنب أن يمشي في المساجد كلها و لا يجلس فيها الا المسجد الحرام و مسجد الرسول صلي اللّه عليه و آله «2».

(3) قد ذكرت في وجه الالحاق امور:

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 34

______________________________

منها: تحقق المسجدية فيها و زيادة. و فيه: أنه لا اشكال في عدم كونها مسجدا و كون الدخول هتكا لاحترامهم أول الكلام و مع صدقه لا يجوز بأي نحو و لو مع الطهارة.

و منها: جملة من الروايات المذكورة في الباب 16 من أبواب الجنابة من الوسائل:

منها: ما رواه بكر بن محمد قال: خرجنا من المدينة نريد منزل أبي عبد اللّه عليه السلام فلحقنا أبو بصير خارجا من زقاق و هو جنب و نحن لا نعلم حتي دخلنا علي أبي عبد اللّه عليه السلام قال: فرفع رأسه الي أبي بصير فقال:

يا أبا محمد أما تعلم أنه لا ينبغي لجنب أن يدخل بيوت الانبياء؟ قال: فرجع أبو بصير و دخلنا «1».

و منها: ما رواه المفيد عن أبي بصير قال: دخلت المدينة و كانت معي جويرية فاصبت منها ثم خرجت الي الحمام فلقيت اصحابنا الشيعة و هم متوجهون الي أبي عبد اللّه عليه السلام فخفت (فخشيت خ ل) أن يسبقوني و يفوتني الدخول اليه فمشيت معهم حتي دخلت الدار فلما مثلت بين يدي أبي عبد اللّه عليه السلام نظر الي ثم قال: يا أبا بصير أما علمت أن بيوت الانبياء و اولاد الانبياء لا يدخلها الجنب؟ فاستحييت

الحديث «2».

و منها ما رواه أبو بصير قال: دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام و أنا اريد أن يعطيني من دلالة الامامة مثل ما أعطاني أبو جعفر عليه السلام فلما دخلت و كنت

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 35

[السادس: قراءة آية السجدة من سور العزائم]

السادس: قراءة آية السجدة من سور العزائم (1).

______________________________

جنبا فقال: يا با محمد ما كان ذلك فيما كنت فيه شغل تدخل علي و أنت جنب فقلت ما عملته الا عمدا قال: أو لم تؤمن؟ قلت: بلي و لكن ليطمئن قلبي.

و قال: يا با محمد قم فاغتسل فقمت و اغتسلت و صرت الي مجلسي و قلت عند ذلك: انه امام «1».

بتقريب: انها تدل علي عدم جواز الدخول علي أحيائهم و حرمتهم ميتا كحرمتهم حيا.

و هذه الروايات مخدوشة اما سندا و اما دلالة أما الرواية الاولي فلا تدل علي التحريم كما تري فان لفظ لا ينبغي لا يدل علي الحرمة و أما الثانية فمرسلة و أما الثالثة فلا تدل علي الحرمة فان مقصوده الامتحان و الامام عليه السلام أعلم أبا بصير بانه عالم بالغيوب و أما الرابعة فمرسلة و كذلك الخامسة و الاحتياط طريق النجاة.

(1) يظهر من كلمات الاصحاب في هذا المقام أن الاقوال في المسألة ثلاثة:

الاول: حرمة قراءة الجنب حتي آية من سور العزائم.

الثاني: جواز القراءة مطلقا. الثالث: حرمة خصوص آية السجدة- كما في المتن-.

و الظاهر ان الحق هو القول الثالث و يدل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: قلت له: الحائض و الجنب هل يقرءان من القرآن شيئا؟ قال: نعم ما شاءا الا السجدة و يذكر ان اللّه علي

كل حال «2».

و مثله ما رواه محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: الجنب و الحائض

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب الجنابة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 36

و هي الم السجدة و حم السجدة و النجم و العلق (1) و الاحوط

______________________________

يفتحان المصحف من وراء الثوب و يقرءان من القرآن ما شاءا الا السجدة «1».

و تقريب الاستدلال علي المدعي بهما أن السجدة المذكورة فيهما مصدر للمرة من السجود و حيث انه ليس المراد منها المعني الحقيقي يكون المراد منها سبب السجدة أو محل السجدة و من الظاهر ان محل السجدة أو سببها آية السجود فلا وجه لتعميم الحكم الي تمام السورة كما انه لا مجال للقول بعدم الحرمة لدلالة بعض النصوص كرواية الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا بأس أن تتلو الحائض و الجنب القرآن «2» و روايتي الحلبي و ابن بكير «3» اذ تخصيص الاطلاق بالمقيد ليس عزيزا فلاحظ.

(1) تدل عليه جملة من النصوص: منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قرأت شيئا من العزائم التي يسجد فيها فلا تكبر قبل سجودك و لكن تكبر حين ترفع رأسك و العزائم أربعة: حم السجدة و تنزيل و النجم و اقرأ باسم ربك «4».

و منها ما رواه داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان العزائم أربع: اقرأ باسم ربك الذي خلق و النجم و تنزيل السجدة و حم السجدة «5».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: العزائم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس

المصدر الحديث: 6 و 2

(4) الوسائل الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 37

استحبابا الحاق تمام السورة بها حتي بعض البسملة (1).

[مسألة 147: لا فرق في حرمة دخول الجنب في المساجد بين المعمور منها و الخراب]

(مسألة 147): لا فرق في حرمة دخول الجنب في المساجد بين المعمور منها و الخراب و ان لم يصل فيه أحد و لم تبق آثار المسجدية و كذلك المساجد في الاراضي المفتوحة عنوة اذا ذهبت آثار المسجدية بالمرة (2).

[مسألة 148: ما يشك في كونه جزءا من المسجد من صحنه و حجراته و منارته و حيطانه و نحو ذلك]

(مسألة 148): ما يشك في كونه جزءا من المسجد من صحنه و حجراته و منارته و حيطانه و نحو ذلك لا تجري عليه أحكام المسجدية (3).

[مسألة 149: لا يجوز أن يستأجر الجنب لكنس المسجد في حال الجنابة]

(مسألة 149): لا يجوز أن يستأجر الجنب لكنس المسجد في حال الجنابة (4).

______________________________

الم تنزيل و حم السجدة و النجم و اقرأ باسم ربك «1».

(1) للخروج عن شبهة الخلاف.

(2) لإطلاق الادلة خلافا لما عن بعض العامة حيث ذهب- علي ما نقل عنه- بخروج الارض عن عنوان المسجدية بالخراب و لكنه ضعيف فالحكم مطلق اذ ارض المسجد مسجد و لا وجه لخروجها عن تحت العنوان بالخراب و هذا هو العمدة لا الاستصحاب فان جريانه في الحكم الكلي ممنوع.

و فيما ذكرناه لا فرق بين غير مفتوحة العنوة و المفتوحة عنوة لوحدة الملاك فما اشار اليه سيد العروة فيها في هذا الفرع ضعيف.

(3) لاستصحاب عدم صيرورته جزءا كما أن مقتضي البراءة عدم الحرمة.

(4) استدل عليه بانه أمر بالمنكر و ترغيب في فعله و حرمة ذلك واضحة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 38

بل الاجارة فاسدة و لا يستحق الاجرة المسماة (1) و ان كان يستحق الاجرة المثل (2) هذا اذا علم الاجير بجنابته أما اذا جهل بها فالاظهر جواز استيجاره و كذلك الصبي و المجنون الجنب (3):

[مسألة 150: إذا علم إجمالا جنابة أحد الشخصين لا يجوز استيجارهما و لا استيجار أحدهما]

(مسألة 150): اذا علم اجمالا جنابة احد الشخصين لا يجوز استيجارهما و لا استيجار احدهما لقراءة العزائم أو دخول المساجد أو نحو ذلك مما يحرم علي الجنب (4).

______________________________

و يرد عليه: أن الاستيجار ليس معناه الامر بل لا منافاة بين الاستيجار و النهي عن الدخول نعم لو قلنا بحرمة الاعانة علي الاثم أمكن القول بالحرمة من كون الاجارة اعانة علي الاثم لكن حرمة الاعانة محل الكلام و سيدنا الاستاد لم يسلمها.

(1) اذ يشترط في صحة الاجارة تمكن الاجير من تسليم مورد عقد الاجارة و لا فرق في عدم التمكن بين العقلي

و الشرعي.

و لقائل أن يقول: اي منافاة بين حرمة الدخول و صحة الاجارة في مفروض المسألة اذ الكنس بنفسه ليس حراما و انما الحرام اللبث في المسجد فالمستأجر يملك الكنس في ذمة الموجر غاية الامر يحرم عليه الدخول و من ناحية اخري يجب عليه تسليم مال الغير فيكون من صغريات باب التزاحم فتأمل.

(2) الظاهر أنه من باب أن ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.

(3) الظاهر أنه مع عدم توجه النهي لا وجه للفساد و الحرمة.

(4) لا وجه لما ذكر فانه مع عدم تنجز التكليف علي الاجير لا وجه للحرمة و الفساد و ما أفاده مناف لما مر منه آنفا و يمكن أن يكون كلامه ناظرا الي صورة علم الجنب بجنابته و لكن المستأجر جاهل و لا يعلم أيهما جنب كما أن كلام سيد العروة

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 39

[مسألة 151: مع الشك في الجنابة لا يحرم شي ء من المحرمات المذكورة]

(مسألة 151): مع الشك في الجنابة لا يحرم شي ء من المحرمات المذكورة الا اذا كانت حالته السابقة هي الجنابة (1).

[الفصل الثالث فيما يكره علي الجنب]

الفصل الثالث قد ذكروا انه يكره للجنب الاكل و الشرب (2).

الا بعد الوضوء (3) أو المضمضة و الاستنشاق (4) و يكره قراءة ما زاد

______________________________

ناظر إلي هذه الصورة فلا اشكال.

(1) لاستصحاب عدمها.

(2) ادعي عليه الاجماع صريحا و ظاهرا و يمكن الاستدلال عليه بما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في حديث المناهي قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن الاكل علي الجنابة و قال: انه يورث انفقر «1» و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كان الرجل جنبا لم يأكل و لم يشرب حتي يتوضأ «2».

(3) كما في رواية الحلبي.

(4) لاحظ ما في الرضوي عنه عليه السلام و اذا أردت أن تأكل علي جنابتك فاغسل يديك و تمضمض و استنشق ثم كل و اشرب الي أن تغتسل فان أكلت أو شربت قبل ذلك اخاف عليك البرص و لا تعد الي ذلك «3».

لكن هذه الرواية تتضمن غسل اليدين أيضا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب الجنابة الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) المستدرك الباب 12 من أبواب الجنابة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 40

علي سبع آيات من غير العزائم (1) بل الاحوط استحبابا عدم قراءة شي ء من القرآن ما دام جنبا (2).

و يكره أيضا مس ما عدا الكتابة من المصحف (3) و النوم جنبا الا أن يتوضأ (4) أو يتيمم بدل الغسل (5).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن الجنب هل يقرء القرآن؟ قال: ما

بينه و بين سبع آيات «1».

(2) يمكن أن يكون الوجه فيما أفاده ما رواه ابن أبي الدنيا قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لا يحجبه أو لا يحجزه عن قراءة القرءان الا الجنابة «2».

(3) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: الجنب و الحائض يفتحان المصحف من وراء الثوب و يقرءان من القرءان ما شاءا الا السجدة «3».

فان مقتضي هذه الرواية حرمة مس ما عدا الكتابة أيضا لكن حيث انه لا يمكن الالتزام بالحرمة تحمل الرواية علي الكراهة و ان شئت قلت: نرفع اليد عن الظاهر لوضوح عدم الحرمة.

(4) لاحظ ما رواه الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل أ ينبغي له أن ينام و هو جنب؟ فقال: يكره ذلك حتي يتوضأ «4».

(5) لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب الجنابة الحديث: 9

(2) المستدرك الباب 11 من أبواب الجنابة الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 19 من أبواب الجنابة الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 25 من أبواب الجنابة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 41

[الفصل الرابع في واجباته]
اشارة

الفصل الرابع في واجباته:

[فمنها النية]

فمنها النية و لا بد فيها من الاستدامة الي آخر الغسل كما تقدم تفصيل ذلك كله في الوضوء (1).

[و منها: غسل ظاهر البشرة علي وجه يتحقق به مسماه]

و منها: غسل ظاهر البشرة علي وجه يتحقق به مسماه فلا بد من رفع الحاجب و تخليل ما لا يصل الماء معه الي البشرة الا بالتخليل (2).

______________________________

عليهم السلام قال: لا ينام المسلم و هو جنب و لا ينام الا علي طهور فان لم يجد الماء فليتيمم بالصعيد «1».

و مقتضي هذه الرواية أن المأمور به الاولي هو الغسل و مع عدم الماء تصل النوبة الي التيمم فلا مجال للوضوء علي كل حال فيشكل ما افاده في المتن من التخيير بين الوضوء و التيمم لكن الرواية ضعيفة بقاسم بن يحيي.

و لا يخفي أن في هذا الفصل جهات من الاشكال و انما لا نتعرض لتلك الجهات لسهولة الامر في بابي المستحبات و المكروهات.

(1) و تقدم شرح كلام الماتن فراجع.

(2) لا يبعد أن يكون ما ذكر من الواضحات و نقل عليه دعوي الاجماع من جملة من الاساطين و قد دلت عليه رواية علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه. السلام قال: سألته عن المرأة عليها السوار والد ملج في بعض ذراعها لا تدري يجري الماء تحته أم لا كيف تصنع اذا توضات أو اغتسلت؟

قال: تحركه حتي يدخل الماء تحته أو تنزعه و عن الخاتم الضيق لا يدري هل يجري الماء تحته اذا توضأ أم لا كيف تصنع؟ قال: ان علم أن الماء لا يدخله

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 42

______________________________

فليخرجه اذا توضأ «1».

و عن المحقق الخوانساري: انه لا يبعد القول بعدم الاعتداد ببقاء شي ء يسير لا يخل عرفا بغسل جميع البدن اما مطلقا أو مع

النسيان».

و المنشأ لهذا الكلام جملة من النصوص. منها ما رواه الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الخاتم اذا اغتسلت قال: حوله من مكانه و قال في الوضوء: تدره فان نسيت حتي تقوم في الصلاة فلا آمرك أن تعيد الصلاة «2».

و هذه الرواية ضعيفة سندا فان الحسين الراوي للخبر لم يوثق بالصراحة نعم وثق اخوه و قيل في حق الحسين: انه أوجه من اخيه لكن الوجاهة لا تلازم التوثيق كما هو ظاهر بادني تأمل.

و منها: ما رواه السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: كن نساء النّبيّ صلي اللّه عليه و آله اذا اغتسلن من الجنابة يبقين (بقيت خ ل) صفرة الطيب علي اجسادهن و ذلك ان النّبيّ صلي اللّه عليه و آله أمرهن أن يصببن الماء صبا علي اجسادهن «3».

و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي مضافا الي عدم دلالتها.

و منها: ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الحائض تغتسل و علي جسدها الزعفران لم يذهب به الماء قال: لا بأس «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 41 من أبواب الوضوء الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 43

و لا يجب غسل الشعر الا ما كان من توابع البدن كالشعر الرقيق (1).

______________________________

و هذه الرواية لا دلالة فيها علي المدعي اذ من الممكن قريبا ان المراد عدم ذهاب الماء بلون الزعفران، و ان وصلت النوبة الي المعارضة فالترجيح مع حديث ابن جعفر للأحدثية.

و منها: ما رواه ابراهيم بن أبي محمود قال: قلت للرضا عليه السلام: الرجل يجنب فيصيب جسده و

رأسه الخلوق و الطيب و الشي ء اللكد (اللزق خ ل) مثل علك الروم و الظرب و ما أشبهه فيغتسل فاذا فرغ وجد شيئا قد بقي في جسده من أثر الخلوق و الطيب و غيره قال: لا بأس «1».

و من الممكن ان عدم البأس في مورد الرواية من باب جريان قاعدة الفراغ فانه لو رأي الاثر بعد الغسل و يحتمل عدم وصول الماء الي بعض جسده، و شك فيه فلا مانع من الاخذ بقاعدة الفراغ التي تكون مرجعا عند الشك.

(1) اعلم ان القاعدة الاولية تقتضي وجوب غسل الشعر مع البدن بلا فرق بين الرقيق و الكثيف لان الشعران لم يعد جزءا من البدن فلا أقل من كونه تابعا له فاذا امر بغسل البدن يفهم وجوب غسله بالتبع، و يمكن الاستدلال علي الوجوب- مضافا الي القاعدة الاولية- بجملة من النصوص:

منها: ما رواه حجر بن زائدة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من ترك شعرة من الجنابة متعمدا فهو في النار «2» فان الظاهر منها وجوب غسل كل شعرة في البدن في غسل الجنابة و التأويل في الرواية، بحمل قوله عليه السلام علي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) الوسائل الباب الاول من أبواب الجنابة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 44

______________________________

أن المراد بالشعرة ما هو مقدارها من الجسد، خلاف الظاهر لا يصار اليه بلا قرينة و دليل.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال حدثتني سلمي (سلمة) خادم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قالت: كانت اشعار نساء النبي صلي اللّه عليه و آله قرون رءوسهن مقدم رءوسهن فكان يكفيهن من الماء شي ء قليل فاما النساء الان فقد ينبغي لهن أن يبالغن

في الماء «1» الي غيرها من النصوص الواردة في الباب 38 من أبواب الجنابة في الوسائل.

فالنتيجة لزوم غسل الشعر و قواه في الحدائق و قال: «قواه بعض مشايخنا المحققين من متأخري المتأخرين» و نقل عن البهائي الميل اليه.

و في قبال هذا القول القول المشهور و هو عدم وجوب غسل الشعر و نقل عن بعض الاساطين دعوي الاجماع عليه و استدل عليه بجملة من النصوص المذكورة في الباب 38 من أبواب الجنابة من الوسائل الحديث: 3 و 4 و 5 و كلها ضعيفة أما الاول فبضعف اسناد الشيخ الي ابن فضال و أما الثاني فبالارسال و أما الثالث فبالكاهلي.

و تقريب الاستدلال بالثالث هو: أن الامر متعلق بري الرأس فلا يجب غسل الشعر و لا ينفذ الماء فيه اذ فرض في الرواية احكام الشعر و ابرامه فلا يصل الماء عادة الي سطوح كل شعرة.

و هذا التقريب مخدوش فان المستفاد من الرواية وجوب غسل الشعر فيجب المبالغة لحصول الري و حمل كلامه عليه السلام علي وجوب ري الرأس دون الشعر خلاف الظاهر و ادعاء امتناع وصول الماء الي سطوح الشعور

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب الجنابة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 45

______________________________

ليس سديدا فان الماء سريع النفوذ و شديده غاية الامر نفوذه في فرض سؤال الراوي يحتاج الي معالجة و دقة و مبالغة في العصر و نحوه. فالنتيجة انه ليس في المقام نص يدل علي المدعي.

و عن الشهيد الثاني: «ان الفارق بين المقام و الوضوء النص» و ظهر انه ليس في المقام دليل معتبر علي المدعي و أما الاجماع فحاله في الاشكال ظاهر خصوصا مع التصريح بالمدرك من النصوص في كلام القوم في مقام الاستدلال فمن الممكن

قويا ان هذه النصوص مدركهم في ذهابهم الي القول بعدم الوجوب.

و أما ما رواه الشيخ و الصدوق عن زرارة قال: قلت له: أ رأيت ما كان تحت الشعر؟ قال: كل ما أحاط به الشعر فليس للعباد أن يغسلوه و لا يبحثوا عنه و لكن يجري عليه الماء «1» فهو مخصوص بخصوص الوجه في الوضوء فلا يجوز التعدي فان الحديث رواه الشيخ بطريقه و رواء الصدوق أيضا بطريقه غير طريق الشيخ و المروي بطريق الصدوق لا يشمل غير الوجه كما يظهر للمتأمل فيه اذ السؤال عن شعر الوجه و الجواب في اطار خاص فلا مجال لان يقال: ان الميزان بعموم الجواب لا بخصوص السؤال.

و بعبارة اخري: يمكن أن يقال: بان قوله عليه السلام: «كلما احاط به الشعر» ناظر الي مورد سؤال الراوي و هو الوجه فلا عموم فيه فتأمل.

و أما المروي بطريق الشيخ فالظاهر أنه لا مانع من الاطلاق و لا مقتضي لتخصيص الموضوع بخصوص الوجه و عليه يمكن الالتزام بان غسل الشعر

______________________________

(1) التهذيب ج 1 ص 364 و الفقيه ج 1 ص: 28

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 46

و لا يجب غسل الباطن أيضا (1)

______________________________

المحيط علي البشرة يجزي عن غسل البشرة علي الاطلاق الا أن يقال: بان قول زرارة: «قلت له أ رأيت ما كان تحت الشعر» لا يمكن أن يكون ابتدائيا بل يكون مسبوقا بكلام و معه لا ينعقد الاطلاق و العموم و اللّه العالم.

فالنتيجة: عدم الدليل علي الخروج عن مقتضي القاعدة الاولية الا أن يثبت اجماع تعبدي و أني لنا بذلك.

(1) هذا هو المشهور بين القوم و حكي عليه عدم الخلاف من الحدائق و المنتهي.

و يمكن الاستدلال عليه بما دل علي جواز الارتماس لاحظ

ما رواه الحلبي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله «1».

و ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يجنب فيرتمس في الماء ارتماسة واحدة و يخرج يجزيه ذلك من غسله؟ قال:

نعم «2».

و ما رواه الحلبي قال: حدثتني من سمعه يقول: اذا اغتمس الجنب في الماء اغتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله «3».

فان المستفاد منها كفاية غسل ظاهر الجسد حيث لا دلالة فيها علي وجوب غسل الباطن و لا يستفاد من غيرها بحسب الفهم العرفي أزيد من هذا المقدار لاحظ حديث زرارة قال فيه: و لو أن رجلا جنبا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب الجنابة الحديث: 12

(2) نفس المصدر الحديث: 13

(3) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 47

نعم الاحوط استحبابا غسل ما يشك في أنه من الباطن أو الظاهر (1) الا اذا علم سابقا انه من الظاهر ثم شك في تبدله (2).

[و منها: الإتيان بالغسل علي إحدي كيفيتين]
اشارة

و منها: الاتيان بالغسل علي احدي كيفيتين: أولاهما الترتيب بأن يغسل أولا تمام الرأس و منه العنق ثم بقية البدن (3).

______________________________

أجزأه ذلك و ان لم يدلك جسده «1» و غيره و علي تقدير الشك يكون مقتضي الاصل عدم الوجوب.

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط لكن مع الشك فمقتضي الاصل الموضوعي و الحكمي من الاستصحاب و البراءة عدم الوجوب.

(2) فان مقتضي الاستصحاب بقائه علي ما كان.

(3) يظهر من هذه العبارة أمران: أحدهما غسل جميع البدن و قد مر وجهه.

ثانيهما غسل الرأس أو لا مع العنق و قد اندرج في هذا الفرع أمران:

الاول: اشتراط الترتيب أي يجب تقديم غسل الرأس علي

بقية الاعضاء. الثاني كون العنق داخلا في الرأس و لزوم غسله معه فلا بد من التكلم في كلا الامرين.

فنقول: استدل علي الامر الاول بالإجماع قال في الحدائق: ثم ان وجوب الترتيب بين غسل الراس و البدن مما انعقد عليه اجماعنا و استفاضت به اخبارنا».

و في بعض الكلمات: «فهو اجماع صريحا أو ظاهرا حكاه جماعة كثيرة من القد ماء و المتاخرين و متأخريهم».

و تدل عليه جملة من النصوص: منها ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن غسل الجنابة فقال: تبدأ بكفيك فتغسلهما ثم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 48

______________________________

تغسل فرجك ثم تصب علي رأسك ثلاثا ثم تصب علي سائر جسدك مرتين فما جري عليه الماء فقد طهر «1».

و مثله ما رواه زرارة و ما رواه سماعة «2» و بهذه المقيدات ترفع اليد عن اطلاق جملة من النصوص:

منها ما رواه زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل الجنابة فقال: تبدأ الي أن قال: ثم تغسل جسدك من لدن قرنك الي قدميك «3» و مثله ما رواه ابن أبي نصر و ما رواه حكم بن حكيم و ما رواه أبو بصير «4».

و ما في بعض الكلمات، من أن في المطلقات ما لا يقبل التقييد كخبر زرارة حيث تعرض الامام عليه السلام لأمور كثيرة ليست داخلة في الغسل و لم يتعرض للترتيب مع أن السؤال عن غسل الجنابة، لا يرجع الي محصل صحيح فان قانون التقييد أن يقيد المطلق بالمقيد و ليس في خبر زرارة غير الاطلاق فلا اشكال في أن مقتضي الصناعة أن يقيد فلاحظ.

و استدل علي المدعي: بما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال:

من اغتسل من جنابة فلم يغسل رأسه ثم بدا له أن يغسل رأسه لم يجد بدا من إعادة الغسل «5».

و ما رواه حريز «6» فان المستفاد من الحديثين انه لا يجوز تقديم البدن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2 و 8

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6 و 7 و 9

(5) الوسائل الباب 28 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(6) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 49

______________________________

علي الرأس فيدل علي المدعي بضميمة عدم القول بالفصل بين عدم جواز التقديم و وجوب التأخير.

و يدل عليه ما رواه حريز في الوضوء يجف قال: قلت له: فان جف الاول قبل أن أغسل الذي يليه؟ قال: جف أو لم يجف اغسل ما بقي قلت: و كذلك غسل الجنابة قال: هو بتلك المنزلة و ابدأ بالرأس ثم أفض علي سائر جسدك قلت و ان كان بعض يوم؟ قال: نعم «1».

و يمكن أن يستدل علي المدعي بما ورد في كيفية غسل الميت لاحظ ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ثم تبدأ فتغسل الرأس و اللحية بسدر حتي ينقيه ثم تبدأ بشقه الايمن ثم بشقه الايسر «2».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ثم تبدأ بكفيه و رأسه ثلاث مرات بالسدر ثم سائر جسده و ابدأ بشقه الايمن «3»، بضميمة ما ورد من أن غسل الميت مثل غسل الجنب «4».

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه محمد بن مسلم قال: دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام فسطاطه و هو يكلم امرأة فابطأت عليه فقال: ادنه هذه أم اسماعيل جاءت و أنا، ازعم أن هذا المكان الذي

احبط اللّه فيه حجها عام أول كنت أردت الاحرام فقلت: ضعوا إلي الماء في الخبا فذهبت الجارية بالماء فوضعته فاستخففتها فاصبت منها فقلت: اغسلي رأسك و امسحيه مسحا شديدا لا تعلم به مولاتك فاذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 10

(3) نفس المصدر الحديث: 2

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 49

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 50

______________________________

اردت الاحرام فاغسلي جسدك و لا تغسلي رأسك «1».

و لكن يعارضه ما رواه هشام بن سالم قال: كان أبو عبد اللّه عليه السلام فيما بين مكة و المدينة و معه أم اسماعيل فاصاب من جارية له فأمرها فغسلت جسدها و تركت رأسها و قال لها: اذا أردت أن تركبي فاغسلي رأسك «2».

لكن الظاهر انها واقعة واحدة و هشام تارة يروي الرواية عن ابن مسلم و اخري يسقط الواسطة و يحكي الواقعة و عليه يكون الموضوع مجملا و غير معلوم و يبقي الدليل علي المدعي سليما عن المعارض.

مضافا اني أنه يمكن ترجيح ما يدل علي الاشتراط بمخالفته مع العامة فان المستفاد من «الفقه علي المذاهب الخمسة» لمغنية أنهم غير قائلين بالاشتراط.

و أما كون العنق داخلا في الرأس فقد أفاد صاحب الحدائق: «انه قال بعض المحققين من علمائنا المتأخرين ان الرأس عند الفقهاء يطلق علي معان: الاول كرة الرأس التي هي منبت و هو رأس المحرم. الثاني أنه عبارة عما ذكر مع الاذنين و هو رأس الصائم. الثالث: انه مع الوجه و هو رأس الجناية

في الشجاج.

الرابع انه ذلك كله مع الرقبة و هو رأس المغتسل.

و لا يبعد أن يكون حقيقة عرفية عندهم و يؤيد المدعي بل يدل عليه ما رواه زرارة قال: قلت: كيف يغتسل الجنب؟ فقال: ان لم يكن أصاب كفه شي ء غمسها في الماء ثم بدأ بفرجه فانقاه بثلاث غرف ثم صب علي رأسه ثلاث أكف ثم صب علي منكبه الايمن مرتين و علي منكبه الايسر مرتين فما جري

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب الجنابة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 51

و الاحوط الاولي أن يغسل أولا تمام النصف الايمن ثم تمام النصف الايسر (1).

______________________________

عليه الماء فقد أجزأه «1».

و وجه الاستدلال: أن العنق ليس داخلا في المنكب بلا اشكال، و لا يترك غسله بلا كلام، و لا يغسل باستقلاله مضافا الي أنه لم يذكر في الرواية.

و ربما يقال: بان المستفاد من رواية أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل الجنابة فقال: تصب علي يديك الماء فتغسل كفيك ثم تدخل يدك فتغسل فرجك ثم تتمضمض و تستنشق و تصب الماء علي رأسك ثلاث مرات و تغسل وجهك و تفيض علي جسدك الماء «2»، خروج الرقبة عن الرأس بتقريب انه أمر بغسل الوجه في قبال الرأس فالوجه خارج عن الرأس فالرقبة خارجة بطريق أولي.

و فيه انه يمكن أن يكون من قبيل عطف الجزء علي الكل و الا يلزم اهمال ذكر الوجه في بقية الروايات.

و ان شئت قلت: انه لا اشكال في جواز غسل الوجه مع الرأس بل لا اشكال في وجوبه انما الاشكال في خصوص الرقبة.

(1) كلامه ظاهر في استحباب رعاية الترتيب بين الجانبين و الوجه فيه-

ظاهرا- عدم ما يقتضي الترتيب بينهما في نصوص الباب و لكن لا يبعد أنه يكفي للاستدلال علي الاشتراط ما تقدم منا من أحاديث غسل الميت فان المستفاد من بعض تلك النصوص ان غسل الميت كغسل الجنابة و بعض منها دل علي لزوم الترتيب بين

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 52

و لا بد في غسل كل عضو من ادخال شي ء من الاخر نظير باب المقدمة (1) و لا ترتيب هنا بين أجزاء كل عضو فله أن يغسل الاسفل منه قبل الاعلي (2).

______________________________

الايمن و الايسر.

و الاشكال في الدلالة: بان المذكور في الحديث ان غسل الميت كغسل الجنابة لا العكس فلا بد من رعاية ما اشترط في غسل الجنابة في غسل الميت لا العكس، مدفوع بان العرف يفهم من هذا اللفظ انهما متحدان في الاجزاء و الشرائط الا فيما نقطع بعدم الاشتراط كتكرار الغسل و جعل الكافور و السدر في الماء.

و يؤيد المدعي أن صاحب الوسائل قدس سره في كتاب الوسائل صرح بما ذكرنا فلاحظ «1».

و يؤيد المقصود الاجماع المدعي علي اشتراط الترتيب فمن جماعة نقل ادعاء الاجماع علي عدم الفصل في الترتيب بين الرأس و الجانبين و فيما بينهما و عن الانتصار و الذكري الاجماع علي عدم الفصل بين الترتيب في الوضوء و بينه في أعضاء الغسل و قد قرب المدعي في الحدائق بالتقريب الذي ذكرناه و أيضا نقل عن والده انه قدس سره استدل علي الترتيب بهذا التقريب.

(1) لحصول العلم بالامتثال.

(2) هذا هو المشهور فيما بين القوم بل ادعي عليه الاجماع و عن جملة من الاعلام وجوبه و العمدة النصوص الواردة في المقام و لا

اشكال في أن مقتضي المطلقات الواردة في المقام عدم الاشتراط لاحظ حديث محمد بن مسلم «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب الجنابة ذيل الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 47

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 53

كما انه لا كيفية مخصوصة للغسل أيضا بل يكفي المسمي كيف كان فيجزي رمس الرأس بالماء أولا ثم الجانب الايمن ثم الجانب

______________________________

و في المقام روايتان ربما يستدل بهما علي الترتيب الاولي ما رواه زرارة قال: قلت: كيف يغتسل الجنب؟ فقال: ان لم يكن أصاب كفه شي ء غمسها في الماء ثم بدء بفرجه فانقاه بثلاث غرف ثم صب علي رأسه ثلاث أكف ثم صب علي منكبه الايمن مرتين و علي منكبه الايسر مرتين فما جري عليه الماء فقد أجزأه «1» بتقريب أن المستفاد منه لزوم الابتداء بالمنكب.

و فيه: انه لا يبعد أن يكون المراد منه الطرف الايمن تماما و لذا لم يذكر الحد الاخير و التقدير خلاف الاصل مضافا الي أن المنكب ليس أعلي الجانب.

الثانية: ما رواه زرارة «2» أيضا بتقريب ان المستفاد من كلمة الجار (من) اشتراط الابتداء من القرن الي القدم.

و فيه انه لا يبعد أن يكون الظرف قيدا للجسد و يكون مستقرا و لا يكون متعلقا بالغسل مضافا الي أن القرن ليس هو أعلي الرأس بل جانبه.

و حاصل الكلام: أن المستفاد من الرواية لزوم الاستيعاب فان التعبير بهذا النحو متعارف فيما يراد الاستيعاب فلاحظ.

و يؤيد المدعي ان لم يدل عليه ما ورد في الجزء المنسي لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: رجل ترك بعض ذراعه أو بعض جسده من غسل الجنابة فقال: اذا شك و كانت به بلة و هو في صلاته مسح بها عليه

و ان كان استيقن رجع فاعاد عليهما ما لم يصب بلة فان دخله الشك و قد دخل في صلاته فليمض في صلاته و لا شي ء عليه و ان استيقن رجع فاعاد عليه الماء و ان رءاه

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 48

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 54

الايسر كما يكفي رمس البعض و الصب علي الاخر (1) و لا يكفي تحريك العضو المرموس في الماء علي الاحوط (2).

ثانيهما: الارتماس (3) و هو تغطية البدن في الماء تغطية واحدة بنحو يحصل غسل تمام البدن فيها (4) فيخلل شعره فيها ان احتاج الي ذلك

______________________________

و به بلة مسح عليه و أعاد الصلاة باستيقان «1» فانه يستفاد منه انه لا يشترط الترتيب.

(1) كل ذلك للإطلاق فانه يصدق الغسل و هو المطلوب لاحظ حديث زرارة «2».

(2) بتقريب: أن الامر ظاهر في وجوب الاحداث و التحريك ليس احداثا للغسل بل ابقاء له.

و يمكن أن يقال: بعدم ظهور الامر في الاحداث فانه لو أمر المولي عبده بالكون في المسجد من أول الظهر و فرضنا أن العبد دخل المسجد قبل الزوال و بقي هناك الي العصر فهل يمكن أن يقال: بانه لم يمتثل لعدم احداثه الكون؟

(3) نقل عن جماعة دعوي الاجماع عليه و يدل عليه ما رواه زرارة «3» و يدل عليه أيضا ما رواه الحلبي «4».

(4) كما نسب الي الاصحاب و الظاهر ان الوجه فيه التقابل الوارد في النصوص حيث انه ذكر في خبر زرارة الارتماس الواحد و في الخبر الاخر الاغتماس

______________________________

(1) الوسائل الباب 41 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 48

(3) لاحظ ص: 46

(4) لاحظ ص: 46

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 55

و يرفع قدمه عن الارض

ان كانت موضوعة عليها (1) و الاحوط أن يحصل جميع ذلك في زمان واحد عرفا (2).

[مسألة 152: النية في هذه الكيفية تجب أن تكون مقارنة لتغطية تمام البدن]

(مسألة 152): النية في هذه الكيفية تجب أن تكون مقارنة لتغطية تمام البدن (3).

[مسألة 153: يعتبر خروج البدن كلا أو بعضا من الماء ثم رمسه يقصد الغسل]

(مسألة 153): يعتبر خروج البدن كلا أو بعضا من الماء ثم رمسه يقصد الغسل علي الاحوط (4) و لو ارتمس في الماء لغرض و نوي الغسل بعد الارتماس لم يكفه و ان حرك بدنه تحت الماء (5).

______________________________

كذلك فيفهم عرفا ان الغسل الارتماسي مقابل الترتيبي بوقوع التجزئة في الثاني دون الاول.

(1) ليتحقق الغسل بالنسبة الي جميع الاجزاء.

(2) عن الحدائق جواز التأني بنحو ينافي الوحدة العرفية و الوجه فيه أن المستفاد من المقابلة الواقعة في النصوص أن اللازم تحقق الغسل في الارتماس غسلا واحدا في قبال الترتيبي الذي يحصل بالغسلات المتعددة فلا دليل علي لزوم الدفعة و يظهر من الماتن أنه لا يسلم الاشتراط فيمكن أن يكون الوجه في الاحتياط الخروج عن شبهة الخلاف و لا اشكال في حسنه.

(3) اذا لمأمور به يحصل في ذلك الزمان فلا بد من مقارنته مع النية.

(4) لما مر سابقا من أن الظاهر من الامر الاحداث فلا بد من احداث المتعلق و لا يكفي الابقاء و حيث انه ما لم يخرج البدن عن الماء ثم رمسه فيه لا يصدق حدوث الارتماس البقائي لكن مع خروج البدن أو بعضه ثم رمسه يصدق حدوثه. و قد مر الاشكال فيه.

(5) قد ظهر وجه كلامه.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 56

[و منها: اطلاق الماء و طهارته و اباحته]

و منها: اطلاق الماء و طهارته و اباحته و المباشرة اختيارا و عدم المانع من استعمال الماء من مرض و نحوه و طهارة العضو المغسول علي نحو ما تقدم في الوضوء و قد تقدم فيه أيضا التفصيل في اعتبار اباحة الاناء و المصب و حكم الجبيرة و الحائل و غيرهما من افراد الضرورة و حكم الشك و النسيان و ارتفاع السبب المسوغ للوضوء الناقص في الاثناء

و بعد الفراغ منها فان الغسل كالوضوء في جميع ذلك (1).

______________________________

(1) فلا وجه لإعادة الكلام و راجع ما ذكرناه هناك.

و ربما يقال ان المستفاد من جملة من النصوص اشتراط طهارة أعضاء الغسل فمن تلك الروايات ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عن غسل الجنابة فقال: تبدأ بكفيك فتغسلهما ثم تغسل فرجك «1».

و منها ما رواه زرارة «2» و منها ما رواه أيضا «3» و منها ما رواه حكم بن حكيم «4» و منها: ما رواه سماعة «5» و منها ما رواه أبو بصير «6».

و لكن في دلالة هذه النصوص علي المدعي اشكال فان الاستدلال بتلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب الجنابة الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) نفس المصدر الحديث: 8

(6) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 57

نعم يفترق عنه في جواز المضي مع الشك بعد التجاوز و ان كان في الاثناء (1).

______________________________

الروايات يتوقف علي أن الامر بالغسل لحصول الطهارة في الاعضاء و يمكن النقاش في هذا التقريب بأن مقتضي اطلاق تلك النصوص محبوبية الغسل و لو مع فرض كون المغسول طاهرا فلا يكون الامر بالغسل ارشادا الي اشتراط الطهارة السابقة في صحة الغسل.

اضف الي ذلك أن المستفاد من حديث حكم بن حكيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام: قال: فان كنت في مكان نظيف فلا يضرك ان لا تغسل رجليك و ان كنت في مكان ليس بنظيف فاغسل رجليك «1»، عدم الاشتراط فان المستفاد من هذا الحديث أن النجاسة الطارئة أثناء الغسل بواسطة نجاسة الارض لا تضر و لا اشكال في عدم الفرق بين السابقة و الطارئة.

و ربما يستدل

بهذا الحديث علي مدعي الخصم بتقريب أن المستفاد منه ان النجاسة في البدن توجب بطلان الغسل.

و الجواب عنه: أن المستفاد منه أن الغسل في مكان غير نظيف جائز لكن لا بد من تطهير موضع الغسل قبل الاغتسال و لا أقل من احتمال هذا المعني.

(1) لاختصاص الدليل المانع بالوضوء ففي الغسل تكون القاعدة الاولية محكمة و علي مذهب المشهور من اعتبار قاعدة التجاوز تجري في الغسل و ان لم يحصل الفراغ نعم لنا اشكال في اعتبار قاعدة التجاوز و هو عدم دليل علي اعتبارها فان كان مرجع الشك الي صحة الموجود تجري فيه قاعدة الفراع اذ لا فرق في جريانها في أثناء العمل و بعد الفراغ منه و ان كان الشك في أصل الوجود

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب الجنابة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 58

و في عدم اعتبار الموالاة فيه في الترتيبي (1).

[مسألة 154: الغسل الترتيبي أفضل من الغسل الارتماسي]

(مسألة 154): الغسل الترتيبي أفضل من الغسل الارتماسي (2).

[مسألة 155: يجوز العدول من الترتيبي إلي الارتماسي]

(مسألة 155): يجوز العدول من الترتيبي الي الارتماسي (3).

______________________________

فلا دليل عليه و التفصيل موكول الي محل آخر.

(1) بلا خلاف ظاهر- كما في بعض الكلمات- بل نقل عليه الاجماع و تقتضيه الاطلاقات و يدل عليه ما رواه حريز «1» و مثله ما رواه ابراهيم عمر اليماني «2» و يؤيده ما رواه الصدوق «3» و يؤيده أيضا ما رواه ابن مسلم «4» و يؤيده أيضا ما رواه زرارة «5».

(2) عن الحدائق: انه نسبه الي بعض محدثي متأخري المتأخرين و لا يبعد أن يستفاد المدعي عرفا من رواية زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل الجنابة فقال: تبدأ فتغسل كفيك الي أن قال: ثم تغسل جسدك من لدن قرنك الي قدميك الي أن قال: و لو أن رجلا جنبا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة اجزأه ذلك و ان لم يدلك جسده «6» فانه يفهم عرفا أن المطلوب الاولي الترتيبي و يكفي الارتماسي فلاحظ.

(3) في مقام الثبوت يتصور الغسل الترتيبي بصور: الاولي: أن تحصل الطهارة لكل عضو بغسله و لا تكون طهارة كل عضو مرتبطة بالعضو الاخر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 49

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب الجنابة الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) لاحظ ص: 49

(5) الوسائل الباب 41 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(6) الوسائل الباب 26 من أبواب الجنابة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 59

[مسألة 156: يجوز الارتماس فيما دون الكر]

(مسألة 156): يجوز الارتماس فيما دون الكر (1) و ان كان يجري علي الماء حكم المستعمل في رفع الحدث الاكبر (2).

[(مسألة 157: اذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت فتبين ضيقه فغسله صحيح]

(مسألة 157): اذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت فتبين ضيقه فغسله صحيح (3).

______________________________

الثانية أن تكون طهارة الاجزاء اللاحقة شرطا لطهارة المغسول بنحو الشرط المتأخر.

الثالثة: أن لا تحصل الطهارة الا بتمامية غسل جميع الاعضاء.

لا اشكال في جواز العدول علي تقدير الاخيرتين و أما علي الصورة الاولي فلا يمكن العدول اذا لمفروض أن غسل الجنابة للجنب و المفروض انه ليس جنبا بتمام معني الكلمة.

و ان شئت قلت: هذا العنوان اي غسل لجنابة لا يصدق علي غسل بعض اعضائه لكن مقتضي الاصل العملي بقاؤه علي الحالة السابقة.

و بعبارة اخري: الشك في كونه جنبا ناش من الشك في تأثير غسل بعض الاعضاء شرعا و مقتضي الاصل عدم التأثير.

(1) لعدم ما يقتضي المنع و يكفي للجواز الاطلاقات الاولية.

(2) اذ يصدق عليه انه استعمل في رفعه فيترتب عليه حكمه.

(3) أما مع الاعتقاد الوجداني فلا اشكال في الصحة اذ مع الاعتقاد ببقاء الوقت لا يحتمل وجوب التيمم في حقه كي يقال: بان الامر بالتيمم يمنع عن توجه الامر بالغسل.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 60

[مسألة 158: ماء غسل المرأة من الجنابة أو الحيض أو نحوهما عليها لا علي الزوج]

(مسألة 158): ماء غسل المرأة من الجنابة أو الحيض أو نحوهما عليها لا علي الزوج (1).

______________________________

و أما مع احتمال عدم سعة الوقت و قيام الدليل الشرعي علي السعة فيجوز للمكلف ترك التيمم و الاشتغال بالغسل بل يجب عليه عقلا لعدم معذوريته فالغسل صحيح أيضا بل يمكن الالتزام بالصحة حتي مع احراز الضيق و وجوب التيمم بنحو الترتب الذي قرر في الاصول.

و صفوة القول: ان غسل الجنابة مستحب نفسي و مطلوب بنفسه فلو أتي به المكلف مع قصد القربة يقع صحيحا.

(1) قال السيد اليزدي قدس سره في عروته: «ماء غسل المرأة من الجنابة و الحيض و النفاس و كذا اجرة

تسخينه اذا احتاج اليه علي زوجها علي الاظهر لأنه يعد جزءا من نفقتها».

و الماتن امضي كلام السيد هناك و لم يعلق و في المقام أفاد خلاف امضاءه هناك و عن الشهيد تقريب الوجوب علي الزوج- في الذكري- و عن العلامة نسبته الي جماعة، و حكاية التفصيل بين فقر الزوجة فعلي الزوج و غنائها فعليها- عن بعض- و اختاره.

و لا يخفي أن ما نحن فيه ليس داخلا في النصوص الخاصة الناصة علي الاطعام و الكسوة و غيرهما لاحظ الباب الاول من أبواب النفقات من الوسائل.

و لكن لا يبعد أن يستفاد الوجوب من قوله تعالي «فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ» «1» و قوله تعالي: «وَ عٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ «2»».

______________________________

(1) البقرة/ 229

(2) النساء/ 23

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 61

[مسألة 159: إذا خرج من بيته بقصد الغسل في الحمام فجاء إلي الحمام و اغتسل و لم يستحضر النية تفصيلا]

(مسألة 159): اذا خرج من بيته بقصد الغسل في الحمام فجاء الي الحمام و اغتسل و لم يستحضر النية تفصيلا كفي ذلك في نية الغسل اذا كان بحيث لو سئل ما ذا تفعل لأجاب بانه يغتسل (1).

أما لو كان يتحير في الجواب بطل لانتفاء النية (2).

[مسألة 160: اذا كان قاصدا عدم اعطاء العوض للحمامي]

(مسألة 160): اذا كان قاصدا عدم اعطاء العوض للحمامي أو كان بنائه علي اعطاء الاموال المحرمة أو علي تأجيل العوض مع عدم احراز رضا الحمامي بطل غسله و ان استرضاه بعد ذلك (3).

______________________________

و ان شئت قلت ان ما نحن فيه من نفقاتها و هي علي زوجها و اللّه العالم.

(1) اذ قد مر في الوضوء ان النية المعتبرة في العبادة ما به يتقوم كون الفعل اختياريا و يكفي في الاختيارية صدوره عن الداع الخاص و لا يجب الاخطار.

(2) فان ما صدر عنه مع الغفلة عن الاغتسال اما بلا داع فلا يكون اختياريا أو بداع آخر و علي كلا التقديرين يكون فاسدا.

و ان شئت قلت: لا دليل علي كفاية الامتثال و حصوله في هذا الفرض فلاحظ.

(3) الظاهر أن الوجه فيه: انه لا يجوز التصرف في الماء فيكون غصبيا و لا يمكن التقرب بالمبغوض- و لو ظاهرا-.

لكن لنا أن نقول: بانه لو كان غافلا عن هذه الدقيقة و تمشي منه قصد القربة لم يكن مانع من الصحة.

و ملخص الكلام: أن منشأ البطلان الحكم العقلي و مع غفلة المكلف

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 62

[مسألة 161: إذا ذهب الي الحمام ليغتسل و بعد الخروج شك في أنه اغتسل أم لا]

(مسألة 161): اذا ذهب الي الحمام ليغتسل و بعد الخروج شك في أنه اغتسل أم لا بني علي العدم (1) و لو علم أنه اغتسل لكن شك في أنه اغتسل علي الوجه الصحيح أم لا بني علي الصحة (2).

[مسألة 162: اذا كان ماء الحمام مباحا لكن سخن بالحطب المغصوب لا مانع من الغسل فيه]

(مسألة 162): اذا كان ماء الحمام مباحا لكن سخن بالحطب المغصوب لا مانع من الغسل فيه (3).

[مسألة 163 لا يجوز الغسل في حوض المدرسة إلا إذا علم بعموم الوقفية أو الإباحة]

(مسألة 163) لا يجوز الغسل في حوض المدرسة (4) الا اذا علم بعموم الوقفية أو الاباحة (5) نعم اذا كان الاغتسال فيه لأهلها من التصرفات المتعارفة جاز (6).

[مسألة 164: الماء الذي يسبلونه لا يجوز الوضوء و لا الغسل منه إلا مع العلم بعموم الإذن]

(مسألة 164): الماء الذي يسبلونه لا يجوز الوضوء و لا الغسل منه الا مع العلم بعموم الاذن (7).

______________________________

لا تتحقق الحرمة في حقه نعم لو كان مقصرا في المقدمات لتم ما افيد.

(1) لاستصحاب عدم الغسل.

(2) لقاعدة الفراغ.

(3) اذ لم يتصرف تصرفا غصبيا كما هو ظاهر.

(4) اذ مقتضي الاصل عدم العموم في الوقف و لا يعارضه عدم الخصوصية فانه لا يترتب عليه الجواز الاعلي النحو المثبت.

(5) كما هو ظاهر.

(6) اذا لظاهر انه وقف لهم و يكون الاغتسال كالتوضي فلاحظ.

(7) و الوجه فيه ظاهر لا يحتاج الي بيان و اقامة برهان فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 63

[مسألة 165: لبس المئزر الغصبي حال الغسل و إن كان محرما في نفسه]

(مسألة 165): لبس المئزر الغصبي حال الغسل و ان كان محرما في نفسه لكنه لا يوجب بطلان الغسل (1).

[الفصل الخامس مستحبات غسل الجنابة]
اشارة

الفصل الخامس قد ذكر العلماء (رض) انه يستحب غسل اليدين امام الغسل من المرفقين (2) ثلاثا (3).

______________________________

(1) اذ غاية ما في الباب أن يكون الاغتسال سببا للتصرف الغصبي و ان شئت قلت: مقدمة الاغتسال محرمة لكن حرمة المقدمة لا تقتضي فساد ذيها الا مع الانحصار فيدخل في باب آخر و خارج عما نحن فيه.

و صفوة القول: ان الموجب للفساد اتحاد المأمور به و المنهي عنه كي يدخل في باب الاجتماع و ليس الامر كذلك فلاحظ.

(2) ففي رواية ابن أبي نصر فقال تغسل يدك اليمني من المرفقين الي اصابعك «1».

و عن الوافي: (في بعض النسخ: تغسل يديك الي المرفقين» و كيف كان لم نجد دليلا علي النحو المذكور في المتن لاحظ نصوص الباب في الباب 34 و 26 من أبواب الجنابة من الوسائل و الامر سهل فان باب الرجاء مفتوحة في المستحبات بمصرعيها فلاحظ.

(3) لاحظ ما رواه الحلبي قال سألته عن الوضوء كم يفرغ الرجل علي يده اليمني قبل أن يدخلها في الاناء قال: واحدة من حدث البول و اثنتان من حدث

______________________________

(1) الوسائل الباب 34 من أبواب الجنابة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 64

ثم المضمضة (1) ثم الاستنشاق (3) ثلاثا (4) و امرار اليد علي ما تناله من الجسد (5).

______________________________

الغائط و ثلاث من الجنابة «1» و ما رواه حريز «2» و مرسل الصدوق «3».

و لا يخفي أن علي بن السندي لم يوثق و مرسل الصدوق لا اعتبار به و حديث الحلبي لم تذكر فيه الا اليد اليمني فلا ينطبق علي ما في المتن و اللّه العالم.

(1)

و قد دل عليها ما رواه زرارة قال فيه: ثم تمضمض و استنشق «4».

(2) لعله ليس عليه دليل غير ما ذكر في الرضوي قال: و قد روي أن يتمضمض و يستنشق ثلاثا «5» و قد ادعي عليه الاجماع.

(3) الظاهر أنه ليس علي الترتيب دليل و يدل علي اصل المدعي ما رواه زرارة و قد مر آنفا.

(4) كما في الرضوي فلاحظ.

(5) يظهر من بعض الكلمات انه اجماعي و يدل عليه ما عن فقه الرضوي ثم تمسح سائر بدنك بيديك «6» و يدل عليه ما رواه عمار بن موسي الساباطي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة تغتسل و قد امتشطت بقرامل و لم تنقض شعرها كم يجزيها من الماء؟ قال: مثل الذي يشرب شعرها و هو ثلاث حفنات علي رأسها و حفنتان علي اليمين و حفنتان علي اليسار ثم تمرّ يدها علي جسدها

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب الوضوء الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 26 من أبواب الجنابة الحديث: 5

(5) مستدرك الوسائل الباب 15 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(6) الحدائق ج 3 ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 65

خصوصا في الترتيبي (1) بل ينبغي التأكد في ذلك و في تخليل ما يحتاج الي التخليل و نزع الخاتم و نحوه (2) و الاستبراء بالبول قبل الغسل (3).

______________________________

كله «1» و يدل عليه أيضا ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: و يمر يده علي ما نالت من جسده «2» و قد صرح بعدم وجوب الدلك في رواية زرارة «3».

(1) لا يبعد أن يكون مورد النصوص خصوص الترتيبي و قد نقل عن بعض التصريح بالاختصاص.

(2) ذكر في الحدائق في

عداد المستحبات: السادس: تخليل ما يصل اليه الماء بدون التخليل استظهارا» الي آخر كلامه و قال في المستمسك: «و ليس له دليل ظاهر» و لا يبعد أن يستفاد الرجحان من رواية محمد بن مسلم «4» و حديث جميل «5» و مثلهما ما في فقه الرضوي «6».

(3) اختلف في وجوب البول و استحبابه علي قولين فعن جملة من الاعيان القول بالوجوب و عن المشهور الاستحباب و ما قيل في وجه وجوبه أمور:

الاول: قاعدة الاشتغال و فيه: أن مورد القاعدة الاشتغال اليقيني و الواجب بالدليل هو الغسل و مع الشك في الشرطية يكون المرجع البراءة فلا وجه للاشتغال

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب الجنابة الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 26 من أبواب الجنابة الحديث: 11

(3) لاحظ ص: 58

(4) لاحظ ص: 44

(5) الوسائل الباب 38 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(6) الحدائق ج 3 ص: 114

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 66

______________________________

كما أن مقتضي البراءة عدم وجوبه النفسي و ما قيل من لزوم محافظة غسل الجنابة عن طريان المزيل لا يرجع الي محصل فان غاية ما في الباب بطلان الغسل بخروج البلل المشتبه في فرض عدم البول قبل الغسل و من الظاهر أن هذا لا يقتضي اشتراط الغسل بالبول قبله كما أنه لا يقتضي وجوبه النفسي.

الثاني: ما رواه ابن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن غسل الجنابة فقال: تغسل يدك اليمني من المرفقين (المرفق) الي أصابعك و تبول ان قدرت علي البول «1» بتقريب: أن قوله عليه السلام: «و تبول» ظاهر في الوجوب.

و فيه: أن الوجوب النفسي خلاف ظاهر المقام فان السياق يقتضي كونه من آداب الغسل و لا يمكن ابقائه علي الوجوب الشرطي للتسالم علي صحة

الغسل و لو مع عدم البول.

أضف الي ذلك أن جملة من النصوص قد دلت علي صحة الغسل و لو مع عدم البول غاية الامر ينتقض الوضوء لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال و قال أبو جعفر عليه السلام: من اغتسل و هو جنب قبل أن يبول ثم وجد بللا فقد انتقض غسله و ان كان بال ثم اغتسل ثم وجد بللا فليس ينقض غسله و لكن عليه الوضوء «2».

و أما مرسل احمد بن هلال «3» فلا اعتبار به و الانصاف أن القول بالاستحباب أيضا بلا دليل فان المستفاد من حديث البزنطي بعد ملاحظة حديث ابن مسلم

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب الجنابة الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 36 من أبواب الجنابة الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 67

[مسألة 166: الاستبراء بالبول ليس شرطا في صحة الغسل]

(مسألة 166): الاستبراء بالبول ليس شرطا في صحة الغسل (1)

______________________________

الارشاد الي عدم فساد الغسل بخروج بقية المني الباقي في المجري الا أن يقال:

بأنه لا وجه لرفع اليد عن ظهور الامر في المطلوبية فانه ذكر في جملة من آداب الوضوء غاية الامر لا نلتزم بالوجوب فينبغي الرجحان فلاحظ.

و أما الاستدلال علي الرجحان بالإجماع علي رجحانه المردد بين الوجوب و الندب، فمدفوع بعدم حجية الدلالة الالتزامية مع سقوط دلالة المطابقة.

و أما الاستناد بالتسامح فقد قلنا في محله «1» بعدم تمامية دليله فلاحظ.

بقي شي ء: و هو: أنه لو اجنب و لم ينزل فهل يستحب أيضا له الاستبراء بالبول أم لا؟ ظاهر كلام الماتن عدم الفرق لإطلاق كلامه و مقتضي اطلاق رواية البزنطي عدم الفرق أيضا فانه عليه السلام بين أحكام غسل الجنابة و الجنابة كما تتحقق بالا نزال كذلك تتحقق بالايلاج وحده.

(1) قطعا- كما عن المستند-

و بلا خلاف أجده بين اصحابنا- كما عن الجواهر- و يظهر من بعضهم الاجماع عليه- علي ما في بعض الكلمات- و تدل عليه النصوص لاحظ حديث ابن مسلم «2» و غيره المذكور في الوسائل في الباب 36 من أبواب الجنابة.

فان المستفاد من هذه النصوص أن البول قبل الغسل ليس شرطا لصحة الغسل و انما الامر باعادة الغسل من جهة تقديم الظاهر علي الاصل فان الظاهر أنه بقي من المني شي ء في المجري لا يخرج الا بالبول.

و ربما يقال بوجوب اعادة الصلاة التي صلاها بالغسل قبل خروج البلل- كما

______________________________

(1) لاحظ ج 1 من الكتاب ص: 133- 136

(2) لاحظ ص: 66

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 68

و لكن اذا تركه و اغتسل ثم خرج منه بلل مشتبه بالمني جري عليه حكم المني ظاهرا فيجب الغسل له كالمني (1).

______________________________

عن الحلي و المنتهي حكاية القول عن بعض أصحابنا و قائله غير معروف- كما قيل- و يمكن الاستدلال عليه بما رواه محمد يعني ابن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يخرج من احليله بعد ما اغتسل شي ء قال: يغتسل و يعيد الصلاة الا أن يكون بال قبل أن يغتسل فانه لا يعيد غسله «1».

و مقتضي الجمع بين هذه الرواية و بقية الروايات التفصيل بين كون الخروج قبل الصلاة و بعدها بأن يقال: ان كان الخروج قبلها فالصلاة باطلة لكونه محكوما بالجنابة و ان كان بعدها فلا وجه للإعادة اذا لمفروض أنه لم يتحقق الناقض.

(1) للنصوص منها ما رواه الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يغتسل ثم يجد بعد ذلك بللا و قد كان بال قبل أن يغتسل قال: ليتوضأ و ان لم يكن

بال قبل الغسل فليعد الغسل «2» الي غيرها من الروايات المذكور في الباب 36 من أبواب الجنابة من الوسائل الحديث: 8 و 9 و 10.

و في قبال هذه الروايات جملة من النصوص تعارضها لاحظ ما رواه جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصيبه الجنابة فينسي أن يبول حتي يغتسل ثم يري بعد الغسل شيئا أ يغتسل أيضا؟ قال: لا قد تعصرت و نزل من الحبائل «3» و ما رواه احمد بن هلال و ما رواه عبد اللّه بن هلال و ما رواه أبو جميلة و ما ارسله الصدوق «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 36 من أبواب الجنابة الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 36 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) نفس المصدر الحديث: 12 و 13 14 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 69

سواء استبرأ بالخرطات لتعذر البول أم لا (1) الا اذا علم بذلك أو بغيره عدم بقاء شي ء من المني في المجري (2).

[مسألة 167: اذا بال بعد الغسل و لم يكن قد بال قبله لم تجب اعادة الغسل]

(مسألة 167): اذا بال بعد الغسل و لم يكن قد بال قبله لم تجب اعادة الغسل و ان احتمل خروج شي ء من المني مع البول (3).

[مسألة 168: إذا دار أمر المشتبه بين البول و المني]

(مسألة 168): اذا دار أمر المشتبه بين البول و المني فان كان متطهرا من الحدثين وجب عليه الغسل و الوضوء معا (4).

______________________________

و لكن هذه الروايات ضعيفة سندا فان علي بن السندي لم يوثق و اضمار ابن هلال لاعتبار به و مثله مرسل الصدوق كما أن عبد اللّه بن هلال و مفضل بن صالح لو يوثقا فلا تصل النوبة الي الجمع أو الترجيح كما هو ظاهر.

(1) لإطلاق الروايات و عدم مقيد لها.

(2) اذ ليس الحكم باعادة الغسل حكما تعبديا بل من جهة احتمال خروج المني الباقي في المجري و مع عدم الاحتمال و القطع بعدمه لا موضوع للاحتياط.

(3) فان مقتضي الاصل عدم الخروج بل يمكن أن يقال: بعدم الوجوب حتي مع العلم بالخروج لكن مع استهلاكه في البول بحيث لا يصدق علي الخارج الا عنوان البول اذ عليه يكون الموضوع منتفيا كما أنه لا يترتب علي المذي الخارج حكم البول و لو مع العلم به لكن مع استهلاكه في المذي فلاحظ.

(4) تتصور للمسألة صور: الاولي: ما لو لم يستبرأ من المني بالبول بان اغتسل ثم أحدث بالاصغر و توضأ فخرج بلل مشتبه بين الامرين و الظاهر أنه يحكم عليه بكونه منيا بمقتضي النصوص المتقدمة.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 70

______________________________

الثانية ما لو استبرأ بالبول من المني و اغتسل ثم أحدث بالاصغر بأن بال و لم يستبرأ بالخرطات و توضأ ثم خرج بلل مردد بين الامرين و الظاهر أنه محكوم بالبولية بمقتضي النص الخاص و هو ما رواه سماعة في حديث قال:

فان كان بال قبل أن يغتسل فلا يعيد غسله و لكن يتوضأ و يستنجي «1».

فان مقتضي هذه الرواية أنه لو بال بعد الجنابة ثم اغتسل ثم خرج بلل مشتبه بين البول و المني يجب عليه الوضوء و يحكم علي الخارج بالبولية.

الثالثة: ما لو بال بعد المني قبل الاغتسال و استبرأ بالخرطات ثم اغتسل ثم أحدث بالاصغر ثم توضأ ثم خرج بلل مشتبه بين البول و المني و في هذه الصورة يمكن أن يقال: بأن مقتضي العلم الإجمالي الجمع بين الغسل و الوضوء فان مقتضي اصالة عدم تحقق الجنابة و عدم كون المردد منيا، عدم وجوب الغسل كما أن أصالة عدم كونه بولا، عدم وجوب الوضوء فيجب الجمع بين الامرين.

و في المقام اشكال و هو: أن مقتضي اطلاق ما دل علي بولية الخارج فيما بال بعد الجنابة كون المردد بولا فان مقتضي قوله عليه السلام في رواية سماعة و غيرها، أن الخارج محكوم بالبولية و لو مع الاستبراء بالخرطات و لا وجه لحمل النصوص علي صورة عدم الاستبراء بالخرطات و أما ما دل علي عدم كون الخارج بولا بعد الخرطات فليس ناظرا الي صورة دوران الامر بين كون الخارج بولا أو منيا كي يقال: بالتعارض بين الدليلين لاحظ ما رواه عبد الملك بن عمرو عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يبول ثم يستنجي ثم يجد بعد ذلك بللا قال:

اذا بال فخرط ما بين المقعدة و الأنثيين ثلاث مرات و غمز ما بينهما ثم استنجي

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 71

و ان كان محدثا بالاصغر وجب عليه الوضوء فقط (1).

[مسألة 169: يجزي غسل الجنابة عن الوضوء]

(مسألة 169): يجزي غسل الجنابة عن الوضوء

لكل ما

______________________________

فان سال حتي يبلغ السوق فلا يبالي «1».

و ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يبول قال: ينتره ثلاثا ثم ان سال حتي يبلغ السوق فلا يبالي «2».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل بال و لم يكن معه ماء قال: يعصر أصل ذكره الي طرفه ثلاث عصرات و ينتر طرفه فان خرج بعد ذلك شي ء فليس من البول و لكنه من الحبائل «3».

فان هذه النصوص ليست ناظره الي صورة دوران الامر بين البول و المني و الا كيف يمكن أن يقول الامام عليه السلام: «لا يبالي» فعليه نقول: مقتضي تلك النصوص الحاكمة بعدم كون الخارج منيا و كونها بولا بشرط تحقق البول قبل الغسل، الالتزام بالبولية و لو مع الاستبراء بالخرطات نعم اذا خرج المردد بين الامرين ابتداء و بلا سبق الجنابة مع التطهر تم ما أفاده في المتن ظاهرا و اللّه العالم.

(1) مما ذكرنا ظهر أنه لا بد من التفصيل فانه مع سبق الجنابة و عدم الاستبراء بالبول يحكم علي المشتبه بكونه منيا حتي مع فرض كونه محدثا بالاصغر نعم لو كان الخارج المشتبه ابتدائيا يكون الامر كما ذكره في المتن فلو كان محدثا بالاصغر يبني علي عدم تحقق الجنابة بالاستصحاب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 72

اشترط به (1).

______________________________

(1) هذا مورد انفاق الاصحاب قديما و حديثا- كما في بعض الكلمات- و عن جملة من الاعاظم: أن عليه الاجماع محصلا و منقولا مستفيضا.

و يدل علي المطلوب قوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا

الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا قُمْتُمْ إِلَي الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَي الْمَرٰافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَي الْكَعْبَيْنِ وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا» «1» فان الاية قسمت المحدث الي الجنب و غيره و أوجبت الغسل علي الاول و الوضوء علي الثاني و التقسيم قاطع للشركة.

و تدل علي المدعي أيضا جملة من النصوص منها ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام و ذكر كيفية غسل الجنابة فقال: ليس قبله و لا بعده وضوء «2» و منها غيره المذكور في الوسائل في الباب 34 من أبواب الجنابة.

نعم ما رواه أبو بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته كيف أصنع اذا أجنبت؟ قال: اغسل كفك و فرجك و توضأ وضوء الصلاة ثم اغتسل «3» يقتضي وجوب الوضوء.

و فيه: اولا: ان الحديث ضعيف بالحضرمي فانه لم يوثق. و ثانيا: لنا أن نقول: ان ما دل علي عدم الوجوب موافق لإطلاق الكتاب فان مقتضاه عدم وجوب الوضوء مع الغسل.

و ثالثا: لا يبعد أن يكون محمولا علي التقية حيث نقل بأن جملة منهم قائلون

______________________________

(1) المائدة/ 7

(2) الوسائل الباب 34 من أبواب الجنابة الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 73

[مسألة 170: اذا خرجت رطوبة مشتبهة بعد الغسل و شك في أنه استبرأ بالبول أم لا]

(مسألة 170): اذا خرجت رطوبة مشتبهة بعد الغسل و شك في أنه استبرأ بالبول أم لا بني علي عدمه فيجب عليه الغسل (1)

[مسألة 171: لا فرق في جريان حكم الرطوبة المشتبهة بين أن يكون الاشتباه بعد الفحص و الاختبار و أن يكون لعدم امكان الاختبار]

(مسألة 171): لا فرق في جريان حكم الرطوبة المشتبهة بين أن يكون الاشتباه بعد الفحص و الاختبار و أن يكون لعدم امكان الاختبار من جهة العمي أو الظلمة أو نحو ذلك (2).

______________________________

بوجوب الوضوء مع الغسل و يظهر من حديث حكم بن حكيم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل الجنابة الي أن قال: قلت: ان الناس يقولون:

يتوضأ وضوء الصلاة قبل الغسل فضحك و قال: و أي وضوء أنقي من الغسل و أبلغ «1» أنهم قائلون به فان الناس هم المخالفون- كما في الحدائق-.

و أما حديث محمد بن ميسر قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل الجنب ينتهي الي الماء القليل في الطريق و يريد أن يغتسل منه و ليس معه اناء يغرف به و يداه قذرتان قال: يضع يده ثم (و خ ل) يتوضأ ثم يغتسل «2» فهو ضعيف بابن ميسر مضافا الي أن ما ذكر يجري فيه أيضا فلاحظ.

أضف الي ذلك كله أن الامر من الواضحات بحيث يعرفه كل من له أدني خبرة و معرفة بالحكم الشرعي و السيرة جارية عليه فلا اشكال و لا كلام.

(1) لاستصحاب عدم البول و قد مر أنه مع عدمه يكون مقتضي النص أن يحكم عليه بكونه منيا.

(2) لإطلاق الادلة فان مقتضاه ثبوت حكمها و لو مع عدم امكان الاختبار

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الماء المطلق الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 74

[مسألة 172: لو أحدث بالاصغر في أثناء الغسل من الجنابة استأنف الغسل]

(مسألة 172): لو أحدث بالاصغر في أثناء الغسل من الجنابة استأنف الغسل (1).

______________________________

اذ لا دليل علي التفصيل.

(1) قال السيد اليزدي قدس سره في عروته: «الاقوي عدم البطلان نعم يجب عليه الوضوء بعده» و نسب هذا القول الي

جملة من الاعاظم.

و يمكن أن يقال في وجهه: ان مقضي ادلة وجوب الغسل عدم مانعية الحدث الاصغر و عدم اشتراط الغسل بعدمه و احتمال الانتقاض محكوم باصالة عدمه بل يمكن أن يقال: بان نفس أدلة وجوب الغسل تنفي احتمال الانتقاض فان اطلاقها يقتضي العدم و أما وجوب الوضوء بعد الغسل فلعموم دليل وجوبه و ثبوته باسبابه و المفروض تحقق سببه.

ان قلت: لا اشكال في عدم وجوب الوضوء لكل حدث و لا أثر للناقض المسبوق بمثله، و بعبارة اخري: الاثر للناقض السابق فالمحدث بالجنابة لا يؤثر في حقه الحدث الاصغر خصوصا فيما اذا بال قبل الغسل فان البول في الاثناء كالبول بعد البول الذي لا اثر له بلا كلام.

قلت: يرد عليه النقض بالحدث أثناء الوضوء فان الكلام هو الكلام و هل يمكن الالتزام بعدم قدحه؟ كلا.

و أما الحل فبان ما دل علي ناقضية البول للوضوء يدل علي ناقضيته لكل جزء منه و لا يختص نقضه بالجزء الاخير.

و صفوة القول: ان مقتضي اطلاق الادلة صحة الغسل و عدم فساده بوقوع الاصغر في أثنائه و أما وجوب الوضوء فلإطلاق دليله و ثبوته بأسبابه و لا ينافيه

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 75

______________________________

ما دل علي عدم الوضوء مع الغسل لان تلك الادلة ناظرة الي أن الحدث السابق علي الغسل يرتفع بالغسل و لا يحتاج الي ضم الوضوء اليه و أما الحدث الواقع في الاثناء فلا تكون تلك الادلة ناظرة اليه كما أنها لا تكون ناظرة الي الحدث الواقع بعد الغسل.

و الحاصل: أنه لا يمكن الالتزام بصحة الغسل و عدم وجوب الوضوء معه.

فالنتيجة: عدم بطلان الغسل بالحدث في أثنائه كما لو أحدث بعده و وجوب الوضوء للحدث الواقع في الاثناء.

و في

قبال هذا القول، قول آخر و هو بطلان الغسل بالحدث الواقع في أثنائه و يلزم استئنافه و الاكتفاء به و نسب هذا القول الي جملة من الاعيان بل قيل: انه المشهور و اختار الماتن هذا القول.

و وجه ما أفاده: ان المستفاد من الاية الشريفة «1» بحكم التقسيم انقسام المكلف الي قسمين و لا ثالث فان المكلف اذا قام الي الصلاة و لم يكن متطهرا فاما يكون جنبا فيجب عليه الغسل و اما غير جنب فيجب عليه الوضوء و عليه لا يمكن فرض مكلف يجب عليه كلا الامرين و حيث انه لا يمكن الالتزام بكفاية الوضوء لنقصان غسله يجب عليه الغسل و من الظاهر أنه لا يمكن الالتزام بكفاية الغسل الواقع في أثنائه الحدث اذ الحدث يرفع أثر الغسل لإطلاق دليله كما مر آنفا.

و استدل أيضا علي المدعي بما رواه الصدوق عن الصادق عليه السلام قال:

لا بأس بتبعيض الغسل تغسل يدك و فرجك و رأسك و تؤخر غسل جسدك الي وقت الصلاة ثم تغسل جسدك اذا أردت ذلك فان أحدثت حدثا من بول أو غائط

______________________________

(1) لاحظ ص: 72

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 76

______________________________

أو ريح أو مني بعد ما غسلت رأسك من قبل أن تغسل جسدك فأعد الغسل من أو له «1» و مثله ما عن فقه الرضا «2» و نحو هما ما عن الهداية التي قيل: انها من متون الاخبار، و باستصحاب الحدث.

و في مقابل هذين القولين قول ثالث و هو وجوب اتمام الغسل و الاكتفاء به و نسب هذا القول أيضا الي جملة من الاعاظم و استدل عليه بأن مقتضي الادلة- كما مر- عدم بطلان الغسل بالحدث الواقع أثنائه هذا من ناحية و من ناحية

أخري أن الحدث الاصغر لا يؤثر مع الجنابة و بما دل من النصوص علي عدم حاجة إلي الوضوء مع الغسل الجنابة و بما دل علي جواز التفريق بين أجزاء الغسل و جواز فصل الزمان الطويل بينها لاحظ ما رواه ابراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان عليا عليه السلام لم ير بأسا أن يغسل الجنب رأسه غدوة و يغسل سائر جسده عند الصلاة «3» و ما رواه محمد بن مسلم «4» و الحال أن العادة تقتضي وقوع الحدث الاصغر فيستفاد من ذلك الدليل عدم بطلان الغسل و كفايته و هذا هو المطلوب.

اذا عرفت ما ذكرنا فاعلم أنه لا يبعد أن يكون القول الثالث خيرها بتقريب أن مقتضي اطلاق النصوص الدالة علي الغسل عدم بطلانه بوقوع الحدث الواقع في أثنائه و لا مجال لاستصحاب الحدث مع اطلاق الادلة مضافا الي عدم جريان الاستصحاب في الحكم الكلي و أما النصوص المشار اليها فضعيفة سندا

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب الجنابة الحديث: 4

(2) المستدرك الباب 20 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب الجنابة الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 49

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 77

______________________________

فلا يعتد بها و لا وجه لقياس المقام بوقوع الحدث الاصغر أثناء الوضوء فان مقتضي دليل وجوب الوضوء بعد البول بطلانه بالبول الواقع في أثنائه و أما في المقام فقد ذكرنا أن اطلاق الدليل يقتضي صحة الغسل.

فالنتيجة: ان الغسل صحيح و المستفاد من الاية الشريفة «1» تقسيم المكلف الي قسمين و لا ثالث و المفروض أن المكلف يجب عليه الغسل فلا يجب عليه الوضوء و لا دليل علي زوال أثر الجزء المتحقق بالحدث الاصغر الواقع أثنائه فان

المتطهر لو أحدث بالاصغر يجب عليه الوضوء و أما الجنب فلا يجب عليه الا الغسل.

و بتعبير آخر: أن المجنب لا يؤثر في حقه صدور الحدث مطلقا و لا مجال لان يقال: ان الحدث يزيل اثر الغسل بعده فكيف لا يزيله أثنائه؟ فانه يقال: ان الحدث مؤثر بالنسبة الي المتطهر و اما المجنب فلا أثر للحدث بالنسبة اليه مضافا الي أن ما ذكرناه مستفاد من الاية فان المستفاد منها ان المحدث بالاصغر يتوضأ و المحدث با الاكبر يغتسل و قلنا: ان التقسيم قاطع للشركه و المكلف في المقام مجنب و لذا لا يجوز له أن يباشر ما يكون حراما علي المجنب كمس الكتاب و دخول المسجد و غيرهما.

فالحق هو القول الثالث و علي فرض الاغماض عنه الرجحان مع القول الاول لما قلنا من عدم وجه لبطلان الغسل.

و لا يخفي أن ما دل علي جواز التفريق لا يقتضي صحة القول الثالث اذ دليل التفريق انما يدل علي عدم بطلان الغسل بالحدث و أما عدم وجوب الوضوء فلا يستفاد

______________________________

(1) لاحظ ص: 72

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 78

و الاحوط استحبابا ضم الوضوء اليه (1).

[مسألة 173: إذا أحدث أثناء سائر الاغسال بالحدث الأصغر أتمها و توضأ]

(مسألة 173): اذا أحدث أثناء سائر الاغسال بالحدث الاصغر أتمها و توضأ (2) و لكنه اذا عدل عن الغسل الترتيبي الي الارتماسي فلا حاجة الي الوضوء (3) الا في الاستحاضة المتوسطة (4).

[مسألة 174: اذا أحدث بالاكبر في أثناء الغسل]

(174 مسألة): اذا أحدث بالاكبر في أثناء الغسل فان كان

______________________________

منه.

(1) بما ذكرنا ظهر أن الاستئناف و ضم الوضوء اليه من حيث المجموع موافق للاحتياط و لا اشكال في حسنه و أما الصناعة فتقتضي ما ذكرناه.

(2) أما علي القول بعدم اغناء غير غسل الجنابة عن الوضوء فالامر ظاهر فانه لا ريب في وجوب الوضوء و أما علي القول بالاغناء فما أفاده من الوجوب علي القاعدة فان مقتضي وجوب الوضوء بالحدث وجوبه بلا فرق بين وقوعه بعد الغسل و أثنائه و الفارق بين المقام و ما تقدم أن المستفاد من الاية الشريفة تقسيم المكلف الي قسمين و حيث ان المفروض كون المكلف جنبا يجب عليه الغسل و لا بجمع بين الامرين.

(3) اذ ما دام لم يتم الغسل لا مانع من تبديله بفرد آخر من المأمور به فلو بدل و عدل منه الي الارتماسي كفي عن الوضوء اذ المفروض أنه اغتسل عن الاكبر و لم يقع أثنائه حدث أصغر فلا وجه لضم الوضوء اليه ان قلنا: ان كل غسل يجزي عن الوضوء و لا يختص بغسل الجنابة.

(4) بناء علي عدم كفاية غسل الاستحاضة المتوسطة عن الوضوء و نتعرض لوجهه عند تعرض الماتن للمسألة ان شاء اللّه تعالي فانتظر.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 79

مماثلا للحدث السابق كالجنابة في أثناء غسلها أو المس في أثناء غسله فلا اشكال في وجوب الاستئناف (1). و ان كان مخالفا له فالاقوي عدم بطلانه فيتمه و يأتي بالاخر (2) و يجوز الاستئناف

بغسل واحد لهما ارتماسا (3).

و أما في الترتيبي فيقصد به رفع الحدث الموجود علي النحو المأمور به واقعا (4) و لا يجب الوضوء بعده في غير الاستحاضة

______________________________

(1) عن كشف اللئام الاتفاق عليه و الامر واضح كما في المتن.

(2) فان مقتضي اطلاق الادلة- كما ذكرنا- عدم حصول خلل بحدوث حدث آخر في الاثناء نعم لو كان حديث عرض المجالس «1» حجة لكان دليلا علي الاخلال فانه يفهم منه أن وقوع الحدث علي الاطلاق يفسد الغسل بدعوي أن العرف يفهم عدم الفرق بين أنواع الحدث لكن الحديث ضعيف سندا و ما عن من بعض دعوي الاجماع علي بطلان غسل الجنابة بدخول الحدث أثنائه لا يعتني به اذ غايته اجماع منقول و لا يكون حجة.

(3) اذ لا اشكال في تبديل أحد فردي التخييري بالاخر ما دام لم يحصل الفراغ و من ناحية اخري يكون مقتضي دليل التداخل جوازه فلا مانع من الاستئناف و يقصد به كليهما- كما في المتن- و لو قلنا بأن التداخل عزيمة يجب الاستئناف.

(4) الوجه في هذا التعبير الترديد في أن الواجب قصد رفع الحدث السابق الذي غسل منه بعض أعضائه و اللاحق من أول الغسل أو أن الواجب قصد غسل الجزء المغسول ثانيا من الحدث اللاحق و قصد المجموع في الباقي لكنه

______________________________

(1) لاحظ ص: 75

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 80

المتوسطة (1).

[مسألة 175: اذا شك في غسل الرأس و الرقبة قبل الدخول في غسل البدن رجع و أتي به]

(مسألة 175): اذا شك في غسل الرأس و الرقبة قبل الدخول في غسل البدن رجع و أتي به (2) و ان كان بعد الدخول فيه لم يعتن و يبني علي الاتيان به علي الاقوي (3) و أما اذا شك في غسل الطرف الايمن فاللازم الاعتناء به حتي مع الدخول في غسل الطرف الايسر

(4)

______________________________

لا وجه لهذا الترديد مع الجزم بالنسبة الي الارتماسي بل لنا أن نقول: انه لا دليل علي جواز التداخل بالنسبة الي بعض الاجزاء فان دليل التداخل ان كان شاملا لمثل المقام فلا بد من قصد الجميع من أول الغسل و ان لم يكن شاملا فلا موضوع للبحث فلاحظ.

(1) فان الماتن يري اجزاء كل غسل عن الوضوء غير غسل الاستحاضة المتوسطة كما مرو لذا حكم بالاجزاء في غيره و الكلام في الاجزاء و عدمه موكول الي تلك المسألة و نتعرض ان شاء اللّه تعالي لما هو الحق فيها عند تعرض الماتن لها فانتظر.

(2) لاستصحاب عدم الاتيان به و لا مقتضي للحكم بالتحقق.

(3) فان الماتن يري اختصاص المنع المستفاد من النص الخاص بالوضوء فلا يري مانعا من الاخذ بقاعدة التجاوز الجارية في جميع الموارد بمقتضي دليلها و لكن الاشكال تمام الا اشكال في عدم تمامية دليلها فانا ذكرنا في محله أنه لا دليل علي قاعدة التجاوز بنحو الاطلاق و انما لنصوص الواردة دالة علي اعتبار قاعدة الفراغ نعم يستفاد من جملة من النصوص اعتبار قاعدة التجاوز في خصوص بعض أجزاء الصلاة و تفصيل الكلام خارج عن حوصلة المقام فراجع ما حققناه هناك تصدق ما ذكرناه.

(4) الوجه فيه أنه يري اشتراط جريان القاعدة بالدخول في الغير المترتب

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 81

[مسألة 176: إذا غسل أحد الاعضاء ثم شك في صحته و فساده فالظاهر أنه لا يعتني بالشك]

(مسألة 176): اذا غسل أحد الاعضاء ثم شك في صحته و فساده فالظاهر أنه لا يعتني بالشك سواء كان الشك بعد دخوله في غسل العضو الاخر أم كان قبله (1).

[مسألة 177: اذا شك في غسل الجنابة بني علي عدمه]

(مسألة 177): اذا شك في غسل الجنابة بني علي عدمه (2) و اذا شك فيه بعد الفراغ من الصلاة و احتمل الالتفات الي ذلك قبلها فالصلاة محكومة بالصحة (3) لكنه يحب عليه أن يغتسل للصلوات الآتية (4).

هذا اذا لم يصدر منه الحدث الاصغر بعد الصلاة و الا وجب عليه الجمع بين الوضوء و الغسل بل وجبت اعادة الصلاة أيضا اذا كان

______________________________

الشرعي و حيث انه لا يري ترتبا شرعيا بين الايمن و الايسر فلا يكتفي في جريان القاعدة بالدخول في الايسر و قد مر منا أن الترتيب بينهما شرط.

(1) و الوجه فيه: أن الشك في صحة الموجود موضوع لقاعدة الفراغ و لا يشترط في جريانها الدخول في الغير و الامر كما أفاده و قد ذكرنا في محله أن مقتضي النصوص اعتبار قاعدة الفراغ و اشتراط جريانها بالدخول في الغير و ان كان مستفادا من بعض تلك النصوص لكن نتيجة الجمع بين الروايات عدم الاعتبار فراجع ما ذكرناه هنا و اغتنم ما حققناه.

(2) لاستصحاب عدم الاتيان به.

(3) لجريان القاعدة فان مقتضي قاعدة الفراغ صحتها.

(4) اذ قاعدة الفراغ لا تثبت اللوازم و بمقتضي القاعدة الاولية لا بد من احراز الطهارة و مقتضي الاصل عدم تحققها فلا بد من الاغتسال للصلوات الآتية.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 82

الشك في الوقت (1) و أما بعد مضيه فلا تجب اعادتها (2) و اذا علم اجمالا بعد الصلاة ببطلان صلاته أو غسله وجبت عليه اعادة الصلاة فقط (3).

[مسألة 178: إذا اجتمع عليه اغسال متعددة واجبة أو مستحبة أو بعضها واجب و بعضها مستحب]

(مسألة 178): اذا اجتمع عليه اغسال متعددة واجبة أو مستحبة أو بعضها واجب و بعضها مستحب فقد تقدم حكمها في شرائط الوضوء في المسألة (109) فراجع (4).

______________________________

(1) للعلم الإجمالي بأنه اما يجب عليه أن يعيد

الصلاة المأتي بها بعد الغسل ان لم يغتسل أو يجب عليه الاتيان بالصلاة اللاحقة مع الوضوء فلا بد من الجمع بين أمور ثلاثة.

(2) يظهر من الماتن أن الجمع بين الغسل و الوضوء لازم علي الاطلاق و أما اعادة الصلاة السابقة ففيها تفصيل بين كون الشك في الوقت أو بعد مضيه و لم يظهر لي وجهه اذ طرف العلم الإجمالي الموجب للتنجز اعادة الصلاة السابقة و مع قطع النظر عنه لا يكون وجه للاحتياط اذا لشك في بقاء الجنابة و الاستصحاب يقتضي بقائها و يكفي الغسل وحده.

فالذي يختلج بالبال أن لا يفرق بين كون الشك في الوقت أو بعد مضيه غاية الامر اذا كان في الوقت يكون طرف العلم وجوب الاعادة و اذا كان بعد مضيه كان طرفه وجوب القضاء فلاحظ.

(3) و الوجه أن بطلان الصلاة قدر متيقن فلا مانع من جريان القاعدة في الغسل.

(4) و قد تقدم منا شرح المتن و مستند الحكم فراجع.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 83

[مسألة 179: إذا كان يعلم اجمالا أن عليه اغسالا لكنه لا يعلم بعضها بعينه]

(مسألة 179): اذا كان يعلم اجمالا أن عليه اغسالا لكنه لا يعلم بعضها بعينه يكفيه أن يقصد جميع ما عليه (1) و اذا قصد البعض المعين كفي عن غير المعين (2) و اذا علم أن في جملتها غسل الجنابة و قصده في جملتها أو بعينه لم يحتج الي الوضوء (3) بل الاظهر عدم الحاجة الي الوضوء مطلقا (4).

______________________________

(1) قد تقدم في المسألة المشار اليها جواز الاكتفاء بغسل واحد لحقوق متعددة فراجع تلك المسألة.

(2) كما مر في تلك المسألة فراجع.

(3) اذ لا وضوء مع غسل الجنابة.

(4) وقع الكلام بينهم في كفاية غسل غير الجنابة عن الوضوء و عدمها ذهب الي الثاني جل الاصحاب- حسب نقل الحدائق- و

قال: «ذهب المرتضي الي الاول» و اختاره أيضا.

استدل علي الثاني بقوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا قُمْتُمْ إِلَي الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَي الْمَرٰافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَي الْكَعْبَيْنِ وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا» «1».

بتقريب: ان المستفاد من الاية الشريفة أن كل محدث لا بد له من الوضوء و مقتضي اطلاقها عدم الفرق بين أن يغتسل لغير الجنابة و عدمه انما الخارج من العموم خصوص الجنب. و هذا التقريب لا بأس به ان لم يتم و لم يقم علي الكفاية دليل.

و استدل عليه أيضا بجملة من النصوص منها ما أرسله ابن أبي عمير عن

______________________________

(1) المائدة/ 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 84

______________________________

أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل غسل قبله وضوء إلا غسل الجنابة «1» و هذه الرواية تامة دلالة علي المدعي لكنها مخدوشة سندا بالارسال و كون المرسل ابن أبي عمير لا يفيد كما حقق في محله راجع معجم الرجال لسيدنا الاستاد.

و منها: ما رواه حماد بن عثمان أو غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

في كل غسل وضوء الا الجنابة «2». و هذه الرواية أيضا تامة دلالة لكنها مخدوشة سندا اذ الراوي عنه عليه السلام مردد بين حماد و غيره و نقل العلامة قدس سره الرواية في المختلف مستندا الي الامام عليه السلام و عدم ذكر «أو غيره» يمكن أن يكون ناشئا من الاشتباه و لذا- علي حسب نقل الحدائق- رد الرواية صاحب المدارك بالضعف.

و منها: ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال:

اذا أردت أن تغتسل للجمعة فتوضأ و (ثم خ ل) اغتسل «3» و هذه الرواية أيضا ضعيفة بسليمان فانه لم يوثق. و

تعبير الحدائق بالصحيحة عن الرواية المذكورة في غير محله.

و منها: ما عن الفقه الرضوي: «و الوضوء في كل غسل ما خلا غسل الجنابة «4».

و عدم اعتبار الكتاب المذكور واضح فلم يتم من النصوص المذكورة ما يفيد المدعي. و استدل علي القول الاول بجملة من النصوص أيضا منها ما رواه حكم بن

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) فقه الرضا ص: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 85

في غير الاستحاضة المتوسطة (1).

[المقصد الثاني غسل الحيض]
اشارة

المقصد الثاني غسل الحيض و فيه فصول:

[الفصل الاول في سببه]
اشارة

الفصل الاول في سببه و هو خروج دم الحيض (2)

______________________________

حكيم قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل الجنابة الي أن قال: قلت:

ان الناس يقولون يتوضأ وضوء الصلاة قبل الغسل فضحك و قال: و اي وضوء أنقي من الغسل و أبلغ «1». فان المستفاد من هذه الرواية أن الغسل مطلقا أبقي من الوضوء و أبلغ.

و منها جملة أخري من النصوص لاحظ جميع أحاديث الباب 33 من أبواب الجنابة في الوسائل.

و الظاهر أنه لا يبقي مجال للترديد بعد ورود هذه الروايات الواضحة من حيث الدلالة و سند بعضها و ان كان مخدوشا لكن في المعتبر منها غني و كفاية.

فالحق ما أفاده في المتن: من أن كل غسل كغسل الجنابة من هذه الجهة فلاحظ.

(1) كما صرح بالوجوب في بحث الاستحاضة و نتعرض لشرح المتن هناك إن شاء اللّه تعالي تفصيلا.

و مجمل الكلام: أن الفارق هو النص لاحظ ما رواه سماعة قال: المستحاضة اذا ثقب الدم الكرسف اغتسلت لكل صلاتين و للفجر غسلا و ان لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل يوم مرة و الوضوء لكل صلاة «2».

(2) ان الماتن يري عدم تحقق الحيض قبل الخروج و ان حدوثه يتوقف

______________________________

(1) الوسائل الباب 34 من أبواب الجنابة الحديث: 4

(2) الوسائل الباب الاول من أبواب الاستحاضة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 86

الذي تراه المرأة في زمان مخصوص غالبا (1) سواء خرج من الموضع المعتاد أم من غيره (2) و ان كان خروجه بقطنة (3).

و اذا انصب من الرحم الي فضاء الفرج و لم يخرج منه أصلا ففي جريان حكم الحيض عليه اشكال و ان كان الاظهر عدمه (4)

______________________________

علي الخروج و

سيتعرض لحكم ما اذا انصب من الرحم الي فضاء الفرج و لم يخرج منه أصلا فانتظر.

(1) في مقابل النادر فانه يمكن أن تراه قبل البلوغ كما أنه يمكن أن تراه بعد اليأس بل في الغالب لا تراه أول البلوغ غالبا كما أن كثيرا ينقطع قبل اليأس.

(2) ما ذكرناه في بحث تحقق الجنابة بخروج المني جار في المقام و قلنا هناك: ان شمول الدليل لكل خارج حتي بالوسائل المتداولة في العصور الاخيرة محل الاشكال لكن لا يختص ترتب الحكم بخصوص الخارج من الموضع المعتاد فانه خلاف الاطلاق و مقتضاه عدم الفرق.

و صفوة القول: أن ترتب الحكم تابع للصدق العرفي و مع الشك لا يترتب الاثر كما هو مقتضي الصناعة.

(3) لان الميزان خروج الدم في تحقق الحيض و لا فرق في خروجه بأي نحو كان.

(4) الاشكال ناش من أنه يكفي لبقاء الحيض بعد تحققه كونه في فضاء الفرج بالنصوص و الاجماع، فيقرب دعوي الاكتفاء به في الحدوث لعدم الفرق بين البقاء و الحدوث و التزم به بعض الاجلة- علي ما نقل عنه- و لكن الانصاف أن الجزم بالحكم لا يمكن فان الميزان في الحكم الشرعي غير معلوم عندنا

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 87

و لا اشكال في بقاء الحدث ما دام باقيا في باطن الفرج (1).

[مسألة 180: اذا افتضت البكر فسال دم كثير و شك في أنه من دم الحيض أو من العذرة، أو منهما]

(مسألة 180): اذا افتضت البكر فسال دم كثير و شك في أنه من دم الحيض أو من العذرة، أو منهما أدخلت قطنة (2).

______________________________

فالاظهر عدمه كما في المتن فلاحظ.

(1) كما تدل عليه أحاديث الاستبراء لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أرادت الحائض أن تغتسل فلتستدخل قطنة فان خرج فيها شي ء من الدم فلا تغتسل و ان

لم تر شيئا فلتغتسل و ان رأت بعد ذلك صفرة فلتوض و لتصل «1»، و غيرها من الروايات الواردة في الباب 17 من أبواب الحيض من الوسائل.

(2) كما تدل عليه رواية خلف بن حماد الكوفي قال: دخلت علي أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام بمني فقلت له: ان رجلا من مواليك تزوج جارية معصرا لم تطمث فلما افتضها سال الدم فمكث سائلا لا يتقطع نحوا من عشرة أيام و أن القوابل اختلفن في ذلك فقال بعضهن: دم الحيض و قال:

بعضهن: دم العذرة فما ينبغي لها ان تصنع؟، الي أن قال: ثم قال: تستدخل القطنة ثم تدعها مليا ثم تخرجها اخراجا رقيقا فان كان الدم مطوقا في القطنة فهو من العذرة و ان كان مستنقعا في القطنة فهو من الحيض «2».

و مثلها في الدلالة علي المدعي ما رواه زياد بن سوقة قال: سئل أبو جعفر عليه السلام عن رجل افتض امرأته أو أمته فرأت دماء كثيرا لا ينقطع عنها يوما كيف تصنع بالصلاة؟ قال: تمسك الكرسف فان خرجت القطنة مطوقة بالدم

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب الحيض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 88

و تركتها مليا (1) ثم أخرجتها اخراجا رفيقا (2) فان كانت مطوقة بالدم فهو من العذرة (3) و ان كانت مستنقعة فهو من الحيض (4).

______________________________

فانه من العذرة تغتسل و تمسك معها قطنة و تصلي فان خرج الكرسف منغمسا بالدم فهو من الطمث «1».

و مثلهما في الدلالة علي المدعي ما رواه خلف بن حماد أيضا «2».

(1) قال سيد العروة فيها: «و الصبر قليلا» و الظاهر أن الحق ما أفاده الماتن فان المذكور في حديث الخلف

عنوان الملي و معناه المكث الطويل و المطلق من النصوص يقيد به كما هو الميزان فلاحظ.

(2) كما صرح بالرقيق في الرواية.

(3) كما نص عليه في النصوص و معه لا مجال لما عن الأردبيلي قدس سره من الرجوع الي الصفات.

(4) هذا هو المحكي عن الاكثر- علي ما قيل- و عن جملة من الاعيان الاقتصار علي الحكم بالعذرة مع التطوق فانه ظاهر في التأمل في الحكم بالحيض للانغماس و الظاهر أنه لا وجه له أما مع دوران الامر بين العذرة و الحيض فهو القدر المتيقن من نصوص الباب و أما مع احتمال غيرهما فالامر أيضا كذلك لإطلاق حديث زياد.

بل يمكن أن يقال: بدلالة حديث خلف علي المدعي لان الرجوع الي القوابل يمكن أن يكون من باب تحصيل العلم بالحال من قولهن لا من باب حجية قولهن كي يقال: الامر دائر عندهن بين الامرين و الامام عليه السلام بين حكم هذه الصورة فانه لا دليل علي اعتبار قولهن بل الدليل قائم علي خلافه فان الرجوع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 89

و لا يصح عملها بقصد الامر الجزمي بدون ذلك ظاهرا (1).

[مسألة 181: إذا تعذر الاختبار المذكور فالأقوي الاعتبار بحالها السابق من حيض أو عدمه]

(مسألة 181): اذا تعذر الاختبار المذكور فالاقوي الاعتبار بحالها السابق من حيض أو عدمه (2).

______________________________

إليهن لو كان من باب اعتبار قولهن لم يكن وجه لتكرار العرض عليهن كي يحصل اختلاف أنظارهن.

فالنتيجة: أن ما أفاده في المتن من الاطلاق هو الصحيح.

(1) فانه يستفاد من النصوص أنه لا يجوز العمل بالاصل العملي و حيث انه يمكن أن تكون حائضا لا يجوز قصد الامر الجزمي و أما الاحتياط فلا مانع منه و أما احتمال أن الاختبار شرط لصحة العمل فبدونه يبطل، فاحتمال مخالف

لظاهر الدليل و عليه لو احتاطت و طابق عملها الواقع لكان عملها صحيحا فلاحظ.

و لا يخفي أنه مع عدم الاختبار لا يمكن الجزم بالنية كما ذكرنا فانه تشريع فلا يصح واقعا لا ظاهرا و لم أفهم المراد من كلام الماتن حيث قال: «لا يصح ظاهرا».

و أما وجوب الاختبار و عدم الاكتفاء بالاحتياط من باب أنه يجب بحكم العقل الامتثال الجزمي مع الامكان و لا تصل النوبة الي الاحتمال الا مع عدم الامكان، فمدفوع بانه قد حقق في محله انه لا أصل لهذا المدعي و يكفي في تحقق الامتثال الاحتمال و الرجاء و لو مع التمكن من الجزم.

و أما احتمال كون العبادة محرمة ذاتا علي الحائض فمع احتمال الحيض يكون العمل محتمل الحرمة فلا بد من الاختبار، فمردود بأن الحق أن الحرمة المبحوثة عنها تشريعية لا ذاتية.

(2) للاستصحاب فان المستفاد من نصوص الاختبار الواردة في المقام وجوبه

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 90

و اذا جهلت الحالة السابقة فالاحوط استحبابا الجمع بين عمل الحائض و الطاهرة و الاظهر جواز البناء علي الطهارة (1).

______________________________

مع الامكان.

و بعبارة اخري لا يستفاد من هذه النصوص سقوط القواعد و الاصول الاولية عن الاعتبار علي الاطلاق و أنما تسقط مع امكان الاختبار فمع عدم الامكان يكون المرجع القواعد المقررة.

و صفوة القول انه لا يستفاد من نصوص الباب لزوم الاختبار علي الاطلاق كي يقال: مع عدم امكانه لا مناص عن الاحتياط فان العرف لا يفهم منها أزيد من الاختبار مع الامكان فعليه لو لم يمكن، يكون مقتضي القاعدة استصحاب الحالة السابقة الاعلي القول بتمامية قاعدة الامكان لكن تلك القاعدة ليست تامه بنحو تكون مرجعا في كل مورد عند الشك اذ لا دليل عليها و الاجماع

المنقول علي حجيتها لا أثر له كما هو ظاهر.

(1) لا اشكال في أن دليل وجوب الصلاة و الصوم و كذلك بقية ادلة الاحكام المترتبة علي المرأة قد خصت بالحائض و التمسك بالعمومات مع الشك في كون المرأة حائضا تمسك بالعموم مع الشك في المصداق و قد حقق في الاصول عدم جوازه.

ان قلت: بمقتضي الاستصحاب نحكم بكون الدم ليس من الحيض و لا يعارضه عدم كونه من العذرة اذ استصحاب عدم كونه من العذرة لا يثبت كونه من الحيض الاعلي النحو المثبت.

قلت: لا مانع من هذا الاستصحاب و لا يعارضه الاصل الاخر كما ذكرت لكن استصحاب عدم كونه من الحيض لا يثبت عدم كون المرأة حائضا الاعلي

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 91

[الفصل الثاني كل دم تراه الصبية قبل بلوغها تسع سنين و لو بلحظة لا تكون له أحكام الحيض]
اشارة

الفصل الثاني كل دم تراه الصبية قبل بلوغها تسع سنين و لو بلحظة لا تكون له أحكام الحيض و ان علمت انه حيض واقعا (1).

______________________________

القول بالمثبت فان عدم كون المرأة حائضا ليس من الآثار الشرعية لعدم كون الخارج من الحيض فعليه لا بد من الاحتياط للعلم الإجمالي فان مقتضاه الجمع بين تروك الحائض و أحكام الطاهرة.

(1) هذا التعبير متين فان المستفاد من النص أن الخارج قبل التسع لا يكون حيضا لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ثلاث يتزوجن علي كل حال: التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض قلت: و متي تكون كذلك؟ قال اذا بلغت ستين سنة فقد يئست من الحيض و مثلها لا تحيض و التي لم تحض و مثلها لا تحيض قلت: و متي يكون كذلك؟ قال: ما لم تبلغ تسع سنين فانها لا تحيض و مثلها لا تحيض الخبر

«1».

فان المستفاد من هذا الحديث أن الخارج قبل التسع لا يحكم عليه بالحيضية و لو علي القول بتحقق البلوغ قبل التسع كما أنه نلتزم بالحيضية اذا خرج بعد بلوغ التسع و لو علي القول بعدم تحقق البلوغ الا بالعشر فلو علم بكونه دم حيض لم يترتب عليه حكمه.

و لا يخفي أن الشارع الاقدس بما أنه شارع لا يخبر عن الامور التكوينية بما هي كذلك بل الشارع بما هو شارع يبين الاحكام الشرعية غاية الامر في بعض الاحيان يبين بنحو الحكومة و التنزيل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب العدد الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 92

و كذا المرأة بعد اليأس (1) و يتحقق اليأس ببلوغ خمسين سنة في غير القرشية (2).

______________________________

فالنتيجة: أن الدم الخارج قبل التسع لا يترتب عليه حكم الحيض و لو مع القطع بكونه منه كما في المتن.

(1) فانه قد نص عليه في الرواية فلاحظ.

(2) الروايات الواردة في المقام طوائف ثلاث: الاولي ما تدل علي أن الخمسين حد اليأس و هو ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: حد التي قد يئست من المحيص خمسون سنة «1».

و ما رواه بعض أصحابنا قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: المرأة التي قد يئست من المحيض حدها خمسون سنة «2».

و ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ثلاث يتزوجن علي كل حال الي أن قال: و التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض قلت: و ما حدها؟ قال: اذا كان لها خمسون سنة «3».

الطائفة الثانية: ما يدل علي أن حده الستون و هو ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد

اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت: التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض؟ قال: اذا بلغت ستين سنة فقد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض «4» و ما رواه الكليني قال: و روي ستون سنة أيضا «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 8

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 93

______________________________

الطائفة الثالثة: ما يدل علي التفصيل و هو ما رواه الشيخ في المبسوط:

تيأس المرأة اذا بلغت خمسين سنة الا أن تكون امرأة من قريش فانه روي أنها تري دم الحيض الي ستين سنة «1».

و ما رواه المفيد قال: قد روي أن القرشية من النساء و النبطية تريان الدم الي ستين سنة «2».

و ما رواه ابن أبي عمير عن بعض اصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة الا أن تكون امرأة من قريش «3».

كما أن الأقوال مختلفة فانه نقل عن الشيخ و المحقق في الطلاق: الذهاب الي أن حده الخمسون علي الاطلاق و نقل عن العلامة و المحقق في كتاب الحيض الذهاب الي أن حده الستون مطلقا و نسب الي المشهور: التفصيل بين القرشية و غيرها بكون الستين حده في القرشية و الخمسين حده في غيرها و لا بد من من ملاحظة نصوص الباب.

و لا يخفي أن الروايات المفصلة لا اعتبار بسندها للإرسال و أما ما دل علي أن الحد هو ستون فكذلك أما رواية الكليني فبالإرسال و أما رواية ابن الحجاج فبضعف اسناد الشيخ الي علي ابن الحسن.

ان قلت: يمكن أن يكرن المراد بعلي بن الحسن الواقع في

السند هو ابن رباط و طريق الشيخ اليه تام. قلت: لم تثبت. رواية ابن رباط عن محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب راجع معجم رجال الحديث لسيدنا الاستاد.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 94

و الاحوط في القرشية الجمع بين تروك الحائض و أفعال المستحاضة بعد بلوغها خمسين و قبل بلوغها ستين (1) اذا كان الدم بصفات الحيض أو أنها رأته في أيام عادتها (2) و المشكوك في أنها قرشية بحكم غير القرشية (3).

______________________________

و أما ما يدل علي أن الحد خمسون فهو تام سندا لاحظ حديث ابن الحجاج «1».

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط و لا ينبغي تركه لكن ظهر مما ذكرنا ان الصناعة تقتضي ما تقدم فلاحظ.

(2) فان الدم المتصف بتلك الصفات و كذلك المرئي في أيام العادة محكوم بالحيضية و هذا هو الوجه في التقييد باحد الامرين و أما لو رأته في غير تلك الايام و لم يكن متصفا بتلك الصفات فلا وجه لجعله حيضا.

(3) لاستصحاب عدم كونها قرشية باصالة العدم الازلي و لا مجال للإشكال في الاستصحاب بان القرشية من لوازم الماهية فليس لعدمها حالة سابقة في مورد الشك كي يستصحب و انما الاصل يجري في الاعدام التي لها سبق العدم فانه يرد علي هذا التقريب أن الاحكام مترتبة علي الوجودات لا الماهيات و من الظاهر أن سبق العدم للماهية المتصفة بالصفة المذكورة ازلي فلاحظ.

ان قلت: ان العدم الازلي يتوقف اثباته علي تحقق الموضوع لان القرشية من لوازم الوجود فيكون متأخرا عن الوجود رتبة فنقيضه لا بد أن يكون متأخرا عنه أيضا لاتحاد النقيضين رتبة و العدم المذكور لا تكون له حالة

سابقة فلا يثبت بالاصل المشار اليه الا علي النحو المثبت.

قلت: لا دليل علي اعتبار وحدة الرتبة في النقيضين مضافا الي أن المتقيد بالوصف

______________________________

(1) لاحظ ص: 92

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 95

[مسألة 182: الأقوي مجامعة الحيض للحمل]

(مسألة 182): الاقوي مجامعة الحيض للحمل (1).

______________________________

المذكور في العالم الما هوي تكون نسبة الوجود و العدم اليه علي حد سواء.

و صفوة القول: انه لا اشكال في أن هذا الموجود الخارجي قبل وجوده لم يكن متصفا بهذا الوصف و الاصل أنه بعد الوجود لم يعرضه الوصف و هذا ظاهر.

و ان شئت قلت: ان مقتضي الدليل الاولي وجوب الصلاة علي كل امرأة و كذلك بقية الاحكام و انما خرجت عن تحت تلك الاحكام المرأة القرشية فلو احرز أن هذه المرأة لا تكون قرشية يترتب عليها أحكام غيرها فنقول: هذه المرأة قبل وجودها لم تكن قرشية و الاصل بقائها علي ما كانت و لا يلزم اثبات اتصافها بعدم القرشية كي يتوجه الاشكال من أنه من المثبت فلاحظ.

(1) نقل الالتزام به عن جعلة من الاعيان بل قيل: ان عليه الاكثر و عن جامع المقاصد: أنه المشهور.

و تدل عليه جملة من النصوص: منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن الحبلي تري الدم أ نترك الصلاة؟ فقال: نعم ان الحبلي ربما قذفت بالدم «1».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن (أبا ابراهيم) عليه السلام عن الحبلي تري الدم و هي حامل كما كانت تري قبل ذلك في كل شهر هل تترك الصلاة؟ قال: تترك الصلاة اذا دام «2» الي غيرهما من الروايات المذكورة في الباب 30 من أبواب الحيض من الوسائل.

و نسب الي جملة من الاعيان

عدم اجتماعه معه و استدل بجملة من النصوص

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 96

______________________________

منها ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام انه قال: قال النّبيّ صلي اللّه عليه و آله: ما كان اللّه ليجعل حيضا مع حبل يعني إذا رأت الدم و هي حامل لا تدع الصلاة «1». و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي.

و منها: ما رواه حميد بن المثني قال: سألت أبا الحسن الاول عليه السلام عن الحبلي تري الدفقة و الدفقتين من الدم في الايام و في الشهر و الشهرين فقال: تلك الهراقة ليس تمسك هذه عن الصلاة «2».

و هذه الرواية مطلقة و مقتضي الصناعة أن تقيد برواية ابي المعزاء قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحبلي قد استبان ذلك منها تري كما تري الحائض من الدم قال: تلك الهراقة ان كان دما كثيرا فلا تصلين و ان كان قليلا فلتغتسل عند كل صلاتين «3».

فان تلك الرواية مطلقة و هذه الرواية تفصل بين القليل و الكثير فتقيد الاولي بالثانية.

و لا يبعد أن تكون الكثرة المذكورة في الرواية كناية عن الغلظة.

و مثلها في التقييد المرسل عن ابن مسلم و رواية ابن عمار «4».

و استدل علي المدعي بما ورد في السبايا و الجوادي من استبراء ارحامهن بحيضة لاحظ ما رواه سعد بن سعد الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن رجل يبيع جارية كان يعزل عنها هل عليه فيها استبراء؟ قال:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 16 و 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 97

______________________________

نعم و عن أدني ما يجزي

من الاستبراء للمشتري و البائع قال: أهل المدينة يقولون حيضة و كان جعفر عليه السلام يقول: حيضتان «1».

و ما رواه سماعة ابن مهران قال: سألته عن رجل اشتري جارية و هي طامث أ يستبري ء رحمها بحيضة اخري أم تكفيه هذه الحيضة؟ قال: لا بل تكفيه هذه الحيضة فان استبرأها اخري فلا بأس هي بمنزلة فضل «2».

و ما رواه الحسن بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: نادي منادي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في الناس يوم أوطاس أن استبرءوا سباياكم بحيضة «3».

بتقريب: أن الاستبراء لا يحصل الا مع التضاد بين الحمل و الحيض.

و يمكن أن يجاب عن هذا الاستدلال بأنه حكم ظاهري وارد في مورد خاص و يكفي في جعل الشارع الغلبة الخارجية فان الغالب لو لم يجتمع الحيض مع الحمل لكفي لجعل الشارع الاستبراء دليلا علي عدمه. مضافا الي أن المستفاد من حديث سعد بن سعد وجوب الاستبراء بحيضتين و الحال أنه يكفي الحيضة الواحدة للاستبراء علي هذا القول.

و استدل علي المدعي أيضا بأنه يجوز طلاق الحامل بالإجماع هذا من ناحية و من ناحية اخري أن الطلاق لا يجوز حال الحيض فيلزم الالتزام بالتضاد بين الامرين.

و الجواب عن هذا الاستدلال: أن تخصيص الادلة ليس أمرا عزيزا فعلي تقدير تحقق الاجماع علي الجواز نلتزم به و نخصص دليل عدم الجواز و اصالة

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 17 من أبواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 98

حتي بعد استبانته (1) لكن لا يترك الاحتياط فيما يري بعد العادة بعشرين يوما اذا كان واجدا للصفات (2).

______________________________

العموم

لا تصلح لإثبات الموضوع و نفيه.

و ملخص الكلام: أن مقتضي الجمع بين نصوص المقام الدالة علي الاجتماع و ما دل علي عدم جواز طلاق الحائض و الاجماع المذكور الالتزام بجواز طلاقها حال الحيض و لا يتوجه اشكال فانه مقتضي الصناعة و أن أبيت عن ذلك نقول: الترجيح مع ما دل علي امكان الجمع فان خلافه موافق للعامة علي ما قيل قال الشيخ الحر في و سائله: «ان هذا قول أكثر فقهائهم و أشهر مذاهبهم» بل لنا أن نقول: بأن الجواز موافق لظاهر الكتاب.

(1) خلافا للشيخ في الخلاف- علي ما نقل عنه- بل عنه دعوي الاجماع علي عدم الحيض في المستبانة و عن السرائر: نسبته الي أكثر المحصلين لكن مقتضي الاطلاقات عدم الفرق بل قد دل عليه بالخصوص حديثا أبي المعز او ابن مسلم «1».

(2) ما تراه بعد العادة بعشرين يوما اما لا يكون واجدا للصفات و اما واجدا لها أما علي الاول فلا اشكال في عدم كونه حيضا فان حديث الحسين بن نعيم الصحاف قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان أم ولدي تري الدم و هي حامل كيف تصنع بالصلاة؟ قال: فقال لي: اذا رأت الحامل الدم بعد ما يمضي عشرون يوما من الوقت الذي كانت تري فيه الدم من الشهر الذي كانت تقعد فيه فان ذلك ليس من الرحم و لا من الطمث فلتتوضأ و تحتشي بكرسف و تصلي و اذا رأت الحامل الدم قبل الوقت الذي كانت تري فيه الدم بقليل أو في الوقت من ذلك الشهر فانه من الحيضة فلتمسك عن الصلاة عدد أيامها التي كانت تقعد في حيضها فان

______________________________

(1) لاحظ ص: 96 و ص: 99

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص:

99

[الفصل الثالث أقل الحيض ما يستمر ثلاثة أيام]

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 99

الفصل الثالث أقل الحيض ما يستمر ثلاثة أيام (1).

______________________________

انقطع عنها الدم قبل ذلك فلتغتسل و لتصل «1»، باطلاقه يدل علي عدم كونه حيضا.

كما أنه تدل علي عدمه طائفة اخري من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الحبلي قد استبان حبلها تري ما تري الحائض من الدم قال: تلك الهراقة من الدم ان كان دما أحمر كثيرا فلا تصلي و ان كان قليلا أصفر فليس عليها الا الوضوء «2» و الماتن لم يبين حكم هذه الصورة و أفاد في هامش العروة: «أن الاحتياط مختص بصورة كون الدم واجدا للصفات و أما الفاقد لها فحال الحامل حال غيرها».

و الظاهر أنه لا وجه للتأمل في عدم كونه حيضا مع فقدانه الصفات بمقتضي حديث الصحاف.

و أما في الواجد فلا يبعد أن يقال: بوقوع التعارض بين حديثي صحاف «3» و أبي المعرا «4» و بعد تساقطهما بالتعارض يحكم عليه بالتحيض لإطلاقات الباب كغير الحامل فان المرئي بالصفات يحكم عليه بكونه حيضا الا بلحاظ مانع يمنع عنه.

(1) ما أفاده في هذه الجملة متضمن لأمور ثلاثة: الامر الاول: أن أقل

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 16

(3) لاحظ ص: 98

(4) لاحظ ص: 96

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 100

______________________________

الحيض ثلاثة و هذا هو المشهور بين الاصحاب و عن السرائر: عدم الخلاف فيه و عن جملة من الاساطين: أنه اجماعي و عن المعتبر: أنه مذهب فقهاء أهل البيت. و عن بعض نسبته الي دين الامامية.

و تدل

عليه جملة من النصوص المذكورة في الباب العاشر من أبواب الحيض من الوسائل منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام و أكثره ما يكون عشرة أيام «1»:

و ربما يستفاد الخلاف من رواية اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة الحبلي تري الدم اليوم و اليومين قال: ان كان الدم عبيطا فلا تصل ذينك اليومين و ان كان صفرة فلتغتسل عند كل صلاتين «2».

فان المستفاد من هذه الرواية التحيض برؤية الدم اليوم و اليومين و هذه الرواية واردة في خصوص الحبلي و يمكن بحسب الصناعة تخصيص غيرها بها و لكن الحكم بين الاصحاب في الوضوح و الظهور بمرتبة لا يمكن الالتزام بمفاد هذه الرواية.

و ان شئت قلت: ان ظاهر الرواية مناف مع نصوص التحديد بالثلاثة و حملها علي صورة رؤية الدم بعد ذلك ليتم لها ثلاثة متفرقة، ليس بأولي من حملها علي صورة عدم الانقطاع بل قيل: لعل الثاني أولي لان السكوت عن التعرض لذلك اليوم المتفصل مع كونه مما له دخل في موضوع- الحكم، بعيد جدا، فما عن الراوندي من التفصيل بين الحائل فيعتبر التوالي و الحامل فلا يعتبر- استنادا الي هذه الرواية-، غير سديد.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 101

______________________________

و أما حديث سماعة بن مهران قال: سألته عن الجارية البكر أول ما تحيض فتقعد في الشهر يومين و في الشهر ثلاثة أيام يختلف عليها لا يكون طمثها في الشهر عدة أيام سواء قال: فلها أن تجلس و تدع الصلاة ما دامت تري الدم ما لم يجز العشرة

فاذا اتفق الشهر ان عدة أيام سواء فتلك أيامها «1»، الدال علي جواز التحيض بيومين، فيمكن تقييده بغيره من النصوص الدالة علي التحديد اذا لتصريح بيومين ليس في كلام الامام بل في كلام الراوي فلاحظ.

الامر الثاني: أنه يعتبر في الثلاثة التوالي و هو المشهور أيضا و تدل عليه نصوص التحديد فانها ظاهرة في الوجود المستمر بالفهم العرفي.

و ربما يستدل علي المدعي- كما عن الشيخ قدس سره- باصالة عدم الحيض مع عدم الاستمرار.

و يرد عليه: أن المستفاد من الادلة اشتراط الحيضية بهذا الشرط فلا نحتاج في عدم ترتيب الاثر الي الاصل و الا يحكم عليه بالحيضية بلا اشكال فلا تصل النوبة الي الاصل العملي نعم لو فرض الاجمال في الادلة فلا مانع من استصحاب عدم تحقق التحيض مع سبق الطهارة.

و ربما يستدل علي عدم الاعتبار- كما نقل عن جملة من الاساطين- بمرسلة يونس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في حديث: فاذا رأت المرأة الدم في أيام حيضها تركت الصلاة فان استمر بها الدم ثلاثة أيام فهي حائض و ان انقطع الدم بعد ما رأته يوما أو يومين اغتسلت وصلت و انتظرت من يوم رأت الدم الي عشرة أيام فان رأت في تلك العشرة أيام من يوم رأت الدم يوما أو يومين حتي يتم لها ثلاثة أيام، فذلك الدم الذي رأته في أول الامر مع هذا الذي رأته

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب الحيض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 102

______________________________

بعد ذلك في العشرة هو من الحيض و ان مربها من يوم رأت الدم عشرة أيام و لم تر الدم فذلك اليوم و اليومان الذي رأته لم يكن من الحيض انما كان من علة:

اما قرحة

في جوفها و اما من الجوف فعليها أن تعيد الصلاة تلك اليومين التي تركتها لأنها لم تكن حائضا فيجب أن تقضي ما تركت من الصلاة في اليوم و اليومين و ان تم لها ثلاثة أيام فهو من الحيض و هو أدني الحيض و لم يجب عليها القضاء «1».

لكن هذه المرسلة غير قابلة للاستدلال لضعف اسماعيل بن مرار اولا و كونها مرسلة ثانيا.

و نقل عن كشف اللثام: الاستدلال علي عدم الاشتراط باصالة عدمه و اطلاق النصوص و اصل البراءة من وجوب العبادات و بالمرسلة المذكورة.

و يرد عليه: أن اصالة عدم الاشتراط لا يترتب عليها ثبوت الحيضية الا بالنحو المثبت مضافا الي أن ظاهر النصوص اشتراط التوالي و أما أصل البراءة فلا مجال له مع العلم الإجمالي بكونها مكلفة باحد التكلفين مضافا الي أنه لا مجال له مع ظهور الادلة و أما المرسلة فقد ظهر حالها.

الامر الثالث: أنه يعتبر فيه الاستمرار فانه المستفاد من ظاهر النصوص بالفهم العرفي و العرف ببابك فانه لو قيل: جلس زيد ساعة في المسجد يفهم منه الجلوس المستمر بهذا المقدار نعم الفترات اليسيرة التي لا تنافي الاستمرار العادي لا تضر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب الحيض الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 103

و لو في باطن الفرج (1) و ليلة الاول كليلة الرابع خارجتان (2) و الليلتان المتوسطان داخلتان (3) و لا يكفي وجوده في بعض كل يوم من الثلاثة و لا مع انقطاعه في الليل (4) و يكفي التلفيق من أبعاض اليوم (5)

______________________________

(1) فانه يكفي في التحيض البقاء في باطن الفرج بالإجماع و النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1» و ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال: قلت له: المرأة تري الصفرة أو الشي ء فلا تدري أ طهرت أم لا؟ قال:

فاذا كان كذلك فلتقم فلتلصق بطنها الي حائط و ترفع رجلها علي حائط كما رأيت الكلب يصنع اذا اراد أن يبول ثم تستدخل الكرسف فاذا كان ثمة من الدم مثل رأس الذباب خرج فان خرج دم فلم تطهر و ان لم يخرج فقد طهرت «2» و غيرهما مما ورد في ذلك الباب.

(2) اذ الميزان بتحققه ثلاثة أيام.

(3) اذ يلزم التوالي و الاستمرار.

(4) اذ يلزم تحققه ثلاثة أيام بتمامها لا ببعضها فلا يكفي وجوده في بعض كل يوم و أيضا يلزم استمراره فلا يتحقق مع الانقطاع في الليل.

(5) لا اشكال في أن ظهور الالفاظ حجة و لا بد من اتباعه فلا بد من تحققه ثلاثة أيام و حيث انه يلزم الاستمرار و التوالي فالليالي المتوسطة داخلة و مقتضي الجمود علي اللفظ النهار التام بنحو الموضوعية مع تبعية الليالي كأيام الاعتكاف.

و لا يبعد أن العرف لا يفهم الموضوعية في موارد التحديد كالمقام بل يفهم من التحديد الساعات النهارية فيكفي التلفيق و السيرة مستمرة عليه فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 87

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب الحيض الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 104

و أكثر الحيض عشرة أيام (1) و كذلك أقل الطهر (2) فكل دم تراه المرأة ناقصا عن ثلاثة أو زائدا علي العشرة أو قبل مضي عشرة من الحيض الاول فليس بحيض (3).

______________________________

(1) ادعي عليه عدم الخلاف تارة و الاجماع اخري، و أنه مذهب فقهاء أهل البيت ثالثة، و أنه من دين الامامية رابعة و قد دلت عليه جملة من النصوص المذكورة في الباب: 10 من أبواب الحيض من الوسائل منها ما رواه معاوية

بن عمار «1».

و يستفاد الخلاف من حديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان أكثر ما يكون من الحيض ثمان و أدني ما يكون منه ثلاثة «2»، لكن لا يمكن رفع اليد عن تلك الروايات الكثيرة مع وضوح الامر عند الفقهاء و السيرة الجارية و اللّه العالم.

(2) ادعي عليه السلام الاجماع من المتقدمين و المتأخرين و نقل عن الامالي: أنه من دين الامامية و قد دل عليه بعض النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يكون القرء في أقل من عشرة أيام فما زاد، أقل ما يكون عشرة من حين تطهر الي أن تري الدم «3» و ما رواه يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أدني الطهر عشرة أيام «4».

(3) كما هو ظاهر فانه نتيجة ما تقدم فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 100

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب الحيض الحديث: 14

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب الحيض الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 105

[الفصل الرابع تصير المرأة ذات عادة بتكرر الحيض مرتين متواليتين]
اشارة

الفصل الرابع تصير المرأة ذات عادة بتكرر الحيض مرتين متواليتين من غير فصل بينهما بحيضة مخالفة (1)

فان اتفقا في الزمان و العدد بأن رأت في أول كل من الشهرين المتواليين أو آخره سبعة أيام مثلا فالعادة وقتية و عددية (2) و ان اتفقا

______________________________

(1) عن جملة من الاساطين دعوي الاجماع عليه و يدل عليه ما رواه سماعة بن مهران «1» و يؤيده ما رواه يونس عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه اسلام في حديث قال: و أما السنة الثالثة ففي التي ليست لها أيام متقدمة و لم تر الدم قط و

رأت أول ما أدركت الي أن قال: فان انقطع الدم في أقل من سبع و أكثر من سبع فانها تغتسل ساعة تري الطهر و تصلي فلا تزال كذلك حتي تنظر ما يكون في الشهر الثاني فان انقطع الدم لوقته في الشهر الاول سواء حتي يوالي عليها حيضتان أو ثلاث فقد علم الان أن ذلك قد صار لها وقتا و خلقا معروفا تعمل عليه و تدع ما سواه و تكون سنتها فيما تستقبل ان استحاضت قد صارت سنة الي أن تجلس أفرائها و انما جعل الوقت أن توالي عليها حيضتان أو ثلاث لقول رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله للتي تعرف ايامها: دعي الصلاة أيام أقرائك فعلمنا أنه لم يجعل القرء الواحد سنة لها فيقول لها: دعي الصلاة أيام قرئك و لكن سن لها الاقراء و أدناه حيضتان فصاعدا «2».

(2) كما يستفاد من الموثق و المرسل.

______________________________

(1) لاحظ ص: 101

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب الحيض الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 106

في الزمان خاصة دون العدد بأن رأت في أول الشهر الاول سبعة و في أول الثاني خمسة فالعادة وقتية خاصة (1).

و ان اتفقا في العدد فقط بأن رأت الخمسة في أول الشهر الاول و في آخر الشهر الثاني فالعادة عددية فقط (2).

[مسألة 183: ذات العادة الوقتية سواء كانت عددية أم لا تتحيض بمجرد رؤية الدم في العادة]

(مسألة 183): ذات العادة الوقتية سواء كانت عددية أم

______________________________

(1) وقع الكلام فيه بين الاعلام و الوجه فيه: ان الموثقة لا تشمله فانها تشمل الوقتية العددية كما أنها تشمل العددية فقط و اما الوقتية فليست مشمولة لها بل بمقتضي مفهوم الشرط يلزم أن تلك الايام ليست أيام حيضها و أما المرسل فالمستفاد منه أيضا كذلك فان قوله عليه السلام: «فان انقطع الدم لوقته»

اشارة الي العدد كما هو ظاهر مضافا الي عدم اعتبار المرسل سندا و لفظ غير واحد يصدق علي المتعدد و لا يلزم في صدقه تحقق الكثرة في النقل و أما عدم القول بالفصل بين العددية و الوقتية فغايته تحقق الاجماع فالاولي أن يستدل به فانه نقل عن المستند دعوي الاجماع و اثبات الاجماع التعبدي في غاية الاشكال.

و غاية ما يمكن أن يقال في هذا المقام: أن الميزان معرفة أيام حيضها و هذا المعني يحصل بالتكرر مرتين و لم يقع في النص عنوان العادة كي يتوقف ترتيب الاحكام علي صدق هذا العنوان.

مضافا الي أن العادة من العود و يحصل هذا المفهوم بالتكرر مرتين. أضف الي ذلك كله السيرة الجارية. و مع ذلك كله في النفس شي ء و الاحتياط طريق النجاة و مقتضي مفهوم الشرطية في الموثقة عدم تحققه في غير العددية فالامر مشكل.

(2) كما هو ظاهر الموثق.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 107

لا تتحيض بمجرد رؤية الدم في العادة (1).

______________________________

(1) ادعي عليه عدم الخلاف بل ادعي جملة من الاعلام عليه الاجماع- علي ما نقل عنهم-. و تدل عليه جملة من النصوص:

منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة تري الصفرة في أيامها فقال: لا تصلي حتي تنقضي ايامها و ان رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلت «1».

و منها ما رواه يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في حديث: و كل ما رأته المرأة في أيام حيضها من صفرة أو حمرة فهو من الحيض و كل ما رأته بعد أيام حيضها فليس من الحيض «2».

و منها: ما رواه معاوية بن حكيم قال: قال: الصفرة قبل

الحيض بيومين فهو من الحيض، و بعد أيام الحيض فليس من الحيض و هي في أيام الحيض الحيض «3».

و منها: الحديث: 7 و 9 من الباب الرابع من أبواب الحيض من الوسائل فلاحظ.

و عن جامع المقاصد: دعوي تواتر الاخبار عن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله و الائمة عليهم السلام بوجوب الجلوس برؤية الدم أيام الاقراء. و أما عموم الامر بالقعود عن الصلاة أيام الحيض فلا تصلح للاستدلال بها علي المقام لظهورها في الحكم الواقعي للحيض لا في التحيض بالرؤية.

و ان شئت قلت: لا يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 108

أو قبلها (1) أو بعدها (2) بيوم أو يومين (3) و ان كان أصفر رقيقا فتترك العبادة و تعمل عمل الحائض في جميع الاحكام (4).

______________________________

(1) ادعي عليه الاتفاق في الجملة و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها ما رواة سماعة قال: سألته عن المرأة تري الدم قبل وقت حيضها فقال:

اذا رأت الدم قبل وقت حيضها فلتدع الصلاة فانه ربما تعجل بها الوقت فان كان أكثر من أيامها التي كانت تحيض فيهن فلتربص ثلاثة أيام بعد ما تمضي أيامها فاذا تربصت ثلاثة أيام و لم ينقطع الدم عنها فلتصنع كما تصنع المستحاضة «1».

و منها: ما رواه الحسين بن نعيم الصحاف «2».

(2) بان لم تره. في العاده و رأته متأخرا ادعي عليه الاجماع مع وجدان الصفات بل مطلقا.

(3) أفاد سيد العروة في عروته: «أو أزيد علي وجه يصدق عليه تقدم العادة أو تأخرها» و لكن الظاهر أن الحق ما أفاده في المتن لما رواه أبو بصير عن

أبي عبد اللّه عليه السلام في المرأة تري الصفرة فقال ان كان قبل الحيض بيومين فهو من الحيض و ان كان بعد الحيض بيومين فليس من الحيض «3».

(4) تستفاد مما أفاده في المتن فروع أربعة: الاول أنه لو رأت الدم قبل أيام العادة بيوم او يومين و كان بصفات الحيض تجعلها حيضا و عليه الاجماع و تدل عليه جملة من النصوص: منها: ما رواه الحسين بن نعيم الصحاف «4»

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 98

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب الحيض الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 98

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 109

______________________________

و منها: ما رواه سماعه «1» و منها: ما رواه ابو بصير «2».

و الوجه في التقييد رواية أبي بصير «3» فان مقتضي التقييد بيوم أو يومين في هذه الرواية انتفاء الحكم عن المتقدم بازيد من هذا المقدار.

و أفاد في المستمسك: بأنه لا مفهوم للرواية لأنها مسوقة في قبال التاخر بيومين و علي تقدير تسليم المفهوم يكون التعليل في الموثق أظهر و مقتضي التعليل عدم الاختصاص بهذا المقدار.

و يرد عليه: أنه لا وجه لرفع اليد عن المفهوم غاية ما في الباب أنه صرح يبعض مصاديق المفهوم و لا وجه لرفع اليد عن بقية مصاديقه مضافا الي أن التحديد و جعل القانون بنفسه يقتضي النفي عن غير ما جعل موضوعا للحكم.

و أما التعليل الوارد في الموثق «4» فلا وجه لتقديمه بل الامر بالعكس بأن نقيده بيوم أو يومين. و لا يخفي: أن المذكور في رواية أبي بصير «5» عنوان الصفرة و قد فرض في الفرع الاول كون الدم واجدا للصفات فلا وجه للتقييد برواية أبي بصير.

الثاني: ما لو رأت الدم قبل العادة

بيوم أو يومين فاقدا للصفات فانه يحكم عليه بالحيضية، و عن المدارك: أنه لا يحكم علي الفاقد للصفات بالحيضية لعموم نفي الحيضية عن فاقد الصفات.

______________________________

(1) لاحظ ص: 108

(2) لاحظ ص: 108

(3) لاحظ ص: 108

(4) لاحظ ص: 108

(5) لاحظ ص: 108

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 110

______________________________

و فيه: أنه علي تقدير تمامية كلية تلك الروايات نلتزم بتقييدها و تخصيصها بأخبار الباب سيما حديث أبي بصير «1» فانه قد صرح فيه بكون المتقدم بيوم و يومين حيضا مع التصريح بالاصفرار فلا مجال لهذه المناقشة.

و أما حديث محمد بن مسلم «2» فيرفع اليد عنه بحديث أبي بصير «3» و غيره من أخبار الباب.

الثالث: ما لو رأت الدم بعد العادة بيوم أو يومين و كان بصفات الحيض فانه يحكم عليه بالحيضية و أدعي عليه عدم الخلاف و عن المستند دعوي الاجماع القطعي عليه و استدل عليه أيضا بأن التأخير يزيده انبعاثا.

و استدل عليه أيضا بأن المستفاد من حديث سماعة الحكم بالحيضية بمطلق التخلف و عدم الاختصاص بخصوص المتقدم و للمناقشة في جميع ما ذكر من الوجوه مجال واسع و الظاهر أنه لا مانع من الاخذ بنصوص الصفات لإثبات الحيضية «4».

و استشكل في استفادة الكلية من هذه النصوص و نتعرض ان شاء اللّه تعالي عن قريب للشبهة و جوابها.

الرابع: ما لو رأت الدم بعد العادة بيوم أو يومين مع فقد الصفات فالمشهور فيه أيضا الحكم بالحيضية بل نقل عن بعض الاعاظم دعوي الاجماع عليه و عن المدارك عدم الحكم بالتحيض مع فقد الصفات.

و الظاهر أن ما أفاده تام الا أن يتم الاجماع التعبدي علي التحيض الذي

______________________________

(1) لاحظ ص: 108

(2) لاحظ ص: 107

(3) لاحظ ص: 108

(4) لاحظ الروايات في الباب 3 من

أبواب الحيض من الوسائل الحديث: 1 و 2 و 3 و 4 و لاحظ ص: 112 من كتابنا هذا

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 111

و لكن اذا انكشف أنه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة مثلا وجب عليها قضاء الصلاة (1).

______________________________

دونه خرط القتاد كما أن بقية الوجوه المذكورة في صورة وجدان الصفات ضعيفة و أما أخبار الصفات فتقتضي انتفاء الحيضية عن الفاقد لها.

أضف الي ذلك حديث أبي بصير «1» فانه يدل علي العدم بالصراحة و مثله في الدلالة علي العدم جملة من النصوص «2».

و علي الجملة: ان المسألة في صورة تأخر حدوث الدم مع فقدان الصفات لا تخلو من اشكال فالاولي فيها رعاية الاحتياط.

و أما أفاده الماتن في الهامش علي العروة في مسألة 15 من فصل في الحيض يباين ما أفاده في المقام فان لفظه: «و ان كان عن آخر العادة و لو بأقل من يومين فلا يحكم بكونه حيضا».

و الحق ما أفاده هناك فانه لا دليل علي حيضية المتأخرة نعم لا يبعد أن يستفاد من رواية أبي بصير «3» أن الصفرة المتأخرة عن الحيض في أقل من يومين حيض.

فالنتيجة: أن المتقدم علي الحيض بيوم أو يومين حيض بلا فرق بين واجد الصفات و فاقدها و أما المتأخر عنه باقل من يومين فكذلك و أما بعد يومين فمع وجدانه الصفات فحيض و إلا فاستحاضة و أما المتقدم بأزيد من يومين فمع وجدانه الصفات فهو حيض و إلا فاستحاضة.

(1) للعلم بأنها لم تكن حائضا فيجب عليها ترتيب آثار الطهر كوجوب

______________________________

(1) لاحظ ص: 108

(2) لاحظ ص: 107 و 108

(3) لاحظ ص: 108

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 112

[مسألة 184: غير ذات العادة الوقتية سواء كانت ذات عادة عددية فقط أم لم تكن ذات عادة أصلا كالمبتدأة]

(مسألة 184): غير ذات العادة الوقتية سواء كانت ذات عادة عددية فقط

أم لم تكن ذات عادة أصلا كالمبتدأة ان كان الدم جامعا للصفات مثل الحرارة و الحمرة أو السواد و الخروج بحرقة تتحيض أيضا بمجرد الرؤية (1).

______________________________

قضاء صلاتها.

(1) كما هو المشهور- علي احتمال- و العمدة أخبار الصفات التي أشرنا اليها آنفا و من تلك النصوص ما رواه معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان دم الاستحاضة و الحيض ليس يخرجان من مكان واحد، ان دم الاستحاضة بارد و ان دم الحيض حار «1».

فان الظاهر من هذا الحديث أن الحرارة أمارة شرعية علي الحيض و الاشكال في الاستدلال بأنه لم يعلم انه عليه السلام في مقام بيان اعتبار الصفة بل يمكن أن يكون في مقام بيان الصفة الخارجية كي يحصل العلم أحيانا و لو بضميمة بعض القرائن، مدفوع بأنه خلاف الظاهر اذ الظاهر أنه عليه السلام في مقام التشريع و بيان الوظيفة و خلافه يحتاج الي بيان كما هو المقرر في باب بيان الوظائف منهم.

و منها: ما رواه حفص بن البختري قال «دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام امرأة فسألته عن المرأة يستمر بها الدم فلا تدري (أ) حيض هو أو غيره؟

قال: فقال لها: ان دم الحيض حار عبيط أسود له دفع و حرارة و دم الاستحاضة أصفر بارد فاذا كان للدم حرارة و دفع و سواد فلتدع

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الحيض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 113

______________________________

الصلاة «1».

ربما يقال: بأن هذه الرواية في خصوص مستمرة الدم فلا وجه للتعدي الي غيرها.

و يرد عليه: أن الظاهر من جوابه عليه السلام بيان الضابطة الكلية في جميع الموارد.

و بعبارة اخري: السؤال وارد في مورد خاص لكن الظاهر من الجواب الحكم الكلي

و الضابط العام.

و منها: ما رواه اسحاق بن جرير قال: سألتني امرأة منا أن ادخلها علي أبي عبد اللّه عليه السلام فاستأذنت لها فأذن فدخلت الي أن قال: فقالت له: ما تقول في المرأة تحيض فتجوز أيام حيضها؟ قال: ان كان أيام حيضها دون عشرة أيام استظهرت بيوم واحد ثم هي مستحاضة قالت: فان الدم يستمر بها الشهر و الشهرين و الثلاثة كيف تصنع بالصلاة؟ قال: تجلس أيام حيضها ثم تغتسل لكل صلاتين قالت له: ان أيام حيضها تختلف عليها و كان يتقدم الحيض اليوم و اليومين و الثلاثة و يتأخر مثل ذلك فما علمها به؟ قال: دم الحيض ليس به خفاء، هو دم حار تجد له حرقة و دم الاستحاضة دم فاسد بارد «2».

و تقريب الاستدلال بهذه الرواية ظاهر فان الظاهر منها جعل طريق شرعي للحيض و احتمال كون المراد الارجاع الي حصول العلم الخارجي مندفع بأن ذكر التميز بالصفات متأخر عن الارجاع الي العادة فيعلم أن المراد بيان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 114

______________________________

الامارة الشرعية.

و في المقام اشكال منقول عن الشيخ الانصاري قدس سره و هو: انه لا يستفاد من روايات التميز قاعدة كلية بل الروايات ناظرة الي خصوص من استمر بها الدم فلا نظر لها الي غير مورد الاستمرار فلا يمكن الحكم بالحيضية في كل مورد شك في انه حيض أم لا؟.

و فيه: أن المورد لا يوجب التقييد و الميزان هو اطلاق الجواب مضافا الي أن في النصوص ما ليس مسبوقا بالسؤال.

ثم انه لا يخفي أن موضوع الحكم هو دم الحيض و هذه الصفات امارات عليه فلا بد من اجتماع تلك الامارات كي يمكن الحكم

بكون الخارج حيضا و المذكور في حديث معاوية بن عمار الحرارة و في رواية حفص الحرارة و الدفع و السواد و في رواية ابن جرير الحرارة و الحرقة فلا بد من اجتماعها في ترتيب أثر الحيض و لكن في المتن اقتصر علي الحرارة و الحمرة أو السواد و الخروج بحرقة و أهمل ذكر الدفع و الظاهر أنه لا وجه له.

ان قلت: اكنفي في المتن بالحمرة بدلا عن السواد و الحال أن المذكور في النص السواد. قلت: لا ريب في أن المستفاد من مجموع النصوص الواردة في الموارد المختلفة أن الصفرة أمارة علي الاستحاضة و لكن دم الحيض أعم من أن يكون أسود او أحمر لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة الحبلي تري الدم اليوم و اليومين قال: ان كان دما عبيطا فلا تصلي ذينك اليومين و ان كان صفرة فلتغتسل عند كل صلاتين «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 115

و لكن اذا انكشف أنه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة مثلا وجب عليها قضاء الصلاة (1) و ان كان فاقدا للصفات فلا يحكم بكونه حيضا (2).

[مسألة 185: إذا تقدم الدم علي العادة الوقتية أو تأخر عنها بمقدار كثير لا يتعارف وقوعه كعشرة أيام]

(مسألة 185): اذا تقدم الدم علي العادة الوقتية أو تأخر عنها بمقدار كثير لا يتعارف وقوعه كعشرة أيام فان كان الدم جامعا للصفات تحيضت به أيضا (3) و الا تجري عليه أحكام الاستحاضة (4).

[مسألة 186: الأقوي عدم ثبوت العادة بالتميز]

(مسألة 186): الاقوي عدم ثبوت العادة بالتميز (5).

______________________________

فان المستفاد من هذه الرواية أن الصفرة أمارة علي الاستحاضة فاذا لم يكن الدم أصفر كان أمارة علي الحيض.

و من يراجع الاخبار الواردة في هذا المضمار يجد أن التقابل في كثير من النصوص بين الصفرة و غيرها فيعلم أن الامارة علي الحيض الجامع بين السواد و الحمرة.

(1) كما هو ظاهر اذ ينكشف عدم تحقق الموضوع فلا بد من القضاء حسب المقرر الشرعي.

(2) لعدم دليل عليه كما هو المفروض.

(3) الظاهر أن الوجه في الحكم بالحيضية اعتبار أخبار التميز فان مقتضاها الحكم بحيضية كل دم جامع للصفات بكونه حيضا الا في مورد عدم امكان الحيضية.

(4) فيما دار الامر بين الحيض و الاستحاضة فان مقتضي أخبار التميز أنه ليس بحيض بل استحاضة.

(5) وقع الكلام بين الاصحاب في حصول العادة بالتميز و عدمه بعد حصولها

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 116

______________________________

بتكرر الدم الثابت كونه حيضا فعن طهارة الشيخ قدس سره أنه قال: «بلا خلاف يعرف» و عن المنتهي: «أنه لا نعرف فيه خلافا». و تقريب الاستدلال علي المدعي: أن نصوص التميز جعلت الصفات طريقا شرعيا لإحراز الحيضية فيكون ما يحرز به فردا للحيض و يترتب عليه أثره من تحقق العادة به.

ان قلت: ان دليل اعتبار الصفات يقتضي ثبوت الحيض بلحاظ أحكام الحائض من ترك الصلاة و نحوها بلا نظر الي اعتبارها لإثبات العادة.

قلت: هذه الدعوي ضعيفة فان مقتضي اطلاق أدلة التميز جعل الصفات أمارة عليه كالعلم فكما تحصل العادة

بالعلم الوجداني كذلك تحصل بالعلم التعبدي.

ان قلت: مقتضي اطلاق دليل اعتبار الصفات الرجوع اليها و لو مع التكرر مرتين فلا تحصل العادة بها.

قلت: دليل الاعتبار يجعل الامارة كالعلم و بعد التكرر مرتين تحصل العادة بالتميز كما تحصل بالعلم.

و ان شئت قلت: لا يبقي مجال للرجوع الي الصفات بعد ثبوت العادة و المفروض أن مقتضي الاطلاق تحققها به.

و عن الشيخ الانصاري قدس سره: الايراد فيما اختلف التميز كما لو رأته في المرة الاولي أسود و في الثانية أحمر. و عن الذكري: التردد. و عن التحرير: أنه قرب العدم، و لا وجه للإشكال لان طريقية المختلف كطريقية المتفق و لا فرق.

ان قلت: اذا كان اعتبار التميز مشروطا بعدم العادة كانت العادة مانعة عن اعتباره فكيف يكون علة لثبوت العادة: اذ الشيي ء لا يعقل أن يكون علة لمانعه.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 117

فغير ذات العادة المتعارفة ترجع الي الصفات مطلقا (1).

[الفصل الخامس كلما تراه المرأة من الدم أيام العادة فهو حيض]
اشارة

الفصل الخامس كلما تراه المرأة من الدم أيام العادة فهو حيض و ان لم يكن الدم بصفات الحيض (2) و كل ما تراه في غير أيام العادة و كان فاقدا للصفات فهو استحاضة (3) و اذا رأت الدم ثلاثة أيام و انقطع ثم رأت

______________________________

قلت: ان اعتبار التميز ينحل الي اعتبارات بعدد أفراد التميز و يكون بعض أفراده علة لثبوت العادة و العادة تمنع عن اعتباره في الفرد الاخر.

و بعبارة واضحة: كل دم متصف بالصفات الخاصة يكون حيضا بمقتضي اعتبار تلك الصفات فتتحقق العادة بالتميز فالتميز علة لتحقق العادة و العادة بعد تحققها تمنع عن اعتبار التميز بالنسبة الي بقية الافراد فالاشكال غير متوجه، و لكن مع ذلك كله في النفس شي ء و الجزم بالحكم مشكل فلا بد

من رعاية الاحتياط.

(1) ما أفاده تام علي فرض عدم الالتزام بحصول العادة بالتميز.

(2) ادعي عليه عدم الخلاف تارة و الاجماع اخري و تدل عليه جملة من النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1» و ما رواه يونس «2» و ما رواه معاوية بن حكيم «3» و الحديث: 4 و 7 و 8 و 9 من الباب 4 من أبواب الحيض من الوسائل فان هذه النصوص كما تري تصرح بأن الصفرة في أيام الحيض حيض.

(3) الظاهر أن مفروض الكلام فيما يكون متصفا بصفة الاستحاضة ففي مثله

______________________________

(1) لاحظ ص: 107

(2) لاحظ ص: 107

(3) لاحظ ص: 107

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 118

ثلاثة اخري أو أزيد فان كان مجموع النقاء و الدمين لا يزيد علي عشرة أيام كان الكل حيضا واحدا و النقاء المتخلل بحكم الدمين علي الاقوي هذا اذا كان كل من الدمين في أيام العادة (1).

______________________________

لا يحكم عليه بكونه حيضا بل يحكم عليه بالاستحاضة لكونه واجدا لوصفها.

(1) أما كون الطرفين من الحيض فمن جهة وقوعهما في أيام العادة علي الفرض و قد دل الدليل علي أن الدم في أيام العادة حيض و أما كون النقاء المتخلل بحكم الدمين فقد وقع الكلام بين القوم.

و صفوة القول: انه لا خلاف و لا اشكال في أن أقلّ الطهر عشرة في الجملة انما الكلام في أن الطهر المتخلل بين أيام حيض واحد، أيضا لا يمكن أن يكون أقل من عشرة أيام أو أن الحكم مختص بما يكون الحيض الثاني مستقلا.

و بعبارة اخري: النقاء بين حيضتين بالاستقلال لا يكون أقل من عشرة أيام و أما الدمان اذا كانا حيضا واحدا فلا مانع من تخلل النقاء بينهما و يكون أقل من عشرة

أيام ذهب المشهور الي الاول و اختار الثاني جملة من الاساطين منهم صاحب الحدائق.

و ما يمكن أن يستدل به للقول الثاني جملة من النصوص: منها مرسلة يونس القصيرة «1». و موضع الاستدلال بها علي المدعي فقرتان: الاولي قوله:

«فذلك الدم الذي رأته في أول الامر مع هذا الذي رأته بعد ذلك في العشرة هو من الحيض» فان هذه الجملة ظاهرة في أن الحكم بالحيضية مقصور علي خصوص الدمين دون النقاء المتخلل.

و يرد علي الاستدلال بها أولا أنها ضعيفة بالارسال و باسماعيل اذ أنه لم

______________________________

(1) لاحظ ص: 101

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 119

______________________________

يوثق و ثانيا: أن قوله عليه السلام لا يدل علي نفي الحيضية عن النقاء المتخلل الا بمفهوم اللقب و حيث ان الرواية ضعيفة لا وجه للتطويل في جهة الدلالة اثباتا و نفيا و لذا لا نتعرض للتقريب الثاني الذي استدل به علي المدعي.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أقل ما يكون الحيض ثلاثة و اذا رأت الدم قبل عشرة أيام فهو من الحيضة الاولي و اذا رأته بعد عشرة أيام فهو من حيضة اخري مستقبلة «1».

و تقريب الاستدلال بالرواية علي المدعي أنه لا بد من حمل العشرة الثانية التي ذكرت في الشرطية علي عشره النقاء فانه لا بد منه اجماعا اذ لا يمكن الفصل بين الحيضتين أقل من هذا المقدار فالعشرة الاولي كذلك و مقتضي اطلاق الرواية أنه يلحق الدم الثاني بالاول و لو مع فصل تسعة النقاء و حيث انه لا يمكن الالتزام بحيضية الجميع لان الحيض لا يكون أكثر من العشرة، لا بد من الالتزام بأن النقاء المتخلل ليس من الحيض.

و يرد عليه أولا: أن

الرواية ضعيفة سندا لضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن. و ثانيا: أنه لا بد علي هذا التقريب، أولا من تقييد الدمين بعدم مجموعهما اكثر من العشرة، و ثانيا تقييد قولهم: أدني الطهر عشرة» اذ من المفروض أن النقاء في مفروض الكلام أقل.

و بعبارة اخري: لا بد من تقييد قولهم، بالنقاء المتخلل بين حيضتين مستقلتين لا حيض واحد بخلاف ما لو حمل علي عشرة الدم فانه علي هذا التقدير لا يلزم هذان التقييدان نعم يلزم تقييد الرواية بأن يكون ما بعد العشرة بينه و بين الدم الاول عشرة نقاء

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الحيض الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 120

______________________________

و يمكن أن يكون النحو الثاني من التقييد أولي بلحاظ أن قوله عليه السلام: «أقل ما يكون الحيض ثلاثة»، يكون قرينة علي أن المراد من العشرة عشرة الدم و ان أبيت عن الترجيح فيكفي تساوي الطرفين في انتفاء الظهور و صيرورة الكلام مجملا.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال:

اذ رأت المرأة الدم قبل عشرة أيام فهو من الحيضة الاولي و ان كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة «1»، و التقريب هو التقريب و الاشكال من جهة الاجمال هو الاشكال و ان كانت الرواية معتبرة سندا.

و منها: ما رواه يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: المرأة تري الدم ثلاثة أيام أو أربعة قال: تدع الصلاة قلت: فانها تري الطهر ثلاثة أيام أو أربعة قال: تصلي، قلت فانها تري الدم ثلاثة أيام أو أربعة (أيام خ ل) قال: تدع الصلاة قلت فانها تري الطهر ثلاثة أيام أو أربعة قال: تصلي قلت:

فانها تري الدم ثلاثة

أيام أو أربعة، قال: تدع الصلاة تصنع ما بينهما و بين شهر فان انقطع عنها الدم و الا فهي بمنزلة المستحاضة «2».

بتقريب أنه عليه السلام أمر بالصلاة عند النقاء و تركها عند رؤية الدم فلا مانع من تخلل النقاء بين أبعاض الدم الواحد.

و فيه: أنه لا يمكن الاخذ بظاهر الرواية اذ يلزم جواز كون الحيض أكثر من عشرة أيام فتحمل الرواية علي الحكم الظاهري.

و منها ما رواه أبو بصير «3» و التقريب هو التقريب و الجواب هو

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الحيض الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الحيض الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 121

______________________________

الجواب.

و منها ما رواه داود مولي أبي المعزا العجلي عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام «1». و تقريب الاستدلال بها علي المدعي ظاهر و الجواب أن الرواية ضعيفة سندا. مضافا الي أنه يمكن أن يكون حكما ظاهريا.

و منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة اذا طلقها زوجها متي تكون (هي خ) أملك بنفسها؟ قال: اذا رأت الدم من الحيضة الثالثة فهي أملك بنفسها قلت: فان عجل الدم عليها قبل أيام قرئها فقال: اذا كان الدم قبل عشرة أيام فهو أملك بها و هو من الحيضة التي طهرت منها و ان كان الدم بعد العشرة ايام فهو من الحيضة الثالثة و هي أملك بنفسها «2».

و تقريب الاستدلال علي المدعي أن المراد من العشرة المذكورة في الرواية عشرة الطهر و الا لم يكن معني للتعجيل.

و فيه: أن الرواية ضعيفة بمعلي بن محمد مضافا الي الاجماعات المدعاة علي كون أقل الطهر عشرة ايام علي

الاطلاق، أضف الي ذلك أن ما دل علي أن أقل الطهر عشرة ايام باطلاقه لا يبقي مجالا لهذا القول المخالف للمشهور لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يكون القرء في أقل من عشرة أيام فما زاد أقل ما يكون عشرة من حين تطهر الي أن تري الدم «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب العدد الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب الحيض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 122

أو مع تقدم احدهما عليها بيوم أو يومين (1) أو كان كل منهما بصفات الحيض (2) أو كان احدهما بصفات الحيض و الاخر في أيام العادة (3) و أما اذا كان احدهما أو كلاهما فاقدا للصفات و لم يكن

______________________________

و مثله في الدلالة ما أرسله يونس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أدني الطهر عشرة أيام الي أن قال: و لا يكون الطهر أقل من عشرة أيام «1».

مضافا الي جميع ذلك كله لزوم بعض اللوازم الفاسدة علي هذا القول كما لو استمر حيض امرأة مدة طويلة بل بناء علي جواز التلفيق بالساعات يمكن فرض حيض واحد فيشكل أمر طلاقها و عدتها و مثل أن لا يسقط عنها صوم و لا صلاة بأن تراه في الليل ساعة و تنقي بقية الاوقات.

فالاقوي ما ذهب اليه المشهور من أن مجموع الدمين و النقاء المتخلل حيض فان مقتضي الجمع بين حكم الشارع بأن الدم في ايام العادة حيض و حكمه بأن أقل الطهر عشرة الالتزام بأن النقاء المتخلل ملحق بالدمين و الحيض مجموع الدمين و النقاء الواقع بينهما فلاحظ.

(1) كما مر و قد ذكرنا أن مقتضي النص أن المتقدم بيوم

أو يومين علي العادة حيض و ان كان صفرة.

(2) و قد مر أنه يحكم علي الدم بكونه حيضا اذا كان بصفات الحيض و لم يكن مانع.

(3) فانه يحكم علي كليهما بالحيضية أما علي الاول فمن حيث التميز بالصفات و أما علي الثاني فمن حيث كونه في أيام العادة فانه قد مر أن الدم في أيام العادة محكوم بكونه حيضا.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 123

الفاقد في أيام العادة كان الفاقد استحاضة (1).

و ان تجاوز المجموع عن العشرة و لكن لم يفصل بينهما أقل الطهر فان كان احدهما في العادة دون الاخر كان ما في العادة حيضا و الاخر استحاضة مطلقا (2) أما اذا لم يصادف شي ء منهما العادة و لو لعدم كونها ذات عادة فان كان أحدهما واجدا للصفات دون الاخر جعلت الواجد حيضا و الفاقد استحاضة (3).

و ان تساويا فان كان كل منهما واجدا للصفات تحيضت بالاول علي الاقوي (4).

______________________________

(1) اذ مع فقد الصفات و عدم وقوعه في أيام العادة لا يكون وجه للحكم بكونه حيضا بل محكوم بكونه استحاضة اذ دم الاستحاضة أصفر.

(2) بلا فرق بين كونه واجدا للصفات و عدمه و الوجه فيه أن المرئي في أيام العادة محكوم بالحيضية حتي مع فقدان الصفات فلا تصل النوبة الي مراعاة التميز.

و بعبارة اخري: أن المستفاد من النص لزوم مراعاة أيام العادة و عدم رعاية الاوصاف مع العادة و لا تصل النوبة اليها مع تحقق العادة و ان شئت قلت:

تجب مراعاة العادة قبل رعاية التميز لاحظ ما رواه ابن جرير «1».

(3) كما هو مقتضي القاعدة اذا لتميز حاصل في أحدها دون الاخر.

(4) التساوي في الصفات يتصور علي نحوين:

أحدهما فقدان كليهما لها

ثانيهما: وجدانهما لها و الاشكال في الصورة الثانية

______________________________

(1) لاحظ ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 124

______________________________

و أما الصورة الاولي فعلي القاعدة يحكم باستحاضية كلا الدمين لعدم مقتض للحيضية لان قاعدة الامكان غير تامة.

و أما الصورة الثانية: فلا اشكال في عدم امكان جعل كلا الدمين حيضا اذ المفروض أنهما مع النقاء المتخلل أزيد من العشرة و قد مر أن النقاء المتخلل من حيض واحد من الحيض كما أن أقل الطهر عشرة أيام فيدور الامر بين جعل الدم الاول حيضا و جعل الدم الثاني كذلك فان المفروض أن امارات الصفات بالنسبة الي كليهما علي حد سواء.

و ان شئت قلت: ان امارية الصفات كما أنها تدل علي حيضية موردها كذلك تنفي الحيضية عن الطرف الاخر فتقع المعارضة بين الامارتين و النتيجة التساقط فلا بد من اعمال بقية القواعد و مقتضي القاعدة الاحتياط في كل من الدمين بالجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة للعلم الإجمالي يكون الدم المرئي اما حيض او استحاضة.

و يمكن ان يقال: أن الدم الاول بمقتضي أمارية الصفات لا بد من جعله حيضا لوجود المقتضي و عدم المانع و بعد جعل الدم الاول حيضا بلحاظ وجود الامارة علي الحيضية لا مجال لجعل الدم الثاني حيضا فتكون الدم الثاني خارجا عن دائرة الحيضية بالتخصص اذ المفروض أنه لا يمكن جعله حيضا فالنتيجة أنه لا تعارض بين الدم الاول و الثاني.

و لنا أن نقول: ان رفع اليد عن حيضية الدم الاول بلا وجه اذا لمفروض أن المقتضي للحيضية موجود و المانع مفقود و الدم الثاني لا يمكن أن يكون مانعا عن حيضية الدم الاول الاعلي وجه دائر اذ كونه مانعا يتوقف علي كونه

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص:

125

و الاولي أن تحتاط في كل من الدمين (1) و ان لم يكن شي ء منهما واجدا للصفات عملت بوظائف المستحاضة في كليهما (2).

[مسألة 187: إذا تخلل بين الدمين أقل الطهر كان كل منهما حيضا مستقلا اذا كان كل منهما في العادة]

(مسألة 187): اذا تخلل بين الدمين أقل الطهر كان كل منهما حيضا مستقلا اذا كان كل منهما في العادة أو واجدا للصفات أو كان

______________________________

حيضا و كونه حيضا يتوقف علي عدم حيضية الدم الاول و أما عدم حيضية الدم الثاني فلخروجه تخصصا اذ مع كون الدم الاول حيضا لا تصل النوبة الي كون الثاني حيضا.

و صفوة القول: ان شمول دليل الصفات للدم الاول بلا مانع فعدم شموله اياه بلا وجه نعم لو شمل الدم الثاني لم يمكن شموله للدم الاول لكن شموله للدم الثاني يتوقف علي عدم شموله للدم الاول فيصح أن يقال: بأن عدم الشمول للدم الاول اما بلا وجه أو علي وجه دائر و أما خروج الدم الثاني و عدم شمول الدليل اياه فلخروجه التخصصي اذا لمفروض أنه مع الالتزام بكون الدم حيضا لا تصل النوبة الي تأثير الامارة فان وجود الامارة مع الشك و المفروض أنه لا يمكن جعله حيضا.

لكن الانصاف أنه لا يتم هذا البيان فان المقتضي للشمول في كل من الدمين موجود و المانع عن الشمول عدم امكان الجمع بينهما فشمول الدليل لكل منهما يتوقف علي عدم المعارض و النتيجة عدم الشمول فلا بد من الاحتياط في كل منهما للعلم الإجمالي و اللّه العالم.

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط بل قد ظهر مما تقدم وجوبه.

(2) لاعتبار التميز بالصفات في الحكم بالحيض تارة و الاستحاضة اخري.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 126

أحدهما في العادة و الاخر واجدا للصفات (1) و أما الدم الفاقد لها في غير أيام العادة فهو استحاضة

(2).

[الفصل السادس اذا انقطع دم الحيض لدون العشرة]
اشارة

الفصل السادس اذا انقطع دم الحيض لدون العشرة فان احتملت بقائه في الرحم استبرأت (3).

______________________________

(1) و الوجه واضح في جميع ما ذكر.

(2) كما هو ظاهر.

(3) كما هو المشهور- علي ما يشاهد في كلام بعض الاصحاب- و عن الذخيرة نسبته الي الاصحاب بل عن غير واحد- علي ما في كلام بعض- عدم معرفة الخلاف.

و يدل علي المدعي ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال:

اذا أرادت الحائض أن تغتسل فلتستدخل قطنة فان خرج فيها شي ء من الدم فلا تغتسل و ان لم تر شيئا فلتغتسل و ان رأت بعد ذلك صفرة فلتوض و لتصل «1».

و يؤيد المدعي ما أرسله يونس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن امرأة انقطع عنها الدم فلا تدري أ طهرت أم لا؟ قال: تقوم قائما و تلزق بطنها بحائط و تستدخل قطنة بيضاء و ترفع رجلها اليمني فان خرج علي رأس القطنة مثل رأس الذباب دم عبيط لم تطهر و ان لم يخرج فقد طهرت تغتسل و تصلي «2».

و اما حديث الكندي «3» فمضافا الي ضعف السند لا يستفاد منه الا طريق

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 127

بادخال القطنة فان خرجت ملوثة بقيت علي التحيض كما سيأتي و ان خرجت نقية اغتسلت و عملت عمل الطاهر (1) و لا استظهار عليها هنا (2) حتي مع ظن العود (3) الا مع اعتياد تخلل النقاء علي وجه تعلم أو تطمئن بعوده فعليها حينئذ ترتيب آثار الحيض (4) و الاولي لها في كيفية ادخال القطنة أن تكون ملصقة بطنها بحائط أو نحوه رافعة

احدي رجليها ثم تدخلها (5).

______________________________

احراز الحيض كما أنه لا يبعد أن المستفاد من حديث سماعة «1» كذلك و بعبارة اخري لا يستفاد وجوب الاستبراء من هذه الرواية.

(1) كما هو المستفاد من النص.

(2) لعدم الدليل عليه بل مقتضي النص الدال علي الاستبراء العدم.

(3) اذ الظن لا يغني عن الحق شيئا.

(4) أما العلم فاعتباره ذاتي عقلي و أما الاطمينان فهو حجة عقلائية و قد مر أن الحق أن النقاء المتخلل حيض.

(5) لم يظهر لي وجه ترك الاصحاب العمل بخبر سماعة «2» فان مقتضاه لزوم الاستبراء بهذا النحو و عليه يلزم مراعاته فلاحظ.

قال: في الحدائق: «هل يكفي وضع القطنة كيف اتفق عملا برواية ابن مسلم من حيث الاطلاق أو تجب الكيفية الخاصة؟ الي أن قال: فقد اختار الاول صاحب المدارك و الذخيرة و الظاهر الثاني- كما يدل عليه لفظة عليها في عبارة الفقه الرضوي- و الظاهر فتوي الصدوقين بذلك و يؤيده أنه الاحوط

______________________________

(1) لاحظ ص: 103

(2) لاحظ ص: 103

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 128

و اذا تركت الاستبراء لعذر من نسيان أو نحوه و اغتسلت و صادف براءة الرحم صح غسلها (1) و ان تركته لا لعذر ففي صحة غسلها اذا صادف براءة الرحم وجهان أقواهما ذلك أيضا (2) و ان لم تتمكن

______________________________

انتهي موضع الحاجة من كلامه «1».

و الحق كما أفاده و لكن المرجع حديث سماعة لاعتبار سنده و لذا يكفي رفع الرجل من غير خصوصية لليمني أو اليسري و أما حديثا يونس و الكندي فلا اعتبار بسندهما فلا نلتزم بوجوب رفع اليمني كما في أحدهما و لا بوجوب رفع اليسري كما في الاخر بل يكفي رفع الرجل للإطلاق المستفاد من حديث سماعة.

لكن يمكن أن يكون الوجه في عدم

الالتزام، أن الرواية كما ذكرنا لا يستفاد منها الوجوب فلا وجه للإلزام الا أن يقال: بأن لزوم الاختبار لا يستفاد من الرواية لكن انحصار طريق الاختبار يستفاد منها و لا تنافي بين الامرين لكن لا يخفي أن تمامية حديث سماعة سندا محل الاشكال فان احمد المروي عنه للمفيد محل الكلام فلاحظ.

(1) اذ لا يجب الاستبراء تعبدا و المفروض تحقق الغسل مع شرائطه و مصادفته مع براءة الرحم.

(2) الحق أن المستفاد من نصوص الاستبراء الارشاد الي تحقق النقاء و عدمه و لا يستفاد منها لا الوجوب النفسي و لا الوجوب الشرطي للغسل هذا من ناحية و من ناحية اخري أن الغسل ليس محرما علي الحائض نفسا كما أن الصلاة بالنسبة اليها

______________________________

(1) الحدائق ج 3 ص: 192

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 129

من الاستبراء فالاقوي أنها تبقي علي التحيض حتي تعلم النقاء (1) و ان كان الاحوط استحبابا لها الاغتسال في كل وقت تحتمل فيه النقاء الي أن تعلم بحصوله فتعيد الغسل و الصوم (2).

[مسألة 188: اذا استبرئت فخرجت القطنة ملوثة]

(مسألة 188): اذا استبرئت فخرجت القطنة ملوثة فان كانت متبدأة أو لم تستقر لها عادة أو عادتها عشرة بقيت علي التحيض الي تمام العشرة أو يحصل النقاء قبلها (3).

______________________________

كذلك فعليه لو اغتسلت برجاء تحقق النقاء و صادف الواقع لم يكن وجه للفساد بل مقتضي القاعدة الصحة كما في المتن.

(1) عملا بالاستصحاب و كأن الوجه فيه اختصاص الدليل بصورة التمكن و الظاهر أنه لا وجه له فان مقتضي اطلاق النص عدم الفرق.

(2) قد ظهر مما ذكرنا أن مقتضي القاعده الاحتياط بالجمع بين تروك الحائض و أعمال الطاهر اذا لمفروض أنها لا يجوز لها العمل بالظهور الكاشف عن النقاء و لا بالاصل المقتضي للبقاء علي

الحيض.

(3) مقتضي اطلاق التلوث عدم الفرق في الحكم المذكور بين كون المرئي علي القطنة الدم أو الصفرة فينبغي بسط الكلام في كل واحد من القسمين و بيان ما هو مقتضي الادلة المربوطة بالمقام.

فنقول: لو خرجت القطنة ملطخة بالحمرة فيظهر من جملة من كلام الاصحاب عدم الخلاف في كونه محكوما بالحيضية و لا يبعد أن يكون المستفاد من النصوص كذلك أما بالنسبة الي المبتدئة فيدل علي المدعي ما رواه عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المرأة اذ رأت الدم في أول حيضها فاستمر بها

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 130

______________________________

الدم بعد ذلك تركت الصلاة عشرة أيام وصلت سبعة و عشرين يوما «1».

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه أيضا قال: في الجارية أول ما تحيض يدفع عليها الدم فتكون مستحاضة أنها تنتظر بالصلاة فلا تصلي حتي تمضي أكثر ما يكون من الحيض فاذا مضي ذلك و هو عشرة أيام فعلت ما تفعله المستحاضة ثم صلت فمكثت تصلي بقية شهرها ثم تترك الصلاة في المرة الثانية أقل ما تترك امرأة الصلاة و تجلس أقل ما يكون من الطمث و هو ثلاث (ثة) أيام فان دام عليها الحيض صلت في وقت الصلاة التي صلت و جعلت وقت طهرها أكثر ما يكون من الطهر و تركها للصلاة أقل ما يكون من الحيض «2».

و أما بالنسبة الي من لم تستقر لها العادة فيدل علي المدعي ما رواه سماعة بن مهران قال: سألته عن الجارية البكر أول ما تحيض فتقعد في الشهر يومين و في الشهر ثلاثة أيام يختلف عليها لا يكون طمثها في الشهر عدة أيام سواء.

قال: فلها أن تجلس و تدع الصلاة ما دامت تري

الدم ما لم يجز العشرة فاذا اتفق الشهران عدة أيام سواء فتلك أيامها «3».

و أما بالنسبة الي ذات العادة فيكون الدم في العادة أمارة علي كونه دم الحيض و ان كانت القطنة ملطخة بالصفرة فلا اشكال في الحكم عليها بالحيضية فيما يكون في أيام العادة اذا لصفرة فيما تكون أيام العادة حيض بمقتضي النص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الحيض الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب الحيض الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 107

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 131

______________________________

و أما بالنسبة الي غيرها فما يمكن أن يستدل به علي الحكم بالحيضية أمور:

الاول: الاستصحاب بتقريب أن المرأة كانت حائضا و الاصل بقاء حيضها.

و يرد عليه: أن مرجع هذا الاستصحاب جريانه في الشبهة الحكمية و قد قلنا في محله عدم جريانه في الحكم الكلي.

لكن لقائل أن يقول: ان المورد من موارد الشبهة في الموضوع حيث يشك في كون الخارج دم حيض أو غيره و مقتضي الاستصحاب كونه كذلك.

و بعبارة اخري: لا يجري الاستصحاب في الحكم الشرعي بل يجري في الموضوع الخارجي. لكن يرد عليه أنه لا مجال للأصل مع جعل الميزان لمعرفة الموضوع.

و صفوة القول: انه لا مجال للأصل مع وجود الامارة علي الخلاف و المفروض أن مقتضي اعتبار التميز عدم كون الدم حيضا اذا كان أصفر.

الثاني: ما رواه سعيد بن يسار قال: سألت عبد اللّه عليه السلام عن المرأة تحيض ثم تطهر و ربما رأت بعد ذلك الشي ء من الدم الرقيق بعد اغتسالها من طهرها فقال: تستظهر بعد أيامها بيومين أو ثلاثة ثم تصلي «1».

بتقريب: أن المستفاد من هذه الرواية أن الدم حتي مع كونه رقيقا

محكوم بالحيضية. و فيه: أن الرواية مخصوصة بذات العادة كما يستفاد من قوله عليه السلام «بعد أيامها» الا أن يقال: بأن هذه الكلمة لا تدل علي أن النظر الي خصوص ذات العادة بل مقتضي الاطلاق عدم الفرق و المقصود من كلمة «أيامها» هي الايام التي كانت حائضا جزما.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الحيض الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 132

______________________________

أضف الي ذلك: أن هذه الرواية كبقية روايات الاستظهار تدل علي الاستظهار بيومين أو ثلاثة و لا تنطبق علي ما في المتن من البقاء علي التحيض الي تمام العشرة. مضافا الي أن المذكور في الرواية عنوان الدم و هو أعم من الصفرة فيكون المرجع نصوص التميز بالصفات.

الثالث: ما رواه محمد بن مسلم «1» بتقريب: أن الميزان في هذه الرواية جعل رؤية الشي ء و علق الاغتسال علي عدم رؤية شي ء و مع رؤية الصفرة لا يصدق هذا العنوان.

و فيه: أنه لو سلم الاطلاق و لم نقل بانصراف الدم المذكور فيها عن الصفرة تقع المعارضة بين هذه الرواية و أخبار التميز و مقتضي تلك الروايات أن الحكم بالحيضية و عدمها، دائر مدار وجود الصفات و عدمه و لا يبعد أن يقال أخبار الصفات حاكمة علي بقية النصوص بالفهم العرفي و اختصاص أخبار الصفات بخصوص مستمرة الدم مدفوع بالاطلاق.

أضف الي ذلك أن مقتضي حديثه الاخر «2» أن الصفرة في غير أيام العادة ليست حيضا كما أن مقتضي حديث يونس «3» عدم الحيضية.

الرابع: قاعدة الامكان بتقريب أنه مع تحقق الامكان لا بد من الحكم بالحيضية.

و الكلام في هذه القاعدة يقع تاره في معني الامكان و اخري في دليلها و ثالثة في موردها، فيقع البحث في مقامات ثلاثة:

______________________________

(1) لاحظ ص:

126

(2) لاحظ ص: 107

(3) لاحظ ص: 126

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 133

______________________________

أما المقام الاول فنقول: لا يبعد أن يكون المراد من الامكان هو الوقوعي بمعني أنه يمكن الحكم بالحيضية عند المقايسة الي الادلة الشرعية.

و بعبارة أوضح: أن كل دم يحتمل فيه الحيضية اذا لم يكن مانع من حيضيته لا عقلا و لا شرعا يكون حيضا و بهذا المعني لا يفرق بين كون الشبهة حكمية أو موضوعية و أن الميزان الكلي أن كل دم تراه المرأة و لم يقم علي عدم حيضيته دليل عقلي أو نقلي فهو حيض.

و ربما يورد عليها: بأن مجراها الامكان المستقر و هو لا يكون الا بعد الثلاثة. و اجيب عن الاشكال بأن بقائه يحرز بالاستصحاب الاستقبالي و اورد علي هذا الاصل بأن جريان الاصل المذكور متوقف علي جريان الاستصحاب في المستقبل بأن يكون الشك في الحال و المشكوك في الاستقبال و هو ممنوع لانصراف الدليل اي أخبار الاستصحاب الي مورد يكون لشك في الحال و المشكوك الماضي كالشك في بقاء الطهارة السابقة.

و يمكن أن يجاب عن هذا الاشكال بأنه لا وجه للانصراف فان قوام الاستصحاب بأن يكون المتيقن سابقا و الشك لا حقا بلا فرق بين الماضي و الاستقبال.

و عن الشيخ قدس سره: الاشكال في الاصل المذكور، أولا: بأن مقتضي الاصل عدم حدوث الزائد علي ما حدث و ثانيا أنه لو جري الاستصحاب لم يكن موجب للتمسك بالقاعدة اذ الاجماع قائم علي كون الدم المستمر ثلاثة أيام حيضا.

و يرد عليه: أولا: أنه مخالف لما بني عليه في بحث الاستصحاب من جريانه في التدريجيات. و ثانيا: أن الامر التدريجي المتصل أمر واحد عرفا

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 134

______________________________

بل دقة لان الاتصال مساوق

مع الوحدة و الاصل يجري في التدريجيات علي ما حقق في الاصول. و ثالثا: أن الاجماع المذكور في كلامه اجماع علي نفس القاعدة فان اعتبار القاعدة بالإجماع.

و عن الشيخ قدس سره: الاشكال في جريان الاصل بأن الموضوع للحكم المستقر الواقعي المعلوم.

و بعبارة اخري: هو الدم الموجود في ثلاثة أيام و لم يقع لفظ الامكان في نص من النصوص.

و يرد عليه أولا: أن الثابت في الاصول قيام الاستصحاب مقام العلم الموضوعي الذي اخذ علي نحو الطريقية.

و ثانيا: أن الاجماع علي فرض تماميته لا يقل عن النص و الاجماع قائم علي حيضية المستمر و بالاستصحاب بحرز فمن هذه الجهة لا يتوجه اشكال الي القاعدة.

نعم ربما يقال: بأن مقتضي الاستصحاب تجاوز الدم عن العشرة و مع التجاوز لا يمكن أن يكون حيضا فلا مجال لجريان القاعدة.

لكن علي تقدير تمامية دليل القاعدة نلتزم بأن المراد من الامكان غير هذه الجهة فالعمدة تمامية دليلها و عدمها و هذا هو المقام الثاني فنقول:

ما ذكر في هذا المقام أمور: الامر الاول: الاصل و قد قرب بوجوه:

منها: أن الظاهر أن الدم الذي يقذفه الرحم هو دم الحيض فيكون من قبيل ظهور الالفاظ.

و يرد عليه أولا: أن ظواهر الالفاظ تكشف عن المرادات و قد استقر بناء العقلاء علي الاخذ بها ما لم يقم دليل علي خلافها و الشارع الاقدس أمضي السيرة

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 135

______________________________

العقلائية و أما خروج الدم من الموضع المعهود فليس له ظهور.

و بعبارة اخري: خروج الدم أمر تكويني لا يقاس علي ظواهر الالفاظ التي هي بالبناء العقلائي عليها و بنائهم علي اعتبارها نعم ربما يكون ظاهر الامر في التكوينيات يقتضي أمرا خاصا- كما هو كذلك في الرطوبة الخارجة بعد البول

قبل الاستبراء بالخرطات- حيث قالوا بأن الظاهر أنها البول و قد حكم الشارع عليها بالنجاسة بتقديم الظاهر علي الاصل، و أما في المقام فلم يثبت أن الامر كذلك.

و ثانيا: علي فرض تسليم الظهور لا دليل علي اعتباره بل الدليل علي خلافه و هي اصالة عدم الاعتبار.

و منها: الغلبة بتقريب: أن الدم الخارج من المحل المعهود في الغالب يكون حيضا فيلحق ما يشك في كونه حيضا بالغالب.

و يرد عليه أولا: أن الغلبة المدعاة أول الكلام فان المرأة في الغالب تبتلي بالاستحاضة بل ربما يقال بأن الاستحاضة في المرأة التي تحيض لا تنفك عنها بحسب الوجود الخارجي.

و ثانيا: علي فرض تسليم الغلبة لا دليل علي اعتبارها بل الدليل علي عدم الاعتبار كما تقدم.

و منها: أن مقتضي اصاله السلامة أن يكون الدم الخارج دم الحيض و أن دم الاستحاضة ناش من العلة في المرأة بمقتضي النص لاحظ ما رواه يونس «1».

و بتقريب آخر: أن ما عدا الحيض من الدماء التي يقذفها الرحم خلاف

______________________________

(1) لاحظ ص: 101

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 136

______________________________

مقتضي الفطرة الاولية للنساء و خلقتها الاصلية و مقتضي اصالة السلامة أن يكون الدم المرئي حيضا.

و يرد عليه: أن ما ادعي في مقام الاستدلال أول الكلام و النص المذكور لا اعتبار بسنده للإرسال و كون ابن المرار في السند و هو لم يوثق هذا أولا و ثانيا: أنه لا دليل علي اعتبار اصالة السلامة.

لا يقال: لا اشكال في اعتبار هذا الاصل في باب البيع لأنه يقال: في ذلك الباب ثبت اعتبار هذا الاصل و أما في المقام فلا.

و منها: الاستصحاب بتقريب أن الامر دائر بين الحيض و الاستحاضة و مقتضي الاصل عدم خروج الدم من العرق العاذل أو

اصالة عدم كون الدم المرئي دم الاستحاضة.

و فيه: أن اثبات عدم كون الدم، دم الاستحاضة بالاصل لا يثبت كونه دم الحيض الا علي القول بالاثبات الذي لا نقول به مضافا الي أن هذا الاصل معارض بمثله فيتساقطان بالتعارض.

الامر الثاني: بناء العرف علي أن ما رأته المرأة التي في سن من تحيض من الدم الخارج من الرحم أنه دم الحيض.

و فيه: أنه ما المراد من حكم العرف فانه كيف يمكن أن يحكم العرف بحيضية ما يشك فيه و احتمال كونه استحاضة كاحتمال كونه حيضا. و بعبارة اخري:

أن العرف محكم في تشخيص المفاهيم و لكن كيف يمكن للعرف أن يميز الموضوع المشكوك فيه.

و ان شئت قلت: لا شبهة في مفهوم دم الحيض و انما الشبهة مصداقية نعم ربما

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 137

______________________________

يتسامح العرف في التطبيق و التسامح العرفي لا أثر له.

ان قلت: ان بناء العرف علي ترتيب الآثار الشرعية المترتبة علي الحيض علي الدم المشكوك فيه. قلت: مضافا الي أنه لم يثبت من العرف مثل هذا البناء، لا دليل علي اعتبار بنائه بل الدليل علي خلافه حيث ان الشارع جعل بنفسه أمارة علي الحيض كالصفات و الوقوع في العادة و غيرها.

الامر الثالث: بناء المتشرعة بما هم كذلك علي ترتيب آثار الحيض عند احتماله و السيرة المتشرعية حجة شرعا.

و يرد عليه أولا: أن احراز هذه السيرة أول الكلام و الاشكال و ترتيب آثار الحيض في جملة من الموارد بالدليل الشرعي ككونه موصوفا بصفات الحيض أو وقوعه في أيام العادة و ربما يترتب آثار الحيض من باب الاحتياط.

و ثانيا: أن السيرة علي فرض تماميتها و تحققها يمكن أن تكون ناشية من بناء الفقهاء علي اعتبار قاعدة الامكان فلا

تكون كاشفة عن رأي المعصوم.

و صفوة القول: انه اذا ثبت قيام السيرة علي البناء المذكور و لم تكن ناشئة عن وجه من الوجوه و متصلة بزمان المعصوم عليه السلام لكانت كاشفة عن رأيه لا من باب امضائه عليه السلام بل من باب أنه يعلم ان الحكم الشرعي كذلك و الا فكيف يمكن جريان السيرة عليها. و بعبارة اخري: نفهم أنه سئل عنه عليه السلام و أجاب بأن الامر كذلك.

الامر الرابع: ما عن كشف اللثام و هو أنه لو لم تتم قاعدة الامكان عند الشك لما أمكن احراز حيضية الدم الذي يشك في كونه حيضا.

و فيه: أن الشارع جعل الصفات دليلا علي الحيض و أيضا حكم بكون

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 138

______________________________

الدم الخارج أيام العادة حيض مضافا الي أنه في كثير من الموارد لا تشك المرأة في كون الدم الخارج منها حيضا الا أن يقال ان كلامه في مورد الشك.

فما أفاده و ادعاه من عدم الدليل علي الحيضية ليس تاما أضف الي ذلك أنه نفرض عدم الدليل علي الحيضية عند الشك، غاية ما في الباب أنه تصل النوبة الي العمل بالقواعد المقررة فلاحظ.

الامر الخامس: جملة من النصوص بتقريب أن المستفاد من هذه النصوص أن الدم الذي ليس علي عدم كونه حيضا دليل و احتمل أن يكون حيضا حكم عليه بالحيضية شرعا و هذه النصوص علي طوائف:

الاولي: النصوص الدالة علي أن ما تراه قبل العشرة فهو من الحيضة الاولي و ما تراه بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام و اذا رأت الدم قبل عشرة أيام فهو من الحيضة

الاولي و اذا رأته بعد عشرة أيام فهو من حيضة اخري مستقبلة «1».

و ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا رأت المرأة الدم قبل عشرة أيام فهو من الحيضة الاولي و ان كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة «2».

و ما رواه صفوان بن يحيي عي أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له: اذا مكثت المرأة عشرة أيام تري الدم ثم طهرت فمكثت ثلاثة أيام طاهرا ثم رأت الدم بعد ذلك أتمسك عن الصلاة؟ قال: لا هذه مستحاضة تغتسل و تستدخل

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الحيض الحديث: 11

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب الحيض الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 139

______________________________

قطنة بعد قطنة و تجمع بين صلاتين بغسل و يأيها زوجها ان أراد «1» و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «2».

و فيه: أولا: انه مضافا الي ضعف السند في بعضها أن الظاهر من هذه النصوص فرض الدم دم الحيض و انما الكلام في الالحاق بالحيض الاول أو الثاني فلا كلام في كونه دم الحيض.

و ثانيا: علي فرض الدلالة و الاطلاق لا بد من تقييده بما جعل أمارة علي الاستحاضة لاحظ ما رواه معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

ان دم الاستحاضة و الحيض ليسا يخرجان من مكان واحد ان دم الاستحاضة بارد و ان دم الحيض حار «3» و بما دل علي أن الصفرة في غير أيام الحيض ليس حيضا لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «4».

الثانية: ما يدل علي أن المرأة كلما رأت الدم تترك الصلاة و كلما رأت الطهر تصلي لاحظ ما رواه يونس بن يعقوب «5» و ما رواه أبو بصير «6»

بتقريب:

أنه عليه السلام حكم بحيضية كل دم تراه الي شهر.

و فيه: أولا: أنه علي تقدير الاطلاق تكون أخبار الصفات حاكمة عليه و لا بد من رفع اليد عن اطلاقه. و ثانيا: أنه لا يمكن تطبيق قاعدة الامكان عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب الاول من أبواب الاستحاضة الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 121

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب الحيض الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 107

(5) لاحظ ص: 120

(6) الوسائل الباب 6 من أبواب الحيض الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 140

______________________________

اذ الأمر دائر بين جعل كل دم حيضا مستقلا و بين جعل مجموع الدماء حيضا واحدا و الالتزام بتخلل الطهر بينها و بين جعل مجموع الدماء و النقاء الفاصل حيضا و لا يمكن الالتزام بشي ء منها اذا لأول مناف لكون أقل الطهر عشرة بين الحيضتين المتصلتين و الثاني مناف لما تقدم من أن الحيض الواحد لإنقاء في خلا له مضافا الي أنه يلزم كون الحيض الوحد أكثر من عشرة أيام في بعض الفروض و أما الثالث فيلزم جواز كون الحيض مقدار شهر.

أضف الي ذلك أنهم ادعوا الاجماع علي أنه لو دام الدم ثلاثة أيام يحكم عليه بالحيضية فلا يرتبط بقاعدة الامكان.

و نقل عن الشيخ الطوسي قدس سره أن الخبرين واردان في امرأة اختلط عليها عادتها و تغيرت عن أوقاتها.

الثالثة: ما يدل علي أن الشارع حكم بحيضية الدم المتقدم علي أيام العادة و هي جملة من النصوص منها: ما رواه سماعة «1» و منها ما رواه الحسين بن بن نعيم الصحاف «2» بتقريب أن الدم المفروض تقدمه علي العادة حكم عليه بالحيضية فيدل علي اعتبار القاعدة. و بعبارة اخري: حيث أمكن كونه حيضا جعل كذلك.

و يرد عليه أن المستفاد من حديث

محمد بن مسلم «3» أن الصفرة في أيام العادة حيض كما أن المستفاد من حديث أبي بصير «4» أن الصفرة المرئية

______________________________

(1) لاحظ ص: 108

(2) لاحظ ص: 98

(3) لاحظ ص: 107

(4) الوسائل الباب 4 من أبواب الحيض الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 141

______________________________

قبل الحيض بيومين تحسب من الحيض.

فالنتيجة الحاصلة من الروايتين أن الدم المرئي في العادة و كذلك المرئي قبل العادة بيومين حيض. و ان شئت قلت: أن الرؤية أيام العادة و قبلها بيومين أمارة علي الحيض و الذي يستفاد من حديثي سماعة و صحاف أن الدم المتقدم بقليل علي وقت العادة كالواقع فيها و يلحق به.

و بعبارة اخري: المتقدم علي الوقت بقليل امارة علي الحيض و يدل عليه قوله في رواية سماعة: «ربما يعجل بها الوقت» فهذا الدم ذلك الدم الموقت و قد عجل بها الوقت و قريب منه قوله عليه السلام في رواية الصحاف فالنتيجة أنه ليس المقصود من الحديثين جعل قاعدة الامكان بل المقصود جعل التقديم أمارة علي الحيضية و لو كان المقصود جعل القاعدة لكان المناسب أن يعلل حكمه بقوله: فانه قد يجي ء الدم في غير أيام العادة.

و صفوة القول. أن الدم الواقع في أيام العادة محكوم بالحيضية و الدم المتقدم علي العادة بقليل بحيث يصدق عليه التعجيل يحسب من العادة فلاحظ.

أضف الي ما تقدم أن هذه الاخبار محكومة باخبار الصفات و الصفوة محكومة بكونها استحاضة.

الرابعة: ما يدل علي تحيض الحامل برؤية الدم معللا بأن الحبلي ربما قذفت بالدم منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان «1» و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الحبلي تري الدم؟ قال: نعم انه ربما قذفت المرأة

الدم و هي حبلي «2» و منها: ما رواه حريز عمن أخبره عن أبي جعفر

______________________________

(1) لاحظ ص: 95

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 142

______________________________

و أبي عبد اللّه عليهما السلام «1».

بتقريب: أن المستفاد من هذه الطائفة أن مجرد احتمال الحيضية يكفي في الحكم بها شرعا و هذا عبارة اخري عن قاعدة الامكان.

و يرد عليه: أن المستفاد من هذه الروايات أنه لا فرق بين الحامل و غيرها و بعبارة اخري: هذه الطائفة من النصوص في مقام بيان عدم التنافي بين الحيض و الحمل و لا يبعد أن يكون لفظة «ربما» جي ء بها للتكثير كما ان المنقول عن الشيخ أن هذه الكلمة للتكثير- كما شوهد في بعض الكلمات-.

أضف الي ذلك أن هذه الاخبار كغيرها محكومة بالنسبة الي اخبار الصفات فلاحظ.

الخامسة: ما يدل علي أن الصائمة تفطر برؤية الدم فمن تلك الروايات ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أي ساعة رأت المرأة الدم فهي تفطر الصائمة اذا طمثت و اذ رأت الطهر في ساعة من النهار قضت صلاة اليوم و الليل مثل ذلك «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن المرأة تري الدم غدوة أو ارتفاع النهار أو عند الزوال قال: تفطر و اذا كان بعد العصر أو بعد الزوال فلتمض صومها و لنقض ذلك اليوم «3».

و منها: ما رواه أيضا عنه أيضا في المرأة تطهر في أول النهار في رمضان أ تفطر او تصوم؟ قال: تفطر و في المرأة تري الدم من أول النهار في شهر

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 50 من أبواب الحيض الحديث: 3

(3)

نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 143

______________________________

رمضان أ تفطر أم تصوم؟ قال: تفطر انما فطرها من الدم «1».

بتقريب: أن الاحتمال كاف في تحقق التحيض و هو المراد من القاعدة المذكورة.

و فيه: أن الظاهر من هذه النصوص أن المرأة الصائمة اذا رأت الدم المعهود و حاضت تفطر و ليست هذه الروايات في مقام بيان حيضية الدم المرئي كما هو يظهر بأدني تأمل. مضافا الي أن اطلاقها علي فرض التسليم محكوم بأخبار الصفات.

السادسة: النصوص الدالة علي الاستظهار فمنها ما رواه سماعة «2» و منها ما رواه سعيد بن يسار «3» و منها غيرهما «4».

بتقريب: أن المستفاد من هذه الروايات أن الدم المحتمل كونه حيضا محكوم بالحيضية في غير أيام العادة بالنسبة الي الحائض فالامر كذلك بالنسبة الي غيرها بالاولوية.

و يرد عليه أولا: أنها محكومة بأخبار الصفات و ثانيا: أنها مختلفة من حيث المضمون و لذا حملت علي الاستحباب و ثالثا: يمكن أن يكون الحكم بالبقاء من باب الاستصحاب فلا يقاس عليه الدم المرئي ابتداء و يمكن أن يكون من باب الاحتياط.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) لاحظ ص: 108

(3) لاحظ ص: 131

(4) لاحظ الباب 13 من أبواب الحيض

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 144

______________________________

و رابعا: أنه يمكن أن يقال: بأن تلك الاخبار تدل علي عكس المدعي حيث ان المستفاد من بعض تلك النصوص أن الدم المرئي بعد أيام الاستظهار استحاضة لاحظ خبر اسحاق بن جرير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث في المرأة تحيض فتجوز أيام حيضها قال: ان كان أيام حيضها دون عشرة أيام استظهرت بيوم واحد ثم هي مستحاضة «1» فانه لو تمت القاعدة لكان الواجب جعل الدم حيضا الي عشرة أيام بل

يستفاد من بعض النصوص أن الدم في غير أيام العادة محكوم بكونه استحاضة لاحظ ما رواه يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في حديث: و كل ما رأته بعد أيام حيضها فليس من الحيض «2».

السابعة: ما يدل علي التميز بين دم العذرة و الحيض لاحظ ما رواه زياد بن سوقه «3» و ما رواه خلف بن حماد «4» بتقريب: أن امكان الحيضية اقتضي الحكم بها.

و فيه: أن المستفاد من هذه الطائفة أن الشارع جعل التطويق علامة للعذرة و الانغماس أمارة علي الحيض و لا ترتبط بقاعدة الامكان أضف الي ذلك حكومة أخبار الصفات علي هذه الطائفة أيضا.

الثامنة: ما رواه العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الحيض الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب الحيض الحديث: 5

(3) لاحظ ص: 87

(4) لاحظ الوسائل الباب 2 من أبواب الحيض الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 145

______________________________

امرأة ذهب طمثها سنين (سنة) ثم عاد اليها شي ء قال: تترك الصلاة حتي تطهر «1».

بتقريب: أن المستفاد منه أن المنشأ للحكم بالحيضية احتمال العود. و فيه أن الظاهر من الرواية أن منشأ السؤال أن عدم التحيض مدة ينافي الحيضية أم لا؟

و بعبارة اخري: فرض في الرواية تحقق التحيض علي طبق المقرر و السؤال عن أن الفصل الزماني يضر أم لا فلا ترتبط الرواية بالقاعدة أصلا و لا مانع من معرفة الحيض و لو من طريق التمييز بالصفات.

التاسعة: ما يدل علي التحيض بعد مضي أيام النفاس و هو ما رواه عبد اللّه بن المغيرة عن أبي الحسن الاول عليه السلام في امرأة نفست فتركت الصلاة ثلاثين يوما ثم

طهرت ثم رأت الدم بعد ذلك قال: تدع الصلاة لان أيامها ايام الطهر قد جازت مع أيام النفاس «2».

بتقريب: أن الحكم بكون الدم الثاني حيضا من باب قاعدة الامكان و فيه مضافا الي الاشكال الناشي عن كون النفاس ثلاثين يوما، أن منشأ السؤال، مانعية سبق دم النفاس عن حيضية الدم اللاحق و لا يرتبط بقاعدة الامكان و يضاف اليه:

أنه محكوم باخبار الصفات.

العاشرة: ما يدل علي أن الصفرة في أيام الحيض حيض لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «3» و لاحظ الحديث الثالث و الرابع و السادس و السابع من الباب

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب النفاس الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 107

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 146

______________________________

4 من أبواب الحيض من الوسائل.

بدعوي أن المراد من الايام المذكورة في النصوص أيام امكان الحيض.

و فيه: أولا: أن هذا خلاف الظاهر من تلك النصوص و ثانيا قد صرح في بعضها بأيام الحيض لاحظ حديث معاوية «1» و ما رواه اسماعيل الجعفي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذ رأت المرأة الصفرة قبل انقضاء أيام عادتها لم تصل و ان كانت صفرة بعد انقضاء أيام قرئها صلت «2».

و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن المرأة تري الصفرة أيام طمثها كيف تصنع؟ قال: تترك لذلك الصلاة بعدد أيامها التي كانت تقعد في طمثها ثم تغتسل و تصلي فان رأت صفرة بعد غسلها فلا غسل عليها يجزيها الوضوء عند كل صلاة و تصلي «3».

و ثالثا: أنه قد صرح في بعض النصوص بأن الصفرة في غير أيام العادة ليست حيضا فتدل علي عكس المدعي لاحظ

ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرأة تري الصفرة فقال: ان كان قبل الحيض بيومين فهو من الحيض و ان كان بعد الحيض بيومين فليس من الحيض «4» و ما رواه محمد بن مسلم «5».

الامر السادس: الاجماع نقل ادعائه عن جملة من الاعيان- كالمحقق

______________________________

(1) لاحظ ص: 107

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب الحيض الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب الحيض الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) لاحظ ص: 107

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 147

______________________________

و العلامة و غيرهما-. و عن الجواهر: أنها عند المعاصرين و من قاربهم من القطعيات التي لا تقبل التشكيك.

و فيه: أن دعوي العلم بأن استناد المجمعين الي الوجوه المذكورة ليست جزافية فلا يكون اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السلام.

و ما عن صاحب الجواهر من أن القاعدة من القطعيات التي لا تقبل التشكيك مجرد ادعاء و الدليل عليه: أن جملة من الاعيان- كصاحب المدارك و المقدس الأردبيلي و المحقق الثاني- توقفوا في حجيتها و كيف يمكن التوقف في أمر قطعي غير قابل للشك؟.

فالنتيجة: أن القاعدة بما هي قاعدة جارية في كل مورد شك في كون الدم الكذائي دم حيض أم لا ليست حجة معتبرة.

و أما المقام الثالث و هو مورد القاعدة فالحق أن يلاحظ دليل اعتبارها و بعبارة اخري: تعيين موردها يرتبط بدليل الاعتبار و أن المستفاد منه عام أو خاص؟.

فنقول: ان قلنا: بأن الدليل الدال عليها هو الاصل فالنتيجة جريان القاعدة في كل مورد بلا فرق بين كون الشبهة موضوعية او حكمية فان الاصل بأي تقريب من تقاريبه اذا كان حجة و جاريا يكون مقتضاه كون الدم الخارج دم الحيض فانه مقتضي الظاهر كما

أنه مقتضي الغلبة و أيضا مقتضي اصالة السلامة و كذلك اذا كان المراد منه الاستصحاب انما الاشكال في حجية الاصل و قد مر فساده بجميع تقاريبه.

و ان كان الدليل هو العرف بدعوي أن العرف يحكم بحيضية الدم المشكوك فيه فعلي تقدير تمامية هذه الدعوي و فرض اعتباره لا بد من ملاحظة سعة حكم

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 148

______________________________

العرف و ضيقه و أنه يحكم بالحيضية علي الاطلاق بلا فرق بين كون الشبهة موضوعية أو حكمية أو يختص حكمه بخصوص الشبهة الموضوعية و لا يخفي أن هذا فرض في فرض في فرض.

و ان كان الدليل سيرة المتشرعة فلا بد من ملاحظة دائرة جريان السيرة سعة و ضيقا و بعبارة اخري: جميع ما ذكرنا في الدليل الثاني أي حكم العرف جار فيها فلا وجه للإعادة.

و ان كان الدليل هو الوجه الرابع أي ما أفاده كاشف اللئام- علي ما نقل عنه- فمورد جريان القاعدة هو المورد الذي ليس علي الحيضية دليل من الامارة و الاصل و الا فلا تصل النوبة اليها كما هو ظاهر بأدني تأمل.

و ان كان دليل القاعدة النصوص فلا يبعد استفادة اعتبارها حتي في الشبهة الحكمية لاحظ ما رواه ابن المغيرة «1» فان المستفاد من الرواية ظاهرا أن السؤال عن امكان كون الدم الخارج بعد النفاس حيضا و أجاب عليه السلام بأنه لا مانع من كونه دم الحيض اذ قد تحقق الفصل بأقل الطهر فلو شك في دم هل هو دم الحيض أم لا بالشبهة الحكمية جرت فيه قاعدة الامكان.

و أيضا لاحظ خبر عبد اللّه بن سنان في الحبلي «2» فان الظاهر أن السؤال عن امكان حيض الحامل و الامام عليه السلام يجيب بعدم التنافي بين

الامرين.

فالنتيجة: أن النصوص لو تمت دلالتها علي تمامية القاعدة لكانت دالة علي اعتبارها حتي في الشبهة الحكمية و لا تختص بالشبهة الموضوعية.

______________________________

(1) لاحظ ص: 145

(2) لاحظ ص: 95

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 149

______________________________

نعم لا يبعد أن بعض الطوائف من تلك النصوص لا يدل علي العموم لكن في الدال عليه كما ذكرنا غني و كفاية.

و أما ان كان الدليل عليها الاجماع فلا يبعد أيضا اعتبار القاعدة في جميع الموارد حتي في الشبهة الحكمية فانه نقل عن العلامة قدس سره في القواعد حيث قال:

«و كل دم يمكن أن يكون حيضا فهو حيض و ان كان أصفر أو غيره» و مثله كلام غيره- علي حسب النقل- ان هذه العبارة تقتضي تحقق الاجماع علي الحيضية في كل دم يمكن أن يكون حيضا بلا فرق بين كون الشبهة موضوعية أو حكمية فلاحظ.

الي هنا ثبت عدم اعتبار القاعدة و يترتب علي ما ذكرنا أنه لو خرجت القطة ملوثة بالصفرة و كانت المرأة مبتدئة أو لم تستقر لها عادة لم يكن وجه للحكم لبقاء التحيض بل لا بد من الحكم عليها بكونها مستحاضة للتميز.

لكن يمكن أن يقال بأن مقتضي حديث محمد بن مسلم «1» بقاء الحيض- كما في المتن- اذ قد حكم عليه السلام بوجوب الغسل في فرض عدم رؤية شي ء و بعد ذلك حكم بأنها لو رأت بعد ذلك صفرة فلتوض و لتصل فيعلم بوضوح أنها لو رأت الصفرة عند الاختبار بأن خرجت القطنة ملوثة بالصفرة يجب عليها ترتيب أثر الحيض و لا وجه لمراعات التمييز بالصفات فلاحظ.

لكن هذا التقريب أيضا غير تام بعد ملاحظة حديث سماعة «2» فانه قد فرض في هذه الرواية أن المرأة لا تدري أ طهرت أم

لا مع فرض أنها تري الصفرة

______________________________

(1) لاحظ ص: 126

(2) لاحظ ص: 103

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 150

و ان كانت ذات عادة دون العشرة فان كان ذلك الاستبراء في أيام العادة فلا اشكال في بقائها علي التحيض (1) و ان كان بعد انقضاء العادة بقيت علي التحيض استظهارا (2).

______________________________

فحكم عليه السلام بالاختيار فيظهر أنه لا اعتبار برؤية الصفرة الا أنه قد مر الاشكال في سند حديث سماعة فلاحظ.

(1) بلا اشكال و لا كلام فان الدم المرئي في أيام العادة محكوم بالحيضية و ان كان صفرة.

(2) قال في الحدائق: «هل هو علي سبيل الوجوب أو الاستحباب؟

قولان: نقل أو لهما عن الشيخ في النهاية و الجمل، و المرتضي في المصباح و الثاني نقله صاحب المدارك عن عامة المتأخرين و قال في المعتبر- بعد نقل القولين المذكورين-: «و الاقرب عندي أنه علي الجواز» الي أن قال:

«و يظهر من كلامه أنه قول ثالث في المسألة الي أن قال و الظاهر أن صاحب المعتبر أراد بهذه العبارة الاستحباب- كما فهمه صاحب المدارك- حيث نقل القول بالاستحباب عنه و عمن تأخر عنه و الاصل في هذا الاختلاف اختلاف الاخبار الواردة في المسألة نقل الاخبار «1».

و حيث ان منشأ الاختلاف اختلاف الاخبار الواردة في المقام كان الحري بنا ذكر الروايات الواردة و النظر فيها و استنجاح ما يحصل من مجموعها و الروايات علي طائفتين: طائفة تدل علي وجوب الاستظهار و هي علي أقسام:

القسم الاول: ما يدل علي وجوب الاستظهار يوما واحدا و هو ما رواه اسحاق

______________________________

(1) الحدائق ج 3 ص: 216

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 151

______________________________

بن جرير «1».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول،

1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 151

القسم الثاني: ما يدل علي مطلوبية الاستظهار بيومين و هو ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: النفساء متي تصلي؟ قال: تقعد قدر حيضها و تستظهر بيومين فان انقطع الدم و الا اغتسلت و احتشت و استثفرت وصلت «2».

القسم الثالث: ما يدل بظاهره علي وجوب الاستظهار بثلاثة أيام و هو ما رواه سماعة «3» و ما رواه أيضا قال: سألته عن امرأة رأت الدم في الحبل قال: تقعد أيامها التي كانت تحيض فاذا زاد الدم علي الايام التي كانت تقعد استظهرت بثلاثة أيام ثم هي مستحاضة «4».

القسم الرابع: ما يدل علي مطلوبية الاستظهار الي عشرة أيام و هو ما رواه يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: امرأة رأت الدم في حيضها حتي تجاوز وقتها متي ينبغي لها أن تصلي؟ قال: تنظر عدتها التي كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أيام فان رأت الدم دما صبيبا فلتغتسل في وقت كل صلاة «5».

القسم الخامس: ما يدل علي وجوب الاستظهار مخيرا بين يومين و ثلاثة و هو ما رواه سعيد بن يسار «6» و في مورده يعارضه ما رواه محمد بن

______________________________

(1) لاحظ ص: 144

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 108

(4) الوسائل الباب 13 من أبواب الحيض الحديث: 6

(5) الوسائل الباب 13 من أبواب الحيض الحديث: 12

(6) لاحظ ص: 131

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 152

______________________________

مسلم «1».

القسم السادس: ما يدل علي مطلوبية الاستظهار بيوم أو يومين بالنسبة إلي المرأة التي لا يكون حيضها مستقيما و هو ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه

السلام عن المستحاضة أ يطأها زوجها؟ و هل تطوف بالبيت؟ قال: تقعد قرؤها الذي كانت تحيض فيه فان كان قرؤها مستقيما فلتأخذ به و ان كان فيه خلاف فلتحتط بيوم أو يومين «2».

القسم السابع: ما يدل علي مطلوبية الاستظهار بيوم أو يومين بالنسبة الي ذات العادة و هو ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الطامث تقعد بعدد أيامها كيف تصنع؟ قال: تستظهر بيوم أو يومين ثم هي مستحاضة «3» و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الحائض اذا رأت دما بعد أيامها التي كانت تري الدم فيها فلتقعد عن الصلاة يوما أو يومين «4».

القسم الثامن: ما يدل علي وجوب الاستظهار مخيرا بين يوم أو يومين أو ثلاثة و هو ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الحائض كم تستظهر؟ فقال: تستظهر بيوم أو يومين أو ثلاثة «5».

القسم التاسع: ما يدل علي مطلوبية الاستظهار علي الاطلاق و هو ما رواه

______________________________

(1) لاحظ ص: 126

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 8

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب الحيض الحديث: 13

(4) نفس المصدر الحديث: 15

(5) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 153

______________________________

يونس بن يعقوب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: النفساء تجلس أيام حيضها التي كانت تحيض ثم تستظهر و تغتسل و تصلي «1».

و في قبال هذه الطائفة الطائفة الثانية قالوا بأنها تعارض تلك النصوص: منها ما رواه يونس مرسلا و الشاهد في قوله عليه السلام: «ألا تري أن أيامها لو كانت أقل من سبع و كانت خمسا أو أقل من ذلك ما قال

لها: تحيضي سبعا «2» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال و كلمة «غير واحد» لا تخرجها من الآحاد الي المتواتر.

أضف الي ذلك أن علي بن ابراهيم الواقع في الطريق ينقل عن محمد بن بن عيسي و يحتمل أن يكون المراد منه العبيدي و حيث انه مخدوش عندنا فالرواية تسقط عن الاعتبار من هذه الجهة أيضا و فيه تأمل.

و منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المستحاضة تنظر أيامها فلا تصلي فيها و لا يقربها بعلها فاذا جازت أيامها و رأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر و العصر تؤخر هذه و تعجل هذه و المغرب و العشاء غسلا تؤخر هذه و تعجل هذه و تغتسل للصبح و تحتشي و تستسفر الي أن قال و لا يأتيها بعلها أيام قرءها و ان كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت و دخلت المسجد وصلت كل صلاة بوضوء و هذه يأتيها بعلها الا في أيام حيضها «3».

بتقريب: أن المستفاد من الرواية أن المنع من الصلاة و المقاربة مختص بأيام عادتها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الحيض الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 154

______________________________

و منها: ما رواه مالك بن أعين قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الاستحاضة كيف يغشاها زوجها قال تنظر الايام التي كانت تحيض فيها و حيضتها مستقيمة فلا يقربها في عدة تلك الايام من ذلك الشهر و يغشاها فيما سوي ذلك من الايام و لا يغشاها حتي يأمرها فتغتسل ثم يغشاها ان أراد «1» و هذه الرواية ضعيفة بمالك.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: (سمعته يقول: المرأة) المستحاضة تغتسل (التي لا تطهر خ) عند صلاة الظهر و تصلي الظهر و العصر ثم تغتسل عند المغرب فتصلي المغرب و العشاء ثم تغتسل عند الصبح فتصلي الفجر و لا بأس يأتيها بعلها اذا شاء الا أيام حيضها فيعتزلها زوجها «2».

و تقريب الاستدلال ظاهر فان المستفاد منه أن المنع مختص بأيام العادة.

و منها: ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المستحاضة قال: فقال: تصوم شهر رمضان الا الايام التي كانت تحيض فيها ثم تقضيها من بعد «3».

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المستحاضة اذا مضت أيام أقرائها اغتسلت و احتشت كرسفها و تنظر فان ظهر علي الكرسف زادت كرسفها و توضأت وصلت «4»..

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الاستحاضة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب الاستحاضة الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 155

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بابن الربيع فانه لم يوثق.

و منها: ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المستحاضة كيف تصنع؟ قال: اذا مضي وقت طهرها الذي كانت تطهر فيه فلتؤخر الظهر الي آخر وقتها ثم تغتسل ثم تصلي الظهر و العصر فان كان المغرب فلتؤخرها الي آخر وقتها ثم تغتسل ثم تصلي المغرب و العشاء فاذا كان صلاة الفجر فلتغتسل بعد طلوع الفجر ثم تصلي ركعتين قبل الغداة ثم تصلي الغداة قلت: يواقعها زوجها؟ قال: اذا طال بها ذلك فلتغتسل و لتوضأ ثم يواقعها ان أراد «1».

و

هذه الرواية ضعيفة بالطيالسي.

و منها: ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: النفساء تكف عن الصلاة أيامها التي كانت تمكث فيها ثم تغتسل و تعمل كما تعمل المستحاضة «2».

فلا بد من الجمع بين هاتين الطائفتين و قد ذكر في وجه الجمع بينهما وجوه:

الاول: حمل أخبار الاستظهار علي الاستحباب ببركة أخبار الاقتصار.

و يمكن الاشكال في الجمع المذكور بأمور:

منها: أن أخبار الاستظهار، كثيرة منها تأبي عن الحمل المذكور لظهورها في الوجوب.

و يمكن الجواب عن هذا الايراد بأن رفع اليد عن ظهور أدلة الاستظهار

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 15

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 156

______________________________

في وجوبه جائز مع وجود الشاهد عليه نعم مع عدم وجود الشاهد لا يجوز فمع وجوده لا مانع من الالتزام باستحباب الاستظهار و كراهة الوقاع قبل الاستظهار.

و منها: أن الجمع بهذا النحو معناه رفع اليد عن ظهور أخبار كلا الطرفين اذ ظاهر أخبار الاستظهار وجوبه و ظاهر أخبار الاقتصار وجوبه أيضا و مرجع الجمع المذكور رفع اليد عن كلا الظهورين.

و فيه: أن مع وجود الشاهد لا نضائق من رفع اليد عن ظهور كلا الطرفين.

و منها: أن حمل أخبار الاستظهار علي الندب ليس باولي من العكس بأن تحمل أخبار الاقتصار علي استحباب المبادرة و حمل أخبار الاستظهار علي التخيير و الترخيص في الاستظهار.

و فيه: أنه مع وجود شاهد للجمع و ترجيح أحد الاحتمالين علي الاخر فهو و الا يكون مقتضي القاعدة التخيير علي القول به بين اختيار الاستظهار و ترك العبادة، و بين الاتيان بها و ترك الاستظهار فلا يتوجه اشكال ترجيح أحد الطرفين علي الاخر بلا مرجح.

و عن صاحب الكفاية قدس سره: «أن كثرة اختلاف أخبار الاستظهار

بنفسها دليل علي استحباب الاستظهار».

لكن لا يمكن المساعدة عليه لعدم الدليل و ان كان ما أفاده ليس ببعيد.

و الحاصل: أنه مع وجود الشاهد علي الجمع لا مانع من البناء علي استحباب الاستظهار و ربما يقال: بأن حديث ابن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن النفساء كم تقعد؟ فقال: ان أسماء بنت عميس أمرها رسول اللّه صلي اللّه

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 157

______________________________

عليه و آله أن تغتسل لثمان عشرة و لا بأس بأن تستظهر بيوم أو يومين «1» شاهد للجمع المذكور.

بتقريب أن المستفاد من الرواية عدم البأس بترك الاستظهار فهو ليس واجبا بل يكون مندوبا.

لكن حديث ابن مسلم مخدوش دلالة اذ لازمه جواز كون النفاس أكثر من العشرة و حيث ان نفي البأس عن الاستظهار في موردها لا يمكن الالتزام بجعله لا تكون الرواية شاهدة للجمع.

و من الاشكالات الواردة علي هذا الجمع ما عن صاحب الكفاية في رسالة الدماء بأن حمل أخبار الاستظهار علي الندب يستلزم التخيير بين فعل الواجب و تركه لا الي بدل و هذا لا يمكن.

و أجاب عن الاشكال بأن المستحب البناء علي التحيض و أما بعد البناء فالصلاة محرمة عليها.

و الحق في الجواب أن يقال: انه علي فرض الالتزام باستحباب الاستظهار لا تكون العبادة واجبة كي يرد بأن جواز ترك الواجب من غير بدل أمر غير ممكن.

و ان شئت قلت: ان نتيجة الجمع المذكور أن الاستظهار و ترك العبادة و الاحتياط و ترتيب آثار الحيض مستحب كما أن العبادة أيضا مستحبة.

لكن الظاهر أن هذا الكلام لا يرجع الي محصل صحيح فانه كيف يمكن أن تكون العبادة مستحبة و يكون تركها أيضا مستحبا؟ فان مرجع هذا الكلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من

أبواب النفاس الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 158

______________________________

الي ترجيح كل من الطرفين علي الاخر و هذا أمر غير معقول لكن الاشكال كل الاشكال في عدم شاهد علي الجمع المذكور و حديث ابن مسلم «1» غير قابل للقبول فلا يمكن أن يكون وجها للجمع بين المتعارضين. مضافا الي أنه بنفسه طرف للمعارضة فان جملة من الروايات تدل علي وجوب الاستظهار ثلاثة أيام أو يومين أو يوما واحدا و حديث ابن مسلم يدل علي جواز الاستظهار يوما أو يومين.

الثاني: تخصيص أخبار الاقتصار بأخبار الاستظهار و عن الجواهر: «أنه قد يقال: بأنها مخصصة بغير أيام الاستظهار قطعا لكونه لازما للقائلين بالوجوب و الاستحباب». و عن طهارة شيخنا الاعظم: «أن ضعفه غني عن البيان».

و يمكن أن يقال: ان مرجع هذا الجمع الي طرح أخبار الاقتصار اذ لا فرق بين تخصيصها بأخبار الاستظهار و رفع اليد عنها فانه لا اشكال في وجوب ترتيب أثر الطهر بعد أيام الاستظهار مضافا الي أن أخبار الاقتصار آبية عن هذا الحمل.

الثالث: ما عن سيد المدارك قدس سره من حمل أخبار الاستظهار علي واجد الصفة و أخبار الاقتصار علي فاقدها. و عن المحقق في المعتبر احتماله.

و يمكن أن يكون الوجه فيه أن جملة من النصوص قد دلت علي أن الصفرة في غير أيام الحيض ليست من الحيض لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «2»

______________________________

(1) لاحظ ص: 156

(2) لاحظ ص: 107

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 159

______________________________

و ما رواه يونس «1» و ما رواه اسماعيل الجعفي «2» و ما رواه أبو بصير «3» و ما رواه معاوية بن حكيم «4» و ما رواه علي بن جعفر «5» فان هذه الاخبار تدل علي أن الصفرة في غير

أيام الحيض ليست من الحيض و مع وجود الدليل علي عدم الحيضية لا مجال للاستظهار فتخصص أخبار الاستظهار بهذه الاخبار و بعد التخصيص تنقلب النسبة بين أخبار الاستظهار و أخبار الاقتصار الي العموم و الخصوص المطلق و بعد الانقلاب من التباين الي العموم المطلق تجعل مخصصا لاخبار الاقتصار.

لكن هذا البيان انما يتم علي مسلك الانقلاب و أما عند من لا يري الانقلاب صحيحا فلا يتم.

و أورد في المستمسك علي سيد المدارك بأن صحيح سعيد يسار «6» يأبي عن الحمل المذكور بل تأباه عامة أخبار الاقتصار فان حمل تلك الاخبار علي خصوص الصفرة بعيد خصوصا مرسل داود «7» لظهور الدم فيه فيما يقابل الصفرة بقرينة صدره.

و الظاهر أن نظره في وجه اباء رواية سعيد الي أن المذكور فيها الدم الرقيق

______________________________

(1) لاحظ ص: 126

(2) لاحظ ص: 146

(3) لاحظ ص: 146

(4) لاحظ ص: 107

(5) لاحظ ص: 146

(6) لاحظ ص: 131

(7) يأتي عن قريب

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 160

______________________________

بدعوي ظهوره في الصفرة، و الحال أن الدم الرقيق ليس ظاهرا في الصفرة بل أعم منها فلا تأبي و أما مرسل داود عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت له: فالمرأة يكون حيضها سبعة أيام أو ثمانيه أيام حيضها دائم مستقيم ثم تحيض ثلاثة أيام ثم ينقطع عنها الدم و تري البياض لا صفرة و لا دما؟ قال:

تغتسل و تصلي قلت: تغتسل و تصلي و تصوم ثم يعود الدم قال: اذا رأت الدم أمسكت عن الصلاة و الصيام قلت: فانها تري الدم يوما و تطهر يوما قال: فقال:

اذا رأت الدم أمسكت و اذا رأت الطهر صلت فاذا مضت أيام حيضها و استمر بها الطهر صلت فاذا

رأت الدم فهي مستحاضة قد انتظمت لك أمرها كله «1» فلإرساله لا اعتبار به.

فالحق: أنه لا بأس بهذا الحمل و عهدة مدعي الإباء عن الحمل المذكور علي مدعيه.

لكن يشكل هذا الجمع بما رواه اسحاق بن جرير «2» فان المستفاد من هذه الرواية أن الوظيفة في الدرجة الاولي الاستظهار ثم الجلوس بمقدار حيضها.

و بعبارة اخري: المستفاد من الرواية أولا وجوب الاستظهار و في الدور الثاني و الثالث الاقتصار و مع عدم استقرار العادة يكون المرجع التميز فلاحظ.

الرابع: حمل أخبار الاستظهار علي الاباحة لوقوع الامر به في مقام توهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 161

______________________________

الحظر اذ يتوهم وجوب الاقتصار علي العادة.

و فيه: أنه لا اشكال في ظهور كلتا الطائفتين في وجوب الاستظهار و الاقتصار و رفع اليد عن الظهور يحتاج الي الدليل و لا نري مانعا من حمل أخبار الاستظهار علي وجوبه في نفسه كما أنه لا مانع من الاخذ بظهور دليل وجوب الاقتصار فيه كذلك و ملاكات الاحكام ليست معلومة عندنا فمن الممكن وجوب الاستظهار كما أنه من الممكن وجوب الاقتصار.

و بعبارة اخري: لا مجال لرفع اليد عن ظهور الامر في الوجوب بدعوي كونه واردا مورد توهم الحظر فعليه يقع التعارض بين الطائفتين فاللازم رفع التعارض بنحو عرفي أو اعمال قواعده فلاحظ.

الخامس: ما عن الوحيد قدس سره و غيره و هو حمل أخبار الاستظهار علي الدور الاول و حمل أخبار الاقتصار علي الدامية في الدور الثاني و عن الجواهر الميل اليه.

و اورد عليه: أنه يوجد في أخبار الاقتصار ما يدل علي الاقتصار في الدور الاول أيضا لاحظ ما رواه زرارة «1» كما أن أخبار الاستظهار يوجد

فيها ما يكون ظاهرا في وجوب الاستظهار بالنسبة الي الدامية لاحظ حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: المستحاضة تستظهر بيوم أو يومين «2».

و حديث الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: المستحاضة تقعد أيام قرئها

______________________________

(1) لاحظ ص: 155

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب الحيض الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 162

______________________________

ثم تحتاط بيوم أو يومين فان هي رأت طهرا اغتسلت «1» و حديث زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: يجب للمستحاضة أن تنظر بعض نسائها فتقتدي بأقرائها ثم تستظهر علي ذلك بيوم «2» و لاحظ خبر البصري «3».

و ربما يقال بأن خبر اسحاق «4» شاهد لهذا الجمع. و يمكن أن يرد عليه بأن بعض أخبار الاقتصار آب عن الحمل المذكور.

و بعبارة اخري ظاهر في الاقتصار في الدور الاول لاحظ خبر زرارة «5» مضافا الي أن خبر اسحاق بنفسه معارض مع أخبار الاستظهار في مقداره.

السادس: ما عن صاحب الحدائق من حمل أخبار الاستظهار علي من تتخلف عادتها أحيانا و حمل أخبار الاقتصار علي مستقيمة الحيض بقرينة خبر عبد الرحمن «6» مضافا الي تقييد الحيض بالاستقامة في رواية مالك بن أعين «7» التي هي من أدلة الاقتصار.

و عن صاحب الكفاية أنه أورد علي الحدائق بأن رواية البصري ليست ظاهرة في تقسيم المعتادة الي قسمين و أن قوله عليه السلام: «و ان كان فيه خلاف

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الحيض الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) لاحظ ص: 152

(4) لاحظ ص: 113

(5) لاحظ ص: 155

(6) لاحظ ص: 152

(7) لاحظ ص: 154

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 163

______________________________

فلتحتط» ظاهر في كونها غير ذات العادة.

و يرد عليه: أن الظاهر من التقسيم، تقسيم ذي

العادة الي قسمين مضافا الي أن الامر بالاحتياط بيوم أو يومين يستلزم تعين الايام كي يصح الزيادة عليه بيوم أو يومين.

و الذي يختلج بالبال عاجلا أن ما أفاده متين فان هذه الرواية تقيد الطائفتين المتعارضتين و تكون وجه جمع بينهما و المذكور في هذه الرواية التخيير بين الاستظهار يوما و يومين و حيث ان التخيير بين الاقل و الاكثر غير معقول تحمل الرواية علي استحباب الاستظهار لكن المذكور في رواية اسحاق الاستظهار بيوم واحد و ظاهره وجوبه و لا مانع من الاخذ به و الحكم بوجوب الاستظهار يوما واحدا و النتيجة وجوب الاستظهار يوما واحدا و استحبابه يومين لكن حديث اسحاق يعارضه ما يدل علي وجوب الاستظهار أكثر من يوم لاحظ ما رواه سماعة «1».

و الذي ينبغي أن يقال: ان أخبار الاستظهار متعارض بعضها مع بعض مضافا الي معارضتها مع أخبار الاقتصار و أما خبر البصري حيث انه فصل بين المستقيمة و غيرها فليس طرف المعارضة فلا مانع من الاخذ به فالنتيجة: ان مستقيمة الحيض يستحب لها الاستظهار بيوم أو يومين هذا اذا لم يكن الدم بصفات الحيض و أما علي فرض اتصافه بصفاته فيحكم عليه بالحيضية لتحقق أمارة الحيض لكن يشكل ما ذكرنا بأن حديث البصري بنفسه طرف المعارضة فلا وجه للأخذ به و ترك غيره.

______________________________

(1) لاحظ ص: 108

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 164

______________________________

و بعبارة اخري: ما يستفاد من خبر البصري مغاير مع جميع الروايات.

و بكلمة اخري: تقديم خبر علي خبر آخر يتوقف علي كونه قرينة له كالخاص بالنسبة الي العام أو المقيد بالنسبة الي المطلق و المقام ليس كذلك مثلا لو ورد في دليل: أكرم العلماء باعطاء كل واحد منهم عشرة دنانير و

ورد في دليل آخر لا تكرم العلماء و ورد في دليل ثالث: العلماء ان كانوا عدولا فأعط كل واحد منهم عشرة دراهم مع فرض كون التكلف أمرا واحد أهل يمكن تخصيص الدليلين الاولين بالثالث؟ كلا بل الثالث طرف المعارضة اذ لا يكون أخص بل يكون متباينا. ففي المقام لا بد من ترجيح سندي ان كان و الا فمقتضي القاعدة التساقط.

و يمكن أن يقال: بأن ما رواه البزنطي «1» فيه ترجيح لكونه أحدث و مقتضاه استظهار الحائض يوما أو يومين أو ثلاثة و حيث ان التخيير بين الاقل و الاكثر غير ممكن نلتزم باستحباب الاستظهار كذلك.

و أما حديث محمد بن عمر و بن سعيد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الطامث و حد جلوسها فقال: تنتظر عدة ما كانت تحيض ثم تستظهر بثلاثة أيام ثم هي مستحاضة «2» فهو مخدوش سندا فانه يمكن أن يكون المراد بمحمد بن خالد الواقع في السند هو البرقي و هو مخدوش.

هذا بالنسبة الي مطلق الحائض و أما لو كانت ذات عادة في الوقت و العدد فمع تجاوز الدم عن أيامها يجب عليها الاستظهار بيوم و مع استمرار الدم في

______________________________

(1) لاحظ ص: 152

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب الحيض الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 165

يوما واحدا و تخيرت بعده في الاستظهار و عدمه الي العشرة (1) الي أن يظهر لها حال الدم و أنه ينقطع علي العشرة أو يستمر الي ما بعد العشرة فان اتضح لها الاستمرار قبل تمام العشرة اغتسلت و عملت عمل المستحاضة و الا فالاحوط لها استحبابا الجمع بين أعمال المستحاضة و تروك الحائض (2).

______________________________

الشهور الآتية يجب الاخذ بأيامها و تجعل الحيض أيام عادتها

و الدليل عليه ما رواه اسحاق «1» لكن يشكل ما ذكرنا فان هذه الرواية معارضة في مورد ذات العادة بغيرها لاحظ حديثي سماعة «2».

هذا ما يختلج بالبال و طريق الاحتياط ظاهر و اللّه العالم بحقائق الاشياء و عليه التوكل و التكلان.

(1) قد ظهر مما ذكرنا أن مقتضي حديث البزنطي استحباب الاستظهار للحائض مخيرا بين يوم أو يومين أو ثلاثة فلاحظ.

(2) لم يظهر لنا وجه الحكم بالحيضية علي مجموع الدم المرئي فيما اذا انقطع علي العشرة بل مقتضي النصوص خلافه أما أخبار الاقتصار علي أيام العادة فظاهر و أما أخبار الاستظهار فمقتضاها اختصاص الحكم بالحيضية بخصوص أيام الاستظهار لا أزيد.

و ما يمكن أن يكون مدركا للقائلين بهذا القول أمور:

الاول: قاعدة الامكان و قد مر الاشكال فيها.

الثاني: الاستصحاب و فيه: أن أخبار التميز لا تبقي مجالا للأصل كما هو

______________________________

(1) لاحظ ص: 113

(2) لاحظ ص: 108 و 151

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 166

______________________________

ظاهر مضافا الي أن مقتضي أخبار الاستظهار عدم الحكم بالحيضية فيما سوي تلك الايام كما أن مقتضي أخبار الاقتصار قصر الحيضية في أيام العادة.

الثالث: استصحاب أحكام الحيض فان مقتضاه ترتيب أحكامه.

و فيه: أولا أن استصحاب الحكم مع الشك في الموضوع غير جار فان كان الاستصحاب جاريا في الموضوع فلا تصل النوبة الي استصحاب الحكم للحكومة و ان لم يجر فايضا لا يجري الاستصحاب في الحكم اذ يشترط في جريان الاستصحاب وحدة القضية و مع الشك في الموضوع لا تكون محفوظة.

و ثانيا: أن الاستصحاب لا يجري في الحكم الكلي.

و حيث انجر الكلام الي هنا لا بأس بالتعرض لما بنينا عليه أخيرا في تعارض الاستصحابين في الحكم الكلي فنقول: ربما يقال بأنه ليس تعارض بين بقاء المجعول باستصحاب

بقائه و استصحاب عدم الجعل بل الاستصحاب يجري في ناحية عدم الجعل اذا لشك في بقاء المجعول مسبب عن الشك في سعة الجعل و مع جريان الاصل في ناحية السبب لا تصل النوبة الي جريان الاصل في المسبب.

و أورد عليه سيدنا الاستاد بأن السر في تقدم الاصل السببي علي الاصل المسببي أن المسبب من الآثار الشرعية للسبب كما لو غسل ثوب نجس بالماء الذي يجري استصحاب الطهارة فيه فانه مع جريان الاستصحاب في الماء لا تصل النوبة الي جريان استصحاب النجاسة في الثوب لان طهارة الثوب مترتبة علي غسله بالماء الطاهر فاذا حكم علي الماء بالطهارة ببركة الاستصحاب تترتب عليه طهارة الثوب شرعا و أما في المقام فليس عدم نجاسة الماء الذي زال تغيره من قبل نفسه من آثار عدم جعل النجاسة بل من الآثار التكوينية له لان عدم

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 167

______________________________

نجاسة الماء خارجا ملازم تكوينا مع عدم جعل النجاسة بل عينه حقيقة و لا مغايرة بينهما الا نظير المغايرة بين الماهية و الوجود.

اذا عرفت مقالته فاعلم: أنا لا نفهم مراده و لا يمكننا المساعدة عليه اذ الجعل من الامور الواقعية و من أفعال النفس.

و بعبارة اخري: الجعل من الاعتبارات و المجعول من عالم المعتبر و لذا لا يصح أن يقال: الفرق بين الاعتبار و المعتبر هو الفرق بين الايجاد و الوجود اذ كيف يمكن اتحاد الامر الاعتباري مع الامر الواقعي فان مرجعه الي اجتماع النقيضين و ما أفاده من أن تغاير هما كالتغاير بين الماهية و الوجود، غير معلوم المراد فانه علي القول باصالة الوجود المتحقق في الخارج هو الوجود و الماهية تنتزع منه بالانتزاع العقلي كما أنه علي القول باصالة الماهية

يكون الامر بالعكس.

و صفوة القول: انه ليس الماهية عين الوجود مفهوما كما هو ظاهر كما أنه ليس عينه خارجا و الا لم يكن مفهوم صحيح للنزاع في أن الاصل في الخارج الماهية أو الوجود.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان الجعل غير المجعول و لا يصح أن يقال:

عينه و عليه نقول: ان ترتب عدم المجعول علي عدم الجعل ليس شرعيا بل ترتب عقلي.

و بعبارة اخري: عدم تحقق المعتبر في عالم الاعتبار من آثار عدم وجود الاعتبار عقلا فلا يعارض استصحاب المجعول استصحاب عدم الجعل الاعلي القول بالمثبت لكن المعارضة بحالها من ناحية اخري و هي أن استصحاب بقاء

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 168

______________________________

المجعول يعارضه استصحاب بقاء عدم المجعول.

و لتوضيح المدعي نقول: انا نعلم أنه قبل الشرع لم يكن جعل و لا مجعول و بعد الشرع علمنا بجعل النجاسة للماء المتغير حين تغيره و أما بعد زوال التغير من قبل نفسه نشك في بقاء المجعول فتكون نجاسته باقية بحالها كما أنا نشك في بقاء عدم كون النجاسة مجعولة الماء الذي زال تغيره من قبل نفسه فمقتضي استصحاب بقاء المجعول النجاسة و مقتضي استصحاب بقاء عدم المجعول عدم النجاسة فيتعارض الاصلان و بالتعارض يتساقطان فتصل النوبة الي أصل الطهارة فافهم و اغتنم.

الرابع: ما دل من النصوص علي أن الصفرة في أيام الحيض حيض لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1» و ما رواه يونس «2» و ما رواه معاوية بن حكيم «3» و ما رواه اسماعيل الجعفي «4» و ما رواه ابو بصير «5» و ما رواه علي بن جعفر «6».

بتقريب: أن المقصود من الايام، أيام امكان الحيض.

و فيه: أنه قد مر في بحث قاعدة الامكان أن

هذا خلاف ظاهر تلك النصوص فان الظاهر منها أن المرئي في أيام العادة يكون من الحيض فلا يرتبط بالمقام.

______________________________

(1) لاحظ ص: 107

(2) لاحظ ص: 107

(3) لاحظ ص: 107

(4) لاحظ ص: 146

(5) لاحظ ص: 146

(6) لاحظ ص: 146

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 169

______________________________

الخامس: ما دل علي أن المرئي قبل العشرة من الحيضة الاولي و أما ما تري بعد العشرة فهو من الحيضة الثانية لاحظ حديثي محمد بن مسلم «1».

و فيه: أن المستفاد من هذه النصوص فرض تحقق الحيض أولا و ثانيا و الكلام فيما نحن فيه صورة الشك.

السادس: أخبار الاستبراء بدعوي أن مقتضي اطلاق تلك الاخبار عدم الفرق بين الحمرة و الصفرة.

و فيه: أنه قد مر منا النقاش في هذا الاستدلال و قلنا: يمكن أن يقال: ان أخبار التميز حاكمة علي تلك الاخبار و يكون الميزان اجتماع الصفات المعتبرة في الحكم بالحيضية أضف الي ذلك ما دل من النصوص علي أن الصفرة في غير أيام العادة ليست من الحيض «2».

و ملخص الكلام: أنه يظهر مما أفاده أمران:

أحدهما: أنه لو ظهر لها أن الدم يستمر الي ما بعد العشرة لم يكن لها الاستظهار و يجب عليها الاغتسال.

ثانيهما: أن الدم لو انقطع علي العشرة أو أقل يكون المجموع حيضا.

و للنقاش في كلا الامرين مجال، أما في الامر الاول فلان الدم لو تجاوز عن مقدار العادة و كان بصفة الحيض، كان مقتضي اعتبار التميز و الصفات أن يحكم بالحيضية الي العشرة. و أما في الامر الثاني فلانه لو انقطع علي العشرة أو أقل و لم يكن الزائد علي العادة بصفة الحيض، لم يكن وجه للحكم بالحيضية

______________________________

(1) لاحظ ص: 119 و 120

(2) لاحظ ص: 107 و 146

مباني منهاج الصالحين، ج 2،

ص: 170

[مسألة 189: قد عرفت حكم الدم اذا انقطع علي العشرة في ذات العادة و غيرها]

(مسألة 189): قد عرفت حكم الدم اذا انقطع علي العشرة في ذات العادة و غيرها (1).

و اذا تجاوز العشرة فان كانت ذات عادة وقتية و عددية تجعل ما في العادة حيضا و ان كان فاقدا للصفات (2).

______________________________

فيما زاد علي العادة و طريق الاحتياط كما في المتن و اللّه العالم.

(1) و قد تقدم شرح كلام الماتن.

(2) بلا خلاف فيه في الجملة كما في كلام بعض و نقل عن غير واحد دعوي الاجماع عليه. و عن العلامة: دعوي اجماع أهل العلم عليه و تقتضيه جملة من النصوص:

منها: ما رواه محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المرأة تستحاض فقال: قال أبو جعفر عليه السلام: سئل رسول اللّه صلي اللّه و عليه و آله عن المرأة تستحاض فأمرها أن تمكث أيام حيضها لا تصلي فيها ثم تغتسل «1».

و منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المستحاضة تنظر أيامها فلا تصلي فيها و لا يقربها بعلها و اذا جازت أيامها و رأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر و العصر «2».

و منها: ما رواه الحسين بن نعيم الصحاف عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

فلتمسك عن الصلاة عدد أيامها التي كانت تقعد في حيضها فان انقطع الدم

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الحيض الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 171

و تجعل الزائد عليها استحاضة و ان كان واجدا لها (1) هذا فيما اذا لم يمكن جعل واجد الصفات حيضا لا منضما و لا مستقلا و أما اذا أمكن ذلك كما اذا كانت عادتها ثلاثة- مثلا- ثم انقطع الدم ثم عاد بصفات الحيض ثم رأت

الدم الاصفر فتجاوز العشرة فالظاهر في مثله جعل الدم الواجد للصفات

______________________________

عنها قبل ذلك فلتغتسل و لتصل و ان لم ينقطع الدم عنها الا بعد ما تمضي الايام التي كانت تري الدم فيها بيوم أو يومين فلتغتسل ثم ذكر احكام المستحاضة «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «2» و في معناها جملة اخري من النصوص المذكورة في الباب الرابع من أبواب الحيض من الوسائل و يستفاد من هذه النصوص أن المرئي في ايام العادة محكوم بالحيضية حتي لو كان المرئي صفرة.

و منها: ما رواه إسحاق بن جرير «3» الي غيرها من النصوص الدالة علي أن الدم المرئي في أيام العادة محكوم بكونه حيضا.

(1) قد وقع الكلام في حكم ما لو تعارض التميز و العادة فربما يقال:

بترجيح التميز كما عن المبسوط و الخلاف و ربما يقال: بالعكس كما عن المشهور و ربما يقال: بالتخيير و لا يبعد أن الحق ما ذهب اليه المشهور و الدليل عليه خبر ابن جرير «4» فان المستفاد منه أن الميزان الاولي جعل ما في العادة حيضا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 107

(3) لاحظ ص: 113

(4) لاحظ ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 172

مع ما في العادة و النقاء المتخلل بينهما حيضا (1) و كذلك اذا رأت الدم الاصفر بعد أيام عادتها و تجاوز العشرة و بعد ذلك رأت الدم الواجد للصفات و كان الفصل بينه و بين أيام العادة عشرة أيام أو أكثر فانها تجعل الدم الثاني حيضا مستقلا (2).

[مسألة 190: المراد من المبتدئة و المضطربة و وظيفتهما]

(مسألة 190): المبتدئة و هي المرأة التي تري الدم لأول مرة و المضطربة و هي التي رأت الدم و لم تستقر لها عادة اذا رأت الدم و قد تجاوز العشرة

رجعت الي التميز (3).

______________________________

و في المرتبة المتأخرة يؤخذ بالصفات فلاحظ.

(1) اذ المفروض أن ما في العادة حيض بحكم الشارع و كذلك المرئي بصفات الحيض حيض شرعا و من ناحية اخري أن النقاء المتخلل بين الحيض الواحد حيض كما مر فالمجموع حيض.

(2) اذ المفروض ان الصفرة في غير أيام العادة ليست حيضا فلا مانع من جعل المتصف بالصفات حيضا فلاحظ.

(3) حكي عن المعتبر أنه مذهب فقهاء أهل البيت و عن المنتهي أنه مذهب علمائنا و استظهر من كلام بعض الاصحاب الاجماع عليه.

و يدل علي المدعي في كلا الموردين اطلاق دليل اعتبار التميز لاحظ حديث حفص «1» و يدل علي المطلوب في خصوص المضطربة حديث اسحاق «2» و لا يعارضهما حديث سماعة قال: سألته عن جارية حاضت أول حيضها فدام

______________________________

(1) لاحظ ص: 112

(2) لاحظ ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 173

بمعني أن الدم المستمر اذا كان بعضه بصفات الحيض و بعضه فاقدا لها أو كان بعضه أسود و بعضه أحمر وجب عليها التحيض بالدم الواجد للصفات أو بالدم الاسود (1) بشرط عدم نقصه عن ثلاثة أيام و عدم زيادته علي

______________________________

دمها ثلاثة أشهر و هي لا تعرف أيام أقرائها؟ فقال: أقرائها مثل أقراء نسائها فان كان نسائها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام و أقله ثلاثة أيام «1».

لان المفروض في هذا الحديث أن المرأة لا تعرف أيامها و من الظاهر أن المبتدئة لا أيام لها كما هو ظاهر فالمراد عدم عرفانها بحيضها.

و بعبارة اخري: فرض في الرواية أنها لا تعرف عادتها و لا تميز الحيض عن غيره فأجاب عليه السلام بأن الصفات طريق لمعرفة الحيض فدليل اعتبار الصفات مقدم و حاكم علي هذه الرواية و بدليل الصفات تخصص حديث

عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المرأة اذ رأت الدم في أول حيضها فاستمر بها الدم تركت الصلاة عشرة أيام ثم تصلي عشرين يوما فان استمر بها الدم بعد ذلك تركت الصلاة ثلاثة أيام وصلت سبعة و عشرين يوما «2» فيتم ما أفاده في المتن.

(1) يظهر من كلامه أنه كما أن السواد في الدم امارة الحيض كذلك الحمرة.

و لا يبعد أن يكون الامر كذلك فان المراد من الاسود الحمرة الشديدة.

و بعبارة اخري: لون الدم هي الحمرة فالسواد اريد به الحمرة الشديدة.

و يؤيد المدعي- بل يدل عليه-، التقابل بين السواد و الصفرة في بعض

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الحيض الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 174

العشرة (1) و ان لم تكن ذات تميز فان كان الكل فاقدا للصفات أو كان الواجد أقل من ثلاثة أيام كان الجميع استحاضة (2).

______________________________

النصوص. لاحظ حديث حفص «1» فانه قوبل فيها السواد بالصفرة.

و يؤيد المدعي مرسل ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة الا أن تكون امرأة من قريش «2» و مرسل يونس «3» و صفوة القول: أن المستفاد من حديث حفص «4» أن الدم اذا كان أصفر كان استحاضة و الا يكون حيضا و عليه يشكل جعل الاحمر استحاضه عند التعارض فلاحظ.

(1) فان الاقل لا يكون حيضا كما أن الاكثر كذلك.

(2) حيث ان الامر دائر بين الحيض و الاستحاضة و المفروض أنه ليس حيضا فيكون استحاضة، و ببيان آخر: أن الامارة قائمة علي الاستحاضة.

و عن الحدائق: الاشكال في جعل ما كان بصفة الحيض استحاضة و ان

كان أقل من ثلاثة بتقريب: أن ما يدل علي كون الواجد حيضا مطلق من حيث العدد فيقتضي جعل الاقل حيضا.

و فيه: أن اعتبار الامارة في ظرف احتمال التطابق مع الواقع و أدلة التحديد الدالة علي أن الحيض لا يكون أقل من ثلاثة تنفي كون الاقل حيضا فتلك الادلة

______________________________

(1) لاحظ ص: 112

(2) الوسائل الباب 31 من أبواب الحيض الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب الحيض الحديث: 4

(4) لاحظ ص: 112

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 175

______________________________

حاكمة علي دليل الامارة و ناظرة الي موضوعها.

فالنتيجة: أن ما دل علي اعتبار الصفات باطلاقها يقتضي اعتبار التميز بالصفات بالنسبة الي المبتدئة و المضطربة لاحظ حديث حفص «1» و يدل علي المدعي بالنسبة الي المضطربة حديث ابن جرير «2».

و في المقام شبهة و هي: أن المستفاد من بعض الروايات أن وظيفة المبتدئة الرجوع الي الروايات لاحظ حديثي ابن بكير «3» فان مقتضي هذين الحديثين الرجوع الي الروايات فلا اعتبار بالتميز.

و يجاب عن هذه الشبهة أولا: أن حديث سماعة «4» الوارد في المبتدئة اخذ فيه عنوان لا تعرف أيام أقرائها و من الظاهر أن المراد من الجملة الواقعة في الرواية أي قوله: «لا تعرف أيام أقرائها» ليس عدد أيام القرء اذ المفروض كون المرئي أول حيضها بل المراد عدم عرفان الحيض عن غيره و دليل اعتبار الصفات يقتضي العرفان فدليل أمارية الصفات حاكم.

و لقائل أن يقول: نسبة أدلة اعتبار الصفات الي تلك الروايات نسبة الامارة الي الاصل أي يفهم العرف أن وظيفة من لا يعرف الحيض و لا يميز، الرجوع الي الروايات و مع وجود الصفات و التميز بها لا تصل النوبة الي أدلة العدد.

و علي الجملة: أن العرف لا يري تعارضا

بين الدليلين.

و عن الشيخ الانصاري قدس سره: أن غاية ما في الباب التعارض بالدليلين

______________________________

(1) لاحظ ص: 112

(2) لاحظ ص: 113

(3) لاحظ ص: 129 و 130

(4) لاحظ ص: 172

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 176

و ان كان الكل واجدا للصفات و كان علي لون واحد أو كان المتميز أقل من ثلاثة أو أكثر من عشرة أيام فالمبتدئة ترجع الي عادة أقاربها عددا (1)

______________________________

و المرجح السندي مع أخبار التميز، لموافقتها للشهرة الفتوائية و موافقة الاخبار المعارضة لها للعامة لموافقتها مع أبي حنيفة و مع التساقط المرجح اطلاقات الحيض لصدقها علي الواجد للصفات.

و أورد عليه سيد المستمسك قدس سره: بأن المرجح السندي لا مجال له في العامين من وجه هذا أولا و ثانيا: أن الشهرة الفتوائية لا تكون من المرجحات السندية و ثالثا: أن مجرد المخالفة لقول أبي حنيفة لا يفيد و رابعا: أن صدق الاطلاق علي الواجد بلا اعتبار التميز لا يتم و اعتباره أول الكلام و الاشكال «1».

و الظاهر أنه قدس سره ناظر الي أن التعارض اذا كان بالاطلاق في الطرفين يكون مقتضي القاعدة التساقط لا الجمع.

و يرد عليه: أنه لا وجه لهذا المدعي بل القاعدة تقتضي الرجوع الي المرجح السندي نعم لو كان أحد الطرفين بالوضع و الاخر بالاطلاق يقدم العموم الوضعي علي العموم الاطلاقي و تفصيل الكلام موكول الي محله و بنينا علي أن الاطلاق بعد الانعقاد كالوضع أي لا وجه لسقوطه بالتعارض.

و ملخص الكلام: أنه لا تعارض بين الروايات كما تقدم و علي فرض التعارض لا وجه للتساقط بل مقتضي القاعدة الرجوع الي المرجح السندي.

(1) الظاهر أن في العبارة تهافتا اذ قد مر قريبا أنه لو كان ما بصفة الحيض

______________________________

(1) مستمسك العروة الوثقي ج

3 ص 280

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 177

______________________________

أقل من ثلاثة يكون جميع الدم استحاضة و هنا يقول: بالرجوع الي الاقارب.

و كيف كان ان ما يختلج بالبال أن يقال: المبتدئة تجعل الدم الفاقد للصفات استحاضة أعم من أن يكون المرئي أقل من ثلاثة أو أقل من العشرة أو عشرة أو أزيد اذ تقدم أن التميز معتبر بالنسبة اليها و المفروض أن المستفاد من أدلة التميز أن فاقد الصفة استحاضة و هكذا لو كان الواجد للصفة أقل من ثلاثة اذ قد علم من دليل التحديد انه لا يمكن أن يكون الحيض أقل من الثلاثة.

و لا مجال لان يقال: انه بدليل التميز نحكم بحيضية يومين و نكملها بالفاقد اذ دليل التحديد لا يبقي مجالا للأخذ بالتميز.

و ان شئت قلت: الاخذ بالامارة فيما يحتمل التطابق مع الواقع و مع دليل التحديد لا موضوع للتميز. و أما اذا كان واجدا للصفات و لم يكن أقل من ثلاثة و لا أكثر من عشرة فيحكم عليه بالحيضية لاعتبار الصفات و أما الواجد اذا تجاوز العشرة فلترجع صاحبته الي عادة أقاربها عددا لما رواه سماعة «1» و يظهر من المتن أن هذا حكم من اتفقت عادة نسائها في العدد.

و ربما يقال: بأن مقتضي حديث زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال يجب للمستحاضة أن تنظر بعض نسائها فتقتدي باقرائها ثم تستظهر علي ذلك بيوم «2» الاكتفاء بالرجوع الي البعض و لا يشترط الاتفاق.

و يرد عليه أولا أن حديث سماعة في خصوص المبتدئة و لا يعارضه الاطلاق و ثانيا: ان ذلك الحديث لا اعتبار به سندا لضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن راجع نخبة المقال تأليف الحاجياني.

______________________________

(1) لاحظ ص:

172

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الحيض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 178

و ان اختلفن في العدد فالاظهر أنها تتحيض في الشهر الاول سنة أو سبعة أيام و تحتاط الي تمام العشرة و بعد ذلك في الاشهر تتحيض بثلاثة أيام و تحتاط الي الستة أو السبعة (1).

______________________________

(1) الاقوال في المقام مختلفة حتي قيل: بأن الاقوال تبلغ عشرين و العمدة النصوص الواردة. فنقول: أما مرسل يونس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: فقال:

تلجمي و تحيضي في كل شهر في علم اللّه بستة أيام أو سبعة أيام ثم اغتسلي غسلا «1» فلا اعتبار به للإرسال و كلمة غير واحد لا تخرج الرواية عنه.

لكن لقائل أن يقول: بأن الظاهر من قول يونس: «عن غير واحد سئلوا» الشهادة علي السؤال فيخرج الحديث عن الارسال فتأمل.

و يمكن أن يقال: ان المرسل باطلاقه يدل علي أن المبتدئة ترجع الي العدد مع عدم التميز لكن لا بد من تقييده بحديث سماعة بل يمكن أن يقال ان نسبة المرسل الي حديث سماعة نسبة الاصل الي الامارة بتقريب أن الرجوع الي العدد في صورة عدم تمييز الايام و مع وجود الامارة يمكنها تمييز أيامها فلاحظ.

و أما حديث الخزاز عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن المستحاضة كيف تصنع اذا رأت الدم و اذا رأت الصفرة و كم تدع الصلاة؟ فقال: أقل الحيض ثلاثة و أكثره عشرة و تجمع بين الصلاتين «2» فضعيفة بأحمد بن عبدون و ابن الزبير و قس عليه حديث ابن بكير «3» فانه قد مر منا الاشكال في

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الحيض الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 130

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 179

و

أما المضطربة فالاظهر أنها تتحيض ستة أو سبعة أيام و تعمل بعد ذلك بوظائف المستحاضة (1).

______________________________

اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال.

و أما حديثه الاخر «1» فيدل علي التحيض في الشهر الاول بعشرة أيام و في الباقي بثلاثة و لا ينافيه ما رواه سماعة «2» و هذا أحد الاقوال في المبتدئة- علي ما في الحدائق- فلاحظ.

(1) الظاهر أن ما أفاده لا يتم بحسب الادلة فان غاية ما يقال في هذا المقام أن وظيفة المضطربة مستفادة من مرسلة يونس اذ قد حصر فيها الاصناف في الثلاثة و حيث ان المضطربة ليست داخلة في ذات العادة فهي ملحقة اما بالمبتدئة.

أو بالناسية و حيث انه لا فرق بين الصنفين من حيث الوظيفة فهي ملحقه بالمبتدئة.

و يمكن أن يقال: ان المستفاد من المرسلة حصر الوظيفة في الثلاث فذات العادة ترجع الي عادتها و صاحبة التميز ترجع اليه و غيرهما يرجع الي العدد أضف الي ذلك ان المستفاد من ذيل المرسلة ان الناسية مع فقد التميز ترجع الي العدد فان قوله عليه السلام: «لان قصتها قصة حمنة» يدل علي أن الميزان الكلي ان وظيفة المرأة غير ذات العادة التي لا تتميز وظيفتها الرجوع الي العدد فان حمنة كانت متبدأة فالعمدة في الاشكال ضعف المرسل.

و الذي يختلج بالبال عاجلا أن يقال: ما تراه اذا لم يكن بصفات الحيض لم يحكم عليه بالحيضية و اذا كان المرئي موصوفا بوصف الحيض فان كان أقل من ثلاثة فكذلك لا يحكم عليه بالحيضية لأدلة التحديد و اذا كان ثلاثة أو أزيد

______________________________

(1) لاحظ ص: 129

(2) لاحظ ص: 172

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 180

[مسألة 191: اذا كانت ذات عادة عددية فقط و نسيت عادتها ثم رأت الدم بصفات الحيض ثلاثة أيام أو أكثر و لم يتجاوز العشرة]

(مسألة 191): اذا كانت ذات عادة عددية فقط و نسيت عادتها ثم

رأت الدم بصفات الحيض ثلاثة أيام أو أكثر و لم يتجاوز العشرة كان جميعه حيضا (1).

و اذا تجاوز العشرة جعلت المقدار الذي تحتمل العادة فيه

______________________________

و لم يتجاوز العشرة فيحكم عليه بالحيضية و أما مع التجاوز عن العشرة فربما يقال: - كما قلنا سابقا- بأنها تجعل العشرة الاولي حيضا فان الامارة الدالة علي الحيضية موجودة فلا وجه للتخيير و بعد العشرة تجعله استحاضة و لا وجه لرفع اليد عن الامارة.

لكن يمكن أن يقال: بأن التقدم الزماني لا يوجب الترجيح فان الامارة تدل علي كون الواجد حيضا بلا فرق بين الاول و الوسط و الاخر فيقع التعارض و النتيجة هو التساقط و حيث ان الامر دائر بين الحيض و الاستحاضة يجب الاحتياط بمقتضي العلم الإجمالي فلا بد من الجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة فلاحظ.

ان قلت: اذا كانت المرأة مسبوقة بالطهر فمقتضي استصحاب الطهر كونها طاهرة. قلت: كما أن مقتضي الاستصحاب عدم الحيض كذلك مقتضاه عدم تحقق الاستحاضة و بعد التساقط يجب الاحتياط.

(1) ادعي عليه الاجماع و الدليل عليه من النصوص نصوص الصفات فانها أمارة علي الحيض و مع تحقق الامارة يترتب عليها حكم ذيها كما هو الميزان الكلي.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 181

حيضا و الباقي استحاضة (1) و ان احتملت العادة فيما زاد علي السبعة فالاحوط أن تجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة في المقدار المحتمل الي تمام العشرة (2).

[مسألة 192: اذا كانت ذات عادة وقتية فقط و نسيتها ثم رأت الدم بصفات الحيض ثلاثة أيام أو أكثر و لم يتجاوز العشرة]

(مسألة 192): اذا كانت ذات عادة وقتية فقط و نسيتها ثم رأت الدم بصفات الحيض ثلاثة أيام أو أكثر و لم يتجاوز العشرة كان جميعه حيضا (3) و اذا تجاوز الدم العشرة فان علمت المرأة اجمالا بمصادفة الدم أيام عادتها لزمها الاحتياط في جميع

أيام الدم

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون الدليل عليه من النصوص ما يدل علي جعل أيام الحيض حيضا لاحظ أحاديث معاوية و الحلبي و داود مولي ابي المعزا العجلي و يونس و الصحاف و زرارة «1» و مثلها حديث ابن جرير «2» فان مقتضي هذه النصوص أن الوظيفة جعل أيام العادة حيضا و مع احتمال العدد الزائد يكون مقتضي الاستصحاب بقاء الايام.

لا يقال: التميز أمارة و مقدم علي الاستصحاب، فانه يقال: الاستصحاب يقتضي بقاء الايام و بعبارة اخري يحكم ببقاء الموضوع بالاستصحاب.

(2) الظاهر أن الوجه في الاحتياط مرسل يونس حيث يستفاد منه ان الوظيفة- كما ذكرنا- الرجوع الي العدد.

و لكن الحق ان مقتضي الاستصحاب جعل الحيض الي العشرة و اللّه العالم.

(3) لاعتبار الوصف و كونه أمارة علي الحيضية و عدم مانع من كونه حيضا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 170 و الباب 5 من أبواب الحيض

(2) لاحظ ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 182

حتي فيما اذا لم يكن الدم في بعض الايام أو في جميعها بصفات الحيض (1) و ان لم تعلم بذلك فان كان الدم مختلفا من جهة الصفات جعلت ما بصفات الحيض اذا لم يقل عن ثلاثة و لم يزد عن عشرة أيام حيضا و ما بصفة الاستحاضة استحاضة (2).

و ان لم يختلف الدم في الصفة و كان جميعه بصفة الحيض أو كان ما بصفة الحيض أكثر من عشرة أيام جعلت ستة أو سبعة أيام حيضا و الباقي استحاضة (3) و الاحوط أن تحتاط الي العشرة و الاولي أن تحتاط في جميع أيام الدم (4).

[مسألة 193: إذا كانت ذات عادة عددية و وقتية فنسيتها ففيها صور]

(مسألة 193): اذا كانت ذات عادة عددية و وقتية فنسيتها ففيها صور:

______________________________

(1) لعل وجه وجوب الاحتياط، العلم الإجمالي و يمكن تقريبه بوجهين:

أحدهما

أنه يعلم اجمالا أن بعض هذه الايام، أيام أقرائها فيجب ترتيب أحكام الحيض بمقتضي ما دل علي أن الدم المرئي في أيام الاقراء حيض ثانيهما أنه يعلم اجمالا بأن الدم المرئي في هذه الايام اما حيض أو استحاضة فيجب ترتيب الآثار من باب تنجز العلم الإجمالي فيجب الجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة.

(2) لاعتبار الصفات و عدم مانع عن العمل بها كما هو المفروض.

(3) لمرسل يونس و لكن المرسل كما ذكرنا لا اعتبار به فلا بد من الاحتياط في جميع أيام الدم.

(4) قد ظهر أن الاحتياط هو المتعين.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 183

الاولي: أن تكون ناسية للوقت مع حفظ العدد و الحكم فيها هو الحكم في المسألة السابقة (1) غير أن الدم اذا كان بصفة الحيض و تجاوز العشرة و لم تعلم المرأة بمصادفة الدم أيام عادتها رجعت الي عادتها من جهة العدد فتحيض بمقدارها و الزائد عليه استحاضة (2).

الثانية: أن تكون حافظة للوقت و ناسية للعدد ففي هذه الصورة كان ما تراه من الدم في وقتها المعتاد بصفة الحيض أو بدونها حيضا (3) فان كان الزائد عليه بصفة الحيض و لم يتجاوز العشرة فجميعه حيض (4) و ان تجاوزها تحيضت فيما تحتمل العادة فيه من الوقت و الباقي استحاضة (5) لكنها اذا احتملت العادة فيما زاد علي السبعة الي العشرة فالاحوط أن تعمل فيه بالاحتياط (6).

______________________________

(1) اي اذا كان بصفات الحيض و لم يقل عن ثلاث و لم يزد عن العشرة يحكم بكون جميعه حيضا.

(2) اذ ذات العادة ترجع الي عادتها و المفروض أن عادتها معلومة من حيث العدد.

(3) اذ الدم المرئي في وقت الحيض حيض.

(4) لاعتبار الصفة و عدم مانع من جعل

الجميع حيضا في مفروض الكلام.

(5) لا يبعد أن يكون الوجه استصحاب بقاء المدة فيترتب عليه كون الدم حيضا فتجعل المقدار المحتمل حيضا و الباقي استحاضة لدوران الامر بينهما.

(6) الظاهر أن الوجه فيما ذكره مرسل يونس فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 184

الثالثة: أن تكون ناسية للوقت و العدد معا و الحكم في هذه الصورة و ان كان يظهر مما سبق الا أنا نذكر فروعا للتوضيح الاول:

اذا رأت الدم بصفة الحيض أياما لا تقل عن ثلاثة و لا تزيد علي عشرة كان جمعيه حيضا (1).

و أما اذا كان أزيد من عشرة أيام و لم تعلم بمصادفته أيام عادتها تحيضت بمقدار ما تحتمل أنه عادتها (2) و لكن المحتمل اذا زاد علي سبعة أيام احتاطت في الزائد (3).

الثاني: اذا رأت الدم بصفة الحيض أياما لا تقل عن ثلاثة و لا تزيد علي عشرة و أياما بصفة الاستحاضة و لم تعلم بمصادفة ما رأته أيام عادتها جعلت ما بصفة الحيض حيضا و ما بصفة الاستحاضة استحاضة (4) و الاولي أن تحتاط في الدم الذي ليس بصفة الحيض اذا لم يزد

______________________________

(1) لاعتبار الصفة و كونها أمارة علي الحيض فمعها يحكم بكون المرئي حيضا.

(2) الذي يختلج بالبال أن أمارية الصفة تدل علي الحيضية فتجعل المقدار المحتمل حيضا.

(3) لمرسل يونس.

(4) لاعتبار الصفة و عدم مانع من العمل علي طبق الامارة كما هو المفروض في عبارة الماتن.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 185

المجموع علي عشرة أيام (1).

الثالث: اذا رأت الدم و تجاوز عشرة أيام أو لم يتجاوز و علمت بمصادفة أيام عادتها لزمها الاحتياط في جميع أيام الدم سواء كان الدم جميعه أو بعضه بصفة الحيض أم لم يكن (2).

[مسألة 194: اذا كانت المرأة ذات عادة مركبة]

(مسألة 194): اذا كانت

المرأة ذات عادة مركبة كما اذا رأت في الشهر الاول ثلاثة و في الثاني أربعة و في الثالث ثلاثة و في الرابع أربعة فالاحوط لها الاحتياط بترتيب أحكام المضطربة و ترتيب أحكام ذات العادة بجعل حيضها في شهر الفرد ثلاثة و في شهر الزوج أربعة و كذا اذا رأت في شهرين متواليين ثلاثة و في شهرين متواليين أربعة ثم شهرين متواليين ثلاثة ثم شهرين متواليين أربعة فانها تحتاط بترتيب أحكام المضطربة و ترتيب أحكام ذات العادة بجعل حيضها في شهرين ثلاثة و شهرين أربعة (3).

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون الوجه في الاحتياط ما اشتهر بين القوم من أن ذات العادة اذا رأت الدم أكثر من أيامها تجعل المجموع حيضا ما لم يتجاوز عن العشرة.

(2) للعلم الإجمالي بأن عادتها بعض هذه الايام و لا عبرة بالتميز في المقام اذ الدم المرئي في أيام الحيض محكوم بالحيضية و لا يعتبر التميز فلاحظ.

(3) الظاهر ان الوجه فيما أفاده من الاحتياط انه لا يري صحة العادة المركبة فتكون مثل هذه المرأة مضطربة فمقتضي الاحتياط أن تجمع بين وظيفة ذات العادة و المضطربة.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 186

[الفصل السابع في احكام الحيض]
اشارة

الفصل السابع في احكام الحيض

[مسألة 195: يحرم علي الحائض جميع ما يشترط فيه الطهارة من العبادات]

(مسألة 195): يحرم علي الحائض جميع ما يشترط فيه الطهارة من العبادات كالصلاة و الصيام و الطواف و الاعتكاف (1).

______________________________

(1) قال سيد المستمسك في مستمسكه في هذا المقام- شرحا علي كلام الماتن-: «اجماعا حكاه جماعة كثيرة بل في المنتهي: يحرم علي الحائض الصلاة و الصوم و هو مذهب عامة أهل الإسلام و عن شرح المفاتيح انه ضروري و يدل عليه النصوص الكثيرة المتفرقة في أبواب الحيض و العبادات المذكورة» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و لا يخفي: أن العمدة النصوص بعد وضوح أصل الحكم عند الاصحاب و النصوص الدالة بمجموعها علي المدعي متفرقة رواها في الوسائل في الابواب:

39 و 2 و 3 و 10 و 30 و 32 و 40 و 48 من أبواب الحيض و 48 من أبواب الاحرام و 25 من أبواب من يصح منه الصوم و 38 من الطواف. لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا كانت المرأة طامثا فلا تحل لها الصلاة «1» و ما رواه الفضل «2» و ما رواه حفص «3».

و ما رواه يونس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: فاذا رأت المرأة الدم في أيام حيضها تركت الصلاة «4» و ما رواه الاعمش عن جعفر بن

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 112

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب الحيض الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 187

______________________________

محمد عليهما السلام قال: و الحائض تترك الصلاة و لا؟؟؟ «1» و ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة الحبلي تري الدم اليوم و اليومين قال: ان كان الدم

عبيطا فلا تصل ذينك اليومين و ان كان صفرة فلتغتسل عند كل صلاتين «2».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان «3» و ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «4» و ما رواه الحسين بن نعيم «5» و ما رواه صفوان قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الحبلي تري الدم ثلاثة أيام أو أربعة أيام تصلي؟ قال: تمسك عن الصلاة «6» و ما رواه أبو المعزا «7» و ما رواه اسحاق بن عمار «8».

و ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الحبلي تري الدم كما كانت تري أيام حيضها مستقيما في كل شهر قال: تمسك عن الصلاة كما كانت تصنع في حيضها فاذا طهرت صلت «9» و ما رواه حميد بن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 13

(3) لاحظ ص: 95

(4) لاحظ ص: 95

(5) لاحظ ص: 98

(6) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 4

(7) لاحظ ص: 96

(8) لاحظ ص: 114

(9) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 188

______________________________

المثني «1» و ما رواه حريز عمن أخبره عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام في الحبلي تري الدم قال: تدع الصلاة «2» و ما رواه سماعة «3» و ما رواه السكوني «4».

و ما رواه سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: جعلت فداك الحبلي ربما طمثت؟ قال: نعم و ذلك أن الولد في بطن أمه غذائه الدم فربما كثر ففضل عنه فاذا فضل دفقته فاذا دفقته حرمت عليها الصلاة «5» و ما رواه محمد بن مسلم «6» و ما رواه زريق «7» و ما رواه العيص «8».

و ما رواه

عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: و كن نساء النبي صلي اللّه عليه و آله لا يقضين الصلاة اذا حضن و لكن يتحشين حين بدخل وقت الصلاة و يتوضين ثم يجلسن قريبا من المسجد فيذكرن اللّه عز و جل «9» و ما رواه زرارة «10» و ما رواه زيد الحشام «11» و ما رواه محمد بن مسلم «12»

______________________________

(1) لاحظ ص: 96

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) لاحظ ص: 96

(5) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 14

(6) لاحظ ص: 99

(7) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 17

(8) لاحظ ص: 144

(9) الوسائل الباب 40 من أبواب الحيض الحديث: 1

(10) نفس المصدر الحديث: 2

(11) نفس المصدر الحديث: 3

(12) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 189

______________________________

و ما رواه معاوية بن عمار «1».

و ما رواه الفضل بن يونس عن أبي الحسن الاول عليه السلام في حديث قال: و اذا رأت المرأة الدم بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة اقدام فلتمسك عن الصلاة «2» و ما رواه أبو عبيدة «3» و ما رواه أبو الورد «4» و ما رواه يونس بن يعقوب «5» و ما رواه سماعة «6».

و ما رواه منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: المرأة الحائض تحرم و هي و لا تصلي؟ قال: نعم اذا بلغت الوقت فلتحرم «7» و ما رواه يونس بن يعقوب «8» و ما رواه معاوية بن عمار «9».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن امرأة أصبحت صائمة فلما ارتفع النهار أو كان العشي حاضت أ تفطر؟

قال: نعم و ان كان وقت المغرب فلتفطر قال: و سألته عن امرأة رأت الطهر في أول النهار في شهر رمضان فتغتسل (لم تغتسل) و لم تطعم فما تصنع في ذلك اليوم؟ قال: تفطر

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 48 من أبواب الحيض الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) نفس المصدر الحديث: 6

(7) الوسائل الباب 48 من أبواب الاحرام الحديث: 1

(8) نفس المصدر الحديث: 2

(9) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 190

______________________________

ذلك اليوم فانما فطرها من الدم «1» و ما رواه عيص بن القاسم «2» و ما رواه محمد بن مسلم «3» و ما رواه منصور بن حازم «4» و ما رواه أبو بصير «5».

و ما رواه معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا بأس أن يقضي المناسك كلها علي غير وضوء الا الطواف بالبيت و الوضوء أفضل «6» و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أحدهما عليها السلام عن رجل طاف طواف الفريضة و هو علي غير طهور قال: يتوضأ و يعيد طوافه و ان كان تطوعا توضأ و صلي ركعتين «7» و سائر ما ورد في الباب 37 من أبواب الطواف من الوسائل.

و هذه النصوص كما تري متعرضة لاشتراط الصلاة و الصوم و الطواف بالخلو عن الحيض و أما الاعتكاف فلا يتحقق عن غير الصائم و قد فرض أن الصوم لا يصح مع الحيض.

ايقاظ: وقع الكلام بين القوم بأن حرمة العبادة علي الحائض ذاتية أو تشريعية؟ و لا أدري ما الوجه في عنوان هذا البحث فان النواهي الواردة في أبواب العبادات و المعاملات محمولة علي الارشاد الي

المانعية و منها المقام و عليه يكون المستفاد من هذه النواهي الارشاد الي مانعية الحدث و اشتراطها بالطهارة

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

(6) الوسائل الباب 38 من أبواب الطواف الحديث: 1

(7) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 191

و تحرم عليها جميع ما يحرم علي الجنب مما تقدم (1).

______________________________

كبقية الموارد و تكون النتيجة ان حرمتها تشريعية و لا مجال للقول بكونها ذاتية.

(1) من الامور التي وقعت محل الكلام، مس الحائض لفظ اللّه و ما يمكن أن يقال في وجه الحرمة أمور:

الاول: أنه مناف للاحترام. و فيه: أن المحرم هتكه و تحقق الهتك بمجرد المس ممنوع.

الثاني: أنه يحرم علي الجنب و الحائض مشاركة معه في الاحكام. و فيه:

انه لا دليل عليها مضافا الي أن الحكم في الجنب محل الكلام لمعارضة الاخبار راجع ما ذكرنا في الفصل الثاني من المبحث الرابع من الغسل ذيل قوله:

«و مس اسم اللّه تعالي الخ».

الثالث: ما رواه سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: المرأة تري الدم و هي جنب أ تغتسل عن الجنابة؟ أو غسل الجنابة و الحيض واحد؟

قال: قد أتاها ما هو أعظم من ذلك «1» بتقريب: أن المستفاد من الرواية أن الحيض أعظم من الجنابة فاذا ثبت حكم علي الجنب يترتب ذلك الحكم علي الحائض بطريق أولي.

و فيه: أنه ضعيف سندا بابن مرار مضافا الي ما مر من الاشكال في نفس الجنب. يضاف الي ذلك: أنه لا يبعد ان المستفاد من الرواية ان الحيض أعظم من الجنابة في اقتضاء الغسل فلا يرتبط بالمدعي.

الرابع:

ما رواه داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب الحيض الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 192

______________________________

عن التعويذ يعلق علي الحائض؟ قال: نعم لا بأس قال: و قال: تقرأه و تكتبه و لا تصيبه يدها «1».

و فيه: أنه لا يمكن الاخذ باطلاقه اذ لم يفصل في الرواية بل حكم بالتحريم علي الاطلاق فلا بد من حمله علي التعويذ الخاص، فالحكم مبني علي الاحتياط هذا كله في لفظ الجلالة و أما الحكم بالحرمة بمس صفاته تعالي و كذا مس أسماء الانبياء و الائمة ففي غاية الاشكال لعدم الدليل.

و منها: مس كتابة القرآن و ادعي عليه الاجماع و قيل لم ينسب الخلاف الا الي الكاتب و ليس عليه نص ظاهرا لكن لا يبعد استفادة المطلوب من حديث أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عمن قرأ في المصحف و هو علي غير وضوء؟ قال: لا باس و لا يمس الكتاب «2» فان ادعاء الاولوية بالنسبة الي المقام ليس جزافا كما أن ادعاء تنقيح المناط القطعي في محله و اللّه العالم.

و أما الاستدلال بقوله تعالي: «لٰا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ» «3» فقد مر الاشكال في الاستدلال به في بحث الوضوء فراجع.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام الجنب و الحائض يفتحان المصحف من وراء الثوب و يقرءان من القرآن الا السجدة «4» فان قوله عليه السلام «يفتحان المصحف من

______________________________

(1) الوسائل الباب 37 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب الوضوء الحديث: 1

(3) الواقعة/ 78

(4) الوسائل الباب 19 من أبواب الجنابة الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص:

193

______________________________

وراء الثوب» يقتضي حرمة مس الكتاب فلاحظ.

و منها: قراءة آيات السجدة قال سيد المستمسك: «استفاض نقل الاجماع عليه». و يدل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال:

قلت له: الحائض و الجنب هل يقرءان من القرآن شيئا؟ قال: نعم ما شاءا الا السجدة و يذكر ان اللّه علي كل حال «1».

و منها: اللبث في المساجد لما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قالا: قلنا له: الحائض و الجنب يدخلان المسجد أم لا؟ قال:

الحائض و الجنب لا يدخلان المسجد الا مجتازين ان اللّه تبارك و تعالي يقول:

و لا جنبا الا عابري سبيل حتي تغتسلوا «2».

و منها: وضع شي ء في المساجد لما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجنب و الحائض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه؟ قال: نعم و لكن لا يضعان في المسجد شيئا «3» و ما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: الحائض و الجنب لا يدخلان المسجد الا مجتازين الي أن قال: و يأخذان من المسجد و لا يضعان فيه شيئا قال زرارة: قلت له: فما بالهما يأخذان منه و لا يضعان فيه؟ قال: لأنهما لا يقدران علي أخذ ما فيه الا منه و يقدران علي وضع ما بيدهما في غيره «4».

و منها: الاجتياز من المسجدين لما رواه محمد بن مسلم قال: قال أبو

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب الجنابة الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب الجنابة الحديث: 10

(3) الوسائل الباب 17 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 194

[مسألة 196: يحرم وطئها في القبل عليها]

(مسألة 196): يحرم وطئها

في القبل عليها (1).

______________________________

جعفر عليه السلام في حديث الجنب و الحائض: و يدخلان المسجد مجتازين و لا يقعدان فيه و لا يقربان المسجدين الحرمين «1».

و في الحاق المشاهد المشرفة بالمساجد اشكال لعدم الدليل و قد مر في بحث الجنابة ما له نفع في المقام فراجع.

(1) ما يمكن أن يستدل به عليه امور: الاول: الاجماع. و حال الاجماع المنقول من حيث عدم الاعتبار معلوم.

الثاني: أنه اعانة علي الاثم. و فيه: أولا أنه أخص من المدعي اذ ربما لا يكون حراما علي الزوج فلا تصدق الاعانة. و ثانيا: قد ذكرنا في محله أن الاعانة علي الاثم لا دليل علي حرمتها و انما المحرم التعاون عليه لقوله تعالي:

«وَ لٰا تَعٰاوَنُوا عَلَي الْإِثْمِ وَ الْعُدْوٰانِ» «2».

الثالث ما رواه محمد بن الحسين عن بعض أصحابنا أظنه عن محمد بن عبد اللّه بن هلال أو علي بن الحكم عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن الرجل يطلق امرأته متي تبين منه؟ قال:

حين يطلع الدم من الحيضة الثالثة تملك نفسها قلت: فلها أن تتزوج في تلك الحال؟ قال: نعم و لكن لا تمكن من نفسها حتي تطهر من الدم «3».

و فيه: أولا ان الراوي يظن و الظن لا يغني عن الحق شيئا. و ثانيا: أن محمد بن عبد اللّه بن هلال لم يوثق فالحكم مبني علي الاحتياط.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الجنابة الحديث: 17

(2) المائدة/ 2

(3) الوسائل الباب 16 من أبواب العدد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 195

و علي الفاعل (1) بل قيل: انه من الكبائر (2) بل الاحوط وجوبا ترك ادخال بعض

______________________________

(1) بلا خلاف- كما في بعض الكلمات- و ادعي

عليه اجماع العلماء أو علماء الإسلام و تقتضي الحرمة الاية الشريفة و هي قوله تعالي: «فَاعْتَزِلُوا النِّسٰاءَ فِي الْمَحِيضِ وَ لٰا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّٰي يَطْهُرْنَ» «1».

و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المستحاضة تنظر أيامها فلا تصلي فيها و لا يقربها بعلها فاذا جازت أيامها و رأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر و العصر الي أن قال: و هذه يأتيها بعلها الا في أيام حيضها «2».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المستحاضة الي أن قال و لا بأس أن يأتيها بعلها اذا شاء الا أيام حيضها فيعتزلها زوجها «3»

(2) قد ذكرنا في رسالة العدالة: أن اثبات كون معصية كبيرة يتوقف علي أحد امور:

الاول: أن يدل نص معتبر علي كونها كبيرة. الثاني: أن توعد عليها النار في الكتاب أو السنة. الثالث: أن يدل الكتاب أو السنة علي أنها أكبر و اعظم من احدي الكبائر. الرابع: أن تكون كبيرة عند المتشرعة و لا يبعد أن يكون وطي الحائض من الكبائر عندهم و تفصيل الكلام في هذا المجال يطلب من تلك الرسالة.

______________________________

(1) البقرة/ 223

(2) الوسائل الباب 24 من أبواب الحيض الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 196

الحشفة أيضا (1).

أما وطؤها في الدبر فالاحوط وجوبا تركه (2) و لا بأس بالاستمتاع

______________________________

(1) الانصاف أن النصوص تفي باثبات المدعي فلاحظها تصدق منها: ما رواه عبد الملك بن عمرو قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ما لصاحب المرأة الحائض منها؟ فقال: كل شي ء ما عدا القبل منها بعينه «1».

و منها: ما رواه معاوية بن عمار عن

أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الحائض ما يحل لزوجها منها؟ قال ما دون الفرج «2» الي غيرهما من الروايات الواردة في الباب 25 من أبواب الحيض من الوسائل فلاحظ.

(2) ربما يقال: بأن اطلاق الفرج يشمل الدبر و أيضا اطلاق قوله عليه السلام في رواية عمر بن يزيد: (و لا يوقب» «3» يقتضي الحرمة.

لكن يرد عليه: أولا: أن المنصرف من هذه المفاهيم القبل و ثانيا: أنه قد صرح بالجواز في «ما عدا القبل» في حديث عبد الملك «4» و ما عدا موضع الدم في حديث عبد اللّه بن بكير «5» «و ذلك الموضع» في حديث هشام بن سالم «6» فعلي القول بالجواز في الطاهر لا وجه للمنع عنه في الحائض و الاحتياط طريق النجاة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) قد مر آنفا

(5) الوسائل الباب 25 من أبواب الحيض الحديث: 5

(6) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 197

بغير ذلك (1) و ان كره بما تحت المئزر مما بين السرة و الركبة (2).

______________________________

(1) لعدم دليل علي المنع و القاعدة الاولية اجتهادا و فقاهة هو الجواز فلاحظ.

(2) لا يبعد أن يكون الالتزام بالكراهة بالنحو المذكور مقتضي الجمع بين النصوص الدالة علي الجواز فيما عدا القبل و بعض النصوص الدالة علي المنع لاحظ ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحائض و ما يحل لزوجها منها قال: تتزر بازار الي الركبتين و تخرج سرتها ثم له ما فوق الازار قال: و ذكر عن أبيه عليه السلام أن ميمونة كانت تقول: ان النّبيّ صلي اللّه عليه و

آله كان يأمرني اذا كنت حائضا أن أتزر بثوب ثم اضطجع معه في الفراش «1».

و مثله حديثه الاخر «2» فان الجمع العرفي بين الطائفتين بالنظر العرفي هو الكراهة. و ان أبيت عن الجمع العرفي فلنا أن نقول: الترجيح مع دليل الجواز للموافقة مع الكتاب فان مقتضي قوله تعالي: «إِلّٰا عَليٰ أَزْوٰاجِهِمْ» * «3» هو الجواز.

الا أن يقال: ان الاية ليست في مقام البيان من هذه الجهة فلا اطلاق لها فالترجيح مع دليل المنع حيث ان الجواز موافق مع العامة فالترجيح مع دليل الحرمة.

لكن لا يبعد أن يقال: ان الجواز بالمعني الاعم أمر واضح عند المتشرعة فلا مجال للمناقشة في اصل الجواز فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) المعارج/ 30

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 198

بل الاحوط استحبابا الترك (1) و اذا نقيت من الدم جاز وطؤها و ان لم تغتسل (2).

______________________________

(1) فانه نقل عن السيد أنه يحرم الاستمتاع بما بين السرة و الركبة و مع احتمال الحرمة لا اشكال في حسن الاحتياط سيما علي القول بشمول أخبار من بلغ لمثل المقام علي القول بأن مقتضاها الاستحباب.

(2) وقع الخلاف بينهم في جواز وطي المرأة قبل الغسل علي أقوال و المشهور جوازه علي كراهة.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان مقتضي الاية الشريفة و هي قوله تعالي:

فَإِذٰا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ «1» عدم الجواز اذ التطهر ظاهر في الاغتسال فمقتضي ذيل الاية عدم الجواز الا بعد الاغتسال و أما الصدر و هو قوله تعالي «وَ لٰا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّٰي يَطْهُرْنَ» «2» فحيث ان القراءات فيه مختلفة تكون النتيجة الاجمال فالمحكم هو الذيل.

و أما النصوص الواردة في المقام فمنها: ما رواه محمد بن مسلم عن

أبي جعفر عليه السلام في المرأة ينقطع عنها الدم دم الحيض في آخر أيامها قال: اذا أصاب زوجها شبق فليأمرها فلتغسل فرجها ثم يمسها ان شاء قبل أن تغتسل «3».

و مقتضي هذه الرواية جواز الوطء قبل الغسل بشرط الشبق و غسل الفرج.

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن رجل يكون معه أهله في السفر فلا يجد الماء يأتي أهله؟ فقال: ما احب أن يفعل

______________________________

(1) البقرة/ 222

(2) البقرة/ 222

(3) الوسائل الباب 27 من أبواب الحيض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 199

______________________________

ذلك الا أن يكون شبقا أو يخاف علي نفسه «1».

و مقتضي هذه الرواية الجواز مع تحقق الشبق و لا تدل علي عدم الجواز مع عدم الشبق بل انما تدل علي مطلق المرجوحية و الرواية ضعيفة.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا انقطع الدم و لم تغتسل فليأتها زوجها ان شاء «2».

و مقتضي هذه الرواية الجواز لكن سند الرواية مخدوش لضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال.

و منها: ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الحائض تري الطهر أيقع فيها زوجها قبل أن تغتسل؟ قال:

لا بأس و بعد الغسل أحب الي «3».

و هذه الرواية تدل علي الجواز لكن سند الرواية ضعيف بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن و في رواية الكليني ينتهي السند الي سلمة بن الخطاب و هو لم يوثق.

و منها ما أرسله عبد اللّه بن المغيرة عن العبد الصالح عليه السلام في المرأة اذا طهرت من الحيض و لم تمس الماء فلا يقع عليها زوجها حتي

تغتسل و ان فعل فلا بأس به و قال: تمس الماء أحب الي «4».

و هذه الرواية تدل علي الجواز لكنها ضعيفة للإرسال.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 199

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 200

______________________________

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن امرأة كانت طامثا فرأت الطهر أيقع عليها زوجها قبل أن تغتسل؟ قال: لا حتي تغتسل قال: و سألته عن امرأة حاضت في السفر ثم طهرت فلم تجد ماء يوما و اثنين أ يحل لزوجها أن يجامعها قبل أن تغتسل؟ قال: لا يصلح حتي تغتسل «1» و هذه الرواية تدل علي عدم الجواز و السند ضعيف.

و منها ما رواه سعيد بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

المرأة تحرم عليها الصلاة ثم تطهر فتوضأ من غير أن تغتسل أ فلزوجها أن يأتيها قبل أن تغتسل؟ قال: لا حتي تغتسل «2».

و هذا الحديث كحديث أبي بصير دلالة و سندا.

و منها: ما رواه أبو عبيدة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة الحائض تري الطهر و هي في السفر و ليس معها من الماء ما يكفيها لغسلها و قد حضرت الصلاة قال: اذا كان معها بقدر ما تغسل به فرجها فتغسله ثم يتيمم و تصلي قلت: فيأتيها زوجها في تلك الحال؟ قال: نعم اذا اغتسلت فرجها و تممت فلا بأس «3».

و هذه الرواية تدل علي الجواز مع قيد السفر و التيمم و

غسل الفرج و لكن سند الرواية ضعيف بسهل و الامر فيه ليس سهلا.

و منها: ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 21 من أبواب الحيض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 201

و لا يجب غسل فرجها قبل الوطء و ان كان أحوط (1).

[مسألة 197: الأحوط استحبابا للزوج دون الزوجة الكفارة عن الوطء]

(مسألة 197): الاحوط استحبابا للزوج دون الزوجة الكفارة عن الوطء (2).

______________________________

المرأة اذا تيممت من الحيض هل تحل لزوجها؟ قال: نعم «1».

و هذه الرواية تدل علي الجواز مع التيمم و لكن سند الرواية ضعيف.

و منها: ما رواه عبد الرحمن يعني ابن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة حاضت ثم طهرت في سفر فلم تجد الماء يومين أو ثلاثا هل لزوجها أن يقع عليها؟ قال: لا يصلح لزوجها أن يقع عليها حتي تغتسل «2».

و هذه الرواية تدل علي عدم الجواز قبل الغسل و مقتضي الصناعة أن يقيد ما يدل علي المنع بالتقييد الوارد في خبر ابن مسلم «3» و نقول: اذا كان شبقا يجوز بشرط غسل الفرج.

و في مجمع البحرين: الشبق هيجان الشهوة و كثرة الميل الي الجماع.

(1) قد ظهر بما ذكرنا أنه الاظهر.

(2) قد ادعي عليه الاجماع و نقل أنه المشهور بين المتقدمين. و العمدة النصوص الواردة في المقام فمن النصوص الدالة علي الوجوب ما رواه داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في كفارة الطمث انه يتصدق اذا كان في أوله بدينار و في وسطه نصف دينار و في آخره ربع دينار قلت: فان لم يكن عنده ما يكفر؟ قال فليتصدق علي مسكين واحد و الا استغفر اللّه

و لا يعود فان الاستغفار

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 198

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 202

______________________________

توبة و كفارة لكل من لم يجد السبيل الي شي ء من الكفارة «1» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من أتي حائضا فعليه نصف دينار يتصدق به «2».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن.

و منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يقع علي امرأته و هي حائض ما عليه؟ قال: يتصدق علي مسكين بقدر شبعه «3».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ كسابقتها.

و منها: مرسل القمي قال: قال الصادق عليه السلام: من أتي امرأته في الفرج في أول أيام حيضها فعليه أن يتصدق بدينار و عليه ربع حد الزاني خمسة و عشرون جلدة و ان أتاها في آخر أيام حيضها فعليه أن يتصدق بنصف دينار و يضرب اثنتي عشرة جلدة و نصفا «4».

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها: مرسل الصدوق قال: روي أنه ان جامعها في أول الحيض فعليه أن يتصدق بدينار و ان كان في نصفه فنصف دينار و ان كان في آخره فربع دينار «5»

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 203

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال أيضا.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يأتي المرأة و هي حائض قال يجب عليه في استقبال الحيض دينار و في استدباره نصف

دينار قال: قلت: جعلت فداك يجب عليه شي ء من الحد؟

قال: نعم خمس و عشرون سوطا ربع حد الزاني لأنه أتي سفاحا «1».

و هذه الرواية ضعيفة بأبي حبيب.

و في المقام جملة من النصوص تدل علي وجوب الكفارة و لا بأس بأسنادها منها ما رواه عبد الكريم بن عمرو قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أني جاريته و هي طامث قال: يستغفر اللّه ربه قال (عبد الكريم) عبد الملك:

فان الناس يقولون: عليه نصف دينار فقال أبو عبد اللّه عليه السلام فليتصدق علي عشرة مساكين «2».

و هذه الرواية كما تري تدل علي وجوب التصدق علي عشرة مساكين لكن لا يخفي أن هذه الرواية موردها الجارية لا الزوجة فيمكن الالتزام بالكفارة في الجارية و أما بالنسبة الي الزوجة فلا.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عمن أتي امرأته و هي طامث قال: يتصدق بدينار و يستغفر اللّه تعالي «3».

و هذه الرواية تدل علي وجوب التصدق بدينار و يمكن الخدش في سندها بالوشاء و قد مر الكلام فيه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب بقية الحدود الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب الحيض الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 204

______________________________

و منها: ما رواه الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل واقع امرأته و هي حائض؟ قال: ان كان واقعها في استقبال الدم فليستغفر اللّه و ليتصدق علي سبعة نفر من المؤمنين يقوت كل رجل منهم ليومه و لا يعد و ان كان واقعها في ادبار الدم في آخر أيامها قبل الغسل فلا شي ء عليه «1».

و هذه الرواية تدل علي وجوب التصدق علي سبعة نفر من المؤمنين اذا كان

الوطء في أول الحيض.

و في قبال هذه الروايات طائفة ثانية من النصوص تدل علي نفي الكفارة لاحظ ما رواه عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل واقع امرأته و هي طامث قال: لا يلتمس فعل ذلك و قد نهي اللّه أن يقربها قلت:

فان فعل أ عليه كفارة؟ قال: لا أعلم فيه شيئا يستغفر اللّه «2».

و هذه الرواية تدل علي عدم شي ء عليه و حيث ان الروايات متعارضة و لا مرجح لأحد الاطراف علي غيره حيث ان ما يدل علي الوجوب يتعارض بعضه مع بعض كما تلاحظها فمقتضي القاعدة هو التساقط و بعد سقوطها بالمعارضة تصل النوبة الي الاصل العملي و مقتضاه عدم وجوب شي ء.

و بعبارة واضحة: أنه ليس التعارض بين النفي و الاثبات كي يقال: الترجيح مع المثبت لان الثاني موافق مع قول العامة، بل التعارض موجود حتي في أدلة الاثبات كما تقدمت الاشارة اليه فالسقوط بالتعارض قهري.

الا أن يقال: بأن اختلاف الاخبار في تعيين الكفارة شاهد علي الاستحباب

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب الكفارات الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب الحيض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 205

في أول الحيض بدينار و في وسطه بنصف دينار و في آخره بربع دينار (1) و الدينار هو (18) حمصة من الذهب المسكوك (2) و الاحوط استحبابا أيضا دفع الدينار نفسه مع الامكان (3).

______________________________

و النتيجة واحدة و هي عدم الوجوب نعم الرواية الواردة في الجارية لا معارض لها ظاهرا.

(1) لا دليل عليه إلا حديث داود بن فرقد «1» و هو مرسل و مثله مرسل الصدوق «2» فليس ما أفاده مستندا الي دليل معتبر فلاحظ.

(2) قال في الحدائق- في هذا المقام-: «قد

ذكر الاصحاب أن المراد بالدينار هو المثقال من الذهب المضروب الخالص» «3».

و قال في مجمع البحرين- في مادة «دنر» -: «تكرر في الحديث ذكر الدينار بالكسر و هو واحد الدنانير الذي هو مثقال من الذهب و عن ابن الاثير:

أن المثقال في العرف يطلق علي الدينار خاصة و أصله دنار بالتشديد فابدل» انتهي «4». و كون المثقال (18) حمصة هو المعروف بين القوم.

(3) وقع الكلام بين الاعلام في كفاية اعطاء القيمة و عدمها و استدل علي عدم الكفاية بأنه لا يصدق عنوان الدينار علي القيمة و لا التبر و ايد بعدم جواز اعطاء القيمة في باب الكفارات.

و اورد عليه: بأن العرف يفهم من الدينار الواقع في النصوص، القيمة

______________________________

(1) لاحظ ص: 201

(2) لاحظ ص: 202

(3) الحدائق ج 3 ص: 269

(4) مجمع البحرين ج 3 ص: 303

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 206

و الا دفع القيمة وقت الدفع (1) و لا شي ء علي الساهي و الناسي (2)

______________________________

و ايد بالامر بالنصف و الربع- علي ما في النص- و معلوم أن النصف و الربع باعتبار القيمة اذا لنصف و الربع لم يكونا مسكوكين و من الظاهر أنه لم يرد تسليط المستحق علي نفس الدينار بل المراد هو الدفع و هو منحصر بدفع القيمة.

و الظاهر أن ما افيد متين فيجوز دفع القيمة لكن لاحتمال لزوم العين يكون الاحتياط بدفع نفس الدينار- مع الامكان- مستحبا.

(1) لا اشكال في أن الواجب ليس هو القيمة فقط كي يقع البحث في أن المناط القيمة وقت تشريع الحكم أو وقت الاداء أو زمان الوطء أو أقل القيم أو أعلاها بل المستفاد من النص التخيير بين دفع العين و قيمتها بعنوان البدل مع الامكان أو مع التعذر و

عليه يكون المدار علي القيمة زمان الدفع فانه لا اشكال في كفاية دفع العين فاذا أراد المكلف الامتثال يجوز له دفع عين الدينار و له دفع قيمته فيكون بدله وقت الاداء قيمته في ذلك الوقت فلاحظ.

(2) فانه لا تكليف عليهما و مع عدم التكليف لا يتحقق العصيان فان المستفاد من النصوص أن الكفارة المجعولة بلحاظ تحقق العصيان لاحظ حديث داود بن فرقد «1» و غيره مضافا الي أن تناسب الحكم و الموضوع يقتضي جعل الكفارة علي العاصي تأديبا.

أضف الي جمع ذلك النص الخاص الدال علي الرفع مع النسيان و الخطأ لاحظ ما رواه حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه

______________________________

(1) لاحظ ص: 201

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 207

و الصبي و المجنون (1) و الجاهل بالموضوع (2) أو الحكم (3).

______________________________

صلي اللّه عليه و آله: رفع عن امتي تسعة: الخطأ و النسيان الحديث «1».

(1) الكلام فيهما هو الكلام فانه مع عدم تحقق العصيان لا موضوع للكفارة مضافا الي النص الخاص الدال علي الرفع عنهما لاحظ ما رواه ابن ظبيان قال:

اتي عمر بامرأة مجنونة قد زنت فامر برجمها فقال علي عليه السلام: أما علمت أن القلم يرفع عن ثلاثة: عن الصبي حتي يحتلم و عن المجنون حتي يفيق و عن النائم حتي يستيقظ «2».

و ما رواه عمار الساباطي «3» و ما رواه محمد بن مسلم «4».

(2) فانه مع الجهل بالموضوع يكون التكليف مرتفعا كما هو المقرر عندهم و يدل عليه حديث الرفع المتقدم ذكره فلا موضوع للكفارة فلاحظ.

(3) أما مع القصور فواضح لعدم تحقق العصيان و أما مع التقصير فأفاد السيد الحكيم: بأنه تجب الكفارة لتحقق العصيان» و لكن لا يبعد

الالتزام بعدم الوجوب للنص الخاص و هو ما رواه عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: أي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شي ء عليه «5» فان مقتضي اطلاق هذا الخبر أنه لا تجب عليه الكفارة و لا منافاة بين تحقق العصيان و عدم ثبوت الكفارة تفضلا من اللّه تعالي فما أفاده الماتن متين و طريق الاحتياط ظاهر.

______________________________

(1) جامع أحاديث الشيعة الباب 8 من أبواب المقدمات الحديث 3

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث 11

(3) نفس المصدر الحديث: 12

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب مقدمة العبادات الحديث 10

(5) الوسائل الباب 45 من أبواب تروك الاحرام الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 208

[مسألة 198: لا يصح طلاق الحائض و ظهارها اذا كانت مدخولا بها و لو دبرا]

(مسألة 198): لا يصح طلاق الحائض (1) و ظهارها (2) اذا كانت مدخولا بها (3) و لو دبرا (4).

______________________________

(1) ادعي عليه الاجماع و لعل ظهوره بمرتبة لا يحتاج الي تجشم الاستدلال و قد دلت عليه عدة نصوص منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: أما طلاق السنة فاذا أراد الرجل أن يطلق امرأته فلينتظر بها حتي تطمث و تطهر فاذا خرجت من طمثها طلقها تطليقة من غير جماع و يشهد شاهدين ثم ذكر في طلاق العدة مثل ذلك «1».

(2) ادعي عليه الاجماع و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث أنه سأله كيف الظهار؟ فقال: يقول الرجل لامرأته و هي طاهر من غير جماع الحديث «2».

(3) ادعي عليه الاجماع و قد دلت جملة من النصوص علي أن خمسا يطلقن علي كل حال منها غير المدخول بها و من تلك النصوص ما رواه

اسماعيل بن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: خمس يطلقن علي كل حال:

الحامل المتبين حملها و التي لم يدخل بها زوجها و الغائب عنها زوجها و التي لم تحض و التي قد جلست عن المحيض «3».

(4) ما قيل في وجهه أمور: الاول: صدق الدخول و المواقعة و المس فيشمله الاطلاق.

و فيه: أن المنصرف اليه اللفظ هو الدخول في الفرج و الا فمطلق الدخول

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب الظهار الحديث 2

(3) الوسائل الباب 25 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 209

و كان زوجها حاضرا أو في حكمه (1) الا أن تكون حاملا فلا بأس

______________________________

يصدق في غير الدبر أيضا و هو كما تري.

الثاني: صدق التقاء الختانين بناء علي تفسيره بالتحاذي اي تحاذي محل القطع من الرجل و المرأة.

و فيه: ان المبني فاسد فالبناء مثله.

الثالث: امكان سبق المني الي الرحم. و فيه: ان امكانه لا يكون دليلا علي هذا المدعي.

الرابع: انه احد المأتيين كما هو مفاد مرسل حفص بن سوقة عمن أخبره قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي أهله من خلفها قال: هو أحد المأتيين فيه الغسل «1».

و فيه: ان السند ضعيف مضافا الي معارضته بغيره من النصوص المذكورة في الباب 12 من أبواب الجنابة من الوسائل.

(1) فان الغائب و من في حكمه خارج بالدليل لاحظ حديث عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام رجل تزوج امرأة سرا من أهلها و هي في منزل أهلها و قد أراد أن يطلقها و ليس يصل اليها فيعلم طمثها اذا طمثت و لا يعلم طهرها اذا طهرت قال:

فقال عليه السلام هذا مثل الغائب عن أهله يطلق بالاهلة و الشهور «2» فالحاضر و من في حكمه داخل و مشمول لإطلاق الادلة فلا بد من رعاية الشروط.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب الجنابة الحديث 1

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 210

به حينئذ (1) و اذا طلقها علي أنها حائض فبانت طاهرة صح و ان عكس فسد (2).

[مسألة 199: يجب الغسل من حدث الحيض لكل مشروط بالطهارة من الحدث الاكبر]

(مسألة 199): يجب الغسل من حدث الحيض لكل مشروط بالطهارة من الحدث الاكبر (3) و يستحب للكون علي الطهارة (4) و هو كغسل الجنابة في الكيفية من الارتماس و الترتيب (5).

______________________________

(1) لان الحامل أحد الخمسة التي يطلقن علي كل حال.

(2) اذا لحكم مترتب علي الموضوع الواقعي و الاعتقاد لا موضوعية له.

و لا يخفي ان الظاهر من عبارة الماتن أن الشرائط المذكورة في كلامه راجعة الي الطلاق.

(3) اذ المفروض ان الحيض حدث أكبر فلا بد من حصول الطهارة منه لكل مشروط بالطهارة منه و هذا ظاهر. و لا يخفي ان الوجوب المذكور في المتن وجوب مقدمي.

(4) لقوله تعالي: «إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ التَّوّٰابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ» «1» و يؤيده ما رواه انس قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: يا أنس أكثر من الطهور يزيد اللّه في عمرك و ان استطعت أن تكون بالليل و النهار علي طهارة فافعل فانك تكون اذا مت علي طهارة شهيدا «2».

(5) ادعي عليه الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص المذكورة في الباب 23 من أبواب الحيض من الوسائل منها: ما رواه الحلبي عن أبي

______________________________

(1) البقرة/ 222

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب الوضوء الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 211

و الظاهر انه

يجزي عن الوضوء كغسل الجنابة (1).

______________________________

عبد اللّه عليه السلام قال: غسل الجنابة و الحيض واحد «1».

(1) المسألة اختلافية و الظاهر أن منشأ الخلاف اختلاف النصوص فان جملة من النصوص تقتضي الكفاية و عدم لزوم الوضوء منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: الغسل يجزي عن الوضوء و اي وضوء أطهر من الغسل «2».

و منها: ما رواه ابراهيم بن محمد أن محمد بن عبد الرحمن كتب الي أبي الحسن الثالث (عليه السلام) يسأله عن الوضوء للصلاة في غسل الجمعة فكتب لا وضوء للصلاة في غسل يوم الجمعة و لا في غيره «3».

و منها: ما رواه عمار الساباطي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل اذا اغتسل من جنابته أو يوم جمعة أو يوم عيد هل عليه الوضوء قبل ذلك او بعده؟ فقال: لا ليس عليه قبل و لا بعد قد أجزأه الغسل و المرأة مثل ذلك اذا اغتسلت من حيض او غير ذلك فليس عليها الوضوء لا قبل و لا بعد فقد أجزأها الغسل «4».

و منها غيرها المذكور في الوسائل في الباب 33 من ابواب الجنابة. فان مقتضي هذه النصوص أن الغسل علي نحو الاطلاق يجزي عن الوضوء بل في حديث عمار قد صرح بكفاية غسل الحيض.

و في قبالها نصوص تنافيها منها ما رواه ابن أبي عمير عن رجل عن أبي

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 33 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 212

[مسألة 200: يجب عليها قضاء ما فاتها من الصوم في رمضان]

(مسألة 200): يجب عليها قضاء ما فاتها من الصوم في رمضان (1)

______________________________

عبد اللّه عليه السلام قال: كل غسل قبله

وضوء الا غسل الجنابة «1».

و هذه الرواية لاعتبار بها من جهة ارسالها.

و منها: ما رواه حماد بن عثمان أو غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

في كل غسل وضوء الا الجنابة «2».

و هذه الرواية أيضا يحتمل فيه الارسال فلا اعتبار بها.

و منها: ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال:

اذا اردت أن تغتسل للجمعة فتوضأ و (ثم ل) اغتسل «3».

و هذه الرواية ضعيفة بسليمان بن الحسن مضافا الي ورودها في مورد خاص.

فالنتيجة: ان ما أفاده في المتن هو الصحيح.

(1) هذا من الواضحات و عن المعتبر انه مذهب فقهاء الإسلام و نحوه عن السرائر. و يدل عليه النص الخاص لاحظ ما رواه أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان السنة لا تقاس الا تري أن المرأة تقضي صومها و لا تقضي صلاتها «4».

و ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قضاء الحائض الصلاة ثم تقضي الصيام قال: ليس عليها أن تقضي الصلاة و عليها أن تقضي صوم

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 41 من أبواب الحيض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 213

بل و المنذور في وقت معين علي الاقوي (1) و لا يجب عليها

______________________________

شهر رمضان ثم أقبل علي فقال: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان يأمر بذلك فاطمة عليها السلام و كان يأمر (و كانت تأمر) بذلك المؤمنات «1».

و ما رواه ابن راشد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الحائض تقضي الصلاة؟ قال: لا، قلت: تقضي الصوم قال: نعم قلت: من أين جاء هذا؟

قال: ان أول

من قاس ابليس «2». و غيرها من الروايات الواردة في الوسائل في الباب 41 من ابواب الحيض.

(1) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي أمران: الاول: اطلاق ما دل علي وجوب قضاء الصوم و تحقيق هذه الجهة موكول الي كتاب الصوم.

الثاني: اطلاق نصوص الباب كحديث ابان بن تغلب «3» بتقريب ان المستفاد من هذا الحديث و أشباهه ان الحائض لا تقضي صلاتها و تقضي صومها.

لكن يمكن أن يقال: ان المستفاد من هذه النصوص ان القضاء اذا كان واجبا يفرق بين الصلاة و الصوم بالوجوب في الثاني دون الاول، لكن لا يستفاد من هذه النصوص تشخيص موارد الوجوب عن غيرها فالجزم بالوجوب كما في المتن مشكل.

هذا اذا كان المراد من النذر المعين النذر في وقت معين- كما لو نذرت أن تصوم في كل شهر خمسة أيام و أخرت حتي حاضت- و أما لو نذرت صوم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 212

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 214

قضاء الصلاة اليومية و صلاة الآيات و المنذورة في وقت معين (1).

[مسألة 201: الظاهر انها تصح طهارتها من الحدث الاكبر غير الحيض]

(مسألة 201): الظاهر انها تصح طهارتها من الحدث الاكبر غير الحيض فاذا كانت جنبا و اغتسلت عن الجنابة صح (2).

______________________________

اليوم المعين كالعاشر من الشهر فصادفت الحيض فالظاهر فساد النذر لكون متعلقه مرجوحا.

(1) كما صرح في النصوص الواردة في الباب المشار اليه.

بل يمكن أن يقال: بأن النذر المتعلق بالوقت المعين المصادف مع الحيض لا ينعقد لمرجوحية متعلقه.

(2) قال في العروة: «و أما الاغسال الواجبة فذكروا عدم صحتها منها و عدم ارتفاع الحدث مع الحيض».

و ربما يستدل علي المدعي بما رواه عبد اللّه بن يحيي الكاهلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المرأة

يجامعها زوجها فتحيض و هي في المغتسل تغتسل أولا تغتسل؟ قال: قد جاءها ما يفسد الصلاة فلا تغتسل «1» و ما رواه سعيد بن يسار «2».

و ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن رجل أصاب من امرأة ثم حاضت قبل أن تغتسل قال: تجعله غسلا واحدا «3».

و هذه الروايات كما تري لا تدل علي المدعي بل يستفاد منها أمر آخر مضافا الي ضعف سند الثاني باسماعيل بن مرار و الثالث بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 191

(3) الوسائل الباب 43 من أبواب الجنابة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 215

و تصح منها الاغسال المندوبة حينئذ (1).

______________________________

و النقاش في الكاهلي في الاول.

أضف الي ذلك ما يدل علي الصحة في خصوص الجنابة لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المرأة يواقعها زوجها ثم تحيض قبل أن تغتسل قال ان شاءت أن تغتسل فعلت و ان لم تفعل فليس عليها شي ء فاذا طهرت اغتسلت غسلا واحدا للحيض و الجنابة «1».

فالحق الصحة مطلقا للإطلاقات و عدم مقيد في المقام.

(1) عن الجواهر: «انه لا ينبغي الاشكال فيه لإطلاق ادلة مشروعيتها» و عن الشيخ الانصاري قدس سره: «انه حسن لعموم الادلة».

و ربما يقال: بعدم الجواز لعدم ترتب اثر عليه. و فيه: انه ان كان المراد من الاثر رفع حدث الحيض فلا كلام فيه و ان كان المراد عدم رفع ذلك الحدث الذي تحقق الاغتسال منه فهو عين المدعي.

و الحق ان الاطلاقات تشمل الحائض كغيرها مضافا الي ما ورد من الامر باغتسالها للإحرام لاحظ ما رواه يونس بن يعقوب

قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحائض تريد الاحرام قال تغتسل و تستثفر و تحتشي بالكرسف و تلبس ثوبا دون ثياب احرامها و تستقبل القبلة و لا تدخل المسجد و تهل بالحج «2» و غيره مما ورد في الباب 48 من أبواب الاحرام من الوسائل.

و ربما يقال: ان المستفاد من حديث محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحائض تطهر يوم الجمعة و تذكر اللّه؟ قال: أما الطهر فلا

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب الحيض الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 48 من أبواب الاحرام الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 216

و كذلك الوضوء (1).

[مسألة 202: يستحب لها التحشي و الوضوء في وقت كل صلاة واجبة و الجلوس في مكان طاهر مستقبلة القبلة ذاكرة للّه تعالي]

(مسألة 202): يستحب لها التحشي و الوضوء في وقت كل صلاة واجبة و الجلوس في مكان طاهر مستقبلة القبلة ذاكرة للّه تعالي (2) و الاولي لها اختيار التسبيحات الاربع (3).

______________________________

و لكنها توضأ في وقت الصلاة ثم تستقبل القبلة و تذكر اللّه تعالي «1» النهي عن اغتسالها للجمعة لكن لا يظهر من الحديث النهي عن الاغتسال بل الظاهر منه ان الطهارة لا تحصل لها بالوضوء و لا أقل من احتمال هذا المعني بحيث لا يكون مدعي الخصم مورد الظهور.

(1) للإطلاقات.

(2) كما دل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر (عبد اللّه) عليه السلام قال: اذا كانت المرأة طامثا فلا تحل لها الصلاة و عليها أن تتوضأ وضوء الصلاة عند وقت كل صلاة ثم تقعد في موضع طاهر فتذكر اللّه عز و جل و تسبحه و تهلله و تحمده كمقدار صلاتها ثم تفرغ لحاجتها «2».

(3) الظاهر ان الوجه في الاولوية في نظر الماتن اشتمال حديث معاوية «3» علي التهليل و التكبير و اشتمال حديث زرارة «4» علي التهليل

و التسبيح و التحميد و التسبيحات الاربع مشتملة للمذكورات و لكن الجزم باولوية هذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب الحيض الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 40 من أبواب الحيض الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) لاحظه قبل اسطر

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 217

[مسألة 203: يكره لها الخضاب بالحناء و غيرها]

(مسألة 203): يكره لها الخضاب بالحناء و غيرها (1).

و حمل المصحف و لمس هامشه و ما بين سطوره و تعليقه (2).

______________________________

الترتيب و الحكم به مشكل نعم الاتيان بها بعنوان الرجاء لا بأس به كما هو ظاهر.

(1) الظاهر ان الوجه في الكراهة، الجمع بين الأحاديث المانعة و المجوزة لاحظ ما رواه أبو بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الحائض هل تختضب؟ قال: لا لأنه يخاف عليها الشيطان «1».

و ما رواه محمد بن سهل بن اليسع عن أبيه قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المرأة تختضب؟ و هي حائض قال: لا بأس به «2».

و الظاهر ان الاخبار المانعة كلها ضعيفة فلا وجه للحكم بالكراهة لاحظ الروايات في الباب 42 من أبواب الحيض و الباب 22 من أبواب الجنابة من الوسائل.

(2) الظاهر ان المدرك ما رواه ابراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام قال: المصحف لا تمسه علي غير طهر و لا جنبا و لا تعلقه ان اللّه تعالي يقول: لا يمسه الا المطهرون «3» و الحديث ضعيف بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الحيض الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 12 من الوضوء الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 218

[المقصد الثالث الاستحاضة]
اشارة

المقصد الثالث الاستحاضة

[مسألة 204: دم الاستحاضة في الغالب أصفر بارد رقيق]

(مسألة 204): دم الاستحاضة في الغالب أصفر بارد (1) رقيق (2)

______________________________

(1) كما في حديث حفص «1» و قد وصف بالبرودة في حديث معاوية بن عمار «2» و قيد الغلبة باعتبار انه لا شبهة في أن دم الاستحاضة ربما لا يكون مجمعا للصفات المذكورة فانه لا اشكال في أنه كثيرا تكون المرأة مستحاضة مع عدم كون الدم بهذه الصفات و يظهر ما ذكرناه بمراجعة النساء.

(2) لا يبعد أن يستفاد من حديث علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام عن النفساء و كم يجب عليها ترك الصلاة؟ قال: تدع الصلاة ما دامت تري الدم العبيط الي ثلاثين يوما فاذا رق و كانت صفرة اغتسلت وصلت ان شاء اللّه «3».

و الاشكال في أنه لا يظهر من الخبران وجوب الصلاة لكون الدم استحاضة لا وجه له فانه الظاهر منه.

و يؤيده ما عن الدعائم: و دم الاستحاضة دم رقيق «4» و ما عن الرضوي:

ان دمها يكون رقيقا «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 112

(2) لاحظ ص: 112

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث: 16

(4) مستدرك الوسائل الباب 3 من أبواب الحيض الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 219

يخرج بلا لذع و حرقة عكس دم الحيض (1) و ربما كان بصفاته (2) و لا حد لكثيره و لا لقيله (3) و لا للطهر المتخلل بين أفراده (4) و يتحقق قبل البلوغ و بعده و بعد اليأس (5) و هو ناقض للطهارة بخروجه (6)

______________________________

(1) هذان راجعان الي وصف البرودة.

(2) نقل عليه الاتفاق كما اذا كان فاقدا لحدود الحيض.

(3) نقل عليه عدم الخلاف و الدليل عليه اطلاق الادلة.

(4) للإطلاق.

(5) قال المحقق في الشرائع: «كل دم

تراه المرأة أقل من ثلاثة أيام و لم يكن دم قرح و لا جرح فهو استحاضة» الي أن قال: «أو مع اليأس أو قبل البلوغ» «1».

و الذي يمكن أن يقال في مقام الاستدلال علي المدعي: ان الشارع الاقدس أعطي ضابطا لتميز دم الاستحاضة عن غيره بذكر الصفات العارضة له كما مر ذكرها آنفا و لا وجه لاختصاصه بالبلوغ و قبل اليأس بل مقتضي الاطلاق عدم الفرق فما أفاده في المتن يوافق الفتوي و النص كليهما.

(6) كما تدل عليه النصوص الواردة في المقام لاحظ ما رواه معاوية بن عمار «2» فانه يستفاد منه و غيره ان دم الاستحاضة بخروجه يوجب الحدث و ينقض و من الظاهر ان العرف يسوي بين خروجه بنفسه و بعلاج.

______________________________

(1) الشرائع ج 1 ص: 32

(2) لاحظ ص: 153

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 220

و لو بمعونة القطنة (1) من المحل المعتاد بالاصل أو بالعارض و في غيره اشكال (2) و يكفي في بقاء حدثيته بقائه في باطن الفرج بحيث يمكن اخراجه بالقطنة و نحوها (3).

و الظاهر عدم كفاية ذلك في انتقاض الطهارة به كما تقدم في الحيض (4).

[مسألة 205: الاستحاضة علي ثلاثة أقسام: قليلة و متوسطة و كثيرة]

(مسألة 205) الاستحاضة علي ثلاثة أقسام: قليلة و متوسطة

______________________________

و بعبارة اخري: يفهم من النصوص ان الناقض خروج الدم بلا فرق بين أقسام الخروج فلاحظ.

(1) قد ظهر الوجه فيه.

(2) قد مر الكلام حول هذه الجهات في بحث غسل الجنابة فراجع فان ملاك البحث واحد.

(3) يظهر ما أفاده من نصوص الاختبار و استدخال القطنة لاحظ ما رواه عبد الرحمن «1» بن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: و لتغتسل و لتستدخل كرسفا فان ظهر عن (علي) الكرسف فلتغتسل ثم تضع كرسفا آخر ثم تصلي فاذا كان دما

سائلا فلتؤخر الصلاة الي الصلاة ثم تصلي صلاتين بغسل واحد و كل شي ء استحلت به الصلاة فليأتها زوجها و لتطف بالبيت «2» فانه يستفاد منه و نحوه انه يكفي بقاء الدم في الداخل فلاحظ.

(4) و قد تقدم الكلام عليه فراجع.

______________________________

(1) قد أوردنا صدر الرواية في ص: 152

(2) الوسائل الباب الاول من أبواب الاستحاضة الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 221

و كثيرة (1) الاولي ما يكون الدم فيها قليلا بحيث لا يغمس القطنة.

الثانية: ما يكون فيها أكثر من ذلك بأن يغمس القطنة و لا يسيل. الثالثة:

ما يكون فيها أكثر من ذلك بأن يغمسها و يسيل منها (2).

[مسألة 206: الأحوط لها الاختبار حال الصلاة بادخال القطنة في الموضع المتعارف و الصبر عليها بالمقدار المتعارف]

(مسألة 206): الاحوط لها الاختبار حال الصلاة بادخال القطنة في الموضع المتعارف و الصبر عليها بالمقدار المتعارف (3)

______________________________

(1) تقسيم الاستحاضة الي الاقسام المذكورة من واضحات الفقه و كونه بمرتبة من الظهور لا يحتاج الي تجشم الاستدلال قال في الحدائق: «لا يخفي ان المستحاضة اما أن يثقب دمها الكرسف أولا و علي الاول فاما يسيل أولا فان لم يثقب الكرسف فهي قليلة و ان ثقب و لم يسل عنه فهي متوسطة و ان سال فهي كثيرة فهاهنا أقسام ثلاثة الخ».

(2) هذه الخصوصيات تستفاد من النصوص الواردة في المقام كما ستمر عليك ان شاء اللّه تعالي.

(3) يظهر من بعض النصوص وجوب الاختبار لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «1» و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الحائض اذا رأت دما بعد أيامها التي كانت تري الدم فيها فلتقعد عن الصلاة يوما أو يومين ثم تمسك قطنة فان صبغ القطنة دم لا ينقطع فلتجمع بين كل صلاتين بغسل و يصيب منها زوجها ان أحب

و حلت لها الصلاة «2».

فان هذين الحديثين يدلان بظهورهما علي وجوب الاختبار و الظاهر منهما

______________________________

(1) لاحظ ص: 152 و 220

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 222

و اذا تركته عمدا أو سهوا و عملت فان طابق عملها الوظيفة اللازمة لها صح و الا بطل (1).

[مسألة 207: حكم القليلة وجوب تبديل القطنة أو تطهيرها]

(مسألة 207) حكم القليلة وجوب تبديل القطنة أو تطهيرها (2) علي الاحوط وجوبا (3) و وجوب الوضوء لكل صلاة (4).

______________________________

الغاء الاصول العملية الجارية في المقام فلا يجوز اجراء البراءة عن التكليف الزائد كما انه لا يجوز الاخذ بالاستصحاب و الاكتفاء بمقتضاه و أما لو احتاطت فليس عليها شي ء و تصح أعمالها كما أنه لو عملت رجاء و صادف الواقع يصح كما في المتن فما ذكره من الاحتياط قد ظهر وجهه و ضعفه لأنه قد ظهر مما ذكرنا وجوب الاختبار فلا تغفل.

(1) الامر كما أفاده كما ذكرنا و بينا فلاحظ.

(2) علي المشهور و نقل عليه الاجماع و يظهر منهم انه لا دليل عليه بالخصوص و قياس المقام علي المتوسطة بلا وجه و حال الاجماع ظاهر.

ان قلت: ان حمل النجس في الصلاة غير جائز قلت: انه أول الكلام مضافا الي أنه داخل فيما لا تتم فيه الصلاة أضف الي ذلك أن المتلوث في الداخل و هو خارج عن محل المنع.

(3) اذ خلاف الاجماع المدعي في المقام مشكل فيلزم الاحتياط.

(4) نسب الي الشهرة بل نقل عليه الاجماع و العمدة النصوص الواردة في المقام و هي علي طوائف:

الاولي: ما يدل علي وجوب الاغسال الثلاثة علي المستحاضة علي الاطلاق مثل ما رواه عبد اللّه بن سنان «1».

______________________________

(1) لاحظ ص: 154

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 223

______________________________

الثانية: ما يدل علي أن

المستحاضة بالقليلة و المتوسطة تغتسل مرة واحدة مثل ما رواه زرارة قال: قلت له: النفساء متي تصلي؟ فقال: تقعد بقدر حيضها و تستظهر بيومين فاذا انقطع الدم و الا اغتسلت و احتشت و استثفرت (و استذفرت) وصلت فان جاز الدم الكرسف تعصبت و اغتسلت و احتشت ثم صلت الغداة بغسل و الظهر و العصر بغسل و المغرب و العشاء بغسل و ان لم يجز الدم الكرسف صلت بغسل واحد قلت: و الحائض؟ قال: مثل ذلك سواء فان انقطع عنها الدم و الا فهي مستحاضة تصنع مثل النفساء سواء ثم تصلي و لا تدع الصلاة علي حال فان النبي صلي اللّه عليه و آله قال: الصلاة عماد دينكم «1».

الثالثة: ما يدل علي أن المستحاضة القليلة تتوضأ لكل صلاة مثل ما رواه معاوية بن عمار «2».

الرابعة: ما يتوهم منه وجوب الغسل علي صاحبة القليلة في كل يوم مرة و الوضوء لكل صلاة مثل ما رواه سماعة قال: قال: المستحاضة اذا ثقب الدم الكرسف اغتسلت لكل صلاتين و للفجر غسلا و ان لم يجز الدم الكرسف فعليها لكل يوم مرة و الوضوء لكل صلاة و ان أراد زوجها أن يأتيها فحين تغتسل هذا ان كان دمها عبيطا و ان كان صفرة فعليها الوضوء «3».

الخامسة: ما يدل علي وجوب الوضوء للصفرة علي الاطلاق مثل ما رواه

______________________________

(1) الوسائل الباب الاول من أبواب الاستحاضة الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 153

(3) الوسائل الباب الاول من أبواب الاستحاضة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 224

______________________________

محمد بن مسلم «1» و ما رواه علي بن جعفر «2».

السادسة: ما يدل علي وجوب الاغسال الثلاثة للصفرة مثل ما رواه اسحاق بن عمار «3» و ما رواه عبد الرحمن

بن الحجاج قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن امرأة نفست فمكثت ثلاثين يوما أو أكثر ثم طهرت وصلت ثم رأت دما أو صفرة قال: ان كانت صفرة فلتغتسل و لتصل و لا تمسك عن الصلاة «4».

السابعة: ما يدل علي التفصيل بين الصفرة القليلة و الكثيرة مثل ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الحبلي قد استبان حبلها تري ما تري الحائض من الدم قال: تلك الهراقة من الدم ان كان دما أحمر كثيرا فلا تصلي و ان كان قليلا أصفر فليس عليها الا الوضوء «5».

لكن هذه الرواية ضعيفة سندا فلا اعتبار بها.

و مقتضي الجمع بين هذه الاخبار أن يقيد خبر ابن سنان اي الطائفة الاولي الدالة علي وجوب الغسل علي المستحاضة علي الاطلاق بالطائفة الثالثة الدالة علي وجوب الوضوء لكل صلاة علي صاحبة القليلة كما ان مقتضي قانون تقييد المطلق بالمقيد، تقييد الطائفة الثانية الدالة بالاطلاق علي وجوب الغسل مرة علي المتوسطة و القليلة بالطائفة الثالثة.

و أما رواية سماعة و هي الطائفة الرابعة التي توهم دلالتها علي وجوب

______________________________

(1) لاحظ ص: 107

(2) لاحظ ص: 146

(3) لاحظ ص: 114

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب النفاس الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 225

فريضة كانت أو نافلة (1).

______________________________

الغسل علي صاحبة القليلة في كل يوم مرة، فدلالتها علي ما توهم مبني علي حمل الشرطية الثانية علي عدم ثقب الدم الكرسف و الحال انه ليس أولي من العكس و هو حمل الشرطية الاولي علي تجاوز الدم من الكرسف بل قيل: «الثاني أظهر» سيما مع قوله عليه السلام: «هذا ان كان دمها عبيطا و ان كان صفرة فعليها

الوضوء» فانه يستفاد من هذا التعبير ان المراد بالصفرة، القليلة بالاستعمال المشهور لظهوره في كون الدم لقلته لا يري إلا لونا محضا بلا جوهرية له و بهذه الطائفة تقيد الطائفة السادسة الدالة علي وجوب الاغسال الثلاثة للصفرة.

و أما الطائفة الخامسة الدالة علي وجوب الوضوء للصفرة علي الاطلاق فلا بد من رفع اليد عن اطلاقها بما دل علي وجوب الغسل للمتوسطة و الكثيرة.

(1) نقل عن جملة من الاعاظم التسوية بين الفريضة و النافلة بل عن بعض دعوي الاجماع علي كون دم الاستحاضة حدثا مطلقا.

ان قلت: لم تثبت حدثية الاستحاضة الا بمعني كونها موجبة للوضوء في الجملة لا مطلقا فكون الخارج بعد الوضوء مؤثرا في المنع علي الاطلاق الا ما خرج بالدليل، يحتاج الي الدليل.

قلت: ان الظاهر من النصوص كونها حدثا فان الامر بالغسل أو الوضوء عقيب شي ء ظاهر في كون ذلك الشي ء حدثا و ارشادا اليه كما ان الامر بغسل شي ء عقيب الملاقاة مع الشي ء الكذائي دليل علي نجاسة الملاقي بالفتح.

و يشهد للمدعي ما رواه معاوية بن عمار «1» فان هذه الرواية بظاهرها

______________________________

(1) لاحظ ص: 153

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 226

______________________________

تقتضي وجوب الوضوء لكل صلاة بلا فرق بين الفريضة و النافلة.

و يؤيد المدعي ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الطامث تقعد بعدد أيامها كيف تصنع؟ قال: تستظهر بيوم أو يومين ثم هي مستحاضة فلتغتسل و تستوثق من نفسها و تصلي كل صلاة بوضوء ما لم ينفد (يثقب) الدم فاذا نفد اغتسلت وصلت «1».

و ربما يستفاد من حديث الصحاف كفاية الوضوء في وقت كل صلاة روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث حيض الحامل قال: و اذا رأت الحامل الي

أن قال و ان لم ينقطع الدم عنها الا بعد ما تمضي الايام التي كانت تري الدم فيها بيوم أو يومين فلتغتسل ثم تحتشي و تستذفر و تصلي الظهر و العصر ثم لتنظر فان كان الدم فيما بينها و بين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتوضأ و لتصل عند وقت كل صلاة ما لم تطرح الكرسف عنها فان طرحت الكرسف عنها فسال الدم وجب عليها الغسل و ان طرحت الكرسف عنها و لم يسل الدم فلتوضأ و لتصل و لا غسل عليها قال: و ان كان الدم اذا أمسكت الكرسف يسيل من خلف الكرسف صبيبا لا يرقي فان عليها أن تغتسل في كل يوم و ليلة ثلاث مرات و تحتشي و تصلي و تغتسل للفجر و تغتسل للظهر و العصر و تغتسل للمغرب و العشاء الآخرة قال: و كذلك تفعل المستحاضة فانها اذا فعلت ذلك أذهب اللّه بالدم عنها «2».

لكن لا يمكن رفع اليد عما يدل باطلاقه بل بعمومه علي وجوب الوضوء لكل صلاة فان غاية ما يستفاد من حديث الصحاف وجوب الوضوء لكل فريضة

______________________________

(1) الوسائل الباب الاول من أبواب الاستحاضة الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 227

دون الاجزاء المنسية (1) و صلاة الاحتياط فلا يحتاج فيها الي تجديد وضوء أو غيره (2).

[مسألة 208: حكم المتوسطة مضافا إلي ما ذكر من الوضوء]

(مسألة 208): حكم المتوسطة مضافا الي ما ذكر من الوضوء (3) و علي الاحوط تجديد القطنة أو تطهيرها لكل صلاة (4).

______________________________

و ليس له مفهوم و علي فرض اشعاره بعدم الوجوب يرفع اليد عنه بحديث معاوية الدال علي الوجوب لكل صلاة.

أضف الي ذلك ان مقتضي الاصل هو الوجوب مطلقا اذ المفروض ان دم الاستحاضة حدث بمقتضي النص و

الفتوي كما تقدم و نشك في حصول الطهارة بدون الوضوء فلاحظ.

(1) اذ لا تخرج عن كونها أجزاء صلاتية فلا يجب التجديد لها.

(2) الظاهر ان صلاة الاحتياط تكون من توابع الصلاة كالأجزاء المنسية فلا تشملها النصوص الآمرة بالوضوء و غيره و مقتضي اصالة البراءة عدم الوجوب.

(3) يظهر من بعض الاصحاب انه لا خلاف في وجوب الوضوء لما عدا صلاة الغداة و أما لها فعن جملة من الاصحاب: عدم الوجوب و يدل علي الوجوب ما رواه سماعة «1» فانه صرح في هذه الرواية بوجوب الوضوء لكل صلاة.

(4) لا يبعد أن يكون المدرك ما رواه عبد الرحمن «2» بتقريب ان المستفاد من الرواية انه لو ظهر الدم علي الكرسف وجب التبديل أو التطهير بلا اختصاص بصلاة دون اخري و يمكن أن يكون الوجه في الاحتياط دون الجزم انه لا اطلاق

______________________________

(1) لاحظ ص: 223

(2) لاحظ ص: 220

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 228

غسل (1) قبل صلاة الصبح (2) قبل الوضوء أو بعده (3).

[مسألة 209: حكم الكثيرة مضافا الي وجوب تجديد القطنة و الغسل للصبح غسلان آخران]

(مسألة 209): حكم الكثيرة مضافا الي وجوب تجديد القطنة

______________________________

للرواية فلاحظ.

(1) لا خلاف بين الاصحاب في وجوب الغسل علي المتوسطة انما الخلاف في الاكتفاء بغسل واحد أو وجوب الاغسال الثلاثة كالكثيرة فالمشهور هو الاول و عن بعض الثاني و استدل علي الثاني بما رواه معاوية بن عمار «1» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية وجوب الاغسال الثلاثة فيما يثقب الدم الكرسف و يدل علي القول المشهور حديثا زرارة و عبد الرحمن «2» و اطلاقهما و ان كان شاملا للقليلة لكن يقيدان بما دل علي كفاية الوضوء فيها.

(2) النصوص الدالة علي وجوب الغسل و ان لم يصرح فيها بكون الغسل قبل صلاة الفجر الا انه لا يبعد كونها ظاهرة فيه

لظهورها في كون وجوب الغسل وجوبا غيريا للصلاة لا نفسيا و في كونه شرطا في جميع الصلوات لا بعضها و في كونه ملحوظا بنحو الشرط المتقدم فاذا كانت دالة علي وجوب فعله قبل صلوات اليوم باجمعها تعين فعله قبل صلاة الصبح لأنها أول صلوات اليوم بمقتضي الاطلاق اذ لو أتي بعد الصبح قبل الظهر أو بعدها كان مأتيا به قبل صلوات خمس من يومين لا من يوم واحد.

مضافا الي أن فعله للصبح مما ادعي عليه الاجماع بل عن الشيخ الانصاري:

ان عليه الضرورة.

(3) للإطلاق المنعقد في النصوص فان مقتضاه عدم الفرق.

______________________________

(1) لاحظ ص. 153

(2) لاحظ ص: 223 و 220

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 229

علي الاحوط (1) و الغسل للصبح غسلان آخران أحدهما للظهرين تجمع بينهما و الاخر للعشاءين كذلك (2) و لا يجوز لها الجمع بين أكثر من صلاتين بغسل واحد (3) و يكفي للنوافل أغسال الفرائض (4).

______________________________

(1) استدل عليه بالإجماع و بما رواه عبد الرحمن «1» فان هذه الرواية تدل علي التبديل في الكثيرة بالاولوية و بما رواه صفوان «2».

لكن حال الاجماع في الاشكال واضح و أما الرواية الاولي فقد مر الاشكال في اطلاقها لكن لا اشكال في الاولوية و أما الرواية الثانية فالظاهر انه لا بأس بدلالتها علي المدعي فلا وجه لعدم الجزم و اللّه العالم.

(2) ادعي عليه الاجماع و عن المعتبر انه قال: «و ان سال لزمها ثلاثة أغسال هذا متفق عليه عند علمائنا» و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه عبد الرحمن «3» و منها ما رواه معاوية بن عمار «4» و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان «5» و منها ما رواه زرارة «6».

(3) لأنه خلاف صريح

النصوص الواردة في المقام.

(4) ادعي عليه الاجماع و قال سيد المستمسك قدس سره: «النصوص قاصرة

______________________________

(1) لاحظ ص: 220

(2) لاحظ ص: 138

(3) لاحظ ص: 220

(4) لاحظ ص: 153

(5) لاحظ ص: 154

(6) لاحظ ص: 223

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 230

و لا يجب لكل صلاة منها الوضوء (1) بل الظاهر عدم وجوبه للفرائض أيضا (2) و ان كان الاحوط استحبابا أن تتوضأ لكل غسل (3).

[مسألة 210: إذا حدثت المتوسطة بعد صلاة الصبح وجب الغسل للظهرين]

(مسألة 210): اذا حدثت المتوسطة بعد صلاة الصبح وجب الغسل للظهرين و اذا حدثت بعدهما وجب الغسل للعشاءين و اذا

______________________________

عن اثبات المدعي نعم قد يشير اليه بعضها لاحظ رواية اسماعيل «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بمحمد بن خالد الطيالسي لكن الظاهر ان النصوص ليست قاصرة عن اثبات المدعي فانها في مقام بيان وظيفة الكثيرة و عدم بيان أمر في مقام البيان يدل علي عدم وجوبه بل صرح في حديث عبد الرحمن أنه يحل لها كل شي ء يحل معها الصلاة و فرع عليها قوله عليه السلام:

«فليأتها زوجها و لتطف بالبيت» «2» فيفهم من الحديث انها اذا عملت بوظيفتها يحل لها كل شي ء مشروط بالطهارة.

(1) لما ذكرنا فان مقتضي اطلاق النصوص و عدم التعرض للوضوء للنافلة عدم وجوبه.

(2) الامر كما أفاده لاحظ ما رواه معاوية «3» فان التقسيم قاطع للشركة فانه عليه السلام قسم الدم الي ما يثقب و جعل الغسل للثاقب و الوضوء لغيره فلا يجب للثاقب.

(3) خروجا عن شبهة الخلاف و لا اشكال في حسن الاحتياط.

______________________________

(1) لاحظ ص: 155

(2) لاحظ ص: 220

(3) لاحظ ص: 153

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 231

حدثت بين الظهرين أو العشاءين وجب الغسل للمتأخرة منهما و اذا حدثت قبل صلاة الصبح و لم تغتسل لها عمدا أو سهوا وجب الغسل

للظهرين و عليها اعادة صلاة الصبح و كذا اذا حدثت أثناء الصلاة وجب استئنافها بعد الغسل و الوضوء (1).

[مسألة 211: اذا حدثت الكبري بعد صلاة الصبح وجب الغسل الظهرين و آخر للعشاءين]

(مسألة 211): اذا حدثت الكبري بعد صلاة الصبح وجب الغسل الظهرين و آخر للعشاءين و اذا حدثت بعد الظهرين وجب غسل واحد للعشاءين و اذا حدثت بين الظهرين أو العشاءين وجب الغسل للمتأخرة منهما (2).

[مسألة 212: اذا انقطع دم الاستحاضة انقطاع برء قبل الاعمال وجبت تلك الاعمال]

(مسألة 212): اذا انقطع دم الاستحاضة انقطاع برء قبل الاعمال وجبت تلك الاعمال و لا اشكال (3) و ان كان بعد الشروع في

______________________________

(1) الوجه فيما أفاده ان المستفاد من النص كما تقدم ان المتوسطة حدث يوجب الغسل بنحو الشرط المتقدم لجميع صلوات اليوم فكلما حدثت يترتب عليه الحكم و لا خصوصية الحدوث قبل صلاة الفجر و لازم كونها حدثا انه لو لم تغتسل وصلت عمدا أو سهوا تكون صلاتها باطلة و تحتاج الي الاعادة او القضاء لعدم شمول دليل لا تعاد للطهور كما انه لو حدثت أثناء الصلاة توجب البطلان.

(2) الامر كما أفاده و قيل: انه لا خلاف فيه فان المستفاد من النصوص انه يجب للكثيرة لكل صلاتين غسل.

(3) اذا لمفروض ان المستفاد من الادلة ان دم الاستحاضة حدث و يوجب الاعمال المذكورة في النصوص من الوضوء و الغسل فاذا فرضنا ان وجوده

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 232

الاعمال قبل الفراغ من الصلاة استأنفت الاعمال و كذا الصلاة ان كان الانقطاع في أثنائها (1) و ان كان بعد الصلاة اعادت الاعمال و الصلاة (2) و هكذا الحكم اذا كان الانقطاع انقطاع فترة تسع الطهارة و الصلاة (3).

______________________________

يقتضي شيئا كان الامر كذلك بعد انقطاعه.

و بعبارة اخري: المستفاد من نصوص الباب ان المستحاضة محدثة غاية الامر يحكم عليها بالطهارة بعد اتيانها بوظائفها المقررة و يترتب عليه انه لو انقطع الدم يجب عليه ترتيب ما يوجبه الحدث من الغسل و الوضوء.

(1) اذ المفروض انه

حدث فمع قطعه لا بد من رفعه بما يوجب رفعه اذ لا صلاة الا بطهور.

(2) فان ما أتي به عمل اضطراري و لا دليل علي اجزاء العمل الاضطراري مع امكان الاتيان بالاختياري.

و ربما يقال: بانه لا دليل علي كون الدم حدثا مطلقا حتي لو كان بعد الغسل قبل اتمام الصلاة فلا وجه للاستئناف، و لذا نقل عن المعتبر أن خروج دمها بعد الطهارة معفو عنه فلم يكن مؤثرا في نقض الطهارة.

لكن الانصاف ان مقتضي نصوص الباب بحسب الفهم العرفي منها كون دمها حدثا علي الاطلاق.

(3) اذ المفروض انه يمكن الاتيان بالعمل الاختياري فلا موضوع للاضطراري و قد تقدم آنفا انه لا مجال للإشكال في حدثية الدم علي الاطلاق بان يقال انه لا دليل علي حدثية الدم حتي الخارج بعد الغسل و قلنا ان المستفاد من الادلة ان الدم حدث و ناقض للطهارة.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 233

بل الاحوط ذلك أيضا اذا كانت الفترة تسع الطهارة و بعض الصلاة (1) أو شك في ذلك (2) فضلا عما اذا شك في أنها تسع الطهارة و تمام الصلاة أو أن الانقطاع لبرء أو فترة تسع الطهارة و بعض

______________________________

ان قلت: ان الفترة في الغالب و عدم التعرض لها و اطلاق الحكم بالصلاة مع الوظائف يدل علي عدم وجوب رعاية الفترة.

قلت: أولا: الغلبة محل الكلام، بل أنكرها بعض، و ثانيا: ان ثبوت الاطلاق المقامي بنحو يعتمد عليه في رفع اليد عن القواعد الاولية، ممنوع اذ مصب النصوص بيان وظائف استمرار الدم و لذا عبر بالوضوء لكل صلاة و بالاغسال الثلاثة.

ان قلت الفترة بمنزلة العدم لان حدثية الدم قائمة بوجوده بالقوة و لذا نقل عن الشهيد انه قال: «الانقطاع للفترة لا

يؤثر في الطهارة لأنه بعوده بعد ذلك كالموجود.

و يرد عليه: انه خلاف ظاهر المستفاد من الادلة و هو ان الدم بوجوده ناقض و في زمان الفترة لا أثر من الحدث فيمكن تحصيل الطهارة.

(1) لا يبعد أن يكون الوجه في نظر الماتن ان الضرورات تقدر بقدرها.

و بعبارة اخري: يجب الاتيان بالصلاة مع الطهور فلو أمكن اتيانها بتمامها مع الطهور وجب و ان لم يمكن فيجب بالمقدار الممكن.

(2) اذ مع الالتزام بوجوب الرعاية و لو في الجملة فمع الشك تجب الرعاية اذ مرجع الشك الي الشك في القدرة علي الاتيان بالعمل الاختياري و مع الشك لا بد من الرعاية اذ يشك في تحقق موضوع العمل الاضطراري. أضف الي ذلك ان جريان البراءة في صورة الشك في القدرة، محل الكلام و الاشكال.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 234

الصلاة (1).

[مسألة 213: إذا علمت المستحاضة أن لها فترة تسع الطهارة و الصلاة وجب تأخير الصلاة اليها]

(مسألة 213): اذا علمت المستحاضة ان لها فترة تسع الطهارة و الصلاة وجب تأخير الصلاة اليها (2) و اذا صلت قبلها بطلت صلاتها و لو مع الوضوء و الغسل (3) و اذا كانت الفترة في أول الوقت فأخرت الصلاة عنها عمدا أو نسيانا عصت (4) و عليها الصلاة بعد فعل وظيفتها (5).

[مسألة 214: إذا انقطع انقطاع برء و جددت الوظيفة اللازمة لها لم تجب المبادرة إلي فعل الصلاة]

(مسألة 214): اذا انقطع انقطاع برء و جددت الوظيفة اللازمة لها لم تجب المبادرة الي فعل الصلاة بل حكمها حينئذ حكم الطاهرة في جواز تأخير الصلاة (6).

[مسألة 215: إذا اغتسلت ذات الكثيرة لصلاة الظهرين]

(مسألة 215): اذا اغتسلت ذات الكثيرة لصلاة الظهرين و لم

______________________________

(1) قد ظهر مما ذكرنا وجه الاولوية.

(2) اذ مع امكان الاتيان بالوظيفة الاختيارية لا تصل النوبة الي الاضطرارية.

(3) اذ المفروض ان الحدث موجود و معه لا تصح الصلاة الا مع الضرورة و المفروض انتفائها نعم لو صلت رجاء لاحتمال عدم الانقطاع و لم ينقطع كانت صلاتها صحيحة.

(4) لا وجه لتحقق العصيان مع النسيان العذري و أما مع العمد فمقتضي القاعدة تحققه اذا لمفروض عدم الاتيان بالوظيفة الاختيارية مع امكان الاتيان بها.

(5) اذ المفروض تحقق الحدث فلا بد من فعل ما هي الوظيفة.

(6) اذ لا مقتضي للتعجيل فانها كبقية أفراد المكلفين.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 235

تجمع بينهما عمدا أو لعذر وجب عليها تجديد الغسل للعصر و كذا الحكم في العشاءين (1).

[مسألة 216: إذا انتقلت الاستحاضة من الأدني إلي الأعلي]

(مسألة 216): اذا انتقلت الاستحاضة من الادني الي الاعلي كالقليلة الي المتوسطة أو الي الكثيرة و كالمتوسطة الي الكثيرة فان كان قبل الشروع في الاعمال فلا اشكال في أنها تعمل عمل الاعلي للصلاة الآتية (2) و أما الصلاة التي فعلتها قبل الانتقال فلا اشكال في عدم لزوم أعادتها (3) و ان كان بعد الشروع في الاعمال فعليها الاستيناف و عمل الاعمال التي هي وظيفة الاعلي كلها و كذا اذا كان الانتقال في أثناء الصلاة فتعمل اعمال الاعلي و تستأنف الصلاة بل يجب الاستئناف حتي اذا كان الانتقال من المتوسطة الي الكثيرة فيما اذا كانت المتوسطة محتاجة الي الغسل و أتت به فاذا اغتسلت ذات المتوسطة للصبح ثم حصل الانتقال اعادت الغسل حتي اذا كان في اثناء الصبح فتعيد الغسل و تستأنف الصبح (4) و اذا ضاق الوقت عن

______________________________

(1) اذ المستفاد من الادلة انه لا تجوز لها

الصلاة الا مع الغسل بلا تفريق بين الصلاتين ففي صورة التفريق و عدم الجمع لا يجوز الدخول في الصلاة.

(2) عملا بمقتضاه الذي يدخل فيه مقتضي الادني و بعبارة اخري: لا يبقي للأدني موضوع مع التبدل الي الاعلي.

(3) لعدم المقتضي للإعادة فان الحدث الحادث يؤثر في العمل اللاحق لا في السابق.

(4) لقدح الحادث بمقتضي دليله فلا بد من ترتيب مقتضاه. و بعبارة اخري

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 236

الغسل تيممت بدل الغسل وصلت (1) و اذا ضاق الوقت عن ذلك أيضا فالاحوط الاستمرار علي عملها ثم القضاء (2).

______________________________

استفيد من الدليل انه يترتب علي كل مرتبة أحكام و بعد تحقق كل مرتبة يجب ترتيب أحكامها الخاصة فلاحظ.

(1) لبدلية التيمم عن الغسل عند الاضطرار.

(2) للعلم الإجمالي بوجوب أحد الامرين فيجب الاحتياط و ان مقتضي القاعدة تعين القضاء اذا لمفروض انه فاقد الطهورين و لا دليل علي وجوب الصلاة عليه.

ان قلت: كيف لا دليل مع ان المشهور بين القوم ان الصلاة لا تسقط بحال و من جملة الحالات فقدان الطهورين.

قلت: هذا الذي اشتهر بين القوم لا دليل عليه الا قوله عليه السلام في رواية زرارة «و لا تدع الصلاة بحال فان النبي قال الصلاة عماد دينكم» «1» و لا يستفاد من هذه الجملة ان الصلاة تتحقق و لو مع فقدان الاجزاء و الشرائط بل المستفاد من الرواية ان المستحاضة تعمل علي طبق الوظيفة المقررة لها و لا تدع الصلاة حتي مع الدم لأنها عماد الدين و بمقتضي عموم العلة يستفاد انه يجب علي كل أحد أن يعمل بوظيفته المقررة و لا يدع الصلاة لأنها عماد الدين لكن لا يستفاد من هذه الرواية ان الشرائط و الاجزاء لا اعتبار بها عند

الضرورة.

لكن لقائل أن يقول: ان مقتضي عدم السقوط في حال من الاحوال و عدم جواز رفع اليد عنها معللا بأنها عماد الدين يفهم منه رفع يد المولي عن الشرائط المقررة الاختيارية فيجوز الاتيان بها باي نحو كان فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 223

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 237

[مسألة 217: إذا انتقلت الاستحاضة من الأعلي إلي الأدني استمرت علي عملها للأعلي بالنسبة إلي الصلاة الأولي]

(مسألة 217): اذا انتقلت الاستحاضة من الاعلي الي الادني استمرت علي عملها للأعلي بالنسبة الي الصلاة الاولي و تعمل عمل الادني بالنسبة الي الباقي فاذا انتقلت الكثيرة الي المتوسطة أو القليلة اغتسلت للظهر و اقتصرت علي الوضوء بالنسبة الي العصر و العشاءين (1).

[مسألة 218: قد عرفت أنه يجب عليها المبادرة إلي الصلاة بعد الوضوء و الغسل]

(مسألة 218): قد عرفت (2) انه يجب عليها المبادرة الي الصلاة بعد الوضوء و الغسل (3) لكن يجوز لها اتيان الاذان و الاقامة و الادعية الماثورة و ما تجري العادة بفعله قبل الصلاة او يتوقف فعل الصلاة علي فعله و لو من جهة لزوم العسر و المشقة بدونه مثل الذهاب الي المصلي و تهيئة

______________________________

(1) ما افاده في هذا الفرع هو ما تقتضيه القاعدة الاولية من ترتيب كل حكم علي موضوعه.

(2) الظاهر ان هذا لم يتقدم منه و انما تقدم منه وجوب الجمع بين الصلاتين.

(3) ادعي انه المشهور بين القوم و لا يبعد أن يكون المدرك حديثي أبي المعزا و اسحاق بن عمار «1» لظهور «عند» في المقاربة و تقدير لفظ «الوقت» كي يقال: ان المراد عند وقت الصلاة خلاف الظاهر و لا دليل عليه و بهما يرفع اليد عن اطلاق غيرهما. و مثلهما في الدلالة علي المدعي ما رواه عبد اللّه بن سنان «2».

و ما رواه اسماعيل «3» لا يدل علي جواز الفصل الا بمقدار الاتيان بالنافلة

______________________________

(1) لاحظ ص: 96 و 114

(2) لاحظ ص: 154

(3) لاحظ ص: 155

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 238

المسجد و نحو ذلك و كذلك يجوز لها الاتيان بالمستحبات في الصلاة (1).

[مسألة 219: يجب عليها التحفظ من خروج الدم بحشو الفرج بقطنة و شدة بخرقة و نحو ذلك]

(مسألة 219): يجب عليها التحفظ من خروج الدم بحشو الفرج بقطنة و شدة بخرقة و نحو ذلك (2) فاذا قصرت و خرج الدم اعادت الصلاة (3) بل الاحوط وجوبا اعادة الغسل (4).

______________________________

و هذا المقدار لا ينافي المقاربة مضافا الي أن الرواية ضعيفة سندا بالطيالسي.

(1) لعدم المنافاة مع المقاربة عرفا كما ان الاتيان بالمستحبات في الصلاة لا بأس به للإطلاق.

(2) نقل عليه الاجماع و لا يبعد أن يستفاد المدعي من نصوص

الاحتشاء و الاستثفار و تبديل الكرسف لاحظ ما رواه معاوية بن عمار «1» و ما رواه محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المرأة تستحاض فقال: قال أبو جعفر عليه السلام: سئل رسول اللّه عليه و آله عن المرأة تستحاض فأمرها أن تمكث أيام حيضها لا تصلي فيها ثم تغتسل و تستدخل قطة و تستثفر (تستذفر) بثوب ثم تصلي «2» و ما رواه زرارة «3» و ما رواه صفوان «4».

(3) لا يبعد أن يستفاد من النصوص كون المنع من الخروج من شرائط الصلاة فمع التقصير تبطل بل لا وجه لقيد التقصير فان التحفظ من الخروج شرط و مع انتفائه باي نحو كان تبطل الصلاة. ان قلت: ان مقتضي قاعدة لا تعاد عدم الاعادة. قلت: لا تجري القاعدة بالنسبة إلي الطهور.

(4) الظاهر ان الوجه في عدم الجزم هو ان النصوص المشار اليها في

______________________________

(1) لاحظ ص: 153

(2) الوسائل الباب الاول من أبواب الاستحاضة الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 223

(4) لاحظ ص: 138

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 239

[مسألة 220: الظاهر توقف صحة الصوم من المستحاضة علي فعل الأغسال النهارية في الكثيرة و علي غسل الليلة الماضية]

(مسألة 220): الظاهر توقف صحة الصوم من المستحاضة علي فعل الاغسال النهارية في الكثيرة و علي غسل الليلة الماضية علي الاحوط (1).

______________________________

مقام بيان ما هو شرط للصلاة فلا وجه لبطلان الغسل لكن الانصاف انه لا يبعد أن يستفاد عرفا من النصوص بطلانه.

(1) الذي يظهر من بعض الكلمات: ان المشهور توقف صحة صومها علي الاغسال النهارية و عن جملة من الاعاظم، دعوي الاجماع عليه و يظهر من بعض الاصحاب عدم الخلاف في التوقف علي الاغسال النهارية و أما التوقف علي الاغسال الليلية فهو محل الخلاف فعن بعض التوقف علي اغسال الليلة اللاحقة و عن بعض آخر التوقف علي

اغسال. الليلة الماضية مطلقا أو بشرط عدم تقدم غسل الفجر.

و النص الوارد في المقام ما رواه علي بن مهزيار قال: كتبت اليه: امرأة طهرت من حيضها أو دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان ثم استحاضت فصلت و صامت شهر رمضان كله من غير ان تعمل ما تعمله المستحاضة من الغسل لكل صلاتين هل يجوز صومها و صلاتها أم لا؟ فكتب عليه السلام: تقضي صومها و لا تقضي صلاتها لان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان يأمر المؤمنات من نسائه بذلك «1».

و اورد علي الرواية بامور: الاول: كونها مضمرة و الجواب أن جلالة علي بن مهزيار تمنع عن نقله عن غير الامام عليه السلام.

الثاني انها متضمة لحيض الصديقة الطاهرة عليها السلام و الحال ان النص

______________________________

(1) الوسائل الباب 41 من أبواب الحيض الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 240

و الاحوط استحبابا في المتوسطة توقفه علي غسل الفجر (1) كما ان الاحوط استحبابا توقف جواز وطيها علي الغسل (2).

______________________________

قد دل علي عدم رؤيتها الدم. و فيه: أولا: انه ليست هذه الجملة في الرواية علي حسب بعض أسانيدها. و ثانيا: يمكن أن يكون المراد من فاطمة، بنت أبي حبيش. و ثالثا: يمكن أمره صلي اللّه عليه و آله اياها عليها السلام لأجل تعليم النساء.

الثالث: اشتمال الرواية علي ما لا يقول به الاصحاب و هو عدم قضاء الصلوات.

و فيه: ان رفع اليد عن فقرة من الحديث لا يقتضي رفع اليد عن جميع فقراته و بعبارة اخري: لا مانع من التفكيك في الحجية. فالرواية لا اشكال فيها من حيث الاعتبار و السند و أما من حيث الدلالة فالمستفاد منها توقف صحة الصوم علي غسل الظهرين و العشاءين

و الظاهر بحسب المتفاهم العرفي ان المراد بغسل العشاءين غسل الليلة اللاحقة و أما التوقف بالنسبة الي غسل الفجر، فلا يستفاد من الرواية.

و بعبارة اخري: الذي يستفاد من الرواية ان صحة الصوم تتوقف علي غسل الظهرين و غسل العشاءين من الليلة اللاحقة و أما اشتراط الصحة بغسل الفجر فان تم اجماع عليه فهو و الا فيشكل الجزم به و اللّه العالم.

(1) النص مختص بالكثيرة و لكن ادعي الاجماع علي الحاق المتوسطة بالكثيرة و الاحتياط طريق النجاة.

(2) توقف جواز الوطء علي الغسل نقل عن جمع من الاساطين و يمكن

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 241

و أما دخول المساجد و قراءة العزائم فالظاهر جوازهما مطلقا (1)

______________________________

أن يستدل عليه بجملة من النصوص: منها: ما رواه سماعة «1» و منها ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق «2» و منها ما رواه عبد الرحمن «3».

و ربما يقال: بأن المستفاد من حديث فضيل و زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال المستحاضة تكف عن الصلاة أيام أقرائها و تحتاط بيوم أو اثنين ثم تغتسل كل يوم و ليلة ثلاث مرات و تحتشي لصلاة الغداة و تغتسل و تجمع بين الظهر و العصر بغسل و تجمع بين المغرب و العشاء بغسل فاذا حلت لها الصلاة، حل لزوجها أن يغشاها «4»، جواز الوطء قبل الغسل. و كذلك المستفاد من خبر عبد اللّه بن سنان «5».

لكن مقتضي الصناعة رفع اليد عن اطلاقهما بما دل علي التقييد بالغسل فانه مقتضي تقديم المقيد علي المطلق و لا وجه للجمع بين الطائفتين بحمل ما يدل علي الاشتراط علي الاستحب اب فلاحظ.

(1) لعدم ما يقتضي المنع و بعبارة اخري: المستحاضة كبقية أفراد المكلفين.

و ما قيل في وجه المنع و التوقف أمران:

الاول: الاجماع. و يرد عليه أولا: ان تحقق الاجماع أول الكلام بل عدم تحققه معلوم فان المنقول عن نهاية الشيخ و حج القواعد و المراسم و الوسيلة و الروض و مجمع البرهان و المدارك و الذخيرة و شرح المفاتيح، الجواز و ثانيا: ان الاجماع حاله في الاشكال

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 155

(3) لاحظ ص: 152 و 220

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 12

(5) لاحظ ص: 154

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 242

و لا يجوز لها مس المصحف و نحوه قبل الغسل و الوضوء (1) بل الاحوط وجوبا عدم الجواز بعدهما أيضا و لا سيما مع الفصل المعتد به (2).

[المقصد الرابع النفاس]
اشارة

المقصد الرابع النفاس

[مسألة 221: دم النفاس هو دم تقذفه الرحم بالولادة معها أو بعدها]

(مسألة 221): دم النفاس هو دم تقذفه الرحم بالولادة معها أو بعدها علي نحو يعلم استناد خروج الدم اليها (3).

______________________________

معلوم.

الثاني: استصحاب حرمة الحالة السابقة و هي زمان الحيض، و فيه: أولا:

انه اخص من المدعي اذ ربما لا تكون مسبوقة بالحيض و ثانيا: انه بعد تحقق غسل الحيض لا وجه لبقاء الحرمة لانتفاء الموضوع و ثالثا ان الاستصحاب في الشبهة الحكمية معارض بمثله كما ذكرناه مرارا.

(1) لفرض كونها محدثة و لا يجوز مس المصحف للمحدث.

(2) اذا لمفروض انها محدثة فلا وجه للجواز و لم يدل دليل عليه و مع عدم الدليل القاعدة الاولية تقتضي عدمه.

(3) نقل انه مشهور و أيضا نقل عليه الاجماع و من النصوص التي تدل علي المدعي ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرأة يصيبها الطلق أياما أو يوما أو يومين فتري الصفرة أو دما قال: تصلي ما لم تلد فان غلبها الوجع ففاتتها صلاة لم تقدر أن تصليها من الوجع فعليها قضاء تلك الصلاة بعد ما تطهر «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب النفاس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 243

و لا حد لقليله (1) و حد كثيرة عشرة أيام (2).

______________________________

و ما رواه عن أبي عبد اللّه أيضا قال: سألته عن امرأة أصابها الطلق اليوم و اليومين و أكثر من ذلك تري صفرة أو دما كيف تصنع بالصلاة؟ قال: تصلي ما لم تلد فإن غلبها الوجع صلت اذا برئت «1».

و يؤيد المدعي ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام انه قال:

قال النبي صلي اللّه عليه و آله: ما كان اللّه ليجعل حيضا مع حبل يعني اذا رأت الدم و هي حامل

لا تدع الصلاة الا أن تري علي رأس الولد اذا ضربها الطلق و رأت الدم تركت الصلاة «2» و ما رواه زريق «3».

(1) لا يبعد أن يقال: بأنه مقتضي القاعدة الاولية فان الحكم يترتب علي موضوعه علي الاطلاق الا أن يحدد شرعا بحدود و المفروض انه لم يرد تحديد بالنسبة الي طرف القلة و يؤيد المدعي ما رواه ليث المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن النفساء كم حد نفاسها حتي يجب عليها الصلاة؟ و كيف تصنع قال: ليس لها حد «4» فان مقتضي اطلاق الجواب انه لا حد له من الطرفين غاية الامر يرفع اليد عن الاطلاق في طرف الكثرة أضف الي ذلك أنه ادعي عليه الاجماع بل لا يبعد أن يكون الحكم مورد التسالم بين الاصحاب.

(2) هذا هو المشهور علي ما يظهر من بعض الكلمات و استدل عليه بامور: الوجه الاول: اصالة عدم النفاس أو اصالة عدم أحكامه و لا يعارضه استصحاب الموضوع و لا استصحاب أحكامه أما الاول فلعدم جريان الاستصحاب في التدريجيات و أما

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 17

(3) نفس المصدر الحديث: 17

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب النفاس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 244

______________________________

الثاني فلعدم جريان الاستصحاب في الحكم مع الشك في الموضوع مع أن الاستصحاب المذكور لا يجري في بعض الصور كما لو حدث الدم بعد العشرة لعدم العلم بكونه نفاسا بعد العشرة.

و الذي يخلج بالبال أن يقال: أن منشأ الشك في بقاء أحكام النفاس ان كان الشك في بقاء الموضوع العرفي فلا مانع من احرازه باستصحاب بقائه و يكون نظير استصحاب عدم تحقق

المغرب فيما يشك في تحققه من جهة الشك في مفهومه و تردده بين استتار القرص و ذهاب الحمرة و مع احراز الموضوع بالاستصحاب لا تصل النوبة الي جريان الاصل في الحكم لحكومة استصحاب الموضوع علي الاصل الحكمي.

و أما الاشكال في جريان الاصل من أن موضوعه تدريجي و الاستصحاب لا يجري في التدريجيات، فيدفع بما حقق في محله من جريانه في التدريجيات كاليوم و أشباهه و مع جريان الاصل المذكور لا مجال لأصالة عدم النفاسية كما هو ظاهر و مع قطع النظر عن هذا الاصل لا مجال لاستصحاب بقاء حكمه لما اخترناه من عدم جريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية نعم اذا حدث بعد العشرة كان الشك في أصل تحقق الموضوع.

الوجه الثاني ما رواه مقرن عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأل سلمان رحمه اللّه عليا عليه السلام عن رزق الولد في بطن امه فقال: ان اللّه تبارك و تعالي حبس عليه الحيضة فجعلها رزقه في بطن امه «1».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان النفاس نفس الحيض و انه حيض محتبس.

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 245

______________________________

و فيه: أولا: ان الرواية ضعيفة بمقرن و ثانيا: انه لا يستفاد منها المدعي حيث ان الرواية ليست في مقام بيان هذا المعني.

الوجه الثالث: ما أرسله المفيد قال: جاءت أخبار معتمدة بأن انقضاء مدة النفاس مدة الحيض و هي عشرة أيام «1». و فيه: ان المرسل لا اعتبار به.

الوجه الرابع: النصوص الدالة علي رجوع النفساء الي أيامها في الحيض مثل ما رواه زرارة «2» و ما رواه أيضا «3» الي غيرهما من الروايات الواردة في الباب 3 من أبواب النفاس.

و تقريب الاستدلال بهذه

النصوص علي المدعي انها تدل علي أن أيام النفاس بمقدار أيام الحيض بحيث لا يتخطي أيام النفاس عن أيام الحيض الا بمقدار تختلف أيام الحيض اللاحق عن أيام الحيض السابق أعني أيام الاستظهار فتدل علي أن أكثر النفاس عشرة بمعني عدم التخطي عنها لا أن النفاس هي العشرة بتمامها مع استمرار الدم و كون العادة أقل من العشرة فلا تغفل.

و نوقش في هذا الاستدلال بوجوه: الاول: اختصاص هذه النصوص بالمعتادة.

و اجيب بأن المستفاد من هذه النصوص أن أكثر النفاس عشره كالحيض و لذا اهمل التعرض لغير ذات العادة مضافا الي أن المدعي يظهر من وجوب الاستظهار الي عشرة أيام اذ لو لم يكن أكثر النفاس عشرة علي الاطلاق لم يكن وجه للاستظهار الي العشرة. الا أن يقال: بأن الاخبار الدالة علي وجوب الاستظهار الي العشرة واردة في المعتادة فلا اطلاق لها.

الثاني: أن مفاد هذه النصوص أن أكثر النفاس أيام العادة لا العشرة. و فيه:

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث: 10

(2) لاحظ ص: 155

(3) لاحظ ص: 223

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 246

______________________________

ان المستفاد منها ان ذات العادة ترجع الي عادتها في الحيض بلا فرق بين ما يكون أيامها أقل من العشرة أو تكون عشرة فهي تدل علي أن أكثر النفاس عشرة بالمعني المتقدم بمعني انه اذا تجاوز الدم من العشرة تأخذ المرأة بايام عادتها.

الثالث: ان هذه النصوص في مقام بيان الحكم الظاهري عند اشتباه النفاس بالاستحاضة لا في مقام تحديد النفاس واقعا.

و اجيب: بأن النفاس الواقعي لو كان حده أكثر من العشرة لما صح جعل هذا الحكم الظاهري عند اشتباه النفاس بالاستحاضة.

و ان شئت قلت: انها تدل علي أن التنفس بمقدار العادة عند تجاوز

الدم عن العشرة علي الاطلاق و حيث ان هذا النزاع يظهر أثره عند التجاوز- فان مقتضي الاقوال الاخر التنفس بعد العشرة- فهذه النصوص تصلح للرد عليها سواء كانت متعرضة للحكم الواقعي أو الظاهري فلا تغفل.

الوجه الخامس ما رواه يونس قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة ولدت فرأت الدم أكثر مما كانت تري قال: فلتقعد أيام قرئها التي كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أيام فان رأت دما صبيبا فلتغتسل عند وقت كل صلاة فان رأت صفرة فلتوضأ ثم لتصل «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان النفساء تستظهر الي عشرة أيام و تقريب الاستدلال ان المراد بالجار «الباء في بعشرة» في هذه الرواية معني (الي) بدعوي قيام حروف الصفات بعضها مقام بعض- كما عن الشيخ- و الشاهد علي المدعي ما رواه يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: امرأة

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث 3

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 247

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 247

______________________________

رأت الدم في حيضها حتي تجاوز وقتها متي ينبغي لها أن تصلي؟ قال: تنتظر عدتها التي كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أيام فان رأت الدم دما صبيبا فلتغتسل في وقت الصلاة «1».

فان المقصود من هذه الرواية الاستظهار الي عشرة أيام بقرينة الاجماع و بقية الروايات فان الراوي و المتن في كلا الحديثين واحد فيكون المراد من الجار في هذه الرواية أيضا أنها تستظهر الي عشرة أيام فنقول: انه عليه السلام أمر بالاستظهار الي عشرة ايام فلو لم يكن أكثر النفاس عشرة لم يكن وجه للاستظهار اليها

فلا تغفل.

و نسب الي جملة من الاساطين أن أكثر النفاس ثمانية عشر يوما و استدل علي المدعي بجملة من النصوص: منها: ما أرسله الصدوق قال: ان أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر في حجة الوداع فأمرها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن تقعد ثمانية عشر يوما «2» و الحديث ضعيف بالارسال.

و منها: ما رواه حنان بن سدير قال: قلت لأي علة اعطيت النفساء ثمانية عشر يوما «3» و ذكر نحو الحديث: 22 من الباب و هو: قال: و قد روي أنه صار حد قعود النفساء عن الصلاة ثمانية عشر يوما لان أقل أيام الحيض ثلاثة ايام و أكثرها عشرة ايام و أوسطها خمسة أيام فجعل اللّه عز و جل للنفساء أقل الحيض و أوسطه و أكثره «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الحيض الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث: 21

(3) نفس المصدر الحديث: 23

(4) نفس المصدر الحديث: 22

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 248

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بحمدان بن الحسين.

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتابه الي المأمون قال: و النفساء لا تقعد عن الصلاة أكثر من ثمانية عشر يوما «1». و الحديث ضعيف بضعف اسناد الصدوق الي الفضل.

و منها: ما رواه المفيد مرسلا قال: روي أنها تقعد ثمانية عشر يوما «2» و الحديث ضعيف بالارسال فهذه النصوص كلها ضعيفة مضافا الي معارضتها بغيرها لاحظ ما رفعه ابراهيم بن هاشم قال: سألت امرأة أبا عبد اللّه عليه السلام فقالت:

اني كنت أقعد في نفاسي عشرين يوما حتي أفتوني بثمانية عشر يوما فقال:

أبو عبد اللّه عليه السلام و لم افتوك بثمانية عشر يوما؟ فقال رجل:

للحديث الذي روي عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله انه قال لأسماء بنت عميس حيث نفست بمحمد بن أبي بكر فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان اسماء سألت رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و قد أتي لها ثمانية عشر يوما و لو سألته قبل ذلك لأمرها أن تغتسل و تفعل ما تفعل المستحاضة «3».

و ما رواه عمر بن اذينة «4». و استدل علي المدعي بما رواه الفضلاء عن أبي جعفر عليه السلام أن أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر فأمرها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حين ارادت الاحرام من ذي الحليفة أن تغتسل و تحتشي بالكرسف و تهل بالحج فلما قدموا و نسكوا المناسك سألت النبي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 24

(2) نفس المصدر الحديث: 26

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 249

______________________________

صلي اللّه عليه و آله عن الطواف بالبيت و الصلاة فقال لها: منذ كم ولدت؟

فقالت: منذ ثماني عشرة فأمرها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن تغتسل و تطوف بالبيت و تصلي و لم ينقطع عنها الدم «1».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان حد النفاس ثمانية عشر يوما و لذا أمرها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بالاغتسال.

و يرد عليه: ان المستفاد من الرواية ان أسماء حين أمرها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بالاغتسال و الا هلال لم تكن نفساء و من الممكن انها لم تكن نفساء قبل ذلك الحين.

و بعبارة اخري: لا دليل في الرواية انها كانت نفساء الي ذلك الحين فلاحظ.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن

النفساء كم تقعد؟ فقال: ان أسماء بنت عميس أمرها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن تغتسل لثمان عشرة و لا بأس بأن تستظهر بيوم أو يومين «2».

بتقريب: ان اكتفاء الامام عليه السلام في مقام الجواب بنقل قضية اسماء يدل علي أن اكثر النفاس هذا الحد.

و يرد عليه: ان الاستظهار المذكور في كلامه عليه السلام يدل علي أن أكثره العشرون و يجوز أن يستمر الي عشرين يوما.

و استدل علي المدعي بما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: كم تقعد النفساء حتي تصلي؟ قال: ثمان عشرة، سبع عشرة ثم تغتسل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 19

(2) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 250

______________________________

و تحتشي و تصلي «1».

و يرد علي هذا الاستدلال أولا: ان المستفاد من الحديث ان التحديد بالليالي بلحاظ تأنيث العدد مضافا الي أن الحديث يتضمن الترديد و هو ينافي التحديد فيمكن أن يكون الترديد من الراوي فلا يكون دليلا علي المدعي.

فالنتيجة: ان هذا القول لا دليل عليه.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان النصوص الواردة في بيان حد النفاس علي طوائف متعارضة:

الطائفة الاولي: ما يدل علي أن حد النفاس ايام العادة «2» و هذه الطائفة تدل علي ان حده عشرة أيام.

الطائفة الثانية: ما يدل علي ان حده ثمان عشرة أو سبع عشرة «3» و الترديد في الرواية- مضافا إلي جعل الليل معيارا- يوجب سقوط الرواية عن الاعتبار.

الطائفة الثالثة: ما يدل علي أن الحد ثلاثون أو أربعون الي خمسين لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تقعد النفساء اذا لم ينقطع عنها الدم ثلاثين أو أربعين يوما الي خمسين «4».

و يرد عليه: ما ذكرناه

من أن الترديد ينافي التحديد و لعل الترديد من الراوي.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) لاحظ ص: 155 حديث زرارة

(3) لاحظ ص: 249

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب الحيض الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 251

______________________________

الطائفة الرابعة: ما يدل علي تحديده بسبع عشرة ليلة و هي ما رواه ابن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: تقعد النفساء سبع عشرة ليلة فان رأت دما صنعت كما تصنع المستحاضة «1».

الطائفة الخامسة: ما يدل علي أن حده ثمان عشرة ليلة مثل ما رواه محمد ابن مسلم «2» و حيث ان التحديد الواقع فيه بالليالي فلا اعتبار به.

الطائفة السادسة: ما يدل علي أن حده أربعون يوما مثل ما رواه حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال: النفساء تقعد أربعين يوما فان طهرت و الا اغتسلت وصلت و يأتيها زوجها و كانت بمنزلة المستحاضة تصوم و تصلي «3».

و هذه الطائفة موافقة للحنابلة و الحنفية و الرشد في خلافهم.

الطائفة السابعة: ما يدل علي أنه بين أربعين الي خمسين مثل ما رواه محمد ابن يحيي الخثعمي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن النفساء فقال: كما كانت تكون مع ما مضي من اولادها و ما جربت قلت: فلم تلد فيما مضي قال: بين الاربعين الي الخمسين «4».

و قد مر ان الترديد ينافي التحديد. مضافا الي أن الظاهر من الرواية ان حده من طرف القلة الاربعون.

الطائفة الثامنة: ما يكون ضعيفا سندا و مر تفصيلها فالحق هو القول المشهور

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 14

(2) لاحظ ص: 249 الرقم الثاني

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث: 17

(4) نفس المصدر الحديث: 18

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 252

من حين

الولادة (1) و فيما اذا انفصل خروج الدم عن الولادة تحتاط في احتساب العشرة من حين الولادة أو من زمان رؤية الدم (2).

______________________________

و اللّه العالم.

(1) كما هو الظاهر من كلماتهم قدس اللّه أسرارهم و لا يبعد أن يكون الوجه فيه انه لو كان مبدئه خروج جزء من الولد لزم البناء علي الطهر مع عدم تحقق الولادة حتي مضي أحد عشر يوما و بقي غير منفصل و هل يمكن الالتزام به؟

فالمراد من قولهم: «أكثر النفاس عشرة أيام» العشرة من حين الولادة كما في المتن لا أن النفاس لا يكون أكثر من عشره أيام علي الاطلاق.

و يدل علي المدعي من النصوص ما رواه مالك بن أعين قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن النفساء يغشاها زوجها و هي في نفاسها من الدم؟ قال:

نعم اذا مضي لها منذ يوم وضعت بقدر أيام عدة حيضها ثم تستظهر بيوم فلا بأس بعد أن يغشاها زوجها يأمرها فلتغتسل ثم يغشاها ان أحب «1».

(2) لا يبعد أن يكون المنشأ لهذا الاحتياط ما رواه مالك بن اعين فان المستفاد من هذه الرواية ان مبدء الحساب من حين الولادة و مقتضي اطلاق الرواية عدم الفرق بين رؤية الدم حين الولادة و تأخرها عنها لكن الرواية مخدوشة سندا اذ مالك ابن أعين لم يوثق.

مضافا الي أن اسناد الشيخ الي علي بن الحسن ضعيف فالجمع بين الحقين يقتضي الاحتياط بالنحو المذكور اذ مقتضي الرؤية الاحتساب من حين الولادة و لكن تأخر الدم عن الولادة يقتضي الاحتساب من حين رؤية الدم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 253

و اذا رأته بعد العشرة لم يكن نفاسا (1) و اذا لم تر فيها دما لم يكن لها

نفاس اصلا (2) و مبدء حساب الاكثر من حين تمام الولادة

______________________________

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما روي عن أبي جعفر عليه السلام «1» فان مقتضي هذه الرواية ان مبدء الحساب الولادة و الرواية تامة سندا.

قال في المستمسك في هذا المقام- بعد نقل حديث مالك-: و الظاهر ان وجه الفرق بين المقامين (الحيض و النفاس) أن حال الحيض حال الدم فلا ينطبق الا مع رؤية الدم بخلاف حال النفاس فانه الزمان المتصل بالولادة فينطبق حتي مع عدم الدم فنصوص التحديد راجعة الي ذلك الحال و ان لم ير فيه الدم انتهي».

و نقل عن الشيخ الاكبر في الطهارة: الاجماع علي ان مبدء الحساب من حين الولادة لا من زمان رؤية الدم.

(1) عن الجواهر: انه مما نص عليه غير واحد من الاصحاب و يمكن الاستدلال علي المدعي بما دل من النصوص من أن مبدء الحساب زمان الولادة، هذا من ناحية، و من ناحية اخري ان النفاس لا يكون أكثر من عشرة ايام فيترتب عليه انه لو لم تر الدم من زمان الولادة الي عشرة أيام لم يكن لها نفاس لاحظ حديثي مالك بن أعين و الفضلاء «2» فان المستفاد منهما ان مبدء العشرة زمان الولادة و دعوي انصرافهما الي واجدة الدم من أول الامر مردودة بأن الانصراف بدوي أضف إلي ذلك الاجماع المدعي في المقام.

(2) كما ظهر مما ذكرنا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 248

(2) لاحظ ص: 252 و 248

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 254

لا من حين الشروع فيها (1) و ان كان جريان الاحكام عليه من حين الشروع (2).

و لا يعتبر فصل أقل الطهر بين النفاسين كما اذا ولدت توأمين و قد رأت الدم عند كل منهما (3).

______________________________

(1) كما يدل

عليه ما عن أبي جعفر عليه السلام «1» و أيضا يدل عليه ما رواه مالك بن أعين «2».

(2) كما يدل عليه ما رواه السكوني «3» و مثله في الدلالة ما رواه زريق «4» و كلتا الروايتان ضعيفتان فالجزم بالحكم مشكل نعم لا يبعد أن تكون السيرة جارية عليه و يستفاد من حديثي عمار بن موسي «5» ان الميزان بالولادة فانه صرح فيهما بانها تصلي ما لم تلد.

(3) كما هو مصرح به في كلمات الاصحاب و لا دليل علي اشتراط الفصل باقل الطهر بين النفاسين و لا نعلم ما يدل علي التساوي بين الحيض و النفاس في جميع الاحكام كي يقال لا يمكن فصل حيضين باقل من طهر واحد كما انه لا يمكن اتصال حيضتين بل الدليل علي خلافه و هو الاجماع و السيرة الخارجية بل مقتضي اطلاق النصوص عدم الاشتراط فان المستفاد من بعض النصوص ان موضوع الحكم في النفاس الولادة لاحظ حديث عمار بن موسي «6»

______________________________

(1) لاحظ ص: 248

(2) لاحظ ص: 252

(3) لاحظ ص: 243

(4) الوسائل الباب 30 من أبواب الحيض الحديث: 17

(5) لاحظ ص: 242 و 243

(6) لاحظ ص: 242 و 243

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 255

بل البقاء المتخلل بينهما طهر و لو كانت لحظة (1) بل لا يعتبر الفصل بين النفاسين اصلا كما اذا ولدت و رأت الدم الي عشرة ثم ولدت آخر علي رأس العشرة و رأت الدم الي عشرة اخري فالدمان جميعا نفاسان متواليان (2) و اذا لم تر الدم حين الولادة و رأته قبل العشرة و انقطع عليها فذلك الدم نفاسها (3).

______________________________

اللهم الا أن يقال بأن الحديثين لا ينظر ان الي الدم المسبوق بمثله كما هو المفروض في المقام.

لكن

يمكن أن يقال: بأن مقتضي الاطلاق ما ذكرناه اذ يمكن فرض طهر أقل من العشرة بين الدمين و مقتضي اطلاق الرواية انها تصلي في الطهر الفاصل ما لم تلد.

و ملخص القول: انه استفيد من الشرع ان الدم الخارج بعد الولادة دم النفاس غير مقيد بعدم سبقه بالدم.

و صفوة القول: انه ليس علي قياسه علي الحيض في الاحكام دليل و لذا التزم الفقهاء بجواز عدم الفصل بينهما و استمرار النفاس الي عشرين يوما و الحال انهم لا يجوزون اتصال الحيضتين كما انهم لا يجوزون كون الحيض اكثر من العشرة فلاحظ.

(1) هذا علي طبق القاعدة الاولية اذ مع فرض النقاء لا بد من ترتيب أحكام الطهر الا أن يدل دليل علي الخلاف و المفروض انه لا دليل عليه.

(2) اجماعا- كما في كلام سيد المستمسك- و يقتضيه اطلاق النص لاحظ ما رواه مالك بن أعين «1» فان مقتضي اطلاقه انه يحسب مبدء النفاس الولادة بلا تقييد.

(3) اذ المفروض انه بعد الولادة و قبل العشرة و قد تقدم ان دم النفاس هو

______________________________

(1) لاحظ ص: 252

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 256

و إذا رأته حين الولادة ثم انقطع ثم رأته قبل العشرة و انقطع عليها فالدمان و النقاء بينهما كلها نفاس واحد و ان كان الاحوط استحبابا في النقاء الجمع بين عمل الطاهرة و النفساء (1).

[مسألة 222: الدم الخارج قبل ظهور الولد ليس بنفاس]

(مسألة 222): الدم الخارج قبل ظهور الولد ليس بنفاس (2) فان كان متصلا بالولادة و علم انه حيض و كان بشرائطه جري عليه حكمه (3).

______________________________

الدم الناشي عن الولادة و أيضا تقدم انه بعد مضي عشرة أيام من الولادة لا يكون الدم الخارج دم نفاس.

(1) الظاهر انه لا دليل علي نفاسية النقاء المتخلل الا الاجماع علي

أصل الحكم و علي أن النفاس مثل الحيض و حيث ان الطهر المتخلل بين الحيض الواحد لا يتصور و لا يمكن فالنفاس كذلك فانه نقل عن الأردبيلي الاجماع علي نفاسية النقاء المتخلل بل استظهر من عبارة الشيخ الانصاري قدس سره فان تم اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم فهو و الا فلا وجه له و عليه يجب الاحتياط في النقاء بالجمع بين أحكام الطاهرة و النفساء.

(2) نقل عن غير واحد من الاعاظم دعوي الاجماع عليه مضافا الي حديثي عمار «1» و غيرهما.

(3) لفرض تحقق الموضوع و يترتب عليه الحكم. ان قلت: كيف يمكن أن يحكم عليه بالحيضية و الحال انه لم يفصل بينه و بين النفاس أقل الطهر.

قلت: لا دليل عليه.

______________________________

(1) لاحظ ص: 242 و 243

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 257

و كذا اذا كان منفصلا عنها بعشرة أيام نقاء (1) و ان كان منفصلا عنها باقل من عشرة أيام نقاء أو كان متصلا بالولادة و لم يعلم انه حيض فان كان بشرائط الحيض و كان في أيام العادة أو كان واجدا لصفات الحيض فهو حيض و الا فهو استحاضة (2).

[مسألة 223: النفساء ثلاثة أقسام]

(مسألة 223): النفساء ثلاثة أقسام: 1- التي لا يتجاوز دمها العشرة فجميع الدم في هذه الصورة نفاس (3).

______________________________

و بعبارة اخري: لا دليل علي أن النفاس بحكم الحيض من جميع الجهات كي يقال: بانه يلزم الفصل بين النفاس و الحيض باقل الطهر و ما أفاده في المتن مقتضي اطلاق عدم الفرق بين ما لو لم يتجاوز مجموع الدمين عن العشرة و ما لو تجاوزها و الحق ما أفاده اذ لا دليل علي أن مجموع الدمين لا يتجاوز بل الدليل قائم علي كل واحد من الحيض و

النفاس فلاحظ.

(1) اذ المقتضي للحيضية موجود و لا مانع منها.

(2) ما أفاده موافق للقواعد فان الدم في أيام العادة حيض كما ان الصفات امارة الحيض هذا من ناحية و من ناحية اخري انه قد مر امكان اتصال الحيض بالنفاس و عدم اشتراط الفصل باقل الطهر بينهما.

(3) ادعي عليه الاجماع و مقتضي القاعدة كذلك اذ المفروض انه دم الولادة و لم يتجاوز العشرة فيكون المجموع نفاسا و لكن مقتضي النصوص الدالة علي أن النفساء تأخذ بايام عادتها «1» عدم تمامية البناء علي كون الدم المرئي في العشرة نفاسا بنحو الاطلاق.

______________________________

(1) لاحظ ص: 155 حديث زرارة

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 258

2- التي يتجاوز دمها العشرة و تكون ذات عادة عددية في الحيض ففي هذه الصورة كان نفاسها بمقدار عادتها و الباقي استحاضة (1)

______________________________

قال في الحدائق: «الذي يظهر عندي من التأمل في اخبار المسألة هو ان ذات العادة ترجع إلي عادتها للأخبار الصحيحة الصريحة في ذلك «1» انتهي».

و ملخص الكلام ان الجزم بما بنوا عليه مع تصريح جملة من النصوص علي أن الميزان أيام العادة بالنسبة الي صاحبتها، في غاية الاشكال الا ان يتم اجماع أو نلتزم بتمامية قاعدة الامكان لكن الكلام في تمامية القاعدة أولا و ثانيا: ان القاعدة علي فرض تماميتها باي تقريب تقتضي نفاسية الدم في امثال المقام.

و بعبارة أخري: القاعدة علي فرض تماميتها تقتضي حيضية كل دم يمكن ان يكون حيضا لكن هذا المقدار لا يكفي لإثبات المدعي في المقام فلاحظ.

أضف الي ذلك ان غاية ما في الباب اطلاق القاعدة لكن لا ريب ان تقييد الاطلاق- كتخصيص العام بالمقيد-، أمر علي طبق القاعدة فلنا أن نقول:

بأن الاخبار المشار اليها تقيد القاعدة.

(1) أما جعل النفاس

مقدار عادتها فتدل عليه النصوص المشار اليها آنفا و أما جعل الباقي استحاضة فلان الامر دائر بين الحيض و الاستحاضة فما زاد عن مقدار الحيض بحسب المقرر الشرعي يكون استحاضة قهرا.

______________________________

(1) الحدائق ج 3 ص: 319

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 259

3- التي يتجاوز دمها العشرة و لا تكون ذات عادة في الحيض ففي هذه الصورة جعلت مقدار عادة حيض أقاربها نفاسا و اذا كانت عادتهن أقل من العشرة احتاطت فيما زاد عنها الي العشرة (1).

______________________________

(1) نقل عن المشهور بأن غير ذات العادة سواء كانت مبتدأة أو مضطربة تجعل نفاسها الي العشرة فيما زاد الدم عنها و استدل علي المدعي بقاعدة الامكان و باستصحاب بقاء النفاس أو استصحاب بقاء حدثه.

و يرد علي الاستدلال بقاعدة الامكان ان تمامية القاعدة أول الكلام نعم لو تم اجماع تعبدي كاشف علي النفاسية الي العشرة نلتزم به و الا فلا و أما استصحاب بقاء حدث النفاس فمحكوم بعدم جعل الشارع اعتبار الحدث أزيد من المقدار المعلوم نعم لو شك في بقاء دم النفاس و احتمل بقائه فلا مانع في نفسه من جريان استصحاب بقائه لكن الاشكال في أنه لو شمل دليل الصفات للمقام لم تصل النوبة الي الاصل.

و ربما يقال: بأن الوظيفة الرجوع الي عادة نسائها لرواية أبي بصير عن عبد اللّه عليه السلام قال النفساء اذا ابتليت بايام كثيرة مكثت مثل أيامها التي كانت تجلس قبل ذلك و استظهرت بمثل ثلثي أيامها ثم تغتسل و تحتشي و تصنع كما تصنع المستحاضة و ان كانت لا تعرف أيام نفاسها فابتليت جلست بمثل ايام امها أو خالتها أو اختها أو خالتها و استظهرت بثلثي ذلك ثم صنعت كما تصنع المستحاضة تحتشي و

تغتسل «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 260

[مسألة 224: اذا رأت الدم في اليوم الأول من الولادة ثم انقطع ثم عاد في اليوم العاشر من الولادة أو قبله]

(مسألة 224): اذا رأت الدم في اليوم الاول من الولادة ثم انقطع ثم عاد في اليوم العاشر من الولادة أو قبله ففيه صورتان:

الاولي ان لا يتجاوز الدم الثاني اليوم العاشر من أول رؤية الدم ففي هذه الصورة كان الدم الاول و الثاني كلاهما نفاسا و يجري علي النقاء المتخلل حكم النفاس علي الاظهر و ان كان الاحوط فيه الجمع بين أعمال الطاهرة و تروك النفساء (1).

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة سندا أولا بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن و ثانيا: ان الظاهر من الرواية انها في مقام بيان من له نفاس في مقدار معين من الزمان و الحال ان الاجماع قائم علي عدم اعتبار أيام النفاس.

و بعبارة اخري: المعتد به أيام عادة الحيض لا أيام النفاس. أضف الي جميع ذلك ان الاستظهار بثلثي أيامها لا يمكن الالتزام به علي نحو الاطلاق اذ لازمه التجاوز عن العشرة في بعض الفروض.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: انه تارة يحرز كون الدم دم النفاس فلا اشكال في ترتيب حكمه الي العشرة و أما مع الشك فالمحكم الصفات الا أن يقال: بأن الصفرة التي تكون امارة علي كون الدم استحاضة فيما يكون الامر دائرا بين الحيض و الاستحاضة و أما مع دوران الامر بين الاستحاضة و النفاس فلا تكون الصفات معتبرة لكن هذا الاشكال ضعيف اذ لا وجه لرفع اليد عن الاطلاق و علي فرض تسليم الاشكال تصل النوبة الي استصحاب بقاء الدم نفاسا.

و بعبارة اخري: يجري الاستصحاب و مقتضاه بقاء الدم علي النفاسية فلاحظ.

(1) أما كون الدم الثاني نفاسا كالدم الاول فاستدل عليه

بالإجماع و صدق

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 261

الثانية: أن يتجاوز الدم الثاني اليوم العاشر من أول رؤية الدم و هذا علي اقسام: 1- ان تكون المرأة ذات عادة عددية في حيضها و قد رأت الدم الثاني في زمان عادتها ففي هذه الصورة كان الدم الاول و ما رأته في أيام العادة و النقاء المتخلل نفاسا و ما زاد علي العادة استحاضة مثلا اذا كانت عادتها في الحيض سبعة أيام فرأت الدم حين ولادتها يومين فانقطع ثم رأته في اليوم السادس و استمر الي أن تجاوز اليوم العاشر من حين الولادة كان زمان نفاسها اليومين الاولين و اليوم السادس و السابع و النقاء المتخلل بينهما و ما زاد علي اليوم السابع فهو استحاضة (1).

______________________________

النفاس عليها و مع صدق الموضوع يترتب عليه الحكم طبعا و مقتضي القاعدة أن يقال: اذا صدق عنوان الموضوع يترتب عليه الحكم بلا اشكال و أما مع الشك في الصدق فحيث ان الامر دائر بين النفاس و الاستحاضة يكون المحكم أخبار التميز فاذا كان متصفا بصفة الاستحاضة تكون مستحاضة و الا تكون نفساء و أما كون النفاس المتخلل نفاسا فليس عليه دليل ظاهر و قد مر منا انه لم يقم دليل علي أن النفاس كالحيض في جميع الجهات كي يقال: بأنه لا يجوز تخلل الطهر أقل من عشرة أيام بين الحيضين لما ثبت من أن أقل الطهر عشرة أيام الا أن يثبت اجماع تعبدي في المقام و مما ذكرنا ظهر ان ما عن الذخيرة من التوقف لعدم ثبوت الاجماع عليه و فقد النص حسن.

(1) ما أفاده في هذا الفرع أمران: أحدهما: ان الدم الاول و المتمم لأيام

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 262

2- أن

تكون المرأة ذات عادة و لكنها لم تر الدم الثاني حتي انقضت مدة عادتها فرأت الدم و تجاوز اليوم العاشر ففي هذه الصورة كان نفاسها هو الدم الاول و كان الدم الثاني استحاضة و يجري عليها أحكام الطاهرة في النقاء المتخلل (1).

3- أن لا تكون المرأة ذات عادة في حيضها و قد رأت الدم الثاني قبل مضي عادة أقاربها و يتجاوز اليوم العاشر ففي هذه الصورة

______________________________

العادة و النقاء الفاصل كلها نفاس. ثانيهما ان ما زاد عن مقدار العادة من الدم استحاضة و الوجه فيه- علي الظاهر- أن النص «1» قد دل علي أن النفاس بمقدار أيام العادة و حيث ان النفاس كالحيض فالنقاء الفاصل بين دمي نفاس واحد نفاس و أما كون ما بعد الايام استحاضة فلتصريح النص المشار اليه به فلاحظ.

و لكن للمناقشة فيما افيد مجال و هو انه لم يقم دليل علي كون النقاء الفاصل نفاسا كما تقدم و اللّه العالم.

(1) الوجه فيه ظاهر علي المبني الذي ذكرنا فان ذات العادة لا بد أن تأخذ بمقدار أيام عادتها و من ناحية اخري النقاء الفاصل نفاس و في الفرض المذكور لا يمكن الحكم بنفاسية الدمين و الحد الفاصل لكون المجموع أكثر من أيام العادة فيكون الدم الاول بخصوصه نفاسا و الدم الثاني استحاضة.

و علي ما ذكرنا نقول: بأنه ان كان عنوان دم النفاس صادقا علي الدم الثاني يترتب عليه حكمه و الا يرجع الي التميز كما قلنا فيما تقدم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 155

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 263

كان نفاسها مقدار عادة أقاربها و اذا كانت عادتهن أقل من العشرة احتاطت الي اليوم العاشر و ما بعده استحاضة (1).

4- أن لا تكون المرأة ذات عادة في

حيضها و قد رأت الدم الثاني الذي تجاوز اليوم العاشر بعد مضي عادة أقاربها ففي هذه الصورة كان نفاسها هو الدم الاول و تحتاط أيام النقاء و أيام الدم الثاني الي اليوم العاشر (2).

ثم ان ما ذكرناه في الدم الثاني يجري في الدم الثالث و الرابع و هكذا. مثلا اذا رأت الدم في اليوم الاول و الرابع و السادس و لم يتجاوز اليوم العاشر، كان جميع هذه الدماء و النقاء المتخلل بينها نفاسا و اذا تجاوز الدم اليوم العاشر في هذه الصورة و كانت عادتها في الحيض تسعة أيام كان نفاسها الي اليوم التاسع و ما زاد استحاضة و اذا كانت عادتها خمسة أيام كان نفاسها الايام الاربعة الاول و فيما

______________________________

(1) تقريب الاستدلال علي المدعي عين ما تقدم في تقريب الاستدلال علي القسم الثالث من فرع (223) مع ما يرد عليه و بيان ما يختلج بالبال فراجع.

(2) لأنه لا عادة لها كي تأخذ بها و فرض ان أيام أقاربها مضت فلا مقتضي للالتزام بنفاسية الدم الثاني و كذلك نفاسية النقاء المتخلل فالمقدار المعلوم ان الدم الاول نفاس و في الباقي من العشرة تحتاط و تجمع بين تروك النفساء و أعمال الطاهرة و المستحاضة للعلم الإجمالي بأنها اما تكون نفساء أو تكون طاهرة في أيام النقاء و مستحاضة في أيام الدم فلاحظ و مما ذكرنا يظهر ما فيه.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 264

بعدها كانت طاهرة و مستحاضة (1).

[مسألة 225: النفساء بحكم الحائض في الاستظهار عند تجاوز الدم أيام العادة]

(مسألة 225): النفساء بحكم الحائض في الاستظهار عند تجاوز الدم أيام العادة (2).

______________________________

(1) الكلام فيه هو الكلام دليلا و اشكالا فلاحظ.

(2) استدل عليه سيد المستمسك بالنصوص الواردة في النفساء و بالنصوص الواردة في الحائض بالاضافة الي المساواة بينهما.

و

العمدة في الاثبات للمساواة الاجماع المدعي في المقام فانه نقل عن جملة من الاعاظم و الاساطين دعوي الاجماع عليه. و قال السيد الحكيم قدس سره: «الظاهر انه اجماع عند الكل». و هذا هو العمدة و الا لم يقم نص علي التساوي بين الموردين في الاحكام و أما حديث زرارة «1» فان المستفاد منه: ان الحائض مثل النفساء في الاستظهار بيومين.

و الحاصل: انه اذا ثبت اجماع تعبدي علي التسوية بنحو يكشف عن الحكم الشرعي فهو و الا فليس عليها دليل و قد مر منا ان مقتضي القاعدة في الحائض بالنسبة الي الاستظهار أن يقال؟ ان كانت مستقيمة الحيض تأخذ بمقدار عادتها و غير المستقيمة تستظهر بيوم او بيومين.

و أما الاخبار الواردة في المقام الدالة علي الاستظهار فهي عدة روايات:

منها: ما يدل علي وجوب الاستظهار بيومين لاحظ ما رواه زرارة «2» و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تقعد النفساء أيامها التي كانت تقعد في

______________________________

(1) لاحظ ص: 223

(2) لاحظ ص: 151

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 265

______________________________

الحيض و تستظهر بيومين «1»، و لا بأس بسنديهما.

و منها: ما يدل علي وجوب الاستظهار الي عشرة أيام لاحظ ما رواه يونس «2».

و الظاهر ان هذه الرواية مخدوشة سندا فان احمد الذي يروي عنه المفيد، أحمد بن محمد بن حسن بن الوليد و هو لم يوثق فمقتضي القاعدة وجوب الاستظهار عليها بيومين.

و منها ما يدل علي وجوب الاستظهار بيوم لاحظ ما رواه مالك بن أعين «3» و هذه الرواية ضعيفة بمالك.

و منها: ما يدل علي وجوب الاستظهار بيومين أو ثلاثة أيام لاحظ ما رواه حمران بن أعين «4» و هذه الرواية ضعيفة بالجوهري.

و منها ما يدل علي وجوب

الاستظهار بثلثي الايام لاحظ ما رواه أبو بصير «5» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن.

و منها: ما يدل علي وجوب اصل الاستظهار بلا تعيين مقداره لاحظ ما رواه يونس بن يعقوب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: تجلس النفساء أيام حيضها التي كانت تحيض ثم تستظهر و تغتسل و تصلي «6» فتقيد بما

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث 5

(2) لاحظ ص: 246

(3) لاحظ ص: 252

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب النفاس الحديث: 11

(5) لاحظ ص: 259

(6) الوسائل الباب 1 من أبواب النفاس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 266

و في لزوم الاختبار عند ظهور انقطاع الدم (1) و تقضي الصوم و لا تقضي الصلاة (2)

______________________________

يدل علي اليومين.

(1) استدل عليه بامرين: أحدهما: انها في حكم الحائض. و ليس عليه دليل الا الاجماع المدعي كما تقدم.

ثانيهما: اطلاق نصوص الاستبراء لاحظ حديثي يونس و سماعة «1» بدعوي ان اطلاق الحديثين يشمل النفساء.

و الانصاف: تبادر الحائض من المرأة و الحيض من الدم مضافا الي ما مر من عدم دلالة حديث سماعة علي الوجوب بل يستفاد منه طريق تعلم الحال بالاضافة الي الخدشة في سندها. و أما المرسل فلاعتبار به و قد تقدم انه لا دليل علي التسوية بين الحائض و النفساء في الاحكام.

(2) أما بالنسبة الي قضاء الصوم فيدل عليه ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن النفساء تضع في شهر رمضان بعد صلاة العصر أ تتم ذلك اليوم أو تفطر؟ فقال: تفطر ثم لتقض ذلك اليوم «2» لكن اسناد الشيخ الي علي بن الحسن ضعيف.

و أما بالنسبة الي الصلاة فالقاعدة الاولية تقتضي

عدم الوجوب فان القضاء بامر جديد و مع عدم ثبوت وجوب القضاء لا يجب الا أن يقال: بأن اطلاقات ادلة القضاء في الصوم و الصلاة تقتضي الوجوب الا أن يقوم دليل علي الخلاف.

______________________________

(1) لاحظ ص: 105 و 103

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب النفاس

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 267

و يحرم وطؤها (1) و لا يصح طلاقها (2).

______________________________

لكن يمكن أن يقال: بأن الاطلاق يشمل المورد الذي يكون المقتضي للتكليف موجودا بحيث لو لا العذر كان الخطاب متوجها الي المكلف كما لو فاتت الصلاة لأجل النوم فان النائم لو انتبه توجه اليه الامر بالصلاة و أما في مثل المقام فليس للوجوب في الوقت مقتض فلا مجال لإطلاق دليل القضاء و عليه فالبراءة عن وجوب القضاء محكمة.

و أما الاستدلال علي المدعي بما رواه علي بن مهزيار «1» ففيه ان الظاهر من الحديث ان الامام عليه السلام في مقام بيان حكم المستحاضة لا الحيض فان اتم اجماع تعبدي كاشف علي كون النفاس كالحيض يتم الامر و اللّه العالم.

(1) و تدل عليه جملة من النصوص لاحظ ما رواه مالك بن أعين قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن النفساء يغشاها زوجها و هي في نفاسها من الدم؟ قال:

نغم اذا مضي لها منذ يوم وضعت بقدر أيام عدة حيضها ثم تستظهر بيوم فلا بأس بعد أن يغشاها زوجها يأمرها فتغتسل ثم يغشاها ان أحب «2».

و ما رواه عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا انقطع الدم و لم تغتسل فليأتها زوجها ان شاء «3».

و ما رواه حفص بن غياث «4». لكن الروايات مخدوشة سندا فلا بد من اتمام الامر بالإجماع و التسالم فلاحظ.

(2) لما روي عن

أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام انهما قالا: اذ أطلق

______________________________

(1) لاحظ ص: 239

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب النفاس الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 251

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 268

و المشهور ان أحكام الحائض من الواجبات و المحرمات و المستحبات و المكروهات تثبت للنفساء أيضا و لكن في جملة من الافعال التي كانت محرمة علي الحائض تشكل حرمتها علي النفساء و ان كان الاحوط أن تجتنب عنها.

و هذه الافعال هي: 1- قراءة الآيات التي تجب فيها السجدة 2- الدخول في المساجد بغير قصد العبور. 3- المكث في المساجد. 4- وضع شي ء فيها. 5- دخول المسجد الحرام و مسجد النّبيّ صلي اللّه عليه و آله و لو كان بقصد العبور (1).

[مسألة 226: ما تراه النفساء من الدم الي عشرة أيام بعد تمام نفاسها فهو استحاضة]

(مسألة 226): ما تراه النفساء من الدم الي عشرة أيام بعد تمام نفاسها فهو استحاضة سواء كان الدم بصفات الحيض أو لم يكن و سواء كان الدم في أيام العادة أم لم يكن (2).

______________________________

الرجل في دم نفاس أو طلق بعد ما يمسها فليس طلاقه إياها بطلاق «1».

مضافا الي الاجماع المدعي.

(1) لو لا قاعدة المساواة المستفاد من الاجماع لا دليل علي المدعي ظاهرا و لم يظهر لي وجه تفصيل الماتن بين الموارد و التبعيض اذ لو تم دليل المساواة كان لازمه الحكم بالتساوي بين الموردين و ترتيب جميع أحكام الحائض علي النفساء و الا فلا نعم في بعض الموارد قد دل علي الحكم النص الخاص.

(2) يستفاد من كلام الماتن أمران: أحدهما: ان الدم المتصل بالنفاس

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 269

و ان استمر الدم بها الي ما بعد العشرة أو انقطع

و عاد بعد العشرة فما كان منه في أيام العادة أو واجدا لصفات الحيض فهو حيض (1) بشرط أن لا يقل عن ثلاثة أيام (2) و ما لم يكن واجدا للصفات و لم يكن في أيام العادة فهو استحاضة (3).

______________________________

استحاضة.

ثانيهما: انه لا بد من فصل عشرة أيام بين النفاس و الحيض اللاحق.

و استدل علي الاول بامرين: الاول الاجماع. الثاني الاخبار الدالة علي أن الدم المتصل استحاضة «1».

و استدل علي الثاني أولا بالإجماع و ثانيا: باطلاق ما دل علي أن أقل الطهر عشرة أيام مثل ما رواه محمد بن مسلم «2» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية انه لا بد من فصل أقل الطهر بين الدمين مطلقا و ثالثا بما رواه عبد اللّه بن المغيرة «3» فانه يستفاد من هذه الرواية انه يشترط في حيضية الدم اللاحق المتأخر عن النفاس تخلل الطهر فالنتيجة ان الدم اللاحق لا يمكن أن يكون حيضا الا مع الفصل باقل الطهر و من هذا يظهر الوجه في قوله: سواء كان الدم الخ.

(1) فانه قام الدليل علي أن الصفرة في أيام العادة حيض كما ان الدليل قائم علي أن الواجد للصفات حيض.

(2) اذ أقل الحيض ثلاثة أيام.

(3) اذ الامر دائر بين الحيض و الاستحاضة فاذا لم يكن في أيام العادة و لم

______________________________

(1) لاحظ ص: 151 حديث زرارة

(2) لاحظ ص: 104

(3) لاحظ ص: 145

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 270

و اذا استمر بها الدم أو انقطع و عاد بعد عشرة أيام من نفاسها و صادف أيام عادتها أو كان الدم واجدا لصفات الحيض و لم ينقطع علي العشرة فالمرأة ان كانت ذات عادة عددية جعلت مقدار عادتها حيضا و الباقي استحاضة و ان لم تكن

ذات عادة عددية رجعت الي التميز و مع عدمه رجعت الي العدد علي ما تقدم في الحيض (1).

[المقصد الخامس غسل الاموات]
اشارة

المقصد الخامس غسل الاموات و فيه فصول:

[الفصل الأول في أحكام الاحتضار]
اشارة

الفصل الاول في أحكام الاحتضار:

[مسألة 227: يجب علي الأحوط توجيه المحتضر إلي القبلة]

(مسألة 227): يجب علي الاحوط توجيه المحتضر الي القبلة بأن يلقي علي ظهره و يجعل وجهه و باطن رجليه اليها (2).

______________________________

يكن واجدا لصفات الحيض فهو استحاضة.

(1) و قد شرحنا كلام الماتن هناك فراجع.

(2) قال في الحدائق: «المشهور بين الاصحاب انه يجب حال الاحتضار الي أن قال: توجيهه الي القبلة بأن يلقي علي ظهره و يجعل باطن قدميه الي القبلة بحيث لو جلس كان مستقبلا» و عن الخلاف القول بالاستحباب.

و استدل علي الوجوب بجملة من النصوص منها: ما رواه ذريح عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و اذا وجهت الميت للقبلة فاستقبل بوجهه القبلة لا تجعله معترضا كما يجعل الناس فاني رأيت أصحابنا يفعلون ذلك و قد كان أبو بصير يأمر بالاعتراض أخبرني بذلك علي بن أبي حمزة فاذا مات الميت فخذ في جهازه

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 271

______________________________

و عجله «1».

و هذه الرواية قاصرة عن الدلالة علي الوجوب اذ علق الامر بالاستقبال بالوجه علي تعلق ارادة المكلف بالاستقبال.

و منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول:

اذا مات لأحدكم ميت فسجوه تجاه القبلة و كذلك اذا غسل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة فيكون مستقبل باطن (مستقبلا بباطن) قدميه و وجهه الي القبلة «2».

و التسجية المذكورة في الرواية عبارة عن التغطية و هي من أحكام بعد الموت و حملها علي التوجيه الي القبلة لا دليل عليه. و ملخص الكلام ان هذه الرواية غير قابلة للاستناد لهذا الحكم.

و منها: ما رواه ابن أبي عمير عن ابراهيم الشعيري و (عن) غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في توجيه الميت قال: تستقبل بوجهه القبلة

و تجعل قدميه ما يلي القبلة «3».

و هذه الرواية قاصرة سندا لعدم ثبوت وثاقة الشعيري و غير واحد الواقع في الخبر لا يخرجه عن الارسال مضافا الي الاشكال في الدلالة فان الرواية لا تتعرض لحال الاحتضار.

و منها ما رواه معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الميت

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 272

بل الاحوط وجوب ذلك علي المحتضر نفسه ان أمكنه ذلك (1) و يعتبر في توجيه غير الولي اذن الولي علي الاحوط (2).

______________________________

فقال: استقبل بباطن قدميه القبلة «1».

و هذه الرواية قاصرة دلالة اذ يحتمل السؤال عن حكم الميت بعد تحقق الموت و هذا هو الظاهر لظهور المشتق في التلبس و حمل الميت علي المحتضر بلا قرينة و لا أقل من الاجمال.

و منها: ما رواه زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام قال: دخل رسول اللّه عليه و آله علي رجل من ولد عبد المطلب و هو في السوق (النزع) و قد وجه (الي غير) القبلة فقال: وجهوه الي القبلة فانكم اذا فعلتم ذلك أقبلت عليه الملائكة و أقبل اللّه عز و جل عليه بوجهه فلم يزل كذلك حتي يقبض «2».

و هذه الرواية ضعيفه بما جيلويه. و لكن لا يبعد أن يكون الحديث بسنده الاخر الذي نقله الصدوق معتبرا نعم يمكن ان يقال ان ذكر الفائدة فيه قرينة علي الندب فلاحظ. فانقدح بما ذكرنا ان الحكم بالوجوب مبني علي الاحتياط.

(1) حكي التصريح به عن بعض و ما يمكن أن يقال في وجهه: ان الظاهر من الاخبار كونه مطلوبا و الخطاب الي الغير من باب

عدم تمكن نفس الشخص و عن طهارة الشيخ قدس سره: انه لا يبعد تقدمه علي غيره في هذا التكليف».

و الانصاف: انه خلاف الظاهر و اللّه العالم.

(2) ما يمكن أن يذكر في وجهه امور: الاول: الاجماع المدعي في المقام.

و فيه: مضافا الي الاشكال في كافة الاجماعات المنقولة-: ان شمول معقد الاجماع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 273

______________________________

لما قبل الموت اول الكلام.

الثاني: عمومات الاولولية بالنحو الخاص و العام لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المرأة تموت من أحق أن يصلي عليها؟ قال: الزوج قلت: الزوج أحق من الاب و الاخ و الولد؟ قال:

نعم «1».

و ما رواه غياث بن ابراهيم الرزامي عن جعفر أبيه عن علي عليهم السلام أنه قال: يغسل الميت أولي الناس به «2».

و ما رواه الصفار قال: كتبت الي الاخير عليه السلام رجل مات و عليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيام و له وليان هل يجوز لهما أن يقضيا عنه جميعا خمسة أيام أحد الوليين و خمسة أيام الاخر؟ فوقع عليه السلام يقضي عنه أكبر وليه عشرة أيام ولاء ان شاء اللّه «3».

و ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام قال: يقضي عنه أولي الناس بميراثه قلت فان كان أولي الناس به امرأة؟ فقال: لا الا الرجال «4» و غيرها من الروايات الواردة في الباب 24 من أبواب صلاة الجنازة و الباب 26 من أبواب غسل الميت و الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان. و شمول هذه النصوص لما قبل

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب صلاة

الجنازة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 26 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 23 من احكام شهر رمضان الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 274

و ذكر العلماء رضوان اللّه عليهم: انه يستحب نقله الي مصلاه ان اشتد عليه النزع (1) و تلقينه الشهادتين و الاقرار بالنبي صلي اللّه عليه و آله (2).

______________________________

الموت أول الكلام.

الثالث: ان توجيهه تصرف في الشخص فلا يجوز. و فيه: ان نفس توجه التكليف يقتضي الجواز مضافا الي أنه لو كان هذا الوجه صحيحا يجب الاستيذان من شخص المحتضر لا من وليه الا مع عدم الامكان فيجب الاستيذان بنحو الترتيب أولا من وليه الخاص ثم من الحاكم ثم من عدول المؤمنين فلاحظ.

(1) كما في جملة من النصوص: منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا عسر علي الميت موته قرب الي مصلاه الذي كان يصلي فيه «1».

و منها: ما رواه زرارة قال: اذا اشتد عليه النزع فضعه في مصلاه الذي كان يصلي فيه أو عليه «2» و منها: غيرهما المذكور في الباب 40 من ابواب الاحتضار من الوسائل.

(2) كما في جملة من النصوص: منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا حضرت الميت قبل أن يموت فلقنه شهادة أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 36 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 275

و الائمة عليهم السلام (1) و سائر الاعتقادات الحقة (2) و تلقينه كلمات الفرج (3) و يكره أن

يحضره جنب أو حائض (4).

______________________________

و منها: ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: انكم تلقنون موتاكم عند الموت لا إله الا اللّه و نحن نلقن موتانا محمد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله «1».

(1) كما في جملة من النصوص منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: لو أدركت عكرمة عند الموت لنفعته فقيل لأبي عبد اللّه عليه السلام: بما ذا كان ينفعه؟ قال: يلقنه ما أنتم عليه «2».

و منها ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: فيه فلقنوا موتاكم عند الموت شهادة ان لا إله الا اللّه و الولاية «3».

(2) فان اطلاق حديث زرارة يشمله.

(3) كما في حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا ادركت الرجل عند النزع فلقنه كلمات الفرج لا إله الا اللّه الحليم الكريم لا إله الا اللّه العلي العظيم الحديث «4».

(4) كما دل عليه بعض النصوص لاحظ ما رواه علي بن أبي حمزة قال:

قلت لأبي الحسن عليه السلام: المرأة تقعد عند رأس المريض و هي حائض في حد الموت؟ فقال: لا بأس أن تمرضه فاذا خافوا عليه و قرب ذلك فلتنح

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 37 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 38 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 276

و أن يمس حال النزع (1) و اذا مات يستحب أن تغمض عيناه (2) و يطبق

______________________________

عنه و عن قربه فان الملائكة تتأذي بذلك «1».

و ما رواه يونس بن يعقوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تحضر الحائض الميت و لا الجنب عند التلقين و

لا بأس أن يليا غسله «2» و ما ارسله الصدوق «3».

و ليس في هذه النصوص ما يصح سنده فلاحظ.

(1) كما في حديث زرارة قال: ثقل ابن لجعفر و أبو جعفر جالس في ناحية فكان اذا دني منه انسان قال: لا تمسه فانه انما يزداد ضعفا و أضعف ما يكون في هذه الحال و من مسه علي هذه الحال أعان عليه فلما قضي الغلام أمر به فغمض عيناه و شد لحياه «4».

(2) كما في حديث أبي كهمش قال: حضرت موت اسماعيل و أبو عبد اللّه عليه السلام جالس عنده فلما حضره الموت شد لحييه و غمضه و غطي عليه الملحفة «5».

و هذه الرواية ضعيفة باحمد بن شعيب و يدل علي المدعي حديث زرارة «6» فانه عليه السلام أمر بغمض عينيه.

و أما حديث زياد المخارقي قال: لما حضرت الحسن بن عليه السلام الوفاة

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 44 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 44 من أبواب الاحتضار الحديث: 3

(6) لاحظه قبل اسطر

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 277

فوه (1) و يشد لحياه (2) و تمد يداه الي جانبيه و ساقاه (3)

و يغطي بثوب (4) و أن يقرأ عنده القرآن (5) و يسرج في المكان

______________________________

استدعي الحسين بن علي عليه السلام فقال له: يا أخي اني مفارقك و لا حق بربي الي أن قال: فاذا قضيت نحبي فغمضني و غسلني «1»، فهو ضعيف بعبد اللّه بن بن ابراهيم.

(1) لا يبعد أن أن يستفاد من حديث أبي كهمش.

(2) كما صرح في رواية أبي كهمش.

(3) لم نجد دليلا لا بالنسبة الي اليدين و لا الرجلين و

يمكن أن يكون الوجه فيه انه أطوع للغسل و أيضا يمكن أن يكون حرمته أحفظ و اللّه العالم.

(4) يستفاد من رواية أبي كهمش «2» و أيضا يستفاد من حديث سليمان بن خالد «3».

(5) ففي رواية سليمان الجعفري قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام يقول لابنه القاسم قم يا بني فاقرأ عند رأس اخيك و الصافات صفا حتي تستمها فقرأ فلما بلغ «اهم اشد خلقا أم من خلقنا» قضي الفتي فلما سجي و خرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر فقال له: كنا نعهد الميت اذا نزل به الموت يقرأ عنده «يس و القرآن الحكيم» فصرت تأمرنا بالصافات فقال: يا بني: لم تقرأ عند مكروب (و من موت) الا عجل اللّه راحته «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الدفن الحديث: 10

(2) لاحظ ص: 276

(3) لاحظ ص: 271

(4) الوسائل الباب 41 من أبواب الاحتضار

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 278

الذي مات فيه ان مات في الليل (1) و اعلام المؤمنين بموته ليحضروا جنازته (2) و يعجل تجهيزه (3) الا اذا شك في موته فينتظر به حتي يعلم

______________________________

و في الفقه الرضوي «اذا حضر احدكم الوفاة فاحضروا عنده القرآن و ذكر اللّه تعالي و الصلاة علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله «1».

(1) لما في رواية عثمان بن عيسي عن عدة من أصحابنا قال لما قبض أبو جعفر عليه السلام أمر أبو عبد اللّه عليه السلام بالسراج في البيت الذي كان يسكنه حتي قبض أبو عبد اللّه عليه السلام ثم أمر أبو الحسن عليه السلام بمثل ذلك في بيت أبي عبد اللّه عليه السلام «2».

و السند ساقط عن الاعتبار و قاعدة التسامح ليست تامة.

(2) كما في جملة من النصوص منها

ما رواه أبو ولاد و عبد اللّه بن سنان جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ينبغي لأولياء الميت منكم أن يأذنوا اخوان الميت بموته فيشهدون جنازته و يصلون عليه و يستغفرون له الحديث «3» و ما رواه ذريح المحاربي «4».

(3) كما في حديث ذريح «5» و أما بعض النصوص المشار اليها «6» في كلام المستمسك فغير نقي السند فلاحظ.

______________________________

(1) الحدائق ج 3 ص: 369

(2) الوسائل الباب 45 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) لاحظ ص: 270

(6) الوسائل الباب 47 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 279

موته (1) و يكره أن يثقل بطنه بحديد أو غيره (2) و أن يترك وحده (3).

[الفصل الثاني في الغسل]
اشارة

الفصل الثاني في الغسل تجب ازالة النجاسة عن جميع بدن الميت قبل الشروع في في الغسل علي الاحوط الاولي (4).

______________________________

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فان النفوس لها أهمية خاصة مضافا الي استصحاب الحياة اضف الي ذلك جملة من النصوص: منها: ما رواه هشام بن الحكم عن أبي الحسن عليه السلام في؟؟؟ و الغريق قال: ينتظر به ثلاثة أيام الا أن يتغير قبل ذلك «1» الي غيره من الروايات المذكور في الوسائل في الباب 48 من أبواب الاحتضار.

(2) لم نجد عليها دليلا الا أن يستفاد من كراهة المس لكن الظاهر من المتن بيان الحكم بعد الموت لا حال الاحتضار.

(3) ففي رواية ابي خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس من ميت يموت و يترك وحده الا لعب الشيطان في جوفه «2». و الرواية ضعيفة سندا.

(4) قال المحقق الهمداني قدس سره- في شرح قول الماتن-: «بلا

اشكال فيه في الجملة بل لا خلاف فيه ظاهرا كما عن غير واحد التصريح به بل عن التذكرة و المفاتيح و النهاية الاجماع عليه».

و ما يمكن أن يستدل به علي المدعي امور: الاول: ان الاشتغال اليقيني

______________________________

(1) الوسائل الباب 48 من أبواب الاحتضار الحديث 1

(2) الوسائل الباب 42 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 280

______________________________

يقتضي البراءة اليقينية و هي لا تحصل الا بما ذكر. و فيه: ان الاشتغال بالزائد علي الاغسال أول الاشكال.

الثاني عدة روايات منها: مرسلة يونس و فيها (ثم اغسل يديه ثلاث مرات كما يغسل الانسان من الجنابة الي نصف الذراع ثم اغسل فرجه و نقه ثم اغسل رأسه بالرغوة الي أن قال في كيفية غسله بماء الكافور و افعل به كما فعلت في المرة الاولي ابدأ بيديه ثم بفرجه و امسح بطنه مسحا رفيقا فان خرج منه شي ء فانقه الحديث «1».

و هذه الرواية قاصرة سندا بالارسال فلا تصلح للاستناد.

و منها: ما رواه عبد اللّه الكاهلي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل الميت فقال: الي أن قال: «ثم ابدأ بفرجه بماء السدر و الحرض فاغسله ثلاث غسلات الحديث «2».

و الكاهلي لم يوثق فان مجرد كونه وجها عند أبي الحسن و توصية ابن يقطين به لا يدل علي توثيقه من قبل المعصوم عليه السلام. مضافا الي أن محمد بن سنان في السند.

و منها: ما رواه معاوية بن عمار قال: أمرني أبو عبد اللّه عليه السلام أن أعصر بطنه ثم اوضيه بالاشنان ثم أغسل رأسه بالسدر و لحييه ثم أفيض علي جسده منه ثم أدلك به جسده ثم أفيض عليه ثلاثا ثم أغسله بالماء القراح ثم أفيض عليه الماء بالكافور

و بالماء القراح و أطرح فيه سبع ورقات سدر «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 281

______________________________

و الظاهر ان هذه الرواية لا تدل علي المدعي اذ ليس فيها ما يدل علي وجوب التطهير فلاحظ.

و منها: ما رواه العلاء بن سيابة قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام و انا حاضر عن رجل قتل فقطع رأسه في معصية اللّه أ يغسل أم يفعل به ما يفعل بالشهيد؟

فقال. اذا قتل في معصية يغسل أولا منه الدم ثم يصب عليه الماء صبا و لا يدلك جسده و يبدأ باليدين و الدبر و يربط جراحاته بالقطن و الخيوط و اذا وضع عليه القطن عصب و كذلك موضع الرأس يعني الرقبة و يجعل له من القطن شي ء كثير و يذر عليه الحنوط ثم يوضع القطن فوق الرقبة و ان استطعت أن تعصبه فافعل «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالعلاء اذ لم يوثق.

و منها: ما رواه أبو العباس يعني الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن (غسل) الميت فقال: اقعده و اغمز بطنه غمزا رفيقا ثم طهره من غمز البطن ثم تضجعه ثم تغسله تبدأ بميامنكم منه و تغسله بالماء و الحرض ثم بماء و كافور ثم تغسله بماء القراح و اجعله في أكفانه «2».

و الانصاف: انه لا يبعد أن يستفاد المدعي من هذه الرواية و لكن المستفاد من حديث عمار بن موسي خلاف ذلك قال فيه: «و يكون علي يديك خرقة تنقي بهاد بره «3» فان المستفاد من هذه الرواية ان تنقية الدبر مما خرج منه

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من

أبواب غسل الميت الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 282

______________________________

بالخرقة بمعني ازالة العين، تكفي و لا يلزم التطهير بالماء فلاحظ فلقائل أن يقول:

انه ترفع اليد عن ظهور حديث أبي العباس بصراحة حديث عمار.

الثالث: الاجماعات المنقولة بالاضافة الي دعاوي عدم الخلاف. و فيه:

انه ان وصل الامر الي حد الوضوح بحيث لا يعتريه الشك، و الا لم يمكن الاستناد الي مثل هذه الاجماعات سيما مع هذه الوجوه المتقدمة المذكورة في كلمات القوم للاستناد.

الرابع: ان الامر كذلك في غسل الجنابة و من ناحية اخري قد دلت جملة من النصوص علي أن غسل الميت كغسل الجنابة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: غسل الميت مثل غسل الجنب و ان كان كثير الشعر فرد عليه الماء ثلاث مرات «1». و غيره مما ورد في الباب 3 من أبواب غسل الميت من الوسائل.

و يرد عليه: اولا: ان الاشتراط في باب غسل الجنابة أول الكلام و الاشكال.

و ثانيا: ان هذه النصوص لا تفي باثبات المطلوب فانها ظاهرة في أن غسل الميت من حيث الماهية كغسل الجنابة من غسل الرأس و الرقبة أولا و الطرف الايمن و الايسر ثانيا مع الترتيب أو بدونه و أما بالنسبة الي بقية الجهات من الشرائط و الآثار فلا و لا أقل من عدم ظهورها في الاطلاق و العرف ببابك. لكن الانصاف:

ان عموم التنزيل يقتضي المساواة من جميع الجهات.

الخامس: انه لو فرض نجاسة المحل فبوصول الماء الي البدن ينفعل و يشترط في الماء أن يكون طاهرا.

و يرد عليه أولا: ان الدليل اخص من المدعي اذ يمكن فرض تحقق الغسل

______________________________

(1)

الوسائل الباب 3 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 283

______________________________

بالماء العاصم فلا مجال لهذا البيان. و ثانيا: ان هذا البيان يتم علي القول بانفعال الماء القليل بملاقاة المتنجس و أما لو لم نقل بهذه المقالة فلا مجال كما هو ظاهر كما لو قلنا. بطهارة الغسالة علي الاطلاق أو في الغسلة المطهرة أو قلنا بتنجسها بعد الانفصال اشكل الاستدلال.

أضف الي ذلك ان انفعال الماء بالملاقاة لا بد منه اذ المفروض ان بدن الميت من الاعيان النجسة. ان قلت: انه أمر لازم فنلتزم بالتخصيص بالنسبة اليه. قلت: الالتزام بهذا ليس باولي من الالتزام بعدم الانفعال اذا كان في مقام الاستعمال بلا فرق بين النجاسة الاصلية و العرضية الا أن يقال بأن العفو عن الاصلية لا كلام فيه و أما بالنسبة الي العرضية ففيه كلام.

السادس: ان التداخل في المسببات علي خلاف القاعدة فكيف يمكن تحقق التطهير و الغسل بغسل واحد.

و يرد عليه أولا: ان هذا الوجه علي فرض تماميته انما يقتضي عدم طهارة البدن و أما بطلان الغسل فلا اذ يمكن غسل البدن بعد غسل الميت و ثانيا: ان قانون التداخل لا ينطبق علي المقام فان المولي اذا أمر بامرين لا يمكن للمكلف أن يجمع بين الامتثالين بفعل واحد و يحتاج التداخل الي الدليل نعم فيما يكون بين موضوعي الحكمين عموم من وجه يكون التداخل علي القاعدة كما لو أمر في دليل باكرام الهاشمي و في دليل آخر باكرام العالم يمكن للمكلف أن يمتثل التكلفين باكرام عالم هاشمي و في المقام ليس الا تكليف واحد و الامر بغسل الخبث ارشاد الي مطهرية الماء للنجاسة فاذا حصل الغسل بعنوان امتثال الامر يتحقق الغسل بلا كلام

و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين مصاديق الغسل فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 284

و الا قوي كفاية ازالتها عن كل عضو قبل الشروع فيه (1) بل الاظهر كفاية الازالة بنفس الغسل (2) اذا لم يتنجس الماء بملاقاة

______________________________

السابع: ما عن المعتبر «من أنه يجب ازالة النجاسة الحكمية عن بدن الميت فوجوب ازالة العينية أولي». و يمكن أن يكون مراده بالحكمية، النجاسة الحاصلة في بدنه بالموت و مراده بالعينية تنجس بدنه بالملاقاة مع النجس الخارجي كما انه يمكن أن يكون المراد من الحكمية الحدثية و من العينية الخبثية.

و فيه أولا: انه لا اولوية و ثانيا: لا يقتضي هذا الدليل وجوب الغسل قبل غسل الميت فتأمل كي لا يشتبه عليك الامر.

و في المقام شبهة و هي انه لا أثر لتطهير بدن الميت من النجاسة العرضية مع فرض ان بدنه من الاعيان النجسة. و الجواب ان الامور الشرعية امور تعبدية ليس للعقل اليها سبيل فالعمدة تمامية الدليل فان تم نأخذ به و لا نبالي بهذه الاستبعادات.

(1) اذا كان المستند للوجوب حديث الفضل بن عبد الملك «1» فالظاهر منه اشتراط طهارة جميع البدن قبل الغسل و أيضا يستفاد من حديث عمار «2» لزوم الانقاء قبل الغسل.

ان قلت: مقتضي التنزيل منزلة غسل الجنابة عدم الوجوب اذ ليس هذا الاشتراط في غسل الجنابة. قلت: التخصيص ليس عزيزا فلاحظ.

(2) مقتضي ما قدمنا انه لا يكفي فان المستفاد من النص اشتراط التقدم

______________________________

(1) لاحظ ص: 281

(2) لاحظ ص: 281

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 285

المحل (1) ثم ان الميت يغسل ثلاثة أغسال (2).

______________________________

الزماني.

(1) كان يكون عاصما و لم نفهم وجه هذا التقييد فانه يرد عليه: انه لو قلنا بجواز التداخل في المقام- كما يظهر جوازه من

الماتن- ان الماء الطاهر بمجرد وصوله الي بدن الميت يترتب عليه أثران الا أن يقال ان آن الاتصال هو آن الانفعال و الماء المنفعل لا يمكن أن يحصل به الغسل اللهم الا أن نقول: بعدم الانفعال الا بعد الانفصال فلاحظ.

(2) و هو مذهب الاصحاب عدا السلار- هكذا نقل عن المعتبر- و عن جملة من الاساطين نقل الاجماع عليه و السيرة جارية عليها أضف الي ذلك ان النصوص تدل عليها لاحظ حديث الفضل «1» و غيره مما ورد في الباب 2 من أبواب غسل الميت من الوسائل.

و ما قيل في وجه ما نسب الي السلار امور: الاول: ان مقتضي اصالة البراءة عدم وجوب الزائد علي الواحد و انه يكفي غسل واحد بالماء القراح.

و لا يخفي انه مع الدليل لا تصل النوبة الي الاصل.

الثاني: ما دل من النصوص من ان غسل الميت كغسل الجنابة مثل ما رواه محمد بن مسلم «2» و غيره المذكور في الباب 3 من أبواب غسل الجنابة من الوسائل.

و فيه أولا: انه يمكن أن يقال: بأن التشبيه ناظر الي الكيفية و ثانيا: ان التخصيص علي القاعدة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 281

(2) لاحظ ص: 282

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 286

الاول بماء السدر، الثاني بماء الكافور الثالث بماء القراح (1) كل واحد منها كغسل الجنابة (2)

______________________________

الثالث: انه قد دل بعض النصوص ان الميت الجنب يغسل غسلا واحدا لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت: لأبي جعفر عليه السلام: ميت مات و هو جنب كيف يغسل؟ و ما يجزيه من الماء؟ قال: يغسل غسلا واحدا يجزي ذلك للجنابة و لغسل الميت لأنهما حرمتان اجتمعا في حرمة واحدة «1».

و فيه: ان المقصود انه يتداخل الامران و يحصلان بغسل واحد و

لا يرفع اليد بهذه النصوص عن النصوص الدالة علي وجوب الاغسال الثلاثة.

(1) هذا هو المشهور بين القوم بل ادعي عليه الاجماع و تدل عليه جملة من النصوص لاحظ ما رواه الفضل بن عبد الملك «2» و غيره من النصوص الواردة في الباب 2 من أبواب غسل الميت في الوسائل. و بما ذكرنا ظهر ضعف ما عن ابني حمزة و سعيد من عدم اشتراط الخليطين فانه صرح بالاشتراط بهما في عدة نصوص فلاحظ. و كون غسل الميت كغسل الجنابة لا يستلزم التطابق بينهما من جميع الجهات و يكفي في عدم التطابق ان غسل الميت ثلاثة أغسال.

(2) كما صرح في جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم «3» و منها غيره المذكور في الوسائل في الباب 3 من أبواب غسل الميت.

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 281

(3) لاحظ ص: 282

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 287

الترتيبي (1) و لا بد فيه من تقديم الايمن علي الايسر (2) و من النية علي ما عرفت في الوضوء (3).

______________________________

(1) كما يستفاد من النصوص المشار اليها. و هل يجوز الارتماسي في غسل الميت؟- كما عن العلامه و ولده و الشهيدين و المحقق الثاني- لا يبعد أن يقال بالكفاية للنصوص الدلة علي أن غسل الميت كغسل الجنابة و النصوص في مقام بيان الكيفية واردة في الماء القليل.

لكن الانصاف ان الالتزام بكفاية الارتماس مشكل فان المولي مع كونه في مقام البيان لم يبين كفاية الارتماس فان الاطلاق المقامي يقتضي عدم الجواز.

(2) كما صرح في جملة من النصوص منها ما رواه الفضل بن عبد الملك «1» و منها غيره المذكور في الوسائل في الباب 2 من أبواب

غسل الميت.

(3) الذي يظهر من كلمات القوم ان المسألة وقعت محل الكلام بين القوم و نسب الي جماعة عدم الوجوب.

و كيف كان الذي يمكن أن يذكر في وجه الوجوب امور: منها: الاجماع فانه نقل عن الخلاف الاجماع عليه لكن حال الاجماع المنقول في الاشكال معروف.

و منها: قوله تعالي: «وَ مٰا أُمِرُوا إِلّٰا لِيَعْبُدُوا اللّٰهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ» «2» و الظاهر من الاية النظر الي نفي الشرك لا بيان ان كل أمر، عبادي و الا يلزم تخصيص الاكثر المستهجن.

______________________________

(1) لاحظ ص: 281

(2) البينة/ 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 288

[مسألة 228: اذا كان المغسل غير الولي فلا بد من اذن الولي]

(مسألة 228): اذا كان المغسل غير الولي فلا بد من اذن الولي (1)

______________________________

و منها: ما ورد في النصوص من أنه لا عمل الابنية و انما الاعمال بالنيات لاحظ ما رواه ابو حمرة عن علي بن الحسين عليه السلام قال: لا عمل الابنية «1» و ما رواه الشيخ قال: و روي انه قال: انما الاعمال بالنيات و انما لا مرئي ما نوي «2» فان المقصود من هذه النصوص ان حسن العمل و قبحه بالنية.

و منها: ما ورد في جملة من النصوص أنه كغسل الجنابة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «3».

و فيه: انه يمكن أن يكون المراد الاتحاد بينهما من حيث الكيفية.

و منها: ارتكازيتها بين المتشرعة بحيث يكون من الواضحات التي لا مجال للتأمل فيها و هذا هو العمدة فلاحظ.

(1) قال في الحدائق: «قد صرح الاصحاب بأن الغسل واجب كفائي و ان أولي الناس به اولاهم بميراثه و نقل عن الذكري في غسل الميت اولي الناس به اولاهم بارثه و كذا باقي الاحكام لعموم قوله تعالي: «وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْليٰ بِبَعْضٍ» * «4» «5».

و لا يخفي ان

الاية بنفسها لا دلالة فيها علي المدعي اذ الظاهر منها ان الولاية المذكورة ولاية الارث و لذا قالوا ان هذه الاية نسخت ولاية الارث بالمؤاخاة التي أجراها النّبيّ صلي اللّه عليه و آله بين المسلمين في أول الهجرة فلا بد

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب مقدمات العبادات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) لاحظ ص: 282

(4) الانفال/ 76

(5) الحدائق ج 3 ص: 276

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 289

و هو الزوج بالنسبة الي الزوجة (1)

______________________________

من الظفر علي دليل يدل علي أن اولي الناس بالميت فيما يتعلق به أولادهم بارثه.

و ما يدل علي المدعي ما رواه غياث بن ابراهيم الرزامي «1» و هذه الرواية ضعيفة بغياث.

و مما يمكن أن يستدل به علي المدعي ما رواه عبد اللّه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه عن آبائه قال: دخل علي عليه السلام علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في مرضه و قد اغمي عليه و رأسه في حجر جبرئيل و جبرئيل في صورة دحية الكلبي فلما دخل علي عليه السلام قال له جبرئيل: دونك رأس ابن عمك فانت أحق به مني لان اللّه يقول في كتابه: «و اولي الارحام بعضهم اولي ببعض في كتاب اللّه الحديث «2». و الرواية ضعيفة بالارسال.

و يدل علي المدعي أيضا ما ارسله الصدوق قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: يغسل الميت أولي الناس به أو من يأمره الولي بذلك «3» و المرسل لا اعتبار به.

و لكن لا يبعد أن يستفاد المدعي من النصوص الخاصة الواردة في هذا المقام و ستمر عليك فانتظر اضف الي جميع ما ذكرنا السيرة الجارية بين المتشرعة فانها جارية علي الاستيذان بلا كلام.

(1) ادعي

عليه الاجماع و يدل علي المطلوب ما رواه اسحاق بن عمار عن

______________________________

(1) لاحظ ص: 273

(2) تفسير البرهان ج 2 ص: 98

(3) الوسائل الباب 24 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 290

______________________________

أبي عبد اللّه عليه السلام قال الزوج أحق بامرأته حتي يضعها في قبرها «1» لكن الرواية ضعيفة سندا بسهل.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قلت له: المرأة تموت من أحق الناس بالصلاة عليها؟ قال: زوجها قلت:

الزوج أحق من الاب و الولد و الاخ؟ قال: نعم و يغسلها «2».

و الرواية ضعيفة بالبطائني و بضعف طريق الصدوق الي أبي بصير.

و لا يبعد أن يستفاد من مجموع ما ورد في الباب و في الصلاة علي الميت و في غير الموردين ان الامر كما عليه القوم.

نعم المستفاد من حديث عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة علي المرأة الزوج أحق بها أو الاخ؟ قال: الاخ «3» خلاف المدعي لكن الرواية ضعيفة بالمحسن بن أحمد فانه لم يوثق و الدلالة أيضا مخدوشة اذ المذكور فيها الصلاة علي الميت و الكلام في التغسيل فلاحظ.

ثم ان الظاهر من النص و الفتوي ان الاولوية المذكورة وجوبية لكن المنقول عن جملة من الاكابر- كسيد المدارك و غيره- انها استحبابية و ذكر في وجهه وجوه:

الاول: الاصل اذ النص الدال علي المدعي ضعيف فلا أثر له و فيه:

أنه لو قلنا: بأن عمل المشهور جابر لضعف السند و الا يكون الاشكال من هذه

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 34 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج

الصالحين، ج 2، ص: 291

ثم المالك (1) ثم الطبقة الاولي في الميراث و هم الابوان و الاولاد ثم الثانية و هم الاجداد و الاخوة ثم الثالثة و هم الاعمام و الاخوال ثم المولي المعتق ثم ضامن الجريرة (2)

______________________________

الناحية تاما و علي هذا الفرض لا وجه للاستصحاب أيضا اذ قاعدة التسامح غير تامة.

الثاني: جريان السيرة علي عدم التعطيل بدون اذن الولي و فيه: ان الامر بالعكس كما تقدم.

الثالث: ضعف دلالة الادلة. و فيه: انه لا قصور في دلالة الدليل علي المدعي مضافا الي السيرة الجارية علي الاستيذان بنحو اللزوم.

الرابع: ان التوقف عسر. و فيه: أولا: انه لا عسر فيه و ثانيا: انه لو تم الدليل علي الاشتراط لا يمكن رفع اليد عنه بمجرد كونه عسرا فان العسر انما يرفع التكليف فيما يكون العسر عارضا و أما اذا دل الدليل علي وجوب الفعل الفلاني الملازم للعسر فلا يرفعه.

(1) نقل عن البرهان القاطع: «ان هذا الحكم قطعي» و استدل عليه في المستمسك بأنه مقتضي الملكية اذ المولي مالك للعبيد و المالك مسلط علي ملكه فلا يجوز لأحد التصرف في ملكه بلا اذنه.

و يرد عليه. ان بقاء الملكية حتي بعد الموت للمملوكية أول الاشكال و الكلام فان تم الاجماع و التسالم و كونه قطعيا و الا يشكل الجزم به فلاحظ.

(2) قال في الحدائق: ما مضمونه: ان هذه الاولوية مما لا خلاف فيه نصا و فتوي» «1» و عن جامع المقاصد. «الظاهر ان الحكم مجمع عليه».

______________________________

(1) الحدائق ج 3 ص: 377

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 292

ثم الحاكم الشرعي علي الاحوط (1).

______________________________

و أفاد المحقق الهمداني قدس سره: «انه يكفي لإثبات المدعي قوله تعالي: وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْليٰ بِبَعْضٍ «1» * فان

اطلاق الاية يشمل جميع ما يتعلق بالميت اذ حذف المتعلق يفيد العموم» و نقل عن المقدس الأردبيلي قدس سره ان الاية لا دلالة فيها أصلا «2».

و الانصاف ان ما أفاد المقدس قدس سره تام اذ الحكم لا يتعرض لموضوع نفسه و كون التصدي للغسل من الحقوق أول الكلام نعم قد ثبت بالنص أن الاولي بالصلاة علي الميت أولي بارثه لاحظ النصوص الواردة في هذا المقام منها:

ما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يصلي علي الجنازة أولي الناس بها أو يأمر من يحب «3» هذا من ناحية و من ناحية اخري ادعي الاجماع علي عدم الفرق بين الاحكام المتعلقة بالميت مضافا الي الاجماعات المنقولة في المقام.

و لا يخفي ان عمدة المدرك الاجماع فان تم و الا يشكل الحكم لضعف النصوص المشار اليها ثم ان التلازم المدعي في المقام بين جميع ما يتعلق بالميت من حيث الحكم اول الكلام.

(1) الذي يختلج بالبال ان وجه تردده انه لا مقتضي لكونه اولي فان الحاكم ليس وارثا للميت بل الوارث في الطبقة الاخيرة هو الامام عليه السلام غاية الامر في زمان غيبته الحاكم يتصرف في ماله حسبة و لذا كتب في هامش العروة

______________________________

(1) الانفال/ 76

(2) مصباح الفقيه ج 1: ص 352

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 293

[مسألة 229: البالغون في كل طبقة مقدمون علي غيرهم و الذكور مقدمون علي الاناث]

(مسألة 229): البالغون في كل طبقة مقدمون علي غيرهم (1) و الذكور مقدمون علي الاناث (2).

______________________________

في هذا الموضع: «الاظهر عدم كون الحاكم الشرعي أولي» و الامر كما أفاده لما ذكرنا.

(1) استدل عليه في المستمسك: بقصور نظر غير البالغ في حق نفسه ففي حق غيره أولي فتختص الولاية

بالبالغ و لا مجال لمشاركة الولي غير البالغ لاختصاص ولايته عليه فيما هو له و قد عرفت انه ليس له ولاية النظر.

و يرد عليه: ان مقتضي هذا التعليل سلب الولاية عنه و الحال ان الكلام في وجه الترجيح و الاولوية.

فربما يقال- كما قيل- بأن ولايته ثابتة و تجب رعاية اذنه غاية الامر يتصدي عنه وليه.

لكن الذي يختلج بالبال أن يقال: ان القصور في المقتضي و بعبارة اخري:

لا دليل علي ولايته كي يتصدي عنه الولي لان المفروض انه محجور عليه و عمده خطأ الا أن يقال، ان مقتضي اطلاق الدليل ثبوت الولاية له و حيث انه غير قابل للاستيذان يتصدي عنه وليه لكن تمام الاشكال في أن عمدة الدليل هو الاجماع علي أصل الحكم و شمول الاجماع للمقام محل تأمل و اشكال فلاحظ.

(2) ما يمكن أن يقال في هذا المقام وجوه: الاول: دعوي عدم الخلاف فيه فعن المنتهي: «انه لا خلاف فيه»، و يرد عليه ان الاجماع في اعتباره اشكال فكيف بعدم الخلاف.

الثاني: كون الرجل أعقل غالبا و انه أقوي علي الامور و أبصر. و فيه:

انه لا يكون مثله وجها للالتزام بالتعين كما هو ظاهر.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 294

______________________________

الثالث: دعوي السيرة علي تقديم الرجل سيما فيما يكون الميت رجلا.

و فيه: ان الامر علي فرض صدقه يمكن أن يكون ناشئا عن الفتاوي و أما اتصال السيرة بزمان المعصوم عليه السلام فأول الاشكال.

الرابع: الاصل بتقريب: ان مقتضي الاصل عدم الولاية للمرأة مع وجود الرجل. و فيه: انه لا تصل النوبة الي الاصل مع وجود اطلاق الدليل أو عمومه فلا بد من ملاحظته.

الخامس: ان الخطاب مختص بالذكور: و فيه: انه ما المراد من هذا الخطاب اذ الكلام في

الاولوية و المفروض ان الولي هو الوارث فاذا كانت المرأة في طبقة الرجل فلما ذا يقدم عليها و الاولوية المدعاة باي دليل.

السادس: ان القضاء لا يجب علي الانثي. و فيه: انه اي ربط بين المقامين.

و من الغريب ما صدر عن المحقق الهمداني قدس سره حيث قال في وجه التقديم: «انه ينصرف الدليل الي الرجل فمع التعدد و اجتماع الرجل و المرأة يكون الامر راجعا الي الرجل».

و يرد عليه: انه لا وجه لهذا الانصراف و علي فرض تماميته بدوي يزول بالتأمل. و يرد عليه أيضا انه لو كان المنشأ للانصراف ان المناسبة بين الحكم و الموضوع يقتضي أن يكون مرجع الامر من له الرئاسة فلازمه تقديم المرأة في مورد تكون هي الرئيسة المطلقة و أيضا يلزم تقدم من له نبوغ و سلطة خارجية و الحال ان الموضوع المذكور في الادلة هو الوارث و هو الميزان فعليه نقول: لو قلنا بأن الاستيذان من واحد من الورثة في الطبقة الواحدة كاف، يكفي الاستيذان من المرأة، و ان قلنا. بأن الاستيذان من الجميع لازم يلزم

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 295

و في تقديم الاب في الطبقة الاولي علي الاولاد و الجد علي الاخ و الاخ من الابوين علي الاخ من أحدهما و الاخ من الاب علي الاخ من الام و العم علي الخال اشكال (1).

______________________________

الاستيذان من جميع الورثة رجلا كان أو امرأة فلاحظ.

(1) أما تقديم الاب علي الاولاد، فنقل عن التذكرة: انه ذهب اليه علمائنا و عن المدارك انه مذهب الاصحاب لا أعلم فيه مخالفا. و من الظاهر ان هذا المقدار لا يوجب الجزم بالاولوية.

و استدل عليه أيضا بأن قوله عليه السلام يصلي علي الجنازة أولي الناس بها «1» ينصرف

اليه. و فيه: انه لا وجه للانصراف و ان شئت قلت: ان الولاية للوارث و المفروض ان الاب و الاولاد كلاهما في طبقة واحدة الا أن يتحقق و يحصل اجماع تعبدي كاشف.

و ربما يستدل علي الاولوية بأن الاب أرفق و أشفق علي الميت من الابن فيكون دعائه أقرب للإجابة. و لا اشكال في فساد هذا الوجه فان مثل هذه الوجوه لا يمكن جعله مدركا للحكم الشرعي.

و استدل علي المدعي بما ورد في تصدي أبي عبد اللّه عليه السلام أمر اسماعيل ابنه بعد وفاته و لم يتصد لأمره أولاده لاحظ الروايات الواردة في الباب 29 من أبواب التكفين من الوسائل.

و فيه: أولا علي فرض تمامية السند ان الامام عليه السلام له الولاية العامة علي كل أحد و هو أولي بالمؤمنين من أنفسهم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 296

و الاحوط وجوبا الاستيذان من الطرفين (1).

______________________________

و ثانيا: انه يمكن أن ولد اسماعيل لم يكونوا بالغين قابلين لأعمال الولاية فالنتيجة ان الاولوية في المقام محل اشكال.

و أما تقديم الجد علي الاخ فقيل في وجهه ان الجد له الولاية علي الميت و علي أبيه فهو أولي. و فيه: انه لا مجال لجعل مثل هذه الامور مدركا للحكم الشرعي كما هو ظاهر.

و أما تقديم الاخ من الابوين علي الاخ من أحدهما فيمكن الاستدلال عليه بما رواه يزيد الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام قال: ابنك و ابن ابنك أولي بك من أخيك قال: و أخوك لأبيك و امك أولي بك من أخيك لأبيك و أخوك لأبيك أولي بك من أخيك لأمك «1».

لكن الرواية ضعيفة بالكناسي. نعم يمكن الاستدلال علي المدعي بأن الاخ من

الابوين مقدم في الارث علي الاخ من الاب وحده فان كان الميزان التقدم في الارث يثبت المدعي فلاحظ.

و أما تقديم الاخ من الاب علي الاخ من الام بدعوي استفادته من خبر الكناسي ففيه انه قد مر ان الخبر ضعيف فلا وجه للترجيح و قس عليه في البطلان تقديم العم علي الخال بدعوي ان المستفاد من الخبر المذكور تقديم المنتسب بالاب علي المنتسب بالام.

(1) لا اشكال في أن الاحتياط طريق النجاة لكن مقتضي الصناعة عدم تقديم المذكورين الا بالنسبة الي بعضهم لعدم قيام الدليل علي التقدم علي النحو المطلق و عليه يكون الاظهر عدم تقديمهم و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب موجبات الارث الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 297

[مسألة 230: إذا تعذر استيذان الولي لعدم حضوره مثلا]

(مسألة 230): اذا تعذر استيذان الولي لعدم حضوره مثلا أو امتنع عن الاذن و عن مباشرة التغسيل وجب تغسيله علي غيره و لو بلا اذن (1).

______________________________

(1) لا اشكال و لا كلام في أنه يجب غسل الميت و احتمال سقوط الوجوب بامتناع الولي عن الاذن و المباشرة في غاية الوهن و السقوط و الظاهر ان اصل الوجوب و لزوم غسله مما لا ريب فيه عند القوم انما الكلام في أنه كفائي علي جميع المكلفين من أول الامر أو يتعلق الوجوب بغير الولي في فرض امتناعه؟- كما ربما يظهر من كلام صاحب الحدائق قدس سره-.

و علي الجملة: لا اشكال عندهم في الوجوب كفاية فعن المبسوط و الغنية دعوي عدم الخلاف و عن مجمع البرهان: «انه لا نزاع فيه بين المسلمين» و عن الذكري الاجماع عليه و عن المعتبر غسل الميت و تكفينه و الصلاة عليه و دفنه فرض علي الكفاية و هو مذهب العلماء كافة و

عن التذكرة و نهاية الاحكام:

«التغسيل فرض علي الكفاية اذا قام به بعض سقط عن الباقين بلا خلاف فيه بين أهل العلم».

و يمكن أن يقال: ان ما بنوا عليه مقتضي جملة من الاطلاقات منها ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: غسل الجنابة واجب الي أن قال و غسل الميت واجب «1».

و منها: ما رواه: طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام قال:

صل علي من مات من أهل القبلة و حسابه علي اللّه «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 37 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 298

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 298

______________________________

و منها: ما رواه غزوان السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: صلوا علي المرجوم من امتي الي أن قال: لا تدعوا أحدا من امتي بلا صلاة «1».

و منها: ما رواه عيص عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام قال: اذا مات الميت فخذ في جهازه و عجله «2» الي غيرها من النصوص. فان الظاهر من هذه التعابير الواقعة في النصوص وجوبه علي كافة المكلفين.

فانقدح بما ذكرنا انه لا وجه للإشكال في الوجوب الكفائي بلحاظ عدم الدليل فان الدليل واف بالمقصود فتوي و نصا كما تقدم و ان كان للنقاش في اطلاق النصوص أو عمومها مجال بأن يقال: ان ما ورد من أن غسل الميت واجب ليس واردا في مقام البيان من هذه الجهة و

كذا قوله عليه السلام: «صل علي مات من أهل القبلة» فانه وارد للتعميم في المغسل بالفتح بقرينة قوله عليه السلام في ذيله: «فان حسابه علي اللّه» و كذلك غيرهما فان للمناقشة في الاطلاق من هذه الجهة مجالا كما تقدم لكن اذا وصلت النوبة الي الشك في الاطلاق كفي اصالة البيان ثم انه يقع الكلام في جهتين:

الاولي: في أنه هل يمكن اجتماع الوجوب الكفائي مع كون الولي أولي؟

أولا يمكن و الحق هو الاول فانه تارة يكون الاستيذان شرطا للوجوب علي غير الولي و في هذا الفرض لا يمكن الالتزام بالوجوب الكفائي بل الوجوب علي الولي فقط و أما لو كان الاستيذان شرطا للصحة فلا تنافي.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 47 من أبواب الاحتضار الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 299

______________________________

و بعبارة اخري: ان الوجوب الكفائي علي عامة المكلفين لا ينافي أحقية بعضهم من بعض في ايجاد هذا الواجب بأن يكون له الولاية عليه من قبل الشارع مثلا لو وجب كفاية حفظ الثغور و امامة الجماعة لصلاة الجمعة و لم يرد الشارع من الامر بها الا حصولها في الخارج فلا مانع عقلا و لا عرفا أن يجعل الشارع لمن كان في الازمنة السابقة مشغولا بشي ء منها أو كان ذلك شغلا لا بائه أو غير ذلك حقا بالنسبة اليه بان يكون له التقدم أو يأمر بتقدم من يحب من دون أن يتعين عليه الفعل اذا لتعين عليه ينافي كون تقدمه حقا له.

و لا يخفي ان كونه أحق لا ينافي الوجوب علي البقية من المكلفين كفاية و يظهر الاثر في أن كل واحد من المكلفين يجب عليه احراز تحقق الفعل باحد النحوين اما بتصدي الولي مباشرة أو

تسبيبا و اما القيام به مباشرة باذن الولي أو بدون اذنه مع عدم امكان تحصيل اذنه.

و ربما يقال: بان مقتضي الصناعة أن يحمل المطلق علي المقيد لاحظ ما رواه غياث «1». فان مقتضي الصناعة أن يحمل المطلق في المقام علي مثل هذا المقيد.

و فيه: انه استفيد من الدليل ان الولاية جعلت له ارفاقا بالنسبة اليه لاحظ ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: اذا حضر سلطان من سلطان اللّه جنازة فهو أحق بالصلاة عليها ان قدمه ولي الميت و الا فهو غاصب «2». فان الغصب يتصور في الحقوق لا في التكاليف.

______________________________

(1) لاحظ ص: 273

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 300

______________________________

فصفوة القول: ان الاشكال ان كان من ناحية القصور في المقتضي فقد ظهر مما تقدم عدم قصور فيه اجماعا و نصا و ان كان من باب اقتضاء الصناعة حمل المطلق علي المقيد فايضا قد ظهر انه لا مجال له مضافا الي ان حمل المطلق علي المقيد فيما لا يكون الاطلاق مقصودا للمولي و أما لو علم انه المقصود فلا مجال لهذا الاشكال.

الجهة الثانية: لا اشكال في أنه مع عدم قيام الولي بأن لا يتصدي بنفسه و أيضا امتنع عن الاذن يسقط اعتبار اذنه اذ المفروض ان الوجوب عام علي كافة المكلفين بنحو الوجوب المطلق و غير مشروط باذنه فلو سقط الوجوب مع عدم اذنه يرجع الي التناقض انما الكلام في أنه في صورة الامتناع عن الاذن لو امكن اجباره عليه هل المحاكم الشرعي اجباره- كما عليه السيد اليزدي في عروته- و علي تقدير عدم الامكان يلزم الاستيذان من

الحاكم بعنوان انه ولي الممتنع أم يسقط اعتبار اذنه في فرض الامتناع؟.

الذي يختلج بالبال أن يقال: ان الظاهر من الادلة ان هذا الحق انما جعل رعاية للولي و ارفاقا عليه فلا مجال لإجباره علي الاذن.

و ان شئت قلت: ان الاجبار و الولاية يتصور في مورد من يمتنع عن اداء حق الغير و أما بالنسبة الي من يمتنع عن اعمال حق نفسه فلا مجال للإجبار فلا بد من العمل علي طبق القاعدة و حيث فرض ان الوجوب متعلق بكل مكلف كفاية لا مناص عن القيام بالواجب بلا اشتراط الي اذن الولي اذ المستفاد من الدليل ان الولي له الاولوية فما دام الولي يقدم علي الامر ليس لأحد حق المزاحمة و إلا يسقط اعتبار اذنه.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 301

______________________________

و يمكن اثبات المدعي بتقريب آخر و هو ان الولي مع امتناعه عن القيام بالواجب و عدم تعيين من يقوم اما يكون له حق منع الغير عن التصدي أو ليس له هذا الحق أما علي الاول فيلزم الخلف اذ كيف يكون الواجب عاما بالنسبة الي جميع المكلفين و مع ذلك زمام الامر بيد الولي بحيث يكون له الحق الشرعي علي المنع و كيف يجوز اجباره مع انه ذو حق شرعي.

و بعبارة اخري: لا يجوز لأحد أن يجبر غيره أن يرفع اليد عن حقه و هذا الاجبار يسقط الحاكم عن الاعتبار و لا أثر لمثل هذا الاذن الاكراهي.

و أما علي الثاني: فلا مجال للإجبار أيضا اذ معناه اسقاط رأيه كما هو ظاهر فان مرجع عدم الحق الي سقوط حقه و المقام نظير ما لو توقف انقاذ غريق علي توسط ملك الغير فانه لو امتنع عن الترخيص في الدخول يسقط

اذنه عن الاعتبار و لا مجال للإجبار أو تصدي الحاكم لان انقاذ الغريق أهم فلا يتوقف علي الاذن.

فتحصل مما ذكرنا ان الاجبار لا مجال له و يترتب عليه انه لا تصل النوبة الي الاستيذان عن الحاكم الشرعي فلاحظ.

و يدل علي المدعي ما ورد في الصلاة علي العراة مثل ما رواه عمار بن موسي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما تقول في قوم كانوا في سفر لهم يمشون علي ساحل البحر فاذا هم برجل ميت عريان قد لفظه البحر و هم عراة و ليس عليهم الا ازار كيف يصلون عليه و هو عريان و ليس معهم فضل ثوب يكفنونه (به) قال: يحفر له و يوضع في لحده يوضع اللبن علي عورته فيستر عورته باللبن و بالحجر ثم يصلي عليه ثم يدفن قلت: فلا يصلي عليه اذا دفن؟ قال:

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 302

[مسألة 231: اذا أوصي أن يغسله شخص معين لم يجب عليه القبول]

(مسألة 231): اذا أوصي أن يغسله شخص معين لم يجب عليه القبول (1)

______________________________

لا يصلي علي الميت بعد ما يدفن و لا يصلي عليه و هو عريان حتي تواري عورته «1» و غيره مما ورد في الباب 36 من أبواب صلاة الجنازة من الوسائل.

و أيضا يدل علي المدعي ما ورد في تغسيل الذمي المسلم مثل ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت: فان مات رجل مسلم و ليس معه رجل مسلم و لا امرأة مسلمة من ذوي قرابته و معه رجل نصاري و نساء مسلمات ليس بينه و بينهن قرابة قال: يغتسل النصاري ثم يغسلونه فقد اضطر و عن المرأة المسلمة تموت و ليس معها امرأة مسلمة و لا رجل مسلم من قرابتها معها

نصرانية و رجال مسلمون ليس بينهما و بينهم قرابة قال: تغتسل النصرانية ثم تغسلها «2».

و أيضا يدل عليه ما ورد في تغسيل بعض الميت مثل ما رواه علي بن جعفر أنه سأل أخاه موسي بن جعفر عليه السلام عن الرجل يأكله السبع أو الطير فتبقي عظامه بغير لحم كيف يصنع به؟ قال: يغسل و يكفن و يصلي عليه و يدفن «3».

فان المستفاد من هذه النصوص ان التكليف متوجه الي الكل و يسقط اعتبار الاستيذان مع التعذر.

(1) استدل عليه باصالة البراءة عن الوجوب و لكن لم نفهم خصوصية للمقام فان بناء الاصحاب- بحسب ما استفاد و امن الادلة- ان الوصية العهدية نافذة

______________________________

(1) الوسائل الباب 36 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 38 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 303

لكن اذا قبل لم يحتج الي اذن الولي (1)

______________________________

بلا اشتراطها بقبول الموصي اليه غاية الامر يجوز للموصي اليه الرد حال الحياة و عدم جوازه بعد الموت و عليه لا تصل النوبة الي اصالة البراءة عن الوجوب اذ الرد لو كان قبل الموت جاز و ان كان بعد الموت فلا يجوز.

(1) وقع الكلام بين القوم في نفوذ هذه الوصية و عدمه فعن المسالك:

ان المشهور عدم نفوذها و عدم تقدم الوصي علي الولي و يتوقف جواز تصدي الوصي علي اذن الولي و عن المختلف انه نسبه الي علمائنا.

و يمكن الاستدلال عليه باطلاق ولاية الولي و عدم دليل علي التقييد و التخصيص و لا مجال للأخذ باطلاق دليل الوصية و قوله تعالي: «فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ فَإِنَّمٰا إِثْمُهُ عَلَي الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ» «1» اذ نفوذ الوصية

يتوقف علي مشروعيتها كما يدل عليه قوله تعالي: «فَمَنْ خٰافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ» «2» فان الجنف الميل عن الحق.

و بعبارة اخري: اخذ في موضوع نفوذ الوصية المشروعية و المفروض ان دليل ولاية الولي يقتضي عدم مشروعية مورد الوصية بلا اذنه و موافقته فلا تكون الوصية نافذة لحكومة دليل الولاية علي دليل نفوذها فلاحظ.

و في قبال هذا القول ما عن ابن الجنيد من نفوذ الوصية و عدم الحاجة الي الاذن و عن المحقق الثاني الميل اليه و عن المدارك: نفي البأس عنه.

و ما يمكن أن يقال في وجه النفوذ و عدم التوقف علي الاذن امور: الاول:

ان تبديل الوصية منهي عنه. و يدفعه ما تقدم من أنه اخذ في موضوع النفوذ

______________________________

(1) البقرة/ 181

(2) البقرة/ 182

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 304

و اذا أوصي أن يتولي تجهيزه شخص معين جاز له الرد في حياة الموصي و ليس له الرد بعد ذلك علي الاحوط و ان كان الاظهر جوازه لكنه اذا لم يرد وجب الاستيذان منه دون الولي (1).

______________________________

المشروعية و المفروض ان الولاية للولي في الرتبة السابقة.

الثاني: انه ربما آثر الميت شخصا لعلمه بصلاحه و طمعه في إجابة دعائه و منعه من ذلك و حرمانه عما يأمله خلاف الحكمة. و فيه: ان زمام الاحكام ليس بايدينا و المتبع ظواهر الادلة و مثل هذه الوجوه لا يمكن جعله مدركا للحكم الشرعي كما هو ظاهر.

الثالث: ان جعل الولاية للولي بلحاظ الميت فيناسب نفوذ وصيته. و فيه:

أولا: ان المدعي محل اشكال و ثانيا: ان هذا الوجه لا يقتضي رفع اليد عن دليل ولاية الولي.

الرابع: ان دليل الولاية منصرف عن صورة الوصية بتقريب: ان دليل الولاية في

مقام اثبات الولاية لأقرباء الميت بالنسبة الي الاجانب لا بالنسبة الي ولاية الميت علي نفسه. و يرد عليه انه لا وجه لدعوي الانصراف و كون الميت وليا علي نفسه فلا تعارض، أول الكلام و الولاية تحدث بعد الموت و ليست ثابتة قبل الموت فالحق ما ذهب اليه المشهور من عدم نفوذ الوصية.

(1) تعرض الماتن في المقام لفروع: الاول: انه لو أوصي بالولاية جاز له الرد. و جواز الرد قبل وفات الموصي- كما هو ظاهر من العبارة-، علي القاعدة فان بناء الاصحاب ان الموصي اليه لا يجب عليه القبول و يجوز له الرد ما دام الموصي حيا لكن الكلام في صحة هذه الوصية فانه قد ظهر مما ذكرنا

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 305

[مسألة 232: يجب في التغسيل طهارة الماء و اباحته]

(مسألة 232): يجب في التغسيل طهارة الماء (1) و اباحته (2).

______________________________

ان الولاية المقررة من قبل الشارع لا تبقي مجالا لهذه الوصية و أوضحنا المدعي آنفا فلا نعيد.

الثاني: ان للموصي اليه حق الرد حتي بعد وفات الموصي و لم يظهر لنا وجهه و اي فرق بين المقام و بقية المقامات. الثالث: انه لو لم يرد يجب الاستيذان منه دون الولي و هذا يتوقف علي صحة الوصية بالولاية و قد ظهر مما ذكرنا بطلانها فمقتضي الاحتياط الاستيذان من كليهما فلاحظ.

(1) ما يمكن أن يقال في وجه هذه الدعوي امور: الاول: الارتكاز فان المرتكز في أذهان المتشرعة اشتراطها بحيث يكون خلافها مستنكرا عندهم و ان شئت قلت: بأن المركوز في الاذهان ان فاقد الشي ء لا يمكن أن يكون معطيا.

الثاني: الاجماعات المدعاة في المقام. الثالث: الاخبار كما نقل عن المستند بأنه استدل علي المدعي بالإجماع و الاخبار و قال بعض الاصحاب:

انه لم يظفر علي خبر دال علي

هذا المعني. و لعله قدس سره ناظر الي ما دل علي أن غسل الميت كغسل الجنابة و حيث ان غسل الجنابة مشروط بهذا الشرط يكون المقام كذلك.

و يؤيد المدعي ما دل علي اشتراطها في الوضوء كما انه أيضا يؤيده ما دل علي اشتراط ازالة النجاسة عن بدنه و لكن قد مر الاشكال في تمامية دليله و كيف كان لا اشكال في هذا الحكم و اللّه العالم.

(2) لاستحالة اجتماع الامر و النهي و أفاد في المستمسك بأن هذا شرط التقرب المعتبر في العبادة. و لا يخفي ان هذا الاشتراط ليس في خصوص العبادة

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 306

و اباحة السدر و الكافور بل الفضاء الذي يشغله الغسل (1) و مجري الغسالة علي النحو الذي مر في الوضوء و منه السدة التي يغسل عليها اذا كان ماء الغسل يجري عليها (2) أما اذا كان لا يجري عليها فمع عدم الانحصار يصح الغسل عليها أما معه فيسقط الغسل لكن اذا غسل حينئذ صح الغسل (3) و كذلك التفصيل في ظرف الماء اذا كان مغصوبا (4).

[مسألة 233: يجزي غسل الميت قبل برده]

(مسألة 233): يجزي غسل الميت قبل برده (5).

[مسألة 234: إذا تعذر السدر و الكافور فالاحوط وجوبا الجمع بين التيمم و تغسيله ثلاث مرات بالماء القراح]

(مسألة 234): اذا تعذر السدر و الكافور فالاحوط وجوبا الجمع بين التيمم بدلا عن كل من الغسل بماء السدر و الكافور و بين

______________________________

اذ الواجب- و ان كان توصليا- لا يعقل أن يتحد مع الغصب لأوله الي اجتماع الضدين و قد مر الكلام حول هذا الموضوع في باب شرائط الوضوء و شرائط غسل الجنابة فراجع.

(1) و الكلام في المذكورات هو الكلام.

(2) و قد مر الكلام فراجع.

(3) بدعوي عدم الاتحاد و كون التركيب انضماميا فمع عدم الانحصار يصح و الا فلا يجب الغسل بل تصل النوبة الي التيمم.

(4) الكلام هو الكلام و قد اشبعنا الكلام حول المذكورات في شرائط الوضوء فراجع.

(5) لإطلاق دليل الغسل بل لا يبعد القول برجحانه نظرا الي الامر بتعجيل تجهيز الميت.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 307

تغسيله ثلاث مرات بالماء القراح و ينوي بالاولين البدلية عن الغسل بالسدر و الكافور (1).

______________________________

(1) لا اشكال في أن التعذر يقتضي سقوط التكليف بالنسبة الي ما تعذر انما الكلام في بقاء أصل وجوب الغسل و الظاهر ان أصل الوجوب في الجملة مورد تسالمهم و عن الحدائق الميل الي السقوط استنادا الي ما رواه عمار بن موسي «1» بتقريب انه ليس في الرواية تعرض للإتيان بالبدل مع ان الظاهر تعذر السدر و الكافور.

و الانصاف: ان الاستدلال غير تام فان الرواية ليست في مقام بيان غسله و السؤال عن الصلاة و الحاصل ان أصل الوجوب في الجملة مما لا كلام فيه انما الكلام في انه يجب الغسل بالماء القراح بدلا عن الغسلين أو تصل النوبة الي التيمم.

و ما يمكن أن يقال في وجه وجوب الغسل بالماء القراح بدلا عن المتعذر امور: الاول:

ان المستفاد من دليل الوجوب وجوب كل من السدر و الكافور بالاستقلال حيث انما عطفا علي الماء في لسان الاخبار لاحظ ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل الميت كيف يغسل؟

قال: بماء و سدر و اغسل جسده كله و اغسله اخري بماء و كافور ثم اغسله بماء «2» و أيضا لاحظ ما رواه الفضل بن عبد الملك «3» و علي فرض استفادة التركيب لا ينتفي المركب بانتفاء جزء من أجزائه.

و فيه: انه لا اشكال في أن الظاهر من الادلة تعلق الوجوب بالمركب و لا

______________________________

(1) لاحظ ص: 301

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 281

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 308

[مسألة 235: يعتبر في كل من السدر و الكافور أن لا يكون كثيرا بمقدار يوجب خروج الماء عن الاطلاق الي الاضافة]

(مسألة 235): يعتبر في كل من السدر و الكافور أن لا يكون كثيرا بمقدار يوجب خروج الماء عن الاطلاق الي الاضافة و لا قليلا بحيث لا يصدق انه مخلوط بالسدر و الكافور (1)

______________________________

شبهة في انتفائه بانتفاء جزئه.

الثاني: قاعدة الميسور. و فيه: ان هذه القاعدة ليست مستندة الي دليل معتبر.

ان قلت: القاعدة مورد الاجماع في المقام قلت: المسألة اختلافية أولا و الاجماع حاله في الاشكال واضح ثانيا.

الثالث: ان الميت المحرم لا يقرب اليه الكافور و لا يجوز فمع التعذر الشرعي لا يسقط أصل الوجوب بل يجب غسله بالماء القراح و التعذر العقلي كالشرعي.

و عن الشيخ قدس سره: في مقام الاشكال علي هذا الوجه ان التعذر الشرعي كالعقلي لا العكس اذ لا دليل عليه أضف الي ذلك انه حكم وارد في مورد خاص فلا وجه للقياس.

الرابع: استصحاب بقاء حال التمكن فان مقتضاه بقاء الوجوب بعد التعذر.

و يرد عليه: أولا انه يختص بصورة التعذر المتأخر و ثانيا:

ان الوجوب كان متعلقا بالمركب فما كان واجبا لا يمكن تحققه و الذي يمكن الاتيان به وجوبه أول الكلام و ثالثا: ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باصالة عدم الجعل الزائد.

فتحصل انه لا دليل علي الوجوب و عليه تصل النوبة الي التيمم لكن الاحتياط يقتضي الجمع بين الامرين كما في المتن.

(1) ما أفاده مستفاد من نصوص المقام لاحظ ما رواه ابن مسكان عن أبي

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 309

______________________________

عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن غسل الميت فقال: اغسله بماء و سدر ثم اغسله علي اثر ذلك بماء و كافور و ذريرة ان كانت و اغسله الثالثة بماء قراح «1».

و لاحظ ما رواه يعقوب بن يقطين «2».

فان المستفاد من النصوص لزوم صدق الغسل بالماء المطلق و أيضا يستفاد منها لزوم صدق الخليط من السدر و الكافور فلا بد من كون كل منهما بمقدار لا يوجب زوال الاطلاق الي الاضافة و لا يقل بحيث لا يصدق انه مخلوط بالسدر و الكافور.

و ربما يستفاد من حديث يونس انه لا تضر الاضافة اذ الظاهر من كلامه عليه السلام جواز الغسل برغوة السدر «3» و لا مجال لان يقال: انه للتنظيف اذ ذكر بعده غسل الطرف الايمن فيظهر ان المراد بيان الغسل الواجب لكن الحديث مرسل و لا اعتبار به.

و الظاهر انه ليس حد خاص للسدر و الكافور نعم قد ورد في حديثي معاوية بن عمار «4» و عبد اللّه بن عبيد «5» انه يطرح في الماء سبع ورقات من السدر لكن المذكور في الروايتين طرح السدر في الماء القراح فلا يرتبط بالمقام مضافا الي أن خبر ابن عبيد ضعيف به و يضاف الي ذلك كله انه قال

في المستمسك: «الاتفاق علي خلافهما ظاهر».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 280

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 310

و يعتبر في الماء القراح أن يصدق خلوصه منهما (1) فلا بأس ان يكون فيه شي ء منهما اذا لم يصدق الخلط (2) و لا فرق في السدر بين اليابس و الاخضر (3).

[مسألة 236: إذا تعذر الماء أو خيف تناثر لحم الميت بالتغسيل يمم علي الأحوط وجوبا ثلاث مرات]

(مسألة 236): اذا تعذر الماء أو خيف تناثر لحم الميت بالتغسيل يمم علي الاحوط وجوبا ثلاث مرات (4).

______________________________

(1) اذا مر بالغسل بالماء القراح فلا بد من صدق هذا العنوان و لا يصدق العنوان المذكور علي الماء المخلوط بغيره.

(2) لان هذا المقدار لا يوجب خروج عنوان الاطلاق و عدم صدق الخليط.

(3) للإطلاق.

(4) أما أصل وجوب التيمم فادعي عليه الاجماع و نقل عن الخلاف و التهذيب انه اجماع المسلمين عد الاوزاعي. و ما قيل في وجه الوجوب أو يمكن أن يقال امور: الاول: الاجماع.

و فيه: ان الفقيه لا يمكنه الاعتماد علي مثل هذه الاجماعات اذ المنقول منه ليس حجة و المحصل منه علي تقدير تحققه محتمل المدرك فلا يكون اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السلام.

الثاني: ما رواه زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام قال: ان قوما أتوا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقالوا: يا رسول اللّه مات صاحب لنا و هو مجدور فإن غسلناه انسلخ فقال: يمموه «1».

و يرد عليه. ان الخبر ضعيف سندا و عمل المشهور به- علي فرض تحققه

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 311

______________________________

- لا يقتضي انجبار ضعفه

و أما الاشكال في الخبر بأنه حكم وارد في مورد خاص، فلا وجه للتعميم، فيمكن ذبه بأن العرف بحسب فهمه يستفيد عدم الخصوصية و بعبارة اخري يلغي خصوصية المورد.

الثالث: ما رواه عبد الرحمن ابن أبي نجران انه سأل أبا الحسن موسي بن جعفر عليه السلام عن ثلاثة نفر كانوا في سفر أحدهم جنب و الثاني ميت و الثالث علي غير وضوء و حضرت الصلاة و معهم من الماء قدر ما يكفي أحدهم من يأخذ الماء و كيف يصنعون؟ قال يغتسل الجنب و يدفن الميت بتيمم و يتيمم الذي هو علي غير وضوء لان غسل الجنابة فريضة و غسل الميت سنة و التيمم للاخر جائز «1».

فان مقتضي هذا الحديث انه يجب أن ييمم الميت و لا يعارضها ما رواه في التهذيب باسقاط لفظ بتيمم «2» فان السند بحسب رواية التهذيب مرسل و المرسل لا اعتبار به.

الرابع: عموم بدلية التيمم عن الماء لاحظ ما رواه زرارة في حديث قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ان أصاب الماء و قد دخل في الصلاة قال:

فلينصرف فليتوضأ ما لم يركع و ان كان قد ركع فليمض في صلاته فان التيمم أحد الطهورين «3» و ما رواه حماد بن عثمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل لا يجد الماء أ يتيمم لكل صلاة؟ فقال: لا هو بمنزلة الماء «4» و لاحظ الحديث 15 من الباب 14 من أبواب التيمم و كذلك الحديث: 16

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب التيمم الحديث 1

(2) التهذيب ج 1 ص 109 الحديث: 17 باب الاغسال المفترضات و المسنونات

(3) الوسائل الباب 21 من أبواب التيمم الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 23 من أبواب التيمم الحديث:

2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 312

______________________________

و 17.

فان مقتضي عموم البدلية المستفاد من الحديثين و أمثالهما انه يكون التراب بدلا اضطراريا عن الماء و المقام من مصاديق هذه الكبري الكلية.

و قد ذكر في المقام وجوه من الاشكال: منها: ان التراب يكون بدلا عن الماء فيما يكون الماء مستقلا في التأثير و في المقام لا يكون كذلك بل المطهر المركب من الماء و السدر و الكافور.

و يمكن أن يجاب عن هذا الاشكال بأن الظاهر من الادلة ان السدر و الكافور من الشرائط و أما المقتضي فهو الماء فقط فهما من قبيل الترتيب المعتبر في الغسل.

و منها: ان التراب بدل عن الماء فيما يكون الماء مطهرا من الحديث لا فيما يكون مطهرا عن الخبث كما في المقام. و فيه: ان المستفاد من الروايات ان الميت محدث بحدث الجنابة و يرتفع حدثه بالغسل لاحظ ما رواه محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في حديث: ان رجلا سأل أبا جعفر عليه السلام عن الميت لم يغسل غسل الجنابه؟ قال: اذا خرجت الروح من البدن خرجت النطفة التي خلق منها بعينها منه كائنا ما كان صغيرا أو كبيرا ذكرا أو انثي فلذلك يغسل غسل الجنابة «1» و ساير الروايات الواردة في الباب 3 من أبواب غسل الميت من الوسائل.

فالمتحصل ان الغسل يطهر الميت من الحدث كما يطهره من الخبث و ببركة تنزيل التراب منزلة الماء يحكم بأن التيمم يقوم مقام الغسل اضف الي ذلك أن

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 313

ينوي بواحد منهما ما في الذمة (1).

______________________________

مقتضي اطلاق دليل البدلية كون التيمم بدلا عن الوضوء و

الغسل مطلقا.

هذا تمام الكلام بالنسبة الي وجوب التيمم و أما وجوبه ثلاث مرات فمورد الخلاف بين القوم فذهب بعضهم الي وجوب الثلاثة و هو المحكي عن التذكرة و جامع المقاصد و بعضهم اختار كفاية تيمم واحد و هو المحكي عن الذكري و كشف اللثام.

و الذي يمكن أن يقال. ان التيمم بدل عن الغسل و بعبارة اخري التراب بدل عن الماء و المفروض ان المطهر مجموع الاغسال الثلاثة و كل واحد منها جزء السب فيكفي تيمم واحد لكن في النفس شي ء.

(1) اذ علي فرض كفاية تيمم واحد و كونه بدلا عن ثلاثة أغسال لا بد من قصد البدلية و لو اجمالا فلو نوي ما في الذمة يكفي بلا كلام. هذا كله في صورة تعذر الماء و أما في الصورة الثانية و هي خوف تناثر لحم الميت فلان الخوف طريق الي ترتب المحذور فيسقط وجوب الغسل.

و بعبارة اخري: كما ان خوف الضرر يقتضي سقوط وجوب الغسل عن المكلف نفسه كذلك يقتضي سقوطه بالنسبة الي الميت اذ الميت محترم كالحي و لا يجوز الاضرار به و اعتبار الخوف و طريقيته يستفاد من بعض النصوص لاحظ ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الصائم اذا خاف علي عينيه من الرمد أفطر «1» و ما رواه داود الرقي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أكون في السفر فتحضر الصلاة و ليس معي ماء و يقال: ان الماء قريب منافا طلب الماء و أنا في وقت يمينا و شمالا؟ قال: لا تطلب الماء و لكن تيمم

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب من يصح الصوم منه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 314

[مسألة 237: يجب أن يكون التيمم بيد الحي]

(مسألة 237): يجب أن يكون

التيمم بيد الحي و الاحوط وجوبا مع الامكان أن يكون بيد الميت أيضا (1).

______________________________

فاني أخاف عليك التخلف عن أصحابك فتضل و يأكلك السبع «1» و ما رواه يعقوب بن سالم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل لا يكون معه ماء و الماء عن يمين الطريق و يساره غلوتين أو نحو ذلك قال: لا آمره أن يغرر بنفسه فيعرض له لص أو سبع «2».

(1) المسألة خلافية بين الاصحاب و الذي يمكن أن يقال: ان الظاهر من الدليل ان يكون بيد الحي اذ الميت ليس مكلفا بشي ء و انما التيمم كالغسل فعل من يتولاه.

و أفاد في المستمسك: انه لو قلنا بأن الضرب و المسح باليدين خارجين عن قوام التيمم يكفي فعل المباشر و الا يشكل الاكتفاء به بل لا بد من أن يكون الضرب بيد الميت و المسح بهما لا بيديه «3».

لكن الذي يختلج بالبال ان الامر كما ذكرنا فان الميت غير الحي العليل فان العليل مكلف فلا بد من أن يستند اليه الفعل الا مع عدم الامكان و أما في المقام فالامر متوجه الي الحي فلا وجه لمباشرة يد الميت و لقائل أن يقول: لا تنافي بين عدم تكليف الميت و بين وجوب كون الضرب و المسح بيد الميت و بعبارة اخري: لا يبعد أن يستفاد من دليل وجوب التيمم في المقام أن يكون بيد الميت كما هو كذلك في الحي العاجز.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب التيمم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) مستمسك العروة ج 4 ص: 135

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 315

[مسألة 238: يشترط في الانتقال الي التيمم الانتظار]

(مسألة 238): يشترط في الانتقال الي التيمم الانتظار اذ احتمل تجدد القدرة علي التغسيل فاذا حصل اليأس جاز

التيمم (1) لكن اذا اتفق تجدد القدرة قبل الدفن وجب التغسيل (2) و اذا تجددت بعد الدفن و خيف علي الميت من الضرر أو الهتك لم يجب الغسل (3)

______________________________

و لكن يمكن أن يقال في رد هذا القول أن الامر بغسل الميت متوجه الي الحي و هو بنفسه يباشر الافعال و المفروض ان التيمم بدل عنه فلا وجه لاشتراط أن يكون بيد الميت و علي فرض عدم امكان أن يكون بيدي الميت لم يظهر لنا وجه لزوم التيمم بيد الحي كما في المستمسك و أيضا في كلام المحقق الهمداني اذ لو استفيد من الدليل لزوم أن يكون بيد الميت فما وجه وجوب المباشرة للحي و قاعدة الميسور لا اساس لها اللهم الا أن يتم الامر باجماع الاصحاب و التسالم بينهم.

و صفوة القول: ان المستفاد من الدليل ان كان لزوم كونه بيد الميت فلا وجه لان تصل النوبة الي الحي بعد تعذر كونه بيد الميت و ان كان المستفاد من الدليل لزوم مباشرة الحي بنفسه و أن يكون بيده فلا وجه للقول الاخر و ان كان المستفاد الجامع بين الامرين فلا وجه للترتيب و الاحتياط طريق النجاة كما بني عليه الماتن.

(1) لا ادري ما الوجه في وجوب الانتظار مع جواز البدار بمقتضي الاستصحاب الاستقبالي.

(2) لعدم اجزاء الحكم الظاهري كما انه لا يجزي الامر الخيالي فان الآيس من وجدان الماء يتخيل أنه مأمور بالتيمم.

(3) لحرمة النبش بلحاظ الهتك المحرم و لقائل أن يقول: ان المقام داخل في كبري التزاحم اي يقع التزاحم بين وجوب الغسل و حرمة الهتك فلا بد من

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 316

و الا ففي وجوب نبشه و استيناف الغسل اشكال (1) و ان كان

الاظهر وجوب النبش و الغسل و كذا الحكم فيما اذا تعذر السدر أو الكافور.

[مسألة 239: إذا تنجس بدن الميت بعد الغسل أو في أثنائه بنجاسة خارجية أو منه وجب تطهيره]

(مسألة 239): اذا تنجس بدن الميت بعد الغسل أو في أثنائه بنجاسة خارجية أو منه وجب تطهيره (2) و لو بعد وضعه في القبر (3) نعم

______________________________

ترجيح أقوي الملاكين ان كان و إلا فالتخيير فلاحظ.

(1) مبني علي أن الاضطرار يغير الموضوع كالسفر فالمأمور به هو الفرد الاضطراري و يترتب عليه الاجزاء أو العمل الاضطراري و اف بمقدار من المصلحة فلا بد من الاتيان ثانيا بالاختياري بعد زوال العذر فالاجزاء مادامي.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان موضوع الحكم الاضطراري اذا تحقق يترتب عليه حكمه و مقتضي القاعدة هو الاجزاء اذ عدم الاجزاء يحتاج الي الدليل.

و بعبارة اخري مع تحقق موضوعه يتغير الحكم الشرعي فلا وجه لعدم الاجزاء و أما مع عدم تحقق موضوعه أو تحققه بمقتضي الوظيفة الظاهرية فلا مقتضي للاجزاء بل الحكم الواقعي باق بحاله و في المقام اذا فرض انه بالنبش لا يترتب محذور الهتك و لا غيره فكما أفاد الماتن من وجوب النبش و قس عليه ما أفاده بعد ذلك بالنسبة الي السدر و الكافور و اللّه العالم.

(2) لما رواه روح بن عبد الرحيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان بدا من الميت شي ء بعد غسله فاغسل الذي بدا منه و لا تعد الغسل «1» و يؤيد المدعي بقية نصوص الباب 32 من أبواب غسل الميت من الوسائل.

(3) للإطلاق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 317

لا يجب ذلك بعد الدفن (1).

[مسألة 240: إذا خرج من الميت بول أو مني لا تجب إعادة غسله و لو قبل الوضع في القبر]

(مسألة 240): اذا خرج من الميت بول أو مني لا تجب اعادة غسله و لو قبل الوضع في القبر (2).

______________________________

(1) لانصراف الدليل عما بعد الدفن و لا أقل من عدم الاطلاق و الاستصحاب

التعليقي باطل أولا و معارض باصالة عدم الجعل الزائد ثانيا فلاحظ.

(2) نقل انه مشهور بين الاصحاب و مقتضي الاصل عدم الوجوب كما انه مقتضي جملة من النصوص لاحظ ما رواه روح عبد الرحيم و قد مر آنفا و ما رواه الحسين بن مختار و عبد اللّه بن يحيي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قالا: سألنا عن الميت يخرج منه الشي ء بعد ما يفرغ من غسله قال: يغسل ذلك و لا يعاد عليه الغسل «1».

و ما رواه سهل عن بعض أصحابه رفعه قال: اذا غسل الميت ثم أحدث بعد الغسل فانه يغسل الحدث و لا يعاد «2» كما انه يستفاد المدعي من حديث عمار «3»، و مرسل يونس «4».

و غاية ما يمكن أن يقال في وجه وجوب الاعادة ان الدليل دل علي أن غسل الميت كغسل الجنابة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «5» و يرد عليه:

أولا ان التشبيه في الكيفية فلا يرتبط بالمقام و ثانيا: ان بطلان الغسل الجنابة بالحدث الاصغر في الاثناء أول الكلام و ثالثا: ان النصوص عموما و خصوصا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) لاحظ ص: 282

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 318

[مسألة 241: لا يجوز أخذ الأجرة علي تغسيل الميت]

(مسألة 241): لا يجوز أخذ الاجرة علي تغسيل الميت (1).

و يجوز أخذ العوض علي بذل الماء و نحوه مما لا يجب بذله مجانا (2).

[مسألة 242: لا يجوز أن يكون المغسل صبيا علي الاحوط وجوبا]

(مسألة 242): لا يجوز أن يكون المغسل صبيا علي الاحوط وجوبا و ان كان تغسيله علي الوجه الصحيح (3).

______________________________

قد دلت علي عدم البأس كما تقدمت.

(1) المعروف بين الاصحاب عدم جواز أخذ الاجرة علي تغسيل الميت و نقل انه ادعي عليه الاجماع و لم ينقل الخلاف عن أحد الا المرتضي قدس سره و ذكر في وجهه انه استفيد من الادلة انه حق للميت فليس مملوكا للأجير كي يملكه بالاجرة.

و اثبات هذا المدعي يحتاج الي دليل و أما الاستدلال عليه بأن أخذ الاجرة ينافي قصد القربة فقد ابطلنا المدعي في بحث أخذ الاجرة علي الواجب في المكاسب المحرمة و صفوة القول: ان الاجماع التعبدي ان تم و الا فلا نري مانعا من الاخذ هذا ما يختلج بالبال و لكن كيف يمكن الذهاب الي خلاف المشهور بل المجمع عليه.

(2) كما هو مقتضي القاعدة الاولية.

(3) ان قلنا بأن الغسل لا يشترط فيه نية القربة و هذا الغسل نحو من التطهير- كما هو قول في المسألة- علي ما في كلام الحدائق- «1» فلا اشكال الا أن يقال: ان فعل غير البالغ لا يعتد به، و ان قلنا بأنه عبادة فايضا لا نري وجها لعدم

______________________________

(1) الحدائق ج 3 ص: 404

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 319

[مسألة 243 يجب في المغسل أن يكون مماثلا للميت في الذكورة و الانوثة]

(مسألة 243). يجب في المغسل أن يكون مماثلا للميت في الذكورة و الانوثة فلا يجوز تغسيل الذكر للأنثي و لا العكس (1).

و يستثني من ذلك صور: الاول: أن يكون الميت طفلا لم يتجاوز ثلاث سنين فيجوز للذكر و للأنثي تغسيله سواء كان ذكرا

______________________________

صحة تغسيله بعد البناء علي شرعية عباداته و اللّه العالم.

ان قلت: لا اشكال في ان غسل الميت و احب كفائي يتوجه الي جميع المكلفين

و من ناحية اخري ان الصبي ليس مكلفا فسقوط التكليف عن البالغين بفعل غير المكلف يحتاج الي دليل و لا دليل عليه.

قلت: معني الواجب الكفائي عدم دخل مباشرة شخص بل يصح من كل فاعل و المفروض ان الصبي أتي بالواجب علي النحو المقرر الشرعي مع الالتزام بصحة عباداته فلا وجه لعدم الاجزاء فلاحظ.

(1) قد ادعي عليه الاجماع مضافا الي جملة من النصوص منها: ما رواه عبد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله عن المرأة تموت في السفر و ليس معها ذو محرم و لا نساء قال: تدفن كما هي بثيابها و عن الرجل يموت و ليس معه الا النساء ليس معهن رجال قال: يدفن كما هو بثيابه «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يموت في السفر مع النساء ليس معهن رجل كيف يصنعن به؟ قال:

يلفغنه لعافي ثيابه و يدفنه و لا يغسلنه «2» و منها غيرهما المذكور في الوسائل في الباب 21 من أبواب غسل الميت.

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 320

أم انثي مجردا عن الثياب أم لا وجد المماثل له أولا (1).

______________________________

و مقتضي اطلاق النصوص سقوط الغسل و لو مع امكانه من وراء الستر فلاحظ.

(1) مقتضي القاعدة الاولية جواز تغسيل كل من الرجل و المرأة الطفل ما لم يصدق عليه عنوان الرجل أو المرأة لوجود المقتضي و عدم المانع و ما يقال في وجه عدم الجواز من حرمة النظر مردود بأن النظر الي الطفل جائز و لا نحتاج الي استصحاب جواز النظر حال الحياة

كي يقال: بأنه معارض باصالة عدم الجعل الزائد، لأنه ليس في المقام مقتضي للحرمة و مقتضي الاصل هو الجواز.

هذا بحسب القاعدة الاولية و أما بحسب النص الخاص الوارد في المقام فيستفاد من حديث عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن الصبي تغسله امرأة قال: انما تغسل الصبيان النساء و عن الصبية تموت و لا تصاب امرأة تغسلها قال: يغسلها رجل أولي الناس بها «1»، جواز تغسيل المرأة الصبيان و مقتضي العموم المستفاد من الجمع المحلي جميع أفراد الصبيان.

و بعبارة اخري: موضوع الجواز صدق عنوان الصباوة و لا تقيد هذه الرواية بما رواه أبو النمير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: حدثني عن الصبي الي كم تغسله النساء؟ فقال: الي ثلاث سنين «2» فان أبا النمير مجهول فلا اعتبار بالرواية سندا. أضف الي ذلك انه قد حكي الاجماع علي الجواز و عن الجواهر ان الاجماع عليه محصل.

هذا بالنسبة الي تغسيل المرأة الصبي و أما بالنسبة الي تغسيل الرجل الصبية

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 321

الثانية: الزوج و الزوجة فانه يجوز لكل منهما تغسيل الاخر (1).

______________________________

فايضا ادعي عليه الاجماع و أيضا مقتضي القاعدة الاولية هو الجواز لعدم ما يقتضي المنع نعم ربما يقال. بأنه يستفاد من ذيل حديث عمار «1» عدم تغسيل الرجل الصبية.

و لكن لا يبعد أن يكون المقصود من هذه الجملة بيان الاولوية لا بيان اشتراط المماثلة و الا يمكن أن يكون الاولي بها من غير المحارم.

و مع القول بالجواز لا يتقيد الحكم بموضوع خاص بل يجوز مطلقا كما في المتن لعدم الدليل علي المنع فلاحظ.

(1) تارة يقع

الكلام في تغسيل الرجل زوجته و اخري في عكس المفروض أما تغسيل الزوج زوجته فقد ادعي علي جوازه الاجماع و تدل علي الجواز عدة نصوص: منها ما رواه منصور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يخرج في السفر و معه امرأته أ يغسلها؟ قال: نعم و امه و اخته و نحو هذا يلقي علي عورتها خرقة «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن الرجل يغسل امرأته؟ قال:

نعم من وراء الثوب «3».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن المرأة اذا ماتت قال: يدخل زوجها يده تحت قميصها الي المرافق «4».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الرجل

______________________________

(1) لاحظ ص: 320

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 24 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 322

______________________________

يغسل امرأته؟ قال نعم من وراء الثوب لا ينظر الي شعرها و لا الي شي ء منها و المرأة تغسل زوجها لأنه اذا مات كانت في عدة منه و اذا ماتت هي فقد انقضت عدتها «1».

مضافا الي أن القاعدة الاولية تقتضي الجواز اذ تغسيل الميت واجب كفائي بالنسبة الي جميع المكلفين فكل شرط و قيد يحتاج الي دليل و الا يكون الاطلاق محكما أضف الي ذلك كله أصل البراءة عن الاشتراط فلاحظ.

و ربما يقال: انه يستفاد من بعض النصوص عدم الجواز لاحظ ما رواه مفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: من غسل فاطمة عليها السلام؟

قال: ذاك أمير المؤمنين فكأنما استفقت (استفضعت) ذلك من قوله فقال لي:

كأنك ضقت مما أخبرتك به. فقلت: قد كان

ذلك جعلت فداك فقال: لا تضيقن فانها صديقة لم يكن يغسلها الا صديق أما علمت ان مريم لم يغسلها الا عيسي «2».

بدعوي ان تعليل فعل المولي، بكون فاطمة صديقة و لا يغسل الصديقة الا الصديق يقتضي عدم الجواز لو لا هذه الجهة. و فيه: ان عبد الرحمن بن سالم لم يوثق فالرواية ضعيفة.

و لاحظ ما ارسله الصدوق «3» و فيه: ان المرسل لا اعتبار به و لاحظ ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يموت و ليس معه الا النساء قال: تغسله امرأته لأنها منه في عدة و اذا ماتت لم يغسلها لأنه ليس منها في

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 323

______________________________

عدة «1».

و نقل صاحب الوسائل عن صاحب المنتقي انه حمل حديث زرارة علي التقية لأنه موافق لأشهر مذاهب العامة.

و قال في الحدائق: «ان الرواية تحمل علي التقية فان المنع مذهب أبي حنيفة و الثوري و الاوزاعي- كما نقله في المنتهي» الي أن قال: «و لا ريب ان مذهب أبي حنيفة في وقته كان هو المشهور و المعتمد بين خلفاء الجور و غيره من المذاهب الاربعة انما اشتهر و حصل الاجتماع عليه في الاعصار المتأخرة» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و أما تغسيل الزوجة للزوج فايضا ادعي عليه الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل أ يصلح له أن ينظر الي امرأته حين تموت أو يغسلها ان لم يكن عندها من يغسلها؟ و عن المرأة هل تنظر مثل ذلك من زوجها حين

يموت؟

فقال: لا بأس بذلك انما يفعل ذلك أهل المرأة كراهية أن ينظر زوجها الي شي ء يكرهونه منها «2».

و منها: ما رواه الحلبي «3» و منها ما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال في الرجل يموت في السفر في أرض ليس معه الا النساء قال: يدفن و لا يغسل و المرأة تكون مع الرجال بتلك المنزلة تدفن و لا تغسل الا أن يكون زوجها معها فان كان زوجها معها غسلها من فوق الدرع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 321

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 324

سواء كان مجردا أم من وراء الثياب (1).

______________________________

و يسكب الماء عليها سكبا و لا ينظر الي عورتها و تغسله امرأته اذا مات و المرأة اذا ماتت ليست بمنزلة الرجل المرأة أسوأ منظرا اذا ماتت «1».

و منها: ما رواه زرارة «2» و منها: ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام يغسل الزوج امرأته في السفر و المرأة زوجها في السفر اذا لم يكن معهم رجل «3».

(1) أما جواز تغسيل الرجل امرأته مجردة فيدل عليه ما رواه منصور «4» و أيضا يدل علي المدعي ما رواه عبد اللّه بن سنان «5».

و يستفاد من جملة من النصوص وجوب التغسيل من وراء الثوب لاحظ ما رواه الحلبي «6» و ما رواه محمد بن مسلم «7» و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرجل يموت و ليس عنده من يغسله الا النساء؟ قال: تغسله امرأته أو ذو قرابته ان كان له و تصب النساء عليه الماء صبا و في المرأة اذا ماتت يدخل زوجها يده تحت قميصها

فيغسلها «8» و ما رواه سماعة «9».

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب غسل الميت الحديث: 12

(2) لاحظ ص: 322

(3) الوسائل الباب 24 من أبواب غسل الميت الحديث: 14

(4) لاحظ ص: 321

(5) لاحظ ص: 323

(6) لاحظ ص: 321

(7) لاحظ ص: 321

(8) الوسائل الباب 24 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

(9) لاحظ ص. 321

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 325

______________________________

لكن لا يبعد أن يستفاد من مجموع النصوص انه جائز مطلقا و ذلك بلحاظ التعليل الوارد في بعض النصوص فان تعليل المنع باسوئية منظرة المرأة قد ذكر في عدة نصوص: منها: ما رواه داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل يموت في السفر أو في الارض ليس معه الا النساء قال: يدفن و لا يغسل و قال: المرأة تكون مع الرجال بتلك المنزلة الا أن يكون معها زوجها فان كان معها زوجها فليغسلها من فوق الدرع و يسكب عليها الماء سكبا و لتغسله امرأته اذا مات و المرأة ليست مثل الرجل و المرأة أسوأ منظرا حين تموت «1».

و منها: ما رواه أبو الصباح الكناني «2» و أيضا يمكن أن يقال: ان الجواز يستفاد من رواية الحلبي «3» فانه يستفاد من التعليل جواز التجريد اذ لا اشكال في أنه يجوز النظر اليها للزوج.

و بعبارة اخري: لا اشكال في جواز النظر اليها بعد موتها فالتعليل بلحاظ حكم غير الزامي و ان شئت قلت: انه يستفاد من الرواية- مع القطع بجواز النظر من الخارج- ان المنع من التجريد ليس الزاميا.

هذا بالنسبة الي الزوج و أما جواز تغسيل الزوجة زوجها مجردا فيدل عليه ما رواه أبو الصباح الكناني «4» فان الرواية صريحة في الجواز بلحاظ التقابل فان ذكر الدرع

في المرأة و عدم ذكره في الرجل مع التعليل باسوئية

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب غسل الميت الحديث: 7

(2) لاحظ ص: 323

(3) لاحظ ص: 321

(4) لاحظ ص: 323

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 326

و سواء وجد المماثل أم لا (1).

______________________________

المنظر في المرأة يدل بالصراحة علي جواز تغسيل المرأة زوجها مجردا و مثلها في الدلالة علي المقصود ما رواه الحلبي «1».

و في قبال هذه طائفة اخري تدل علي المنع لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يموت و ليس عنده من يغسله الا النساء هل تغسله النساء؟ فقال تغسله: امرأته أو ذات محرمه و تصب عليه النساء الماء صبا من فوق الثياب «2» و هذه الرواية ساقطة بالارسال.

و لاحظ ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مات و ليس عنده إلا نساء قال: تغسله امرأة ذات محرم منه تصب النساء عليه الماء و لا تخلع ثوبه و ان كانت امرأة ماتت معها رجال و ليس معها امرأة و لا محرم لها فلتدفن كما هي في ثيابها و ان كان معها ذو محرم لها غسلها من فوق ثيابها «3».

و اطلاق هذه الرواية يقيد بما دل علي الجواز بالنسبة الي زوجته.

(1) نقل عليه الاجماع و يمكن الاستدلال عليه بجملة من النصوص منها:

ما رواه عبد اللّه بن سنان «4» فان المستفاد من هذه الرواية الجواز بالنسبة الي كل من الزوج و الزوجة و السؤال و ان كان مخصوصا بفقد المماثل لكن المستفاد من الجواب الجواز علي الاطلاق و انما المانع لأهل المرأة كراهية نظر الزوج الي ما يكرهون.

______________________________

(1) لاحظ ص: 324

(2) الوسائل الباب 20

من أبواب غسل الميت الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 20 من أبواب غسل الميت الحديث: 9

(4) لاحظ ص: 323

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 327

______________________________

و بعبارة اخري: يستفاد من الرواية بحسب الفهم العرفي ان المانع عرفي خارجي لا شرعي.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن الرجل يغسل امرأته؟

قال: نعم انما يمنعها أهلها تعصبا «1» و التقريب هو التقريب.

و تدل علي المقصود جملة من النصوص بالاطلاق منها: ما رواه محمد بن مسلم «2» و منها: ما رواه سماعة «3» و منها: ما رواه اسحاق بن عمار «4».

و منها: ما رواه الحلبي «5». و عن بعض الاعلام اشتراط فقد المماثل و ذكر في وجه الاشتراط امور: منها ما ورد في تغسيل علي عليه السلام فاطمة عليها السلام «6» من التعليل. و فيه: انه قد مر ان الحديث ضعيف سندا فلا اعتبار به.

و منها: ان بعض النصوص دل بالاطلاق علي اشتراط المماثلة لاحظ ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور «7» و مثله غيره المذكور في الباب 21 من أبواب غسل الميت من الوسائل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب غسل الميت الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 321

(3) لاحظ ص: 321

(4) لاحظ ص: 289

(5) لاحظ ص: 321

(6) لاحظ ص: 322

(7) لاحظ ص: 319

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 328

من دون فوق بين الحرة و الامة و الدائمة و المنقطعة (1) و كذا المطلقة الرجعية اذا كان الموت في أثناء العدة (2).

______________________________

و فيه: ان الاطلاق يقيد بالمقيد كما هو الميزان المقرر. و منها: ما رواه أبو حمزه عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يغسل الرجل المرأة الا أن لا توجد امرأة «1» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن سنان و

مثلها ما رواه أبو بصير «2» و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني.

(1) لإطلاق الدليل و عدم ما يصلح للتقييد.

(2) لان المطلقة الرجعية بمنزلة الزوجة فيترتب علي المعتدة جميع أحكام الزوجة بمقتضي اطلاق دليل التنزيل.

بقي شي ء و ان لم يتعرض له الماتن و هو انه هل يجوز لكل منهما النظر الي عورة الاخر أم لا؟ ربما يقال: بأن مقتضي الاستصحاب الجواز.

و فيه: انه علي فرض جريانه و تمامية اركانه معارض باصالة عدم الجعل الزائد لكن يكفي للجواز استصحاب عدم الحرمة قبل الشرع و أيضا مقتضي أصل البراءة هو الجواز لكن من الواضح ان جريان الاصل العملي يتوقف علي عدم قيام دليل علي المنع و يمكن التمسك باطلاق دليل الجواز فان لكل منهما يجوز النظر الي الاخر و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين حالة الحياة و الموت و لقائل أن يقول: ان الموت يقطع العلقة الزوجية لكن يكفي دليلا علي الجواز السيرة الخارجية.

و ربما يستفاد الجواز من جملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب غسل الميت الحديث: 10

(2) لاحظ ص: 324

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 329

الثالثة: المحارم بنسب أو رضاع أو مصاهرة (1).

______________________________

سنان «1» و دلالته علي المدعي واضحة. و منها: ما رواه أبو الصباح الكناني «2» فان المستفاد من الرواية جواز نظر المرأة الي عورة الرجل و أما الرجل فلا ينظر الي عورة زوجته لكن التعليل المذكور في الرواية يشعر بالكراهة لا بالالزام فلاحظ. و أيضا يستفاد الجواز بالنسبة الي الزوجة من حديث الحلبي «3».

(1) عن جماعة حكاية دعوي الاجماع عليه صريحا و ظاهرا و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه منصور «4» فان مقتضاه جواز التغسيل بالنسبة

الي جميع المحارم النسبية.

و مما يدل علي المطلوب ما رواه زيد الشحام قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة ماتت و هي في موضع ليس معهم امرأة غيرها قال: ان لم يكن فيهم لها زوج و لا ذو رحم دفنوها بثيابها و لا يغسلونها و ان كان معهم زوجها أو ذو رحم لها فليغسلها من غير أن ينظر الي عورتها قال: و سألته عن رجل مات في السفر مع نساء ليس معهن رجل فقال: ان لم يكن فيهن امرأة فليدفن في ثيابه و لا يغسل و ان كان له فيهن امرأة فليغسل في قميص من غير أن تنظر الي عورته «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 323

(2) لاحظ ص: 323

(3) لاحظ ص: 321

(4) لاحظ ص: 321

(5) الوسائل الباب 20 من أبواب غسل الميت الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 330

و الاحوط وجوبا اعتبار فقد المماثل و كونه من وراء الثياب (1).

______________________________

و يلحق بالنسب الرضاع بدليل التنزيل و يستفاد من بعض النصوص جواز التغسيل لمطلق المحرم فيجوز بالمصاهرة أيضا لاحظ ما رواه مفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام جعلت فداك ما تقول في المرأة تكون في السفر مع الرجال ليس فيهم لها ذو محرم و لا معهم امرأة فتموت المرأة ما يصنع بها؟ قال: يغسل منها ما أوجب اللّه عليه التيمم و لا تمس و لا يكشف لها شي ء من محاسنها التي أمر اللّه بسترها قلت: فكيف يصنع بها؟ قال؟

يغسل بطن كفيها ثم يغسل وجهها ثم يغسل ظهر كفيها «1». فانه يستفاد من هذه الرواية ان المحرم يغسل غير المماثل.

(1) في المقام فرعان: الفرع الاول: اشتراط جواز تغسيل غير المماثل من المحارم بعدم

وجود المماثل أو من يكون في حكم المماثل و ما يمكن أن يستدل عليه وجوه:

الاول: اطلاقات ادلة اشتراط المماثلة. و فيه: ان الاطلاقات تقيد بدليل الجواز و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين امكان المماثل و عدمه.

الثاني: انه المشهور بين الاصحاب. و فيه: ان الشهرة الفتوائية لا تترتب عليها فائدة.

الثالث: ما رواه أبو حمزة «2» و فيه: ان سند الرواية ضعيف بمحمد بن سنان و عمل المشهور بها علي فرض تسلمه لا يوجب الاعتبار.

الرابع: ان التقييد بعدم المماثل وقع مورد السؤال في جملة من النصوص

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 328

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 331

______________________________

و الامام عليه السلام قرر السائل لاحظ ما رواه الحلبي «1» و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «2» و ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرجل المسلم يموت في السفر و ليس معه رجل مسلم و معه رجال نصاري و معه عمته و خالته مسلمتان كيف يصنع في غسله؟ قال: تغسله عمته و خالته في قميصه و لا تقربه النصاري و عن المرأة تموت في السفر و ليس معها امرأة مسلمة و معها نساء نصاري و عمها و خالها معها مسلمان قال: يغسلونها و لا تقربنها النصرانية كما كانت تغسلها غير انه يكون عليها درع فيصب الماء من فوق الدرع «3».

و ما رواه زيد الشحام «4» و ما رواه سماعة «5» و ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث في الصبية لا تصاب امرأة تغسلها قال:

يغسلها رجل أولي الناس بها «6».

و بعبارة اخري: لقائل أن يقول: ان الظاهر من

هذه النصوص ان عدم الجواز أمر مفروغ عنه عند السائل و مرتكز في ذهنه و الامام عليه السلام قرره علي هذا الارتكاز.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اذا مات الرجل مع النساء غسلته امرأته و ان لم

______________________________

(1) لاحظ ص: 324

(2) لاحظ ص: 326

(3) الوسائل الباب 20 من أبواب غسل الميت الحديث: 5

(4) لاحظ ص: 329

(5) لاحظ ص: 326

(6) الوسائل الباب 20 من أبواب غسل الميت الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 332

______________________________

تكن امرأته معه غسلته أو لا هن به و تلف علي يديها خرقة «1».

و هذه الرواية من حيث السند لا بأس بها فان النجاشي قال في حق حسن بن علي الواقع في السند: «خير» و يمكن أن يقال: ان الشهادة بالخير أرقي من الشهادة علي الوثاقة فان الخير المطلق يشمل الوثاقة أيضا. لكن ناقشنا في دلالة مثل هذه الجملة علي التوثيق في الجزء الاول من هذا الشرح و قلنا: لا دلالة فيها علي التوثيق و الا فما المانع من أن يقول النجاشي في حق الرجل ثقه فلاحظ.

و أما من حيث الدلالة فحيث ان الزوجة في عرض المماثل أو متأخرة عنه و مع ذلك قدمت في الرواية علي المرأة المنسوبة يعلم ان النوبة لا تصل الي غير المماثل القريب مع وجود المماثل و احتمال خصوصية في الزوجة بعيد.

و بعبارة اخري: لا اشكال في عدم جواز تصدي غير المحارم من المنسوبين غير المماثلين للتغسيل فيدور الامر بين الزوجة و غيرها من المحارم و بحكم الرواية الزوجة مقدمة في الرتبة فالمماثل ما دام موجودا يقدم علي غيره فلاحظ.

الفرع الثاني: كون التغسيل من وراء الثياب

و هذا هو المشهور بين الاصحاب- علي ما يظهر من الكلمات- بل عن مفتاح الكرامة: «انه لم اجد فيه مخالفا» و يستفاد المدعي من الامر به في جملة من النصوص: منها ما رواه عبد الرحمن «2» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال فان لفظ غير واحد لا يخرج

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب غسل الميت الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 326

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 333

[مسألة 244: إذا اشتبه ميت بين الذكر و الأنثي غسله كل من الذكر و الأنثي من وراء الثياب]

(مسألة 244): اذا اشتبه ميت بين الذكر و الانثي غسله كل من الذكر و الانثي من وراء الثياب (1).

______________________________

الخبر عن الارسال. و منها ما رواه عمار «1» و منها: ما رواه سماعة «2».

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل باطلاقها علي عدم الاشتراط لاحظ ما رواه منصور «3» فان المستفاد من الرواية جواز التغسيل و لو مع التجريد عن اللباس غاية الامر يستر العورة بالقاء خرقة و مثله في الدلالة ما رواه الحلبي «4» و مثلهما ما رواه زيد الشحام «5» و حيث ان حمل الامر الظاهر في الوجوب علي الاستحباب بقرينة ما يدل علي عدم الوجوب ليس تاما عندنا لا بد من علاجهما بنحو آخر و لا يبعد أن يقال: ان مقتضي الجمع العرفي حمل ما يدل باطلاقه علي عدم الاشتراط علي التقييد ببركة النصوص المقيدة.

(1) الذي يختلج بالبال في وجه الفتوي المذكورة ان مقتضي الاصل عدم كونه امرأة فيجب تغسيله علي الرجال كما ان مقتضي الاصل عدم كونه ذكرا فيجب تغسيله علي النساء فيجب التغسيل علي كل من القبيلين فانه ببركة الاصل يحرز موضوع الوجوب.

و بعبارة اخري: تغسيل الميت واجب كفائي غاية الامر انه استفيد من الدليل انه لا يجوز تغسيل المرأة للرجال و كذلك العكس و بالاصل

يخرج المشكوك فيه عن عنوان الرجولية و كذلك يحرز عدم كونه امرأة و أما وجه وجوب كون

______________________________

(1) لاحظ ص: 331

(2) لاحظ ص: 326

(3) لاحظ ص: 321

(4) لاحظ ص: 324

(5) لاحظ ص: 329

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 334

[مسألة 245: إذا انحصر المماثل بالكافر الكتابي أمره المسلم أن يغتسل أولا ثم يغسل الميت]

(مسألة 245): اذا انحصر المماثل بالكافر الكتابي أمره المسلم أن يغتسل أولا ثم يغسل الميت (1)

______________________________

التغسيل من وراء الثياب فلان مقتضي الاصل عدم كونه مماثلا.

لكن يمكن أن يقال: ان مقتضي اصالة البراءة عدم الاشتراط فلاحظ.

و بعبارة اخري: لا دليل علي أنه لو لم يكن الميت مماثلا يجب تغسيله من وراء الثوب بل مقتضي اصالة عدم كونه رجلا أو امرأة جواز التغسيل مجردا و اللّه العالم.

(1) نقل عن التذكرة: «انه مذهب علمائنا» و يدل عليه من النصوص ما رواه عمار «1» و ما رواه زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: أتي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نفر فقالوا: ان امرأة توفيت معنا و ليس معنا ذو محرم فقال:

كيف صنعتم؟ فقالوا: صببنا عليه الماء صبا فقال: أو ما وجدتم امرأة من أهل الكتاب تغسلها؟ قالوا: لا قال: أ فلا يمموها «2».

و في المقام ذكرت وجوه من الاشكال: الاول: عدم امكان النية من الكافر و الحال ان العمل العبادي يتوقف علي النية. و فيه: انه لا مانع من أن يقصد و ينوي و عدم تحقق التقرب لفقد بعض الشرائط لا ينافي النية.

الثاني: عدم صلاحية الكافر للتقرب. و فيه: ان عدم صلاحية للتقرب لا يستلزم فوات النية كما تقدم و حصول التقرب لا دليل علي اشتراطه في تحقق الواجب بل الدليل علي خلافه و هو النص المذكور في المقام.

الثالث: ان النص ضعيف فان الراوي في رواية

عمار فطحي و في رواية

______________________________

(1) لاحظ ص: 302

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 335

و الامر هو الذي يتولي النية (1) و الاحوط استحبابا نية كل من الامر و المغسل (2).

و اذا أمكن التغسيل بالماء المعتصم كالكر و الجاري تعين ذلك علي الاحوط (3) الا اذا أمكن أن لا يمس الماء و لا بدن الميت

______________________________

زيد زيدي. و فيه: ان المناط في الحجية كون الراوي ثقة و لا يقدح فساد مذهبه كما هو المقرر.

الرابع: ان الكافر نجس و فاقد الشي ء لا يمكن أن يكون معطيا. و يرد عليه أولا: أن هذا الاشكال يتوقف علي القول بنجاسة الكتابي و هو أول الكلام و ثانيا: انما يتوجه هذا الاشكال فيما لا يمكن تغسيله بالعاصم و ثالثا: ان هذا اجتهاد مقابل النص فانه اي مانع من كون الماء النجس مطهرا للميت عن النجاسة الحدثية و الارتكاز العرفي ليس بحد يوجب رفع اليد عن النص المعتبر.

(1) الظاهر ان الناوي هو الذي يغسل و غيره يحتاج الي دليل و الامر وسيلة التغسيل نعم لو كان الامر من العبادات يجب أن يقصد القربة بامره و عن كشف اللثام: احتمال وجوب القصد من الامر لان الكافر بمنزله الآلة» و هو كما تري.

(2) بناء علي استحباب الاحتياط و خروجا عن شبهة الخلاف.

(3) محافظة علي طهارة الماء و بدن الميت و لا يقدح عدم التعرض لهذه الجهة في النص لإمكان أن يكون لندرة الفرض.

لكن يرد عليه: ان ندرة الفرض أول الاشكال فان التغسيل في البحر و الشط و النحر أمر يمكن فرضه و تحققه مضافا الي أن الميزان هو الاطلاق و هو متحقق فالحكم مبني علي الاحتياط- كما

في المتن-.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 336

فتخير حينئذ بينهما (1) و اذا أمكن المخالف قدم علي الكتابي (2) و اذا أمكن المماثل بعد ذلك أعاد التغسيل (3).

[مسألة 246: إذا لم يوجد المماثل حتي المخالف و الكتابي سقط الغسل]

(مسألة 246): اذا لم يوجد المماثل حتي المخالف و الكتابي سقط الغسل (4) و لكن الاحوط استحبابا تغسيل غير المماثل (5).

______________________________

(1) كما هو الميزان.

(2) يمكن أن يستدل عليه بما دل علي تقديم المسلم علي الكافر لاحظ ما رواه عمار «1»، و يمكن ان يقال: ان المخالف أقرب الي الإسلام من الكتابي.

(3) كما هو الميزان في عدم كون الاتيان بالمأمور به الاضطراري مجزيا عن المأمور به الواقعي فلاحظ.

(4) اذ المفروض انه مشروط بالمماثلة و من الظاهر ان الواجب المشروط لا يجب عند فقدان الشرط.

(5) للأمر به في بعض النصوص لاحظ ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام في رجل مات و معه نسوة ليس معهن رجل قال: يصببن عليه الماء من خلف الثوب و يلففنه في أكفانه من تحت الصدر و يصلين عليه صفا و يدخلنه قبره و المرأة تموت مع الرجال ليس معهم امرأة قال: يصبون الماء من خلف الثوب و يلفونها في أكفانها و يصلون و يدفنون «2».

و مثله ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

______________________________

(1) لاحظ ص: 302

(2) الوسائل الباب 22 من أبواب غسل الميت الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 337

______________________________

المرأة اذا ماتت مع الرجال فلم يجدوا امرأة تغسلها، غسلها بعض الرجال من وراء الثوب و يستحب أن يلف علي يديه (يده) خرقة «1».

بتقريب: ان الجمع بين ما دل علي سقوط الغسل مع فقد المماثل و هذه الطائفة حملها علي الاستحباب لكن هذه الطائفة ليست قابلة للاستناد

لضعف سندها فان الراوي عن جابر في الرواية الاولي عمرو بن شمر و هو لم يوثق و أما الرواية الثانية فهي مخدوشة بابن بنت الياس و لو اغمض عن ضعف السند.

فنقول: مقتضي الجمع بين هذه الطائفة و ما دل علي اشتراط المماثلة الحمل علي الاستحباب لكن هذا مذهب المشهور و لم نرض به فلا بد من التوسل الي طريق آخر و الذي يقتضيه التدبر أن نقول: ما دل من النصوص علي التفصيل بين وجود ذات قرابة و عدمه كحديث زيد الشحام «2» و حديث سماعة «3» فان هذه الطائفة تقيد كلتا الطائفتين اذ هذه الطائفة فصلت بين وجدان ذات محرم و غيره بالحكم بالجواز في الاول و الحرمة في الثاني و بهذا نجمع بين النصوص و اللّه العالم.

و في المقام رواية عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام قال:

اذا مات الرجل في السفر مع النساء ليس فيهن امرأته و لا ذو محرم من نسائه قال: يوزرونه الي ركبتيه و يصيبن عليه الماء صبا و لا ينظرن الي عورته و لا يلمسنه بايديهن و يطهرنه «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) لاحظ ص: 329

(3) لاحظ ص: 326

(4) الوسائل الباب 22 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 338

من وراء الثياب (1) من غير لمس و نظر (2) ثم ينشف بدنه بعد التغسيل قبل التكفين (3).

[مسألة 247: إذا دفن الميت بلا تغسيل عمدا أو خطأ جاز]

(مسألة 247): اذا دفن الميت بلا تغسيل عمدا أو خطأ جاز بل وجب نبشه لتغسيله أو تيممه و كذا اذا ترك بعض الاغسال و لو سهوا أو تبين بطلانها أو بطلان بعضها (4).

كل ذلك اذا لم يلزم مجذور من هتكه (5).

______________________________

و هذه الرواية تدل علي وجوب

الغسل حتي مع عدم ذات محرم لكن الترجيح مع تلك الروايات فان رواية زيد متقدمة زمانا و المتأخر الزماني من المرجحات فلاحظ.

(1) كما نص عليه في بعض النصوص.

(2) حرمة النظر و اللمس لفرض كون المغسل اجنبيا فيكون علي القاعدة لحرمة النظر الي من يحرم حتي بعد الموت مضافا الي النص الدال عليه لاحظ ما رواه زيد «1».

(3) ذكر السيد في عروته انه لاحتمال بقاء النجاسة في بدن الميت و ذكر سيد المستمسك شرحا علي كلام الماتن: «انه لو بقيت النجاسة في بدنه تنجس الكفن و طهارة الكفن من شرائط التكفين» «2» فتأمل.

(4) اذ المفروض ان المأمور به لم يتحقق فالوجوب علي القاعدة لحكم العقل الحاكم في باب الاطاعة فلاحظ.

(5) اذ نبش القبر لا يكون علي حرمته دليل الا الاجماع و القدر المعلوم

______________________________

(1) لاحظ ص: 329

(2) مستمسك العروة ج 4 ص: 97

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 339

______________________________

منه صورة هتك الميت به. و لكن قد دلت جملة من النصوص علي حرمة النبش لاحظ ما رواه حفص بن البختري قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

حد النباش حد السارق «1».

و ما رواه ابراهيم بن هاشم قال: لما مات الرضا عليه السلام حججنا فدخلنا علي أبي جعفر عليه السلام و قد حضر خلق من الشيعه الي أن قال: فقال أو جعفر عليه السلام: سئل أبي عن رجل نبش قبر امرأة فنكحها فقال أبي: يقطع يمينه للنبش و يضرب حد الزنا فان حرمة الميتة كحرمة الحية «2».

و ما رواه محمد بن علي بن الحسين باسناده الي قضايا أمير المؤمنين عليه السلام أنه قطع نباش القبر فقيل له: أ تقطع في الموتي؟ فقال: انا نقطع لأمواتنا كما نقطع لأحيائنا قال:

و اتي بنباش فأخذ بشعره و جلد به الارض و قال: طؤوا عباد اللّه فوطئ حتي مات «3».

و يعارضها ما رواه عيسي بن صبيح قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الطراز و النباش و المختلس قال: لا يقطع «4».

و الترجيح مع الطائفة الاولي للأحدثية فان في الطائفة الاولي ما روي عن أبي جعفر الثاني عليه السلام.

و قال في الجواهر: «يحمل ما يدل علي حرمة النبش علي صورة سرقة الكفن» و الظاهر انه لا وجه لهذا الحمل و رفع اليد عن ظواهر هذه النصوص

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب حد السرقة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) الوسائل الباب 13 من أبواب حد السرقة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 340

______________________________

و لو اغمض عما ذكرنا فالحرمة تدور مدار هتك الميت فان هتكه حرام بالإجماع مضافا الي النصوص الدالة علي أن حرمة الميت كحرمة الحي منها ما رواه عبد اللّه بن محمد الجعفي قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام و جاءه كتاب هشام بن عبد الملك في رجل نبش امرأة فسلبها ثيابها ثم نكحها فان الناس قد اختلفوا علينا: طائفة قالوا: اقتلوه و طائفة قالوا: أحرقوه. فكتب اليه أبو جعفر عليه السلام: ان حرمة الميت كحرمة الحي تقطع يده لنبشه و سلبه الثياب و يقام عليه الحد في الزنا الحديث «1» و هذه الرواية ضعيفة بالجعفي

و منها: ما رواه الحسين بن خالد (عن أبي الحسن عليه السلام) قال:

سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل قطع رأس ميت فقال: ان اللّه حرم منه ميتا كما حرم منه حيا «2» و هذه الرواية ضعيفة بعدم توثيق بعض رواتها بالنصوصية.

و منها: ما

رواه محمد بن سنان عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن رجل قطع رأس رجل ميت؟ قال: عليه الدية فان حرمته ميتا كحرمته حيا «3» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن سنان و الارسال.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قطع رأس الميت؟ قال: عليه الدية لان حرمته ميتا كحرمته و هو حي «4». و لا يبعد أن يكون هذا الخبر معتبرا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب حد السرقة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 24 من أبواب ديات الاعضاء الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 341

او الاضرار ببدنه (1).

______________________________

و منها: ما رواه عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قطع رأس الميت قال: عليه الدية لان حرمته ميتا كحرمته و هو حي «1» و هذه الرواية معتبرة ظاهرا فلا اشكال في حرمة هتك المؤمن الميت بل يستفاد من بعض النصوص المشار اليها انه لا فرق في الحياة و الموت فيترتب أحكام الحي علي الميت بلا فرق بين المؤمن و غيره نعم لا بد من اثبات الحرمة للحي من دليل آخر.

فالنتيجة: انه لا اشكال في حرمة هتك الميت لكن هل يمكن أن يكون هذا وجها لرفع اليد عن الواجب و بعبارة اخري: ان غاية ما في الباب ان المقام يدخل في باب التزاحم و لا بد من اعمال قوانينه و عليه فما وجه الجزم بعدم الجواز في صورة تحقق الهتك بالنبش.

(1) اذ الاضرار ببدنه حرام كحرمته في حياته فانه يستفاد هذا المعني من النصوص المشار اليها. و صفوة القول: ان المستفاد من

مجموع النصوص التي تعرضنا لها ان الميت محترم كالحي فلا يجوز الاضرار به.

نعم الذي يختلج بالبال ان المقام يدخل في كبري باب التزاحم الا أن يقال: ان العناوين الثانوية المأخوذة في لسان الدليل لا يزاحمها العناوين الاولية بل تقدم العناوين الثانوية مضافا الي أن الهتك لو انطبق علي نفس التغسيل لا يمكن ادراج المقام في باب التزاحم بل يدخل في باب التعارض لاجتماع العنوانين علي فعل واحد نعم اذا كان الهتك مترتبا علي النبش لا علي نفس التغسيل يدخل المقام في باب التزاحم فان قلنا بأن دليل التغسيل منصرف عن صورة التزام التغسيل الهتك فهو الا فلا بد من اعمال قانون التزاحم فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 342

[مسألة 248: إذا مات الميت محدثا بالأكبر كالجنابة أو الحيض لا يجب إلا تغسيله غسل ميت]

(مسألة 248): اذا مات الميت محدثا بالاكبر كالجنابة أو الحيض لا يجب الا تغسيله غسل ميت (1)

______________________________

(1) نقل عن العلامة في المنتهي انه قال: «قد أجمع عليه أهل العلم الا الحسن البصري» و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه زرارة «1».

و منها: ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن المرأة اذا ماتت في نفاسها كيف تغسل؟ قال: مثل غسل الطاهر و كذلك الحائض و كذلك الجنب انما يغسل غسلا واحدا فقط «2».

و منها: ما رواه علي عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: سألته عن الميت يموت و هو جنب قال: غسل واحد «3».

و منها ما رواه أبو بصير عن أحدهما عليهما السلام في الجنب اذا مات قال:

ليس عليه إلا غسلة واحدة «4».

و في قبال هذه الطائفة اخري تدل علي خلاف مدلولها لاحظ ما رواه عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اذا مات الميت و هو جنب غسل غسلا واحدا ثم اغتسل بعد ذلك «5».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل مات و هو

______________________________

(1) لاحظ ص: 286

(2) الوسائل الباب 31 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 343

[مسألة 249: إذا كان محرما لا يجعل الكافور في ماء غسله الثاني]

(مسألة 249): اذا كان محرما لا يجعل الكافور في ماء غسله الثاني (1).

______________________________

جنب قال: يغسل غسلة واحدة بماء ثم يغسل بعد ذلك «1».

و ما رواه أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام الرجل يموت و هو جنب قال: يغسل من الجنابة ثم يغسل بعد غسل الميت «2».

و مقتضي القاعدة ترجيح الطائفة الثانية لمخالفتها مع العامة و لكن لو تحقق الاجماع التعبدي الكاشف عن رأي المعصوم عليه السلام فلا مناص عن رفع اليد عن القواعد الاولية كما انه لا مجال للأخذ باصالة البراءة عن وجوب الزائد فانه مع الدليل الاجتهادي لا تصل النوبة الي الاصل كما هو ظاهر للخبير البصير.

(1) ادعي عليه الاجماع و عن المنتهي: «انه ذهب اليه علمائنا اجمع و به قال علي عليه السلام» و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يموت كيف يصنع به؟ قال: ان عبد الرحمن ابن الحسن مات بالابواء مع الحسين عليه السلام و هو محرم و مع الحسين عليه السلام عبد اللّه بن العباس و عبد اللّه بن جعفر و صنع به كما يصنع بالميت و غطي وجهه و لم يمسه طيبا قال:

و ذلك كان في كتاب علي عليه السلام

«3».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن المحرم يموت فقال: يغسل و يكفن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 344

الا أن يكون موته بعد السعي في الحج (1) و كذلك لا يحنط

______________________________

بالثياب كلها و يغطي وجهه و يصنع به كما يصنع بالمحل غير انه لا يمس الطيب «1»

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يموت كيف يصنع به؟ فحدثني أن عبد الرحمن بن الحسن بن علي مات بالابواء مع الحسين بن علي و هو محرم و مع الحسين عبد اللّه بن العباس و عبد اللّه بن جعفر فصنع به كما صنع بالميت و غطي وجهه و لم يمسه طيبا قال:

و ذلك في كتاب علي عليه السلام «2»، و منها غيرها المذكور في الوسائل في الباب 13 من أبواب غسل الميت.

و مقتضي اطلاق هذه النصوص انه لا فرق بين احرام الحج و العمرة علي الاطلاق.

(1) اذ المحرم بعد السعي لا يحرم عليه استعمال الطيب لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا ذبح الرجل و حلق فقد أحل من كل شي ء أحرم منه الا النساء و الطيب فاذا زار البيت و طاف و سعي بين الصفا و المروة فقد أحل من كل شي ء أحرم منه الا النساء و اذا طاف طواف النساء فقد أحل من كل شي ء أحرم منه الا الصيد «3».

فعليه لو كان موته بعد السعي لا يحرم و الوجه في هذا التخصيص مع ان الكلام في الميت انه يستفاد من نصوص المقام

بحسب الفهم العرفي ان الحكم الجاري علي الحي يجري علي الميت أيضا بذلك النحو.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب الحلق و التقصير الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 345

بالكافور (1) بل لا يقرب اليه طيب آخر (2) و لا يلحق، به المعتدة للوفاة و المعتكف (3).

[مسألة 250: يجب تغسيل كل مسلم حتي المخالف]

(مسألة 250): يجب تغسيل كل مسلم حتي المخالف (4).

______________________________

(1) لإطلاق النصوص مضافا الي التصريح في بعضها لاحظ ما رواه أبو مريم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: خرج الحسين بن علي عليه السلام و عبد اللّه و عبيد اللّه ابنا العباس و عبد اللّه بن جعفر و معهم ابن للحسن يقال له عبد الرحمن فمات بالابواء و هو محرم فغسلوه و كفنوه و لم يحنطوه و خمروا وجهه و رأسه و دفنوه «1».

و ما رواه أبو حمزة «2» و ما رواه أبو مريم «3»، اضف الي ذلك الاجماع المدعي في المقام.

(2) لإطلاق النصوص و التصريح بالحنوط في بعضها يدل علي حرمة في الكافور بالاولوية مضافا الي دعوي الاجماع.

(3) من حيث تحريم الطيب عليهما للأصول و العمومات و بطلان القياس عندنا و بطلان الاعتداد و الاعتكاف بالموت كما هو واضح.

(4) ما يمكن أن يذكر في وجهه امور: الاول: الاجماع فانه نقل عن التذكرة الاجماع علي وجوب تغسيل كل مسلم. و يرد عليه أولا: انه نقل عن المفيد و الشيخ انكار وجوبه و ثانيا: علي فرض تحصيل الاجماع يكون محتمل المدرك فلا يكون حجة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب غسل الميت الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 346

عدا صنفين: الاول: الشهيد المقتول في المعركة

مع الامام (1).

______________________________

الثاني: استصحاب وجوب اجراء أحكام الإسلام عليه فان المخالف في حال حياته يجري عليه أحكام الإسلام و الان كما كان. و يرد عليه ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي يعارضه الاصل الجاري في أصل الجعل و هي اصالة عدم الجعل الزائد.

الثالث: السيرة. و فيه: ان تحقق السيرة و استمرارها الي زمانهم و امضائهم عليهم السلام مع عدم التقية أول الاشكال.

الرابع: ان الصلاة عليه واجبة فتغسيله أيضا واجب لعدم القول بالفصل.

و فيه: ان عدم القول بالفصل غير الاجماع و الحال ان الاجماع فيه ما فيه.

الخامس: جملة من النصوص: منها: ما رواه سماعة «1» و نوقش في الاستدلال به بأنه في مقام بيان أصل التشريع فلا عموم له و ليس له اطلاق.

و هو كما تري فإنه لا نري مانعا من الاطلاق و لذا لا مجال لان يقال: ان المتيقن منه هو العادل.

و بعبارة اخري: كما أن اطلاقه يقتضي وجوب غسل العادل و الفاسق كذلك مقتضاه وجوب تغسيل غير الاثني العشري من المخالف و غيره من فرق الشيعة فلاحظ.

(1) ادعي عليه الاتفاق و لا يبعد أن يكون المراد من الامام أعم من النّبيّ صلي اللّه عليه و آله فانه صلي اللّه عليه و آله امام ما دام حيا حتي للإمام بعده كرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بالنسبة الي امير المؤمنين عليه السلام.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه أبان بن تغلب قال:

______________________________

(1) لاحظ ص: 297

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 347

أو نائبه الخاص (1) أو في حفظ بيضة الإسلام (2).

و يشترط فيه أن يكون خروج روحه في المعركة قبل انقضاء الحرب أو بعدها بقليل و لم يدركه المسلمون و به رمق (3)

فاذا ادركه

______________________________

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الذي يقتل في سبيل اللّه أ يغسل و يكفن و يحنط؟

قال: يدفن كما هو في ثيابه الا أن يكون به رمق (فان كان به رمق) ثم مات فانه يغسل و يكفن و يحنط و يصلي عليه لان رسول اللّه عليه و آله صلي علي حمزة و كفنه و حنطه لأنه كان قد جرد «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: كيف رأيت الشهيد يدفن بدمائه؟ قال: نعم في ثيابه بدمائه و لا يحنط و لا يغسل و يدفن كما هو «2».

و منها: ما رواه أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

الذي يقتل في سبيل اللّه يدفن في ثيابه و لا يغسل الا ان يدركه المسلمون و به رمق ثم يموت بعد فانه يغسل و يكفن و يحنط «3».

(1) نقل عن مجمع البرهان انه المشهور و يقتضيه الاطلاق المستفاد من النصوص المشار اليها.

(2) كما هو مقتضي الاطلاق فانه من القتل في سبيل اللّه بلا اشكال.

(3) المذكور في حديث ابان «4» تعليق سقوط الغسل علي عدم بقائه

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 347

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب غسل الميت الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) لاحظ ص: 346

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 348

المسلمون و به رمق غسل علي الاحوط وجوبا (1) و اذا كان في المعركة مسلم و كافر و اشتبه أحدهما بالاخر وجب الاحتياط بتغسيل كل منها و تكفينه و دفنه (2).

الثاني من وجب قتله

برجم أو قصاص فانه يغتسل غسل الميت المتقدم تفصيله و يحنط و يكفن كتكفين الميت ثم يقتل فيصلي عليه و يدفن بلا تغسيل (3).

______________________________

بعد تحقق سبب شهادته و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين ادراك المسلمين حياته و عدمه و مقتضي حديث ابان الثاني «1» تعليق السقوط علي عدم ادراك المسلمين حياته و رمقه و لا يبعد ان مقتضي الفهم العرفي تقييد الرواية الاولي بهذه الرواية فالنتيجة: المناط في سقوط الغسل عدم ادراك المسلمين حياته و رمقه فلاحظ.

(1) بل علي الاظهر.

(2) للعلم الإجمالي المنجز للأطراف.

(3) قال في الحدائق: «لا خلاف فيه و نقل عن الذكري أنه قال: «لا نعلم فيه مخالفا من الاصحاب».

و يدل عليه من النصوص ما رواه مسمع كردين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المرجوم و المرجومة يغسلان و يحنطان و يلبسان الكفن قبل ذلك ثم يرجمان و يصلي عليهما و المقتص منه بمنزلة ذلك يغسل و يحنط و يلبس الكفن (ثم يقاد) و يصلي عليه «2»

و الحديث ضعيف سندا فان تم الاجماع التعبدي الكاشف و الا فالانصاف

______________________________

(1) لاحظ ص: 347

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 349

[مسألة 251: مستحبات تغسيل الميت]

(مسألة 251). قد ذكروا للتغسيل سننا مثل أن يوضع الميت في حال التغسيل علي مرتفع (1) و أن يكون تحت الظلال (2).

و أن يوجه الي القبلة (3) كحالة الاحتضار (4) و أن ينزع قميصه

______________________________

ان رفع اليد عن القواعد بمثل هذه الرواية الضعيفة في غاية الاشكال- كما في الحدائق- و لذا هو قدس سره احتاط باعادة الغسل بعد القتل و اللّه العالم.

(1) ادعي عليه الاجماع و يمكن الاستدلال عليه بما ارسله يونس قال فيه:

«اذا أردت غسل الميت فضعه

علي المغتسل مستقبل القبلة «1» و لا يخفي ان الحديث ضعيف و التسامح في ادلة السنن غير تام عندنا.

(2) كما يدل عليه ما رواه علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الميت هل يغسل في الفضاء؟ قال: لا بأس و ان ستر بستر فهو أحب الي «2».

و ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام: ان أباه كان يستحب ان يجعل بين الميت و بين السماء سترا يعني: اذا غسل «3».

(3) كما حديث يونس «4».

(4) كما في حديث سليمان بن خالد «5» فان المستفاد من هذا الحديث لزومه و يمكن الجمع بين هذا الحديث و ما رواه يعقوب بن يقطين قال: سألت

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) لاحظه قبل اسطر

(5) لاحظ ص: 271

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 350

من طرف رجليه (1).

و ان استلزم فتقه (2) بشرط اذن الوارث (3) و الاولي أن يجعل

______________________________

أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الميت كيف يوضع علي المغتسل موجها وجهه نحو القبلة أو يوضع علي يمينه و وجهه نحو القبلة؟ قال: يوضع كيف تيسر فاذا طهر وضع كما يوضع في قبره «1»، بحمل المطلق علي المقيد فان غاية ما يستفاد من حديث يعقوب الاطلاق و المطلق يحمل علي المقيد.

(1) كما في رواية عبد اللّه بن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

كيف أصنع بالكفن؟ قال: تؤخذ خرقة فيشد بها علي مقعدته و رجليه قلت:

فالإزار؟ قال: لا انها لا تعد شيئا انما تصنع لتضم ما هناك لئلا يخرج منه شي ء و ما يصنع من القطن

أفضل منهما ثم يخرق القميص اذا غسل و ينزع من رجليه قال: ثم الكفن قميص غير مزرور و لا مكفوف و عمامة يعصب بها رأسه و يرد فضلها علي رجليه «2».

(2) كما صرح في الخبر.

(3) لحرمة التصرف في مال الغير لا يقال: بين الدليلين عموم من وجه فلا وجه لتقديم أحدهما علي الاخر بغير مرجح فانه يقال: الضابط الكلي انه لا يقع التعارض بين العناوين الاولية و الثانوية بل العناوين الثانوية تقدم بحسب الفهم العرفي فانه لو دل دليل علي جواز أكل التفاح و في دليل آخر ثبت حرمة الغصب يحكم بحرمة أكل التفاح المغصوب و العرف ببابك.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب التكفين الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 351

ساترا لعورته (1) و أن تلين أصابعه برفق (2).

______________________________

(1) كما في حديث يونس قال فيه: «و اجمع قميصه علي عورته «1».

(2) عن المعتبر: «انه مذهب أهل البيت» و عن الخلاف: «انه اجماع الفرقة و عملهم علي استحباب تلين؟؟؟ اصابع الميت».

و يدل عليه خبر الكاهلي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل الميت فقال: استقبل بباطن (ببطن) قدميه القبلة حتي يكون وجهه مستقبل القبلة ثم تلين مفاصله فان امتنعت عليك فدعها ثم ابدأ بفرجه بماء السدر و الحرض فاغسله ثلاث غسلات و أكثر من الماء فامسح بطنه مسحا رفيقا ثم تحول الي رأسه و ابدأ بشقه الايمن من لحيته و رأسه ثم ثن بشقه الايسر من رأسه و لحيته و وجهه فاغسله برفق و اياك و العنف و اغسله غسلا ناعما ثم اضطجه علي شقه الايسر ليبدو لك الايمن ثم اغسله من قرنه الي قدميه

و امسح يدل علي ظهره و بطنه ثلاث غسلات ثم رده علي جانبه الايمن ليبدو و لك الايسر فاغسله بماء من قرنه الي قدميه و امسح يدك علي ظهره و بطنه ثلاث غسلات بماء الكافور و الحرض و امسح يدك علي بطنه مسحا رفيقا ثم تحول الي رأسه فاصنع كما صنعت أو لا بلحيته ثم من جانبيه كليهما و رأسه و وجهه بماء الكافور ثلاث غسلات ثم رده الي الجانب الايسر حتي يبدو لك الايمن ثم اغسله من قرنه الي قدميه (و امسح يدك علي ظهره و بطنه) ثلاث غسلات ثم ترده (رده) الي جانب الايمن حتي يبدو لك الايسر فاغسله من قرنه الي قدميه ثلاث غسلات و ادخل يدك تحت منكبيه و ذراعيه و يكون الذراع و الكف مع جنبه كلما غسلت شيئا منه أدخلت يدك تحت منكبيه و في باطن ذراعيه ثم رده علي ظهره ثم اغسله بماء قراح كما صنعت أولا تبدأ بالفرج ثم تحول الي الرأس و اللحية و الوجه حتي تصنع كما صنعت أولا بماء قراح ثم

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 352

و كذا جميع مفاصله (1) و أن يغسل رأسه برغوة السدر (2) و فرجه

______________________________

ازره بالخرقة و يكون تحته القطن تذفره به اذفارا قطنا كثيرا ثم تشد فخذيه علي القطن بالخرقة شدا شديدا حتي لا تخاف أن يظهر شي ء و اياك أن تقعده أو تغمز بطنه و اياك أن تحشو في مسامعه شيئا فان خفت أن يظهر من المنخرين شي ء فلا عليك أن تصير ثم قطنا و ان لم تخف فلا تجعل فيه شيئا و لا تخلل أظفاره و كذلك غسل

المرأة «1».

و يمكن الجمع بين هذا الخبر و ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كره أن يقص من الميت ظفر او يقص له شعر أو يحلق له عانته أو يغمز له مفصل «2» و ما رواه حمران بن اعين قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا غسلتم الميت منكم فارفقوا به و لا تعصروه و لا تغمزوا و له مفصلا «3» فانه قيد الحكم في خبر الكاهلي بعدم الامتناع لكن عمدة الاشكال ان خبر الكاهلي ضعيف سندا و خبر حمران بن أعين معتبر ظاهرا و اللّه العالم. و يدل علي المدعي بالنسبة الي الاصابع ما في الفقه الرضوي: «ولين مفاصله «4».

(1) الكلام فيها هو الكلام فلاحظ.

(2) باتفاق فقهاء أهل البيت كما عن المعتبر و يدل علي المقصود ما في مرسل يونس من قوله: «ثم اغسل رأسه بالرغوة» «5».

______________________________

(1) المصدر السابق الحديث. 5

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب غسل الميت الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) مستدرك الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

(5) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 353

بالاشنان (1) و أن يبدأ بغسل يديه الي نصف الذراع في كل غسل ثلاث مرات (2).

ثم بشق رأسه الايمن ثم الايسر (3) و يغسل كل عضو ثلاثا في كل غسل (4) و يمسح بطنه في الاوليين (5) الا الحامل التي مات ولدها

______________________________

(1) كما في حديث الكاهلي المتقدم ذكره «1» و لكن المذكور فيه «بالسدر و الحرض» اي الاشنان كما أن المذكور في الجواهر كذلك فلاحظ.

(2) كما في حديث يونس قال: «ثم اغسل يديه ثلاث مرات كما يغسل الانسان من الجنابة

الي نصف الذراع» «2».

(3) كما في حديث الكاهلي «3».

(4) كما في الفقه الرضوي «4» كما انه تدل علي المقصود حديث الكاهلي «5» فلاحظ.

(5) لما في رواية الكاهلي «6» و حذرا من خروج شي ء بعد الغسل أضف الي ذلك دعوي الاجماع عليه في الغنية و المعتبر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 351

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 351

(4) المستدرك الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

(5) لاحظ ص: 351

(6) لاحظ ص: 351

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 354

في بطنها فيكره ذلك (1) و أن يقف الغاسل علي الجانب الايمن للميت (2) و أن يحفر للماء حفيرة (3) و ان ينشف بدنه بثوب نظيف أو نحوه (4)

______________________________

(1) كما عن بعض الاساطين حذرا من الاجهاض و لخبر أم أنس بن مالك أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: اذا توفيت المرأة فارادوا أن يغسلوها فليبدءوا ببطنها فلتمسح مسحا رفيقا ان لم تكن حبلي فان كانت حبلي فلا تحركها «1» فان النبي صلي اللّه عليه و آله نهي عن مسح بطن الحامل و مقتضي ظهور النهي في الحرمة حرمته لكن الخبر ضعيف سندا.

(2) ادعي عليه الاجماع و الظاهر انه لا نص عليه و قاعدة التسامح ليست تامة عندنا.

(3) كما دل عليه ما رواه سليمان بن خالد «2» و لا بأس بجعله في البالوعة لما في خبر محمد بن الحسن الصفار كتب الي أبي محمد عليه السلام: هل يجوز أن يغسل الميت و ماؤه الذي يصب عليه يدخل الي بئر كنيف؟ فوقع عليه السلام: يكون ذلك في بلاليع «3».

(4) كما في جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال

فيه: «حتي اذا فرغت من ثلاث غسلات جعلته في ثوب نظيف ثم جففته» «4» و منها: مرسلة يونس قال فيها: «ثم تنشفه بثوب طاهر» «5»

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 271

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 355

و ذكروا أيضا انه يكره اقعاده حال الغسل (1)

و ترجيل شعره (2) و قص أظافره (3) و جعله بين رجلي الغاسل (4)

______________________________

و منها ما رواه عمار بن موسي قال فيه: ثم تجففه بثوب نظيف» «1».

(1) عن الخلاف: انه مورد اجماع الفرقة و يدل عليه من النصوص ما في خبر الكاهلي «2» و يعارضه ما في رواية الفضل بن عبد الملك «3» و تركه باحتمال كونه مكروها، طريق الاحتياط.

(2) ادعي علي كراهته الاجماع.

(3) و قد صرح به في حديث طلحة «4» و يمكن الاستدلال عليه باطلاق قوله في حديث عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الميت يكون عليه الشعر فيحلق عنه أو يقلم (ظفره) قال: لا يمس منه شي ء اغسله و ادفنه «5».

(4) ففي حديث عمار المذكور في المعتبر «لا يجعل الميت بين رجليه» «6».

و يدل علي الجواز في الجملة ما رواه الشيخ في التهذيب عن العلاء بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس أن تجعل الميت بين رجليك و أن تقوم من فوقه فتغسله اذا قلبته يمينا و شمالا تضبطه برجليك كيلا يسقط لوجهه «7».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) لاحظ ص: 351

(3) لاحظ ص: 281

(4) لاحظ ص: 352

(5) الوسائل الباب

11 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

(6) الحدائق ج 3 ص: 470

(7) التهذيب ج 1 ص: 447 الحديث 1448

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 356

و ارسال الماء في الكنيف (1) و حلق رأسه (2) أو عانته (3).

______________________________

(1) لا يبعد أن يستفاد من حديث الصفار «1» و لما في الفقه الرضوي:

و لا يجوز أن يدخل الماء ما ينصب عن الميت من غسل في كنيف و لكن يجوز أن يدخل في بلاليع لا يبال فيها «2».

اضف الي ذلك ما عن الذكري من قول الشهيد انا أجمعنا علي كراهية ارسال الماء في الكنيف دون البالوعة.

(2) قد نهي عنه في بعض النصوص لاحظ ما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يمس عن الميت شعر و لا ظفر و ان سقط منه شي ء فاجعله في كفنه «3» و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «4».

و لا يبعد اعتبار خبر عبد الرحمن فيحرم الا أن يدل علي الجواز دليل و الاحتياط طريق النجاة.

(3) كما صرح به في خبر غياث عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كره أمير المؤمنين عليه السلام أن يحلق عانة الميت اذا غسل أو يقلم له ظفرا أو يجز له شعر «5» مضافا الي الاطلاق المستفاد من خبر عبد الرحمن «6» أضف الي ذلك التصريح به في خبر أبي الجارود أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يتوفي أ تقلم أظافيره و تنتف ابطاه و تحلق عانته ان طالت به من المرض؟

______________________________

(1) لاحظ ص: 354

(2) المستدرك الباب 25 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 355

(5)

الوسائل الباب 11 من أبواب غسل الميت الحديث: 2

(6) لاحظ ص. 355

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 357

و قص شاربه (1) و تقليل ظفره (2) و غسله بالماء الساخن بالنار (3) أو مطلقا (4)،

______________________________

فقال: لا «1» و الرواية معتبرة برواية الشيخ قدس سره فلا يمكن الجزم بالجواز ان لم يكن الاقوي الحرمة.

(1) كما تدل عليه جملة من النصوص لاحظ ما رواه ابن أبي عمير و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه و ما رواه طلحة بن زيد «2».

(2) لم اجد عليه نصا و سيد العروة عده في عداد المكروهات و عن الخلاف:

«انه لا يجوز تقليم اظافير الميت و لا تنظيفها من الوسخ بالخلال» الي آخر كلامه.

و يمكن أن يستفاد الحكم من الاطلاق المستفاد الثابت في جملة من النصوص فان قوله عليه السلام: لا يمس منه شي ء يدل علي المطلوب و اللّه العالم.

(3) قد دلت عليه جملة من النصوص: منها ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: لا يسخن الماء للميت «3» و منها: ما رواه عبد اللّه بن المغيرة عن رجل عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا: لا يقرب الميت ماء حميما «4» و منها: ما رواه يعقوب بن يزيد عن عدة من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يسخن للميت الماء «5».

(4) كما هو مقتضي الاطلاق المستفاد من بعض نصوص الباب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب غسل الميت الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 355 و 356 و 352

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 358

الا مع الاضطرار (1) و التخطي

عليه حين التغسيل (2).

[الفصل الثالث في التكفين]
اشارة

الفصل الثالث في التكفين يجب تكفين الميت بثلاثة أثواب (3).

______________________________

(1) اذا لضرورات تبيح المحذورات و يدل عليه ما ارسله الصدوق قال:

و روي في حديث آخر: الا أن يكون شتاء باردا فتوقي الميت مما توقي منه نفسك «1».

و يدل عليه أيضا ما في الفقه الرضوي و لا يسخن له ماء الا أن يكون ماء باردا جدا فتوقي الميت مما توقي منه نفسك و لا يكون الماء حارا شديد الحرارة و ليكن فاترا «2».

(2) يمكن أن يكون الوجه فيه ان التخطي يستلزم جعل الميت بين رجليه و قد نهي عنه في حديث عمار حيث قال عليه السلام «لا يجعل الميت بين رجليه» «3».

(3) ادعي عليه الاجماع من القدماء و المتأخرين و قال في الحدائق: «انه لا مخالف في المسألة إلا سلار حيث اكتفي بثوب واحد اختيارا» «4».

و يدل علي القول المشهور ما رواه سماعة قال: سألته عما يكفن به الميت قال: ثلاثة أثواب و انما كفن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في ثلاثة أثواب:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) المستدرك الباب 10 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(3) الحدائق ج 3 ص 4700

(4) الحدائق ج 4 ص 15

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 359

______________________________

ثوبين صحاريين و ثوب حبرة و الصحارية تكون باليمامة و كفن أبو جعفر عليه السلام في ثلاثة أثواب «1».

و أيضا يدل علي المدعي ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال يكفن الرجل في ثلاثة أثواب و المرأة اذا كانت عظيمة في خمسة درع و منطق و خمار و لفافتين «2».

و تؤيد المدعي جملة من النصوص لاحظ الروايات في الباب «2» من أبواب التكفين من الوسائل الحديث:

(7) و 12).

و مستند سلار ما رواه زرارة قال: قلت: لأبي جعفر عليه السلام: العمامة للميت من الكفن؟ قال: لا انما الكفن المفروض ثلاثة أثواب أو ثوب تام لا أقل منه يواري فيه جسده كله فما زاد فهو سنة الي أن يبلغ خمسة فما زاد فمبتدع و العمامة سنة «3».

و يرد عليه: أولا ان نسخ الرواية مختلفة فان سيد المستمسك نقل ان الرواية في الكافي و بعض نسخ التهذيب ذكرت بالواو و يترتب عليه وجوب اربعة أكفان و لا قائل بها.

و ثانيا: انه علي طبق كلام سيد المستمسك انه في أكثر نسخ التهذيب اسقط لفظ العاطف و المعطوف.

و ثالثا: انه قال في المستمسك أيضا انه عن أكثر النسخ المعتبرة اسقاط حرف العطف كلية «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب التكفين الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) مستمسك العروة ج 4 ص: 148

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 360

الاول: المئزر (1).

______________________________

و رابعا: ان السيرة الجارية تقتضي قول المشهور و مع الاغماض عن جميع ما ذكرنا نقول: يقع التعارض بين هذا الخبر و بقية الاخبار فلا بد من العلاج و حيث ان تلك الطائفة تخالف قول العامة يكون الترجيح معها قال في الحدائق في هذا المقام: «و احتمل في الذكري حمل الخبر المذكور علي التقية فان معظمهم علي الاجتزاء بثوب واحد و اللّه العالم».

(1) هذا هو المشهور فيما بين القوم و عن الخلاف و الغنية الاجماع عليه و عن الأردبيلي التأمل في مستنده و عن المدارك عدم الوقوف علي مستنده.

و يمكن الاستدلال علي القول المشهور بما رواه عبد اللّه بن سنان «1» بتقريب: ان السؤال الثاني ظاهر في أن الازار يكفي عن الخرقة و

الامام عليه السلام أجابه بأن الخرقة لا تعد من الاكفان و لا يترتب الاثر المترتب عليها علي الازار و من توهم السائل و تقرير الامام عليه السلام يفهم ان الازار من أجزاء الكفن و يكون المراد منه المئزر اذ لو كان المراد به اللفافة الشاملة لم يكن وجه لكفايتها عن الخرقة لعدم المناسبة بينهما فيفهم من الحديث ان الازار من أجزاء الكفن و الظاهر ان الازار هو المئزر بحكم اللغة كما في «المنجد».

و يدل علي المدعي ما ورد من النصوص في موارد مختلفة:

لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان- في كيفية حج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله- قال: فلما نزل الشجرة أمر الناس بنتف الإبط و حلق العانة و الغسل و التجرد في ازار و رداء أو ازار و عمامة يضعها علي عاتقه لمن لم يكن له رداء «2».

______________________________

(1) لاحظ ص: 350

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب اقسام الحج الحديث 15

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 361

______________________________

و لاحظ ما رواه سعيد الاعرج انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يعقد ازاره في عنقه؟ قال: لا «1».

و لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال.

المحرم لا يصلح له أن يعقد ازاره علي رقبته و لكن يثنيه علي عنقه و لا يعقده «2».

و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الحمام فقال: ادخله بازار «3».

و لاحظ ما رواه سعد ان بن مسلم قال: كنت في الحمام في البيت الاوسط فدخل علي أبو الحسن عليه السلام و عليه النورة و عليه ازار فوق النورة «4».

و لاحظ ما رواه سدير قال: دخلت أنا و

أبي و جدي و عمي حماما بالمدينة فاذا رجل في البيت المسلخ فقال لنا: من القوم؟ الي أن قال: ما يمنعكم من الازار الي أن قال: فسألنا عن الرجل فاذا هو علي بن الحسين عليهما السلام «5».

و لاحظ ما رواه حماد بن عيسي عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام قال: قيل له: ان سعيد بن عبد الملك يدخل مع جواريه الحمام قال: و ما بأس اذا كان عليه و عليهن الازار لا يكونون عراة كالحمر ينظر بعضهم الي سوأة بعض «6»

______________________________

(1) الوسائل الباب 53 من أبواب تروك الاحرام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب آداب الحمام الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) الوسائل الباب 12 من أبواب آداب الحمام الحديث. 10

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 362

______________________________

فلا اشكال في أن المراد من الازار هو المئزر فيدل حديث ابن سنان المتقدم ذكره آنفا علي المطلوب.

و مما يدل علي المدعي ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يكفن الميت في خمسة أثواب: قميص لا يزر عليه و ازار و خرقة يعصب بها وسطه و برد يلف فيه و عمامة يعتم بها و يلقي فضلها علي صدره «1».

و هذه الرواية تدل علي المدعي باعتبار انه عبر فيها عن احدي قطعات الكفن بالازار و قلنا: ان الازار هو المئزر مضافا الي أنه جعل الازار في مقابل القميص و اللفافة اذ لو كان المراد بالازار ما يلف به كان المناسب في التعبير ان يعبر بلفافتين و لكن الرواية من حيث السند مخدوشة و ليس الامر في سهل بسهل.

و مما يؤيد المدعي ما رواه محمد بن

مسلم «2» فان المنطق- علي ما في اللغة- هو ما يشد في الوسط فهو المئزر لاحظ ما أفاده سيد المستمسك في هذا المقام في المستمسك ج 4 ص (150).

و مما يدل علي المدعي أيضا ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الميت فذكر حديثا يقول فيه: ثم تكفنه. تبدأ و تجعل علي مقعدته شيئا من القطن و ذريرة تضم فخذيه ضما الي أن قال: ثم الازار طولا حتي يغطي الصدر و الرجلين «3» فانه عبر فيها بلفظ الازار مضافا الي الصراحة في عدم ارادة ما يشمل البدن من الازار فان المستفاد من مجموع هذه النصوص ان إحدي قطعات الكفن هي المئزر اضف الي ذلك كله السيرة

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب التكفين الحديث: 13

(2) لاحظ ص: 359

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب التكفين الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 363

و يجب أن يكون ساترا ما بين السرة و الركبة (1) الثاني: القميص (2)

______________________________

العملية من المتشرعة مع كثرة اهتمامهم بهذه الامور.

(1) و هو المنسوب الي الاصحاب، علي ما نقل عن الحدائق، و عن جامع المقاصد اعتبار سترها و قيل في وجه كفاية ستر ما بين السرة و الركبة، صدق الاتزار مضافا الي اصالة البراءة عن الزائد لكن المستفاد من حديث عمار «1»، وجوب ستر الصدر و القدمين و يشكل رفع اليد عن ظهور الرواية في الوجوب و كونها حاكمة علي بقية المطلقات الا أن يقال: ان السيرة الجارية الكاشفة تقتضي عدم الوجوب.

(2) نقل عليه الاجماع و تدل عليه جملة من النصوص فان لفظ القميص ذكر في عدة نصوص:

منها: ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال: بعد ذكر الازار- ثم القميص «2»، و لا يمكن رفع اليد بما رواه سهل قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الثياب التي يصلي فيها الرجل و يصوم أ يكفن فيها؟ قال:

احب ذلك الكفن يعني قميصا قلت: يدرج في ثلاثة أثواب؟ قال: لا بأس به و القميص احب الي «3»، و بما ارسله الصدوق قال و سئل موسي بن جعفر عليه السلام عن الميت أ يكفن في ثلاثة أثواب بغير قميص؟ قال: لا بأس بذلك و القميص احب الي «4» لضعفهما سندا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 362

(2) الوسائل الباب: 14 من أبواب التكفين الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب التكفين الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 364

و يجب أن يكون ساترا ما بين المنكبين الي نصف الساق (1) الثالث: الازار و يجب أن يغطي تمام البدن (2) و الاحوط وجوبا في كل واحد منها أن يكون ساترا لما تحته.

______________________________

(1) القميص مرادف للفظ «پيراهن» في اللغة الفارسية و لا اشكال في أن المحكم في المفاهيم هو العرف و التحديد بهذا الحد، الظاهر انه لا وجه له و قيل في وجهه: انه المتعارف في ذلك الزمان، و لكن علي فرض تسلمه لا يقتضي التعين و اللّه العالم.

(2) نقل عليه عدم الخلاف و النصوص وافية باثبات المدعي لاحظ ما رواه حمران بن أعين قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام الي أن قال: فقلت: فالكفن فقال: يؤخذ خرقة فيشد بها سفله و يضم فخذيه بها ليضم ما هناك و ما يصنع من التقطن أفضل ثم يكفن بقميص و لفافة و برد يجمع فيه الكفن «1».

و لاحظ ما رواه أبو مريم الانصاري قال: سمعت أبا

جعفر عليه السلام يقول:

كفن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في ثلاثة أثواب: بردا حبرة و ثوبين أبيضين (أبيضين) صحاريين الي أن قال: و قال ان الحسن بن علي عليه السلام كفن اسامة بن زيد في برد أحمر حبرة و ان عليا عليه السلام كفن سهل بن حنيف في برد أحمر حبرة «2» و غيرهما من الروايات.

و هل يجب زيادته طولا بحيث يمكن شده؟- كما عن جامع المقاصد- و أيضا هل يجب زيادته عرضا بحيث يوضع أحد جانبيه علي الاخرام لا؟ الحق أنه لا دليل علي التقييد و مقتضي الاطلاق الكفاية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب التكفين الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب التكفين الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 365

غير حاك عنه و ان حصل الستر بالمجموع (1).

[مسألة 252: لا بد في التكفين من إذن الولي]

(مسألة 252): لا بد في التكفين من اذن الولي علي نحو ما

______________________________

(1) ما يمكن أن يذكر في وجهه امور: الاول: الاجماع علي اعتبار كون الكفن مما يصلي فيه. و فيه: - مضافا الي عدم اعتبار الاجماع المنقول- أن شموله لما نحن فيه محل الكلام.

الثاني تبادر هذا المعني من الادلة- كما في الحدائق-. و فيه: أنه ليس الامر كذلك و لا شاهد علي هذه الدعوي.

الثالث: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال: انما امر أن يكفن الميت ليلقي ربه عز و جل طاهر الجسد و لئلا تبدو عورته لمن يحمله أو يدفنه «1» بتقريب: أن المستفاد من الحديث وجوب الستر.

و فيه: أولا أن السند ضعيف و ثانيا: أن المذكور فيه حكمة الجعل و الحكمة لا توجب تضييق الحكم كما هو المقرر و ثالثا: أنه يمكن حصول هذا الغرض بمجموع القطعات الثلاث فلا

دليل علي هذا الاشتراط في كل واحدة منها.

الرابع ما رواه زرارة «2» بتقريب: ان المذكور في الخبر ان الكفن الواجب ما يواري بدن الميت. و فيه أولا: أن المتبادر من الحديث أن الكفن لا بد أن يكون مواريا للبدن بحيث لا يبقي من البدن خارجا عن الكفن فلا يرتبط بالمقام و ثانيا: أن المواراة يمكن أن تحصل بمجموع القطعات لا كل واحدة منها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب التكفين.

(2) لاحظ ص: 359

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 366

تقدم في التغسيل (1) و لا يعتبر فيه نية القربة (2).

[مسألة 253: اذا تعذرت القطعات الثلاث فالاحوط الاقتصار علي الميسور]

(مسألة 253): اذا تعذرت القطعات الثلاث فالاحوط الاقتصار علي الميسور (3) فاذا دار الامر بينها يقدم الازار و عند الدوران بين المئزر و القميص يقدم القميص و ان لم يكن إلا مقدار ما يستر العورة

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون المدرك هو الاجماع المدعي علي التسوية بين الصلاة علي الميت و غيرها من الامور الراجعة اليه بدعوي تحقق الولاية بالنسبة الي الصلاة و الحاق بقية الامور بها فالحكم مبني علي الاحتياط كما تقدم في تغسيل الميت و صفوة القول: انه لا بد من اتمام المدعي بالسيرة و الاجماع فلاحظ.

(2) لعدم الدليل عليه و قد ثبت في بحث التوصلي و التعبدي من الاصول ان قصد القربة وجوبه يحتاج الي الدليل و ان شئت قلت: الاصل الاولي في الواجبات التوصلية.

(3) عن الجواهر: «نفي الخلاف عنه» و عن التذكرة: «دعوي الاجماع عليه». و استدل عليه، مضافا الي ما ذكر، بقاعدة الميسور و بالاستصحاب هذا.

و لا يخفي ما في الكل أما الاجماع المنقول فحاله في الاشكال معلوم و الاهون منه عدم الخلاف و أما قاعدة الميسور فلا اساس لها و أما الاستصحاب فعلي

تقدير تمامية اركانه معارض باصالة عدم الجعل الزائد مضافا الي أنه لا تصل النوبة الي الاستصحاب اذا لوجوب من أول الامر اذا كان متوجها بمجموع القطعات بقيد الاجماع فلا مجري للاستصحاب لان الوجوب الضمني مرتفع بارتفاع الوجوب عن المركب بالتعذر و اذا كان الوجوب بالنسبة الي كل قطعة مطلقا فلا مجري أيضا للاستصحاب بل يكفي لإثبات الوجوب اطلاق الدليل الاول فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 367

تعين الستر به و اذا دار الامر بين ستر القبل و الدبر تعين ستر القبل (1)

[مسألة 254: لا يجوز اختيارا التكفين بالحرير]

(مسألة 254): لا يجوز اختيارا التكفين بالحرير (2).

______________________________

(1) الظاهر ان الوجه فيه قاعدة التزاحم فان الميزان في تلك القاعدة تقديم الاهم أو محتمل الاهمية فالامر كما أفاده في المتن و اللّه العالم.

(2) عن جملة من الاعيان دعوي الاجماع عليه و يدل علي المدعي ما رواه الحسين بن راشد قال: سألته: عن ثياب تعمل بالبصرة علي عمل العصب (القصب) اليماني من قز و قطن هل يصلح أن يكفن فيها الموتي؟ قال: اذا كان القطن أكثر من القز فلا بأس «1».

و هذه الرواية لاعتبار بها سندا بحسين بن راشد فانه لم يوثق. و استدل علي المدعي بما في جملة من النصوص من النهي عن التكفين بثوب الكعبة بدعوي ان الوجه في النهي المذكور كونه حريرا.

و من تلك النصوص ما رواه أبو علي الاشعري مرسلا عن مروان بن عبد الملك قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل اشتري من كسوة الكعبة شيئا فقضي ببعض (ببعضه) حاجته و بقي بعضه في يده هل يصلح بيعه؟ قال: يبيع ما اراد و يهب ما لم يرده و يستنفع به و يطلب بركته قلت: أ يكفن به الميت؟ قال:

لا «2»

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها: ما رواه الحسين بن عمارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل اشتري من كسوة البيت شيئا هل يكفن به الميت؟ قال: لا «3» و هذه الرواية ضعيفة بحسين بن عمارة فانه لم يوثق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب التكفين الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 22 من أبواب التكفين الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 368

______________________________

و منها ما رواه عبد الملك بن عتبة الهاشمي قال سألت أبا الحسن موسي عليه السلام عن رجل اشتري من كسوة البيت شيئا هل يكفن فيه الميت؟ قال:

لا «1».

و هذه الرواية لا باس بسندها ظاهرا و لكن ليس دليل في الرواية علي أن وجه المنع كون الثوب من الحرير و يحتمل أن يكون الوجه في المنع حفظ احترام ثوب الكعبة و اللّه العالم.

و مما يمكن أن يستدل به علي المدعي ما أرسله في دعائم الإسلام عن علي عليه السلام أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي أن يكفن الرجال في ثياب الحرير «2».

و هذه الرواية لاعتبار بها من حيث الارسال.

و ربما يقال بأن رواية اسماعيل بن أبي زياد عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: نعم الكفن الحلة و نعم الاضحية الكبش الاقرن «3» تدل علي الجواز بتقريب أن المقصود من الحلة المذكورة في الرواية ما يكون من الحرير.

و لا دليل علي هذا المدعي و عن الشهيد في الذكري: انه انكر ذلك و حكي عن أبي عبيدة أن الحلل برودا ليمن فالمحكم الادلة العامة لكن الاحتياط مما ينبغي رعايته سيما مع دعاوي الاجماع في المقام.

______________________________

(1)

نفس المصدر الحديث: 3

(2) المستدرك الباب 18 من أبواب التكفين الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب التكفين الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 369

و لا بالنجس (1)

حتي اذا كانت نجاسته معفوا عنها (2) بل الاحوط وجوبا أن

______________________________

(1) نقل عن المعتبر و التذكرة دعوي الاجماع عليه و يدل علي المدعي النصوص الدالة علي ازالة النجاسة عن الكفن بعد التكفين منها: ما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال اذا خرج من الميت شي ء بعد ما يكفن فأصاب الكفن قرض منه «1».

و منها: ما رفعه سهل بن زياد قال اذا غسلت الميت ثم أحدث بعد الغسل فانه يغسل الحدث و لا يعاد الغسل «2».

و منها: ما رواه الكاهلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا خرج من منخر الميت الدم أو الشي ء بعد ما يغسل فاصاب العمامة أو الكفن قرض عنه «3».

و منها ما رواه ابن أبي عمير و احمد بن محمد عن (و) غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا خرج من الميت شي ء بعد ما يكفن فاصاب الكفن قرض من الكفن «4».

و هذه الروايات كلها ضعيفة فان الحديث الرابع نقل عن غير واحد لاحظ التهذيب ج 1 ص 450 و أما الحديث الثالث فضعيف بالكاهلي و الثاني و الاول فهما ضعيفان بالارسال.

(2) لإطلاق الدليل فلا وجه للاستثناء و القياس ليس من المذهب فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب التكفين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 370

لا يكون مذهبا (1) و لا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه (2) بل

و لا من جلد المأكول (3) و أما و بره و شعره فيجوز التكفين به (4) و أما في حال الاضطرار فيجوز بالجميع (5).

______________________________

(1) ذكر في وجه الاستدلال عليه ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا تجمروا الاكفان و لا تمسحوا موتاكم بالطيب الا بالكافور فان الميت بمنزلة المحرم «1».

بتقريب: ان هذه الرواية تدل علي أن الميت بمنزلة المحرم و المحرم لا يجوز له المذهب لأنه يحرم علي المحرم أن يلبس ما تحرم الصلاة فيه.

و هذه الرواية ضعيفة سندا بمحمد بن سنان و رواها الصدوق بطريق آخر و ذلك الطريق أيضا ضعيف بقاسم بن يحيي فالحكم مبني علي الاحتياط كما في المتن.

(2) قد ظهر وجهه مما تقدم مع ضعفه فلاحظ.

(3) بدعوي عدم صدق الثوب عليه أو الانصراف عنه و لكن الانصاف أن الامر ليس كذلك فانه يصدق الثوب علي الثوب المأخوذ من الجلد كصدقه علي غيره و الانصراف لأنس الذهن و الا فلا وجه له.

و أما الاستدلال علي المدعي باصالة الاحتياط بناء علي أنها المرجع عند الدوران بين التعيين و التخيير، فيرد عليه أولا: أنه مع الاطلاق لا تصل النوبة الي الاصل و ثانيا: أن المرجع عند الدوران البراءة لا الاحتياط و التفصيل موكول الي محله.

(4) لتمامية المقتضي من الاطلاقات و عدم المانع.

(5) ما قيل في وجهه امور: الاول: انه قد استفيد من حديث الفضل بن

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب التكفين الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 371

______________________________

شاذان «1» ان علة تكفين الميت ستره عن الانظار.

و فيه: أولا أن الحديث ضعيف سندا بضعف اسناد الصدوق الي الفضل و ثانيا: أن المستفاد من مجموع

الادلة وجوب تكفين الميت بنحو خاص فالاقتصار بالميسور يحتاج الي دليل.

الثاني: أن النص الخاص قد دل علي أن حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا لاحظ ما رواه العلاء بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في بئر محرج وقع فيه رجل فمات فيه فلم يمكن اخراجه من البئر أ يتوضأ في تلك البئر؟ قال: لا يتوضأ فيه يعطل و يجعل قبرا و ان أمكن اخراجه اخرج و غسل و دفن قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: حرمة المسلم ميتا كحرمته و هو حي سواء «2».

بتقريب أن التحفظ علي حرمته، تكفينه بأي وجه كان. و فيه: أن المستفاد من هذه الرواية و نحوها أنه لا يجوز هتك الميت و ليس المراد وجوب احترام الميت علي الاطلاق مضافا الي أن المستفاد من دليل التكفين النحو الخاص و المفروض عدم امكانه.

اضف الي ذلك كله ان الرواية ضعيفة سندا بذبيان لكن الدليل علي أن حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا لا ينحصر في هذه الرواية كما تعرضنا للنصوص الدالة علي المدعي سابقا «3».

الثالث: أن أصل ستر بدنه مطلوب. و فيه: أنه أول الكلام و الدعوي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 365

(2) الوسائل الباب 51 من أبواب الدفن الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 339

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 372

فاذا انحصر في واحد منها تعين (1) و اذا تعدد و دار الامر بين تكفينه بالمتنجس و تكفينه بغيره من تلك الانواع فالاحوط الجمع بينهما (2) و اذا دار الامر بين الحرير و غير المتنجس منها قدم غير الحرير و لا يبعد التخيير في غير ذلك من الصور (3).

[مسألة 255: لا يجوز التكفين بالمغصوب]

(مسألة 255): لا يجوز التكفين بالمغصوب (4)

______________________________

الرابع: اطلاق دليل ثلاثة أثواب و انصراف دليل التقييد الي

خصوص حال الاختيار و فيه أنه لا وجه للانصراف فان دليل التقييد كبقية الموارد ارشاد الي المانعية و لا فرق في الحكم الوضعي بين حالتي الاختيار و الاضطرار.

فالحق أن يقال: ان تم دليل المنع من حيث الاطلاق فلا وجه للاكتفاء اذ المفروض عدم تمامية قاعدة الميسور و ان لم يتم و تم دليل المطلق فلا مانع من الاقتصار فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر اذ علي القول بوجوب الاكتفاء بالميسور فالتعين هو المتعين.

(2) للعلم الإجمالي المنجز للأطراف لكن انما يتم لو كان أحد الاطراف متعينا و أما مع عدم العلم بتعين بعض الاطراف فلا وجه للاحتياط بل مقتضي البراءة عن التعيين هو التخيير.

(3) لم يظهر وجهه و الحق أن يقال: انه لو دار الامر بين كل واحد من المذكورات مع غيره يكون مقضي القاعدة هو التخيير لعدم دليل علي التعيين و اذا دار الامر بين التعيين و التخيير فالبراءة عن التقييد محكمة و اللّه العالم.

(4) عن الذكري «دعوي الاجماع عليه» مضافا الي أنه مقتضي القاعدة الاولية فانه لا يجوز اجتماع الامر و النهي- كما قرر في محله- و لا فرق فيما ذكر

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 373

حتي مع الانحصار (1) و في جلد الميتة اشكال (2) و الاحوط وجوبا مع الانحصار التكفين به.

______________________________

بين كون الواجب عباديا و غير عبادي فان المحرم لا يمكن أن يقع مصداقا للواجب.

(1) اذ مع الانحصار لا يكون التصرف في مال الغير جائزا و هذا مبني علي عدم وجوب بذل الكفن بل يمكن أن يقال: أنه لا يجوز حتي علي القول بوجوب البذل اذا قلنا ان وجوبه تكليفي محض اذ غايته أن الممتنع عن البذل يكون عاصيا و عصيانه لا يقتضي جواز التصرف

في ماله بلا اذنه.

(2) لم يظهر لي وجه الاشكال فان المستفاد من النص كما تقدم اشتراط الكفن بالطهارة و المفروض أن الميتة من الاعيان النجسة مضافا الي أن استعمال الميتة حرام و لا اشكال في أن التكفين من أنواع الاستعمالات. و بما ذكرنا ظهر الاشكال في الاحتياط المذكور في ذيل المسألة بل الاحتياط في الترك.

نعم لو قلنا: بأن الدليل علي شرطية الطهارة غير تام كما مر و قلنا أيضا بعدم حرمة استعمال الميتة علي الاطلاق يكون التكفين بجلد الميتة موافقا للاحتياط بل يمكن أن يقال: ان هذا هو الاظهر فان الانتفاع بالميتة في غير ما يشترط فيه الطهارة لا يبعد جوازه.

لاحظ ما رواه البزنطي صاحب الرضا عليه السلام قال: سألته عن الرجل تكون له الغنم يقطع من ألياتها و هي أحياء أ يصلح له أن ينتفع بما قطع؟ قال: نعم يذيبها و يسرج بها و لا يأكلها و لا يبيعها «1».

فانه يستقاد من هذه الروايه التفصيل بين المشروط بالطهارة فلا يجوز و ما

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 374

[مسألة 256: يجوز التكفين بالحرير غير الخالص]

(مسألة 256): يجوز التكفين بالحرير غير الخالص (1) بشرط أن يكون الخليط ازيد من الحرير علي الاحوط وجوبا (2).

[مسألة 257: اذا تنجس الكفن بنجاسة من الميت أو من غيره وجب ازالتها]

(مسألة 257): اذا تنجس الكفن بنجاسة من الميت أو من غيره وجب ازالتها و لو بعد الوضع في القبر بغسل أو بقرض اذا كان الموضع يسيرا و ان لم يمكن ذلك وجب تبديله مع الامكان (3)

[مسألة 258: القدر الواجب من الكفن يخرج من أصل التركة قبل الدين و الوصية]

(مسألة 258). القدر الواجب من الكفن يخرج من أصل التركة قبل الدين و الوصية (4).

______________________________

لا يشترط فيه الطهارة فيجوز.

(1) لعدم المقتضي للمنع و الجواز علي طبق القاعدة الاولية.

(2) هذا الاشتراط مستفاد من حديث الحسين بن راشد «1» لكن قد مر الاشكال في سند الرواية فاصل الحكم في الحرير مبني علي الاحتياط.

(3) لدلالة جملة من النصوص «2» و قد مر ان هذه الروايات ضعيفة سندا فالحكم مبني علي الاحتياط نعم نقل عليه الاتفاق و هل يترتب أثر علي نقل هذه الاتفاقات؟.

(4) نقل دعوي الاجماع عليه عن جملة من الاساطين و يدل علي المدعي من النصوص ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

ثمن الكفن من جميع المال «3».

و يدل أيضا علي المدعي ما رواه زرارة قال: سألته عن رجل مات و عليه

______________________________

(1) لاحظ ص: 367

(2) لاحظ ص: 369

(3) الوسائل الباب 31 من أبواب التكفين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 375

و كذا ما وجب من مؤنة تجهيزه و دفنه من السدر و الكافور و ماء الغسل و قيمة الارض و ما يأخذه الظالم من الدفن في الارض المباحة و أجرة الحمال و الحفار و نحوها (1).

[مسألة 259: كفن الزوجة علي زوجها]

(مسألة 259): كفن الزوجة علي زوجها (2).

______________________________

دين بقدر ثمن كفنه قال: يجعل ما ترك في ثمن كفنه الا أن يتجر عليه بعض الناس فيكفنوه و يقضي ما عليه مما ترك «1» و ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أول شي ء يبد أبه من المال الكفن ثم الدين ثم الوصية ثم الميراث «2».

(1) الظاهر انه لا دليل عليه الا الاجماع المدعي في المقام و دعوي ان المذكورات كلها مراد من الكفن

المذكور في حديث عبد اللّه بن سنان «3».

و حال الاجماع في الاشكال معلوم و كذلك الجزم بارادتها من الكفن مشكل.

و ربما يقال: بأنه لو لم يؤخذ من اصل المال يؤدي الي بقاء الميت بلا دفن الي أن يتلاشي بدنه و هو مقطوع الخلاف و هذا الاستدلال فاسد اذ يمكن الاخذ من بيت المال و مع عدم امكانه يجب علي المسلمين كفاية فلا تصل النوبة الي ترك الدفن و الانصاف ان الجزم بجواز التصرف في أصل المال مع وجود الصغار في غاية الاشكال و اللّه العالم.

(2) نقل عليه الاجماع من جملة من الاعيان و يدل عليه من النصوص ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: كفن المرأة علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب أحكام الوصايا الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب أحكام الوصايا الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 374

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 376

و ان كانت صغيرة أو مجنونة (1) أو أمة (2) أو غير مدخول بها (3) و كذا المطلقة الرجعية (4) و لا يترك الاحتياط في الناشزة (5) و المنقطعة (6) و لا فرق في الزوج بين أحواله من الصغر و الكبر و غيرهما من

______________________________

زوجها اذا ماتت «1» و يدل عليه أيضا ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه أن امير المؤمنين عليه السلام قال: علي الزوج كفن امرأته اذا ماتت «2».

(1) للإطلاق.

(2) ربما يقال: ان كفن الامة علي سيدها فيقع التعارض بين الدليلين و اجيب عن الاشكال بأن تلك المسألة دليلها الاجماع و القدر المتيقن منه في غير الزوجة فالاطلاق محكم.

(3) للإطلاق.

(4) لكونها بحكم الزوجة نصا و فتوي.

(5) الظاهر ان التوقف في الناشزة من ناحية

انها لا تجب نفقتها عليه فلا يجب كفنها. و فيه: ان بالموت تنقطع الزوجية و لا تجب النفقة فلا يرتبط أحد الحكمين بالاخر.

و ان شئت قلت: ان وجوب الكفن ليس دائرا مدار وجوب النفقة فلا فرق في الزوجة بين الناشزة و المطيعة و لا بين الدائمة و المنقطعة فلاحظ.

(6) ربما يقال: بانصراف الدليل عنها. و فيه: ان الانصراف بدوي و قد مر آنفا ان وجوب الكفن ليس من آثار وجوب النفقة فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب التكفين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 377

الاحوال (1).

[مسألة 260: يشترط في وجوب كفن الزوجة علي زوجها يساره]

(مسألة 260): يشترط في وجوب كفن الزوجة علي زوجها يساره (2)

______________________________

(1) لإطلاق الدليل و لكن لقائل أن يقول: ان مقتضي قوله عليه السلام في حديث عمار بعد ما سأله عن الغلام متي تجب عليه الصلاة؟: «اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري عليه القلم» «1» عدم الفرق بين الوضع و التكليف و لا وجه لتخصيص الرفع بقلم التكليف و مما ذكرنا يظهر ما في كلام سيد المستمسك في هذا المقام «2» و تفصيل الكلام موكول الي محل آخر.

(2) المراد باليسار هو أن يكون مالكا بعد المستثنيات في الدين أزيد من قوت يومه و ليلته له و لعياله الواجب نفقتهم عليه و لو حصلت ملكيته بانتقال مال زوجته اليه ارثا و المعسر هو الفاقد لذلك و بعد هذا نقول:

نقل ان الاصحاب قاطعون به و نقل عن صاحب المدارك احتمال شمول الحكم للمعسر لإطلاق النص. و الحق أن يقال: انه اذا قلنا بأنه من الديون لا يجب عليه الاستقراض في حال الاعسار كما هو المقرر بمقتضي النص لاحظ

ما رواه محمد بن يعقوب باسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام في وصية طويلة الي أصحابه قال: و اياكم و اعسار احد من إخوانكم المسلمين أن تعسروه بشي ء يكون لكم قبله و هو معسر فان أبانا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان يقول: ليس لمسلم أن يعسر مسلما و من أنظر معسرا أظله اللّه يوم القيامة بظله يوم لا ظل الا ظله «3» و سائر الروايات الواردة في الباب 25 و 11 من أبواب الدين

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمات العبادات الحديث: 12

(2) مستمسك العروة ج 4 ص 165

(3) الوسائل الباب 25 من أبواب الدين و القرض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 378

و أن لا يكون محجورا عليه قبل موتها بفلس (1) و أن لا يكون ماله متعلقا به حق غيره برهن أو غيره (2) و ان لا يقترن موتها بموته (3) و عدم تعيينها الكفن بالوصية (4) لكن الاحوط وجوبا ان لم يكن أقوي في صورة فقد أحد الشروط الثلاثة الاول وجوب الاستقراض ان أمكن و لم يكن حرجيا (5) و كذا الاحتياط في صورة عدم العمل

______________________________

و القرض من الوسائل.

لكن لا دليل علي أنه من الديون و مما لا يجوز أن يطالبه الورثة به بل المستفاد من قوله عليه السلام «كفن المرأة علي زوجها» ان الكفن بعهدته و يجب بذله و يترتب عليه انه يجب عليه حتي في حال الاعسار و يجب عليه الاستقراض الا أن يكون متعذرا أو حرجيا فيسقط.

(1) لان الحجر موجب لسلب قدرته عن التصرف في ماله و المنع الشرعي كالمنع العقل لكن هذا مبني علي اعتبار اليسار و أما لو قلنا بأنه يجب عليه بذل

الكفن يجب عليه الاستقراض الا مع التعذر أو الحرج فلاحظ.

(2) قد ظهر الوجه فيه مع ما فيه من الاشكال.

(3) فان الدليل ظاهر في أن الموضوع حياة الزوج حين وفات الزوجة.

(4) اذ في هذه الصورة يجب العمل بوصيتها لكن مجرد الوصية و وجوب العمل بها لا يوجب سقوط الوجوب عن الزوج بل المسقط العمل الخارجي.

و ان شئت قلت: ان المستفاد من دليل وجوب الكفن علي الزوج انه يجب عليه أن يبذل الكفن و مجرد وجوب التكفين من مالها لا يقتضي سقوط الوجوب بل المسقط التكفين الخارجي.

(5) قد ظهر الوجه فيه.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 379

بوصيتها بالكفن (1).

[مسألة 261: كما ان كفن الزوجة علي زوجها كذلك سائر مؤن التجهيز من السدر و الكافور و غيرهما]

(مسألة 261): كما ان كفن الزوجة علي زوجها كذلك سائر مؤن التجهيز من السدر و الكافور و غيرهما مما عرفت علي الاحوط وجوبا ان لم يكن أقوي (2).

[مسألة 262: الزائد علي المقدار الواجب من الكفن و سائر مؤن التجهيز لا يجوز اخراجه من الاصل الا مع رضا الورثة]

(مسألة 262): الزائد علي المقدار الواجب من الكفن و سائر مؤن التجهيز لا يجوز اخراجه من الاصل الا مع رضا الورثة (3) و اذا كان فيهم صغير أو غير رشيد لا يجوز لوليه الاجازة في ذلك فيتعين حينئذ اخراجه من حصة الكاملين برضاهم (4)

______________________________

(1) قد ظهر الوجه فيه.

(2) بدعوي انه يجب عليه نفقتها و ما ذكر من النفقة. و يرد عليه أولا: انه أخص من المدعي فان المنقطعة لا يجب نفقتها و قس عليها الناشزة و ثانيا: ان ان موضوع النفقة ارتفع بالموت فلا مجال لهذه الدعوي و من الظاهر ان الزوجية تنقضي بالموت و لذا يجوز للزوج التزويج بالاخت و بالخامسة و أما الاجماع فحاله في الاشكال ظاهر و أما استفادة المدعي من ذكر الكفن بلحاظ انه أهم المؤن فالانصاف عدم امكان جعله مدركا للحكم الشرعي.

(3) لأنه مع عدم رضاهم يحرم التصرف و بعبارة اخري لا يجوز التصرف في مال الغير بلا اذنه و المقدار المعلوم من حيث الجواز المقدار الواجب و لا دليل علي اختيار من يتصدي لأمر الميت أن يفعل ما يشاء.

(4) لعدم المقتضي للجواز و مما ذكرنا علم وجه ما ذكر في هذه المسألة من الفروع فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 380

و كذا الحال في قيمة القدر الواجب فان الذي يخرج من الاصل ما هو أقل قيمة و لا يجوز اخراج الاكثر منه الا مع رضا الورثة الكاملين فلو كان الدفن في بعض المواضع لا يحتاج الي بذل مال و في غيره يحتاج

الي ذلك لا يجوز للولي مطالبة الورثة بذلك ليدفنه فيه.

[مسألة 263: كفن واجب النفقة من الاقارب في ماله لا علي من تجب عليه النفقة]

(مسألة 263): كفن واجب النفقة من الاقارب في ماله لا علي من تجب عليه النفقة (1).

[مسألة 264: إذا لم يكن للميت تركة بمقدار الكفن فلا يترك الاحتياط ببذله ممن تجب نفقته عليه]
اشارة

(مسألة 264): اذا لم يكن للميت تركة بمقدار الكفن فلا يترك الاحتياط ببذله ممن تجب نفقته عليه (2) و مع عدمه يدفن عاريا و لا يجب علي المسلمين بذل كفنه (3)

______________________________

(1) لعدم الدليل عليه و مقتضي الاصل عدم الوجوب.

(2) لاحتمال وجوبه عليه و الخروج عن شبهة الخلاف فانه نقل عن موضع من التذكرة كونه من شئون النفقة.

(3) لعدم دليل علي وجوب كفنه علي أحد فمقتضي القاعدة عدم الوجوب و ان شئت قلت: ان الواجب الكفائي تكفينه بكفن يتعلق به و أما وجوب بذل الكفن فلا دليل عليه لكن المناسب للمقام أن يقال: يجب بذل كفنه من بيت المال أو من الزكاة بل النص الخاص دال عليه لاحظ ما رواه الفضل بن يونس الكاتب قال: سألت أبا الحسن موسي عليه السلام فقلت له: ما تري في رجل من أصحابنا يموت و لم يترك ما يكفن به اشتري له كفنه من الزكاة؟ فقال:

أعط عياله من الزكاة قدر ما يجهز و نه فيكونون هم الذين يجهز و نه قلت: فان لم يكن له ولد و لا أحد يقوم بأمره فاجهزه أنا من الزكاة؟ قال: كان أبي يقول:

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 381

[تكملة: فيما ذكروا من سنن هذا الفصل]

تكملة:

فيما ذكروا من سنن هذا الفصل: يستحب في الكفن العمامة للرجل (1).

______________________________

ان حرمة بدن المؤمن ميتا كحرمته حيا فوار بدنه و عورته و جهزه و كفنه و حنطه و احتسب بذلك من الزكاة «1». لكن سند الرواية مخدوش و صاحب الجواهر قدس سره تعرض للفرع.

(1) قد دل بعض النصوص علي كون العمامة من الكفن لاحظ حديثي عبد اللّه بن سنان و معاوية بن وهب «2» فلا اشكال في محبوبيتها و حيث انه قد دل جملة من

النصوص علي أنها ليست من الكفن يحمل ما امر بها علي الاستحباب لاحظ ما رواه زرارة «3».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كتب أبي في وصيته أن اكفنه في ثلاثة أثواب أحدها رداء له حبرة كان يصلي فيه يوم الجمعة و ثوب آخر و قميص فقلت لأبي لم تكتب هذا؟ فقال: اخاف أن يغلبك الناس و أن قالوا:

كفنه في اربعة (أثواب) أو خمسة فلا تفعل (قال) و عممه بعد بعمامة و ليس تعد العمامة من الكفن انما يعد ما يلف الجسد «4».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الميت يكفن في ثلاثة سوي العمامة و الخرقة يشد بها وركيه لكيلا يبدو منه شي ء و الخرقة و العمامة

______________________________

(1) الوسائل الباب 33 من أبواب التكفين الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 350 و 362

(3) لاحظ ص: 359

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب التكفين الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 382

و يكفي فيها المسمي (1) و الاولي أن تدار علي رأسه و يجعل طرفاها تحت حنكه علي صدره الايمن علي الايسر و الايسر علي الايمن (2) و المقنعة للمرأة (3)

______________________________

لا بد منهما و ليستا من الكفن «1».

مضافا الي أن عدم وجوبها من الواضحات و أيضا لا اشكال نصا و فتوي في محبوبيتها.

(1) للإطلاق.

(2) لما في حديث يونس فانه عليه السلام قال في ذيل حديث يونس: «ثم يعمم: يؤخذ وسط العمامة فيثني علي رأسه بالتدوير ثم يلقي فضل الشق الايمن علي الايسر و الايسر علي الايمن ثم يمد علي صدره «2».

(3) لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام في كم

تكفن المرأة؟ قال: في خمسة أثواب: أحدها الخمار «3» و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «4» و انما سمي بالخمار لأنه يستر الرأس.

و عن مجمع البحرين: «ان الخمار هي المقنعة».

و قد دل بعض النصوص علي أن المفروض من الكفن ثلاثة أثواب لاحظ ما رواه زرارة «5» مضافا الي التسالم الخارجي علي عدم وجوب المقنعة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب التكفين الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب التكفين الحديث: 18

(4) لاحظ ص: 359

(5) لاحظ ص: 359

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 383

و يكفي فيها أيضا المسمي (1) و لفافة لثدييها يشدان بها الي ظهرها (2).

و خرقة يعصب بها وسط الميت ذكرا كان أو انثي (3) و خرقة اخري للفخذين تلف عليهما (4) و لفافة فوق الازار يلف بها تمام بدن الميت (5) و الاولي كونها بردا يمانيا (6).

______________________________

(1) للإطلاق.

(2) لاحظ اما رواه سهل عن بعض أصحابنا رفعه قال: سألته كيف تكفن المرأة؟ فقال: كما يكفن الرجل غير أنها تشد علي ثدييها خرقة تضم الثدي الي الصدر و تشد علي ظهرها و يصنع لها القطن أكثر مما يصنع للرجال و يحشي القبل و الدبر بالقطن و الحنوط ثم يشد عليها الخرقة شدا شديدا «1».

(3) لاحظ ما رواه معاوية بن وهب «2».

(4) لاحظ خبري عبد اللّه بن سنان «3» فان الجمع بين الحديثين يقتضي الاستحباب. فانه يستفاد من كلامه عليه السلام: «انها لا تعد شيثا» ان الخرقة ليست من الكفن.

(5) لاحظ ما رواه يونس بن يعقوب عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال:

سمعته يقول. اني كفنت أبي في ثوبين شطويين كان يحرم فيهما و في قميص من قمصه و عمامة كانت لعلي بن

الحسين و في برد اشتريته باربعين دينارا «4».

(6) فان المذكور في حديث يونس، البرد و لاحظ ما رواه الصدوق قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب التكفين الحديث. 16

(2) لاحظ ص: 362

(3) لاحظ ص: 350 و 381

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب التكفين الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 384

و ان يجعل القطن أو نحوه عند تعذره بين رجليه يستر به العورتان (1) و يوضع عليه شي ء من الحنوط (2) و أن يحشي دبره (3) و منخراه (4) و قبل المرأة (5).

______________________________

كفن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله في ثلاثة أثواب: في بردتين ظفريتين من ثياب اليمن و ثوب كرسف و هو ثوب قطن «1».

(1) لاحظ ما ارسله يونس قال عليه السلام «و اعمد الي قطن فذر عليه شيئا من حنوط فضعه علي فرجه قبل و دبر (قبلا و دبرا) و احش القطن في دبره لئلا يخرج منه شي ء «2».

قال في الجواهر: «لا بأس بالتعدي من القطن الي غيره بعد حصول الغرض به.

(2) كما صرح في المرسلة بقوله عليه السلام «فذر عليه شيئا من حنوط «3».

(3) كما صرح به في المرسلة فلاحظ و أيضا صرح به في خبر عمار بن موسي قال عليه السلام: «و تدخل في معقدته من القطن ما دخل» «4».

(4) كما في حديث الكاهلي قال عليه السلام «فان خفت أن يظهر من المنخرين شي ء فلا عليك أن تصير ثم قطنا» «5».

(5) كما صرح في المرسل المرفوع قال: «و يحشي القبل و الدبر با

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 19

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 3

(3) نفس المصدر

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 10

(5) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل

الميت الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 385

اذا خيف خروج شي ء منها (1) و اجادة الكفن (2).

و أن يكون من القطن و أن يكون ابيض (3) و أن يكون من خالص المال

______________________________

بالقطن» «1».

(1) نسب هذا الاشتراط الي جملة من الاعيان و منهم الشيخ و العلامة قدس سرهما و يدل عليه قوله عليه السلام في خبر الكاهلي: فان خفت أن يظهر من المنخرين شي ء فلا عليك أن تصير ثم قطنا و ان لم تخف فلا تجعل فيه شيئا» «2».

لكن هذا في خصوص المنخرين الا أن يقال: بأن الملاك واحد و لا فرق بين الموارد مضافا الي ان الوضع مع عدم الخوف هتك للميت و هتكه حرام و الجزم بما ذكر مشكل و اطلاق النصوص محكم و قوله عليه السلام في خبر يونس «لئلا يخرج منه شي ء» «3» ظاهر في الحكمة و يمكن أن يقال بأنه لا يبعد أن العرف يفهم من مجموع ما في النصوص الاشتراط المذكور.

و نقل في الجواهر عن بعض الاعلام- كصاحب السرائر- المنع من الاتيان بالمذكورات مراعاة لحرمة الميت و هو ضعيف بل الحرمة تقتضي الاتيان مضافا الي أنه اجتهاد في مقابل النص.

(2) لجملة من النصوص المذكورة في الباب 18 من أبواب التكفين من الوسائل منها: ما ارسله ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اجيدوا أكفان موتاكم فانها زينتهم «4».

(3) قال في الجواهر: «و هو مذهب العلماء- علي ما في المعتبر و بزيادة

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب التكفين الحديث: 16

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 18 من أبواب التكفين الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 386

و طهوره (1)

و أن يكون ثوبا قد احرم (2)

______________________________

«كافة» في التذكرة» الي آخر كلامه.

و يدل علي استحباب كونه من القطن ما رواه أبو خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الكتان كان لنبي اسرائيل يكفنون به و القطن لأمة محمد صلي اللّه عليه و آله «1».

و يؤيد المدعي- لو لم يدل عليه- ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الكفن يكون بردا فان لم يكن بردا فاجعله كله قطنا «2».

و يدل علي استحباب كونه أبيض ما رواه ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: البسوا البياض فانه أطيب و أطهر و كفنوا فيه موتاكم «3».

و ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله:

ليس من لباسكم شي ء احسن من البياض فالبسوه و كفنوا فيه موتاكم «4».

(1) لمرسل الصدوق قال: روي أن سندي بن شاهك قال لأبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام احب ان تدعني اكفنك فقال: انا أهل بيت حج صرورتنا و مهور نسائنا و أكفاننا من طهور اموالنا «5».

(2) لما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان ثوبا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اللذان أحرم فيهما يمانيين عبري و اظفار و فيهما

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب التكفين الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب التكفين الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 19 من أبواب التكفين الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 34 من أبواب التكفين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 387

أو صلي فيه (1) و أن يلقي عليه الكافور و الذريرة (2) و

أن يخاط بخيوطه اذا احتاج الي الخياطة (3).

______________________________

كفن «1» و ما رواه يونس بن يعقوب عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال:

سمعته يقول: اني كفنت أبي في ثوبين شطويين كان يحرم فيهما و في قميص من قمصه «2».

(1) لجملة من النصوص المذكورة في الباب 4 من أبواب التكفين من الوسائل منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا اردت أن تكفنه فان استطعت أن يكون في كفنه ثوب كان يصلي فيه نظيف فافعل فان ذلك يستحب أن يكفن فيما كان يصلي فيه «3».

(2) لما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كفنت الميت فذر علي كل ثوب شيئا من ذريرة و كافور «4».

(3) قال المحقق الآملي قدس سره في مصباح الهدي- في هذا المقام-:

و ليس علي استحبابه نص و نقل عن المدارك انه ذكره الشيخ و أتباعه و لا اعرف المستند و نسبه في الذكري الي الشيخ و الاصحاب و نقل عن الجواهر انه قال:

و هل ذلك كاف في صحة الحكم بالاستحباب؟.

و قال في الحدائق: «و منها أن يخاط بخيوط منه قاله الشيخ في المبسوط و الاصحاب- علي ما نقله في الذكري- و قال في المدارك: «ذكره الشيخ

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب التكفين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب التكفين الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 15 من أبواب التكفين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 388

و أن يكتب علي حاشية الكفن: فلان ابن فلان يشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و ان محمدا رسول اللّه ثم يذكر الائمة عليهم السلام واحد بعد واحد و أنهم أولياء اللّه و

أوصياء رسوله و ان البعث و الثواب و العقاب حق (1) و أن يكتب علي الكفن دعاء

______________________________

و اتباعه و لا اعرف مستنده» انتهي و هو كذلك» «1».

(1) أما استحباب كتابة الشهادة بالتوحيد فتدل عليه جملة من النصوص المذكورة في الوسائل في الباب 29 من أبواب التكفين منها: ما رواه أبو كهمس قال: حضرت موت اسماعيل و أبو عبد اللّه عليه السلام جالس عنده فلما حضره الموت شد لحييه و غمضه و غطي عليه الملحفة ثم أمر بتهيئة فلما فرغ من أمره دعا بكفنه فكتب في حاشية الكفن: اسماعيل يشهد أن لا إله الا اللّه «2» و أما كتابة الشهادة بالرسالة و امامة الائمة فبالاجماع المدعي في الخلاف و الغنية- علي ما في الجواهر- مضافا الي اثبات الحلية بعموم ادلة الحل و رجحانه بعموم رجحان الاستشفاع و التبرك مع تناسب المقام بين الحكم و الموضوع اضف الي ذلك بالنسبة الي الشهادة بالرسالة ما نقل عن مصباح الأنوار ان كثير ابن عباس كتب علي أطراف كفن فاطمة عليها السلام: تشهد أن لا إله الا اللّه و أن محمدا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله «3».

و أما استحباب كتابة حقية البعث و الثواب و العقاب فادعي في الغنية انه اجماعي- علي ما في الجواهر-.

______________________________

(1) الحدائق ج 4 ص 51

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب التكفين الحديث: 1

(3) مستدرك الوسائل الباب 22 من أبواب التكفين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 389

الجوشن الصغير و الكبير (1) و يلزم أن يكون ذلك كله في موضع يؤمن عليه من النجاسة و القذارة فيكتب في حاشية الازار من طرف رأس الميت (2)

______________________________

(1) أما دليل استحباب كتابة الجوشن الكبير فما روي عن

السجاد عليه السلام عن أبيه عن جده عليهم السلام عن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله قال: نزل جبرئيل علي النّبيّ صلي اللّه عليه و آله في بعض غزواته و عليه جوشن ثقيل آلمه فقال:

يا محمد الي أن قال: و من كتبه علي كفنه استحيي اللّه أن يعذبه بالنار الي أن قال: قال الحسين عليه السلام أوصاني أبي بحفظ هذا الدعاء و تعظيمه و أن اكتبه علي كفنه «1».

و أما كتابة الجوشن الصغير فالظاهر انه ليس علي استحبابها دليل بالخصوص الا أن ابن طاوس ذكر الدعاء في مهجه و كتب في الهامش ما روي بالنسبة الي الجوشن الكبير.

و عن المجلسي في البحار أن هذا غريب الي أن قال: ظهر لي من بعض القرائن ان هذا ليس من السيد و ليس هذا إلا شرح الجوشن الكبير و كتبه الشيخ أبو طالب من كتب جده السعيد لمناسبة لفظة الجوشن و اشتراكهما في هذا اللقب في حاشية الكتاب فادخله النساخ في المتن.

(2) لا أري وجها لهذا اللزوم اذ الشبهة مصداقية و لا يكون الحكم منجزا علي المكلف و لعله لما ذكرنا أفاد سيد العروة فيها: «اذا لم تكتب الادعية المذكورة و القرآن علي الكفن بل علي وصلة اخري و جعلت علي صدره أو فوق رأسه للأمن من التلويث كان أحسن».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 27 من أبواب التكفين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 390

و قيل: ينبغي أن يكون ذلك في شي ء يستصحب معه بالتعليق في عنقه أو الشد في يمينه لكنه لا يخلو من تأمل (1) و يستحب في التكفين أن يجعل طرف الايمن من اللفافة علي أيسر الميت و الايسر علي أيمنه (2) و ان يكون المباشر

للتكفين علي طهارة من الحدث (3).

______________________________

فيظهر منه قدس سره انه لا يري الاحسن الاحتراز عن احتمال التلويث و الحق معه اذ كما قلنا لا دليل علي الالزام فلاحظ.

(1) لعدم الدليل عليه.

(2) قال في الحدائق: قال عليه السلام في كتاب الفقه: و تلفه في ازاره و حبرته و تبدأ بالشق الايسر و تمد علي الايمن ثم تمد الايمن علي الايسر «1».

(3) لم نجد عليه دليلا و ربما يستدل بما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: الغسل في سبعة عشر موطنا الي أن قال: و اذا غسلت ميتا أو كفنته أو مسسته بعد ما يبرد «2».

و مثله ما ارسله الصدوق «3».

و هذه الرواية علي خلاف المطلوب أدل فانها تدل علي محبوبية الغسل بعد التكفين كما انه تدل جملة من النصوص علي عكس المطلوب منها:

ما رواه يعقوب بن يقطين قال: سألت العبد الصالح عليه السلام عن غسل الميت الي أن قال عليه السلام: ثم اذا كفنه اغتسل «4».

______________________________

(1) الحدائق ج 4 ص: 48

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 391

و ان كان هو المغسل غسل يديه من المرفقين بل المنكبين ثلاث مرات و رجليه الي الركبتين (1) و يغسل كل موضع تنجس من بدنه (2) و أن يجعل الميت حال التكفين مستقبل القبلة و الاولي أن يكون كحال الصلاة عليه (3)

______________________________

و ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: ثم يلبسه أكفانه ثم يغتسل «1» و غيرهما.

و مما ذكر في هذا المقام- علي ما في الجواهر- ما قاله في مقام التعليل في المعتبر:

«بأن الاغتسال و الوضوء علي من غسل ميتا واجب أو مستحب و كيف ما كان فان الامر علي الفور فيكون التعجيل افضل».

و فيه: اولا: ان الامر لا يدل علي الفور و علي فرض دلالته عليه لا يرتبط بالتكفين فلا يمكن عده من مستحباته.

و عن المنتهي ان الوجه فيه كونه علي أبلغ احواله من الطهارة المزيلة للنجاسة العينية و الحكمية عند التكفين البالغ في الطهارة.

و اورد عليه بأنه وجه اعتباري و معارض باستحباب تعجيل تجهيز الميت.

(1) لما في موثق عمار قال: «ثم تغسل يديك الي المرافق و رجليك الي الركبتين ثم تكفنه» «2».

(2) للوجه الاعتباري المذكور آنفا من أنه يريد أن يلاقي البدن الطاهر من الحدث و الخبث فيكون الاحري طهارته منهما.

(3) لحديث يعقوب «3» فان مقتضي اطلاق الرواية شمول الحكم

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب التكفين الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل الميت الحديث: 10

(3) لاحظ ص: 349

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 392

و يكره قطع الكفن بالحديد (1) و عمل الاكمام (2) و الزرور له و لو كفن في قميصه قطع أزراره (3) و يكره بل الخيوط التي تخاط بها بريقه (4).

______________________________

لحال التكفين فلاحظ.

(1) قال في الحدائق: «ذكر ذلك الشيخان و قال في التهذيب: سمعنا ذلك مذاكرة من الشيوخ و كان عملهم عليه قال في المعتبر- بعد ذلك- قلت:

و يستحب متابعتهم تخليصا من الوقوع فيما يكره».

(2) لحديث محمد بن سنان عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قلت الرجل يكون له القميص أ يكفن فيه؟ فقال: اقطع أزراره قلت: و كمه؟

قال: لا انما ذلك اذا قطع له و هو جديد لم يجعل له كما و أما اذا كان ثوبا لبيسا فلا يقطع

منه الا الازرار «1».

(3) لجملة من الروايات منها ما رواه محمد بن سنان المتقدم آنفا و منها:

ما رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: سألت أبا جعفر عليه السلام أن يأمر لي بقميص اعده لكفني فبعث به إلي فقلت: كيف اصنع؟ فقال: انزع أزراره «2».

و منها: ما رواه الصدوق قال: قال الصادق عليه السلام: ينبغي أن يكون القميص للميت غير مكفوف و لا مزرور «3». و مقتضي الاحتياط قطع الازرار لظهور الامر في الوجوب.

(4) قال في الحدائق: «قال في المعتبر: ذكره الشيخ و رأيت الاصحاب

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب التكفين الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 393

و تبخيره (1) و تطبيبه بغير الكافور و الذريرة (2)

______________________________

يجتنبونه و لا بأس بمتابعتهم لإزالة الاحتمال و وقوفا علي موضع الوفاق» انتهي «1».

و لا اشكال في حسن الاحتياط فقد ورد في الخبر اخوك دينك فاحتط لدينك.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 393

(1) قال في الحدائق- في هذا المقام: «و اصحابنا جمعيا- عد الصدوق- علي الكراهة الي آخره «2». و النصوص مختلفة فمنها ما دل علي المنع مثل ما رواه ابن أبي عمير عن بعض اصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يجمر الكفن «3» و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: لا تجمر وا الاكفان و لا تمسحوا موتاكم بالطيب الا بالكافور فان الميت بمنزلة المحرم «4».

و منها: ما يدل علي الجواز مثل ما رواه عبد اللّه بن سنان

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بدخنة كفن الميت و ينبغي للمرء المسلم أن يدخن ثيابه اذا كان يقدر «5».

و طريق الجمع بين المتعارضين حمل دليل الجواز علي التقيه لذهاب الجمهور اليه قال في الحدائق: «و قال ابن بابويه: يجمر الكفن و هو قول الجمهور».

(2) يظهر من صاحب الحدائق ان المشهور عند الخاصة هي الكراهة كما

______________________________

(1) الحدائق ج 4 ص 59

(2) الحدائق ج 4 ص 56

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب التكفين الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 394

و أن يكون أسود (1)

______________________________

ان المشهور عند العامة الاستحباب.

و النصوص مختلفة فمنها ما يدل علي المنع مثل ما رواه عبد اللّه بن المغيرة عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الكافور هو الحنوط «1» و ما رواه محمد بن مسلم «2» و ما رواه يعقوب بن يزيد عن عدة من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يسخن للميت الماء لا تعجل له النار و لا يحنط بمسك «3» و ما رواه داود بن سرحان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام لي في كفن أبي عبيدة الحذاء: انما الحنوط الكافور و لكن اذهب و اصنع كما يصنع الناس «4» و ما رواه أيضا «5».

و منها: ما يدل علي الجواز مثل ما رواه الصدوق قال: سئل أبو الحسن الثالث عليه السلام هل يقرب الي الميت المسك و البخور؟ قال: نعم «6» و ما رواه أيضا «7».

و ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام أنه كان يجمر الميت (الكفن) بالعود فيه المسك «8» و مقتضي الجمع

بين الطائفتين حمل ما يدل علي الجواز علي التقية.

(1) لما رواه الحسين بن المختار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يكفن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 393

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب التكفين الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) نفس المصدر الحديث: 8

(6) نفس المصدر الحديث: 9

(7) نفس المصدر الحديث: 10

(8) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 395

بل مطلق المصبوغ (1) و أن يكتب عليه بالسواد (2) و أن يكون من الكتان (3) و أن يكون ممزوجا بابريسم (4)

______________________________

الميت في السواد «1» و ما رواه أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يحرم في ثوب أسود؟ قال: لا يحرم في الثوب الاسود و لا يكفن به «2».

(1) قال في الحدائق: «يفهم من الذكري تعدية الحكم الي كل مصبوغ حيث قال: و كره في السواد بل و كل صبغ علي الأصحّ و عليه تحمل رواية حسين بن المختار» «3» و هو كما تري.

(2) قال المحقق الآملي الشيخ محمد تقي قدس سره في مصباح الهدي ج 6 ص 233: «و نسب كراهته الي غير واحد من القدماء و كثير من المتأخرين و عن المبسوط انه لا يكتب بالسواد و عن النهاية انه لا يجوز و ليس علي حرمته دليل و لا بأس بالكراهة لقاعدة التسامح قال في المعتبر- بعد حكاية الكراهة عن الشيخ-: و هو حسن لان في ذلك نوع استبشاع» انتهي.

و لا يخفي ان قاعدة التسامح غير تامة من حيث المدرك و علي فرض تماميتها لا تصلح لإثبات الكراهة و التفصيل موكول الي محل آخر.

(3) لاحظ ما رواه يعقوب بن يزيد عن عدة من أصحابنا عن أبي عبد اللّه

عليه السلام قال: لا يكفن الميت في كتان «4».

(4) لم نجد عليه دليلا و قد مر أن بعض النصوص قد نهي عن التكفين في

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب التكفين الحديث. 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الحدائق ج 4 ص 53

(4) الوسائل الباب 20 من أبواب التكفين الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 396

و المماكسة في شرائه (1) و جعل العمامة بلا حنك (2) و كونه و سخا (3) و كونه مخيطا (4)

______________________________

المخلوط اذا كان الابريسم أكثر أو مساويا لاحظ ما رواه الحسين راشد «1» و اما اذا كان أقل فلا ندري ما المستند و اللّه العالم.

(1) لما روي في وصية النّبيّ صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام و عن أبي جعفر أنه قال: لا تماكس في اربعة أشياء و عد منها الكفن «2».

(2) لحديث عثمان النواء قال عليه السلام فيه: و اذا عممته فلا تعممه عمامة الاعرابي قلت: كيف أصنع؟ قال: خذ العمامة من وسطها و انشرها علي رأسه ثم ردها الي خلفه و اطرح طرفيها علي صدره «3» فان عمامة الاعرابي قد فسرت بعمامة بلا حنك.

(3) لجملة من النصوص: منها ما رواه محمد بن مسلم «4» و منها ما رواه عبد اللّه بن المغيرة «5» فان المستفاد من الحديثين كراهة أن يكون الكفن و سخا فتأمل.

(4) لم نقف علي مدركه بل لا يبعد أن يستفاد من بعض النصوص خلاف المدعي لاحظ ما رواه سهل «6» و الحلبي «7» و الصدوق «8» فان المستفاد

______________________________

(1) لاحظ ص: 367

(2) الوسائل الباب 36 من أبواب التكفين الحديث: 1 و 2

(3) الوسائل الباب 16 من أبواب التكفين الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 387

(5) الوسائل الباب 4 من

أبواب التكفين الحديث 2

(6) لاحظ ص: 363

(7) لاحظ ص: 381

(8) لاحظ ص: 363

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 397

[مسألة 265: يستحب لكل أحد أن يهيئ كفنه قبل موته و أن يكرر نظره اليه]

(مسألة 265): يستحب لكل أحد أن يهيئ كفنه قبل موته و أن يكرر نظره اليه (1).

[الفصل الرابع في التحنيط]
اشارة

الفصل الرابع في التحنيط يجب امساس مساجد الميت (2)

______________________________

من هذه النصوص عدم البأس بالتكفين في القميص بل يستفاد رجحانه و القميص مخيط و اللّه العالم.

(1) لجملة من النصوص: منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أعد الرجل كفنه فهو مأجور كلما نظر اليه «1» و منها: ما رواه محمد بن سنان عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال- من كان كفنه معه في بيته لم يكتب من الغافلين و كان مأجورا كلما نظر اليه «2» و منها: ما رواه اسماعيل بن مسلم «3».

(2) هذا هو المشهور فيما بين القوم بل عن جملة من الاساطين دعوي الاجماع عليه. و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا اردت أن تحنط الميت فاعمد الي الكافور فامسح به آثار السجود منه و مفاصله كلها و رأسه و لحيته و علي صدره من الحنوط و قال: حنوط الرجل و المرأة سواء «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب التكفين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب: 14 من أبواب التكفين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 398

السبعة بالكافور (1)

______________________________

و لا يخفي ان المذكور في بعض النصوص كما في هذه الرواية عنوان المسح بالكافور و في بعضها الاخر عنوان الجعل أو الوضع لاحظ ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال فيه: و اجعل الكافور في مسامعه و أثر سجوده منه و فيه الحديث «1».

و مقتضي حمل المطلق علي

المقيد الالتزام بلزوم المسح و لا مجال لإبقاء المطلق علي حاله و عدم تقييده اذ لا يحتمل تعدد المطلوب و مع وحدة المطلوب لا مناص عن حمل المطلق علي المقيد.

و نقل عن الجواهر: الاشكال في وجوب التحنيط بتقريب: ان النصوص مشتملة علي جملة من المستحبات و بأنها مختلفة و وقوع بعضها في جواب السائل.

و شي ء مما ذكر لا يوجب القول بالاستحباب أما شمول النصوص علي جملة من المستحبات فلا يوجب رفع اليد عن ظهور الدليل في الوجوب بالنسبة الي الحنوط الذي ليس دليل علي استحبابه بل الاجماع و السيرة قائمان علي وجوبه. و أما اختلافها فايضا لا يوجب القول بالاستحباب فان الميزان في في الاختلاف أن يحمل المطلق علي المقيد حتي في المستحبات فانا ذكرنا في محله في الاصول انه لا فرق بين الواجب و المستحب في حمل المطلق علي المقيد و التفصيل موكول الي ذلك المقام. و أما وقوع بعضها في جواب السائل فعلي فرض عدم استفادة الوجوب منه تكون في غيره كفاية كما هو ظاهر.

(1) ادعي عليه الاجماع مضافا الي دلالة جملة من النصوص عليه: منها:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 399

و يكفي المسمي (1)

______________________________

ما رواه الحلبي «1» و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحنوط للميت فقال: اجعله في مساجده «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قال: اذا جففت الميت عمدت الي الكافور فمسحت به آثار السجود و مفاصله كلها و اجعل في فيه و مسامعه و رأسه و لحيته من الحنوط و علي صدره و فرجه و قال:

حنوط الرجل

و المرأة سواء «3».

و منها: ما رواه سماعة قال: و يجعل شيئا من الحنوط علي مسامعه و مساجده و شيئا علي ظهر الكفن «4».

(1) هذا هو المشهور- علي ما في كلام سيد المستمسك- بل عليه دعوي الاجماع و تقتضيه اصاله البراءة عن الزائد مضافا الي اطلاق النصوص لا سيما موثق عمار فانه قد ذكر في هذا الخبر مقدار الخرقة بقوله: ثم الخرقة عرضها قدر شبر و نصف» «5» و لم يذكر فيه مقدار الكافور بل صرح بقوله: «و أقلّ من الكافور» «6».

و في المقام نصوص ربما يتوهم لزوم رعاية المقدار: منها: مرفوعة علي بن ابراهيم عن ابيه رفعه قال: السنة في الحنوط ثلاثة عشر درهما و ثلث أكثره

______________________________

(1) لاحظ ص: 397

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب التكفين الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) الوسائل الباب 15 من أبواب التكفين الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 14 من أبواب التكفين الحديث: 4

(6) نفس المصدر

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 400

______________________________

و قال: ان جبرئيل عليه السلام نزل علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بحنوط و كان وزنه أربعين درهما فقسمها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ثلاثة أجزاء:

جزء له و جزء لعلي و جزء لفاطمة عليهما السلام «1». و لا دلالة في هذه الرواية علي لزوم مقدار معين كما هو ظاهر مضافا الي أنها مرفوعة.

و منها ما ارسله ابن أبي نجران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أقل ما يجزي من الكافور للميت مثقال «2». و هذه الرواية ضعيفة بالارسال و بسهل.

و منها ما ارسله الكافي عن الكاهلي و حسين بن مختار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: القصد (الفضل) من ذلك أربعة مثاقيل «3».

و لا اعتبار بالمرسل.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن يحيي الكاهلي و الحسين بن مختار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: القصد من الكافور أربعة مثاقيل «4». و الرواية ضعيفة بمحمد بن سنان.

و منها: ما ارسله عبد الرحمن بن أبي نجران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أقل ما يجزي من الكافور للميت مثقال و نصف «5». و الرواية ضعيفة بالارسال.

و مما ذكرنا تقدر علي الجواب من بقية النصوص الواردة في الباب 3 من

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب التكفين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 401

و الاحوط وجوبا أن يكون بالمسح باليد بل بالراحة (1) و الافضل أن يكون وزنه سبعة مثاقيل صيرفية (2) و يستحب سحقه باليد (3) كما يستحب مسح مفاصله (4) و لبته (5) و صدره (6)

______________________________

أبواب التكفين من الوسائل.

(1) قال سيد المستمسك: «لم اقف علي قول به أو نص عليه» انتهي.

و يمكن أن يكون الوجه في الاحتياط انصراف الاطلاق و للمناقشة مجال و لا سيما بالنسبة الي الراحة فان ادعاء الانصراف اليها في غاية الوهن و مقتضي اطلاق المسح عدم التقييد.

(2) قال في الحدائق: ينبغي أن يعلم ان ثلاثة عشر درهما و ثلثا الذي هو القدر الا علي من الحنوط يكون بالمثاقيل الشرعية التي هي عبارة عن الدنانير الرائجة التي لم تتغير في جاهلية و لا اسلام تسعة مثاقيل الصيرفية المعروفة بين الناس سبعة مثاقيل» «1» انتهي.

(3) لم نجد له دليلا و عن المعتبر «انه لم اتحقق مستنده و ذكره الشيخان».

(4) كما في خبر الحلبي «2» و غيره.

(5) كما في خبر

الكاهلي و حسين بن المختار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يوضع الكافور من الميت علي موضع المساجد و علي اللبة و باطن القدمين و موضع الشراك من القدمين و علي الركبتين و الراحتين و الجبهة و اللبة «3».

(6) كما في خبر الحلبي «4».

______________________________

(1) الحدائق ج 4 ص 27

(2) لاحظ ص: 397

(3) الوسائل الباب 16 من أبواب التكفين الحديث: 5

(4) لاحظ ص: 397

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 402

و باطن قدميه (1) و ظاهر كفيه (2).

[مسألة 266: محل التحنيط بعد التغسيل أو التيمم قبل التكفين أو في أثنائه]

(مسألة 266): محل التحنيط بعد التغسيل أو التيمم (3) قبل التكفين أو في أثنائه (4).

______________________________

(1) كما في خبر الكاهلي و حسين بن المختار «1».

(2) كما في خبر سماعة «2» علي نسخة.

(3) يظهر من كلام سيد المستمسك انه من الواضحات. و يدل عليه من النصوص ما رواه زرارة «3» و دلالة هذا الخبر علي المدعي لا تنكر لكن سندها مخدوش بمحمد بن خالد.

و يمكن أن يقال: في وجه لزوم كون التحنيط بعد الغسل انه لو كان قبل الغسل يلزم نقض الغرض فان المستفاد من النصوص ان المطلوب بقاء الحنوط علي بدن الميت و من الظاهر ان الغسل يزيله فلا اشكال في لزوم كونه بعده فلاحظ.

(4) أما قبل التكفين فجائز بلا أشكال و عليه السيرة الجارية في البلاد و الامصار بل يدل عليه خبر زرارة «4» و أيضا يدل عليه مرسل يونس ففيه قال عليه السلام: «ثم اعمد الي كافور مسحوق فضعه علي جبهته موضع سجوده الي آخره «5».

لكن الروايتين مخدوشتان سندا. و أما جوازه في الاثناء فيدل عليه ما رواه

______________________________

(1) لاحظ ص: 401

(2) لاحظ ص: 399

(3) لاحظ ص: 399

(4) لاحظ ص: 399

(5) الوسائل الباب 14 من أبواب التكفين الحديث: 3

مباني

منهاج الصالحين، ج 2، ص: 403

[مسألة 267: يشترط في الكافور أن يكون طاهرا مباحا مسحوقا له رائحة]

(مسألة 267): يشترط في الكافور أن يكون طاهرا (1) مباحا (2) مسحوقا (3) له رائحة (4).

[مسألة 268: يكره ادخال الكافور في عين الميت و أنفه]

(مسألة 268): يكره ادخال الكافور في عين الميت و أنفه

______________________________

عمار بن موسي حيث قال عليه السلام «ثم تكفنه» الي أن قال: «و اجعل الكافور في مسامعه و أثر السجود منه و فيه» الي أن قال «ثم عممه» «1» بل يمكن أن يقال: بأن المستفاد من هذه الرواية جوازه بعد التكفين- كما في عروة السيد اليزدي- اذ العمامة ليس من أجزاء الكفن فيجوز التأخير الي بعد التكفين.

(1) الظاهر انه لا دليل عليه و ربما يقال: بأن بدن الميت يتأثر بالكافور فاذا كان نجسا يتنجس بدنه و تطهير بدن الميت واجب.

و هذا علي فرض تماميته يتوقف علي الالتزام بتنجيس المتنجس و هو محل الكلام و الاشكال.

(2) بلا اشكال كاشتراط اباحة كفنه و التقريب هو التقريب.

(3) كما في خبر يونس «2» و لكنه مخدوش لإرساله. و تناسب الحكم و الموضوع يقتضي كونه مسحوقا فان المستفاد من النصوص اعتبار تأثر الاعضاء بالكافور و هو لا يحصل الا بالسحق.

(4) ما يمكن أن يقال في وجهه: ان الكافور من أقسام الطيب فاذا زال عنه رائحته صار فاسدا فينصرف عنه اللفظ كماء الورد الذي زال عنه رائحته و يؤيده سقوط الحنوط عن الميت المحرم مع جواز استعماله للمحرم اذا زال عنه رائحته- علي ما قيل- و الانصاف ان الجزم به مشكل و اللّه العالم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 402

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 404

و اذنه و علي وجهه (1).

______________________________

(1) النصوص الواردة في هذا المقام مختلفة فمنها ما يستفاد منه المنع مثل مثل ما رواه يونس قال فيه: و لا تجعل في منخريه و لا

في بصره و مسامعه و لا علي وجهه قطنا و لا كافورا «1».

و ما رواه عثمان النواء قال فيه: و لا تمس مسامعه بكافور «2» و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تجعل في مسامع الميت حنوطا «3».

و منها: ما يدل علي الجواز مثل ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: كيف أصنع بالحنوط؟ قال: تضع في فمه و مسامعه و آثار السجود من وجهه و يديه و ركبتيه «4» و ما رواه زرارة «5» و ما رواه سماعة «6» ما رواه عمار بن موسي «7» و ما رواه في المستدرك قال عليه السلام: و يجعل ذلك في مسامعه و فيه الحديث «8».

فلا بد من الجمع بين الطائفتين و قد نقل عن الشيخ: الجمع بينهما بحمل الاخبار النهي علي وضع الكافور في هذه المواضع بادخاله في الفم مثلا و حمل

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب التكفين الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب التكفين الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) لاحظ ص: 399

(6) لاحظ ص: 399

(7) لاحظ ص: 403

(8) المستدرك الباب 12 من أبواب التكفين الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 405

[الفصل الخامس في الجريدتين]
اشارة

الفصل الخامس في الجريدتين يستحب أن يجعل مع الميت جريدتان رطبتان (1) احداهما من الجانب الايمن من عند الترقوة ملصقة ببدنه و الاخري من الجانب

______________________________

الاخبار الآمرة علي المواضع بجعله فوقها مستدلا بقوله تعالي «وَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ» «1».

و لكن الاقرب الي الصواب حمل أخبار الجواز علي التقية لشهرة الاستحباب عند العامة- علي ما في الحدائق- بل قال في موضع من الكتاب المذكور:

«ان

العامة هنا متفقون علي استحباب وضع الحنوط في هذه المواضع» «2».

(1) قال سيد العروة في عروته: «من المستحبات الاكيدة عند الشيعة وضعهما مع الميت» انتهي.

و يدل علي المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه الصدوق قال: الذي يجب استعماله أن يوضع للميت جريدتان من النخل خضراوين «3».

و منها: ما رواه الحسن بن زياد الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

توضع للميت جريدتان واحدة في اليمين و اخري في الايسر قال: و قال:

الجريدة تنفع المؤمن و الكافر «4» و منها ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام «5».

______________________________

(1) طه/ 74

(2) الحدائق ج 4 ص 59

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب التكفين ذيل الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 406

الايسر من عند الترقوة بين القميص و الازار (1).

______________________________

(1) هذه الكيفية هي المشهورة عند القوم و ادعي عليه الاجماع في الغنية- علي ما قيل- و يدل عليه من النصوص ما رواه جميل بن دراج قال: قال: ان الجريدة قدر شبر توضع واحدة من عند الترقوة الي ما بلغت ما يلي الجلد و الاخري في الايسر من عند الترقوة الي ما بلغت من فوق القميص «1».

و يعارض هذه الرواية حديثه الاخر قال: سألته عن الجريدة توضع من دون الثياب أو من فوقها؟ قال: فوق القميص و دون الخاصرة فسألته من أي جانب؟ فقال: من الجانب الايمن «2».

و لا مرجح لإحدي الروايتين علي الاخري أما من الكتاب فظاهر و اما من حيث المخالفة مع العامة فالظاهر ان كلتيهما سيان من حيث المخالفة معهم اذ الشيخ قدس سره قال في كتاب الخلاف: «ان جميع الفقهاء مخالفون في هذا الحكم».

نعم علي مسلك

القوم لا بد من الاخذ بالحديث الاول اذ الرواية الثانية مورد اعراض المشهور و اعراضهم عن رواية توجب سقوطها عن الاعتبار لكن هذا المذهب قد أعرض عنه سيدنا الاستاد و تبعناه فلا بد من حيلة اخري في وجه التقديم.

و ما يمكن أن يقال في وجه الترجيح ان السيرة الخارجية جارية علي طبق الحديث الاول لكن لقائل أن يقول: بأن السيرة الخارجية يمكن أن يكون الوجه فيها هي الفتاوي.

و يؤيد قول المشهور حديث يحيي بن عبادة عن أبي عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب التكفين الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 407

و الاولي أن تكونا من النخل (1) فان لم يتيسر فمن السدر (2)

______________________________

قال تؤخذ جريدة رطبة قدر زراع و توضع و اشار بيده من عند ترقوته الي يده تلف مع ثيابه «1».

و يؤيده أيضا ما رواه الحسن بن زياد الصقيل «2» و يؤيده أيضا ما رواه فضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: توضع للميت جريدتان واحدة في الايمن و الاخري في الايسر «3».

و صفوة الكلام في هذا المقام انه لا بد من اتمام القول المشهور بالسيرة الخارجية.

(1) لحديث علي بن بلال أنه كتب اليه يسأله عن الجريدة اذا لم يجد يجعل بدلها غيرها في موضع لا يمكن النخل؟ فكتب يجوز اذا اعوزت الجريدة و الجريدة أفضل و به جاءت الرواية «4».

ان قلت: مقتضي هذه الرواية ان الجريدة أفضل في حال الاعواز و أما مع الامكان فتتعين قلت: مقتضي اطلاق قوله عليه السلام: ان الجريدة أفضل كونها أفضل حتي في حال الامكان مضافا الي أنه مع الاعواز لا أثر للأفضلية فتأمل.

(2) لحديث سهل بن زياد

عن غير واحد من أصحابنا قالوا: قلنا له: جعلنا اللّه فداك ان لم نقدر علي الجريدة؟ فقال: عود السدر قيل: فان لم نقدر علي السدر؟ فقال: عود الخلاف «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 405

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب التكفين الحديث: 6

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب التكفين الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 408

فان لم يتيسر فمن الخلاف أو الرمان (1) و الرمان مقدم علي الخلاف (2) و الا فمن كل عود رطب (3).

______________________________

(1) لحديث سهل و مرفوعة علي بن ابراهيم الآتية.

(2) يمكن ان الوجه فيه ما رواه علي بن ابراهيم قال: يجعل بدلها عود الرمان «1».

بتقريب: ان ضمير المؤنث يرجع الي الجريدة فبعد إعوازها تصل النوبة الي شجر الرمان و لكن لم يظهر وجه التقديم بعد اذ مقتضي ما ذكر التعارض بين الحديثين حيث يدل أحدهما علي تقديم السدر و الاخر علي تقديم الرمان و الحمل علي التخيير لا دليل عليه.

و الذي يخطر بالبال أن الوجه في نظر الماتن فيما أفاده انه يستفاد من الروايتين التخيير بين السدر و الرمان فالرمان مقدم علي الخلاف.

و لكن يرد عليه أولا: ما ذكرناه من أن مقتضي القاعدة التعارض و التساقط لا التخيير و ثانيا: انه علي هذا ما الوجه في تقديم السدر علي الرمان.

(3) لإطلاق حديث علي بن بلال أنه كتب الي ابي الحسن الثالث عليه السلام: الرجل يموت في بلاد ليس فيها نخل فهل يجوز مكان الجريدة شي ء من الشجر غير النخل؟ فانه قد روي عن آبائك (عليهم السلام) انه يتجافي عنه العذاب ما دامت الجريدتان رطبتين و أنها تنفع المؤمن و الكافر فاجاب عليه السلام: يجوز من شجر

آخر رطب «2».

فان مقتضي هذا الحديث كفاية كل عود رطب غاية الامر يقيد مع امكان الجريدة بها و كذلك بقية المذكورات.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 409

[مسألة 269: اذا تركت الجريدتان لنسيان أو نحوه فالأولي: جعلهما فوق القبر]

(مسألة 269) اذا تركت الجريدتان لنسيان أو نحوه فالاولي جعلهما فوق القبر واحدة عند رأسه و الاخري عند رجليه (1).

[مسألة 270: الأولي أن يكتب عليهما ما يكتب علي حواشي الكفن مما تقدم]

(مسألة 270): الاولي أن يكتب عليهما ما يكتب علي حواشي الكفن مما تقدم (2) و يلزم الاحتفاظ عن تلوثهما بما يوجب المهانة و لو بلفهما بما يمنعهما عن ذلك من قطن و نحوه (3).

[الفصل السادس في الصلاة عليه]
اشارة

الفصل السادس في الصلاة عليه تجب الصلاة وجوبا كفائيا علي كل ميت مسلم (4)

______________________________

(1) لحديث الصدوق قال: مر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله علي قبر يعذب صاحبه فدعا بجريدة فشقها نصفين فجعل واحدة عند رأسه و الاخري عند رجليه و انه قيل له: لم وضعتهما؟ فقال: انه يخفف عنه العذاب ما كانتا خضراوين «1».

(2) قيل انه ذكره جماعة كثيرة من الاصحاب و عن الغنية الاجماع عليه و باب الرجاء واسع.

(3) فان هتك حرمات اللّه حرام بلا اشكال.

(4) وقع الخلاف بين القوم في وجوب الصلاة علي المخالف للحق و حرمتها قال في الحدائق: «قال الشيخ في جملة من كتبه و ابن الجنيد و المحقق و أكثر المتأخرين بالوجوب و قال الشيخ المفيد قدس سره: و لا يجوز لأحد من أهل الايمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاية و لا يصلي عليه» «2» الي آخر كلامه

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب التكفين الحديث: 4

(2) الحدائق ج 10 ص: 360

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 410

______________________________

و اختار حرمتها لان المخالف كافر و لا يجوز الصلاة علي الكافر.

و استدل علي كفرهم بجملة من النصوص منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد رجلا يقول: أنا ابغض محمدا و آل محمد و لكن الناصب من نصب لكم و هو يعلم أنكم تتولونا و أنكم من شيعتنا «1».

و منها ما

رواه محمد بن أحمد بن زياد و موسي بن محمد بن علي بن عيسي قال:

كتبت اليه يعني علي بن محمد عليهما السلام أسأله عن الناصب هل أحتاج في امتحانه الي أكثر من تقديمه الجبت و الطاغوت و اعتقاد امامتهما؟ فرجع الجواب:

من كان علي هذا فهو ناصب «2».

و منها: ما رواه المعلي بن خنيس قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا يجد أحدا يقول: أنا ابغض آل محمد و لكن الناصب من نصب لكم و هو يعلم أنكم تتولونا و تبرءون من أعدائنا «3».

و منها: ما رواه الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان اللّه عز و جل نصب عليا عليه السلام علما بينه و بين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا و من أنكره كان كافرا و من جهله كان ضالا و من نصب معه شيئا كان مشركا «4».

و منها: ما رواه أبو حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ان عليا عليه السلام باب فتحه اللّه فمن دخله كان مؤمنا و من خرج منه كان كافرا

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 14

(3) الوسائل الباب 68 من أبواب قصاص النفس الحديث: 2

(4) الاصول من الكافي ج 1 ص: 437 الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 411

______________________________

و من لم يدخل فيه و لم يخرج منه كان في الطبقة الذين قال اللّه تبارك و تعالي:

لي فيهم المشيئة «1».

و منها: ما رواه أبو مالك الجهني قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

ثلاثة لا يكلمهم اللّه يوم القيامة و لا ينظر اليهم و لهم عذاب أليم: من

ادعي اماما ليست امامته من اللّه و من جحد اماما امامته من عند اللّه و من زعم أن لهما في الإسلام نصيبا «2».

و منها: ما رواه أبو حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: منا الامام المفروض طاعته من جحده مات يهوديا أو نصرانيا «3».

و منها ما رواه المفضل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ان اللّه جعل عليا عليه السلام علما بينه و بين خلقه ليس بينه و بينهم علم غيره فمن تبعه كان مؤمنا و من جحده كان كافرا و من شك فيه كان مشركا «4».

و منها ما رواه محمد بن حسان عن محمد بن جعفر عن أبيه عليه السلام قال: علي عليه السلام باب هدي من خالفه كان كافرا و من أنكره دخل النار «5».

و منها: ما رواه مروان بن مسلم قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: الامام علم فيما بين اللّه عز و جل و بين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا و من

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب حد المرتد الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) نفس المصدر الحديث: 13

(5) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 412

______________________________

أنكره كان كافرا «1».

و منها: ما رواه فرات بن ابراهيم الكوفي في تفسيره قال: حدثني الحسين بن سعيد معنعنا عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قال: لما نزلت هذه الاية وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتٰابِ إِلّٰا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا يرد أحد علي عيسي بن مريم عليه السلام ما جاء به فيه الا كان كافرا و

لا يرد علي علي بن أبي طالب عليه السلام أحد ما قال فيه النبي صلي اللّه عليه و آله الا كافر «2».

و منها: ما رواه صفوان الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لما نزلت الولاية لعلي عليه السلام قام رجل من جانب الناس فقال: لقد عقد هذا الرسول لهذا الرجل عقدة لا يحلها الا كافر الي أن قال: فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله هذا جبرئيل عليه السلام «3».

و منها: ما رواه يحيي بن القاسم عن جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: الائمة بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب و آخرهم القائم الي ان قال: المقرّ بهم مؤمن و المنكر لهم كافر «4».

و منها: ما رواه موسي بن عبد ربه عن الحسين بن علي عليهما السلام عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في حديث قال: من زعم أنه يحب النبي صلي اللّه عليه و آله و لا يحب الوصي فقد كذب و من زعم أنه يعرف النبي صلي اللّه عليه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 18

(2) نفس المصدر الحديث: 21

(3) نفس المصدر الحديث: 25

(4) نفس المصدر الحديث: 27

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 413

______________________________

و آله و لا يعرف الوصي فقد كفر «1».

و منها: ما رواه أبو خالد الكابلي عن علي بن الحسين عليهما السلام في حديث قال: و من أبغضنا وردنا أورد واحدا منا فهو كافر باللّه و بآياته «2».

و منها: ما رواه عمران الاشعري عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال:

ثلاثة لا ينظر اللّه اليهم و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم: من زعم أن اماما من ليس بامام و من

زعم في امام حق أنه ليس بامام و هو امام و من زعم ان لهما في الإسلام نصيبا «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال:

من اصبح من هذه الامة لا امام له من اللّه أصبح تائها متحيرا ضالا ان مات علي هذه الحال مات ميتة كفر و نفاق «4».

و منها: ما رواه احمد بن محمد بن مطهر قال كتب بعض أصحابنا الي أبي محمد عليه السلام يسأله عمن وقف علي أبي الحسن موسي عليه السلام فكتب:

لا تترحم علي عمك و تبرأ منه أنا الي اللّه منه بري ء فلا تتولهم و لا تشهد جنائزهم وَ لٰا تُصَلِّ عَليٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مٰاتَ أَبَداً من جحد اماما من اللّه أو زاد اماما ليست امامته من اللّه كان كمن قال: «إِنَّ اللّٰهَ ثٰالِثُ ثَلٰاثَةٍ» ان الجاحد أمر آخرنا جاحد أمر أولنا «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 28

(2) نفس المصدر الحديث: 29

(3) نفس المصدر الحديث: 33

(4) نفس المصدر الحديث: 37

(5) نفس المصدر الحديث: 40

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 414

______________________________

و منها: ما رواه أبو حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ان عليا عليه السلام باب فتحه اللّه عز و جل فمن دخله كان مؤمنا و من خرج منه كان كافرا «1».

و عن المنتهي عدم الخلاف في المسالة و عن التذكرة: أن الوجوب اجماعي.

و مما يدل علي الوجوب ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام قال: صل علي من مات من أهل القبلة و حسابه علي اللّه «2».

و هذه الرواية ضعيفة بطلحة حيث انه لم يوثق و مجرد قول الشيخ: «ان كتابه معتمد» لا يكون توثيقا له

مضافا الي أنه لا بد من ملاحظة جهة الاعتماد علي كتابه.

و منها: ما رواه غزوان السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: صلوا علي المرجوم من أمتي و علي القاتل نفسه من امتي لا تدعوا أحدا من امتي بلا صلاة «3» و هذه الرواية ضعيفة بغزوان السكوني.

و منها: ما رواه في الدعائم عن علي عليه السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله صلي علي امرأة ماتت في نفاسها من الزنا و علي ولدها و أمر بالصلاة علي البر و الفاجر من المسلمين «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 49

(2) الوسائل الباب 37 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) مستدرك الوسائل الباب 29 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 415

ذكرا كان أم انثي (1) حرا أم عبدا (2) مؤمنا أم مخالفا (3) عادلا أم فاسقا (4)

______________________________

و هذه الرواية لا اعتبار بها لإرسالها و ضعف اسناد هذه الروايات لا ينجبر بالعمل فلا دليل علي الوجوب.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: لا تجب الصلاة علي المخالف لكن لا تحرم الصلاة عليه لجملة من النصوص الدالة علي كيفية الصلاة علي المخالف المذكورة في الوسائل في الباب 4 من أبواب صلاة الجنازة.

منها ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا صليت علي عدو اللّه فقل: اللهم انا لا نعلم منه الا انه عدولك و لرسولك اللهم فاحش قبره نارا و احش جوفه نارا و عجل به الي النار فانه كان يوالي أعدائك و يعادي اوليائك و يبغض اهل بيت نبيك اللهم ضيق عليه قبره

فاذا رفع فقل:

اللهم لا ترفعه و لا تزك «1».

فالذي ينبغي أن يقال: ان الصلاة علي غير الاثني عشري لا تجب لقصور المقتضي و مع ذلك تجوز للأخبار المشار اليها و لكن كيف يمكن للفقيه الجزم بعدم الوجوب و الاحتياط طريق النجاة و اللّه العالم.

(1) كما هو ظاهر فان وجوب الصلاة علي ميت النساء من الواضحات اجماعا و نصا و سيرة.

(2) لا ينبغي التأمل فيه فان السيرة الخارجية جارية عليه و النصوص مطلقه بالنسبة اليه.

(3) قد مر الكلام فيه.

(4) هذا أيضا من الواضحات بحيث لا يعتريه الشك و قد صرح بالتعميم في

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 416

و لا تجب علي أطفال المسلمين (1) الا اذا بلغوا ست سنين (2)

______________________________

حديث الدعائم «1».

(1) الظاهر ان هذا هو المشهور فيما بين القوم كما أن مقتضي الاصل الاولي عدم الوجوب مع عدم المقتضي اضف الي ذلك ان النص الخاص يدل علي عدمه و لو في الجملة لاحظ ما رواه زرارة قال: مات ابن لأبي جعفر عليه السلام فاخبر بموته فأمر به فغسل و كفن و مشي معه و صلي عليه و طرحت خمرة فقام عليها ثم قام علي قبره حتي فرغ منه ثم انصرف و انصرفت معه حتي أني لا مشي معه فقال: أما انه لم يكن يصلي علي مثل هذا و كان ابن ثلاث سنين كان علي عليه السلام يأمر به فيدفن و لا يصلي عليه و لكن الناس صنعوا شيئا فنحن نصنع مثله قال: قلت: فمتي تجب عليه الصلاة؟ فقال: اذا عقل الصلاة و كان ابن ست سنين «2».

(2) قال في الحدائق: «هذا هو الاشهر و الاظهر و نقل

عن ابن ابي عقيل:

أنه لا تجب حتي يبلغ و نقل عن المرتضي قدس سره: أن الوجوب اجماعي» الي آخره.

و لا يخفي ان الاجماع المدعي في المقام يمكن أن يكون ناشئا عن النصوص الواردة في المقام منها: ما رواه زرارة و الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن الصلاة علي الصبي متي يصلي عليه؟ قال: اذا عقل الصلاة قلت:

متي تجب الصلاة عليه؟ فقال: اذا كان ابن ست سنين و الصيام اذا أطاقه «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 414

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 417

______________________________

و ربما يقال: بأنه لا يستفاد المدعي من الرواية لان المستفاد من الفقرة الثانية بيان حد وجوب الصلاة عليه اي الصلاة اليومية فلا ترتبط بالمقام و الفقرة الاولي خالية عن ذلك الحد و حمل عقل الصلاة علي الست بمناسبة الذيل مدفوع بأن الذيل لا يكون دليلا علي المدعي بل يقتضي خلاف المدعي للتصريح فيه بالست بخلاف الصدر.

ان قلت: ان ظاهر العطف وحدة المراد في المعطوف و المعطوف عليه.

قلت: بل ظاهر العطف المغايرة فلاحظ.

و منها: ما رواه زرارة «1» و لا يخفي ان الاشكال المذكور في الحديث الاول جار فيه أيضا لان عقل الصلاة مجهول و لا دليل علي كون العطف تفسيريا بل الظاهر خلافه.

و أما ما رواه الصدوق قال: و سئل أبو جعفر عليه السلام متي تجب الصلاة عليه؟ فقال: اذا عقل الصلاة و كان ابن ست سنين «2» فلا اعتبار به للإرسال.

لكن الذي يسهل الخطب ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في الصبي متي يصلي؟ قال: اذا عقل الصلاة قلت: متي يعقل الصلاة و تجب عليه؟

قال: لست سنين «3» فان المستفاد من هذه الرواية أنه اذا بلغ ست سنين يعقل الصلاة فيجب أن يصلي عليه بمقتضي تلك النصوص.

و ربما يتوهم أنه يقع التعارض بين حديث محمد بن مسلم و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الصبي أ يصلي

______________________________

(1) لاحظ ص: 416

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 418

______________________________

عليه اذا مات و هو ابن خمس سنين؟ فقال: اذا عقل الصلاة صلي عليه «1».

لكن الظاهر أنه لا تعارض بينهما اذ الراوي يسأل عن الصلاة علي ابن خمس سنين و الامام عليه السلام جعل الميزان في الصلاة عليه، عقل الصلاة و في تلك الرواية جعل الميزان في العقل ست سنوات فلا تعارض و لا اجمال فلاحظ.

و عن ابن أبي عقيل: انه استدل علي مدعاه و هو عدم وجوب الصلاة علي غير البالغ بأن الصلاة استغفار للميت و لا ذنب لغير البالغ كي يستغفر له.

و يرد عليه: أولا النقض بالصلاة علي المعصوم و ثانيا: بأنه اجتهاد في قبال النص. و استدل أيضا- علي ما نقل عنه- بما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن المولود ما لم يجر عليه القلم هل يصلي عليه؟ قال: لا انما الصلاة علي الرجل و المرأة اذا جري عليهما القلم «2».

و ما رواه هشام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال فيه: انما يجب أن يصلي علي من وجبت عليه الصلاة و الحدود و لا يصلي علي من لم تجب عليه الصلاة و لا الحدود «3».

و الجواب أما

عن حديث هشام فبضعف السند بحسين الحرسوسي (الجرسوسي) و أما عن حديث عمار فبأنه يعارضه حديث ابن جعفر المتقدم ذكره آنفا و الترجيح مع حديث ابن جعفر للأحدثية فلاحظ. و قال العلامة في المختلف و غيره: ان هذا محمول علي بلوغ ست سنين لأنه حينئذ يجري عليهما القلم بالتمرين

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 419

______________________________

لما مر «1».

و نقل عن ابن الجنيد: انه تجب الصلاة علي المستهل يعني من رفع صوته بالبكاء و يمكن الاستدلال علي مدعاه بحملة من النصوص: منها: ما رواه السكوني عن جعفر عن آبائه عليهم السلام قال: يورث الصبي و يصلي عليه اذا سقط من بطن امه فاستهل صارخا و اذا لم يستهل صارخا لم يورث و لم يصل عليه «2».

و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي.

و منها: مرسل أحمد بن محمد عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال:

قلت له: لكم يصلي علي الصبي اذا بلغ من السنين و الشهور؟ قال: يصلي عليه علي كل حال الا أن يسقط لغير تمام «3». و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها: ما رواه قدامة بن زائدة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:

ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله صلي علي ابنه ابراهيم فكبر عليه خمسا «4» و هذه الرواية ضعيفة بقدامة.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يصلي علي المنفوس و هو المولود الذي لم يستهل و لم يصح و لم يورث من الدية و لا من غيرها و اذا

استهل فصل عليه و ورثه «5» و منها ما رواه علي بن يقطين قال:

سألت أبا الحسن عليه السلام لكم يصلي علي الصبي اذا بلغ من السنين

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب صلاة الجنازة ذيل الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 420

______________________________

و الشهور؟ قال: يصلي عليه علي كل حال الا أن يسقط لغير تمام «1».

و هذه الطائفة تحمل علي التقية في قبال ما يدل علي عدم الوجوب قبل ست سنين لذهاب العامة الي الوجوب أو المشروعية و الشاهد علي التقية ما رواه زرارة في حديث أن ابنا لأبي عبد اللّه عليه السلام فطيما درج مات فخرج أبو جعفر عليه السلام في جنازته الي أن قال: فصلي عليه فكبر عليه أربعا ثم أمر به فدفن ثم أخذ بيدي فتنحي بي ثم قال: انه لم يكن يصلي علي الاطفال انما كان أمير المؤمنين عليه السلام يأمر بهم فيدفنون من وراء و لا يصلي عليهم و انما صليت عليه من أجل أهل المدينة كراهية أن يقولوا: لا يصلون علي أطفالهم «2».

و ما رواه علي بن عبد اللّه قال: سمعت أبا الحسن موسي عليه السلام يقول في حديث لما قبض ابراهيم بن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: يا علي قم فجهز ابني فقام علي عليه السلام فغسل ابراهيم و حنطه و كفنه ثم خرج به و مضي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حتي انتهي به الي قبره فقال الناس: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نسي أن يصلي علي ابراهيم لما دخله من الجزع عليه فانتصب قائما

ثم قال: ايها الناس أتاني جبرئيل بما قلتم زعمتم أني نسيت أن اصلي علي ابني لما دخلني من الجزع ألا و انه ليس كما ظننتم و لكن اللطيف الخبير فرض عليكم خمس صلوات و جعل لموتاكم من كل صلاة تكبيرة و أمرني أن لا اصلي الا علي من صلي «3».

فالنتيجة: ان مقتضي الصناعة الالتزام بعدم الوجوب قبل الست و اللّه العالم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 421

و في استحبابها علي من لم يبلغ ذلك و قد تولد حيا اشكال (1) و الاحوط الاتيان بها برجاء المطلوبية (2).

و كل من وجد ميتا في بلاد الإسلام فهو مسلم ظاهرا (3) و كذا لقيط دار الإسلام بل الكفر اذا احتمل كونه مسلما علي الاحوط (4).

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون منشأ الا اشكال ان مقتضي الصناعة ما ذكرنا فلا وجه للحكم بالاستحباب.

(2) لا اشكال في حسن الاحتياط و لكن لا ملزم له فلاحظ.

(3) في بعض الكلمات استظهار عدم الخلاف في المسألة و الحاقه بالمسلمين و عن المعتبر: أنه اذا وجد ميت في دار الإسلام غسل و كفن و صلي عليه و ان كان في دار الكفر يحكم بكفره الي آخره.

و لا يبعد أن تكون السيرة جارية علي الحاقه بالمسلمين و لكن في ثبوت اتصال السيرة بزمانهم عليهم السلام اشكال.

و يؤيد المدعي- لو لم يكن دالا عليه- ما رواه اسحاق بن عمار عن العبد الصالح عليه السلام أنه قال: لا بأس بالصلاة في الفراء اليماني و فيما صنع في ارض الإسلام قلت: فان كان فيها غير أهل الإسلام؟ قال: اذا كان الغالب عليها المسلمين

فلا بأس «1».

و يمكن استفادة المدعي عن الرواية. و لا يخفي انا قد قلنا: انه لا مقتضي للوجوب بالنسبة الي غير اهل الولاية و اللّه العالم.

(4) ما ذكر في المقام أن يمكن أن يذكر وجوه: الاول: الاجماع. و فيه ان المنقول منه لا يكون حجة و المحصل منه علي فرض حصوله محتمل المدرك.

______________________________

(1) الوسائل الباب 50 من أبواب النجاسات الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 422

______________________________

الثاني: احاديث الفطرة مثل ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت «فطرة اللّه التي فطر الناس عليها»؟ قال: التوحيد «1» و غيره مما ورد في الاصول من الكافي في باب فطرة الخلق علي التوحيد لاحظ ج 2 ص 12- 13.

و هذه الأحاديث تدل علي أن الفطرة الاولية علي التوحيد و لا تدل علي اسلام كل مولود كما هو ظاهر.

و أما حديث: ما من مولد يولد الا علي الفطرة فابواه اللذان يهودانه أو ينصرانه و يمجسانه» «2» فالظاهر ان سنده مخدوش بالعبيدي علي ما كتبه الحاجياني «في النخبة» مضافا الي أن اللازم كون أولاد الكفار مسلمين ما لم يهودوا أو ينصروا أو يمجسوا و هل يمكن الالتزام به.

الثالث: قوله عليه السلام: «الإسلام يعلو و لا يعلي عليه» «3» بتقريب ان علو الإسلام يقتضي تغليب احتمال الإسلام علي احتمال الكفر و الا يلزم الخلف.

و فيه: أن الحكم باسلام مجهول الحال لا يكون علوا للإسلام و عدم الحكم باسلامه لا يستلزم الحكم بكفره كي يلزم غلبة الكفر اضف الي ذلك أنه مرسل و المرسلات لاعتبار بها.

الرابع: الغلبة. و فيه أولا: ان هذا مخصوص بكون الاكثر في محل الالتقاط مسلما فالدليل اخص من الدعي. و ثانيا: ان الغلبة

لا توجب الظن باسلام

______________________________

(1) الاصول من الكافي ج 2 ص: 12

(2) الوسائل الباب 48 من أبواب جهاد العدو الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب موانع الارث الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 423

[مسألة 271 في كيفية صلاة الميت]

(مسألة 271) الاحوط في كيفيتها أن يكبر أولا و يتشهد الشهادتين ثم يكبر ثانيا و يصلي علي النّبيّ صلي اللّه عليه و آله ثم يكبر ثالثا و يدعو للمؤمنين ثم يكبر رابعا و يدعو للميت ثم يكبر خامسا و ينصرف (1)

______________________________

اللقيط و ثالثا: انه لا دليل علي اعتبار هذا الظن و هو بنفسه لا يغني من الحق شيئا.

الخامس: السيرة الجارية علي المعاملة معه معاملة الإسلام. و فيه: أولا: أنها مخصوص بلقيط دار الإسلام و ثانيا: انه يمكن أن يكون من باب ركون النفس علي كونه مسلما و الغفلة عن امكان عدمه.

السادس: ما دل علي كونه حرا. و فيه: انه لا ملازمة بين الحرية و الإسلام مضافا الي أن الحرية مقتضي الاصل كما ان مقتضاه عدم كونه مسلما فلاحظ.

(1) أما وجوب خمس تكبيرات فنقل عليه الاجماع من جملة من الاصحاب في كتبهم بل ادعي انها من ضروريات المذهب و الظاهر أن الامر كذلك.

اضف الي ذلك جملة من النصوص التي تدل علي المدعي: منها: ما رواه أبو ولاد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التكبير علي الميت فقال:

خمسا «1».

و منها غيره المذكور في الباب 5 من أبواب صلاة الجنازة من الوسائل.

و أما الواجب بين كل تكبيرة و اخري فالنصوص مختلفة فلا بد من النظر في مفاد ما يكون منها نقيا سندا و استفادة المطلوب منه.

فنقول: من تلك النصوص ما روته أم سلمة قالت: سمعت أبا عبد اللّه عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 5

من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 424

______________________________

السلام يقول: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اذا صلي علي ميت كبر و تشهد ثم كبر و صلي علي الانبياء و دعا ثم كبر و دعا للمؤمنين (و استغفر للمؤمنين و المؤمنات) ثم كبر الرابعة و دعا للميت ثم كبر الخامسة و انصرف فلما نهاه اللّه عز و جل عن الصلاة علي المنافقين كبر و تشهد ثم كبر و صلي علي النبيين ثم كبر و دعا للمؤمنين ثم كبر الرابعة و انصرف و لم يدع للميت «1». و هذه الرواية ضعيفة بام سلمة.

و منها: ما رواه اسماعيل عبد الخالق بن عبد ربه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الصلاة علي الجنائز تقول: اللهم أنت خلقت هذه النفس و أنت أمتها تعلم سرها و علانيتها أتيناك شافعين فيها شفعاء اللهم و لها ما تولت و احشرها مع من أحبت «2» و هذه الرواية ضعيفة بأحمد بن عبد الرحيم و لعله بغيره أيضا.

و منها: ما رواه كليب الاسدي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التكبير علي الميت فقال: بيده خمسا قلت: كيف اقول اذا صليت عليه؟ قال:

تقول: اللهم عبدك احتاج الي رحمتك و أنت غني عن عذابه اللهم ان كان محسنا فزد في احسانه و ان كان مسيئا فاغفر له «3». و هذه الرواية ضعيفة بكليب.

و منها: ما رواه علي بن سويد عن الرضا عليه السلام فيما نعلم قال: في الصلاة علي الجنائز: تقرأ في الاولي بام الكتاب و في الثانية تصلي علي النبي صلي اللّه عليه و آله و تدعو في الثالثة للمؤمنين و المؤمنات و تدعو في الرابعة لميتك

و الخامسة تنصرف بها «4» و هذه الرواية ضعيفة بحمزة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 425

______________________________

و منها: ما رواه يونس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الصلاة علي الجنائز التكبيرة الاولي استقتاح الصلاة و الثانية أشهد أن لا إله الا اللّه و أن محمدا رسول اللّه و الثالثة الصلاة علي النبي صلي اللّه عليه و آله و علي أهل بيته و الثناء علي اللّه و الرابعة له و الخامسة يسلم و يقف مقدار ما بين التكبيرتين و لا يبرح حتي يحمل السرير من بين يديه «1» و هذه الرواية ضعيفة بالمنقري.

و منها: ما رواه أبو بصير قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام جالسا فدخل رجل فسأله عن التكبير علي الجنائز فقال: خمس تكبيرات ثم دخل آخر فسأله عن الصلاة علي الجنائز فقال له: أربع صلوات فقال الاول: جعلت فداك سألتك فقلت خمسا و سألك هذا فقلت أربعا؟ فقال: انك سألتني عن التكبير و سألني هذا عن الصلاة ثم قال انها خمس تكبيرات بينهن أربع صلوات ثم بسط كفه فقال: انهن خمس تكبيرات بينهن اربع صلوات «2» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن يزيد.

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال: انما امروا الي أن قال: و انما جعلت خمس تكبيرات دون أن تصير أربعا أو ستا لان الخمس تكبيرات انما اخذت من الخمس الصلوات في اليوم و الليلة «3» و هذه الرواية ضعيفة بعبد الواحد بن محمد.

و لكن في قبال هذه النصوص نصوص نقية السند دالة علي وجوب

الذكر و الدعاء باختلاف مضامينها منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 21

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 426

______________________________

الصلاة علي الميت قال: تكبر ثم تصلي علي النبي صلي اللّه عليه و آله ثم تقول:

اللهم عبدك ابن عبدك ابن امتك لا أعلم (منه) إلا خيرا و أنت أعلم به (منا) اللهم ان كان محسنا فزد في احسانه (حسناته) و تقبل منه و ان كان مسيئا فاغفر له ذنبه و افتتح له في قبره و اجعله من رفقاء محمد صلي اللّه عليه و آله ثم تكبر الثانية و تقول: اللهم ان كان زاكيا فزكه و ان كان خاطئا فاغفر له ثم تكبر الثالثة و تقول: اللهم لا تحرمنا أجره و لا تفتنا بعده ثم تكبر الرابعة و تقول: اللهم اكتبه عندك في عليين و اخلف علي عقبه في الغابرين و اجعله من رفقاء محمد صلي اللّه عليه و آله ثم كبر الخامسة و انصرف «1».

و منها: الحديث: 3 و 5 و 6 و 11 من الباب الثاني من أبواب صلاة الجنازة من الوسائل.

فوجوب أصل الذكر او الدعاء مما لا اشكال فيه من حيث النص كما أنه هو المشهور أو مذهب الاكثر- علي ما في كلام بعض الاصحاب- بل عن ظاهر الخلاف الاجماع عليه فلا مجال لما عن المحقق قدس سره في الشرائع من عدم الوجوب و لا مجال للاستدلال عليه باصل البراءة و اطلاق جملة من الروايات بأن الصلاة علي الميت خمس تكبيرات اذ لا تصل النوبة الي الاصل مع النص كما أن مقتضي الصناعة تقييد المطلق بالمقيد.

و

ربما يقال: انه يستفاد من اختلاف النصوص في بيان الاذكار استحباب الذكر و الواجب هو التكبير فقط.

و لكن يشكل الجزم به بلا دليل خارجي مضافا الي أن غاية ما يستفاد من

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 427

______________________________

الاختلاف عدم تعيين ذكر خاص لا عدم وجوب مطلق الذكر.

و أما الحمل علي التخيير فايضا لا دليل عليه ان قلت: ان التخيير علي القاعدة اذ كل دليل يدل علي وجوب مورده و علي تعينه و لكن نعلم من الخارج عدم وجوب الجميع فيدور الامر بين رفع اليد عن أصل الدليل و رفع اليد عن اطلاقه و الضرورات تقدر بقدرها فترفع اليد عن الاطلاق و تكون النتيجة التخيير.

قلت: ما ذكرت من عدم وجوب الجميع صحيح لكن من الممكن ان الواجب هو المعين الواقعي و المفروض ان كل واحد من الدليلين يشير اليه.

و بعبارة اخري: كل واحد من الدليلين يدل علي أن الواجب في الواقع مدلوله فالتعارض بحاله و لا وجه للجمع بين الدليلين بالتخيير.

و ان شئت قلت: هذا الجمع جمع تبرعي و به يمكن الجمع بين جميع اقسام التعارض.

و بتقريب آخر: ان كل واحد من الدليلين ينفي مفاد الاخر مثلا ما يدل علي وجوب الظهر ينفي وجوب الجمعة و كذا ما يدل علي وجوب الجمعة ينفي وجوب الظهر و هذا معني التعارض فلا بد من العلاج.

نعم يمكن الالتزام بالتخيير ببركة جملة من الروايات و هي التي تدل علي أنه ليس في صلاة الميت شي ء موقت لاحظ ما رواه محمد بن مسلم و زرارة و معمر بن يحيي و اسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: ليس في الصلاة علي الميت قراءة

و لا دعاء موقت تدعو بما بدا لك و أحق الموتي أن يدعي له المؤمن و أن يبدأ بالصلاة علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله «1»:

و ما رواه محمد بن مسلم و زرارة انهما سمعا أبا جعفر عليه السلام يقول:

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 428

______________________________

ليس في الصلاة علي الميت قراءة و لا دعاء موقت الا أن تدعو بما بدا لك و أحق الاموات أن يدعي له و أن تبدأ بالصلاة علي النبي صلي اللّه عليه و آله «1».

فان هذه الطائفة حاكمة علي تلك الطائفة و تبين مفادها و بهذه الطائفة يرتفع التعارض الواقع بين تلك النصوص فيمكن أن يقال: ان المستفاد من مجموع الروايات انه يجب بين كل تكبيرة و اخري أن يأتي بذكر و قد صرح ببعض الاذكار في جملة من النصوص منها ما رواه أبو ولاد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التكبير علي الميت فقال: خمس تقول في أو لهن: أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له اللهم صل علي محمد و آل محمد ثم تقول: اللهم ان هذا المسجي قدامنا عبدك و ابن عبدك و قد قبضت روحه إليك و قد احتاج الي رحمتك و انت غني من (عن) عذابه اللهم انا لا نعلم من ظاهره الا خيرا و انت أعلم بسريرته اللهم ان كان محسنا (فزد في احسانه) فضاعف حسناته و ان كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته ثم تكبر الثانية و تفعل ذلك في كل تكبيرة «2».

و أيضا يستفاد انه ليس فيها دعاء موقت و لا بد من الاتيان بالتحميد و التسبيح و التهليل

بأن يشهد بالتوحيد اذ بالشهادة بالتوحيد و بالرسالة بعد التكبيرة الاولي يتحقق جميع هذه العناوين الثلاثة و الدليل علي وجوبها ما رواه يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجنازة اصلي عليها علي غير وضوء؟

فقال: نعم انما هو تكبير و تسبيح و تحميد و تهليل كما تكبر و تسبح في بيتك علي غير وضوء «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 5

(3) الوسائل الباب: 7 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 429

______________________________

و الافضل الابتداء بالصلاة علي محمد و الدليل عليه ما رواه زرارة و محمد بن مسلم «1».

و ان ابيت عن هذا الجمع و قلت: النصوص متعارضة نقول في المقام حديث رواه اسماعيل بن همام عن أبي الحسن عليه السلام قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: صلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله علي جنازة فكبر عليه خمسا و صلي علي اخري فكبر عليه أربعا فاما الذي كبر عليه خمسا فحمد اللّه و مجده في التكبيرة الاولي و دعا في الثانية للنبي صلي اللّه عليه و آله و دعا في الثالثة للمؤمنين و المؤمنات و دعا في الرابعة للميت و انصرف في الخامسة و أما الذي كبر عليه أربعا فحمد اللّه و مجده في التكبيرة الاولي و دعا لنفسه و أهل بيته في الثانية و دعا للمؤمنين و المؤمنات في الثالثة و انصرف في الرابعة فلم يدع له لأنه كان منافقا «2».

و نلتزم بمفاده لكونه احدث و هو التحميد بعد التكبير الاول و الدعاء للنبي صلي اللّه عليه و آله بعد الثاني و الدعاء للمؤمنين و المؤمنات في الثالث

و الدعاء للميت في الرابع لكن هذه الرواية ضعيفة بابراهيم بن مهزيار.

فالنتيجة: ان أصل الذكر و الدعاء واجبان في صلاة الميت و أما الترتيب المذكور في المتن فوجوبه محكي عن الخلاف و الوسيلة و الجمل و العقود و كذلك نسب الي عدة من الاساطين و نقل عن جملة من الاعيان نسبته الي المشهور و عن الشيخ نقل الاجماع عليه و تدل عليه من النصوص رواية أم سلمة «3» و لكن الظاهر ان المنقول عن الاصحاب اضافة المؤمنات الي

______________________________

(1) لاحظ ص: 427

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 9

(3) لاحظ ص: 423

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 430

و الاحوط استحبابا الجمع بين الادعية بعد كل تكبيرة (1) و لا قراءة فيها (2) و لا تسليم (3)

______________________________

المؤمنين و المذكور في المتن خصوص المؤمنين.

(1) يمكن أن يكون الوجه فيه حديث أبي ولاد «1».

(2) هذا من الواضحات و يدل علي المدعي من النصوص ما روي عن أبي جعفر عليه السلام «2».

و يدل علي خلاف المدعي ما رواه علي بن سويد «3» قال صاحب الوسائل: ان الشيخ حمل هذه الرواية علي التقية مضافا الي أن الرواية ضعيفة بحمزة بن بزيع.

و يدل علي مشروعية قرائه الحمد ما رواه عبد اللّه بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السلام كان اذا صلي علي ميت يقرأ بفاتحة الكتاب «4» و هذه الرواية ضعيفة بجعفر بن محمد بن عبد اللّه.

(3) هذا من الواضحات و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه اسماعيل بن سعد الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الصلاة علي الميت قال: أما المؤمن فخمس تكبيرات و أما المنافق فاربع و لا سلام

فيها «5».

و منها: ما رواه الحلبي و زرارة عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا: ليس في الصلاة علي الميت تسليم «6». و منها غير هما المذكور

______________________________

(1) لاحظ ص: 428

(2) لاحظ ص: 427

(3) لاحظ ص: 424

(4) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 4

(5) الوسائل الباب 9 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(6) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 431

و يجب فيها امور: منها: النية علي ما تقدم في الوضوء (1) و منها: حضور الميت فلا يصلي علي الغائب (2)

______________________________

في الباب 9 من أبواب صلاة الجنازة من الوسائل.

و في قبالها طائفة اخري من النصوص تنافيها منها ما رواه سماعة قال عليه السلام فيه: قل هذا حتي تفرغ من خمس تكبيرات فإذا فرغت سلمت عن يمينك «1» و منها: ما رواه يونس «2» و منها: ما رواه عمار قال عليه السلام في آخره «و تسلم» «3».

قال صاحب الوسائل: حمل الشيخ هذه الروايات علي التقية و كذلك غير الشيخ» و ربما يقال: انه يمكن أن يكون التسليم كناية عن الانصراف.

(1) اذ كل عبادة يحتاج اليها بلا اشكال.

(2) نقل عن بعض الاصحاب دعوي الاجماع عليه و عن بعض انه كذلك عند علمائنا مضافا الي جريان السيرة عليه و ان خلافه مستنكر في أذهان المتشرعة و يكفي لعدم الجواز عدم دليل علي المشروعية اذ العبادات توقيفية الا أن يقال:

انه اذا وصل الامر الي الشك فالبراءة محكمة.

و ربما يستدل علي الجواز بما روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله لما أتاه جبرئيل عليه السلام بنعي النجاشي بكي بكاء الحزين عليه و قال: ان أخاكم أصحمة- و هو اسم النجاشي- مات ثم خرج الي

الجبانة و صلي عليه و كبر سبعا فخفض اللّه له كل مرتفع حتي رأي جنازته و هو بالحبشة «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 425

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 11

(4) الوسائل الباب 18 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 432

و منها: استقبال المصلي القبلة (1).

______________________________

و الرواية ضعيفة بيوسف و يعارضها ما رواه محمد بن مسلم أو زرارة قال الصلاة علي الميت بعد ما يدفن انما هو الدعاء قال: قلت: فالنجاشي لم يصل عليه النبي صلي اللّه عليه و آله فقال: لا انما دعا له «1».

(1) ما يمكن أن يذكر في وجهه- أو ذكر- امور: منها: الاجماع فانه نقل عن كشف اللثام ادعاء الاجماع و نقل عن المدارك دعوي عدم الخلاف.

و من الظاهر انه لا يكون الاجماع المحصل في مثل هذه المسألة حجة فكيف بالمنقول منه اذ يحتمل استناد المجمعين الي الوجوه المذكورة و مما ذكرنا علم حال نقل عدم الخلاف.

و منها: ان العبادة كيفية متلقاة من الشارع فلا بد من رعاية ما يحتمل لزومه.

و فيه: ان البراءة محكمة في كل مورد يشك في شرطيته في الواجبات.

و منها ان المنقول عن النبي و الائمة عليهم السلام فعل الصلاة كذلك.

و فيه: انه علي تقدير صحة النقل لا يكون فعلهم عليهم السلام دليلا علي الوجوب.

و منها: ان عموم اشتراط الصلاة بكونها الي القبلة يقتضي ذلك. و فيه:

أولا منع العموم و ثانيا: ان صلاة الجنازة ليست صلاة كما صرح في بعض النصوص بأنها تهليل و تحميد «2».

و منها: مرسل ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في جنائز النساء و الرجال و الصبيان قال

يضع النساء مما يلي القبلة و الصبيان دونهم (نهن) و الرجل مما دون ذلك و يقوم الامام مما يلي الرجل «3». و فيه: ان المرسل لا اعتبار به.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 428 حديث يونس

(3) الوسائل الباب 32 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 433

______________________________

و منها: ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: أ رأيت ان فاتني تكبيرة أو أكثر قال: تقضي ما فاتك قلت: استقبل القبلة؟ قال: بلي و أنت تتبع الجنازة «1» و فيه: أن السند مخدوش بعمرو بن شمر و بغيره أيضا.

و منها: ما رواه أبو هاشم الجعفري قال: سألت الرضا عليه السلام عن المصلوب فقال: أما علمت أن جدي صلي اللّه عليه و آله صلي علي عمه؟ قلت:

أعلم ذلك و لكنني لا افهمه مبينا فقال: ابينه لك ان كان وجه المصلوب الي القبلة فقم علي منكبه الايمن و ان كان قفاه الي القبلة فقم علي منكبه الايسر فان بين المشرق و المغرب قبلة و ان كان منكبه الايسر الي القبلة فقم علي منكبه الايمن و ان كان منكبه الايمن الي القبلة فقم علي منكبه الايسر و كيف كان منحرفا فلا تزايلن مناكبه و ليكن وجهك الي ما بين المشرق و المغرب و لا تستقبله و لا تستدبره البتة «2».

فانه يفهم من هذه الروايه اشتراط استقبال القبلة غاية الامر يشترط استقبال أحد منكبي الميت و كلا الامرين يحصلان بالتوسعة في القبلة بجعلها ما بين المشرق و المغرب و نقل عن الكاشاني انه صرح بما ذكر في جامعه.

و بتقريب آخر: انه يستفاد من الرواية أن المصلي في حال الصلاة علي الميت لا بد أن

يكون علي كيفية مخصوصة و من المقطوع ان غير الهيئة المتعارفة بين المتشرعة لا يكون واجبا فينحصر الواجب في الهيئة المتداولة و هو المطلوب.

اضف الي ذلك السيرة العملية و الارتكاز في أذهان المتشرعة فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب التكفين الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 35 من أبواب الدفن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 434

و منها: أن يكون رأس الميت الي جهة يمين المصلي و رجلاه الي جهة يساره (1).

و منها: أن يكون مستلقيا علي قفاه (2).

______________________________

(1) كما عليه السيرة الخارجية بحيث يكون خلافه مستنكرا في نظر المتشرعة و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام- في حديث- أنه سئل عمن صلي عليه فلما سلم الامام فاذا الميت مقلوب رجلاه الي موضع رأسه قال: يسوي و تعاد الصلاة عليه و ان كان قد حمل ما لم يدفن فان دفن فقد مضت الصلاة عليه و لا يصلي عليه و هو مدفون «1».

فانه يستفاد من الرواية أنه لو صلي علي الميت و هو علي الوضع غير المعهود تكون الصلاة باطلة.

(2) نقل عن المهذب و غيره الاجماع عليه- علي ما نقل بعض الاعاظم- و عن الجواهر أنه لا اجد خلافا فيه و عن مفتاح الكرامة انه صرح جماعة بأنه لا بد أن يكون مستلقيا فلو كان مكبوبا أو علي أحد جانبيه لم يصح و ذكر في وجه الوجوب التأسي بفعل النبي صلي اللّه عليه و آله و الائمة عليهم السلام و بقاعدة الاشتغال.

و من الظاهر أن التأسي غير واجب و غاية ما في الباب الرجحان و أما قاعدة الاشتغال فلا مجري لها بل مقتضي القاعدة البراءة عن الاشتراط.

لكن الانصاف أن

السيرة الجارية مع الارتكاز في أذهان المتشرعة لا يبعد أن يكون دليلا علي المدعي مضافا الي دعاوي الاجماعات فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 435

و منها: وقوف المصلي خلفه محاذيا لبعضه (1) الا أن يكون مأموما و قد استطال الصف حتي خرج عن المحاذاة (2).

و منها: أن لا يكون المصلي بعيدا عنه علي نحو لا يصدق الوقوف عنده إلا مع اتصال الصفوف في الصلاة جماعة (3).

______________________________

(1) للسيرة الجارية و يكون خلافه مستنكرا في الاذهان.

(2) بلا اشكال لان الاشتراط يحتاج الي الدليل و من ناحية اخري الدليل قائم علي مشروعية الجماعة في صلاة الجنازة و المفروض صدق الموضوع و السيرة الخارجية شاهدة للمدعي فلاحظ.

(3) نقل عن المحقق الثاني: انه ادعي الاجماع عليه و السيرة الجارية عليه.

و يؤيد المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه عبد اللّه بن المغيرة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من صلي علي امرأة فلا يقوم في وسطها و يكون مما يلي صدرها و اذا صلي علي الرجل فليقم في وسطه «1».

و منها: ما رواه موسي بن بكر عن أبي الحسن عليه السلام قال: اذا صليت علي المرأة فقم عند رأسها و اذا صليت علي الرجل فقم عند صدره «2».

و منها: ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يقوم من الرجال بحيال السرة و من النساء من دون ذلك قبل الصدر «3».

فان صدق هذه العناوين المذكورة في هذه النصوص يستلزم عدم البعد

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3)

نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 436

و منها: أن لا يكون بينهما حائل من ستر أو جدار و لا يضر الستر بمثل التابوت و نحوه (1).

و منها: أن يكون المصلي قائما فلا نصح صلاة غير القائم الا مع عدم التمكن من صلاة القائم (2).

______________________________

المفرط نعم البعد الحاصل من طول الصف أو لكثرة الصفوف لا يضر بلا اشكال لجريان السيرة و من ناحية اخري ان الجماعة مشروعة في صلاة الجنازة و لأحد فيها للمأموم فالبعد بهذا النحو في بعض الاحيان مما لا بد منه فلاحظ.

(1) نقل عن المحقق الثاني- في فوائد الشارع- الاجماع عليه و السيرة جارية علي الصلاة بلا وجود حائل. و الانصاف ان اثبات المدعي بهذا المقدار مشكل الا أن يقال: بأن خلاف ما هو المتعارف مستنكر في أذهان أهل الشرع و هذا المقدار كاف للالتزام بالشرطية و مما ذكرنا علم أن الستر بالتابوت و نحوه لا بأس به لجريان السيرة عليه أيضا.

(2) ادعي عليه في الحدائق الاجماع و عن الذكري- بعد دعوي الاجماع عليه- قال: بل هو الركن الاظهر لان النبي صلي اللّه عليه و آله و الائمة عليهم السلام و الصحابة صلوا عليها قياما و التأسي واجب خصوصا في الصلاة لقول النّبيّ صلي اللّه عليه و آله: «صلوا كما رأيتموني اصلي و لقاعدة الاشتغال.

و لان الاصل بعد شغل الذمة عدم البراءة الا بالقيام فيتعين» «1».

و في الكل نظر أما الاجماع فالمنقول منه لا يكون حجة و أما المحصل فعلي تقدير تحققه محتمل المدرك بل مقطوعه و أما التأسي فليس واجبا الا فيما

______________________________

(1) الحدائق ج 10 ص: 423

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 437

و منها: الموالاة بين التكبيرات و الادعية (1).

______________________________

يكون الصدور

عنهم بنحو الوجوب و أما الرواية فضعيفة مضافا الي عدم كون صلاة الجنازة من أفراد الصلاة و أما قاعدة الاشتغال فلا مجال لها في المقام بل المرجع اصل البراءة لكن السيرة جارية علي لزوم القيام.

أضف الي ذلك حديث عمار الساباطي في بيان كيفية الصلاة علي جنائز متعددة قال عليه السلام فيه: «قام في الوسط فكبر خمس تكبيرات» «1».

هذا مع فرض الامكان و أما مع عدم الامكان فتصل النوبة الي جواز الجلوس.

ثم انه مع العجز فهل يكفي صلاة العاجز جالسا مع التمكن من صلاة القائم؟ الحق عدم الجواز اذ المستفاد من السيرة و الاجماع لزوم القيام فيها و مع فرض التمكن من الصلاة قائما في ضمن فرد آخر من المكلفين لا وجه للاكتفاء بالصلاة عن جلوس.

و ان شئت قلت: المفروض أن الواجب كفائي فالتكليف في الدرجة الاولي متوجه بالقادرين عن القيام فلا تكون صلاة الجالس مصداقا للمأمور به.

و بتقريب آخر لا طريق الي احراز مشروعية صلاة الجالس مع امكان الصلاة عن قيام.

ثم لا يخفي ان وجوب الصلاة عن جلوس مع عدم التمكن من القيام كأنه متسالم بين الاصحاب و استدل عليه بقاعدة الميسور و تلك القاعدة ليست تامة فان تم الاجماع التعبدي و التسالم الكاشف و الا فللمناقشة في الوجوب مجال و الادلة الدالة علي وجوب الجلوس مع عدم التمكن من القيام يشكل شمولها لصلاة الجنازة لأنها ليست من أفراد الصلاة بمقتضي النص كما مر.

(1) يمكن أن يستدل عليها بالسيرة الجارية بحيث يعد خلافها خارجا عن

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 437

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب صلاة

الجنازة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 438

و منها: أن تكون الصلاة بعد التغسيل و التحنيط و التكفين (1).

______________________________

المأمور به مضافا الي أن الظاهر من النصوص كذلك فانه يفهم من نصوص المقام أن الصلاة علي الجنازة مجموعة واحدة لها أجزاء و شرائط و يجب الاتيان بها مجتمعة الاجزاء و الشرائط و العرف ببابك فلاحظ.

(1) عن المدارك «ان هذا قول علمائنا كافة» و ربما يستدل علي الحكم المذكور بفعل النبي صلي اللّه عليه و آله و الائمة عليهم السلام و الصحابة فيكون خلافه تشريعا محرما.

و فيه: أنه علي تقدير الثبوت لا يستفاد منه الا مجرد الرجحان و أما الوجوب فلا و مع عدم ثبوت الوجوب لا يكون خلافه تشريعا كي يكون محرما.

و استدل علي المدعي في الحدائق بوجوب الاحتياط عند الشبهة بتقريب أن قوله صلي اللّه عليه و آله: حلال بين و حرام بين و شبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجي من المحرمات و من أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات و هلك من حيث لا يعلم» «1»، يدل علي وجوب الاحتياط.

و يرد عليه: أنه قد ثبت في محله من الاصول أن المرجع عند الشك البراءة لا الاحتياط و نقل عن الشهيد في الذكري أنه استدل علي المدعي بقوله عليه السلام «و لا يصلي عليه و هو عريان حتي تواري عورته «2»:

و لا يثبت المدعي لان عدم كونه عريانا أعم من التغسيل و التكفين فالعمدة السيرة الخارجية الجارية مؤيدة بنقل عدم الخلاف عن كشف اللثام و أنه قول علمائنا كافة- كما عن المدارك-.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب صفات القاضي الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 36 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 439

و قبل

الدفن (1).

و منها: أن يكون الميت مستور العورة و لو بنحو الحجر و اللبن ان تعذر الكفن (2).

و منها: اباحة مكان المصلي علي الاحوط الاولي (3).

______________________________

و يؤيد المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه علي بن جعفر «1» و منها: ما رواه خالد بن ماد القلانسي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل يأكله السبع أو الطير فتبقي عظامه بغير لحم كيف يصنع به؟ قال:

يغسل و يكفن و يصلي عليه و يدفن فاذا كان الميت نصفين صلي علي النصف الذي فيه قلبه «2».

(1) بلا اشكال فتوي و نصا لاحظ حديث عمار المتقدم ذكره «3» فانه يستفاد المدعي من هذا الحديث بوضوح.

(2) بلا اشكال فتوي و نصا لاحظ حديث عمار الوارد في ميت عريان قد لفظه البحر و لا يمكن ستر عورته قال عليه السلام يحفر له و يوضع في لحده و يوضع اللبن علي عورته فيستر عورته باللبن و بالحجر يصلي عليه ثم يدفن «4» فانه يدل علي المدعي بالصراحة.

(3) الظاهر ان التركيب انضمامي و ليس المقام مصداقا للغصب كي يقال:

انه تصرف في مال الغير فيكون محرما فلا يمكن أن يقع فردا للواجب اذ القيام من مقولة الوضع و الغصب من مقولة الاين و مع كون التركيب انضماميا لا وجه

______________________________

(1) لاحظ ص. 302

(2) الوسائل الباب 38 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 5

(3) لاحظ ص. 434

(4) الوسائل الباب 36 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 440

و منها: اذن الولي (1) الا اذا أوصي الميت بأن يصلي عليه شخص معين فلم يأذن له الولي و أذن لغيره فلا يحتاج الي الاذن (2).

[مسألة 272: لا يعتبر في الصلاة علي الميت الطهارة من من الحدث و باقي شرائط الصلاة الواجبة]

(مسألة 272): لا يعتبر في الصلاة علي الميت الطهارة

من من الحدث (3)

______________________________

للبطلان و الوجه في الاحتياط يمكن أن يكون للخروج عن شبهة الخلاف.

(1) لجملة من النصوص: منها: ما رواه ابن أبي عمير «1» و منها:

ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يصلي علي الجنازة أولي الناس بها أو يأمر من يحب «2» و منها ما رواه السكوني «3».

و هذه النصوص كلها ضعيفة أما الاولي فبالارسال و أما الثانية فبسهل و الارسال و أما الثالثة فبالنوفلي و قد مر الاشكال في الاولوية في فصل التغسيل فالحكم مبني علي الاحتياط.

(2) قد مر الكلام حول المسألة في فصل التغسيل و قلنا ان الولاية المقررة من قبل الشارع لا يبقي مجالا للوصاية فراجع.

(3) بشهادة جملة من النصوص المذكورة في الوسائل في الباب 21 و 22 من أبواب صلاة الجنازة منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الرجل تفجأه الجنازة و هو علي غير طهر قال: فليكبر معهم «4»

______________________________

(1) لاحظ ص: 292

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 299

(4) الوسائل الباب 21 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 441

و الخبث (1) و اباحة اللباس (2) و ستر العورة (3) و ان كان الاحوط اعتبار جميع شرائط الصلاة (4) بل لا يترك الاحتياط وجوبا بترك الكلام في أثنائها و الضحك و الالتفات عن القبلة (5).

[مسألة 273: إذا شك في أنه صلي علي الجنازة أم لا بني علي العدم]

(مسألة 273): اذا شك في أنه صلي علي الجنازة أم لا بني علي العدم (6) و اذا صلي و شك في صحة الصلاة و فسادها بني علي

______________________________

و منها: ما رواه يونس بن يعقوب «1».

(1) قال العلامة الطباطبائي قدس

سره:

و ليس من شروطها رفع الحدث قطعا كذا الأصحّ في رفع الخبث

و يكفي اطلاق الادلة و اصل البراءة و يؤيد المدعي ما يدل علي جواز صلاة الحائض و الجنب علي الميت و الغالب ملازمتهما للنجاسة الخبثية مضافا الي أنه يمكن أن يقال: ان الطهارة الحدثية اذا لم تكن شرطا فعدم الاشتراط بالنسبة الي الخبثية أولي فلاحظ.

(2) لعدم الدليل علي اشتراطها و مع عدمه المرجع البراءة.

(3) الكلام فيه هو الكلام فلاحظ.

(4) فانه طريق النجاة و به يخرج عن شبهة الخلاف.

(5) يمكن أن يقال: ان الوجه في الاحتياط بالنسبة الي هذه الامور انها تمحي الصورة الصلاتية. و بعبارة اخري: تنافي ما هو المرتكز عند المتشرعة فان ما يمحو الصورة المعهودة كالوثبة و الفعل الكثير يبطلها و اللّه العالم.

(6) للاستصحاب.

______________________________

(1) لاحظ ص. 428

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 442

الصحة (1) و اذا علم ببطلانها و جبت اعادتها علي الوجه الصحيح و كذا لو أدي اجتهاده أو تقليده الي بطلانها (2).

[مسألة 274: يجوز تكرار الصلاة علي الميت الواحد لكنه مكروه]

(مسألة 274): يجوز تكرار الصلاة علي الميت الواحد لكنه مكروه الا اذا كان الميت من أهل الشرف في الدين (3).

______________________________

(1) لقاعدة الفراغ.

(2) اذ الفاسد المأتي به بحكم العدم فيجب امتثال الامر بالاتيان بالفرد الصحيح.

(3) الاقوال في المقام مختلفة كما أن النصوص كذلك و حيث ان العمدة هي النصوص الواردة في المقام لا بد من ملاحظتها و استفادة ما ورد فيها فنقول:

ان جملة من الروايات يستفاد منها جواز التكرار منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كبر أمير المؤمنين عليه السلام علي سهل بن حنيف- و كان بدريا- خمس تكبيرات ثم مشي ساعة ثم وضعه و كبر عليه خمسة اخري فصنع به ذلك حتي كبر عليه

خمسا و عشرين تكبيرة «1».

لكن هذه الرواية واردة في مورد خاص و بالنسبة الي شخص مخصوص و من الممكن اختصاص جواز التكرار بمن يكون له جلالة كابن حنيف كما يدل علي هذا المدعي ما رواه عقبة عن جعفر قال: سئل جعفر عليه السلام عن التكبير علي الجنائز فقال: ذلك الي أهل الميت ما شاءوا كبروا فقيل: انهم يكبرون أربعا فقال: ذاك اليهم ثم قال: أما بلغكم أن رجلا صلي عليه علي عليه السلام فكبر عليه خمسا حتي صلي عليه خمس صلوات يكبر في كل صلاة

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 443

______________________________

خمس تكبيرات قال: ثم قال: انه بدري عقبي احدي و كان من النقباء الذين اختارهم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله من الاثني عشر و كان له خمس مناقب فصلي عليه لكل منقبة صلاة «1».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: كبر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله علي حمزة سبعين تكبيرة و كبر علي عليه السلام عندكم علي سهل بن حنيف خمسا و عشرين تكبيرة قال: كبر خمسا خمسا كلما أدركه الناس قالوا:

يا أمير المؤمنين لم ندرك الصلاة علي سهل فيضعه فيكبر عليه خمسا حتي انتهي الي قبره خمس مرات «2».

و الكلام في هذه الرواية هو الكلام مضافا الي أنها ضعيفة سندا بعلي بن أبي حمزة.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه الحسن بن زيد أنه قال: كبر علي بن أبي طالب عليه السلام علي سهل بن حنيف سبع تكبيرات- و كان بدريا- و قال:

لو كبرت عليه سبعين لكان أهلا «3» و قد ظهر الجواب مما ذكرنا.

و منها: ما

رواه عمرو بن شمر قال: قلت لجعفر بن محمد: جعلت فداك انا نتحدث بالعراق ان عليا عليه السلام صلي علي سهل بن حنيف فكبر عليه ستا ثم التفت الي من كان خلفه فقال: - انه كان بدريا- قال: فقال جعفر عليه السلام: انه لم يكن كذا و لكن صلي عليه خمسا ثم رفعه و مشي به ساعة ثم وضعه و كبر عليه خمسا ففعل ذلك خمس مرات حتي كبر عليه خمسا و عشرين

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 18

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 444

______________________________

تكبيرة «1».

و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي أن الرواية ضعيفة بعمرو بن شمر.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام- في حديث- قال:

ان النبي صلي اللّه عليه و آله لما توفي قام علي عليه السلام علي الباب فصلي عليه ثم أمر الناس عشرة عشرة يصلون عليه ثم يخرجون «2» و الكلام فيه هو الكلام.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام- في حديث- ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله صلي علي حمزة سبعين صلاة و كبر عليه سبعين تكبيرة «3» و الكلام فيه هو الكلام.

و منها: ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر- في حديث طويل- ان آدم لما مات فبلغ الي الصلاه عليه تقدم هبة اللّه فصلي عليه و جبرئيل خلفه و جنود الملائكة و كبر عليه ثلاثين تكبيرة فأمر جبرئيل فرفع خمسا و عشرين تكبيرة و السنة اليوم فينا خمس تكبيرات و قد كان يكبر علي أهل بدر تسعا و سبعا «4».

و هذه الرواية علي خلاف المدعي أدل اذ يستفاد منها أن السنة خمس تكبيرات اضف

الي ذلك ان المشروعية في ذلك الزمان لا أثر لها بالنسبة إلينا.

و منها: ما رواه: زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: صلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله علي حمزة سبعين صلاة «5» و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 21

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 445

______________________________

ضعف الرواية بسهل.

و منها: ما رواه الصدوق عن الرضا عليه السلام عن آبائه عن علي عليهم السلام قال كبر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله علي حمزة خمس تكبيرات و كبر علي الشهداء بعد حمزة خمس تكبيرات فأصاب حمزة سبعين تكبيرة «1» و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي ضعف الرواية.

و منها: ما رواه في الامالي باسناده عن ابن عباس أن النبي صلي اللّه عليه و آله صلي علي فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين عليه السلام صلاة لم يصل علي أحد قبلها مثل تلك الصلاة ثم كبر عليها أربعين تكبيرة فقال له عمار: لم كبرت عليها أربعين تكبيرة يا رسول اللّه؟ قال: نعم يا عمار التفت الي يميني فنظرت الي اربعين صفا من الملائكة فكبرت لكل صف تكبيرة «2» و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي ضعف الرواية بجعفر بن محمد بن مسرور بل بغيره.

و منها: ما ارسله الطبرسي عن سلمان الفارسي أنه قال: أتيت عليا عليه السلام و هو يغسل رسول اللّه و قد كان أوصي أن لا يغسله غير علي عليه السلام الي أن قال: فلما غسله و كفنه أدخلني و أدخل أبا ذر و المقداد و فاطمة و الحسن و الحسين و تقدم و

صففنا خلفه فصلي عليه ثم أدخل عشرة من المهاجرين و عشرة من الانصار فيصلون و يخرجون حتي لم يبق أحد من المهاجرين و الانصار الاصلي عليه «3» و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي ضعف السند بالارسال.

و منها: ما رواه أبو مريم عن أبي جعفر عليه السلام و ذكر حديث تجهيز

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 446

______________________________

رسول اللّه الي أن قال قال الناس: كيف الصلاة عليه؟ فقال علي عليه السلام:

ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله امامنا حيا فدخل عليه عشرة عشرة فصلوا عليه يوم الاثنين و ليلة الثلاثاء حتي الصباح و يوم الثلاثاء حتي صلي عليه كبيرهم و صغيرهم ذكرهم و انثاهم و صواحي المدينة بغير امام «1» و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي ضعف الرواية بأبي مريم.

و منها: ما رواه عيسي بن المستفاد عن أبي الحسن موسي بن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: كان فيما أوصي له رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: أن يدفن في بيته و يكفن بثلاثة أثواب: أحدهما يمان و لا يدخل قبره غير علي عليه السلام ثم قال: يا علي كن انت و فاطمة و الحسن و الحسين و كبروا خمسا و سبعين تكبيرة و كبر خمسا و انصرف الي أن قال: ثم رجال أهل بيتي يصلون علي أفواجا افواجا ثم نسائهم ثم الناس من بعد ذلك قال ففعلت «2» و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي ضعف الرواية بعيسي.

و منها: ما رواه أبو حمزة عن علي بن الحسين عليه السلام- في حديث وفات آدم عليه السلام- قال: فخرج هبة اللّه و صلي

عليه خمسا و سبعين تكبيرة سبعين لآدم و خمسة لأولاده «3».

و قد مر الجواب عن رواية قريبة مضمونا من هذه الرواية فراجع مضافا الي أنه لا يبعد أن يكون المراد بعلي الواقع في السند البطائني غير الموثق.

و منها: ما رواه فضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام- في حديث-

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 447

______________________________

قال: فلما جهزوه يعني آدم قال جبرئيل: تقدم يا هبة اللّه فصل علي أبيك فتقدم فكبر عليه خمسا و سبعين تكبيرة سبعين تفضلا لآدم عليه السلام و خمسا للسنة «1» و قد ظهر الجواب عن هذه الرواية فلا نعيد.

و منها: ما رواه أبو مريم الانصاري قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:

كفن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في ثلاثة أثواب الي أن قال: قلت: و كيف صلي عليه؟ قال: سجي بثوب و جعل وسط البيت فاذا دخل قوم داروا به و صلوا عليه و دعوا له ثم يخرجون و يدخل آخرون «2» و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي ضعف السند بأبي مريم.

و منها: ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الميت يصلي عليه ما لم يوار بالتراب و ان كان قد صلي عليه «3» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن.

و منها: ما رواه يونس بن يعقوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الجنازة لم ادركها حتي بلغت القبر اصلي عليها؟ قال: ان ادركتها قبل أن تدفن فان شئت فصل عليها «4» و هذه الرواية ضعيفة أيضا بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن.

و منها:

ما رواه عمرو بن شمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام- في حديث- ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله خرج علي جنازة امرأة من بني النجار فصلي عليها فوجدا لحفرة لم يمكنوا فوضعوا الجنازة فلم يجي ء قوم (أقوام) الا قال

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 15

(2) نفس المصدر الحديث: 16

(3) نفس المصدر الحديث: 19

(4) نفس المصدر الحديث: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 448

[مسألة 275: لو دفن الميت بلا صلاة صحيحة صلي علي قبره]

(مسألة 275): لو دفن الميت بلا صلاة صحيحة صلي علي قبره (1).

______________________________

لهم صلوا عليها «1» و هذه الرواية ضعيفة بعمرو بن شمر.

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي عدم المشروعية منها: ما رواه الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عليهما السلام أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله صلي علي جنازة فلما فرغ منها جاء قوم لم يكونوا أدركوها فكلموه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن يعيد الصلاة عليها فقال لهم: قد قضيت الصلاة عليها و لكن ادعوا لها «2».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله صلي علي جنازة فلما فرغ جاء قوم فقالوا فاتتنا الصلاة عليها فقال: ان الجنازة لا يصلي عليها مرتين ادعوا لها و قولوا خيرا «3».

و منها: ما رواه وهب ابن وهب عن جعفر عن أبيه عليهما السلام أن رسول اللّه عليه و آله صلي علي جنازة فلما فرغ جاءه ناس فقالوا: يا رسول اللّه لم ندرك الصلاة عليها فقال: لا يصلي علي جنازة مرتين و لكن ادعوا له «4».

و الرواية الثانية ان كانت ضعيفة بغياث بن كلوب ففي الاولي و الثالثة كفاية و مقتضي الجمع بين

الطائفتين أن يقال: ان كان الميت من أهل الشرف في الدين كأبي ذر و أضرابه يستحب التكرار و الا فلا و اللّه العالم.

(1) الاقوال في المقام مختلفة كما أن النصوص الواردة عن أهل بيت الطهارة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 22

(2) نفس المصدر الحديث: 13

(3) نفس المصدر الحديث: 23

(4) نفس المصدر الحديث: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 449

______________________________

متفاوتة و حيث ان العمدة هي النصوص يكون اللازم ملاحظتها و استفادة الحكم الشرعي منها فنقول:

من تلك الروايات ما رواه ما لك مولي الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا فاتتك الصلاة علي الميت حتي يدفن فلا بأس بالصلاة عليه و قد دفن «1» و هذه الرواية ضعيفة بمالك مضافا الي أن الظاهر منها أنها ناظرة الي تكرار الصلاة لا أصل الصلاة.

و منها: ما رواه عمرو بن جميع عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اذا فاتته الصلاة علي الجنازة صلي علي قبره «2» و هذه الرواية ضعيفة بعمرو بن جميع مضافا الي أن الظاهر منها تكرار الصلاة.

و منها: ما رواه جعفر بن عيسي قال: قدم أبو عبد اللّه عليه السلام مكة فسألني عن عبد اللّه بن أعين فقلت مات قال: مات؟ قلت: نعم قال: فانطلق بنا الي قبره حتي نصلي عليه هاهنا فرفع يديه يدعوا و اجتهد في الدعاء و الترحم عليه «3» و هذه الرواية ضعيفة بحسين بن موسي مضافا الي أن الظاهر منها تكرار الصلاة اضف الي ذلك ان المراد من الصلاة هو الدعاء للميت.

و منها: ما رواه الشيخ في الخلاف: انه يصلي علي القبر الي ثلاثة أيام «4» و من الظاهر ضعف الرواية و لا جابر

لها.

و منها: ما عن الفقه الرضوي: فان لم نلحق الصلاه علي الجنازة حتي يدفن

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 450

______________________________

فلا بأس بأن تصلي بعد ما دفن «1» و فيه: أولا: أن السند ضعيف و ثانيا:

أن الظاهر من الخبر تكرار الصلاة و ثالثا: قد صرح فيه بعدم البأس فعلي كل لا يستفاد منه الوجوب.

و منها: ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس أن يصلي الرجل علي الميت بعد ما يدفن «2» و هذه الرواية و ان كانت تامة سندا لكن لا يستفاد منها الا الجواز و أما الوجوب فلا.

ان قلت: لا اشكال في وجوب الصلاة علي الميت لقوله صلي اللّه عليه و آله: لا تدعوا أحدا من امتي بلا صلاة «3» فاذا ثبت جواز الصلاة بعد الدفن بحديث هشام يتعين الاتيان بها و لو بعده.

و يرد عليه: أن الحديث ضعيف بالسكوني كما مر و أما استصحاب بقاء الوجوب فلا يجري لمعارضته باستصحاب عدم الجعل الزائد.

و يستفاد النهي و المنع عن الصلاه علي الميت بعد الدفن من جملة من النصوص: منها: ما رواه يونس بن ظبيان عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن يصلي علي قبر أو يقعد عليه أو يبني عليه (او يتكي عليه) «4» و في دلالة هذه الرواية علي المدعي تأمل فتأمل.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن رجل من أهل الجزيرة قال: قلت للرضا

______________________________

(1) فقه الرضا ص 19

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب صلاة

الجنازة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 37 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 18 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 451

ما لم يتلاش بدنه (1).

[مسألة 276: يستحب أن يقف الامام و المنفرد عند وسط الرجل و صدر المرأة]

(مسألة 276). يستحب أن يقف الامام و المنفرد عند وسط الرجل و صدر المرأة (2).

______________________________

عليه السلام يصلي علي المدفون بعد ما يدفن؟ قال: لا لو جاز لأحد جاز لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: بل لا يصلي علي المدفون بعد ما يدفن و لا علي العريان «1».

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: و لا يصلي عليه و هو مدفون «2» و منها: ما رواه عمار «3» أيضا و منها ما رواه يونس «4» و منها: ما رواه عمار «5».

و عن المعتبر انه لا تجب الصلاة بعد الدفن و لكن تجوز و عن المدارك الميل اليه و الظاهر أن هذا هو مقتضي النصوص الواردة في المقام فان المستفاد من حديث هشام «6» جواز الصلاة بعد الدفن فما أفاده في الحدائق من عدم الدليل عليه ليس كذلك.

فالنتيجة: انه لا دليل علي الوجوب و ان كان الاحتياط مما لا ينبغي تركه بل لا يترك.

(1) لم يظهر لي وجه هذا التقييد و اللّه العالم.

(2) قال في الحدائق: «و من المستحبات أن يقف الامام عند وسط الرجل و صدر المرأة علي المشهور «7» الخ. و يدل علي المدعي ما رواه عبد اللّه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) لاحظ ص: 447

(4) لاحظ ص: 447

(5) لاحظ ص: 301

(6) لاحظ ص: 450

(7) الحدائق ج 10 ص 427

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 452

[مسألة 277: إذا اجتمعت جنائز متعددة جاز تشريكها بصلاة واحدة]

(مسألة 277): اذا اجتمعت جنائز متعددة جاز تشريكها بصلاة واحدة فتوضع الجميع امام المصلي مع المحاذاة بينها (1).

______________________________

بن المغيرة «1» و ما رواه جابر «2».

(1) لا يبعد أن يكون الجواز مقتضي القاعدة الاولية لان الواجب الصلاة علي الميت و

مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين أنحائها كما أن مقتضي اصالة البراءة عن التقييد ذلك.

مضافا الي النصوص الخاصة الدالة علي الجواز منها ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يصلي علي ميتين أو ثلاثة موتي كيف يصلي عليهم؟ قال: ان كان ثلاثة أو اثنين أو عشرة أو أكثر من ذلك فليصل عليهم صلاة واحدة يكبر عليهم خمس تكبيرات كما يصلي علي ميت واحد و من (قد) صلي عليهم جميعا يضع ميتا واحدا ثم يجعل (رأس) الثالث الي ألية الثاني شبه المدرج حتي يفرغ منهم كلهم ما كانوا فاذا سواهم هكذا قام في الوسط فكبر خمس تكبيرات يفعل كما اذا صلي علي ميت واحد سئل فان كان الموتي رجالا و نساء؟ قال: يبدأ بالرجال فيجعل رأس الثاني الي ألية الاول حتي يفرغ من الرجال كلهم ثم يجعل رأس المرأة الي ألية الرجل الاخير ثم يجعل رأس المرأة الاخري الي ألية المرأة الاولي حتي يفرغ منهم كلهم فاذا سوي هكذا قام في الوسط وسط الرجال فكبر و صلي عليهم كما يصلي علي ميت واحد «3» و غيرها من الروايات الواردة في الباب 32 من أبواب صلاة الجنازة من الوسائل.

______________________________

(1) لاحظ ص. 435

(2) لاحظ ص: 435

(3) الوسائل الباب 32 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 453

و الاولي مع اجتماع الرجل و المرأة أن يجعل الرجل أقرب الي المصلي (1) و يجعل صدرها محاذيا لوسط الرجل (2) و يجوز جعل الجنائز صفا واحدا فيجعل رأس كل واحد عند ألية الاخر شبه الدرج و يقف المصلي وسط الصف و يراعي في الدعاء بعد التكبير الرابع تثنية الضمير و جمعه (3).

[مسألة 278: يستحب في صلاة الميت الجماعة]

(مسألة 278):

يستحب في صلاة الميت الجماعة (4) و يعتبر

______________________________

(1) كما دل عليه ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال:

سألته عن الرجال و النساء كيف يصلي عليهم؟ قال: الرجال أمام النساء مما يلي الامام يصف بعضهم علي أثر بعض «1».

(2) قال السيد اليزدي قدس سره في عروته: «ليدرك الاستحباب بالنسبة الي كل منها».

(3) كما ذكر بهذا النحو في حديث عمار «2».

(4) للتأسي و الاجماع بقسميه علي ذلك و علي عدم وجوبها فيكفي صلاتها فرادي هكذا في الجواهر و أما قوله صلي اللّه عليه و آله في حديث السكوني:

صلوا علي المرجوم من امتي «3» فلا يدل علي وجوب الجماعة بل خطاب لكل احد لا للجميع و الا لوجبت علي جميع الناس.

و يمكن أن يستدل علي المدعي بما رواه اليسع بن عبد اللّه القمي قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي علي جنازة وحده؟ قال: نعم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) لاحظ ص. 452

(3) الوسائل الباب 37 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 454

في الامام أن يكون جامعا لشرائط الامامة من البلوغ (1) و العقل (2)

و الايمان (3) بل يعتبر فيه العدالة أيضا علي الاحوط وجوبا (4)

______________________________

قلت: فاثنان يصليان عليهما؟ قال: نعم و لكن يقوم الاخر خلف الاخر و لا يقوم بجنبه «1».

فانه يستفاد من هذه الرواية مشروعية الجماعة في صلاة الجنازة فاذا شرعت تكون مستحبة فتأمل.

و عن مفتاح الكرامة: «ان الاجماع علي استحبابها مستفيض بل كاد أن يكون متواترا».

(1) لا يبعد أن يكون الوجه فيما أفاده أن صلاة غير البالغ لا يجزي كما سيجي ء في كلام الماتن.

(2) فان العقل يعتبر في صحة العبادة اضف الي ذلك ما رواه أبو بصير

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: خمسة لا يؤمون الناس علي كل حال: المجذوم و الابرص و المجنون و ولد الزنا و الاعرابي «2» و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لا يصلين أحدكم خلف المجذوم و الابرص و المجنون و المحدود و ولد الزنا و الاعرابي لا يؤم المهاجرين «3».

(3) لفساد عبادة المخالف.

(4) قال في الحدائق: «و يظهر من العلامة في المنتهي الاتفاق علي ذلك» انتهي «4» و لقائل أن يقول: أنه لو لا الاتفاق لأمكن أن يقال: بعدم الاشتراط

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) الحدائق ج 10 ص 388

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 455

بل الاحوط وجوبا اعتبار شرائط الجماعة من انتفاء البعد و الحائل و أن لا يكون موقف الامام اعلي من موقف المأموم و غير ذلك (1).

[مسألة 279: إذا حضر شخص في أثناء صلاة الامام كبر مع الامام و جعله أول صلاته]

(مسألة 279): اذا حضر شخص في أثناء صلاة الامام كبر مع الامام و جعله أول صلاته (2)

______________________________

لأصالة البراءة عنه بتقريب أن الاصل المشروعية و انما الكلام في الشرط و مقتضي استصحاب عدم جعل الاشتراط كذلك.

و لا يخفي أن صلاة الجنازة ليست صلاة فلا مجال للتمسك بدليل شرطية العدالة في امام الجماعة.

(1) الذي يختلج بالبال أن يقال ما يكون شرطا في تحقق القدوة عرفا يعتبر اذ بدونه لا يتحقق المطلوب و كذا ما يكون شرطا في الاقتداء شرعا اذ لا بد من اشتراطه فان المفروض اشتراطه في القدوة و أما ما يكون شرطا في صلاة الجماعة فلا وجه لاشتراطه لعدم كون صلاة الميت من أفراد الصلاة فتصل النوبة

الي الاصل العملي و مقتضاه عدم الاشتراط كما ذكرنا فلاحظ.

ان قلت: مقتضي الاستصحاب أن الشارع لم يلاحظ الاطلاق فلا طريق لإثباته. قلت: او لا ينقض بالاقل و الاكثر الارتباطيين اذ الكلام فيهما هو الكلام.

و ثانيا أن الاستصحاب المذكور معارض بعدم لحاظ التقييد فتصل النوبة الي البراءة و النتيجة الاكتفاء بالاطلاق نعم لا يبعد أن يقال: في جميع هذه الموارد لا يمكن الجزم بكون المأتي به محبوبا للمولي لعدم تعلق الامر الا بالكل و المفروض ان الكل حاله غير معلوم.

(2) بلا خلاف فيه بل الاجماع بقسميه عليه- كما في الجواهر- و تدل علي المدعي جملة من النصوص؟ منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 456

و تشهد الشهادتين بعده و هكذا يكبر مع الامام و يأتي بما هو وظيفة نفسه فاذا فرغ الامام أتي ببقية التكبير (1) بلا دعاء (2).

______________________________

أنه قال: اذا أدرك الرجل التكبيرة أو التكبيرتين من الصلاة علي الميت فليقض ما بقي متتابعا «1».

و منها: ما رواه عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدرك من الصلاة علي الميت تكبيرة قال: يتم ما بقي «2».

و منها: ما رواه زيد الشحام «3».

(1) فان الظاهر من نصوص الباب أن يعمل علي طبق وظيفته فعلي تقدير لزوم الاتيان بالشهادتين يلزم عليه أن يتشهد بعد التكبيرة الاولي.

(2) لا يبعد أن يستفاد المدعي من حديث الحلبي «4» و لا يبعد أن يستفاد من حديث علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يدرك تكبيرة أو تكبيرتين علي ميت كيف يصنع؟ قال: يتم ما بقي من تكبيرة و يبادر رفعه و يخفف «5».

و

في المقام رواية ربما يستفاد منها ما ينافي المستفاد من تلك الطائفة و هي ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يقول: لا يقتضي ما سبق من تكبير الجنازة «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 455

(5) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 7

(6) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 457

و ان كان الدعاء أحوط (1).

[مسألة 280: لو صلي الصبي علي الميت لم تجز صلاته عن صلاة البالغين]

(مسألة 280) لو صلي الصبي علي الميت لم تجز صلاته عن صلاة البالغين و ان كانت صلاته صحيحة (2).

[مسألة 281: إذا كان الولي للميت امرأة جاز لها مباشرة الصلاة و الاذن لغيرها ذكرا كان أم انثي]

(مسألة 281): اذا كان الولي للميت امرأة جاز لها مباشرة الصلاة و الاذن لغيرها ذكرا كان أم انثي (3).

______________________________

لكن هذه الرواية ضعيفة سندا بحسن بن موسي الخشاب فانه لم يوثق فلا يهم ما يستفاد من مضمونها.

(1) فانه طريق النجاة و خروج عن شبهة الخلاف. و لقائل أن يقول: كيف يكون موافقا للاحتياط و الحال أن الظاهر من حديث الحلبي التتابع و اللّه العالم.

(2) ما يمكن أن يقال في هذا المقام أن التكليف متوجه الي البالغين و مقتضي الاطلاق بقائه حتي بعد صلاة غير البالغ و بعبارة اخري: التكليف متوجه الي البالغين و سقوط الواجب بفعل غير المكلف خلاف القاعدة.

لكن يرد عليه أنه لو قلنا بمشروعية عبادة الصبي- كما عليه الماتن- فلا قصور في عمله فلا وجه لعدم الاجزاء.

(3) نقل عليه عدم الخلاف و الاجماع و يدل علي أصل جواز تصدي المرأة للصلاة كون صلاة الميت من الواجبات الكفائية فالمرأة مكلفة بهذا التكليف كالرجل و يمكن استفادة المدعي من مشروعية الامامة لها قال في الجواهر «و يجوز أن تؤم المرأة النساء بلا خلاف اجده بل في التحرير الاجماع عليه» و يدل علي جواز امامتها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: المرأة تؤم النساء؟ قال: لا، الا علي الميت اذا لم يكن أحد أولي منها تقوم وسطهن

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 458

[مسألة 282: لا يتحمل الإمام في صلاة الميت شيئا عن المأموم]

(مسألة 282): لا يتحمل الامام في صلاة الميت شيئا عن المأموم (1).

[مسألة 283: قد ذكروا للصلاة علي الميت آدابا]

(مسألة 283: قد ذكروا للصلاة علي الميت آدابا: منها أن يكون المصلي علي طهارة (2) و يجوز التيمم مع وجدان الماء إذا خاف

______________________________

في الصف معهن فتكبر و يكبرن «1».

و المستفاد من هذه الرواية انه يجوز الامامة لها بشرط أن لا يكون أولي منها و لا يبعد أن يكون المراد بالاولي من يتقدم عليها بالمرجحات الشرعية و ليس الحديث ناظرا الي كونها وليا اذ لو كان المراد هذا المعني لم يكن وجه للاشتراط فان الصلاة تجوز لغير الولي باذنه.

و بعبارة اخري. الولاية لا تكون مانعة عن صلاة غير الولي و أما خبر جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا لم يحضر الرجل الميت تقدمت امرأة وسطهن الحديث «2» فلضعف سنده لا يكون قابلا للاستدلال به مضافا الي المناقشة في دلالته و صفوة القول ان المستفاد من عبارة المتن عدم جواز مباشرة المرأة للصلاة الا أن تكون وليا و الحال انه لا دليل عليه ظاهرا فما أفاده الماتن لا ينطبق علي القاعدة.

(1) لعدم المقتضي فان التحمل يحتاج الي الدليل و مع عدمه تكون الادلة الاولية مقتضية لان يأتي كل من يصلي علي الميت بالمركب بلا نقص فيه فلا وجه للسقوط.

(2) قال في الجواهر: «و من السنن أيضا أن يكون المصلي متطهرا بلا خلاف بل في المحكي عن التذكرة نسبته الي علمائنا مشعرا بدعوي الاجماع عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 65 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 459

فوت الصلاة ان توضأ أو اغتسل (1).

و منها: رفع اليدين عند التكبير (2).

______________________________

بل في المحكي عن الخلاف و الغنية الاجماع عليه و

هو الحجة» انتهي.

و يدل عليه من النصوص ما رواه عبد الحميد بن سعد قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام الجنازة يخرج بها و لست علي وضوء فان ذهبت أتوضأ فاتتني الصلاة أ يجزيني أن اصلي عليها و أنا علي غير وضوء؟ فقال: تكون علي طهر احب إلي «1».

مضافا الي أن التناسب بين الحكم و الموضوع يقتضي رجحان الطهارة فان الصلاة علي الميت تكبير و تهليل و دعاء و ذكر فالمناسب أن يكون فاعلها علي احسن الحالات و أفضلها فلاحظ.

(1) نقل عن الشيخ و جماعة اطلاق القول بجواز التيمم بلا تقييد بخوف الفوت. و لكن يشكل القول بالاطلاق فان حديث الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل تدركه الجنازة و هو علي غير وضوء فان ذهب يتوضأ فاتته الصلاة قال: يتيمم و يصلي «2»، ذكر فيه عنوان الفوت فلا اطلاق فيه كما هو ظاهر و أما حديث سماعة قال: سألته عن رجل مرت به جنازة و هو علي غير وضوء كيف يصنع؟ قال: يضرب بيديه علي حائط اللبن فليتيمم به «3» فلا يستفاد منه الاطلاق بل الظاهر من السؤال خوف الفوت.

(2) لجملة من النصوص: منها: ما رواه عبد الرحمن العزرمي قال: صليت خلف أبي عبد اللّه عليه السلام علي جنازة فكبر خمسا يرفع يده في كل تكبيرة «4»

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 460

و منها: أن يرفع الامام صوته بالتكبير و الادعية (1).

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن عبد اللّه بن خالد مولي بني الصيداء أنه صلي خلف

جعفر بن محمد عليهما السلام علي جنازة فرءاه يرفع يديه في كل تكبيرة «1» و منها ما رواه يونس «2».

و لا يعارضها ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن علي عليه السلام انه كان لا يرفع يده في الجنازة إلا مرة واحدة يعني في التكبير «3» و ما رواه اسماعيل «4» لضعفهما سندا أما الاول فبالإرسال و أما الثاني فباسماعيل.

(1) ذكر في الجواهر: ان الوجه في استحباب جهر الصوت ان كثيرا من الرواة نقلوا عدد التكبيرات عن النبي صلي اللّه عليه و آله و الائمة عليهم السلام فيعلم انهم كانوا يجهرون بالتكبيرات و التأسي بهم مستحب مضافا الي استحباب جهر الامام صوته في تكبير الصلوات اليومية و الظاهر عدم الفرق بين المقامين من هذه الجهة اضف الي ذلك أن الجهر فيه ملاك الحسن و الاستحباب و هو اعلام الناس الذين خلفه ليقتدوا به و بهذا الملاك يستحب الجهر بباقي الاذكار و الادعية خلافا للفاضلين حيث ذهبا الي استحباب السر في الدعاء لكون السر أبعد من الرياء و لحديث اسماعيل بن همام عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:

دعوة العبد سرا دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية «5» انتهي.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 22 من أبواب الدعاء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 461

و منها: اختيار المواضع التي يكثر فيها الاجتماع (1) و منها: أن تكون الصلاة بالجماعة (2) و منها: أن يقف المأموم خلف الامام (3) و منها: الاجتهاد في الدعاء للميت و للمؤمنين (4).

______________________________

و الانصاف: ان الحكم الشرعي لا يتم بهذه التقريبات كما هو ظاهر

للخبير عند التأمل.

(1) نقل عن الذكري أنه نسب الي الشيخ و الاصحاب رجحان ايقاع صلاة الجنازة في المواضع المعتادة مضافا الي أنه سبب للتبرك بكثرة المصلين فيها و ان العالم بموته يقصده فيحصل كثرة المصلين المعلوم رجحانها مؤيدا بما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا مات المؤمن فحضر جنازته أربعون رجلا من المؤمنين فقالوا اللهم انا لا نعلم منه إلا خيرا و أنت أعلم به منا قال اللّه تبارك و تعالي: قد أجزت شهادتكم و غفرت له ما علمت مما لا تعلمون «1».

(2) للتأسي و قد تقدم أن الجماعة مطلوبة و ليست واجبة فتكون مستحبة.

(3) لحديث اليسع و قد مر الكلام فيه فراجع «2».

(4) للنصوص الواردة في استحباب الالحاح في الدعاء:

منها: ما رواه الهجري قال: سمعت أبا جعفر يقول: و اللّه لا يلح عبد مؤمن علي اللّه في حاجة إلا قضاها له «3» الي غيرها من النصوص الواردة في الباب لكن هذه الروايات لا تدل علي حكم المقام بالخصوص نعم لا يبعد أن يستفاد

______________________________

(1) الوسائل الباب 90 من أبواب الدفن الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 403

(3) الوسائل الباب 20 من أبواب الدعاء

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 462

و منها: أن يقول قبل الصلاة: الصلاة ثلاث مرات (1).

[مسألة 284: أقل ما يجزي من الصلاة]

(مسألة 284) أقل ما يجزي من الصلاة أن يقول المصلي:

اللّه أكبر أشهد أن لا إله الا اللّه و أشهد أن محمدا رسول اللّه (ص) ثم يقول: اللّه أكبر اللهم صل علي محمد و آل محمد ثم يقول:

اللّه أكبر اللهم اغفر للمؤمنين ثم يقول: اللّه أكبر اللهم اغفر لهذا و يشير الي الميت ثم يقول: اللّه أكبر (2).

______________________________

المدعي من مجموع الروايات الواردة في المقام

اي في ابواب صلاة الميت.

و في المقام حديث عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: اذا صليت علي المؤمن فادع له و اجتهد له في الدعاء «1». و ظفرنا علي هذا الحديث ببركة كتاب «مفتاح الكتب الاربعة».

و في الجواهر تمسك لإثبات المدعي بالاخبار العامة التي دلالة لها علي خصوص المقام.

(1) لحديث اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

أ رأيت صلاة العيدين هل فيهما أذان و اقامة؟ قال: ليس فيهما أذان و لا اقامة و ليكن ينادي: الصلاة ثلاث مرات «2». بتقريب: أنه يستفاد منه ان هذا حكم غير الفرائض اليومية بالغاء خصوصية العيدين ببركة التناسب بين الحكم و الموضوع.

(2) بل يمكن تصور الاقل من هذا المقدار و قد مر منا مقدار اللازم من الذكر و الدعاء فلا نعيد و ان شئت فراجع ما قلناه و اللّه الهادي الي الصواب.

______________________________

(1) الفروع من الكافي ج 3 ص 187 الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 463

[الفصل السابع في التشييع]

الفصل السابع في التشييع يستحب اعلام المؤمنين بموت المؤمن ليشيعوه (1) و يستحب لهم تشييعه و قد ورد في فضله أخبار كثيرة ففي بعضها. من تبع جنازة اعطي يوم القيامة اربع شفاعات و لم يقل شيئا الا و قال الملك. و لك مثل ذلك (2) و في بعضها: ان أول ما يتحف به المؤمن في قبره أن يغفر لمن تبع جنازته (3) و له آداب كثيرة مذكورة في الكتب المبسوطة مثل أن يكون المشيع ماشيا خلف الجنازة (4) خاشعا متفكرا (5)

______________________________

(1) لا يبعد ان يكون ناظرا الي حديث ابن سنان «1» و لكن في دلالة الخبر علي استحباب

الايذان لأجل التشييع نوع تأمل فلاحظ.

(2) لاحظ الوسائل الباب 2 من أبواب الدفن الحديث: 1.

(3) لاحظ الوسائل الباب 2 من أبواب الدفن الحديث: 4.

(4) كما في خبر اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المشي خلف الجنازة أفضل من المشي بين يديها «2».

(5) لاحظ ما رواه عجلان أبي صالح قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام يا با صالح اذا انت حملت جنازة فكن كأنك أنت المحمول و كأنك سألت ربك الرجوع الي الدنيا ففعل فانظر ما ذا تستأنف قال: قال: عجب لقوم حبس أو لهم عن آخرهم ثم نودي فيهم الرحيل و هم يلعبون «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 278

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب الدفن الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 59 من أبواب الدفن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 464

حاملا للجنازة علي الكتف (1) قائلا حين الحمل. بسم اللّه و باللّه و صلي اللّه علي محمد و آل محمد اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات (2 و يكره الضحك (3) و اللعب و اللهو (4) و الاسراع في المشي (5)

و أن يقول. ارفقوا به و استغفروا له (6)

______________________________

(1) لاحظ ما روي عن علي عليه السلام انه رخص في حمل الجنازة علي الدابة هذا اذا لم يوجد من يحملها أو كان عذر فاما السنة والدي يؤمر به ان يحملها الرجال «1» لكن الرواية لا تتعرض للحمل علي الكتف الا أن يحمل علي المتعارف.

(2) لاحظ ما رواه عمار الساباطي «2».

(3) لاحظ ما روي عن علي عليه السلام و قد تبع جنازة- فسمع رجلا يضحك فقال عليه السلام: كان الموت فيها علي غيرنا كتب الحديث «3».

(4) لاحظ ما رواه عجلان المتقدم آنفا «4».

(5) قال في

الحدائق: «قال في الذكري نقل الشيخ الاجماع علي كراهية الاسراع بالجنازة لقول النبي صلي اللّه عليه و آله: «عليكم بالقصد في جنائزكم لما رأي أن جنازة تمخض مخضا و قال ابن عباس في جنازة ميمونة: ارفقوا بها فانها امكم «5».

(6) لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن آبائه عليهم

______________________________

(1) جامع احاديث الشيعة الباب 9 من أبواب الدفن الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب الدفن الحديث: 4

(3) مستدرك الوسائل الباب 53 من أبواب الدفن الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 463

(5) الحدائق ج 4 ص 78

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 465

و الركوب (1) و المشي قدام الجنازة (2)

______________________________

السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ثلاثة ما أدري أيهم أعظم جرما:

الذي يمشي مع الجنازة بغير رداء أو الذي يقول: قفوا أو الذي يقول: استغفروا له غفر اللّه لكم «1» و عن كتاب الفقه الرضوي أنه قال عليه السلام: و اياك أن تقول: ارفقوا به و ترحموا عليه «2».

(1) لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: مات رجل من الانصار من أصحاب رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فخرج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في جنازته يمشي فقال له بعض أصحابه: ألا تركب يا رسول اللّه؟ فقال:

اني لا كره أن اركب و الملائكة يمشون «3».

(2) لجملة من النصوص: منها: ما رواه اسحاق بن عمار «4» و منها:

ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: مشي النبي صلي اللّه عليه و آله خلف جنازة فقيل: يا رسول اللّه ما لك تمشي خلفها؟ فقال: ان الملائكة رأيتهم يمشون أمامها و نحن تبع لهم «5».

و منها:

ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: سمعت النبي صلي اللّه عليه و آله يقول: اتبعوا الجنازة و لا تتبعكم خالفوا أهل الكتاب «6».

و منها: ما رواه الصدوق قال: روي اتبعوا الجنازة و لا تتبعكم فانه من عمل

______________________________

(1) الوسائل الباب 47 من أبواب الاحتضار الحديث: 2

(2) فقه الرضا ص: 17

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب الدفن الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 463

(5) الوسائل الباب 4 من أبواب الدفن الحديث: 2

(6) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 466

و الكلام بغير ذكر اللّه تعالي و الدعاء و الاستغفار (1) و يكره وضع الرداء من غير صاحب المصيبة (2) فانه يستحب له ذلك (3)

______________________________

المجوسي «1». و الكراهة في مثله بمعني أن الفرد الاخر أرجح منه كما كما هو المستفاد من نصوص الباب و أما الكراهة المصطلحة فلا تتصور في العبادة المأمور به لأوله الي اجتماع الضدين.

(1) نقل عن المجلسي قدس سره في زاد المعاد أنه قال: يكره الكلام في التشييع لكن خصصها بالكلام الباطل لا مطلق الكلام و يمكن أن يستفاد

المدعي من مرفوعة محمد بن الحسين قال: كان أبو عبد اللّه عليه السلام يقول:

ثلاثة لا يسلمون: الماشي مع الجنازة و الماشي الي الجمعة و في بيت حمام «2» فان الظاهر من هذا الخبر ان المشيع لا يسلم علي غيره خلافا لما أفاده السيد اليزدي في العروة حيث فسر الرواية بتسليم الغير علي المشيع و كيف كان يمكن أن يقال: ان التسليم مع كونه من المستحبات اذا كان مكروها فمطلق التكلم كراهته بالاولويه.

(2) لجملة من النصوص منها: ما رواه السكوني «3» و منها: ما رواه عبد اللّه بن الفضل الهاشمي عن

أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ثلاثه لا أدري أيهم أعظم جرما الذي يمشي خلف جنازة في مصيبة غيره بغير رداء الحيث «4».

(3) لجملة من النصوص المذكورة في الوسائل في الباب 27 من أبواب الاحتضار منها: ما رواه أبو بصير عن الصادق عليه السلام قال: ينبغي لصاحب

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الدفن الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 42 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 464

(4) الوسائل الباب 47 من أبواب الاحتضار الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 467

و أن يمشي حافيا (1).

[الفصل الثامن في الدفن]
اشارة

الفصل الثامن في الدفن تجب كفاية (2) مواراة الميت في الأرض (3)

______________________________

الجنازة أن لا يلبس رداء و أن يكون في قميص حتي يعرف «1».

(1) لجملة من النصوص: منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أمر بغسل سعد بن معاذ حين مات ثم تبعه بلا حذاء و لا رداء فسئل عن ذلك فقال: ان الملائكة كانت بلا رداء و لا حذاء فتأسيت بها «2».

و منها: ما رواه الحسين بن عثمان قال: لما مات اسماعيل بن أبي عبد اللّه عليه السلام خرج أبو عبد اللّه عليه السلام فتقدم السرير بلا حذاء و لا رداء «3».

(2) باجماع المسلمين كما عن المعتبر- و بالإجماع كما عن الغنية- و مما يدل عليه من النصوص ما روي عن الرضا عليه السلام قال: انما امر بدفن الميت لئلا يظهر الناس علي فساد جسده و قبح منظره و تغير رائحته و لا يتأذي الاحياء بريحه و ما يدخل عليه من الآفة و الفساد و ليكون مستورا عن الاولياء و الاعداء فلا يشمت عدوه

و لا يحزن صديقه «4».

اضف الي ذلك أنه يظهر من بعض الاصحاب كونه من الضروريات و لا يبعد كونه كذلك.

(3) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي امور:

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب الدفن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 468

بحيث يؤمن علي جسده من السباع و ايذاء رائحته للناس (1).

______________________________

منها: قوله تعالي: «وَ فِيهٰا نُعِيدُكُمْ» «1» و الا عادة لا تصدق الا بالمواراة و قوله تعالي أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفٰاتاً «2» و الكفت الضم.

و منها: ان المستفاد من الشرع وجوب الدفن و هذا المفهوم لا يصدق الا بالمواراة تحت الارض.

و منها: السيرة الجارية المسلمة بين المسلمين بل الامر كذلك عند غير المسلمين.

فالنتيجة: أنه لا يجوز وضع الميت في جوف الجدار و وضعه علي الارض و ستره بالجدار و السقف.

(1) عن المدارك: «أنه قد قطع الاصحاب و غيرهم بأن الواجب وضعه في حفرة تستر عن الانس ريحه و عن السباع بدنه بحيث يعسر نبشها غالبا انتهي». و قال في الجواهر: و لعلة لتوقف فائدة الدفن عليه».

اضف الي ذلك ما عن الرضا عليه السلام «3» فانه لا يبعد أن يستفاد المطلوب من الخبر المذكور لكن الخبر ضعيف سندا نعم يمكن أن يقال: بأنه استفيد من مذاق الشرع لزوم احترام ميت المؤمنين كالحي كما دلت عليه جملة من النصوص: منها ما رواه حفص بن البختري «4» و منها ما رواه عبد اللّه بن محمد الجعفي «5» و منها: ما رواه ابراهيم بن هاشم «6» و منها غيرها

______________________________

(1) طه/ 57

(2) المرسلات/ 25

(3) لاحظ ص: 467

(4) لاحظ ص: 339

(5) لاحظ ص: 340

(6)

لاحظ ص. 339

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 469

و لا يكفي وضعه في بناء أو تابوت و ان حصل فيه الامران (1) و يجب وضعه علي الجانب الايمن موجها وجهه الي القبلة (2)

______________________________

الواردة في الباب 19 من أبواب حد السرقة و الباب 25 من أبواب ديات الاعضاء من الوسائل فلا بد من رعاية ذلك.

لكن يرد عليه أولا: أن هذا الوجه مخصوص بالمؤمن و ثانيا: لا يمكن اثبات الوجوب بهذا الوجه مع الشك في تحقق الهتك.

و بعبارة اخري: لا بد من حفظ حرمته لكن لو شك في وقوع الهتك و عدمه يكون موردا للبراءة فلاحظ.

(1) كما تقدم وجهه.

(2) قال في الحدائق: «لم ينقل الخلاف في وجوب هذه الكيفية الا عن ابن حمزة حيث ذهب الي الاستحباب» انتهي «1». و نقل علي وجوبها الاجماع.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بالسيرة القطعية بحيث يكون خلاف هذه الكيفية مستنكرا عند أذهان أهل الشرع اضف الي ذلك أن التأسي بالنبي صلي اللّه عليه و آله و الائمة عليهم السلام يقتضي ذلك مع ملاحظة حديث معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان البراء بن المعرور الانصاري بالمدينة و كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بمكة و انه حضره الموت و كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و المسلمون يصلون الي بيت المقدس فأوصي البراء أن يجعل وجهه الي تلقاء النبي صلي اللّه عليه و آله و أنه أوصي بثلث ماله فجرت به السنة «2».

______________________________

(1) الحدائق ج 4 ص 68

(2) الوسائل الباب 61 من أبواب الدفن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 470

و اذا اشتبهت القبلة عمل بالظن علي الاحوط و مع تعذره يسقط وجوب الاستقبال

ان لم يمكن التأخير (1) و اذا كان الميت في البحر و لم يمكن دفنه في البر و لو بالتأخير غسل و حنط و صلي عليه و وضع في خابية و احكم رأسها و القي في البحر أو ثقل بشد حجر

______________________________

فان الظاهر من الحديث أن السنة جرت عليها فلا مجال لان يقال: ان السنة أعم من الوجوب و أظهر منه في الدلالة علي المدعي حديث العلاء بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث القتيل اذا قطع رأسه قال: اذا أنت صرت الي القبر تناولته مع الجسد و أدخلته اللحد و وجهته القبلة «1».

و يؤيد المدعي ما عن الفقه الرضوي: «ثم ضعه في لحده علي يمينه مستقبل القبلة «2». و ما في الدعائم عن علي عليه السلام أنه شهد جنازة رجل من بني عبد المطلب فلما انزلوه في قبره قال: اضجعوه في لحده علي جنبه مستقبل القبلة «3».

(1) مقتضي القاعدة الاولية العمل علي طبق ما امر به و مع عدم القدرة و لو بالتأخير مع الامكان يسقط اشتراط الاستقبال و مع عدم الامكان يسقط التكليف لكن مقتضي بعض النصوص انه مع عدم امكان العلم بالقبلة يجزي العمل بالظن.

لاحظ ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يجزي التحري أبدا اذا لم يعلم أين وجه القبلة «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) فقه الرضا ص 18

(3) مستدرك الوسائل الباب 51 من أبواب الدفن الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 6 من أبواب القبلة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 471

أو نحوه برجليه ثم يلقي في البحر (1) و الاحوط وجوبا اختيار الاول مع الامكان (2)

______________________________

فان مقتضاه أن التحري يكفي مع عدم العلم بالقبلة و بعبارة اخري

مقتضي الاطلاق كفاية الظن بها في كل مورد تكون القبلة شرطا.

و يظهر من عبارة الماتن أنه مع اشتباه القبلة يحتاط بالعمل بالظن و يكفي و مع عدم امكان حصول الظن تصل النوبة الي التأخير و مع عدم امكانه يسقط اعتبار القبلة و لم يظهر وجه ما أفاده فان المستفاد من حديث زرارة ان كان تكليفا اضطراريا فاللازم التأخير مع الامكان و ان كان تكليفا اختياريا بحيث يكون العلم بالقيد شرطا للوجوب و الجاهل بها يكفيه العمل بالظن فيلزم عدم وجوب الفحص عن القبلة فيما تشترط فيه و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟.

(1) المدرك لهذا الحكم النص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه أيوب بن الحر قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل مات و هو في السفينة في البحر كيف يصنع به؟ قال يوضع في خابية و يؤكأ رأسها و تطرح في الماء «1».

و هذه الرواية تامة سندا و قد ورد في المقام رواية اخري و هي ما رواه وهب بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: اذا مات الميت في البحر غسل و كفن و حنط ثم يصلي عليه ثم يوثق في رجليه حجر و يرمي به في الماء «2» و سند الرواية مخدوش بوهب فالعمل بالرواية الاولي متعين.

(2) لان الرواية الثانية لا اعتبار بها سندا كما قلنا و قريب منها ما رواه

______________________________

(1) الوسائل الباب: 40 من أبواب الدفن الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 472

و كذلك الحكم اذا خيف علي الميت من نبش العد و قبره و تمثيله (1)

[مسألة 285: لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكافرين]

(مسألة 285): لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكافرين و

كذا

______________________________

ابان مرسلا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في الرجل يموت مع القوم في البحر فقال: يغسل و يكفن و يصلي عليه و يثقل و يرمي به في البحر «1» و هذه أيضا ساقطة عن الاعتبار سندا.

و في المقام رواية اخري دالة علي أن الوظيفة الالقاء في الماء و هي ما رفعه سهل بن زياد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا مات الرجل في السفينة و لم يقدر علي الشط قال: يكفن و يحنط في ثوب (و يصلي عليه) و يلقي في الماء «2» و هذه الرواية أيضا ساقطة بسهل و الرفع.

و لا يخفي أن هذا علي تقدير عدم امكان دفنه في البر و الا فهو متعين لان الحكم الاضطراري لا تصل النوبة اليه الا بعد عدم امكان العمل بالاختياري.

(1) لما رواه سليمان بن خالد قال: سألني أبو عبد اللّه عليه السلام فقال:

ما دعاكم الي الموضع الذي وضعتم فيه عمي زيدا الي أن قال: كم الي الفرات من الموضع الذي وضعتموه فيه؟ فقلت: قذفة حجر فقال: سبحان اللّه أ فلا كنتم أوقرتموه حديدا و قذفتموه في الفرات و كان افضل «3».

و الرواية مخدوشة بأبي المستهل فانه لم يوثق نعم ورد فيه مدح و أما مرسلة ابن أبي عمير «4» فلا اعتبار بها فالجزم بالحكم مشكل و اللّه العالم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 41 من أبواب الدفن الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 473

العكس (1).

[مسألة 286: إذا ماتت الحامل الكافرة و مات في بطنها حملها من مسلم دفنت في مقبرة المسلمين]

(مسألة 286): اذا ماتت الحامل الكافرة و مات في بطنها حملها من مسلم دفنت في مقبرة المسلمين علي جانبها الايسر مستدبرة للقبلة و كذلك الحكم ان كان

الحمل لم تلجه الروح (2).

______________________________

(1) ادعي عليه الاجماع و استدل بأن المؤمن يتأذي من الدفن في مقبرة الكفار و أيضا المؤمنون يتأذون من دفن الكفار معهم فلا يجوز دفن المؤمن في مقبرتهم و لا العكس و لم نجد دليلا علي المقصود غير الاجماع المدعي.

و أما الاستدلال بحصول الاذية للمؤمنين فيرد عليه أولا أنه لٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْريٰ و ثانيا: انما يتم هذا البيان بالنسبة الي المؤمن و أما المخالف فلا دليل علي حرمة ايذائه مع قيام الادلة علي كفره و من الظاهر أن الفاقد للولاية لا راحة لة نعم لا بأس للاستدلال علي المدعي بحرمة هتك الميت اذا كان محترما لكون الميت في حكم الحي من هذه الجهة لكن هذا فيما يصدق عليه عنوان الهتك كما أنه يشكل الاستدلال بالنسبة الي المخالف فانه يتوقف علي حرمة هتكة كالمؤمن.

(2) في هذه المسألة امور: منها: أنه لو ماتت الكافرة و في بطنها ولد مسلم تدفن الكافرة في مقبرة المسلمين و كأنه للإجماع القائم علي هذا الحكم مضافا الي حديث يونس. قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يكون له الجارية اليهودية و النصرانية فتحمل ثم يدعوها الي أن تسلم فتأبي عليه فدنا ولادتها فماتت و هي تطلق و الولد في بطنها و مات الولد أ يدفن معها علي النصرانية أو يخرج منها و يدفن علي فطرة الإسلام؟ فكتب: يدفن معها «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من أبواب الدفن الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 474

[مسألة 287: لا يجوز دفن المسلم في مكان يوجب هتك حرمته كالمزبلة و البالوعة]

(مسألة 287): لا يجوز دفن المسلم في مكان يوجب هتك حرمته كالمزبلة و البالوعة (1) و لا في المكان المملوك بغير اذن المالك أو الموقوف لغير الدفن كالمدارس و المساجد و الحسينيات

المتعارفة في زماننا و الخانات الموقوفة و ان أذن الولي (2).

______________________________

و منها: أن الكافرة تدفن و توضع في القبر علي جانبها الايسر مستدبرة للقبلة و استدل عليه مضافا الي عدم نقل الخلاف فيه بأن وجه الولد الي ظهر امه و المقصود بالذات دفن الطفل الذي في الرحم لكونه مسلما فيكون دفن امه بالتبع.

و منها: أنه لا يشق بطن الام لا خراج الطفل مع أن مقتضي القاعدة الاولية أن يشق بطن الام و اخراج الولد و تغسيله و تكفينه و تدفينه و الظاهر انه لا دليل عليه الا الاجماع.

و منها: تسرية الحكم الي صورة عدم ولوج الروح و الوجه فيه أنه لا يصدق عليه الولد.

(1) فان حرمة الميت كحرمة الحي لاحظ ما رواه مسمع كردين قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل كسر عظم ميت؟ فقال: حرمته ميتا أعظم من حرمته و هو حي «1».

(2) ادعي عليه عدم الخلاف مضافا الي أن الدفن واجب و من الظاهر أن الحرام لا يمكن أن يكون مصداقا للواجب و مجرد اذن الولي لا يقتضي الجواز.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب دية الاعضاء الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 475

[مسألة 288: لا يجوز الدفن في قبر ميت قبل اندراسه و صيرورته ترابا]

(مسألة 288): لا يجوز الدفن في قبر ميت قبل اندراسه و صيرورته ترابا (1)

نعم اذا كان القبر منبوشا جاز الدفن فيه علي الاقوي (2).

[مسألة 289: يستحب حفر القبر قدر قامة أو إلي الترقوة]

(مسألة 289): يستحب حفر القبر قدر قامة أو الي الترقوة (3)

______________________________

(1) ما يمكن أن يقال في هذا المقام امور: منها: أن النبش حرام فلا يجوز و يظهر من كلماتهم أن حرمة النبش اجماعي فان ثبت اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم عليه السلام يترتب عليه عدم الجواز في المقام.

و منها: أنه صار حقا للغير للأسبقية. و فيه: أن ثبوت الحق بحيث يكون مانعا عن دفن غيره أول الكلام اذا الكلام ليس في مزاحمة السابق باللاحق.

و منها: أنه بمنزلة الحرز و لذا تقطع يد السارق منه. و فيه: أن اثبات المدعي بهذا التقريب مشكل و مجرد حكم الشارع بقطع يد السارق منه لا يدل علي حرمة نبش قبره.

و منها: أنه هتك للمدفون و هتكه حرام لان حرمته ميتا كحرمته حيا. و فيه:

أن هذا الدليل أخص من المدعي فان النسبة بين نبش القبر و هتك الميت عموما من وجه كما يظهر بالتأمل.

(2) لعدم ما يقتضي المنع كما هو ظاهر.

(3) لاحظ ما أرسله ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: حد القبر الي الترقوة و قال بعضهم: الي الثدي و قال بعضهم: قامة الرجل حتي يمد الثوب علي رأس من في القبر و أما اللحد فبقدر ما يمكن فيه الجلوس قال:

و لما حضر علي بن الحسين عليه السلام الوفاة قال: احفر و الي حتي تبلغ

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 476

و أن يجعل له لحد (1) مما يلي القبلة (2) في الارض الصلبة (3)

______________________________

الرشح «1».

(1) استدل عليه بحديث الحلبي عن أبي عبد

اللّه عليه السلام أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لحد له أبو طلحة الانصاري «2».

(2) اما من جهة دخوله في مفهومه- كما نقل عن العلامة- أو أنه داخل في معقد الاجماع علي استحبابه- كما قيل-.

(3) لا يبعد أن يكون التفصيل المذكور بين الارض الصلبة و الرخوة مستفادا من الجمع بين الادلة فانه يستفاد من بعض النصوص مطلوبية اللحد فان حديث الحلبي «3» يدل علي أنهم جعلوا اللحد لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و حيث ان اللحد فيه تكليف زائد علي الشق فالعدول عنه اليه يدل علي كونه أفضل بل لا يبعد أن يستفاد الافضلية من نقل الصادق عليه السلام.

و يدل علي الافضلية أيضا ما رواه علي بن عبد اللّه قال: سمعت أبا الحسن موسي عليه السلام قال: في حديث عن علي عليه السلام لما قبض ابراهيم بن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: يا علي انزل فألحد ابني فنزل عليه السلام فألحد ابراهيم في لحد فقال الناس انه لا ينبغي لأحد أن ينزل في قبر ولده اذ لم يفعل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقال لهم رسول اللّه: يا ايها الناس انه ليس عليكم بحرام أن تنزلوا في قبور أولادكم و لكني لست آمن اذا حل أحدكم الكفن عن ولده ان يلعب به الشيطان فيدخله عند ذلك من الجزع ما يحبط

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب الدفن الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب الدفن الحديث: 1

(3) لاحظه قبل اسطر

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 477

______________________________

أجره ثم انصرف عليه السلام «1».

و مما استدل به عليه ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سللت

الميت فقل بسم اللّه و باللّه و علي ملة رسول اللّه اللهم الي رحمتك لا الي عذابك فاذا وضعته في اللحد فضع فمك علي اذنه فقل: اللّه ربك و الإسلام دينك و محمد نبيك و القرآن كتابك و علي امامك «2».

و مما استدل به عليه أيضا ما روي عن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله: «اللحد لنا و الشق لغيرنا «3».

و من ناحية اخري قد دل بعض النصوص علي تقديم الشق لاحظ ما رواه اسماعيل بن همام عن ابي الحسن الرضا عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام حين أحضر: اذا أنامت فاحفر و الي أو شقو الي شقا فان قيل لكم ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لحد له فقد صدقوا «4».

و ما رواه الحلبي في حديث قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان أبي كتب في وصيته الي أن قال: و شققت له الارض من اجل أنه كان بادنا «5».

فيفصل بين الارض الصلبة و الرخوة بتقريب أن المدينة اراضيها رخوة فالترجيح علي الشق لأنه عليه السلام كان بدينا لا يمكن توسيع اللحد له في أرض مدينة لرخوتها.

و لكن أورد علي هذا التقريب صاحب الحدائق: بأن البعد بين قبر النّبيّ

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب الدفن الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 20 من أبواب الدفن الحديث: 3

(3) كنز العمال ص 88 ج 8

(4) الوسائل الباب 15 من أبواب الدفن الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 478

بقدر ما يمكن فيه الجلوس (1) و في الرخوة يشق وسط القبر شبه النهر و يجعل فيه الميت و يسقف عليه ثم يهال عليه التراب (2) و أن يغطي القبر بثوب عند

ادخال المرأة (3) و الذكر عند تناول الميت

و عند وضعه في اللحد (4) و التحفي و حل الازار و كشف الرأس

______________________________

صلي اللّه عليه و آله و البقيع ليس بمقدار قابل للتفصيل» «1».

و قال في الحدائق: «ثم انه قد ذكر جملة من الاصحاب منهم المحقق في المعتبر و الشهيد في الذكري أن اللحد أفضل من الشق في غير الارض الرخوة» «2».

(1) لاحظ مرسل ابن أبي عمير المتقدم ذكره «3».

(2) قال في الجواهر: «و الشق أن يحفر في قعره شبه النهر يوضع الميت فيه ثم يسقف عليه».

(3) و هو المشهور- كما في الحدائق- و استدل عليه بما رواه جعفر بن كلاب قال سمعت جعفر بن محمد (عليه السلام) يقول: يغشي قبر المرأة بالثوب و لا يغشي قبر الرجل و قد مد علي قبر سعد بن معاذ ثوب و النبي صلي اللّه عليه و آله شاهد فلم ينكر ذلك «4».

(4) لاحظ النصوص الواردة في المقام منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أتيت بالميت القبر فسله من قبل رجليه فاذا وضعته في القبر فاقرأ آية الكرسي و قل: بسم اللّه و باللّه و في سبيل اللّه و علي ملة رسول اللّه اللهم

______________________________

(1) الحدائق ج 4 ص 101

(2) عين المصدر ص: 99

(3) لاحظ ص: 475

(4) الوسائل الباب 50 من أبواب الدفن

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 479

للمباشر لذلك (1) و أن تحل عقد الكفن بعد الوضع (2) من طرف الرأس (3)

و أن يحسر عن وجهه و يجعل خده علي الارض (4) و يعمل له و سادة

______________________________

صل علي محمد و آل محمد اللهم افسح له في قبره و الحقه بنبيه و قل كما قلت في الصلاة

عليه مرة واحدة من عند «اللهم ان كان محسنا فزد في احسانه و ان كان مسيئا فاغفر له و تجاوز عنه و استغفر له ما استطعت قال: و كان علي بن الحسين اذا أدخل الميت القبر قال: اللهم جاف الارض عن جنبيه و صاعد عمله و لقه منك رضوانا «1» و منها غيره الوارد في الوسائل في الباب 21 من أبواب الدفن.

(1) لجملة من النصوص منها ما رواه علي بن يقطين قال: سمعت أبا الحسن الاول عليه السلام يقول: لا تنزل في القبر و عليك العمامة و القلنسوة و لا الحذاء و لا الطيلسان و حلل أزرارك و بذلك سنة رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله جرت «2».

(2) لما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا وضعته في لحده فحل عقده «3».

(3) كما في مرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يشق الكفن من عند رأس الميت اذا ادخل قبره «4».

(4) لجملة من النصوص الواردة في الباب 20 من أبواب الدفن من الوسائل منها: ما رواه علي بن يقطين قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول «لا تنزل في القبر و عليك العمامة الي أن قال: و ليتعوذ باللّه من الشيطان الرجيم و ليقرأ

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب الدفن الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب الدفن الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 19 من أبواب الدفن الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 19 من أبواب الدفن الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 480

من تراب (1) و أن يوضع شي ء من تربة الحسين عليه السلام معه (2).

و تلقينه الشهادتين و الاقرار بالأئمة عليهم السلام (3) و أن يسد

اللحد باللبن (4)

______________________________

فاتحة الكتاب و المعوذتين و قل هو اللّه احد و آية الكرسي و ان قدر أن يحسر عن خده و يلصقه بالارض فليفعل و ليتشهد و ليذكر ما يعلم حتي ينتهي الي صاحبه «1».

(1) كما في خبر سالم بن مكرم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: يجعل له و سادة من تراب «2».

(2) لجملة من النصوص المذكورة في الوسائل في الباب 12 من أبواب التكفين منها: ما رواه محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري قال: كتبت الي الفقيه أسأله عن طين القبر يوضع مع الميت في قبره هل يجوز ذلك أم لا؟

فاجاب و قرأت التوقيع و منه نسخت توضع مع الميت في قبره و يخلط بحنوطه ان شاء اللّه «3».

(3) كما في حديث اسحاق بن عمار «4».

(4) قال في الجواهر: «لا نعلم في استحبابه خلافا كما اعترف به في المنتهي و في الغنية و المدارك و المفاتيح الاجماع عليه و في المعتبر مذهب فقهائنا» انتهي.

و يدل علي المدعي من النصوص ما رواه في العلل في كيفية دفن سعد بن معاذ

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب الدفن الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب الدفن الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب التكفين الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 21 من أبواب الدفن الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 481

و أن يخرج المباشر من طرف الرجلين (1)

و أن يهيل الحاضرون التراب بظهور الاكف (2) غير ذي الرحم (3)

______________________________

قال: حتي انتهي به الي القبر فنزل (به) رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حتي لحده و سوي عليه اللبن و جعل يقول: ناولني حجرا ناولني ترابا رطبا يسد به ما بين اللبن «1».

(1) كما

يدل عليه ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من دخل القبر فلا يخرج (منه) الامن قبل الرجلين «2» و مثله في الدلالة مرفوعة سهل «3».

(2) كما في حديث محمد بن الاصبغ عن بعض أصحابنا قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام و هو في جنازة فحثا التراب علي القبر بظهر كفيه «4».

(3) للنص لاحظ ما رواه عبيد بن زرارة قال: مات لبعض أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام ولد فحضر أبو عبد اللّه عليه السلام فلما الحد تقدم أبوه فطرح عليه التراب فأخذ أبو عبد اللّه عليه السلام بكفيه و قال: لا تطرح عليه التراب و من كان منه ذا رحم فلا يطرح عليه التراب فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي ان يطرح الوالد أو ذو رحم علي ميته التراب فقلنا يا بن رسول اللّه أ تنهانا عن هذا وحده: فقال: أنهاكم أن تطرحوا التراب علي ذوي أرحامكم فان ذلك يورث القسوة في القلب و من قسا قلبه بعد من ربه «5».

______________________________

(1) جامع احاديث الشيعة ج 3 ص: 405

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب الدفن الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 29 من أبواب الدفن الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 30 من أبواب الدفن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 482

و طم القبر (1) و تربيعه لا مثلثا و لا مخمسا و لا غير ذلك (2) و رش الماء عليه دورا يستقبل القبلة و يبتدأ من عند الرأس فان فضل شي ء صب علي وسطه (3) و وضع الحاضرين أيديهم عليه غمزا بعد الرش (4) سيما اذا كان هاشميا (5).

______________________________

(1) للسيرة- كما في كلام المحقق العراقي- في شرحه علي

التبصرة.

(2) للنص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت احدهما عليهما السلام عن الميت فقال: تسله من قبل الرجلين و تلزق القبر بالارض إلا قدر أربع أصابع مفرجات تربع و ترفع قبره «1» و غيره مما ورد في الباب 22 من أبواب الدفن من الوسائل فلاحظ.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 482

(3) كما في حديث موسي بن أكيل النميري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: السنة في رش الماء علي القبر أن تستقبل القبلة و تبدأ من عند الرأس الي عند الرجل ثم تدور علي القبر من الجانب الاخر ثم يرش علي وسط القبر فكذلك السنة «2».

(4) كما في حديث زرارة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام اذا فرغت من القبر فانضحه ثم ضع يدك عند رأسه و تغمز كفك عليه بعد النضح «3» و لاحظ ما رواه أيضا «4».

(5) كما يستفاد من حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب الدفن الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 32 من أبواب الدفن الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 33 من أبواب الدفن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 483

او الحاضر لم يحضر الصلاة عليه (1) و الترحم عليه بمثل:

اللهم جاف الارض عن جنبيه و صعد روحه الي أرواح المؤمنين في عليين و الحقه بالصالحين (2) و أن يلقنه الولي بعد انصراف الناس

______________________________

اللّه صلي اللّه عليه و آله يصنع بمن مات من بني هاشم خاصة شيئا لا يصنعه باحد من المسلمين كان اذا صلي علي الهاشمي و نضح

قبره بالماء وضع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كفه علي القبر حتي تري أصابعه في الطين فكان الغريب يقدم أو المسافر من أهل المدينة فيري القبر الجديد عليه أثر كف رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فيقول: من مات من آل محمد؟ «1» صلي اللّه عليه و آله.

(1) كما في حديث اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي الحسن الاول عليه السلام: ان أصحابنا يصنعون شيئا اذا حضروا الجنازة و دفن الميت لم يرجعوا حتي يمسحوا أيديهم علي القبر أ فسنة ذلك أم بدعة؟ فقال: ذلك واجب علي من لم يحضر الصلاة عليه «2».

(2) ما ذكره قريب من المذكور في حديث محمد بن مسلم قال: كنت مع أبي جعفر عليه السلام في جنازة رجل من أصحابنا فلما أن دفنوه قام الي قبره فحثا التراب عليه مما يلي رأسه ثلاثة بكفه ثم بسط كفه علي القبر ثم قال: اللهم جاف الارض عن جنبيه و أصعد إليك روحه و لقه منك رضوانا و أسكن قبره من رحمتك ما يغنيه به عن رحمة من سواك ثم مضي «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 33 من أبواب الدفن الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب الدفن الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 484

رافعا صوته (1) و أن يكتب اسم الميت علي القبر أو علي لوح أو حجر و ينصب علي القبر (2).

[مسألة 290: يكره دفن الميتين في قبر واحد]

(مسألة 290): يكره دفن الميتين في قبر واحد (3).

______________________________

(1) كما في جملة من النصوص الواردة في الباب 35 من أبواب الدفن من الوسائل منها: ما رواه يحيي بن عبد اللّه قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ما علي أهل الميت منكم أن

يدرءوا عن ميتهم لقاء منكر و نكير قال:

قلت: كيف نصنع؟ قال: اذا افرد الميت فليتخلف (فليستخلف) عنده أولي الناس به فيضع فمه عند رأسه ثم ينادي بأعلي صوته: يا فلان ابن فلان أو يا فلانة بنت فلان هل أنت علي العهد الذي فارقتنا عليه من شهادة أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله سيد النبيين و أن عليا أمير المؤمنين و سيد الوصيين و أن ما جاء به محمد حق و أن الموت حق و البعث حق (و ان الساعة آتية لا ريب فيها) و أن اللّه يبعث من في القبور «1».

(2) لاحظ ما رواه يونس بن يعقوب قال: لما رجع أبو الحسن موسي عليه السلام من بغداد و مضي الي المدينة ماتت له ابنة بفيد فدفنها و أمر بعض مواليه أن يحبص قبرها و يكتب علي لوح اسمها و يجعله في القبر «2».

(3) و هو المشهور بينهم- كما في الحدائق- و استدل عليه في كلماتهم بجملة من الامور: منها: احتمال تأذّي أحدهما بالاخر و افتضاحه عنده و عدم تمامية هذا الوجه لا يحتاج الي البيان.

و منها مكاتبة محمد بن الحسن الصفار قال: كتبت الي أبي محمد عليه السلام:

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب الدفن الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 37 من أبواب الدفن الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 485

و نزول الاب في قبره ولده (1)

______________________________

أ يجوز أن يجعل الميتين علي جنازة واحدة في موضع الحاجة و قلة الناس و ان كان الميتان رجلا و امرأة يحملان علي سرير واحد و يصلي عليهما؟ فوقع عليه السلام: لا يحمل الرجل مع المرأة علي سرير واحد «1».

بتقريب: أن المدعي

في الجملة يستفاد من هذه الرواية. و فيه: أنه لا ربط بين الموردين و القياس باطل.

و منها: ما رواه الا صبغ بن نباته قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:

من جدد (جدث) قبرا أو مثل مثالا فقد خرج عن (من) الإسلام «2».

بناء علي قراءة جدث بتقريب أن الجدث عبارة عن القبر فتجديث القبر جعل القبر قبرا لميت آخر.

و فيه: مضافا الي ضعف السند بمحمد بن سنان لا دليل علي كون الكلمة كذلك و مجرد الاحتمال لا يترتب عليه أثر.

و منها: ما روي عنهم عليهم السلام: «لا يدفن في قبر واحد اثنان «3»» و من الظاهر انه لا يترتب اثر علي مثل هذا المرسل و مثله ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله: «انه أفرد كل واحد بقبر» «4» فان فعله صلي اللّه عليه و آله علي فرض تسلمه لا يدل علي الوجوب.

(1) لجملة من النصوص المذكورة في الوسائل في الباب 25 من أبواب الدفن منها: ما رواه حفص بن البختري و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يكره للرجل

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الدفن

(2) الوسائل الباب 43 من أبواب الدفن الحديث: 1

(3) الحدائق ج 4 ص: 141

(4) عين المصدر

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 486

و غير المحرم في قبر المرأة (1) و اهالة الرحم التراب (2) و اهالة الرحم التراب (2) و فرش القبر بالساج من غير حاجة (3) و تجصيصه و تطيينه (4)

______________________________

أن ينزل في قبر ولده «1».

(1) لما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: مضت السنة من رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن المرأة لا يدخل في قبرها الامن يراها في

حياتها «2».

(2) لما رواه عبيد بن زرارة «3».

(3) لما رواه علي بن محمد القاساني قال: كتب علي بن بلال الي أبي الحسن عليه السلام انه ربما مات عندنا الميت و تكون الارض ندية فنفرش القبر بالساج أو يطبق عليه فهل يجوز ذلك؟ فكتب: ذلك جائز «4».

بتقريب: أنه يظهر من السائل ركوز المنع في ذهنه و الامام عليه السلام قرره علي اعتقاده و ارتكازه مضافا الي عدة امور مذكورة في هذا المقام و هي استحباب وضع خد الميت علي الارض و لما في وضعه علي التراب خشوع و خضوع و لأنه خلق من التراب و يعود فيه و لأنه اسراف للمال من غير مجوز و اللّه العالم.

(4) لما رواه علي بن جعفر قال: سألت أبا الحسن موسي عليه السلام عن البناء علي القبر و الجلوس عليه هل يصلح؟ قال: لا يصلح البناء عليه و لا الجلوس

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب الدفن الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 26 من أبواب الدفن الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 481

(4) الوسائل الباب 27 من أبواب الدفن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 487

الا أن يكون الميت من أهل الشرف (1) و كذا تسنيمه (2)

______________________________

و لا تجصيصه و لا تطيينه «1».

(1) من الممكن أن الوجه فيما أفاده ما رواه يونس ابن يعقوب «2» و لا حظ ما رواه أبو عامر «3».

(2) قال في الجواهر: «عن أبي هريرة السنة التسطيح الا أن الشيعة استعملته فعد لنا عنه الي التسنيم بل الظاهر كراهة التسنيم لما في التذكرة من الاجماع عليه كالغنية: لا يسنم» «4» انتهي.

و استدل عليه بما رواه الاصبغ «5» بناء علي كونه بالحاء المهملة اي سنم و يدل علي المدعي ما عن

الرضا عليه السلام قال: و يربع قبر الميت و لا يسنم «6».

و مما استدل عليه ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: بعثني رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الي المدينة فقال: لا تدع صورة الا محوتها و لا قبرا الا سويته و لا كلبا الا قتلته «7».

و يدل عليه ما رواه الاعمش عن جعفر بن محمد قال: و القبور تربع و لا تسنم «8».

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من أبواب الدفن الحديث: 1

(2) لاحظ ص. 484

(3) جامع احاديث الشيعة ج 3 ص 446 الحديث: 9

(4) الجواهر ج 4 ص 315

(5) لاحظ ص: 485

(6) الوسائل الباب 9 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 5

(7) الوسائل الباب 43 من أبواب الدفن الحديث: 2

(8) الوسائل الباب 22 من أبواب الدفن الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 488

و البناء عليه (1) و المشي عليه (2) و الجلوس (3) و الاتكاء (4).

[مسألة 291: يكره نقل الميت من بلد موته إلي بلد آخر]

(مسألة 291): يكره نقل الميت من بلد موته الي بلد آخر (5).

______________________________

(1) و يدل عليه ما رواه علي بن جعفر «1» و يدل عليه أيضا حديث يونس و سليمان «2».

(2) عن المدارك: انه نسب الي الاصحاب من دون علم بالخلاف بل حكي عن الخلاف الاجماع عليه» اضف الي ذلك ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله لان أمشي علي جمرة أو سيف أو خصف و نعلي برجلي احب الي من ان أمشي علي قبر مسلم «3».

(3) كما في خبر علي بن جعفر «4».

(4) و استدل عليه في الجواهر بما يدل علي كراهة الجلوس بلحاظ وحدة المناط و هو تثقيل القبر أضف الي ذلك: أنه نقل عدم الخلاف فيه بل

قيل:

قام الاجماع عليه و لا يخفي انه لو استلزم الاتكاء هتك الميت يكون حراما لان الميت محترم كالحي كما في النص.

(5) قال في الحدائق: الظاهر انه لا خلاف بين أصحابنا في كراهة نقل الميت الي غير بلده الا الي المشاهد المشرفة» الي آخره «5».

و قال في الجواهر: «بلا خلاف اجده فيه بل في المعتبر و التذكرة و الذكري و جامع المقاصد و عن نهاية الاحكام و غيرها الاجماع عليه الخ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 486

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب الدفن الحديث: 2 و 3

(3) الجواهر ج 4 ص 351

(4) لاحظ ص: 486

(5) الحدائق ج 4 ص: 148

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 489

الا المشاهد المشرفة و المواضع المحترمة فانه يستحب و لا سيما الغري و الحائر (1).

______________________________

و ربما يستدل علي المدعي بما دل علي التعجيل في الدفن في الروايات لاحظ ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: يا معشر الناس لا ألقين (الفين) رجلا مات له ميت ليلا فانتظر به الصبح و لا رجلا مات له ميت نهارا فانتظر به الليل لا تنتظروا بموتاكم طلوع الشمس و لا غروبها عجلوا بهم الي مضاجعهم يرحمكم اللّه قال الناس: و انت يا رسول اللّه يرحمك اللّه «1» و غيره مما ورد في الباب 47 من أبواب الاحتضار من الوسائل، بعد الاجماع علي عدم وجوب التعجيل.

لكن هذه الروايات انما تقتضي استحباب التعجيل لا كراهة التأخير مضافا الي أنه ليس فيها عنوان النقل مع أن الكلام ظاهرا في كراهته بما هو مضافا الي أن النقل ربما لا ينافي التعجيل كما هو ظاهر نعم يمكن أن يستدل علي المدعي بما عن علي

عليه السلام انه رفع اليه ان رجلا مات بالرستاق فحملوه الي الكوفة فانهكهم عقوبة و قال: ادفنوا الاجساد في مصارعها و لا تفعلوا كفعل اليهود ينقلون موتاهم الي بيت المقدس و قال: انه لما كان يوم احد اقبلت الانصار لتحمل قتلاها الي دورها فأمر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله مناديا فنادي: ادفنوا الاجساد في مصارعها «2».

(1) قال في الجواهر: «فلا يكره بل يستحب بلا خلاف فيه أيضا بل في المعتبر انه مذهب علمائنا خاصة و فيه أيضا و الذكري و جامع المقاصد و عن غيرها أن عليه عمل الامامية من زمن الائمه عليهم السلام الي الان من غير تناكر

______________________________

(1) الوسائل الباب 47 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(2) مستدرك الوسائل الباب 13 من أبواب الدفن الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 490

______________________________

قال في الذكري و كان اجماعا قلت: بل اقوي منه بمراتب و هو كاف في ثبوت الحكم المذكور» انتهي «1».

و يمكن الاستدلال عليه بجملة من النصوص: منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما مات يعقوب حمله يوسف عليهما السلام في تابوت الي ارض الشام فدفنه في بيت المقدس «2».

و لا يبعد كون السند معتبرا و مفاد الرواية يستفاد من رواية اخري و هي ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: لما مات يعقوب حمله يوسف عليه السلام في تابوت الي ارض الشام فدفنه في بيت المقدس «3».

و منها: ما يدل علي نقل موسي عظام يوسف الي الشام لاحظ ما رواه الصدوق قال: قال الصادق عليه السلام: ان اللّه أو حي الي موسي ابن عمران: أن أخرج عظام يوسف من مصر الي

أن قال: فاستخرجه من شاطئ النيل في صندوق مرمر فلما اخرجه طلع القمر فحمله الي الشام فلذلك تحمل أهل الكتاب موتاهم الي الشام «4».

و ما رواه يزيد الكناسي «5» و ما رواه قطب الراوندي «6».

و منها: ما يدل علي نقل عظام بعض الانبياء عليهم السلام الي محل آخر لاحظ ما رواه مفضل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان اللّه تبارك و تعالي أو حي الي

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 4 ص: 343

(2) مستدرك الوسائل الباب 13 من أبواب الدفن الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب الدفن الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 7

(6) مستدرك الوسائل الباب 13 من أبواب الدفن الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 491

______________________________

نوح عليه السلام و هو في السفينة أن يطوف بالبيت اسبوعا كما أو حي اللّه اليه ثم نزل في الماء الي ركبتيه فاستخرج تابوتا فيه عظام آدم عليه السلام فحمل التابوت في جوف السفينة حتي طاف بالبيت ما شاء اللّه أن يطوف ثم ورد الي باب الكوفة في وسط مسجدها ففيها قال اللّه للأرض ابلعي مائك فبلعت مائها من مسجد الكوفة كما بدء الماء من مسجدها و تفرق الجمع الذي كان مع نوح في السفينة فأخذ نوح التابوت فدفنه في الغري «1».

و يدل علي جواز النقل الي محل شريف و رجحانه عدة نصوص: منها ما رواه هارون بن خارجة قال: سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول: من دفن في الحرم أمن من فرغ الاكبر، فقلت له: من بر الناس و فاجرهم؟ قال: من بر الناس و فاجرهم «2».

و منها: ما رواه محمد بن الحسن في المصباح قال: لا ينقل الميت من بلد الي

بلد فان نقل الي المشاهد كان فيه فضل ما لم يدفن و قد رويت بجواز نقله الي بعض المشاهد رواية و الاول أفضل «3».

و منها: ما رواه أيضا «4». و مما يدل علي المطلوب حديثا علي بن سليمان و سليمان قال: كتبت اليه أسأله عن الميت يموت بعرفات يدفن بعرفات أو ينقل الي الحرم؟ فايهما أفضل؟ فكتب: يحمل الي الحرم و يدفن فهو افضل «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب الدفن الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) الوسائل الباب 44 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 492

و في بعض الروايات أن من خواص الاول اسقاط عذاب القبر و محاسبة منكر و نكير (1).

[مسألة 292: لا فرق في جواز النقل بين ما قبل الدفن و ما بعده اذا اتفق تحقق النبش]

(مسألة 292): لا فرق في جواز النقل بين ما قبل الدفن و ما بعده اذا اتفق تحقق النبش (2) بل لا يبعد جواز النبش لذلك اذا كان باذن الولي و لم يلزم هتك حرمة الميت (3).

______________________________

و منها ما رواه في مستدرك الوسائل في الباب 13 من أبواب الدفن الحديث:

2 و 3 و 7.

اضف الي ذلك كله أن التبرك و التيمن بالامكنة المباركة الشريفة بنفسها أمر محبوب قد علم من الشريعة المقدسة مضافا الي جميع ذلك ان السيرة من السلف جارية عليه فلا اشكال في محبوبية النقل الي الامكنة الشريفة للتوسل بذيل عناياتهم و جعل الميت بفنائهم رجاء التقرب الي اللّه تعالي لاحظ ما روي ان أمير المؤمنين عليه السلام نظر الي ظهر الكوفة فقال: ما احسن منظرك و أطيب قعرك اللهم اجعل قبري بها «1».

(1) لاحظ ما روي عن اهل البيت عليهم السلام ان من خواص تربته اسقاط عذاب القبر

و ترك محاسبة منكر و نكير للمدفون هناك «2».

(2) لعدم ما يقتضي الفرق بل مقتضي ما يدل علي جواز النقل هو الجواز للإطلاق اذ المفروض ان النقل لا يستلزم النبش.

(3) لم يظهر لي وجه التوقف علي اذن الولي الاعلي القول بأن التصدي لأمور الميت من حقوق الولي نعم علي تقدير الهتك لا يجوز لحرمته كما مر و أما

______________________________

(1) بحار الأنوار ج 100 ص 232 ذيل الحديث: 25

(2) بحار الأنوار ج 100 ص: 232 ذيل الحديث: 25

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 493

[مسألة 293: يحرم نبش قبر المؤمن علي نحو يظهر جسده]

(مسألة 293): يحرم نبش قبر المؤمن علي نحو يظهر جسده (1).

______________________________

جواز النبش في صورة عدم الهتك فلعدم دليل علي الحرمة علي الاطلاق فمع عدم الهتك يجوز بعين الوجوه المذكورة في وجه جواز النقل و رجحانه من التوسل بهم و التمسك بذيل عناياتهم و الاستشفاع بهم صلوات اللّه عليهم أجمعين بل يمكن الاستدلال علي الجواز حتي بعد الدفن بما ورد بالنسبة الي نقل عظام آدم و يعقوب و يوسف.

و لكن نتعرض في الفرع الآتي لقيام الدليل علي حرمة النبش.

(1) قال في الحدائق: «الظاهر أنه لا خلاف بين الاصحاب في حرمة النبش و قد ادعي علي ذلك الاجماع جمع منهم كالمحقق في المعتبر و العلامة في المنتهي و التذكرة و الشهيد في الذكري الخ «1».

و قال في الجواهر: «من غير خلاف فيه كما اعترف به بعضهم بل هو مجمع عليه بيننا كما في التذكرة و موضع من الذكري و جامع المقاصد و مجمع البرهان و عن كشف الالتباس بل و بين المسلمين كما في المعتبر و عن نهاية الاحكام و موضع آخر من الذكري الي آخره» «2».

و يمكن أن يستدل علي الحرمة بما ورد في حد

النبش لاحظ ما رواه ابراهيم بن هاشم «3» فان الظاهر من هذه الرواية ان النبش بنفسه حرام و موجب للحد و حمله علي سرقة الكفن كي يقال بأن الحد لأجل السرقة- كما في الحدائق-، لا وجه له و يدل علي أن النبش بنفسه يقتضي الحد ما رواه حفص بن

______________________________

(1) الحدائق 4 ص: 143

(2) جواهر الكلام ج 4 ص: 353

(3) لاحظ ص: 339

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 494

الا مع العلم باندراسه و صيرورته ترابا (1) من دون فرق بين الصغير و الكبير و العاقل و المجنون (2) و يستثني من ذلك موارد: منها:

ما اذا كان النبش لمصلحة الميت كالنقل الي المشاهد كما تقدم (3) أو لكونه مدفونا في موضع يوجب مهانة عليه كمزبلة أو بالوعة أو نحوهما (4) أوفي موضع يتخوف فيه علي بدنه من سيل أو سبع أو عدو (5).

و منها: ما لو عارضه أمر راجع أهم كما اذا توقف دفع مفسدة علي رؤية جسده (6).

______________________________

البختري «1» لكن المستفاد من حديث عيسي «2» عدم الحد علي النبش فيقع التعارض بين النافي و المثبت و الترجيح مع الثاني للأحدثية.

(1) لعدم صدق موضوع الحرمة فلا يحرم.

(2) لإطلاق النص و معقد الاجماعات.

(3) اذا قلنا بحرمة النبش فلا وجه للجواز للنقل الي المشاهد.

(4) لا يبعد أن يكون النص و معقد الاجماعات منصرفا عن المورد فلا يحرم.

(5) اذا قلنا بأن الحفظ عن السيل و السبع و امثالهما واجب و قلنا أيضا ان الخوف طريق شرعي لإحراز الموضوع يدخل المقام في باب التزاحم الا ان يقال: ان دليل حرمة النبش منصرف عن مثله و اللّه العالم.

(6) فان الاهمية توجب الرجحان في باب التزاحم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 339

(2) لاحظ ص: 339

مباني منهاج الصالحين،

ج 2، ص: 495

و منها: ما لو لزم من ترك نبشه ضرر مالي كما اذا دفن معه مال غيره من خاتم و نحوه فنبش لدفع ذلك الضرر المالي (1) و مثل ذلك ما اذا دفن في ملك الغير من دون اذنه أو اجازته (2). و منها: اذا دفن بلا غسل أو بلا تكفين أو تبين بطلان غسله أو بطلان تكفينه أو لكون دفنه علي غير الوجه الشرعي لوضعه في القبر علي غير القبلة و في مكان أوصي بالدفن في غيره أو نحو ذلك (3) فيجوز نبشه في هذه الموارد اذا لم يلزم هتك لحرمته (4) و الا ففيه اشكال (5).

[مسألة 294: لا يجوز التوديع المتعارف عند بعض الشيعة ايدهم اللّه تعالي بوضع الميت في موضع و البناء عليه]

(مسألة 294): لا يجوز التوديع المتعارف عند بعض الشيعة ايدهم اللّه تعالي بوضع الميت في موضع و البناء عليه ثم نقله الي المشاهد الشريفة بل اللازم أن يدفن بمواراته في الارض مستقبلا بوجهه القبلة علي الوجه الشرعي ثم ينقل بعد ذلك باذن الولي علي نحو لا يؤدي الي هتك حرمته (6).

______________________________

(1) يمكن أن يقال: ان الدفن في مثل الفرض لا يكون شرعيا فلا يكون النبش حراما.

(2) قد ظهر وجهه فان الدفن في ملك الغير لا يكون مشروعا.

(3) قد ظهر الوجه مما ذكرنا قريبا فان الدفن في غير مورد الوصية غير مشروع فوجوده كالعدم.

(4) بل يجب لما ذكرنا.

(5) للتزاحم.

(6) لا يبعد أن يكون الوجه فيما أفاده ان دفن الميت واجب و المذكور

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 496

[مسألة 295: إذا وضع الميت في سرداب جاز فتح بابه و إنزال ميت آخر فيه إذا لم يظهر جسد الأول]

(مسألة 295): اذا وضع الميت في سرداب جاز فتح بابه و انزال ميت آخر فيه اذا لم يظهر جسد الاول اما للبناء عليه أو لوضعه في لحد داخل السراب و أما اذا كان بنحو يظهر جسده ففي جوازه اشكال (1).

[مسألة 296: إذا مات ولد الحامل دونها]

(مسألة 296): اذا مات ولد الحامل دونها فان أمكن اخراجه صحيحا وجب (2) و الإجازة تقطيعه و يتحري الارفق فالارفق (3) و ان ماتت هي دونه شق بطنها من الجانب الأيسر إن احتمل دخله في حياته

______________________________

في المتن ليس مصداقا للدفن فلا يجوز بل يجب الدفن علي النحو الشرعي لكن نبشه بعد الدفن مشكل كما مر.

و ملخص الكلام: ان الدفن لو كان علي المقرر الشرعي لم يكن وجه لجواز نبشه فلاحظ و أما الاذن من الولي فهو يتوقف علي ولايته علي تجهيز الميت.

(1) الميزان في الجواز و عدمه كما يظهر من الماتن صدق عنوان النبش و عدمه.

(2) لعدم جواز تقطيع الولد.

(3) لان الضرورات تقدر بقدرها مضافا الي أنه لا يبعد أن يستفاد المدعي من حديث وهب ابن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: اذا ماتت المرأة و في بطنها ولد يتحرك يشق بطنها و يخرج الولد و قال في المرأة يموت في بطنها الولد فيتخوف عليها قال: لا بأس بأن يدخل الرجل يده فيقطعه و يخرجه «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 46 من أبواب الاحتضار الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 497

و الا فمن اي جانب كان و اخرج (1) ثم يخاط بطنها و تدفن (2)

[مسألة 297: إذا وجد بعض الميت و فيه الصدر غسل و حنط و كفن و صلي عليه و دفن]

(مسألة 297): اذا وجد بعض الميت و فيه الصدر غسل و حنط و كفن و صلي عليه و دفن (3) و كذا اذ كان الصدر وحده أو بعضه

______________________________

(1) لوجوب حفظه مهما أمكن و قد ورد به النص لاحظ ما رواه ابن ابي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرأة تموت و يتحرك الولد في بطنها أ يشق بطنها و يخرج

الولد؟ قال: فقال: نعم و يخاط بطنها «1» و ساير ما ورد في الباب 46 من أبواب الاحتضار من الوسائل.

(2) كما دل عليه ما رواه عمر بن اذينة قال: يخرج الولد و يخاط بطنها «2».

(3) الظاهر ان وجوب الحنوط يتوقف علي وجود موضوعه من الاعضاء التي يجب الحنوط بالنسبة اليها و الا فلا وجه لوجوب التحنيط و نقل في الحدائق عن العلامة في المختلف انه قال: اذا وجد بعض الميت فان كان الصدر فحكمه حكم الميت يغسل و يكفن و يحنط و يصلي عليه و يدفن» الي آخر كلامه «3».

و قال أيضا في جملة كلامه: «فانه يشكل في وجوب الحنوط أولا من حيث عدم الدلالة علي هذه الكلية الي أن قال: ثم قال الشهيد في بعض تحقيقاته علي ما نقل عنه: ان كانت محال الحنوط موجودة فلا اشكال في الوجوب و ان لم تكن موجودة فلا اشكال في العدم و هو جيد» «4».

و كيف كان فوجوب الغسل و الكفن و الصلاة و الدفن هو المشهور بين

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) الحدائق ج 3 ص 422

(4) نفس المصدر ص: 425- 426

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 498

______________________________

القوم- علي ما يظهر من الكلمات- و ما يمكن أن يستدل به علي الوجوب امور:

الاول: الاستصحاب. و يرد عليه أولا: ان جريان الاستصحاب يتوقف علي تحقق الوجوب بأن عرض التقطيع بعد الموت و الا فلو فرض موت شخص بتقطيع بدنه فلا مجال لجريان الاستصحاب.

و ثانيا: يشترط في جريان الاستصحاب بقاء الموضوع و المفروض أن الموضوع بدن الميت و أما كل عضو فليس موضوعا للوجوب.

و ثالثا: ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد.

الثاني قاعدة

الميسور. و يرد عليه ان هذه القاعدة مخدوشة كما حقق في محله.

الثالث: ما رواه الفضل بن عثمان الاعور عن الصادق عن أبيه عليهما السلام في الرجل يقتل فيوجد رأسه في قبيلة و وسطه و صدره و يداه في قبيلة و الباقي منه في قبيلة قال: ديته علي من وجد في قبيلته صدره و يداه و الصلاة عليه «1».

و تقريب الاستدلال بهذه الرواية علي المدعي أن الدليل علي وجوب الصلاة دليل علي غيرها بطريق أولي و يتوقف الاستدلال علي أن ذكر اليدين في كلام الامام عليه السلام من باب ذكرهما في كلام الراوي.

و كلا الامرين محل اشكال لا سيما الثاني فان رفع اليد عما اخذ في الموضوع في كلامه عليه السلام بلا دليل علي خلاف القاعدة.

الرابع مرفوعة احمد بن محمد أبي نصر البزنطي قال: المقتول اذا قطع

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 499

______________________________

أعضائه يصلي علي العضو الذي فيه القلب «1». بتقريب: ان المراد بما فيه القلب نفس العضو أي الصدر.

و فيه: انه خلاف الظاهر مضافا الي أن الرواية ضعيفة بالارسال و الرفع قال في المستمسك في هذا المقام: «و لذا قال في المعتبر و الذي يظهر لي انه لا يجب الصلاة الا ان بوجد ما فيه القلب أو الصدر و اليدان أو عظام الميت» ثم استدل للأخير الي أن قال: فلم يجعل الموضوع الصدر كما نسب الي المشهور بل جعل الموضوع أحد العناوين الثلاثة ما فيه القلب كما في المرفوع «2» و الصدر و اليدان كما في المصحح «3» و عظام الميت كما في صحيح ابن جعفر انه سأل أخاه موسي بن جعفر عليه السلام عن الرجل يأكله

السبع أو الطير فتبقي عظامه بغير لحم كيف يصنع به؟ قال: يغسل و يكفن و يصلي عليه و يدفن «4».

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان الذي يختلج بالبال أن يقال: اذا وجدت عظام الميت بلا لحم يجب تغسيلها و تكفينها و الصلاة عليها و دفنها و الدليل عليه ما رواه ابن جعفر و أيضا يدل علي المدعي ما رواه خالد بن ماد القلانسي «5» و اذا وجد وسطه و صدره و يداه يصلي عليه و الدليل عليه ما رواه الفضل «6» فان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) لاحظ ص: 498

(3) لاحظ ص: 498

(4) الوسائل الباب 38 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(5) لاحظ ص: 439

(6) لاحظ ص: 498

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 500

علي الاحوط وجوبا (1)

______________________________

قلنا بأن وجوب الصلاة يستلزم وجوب غيرها بالاولوية نلتزم بوجوبها لكن الكلام في الاولوية.

فالمتحصل أن العضو الذي فيه الصدر وحده لم يرد فيه دليل دال علي الصلاة عليه فضلا عن غيرها، نعم يستفاد من حديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا قتل قتيل فلم يوجد الا لحم بلا عظم لم يصل عليه و اذا وجد عظم بلا لحم فصلي عليه «1» أن العظم تجب الصلاة عليه و لعل ما أفاده الماتن من وجوب الاحتياط بالنسبة الي الصدر وحده أو بعضه ناظر الي هذه الرواية لكن المذكور فيها خصوص الصلاة الا أن يقال: ان وجوب الصلاة يستلزم وجوب غيرها بالاولوية و مقتضي هذه الرواية ان العظم مطلقا تجب الصلاة عليه لكن يرفع اليد عن هذا الاطلاق لحديث الفضل بن عثمان «2» حيث انه يستفاد منه ان مجرد العظم لا يكفي في وجوب الصلاة.

و يؤيد المدعي أن لم يدل

عليه ما رواه خالد بن ما القلانسي «3» فان المستفاد من هذا الحديث ان الصلاة تختص بالنصف الذي فيه قلبه و لا يخفي ان رواية الفضل من حيث السند مخدوش.

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط لكن لا وجه للزومه فان المستفاد من النصوص أنه لو بقيت العظام يجب تغسيلها و تكفينها و الصلاة عليها و دفنها و اذا وجدت عضو فيه الصدر و معه اليدان تجب الصلاة فتأمل و أما في غيرها تين الصورتين فالحكم مبني علي الاحتياط.

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 8

(2) لاحظ ص. 489

(3) لاحظ ص: 439

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 501

و في الاخيرين يقتصر في التكفين علي القميص و الازار و في الاول يضاف اليهما المئزر ان وجد له محل (1) و ان وجد غير عظم الصدر مجردا كان أو مشتملا علي اللحم غسل و حنط و لف بخرقة و دفن علي الاحوط وجوبا و لم يصل عليه (2) و ان لم يكن فيه عظم لف بخرقة و دفن علي الاحوط وجوبا (3).

[مسألة 289: السقط اذا تم له أربعة أشهر غسل و حنط و كفن]

(مسألة 289): السقط اذا تم له أربعة أشهر غسل و حنط و كفن (4)

______________________________

(1) لم يظهر وجه التفصيل اذ لو قلنا بأن اطلاق دليل التكفين محكم فيكفي مجرد صدقه باي نحو كان في جميع موارده و ان قلنا بأن العرف يفهم من دليل التكفين هو المعهود فلا بد من رعاية جميع اجزائه من الازار و القميص و المئزر الا ان يقال: بأنه مع عدم موضوع للمئزر لا مجال لوجوبه.

(2) في كلامه موارد للنظر منها ان الحنوط لا وجه له و منها انه اي دليل دل علي وجوب المذكورات و ما الوجه في التفصيل بينها و

بين الصلاة.

(3) لم نجد عليه دليلا نعم وجوب الدفن لا يبعد أن يكرن اجماعيا.

(4) أما وجوب غسله فقد ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن السقط اذا استوت خلقته يجب عليه الغسل و اللحد و الكفن؟ قال: نعم كل ذلك يجب عليه اذ استوي «1».

و الظاهر صحة الرواية بأحد سنديها انما الكلام في أن الحكم علق علي عنوان الاستواء لكن فسر في رواية الحسن بن الجهم قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: قال أبو جعفر عليه السلام: ان النطفة تكون في الرحم أربعين يوما ثم تصير علقة أربعين يوما ثم تصير مضغة أربعين يوما

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 502

و لم يصل عليه (1) و اذا كان لدون ذلك لف بخرقة و دفن علي الاحوط وجوبا (2)

______________________________

فاذا كمل أربعة أشهر بعث اللّه ملكين خلاقين فيقولان: يا رب ما تخلق ذكرا أو انثي فيؤمر ان الحديث «1» و مثله رواية محمد بن اسماعيل أو غيره «2».

و لا يعارض الرواية ما رواه محمد بن الفضيل قال: كتبت الي أبي جعفر عليه السلام أسأله عن السقط كيف يصنع به؟ فكتب الي: السقط يدفن بدمه في موضعه «3»، فان النسبة بينهما بالاطلاق و التقييد و العموم و الخصوص مضافا الي ضعف سند رواية محمد بن فضيل به و بغيره فلا تعارض هذا بالنسبة الي التغسيل و أما وجوب التكفين و الدفن فيدل عليهما أيضا حديث سماعة فان السؤال عن وجوب هذه الامور فجوابه عليه السلام بقوله: «نعم كل ذلك يجب» يدل بالصراحة علي المدعي و أما الحنوط

فلم يظهر وجهه بل يمكن أن يقال:

بأنه يستفاد عدم وجوبه من حديث سماعة اذ الظاهر أن المركوز في ذهن السائل عدم وجوبه و هو عليه السلام قرره علي هذا الارتكاز.

(1) لعدم الدليل بل الدليل قائم علي عدم الوجوب بالتقريب المتقدم ذكره آنفا.

(2) قال في الحدائق: «و ذكر الاصحاب انه يجب لفه في خرقة و لم اقف علي مستنده» انتهي «4» بل مقتضي حديث محمد بن فضيل دفنه بلا لف فانه قال عليه السلام «يدفن بدمه» نعم لا بأس بلفه رجاء خروجا عن شبهة الخلاف فلاحظ.

______________________________

(1) الكافي ج 6 ص: 13/ الحديث: 3

(2) الكافي ج 6 ص: 16/ الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب غسل الميت الحديث: 5

(4) الحدائق ج 3 ص 409

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 503

لكن لو ولجته الروح حينئذ فالاحوط ان لم يكن أقوي جريان حكم الاربعة أشهر عليه (1).

[المقصد السادس غسل المس]
اشارة

المقصد السادس غسل المس يجب الغسل بمس الميت الانساني (2)

______________________________

(1) الظاهر ان الوجه فيه أن المستفاد من حديث سماعة أن الميزان في الوجوب ولوج الروح و المفروض تحققه فيجب و ما أفاده غير بعيد عن الاذهان العرفية فلاحظ.

(2) هذا هو المشهور عند القوم و عن الخلاف و غيره الاجماع عليه و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: قلت: الرجل يغمض الميت أ عليه غسل؟ قال: اذا مسه بحرارته فلا و لكن اذا مسه بعد ما يبرد فليغتسل قلت: فالذي يغسله يغتسل؟ قال: نعم «1» الحديث.

و ربما يقال: بأنه مستحب و استدل عليه بجملة من الوجوه: الاول ما رواه زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام قال: الغسل من سبعة: من

الجنابة و هو واجب و من غسل الميت و ان تطهرت أجزأك و ذكر غير ذلك «2».

و يرد عليه: أولا أن المستفاد منه أن غسل الميت لا يوجب الغسل و هو كذلك فان موضوع الوجوب مس الميت لا غسله و ثانيا أنه بعد المعارضة يكون الترجيح مع دليل الوجوب فان الشيخ الحر قال في وسائله: «هذه الرواية موافقة للعامة

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب غسل المس الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 504

______________________________

فتحمل علي التقية».

الثاني: ما رواه الطبرسي قال: مما خرج عن صاحب الزمان عليه السلام الي محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري حيث كتب اليه: روي لنا عن العالم عليه السلام أنه سئل عن امام قوم يصلي بهم بعض صلاتهم و حدثت عليه حادثة كيف يعمل من خلفه؟ فقال يؤخر و يتقدم بعضهم و يتم صلاتهم و يغتسل من مسه التوقيع: ليس علي من مسه الا غسل اليد و اذا لم تحدث حادثة تقطع الصلاة تمم صلاته مع القوم «1».

و يرد عليه أولا: أن هذه مطلقة و مقتضي القاعدة تقييدها بما دل علي التفصيل بين المس قبل صيرورته باردا و بعده. و ثانيا علي تقدير تمامية المعارضة يقدم ما دل علي الوجوب و يحمل ما دل علي عدم الوجوب علي التقيه.

الثالث: عده في عداد الاغسال المسنونة. فمقتضي دلالة السياق يكون غسل المس مستحبا لاحظ ما ارسله الصدوق قال: قال أبو جعفر عليه السلام:

الغسل في سبعة عشر موطنا: ليلة سبعة عشر من شهر رمضان و ليلة تسعة عشر الي أن قال: و اذا غسلت ميتا و كفنته أو مسسته بعد ما يبرد «2».

و فيه: أن قرينة السياق لا تقاوم النصوص

الدالة بالظهور بل بعضها بالصراحة علي الوجوب و ان شئت قلت: الدلالة السياقية عبارة عن عدم الدليل علي الوجوب لكن لا تدل علي عدم الوجوب.

الرابع: ما رواه سعيد بن أبي خلف قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: الغسل في أربعة عشر موطنا واحد فريضة و الباقي سنة «3».

و فيه: أولا ان الرواية ضعيفة سندا و ثانيا لا تدل لفظة «السنة» علي الاستحباب

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب غسل المس الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب الجنابة الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 505

بعد برده (1) و قبل اتمام غسله (2) مسلما كان أو كافرا (3) حتي السقط اذا ولجته الروح (4)

______________________________

بل يمكن أن يكون المراد بالفرض ما فرضه اللّه في قبال ما سنه النبي صلي اللّه عليه و آله.

(1) كما فصل في النصوص لاحظ ما رواه اسماعيل بن جابر قال: دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام حين مات ابنه اسماعيل الاكبر فجعل يقبله و هو ميت فقلت: جعلت فداك أ ليس لا ينبغي أن يمس الميت بعد ما يموت و من مسه فعليه الغسل؟ فقال: أما بحرارته فلا بأس انما ذاك اذا برد «1».

(2) عن الجواهر: «انه اجماعي بقسميه» و عن المنتهي: «انه مذهب علمائنا» مضافا الي النص الخاص الدال علي المدعي لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: مس الميت عند موته و بعد غسله و القبلة ليس بها بأس «2».

(3) لإطلاق النصوص و نقل عن بعض: اختصاص الحكم بخصوص المسلم بدعوي أن الحكم مختص بما يقبل الطهارة و المفروض أن الكافر لا يقبل الطهارة مضافا

الي أن الكافر لا يزيد علي البهائم فلا يجب الغسل بمسه.

و فيه: أن المحكم كما قلنا اطلاق النصوص و مقتضاه عدم الفرق غاية الامر بالنسبة الي الكافر لا يتحقق امد الحكم لأجل عدم قابليته للطهارة و أما كونه كالبهائم فهو تخرص بالغيب.

(4) لإطلاق النصوص فان الموضوع عنوان الميت و مقتضي الاحتياط تسرية

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب غسل المس الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب غسل المس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 506

و ان لم يتم له أربعة أشهر علي الاحوط (1) و لو غسله الكافر لفقد المماثل أو غسل بالقراح لفقد الخليط أو أقل من ثلاثة أغسال لعوز الماء فالاقوي عدم وجوب الغسل بمسه (2) و لو يمم الميت للعجز عن تغسيله فالظاهر وجوب الغسل بمسه (3).

______________________________

الحكم الي مطلق السقط لكن الظاهر اشتراط الحكم بمن ولجته الروح للتفصيل بين ما قبل البرودة و بعدها.

(1) من حيث تمامية الملاك المستفاد من الادلة و بعبارة اخري اذا كان الملاك تحقق الحياة فالملاك موجود في مفروض الكلام.

(2) فان مقتضي اطلاق عدم وجوب الغسل اذا كان المس بعد تغسيله عدم الفرق بين التام و الناقص و بعبارة اخري: المستفاد من النصوص سقوط غسل المس بتغسيل الميت و الانصراف الي الغسل التام بلا وجه فلا يصار اليه فلاحظ.

(3) ربما يقال: بأن مقتضي اطلاق دليل وجوب الغسل بالمس عدم الفرق بين أن يكون قبل التيمم و بعده و لا يخفي أن هذا التقريب انما يتم فيما لا يكون اطلاق لدليل بدلية التيمم و الا يكون مقتضي القاعدة تقديم ذلك الدليل.

و مما يمكن أن يستدل به علي المدعي استصحاب بقاء الوجوب حتي بعد التيمم. و فيه: اولا: أنه من

الاستصحاب التعليقي الذي يكون محل الاشكال.

و ثانيا: أن الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باصالة عدم الجعل الزائد فلا بد من ملاحظة ادلة بدلية التيمم و مقدار دلالتها فان تم الاطلاق لم يصح ما أفاده في المتن من عدم الكفاية.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان مقتضي النصوص الدالة علي بدلية التراب

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 507

______________________________

عن الماء ترتب آثار الماء عليه لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أجنب فتيمم بالصعيد و صلي ثم وجد الماء قال: لا يعيد ان رب الماء رب الصعيد فقد فعل أحد الطهورين «1».

و ما رواه علي بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: أتيمم و اصلي ثم أجد الماء و قد بقي علي وقت فقال: لا تعد الصلاة فان رب الماء هو رب الصعيد «2».

و ما رواه محمد بن حمران و جميل بن دراج جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: ان اللّه جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا «3».

و ما رواه حماد بن عثمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل لا يجد الماء أ يتيمم لكل صلاة؟ فقال: لا هو بمنزلة الماء «4».

و ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان النبي صلي اللّه عليه و آله قال: يا با ذر يكفيك الصعيد عشر سنين «5».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان التيمم أحد الطهورين «6».

ان قلت ان البدلية تختص بمورد لا يكون لغير الماء دخل فيه و في غسل الميت يكون لغير الماء أي السدر و الكافور دخل في الغسل.

قلت: يرد

عليه أولا أنه يلزم وجوب الغسل بالمس الواقع بعد الغسل

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب التيمم الحديث: 15

(2) نفس المصدر الحديث: 17

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب التيمم الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 508

______________________________

بالماء القراح فقط في فرض عدم وجدان السدر و الكافور و ثانيا أن مقتضي اطلاق البدلية عدم الفرق.

و بعبارة اخري اما لا نلتزم بالبدلية في مثل غسل الميت فلا موضوع للبحث و اما نلتزم و علي الثاني نلتزم بترتب جميع الآثار الا أن يقوم دليل علي الخلاف.

و في المقام اشكال من ناحية اخري و هو أن الظاهر من ادلة البدلية بدلية التيمم عن الماء في رفع الحدث و لم يعلم في المقام أن الاثر للحدث أو للخبث أو لكليهما.

و فيه: أولا: لا وجه لتخصيص دليل البدلية في رفع الحدث بل مقتضي الاطلاق بدلية التراب عن الماء. و ثانيا: أن المستفاد من النصوص أن الميت يجنب بالموت فهو محدث بالاكبر مضافا الي نجاسته الخبثية فالتيمم يخرج الميت عن الجنابة و يترتب عليه ارتفاع النجاسة الظاهرية.

و محصل الكلام أنه قام الدليل أي النص «1» علي ان الميت عند فقدان الماء ييمم و من ناحية اخري دل الدليل علي أن التيمم يقوم مقام الغسل.

ان قلت: البدل الاضطراري لا يقوم مقام الاختياري بتمام المعني و الا يلزم أن لا يكون اضطراريا.

قلت: أولا يمكن أن يكون العمل الاضطراري وافيا بتمام الملاك بشرط أن يعرض الاضطرار بطبعه فلا ينقض بالاضطرار العارض باختيار المكلف بأن يعدم الماء مثلا.

______________________________

(1) لاحظ ص. 311

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 509

[مسألة 299: لا فرق في الماس و الممسوس بين أن يكون من الظاهر و الباطن]

(مسألة 299): لا فرق في الماس و الممسوس بين أن

يكون من الظاهر و الباطن و كونه مما تحله الحياة و عدمه ماسا و ممسوسا (1)

______________________________

و ثانيا: انا لا ندعي قيام العمل الاضطراري مقام الاختياري فانه يمكن أن يكون الصلاة مع التيمم فاقدة لمقدار من الملاك و لكن مع ذلك المرجع عموم دليل البدلية الا أن يقوم دليل علي الخلاف كما سبق فلاحظ.

(1) لإطلاق الادلة فان المذكور في حديث عاصم بن حميد قال: سألته عن الميت اذا مسه الانسان أ فيه غسل؟ قال فقال: اذا مسست جسده حين يبرد فاغتسل «1»، و حديت محمد بن الحسن الصفار قال: كتبت اليه: رجل أصاب يده أو بدنه ثوب الميت الذي يلي جلده قبل ان يغسل هل يجب عليه غسل يديه أو بدنه؟ فوقع عليه السلام: اذا أصاب يدك جسد الميت قبل أن يغسل فقد يجب عليك الغسل «2»، عنوان الميت و اطلاقه يقتضي عدم الفرق بين الموارد و مقتضي هذا الاطلاق تحقق الحكم بمس جسد الميت بلا فرق بين العضو الذي تحله الحياة و غيره.

و أما حديث الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال: انما لم يجب الغسل علي من مس شيئا من الاموات غير الانسان كالطيور و البهائم و السباع و غير ذلك لان هذه الاشياء كلها ملبسة ريشا و صوفا و شعرا و وبرا و هذا كله ذكي لا يموت و انما يماس منه الشي ء الذي هو ذكي من الحي و الميت «3»، فلا اعتبار به سندا مضافا الي أن ظاهره غير معمول به فان الميت الحيوان لا يوجب الغسل

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب غسل المس الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب غسل المس الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين،

ج 2، ص: 510

و العبرة في وجوب الغسل بالمس بالشعر أو بمسه بالصدق العرفي و يختلف ذلك بطول الشعر و قصره (1).

[مسألة 300: لا فرق بين العاقل و المجنون و الصغير و الكبير و المس الاختياري و الاضطراري]

(مسألة 300): لا فرق بين العاقل و المجنون و الصغير و الكبير و المس الاختياري و الاضطراري (2)

______________________________

و لو بمس جسده العاري عن الريش و غيره.

(1) لا يبعد أن يقال: ان المس بالشعر لا يوجب الغسل لانصراف الدليل بل لا يصدق المس و العرف ببابك و أما مس الشعر فيمكن أن يقال: انه لا يترتب عليه الاثر و الوجه فيه مضافا الي الانصراف حديثا عاصم و صفار «1» فان مقتضي الحديثين ان الموضوع لوجوب الغسل مس جسد الميت و مقتضي مفهوم الشرط عدم وجوب الغسل و لو مع مس الشعر فان الشعر لا يصدق عليه عنوان الجسد.

(2) فان الموضوع المذكور في الدليل مس جسد الميت و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين أفراد الماس فلو مسه مجنون ثم أفاق يجب عليه الغسل لتحقق الموضوع كما أن الامر كذلك لو مسه صغير ثم بلغ.

لكن في المقام اشكال و هو أن مقتضي حديث عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة؟ قال: اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري عليه القلم و الجارية مثل ذلك ان أتي لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة و جري عليها القلم «2»، أن الطفل قبل الاحتلام

______________________________

(1) لاحظ ص. 509

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمات العبادات الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 511

[مسألة 301: إذا مس الميت قبل برده لم يجب الغسل بمسه]

(مسألة 301): اذا مس الميت قبل برده لم يجب الغسل بمسه (1) نعم يتنجس العضو الماس (2)

______________________________

لا يجري عليه القلم و مقتضي الاطلاق ارتفاع القلم تكليفا و وضعا و عليه لنا أن نقول:

حين تحقق المس لم

يتوجه اليه التكليف و بعد البلوغ لا موضوع و بعبارة اخري حين تحقق الموضوع لا يترتب عليه الحكم و بعد تحقق البلوغ لا يتجدد الموضوع.

ان قلت: علي هذا يلزم أن لا يكون المس الواقع حال النوم مؤثرا في وجوب الغسل و ان كان من البالغ و أني لنا بذلك؟

قلت: فرق بين المقامين فان البالغ حيث ان القلم جار عليه لا فرق في تحقق الموضوع ذي الحكم بين أن يكون في حال اجتماع شرائط التكليف و بين حال عدم الاجتماع كالنوم مثلا فالمتبع اطلاق دليل الوجوب و أما بالنسبة الي غير البالغ فالشارع الاقدس اعتبر ما صدر عنه كالعدم فلا تشتغل ذمته لا بالتكليف و لا بالوضع فلو أتلف مال الغير لا تشغل ذمته و بعد البلوغ لا مقتضي للاشتغال اذ المفروض انه لم يصدر عنه شي ء فالصادر في حال الصغر لا يكون موضوعا للحكم و بعد البلوغ لم يحدث موضوع جديد و أما البالغ فالاقتضاء بالنسبة اليه تام فلو مس في حال النوم بدن الميت يصير محدثا و ان كان الامر بالغسل لا يتوجه اليه حال النوم كما لو اجنب حال النوم فلاحظ.

(1) لان المستفاد من الادلة ان وجوب الغسل بعد البرد لاحظ ما رواه اسماعيل بن جابر «1».

(2) لكون الميت من الاعيان النجسة فينجس ما يلاقيه و لا وجه للتقييد بالبرودة

______________________________

(1) لاحظ ص: 505

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 512

بشرط الرطوبة المسرية في أحدهما (1) و ان كان الاحوط تطهيره مع الجفاف أيضا (2).

[مسألة 302: يجب الغسل بمس القطعة المبانة من الحي أو الميت اذا كانت مشتملة علي العظم]

(مسألة 302): يجب الغسل بمس القطعة المبانة من الحي أو الميت اذا كانت مشتملة علي العظم (3)

______________________________

لإطلاق الدليل لاحظ ما رواه ابراهيم بن ميمون قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام

عن رجل يقع ثوبه علي جسد الميت قال: ان كان غسل الميت فلا تغسل ما أصاب ثوبك منه و ان كان لم يغسل فاغسل ما أصاب ثوبك منه يعني اذا برد الميت «1» و مثله حديث الحلبي «2».

(1) لان اليابس ذكي و قد دل عليه النص و هو ما رواه عبد اللّه بن بكير قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يبول و لا يكون عنده الماء فيمسح ذكره بالحائط قال: كل شي ء يابس زكي «3» لكن الرواية مخدوشة بالبرقي.

(2) لعل الوجه في الاحتياط اطلاق حديثي ابراهيم و الحلبي فان النصين لم يقيد فيهما الملاقاة بالرطوبة و لكن المناسبة بين الحكم و الموضوع تقتضي التقييد كما هو كذلك بالنسبة الي جميع الموارد.

(3) يظهر من الكلمات انه المشهور فيما بين القوم بل نقل عليه الاجماع من الخلاف و ما يدل عليه من النصوص مرسل أيوب بن نوح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قطع من الرجل قطعة فهي ميتة فاذا مسه انسان فكل ما كان فيه عظم فقد وجب علي من يمسه الغسل فان لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه «4»

______________________________

(1) الوسائل الباب 34 من أبواب النجاسات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 31 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل المس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 513

دون الخالية منه (1) و دون العظم المجرد من الحي (2) أما العظم المجرد من الميت أو السن منه فالاحوط استحبابا الغسل بمسه (3)

______________________________

و المرسل لا يعتد به.

و يدل علي المدعي ما في الفقه الرضوي. قال عليه السلام: و ان مسست شيئا من جسده اكله السبع فعليك الغسل

ان كان في ما مسست عظم و ما لم يكن فيه عظم فلا غسل عليك في مسه «1».

و لا اعتبار بهذه الرواية سندا فالحكم مبني علي الاحتياط.

و لا يخفي أن الرواية الثانية في القطعة المبانة من الميت و أما الرواية الاولي فموردها- ظاهرا- المبانة من الحي و تسرية الحكم بالرواية الي المبانة من الميت بنحوين: أحدهما انه عليه السلام قال: «فهي ميتة» فيعلم ان الميزان صدق الميتة و لا فرق في هذه الجهة بين الموردين ثانيهما: مفهوم الموافقة و الاولوية لكن عمدة الاشكال في سند الرواية.

(1) لعدم المقتضي للوجوب بل صرح في مرسل أيوب بعدمه و كذلك في رواية فقه الرضا عليه السلام.

(2) ربما يقال: بأنه يجب الغسل بمس العظم المجرد لدوران الوجوب مداره في حديث أيوب.

و فيه: ما فيه فان دوران الوجوب مداره في القطعة المبانة لا يقتضي الوجوب في العظم المجرد.

(3) يمكن أن يكون الوجه في الاحتياط الخروج عن شبهة الخلاف و أما حديث اسماعيل الجعفي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن مس عظم

______________________________

(1) المستدرك الباب 2 من أبواب غسل المس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 514

[مسألة 303: اذا قطع السن من الحي و كان معه لحم يسير لم يجب الغسل بمسه]

(مسألة 303): اذا قطع السن من الحي و كان معه لحم يسير لم يجب الغسل بمسه (1)

[مسألة 304: يجوز لمن عليه غسل المس دخول المساجد و المشاهد و المكث فيها و قراءة العزائم]

(مسألة 304): يجوز لمن عليه غسل المس دخول المساجد و المشاهد و المكث فيها و قراءة العزائم (2) نعم لا يجوز له مس كتابة القرآن و نحوها مما لا يجوز للمحدث (3) و لا يصح له كل عمل مشروط بالطهارة كالصلاة الا بالغسل و الاحوط ضم الوضوء اليه و ان كان الاظهر عدم وجوبه (4).

______________________________

الميت قال: اذا جاز سنة فليس به بأس «1» فمضافا الي ضعف سنده بعبد الوهاب لا يكون المراد منه واضحا نعم علي القول باعتبار الاستصحاب التعليقي يمكن اثبات الوجوب بالاستصحاب لكن الاستصحاب التعليقي غير تام مضافا الي أن الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باصالة عدم الجعل الطويل.

(1) الظاهر أن الوجه في عدم الوجوب في مفروض الكلام عدم صدق الموضوع اذ الموضوع في الرواية عنوان قطعة لحم فيه عظم.

(2) لعدم دليل علي الحرمة و قياس المقام علي الجنب و الحائض بلا وجه و ان شئت قلت: لا دليل علي الملازمة بين الحدث الاكبر و حرمة هذه الامور.

(3) عن المدارك انه توقف في كونه شرطا في شي ء من العبادات و لا مانع من أن يكون واجبا نفسيا كغسل الجمعة عند من يري وجوبه و لكنه خلاف الظاهر من الادلة اذ العرف يفهم من ادلة كونه حدثا انه لا يزول الا بالغسل فلاحظ.

(4) كما مر و تعرضنا للمسألة في او اخر بحث الحيض و الحق ان الغسل علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب غسل المس الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 515

[المقصد السابع الأغسال المندوبة زمانية و مكانية و فعلية]
اشارة

المقصد السابع الاغسال المندوبة زمانية و مكانية و فعلية:

[الأول الأغسال الزمانية]
اشارة

الاول الاغسال الزمانية و لها أفراد كثيرة:

منها: غسل الجمعة و هو أهمها حتي قيل بوجوبه (1) لكنه ضعيف (2).

______________________________

الاطلاق يجزي عن الوضوء لاحظ ما رواه عمار الساباطي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل اغتسل من جنابته أو يوم جمعة أو يوم عيد هل عليه الوضوء قبل ذلك أو بعده؟ فقال: لا ليس عليه قبل و لا بعد قد أجزأه الغسل و المرأة مثل ذلك اذا اغتسلت من حيض أو غير ذلك فليس عليها الوضوء لا قبل و لا بعد قد أجزأها الغسل «1».

(1) نسب هذا القول الي الصدوق و والده و الكليني و الشيخ سليمان بن عبد اللّه البحراني و نقل في الحدائق عن البهائي الميل اليه.

(2) قال في الجواهر في هذا المقام: «علي المشهور بين الاصحاب شهرة كادت تكون اجماعا بل هي كذلك».

منشأ الخلاف اختلاف النصوص فانه يظهر من جملة منها وجوب غسل الجمعة فمن تلك النصوص ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الغسل يوم الجمعة علي الرجال و النساء في الحضر و علي الرجال في السفر و ليس علي النساء في السفر «2».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن المغيرة عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:

سألت عن الغسل يوم الجمعة فقال: واجب علي كل ذكر أو انثي عبد أو حر «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 33 من أبواب الجنازة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 516

______________________________

و منها: ما رواه هشام بن الحكم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ليتزين أحدكم يوم الجمعة

يغتسل و يتطيب «1».

و منها ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: لا تدع الغسل يوم الجمعة فانه سنة و شم الطيب الي أن قال: و قال الغسل واجب يوم الجمعة «2».

و منها: ما رواه محمد بن عبد اللّه (عبيد اللّه) قال: سألت الرضا عليه السلام عن غسل يوم الجمعة فقال: واجب علي كل ذكر و انثي من عبد أو حر «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: اغتسل يوم الجمعة الا أن تكون مريضا أو تخاف علي نفسك «4».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث الجمعة قال:

و الغسل فيها واجب «5».

و منها: ما رفعه محمد بن أحمد بن يحيي قال: غسل الجمعة واجب علي الرجال و النساء في السفر و الحضر الا أنه رخص للنساء في السفر لقلة الماء «6».

و منها: ما رواه المفيد قال و عن العبد الصالح عليه السلام انه قال: يجب غسل الجمعة علي كل ذكر و اثني من حر أو عبد «7».

و منها: ما رواه ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من جاء

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 11

(5) نفس المصدر الحديث: 13

(6) نفس المصدر الحديث: 17

(7) نفس المصدر الحديث: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 517

______________________________

الي الجمعة فليغتسل «1».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل الجمعة فقال: واجب في السفر و الحضر الا انه رخص للنساء في السفر و قلة الماء «2».

و منها: ما رواه عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل

ينسي الغسل يوم الجمعة حتي صلي قال: ان كان في وقت فعليه أن يغتسل و يعيد الصلاة و ان مضي الوقت فقد جازت صلاته «3».

و منها: ما رواه أبو بصير أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدع غسل يوم الجمعة ناسيا أو متعمدا فقال: اذا كان ناسيا فقد تمت صلاته و ان كان متعمدا فليستغفر اللّه و لا يعد «4».

و منها: ما رواه محمد بن الحسين عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال لأصحابه: انكم تأتون غدا منزلا ليس فيه ماء فاغتسلوا اليوم لغد فاغتسلنا يوم الخميس للجمعة «5».

و منها ما رواه الحسين بن موسي بن جعفر عن امه و أمّ احمد (ابن) ابنة موسي بن جعفر قالتا: كنا مع أبي الحسن عليه السلام بالبادية و نحن نريد بغداد فقال: لنا يوم الخميس: اغتسلا اليوم لغد يوم الجمعة فان الماء بها غدا قليل فاغتسلنا يوم الخميس ليوم الجمعة «6».

و منها: ما رواه حريز عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر عليه السلام قال:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 21

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 9 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

(6) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 518

______________________________

لا بد من الغسل يوم الجمعة في السفر و الحضر و من نسي فليعد من الغد «1».

و منها: ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل لا يغتسل يوم الجمعة في أول النهار قال: يقضيه آخر النهار فان لم يجد فليقضه من يوم السبت «2».

و منها: ما رواه

عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل فاته الغسل يوم الجمعة قال: يغتسل ما بينه و بين الليل فان فاته اغتسل يوم السبت «3».

و استدل صاحب الحدائق قدس سره علي الاستحباب بجملة من الوجوه:

الاول: أصل البراءة بدعوي ان النصوص التي استدل بها علي الوجوب لا دلالة فيها علي المدعي فان الوجوب في اصطلاح أهل البيت ليس ظاهرا فيما يقابل الندب فالمرجع اصالة البراءة عن الوجوب.

و فيه: ان ظهور جملة من النصوص في الوجوب و اللزوم مما لا ينكر و العرف ببابك و لا اشكال في أنه يستفاد اللزوم من قولهم عليهم السلام «العمل الفلاني واجب» فان الوجوب بقول مطلق ظاهر في اللزوم بلا كلام و العرف شاهد.

الثاني ما رواه علي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل العيدين أو اجب هو؟ قال هو سنة قلت: فالجمعة؟ قال: هو سنة «4».

بتقريب: ان الراوي سأل عن الامام عن وجوب غسل الجمعة فاجاب عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 6 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 519

______________________________

السلام بأنه سنة فانه يستفاد من الرواية أن غسل الجمعة ليس واجبا.

و ما أفاده تام لكن السند مخدوش بعلي اذ الظاهر- كما يقول صاحب الحدائق- هو ابن أبي حمزة و هو الكذاب مضافا الي ان القاسم الموجود في السند غير معلوم الحال.

الثالث ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الغسل في الجمعة و الاضحي و الفطر قال: سنة و ليس بفريضة «1» بتقريب: ان عد غسل الجمعة في عداد غسل

العيدين: الفطر و الاضحي دال علي عدم وجوبه.

و فيه: ان السنة أعم من الوجوب و الاستحباب و مجرد عده في عداد غير الواجب لا يقتضي عدم الوجوب و ارادة الجامع من السنة لا يقتضي استعمال اللفظ في أكثر من معني واحد كما هو ظاهر و بما ذكر يظهر تقريب الاستدلال و الجواب عنه في جملة من الروايات مثل ما رواه زرارة «2» و ما رواه هشام بن الحكم «3» و ما عن فقه الرضا عليه السلام «4».

الرابع: ما رواه الحسين بن خالد قال: سألت أبا الحسن الاول عليه السلام كيف صار غسل الجمعة واجبا؟ فقال: ان اللّه أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة و أتم صيام الفريضة بصيام النافلة و أتم وضوء النافلة (الفريضة) بغسل يوم الجمعة ما كان في ذلك من سهو أو تقصير أو نسيان أو نقصان «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) لاحظ ص: 516 الرقم الثاني

(3) لاحظ ص: 516

(4) مستدرك الوسائل الباب 3 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 4

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 520

و وقته من طلوع الفجر الثاني يوم الجمعة (1)

______________________________

بتقريب: ان اتمام وضوء النافلة ليس واجبا فغسل الجمعة ليس واجبا و بتقريب آخر: - كما في كلام الشيخ الحر في الوسائل- ان اتمام الصلاة و الصوم ليس واجبا فلا يجب اتمام الوضوء.

و فيه: أولا: ان السند مخدوش- ان كان المراد بالحسين بن خالد الصير في كما وصفه به في الحدائق- لكن لا يبعد أن يكون المراد به الخفاف- كما في رجال سيدنا الاستاد-.

و ثانيا: ان المذكور في رواية الكافي وضوء الفريضة لكن من الظاهر ان اتمام صيام الفريضة ليس واجبا باتيان النافلة

مضافا الي تبديل وضوء الفريضة بوضوء النافلة في بعض النسخ فبهذه الرواية يمكن رفع اليد عن ادلة الوجوب مضافا الي أنه لو كان غسل الجمعة واجبا الزاميا لما خفي بل لذاع و شاع و كان واضحا عند الكل اضف الي ذلك كله ما أفاده في الجواهر من انه وجوبه اما نفسي أو غيري أما علي الاول فهو مناف لحصر الواجب من الاغسال و عدم ذكره فيها في الاخبار «1» و أما علي الثاني فلا يقول به المدعي.

(1) قال في الجواهر: «فلا يجوز تقديمه عليه في غير ما استثني بلا خلاف اجده فيه بل في الخلاف و التذكرة الاجماع عليه صريحا الي آخر كلامه.

و يمكن أن يستدل علي المدعي باضافة غسل الجمعة الي اليوم فما دام لم يتحقق اليوم لا يجوز الغسل.

اضف الي ذلك ما دل علي المدعي من النصوص لاحظ ما رواه زرارة عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الجنابة

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 521

______________________________

احدهما عليهما السلام قال: اذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة و الجمعة «1» فان مقتضي مفهوم الشرطية عدم الاجزاء اذا وقع قبل الفجر لكن السند مخدوش بعلي بن سندي.

و لاحظ ما رواه فضيل و زرارة قالا: قلنا له: أ يجزي اذا اغتسلت بعد الفجر للجمعة؟ فقال: نعم «2» فانه يستفاد من الحديث: ان المذكور في ذهن السائل عدم الاجزاء قبل الفجر و انما يسئل عن الاجزاء بعد الفجر و الامام عليه السلام قرره علي ذلك.

و لاحظ ما رواه جميل بن دراج عن بعض اصحابنا عن احدهما عليهما السلام انه قال: اذا اغتسل الجنب بعد طلوع الفجر أجزأه عنه ذلك الغسل من كل غسل يلزمه في ذلك اليوم «3».

و

لاحظ ما رواه بكير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الليالي التي يغتسل فيها من شهر رمضان الي أن قال: و الغسل أول الليل قلت: فان نام بعد الغسل؟ قال: هو مثل غسل يوم الجمعة اذا اغتسلت بعد الفجر أجزأك «4».

مضافا الي السيرة الجارية علي عدم الاتيان به قبل الفجر. و استدل علي المدعي في الجواهر بأنه عبادة و العبادة توقيفية و المعلوم من التوقيف يوم الجمعة و أما قبله فلا.

ان قلت: علي القول بجريان البراءة عن الاكثر حتي في المستحبات ما المانع عن التمسك بالاصل لرفع الشرطية عن المقيد كالأصل الجاري في الاكثر

______________________________

(1) جامع احاديث الشيعه ج 2 ص 421 الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

(3) جامع احاديث الشيعه ج 2 ص 421 الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 11 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 522

الي الزوال (1).

______________________________

في الواجبات؟.

قلت: مقتضي الاستصحاب عدم تعلق الامر به قبل تحقق اليوم فمقتضاه عدم تعلق خطاب اليه فالمتحصل مما ذكرنا ان الامر كما أفاده الماتن.

(1) نقل صاحب الحدائق عن المعتبر: «أن عليه اجماع الناس و هذه الجملة تدل علي اتفاق جميع العلماء من العامة و الخاصة.

و يدل علي المدعي ما رواه: زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: لا تدع الغسل يوم الجمعة فانه سنة و شم الطيب و لبس صالح ثيابك و ليكن فراغك من الغسل قبل الزوال فاذا زالت فقم «1».

و يدل عليه أيضا ما أرسله الصدوق قال: و قال الصادق عليه السلام في علة غسل يوم الجمعة: ان الانصار كانت تعمل في نواضحها و أموالها فاذا كان يوم الجمعه حضروا المسجد فتأذي الناس با رواح

آباطهم و أجسادهم فامرهم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بالغسل فجرت بذلك السنة «2».

و يدل عليه أيضا ما رواه سماعة «3» فان الظاهر من هذه الرواية أن التأخير الي آخر النهار يوجب قضائه اذ القضاء يوم السبت لبس الا لأجل مضي وقت ادائه فيعلم أن التأخير الي آخر النهار أيضا كذلك.

و في المقام رواية رواها البزنطي عن الرضا عليه السلام قال: كان أبي يغتسل يوم الجمعة عند الرواح «4»، ربما يقال: بأن المستفاد منها جواز

______________________________

(1) الوسائل الباب 47 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 15

(3) لاحظ ص: 518

(4) الوسائل الباب 11 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 523

و الاحوط أن ينوي فيما بين الزوال الي الغروب القربة المطلقة (1)

______________________________

التأخير الي العصر بل آخر النهار فان الرواح اما المقصود منه آخر النهار أو ما بين الزوال و الليل.

و يمكن أن يقال: انه لا يمكن الاعتماد علي هذه الروايه لهذا القول اذ المستفاد منها انه عليه السلام كان مستمرا علي هذا العمل و كيف يمكن استمراره عليه السلام علي ترك المستحب و الافضل اذ لا اشكال في أن غسل الجمعة قبل الزوال أفضل و لا يبعد أن يكون المراد بالرواح، الرواح الي الصلاة و هو وقت فضيلة غسل الجمعة.

و ان شئت قلت: انه لا اشكال في عدم رجحان ايقاعه في آخر النهار فاستمراره عليه السلام قرينة علي أنه ليس المراد من لفظ الرواح العشية و ان أبيت عما ذكرنا فلا أقل من الاجمال.

و ربما يقال: ان المستفاد من حديث عبد اللّه بن بكير «1» ان يوم الجمعة بتمامه زمان الغسل و يمكن أن

يقال: ان الراوي فرض الفوت فمعناه فوته في وقته المقرر فامره باتيانه الي الليل فالرواية ادل علي المقصود.

و عن الشيخ في الخلاف بقاء وقته الي أن يصلي الجمعة و لا يبعد أن يكون مراده انتهاء وقته الي زمان يجوز ايقاع الجمعة فيه و هو الزوال و الا يلزم عدم مشروعيته بالنسبة الي من لا تكون الجمعة مشروعة في حقه كالمسافر و المرأة و العبد و هو كما تري و كيف كان لا نعرف له دليلا.

(1) هذا طريق الجمع بين القولين و بهذا النحو من النية يسهل الخطب.

______________________________

(1) لاحظ ص: 518

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 524

و اذا فاته الي الغروب قضاه يوم السبت الي الغروب (1) و يجوز تقديمه يوم الخمس رجاء ان خاف اعواز الماء يوم الجمعة (2) و لو اتفق تمكنه منه يوم الجمعة أعاده فيه و اذا فاته حينئذ اعاده يوم السبت.

[مسألة 305: يصح غسل الجمعة من الجنب و الحائض]

(مسألة 305): يصح غسل الجمعة من الجنب و الحائض (3)

______________________________

(1) كما نص عليه في بعض النصوص لاحظ ما رواه عبد اللّه بن بكير «1» و لا يعارضه ما رواه ذريح عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل هل يقضي غسل الجمعة؟ قال: لا «2» فان المطلق يحمل علي المقيد و ان ابيت فاحمله علي التقية كما في كلام الشيخ الحر.

(2) قال في الجواهر: «و يجوز تعجيله يوم الخميس لمن خاف اعواز الماء علي المشهور بين الاصحاب الي آخر كلامه. و يدل عليه من النصوص ما ارسله محمد بن الحسين «3» و بدل عليه أيضا ما رواه الحسين او الحسن بن موسي بن جعفر «4» عليه السلام و لكن الحسن و الحسين لم يوثقا فالنص ضعيف سندا و عمل المشهور لا

يجبر ضعفه و الظاهر ان ما أفاده بعنوان الرجاء من جهة عدم دليل معتبر عليه.

و منه يظهر وجه ما أفاده بعده من الاعادة يوم الجمعة و إلا قضاه يوم السبت اذ مع صحة السند و تمامية الدلالة لا وجه للإتيان به ثانيا بل الاتيان به ثانيا تشريع الا مع اتيانه بقصد الرجاء فلاحظ.

(3) يمكن أن يستدل عليه بوجهين: أحدهما: اطلاق دليل استحباب غسل

______________________________

(1) لاحظ ص: 518

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 5

(3) لاحظ ص: 517

(4) لاحظ ص: 517

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 525

و يجزي عن غسل الجنابة و الحيض اذا كان بعد النقاء علي الاقوي (1)

و منها: غسل يوم العيدين (2).

______________________________

الجمعة فان مقتضي دليل استحباب الغسل عدم الفرق بين أفراد المكلفين فكما ان مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين المسافر و الحاضر كذلك مقتضاه عدم الفرق بين الجنب و الحائض و غيرهما فيصح من الكل.

ثانيهما ما رواه زرارة فان مقتضي قوله عليه السلام «فاذا اجتمعت عليك حقوق اللّه اجزأها عنك غسل واحد «1»، صحة غسل الجمعة عن الجنب و الحائض.

(1) لا اشكال في اجزاء غسل واحد عن حقوق عديدة مع الاتيان به بنية كل واحد منها فان اشكال التداخل في المسببات لا مجال له في المقام اذ مع النص المذكور و غيره لا يبقي مجال لهذا الاشكال انما الكلام في فرض نية الجميع بأن يأتي الغسل للجمعة فقط أي يقصد الجمعة و لا يقصد غيرها فيمكن أن يقال بعدم الاجزاء لان الاجزاء علي خلاف القاعدة و انما نلتزم بالاجزاء و التداخل بمقدار دلالة الدليل و أما الزائد عليه فلا وجه له و حيث ان دلالة النص علي المدعي محل الاشكال لا يمكن الجزم

بالجوار و يمكن أن يكون الماتن ناظرا في فتواه الي قوله عليه السلام في حديث زرارة «أجزأك غسلك ذلك للجنابة و الحجامة» «2» الخ فان الظاهر من الرواية عرفا أن ينوي المذكورات حين الغسل فلاحظ.

(2) نقل عليه الاجماع مستفيضا- كما في الجواهر- و ربما يقال: بأنه واجب فانه نقل عن المجلسي في زاد المعاد انه اسند وجوبه الي بعض و هذا القول ضعيف اذ لو كان غسل العيدين واجبا لما خفي بل لذاغ و شاع و كان من الواضحات

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الجنابة الحديث: 1

(2) عين المصدر

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 526

و وقته من الفجر (1)

______________________________

نعم لا اشكال في كونه من المستحبات المؤكدة و يدل عليه ذكره في كثير من النصوص بعبائر مختلفة مضافا الي الاجماعات المدعاة.

(1) اذ اضيف غسل العيدين في جملة من النصوص الي يومهما منها:

ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: الغسل من الجنابة و يوم الجمعة و العيدين «1».

و منها: ما رواه محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اغتسل يوم الاضحي و الفطر و الجمعة «2».

و منها: ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الغسل من الجنابة و يوم الجمعة و يوم الفطر و يوم الاضحي «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «4» و اليوم لا يتحقق الا بتحقق الفجر مضافا الي أن العيد يتحقق بدخول اليوم و قبل الفجر ليلة العيد و ان اغمض عما ذكرنا فلا بد من حمل المطلق علي المقيد فانه امر بالغسل يوم الاضحي و الفطر في حديث الحلبي «5» و ما قيل من أن دليل المستحب لا يحمل

علي المقيد ليس تاما عندنا و ذكرنا في محله انه لا فرق بين الواجب و المستحب من هذه الجهة و المناط في الحمل و عدمه وحدة المطلوب و تعدده.

و يؤيد المدعي ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 11

(5) مر آنفا.

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 527

الي زوال الشمس (1)

______________________________

قال: سألته هل يجزيه أن يغتسل بعد طلوع الفجر؟ هل يجزيه ذلك عن غسل العيدين؟ قال: ان اغتسل يوم الفطر و الاضحي قبل الفجر لم يجزه و ان اغتسل بعد طلوع الفجر أجزأه «1».

و يؤيد المدعي أيضا ما أرسله ابن طاوس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

الغسل يوم الفطر سنة «2».

(1) ربما يقال: ان مقتضي الاستصحاب بقاء وقته الي المغرب و الاستصحاب المذكور معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد لكن لا نحتاج لإثبات المدعي الي الاستصحاب كي يرد عليه ما ذكر بل يكفي اطلاق جملة من الادلة لاحظ ما رواه الحلبي «3» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية و غيرها محبوبية ايقاع الغسل في اليوم في أي جزء منه.

و أما حديث ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الغسل من الجنابة و يوم الجمعة و يوم الفطر و يوم الاضحي و يوم عرفة عند زوال الشمس «4» فيدل علي أن زمان الاغتسال حين الزوال أو قريب منه.

و بعبارة اخري: ان المستفاد من هذا الخبر لزوم ايقاع هذه الاغسال عند الزوال و من الظاهر أنه مخالف لفتاوي الاصحاب و ظواهر الاخبار و السيرة الخارجية.

فالحق ان وقته يمتد الي الغروب كما احتمله في

العروة و قواه في الجواهر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 9

(3) لاحظ ص: 526

(4) الوسائل الباب: 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 528

و الاولي الاتيان به قبل الصلاة (1) و غسل ليلة الفطر (2) و الاولي الاتيان به أول الليل (3)

______________________________

و يستفاد من جملة من النصوص ان غسل العيد شرط للصلاة لاحظ ما رواه عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل ينسي أن يغتسل يوم العيد حتي يصلي قال: ان كان في وقت فعليه أن يغتسل و يعيد الصلاة و ان مضي الوقت فقد جازت صلاته «1».

و لاحظ ما رواه في العلل «2» و من الظاهر ان الكلام في المقام في استحبابه النفسي و لا يرتبط باشتراط صلاة العيدين به و علي تقدير تمامية الدليل نلتزم به و لا تنافي بين الامرين بأن نقول: يستحب غسل العيدين من الفجر الي الغروب و يشترط لزوما أو استحبابا في صلاة العيد.

(1) قد ظهر الوجه فيه.

(2) عن الغنية الاجماع عليه و يدل عليه من النصوص ما رواه الحسن بن راشد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان الناس يقولون: ان المغفرة تنزل علي من صام شهر رمضان ليلة القدر فقال: يا حسن ان القاريجار انما يعطي اجرته عند فراغه و ذلك ليلة العيد قلت: جعلت فداك فما ينبغي لنا أن نعمل فيها؟ فقال: اذا غربت الشمس فاغتسل «3».

(3) قال في الجواهر: «ظاهر المصنف كمعقد الاجماع الاجتزاء بأي جزء من الليل و هو كذلك».

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب

الاغسال المسنونة الحديث: 18

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 2، ص: 528

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 529

و يوم عرفة (1) و الاولي الاتيان به قبيل الظهر (2) و يوم التروية (3) و هو الثامن من ذي الحجة.

______________________________

و ربما يقال: بأن المستفاد من خبر ابن راشد توقيته بأول الليل و لا يبعد استفادة التوقيت اذ السائل سأله عما ينبغي فعله ليلة العيد فقال عليه السلام:

«اذا غربت الشمس فاغتسل» «1»، فيعلم ان وقت الغسل عند غروب الليل و لو لا ذلك كان ينبغي أن يقول: اغتسل فيها و اللّه العالم.

(1) لجملة من النصوص المذكورة في الباب الاول من أبواب الاغسال المسنونة منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: الغسل من الجنابة و يوم الجمعة و العيدين و حين تحرم و حين تدخل مكة و المدينة و يوم عرفة و يوم تزور البيت و حين تدخل الكعبة و في ليلة تسع عشرة واحدي و عشرين و ثلاث و عشرين من شهر رمضان و من غسل ميتا «2» مضافا الي الاجماع المدعي من الغنية و المدارك.

(2) عن ابن بابويه «ان غسل يوم عرفة قبل زوال الشمس» و لعله ناظر الي ما رواه ابن سنان «3» بدعوي ان الخبر في مقام بيان آخر الوقت و لا يخفي أن ظهور الخبر في أن وقت الغسل حين الزوال و لازمه ايقاع الغسل بعده مضافا الي أن ظاهره التحديد اللزومي فلا يكون دليلا علي استحباب تقديمه قبل الزوال فالحق امتداد

وقتة الي الغروب نظرا الي اطلاق الادلة.

(3) لجملة من النصوص منها: ما رواه الصدوق قال: قال أبو جعفر عليه السلام: الغسل في سبعة عشر موطنا: ليلة سبعة عشر من شهر رمضان الي أن

______________________________

(1) عين المصدر

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 527

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 530

و الليلة الاولي (1) و السابعة عشر (2) و الرابعة و العشرين من شهر رمضان (3).

______________________________

قال: و يوم التروية «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: الغسل في سبعة عشرة موطنا: ليلة سبع عشرة من شهر رمضان الي أن قال: و يوم التروية «2».

(1) كما نص عليه في بعض النصوص لاحظ ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام الي أن قال: و غسل أول ليلة من شهر رمضان مستحب «3».

و ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتاب كتبه الي المأمون قال: و غسل يوم الجمعة سنة الي أن قال: و أول ليلة من شهر رمضان و ليلة سبع عشرة و ليلة تسع عشرة و ليلة احدي و عشرين و ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان هذه الاغسال سنة «4».

و لاحظ ما أرسله في الاقبال باسناده الي أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

يستحب الغسل في أول ليلة من شهر رمضان و ليلة النصف منه «5».

(2) و يدل عليه ما رواه محمد بن مسلم «6».

(3) كما في حديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر قال: ثم قال قال عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: اغتسل في ليلة أربعة و عشرين

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال

المسنونة الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) الوسائل الباب 14 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 3

(6) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 531

و ليالي القدر (1) و غسل من مس ميتا بعد تغسيله (2) و الغسل عند احتراق قرص الشمس في الكسوف (3).

[مسألة 306: جميع الأغسال الزمانية يكفي الإتيان بها في وقته مرة واحدة]

(مسألة 306): جميع الاغسال الزمانية يكفي الاتيان بها في

______________________________

و ما عليك أن تعمل في الليلتين جميعا «1».

(1) و قد ذكر في جملة من النصوص: منها: ما رواه معاوية بن عمار «2».

(2) كما لعله يستفاد من حديث عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يغتسل الذي غسل الميت و كل من مس ميتا فعليه الغسل و ان كان الميت قد غسل «3» فان صاحب الوسائل حمل الرواية علي الاستحباب.

(3) كما دل عليه ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال:

الغسل في سبعة عشر موطنا: ليلة سبع عشرة من شهر رمضان الي أن قال: و غسل الكسوف اذا احترق القرص كله فاغتسل «4».

و في المقام رواية أخري تدل علي أن الغسل واجب اذا فرض احتراق القرص و المكلف علم به و لم يصل و هي ما رواه الصدوق عن أبي جعفر عليه السلام قال فيه: و غسل الكسوف اذا احترق القرص كله فاستيقظت و لم تصل فعليك أن تغتسل و تقضي الصلاة «5» لكن الظاهر انه لا تنافي بين المقامين و يمكن حمل الغسل تارة بملاحظة الاحتراق و اخري بلحاظ الصلاة عند الاحتراق.

اضف الي ذلك أن الرواية مرسلة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 529

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب غسل المس الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 1

من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 11

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 532

وقته مرة واحدة (1) و لا حاجة الي اعادتها اذا صدر الحدث الاكبر أو الاصغر بعدها (2) و يتخير في الاتيان بها بين ساعات وقتها (3).

[الثاني: الأغسال المكانية]
اشارة

و الثاني: الاغسال المكانية و لها أيضا أفراد كثيرة كالغسل لدخول الحرم (4) و لدخول مكة (5) و لدخول الكعبة (6) و لدخول حرم الرسول صلي اللّه عليه و آله (7)

______________________________

(1) كما ثبت في الاصول من أنه يكفي المرة لتحقق الامتثال بها.

(2) لعدم ما يقتضي الاعادة.

(3) كما هو مقتضي التوقيت بين الحدين فلاحظ.

(4) كما دل عليه ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان الغسل في أربعة عشر موطنا: غسل الميت الي أن قال و دخول الحرم «1» و يدل عليه أيضا ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال فيه: و غسل دخول الحرم يستحب أن لا تدخله الا بغسل «2».

(5) كما نص عليه في خبر ابن عمار «3».

(6) كما في خبر ابن عمار «4».

(7) كما في خبر الخصال قال: قال ابو جعفر عليه السلام: الغسل في سبعة عشر موطنا: ليلة سبعة عشر من شهر رمضان الي أن قال: و اذا دخلت الحرمين «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 529

(4) لاحظ ص: 529

(5) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 533

و لدخول المدنية (1).

[مسألة 307: وقت الغسل في هذا القسم قبل الدخول في هذه الامكنة قريبا منه]

(مسألة 307) وقت الغسل في هذا القسم قبل الدخول في هذه الامكنة قريبا منه (2)

______________________________

(1) كما نص عليه في خبر معاوية بن عمار «1».

(2) مقتضي القاعدة الاولية عدم التقييد فان مقتضي اطلاق دليل الاستحباب ان الاتيان بالغسل قبل زمان الدخول و لو بيومين و لا أري وجها لمنع الاطلاق بل يمكن أن يقال: بأن مقتضي البراءة عدم التقييد بناء علي جريانها في المستحبات هذا بالنظر الي القواعد الاولية.

لكن الحق انه لا

اطلاق في النصوص اذ قد عبر في أكثر نصوص الباب بلفظ «حين تدخل» و المتفاهم العرفي من هذا اللفظ زمان الدخول كما أن قوله عليه السلام في حديث محمد بن مسلم «و اذا دخلت الحرمين» «2» يستفاد منه زمان الدخول فان الظاهر من لفظ «اذا» هو الزمان و ليست شرطية و عليه يحمل المطلقات علي المقيدات علي ما هو الميزان.

و في المقام حديثان ربما يستفاد منهما جواز التأخير الي بعد الدخول أحدهما ما رواه ذريح قال: سألته عن الغسل في الحرم قبل دخوله أو بعد دخوله؟ قال: لا يضرك أي ذلك فعلت و ان اغتسلت بمكة فلا بأس و ان اغتسلت في بيتك حين تنزل بمكة فلا بأس «3».

ثانيهما ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا انتهيت الي الحرم ان شاء اللّه فاغتسل حين تدخله و ان تقدمت فاغتسل من بئر ميمون

______________________________

(1) لاحظ ص: 529

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 11

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 534

______________________________

أو من فخ أو من منزلك بمكة «1».

فيجوز تأخير الغسل المكاني الي دخول ذلك المكان لكن علي فرض تمامية الدلالة يكون الحديثان مختصين بمورد خاص و لا وجه لاستفادة العموم منهما.

و قال في الجواهر: «لكنه قد يحمل علي ارادة غسل دخول الكعبة أو المسجد أو غير ذلك» انتهي.

و لكنه خلاف الظاهر فانه كيف يحمل قول السائل في الحديث الاول حيث يقول: «عن الغسل في الحرم قبل دخوله أو بعد دخوله» علي هذا المعني و يمكن أن يكون الجار بمعني اللام لا الظرفية فاجاب عليه السلام صريحا بعدم الفرق بين الزمانين و أيضا

الظاهر من الحديث الثاني بل الصريح منه جواز التأخير.

و كيف كان لا بد في الخروج عن القاعدة الاولية من التماس دليل آخر.

و يستفاد من بعض النصوص أن غسل اليوم يكفي لليله و غسل الليل يكفي ليومه لاحظ ما رواه جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: غسل يومك يجزيك لليلتك و غسل ليلتك يجزيك ليومك «2» و حمل اللام علي انتهاء الزمان أي الي يومك خلاف الظاهر.

و يعارضه ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: غسل يومك ليومك و غسل ليلتك لليلتك «3».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من اغتسل بعد طلوع الفجر

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب الاحرام الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 535

[الثالث: الأغسال الفعلية]
اشارة

و الثالث: الاغسال الفعلية و هي قسمان: القسم الاول ما يستحب لأجل ايقاع فعل كالغسل للإحرام (1) أو لزيارة البيت (2) و الغسل للذبح و النحر و الحلق (3) و الغسل بماء الفرات لزيارة الحسين عليه السلام (4) و الغسل للاستخارة أو الاستسقاء أو المباهلة مع الخصم (5) و الغسل لوداع

______________________________

كفاه غسله الي الليل في كل موضع يجب فيه الغسل و من اغتسل ليلا كفاه غسله الي طلوع الفجر «1».

(1) كما في حديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان الغسل في أربعة عشر موطنا غسل الميت الي أن قال: و غسل الاحرام «2».

(2) كما في حديث معاوية بن عمار «3».

(3) يمكن الاستدلال علي استحباب الغسل لهذه الامور بما رواه زرارة قال:

اذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة و الحجامة و عرفة

و النحر و الحلق و الذبح و الزيارة «4».

(4) كما في حديث يوسف الكناسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أتيت قبر الحسين عليه السلام فأت الفرات و اغتسل «5» لكن سند الرواية لا اعتبار به فان الظاهر ان نعيم بن الوليد الواقع في السند لم يوثق.

(5) كما دل عليه خبر سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال فيه: و غسل المباهلة واجب و غسل الاستسقاء واجب و غسل الاستخارة مستحب «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 7

(3) لاحظ ص: 529

(4) الوسائل الباب 43 أبواب الجنابة الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 29 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

(6) الوسائل الباب 1 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 536

قبر النّبيّ ص (1) و الغسل لقضاء صلاة الكسوف اذا تركها متعمدا عالما به مع احتراق القرص (2) و القسم الثاني ما يستحب بعد وقوع فعل منه كالغسل لمس الميت بعد تغسيله (3).

[مسألة 308: يجزي في القسم الأول من هذا النوع غسل أول النهار ليومه و أول الليل لليلته]

(مسألة 308) يجزي في القسم الاول من هذا النوع غسل أول النهار ليومه و أول الليل لليلته (4).

______________________________

(1) كما دل عليه خبر معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام اذا اردت أن تخرج من المدينة فاغتسل ثم ائت قبر النبي صلي اللّه عليه و آله بعد ما تفرغ من حوائجك فودعه «1».

(2) كما دل عليه ما رواه الصدوق «2» و قد مر أنه يمكن القول بالوجوب بمقتضي هذه الرواية و قلنا: انه لا تنافي بين الامرين الا أن يقال: بأن عدم الوجوب قطعي.

(3) كما دل عليه ما رواه عمار الساباطي «3».

(4) النصوص الواقعة في المقام مختلفة فمنها ما يدل

علي ان غسل النهار يجزي للنهار و غسل الليل يكفي له لاحظ ما رواه عمر بن يزيد «4» و مثله حديثه الاخر «5» و منها ما يدل علي أن غسل الليل يكفي لليوم و بالعكس كرواية جميل «6» و يقع التعارض بين القسمين و النتيجة التساقط ان لم يكن

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب المزار الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 531

(3) لاحظ ص: 531

(4) لاحظ ص: 534

(5) لاحظ ص: 534

(6) لاحظ ص: 534

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 537

و قيل: لا يخلو القول بالاجتزاء بغسل الليل للنهار و بالعكس عن قوة (1) و الظاهر انتقاضه بالحدث بينه و بين الفعل (2)

______________________________

مرجح لأحدهما فلا بد من ملاحظة ادلة نفس تلك الامور و يعمل علي طبق الظواهر منها نعم في خصوص غسل الزيارة يمكن أن يقال بكفاية غسل النهار لليله لحديث اسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن غسل الزيارة يغتسل بالنهار و يزور بالليل بغسل واحد قال: يجزيه ان لم يحدث فان أحدث ما يوجب وضوءا فليعد غسله «1».

(1) قد ظهر وجهه و ما فيه فلاحظ.

(2) لجملة من النصوص منها ما رواه اسحاق بن عمار «2» و منها: ما رواه أيضا قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن غسل الزيارة يغتسل الرجل بالليل و يزور بالليل بغسل واحد الجزيه ذلك؟ قال: يجزيه ما لم يحدث ما يوجب وضوءا فان حدث فليعد غسله بالليل «3».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الرجل يغتسل للزيارة ثم ينام أ يتوضأ قبل أن يزور؟ قال: يعيد غسله لأنه انما دخل بوضوء «4».

و منها: ما رواه علي بن أبي حمزة عن

أبي الحسن عليه السلام قال: قال لي: ان اغتسلت بمكة ثم نمت قبل أن تطوف فاعد غسلك «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب زيارة البيت الحديث: 2

(2) مر آنفا.

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب زيارة البيت الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 538

[مسألة 309: هذه الأغسال قد ثبت استحبابها بدليل معتبر]

(مسألة 309): هذه الاغسال قد ثبت استحبابها بدليل معتبر (1) و الظاهر أنها تغني عن الوضوء (2) و هناك أغسال اخر ذكرها الفقهاء في الاغسال المستحبة و لكنه لم يثبت عندنا استحبابها و لا بأس بالاتيان بهار جاءا و هي كثيرة نذكر جملة منها:

1- الغسل في الليالي الفرد من شهر رمضان المبارك (3)

______________________________

و منها: ما رواه النضر بن سويد عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرجل يغتسل للإحرام ثم ينام قبل أن يحرم قال: عليه اعادة الغسل «1».

و في المقام حديث يستفاد منه عدم انتقاض غسل الاحرام بالنوم و هو ما رواه العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يغتسل للإحرام بالمدينة و يلبس ثوبين ثم ينام قبل أن يحرم قال: ليس عليه غسل «2» لكن يعارضه ما عن أبي الحسن عليه السلام «3» و يقدم علي ذلك للأحدثية فلاحظ.

(1) في ثبوت استحباب بعضها بدليل معتبر نقاش و اشرنا الي أن الحديث الدال علي استحباب الغسل لزيارة الحسين عليه السلام بماء الفرات سنده مخدوش لكن يمكن ان الماتن ظفر علي غير ذلك الحديث و اللّه العالم.

(2) قد مر الكلام من هذه الجهة في مسألة (179) و الامر كما أفاده و تدل عليه جملة من النصوص «4».

(3) قال في الجواهر في هذا المقام:

«لما رواه السيد في الاقبال في سياق

______________________________

(1) الوسائل الباب: 10 من أبواب الاحرام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) مر آنفا

(4) الوسائل الباب: 34 و 33 من أبواب الجنابة

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 539

و جميع ليالي العشرة الاخيرة منه (1) و أول يوم منه (2).

2- غسل آخر في الليلة الثالثة و العشرين من شهر رمضان المبارك قبيل الفجر (3)

3- الغسل في يوم الغدير (4) و هو الثامن عشر من شهر ذي الحجة

______________________________

اعمال الليلة الثالثة من الشهر و فيها يستحب الغسل علي مقتضي الرواية التي تضمنت أن كل ليلة مفردة من جميع الشهر يستحب فيها الغسل و ذلك كاف في اثباته.

(1) لما أرسله علي بن عبد الواحد النهدي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يغتسل في شهر رمضان في العشر الا و اخر في كل ليلة «1».

(2) استدل في الحدائق بما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: من أغتسل أول ليلة من السنة في ماء جار و صب علي رأسه ثلاثين غرفة كان دواء السنة و ان أول كل سنة أول يوم من شهر رمضان «2» و المذكور في هذه الرواية حسب نسخة الوسائل من اغتسل أول ليلة و لكن المذكور في الحدائق أول يوم و لا بد من مراجعة كتاب الاقبال للسيد قدس سره.

(3) لحديث بريد قال: رأيته اغتسل في ليلة ثلاث و عشرين مرتين مرة من أول الليل و مرة من آخر الليل «3».

(4) نقل في الجواهر عن السيد في كتاب الاقبال أنه ذكر حديثا عن الصادق

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 10

(2) نفس

المصدر الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 540

الحرام و في اليوم الرابع و العشرين منه (1)

4- الغسل يوم النيروز (2) و أول رجب و آخره و نصفه (3) و يوم المبعث (4) و هو السابع و العشرون منه.

______________________________

عليه السلام ذكر الامام في ذلك الحديث فضل يوم الغدير و قال: فاذا كان صبيحة ذلك اليوم وجب الغسل في صدر نهاره انتهي.

(1) من جملة ما استدل به صاحب الجواهر علي المدعي ما رواه العنبري عن موسي بن جعفر عليه السلام قال: يوم المباهلة اليوم الرابع و العشرين من ذي الحجة تصلي في ذلك اليوم ما أردت من الصلاة الي أن قال: و تقول علي غسل: الحمد للّه رب العالمين و ذكر الدعاء «1».

(2) لحديث المعلي بن خنيس عن مولانا الصادق عليه السلام في يوم النيروز قال: اذا كان يوم النيروز فاغتسل الحديث «2» و لاحظ حديثه الاخر 3.

(3) نقل عن السيد ابن طاوس قدس سره انه قال: وجدت في كتب العبادات عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال: من أدرك شهر رجب فاغتسل في أوله و وسطه و آخره خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه 4 و لا يخفي انه لم يذكر في هذا لخبر خصوص اليوم بل مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين اليوم و الليل.

(4) قال في الجواهر لم اجد خلافا في استحباب الغسل فيه و عن الكشف نسبته الي الرواية و لعل ذلك كاف في ثبوت استحبابه الي أن قال: و عن الخلاف الاجماع علي استحباب الغسل في الجمعة و الاعياد بصيغة الجمع.

______________________________

(1) الوسائل الباب 47 من أبواب بقية الصلوات المندوبة الحديث: 2

(2) (2

و 3) الوسائل 48 من أبواب بقية الصلوات المندوبة الحديث. 1 و 2

(3) (4) الوسائل الباب 22 من أبواب الاغسال المسنونة

مباني منهاج الصالحين، ج 2، ص: 541

5- الغسل في اليوم النصف من شعبان (1).

6- الغسل في اليوم التاسع (2) و السابع عشر من ربيع الاول (3)

7- الغسل في اليوم الخامس و العشرين من ذي القعدة (4)

8- الغسل لزيارة كل معصوم من قريب (5)

______________________________

(1) لم اجد حديثا دالا علي المدعي و حديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صوموا شعبان و اغتسلوا ليلة النصف منه ذلك تخفيف من ربكم و رحمة «1» دال علي استحباب الغسل ليلة النصف من الشعبان نعم نقل في الجواهر خبر سالم مولي أبي حذيفة بهذا اللفظ: من تطهر النصف من شعبان و لكن في الوسائل ليلة النصف «2».

(2) قال في الجواهر: «و أما الغسل للتاسع من ربيع الاول فقد حكي انه من فعل أحمد بن اسحاق معللا له بأنه يوم عيد الي آخر كلامه.

(3) استدل عليه بأنه يوم عيد و نقل عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال:

في جمعة من الجمع: هذا اليوم جعله اللّه عيدا للمسلمين فاغتسلوا فيه «3» مضافا الي دعوي الاجماع من الخلاف علي استحباب الغسل في الجمعة و الاعياد.

(4) قال في مصباح الهدي كلاما يظهر منه انه قد صرح غير واحد من الاساطين قدس اللّه أسرارهم باستحباب الغسل فيه و اسند بعضهم ذلك الي المشهور.

(5) و يمكن الاستدلال عليه بما عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله عز و جل:

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب بقية الصلوات المندوبة الحديث: 6

(3) كنز العمال ج

4 ص: 152

الجزء الثالث

[تتمة كتاب الطهارة]

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

[المبحث الخامس التيمم]

اشارة

المبحث الخامس التيمم و فيه فصول:

[الفصل الأول في مسوغاته]
اشارة

الفصل الاول في مسوغاته: و يجمعها العذر المسقط لوجوب الطهارة المائيه و هو امور (1)

[الأول: عدم وجدان ما يكفيه من الماء]
اشارة

الاول: عدم وجدان ما يكفيه من الماء لوضوئه أو غسله (2).

______________________________

(1) لقد اجاد الماتن في بيان المسوغ للطهارة الترابية فان هذا التعبير شامل لجميع اقسام التيمم بخلاف بعض التعبيرات فعن الشرائع انه قال: «ما يصح معه التيمم ضروب: عدم الماء و عدم الوصول اليه و الخوف» و نحوه ما وقع في كلام الفقهاء و يشكل بأن موارد الحرج الموجبة لجواز التيمم ليست من المذكورات و كذا غيرها.

(2) الظاهر انه لا اشكال في جواز التيمم في هذه الصورة انما الكلام في انحصار سبب الجواز فيه و الحق عدم الانحصار كما سيظهر الحال فيما يأتي من المسائل

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 4

[مسألة 310: إن علم بفقد الماء لم يجب عليه الفحص عنه]

(مسألة 310): ان علم بفقد الماء لم يجب عليه الفحص عنه (1).

و ان احتمل وجوده في رحله أو في القافلة فالاحوط الفحص الي أن يحصل العلم أو الاطمينان بعدمه (2).

و لا يبعد عدم وجوبه فيما اذا علم بعدم وجود الماء قبل ذلك و احتمل حدوثه (3) و أما اذا احتمل وجود الماء و هو في الفلاة وجب عليه الطلب فيها بمقدار رمية سهم في الارض الحزنة و سهمين في الارض السهلة في الجهات الاربع ان احتمل وجوده في كل واحدة منها (4).

______________________________

الآتية و كون فقدان الماء مجوزا للتيمم مورد اجماع العلماء كما نقل عن التذكرة اضف إلي ذلك انه مقتضي الكتاب و السنة.

(1) و نقل عن بعض العامة علي ما في الحدائق وجوب الطلب و ان قطع بعدم الماء و لكن الامر ليس كذلك اذ وجوب الطلب ليس نفسيا فمع العلم بالفقدان يكون الطلب عبثا.

(2) يمكن أن يكون الوجه في التعبير بالاحتياط ما في ذيل كلامه من نفي البعد عن عدم الوجوب فيما كان فاقدا

و علم به قبل ذلك و الا لم يظهر لي وجه الاحتياط و كيف كان لا اشكال في وجوب الفحص إلي أن يحصل حجة عقلية او عقلائية أو شرعية و وجوب الفحص علي طبق القاعدة الاولية اذ مع الشك في الوجدان لا مجال للأخذ بدليل وجوب التيمم لعدم جواز الاخذ بالعام في الشبهة المصداقية.

(3) لاستصحاب بقاء الحالة السابقة اي استصحاب فقدان الماء فان الاستصحاب يقوم مقام القطع الطريقي.

(4) استدل عليه بما رواه السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 5

و ان علم بعدمه في بعض معين من الجهات الاربع لم يجب عليه الطلب فيها فان لم يحتمل وجوده الا في جهة معينة وجب عليه الطلب فيها دون غيرها (1) و البينة بمنزلة العلم فان شهدت بعدم الماء في

______________________________

السلام أنه قال: يطلب الماء في السفر ان كانت الحزونة فغلوة و ان كانت سهولة فغلوتين لا يطلب اكثر من ذلك «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي و يعارضها ما رواه علي بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: أ يتيمم إلي أن قال فقال له داود الرقي: أفا طلب الماء يمينا و شمالا؟ فقال: لا تطلب الماء يمينا و لا شمالا و لا في بئر ان وجدته علي الطريق فتوضأ منه (به) و ان لم تجده فامض «2».

و هذه الرواية أيضا ضعيفة بعلي بن سالم فالمرجع ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: اذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فاذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم و ليصل «3».

و مقتضي هذه الرواية وجوب الطلب بلا تقييد بحد خاص الا أن يقال ان مفاد

حديث السكوني مورد التسالم و عن الأردبيلي قدس سره الميل إلي الاستحباب بدعوي ان خبر السكوني ليس بصحيح و لا صريح.

(1) لان وجوبه ليس نفسيا بلا اشكال و ليس شرطيا بمعني أن الطلب لا يكون شرطا في صحة التيمم فان العرف يفهم من هذه الاوامر الغاء الاصل العملي عن الاعتبار فمع العلم بالعدم لا مجال للطلب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب التيمم الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب التيمم الحديث: 3.

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب التيمم الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 6

جهة أو جهات معينة لم يجب الطلب فيها (1).

[مسألة 311: يجوز الاستنابة في الطلب إذا كان النائب ثقة علي الأظهر]

(مسألة 311): يجوز الاستنابة في الطلب (2) اذا كان النائب ثقة علي الاظهر (3) و اما اذا حصل العلم أو الاطمئنان من قوله فلا اشكال (4).

[مسألة 312: إذا أخل بالطلب و تيمم صح تيممه إن صادف عدم الماء]

(مسألة 312): اذا أخل بالطلب و تيمم صح تيممه ان صادف عدم الماء (5).

[مسألة 313: إذا علم أو اطمأن بوجود الماء في خارج الحد المذكور وجب عليه السعي اليه]

(مسألة 313): اذا علم أو اطمأن بوجود الماء في خارج الحد المذكور وجب عليه السعي اليه و ان بعد (6) الا أن يلزم منه مشقة

______________________________

(1) فانها حجة بلا اشكال و تقوم مقام العلم.

(2) ان قلنا بأن وجوب الطلب نفسي أو شرطي يشكل جواز النيابة لعدم قيام دليل علي جواز النيابة في المقام و لكن قد مر أن الامر ليس كذلك و انما يجب الطلب كي يحصل اليأس من الوجدان.

و بعبارة اخري: ان الشارع اسقط جريان الاصلي العملي فلا فرق بين طلب المكلف بنفسه أو بنائبه و لذا قلنا انه مع العلم بعدم الماء لا يجب الطلب.

(3) اذ مع عدم كونه ثقة لا يكون قوله حجة.

(4) لاعتبار العلم عقلا و اعتبار الاطمينان عقلائيا.

(5) قد ظهر الوجه مما تقدم فان الميزان عدم الوجدان ففي صورة المصادفة يتحقق الموضوع و يترتب عليه الحكم و بعبارة اخري: الطلب لا موضوعية له فلاحظ و الجزم بالنية لا دليل عليه مضافا إلي أنه ربما يحصل الجزم لأجل الغفلة.

(6) اذ لا يصدق عنوان فقد ان الماء الذي هو موضوع لجواز التيمم و بعبارة

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 7

عظيمة (1).

[مسألة 314: إذا طلب الماء قبل دخول الوقت فلم يجد]

(مسألة 314): اذا طلب الماء قبل دخول الوقت فلم يجد لم تجب اعادة الطلب بعد دخول الوقت و ان احتمل العثور علي الماء لو أعاد الطلب لاحتمال تجدد وجوده (2).

______________________________

اخري الواجد للماء يجب عليه الوضوء أو الغسل فلا يجوز التيمم و دليل جوازه بعد الطلب بالمقدار المقرر ظاهر في صورة احتمال وجود الماء و لا يشمل صورة القطع به.

(1) فلا يجب لدليل رفع الحرج و العسر في الشريعة.

(2) نقل عن المحقق في المعتبر: «انه لو طلب قبل الوقت لم يعتد بطلبه و أعاده

و لو طلب بعد دخول الوقت اجتزأ به».

و ما يمكن أن يقال في وجه وجوب الاعادة بعد الوقت أو قبل وجوه الوجه الاول: أن الفحص واجب بالإجماع و النص و هو لا يتحقق الا بعد الوقت لعدم وجوبه قبله.

و فيه: ان عدم الوجوب قبل الوقت لا يستلزم عدم الاعتداد به بعد الوقت و بعبارة اخري: هو كبقية المقدمات التي يأتي المكلف بها قبل الوقت.

الوجه الثاني: أن عدم الوجدان يتوقف علي الفحص بعد الوقت، و فيه: أنه اول الكلام و الدعوي اذا لمدار علي الطلب و المفروض حصوله.

الوجه الثالث: أن الاية الشريفة ظاهرة في اشتراط صحة التيمم بعدم الوجدان عند ارادته.

و يرد عليه أولا: أنه يلزم عدم اعتبار طلب الماء في اول الوقت للتيمم في آخره أو وسطه لعين البيان و ثانيا أن ما ذكر في الاستدلال لا يقتضي تقييد الطلب

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 8

______________________________

بخصوص الوقت.

و بعبارة اخري رخص الشارع في التيمم اذا كان بعد الطلب و الطلب يتحقق قبل الوقت كما يتحقق بعده.

الوجه الرابع: أنه لو اكتفي بالطلب قبل الوقت يلزم الاكتفاء به لأيام عديدة و هو معلوم البطلان. و فيه: اولا: أن بطلانه اول الكلام و ثانيا: أنه اذا ثبت بطلانه نلتزم به لكن نقتصر في الحكم بالبطلان بمقدار قيام الدليل عليه.

الوجه الخامس: أن الظاهر من دليل وجوب الطلب وجوبه عند الحاجة، و فيه: اولا: أنه يلزم عدم الاكتفاء بالطلب اول الوقت لآخره و ثانيا: يرد عليه بأنه يمكن ان يقال: بأن الفحص قبل الوقت يحرز به عدم وجود الماء و بعد الوقت يستصحب عدم وجوده.

الوجه السادس: حديث زرارة «1» بتقريب أن المستفاد منه وجوب الطلب ما دام في الوقت. و فيه: أن

وجوب الطلب بعد الوقت لا يستلزم عدم اعتبار الفحص اذا كان قبل الوقت.

و ان شئت قلت: لا اشكال في لزوم رفع اليد عن اطلاق هذه الرواية بدليل وجوب الفحص بالمقدار المقرر و المفروض تحققه.

و لا يخفي أن هذا البيان انما يتم علي تقدير رفع اليد عن ضعف سند حديث السكوني و بعبارة اخري يتوقف علي البناء علي صحته.

السابع: قاعدة الاشتغال فان ذمة المكلف مشغولة بالصلاة و يجب الاتيان بها مع الطهارة المائية ان أمكن و مع عدم الامكان يجب الاتيان بها مع الطهارة

______________________________

(1) لاحظ ص: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 9

و أما اذا انتقل عن ذلك المكان فيجب الطلب مع احتمال وجوده (1).

______________________________

الترابية فما دام لم يحرز موضوع جواز التيمم لا يجوز الاكتفاء به.

و فيه: أن اطلاق خبر السكوني يقتضي الجواز و الاشكال فيه بأنه ليس في مقام البيان من هذه الجهة فلا يشمل صورة الطلب قبل الوقت مدفوع بأن غاية ما في الباب الشك في كونه في مقام البيان و اصالة الاطلاق تقتضي كون المتكلم في مقامه.

و مما ذكرنا تعرف أن الحق كفاية الطلب قبل الوقت لجواز التيمم بعده للإطلاق المذكور و لو لاه يشكل الاكتفاء بالطلب بعد الوقت اذا احتمل حدوث الماء اذ لو انكرنا الاطلاق من هذه الجهة فلا فرق بين الطلب قبل الوقت و بعده و أما مع الاطلاق فايضا لا فرق بين الصورتين.

و ربما يقال: يمكن احراز موضوع جواز التيمم بالاستصحاب اي استصحاب عدم وجود الماء فمع تسلم عدم الاطلاق يكتفي بالفحص السابق للاستصحاب.

و لكن يرد عليه: انه لو قلنا بأن المستفاد من الخبر ان الموضوع للجواز اليأس من الوجدان فلا يمكن اثباته بالاستصحاب.

و ملخص الكلام: أنه لو تم الاطلاق

فلا نحتاج إلي الاستصحاب و ان لم يتم فلا مجال لإحراز الموضوع به.

(1) لإطلاق دليل وجوبه و من الظاهر أنه لا يكفي الطلب في مكان لغيره من الامكنة بل يمكن أن يقال: بأنه لو تيمم و انتقل إلي مكان آخر يجب الفحص في ذلك المكان مع رجاء الوجدان.

و دعوي انصراف الدليل عن صورة عدم انتقاض التيمم السابق بحدث جديد فالمرجع استصحاب بقاء التيمم مدفوعة او لا بعدم وجه للانصراف و ثانيا بمعارضة الاستصحاب المذكور باستصحاب عدم الجعل الزائد.

هذا كله علي تقدير العمل بحديث السكوني و الا فلا بد من طلب الماء ما دام

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 10

______________________________

لم يحصل اليأس عن الوجدان الا أن يخاف فوت الوقت لاحظ ما رواه زرارة «1» لكن الرواية واردة في المسافر و من الممكن أن لا يكون حكم المسافر متحدا مع الحاضر.

الا أن يقال: ان وجوب الفحص علي طبق القاعدة الاولية اذ مع الشك في القدرة لا يجري الاصل بل لا بد من الفحص و الشك في الوجدان مرجعه إلي الشك في القدرة علي تحصيل الطهارة المائية.

و لقائل أن يقول: لم يقم وجه للمنع عن الجريان و ان أصل البراءة و غيره من الاصول الشرعية لا مانع عن جريانها حتي في صورة الشك في القدرة.

ان قلت: ليس في بناء العقلاء بالنسبة إلي مواليهم اجراء الاصل في هذه الصورة. قلت: لا يقاس مقامنا بذلك المقام فان المفروض أن الدليل الشرعي قام علي حجية الاصول في الشبهات الموضوعية و أما بالنسبة إلي العقلاء فليس لديهم اصل عملي يقتضي عدم وجوب الفحص بل يجب علي العبيد الفحص عن أحكام الموالي حكما و موضوعا و هذا هو الفارق فلو لا الدليل الخارجي لا

يكون مانع عن اجراء الاصل عند الشك في القدرة.

اللهم الا أن يقال: بأن البراءة عن وجوب الصلاة مع الطهارة المائية لا تحقق موضوع التيمم الاعلي المثبت الذي لا نقول به و بعبارة اخري: اذا شك المكلف في الوجدان و عدمه لا يجوز له التيمم الا مع احراز الموضوع و المفروض انه مورد الشك.

و ان شئت قلت: ان المكلف يعلم اجمالا بوجوب الصلاة باحد وجهين علي

______________________________

(1) لاحظ ص: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 11

[مسألة 315: إذا طلب بعد دخول الوقت لصلاة يكفي لغيرها من الصلوات]

(مسألة 315): اذا طلب بعد دخول الوقت لصلاة يكفي لغيرها من الصلوات فلا تجب اعادة الطلب عند كل صلاة و ان احتمل العثور مع الاعادة لاحتمال تجدد وجوده (1).

[مسألة 316: المناط في السهم و الرمي و القوس و الهواء و الرمي هو المتعارف المعتدل الوسط في القوة و الضعف]

(مسألة 316): المناط في السهم و الرمي و القوس و الهواء و الرمي هو المتعارف المعتدل الوسط في القوة و الضعف (2).

[مسألة 317: يسقط وجوب الطلب في ضيق الوقت]

(مسألة 317): يسقط وجوب الطلب في ضيق الوقت (3) كما يسقط اذا خاف علي نفسه (4).

______________________________

نحو الترتيب و لا يمكنه احراز موضوع وجوب التكليف الاضطراري باجراء البراءة عن الاختياري الاعلي القول بالاثبات الذي لا نقول به و علي فرض القول به يقع التعارض بين الطرفين.

(1) قد ظهر وجه ما أفاده مما ذكرنا سابقا فان مقتضي الاطلاق الكفاية فان الفحص قبل الوقت ان كان كافيا عن الفحص بعد الوقت فكفاية الطلب الواحد بعد الوقت للصلوات العديدة بالاولوية.

(2) كما هو كذلك في أمثاله من التقديرات كالأشبار في الكر فان مقتضي الفهم العرفي الحمل علي المتعارف و بعبارة اخري حيث انه من الظاهر أنه لا يفرق الحد بحسب اختلاف الاشخاص و اختلاف الهواء و أمثالهما فالميزان هو المتعارف.

(3) قال في المستمسك في هذا المقام بلا خلاف و لا اشكال ظاهر و يظهر من كلام غير واحد كونه من الواضحات انتهي: و يدل عليه من النصوص ما رواه زرارة «1».

(4) عن الجواهر «نفي الريب فيه» و يمكن أن يستدل عليه بجملة من النصوص منها:

______________________________

(1) لاحظ ص: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 12

______________________________

ما رواه داود الرقي قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اكون في السفر فتحضر الصلاة و ليس معي ماء و يقال: ان الماء قريب منافا طلب الماء و أنا في وقت يمينا و شمالا؟

قال: لا تطلب الماء و لكن تيمم فاني اخاف عليك التخلف عن أصحابك فتضل و يأكلك السبع «1».

و منها: ما رواه يعقوب بن سالم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

رجل لا يكون معه ماء و الماء عن يمين الطريق و يساره غلوتين أو نحو ذلك قال: لا آمر أن يغرر بنفسه فيعرض له لص أو سبع «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسكين و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قيل له: ان فلانا أصابته جنابة و هو مجدور فغسلوه فمات فقال: قتلوه ألا سألوا؟! ألا يمموه؟! ان شفاء العي السؤال «3».

و منها: ما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن مجدور أصابته جنابة فغسلوه فمات فقال: قتلوه ألا سألوا؟! فان دواء العي السؤال «4».

و منها: ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: في رجل أصابته جنابة في السفر و ليس معه الاماء قليل و يخاف ان هو اغتسل أن يعطش قال:

ان خاف عطشا فلا يحريق منه قطرة و ليتمم بالصعيد فان الصعيد أحب إلي «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب التيمم الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2.

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب التيمم الحديث: 1.

(4) نفس المصدر الحديث: 3.

(5) الوسائل الباب 25 من أبواب التيمم الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 13

______________________________

إلي غيرها من الروايات الواردة في الباب 5 و 25 من أبواب التيمم من الوسائل فانه يستفاد من مجموع هذه النصوص أنه لو خاف المكلف علي نفسه يسقط وجوب الوضوء و من ناحية اخري علمنا من آية التيمم و الروايات أنه لو سقط وجوب الطهارة المائية تصل النوبة إلي الطهارة الترابية.

و الدليل علي المدعي قوله تعالي: «وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضيٰ أَوْ عَليٰ سَفَرٍ أَوْ جٰاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغٰائِطِ أَوْ لٰامَسْتُمُ النِّسٰاءَ فَلَمْ

تَجِدُوا مٰاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً» * «1» فانه من الظاهر أن المريض يمكن أن يكون واجدا للماء فيعلم ان الموضعي لجواز التيمم ليس خصوص عدم الوجدان للماء بل كل عذر يوجب سقوط وجوب الوضوء يقتضي وجوب التيمم.

و أما الروايات فكما تري يستفاد منها أنه يسقط وجوب الوضوء و الغسل في مورد الضرر النفسي أو البدني.

و ربما يقال: هذه النصوص يعارضها ما رواه عبد اللّه بن سليمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن رجل كان في أرض باردة يتخوف ان هو اغتسل أن يصيبه عنت من الغسل كيف يصنع؟ قال يغتسل و ان أصابه ما أصابه قال: و ذكر أنه كان وجعا شديد الوجع فاصابته جنابة و هو في مكان بارد و كانت ليلة شديدة الريح باردة فدعوت الغلمة فقلت لهم: احملوني فاغسلوني فقالوا: انا نخاف عليك فقلت لهم:

ليس بد فحملوني و وضعوني علي خشبات ثم صبوا علي الماء فغسلوني «2».

و ما رواه محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تصيبه الجنابة

______________________________

(1) النساء/ 43 المائدة/ 6.

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب التيمم الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 14

أو ماله من لص أو سبع أو نحو ذلك (1).

______________________________

في ارض باردة و لا يجد الماء و عسي ان يكون الماء جامدا فقال: يغتسل علي ما كان حدثه رجل أنه فعل ذلك فمرض شهرا من البرد فقال: اغتسل علي ما كان فانه لا بد من الغسل و ذكر ابو عبد اللّه عليه السلام انه اضطر اليه و هو مريض فأتوه به مسخنا فاغتسل و قال: لا بد من الغسل «1».

فان مقتضاهما وجوب الغسل و لو مع الضرر و لكن لا

يمكن العمل بهما فانه من الظاهر عدم وجوب تعريض النفس أو البدن للهلكة و الضرر اذ علم من الشرع انه لا يجب الوضوء أو الغسل في مثل هذه الموارد.

(1) لقد أجاد صاحب الحدائق في هذا المقام حيث أنكر وجود الدليل علي جواز التيمم عند الخوف من تلف المال و الحق ما أفاده فانا لم نجد دليلا علي المدعي نعم علي مسلك المشهور في مفاد لا ضرر يمكن ان يقال: ان الضرر المالي مرتفع شرعا فلا يجب تعريض المال للتلف.

لكن يرد عليه: أن المستفاد من بعض النصوص وجوب شراء المال للوضوء باضعاف مضاعفة قيمة لاحظ ما رواه صفوان قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل احتاج إلي الوضوء للصلاة و هو لا يقدر علي الماء فوجد بقدر ما يتوضأ به بمائة درهم أو بالف درهم و هو واجد لها أ يشتري و يتوضأ أو يتيمم؟ قال: لا بل يشتري قد أصابني مثل ذلك فاشتريت و توضأت و ما يسوؤني (يسرني) بذلك مال كثير «2».

و ما رواه الحسين بن أبي طلحة قال: سألت عبدا صالحا عليه السلام عن قول اللّه عز و جل: «أَوْ لٰامَسْتُمُ النِّسٰاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مٰاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً.» * ما حد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4.

(2) الوسائل الباب 26 من أبواب التيمم الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 15

و كذا اذا كان في طلبه حرج و مشقة لا تتحمل (1).

[مسألة 318: إذا ترك الطلب حتي ضاق الوقت عصي]

(مسألة 318): اذا ترك الطلب حتي ضاق الوقت عصي (2).

______________________________

ذلك؟ قال: فان لم تجدوا بشراء و بغير شراء قلت: ان وجد قدر وضوء بمائة ألف أو بالف و كم بلغ؟ قال: ذلك علي قدر جدته «1».

و الفرق بين الموارد بكون الدفع تارة يكون

اختياريا كما في مورد الخبرين و اخري يكون بدون الاختيار كالخوف من اللص- مثلا- لا يكون فارقا اذا لمناط الضرر المالي نعم اذا كان الضرر المالي حرجيا يمكن أن نلتزم بعدم وجوب الوضوء فتصل النوبة إلي التيمم.

و لا يخفي ان الحديثين المذكورين مخدوشان سندا أما الاول فبالبرقي و أما الثاني فبالارسال.

و أما حديث يعقوب بن سالم «2» فضعيف سندا بمعلي بن محمد و غيره فلاحظ.

(1) فان الحرج يرفع التكليف لحكومة دليله علي ادلة الاحكام كما حقق في محله فلو لم يجب الوضوء وجب التيمم للملازمة بين الامرين المستفادة من الاية و النصوص.

(2) ان قلنا بأن وجوب الطلب نفسي فلا اشكال في تحقق العصيان بتركه و ان قلنا بفساد التيمم و الصلاة في آخر الوقت فلا اشكال أيضا في تحقق العصيان بتفويت الصلاة لكن قد مر أن وجوب الطلب ليس نفسيا و نتعرض قريبا ان شاء اللّه تعالي ان صلاته في آخر الوقت مع التيمم صحيحة فليس الا التجري نعم اذا فرض وجود الماء و تمكن المكلف من الطهارة المائية بالفحص و مع ذلك لم يطلب فالمكلف

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2.

(2) لاحظ ص: 12.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 16

لكن الاقوي صحة صلاته حينئذ و ان علم انه لو طلب لعثر (1) لكن الاحوط استحبابا القضاء خصوصا في الفرض المذكور (2).

[مسألة 319: إذا ترك الطلب في سعة الوقت و صلي بطلت صلاته]

(مسألة 319): اذا ترك الطلب في سعة الوقت و صلي بطلت صلاته و ان تبين عدم وجود الماء (3) نعم لو حصل منه قصد القربة مع

______________________________

بكون عاصيا و أما في غير هذه الصورة فلا وجه لتحقق العصيان بل ليس الا التجري علي المولي نعم اذا علم بالعثور بالطلب يكون عاصيا بتفويته الطهارة المائية.

(1) لإطلاق الاية و

هي قوله تعالي: «وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضيٰ أَوْ عَليٰ سَفَرٍ أَوْ جٰاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغٰائِطِ أَوْ لٰامَسْتُمُ النِّسٰاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مٰاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً» * «1» كما أن مقتضي اطلاق حيث زرارة «2» كذلك.

لكن يشكل الاخذ بالاطلاق من حيث انصراف الدليل إلي الاضطرار غير الاختياري و الا يلزم جواز ارتكاب جميع المحرمات بالاضطرار الاختياري نعم في خصوص المقام الحق صحة التيمم و الصلاة اذ علمنا من الخارج عدم سقوط وجوب الصلاة فلا تنافي بين صحة الصلاة و تحقق العصيان بترك الطلب.

(2) لاحتمال عدم العمل بالوظيفة فلا دليل علي تحقق المأمور به و مع الشك يحرز موضوع القضاء بالاستصحاب اذ مقتضاه عدم الاتيان بالمأمور به لكن الماتن يري أن موضوع القضاء الفوت و يري أنه امر وجودي فلا يثبت بالاستصحاب الا علي القول بالمثبت.

(3) لاشتراط الصلاة بالتقرب و مع عدم تحققه يكون العمل باطلا.

______________________________

(1) المائدة/ 7 و النساء/ 46.

(2) لاحظ ص: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 17

تبين عدم الماء بأن نوي التيمم و الصلاة برجاء المشروعية فالاقوي صحتها (1).

[مسألة 320: إذا طلب الماء فلم يجد فتيمم و صلي ثم تبين وجوده في محل الطلب من الرمية أو الرميتين أو الرحل أو القافلة]

(مسألة 320): اذا طلب الماء فلم يجد فتيمم و صلي ثم تبين وجوده في محل الطلب من الرمية أو الرميتين أو الرحل أو القافلة فالاحوط وجوبا الاعادة في الوقت (2).

نعم لا يجب القضاء اذا كان التبين خارج الوقت (3).

______________________________

(1) لتمامية المقتضي و عدم المانع و بعبارة اخري ان الطلب لا يكون شرطا للصلاة و من ناحية اخري الجزم بالنية لا دليل عليه مضافا إلي أنه يمكن تحققه مع الغفلة.

(2) لان الحكم الظاهري لا يكون مجزيا عن الواقع و المفروض كونه واجدا بحسب الواقع فلم يتحقق موضوع التيمم و ما دل من النصوص علي عدم وجوب الاعادة

كحديث عبيد اللّه بن علي الحلبي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل اذا أجنب و لم يجد الماء قال: يتيمم بالصعيد فاذا وجد الماء فليغتسل و لا يعيد الصلاة «1»، ناظر إلي صورة عدم الوجدان الواقعي و المفروض في المقام أن عدم الوجدان ظاهري.

(3) لما رواه زرارة عن احدهما عليهما السلام قال: اذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فاذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم و ليصل في آخر الوقت فاذا وجد الماء فلا قضاء عليه و يتوضأ لما يستقبل «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب التيمم الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 18

[مسألة 321: إذا كانت الأرض في بعض الجوانب حزنة و في بعضها سهلة]

(مسألة 321) اذا كانت الارض في بعض الجوانب حزنة و في بعضها سهلة يلحق كلا حكمه من الرمية و الرميتين (1).

[الثاني: عدم التمكن من الوصول إلي الماء لعجز عنه]

الثاني: عدم التمكن من الوصول الي الماء لعجز عنه (2). و لو كان عجزا شرعيا (3)،

______________________________

(1) كما هو الميزان في جميع الموارد فان كل موضوع يلحقه حكمه.

(2) ادعي عليه الاجماع و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يمر بالركية و ليس معه دلو قال: ليس عليه أن يدخل الركية لان رب الماء هو رب الارض فليتيمم «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور و عنبسة بن مصعب جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا اتيت البئر و أنت جنب فلم تجد دلوا و لا شيئا تغرف به فتيمم بالصعيد فان رب الماء هو رب الصعيد و لا تقع في البئر و لا تفسد علي القوم مائهم «2».

و منها: ما رواه الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يمر بالركية و ليس معه دلو قال: ليس عليه أن ينزل الركية ان رب الماء هو رب الارض فليتيمم «3».

(3) يستفاد من الكتاب و السنة أن عدم الوجدان و العجز الموضوع لجواز التيمم أعم من الشرعي أما الكتاب فقوله تعالي: «و ان كنتم مرضي» فانه يستفاد منه أنه يكفي لجواز التيمم المرض و الحال أن المرض لا يستلزم فقد الماء فعدم الوجدان هو الاعم و أما السنة فيستفاد المدعي من نصوص عديدة واردة في أبواب التيمم

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب التيمم الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2.

(3) نفس

المصدر الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 19

أو ما بحكمه بأن كان الماء في أناء مغصوب (1).

أو لخوفه علي نفسه (2) او عرضه (3) أو ماله من سبع أو عدو أو لص أو ضياع أو غير ذلك (4)

[الثالث: خوف الضرر من استعمال الماء بحدوث مرض]

الثالث: خوف الضرر من استعمال الماء بحدوث مرض (5).

______________________________

منها ما تقدم مما ورد في عدم وجوب الوضوء اذا لم يكن معه دلو يستقي من البئر و عدم وجوب افساد الماء علي القوم.

(1) فان الوجدان العقلي و ان كان محفوظا في هذه الصورة لكن يفهم بالقرينة الداخلية و الخارجية أن المراد من عدم الوجدان أعم من العقلي كما تقدم.

و بعبارة اخري: لا يبعد أن يقال: ان المستفاد من ادلة التيمم كتابا و سنة أن الفقد ان الموضوع لجواز التيمم هو الاعم فلا ينسبق الي الذهن من آية التيمم مطلق الوجدان فلا يصدق بوجدان الماء الذي جعل عنده امانة أو يكون في آنية مغصوبة فالفقدان المجوز للتيمم أعم من الوجدان العقلي و يشمل الفقدان الشرعي كالمرض أو ما في حكمه ككون الماء في آنية مغصوبة.

(2) بلا اشكال نصا و فتوي و قد دلت عليه جملة من النصوص منها: ما رواه داود ابن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يصيبه الجنابة و به جروح أو قروح أو يخاف علي نفسه من البرد فقال: لا يغتسل و تيمم «1».

(3) فان حفظ العرض كحفظ النفس بل ربما يقال: انه اشد و الزم فتأمل.

(4) قد مر الاشكال فيه.

(5) ادعي عليه الاجماع و يستفاد المدعي من الاية الشريفة فان المرض مانع عن وجوب الطهارة المائية و من الظاهر أنه لا فرق من هذه الجهة بين وجوده

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب

التيمم الحديث: 8.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 20

أو زيادته أو بطئه (1) أو علي النفس (2) أو بعض البدن (3) و منه الرمد المانع من استعمال الماء (4) كما أن منه خوف الشين الذي يعسر تحمله و هو الخشونة المشوهة للخلقة و المؤدية في بعض الابدان الي تشقق

______________________________

و حدوثه باستعمال الماء و من ناحية اخري علم من الشرع أن الخوف العقلائي طريق شرعي مضافا الي أنه ادعي عليه الاجماع و أنه يكفي الخوف.

اضف الي ذلك النصوص الواردة في المقام لاحظ حديث محمد بن مسكين «1» و حديث ابن أبي عمير «2» و غيرهما مما ورد في الباب 5 من أبواب التيمم من الوسائل فتأمل.

و لاحظ حديث سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون معه الماء في السفر فيخاف قلته قال: يتيمم بالصعيد و يستبقي الماء فان اللّه عز و جل جعلهما طهورا: الماء و الصعيد «3» فانه جعل الخوف في هذه الرواية طريقا شرعيا الي تحقق موضوع التيمم.

(1) لوحدة الملاك.

(2) كما مر.

(3) بلا اشكال فان المرض اذا كان مانعا عن وجوب الطهارة المائية فنقص العضو مانع بالاولوية.

(4) لكونه من مصاديق المرض.

______________________________

(1) لاحظ ص: 12.

(2) لاحظ ص: 12.

(3) الوسائل الباب 25 من أبواب التيمم الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 21

الجلد (1).

[الرابع: خوف العطش علي نفسه أو علي غيره الواجب حفظه عليه]

الرابع: خوف العطش علي نفسه (2) أو علي غيره الواجب حفظه عليه (3) أو علي نفس حيوان يكون من شأن المكلف الاحتفاظ

______________________________

(1) لقاعدة نفي العسر و الحرج فلا تجب الطهارة المائية فتصل النوبة الي الترابية مضافا الي أنه بنفسه من مصاديق المرض و المفروض أن موجبه استعمال الماء فلا يجب فلا يتوقف عدم الوجوب علي العسر بل يسقط الوجوب و

لو مع عدم العسر.

(2) بلا خلاف ظاهر في الجملة- كما في بعض الكلمات- و تدل عليه جملة من النصوص: منها: ما رواه ابن سنان «1» و منها ما رواه محمد الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الجنب يكون معه الماء القليل فان هو اغتسل به خاف العطش أ يغتسل به أو يتيمم؟ فقال: بل يتيمم و كذلك اذا اراد الوضوء «2» و منها:

ما رواه سماعة «3».

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يجنب و معه من الماء قدر ما يكفيه لشربه أ يتيمم أو يتوضأ به؟ قال: يتيمم أفضل ألا تري أنه انما جعل عليه نصف الطهور «4».

(3) و يقتضيه حديث سماعة «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 12.

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب التيمم الحديث: 2.

(3) لاحظ ص: 20.

(4) الوسائل الباب 25 من أبواب التيمم الحديث: 4.

(5) لاحظ ص: 20.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 22

بها و الاهتمام بشأنها كدابته و شاته و نحوهما (1) مما يكون تلفه موجبا للحرج (2) أو الضرر (3).

[الخامس: توقف تحصيله علي الاستيهاب الموجب لذله و هوانه]

الخامس: توقف تحصيله علي الاستيهاب الموجب لذله و هوانه (4) أو علي شرائه بثمن يضر بحاله (5).

______________________________

(1) لإطلاق حديث سماعة «1».

(2) الحرج و ان كان بنفسه موجبا لسقوط وجوب الطهارة المائية فتصل النوبة الي التيمم لكن مقتضي حديث سماعة «2» جواز التيمم في الموارد المذكورة و لو لم يكن صرف الماء في الطهارة المائية حرجيا.

و بعبارة اخري: المستفاد من النص أن خوف قلة الماء بنفسه يجوز التيمم و لا يتوقف علي الحرج.

(3) قد مر منا أن الاستدلال بحديث لا ضرر لا يتم الاعلي القول المشهور لكن يكفي في المقام لإثبات المدعي النص الخاص

فلاحظ.

(4) أما مع كون تحمل الهوان حرجيا فعدم الوجوب ظاهر اذ يكون الوضوء المذكور حرجيا و الحرج يرفع الاحكام الالزامية و أما مع عدم الحرج فيمكن أن يقال: انه لا يجب تحمل المهانة اذ قد علم من الشرع أن المؤمن محترم عند اللّه و لا يجب عليه أن يهين نفسه.

(5) الظاهر ان المراد به الضرر الزائد عن حد العادة فنقول مقتضي حديث صفوان «3» وجوب الشراء و لو باضعاف القيمة و مثله ما في تفسير العياشي «4»

______________________________

(1) لاحظ ص: 20.

(2) لاحظ ص: 20.

(3) لاحظ ص: 14.

(4) لاحظ ص: 14.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 23

و يلحق به كل مورد يكون الوضوء فيه حرجيا لشدة حر أو برد أو نحو ذلك (1).

[السادس: أن يكون مبتلي بواجب يتعين صرف الماء فيه علي نحو لا يقوم غير الماء مقامه]

السادس: أن يكون مبتلي بواجب يتعين صرف الماء فيه علي نحو لا يقوم غير الماء مقامه مثل ازالة الخبث عن المسجد فيجب

______________________________

فان مقتضي الحديثين وجوب الشراء كائنا ما كان الثمن فلا يلاحظ الضرر.

و بعبارة اخري: لا مجال للتحديد إذ هذا الحكم وارد في مورد الضرر و لا مجال للأخذ بقاعدة رفع الضرر الا أن يقال: انه نلتزم بالضرر بالمقدار المتعارف و أما إذا كان فوق المتعارف فلا مانع من الاخذ بالقاعدة كما هو كذلك في نظائر المقام.

لكن الاشكال في سند الحديثين اذ في سند الاول منهما البرقي و هو محل الاشكال و الثاني مرسل و لا اعتبار به و أيضا لنا كلام في قاعدة لا ضرر فلا بد من العمل علي طبق القواعد الاولية و مقتضاها وجوب البذل كائنا ما كان الا أن يستفاد من حديث سماعة «1» عدم وجوب بذل المال الكثير فان مقتضي اطلاق ذلك الحديث أن المكلف أن خاف قلة الماء و

كان وجه خوفه التضرر المتوجه اليه من فقدان الماء لا يجب عليه الوضوء.

و صفوة القول: أن مقتضي القاعدة الاولية- لو لا الدليل الخارجي- وجوب بذل الثمن كائنا ما كان الا أن يكون حرجيا فيرتفع الوجوب بالحرج أو بالنص الخاص.

(1) لقاعدة رفع الحرج و العسر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 20.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 24

عليه التيمم و صرف الماء في ازالة الخبث (1).

______________________________

(1) ربما يقال: ان من مرجحات باب التزاحم كون أحد المتزاحمين ذا بدل بخلاف الاخر و حيث ان الطهارة المائية لها بدل فكل واجب لا يكون له بدل يقدم علي ما له البدل ففي المقام يجب تقديم ازالة النجاسة عن المسجد علي الوضوء لان الوضوء له البدل.

و يمكن أن يقال: ان البدل للواجب اما عرضي أو طولي أما علي الاول فلا يتحقق التزاحم فلا تصل النوبة الي الترجيح بالمرجح اذا لوجوب يتعلق بالجامع فالمكلف قادر علي امتثال كلا التكليفين.

و بعبارة اخري لا موضوع للتزاحم فان موضوعه عدم قدرة المكلف علي الجمع بين الامتثالين فلا بد من مرجح و المفروض في مثله قدرته علي الجمع.

و أما علي الثاني فلا وجه لتقديم ما ليس له البدل اذا لمفروض أن موضوع كلا التكليفين تام و ترجيح أحدهما علي الاخر بلا وجه و ان شئت قلت: لا تصل النوبة الي البدل الطولي الا بعد العجز عن امتثال التكليف الاولي و كون ما له البدل معجزا اول الكلام و الاشكال.

الا أن يقال: ان هذا التقديم بحكم العقل بتقريب: أنه لو قدم ما له البدل يفوت ملاك الاخر بالكلية بلا تدارك و أما لو قدم ما لا بدل له فقد تدارك ملاكه بتمامه و أيضا تدارك مقدارا من ملاك الواجب الاخر و

لا اشكال في تقدم هذا النحو علي ذلك بحكم العقل.

و بعبارة اخري: لا يمكن الاخذ باطلاق كلا الدليلين فيدور الامر بين رفع اليد عن كلا الاطلاقين أو رفع اليد عن خصوص ما له البدل أو عن خصوص ما ليس له البدل لا وجه للأخير بلا أشكال كما أنه لا مجال لاختيار الاول لعدم التساوي بين

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 25

و أما اذا دار الامر بين ازالة الحدث و ازالة الخبث عن لباسه أو بدنه فالاولي أن يصرف الماء أولا في ازالة الخبث ثم يتيمم بعد ذلك (1).

______________________________

الواجبين فيتعين الوسط.

و ان شئت قلت: لا اشكال في عدم بقاء الاطلاقين بحالهما و لا اشكال في عدم بقاء الاطلاق في جانب ما له البدل و أما الاطلاق في الطرف الاخر فلا دليل علي اختلاله فيبقي بحاله فالنتيجة تقديم ما لا بدل له كما عليه القوم.

فالحق أن يقال في وجه تقديم الواجب الآخران المستفاد من دليل التيمم بالقرينة الداخلية و الخارجية: أن موضوع جواز التيمم التمكن الخاص من استعمال الماء و هو التمكن العقلي و الشرعي و بما أن المكلف، مكلف بصرف الماء في ازالة الخبث عن المسجد لا يكون موضوع الوضوء متحققا و هو الوجدان و القرينة الداخلية، ذكر المريض في الاية الشريفة فان الماء غالبا موجود عنده و لكن لا يتمكن من استعماله عقلا أو شرعا.

و أما القرينة الخارجية فعدة نصوص بألسنة مختلفة دالة علي جواز التيمم مع فرض وجود الماء فالمستفاد من الادلة تقسيم المكلف الي الواجد و الفاقد و التقسيم قاطع للشركة فالمتمكن من استعمال الماء عقلا او شرعا واجد و غير المتمكن عقلا او شرعا فاقد و حيث ان المكلف في مفروض المقام يجب

عليه صرف الماء في ازالة الخبث لا يكون متمكنا من صرف الماء في غيرها فيكون فاقدا فيجوز له التيمم.

(1) لا يخفي أن المقام ليس داخلا تحت كبري باب التزاحم فان التزاحم انما يتصور بين تكليفين مستقلين لا يمكن الجمع بينهما كإزالة الخبث عن المسجد و انقاذ الغريق و أما المقام فالواجب واحد اي الصلاة الواجدة للطهارة الحدثية

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 26

______________________________

و الخبثية اذ الامر بالوضوء أو الغسل إمرار شادي فانه يرشد الي اشتراط الصلاة بها كما أن الامر بازالة النجاسة عن الثوب أو البدن كذلك و حيث ان الجمع بين الامرين غير ممكن يسقط وجوب الصلاة غاية الامر بلحاظ الدليل الخاص و النص الوارد بالخصوص و الاجماع القطعي نلتزم بأن الصلاة لا تسقط بحال و انها واجبة لاحظ ما رواه زرارة قال فيه: «ثم تصلي و لا تدع الصلاة علي حال فان النبي صلي اللّه عليه و آله قال: الصلاة عماد دينكم» «1».

و بعد ثبوت وجوبها يقع التعارض بين دليلي الوضوء و ازالة الخبث عن اللباس أو البدن و بعد تحقق التعارض فاما نقول بتساقطهما و أما نقول بعدم التساقط و اعمال قانونه أما علي الاول- كما عليه سيدنا الاستاد حث يري ان التعارض بين المطلقين بالعموم من وجه فيما كان بالاطلاق لا بالوضع في كلا الطرفين أو في أحدهما يوجب تساقط الدليلين- فيكون مقتضي القاعدة التخيير بين الامرين بحكم العقل.

و أما علي الثاني- كما هو الحق عندنا- فيجب اعمال قانون التعارض و يمكن تقديم دليل وجوب الوضوء بتقريبين: احدهما أن طرف المعارضة الكتاب و ما خالفه يضرب علي الجدار ثانيهما: أن يكون الكتاب مرجحا أو مرجعا بعد التعارض و النتيجة هي بعينها و

عليه يجب الوضوء غاية الامر أن مقتضي الاحتياط أن يتيمم بعد صرف الماء في الوضوء.

و الماتن في هامشه علي العروة في هذا المقام بني وجوب صرف الماء في ازالة الخبث علي الاحتياط و الظاهر أن وجهه ما ذكرنا من عدم الدليل علي التعيين عنده بعد تساقط الدليلين و النتيجة التخيير لكن الأولي أن يصرف الماء في ازالة الخبث

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 27

[السابع: ضيق الوقت عن تحصيل الماء أو عن استعماله بحيث يلزم من الوضوء وقوع الصلاة أو بعضها في خارج الوقت]
اشارة

السابع: ضيق الوقت عن تحصيل الماء أو عن استعماله بحيث يلزم من الوضوء وقوع الصلاة أو بعضها في خارج الوقت (1) فيجوز التيمم في جميع الموارد المذكورة.

______________________________

كي يصدق الفقدان الموضوع لوجوب التيمم.

و لا يخفي: أنه لا مجال للاستدلال علي وجوب ازالة الخبث بما رواه أبو عبيدة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة الحائض تري الطهر و هي في السفر و ليس معها من الماء ما يكفيها لغسلها و قد حضرت الصلاة قال: اذا كان معها بقدر ما تغسل به فرجها فتغسله ثم تتيمم و تصلي قلت: فيأتيها زوجها في تلك الحال؟ قال:

نعم اذا غسلت فرجها و تيممت فلا بأس «1». كما يظهر من عبارة السيد اليزدي قدس سره في عروته انه يمكن الاستدلال به اذ لا يستفاد من الرواية الدوران بين الامرين بل المفروض أن الماء لا يكفي الا لغسل فرجه فلا يرتبط بالمقام مضافا الي أن سند الرواية ضعيف بسهل فلاحظ.

(1) في المقام فرعان: أحدهما ما لو توضأ يفوت وقت الصلاة بالكلية ثانيهما ما لو توضأ يفوت بعض الوقت فلا بد من التكلم في كل منهما فنقول: أما الفرع الأول فلا اشكال في أنه تصل النوبة الي التيمم اذ المفروض

أن التيمم بدل اضطراري للوضوء و قد فرض أن المكلف لا يتمكن من الوضوء فيجب عليه التيمم.

و أما الفرع الثاني فيمكن أن يقال لا بد من تقديم التيمم اذ الامر دائر بين ما لا بدل له و هو الوقت و ما له البدل و هو الوضوء و التقديم مع ما لا بدل له فيجب ايقاع الصلاة بتمامها في الوقت مع التيمم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب الحيض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 28

______________________________

و بعبارة اخري: ان مقتضي القاعدة أن يتيمم المكلف و يصلي في الوقت اذ المستفاد من دليل الوقت وجوب ايقاع الصلاة بتمامها فيه و المفروض أنه لو توضأ يقع مقدار من الصلاة خارج الوقت و استفيد من دليل التيمم أن من لا يمكنه الوضوء عقلا أو شرعا يجب عليه التيمم فيجب هذا بحسب القاعدة.

ان قلت: قد وردت في المقام نصوص دالة علي أن من ادرك من الوقت ركعة فقد أدرك الوقت لاحظ ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

فان صلي ركعة من الغداة ثم طلعت الشمس فليتم و قد جازت صلاته «1».

و ما رواه الاصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من أدرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد ادرك الغداة تامة «2».

و ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: فان صلي ركعة من الغداة ثمّ طلعت الشمس فليتم الصلاة و قد جازت صلاته و ان طلعت الشمس قبل أن يصلي ركعة فليقطع الصلاة و لا يصل حتي تطلع الشمس و يذهب شعاعها «3».

و ما رواه الشهيد في الذكري قال: روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله أنه قال:

من

أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة «4».

و ما رواه أيضا قال: و عنه صلي اللّه عليه و آله من أدرك ركعة من العصر قبل أن يغرب الشمس فقد أدرك الشمس «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 29

______________________________

و هذه النصوص كلها ضعيفة الا الحديث الاول و هو وارد في خصوص صلاة الفجر و أيضا مورده خصوص من صلي و في أثناء الصلاة فات الوقت فحكم عليه السلام بالصحة و الانصاف ان استفادة الكبري الكلية من الحديث في غاية الاشكال لكن الاصحاب استندوا الي هذه النصوص و حكموا بكفاية ادراك ركعة لصحة الصلاة فنقول: علي مسلك الاصحاب و الاستناد الي النصوص و الالتزام بهذا الحكم يستفاد منها اختصاص الحكم المذكور بغير المتمكن.

و بعبارة اخري: لا يستفاد منها إلا حكم اضطراري بل ادعي سيدنا الاستاد أن لفظة «أدرك» ظاهرة في التمكن المترتب علي الطلب و الفحص فان الغريم لو طالب مديونه فظفر به يقال أدركه و أما لو صادفه بلا طلب لا يقال: أدركه فالادراك اشرب فيه عدم التمكن الابتدائي.

و ان شئت قلت: في صورة التمكن من شي ء لا يصدق عنوان الادراك فعليه يستفاد من هذه الكلمة الاضطرار و يترتب علي ما ذكرنا أنه لو دار الامر بين الطهارة الترابية و ايقاع الصلاة في الوقت و الطهارة المائية و ادراك ركعة من الوقت يجب تقديم الاول اذ يكون المكلف في هذا الفرض فاقدا للماء و المفروض أن الفاقد يجب عليه التيمم.

و صفوة القول: أنه لا يجوز التأخير لان المستفاد من دليل من أدرك أن

المضطر الي التأخير يكون ادراكه ركعة كإدراك تمام الوقت و أما من يؤخر بالاختيار فلا.

و ان شئت قلت: دخول المكلف في موضوع من أدرك في مثل المقام دوري لان كونه مضطرا الي التأخير يتوقف علي عدم جواز التيمم و عدم جواز التيمم يتوقف علي شمول من أدرك اياه فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 30

[مسألة 322: إذا خالف المكف عمدا فتوضأ في مورد يكون الوضوء فيه حرجيا كالوضوء في شدة البرد صح وضوئه]

(مسألة 322): اذا خالف المكف عمدا فتوضأ في مورد يكون الوضوء فيه حرجيا كالوضوء في شدة البرد صح وضوئه (1) و اذا خالف في مورد يكون الوضوء فيه محرما بطل وضوئه (2) و اذا خالف في مورد يجب فيه حفظ الماء- كما في الامر الرابع- فالظاهر صحة وضوئه (3).

______________________________

(1) بتقريب: أن المستفاد من دليل نفي الحرج الامتنان و لا يصدق الامتنان الا مع المقتضي للوضوء و تمامية ملاكه فعليه يكون الفعل قابلا للتقرب به من المولي فيصح الوضوء.

(2) اذ الحرام لا يمكن أن يقع مصداق الواجب لاستحالة اجتماع الضدين.

(3) وجوب حفظ الماء لا يقتضي النهي عن استعماله في الوضوء الا علي القول بأن الامر بالشي ء يقتضي النهي عن ضده و لا نقول به و بعبارة واضحة: الواجب علي المكلف حفظ النفس- مثلا- و هو يتوقف علي حفظ الماء فاستعمال الماء في الوضوء يضاده لكن الامر بالشي ء- كما قلنا- لا يقتضي النهي عن الضد.

و من ناحية اخري قد ثبت في محله الامر الترتبي فيصح الوضوء بمقتضي صحة الترتب.

لكن في المقام شبهة و هي أنه تارة يفرض اتلاف الماء و عدم حفظه علي كل حال فيصح الامر بالوضوء بالترتب و أما لو فرض اتلاف الماء بصرفه في الوضوء ففي هذه الصورة يشكل الصحة اذا لمفروض أنه لم يفرض العصيان و ترك الحفظ و

لا بد في تحقق كل حكم من تحقق موضوعه في الرتبة السابقة.

و بعبارة اخري نسأل من أن الوضوء المذكور هل يتعلق به الامر أو لا يتعلق به و علي الأول هل يفرض الوضوء مفروض الوجود أم لا يفرض وجوده؟ أما علي فرض عدم تعلق الامر به فلا يتحقق الأمر الترتبي و أما علي تقدير فرض وجود الوضوء

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 31

و لا سيما اذا أراقه علي الوجه ثم رده من الاسفل الي الاعلي و نوي الوضوء بالغسل من الاعلي الي الاسفل و كذا الحال في بقية الاعضاء (1).

[مسألة 323: إذا خالف فتطهر بالماء لعذر من نسيان أو غفلة صح وضوئه في جميع الموارد المذكورة]

(مسألة 323): اذا خالف فتطهر بالماء لعذر من نسيان أو غفلة صح وضوئه في جميع الموارد المذكورة (2) و كذلك مع الجهل فيما اذا لم يكن الوضوء محرما في الواقع (3) أما اذا توضأ في ضيق الوقت فان نوي الامر المتعلق بالوضوء فعلا صح من غير فرق بين العمد و الخطأ (4).

______________________________

فلا يتعلق الامر به لاستحالة تحصيل الحاصل و أما علي تقدير عدم تحققه فالامر المتعلق به ينافي وجوب حفظه فكيف يتحقق المتنافيان.

و بعبارة واضحة: الامر المتعلق بالوضوء أمر ترتبي و يتوقف علي عدم الحفظ و ترك حفظ الماء بنفس الوضوء فاذا فرض الوضوء مفروض الوجود فالامر به تحصيل للحاصل و أما لو لم يفرض وجوده فالامر به ينافي وجوب الحفظ فلاحظ.

(1) هذا هو المتعين لما ذكرناه من الاشكال لكن لا يخفي أن الترتب الاصطلاحي فيما يكون امتثال الامر بالمهم مقارنا للعصيان للأمر بالاهم فلا تغفل.

(2) اذ مع الغفلة أو النسيان لا يكون الامر بضد الوضوء فعليا فلا مانع من فعلية الامر بالوضوء فيصح لتمامية المقتضي و عدم المانع.

(3) اذ مع كون الوضوء محرما لا يمكن

أن يكون صحيحا لاستحالة اجتماع الضدين و أما فيما لا يكون الوضوء محرما- كما لو كان المسجد نجسا و المكلف لا يعلم بنجاسته فيكون تاركا لامتثال الامر بالازالة- فلا مانع من توجه الامر بالوضوء اليه فيصح الوضوء في هذا الحال.

(4) لصحة الترتب فانه مع ترك امتثال الامر للصلاة مع التيمم يصح الوضوء

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 32

و كذلك ما اذا نوي الامر الا دائي فيما اذا لم يكن مشرعا في عمله (1).

[مسألة 324: إذا آوي الي فراشه و ذكر أنه ليس علي وضوء جاز له التيمم]

(مسألة 324): اذا آوي الي فراشه و ذكر أنه ليس علي وضوء جاز له التيمم (2) رجاء (3) و ان تمكن من استعمال الماء كما يجوز التيمم لصلاة

______________________________

بالامر الترتبي بلا فرق بين العمد و الخطأ اذ الموضوع للأمر الثاني ترك امتثال الامر بالاهم و المفروض أن المكلف تارك للأهم.

(1) الظاهر أن مراده أنه يكفي لصحة الوضوء قصد الامر الادائي المتوجه الي الصلاة فيما لا يكون مشرعا بتقريب أن الوضوء عمل قابل لان يقصد به التقرب به من المولي فاذا كان مشرعا في قصده يكون العمل باطلا اذا لتشريع المحرم لا يجتمع مع قصد القربة فيكون باطلا و أما اذا قصد الامر الادائي بلا تحقق التشريع كما لو كان غافلا فيصح اذ العمل في حد نفسه قابل للتقرب و المفروض أن المكلف اضافه الي المولي.

لكن يشكل بأنه لو لم يكن الوضوء مستحبا في نفسه- كما هو الحق عندنا و قد مر الكلام من هذه الجهة مفصلا في بحث الوضوء في الجزء الاول من هذا الشرح ص 554- لم يكف قصد الامر الادائي لصحة العمل اذ المفروض أنه لا واقع له فما قصد، لا يفيد و ما يفيد، لم يقصد، فلاحظ.

(2) لمرسل الصدوق عن الصادق

عليه السلام قال: من تطهر ثم آوي الي فراشه بات و فراشه كمسجده فان ذكر أنه ليس علي وضوء فتيمم من دثاره كائنا ما كان لم يزل في صلاة ما ذكر اللّه «1».

(3) لعدم اعتبار المرسل و أما رواية البرقي مسندا فهي أيضا ضعيفة بعدم توثيق

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الوضوء الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 33

الجنازة ان لم يتمكن من استعمال الماء و ادراك الصلاة (1) بل لا بأس به مع التمكن أيضا رجاء (2).

[الفصل الثاني فيما يتيمم به]
اشارة

الفصل الثاني فيما يتيمم به الاقوي جواز التيمم بما يسمي أرضا (3).

______________________________

حفص بن غياث و عدم تمامية قاعدة التسامح فيأتي بالتيمم رجاء.

(1) قد مر الكلام حول هذا الفرع في بحث صلاة الجنازة فلا وجه للإعادة.

(2) اذ لو كان الحكم وجوبيا لكان الاجتزاء بالتيمم محتاجا الي الدليل و أما مع عدم الوجوب كما هو المفروض فلا مانع من الاتيان به رجاء و باحتمال المطلوبية و باب الرجاء واسع.

(3) وقع الكلام بين القوم في أنه هل يجوز التيمم بمطلق وجه الارض أو يشترط بكونه ترابا؟ و يظهر من كلمات القوم ان المشهور هو القول الاول و ذكر في مقام الاستدلال عليه وجوه:

الاول: تفسير جملة من اللغويين لفظ الصعيد الوارد في الاية بالارض.

و فيه: أن التفاسير المنقولة عن أهل اللغة مختلفة اذ قد فسر الصعيد في كلام بعضهم بالتراب لاحظ ما نقله صاحب الحدائق في هذا المقام «1» و لا دليل علي ترجيح بعضها علي الاخر كما أنه لا مجال لترجيح أشهر أقوالهم لعدم الدليل كما لا دليل علي التخيير كما هو واضح.

الثاني: قوله تعالي: فتصبح صعيدا زلقا «2» اي أرضا ملساء يزلق عليها

______________________________

(1) الحدائق ج 4 ص 244

(2) الكهف/

40

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 34

______________________________

باستيصال نباتها و أشجارها بتقريب: أنه يستفاد من هذا التفسير أن الصعيد عبارة عن الارض.

و فيه: أنه يمكن أن يكون تفسيرا بالاعم و حيث ان التفسير لا يكون من المعصوم لا يترتب عليه أثر شرعي.

الثالث: ما روي عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: اذا كان يوم القيامة جمع اللّه الخلائق في صعيد واحد «1» اي أرض واحدة.

و فيه: مضافا الي الخدشة في السند يمكن أن يكون المراد بالصعيد التراب و لا يخل بالمقصود.

الرابع: جملة من النصوص: منها ما أرسله أبان بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان اللّه تبارك و تعالي أعطي محمدا صلي اللّه عليه و آله شرائع نوح و ابراهيم و موسي و عيسي الي أن قال: و جعل له الارض مسجدا و طهورا «2».

و هذه الرواية لا اعتبار بها لإرسالها.

و منها: ما أرسله الصدوق قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله: اعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي: جعلت لي الارض مسجدا و طهورا «3».

و هذه الرواية أيضا لا اعتبار بها لإرسالها و مثلها في الدلالة و ضعف السند حديث أبي أمامة «4» و حديث ابن عباس «5».

______________________________

(1) معالم الزلفي ص 145

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب التيمم الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 35

______________________________

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل مرت به جنازة و هو علي غير وضوء كيف يصنع؟ قال يضرب بيديه علي حائط اللبن فليتيمم به «1».

و الظاهر ان هذه الرواية تامة سندا و دلالة.

و منها: ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن

علي عليه السلام أنه سئل عن التيمم بالجص فقال: نعم فقيل: بالنورة؟ فقال: نعم فقيل بالرماد؟ فقال: لا انه ليس يخرج من الارض انما يخرج من الشجر «2» و هذه الرواية مخدوشة سندا باحمد بن محمد بن يحيي فانه لم يوثق.

و منها: ما رواه الحلبي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اذا لم يجد الرجل طهورا و كان جنبا فليتمسح من الارض و ليصل فاذا وجد ماء فليغتسل و قد أجزأه صلاته التي صلي «3». و هذه الرواية تفي بالمقصود سندا و دلالة كما هو ظاهر.

و منها: ما رواه ابن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول اذا لم يجد الرجل طهورا و كان جنبا فليمسح من الارض و ليصل فاذا وجد ماء فليغتسل و قد أجزأته صلاته التي صلي «4» و هذه الرواية أيضا تامة لإثبات المدعي.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن علي الحلبي أنه سأل ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يمر بالركية و ليس معه دلو قال: ليس عليه أن يدخل الركية لأن رب الماء هو رب

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب التيمم الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب التيمم الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 36

______________________________

الارض فليتيمم «1». و هذه الرواية كما تري تدل علي أن التيمم بالارض جائز.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول:

اذا لم تجد ماء و أردت التيمم فاخر التيمم إلي آخر الوقت فان فاتك الماء لم تفتك الارض «2» و هذه الرواية أيضا. تدل علي المدعي و تامة

سندا.

و استدل علي القول الثاني أيضا بوجوه: الاول: الآية الشريفة بدعوي أن جملة من أهل اللغة فسروا الصعيد بالتراب.

و فيه: أولا: أن قول من فسره بالتراب معارض بما فسر بمطلق وجه الارض مع الشهرة في ذلك الطرف مضافا إلي ما قيل من أن وظيفة اللغوي تعيين موارد الاستعمال فلا تعارض بين القولين لعدم التنافي بين الامرين.

الثاني: ما رواه جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال اللّه عز و جل جعلت لك و لأمتك الارض كلها مسجدا و ترابها طهورا «3». و هذه الرواية لا اعتبار بها لضعف سندها.

الثالث: ما عن عوالي اللئالي عن فخر المحققين عن النبي صلي اللّه عليه و آله أنه قال: جعلت لي الارض مسجدا و ترابها طهورا «4». و هذه الرواية ساقطة عن الاعتبار لضعف سندها.

الرابع: ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر في خبر أنه قال رسول اللّه صلي

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب التيمم الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 22 من أبواب التيمم الحديث: 1

(3) المستدرك الباب 5 من أبواب التيمم الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 37

______________________________

اللّه عليه و آله لسلمان و أبي ذر و جعل لي الارض مسجدا و طهورا اينما كنت اتيمم من تربتها و اصلي عليها «1». و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن محمد بن رياح.

الخامس: ما رواه محمد بن حمران و جميل بن دراج جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: ان اللّه جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا «2» و هذه الرواية لا تدل علي التخصيص الا علي القول بمفهوم اللقب.

ان قلت: ان لم يكن الحكم مختصا بالتراب فما

الوجه في اختصاصه بالذكر؟

قلت: علي هذا يلزم الالتزام بمفهوم اللقب و الوصف لتوجه السؤال المذكور.

السادس: ما رواه رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كانت الارض مبتلة ليس فيها تراب و لا ماء فانظر أجف موضع تجده فتيمم منه فان ذلك توسيع من اللّه عز و جل «3».

بتقريب أن المأخوذ في مقدم الشرطية عنوان التراب فيعلم انه الموضوع لا مطلق وجه الارض.

و اجيب عنه بأن قوله عليه السلام: «ليس فيها تراب» تفسير للمبتلة لا شرط زائد عليها فلا يكون دليلا للخصم بل يكون عليه مضافا إلي أن السند اعتباره أول الكلام.

السابع: ما رواه زرارة أنه قال لأبي جعفر عليه السلام: ألا تخبرني من أين علمت و قلت: ان المسح ببعض الرأس و بعض الرجلين؟ و ذكر الحديث إلي أن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب التيمم الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب التيمم الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 38

سواء كان ترابا أم رملا أم مدرا أم حصي أم صخرا أملس (1) و منه أرض الجص و النورة (2).

______________________________

قال: قال أبو جعفر عليه السلام: نعم فصل بين الكلام فقال: (و امسحوا برؤوسكم) فعرفنا حين قال برؤوسكم أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء إلي أن قال: ثم قال:

(فَلَمْ تَجِدُوا مٰاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ) فلما أن وضع الوضوء عمن لم يجد الماء أثبت بعض الغسل مسحا لأنه قال: (بوجوهكم) ثم وصل بها و أيديكم منه اي من ذلك التيمم لأنه علم أن ذلك أجمع لم يجر علي الوجه لأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف و لا يعلق ببعضها «1».

بتقريب: أن العلوق بالكف يلازم كون ما يتيمم به ترابا

اذ لو لم يكن ترابا لم يعلق بالكف.

و فيه: أولا: أن التراب يعلق بتمام الكف لا ببعضه و ثانيا: أن العلوق لا يختص بالتراب بل يعلق غير التراب أيضا و ثالثا: أنه امر بالنفض في جملة من النصوص تاتي عن قريب فلا مجال للأخذ بالتعليل فالنتيجة: أنه لا دليل علي الاختصاص بالتراب.

(1) كل ذلك للإطلاق فان الارض بمالها من المفهوم تشمل جميع ذلك.

(2) لصدق عنوان الارض عليها و صدق عنوان المعدن عليها قبل الاحراق علي فرض صحته- لا يضر بصدق عنوان الارض.

و في المقام تفصيل نقل عن النهاية و هو أنه لا بأس بالتيمم بالاحجار و ارض النورة و ارض الجص اذا لم يكن يقدر علي التراب «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب التيمم الحديث: 1

(2) الحدائق ج 4 ص 297.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 39

قبل الاحراق (1) و لا يعتبر علوق شي ء منه باليد (2).

______________________________

و يرد عليه بأنه لو كانا داخلين في الموضوع لم يكن وجه للتفصيل و أما مع عدم الصدق فلا يجوز علي الاطلاق.

(1) وقع الكلام بينهم في جواز التيمم بها بعد الاحراق و قوي سيد العروة فيها عدم الجواز و الظاهر أن الوجه في الاشكال التردد في صدق عنوان الارض عليها بعد الاحراق بدعوي الانصراف و لا اشكال في عدم الجواز مع الانصراف كما أنه لا اشكال في الجواز علي تقدير عدمه و لو شك في الصدق فان قلنا بجريان الاستصحاب في المفهوم المردد كما قويناه، يجري استصحاب الصدق و يترتب عليه الحكم و أما لو لم نقل بالجريان- كما هو المقرر عند القوم- فلا مجال لاستصحاب جواز التيمم اذ يرد عليه أو لا بكونه من الاستصحاب التعليقي و ثانيا: أنه

من الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي الذي لا نقول به و أما خبر السكوني «1» فلا يعتد به لضعف سنده.

(2) نسب إلي جملة من الاعاظم اعتباره و قيل في وجهه امور: الاول الاصل.

و فيه أن مقتضي الاصل خلافه مضافا إلي أنه لا تصل النوبة إلي الاصل مع الدليل و مقتضي اطلاق الادلة عدم الاشتراط كما أن مقتضي التيمم البياني كذلك.

لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التيمم فضرب بكفيه الارض ثم مسح بهما وجهه ثم ضرب بشماله الارض فمسح بها مرفقه الي أطراف الاصابع واحدة علي ظهرها و واحدة علي بطنها ثم ضرب بيمينه الارض ثم صنع بشماله كما صنع بيمينه ثم قال: هذا التيمم علي ما كان فيه الغسل و في الوضوء الوجه و اليدين إلي المرفقين و ألقي (أبقي) ما كان عليه مسح الرأس و القدمين فلا يؤمم بالصعيد «2».

______________________________

(1) لاحظ ص: 35.

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب التيمم الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 40

______________________________

الثاني: ظهور كون التراب طهورا كالماء في قوله ان اللّه جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا «1» فكما أن الماء يلزم وصوله إلي مواضع الوضوء كذلك يلزم في التيمم.

و فيه: أن كون التراب طهورا لا يستلزم علوقه بل يكفي فيه أن تضرب اليد بالتراب أو الأرض و ان شئت قلت: يكفي لعدم الاشتراط اطلاق الادلة مضافا إلي التيمم البياني المستفاد منه عدم الاشتراط.

الثالث: قوله تعالي: «فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ» «2» فان الظاهر منه لزوم التبعيض و عدم تقييد آية التيمم في سورة النساء و هي قوله تعالي:

«فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ» «3» لا ينافي التقييد في هذه السورة فان اطلاق

الكتاب يقيد بمقيده كما أن عامه يخصص بمخصصه.

و فيه: أنه يفهم من اطلاق النصوص البيانية كحديث ابن مسلم «4» أن المراد من الاية أن المسح علي الوجه و اليدين لا بد أن يكون من أثر الأرض.

اضف إلي ذلك انه قام الدليل علي رجحان النفض لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: كيف التيمم؟ قال: هو ضرب واحد للوضوء و الغسل من الجنابة تضرب بيديك مرتين ثم تنفضهما نفضة للوجه و مرة لليدين و متي

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب التيمم الحديث: 1.

(2) المائدة/ 7.

(3) النساء/ 42.

(4) لاحظ ص: 39.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 41

______________________________

أصبت الماء فعليك الغسل ان كنت جنبا و الوضوء ان لم تكن جنبا «1» فان نفض التراب من ايدينا في اشتراط العلوق.

ان قلت: انه يبقي الغبار علي اليد بعد النفض فلا ينافي كون التيمم ببعض الارض قلت: الغبار لا يصدق عليه عنوان التراب فلا يكون جزءا للأرض و مما ذكرنا في تقريب الاستدلال بالآية و الجواب عنه يظهر تقريب الاستدلال ببعض النصوص و الجواب عنه أيضا لاحظ ما رواه ابن سنان «2».

الرابع: اطلاق ادلة النفض كحديث زرارة «3» و سائر الروايات الواردة في الباب 12 من أبواب التيمم فان مقتضي هذه النصوص لزوم قابلية العلوق كي يستحب النفض و فيه أن الحكم دائر مدار الموضوع فان تحقق العلوق يستحب النفض و الا فلا.

الخامس: ما رواه زرارة «4» بتقريب ان المستفاد منه اشتراط العلوق.

و فيه: أنه لو ثبت استحباب النفض لم يبق مجال للأخذ به مضافا إلي أنه لو سلم التعارض و التساقط يؤخذ باطلاق بقية الادلة لكن يشكل علي هذا التقدير رفع اليد عن ظهور الاية في

الاشتراط فلاحظ بل لو وصلت النوبة إلي التعارض يكون الترجيح مع دليل اشتراط العلوق لموافقته مع الكتاب فعليه يكون الكتاب مرجحا لا مرجعا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب التيمم الحديث: 4.

(2) لاحظ ص: 35.

(3) لاحظ ص: 40.

(4) لاحظ ص: 37.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 42

و ان كان الاحوط استحبابا الاقتصار علي التراب مع الامكان (1).

[مسألة 325: لا يجوز التيمم بما لا يصدق عليه اسم الأرض]

(مسألة 325): لا يجوز التيمم بما لا يصدق عليه اسم الارض (2) و ان كان أصله منها كالرماد و النبات و المعادن الذهب و الفضة و نحوها مما لا يسمي ارضا (3) و أما العقيق و الفيروزج و نحوهما من الاحجار الكريمة فالاحوط أن لا يتيمم بها و كذلك الخزف و الجص و النورة بعد الاحراق حال الاختيار (4) و مع الانحصار لزمه التيمم بها

______________________________

(1) خروجا عن شبهة الخلاف.

(2) كما هو ظاهر لانتفاء موضوعه اذ هو المفروض.

(3) فان الميزان تحقق الموضوع و العنوان بالفعل و المفروض أنه ليس كذلك و حديث السكوني «1» ضعيف سندا مضافا إلي أنه يحتمل أن يكون المراد منه عدم الخروج عن عنوان الارضية و يشهد له أنه عليه السلام لم يجوز التيمم بالرماد مع أن أصله من الارض.

(4) أما مع عدم صدق عنوان الارض علي المذكورات فلا يجوز التيمم بها بلا كلام كما أنه مع صدق العنوان يجوز كذلك و أما لو شك في الصدق فعلي القول بجريان الاستصحاب في الشبهات المفهومية كما هو ليس ببعيد فمع الشك في صدق عنوان الارض و لو سابقا يكون مقتضي الاستصحاب عدم الصدق فلا يجوز التيمم و أما مع صدق العنوان سابقا و الشك في بقائه فمقتضي الاستصحاب جواز التيمم اذ بالاستصحاب يحرز موضوع الجواز و أما علي

القول بعدم الجريان- كما هو المقرر عند القوم- فلا يجوز لعدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية و حيث ان

______________________________

(1) لاحظ ص: 35.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 43

و الصلاة و الاحوط القضاء خارج الوقت (1).

[مسألة 326: لا يجوز التيمم بالنجس]

(مسألة 326): لا يجوز التيمم بالنجس (2).

______________________________

الماتن لا يري جريان الاستصحاب في أمثال المقام لم يظهر لنا وجه ما أفاده في المتن من لزوم التيمم بها.

(1) بتقريب: أنه يعلم اجمالا بتوجه أحد الامرين من الصلاة في الوقت مع التيمم بها و الصلاة التامة قضاء خارجه.

و الذي يختلج بالبال عاجلا أن يقال: انه مع عدم احراز صدق عنوان الارض علي المذكورات و انحصار ما يتيمم به فيها كما هو المفروض فان قلنا بعدم وجوب الصلاة علي فاقد الطهورين فلا تجب عليه الصلاة اداءا و ان قلنا بالوجوب كما ربما يقال ان مقتضي قوله صلي اللّه عليه و آله «الصلاة عماد دينكم» «1» فتجب عليه الصلاة في الوقت و لا مجال لوجوب القضاء خارجه و الاحتياط طريق النجاة و اللّه العالم.

(2) ما يمكن أن يقال في المقام أو قيل امور: الاول: الاجماع. و فيه أن المنقول منه غير حجة و المحصل منه غير حاصل مضافا إلي أنه محتمل المدرك فلا يكون اجماعا تعبد يا كاشفا.

الثاني القاعدة المعروفة و هي: أن فاقد الشي ء لا يكون معطيه. و يرد عليه أولا: أن هذه القاعدة قاعدة عقلية و الامور العقلية لا ترتبط بالامور الشرعية و ملاكات الاحكام ليست واضحة عندنا.

و ثانيا: انا نري أن الماء و التراب لا يكونان طاهرين من الحدث و مع ذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 44

______________________________

يوجبان الطهارة منه ففاقد الشي ء يمكن أن يكون

معطيه.

و ثالثا: فرضنا تمامية تلك القاعدة لكن لا ترتبط بالمقام فان مقتضي تلك أن التراب النجس لا يرفع الخبث و في المقام التراب يؤثر في الطهارة عن الحدث فالقاعدة لم تنخرم.

الثالث: انصراف الدليل عن التراب النجس. و فيه: أن هذا الانصراف ناش من تلك القاعدة و بعد انهدامها لا مقتضي للانصراف و علي فرض تحققه يكون بدويا.

الرابع: أن النجس لا يعقل أن يكون مطهرا. و فيه: أن هذا الدليل ان كان عبارة اخري عن القاعدة فالكلام فيه هو الكلام و ان كان غيرها فيرد عليه أنه ليس تاما كيف و أن الماء القليل مطهر مع انه ينجس بالملاقاة مع ما يغسل به فتأمل.

الخامس: أنه صلي اللّه عليه و آله قال: جعلت لي الارض مسجدا و طهورا «1» و الطهور عبارة عن الطاهر في نفسه مطهر لغيره.

و فيه: أولا: أن الطهور هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره اول الكلام اذ الطهور عبارة عن شي ء يتطهر به كالوقود اي ما يوقد به و ثانيا: أن الظاهر عدم تمامية هذه النصوص من حيث السند.

السادس: قوله تعالي: «صَعِيداً طَيِّباً» «2» بتقريب: أن التراب النجس لا يكون طيبا.

و بعبارة اخري: الطيب هو الطاهر و عن المدارك «انه حسن و جيد ان ثبت

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب التيمم الحديث: 2.

(2) النساء/ 42

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 45

و لا المغصوب (1).

و لا الممتزج بما يخرجه عن اسم الارض نعم لا يضر اذا كان الخليط مستهلكا فيه عرفا (2) و لو اكره علي المكان المغصوب فالاظهر جواز التيمم فيه (3).

______________________________

كون الطيب هو الطاهر».

و الامر كما أفاده فان الطيب ضد الخبيث و كون النجس الشرعي خبيثا أول الكلام و الاشكال خصوصا المتنجس الذي

يكون قابلا للتطهير فان الجزم بكونه من أفراد الخبيث مشكل.

السابع: التسالم عند الفريقين مضافا إلي كونه مرتكزا عند المتشرّعة بحيث يكون خلافه مستنكرا عندهم فتأمل.

(1) ادعي عليه الاجماع و حال الاجماع في أمثال المقام معلوم و ربما يقال:

بأن الضرب علي الارض نوع تصرف فعلي فرض كون المحل غصبا يحرم و المحرم لا يمكن أن يكون مصداقا للواجب و لكن يتوقف هذا التقريب علي كون الضرب علي الارض داخلا في ماهية التيمم و أما لو قلنا بأنه من مقدماته فلا يتم التقريب فلاحظ.

(2) هذا ظاهر واضح اذ بناء عليه لا يكون الموضوع متحققا كما أنه مع فرض الاستهلاك لا وجه للإشكال لتحقق الموضوع.

(3) بتقريب: أن التيمم في هذا الفرض لا يكون تصرفا زائدا فلا يحرم و تمامية هذا التقريب محل الاشكال و الكلام و كيف لا يكون الضرب علي الارض تصرفا زائدا في نظر العرف.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 46

[مسألة 327: إذا اشتبه التراب المغصوب بالمباح وجب الاجتناب عنهما]

(مسألة 327): اذا اشتبه التراب المغصوب بالمباح وجب الاجتناب عنهما (1) و اذا اشتبه التراب بالرماد فتيمم بكل منهما صح (2) بل يجب ذلك مع الانحصار (3) و كذلك الحكم اذا اشتبه الطاهر بالنجس (4).

[مسألة 328: إذا عجز عن التيمم بالارض لأحد الأمور المتقدمة في سقوط الطهارة المائية]

(مسألة 328): اذا عجز عن التيمم بالارض لأحد الامور المتقدمة في سقوط الطهارة المائية يتيمم بالغبار المجتمع علي ثوبه أو عرف دابته أو نحوهما (5) اذا كان غبار ما يصح التيمم به دون غيره كغبار الدقيق

______________________________

(1) للعلم الإجمالي المقتضي للاجتناب عن جميع الاطراف علي ما هو المقرر عندهم.

(2) لتحقق المأمور به المقتضي للاجزاء.

(3) لتوقف الامتثال عليه فيجب عقلا.

(4) لعين الملاك فلاحظ.

(5) عن المعتبر «أنه مذهب علمائنا» و عن التذكرة: «عند علمائنا» و يستفاد الحكم المذكور من بعض النصوص لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام أ رأيت الموقف ان لم يكن علي وضوء كيف يصنع و لا يقدر علي النزول؟

قال: يتيمم من لبده أو سرجه أو معرفة دابته فان فيها غبارا و يصلي «1».

و ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان كان أصابه الثلج فلينظر لبد سرجه فليتيمم من غباره أو من شي ء معه و ان كان في حال لا يجد الا الطين فلا بأس أن يتيمم منه «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب التيمم الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 47

و نحوه (1) و يجب مراعاة الاكثر فالاكثر علي الاحوط (2) و اذا أمكنه نفض الغبار و جمعه علي نحو يصدق عليه التراب تعين ذلك (3).

[مسألة 329: إذا عجز عن التيمم بالغبار تيمم بالوحل و هو الطين]

(مسألة 329): اذا عجز عن التيمم بالغبار تيمم بالوحل و هو الطين (4).

______________________________

و مثلهما غيرهما المذكور في الوسائل في الباب 9 من أبواب التيمم.

(1) كما هو ظاهر اذ لا اشكال في أن المستفاد من النصوص بحسب الفهم العرفي ليس مطلق الغبار فلا أثر لغبار الدقيق كما في المتن و العرف ببابك.

(2) عن الجواهر تقويته و نسبته إلي ظاهر

جماعة و الظاهر أنّه لا وجه له اذ المحكم اطلاق النصوص و قاعدة الميسور لا اساس لها.

(3) اذ مع الامكان لا تصل النوبة إلي العمل الاضطراري فيجب تحصيل التراب بجمع الغبار من باب وجوب المقدمة عقلا.

(3) اذ مع الامكان لا تصل النوبة إلي العمل الاضطراري فيجب تحصيل التراب بجمع الغبار من باب وجوب المقدمة عقلا.

(4) كما تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه زرارة «1» و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا كنت في حال لا تجد الا الطين فلا بأس أن تتيمم به «2» و منها: ما رواه رفاعة «3».

و ربما يقال: - كما عن المهذب- يقدم الوحل علي الغبار و استدل بما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: قلت رجل دخل الاجمة ليس فيها ماء و فيها طين ما يصنع؟ قال: يتيمم فانه الصعيد قلت: فانه راكب و لا يمكنه النزول من خوف و ليس هو علي وضوء قال: ان خاف علي نفسه من سبع أو غيره و خاف

______________________________

(1) لاحظ ص: 46.

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب التيمم الحديث: 3.

(3) لاحظ ص: 37.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 48

و اذا امكن تجفيفه و التيمم به تعين ذلك (1).

[مسألة 330: إذا عجز عن الأرض و الغبار و الوحل كان فاقدا للطهور]

(مسألة 330): اذا عجز عن الارض و الغبار و الوحل كان فاقدا للطهور و الاحوط له الصلاة في الوقت و القضاء في خارجه (2).

______________________________

فوات الوقت فليتيمم يضرب بيده علي اللبد أو البرذعة و يتيمم و يصلي «1».

و هذه الرواية ضعيفة باحمد بن هلال فالامر كما أفاده في المتن من الترتيب.

(1) اذ المفروض امكان الاتيان بالمقرر الاولي الاختياري فيجب و يتعين.

(2) قوي سيد العروة سقوط الاداء في فاقد الطهورين في

مبحث التيمم و صلاة القضاء و الماتن أمضي ما أفاده و لم يعلق و يظهر من بعض الكلمات أن هذا هو المشهور بين القوم و عن جامع المقاصد أنه ظاهر المذهب للعجز عن أداء الواجب فلا يجب.

و بعبارة اخري: المستفاد من دليل شرطية الطهارة اشتراط الصلاة بالطهور و مع فقده لا تجب.

و ما يمكن أن يستند اليه للوجوب في حال فقدان الطهورين أحد امور:

الأول: الاجماع بتقريب أن الاجماع قائم علي وجوب الاتيان بالصلاة في جميع الاحوال.

و فيه: أولا أنه لا اجماع في المقام بل لا يبعد أن يكون قائما علي عدم الوجوب و ثانيا: علي فرض تحققه لا يبعد أن يكون مدركيا لا تعبديا كاشفا فلا أثر له.

الثاني قاعدة الميسور بتقريب أن مقتضاها لزوم الاتيان بالمقدار الممكن من الواجب. و هذه القاعدة لا اعتبار بها لعدم قيام دليل علي اعتبارها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب التيمم الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 49

______________________________

الثالث: قوله عليه السلام في حديث زرارة الوارد في المستحاضة و لا تدع الصلاة علي حال فان النبي صلي اللّه عليه و آله قال: الصلاة عماد دينكم «1» بتقريب: أن المستفاد من الحديث ببركة التعليل أن الصلاة لا تترك في حال من الاحوال.

قال في المستمسك- في هذا المقام-: أن الجملة الاولي من كلامه عليه السلام تختص بموردها و لا تشمل غيره و أما التعليل فهو للتأكيد و ليس الاتيان به للتشريع و التأسيس فلا يستفاد منه الكلية».

و لقائل أن يقول: أي دليل علي هذا المدعي فان الظهور حجة ما دام لم تقم علي خلافه قرينة و مقتضي الظهور تعليل الحكم المذكور كما أن مقتضي التعليل التعميم فعليه نلتزم بالكلية الا فيما قام دليل

علي الخلاف و صفوة القول: أن الصلاة لا تسقط في حال من الاحوال.

و أفاد سيدنا الاستاذ: بأنه لا يمكن الاستدلال علي وجوب الصلاة بالنسبة إلي الي فاقد الطهورين بهذه الرواية اذ المستفاد من حديث التثليث و هو ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الصلاة ثلاثة أثلاث: ثلث طهور و ثلث ركوع و ثلث سجود «2»، ان الصلاة اسم لما يتركب من هذه الثلاثة فبدون أحد هذه الامور لا يتحقق المسمي و مع عدم تحققه لا موضوع لقوله صلي اللّه عليه و آله: «فانها عماد دينكم» اذ فرض عدمها مع عدم الطهور كما هو المفروض

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 5.

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب الركوع الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 50

______________________________

في المقام «1».

و يرد عليه: أنا قد ذكرنا في بحث الصحيح و الاعم أن لفظ الصلاة اسم للصحيح أي الجامع بين الافراد الصحيحة و قد ذكرنا هناك أن حديث التثليث ليس دالا علي التسمية بل المستفاد منه أن الامام عليه السلام في مقام بيان ماهية المأمور به و بعبارة اخري: ليس في بيان المسمي بهذا اللفظ أعم من أن يكون صحيحا أو فاسدا.

و ان شئت قلت: ان العرف يفهم من هذا الكلام أنه عليه السلام في مقام بيان العمل الصحيح لا في مقام بيان أن هذا اللفظ وضع بازاء هذا المعني.

مضافا إلي أنه يلزم أن يكون السلام جزءا من المسمي لحديث أبي بصير قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: في رجل صلي الصبح فلما جلس في الركعتين قبل أن يتشهد رعف قال: فليخرج فليغسل أنفه ثم ليرجع فليتم صلاته فان آخر الصلاة التسليم «2».

فانه صرح عليه

السلام في هذه الرواية بأن آخر الصلاة التسليم.

و يلزم أن تكون فاتحة الكتاب جزءا من المسمي لحديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الذي لا يقرأ بفاتحة الكتاب في صلاته قال: لا صلاة له الا أن يقرأ بها في جهر أو اخفات قلت: ايما أحب إليك اذا كان خائفا أو مستعجلا يقرأ سورة أو فاتحة الكتاب؟ قال: فاتحة الكتاب «3»

______________________________

(1) مستند العروة الوثقي ج 5 ص 58.

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب التسليم الحديث: 4.

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 51

______________________________

فانه عليه السلام صرح في هذه الرواية بأنه لا صلاة الا بفاتحة الكتاب.

و أيضا يلزم أن تكون اقامة الصلب داخلة في المسمي لاحظ ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: و قم منتصبا فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: من لم يقم صلبه فلا صلاة له «1».

و حديث أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من لم يقم صلبه في الصلاة فلا صلاة له «2» فان المصرح به في كلتا الروايتين نفي الصلاة عن صلاة من لم يقم صلبه.

ان قلت: انه يستفاد من حديث لا تعاد عدم بطلان الصلاة بالاخلال بالامور المذكورة فيعلم صدق عنوان الصلاة علي فاقدها.

قلت: أو لا ننقض بالاركان فان المستفاد من حديث لا تعاد أن الصلاة لا تعاد من خمس و الحال أنها مقومة لها فكيف يطلق اللفظ علي فاقدها.

و ثانيا: نجيب بالحل و هو أن الاستعمال أعم من الحقيقة أضف إلي جميع ذلك انه لا اشكال في أن التكبيرة ركن و تبطل الصلاة بنقصانها

مطلقا فكيف التوفيق بين كونها ركنا و جعله عليه السلام الصلاة ثلاثة أثلاث أ ليس مرجع الامر إلي التناقض؟

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 3، ص: 51

فالنتيجة: أن ما أورده سيدنا الاستاد ليس واردا فالحق ما ذكرنا من أن مقتضي التعليل الوارد في الحديث أن الصلاة عماد الدين و لا تترك بحال و لا اشكال في أن الصلاة تصدق علي الصلاة الفاقدة للطهور علي القول بالاعم- كما هو مختار الاستاد- فلا مجال للقول بأن الاشكال في صدق الموضوع.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب القيام الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 52

______________________________

و ملخص الكلام أن المستفاد من هذا التعليل الوارد في الحديث بحسب الفهم العرفي أن هذا المركب لا بد من الاتيان به في جميع الاحوال و لا اشكال في أن فقدان الطهورين من الاحوال فلا تسقط.

و أفاد المحقق الهمداني في هذا المقام ان المستفاد من قوله عليه السلام في حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا صلاة الا بطهور «1»، أنه لا حقيقة للصلاة بلا طهور و مع لحاظ هذا الحديث يفهم أن الشارع أخرج الفرد الفاقد للطهور عن تحت الموضوع فتكون الصلاة الفاقدة خارجة عن دليل عدم السقوط تخصصا فلا تلاحظ النسبة بين الدليلين «2».

و يرد عليه: أولا النقض بغير الطهور من الموارد التي قد عبر فيها بمثل هذا التعبير كما تقدم فان لازم هذا القول سقوط الصلاة عمن لا يمكنه اقامة صلبه فتأمل.

و ثانيا: أن المستفاد من هذا التعبير أنه يشترط في الصلاة أن تكون مع الطهور و الشارع يهتم به

و لذا لا تكون الصلاة صحيحة بدونه حتي في حال العذر و لا بد من اعادتها و قضائها و لكن مع ذلك لا ينافي أن يرفع اليد عنه عند الضرورة و عدم القدرة عليه و قاعدة الميسور الجارية في الصلاة المستفاد من التعليل الوارد في كلام النبي صلي اللّه عليه و آله حاكم علي جميع ادلة الاجزاء و الشرائط و لا تلاحظ النسبة بين دليل القاعدة و تلك الادلة.

و صفوة القول: أن قوله صلي اللّه عليه و آله: «فانها عماد دينكم» بعد أمره بالصلاة يدل علي أن هذا المركب يلزم أن يوجد في الخارج باي نحو كان و لا يؤثر

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

(2) مصباح الفقيه كتاب الصلاة ص 503.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 53

و اذا تمكن من الثلج و لم تمكنه اذا بته و الوضوء به و لكن أمكنه مسح اعضاء الوضوء به علي نحو يتحقق مسمي الغسل وجب و اجتزأ به (1).

و اذا كان علي نحو لا يتحقق الغسل تعين التيمم (2).

______________________________

في سقوط وجوبه شي ء.

و لكن مع ذلك كله الجزم بالمدعي مشكل فان مخالفة الاصحاب و التفرد في الرأي ليس سهلا و عليه يكون الامر منحصرا في الاحتياط بأن يصلي في الوقت و يقضي في خارجه و اللّه العالم بحقائق الاشياء و عليه التوكل و التكلان.

(1) هذا علي طبق القاعدة الاولية اذ المفروض تمكنه من الطهارة المائية فتجب و في المقام اشكال و هو أن المستفاد من ادلة الوضوء كتابا و سنة لزوم كون ما يتوضأ به ماء مع قطع النظر عن الاستعمال و أما الماء الذي يتحقق بنفس الاستعمال كما فرض في المتن فالادلة تنصرف عنه.

و يذب الاشكال

بعدم وروده فان مقتضي الاطلاق كفاية الغسل بالماء باي وجه حصل.

(2) اذا المفروض عدم امكان الغسل و بدون تحقق الغسل لا يتحقق المأمور به فتصل النوبة إلي البدل الاضطراري اي التيمم.

و ربما يقال: انه يستفاد من جملة من النصوص كفاية مسح الثلج و الوضوء به مسحا و لا يلزم صدق الغسل: منها: ما رواه معاوية بن شريح قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده فقال: يصيبنا الدمق و الثلج و نريد أن نتوضأ و لا نجد

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 54

______________________________

الا ماء جامدا فكيف أتوضأ؟ أدلك به جلدي؟ قال: نعم «1». و هذه الرواية ضعيفة بمعاوية.

و منها: ما رواه هارون بن حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال يجزيك من الغسل و الاستنجاء ما ملئت (بلت) يمينك «2» و هذه الرواية ضعيفة بيزيد بن اسحاق مضافا إلي القصور في الدلالة لاختلاف النسخة في بعض كلماتها.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يجنب في السفر لا يجد الا الثلج قال: يغتسل بالثلج أو ماء النهر «3».

قال: في الوسائل- بعد ذكر الحديث-: «ان المراد أنه يذيب الثلج و يتوضأ بالمذاب» و لا يبعد ما أفاده سيما مع اقترانه بماء النهر فانه يمكن أن يكون عليه السلام بصدد بيان عدم الفرق بين الفردين من الماء و أن المذاب من الثلج في حكم ماء النهر.

و ان شئت قلت: لا اشكال في توقف تحقق الوضوء علي الغسلات كتابا و سنة و في الرواية ليس الا الوضوء بالثلج و الوضوء به يتوقف علي الإذابة لتوقف الغسل عليها.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن

جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل الجنب أو علي غير وضوء لا يكون معه ماء و هو يصيب ثلجا و صعيدا ايهما أفضل؟ أ يتيمم أم يمسح بالثلج وجهه؟ قال: الثلج اذا بل رأسه و جسده أفضل

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب التيمم الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 2.

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب التيمم الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 55

______________________________

فان لم يقدر علي أن يغتسل به فليتيمم «1».

و هذه الرواية لا يستفاد منها ما يوجب المنافاة مع ادلة وجوب الغسل بل توافقها لاحظ ذيل الحديث فان المستفاد منه أنه لو لم يمكن الغسل تصل النوبة إلي التيمم.

و منها: ما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: انما الوضوء حد من حدود اللّه ليعلم اللّه من يطيعه و من يعصيه و ان المؤمن لا ينجسه شي ء انما يكفيه مثل الدهن «2».

و الانصاف: أنه يستفاد من الحديث المذكور كفاية التدهين في الوضوء و لا يعتبر تحقق عنوان الغسل.

و لكن يمكن رده أولا: بكونه مخالفا للكتاب فيضرب علي الجدار و ثانيا:

بكونه معارضا مع ما يدل علي اشتراط الغسل في الوضوء و الترجيح مع الطائفة الثانية لكونها موافقة مع الكتاب و بما ذكر يكفيك الجواب عن الاستدلال بالمدعي بكل حديث يقتضي كفاية التدهين.

و ربما يستدل علي المدعي بما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: يأخذ أحدكم الراحة من الدهن فيملا بها جسده و الماء أوسع ألا أحكي لكم وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله؟ قلت: بلي فادخل يده في الاناء الحديث «3».

و هذه الرواية لا تدل علي المدعي كما هو ظاهر

للمتأمل فيها بل تدل علي لزوم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3.

(2) الوسائل الباب 52 من أبواب الوضوء الحديث: 1.

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 7.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 56

و ان كان الاحوط له الجمع بين التيمم و المسح به و الصلاة في الوقت (1).

[مسألة 331: الأحوط وجوبا نفض اليدين بعد الضرب]

(مسألة 331): الاحوط وجوبا نفض اليدين بعد الضرب (2).

______________________________

الغسل فلاحظ.

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط و أما مقتضي الصناعة فالمتعين هو التيمم.

(2) الذي يظهر من كلماتهم أن النفض مستحب و الظاهر أن الوجه في الحكم بالاستحباب اجماع الاصحاب علي عدم الوجوب- علي ما نقل عن المدارك- و الا فالنصوص تفي بالوجوب لاحظ ما رواه زرارة «1».

و ما رواه ليث المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في التيمم قال: تضرب بكفيك علي الارض مرتين ثم تنقضهما و تمسح بهما وجهك و ذراعيك «2».

و ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن التيمم فضرب بيده علي الارض ثم رفعها فنفضها ثم مسح بها جبينه و كفيه مرة واحدة «3».

و مثلها غيرها و من الظاهر أن مقتضي هذه النصوص وجوب النفض و لا ينافي ما يستفاد منه عدم الوجوب لاحظ ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام قال:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ذات يوم لعمار في سفر له: يا عمار بلغنا أنك أجنبت فكيف صنعت؟ قال: تمرغت يا رسول اللّه في التراب قال: فقال له: كذلك يتمرغ الحمار أ فلا صنعت كذا ثم أهوي بيديه إلي الارض فوضعها علي الصعيد ثم

______________________________

(1) لاحظ ص: 40.

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب التيمم الحديث: 2.

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب التيمم الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص:

57

و يستحب أن يكون ما يتيمم به من ربي الارض و عواليها (1) و يكره أن يكون من مهابطها (2) و أن يكون من تراب الطريق (3).

[الفصل الثالث كيفية التيمم أن يضرب بيديه علي الأرض]
اشارة

الفصل الثالث كيفية التيمم أن يضرب بيديه علي الارض (4).

______________________________

مسح جبينه (جبينيه) باصابعه و كفيه «1».

اذ غايته عدم البيان فلا بد من الاخذ بالمقيد.

و بعبارة اخري: كما أن المطلق في باب الالفاظ يقيد بما يكون مقيدا له كذلك الامر في الافعال البيانية و لا وجه للتفرقة بين الفعل و القول.

(1) ادعي عليه الاجماع و يدل عليه الرضوي: «الصعيد الموضع المرتفع عن الارض» «2».

(2) ادعي عليه الاجماع.

(3) لاحظ ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: نهي أمير المؤمنين عليه السلام أن يتيمم الرجل بتراب من أثر الطريق «3».

(4) النصوص الواردة في المقام مختلفة فمنها ما يستفاد منه أنه يشترط في تحققه عنوان الضرب كرواية الكاهلي قال: سألته عن التيمم قال: فضرب بيديه علي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8.

(2) المستدرك الباب 5 من أبواب التيمم الحديث: 2.

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب التيمم الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 58

______________________________

البساط فمسح بهما وجهه ثم مسح كفيه إحداهما علي ظهر الاخري «1».

و رواية زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن التيمم فضرب بيده علي الارض ثم رفعها فنفضها ثم مسح بها جبينه و كفيه مرة واحدة «2».

و رواية عمرو بن أبي المقدام عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه وصف التيمم فضرب بيديه علي الارض ثم رفعهما فنفضهما ثم مسح علي جبينيه و كفيه مرة واحدة «3».

و رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في التيمم قال: تضرب بكفيك الارض ثم تنفضهما و تمسح بهما وجهك

و يديك «4» و روايته الاخري «5».

و منها: ما يستفاد منه كفاية الوضع كرواية أبي أيوب الخزاز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن التيمم فقال: ان عمارا أصابته جنابة فتمعك كما تتمعك الدابة فقال له رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: يا عمار تمعكت كما تتمعك الدابة؟

فقلت له: كيف التيمم؟ فوضع يده علي المسح ثم رفعها فمسح وجهه ثم مسح فوق الكف قليلا «6».

و رواية داود بن النعمان «7» و مضمونها عين مضمون رواية أبي أيوب

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب التيمم الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 3.

(3) نفس المصدر الحديث: 6.

(4) نفس المصدر الحديث: 7.

(5) نفس المصدر الحديث: 9.

(6) نفس المصدر الحديث: 2.

(7) نفس المصدر الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 59

و أن يكون دفعة واحدة علي الاحوط وجوبا (1) و أن يكون بباطنهما (2).

______________________________

المتقدمة آنفا. و رواية زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول و ذكر التيمم و ما صنع عمار فوضع أبو جعفر عليه السلام كفيه علي الارض ثم مسح وجهه و كفيه و لم يمسح الذراعين بشي ء «1». و رواية اخري له «2».

و مقتضي حمل المطلق علي المقيد أن يؤخذ بما يتضمن الضرب لأنه أخص من الوضع هذا علي تقدير كون مفهوم الوضع أعم من الضرب و ان قلنا: النسبة بين المفهومين هو التباين بدعوي أن الوضع المماسة بلا اعتماد تكون النصوص متعارضة و لكن لا اشكال في صدق الوضع مع الضرب فلا تباين بين المفهومين.

(1) عن الحدائق «نسبته إلي ظاهر الاصحاب» و ربما يقال- كما في عبارة سيد الحكيم قدس سره-: ان مقتضي الاطلاق كفاية التعاقب.

و الانصاف أنه لا يمكن انكار الاطلاق و الانصراف إلي

الدفعة علي فرض تسلمه بدوي و لا يبعد أن يكون الوجه في ايجاب الاحتياط الخروج عن شبهة الخلاف.

(2) اذا قلنا بأن المنصرف اليه من اللفظ المذكور في النصوص، وضع الباطن و لو من باب التعارف الخارجي فلا بد من الالتزام به اذ يلزم رعاية ما يدل عليه من القيود فانه علي هذا الفرض يفهم من التعبير المذكور لزوم وضع الباطن علي الارض كما أنه هو المفهوم من التيمم البياني.

و بعبارة اخري: يستفاد من نقل عمل الامام عليه السلام أنه عليه السلام وضع باطن كفه علي الارض فلا بد من التحفظ عليه و عليه لا تصل النوبة إلي ما أفاده سيد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5.

(2) نفس المصدر الحديث: 8.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 60

ثم يمسح بهما جميعا تمام جبهته و جبينيه (1).

______________________________

المستمسك قدس سره من أن الانصراف الناشي عن التعارف الخارجي لا يضر بالاطلاق.

و ان شئت قلت: ان التعارف الخارجي في بعض الاحيان بمرتبة تكون كالقرينة المتصلة المانعة عن انعقاد الاطلاق.

(1) لا يخفي أن لفظ الجبهة لم يرد الا في رواية واحدة و هي رواية زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن التيمم فضرب بيديه الارض ثم رفعهما فنفضهما ثم مسح بهما جبهته و كفيه مرة واحدة «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا باحمد بن محمد بن حسن بن وليد.

و أما بقية الروايات ففي جملة منها ذكر الوجه لاحظ ما رواه الكاهلي «2» و ما رواه أبي أيوب «3».

و ما رواه داود بن النعمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التيمم إلي أن قال: فقلنا له: فكيف التيمم؟ فوضع يديه علي الارض ثم رفعهما فمسح وجهه و يديه و فوق الكف قليلا «4».

و ما

رواه زرارة «5» و ما رواه أيضا «6». و في جملة منها ذكر لفظ

______________________________

(1) التهذيب ج 1 ص: 207.

(2) لاحظ ص: 57.

(3) لاحظ ص: 58.

(4) الوسائل الباب 11 من أبواب التيمم الحديث: 4.

(5) لاحظ ص: 59.

(6) لاحظ ص: 58.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 61

______________________________

الجبين لاحظ ما رواه زرارة «1» و ما رواه عمرو بن أبي المقدام «2».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال فيه ثم أهوي بيديه إلي الارض فوضعهما علي الصعيد ثم مسح جبينه (جبينيه) بأصابعه و كفيه إحداهما بالاخري ثم لم يعد ذلك «3».

و ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال فيه: فضرب بيديه علي الارض ثم ضرب إحداهما علي الاخري ثم مسح بجبينه ثم مسح كفيه كل واحدة علي الاخري فمسح اليسري علي اليمني و اليمني علي اليسري «4».

و لا يبعد أن الظاهر من مسح الوجه وجوب استيعاب المسح لتمام الوجه فعليه يكون مقتضي النصوص التي تتضمن لفظ الوجه وجوب استيعاب المسح لجميع الوجه كما أن مقتضي ما يتضمن لفظ الجبين استيعاب المسح للجبين.

و لكن مقتضي حديث زرارة «5» كفاية مسح بعض الجبين و ذلك لاقتضاء كلمة «الباء» الجارة فان أمر الجار دائر بين كونها للتبعيض و الزيادة و كونها زائدة خلاف الاصل الاولي في الكلام و استفيد من كلام الامام عليه السلام في حديث زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ألا تخبرني من أين علمت و قلت: ان المسح ببعض الرأس و بعض الرجلين؟ فضحك فقال: يا زرارة قاله رسول اللّه صلي

______________________________

(1) لاحظ ص: 58.

(2) لاحظ ص: 58.

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب التيمم الحديث: 8.

(4) نفس المصدر الحديث: 9

(5) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 3،

ص: 62

من قصاص الشعر إلي الحاجبين و إلي طرف الانف الا علي المتصل بالجبهة (1) و الاحوط مسح الحاجبين أيضا (2) ثم مسح تمام

______________________________

اللّه عليه و آله إلي أن قال ثم فصل بين الكلام فقال: و امسحوا برءوسكم فعرفنا حين قال برءوسكم أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال و أرجلكم إلي الكعبين فعرفنا حين وصلهما (وصلها خ) بالرأس أن المسح علي بعضهما (بعضها) «1».

فعليه تكون الروايات متعارضة و حيث لا مرجح نرجع إلي الكتاب و لنا أن نقول:

الترجيح مع حديث زرارة «2» الدال علي كفاية بعض الجبين اذ مقتضي الاية الشريفة كفاية مسح بعض الوجه لمكان الباء كما في كلامه عليه السلام، لكن لا يمكن الالتزام بكفاية هذا المقدار فان وجوب مسح تمام الجبهة اجماعي بين القوم.

و عن المستند أنه ضروري الدين بل السيرة القطعية جارية عليها بحيث يعد خلافه مستنكرا عند المتشرعة فلا اشكال في وجوب مسح الجبهة بتمامها و أما الجبين فمقتضي القاعدة كفاية مسح بعضها و طريق الاحتياط ظاهر.

(1) ما ذكره مقتضي وجوب مسح تمام الجبهة فانها محدودة بهذه الحدود.

(2) عن الصدوقين وجوبه بل يظهر من منقول كلام العلامة في المنتهي الوجوب أيضا و لا اشكال في أن الاحتياط طريق النجاة لكن لا دليل علي الوجوب بل الادلة من الاطلاق الكتابي و هو قوله تعالي فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ «3»

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب الوضوء الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 61

(3) المائدة/ 7

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 63

ظاهر الكف اليمني (1) من الزند إلي أطراف الاصابع (2).

______________________________

و الحديث الوارد في التيمم البياني «1» و أصل البراءة عدم الوجوب فلاحظ.

(1) ادعي الاجماع علي

وجوب مسح ظاهر الكف و يدل عليه ما رواه الكاهلي «2» و الكاهلي لم يوثق صريحا.

لكن يمكن أن يقال: بأن السيرة الخارجية تكفي لإثبات المدعي فان الظاهر أن هذه السيرة متصلة بزمانهم عليهم السلام فلا وجه للإشكال في لزوم هذا الشرط.

(2) يظهر من بعض الكلمات أن هذا هو المعروف بين القوم و ادعي عليه الاجماع و تدل عليه جملة من النصوص لاحظ الروايات المنقولة عن الباب 11 من أبواب التيمم «3».

فان الظاهر من مسح الكف مسح تمامه فلا يجب الا زيد منها كما أنه لا يجوز الاقتصار علي الاقل.

و يظهر من بعض النصوص وجوب مسح اليدين لاحظ ما رواه زرارة «4» و هذه الرواية ضعيفة بالقاسم بن عروة و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن التيمم فقال: مرتين للوجه و اليدين «5» و قريب منه ما رواه زرارة «6».

______________________________

(1) لاحظ ص: 61

(2) لاحظ ص: 57

(3) لاحظ الروايات في ص: 56 و 57 و 58 و 60

(4) لاحظ ص: 58

(5) الوسائل الباب 12 من أبواب التيمم الحديث: 1

(6) لاحظ ص: 40

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 64

______________________________

لكن يمكن أن يقال: بأنه لا يري العرف معارضة بين الطرفين بل يحمل اليد علي الكف بدعوي أنه عليه السلام ليس في مقام البيان من حيث تحديد الوجه و اليد و كذا كيفية الضرب.

و ان أبيت عن هذا البيان و قلت: بأنهما متعارضان نقول ان الطائفة الاولي توافق الكتاب اذ المستفاد من الكتاب الشريف كفاية مسح بعض الوجه و اليدين لمكان الباء.

و في قبال القول المعروف ما نسب إلي علي بن بابويه و هو وجوب مسح الذراعين و تدل عليه جملة من النصوص لاحظ

ما رواه ليث المرادي «1» و ما رواه سماعة قال: سألته كيف التيمم؟ فوضع يده علي الارض فمسح بها وجهه و ذراعيه إلي المرفقين «2»

و لا بد من ترجيح الطائفة الاولي لكون الطائفة الثانية موافقة لمذهب العامة حسب ما أفاده صاحب الوسائل و نقل عن الشيخ الطوسي انه قدس سره حمل ما يدل علي وجوب مسح الذراع علي التقية.

و نسب إلي بعض أن المسح من أصول الاصابع و استدل عليه بمرسلة حماد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن التيمم فتلا هذه الاية «وَ السّٰارِقُ وَ السّٰارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمٰا» و قال: «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَي الْمَرٰافِقِ» قال: فامسح علي كفيك من حيث موضع القطع «3» و المرسل لا اعتبار به

______________________________

(1) لاحظ ص: 56

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب التيمم الحديث: 3.

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 65

بباطن اليسري ثم مسح تمام ظاهر الكف اليسري كذلك بباطن الكف اليمني (1).

[مسألة 332: لا يجب المسح بتمام كل من الكفين]

(مسألة 332): لا يجب المسح بتمام كل من الكفين بل يكفي المسح ببعض كل منهما علي نحو يستوعب الجبهة و الجبينين (2).

______________________________

و نقل عن ظاهر الفقيه الفتوي بوجوب المسح من فوق الكف و يمكن الاستدلال عليه بما رواه داود «1» و بما رواه أبو أيوب «2» و قد حمل علي المقدمة العلمية و الانصاف أن رفع اليد عن الحديثين مشكل.

(1) قد مر أن المستفاد من الادلة وجوب الضرب بالباطن فاذا ثبت وجوب الضرب بالباطن يجب المسح به فان المسح بالباطن تابع للضرب كما هو ظاهر.

(2) قال في المستمسك: «الوجوه المتصورة في مسح الجبهة باليدين خمسة كما ذكره بعض الاول: أن يمر كل جزء من الكفين بكل جزء من الممسوح و

هذا متعذر أو متعسر لتوقفه علي امرار كل من اليدين مرات متعددة بتعدد الخطوط الطولية للجبهة و الجبين و لذا لم ينسب إلي أحد.

الثاني أن يمر تمام كل منهما علي تمام الممسوح و يرد عليه: أن الالتزام به يتوقف علي ظهور الادلة في استيعاب الماسح و علي ظهورها في لزوم مسح تمام أجزاء الجبهة بكل منهما و كلاهما خلاف الظاهر منها بل المستفاد من حديث زرارة «3» أنه يكفي مسح الجبين بالاصابع اضف إلي ذلك أن حصوله يتوقف

______________________________

(1) لاحظ ص: 60

(2) لاحظ ص: 58

(3) لاحظ ص: 61

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 66

[مسألة 333: المراد من الجبهة الموضع المستوي]

(مسألة 333): المراد من الجبهة الموضع المستوي و المراد من الجبين ما بينه و بين طرف الحاجب إلي قصاص الشعر (1).

[مسألة 334: الأظهر كفاية ضربة واحدة في التيمم بدلا عن الغسل أو الوضوء]

(مسألة 334): الاظهر كفاية ضربة واحدة في التيمم بدلا عن الغسل أو الوضوء (2).

______________________________

علي المسح بهما تدريجا و هو خلاف الظاهر من الادلة.

الثالث: أن يمر تمام إحداهما علي بعضه و تمام الاخري علي الباقي و يرد عليه أولا: اشكال التعذر أو التعسر و ثانيا يلزم تكرار المسح كي يحصل المأمور به اذ الغالب كون اليدين أوسع من الجبهة و الجبينين و الحال ان الظاهر من الادلة الاكتفاء بالمسح الواحد فلا يتوقف حصول المأمور به علي التكرار.

الرابع: أن يمر كلا من اليدين في الجملة و لو بعض كل منهما علي تمام الممسوح. و يرد عليه الاشكال الا خير و هو لزوم التكرار.

الخامس: أن يمر كلا من اليدين في الجملة و لو بعض كل منهما علي بعض الممسوح بحيث لا يبقي منه جزء الا و قد مر عليه بعض الماسح و هذا هو المتعين» «1» و قد كتب الماتن علي هامش العروة في هذا المقام: «علي نحو يصدق في العرف انه مسح بهما».

(1) كما يظهر من اللغة.

(2) يظهر من كلام القوم أن المشهور فيما بينهم أنه بكفي فيما يكون بدلا عن الوضوء ضربة واحدة للوجه و اليدين و يجب التعدد فيما هو بدل عن الغسل و عن الامالي: «أنه من دين الامامية» و عن ظاهر التهذيب و التبيان و مجمع البيان «أنه

______________________________

(1) مستمسك العروة ج 4 ص: 409

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 67

______________________________

مذهب الشيعة».

و استدل عليه بأنه مقتضي الجمع بين النصوص فان جملة منها تدل علي كفاية ضربة واحدة علي الاطلاق لاحظ ما رواه الكاهلي «1»

و ما رواه أبو أيوب «2» و ما رواه زرارة «3» و ما رواه داود «4» و ما رواه زرارة «5» و ما رواه عمرو بن أبي المقدام «6» و ما رواه زرارة «7» و ما رواه أيضا «8» و ما رواه أيضا «9» فان مقتضي هذه النصوص كفاية الضربة الواحدة علي الاطلاق.

و في قبالها جملة من النصوص تدل علي اعتبار التعدد لاحظ ما رواه محمد «10» و ما رواه ليث المرادي «11» و ما رواه اسماعيل بن همام الكندي عن الرضا عليه السلام قال: التيمم ضربة للوجه و ضربة للكفين «12» و يقع التعارض بين النصوص و قد جمع

______________________________

(1) لاحظ ص: 57.

(2) لاحظ ص: 58.

(3) لاحظ ص: 58.

(4) لاحظ ص: 60.

(5) لاحظ ص: 59.

(6) لاحظ ص: 58.

(7) لاحظ ص: 60.

(8) لاحظ ص: 61.

(9) لاحظ ص: 61.

(10) لاحظ ص: 63.

(11) لاحظ ص: 56.

(12) الوسائل الباب 12 من أبواب التيمم الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 68

______________________________

بينها بالنحو المذكور بشواهد من النصوص:

الاول ما استشهد به العلامة في المنتهي و تبعه الشهيدان من حديث ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أن التيمم من الوضوء مرة واحدة و من الجنابة مرتان «1».

و يرد عليه: أن صاحب الوسائل قال: هذا و هم عجيب لان الحديث المدعي لا وجود له بل هو حديث ابن اذينة عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التيمم فضرب بكفيه الارض ثم مسح بهما وجهه ثم ضرب بشماله الارض فمسح بها مرفقه إلي أطراف الاصابع واحدة علي ظهرها و واحدة علي بطنها ثم ضرب بيمينه الارض ثم صنع بشماله كما صنع بيمينه ثم قال: هذا التيمم علي ما كان

فيه الغسل و في الوضوء الوجه و اليدين إلي المرفقين و القي ما كان عليه مسح الرأس و القدمين فلا يؤمم بالصعيد «2».

و عن المدارك: أنه لا وجود لهذا الخبر في كتب الشيخ و لا في غيرها بل توهمه عبارة الشيخ في التهذيب فانه بعد ما جمع بين الاخبار المتقدمة بالحمل علي التفصيل المذكور.

قال: مع أنا اوردنا خبرين مفسرين لهذه الاخبار احدهما عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام «3» و الاخر عن ابن أبي عمير عن ابن اذينة عن محمد بن مسلم «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) التهذيب ج 1 ص 210 الحديث: 15

(3) لاحظ ص: 40

(4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 69

______________________________

و من الظاهر أن ما ذكره حاصل ما فهمه من الخبرين لا متنهما كما يظهر للمراجع فيهما و احتمال وقوف العلامة علي الخبر المذكور من دون وقوف احد غيره لا مجال له.

الثاني المرسل المستفاد من كتاب جمل العلم و العمل: و قد روي أن تيممه ان كان عن جنابة أو ما أشبهها ثني ما ذكرنا في الضربة «1» فان المستفاد منه التفصيل المذكور.

و فيه: أن المرسل لا اعتبار به و مثله المنقول عن السرائر من نسبته إلي الاظهر في الروايات.

الثالث: ما رواه زرارة «2» بتقريب: أن الواو في قوله عليه السلام «و الغسل من الجنابة» ليست عاطفة بل استينافية فيكون المستفاد من الحديث أن التيمم ان كان بدلا عن الوضوء يكون ضربا واحدا و ان كان بدلا عن الغسل يكون ضربتين.

و يرد عليه: أن جعل الواو للاستيناف يستلزم تقدير الناصب اي لفظة «ان» كي يصح حمل الفعل و جعله محمولا بعد تأويله إلي المصدر مضافا إلي أنه يلزم أن

يكون قوله عليه السلام «تضرب» تفسيرا للوضوء لا للتيمم و هو كما تري فالظاهر من الحديث- و اللّه العالم- أن الواو للعطف بأن يعطف الغسل علي الوضوء و أن المراد من قوله «ضرب واحد» نوع واحد فيكون الخبر دالا علي اشتراط التعدد فيكون طرفا للمعارضة و لا يكون شاهدا للجمع.

ان قلت: ان السائل يسئل عن كيفية التيمم و جوابه عليه السلام بأنه نوع واحد

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 10 من أبواب التيمم الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 40

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 70

______________________________

تطفل فلا يناسب وقوعه في صدر الجواب.

قلت: المفروض أن السائل سأل عن كيفية التيمم و جوابه عليه السلام بأنه نوع واحد ثم بيان حقيقته ليس تطفلا.

و بعبارة اخري لم يسأل السائل عن قسم خاص من التيمم بل سأل عن مطلق التيمم فيكون الجواب بهذا النحو علي القاعدة.

و ان أبيت عما ذكرنا فلا أقل من عدم الظهور في خلاف ما ذكرنا و مع عدم الظهور لا مجال للاستدلال به نعم علي حسب المنقول عن المحقق في المعتبر أنه قدس سره نقل الحديث هكذا: «ضربة واحدة للوضوء و للغسل من الجنابة تضرب بيديك مرتين ثم تنفضهما مرة للوجه و مرة لليدين» تكون الرواية دالة علي المدعي لكن لا اعتبار بنقل المحقق وحده سيما مع عدم وضع الكتاب للرواية بل وضعه للاستدلال و الفتوي.

الرابع: ما رواه محمد بن مسلم «1» فانه نقل عن الشيخ قدس سره أنه جعل هذه الرواية مفسرة للنصوص، و دلالة هذا الخبر تتوقف علي كون الغسل بالضم مقابل الوضوء و قوله عليه السلام «و في الوضوء» جملة مستأنفة و يكون وجه المقابلة بين الغسل و الوضوء تعدد الضرب في الاول و وحدته في الثاني.

و

فيه: أنه لا دليل علي ما ذكر بل ربما يقال: بأن الظاهر أن الغسل بالفتح في مقابل المسح و يكون المراد أن التيمم انما يكون للأعضاء المغسولة لا الممسوحة و لا سيما بناء علي روايته باسقاط حرف العاطف- كما في بعض الكتب و الشاهد

______________________________

(1) لاحظ ص: 68

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 71

______________________________

علي المدعي جر الوجه و اليدين لكونهما بدلا عن «ما» المجرورة ب «علي» في الجملة السابقة و تقدير الجار علي خلاف الاصل الاولي.

فالنتيجة: أن الرواية المذكورة تدل علي لزوم التعدد في الوضوء اضف إلي ذلك أن المستفاد من الحديث بناء علي استفادة التعدد في الغسل لزوم الضربات الثلاث و لا قائل بهذا القول ظاهرا.

و يضاف إلي جميع ذلك كله أنه يمكن أن يكون المراد بذيل الحديث الفرق بين الوضوء و الغسل بأن المسح في التيمم عن الغسل يكون أطراف الاصابع ما ينتهي اليه المسح و أما في الوضوء فيبتدء بها كما أن الامر كذلك في الوضوء و هذا من شواهد التقية.

الخامس: ما عن العلامة في المختلف من الجمع بين النصوص بهذا النحو بتقريب: أنه لا يمكن صرف الكثرة إلي ما هو بدل عن الوضوء فان وجوب الاستيعاب في الغسل يناسب كثرة الضربات بعكس الوضوء و لان الوضوء و الغسل مختلفان في الحقيقة فيناسب اختلاف بدليهما و قيل تبعه في هذا المدعي و تقريبه في جامع المقاصد و غيره.

و لا يخفي أن هذا البيان استحسان و ليس برهانا فلا يرجع إلي محصل.

السادس: حمل أخبار التعدد علي التقية- كما عن المجلسي قدس سره-.

و فيه: أن الاقتصار علي الضربة الواحدة و الاكتفاء بمسح الكف منقول عن بعض الصحابة و التابعين و عن جماعة من فقهاء المخالفين و

جمهور محدثيهم- علي ما في كلام سيد المستمسك قدس سره- فلا مجال للحمل علي التقية.

السابع: أن يحمل ما دل علي التعدد علي الاستحباب فتكفي الوحدة علي الاطلاق

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 72

______________________________

و يستحب التعدد كذلك.

و فيه: أن حمل أحد المتعارضين علي الاستحباب و رفع اليد عن ظهور الدليل في الوجوب ليس جمعا عرفيا.

و بعبارة اخري: كل من الدليلين ظاهر في خلاف مدلول الاخر و هذا هو التعارض، و ان شئت قلت: الجمع العرفي عبارة عن أن العرف لا يري تنافيا بين الدليلين و الامر في المقام ليس كذلك و العرف ببابك.

الثامن: حمل أخبار الوحدة علي البدل عن الوضوء و حمل أخبار التعدد علي البدل عن الغسل ببركة الشهرة و الاجماع مضافا إلي أن الطائفة الاولي نص في كفاية الوحدة في الجملة و ظاهرة في الاطراد و الطائفة الثانية نص في التعدد في الجملة و ظاهرة في الاطراد فالتيمم علي قسمين و حيث لا تفصيل آخر يتعين ما ذهب اليه المشهور.

و فيه: أن الاجماع حاله في الاشكال ظاهر و الشهرة الفتوائية لا اعتبار بها و الجمع بين الدليلين بهذا النحو ليس جمعا عرفيا مضافا إلي أن حديث عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن التيمم من الوضوء و الجنابة و من الحيض للنساء سواء؟ فقال: نعم «1» ينفي الاختلاف بين الموارد.

التاسع: أن تجعل نصوص التعدد بيانا لنصوص الوحدة و مقيدة لها فان مقتضي القاعدة حمل المطلق علي المقيد.

و يرد عليه: أن نصوص الوحدة خالية عن الضربة الثانية و ظاهرة ان لم تكن صريحة في كفاية الوحدة فلا تكون قابلة للتقييد.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب التيمم الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 73

______________________________

و

بعبارة اخري: ليست من قبيل المطلق الذي يقبل التقييد بالمقيد و ان شئت قلت: تارة يفهم عدم القيد و الاكتفاء بالاطلاق من باب كون المولي في مقام البيان و لم يتعرض للقيد و اخري يفهم الاطلاق و الاكتفاء به.

و بعبارة واضحة: يفهم من الدليل التعرض لعدم لزوم القيد ففي القسم الاول لا مانع من التقييد و لا يكون من التعارض بين المطلق و المقيد و أما في القسم الثاني فلا مناص عن الالتزام بالتعارض و اعمال قانونه و مقامنا من القسم الثاني فان المستفاد من النصوص البيانية الواردة في المقام كفاية ضربة واحدة.

ان قلت: نلتزم بالاهمال بالنسبة إلي نصوص الوحدة و نقول: ليست هذه النصوص في مقام بيان عدد الضربة فلا مانع من تقييدها و بيانها بنصوص التعدد.

قلت: لا مجوز لذلك بحسب الصناعة و مما ذكرنا يعلم أن ما أفاده سيد المستمسك قدس سره من حمل تلك الاخبار علي دفع احتمال اشتراط مباشرة البدن للتراب كما صنعه عمار و أنها في مقام بيان جواز مسح مواضع التيمم بالكف المضروبة علي التراب و بهذا رفع التعارض بين الجانبين و صالح بين الطرفين و التزم بلزوم التعدد علي الاطلاق، ليس علي ما ينبغي فان ما ذهب اليه لا ينطبق علي القاعدة و يكون أشبه بالجمع التبرعي الذي لا يمكن الالتزام به.

و ذهب صاحب الحدائق قدس سره إلي كفاية الضربة الواحدة و رجح أخبارها و حمل المعارض الدال علي التعدد علي التقية و رجح أخبار الوحدة بكونها علي خلاف العامة كما هو المقرر و نقل عن المجلسي قدس سره أنه قال: تكفي في التيمم ضربة واحدة للوجه و الكفين و نقل عن بعض و هو مذهب علي عليه

السلام و ابن عباس و عمار و جمع من التابعين و ذهب عبد اللّه بن عمر و جابر من التابعين و الاكثرون

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 74

______________________________

من فقهاء الامصار إلي أن التيمم ضربتان «1».

فظهر من هذا أن القول المشهور بين المخالفين الضربتان و أن الضربة مشهورة عندهم من مذهب أمير المؤمنين عليه السلام و عمار التابع له في جميع الأحكام و ابن عباس الموافق لهما في أكثرها فتبين أن أخبار الضربة أقوي و أخبار الضربتين حملها علي التقية أولي.

ثم قال صاحب الحدائق: «و هو المختار» و قال المعلق في الهامش:

«انه حكي في بداية المجتهد ج 1 ص 64 هذا القول عن مالك و أبي حنيفة و الشافعي فعلي هذا يكون مقتضي القاعدة حمل أخبار التعدد علي التقية كما ذهب اليه صاحب الحدائق و النتيجة كفاية الضربة الواحدة علي الاطلاق.

و ان أبيت عن ذلك و قلت: انه يظهر من كلام الشيخ في الخلاف أن أقوال العامة مختلفة في المقام فكل من القولين يوافقهم بلحاظ و يخالفهم بلحاظ آخر فما الحيلة؟

فنقول: لنا أن نلتزم بكفاية الوحدة بتقريبين آخرين:

الاول: أن أخبار الوحدة توافق اطلاق الكتاب و هو قوله تعالي فامسحوا بوجوهكم و ايديكم «2» و قوله تعالي: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ «3» فان مقتضي اطلاقه كفاية الضربة الواحدة و المرجح الاول في باب الترجيح موافقة الكتاب.

______________________________

(1) الحدائق ج 4 ص: 340

(2) النساء 46

(3) المائدة/ 7

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 75

و ان كان الاحوط تعدد الضرب فيضرب ضربة للوجه و ضربة للكفين (1) و يكفي في الاحتياط أن يمسح الكفين مع الوجه في الضربة الاولي ثم يضرب ضربة ثانية فيمسح كفيه (2).

[مسألة 335: إذا تعذر الضرب و المسح بالباطن انتقل إلي الظاهر]

(مسألة 335): اذا تعذر الضرب و

المسح بالباطن انتقل إلي الظاهر (3).

______________________________

الثاني: أن الاكتفاء بالضربة الواحدة مقتضي البراءة فان وجوب الزائد يدفع بالاصل فالنتيجة ان الضربة الواحدة تكفي علي الاطلاق و اللّه العالم.

(1) لا اشكال في أنه أحوط و قد ظهر وجهه كما أنه لا اشكال في حسنه بل استحبابه و محبوبيته.

(2) يظهر من العبارة أنه يتحقق الاحتياط باحد نحوين و يكفي له النحو المذكور في المتن و لا يبعد أن يقال: انه هو المتعين اذ المستفاد من نصوص الوحدة مسح الوجه و الكفين بالضربة الاولي الا أن يقال: ان الضربة الثانية لا توجب فساد الضربة الاولي فلاحظ.

(3) و هو المصرح به في جامع المقاصد و عن الذكري و ارشاد الجعفرية و المقاصد العلية- علي ما في الجواهر- «1» و قد استدل عليه بأن الاية مطلقة و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين البطن و الظهر و ليست النصوص ناصة في وجوب المسح بالباطن و التبادر مقصور علي الاختيار.

و يرد عليه: أو لا أن لازم الاطلاق جواز الاكتفاء بالظهر حتي في حال الاختيار و هم لا يلتزمون بهذا اللازم و ثانيا: أنه يلزم جواز المسح بغير الكف من بقية

______________________________

(1) الجواهر ج 5 ص: 182

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 76

و كذا اذا كان نجسا نجاسة متعدية و لم تمكن الازالة (1) أما اذا

______________________________

أعضاء البدن و قرب الظهر إلي البطن لا يقتضي تعينه و ثالثا: أن اطلاق الاية ينصرف الي المتعارف و لا اشكال في أن المتعارف المسح بالباطن.

و بعبارة اخري: ان الاية تنصرف إلي المتعارف من آلة المسح مضافا إلي أن قصد الصعيد المستفاد من قوله تعالي: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً» * «1» مجمل و قد بين بالنصوص البيانية المنصرفة إلي الضرب بالباطن و

المسح و لا تختص الحجية بالنص فقط بل يكفي الظهور و لا اشكال في ظهور النصوص في المدعي.

ان قلت: لا اشكال في الظهور في الباطن لكن يختص بحال الاختيار و أما في غيره فلا و مقتضي الاطلاق عدم الفرق.

قلت: او لا يلزم التساوي في الاعضاء في حال الاضطرار من حيث جعلها آلة للمسح و ثانيا: أن مثل هذه الاوامر ارشاد إلي الحكم الوضعي اي الشرطية و من الظاهر أنه لا فرق في الحكم الوضعي بين حال الاختيار و الاضطرار.

و ربما يستدل علي المدعي بقاعدة الميسور اذ لا اشكال في أن المسح بالظهر يعد ميسورا للمسح بالبطن فيجب ببركة القاعدة.

و فيه: أن قاعدة الميسور غير تامة فمقتضي القاعدة التولية في التيمم علي القول بها و مقتضي الاحتياط الجمع بين التولية و تيمم الاقطع و المسح بالظاهر و قضاء الصلاة عند التمكن اللهم الا أن يتم اجماع تعبدي علي الحكم المذكور.

(1) قد مر الاشكال في اعتبار الطهارة فيما يتيمم به ففي الصورة المفروضة ان تم اجماع علي الاشتراط و علي كفاية الظهر فهو و الا يلزم اما الحكم بعدم اشتراط الطهارة أو سقوط التيمم بنحو المباشرة.

______________________________

(1) المائدة/ 7

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 77

لم تكن متعدية ضرب به و مسح (1) بل الظاهر عدم اعتبار الطهارة في الماسح و الممسوح مطلقا (2).

و اذا كان علي الممسوح حائل لا تمكن ازالته مسح عليه (3) أما اذا كان ذلك علي الباطن الماسح فالاحوط وجوبا الجمع بين الضرب و المسح به و الضرب و المسح بالظاهر (4).

[مسألة 336: المحدث بالاصغر يتيمم بدلا عن الوضوء]

(مسألة 336): المحدث بالاصغر يتيمم بدلا عن الوضوء

______________________________

و صفوة القول: ان الانتقال إلي الظاهر مع تعدي النجاسة ليس أمرا ظاهرا.

(1) الامر كما أفاده فان

ما أفاده ظاهر لا يحتاج إلي اقامة الدليل و بعبارة اخري لا دليل علي اشتراط الطهارة في مفروض المقام.

(2) الظاهر انه لا دليل علي الاشتراط نعم لا يبعد أن يكون المقام مورد دعوي الاجماع.

(3) اذا كان الحائل جبيرة يمكن القول بصحة المسح عليه بتقريب أن المستفاد من ادلة الجبائر أن المسح علي الجبيرة في حكم المسح علي البشرة كما أن غسلها كذلك و أما لو كان الحائل شيئا خارجيا فيشكل الجزم به لعدم الدليل الا أن يقال:

بأن مفاد قاعدة الميسور مجمع عليه في أمثال المقام و اللّه العالم.

(4) من باب العلم الإجمالي و للإشكال في المدعي مجال لان مقتضي الادلة هو المسح بالباطن و حيث انه لا يمكن المسح به لوجود الحائل لا يبعد أن تصل النوبة إلي الاستنابة.

الا أن يقال: بأنه لا يفي بهذا الدليل. و لقائل أن يقول: ان الحائل المانع عن مباشرة البشرة اذا كان مضرا بالمسح تصل النوبة إلي المسح بالظاهر و ان لم يكن مضرا فيكفي المسح مع الحائل و لا مجال للاحتياط بالمسح بالظاهر.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 78

و الجنب يتيمم بدلا عن الغسل (1).

و المحدث بالاكبر غير الجنابة يتيمم عن الغسل و اذا كان محدثا بالاصغر أيضا أو كان الحدث استحاضة متوسطة وجب عليه أن يتيمم أيضا عن الوضوء (2).

______________________________

و بعبارة اخري حيث ان الماتن يري لزوم المسح بالظاهر عند عدم امكان المسح بالباطن فعليه يتوجه عليه الاشكال المذكور المقدم آنفا فلاحظ.

(1) الذي يظهر من بعض كلمات الاصحاب أن الاقوال في المقام مختلفة منها ما ذهب اليه جماعة من الاعيان منهم أصحاب المدارك و الذخيرة و كاشف اللثام و نسب إلي أكثر المتأخرين و هو عدم اشتراط نية

البدلية مطلقا بتقريب ان مقتضي الاصل عدم الاشتراط و أن عنوان البدلية غير مأخوذة في المأمور به بحيث يكون من مقوماته و ليس أمرا قصديا كالقيام للتعظيم بل هو امر انتزاعي ينتزع عن فعل التيمم سواء قصده المتيمم أم لا فلا دليل علي اعتباره بل مقتضي اطلاق ادلته عدم الاشتراط و لذا لو تيمم أحد مع الجهل بالبدلية يصح تيممه لعدم قصور فيه.

و صفوة القول: أن مقتضي الاطلاق و حصول الامتثال بلا قصد البدلية عدم الاشتراط كما أن مقتضي الاصل العملي كذلك و هذا في صورة اتحاد ما في الذمة ظاهر و أما مع التعدد فربما يقال: بلزوم قصد البدلية للزوم تعيين ما عليه و لو بنحو الاجمال و قصد البدلية يعينه.

و فيه: أنه لا ينحصر التعيين بقصد البدلية بل يمكنه بنحو آخر كما أنه لو كان المكلف محدثا بالاصغر و الاكبر يمكنه ان يتيمم تارة بقصد رفع الاصغر و اخري بقصد رفع الاكبر فالنتيجة: أن قصد البدلية لا دليل علي وجوبه.

(2) الذي يختلج بالبال أن يقال: في كل مورد يكون الغسل مجزيا عن الوضوء

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 79

______________________________

يكون التيمم البدل عن ذلك الغسل كذلك فان المستفاد من ادلة بدليته عن الماء ترتيب جميع الآثار عليه لاحظ ما رواه محمد بن حمران و جميل بن دراج جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان اللّه جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا «1».

و ما رواه حماد بن عثمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل لا يجد الماء أ يتيمم لكل صلاة؟ فقال: لا هو بمنزلة الماء «2».

و ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام أن النبي صلي اللّه

عليه و آله قال: يا با ذر يكفيك الصعيد عشر سنين «3».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان التيمم أحد الطهورين «4».

و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان رب الماء هو رب الصعيد فقد فعل أحد الطهورين «5».

و عليه نقول: يترتب علي عموم التنزيل كفاية التيمم البدل عن الغسل عن التيمم البدل عن الوضوء الا في مورد يدل علي وجوب الوضوء دليل بالخصوص كما في الاستحاضة المتوسطة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب التيمم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 80

و اذا تمكن من الوضوء أو الغسل اتي به و تيمم عن الاخر (1) و اذا تمكن من الغسل اتي به و هو يغني عن الوضوء الا في الاستحاضة المتوسطة فلا بد فيها من الوضوء فان لم يتمكن تيمم عنه (2).

[الفصل الرابع ما يشترط في التيمم]
اشارة

الفصل الرابع يشترط في التيمم النية علي ما تقدم في الوضوء مقارنا بها الضرب علي الاظهر (3).

______________________________

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية اذ المفروض انه يمكنه الامتثال بهذا النحو فيجب.

(2) علي ما تقدم تفصيل الكلام في محله فراجع.

(3) بلا اشكال و عن جملة من الاعاظم دعوي اجماع علماء الإسلام عليه بل لا يبعد أن يقال: انه من ضروريات الفقه و مرتكزات المتشرعة انما الكلام في أن اول أفعاله الضرب- كما عليه المشهور و يستفاد من المتن- أو أن الضرب مقدمة للتيمم؟

و الظاهر أن ما ذهب اليه المشهور هو الصحيح و ذلك لجملة من الروايات الدالة علي أن الضرب من أجزاء التيمم حيث فسر به في تلك النصوص لاحظ

ما رواه محمد بن مسلم «1» و ما رواه ليث المرادي «2».

______________________________

(1) لاحظ ص: 63

(2) لاحظ ص: 56

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 81

[مسألة 337: لا تجب فيه نية البدلية عن الوضوء أو الغسل]

(مسألة 337): لا تجب فيه نية البدلية عن الوضوء أو الغسل بل تكفي نية الأمر المتوجه اليه (1) و مع تعدد الامر لا بد من تعيينه بالنية (2).

[مسألة 338: الأقوي أن التيمم رافع للحدث حال الاضطرار]

(مسألة 338): الاقوي أن التيمم رافع للحدث حال الاضطرار (3).

______________________________

و استدل للقول الاخر بالآية الشريفة: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ مِنْهُ «1» حيث فرع المسح علي الامر بالتيمم.

و يمكن الجواب عن الاستدلال بأنه يمكن أن يكون الضرب أول أفعاله و قد قصد بالتيمم هو الضرب ثم فرع عليه المسح مضافا إلي أنه يرفع اليد عن الظهور بالاخبار كما ذكرنا.

و ربما يستدل علي المدعي بما رواه زرارة «2» بتقريب أن الظاهر من الرواية خروج الضرب عن حقيقة التيمم اذ بعد الامر بالتيمم قال عليه السلام:

«يضرب بيده» ثم قال ثانيا: «و يتيمم» فيعلم أن الضرب مقدمة له و ليس داخلا فيه.

و يرد عليه: أن الحديث ضعيف باحمد بن هلال مضافا إلي المناقشة في دلالته علي المدعي.

(1) قد مر الكلام من هذه الجهة فلا نعيد.

(2) اذ المفروض تعدد المأمور به و عدم اتحاد الحقيقة فلا مناص في امتثال واحد منهما من قصده و تمييزه فلاحظ.

(3) قد وقع الكلام بين الاصحاب في أن التيمم مبيح فلا يرفع الحدث فيترتب

______________________________

(1) المائدة/ 7

(2) لاحظ ص 47

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 82

لكن لا تجب فيه نية الرفع و لا نية الاستباحة للصلاة مثلا (1).

______________________________

عليه أحكام المحدث فلو تيمم المجنب للصلاة لا يجوز له المكث في المساجد لحرمة المكث فيها علي الجنب أو ان التيمم رافع الحدث في حال الضرورة كما ذهب اليه الماتن.

و يمكن الاستدلال علي كونه رافعا بالكتاب و السنة أما الكتاب فقوله تعالي:

«وَ لٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ» «1» فان المستفاد من

الاية المباركة أن التيمم مثل الغسل و الوضوء سبب لتحقق الطهارة و من الظاهر أن المتطهر ليس محدثا فلا يترتب عليه ما يترتب علي المحدث.

و أما السنة فتدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه السكوني «2» و منها ما رواه زرارة «3» و منها: ما رواه جميل «4» و منها ما رواه حماد بن عثمان «5» و منها ما رواه الحسين بن أبي العلاء «6».

فان المستفاد من هذه النصوص انه يترتب علي التيمم ما يترتب علي الغسل و الوضوء فكما أنهما يرفعان الحدث كذلك التيمم رافع له.

(1) لعدم الدليل عليه فيكفي لعدم الوجوب الاطلاقات كما أن مقتضي الاصل العملي كذلك فلاحظ.

______________________________

(1) المائدة/ 7

(2) لاحظ ص: 79

(3) لاحظ ص: 79

(4) لاحظ ص: 79

(5) لاحظ ص: 79

(6) الوسائل الباب 24 من أبواب التيمم الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 83

[مسألة 339: يشترط فيه المباشرة و الموالاة حتي فيما كان بدلا عن الغسل]

(مسألة 339): يشترط فيه المباشرة (1) و الموالاة (2) حتي فيما كان بدلا عن الغسل (3).

و يشترط فيه أيضا الترتيب علي حسب ما تقدم (4) و الاحوط وجوبا البدأة من الاعلي و المسح منه إلي الاسفل (5).

______________________________

(1) ادعي عليها عدم الخلاف و عدم الريب و الاجماع و يقتضيه القاعدة الاولية من أن الامر بشي ء ظاهر في المباشرة.

(2) ادعي عليها الاجماع من جملة من الاساطين و يمكن أن يستدل عليها بالنصوص البيانية فان الظاهر منها انها في مقام بيان حقيقة التيمم فلا بد من التحفظ علي جميع الخصوصيات الا ما علم من الخارج عدم دخله فيه.

و ما أفاده في المستمسك من الاجمال لا نصدقه فان القاعدة الاولية تقتضي التحفظ علي جميع الخصوصيات الملحوظة لان المفروض أنهم عليهم السلام في مقام بيان حقيقته فاحتمال عدم الاشتراط لا

يعتد به مضافا إلي السيرة الخارجية المستقرة فلاحظ.

(3) لعدم دليل علي الجواز فيما يكون بدلا عنه فلا بد من التحفظ عليها علي الاطلاق.

(4) و قد ادعي عليه الاجماع جملة من الاعيان علي ما نقل عنهم و يكفي للوجوب النصوص البيانية الحاكية لفعل النبي صلي اللّه عليه و آله و الائمة عليهم السلام و قد مر أنه يجب التحفظ علي القيود المأخوذة الا ما خرج بالدليل.

(5) لا يخفي أن مقتضي اطلاق الكتاب عدم الاشتراط كما أن مقتضي بعض النصوص كذلك لاحظ حديث ليث المرادي «1» و أيضا الاصل العملي يقتضي

______________________________

(1) لاحظ ص: 56

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 84

[مسألة 340: مع الاضطرار يسقط المعسور]

(مسألة 340): مع الاضطرار يسقط المعسور و يجب الميسور علي حسب ما عرفت في الوضوء من حكم الاقطع (1).

______________________________

عدمه فالصناعة تقتضي عدمه و الاحتياط يقتضيه و لا يبعد أن يقال: بأن السيرة المتصلة جارية علي البدأة من الاعلي.

(1) فيجب مسح الباقي فلو قطعت يداه يمسح وجهه بالتراب أو يستنيب غيره لمسح وجهه و ما يمكن أن يستدل به علي المدعي امور:

منها: الاجماع قال في الجواهر: «و لا يسقط التيمم عنه بلا خلاف بل لعله اجماعي ان لم يكن ضروريا».

و فيه: أن دعوي الضرورة عهدتها علي مدعيها و أما الاجماع فمن المحتمل قويا أنه مستند إلي الوجوه المذكورة.

و منها: قاعدة الميسور. و فيه: أنه لا مدرك لها كما حقق في محله.

و منها: البدلية بتقريب أن التيمم بدل عن الغسل و الوضوء و حيث ان غسل الباقي واجب فيهما فالمقام كذلك.

و فيه: أن استفادة هذه الاحكام من دليل البدلية في غاية الاشكال.

و منها: أن الصلاة لا تترك بحال بمقتضي النص الخاص لاحظ ما رواه زرارة قال: و لا تدع الصلاة

علي حال فان النبي صلي اللّه عليه و آله قال: الصلاة عماد دينكم «1».

و فيه: أنه لا مجال لاستفادة المدعي من النص فان غاية ما يستفاد منه أن المكلف يجب عليه أن يأتي بالصلاة باي نحو ممكن و يترتب عليه أنه يأتي بها بلا طهارة

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 85

______________________________

و بعبارة اخري: لا يمكن أن يستفاد من هذه الرواية أن ما ليس طهورا لنقصان فيه طهور.

و منها: استصحاب الوجوب. و فيه أولا أنه من الاستصحاب الجاري في الحكم الشرعي الذي لا نقول به للمعارضة و ثانيا أنه يتوقف علي فعلية الوجوب بأن يكون الوقت داخلا و يتوجه التكليف بالصلاة مع التيمم إلي المكلف ثم يعرضه القطع.

و ثالثا أن المفروض أن الوجوب تعلق بالكيفية الخاصة فذلك الوجوب غير باق قطعا نعم يحتمل بقائه في ضمن فرد آخر فيكون داخلا في القسم الثالث من الكلي الذي لا دليل علي تماميته.

ان قلت: علي تقدير عدم وجوب الباقي و اشتراط اجتماع الاعضاء بتمامها في وجوب الطهور يلزم سقوط الطهارة المائية أو الترابية بذهاب بعض أجزاء الكف مثلا من اصبع أو بعضه بقرح أو جرح و الضرورة علي خلافه- هكذا في الجواهر-.

قلت: مقتضي القاعدة العمل بالدليل فبمقدار دل نعمل به و الا فلا و في صورة وجود الماء و امكان الطهارة المائية فقد تم الدليل علي غسل ما بقي من الاجزاء كما أنه قد قام الدليل علي مسح الجبيرة في صورة وجودها في موارد الكسر أو القرح و الجرح و أما في المقام فكما مر لا دليل علي المدعي و ادعاء الضرورة في خصوص المقام علي وجوب الاتيان بالباقي مع فرض كون

المكلف مقطوع اليدين أو إحداهما فعهدتها علي مدعيها.

فالنتيجة: أنه ان تم الاجماع التعبدي نلتزم بالوجوب و في كيفيته لا بد من الجمع بين جميع المحتملات بناء علي تنجز العلم الإجمالي بالنسبة إلي جميع الافراد.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 86

و ذي الجبيرة (1) و الحائل (2) و العاجز عن المباشرة (3) كما يجري هنا حكم اللحم الزائد و اليد الزائدة و غير ذلك (4).

[مسألة 341: العاجز ييممه غيره]

(مسألة 341): العاجز ييممه غيره و لكن يضرب بيدي العاجز و يمسح بهما مع الامكان و مع العجز يضرب المتولي بيدي نفسه و يمسح بهما (5).

______________________________

(1) لا يبعد أن يستفاد من دليلها أن المسح علي الجبيرة عند الضرورة بدل عن مسح البشرة و بعبارة اخري: يستفاد من دليل البدلية أن التيمم مثل الوضوء من هذه الجهة.

(2) قد مر الكلام حول هذه الجهة في (مسألة 335) فراجع.

(3) نقل علي وجوب الاستنابة عند عدم امكان المباشرة عدم الخلاف و عن المدارك نسبته إلي علمائنا فان تم المدعي بالإجماع و الا يشكل اتمامه بالنصوص كما مر في الجزء الاول في الوضوء و قلنا: ان النص وارد في الغسل و لا بد في التسرية إلي غيره من العلم بعدم الفرق و اني لنا بذلك.

(4) و قد مر الكلام من هذه الجهة في الوضوء فراجع.

(5) عن الجواهر: «أنه لم اقف علي قائل بغيره نعم في الذكري عن الكاتب انه يضرب الصحيح بيده ثم يضرب بيدي العليل اي يضرب بيديه علي يدي العليل» ثم قال:

«و لم نقف علي مأخذه» و الوجه فيه ظهور الادلة في قيام النائب مقام المنوب عنه فيما يعجز عنه لا غيره فمع امكان الضرب بيد العليل يجب لأنه بعض الواجب و مع العجز عنه

يضرب النائب بيده و اطلاق التولية في كلامهم منزل علي هذا النحو.

ان قلت: يفهم من أمر الصادق عليه السلام الغلمة أن يغسلوه حيث ان الظاهر

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 87

[مسألة 342: الشعر المتدلي علي الجبهة يجب رفعه و مسح البشرة تحته]

(مسألة 342): الشعر المتدلي علي الجبهة يجب رفعه و مسح البشرة تحته (1).

و أما النابت فيها فالظاهر الاجتزاء بمسه (2).

______________________________

من الخبر «1» توليهم للغسل مع تمكن الغلمة من مباشرة بعض الغسل بيديه.

قلت: الفارق أن اليد في الغسل ليست دخيلة في مفهومه و حقيقته بخلاف دخالة اليد في التيمم و قد مر تحقيق حول جواز الاستنابة في فصل الوضوء في الجزء الاول من هذا الشرح فراجع «2».

و لقائل أن يقول: مقتضي القاعدة التفصيل بين ما يكون بدلا عن الغسل فيجوز لجوازه في الغسل للنص «3» و لا طلاق دليل البدلية و أما ما يكون بدلا عن الوضوء فيشكل.

(1) اذ المفروض كونه مانعا عن مسح البشرة فلا بد من رفعه مقدمة كي يحصل المأمور به بعد فرض كون الشعر شيئا خارجيا.

(2) الجزم به مشكل فان ما يمكن أن يقال في وجهه أمر ان: احدهما: أن رفع الشعر و مسح البشرة كما هو مقتضي القاعدة حرجي فوجوب رفعه مرفوع.

ثانيهما أن يستفاد المدعي من النص الخاص و هو ما رواه زرارة قال: قلت له أ رأيت ما كان تحت الشعر؟ قال: كل ما أحاط به الشعر فليس للعباد أن يغسلوه و لا يبحثوا عنه و لكن يجري عليه الماء «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 13

(2) راجع ج 1 ص: 495/ 496.

(3) لاحظ ص: 13

(4) الوسائل الباب 46 من أبواب الوضوء الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 88

[مسألة 343: إذا خالف الترتيب بطل مع فوات الموالاة و إن كانت لجهل أو نسيان]

(مسألة 343): اذا خالف الترتيب بطل مع فوات الموالاة و ان كانت لجهل أو نسيان (1) أما لو لم تفت صح اذا أعاد علي نحو يحصل به الترتيب (2).

[مسألة 344: الخاتم حائل يجب نزعه حال التيمم]

(مسألة 344): الخاتم حائل يجب نزعه حال التيمم (3).

[مسألة 345: الأحوط وجوبا اعتبار إباحة الفضاء الذي يقع فيه التيمم]

(مسألة 345): الاحوط وجوبا اعتبار اباحة الفضاء الذي يقع فيه التيمم (4).

______________________________

و في كلا الوجهين نظر أما الوجه الاول فان كان المراد من الحرجي النوعي منه فلا دليل علي رفعه اذ دليل الحرج يرفع الحكم الحرجي ففي كل مورد تحقق الموضوع يترتب عليه حكمه و كفاية الحرج النوعي لا دليل عليها و ان كان المراد الحرج الشخصي فلا وجه لإطلاق الحكم بل لا بد من التقييد مضافا إلي أن دليل الحرج شانه رفع الحكم و أما اثبات الاجزاء بالناقص فلا الا أن يتمم الامر بالإجماع و أما النص فشموله للتيمم مشكل بل شموله للغسل اول الاشكال و الكلام.

(1) لعدم تحقق المأمور به علي ما هو عليه و لا فرق في البطلان بين كون السبب لفقدان الترتيب هو الجهل أو النسيان.

(2) لتمامية المأمور به علي الفرض.

(3) كما هو ظاهر.

(4) ما يمكن أن يقال: في وجه الاشتراط أن الضرب علي الارض تصرف في الفضاء فيكون حراما و الحرام لا يمكن أن يكون مصداقا للواجب بل يمكن أن يقال: ان المسح علي الوجه و اليدين تصرف في الفضاء فيكون حراما.

و يمكن أن يكون وجه عدم جزم الماتن أن الحركة الموجبة للتصرف في

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 89

و اذا كان التراب في اناء مغصوب لم يصح الضرب عليه (1).

[مسألة 346: إذا شك في جزء منه بعد الفراغ لم يلتفت]

(مسألة 346): اذا شك في جزء منه بعد الفراغ لم يلتفت (2) و لكن الشك اذا كان في الجزء الاخير و لم تفت الموالاة و لم يدخل في الامر المرتب عليه من صلاة و نحوها فالاحوط الالتفات إلي الشك (3).

______________________________

الفضاء لا يكون داخلا في قوام التيمم فلا يوجب البطلان.

لكن الذي يختلج بالبال أن يقال: ان المسح بالنسبة إلي الوجه و

اليدين يتقوم بالامرار و المفروض حرمته و ان شئت قلت: المسح المأمور به مصداق للغصب فلاحظ.

(1) اذ المفروض حرمته فلا يمكن وقوعه مصداقا للواجب.

(2) لقاعدة الفراغ.

(3) لعدم تحقق الفراغ و عدم احرازه الموضوع لجريان القاعدة بل مقتضي الاستصحاب عدم تحققه نعم مع الدخول في الامر المرتب تجري قاعدة التجاوز بالنسبة إلي الجزء المشكوك فيه بناء علي اعتبارها كما عليه القوم.

و يمكن أن يكون وجه عدم جزم الماتن أنه لو صدق عنوان الانصراف و الخروج فلا مانع من جريان القاعدة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: اذا شك الرجل بعد ما صلي فلم يدرأ ثلاثا صلي أم أربعا و كان يقينه حين انصرف أنه كان قد أتم لم يعد الصلاة و كان حين انصرف اقرب إلي الحق منه بعد ذلك «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 90

و لو شك في جزء منه بعد التجاوز عن محله لم يلتفت (1) و ان كان الاحوط استحبابا التدارك (2).

[الفصل الخامس فروع في التيمم]
اشارة

الفصل الخامس لا يجوز التيمم لصلاة موقتة قبل دخول وقتها (3).

______________________________

و ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل شك في الاذان و قد دخل في الاقامة قال: يمضي قلت: رجل شك في الاذان و الاقامة و قد كبر قال:

يمضي قلت: رجل شك في التكبير و قد قرأ قال: يمضي قلت: شك في القراءة و قد ركع قال: يمضي قلت: شك في الركوع و قد سجد قال: يمضي علي صلاته ثم قال: يا زرارة اذا خرجت من شي ء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشي ء «1».

ان قلت: مقتضي حديث

زرارة توقف جريان القاعدة علي الدخول في الغير قلت: المكلف بعد الانصراف من المأمور به يدخل في غيره بلا اشكال اضف الي ذلك أنه يصدق عنون المضي فتجري القاعدة بمقتضي حديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: كلما شككت فيه مما قد مضي فامضه كما هو «2» و اللّه العالم.

(1) لقاعدة التجاوز المقررة عند القوم و لكن انا أنكرنا القاعدة لعدم الدليل و التفصيل موكول إلي محله.

(2) بل الاظهر.

(3) قال في مصباح الفقيه: «بلا خلاف فيه علي الظاهر بل عليه نقل الاجماع

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 91

______________________________

ان لم يكن متواترا ففي غاية الاستفاضه و المراد به- كما صرح بعضهم- بطلانه فيما لو أتي به قبل الوقت لصاحبته» «1» انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في علو مقامه.

اقول: لم يظهر مراد القوم و لا يخلو ما ذهبوا اليه من الاشكال اذ لو كان مرادهم أن الاتيان قبل الوقت لصاحبته غير جائز لتوقف وجوب المقدمة علي وجوب ذيها و لا يتعلق الوجوب بذيها قبل وقته فهذا لا اشكال فيه كما حقق في محله و لكن لا يختص هذا بالتيمم بل يجري في الغسل و الوضوء أيضا.

و ان كان مرادهم أن الغسل و الوضوء مستحب نفسا أو انهما مستحبان اذا أتي بهما للكون علي الطهارة، فيمكن الاتيان بهما قبل الوقت بهذا اللحاظ فلا فارق بين المقامين اذ التيمم بدليل البدلية قائم مقامهما و في حكمهما و الماتن بنفسه لم يستبعد جواز الاتيان به للكون علي الطهارة كما سيجي ء منه.

و ان كان مرادهم انه بما أن فقدان الماء في الوقت شرط

لجواز التيمم و عدم وفاء الادلة للجواز بالنسبة إلي ما قبل الوقت فيرد عليهم أن ما ذكر لا يوجب عدم جواز الاتيان به لغاية اخري بل المقدار المسلم عدم جواز الاتيان به لأجل صاحبة الوقت و قد مر آنفا أنه علي طبق القاعدة بلا فرق بين التيمم و غيره من الوضوء و الغسل لان المقدمة تابعة في اطلاق الوجوب و اشتراطه لذيها فكما ان ذا المقدمة لا يجب قبل الوقت كذلك مقدمته.

و ان كان مرادهم ان الوضوء التهيّئي جائز قبل الوقت بالنص الخاص و هو ما

______________________________

(1) مصباح الفقيه كتاب الصلاة ص: 478

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 92

و يجوز عند ضيق وقتها (1) و في جوازه في السعة اشكال (2).

______________________________

رواه محمد بن مكي الشهيد في الذكري قال: روي ما وقر الصلاة من أخر الطهارة لها حتي يدخل وقتها «1» بخلاف التيمم فيرد عليه أولا أن الرواية ضعيفة و ثانيا:

أن مقتضي اطلاقها جواز التقديم بهذا العنوان بلا فرق بين التيمم و غيره.

ان قلت: الاجماع يقيده قلت: حال مثل هذه الاجماعات واضحة من حيث الاشكال فانه من الممكن استناد المجمعين إلي الوجوه المذكورة و ان شئت قلت:

ان مراد أهل الاجماع غير معلوم فلا اثر له.

(1) كما هو ظاهر انما الكلام في أنه ما المراد من ضيق الوقت.

(2) الكلام يقع في مقامين: أحدهما فيما هو مقتضي القاعدة الاولية ثانيهما في المستفاد من النصوص الواردة أما المقام الاول فنقول: الظاهر عدم جواز البدار لان المستفاد من ادلة البدلية و مناسبة الحكم مع الموضوع أن التيمم بدل اضطراري للطهارة المائية و من الظاهر أنه لا تصل النوبة إلي البدل الاضطراري ما دام الاتيان بالمبدل منه الاختياري ممكنا نعم يجوز البدار ظاهرا

بمقتضي الاستصحاب الاستقبالي.

و أما المقام الثاني فالنصوص الواردة مختلفة كما أن الاقوال في المسألة كذلك فلا بد من النظر في النصوص و استفادة النتيجة منها و هذه النصوص علي طائفتين الطائفة الاولي ما يدل علي الاتيان بالصلاة في سعة الوقت و كونها صحيحة.

منها ما رواه داود الرقي «2» و منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الوضوء الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 93

______________________________

عليه السلام فان أصاب الماء و قد صلي بتيمم و هو في وقت؟ قال: تمت صلاته و لا اعادة عليه «1».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تيمم و صلي ثم بلغ الماء قبل أن يخرج الوقت فقال: ليس عليه اعادة الصلاة «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أجنب فتيمم بالصعيد و صلي ثم وجد الماء قال: لا يعيد ان رب الماء رب الصعيد فقد فعل أحد الطهورين «3».

و منها: ما رواه معاوية بن ميسرة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل في السفر لا يجد الماء تيمم فصلي ثم أتي الماء و عليه شي ء من الوقت أ يمضي علي صلاته أم يتوضأ و يعيد الصلاة؟ قال: يمضي علي صلاته فان رب الماء هو رب التراب «4».

و منها: ما رواه يعقوب بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل تيمم و صلي ثم أصاب الماء و هو في وقت قال: قد مضت صلاته و ليتطهر «5».

و منها: ما رواه علي بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

أتيمم و اصلي ثم أجد الماء و قد بقي علي وقت فقال: لا تعد الصلاة فان رب الماء هو

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب التيمم الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 15

(4) نفس المصدر الحديث: 13

(5) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 94

______________________________

رب الصعيد «1».

و منها: ما رواه ابو عبيدة «2». و منها: ما رواه محمد بن حمران و جميل بن دراج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: امام قوم أصابته جنابة في السفر و ليس معه من الماء ما يكفيه للغسل أ يتوضأ بعضهم و يصلي بهم؟ قال: لا و لكن يتيمم الجنب و يصلي بهم فان اللّه جعل التراب طهورا «3».

فان مقتضي هذه النصوص- ظاهرا- أو نصا جواز الصلاة مع التيمم في سعة الوقت علي الاطلاق.

الطائفة الثانية ما يدل علي عدم الجواز و أن الواجب علي المكلف تأخير الصلاة إلي آخر الوقت لاحظ ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: اذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فاذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم و ليصل في آخر الوقت فاذا وجد الماء فلا قضاء عليه و ليتوضأ لما يستقبل «4».

و ما رواه جعفر بن بشير عمن رواه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل اصابته جنابة في ليلة باردة يخاف علي نفسه التلف ان اغتسل قال: يتيمم و يصلي فاذا أمن البرد اغتسل و أعاد الصلاة «5».

و ما رواه يعقوب بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل تيمم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 17

(2) لاحظ ص: 27

(3) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 14 من

أبواب التيمم الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 95

______________________________

فصلي فاصاب بعد صلاته ماء أ يتوضأ و يعيد الصلاة أم تجوز صلاته؟ قال: اذا وجد الماء قبل أن يمضي الوقت توضأ و أعاد فان مضي الوقت فلا اعادة عليه «1».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل تصيبه الجنابة في الليلة الباردة و يخاف علي نفسه التلف ان اغتسل فقال: يتيمم و يصلي فاذا امن من البرد اغتسل و أعاد الصلاة «2». و ما رواه محمد بن مسلم «3».

و ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: اذا لم يجد المسافر الماء فيطلب ما دام في الوقت فاذا، خاف أن يفوته الوقت فليتيمم و ليصل في آخر الوقت «4».

و ما رواه عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: رجل أم قوما و هو جنب و قد تيمم و هم علي طهور قال: لا بأس فاذا تيمم الرجل فليكن ذلك في آخر الوقت فان فاته الماء فلن تفوته الارض «5».

و ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أجنب فلم يجد ماء يتيمم و يصلي؟ قال: لا حتي آخر الوقت انه ان فاته الماء لم تفته الارض «6».

فيقع التعارض بين الجانبين و الذي يختلج بالبال أن يقال: المرجح مع ادلة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 36

(4) الوسائل الباب 22 من أبواب التيمم الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

(6) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 96

و الاظهر الجواز مع اليأس عن التمكن من الماء (1).

______________________________

المضايقة اولا لموافقتها مع الكتاب

فان المستفاد من الاية الشريفة أن الامر بالتيمم في ظرف عدم وجدان الماء و حيث ان المأمور به الاولي الصلاة مع الطهارة المائية بين المبدأ و المنتهي فلا يتحقق موضوع التيمم الا فيما لا يوجد الماء في الوقت بتمامه فدليل المضايقة موافق مع الكتاب.

ثانيا لمخالفة دليل المضايقة مع العامة حيث نقل انهم باجمعهم قائلون بالمواسعة ثالثا: لكون دليل المضايقة أحدث لاحظ حديث يعقوب بن يقطين «1».

و يستفاد من جملة من النصوص أن المكلف اذا تيمم و دخل الصلاة و في الاثناء وجد الماء تصح صلاته ان كان قد ركع لاحظ ما رواه زرارة في حديث قال:

قلت لأبي جعفر عليه السلام ان أصاب الماء و قد دخل في الصلاة قال: فلينصرف فليتوضأ ما لم يركع و ان كان قد ركع فليمض في صلاته فان التيمم أحد الطهورين «2».

و ما رواه عبد اللّه بن عاصم «3».

و هذه المسألة بنفسها مورد تعرض الفقهاء كما أن الماتن يتعرض لها عن قريب و ربما يقال: ان هذه النصوص من أطراف المعارضة في المقام.

و لكن لقائل أن يقول: ان الحكم المستفاد من هذه النصوص حكم خاص في صورة خاصة و لا مجال لجعلها طرفا للتعارض و اللّه العالم.

(1) بدعوي أنه مع اليأس لا وجه للتأخير و بعبارة اخري: ليس التأخير بنفسه

______________________________

(1) لاحظ ص: 94

(2) الوسائل الباب 21 من أبواب التيمم الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 97

و لو اتفق التمكن منه بعد الصلاة وجبت الاعادة (1).

[مسألة 347: إذا تيمم لصلاة فريضة أو نافلة لعذر ثم دخل وقت اخري]

(مسألة 347): اذا تيمم لصلاة فريضة أو نافلة لعذر ثم دخل وقت اخري فان يئس من ارتفاع العذر و التمكن من الطهارة المائية جاز له المبادرة إلي الصلاة في سعة وقتها

(2) بل يجوز المبادرة مع عدم اليأس أيضا (3) و علي كلا التقديرين فان ارتفع العذر أثناء الوقت وجبت الاعادة (4).

______________________________

واجبا بل وجوبه لأجل امكان الظفر علي الماء و مع اليأس لا وجه للانتظار.

(1) اذ المستفاد من النصوص المتقدمة عدم شرعية التيمم في سعة الوقت و قد رجحنا دليل المضايقه.

(2) اذ كما يتعرض الماتن بعد ذلك يجوز ترتيب الاثر علي التيمم الصحيح و الاتيان بكل مشروط بالطهارة.

و بعبارة اخري ليس التيمم مخصوصا بخصوص الغاية التي أتي بالتيمم لأجلها هذا من ناحية و من ناحية اخري قد مر أنه مع اليأس يجوز البدار.

(3) لأصالة بقاء العذر إلي آخر الوقت فيجوز البدار لا يقال: قد مر أنه لا يجوز البدار الا مع اليأس من الوجدان فانه يقال: ما مر من عدم الجواز لأجل النصوص الخاصة و موردها التيمم لأجل الصلاة و في المقام المفروض أنه تيمم لأجل غاية اخري فلا تكون تلك النصوص مانعة من البدار في المقام.

(4) اذا المفروض أن البدل الاضطراري في طول العمل الاختياري فما دام يمكن الاتيان بالعمل الاختياري لا تصل النوبة إلي البدل الاضطراري و انما جاز البدار للحكم الظاهري و قد حقق في محله أن المأمور به بالامر الظاهري لا يجزي فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 98

[مسألة 348: لو وجد الماء في أثناء العمل]

(مسألة 348): لو وجد الماء في أثناء العمل فان كان دخل في صلاة فريضة أو نافلة (1) و كان وجدانه بعد الدخول في ركوع الركعة الاولي مضي في صلاته و صحت علي الاقوي و فيما عدا ذلك يتعين الاستئناف بعد الطهارة المائية (2).

______________________________

(1) لإطلاق النصوص من هذه الجهة فلاحظها.

(2) التفصيل المذكور مستفاد من نصوص الباب لاحظ ما رواه زرارة «1» فان المستفاد من هذه

الرواية بالصراحة التفصيل بين وجدان الماء قبل الدخول في الركوع و بعده.

و مثلها في الدلالة علي التفصيل ما رواه عبد اللّه بن عاصم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل لا يجد الماء فيتيمم و يقوم في الصلاة فجاء الغلام فقال:

هو ذا الماء فقال: ان كان لم يركع فلينصرف و ليتوضأ و ان كان قد ركع فليمض في صلاته «2».

و بهما يقيد ما يدل علي الصحة و المضي بمجرد الدخول في الصلاة لاحظ ما رواه محمد بن حمران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: رجل تيمم ثم دخل في الصلاة و قد كان طلب الماء فلم يقدر عليه ثم يؤتي بالماء حين يدخل في الصلاة قال: يمضي في الصلاة و اعلم انه ليس ينبغي لأحد أن يتيمم الا في آخر الوقت «3».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 3، ص: 98

______________________________

(1) لاحظ ص: 96

(2) الوسائل الباب 21 من أبواب التيمم الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 99

[مسألة 349: إذا تيمم المحدث بالأكبر بدلا عن غسل الجنابة ثم أحدث بالأصغر انتقض تيممه]

(مسألة 349): اذا تيمم المحدث بالاكبر بدلا عن غسل الجنابة ثم أحدث بالاصغر انتقض تيممه و لزمه التيمم بعد ذلك (1).

______________________________

و ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت: في رجل لم يصب الماء و حضرت الصلاة فتيمم و صلي ركعتين ثم أصاب الماء أ ينقض الركعتين أو يقطعهما و يتوضأ ثم يصلي؟ قال: لا و لكنه يمضي في صلاته فيتمها و لا ينقضها لمكان أنه دخلها و هو علي طهر بتيمم «1».

فانهما مطلقان فيقيدان بالحديثين المتقدمين كما هو المقرر.

ان قلت ان الحديثين المتقدمين و

ان كانا مقيدين بالدخول في الركوع و المستفاد منهما البطلان ان كان الوجدان قبل الدخول في الركوع لكن مطلقين من حيث ان التيمم الذي صلي به و دخل في الصلاة لهذه الصلاة التي دخل فيها أو كان لأجل غاية اخري و الحديثين الاخيرين و ان كانا مطلقين من حيث الدخول في الركوع و عدمه لكنهما مقيدان من حيث ان التيمم المفروض قد أتي به لأجل الصلاة التي دخل فيها فيقع التعارض بين الطرفين فيما اذا تيمم لأجل الصلاة و دخل فيها و وجد الماء قبل الدخول في الركوع.

قلت: لا يبعد أن يقال: ان الترجيح مع الطائفة الاولي لموافقة الكتاب و مخالفة العامة كما مر.

فالنتيجة أن التفصيل الذي أفاده الماتن هو الصحيح و عليه جملة من الاساطين علي ما نقل عنهم كالنهاية و البرهان و المفاتيح و خلافا للمشهور علي ما قيل.

(1) كما هو المشهور بين القوم- علي ما يلاحظ في بعض الكلمات- و عن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 100

______________________________

العلامة في المختلف: «دعوي الاجماع عليه. و ما قيل في وجهه أو يمكن أن يقال وجوه:

الوجه الاول: أن التيمم لا يرفع الحدث بل مبيح للغايات للإجماع. و يرد عليه أولا أن مقتضي الكتاب و السنة أن التيمم رافع و مطهر أما الكتاب فقوله تعالي في آية التيمم: «وَ لٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ» «1» و أما السنة فتدل جملة من النصوص علي المدعي منها: ما رواه أبان بن عثمان «2» و منها: ما رواه الصدوق «3».

و منها: ما رواه أبو امامة قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فضلت باربع: جعلت لي الارض مسجدا و طهورا و ربما رجل من امتي أراد الصلاة

فلم يجد ماء و وجد الارض فقد جعلت له مسجدا و طهورا «4».

و منها: ما رواه ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي: جعلت لي الارض مسجدا و طهورا «5».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يكون معه اللبن أ يتوضأ منه للصلاة؟ قال: لا انما هو الماء و الصعيد «6» و منها: ما رواه

______________________________

(1) المائدة/ 7

(2) لاحظ ص: 34

(3) لاحظ ص: 34

(4) الوسائل الباب 7 من أبواب التيمم الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 101

______________________________

محمد بن حمران و جميل بن دراج «1» و منها: ما رواه حماد بن عثمان «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل تيمم قال: يجزيه ذلك إلي أن يجد الماء «3» و منها: ما رواه السكوني «4» و منها: ما رواه زرارة «5» و منها ما رواه محمد بن مسلم «6».

فان مقتضي هذه النصوص أن التراب طهور كالماء بلا فرق فلا وجه للقول بكونه مبيحا غير رافع.

و أما الاجماع المدعي علي عدم رافعيته فعلي تقدير تحققه لا يكون حجة لاحتمال استناد أصحاب الاجماع إلي الوجوه المذكورة في المقام مضافا إلي أنه كيف يمكن تحقق الاجماع علي خلاف المستفاد من الكتاب و السنة.

و ثانيا: فرضنا أنه مبيح لكن مجرد الاستباحة لا يستلزم الانتقاض بالحدث بل يمكن أن تكون الاستباحة باقية و لو مع الحدث الاصغر.

الوجه الثاني: أن المتيمم تجب عليه الطهارة عند وجدان الماء فلا بد من الالتزام ببقاء حدثه و عدم كونه متطهرا و الا فكيف يلزم وجوب الطهارة

في حقه بوجدان الماء و الحال أن مجرد وجدان الماء لا يكون من الاحداث فالمتيمم محدث

______________________________

(1) لاحظ ص: 79

(2) لاحظ ص: 79

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب التيمم الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 79

(5) لاحظ ص: 79

(6) لاحظ ص: 79

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 102

______________________________

غاية الامر قبل وجدان الماء يستباح له ترتيب ما يشترط بالطهارة.

و يرد عليه: أولا أن الرافعية يمكن أن تكون رافعية محدودة لا مطلقة كي يتوجه هذا المحذور فالمتيمم طاهر ما دام لم يجد الماء.

و بعبارة واضحة: الحدث الاكبر أوجب كونه محدثا إلي أن يتحقق الغسل لكن بمقتضي دليل التيمم يصير طاهرا في مقدار محدود من الزمان و لا نري مانعا منه فان الامور الاعتبارية أمرها بيد المعتبر.

و ثانيا: الكلام في تحقق الانتقاض بالحدث الاصغر و هذا الدليل المذكور غايته اثبات أن التيمم مبيح لا رافع لكن نقول: يمكن الالتزام بالاباحة و أيضا نلتزم ببقائها و لو مع تحقق الحدث الاصغر.

الوجه الثالث: ما عن بعض أهل التحقيق و هو أن الطهارة صفة وجودية تحصل باسبابها و أن الحدث قذارة معنوية حادثة باسبابها أيضا مانع عن الدخول في الصلاة و ليس بين الامرين تضاد بل التنافي بين اثريهما و هما جواز الدخول في الصلاة و الامتناع منه و غسل الجنابة انما يكون رافعا للقذارة الحاصلة و مفيدا للطهارة و أما التيمم الذي يكون بدلا منه فغايته كونه مفيدا للطهارة و أما كونه رافعا للقذارة كالغسل فلا فعليه نقول: ان ما يدل علي طهورية التيمم يقتضي جواز الصلاة و رفع مانعية الجنابة ما دام بقاء اثره فمتي انتقض اثره تؤثر الجنابة الموجودة اثرها و هو وجوب الغسل فلا بد اما من الغسل و اما من

التيمم الذي بدله فلاحظ.

و يرد عليه اولا: أن الظاهر من هذا الكلام أن الحدث و الطهارة من الامور الواقعية كالصفات النفسانية فيكونان داخلين في مقولة الكيف النفساني و لا دليل علي هذا المدعي بل الظاهر من الادلة أنهما من الامور الاعتبارية الشرعية.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 103

______________________________

و ثانيا: أن الظاهر من الادلة كونهما ضدان فان المستفاد من الاية الشريفة أن الجنب بالغسل يرتفع جنابته و كذلك المستفاد من النصوص.

و ملخص الكلام: انه يفهم من الادلة التنافي بين الطهارة و الحدث كما أن المرتكز في الاذهان كذلك.

و ثالثا: أن المستفاد من ادلة بدلية التيمم أن التيمم كالغسل و الوضوء فكل ما يترتب عليهما يترتب عليه غاية الامر أن الاثر المترتب عليه موقت و ما دام لم يجد الماء فهذا الدليل أيضا لا يترتب عليه مدعي المشهور.

الوجه الرابع: ما رواه زرارة «1» بتقريب أن المستفاد من الحديث أن الجنب اذا وجد الماء لا يجب عليه الوضوء حيث قال عليه السلام «و الوضوء ان لم يكن جنبا» فعليه لا يكون الوضوء في حقه مشروعا فتكليفه الغسل و حيث ان المفروض أنه فاقد للماء يجب عليه التيمم بدلا عن الغسل.

و فيه: أن المستفاد من الحديث أن المجنب اذا وجد الماء الكافي لغسله يجب عليه الغسل و غير الجنب اذا وجد الماء الكافي للوضوء يجب عليه الوضوء فلا يرتبط بالمقام مضافا إلي أن المجنب المتيمم اذا وجد الماء الكافي للوضوء يصدق عليه أنه لا يكون جنبا فيجب أن يتوضأ للحدث الاصغر.

الوجه الخامس: أنه يستفاد من جملة من النصوص أن الجنب اذا وجد الماء بمقدار الكفاية للوضوء يجب عليه التيمم و لا يجب عليه الوضوء لاحظ ما رواه عبيد اللّه بن

علي الحلبي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يجنب و معه قدر ما يكفيه من الماء الوضوء للصلاة أ يتوضأ بالماء أو يتيمم؟ قال: لا بل يتيمم ألا تري

______________________________

(1) لاحظ ص: 40

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 104

______________________________

أنه انما جعل عليه نصف الوضوء «1».

و ما رواه محمد بن حمران و جميل بن دراج أنهما سألا أبا عبد اللّه عليه السلام عن امام قوم أصابته جنابة في السفر و ليس معه من الماء ما يكفيه للغسل أ يتوضأ بعضهم و يصلي بهم؟ فقال: لا و لكن يتيمم الجنب و يصلي بهم فان اللّه عز و جل جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا «2».

و ما رواه الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يجنب و معه من الماء بقدر ما يكفيه لوضوئه للصلاة أ يتوضأ بالماء أو يتيمم؟ قال:

يتيمم الا تري أنه جعل عليه نصف الطهور «3».

و ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في رجل أجنب في سفر و معه ماء قدر ما يتوضأ به قال: يتيمم و لا يتوضأ «4».

و فيه: أن المستفاد من هذه النصوص- كما ذكر في تقريب الاستدلال- أن الجنب وظيفته التيمم و المفروض في المقام أن الجنب تيمم و فرضنا أن التيمم يزيل الحدث فلا يكون المتيمم المحدث بالاصغر جنبا كي يشمله ما اشير اليه من النصوص.

الوجه السادس: ما دل من النصوص علي أن الحدث علي الاطلاق ينتقض التيمم لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: يصلي الرجل بتيمم واحد صلاة الليل و النهار كلها؟ فقال: نعم ما لم يحدث أو يصب ماء «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 24

من أبواب التيمم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) الوسائل الباب 20 من أبواب التيمم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 105

______________________________

و ما رواه السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال:

لا بأس بأن تصلي صلاة الليل و النهار بتيمم واحد ما لم تحدث أو تصب الماء «1».

و فيه أن المستفاد من الخبرين أنه لا يجوز الاتيان بالصلاة بعد تحقق الحدث و هذا لا اشكال فيه و انما الاشكال في أن الواجب عليه التيمم بدلا عن الغسل أو الواجب عليه التيمم بدلا عن الوضوء.

الوجه السابع: استصحاب عدم جعل شرعية الوضوء في حقه الثابت قبل التيمم فلا يجوز له الوضوء.

و فيه: أنه لا مجال لهذا الاصل بعد تمامية دليل البدلية و عدم الجواز قبل التيمم الثابت بدليله لا يستلزم عدمه بعده فلاحظ.

الوجه الثامن: استصحاب عدم جعل التيمم رافعا للحدث الاكبر بعد الحدث الاصغر بتقريب: أنه لم تجعل الرافعية في أول الشريعة و الاصل بقاء عدم الجعل بحاله.

و فيه: أنه مع وجود الدليل الاجتهادي لا تصل النوبة إلي الاصل العملي و مقتضي ادلة البدلية أن التيمم قائم مقام الغسل بتمام معني الكلمة فالنتيجة أن التيمم لا ينتقض بالحدث الاصغر.

الوجه التاسع: ان المستفاد من حديث ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: رجل أم قوما و هو جنب و قد تيمم و هم علي طهور فقال: لا بأس «2»

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 106

و الاحوط استحبابا الجمع بين التيمم و الوضوء (1) و لو كان التيمم بدلا عن الحدث

الاكبر غير الحنابه ثم أحدث بالاصغر لزمه التيمم بدلا عن الغسل مع الوضوء (2) فان لم يتمكن من الوضوء أيضا لزمه تيمم آخر بدلا عنه (3).

______________________________

ان المكلف الجنب باق علي جنابته حتي بعد التيمم اذ فرض في الرواية ان رجل أم قوما و هو جنب و قد تيمم فيعلم ان الجنابة لا تزول بالتيمم و هذا هو المدعي.

و فيه: ان الافتراض المذكور واقع في كلام الراوي لا في كلام الامام عليه السلام فغايته تقريره روحي له الفداء لما فرضه الراوي و من الظاهر ان اعتبار التقرير موقوف علي عدم قيام دليل علي الخلاف و قد أقمنا الدليل من الكتاب و السنة علي خلافه فلا يبقي معتبرا مضافا إلي أنه يمكن أن يقال: بأنه لا يفهم من الرواية الا بيان حكم الصورة المفروضة و هي صورة كون الشخص جنبا و امامته مع التيمم البدل عن الغسل و انه عليه السلام في مقام بيان صحة الجماعة المفروضة و أما كون الشخص باقيا علي جنابته حتي بعد التيمم فلا يستفاد من الحديث فلاحظ.

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط و أما الصناعة فمقتضاها ما ذكرنا و اللّه العالم.

(2) بل مقتضي ما ذكرنا عدم الانتقاض أيضا كغسل الجنابة لدليل البدلية فان الحائض مثلا لو اغتسلت من الحيض ثم أحدثت بالاصغر يجوز لها دخول المسجد و لا يزول اثر الغسل بالحدث الاصغر فكذلك التيمم.

(3) الماتن يري أن الغسل علي الاطلاق يجزي عن الوضوء و مع ذلك أفتي في المقام بالجمع بين التيمم بدلا عن الغسل و الوضوء و الحال أن دليل البدلية يقتضي كون التيمم قائما مقام الغسل أو الوضوء فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 107

[مسألة 350: لا تجوز إراقة الماء الكافي للوضوء أو الغسل بعد دخول الوقت]

(مسألة 350): لا تجوز اراقة

الماء الكافي للوضوء أو الغسل بعد دخول الوقت (1).

و اذا تعمد اراقة الماء بعد دخول وقت الصلاة وجب عليه التيمم مع اليأس من الماء و أجزأ (2) و لو تمكن بعد ذلك وجبت عليه الاعادة في الوقت (3) و لا يجب القضاء اذا كان التمكن خارج الوقت (4) و لو كان

______________________________

(1) فان المستفاد من الادلة أن بدلية التيمم عن الغسل و الوضوء بدلية اضطرارية فلا يجوز للمكلف تفويت الملاك و ادخال نفسه في موضوع المضطر.

و بعبارة اخري: مقتضي الادلة الاولية وجوب اتيان الصلاة مثلا مع الطهارة المائية و المفروض أن المكلف قادر علي الاتيان بها فلا يجوز له ايقاع نفسه في موضوع المضطر.

و ان شئت قلت: ليس واجد الماء و فاقده كعنوان الحاضر و المسافر كي يقال:

بأنه يجوز للمكلف أن يسافر اختيارا بعد دخول الوقت و المقام كذلك لان القصر في السفر كالإتمام في الحضر بلا فرق و أما الصلاة مع الطهارة الترابية فليست كالصلاة مع الطهارة المائية فلاحظ.

(2) لإطلاق دليل البدلية مضافا إلي عدم الاشكال عند القوم ظاهرا.

(3) لعدم تمامية موضوع الاضطرار.

(4) اذ المفروض أن تيممه في الوقت علي طبق دليل بدليته عن الطهارة المائية و مقتضاه الاجزاء و الاكتفاء به في مقام الامتثال فلا مجال لوجوب القضاء مضافا الي الشك في تحقق الفوت الذي يكون موضوعا للقضاء و حيث ان الفوت امر وجودي فلا يثبت باصاله عدم الاتيان بالمأمور به لكن يتوقف هذا البيان علي كون

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 108

علي وضوء لا يجوز ابطاله بعد دخول الوقت اذا علم بعدم وجود الماء أو يئس منه و لو أبطله و الحال هذه وجب عليه التيمم و أجزأ أيضا علي ما ذكر (1).

[مسألة 351: يشرع التيمم لكل مشروط بالطهارة من الفرائض و النوافل]

(مسألة

351): يشرع التيمم لكل مشروط بالطهارة من الفرائض و النوافل و كذا كل ما يتوقف كما له علي الطهارة اذا كان مأمورا به علي الوجه الكامل كقراءة القرآن و الكون في المساجد و نحو ذلك (2) بل لا يبعد مشروعيته للكون علي الطهارة (3) بل الظاهر جواز التيمم لأجل ما يحرم علي المحدث من دون أن يكون مأمورا به كمس القرآن و مس اسم اللّه تعالي كما أشرنا إلي ذلك في غايات الوضوء (4).

______________________________

الفوت أمرا وجوديا.

(1) الكلام فيه هو الكلام فلا نعيد.

(2) الظاهر أن الوجه فيه دليل البدلية فان المستفاد من جملة من النصوص أن التيمم قائم مقام الطهارة المائية و مقتضي الاطلاق قيامه مقامها علي الاطلاق.

(3) لإطلاق دليل البدلية.

(4) كل ذلك لدليل البدلية و صفوة القول ان مقتضي ادلة البدلية قيام التيمم مقام الوضوء و الغسل بنحو البدلية لكن بدلية اضطرارية فيتوقف علي عدم وجود الماء و الا لا يشرع التيمم فلا تختص البدلية بمورد دون آخر انما الاشكال في بعض الغايات كمس كتابة القرآن فيما لا يكون مأمورا به و هذا الاشكال لا يختص بالتيمم بل يجري في الوضوء أيضا و منشأ الاشكال أن المفروض عدم تعلق الوجوب بالغاية فكيف تجعل غاية و كيف توجب عبادية الوضوء أو التيمم.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 109

[مسألة 352: إذا تيمم المحدث لغاية جازت له كل غاية و صحت منه]

(مسألة 352): اذا تيمم المحدث لغاية جازت له كل غاية و صحت منه فاذا تيمم للكون علي الطهارة صحت منه الصلاة و جاز له دخول المساجد و المشاهد و غير ذلك مما يتوقف صحته أو كما له أو جوازه علي الطهارة المائية (1).

______________________________

و لكن يمكن دفع الاشكال بما ذكرنا في بحث الوضوء من الجزء الاول من هذا الشرح بأن

المستفاد من الادلة ان الوضوء امر عبادي لا بد فيه من قصد القربة و اذا تحقق بهذا النحو تترتب عليه الطهارة و حيث ان الامر في جملة من الموارد تعلق بالوضوء و ارشد فيها إلي شرطيته يمكن الاتيان به بقصد القربة.

و بعبارة اخري: يفهم من تلك الادلة كالأوامر في الكتاب و السنة بالوضوء ان الوضوء قابل لان يقصد به القربة و يكفي لتحقق القربة قصد الغاية فلا فرق فيها من هذه الجهة.

(1) كما هو المشهور بين القوم- علي ما في كلام بعض الاصحاب- و مقتضي ادلة البدلية كذلك فان الوضوء المأتي به لغاية يجوز ترتيب كل غاية عليه فكذلك التيمم بدليل البدلية.

و عن الفخر أنه استثني من هذا الحكم دخول المسجدين و اللبث في المساجد و مس كتابة القرآن و استدل بقوله تعالي: «وَ لٰا جُنُباً إِلّٰا عٰابِرِي سَبِيلٍ حَتَّيٰ تَغْتَسِلُوا» «1» بتقريب: أن المراد من الصلاة مواضعها اي المساجد فلا يجوز دخولها الا اجتيازا فانه غياه بالاغتسال و لو اباحه التيمم يكون غاية أيضا و كذا لا يجوز المس لان الامة لم تفرق بين المس و اللبث في المساجد.

و عن سيد المدارك: «الاشكال في الاستدلال بأن ارادة مواضع الصلاة

______________________________

(1) النساء/ 43

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 110

نعم لا يجزئ ذلك فيما اذا تيمم لضيق الوقت (1).

______________________________

منها لا يصار اليها بلا قرينة مع احتمال غير هذا المعني و هو أن يكون المراد من النهي الصلاة في حال الجنابة الا في حال السفر لجواز تأديتها بالتيمم».

و يرد عليه: أن ما أفاده الفخر من كون المراد مواضع الصلاة مستفاد من النص الخاص لاحظ ما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قالا:

قلنا له: الحائض

و الجنب يدخلان المسجد أم لا قال: الحائض و الجنب لا يدخلان المسجد إلا مجتازين ان اللّه تبارك و تعالي يقول: «وَ لٰا جُنُباً إِلّٰا عٰابِرِي سَبِيلٍ حَتَّيٰ تَغْتَسِلُوا» «1».

فان الامام عليه السلام فسر الاية بهذا النحو فانه عليه السلام بعد النهي عن دخول الحائض و الجنب المسجد الا مجتازين استشهد بقوله تعالي «إِلّٰا عٰابِرِي سَبِيلٍ» فهذا الايراد غير متوجه فالصحيح أن يرد علي الفخر بأن ادلة البدلية حاكمة علي الاية الشريفة فان تلك الادلة جعلت التيمم كالغسل و الوضوء فاذا تيمم الجنب لا يكون جنبا فيجوز له الدخول فلاحظ.

(1) و الوجه فيه أن التيمم جعله الشارع بدلا عند الاضطرار و المفروض أن الموضوع لم يتحقق بالنسبة إلي غير المتضيق وقته فلا وجه للكفاية.

و للمحقق الهمداني قدس سره كلام في المقام و هو أن المكلف لا يمكن أن يكون في زمان واحد متطهرا و غير متطهر فلو فرض تطهره للمضيق يصير متطهرا و الا لم يجز له فعل الصلاة و من كان متطهرا جاز له فعل الجميع و الا لتخلف اثر الطهارة عنها او يلزم عدم اشتراط الصلاة بالطهارة و الثاني باطل و خلاف المستفاد من الادلة و الاول باطل بالضرورة فان الاثر يترتب علي المؤثر و المفروض أن التيمم أوجد الطهارة فيترتب عليها آثارها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الجنابة الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 111

[مسألة 353: ينتقض التيمم بمجرد التمكن من الطهارة المائية]

مسألة 353): ينتقض التيمم بمجرد التمكن من الطهارة المائية (1).

______________________________

و يرد عليه: أن الطهارة الشرعية أمر اعتباري و قابل لان تحصل في اطار خاص و دائرة مخصوصة فلا مانع من الالتزام بحصولها و زوال الحدث بالنسبة إلي الصلاة فقط فلا يلزم اجتماع النقيضين.

ثم قال: «نعم اذا قلنا

بأن التيمم مبيح لأمكن التفكيك بين الغايات اذ لا يلزم انه محدث و متطهر و أما لو قلنا بأنه مزيل و مطهر- كما نقول- لا يمكن التفكيك»

ثم أورد علي نفسه: بأنه يلزم أن المكلف لو تيمم في ضيق الوقت و ترك الصلاة عصيانا جاز له ترتيب بقية الغايات اذ فرض كونه متطهرا و الحال أنه لا يمكن الالتزام بهذا اللازم.

فاجاب عن الاشكال بأن تيممه انما يصح اذا اتي بالصلاة لا للقول بالمقدمة الموصلة- كما قد يتوهم- بل لأجل أنه لو لم يصل لم يكن عاجزا فلم يكن موضوع التيمم متحققا في الخارج و بعبارة اخري: لا مدخلية لإيجاب الصلاة عليه في وقتها في تحقق العجز و انما المؤثر امتثاله و مع عدمه لم يتحقق العجز.

و يرد عليه اولا أن المقدمة علي تقدير وجوبها هي الموصلة فانا ذكرنا في بحث المقدمة أن العقل لا يدرك الوجوب لغير الموصلة من المقدمات.

و ثانيا: ما أفاده يؤل إلي الدور فان الامتثال مترتب علي توجه الامر إلي المكلف و توجه التكليف بالصلاة عن تيمم يتوقف علي الاضطرار فلو توقف الاضطرار علي الامتثال لدار فالانصاف أن الاشكال المذكور يتوجه علي مختاره و لكن الحق أنه لا يجوز الاتيان ببقية الغايات كما ذكرنا فلاحظ.

(1) بلا خلاف فيه- علي ما في بعض الكلمات- و نقل عن جماعة الاجماع

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 112

و ان تعذرت عليه بعد ذلك (2) و اذا وجد من تيمم تيممين من الماء ما يكفيه لوضوئه انتقض تيممه الذي هو بدل عنه (2) و اذا وجد ما يكفيه للغسل انتقض ما هو بدل عنه خاصة (3) و ان أمكنه الوضوء به (4) فلو فقد

______________________________

عليه و يدل علي المدعي ما

رواه زرارة «1» و مثله في الدلالة علي المدعي حديث السكوني «2» فان مقتضاهما بطلان التيمم بوجدان الماء.

(1) للإطلاق.

(2) كما هو مقتضي القاعدة و لا يحتاج إلي تطويل البحث لأنه من الواضحات.

(3) كما في نظيره بلا فرق فان المفروض أن التيمم بدل عن الغسل و الوضوء ففي كل مورد تمكن من المبدل منه يبطل البدل فلاحظ.

(4) معناه تعين الغسل لبطلان بدله و ما يمكن أن يقال: في وجهه أنه لو صرفه في الوضوء يبقي الحدث الاكبر بحاله و اهتمام الشارع برفع الحدث الاكبر اشد و الطهارة الحاصلة من الغسل اقوي كما أن الحدث الحاصل بالاكبر أشد و مقتضي كونه اهم تقدمه عند التزاحم فالامر به بعد الوجدان غير مقيد بخلاف الامر بالوضوء فانه مقيد بعصيان الاهم بالخطاب الترتبي.

و يمكن اثبات المدعي بحديث عبد الرحمن بن أبي نجران أنه سأل أبا الحسن موسي بن جعفر عليه السلام عن ثلاثة نفر كانوا في سفر: أحدهم جنب و الثاني ميت و الثالث علي غير وضوء و حضرت الصلاة و معهم من الماء قدر ما يكفي احدهم من يأخذ الماء و كيف يصنعون؟ قال: يغتسل الجنب و يدفن الميت بتيمم و يتيمم الذي هو علي غير وضوء لان غسل الجنابة فريضة و غسل الميت سنة و التيمم

______________________________

(1) لاحظ ص: 104

(2) لاحظ ص: 105

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 113

الماء بعد ذلك أعاد التيمم بدلا عن الغسل خاصة (1) علي اشكال في الاستحاضة المتوسطة (2).

______________________________

للاخر جائز «1».

فانه يستفاد من هذا الحديث أنه لو دار الامر بين غسل الجنابة و الوضوء يقدم الغسل.

و لو تطرق الشك في اثبات اهمية الغسل فلا أقلّ من احتمالها و عدم احتمال العكس فالتقييد في طرف الامر

بالوضوء مسلم بخلاف التقييد في ناحية الامر بالغسل فهو بحاله.

فالنتيجة تعين الغسل نعم لو عصي تصل النوبة إلي الامر بالوضوء بالترتب كما هو المقرر في المتزاحمين.

(1) و قد ظهر وجهه.

(2) لا يبعد أن يكون الوجه فيه أنه لم يعلم الاهمية المذكورة في رفع الحدث الحاصل من الاستحاضة المتوسطة و يحتمل التساوي بينه و بين الحدث الاصغر و لعل وجه التردد أن الشارع الاقدس أوجب الوضوء مع الاغتسال للمتوسطة و لم يكتف بغسلها عن الوضوء لاحظ ما رواه سماعة قال: قال: المستحاضة اذا ثقب الدم الكرسف اغتسلت لكل صلاتين و للفجر غسلا و ان لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل يوم مرة و الوضوء لكل صلاة و ان أراد زوجها أن يأتيها فحين تغتسل هذا ان كان دمها عبيطا و ان كان صفرة فعليها الوضوء «2».

و لكن يمكن أن يقال: ان غاية ما في الباب احتمال التساوي و لا ينافيه احتمال

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب التيمم الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 114

[مسألة 354: إذا وجد جماعة متيممون ماء مباحا لا يكفي إلا لأحدهم]

(مسألة 354): اذا وجد جماعة متيممون ماء مباحا لا يكفي الا لأحدهم فان تسابقوا اليه و سبقوا كلهم لم يبطل تيممهم (1) و ان سبق واحد بطل تيمم السابق (2).

______________________________

الاهمية في جانب حدث الاستحاضة بلا جريانه في جانب الحدث الاصغر و يكفي للتقديم هذا المقدار في باب التزاحم.

بقي شي ء: و هو أنه لو فرض كون المكلف محدثا بحدثين متساويين من حيث الشدة و الضعف فوجد ماء كافيا لكل واحد منهما بشرط استعماله في خصوصه و لا يكفي لكليهما فما هو مقتضي الصناعة؟ فان البطلان هل يتوجه إلي كلا البدلين أو الواحد منهما بنحو

التعيين أو لا علي التعيين؟ فان قلت كلاهما يبطلان قلت:

المفروض أنه يكفي لواحد فقط فما وجه بطلان الاخر؟

ان قلت: يبطل احدهما دون الاخر قلت: أما مع التعين فيلزم الترجيح بغير مرجح و أما لا علي التعيين فيلزم المحال فان المردد لا واقع له.

ان قلت: يكون المكلف مخيرا في اختيار ايهما شاء قلت: المفروض بطلان التيمم بوجدان الماء و لا يرتبط باختيار المكلف.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: انهما يبطلان معا لتحقق موضوع البطلان بالنسبة الي كل واحد منهما بمقتضي اطلاق الدليل لاحظ صحيح زرارة «1».

(1) لعدم صدق الوجدان فانهم مع التسابق بقوا كلهم علي ما كانوا من عدم وجدان الماء فلا وجه لبطلان تيممهم.

(2) اذ المفروض صيرورته واجدا بالسبق فيبطل تيممه بواسطة وجدانه و أما

______________________________

(1) لاحظ ص: 104

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 115

و ان لم يتسابقوا اليه بطل تيمم الجميع (1) و كذا اذا كان الماء مملوكا و اباحه المالك للجميع و ان اباحه لبعضهم بطل تيمم ذلك البعض لا غير.

[مسألة 355: حكم التداخل الذي مر سابقا في الأغسال يجري في التيمم أيضا]

(مسألة 355): حكم التداخل الذي مر سابقا في الاغسال يجري في التيمم أيضا فلو كان هناك أسباب عديدة للغسل يكفي تيمم واحد عن الجميع (2) و حينئذ فان كان من جملتها الجنابة لم يحتج إلي الوضوء أو التيمم بدلا عنه (3).

______________________________

غيره فلم يتحقق الوجدان بالنسبة اليه فلا وجه لبطلان تيممه.

(1) لصدق الوجدان بالنسبة إلي كل واحد منهم فيبطل تيمم الجميع. و للمناقشة في هذا التقريب مجال واسع اذ المفروض عدم كفاية الماء الا لواحد منهم و المفروض تساويهم في حيازة الماء و عدم زيادة قدرة احدهم علي الباقين.

و بعبارة اخري مجرد الوجود الخارجي لا يوجب نقض التيمم بل الماء الذي يمكن التطهر به و

المفروض في المقام عدم الامكان لمزاحمتهم فما الوجه في البطلان؟

فافهم فانه دقيق و بالتأمل حقيق و مما ذكرنا ظهر الوجه بالنسبة إلي اباحة الماء فلاحظ.

(2) عن جامع المقاصد التصريح به و يكفي لإثبات المدعي ادلة البدلية و المنزلة و ربما يقال: بعدمه لأصالة عدم التداخل و ان التيمم مبيح لا رافع و نشك في عموم البدلية.

و فيه: أنه لا مجال للأصل مع الدليل و ادلة البدلية تكفي للإثبات و التيمم رافع لا مبيح مضافا إلي أنه لا فرق من هذه الجهة بين كونه رافعا أو مبيحا و لا وجه للشك في العموم بعد تمامية مقدمات الاطلاق المقتضي للبدلية علي الاطلاق.

(3) كما هو ظاهر فانه مقتضي دليل البدلية و بعبارة اخري غسل الجنابة يكفي

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 116

و الا وجب الوضوء أو تيمم آخر بدلا عنه اذا كان محدثا بالاصغر أيضا أو كان من جملتها غسل الاستحاضة المتوسطة (1).

[مسألة 356: إذا اجتمع جنب و محدث بالأصغر و ميت و كان هناك ماء لا يكفي إلا لأحدهم]

(مسألة 356): اذا اجتمع جنب و محدث بالاصغر و ميت و كان هناك ماء لا يكفي الا لأحدهم فان كان مملوكا لأحدهم تعين صرفه لنفسه (2).

______________________________

عن الوضوء فكذلك التيمم الذي يكون بدلا عنه.

(1) لم يظهر لي وجه ما أفاده في المقام و غيره فانه يري أن كل غسل مشروع واجبا كان أو مستحبا يكفي عن الوضوء و مع ذلك اختار عدم قيام التيمم مقام الغسل بالنسبة إلي هذه كما صرح في هامش العروة في اواخر بحث الاغسال بأن التيمم البدل عن الاغسال المستحبة لا يكفي عن الوضوء علي الاظهر و يظهر من عبارة المتن هنا عدم الكفاية علي الاطلاق.

و الذي يختلج بالبال أنه علي القول بكفاية غير غسل الجنابة من الاغسال عن الوضوء لا بد من

كفاية التيمم البدل عن الغسل لدليل البدلية نعم في خصوص غسل الاستحاضة المتوسطة قد صرح بوجوب الوضوء لكن بقية الاغسال يكفي عن الوضوء فما يكون بدلا عنها يقوم مقامها و اللّه العالم.

(2) بتقريب أن مقتضي ما دل علي وجوب الطهارة المائية صرفه في المأمور به و لا يجوز للمكلف أن يبذله للغير و النصوص الآتية الدالة علي وجوب أن يغتسل الجنب غير شاملة للمورد.

و للمناقشة فيما افيد مجال اذ لو فرض أن المالك للماء محدث بالاصغر فيتوجه اليه التكليف بالوضوء كما أنه يتوجه اليه أن يغسل الميت فيدخل في باب المتزاحمين و لا بد في الترجيح من المرجح الا أن يقال: بأن الواجب علي الشخص تغسيل الميت

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 117

و الا فيغتسل الجنب و يتيمم الميت و يتيمم المحدث بالاصغر (1).

[مسألة 357: إذا شك في وجود حاجب في بعض مواضع التيمم]

(مسألة 357): اذا شك في وجود حاجب في بعض مواضع التيمم فحاله حال الوضوء و الغسل في وجوب الفحص حتي يحصل اليقين أو الاطمينان بالعدم (2).

______________________________

و أما بذل ماء الغسل فلا.

(1) يدل عليه ما رواه عبد الرحمن بن أبي نجران «1» و في المقام حديث يستفاد منه تقديم غسل الميت و هو ما رواه محمد بن علي عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الميت و الجنب يتفقان في مكان لا يكون فيه الماء الا بقدر ما يكتفي به أحدهما أيهما أولي أن يجعل الماء له؟ قال: يتيمم الجنب و يغسل الميت بالماء «2» لكن لإرسالها غير قابلة للاعتماد عليها.

(2) كما هو ظاهر فانه لا بد من احراز تحقق المأمور به في الخارج بقاعدة الاشتغال علي ما هو المعروف بين القوم و بالاستصحاب علي المسلك المنصور.

______________________________

(1) لاحظ

ص: 112.

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب التيمم الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 118

[المبحث السادس: الطهارة من الخبث]

اشارة

المبحث السادس:

الطهارة من الخبث و فيه فصول:

[الفصل الأول: في عدد الأعيان النجسة]
اشارة

الفصل الاول: في عدد الاعيان النجسة و هي عشرة:

[الأول و الثاني: البول و الغائط من كل حيوان له نفس سائلة]
اشارة

الاول و الثاني: البول و الغائط من كل حيوان (1) له نفس سائلة (2) محرم الاكل بالاصل (3).

______________________________

(1) نجاسة البول و الغائط في الجملة من الواضحات التي لا يعتريها شك.

(2) الوجه في هذا التقييد النصوص الدالة علي عدم نجاساتهما اذا كانا من الحيوان الذي لا نفس له كالسمك و نتعرض لتلك النصوص قريبا أن شاء اللّه تعالي فانتظر.

(3) ادعي عليه الاجماع في الجملة بل قيل: «انه اجماع علماء الإسلام» بل يمكن أن يقال: انه ضروري عند أهله و ان وقع الخلاف في بعض مصاديقه كالطير و الخفاش.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال:

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 119

______________________________

قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اغسل ثوبك من أبواب مالا يؤكل لحمه «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اغسل ثوبك من بول كل مالا يؤكل لحمه «2».

و منها: ما رواه محمد عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن البول يصيب الثوب قال: اغسله مرتين «3».

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن البول يصيب الثوب قال: اغسله مرتين «4».

و منها: ما رواه أبو اسحاق النحوي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن البول يصيب الجسد قال: صب عليه الماء مرتين «5».

و منها: ما رواه الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن البول يصيب الجسد قال: صب عليه الماء مرتين فانما هو ماء و سألته عن الثوب يصيبه البول قال: اغسله مرتين «6».

و منها: ما رواه الكليني قال: و روي أنه

يجزي أن يغسل بمثله من الماء اذا كان علي رأس الحشفة أو غيره «7».

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب النجاسات الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب النجاسات الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

(6) نفس المصدر الحديث: 4

(7) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 120

______________________________

و منها: ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: سألته عن البول يصيب الجسد قال: صب عليه الماء مرتين فانما هو ماء و سألته عن الثوب يصيبه البول قال: اغسله مرتين «1».

تقريب الاستدلال بهذه النصوص علي المدعي: أن الامر بالغسل بحسب الفهم العرفي ارشاد إلي النجاسة و لا يحتمل وجوب الغسل وجوبا نفسيا.

و لا يخفي ان النصوص المشار اليها واردة في البول و ليس فيها ذكر من الغائط لكن ادعي ان مقتضي ارتكاز المتشرعة عدم الفرق بينهما في النجاسة و الطهارة.

و لنا أن نقول: بأن الاجماع و التسالم قائمان علي التسوية أضف إلي ذلك النصوص الواردة في موارد خاصة.

مثل ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا صلاة الا بطهور و يجزيك من الاستنجاء ثلاثة احجار بذلك جرت السنة من رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و أما البول فانه لا بد من غسله «2».

و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل ذكر و هو في صلاته أنه لم يستنج من الخلا قال: ينصرف و يستنجي من الخلا و يعيد الصلاة «3».

و ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: اذا بال الرجل و لم يخرج منه شي ء غيره فانما عليه أن

يغسل احليله وحده و لا يغسل مقعدته و ان خرج

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 121

______________________________

من مقعدته شي ء و لم يبل فانما عليه أن يغسل المقعدة وحدها و لا يغسل الاحليل «1».

و ما رواه ابراهيم بن أبي محمود قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول- في الاستنجاء-: يغسل ما ظهر منه علي الشرج و لا يدخل فيه الانملة «2».

و ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: انما عليه أن يغسل ما ظهر منها يعني المقعدة و ليس عليه أن يغسل باطنها «3».

و ما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن طهور المرأة في النفاس اذا طهرت و كانت لا تستطيع أن تستنجي بالماء أنها ان استنجت اعتقرت هل لها رخصة أن تتوضأ من خارج و تنشفه بقطن أو خرقة؟ قال:

نعم لتنقي من داخل بقطن أو بخرقة «4».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن التمسح بالاحجار فقال: كان الحسين بن علي عليه السلام يمسح بثلاثة احجار «5».

و ما رواه بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: يجزي من الغائط المسح بالاحجار و لا يجزي من البول الا الماء «6».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يطأ في العذرة أو

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1.

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) الوسائل الباب 30 من أبواب أحكام الخلوة الحديث: 1

(6) نفس المصدر

الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 122

______________________________

البول أ يعيد الوضوء؟ قال: لا و لكن يغسل ما أصابه «1».

و ما رواه موسي بن القاسم عن علي (جعفر) بن محمد عليه السلام في حديث قال: سألته عن الفارة و الدجاجة و الحمام و أشباهها تطأ العذرة ثم تطأ الثوب أ يغسل؟ قال: ان كان استبان من أثره شي ء فاغسله و الا فلا بأس «2».

و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الدجاجة و الحمامة و أشباههما تطأ العذرة ثم تدخل في الماء يتوضأ منه للصلاة؟

قال: لا الا أن يكون الماء كثيرا قد كر من ماء «3».

و ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن الدقيق يصيب فيه خرء الفار هل يجوز أكله؟ قال: اذا بقي منه شي ء فلا بأس يؤخذ اعلاه «4».

و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي و في ثوبه عذرة من انسان أو سنور أو كلب أ يعيد صلاته قال: ان كان لم يعلم فلا يعيد «5».

و ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن العذرة تقع في البئر فقال: ينزح منها عشر دلاء فان ذابت فاربعون أو خمسون دلوا «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب النجاسات الحديث: 15.

(2) الوسائل الباب 37 من أبواب النجاسات الحديث: 3.

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المطلق الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب النجاسات الحديث: 6

(5) الوسائل الباب 4 من أبواب النجاسات الحديث: 5

(6) الوسائل الباب 20 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 123

أو بالعارض

كالجلال و الموطوء «1»

______________________________

و ما رواه علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن العذرة تقع في البئر قال: ينزح منها عشر دلاء فان ذابت فأربعون أو خمسون دلوا «1»

و ما رواه محمد بن مسلم قال: كنت مع أبي جعفر عليه السلام اذ مر علي عذرة يابسة فوطأ عليها فأصابت ثوبه فقلت جعلت فداك قد وطئت علي عذرة فأصابت ثوبك فقال: أ ليس هي يابسة؟ فقلت بلي قال: لا بأس ان الارض يطهر بعضها بعضا «2».

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل ما اكل لحمه فلا بأس بما يخرج منه «3» فانه يستفاد من الحديث أنه عليه السلام في مقام بيان الضابط الكلي و اعطاء الحد فكلامه عليه السلام يدل بالمفهوم أن ما لا يؤكل لحمه يكون غائطه نجسا.

(1) ادعي عليه الاجماع مضافا إلي اطلاق أو عموم دليل التحريم لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اغسل ثوبك من أبواب ما لا يؤكل لحمه «4».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اغسل ثوبك من أبوال كل ما لا يؤكل لحمه «5».

فان مقتضي اطلاق احد الحديثين و عموم الاخر عدم الفرق بين الاصلي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 32 من أبواب النجاسات الحديث: 2.

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب النجاسات الحديث: 12.

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب النجاسات الحديث: 2.

(5) نفس المصدر الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 124

______________________________

و العارضي فانه لا وجه لتخصيص الدليل بخصوص الذاتي.

و بعبارة اخري: الموضوع للحكم عنوان المحرم بأي وجه كان.

ان قلت: قد دلت جملة من

النصوص علي طهارة أبوال البقر و الغنم و غيرهما منها ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ألبان الابل و البقر و الغنم و أبوالها و لحومها فقال: لا تتوضأ منه و ان اصابك منه شي ء أو ثوبا لك فلا تغسله الا أن تنظف «1».

فيقع التعارض بين الدليلين و بعد التساقط تصل النوبة إلي اصالة الطهارة.

قلت: أولا: أن مقتضي القاعدة تقديم العناوين الثانوية علي العناوين الاولية فلا تلاحظ النسبة و لا تعارض. و ثانيا: علي فرض التسليم تصل النوبة إلي الدليل الدال علي نجاسة مطلق البول فانه تدل علي نجاسة البول جملة من النصوص:

منها: ما رواه محمد عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن البول يصيب الثوب قال: اغسله مرتين «2».

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن البول يصيب الثوب قال: اغسله مرتين «3».

و منها: ما رواه أبو اسحاق النحوي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن البول يصيب الجسد قال: صب عليه الماء مرتين «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب النجاسات الحديث: 5.

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 125

______________________________

و منها: ما رواه الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن البول يصيب الجسد قال: صب عليه الماء مرتين فانما هو ماء و سألته عن الثوب يصيبه البول قال: اغسله مرتين الحديث «1».

و منها: ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: سألته عن البول يصيب الجسد قال: صب عليه الماء مرتين فانما هو ماء و سألته عن

الثوب يصيبه البول قال: اغسله مرتين «2».

الا أن يقال: بانصراف البول في هذه النصوص إلي بول الانسان. أضف الي ذلك أن العموم الوضعي يقدم علي الاطلاقي في العامين من وجه و فيما يدل علي النجاسة ما يكون عمومه بالوضع فلاحظ فلا مجال للأخذ بالاصل مع وجود دليل الاجتهادي.

ان قلت: لو قلنا بسراية الحكم إلي العنوان الثانوي يلزم أن نلتزم بالسراية في مورد تحقق الحرمة بالعناوين الاخر كالنذر و الحلف و الضرر و أمثالها و الحال ان القائل بالتسرية لا يلتزم بهذا اللازم.

قلت: الموضوع محرم الاكل بحسب طبعه الاولي علي جميع المكلفين و العناوين المذكورة لا تكون كذلك مثلا المغصوب حرام بالنسبة إلي الغاصب و المنذور حرام بالنسبة إلي الناذر و هكذا.

و ملخص الكلام: أن الحيوان اذا كان محرم الاكل بالنسبة إلي المكلفين بحسب الطبع الاولي يكون بوله و خرئه نجسين بلا فرق بين الاصلي و العارضي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 126

أما ما لا نفس له سائلة أو كان محلل الاكل فبوله و خرؤه طاهران (1).

______________________________

فلا تضر الحرمة بالعارض بواسطة أحد العناوين كما أنه لا تنفع حليته العارضة بالنسبة الي بعض الافراد كما لو اكره أحد علي الاكل أو اضطر اليه فلاحظ.

(1) في المقام فرعان: الاول: في حكم بول ما لا نفس له و خرئه و المشهور بين القوم طهارتهما و استدل علي المدعي بوجوه:

احدها منع وجود البول لهذه الحيوانات كالذباب- مثلا-.

و فيه: أنه لا كلية في المدعي كما ادعي خلافه بالنسبة إلي بعض أقسامه.

ثانيها: عدم صدق العنوان علي ما يخرج منه. و فيه: أنه جزافي- كما في بعض كلمات القوم-.

ثالثها: الاجماع علي الطهارة. و فيه: أنه ليس

تعبديا كاشفا.

رابعها: منع صدق مالا يؤكل لحمه علي ما لا نفس له. و فيه: أنه لا كلية في هذه الدعوي و ان كانت صحيحة في الجملة. مضافا إلي أنه يكفي لإثبات النجاسة اطلاق ما دل علي نجاسة البول من النصوص و قد مرت الاشارة اليها.

خامسها: أن ما لا نفس له علي قسمين: أحدهما ما ليس له لحم كالذباب ثانيهما:

ما له لحم أما مالا لحم له فلا مقتضي لنجاسة رجيعه لعدم دليل عام كما مرو عدم تحقق اجماع علي نجاسته ان لم يكن اجماع علي خلافه.

و الانصاف: أنه لا مجال للبحث فان السيرة جارية علي طهارته بحيث يكون خلافها مستنكرا عند المتشرعة.

و أما بوله فيمكن أن يقال: بعدم المقتضي لنجاسته اذ الدليل الدال علي نجاسة بول ما لا يؤكل لحمه لا يشمله لفرض أنه لا لحم له و أما النصوص الدالة علي نجاسة البول علي الاطلاق فلا يبعد أن يقال: بانصرافها عن بول غير الانسان كما

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 127

______________________________

مرت الاشارة اليه قريبا.

و أما علي تقدير عدم الانصراف فربما يقال: بانصرافه عن بول ما لا نفس له لكن مع المنع عن الانصراف إلي خصوص بول الانسان يشكل الالتزام بالانصراف المذكور فلاحظ.

و أما ما يكون له لحم- كالحية و السمك المحرم- فنقول: الكلام في رجيعه هو الكلام اي لا مقتضي لنجاسته و لا اجماع علي النجاسة في المقام.

و أما بوله فيشمله ما دل بعمومه او اطلاقه علي نجاسة بول ما لا يؤكل لحمه لاحظ حديثي ابن سنان «1» فلا بد من التماس دليل يدل علي عدم البأس بالنسبة الي ما لا نفس له.

و قد تمسك سيدنا الاستاد علي اثبات المدعي بما رواه عمار الساباطي عن أبي

عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الخنفساء و الذباب و الجراد و النملة و ما أشبه ذلك يموت في البئر و الزيت و السمن و شبهه قال: كل ما ليس له دم فلا بأس به «2».

بتقريب: أن مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين أن يتفسخ و أن لا يتفسخ و من الظاهر انه في صورة التفسخ يخرج ما في جوفه من الدم و البول و الخرء و مع ذلك حكم عليه السلام بعدم البأس فيعلم أن مالا نفس له لا بأس ببوله و خرئه فلا يكونان نجسين و هو المطلوب.

______________________________

(1) لاحظ ص: 118 و 119.

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب الأسآر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 128

______________________________

و يرد عليه: أن المستفاد من قوله عليه السلام «كل ما ليس له دم فلا بأس به» ان الميتة مالا نفس له لا تفسد ما وقعت فيه نعم اذا كان خروج ما في جوفه من البول و غيره دائميا أو غالبيا لكان الاستدلال بالرواية في محله كي لا يكون الحكم بعدم البأس و الطهارة حيثيا محضا و لكن اثبات الدوام و الغلبة محل الاشكال.

و بعبارة اخري: لا مجال لدعوي الاطلاق- كما في كلام سيدنا الاستاد- فان الاطلاق يقتضي التوسعة فيما هو المنظور و المقصود بالافادة و هو نجاسة الميتة ما لا نفس له و لا يترتب علي الاطلاق حكم آخر.

و مما ذكرنا يظهر الاشكال علي المدعي بما رواه ابن مسكان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: كل شي ء يسقط في البئر ليس له دم مثل العقارب و الخنافس و أشباه ذلك فلا بأس «1» فانه لا اطلاق في الرواية.

و أيضا ظهر مما ذكرنا ما في الاستدلال علي

المدعي بما رواه حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: لا يفسد الماء الا ما كانت له نفس سائلة «2».

بدعوي: أن مقتضي اطلاق قوله عليه السلام: «لا يفسد الماء» عدم تنجس الماء به باي وجه فلا ينفعل الماء بخرئه و بوله و هو المطلوب.

فان المستفاد من هذه الرواية و أمثالها بحسب الفهم العرفي بيان حكم الميتة.

و ان شئت قلت: ان التقدير علي خلاف الاصل فقوله عليه السلام «لا يفسد الماء الا ما كانت له نفس سائلة» ظاهر في كون ما لا نفس له من الحيوان لا يفسد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 129

______________________________

بنفسه الماء و مصداقه منحصر في الميتة اذ ما يخرج منه من البول و نحوه مضاف اليه و ليس نفسه و أن ابيت فلا أقل من الاجمال.

فعليه يشكل الجزم بطهارة بول ما لا يؤكل لحمه مما لا نفس له الا أن يثبت اجماع تعبدي علي الطهارة و أني لنا بذلك فلا بد من الاحتياط هذا تمام الكلام في الفرع الاول.

الفرع الثاني: طهارة بول و خرء ما يؤكل لحمه و لا اشكال و لا كلام في طهارة بول ما يؤكل لحمه في الجملة و الاجماع القطعي قائم علي الطهارة و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال فيه و كل ما يؤكل لحمه فلا بأس ببوله «1».

و منها: ما رواه عمار «2» و منها ما رواه زرارة انهما قالا: لا تغسل ثوبك من بول شي ء يؤكل لحمه «3».

و قد وقع الكلام بين القوم في بول و خرء الدواب الثلاث اي البغال و الحمير و الخيل و

الاقوال فيها مختلفة و المشهور عندهم طهارتها و منشأ الخلاف اختلاف النصوص فلا بد من ملاحظتها و أخذ النتيجة منها:

فنقول: قد دلت جملة من النصوص علي طهارة ما يخرج من الحيوان الذي

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب النجاسات الحديث: 20.

(2) لاحظ ص: 123.

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب النجاسات الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 130

______________________________

يؤكل لحمه لاحظ ما رواه زرارة «1» و ما رواه عمار «2» و ما رواه أبو البختري عن جعفر عن أبيه أن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: لا بأس ببول ما اكل لحمه «3».

و مقتضي هذه الروايات طهارة بول الدواب الثلاث لأنها محللة الاكل.

و يمكن أن يقال: بأن النصوص المذكورة لا تشمل الدواب الثلاث بتقريب ان هذه النصوص ناظرة إلي الحيوان المعد للأكل كالغنم و يشهد لهذه الدعوي بعض النصوص لاحظ ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام في أبواب الدواب يصيب الثوب فكرهه فقلت: أ ليس لحومها حلالا؟ فقال: بلي و لكن ليس مما جعله اللّه للأكل «4».

و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يمسه بعض أبوال البهائم أ يغسله أم لا؟ قال: يغسل بول الحمار و الفرس و البغل فأما الشاة و كل ما يؤكل لحمه فلا بأس ببوله «5».

فان المستفاد من الحديثين ان المقصود بما يؤكل لحمه الحيوان المعد للأكل لا كل حيوان محلل الاكل و يتضح هذا المدعي بالتقابل الواقع في حديث عبد الرحمن.

______________________________

(1) لاحظ ص: 129.

(2) لاحظ ص: 123.

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب النجاسات الحديث: 17.

(4) نفس المصدر الحديث: 7.

(5) نفس المصدر الحديث: 9.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 131

______________________________

و لكن الذي

يهون الخطب ما رواه ابن بكير قال: سأل زرارة أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في الثعالب و الفنك و السنجاب و غيره من الوبر فأخرج كتابا زعم أنه املاء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن الصلاة في وبر كل شي ء حرام أكله فالصلاة حتي يصلي في غيره مما أحل اللّه أكله ثم قال: يا زرارة هذا عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فاحفظ ذلك يا زرارة فان كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره و بوله و شعره و روثه و ألبانه و كل شي ء منه جائز اذا علمت أنه ذكي و قد ذكاه الذبح و ان كان غير ذلك مما قد نهيت عن اكله و حرم عليك أكله فالصلاة في كل شي ء منه فاسد ذكاه الذبح أو لم يذكه «1».

فان المستفاد من هذه الرواية أن الميزان في طهارة بول الحيوان و خرئه حلية أكله بتقريب أنه عليه السلام حكم بعدم البأس بالصلاة في كل شي ء من الحيوان الذي يحل أكله و من الظاهر أنه لو كان بول الحيوان نجسا لا تجوز الصلاة فيه و الحال أنه قد صرح في الرواية بالجواز اي جواز الصلاة في روث و بول الحيوان الذي يحل أكله فالمقتضي للطهارة موجود.

و يدل علي الطهارة حديثان آخر ان أحدهما ما رواه أبو الأغر النحاس قال: قلت لأبي عبد اللّه: اني اعالج الدواب فربما خرجت بالليل و قد بالت وراثت فيضرب أحدها برجله أو يده فينضح علي ثيابي فاصبح فأري أثره فيه، فقال: ليس عليك شي ء «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب النجاسات الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين،

ج 3، ص: 132

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بأبي الاغر حيث انه لم يوثق.

ثانيهما: ما رواه معلي بن خنيس و عبد اللّه بن أبي يعفور قالا: كنا في جنازة و قدامنا حمار فبال فجاءت الريح ببوله حتي صكت وجوهنا و ثيابنا فدخلنا علي أبي عبد اللّه فاخبرناه فقال: ليس عليكم بأس «1».

و هذه الرواية ضعيفة بحكم بن مسكين فلا مجال للاعتماد عليهما و عمل المشهور بهما علي فرض تحققه لا يوجب اعتبارهما كما هو الميزان الكلي.

و في المقام طائفة اخري من النصوص قد دلت علي نجاسة أبوال الدواب الثلاث فمن تلك النصوص ما رواه أبو مريم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

ما تقول في أبواب الدواب و أرواثها؟ قال: أما أبوالها فاغسل ما (ان) أصاب ثوبك و أما أرواثها فهي أكثر (أكبر) من ذلك «2».

و منها: ما رواه عبد الرحمن «3». و منها: ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أبوال الخيل و البغال فقال: اغسل ما أصابك منه «4».

و منها: ما رواه عبد الاعلي بن أعين قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أبوال الحمير و البغال قال: اغسل ثوبك قال: قلت: فأرواثها قال: هو أكثر (أكبر) من ذلك «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 14

(2) نفس المصدر الحديث: 8.

(3) لاحظ ص: 130.

(4) الوسائل الباب 9 من أبواب النجاسات الحديث: 11

(5) نفس المصدر الحديث: 13.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 133

______________________________

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن الثوب يوضع في مربط الدابة علي بولها أو روثها قال: ان علق به شي ء فليغسله و ان أصابه شي ء من الروث أو الصفرة التي يكون معه فلا تغسله من صفرته «1».

و

منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن أبوال الدواب و البغال و الحمير، فقال: اغسله فان لم تعلم مكانه فاغسل الثوب كله فان شككت فانضحه «2».

و منها: ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الثوب يقع في مربط الدابة علي بولها و روثها كيف يصنع؟ قال:

ان علق به شي ء فيغسله و ان كان جافا فلا بأس «3».

و حيث ان ما دل علي الطهارة ضعيف سندا فلا مناص من تخصيص ما يدل علي طهارة بول ما يؤكل لحمه بالاطلاق بهذه النصوص الخاصة الدالة علي النجاسة.

فالمتحصل من النصوص نجاسة أبوال الدواب الثلاث و أرواثها و لكن مع ذلك كله لا يمكن الالتزام بالنجاسة فان السيرة الخارجية علي خلافها و ارتكاز المتشرعة يقتضي طهارتها.

و ان شئت قلت: هذا الموضوع مورد ابتلاء العام بحيث لو كان الحكم الشرعي النجاسة لشاع و ذاع و لم تتحقق الشهرة علي خلافها و كذلك الارتكاز المتشرعي فيعلم أن الحكم هي الطهارة و اللّه العالم بحقائق الاشياء هذا بالنسبة إلي أبواب الدواب الثلاث.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 19

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 21

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 134

______________________________

و أما أوراثها فافاد سيدنا الاستاد- علي ما في التقرير- أن أوراثها طاهرة جزما لورود أخبار كثيرة دالة علي الطهارة ربما يدعي استفاضتها.

و فيه: أولا لم نظفر علي روايات كثيرة دالة علي المدعي و ثانيا في قبال أخبار الطهارة عدة نصوص دالة علي النجاسة فنقول: قد دلت جملة من النصوص علي طهارتها لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بروث الحمير و اغسل أبوالها «1». و ما

رواه أبو الاغر «2». مضافا إلي حديث ابن بكير الدال علي طهارة روث الدواب بالتقريب المتقدم ذكره «3». بالاضافة الي حديث محمد الحلبي أنه قال لأبي عبد اللّه عليه السلام السرقين الرطب أطأ عليه فقال: لا يضرك مثله «4». و في المقام عدة روايات تدل علي نجاستها لاحظ احاديث: أبي مريم و عبد الاعلي و علي بن جعفر «5».

فتقع المعارضة بين الطرفين و حيث ان العامة قائلون بالنجاسة يكون الترجيح في الطائفة الاولي الدالة علي الطهارة بالاضافة إلي السيرة و الارتكاز.

اضف إلي ذلك أن الالتزام بالنجاسة ربما يؤدي إلي الحرج سيما في الازمنة السابقة فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 131.

(3) لاحظ ص: 131.

(4) الوسائل الباب 9 من أبواب النجاسات الحديث: 3.

(5) لاحظ ص: 132 و 133

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 135

[مسألة 358: بول الطير و ذرقة طاهران و ان كان غير مأكول اللحم]

(مسألة 358): بول الطير و ذرقة طاهران و ان كان غير مأكول اللحم (1).

______________________________

(1) الطير اذا كان محلل الاكل فلا اشكال في طهارة بوله و ذرقه و يكفي لإثبات المدعي حديث ابن بكير المتقدم ذكره «1» و انما الكلام في محرم الاكل و المشهور نجاسة بوله و خرئه.

و في قبال قول المشهور قولان آخران: أحدهما القول بالطهارة ثانيهما: التفصيل بين البول و الخرء بكون الثاني طاهرا و التردد في الاول و منشأ الاختلاف بين الاصحاب اختلاف النصوص فلا بد من ملاحظتها و استفادة الحكم الشرعي منها.

فنقول: النصوص الواردة علي طوائف: الطائفة الاولي: ما دل علي نجاسة البول علي الاطلاق لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «2» و ما رواه ابن أبي يعفور «3» و ما رواه أبو اسحاق النحوي «4». فان مقتضي اطلاق هذه النصوص نجاسة بول الحيوان و لو كان طاهرا

فاذا ثبت نجاسة بوله يثبت نجاسة خرئه بعدم القول بالفصل و هذا التقريب غير تام اذ لم يتحقق اجماع علي عدم الفصل- كما ظهر من اختلاف الاقوال- و علي تقدير تحققه لا يكون اجماعا تعبديا كاشفا.

فالنتيجة: ان مقتضي اطلاق تلك النصوص نجاسة بول الطائر الذي لا يحل أكله الا أن يقال: بأن تلك النصوص منصرفة إلي خصوص بول الانسان فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 131.

(2) لاحظ ص: 119.

(3) لاحظ ص: 119.

(4) لاحظ ص: 119.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 136

______________________________

الطائفة الثانية ما يدل باطلاقه أو عمومه علي نجاسة بول ما يحرم أكله لاحظ حديثي ابن سنان «1».

الطائفة الثالثة: ما يدل علي أن كل طائر لا بأس ببوله و خرئه لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل شي ء يطير فلا بأس ببوله و خرئه «2».

و النسبة بين الاخيرتين العموم من وجه فان ما به الافتراق في الطائفة الثانية غير الطائر مما يحرم أكله و ما به الافتراق في الطائفة الثالثة الطائر الذي يحل أكله و مركز التعارض و الاجتماع المحرم الاكل من الطائر فلا بد من العلاج.

و لا يخفي أن الشهرة الفتوائية ليست من المرجحات- كما حقق في محله- كما أن مجرد كون الروايات أكثر في طرف من المتعارضين لا يوجب ترجيح ذلك الطرف و أيضا كون أحد الطرفين أصح سندا من الطرف الاخر لا يقتضي الترجيح.

و عن الشيخ الانصاري قدس سره: أنه رجح مقالة المشهور بتقريب: أن في المقام رواية يستفاد منها أن الميزان في خرء الطائر حلية أكله و تلك الرواية ما رواه عمار بن موسي عن الصادق عليه السلام قال: خرء الخطاف لا بأس به هو مما يؤكل لحمه و

لكن كره أكله لأنه استجار بك و أوي إلي منزلك و كل طير يستجير بك فاجره «3».

بدعوي: أنه علل في الرواية طهارة خرء الخطاف بكونه محلل الاكل بتقريب:

ان المستفاد من الرواية أن الميزان في طهارة فضلات الطيور حلية أكلها اذ لو كان

______________________________

(1) لاحظ ص: 118 و 119.

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب النجاسات الحديث: 20.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 137

______________________________

العلة هو الطيران لكان الاولي التعليل به لا بحلية الاكل.

و أورد عليه سيدنا الاستاد بأن الشيخ الطوسي قدس سره نقل الرواية بطريقه عن عمار باسقاط لفظ الخرء و مع الاختلاف تصبح الرواية مضطربة ساقطة عن الاعتبار.

و يرد عليه: أن هذه الرواية اما رواية واحدة نقلت بنحوين أو متعددة أما علي التقدير الثاني فلا مجال للإشكال المذكور كما هو ظاهر و أما علي الاول فيدور الامر بين الزيادة و النقيصة و الميزان عندهم ترجيح جانب الزيادة بدعوي أن الاشتباه في الزيادة أبعد من الاشتباه في النقيصة فلا يتوجه الاشكال المذكور.

نعم يمكن الاشكال في كلام الشيخ قدس سره بوجه آخر و هو أنه لا ظهور في الرواية في أنه عليه السلام في مقام تعليل طهارة خرء الخطاف و ذلك لأنه عليه السلام ذيل كلامه بقوله: «و لكن كره» الي آخره فمن الممكن أنه في مقام بيان أن الخطاف حلال أكله لكنه مكروه لأجل الاستجارة فلا يرتبط هذا الكلام بطهارة خرئه و هذا الايراد قوي و يظهر بأدني تأمل في الرواية فعليه لا بد من علاج التعارض.

فنقول: ما قيل أو يمكن أن يقال في علاج التعارض امور:

منها: أن حديث أبي بصير يدل علي الطهارة بالعموم الوضعي و أما حديث ابن سنان

فعمومه بالاطلاق و العام الوضعي قابل للتصرف به في العموم الاطلاقي.

ان قلت: ان احد حديثي ابن سنان بالعموم الوضعي أيضا فلا ترجيح من هذه الجهة.

قلت: الامر و ان كان كذلك لكن هذه الرواية مخدوشة سندا لان علي بن محمد الذي يروي عنه الكليني كيف يمكنه الرواية عن عبد اللّه بن سنان مع هذا

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 138

______________________________

الفصل الزماني و لو فرضنا بقاء الراوي عن ابن سنان إلي زمان الكليني لم يؤثر في الاعتبار اذ لا نعرفه فالسند ساقط اما بالقطع و عدم اتصال السند و اما بكون الراوي عن ابن سنان مجهولا فالتقريب المذكور للترجيح مصون من الاشكال المزبور.

و منها: أنه لا بد في استقرار المعارضة بين العامين من وجه من عدم استلزام ترجيح أحد الطرفين اللغوية في طرف الاخر بأن لا يبقي تحته شي ء أو كون الباقي نادرا ملحقا بالعدم و في المقام لو قدم حديث ابن سنان علي حديث أبي بصير لا يبقي الا الطائر الذي يحل أكله و لم يعهد له البول بخلاف العكس اذ من الواضح انه لو اخرج الطائر من تحت دليل النجاسة يبقي كثير من الحيوانات التي لا يحل أكلها و يحكم بنجاسة بولها.

و هذا التقريب لا بأس به لكن كون الامر كذلك بالنسبة إلي الطائر المحلل أول الكلام و الاشكال.

و منها: أنه لو قدم حديث أبي بصير و حكم بطهارة بول الطائر علي الاطلاق لا تلزم اللغوية في العنوان المأخوذ في حديث ابن سنان كما هو ظاهر فان مقتضاه نجاسة بول كل حيوان محرم الاكل و هو كثير، و أما لو عكس الامر و قدم حديث ابن سنان تلزم لغوية العنوان المأخوذ في حديث أبي بصير لان

الطائر الذي يحل أكله يكون بوله طاهرا بعنوان حلية أكله و أما الطائر الذي يحرم أكله فبوله و خرئه نجس علي التقريب المذكور فعنوان الطيران يصبح لغوا و هذا أحد الوجوه المرجحة لترجيح أحد المتعارضين علي الاخر.

فالمتحصل: أن الطائر غير محلل الاكل خرئه و بوله طاهران.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 139

كالخفاش (1).

______________________________

(1) وقع الكلام بين القوم في فضلات الخفاش و يقع الكلام تارة في بوله و اخري في خرؤه أما بوله فما يمكن أن يستدل به علي نجاسته أمور:

الاول: الاجماع. و حال الاجماع في الاشكال ظاهر.

الثاني ما دل علي نجاسة مطلق البول لاحظ ما رواه محمد «1» الا أن يقال: بأن البول المذكور في النصوص منصرف إلي بول الانسان فلا يشمل غيره.

الثالث: حديث ابن سنان «2» فان المستفاد منه كما مر أن الميزان في الطهارة و النجاسة حلية أكل الحيوان و حرمته و لكن يعارضه حديث أبي بصير «3» فانه بعمومه الوضعي يدل علي طهارة بول الطائر و خرؤه و قد مر أن مقتضي الجمع بين الطرفين ترجيح حديث أبي بصير لكون عمومه بالوضع.

الرابع: ما رواه داود الرقي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن بول الخشاشيف يصيب ثوبي فأطلبه فلا أجده فقال: اغسل ثوبك «4» و هذه الرواية ضعيفة بيحيي بن عمر و بطريقها الاخر مرسلة فلاحظ.

مضافا إلي أن الرواية معارضة بما رواه غياث عن جعفر عن أبيه قال: لا بأس بدم البراغيث و البق و بول الخشاشيف «5».

و يحتمل أن يكون ما رواه غياث معتبرا سندا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 119.

(2) لاحظ ص: 123

(3) لاحظ ص: 136

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب النجاسات الحديث: 4.

(5) نفس المصدر الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 140

و

الطاوس و نحوهما (1).

[مسألة 359: ما يشك في أنه له نفس سائلة محكوم بطهارة بوله و خرئه]

(مسألة 359): ما يشك في أنه له نفس سائلة محكوم بطهارة بوله و خرئه (2).

______________________________

هذا بالنسبة إلي بوله و أما خرؤه فان قلنا بالتلازم بين بول الحيوان و خرؤه في الطهارة و النجاسة و بنينا علي الطهارة فالامر ظاهر و الا نلتزم أيضا بالطهارة لعدم دليل علي نجاسة خرؤه بالخصوص.

(1) قد ظهر مما ذكرنا أن الطائر لا بأس ببوله و خرؤه.

(2) بتقريب: أن مقتضي العام نجاسة بول كل حيوان محرم الاكل و انما خرج من تحته عنوان ما لا نفس له و بالاستصحاب العدم الازلي يحرز العنوان فان مقتضي الاستصحاب عدم كون الحيوان الكذائي ذا نفس سائلة فلا يشمله العام بل يشمله عنوان المخصص فيكون طاهرا.

لكن هذا انما يتم علي فرض القول بوجود دليل دال علي طهارة بول ما لا نفس له و هذا محل الكلام و الاشكال كما مر.

و بما ذكرنا ظهر أنه لا مجال لان يقال: ان مقتضي الاستصحاب عدم كون المشكوك فيه من أفراد الخاص فيشمله دليل نجاسة بول كل حيوان محرم الاكل.

و بعبارة اخري: كون الحيوان محرم الاكل بالوجدان و عدم كونه مما لا نفس له يثبت بالاصل فيحكم بنجاسة بوله و خرئه، فان هذا التقريب غير تام و ذلك لأنه انما يتم فيما يكون عنوان الخاص عنوانا وجوديا يحرز عدمه باستصحاب العدم فيدخل تحت العام كما لو قال المولي اكرم العلماء الا العالم الفاسق فانه لو شك في فسق عالم يمكن احراز عدمه بالاصل فيجب اكرامه بلحاظ وجوب اكرام

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 141

______________________________

مطلق العالم و أما في المقام فلا يتم هذا البيان اذ العنوان عدمي و هو عدم كونه ذا نفس سائلة و هذا مورد

الاصل اي الاصل يثبت عنوان الخاص فلاحظ.

و بما ذكرنا ظهر أنه لا تصل النوبة إلي اصالة الطهارة فانه مع وجود الاصل الموضوعي لا تصل النوبة إلي الاصل الحكمي كما هو المقرر.

و مع الاغماض عما ذكر لا نري مانعا من إجراء اصالة الطهارة أيضا.

و في المقام اشكال من صاحب الجواهر قدس سره و هو التردد في إجراء الاصل بدعوي: أن الشارع حكم بنجاسة فضلة الحيوان الذي يحرم أكله الا فيما لا نفس سائلة له فلا بد في مورد الشك من الاختبار.

و بعبارة اخري: يكون المقام نظير امر الشارع بالصلاة إلي القبلة و في الوقت فلا بد من احراز القيود و لا مجال للأصل فكذلك في المقام لا مجال لإجراء الاصل بل لا بد من الاحراز.

و يرد علي هذا البيان أولا أنه بالاستصحاب يحرز عدم كونه مما له نفس فلا يكون المكلف شاكا بل بحكم الشارع محرز لكونه مما ليست له نفس سائلة.

و ثانيا: لا مجال لقياس المقام علي مثال القبلة و الوقت فانه فرق بين القيود اذ تارة يكون القيد قيدا للمأمور به و اخري يكون قيدا للأمر فعلي الاول لا بد من الاحراز لان الاشتغال معلوم فلا بد من احراز البراءة و أما علي الثاني فلا مانع من إجراء الاصل اذ الشك في التكليف و الشك في التكليف مورد الاصل بلا فرق بين كونه حكمية و كونه موضوعية فلاحظ.

و صفوة القول. انه ان قلنا بتمامية الدليل علي طهارة بول ما لا نفس له فيمكن احراز الموضوع بالاستصحاب كما ذكرنا و لا تصل النوبة إلي قاعدة الطهارة و أما ان قلنا بأن الدليل القائم علي المدعي مورد الاشكال كما مر فيكفي لإثبات النجاسة

مباني منهاج الصالحين، ج 3،

ص: 142

و كذا ما يشك في أنه محلل الاكل أو محرمه (1).

______________________________

ما يدل علي نجاسة بول ما حرم أكله.

(1) في المقام فرعان: احدهما: ما لو شك في الحلية و الحرمة من جهة الشبهة الحكمية. ثانيهما من جهة الشبهة الموضوعية.

أما الفرع الاول فمقتضي اصالة الطهارة طهارة بوله و خرئه مثلا لو تولد من الكلب و الشاة حيوان لا يصدق عليه شي ء من العنوانين يكون مقتضي اصالة الطهارة طهارة فضلته.

و ربما يقال: ان المستفاد من الدليل أن الحيوان الذي لا يحل أكله تكون فضلته نجسا و يمكن احراز عنوان العام باستصحاب عدم حلية الحيوان بنحو الاصل الازلي حيث ان الحيوان المزبور لم يكن حلالا قبل الشرع و مقتضي الاستصحاب بقائه علي ما كان.

و أورد سيدنا الاستاد علي هذا التقريب بأنه لا مجال للأصل اذ يكفي للحلية مجرد عدم الالزام باحد الطرفين فان الحلية عبارة عن عدم الالزام باحد طرفي الفعل و الترك.

و بعبارة اخري: الحلية لا تحتاج إلي الجعل بل يكفي لها مجرد عدم الالزام فلا مجال لاستصحاب عدم الحلية.

و الانصاف أنه لا يمكن الاذعان بهذا المدعي فانه خلاف الظاهر من الادلة لاحظ حديث ابن بكير «1» فان الظاهر بل الصريح في كلامه عليه السلام أن الحيوان علي قسمين: قسم حرم الشارع أكله و قسم حلل الشارع أكله.

______________________________

(1) لاحظ ص: 131

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 143

______________________________

و بعبارة اخري: المستفاد من الرواية ان الحلية كالحرمة أمر جعلي و زمامه بيد الشارع الاقدس و قس علي هذا الحديث كثيرا من النصوص الدالة علي أن الحلية أمر مجعول من قبل الشارع لاحظ ما رواه عذافر عن أبي جعفر عليه السلام قال:

قلت له: لم حرم اللّه الخمر و الميتة و لحم

الخنزير و الدم؟ فقال: ان اللّه تبارك و تعالي لم يحرم ذلك علي عباده و أحل لهم ما وراء ذلك من رغبة فيما أحل لهم و لا زهد فيما حرمه عليهم و لكنه خلق الخلق فعلم ما تقوم به أبدانهم و ما يصلحهم فأحله لهم و أباحه لهم و علم ما يضرهم فنهاهم عنه ثم أحله للمضطر في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به «1».

و لاحظ ما رواه علي بن الحسين المرتضي في رسالة المحكم و المتشابه نقلا من تفسير النعماني باسناده عن علي عليه السلام قال: و اما ما في القرآن تأويله في تنزيله فهو كل آية محكمة نزلت في تحريم شي ء من الامور المتعارفة التي كانت في أيام العرب تأويلها في تنزيلها فليس يحتاج فيها إلي تفسير أكثر من تأويلها و ذلك مثل قوله تعالي في التحريم: حرمت عليكم امهاتكم و بناتكم و أخواتكم إلي آخر الاية و قوله: انما حرمت عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير الاية و قوله تعالي:

يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّٰهَ وَ ذَرُوا مٰا بَقِيَ مِنَ الرِّبٰا الاية إلي قوله: وَ أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبٰا و قوله تعالي: قُلْ تَعٰالَوْا أَتْلُ مٰا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلّٰا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً الي آخر الاية و مثل ذلك في القرآن كثير مما حرم اللّه سبحانه لا يحتاج المستمع له إلي مسألة عنه و قوله عز و جل في معني التحليل: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعٰامُهُ

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الأطعمة المباحة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 144

______________________________

متاعا لكم و للسيارة و قوله: و اذا حللتم فاصطادوا و قوله تعالي: يَسْئَلُونَكَ مٰا ذٰا أُحِلَّ لَهُمْ

قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبٰاتُ وَ مٰا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوٰارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمّٰا عَلَّمَكُمُ اللّٰهُ و قوله: وَ طَعٰامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ و قوله: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعٰامِ إِلّٰا مٰا يُتْليٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ و قوله: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيٰامِ الرَّفَثُ إِليٰ نِسٰائِكُمْ و قوله: لٰا تُحَرِّمُوا طَيِّبٰاتِ مٰا أَحَلَّ اللّٰهُ لَكُمْ و مثله كثير «1».

و لاحظ ما رواه الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول عن الصادق عليه السلام «2». الي غيرها من النصوص في الابواب المختلفة.

فان المستفاد من هذه النصوص أن الحلية كغيرها من الاحكام مجعولة من قبل الشارع بل يستفاد من جملة من الآيات القرآنية أن الحلية مجعولة لجملة من الامور لاحظ بعض الآيات المذكور في ما نقلناه عن رسالة المحكم و المتشابه.

و الادعاء المذكور من سيدنا الاستاد علي خلاف هذه الروايات و الآيات و دعوي بلا دليل بل الادلة علي خلافها.

مضافا إلي أن الاهمال في الواقع غير معقول فان الشارع الاقدس بيده الامور التشريعية و لا بد من متابعته و عليه نسأل: المباح- كأكل التفاح مثلا- يكون من قبله مأذونا فيه أم لا؟ فعلي الاول يكون حلالا و قد اذن فيه و علي الثاني لا يكون حلالا.

فالنتيجة: أن ما أفاده غير تام فلا بد في رفع اليد من جريان استصحاب عدم الحلية من التماس وجه آخر.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 145

______________________________

و الذي يخطر بالبال أن يقال: انه لو كان استصحاب عدم الحلية حجة و جاريا يلزم لغوية دليل اصالة البراءة اذ ما من مورد تجري فيه البراءة الا و أن الاستصحاب يقتضي

عدمها فما فائدة جعل أصل البراءة في الاحكام الكلية الإلهية بل مقتضي الاستصحاب المذكور عدم الحلية في الشبهات الموضوعية لعين التقريب المذكور في جريانه في الحكم الكلي فلازم اعتبار هذا الاستصحاب لغوية جعل البراءة و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم الفاسد؟!!.

مضافا إلي أن المستفاد من حديث ابن سنان «1» أن الميزان في نجاسة البول و الخرء حرمة أكل الحيوان لا عدم حليته.

فالنتيجة: أنه لا مانع من جريان اصالة الطهارة في فضلة الحيوان الذي لا يكون معنونا بعنوان مخصوص و هل يمكن الحكم بطهارة بوله و خرئه بجريان اصالة الحلية في لحمه؟ بتقريب: أن الحيوان اذا كان محلل الاكل يكون بوله طاهرا.

الذي يمكن أن يقال: ان التلازم المستفاد من الحديث هو التلازم الواقعي الموجود بين الحلية و الطهارة و أما الحيوان اذا حكم عليه بالحلية ظاهرا فلا وجه للحكم بطهارة بوله لعدم الدليل.

نعم حيث ان النجاسة من أحكام محرم الاكل يمكن اثبات عدم نجاسة البول و الخرء باستصحاب عدم جعل الحرمة لأكل لحمه فان مقتضي الاستصحاب عدم كونه حراما و الاستصحاب اصل محرز و مع احراز عدم جعل الحرمة يثبت عدم جعل النجاسة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 118

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 146

______________________________

تنبيه: ربما يقال: بأن الاصل الاولي في اللحوم في الشبهة الحكمية هي الحرمة بتقريب أن أكل الحيوان حال الحياة حرام و مقتضي الاستصحاب بقاء تلك الحرمة.

و يرد عليه أولا أنه اي دليل دل علي حرمة الحيوان الحي و لذا نري أنهم يجوزون ابتلاع السمكة الحية.

ان قلت: بمقتضي حصر الجواز في المذكي لا يجوز الا أكل الحيوان المذكي.

قلت: التذكية تقع علي الحيوان المذبوح أو المصاد و بعبارة اخري: تحقق التذكية يتوقف علي خروج الروح من البدن فلا

موضوع للتذكية بالنسبة إلي الحيوان الحي.

و ثانيا: قد مر منا مرارا في هذا الشرح أن الاستصحاب لا يجري في الحكم الكلي.

و ثالثا: انه لا مجال للاستصحاب مع وجود الدليل الاجتهادي و مقتضي جملة من الآيات حلية لحم الحيوان الا ما خرج بالدليل:

منها قوله تعالي: يَسْئَلُونَكَ مٰا ذٰا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبٰاتُ وَ مٰا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوٰارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمّٰا عَلَّمَكُمُ اللّٰهُ فَكُلُوا مِمّٰا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللّٰهِ عَلَيْهِ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ إِنَّ اللّٰهَ سَرِيعُ الْحِسٰابِ «1».

و منها: قوله تعالي: قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَليٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّٰا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّٰهِ «2».

______________________________

(1) المائدة/ 3

(2) الانعام/ 145

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 147

______________________________

فالمتحصل: أنه في الشبهة الحكمية يكون مقتضي الدليل الاجتهادي و الاصل العملي هي الحلية فلا مجال لان يقال: ان مقتضي الاصل حرمة أكل الحيوان و يترتب عليه نجاسة بوله و خرئه بمقتضي حديث ابن سنان.

مضافا إلي أن المستفاد من الدليل أن الموضوع المأخوذ في الادلة حرمة الحيوان بما هو حيوان اما بعنوانه الاولي كالسباع أو بعنوانه الثانوي كالجلال و الموطوء و أما الحرمة العارضة بالعنوان العرضي- ككونه مغصوبا أو كونه غير مذكي- فلا يترتب علي مثل هذه الحرمة نجاسة البول و الخرء.

اضف إلي ذلك أن التلازم الشرعي بين الحرمة و النجاسة انما يكون بين الحرمة الواقعية و النجاسة و أما الحرمة المترتبة عليه ظاهرا بمقتضي الاصل العملي فلا يترتب عليها النجاسة و عليه لو فرضنا أن مقتضي الاصل في مورد الشك هي الحرمة لم يترتب عليه نجاسة البول و الخرء للحيوان فلا تغفل.

الا أن يقال:

بأن الاستصحاب اصل محرز و يترتب عليه آثار الواقع فلاحظ.

هذا تمام الكلام في الفرع الاول.

و اما الفرع الثاني و هو ما يكون الشك في النجاسة و الطهارة من جهة الشك من جهة الشبهة الموضوعية فأيضا لا مانع من اجراء اصالة الطهارة بل يكفي لإثباتها عدم كون الحيوان محرم الاكل فان الشك في الطهارة مسبب من كون الحيوان حراما أو حلالا و مع الاصل السببي لا تصل النوبة إلي الاصل المسببي فببركة استصحاب عدم كون الحيوان محرم الاكل يثبت طهارة بوله و خرئه.

لكن يشكل بأن هذا يتوقف علي القول بحجية المثبت توضيحه أن المستفاد من الدليل أن الميزان في النجاسة حرمة الاكل كما أن الميزان للطهارة حليته

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 148

[الثالث: المني من كل حيوان له نفس سائلة]

الثالث: المني من كل حيوان له نفس سائلة و ان حل أكل لحمه و أما مني ما لا نفس له سائلة فطاهر (1).

______________________________

و استصحاب عدم كون الحيوان محرم الاكل لا يثبت انه محلل الاكل الا بتقريب الاثبات.

اللهم الا ان يقال: انه يكفي لنفي النجاسة اصالة عدم كونه محرم الاكل و لا نحتاج إلي اثبات الطهارة كي يقال بأنه يتوقف علي القول بالاثبات فلاحظ.

(1) يستفاد مما أفاده الماتن في المقام فروع:

الاول: أن مني الانسان نجس و لا اشكال في نجاسته فانه من الواضحات و تدل علي المدعي مضافا إلي الاجماع و الضرورة جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام: قال سألته عن المذي يصيب الثوب فقال: ينضحه بالماء ان شاء و قال في المني يصيب الثوب قال: ان عرفت مكانه فاغسله و ان خفي عليك فاغسله كله «1».

و في قبال النصوص الدالة علي النجاسة طائفة اخري من النصوص يمكن

أن يقال بأنه يستفاد منها طهارة المني لاحظ ما رواه زرارة قال: سألته عن الرجل يجنب في ثوبه أ يتجفف فيه من غسله؟ فقال: نعم لا بأس به الا أن تكون النطفة فيه رطبة فان كانت جافة فلا بأس «2».

و ما رواه أبو اسامة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام تصيبني السماء و علي ثوب فتبله و أنا جنب فيصيب بعض ما أصاب جسدي من المني أ فأصلي فيه؟ قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 3، ص: 148

(2) الوسائل الباب 27 من أبواب النجاسات الحديث: 7.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 149

______________________________

نعم «1».

و لكن لا يمكن رفع اليد عن المدعي بهذه الطائفة و لا بد من حملها علي بعض الوجوه منها كونها موافقة مع بعض العامة- علي ما نقل- و محصل الكلام أنه لا اشكال و لا كلام في نجاسة مني الانسان.

الفرع الثاني: المني من الحيوان الذي يكون محرم الاكل و ذا نفس سائلة فانه نقل الاجماع علي نجاسته و تدل علي المدعي النصوص الدالة علي نجاسة المني اذ لا وجه لانصرافها إلي خصوص مني الانسان الا أن يقال: بندرة ابتلاء الانسان بمني غيره من الحيوانات.

و يرد عليه أولا: ان ندرة الابتلاء به أول الكلام. و ثانيا: أن ندرة الابتلاء لا تقتضي الانصراف و ملخص الكلام أن اطلاقات النصوص محكمة.

الفرع الثالث: المني من الحيوان الحلال ذي نفس سائله كالبقر و أمثاله فانه نقل عليه الاجماع أيضا و قد ظهر مما تقدم أنه يكفي لإثبات المدعي اطلاق نصوص نجاسة المني.

و في المقام

روايتان تعارضان نصوص النجاسة أحدهما ما رواه عمار «2» فان اطلاق قوله: «فلا بأس بما يخرج منه» يشمل مني الحيوان و النسبة بين الطرفين بالعموم من وجه و يقع التعارض بين الطرفين في مني الحيوان المحلل.

و اختصاص المراد مما يخرج منه بالبول و الروث- كما في الحدائق- عهدة اثباته عليه و لا وجه له فلا بد من العلاج و يمكن القول بأن الترجيح مع حديث

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 123

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 150

______________________________

عمار و يترتب عليه الطهارة لمخالفتها مع العامة- علي ما يظهر من خلاف الشيخ قدس سره «1» كما أنه لو قلنا: بأن مقتضي التعارض التساقط تصل النوبة الي الطهارة.

ثانيهما ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: ان كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره و بوله و شعره و روثه و ألبانه و كل شي ء منه جائز اذا علمت أنه ذكي «2».

فان مقتضي هذا الخبر أن كل حيوان يكون حلالا يجوز الصلاة في كل شي ء منه و لا شبهة في أن المني من مصاديق هذا الكلي فمنيه طاهر بمقتضي هذا الخبر.

و قال صاحب الحدائق: «المراد هي الاشعار و الاوبار و الجلود و نحوها فلا يشمل الدليل مني الحيوان».

بدعوي أن الحكم بعدم البأس حيثي فلا ينافي نجاسة المني بدليل آخر.

و بعبارة اخري: الحكم بعدم البأس في حديث زرارة بلحاظ كونه محلل الاكل فلا ينافي البأس من ناحية اخري و هي النجاسة.

و الحق أن هذه الدعوي خلاف ظاهر الدليل فان الظاهر منه أنه في مقام بيان الحكم الفعلي فالمستفاد من الحديث أن الحيوان اذ حل أكله يجوز الصلاة في منيه و بالملازمة تثبت طهارته فيقع التعارض

بين خبر زرارة و نصوص نجاسة المني علي نحو الاطلاق و الترجيح مع حديث زرارة لكون عمومه وضعيا فالنتيجة هي

______________________________

(1) كتاب الخلاف ج 1 ص: 182

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب النجاسات ذيل الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 151

[الرابع: الميتة من الحيوان ذي النفس السائلة]
اشارة

الرابع: الميتة من الحيوان ذي النفس السائلة (1).

______________________________

الطهارة لكن هل يمكن رفع اليد عن الاجماع القائم علي النجاسة؟ فان الالتزام بالطهارة خلاف التورع.

الفرع الرابع: المني من الحيوان الذي ليس له نفس سائلة فان كان محلل الاكل فلا اشكال في طهارته لدلالة حديث زرارة مضافا إلي الاجماع المدعي علي الطهارة و أما ان كان من محرم الاكل كمني الحية فيشكل الجزم بالطهارة بعد وجود الاطلاقات و قد تقدم أن الانصراف المدعي بلا وجه بعد صدق اللفظ بما له من المفهوم علي مني غير الانسان فلا مناص من الاحتياط.

(1) بلا اشكال و لا كلام بينهم بل ادعي أن نجاسة الميتة من ضروريات المذهب بل من ضروريات الدين هكذا نقل عن الجواهر.

و كيف كان استدل علي المدعي بطوائف من النصوص:

الطائفة الاولي: ما يدل علي نزح البئر لموت جملة من الحيوانات فمن تلك النصوص ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان سقط في البئر دابة صغيرة أو نزل فيها جنب نزح منها سبع دلاء فان مات فيها ثور أو صب فيها خمر نزح الماء كله «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سقط في البئر شي ء صغير فمات فيها فانزح منها دلاء و أن وقع فيها جنب فانزح منها سبع دلاء و ان مات فيها بعير أو صب فيها خمر فلتنزح «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من

أبواب الماء المطلق الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 152

______________________________

و منها: رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفارة تقع في البئر أو الطير قال: ان أدركته قبل أن ينتن نزحت منها سبع دلاء و ان كانت سنورا أو أكبر منه نزحت منها ثلاثين دلوا أو أربعين دلوا و ان أنتن حتي يوجد ريح النتن في الماء نزحت البئر حتي يذهب النتن من الماء «1».

و منها: ما رواه زرارة و محمد بن مسلم و بريد بن معاوية عن أبي عبد اللّه أو أبي جعفر عليهما السلام في البئر تقع فيها الدابة و الفارة و الكلب و الخنزير و الطير فيموت قال: يخرج ثم ينزح من البئر دلاء ثم اشرب منه و توضأ «2».

و منها: ما رواه أبو العباس الفضل البقباق قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام في البئر يقع فيها الفارة أو الدابة أو الكلب أو الطير فيموت قال: يخرج ثم ينزح من البئر دلاء ثم يشرب منه و يتوضأ «3».

و منها ما رواه أبو أسامة زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الفارة و السنور و الدجاجة و الكلب و الطير قال: فاذا لم يتفسخ أو يتغير طعم الماء فيكفيك خمس دلاء و ان تغير الماء فخذ منه حتي يذهب الريح «4».

و منها ما رواه أبو سعيد المكاري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا وقعت الفارة في البئر فتسلخت فانزح منها سبع دلاء «5» الي غيرها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب الماء المطلق الحديث: 4.

(2) نفس المصدر الحديث: 5.

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) الوسائل الباب 19 من أبواب

الماء المطلق الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 153

______________________________

بتقريب أن المستفاد من هذه النصوص نجاسة ماء البئر بموت الحيوان فيه فيفهم نجاسة الميتة.

ان قلت: بناء الاصحاب علي عدم نجاسة البئر بموت الحيوان فيه. قلت:

غاية ما في الباب رفع اليد عن نجاسة البئر لكن لا نرفع اليد عن دلالة النصوص علي نجاسة الميتة.

و ان شئت قلت: ان هذه النصوص تدل علي انفعال ماء البئر بملاقاته النجس و تدل أيضا علي كون الميتة نجسا لكن نرفع اليد من احدي الدلالتين و تبقي الاخري بحالها.

و لقائل أن يقول: ان نصوص المنزوحات لا تدل علي النجاسة اذ قد امر بالنزح بلحاظ وقوع الحيوان فيه أو وقوع الجنب لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان «1» و من الظاهر عدم نجاسة بدن الجنب و عدم نجاسة الحيوان قبل الموت فلاحظ و مجرد ذكر الميتة في كلام الامام عليه السلام في عداد جملة من الاعيان النجسة كما في حديث زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام بئر قطرت فيها قطرة دم أو خمر قال: الدم و الخمر و الميت و لحم الخنزير في ذلك كله واحد ينزح منه عشرون دلوا فان غلب الريح نزحت حتي تطيب «2» لا يدل علي المدعي اذ لو كان الميزان في النزح ملاقاة ماء البئر مع النجاسة لم يكن وجه لتخصيص الذكر بهذا العدد الخاص الا أن يقال: ان الوجه فيه أن مقدار النزح يختلف باختلاف النجاسات.

______________________________

(1) لاحظ ص: 151

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب الماء المطلق الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 154

______________________________

الطائفة الثانية: ما يدل علي نجاسة الماء بملاقاة الميتة لاحظ ما رواه حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال: كلما غلب الماء علي ريح الجيفة فتوضأ من الماء و الشرب فاذا تغير الماء و تغير الطعم فلا توضأ منه و لا تشرب «1».

و ما رواه أبو خالد القماط أنه سمع أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في الماء يمر به الرجل و هو نقيع فيه الميتة و الجيفة فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان كان الماء قد تغير ريحه أو طعمه فلا تشرب و لا تتوضأ منه و ان لم يتغير ريحه و طعمه فاشرب و توضأ «2».

و ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يمر بالماء و فيه دابة ميتة قد انتنت قال: اذا كان النتن الغالب علي الماء فلا تتوضأ و لا تشرب «3».

و ما رواه عمار بن موسي الساباطي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يجد في انائه فارة و قد توضأ من ذلك الاناء مرارا أو اغتسل منه أو غسل ثيابه و قد كانت الفارة متسلخة فقال: ان كان رآها في الاناء قبل أن يغتسل أو يتوضأ أو يغسل ثيابه ثم يفعل ذلك بعد ما رآها في الاناء فعليه أن يغسل ثيابه و يغسل كل ما أصابه ذلك الماء و يعيد الوضوء و الصلاة و ان كان انما رآها بعد ما فرغ من ذلك و فعله فلا يمس من ذلك الماء شيئا و ليس عليه شي ء لأنه لا يعلم متي سقطت فيه ثم قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 155

______________________________

لعله أن يكون انما سقطت فيه تلك الساعة التي رآها «1» و الظاهر أنه

لا اشكال في دلالة هذه الطائفة علي المدعي.

الطائفة الثالثة: النصوص الدالة علي حرمة أكل ما وقعت فيه الميتة لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا وقعت الفارة في السمن فماتت فان كان جامدا فالقها و ما يليها و كل ما بقي و ان كان ذائبا فلا تأكله و استصبح به و الزيت مثل ذلك «2».

و ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: أتاه رجل فقال: وقعت فارة في خابية فيها سمن أو زيت فما تري في أكله؟ قال: فقال له أبو جعفر عليه السلام لا تأكله فقال له الرجل: الفارة أهون علي من أن أترك طعامي من أجلها قال:

فقال له أبو جعفر عليه السلام انك لم تستخف بالفارة و انما استخففت بدينك ان اللّه حرم الميتة من كل شي ء «3».

و ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام سئل عن قدر طبخت و اذا في القدر فارة قال: يهرق مرقها و يغسل اللحم و يؤكل «4».

و ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الخنفساء و الذباب و الجراد و النملة و ما أشبه ذلك يموت في البئر و الزيت و السمن و شبهه قال: كل ما ليس له دم فلا بأس «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب الماء المضاف الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث 2:

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) الوسائل الباب 35 من أبواب النجاسات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 156

______________________________

و ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت: جرذ مات في زيت

أو سمن أو عسل فقال: أما السمن و العسل فيؤخذ الجرذ و ما حوله و الزيت يستصبح به «1» و ما رواه أبو بصير «2».

بتقريب: أن النهي عن الاكل يدل علي نجاسة الملاقي.

الطائفة الرابعة ما ورد في الاستصباح باليات الغنم لاحظ ما رواه الحسن بن علي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام فقلت: جعلت فداك ان أهل الجبل تثقل عندهم أليات الغنم فيقطعونها قال: هي حرام قلت: فنصطبح بها؟ قال: أما تعلم أنه يصيب اليد و الثوب و هو حرام «3».

الطائفة الخامسة ما يدل علي النهي عن الاكل في آنية أهل الكتاب اذا كانوا يأكلون فيها الميتة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال:

سألته عن آنية أهل الكتاب فقال: لا تأكل في آنيتهم اذا كانوا يأكلون فيه الميتة و الدم و لحم الخنزير «4».

فانه لا اشكال في استفادة نجاسة الميتة من هذه النصوص.

الطائفة السادسة: ما ورد فيمن يعمل أغماد السيوف لاحظ ما رواه قاسم الصيقل قال: كتبت إلي الرضا عليه السلام: اني أعمل أغماد السيوف من جلود الحمر الميتة فتصيب ثيابي فاصلي فيها؟ فكتب إلي: اتخذ ثوبا لصلاتك فكتبت إلي أبي

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب الذبائح الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 54 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 157

______________________________

جعفر الثاني عليه السلام: كنت كتبت إلي أبيك عليه السلام بكذا و كذا فصعب علي ذلك فصرت أعملها من جلود الحمر الوحشية الذكية فكتب إلي: كل أعمال البر بالصبر يرحمك اللّه فان كان ما تعمل وحشيا ذكيا فلا بأس «1».

الطائفة السابعة: ما يدل علي أن

ما لا نفس له لا يفسد الماء لاحظ ما رواه حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام قال: لا يفسد الماء الا ما كانت له نفس سائلة «2».

و يفهم بمقتضي الشرطية أن ما له نفس سائلة يفسد الماء و ليس الفساد في أمثال المقام الا النجاسة.

الطائفة الثامنة: ما يدل علي عدم جواز الصلاة في الميتة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن الجلد الميت أ يلبس في الصلاة اذا دبغ قال: لا و لو دبغ سبعين مرة «3».

و أما ما ارسله الصدوق قال: سئل الصادق عليه السلام عن جلود الميتة يجعل فيها اللبن و الماء و السمن ما تري فيه؟ فقال: لا بأس بأن تجعل فيها ما شئت من ماء أو لبن أو سمن و تتوضأ منه و تشرب و لكن لا تصلي فيها «4» فلا يمكن أن يقاوم في قبال الروايات المتواترة فيطرح مضافا إلي أن المرسل لا اعتبار به.

هذا كله بالنسبة إلي الميت غير الادمي و أما فيه فقد ورد ما يدل علي نجاسته

______________________________

(1) الوسائل الباب 34 من أبواب النجاسات الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 35 من أبواب النجاسات الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 34 من أبواب النجاسات الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 158

و ان كان محلل الاكل (1) و كذا أجزائها المبانة منها (2).

______________________________

لاحظ ما رواه ابراهيم بن ميمون قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يقع ثوبه علي جسد الميت قال: ان كان غسل الميت فلا تغسل ما أصاب ثوبك منه و ان كان لم يغسل فاغسل ما اصاب ثوبك منه يعني اذا برد الميت

«1» و مثله غيره.

(1) بلا اشكال و لا كلام و قد وردت جملة من النصوص المشار اليها في الحيوان المحلل أكله فلاحظ.

(2) فانه لا اشكال في أن العرف يفهم من دليل نجاسة الميتة نجاسة أجزائها المبانة منها و لا يفرق بين حالتي اتصال الاجزاء و انفصالها.

و بعبارة اخري: ان العرف لا يفهم من الدليل اشتراط الهيئة الاتصالية كما هو الحال في نظائر المقام و العرف ببابك.

اضف إلي ذلك ما ورد في خصوص بعض أجزائها لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «2». و لاحظ ما ورد في النهي عن الاكل في آنية أهل الذمة معللا بأنهم يأكلون فيها الميتة اذ من الظاهر أن ما يأكلون فيها بعض الميتة إلي غيرهما من الشواهد.

و يضاف إلي ذلك ما دل علي طهارة مالا تحله الحياة بعلة عدم الروح فيها لاحظ الروايات في الباب 68 من أبواب النجاسات من الوسائل منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالصلاة فيما كان من صوف الميتة ان الصوف ليس فيه روح «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 34 من أبواب النجاسات الحديث: 1

(2) لاحظ ص 157

(3) الوسائل الباب 68 من أبواب النجاسات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 159

و ان كانت صغارا (1).

(360) الجزء المقطوع من الحي بمنزله الميتة (2).

______________________________

فانه يفهم من تلك النصوص أن الميزان في النجاسة و الطهارة عدم حلول الروح و حلوله فلاحظ.

فتحصل أنه لا مجال للمناقشة- كما عن صاحب المدارك- في نجاسة الاجزاء المبانة بتقريب أن عنوان الميتة لا يصدق علي الجزء منها و استدل علي النجاسة باستصحابها فانه لا تصل النوبة إلي الاصل مضافا إلي أن الاستصحاب في الحكم الكلي معارض فتصل النوبة إلي قاعدة

الطهارة.

(1) للإطلاق.

(2) ادعي عليه الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ما أخذت الحبالة من صيد فقطعت منه يدا أو رجلا فذروه فانه ميت و كلوا ما أدركتم حيا و ذكرتم اسم اللّه عليه «1». و مثله غيره المذكور في الباب 24 من أبواب الصيد من الوسائل.

و تقريب الاستدلال بهذه الروايات علي المدعي أن المولي حكم علي القطعة المبانة بكونها ميتة و مقتضي عموم التنزيل كونها نجسة و اختصاص التنزيل بلحاظ حرمة الاكل فقط لا وجه له بعد كون النجاسة من أظهر آثار الميتة فلاحظ.

و يؤيد المدعي ما وردت من النصوص الدالة علي أن أليات الغنم المقطوعة

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب الصيد الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 160

و يستثني من ذلك الفالول و البثور و ما يعلو الشفة و القروح و نحوها عند البرء و قشور الجرب و نحوه المتصل بما ينفصل من شعره و ما ينفصل بالحك و نحوه من بعض الابدان فان ذلك كله طاهر اذا فصل من الحي (1).

______________________________

ميتة لاحظ ما رواه الحسن بن علي «1».

و ما رواه الكاهلي قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده عن قطع أليات الغنم فقال: لا بأس بقطعها اذا كنت تصلح بها مالك ثم قال: ان في كتاب علي عليه السلام أن ما قطع منها ميت لا ينتفع به «2» و ما رواه أبو بصير «3».

و تقريب الاستدلال بها علي المدعي ذلك التقريب بعينه و انما عبرنا بالتأييد لضعف اسنادها فلاحظ.

(1) تارة يستدل علي الطهارة بعدم المقتضي للنجاسة فيحكم بطهارتها بقاعدة الطهارة

بتقريب أن الروايات المستدل بها علي نجاسة القطعة المبانة منصرفة عن الامور المذكورة.

و فيه: أنه ان تم الانصراف بالنسبة إلي غير الثالول فلا وجه لانصرافها عنه اذ لا وجه له الاصغر الجزء و هل يمكن أن يفرق بين العضو الكبير و الصغير؟

و الانصاف أنه مشكل فان المستفاد من تلك النصوص أن العضو المبان بحكم الميتة بلا فرق بين الصغير و الكبير.

______________________________

(1) لاحظ ص: 156

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب الذبائح الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 161

______________________________

و ربما يستدل علي طهارتها بجريان السيرة عليها. و الانصاف أن تمامية السيرة بالنسبة إلي الثالول غير تام و دعوي بلا بينة نعم بالنسبة إلي غيره لا تبعد دعوي السيرة كما أن دعوي لزوم الحرج لو لم يكن طاهرا جزافية.

و ربما يستدل علي المدعي بما رواه علي بن جعفر أنه سأل أخاه موسي بن جعفر عليه السلام عن الرجل يتحرك بعض أسنانه و هو في الصلاة هل ينزعه؟ قال:

ان كان لا يدميه فلينزعه و ان كان يدميه فلينصرف و عن الرجل يكون به الثالول أو الجرح هل يصلح له أن يقطع الثالول و هو في صلاته أو ينتف بعض لحمه من ذلك الجرح و يطرحه؟ قال: ان لم يتخوف أن يسيل الدم فلا بأس و ان تخوف أن يسيل الدم فلا يفعله الحديث «1».

بتقريب: أن مقتضي اطلاق عدم البأس طهارته بدعوي: أنه ربما يصيبه اليد المرطوبة فعدم البأس يستلزم طهارته.

و فيه: أنه لا اطلاق في الرواية من هذه الجهة بل المستفاد منها أن قطع الثالول في الصلاة أو نتف بعض اللحم من حيث هو لا يفسدها و لذا نري أن الفقهاء القائلين بالطهارة لا يلتزمون

ظاهرا بطهارة اللحم الصغير المنتوف من البدن و الحال أنه مذكور في الرواية في عرض قطع الثالول فلاحظ فالمتحصل أن مقتضي الصناعة الاحتياط.

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 162

[مسألة 361: أجزاء الميتة إذا كانت لا تحلها الحياة طاهرة]

(مسألة 361): أجزاء الميتة اذا كانت لا تحلها الحياة طاهرة و هي الصوف و الشعر و الوبر و العظم و القرن و المنقار و الظفر و المخلب و الريش و الظلف و السن (1).

______________________________

(1) ادعي عليها عدم الخلاف و لا يخفي أن المقصود من الحياة الحيوانية لا الاعم منها و من النباتية. و عمدة الدليل علي المدعي النصوص الواردة في المقام و يستفاد عموم الحكم للمذكورات من عموم العلة المذكورة في بعضها لاحظ ما رواه الحلبي «1» فانه يفهم من قوله عليه السلام: «ان الصوف ليس فيه روح» أن كل جزء لا تحله الحياة طاهر.

و يدل علي المدعي ما رواه حريز قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام لزرارة و محمد بن مسلم: اللبن و اللباء و البيضة و الشعر و الصوف و القرن و الناب و الحافر و كل شي ء يفصل من الشاة و الدابة فهو ذكي و ان أخذته منه بعد أن يموت فاغسله و صل فيه «2».

فان هذه الرواية تدل بوضوح علي طهارة الامور المذكورة في الرواية.

و صفوة القول: أنه لا اشكال في استفادة الطهارة من النصوص بل المستفاد منها عدم البأس بالمذكورات من جميع الجهات فلا تترتب عليها أحكام الميتة من النجاسة و عدم الصلاة فيها و غيرهما من الاحكام.

و ربما يقال: بعدم الحاجة إلي دليل الاستثناء بتوهم قصور دليل نجاسة الميتة عن شموله لهذه الامور بدعوي عدم صدق الميتة عليها حيث ان الميتة

تصدق علي

______________________________

(1) لاحظ ص: 158

(2) الوسائل الباب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 163

و البيضة (1).

______________________________

ما تخرج عنه الحياة بلا تذكية و المفروض أن هذه الامور تحلها الحياة فتكون سالبة بانتفاء الموضوع.

و لكن يرد عليه أن الفهم العرفي لا يساعده لصدق الميتة عرفا علي الحيوان الميت بجميع أجزائه فلو لا هذه الاخبار كان حكمها النجاسة.

(1) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام في حديث أن قتادة قال له: أخبرني عن الجبن فقال: لا بأس به فقال: انه ربما جعلت فيه أنفحة الميت فقال: ليس به بأس ان الانفحة ليس لها عروق و لا فيها دم و لا لها عظم انما تخرج من بين فرث و دم و انما الانفحة بمنزلة دجاجة ميتة اخرجت منها بيضة فهل تأكل تلك البيضة؟ قال قتادة: لا و لا آمر بأكلها قال أبو جعفر عليه السلام و لم؟ قال: لأنها من الميتة قال فان حضنت تلك البيضة فخرجت منها دجاجة أ تأكلها؟ قال: نعم قال: فما حرم عليك البيضة و أحل لك الدجاجة؟! ثم قال: فكذلك الانفحة مثل البيضة فاشتر الجبن من أسواق المسلمين من أيدي المصلين و لا تسأل عنه الا أن يأتيك من يخبرك عنه «1».

و منها: ما رواه يونس عنهم عليهم السلام قالوا: خمسة أشياء ذكية مما فيه منافع الخلق الانفحة و البيض و الصوف و الشعر و الوبر و لا بأس بأكل الجبن كله ما عمله مسلم و غيره و انما كره أن يؤكل سوي الانفحة مما في آنية المجوس و أهل الكتاب لأنهم لا يتوقون الميتة و الخمر «2».

و منها:

ما رواه الحسين بن زرارة قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام و أبي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 164

اذا اكتست القشر الاعلي (1) و ان لم يتصلب (2) سواء كان ذلك كله مأخوذا من الحيوان الحلال أم الحرام (3) و سواء أخذ

______________________________

يسأله عن السن من الميتة و البيضة من الميتة و أنفحة الميتة فقال: كل هذا ذكي قال: قلت: فشعر الخنزير يجعل حبلا يستقي به من البئر التي يشرب منها أو يتوضأ منها؟ فقال: لا بأس به «1» و منها ما رواه حريز «2».

مضافا إلي عدم المقتضي لنجاستها لأنها ليست من أجزاء الميتة بل الميتة ظرف لتكونها فتكفي لإثبات طهارتها قاعدتها.

(1) الظاهر أنه يكفي للحكم بالطهارة اكتساء البيضة الجلد الرقيق المانع عن سراية النجاسة اليها.

لكن في المقام رواية رواها غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في بيضة خرجت من است دجاجة ميتة قال: ان كانت اكتست البيضة الجلد الغليظ فلا بأس بها «3» ربما يقال بعدم دلالتها علي المدعي بدعوي ظهور الرواية في نفي البأس بالنسبة إلي الاكل فطهارة البيضة لا تتوقف علي تحقق القشر الاعلي.

و لكن الانصاف- كما استفاد الاصحاب من الرواية- أن مقتضي مفهوم الشرطية أنه يترتب عليها آثار الميتة مع عدم الاكتساء بلا فرق بين الاكل و النجاسة.

(2) للإطلاق فان المذكور في الرواية عنوان اكتساء البيضة القشر الاعلي.

(3) لإطلاق الروايات و عموم التعليل المقتضي لعدم نجاسة ما لا تحله الحياة و مجرد حرمة أكل بيضة محرم الاكل لا يقتضي نجاستها كما هو ظاهر فانه لا تلازم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 162.

(3) الوسائل الباب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث:

6

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 165

بجز أم نتف أم غيرهما (1) نعم يجب غسل المنتوف من رطوبات الميتة (2) و يلحق بالمذكورات الانفحة (3).

______________________________

بين حرمة الاكل و النجاسة كما هو ظاهر.

(1) لإطلاق الادلة.

(2) فانه مقتضي نجاسة الميتة المقتضي لنجاسة ما يلاقيها بالرطوبة مضافا إلي النص الخاص الوارد في حكم المقام لاحظ ما رواه حريز «1».

(3) حكي عليه الاجماع- كما في كلام سيد المستمسك- و نفي الخلاف في طهارتها عن جماعة- كما في كلامه أيضا- و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها ما رواه أبو حمزة «2» و منها: ما رواه يونس «3» و منها: ما رواه الحسين بن زرارة «4».

و منها: ما رواه الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي اسحاق عن أبي الحسن عليه السلام قال: كتبت اليه أسأله عن جلود الميتة التي يؤكل لحمها ذكيا فكتب عليه السلام: لا ينتفع من الميتة باهاب و لا عصب و كلما كان من السخال الصوف ان جزّوا الشعر و الوبر و الانفحة و القرن و لا يعتدي إلي غيرها ان شاء اللّه «5».

و منها: ما رواه الصدوق قال: قال الصادق عليه السلام: عشرة أشياء من

______________________________

(1) لاحظ ص: 162

(2) لاحظ ص: 163.

(3) لاحظ ص: 163.

(4) لاحظ ص: 163.

(5) الوسائل الباب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 166

______________________________

الميتة ذكية: القرن و الحافر و العظم و السن و الانفحة و اللبن و الشعر و الصوف و الريش و البيض «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام: قال: سألته عن الانفحة تخرج من الجدي الميت قال: لا بأس به قلت: اللبن يكون في ضرع الشاة و قد ماتت؟ قال: لا بأس به

قلت: و الصوف و الشعر و عظام الفيل و الجلد و البيض يخرج من الدجاجة؟ فقال: كل هذا لا بأس به «2».

و هل يختص الحكم بالإنفحة من الحيوان المحلل أكله؟ أفاد سيدنا الاستاد بأن مقتضي الصناعة هو الاختصاص بدعوي أن النصوص الخاصة ناظرة إلي نفي النجاسة و الحرمة من حيث كون المأخوذ منه ميتة فلو كانت الحرمة من ناحية اخري ككونه محرم الاكل ذاتا فلا يشمله الدليل.

و فيه: أنه لا تلازم بين الحرمة و النجاسة و مقتضي اطلاق الادلة طهارتها و لو كان من محرم الاكل و لا وجه للاختصاص.

و بعبارة اخري: نلتزم بحرمة أكلها لان حرمة محرم الاكل ليست من جهة كون الحيوان ميتة فلا تحل و أما النجاسة فبلحاظ كونها ميتة و عليه نلتزم بالطهارة علي الاطلاق و لكن نحكم بحرمة الاكل فلاحظ.

لكن يمكن أن يستشكل في الطهارة من ناحية اخري و هي عدم دليل معتبر يكون باطلاقه شاملا للأنفحة من محرم الاكل فيكفي للحكم بالنجاسة نجاسة الميتة فان نجاسة الميتة توجب نجاستها الا أن يقال: بأن الانفحة لا تعد جزءا من الحيوان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 167

و كذلك اللبن في الضرع (1).

______________________________

فلا يحكم عليها بالنجاسة بتبع نجاسة الميتة فلو لم تكن مائعا يمكن تطهيرها.

(1) الذي يظهر من بعض الكلمات أن المسألة ذات قولين و تدل علي طهارته جملة من النصوص: منها ما رواه زرارة «1» و منها ما رواه الصدوق «2» و منها: ما رواه حريز «3» فلا اشكال في طهارته من حيث النصوص.

و ربما يستدل علي نجاسته بجملة من الوجوه: الاول: أن مقتضي انفعال المائع بالملاقاة مع النجس نجاسته اذ الظرف جزء من

الميتة فينجس ما يلاقيه من اللبن.

و فيه: أن الامر و ان كان كذلك بحسب القاعدة لكن القاعدة المذكورة ليست غير قابلة للتخصيص فيرفع اليد عنها بالنصوص المشار اليها الدالة علي طهارته.

الثاني: ما رواه وهب عن جعفر عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام سئل عن شاة ماتت فحلب منها لبن فقال علي عليه السلام ذلك الحرام محضا «4».

و هذه الرواية لا اعتبار بها سندا قال الشيخ الطوسي في التهذيب: «هذه رواية شاذة لم يروها غير وهب بن وهب و هو ضعيف جدا عند اصحاب الحديث و لو كان صحيحا لجاز أن يكون الوجه فيه ضربا من التقية لأنها موافقة لمذاهب العامة لأنهم يحرمون كل شي ء من الميتة و لا يجيزون استعمالها علي حال» «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 166

(2) لاحظ ص: 165

(3) لاحظ ص: 162

(4) الوسائل الباب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 11

(5) التهذيب ج 9 ص: 77

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 168

اذا كان مما يؤكل لحمه (1).

و لا ينجس بملاقاة الضرع النجس و ان كان الاحوط استحبابا اجتنابه (2) هذا كله في ميتة طاهرة العين أما ميتة نجسة العين فلا يستثني

______________________________

الثالث: ما رواه الفتح بن يزيد الجرجاني «1» و الرواية ضعيفة سندا مضافا إلي أن غايته الدلالة علي النجاسة بالعموم و مقتضي القاعدة تخصيص العام بالنصوص الخاصة المشار اليها آنفا.

فتحصل أن الحق طهارة اللبن الموجود في ضرع الميتة. و لا يخفي أن المستفاد من النصوص طهارة اللبن و أما نفس الضرع فلا دليل علي طهارته بل مقتضي ادلة نجاسة الميتة كونه نجسا فلاحظ.

(1) بدعوي أن النصوص اما مختصة بما يحل أكله أو مطلق منصرف إلي خصوص الحلال بتقريب: أن الحكم بالطهارة بلحاظ جواز الانتفاع

و المنفعة الظاهرة هي الشرب.

و يرد عليه: أنها دعوي بلا دليل و لا وجه للانصراف بل يكفي للإطلاق ما يدل من النصوص باطلاقه علي طهارة اللبن في الضرع من الميتة بلا تقييد لاحظ ما رواه حريز «2».

و ربما يقال: انه لا اطلاق في الرواية فان الدابة بما لها من المفهوم لا تطلق ظاهرا علي كل حيوان و قال في مجمع البحرين: «انها غلبت فيما يركب» فالاشكال المتقدم في الانفحة جار في اللبن في الضرع.

(2) لا اشكال في حسن الاحتياط بل يستحب.

______________________________

(1) لاحظ ص: 165

(2) لاحظ ص: 162

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 169

منها شي ء (1).

[مسألة 362: فأرة المسك طاهرة إذا انفصلت من الظبي الحي]

(مسألة 362): فأرة المسك طاهرة اذا انفصلت من الظبي الحي أما اذا انفصلت من الميت ففيها اشكال (2).

______________________________

(1) كما هو ظاهر اذ المفروض أن الحيوان المذكور من الاعيان النجسة فلاحظ.

(2) الفأرة تتصور لها ثلاثة حالات: الاولي: أن تنفصل من الحيوان الذي ذبح بالطريق الشرعي فانه لا اشكال في طهارتها اذ لا مقتضي للنجاسة كما هو ظاهر.

الثانية: أن تنفصل من الميتة و حكمها النجاسة لان الميتة بمقتضي الادلة من الاعيان النجسة فكل جزء منها نجس بتبع نجاسة الكل اي اصل الميتة و ما ربما يقال: ان الفأرة من فضلات الحيوان و ليست من أجزائه فلا مقتضي لنجاستها مجازفة.

و ربما يقال: ان المستفاد من حديث علي بن جعفر عن أخيه موسي عليه السلام قال: سألته عن فارة المسك تكون مع من يصلي و هي في جيبه أو ثيابه؟ قال:

لا بأس بذلك «1» طهارتها لأنه عليه السلام نفي البأس عن الصلاة و هي معه.

و فيه: أن حمل الميتة في الصلاة لا وجه لحرمته فلا يدل جواز الحمل علي الطهارة. اضف إلي ذلك أنه لا

يبعد أن ينصرف الدليل عن المأخوذ عن الميتة فلاحظ.

و يضاف إلي ذلك كله أن الحديث علي فرض اطلاقه يقيد بما رواه عبد اللّه بن جعفر قال: كتبت اليه يعني أبا محمد عليه السلام: يجوز للرجل أن يصلي و معه

______________________________

(1) الوسائل الباب 41 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 170

______________________________

فارة المسك؟ فكتب لا بأس به اذا كان ذكيا «1».

فانه قد قيد عدم البأس في هذه الرواية بكون ما معه ذكيا و كونه ذكيا اما بمعني كونه جزءا من الحيوان الذي ذكي و اما باعتبار كونه طاهرا و علي كلا التقديرين يكون مفاد الرواية تحقق البأس في صورة عدم التذكية.

الثالثة: أن تنفصل من الحيوان الحي و يمكن الاستدلال علي نجاستها بوجهين:

احدهما: أن ما دل علي نجاسة القطعة المبانة من الحي و كونها ميتة يشمل ما نحن فيه.

و ما أفاده سيدنا الاستاد من عدم الشمول لا وجه له فانه لا اشكال في كون الجلدة جزءا من الحيوان.

و بعبارة اخري: يستفاد من النصوص الدالة علي نجاسة القطعة المبانة من الحيوان أن الجزء المقطوع ميتة فالجلدة المذكورة في المقام من مصاديقها.

ثانيهما ما رواه عبد اللّه بن جعفر «2» فانه قد قيد الجواز بكون ما معه مذكي و كون المبانة من الحي مذكي أول الكلام و الاشكال.

و أفاد سيدنا الاستاد بأن المذكي في مقابل الميتة فهذا القيد يخرج المأخوذ من الميتة و أما بالنسبة إلي المأخوذة من الحي فلا دلالة في الرواية لان المأخوذ من الحي خارج عن المقسم.

و يرد عليه: أولا أن الميتة بالنسبة إلي الجزء المبان تتصور- كما صرح في الروايات بأن العضو المقطوع من الحي ميتة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 169

مباني منهاج

الصالحين، ج 3، ص: 171

و مع الشك في ذلك يبني علي الطهارة (1) و أما المسك فطاهر علي

______________________________

و ثانيا: أن المستفاد من الحديث أن غير المذكي فيه بأس فنسأل أن المبان من الحي مذكي أو غير مذكي؟ لا شبهة في عدم كونها مذكي فتدخل تحت عنوان غير المذكي ففيه بأس.

الا أن يقال: ان التقابل بين الميتة و المذكي اذا كان بالعدم و الملكة ففي مورد عدم الملكة لا يصدق شي ء من العنوانين و لذا لا يمكن أن يقال: ان الجدار بصير أو أعمي.

و لا يتوقف علي ارجاع الضمير إلي الحيوان كي يقال: بأنه لا بد من التقدير و هو خلاف الاصل فان الضمير اعم من أن يرجع إلي الحيوان أو يرجع إلي العضو يثبت المدعي.

و ان شئت قلت: لا وجه لان يقال: ان القيد راجع إلي مورد يكون داخلا في احد القسمين من المذكي أو الميتة كي يقال- كما في كلام سيدنا الاستاد-: ان الجلدة المبانة من الحي ليست داخلة في احدهما فلا تشملها الرواية فان مقتضي قوله عليه السلام «اذا كان ذكيا» أن الجلدة المأخوذة ان لم تكن ذكية ففيه بأس و عدم التذكية كما تصدق علي الجلدة باخذها من الحيوان الميت الذي لم يمت بالطريق الشرعي كذلك تصدق عليها باخذها من الحيوان الحي فلاحظ فتحصل أن الظاهر نجاستها.

(1) ان قلنا ان المستفاد من حديث عبد اللّه بن جعفر تعليق الطهارة علي التذكية تكون النتيجة عكس ما أفاده في المتن لان مقتضي الاصل عدم تحقق التذكية بالنسبة إلي الجزء المشكوك فيه فتكون نجسا و مع جريان اصالة عدم التذكية

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 172

كل حال الا أن يعلم برطوبته المسرية حال موت الظبي ففيه اشكال

(1).

[مسألة 363: ميتة ما لا نفس له سائلة طاهرة]

(مسألة 363): ميتة ما لا نفس له سائلة طاهرة كالوزغ و العقرب و السمك و منه الخفاش علي ما قضي به الاختبار (2).

______________________________

لا تصل النوبة إلي اصالة الطهارة اذ الاصل الموضوعي حاكم علي الاصل الحكمي فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر و لا وجه لنجاسته الذاتية نعم يمكن عروض النجاسة عليه و مع الشك فيه يكون المرجع اصالة الطهارة فلاحظ.

(2) ادعي عليه الاجماع و التسالم و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه عمار بن موسي «1» و منها: ما رواه حفص بن غياث «2» و منها: ما رواه ابن مسكان «3» و منها ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن جرة وجد فيها خنفساء قد مات قال القه و توضأ منه و ان كان عقربا فارق الماء و توضأ من ماء غيره «4».

و منها ما رفعه محمد بن يحيي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يفسد الماء الا ما كانت له نفس سائلة «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 155

(2) لاحظ ص: 157

(3) لاحظ ص: 128

(4) الوسائل الباب 35 من أبواب النجاسات الحديث: 4.

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 173

و كذا ميتة ما يشك في أنه له نفس سائلة أم لا (1).

[مسألة 364: المراد من الميتة ما استند موته إلي أمر آخر غير التذكية علي الوجه الشرعي]

(مسألة 364): المراد من الميتة ما استند موته إلي امر آخر غير التذكية علي الوجه الشرعي (2).

______________________________

و منها ما رواه علي بن جعفر عليه السلام أنه سأل أخاه موسي بن جعفر عليه السلام عن العقرب و الخنفساء و أشباههما تموت في الجرة أو الدن يتوضأ منه للصلاة؟

قال: لا بأس «1».

فانه يستفاد من هذه الروايات بوضوح أن ميتة ما لا نفس له لا تكون من الاعيان النجسة و

الا كيف يمكن نفي البأس عنها.

(1) اذا قلنا بأن الاستصحاب يجري في الاعدام الازلية نقول: اذا شككنا في كون حيوان ذا نفس سائلة أم لا نحكم عليه بأنه ليست له نفس سائلة بمقتضي الاستصحاب فان مقتضاه عدم كونه ذا نفس سائلة فيحرز موضوع الطاهر بالاستصحاب فان ما لا نفس له لا يفسد الماء.

و أما اذا قلنا: بعدم جريان الاستصحاب في الاعدام الازلية فنقول: لا اشكال في أن عموم دليل نجاسة الميتة خصص بما لا نفس له فالدليل بعد التخصيص عنون بهذا العنوان فاذا شككنا في حيران من حيث كونه مصداقا للعام و عدمه لا يمكن الاخذ بالعموم لعدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية فتجري اصالة الطهارة و نحكم عليه بالطهارة هذا فيما يكون الشك من حيث الشبهة المفهومية و قس عليه الشبهة الموضوعية فان الكلام فيها هو الكلام.

(2) الماتن في مقام اثبات أن الميتة بما لها من المفهوم عبارة عن معني مضاد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 174

______________________________

للمذكي.

و بعبارة اخري لا يكون المراد من الميتة غير المذكي بل المراد ما يضاد المذكي و يترتب علي المدعي أنه لو شك في التذكية و عدمها و أجرينا اصالة عدمها يترتب علي الاصل كل حكم مترتب علي عدم التذكية كحرمة الاكل و عدم جواز الصلاة في المشكوك فيه لموثق ابن بكير و أما الاحكام المترتبة علي الميتة فلا يترتب علي الاصل الاعلي القول بالاثبات الذي لا نقول به.

هذا ملخص مدعاه و استشهد عليه ببعض النصوص كحديث سماعة قال: سألته عن جلود السباع ينتفع بها؟ قال: اذا رميت و سميت فانتفع بجلده و أما الميتة فلا «1».

بدعوي أن المستفاد من هذا الحديث و نحوه أن

الميتة ليست عبارة عن غير المذكي بل الميتة ما يضاد المذكي.

هذا ملخص كلامه اذا عرفت هذا نقول: المستفاد من مفردات الراغب و من بعض كتب اللغة كالمنجد و أقرب الموارد أن غير المذكي عبارة عن الميتة.

قال في أقرب الموارد: «و الميتة من الحيوان ما زال روحه بغير تذكية».

و قال في المنجد: «الميتة مؤنث الميت الحيوان الذي مات حتفة أو علي هيئة غير شرعية».

و قال في أقرب الموارد: «الميتة مؤنث الميت ما لم تلحقه الزكاة و الحيوان الذي يموت حتف أنفه».

______________________________

(1) الوسائل الباب 49 من أبواب النجاسات الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 175

______________________________

و عن القاموس: «الميتة بالكسر و التخفيف و فسرها في محكي المصباح بما لم تلحقها الذكاة سواء مات حتف أنفه أو قتل أو ذبح بغير الوجه الشرعي».

و عن الصحاح و القاموس: «انها لم تلحقها الذكاة» فالميتة عبارة عن معني عدمي يثبت باصالة العدم.

و أما الرواية فليست شاهدة علي المدعي اذ المستفاد منها أن الميتة مقابل المذكي و أما كون الميتة مضادا للمذكي فلا يستفاد منها بل يمكننا أن نقول بأن المستفاد منها خلاف مدعاه اذ المستفاد منها أن ما يجوز الانتفاع به هو المذكي و أما غيره فلا يجوز و حيث ان الامام عليه السلام عبر عن غير المذكي بالميتة يعلم أن الميتة عبارة عن معني عدمي اعني غير المذكي و عليه في كل مورد جرت اصالة عدم التزكية يترتب عليها جميع الاحكام المترتبة علي الميتة فلا وجه للتخصيص فالنتيجة: ان المرجع عند الشك اصالة عدم التذكية.

و بهذا التقريب الذي ذكرنا يمكن دفع ما يمكن أن يرد من الايرادات: منها:

أن الحكم قد رتب علي عنوان الميتة كقوله تعالي: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ» اذ قلنا:

ان

الميتة عبارة عن غير المذكي.

و منها: أن الحيوان في حال الحياة لا يصدق عليه أنه غير مذكي فكيف يستصحب. و بعبارة اخري لا تكون للمستصحب حالة سابقة.

و فيه: أن العدم مسبوق بالعدم و لو بنحو عدم الموضوع و بعبارة اخري: العدم النعتي ليس له سبق و أما العدم المحمولي فهو سابق.

و بتعبير واضح: ان الحيوان في حال حياته لا يصدق عليه عنوان المذكي لعدم تحقق زهاق الروح لكن يصح أن يقال: ان عدم التذكية أمر ازلي مثلا لو رتب

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 176

______________________________

حكم علي الشهيد و فرض أن زيدا قتل و شك في أنه قتل شهيدا أم لا لا مانع من جريان عدم تحقق الشهادة و لا مجال لان يقال: بأن زيدا في حال الحياة لا يصدق عليه عدم كونه شهيدا فلا يستصحب فان زيدا قبل قتله لم يكن شهيدا ازلا نعم لو لم يجر الاستصحاب في الاعدام الازلية يشكل جريان الاصل.

و منها: عدم الاثر علي العدم سابقا و لو صدق عليه بعنوان فان الاثر يترتب علي الموضوع حال الموت لا حال الحياة.

و فيه: أن الشرط في جريان الاستصحاب ترتب الاثر حين جريانه و لا يشترط ترتب الاثر من أول الامر.

و منها: ان العدم السابق كان مقارنا مع الحياة و الحياة مرتفعة قطعا فاثبات العدم المقارن مع الموت باستصحاب العدم السابق من قبيل اثبات حكم الموضوع باستصحاب موضوع آخر.

و فيه: أن الموضوع عبارة عن زهاق الروح من الحيوان و عدم تحقق التذكية و هنا الموضوع محرز جزئه بالوجدان و جزئه الاخر بالاصل و العدم المذكور ذلك العدم السابق.

و ان شئت قلت: ان العدم السابق المقارن مع شي ء لا يوجب استناده اليه كي يقال بالتعدد.

اضف

إلي ذلك أن العدم المقارن مع الحياة مرتفع قطعا و لا مجال لاستصحابه فعلي فرض جريان الاستصحاب- كما فرضنا- يترتب عليه الحكم لتمامية الموضوع فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 177

[مسألة 365: ما يؤخذ من يد المسلم أو سوقهم من اللحم و الشحم و الجلد إذا شك في تذكية حيوانه]

(مسألة 365): ما يؤخذ من يد المسلم أو سوقهم من اللحم و الشحم و الجلد اذا شك في تذكية حيوانه فهو محكوم بالطهارة و الحلية ظاهرا بل لا يبعد ذلك حتي لو علم بسبق يد الكافر عليه اذا احتمل أن المسلم قد احرز تذكيته علي الوجه الشرعي و كذا ما صنع في أرض الإسلام أو وجد مطروحا في أرض المسلمين اذا كان عليه أثر الاستعمال منهم الدال علي التذكية مثل ظرف الماء و السمن و اللبن لا مثل ظروف العذرات و النجاسات (1).

______________________________

(1) تستفاد من هذه المسألة فروع:

الفرع الاول: أن المأخوذ من يد المسلم من اللحم و غيره محكوم بالطهارة و التذكية.

و بعبارة اخري: يد المسلم امارة التذكية و ادعي عليه الاجماع من بعض و عدم الخلاف فيه عن آخر.

و يمكن الاستدلال علي المدعي مضافا إلي الاجماع و عدم الخلاف بامرين:

احدهما: السيرة الجارية بين المتشرعة بتقريب: أن هذه السيرة الجارية متصلة إلي زمان المعصوم و لو لا حجية يد المسلم لم يكن الامر كذلك و لو لاه لم يقم للمسلمين سوق.

ثانيهما النصوص الواردة في المقام لاحظ ما رواه اسماعيل بن عيسي قال:

سألت أبا الحسن عليه السلام عن جلود الفراء يشتريها الرجل في سوق من أسواق الجبل أ يسأل عن ذكاته اذا كان البائع مسلما غير عارف؟ قال: عليكم أنتم أن تسألوا عنه اذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك و اذا رأيتم يصلون فيه فلا تسألوا

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 178

______________________________

عنه «1».

و ما رواه اسحاق بن عمار

عن العبد الصالح أنه قال: لا بأس بالصلاة في الفراء اليماني و فيما صنع في ارض الإسلام قلت: فان كان فيها غير أهل الإسلام؟

قال: اذا كان الغالب عليها المسلمين فلا بأس «2».

و علي الجملة: لا اشكال في أن يد المسلم امارة علي التذكية. و يمكن اثبات المدعي بنحو آخر و هو أن المستفاد من جملة من النصوص- كما تأتي إن شاء اللّه تعالي- أن سوق المسلمين امارة علي التذكية بتقريب أن السوق بما هو سوق لا يكون امارة بل السوق امارة علي كون البائع مسلما و اسلام البائع امارة علي التذكية فالسوق امارة علي الامارة.

ثم انه لا يخفي أن كون يد المسلم امارة علي التذكية انما يكون كذلك في مورد انتفاع المسلم من أجزاء الحيوان انتفاء متوقفا علي التذكية و الوجه في هذا الاشتراط أنه لا اطلاق في الدليل أما السيرة فهي لا لسان لها كما هو ظاهر و أما الاخبار فلا اطلاق فيها يشمل جميع الصور اللهم الا أن يقال بأنه لا دليل علي حرمة بيع الميتة لا وضعا و لا تكليفا و أما لو قلنا بعدم جواز بيع الميتة فنفس البيع تصرف يتوقف علي التذكية فلاحظ.

ثم انه لا فرق في المسلم بين كونه عارفا و عدمه فان السيرة جارية علي أن ما يؤخذ من يد المسلم غير العارف يعامل معه كما يعامل مع ما يؤخذ من يد العارف

______________________________

(1) الوسائل الباب 50 من أبواب النجاسات الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 179

______________________________

بلا فرق مضافا إلي أن الموضوع المذكور في النصوص عنوان الإسلام و سوق المسلمين فلا يفرق بين الشيعي و غيره.

الفرع الثاني: المأخوذ من سوق المسلمين يحكم عليه بالتذكية بالسيرة

القطعية مضافا إلي جملة من النصوص: منها: ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الخفاف التي تباع في السوق فقال: اشتر وصل فيها حتي تعلم أنه ميتة بعينه «1».

و منها: ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فراء لا يدري أذكية هي أم غير ذكية أ يصلي فيها؟ فقال: نعم ليس عليكم المسألة ان أبا جعفر عليه السلام كان يقول: ان الخوارج ضيقوا علي أنفسهم بجهالتهم ان الدين أوسع من ذلك «2».

و منها: ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليه السلام قال:

سألته عن الخفاف يأتي السوق فيشتري الخف لا يدري أ ذكي هو أم لا ما تقول في الصلاة فيه و هو لا يدري؟ أ يصلي فيه؟ قال: نعم أنا اشتري الخف من السوق و يصنع لي و اصلي فيه و ليس عليكم المسألة «3».

و منها: ما رواه الحسن ابن الجهم قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: اعترض السوق فأشتري خفا لا ادري أ ذكي هو أم لا قال: صل فيه قلت: فالنعل قال: مثل ذلك قلت: اني اضيق من هذا قال: أ ترغب عما كان أبو الحسن عليه السلام

______________________________

(1) المصدر السابق الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 180

______________________________

يفعله «1».

فلا اشكال في كون سوق المسلمين امارة علي التذكية انما الكلام في أن السوق يلزم أن يكون للمسلمين العارفين أم يكفي الإسلام و أيضا يقع الكلام في أن السوق امارة علي التذكية حتي اذا كان السوق للكفار؟.

فنقول: أما اختصاص اعتبار السوق بكونه مضافا إلي خصوص العارف فغير صحيح اولا السيرة جارية

علي المعاملة مع المخالفين بلا اشكال و لا ريب ثانيا:

اطلاق الروايات يكفي للعموم و أما احتمال كون مطلق السوق امارة فلا يفرق بين سوق المسلمين و الكفار بتقريب أن اطلاق النصوص يقتضي عدم الفرق فمدفوع أولا: بانصراف السوق في الروايات إلي سوق أهل الإسلام و الوجه في الانصراف مناسبة الحكم و الموضوع و لا وجه لان يقال: حرف التعريف في «السوق» للعهد الخارجي فتكون اشارة إلي الخارج في ذلك الزمان و من الظاهر أنه في ذلك العصر لم يكن سوق للكفار في بلد المسلمين فالمقتضي قاصر.

و ثانيا: علي فرض تسلم الاطلاق نقيده بالمقيد لاحظ ما رواه فضيل و زرارة و محمد بن مسلم أنهم سألوا أبا جعفر عليه السلام عن شراء اللحوم من الاسواق و لا يدري ما صنع القصابون فقال: كل اذا كان ذلك في سوق المسلمين و لا تسأل عنه «2».

ثم انه ليس خصوصية للسوق بما هو بل الميزان أن يكون الامر للمسلمين فلا فرق بين السوق و الشارع و الزقاق و غيرها من الامكنة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب الذبائح الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 181

______________________________

ثم ان المستفاد من حديث اسحاق بن عمار «1» أن الميزان بكون الغلبة للمسلمين فالمأخوذ من سوقهم محكوم بالتذكية و ان كان البائع مجهول الحال.

و لقائل أن يقول: ان المستفاد من الحديث المشار اليه أن الميزان غلبة المسلمين و عليه لو اخذ الجلد و نحوه من الكافر مع احتمال التذكية بشرط العلم بكونه مصنوعا في بلاد الإسلام يكون طاهرا.

و مما يدل بوضوح علي كون سوق المسلمين امارة علي التذكية ما رواه أبو الجارود قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الجبن فقلت

له: أخبرني من رأي أنه يجعل فيه الميتة فقال: أمن أجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرم في جميع الارضين؟ اذا علمت أنه ميتة فلا تأكله و ان لم تعلم فاشتر و بع و كل و اللّه اني لاعترض السوق فأشتري بها اللحم و السمن و الجبن و اللّه ما اظن كلهم يسمون هذه البربر و هذه السودان «2».

فان هذه الرواية تدل علي أمارية السوق لكن سند الرواية مخدوش بمحمد بن سنان.

الفرع الثالث: أن ما شك في تزكيته اذا اخذ من يد الكافر مع العلم بكونه مأخوذا من يد المسلم فهل يمكن الحكم بطهارته و تزكيته؟ الماتن نفي البعد عن ذلك بتقريب: أن مقتضي اطلاق النصوص عدم الفرق بين موارد الاخذ من المسلم نعم يشترط فيه ان يحتمل احراز المسلم تذكيته بطريق شرعي و الوجه في هذا

______________________________

(1) لاحظ ص: 178

(2) الوسائل الباب 61 من أبواب الأطعمة المباحة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 182

______________________________

الاشتراط أن يد المسلم امارة علي التذكية لان اليد بما هي لا توجب الحلية فلا بد من احتمال احراز التذكية كي تصلح للأمارية.

الفرع الرابع: ما صنع في أرض الإسلام محكوم بكونه مذكي لما رواه ابن عمار «1».

الفرع الخامس: المطروح في أرض المسلمين محكوم بالتذكية بتقريب أن المستفاد من حديث ابن عمار أن الميزان احراز كون المشكوك فيه مصنوعا في بلاد الإسلام و لا موضوعية للأخذ من يد المسلم فعليه لو وجد لحم مطروح في بلاد الإسلام يحكم بكونه مذكي لكن هل يشترط وجود اثر عليه دال علي التذكية ككونه ظرفا للماء أو السمن أو لا يشترط؟.

أفاد سيدنا الاستاد بأنه يشترط فيه ذلك و الذي يختلج بالبال أن يقال: الشرط الوحيد أن يكون

المطروح بنحو يحرز كونه مصنوعا في أرض الإسلام فان المذكور في الرواية هكذا و عليه لا بد من الحكم بالتذكية علي المطروح مع كونه مصنوعا في بلاد الإسلام و يترتب عليه أن مجرد كونه مطروحا في أرض الإسلام لا أثر له اذ الموضوع في الدليل عبارة عن مصنوع أرض الإسلام فلا يترتب الاثر علي مطلق المطروح بل الميزان كونه مصنوعا في بلاد الإسلام فما يكون مصنوعا في بلاد الإسلام يحكم عليه بكونه مذكي علي الاطلاق بلا فرق بين كونه ظرفا للقاذورات و أن يكون ظرفا للسمن و الزيت و أما مع عدم احراز كونه مصنوعا في بلاد الإسلام فلا دليل علي الحكم بالتذكية فالنتيجة أن المطروح في ارض الإسلام لا موضوعية له.

______________________________

(1) لاحظ ص: 178

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 183

[مسألة 366: المذكورات إذا أخذت من أيدي الكافرين محكومة بالطهارة أيضا إذا احتمل أنها مأخوذة من المذكي]

(مسألة 366): المذكورات اذا اخذت من أيدي الكافرين محكومة بالطهارة أيضا اذا احتمل أنها مأخوذة من المذكي لكنه لا يجوز أكلها و لا الصلاة فيها ما لم يحرز أخذها من المذكي من جهة العلم بسبق يد المسلم عليها (1).

[مسألة 367: السقط قبل ولوج الروح نجس و كذا الفرخ في البيض علي الاحوط وجوبا فيهما]

(مسألة 367): السقط قبل ولوج الروح نجس و كذا الفرخ في البيض علي الاحوط وجوبا فيهما (2).

______________________________

(1) ما أفاده في هذا الفرع مبني علي ما بني عليه من أن الميتة بحسب المفهوم مضاد مع المذكي فمع الشك في التذكية لا مانع من اصالة الطهارة و اما الآثار المترتبة علي المذكي فلا يجوز ترتيبها الا أن يكون يد الكافر مسبوقة بيد المسلم.

و لكن قد تقدم منا الاشكال فيما أفاده و قلنا ان الميتة عبارة عن غير المذكي و عليه نقول: المأخوذ من يد الكافر محكوم بكونه غير مذكي و يترتب عليه جميع الآثار بلا فرق بينها نعم صورة سبق يد الكافر بيد المسلم تستثني اذ المفروض أن يد المسلم امارة علي التذكية و مع فرض وجود الامارة علي التذكية لا تصل النوبة الي الاصل العملي فلاحظ.

(2) ما يمكن أن يستدل عليه أو استدل امور:

الاول: الاجماع قال المحقق الآملي قدس سره في مصباح الهدي: «المحكي عن شرح المفاتيح الاتفاق علي نجاسته و عن لوامع النراقي دعوي نفي الخلاف عنها.

و فيه: أنه علي فرض تحقق الاجماع لا يعتد به لأنه محتمل المدرك.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 184

______________________________

الثاني: أن الجنين جزء من امه و قد تقدم أن القطعة المبانة من الحي بحكم الميتة.

و يمكن ان يرد عليه اولا: انه ليس جزءا من امه بل هو بمنزلة البيضة في بطن الدجاجة.

و بعبارة اخري الام ظرف للجنين فلا يقاس علي القطعة المبانة.

و

ثانيا: سلمنا انه جزء من الحيوان او الانسان لكن مما لا تحله الحياة و حكمه الطهارة كما سبق.

لكن لقائل ان يقول: ان المستفاد من دليل طهارة ما لا تحله الحياة ان الجزء الذي لا يكون من شأنه أن تحله الحياة طاهر و اما الجزء الذي من شأنه أن تحله الحياة فلا يكون طاهرا و الا يلزم الالتزام بطهارة الجزء الذي عرضه الموت بالشلل و هو كما تري.

و ثالثا: انصراف ادلة نجاسة القطعة المبانة، عن السقط بتقريب: ان الدليل عليها هو ادلة نجاسة ما قطع من أليات الغنم و ما قطع بحبالة الصيد و شي ء منهما لا يشمل ما نحن فيه.

و فيه: انه لا وجه للانصراف فان المستفاد من الدليل بحسب الفهم العرفي ان الجزء المبان من الحيوان بحكم الميتة و لذا لو قطع جزء من الحيوان بغير آلة الصيد كما لو قطع جزء من الغنم بواسطة الذئب يكون محكوما بالنجاسة بلا كلام.

و رابعا: ان لازم ما ذكر أن يجب بمسه الغسل اذا كان من الانسان و كان ذا عظم و المستدل لا يلتزم بهذا اللازم فلا يمكن الالتزام بكونه جزءا من الحيوان.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 185

______________________________

الثالث: أنه قد ورد في جملة من النصوص من ان ذكاة الجنين ذكاة امه منها:

ما رواه يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحوار تذكي امه أ يؤكل بذكاتها؟ فقال: اذا كان تماما (تاما يب) و نبت عليه الشعر فكل «1».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن الشاة يذبحها و في بطنها ولد و قد اشعر قال: ذكاته ذكاة امه «2» الي غيرهما مما ورد في الباب 18 من أبواب الذبائح من الوسائل فيستفاد

من هذه النصوص انه لو ذكي الحيوان يذكي ما في بطنه من الجنين و ان لم يذك يكن الجنين غير مذكي.

و بعبارة اخري: المستفاد من هذه النصوص ان الجنين بحكم الشارع قابل للتذكية و تذكيتها بتذكية امه.

و بتعبير آخر تذكيته و عدمها منوطة بتذكية امه و عدمها و حيث ان المفروض ان الام لم تقع عليه التذكية فالجنين غير مذكي.

و أورد عليه سيد المستمسك قدس سره أولا: بأنه لا اطلاق في النصوص و يمكن أن تكون ناظرة إلي خصوص ما ولجته الروح.

و ثانيا: أنه لا يصلح اطلاق الحي و الميت علي كل عضو من البدن و لا علي الحمل و لذا لا نقول بنجاسة العضو الميت المتصل بالبدن ما دام متصلا و الحكم بالنجاسة بعد الانفصال للأخبار الخاصة.

و يرد علي ايراده الاول أنه لا وجه لعدم الاطلاق و يؤيد المدعي أن المحقق

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب الذبائح الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 186

______________________________

الآملي قدس سره قال في مصباح الهدي في هذا المقام: «ان الاجماع قائم علي عدم توقف حلية ذكاة الجنين بذكاة امه علي ولوج الروح». و صفوة القول انا لا نري مانعا من الاطلاق.

و أما ايراده الثاني فلا يبعد أن يكون متوجها اذا لمقسم للتذكية و عدمها الحيوان فالجنين قبل ولوج الروح ليس داخلا في المقسم.

و لقائل أن يقول بأنه يكفي في الاتصاف القابلية و من الظاهر أن الجنين قابل لولوج الروح فيه فيصدق عليه عنوان المذكي بذكاة امه و يصدق عليه عنوان الميتة بعدمها.

و يرد عليه: أن المذكي ما خرج روحه بالطريق الشرعي و الميتة ما خرج روحه من غير تذكية فيتوقف صدق العنوان علي ولوج الروح.

الرابع:

ما أفاده سيدنا الاستاد و هو أن السقط يصدق عليه عنوان الميتة فان التقابل بين المذكي و الميتة بالعدم و الملكة فكل شي ء قابل للحياة تصدق عليه الميتة مع عدم الحياة و لا يتوقف الصدق علي سبق الحياة و لذا نري أنه يصدق الاعمي علي من تولد من امه كذلك و لا يشترط بسبق البصر و عليه يكفي لإثبات النجاسة الادلة الدالة علي نجاسة الميتة.

ان قلت: لا اطلاق في ادلة نجاسة الميتة كي يشمل غير المسبوق بالحياة لاختصاص تلك الادلة بوقوع مثل الانسان أو الدابة أو الفارة أو السنور و نحو ذلك في البئر أو نحوه فتختص دلالتها بنجاسة الميتة من الحيوان المسبوق بالحياة.

قلت: يكفي لإثبات المدعي وقوع الميتة في بعض نصوص النجاسة لاحظ

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 187

[مسألة 368: الإنفحة هي ما يستحيل اليه اللبن الذي يرتضعه الجدي أو السخل]

(مسألة 368): الانفحة هي ما يستحيل اليه اللبن الذي يرتضعه الجدي أو السخل (1).

______________________________

ما رواه أبو خالد القماط «1» فان الموضوع في هذه الرواية عنوان الميتة.

اضف إلي ذلك انه قد رتب الحكم علي عنوان الجيفة كما في الخبر المتقدم ذكره و خبر حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كلما غلب الماء علي ريح الجيفة فتوضأ من الماء و اشرب فاذا تغير الماء و تغير الطعم فلا تتوضأ منه و لا تشرب «2» و من الواضح ان صدق الجيفة لا يتوقف علي سبق الحياة في الحيوان هذا ما أفاده في هذا المقام علي ما في التقرير.

و يرد عليه: أن الميتة عبارة عن الحيوان الميت بغير طريق شرعي فلا يصدق عنوان الميتة علي الحيوان الذي لم تلجه الروح. و أما صدق الجيفة فلا يفيد لإثبات المدعي اذ من الظاهر أن مطلق الجيفة لا

يوجب انفعال الماء بل الجيفة النجسة توجب الانفعال فهذا القيد مأخوذ في عنوان الموضوع و كون جيفة السقط نجسا اول الكلام و ليس قابلا للإثبات بهذه الادلة اذ الحكم لا يتعرض لموضوع نفسه.

فالنتيجة: أن الحكم بالنجاسة مشكل لكن الاحتياط في المقام مما لا يمكن تركه مع دعوي الاجماع و عدم الخلاف و مما ذكرنا ظهر حكم الفرخ في البيض فلاحظ.

(1) قد صرح الماتن- علي ما في التقرير- بأنه لا يمكن الجزم بالمراد من هذا اللفظ و لا يسعنا تحقيق معني الانفحة و مع ذلك قد جزم بكونها اسما للمظروف

______________________________

(1) لاحظ ص: 154

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 188

قبل أن يأكل (1).

______________________________

و قد أفاد في هذا المقام انه اختلف في معني هذا اللفظ فبعض ذهب إلي كونها اسما للمظروف و ذهب بعض آخر إلي كونها اسما للظرف و ذهب ثالث إلي كونها اسما للمجموع و القدر المتقين من ادلة الطهارة طهارة نفس المظروف فانه طاهر علي جميع التقادير الثلاثة أما علي التقدير الاول و الثالث فظاهر و أما علي القدير الثاني فانه لا مقتضي لنجاسته لا ذاتا و لا عرضا.

فحاصل البحث أنه لا اشكال في طهارة المظروف و أما طهارة الظرف فمحل الكلام و الاشكال اذ مقتضي ادلة نجاسة الميتة كونه نجسا و لا تنافي بين طهارة المظروف و نجاسة الظرف و كونه خلاف اذهان المتشرعة لا يرجع إلي محصل فان الاحكام الشرعية دائرة مدار ادلتها.

و ان شئت قلت: لا اشكال في عدم انفعال المظروف بالظرف غاية الامر لا ندري أن عدم الانفعال من جهة كون السطح الداخل للأنفحة طاهرا أو أنه نجس لكنه لا ينجس المظروف.

و بعبارة

اخري: الامر دائر بين كون السطح الداخلي لأجل كونه طاهرا لا ينجس المظروف فيكون خارجا عن دائرة النجاسات موضوعا و أن يكون نجسا غير منجس لما يلاقيه من المظروف فيكون خارجا حكما و لا طريق إلي اثبات طهارة السطح الداخل بل مقتضي عموم نجاسة الميتة نجاسته فلاحظ.

(1) كما هو المصرح به في كلماتهم و عليه لو شك فيما يتحقق به الاكل فتارة يشك بنحو الشبهة المفهومية و اخري يشك بنحو الشبهة الموضوعية.

أما علي الاول فلا مانع من جريان استصحاب بقاء العنوان بناء علي جريان الاصل فيها كما قويناه و أما علي القول بعدم جريان الاصل في الشبهة المفهومية- كما

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 189

[الخامس: الدم من الحيوان ذي النفس السائلة]
اشارة

الخامس: الدم من الحيوان ذي النفس السائلة أما دم ما لا نفس له سائلة كدم السمك و البرغوث و القمل و نحوها فانه طاهر (1).

______________________________

هو المشهور عندهم- فربما يقال- كما في المستمسك- أن المرجع ادلة نجاسة الميتة.

و لكن الذي يختلج بالبال أن المقام داخل في الشبهة المصداقية اذ المفروض أن دليل طهارة الانفحة قد خصص دليل نجاسة الميتة و المخصص يوجب تعنون العام بما عد المخصص و مع الشك في الصدق لا يجوز التمسك بالعام فتصل النوبة إلي الاصل العملي و مقتضاه الطهارة و أما علي الثاني فلا اشكال في جريان استصحاب عدم تحقق الموضوع و النتيجة هي الطهارة.

(1) قد تعرض الماتن في المقام لفرعين:

أحدهما نجاسة الدم من كل حيوان ذي نفس.

ثانيهما: طهارة دم الحيوان الذي لا نفس له فيقع الكلام في كل واحد منهما.

أما الفرع الاول فقد قال في الحدائق: «أجمع الاصحاب عدا ابن الجنيد و ظاهر الصدوق في الفقيه علي نجاسة الدم قليله و كثيره اذا كان من ذي

نفس سائلة» «1».

و لكن الاجماع مع قطع النظر عن النصوص لا يمكن جعله دليلا علي المدعي لاحتمال كونه مدركيا اللهم الا أن يقال: بأن نجاسة الدم في الجملة من المرتكزات بل من ضروريات الفقه.

و كيف كان فقد دلت جملة من النصوص علي نجاسة الدم فلا بد من ملاحظتها و اعتبار سندها و مقدار دلالتها:

______________________________

(1) الحدائق ج 5 ص: 39

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 190

______________________________

منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام في حديث قال: و سألته عن رجل رعف و هو يتوضأ فتقطر قطرة في انائه هل يصلح الوضوء منه؟ قال: لا «1».

و هذه الرواية تامة سندا و يستفاد منها نجاسة دم الانسان.

و منها ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

كل شي ء من الطير يتوضأ مما يشرب منه الا أن تري في منقاره دما فان رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ منه و لا تشرب «2».

و هذه الرواية تامة سندا و تدل بالاطلاق علي نجاسة كل دم بلا فرق بين أفراده.

و أفاد في المستمسك بأن المستفاد من الرواية حكم ظاهري اي طهارة ظاهرية عند الشك في وجود الدم في منقار الطير فتكون ناظرة إلي صورة نجاسة الدم فلا بد من فرض كون الدم نجسا فلا يستفاد الاطلاق من الرواية و عليه لا يمكن جعل هذه الرواية دليلا علي النجاسة علي الاطلاق.

و فيه: أنه لا دليل علي كون الرواية في مقام بيان الحكم الظاهري بل المستفاد من الرواية التفصيل بين صورتي الرؤية و عدمها و حيث ان الظاهر من الروية الطريقية إلي الواقع فتكون الرواية ناظرة إلي بيان كون الدم نجسا.

و بعبارة اخري: لا تكون الرواية

ناظرة إلي بيان حكم فرض الشك بل ناظرة الي صورة وجود الدم و عدمه فلا قصور في اطلاقها و النتيجة دلالة الرواية علي نجاسة الدم من كل حيوان بلا تفصيل و الاستثناء يحتاج إلي الدليل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 82 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 191

______________________________

و ربما يقال: ان الدم في الرواية منصرف إلي دم الميتة لغلبة تلوث منقار الطيور الجوارح بدمها.

و لا وجه لهذه الدعوي فانه يرد عليه منع الغلبة المدعاة اذ تلوث منقار الطيور بغير دم الميتة من الدماء امر متصور و ليس قليلا بحيث يكون ملحقا بالعدم مضافا الي أنه لا وجه للانصراف فان المستفاد من الرواية التفصيل بين صورتي وجود الدم في منقار الطير و عدمه بلا فرق بين مصاديقه فالمحكم هو الاطلاق بلا وجه للانصراف.

و مما يدل علي نجاسة مطلق الدم ما ورد من النصوص الدالة علي النهي عن الصلاة في الثوب الذي اصابه الدم لاحظ ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور في حديث قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يكون في ثوبه نقط الدم لا يعلم به ثم يعلم فينسي أن يغسله فيصلي ثم يذكر بعد ما صلي أ يعيد صلاته؟ قال: يغسله و لا يعيد صلاته الا أن يكون مقدار الدرهم مجتمعا فيغسله و يعيد الصلاة «1».

و ما رواه اسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: في الدم يكون في الثوب ان كان أقل من قدر الدرهم فلا يعيد الصلاة و ان كان أكثر من قدر الدرهم و كان رآه فلم يغسل حتي صلي فليعد صلاته و ان لم يكن رآه حتي صلي فلا يعيد الصلاة «2».

و ما

رواه محمد بن مسلم قال: قلت له: الدم يكون في الثوب علي و أنا في الصلاة قال: ان رأيته و عليك ثوب غيره فاطرحه و صل في غيره و ان لم يكن عليك

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب النجاسات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 192

______________________________

ثوب غيره فامض في صلاتك و لا اعادة عليك ما لم يزد علي مقدار الدرهم و ما كان أقل من ذلك فليس بشي ء رأيته قبل أو لم تره و اذا كنت قد رأيته و هو أكثر من مقدار الدرهم فضيعت غسله و صليت فيه صلاة كثيرة فاعد ما صليت فيه «1».

و ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يري في ثوبه الدم فينسي أن يغسله حتي يصلي قال: يعيد صلاته كي يهتم بالشي ء اذا كان في ثوبه عقوبة لنسيانه قلت: فكيف يصنع من لم يعلم؟ أ يعيد حين يرفعه؟ قال: لا و لكن يستأنف «2».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان رأيت في ثوبك دما و انت تصلي و لم تكن رأيته قبل ذلك فاتم صلاتك فاذا انصرفت فاغسله قال:

و ان كنت رأيته قبل أن تصلي فلم تغسله ثم رأيته بعد و أنت في صلاتك فانصرف فاغسله و أعد صلاتك «3».

بتقريب: أن المستفاد من هذه النصوص نجاسة الدم اذ وجوب الغسل ارشاد الي النجاسة و حيث ان الدم بنحو الاطلاق مورد السؤال يكون شاملا لكل دم فبمقتضي هذه النصوص يكون الدم علي نحو الاطلاق نجسا.

و مما يدل علي نجاسة مطلق الدم ما رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع قال:

كتبت إلي رجل أسأله أن

يسأل أبا الحسن الرضا عليه السلام عن البئر تكون في المنزل للوضوء فيقطر فيها قطرات من بول أو دم أو يسقط فيها شي ء من عذرة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 42 من أبواب النجاسات الحديث: 5.

(3) الوسائل الباب 44 من أبواب النجاسات الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 193

______________________________

كالبعرة و نحوها ما الذي يطهرها حتي يحل الوضوء منها للصلاة؟ فوقع عليه السلام بخطه في كتابي: ينزح دلاء منها «1».

بتقريب: أن المرتكز في ذهن السائل نجاسة البئر بنجاسة ما وقع فيه من الدم و السؤال عن طريق تطهيره و الامام عليه السلام لم يردعه عما زعمه و مقتضي عدم تقييد الدم الواقع في السؤال نجاسة مطلق الدم.

و يؤيد المدعي ما ورد من النصوص الدالة علي نجاسة الدم في الجملة لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أو أبي جعفر عليه السلام قال: لا تعاد الصلاة من دم لا تبصره غير دم الحيض فانه قليله و كثيره في الثوب ان رآه أو لم يره سواء «2».

و ما رواه أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه رفعه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قال: دمك أنظف من دم غيرك اذا كان في ثوبك شبه النضح من دمك فلا بأس و ان كان دم غيرك قليلا أو كثيرا فاغسله «3».

و ما رواه سورة بن كليب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة الحائض أ تغسل ثيابها التي لبستها في طمثها؟ قال: تغسل ما أصاب ثيابها من الدم و تدع ما سوي ذلك الحديث «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب الماء المطلق الحديث: 21

(2) الوسائل الباب 21 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(3) نفس

المصدر الحديث: 2.

(4) الوسائل الباب 28 من أبواب النجاسات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 194

______________________________

و ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الحائض تصلي في ثوبها ما لم يصبه دم «1».

و ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في الرجل يمس أنفه في الصلاة فيري دما كيف يصنع؟ أ ينصرف؟ قال: ان كان يابسا فليرم به و لا بأس «2».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: سألته عن الجرح كيف يصنع به في غسله؟ قال: اغسل ما حوله «3».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الجرح كيف يصنع به صاحبه؟ قال: يغسل ما حوله «4».

و ما رواه عمار الساباطي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل يسيل من أنفه الدم هل عليه أن يغسل باطنه يعني جوف الانف؟ فقال: انما عليه أن يغسل ما ظهر منه «5».

و ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه قال: سألته عن الدمل يسيل منه القيح كيف يصنع؟ قال: ان كان غليظا أو فيه خلط من دم فاغسله كل يوم مرتين غدوة و عشية و لا ينقض ذلك الوضوء و ان أصاب ثوبك قدر دينار من الدم فاغسله و لا تصل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 24 من أبواب النجاسات الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 195

______________________________

فيه حتي تغسله «1».

و ما رواه أبو بصير قال: دخلت علي أبي جعفر عليه السلام و هو يصلي فقال لي قائدي: ان في ثوبه

دما فلما انصرف قلت له: ان قائدي أخبرني أن بثوبك دما فقال لي: ان بي دما ميل و لست أغسل ثوبي حتي تبرأ «2».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يأخذه الرعاف و القي ء في الصلاة كيف يصنع؟ قال: ينفتل فيغسل أنفه و يعود في صلاته الحديث «3».

الي غيرها من الروايات المذكورة في الباب 22 من أبواب النجاسات و الباب 7 من أبواب نواقض الوضوء و الباب 21 من أبواب الماء المطلق و الباب 2 من أبواب قواطع الصلاة من الوسائل.

فتحصل أن المقتضي للدلالة علي نجاسة مطلق الدم تام.

بقي في المقام ما نسب إلي الشيخ و ما نسب إلي الصدوق أما الاول فعدم نجاسة الدم الذي لا يدركه الطرف بتقريب: أن ذلك مستفاد من حديث علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل رعف فامتخط فصار بعض ذلك الدم قطعا صغارا فاصاب اناءه هل يصلح له الوضوء منه؟ فقال: ان لم يكن شيئا يستبين في الماء فلا بأس و ان كان شيئا بينا فلا تتوضأ منه قال و سألته عن رجل رعف و هو يتوضأ فتقطر قطرة في انائه هل يصلح الوضوء

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب النجاسات الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 22 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب نواقص الوضوء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 196

______________________________

منه؟ قال: لا «1».

و فيه: أنه علي فرض تمامية التقريب غاية ما يدل عليه عدم انفعال الماء بملاقاة الدم و هذا لا يدل علي عدم نجاسة الدم بل دليل علي عدم انفعال الماء بملاقاة هذا المقدار من الدم.

و أما

الثاني فقد قال في الحدائق: «و أما الصدوق فانه قال في الفقيه: و ان كان الدم دون حمصة فلا بأس بأن لا يغسل الا أن يكون دم الحيض» ثم قال في الحدائق: «و هذه العبارة مأخوذة من الفقه الرضوي بتغيير ما حيث قال عليه السلام:

و ان كان الدم حمصة فلا بأس بأن لا تغسله الا أن يكون دم الحيض» «2».

و لا يخفي عدم اعتبار الكتاب المذكور.

و ربما يتمسك علي المدعي بما رواه مثني بن عبد السلام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: اني حككت جلدي فخرج منه دم فقال: ان اجتمع قدر حمصة فاغسله و الا فلا «3». و هذه الرواية ضعيفة بمثني.

و عن ابن الجنيد: «أنه لا بأس بما دون الدرهم من الدم» و لا يخفي أنه لا دليل علي مدعاه بل اطلاقات ادلة النجاسة تقتضي عدم الفرق بين افراد الدم هذا تمام الكلام في الفرع الاول.

و أما الفرع الثاني: و هي طهارة دم الحيوان الذي لا نفس له فلا اشكال في تمامية المقتضي من حيث اطلاق الادلة للحكم بنجاسته فلا بد في اثبات الطهارة

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1

(2) الحدائق ج 5 ص 44.

(3) الوسائل الباب 20 من أبواب النجاسات الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 197

______________________________

من قيام دليل عليها و ما يمكن أن يستدل به عليها أمور:

الاول: الاجماع. و حاله في الاشكال ظاهر.

الثاني: ما دل من النصوص علي جواز الصلاة في الثوب الذي فيه دم البرغوث لاحظ ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن دم البراغيث يكون في الثوب هل يمنعه ذلك من الصلاة فيه؟ قال: لا و ان كثر فلا

بأس أيضا يشبهه من الرعاف ينضحه و لا يغسله «1».

و ما رواه محمد بن ريان قال: كتبت إلي الرجل عليه السلام هل يجري دم البق مجري دم البراغيث؟ و هل يجوز لأحد أن يقيس بدم البق علي البراغيث فيصلي فيه؟ و أن يقيس علي نحو هذا فيعمل به؟ فوقع عليه السلام: يجوز الصلاة و الطهر منه أفضل «2».

و هذه الطائفة من النصوص تدل علي جواز الصلاة في دم البراغيث و البق و لا تلازم بين جواز الصلاة فيه و طهارته مضافا إلي أنه حكم وارد في مورد خاص غير شامل لدم كل حيوان لا تكون له نفس.

و يضاف إلي جميع ذلك الاشكال في سند الحديثين فان الحديث الاول مخدوش لاحتمال كون المراد بابن سنان محمد و الحديث الثاني مخدوش بسهل.

الثالث: ما دل علي عدم البأس بنحو الاطلاق بدم البراغيث و البق لاحظ ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما تقول في دم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب النجاسات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 198

______________________________

البراغيث؟ قال: ليس به بأس قلت: انه يكثر و يتفاحش قال: و ان كثر «1» و ما رواه غياث «2» و مقتضي اطلاق عدم البأس عدم كونه نجسا.

و فيه: أنه مخصوص بالبرغوث و البق و التعدي يحتاج إلي الدليل سيما بالنسبة الي ما فيه اللحم كالسمك.

و بعبارة اخري: انه ان تعدينا عن المورد إلي دم مطلق ما ليس فيه اللحم كالزنبور- مثلا- فلا مجال للتسرية إلي مثل السمك فلاحظ.

الرابع: ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان عليا عليه السلام كان لا يري بأسا بدم ما

لم يذك يكون في الثوب فيصلي فيه الرجل يعني دم السمك «3».

و فيه: أولا أن السند مخدوش بالنوفلي و وقوعه في أسناد كامل الزيارة لا يقتضي وثاقته. و ثانيا: أن جواز الصلاة في الثوب الذي فيه دم السمك لا يستلزم طهارته كما هو ظاهر.

الخامس: ما أفاده سيدنا الاستاد و هو أن المدعي يستفاد من النصوص التي تدل علي عدم البأس بميتة ما لا نفس له و أنه لا يفسد الماء لاحظ ما رواه عمار «4» و ما رواه حفص بن غياث «5» و ما رواه محمد بن يحيي «6» و ما رواه

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب النجاسات الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 157

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب النجاسات الحديث: 2.

(4) لاحظ ص: 155.

(5) لاحظ ص: 157

(6) لاحظ ص: 172

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 199

[مسألة 369: إذا وجد في ثوبه مثلا دما لا يدري أنه من الحيوان ذي النفس السائلة أو من غيره]

(مسألة 369): اذا وجد في ثوبه مثلا دما لا يدري أنه من الحيوان ذي النفس السائلة أو من غيره بني علي طهارته (1).

[مسألة 370 دم العلقة المستحيلة من النطفة و الدم الذي يكون في البيضة نجس علي الاحوط وجوبا]

(مسألة 370) دم العلقة المستحيلة من النطفة و الدم الذي يكون في البيضة نجس علي الاحوط وجوبا (2).

______________________________

علي بن جعفر «1».

بتقريب: أن مقتضي هذه الروايات عدم البأس و عدم انفعال ما القي فيه حتي فيما يخرج عنه الدم فيعلم ان دم ما ليس ذا نفس لا يكون نجسا و الا فكيف يمكن عدم افساده الماء الملاقي له.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 3، ص: 199

و يرد عليه: أن المستفاد من هذه النصوص نفي البأس عن الميتة بما هي و بعبارة اخري: نفي البأس من هذه الحيثية فلا دلالة فيها علي عدم نجاسة الدم الخارج عنها فتلخص أن الجزم بهذه المقالة مشكل و اللّه العالم.

(1) فان مقتضي عدم كونه من ذي نفس سائلة عدم نجاسته و بعبارة اخري: بعد تسلم تخصيص دليل النجاسة بما لا نفس له يمكن احراز الموضوع باستصحاب العدم الازلي بأن نقول: هذا الدم لم يكن من الحيوان ذي نفس سائلة و الان كما كان فلا يكون نجسا.

و بعبارة اخري: العام بعد التخصيص يتعنون بعنوان مغاير لعنوان الخاص اذ لا يعقل بقائه علي العموم الاولي فلا بد من تعنونه بعنوان مغاير لعنوان الخاص ففي المقام بعد اخراج ما لا نفس له بالدليل علي الفرض يتعنون موضوع العام بدم الحيوان ذي نفس سائلة و ببركة الاستصحاب ينقح الموضوع و يترتب عليه الحكم.

(2) لا وجه للترديد في نجاسة الدم المذكور فان مقتضي اطلاق دليل نجاسة

______________________________

(1) لاحظ

ص: 173

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 200

[مسألة 371: الدم المتخلف في الذبيحة بعد خروج ما يعتاد خروجه منها بالذبح طاهر]

(مسألة 371): الدم المتخلف في الذبيحة بعد خروج ما يعتاد خروجه منها بالذبح طاهر (1) الا أن يتنجس بنجاسة خارجية مثل السكين التي يذبح بها (2).

[مسألة 372: إذا خرج من الجرح أو الدمل شي ء اصفر يشك في أنه دم أم لا يحكم بطهارته]

(مسألة 372): اذا خرج من الجرح أو الدمل شي ء اصفر يشك في أنه دم أم لا يحكم بطهارته (3) و كذا اذا شك من جهة الظلمة أنه دم أو قيح (4).

______________________________

الدم نجاسته و قد مر منا أن مقتضي بعض الطوائف من النصوص نجاسة مطلق الدم لاحظ حديث عمار «1».

(1) فان طهارة الدم المتخلف من الامور المعروفة و السيرة جارية علي طهارته فلا مجال للتشكيك و الترديد.

و ان شئت قلت: ان الدم المذكور لو كان نجسا كان معروفا بحيث لم يكن مجال للبحث فيه و الحال أن طهارته معروفة مشهورة فلاحظ لكن كما قيده في المتن لا بد من خروج ما يعتاد اذ في غير هذه الصورة لا يكون دليل علي طهارته و مع عدم الدليل عليها يكون مقتضي اطلاق دليل النجاسة نجاسته.

(2) فان تنجسه بنجاسة خارجية امر علي القاعدة الاولية من تنجس المضاف بملاقاة النجس.

(3) لأصالة عدم كونه دما كما أن مقتضي استصحاب بقاء طهارة ما يلاقيه طهارته.

(4) الكلام فيه هو الكلام.

______________________________

(1) لاحظ ص: 190

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 201

و لا يجب عليه الاستعلام (1) و كذلك اذا حك جسده فخرجت رطوبة يشك في أنها دم أو ماء أصفر يحكم بطهارتها (2).

[مسألة 373: الدم الذي قد يوجد في اللبن عند الحلب نجس و منجس للبن]

(مسألة 373): الدم الذي قد يوجد في اللبن عند الحلب نجس و منجس للبن (3).

[السادس و السابع: الكلب و الخنزير البريان]

السادس و السابع: الكلب و الخنزير البريان بجميع اجزائهما و فضلاتهما و رطوباتهما دون البحريين (4).

______________________________

(1) كما هو الميزان في الشبهة الموضوعية.

(2) قد ظهر الوجه مما ذكرنا آنفا فلاحظ.

(3) أما كونه نجسا فلكونه دما و الدم نجس و أما كونه منجسا فلان المفروض ملاقاته مع اللبن في الخارج و مقتضي القاعدة انفعال المضاف بملاقاة عين النجاسة فلاحظ.

(4) تتولد مما أفاده في المقام فروع:

الفرع الاول: أن الكلب البري نجس و هذا من الواضحات و لا خلاف في نجاسته في الجملة و الروايات الدالة علي نجاسته بالسنة مختلفة كثيرة جدا منها: ما رواه الفضل أبو العباس قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام ان أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله و ان مسه جافا فاصبب عليه الماء. قلت: و لم صار بهذه المنزلة؟ قال: لان النبي صلي اللّه عليه و آله أمر بقتلها (بغسلها) «1».

و منها: ما رواه أيضا في حديث: أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكلب

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 202

______________________________

فقال: رجس نجس لا يتوضأ بفضله و اصبب ذلك الماء و اغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الكلب يشرب من الاناء قال: اغسل الاناء «2».

و منها: ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكلب يصيب شيئا من جسد الرجل قال: تغسل المكان الذي أصابه «3».

و منها: ما رواه معاوية بن شريح عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث: أنه

سئل عن سؤر الكلب يشرب منه أو يتوضأ؟ قال: لا قلت: أ ليس هو سبع؟ قال:

لا و اللّه انه نجس لا و اللّه انه نجس «4».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: لا يشرب سؤر الكلب الا أن يكون حوضا كبيرا يستقي منه «5».

و منها ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكلب يصيب شيئا من جسد الرجل قال: يغسل المكان الذي أصابه «6».

و منها: ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكلب السلوقي فقال:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) نفس المصدر الحديث: 7

(6) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 203

______________________________

اذا مسسته فاغسل يدك «1».

و منها: ما رواه أبو سهل القرشي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن لحم الكلب فقال: هو مسخ قلت. أ هو حرام؟ قال: هو نجس: اعيده (ها) عليه ثلاث مرات كل ذلك يقول: هو نجس «2».

و منها: ما رواه الصدوق «3» و منها: ما رواه حريز «4».

و منها: ما رواه حريز عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا مس ثوبك كلب فان كان يابسا فانضحه و ان كان رطبا فاغسله «5».

و منها: ما رواه علي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الكلب يصيب الثوب قال: انضحه و ان كان رطبا فاغسله «6».

و في المقام رواية ربما يتوهم معارضتها مع دليل نجاسة الكلب و هي ما رواه ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الوضوء مما ولغ الكلب فيه

و السنور أو شرب منه جمل أو دابة أو غير ذلك أ يتوضأ منه؟ أو يغتسل؟ قال:

نعم الا أن تجد غيره فتنزه عنه «7».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 10

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 26 من أبواب النجاسات الحديث: 3.

(6) نفس المصدر الحديث: 4

(7) الوسائل الباب 2 من أبواب الأسآر الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 204

______________________________

و لكن يمكن دفع هذا التوهم اولا: بأن غاية دلالة هذه الرواية علي المدعي بالاطلاق فان مورد الرواية لم يفرض فيه كون الماء قليلا و اطلاقها يقيد بما دل علي نجاسة ما باشره الكلب من المياه القليلة.

و ثانيا أن غاية ما يدل عليه الحديث عدم نجاسة الماء و عدم نجاسته أعم من نجاسة الكلب.

و ثالثا: انه لا مجال لهذا التوهم فان نجاسة الكلب كما ذكرنا من الواضحات الاولية التي لا تقبل الانكار فلاحظ.

ثم انه لا يخفي ان مقتضي اطلاق الادلة عدم الفرق بين كلب الصيد و غيره مضافا إلي ما رواه محمد بن مسلم «1» فان هذه الرواية واردة في خصوص كلب الصيد و دالة علي نجاسته فلا مجال لما عن الصدوق من الفرق بين القسمين من الكفاية برش الماء بدل الغسل اذا كان الملاقاة مع كلب الصيد.

الفرع الثاني: الخنزير البري نجس بالإجماع و التسالم بل نجاسته في الجملة من ضروريات المذهب.

اضف إلي ذلك النصوص الدالة علي نجاسته فمن تلك النصوص ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله فذكر و هو في صلاته كيف يصنع به؟ قال: ان كان دخل في صلاته فليمض فان لم يكن دخل

في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه الا أن يكون فيه أثر فيغسله قال: و سألته عن خنزير يشرب من اناء كيف يصنع به؟ قال: يغسلي

______________________________

(1) لاحظ ص: 202

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 205

______________________________

سبع مرات «1»،

و منها: ما رواه سليمان الاسكاف قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شعر الخنزير يخرز به قال: لا باس به و لكن يغسل يده اذا أراد أن يصلي «2».

و منها: ما رواه علي بن رئاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الشطرنج قال:

المقلب لها كالمقلب لحم الخنزير قلت: و ما علي من قلب (يقلب) لحم الخنزير قال: يغسل يده «3».

و منها: ما رواه موسي بن القاسم عن علي بن محمد (جعفر) عليه السلام قال: سألته عن خنزير أصاب ثوبا و هو جاف هل تصلح الصلاة فيه قبل أن يغسله قال: نعم ينضحه بالماء ثم يصلي فيه «4».

و منها: ما رواه المعلي بن خنيس قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الخنزير يخرج من الماء فيمر علي الطريق فيسيل منه الماء أمر عليه حافيا؟ فقال: أ ليس ورائه شي ء جاف؟ قلت: بلي قال: فلا باس ان الارض يطهر بعضها بعضا «5» و منها: ما رواه زرارة «6».

الفرع الثالث: المشهور بين الاصحاب طهارة الكلب و الخنزير البحريين

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 3.

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 26 من أبواب النجاسات الحديث: 6.

(5) الوسائل الباب 32 من أبواب النجاسات الحديث: 3.

(6) لاحظ ص: 153.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 206

______________________________

و ربما يقال: ان مقتضي اطلاق الادلة نجاستهما حيث انهما من مصاديق الكلب و الخنزير.

و يرد عليه: أولا أن اطلاق الاسم عليهما

بنحو الحقيقة اول الكلام نعم يمكن صحة الاستعمال مع الاضافة بأن يطلق علي الكلب البحري كلب الماء و هذا يدل علي خلاف المقصود فان الاستعمال مع الاضافة لو كان دليلا علي الفردية لكان المضاف داخلا في افراد الماء المطلق و الحال أن اطلاق الماء بلا اضافة علي المضاف لعله يعد من الاغلاط فلا يقال لماء الرمان أنه ماء بل يقال له: انه ماء رمان و لو وصلت النوبة إلي الشك يكفي للمنع من الاطلاق اذ تحقق الاطلاق في الدليل يتوقف علي احراز الصدق و مع الشك يكون من التمسك بالدليل في الشبهة المصداقية و مقتضي الاصل عدم كونه مصداقا للطبيعة.

اضف إلي جميع ذلك ما ورد في المقام من النصوص الخاصة الدالة علي عدم البأس بلبس الخز و الخز كلب بحري و من تلك النصوص ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سأل أبا عبد اللّه عليه السلام رجل و أنا عنده عن جلود الخز فقال:

ليس بها بأس فقال الرجل: جعلت فداك انها علاجي (في بلادي) و انما هي كلاب تخرج من الماء فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا خرجت من الماء تعيش خارجة من الماء؟ فقال الرجل: لا قال: ليس به بأس «1».

و في الرواية اشارة إلي عدم البأس بجلد الخنزير البحري أيضا.

الفرع الرابع: ان البريين منهما جميع اجزائهما و رطوباتهما نجسة و الدليل عليها اطلاق ادلة النجاسة فان العرف يفهم من دليل النجاسة عدم الفرق و أن النجاسة شاملة

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 207

______________________________

لجميع ما ذكر.

الفرع الخامس: أن ما لا تحله الحياة من الكلب و الخنزير نجس- كما هو المشهور عند الاصحاب- و ذلك

لإطلاق ادلة نجاستهما.

و ربما يقال: بطهارة ما لا تحله الحياة و قد ذكرت في مقام الاستدلال عليه وجوه: منها: الاجماع.

و حاله في الاشكال معلوم مضافا إلي أنه لا اجماع علي عدم النجاسة بل علي ما يظهر من بعض الكلمات أن الاجماع قائم عليها.

و منها: أن ما لا تحله الحياة لا يعد جزءا من الحيوان فلا يشمله دليل النجاسة.

و هذه الدعوي غريبة و العرف ببابك و الذي يدل علي بطلانها أنه يقال:

الاجزاء التي لا تحلها الحياة.

و منها: قياس المقام بالميتة فكما أن أجزاء الميتة التي لا تحلها الحياة طاهرة كذلك المقام.

و فساده ظاهر اذ القياس باطل مضافا إلي الفرق بين الموردين فان نجاسة الميتة عرضية و النجاسة في المقام ذاتية فلاحظ.

و ربما يستدل بجملة من الروايات علي طهارة شعر الخنزير منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الحبل يكون من شعر الخنزير يستقي به الماء من البئر هل يتوضأ من ذلك الماء؟ قال: لا بأس «1».

بتقريب: أن المستفاد من الرواية عدم تنجس ماء البئر بملاقاة الحبل الذي

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب الماء المطلق الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 208

______________________________

فرض كونه من شعر الخنزير فلا يكون الشعر نجسا.

و فيه: أن غاية ما هناك علي هذا التقريب عدم انفعال ماء البئر بملاقاة النجاسة فلا يرتبط بالمدعي.

و يمكن الاستدلال بالرواية علي المدعي بتقريب آخر و هو أن المستفاد منها عدم انفعال الماء الذي في الدلو بملاقاة الحبل.

و فيه أنه لم يفرض في الرواية ملاقاة الحبل مع الماء المستقر في الدلو غاية ما في الباب تقاطر الماء من الحبل في الدلو و هذا من ادلة عدم تنجيس المتنجس و لا يرتبط بالمدعي.

مضافا

إلي أنه لو سلم ملاقاة الحبل مع الماء الموجود في الدلو فلا تكون الرواية دالة علي المدعي بل تدل علي عدم انفعال الماء القليل و علي كل لا ترتبط بالمدعي.

و منها: ما رواه الحسين بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت له: الشعر الخنزير يعمل حبلا و يستقي به من البئر التي يشرب منها أو يتوضأ منها؟ قال: لا بأس به «1».

و التقريب هو التقريب و الجواب هو الجواب مضافا إلي ضعف السند بحسين بن زرارة.

و منها ما رواه زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن جلد الخنزير يجعل دلوا يستقي به الماء قال: لا بأس «2».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 3:

(2) نفس المصدر الحديث: 16.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 209

[الثامن: المسكر المائع بالأصالة بجميع أقسامه]
اشارة

الثامن: المسكر المائع بالاصالة بجميع اقسامه (1).

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بأبي زياد فانه لم يوثق مضافا إلي أن هذه الرواية علي تقدير تسليم دلالتها تدل علي عدم نجاسة جلد الخنزير و من الظاهر أن الكلام فيما لا تحله الحياة و الجلد مما تحله الحياة كما هو ظاهر.

فالمتحصل مما ذكرنا نجاسة الكلب و الخنزير بجميع أجزائهما علي نحو الاطلاق فلاحظ.

(1) ينبغي أن يتكلم أولا في حكم الخمر ثم البحث عن حكم مطلق المسكر المائع بالاصالة فنقول: المشهور بين الاصحاب نجاسة الخمر و ما استدل به علي المدعي أو يمكن أن يستدل به عليه وجوه:

الاول: الاجماع و فيه: ان الاجماع المنقول ليس حجة و المحصل منه علي تقدير حصوله محتمل المدرك.

الثاني: قوله تعالي: «إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصٰابُ وَ الْأَزْلٰامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ» «1».

و فيه: أن الرجس ليس مساويا للنجس و الا يلزم كون الميسر نجسا و

كذلك الانصاب و الازلام و هو كما تري فالرجس عبارة عن الخبيث الذي يعبر عنه في الفارسية ب «پليد».

الثالث: النصوص منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الذي يعير ثوبه لمن يعلم أنه يأكل لحم الجري أو يشرب الخمر فيرده أ يصلي فيه قبل أن يغسله؟ قال: لا يصلي فيه حتي يغسله «2».

______________________________

(1) المائدة/ 92

(2) الوسائل الباب 38 من أبواب النجاسات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 210

______________________________

و منها: ما رواه يونس عن بعض من رواه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اذا أصاب ثوبك خمر أو نبيذ مسكر فاغسله ان عرفت موضعه و ان لم تعرف موضعه فاغسله كله و ان صليت فيه فاعد صلاتك «1».

و منها: ما رواه هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفقاع فقال: لا تشربه فانه خمر مجهول فاذا اصاب ثوبك فاغسله «2».

و منها: ما رواه خيران الخادم قال: كتبت إلي الرجل عليه السلام أسأله عن الثوب يصيبه الخمر و لحم الخنزير أ يصلي فيه أم لا؟ فان أصحابنا قد اختلفوا فيه فقال: بعضهم: صل فيه فان اللّه انما حرم شربها و قال بعضهم: لا تصل فيه فكتب عليه السلام لا تصل فيه فانه رجس «3».

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تصل في بيت فيه خمر و لا مسكر لان الملائكة لا تدخله و لا تصل في ثوب قد أصابه خمر أو مسكر حتي تغسله «4».

و منها: ما رواه ابو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث النبيذ قال:

ما يبل الميل ينجس حبا من ماء يقولها ثلاثا «5».

و

منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن آنية أهل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3.

(2) نفس المصدر الحديث: 5.

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) نفس المصدر الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 211

______________________________

الذمة و المجوس فقال: لا تأكلوا في آنيتهم و لا من طعامهم الذي يطبخون و لا في آنيتهم التي يشربون فيها الخمر «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان «2» و منها ما رواه كردويه قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن البئر يقع فيها قطرة دم أو نبيذ مسكر أو بول أو خمر قال: ينزح منها ثلاثون دلوا «3» و منها: ما رواه زرارة «4».

و منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في البئر يبول فيها الصبي أو يصب فيها بول أو خمر فقال: ينزح الماء كله «5». و منها ما رواه الحلبي «6».

و منها: ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الدن يكون فيه الخمر هل يصلح أن يكون فيه خل أو ماء كامخ أو زيتون؟ قال:

اذا غسل فلا بأس و عن الابريق و غيره يكون فيه خمر أ يصلح أن يكون فيه ماء؟

قال: اذا غسل فلا بأس و قال: في قدح أو اناء يشرب فيه الخمر قال: تغسله ثلاث مرات و سئل أ يجزيه أن يصب فيه الماء؟ قال: لا يجزيه حتي يدلكه بيده و يغسله

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(2) لاحظ ص: 151

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب الماء المطلق الحديث: 2.

(4) لاحظ ص: 153.

(5) الوسائل الباب 15 من أبواب الماء المطلق الحديث: 4.

(6) لاحظ ص:

151

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 212

______________________________

ثلاث مرات «1».

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الاناء يشرب فيه النبيذ فقال: تغسله سبع مرات و كذلك الكلب إلي أن قال: و لا تصل في بيت فيه خمر و لا مسكر لان الملائكة لا تدخله و لا تصل في ثوب أصابه خمر أو مسكر حتي يغسل «2».

و منها غيرها المذكور في الوسائل في الباب 30 من أبواب الاشربة المحرمة.

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري من النصوص تدل علي طهارة الخمر لاحظ ما رواه عبد اللّه بن بكير قال: سأل رجل ابا عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده عن المسكر و النبيذ يصيب الثوب قال: لا بأس «3».

و ما رواه الحسين بن أبي سارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: انا نخالط اليهود و النصاري و المجوس و ندخل عليهم و هم يأكلون و يشربون فيمر ساقيهم و يصب علي ثيابي الخمر فقال: لا بأس به الا أن تشتهي أن تغسله لأثره «4».

و ما رواه الصدوق قال: سئل أبو جعفر و أبو عبد اللّه عليهما السلام فقيل لهما:

انا نشتري ثيابا يصيبها الخمر و ودك الخنزير عند حاكتها أ نصلي فيها قبل أن نغسلها فقال: نعم لا بأس ان اللّه انما حرم أكله و شربه و لم يحرم لبسه و مسه و الصلاة فيه «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 35 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 38 من أبواب النجاسات الحديث: 11

(4) نفس المصدر الحديث: 12

(5) نفس المصدر الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 213

______________________________

و رواه بكير عن أبي جعفر.

و ما رواه علي بن

رئاب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الخمر و النبيذ المسكر يصيب ثوبي فاغسله أو اصلي فيه؟ قال: صل فيه الا أن تقذره فتغسل منه موضع الاثر ان اللّه تعالي انما حرم شربها «1».

و ما رواه الحسين بن أبي سارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان أصاب ثوبي شي ء من الخمر اصلي فيه قبل أن اغسله؟ قال: لا باس ان الثوب لا يسكر «2».

و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي عليه السلام قال: سألته عن البيت يبال علي ظهره و يغتسل من الجنابة ثم يصيبه المطر أ يؤخذ من مائه فيتوضأ به للصلاة؟

فقال: اذا جري فلا بأس به قال و سألته عن الرجل يمر في ماء المطر و قد صب فيه خمر فاصاب ثوبه هل يصلي فيه قبل أن يغسله؟ فقال: لا يغسل ثوبه و لا رجله و يصلي فيه و لا بأس (به خ) «3».

فيقع التعارض بين الطرفين فربما يقال بأنه يحمل ما دل علي النجاسة علي الاستحباب ببركة ما دل علي الطهارة.

و قد مر منا مرارا أن العرف يري التعارض في أمثال المقام و لا مجال للجمع الدلالي مضافا إلي أنا لا نفهم معني الحمل علي الاستحباب في مثل المقام.

و بعبارة اخري: لا نتصور ما معني حمل الحكم بالطهارة علي الاستحباب و حيث ان أقوال العامة مختلفة بالنسبة إلي الطهارة و النجاسة فلا مجال لحمل أحد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 14

(2) نفس المصدر الحديث: 10

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب الماء المطلق الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 214

______________________________

الطرفين علي التقية و أيضا لا مرجح لإحدي الطائفتين علي الاخري بموافقة الكتاب فما الحيلة؟

فنقول: في المقام رواية يمكن علاج

التعارض بها و هي ما رواه علي بن مهزيار قال: قرأت في كتاب عبد اللّه بن محمد إلي أبي الحسن عليه السلام: جعلت فداك روي زرارة عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليه السلام في الخمر يصيب ثوب الرجل أنهما قالا: لا بأس بأن تصلي فيه انما حرم شربها و روي عن (غير) زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا أصاب ثوبك خمر أو نبيذ يعني المسكر فاغسله ان عرفت موضعه و ان لم تعرف موضعه فاغسله كله و ان صليت فيه فاعد صلاتك فاعلمني ما آخذ به. فوقع عليه السلام و قرأته: خذ بقول أبي عبد اللّه عليه السلام «1».

فانه لا يبعد أن يقال: بأن هذه الرواية لا تعد معارضا في نظر العرف بل تكون كالأخبار العلاجية في خصوص المقام و مقتضاها النجاسة.

و ان أبيت عما ذكر و قلت هذه الرواية بنفسها طرف المعارضة يكون الترجيح معها للأحدثية.

فتحصل ان الحق نجاسة الخمر اذا عرفت ذلك فاعلم أنه يقع الكلام في أنه هل يلحق بالخمر في النجاسة كل مائع مسكر بالاصالة أم لا؟ الذي يمكن أن يستدل به علي الالحاق امور:

الاول: الاجماع و حاله في الاشكال ظاهر مضافا إلي أن الاقوال في الخمر مختلفة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب النجاسات الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 215

______________________________

الثاني: النصوص الدالة علي نجاسة مطلق المسكر منها ما رواه عمار «1» فان النهي عن الصلاة في الثوب الذي أصابه المسكر الا بعد الغسل ارشاد إلي نجاسته.

و منها: ما رواه عمر بن حنظلة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما تري في قدح من مسكر يصب عليه الماء حتي تذهب عاديته و يذهب سكره

فقال: لا و اللّه و لا قطرة قطرت في حب الا اهريق ذلك الحب «2».

و هذه الرواية ضعيفة بعمر و يعارض حديث عمار ما رواه عبد اللّه بن بكير «3» و حيث ان العامة قائلون بالنجاسة فالترجيح مع ما دل علي الطهارة و مجرد احتمال الصدور تقية- كما في كلام سيدنا الاستاد- لا أثر له فانه لا يترتب الاثر علي مجرد الاحتمال مع أن مقتضي الاصل الاولي عدمها. و ان شئت قلت: ان مقتضي الامر بالاخذ بما خالف العامة الاخذ بدليل الطهارة.

و لكن يمكن أن يقال بأن مقتضي حديث علي بن مهزيار «4» الاخذ بدليل النجاسة فان قوله: «يعني المسكر» يقتضي نجاسة كل مسكر و حمل المسكر علي خصوص النبيذ المسكر بلا وجه. فالحق نجاسة مطلق المسكر المائع بالاصالة.

الثالث: ما أفاده صاحب الحدائق: «من أن الخمر حقيقة شرعية بل لغوية في مطلق المسكر أما الاول فلما ورد في تفسير الاية الكريمة «انما الخمر و الميسر»

______________________________

(1) لاحظ ص: 210

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 212

(4) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 216

______________________________

الي آخر الاية من أن المراد بالخمر كل مسكر من الشراب «1» و أما الثاني فلما قاله جمع من أهل اللغة من أن الخمر انما سميت بهذا الاسم لأنها تخمر العقل و تستره و عليه كل مسكر خمر» «2».

و اورد عليه سيدنا الاستاد أما بالنسبة إلي تفسير الاية فبأنه لا يمكن اثبات الحقيقة الشرعية بارادة مطلق الشراب المسكر من الاية ببركة النص مضافا إلي أن الاية لا تدل علي نجاسة الخمر بل الاية تدل علي حرمته. أضف إلي ذلك أن الرواية مرسلة لا اعتبار بها.

و أما عن الثاني

فبعدم اطراد الاستعمال و لذا نري عدم صحة اطلاق الخمر علي الحشيش المسكر مضافا إلي أن المنقول من كلام جماعة من أهل اللغة أن الخمر حقيقة في المسكر من عصير العنب «3».

الرابع: ما دل من النصوص علي أن الخمر علي أقسام مثل ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الخمر من خمسة: العصير من الكرم و النقيع من الزبيب و البتع من العسل و المزر من الشعير و النبيذ من التمر «4».

و ما رواه الحسن الحضرمي عمن أخبره عن علي بن الحسين عليهما السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 5 و تفسير القمي ج 1 ص 180

(2) الحدائق ج 5 ص: 113- 115

(3) الحدائق ج 5 ص: 112

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 217

______________________________

قال: الخمر من خمسة اشياء: من التمر و الزبيب و الحنطة و الشعير و العسل «1».

و ما رواه علي بن اسحاق الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الخمر من خمسة: العصير من الكرم و النقيع من الزبيب و البتع من العسل و المزر من الشعير و النبيذ من التمر «2» و غيرها مما ورد في الوسائل في الباب امن أبواب الاشربة المحرمة.

بتقريب: أن المستفاد من هذه النصوص أن الخمر لا يختص بما يتخذ من العنب فكل مسكر خمر و المفروض أن الخمر نجس.

و فيه: ان اثبات النجاسة يتوقف علي تحقق عنوان الخمرية و بعبارة اخري:

كل شراب صدق عليه هذا العنوان يحكم عليه بالنجاسة و أما مجرد كونه

مسكرا فلا دليل علي نجاسته.

و أفاد سيدنا الاستاد: أنه يظهر الجواب بما ذكر عن الاستدلال بما دل من النص علي نجاسة النبيذ المسكر اذ المستفاد من هذه الأحاديث نجاسة النبيذ المسكر فلا يمكن اثبات النجاسة بالنسبة إلي الاسبرتو الذي لا يصدق عليه لا عنوان الخمر و لا عنوان النبيذ المسكر هذا ملخص كلامه.

لكن يرد عليه أن المستفاد من بعض النصوص نجاسة مطلق المسكر لاحظ حديثي علي بن مهزيار و عمار «3» فان المستفاد من هذين الحديثين أن المسكر علي الاطلاق نجس الا أن يقال بالانصراف عن مثل الاسبرتو الذي لا يكون معدا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2.

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 214 و 210.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 218

دون الجامد كالحشيشة و ان غلي و صار مائعا بالعارض لكنه حرام (1).

______________________________

للشرب و ادعاء الانصراف مشكل.

الخامس: ما دل من النصوص أن كل مسكر خمر مثل ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: ان اللّه عز و جل لم يحرم الخمر لاسمها و لكن حرمها لعاقبتها فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر «1».

و ما رواه أيضا عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: ان اللّه عز و جل لم يحرم الخمر لاسمها و لكن حرمها لعاقبتها فما فعل فعل الخمر فهو خمر «2».

و ما رواه عطاء بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي عليه و آله: كل مسكر حرام و كل مسكر خمر «3».

بتقريب: أن مقتضي التنزيل كون المنزل بمنزلة المنزل عليه في الآثار.

و أورد عليه سيدنا الاستاد بأن الاثر الظاهر للخمر هي الحرمة و أما النجاسة فليست اثرا ظاهرا له فدليل التنزيل ناظر إلي خصوص

الحرمة.

و يرد عليه أنه لا دليل علي الاختصاص بل مقتضي اطلاق الدليل ترتيب جميع الآثار عليه الا ما خرج بالدليل فلاحظ.

(1) ادعي عليه الاجماع فان ثبت اجماع تعبدي كاشف و الا يشكل الامر لعدم مجال للتوسل إلي الاصل لا لصدق الخمر عليه بل لوجهين.

أحدهما ما دل من النص علي نجاسة كل مسكر فان مقتضي اطلاق ذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 219

و أما اسبرتو المتخذ من الاخشاب أو الاجسام الاخر فالظاهر طهارته (1).

[مسألة 374: العصير العنبي إذا غلا بالنار أو بغيرها فالظاهر بقائه علي الطهارة]

(مسألة 374): العصير العنبي اذا غلا بالنار أو بغيرها فالظاهر بقائه علي الطهارة (2).

______________________________

الدليل عدم الفرق بين المائع و الجامد.

ثانيهما: عموم التنزيل المستفاد من النص و دعوي كون التنزيل بلحاظ خصوص الحرمة بلا دليل كما أن دعوي أن المناسبة تقتضي أن تكون ناظرا إلي المائع المسكر بلا وجه و لذا لا مجال للشك في أن ذلك الدليل يدل علي حرمة المسكر الجامد.

فالانصاف أن الجزم بالطهارة مشكل و اثبات تحقق الاجماع التعبدي علي الطهارة اشكل.

(1) قد ظهر مما ذكرنا أن المسألة محل الاشكال الا أن يشك في كون مثل «الألكل» مسكرا فيحكم بطهارته باستصحاب عدم كونه مسكرا.

(2) قد وقع الكلام فيه و اختلفوا في حكمه من حيث النجاسة و الطهارة و من الظاهر أنه لو لم يقم دليل علي نجاسته فالاصل الاولي يقتضي طهارته.

و ما قيل أو يمكن أن يقال في مقام الاستدلال علي النجاسة وجوه:

الوجه الاول: الاجماع و فيه أن المسألة مورد الاختلاف كما يظهر من كلمات القوم مضافا إلي أنه كيف يمكن تحصيل الاجماع التعبدي الكاشف في مثل هذه المسألة

التي اقيمت عليها وجوه من الادلة.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 220

______________________________

الوجه الثاني: أنه مسكر و المسكر المائع بالاصالة نجس حسب النص «1» علي كلام فيه كما مر.

و فيه: أن كونه مسكرا محل الاشكال و لذا جعلوه مقابل الخمر و باقي المسكرات و مجرد الشك في كونه مسكرا يكفي للحكم بطهارته باستصحاب عدم اسكاره و قاعدتها.

اضف إلي ذلك أن مجرد الغليان لا يستلزم الاسكار قطعا فالدليل اخص من المدعي.

الوجه الثالث: عد العصير من أنواع الخمر لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «2».

و فيه: أن المراد من هذه الرواية و أمثالها الاشارة إلي أنواع الخمر من حيث اصولها بنحو الاجمال و لا اطلاق فيها من جميع الجهات و الا يلزم حرمة شرب ما ينبذ فيه من التمر بلا حصول تغيير فيه و هل يمكن الالتزام به؟

الوجه الرابع: ما دل من النصوص علي النزاع الواقع بين آدم و نوح مع ابليس و أن الثلث لآدم و نوح و الثلثين لإبليس لاحظ ما رواه أبو الربيع الشامي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أصل الخمر كيف كان بدء حلالها و حرامها و متي اتخذ الخمر؟ فقال: ان آدم لما اهبط إلي الجنة اشتهي من ثمارها فانزل اللّه عليه قضيبين من عنب فغر سهما فلما أن أورقا و أثمرا و بلغا جاء ابليس فحاط عليهما حائطا فقال آدم: ما حالك يا ملعون قال: فقال ابليس: انهما لي قال:

______________________________

(1) لاحظ ص: 210 حديث عمار

(2) لاحظ ص: 216

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 221

______________________________

كذبت فرضيا بينهما بروح القدس فلما انتهيا اليه قص آدم عليه قصته فأخذ روح القدس ضغثا من نار فرمي به عليهما و العنب في أغصانها حتي ظن

آدم أنه لم يبق منه و ظن ابليس مثل ذلك قال: فدخلت النار حيث دخلت و قد ذهب منهما ثلثاهما و بقي الثلث فقال الروح: أما ما ذهب منهما فحظ ابليس و ما بقي فلك يا آدم «1».

و ما رواه سعيد بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان ابليس نازع نوحا في الكرم فأتاه جبرئيل فقال له: ان له حقا فأعطاه الثلث فلم يرض ابليس ثم اعطاه النصف فلم يرض فطرح عليه جبرئيل نارا فأحرقت الثلثين و بقي الثلث فقال: ما أحرقت النار فهو نصيبه و ما بقي فهو لك يا نوح حلال «2».

و غيرهما من الروايات الواردة في الباب 2 من أبواب الاشربة المحرمة من الوسائل.

و فيه: أنه لا ترتبط هذه النصوص بنجاسة العصير بل المستفاد منها مجرد الحرمة في الجملة.

الوجه الخامس: ما رواه معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل من أهل المعرفة بالحق يأتيني بالبختج و يقول قد طبخ علي الثلث و أنا اعرفه انه يشربه علي النصف فقال: خمر لا تشربه قلت: فرجل من غير أهل المعرفة ممن لا نعرفه يشربه علي الثلث و لا يستحله علي النصف يخبرنا ان عنده بختجا علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 2.

(2) نفس المصدر الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 222

______________________________

الثلث قد ذهب ثلثاه و بقي ثلثه يشرب منه؟ قال: نعم «1».

بتقريب: أنه حكم علي العصير بكونه خمرا و مقتضي التنزيل ترتيب جميع الآثار علي المنزل اي ترتيب آثار المنزل عليه علي المنزل و حيث ان الخمر نجس يكون العصير نجسا أيضا.

و قد اورد وافي الاستدلال بهذا الخبر علي المدعي ايرادات: منها: أن

نسخة التهذيب تغاير نسخة الكافي فانه ليس فيها «خمر» «2» و ليس المقام داخلا في اشتباه الحجة بلا حجة كي يسقط كلا الخبرين عن الاعتبار بل المقام داخل في مسألة التعارض و مقتضي قانون تقديم اصالة عدم الزيادة علي أصل عدم النقيصة، تقديم نسخة التهذيب لكن حيث ان الكافي أضبط- علي ما يقولون- فلعل الترجيح معه و أقل منه عدم ترجيح الطرف المقابل فتصل النوبة إلي قاعدة الطهارة.

و يرد عليه: أن الشيخ ينقل الرواية عن أحمد بن محمد و أما الكليني فينقل الحديث عن محمد بن يحيي فطرف المعارضة للشيخ ليس هو الكليني كي يقال:

انه أضبط بل طرف الشيخ هو محمد بن يحي و لم يعلم كونه أضبط من الشيخ مضافا إلي أن متن الحديث يختلف حسب اختلاف النقل فلاحتمال كونه حديثين مجال و ان كان الاحتمال بعيدا و اللّه العالم.

و منها: أنه حمل كلمة خمر علي العصير كما يمكن أن يكون بعنوان التنزيل و الحكومة كذلك يمكن أن يكون تطبيقا حقيقيا بلحاظ ما يكون مصداقا للمسكر من العصير و مع تطرق الاحتمالين لا يبقي مجال للاستدلال علي المدعي بدليل

______________________________

(1) التهذيب: ج 9 ص 122 حديث: 526

(2) الكافي ج 6 ص: 421 الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 223

و ان صار حراما فاذا ذهب ثلثاه بالنار صار حلالا و الظاهر عدم كفاية ذهاب الثلثين بغير النار في الحلية (1).

______________________________

التنزيل.

و فيه: أن الظاهر من الكلام اعمال العناية و تنزيل العصير علي الاطلاق منزلة الخمر و احتمال النظر إلي خصوص مصداق خاص منه خلاف الظاهر لا يصار اليه.

و منها: أن كلمة «لا تشربه» في كلامه عليه السلام لم تصدر بفاء التفريع كي يقال: بأن قوله عليه السلام

«خمر» جعل للعصير خمرا عناية و بعموم التنزيل يترتب عليه جميع الآثار الخمريه و قوله «فلا تشربه» ذكر الخاص بعد العام.

و بعبارة اخري: ان كلمة «لا تشربه» قد تكون تفريعا علي تطبيق الخمر علي العصير و قد تكون تفسيرا للمراد من ذلك التطبيق فعلي الاول يصح الاستدلال به علي المدعي بخلافه علي الثاني و مع عدم الظهور لا يبقي مجال للاستدلال بل لا يبعد أن يكون الكلام ظاهرا في الاحتمال الثاني فالنتيجة أنه لا يكون دليل علي نجاسة العصير.

(1) لا اشكال في حرمة العصير المغلي و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يحرم العصير حتي يغلي «1».

و منها: ما رواه محمد بن عاصم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بشرب العصير ستة أيام قال ابن أبي عمير: معناه ما لم يغل «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 224

______________________________

و منها: ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن شرب العصير قال: تشرب ما لم يغل فاذا غلا فلا تشرب قلت. اي شي ء الغليان؟

قال: القلب «1».

ثم انه يقع الكلام في عدة امور: الاول أن الحرمة في حديث ذريح قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اذا نش العصير أو غلا حرم «2»، رتبت علي احد امرين من النش و الغليان فان العطف بأو يقتضي التعدد بين المعطوف و المعطوف عليه فيحمل النشيش علي الرغوة التي تحصل في العصير قبل الغليان بالنار أو غيرها.

و يشكل بأن التحريم بالنشيش قبل الغليان يوجب لغوية

تعلق الحرمة.

علي الغليان اذ عليه تحصل الحرمة قبل الغليان بالنشيش الذي هو عبارة عن الرغوة اي الزبد الذي يعلو العصير قبل الغليان.

و نقل سيدنا الاستاد عن رسالة شيخ الشريعة بأن العطف في النسخ المصححة من الكافي بالواو هذا من ناحية و من ناحية اخري لم يثبت بحسب اللغة فرق بين النش و الغليان بحسب المعني فان النش حسب المنقول عن أقرب الموارد عبارة عن الغليان.

فالنتيجة أن النش هو الغليان و يكون العطف في الرواية حسب النسخ المصححة بشهادة الشيخ الشريعة تفسيريا و اذا ثبت العطف ب (أو) نحمل النشيش علي الغليان بغير النار.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 225

______________________________

فالمتحصل: أن الميزان في تحقق الحرمة هو الغليان و النشيش عبارة اخري عن الغليان و أما الرغوة الحاصلة قبل الغليان فلا دليل علي كونها موجبة للحرمة.

الثاني: أن الحرمة تدور مدار الغليان بلا فرق بين كون الغليان بالنار أو بغيرها و الوجه اطلاق الدليل فان مقتضي نصوص المقام حرمة العصير بالغليان علي الاطلاق.

الثالث: أنه يشترط في الحلية أن يذهب ثلثاه بالنار خلافا لما أفاده سيد العروة حيث اكتفي في الحلية بذهاب الثلثين بالنار أو بغيرها و الظاهر انه ناظر الي رواية عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل عصير أصابته النار فهو حرام حتي يذهب ثلثاه و يبقي ثلثه «1» فان مقتضي اطلاقها أن الميزان في الحلية ذهاب الثلثين.

و قال سيدنا الاستاذ: ان الظاهر من هذه الرواية أنه يشترط أن يكون الذهاب بالنار. و عهدة هذه الدعوي عليه.

و الحق أن مقتضي اطلاق ذيل الرواية أن المناط ذهاب الثلثين و لا دليل علي كون الذهاب بالنار فقط.

و

أفاد أيضا بأن المدعي يستفاد من موثقة ابي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام و سئل عن الطلا فقال: ان طبخ حتي يذهب منه اثنان و يبقي واحد فهو حلال و ما كان دون ذلك فليس فيه خير «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 226

[مسألة 375: العصير الزبيبي و التمري لا ينجس و لا يحرم بالغليان بالنار]

(مسألة 375): العصير الزبيبي و التمري لا ينجس (1) و لا يحرم بالغليان بالنار (2).

______________________________

بتقريب أن المستفاد من الرواية أن الميزان في الحلية الطبخ علي النار حتي يذهب ثلثاه.

و فيه: اولا أن سند الرواية ضعيف بابن أبي حمزة و ثانيا أنه لا يستفاد من متن الرواية اشتراط الطبخ بالنار بل الميزان هو الطبخ و لو بغير النار.

بقي شي ء: و هو أنه لو غلا العصير بغير النار فما الدليل علي حليته بذهاب ثلثيه فان ما دل علي الحلية بالذهاب يختص مورده بما غلا بالنار لكن الظاهر أن الحكم مورد التسالم و عدم الخلاف.

(1) لعدم دليل علي النجاسة و القاعدة الاولية تقتضي الطهارة كما هو ظاهر و بعبارة اخري: لم يتم الدليل علي نجاسة العصير العنبي فكيف في غيره.

(2) يقع الكلام تارة في العصير الزبيبي و اخري في التمري فيقع الكلام في مقامين:

المقام الاول: في العصير الزبيبي من حيث الحرمة و الحلية و ربما يستدل علي حرمته اذا غلا بوجوه:

الوجه الاول: الاستصحاب بتقريب أن العنب كان يحرم عصيره عند الغليان و مقتضي الاستصحاب بقائه علي ما كان حتي بعد صيرورته زبيبا.

و فيه اشكالات: منها: عدم وجود الموضوع فان الحرمة في العصير العنبي عارضة للماء الخارج من العنب و أما الزبيب فان المفروض كونه يابسا و لا ماء فيه

و الماء المضاف اليه ماء خارجي يضاف اليه بسبب المجاورة مع الزبيب و الحال

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 227

______________________________

أن جريان الاستصحاب يتوقف علي بقاء الموضوع و وحدة القضية.

و منها: أن الاصل المذكور من الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي الالهي و قد ذكرنا في بحث الاستصحاب تبعا للنراقي قدس سره عدم جريان الاستصحاب في الحكم الكلي لمعارضته باستصحاب عدم المجعول و التفصيل موكول إلي ذلك الباب.

و منها: انه من الاستصحاب التعليقي الذي لا دليل عليه. و توضيحه: أنه تارة يشك في الحكم من حيث بقاء الجعل و عدم النسخ و اخري يشك في بقاء المجعول أما من حيث النسخ فلا كلام في المقام فانه ليس الكلام في المقام من حيث احتمال نسخ الحكم و أما من حيث بقاء المجعول فالمفروض أن القيود الدخيلة في الحكم ترجع إلي الموضوع و ما دام لم يتحقق الموضوع في الخارج لم يتحقق الحكم و الموضوع للحرمة العصير العنبي المغلي و المفروض عدمه فلا مجال للاستصحاب.

و بعبارة اخري: الاستصحاب عبارة عن ابقاء الحكم الشرعي ان كان جاريا فيه و المفروض عدم تحقق الموضوع و مع عدم تحققه لا يكون الحكم موجودا فبأي شي ء يتعلق الاستصحاب.

و صفوة القول: أن الحرمة قبل غليان العصير غير متحققة فلا مجال لاستصحابها و لا فرق من هذه الجهة بين أن يكون الموضوع المأخوذ في لسان الدليل هو العصير المغلي و أن يكون المأخوذ هو العصير و يكون الغليان شرطا للحرمة فان الحرمة لا تتحقق قبل الغليان علي كل حال فلا مجال لما أفاده في المستمسك من الفرق.

و لما انجر الكلام إلي هنا فاعلم أن الحق أنه لا معني لإرجاع القيود إلي

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 228

______________________________

الحكم

بل لا مناص عن رجوع القيد إلي الموضوع فان رتبة الموضوع متقدمة علي الحكم و في الرتبة السابقة اما بلحاظ الموضوع مطلقا أو مقيدا لعدم تعقل الاهمال فعلي الاول لا تقيد و علي الثاني يكون الموضوع هو المقيد و أما تعليق الحكم علي الشرط اللحاظي فلا نعلم له معني معقولا بل الحكم معلق علي القيود الخارجية في القضايا الحقيقية.

و لا مجال للإشكال بأنه يلزم التفكيك بين الجعل و المجعول بدعوي: أن الجعل عين المجعول فتفكيكه أوضح فسادا من التفكيك بين العلة و المعلول، فان الجعل امر واقعي و من أفعال النفس و المجعول امر اعتباري لا واقعية له و لا يعقل اتحاد الامر الاعتباري مع الامر الواقعي و لا مانع من التفكيك بل الواقع في الخارج كذلك كالوصية بالنسبة إلي بعد الموت فان اعتبار الملكية من الان لكن الملكية تحصل بعد الموت فالنتيجة أنه لا مجال للاستصحاب التعليقي.

و منها: ان الاستصحاب التعليقي يعارضه الاستصحاب التنجيزي اي استصحاب حلية الزبيب قبل الغليان و عن الشيخ قدس سره أن أمر الشك في الحلية مسبب عن الشك في بقاء الحلية المغياة و الاصل الجاري في السبب حاكم علي الاصل الجاري في المسبب.

و فيه: أنه لا وجه للحكومة فان الشك في الحلية و الحرمة موضوع لكلا الاستصحابين و بعد التعارض و التساقط تصل النوبة إلي اصالة الاباحة.

و عن صاحب الكفاية أنه لا تعارض بين الاصلين لان الحلية المغياة جعلت للعصير العنبي و من الظاهر أن الحلية المغياة ترتفع عند الغاية اي الغليان فبمقتضي

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 229

______________________________

الاستصحاب يحكم بأن الزبيب كالعنب فلا تنافي بين الحلية الفعلية و الحرمة بعد الغليان فلا تعارض.

و قد أجاب سيدنا الاستاد عن الاشكال

و قال: يكون المقام نظير ما لو علم المحدث بالاصغر بخروج رطوبة مرددة بين البول و المني فانه لا اشكال في عدم استصحاب الحدث بعد الوضوء اذ مقتضي الاستصحاب بقاء الحالة السابقة و عدم تبدل الحدث الاصغر بالاكبر و المقام كذلك.

و فيه: أنه قياس مع الفارق فان المعلوم في مورد المحدث كونه محدثا بالاصغر و مقتضي استصحاب عدم كون الرطوبة الخارجية منيا عدم وجوب الغسل فلا يجب الا الوضوء و أما في المقام فلا اشكال في حلية الزبيب و انقلابها إلي الحرمة بالغليان، اول الكلام و الاشكال فالتعارض باق بحاله فلاحظ.

فالنتيجة أنه لا مجال للاستصحاب التعليقي و أما استصحاب السببية ففيه أنها امر انتزاعي من حكم الشارع بالحرمة عند الغليان فان العصير اذا غلا تنتزع السببية و أما الملازمة فهي حكم عقلي و لا شك فيه بالنسبة إلي العصير العنبي و أما بالنسبة الي الزبيبي فلا لعدم الدليل عليه.

الوجه الثاني: ما رواه زيد النرسي في أصله قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الزبيب يدق و يلقي في القدر ثم يصب عليه الماء و يوقد تحته فقال: لا تأكله حتي يذهب الثلثان و يبقي الثلث فان النار قد أصابته قلت: فالزبيب كما هو في القدر و يصب عليه الماء ثم يطبخ و يصفي عنه الماء فقال: كذلك هو سواء اذا ادت الحلاوة إلي الماء فصار حلوا بمنزلة العصير ثم نش من غير أن تصيبه النار

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 230

______________________________

فقد حرم و كذلك اذا اصابته النار فاغلاه فقد فسد «1».

و هذه الرواية من حيث المتن واضحة الدلالة علي الحرمة و يستفاد منها الفرق بين أن يغلي بالنار فيحل بالذهاب و أن يغلي بنفسه فلا

يحل به و أما من حيث السند فلا اعتبار بها لعدم ثبوت وثاقة زيد بل لم يثبت انتساب الاصل اليه و مجرد كون زيد واقعا في بعض اسناد كامل الزيارات لا يكون دليلا علي وثاقته كما ذكرناه غير مرة فلا يعتد بهذه الرواية.

الوجه الثالث ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الزبيب هل يصلح أن يطبخ حتي يخرج طعمه ثم يؤخذ الماء فيطبخ حتي يذهب ثلثاه و يبقي ثلثه ثم يرفع فيشرب منه السنة؟ فقال: لا بأس به «2».

بتقريب: أن المستفاد من الرواية أن الحلية تتوقف علي ذهاب الثلثين.

و فيه: اولا أن الرواية ضعيفة فان في احد طريقيها سهل و في الاخر عبد اللّه بن الحسن و لم يوثقا.

و ثانيا: يمكن أن يمكن ذهاب الثلثين دخيلا في عدم صيرورته مسكرا بمرور الزمان عليه فاذا ذهب ثلثاه لا يصير خمرا و لو مع بقائه سنة.

الوجه الرابع: ما رواه عمار بن موسي الساباطي قال: وصف لي أبو عبد اللّه عليه السلام المطبوخ كيف يطبخ حتي يصير حلالا فقال لي عليه السلام: تأخذ ربعا من زبيب و تنقيه ثم تصب عليه اثنا عشر رطلا من ماء ثم تنقعه ليلة فاذا كان أيام الصيف و خشيت أن ينش جعلته في تنور سخن قليلا حتي لا ينش ثم تنزع الماء

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 2 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 231

______________________________

منه كله اذا أصبحت ثم تصب عليه من الماء بقدر ما يغمره ثم تغليه حتي تذهب حلاوته ثم تنزع ماءه الاخر فتصبه علي الماء الاول ثم تكيله كله فتنظر

كم الماء ثم تكيل ثلثه فتطرحه في الاناء الذي تريد أن تغليه و تقدره و تجعل قدره قصبة أو عودا فتحدها علي قدر منتهي الماء ثم تغلي الثلث الاخر حتي يذهب الماء الباقي ثم تغليه بالنار فلا تزال تغليه حتي يذهب الثلثان و يبقي الثلث ثم تأخذ لكل ربع رطلا من عسل فتغليه حتي تذهب رغوة العسل و تذهب قساوة العسل في المطبوخ ثم تضربه بعود ضربا شديدا حتي يختلط و ان شئت أن تطيبه بشي ء من زعفران أو شي ء من زنجبيل فافعل ثم اشربه فان أحببت أن يطول مكثه عندك فروقه «1».

بتقريب أن الامر باذهاب الثلثين لأجل حصول الحلية. و فيه: أن الرواية ضعيفة سندا بالارسال فلا يعتد بها.

الوجه الخامس: ما رواه عمار أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الزبيب كيف يحل طبخه حتي يشرب حلالا قال: تأخذ ربعا من زبيب فتنقيه ثم تطرح عليه اثني عشر رطلا من ماء ثم تنقعه ليلة فاذا كان من غد نزعت سلافته ثم تصب عليه من الماء بقدر ما يغمره ثم تغليه بالنار غلية ثم تنزع مائه فتصبه علي الاول ثم تطرحه في اناء واحد ثم توقد تحته النار حتي يذهب ثلثاه و يبقي ثلثه و تحته النار ثم تأخذ رطل عسل فتغليه بالنار غلية و تنزع رغوته ثم تطرحه علي المطبوخ ثم اضربه حتي يختلط به و اطرح فيه ان شئت زعفرانا و طيبه ان شئت بزنجبيل قليل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 232

______________________________

قال: فان أردت أن تقسمه أثلاثا لتطبخه فكله بشي ء واحد حتي تعلم كم هو ثم اطرح عليه الاول في الاناء الذي

تغليه فيه ثم تضع فيه مقدارا وحده حيث يبلغ الماء ثم اطرح الثلث الاخر وحده حيث يبلغ الماء ثم اطرح الثلث الاخر وحده حيث يبلغ الماء ثم توقد تحته بنار لينة حتي يذهب ثلثاه و يبقي ثلثه «1».

بتقريب أن المستفاد من الرواية أن المركوز في ذهن السائل حرمة العصير الزبيبي علي بعض التقادير و الامام عليه السلام قرره علي ما في ذهنه و ارتكازه و علمه طريق الحلية.

و أورد وافي الاستدلال بأنه من المقطوع أن الخصوصيات المذكورة في الرواية غير دخيلة في الحلية مضافا إلي ما ذكر أنه لم يظهر من الرواية ارادة الحل في قبال التحريم الحاصل بالغليان كما هو المدعي أو في قبال التحريم الحاصل بالنشيش و التغير الملازم للبقاء غالبا الذي هو مورد الرواية بقرينة المقادير المذكورة سيما بلحاظ ذيل المرسلة حيث قال: «فان احببت أن يطول مكثه عندك فروقه».

و يؤيد المدعي حديث اسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: شكوت إلي أبي عبد اللّه عليه السلام قراقر تصيبني في معدتي و قلة استمرائي الطعام فقال لي: لم لا تتخذ نبيذا نشربه نحن و هو يمرئ الطعام و يذهب بالقراقر و الرياح من البطن قال: فقلت له: صفه لي جعلت فداك قال: تأخذ صاعا من زبيب فتنقيه من حبه و ما فيه ثم تغسل بالماء غسلا جيدا ثم تنقعه في مثله من الماء أو ما يغمره ثم تتركه في الشتاء ثلاثة أيام بلياليها و في الصيف يوما و ليلة فاذا اتي عليه ذلك القدر صفيته و أخذت صفوته و جعلته في اناء و أخذت مقداره بعود ثم طبخته طبخا رقيقا حتي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 233

______________________________

يذهب ثلثاه و يبقي ثلثه

ثم تجعل عليه نصف رطل عسل و تأخذ مقدار العسل ثم تطبخه حتي تذهب الزيادة ثم تأخذ زنجبيلا و خولنجان و دارصيني و زعفران و قرنفلا و مصطكي و تدقه و تجعله في خرقة رقيقة و تطرحه فيه و تغليه معه غلية ثم تنزله فاذا برد صفيت و أخذت منه علي غدائك و عشائك قال: ففعلت فذهب عني ما كنت أجده و هو شراب طيب لا يتغير اذا بقي ان شاء اللّه «1».

فمن الممكن أن الامر باذهاب الثلثين لأجل أنه لولاه يصير مسكرا اذا بقي مدة من الزمان.

و ان شئت قلت: ان العصير الزبيبي اذا كان حكمه الحرمة في صوره الغليان قبل ذهاب ثلثيه لكان المناسب أن يجيبه عليه السلام به بلا تفصيل.

و بعبارة اخري: لو كان سؤاله ناظرا إلي الحرمة العارضة علي الغليان لكان المناسب أن يجيب أنه يحرم بالغليان و يحل بذهاب ثلثيه و حيث انه فصل في مقام الجواب بهذا التفصيل يناسب أن يكون نظر السائل في سؤاله أن العصير اذا بقي مدة طويلة يمكن أن يعرضه الاسكار فما الحيلة في الخلوص عن هذه العويصة.

و ان أبيت فلا أقلّ من احتمال هذا المعني و مع طرو الاحتمال لا يبقي للرواية ظهور بل غايتها الاجمال و مع الاجمال لا تكون قابلة للاستدلال فالنتيجة أن هذه الرواية أيضا لا تكون قابلة للاستناد اليها في الحكم بالحرمة.

الوجه السادس: النصوص الدالة علي أن العصير اذا غلا يحرم و لا يحل الا بذهاب ثلثيه لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: ذكر أبو عبد اللّه عليه السلام أن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 234

______________________________

العصير اذا طبخ حتي يذهب ثلثاه و يبقي ثلثه فهو

حلال «1».

و ما رواه أبو الربيع الشامي «2». و ما رواه حماد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يحرم العصير حتي يغلي «3». و ما رواه حماد بن عثمان «4» و ما رواه محمد بن عاصم «5» و ما رواه ذريح «6».

بتقريب: أن مقتضي اطلاق هذه النصوص حرمة العصير بالغليان فلا فرق بين العصير العنبي و الزبيبي.

و فيه: اولا أن العصير عبارة عن الماء الخارج عن الشي ء بالعصر و المفروض أن الزبيب لا ماء فيه كي يصدق عليه عصير الزبيب و الماء الخارجي النافذ فيه لا يكون عصيرا له و الا يلزم أن يصدق علي الماء الخارج من كل جسم لاقاه الماء أنه عصيره و هو كما تري.

و ثانيا: أنه لا يمكن الاخذ باطلاق هذه النصوص و الا يلزم تخصيص الاكثر المستهجن فلا اطلاق فيها من أول الامر و القدر المعلوم الذي اريد منها هو العصير العنبي.

الوجه السابع: ما رواه أبو البلاد قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام فقلت:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 220

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 223

(5) لاحظ ص: 223

(6) لاحظ ص: 224

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 235

______________________________

يا جارية اسقيني ماء فقال لها: اسقيه من نبيذي فجاءت بنبيذ مريس في قدح من صفر قلت: لكن أهل الكوفة لا يرضون بهذا قال: فما نبيذهم؟ قلت: يجعلون فيه القعوة قال: و ما القعوة؟ قلت: الزازي (اللازي) قال: و ما الزازي؟ قلت ثفل التمر يفري به الاناء حتي يهدر النبيذ فيغلي ثم يسكن فيشرب قال: ذاك حرام «1».

بتقريب: أن مقتضي اطلاق الرواية شمولها لنبيذ الزبيب.

و فيه: أن السند مخدوش بأبي البلاد و هو يحي

بن سليم فانه لم يوثق مضافا الي أنه لا يبعد أن تكون الحرمة لأجل الاسكار العارض له و يضاف إلي ذلك كله أنه ليس في الرواية توقف حرمته علي غليانه و الحال أن الكلام في الحرمة بعد الغليان.

و بما ذكرنا يظهر ما في الاستدلال بحديث ابراهيم بن أبي البلاد قال: دخلت علي أبي جعفر بن الرضا عليه السلام فقلت أني اريد ألصق بطني ببطنك فقال:

هاهنا يا أبا اسماعيل فكشف عن بطنه و حسرت عن بطني و ألصقت بطني ببطنه ثم أجلسني و دعا بطبق فيه زبيب فأكلت ثم أخذ في الحديث فشكا إلي معدته و عطشت فاستقيت فقال: يا جارية اسقيه من نبيذي فجاءتني بنبيذ مريس في قدح من صفر فشربت أحلا من العسل فقلت: هذا الذي أفسد معدتك قال: فقال لي: هذا تمر من صدقة النبي صلي اللّه عليه و آله يؤخذ غدوة فيصب عليه الماء فتمرسه الجارية فأشربه علي أثر طعامي و ساير نهاري فاذا كان الليل أخرجته الجارية فأسقته أهل الدار قلت لكن أهل الكوفة لا يرضون بهذا فقال: و ما نبيذهم؟ قلت: يؤخذ التمر فينقي و تلقي

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 236

______________________________

عليه القعوة قال: و ما القعوة؟ قلت: الزازي قال: و ما الزازي؟ قلت: حب يؤتي به من البصرة يلقي في هذا النبيذ حتي يغلي و يسكن ثم يشرب قال: ذاك حرام «1».

و الرواية ضعيفة بسهل.

و يمكن الاستدلال علي الحلية بجملة من النصوص: منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: استأذنت لبعض أصحابنا علي أبي عبد اللّه عليه السلام فسأله عن النبيذ فقال حلال فقال: انما سألتك عن النبيذ الذي يجعل

فيه العكر فيغلي ثم يسكن فقال ابو عبد اللّه عليه السلام: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: كل مسكر حرام «2».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن حماد عن محمد بن جعفر عن أبيه في حديث: ان وفد اليمن بعثوا وفدا لهم يسألون عن النبيذ فقال لهم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الي أن قال: فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: فيسكر؟ قالوا نعم قال: كل مسكر حرام و حق علي اللّه أن يستقي كل شارب مسكر من طينة خبال الحديث «3».

و منها: ما رواه معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان رجلا من بني عمي و هو من صلحاء مواليك يأمرني أن أسألك عن النبيذ و أصفه لك فقال: أنا أصف لك قال رسول اللّه عليه و آله: كل مسكر حرام و ما أسكر كثيره فقليله حرام قال: فقلت فقليل الحرام يحله كثير الماء؟ فرد بكفيه مرتين: لا لا «4».

و منها: ما رواه كليب الاسدي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن النبيذ

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6.

(4) الوسائل الباب 17 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 237

______________________________

فقال: ان رسول اللّه عليه و آله خطب الناس فقال: أيها الناس ألا ان كل مسكر حرام و ما أسكر كثيره فقليله حرام «1».

و منها: ما رواه صفوان الجمال قال: كنت مبتلي بالنبيذ معجبا به فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أصف لك النبيذ؟ فقال: بل أنا أصفه لك قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: كل مسكر حرام و ما أسكر كثيره فقليله

حرام «2». و منها ما رواه سماعة «3».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «4». فان المستفاد من هذه النصوص أن الميزان في الحرمة كون الشراب مسكرا فاذا كان كذلك فقليله حرام ككثيره فلاحظ.

هذا تمام الكلام في المقام الاول و أما المقام الثاني فالحق أن العصير التمري اذا غلا لا يصير حراما ما دام لا يكون مسكرا لعدم ما يقتضي حرمته و مقتضي القاعدة الاولية حليته كطهارته.

و مما ذكرناه في المقام الاول من الاستدلال علي المدعي و الجواب عنه يظهر تقريب الاستدلال بتلك النصوص علي الحرمة في المقام و الجواب عنها فان جملة من النصوص المذكورة هناك قابلة للاستدلال بها علي المدعي في كلا المقامين و لكن قد ظهر الجواب عن الاستدلال بها.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 238

فيجوز وضع التمر و الزبيب و الكشمش في المطبوخات مثل المرق و المحشي و الطبيخ و غيرها و كذا دبس التمر المسمي بدبس الدمعة (1)

[التاسع: الفقاع]

التاسع: الفقاع (2).

______________________________

نعم في المقام رواية تختص بالتمر و هي ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن النضوح قال: يطبخ التمر حتي يذهب ثلثاه و يبقي ثلثه ثم يمتشطن «1».

و هذه الرواية لا ترتبط بالمدعي بل المستفاد منها أن جواز التمشط يتوقف علي ذهاب الثلثين و بقاء الثلث و لا قائل به مضافا إلي أن السؤال مجمل من حيث انه يحتمل أن يكون السؤال ناظرا إلي الموضوع الخارجي و ليس في الرواية بيان الحكم الشرعي و اللّه العالم بحقائق الاشياء.

(1) لعدم ما يقتضي الحرمة و مقتضي الاصل الاولي هو الجواز فلاحظ

هذا علي تقدير عدم القول بحرمة العصير الزبيبي و التمري و أما علي القول بالحرمة فايضا لا مقتضي لحرمة المذكورات اذ لا يصدق علي المرق- مثلا- أنه عصير الزبيب كما أنه ليس في جوفه ما يحرم بالغليان.

(2) الظاهر أنه لا خلاف بين الاصحاب في أن الفقاع محكوم بحكم الخمر و تدل علي أنه كذلك جملة من النصوص:

منها: ما رواه الوشاء قال: كتبت اليه يعني الرضا عليه السلام أسأله عن الفقاع قال فكتب: حرام و هو خمر «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 37 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 27 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 239

______________________________

و منها: ما رواه ابن فضال قال: كتبت إلي أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الفقاع فقال: هو الخمر و فيه حد شارب الخمر «1».

و منها: ما رواه عمار بن موسي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفقاع فقال: هو خمر «2».

و منها ما رواه حسين القلانسي قال: كتبت إلي أبي الحسن الماضي عليه السلام أسأله عن الفقاع فقال: لا تقربه فانه من الخمر «3».

و منها: ما محمد بن سنان قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الفقاع فقال: هي الخمر بعينها «4».

و منها: ما رواه هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفقاع فقال: لا تشربه فانه خمر مجهول و اذا أصاب ثوبك فاغسله «5».

و منها ما رواه زاذان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لو أن لي سلطانا علي أسواق المسلمين لرفعت عنهم هذه الخميرة يعني الفقاع «6».

و منها: ما رواه الحسن بن جهم و ابن فضال جميعا قال: سألنا أبا الحسن عليه السلام عن الفقاع

فقال: هو خمر مجهول و فيه حد شارب الخمر «7».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) المصدر السابق الحديث: 7

(5) نفس المصدر الحديث: 8

(6) نفس المصدر الحديث: 9

(7) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 240

______________________________

و منها: ما رواه الوشاء قال: كتبت اليه يعني الرضا عليه السلام أسأله عن الفقاع فكتب حرام و من شربه كان بمنزلة شارب الخمر قال: و قال أبو الحسن عليه السلام لو ان الدار داري لقتلت بايعه و لجلدت شاربه قال: و قال أبو الحسن الاخير عليه السلام: حده حد شارب الخمر و قال عليه السلام: هي خمرة استصغرها الناس «1».

و منها: ما رواه سليمان بن جعفر قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: ما تقول في شرب الفقاع؟ فقال: هو خمر مجهول يا سليمان فلا تشربه أما يا سليمان لو كان الحكم لي و الدار لي لجلدت شاربه و لقتلت بايعه «2».

فان مقتضي التنزيل أن الفقاع محكوم بحكم الخمر فكما أن الخمر حرام كذلك الفقاع. مضافا إلي النهي عن شربه أو ما دل علي حرمته لاحظ ما رواه الحسن بن علي الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: كل مسكر حرام و كل مخمر حرام و الفقاع حرام «3».

و ما رواه ابن فضال قال: كتبت إلي أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الفقاع فكتب ينهاني عنه «4».

و ما رواه الفضل بن شاذان قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: لما حمل رأس الحسين بن علي عليهما السلام إلي الشام أمر يزيد لعنه اللّه فوضع و نصب عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب

27 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 27 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 10.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 241

______________________________

مائدة فاقبل هو و أصحابه يأكلون و يشربون الفقاع فلما فرغوا أمر بالرأس فوضع في طشت تحت سريره و بسط عليه رقعة الشطرنج و جلس يزيد لعنه اللّه يلعب بالشطرنج إلي أن قال: و يشرب الفقاع فمن كان من شيعتنا فليتورع من شرب الفقاع و الشطرنج و من نظر إلي الفقاع و إلي الشطرنج فليذكر الحسين عليه السلام و ليلعن يزيد و آل زياد يمحو اللّه عز و جل بذلك ذنوبه و لو كانت بعدد النجوم «1».

و منها: ما رواه عبد السلام بن صالح الهروي «2» و منها ما رواه اسحاق بن يعقوب «3» و منها ما رواه الوشاء «4».

فلا اشكال في حرمته و علي القول بنجاسة الخمر يكون الفقاع نجسا أيضا لأن اطلاق التنزيل يقتضي ترتيب آثار المنزل عليه علي المنزل و النجاسة من الآثار الظاهرة مضافا إلي حديث هشام «5» فاصل الحكم مما لا اشكال فيه.

ثم انه هل يعتبر فيه الاسكار أم لا؟ الحق هو الثاني لعدم الدليل علي التقييد فان مقتضي اطلاق النصوص حرمة الفقاع علي الاطلاق و عن مجمع البحرين:

«انه شراب غير مسكر» و علي كل حال لا مقتضي للتقييد.

ثم انه لا يخفي أنه لا بد من تقييد الحرمة بالغليان لحديث مرازم قال: كان يعمل لأبي الحسن عليه السلام الفقاع في منزله قال: ابن أبي عمير: و لم يعمل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 14

(3) نفس المصدر الحديث: 15

(4) لاحظ ص: 240.

(5) لاحظ ص: 239

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 242

______________________________

فقاع يغلي «1».

فانه يستفاد من الحديث المذكور أن عمل الفقاع

له كان أمرا مستمرا فيدل علي جوازه في بعض الفروض و يدل قول ابن أبي عمير أن المصنوع له عليه السلام كان بدون الغليان بل يدل علي المدعي ما رواه عثمان بن عيسي قال: كتب عبد اللّه بن محمد الرازي إلي أبي جعفر الثاني عليه السلام ان رأيت أن تفسر لي الفقاع فانه قد اشتبه علينا أ مكروه هو بعد غليانه أم قبله؟ فكتب عليه السلام: لا تقرب الفقاع الا ما لم يضر آنيته أو كان جديدا فأعاد الكتاب اليه كتبت أسأل عن الفقاع ما لم يغل فأتاني أن اشربه ما كان في اناء جديد أو غير ضار و لم أعرف حد الضراوة و الجديد و سأل أن يفسر ذلك له و هل يجوز شرب ما يعمل في الغضارة و الزجاج و الخشب و نحوه من الاواني فكتب عليه السلام يفعل الفقاع في الزجاج و في الفخار الجديد إلي قدر ثلاث عملات ثم لا يعد منه بعد ثلاث عملات الا في اناء جديد و الخشب مثل ذلك «2».

فانه لا يبعد أن لا يضر الانية الا بعد الغليان فيدل الحديث علي المطلوب.

و يؤيد المدعي ان لم يدل عليه ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: سألته عن شرب الفقاع الذي يعمل في السوق و يباع و لا أدري كيف عمل و لا متي عمل أ يحل أن اشربه؟ قال: لا احبه «3».

فانه يفهم من الحديث ان بعض اقسام الفقاع حلال و يسأل الامام عن الحكم

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 243

و هو شراب مخصوص متخذ

من الشعير (1) و ليس منه ماء الشعير الذي يصفه الاطباء (2)

[العاشر الكافر]
اشارة

العاشر الكافر (3).

______________________________

حال الشك فلاحظ.

(1) هل الحكم مختص بالمتخذ من الشعير او يعم المتخذ من غيره و لا يخفي ان الكلام في غير المسكر و الا فالمسكر حرام علي الاطلاق.

و الحق أن يقال: ان الحكم مختص بالمتخذ من الشعير- كما في المتن- اذ الخروج عن قاعدتي الحل و الطهارة يحتاج إلي الدليل و لم يقم دليل علي الحرمة و كونه كالخمر في غير المتخذ من الشعير و لم يثبت كون اللفظ موضوعا للأعم فعن مجمع البحرين و المدنيات و السيد في الانتصار و أبي هاشم الواسطي هو الاختصاص و عن بعض آخر انه المتخذ عن الاعم من الشعير.

و يؤيد الاول ما نقل عن الانتصار: «روي أصحاب الحديث بطرق معروفة أن قوما من العرب سألوا رسول اللّه عن الشراب المتخذ من القمح فقال رسول اللّه يسكر؟ قالوا نعم فقال: صلي اللّه عليه و آله: لا تقربوه و لم يسأل في الشراب المتخذ عن الشعير عن الاسكار بل حرم ذلك علي الاطلاق» «1».

(2) فان ما يستعمله الاطباء ماء يطبخ فيه الشعير فيغلي فيؤخذ ذلك و يشرب و لا دليل علي حرمته أو نجاسته.

(3) قال في الحدائق: «و قد حكي جماعة دعوي الاجماع علي نجاسة الكافر بجميع أنواعه» «2».

______________________________

(1) مستمسك العروة ج 1 ص: 433

(2) الحدائق ج 5 ص: 162

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 244

______________________________

و قال سيد المستمسك قدس سره: «ان القول بالطهارة هو المعروف عند المخالفين».

و العمدة النظر في الادلة و استفادة الحكم الشرعي منها و الحري بنا أن نجعل كل واحد من أنواع الكفار موردا للبحث و نري ما هو المستفاد من الادلة فنقول:

الكافر

علي أنواع:

النوع الاول: الملحد. قال سيدنا الاستاد: «العناوين الثلاثة: المشرك و الملحد و الناصب مما لا اشكال و لا خلاف عند الشيعة في نجاستهم».

و هل يكفي هذا الادعاء في اثبات الحكم؟ و الانصاف أنه في غاية الاشكال.

و بعبارة اخري لم تتحقق ضرورة علي نجاسة الملحد سيما مع ذهاب العامة علي خلاف هذا القول.

و ربما يقال: بأن المشرك اذا ثبت كونه نجسا يثبت نجاسة الملحد بطريق اولي لان المشرك يعبد الاوثان تقربا إلي اللّه و الملحد لا يقر بوجوده تعالي فالملحد أخبث من المشرك و أبعد عن الحق فيكون أنجس.

و هذا الاستدلال علي تقدير تماميته يتوقف علي اثبات نجاسة المشرك.

النوع الثاني: المشرك. و لا يخفي أن ما ادعاه سيدنا الاستاد من وضوح نجاسة المشرك عند الشيعة و هو نجس بضرورة المذهب، مورد التأمل و المناقشة و مع عدم تمامية الادلة المدعاة علي نجاسته يكون الجزم بالحكم مشكلا نعم لا مناص عن الاحتياط فتوي و عملا.

و استدل علي نجاسته بقوله تعالي: «إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلٰا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 245

______________________________

الْحَرٰامَ» «1».

و استشكل في هذا الاستدلال بوجوه: الاول: أن المصدر لا يحمل علي الذات الا بتقدير «ذو» و يكفي في الاضافة التي تحكيها ذو أدني ملابسة و لو من جهة النجاسة العرضية الحاصلة لهم من مباشرتهم الاعيان النجسة فلا تدل الاية علي نجاسة الذاتية التي هي المدعاة.

و اجيب عن الاشكال المذكور اولا أنه يمكن حمل المصدر علي الذات مبالغة كقولهم «زيد عدل» في مقام المبالغة في العدالة.

و ثانيا: أن النجس بالفتح وصف كالنجس بالكسر فلا مانع من أن يحمل علي الذات بلا ارتكاب المجاز.

و ثالثا: أنه لو أغمض عما ذكر و التزم بالمجاز و قلنا بأن

معناه أنه ذو نجاسة أمكن الاستدلال باطلاقه علي المدعي فان مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين ملاقاته للنجاسة و استعمال المطهر و عدمه و من الظاهر أنه لا يتم الاطلاق الا علي القول بالنجاسة الذاتية.

الثاني: أن الاية علي فرض دلالتها علي نجاسة المشرك لا يمكن الاستدلال بها علي نجاسة الكافر بقول مطلق لعدم كون الكافر بقول المطلق مشركا.

و هذا الاشكال لا يتوجه في المقام اذا الكلام في خصوص المشرك.

الثالث: أنه لم يثبت ارادة المعني المعهود اي النجاسة من الاية لاحتمال عدم معهودية النجاسة المعهودة في زمن نزول الاية فان الاحكام نزلت تدريجا و من

______________________________

(1) التوبة/ 27

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 246

______________________________

المحتمل ارادة المعني الاخر من الاية و المعني المناسب مع النهي عن الدخول في المسجد القذارة النفسانية فان المسجد الحرام مهبط الوحي و محل نزول الآيات الالهية و بيت التوحيد فلا يناسب أن يدخله عدو اللّه القائل بالشريك له تعالي و أما ادخال النجاسة الخبثية في المسجد فلا دليل علي حرمته الا أن يوجب الهتك.

و ما أفاده في المستمسك من أن الظاهر من الاية نجاسة بدنهم فتدل الاية علي المدعي مدفوع بأن الاية غير ظاهرة في هذا المدعي و العرف ببابك فانه لو قبل فلان خبيث يفهم العرف منه أن ذاته خبيث.

و ملخص الكلام: أنه لو لا القرينة الخارجية لا تكون الجملة ظاهرة في كون موضوع النجاسة البدن.

و ان أبيت فلا أقل من الاجمال و تعدد الاحتمال و اذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.

و لكن يرد عليه أنه لا وجه لتأخير بيان النجاسة و أحكامها فان الاحتراز عن القذارة امر عقلائي و لا يكون ثقيلا علي طبع الانسان كي يقال: بأن المصلحة كانت تقتضي أن يؤخر بيانها.

مضافا

إلي أن الاية من آيات سورة التوبة و هي مدنية و قيل: انها نزلت في السنة التاسعة من الهجرة فلم تكن الاية نازلة في اول البعثة بل نزلت بعد سنين متعددة.

و يضاف إلي ذلك النص الدال علي أن جعل الماء طهورا و رافعا للنجاسة كان في اوائل البعثة لاحظ ما روي عن موسي بن جعفر عليه السلام عن أبيه عن آبائه عليهم السلام عن الحسين بن علي عن ابيه علي بن أبي طالب و في تلك الرواية قال عليه السلام: «و كانت الامم السالفة اذا اصابهم اذي من نجاسة قرضوه من اجسادهم

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 247

______________________________

و قد جعلت الماء لأمتك طهورا «1».

فان المستفاد من هذه الرواية صريحا ان اللّه تبارك و تعالي من علي رسول الإسلام بأن رفع عن امته وجوب المقراض و جعل بدله الماء مطهرا للنجاسة.

و لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الماء يطهر و لا يطهر «2».

و ما رواه مسعدة بن اليسع عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال علي عليه السلام:

الماء يطهر و لا يطهر «3».

و ما روي أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول- عند النظر إلي الماء- الحمد للّه الذي جعل الماء طهورا و لم يجعله نجسا «4».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا صلاة الا بطهور و يجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار بذلك جرت السنة من رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و أما البول فانه لا بد من غسله «5».

و ما رواه مسعدة بن زياد عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام أن النبي صلي اللّه

عليه و آله قال لبعض نسائه: مري نساء المؤمنين أن يستنجين بالماء و يبالغن فانه مطهرة للحواشي و مذهبة للبواسير «6».

______________________________

(1) تفسير البرهان ج 1 ص: 244

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الماء المطلق الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 8

(5) الوسائل الباب 9 من أبواب احكام الخلوة الحديث: 1

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 3، ص: 247

(6) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 248

______________________________

فانها تدل علي كون الماء مطهرا و لا يطهر. و الحاصل أن المراجع إلي الاخبار و الآثار يقطع بأن النجاسة و الطهارة حكمان مجعولان من زمن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و علي فرض الشك يكون مقتضي الاستصحاب القهقري الذي هو من الاصول اللفظية كون النجاسة هي المعني المعهود.

و بعبارة اخري: المستفاد من اللغة و مفردات الراغب أن النجس بالفتح ضد الطهارة و لا اشكال في أن النجاسة في لسان الشرع في زمان الصادقين المعني المعهود و بمقتضي الاستصحاب القهقري نحكم بأن الامر كان كذلك في زمان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فيستفاد من الاية أن المشرك نجس بالمعني المعهود.

و لكن مع ذلك كله لا يمكن الجزم بالمدعي لان المستفاد من الاية الشريفة ان المشرك نجس فلا يقرب المسجد الحرام و من الظاهر أن تناسب الحكم و الموضوع يقتضي أن يكون المراد بالنجس في الاية الخباثة الذاتية فانها تنافي دخول مركز التوحيد و مهبط الوحي و الرسالة و أما النجاسة الخبثية فلا تنافيه.

مضافا إلي أنه لو كان الخبث بما هو ينافي كونه في المسجد فيلزم أن

يفرق بين أنواعه. و الحال ان ادخال الاعيان النجسة من البول و الدم و لحم الخنزير في المسجد لا يكون حراما فيلزم تخصيص الاكثر.

و بعبارة اخري: يستفاد من التفريع أن ادخال النجس و النجاسة إلي المسجد حرام و الحال أن الامر ليس كذلك فيلزم التخصيص الاكثر المستهجن فيصير الكلام مجملا فلا يمكن الجزم بكون المشرك نجسا بالمعني المعهود نعم لو استفيد من الادلة نجاسة الكتابي أو الناصب أمكن أن يقال بأنه تثبت نجاسة المشرك و الملحد بالاولوية و اللّه العالم.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 249

______________________________

النوع الثالث: الغلاة و عن جامع المقاصد: «انه لا كلام في نجاستهم و عن بعض الاعيان دعوي الاجماع علي نجاستهم و غاية ما يحصل من هذه الكلمات هو الاجماع و تحقق الاجماع التعبدي الكاشف عن رأي المعصوم في غاية الاشكال.

و ربما يستدل علي المدعي بما رواه محمد بن عيسي قال قرأنا في كتاب الدهقان و خط الرجل في القزويني إلي أن قال و توقوا مساورته (مشاورته) «1» بتقريب أن النهي عن مساورة الرجل دليل علي نجاسته.

و فيه: مع قطع النظر عن سند الرواية يحتمل أن يكون النهي عن مشاورة الرجل كما هو كذلك في نسخة تنقيح المقال فلاحظ و عليه اذا ثبت دليل علي نجاسة مطلق الكافر يثبت نجاسة الغالي من حيث انه من مصاديق الكافر و الا فيشكل الجزم بالحكم.

النوع الرابع: الخارجي و عن جامع المقاصد: انه لا كلام في نجاسته و عن جملة من الاجلة دعوي الاجماع عليه.

و الذي ينبغي أن يقال: ان المراد به ان كانت هم الطائفة الملعونة التي خرجت علي امير المؤمنين عليه السلام و اعتقدت كفره و انجر امرهم إلي قتله عليهم لعائن اللّه و

الملائكة و الناس اجمعين فهو من أظهر مصاديق الناصب و يأتي البحث عن نجاستهم.

و يدل علي كونه مشركا ما روي عن الباقر عليه السلام أنه دخل عليه رجل محصور عظيم البطن فجلس معه علي سريره فحياه و رحب به فلما قام قال هذا من الخوارج كما هو قال: قلت: مشرك؟ فقال: مشرك و اللّه مشرك «2».

______________________________

(1) تنقيح المقال ج 2 باب الفاء ص: 1

(2) فقه الشيعة ج 3 ص: 126

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 250

______________________________

و ان كان المراد من الخارجي من يعارض امام الوقت لأجل الدنيا و لذاتها فيمكن أن يقال: بأنه لا دليل علي نجاسته و ان كان مرتكبا لأشد الفسوق فان المنازعة مع الامام العادل و المعصوم عليه السلام من اشد المعاصي و من الغريب ما عن سيدنا الاستاد- علي ما في التقرير- «و من هنا يحكم باسلام الاولين الغاصبين لحق امير المؤمنين عليه السلام اسلاما ظاهريا لعدم نصبهم- ظاهرا- عداوة لأهل البيت و انما نازعوهم في تحصيل المقام و الرئاسة العامة» الي آخر كلامه «1»

فانا نسأل من سيدنا الاستاد اي عداوة أعظم من الهجوم إلي دار الصديقة و احراق بابها و ضرب الطاهرة الزكية و اسقاط ما في بطنها و هتك حرمة مولي الثقلين و أخذه كالأسير المأخوذ من الترك و الديلم و سوقه إلي المسجد لأخذ البيعة منه جبرا و تهديده بالقتل و انكار كونه أخا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله.

و الذي يدل علي نصبهم و عداوتهم و انحرافهم أن الصديقة المعصومة لم ترد جواب سلام الرجلين و أعرضت وجهها عنهما و قالت للأول: و اللّه لأدعون عليك ما دام حياتي و نتعرض لجملة من هذه القضايا بحول اللّه

في كتابنا «امير المؤمنين» الي اللّه و إلي رسوله المشتكي و لقد أجاد المحقق الاصفهاني في منظومته حيث قال:

لكن كسر الضلع ليس ينجبر الا بصمصام عزيز مقتدر

النوع الخامس: الناصبي و قد نفي الخلاف عن نجاسته في بعض الكلمات

______________________________

(1) فقه الشيعة ج 3 ص: 126

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 251

______________________________

بل قيل انه ادعي عليه الاجماع في كلام جمع من الاصحاب و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و اياك أن تغتسل من غسالة الحمام ففيها تجتمع غسالة اليهودي و النصراني و المجوسي و الناصب لنا أهل البيت فهو شرهم فان اللّه تبارك و تعالي لم يخلق خلقا أنجس من الكلب و أن الناصب لنا اهل البيت لا نجس منه «1»

و منها: ما رواه خالد القلانسي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: القي الذمي فيصافحني قال: امسحها بالتراب او بالحائط قلت فالناصب؟ قال: اغسلها «2».

فالنتيجة ان نجاسة الناصبي لا اشكال فيها من حيث الدليل الشرعي اي النص الدال عليها. و ربما يشكل علي الاستدلال علي المدعي بحديث ابن ابي يعفور بأن المذكور فيه «ان الناصب انجس من الكلب» و اشدية النجاسة تناسب النجاسة الذاتية المعنوية غير المرتبط بما نحن فيه.

و فيه: انه تتصور الاشدية في النجاسة الخبثية أيضا و لعل الوجه في اشدية نجاسة الناصب عن الكلب ان الكلب ليس خبيثا باطنيا لعدم كونه مكلفا بالتكاليف حيث انه فاقد لنفس الناطقة بخلاف الناصب الذي يكون خبيثا من حيث الباطن و الظاهر.

و ربما يشكل من جهة اخري و هي أنه قد جعل الناصب في بعض النصوص في عداد ولد الزنا لاحظ

ما أرسله علي بن الحكم عن رجل عن أبي الحسن عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الماء المطلق الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب النجاسات الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 252

______________________________

في حديث أنه قال: لا تغتسل من غسالة ماء الحمام فانه يغتسل فيه من الزنا و يغتسل فيه ولد الزنا و الناصب لنا اهل البيت و هو شرهم «1» و ما رواه حمزة بن أحمد «2» و ما رواه الوشاء «3».

و من الظاهر أن ولد الزنا ليس نجسا كما أن الاغتسال من الزنا لا يوجب النجاسة فيكون المراد من نجاسة الناصبي النجاسة المعنوية.

و يجاب عن هذا الاشكال بأنه يكفي للاستدلال علي المدعي ما رواه ابن أبي يعفور فلا يهمنا عدم دلالة النصوص المشار اليها مضافا إلي ضعف تلك النصوص سندا فلاحظ.

و ثالثة قد اورد علي القول بنجاسة النصاب بشيوع النصب في دولة بني امية و اختلاط أصحاب الائمة مع النصاب و الخوارج و لم يعرف تجنب الائمة و أصحابهم عنهم بل الظاهر أنهم كانوا يعاملون معهم معاملة المسلمين و حمل المعاشرة في هذه المدة الطويلة علي التقية بعيد.

و الجواب: عن هذه الشبهة أنه يمكن أن يكون الوجه فيه أن الاعلان بنجاستهم و بيان الحكم الشرعي في زمان بني امية كان في غاية الاشكال و أما بعد اضمحلال دولة بني امية و انتقال الحكومة إلي العباسيين و اظهار ولائهم مع أهل البيت ظاهرا و ضعف الدولة لأجل انتقال السلطة صار بيان هذا الحكم ممكنا كجملة من الاحكام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الماء المضاف الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب الأسآر الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 253

______________________________

النوع

السادس: المنكر للرسالة او المعاد او ضروريا من ضروريات الدين بحيث يرجع إلي انكار الرسالة و تكذيب النّبيّ صلي اللّه عليه و آله فبعد ثبوت كفر هذا القسم يقع الكلام في نجاسته فان تم دليل علي نجاسة مطلق الكافر يتم المدعي و الا فالجزم بالنجاسة مشكل.

النوع السابع: الكتابي و الاصحاب اختلفوا في حكمه من حيث النجاسة و الطهارة فبعضهم ذهب إلي نجاسته و بعضهم اختار كونه طاهرا و أما العامة فهم قائلون بطهارته.

و لا يخفي أن مقتضي القاعدة الاولية طهارته فلا بد من ملاحظة ما يمكن أن يستدل به علي النجاسة فان تم و الا نلتزم بطهارته فنقول:

قد استدل علي نجاسته بقوله تعالي إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ «1» و قد سبق تقريب الاستدلال بالآية علي النجاسة من حيث الكبري مع ما أوردنا عليه «2».

و أما من حيث الصغري و أن الكتابي مشرك فاما اليهود فلقولهم بأن عزير ابن اللّه و أما النصاري فلقولهم المسيح ابن اللّه و قد حكم الشارع بالشرك بقوله «سُبْحٰانَهُ عَمّٰا يُشْرِكُونَ» «3» و أما المجوس- بناء علي أنهم من اهل الكتاب- فلقولهم بالوهية يزدان و اهريمن و النور و الظلمة.

و يرد عليه: أنه سبحانه فرق بين المشرك و الكتابي و قسم الكافر إلي قسمين و التقسيم قاطع للشركة مضافا إلي أن اطلاق المشرك علي الكتابي في القرآن لا

______________________________

(1) التوبة/ 27

(2) لاحظ ص: 244- 248

(3) التوبة/ 30- 31

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 254

______________________________

يدل علي المدعي لأنه سبحانه ليس في مقام التشريع كي يؤخذ بكلامه و نلتزم بالتنزيل.

و ان شئت قلت: ان غاية ما يستفاد من الاية استعمال المشرك في حقهم و الاستعمال اعم من الحقيقة بل هو مجرد الاسناد لا الاستعمال و يكفي

التجوز في الاسناد و يضاف الي ذلك كله أن كون الكتابي مشركا خلاف الارتكاز عند المتشرعة فلاحظ.

و استدل علي المدعي بجملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم «1» بتقريب أن النهي عن الاكل في آنيتهم لأجل نجاستهم.

و فيه: أنه يمكن الاستدلال بهذه الرواية علي عكس المدعي أما أولا فلانه قيد المنهي بالذي يطبخ فيه فلا يبعد أن يكون الوجه فيه أنه ربما تطبخ في الانية الميتة أو الدم أو لحم الخنزير و الا فلا وجه للفرق بين الطبخ و عدمه.

و ثانيا: قد قيد النهي عن الاكل في الانية التي يشربون فيها الخمر فيفهم أن النهي بلحاظ الخمر لا بلحاظ نجاسة بدن الكافر.

و الحاصل: أن الرواية ان لم تكن دالة علي طهارتهم فلا أقلّ من الاجمال و عدم الدلالة علي النجاسة.

ان قلت: ما ذكرته لا يرد بالنسبة إلي الجملة الاولي في الرواية و هي قوله عليه السلام: «لا تأكلوا في آنيتهم» فانه لم يذكر في هذه الجملة الطبخ و كذلك ليس ذكر للخمر.

قلت: مقتضي اطلاق متعلق النهي عدم الفرق بين كون المأكول جافا أو رطبا رطوبة مسرية فيدور الامر بين تقييد متعلق النهي بكونه رطبا رطوبة مسرية كي يكون النهي

______________________________

(1) لاحظ ص: 210

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 255

______________________________

ارشاد إلي النجاسة و بين رفع اليد عن ظهور النهي في الحرمة بحمله علي كراهة الاكل في آنيتهم و ليس الاول أولي بل يمكن أن يقال بأن الثاني أولي اذ لا وجه لرفع اليد عن ظهور النهي في المولوية.

و بعبارة اخري: الظهور الاولي للنهي كونه للتحريم المولوي غاية الامر نرفع اليد عنه بدليل خارجي و هو العلم بعدم الحرمة فلاحظ.

و منها: ما رواه الكاهلي قال: سألت أبا

عبد اللّه عليه السلام عن قوم مسلمين يأكلون و حضرهم رجل مجوسي أ يدعونه إلي طعامهم؟ قال: أما أنا فلا اواكل المجوسي و اكره أن احرم عليكم شيئا تصنعون في بلادكم «1».

بتقريب: أن كراهته عليه السلام مؤاكلة المجوسي تدل علي نجاسته.

و فيه: أن مجرد كراهته لا يدل علي المدعي اذ يمكن أن مقام الامامة ينافيها و أما كراهته تحريم ما يصنعون تدل علي طهارتهم مضافا إلي سقوط سند الرواية عن الاعتبار بالكاهلي اذ أنه لم يوثق.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل صافح رجلا مجوسيا فقال: يغسل يده و لا يتوضأ «2».

بتقريب أن الامر بغسل اليد يرشد إلي نجاسة المجوسي.

و فيه: أن الامر يدور بين تقييد متعلق الامر بوجود الرطوبة المسرية في اليد اذ قد ثبت من الخارج أن «كل يابس زكي» «3» و بين حمل الامر علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب النجاسات الحديث: 2.

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 31 من أبواب احكام الخلوة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 256

______________________________

الاستحباب و ربما يقال: بأن الثاني أولي بالقرينة الداخلية و الخارجية أما الاولي فلان التقييد يستلزم حمل المطلق علي الفرد النادر فتأمل و أما الثانية فلرواية خالد القلانسي «1» اذ المسح بالتراب أو بالحائط لا يوجب الطهارة فتكون الرواية دالة علي طهارة الكتابي.

و لا يخفي أن رواية خالد القلانسي ضعيفة سندا بعلي بن معمر فلا تكون صالحة الا للتأييد أضف إلي ذلك كله أن حديث ابن مسلم المتقدم علي فرض تمامية دلالته يختص بالمجوسي الا أن يقال بعدم الفصل بين أقسام الكتابي في الطهارة و النجاسة.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أحدهما عليهما السلام

في مصافحة المسلم اليهودي و النصراني قال من وراء الثوب فان صافحك بيده فاغسل يدك «2».

بتقريب: ان الامر بالغسل يدل و يرشد إلي النجاسة. و فيه: أنه علي تقدير كونهم نجسا لا يفرق بين اليد و الثوب فالتفريق بين الامرين بنفسه دليل علي عدم نجاستهم و الا كان اللازم انفعال الثوب اذا لاقي بدنهم مع الرطوبة فلاحظ.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال: سألته عن مؤاكلة المجوسي في قصعة واحدة و أرقد معه علي فراش واحد و اصافحه؟

قال: لا «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 251

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب النجاسات الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 257

______________________________

بتقريب: أن النهي عن المؤاكلة مع المجوسي و المصافحة معه يرشد إلي نجاسته.

و فيه: أن النهي عن الرقود يدل علي أن النهي ليس من جهة النجاسة و الا فمن الواضح أن الرقود معه في فراش واحد لا يقتضي التنجيس كما أن المؤاكلة علي الاطلاق و كذلك المصافحة لا يوجب السراية فمن الممكن أن يكون الوجه في النهي الاحتراز منه و توهينه و هتكه لخسته.

و يضاف إلي جميع ذلك أن الحكم مختص بالمجوسي فالعموم يحتاج إلي مؤنة زائدة فلاحظ.

و منها: ما رواه هارون بن خارجة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اني أخالط المجوس فآكل من طعامهم؟ فقال: لا «1».

و التقريب ظاهر. و فيه أن النهي عن أكل طعامهم لا يدل علي كونهم نجسا كما هو ظاهر مضافا إلي كون الحكم واردا في المجوسي.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن فراش اليهودي و النصراني ينام عليه؟ قال: لا بأس و

لا يصلي في ثيابهما و قال: لا يأكل المسلم مع المجوسي في قصعة واحدة و لا يقعده علي فراشه و لا مسجده و لا يصافحه قال: و سألته عن رجل اشتري ثوبا من السوق للبس لا يدري لمن كان هل تصلح الصلاة فيه؟ قال: ان اشتراه من مسلم فليصل فيه و ان اشتري من نصراني فلا يصلي فيه حتي يغسله «2»:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 258

______________________________

بتقريب أن النهي عن الامور المذكورة في الرواية يرشد إلي نجاستهم.

و يرد عليه أن الاذن في النوم علي فراش اليهودي و النصراني لعله دال علي عدم نجاستهم ببعض التقريبات.

و أما النهي عن المؤاكلة مع المجوسي في قصعة واحدة فلا يمكن الاخذ باطلاقه- كما مر- بالاضافة إلي أن الرواية واردة في المجوسي.

و أما النهي عن الصلاة في اللباس المأخوذ من الكافر فلا يمكن العمل باطلاقه مضافا إلي ورود الاذن فيه في بعض النصوص لاحظ ما رواه معاوية بن عمار قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الثياب السابرية يعملها المجوس و هم أخباث (أجناب) و هم يشربون الخمر و نسائهم علي تلك الحال البسها و لا أغسلها و اصلي فيها؟ قال: نعم قال معاوية فقطعت له قميصا و خططته و فتلت له ازرارا و رداء من السابري ثم بعثت بها اليه في يوم جمعة حين ارتفع النهار فكأنه عرف ما اريد فخرج بها الي الجمعة «1».

و ما رواه المعلي بن خنيس قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا بأس بالصلاة في الثياب التي تعملها المجوس و النصاري و اليهود «2».

و ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي قال: سألت أبا عبد

اللّه عليه السلام عن الصلاة في ثوب المجوسي فقال: يرش بالماء «3».

و ما رواه أبو علي البزاز عن أبيه قال: سألت جعفر بن محمد عليهما السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 73 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 259

______________________________

عن الثوب يعمله أهل الكتاب اصلي فيه قبل أن يغسل؟ قال: لا بأس و ان يغسل احب إلي «1».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سأل أبي أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا حاضر اني اعير الذمي ثوبي و أنا اعلم أنه يشرب الخمر و يأكل لحم الخنزير فيرده علي فاغسله قبل أن اصلي فيه؟ فقال ابو عبد اللّه عليه السلام صل فيه و لا تغسله من أجل ذلك فانك أعرته اياه و هو طاهر و لم يستيقن أنه نجسه فلا بأس أن تصلي فيه حتي تستيقن.

أنه نجسه «2».

و غيرها من الروايات الواردة في الباب 73 و 74 من أبواب النجاسات من الوسائل.

و منها: ما رواه سعيد الاعرج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن سؤر اليهودي و النصراني فقال: لا «3».

بتقريب أن النهي عن أكل سؤر اليهودي و النصراني بلحاظ نجاستهم و النهي ارشاد اليها و الظاهر أن السؤر بما هو مورد النهي فلا مجال لان يقال ان النهي بلحاظ النجاسة العرضية.

و يرد علي الاستدلال أنه لا وجه لرفع اليد عن ظهور النهي في الحرمة النفسية و حمله علي الارشاد إلي النجاسة.

و ان شئت قلت: المستفاد من الحديث حرمة سؤر اليهودي و النصراني لكن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 74 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب النجاسات الحديث: 8.

مباني منهاج

الصالحين، ج 3، ص: 260

______________________________

لا ندري أن وجه الحرمة نجاستهم أو امر آخر.

و بعبارة واضحة: المستفاد من الرواية أن تناول سؤرهم محرم و لم يعلم الوجه في التحريم. و ملخص الكلام أن مقتضي الانصاف عدم دلالة الرواية علي المدعي.

و منها: ما رواه علي بن جعفر أنه سأل أخاه موسي بن جعفر عليه السلام عن النصراني يغتسل مع المسلم في الحمام قال: اذا علم أنه نصراني اغتسل بغير ماء الحمام الا أن يغتسل وحده علي الحوض فيغسله ثم يغتسل و سأله عن اليهودي و النصراني يدخل يده في الماء أ يتوضأ منه للصلاة؟ قال: لا الا أن يضطر اليه «1».

و تقريب الاستدلال به علي المدعي أن المستفاد من صدر الرواية أن لا يجوز الاغتسال بما في الحوض الصغير من الماء لمباشرته بدن الكافر الا بعد غسل الحوض و الاغتسال منه وحده و لا اشكال في أن الرواية غير ناظرة إلي صورة اتصال ما في الحوض بالخزانة اذ لا وجه للنهي عنه فيستفاد أن بدن الكافر بما هو نجس ينجس الحوض و الماء القليل الموجود فيه فيتوقف الجواز علي غسل الحوض و الاغتسال منه وحده.

و لكن يصادم الصدر الذيل حيث حكم عليه السلام بجواز الوضوء من الماء الذي أدخل النصراني يده فيه فانه يدل علي عدم كونه نجسا فانه لو كان الماء منفعلا بمباشرة بدن النصراني لكان المناسب ان تصل النوبة إلي التيمم و أما حمل الاضطرار علي التقية فهو خلاف الظاهر.

و بعبارة اخري: الظاهر من الرواية أن المكلف مضطر إلي الوضوء منه لانحصار الماء فيه لا أنه يضطر إلي الوضوء من الماء النجس و بعد تصادم الظهورين

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 261

______________________________

لا يبقي

ظهور معتبر للصدر فلاحظ.

و منها ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في آنية المجوسي قال: اذا اضطررتم اليها فاغسلوها بالماء «1».

بتقريب: أن الغسل ارشاد إلي النجاسة. و يرد عليه ان الرواية ضعيفة سندا بموسي بن بكر مضافا إلي أنها واردة في خصوص المجوسي و يحتمل فيه الاختصاص.

و منها: ما ارسله الوشاء عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه كره سؤر ولد الزنا و سؤر اليهودي و النصراني و المشرك و كل من خالف الإسلام و كان أشد ذلك عنده سؤر الناصب «2».

و فيه أنه مرسل و هو لا اعتبار به مضافا إلي الاشكال في الدلالة فلاحظ.

و منها: ما رواه علي بن جعفر «3» بتقريب أن الامر بالغسل يرشد إلي نجاسة اللباس و يرد عليه مضافا إلي وجود المعارض كما مر ان الامر يدور بين رفع اليد عن الاطلاق و الحمل علي صورة اصابته بدن الكافر مع الرطوبة و بين حمل النهي علي الكراهة و لا ترجيح لتقديم الاحتمال الاول و مما ذكرنا تقدر علي الجواب عن الاستدلال بجملة اخري من النصوص:

منها: ما رواه اسماعيل بن جابر قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: لا تأكل ذبائحهم و لا تأكل في آنيتهم يعني أهل الكتاب «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب الأسآر الحديث: 2.

(3) لاحظ ص: 257.

(4) الوسائل الباب 72 من أبواب النجاسات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 262

______________________________

و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام في حديث قال سألته عن الصلاة علي بواري النصاري و اليهود الذين يقعدون عليها في بيوتهم أ تصلح قال: لا تصل عليها «1».

و

منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن المسلم له أن يأكل مع المجوسي في قصعة واحدة أو يقعد معه علي فراش واحد أو في المسجد أو يصاحبه؟ قال: لا «2».

و منها: ما رواه العيص قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام: عن مؤاكلة اليهودي و النصراني و المجوسي أ فآكل من طعامهم؟ قال: لا «3».

و منها غيرها المذكور في الباب 54 من أبواب الأطعمة المحرمة من الوسائل.

فالمتحصل من مجموع النصوص في الابواب المختلفة أنه لا يصح الاستدلال بشي ء منها علي المدعي.

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري من النصوص يستفاد منها عدم نجاسة الكتابي:

منها: ما رواه ابراهيم بن أبي محمود قال: قلت للرضا عليه السلام: الجارية النصرانية تخدمك و أنت تعلم أنها نصرانية لا تتوضأ و لا تغتسل من جنابة قال: لا بأس تغسل يديها «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 73 من أبواب النجاسات الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 52 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 14 من أبواب النجاسات الحديث: 11.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 263

______________________________

فانه يستفاد من الرواية أن المرتكز في ذهن الراوي عدم نجاسة النصرانية و انما كان سؤاله عن نجاسة العرضية العارضة بواسطة ملاقاتها مع النجاسة و أيضا يعلم من جواب الامام عليه السلام بوضوح أنها اذا اغتسلت يديها فلا اشكال.

و منها: ما رواه عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن مؤاكلة اليهود و النصراني و المجوسي فقال: اذا كان من طعامك و توضأ فلا بأس «1».

فان المستفاد من جوابه عليه السلام أن الكتابي طاهر اذ لو كان نجسا لم يكن وضوئه مفيدا كما هو ظاهر.

و

منها: ما رواه اسماعيل بن جابر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ما تقول في طعام أهل الكتاب فقال لا تأكله ثم سكت هنيئة ثم قال: لا تأكله ثم سكت هنيئة ثم قال: لا تأكله و لا تتركه تقول: انه حرام و لكن تتركه تتنزّه عنه ان في آنيتهم الخمر و لحم الخنزير «2».

فان المستفاد من الرواية أن المنع بلحاظ النجاسة العارضة و أما من حيث ذات الكافر بما هو كافر فلا محذور.

و منها: ما رواه زكريا بن ابراهيم قال: دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقلت: اني رجل من أهل الكتاب و اني اسلمت و بقي أهلي كلهم علي النصرانية و أنا معهم في بيت واحد لم افارقهم بعد فآكل من طعامهم؟ فقال لي: يأكلون الخنزير؟ فقلت: لا و لكنهم يشربون الخمر فقال لي: كل معهم و اشرب «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 54 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 54 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 264

______________________________

فان المستفاد من الحديث أن المحذور من ناحية نجاسة الخنزير لا من جهة نجاسة الكتابي بما هو.

و لا يخفي أن الحديث المذكور مما يدل علي طهارة الخمر.

و منها: ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل هل يتوضأ من كوز أو إناء غيره اذا شرب منه علي أنه يهودي؟ فقال: نعم فقلت: من ذلك الماء الذي يشرب منه؟ قال: نعم «1».

فان المستفاد من الحديث أن الماء المفروض كونه قليلا لا ينجس بملاقاة بدن اليهودي.

و منها: ما رواه معاوية بن عمار «2» فان المستفاد من الحديث أن المركوز في ذهن السائل عدم نجاسة

المجوس و انما جهة السؤال شربهم الخمر و عدم مبالاتهم من كونهم منحرفين و الامام عليه السلام قرره علي ارتكازه.

و مما ذكرنا يعلم تقريب الاستدلال بما رواه محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري أنه كتب إلي صاحب الزمان عليه السلام: عندنا حاكة مجوس يأكلون الميتة و لا يغتسلون من الجنابة و ينسجون لنا ثيابا فهل تجوز الصلاة فيها من قبل أن تغسل فكتب اليه في الجواب: لا بأس بالصلاة فيها «3».

و منها: ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت فان مات رجل مسلم و ليس معه رجل مسلم و لا امرأة مسلمة من ذوي قرابته و معه رجال نصاري

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الأسآر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 258

(3) الوسائل الباب 73 من أبواب النجاسات الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 265

و هو من لم ينتحل دينا (1).

______________________________

و نساء مسلمات ليس بينه و بينهن قرابة؟ قال: يغتسل النصاري ثم يغسلونه فقد اضطر و عن المرأة المسلمة تموت و ليس معها امرأة مسلمة و لا رجل مسلم من ذوي قرابتها و معها نصرانية و رجال مسلمون (ليس بينها و بينهم قرابة) قال: تغتسل النصرانية ثم تغسلها «1».

فان المستفاد من هذه الرواية أن الكتابي طاهر و انما اغتساله بلحاظ تحصيل الطهارة و زوال النجاسة العرضية.

فان قلنا بعدم قيام دليل في الطائفة الاولي علي النجاسة فهو و الا فلا بد من علاج التعارض فان قلنا بأن الجمع العرفي يقتضي حمل اخبار النجاسة علي رجحان الاجتناب و الا فلا بد من اعمال قانون التعارض و لا يبعد أن يكون الترجيح مع أخبار النجاسة لكونها علي خلاف مسلك العامة فلاحظ.

(1)

كما هو ظاهر اذ المفروض انه لا يتدين بدين فلا يكون مسلما و يدل علي المدعي من الكتاب قوله تعالي: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّٰهِ وَ رَسُولِهِ» * «2» فان المستفاد من الاية الشريفة حصر المؤمن في الذي يعتقد بذاته تعالي و من الروايات ما رواه سماعة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أخبرني عن الإسلام و الايمان أ هما مختلفان؟ فقال: ان الايمان يشارك الإسلام و الإسلام لا يشارك الايمان فقلت فصفهما لي فقال: الإسلام شهادة أن لا إله الا اللّه و التصديق برسول اللّه صلي اللّه عليه و آله به حقنت الدماء و عليه جرت المناكح و المواريث و علي ظاهره جماعة

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب غسل الميت الحديث: 1

(2) النور/ 62

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 266

أو انتحل دينا غير الإسلام (1) أو انتحل الإسلام و جحد ما يعلم أنه من الدين الاسلامي بحيث رجع جحده إلي انكار الرسالة (2).

______________________________

الناس و الايمان الهدي و ما يثبت في القلوب من صفة الإسلام و ما يظهر من العمل به و الايمان أرفع من الإسلام بدرجة ان الايمان يشارك الإسلام في الظاهر و الإسلام لا يشارك الايمان في الباطن و ان اجتمعا في القول و الصفة «1».

فان صريح الرواية أن تحقق الإسلام يتوقف علي كلمة التوحيد.

(1) فان عدم كون مثله مسلما من الواضحات اذ المفروض أنه انتحل غير الإسلام مضافا إلي أن المستفاد من الاية و الرواية توقف الإسلام علي التصديق بالرسالة.

(2) ربما يقال: ان انكار الضروري بما هو يوجب الكفر و يمكن أن يستدل علي المدعي بجملة من النصوص و هي علي طوائف.

منها ما يدل علي أن انكار مطلق الشي ء و لو كان

أمرا تكوينيا موجب للكفر اذا دان به لاحظ ما رواه بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن أدني ما يكون العبد به مشركا قال: فقال: من قال للنواة: انها حصاة و للحصاة انها نواة ثم دان به «2».

بتقريب أن المستفاد من الرواية أن الاعتقاد بخلاف الواقع بعنوان الدين يوجب الكفر و يترتب عليه أنه اذا اعتقد بحكم شرعي مخالف للواقع و لو لم يكن ضروريا يكون موجبا للكفر و لا يمكن الالتزام به الا أن يقال: بأنه يرفع اليد عن الاطلاق بالمقدار المعلوم لكن يبقي تحت الدليل انكار الضروري الا أن يقال:

______________________________

(1) الاصول من الكافي ج 2 ص: 25

(2) الاصول من الكافي ج 2 ص: 397 باب الشرك الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 267

______________________________

بأنه يلزم تخصيص الاكثر المستهجن.

و منها ما يدل علي أن انكار الفرائض و مطلق الحكم الشرعي يوجب الكفر فلا فرق بين الضروري و غيره بل مطلق انكار الحكم الشرعي يوجب الكفر مثل ما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي جعفر عليه السلام قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السلام: من شهد أن لا إله الا اللّه و أن محمدا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان مؤمنا؟ قال: فأين فرائض اللّه؟ الي ان قال: ثم قال: فما بال من جحد الفرائض كان كافرا «1».

و ما رواه عبد الرحيم القصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث: قال:

الإسلام قبل الايمان و هو يشارك الايمان فاذا أتي العبد بكبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر المعاصي التي نهي اللّه عنها كان خارجا من الايمان و ثابتا عليه اسم الإسلام فان تاب و استغفر عاد إلي الايمان و لم

يخرجه إلي الكفر و الجحود و الاستحلال و اذا قال للحلال هذا حرام و للحرام هذا حلال و دان بذلك فعندها يكون خارجا من الايمان و الإسلام إلي الكفر «2».

و فيه: أن المستفاد من الدليل عنوان الجحد و هو لا يتحقق الا مع وجود العلم الا أن يقال: بأنه يتحقق الجحد مع العلم بأن الحكم الفلاني ثبت بواسطة اخبار الثقات لكن الحديثين ضعيفان سندا اما الاول فبمحمد بن فضيل لعدم الوثوق يكون الرجل موثقا و أما الثاني فبعبد الرجيم القصير.

و منها: ما يدل علي أن من ارتكب كبيرة بزعم كونها حلالا يكون كافرا لاحظ

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب مقدمات العبادات الحديث: 13.

(2) نفس المصدر الحديث: 18.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 268

______________________________

ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يرتكب الكبيرة فيموت هل يخرجه ذلك من الإسلام؟ و ان عذب كان عذابه كعذاب المشركين؟

أم له مدة و انقطاع؟ فقال: من ارتكب كبيرة من الكبائر فزعم أنها حلال أخرجه ذلك من الإسلام و عذب أشد العذاب و ان كان معترفا أنه ذنب و مات عليها أخرجه من الايمان و لم يخرجه من الإسلام و كان عذابه أهون من عذاب الاول «1».

و ما رواه مسعدة بن صدقة «2» و المستفاد منهما أن الاعتقاد بخلاف ما ثبت شرعا يوجب الكفر و عليه يكون منكر الضروري كافرا و لو لم يثبت عنده كونه ضروريا.

و بعبارة اخري: مقتضي الحديثين المذكورين أن الاعتقاد بالخلاف عن تقصير يقتضي الكفر و ان لم يكن مرجعه إلي انكار الرسالة.

و ما أفاده سيدنا الاستاد من أنه لا يمكن الاخذ بذلك لمنافاته مع ما دل علي أنه يتحقق الإسلام

بالشهادة بالتوحيد و الرسالة فلا بد من تقييد ما يدل علي هذا المعني برجوعه إلي انكار الرسالة، مدفوع بأنه لا وجه لهذا التقييد بل مقتضي القاعدة تقييد تلك الطائفة بهذه الطائفة بأن نقول: الإسلام مقيد بعدم انكار حكم من احكام الإسلام عن تقصير و مقتضي اطلاق الدليل عدم الفرق بين كون حكم المذكور ضروريا أو غير ضروري غاية الامر بالنسبة إلي غير الضروري نرفع اليد عن الحديث و يبقي الضروري تحته.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 269

نعم انكار المعاد يوجب الكفر مطلقا (1) و لا فرق بين المرتد و الكافر الاصلي الحربي و الذمي و الخارجي و الغالي و الناصب هذا في غير الكتابي أما الكتابي فالمشهور علي نجاسته و هو الاحوط (2).

[مسألة 376: عرق الجنب من الحرام طاهر و لكن لا تجوز الصلاة فيه علي الاحوط]

(مسألة 376): عرق الجنب من الحرام طاهر و لكن لا تجوز الصلاة فيه علي الاحوط (3).

______________________________

(1) قد استدل الماتن علي المدعي بجملة من الآيات التي قرن الايمان بالمعاد فيها بالايمان باللّه كقوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّٰهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنٰازَعْتُمْ فِي شَيْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَي اللّٰهِ وَ الرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ «1» و قوله: «قٰاتِلُوا الَّذِينَ لٰا يُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَ لٰا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ» «2».

و هذه الآيات لا تدل علي المدعي و إلي الان لم نجد آية تدل علي أن منكر المعاد كافر نعم يمكن أن يتمسك بالإجماع و التسالم علي أن منكر المعاد كافر مضافا إلي أن المعاد من ضروريات الدين فانكاره انكار للرسالة.

(2) قد تقدم أن نجاسة غير الناصبي من أقسام الكافر محل الكلام و الاشكال فراجع.

(3) وقع الكلام بين الاصحاب في حكم

عرق الجنب من الحرام من حيث النجاسة تارة و من حيث عدم جواز الصلاة فيه اخري و منشأ الخلاف جملة من النصوص فلا بد من ملاحظتها سندا و دلالة فمنها ما رواه في المناقب نقلا من كتاب المعتمد في الاصول قال علي بن مهزيار في حديث وروده علي أبي الحسن صاحب

______________________________

(1) النساء/ 58

(2) التوبة/ 29

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 270

______________________________

العسكر عليه السلام ثم قلت: اريد أن أسأله عن الجنب اذا عرق في الثوب فقلت في نفسي ان كشف وجهه فهو الامام فلما قرب مني كشف وجهه ثم قال: ان كان عرق الجنب في الثوب و جنابته من حرام لا يجوز الصلاة فيه و ان كان جنابته من حلال فلا بأس فلم يبق في نفسي بعد ذلك شبهة «1».

و هذه الرواية ساقطة عن الاعتبار سندا اذ كتاب المعتمد للشيخ المفيد قدس سره و هو نقل الرواية عن ابن مهزيار مرسلا فلا اعتبار به و عمل المشهور بها علي تقدير تحققه لا يوجب اعتباره كما مر منا مرارا.

و قد نقل الحديث بطريق آخر يصل إلي علي بن يقطين ابن موسي الاهوازي «2» و هذا الطريق أيضا ضعيف بعلي بن يقطين و غيره.

و أما من حيث الدلالة فلا تدل علي النجاسة بل تدل علي عدم جواز الصلاة فيه.

و ربما يقال- كما في المستمسك-: أن مقتضي اطلاق النهي عن الصلاة حتي بعد الجفاف و ذهاب عين العرق نجاسته «3».

و يرد عليه: أن بقاء الحكم يتوقف علي بقاء الموضوع و بعد انعدامه لا يبقي الحكم فلا يشمل الاطلاق ما بعد الجفاف الا اذا بقي أثر العرق كما يشاهد في بعض الاحيان.

و منها: ما رواه احمد بن محمد بن مابنداذ الكاتب

الاسكافي في حديث قال:

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 20 من أبواب النجاسات الحديث: 5.

(2) نفس المصدر ملحق هذا الحديث

(3) مستمسك العروة ج 1 ص 435

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 271

______________________________

اذا لقيت سيدي أبا الحسن عليه السلام أن أسأله عن مسائل و كان فيما عددته أن أسأله عن عرق الجنب هل يجوز الصلاة في القميص الذي اعرق فيه و أنا جنب أم لا؟ فسرت إلي سر من رأي فلم اصل اليه فأبطأ عني الركوب لعلة كانت به ثم سمعت الناس إلي أن قال عليه السلام: ان كان العرق من الحلال فحلال و ان كان من الحرام فحرام «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا باحمد بن محمد و أما من حيث الدلالة فلا يبعد أن تدل علي النجاسة اذ السؤال عن الصلاة في القميص الذي يعرق فيه و المنع عن الصلاة في القميص لا وجه له الا كونه متنجسا بعرق الجنب من الحرام.

و منها ما رواه الكفرتوثي أنه كان يقول بالوقف فدخل سر من رأي في عهد أبي الحسن عليه السلام فأراد أن يسأله من الثوب الذي يعرق فيه الجنب أ يصلي فيه؟ فبينما هو قائم في طاق باب لانتظاره اذ حركه أبو الحسن عليه السلام بمقرعة و قال متبدئا ان كان من حلال فصل فيه و ان كان من حرام فلا تصل فيه «2».

و هذه الرواية أيضا ضعيفة لجهالة طريق محمد بن همام إلي الكفرتوثي و الكلام من حيث الدلالة هو الكلام فيما قبلها.

و منها: مرسل علي بن الحكم عن أبي الحسن عليه السلام «3» و المرسل لا اعتبار به و أما من حيث الدلالة فالرواية اجنبية عن المقام اذ علي تقدير دلالتها علي النجاسة تدل علي نجاسة

بدن ولد الزنا من حيث هو لا من حيث عرقه أي

______________________________

(1) المصدر: السابق الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 27 من أبواب النجاسات الحديث: 12

(3) لاحظ ص: 251.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 272

و يختص الحكم بما اذا كان التحريم ثابتا لموجب الجنابة بعنوانه كالزنا و اللواط و الاستمناء بل و وطؤ الحائض أيضا و أما اذا كان بعنوان آخر كإفطار الصائم أو مخالفة النذر و نحو ذلك فلا يعمه الحكم (1).

______________________________

عرق الجنب من الحرام فلاحظ.

و منها: ما رواه محمد بن علي بن جعفر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في حديث قال: من اغتسل من الماء الذي قد اغتسل فيه فاصابه الجذام فلا يلومن إلا نفسه فقلت لأبي الحسن عليه السلام: ان أهل المدينة يقولون: ان فيه شفاء من العين فقال: كذبوا يغتسل فيه الجنب من الحرام و الزاني و الناصب الذي هو شرهما و كل من خلق اللّه ثم يكون فيه شفاء من العين «1».

و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن علي بن جعفر و أما من حيث الدلالة فالكلام فيها هو الكلام فيما قبلها فلاحظ.

و منها: ما في الفقه الرضوي: «ان عرقت في ثوبك و أنت جنب و كانت الجنابة من الحلال فتجوز الصلاة فيه و ان كانت حراما فلا تجوز الصلاة فيه حتي يغسل «2».

و الفقه الرضوي لا اعتبار به و أما من حيث الدلالة فالرواية دالة علي النجاسة اذ علق فيها جواز الصلاة في الثوب علي غسله فلاحظ. فتحصل مما ذكر انه لا دليل علي نجاسة عرق الجنب من الحرام و لا علي حرمة الصلاة فيه.

(1) الذي يختلج بالبال أن يقال: ان الموضوع المذكور في لسان الدليل عرق

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الماء

المضاف الحديث: 2

(2) الحدائق ج 5 ص 217.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 273

[مسألة 377: عرق الإبل الجلالة و غيرها من الحيوان الجلال طاهر و لكن لا تجوز الصلاة فيه]

(مسألة 377): عرق الابل الجلالة و غيرها من الحيوان الجلال طاهر و لكن لا تجوز الصلاة فيه (1).

______________________________

الجنب من الحرام فالميزان صدق هذا العنوان و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين كون الحرمة بالعنوان الاولي كالزنا و كونها بالعنوان العارضي كالوطي في الصوم و وطي الحائض و نحوهما و أما الحرمة بلحاظ حنث النذر فالظاهر عدم شمول الدليل اياها اذ ليس متعلق الحرمة الإجناب الا أن يقال: بأن الإجناب في الفرض المذكور حرام أو ليس بحرام أما علي الاول فيشمله الدليل و اما علي الثاني فيلزم الخلف فلاحظ و يترتب علي ما ذكرنا أن الحلية العارضة كموارد الاكراه توجب عدم ترتب الحكم من النجاسة علي القول بها أو فساد الصلاة فيه علي القول به اذ لو لم يكن الإجناب حراما و لو لأمر خارجي لا يصدق عنوان الجنب من الحرام.

فرع: لو اجنب بالحرام الواقعي الحلال الظاهري كما لو قامت البينة علي أن المرأة الفلانية زوجة زيد و الحال أنها لا تكون زوجة فجامعها زيد باعتبار حجية البينة فهل يكون عرقه نجسا علي القول بالنجاسة أم لا؟.

لا يبعد أن يقال: بأنه نجس اذ مع الجهل الحكم الواقعي محفوظ فيصح أن يقال: انه اجنب حراما كما أنه لو انعكس الامر بأن يكون حلالا واقعا و قامت البينة عند الزوج انها ليست زوجته و مع ذلك جامعها لم يكن الإجناب بالحرام.

(1) الكلام يقع تارة في حكم عرق الابل و اخري في حكم مطلق الجلال فيقع الكلام في مقامين:

أما المقام الاول فنقول قد دل علي نجاسته ما رواه حفص بن البختري عن

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 274

______________________________

أبي

عبد اللّه عليه السلام قال: لا تشرب من ألبان الابل الجلالة و ان أصابك شي ء من عرقها فاغسله «1».

فان الامر بالغسل يرشد إلي النجاسة. و ما في كلام سيدنا الاستاد من أن الغسل تعلق بنفس العرق لا بالثوب فلا يدل علي النجاسة بل ارشاد إلي مانعيته عن الصلاة مدفوع بأن الغسل و لو تعلق في الرواية بنفس العرق و لكن هذا الاستعمال في مقام الارشاد إلي النجاسة صحيح و ان كان المراد مجرد ازالة العرق لكان الحق أن يقال: ازله و أما الامر بالغسل فالعرف يفهم منه الارشاد إلي كونه ينجس الثوب.

و أما ارداف الامر بالغسل بالنهي عن شرب اللبن فلا يخل بالدلالة المقصودة.

و بعبارة اخري قد تعرض في الرواية لأمرين: احدهما حرمة شرب لبنها ثانيهما نجاسة عرقها.

و صفوة القول: انه لا يمكن رفع اليد عن الرواية و لا بد من الالتزام بالنجاسة.

المقام الثاني: في حكم عرق مطلق الجلال و يدل علي نجاسة عرق مطلق الجلال ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تأكل اللحوم الجلالة و ان أصابك من عرقها شي ء فاغسله «2».

و تقريب الاستدلال علي المدعي بالحديث هو التقريب المتقدم فان قام اجماع تعبدي علي عدم نجاسته نرفع اليد عن ظهور الامر في الارشاد إلي النجاسة و نحمل الامر علي الارشاد إلي خباثة في بوله لكن لا بحد يوجب النجاسة الشرعية.

فتحصل مما ذكر ان عرق الابل الجلالة بل مطلق الجلال نجس فلا تجوز

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب النجاسات الحديث: 2.

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 275

[الفصل الثاني: في كيفية سراية النجاسة إلي الملاقي]
اشارة

الفصل الثاني: في كيفية سراية النجاسة إلي الملاقي:

[مسألة 378: الجسم الطاهر إذا لاقي الجسم النجس لا تسري النجاسة إليه إلا إذا كان في أحدهما رطوبة مسرية]

(مسألة 378): الجسم الطاهر اذا لاقي الجسم النجس لا تسري النجاسة اليه الا اذا كان في أحدهما رطوبة مسرية يعني تنتقل من أحدهما إلي الاخر بمجرد الملاقاة فاذا كانا يابسين أو نديين جافين لم يتنجس الطاهر بالملاقاة (1) و كذا لو كان أحدهما مائعا بلا رطوبة كالذهب و الفضة و نحوهما من الفلزات فانها اذا اذيبت في ظرف الصلاة فيه.

______________________________

(1) يشترط في تحقق التنجس بالملاقاة أن يكون في المتلاقيين أو في أحدهما رطوبة مسرية و أما مع جفاف كليهما فلا يتحقق التنجس و يمكن الاستدلال عليه بوجوه:

الوجه الاول: الاجماع فانه نقل عن جملة من الاجلة و الاساطين حكايته.

الوجه الثاني: الارتكاز العرفي في باب الطهارة و النجاسة فان المرتكز عندهم توقف التأثير علي السراية بمعني أن النجس لا ينجس غيره إلا مع السراية فمع الجفاف لا يؤثر.

الوجه الثالث: ارتكاز المتشرعة بما هم كذلك فان المفروض في اذهان الكل أن تلاقي اليابسين لا يترتب عليه أثر.

الوجه الرابع: النصوص الدالة علي المدعي فمنها ما رواه محمد بن مسلم في حديث أن أبا جعفر عليه السلام وطئ علي عذرة يابسة فأصاب ثوبه فلما أخبره

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 276

______________________________

قال: أ ليس هي يابسة؟ فقال: بلي فقال: لا بأس «1».

و منها ما رواه حريز عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا مس ثوبك كلب فان كان يابسا فانضحه و ان كان رطبا فاغسله «2».

و منها ما رواه الفضل أبو العباس قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام اذا أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله و ان مسه جافا فاصبب عليه الماء «3».

و منها: ما رواه علي «4» و منها:

ما رواه موسي بن القاسم «5».

و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: و سألته عن الرجل يمشي في العذرة و هي يابسة فتصيب ثوبه و رجليه هل يصلح له أن يدخل المسجد فيصلي و لا يغسل ما أصابه؟ قال: اذا كان يابسا فلا بأس «6».

و منها: ما رواه أيضا قال: سألته عن المكان يغتسل فيه من الجنابة أو يبال فيه أ يصلح أن يفرش؟ فقال: نعم اذا كان جافا «7». و منها ما رواه الكليني «8».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن بكير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب النجاسات الحديث: 14

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 2.

(4) لاحظ ص: 203

(5) لاحظ ص: 205

(6) الوسائل الباب 26 من أبواب النجاسات الحديث: 8.

(7) نفس المصدر الحديث: 11

(8) نفس المصدر الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 277

نجس لا تنحس (1).

[مسألة 379: الفراش الموضوع في أرض السرداب إذا كانت الأرض نجسة لا ينجس]

(مسألة 379): الفراش الموضوع في أرض السرداب اذا كانت الارض نجسة لا ينجس و ان سرت رطوبة الارض له و صار ثقيلا بعد ان كان خفيفا فان مثل هذه الرطوبة غير المسرية لا توجب سراية النجاسة و كذلك جدران المسجد المجاور لبعض المواضع النجسة مثل الكنيف و نحوه فان الرطوبة السارية منها إلي الجدران ليست مسرية و لا موجبة لتنجسها و ان كانت مؤثرة في الجدار علي نحو تؤدي إلي الخراب (2).

______________________________

يبول و لا يكون عنده الماء فيمسح ذكره بالحائط قال: كل شي ء يابس زكي «1».

فالمتحصل أن الملاقاة بلا رطوبة لا يقتضي الانفعال.

(1) لان الذوبان لا يستلزم الرطوبة كما هو المشاهد و مع عدم الرطوبة لا مقتضي للانفعال فلاحظ.

(2) فرق

بين الرطوبة و النداوة و لا يخفي أن الكلام في المقام ليس دائرا مدار الدقه الفلسفية بل يدور مدار الفهم العرفي فان الرطوبة المسرية ما يكون مستقلا بالوجود و يكون حاملا للنجاسة و ناقلا اياها من محل إلي محل آخر و أما النداوة التي يعبر عنها في الفارسي ب (نم) فلا تكون مستقلة بالوجود بل تكون من عوارض الجسم و لا تكون مسرية فلا يضر انتقالها من النجس إلي الطاهر و لا يوجب نجاسة الملاقي فما أفاده في المتن تام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب احكام الخلوة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 278

[مسألة 380: يشترط في سراية النجاسة في المائعات أن لا يكون المائع متدافعا إلي النجاسة]

(مسألة 380): يشترط في سراية النجاسة في المائعات أن لا يكون المائع متدافعا إلي النجاسة و الا اختصت النجاسة بموضع الملاقاة و لا تسري إلي ما اتصل به من الاجزاء فاذا صب الماء من الابريق علي شي ء نجس لا تسري النجاسة إلي العمود فضلا عما في الابريق و كذا الحكم لو كان التدافع من الاسفل إلي الاعلي كما في الفوارة (1).

[مسألة 381: الأجسام الجامدة إذا لاقت النجاسة مع الرطوبة المسرية تنجس موضع الاتصال]

(مسألة 381): الاجسام الجامدة اذا لاقت النجاسة مع الرطوبة المسرية تنجس موضع الاتصال أما غيره من الاجزاء المجاورة له فلا تسري النجاسة اليه و ان كانت الرطوبة المسرية مستوعبة للجسم فالخيار أو البطيخ أو نحوهما اذا لاقته النجاسة يتنجس موضع الاتصال منه لا غير و كذلك بدن الانسان اذا كان عليه عرق و لو كان كثيرا فانه اذا لاقي النجاسة تنجس الموضع الملاقي لا غير الا أن يجري العرق المتنجس علي الموضع الاخر فانه ينجسه أيضا (2).

______________________________

(1) قد تكلمنا حول هذه الجهة في الجزء الاول من هذا الشرح ص 160 و لا وجه للإعادة فراجع ما ذكرناه هناك.

(2) ربما يتوهم أنه مع وجود الرطوبة المسرية تتنجس الاجزاء جميعها بتقريب أنه اذا تنجس جزء من الجسم الجامد المرطوب برطوبة مسرية فيتنجس الجزء الملاصق للموضع المتنجس و يتأثر كل جزء ملاصقة و هكذا فالنتيجة نجاسة جميع الاجزاء.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 279

______________________________

و يندفع أن المستفاد من النصوص أن موضوع النجاسة في الجوامد عبارة عن الاصابة و لا اصابة إلا مع بعض الجامد و أما بقية الاجزاء فلا يشملها الدليل.

و يرد عليه: أنه كيف لا يصدق الملاقاة و الاصابة و كيف يمكن انكارهما و الذي يدل علي تحقق العنوان أنه لو لاقي الموضع النجس جسم خارجي يتنجس

بالملاقاة و الحال أنه لا فرق بين الصورتين بل لو انفصل الجزء المتصل بالموضع بعد الانفصال يتنجس بالملاقاة الثانية.

الا أن يقال: ان سراية النجاسة بنظر العرف لان النجاسة عبارة عن القذارة غاية الامر الشارع جعل لها حدودا و العرف في حكمه لا يحكم بتحقق القذارة بمجرد ملاقاة جزء من الجامد المرطوبة مع القذارة بل يكتفي بتنظيف شخص الموضع الملاقي.

اضف إلي ذلك أنه يمكن أن يستفاد المدعي من النصوص الواردة في السمن و الزيت و العسل اذا كانت جامدة لاحظ ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت: جرذ مات في زيت أو سمن أو عسل فقال: أما السمن و العسل فيؤخذ الجرز و ما حوله و الزيت يستصبح به «1».

و ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفارة و الدابة تقع في الطعام و الشراب فتموت فيه فقال: ان كان سمنا أو عسلا أو زيتا فانه ربما يكون بعض هذا فان كان الشتاء فانزع ما حوله و كله و ان كان الصيف فارفعه حتي تسرج به و ان كان ثردا فاطرح الذي كان عليه و لا تترك طعامك من أجل دابة ماتت فيه «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 280

[مسألة 382: يشترط في سراية النجاسة في المائعات أن لا يكون المائع غليظا]

(مسألة 382): يشترط في سراية النجاسة في المائعات أن لا يكون المائع غليظا و الا اختصت بموضع الملاقاة لا غير فالدبس الغليظ اذا اصابته النجاسة لم تسر النجاسة إلي تمام أجزائه بل يتنجس موضع الاتصال لا غير و كذا الحكم في اللبن الغليظ نعم اذا كان المائع رقيقا سرت النجاسة إلي تمام أجزائه كالسمن

و الدبس في أيام الصيف بخلاف أيام البرد فان الغلظ مانع من سراية النجاسة إلي تمام الاجزاء (1).

و الحد في الغلظ و الرقة هو أن المائع اذا كان بحيث لو اخذ منه شي ء بقي مكانه خاليا حين الاخذ و ان امتلا بعد ذلك فهو غليظ و ان امتلا مكانه بمجرد الاخذ فهو رقيق (2).

______________________________

و غيرهما مما ورد في الباب 43 من أبواب الأطعمة المحرمة من الوسائل.

فانها تدل علي اختصاص النجاسة بموضع الملاقاة مع أن في بعض مراتب الجمود رطوبة مسرية.

و يضاف إلي ذلك كله أنه خلاف المقطوع به قال في المستمسك- في هذا المقام-: لو بني علي سراية النجاسة إلي جميع أجزاء الجسم بتوسط الرطوبة لزم نجاسة جميع الارض المبتلة بنزول المطر بمجرد ملاقاة جزء منها للنجس فتنجس أرض جزيرة العرب مثلا بمجرد وقوع قطرة من البول في موضع منها.

(1) ما أفاده موافق للارتكاز العرفي مضافا إلي أنه وردت في المقام جملة من من النصوص التي تقدمت آنفا فان المستفاد منها أن النجاسة تختص بموضع الملاقاة.

(2) هذان المفهومان من المفاهيم العرفية فالمرجع فيه هو العرف و يستفاد من حديث زرارة أن المناط في الانفعال و عدمه الذوبان و الجمود روي عن أبي

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 281

[مسألة 383: المتنجس بملاقاة عين النجاسة كالنجس ينجس ما يلاقيه مع الرطوبة المسرية]

(مسألة 383): المتنجس بملاقاة عين النجاسة كالنجس ينجس ما يلاقيه مع الرطوبة المسرية و كذلك المتنجس بملاقاة المتنجس ينجس الماء القليل بملاقاته و أما في غير ذلك فالحكم مبني علي الاحتياط (1).

______________________________

جعفر عليه السلام قال: اذا وقعت الفارة في السمن فماتت فيه فان كان جامدا فألقها و ما يليها و كل ما بقي و ان كان ذائبا فلا تأكله و استصبح به و الزيت مثل ذلك «1».

(1) وقع

الكلام بين القوم في تنجيس المتنجس و لعل المشهور فيما بينهم الانفعال بالملاقاة مع الرطوبة المسرية و نسب إلي الكاشاني و ابن ادريس و السيد القول بالعدم بل نقل عن الكاشاني و السيد عدم تنجيس العين النجس فيدور الامر مدار وجودها الا فيما ثبت من الشرع تعبدا وجوب الغسل كالثوب و البدن و هذا هو السر في عدم نجاسة بدن الحيوان و باطن الانسان.

و ان شئت قلت: انه من باب السالبة بانتفاء الموضوع فلا خصوصية لبدن الحيوان و لا لباطن الانسان فان الوجه فيهما أنه لا مقتضي للانفعال.

و من الظاهر أن هذه الجهة ليست قابلة للبحث فان تأثير الاعيان النجسة في انفعال ما يلاقيها من الواضحات التي لا يعتريها ريب فان الامر بالغسل الوارد في الموارد الكثيرة و كذلك بيان بقية المطهرات يدل بوضوح علي خلاف مقالتهما.

اذا عرفت محل الكلام فاعلم أنه يقع البحث في جهات:

الاولي: في أنه هل المتنجس جامدا كان أو مائعا ينجس ما يلاقيه و لو مع الف واسطة أم لا؟ و ما قيل أو يمكن أن يقال في تقريب الاستدلال به علي المدعي

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 282

______________________________

وجوه:

الوجه الاول: أن تنجيس المتنجس أمر واضح و بعبارة اخري: انه أمر ارتكازي عند أهل الشرع.

و يرد عليه: أنه يعتبر في هذا الارتكاز وقوعه مورد الامضاء من الشارع الاقدس و اتصاله بزمان المعصوم عليه السلام و المفروض أنه غير محرز و لعله حدث في زمان متأخر و لم يتصل بزمانه عليه السلام و مع عدم الاتصال لا اثر له.

و ان شئت قلت: ان تنجيس المتنجس ليس من ضروريات الدين أو المذهب او الفقه بل امر

قابل للبحث.

الوجه الثاني: الاجماع بتقريب: أن الفقهاء في كل عصر أفتوا بتنجيس المتنجس.

و فيه اولا أن الاجماع المنقول لا يكون حجة و أما الاجماع المحصل الكاشف عن رأي المعصوم فكيف يمكن تحصيله و مع تحققه يحتمل أن يكون مدركه بعض الوجوه المستدل بها في المقام كالنصوص- مثلا- فلا يترتب أثر علي الاجماع.

اضف إلي ذلك أنه ذهب إلي خلاف المشهور جملة من الاساطين كالكاشاني و الحلي و السيد فلاحظ.

الوجه الثالث: أنه علم من الشرع أنه أحال امر النجاسات إلي العرف و أن تسرية النجاسات الشرعية كتسرية القذرات العرفية و حيث ان القذر العرفي يوجب التنفر عن ملاقيه فكذلك النجس الشرعي.

و فيه أولا أن الامر ليس كذلك علي النحو الكلي و ليس تطابق بين الشرع و العرف بنحو الموجبة الكلية و ثانيا: أنه لا اشكال في أن تعدد الوسائط يوجب قلة التنفر

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 283

______________________________

و يصل إلي حدّ يرتفع التنفر و يزول.

الوجه الرابع: النصوص و هي علي طوائف: الطائفة الاولي ما يدل علي وجوب غسل ما لاقاه الماء الملاقي للنجس بتقريب: أن الامر بالغسل ارشاد إلي أن المغسول نجس و لو لا تنجس الماء بالملاقاة و تنجيسه ما يلاقيه لم يكن وجه للأمر بالغسل و هذه الطائفة عدة روايات:

منها: ما رواه علي بن جعفر عن موسي بن جعفر عليه السلام في حديث:

قال: و سألته عن خنزير شرب من اناء كيف يصنع به قال: يغسل سبع مرات «1».

و تقريب الاستدلال ظاهر فان الامر بغسل الاناء مع فرض عدم ملاقاته مع بدن الخنزير يدل علي المدعي.

و بعبارة اخري: ان العادة تقتضي أن يكون شرب الكلب أو الخنزير في الاناء من غير ملاقاتها له سيما في الكلب حيث

انه انما يلغ بطرف لسانه مما في الاناء و لا يصيب فمه الاناء.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الكلب يشرب من الاناء قال: اغسل الاناء «2».

و منها: ما رواه الفضل أبو العباس قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن فضل الهرة و الشاة و البقرة و الابل و الحمار و الخيل و البغال و الوحش و السباع فلم اترك شيئا الا سألته عنه فقال: لا بأس به حتي انتهيت إلي الكلب فقال: رجس

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الأسآر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 284

______________________________

نجس لا تتوضأ بفضله و اصبب ذلك الماء و اغسله بالتراب اول مرة ثم بالماء «1».

و التقريب في الروايتين هو التقريب.

و منها: ما رواه العيص بن القاسم قال: سألته عن رجل اصابته قطرة من طشت فيه وضوء فقال: ان كان من بول أو قذر فيغسل ما أصابه «2».

بتقريب: أنه يستفاد من الرواية أن الماء الملاقي للبول ينجس ما يلاقيه.

و منها ما رواه المعلي بن خنيس «3» فان المستفاد من الرواية أن الماء الملاقي لبدن الخنزير ينجس ما يلاقيه.

و منها: ما رواه عمار بن موسي الساباطي «4» بتقريب: ان المستفاد من الحديث أن الماء الملاقي مع الميتة ينجس كل شي ء و هذا هو المراد بتنجيس المتنجس إلي غيرها.

و أجاب سيدنا الاستاد عن الاستدلال بهذه الروايات أن محل الكلام في المقام المتنجس الجامد و أما المائع المتنجس فالظاهر أن الكاشاني قدس سره أيضا لا ينكر تنجيسه لملاقيه مضافا إلي أن المستفاد من هذه النصوص أن المتنجس بعين النجاسة ينجس ما يلاقيه و أما مع الواسطة فلا يستفاد

المدعي من هذه النصوص حتي بالنسبة إلي المائع المتنجس فكيف بالجامد.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المضاف الحديث: 14.

(3) لاحظ ص: 205

(4) لاحظ ص: 154

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 285

______________________________

و في قبال هذه الطائفة حديث يستفاد منه أن الماء المتنجس بعين النجاسة لا ينجس ملاقيه و هو ما رواه زرارة «1» فيقع التعارض بين الطائفتين و الترجيح مع ما يدل علي الطهارة لمخالفتها مع العامة و قد اشرنا إلي هذه الجهة في الجزء الاول من هذا الشرح في بحث انفعال الماء القليل ص 144 فلاحظ.

ان قلت: هذه الرواية الدالة علي عدم التنجيس مطلقة من حيث وقوع القطرة الملاقية مع الحبل في الدلو و عدمه فيقيد بما دل علي التنجيس.

قلت: لقائل أن يقول بأن وجه السؤال احتمال انفعال ماء الدلو بوقوع القطرات الملاقية مع الحبل عليه فلا مجال للإطلاق.

و بعبارة اخري: علي ما ذكر فرض السائل وقوع القطرة علي ما في الدلو من الماء فكيف يتصور الاطلاق.

لكن يرد عليه أنه يمكن أن يكون الوجه في السؤال احتمال انفعال ماء البئر بملاقاته مع الحبل و عليه يبقي الاطلاق المنعقد في كلام الامام عليه السلام بقوله:

«لا بأس» و الاطلاق قابل للتقييد.

اللهم الا أن يقال: بأن التقاطر من الحبل علي ما في الدلو امر يلازم الاستقاء من البئر و فرض عدمه نادر بل غير قابل للتحقق الا مع العناية الخاصة و التعمد المصروف اليه و من الواضح أنه ليس في مورد الرواية كذلك و أما احتمال كون الحبل المفروض من شعر الخنزير غير متصل بالدلو- كما في كلام سيدنا الاستاد- علي ما في التقرير- في بحث انفعال الماء القليل- فهو احتمال خلاف الظاهر فان

الظاهر-

______________________________

(1) لاحظ ص: 208

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 286

______________________________

ان لم يكن صريحا- أن الحبل بتمامه فرض كونه من شعر الخنزير.

و أما احتمال طهارة الخنزير- كما نسب إلي السيد المرتضي- فهو خلاف المستفاد من الادلة كما تقدم في بحث النجاسات.

فالانصاف أن دلالة الرواية علي المدعي تامة و يؤيد المدعي مرسل علي بن حديد عن بعض أصحابنا قال: كنت مع أبي عبد اللّه عليه السلام في طريق مكة فصرنا إلي بئر فاستقي غلام أبي عبد اللّه عليه السلام دلوا فخرج فيه فارتان فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: أرقه فاستقي آخر فخرج فيه فارة فقال: أبو عبد اللّه عليه السلام أرقه قال: فاستقي الثالث فلم يخرج فيه شي ء فقال: صبه في الاناء فصبه في الاناء «1».

فان المستفاد من هذه الرواية- كما تري- أن الماء المتنجس بالميتة لا ينجس الماء بتقريب أنه بعد اراقة الماء مرة ثانية يبقي طبعا في الدلو مقدار من الماء المتنجس و هذا المقدار الباقي لا ينجس الماء المستقي بالدلو مرة ثالثة.

الا أن يقال: ان الدلو حين وصوله إلي البئر يصل ماء البئر إلي جميع أجزائه و لا يبقي فيه ماء الا و هو يطهر باستعلاء الماء العاصم عليه و اللّه العالم.

الطائفة الثانية: النصوص المتضمنة لكيفية تطهير الاواني و الفرش المتنجسة بالخمر أو الخنزير أو الكلب أو غيرها بتقريب أن الامر بغسل الاواني أو الفرش ارشاد إلي أنها تنجس ملاقيها اذ لو لا هذا لم يكن وجه لتطهيرها لان المذكورات لا تستعمل في الصلاة و نحوها مما يشترط فيه الطهارة فمن هذه النصوص ما رواه

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الماء المطلق الحديث: 14.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 287

______________________________

عمار بن موسي «1» فان مقتضي

هذه الرواية أن الدن الذي كان فيه الخمر اذا لم يغسل ينجس ما يلاقيه من الخل و نحوه فيكون المتنجس منجسا لملاقيه.

و لا يعارض هذه الرواية ما رواه الحفص الاعور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الدن يكون فيه الخمر ثم يجفف يجعل فيه الخل؟ قال: نعم «2» لان رواية الحفص مطلقة قابلة للتقييد- مضافا إلي ضعف سندها بالاعور فانه لم يوثق- و هذه الرواية قد فرض فيها أن الدن فيه الخمر فلا تدل علي المدعي اذ غاية ما يستفاد منها نجاسة الخمر لا تنجيس المتنجس الذي هو محل الكلام لكن الاشتراط بالغسل الواقع في كلامه عليه السلام يدل علي أن الدن اذا كان فيه الخمر توقف جواز جعل الخل فيه علي الغسل حتي بعد التجفيف فدلالة الرواية علي المدعي لا تنكر لكن انما تدل علي أن المتنجس بعين النجاسة ينجس المائع الذي يلاقيه.

و منها: ما رواه عمار الساباطي عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الكوز و الاناء يكون قذرا كيف يغسل؟ و كم مرة يغسل؟ قال: يغسل ثلاث مرات يصب فيه الماء فيحرك فيه ثم يفرغ منه ثم يصب ماء آخر فيحرك فيه ثم يفرغ ذلك الماء ثم يصب فيه ماء آخر فيحرك فيه ثم يفرغ منه و قد طهر إلي أن قال: اغسل الاناء الذي تصيب فيه الجرذ ميتا سبع مرات «3».

بتقريب أن تطهير الكوز و الانية ليس واجبا نفسيا كما أن الاكل و الشرب في الانية المتنجسة مع قطع النظر عن تأثير النجاسة في المأكول و المشروب ليس

______________________________

(1) لاحظ ص: 211

(2) الوسائل الباب 51 من أبواب النجاسات الحديث: 2.

(3) الوسائل الباب 53 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

مباني منهاج

الصالحين، ج 3، ص: 288

______________________________

حراما بلا اشكال فالامر بالغسل ليس الا للإرشاد إلي تنجس ملاقيه.

و بعبارة اخري: الاواني لا تستعمل في الصلاة و نحوها مما يشترط فيه الطهارة فتكون الرواية ارشادا إلي نجاسة ملاقيه.

و فيه: أنه لم يأمر الامام عليه السلام ابتداء بالغسل كي يصح هذا التقريب بل قوله عليه السلام مسبوق بسؤال الراوي و وظيفة الشارع بيان الحكم الشرعي سيما بعد السؤال.

و منها: ما رواه ابراهيم بن أبي محمود قال: قلت للرضا عليه السلام: الطنفسة و الفراش يصيبهما البول كيف يصنع بهما و هو ثخين كثير الحشو؟ قال: يغسل ما ظهر منه في وجهه «1».

بتقريب أن الامر بالغسل ارشاد إلي تنجس ما يلاقيه.

و فيه: أن أمره عليه السلام لم يكن ابتدائيا بل بعد سؤال الراوي مضافا إلي أن مورد الرواية و ما ذكر فيها و ان لم يتعارف أن تقع الصلاة فيه لكن مجرد القابلية و الامكان كاف في صحة بيان الحكم الشرعي.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الفراش يكون كثير الصوف فيصيبه البول كيف يغسل؟ قال: يغسل الظاهر ثم يصب عليه الماء في المكان الذي أصابه البول حتي يخرج من جانب الفراش الاخر «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب النجاسات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 289

______________________________

و التقريب هو التقريب و الجواب هو الجواب.

و منها: ما رواه ابراهيم بن عبد الحميد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الثوب يصيبه البول فينفذ إلي الجانب الاخر و عن الفرو و ما فيه من الحشو قال:

اغسل ما أصاب منه و مس الجانب الاخر فان أحببت مس شي ء منه فاغسله و الا فانضحه

بالماء «1».

بتقريب: أن المستفاد من الرواية أن ملاقاة الموضع النجس من الثوب أو الفرو يوجب تنجس الملاقي.

و الظاهر أن دلالة الرواية علي المدعي المذكور لا تنكر لكن مقدار دلالتها تنجيس المتنجس بعين النجاسة.

و بعبارة اخري: المستفاد من الرواية أن المتنجس بعين النجاسة ينجس ما يلاقيه.

و ربما يقال: بأن الامر بالغسل في هذه الروايات لأجل ازالة عين النجاسة لا لأجل تنجيس المتنجس.

و فيه اولا: أن بقاء العين في الخمر ممكن و أما في مطلق النجاسات فلا و ثانيا:

أن مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين بقاء الاثر و عدمه و ثالثا: أن الامر بالغسل بالنحو الخاص ارشاد إلي تحصيل الطهارة بهذا النحو و أما ازالة الاثر فتمكن بأي وجه كان.

و منها: ما رواه شهاب بن عبد ربه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل الجنب

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 290

______________________________

يسهو فيغمس يده في الاناء قبل أن يغسلها انه لا بأس اذا لم يكن أصاب يده شي ء «1» بتقريب: أن مقتضي اطلاق الرواية انفعال الماء بملاقاة اليد القذرة و لو مع زوال عين النجاسة فالرواية تدل علي أن المتنجس ينجس الماء الملاقي له لكن مقدار دلالتها تنجس الماء بالمتنجس بعين النجاسة لا أزيد من هذا المقدار.

و منها: ما رواه أبو بصير عنهم عليهم السلام قال: اذا أدخلت يدك في الاناء قبل أن تغسلها فلا بأس الا أن يكون أصابها قذر بول أو جنابة فان أدخلت يدك في الماء و فيها شي ء من ذلك فأهرق ذلك الماء «2».

و هذه الرواية اجنبية عن المدعي فان المستفاد منها أن تنجس الماء مشروط بوجود احد هذه الامور اي يشترط التنجيس بوجود عين النجاسة.

و منها: ما رواه أحمد بن

محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يدخل يده في الاناء و هي قذرة قال: يكفي الاناء «3».

و التقريب هو التقريب.

و منها: ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا (ان خ) أصاب الرجل جنابة فادخل يده في الاناء فلا بأس اذا لم يكن أصاب يده شي ء من المني «4».

و التقريب هو التقريب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الماء المطلق الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 7.

(4) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 291

______________________________

و منها: ما رواه أيضا قال: سألته عن رجل يمس الطست أو الركوة ثم يدخل يده في الاناء قبل أن يفرغ علي كفيه قال يهريق من الماء ثلاث جفنات و ان لم يفعل فلا بأس و ان كانت أصابته جنابة فأدخل يده في الماء فلا بأس به ان لم يكن أصاب يده شي ء من المني و ان كان أصاب يده فأدخل يده في الماء قبل أن يفرغ علي كفيه فليهرق الماء كله «1».

و التقريب هو التقريب.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الجنب يحمل (يجعل خ ل) الركوة أو التور فيدخل اصبعه فيه قال: ان كانت يده قذرة فأهرقه و ان كان لم يصبها قذر فليغتسل منه هذا مما قال اللّه تعالي: مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ «2».

و التقريب هو التقريب.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال سألته عن الرجل يصيبه الماء في ساقية أو مستنقع أ يغتسل منه للجنابة أو يتوضأ منه للصلاة؟ اذا كان لا يجد غيره و الماء لا

يبلغ صاعا للجنابة و لا مدا للوضوء و هو متفرق فكيف يصنع و هو يتخوف أن يكون السباع قد شربت منه؟

فقال: ان كانت يده نظيفة فليأخذ كفا من الماء بيد واحدة فلينضحه خلفه و كفا أمامه و كفا عن يمينه و كفا عن شماله فان خشي ان لا يكفيه غسل رأسه ثلاث مرات

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 292

______________________________

الحديث «1».

و منها ما رواه أيضا عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يتوضأ في الكنيف بالماء يدخل يده فيه أ يتوضأ من فضله للصلاة؟ قال؟ اذا أدخل يده و هي نظيفة فلا بأس و لست احب ان يتعود ذلك الا أن يغسل يده قبل ذلك «2».

و تقريب الاستدلال بهما علي المدعي ظاهر.

فتحصل مما تقدم أن المتنجس ينجس ما يلاقيه و بعبارة اخري: الذي استفيد مما تقدم أن المتنجس بعين النجاسة ينجس ما يلاقيه فالنتيجة أن الواسطة الاولي تنجس ما يلاقيها و أما الزائد علي هذا المقدار فلا.

الجهة الثانية: في أنه هل هناك دليل علي التعميم بحيث يعم الحكم الوسائط أم لا؟ و ما يمكن أن يستدل به علي التعميم عدة نصوص:

منها: ما رواه عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن البارية يبل قصبها بماء قذر هل تجوز الصلاة عليها؟ فقال: اذا جفت فلا بأس بالصلاة عليها «3».

بتقريب: أن الامام نهي عن الصلاة علي البارية التي يبل قصبها بماء قذر و علق الجواز علي الجفاف فيفهم عرفا أن البلل القذر ينجس لباس المصلي أو بدنه فلا تجوز الصلاة عليها الا بعد الجفاف فالمستفاد من الرواية أن البلل الموجود

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب

الماء المضاف الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب الماء المضاف الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب النجاسات الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 293

______________________________

في القصب ينجس لباس المصلي و بدنه و حيث انه لا فرق بين الموارد من هذه الجهة فمثل هذا البلل ينجس الماء القليل اذا يلاقيه و بعد الملاقاة يصدق علي ذلك الماء أنه ماء قذر فذلك الماء ينجس الثوب بدلالة الرواية و حيث انه لا فرق بين الثوب و بقية الاشياء ينجس الماء القليل و هكذا.

فهذه الرواية تدل علي أن الماء المتنجس و لو بالف واسطة ينجس ما يلاقيه لكن هذا الدليل يختص مورده بالماء المتنجس و لا يشمل المتنجس الجامد بل لا يشمل المائع المضاف فلاحظ.

و منها: ما رواه الفضل أبو العباس «1» بتقريب: أن العلة توجب تعميم الحكم و قد علل في الرواية النهي عن الوضوء بسؤر الكلب بكونه نجسا هذا من ناحية و من ناحية اخري المتنجس نجس فيتشكل القياس بأن نقول: المتنجس نجس و كل نجس متنجس.

و يرد عليه: أن المذكور في الرواية بعنوان التعليل كونه رجسا نجسا و المتنجس و ان كان عنوان النجس صادقا عليه لكن لا يصدق عليه عنوان الرجس فان الرجاسة صفة معنوية و لا ترتبط بالقذارة الظاهرية و لذا أطلق الرجس في الكتاب الشريف علي الميسر في قوله تعالي: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصٰابُ وَ الْأَزْلٰامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطٰانِ «2» و الحال أن الميسر لا يكون نجسا و ان أبيت فلا أقل من عدم الظهور في القذارة الظاهرية. فالعلة مجموع الامرين فالنجس بما هو لا يكون رجسا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 283.

(2) المائدة/ 89

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 294

______________________________

اضف إلي ذلك

ان المذكور في الحديث علة لأمرين من الغسل و التعفير و من الظاهر ان التعفير مختص بولوغ الكلب.

ان قلت: قد امر في الرواية بالغسل و التعفير و قد قام الدليل علي اختصاص التعفير بولوغ الكلب فما المانع من الالتزام بوجوب الغسل في بقية الموارد.

قلت: الامر بالغسل و التعفير ليس أمرا مولويا كي يصح هذا البيان بل ارشاد الي نجاسة سؤر الكلب و نجاسة ذلك الاناء و بيان لطريق تطهيره.

و بعبارة اخري: العلة المذكورة علة للأمرين اللذين بما هما علة لزوال النجاسة و ان شئت قلت: ان هذا النحو الخاص من المطهر يختص بمورد مخصوص و لا يتعداه.

و منها: ما رواه معاوية بن شريح قال: سأل عذافر أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده عن سؤر السنور و الشاة و البقرة و البعير و الحمار و الفرس و البغال و السباع يشرب منه أو يتوضأ منه؟ فقال: نعم اشرب منه قال: قلت له: الكلب؟ قال: لا قلت: أ ليس هو سبع؟ قال: لا و اللّه انه نجس لا و اللّه انه نجس «1».

و تقريب الاستدلال بالرواية هو التقريب.

و الجواب عن الاستدلال بها أولا: أنها ضعيفة سندا بمعاوية حيث انه لم يوثق و هذه الرواية نقلت بسند آخر- علي ما في الوسائل- و لكن ذلك السند أيضا مخدوش بمعاوية بن ميسرة.

و ثانيا: ان الحكم في الرواية لم يعلل فلا وجه للتعدي فلم يتم الاستدلال.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الأسآر الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 295

______________________________

و منها: ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام الا احكي لكم وضوء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله؟ فقلنا بلي فدعا بقعب فيه شي ء من ماء

فوضعه بين يديه ثم حسر عن ذراعيه ثم غمس فيه كفه اليمني ثم قال: هكذا اذا كانت الكف طاهرة «1».

بتقريب: أن المستفاد من الرواية عدم جواز الوضوء من الماء الملاقي لليد القذرة و لا وجه لعدم الجواز الا نجاسة الماء بالملاقاة فلو فرض أن اليد لاقت عين النجاسة تنجس بلا اشكال و بعد زوال العين عنها لو لاقتها يد اخري مع الرطوبة المسرية تنجس اليد الاخري لما تقدم من أن المتنجس بعين النجاسة ينجس ملاقيه فلو فرض أن اليد المتنجسة بالملاقاة مع المتنجس لاقت مع الماء القليل ينجس ذلك الماء القليل فينجس ذلك الماء بمقتضي الرواية اذ يصدق علي اليد أنها لا تكون طاهرة فينجس الماء بملاقاتها و هذا الماء إذا لاقي ماء آخر ينجس الماء الثاني اذ المفروض أنه لاقي ما لا يكون طاهرا و هكذا و بهذا التقريب تثبت سراية النجاسة و لو مع ألف واسطة.

و يرد علي الاستدلال المذكور انه يمكن أن يكون الوجه في المنع صيرورة الماء غسالة للخبث فان غسالة الخبث لا تزيل الحدث لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بأن يتوضأ بالماء المستعمل فقال:

الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به الرجل من الجنابة لا يجوز أن يتوضأ منه و اشباهه و أما الذي يتوضأ الرجل به فيغسل به وجهه و يده في شي ء نظيف فلا بأس

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 296

______________________________

أن يأخذه غيره و يتوضأ به «1».

فان المستفاد من الحديث أن الماء الملاقي مع المتنجس لا يجوز الوضوء به و لا يخفي أن ما ذكرنا لا يتوقف علي عدم اشتراط

ورود الماء علي النجس في التطهير بل الاشكال سار حتي علي القول بالاشتراط اذ يمكن أن يكون الوجه للمنع ملاقاة الماء مع المتنجس.

و ان شئت قلت: ان الذي يستفاد من الرواية عدم جواز الوضوء بالماء الكذائي و أما وجه النهي فغير معلوم عندنا و مع تعدد الاحتمال لا يبقي مجال للاستدلال.

و أورد سيدنا الاستاد علي هذا البيان بوجوه: الوجه الاول: انه خلاف الظاهر عرفا فان العرف يفهم من قوله عليه السلام: «هكذا اذا كانت الكف طاهرة» أن الوجه في المنع سراية قذارة اليد إلي الماء و ينفعل الماء بملاقاة اليد القذرة و يتضح هذا بملاحظة الاستعمالات العرفية فان المولي العرفي اذا قال لعبده لا تضع يدك الوسخة في الماء الموجود في الاناء يفهم عرفا أن العلة في المنع سراية قذارة اليد إلي الماء.

و يرد عليه: أن قياس الامور الشرعية علي الامور العرفية مع الفارق فان الملاكات في الاحكام العرفية منكشفة لدي العرف و أما الملاكات الشرعية فهي غير معلومة عند العرف و في مثل المقام كما يحتمل أن الوجه انفعال الماء بالملاقاة كذلك يحتمل أن يكون الوجه كذلك اي الغسالة لا تصلح لان يتوضأ بها مع بقائها علي طهارتها.

الوجه الثاني: أن الموضوع في المفهوم اليد غير الطهارة و لها أفراد ثلاثة

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المضاف الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 297

______________________________

اليد المتنجسة مع بقاء العين فيها، اليد المتنجسة بالعين مع زوالها، اليد المتنجسة بالمتنجس بالعين. لا اشكال في انفعال الماء في الصورة الاولي لان العين تنجس ما يلاقيها كما أن اليد في الصورة الثانية تنجس الماء اذ المفروض أن المتنجس بعين النجاسة ينجس ما يلاقيه و في هذين التقديرين يكون وجه

المنع نجاسة الماء فيختص المنع بلحاظ استعمال الماء في الخبث بالصورة الثالثة و اختصاص المفهوم بخصوص الصورة الثالثة لا وجه له و ارادة الجميع بارادة كون المنع في الصورة الاولي و الثانية بلحاظ النجاسة و في الصورة الثالثة بلحاظ الاستعمال في الخبث غير صحيح.

و يرد عليه: أنه لم يظهر وجه عدم الصحة اذ لا يلزم استعمال اللفظ في أكثر من معني واحد كي يقال: بأنه ممتنع أو يقال: انه خلاف الظاهر بل النهي تعلق بالوضوء عن الملاقي مع اليد غير الطاهرة علي نحو الاطلاق غاية الامر أن وجه المنع يكون مختلفا.

و بعبارة اخري: النهي استعمل في معناه و ان شئت قلت: يمكن للمولي أن ينهي عن الجلوس مع جماعة كذائية و يكون وجه المنع بالنسبة إلي بعضهم كونه كافرا و إلي بعضهم كونه فاسقا و إلي بعضهم كونه سفيها و هكذا فهل يتوهم عدم جواز هذا الاستعمال؟

و لعمري هذا الذي ندعي واضح و ان أبيت فلا أقلّ من الاجمال فلا موقع للجزم بما جزم به سيدنا الاسناد.

الوجه الثالث: أنه قد ورد في بعض النصوص الامر باراقة الماء الذي وقع فيه القذر لاحظ ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل معه اناء ان فيهما ماء وقع في احدهما قذر لا يدري أيهما هو و ليس يقدر علي ماء غيره

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 298

______________________________

قال: يهريقهما جميعا و يتيمم «1» و ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر «2».

فان الامر باراقة الماء يدل علي انفعاله و نجاسته و لو لاه لم يكن وجه لإراقته اذ لا منافاة بين جواز استعماله في جملة من الامور و عدم جواز استعماله في رفع الحدث.

و

يرد عليه: أن الكلام في المقام في المستفاد من حديث زرارة و قلنا بأن حديث زرارة لا يستفاد منه انفعال الماء بملاقاة اليد غير الطهارة و أما بقية الروايات فلا بد من ملاحظتها و استفادة المراد منها.

و بعبارة اخري: ان تلك النصوص لا تكون قرينة علي أن المراد من هذه الرواية بيان أن الماء ينفعل بملاقاة القذر.

فالنتيجة أن ما أورده سيدنا الاستاد في مقام رفع الاشكال المتوجه إلي الاستدلال بالرواية غير وارد و تحصل انه لا يمكن الاستدلال بالرواية علي أثبات السراية و لو مع الوسائط العديدة.

اضف إلي ذلك أن اساس الاستدلال عدم الفرق بين الماء و غيره من المائعات و الجوامد و لقائل أن يقول: يمكن الفرق شرعا بين الماء و غيره فلا ملازمة بين انفعال الماء باليد غير الطاهرة و غيره و مع هذا الاحتمال لا يتم الاستدلال فلاحظ.

و من تلك النصوص ما أرسله ابن عمير عن بعض و ما أحسبه الا عن حفص بن البختري قال: قيل لأبي عبد اللّه عليه السلام في العجين يعجن من الماء النجس كيف يصنع به؟ قال: بباع ممن يستحل أكل الميتة «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الماء المطلق الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 290

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب الأسآر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 299

______________________________

بتقريب: أن الماء المتنجس نجس العجين. و فيه أولا أن الرواية لإرسالها لا يترتب عليها الاثر و كون المرسل ابن أبي عمير لا يوجب اعتبار الخبر كما حققناه في محله و أما قوله «ما احسبه الا عن حفص بن البختري» فليس شهادة بأنه حفص بل اخبار عن حسبانه و من الظاهر أن حسبان شخص لا يفيد لغيره.

و ثانيا أن المستفاد

من الرواية أن الماء فرض كونه نجسا فغاية ما يستفاد منها أن الماء النجس ينجس ما يلاقيه من الجوامد و أما الكبري الكلية التي هي محل الكلام في المقام فلا يستفاد منها فلاحظ.

و من تلك النصوص الروايات الدالة علي وجوب اهراق الماء الملاقي مع القذر لاحظ ما رواه سماعة «1» و ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر «2» و ما رواه أبو بصير «3» و ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: سئل عن رجل معه اناء ان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر لا يدري أيهما هو و حضرت الصلاة و ليس يقدر علي ماء غيرهما قال: يهريقهما جميعا و يتيمم «4».

بتقريب: أن القذر يطلق علي المتنجس و هذه النصوص تدل علي أن الماء ينجس بملاقاة القذر فاذا تنجس يطلق عليه أنه قذر فاذا لاقي ماء آخر ينجسه و هكذا فمقتضي هذه النصوص سراية النجاسة و لو مع الوسائط الكثيرة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 297.

(2) لاحظ ص: 290

(3) لاحظ ص: 291

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب الماء المطلق الحديث: 14.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 300

______________________________

لكن مقدار دلالتها مقصورة في خصوص الماء و أما تنجيسها الجوامد بل مطلق المائع الاعم من الماء المطلق فلا تدل عليه النصوص المشار اليها.

و في المقام رواية يمكن أن يقال: انها تعارض هذه النصوص معارضة المقيد مع المطلق و هي ما رواه أبو بصير «1» فان مقتضي المفهوم من الشرطية الواردة في ذيل الحديث أن اليد الملاقي للماء اذا كان فيها شي ء من القذر المذكور في الصدر ينجس الماء و الا فلا و القذر بالفتح علي ما يستفاد من اللغة عبارة عن النجاسة و

بالكسر عبارة عن المتنجس فان كان الواقع في الخبر بالفتح- كما هو الظاهر- كان المراد من الذيل أن اليد اذا كانت فيها نجاسة بولية تنجس الماء و الا فلا فالمستفاد من الرواية علي هذا التقدير أن اليد اذا لم تكن منجسة بالبول لا تنجس الماء و حيث ان النسبة بين الخبر المذكور و بقية النصوص المتقدمة عموم مطلق و تكون هذه الرواية أخص من تلك الروايات تقيد تلك النصوص بهذه الرواية فلا يمكن القول بالانفعال مع تعدد الوسائط بل الامر منحصر بالواسطة الاولي.

و اما ان كان اللفظ المذكور بكسر المعجمة و قلنا بأن الاضافة بيانية و يكون المراد أن الانفعال مقوم بوقوع عين البول أو المني في الماء و الا فلا ينجس فالامر أوضح اذ تكون النتيجة أن اليد اذا كانت فيها عين البول أو المني تنجس الماء و مقتضي المفهوم أنه لا أثر لملاقاة المتنجس حتي في الواسطة الاولي فعلي جميع التقادير تكون هذه الرواية مقيدة لتلك النصوص.

______________________________

(1) لاحظ ص: 290

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 301

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 3، ص: 301

______________________________

و أما ان قلنا بأن الاضافة نشوية فيرجع إلي المعني الاول اذ يصير المراد بالرواية ان النجاسة في اليد اذا كانت ناشئة من البول فاليد تنجس الماء و الا فلا و من الظاهر أن النجاسة الناشئة من البول تختص بالمتنجس بنفس البول و المني و أما المتنجس بالمتنجس بالبول فلا تكون نجاسة ناشئة من البول كما هو ظاهر.

اللهم الا أن يقال: ان هذه الرواية موردها الجامد و تلك الروايات موردها المائع و من الممكن الاختلاف

في السراية و التأثير بلحاظ الشرع بين الجامد و المائع كما أن الامر كذلك في القذارة العرفية فلاحظ.

فتحصل مما ذكرنا أنه لا مقتضي لتنجيس المتنجس الا في الواسطة الاولي اذا لاقت مع الماء و أما في غيره من الجوامد بل المائعات المضافة فلا مقتضي حتي بالنسبة إلي الواسطة الاولي هذا كله بالنسبة إلي الجامد المتنجس و أما المائع المتنجس فلا اشكال في أن الماء الملاقي لعين النجاسة ينجس كل ما يلاقيه و الدليل عليه ما رواه عمار «1» كما أن مقتضي خبر آخر لعمار «2» ان الجامد المتنجس و لو مع الوسائط ينجس ما يلاقيه و قد تقدم تقريب الاستدلال بالخبر علي المدعي فراجع و للعمار خبر ثالث «3» يدل علي أن الجامد المتنجس بعين النجاسة ينجس المائع الملاقي معه.

فالمتحصل من مجموع ما تقدم امور: الاول: أن الماء المتنجس بعين

______________________________

(1) لاحظ ص: 154

(2) لاحظ ص: 292.

(3) لاحظ ص: 211

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 302

______________________________

النجاسة ينجس كل شي ء يلاقيه و الدليل عليه حديث عمار «1».

الثاني: أن الماء المتنجس و لو مع الواسطة ينجس ما يلاقيه و الدليل عليه خبر آخر لعمار كما تقدم «2».

الثالث: أن الجامد المتنجس بعين النجاسة ينجس المائع الملاقي معه و الدليل عليه خبر ثالث لعمار «3» كما تقدم كما أن مقتضي الجمع بين النصوص المتقدمه كذلك بالتقريب الذي تقدم فراجع.

الجهة الثالثة: في أنه هل يكون في المقام ما يستدل به علي عدم تنجيس المتنجس أو لا؟.

و ما قيل أو يمكن أن يقال في مقام الاستدلال علي المدعي وجوه:

الوجه الاول: ما عن المحقق الهمداني قدس سره من أن الحكم بتنجيس المتنجس علي الاطلاق لغو و غير قابل للامتثال اذ لو كان الامر كذلك

يلزم سراية النجاسة إلي جميع الاشياء في جميع البلاد بعد مرور الشهور و الايام و الدهور و الاعوام و ذلك لأنه لا اشكال في أن كثيرا من المسلمين لا يجتنبون عن النجاسات فكيف عن المتنجسات مع أنهم يخالطون غيرهم بدخولهم المطاعم و المقاهي و الفنادق و الحمامات و أيضا غير المسلمين من الكفار يخالطون المسلمين و لازم هذا تسرية النجاسة بعد مدة إلي جميع الاشياء و السرّ فيه أن النجاسة امر سار.

و بعبارة اخري: الطهارة غير قابلة للتسرية و أما النجاسة فهي تسري بواسطة

______________________________

(1) لاحظ ص: 154

(2) لاحظ ص: 292.

(3) لاحظ ص: 211.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 303

______________________________

الرطوبة السارية و لازمها ما ذكرنا و من ينكر هذا اللازم مع اعترافه بان اجماع العلماء علي حكم كاشف عن رأي المعصوم خارج عن المتعارف و لا يمكن أن يكون مثله مجتهدا قادرا علي استنتاج المطالب من المبادي و قد علم من الشرع أنه لم يتعلق التكليف بالاجتناب عن جميع الاشياء و توقف جواز الاستعمال علي التطهير فانه من المصاديق الظاهرة للحرج و العسر المرفوعين في الشرع الاقدس هذا ملخص كلامه مع توضيح منا.

و أجاب عن هذا الوجه سيدنا الاستاد أنا لو التزمنا بتنجيس المتنجس علي نحو الاطلاق بلا فرق بين المائع و الجامد و بلا فرق بين كون الواسطة واحدة أو متعددة كان ما أفاده تاما و غير قابل للإنكار و أما اذا التزمنا باختصاص هذا الحكم بالمائع أو التزمنا بشمول الحكم للجامد لكن خصصنا الحكم بالواسطة الاولي فلا يتوجه هذا المحذور.

و لا يخفي أن ما أفاده سيدنا الاستاد في مقام الجواب لا يدفع الاشكال المذكور بالكلية نعم المحذور المذكور في كلام الهمداني قدس سره لا يبقي

بتلك المرتبة من الشدة فان المتنجس لو كان منجسا علي الاطلاق في المائع لزمت سراية النجاسة بعد مدة إلي كثير من الاشياء فلاحظ.

الوجه الثاني: استقرار سيرة المتشرعة علي عدم الاجتناب عما يأخذونه من أيدي المسلمين إلا مع العلم بنجاسة خاصة بحيث يعد المجتنب خارجا عن المتعارف و يرمي بكونه وسواسيا.

و أجاب سيدنا الاستاد عن هذا الوجه بعين ذلك الوجه. و يرد عليه ما أوردناه هناك فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 304

______________________________

و ربما يقال: بأن الوجه في عدم وجوب الاجتناب هو الحرج الرافع للتكليف.

و يرد عليه: أنه ان كان المراد ارتفاع التكليف للحرج الشخصي و بعبارة اخري:

ان كان المراد أنه في كل مورد يتحقق الحرج الشخصي يرتفع الالزام بالاجتناب فيلزم التفصيل في الموارد اي لا بد من الالتزام بالوجوب بالنسبة إلي من لا يكون الاجتناب له حرجيا و هذا باطل و الظاهر أنه لا يلتزم به احد و لا يفصل بين الموارد و الاشخاص.

و ان كان المراد الحرج النوعي و أن وجوب الاجتناب مرتفع بلحاظ الحرج نوعا فاعتبار النجاسة لغو محض.

الا أن يقال بأن الاعتبار خفيف المئونة فانه مقتضي اطلاق بعض النصوص و الاطلاق عبارة عن رفض القيود فلا عناية فيه و ليس جمعا بين القيود كي يقال:

يحتاج إلي المقتضي فلاحظ.

الوجه الثالث: جملة من النصوص: منها: ما رواه حنان بن سدير قال:

سمعت رجلا سأل أبا عبد اللّه عليه السلام فقال: اني ربما بلت فلا أقدر علي الماء و يشتد ذلك علي فقال: اذا بلت و تمسحت فامسح ذكرك بريقك فان وجدت شيئا فقل هذا من ذاك «1».

بتقريب: أن المستفاد من الحديث عدم تنجس الريق بملاقاة رأس الذكر و لو لاه لم يكن مسحه بريق مخلصا للسائل.

و

يمكن أن يقال: بأن المستفاد من الرواية عدم تنجس ما يلاقي مع ذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 7.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 305

______________________________

الريق و أما نفس الريق فلا دلالة في الرواية علي طهارته فتأمل.

و أورد عليه سيدنا الاستاد بأنه لا بد من ملاحظة وجه الاشتداد فان كان وجهه أن الرطوبة الخارجة قبل الاستبراء محكومة بالبولية فعلمه عليه السلام طريقا للتخلص من هذه الجهة فيرد عليه اولا أنه علي هذا كان الاولي تعليمه عليه السلام الراوي الاستبراء اذ مع الاستبراء لا تكون الرطوبة الخارجة محكومة بالبولية و من ناحية اخري لا يكون المتنجس منجسا فلا موجب لاختيار الطريق الابعد.

و ثانيا: أنه علي هذا التقدير يتوقف الاستدلال علي ارادة مسح خصوص المخرج كما هو ظاهر و الحال أن المذكور في الرواية مسح الذكر بلا تقييد.

و ثالثا: أن الشدة من هذه الجهة لا ترتبط بوجود الماء و عدمه لان الرطوبة الخارجة المشتبهة محكومة بالنجاسة اعم من وجود الماء و عدمه.

و ان كان وجه الاشتداد من أجل تنجس البلل الخارج بعد الاستبراء بلحاظ كون المخرج متنجسا له فعلمه طريقا لحصول الشك و الحكم بالطهارة لقاعدتها فالرواية تدل علي كون المتنجس منجسا و ان أبيت عن الظهور في هذا المعني فلا أقلّ من الاجمال فلا تكون دليلا علي المدعي فلاحظ.

و يرد عليه أن الظواهر حجة و المستفاد من الرواية بحسب الفهم العرفي أن امره عليه السلام بمسح الذكر اولا و تجفيفه مقدمة لمسح رأس الذكر بالريق و الا لم يكن وجه للترتيب و أما وجه الاشتداد أنه مع عدم الماء يمكن خروج البلل و تنجيسه لما يلاقيه و المفروض عدم الماء فانه لا شدة مع وجود

الماء اذ مع وجوده يمكن التطهير به فلا شدة فعلمه عليه السلام طريق التخلص بأن يمسح رأس ذكره بريقه و أما وجه عدم تعليمه الاستبراء فهو أعلم بافعاله و تروكه.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 306

______________________________

و صفوة القول: أن دلالة الرواية علي المدعي غير قابلة للإنكار و لا مجال لرفع اليد عن الظهور بمثل هذه الشبهات الا أن يقال: بأن المستفاد من الرواية عدم انفعال الريق بملاقاة الملاقي للبول و لا تنافي بينه و بين القول بانفعال الماء بالملاقاة مع ملاقي النجس كما هو المستفاد من بعض النصوص المتقدمة اذ يمكن أن يكون فرق في نظر الشارع الاقدس بين الماء و الريق لكن الانصاف انه بعيد عن الفهم العرفي.

و منها: ما رواه حكم بن حكيم بن أخي خلاد أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام فقال له: أبول فلا اصيب الماء و قد أصاب يدي شي ء من البول فأمسحه بالحائط و بالتراب ثم تعرق يدي فامسح (فأمس) به وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي قال: لا بأس به «1».

بتقريب: أن المستفاد من الرواية أنه لا بأس بملاقاة الملاقي للبول و أن الموضع المتنجس بالبول من اليد لا ينجس ما يلاقيه من الوجه أو بعض البدن أو الثوب و لو مع الرطوبة كما هو المفروض في السؤال.

و أورد علي الاستدلال بالرواية علي المدعي سيدنا الاستاد بأنه من الممكن أن يكون محل الملاقاة مع البول غير معلوم تفصيلا فيكون عدم البأس من باب أن الملاقي لبعض أطراف الشبهة المحصورة لا ينجس و لم يفرض في الحديث أن المسح وقع بتمام اليد كما أنه ليس المسح بتمام اليد متعارفا و من الممكن أيضا أن محل الملاقاة من اليد

معلوم تفصيلا لكن لا يعلم المكلف بملاقاة بدنه أو وجهه أو

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب النجاسات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 307

______________________________

ثوبه مع ذلك الموضع و مع عدم العلم يكون مقتضي الاستصحاب بقاء طهارته و اذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.

و بعبارة اخري: لا يتعين أن الوجه في عدم البأس من أجل عدم تنجيس المتنجس.

و يرد عليه: أنه لو فتحت باب هذه المناقشات لا انسدت باب الاستنباط. و ان شئت قلت: ان المرجع في أمثال المقام الظهور العرفي لا الاحتمالات المتصورة في عالم التصور و العرف يفهم من الرواية أن الملاقاة مع موضع النجس مفروضة فلا يبقي مجال لما ابداه و لو كان الامر كما ذكره كان المناسب أن يفرض السائل في سؤاله عدم العلم بالملاقاة.

و ان شئت قلت: ان الظاهر من كلام السائل اتحاد موضع ملاقاة اليد مع البول مع موضع العرق فانه المتناسب.

و بعبارة واضحة: الاحكام الشرعية تؤخذ من مخازن الوحي الالهي و حيث لا يعلم الراوي أن الموضع الملاقي للبول هل ينجس ما يلاقيه أم لا يسئل الامام عليه السلام فهذه الرواية كالرواية السابقة تدل علي عدم تنجيس المتنجس حتي في الواسطة الاولي فلاحظ.

و حيث لا يحتمل الفرق من هذه الجهة بين العرق و الماء تكون هذه الرواية معارضة لما دل من النصوص علي أن الجامد المتنجس بعين البول ينجس ملاقيه من الماء.

و منها: ما رواه سماعه قال: قلت لأبي الحسن موسي عليه السلام: اني أبول

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 308

______________________________

ثم أتمسح بالاحجار فيجي ء مني البلل ما يفسد سراويلي قال: ليس به بأس «1».

بتقريب: أن المستفاد من الرواية أن البلل الخارج بعد البول الملاقي للموضع الملاقي مع البول لا ينجس و

لا بأس به و هذه الرواية لا اعتبار بها سندا فان الهيثم و الحكم لم يوثقا فلا وجه للبحث عن مدلولها.

و لا يخفي أن سيدنا الاستاد رد الرواية بضعف السند بهذين المذكورين و الحال أنهما واقعان في بعض أسناد كامل الزيارة لاحظ الباب 128 الحديث 2 و الباب 70 الحديث: 3 و الحال أن سيدنا الاستاد يري وقوع الراوي في سند كامل الزيارات نحو توثيق و يرتب الاثر عليه الا أن يقال: بأنه ناظر إلي وجه آخر و اللّه العالم.

و منها: ما رواه العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عمن مسح ذكره بيده ثم عرقت يده فأصابه ثوبه يغسل ثوبه؟ قال: لا «2».

بتقريب: أن المستفاد من الرواية أن الموضع الملاقي مع البول لا ينجس و هذا هو المطلوب.

و أفاد سيدنا الاستاد في مقام الاشكال علي الاستدلال بأنه لم يفرض في سؤال الراوي تنجس اليد بالبول.

و بعبارة اخري: لم يفرض في الرواية مسح المخرج باليد و عليه يمكن أن يكون الوجه في السؤال احتمال أن مسح الذكر في حد نفسه يوجب تنجس اليد في قبال العامة القائلين بأن مسح الذكر يوجب الحدث.

و ان أبيت عن ذلك و قلت: انه يظهر من الرواية تنجس اليد بالبول فانها لا

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب النجاسات الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 309

______________________________

تكون الرواية دليلا علي المدعي لاحتمال أن الوجه في عدم البأس عدم العلم بمحل النجاسة و مع الشك يكون من صغريات الملاقي لبعض أطراف الشبهة المحصورة و حكمها الطهارة كما حقق في محله كما أنه يحتمل أنه يشك في ملاقاة الثوب لمحل اصابة البول

و مع الشك يكون مقتضي استصحاب طهارة الملاقي بقائه علي الطهارة.

و يرد عليه: أن الظاهر من الرواية بحسب الفهم العرفي أن السؤال عن تنجس الثوب بملاقاة اليد القذرة باعتبار مسح الذكر بها.

و ان شئت قلت: الظاهر من الحديث بالفهم العرفي اتحاد الصدر و الذيل في أن الممسوح من الذكر المخرج منه اي المراد بالممسوح في الصدر و الذيل مخرج البول فعليه تكون الرواية تامة الدلالة علي المدعي و العرف ببابك.

و لا يعارضها صدر الرواية قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء فمسح ذكره بحجر و قد عرق ذكره و فخذه قال: يغسل ذكره و فخذه «1».

فان المستفاد من الصدر أن العرق الخارج من الذكر خلط مع البول و العرق الملاقي للبول ينجس ما يلاقيه بلا اشكال و الدليل علي المدعي أن الواو في قوله:

«و قد عرق ذكره» حالية و ليست للعطف فالمراد أن خروج العرق في حال وجود البول علي رأس الذكر فالعرق الخارج ينجس بملاقاة البول و ينجس المحل الذي يلاقيه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 310

______________________________

و أما الذيل فقد دل علي عدم تنجس الثوب الملاقي مع اليد الملاقية مع البول فهذه الرواية أيضا من ادلة عدم تنجيس الجامد المتنجس بعين النجاسة.

و أفاد سيدنا الاستاد أنه يحتمل أن يكون سؤال الراوي ناظرا إلي أن مس الذكر هل يوجب تنجس اليد الملاقية معه أم لا.

و هذا الاحتمال خلاف الظاهر لان الظاهر من الرواية بحسب الفهم العرفي أن الراوي فرض نجاسة اليد و انما يسأل عن الثوب بعد ملاقاته لليد المتنجسة بالبول فدلالة الرواية علي المدعي تامة.

و ان أبيت عن حمل

الصدر علي المعني المتقدم ذكره و قلت: بأنه لا يتعارف أن يعرق الذكر فالمراد بيان حكم الملاقي للموضع بعد ازالة العين فلا مجال للاستدلال بها للإجمال.

لكن الانصاف أن هذا الايراد في غير محله اذ الراوي فرض أن الذكر قد عرق و من الظاهر أنه لا فرق بين المخرج و غيره و اما كونه فردا نادرا فلا يحمل عليه السؤال- كما في عبارة سيدنا الاستاد- علي ما في التقرير- فغريب اذ المفروض أن الفرض المذكور وقع في كلام السائل و لا يبعد أن يسأل السائل عن حكم فرد نادر و اللّه العالم.

و منها: ما رواه حفص الاعور «1» بتقريب: ان الدن متنجس بالخمر و لكن لا ينجس الخل المجعول فيه فالرواية دالة علي أن الجامد المتنجس بعين النجاسة لا ينجس ما يلاقيه.

______________________________

(1) لاحظ ص: 287

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 311

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة سندا بالاعور حيث انه لم يوثق فلا تصل النوبة إلي تقريب دلالتها علي المدعي فلاحظ.

و منها: ما رواه حفص الاعور أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اني آخذ الركوة فيقال: انه اذا جعل فيها الخمر و غسلت ثم جعل فيها البختج كان أطيب له فنأخذ الركوة فنجعل فيها الخمر فنخضخضه ثم نصبه فنجعل فيها البختج قال: لا بأس به «1».

بتقريب: أن المستفاد من الرواية أن الركوة الملاقية للخمر لا تنجس البختج فالمتنجس لا ينجس و هذا هو المطلوب.

و فيه: أن الرواية ساقطة عن الاعتبار سندا بالرفع و بالاعور فلا تصل النوبة الي تقريب دلالتها علي المدعي.

و منها: ما رواه علي بن مهزيار قال: كتب اليه سليمان بن رشيد يخبره أنه بال في ظلمة الليل و أنه أصاب كفه برد نقطة من

البول لم يشك أنه أصابه و لم يره و أنه مسحه بخرقة ثم نسي أن يغسله و تمسح بدهن فمسح به كفيه و وجهه و رأسه ثم توضأ وضوء الصلاة فصلي فاجابه بجواب قرأته بخطه: أما ما توهمت مما أصاب يدك فليس بشي ء الا ما تحقق فان حققت ذلك كنت حقيقا أن تعيد الصلاة اللواتي كنت صليتهن بذلك الوضوء بعينه ما كان منهن في وقتها و ما فات وقتها فلا اعادة عليك لها من قبل أن الرجل اذا كان ثوبه نجسا لم يعد الصلاة الا ما كان في وقت و اذا كان جنبا أو صلي علي غير وضوء فعليه اعادة الصلوات المكتوبات اللواتي فاتته

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 312

______________________________

لان الثوب خلاف الجسد فاعمل علي ذلك ان شاء اللّه «1».

و هذه الرواية تارة يبحث فيها من ناحية السند و اخري من ناحية الدلالة أما الناحية الاولي فقد استشكل سيدنا الاستاد في صحة سند الرواية من أنها مضمرة و المضمر سليمان بن رشيد و لا دليل علي أن الرجل لا يضمر عن غير المعصوم يبقي أن علي بن مهزيار اطمأن بأن الاضمار عن المعصوم أو ظن به بطريق معتبر عنده و لا أثر لاطمينان احد او ظنه بالنسبة إلي غيره «2».

و هذا الاشكال غير وارد فان ابن مهزيار يشهد بأنه عليه السلام أجابه بخطه و أنه قرأه و الشهادة تحمل علي الحسن فالانصاف أن سند الرواية تام غير قابل للنقاش.

و أما الناحية الثانية فيمكن تقريب الاستدلال بالرواية علي المدعي بأن الامام عليه السلام أفاد كبري كلية قد فصلت بين الحدث و الخبث بأن نسيان الاول يوجب الاعادة و

القضاء و أما نسيان الثاني فلا يوجب الا الاعادة و طبق هذه الكبري علي مورد السؤال و هذا التطبيق لا يتم الا مع صحة الوضوء و صحة الوضوء لا تتم الا علي القول بعدم تنجيس المتنجس.

ان قلت: المفروض نجاسة اليد بالبول فعلي كل تقدير يكون الوضوء باطلا لنجاسة العضو.

قلت: لا دليل علي اشتراط طهارة العضو و انما اللازم طهارة الماء الذي

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب النجاسات الحديث: 1

(2) التنقيح ج 2 ص: 248

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 313

______________________________

يتوضأ به.

ان قلت: ان كان الامر كذلك فما وجه تخصيصه عليه السلام بطلان الصلاة بالصلاة التي صلاها مع ذلك الوضوء؟ فمن هذا التقييد يفهم أن المتنجس منجس فالماء تنجس بالاصابة اليد القذرة فالرواية علي خلاف المطلوب.

قلت: لو كان عليه السلام ناظرا إلي تنجيس المتنجس لم يكن وجه للتفصيل فانه عليه تسري النجاسة إلي جميع الاعضاء و إلي ثيابه و إلي بقية ما يباشره فنفس التفصيل دليل علي عدم كونه منجسا و يمكن أن يكون وجه التفصيل لزوم غسل ما أصابه البول مرتين و هما تحصلان بالوضوء الاول و الثاني فانه تتحقق الغسلة بالاول و الثانية بالثاني، فالوجه في التفريق أن محل اصابة البول يطهر بالوضوء الثاني لتحقق الغسل الثاني به فلا تجب الاعادة الا ما صلي مع الوضوء الاول اذ المفروض أنها وقعت مع اليد القذرة المنسية و أما بقية الصلوات فلا.

فالنتيجة: أن هذه الرواية تدل علي عدم تنجس الماء بالجامد الملاقي مع عين النجاسة و بعبارة اخري: المستفاد منها أن الواسطة الاولي لا ينجس ملاقيها علي الاطلاق فلاحظ.

فهذه الرواية من أحسن ادلة عدم تنجيس المتنجس اذ المستفاد منها كما قلنا ان الجامد المتنجس بعين النجاسة لا

ينجس ما يلاقيه حتي الماء فلاحظ.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن اخيه قال: سألته عن الكنيف يصب فيه الماء فينضح علي الثياب ما حاله؟ قال: اذا كان جافا فلا بأس «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 60 من أبواب النجاسات الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 314

______________________________

بتقريب: أن الكنيف متنجس بالبول و مع ذلك أجاب عليه السلام بأنه اذا كان جافا فلا بأس بما لاقاه من الماء.

و فيه أن السند مخدوش بعبد اللّه بن الحسن فلا تصل النوبة إلي ملاحظة الدلالة.

و منها: ما رواه الفضيل قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الجنب يغتسل فينضح من الارض في الاناء فقال: لا بأس هذا مما قال اللّه تعالي: «مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» «1».

بتقريب: أن الماء الملاقي للأرض النجسة لا ينجس و هذا هو المدعي.

و أورد علي الاستدلال بالرواية سيدنا الاستاد بأنه لم تفرض في الرواية نجاسة الارض فلا يتم المدعي.

و يرد عليه: أنه لو لا ذلك لم يكن وجه لاستناده عليه السلام إلي رفع الحرج فيعلم أن المقتضي للنهي عنه و الامر بالاجتناب موجود لكن بلحاظ رفع الحرج لم لم يأمر الشارع بالاجتناب فيمكن الاستدلال بالرواية لكن عمدة الاشكال من ناحية السند فان فضيل الراوي لهذه الرواية لم تثبت وثاقته عندنا فلا تصل النوبة إلي البحث في دلالتها.

و منها: ما رواه الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل الجنب يغتسل فينتضح من الماء في الاناء فقال: لا بأس: «مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الماء المضاف الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 315

______________________________

و تقريب الاستدلال بالرواية علي المدعي

التقريب المتقدم و يمكن أن يرد عليه ما أورده سيدنا الاستاد بأنه لم تفرض في الرواية نجاسة بدن الجنب فيمكن أن يكون الوجه في السؤال احتمال أن بدن الجنب نجس فينجس الماء بملاقاة بدنه أو لاحتمال الملاقاة مع المني فلا تدل الرواية علي المدعي.

و فيه: أن الظاهر من كلامه تمامية المقتضي غاية الامر لأجل لزوم الحرج لم يأمر الشارع بالاجتناب و لكن الانصاف أن الجزم بدلالة الرواية علي المدعي مشكل.

و منها: ما رواه شهاب بن عبد ربه عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في الجنب يغتسل فيقطر الماء عن جسده في الاناء فينتضح الماء من الارض فيصير في الاناء: أنه لا بأس بهذا كله «1».

بتقريب: أن الظاهر من السؤال فرض نجاسة الارض و لذا يسأل الامام عن الماء الملاقي لتلك القطعة منها فقوله عليه السلام في مقام الجواب: «لا بأس» يدل علي أن القطرة الملاقية مع الاناء لا ينجسه و لكن لا ينافي كون الملاقي نجسا فلا تغفل.

و منها: ما رواه محمد بن ميسر قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل الجنب ينتهي إلي الماء القليل في الطريق و يريد أن يغتسل منه و ليس معه اناء يغرف به و يداه قذرتان قال: يضع يده ثم (و خ ل) يتوضأ ثم يغتسل هذا مما قال

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 316

______________________________

اللّه عز و جل: «مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» «1».

بتقريب: أنه فرض أن الماء قليل و أيضا فرض أن اليدين قذرتان و مع ذلك أمر عليه السلام بوضع اليدين في الماء فيستفاد من كلامه عليه السلام أن الماء لا ينجس بملاقاة اليد القذرة.

ان قلت: فرض قلة

الماء لا سيما في الطريق لا يلازم كونه أقل من الكر فلا يرتبط بالمقام.

قلت: قد استشهد عليه السلام بقوله تعالي: «مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» و لو لا اقتضاء تنجس الماء باليد لم يكن وجه لهذا الاستشهاد إلي غيرها من النصوص فلاحظ.

فنقول: ان المستفاد من حديث علي بن مهزيار «2» كما تقدم أن الجامد المتنجس بعين النجاسة لا ينجس ما يلاقيه كما أن المستفاد من جملة من الروايات انفعال الماء بملاقاة الجامد المتنجس بعين النجاسة لاحظ حديث سماعة «3» فلا بد من ترجيح أحد الطرفين بالمرجح و حيث انه يظهر من كلماتهم أن العامة قائلون بتنجيس المتنجس يكون الترجيح بمخالفتهم مع ما يدل علي العدم كما أن الاحدثية تقتضي ترجيح دليل عدم التنجيس.

هذا بالنسبة إلي الجامد و أما المائع فالماء المطلق اذا تنجس بعين النجاسة

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الماء المطلق الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 311

(3) لاحظ ص: 290

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 317

[مسألة 384: تثبت النجاسة بالعلم و بشهادة العدلين]

(مسألة 384): تثبت النجاسة بالعلم (1) و بشهادة العدلين (2).

______________________________

ينجس كل شي ء أصابه و الدليل عليه ما رواه عمار «1» كما أن مقتضي خبر آخر لعمار «2» أن الماء المطلق القذر ينجس ما يلاقيه مطلقا و بما ذكرنا ظهر أن الحق في المقام التفصيل بما ذكرنا لا بما ذكره الماتن.

(1) فان حجية العلم ذاتية عقلية.

(2) ما قيل أو يمكن أن يقال في تقريب اعتبار قول العدلين وجوه:

الوجه الاول: الاجماع.

و فيه ما فيه و ملخص الكلام فيه أنه علي تقدير تحصيله محتمل المدرك فلا يترتب عليه اثر.

الوجه الثاني: الاولوية القطعية المستفادة من حجية قولهما في موارد الخصومات.

و فيه: أنه لا اولوية اذ يمكن أن يكون وجه الاعتبار قطع مادة

الخصومات و بعبارة اخري: من الممكن أن حفظ النظام الاجتماعي يقتضي اعتباره و لذا نري أنه ربما يحكم الحاكم علي مقتضي يمين أحد طرفي النزاع و الحال أنه لا أثر لليمين في بقية الموارد فلا وجه للقياس علي موارد الخصومات و المرافعات.

الوجه الثالث: ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سمعته يقول: كل شي ء هو لك حلال حتي تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك و ذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته و هو سرقة و المملوك عندك لعله حرّ قد باع نفسه أو خدع فبيع قهرا أو امرأة تحتك و هي اختك أو رضيعتك و الاشياء

______________________________

(1) لاحظ ص: 154.

(2) لاحظ ص: 292

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 318

______________________________

كلها علي هذا حتي يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة «1».

بتقريب: أن المستفاد من الرواية أن الاشياء بنحو العموم يثبت بالبنية و شهادة العدلين بينة من البينات. و فيه أن الرواية ضعيفة سندا بمسعدة و لا أثر لها.

الوجه الرابع: ما رواه عبد اللّه بن سليمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الجبن قال: كل شي ء لك حلال حتي يجيئك شاهدان يشهدان أن فيه ميتة «2».

و هذه الرواية ضعيفة سندا مضافا إلي القصور في دلالتها.

الوجه الخامس: أنه قد ورد في النص أنه صلي اللّه عليه و آله قال: انما اقضي بينكم بالبينات و الايمان «3».

فمن هذه الرواية يعلم أنه صلي اللّه عليه و آله كان يحكم بالبينة و من ناحية اخري ان البينة عبارة عما يتبين به الشي ء قال في المنجد: «البينة مؤنث البين الدليل، الحجة» و حيث نعلم بأنه صلي اللّه عليه و آله كان يقضي بشهادة عدلين نفهم

أن شهادة عدلين بينة شرعية.

الوجه السادس: أنه لو أغمض عما تقدم فلا اشكال في حجية قول عدلين اذ لو ادعي أحد انها من واضحات الفقه و من مرتكزات المتشرعة لم يكن مجازفا في قوله فلاحظ.

و ربما يقال: بكفاية مطلق الظن في اثبات النجاسة و لا يتوقف اثباتها علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 61 من أبواب الأطعمة المباحة الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب كيفية الحكم والد عاوي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 319

______________________________

العلم و علي امارة معتبرة و استدل علي المدعي بامور:

الاول: أن الامور الشرعية تبتني علي الظن. و فيه: أنه ان كان المراد بهذا الابتناء عدم اعتبار خصوص العلم فهو صحيح لكن هذا ليس مقتضيا لاعتبار مطلق الظن بل لا بد في صورة عدم العلم من تحصيل امارة معتبرة و الا فمجرد الظن لا يغني من الحق شيئا و ان كان المراد به اعتبار مطلق الظن فليس ما افيد تماما اذ لا دليل علي اعتبار مطلق الظن نعم في بعض الموارد قد استفيد من الدليل كفاية الظن كالظن بالقبلة في بعض الموارد و الظن بالركعات في باب الصلاة و أمثالها و اذا تمت مقدمات الانسداد أمكن الالتزام باعتبار الظن المطلق المتعلق بالاحكام علي التفصيل المذكور في محله.

الثاني: أن ترجيح المرجوح قبيح فلا يمكن تقديم الجانب غير المظنون علي ما ظن به.

و يرد عليه: أنه لا قبح مع قيام الدليل علي الاعتبار.

الثالث: بعض النصوص لاحظ ما رواه علي بن جعفر «1» فان المستفاد منه عدم جواز ترتيب آثار الطهارة علي الثوب المأخوذ من النصراني و ليس هذا الامن جهة أن المأخوذ من الكافر مظنة النجاسة

فنهي.

و يرد عليه أولا: أنه يمكن أن لا يحصل الظن و مع ذلك قد حكم بلزوم الاجتناب و ثانيا أنه معارض بغيره لاحظ ما رواه معاوية بن عمار «2» فان المرجح بعد

______________________________

(1) لاحظ ص: 257.

(2) لاحظ ص: 258

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 320

و بأخبار ذي اليد (1).

______________________________

التعارض و التساقط قاعدة الطهارة.

و في مقابل هذا القول قول بتوقف اثبات النجاسة علي العلم الوجداني و استدل علي المدعي بوجهين:

احدهما أن الطهارة معلومة فكيف يمكن رفع اليد عن المعلوم بالظن.

و فيه: أن الطهارة المعلومة مقتضي قاعدة الطهارة أو استصحابها فتكون طهارة ظاهرية و دليل الامارة حاكم علي دليل الاصل فلا يبقي مجال لجريان الاصل مع وجود الامارة كما حقق في محله.

ثانيهما: أنه قد استفيد من بعض النصوص أن الاشياء محكومة بالطهارة إلي زمان حصول العلم بالنجاسة لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: كل شي ء نظيف حتي تعلم أنه قذر فاذا علمت فقد قذر و ما لم تعلم فليس عليك «1».

فلا مجال لرفع اليد عن النجاسة بمجرد قيام امارة علي خلافها.

و فيه أنه قد ثبت في الاصول قيام الامارات مقام القطع الطريقي و من الظاهر أن قوله عليه السلام «حتي تعلم» علم طريقي فكل طريق معتبر يقوم مقامه.

(1) قال في الحدائق: «ظاهر الاصحاب الاتفاق علي قبول قول المالك في طهارة ثوبه و انائه و نحوهما و نجاستها» «2».

و ما يمكن أن يستدل به علي المدعي امور: الاول: السيرة بدعوي أنها

______________________________

(1) الوسائل الباب 37 من أبواب النجاسات الحديث: 4

(2) الحدائق ج 5 ص: 252

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 321

______________________________

جارية علي معرفة حال الاشياء من اخبار المتولي عليها لأنه أعرف من غيره بحال ما

في يده و هذه السيرة ممضاة عند الشرع.

الثاني: النصوص الدالة علي جواز بيع الدهن المتنجس بشرط اعلام المشتري بالنجاسة ليستصبح به لاحظ ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفارة تقع في السمن أو في الزيت فتموت فيه فقال: ان كان جامدا فتطرحها و ما حولها و يؤكل ما بقي و ان كان ذائبا فاسرج به و أعلمهم اذا بعته «1».

و ما رواه معاوية بن وهب و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام في جرذ مات في زيت ما تقول في بيع ذلك؟ فقال: بعه و بينه لمن اشتراه ليستصبح به «2».

و ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق «3» بتقريب: أن وجوب الاخبار يلازم وجوب القبول و اعتبار قول المخبر و الا يكون الاخبار لغوا.

و فيه: أن الوارد في الخبر الاول عنوان الاعلام و الوارد في الخبر الثاني عنوان التبيين و كذلك الوارد في الخبر الثالث و ليس مجرد الاخبار كي يتم هذا البيان.

و بعبارة اخري تارة يخبر المكلف بامر و يكون اخباره حجة و اخري يعلم الغير بامر و هذا قد ورد في الخبر و من الظاهر أن العلم بعد حصوله حجة بأي سبب كان.

الثالث: ما رواه عبد اللّه بن بكير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4.

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 322

______________________________

أعار رجلا ثوبا فصلي فيه و هو لا يصلي فيه قال: لا يعلمه قال: قلت: فان أعلمه؟

قال: يعيد «1».

بدعوي: أن المستفاد من الرواية أنه لو أعلمه بالنجاسة يجب عليه الاعادة و هذا يكشف عن اعتبار قول

المخبر.

و فيه: أنه لا يمكن الالتزام بمفاد الرواية لمخالفته مع ما تسالم عليه الاصحاب و دل عليه النص من عدم اعادة الصلاة مع الجهل بالنجاسة لاحظ ما رواه العيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل صلي في ثوب رجل أياما ثم ان صاحب الثوب أخبره أنه لا يصلي فيه قال: لا يعيد شيئا من صلاته «2».

مضافا إلي أن الاعلام غير الاخبار فان اعتبار العلم ذاتي.

الرابع: ما دل من النصوص علي طهارة ما يؤخذ من يد المسلم أو سوق المسلمين مثل ما رواه علي بن جعفر «3» و ما رواه الحلبي «4» و ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر «5» و غيرها من الروايات الواردة في الباب 50 من أبواب النجاسات من الوسائل.

و يرد عليه: أنه لا ربط بين المقامين فان المستفاد من هذه النصوص أن المأخوذ

______________________________

(1) الوسائل الباب 47 من أبواب النجاسات الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 257.

(4) لاحظ ص: 179.

(5) لاحظ ص: 179.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 323

بل باخبار مطلق الثقة أيضا علي الاظهر (1).

[مسألة 385: ما يؤخذ من أيدي الكافرين من الخبز و الزيت و العسل و نحوها من المائعات و الجامدات طاهر]

(مسألة 385): ما يؤخذ من أيدي الكافرين من الخبز و الزيت و العسل و نحوها من المائعات و الجامدات طاهر (2) الا أن يعلم

______________________________

من يد المسلم أو سوق المسلمين طاهر مع عدم العلم بالنجاسة و الكلام في المقام في اثبات النجاسة باخبار ذي اليد فاي ربط بين المقامين.

الخامس: النصوص الدالة علي جواز شرب البختج اذا أخبر ذو اليد بذهاب ثلثيه مع عدم الاتهام مثل ما رواه معاوية بن عمار «1» و غيره مما ورد في الباب 7 من الابواب الاشربة المحرمة من الوسائل.

و فيه: أن الحق عدم نجاسة البختج و

انما يحرم شربه قبل ذهاب الثلثين فلا ترتبط هذه النصوص بالمقام و حيث ان المستفاد من هذه النصوص التفصيل بين عدم اتهام المخبر و كونه متهما بقبول قوله في الاول دون الثاني فاللازم رفع اليد عن عموم حجية قول ذي اليد في هذا المورد و تخصيص عموم العام و تقييد المطلق ليس عزيزا فلاحظ.

(1) قد ذكرنا في بحث حجية الخبر الواحد أن خبر الثقة حجة في الاحكام و استدللنا عليها بالسيرة و الكلام في المقام هو الكلام فانه قد ثبت بالسيرة العقلائية الممضاة عند الشارع أن خبر الثقة حجة فيكون اخباره طريقا إلي احراز الموضوعات الخارجية الا ما فيما قام الدليل علي التقييد و عليه لا نعتبر التعدد في الشاهد و لا العدالة و لا الوثوق الفعلي بالمخبر به بل يكفي كون المخبر ثقة.

(2) لعدم المقتضي للنجاسة فان قاعدة الطهارة محكمة عند الشك في الطهارة و النجاسة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 221

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 324

بمباشرتهم له بالرطوبة المسرية (1) و كذلك ثيابهم و أوانيهم (2) و الظن بالنجاسة لا عبرة به (3).

[الفصل الثالث: في احكام النجاسة]
اشارة

الفصل الثالث: في احكام النجاسة:

[مسائل]
[مسألة 386: يشترط في صحة الصلاة الواجبة و المندوبة]

(مسألة 386): يشترط في صحة الصلاة الواجبة و المندوبة و كذلك في أجزائها المنسية طهارة بدن المصلي و توابعه من شعره و ظفره و نحوهما و طهارة ثيابه من غير فرق بين الساتر و غيره و الطواف الواجب و المندوب كالصلاة في ذلك (4).

______________________________

(1) بناء علي كون الكافر نجسا و قد ناقشنا و قوينا عدم نجاستهم.

(2) لما ذكرناه آنفا.

(3) فان الظن لا يغني عن الحق شيئا و قد مر منا قريبا أن الظن بالنجاسة لا يترتب عليه أثر.

(4) في هذه المسألة فروع:

الفرع الاول: أنه يشترط في صحة الصلاة طهارة بدن المصلي و الظاهر أن هذا الحكم من الواضحات التي لا يعتريها الشك و يستفاد المدعي من جملة من النصوص:

منها: ما رواه الحسن بن زياد قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يبول فيصيب بعض جسده (فخذه) قدر نكتة من بوله فيصلي ثم يذكر بعد أنه لم يغسله قال: يغسله و يعيد صلاته «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب النجاسات الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 325

______________________________

و منها: ما رواه ابن مسكان قال: بعثت بمسألة إلي أبي عبد اللّه عليه السلام مع ابراهيم بن ميمون قلت: سله عن الرجل يبول فيصيب فخذه قدر نكتة من بوله فيصلي و يذكر بعد ذلك أنه لم يغسلها قال: يغسلها و يعيد صلاته «1».

و منها: ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه قال: سألته عن الدمل يسيل منه القيح كيف يصنع؟ قال: ان كان غليظا أو فيه خلط من دم فاغسله كل يوم مرتين غدوة و عشية و لا ينقض ذلك الوضوء و ان أصاب ثوبك قدر دينار من الدم فاغسله

و لا تصل فيه حتي تغسله «2».

و منها: ما رواه عمار الساباطي «3» و منها: ما رواه علي بن مهزيار «4» و منها: ما رواه عمار الساباطي «5».

الفرع الثاني: لا فرق في هذا الحكم بين البدن و توابعه من الظفر و الشعر بلا خلاف ظاهر و الظاهر أن العرف يفهم من اشتراط طهارة البدن في الصلاة اشتراطها أيضا في المذكورات.

و قال في المستمسك في هذا المقام: «و يستفاد مما دل علي مانعية نجاسة الثوب- لو فرض قصور ادلة مانعية نجاسة البدن عن افادته» «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 20 من أبواب النجاسات الحديث: 8.

(3) لاحظ ص: 292

(4) لاحظ ص: 311

(5) الوسائل الباب 29 من أبواب النجاسات الحديث: 4.

(6) مستمسك العروة ج 1 ص: 488

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 326

______________________________

و لم يظهر لي وجه وجيه لهذا المدعي و كيف كان لا مجال للإشكال في اصل الحكم.

الفرع الثالث: أنه يشترط الطهارة في لباس المصلي قال في الحدائق:

«اتفق الاصحاب عدا ابن الجنيد علي أنه تجب ازالة النجاسات عن الثوب و البدن للصلاة و الطوافين الواجبين» «1».

و تدل علي المدعي نصوص كثيرة واردة في الابواب المختلفة منها ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام: قال: إن أصاب الثوب شي ء من بول السنور فلا تصح الصلاة فيه حتي يغسله «2».

و منها: ما رواه ميسر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام آمر الجارية فتغتسل ثوبي من المني فلا تبالغ في غسله فاصلي فيه فاذا هو يابس قال: أعد صلاتك أما أنك لو كنت غسلت أنت لم يكن عليك شي ء «3».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل

أصاب ثوبه جنابة أو دم قال: ان كان قد علم أنه أصاب ثوبه جنابة أو دم قبل أن يصلي ثم صلي فيه و لم يغسله فعليه أن يعيد ما صلي و ان كان لم يعلم به فليس عليه اعادة و ان كان يري أنه أصابه شي ء فنظر فلم ير شيئا أجزأه أن ينضحه بالماء «4».

الفرع الرابع: أنه لا فرق في اللباس بين كونه ساترا و عدم كونه كذلك ادعي عليه الاجماع و يقتضيه اطلاق النصوص المانعة و يؤيد المدعي اطلاق الفتاوي.

______________________________

(1) الحدائق ج 5 ص: 290

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(3) الوسائل الباب 18 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(4) الوسائل الباب 40 من أبواب النجاسات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 327

[مسألة 387: الغطاء الذي يتغطي به المصلي ايماء إن كان ملتفا به المصلي بحيث يصدق أنه صلي فيه وجب أن يكون طاهرا]

(مسألة 387): الغطاء الذي يتغطي به المصلي إيماء ان كان ملتفا به المصلي بحيث يصدق أنه صلي فيه وجب أن يكون طاهرا و الا فلا (1).

______________________________

الفرع الخامس: أنه تلتحق بالصلاة في هذا الحكم أجزائها المنسية ادعي عليه الاجماع و الحق أن الامر كذلك فان الصلاة عبارة عن عدة أجزاء و لا فرق بين القضاء و الاداء الا مجرد اختلاف الزمان.

و ان شئت قلت: استفيد من الدليل اشتراط السجدة مثلا بهذا الشرط فلا بد من رعايتها فيها فان السجدة المنسية المأتي بها بعد الصلاة هي السجدة و انما تغير مكانها فلا بد من رعاية الشروط فيها فلاحظ.

الفرع السادس: أنه لا فرق في هذا الاشتراط بين الصلاة الفريضة و النافلة فان الاطلاق يقتضي عدم الفرق.

و بعبارة اخري استفيد من الادلة أنه يشترط الطهارة في الصلاة و مقتضي الاطلاق رعاية هذا الشرط في مطلق الصلاة بلا فرق بين الفريضة و النافلة.

الفرع السابع: أن

الطواف من هذه الجهة كالصلاة فيعتبر فيه أن يكون بدن الطائف و لباسه طاهرا و قد تعرضنا لهذه الجهة في الجزء الثاني من كتاب مصباح الناسك ص 27 و ذكرنا هناك أنه لا دليل علي المدعي نعم يدل بعض النصوص علي المطلوب و لكن لضعف السند لا يعتد به لاحظ ما ذكرنا هناك.

(1) و الوجه فيما أفاده أن المستفاد من النصوص أنه يشترط في لباس المصلي أن يكون طاهرا فان صدق عنوان اللباس تجب رعاية الطهارة فيه و الا فلا.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 328

[مسألة 388: يشترط في صحة الصلاة طهارة محل السجود]

(مسألة 388): يشترط في صحة الصلاة طهارة محل السجود و هو ما يحصل به مسمي وضع الجبهة (1).

______________________________

(1) المستفاد من كلمات القوم أن الاقوال في المقام ثلاثة:

القول الاول: ما ذهب اليه المشهور من اشتراط الطهارة في خصوص مسجد الجبهة.

القول الثاني: ما ذهب اليه الحلبي علي ما نسب اليه و هو اشتراط المواضع السبعة بالطهارة.

القول الثالث: ما نسب إلي السيد المرتضي قدس سره من اشتراط الطهارة في مطلق مكان المصلي فيقع الكلام في كل من الاقوال.

أما ما ذهب اليه المشهور فما يمكن أن يستدل به عليه عدة نصوص: منها ما رواه الحسن بن محبوب قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الجص يوقد عليه بالعذرة و عظام الموتي ثم يجصص به المسجد أ يسجد عليه؟ فكتب إلي بخطه:

ان الماء و النار قد طهراه «1».

بتقريب: أن المستفاد من الرواية أن عدم جواز السجود علي النجس كان مغروسا في ذهن السائل فيسأل عن طهارة الجص في هذا الحال و جوابه عليه السلام بأن الماء و النار قد طهراه تقرير لما في ذهنه من عدم جواز السجود فيما اذا كان محل السجدة نجسا لكن

حيث ان الماء و النار قد طهراه فيجوز فيثبت المدعي.

و يمكن بيان الاستدلال بتقريب آخر و هو أن السائل يسأل ابتداء عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 81 من أبواب النجاسات

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 329

______________________________

جواز السجود علي الجص في هذا الحال و الامام عليه السلام يجيب بالجواز بعد العملية المذكورة فيدل جوابه علي عدم الجواز ان لم يكن المحل طاهرا فلا اشكال في دلالة الرواية علي المدعي.

لكن في المقام شبهة من ناحية اخري و هي أن الدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية في الحجية و حيث انه لا يمكن الالتزام بمدلول الحديث مطابقة فلا أثر لدلالته الالتزامية.

و بعبارة واضحة: أن الجص المطبوخ لا يصدق عليه عنوان الارض فكيف يجوز السجود عليه.

و يجاب عن هذه الشبهة ان الطبخ لا يخرج الجص عن تحت عنوانه الاولي فيصدق عليه عنوان الارض بعد الطبخ أيضا كما يصدق عنوان اللحم عليه بعد طبخه مضافا إلي أنه يمكن الالتزام بالتوسعة بنفس الرواية.

لكن في المقام اشكال آخر في الدلالة المطابقية و هو أنه كيف يمكن الالتزام بتطهير الجص بالنحو المذكور فان غاية ما يمكن أن يقال- كما عن سيدنا الاستاد علي ما في التقرير «1» ان النار توجب استحالة العظام و العذرة إلي الرماد و الماء يطهر الجص بناء علي عدم اعتبار التعدد و عدم اعتبار ورود الماء علي المحل النجس و عدم نجاسة الغسالة المطهرة و كفاية انعدام الغسالة بمعني عدم اعتبار انفصالها عن المحل.

لكن يشكل بأن المعمول عن البنائين القاء الجص في الماء و حيث ان القائه

______________________________

(1) فقه الشيعة ج 4 ص: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 330

______________________________

بحسب العادة بالتدريج فالماء يخرج عن الاطلاق في أثناء العملية لامتزاجه مع الجص فكيف يطهر الجص

و الحال أن المضاف لا يكون مطهرا.

مضافا إلي أنه يشترط في التطهير انفصال الغسالة عن المحل المغسول و الحال أن ليس كذلك في المقام و لا ينقض بتطهير الارض الرخوة اذ الماء هناك ينفصل عن سطح الارض و ينفذ فيها و بالنتيجة يحصل الشرط فلاحظ.

و منها: المرسل عن النبي صلي اللّه عليه و آله أنه قال: جنبوا مساجدكم النجاسة «1».

و حيث ان سند الحديث مخدوش بالارسال فلا تصل النوبة إلي تقريب دلالته.

و منها ما يدل علي عدم جواز الصلاة علي المحل النجس مثل ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن البول يكون علي السطح أو في المكان الذي يصلي فيه فقال: اذا جففته الشمس فصل عليه فهو طاهر «2».

و ما رواه زرارة و حديد بن حكيم الازدي جميعا قالا: قلنا لأبي عبد اللّه عليه السلام السطح يصيبه البول أو يبال عليه يصلي في ذلك المكان؟ فقال: ان كان تصيبه الشمس و الريح و كان جافا فلا بأس به الا أن يكون يتخذ مبالا «3».

و ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: سئل عن الموضع القذر يكون في البيت أو غيره فلا تصيبه الشمس و لكنه قد يبس

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب احكام المساجد الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب النجاسات الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 331

______________________________

الموضع القذر قال: لا يصلي عليه و أعلم موضعه حتي تغسله و عن الشمس هل تطهر الارض؟ قال: اذا كان الموضع قذرا من البول أو غير ذلك فأصابته الشمس ثم يبس الموضع فالصلاة علي الموضع جائزة و ان أصابته الشمس و لم ييبس الموضع

القذر و كان رطبا فلا يجوز الصلاة حتي ييبس و ان كانت رجلك رطبة و جبهتك رطبة أو غير ذلك منك ما يصيب ذلك الموضع القذر فلا تصل علي ذلك الموضع حتي ييبسن و ان كان غير الشمس أصابه حتي ييبسن فانه لا يجوز ذلك «1».

فان المستفاد من هذه النصوص عدم الجواز.

لكن يرد علي الاستدلال المذكور أولا: الاشكال في كون المسجد مما يصلي عليه فتأمل.

و ثانيا ان هذه النصوص معارضة بغيرها الدال علي الجواز لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام في حديث قال: سألته عن البواري يصيبها البول هل تصلح الصلاة عليها اذا جفت من غير أن تغسل؟ قال: نعم لا باس «2».

و ما رواه أيضا أنه سأل أخاه موسي بن جعفر عليه السلام عن البيت و الدار لا تصيبهما الشمس و يصيبهما البول و يغتسل فيهما من الجناية أ يصلي فيهما اذا جفا؟

قال: نعم «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4.

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 332

______________________________

و لاحظ ما رواه عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن البارية يبل قصبها بماء قذر هل تجوز الصلاة عليها؟ فقال: اذا جفت فلا بأس بالصلاة عليها «1» فتحصل أن هذه النصوص لا تفي بالمقصود نعم يمكن الاستدلال علي المدعي بالتسالم و الارتكاز و السيرة و قد نقل دعوي الاجماع عليه عن ابن زهرة و الفاضلين و الشهيدين و المحقق الثاني و الأردبيلي و غيرهم.

و أما القول الثاني فيمكن أن يستدل عليه بما عن النبي صلي اللّه عليه و آله «2» بتقريب: أن الجمع المضاف يفيد العموم فلا بد

من رعاية هذا الشرط في جميع مساقط السجدة.

و يرد عليه اولا: أن السند ضعيف و غير قابل لان يستدل به و عمل المشهور علي تقدير كونه جابرا لا مصداق له في المقام لان المفروض- كما سبق- أنهم لم يلتزموا بهذا القول و ثانيا لا يبعد أن يكون المراد من المساجد المعابد كما ورد في الاخبار الواردة في الباب 27 من أبواب أحكام المساجد من الوسائل منها:

ما رواه عبد الحميد عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: جنبوا مساجدكم صبيانكم و مجانينكم و شرائكم و بيعكم «3».

فالنتيجة أن هذا القول لا دليل عليه.

و أما القول الثالث فيمكن أن يستدل عليه بجملة من النصوص منها: ما رواه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 330

(3) الوسائل الباب 27 من أبواب احكام المساجد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 333

______________________________

عبد اللّه بن بكير قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الشاذ كونه يصيبها الاحتلام أ يصلي عليها؟ فقال: لا «1».

و منها: ما رواه زرارة «2» و منها ما رواه زرارة و حديد بن حكيم «3» و منها ما رواه عمار «4».

فان المستفاد من هذه الروايات عدم جواز الصلاة في المكان النجس.

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي الجواز منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الشاذ كونه يكون عليها الجنابة أ يصلي عليها في المحمل؟ قال: لا بأس «5».

و منها: ما رواه محمد بن أبي عمير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اصلي علي الشاذ كونة و قد أصابتها الجنابة؟ فقال: لا بأس «6».

و منها ما رواه علي بن جعفر «7» و ما

رواه أيضا «8» الي غيرها من الروايات الواردة في الباب 30 من أبواب النجاسات من الوسائل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب النجاسات الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 330

(3) لاحظ ص: 330

(4) لاحظ ص: 330.

(5) الوسائل الباب 30 من أبواب النجاسات الحديث: 3.

(6) نفس المصدر الحديث: 4

(7) لاحظ ص: 331

(8) لاحظ ص: 331

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 334

دون غيره من مواضع السجود و ان كان اعتبار الطهارة فيها أحوط استحبابا (1).

[مسألة 389: كل واحد من أطراف الشبهة المحصورة بحكم النجس]

(مسألة 389): كل واحد من أطراف الشبهة المحصورة بحكم النجس فلا يجوز لبسه في الصلاة و لا السجود عليه (2) بخلاف ما هو من أطراف الشبهة غير المحصورة (3).

______________________________

و لا اشكال في التعارض بين الطرفين فلا بد من العلاج و العامة علي ما يظهر من الشيخ قدس سره في الخلاف «1» مختلفون في المسألة و نقل عن الشافعي أنه قائل باشتراط الطهارة في جميع المصلي و عن أبي حنيفة أنه يشترط الطهارة في موضع القدمين و علي هذا لا يكون لأحد المتعارضين مرجح لا من الكتاب و لا من حيث المخالفة مع العامة فتصل النوبة إلي الترجيح بالاحدثية و الترجيح بها مع روايات الجواز فان فيها ما عن موسي بن جعفر عليه السلام.

أضف إلي ذلك كله أن الجواز أوضح من أن يخفي و لا مجال للإشكال و التأمل و اللّه العالم.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف و لا اشكال في حسن الاحتياط بل يمكن أن يقال: بأن مقتضي الجمع بين أخبار البراءة و الاحتياط استحبابه فلاحظ.

(2) لتنجز العلم الإجمالي و سقوط الاصول الجارية في الاطراف بالمعارضة كما حقق في محله و لنا في هذا المقام تحقيق قد تعرضنا له في الجزء الاول من هذا الشرح ص 235

فلاحظه و تأمل فيه فانه دقيق و بالتأمل فيه حقيق.

(3) فان الاصل يجري في أطراف الشبهة غير المحصورة لعدم تعارض الاصول

______________________________

(1) الخلاف ج 1 ص 188 و 189

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 335

[مسألة 390: لا فرق في بطلان الصلاة لنجاسة البدن أو اللباس أو المسجد بين العالم بالحكم التكليفي أو الوضعي و الجاهل بهما عن تقصير]

(مسألة 390): لا فرق في بطلان الصلاة لنجاسة البدن أو اللباس أو المسجد بين العالم بالحكم التكليفي أو الوضعي و الجاهل بهما عن تقصير و كذلك فيما اذا كان المسجد نجسا في السجدتين معا حتي اذا كان الجهل عن قصور و أما في غير ذلك فالاظهر صحة الصلاة في موارد الجهل القصوري لاجتهاد أو تقليد (1).

______________________________

و ملخص الكلام أن عدم جريان الاصل للتعارض و عدم المرجح و حيث ان الاصل لا يجري في غير المحصورة بالنسبة إلي الخارج عن محل الابتلاء فلا مانع من جريانه فيما هو داخل في محل ابتلاء المكلف و تفصيل الكلام موكول إلي محله.

(1) اذ مقتضي اطلاق دليل المنع هو البطلان فلا بد في التقييد من مخصص و مقيد و الظاهر أنه لا دليل علي التخصيص الا حديث لا تعاد و هو ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تعاد الصلاة الا من خمسة: الطهور و الوقت و القبلة و الركوع و السجود ثم قال عليه السلام: القراءة سنة و التشهد سنة و التكبير سنة و لا تنقض السنة الفريضة «1».

و الطهور الوارد في الحديث ان كان المراد به أعم من الحدثية و الخبثية فلا اشكال في البطلان.

اذ بناء عليه تكون الطهارة الخبثية داخلة في المستثني و حيث أن الطهور عبارة مما يتطهر به كالوقود و السحور و الفطور فلا يختص بخصوص الحدثية بل يعم الخبثية و عليه لا بد من وجود دليل علي التخصيص.

______________________________

(1)

الوسائل الباب 1 من أبواب افعال الصلاة الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 336

______________________________

و في بعض المؤلفات: «لكن الظاهر أن المراد منه في الحديث خصوص الطهارة الحدثية لأنه لا شك في أن الحديث في مقام اهمية هذه الخمسة التي ثلاثة منها من الشرائط و اثنان منها من الاجزاء من بين سائر الشرائط و الاجزاء» الي أن يقول: «فمن باب مناسبة الحكم و الموضوع و اهمية الطهارة الحدثية في الصلاة يقطع الفقيه بأن المراد منها هي الطهارة الحدثية» الي آخر كلامه.

و يمكن أن يقال: انه يستفاد من ذيل حديث لا تعاد أن المقصود بالخمسة الاركان التي ذكرت في الكتاب العزيز حيث اشار إلي الركوع بقوله: «وَ ارْكَعُوا مَعَ الرّٰاكِعِينَ» «1» و إلي السجود بقوله: «وَ كُنْ مِنَ السّٰاجِدِينَ» «2» و إلي القبلة بقوله: «فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضٰاهٰا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ» «3» و إلي الوقت بقوله: «أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِليٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ» «4» و إلي الطهارة الحدثية: الغسل و الوضوء و التيمم بقوله: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا قُمْتُمْ إِلَي الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَي الْمَرٰافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَي الْكَعْبَيْنِ وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَ إِنْ كُنْتُمْ مَرْضيٰ أَوْ عَليٰ سَفَرٍ أَوْ جٰاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغٰائِطِ أَوْ لٰامَسْتُمُ النِّسٰاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مٰاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً «5».

فيفهم من ذيل الحديث أن ما سنه النبي صلي اللّه عليه و آله لا يبطل الفريضة

______________________________

(1) البقرة/ 43

(2) الحجر/ 98

(3) البقرة/ 144

(4) الاسراء/ 78

(5) المائدة/ 6

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 337

______________________________

و اما ما فرضه اللّه و ذكر في الكتاب اي الخمسة المذكورة فهو يوجب البطلان.

و خلاصة الكلام أنه يفهم من المذكورات

في الكتاب و ذيل الحديث أن الطهارة الخبثية ليست مرادة.

و يضاف إلي ذلك أن المشهور فهموا من الحديث خصوص الحدثية- علي ما في كلام سيدنا الاستاد حسب تقرير المقرر- اضف إلي ما ذكر ما يستفاد من النصوص الدالة علي صحة الصلاة في النجس في الشبهات الموضوعية لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت له: أصاب ثوبي دم رعاف إلي أن قال: قلت: فان لم اكن رأيت موضعه و علمت أنه أصابه فطلبته فلم أقدر عليه فلما أن صليت وجدته قال:

تغسله و تعيد الصلاة قلت: فان ظننت أنه قد أصابه و لم اتيقن ذلك فنظرت فلم أر فيه شيئا ثم صليت فرأيت فيه قال: تغسله و لا تعيد الصلاة قلت لم ذاك؟ قال: لأنك كنت علي يقين من طهارتك ثم شككت فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبدا «1».

و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ذكرا لمني فشدده فجعله أشد من البول ثم قال: ان رأيت المني قبل أو بعد ما تدخل في الصلاة فعليك اعادة الصلاة و ان أنت نظرت في ثوبك فلم تصبه ثم رأيته بعد فلا اعادة عليك فكذلك البول «2».

و ما رواه ميمون الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: رجل أصابته

______________________________

(1) الوسائل الباب 41 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 338

______________________________

جنابة بالليل فاغتسل فلما أصبح نظر فاذا في ثوبه جنابة فقال: الحمد للّه الذي لم يدع شيئا الاوله حد ان كان حين قام نظر فلم ير شيئا فلا اعادة عليه و ان كان حين قام لم ينظر فعليه الاعادة «1».

بل يستفاد من بعض النصوص الجواز

حتي مع العلم في بعض الموارد لاحظ ما رواه محمد بن علي الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أجنب في ثوبه و ليس معه ثوب غيره (آخر) قال: يصلي فيه فاذا وجد الماء غسله «2».

و ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يكون في ثوبه نقط الدم لا يعلم به ثم يعلم فينسي أن يغسله فيصلي ثم يذكر بعد ما صلي أ يعيد صلاته؟ قال: يغسله و لا يعيد صلاته الا أن يكون مقدار الدرهم مجتمعا فيغسله و يعيد الصلاة «3».

و ما رواه ابو بصير «4» الي غيرها من الروايات الواردة في الباب 45 و 20 و 22 من أبواب النجاسات من الوسائل.

فلا يبعد أن يحصل من مجموع هذه المذكورات القطع أو الاطمينان بأن المراد من الطهور خصوص الحدثية.

و ربما يقال: بأن الخمسة لا تختص بذكرها في الكتاب الكريم بل قد ذكر جملة اخري مما يتعلق بالصلاة في القرآن العزيز منها التكبير فقد أشار اليه في كتابه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 3:

(2) الوسائل الباب 45 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(3) الوسائل الباب 20 من أبواب النجاسات الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 195

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 339

______________________________

العزيز بقوله: «وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ» «1».

مضافا إلي أن الفقهاء و منهم الماتن يصرحون بان التكبيرة ركن تبطل الصلاة بنقصانها عمدا و سهوا.

و منها الصلاة علي النبي صلي اللّه عليه و آله و قد اشار في كتابه اليها بقوله:

«يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا «2».

و منها الذكر فقد أشار اليه في موارد عديدة منها قوله تعالي «وَ ذَكَرَ اللّٰهَ كَثِيراً» «3».

و اشار إلي الطهارة الخبثية بقوله في سورة

المدثر: وَ ثِيٰابَكَ فَطَهِّرْ» «4» و إلي القراءة بقوله: «وَ لٰا تَجْهَرْ بِصَلٰاتِكَ وَ لٰا تُخٰافِتْ بِهٰا» «5».

فالكلام في المقام مبني علي أن المراد من كلمة الطهور في الحديث الطهارة الحدثية فحديث لا تعاد بعقده السلبي يشمل الطهارة الخبثية فنقول: الصلاة في النجس تتصور بصور:

الصورة الاولي: أن يكون المصلي عالما بالحكم و الموضوع و مع ذلك صلي متعمدا في النجس و في هذه الصورة لا شك في بطلان الصلاة و تدل علي البطلان جملة من النصوص:

منها ما رواه عبد اللّه بن سنان «6» و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي

______________________________

(1) المدثر/ 3

(2) الاحزاب/ 55

(3) الاحزاب/ 24

(4) المدثر/ 4

(5) الاسراء/ 109

(6) لاحظ ص: 326.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 340

______________________________

عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي و في ثوبه عذرة من انسان أو سنور أو كلب أ يعيد صلاته؟ قال: ان كان لم يعلم فلا يعيد «1».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان أصاب ثوب الرجل الدم فصلي فيه و هو لا يعلم فلا اعادة عليه و ان هو علم قبل أن يصلي فنسي و صلي فيه فعليه الاعادة «2».

و منها: ما رواه أبو بصير أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل صلي و في ثوبه بول أو جنابة فقال: علم به أو لم يعلم به فعليه اعادة الصلاة اذا علم «3».

الصورة الثانية: الجاهل بالحكم اعم من أن يكون جاهلا بالنجاسة او يكون جاهلا بالاشتراط و يكون جهله عن تقصير و يكون حين العمل متوجها إلي جهله و مترددا في صحة عمله فيمكن أن يقال: بأنه لا اشكال في البطلان

في هذه الصورة اذ مقتضي دليل الاشتراط هو الفساد فان المركب كما ينتفي بانتفاء احد اجزائه كذلك ينتفي بانتفاء احد شرائطه.

أضف إلي ذلك أن مقتضي القاعدة الاولية عدم الاكتفاء بحكم العقل اذ الاجزاء يحتاج إلي الدليل.

ان قلت: مقتضي قاعدة لا تعاد الصحة. قلت: علي فرض اختصاص الطهور

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب النجاسات الحديث: 5.

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 341

______________________________

بالحدثية لا يمكن الاخذ باطلاقها اذ يلزم تخصيص الدليل بخصوص العالم و معناه تخصيص الدليل بالفرد النادر بل المعدوم اذ العالم بالبطلان كيف يمكنه الاتيان بالصلاة و الشروع فيها الاعلي نحو التشريع المحرم.

بل لا يبعد أن يقال: بأن دليل لا تعاد لا يشمل الجاهل المتردد حين العمل بتقريب: أن المتفاهم العرفي من الحديث بيان حكم الصلاة بعد الاتيان بها باعتقاد صحتها و عليه لا يشمل الدليل هذه الصورة بالاضافة إلي الاجماع القائم المدعي علي بطلانها في الصورة المفروضة.

و يضاف إلي ذلك كله أن صحة الصلاة في هذه الصورة تستلزم اختصاص الاشتراط بخصوص صورة العلم بالحكم و هو يستلزم الدور.

الصورة الثالثة: هي الصورة الثانية بعينها الا في كون المكلف لا يكون ملتفتا حين العمل و يكون غافلا و ادعي الاجماع في المقام مضافا إلي أن شمول الحديث للمفروض يستلزم تخصيص دليل المانعية بخصوص العالم و الجاهل الملتفت بالبطلان و هذا يوجب تخصيص دليل المانعية بالفرد النادر.

أصف إلي ذلك أن مقتضي حديث عبد اللّه بن سنان «1» هو البطلان و وجوب الاعادة.

و تقريب الاستدلال أن المستفاد من هذا الحديث وجوب الاعادة فعلي فرض شمول دليل القاعدة للصورة المفروضة بالاطلاق لا بد من تقييدها بحديث ابن سنان.

______________________________

(1) لاحظ ص 326

مباني منهاج

الصالحين، ج 3، ص: 342

______________________________

ان قلت: دليل القاعدة لا يشمل صورة العلم بالاشتراط و يختص بالجهل.

قلت: علي هذا حديث ابن سنان أيضا لا يشمل صورة العلم بالاشتراط.

و بعبارة اخري: لو قيل: ان الاعادة حكم من يصلي صلاته و يتصور صحتها و العالم بالاشتراط مع اعتقاده بالبطلان لا يتوجه اليه خطاب اعد بل المتوجه اليه وجوب الاستيناف.

قلنا: هذا التقريب بعينه يجري في حديث ابن سنان بلا فرق و لو تنزلنا عما تقدم نقول: لو التزمنا بالتعارض و التساقط تصل النوبة إلي الاخذ بدليل الاشتراط لاحظ ما رواه علي بن جعفر «1».

الصورة الرابعة: أن يكون جاهلا بالحكم بأن لا يعلم أن الشي ء الفلاني نجس او لا يعلم بالاشتراط و يكون جهله قصوريا كما لو ذهب رأيه اجتهادا إلي عدم نجاسة الشي ء الفلاني فالظاهر أنه لا مانع من الاخذ بدليل القاعدة فان الحديث المشار اليه يشمل الجاهل القاصر.

و قد اورد علي الاستدلال بالحديث علي الصحة في المقام بايرادات: منها:

أنه لا بد من رفع اليد عن اطلاق الحديث بما رواه ابن سنان «2» لان نسبة هذا الحديث إلي دليل القاعدة اما بالعموم و الخصوص و اما بالعموم من وجه فعلي الاول يقيد دليل القاعدة بحديث ابن سنان و النتيجة هو البطلان و أما علي الثاني فيقع التعارض في مادة الاجتماع و بعد التساقط تصل النوبة إلي ما يدل علي

______________________________

(1) لاحظ ص: 325.

(2) لاحظ ص: 326.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 343

______________________________

البطلان لاحظ ما رواه علي بن جعفر «1».

و أورد علي هذا الاستدلال سيدنا الاستاد بأن المستفاد من حديث ابن سنان هو الحكم الوضعي اي يستفاد منه مانعية نجاسة اللباس عن صحة الصلاة.

و بعبارة اخري: المستفاد من الحديث الارشاد إلي المانعية و

دليل القاعدة حاكم علي ادلة الاجزاء و الشرائط و الموانع فيخصص الجزئية و الشرطية و المانعية بصورة العمد و الجهل التقصيري فلو كان الجهل قصوريا لا تبطل الصلاة و لا تلاحظ النسبة بين دليل الحاكم و المحكوم «2».

و لا يبعد: أن ما أفاده تام و عليه لا مانع من شمول حديث لا تعاد للمورد و النتيجة صحة صلاة القاصر الجاهل بحكم لا تعاد فظهر أن هذا الايراد غير وارد.

و منها: أن الطهور الواقع في الحديث اعم من الطهارة الحدثية و باطلاقه يشمل الخبثية فالفاقد و لو قصورا داخل في الخمسة التي تعاد الصلاة منها.

و قد ظهر الجواب عن هذا الايراد مما ذكرناه آنفا و هو أن المستفاد من الحديث أن المراد من الطهور خصوص الطهارة الحدثية فهذا الايراد أيضا غير وارد.

و منها: ما عن الميرزا قدس سره و هو أن دليل لا تعاد يختص بالناسي و نحوه و هو المكلف الذي لا يمكن توجه التكليف الواقعي بالنسبة اليه لغفلته عن الواقع و عدم امكان انبعاثه عنه فانه يصح أن يقال له اعد فيصح أن يقال له أيضا لا تعد.

و بعبارة اخري لا تعاد يختص بمورد يصح جعل الاعاده فيه و هذا في مورد لا

______________________________

(1) لاحظ ص: 325.

(2) التنقيح ج 2 ص: 346

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 344

______________________________

يكون التكليف الواقعي متوجها إلي المكلف و أما في المورد القابل للتكليف الواقعي فهو متوجه اليه.

و ان شئت قلت: لا يجمع بين التكليف الواقعي و التكليف بالاعادة و الجاهل يمكن تكليفه بالواقع اذا الحكم الواقعي محفوظ مع الجهل غاية الامر في القصوري يكون المكلف معذورا فدليل لا تعاد لا يشمل الجاهل القاصر كما لا يشمل الجاهل المقصر.

و يرد عليه

أولا: أن الجاهل القاصر ربما لا يكون قابلا لتوجه التكليف الواقعي اليه كما لو كان غافلا عن الواقع و لا يخطر بذهنه احتمال فساد صلاته.

و ثانيا: أنه اذا لم يمكن الجمع بين الخطاب الواقعي و خطاب اعد فكيف حال من يتوجه بعد الفراغ من صلاته إلي فساد صلاته من ناحية الركوع مثلا فان الخطاب الاولي محفوظ مع توجه خطاب اعد اليه و السرّ فيه أن الخطاب الواقعي حكم تكليفي مولوي و خطاب اعد ارشاد إلي الفساد و عدم ترتب أثر علي ما أتي به.

و ثالثا: أن ما أفاده علي تقدير تماميته انما يتم فيما يمكن العمل بالتكليف الواقعي و اما فيما لا يمكن كما لو تجاوز عن محل التدارك كما لو ترك القراءة جهلا و دخل في الركوع فلا يمكن توجه التكليف الواقعي اليه لعدم امكانه الجبران فيجوز توجه التكليف بالاعادة فيشمله دليل لا تعاد.

و الحق في المقام أن يقال: لا فرق بين انواع الجاهل في هذه الجهة انما الكلام في امر آخر و هو أنه هل يمكن شمول دليل لا تعاد في الاثناء.

و الحق أنه لا يمكن اذ الاعادة عبارة عن الوجود الثاني للطبيعي بعد وجوده الاول فما دام لم يتحقق في ضمن فرده الاول لا يصدق عنوان الاعادة و يترتب عليه أنه لو التفت المكلف إلي نقصان صلاته أثناء الصلاة و لم يكن قابلا للتدارك كما

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 345

______________________________

لو ترك القراءة إلي أن دخل في الركوع لا يمكن الاخذ بدليل لا تعاد لاختصاص الدليل بمورد يصح صدق عنوان الاعادة.

و ان شئت قلت: ما دام المكلف لم يفرغ من الصلاة لا يصح في حقه عنوان الاعادة بل الصحيح في حقه عنوان الاستيناف.

و

يؤيد ما ذكرنا ما في كلام سيدنا الاستاد- علي حسب تقرير المقرر-:

«المتفاهم عرفا من الحديث هو بيان حكم تكرار الصلاة و اعادتها بعد الاتيان بها باعتقاد الصحة» «1» الي آخر كلامه.

فانه صرح بأن موضوع دليل لا تعاد لا يتحقق لا بعد الاتيان بالصلاة و الفراغ منها و هذا هو المدعي فلاحظ.

فتحصل أن الجاهل بالحكم بالجهل التقصيري تجب عليه الاعادة و لا يشمله دليل لا تعاد و أما الجاهل بالجهل القصوري فلا تجب عليه الاعادة لحديث لا تعاد.

بقي شي ء مما تعرض له الماتن في هذه المسألة و هو أنه لو سجد علي النجس جهلا بالحكم فان كان جهلا تقصيريا تجب الاعادة لعدم ما يقتضي الاجزاء و القاعدة الاولية تقتضي الاعادة.

و اما اذا كان جهلا قصوريا ففصل بين سجدة واحدة و بين سجدتين فحكم بالصحة في الاولي و حكم بالفساد في الثانية بتقريب: أن المستفاد من الادلة أن الاخلال بالسجدة الواحدة لا يفسد الصلاة فالسجود الركني سجدتان فالنتيجة التفصيل بين السجدة الواحدة و السجدتين.

______________________________

(1) فقه الشيعة ج 4 ص: 125

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 346

______________________________

و السيد اليزدي قدس سره في عروته قد أفتي بعدم وجوب الاعادة علي الاطلاق و الماتن لم يعلق علي كلام السيد و امضي ما أفتي به و لكن في المقام أفتي بالبطلان اذا كان السجود علي النجس في سجدتين من ركعة واحدة.

و يمكن أن يقال: بانه لو قلنا بأن الطهارة في المسجد ليست من واجبات السجود بل من واجبات الصلاة فمقتضي القاعدة شمول دليل لا تعاد و الحكم بالصحة لعدم اخلال بالنسبة إلي السجدة و ان قلنا بأنها من شرائط السجود فالاخلال بها اخلال بالسجدة فلا يمكن الالتزام بشمول حديث لا تعاد لعدم

شموله مورد الاخلال بالركن و المفروض أن السجدتين ركن.

و قد أفاد سيد المستمسك في هذا المقام في وجه عدم وجوب الاعادة «أنه لا اطلاق لدليل شرطية الطهارة في المسجد و المرجع في صورة الجهل اصالة البراءة» «1».

و يرد عليه اولا: أن الاحكام الواقعية مشتركة بين العالم و الجاهل و لذا يصح الاحتياط و الرجاء. و ثانيا: اشتراط تحقق الحكم الواقعي بالعلم يستلزم الدور.

و قد تصدي سيدنا الاستاد تقريب وجه الصحة و شمول دليل القاعدة بأن السجود لغة عبارة عن وضع الجبهة علي الارض و الامور الدخيلة في صحة السجدة ليست داخلة في مفهومها و الشارع الاقدس لم يتصرف في المفهوم.

و الحاصل: أن الحكم المستفاد من حديث لا تعاد ترتب علي السجود مطلقا فعلي هذا لو سجد المكلف سجدتين فاقدتين لبعض الشرائط لم يصح أن يقال انه ترك ركن الصلاة.

______________________________

(1) مستمسك العروة الوثقي ج 1 ص 554.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 347

______________________________

و أيد كلامه بأن الاصحاب متفقون علي بطلان الصلاة بزيادة سجدة عمدية و لو كانت فاقدة للشرائط المعتبرة كما لو سجد علي النجس أو ما لا يصح السجود عليه و هذه قرينة علي أن المراد منها في الاخبار معناه اللغوي «1».

و لنا أن نقول بأن حديث لا تعاد ناظر إلي الاخلال بما يكون مأمورا به شرعا و لذا لو فرضنا أن المصلي اتي بسجدة أو سجدتين لا بقصد الجزء لم يكن دليل لا تعاد متعرضا للبطلان بها اذ لا مقتضي للبطلان نعم يمكن أن نلتزم بالبطلان اذ استفيد من بعض النصوص عدم الجواز لاحظ ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: لا تقرأ في المكتوبة بشي ء من العزائم فان السجود زيادة في المكتوبة «2».

فان

هذه الرواية تدل علي أن السجود زيادة في الصلاة و الرواية مخدوشة سندا بقاسم بن عروة و تفصيل الكلام من هذه الجهة موكول إلي محله.

و صفوة القول أن دليل القاعدة ناظر إلي المقرر الشرعي فلا يكون السجود بما هو موضوعا للحكم بل الموضوع المشار اليه في دليل القاعدة السجود المأمور به شرعا فلا بد من رعاية جميع الشرائط فيه.

و أما استشهاده علي مدعاه باتفاقهم علي بطلان الصلاة بزيادة سجدة عمدية و لو كانت فاقدة للشرط فلم افهم وجه الارتباط و لا أدري أن الاتفاق المذكور باي تقريب من التقاريب دال علي مدعاه فان الاتفاق المذكور ان كان ناظرا إلي صورة

______________________________

(1) فقه الشيعة ج 4 ص 234

(2) الوسائل الباب 40 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 348

[مسألة 391: لو كان جاهلا بالنجاسة و لم يعلم بها حتي فرغ من صلاته]

(مسألة 391): لو كان جاهلا بالنجاسة و لم يعلم بها حتي فرغ من صلاته فلا اعادة عليه في الوقت و لا القضاء في خارجه (1).

______________________________

قصد الجزئية فالبطلان مستند إلي الزيادة فان الصلاة تبطل بالزيادة كما تبطل بالنقيصة و ان كان متعلق الاتفاق صورة عدم قصد الجزئية فيمكن أن يكون ناظرا إلي النص الذي اشرنا اليه آنفا من أن السجود زيادة في المكتوبة و يوجب بطلانها و علي كلا التقديرين لا يرتبط بالمدعي في المقام.

فالحق أن يقال: ان طهارة المسجد ان كانت من الشرائط الصلاتية فلا يوجب الاخلال بها بطلان الصلاة و أما اذا كانت من شرائط السجود فالاخلال بها اخلال بالسجود و ليس قابلا للتصحيح فبالنتيجة الحق ما أفاده الماتن في المقام خلافا لما أفاده في هامش العروة تبعا للمتن هناك.

(1) قال في الحدائق: «و الاشهر الاظهر صحة صلاته و قال الشيخ في المبسوط

يعيد في الوقت لا في خارجه» الي أن قال: «و كيف كان فالظاهر هو القول الاول» «1» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و يدل علي عدم وجوب الاعادة علي الاطلاق حديث لا تعاد اذ قد مر أن المراد من الطهور هي الطهارة الحدثية فالاخلال بالطهارة الخبيثة يبقي تحت ذلك الدليل.

و تدل أيضا علي عدم وجوب الاعادة لا في الوقت و لا في خارجه عدة نصوص: منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل صلي في ثوب فيه جنابة ركعتين ثم علم به قال: عليه أن يبتدي الصلاة قال: و سألته عن رجل يصلي و في ثوبه جنابة أو دم حتي فرغ من صلاته ثم علم قال: مضت صلاته و لا

______________________________

(1) الحدائق ج 5 ص 413.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 349

______________________________

شي ء عليه «1».

فان مقتضي اطلاق هذه الرواية أنه لو صلي مع الجهل بالنجاسة لا تجب اعادتها علي الاطلاق بل لا يبعد أن يكون الحديث صريحا في عدم وجوب الاعادة في الوقت.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «2» و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الرجل يري في ثوب أخيه دما و هو يصلي قال: لا يؤذنه حتي ينصرف «3».

و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان «4» و منها ما رواه العيص بن القاسم قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلي في ثوب رجل أياما ثم ان صاحب الثوب أخبر أنه لا يصلي فيه قال: لا يعيد شيئا من صلاته «5».

و هذه الرواية تدل بالصراحة علي عدم وجوب القضاء و بالاطلاق علي عدم وجوب الاعادة.

و منها: ما رواه أبو

بصير «6» و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر قال: سألته عن الرجل احتجم فأصاب ثوبه دم فلم يعلم به حتي

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب النجاسات الحديث: 2.

(2) لاحظ ص: 339

(3) الوسائل الباب 40 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(4) لاحظ ص: 326

(5) الوسائل الباب 40 من أبواب النجاسات الحديث: 6

(6) لاحظ ص: 340.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 350

______________________________

اذا كان من الغد كيف يصنع؟ فقال: ان كان رآه فلم يغسله فليقض جميع ما فاته علي قدر ما كان يصلي و لا ينقص منه شي ء و ان كان رآه و قد صلي فليعتد بتلك الصلاة ثم ليغسله «1» و منها: ما رواه اسماعيل الجعفي «2».

و في المقام روايتان إحداهما رواية وهب بن عبد ربه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الجنابة تصيب الثوب و لا يعلم به صاحبه فيصلي فيه ثم يعلم بعد ذلك قال:

يعيد اذا لم يكن علم «3».

ثانيتهما رواية أبي بصير «4».

و هاتان الروايتان باطلاقهما تدلان علي وجوب الاعادة في الوقت و القضاء في خارجه و لكن حيث ان رواية العيص المتقدم ذكرها آنفا تدل بالصراحة علي عدم القضاء فعلي القول بانقلاب النسبة تقيد هاتان الروايتان المطلقتان بتلك الرواية اي رواية العيص و بعد تقييدهما بها تنقلب نسبتهما بالنسبة إلي روايات عدم الاعادة من التباين إلي العموم و الخصوص المطلقين فالروايات الدالة علي عدم وجوب الاعادة تقيد بهذين الحديثين.

و هذا التقريب علي القول بانقلاب النسبة تام و أما علي القول بخلافه فلا بد من العلاج فنقول: المستفاد من خلاف الشيخ قدس سره: «أن جملة من العامة كالشافعي و أبي قلابة و أحمد بن حنبل قائلون بالبطلان «5» فاما

نرجح اخبار عدم وجوب

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب النجاسات الحديث: 10

(2) لاحظ ص: 191

(3) الوسائل الباب 40 من أبواب النجاسات الحديث: 8

(4) لاحظ ص: 340

(5) كتاب الخلاف ج 1 ص: 177 مسألة: 221

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 351

______________________________

الاعادة بترجيحها بمخالفة العامة و اما نقول تتساقط النصوص بالتعارض فتصل النوبة إلي الاخذ باطلاق حديث لا تعاد فلاحظ.

فتحصل مما ذكرنا أنه لا وجه للتفصيل بين الانكشاف في الوقت و خارجه بالالتزام بوجوب الاعادة في الوقت و عدم وجوب القضاء خارجه.

و ربما يفصل بين الدخول في الصلاة مع الفحص عن النجاسة و عدمه بوجوب الاعادة في الثاني دون الاول و يمكن الاستدلال عليه بعدة نصوص:

منها: ما رواه زرارة «1» بدعوي أن المستفاد من الحديث أن العلة في عدم الاعادة النظر في الثوب و عدم رؤيته النجاسة و بعبارة اخري: مقتضي مفهوم الشرطية وجوب الاعادة مع عدم الفحص و النظر.

و يرد عليه اولا: أن هذه الجملة انما وقعت في كلام الراوي لا في كلام الامام عليه السلام و ثانيا قد صرح في كلامه عليه السلام: أن العلة لعدم الاعادة تمامية اركان الاستصحاب من اليقين السابق بالطهارة و الشك اللاحق في النجاسة.

و ثالثا أنه قد صرح عليه السلام في ذيل الرواية أن الفحص لا يجب و لا يترتب عليه شي ء غير فائدة تكوينية و هي ذهاب الشك الذي يقع في النفس و لو كان الفحص مؤثرا في عدم وجوب الاعادة في مقابل عدم الفحص كان المتعين أن يذكره عليه السلام في مقام الفائدة.

ان قلت: ما التنافي بين عدم وجوب الفحص و وجوب الاعادة عند الانكشاف؟

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران،

اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 3، ص: 351

قلت: المستفاد من الرواية أن العلة لعدم الاعادة جريان الاستصحاب و هو

______________________________

(1) لاحظ ص: 337

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 352

______________________________

القدر المشترك بين الصورتين.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «1» بتقريب أن الشرطية الثانية بمفهومها تدل علي بطلان الصلاة لو انكشف وقوعها في النجس مع عدم الفحص.

و فيه أنه لا يبعد أن تكون الشرطية الثانية بيان مفهوم الشرطية الاولي بتقريب:

أن الميزان هي الرؤية قبل الصلاة أو أثنائها و ذكر النظر لأجل بيان الصحة مع عدم الرؤية لا أن النظر و الفحص لهما موضوعية.

و ان أبيت عما ذكرنا فلا أقل من عدم الظهور في احد الطرفين و مع الاجمال لا مجال للاستدلال.

اضف إلي ذلك أنه مع التسلم و التنزل يعارضها ما رواه زرارة فان المستفاد من تلك الرواية كما تقدم أن العلة لعدم الاعادة استصحاب الطهارة فان الرواية كالصريحة في عدم وجوب الاعادة مع استمرار الجهل و قد مر أن عدم الصحة و وجوب الاعادة يوافق التقية فالدليل علي عدم وجوب الاعادة أرجح.

و مع التعارض و التساقط يكون المرجع اطلاق حديث لا تعاد فانه قد مر أن المراد بالطهور المذكور في الحديث الطهارة الحدثية.

و في المقام روايتان ربما يدعي أنهما تدلان علي وجوب الاعادة مع التفصيل المذكور و هما ما رواه ميمون الصيقل «2» و ما رواه الصدوق قال: و قد روي في المني أنه ان كان الرجل حيث قام نظر و طلب فلم يجد شيئا فلا شي ء عليه فان

______________________________

(1) لاحظ ص: 337

(2) لاحظ ص: 337.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 353

[مسألة 392: لو علم في أثناء الصلاة بوقوع بعض الصلاة في النجاسة]

(مسألة 392): لو علم في أثناء الصلاة بوقوع بعض الصلاة في النجاسة فان كان الوقت واسعا

بطلت و استأنف الصلاة (1).

______________________________

كان لم ينظر و لم يطلب فعليه أن يغسله و يعيد صلاته «1».

و الروايتان ضعيفتان سندا فلا تصل النوبة إلي تقريب الدلالة و صحتها و سقمها أما الرواية الاولي فبالصيقل و أما الثانية فبالارسال فلاحظ.

(1) يظهر من بعض الكلمات أن المشهور ذهبوا إلي الصحة في هذه الصورة و ذكر توجيها لهذا القول. وجهان:

الاول: أنه يستفاد من جملة من النصوص الواردة في حكم الرعاف أثناء الصلاة أن الاكوان المتخللة الصلاتية لا تشترط بالطهارة لاحظ ما رواه عمر بن اذينة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله عن الرجل يرعف و هو في الصلاة و قد صلي بعض صلاته فقال: ان كان الماء عن يمينه أو عن شماله أو عن خلفه فليغسله من غير أن يلتفت و ليبن علي صلاته فان لم يجد الماء حتي يلتفت فليعد الصلاة قال:

و القي ء مثل ذلك «2».

و ما رواه بكر بن أعين أن أبا جعفر عليه السلام رأي رجلا رعف و هو في الصلاة و أدخل يده في أنفه فأخرج دما فأشار اليه بيده افركه بيدك وصل «3».

و ما رواه عبد اللّه بن سليمان أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأخذه الرعاف في الصلاة فلا يريد أن يستنشفه أ يجوز ذلك؟ قال: نعم «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 41 من أبواب النجاسات الحديث: 4.

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 354

______________________________

و غيرها من الروايات الواردة في الباب 2 من أبواب قواطع الصلاة من الوسائل و من ناحية اخري قد دلت جملة من النصوص علي صحة الصلاة الواقعة في النجس لو

انكشف بعد الفراغ منها «1» فيستفاد بالاولوية من تلك النصوص عدم الفساد في مفروض الكلام فان وقوع تمام الصلاة في النجاسة مع الجهل اذا لم يوجب البطلان فعدم البطلان في صورة وقوع بعض الصلاة في النجس بالاولوية

و ان شئت قلت: الموجب للبطلان اما وقوع بعض الصلاة في النجس و اما النجاسة المعلومة بعد الانكشاف و شي ء منهما لا يوجب البطلان أما الاول فلدلالة النصوص الدالة علي عدم البطلان لو انكشف وقوع الصلاة في النجس بعد الصلاة فان تلك النصوص تدل علي عدم البطلان في المقام بالاولوية.

و أما الثاني فلأخبار الرعاف فانها تدل علي أن الاكوان المتخللة لا تشترط بالطهارة و لكن قد وردت جملة من النصوص ربما يستفاد منها خلاف المدعي المذكور فلا بد من ملاحظتها و انها هل تدل علي الخلاف أم لا؟

منها: ما رواه زرارة قال: قلت له: أصاب ثوبي دم رعاف أو شي ء من مني الي أن قال: ان رايته في ثوبي و أنا في الصلاة قال: تنقض الصلاة و تعيد اذا شككت في موضع منه ثم رأيته و ان لم تشك ثم رأيته رطبا قطعت و غسلته ثم بنيت علي الصلاة لأنك لا تدري لعله شي ء اوقع عليك فليس ينبغي أن تنقض اليقين بالشك ابدا «2».

______________________________

(1) لاحظ ص: 348

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 355

______________________________

بتقريب: أن المستفاد من قوله عليه السلام «لعله شي ء اوقع عليك» أنه لو علم بوقوع الصلاة في النجس تكون الصلاة باطلة و حيث ان الاحكام الشرعية تعبدية لا تنال ملاكاتها عقولنا نلتزم بالبطلان في المقام و نلتزم بالصحة فيما وقعت بتمامها في النجس بشرط عدم العلم إلي الفراغ من الصلاة.

و

لا يبعد أن يكون البيان المذكور تاما.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «1» بتقريب أنه لو علم بالنجاسة اثناء الصلاة تبطل صلاته و بعبارة اخري يستفاد من الحديث: أنه لو اعلمه بعد الصلاة لا يضره الاعلام و تكون صلاته تامة و أما لو اعلمه أثناء الصلاة لا وجب بطلان صلاته.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «2» أيضا بتقريب أن المستفاد من الرواية أن رؤية المني في الاثناء حيث انها تكشف عن وقوع بعض الصلاة في النجس تكون صلاته باطلة.

و ان شئت قلت: ان المني المرئي في الثوب أثناء الصلاة يكشف عن سبقه و أنه كان في اللباس من قبل فتكون الصلاة باطلة لوقوع بعض منها في النجس و هذا هو المدعي.

و منها: ما رواه أبو بصير «3» فانه يستفاد من هذه الرواية أن العلم بالنجاسة في الاثناء يوجب البطلان.

______________________________

(1) لاحظ ص: 349

(2) لاحظ ص: 337:

(3) لاحظ ص: 348

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 356

______________________________

الوجه الثاني: للقول المشهور عدة روايات: الاولي: ما رواه داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يصلي فأبصر في ثوبه دما قال:

يتم «1».

فان مقتضي اطلاق هذه الرواية عدم بطلان الصلاة و لو مع العلم بكون النجاسة من أول الامر لكن بمقتضي قانون تقييد المطلق بالمقيد لا بد من تقييده بالروايات المتقدمة الدالة علي البطلان في صورة وقوع بعض الصلاة في النجس.

الثانية: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان رأيت في ثوبك دما و أنت تصلي و لم تكن رأيته قبل ذلك فاتم صلاتك فاذا انصرفت فاغسله قال: و ان كنت رأيته قبل أن تصلي فلم تغسله ثم رأيته بعد و

أنت في صلاتك فانصرف فاغسله و اعد صلاتك «2».

و تقريب الاستدلال بالرواية هو التقريب و الجواب عنه هو الجواب فان دلالة صدر الحديث علي عدم البطلان في صورة الجهل بالنجاسة و وقوع بعض الصلاة في النجس بالاطلاق و الاطلاق قابل للتقييد.

الثالثة: ما رواه محمد بن مسلم «3» بتقريب أن المستفاد من صدر الحديث باطلاقه صحة الصلاة و عدم بطلانها برؤية الدم و لو مع وقوع بعض الصلاة في النجس.

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من أبواب النجاسات الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 191

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 357

______________________________

و الجواب عن الاستدلال المذكور أن المطلق يقيد بالمقيد فلا بد من تقييد الرواية بالنصوص المتقدمة فالمتحصل أنه مع سعة الوقت لا بد من اعادة الصلاة مع اجتماع الشرائط المقررة.

ايقاظ: ظاهر كلام الماتن في الفرع المذكور باطلاقه يشمل صورة وقوع بعض الصلاة في النجس لا من اولها كما لو علم في الركعة الرابعة بوقوع الدم عليه في الركعة الثالثة.

و بعبارة اخري: وقوع بعض الصلاة في النجس يتصور بصورتين:

الاولي: سبق النجاسة و وقوع الصلاة من أول شروعها في النجس.

الثانية: وقوع النجاسة علي المصلي في الاثناء فيقع الكلام في أن الصورة الثانية هل تلحق بالاولي في البطلان أم لا؟.

الحق هو الثاني و ذلك لان المستفاد من حديث زرارة «1» أن الذي يوجب بطلان الصلاة كون اللباس نجسا من أول الامر بحيث يكون المصلي داخلا في الصلاة مع الثوب النجس و أما اذا تكون النجاسة واقعة عليه أثناء الصلاة فلا تكون الصلاة باطلة.

بل يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله عليه السلام: «و ان لم تشك ثم رأيته رطبا قطعت و غسلته ثم بنيت علي الصلاة» فانه باطلاقه يشمل صورة وقوع بعض

الصلاة في النجس.

اضف إلي ذلك أن صورة العلم بوقوع النجاسة في الكون المتخلل بحيث

______________________________

(1) لاحظ ص: 354

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 358

و ان كان الوقت ضيقا حتي عن ادراك ركعة فان أمكن التبديل أو التطهير بلا لزوم المنافي فعل ذلك و أتم الصلاة (1) و الا صلي فيه (2).

و الاحوط استحبابا القضاء أيضا (3).

[مسألة 393: لو عرضت النجاسة في أثناء الصلاة]

(مسألة 393): لو عرضت النجاسة في أثناء الصلاة فان أمكن التطهير أو التبديل علي وجه لا ينافي الصلاة فعل ذلك و أتم صلاته و لا اعادة عليه (4).

______________________________

لم يقع جزء من الصلاة في النجس في غاية الندرة.

و يضاف إلي ذلك كله أنه يمكن أن يقال: ان الروايات الدالة علي عدم البطلان لو انكشف الحال بعد الصلاة تدل علي الصحة في مفروض الكلام بالاولوية اذ لو لم تبطل الصلاة بوقوع جميعها في النجس فلا تبطل بوقوع بعضها.

و يضاف إلي ذلك أنه لو استلزم البطلان و الاعادة لتنافيه قاعدة لا تعاد فلاحظ.

(1) اذ الضرورات تقدر بقدرها و ان شئت قلت: المفروض أنه لا يمكنه الاتيان بالصلاة الواجدة للشرط حتي بادراك ركعة منها و من ناحية اخري ان الصلاة لا تسقط بحال و من ناحية ثالثة انه يمكنه علي الفرض تحصيل الشرط فيما بقي من الصلاة فلا بد من رعايته بالنسبة إلي ما بقي كما في المتن.

(2) اذ لو دار الامر بين الصلاة في النجس و الصلاة عاريا يقدم الاول كما عليه الماتن و تعرض له في الفرع الآتي.

(3) لا يبعد أن يكون الوجه فيه امكان كون الوظيفة الصلاة عاريا و عليه يجب القضاء.

(4) اذ يستفاد من جملة من النصوص- كما تقدم- أن الاكوان المتخللة بين

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 359

و اذا لم يمكن

ذلك فان كان الوقت واسعا استأنف الصلاة بالطهارة (1) و ان كان ضيقا فمع عدم امكان النزع لبرد و نحوه و لو لعدم الامن

______________________________

أجزاء الصلاة لا تشترط بالطهارة لاحظ ما رواه عمر بن اذينة «1».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يأخذه الرعاف و القي ء في الصلاة كيف يصنع؟ قال: ينفتل فيغسل أنفه و يعود في صلاته و ان تكلم فليعد صلاته و ليس عليه وضوء «2».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه قال: سألته عن الرجل يصيبه الرعاف و هو في الصلاة فقال ان قدر علي ماء عنده يمينا و شمالا أو بين يديه و هو مستقبل القبلة فليغسله عنه ثم ليصل ما بقي من صلاته و ان لم يقدر علي ماء حتي ينصرف بوجهه أو يتكلم فقد قطع صلاته «3».

و ما رواه زرارة «4» و غيرها مما ورد في الباب 2 من أبواب قواطع الصلاة من الوسائل.

فبمقتضي هذه النصوص لا تبطل الصلاة بل يغسل ما أصابه الدم أو غيره من النجاسات اذ لا خصوصية للدم و يبني علي صلاته.

(1) كما هو مقتضي القاعدة فان المفروض أنه يمكن للمكلف أن يأتي بالمأمور به جامعا للشرائط فيجب.

______________________________

(1) لاحظ ص: 353

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) لاحظ ص: 354

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 360

من الناظر يتم صلاته و لا شي ء عليه (1) و لو أمكنه النزع و لا ساتر له غيره فالاظهر وجوب الاتمام فيه.

______________________________

(1) يظهر من بعض الكلمات أنه لا خلاف فيه مضافا إلي جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن علي الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه

عليه السلام عن رجل أجنب في ثوبه و ليس معه ثوب غيره (آخر) قال: يصلي فيه فاذا وجد الماء غسله «1».

و منها: ما رواه أيضا أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له الثوب الواحد فيه بول لا يقدر علي غسله قال: يصلي فيه «2».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يجنب في ثوب ليس معه غيره و لا يقدر علي غسله قال: يصلي فيه «3».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي عليه السلام قال: سألته عن رجل عريان و حضرت الصلاة فأصاب ثوبا نصفه دم أو كله دم يصلي فيه أو يصلي عريانا؟ قال: ان وجد ماء غسله و ان لم يجد ماء صلي فيه و لم يصل عريانا «4».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يجنب في ثوب و ليس معه غيره و لا يقدر علي غسله قال: يصلي فيه «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 45 من أبواب النجاسات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3.

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 361

______________________________

و منها: ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن رجل ليس عليه إلا ثوب و لا تحل الصلاة فيه و ليس يجد ماء يغسله كيف يصنع؟ قال:

يتيمم و يصلي فاذا اصاب ماء غسله و اعاد الصلاة «1».

و في بعضها علق الجواز علي الضرورة لاحظ ما رواه محمد الحلبي قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يجنب في

الثوب أو يصيبه بول و ليس معه ثوب غيره قال: يصلي فيه اذا اضطر اليه «2».

لكن الحديث المذكور لا اعتبار بسنده فان قاسم بن محمد الواقع في السند محل الكلام.

و ربما يقال: يكفي للاستدلال علي الصحة اطلاق الادلة الاولية الدالة علي وجوب الصلاة و لا تقيد بما دل علي اشتراط الطهارة اذ مع عدم القدرة لا مجال لتعلق التكليف.

و يرد عليه: أن الامر بالطهارة ارشاد إلي الشرطية و لا فرق في احكام الوضعية بين المختار و المضطر فهذا الاستدلال مخدوش فالمستند للحكم بالصحة ما ذكرناه

و في قبال هذه النصوص طائفة اخري من الروايات تدل علي وجوب الصلاة عريانا: منها: ما رواه سماعة قال سألته عن رجل يكون في فلاة من الارض و ليس عليه إلا ثوب واحد و أجنب فيه و ليس عنده ماء كيف يصنع؟ قال: يتيمم و يصلي عريانا قاعدا يؤمي إيماء «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 46 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 362

______________________________

و منها: ما رواه ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل عريان ليس معه ثوب قال: اذا كان حيث لا يراه أحد فليصل قائما «1».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل يكون في فلاة من الارض فأجنب و ليس عليه إلا ثوب فأجنب فيه و ليس يجد الماء قال: يتيمم و يصلي عريانا قائما يؤمي إيماء «2».

فان المستفاد من هذه النصوص كما تري انه يجب علي المكلف أن يصلي عاريا مع عدم امكان أن يصلي مع اللباس الطاهر فان قلنا: بأن تلك الطائفة الدالة علي جواز الصلاة مع اللباس النجس مطلق شامل لصورة الضرورة كالبرد

أو وجود ناظر محترم و نحوهما و هذه الطائفة ليس فيها اطلاق من هذه الجهة بل ناظرة إلي صوره عدم محذور و ضرورة فالصناعة تقتضي ان تقيد تلك الطائفة بهذه الطائفة لقانون وجوب تقييد المطلق بالمقيد و العام بالخاص.

و لكن الظاهر أن الطائفة الثانية أيضا مطلقة كالأولي فلا يبقي مجال لتقييد الاولي بالثانية.

و ربما يقال: بأن ما رواه الحلبي «3» شاهد للجمع المذكور اذا الحكم بالجواز فيها علق علي الضرورة فبهذه الرواية تقيد كلتا الطائفتين.

لكن قد مر أن الرواية ضعيفة سندا بقاسم بن محمد الجوهري فان الرجل محل الكلام.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 361.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 363

[مسألة 394: إذا نسي أن ثوبه نجس و صلي فيه كان عليه الإعادة إن ذكر في الوقت]

(مسألة 394): اذا نسي أن ثوبه نجس و صلي فيه كان عليه الاعادة ان ذكر في الوقت و ان ذكر بعد خروج الوقت فعليه القضاء (1).

______________________________

و قال الشيخ الحر قدس سره في ذيل نقل الطائفة الثانية: «و جمع جماعة بينهما بالتخيير».

و يرد عليه: أن التخيير يتفرع علي عدم المرجح السندي مضافا إلي أن التخيير لا دليل عليه و ما يدل عليه من النصوص ضعيف سندا.

و استشكل سيدنا الاستاد في الطائفة الثانية من حيث السند و قال: «الرواية الاولي و الثانية مضمرتان و المضمر فيهما سماعة و لم يثبت أن سماعة لا يضمر الا عن المعصوم كزارة و اضرابه فمن الممكن أن مرجع الضمير غير الامام فلا اعتبار بالحديثين و أما الرواية الثالثة فضعيفة بمحمد بن عبد الحميد حيث لم يثبت كون الرجل ثقة و عليه لا يبقي موضوع للتعارض و المرجع هي الطائفة الاولي.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم انه ان تم ما ذكره سيدنا الاستاد فهو و الا نقول: ان

الترجيح السندي مع الطائفة الاولي بالاحدثية لاحظ حديث علي بن جعفر «1» فانه مروي عن أبي الحسن موسي عليه السلام.

و مما ذكرنا ظهر أن ما أفاد الماتن في ذيل المسألة بأنه لو امكنه النزع و الصلاة عاريا فالاظهر وجوب الاتمام في النجس علي القاعدة فانه علي ما ذكرنا ان المرجع هي الطائفة الاولي و مقتضاها وجوب الصلاة في النجس.

(1) و يظهر من بعض الكلمات أن هذا هو المشهور بين القوم و استدل عليه بجملة

______________________________

(1) لاحظ ص: 360.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 364

______________________________

من النصوص: منها: ما رواه محمد بن مسلم «1» و منها: ما رواه سماعة «2».

و منها ما رواه زرارة قال: قلت له: أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شي ء من مني فعلمت أثره إلي أن اصيب له الماء فاصبت و حضرت الصلاة و نسيت أن بثوبي شيئا و صليت ثم اني ذكرت بعد ذلك قال: تعيد الصلاة و تغسله قلت: فاني لم أكن رأيت موضعه و علمت أنه أصابه فطلبته فلم اقدر عليه فلما صليت وجدته قال:

تغسله و تعيد «3».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور «4» و منها ما رواه اسماعيل الجعفي «5» و منها ما رواه ابن مسكان «6» و منها: ما رواه الحسن بن زياد «7».

فان مقتضي اطلاق هذه النصوص وجوب الاعادة في الوقت و القضاء في خارجه و مع دلالة هذه النصوص علي وجوب الاعادة علي الاطلاق لا تصل النوبة إلي الاخذ باطلاق حديث لا تعاد بدعوي أن المراد بالطهور الطهارة الحدثية فمقتضي اطلاق عدم وجوب الاعادة لا تجب مطلقا كما أنه لا مجال للأخذ بحديث رفع النسيان فان مقتضاه رفع الوجوب عن المركب و أما اثبات

الامر بالنسبة إلي الفاقد فلا يستفاد منه و أيضا

______________________________

(1) لاحظ ص: 191.

(2) لاحظ ص: 192

(3) الوسائل الباب 42 من أبواب النجاسات الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 338

(5) لاحظ ص: 191

(6) لاحظ ص: 325.

(7) لاحظ ص: 324

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 365

______________________________

لا مجال للقول بأن الامر بالمشروط مع النسيان لا يمكن فيتعلق بالفاقد للشرط.

و ان شئت قلت: ان الامر بالصلاة مع الطهارة لا يمكن أن يتوجه إلي الناسي فالامر المتعلق بالصلاة بالنحو المطلق يبقي علي حاله و هو المرجع.

و يرد عليه: أن الامر بالصلاة مع الطهارة ارشادي و يستفاد منه شرطية الطهارة أو مانعية النجاسة.

و بعبارة اخري: يدل علي الحكم الوضعي و في الحكم الوضعي لا فرق بين القادر و العاجز فالمتحصل من النصوص المشار اليها فساد الصلاة مع النجاسة المنسية علي الاطلاق و يلزم اعادتها في الوقت و قضائها في خارجه.

و في قبال هذه النصوص رواية رواها العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يصيب ثوبه الشي ء ينجسه فينسي أن يغسله فيصلي فيه ثم يذكر أنه لم يكن غسله أ يعيد الصلاة؟ قال: لا يعيد قد مضت الصلاة و كتبت له «1».

فان المستفاد منها عدم وجوب الاعادة علي الاطلاق و ان ما اتي به مع النسيان صحيح.

و ربما يقال: ان مقتضي الجمع بين هذه الرواية و تلك الروايات حمل تلك الروايات علي استحباب الاعادة.

و أورد سيدنا الاستاد علي هذا الجمع بأنه لا مجال له اذ دليل المنع ارشاد الي اشتراط الطهارة أو مانعية النجاسة و دليل عدم وجوب الاعادة دليل علي عدم الاشتراط و من الظاهر أن ما يكون قابلا للحمل علي الاستحباب هو الامر المولوي و أما الامر الارشادي فلا معني لحمله

علي الاستحباب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب النجاسات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 366

______________________________

ثم قال: ان القاعدة تقتضي الاخذ بالطائفة الاولي لان صدورها في الجملة مقطوع به فما خالفه مخالف للسنة و المخالف للسنة لا اعتبار به اذ قد امر بطرح ما خالف الكتاب و السنة و الحديث الدال علي عدم وجوب الاعادة مخالف للسنة فيطرح.

و يرد عليه: اولا أنه لا يحصل العلم بصدور بعض الاخبار الدالة علي وجوب الاعادة فانه لا يصير الخبر متواترا بهذا المقدار.

و ثانيا انا لم نجد دليلا معتبرا دالا علي أن ما خالف السنة لا يكون حجة.

و ثالثا: انه يمكن أن يقال بأن المراد من السنة الحكم الذي يكون مطابقا مع الواقع فلو ورد حديث عن النبي صلي اللّه عليه و آله أو احد الائمة عليهم السلام بالوجدان و ورد حديث آخر معارض معه بدليل معتبر لا يمكن أن يقال بأن الحديث الثاني مخالف للسنة بل كلا الحديثين حجة و الذي يدل علي ما قلناه انه قد دلت جملة من النصوص أنه لا بد من الاخذ بالحديث المتأخر و لو مع العلم بأن الحديث الاول قد ورد عن المعصوم.

لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: ما بال أقوام يروون عن فلان و فلان عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لا يتهمون بالكذب فيجي ء منكم خلافه؟ قال: ان الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن «1».

و ما رواه الحسين بن المختار عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب صفات القاضي الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 367

______________________________

قال أ رأيتك لو حدثتك بحديث العام ثم جئتني

من قابل فحدثتك بخلافه بأيهما كنت تأخذ؟ قال كنت آخذ بالاخير فقال لي: رحمك اللّه «1». و ما رواه أبو عمرو الكناني «2».

فالميزان هو الحديث المتأخر و من الظاهر أن قوله عليه السلام: «و ما خالف السنة فاضربه علي الجدار» علي فرض وجوده غير قابل للتخصيص.

الا أن يقال: ان ما دل علي أن ما خالف السنة فاضربه علي الجدار يوجب سقوط المخالف لكلام المعصوم فلا يكون حجة.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم أن الترجيح السندي مع الطائفة الاولي الدالة علي البطلان لمخالفتها مع العامة فان المستفاد من كلام الشيخ في الخلاف «3» أن مشاهير العامة قائلون بعدم البطلان فالقول بالبطلان مخالف للعامة و الترجيح معه.

و مما ذكرنا يظهر الحال في المعارضة بين الاخبار الواردة في الاستنجاء فان جملة منها تدل علي عدم الاعادة اذا نسي الاستنجاء لاحظ ما رواه عمار بن موسي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لو أن رجلا نسي أن يستنجي من الغائط

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 17

(3) الخلاف ج 1 ص: 178

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 368

______________________________

حتي يصلي لم يعد الصلاة «1».

و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال: سألته عن رجل ذكر و هو في صلاته أنه لم يستنج من الخلا قال: ينصرف و يستنجي من الخلا و يعيد الصلاة و ان ذكر و قد فرغ من صلاته فقد أجزأه ذلك و لا اعادة عليه «2» و ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتوضأ و ينسي أن يغسل ذكره و قد بال فقال: يغسل ذكره و لا يعيد الصلاة «3».

و في قبال هذه

الطائفة طائفة اخري تدل علي وجوب الاعادة مثل ما رواه سماعة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا دخلت الغائط فقضيت الحاجة فلم ترق (يرق) (تهرق) الماء ثم توضأت و نسيت أن تستنجي فذكرت بعد ما صليت فعليك الاعادة و ان كنت أهرقت الماء فنسيت أن تغسل ذكرك حتي صليت فعليك اعادة الوضوء و الصلاة و غسل ذكرك لان البول مثل البراز «4».

و ما رواه ابن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يبول و ينسي أن يغسل ذكره حتي يتوضأ و يصلي قال: يغسل ذكره و يعيد الصلاة و لا يعيد الوضوء «5».

و ما رواه عمرو بن أبي نصر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أبول و أتوضأ

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب احكام الخلوة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 18 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 369

و لا فرق بين الذكر بعد الصلاة و في أثنائها (1).

______________________________

و أنسي استنجائي ثم اذكر بعد ما صليت قال: اغسل ذكرك و أعد صلاتك و لا تعد وضوئك «1».

و ما رواه عمر بن اذينة قال: ذكر أبو مريم الانصاري أن الحكم بن عتيبة بال يوما و لم يغسل ذكره متعمدا فذكرت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السلام فقال: بئس ما صنع عليه أن يغسل ذكره و يعيد صلاته و لا يعيد وضوئه «2».

و ما رواه زرارة قال: توضأت يوما و لم اغسل ذكري ثم صليت فسألت أبا عبد اللّه عليه السلام فقال: اغسل ذكرك و أعد صلاتك «3».

(1) يمكن تقريب الاستدلال علي المدعي بوجوه: الاول:

قوله عليه السلام في حديث علي بن جعفر: «و يعيد الصلاة» «4».

فان المفروض انه نسي الاستنجاء و تذكر أثناء الصلاة و حكم عليه السلام بوجوب الاعادة فعليه تجب الاعادة حتي علي القول بعدم الاعادة و لو تذكر بعد الصلاة اذ المفروض انه قد دلت الرواية علي البطلان.

الثاني قوله عليه السلام في حديث عبد اللّه بن سنان «5» «و أعد صلاتك» فان مقتضي اطلاق الامر بالاعادة وجوبها في الصورة المفروضة.

الثالث ما دل من النصوص علي أنه لو صلي في النجس جاهلا و علم بالنجاسة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 7.

(4) لاحظ ص: 368.

(5) لاحظ ص: 356

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 370

مع امكان التبديل أو التطهير و عدمه (1).

[مسألة 395: إذا طهر ثوبه النجس و صلي فيه ثم تبين أن النجاسة باقية لم تجب الإعادة و لا القضاء]

(مسألة 395): اذا طهر ثوبه النجس و صلي فيه ثم تبين أن النجاسة باقية لم تجب الاعادة و لا القضاء لأنه جاهل بالنجاسة (2).

[مسألة 396: إذا لم يجد إلا ثوبا نجسا فإن لم يمكن نزعه لبرد أو نحوه صلي فيه بلا اشكال]

(مسألة 396): اذا لم يجد الا ثوبا نجسا فان لم يمكن نزعه لبرد أو نحوه صلي فيه بلا اشكال و لا يجب عليه القضاء و أن أمكن نزعه فالظاهر وجوب الصلاة فيه (3) و الاحوط استحبابا الجمع بين الصلاة فيه و الصلاة عاريا (4).

______________________________

أثناء الصلاة تكون صلاته باطلة لاحظ حديث زرارة «1» فانه لو كان الصلاة مع الجهل بالنجاسة باطلة فالبطلان مع النسيان بالاولوية.

الرابع حديث سماعة «2» فان العلة المذكورة في الرواية للبطلان و الاعادة مشتركة بين الموردين و بمقتضي عموم العلة يحكم بالبطلان في مفروض الكلام.

(1) لإطلاق دليل البطلان لاحظ حديث ابن جعفر فان مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين امكان التطهير و التبديل و عدمه.

(2) و مع الجهل بالنجاسة تكون الصلاة صحيحة كما مر.

(3) يظهر الوجه فيما أفاده في المقام مما ذكرناه حول ما ذكره في ذيل مسألة 393 فراجع.

(4) لا اشكال في حسن الاحتياط مضافا إلي أنه ذهب بعض إلي وجوب الصلاة عاريا فالجمع بين الامرين خروج عن شبهة الخلاف.

______________________________

(1) لاحظ ص: 354

(2) لاحظ ص: 192

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 371

[مسألة 397: إذا كان عنده ثوبان يعلم إجمالا بنجاسة أحدهما وجبت الصلاة في كل منهما]

(مسألة 397): اذا كان عنده ثوبان يعلم اجمالا بنجاسة احدهما وجبت الصلاة في كل منهما (1).

______________________________

(1) الكلام في هذا الفرع تارة يقع فيما هو مقتضي القاعدة الاولية و اخري فيما هو مقتضي النص.

أما المقام الاول فنقول: لا اشكال في تحقق الامتثال بالنحو المذكور و لا ينافي العبادية اذ قصد القربة يحصل باضافة العمل إلي المولي و لو من باب الرجاء و الاحتمال بل ذكرنا في محله أنه يجوز الامتثال الاحتمالي و لو مع التمكن من الامتثال التفصيلي فكيف بصورة عدم الامكان بل لو قلنا بلزوم قصد الوجه يتحقق باتيان العمل مكررا بداعي

وجوبه كما أنه لا دليل علي حرمة الاتيان بالصلاة في الثوب النجس حرمة ذاتية كي يدور الامر بين الصلاة عاريا و الصلاة في الثوب النجس بل الحرمة عرضية.

نعم لا يمكن قصد التميز كما أنه لا يمكن الجزم و لا دليل علي لزومهما بل يمكن ادعاء القطع بعدم اللزوم اذ لو كان لازما لوصل إلينا.

فالمتحصل أنه مع تكرار العمل و الاتيان بالصلاة في كل من الثوبين يحصل الامتثال و هل يمكن الاكتفاء بالصلاة في احد الثوبين؟

لا يبعد أن يقال بالاكتفاء اذ لزوم التعدد منشأه تنجز العلم الإجمالي بالنسبة إلي جميع الاطراف و سقوط الاصل بالمعارضة و هذا هو المشهور بين القوم لكن قد ذكرنا في مبحث تنجز العلم الإجمالي أنه يمكن الالتزام بجريان الاصل في بعض الاطراف مع الترك و الاجتناب عن الطرف الاخر فان مقتضي اطلاق دليل الاصل شموله لبعض الاطراف بهذا النحو و لا نري مانعا منه و قد تعرضنا لتقريب جريان

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 372

و لو كان عنده ثوب ثالث يعلم بطهارته تخير بين الصلاة فيه و الصلاة في كل منهما (1).

[مسألة 398: إذا تنجس موضع من بدنه و موضع من ثوبه أو موضعان من بدنه أو من ثوبه]

(مسألة 398): اذا تنجس موضع من بدنه و موضع من ثوبه أو موضعان من بدنه أو من ثوبه و لم يكن عنده من الماء ما يكفي

______________________________

الاصل في الجزء الاول من هذا الشرح فراجع «1».

فتحصل: أنه لا يجوز الاتيان بالصلاة في الثوبين بل يجوز الاكتفاء بالاتيان في احدهما هذا هو المقام الاول.

و أما المقام الثاني ففي المقام رواية يستفاد منها وجوب الاتيان في الثوبين و هي ما رواه صفوان بن يحي أنه كتب إلي أبي الحسن عليه السلام يسأله عن الرجل معه ثوبان فأصاب أحدهما بول و لم يدر أيهما هو

و حضرت الصلاة و خاف فوتها و ليس عنده ماء كيف يصنع؟ قال: يصلي فيهما جميعا قال الصدوق: يعني علي الانفراد «2».

و بملاحظة هذه الرواية لا مناص عن الاحتياط باتيان الصلاة في كل من الثوبين.

(1) ذهب سيد العروة إلي عدم جواز الاحتياط بالتكرار و حكم بوجوب الاتيان بالصلاة في الثوب الطاهر الا أن يكون له غرض عقلائي في عدم الاتيان في الطاهر فيجوز الاحتياط بالتكرار و قد تعرضنا لجواز الاحتياط حتي مع التمكن من الامتثال التفصيلي في الجزء الاول من هذا الشرح فراجع «3».

______________________________

(1) الجزء الاول ص: 235

(2) الوسائل الباب 64 من أبواب النجاسات الحديث: 1

(3) الجزء الاول ص: 19- 20

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 373

لتطهيرهما معا لكن كان يكفي لأحدهما وجب تطهير احدهما مخيرا (1).

______________________________

(1) احتاط سيد العروة قدس سره بتقديم تطهير البدن علي اللباس و اختاره سيد الحكيم أيضا.

و تقريب الاستدلال علي المدعي أن المقام من صغريات باب التزاحم فلا بد من تقديم ما يحتمل كونه أهم فيجب تطهير البدن و تقديمه علي تطهير الثوب لان كون البدن طاهرا محتمل الاهمية.

و ما أفاده تام علي تقدير كون المقام داخلا في باب التزاحم و أما علي تقدير عدم دخول المقام في صغريات ذلك الباب فلا يتم المدعي فنقول:

التزاحم انما يتصور في مورد لا يمكن للعبد الجمع بين تكليفين صادرين من قبل المولي كما اذا امر بانقاذ الغريق و نهي عن الغصب ثم توقف الانقاذ علي التوسط في الارض المغصوبة فلا بد من ترجيح احد الطرفين علي الطرف الاخر من مرجح و مع عدم المرجح يتخير المكلف في اختيار كل من الطرفين و ترجيحه علي الاخر.

و صفوة القول: أن التزاحم عبارة عن جعل حكمين مستقلين

لموضوعين و لا تكاذب بينهما في ناحية الجعل غاية الامر أن المكلف اذا كان عاجزا عن الاتيان بكليهما يقع التزاحم في مرحلة الامتثال.

و أما التعارض فهو عبارة عن التكاذب في مرحلة الجعل و التكاذب في مرحلة الجعل اما ذاتي و اما عرضي أما الاول فكما لو دل دليل علي وجوب صلاة الجمعة و دل دليل آخر علي عدم وجوبها فانه لا يعقل جعل المتناقضين و أما الثاني فكما لو دل دليل علي وجوب صلاة الجمعة و الدليل الاخر علي وجوب صلاة الظهر و علم من الخارج عدم وجوب صلاتين في يوم واحد فيعلم بكذب أحد الدليلين فيقع التعارض بينهما فلا بد اما من الترجيح أو التخيير.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 374

______________________________

اذا عرفت ما تقدم فاعلم أن المقام داخل في مسألة التعارض و ذلك لان الصلاة مركب واحد ذات اجزاء و شرائط و موانع و ليست الاوامر الواردة فيها الا ارشادا الي واجب واحد.

و بعبارة اخري: المستفاد من مجموع الادلة الواردة في الصلاة وجوب عمل واحد ذي أجزاء و شرائط و من الظاهر أن المركب ينتفي بانتفاء احد اجزائه كما أن المشروط ينتفي بانتفاء أحد شرائطه و عليه لو لم يمكن للمكلف الاتيان بهذا المركب يسقط الامر و مقتضي القاعدة عدم وجوب شي ء لكن قد ورد في باب الصلاة أنها لا تسقط بحال «لأنها عماد الدين «1».

فعلمنا من النص و الاجماع أن الصلاة لا تسقط بتعذر بعض أجزائها أو بعض شرائطها أو وجدانها لبعض موانعها فلو دار الامر بين رعاية احد شرطين مثلا فلا بد من ملاحظة دليل الشرط فان كان دليل كل من الطرفين لبيا كالإجماع يرفع اليد عن كلا الدليلين الا أن يعلم بوجوب

رعاية الجامع بينهما فيتخير بين الامرين و ان كان أحدهما لفظيا و الاخر لبيا يقدم اللفظي علي اللبي لان الدليل اللبي يقتصر فيه علي المقدار المتيقن منه و ان كان كلاهما لفظيا فان كان كل منهما شاملا لمورد التعارض بالوضع فلا بد من رعاية المرجحات السندية و مع عدمها يتخير المكلف اذ يدور الأمر بين التعيين و التخيير و مرجعه البراءة عن التعيين.

و ان كان احدهما بالوضع و الاخر بالاطلاق يقدم ما بالوضع علي ما بالاطلاق لان ما بالوضع قابل لان يكون بيانا لما بالاطلاق فلا يبقي مجال للعمل بالمطلق

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الاستحاضة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 375

______________________________

و ان كان كلاهما بالاطلاق فان قلنا بأن الاطلاقين يتساقطان بالتعارض- كما عليه سيدنا الاستاد- يتساقطان و النتيجة هو التخيير كما مر.

و أما ان قلنا بأنه لا بد من رعاية قانون التعارض- كما هو المختار عندنا- فلا بد من اعمال قانون الترجيح في سنديهما فمع الترجيح يقدم ما فيه الترجيح و مع عدمه يتساقطان و تصل النوبة إلي الاصل و مقتضاه التخيير كما مر فعلي هذا لو دار الامر بين تطهير الثوب و البدن يتخير المكلف بين الامرين كما في المتن.

و أفاد السيد الحكيم قدس سره في هذا المقام: انه لو قلنا بوجوب الصلاة عاريا مع الانحصار فلا ينبغي الاشكال في وجوب تطهير البدن عملا بمانعية النجاسة لأنه اذا طهر بدنه و صلي عاريا لم يصل في النجاسة بخلاف ما لو طهر الثوب و صلي فيه لأنه صلي و بدنه نجس قطعا.

فالنتيجة أنه علي فرض وجوب الاتيان بالصلاة عاريا في تلك المسألة يجب تطهير البدن في المقام «1».

و يرد عليه: ان الالتزام بالصلاة

عاريا هناك للنص الخاص و أما في المقام فلا نص و مقتضي القاعدة هو التخيير.

و ان شئت قلت: ان مقتضي الصناعة الالتزام بتعين الصلاة هناك عاريا و في المقام التخيير بين الامرين نعم بعد فرض اختيار المكلف تطهير بدنه يدور الامر بين الصلاة عاريا و الاتيان بها مع اللباس النجس فعلي القول بتقديم الاول نلتزم.

______________________________

(1) مستمسك العروة ج 1 ص 551

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 376

الا مع الدوران بين الاقل و الاكثر فيختار تطهير الاكثر (1).

[مسألة 399: يحرم أكل النجس و شربه]

(مسألة 399): يحرم أكل النجس و شربه (2).

______________________________

(1) و الوجه فيه أن المستفاد من دليل المانعية مانعية النجاسة في اللباس أو البدن فتجب ازالة النجاسة عن البدن كما تجب ازالتها عن اللباس فكل موضع من البدن و اللباس يكون نجسا يشمله دليل المانعية.

و بعبارة واضحة: انه لو نهي المولي عن طبيعة فتارة يكون نهيا عن صرف الطبيعة بحيث لو تحقق العصيان في ضمن فرد يسقط النهي و لا يكون للمولي النهي عنها بعده و اخري يكون النهي عن مطلق الوجود بحيث يكون كل فرد من الطبيعة موردا للنهي مثلا اذا قال المولي الخمر حرام علي النحو الكلي الساري يكون كل فرد من أفراد الخمر حراما و متعلقا للنهي فاذا فرض أن المكلف اضطر إلي شرب واحد من مصاديق الخمر يحل له ذلك الفرد بخصوصه و لا وجه لارتفاع النهي عن بقية الافراد بل يبقي النهي علي حاله و قس علي النهي المولوي النهي الارشادي فان المولي اذا نهي عن الصلاة في النجس ينحل هذا النهي بحسب ما يمكن أن يصير نجسا من لباس المصلي.

و ان شئت قلت: مقتضي النهي عن الصلاة مع البدن النجس أو اللباس النجس وجوب تطهير

كل قطعة من البدن أو اللباس عن النجاسة و علي هذا لو كان مقدار النجاسة في اللباس أزيد من البدن يجب غسل اللباس كما أن الامر كذلك بالنسبة إلي البدن لو انعكس الامر فما أفاده في المتن متين.

(2) قال سيد المستمسك قدس سره: «و لعل هذا الحكم من الضروريات» الي آخر كلامه.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 377

______________________________

و يستفاد المدعي من جملة من النصوص: لاحظ ما رواه زكريا بن آدم قال:

سألت أبا الحسن عليه السلام عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير و مرق كثير قال: يهراق المرق أو يطعمه أهل الذمة أو الكلب و اللحم اغسله و كله قلت: فانه قطر فيه الدم قال: الدم تأكله النار ان شاء اللّه قلت: فخمر أو نبيذ قطر في عجين أو دم قال: فقال: فسد.

قلت ابيعه من اليهودي و النصاري و ابين لهم؟ قال: نعم فانهم يستحلون شربه قلت و الفقاع هو بتلك المنزلة اذا قطر في شي ء من ذلك؟ فقال: اكره أنا أن آكله اذا قطر في شي ء من طعامي «1» و ما رواه زرارة «2» و ما رواه جابر «3» و ما رواه السكوني «4» و ما رواه حريز «5» و ما رواه أبو خالد القماط «6» و ما رواه ابو بصير «7».

و ما رواه سعيد الاعرج أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجرة تسع مأئة رطل يقع فيها أوقية من دم اشرب منه و أتوضأ؟ قال: لا «8» و ما رواه معاوية

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب النجاسات الحديث: 8.

(2) لاحظ ص: 155

(3) لاحظ ص: 155

(4) لاحظ ص: 155.

(5) لاحظ ص: 187.

(6) لاحظ ص: 154.

(7) لاحظ ص: 290.

(8)

الوسائل الباب 13 من أبواب النجاسات الماء المطلق الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 378

و يجوز الانتفاع به فيما لا يشترط فيه الطهارة (1).

______________________________

بن وهب «1» و ما رواه زرارة «2» و ما رواه الحلبي «3».

الي غيرها من الروايات المذكورة في الوسائل في الباب 43 من أبواب الأطعمة المحرمة و الباب 3 من أبواب الماء المطلق و الباب 18 من أبواب الاشربة المحرمة

فالمتحصل مما تقدم حرمة أكل النجس و شربه كما في المتن.

(1) مقتضي القاعدة الاولية جواز الانتفاع بالنجس الا فيما قام الدليل علي الحرمة و مرسلة حسن بن علي بن شعبه «4» من حيث الدلالة علي الحرمة تامة اذ نهي فيها عن الانتفاع بالنجس و عنوان النجس كما يطلق علي الاعيان النجسة كذلك يطلق علي المتنجس و العرف ببابك لكن المرسلات لا اعتبار بها و عمل المشهور بها علي تقدير تحققه لا يوجب اعتبارها.

ان قلت: يستفاد من جملة من النصوص أنه لا يجوز الانتفاع بالخمر لاحظ ما رواه أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالي: انما الخمر و الميسر الاية أما الخمر فكل مسكر من الشراب اذا اخمر فهو خمر و ما أسكر كثيرة فقليله حرام و ذلك أن أبا بكر شرب قبل أن تحرم الخمر فسكر إلي أن قال: فانزل اللّه تحريمها بعد ذلك و انما كانت الخمر يوم حرمت بالمدينة فضيخ البسر و التمر فلما نزل تحريمها خرج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقعد في المسجد ثم دعا بآنيتهم التي كانوا ينبذون فيها فأكفأها كلها و قال: هذه كلها خمر حرمها اللّه فكان أكثر

______________________________

(1) لاحظ ص: 279

(2) لاحظ ص: 281.

(3) لاحظ ص: 279

(4) الوسائل الباب 2 من

أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 379

______________________________

شي ء [اكفي] في ذلك اليوم الفضيخ و لم اعلم اكفي يومئذ من خمر العنب شي ء الا اناء واحد كان فيه ربيب و تمر جميعا فأما العصير العنب فلم يكن منه يومئذ بالمدينة شي ء و حرم اللّه الخمر قليلها و كثيرها و بيعها و شرائها و الانتفاع بها الحديث «1».

و ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: لعن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في الخمر عشرة: غارسها و حارسها و عاصرها و شاربها و ساقيها و حاملها و المحمولة اليه و بايعها و مشتريها و آكل ثمنها «2».

و ما رواه معاوية بن عمار قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الخمر يكتحل منها فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ما جعل اللّه في محرم شفاء «3».

و غيرها مما ورد في الباب 21 و 34 من أبواب الاشربة المحرمة من الوسائل.

بل لا يبعد أن يستفاد من بعضها- كحديث أبي الجارود- وجوب اراقتها فان لم يكن الانتفاع بالنجس حراما فما الوجه في حرمة الانتفاع بالخمر؟.

قلت: لا يستفاد من النصوص المشار اليها أن العلة للحرمة نجاسة الخمر و لذا نلتزم بالحرمة حتي علي القول بطهارتها.

و ملخص الكلام أن مقتضي القاعدة الاولية عدم الحرمة و علي فرض قيام دليل علي الحرمة في مورد لا بد من الاقتصار عليه و لا وجه للتعدي و تفصيل الكلام في

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 34 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 1.

(3) الوسائل الباب 21 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 380

[مسألة 400: لا يجوز بيع الميتة]

(مسألة 400): لا يجوز بيع الميتة

(1).

______________________________

كل واحد من النجاسات موكول إلي محله.

(1) يظهر من بعض الكلمات أن المشهور بل المجمع عليه بين الخاصة و العامة هي حرمة بيع الميتة وضعا و تكليفا و عن المستند أن حرمة بيعها و شرائها و التكسب بها اجماعي و كذلك نقل عن التذكرة و عن رهن الخلاف: أنها لا تملك.

و يدل علي الحرمة الوضعية ما رواه البزنطي صاحب الرضا عليه السلام قال:

سألته عن الرجل تكون له الغنم يقطع من ألياتها و هي أحياء أ يصلح له أن ينتفع بما قطع؟ قال: نعم يذيبها و يسرج بها و لا يأكلها و لا يبيعها «1».

و تدل أيضا علي فساد بيعها عدة نصوص: منها: ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: السحت ثمن الميتة و ثمن الكلب و ثمن الخمر و مهر البغي و الرشوة في الحكم و أجر الكاهن «2».

و منها: ما رواه الصدوق قال: قال عليه السلام: أجر الزانية سحت و ثمن الكلب الذي ليس بكلب الصيد سحت و ثمن الخمر سحت و أجر الكاهن سحت و ثمن الميتة سحت الحديث «3».

و منها: ما روي عن جعفر بن محمد عن آبائه في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: يا علي من السحت ثمن الميتة و ثمن الكلب و ثمن الخمر و مهر الزانية و الرشوة في الحكم و أجر الكاهن «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 5.

(3) نفس المصدر الحديث: 8.

(4) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 381

______________________________

و في قبال هذه النصوص ما يعارضها لاحظ ما رواه أبو القاسم الصيقل قال:

كتبت

اليه قوائم السيوف التي تسمي السفن اتخذها من جلود السمك فهل يجوز العمل بها و لسنا نأكل لحومها؟ «قال خ» فكتب: لا بأس «1».

و ما رواه أيضا و ولده قال: كتبوا إلي الرجل جعلنا اللّه فداك انا قوم نعمل السيوف ليست لنا معيشة و لا تجارة غيرها و نحن مضطرون اليها و انما علاجنا جلود الميتة و البغال و الحمير الاهلية لا يجوز في أعمالنا غيرها فيحل لنا عملها و شرائها و بيعها و مسها بأيدينا و ثيابنا و نحن نصلي في ثيابنا و نحن محتاجون إلي جوابك في هذه المسألة يا سيدنا لضرورتنا؟ فكتب اجعل ثوبا للصلاة و كتب اليه جعلت فداك و قوائم السيوف التي تسمي السفن نتخذها من جلود السمك فهل يجوز لي العمل بها و لسنا نأكل لحومها؟ فكتب عليه السلام: لا بأس «2». و الحديثان ضعيفان.

و ربما يستفاد الجواز من رواية أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث ان علي بن الحسين عليه السلام كان يبعث إلي العراق فيؤتي مما قبلكم بالفرو فيلبسه فاذا حضرت الصلاة القاه و ألقي القميص الذي يليه فكان يسئل عن ذلك فقال:

ان أهل العراق يستحلون لباس الجلود الميتة و يزعمون أن دباغه ذكاته «3».

بتقريب: أن الظاهر من الرواية أنه عليه السلام كان يبعث إلي العراق لان يشتري له الفرو و الحال أن أهل العراق كانوا يستحلون لباس الميتة حسب قوله عليه السلام.

و يرد عليه: أن السند ضعيف مضافا إلي أن يد المسلم و سوق المسلمين امارة

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 61 من أبواب النجاسات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص:

382

و الخمر (1).

______________________________

علي التذكية فالمتحصل أن الحق ما أفاده في المتن من حرمة بيع الميتة وضعا.

(1) الظاهر أنه أاتفاقي بين الفريقين و حرمته أوضح من أن يخفي و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل ترك غلاما له في كرم له يبيعه عنبا أو عصيرا فانطلق الغلام فعصر خمرا ثم باعه قال: لا يصلح ثمنه ثم قال: ان رجلا من ثقيف اهدي إلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله راويتين من خمر فأمر بهما رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فاهريقتا و قال: ان الذي حرم شربها حرم ثمنها ثم قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان أفضل خصال هذه التي باعها الغلام أن يتصدق بثمنها «1».

و منها ما رواه السكوني «2» و منها ما رواه الصدوق «3» و منها ما رواه حماد بن عمرو و انس «4». و منها غيرها المذكور في الوسائل في الباب 55 و 5 من أبواب ما يكتسب به.

و علي الجملة لا اشكال في حرمة بيع الخمر لكن المستفاد من جملة من النصوص جواز بيعه بالنسبة إلي الكافر لاحظ النصوص التي نذكرها في شرح حرمة بيع الخنزير.

______________________________

(1) الوسائل الباب 55 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 380.

(3) لاحظ ص: 380.

(4) لاحظ ص: 380.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 383

و الخنزير (1).

______________________________

و لا ادري كيف حكم الماتن بحرمة بيع الخمر و الخنزير علي الاطلاق و الحال أنه ليس الامر كذلك.

لا يقال: اي أثر يترتب علي صحة بيع الكافر فانه يقال: من جملة آثاره أنه لو باع الخمر أو الخنزير يتملك الثمن فيجوز أن يأخذه المسلم

منه بسبب من الاسباب المقررة كما أنه صرح بما ذكر في بعض النصوص المشار اليها فلاحظ.

(1) ادعي علي بطلان بيعه الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجلين نصرانيين باع احدهما خمرا أو خنزيرا إلي أجل فأسلما قبل أن يقبضا الثمن هل يحل له ثمنه؟ بعد الإسلام قال: انما له الثمن فلا بأس أن يأخذه «1».

فان المستفاد من هذه الرواية فساد بيع الخنزير اذ لو كان بيعه صحيحا لم يكن وجه لتخصيص الحلية بمن له الثمن فيعلم أن البيع فاسد في حق المسلم.

و بعبارة اخري: ان مقتضي مفهوم الحصر أن غير مالك الثمن لا يجوز له و ان لم يكن البيع فاسدا لم يكن وجه للتخصيص كما أنه يستفاد من الرواية أنه يجوز بيعه لغير المسلم.

و منها: ما رواه معاوية بن سعيد عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن نصراني أسلم و عنده خمر و خنازير و عليه دين هل يبيع خمره و خنازيره و يقضي دينه؟

قال: لا «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 61 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 57 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 384

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بمعاوية بن سعيد.

و منها ما رواه يونس في مجوسي باع خمرا أو خنازير إلي اجل مسمي ثم أسلم قبل أن يصل المال قال: له دراهمه و قال: أسلم رجل و له خمر أو خنازير ثم مات و هي في ملكه و عليه دين قال: يبيع ديانه أو ولي له غير مسلم خمره و خنازيره و يقضي دينه و ليس له أن

يبيعه و هو حي و لا يمسكه «1».

و هذه الرواية ضعيفة بابن مرار.

و منها: حديثا الجعفريات و دعائم الإسلام قال: من السحت إلي أن قال و ثمن الخنزير «2» و قال: نهي عن بيع الاحرار و عن بيع الميتة و الخنزير «3» و الحديثان كلاهما ضعيفان سندا.

و في قبال هذه النصوص عدة روايات يستفاد منها الجواز منها: ما رواه منصور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: لي علي رجل ذمي دراهم فيبيع الخمر و الخنزير و أنا حاضر فيحل لي أخذها؟ فقال: انما لك عليه دراهم فقضاك دراهمك «4».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل كان له علي رجل دراهم فباع خمرا و خنازير و هو ينظر فقضاه فقال: لا بأس أما للمقتضي فحلال و أما للبائع فحرام «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 2:

(2) مستدرك الوسائل الباب 5 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 60 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 385

و الكلب غير الصيود (1).

______________________________

و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يكون لي عليه الدراهم فيبيع بها خمرا و خنزيرا ثم يقضي منها قال: لا بأس أو قال: خذها «1».

و منها: ما رواه محمد بن يحيي الخثعمي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون لنا عليه الدين فيبيع الخمر و الخنازير فيقضينا فقال: فلا بأس به ليس عليك من ذلك شي ء «2».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له علي الرجل مال فيبيع

بين يديه خمرا و خنازير يأخذ ثمنه قال: لا بأس «3».

فلا بد من الجمع بين هذه النصوص فنقول: النص المعتبر الدال علي الحرمة منحصر في حديث ابن جعفر و المستفاد منه كما مر أمران: أحدهما عدم الجواز للمسلم ثانيهما الجواز للنصراني.

و ما دل علي الجواز علي قسمين: أحدهما: ما يدل علي الجواز بالنسبة إلي خصوص الذمي ثانيهما: ما يدل علي الجواز علي الاطلاق أما القسم الاول فلا تعارض بينه و بين دليل المنع اذ كل منهما وارد في موضوع غير ما ورد فيه الاخر و أما القسم الثاني فحيث انه مطلق يقيد بحديث ابن جعفر بمقتضي قانون تقييد المطلق بالمقيد فلا يبقي اشكال.

(1) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم و عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 386

______________________________

عليه السلام قال: ثمن الكلب الذي لا يصيد سحت ثم قال: و لا بأس بثمن الهر «1».

و تدل علي المدعي جملة اخري من النصوص منها: ما رواه أبو عبد اللّه العامري قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ثمن الكلب الذي لا يصيد فقال: سحت و أما الصيود فلا باس «2»

و منها: ما رواه الحسن بن علي القاساني عن الرضا عليه السلام في حديث قال: و ثمن الكلب سحت «3».

و منها: ما رواه جراح المدائني قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من أكل السحت ثمن الخمر و نهي عن ثمن الكلب «4».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ثمن كلب الصيد قال: لا بأس بثمنه و الاخر لا يحل ثمنه

«5».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ثمن الخمر و مهر البغي و ثمن الكلب الذي لا يصطاد من السحت «6».

و منها: ما رواه الوليد العماري قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ثمن

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

(6) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 387

______________________________

الكلب الذي لا يصيد فقال: سحت و أما الصيود فلا بأس «1».

و منها: ما رواه الوشاء عن الرضا عليه السلام قال: سمعته: يقول: ثمن الكلب سحت و السحت في النار «2».

و هذه النصوص كلها ضعيفة أما الاول فبقاسم الوليد العماري و أما الثاني فبسهل و أما الرابع فبقاسم بن سليمان و أما الخامس و السادس فبالبطائني و أما السابع فبقاسم بن الوليد و أما الثامن فبالارسال.

فالمعتبر من الروايات هو رواية محمد بن مسلم و عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه فالمتحصل أن بيع الكلب فاسد لكن قد قيد دليل الحرمة بان لا يكون صيوديا و أما الصيود فيحل بيعه كما صرح في جملة من النصوص لاحظ ما رواه ابن مسلم فان المنع يختص بغير الصيود و أما بيع الصيود فيجوز علي طبق القاعدة بل يمكن ان يقال: ان جوازه يستفاد من نفس الحديث بمقتضي الفهم العرفي.

و نتيجة ما تقدم أن بيع الكلب مطلقا فاسد الا كلب الصيد و ربما يقال: بجواز بيع كلب الماشية و الزرع و الحائط و استدل عليه بجملة من الوجوه كلها ضعيفة:

الاول: الاجماع و فيه أن حال

الاجماع في الاشكال ظاهر اذ يحتمل كونه مستندا إلي الوجوه المذكورة فيكون مدركيا لا تعبديا فلا يكون حجة.

الثانية: أن قتلها يوجب الدية. و فيه أن ثبوت الدية لا يستلزم جواز البيع فان قتل الحر يوجب الدية و مع ذلك لا يجوز بيعه.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7.

(2) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 388

و لا بأس يبيع غيرها من الاعيان النجسة و المتنجسة اذا كانت لها منفعة محللة معتدة بها عند العقلاء علي نحو يبذل بازائها المال (1) و الا فلا يجوز بيعها و ان كانت لها منفعة محللة جزئية (2).

______________________________

الثالث: أن اجارتها جائزة فيجوز بيعها أيضا للملازمة. و فيه: أنه لا ملازمة و لذا يجوز اجارة الحر و لا يجوز بيعه.

الرابع: أن بيع كلب الصيد جائز لوجود المنفعة فيه فيجوز بيع هذه الثلاثة لعين الملاك.

و فيه: أنه لا ملازمة بين الامرين و لذا نري أن الحر له منافع محللة مقصودة و مع ذلك لا يجوز بيعه.

و علي الجملة الاحكام الشرعية تعبدية و لا طريق إلي الوصول إلي ما هو الملاك.

الخامس: أن مقتضي الجمع بين الروايات هو الجواز. و فيه: أن الدليل المعتبر قد دل علي جواز بيع الصيود و نهي عن غيره و أما الرواية الدالة علي الجواز خصوصا أو عموما كحديث تحف العقول فلا اعتبار بسنده فلا تصل النوبة إلي الجمع السندي و الدلالي.

فالنتيجة: أنه لا دليل علي جواز الانواع الثلاثة فالمرجع الرواية الدالة علي عدم الجواز نعم في خصوص الكلب الذي يصيد يجوز بيعه لدلالة جملة من النصوص عليه.

(1) تفصيل الكلام موكول إلي كتاب المكاسب و لكن الظاهر أن الامر كما أفاده اذ ليس في المقام ما يكون مقتضيا للحرمة و

الاطلاقات الدالة علي صحة البيع تقتضي الجواز.

(2) قد تعرضنا لهذه الجهة في بحث المعاملات و قد قرر ما حققناه في هذا

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 389

[مسألة 401: يحرم تنجيس المساجد و بنائها و سائر آلاتها و كذلك فراشها]

(مسألة 401): يحرم تنجيس المساجد و بنائها و سائر آلاتها و كذلك فراشها و اذا تنجس شي ء منها وجب تطهيره بل يحرم ادخال النجاسة العينية غير المتعدية اليه اذا لزم من ذلك هتك حرمة المسجد مثل وضع العذرات و الميتات فيه و لا بأس به مع عدم الهتك و لا سيما فيما لا يعتد به لكونه من توابع الداخل مثل أن يدخل الانسان و علي ثوبه أو بدنه دم لجرح أو قرح أو نحو ذلك (1).

______________________________

المقام المقرر لاحظ ج 3 من كتاب دراساتنا ص: 154- 159 و قلنا هناك انه لا دليل علي اعتبار المالية و المنفعة في المبيع و التفصيل موكول إلي ذلك الباب.

و العجب من الماتن حيث أفتي في المقام بعدم الجواز مع أنه صرح في بعض كلماته «1» بعدم الاعتبار و في بعض نسخ المنهاج بني عدم الجواز علي الاحتياط.

(1) في هذه المسألة فروع: الاول: أنه تجب ازالة النجاسة عن المسجد و الذي يمكن أن يذكر في وجهه أو ذكر امور:

الامر الاول: الاجماع و فيه أنه علي فرض تحصيله لا يمكن أن يعتمد عليه لاحتمال استناد المجمعين إلي الوجوه المذكورة فلا يكون تعبديا كاشفا بل يحتمل كونه مدركيا.

الامر الثاني: قوله تعالي: «أَنْ طَهِّرٰا بَيْتِيَ لِلطّٰائِفِينَ وَ الْعٰاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ» «2».

بتقريب: أن اللّه تعالي أمر بتطهير البيت و حيث انه لا فرق بين المسجد الحرام

______________________________

(1) مصباح الفقاهة ج 1 ص: 58

(2) البقرة/ 119

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 390

______________________________

و بقية المساجد فان جميع المساجد بيوت اللّه فيجب

ازالة النجاسة عن مطلق المسجد.

و فيه: أولا أن الخطاب المذكور متوجه إلي ابراهيم و كون المقصود من الطهارة الطهارة الشرعية الاعتبارية التي محل الكلام أول الاشكال بل مناسبة الحكم و الموضوع تقتضي أن يكون المراد من الجملة تطهير البيت من آثار الشرك و قذارته كما ورد عن الصادق عليه السلام فانه عليه السلام قال في هذا الخبر: «يعني نح عنه المشركين» «1» فلا ترتبط الاية بالمدعي.

و ثانيا لو اغمض عما ذكر نقول: ان المستفاد من الاية أن التطهير لأجل الطائف و العاكف فيناسب أن يكون المراد من التطهير تنزيه البيت من القذارات الصورية.

و ثالثا أن عدم الفصل بين المسجد الحرام و بقية المساجد غير ثابت و عدم القول بالفصل ليس اجماعا علي عدم الفصل و الحال أن الاجماع علي فرض تحققه لا أثر له كما مر.

الامر الثالث: قوله تعالي: «إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلٰا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرٰامَ» «2».

بتقريب: أن المستفاد من الاية حرمة دخول المشرك المسجد الحرام لأجل كونه نجسا و حيث انه لا فرق بين المسجد الحرام و بقية المساجد فالحكم عام.

و يرد عليه أولا: أنه قد مر منا الاشكال في كون المراد من اللفظ في الاية

______________________________

(1) تفسير نور الثقلين ج 1 ص 123

(2) التوبة/ 28

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 391

______________________________

النجاسة الاعتبارية و قد استوفينا الكلام من هذه الجهة في بحث نجاسة الكافر فراجع.

و ثانيا: أن عدم الفرق بين المسجد الحرام و بقية المساجد أول الكلام كما مر آنفا.

و ثالثا: أن الاية علي فرض دلالتها انما تدل علي حرمة ادخال النجاسة في المسجد و الحال أنه لا يحرم ادخال الاعيان النجسة فيه اذا لم يلزم منه الهتك.

فالنتيجة أن هذا الدليل أيضا غير تام.

الامر الرابع: ما

عن النبي صلي اللّه عليه و آله: أنه قال: جنبوا مساجدكم النجاسة «1».

و هذه الرواية لإرسالها لاعتبار بها مضافا إلي تطرق احتمالات فيها فانه من الممكن أن يكون المراد بالمساجد المواضع السبعة كما أنه يمكن أن يكون المراد المواضع التي تقع عليها المواضع السبعة و أيضا يمكن أن يكون المراد خصوص موضع الجبهة.

الامر الخامس: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الدابة تبول فتصيب بولها المسجد أو حائطه أ يصلي فيه قبل أن يغسل؟ قال اذا جف فلا بأس «2».

بتقريب: أن المرتكز في ذهن السائل أن ازالة النجاسة عن المسجد أمر واجب و من ناحية اخري يتصور السائل أن بول الدابة من النجاسات و لذا يسأل

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب أحكام المساجد الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب النجاسات الحديث: 18

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 392

______________________________

عن الامام عن وظيفته و الامام عليه السلام قرره علي ما في ذهنه.

ان قلت: بول الدواب طاهر علي طبق المذهب. قلت: حيث ان مذهب العامة علي نجاسته يكون التقرير تقية.

ان قلت: ان كان المستفاد من الرواية ما ذكر فكيف يمكن الالتزام بعدم البأس في صورة الجفاف اذ مطلق الجفاف لا يكون مطهرا.

قلت: من الممكن أن الرواية من هذه الجهة صدرت أيضا تقية اذ كما نقل أن بعض العامة أي الحنفية قائلون بأن مطلق الجفاف يقتضي الطهارة و لكن حمل الرواية علي التقية بهذا النحو لا ينافي دلالتها علي المدعي فان المستفاد منها وجوب ازالة النجاسة عن المسجد غاية الامر تطبيق هذه الكبري علي المورد يكون بنحو التقية.

لكن في المقام اشكال و هو أنه من الممكن أن يكون السؤال من ناحية

منافاة تعظيم المسجد مع وجود القذارات العرفية فيه فربما تجب ازالتها عنه أو تستحب فيمكن أن يكون وجه السؤال امكان تنافي المبادرة إلي الصلاة مع وجود بول الدابة علي جدران المسجد و الامام عليه السلام يفصل بين صورتي الجفاف و عدمه اذ مع الجفاف لا يصدق انهتاك المسجد فلا يرتبط السؤال بوجوب ازالة النجاسة عن المسجد.

و يؤيد المدعي أنه يبعد أن يكون مثل علي بن جعفر جاهلا بعدم نجاسة بول الدابة. فتأمل.

الامر السادس: ما رواه محمد الحلبي قال: نزلنا في مكان بيننا و بين المسجد

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 393

______________________________

زقاق قذر فدخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال: أين نزلتم؟ فقلت: نزلنا في دار فلان فقال: ان بينكم و بين المسجد زقاقا قذرا أو قلنا له: ان بيننا و بين المسجد زقاقا قذرا فقال: لا بأس ان الارض تطهر بعضها بعضا قلت: و السرقين الرطب أطأ عليه فقال: لا يضرك مثله «1».

بتقريب: أن تعليق نفي البأس علي حصول الطهارة يدل علي أنه مع النجاسة لا يجوز.

و فيه: أولا أنه يمكن أن يكون بلحاظ الصلاة كما يستفاد ما ذكر من حديثه الاخر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: ان طريقي إلي المسجد في زقاق يبال فيه فربما مررت فيه و ليس علي حذاء فيلصق برجلي من نداوته فقال: أ ليس تمشي بعد ذلك في أرض يابسة؟ قلت: بلي قال: فلا بأس ان الارض تطهر بعضه بعضا قلت: فأطأ علي الروث الرطب قال: لا بأس أنا و اللّه ربما وطئت عليه ثم اصلي و لا اغسله «2».

فان المستفاد من هذا الحديث أن محط النظر جواز الصلاة بلحاظ حصول الطهارة فلا ترتبط الرواية بحرمة

تنجيس المسجد أو وجوب تطهيره.

و ثانيا لو كان النظر إلي عدم تنجيس المسجد لكان المناسب أن يعلل عدم الباس بجفاف الرجل من البول اذ مع الجفاف لا ينجس المسجد فلاحظ.

الامر السابع: ما رواه أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام في حديث

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب النجاسات الحديث: 4.

(2) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 394

______________________________

طويل ان اللّه أوحي إلي نبيه أن طهر مسجدك و أخرج من المسجد من يرقد فيه بالليل و مر بسد أبواب من كان له في مسجدك باب الباب علي عليه السلام و مسكن فاطمه عليها السلام و لا يمرن فيه جنب «1».

و يرد عليه: أنه يمكن أن يكون المراد من المسجد مسجد الجبهة و الا كان المناسب أن يقول: «و اخرج منه» لسبق المرجع مضافا إلي أنه يمكن أن يكون وجوب تطهير مسجده تكليفا مختصا به.

الامر الثامن النصوص الدالة علي جواز جعل الكنيف مسجدا بعد تنظيفه أو طمه بالتراب لاحظ الروايات في الوسائل في الباب 11 من أبواب أحكام المساجد منها ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي أنه قال لأبي عبد اللّه عليه السلام: فيصلح المكان الذي كان حشا زمانا أن ينظف و يتخذ مسجدا؟ فقال: نعم اذا القي عليه من التراب ما يواريه فان ذلك ينظفه و يطهره «2».

و منها ما رواه أبو الجارود قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المكان يكون خبيثا ثم ينظف و يجعل مسجدا قال: يطرح عليه من التراب حتي يواريه فهو أطهر «3».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن بيت كان حشا زمانا هل يصلح أن يجعل

مسجدا؟ قال: اذا نظف و اصلح فلا بأس «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الجنابة الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب احكام المساجد الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 395

______________________________

فانه يمكن أن يستدل بهذه الروايات علي المدعي بتقريبين: احدهما: أن المرتكز في ذهن السائل التنافي بين المسجدية و النجاسة و الامام عليه السلام قرره علي هذا الارتكاز.

ثانيهما أنه عليه السلام علق جواز جعل الكنيف مسجدا علي الطم فيعلم التنافي بين الامرين و يعلم من هذه النصوص كما ذكرنا أن عنوان المسجد لا يجامع مع النجاسة فلا فرق بين الاحداث و الابقاء اي يستفاد منها أمران:

الاول: حرمة التنجيس الثاني وجوب التطهير لكن لا يستفاد من هذه النصوص سراية الحكم المذكور إلي خارج المسجد فلا دليل علي شمول الحكم خارجه فلا تجب ازالة النجاسة عن جدار المسجد من خارجه.

و ان شئت قلت: المستفاد من الادلة حرمة التنجيس و وجوب الازالة عن ظاهر المسجد و أما باطنه فمقتضي الاصل هو الجواز.

و ربما يقال: بأنه يجوز تنجيس المسجد فان الجواز مقتضي الاصل و يدل عليه ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الدمل يكون بالرجل فينفجر و هو في الصلاة قال: يمسحه و يمسح يده بالحائط أو بالارض و لا يقطع الصلاة «1».

فان مقتضي اطلاق الحديث جواز مسح يده بالحائط و ان كان الحائط للمسجد.

و فيه: أن الاصل لا يبقي مجال له بعد ورود النص و أما الحديث فلا اطلاق له و ليس في مقام البيان من هذه الجهة و لذا لا يمكن الاستدلال به علي جواز مسح

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب النجاسات الحديث:

8.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 396

______________________________

حائط الغير مضافا إلي أن الرواية مخدوشة سندا بعلي بن خالد فالمتحصل مما ذكرنا أنه تجب ازالة النجاسة عن المسجد.

الفرع الثاني: أنه يحرم تنجيس المسجد كما تجب ازالة النجاسة عنه و قد ظهر بما ذكرنا أن الامر كما أفاده فكما تجب الازالة كذلك يحرم احداث النجاسة.

الفرع الثالث: أنه تجب ازالة النجاسة عن آلات المسجد و فراشه و يحرم تنجيسها و الحاق الامور المذكورة بالمسجد في الوجوب و الحرمة المذكورين مشكل و الاحتياط طريق النجاة.

و ملخص الكلام أنه لا دليل علي الحاق آلات المسجد بالمسجد نفسه في وجوب ازالة النجاسة عنها و حرمة تنجيسها و مقتضي الاصل الاولي البراءة نعم اذا ترتب علي تنجيس الالات هتك حرمة المسجد أو ترتب الهتك علي عدم ازالة النجاسة عنها حرم الاول و وجب الثاني.

و في كلام سيدنا صرح بحرمة التنجيس بالنسبة إلي حصيره و فرشه بتقريب أنه ينافي جهة الوقفية».

و لم أفهم المراد من هذا الكلام فانه اي منافاة بين تنجيس فرش المسجد و جهة الوقف الا من ناحية توقف الاستفادة عن فرش المسجد علي طهارته و هذا التقريب علي فرض تماميته يكون أخص من المدعي فلاحظ.

الفرع الرابع: أنه يحرم ادخال النجاسة غير المتعدية اليه مع تحقق الهتك و الامر كما أفاده فان هتك حرمة المسجد حرام بالقطع اذ المسجد من شعائر اللّه و هتكها حرام و لذا يحرم الهتك بأي نحو يتحقق و لا يختص بالمقام.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 397

[مسألة 402: تجب المبادرة إلي إزالة النجاسة من المسجد]

(مسألة 402): تجب المبادرة إلي ازالة النجاسة من المسجد (1) بل و آلاته و فراشه علي الاحوط (2) حتي لو دخل المسجد ليصلي

______________________________

الفرع الخامس: جواز الادخال مع عدم تحققه و هذا لا

اشكال فيه فان السيرة جارية علي ادخال النجاسة في المسجد في صورة عدم تحقق الهتك.

و يمكن استفادة الجواز من بعض النصوص كالنصوص الدالة علي اجتياز الجنب و الحائض المساجد و الحال انهما مصاحبان غالبا مع النجاسة لاحظ النصوص في الباب 15 من أبواب الجنابة من الوسائل منها: ما رواه جميل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجنب يجلس في المساجد؟ قال: لا و لكن يمر فيها كلها الا المسجد الحرام و مسجد الرسول صلي اللّه عليه و آله «1».

و منها: ما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قالا قلنا له:

الحائض و الجنب يدخلان المسجد أم لا؟ قال: الحائض و الجنب لا يدخلان المسجد الا مجتازين ان اللّه تبارك و تعالي يقول: و لا جنبا الا عابري سبيل حتي تغتسلوا «2».

(1) حيث علم من الشارع عدم رضائه ببقاء النجاسة فيه للتنافي و يمكن الاستدلال علي المدعي بالنصوص الدالة علي تعليق جواز جعل الكنيف مسجدا علي الطم فانه لو لم تكن النجاسة منافية مع المسجدية بنحو الاطلاق لم يكن وجه للزوم الطم اولا ثم جعل المحل مسجدا.

(2) اذ لا دليل علي شمول الحكم لما ذكر فاسراء الحكم من باب الاحتياط فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الجنابة الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 398

فيه فوجد فيه نجاسة وجبت المبادرة إلي ازالتها مقدما لها علي الصلاة مع سعة الوقت (1) لكن لو صلي و ترك الازالة عصي (2) و صحت الصلاة (3) أما في الضيق فتجب المبادرة إلي الصلاة مقدما لها علي الازالة (4).

[مسألة 403: إذا توقف تطهير المسجد علي تخريب شي ء منه وجب تطهير إذا كان يسيرا لا يعتد به]

(مسألة 403): اذا توقف تطهير المسجد علي تخريب شي ء منه وجب تطهير اذا

كان يسيرا لا يعتد به و أما اذا كان التخريب مضرا بالوقف ففي جوازه فضلا عن الوجوب اشكال حتي فيما اذا وجد باذل لتعميره (5).

[مسألة 404: إذا توقف تطهير المسجد علي بذل مال وجب]

(مسألة 404): اذا توقف تطهير المسجد علي بذل مال وجب الا اذا كان بحيث يضر بحاله (6).

______________________________

(1) اذ الموسع لا يزاحم المضيق.

(2) لتركه الواجب.

(3) بالترتب.

(4) فان الاقوي ملاكا يقدم و لا اشكال في أقوائية الصلاة من حيث الملاك فتقدم.

(5) الذي يختلج بالبال أن يقال ان كان التخريب لا يضر بالانتفاع منفعة مقصودة من المسجد يجب لان المفروض وجوب الازالة فتجب مقدمة ما يكون واجبا و أما ان كان مضرا بالوقف كما هو المفروض في المتن فوجوبه محل الاشكال اذ المقام يدخل في كبري التزاحم و حيث ان حرمة التخريب محتمل الاهمية فلا مجال لتعين الازالة بالتخريب و عليه لا فرق بين وجود الباذل و عدمه.

(6) تارة تكون للمسجد موقوفة راجعة إلي جهات المسجد فلا اشكال في جواز

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 399

و لا يضمنه من صار سببا للتنجيس (1) كما لا يختص وجوب ازالة النجاسة به (2).

[مسألة 405: إذا توقف تطهير المسجد علي تنجيس بعض المواضع الطاهرة وجب إذا كان يطهر بعد ذلك]

(مسألة 405): اذا توقف تطهير المسجد علي تنجيس بعض المواضع الطاهرة وجب اذا كان يطهر بعد ذلك (3).

______________________________

بذل المال منها لتطهير المسجد اذ تطهيره من الامور الراجعة اليه فلا اشكال في البذل بل يجب و أما علي تقدير عدمها فان قلنا بأن المستفاد من دليل لا ضرر هو النهي فلا مجال للتوقف في الوجوب لان التطهير واجب و مقدمة الواجب كذلك و أما علي المسلك المشهور فان توقف تطهير المسجد علي بذل المال و كان ضرريا لا يجب لحكومة قاعدة لا ضرر علي ادلة الاحكام الاولية.

(1) دليل الضمان ناظر إلي تلف العين أو النقص الحاصل فيها بفعل المتلف و أما مؤنة التطهير فلا دليل علي ضمانها فلو نجس ملك الغير فتارة يكون التنجيس موجبا لإتلافه كالحليب المتنجس فضمانه

علي من نجسه اذا لإتلاف يوجب الضمان و اخري يوجب نقصان قيمتها فالمتلف يضمن ما به التفاوت و أما مؤنة التطهير فلا.

هذا بالنسبة إلي الاملاك الشخصية أو الاوقاف الخاصة و أما المسجد فهو تحرير و ليس وقفا فلا يضمن من نجسه نعم لا يبعد القول بالضمان بالنسبة إلي اتلاف ما يكون وقفا للمسجد فان فرش المسجد وقف و ليس تحريرا.

(2) اذ المفروض أن وجوب ازالة النجاسة عن المسجد كفائي و لا يختص بواحد من المكلفين دون آخر و لا فرق في تحقق موضوع التكليف بين أنواعه و ذلك لإطلاق الدليل و ان شئت قلت: لم يدل دليل علي الاختصاص.

(3) اذ الامر يدور بين المحذورين و يجب بحكم العقل اختيار اقلهما.

بل يمكن أن يقال بالوجوب في الجملة و لو مع عدم طهارته بعد ذلك مثلا لو

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 400

[مسألة 406: إذا لم يتمكن الإنسان من تطهير المسجد وجب عليه إعلام غيره]

(مسألة 406): اذا لم يتمكن الانسان من تطهير المسجد وجب عليه اعلام غيره اذا احتمل حصول التطهير باعلامه (1).

[مسألة 407: إذا تنجس حصير المسجد وجب تطهيره فيما إذا لم يستلزم فساده علي الأحوط]

(مسألة 407): اذا تنجس حصير المسجد وجب تطهيره فيما اذا لم يستلزم فساده علي الاحوط و أما مع استلزام الفساد ففي جواز

______________________________

فرض توقف تطهير ثلاثة اذرع من المسجد علي تنجيس شبر واحد بحيث لا يمكن تطهيره بعد ذلك لا يبعد أن يقال بوجوب الازالة و لو مع استلزامها نجاسة ذلك المقدار و عدم امكان ازالتها بعد ذلك و ذلك لان كل جزء من المسجد موضوع للحكم فلو دار الامر بين بقاء نجاسة الاقل و الاكثر يقدم الاول.

(1) بتقريب: أنه اذا شك العبد في القدرة علي الامتثال أو اذا شك في امكان تحصيل الغرض يجب بحكم العقل التصدي و سد باب العدم من ناحية نفسه.

و للنقاش في هذا التقريب مجال فان الواجب بحكم العقل امتثال الامر المولوي كما لو تمكن من تحصيل الغرض الملزم فانه لا يبعد أن يقال ان العقل يحكم بلزوم حفظ الملاك و عدم جواز تفويته.

و أما في غير هذين الموردين فلا دليل علي المدعي فان مقتضي اصل البراءة عدم توجه التكليف و في المقام مع الشك في تأثير الاخبار يشك المكلف في القدرة علي التطهير و مع الشك فيها يشك في توجه الحطاب و مقتضي الاصل عدم الوجوب.

نعم مع احراز التأثير و قيام الغير بهذه الوظيفة يجب الاعلام اذ لا يجب في تطهير المسجد المباشرة بل يتحقق الامتثال باي نحو ممكن.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 401

تطهيره أو قطع موضع النجس منه اشكال (1).

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج

الصالحين؛ ج 3، ص: 401

[مسألة 408: لا يجوز تنجيس المسجد الذي صار خرابا]

(مسألة 408): لا يجوز تنجيس المسجد الذي صار خرابا و ان كان لا يصلي فيه أحد و يجب تطهيره اذا تنجس (2).

______________________________

(1) قد مر الاشكال فيه و أنه لا دليل علي الوجوب نعم فيما لا يتوجه محذور يكون التطهير موافقا للاحتياط و أما مع استلزامه محذورا كما ذكر في المتن فلا يجوز اذ لا مجال لارتكاب الاحتياط في ضمن الاتيان بالمحرم.

(2) المسجد المخروب تارة يكون باقيا بعنوانه و اخري لا يكون باقيا بعنوانه كما اذا جعل طريقا و شارعا عاما بحيث لا يصدق عليه العنوان الاولي فلا اشكال في حرمة التنجيس و وجوب الازالة لإطلاق الدليل و أما الصورة الثانية فربما يقال:

بأنه لا يترتب عليه الاحكام المقررة لعدم بقاء عنوان الموضوع.

و بتقريب آخر: الادلة اللفظية لا تشمله لان الاحكام المستفادة من الادلة اللفظية مترتبة علي عنوان المسجد و المفروض انتفاء العنوان فلا موضوع و لا مجال لاستصحاب بقاء احكامه لعدم جريان الاستصحاب في الحكم الكلي.

و يرد عليه أنه لا اشكال في انطباق عنوان المسجدية و لو بعد الخراب و جعله موضوعا آخر اذ المسجدية يتقوم بجعل من بيده الامر المكان الفلاني مسجدا و لا معني لزوال هذا العنوان.

و العجب من سيدنا الاستاد حيث أفاد في هذا المقام- علي ما في التقرير- أن الوقف لا يبطل بالخراب لعدم المقتضي للبطلان و أما ترتيب الاحكام عليه فلا لانتفاء الموضوع.

فان ما أفاده جمع بين المتنافيين اذ العنوان الذي قصده الجاعل و هو عنوان

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 402

[مسألة 409): اذا علم اجمالا بنجاسة أحد المسجدين أو أحد المكانين من مسجد وجب تطهيرهما]

(مسألة 409): اذا علم اجمالا بنجاسة أحد المسجدين أو أحد المكانين من مسجد وجب تطهيرهما.

[مسألة 410: يلحق بالمساجد المصحف الشريف و المشاهد المشرفة و الضرائح المقدسة و التربة الحسينية]

(مسألة 410): يلحق بالمساجد المصحف الشريف و المشاهد المشرفة و الضرائح المقدسة و التربة الحسينية بل تربة الرسول ص و سائر الائمة عليهم السلام المأخوذة للتبرك فيحرم تنجيسها اذا كان يوجب اهانتها و تجب ازالة النجاسة عنها حينئذ (2).

______________________________

المسجدية ان كان باقيا يترتب أحكامه و الا فلا مقتضي لبقاء الوقف علي حاله و الحال أن الجاعل قصد أمرا واحدا و الامر الواحد غير قابل للبقاء و الزوال معا مضافا إلي أن المسجد ليس وقفا بل تحرير.

و نعم ما قال المحقق الهمداني قدس سره في هذا المقام في شرح قول المحقق قدس سره: «و اذا زالت آثار المسجدية لا تزول بذلك مسجديته»،: «لان قوام المسجدية في الحقيقة انما هو بارض المسجد لا بالآثار بل لو خرجت أرضه عن صلاحية أن يصلي فيه بالفعل باستعلاء الماء عليها أو باستيجامها مثلا لم يحل لأحد تملكه، بل و لا فعل ما ينافي مسجديته» «1».

الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

(1) للعلم الإجمالي و تنجيزه علي ما هو المعروف عند القوم.

(2) اذ لا اشكال في حرمة اهانة المذكورات فانها حرمات اللّه و شعائره وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعٰائِرَ اللّٰهِ فَإِنَّهٰا مِنْ تَقْوَي الْقُلُوبِ كما أنه لو تنجست و بقائها علي النجاسة

______________________________

(1) مصباح الفقيه ج 2 ص: 705

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 403

______________________________

يوجب انتهاكها تجب الازالة بلا اشكال.

هذا بالنسبة إلي مورد تحقق عنوان الهتك و هو خارج عن محل الكلام فان هتك حرمات اللّه حرام باي وجه كان و لذا لا يجوز و يحرم الهتك و لو مع عدم التنجيس و أما الازالة أو التنجيس بما هما

كذلك فهل يكون دليل علي وجوب الاول و حرمة الثاني؟

فنقول: أما وجوب الازالة فالظاهر أنه لا دليل عليه و كونه مصداقا لتعظيم شعائر اللّه لا يقتضي الوجوب اذ من الظاهر أنه لا يجب تعظيم الشعائر بجميع أنواعه و هذا أوضح من أن يخفي و مقتضي الاصل الاولي عدم الوجوب.

و أما حرمة التنجيس فتارة يقع الكلام بالنسبة إلي المصحف الشريف و اخري بالنسبة إلي بقية المذكورات في المتن أما المصحف الشريف فالظاهر أنه لا دليل علي حرمة تنجيسه مع قطع النظر عن عنوان الهتك بلا فرق بين خطه و غيره من الورق و الجلد و غيرهما مما يتعلق به.

و ربما يقال- كما عن شيخنا الانصاري قدس سره- بأنه يحرم مس الخط الشريف بلا طهارة و يدل عليه قوله تعالي: «لٰا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ» «1» فان الاية الشريفة و لو بمعونة النص تدل علي حرمة المس و ان غير المتطهر لا يجوز له فبطريق أولي تدل علي حرمة تنجيسه و ازالة النجاسة عنه.

و بعبارة اخري: اذا كان مس الخط باليد مع طهارة اليد غير جائز كما يستفاد من الاية يحرم التنجيس بالاولوية.

______________________________

(1) الواقعة/ 79

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 404

[مسألة 411: إذا غصب المسجد و جعل طريقا أو دكانا أو خانا أو نحو ذلك]

(مسألة 411): اذا غصب المسجد و جعل طريقا أو دكانا أو خانا أو نحو ذلك ففي حرمة تنجيسه و وجوب تطهيره اشكال (1) و الاقوي عدم وجوب تطهيره من النجاسة الطارئة عليه بعد الخراب (2).

______________________________

و يرد عليه: أنه لا ملازمة بين عدم جواز مس الكتاب لغير المتطهر و عدم وجوب ازالة النجاسة الخبثية عنه و كذلك حرمة التنجيس اذ ملاكات الاحكام الشرعية ليست بايدينا.

و اما الاية الشريفة فقد تعرضنا لها في الجزء الاول من هذا الشرح ص: 552

و قلنا هناك بأن الاية ليست في مقام التشريع و لا يستفاد منها الحكم الشرعي و الرواية المفسرة لها ضعيفة سندا فراجع.

و أما ساير المذكورات في المتن فافاد سيدنا الاستاد بأنه حرام بتقريب: ان ما يتعلق بالمعصوم من الحرم الشريف و الرواق و الضريح و غيرها وقف خاص له و ملك لتلك الجهة الخاصة و قد وقفت لانتفاع الناس بها و كونها نجسة ينافي الانتفاع المطلوب منها اذ مع نجاستها تتعدي إلي الزوار فلا يجوز.

و يرد عليه أولا: أنه ليس كل جزء من المذكورات مورد ابتلاء الزوار فالدليل أخص من المدعي.

و ثانيا أن ما افيد يتوقف علي تنجيس المتنجس و هو أول الكلام.

و ثالثا هذا البيان لا يتم مع الشك في السراية و الملاقاة مع الرطوبة.

فالحق عدم قيام دليل علي حرمة التنجيس فالمتحصل مما ذكرنا أنه لا دليل علي وجوب ازالة النجاسة عن المذكورات بل لا دليل علي حرمة تنجيسها فلاحظ.

(1) قد مر أنه لا وجه للإشكال.

(2) لم يظهر لي وجه ما أفاده فانه اي فرق بين الصورتين و بعبارة اخري ان

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 405

و أما مساجد الكفار فلا يحرم تنجيسها و لا تجب ازالة النجاسة عنها (1).

نعم اذا اتخذت مسجدا بأن يتملكها ولي الامر ثم يجعلها مسجدا جري عليها جميع أحكام المسجد (2).

______________________________

كان تخريب المسجد يخرجه عن عنوانه و يبدل موضوعه بحيث لا يترتب عليه الاحكام المقررة له شرعا فلا يفرق بين النجاسة الطارئة عليه قبل الخراب و بعده اذ المفروض انعدام الموضوع و لا مجال لاستصحاب الحكم السابق لعدم بقاء الموضوع أولا و عدم جريان الاستصحاب في الحكم الكلي ثانيا و أما ان قلنا بعدم خروجه عن عنوانه بالخراب فلا وجه

للتفريق بل يترتب عليه جميع الاحكام بلحاظ اطلاق الدليل.

(1) الحكم مترتب علي عنوان المسجدية و حيث انه لم يحرز قصد هذا العنوان بالنسبة إلي تلك المعابد فلا تترتب عليها الاحكام المذكورة المترتبة علي المسجد بل يظهر من بعض النصوص أنها لا تكون مسجدا لاحظ ما رواه العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن البيع و الكنائس يصلي فيها؟

قال: نعم و سألته هل يصلح بعضها مسجدا فقال: نعم «1».

و ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن البيع و الكنائس هل يصلح نقضها لبناء المساجد؟ فقال: نعم «2». فانه يظهر من الحديثين أن البيع و الكنائس ليست مسجدا اذ لو كانت مساجد لم يكن وجه لنقضها و بنائها ثانيا فان تخريب المسجد غير جائز.

(2) لتحقق الموضوع علي الفرض و ترتب الحكم علي موضوعه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب احكام المساجد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 406

[تتميم: فيما يعفي عنه في الصلاة من النجاسات و هو أمور]
اشارة

تتميم: فيما يعفي عنه في الصلاة من النجاسات و هو أمور:

[الأول: دم الجروح و القروح في البدن و اللباس]
اشارة

الاول: دم الجروح و القروح في البدن و اللباس (1).

حتي تبرأ بانقطاع الدم انقطاع برء (2) و الاقوي اعتبار المشقة النوعية بلزوم الازالة أو التبديل في كل يوم مرة فاذا لم يلزم ذلك

______________________________

(1) قال في الحدائق: «لا خلاف بين الاصحاب فيما اعلم في أصل العفو عن دم الجروح و القروح قليلا كان أو كثيرا و الاخبار به متظافرة» «1» انتهي.

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير «2» و لاحظ ما رواه ليث المرادي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل تكون به الدماميل و القروح فجلده و ثيابه مملوة دما وقيحا و ثيابه بمنزلة جلده فقال: يصلي في ثيابه و لا يغسلها و لا شي ء عليه «3».

فان مقتضي اطلاق الحديثين و غيرهما من النصوص المذكورة في الباب عدم تقييد الحكم بالحرج و المشقة.

و لا يخفي أنه مع المشقة و العسر لا نحتاج إلي النصوص الخاصة اذ الحرج يرفع التكليف فلا تكليف بالصلاة مع المشقة.

و ملخص الكلام أنه لم يقيد الحكم في النصوص بصورة الحرج كما أن مقتضي التصريح بالبرء في حديث أبي بصير و اطلاق باقي النصوص بقاء العفو إلي زمان البرء.

______________________________

(1) الحدائق ج 5 ص: 300.

(2) لاحظ ص: 195

(3) الوسائل الباب 22 من أبواب النجاسات الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 407

فلا عفو (1) و منه عدم البواسير اذا كانت ظاهرة

______________________________

(1) لم يظهر لي وجه ما أفاده اذ ربما يقال: ان المستفاد من نصوص الباب بحسب الفهم العرفي أن يكون التطهير أو التبديل ذا مشقة نوعية و ان لم يكن بالنسبة الي شخص خاص شاقا.

و هذه الدعوي ليست بعيدة و من يدعي استفادتها

من النصوص ليس مجازفا لكن تخصيص الحكم بخصوص المشقة في التبديل في اليوم مرة لا وجه له.

و بعبارة اخري: لا يبعد أن يقال- كما في كلام السيد اليزدي قدس سره في عروته-: ان المستفاد من النصوص اختصاص الحكم بصورة المشقة النوعية ففي كل مورد يكون كذلك يكون معفوا و الا فلا فلاحظ.

و في المقام حديثان لا ينطبقان علي ما في المتن احدهما ما رواه سماعة قال:

سألته عن الرجل به الجرح و القرح فلا يستطيع أن يربطه و لا يغسل دمه قال: يصلي و لا يغسل ثوبه كل يوم إلا مرة فانه لا يستطيع أن يغسل ثوبه كل ساعة «1».

فان المستفاد من هذه الرواية أن الذي لا يمكنه غسل الدم و لا ربط ما به من القرح أو الجرح يصلي و يغسل في كل يوم ثوبه و لم يقيد بعدم الحرج النوعي و المشقة النوعية فلا ينطبق علي ما أفاده.

مضافا إلي أنه مضمر سماعة و الماتن لا يري مضمر سماعة معتبرة بدعوي أنه لم يثبت أن سماعة لا يضمر الا عن المعصوم عليه السلام.

ثانيهما ما رواه في السرائر: «قال: ان صاحب القرحة التي لا يستطيع صاحبها ربطها و لا حبس دمها يصلي و لا يغسل ثوبه في اليوم أكثر من مرة «2».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل ج 2 ص 1029 في الهامش الرقم: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 408

______________________________

و المستفاد من هذا الحديث أن صاحب القرحة التي لا يستطيع ربطها و لا حبس دمها يصلي و لا يغسل ثوبه في اليوم اكثر من مرة و هذا الحديث أيضا كما تري لا ينطبق علي ما في المتن.

فالمتحصل بحسب الفهم العرفي من النصوص الواردة في المقام أنه

لو كان في التبديل أو الغسل مشقة نوعية لم يجب و مع عدم المشقة لا نوعا و لا شخصا يشكل الجزم بالجواز.

و الذي يستفاد من حديث ابن مسلم أنه يجب التبديل أو الغسل في كل يوم مرة نعم اذا كان حرجيا حرجا شخصيا لا يجب اذ الحرج يرفع الحكم الحرجي الا أن يقال: بأنه لا يمكن الالتزام بوجوبه فان قوله عليه السلام في حديث أبي بصير «1» صريح في أنه لم يغسل ثوبه إلي زمان برء دماميله و الحال أنه من البعيد جدا عدم امكان الغسل أو التبديل بالنسبة اليه.

و يستفاد من حديث ابن جعفر «2» وجوب غسل الثوب في كل يوم مرتين و لكن يرفع اليد عنه أيضا بصراحة خبر أبي بصير في عدم وجوبه إلي أن يحصل البرء مضافا إلي أن وجوب الغسل خلاف السيرة الخارجية القطعية فلاحظ.

ثم انه أفاد سيد العروة فيها أنه يجب شده اذا كان في موضع يتعارف شده و لعل المدرك حديث ابن مسلم المنقول في السرائر بتقريب أن المستفاد من مفهوم الرواية ان الذي يستطيع ربط القرحة يجب أن يربطها و يشدها.

______________________________

(1) لاحظ ص 195

(2) لاحظ ص: 325.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 409

بل الباطنة كذلك علي الاظهر و كذا كل جرح أو قرح باطني خرج دمه إلي الظاهر (1).

[مسألة 412: كما يعفي عن الدم المذكور يعفي أيضا عن القيح المتنجس به و الدواء الموضوع عليه و العرق المتصل به]

(مسألة 412): كما يعفي عن الدم المذكور يعفي أيضا عن القيح المتنجس به (2) و الدواء الموضوع عليه و العرق المتصل به (3).

______________________________

و يرد علي الاستدلال بالرواية علي المدعي أنه قد حقق في محله عدم المفهوم للوصف فلا مجال لهذه الدعوي.

و أما ما رواه سماعة «1» و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال:

قلت لأبي عبد اللّه

عليه السلام: الجرح يكون في مكان لا يقدر علي ربطه فيسيل منه الدم و القيح فيصيب ثوبي فقال: دعه فلا يضرك أن لا تغسله «2»، فلم يذكر القيد في كلام الامام عليه السلام بل ذكر في كلام السائل فعدم دلالتها علي المفهوم أوضح فالمتحصل أنه لا مقتضي لهذا التقييد مضافا إلي أن السيرة الجارية من المتشرعة ليست كذلك فيكشف عن عدم اللزوم.

(1) لا يبعد أن ما أفاده علي طبق القاعده فان الميزان في العفو هو الذي يبتلي المكلف بدمه و يتلوث بدنه أو لباسه بلا فرق بين كونه ظاهريا أو باطنيا فعليه يدخل في المقام دم البواسير بلا فرق بين الخارجي و الداخلي.

(2) كما صرح في حديثي ليث و عبد الرحمن «3» و لا يبعد أن يكون يستفاد من غيرهما كذلك للملازمة الغالبية.

(3) للتعارف الخارجي و حمل النصوص علي صورة خلو الجرح أو القرح

______________________________

(1) لاحظ ص: 407

(2) الوسائل الباب 22 من أبواب النجاسات الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 406 و اول هذه الصحيفة

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 410

و الاحوط استحبابا شده اذا كان في موضع يتعارف شده (1).

[مسألة 413: إذا كانت الجروح و القروح المتعددة متقاربة]

(مسألة 413): اذا كانت الجروح و القروح المتعددة متقاربة بحيث تعد جرحا واحدا عرفا جري عليه حكم الواحد فلو برأ بعضها لم يجب غسله بل هو معفو عنه حتي يبرأ الجميع (2).

[مسألة 414: إذا شك في دم أنه دم جرح أو قرح أو لا لا يعفي عنه]

(مسألة 414): اذا شك في دم أنه دم جرح أو قرح أولا لا يعفي عنه (3).

[الثاني: الدم في البدن و اللباس]
اشارة

الثاني: الدم في البدن و اللباس (4).

______________________________

عن الدواء خلاف الظاهر فانه حمل للمطلق علي الفرد النادر كما أن حمله علي فصل الشتاء أو البلاد الباردة أو علي صورة عدم ملاقاة العرق للموضوع كذلك فان كل ذلك خلاف الظاهر.

و صفوة القول أن حمل النصوص علي غير المتعارف الخارجي خلاف المتفاهم العرفي كما أن حملها علي الحكم الاقتضائي و الحيثي خلاف الظاهر فلاحظ.

(1) قد مر الوجه فيه.

(2) بلا اشكال و لا كلام اذ المفروض كونها واحدة عرفا مضافا إلي حديث أبي بصير «1» فانه صرح عليه السلام بأن به دما ميل و لم يكن يغسل ثوبه.

(3) لاستصحاب عدم كونه من القروح و الجروح فلا بد من ازالته اذ مقتضي عموم المانعية أن الدم مطلقا يكون مانعا خرج منه دم القروح و الجروح فاذا احرز بالاستصحاب عدم كونه منهما يشمله دليل المانعية.

(4) النصوص الواردة في المقام واردة في الثوب و لكن المشهور فيما بين

______________________________

(1) لاحظ ص: 195.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 411

______________________________

القوم ضم البدن اليه قال في الحدائق: «و ظاهر كلمة الاصحاب الاتفاق علي ضم البدن اليه أيضا» «1» انتهي.

و الذي يمكن أن يقال في وجه الالحاق أمور: الاول: القطع بعدم الفرق- كما في كلام بعض- و الانصاف أن دعوي القطع بعدم الفرق جزاف.

الثاني: الاجماع و فيه انه علي تقدير تحصيله يحتمل أن يكون مستندا إلي بعض الوجوه المذكورة في كلمات القوم.

الثالث: ما رواه مثني بن عبد السلام «2» بتقريب أن المراد بقدر الحمصة قدرها وزنا لا سعة و هي تقرب من سعة الدرهم.

و يرد عليه أن الرواية ضعيفة سندا بمثني حيث

انه لم يوثق صريحا مضافا إلي الخدشة في دلالتها علي المدعي فان المستفاد من الرواية عدم نجاسة الدم بهذا المقدار فان الامر بالغسل ارشاد إلي النجاسة و النهي عنه إلي عدمها فلا يرتبط الحديث بما نحن فيه.

الرابع: الاستظهار من نفس نصوص الباب بتقريب أن التأمل فيها- كما في كلام سيدنا الاستاد- يقتضي سلب مانعية الدم بهذا المقدار علي الاطلاق بلا فرق بين اللباس و البدن. و عهدة هذه الدعوي علي مدعيها ففي النتيجة ان ثبت اجماع تعبدي كاشف أو أمكن اثبات السيرة المتصلة بزمانهم عليهم السلام فهو و الا فيشكل الجزم بالمدعي و اللّه العالم.

______________________________

(1) الحدائق ج 5 ص: 308

(2) لاحظ ص: 196

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 412

اذا كانت سعته أقل من الدرهم البغلي (1).

______________________________

(1) كما نص عليه في الروايات لاحظ ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور «1» و ما رواه اسماعيل الجعفي «2» و ما رواه محمد بن مسلم «3».

بقي حكم الدم اذا كان بمقدار الدرهم نقل عن المشهور ذهابهم إلي عدم العفو بل عن الخلاف دعوي الاجماع علي عدم العفو و نقل عن المرتضي و سلار العفو و منشأ الخلاف اختلاف الاخبار فلا بد من ملاحظتها.

فنقول: القاعدة الاولية تقتضي المنع فان المستفاد من الادلة عدم جواز الصلاة في النجس و الاستثناء يحتاج إلي الدليل.

و ربما يقال: ان المستفاد من الشرطية الثانية في حديث الجعفي «4» هو العفو لان المنطوق قد جعل الموضوع للمنع اكثر من الدرهم فيدل بالمفهوم علي عدم البأس في الدرهم أو الاقل.

و فيه: ان الموضوع لنفي البأس في الصدر الاقل من الدرهم فيدل بالمفهوم علي البأس في الدرهم و الذيل بيان للصدر فلا دليل علي عدم البأس بالنسبة إلي

مقدار الدرهم.

و ان شئت قلت: ان الذيل اما غير متعرض لمقدار الدرهم أو يكون ناظرا الي أن الدم اذا كان بمقدار الدرهم أو أكثر فلا تدل الرواية علي عدم الباس في مقدار الدرهم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 338

(2) لاحظ ص: 191

(3) لاحظ ص: 191

(4) لاحظ ص: 191

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 413

و لم يكن من دم نجس العين (1).

______________________________

و ان ابيت عما ذكرنا قلنا الرواية تصبح مجملة بلحاظ تعارض ذيلها مع صدرها فلا تكون قابلة للاستدلال.

و قريب من الحديث المذكور ما رواه محمد بن مسلم «1» فان مقتضي ذيل الحديث ان المانع ما يكون أزيد من مقدار الدرهم و بمفهومه يدل علي عدم كون مقدار الدرهم مانعا و أما صدر الرواية فيستفاد منه ان الميزان في العفو كونه أقلّ من الدرهم فنقول: الرواية اما غير متعرضة لصورة مقدار الدرهم بل ناظرة الي صورتي الاقل و الاكثر و اما المراد من الذيل مقدار الدرهم فما زاد و اما نقول:

بأن الذيل و الصدر يتعارضان فالرواية تصير مجملة و علي جميع التقادير تكون النتيجة المنع اذ علي تقدير عدم التعرض و السكوت عن حكم مقدار الدرهم يكون المرجع دليل المنع كما انه علي تقدير الاجمال كذلك و اما علي التقدير الثالث فالامر اوضح اضف إلي ذلك كله ان حديث ابن ابي يعفور «2» يدل بالصراحة علي مانعية مقدار الدرهم فلاحظ.

(1) يمكن أن يقال: ان مقتضي اطلاق دليل العفو عدم الفرق بين أنواع الدم فلا بأس بدم نجس العين و قد ذكر في المنع عن الاطلاق وجوه:

الوجه الاول: انصراف الدليل بدعوي ان الابتلاء بدم نجس العين نادر فدليل العفو منصرف عنه.

و يرد عليه اولا: ان لازم هذا الكلام اخراج كثير من

الدماء التي يكون الابتلاء

______________________________

(1) لاحظ ص: 191

(2) لاحظ ص: 338

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 414

و لا من الميتة و لا من غير مأكول اللحم و الا فلا يعفي عنه علي الاظهر (1) و الاحوط الحاق الدماء الثلاثة الحيض و النفاس و الاستحاضة بالمذكورات (2).

______________________________

بها نادرا و هل يمكن القول به؟ و ثانيا لا وجه للانصراف فان المطلق لا ينصرف الي الفرد النادر لا أنه ينصرف عنه سيما مع أن الاطلاق عبارة عن رفض القيود لا الجمع بينها فالحكم مترتب علي الطبيعي بلا قيد و لازمه سريانه و شمول الحكم لجميع افراده.

الوجه الثاني: ان دم نجس العين يلاقي بدنه فيشتد نجاسته و دليل العفو ناظر الي خصوص الدم لا الزائد عليه.

و فيه: أن دم الحيوان النجس كبقية اجزائه و لا يتأثر جزئه بملاقاة جزء آخر و الا يلزم أن يتأثر البول بملاقاة مثله.

الوجه الثالث: ان المستفاد من دليل العفو عنوان الدم بما هو دم و لا نظر في دليل العفو إلي جهة اخري.

و هذا الوجه تام و مما يوضح المدعي ان الالتزام بالاطلاق يستلزم العفو عن دم نجس العين اذا كان أقلّ من الدرهم و أما لعاب فمه فهو يوجب فساد الصلاة و كيف يمكن القول به فلاحظ.

(1) قد ظهر الوجه فيهما مما ذكرنا في نجس العين فانه لا اطلاق في دليل الاستثناء و بعبارة اخري تلك النصوص ناظرة إلي اخراج الدم بما هو دم.

(2) تارة يستدل علي المدعي بالإجماع. و يرد عليه انه لم يتحقق قيام اجماع

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 415

و لا يلحق المتنجس بالدم به (1).

[مسألة 315: إذا تفشي الدم من أحد الجانبين إلي الآخر فهو دم واحد]

(مسألة 315). اذا تفشي الدم من احد الجانبين إلي الاخر فهو دم واحد (2).

______________________________

تعبدي علي الحكم و

اخري بحديث أبي بصير «1» بتقريب أن الحديث يدل علي مانعية دم الحيض علي الاطلاق و بالحاق دم الاستحاضة به بأنها مشتقة منه و بأن دم النفاس اصله دم الحيض.

و يرد علي اصل الاستدلال أن الحديث ضعيف سندا بالمكاري و علي فرض التسليم لا وجه لإلحاق دم الاستحاضة و النفاس بدم الحيض فان دم الاستحاضة بمقتضي النص غير دم الحيض و انهما لا تخرجان من محل واحد لاحظ ما رواه معاوية بن عمار قال: قال ابو عبد اللّه عليه السلام ان دم الاستحاضة و الحيض ليس يخرجان من مكان واحد ان دم الاستحاضة بارد و ان دم الحيض حار «2».

و أما دم النفاس فعلي تقدير تسليم أنه حيض محتبس لا وجه لترتيب آثار الحيض عليه بلا دليل علي الاطلاق فلاحظ. فالحق أن الدماء الثلاثة كبقية الدماء و لا وجه لإخراجها.

(1) و وجه الالحاق الاولوية بدعوي ان الفرع لا يزيد علي الاصل. و فيه أن الاحكام الشرعية امور تعبدية و ليس لنا التصرف فيها بل لا بد من اتباع الدليل و مقتضاه المنع في المتنجس بالدم.

(2) كما هو ظاهر فانه لا يعد في العرف متعددا و ان شئت قلت: الدم كبقية

______________________________

(1) لاحظ ص: 193.

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب الحيض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 416

نعم اذا كان قد تفشي من مثل الظهارة إلي البطانة فهو دم متعدد فيلحظ التقدير المذكور علي فرض اجتماعه فان لم يبلغ المجموع سعة الدرهم عفي عنه (1) و الا فلا (2).

______________________________

الاجسام له سطحان احدهما مرئي علي الدوام و الاخر يختلف باختلاف محله من حيث الرقة و الثخونة و ببيان آخر كل دم لا يخلو عن السطحين غايه الامر قد

يكون مرئيا و قد لا يكون فالحق ما أفاده في المتن.

(1) لصدق التعدد عرفا.

(2) ربما يقال: بأن الدم اذا كان متفرقا و لم يكن كل مصداق منه بقدر الدرهم لا يضر و ان كان المجموع بمقدار الدرهم أو أزيد و الدليل عليه ما رواه الحلبي «1» بدعوي أن اطلاق الحديث يقتضي ذلك.

و فيه: أن الحديث مخدوش سندا فان الظاهر ان ابن سنان الواقع في السند محمد و الرجل لم يوثق فلا تصل النوبة إلي ملاحظة دلالة الرواية و مقتضي حديثي اسماعيل و محمد «2» عدم العفو اذا كان بقدر الدرهم و لو مجتمعا فان اطلاقهما يقتضي المنع علي الاطلاق.

و ربما يقال: انه يستفاد من حديث ابن أبي يعفور أنه يشترط في المنع الاجتماع و أما مع التفرق فلا يضر و ان كان مجموعه بمقدار الدرهم بتقريب أن مجتمعا خبر بعد خبر لكون اسم يكون مستترا و خبره مقدار الدرهم و مجتمعا خبر بعد خبر و علي هذا التقدير يكون قيد الاجتماع دخيلا في المانعية.

______________________________

(1) لاحظ ص: 197.

(2) لاحظ ص: 191.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 417

[مسألة 416: إذا اختلط الدم بغيره من قيح أو ماء أو غيرهما لم يعف عنه]

(مسألة 416): اذا اختلط الدم بغيره من قيح أو ماء أو غيرهما لم يعف عنه (1).

[مسألة 417: إذا تردد قدر الدم بين المعفو عنه و الأكثر بني علي عدم العفو]

(مسألة 417): اذا تردد قدر الدم بين المعفو عنه و الاكثر بني علي عدم العفو (2).

______________________________

و يمكن أن يكون قوله عليه السلام: «مقدار الدرهم» اسما لقوله: «يكون» و مجتمعا خبرا له و علي هذا أيضا يستفاد ان المانعية تتوقف علي قيد الاجتماع و يمكن أن يكون قوله: «مجتمعا» حالا لمقدار الدرهم بأن يكون المعني: أن الموجب للإعادة أن يكون الدم مقدار الدرهم حالكونه مجتمعا و أما مع عدم قيد الاجتماع فلا يضر فعلي كل واحد من هذه التقادير الثلاثة يستفاد من الرواية ان المانع قيد الاجتماع.

و في المقام احتمال رابع و هو أن يكون حالا من الضمير المستتر في يكون فيكون المعني أنه يعيد صلاته اذا كان الدم في حال اجتماعه مقدار الدرهم اي لو اجتمع يكون بمقدار الدرهم و علي هذا الاحتمال يكفي في المانعية كونه بمقدار الدرهم و لو علي تقدير الاجتماع و لا يشترط الاجتماع الفعلي بل يكفي التقديري فان قلنا ان الظاهر من الدليل هو الاحتمال الرابع فهو و الا فغايته الاجمال فيكفي لإثبات المدعي اطلاق حديثي اسماعيل و محمد بن مسلم.

(1) لعدم دليل علي العفو كما مر الكلام في عدم العفو عما تنجس بالدم.

(2) فان مقتضي استصحاب العدم الازلي ان المقدار المشكوك فيه ليس داخلا في موضوع العفو فيدخل تحت عنوان دليل المنع و بما ذكرنا ظهر عدم توجه اشكال التمسك بالعام في الشبهة المصداقية لان دليل المنع شامل لكل دم الا الدم

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 418

و اذا كانت سعة الدم أقلّ من الدرهم و شك في أنه من الدم المعفو عنه أو

من غيره بني علي العفو (1) و لم يجب الاختبار (2) و اذا انكشف بعد الصلاة أنه من غير المعفو لم تجب الاعادة (3).

[مسألة 418: الأحوط الاقتصار في مقدار الدرهم علي ما ما يساوي عقد السبابة]

(مسألة 418): الاحوط الاقتصار في مقدار الدرهم علي ما ما يساوي عقد السبابة (4).

______________________________

الذي يكون بمقدار الدرهم و بعد اخراج الدم ببركة الاستصحاب عن تحت دليل العفو يشمله دليل المنع فلاحظ.

(1) فانه بالاستصحاب يحرز عدم كونه من نجس العين أو الميتة أو غير مأكول اللحم فيدخل تحت دليل العفو.

(2) لعدم وجوب الفحص في الشبهة الموضوعية.

(3) لقاعدة لا تعاد.

(4) الظاهر انه لا خلاف بين الاصحاب في أن الحد المذكور في النصوص ناظر إلي سعة الدرهم لا وزنه مضافا إلي أن المستفاد العرفي كذلك فانه يفهم من روايات الباب المساحة و قد اختلفت الكلمات في بيان المراد من الدرهم و لم يرد نص في تعيين المراد غير ما عن فقه الرضا عليه السلام قال: ان اصاب ثوبك دم فلا بأس بالصلاة فيه ما لم يكن مقدار درهم واف و الوافي ما يكون وزنه درهما و ثلثا و ما كان دون الدرهم الوافي فلا يجب عليك غسله و لا بأس بالصلاة فيه «1».

و الكتاب المذكور لا اعتبار به سندا فلا بد من العمل علي طبق القواعد الاولية

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 15 من أبواب النجاسات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 419

[الثالث: الملبوس الذي لا تتم به الصلاة وحده]
اشارة

الثالث: الملبوس الذي لا تتم به الصلاة وحده يعني لا يستر العورتين كالخف و الجوراب و التكة و القلنسوة و الخاتم و الخلخال و السوار و نحوها فانه معفو عنه في الصلاة اذا كان متنجسا (1).

______________________________

و حيث انه قام الدليل علي مانعية النجاسة و بطلان الصلاة مع البدن النجس أو اللباس كذلك فيلزم الاقتصار علي القدر المتيقن و هو المقدار المذكور في المتن و الظاهر أنه علي هذا الاساس أفاد سيد العروة قدس سره فيها بقوله: «و

لما حده بعضهم بسعة عقد الابهام من اليد و آخر بعقد الوسطي و آخر بعقد السبابة فالاحوط الاقتصار علي الاقل».

(1) نقل عليه عدم الخلاف بل نقل عن بعض ادعاء الاجماع علي عدم البأس و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه زرارة عن احدهما عليهما السلام قال: كل ما كان لا يجوز فيه الصلاة وحده فلا بأس بأن يكون عليه الشي ء مثل القلنسوة و التكة و الجورب «1».

و منها: ما رواه حماد بن عثمان عمن رواه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يصلي في الخف الذي قد أصابه القذر فقال: اذا كان ما لا تتم فيه الصلاة فلا بأس «2».

و منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان قلنسوتي وقعت في بول فاخذتها فوضعتها علي رأسي ثم صليت فقال: لا بأس «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 420

و لو بنجاسة من غير المأكول (1) بشرط أن لا يكون فيه شي ء من أجزائه و الا فلا يعفي عنه (2).

______________________________

و منها غيرها المذكور في الباب 31 من أبواب النجاسات من الوسائل.

(1) للإطلاق.

(2) فان المستفاد من النصوص العفو عن النجاسة فلا نظر لها إلي اخراج الموانع الاخر عن المانعية فدليل المنع علي حاله و لا بد من الاخذ به و بعبارة اخري لا يستفاد من النصوص الا العفو من جهة النجاسة فلاحظ.

و لقائل أن يقول: ان مقتضي قوله عليه السلام «فلا بأس بأن يكون عليه الشي ء» عدم البأس و لو مع وجود عين النجاسة و بعبارة اخري: لو فرض ان القلنسوة تنجست بدم الكلب و فرضنا

وجود الدم فيها يصدق عليها انه عليها الشي ء و بمقتضي اطلاق نفي البأس يحكم به و نلتزم بعدم المانعية.

و يرد علي هذا التقريب ان الظاهر من الرواية نفي البأس من حيث النجاسة فمن هذه الحيثية تنفي الرواية البأس لا من جهات اخري ككون تلك النجاسة من الحيوان غير المأكول مثلا و علي تقدير تسلم الاطلاق يعارضها موثق ابن بكير قال: سأل زرارة أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في الثعالب و الفنك و السنجاب و غيره من الوبر فاخرج كتابا زعم أنه املاء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: أن الصلاة في وبر كل شي ء حرام أكله فالصلاة في وبره و شعره و جلده و بوله و روثه و كل شي ء منه فاسد «1» فان مقتضاه عدم الجواز.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 421

و كذلك اذا كان متخذا من نجس العين كالميتة (1).

______________________________

(1) الانصاف ان حديث زرارة «1» لا يشمل ما كان متخذا من نجس العين فان الظاهر منه- كما مر قريبا- أن تكون النجاسة علي ما لا تتم فيه الصلاة و أما اذا كان ما لا تتم فيه الصلاة عين النجاسة فلا يشمله الحديث.

و لكن ربما يقال: باستفادة عدم البأس من حديثين آخرين: احدهما ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل ما لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس بالصلاة فيه مثل التكة الابريسم و القلنسوة و الخف و الزنار يكون في السراويل و يصلي فيه «2».

فان المستفاد من الرواية ان ما لا تتم فيه الصلاة تجوز الصلاة فيه علي اي نحو كان فالرواية باطلاقها تقيد ادلة المانعة بلا اختصاص

بمورد دون آخر.

و لكن الاشكال في سند الحديث فان احمد بن هلال الواقع في السند لم يوثق و قول النجاشي في حقه: «انه صالح الرواية» لا يكون توثيقا و الا لم يكن وجه لتغيير اسلوب الكلام و أما كونه واردا في اسناد كامل الزيارات فلا يكون دليلا علي وثاقته كما مر منا مرارا مضافا إلي أن الشيخ ضعفه فالرواية ساقطة عن الاعتبار سندا.

ثانيهما ما رواه اسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن لباس الجلود و الخفاف و النعال و الصلاة فيها اذا لم تكن من أرض المصلين فقال:

أما النعال و الخفاف فلا بأس بهما «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 419

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 38 من أبواب لباس المصلي الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 422

______________________________

بتقريب أن الجلد المأخوذ من غير ارض المسلمين محكوم بعدم التذكية و مع ذلك حكم عليه السلام بجواز الصلاة فيه اذا كان مما لا تتم الصلاة فيه كالخف و النعل و حيث انه لا فرق بين أقسام النجاسات فيجوز في كل نجس بهذا الشرط.

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي المنع منها ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن الجلد الميت أ يلبس في الصلاة اذا دبغ؟ قال: لا و لو دبغ سبعين مرة «1».

و منها: ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الخفاف التي تباع في السوق فقال: اشتر وصل فيها حتي تعلم أنه ميتة بعينه «2».

و منها: ما رواه علي بن أبي حمزة أن رجلا سأل ابا عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده عن الرجل يتقلد السيف و يصلي فيه؟ قال:

نعم فقال الرجل: ان فيه الكيمخت قال: و ما الكيمخت؟ قال: جلود دواب منه ما يكون ذكيا و منه ما يكون ميتة فقال:

ما علمت أنه ميتة فلا تصل فيه «3».

و منها ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الخفاف يأتي السوق فيشتري الخف لا يدري أ ذكي هو أم لا ما تقول في الصلاة فيه و هو لا يدري؟ أ يصلي فيه؟ قال: نعم أنا اشتري الخف من السوق و يصنع لي و اصلي فيه و ليس عليكم المسألة «4».

فان المستفاد من هذه الطائفة عدم جواز الصلاة في الميتة علي الاطلاق فيقع

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 50 من أبواب النجاسات الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 423

و شعر الكلب مثلا (1).

[مسألة 419: الأظهر عدم العفو عن المحمول المتخذ من نجس العين كالكلب و الخنزير]

(مسألة 419): الاظهر عدم العفو عن المحمول المتخذ من نجس العين كالكلب و الخنزير (2).

______________________________

التعارض بين الجانبين و يمكن أن يقال: بأن الترجيح مع رواية المنع اذ العامة قائلون بجواز الصلاة في جلد ما لا يؤكل لحمه اذا دبغ و أيضا قائلون بأن جلد الميتة يطهر بالدباغ «1».

فعلي مسلكهم تجوز الصلاة في الميتة بعد الدبغ فعليه يكون ما يدل علي الجواز موافقا لمذهب العامة فالترجيح مع دليل المنع مضافا إلي قيام الاجماع علي عدم الجواز قال في الحدائق: «و قد أجمع الاصحاب رضوان اللّه عليهم علي أنه لا تجوز الصلاة فيه (جلد الميتة) و لو كان مما يؤكل لحمه سواء دبغ أم لم يدبغ حتي من القائلين بطهارته بالدباغ «2».

(1) عدم الجواز فيه أظهر لعدم المقتضي فان حديث زرارة كما مر

قريبا لا يقتضي الجواز بالنسبة إلي ما يكون مصنوعا من عين النجاسة مضافا إلي ما مر من أنه لا اطلاق في الدليل بالنسبة إلي الموانع الاخر غير النجاسة فلا تنفي البأس من حيث مانعية ما لا يؤكل و علي فرض الاطلاق يعارضه عموم حديث ابن بكير المقتضي لعدم جواز الصلاة في شي ء مما لا يؤكل لحمه و حيث ان عموم الموثقة بالوضع يقدم علي حديث زرارة المقتضي للجوار.

(2) النجس العين غير الكلب و الخنزير اذا كان محمولا للمصلي كما لو حمل

______________________________

(1) لاحظ الخلاف للشيخ الطائفة ج 1 ص: 6 و ص: 193

(2) الحدائق ج 7 ص: 50

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 424

______________________________

قارورة فيها البول هل تصح صلاته أم لا؟ مقتضي القاعدة الاولية هو الجوار اذ لا يصدق عنوان الصلاة في النجس و هذا العنوان مورد النهي.

و ربما يستدل علي المنع بما رواه علي بن جعفر قال: سألته عن الرجل يمر بالمكان فيه العذرة فتهب الريح فتسفي عليه من العذرة فيصيب ثوبه و رأسه يصلي فيه قبل أن يغسله؟ قال: نعم ينفضه و يصلي فلا بأس «1».

و يرد عليه: أن التعدي من مورد الرواية إلي مطلق المحمول مشكل و بعبارة اخري: في مورد الرواية لا يبعد أن يصدق كون النجس جزءا من البدن أو اللباس للمصلي.

و أما الاستدلال بحديثي علي بن جعفر قال: سألته عن الرجل يصلي و معه دبة من جلد الحمار أو بغل قال: لا يصلح أن يصلي و هي معه الا أن يتخوف عليها ذهابها فلا بأس أن يصلي و هي معه «2».

و سألته عن الرجل صلي و معه دبة من جلد حمار و عليه نعل من جلد حمار هل تجزيه صلاته؟ أو

عليه اعادة؟ قال: لا يصلح له أن يصلي و هي معه الا أن يتخوف عليها ذهابا فلا بأس أن يصلي و هي معه «3».

فيرد عليه اولا انه لم يفرض كون الجلد ميتة و ثانيا: يختص الحكم بخصوص الميتة فلا وجه للتعدي إلي مطلق النجاسات.

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب النجاسات الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 60 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2.

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 425

و كذا ما تحله الحياة من أجزاء الميتة (1).

و كذا ما كان من اجزاء ما لا يؤكل لحمه (2) و أما المحمول المتنجس فهو معفو عنه (3).

حتي اذا كان مما تتم به الصلاة فضلا عما اذا كان مما لا تتم به الصلاة كالساعة و الدراهم و السكين و المنديل الصغير و نحوها (4).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن جعفر «1» فان الظاهر منه ان جواز حمل الفارة معلق علي التذكية و الظاهر النظر إلي نفس الفارة لا إلي ما فيها فيدل الحديث بالمفهوم علي عدم الجواز اذا لم تكن مذكي.

(2) بمقتضي حديث ابن بكير «2» فان مقتضاه عدم جواز استصحاب شي ء مما لا يؤكل لحمه في الصلاة و بعبارة اخري: المستفاد من هذه الرواية بقرينة ذكر البول و الروث و كل شي ء منه أنه لا يجوز استصحاب شي ء مما يتعلق بغير المأكول فلا يجوز حمل المتخذ من غير المأكول كما في المتن و لو لم يصدق عنوان الصلاة فيه.

(3) لعدم المقتضي للمانعية و مقتضي الاطلاقات اللفظية و المقامية عدم المانعية كما أن مقتضي الاصل العملي كذلك فلاحظ.

(4) ربما يقال: بعدم الجواز بالنسبة إلي ما تتم فيه الصلاة بتقريب صدق الصلاة في النجس و قد منع

عن الصلاة فيه. و فيه أنه اذا كان محمولا لا يصدق

______________________________

(1) لاحظ ص: 169

(2) لاحظ ص: 420.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 426

[الرابع: ثوب الأم المربية للطفل الذكر]

الرابع: ثوب الام المربية للطفل (1) الذكر (2) فانه معفو عنه ان تنجس ببوله (3) اذا لم يكن عندها غيره (4) بشرط غسله في اليوم و الليلة مرة (5).

______________________________

عنوان الظرفية فلا تبطل الصلاة.

(1) بلا خلاف يعرف- كما عن الحدائق- بل قيل ادعي عليه الاجماع و لا يخفي أن الاجماع المنقول لا يكون حجة و المحصل منه علي فرض حصوله يحتمل كونه مدركيا فلا يكون تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم.

و عمدة الدليل ما رواه أبو حفص عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن امرأة ليس لها الا قميص واحد و لها مولود فيبول عليها كيف تصنع؟ قال: تغسل القميص في اليوم مرة «1».

و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن يحيي المعاذي بل غيره أيضا و عمل المشهور بها لا يوجب اعتبارها كما هو المقرر عندنا و عليه لا دليل علي المدعي و مقتضي القاعدة وجوب التطهير الا مع تحقق الحرج الشخصي الرافع للتكليف كما هو الميزان الكلي في جميع الموارد.

(2) لان المذكور في الرواية عنوان المولود و هو لا يشمل الانثي الا بالعناية و لا دليل علي ارادة التعميم و دعوي عدم الفرق بين الذكر و الانثي عهدتها علي مدعيها.

(3) كما صرح بالبول في السؤال.

(4) كما هو المصرح به في السؤال.

(5) كما امر به في الخبر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 427

مخيرة بين ساعاته (1) و لا يتعدي من الام إلي مربية اخري (2) و لا من الذكر إلي الانثي (3) و لا من البول إلي

غيره و لا من الثوب إلي البدن و لا من المربية إلي المربي (4) و لا من ذات الثوب الواحد الي ذات الثياب المتعددة مع عدم حاجتها إلي لبسهن جميعا و الا فهي كالثوب الواحد (5).

[الفصل الرابع في المطهرات]
ااشارة

الفصل الرابع في المطهرات

[و هي أمور]
اشارة

و هي امور

[الأول من المطهرات الماء]
اشارة

الاول الماء و هو مطهر لكل متنجس (6).

______________________________

(1) للإطلاق لكن حيث انه ليس تعبدا محضا بل بلحاظ الصلاة فلا بد من الاتيان بالغسل علي نحو يقع بعض الصلوات في الطاهر و ان كان الجزم به مشكلا.

(2) لعدم دليل علي التعدي.

(3) كما مر.

(4) لعدم الدليل علي التعميم.

(5) لعدم الدليل علي التعدي نعم مع فرض الحاجة في استعمال الثياب تكون في حكم الثوب الواحد اذ يفهم عرفا انه ليس تعبدا محضا كي يقال: انه فرض في السؤال انه ليس لها الا قميص واحد فالامر كما أفاده في المتن.

(6) بلا اشكال و لا خلاف ظاهر- كما في كلام سيد المستمسك قدس سره- و ربما يستدل علي المدعي بما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 428

______________________________

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الماء يطهر و لا يطهر «1» بتقريب أن حذف المتعلق يفيد العموم.

و فيه: أن السند مخدوش بالنوفلي مضافا إلي ما ربما يقال- كما قيل-: انه يكفي الايجاب الجزئي في قبال السلب الكلي فتأمل.

و يمكن الاستدلال بقوله عليه السلام خلق اللّه الماء طهورا لا ينجسه شي ء الا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه «2» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و لكن يمكن الاستدلال بما رواه محمد بن حمران و جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: ان اللّه جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا «3».

لكن استفادة المدعي من الرواية محل الاشكال و لنا أن نستدل علي المدعي بقوله تعالي: «وَ أَنْزَلْنٰا مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً طَهُوراً» «4» فان المستفاد من الاية ان اللّه تعالي انزل من السماء ماء موصوفا بوصف الطهورية و

يتم الاستدلال بأن جميع المياه نازل من السماء.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي: «وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطٰانِ» «5» و في دلالة هذه الاية علي المدعي

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الماء المطلق الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 9.

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) الفرقان/ 47

(5) الانفال/ 11

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 429

______________________________

تأمل فان الكلام في المقام في الطهارة عن الخبث و الاية حسب ما ورد في تفسيرها ناظرة إلي الطهارة من الحدث لاحظ ما رواه ابو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام اشربوا ماء السماء فانه يطهر البدن و يرفع الاسقام ثم قرأ قول اللّه عز و جل: «و ينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به و يذهب عنكم زجر الشيطان» و ليربط علي قلوبكم و يثبت به الاقدام «1».

فانه علل في كلامه عليه السلام شرب ماء السماء بكونه مطهرا للبدن و رافعا للأسقام فان تفريع تطهير البدن و رفع السقم علي الشرب لا يناسب مع كون الماء مطهرا للخبث.

لكن سند الرواية مخدوش بقاسم بن يحيي و الرواية الاخري «2» مرسلة لا اعتبار بها اضف إلي ذلك ان الاية الشريفة بنفسها لا اطلاق لها اذ لا يستفاد منها كون الماء مطهرا لكل شي ء بل غايتها دلالتها علي كون الماء مطهرا للبدن فلاحظ.

و يمكن الاستدلال علي المقصود بما رواه عمار «3» فان المستفاد من الرواية بنحو العموم الوضعي مطهرية الماء غاية الامر مورد الرواية النجاسة الخاصة و بالإجماع و التسالم نتعدي إلي بقية الموارد و نلتزم بمطهرية الماء علي الاطلاق.

و صفوة القول: ان المستفاد من مجموع الادلة كون الماء مطهرا

علي الاطلاق نعم قد استفيد من الشرع بعض القيود في بعض الموارد كلزوم التعفير بالنسبة الي ولوغ الكلب و التعدد بالنسبة إلي البول و غيرهما.

______________________________

(1) تفسير البرهان ج 2 ص 69 حديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 154

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 430

يغسل به (1) علي نحو يستولي علي المحل النجس (2).

بل يطهر الماء النجس أيضا علي تفصيل تقدم في احكام المياه (3) نعم لا يطهر الماء المضاف في حال كونه مضافا (4) و كذا غيره من المائعات (5).

[مسألة 420: يعتبر في التطهير بالقليل انفصال ماء الغسالة علي النحو المتعارف]

(مسألة 420): يعتبر في التطهير بالقليل انفصال ماء الغسالة علي النحو المتعارف فاذا كان المتنجس مما ينفذ فيه الماء مثل الثوب و الفراش فلا بد من عصره أو غمزه بكفه أو رجله (6).

______________________________

(1) كما امر به في مواد كثيرة من النصوص منها رواية عمار المتقدمة فان المذكور فيها عنوان الغسل و هو المأمور به مضافا إلي أن التطهير الشرعي كالتنظيف العرفي مع رعاية بعض القيود و النظافة في نظر العرف لا تحصل الا بالغسل.

(2) ان هذا القيد ان كان دخيلا في تحقق الغسل فلا وجه لذكره و يكفي ذكر الغسل و ان كان امرا زائدا عليه فلا وجه له و بعبارة اخري يكفي في تحقق التطهير بالماء الغسل به.

(3) و قد تقدم شرح كلام الماتن فراجع.

(4) و قد مر تفصيل المسألة في الجزء الاول من هذا الشرح ص 245.

(5) بعين الملاك و ملخص الكلام انه لا يتحقق الغسل بالماء ما دام بقاء الاضافة و مع زوالها و استهلاك المضاف في المطلق لا يكون الموضوع باقيا.

(6) الظاهر أن الوجه فيما أفاده ان زوال النجاسة يتوقف علي تحقق مفهوم الغسل و الغسل بماله من المفهوم لا

يحصل الا بانفصال الغسالة عن المحل علي النحو

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 431

و الاحوط وجوبا عدم الاكتفاء عن العصر بتوالي الصب عليه الي أن يعلم بانفصال الاول (1) و ان كان مثل الصابون و الطين و الخزف و الخشب و نحوها مما تنفذ فيها الرطوبة المسرية يطهر ظاهره باجراء الماء عليه (2) و في طهارة باطنه تبعا للظاهر اشكال (3).

______________________________

المتعارف بل الامر كذلك حتي علي القول باجمال مفهوم الغسل اذ قد فهم من الامر بالغسل ان النجاسة الحاصلة في المتنجس لا تزول الا بالغسل و مقتضي الاصل عدم تحقق الغسل قبل الانفصال و مع فرض انتفاء الغسل تكون النجاسة باقية و بعبارة اخري اصالة عدم تحقق الغسل تقتضي بقاء النجاسة بمقتضي اطلاق دليلها.

(1) بل الاظهر كذلك اذ لو قلنا بأنه لا يتحقق الغسل الا بانفصال الغسالة عن المغسول فلا مناص عن الاشتراط المذكور.

(2) اذ به يحصل غسل ظاهره فيطهر بلا اشكال.

(3) ينشأ من عدم وصول الماء المطلق إلي الباطن و بعبارة اخري الماء النافذ في الجوف بامتزاجه بالاجزاء يخرج عن الاطلاق و من الظاهر أن المضاف لا يكون قابلا لان يطهر به النجس.

و ربما يقال: بأن مقتضي نفي الضرر في الشريعة عدم حكم الشارع بالنجاسة.

و اجيب بأن دليل لا ضرر ناظر إلي نفي الاحكام التكليفية و لا نظر له إلي الاحكام الوضعية.

و أورد سيدنا الاستاد علي الجواب و الاشكال أما في الاول فافاد بأنه لا فرق في الحكم التكليفي و الوضعي و لذا تمسكوا الخيار الغبن بأن اللزوم ضرري و أما في الثاني فلان دليل لا ضرر ناظر إلي الاحكام الوجودية لا إلي الاحكام العدمية و في

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 432

و ان كان لا

يبعد حصول الطهارة للباطن بنفوذ الماء الطاهر فيه علي نحو يصل إلي ما وصل اليه النجس فيغلب علي المحل و يزول بذلك الاستقذار العرفي لاستهلاك الاجزاء المائية النجسة الداخلة فيه اذا لم يكن قد جفف و ان كان التجفيف أسهل في حصول ذلك (1).

______________________________

المقام الضرر ناشي من عدم الحكم بالطهارة.

و يرد عليه: أن الضرر يتوجه من الحكم بالنجاسة فان النجاسة امر وجودي فالحق في الجواب أن يقال: ان الضرر ناشي من حرمة استعمال النجس تكليفا و مقتضي نفي الضرر رفع الحكم التكليفي.

و الذي يختلج بالبال عاجلا أن يقال: ان دليل لا ضرر علي تقدير القول بشموله للأحكام الوضعية- كما هو ليس ببعيد- يقتضي التصرف في تلك الاحكام و ترتفع به كالأحكام التكليفية و يترتب عليه أنه لو لا في النجس مقدارا من السمن او الزيت نلتزم بعدم نجاسته و لكن لا يمكن الالتزام بهذه المقالة و الدليل عليه الاخبار الواردة في الموارد المتعددة الدالة علي عدم جواز الاكل و البيع و الحال أنه لو كان الدليل شاملا للحكم الوضعي لم يكن وجه للمنع عن الاكل و الشرب لاحظ جملة من هذه الاخبار في الأطعمة المحرمة و باب 5 من أبواب الماء المضاف من الوسائل و من تلك النصوص ما رواه زرارة «1» اضف إلي ذلك أنه لو انفتحت هذا الباب يلزم تأسيس فقه جديد مضافا إلي جميع ذلك انه لو كان الامر كذلك لذاع و شاع و لم يكن موردا للقيل و القال فلاحظ.

(1) بدعوي أن الغسل العرفي في مثله يحصل بهذا النحو و الامر بالغسل منزل

______________________________

(1) لاحظ ص: 155.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 433

و اذا كان النافذ في باطنه الرطوبة غير المسرية فقد عرفت

أنه لا ينجس بها (1).

[مسألة 321: الثوب المصبوغ بالصبغ المتنجس يطهر بالغسل بالكثير]

(مسألة 321): الثوب المصبوغ بالصبغ المتنجس يطهر بالغسل بالكثير اذا بقي الماء علي اطلاقه إلي أن ينفذ إلي جميع أجزائه (2). بل بالقليل أيضا اذا كان الماء باقيا علي اطلاقه إلي أن يتم عصره (3).

[مسألة 422: العجين النجس يطهر ان خبز و جفف و وضع في الكثير علي نحو ينفذ الماء إلي أعماقه]

(مسألة 422): العجين النجس يطهر ان خبز و جفف و وضع في الكثير علي نحو ينفذ الماء إلي أعماقه و مثله الطين المتنجس اذا جفف و وضع في الكثير حتي ينفذ الماء إلي أعماقه فحكمهما حكم الخبز المتنجس الذي نفذت الرطوبة النجسة إلي أعماقه (4).

______________________________

علي ما هو غسل عند العرف و المفروض أن العرف يراه غسلا.

و فيه: انه علي فرض التسليم و أن العرف يراه غسلا يشكل بأنه يشترط في الماء الذي يغسل به الاطلاق و المفروض أن اطلاقه يزول بالامتزاج مع الاجزاء مضافا إلي أن الغسل لا يتحقق الا بانفصال الغسالة عن المحل و في المقام لا ينفصل الا أن يقال بأن الغسل في المقام يحصل و يصدق و لو مع عدم الانفصال.

(1) لعدم المقتضي للتنجيس.

(2) فانه في الصورة المفروضة يصدق الغسل بالماء الطاهر المطلق فيطهر ما يتطهر به.

(3) لتحقق الغسل مع شرائطه الموجب لحصول الطهارة.

(4) الظاهر أنه يشكل تطهيره ان قلنا بلزوم حصول الغسل و هو استيلاء الماء

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 434

______________________________

علي المحل و علي فرض الشك يحكم بعدم تحقق المطهر فلا تحصل الطهارة فلاحظ الا أن يقال: بأن اللازم تحقق الغسل العرفي و الغسل العرفي في كل شي ء يلاحظ بالنسبة اليه و في أمثال المقام يتحقق الغسل بالنحو المذكور فيكفي كما في المتن.

و مما يؤيد ما ذكرنا من عدم طهارته ما ورد في المقام من النصوص لاحظ ما رواه ابن أبي عمير «1» و غيره مما

ورد في الباب 11 من أبواب الأسآر من الوسائل.

و لكن هذه النصوص ضعيفة سندا و قد دل بعض الروايات أن العجين النجس يطهر بالتخبيز لاحظ ما رواه أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن زبير عن جده قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن البئر يقع فيها الفارة أو غيرها من الدواب فتموت فتعجن من مائها أ يؤكل ذلك الخبز؟ قال: اذا أصابته النار فلا بأس بأكله «2».

و ما أرسله ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في عجين عجن و خبز ثم علم أن الماء كانت فيه ميتة قال: لا بأس أكلت النار ما فيه «3».

و لكن احد الحدثين وارد في العجين بماء البئر و ماء البئر واسع لا يفسده شي ء و الحديث الاخر سنده ضعيف من ناحية الارسال فلاحظ.

و يؤيد القول بامكان التطهير بعض النصوص لاحظ ما رواه السكوني «4»

______________________________

(1) لاحظ ص: 298

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب الماء المطلق الحديث: 17.

(3) نفس المصدر الحديث: 18

(4) لاحظ ص: 155

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 435

______________________________

و ما رواه محمد بن علي بن الحسين قال: دخل أبو جعفر الباقر عليه السلام الخلا فوجد لقمة خبز في القذر فاخذها و غسلها و دفعها إلي مملوك معه فقال: تكون معك لأكلها اذا خرجت فلما خرج عليه السلام قال للملوك: أين اللقمة؟ فقال: أكلتها يا بن رسول اللّه فقال عليه السلام: انها ما استقرت في جوف أحد الا وجبت له الجنة الحديث: «1» و ما رواه أيضا «2».

و هذه النصوص كلها ضعيفة و الانصاف أن الجزم بحصول الطهارة بدعوي نفوذ الماء إلي الاعماق في غاية الاشكال اذ الظاهر ان النافذ في الاعماق ليست الا الرطوبة و لذا

لا يمكن الحكم بطهارة احد السطحين بمجرد وضع السطح الاخر علي الماء و الحال أنه لو كان النافذ هو الماء المطلق لكفي ما ذكر و هل يمكن الالتزام به؟.

و بما ذكرنا لا يبقي مجال لان يقال: ان ضم الوجدان إلي الاصل يحقق الموضوع بتقريب أن الماء نفذ و لاقي ما في الجوف و نشك في اضافته عند الملاقاة و باستصحاب عدم الإضافة يتم الموضوع، فانه قد ظهر فساد هذا التقريب اذ علي ما ذكرنا لا تكون النافذ الا الرطوبة.

و ربما يقال: يمكن أن يستفاد امكان حصول الطهارة تبعا من النصوص الواردة في تطهير الاواني بالغسل علي اختلاف عناوينها من قدح أو اناء أو دن أو كوز أو ظرف و علي اختلاف نجاستها من ولوغ أو موت جرز أو خمر أو شرب خنزير

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من أبواب احكام الخلوة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 436

[مسألة 423: المتنجس بالبول غير الآنية إذا طهر بالقليل فلا بد من الغسل مرتين]

(مسألة 423): المتنجس بالبول غير الانية اذا طهر بالقليل فلا بد من الغسل مرتين (1).

______________________________

أو مطلق القذارة أو غير ذلك لاحظ ما رواه عمار «1» و ما رواه الفضل «2» و ما رواه علي بن جعفر عن موسي بن جعفر قال: و سألته عن خنزير شرب من اناء كيف يصنع به؟ قال: يغسل سبع مرات «3» و ما رواه عمار «4» فان اطلاق الاجتزاء في حصول الطهارة بمجرد الغسل للسطح الظاهر مع كثرة الموارد التي ترسب فيها النجاسة لكون الظرف من الخزف و نحوه دليل علي طهارة الباطن بالتبعية.

و بعبارة اخري يفهم العرف ان باطن الاناء يطهر بالتبع و الا لكان عليهم عليهم السلام البيان فمن عدم بيانهم يفهم أنه يطهر كالظاهر لكن لازم هذا

الكلام كفاية غسل الظاهر بلا توقف الطهارة بالنسبة إلي الباطن علي وضع الاناء في الماء بحيث ينفذ الماء إلي الاعماق.

و بعبارة اخري: كما ذكر في التقريب حصول هذه الطهارة يكون بالتبع فلا يشترط فيه الشرائط المقررة في التطهير و عليه يمكن الالتزام به في مورد الاواني و لا وجه للتعدي عن موردها.

(1) عن جملة من الاساطين كفاية المرة و استدل علي المدعي بجملة من الوجوه:

الاول: اطلاق ما دل علي مطهرية الماء من الكتاب و السنة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 287

(2) لاحظ ص 283:

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب الأسآر الحديث: 2.

(4) لاحظ ص: 210

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 437

______________________________

و فيه: اولا: يمكن منع كونه في مقام البيان من هذه الجهة و بعبارة اخري الدليل المشار اليه ناظر إلي كون الماء طهورا و لا نظر إلي كيفيته. و ثانيا: علي فرض تمامية الاطلاق لا بد من تقييده بالدليل المقيد.

الثاني: الامر بالغسل الوارد في جملة من النصوص منها: ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام: قال: ان أصاب الثوب شي ء من بول السنور فلا تصح الصلاة فيه حتي يغسله «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان «2» و منها: ما رواه أيضا «3».

و فيه: اولا ان شمول هذه النصوص للمقام علي نحو الاطلاق محل الاشكال و الكلام و ثانيا: أنه لا بد من تقييد الاطلاق بالدليل المقيد كما مر.

الثالث: اصالة البراءة. و فيه: أن الكلام في الحكم الوضعي و لا مجري للبراءة فيه مضافا إلي أن الاصل لا يقوم مع الدليل فعلي فرض تماميته يلزم الاخذ به و علي فرض عدم تماميته تكفي اصالة الطهارة.

الرابع ما رواه داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال: كان بنو اسرائيل اذا أصاب أحدهم قطرة بول قرضوا لحومهم بالمقاريض و قد وسع اللّه عليكم بأوسع ما بين السماء و الارض و جعل لكم الماء طهورا فانظروا كيف تكونون «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب النجاسات الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 118

(3) لاحظ ص: 119.

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب الماء المطلق الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 438

______________________________

و فيه: انه علي تقدير تمامية الاطلاق لا بد من تقييده بالمقيد.

الخامس: ما ارسله الكليني قال: و روي أنه يجزي أن يغسل بمثله من الماء اذا كان علي رأس الحشفة و غيره «1». و المرسل لا اعتبار به.

السادس: مرسل نشيط عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

يجزي من البول أن يغسل بمثله «2». و المرسل لا يكون حجة.

الي هنا لم يقم دليل علي عدم لزوم التعدد الا من ناحية الاطلاق. و بعبارة اخري لو تم دليل علي لزوم التعدد يجب الاخذ به فلا بد من ملاحظة ما يدل علي وجوب التعدد و مقدار دلالته.

فنقول: يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص منها: ما رواه محمد «3» و منها: ما رواه ابن ابي يعفور «4» و منها: ما رواه أبو اسحاق النحوي «5» و منها ما رواه الحسين بن أبي العلاء «6» و منها: ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر «7».

و هذه النصوص كما تري واردة في الثوب و البدن فيشكل التعدي إلي غيرهما

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب احكام الخلوة الحديث: 2.

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) لاحظ ص: 119

(4) لاحظ ص: 119.

(5) لاحظ ص: 119.

(6) لاحظ ص: 119

(7) لاحظ ص: 120.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 439

و المتنجس بغير البول و منه

المتنجس بالمتنجس بالبول في غير الاواني يكفي في تطهيره غسلة واحدة (1).

______________________________

الا أن يقال: بأن العرف يفهم بفهمه العرفي عدم الفرق.

و الانصاف أن الجزم بعدم الفرق مشكل فان الاحكام الشرعية امور تعبدية لا تنالها عقولنا و لا تصل إلي ملاكاتها أفهامنا و لذا نري انه يلتزم الفقهاء في تطهير الاناء بلزوم التعدد و لا يلتزمون في غيره و لو مع اتحاد الجنس فلاحظ.

(1) و هو المنسوب إلي الاكثر- كما في بعض الكلمات- و العمدة الاطلاقات الواردة في الموارد العديدة فانه امر بالغسل في تلك الموارد لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكلب السلوقي فقال: اذا مسسته فاغسل يدك «1».

و ما رواه أيضا «2» و ما رواه علي بن رئاب «3» و ما رواه أبو بصير «4» و ما رواه زرارة «5» و ما رواه هشام بن سالم «6» و ما رواه محمد بن مسلم «7».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: سألته عن الرجل

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب النجاسات الحديث: 9.

(2) لاحظ ص: 202.

(3) لاحظ ص: 205.

(4) لاحظ ص: 256.

(5) لاحظ ص: 261

(6) لاحظ ص: 274.

(7) لاحظ ص: 148

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 440

______________________________

يصيب ثوبه جسد الميت فقال: يغسل ما اصاب الثوب «1» و ما رواه يونس «2» و ما رواه زكريا بن آدم «3» و ما رواه العيص بن القاسم «4».

و ما رواه محمد عن احدهما عليهما السلام في حديث في المني يصيب الثوب فان عرفت مكانه فاغسله و ان خفي عليك فاغسله كله «5».

و ما رواه سماعة قال: سألته عن بول الصبي يصيب الثوب فقال: اغسله قلت فان

لم اجد مكانه قال: اغسل الثوب كله «6». و ما رواه سماعة «7».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان استيقن أنه قد أصاب يعني المني و لم ير مكانه فليغسل الثوب كله فانه أحسن «8» و ما رواه عبد اللّه بن سنان «9» و ما رواه أيضا «10».

فان مقتضي اطلاق الغسل في هذه النصوص كفاية المرة و لا وجه للإشكال في

______________________________

(1) الوسائل الباب 34 من أبواب النجاسات الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 210

(3) لاحظ ص: 377

(4) لاحظ ص: 308

(5) الوسائل الباب 7 من أبواب النجاسات الحديث: 1

(6) نفس المصدر الحديث: 3

(7) لاحظ ص: 437

(8) الوسائل الباب 7 من أبواب النجاسات الحديث: 5

(9) لاحظ ص: 118

(10) لاحظ ص: 119

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 441

______________________________

الاطلاق فان العرف يفهم من امر المولي بالغسل أن المحل الملاقي مع البول مثلا أو الدم ينجس و لا يطهر الا بالغسل.

و بعبارة اخري: يفهم انه قبل الغسل محكوم بالنجاسة و بعد الغسل محكوم بالطهارة فكل نجاسة من الاعيان النجسة المستفادة من الامر بالغسل بالنسبة إلي ملاقيه يكفي فيها مجرد الغسل و يلحق بها النجاسة الناشئة من قبلها اذ لا يمكن ازدياد الفرع علي الاصل انما الكلام في مورد لم يرد فيه الامر بالغسل كالمتنجس بالمتنجس بالبول ان قلنا بكونه منجسا فربما يقال: بكفاية الغسل مرة واحدة.

و ما يمكن أن يقال في وجهه أو قيل امور: الامر الاول: الاجماع علي عدم اعتبار التعدد فيما لا دليل علي اعتباره.

و فيه: انه ليس اجماعا تعبديا كاشفا اذ من الممكن استناد المجمعين إلي الوجوه الآتية و مع هذا الاحتمال لا يمكن الجزم بالإجماع التعبدي.

الامر الثاني: قوله عليه السلام: خلق اللّه الماء طهورا

لا ينجسه شي ء الا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه «1» بتقريب ان مقتضي اطلاق الحديث مطهرية الماء بلا تقييد بقيد.

و ربما يقال: بأنه لا اطلاق في الحديث من هذه الجهة و يذب الاشكال المذكور بأنه لا وجه لعدم الاطلاق سيما مع كلية ذيله فان المستفاد من الحديث صدرا و ذيلا امران: احدهما كونه مطهرا علي نحو الاطلاق ثانيهما: عدم انفعاله الا بالتغيير فمن جهة الدلالة لا اشكال في الحديث انما الاشكال من حيث السند

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الماء المطلق الحديث: 9.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 442

______________________________

فانه مرسل و لا اعتبار بالمراسيل و في هذا الباب جملة اخري من النصوص تدل علي كون الماء مطهرا. لاحظ احاديث: 3 و 6 و 7 لكن كلها ضعيفة سندا.

الامر الثالث: انه لو شك في بقاء النجاسة بعد الغسلة الاولي تكون المرجع قاعدة الطهارة. ان قلت: لا تصل النوبة اليها مع استصحاب بقاء النجاسة. قلت قد ذكرنا مرارا ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض دائما باستصحاب عدم الجعل الزائد و بعد تعارض الاستصحابين و تساقطهما تصل النوبة إلي قاعدة الطهارة.

لكن يمكن أن يرد علي هذا التقريب بأن الشك في الطهارة و عدمها ناش من الشك في أن الشارع هل جعل الغسلة الاولي مطهرة أولا؟ و مقتضي الاصل عدمه هذا من ناحية و من ناحية اخري ان الاصل الجاري في السبب مقدم علي الاصل الجاري في المسبب.

و بعبارة اخري: الشك في بقاء النجاسة و عدمه ناش من الشك في تحقق المزيل و مقتضي الاصل عدمه و صفوة القول: ان المستفاد من الدليل الشرعي بقاء النجاسة إلي زمان حصول المطهر الشرعي الذي جعله الشارع الاقدس و الاصل

عدم تحققه.

الامر الرابع: ما رواه داود بن فرقد «1» بتقريب أن مقتضي اطلاق قوله عليه السلام: «و جعل لكم الماء طهورا» كفاية الغسلة الواحدة في التطهير بالماء الا أن يقوم علي التقييد دليل.

و يمكن أن يقال: بأنه لا يستفاد الاطلاق من الرواية بدعوي عدم كون الامام

______________________________

(1) لاحظ ص: 437

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 443

______________________________

عليه السلام في مقام البيان من هذه الجهة بل في مقام اصل جعل الماء طهورا سيما مع ذكر البول الذي يشترط في ازالته التعدد فلاحظ.

و لكن مع ذلك كله يقرب في النظر ان الحديث باطلاقه يدل علي المدعي اذ لو شك في الاطلاق يكون المرجع اصالة الاطلاق هذا من ناحية و من ناحية اخري ان العرف مرجع في كيفية التطهير و بعبارة اخري: كما أن المولي لو أمر بالغسل يكون العرف مرجعا في تحققه كذلك يكون مرجعا في كيفية التطهير.

ان قلت: العرف انما يكتفي بالمرة فيما يعلم بزوال القذارة بها لا في مثل المقام حيث يشك في الزوال بالمرة.

قلت: الشك ناش من احتمال لزوم كيفية خاصة و أما اذا علم بأن الكيفية في التطهير موكولة اليه فلا وجه للتردد و الشك.

الامر الخامس اطلاق الغسل في جملة من النصوص منها ما رواه زرارة «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان سؤال الراوي عن مطلق النجاسة لا عن النجاسة الخاصة و أجاب عليه السلام بوجوب الغسل في فرض الاصابة فيستفاد من الحديث أن الثوب اذا تنجس يجب غسله و بتحقق الغسل يطهر بلا قيد و هذا هو المطلوب.

و منها: ما رواه عمار «2» فان المستفاد من هذه الرواية أن الثوب اذا تنجس باي نجاسة يطهر بالغسل و هذا هو المطلوب.

و منها ما رواه عمار

أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل اذا قص أظفاره

______________________________

(1) لاحظ ص: 364

(2) لاحظ ص: 361

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 444

______________________________

بالحديد أو جز شعره أو حلق قفاه فان عليه أن يمسحه بالماء قبل أن يصلي سئل فان صلي و لم يمسح من ذلك بالماء؟ قال: يعيد الصلاة لان الحديد نجس و قال لان الحديد لباس أهل النار و الذهب لباس اهل الجنة «1».

فان مقتضي هذه الرواية ان الملاقي مع النجس يطهر بالمسح بالماء و لا يخل بالاستدلال بالرواية ذكر الحديد بعنوان كونه نجسا فان تطبيق الكبري الكلية علي المورد بالعناية.

الامر السادس: انه يمكن استفادة المدعي من تعرض الشارع للتعدد في خصوص النجاسة البولية و عدم تعرضه له في غيرها فانه يفهم من الاطلاق المقامي عدم وجوبه في غير ما قام عليه الدليل.

و بعبارة اخري: انا نري ان الشارع جعل الغسل باطلاقه مطهرا للنجاسة في كثير من الموارد لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان «2» فان المستفاد من هذه الرواية أن بول غير مأكول اللحم يطهره الغسل.

و لاحظ ما رواه الفضل «3» و لاحظ ما رواه علي بن جعفر «4» و لا حظ ما رواه محمد بن مسلم «5» و لاحظ ما رواه هشام بن سالم «6» و لاحظ

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 118 و 119

(3) لاحظ ص: 201

(4) لاحظ ص: 204

(5) لاحظ ص: 255

(6) لاحظ ص: 274.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 445

هذا مع زوال العين قبل الغسل أما لو ازيلت بالغسل فالاحوط عدم احتسابها (1) الا اذا استمر اجراء الماء بعد الازالة فتحسب حينئذ و يطهر المحل بها اذا كان متنجسا بغير البول (2). و

يحتاج إلي اخري ان كان متنجسا بالبول (3).

[مسألة 424: الآنية إن تنجست بولوغ الكلب فيما فيها من ماء أو غيره مما يصدق معه الولوغ]

(مسألة 424): الانية ان تنجست بولوغ الكلب فيما فيها من ماء أو غيره مما يصدق معه الولوغ (4).

______________________________

ما رواه محمد بن مسلم «1» الي غيرها من الموارد التي امر فيها بالغسل و لم يتعرض فيها التعدد فعلم عدم اعتباره فالمتحصل مما تقدم كفاية الغسلة الواحدة في التطهير في غير ما قام عليه الدليل.

(1) لا يخفي ان مقتضي الاطلاق كفاية الغسلة المزيلة للعين كما أن المناسبة بين الحكم و الموضوع بحسب الفهم العرفي كذلك فان القذارات العرفية ترتفع بالغسلة المزيلة و وزان التطهير الشرعي وزان التنظيف العرفي الا فيما يقيد المأمور به بشي ء فلاحظ.

(2) فانه المتحصل من البحث كما مر آنفا.

(3) كما مر شرحه فراجع.

(4) اي يصدق عنوان الشرب فانه يظهر من اللغة ان ولوغ الكلب عبارة عن شربه عما في الاناء قال في المنجد: «ولغ يلغ» الي أن قال: «الكلب الاناء شرب ما فيه باطراف لسانه أو أدخل فيه لسانه و حركه».

______________________________

(1) لاحظ ص: 148

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 446

______________________________

و في المقام اشكال و هو ان عنوان الولوغ لم يرد في النص بل الوارد في حديث البقباق «1» عنوان الفضل و قد نهي عن الوضوء بفضله و امر بصب ذلك الماء فينحصر الدليل بخصوص الماء.

نعم قد ورد هذا اللفظ اي الولوغ في ثلاثة احاديث منقولة عن النبي صلي اللّه عليه و آله الاولي: قوله صلي اللّه عليه و آله: «اذا ولغ الكلب في اناء احدكم فليغسله سبعا اولاهن بالتراب» نقل هذا الحديث عن كنز العمال ج 5 ص 89.

الثانية: قوله صلي اللّه عليه و آله: «اذا ولغ الكلب في اناء احدكم فيغسله ثلاث مرات» نقل هذا الحديث

عن حاشية ابن مالك علي صحيح المسلم ج 1 ص 162. الثالثة: قوله صلي اللّه عليه و آله: «اذا ولغ الكلب في اناء احدكم فليغسله ثلاث مرات أو خمسا أو سبعا» نقل عن سنن البيهقي ج 1 ص: 240.

و عن الجواهر: «انه ينبغي القطع بعدم الفرق بين الماء و غيره من المائعات» و أفاد بعض الاصحاب في وجه التعميم ان الارتكاز العرفي يساعده.

و الانصاف ان الجزم بما ذكر مشكل فان الاحكام الشرعية امور تعبدية ليس لدرك ملاكاتها سبيل للعقول مضافا إلي أنه علي هذا لا وجه لصدق خصوص عنوان الولوغ الذي يكون عبارة عن الشرب كما يستفاد من اللغة بل يلزم التعميم حتي مع عدم صدق الشرب لكن يكون ما باشره بحيث تسري النجاسة للميعان و بعبارة اخري: يكفي الميعان الموجب للسراية و ان لم يصدق عنوان الشرب و هل يمكن الالتزام به؟.

______________________________

(1) لاحظ ص: 283.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 447

غسلت بالماء القليل ثلاثا اولاهن بالتراب (1) ممزوجا بالماء (2).

و غسلتان بعدها بالماء (3).

______________________________

ان قلت السؤال عن الفضل في قوله: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن فضل الهرة» و الفضل اعم من الماء.

قلت: الميزان جوابه عليه السلام و من الظاهر اختصاص جوابه بالماء فلا دليل علي الحكم المذكور في غير الماء فلاحظ.

(1) لاحظ ما رواه الفضل «1».

(2) قوي سيد العروة فيها: الاكتفاء بتعفير الاناء بالتراب بلا اضافة الماء و الاكتفاء بالتراب غير الممزوج بالماء.

و لا يبعد أن يكون المستفاد من الدليل لزوم اضافة الماء اذ التراب و ان كان حقيقة في غير الممزوج الا أن تسليط الغسل عليه يقتضي ظهوره في الممزوج بالماء علي نحو يكون مائعا فقوله عليه السلام اغسله بالتراب نظير الامر

بالغسل بالصابون و نحوه فلا يكفي التراب وحده بلا مزج الماء نعم لقائل أن يقول: انه يكفي مزجه بغير الماء من المائعات فان الميزان صدق الغسل بالتراب و صدق هذا العنوان لا ينحصر في المزج بالماء.

(3) لاحظ ما رواه في فقه الرضا عليه السلام قال: ان وقع كلب في اناء أو شرب منه اهريق الماء و غسل الاناء ثلاث مرات بالتراب و مرتين بالماء ثم يجفف «2».

و في حديث البقباق في المعتبر هكذا «و اغسله بالتراب اول مرة ثم بالماء

______________________________

(1) لاحظ ص: 283.

(2) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب الأسآر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 448

______________________________

مرتين» و لكن المنقول في المعتبر لا اعتبار به كما أن كتاب الفقه الرضوي غير معتبر و مقتضي حديث البقباق المنقول في كتاب الوسائل و غيره كفاية مطلق الغسل كما أن مقتضي حديث محمد بن مسلم «1» كذلك و لا بد من تقييده بحديث البقباق بلزوم الغسل بالتراب قبل الغسل بالماء.

و مقتضي حديث عمار «2» وجوب غسل الاناء المتنجس ثلاث مرات علي الاطلاق و ربما يقال: ان مقتضي حديث البقباق تقييد رواية عمار بجعل الغسل الاول بالتراب كما أن مقتضي حديث عمار تقييد حديث البقباق و تكون النتيجة وجوب غسل الاناء من الولوغ ثلاث مرات اولاهن بالتراب.

و يرد عليه اولا: انه لا وجه لرفع اليد عن لزوم غسل الاناء ثلاث مرات بمقتضي حديث عمار فان الغسل الوارد في حديث البقباق مطلق فيقيد بحديث عمار و النتيجة لزوم التعفير اولا ثم الغسل ثلاثا.

و ثانيا: ان النسبة بين حديث البقباق و رواية عمار العموم من وجه اذ يفترق حديث عمار عن حديث البقباق في الاناء المتنجس بغير الولوغ و يفترق حديث

البقباق عن حديث عمار في الاناء المتنجس بالولوغ اذا غسل ثلاثا بالماء بعد التعفير و يجتمعان في المتنجس بالولوغ فيما غسل بعد التعفير مرة فان مقتضي حديث البقباق طهارته كما أن مقتضي حديث عمار نجاسته فيتعارضان و بعد التساقط يحكم بالطهارة بالدليل الدال علي كفاية مطلق الغسل في النجاسات.

بل لقائل أن يقول: ان النسبة بين الحديثين نسبة الخاص إلي العام فان حديث

______________________________

(1) لاحظ ص: 283.

(2) لاحظ ص: 287.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 449

______________________________

عمار وارد في مطلق الاناء و حديث البقباق وارد في الاناء المتنجس بالولوغ و مقتضي الصناعة تخصيص العام بالخاص و تقييد المطلق بالمقيد فالنتيجة كفاية مطلق الغسل بعد التعفير.

و يشكل بأن الدليل الدال علي وجوب غسل الاناء ثلاث مرات و هو حديث عمار قد فرض فيه الغسل بالقليل فمن هذه الجهة خاص فالنسبة بين حديث البقباق و حديث عمار العموم من وجه اذ يفترق حديث البقباق عن حديث عمار فيما يغسل الاناء بالكثير كما أنه يفترق حديث عمار عن حديث البقباق في المتنجس بغير الولوغ و المجمع لهما الغسل بالقليل فالصحيح هو التعارض و التساقط.

و عن ابن الجنيد وجوب الغسل سبعا اولاهن بالتراب و استدل علي المدعي بما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله عن الاناء يشرب فيه النبيذ فقال: تغسله سبع مرات و كذلك الكلب «1».

و يرد عليه اولا انه جعل حكم الكلب حكم النبيذ و حيث انه لا يجب الغسل سبعا في النبيذ لا يجب في الكلب و ثانيا ان حديث البقباق اخص من هذه الرواية حيث انه وارد في خصوص الولوغ و الموثق مطلق فلا بد من تقييد المطلق بالمقيد.

و عن المفيد: وجوب التجفيف

بعد الغسل و استدل عليه بما رواه في الفقه الرضوي «2» و قد مر قريبا عدم اعتبار الحديث المذكور فلا دليل علي هذا القول.

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 2.

(2) لاحظ ص: 447

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 450

و اذا غسلت في الكثير أو الجاري تكفي غسلة واحدة بعد غسلها بالتراب ممزوجا بالماء (1).

[مسألة 425: إذا لطع الكلب الإناء أو شرب بلا ولوغ لقطع لسانه]

مسألة (425): اذا لطع الكلب الاناء أو شرب بلا ولوغ لقطع لسانه فالاحوط أنه بحكم الولوغ في كيفية التطهير (2) و ليس كذلك ما اذا باشره بلعابه أو تنجس بعرقه أو سائر فضلاته أو بملاقاة بعض اعضائه (3).

______________________________

(1) كما هو مقتضي حديث البقباق فان مقتضي اطلاقه لزوم غسل الاناء من الولوغ اولا بالتراب ثم بالماء و حيث انه لا مقيد له بالنسبة إلي الغسل بالكثير فلا وجه لرفع اليد عن اطلاق الغسل الصادق علي غسله واحدة كما ان مقتضي اطلاق حديث ابن مسلم كذلك و أما حديث عمار الدال علي وجوب التعدد فالظاهر منه بحسب الفهم العرفي النظر إلي غسله بالماء القليل فان الظاهر من قوله عليه السلام «يصب فيه الماء فيحركه فيه ثم يفرغ منه» الحديث، غسله بالقليل فليس شاملا للغسل بالكثير و العاصم كغسله في الكر أو النحر أو البحر و احتمال اختصاص طريق غسله بخصوص القليل مدفوع بالضرورة فاطلاق حديثي البقباق و ابن مسلم محكم و يكفي الغسل مرة واحدة كما في المتن.

(2) اذ في الصورة المفروضة لا يصدق العنوان المأخوذ في الموضوع فالحكم مبني علي الاحتياط و لعله للخروج عن شبهة الخلاف.

(3) اذ لا دليل علي تسرية الحكم و ادعاء القطع بعدم الفرق جزاف و عهدته علي مدعيه فإن ملاكات الاحكام الشرعية مجهولة عندنا.

مباني منهاج

الصالحين، ج 3، ص: 451

نعم اذا صب الماء الذي ولغ فيه الكلب في اناء آخر جري عليه حكم الولوغ (1).

[مسألة 426: الآنية التي يتعذرها تعفيرها بالتراب الممزوج بالماء تبقي علي النجاسة]

(مسألة 426): الانية التي يتعذرها تعفيرها بالتراب الممزوج بالماء تبقي علي النجاسة (2) أما اذا أمكن ادخال شي ء من التراب الممزوج بالماء في داخلها و تحريكه بحيث يستوعبها أجزأ ذلك في طهرها (3).

[مسألة 427: يجب أن يكون التراب الذي يعفر به الإناء طاهرا قبل الاستعمال علي الأحوط]

(مسألة 427): يجب أن يكون التراب الذي يعفر به الاناء طاهرا قبل الاستعمال علي الاحوط (4).

______________________________

(1) للقطع بعدم الفرق و بعبارة اخري المستفاد من الدليل أن النجاسة الحاصلة للإناء بلحاظ ذلك المائع الذي باشره الكلب حكمه كذلك و المفروض ان المائع الذي فرض في محل الكلام عين ذلك المائع فيرتب عليه الحكم.

لكن الانصاف ان الجزم بعدم الفرق و القطع بوحدة الملاك اول الاشكال و الكلام بل لو لم يقم دليل علي كون المتنجس منجسا أمكن التشكيك في اصل الانفعال فلاحظ.

(2) لان المطهر له لم يتحقق و ما دام لم يوجد المطهر لا تزول النجاسة.

(3) اذ الميزان ايصال التراب إلي جميع أجزاء المغسول و لا خصوصية لطريق الايصال بل يكفي بلا فرق بين اليد و الخشبة و التحريك و بعبارة اخري يلزم صدق غسله بالتراب فلو صدق هذا العنوان بجعل التراب فيه و تحريكه لكفي.

(4) ربما يقال: بأن فاقد الشي ء لا يمكن أن يكون معطيه فلا بد من كونه طاهرا.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 452

[مسألة 428: يجب في تطهير الإناء النجس من شرب الخنزير غسله سبع مرات]

(مسألة 428): يجب في تطهير الاناء النجس من شرب الخنزير غسله سبع مرات (1).

______________________________

و فيه: انه قانون عقلي لا يرتبط بالمقام.

و ربما يقال: ان التراب طهور في المقام علي الفرض و الطهور هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره و فيه: ان الطهور عبارة عما يتطهر به و أما كونه طاهرا في نفسه فهو اول الكلام.

و بعبارة اخري: الطهور كالوقود اي ما يحصل به الطهارة كما أن الوقود ما يوقد به مضافا إلي أن الطهارة تحصل بالغسل بالماء و الماء الذي يغسل به الاناء يشترط فيه الطهارة.

اضف إلي ذلك انه قد مر اشتراط مزج التراب بالماء فلا يكون التراب مطهرا بل المطهر

هو الماء الممزوج بالتراب.

ان قلت: اذا كان التراب نجسا ينجس الماء الممزوج معه فيعود الاشكال قلت: اولا تنجس الماء اول الكلام اذ تنجيسه مبني علي كون المتنجس منجسا و ثانيا لا دليل علي شرطية الطهارة فيه فان الجزء الاخير لحصول الطهارة الغسل بالماء و المفروض طهارته.

(1) لاحظ ما رواه ابن جعفر «1» و استبعاد وجوب السبع ليس في محله فان الاحكام الشرعية امور تعبدية كما أن اعراض المشهور عن الرواية لا يوجب سقوطها مع أن اعراضهم اول الكلام اذ كيف يتحقق الاعراض مع ذهابهم إلي استحباب الغسل سبعا و الحال أنه لا مستند للسبع الا هذه الرواية الا ان يكون من باب التسامح و اللّه العالم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 204

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 453

و كذا من موت الجرز (1) بلا فرق فيها بين الغسل بالماء القليل أو الكثير (2) و اذا تنجس الاناء بغير ما ذكر وجب في تطهيره غسله ثلاث مرات بالماء القليل (3) و يكفي غسله مرة واحدة في الكر و الجاري (4) هذا في غير أواني الخمر و أما هي فيجب غسلها ثلاث مرات (5) حتي اذا غسلت بالكثير أو الجاري (6) و الاولي أن تغسل سبعا (7).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه عمار «1».

(2) للإطلاق الموجود في الحديثين فان مقتضاه عدم الفرق بين القليل و الكثير و لا دليل علي التقييد.

(3) كما مر فان مقتضي حديث عمار وجوب غسل الاناء ثلاث مرات اذا كان الغسل بالقليل اذ قلنا ان الظاهر من الرواية ان الكلام في الغسل بالقليل.

(4) للإطلاق فانه قد ذكرنا سابقا ان مقتضي جملة من الاطلاقات كفاية طبيعي الغسل الا أن يقيد بمقيد.

(5) لاحظ ما رواه عمار «2».

(6) لإطلاق حديث عمار و

عدم المقيد له.

(7) لحديث آخر لعمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الاناء يشرب منه النبيذ فقال: يغسله سبع مرات و كذلك الكلب «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 287

(2) لاحظ ص: 211

(3) التهذيب ج 9 ص 116 حديث: 237

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 454

[مسألة 429: الثياب و نحوها إذا تنجست بالبول يكفي غسلها في الماء الجاري مرة واحدة]

(مسألة 429): الثياب و نحوها اذا تنجست بالبول يكفي غسلها في الماء الجاري مرة واحدة (1) و في غيره لا بد من الغسل مرتين (2).

______________________________

بتقريب: أن الجمع بين الحديثين حمل السبع علي الاستحباب. ان قلت:

ان الدلالة علي الثلاث مستندة إلي مفهوم العدد و يمكن رفع اليد عنه بمنطوق ما يدل علي السبع قلت: المستند منطوق التحديد بالثلاث و لنا أن نقول: بأن الحديثين متعارضان و لا ترجيح لأحدهما علي الاخر فالنتيجة هو التعارض و التساقط فالمرجع الادلة الاولية الدالة علي وجوب غسل الاناء ثلاث مرات ان كان بالقليل و مرة واحدة ان كان بالعاصم.

(1) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الثوب يصيبه البول قال: اغسله في المركن مرتين فان غسلته في ماء جار فمرة واحدة «1».

(2) لجملة من النصوص منها ما رواه محمد «2» و منها ما رواه ابن أبي يعفور «3» و منها: ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي «4» فان مقتضي هذه النصوص وجوب غسل الثوب من نجاسة البول مرتين و انما دل الدليل علي الاكتفاء بالمرة في الغسل بالجاري فيبقي الباقي تحت الادلة الدالة علي وجوب التعدد.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب النجاسات

(2) لاحظ ص: 119

(3) لاحظ ص: 119

(4) لاحظ ص: 120

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 455

و لا بد من العصر أو الدلك في جميع ذلك (1).

______________________________

و لقائل

أن يقول: ان مقتضي حديث داود بن سرحان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما تقول في ماء الحمام؟ قال: هو بمنزلة الجاري «1» ان ماء الحمام بمنزلة الجاري و اذا ثبت كون ما في الحياض بمنزلة الجاري يثبت لما في الخزانة بطريق اولي و من ناحيه اخري انه لا خصوصية للحمام فالحكم شامل للكر أيضا.

(1) اي لا فرق بين الكثير و القليل في اشتراط العصر أو الدلك. و لا يخفي أن الوارد في لسان الادلة عنوان الغسل فلو توقف هذا العنوان علي امر فلا بد من رعايته و الا فلا و لا اشكال في ان الغسل لا يصدق عرفا في اللباس و نحوه مما يرسب فيه الماء اذا كان الغسل بالقليل الا مع انفصال الغسالة فاذا توقف الانفصال علي العصر او الدلك أو الفرك يجب و السرّ فيه أنه اذا لم تخرج الغسالة عن المغسول لا يراه العرف نظيفا فلزوم العصر في القليل ليس من جهة موضوعية العصر في حصول الغسل بل لان الغسل لا يحصل ما دام بقاء الغسالة في المغسول.

هذا في الغسل بالقليل و أما لو غسل الثوب في الكثير كالكر و الجاري فلا يجب العصر أو الدلك اذ المفروض أن الغسالة عاصمة و لا يتقذر منه و لذا افتي السيد اليزدي قدس سره في عروته بقوله: «و أما في الغسل بالماء الكثير فلا يعتبر انفصال الغسالة و لا العصر».

و قال السيد الحكيم قدس سره- في شرح العبارة-: «اذ الوجه في اعتبار العصر كونه احد طرق الانفصال فاذا لم يعتبر لم يعتبر».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 456

______________________________

و نعم ما قال و الامر

كما أفاد و لتوضيح المدعي نذكر الوجوه القابلة للاستناد اليها لاعتبار العصر أو الدلك كي نري انها قابلة لإثبات الاشتراط أم لا فنقول: ما يمكن أن يذكر في هذا المقام وجوه:

الاول: الاصل فان مقتضاه بقاء النجاسة إلي زمان حصول المطهر و مع الشك فيه يحكم ببقائها.

و فيه: أنه لا مجال للأصل مع وجود الدليل الاجتهادي و المفروض ان النصوص الدالة علي الغسل تقتضي الطهارة فالعمدة تحقق عنوان الغسل.

الثاني: الاجماع. و فيه: ان المنقول منه غير حجة و المحصل منه علي فرض حصوله محتمل المدرك مضافا إلي أنه قيل: بأن المسألة خلافية قال في المستمسك:

«الاجماع ممنوع لتحقق الخلاف».

الثالث: دخوله في مفهوم الغسل. و فيه: انه ليس الامر كذلك و لذا يصدق الغسل بلا عصر فيما لا يكون قابلا له نعم كما ذكرنا في غير العاصم من المياه اذا لم تنفصل الغسالة عن المحل لا يتحقق الغسل و أما في الكثير فلا يلزم الانفصال.

الرابع: ان النجاسة لا تزول الا به. و فيه: انه مصادرة بالمطلوب.

الخامس: ان الغسالة نجسة فلا بد من اخراجها بالعصر. و فيه: أنه علي تقدير الالتزام بالنجاسة لا يتم الدليل بالنسبة إلي الكثير فان المفروض أن الماء الداخل في الثوب يتصل بالعاصم فلا مجال لتوهم نجاسته فالنتيجة عدم تمامية الدليل.

السادس: التقابل الواقع بين الصب و الغسل في حديث حسين بن أبي العلاء «1» بتقريب أن المستفاد من هذا الحديث أن الغسل لا يتحقق بمجرد

______________________________

(1) لاحظ ص: 119

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 457

______________________________

ايصال الماء إلي الثوب فلا بد من العصر.

و فيه: أن الفرق بين الثوب و البدن أنه بالصب علي البدن يحصل الغسل لأنه غير قابل للعصر و أما في الثوب فلا يصدق الغسل بمجرد

الصب و بعبارة اخري:

اللازم رعاية صدق الغسل و صدقه يختلف بحسب الموارد.

و ملخص الكلام: انه لم يرد دليل معتبر دال علي وجوب العصر أو الدلك و انما الدليل قد دل علي وجوب الغسل فلو صدق هذا العنوان بلا توقف علي أمر آخر نلتزم به.

السابع: ما عن الفقه الرضوي قال: و ان اصاب بول في ثوبك فاغسله من ماء جار مرة و من ماء راكد مرتين ثم اعصره «1» و هذا الكتاب لا اعتبار به.

الثامن: ما عن الدعائم عن علي عليه السلام قال في المني يصيب الثوب يغسل مكانه فان لم يعرف مكانه و علم يقينا اصاب الثوب غسله كله ثلاث مرات يفرك في كل مرة و يغسل و يعصر «2». و المرسل لا اعتبار به.

التاسع: ذيل حديث الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عليه السلام عن الصبي يبول علي الثوب قال: تصب عليه الماء قليلا ثم تعصره «3» و فيه ان الكلام في الغسل بالكثير و الظاهر من الرواية الغسل بالقليل.

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(2) مستدرك الوسائل الباب 3 من أبواب النجاسات الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 458

[مسألة 430: التطهير بماء المطر يحصل بمجرد استيلائه علي المحل النجس]

(مسألة 430) التطهير بماء المطر يحصل بمجرد استيلائه علي المحل النجس من غير حاجة إلي عصر و لا إلي تعدد إناء كان أم غيره نعم الاناء المتنجس بولوغ الكلب لا يسقط فيه الغسل بالتراب الممزوج بالماء و ان سقط فيه التعدد (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول: انه يكفي استيلاء المطر علي المحل النجس في تطهيره و لا يحتاج إلي العصر و لو كان المتنجس قابلا للعصر

و كان متنجسا بالبول.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الوجه الاول: أنه قد مر قريبا ان العصر بنفسه لا دليل عليه و انما نلتزم به فيما يتوقف صدق عنوان الغسل عليه و قلنا في العاصم لا يلزم العصر اذا العصر انما يلزم لخروج الغسالة التي تقذر منها فما دامت باقية في المغسول لا يصدق الغسل و أما في العاصم فلا يتقذر منها كما هو ظاهر.

الوجه الثاني: ما أرسله الكاهلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

قلت: يسيل علي من ماء المطر أري فيه التغير و أري فيه آثار القذر فتقطر القطرات علي و ينتضح علي منه و البيت يتوضأ علي سطحه فيكف علي ثيابنا قال: ما بذا بأس لا تغسله كل شي ء يراه ماء المطر فقد طهر «1».

بتقريب: ان المستفاد منه أن ماء المطر يطهر كل شي ء و مقتضي عمومه عدم الفرق بين النجاسات كما أن مقتضاه عدم الفرق بين المتنجسات بلا فرق بين الثياب و الاواني و غيرهما.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الماء المطلق الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 459

______________________________

ان قلت: ان النسبة بين هذه الرواية و ما دل علي العصر علي القول بقيام الدليل عليه عموم من وجه و لا وجه لتقديم المرسلة علي ذلك الدليل.

قلت: اولا: أن دلالة المرسلة علي مدلولها بالعموم و ما بالعموم يقدم علي ما بالاطلاق و ثانيا: أنه لو قدم ذلك الدليل علي المرسل لم يبق لعنوان المطر موضوعية بخلاف العكس و هذا بنفسه يقتضي تقديم جانب المرسل هذا و لكن عمدة الاشكال ضعف المرسل سندا و عمل المشهور به علي تقدير ثبوته لا يكون جابرا كما مر مرارا.

الوجه الثالث: ما رواه هشام بن

سالم أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن السطح يبال عليه فتصيبه السماء فيكف فيصيب الثوب فقال: لا بأس به ما أصابه من الماء أكثر منه «1».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان الميزان اكثرية الماء فيكفي استيلاء ماء المطر علي المحل المتنجس بلا فرق بين الموارد و بهذه الرواية يرفع اليد عن دليل العصر و مما ذكرناه آنفا تقدر علي الجواب عن الايراد بأن النسبة بين الدليلين عموم وجه فلا وجه لتقديم احدهما علي الاخر فانا ذكرنا انه لو قدم ذلك الدليل لم يبق لماء المطر عنوان خاص و الحال ان المستفاد من الدليل ان ماء المطر بنفسه مطهر فلاحظ.

الفرع الثاني: انه لا يحتاج إلي التعدد في التطهير بماء المطر. و الكلام فيه هو الكلام اذ لو اخذنا بدليل وجوب التعدد فلا يكون ماء المطر بنفسه مطهرا و الحال ان المستفاد من حديث هشام كذلك سيما ان المفروض في مورده تنجس

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 460

[مسألة 431: يكفي الصب في تطهير المتنجس ببول الصبي ما دام رضيعا لم يتغذ]

(مسألة 431): يكفي الصب في تطهير المتنجس ببول الصبي ما دام رضيعا لم يتغذ و ان تجاوز عمره الحولين و لا يحتاج إلي العصر و الاحوط استحبابا اعتبار التعدد و لا تلحق الاثني بالصبي (1).

______________________________

السطح بالبول و مع ذلك حكم عليه السلام بعدم البأس معللا بكون الماء أكثر.

الفرع الثالث: انه لا فرق في هذا الحكم بين الاناء و غيره و يظهر الوجه فيه مما ذكرنا في تقريب تقدم دليل ماء المطر علي بقية الادلة مضافا إلي أن المستفاد من حديث عمار «1» ان المفروض في الرواية التطهير بالقليل.

الفرع الرابع: ان الاناء المتنجس بولوغ الكلب يحتاج إلي التعفير حتي فيما طهر بماء المطر بتقريب: ان

المستفاد من دليل مطهرية المطر قيامه مقام الغسل بالماء فلا يحتاج في ترتب الآثار المطلوبة أزيد من تحقق الغسل بالمطر.

و بعبارة اخري: مقتضي اطلاق دليل كونه مطهرا عدم مدخلية شي ء آخر و أما عدم توقف التطهير علي شي ء آخر فلا يستفاد منه فلا تنافي بين هذا الدليل و دليل التعفير و ان شئت قلت: ليس المولي في مقام البيان من هذه الجهة فالمرجع دليل وجوب التعفير.

و يشكل هذا التقريب بأنه مع عدم كون المولي في مقام البيان كيف يمكن الحكم بحصول الطهارة و لو مع عدم الدليل علي شرطية شي ء آخر.

و صفوة القول: ان المولي ان كان في مقام البيان من هذه الجهة فلا وجه للاعتبار و ان لم يكن في مقامه فلا تحصل الطهارة حتي مع عدم دليل علي اعتبار امر آخر فلاحظ.

(1) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول: انه اذا تنجس الثوب و شبهه مما

______________________________

(1) لاحظ ص: 287

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 461

______________________________

يمكن العصر فيه ببول الصبي يكفي صب الماء عليه مرة واحدة و لا يلزم التعدد في الصب و هذا هو المشهور بين القوم- علي ما يظهر من بعض الكلمات- و عن كشف الغطاء: «انه يجب تعدد الصب».

و يدل علي مذهب المشهور ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن بول الصبي قال: تصب عليه الماء فان كان قد أكل فاغسله بالماء غسلا و الغلام و الجارية في ذلك شرع سواء «1».

فان اطلاق هذه الرواية يقتضي كفاية الصب الواحد و ربما يقال: لا بد من رفع اليد عن اطلاق هذه الرواية بما رواه أبو اسحاق النحوي «2» و لكن الحق ما ذهب اليه المشهور لاحظ ما رواه الحسين بن

أبي العلاء «3» فان المستفاد من هذه الرواية بكون التقسيم قاطعا للشركة كفاية الصب الواحد و لو لاه لم يكن وجه للتفصيل فلاحظ.

الفرع الثاني: أنه لا يجب فيه العصر بتقريب ان المأمور به في النص هو الصب و هو يصدق و لو لم يعصر و ربما يقال: بوجوبه لحديث الحسين بن أبي العلاء «4» فانه امر بالعصر بعد الصب.

و يرد عليه اولا: أنه لا اشكال في كفاية العصر علي القول به مقارنا للصب و لا يتوقف علي كونه بعد الصب و ثانيا: ان التقابل الواقع بين الغسل و الصب في

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب النجاسات الحديث: 2.

(2) لاحظ ص: 119.

(3) لاحظ ص: 119 و 457.

(4) لاحظ ص: 457

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 462

______________________________

حديث الحلبي «1» يقتضي كفاية الصب اذ لو لم يكف لم يكن وجه للتقابل.

و بعبارة اخري: العصر بعد الصب يحقق الغسل فلا تقابل و ان شئت قلت:

التقسيم قاطع للشركة و هو ينافي الاتحاد فلاحظ و عليه يكون الامر بالعصر اما من باب الاستحباب و اما من باب الغلبة الخارجية حيث ان الغالب يكون كذلك اي يكون الغالب العصر مع الصب.

الفرع الثالث: ان هذا الحكم للصبي ما لم يتغذ لاحظ ما رواه الحلبي «2» فان المستفاد من هذه الرواية ان الموضوع للحكم الصبي الذي لا يأكل و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين عدم تجاوز سنه الحولين و تجاوزه.

الفرع الرابع: ان مقتضي الاحتياط اعتبار التعدد و الوجه فيه الخروج عن شبهة الخلاف فانه قد مر ان المنقول عن كشف الغطاء اعتبار التعدد.

الفرع الخامس: ان الحكم مخصوص بالصبي و لا يشمل الصبية قال في المستمسك: «و عن المشهور الجزم به بل عن المختلف الاجماع عليه

و في الجواهر لعله لا خلاف فيه للأمر به بالغسل من بول الاثني في رواية السكوني عن جعفر «3» عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام قال: لبن الجارية و بولها يغسل منه الثوب قبل أن تطعم لان لبنها يخرج من مثانة امها و لبن الغلام لا يغسل منه و لا (من) بوله قبل أن يطعم لان لبن الغلام يخرج من العضدين و المنكبين «4»».

______________________________

(1) لاحظ ص: 461

(2) لاحظ ص: 461

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب النجاسات الحديث: 4.

(4) مستمسك العراة الوثقي ج 2 ص 45.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 463

[مسألة 432: يتحقق غسل الإناء بالقليل بأن يصب فيه شي ء من الماء ثم يدار فيه إلي أن يستوعب تمام أجزائه ثم يراق]

(مسألة 432): يتحقق غسل الاناء بالقليل بأن يصب فيه شي ء من الماء ثم يدار فيه إلي أن يستوعب تمام أجزائه ثم يراق فاذا فعل به ذلك ثلاث مرات فقد غسل ثلاث مرات و طهر (1).

[مسألة 433: يعتبر في الماء المستعمل في التطهير طهارته قبل الاستعمال]

(مسألة 433): يعتبر في الماء المستعمل في التطهير طهارته قبل الاستعمال (2).

______________________________

و لا يخفي ان هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي و ربما يقال: ان المستفاد من ذيل رواية الحلبي عموم الحكم للصبية لقوله عليه السلام: «و الغلام و الجارية في ذلك شرع سواء» و فيه ان الجارية بمالها من المفهوم لا تعم الرضيعة و يؤيده العدول في كلامه عليه السلام عن الصبي إلي الغلام فتكون التسوية بالنسبة إلي وجوب الغسل في بول الغلام و الجارية.

و ان شئت قلت: ان الدليل الدال علي وجوب الغسل في المتنجس بالبول يقتضي وجوب الغسل حتي في المتنجس ببول الرضيعة و انما الخارج بالدليل بول الرضيع و أما استثناء بول الرضيعة فلم يثبت فالحق كما أفاده في المتن.

(1) كما هو المصرح به في حديث عمار «1».

(2) يظهر من كلام بعض الاصحاب انه لا خلاف في المسألة كما أنه لا اشكال فيه و يمكن تقريب المدعي مضافا إلي ما ذكر بوجوه:

الوجه الاول: ان وزان التطهير الشرعي وزان التنظيف العرفي فكما أن الماء القذر بالقذارة العرفية غير قابلة عرفا أن تحصل به النظافة كذلك الماء النجس

______________________________

(1) لاحظ ص: 287

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 464

[مسألة 434: يعتبر في التطهير زوال عين النجاسة دون أوصافها]

(مسألة 434): يعتبر في التطهير زوال عين النجاسة دون اوصافها كاللون و الريح فاذا بقي واحد منهما أو كلاهما لم يقدح ذلك في حصول الطهارة مع العلم بزوال العين (1).

______________________________

الشرعي غير قابلة لان تحصل به الطهارة الشرعية.

الوجه الثاني: ان اطلاقات الغسل منصرفة إلي الغسل بالماء الطاهر للارتكاز العرفي بأن فاقد الشي ء لا يعطيه.

الوجه الثالث: ما دل من النصوص علي اهراق المتنجس لاحظ ما رواه البقباق «1» فان الامر بالصب في هذه الرواية أو الاهراق في بعض آخر يدل علي

عدم جواز الانتفاع به و لو كان استعماله جائزا في رفع الخبث أو الحدث لم يكن وجه للأمر بالاهراق.

الوجه الرابع: ما دل من النصوص علي المنع عن الشرب و الوضوء بالماء المتنجس لاحظ ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه قال: سألته عن جرة ماء فيه ألف رطل وقع فيه أوقية بول هل يصلح شربه أو الوضوء منه؟ قال: لا يصلح «2».

بتقريب: ان ذكر الشرب و الوضوء مثال لمطلق الانتفاع فلا يجوز التطهير بالماء المتنجس بالبول و بعدم الفصل القطعي بين النجاسات من هذه الجهة نفهم ان الماء المتنجس بأي نحو كان لا يمكن حصول الطهارة به و يضاف إلي جميع ذلك ان عدم جواز التطهير بالماء المتنجس من واضحات الفقه.

(1) و يمكن أن يستدل علي المدعي بوجهين: احدهما: اطلاق ادلة الغسل

______________________________

(1) لاحظ ص: 283

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 465

[مسألة 435: الأرض الصلبة أو المفروشة بالآجر أو الصخر أو الزفت أو نحوها يمكن تطهيرها بالماء القليل]

(مسألة 435): الارض الصلبة أو المفروشة بالاجر أو الصخر أو الزفت أو نحوها يمكن تطهيرها بالماء القليل اذا جري عليها (1) لكن مجمع الغسالة يبقي نجسا اذا كانت الغسالة نجسة (2).

______________________________

فانه مع زوال العين و بقاء الاثر يصدق عرفا عنوان الغسل المأمور به و هو يكفي.

ثانيهما: عدم التعرض له في الروايات مع أن بقاء الاثر في جملة من النجاسات امر متعارف فمن عدم تعرض الشارع للزوم ازالته يفهم عدم وجوبه مضافا إلي أن لزوم الازالة علي الاطلاق ربما يوجب الحرج و المشقة و الضرر فلاحظ.

ان قلت: بقاء الاثر من اللون أو الريح أو الطعم يكشف عن بقاء العين اذ قد حقق في الفلسفة امتناع انتقال العرض عن محله قلت: الاحكام الشرعية لا تبتني علي

المباني الفلسفية بل الميزان فيها الصدق العرفي مضافا إلي أنه ربما يقال: بأنه يحتمل حدوث العرض في المحل من المجاورة مع العين النجسة فاذا جاء احتمال الحدوث بطل التقريب المذكور فانه مع مجي ء الاحتمال يبطل الاستدلال.

و لنا أن نستدل علي المدعي بما رواه ابن المغيرة عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له: ان للاستنجاء حد؟ قال لا حتي ينقي ما ثمة قلت: فانه ينقي مأثمة و يبقي الريح قال: الريح لا ينظر اليها «1».

فانه يستفاد من هذه الرواية أن الريح لا ينظر اليها فلا يترتب حكم علي الآثار الباقية من المذكورات.

(1) كما هو ظاهر فانها كبقيته الاجسام القابلة للتطهير.

(2) اذ انفصال الغسالة في التطهير بالقليل شرط فيه فمع كون الغسالة نجسة

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب النجاسات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 466

[مسألة 436: لا يعتبر التوالي فيما يعتبر فيه تعدد الغسل]

(مسألة 436): لا يعتبر التوالي فيما يعتبر فيه تعدد الغسل فلو غسل في يوم مرة و في آخر اخري كفي ذلك (1) نعم الاحوط استحبابا المبادرة إلي العصر فيما يعصر (2).

[مسألة 437: ماء الغسالة التي تتعقبها طهارة المحل إذا جري من الموضع النجس إلي ما اتصل به من المواضع الطاهرة لم يتنجس]

(مسألة 437): ماء الغسالة التي تتعقبها طهارة المحل اذا جري من الموضع النجس إلي ما اتصل به من المواضع الطاهرة لم يتنجس فلا يحتاج إلي تطهير من غير فرق بين البدن و الثوب و غيرهما من المتنجسات و الماء المنفصل من الجسم طاهر اذا كان يطهر المحل

______________________________

لا مناص عن الالتزام ببقاء محلها نجسا نعم ان قلنا بعدم كون الغسالة منجسة للجسم الطاهر لو فرضنا أن محل اجتماع الغسالة لم يكن نجسا من اول الامر لا نلتزم بنجاسة محل اجتماعها بل المحل باق علي طهارته و يكون الماء المجتمع هناك نجسا علي الفرض.

(1) للإطلاق المنعقد في ادلته.

(2) السيد اليزدي قدس سره قد صرح باعتبارها فيه في عروته و الحق أنه لا دليل عليه اذ العصر بنفسه ليس عليه دليل و انما يعتبر فيما يتوقف عليه عنوان الغسل.

و بعبارة اخري العصر بلحاظ اشتراط خروج الغسالة فلو تحقق الانفصال مع الفصل الزماني كفي لإطلاق الدليل و انما جعله الماتن مستحبا للخروج عن شبهة الخلاف انما الاشكال في أنه هل يصلح البناء علي الاستحباب في الامور الوضعية.

و بعبارة اخري: الاستحباب متصور بالنسبة إلي فعل المكلف فنقول: الابتداء بالسلام مستحب مثلا كما أن الجواب واجب و شرب الماء مباح و أما غسل المحل النجس فليس محكوما بحكم شرعي مولوي كي يتصور فيه الاستحباب فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 467

بانفصاله (1).

[مسألة 438: الأواني الكبيرة المثبتة يمكن تطهيرها بالقليل]

(مسألة 438): الاواني الكبيرة المثبتة يمكن تطهيرها بالقليل بأن يصب الماء فيها و يدار حتي يستوعب جميع أجزائها ثم يخرج حينئذ ماء الغسالة المجتمع في وسطها بنزح أو غيره (2) و الاحوط استحبابا المبادرة إلي اخراجه (3) و لا يقدح الفصل بين الغسلات (4).

______________________________

(1) قد تعرضنا تفصيلا لحكم الغسالة في

الجزء الاول من هذا الشرح «1» و ملخص ما اخترناه هناك أن ماء الغسالة لا تختص بخصوصية خاصة بل حالها حال بقية المياه القليلة و ذكرنا هناك أنه لا تنافي بين نجاسة الغسالة و طهارة المغسول بها بانفصالها.

(2) كما هو المستفاد من حديث عمار «2».

(3) قال السيد اليزدي قدس سره في عروته: «و يلزم المبادرة إلي اخراجها عرفا» لكن الظاهر أن الحق ما أفاده الماتن اذ مقتضي اطلاق حديث عمار عدم اللزوم.

و ان شئت قلت: وزانه وزان العصر فكما ان العصر لا تجب فيه الفورية كذلك الاخراج في المقام و لا يخفي أن ما ذكرنا من الاشكال في استحباب المبادرة إلي العصر جار في المقام أيضا.

(4) للإطلاق.

______________________________

(1) لاحظ ج 1 ص: 224- 234

(2) لاحظ ص: 287

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 468

و لا تقاطر ماء الغسالة حين الاخراج علي الماء المجتمع نفسه (1) و الاحوط وجوبا تطهير آلة الاخراج كل مرة من الغسلات (2).

[مسألة 439: الدسومة التي في اللحم أو اليد لا تمنع من تطهير المحل]

(مسألة 439): الدسومة التي في اللحم أو اليد لا تمنع من تطهير المحل الا اذا بلغت حدا تكون جرما حائلا و لكنها حينئذ لا تكون دسومة بل شيئا آخر (3).

[مسألة 440: إذا تنجس اللحم أو الأرز أو الماش أو نحوها]

(مسألة 440): اذا تنجس اللحم أو الارز أو الماش أو نحوها

______________________________

(1) فانه لازم بحيث لا ينفك عن التطهير و الالتزام باخلاله يوجب الحرج الشديد اضف إلي ذلك أنه عليه السلام لم يتعرض للزومه مع كونه في مقام البيان فلاحظ.

(2) قال السيد اليزدي قدس سره في العروة: «و لا يلزم تطهير آلة اخراج الغسالة كل مرة». و لا يبعد أن يكون الحق ما أفاده قدس سره فانه مقتضي الاطلاق المقامي و ما عن صاحب الجواهر قدس سره من أنه عليه السلام ليس في مقام البيان من هذه الجهة غير تام فانه لو شك في كونه في مقام البيان تجري اصالة البيان مضافا إلي أنه علي القول باللزوم لا فرق بين العود لإخراج الغسالة الثانية أو الثالثة و العود لإخراج بعض الغسالة و الحال أنه لا اطلاق في كلام الماتن بل يظهر منه الاختصاص بكل مرة من الغسلات و لا وجه له فالاظهر عدم الوجوب و الاحوط كما في المتن.

(3) فان العرض لا يمنع عن تحقق الغسل و أما اذا وصلت إلي حد تكون جرما فلا يتحقق الغسل و تكون مانعة.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 469

و لم تدخل النجاسة في عمقها يمكن تطهيرها بوضعها في طشت وصب الماء عليها علي نحو يستولي عليها (1).

ثم يراق الماء و يفرغ الطشت مرة واحدة (2) فيطهر النجس و كذا الطشت تبعا و كذا اذا اريد تطهير الثوب فانه يوضع في الطشت و يصب الماء عليه ثم يعصر و يفرغ الماء

مرة واحدة فيطهر ذلك الثوب و الطشت أيضا (3) و اذا كانت النجاسة محتاجة إلي التعدد كالبول كفي الغسل مرة اخري علي النحو المذكور (4) هذا كله فيما اذا غسل المتنجس في الطشت و نحوه و أما اذا غسل في الاناء فلا بد من غسله ثلاثا (5).

______________________________

(1) ان قلنا باشتراط ورود المطهر علي المتنجس و أما ان قلنا بعدم الفرق بين كونه وارد و مورودا فلا تجب الكيفية الخاصة كما هو ظاهر.

(2) لم يظهر وجه التقييد بكون الافراغ مرة واحدة فان مقتضي اطلاق حديث عمار «1» عدم الفرق بين المرة و المرات.

(3) لحصول الغسل المقتضي للتطهير.

(4) كما هو مقتضي القاعدة فان النجاسة البولية تحتاج ازالتها إلي تعدد الغسل فاذا تحقق التعدد تحصل الطهارة.

(5) ربما يقال: بأن المحل يطهر بالتبع فاذا كان ذلك المحل من الاواني

______________________________

(1) لاحظ ص: 287

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 470

[مسألة 441: الحليب النجس يمكن تطهيره بأن يصنع جبنا]

(مسألة 441): الحليب النجس يمكن تطهيره بأن يصنع جبنا و يوضع في الكثير حتي يصل الماء إلي اعماقه (1).

______________________________

و الظروف التي يعتبر في تطهيرها الغسل ثلاثا و كانت طاهرة قبل غسل المتنجس فيه لم يجب غسلها ثلاثا نعم اذا كان المحل نجسا قبل ذلك يلزم فيه التعدد لشمول دليل وجوبه ثلاثا اياه و أما اذا كان طاهرا فيكفي في طهارته تبعا غسل المظروف فيه فلا يعتبر التعدد و الدليل علي التبعية ما رواه ابن مسلم «1» فان مقتضي سكوت الامام عليه السلام و عدم تعرضه لكيفية تطهير المركن طهارته بتبع طهارة الثوب.

و يمكن أن يقال: ان حديث ابن مسلم يستفاد منه الطهارة التبعية بالنسبة إلي المركن و المركن ليس آنية و دليل وجوب الغسل ثلاثا وارد في الانية فالنتيجة عدم الدليل علي

التبعية فيها فيلزم رعاية التعدد ثلاثا فيها و الماتن بهذا اللحاظ افتي بلزوم الغسل ثلاثا اذا كان المغسول فيه اناء.

و صفوة القول في المقام: ان المستفاد من رواية عمار الدالة علي لزوم التطهير ثلاثا يقتضي التعدد كذلك و حديث ابن مسلم وارد في المركن فلو قطع بعدم كونه آنية أو شك في كونه كذلك لا يمكن الالتزام بالتبعية في الاناء لعدم العلم بالتسوية فالمرجع القاعدة الاولية.

(1) قد ذكرنا في ذيل المسألة (422) انه يشكل الالتزام بحصول الطهارة فيما لا يتحقق الغسل و لا تصل إلي المحل النجس الا الرطوبة و الذي يمكن أن يكون مدركا للحكم كما ذكرنا هناك ان العرف يري التطهير في أمثال المذكورات بهذا النحو المذكور في المتن هذا من ناحية و من ناحية اخري انهم عليهم السلام

______________________________

(1) لاحظ ص: 454

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 471

[مسألة 442: إذا غسل ثوبه النجس ثم رأي بعد ذلك فيه شيئا من الطين أو دقائق الاشنان أو الصابون الذي كان متنجسا]

(مسألة 442): اذا غسل ثوبه النجس ثم رأي بعد ذلك فيه شيئا من الطين أو دقائق الاشنان أو الصابون الذي كان متنجسا لا يضر ذلك في طهارة الثوب (1) بل يحكم أيضا بطهارة ظاهر الطين أو الاشنان أو الصابون الذي رآه بل باطنه اذا نفذ فيه الماء علي الوجه المعتبر (2).

______________________________

لم يتعرضوا لعدم حصول الطهارة بالنسبة إلي ما ذكر فيعلم ان الشارع يكتفي فيه بما يكون مطهرا عرفا.

و يؤيد المدعي جملة من النصوص منها ما رواه السكوني «1» و منها: ما رواه زكريا بن آدم «2» و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن أكسية المرغزي و الخفاف تنقع في البول أ يصلي عليها؟ قال: اذا غسلت بالماء فلا بأس «3».

فان المستفاد من هذه النصوص حصول الطهارة

بالنسبة إلي بواطن المذكورات بالتبع فتأمل و انما عبرنا بالتأييد لضعف اسنادها.

(1) اذ مع طهارة ظاهر الصابون أو الطين لا وجه لعدم حصول الطهارة في الثوب.

(2) علي الاشكال الذي ذكرناه آنفا و تعرضنا له سابقا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 155

(2) لاحظ ص: 377.

(3) الوسائل الباب 71 من أبواب النجاسات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 472

[مسألة 443: الحلي الذي يصوغها الكافر اذا لم يعلم ملاقاته لها مع الرطوبة يحكم بطهارتها]

(مسألة 443): الحلي الذي يصوغها الكافر اذا لم يعلم ملاقاته لها مع الرطوبة يحكم بطهارتها (1) و ان علم ذلك يجب غسلها و يطهر ظاهرها و يبقي باطنها علي النجاسة (2) و اذا استعملت مدة و شك في ظهور الباطن وجب تطهيرها (3).

[مسألة 444: الدهن المتنجس لا يمكن تطهيره بجعله في الكر الحار و مزجه به]

(مسألة 444) الدهن المتنجس لا يمكن تطهيره بجعله في الكر الحار و مزجه به و كذلك سائر المائعات المتنجسة فانها لا تطهر الا بالاستهلاك (4).

______________________________

(1) كما هو مقتضي الاصل العملي.

(2) بناء علي كونه نجسا.

(3) لم يظهر لي وجه ما أفاده اذ مقتضي قاعدة الطهارة طهارته.

(4) ربما يقال: - كما عن العلامة- أنه يطهر الدهن المتنجس بصبه في كر من الماء حتي تختلط و تمازج اجزائه مع الماء بحيث يعلم وصول الماء إلي جميع أجزائه.

و اورد علي هذا البيان- علي ما قيل- بوجوه من الايراد: الاول: امتناع وصول الماء إلي جميع أجزائه و وجه استحالته تارة من جهة دسومته و اخري بابتناء وصوله إلي جميع أجزائه علي القول بالجزء الذي لا يتجزي الذي برهن في الفلسفة امتناعه و ثالثة من جهة اختلافه مع الماء ثقلا و خفة المؤدي إلي انفصال احدهما عن الاخر طبعا و رابعة من جهة شدة اتصال أجزائه بعضها ببعض المانعة من الاختلاط.

و لقائل أن يقول: بعدم تمامية المذكورات أما كون دسومته مانعا عن وصول الماء إلي أجزائه فليست دسومته إلا كدسومة البدن أو اللحم التي لا تمنع عن نفوذ

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 473

______________________________

الماء فيه أو وصوله إلي البدن.

و أما ابتناء تطهيره علي القول بوجود الجزء الذي لا يتجزي فيرد عليه: اولا النقض ببقية الاجسام كالفراش و اللباس فان هذا الاشكال بعينه يجري فيه اذ المفروض انه يطهر بعد

تنجسه و الحال أنه يلزم وصول المطهر إلي جميع أجزائه.

و ثانيا بالحل و هو أن الذي برهن في الفلسفة عدم الجزء الذي لا يتجزي و لو وهما و يكفي في تحقق الطهر عدم الانقسام الخارجي.

و بعبارة اخري: يكفي لحصول الطهارة تحقق الجزء الذي لا يتجزي و لا ينقسم بالانقسام الفعلي الخارجي و لا ينافي كونه قابلا للانقسام عقلا.

و أما اختلافه مع الماء خفة و ثقلا المؤدي إلي انفصال احدهما عن الاخر، ففيه: انه ليس شرط حصول الطهارة بقاء الماء فيه بل يكفي ملاقاة الماء معه كيف و لو لم ينفصل عنه الماء لا يترتب عليه الاثر المرغوب فيه.

و أما دعوي شدة اتصال أجزائه بعضها ببعض فيرده أنه بعد فرض ادخاله في الماء الكر الحار- كما هو المفروض- في المتن و ضربه معه حتي يختلطا معا فانه يصل الماء الحار إلي جميع أجزائه.

الثاني: انه لا يمكن العلم بوصول الماء إلي كل جزء و بعبارة اخري: هب انه يمكن الوصول عقلا لكن لا يمكن حصول العلم به خارجا فلا يحصل المطلوب.

و يرد عليه: انه يمكن العلم بوصول الماء إلي جميع أجزائه في حال الاختلاط و ان لم يبق الدهن علي مسماه بحيث يمكن الانتفاع به لكن بعد برودة الماء و اجتماع الاجزاء المنتشرة من الدهن فيه يمكن اخذ ما اجتمع فوق الماء و الانتفاع به.

الثالث: انه سلمنا وصول الماء إلي كل جزء منه و حصول العلم به لكن لا

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 474

[مسألة 445: إذا تنجس التنور يمكن تطهيره بصب الماء من الإبريق عليه]

(مسألة 445): اذا تنجس التنور يمكن تطهيره بصب الماء من الابريق عليه و مجمع ماء الغسالة يبقي علي نجاسته لو كان متنجسا قبل الصب و اذا تنجس التنور بالبول وجب تكرار الغسل مرتين

(1).

[الثاني: من المطهرات الأرض]
اشارة

الثاني:

من المطهرات الارض (2).

______________________________

تحصل الطهارة اذ يشترط في حصولها قابلية المحل لها و هو اول الكلام و الاشكال.

و فيه: ان النجاسة العارضة علي الدهن وصف عرضي مفارق و ليست ذاتية له و المستفاد من ادلة مطهرية الماء كونه مطهرا بالنسبة إلي كل ما عرض عليه النجاسة و لو فتحت باب هذا الاشكال يشكل الامر في كثير من الموارد و صفوة القول: ان مقتضي اطلاق الادلة عدم الفرق بين الموارد فلاحظ.

(1) ما أفاده علي طبق القاعدة الاولية فانه بيان احدي الصغريات التي قد تمت كبريها فان المتنجس بالبول يجب غسله مرتين و بغيره تكفي المرة.

(2) ادعي عليه الاتفاق و الظاهر أنه لا اشكال و لا كلام في أصل المسألة و انما الكلام في بعض الخصوصيات و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها:

ما رواه المعلي بن خنيس «1».

و منها: ما رواه زرارة بن اعين قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل وطأ علي عذرة فساخت رجله فيها أ ينقض ذلك وضوئه؟ و هل يجب عليه غسلها

______________________________

(1) لاحظ ص: 205

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 475

فانها تطهر باطن القدم (1) و ما توقي به كالنعل و الخف و الحذاء و نحوها (2).

______________________________

فقال: لا يغسلها الا أن يقذرها و لكنه يمسحها حتي يذهب أثرها و يصلي «1».

و منها ما رواه محمد الحلبي قال: قلت له: ان طريقي إلي المسجد في زقاق يبال فيه فربما مررت فيه و ليس علي حذاء فيلصق برجلي من نداوته فقال: أ ليس تمشي بعد ذلك في ارض يابسة؟ قلت: بلي قال: فلا بأس ان الارض تطهر بعضها بعضا «2».

(1) كما هو المستفاد من حديث ابن خنيس «3» و يدل عليه أيضا ما رواه

محمد الحلبي «4» و يدل عليه أيضا بالصراحة ما رواه الحلبي أيضا «5».

(2) استدل علي المدعي بعدة نصوص منها ما رواه حفص بن أبي عيسي قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ان وطأت علي عذرة بخفي و مسحته حتي لم أر فيه شيئا ما تقول في الصلاة فيه؟ فقال: لا بأس «6» و هذه الرواية واردة في حكم الخف لكن سندها مخدوش بحفص فلا وجه لإطالة الكلام في دلالتها علي المدعي.

و منها: ما رواه الاحول عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في الرجل يطأ علي الموضع الذي ليس بنظيف ثم يطأ بعده مكانا نظيفا قال: لا بأس اذا كان خمسة

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب النجاسات الحديث: 7.

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) لاحظ ص: 205

(4) لاحظ ص 393

(5) مر آنفا

(6) الوسائل الباب 32 من أبواب النجاسات الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 476

______________________________

عشر ذراعا أو نحو ذلك «1».

و هذه الرواية تامة سندا و من حيث الدلالة مطلقة و لا تختص بالبشرة لكن قيدت بالمشي خمسة عشر ذراعا و هذا لا يوجب رفع اليد عن الرواية بدعوي أن المشهور غير قائلين بالتقدير فان تم دليل علي كونه مستحبا فهو و الا يجب الاخذ بها و لا نبالي من التقييد.

و منها: ما رواه محمد الحلبي «2» و هذه الرواية باطلاقها تشمل الخف و النعل و الحذاء و نحوها.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «3» و لا يخفي أن التعليل المذكور في الحديث لا يرتبط بالحكم الوارد فيه فان ذلك الحكم مفاد قوله عليه السلام: «كل شي ء يابس ذكي» «4» فعدم الانفعال من باب كون اللباس زكيا و غير مؤثر في الانفعال لكن مع ذلك كله

يستفاد من الحديث أن الارض تطهر موضع الوطاء و اطلاقه يقتضي شموله لكل ما يتنعل به عادة.

و بهذا التقريب الذي ذكرنا يمكن استفادة المدعي من كل حديث ذكر فيه التعليل المذكور فان مقتضي عموم التعليل عدم الفرق بين البشرة و ما يتنعل به من الحذاء و غيره. و لا يخفي انه ليس المراد من الجملة ان بعض الارض يطهر بعضها

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1.

(2) لاحظ ص: 393.

(3) لاحظ ص: 123.

(4) الوسائل الباب 31 من أبواب احكام الخلوة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 477

بالمسح بها (1) أو المشي عليها (2) بشرط زوال عين النجاسة بهما (3) و لو زالت عين النجاسة قبل ذلك كفي مسمي المسح بها أو

______________________________

الاخر بل المراد منه ان بعض الارض يطهر و يزيل النجاسة الحاصلة من بعضها الاخر.

فالمتحصل مما ذكرنا انه يمكن تقريب الاستدلال علي اثبات المدعي بوجهين:

الاول: الاطلاق المستفاد من بعض النصوص فانه بنفسه يقتضي اثبات المدعي الثاني: عموم التعليل فلاحظ.

(1) لاحظ حديثي حفص و زرارة «1».

(2) كما صرح به في حديث الحلبي «2» و هو الظاهر من جملة من روايات الباب 32 من ابواب النجاسات من الوسائل فلاحظ.

(3) فانه مقتضي الارتكاز اذ مطهرية الارض لا تزيد علي التطهير بالماء و لا اشكال في اشتراط الزوال فيه و ان شئت قلت: تحقق الطهارة و بقاء عين النجاسة امران متنافيان لا يجتمعان اضف إلي ذلك حديثي حفص و زرارة «3» فان المصرح به في الاول قول الراوي: «و مسحته حتي لم أر فيه شيئا» و الامام عليه السلام قرره علي ما في ذهنه و في الثاني صرح عليه السلام بالمسح حتي يذهب الاثر فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 475 و 474.

(2) لاحظ ص:

393

(3) لاحظ ص: 474 و 475

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 478

المشي عليها (1).

و يشترط علي الاحوط وجوبا كون النجاسة حاصلة بالمشي علي الارض (2).

______________________________

(1) لقائل أن يقول: ان مقتضي حديث الاحول «1» اشتراط المقدار المذكور في الحديث فان المطلق يقيد بالمقيد.

و يمكن أن يجاب بأنه يمكن أن يكون ذكر المقدار من باب توقف ازالة النجاسة علي المشي بهذا المقدار.

و بعبارة اخري: تكون الرواية ناظرة إلي امر خارجي لا شرعي و الدليل علي هذا المدعي قوله عليه السلام: «أو نحو ذلك» فان التخيير بين الاقل و الاكثر غير معقول فليس تحديدا شرعيا بل المناط زوال الاثر كما هو المصرح به في حديث زرارة «2» الذي تقدم.

(2) الوجه في هذا الاحتياط قصور المقتضي بالنسبة إلي الزائد فان النصوص واردة في النجاسة الحاصلة بالمشي علي الارض أو المرور عليها فلا بد من الاقتصار علي موارد النصوص.

و ان شئت قلت: مقتضي القاعدة الاولية المستفادة من الدليل الدال علي اقتصار المطهر في الماء تطهير النجاسات به فقط و لا بد من وجود دليل علي الخروج من مقتضي القاعدة. و يؤيد المدعي بل يدل عليه قوله عليه السلام في بعض تلك النصوص: «ان الارض يطهر بعضها بعضا».

______________________________

(1) لاحظ ص: 475

(2) لاحظ ص: 474.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 479

______________________________

و يمكن التعدي عن مورد الروايات بوجهين: احدهما ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: جرت السنة في الغائط بثلاثة أحجار أن يمسح العجان و لا يغسله و يجوز أن يمسح رجليه و لا يغسلهما «1».

بتقريب: أن المستفاد من هذه الرواية انه يكفي المسح في تطهير الرجلين فلا فرق بين النجاسة الحاصلة بالمشي و غيره.

و يرد عليه: انه ليس الامام عليه السلام

في مقام البيان من جميع الجهات و الا يلزم تطهير الرجلين من النجاسة الحاصلة فيها باي وجه كان و باي طريق و الحال أنه لا يمكن الالتزام بهذا اللازم.

و بعبارة اخري: مقتضي الاطلاق ان الرجل اذا تنجست باي نحو و كيفية يكفي في تطهيرها مسحها و هذا خلاف الواقع فان الامام عليه السلام ليس في مقام البيان فلا ينعقد الاطلاق.

و بتقريب آخر: ان مقتضي الاطلاق ان الرجل اذا تنجست باي نحو كان يمكن تطهيرها بالمسح بلا فرق بين أن يكون بالمسح بالارض أو غيرها من الخرقة و الخشب و نحوهما و من الظاهر انه خلاف الواقع فلا اطلاق.

ثانيهما: ما عن المحقق الهمداني قدس سره و هو أن مقتضي الارتكاز عدم الفرق في مطهرية الارض بين النجاسة الحاصلة منها و بين الحاصلة من غيرها و لذا لا فرق في نظر العرف بين كون العذرة مطروحة علي الارض أو علي الفراش.

و ما أفاده و ان كان صحيحا بهذا المقداري لا فرق بين الموردين المذكورين

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب النجاسات الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 480

[مسألة 446: المراد من الأرض مطلق ما يسمي أرضا من حجر أو تراب أو رمل]

(مسألة 446) المراد من الارض مطلق ما يسمي أرضا من حجر أو تراب أو رمل (1) و لا يبعد عموم الحكم للأجر و الجص و النورة (2) و الاقوي اعتبار طهارتها (3).

______________________________

لكن الاشكال في النجاسة الحاصلة من الخارج و غير المشي و اثبات عدم الفرق مشكل. و بعبارة اخري: الارتكاز المدعي ليس بحد يمكن الخروج عن طبق القواعد الاولية فان مقتضي القاعدة الاولية لزوم التطهير بالماء و الاكتفاء بغيره يتوقف علي قيام دليل قطعي.

(1) لإطلاق الادلة فان المأخوذ فيها عنوان الارض و مقتضي الاطلاق كفايتها علي الاطلاق.

(2) لصدق الارض علي

المذكورات.

(3) ربما يقال: بأن مقتضي الاطلاق عدم الاشتراط. و فيه: ان الاطلاق علي فرض تماميته ترفع اليد عنها برواية الاحول «1» فان الموضوع المأخوذ فيها عنوان الوطء علي الموضع النظيف و بمقتضي مفهوم الشرط يختص الحكم بصورة كون الموضع طاهرا.

لا يقال: التقييد وقع في كلام السائل، فانه يقال: ان الامر و ان كان كذلك لكن جوابه عليه السلام مترتب علي ذلك الموضوع الذي وقع مورد السؤال.

ان قلت: قد مر ان التحديد بخمسة عشر ذراعا ليس شرعيا. قلت: لا منافاة بين عدم كونه شرعيا و بين اشتراط نظافة الموضع. و بعبارة اخري: المستفاد من الحديث ان الوطء علي الموضع الطاهر يوجب الطهارة فلاحظ و يؤيد المدعي

______________________________

(1) لاحظ ص: 475

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 481

و الاحوط وجوبا اعتبار جفافها (1).

[مسألة 447: في الحاق ظاهر القدم و عيني الركبتين و اليدين اذا كان المشي عليها]

(مسألة 447): في الحاق ظاهر القدم و عيني الركبتين و اليدين اذا كان المشي عليها و كذلك ما توقي به كالنعل و أسفل خشبة الاقطع و حواشي القدم القريبة من الباطن اشكال (2).

______________________________

الارتكاز العرفي بأن فاقد الطهارة لا يمكن أن يكون مطهرا.

(1) استدل علي المدعي بحديثي المعلي و محمد الحلبي «1» و لكن الحديثين ضعيفان سندا أما الاول فبمعلي و أما الثاني فبمفضل بن عمر فاعتبار الجفاف مبني علي الاحتياط فلا يضر كونها مرطوبة بشرط أن لا تكون مسرية و الا يلزم نجاسة الرجل بتلك الرطوبة الاعلي القول بعدم تنجيس المتنجس.

و لقائل أن يقول: بأن سراية النجاسة عن الارض إلي الرجل ممنوعة كما في الماء المستعمل في التطهير فانه مطهر و لا ينجس به المحل.

و يمكن أن يقال: ان المستفاد من حديث عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه سأله عن الرجل

يتوضأ و يمشي حافيا و رجله رطبة قال:

ان كانت أرضكم مبلطة أجزأكم المشي عليها فقال: أما نحن فيجوز لنا ذلك لان أرضنا مبلطة يعني مفروشة بالحصي «2» جواز كون الارض رطبة اذ المفروض في الرواية ان الرجل رطبة و مع ذلك حكم عليه السلام بالاجزاء.

(2) لعدم المقتضي فان العناوين المأخوذة في النصوص اما الوطء و اما المشي بالرجل و اما المرور حافيا و نحوها فلا تصدق علي المشي بغير الرجل فلا يمكن

______________________________

(1) لاحظ ص: 205 و 475

(2) الوسائل الباب 32 من أبواب النجاسات الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 482

[مسألة 448: إذا شك في طهارة الأرض يبني علي طهارتها]

(مسألة 448): اذا شك في طهارة الارض يبني علي طهارتها فتكون مطهرة حينئذ (1) الا اذا كانت الحالة السابقة نجاستها (2).

[مسألة 449: إذا كان في الظلمة و لا يدري أن ما تحت قدمه أرض أو شي ء آخر من فرش و نحوه]

(مسألة 449): اذا كان في الظلمة و لا يدري ان ما تحت قدمه أرض أو شي ء آخر من فرش و نحوه لا يكفي المشي عليه في حصول الطهارة بل لا بد من العلم بكونه أرضا (3).

[الثالث: الشمس]
اشارة

الثالث:

الشمس (4).

______________________________

التعدي بل لا بد من التحفظ علي مقتضي القاعدة الاولية في غير ما دل عليه الدليل القطعي.

(1) لقاعدتها.

(2) لاستصحاب النجاسة.

(3) للشك في تحقق الموضوع و الاصل عدمه فان مقتضي الاستصحاب عدم كون ما شك فيه معنونا بعنوان الارضية بل يكفي مجرد الشك اذ مع عدم احراز تحقق المطهر يكون استصحاب النجاسة محكما فلاحظ.

(4) وقع الكلام بين القوم في أن الشمس هل هي مطهرة للأشياء المتنجسة كالماء أو أنها لا تؤثر الا في العفو عن النجاسة في بعض آثارها كالتيمم و السجود علي الموضع المتنجس الذي جففته الشمس و المشهور بينهم انها تطهر في الجملة بل قيل: انه نقل عليه الاجماع و نقل عن المفيد و عن جماعة من المتقدمين

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 483

______________________________

و المتأخرين القول بالعفو دون الطهارة- هكذا في كلام بعض الاصحاب-.

و يمكن الاستدلال علي القول المشهور بجملة من النصوص: منها ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن البول يكون علي السطح أو في المكان الذي يصلي فيه فقال: اذا جففته الشمس فصل عليه فهو طاهر «1».

و هذه الرواية بالصراحة تدل علي أن الجفاف بالشمس يطهر النجاسة البولية فان قوله عليه السلام «فهو طاهر» صريح في المدعي. و ربما يقال: بأن الطاهر لم يثبت كونه بالمعني المصطلح عليه بل بمعني النظيف فلا تدل الرواية علي المدعي.

و يرد عليه: انه لا مجال لهذا الاشكال اذ الطهارة في زمان الباقر عليه السلام كانت تستعمل في

المعني الشرعي اضف إلي ذلك انه لو كان المراد من الطهارة النظافة لم يكن وجه للاختصاص بكون الجفاف بالشمس بل تحصل النتيجة بمطلق الجفاف فلاحظ.

و منها: ما رواه زرارة و حديد بن حكيم الاردي «2» بتقريب: ان الظاهر من السؤال ان المرتكز في ذهن السائل عدم جواز الصلاة في المكان النجس و الامام عليه السلام قرره علي ما في ذهنه.

ان قلت: ان المذكور في كلامه عليه السلام الجفاف بالشمس و الريح و الحال ان المدعي كفاية الجفاف بالشمس وحدها.

قلت: يحمل ذكر الريح في كلامه علي الامر العادي فان هبوب الريح أمر عادي و بعبارة اخري: ليس هبوب الريح شرطا شرعيا بل أمر عادي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب النجاسات الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 330

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 484

______________________________

و يرد علي الاستدلال اولا: ان المستفاد من الرواية جواز الصلاة في المكان الذي يبال فيه و من الظاهر انه فرق بين أن يقال: صلي زيد في المكان الفلاني و بين أن يقال: صلي علي المكان الفلاني فانه يمكن أن يتصور الصلاة في المكان النجس و وضع الجبهة علي الموضع الطاهر فجواز الصلاة في مكان لا يستلزم طهارة ذلك المكان.

و ان شئت قلت: ان الامام عليه السلام لم يقرر ما في ذهن السائل من عدم جواز الصلاة في السطح الذي يبال عليه بل جوز الصلاة فيه.

و ثانيا: أن المذكور في كلامه عليه السلام اعتبار الجفاف بالشمس و الريح و حمل ذكر الريح علي الامر العادي خلاف كونه عليه السلام في مقام التشريع.

و ثالثا ان المستفاد من كلامه عليه السلام اشتراط جواز الصلاة حال الجفاف بأن يكون الموضع جافا حال الصلاة و أما الجفاف الحاصل سابقا فلا يؤثر

و من الظاهر ان الموضع الطاهر كما هو المفروض لا يتوقف علي كونه جافا حال الصلاة

و منها: ما رواه عمار الساباطي «1» بتقريب أن السؤال عن كون الشمس مطهرة للأرض النجسة و مقتضي تطابق الجواب مع السؤال أن يكون جوابه عليه السلام ناظرا إلي كون الشمس مطهرة و حمل الرواية علي العفو عن الصلاة علي تلك الارض خلاف القاعدة الاولية.

و ربما يقال: بأنه لا يستفاد من الرواية أزيد من كون الجفاف بالشمس موجبا لجواز الصلاة فلا دلالة علي الطهارة بل يستفاد من عدوله عليه السلام إلي الجواب

______________________________

(1) لاحظ ص: 330

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 485

______________________________

بجواز الصلاة، عدم الطهارة فتكون الرواية شاهدة للقائلين بالعفو.

و أيضا يستفاد المدعي من قوله عليه السلام: «و ان كانت رجلك رطبة» بناء علي رجوع الضمير في ييبس إلي الجبهة و الرجل كي لا يلزم التكرار فالرواية دالة علي بقاء نجاسة الارض و كونها موجبة لنجاسة ملاقيها.

و يؤكد المدعي ما عن الوافي و حبل المتين من قوله عليه السلام: «و ان كان عين الشمس» بدلا عن «غير الشمس» فان الرواية علي هذا التقدير صريحة في عدم تحقق الطهارة بالشمس و كلمة «ان» علي هذه النسخة تكون وصلية و قوله عليه السلام في الذيل: «فانه لا يجوز ذلك» تأكيد لعدم جواز الصلاة علي ذلك الموضع حتي ييبس.

و يرد علي هذا التقريب اولا: انه علي هذا الفرض لا يكون الجواب مطابقا للسؤال و هذا خلاف القاعدة. و ثانيا: ان الضمير في ييبس لا يرجع إلي الجبهة او الرجل بل يرجع إلي الموضع لقربه و الاقرب يمنع الا بعد مضافا إلي أنه لو كان راجعا إلي الجبهة أو الرجل لكان المناسب أن يقول: «حتي تيبس»

و ذلك لان الجبهة مؤنثة لفظا و الرجل مؤنثة سماعا. و ثالثا: ان كلمة «ان» لو كانت وصلية لكان المتعين أن يقول: «و ان كان عين الشمس اصابته حتي يبس» بدلا عن «ييبس» لان «ان» الوصلية انما يؤتي بها في الامور التي فرضت متحققة.

و بعبارة اخري: لا بد من الاتيان بصيغة الماضي و الحال أن الموجود في الرواية صيغة المضارع و رابعا: يلزم علي ذلك التقدير تانيث الضمير في «أصابه» لان الضمير المتأخر في المؤنث السماعي يجب تطابقه مع المرجع. و خامسا: لا

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 486

______________________________

معني لإصابة عين الشمس فان عين الشمس لا تصيب شيئا و انما يصيب نورها.

و ان شئت قلت: لفظ العين انما يستعمل في مورد دفع التوهم كما يقال:

رأيت زيدا عينه لدفع احتمال رؤية غيره و أما الشمس فلا مجال لاحتمال اصابة نفسها.

فالنتيجة: ان الصحيح أن يكون المذكور في الرواية «غير الشمس» و لو اغمض عما ذكر فلا أقلّ من الاجمال و مع فرض الاجمال يكفي لإثبات المدعي غير هذه الرواية كرواية زرارة التي تقدمت فلاحظ.

و منها ما رواه أبو بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه السلام قال: يا أبا بكر ما أشرقت عليه الشمس فقد طهر «1».

و لا اشكال في دلالتها علي المدعي بالعموم و الاطلاق و لكن سند الرواية مخدوش بعثمان بن عبد الملك و الحضرمي.

و من النصوص الواردة في المقام ما رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع قال:

سألته عن الارض و السطح يصيبه البول و ما أشبهه هل تطهر الشمس من غير ماء؟

قال: كيف يطهر من غير ماء «2».

و يمكن أن يقال: بأن هذه الرواية تعارض ما تقدم من النصوص بتقريب:

ان المستفاد منها انكار كون الشمس مطهرة

و ان المطهر للأرض أو السطح هو الماء.

و لقائل أن يقول الرواية غير معارضة لما تقدم بدعوي أن المرتكز في ذهن السائل كون الشمس مطهرة في الجملة و من هنا سأل عن كون الشمس سببا مستقلا في

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب النجاسات الحديث: 5 و 6.

(2) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 487

فانها تطهر الارض و كل ما لا ينقل من الابنية و ما اتصل بها من أخشاب و أعتاب و أبواب و أوتاد و كذلك الاشجار و الثمار و النبات و الخضروات و ان حان قطفها و غير ذلك (1).

______________________________

الطهارة أو أن لها شرطا و الامام عليه السلام أجاب بأنها تطهر بشرط وجود الماء و لا تكون مطهرة بالاستقلال فالمستفاد من الرواية ان الشمس و الماء دخيلان في حصول الطهارة.

ثم انه لا يحتمل توقف تطهير الارض أو السطح بالشمس بعد تطهيرهما بالماء مستقلا بل المتعين أن يراد بالماء مقدار قليل غير كاف في التطهير. ان قلت:

مقتضي اطلاق الرواية اشتراط الماء في تحقق الطهارة و لو كان المحل رطبة فيتوقف تحصيل الطهارة علي استعمال الماء.

قلت: مقتضي حديث زرارة المتقدم كفاية كون المحل رطبة و يجفف بالشمس و النسبة بين الحديثين هو العموم المطلق و مقتضي القاعدة تخصيص العام بالخاص فالنتيجة: ان الرواية لا تكون معارضة بل من ادلة المقام.

و لو اغمض عما ذكرنا فلا أقلّ من كونها مجملة غير قابلة للمعارضة لما تقدم فالمرجع النصوص الدالة علي المدعي اضف إلي ذلك كله انه لو فرض التعارض فالترجيح مع ما تقدم من النصوص لذهاب جماعة من العامة إلي عدم كون الشمس مطهرة فيكون المعارض موافقا للتقية كما ذكره في الوسائل لكن المسألة اختلافية

عند العامة فكل من الطرفين موافق لجماعة منهم فتصل النوبة إلي المرجح الاخير اي الاحدثية فالترجيح مع ما دل علي العدم.

(1) الوارد في رواية زرارة عنوان المكان كما أن الوارد في حديث عمار

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 488

و في تطهير الحصر و البواري بها اشكال بل منع (1).

______________________________

عنوان الموضع و هذان العنوانان اعم من الارض فيشملان الالواح و غيرها المفروشة علي الارض اذا كان بمقدار يتيسر فيه الصلاة اذ يصدق عليه الموضع و المكان فاذا تعدينا إلي هذا المقدار نتعدي إلي غير المفروشة بعدم القول بالفصل.

و لقائل أن يقول: انه لا وجه للتعدي و عدم الفصل ليس من الادلة كما أنه يمكن أن يقال: ان مقتضي اطلاق الموضع و المحل عدم الفرق بين المنقول و غيره فلا وجه لاختصاص الحكم بالثاني و اللّه العالم.

(1) قد ذكرت وجوه لإلحاق الحصر و البواري بالارض في التطهير بالشمس منها: حديث ابي بكر «1» فان مقتضي عموم الحديث و اطلاقه عدم الفرق بين الارض و غيرها فكل شي ء اذا اشرقت عليه الشمس يطهر غاية الامر ترفع اليد عن غير الحصر و البواري من المنقولات.

و فيه: ان السند كما مر ضعيف و الرواية غير قابلة للاستناد اليها سندا فلا مجال للبحث حول ما يستفاد منها.

و منها: ما رواه علي بن جعفر «2» بتقريب: ان المستفاد من الرواية جواز الصلاة علي البواري التي أصابها البول بعد جفافها و الظاهر من الصلاة عليها السجود عليها و حيث ان جواز السجود علي الشي ء يشترط فيها طهارة مسجد الجبهة تدل الرواية علي طهارتها بالجفاف و مقتضي اطلاق الرواية عدم اشتراط حصول الطهارة بالجفاف بالشمس لكن الاجماع و الضرورة يقتضيان

______________________________

(1) لاحظ ص: 486

(2) لاحظ ص:

331.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 489

[مسألة 450: يشترط في الطهارة بالشمس مضافا إلي زوال عين النجاسة]

(مسألة 450): يشترط في الطهارة بالشمس مضافا إلي زوال عين النجاسة (1).

______________________________

الاشتراط المذكور.

هذا و يمكن النقاش في الاستدلال بأن الصلاة علي الشي ء تصدق باتخاذ الشي ء مكانا للصلاة فلا ملازمة بين الصلاة علي الشي ء و السجود عليه لاحظ ما رواه زرارة «1» و مثله ما رواه ابن أبي عمير «2» فالرواية لا يمكن أن يكون دليلا علي المدعي و مما ذكرنا يظهر الاشكال في الاستدلال بحديث آخر لعلي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن البواري يبل قصبها بماء قذر أ يصلي عليه قال: اذا يبست فلا بأس «3» و بحديث عمار «4».

فالنتيجة أن المسألة محل الاشكال كما في المتن.

و منها: استصحاب كونها قابلة للتطهير بالشمس بتقريب: أن الحصر و البواري كانتا جزءا من النبات الذي يطهر بالجفاف بالشمس و مقتضي الاستصحاب بقائهما علي ما كانتا.

و فيه: أن هذا الاستصحاب تعليقي و لا اعتبار به كما حقق في محله مضافا إلي عدم جريان الاستصحاب في الحكم الكلي للمعارضة فلا تغفل.

(1) نقل عن المستند و المدارك و اللوامع: دعوي الاجماع عليه. و يمكن أن

______________________________

(1) لاحظ ص 333

(2) لاحظ ص: 333

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب النجاسات الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 292.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 490

و إلي رطوبة المحل (1).

______________________________

يستدل عليه بالارتكاز فان مقتضاه ان عين النجاسة غير قابلة للطهارة و ما دام باقية يكون المحل باقيا علي نجاسته فمع بقاء العين لا مجال لطهارة المحل.

اضف إلي ذلك ان الباقي ان كان عرضا في نظر العرف فلا موضوع لبقاء العين بل زالت عرفا و الصدق العرفي يكفي كما هو المقرر و ان كان جوهرا فهي مانعة

عن اصابة الشمس للأرض فكيف تطهر مع وجود المانع من الاصابة.

ان قلت: العين بعد ما تقع علي الارض تعد من أجزائها فتطهر بنفسها تبعا لطهارة الارض فلا عين للنجاسة كي تصل النوبة إلي زوالها. قلت العين النجسة بعد وقوعها علي الارض لا تعد من أجزاء الارض بل تكون اجنبية عنها فلا يتم البيان المذكور الا أن يقال: بأن المطهر للأرض جفافها بالشمس و هذا العنوان يصدق و لو مع عدم زوال العين و اي منافاة بين بقاء العين علي نجاستها و طهارة المحل بالجفاف لكن في هذا الفرض لم تجف الارض باصابة الشمس بلا واسطة بل جفت بواسطة شي ء آخر.

و بعبارة اخري: ان المستفاد من حديث زرارة و ابن بزيع لزوم تحقق الجفاف بالشمس بعينها لا بحرارتها كما أن المستفاد من حديث عمار لزوم اصابتها كما أن المستفاد من حديث أبي بكر لزوم اشراقها.

(1) اذ الوارد في الدليل عنوان الجفاف كما في حديث زرارة و عنوان اليبس كما في حديث عمار و تحقق كل واحد منهما يتوقف علي رطوبة المحل اذ بدونها لا يتحقق عنوان الجفاف و لا عنوان اليبس فلا بد من رعاية الرطوبة في المحل.

و ربما يقال: ان المستفاد من حديث ابن بزيع اشتراط التطهير بالشمس بالماء و بدونه لا تحصل الطهارة.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 491

اليبوسة المستندة إلي الاشراق عرفا و ان شاركها غيرها في الجملة من ريح أو غيرها (1).

______________________________

و فيه: ان المراد من الحديث أن لا تكون الشمس باستقلالها مطهرة بل يتوقف تطهيرها علي صدق احد العنوانين المذكورين في الحديثين و يدل علي المدعي بوضوح حكمه عليه السلام بالطهارة علي تحقق اليبوسة و الجفاف في الارض المفروض فيها البول فلا

يتوقف حصول الطهارة علي وجود الماء. فالمتحصل ان الميزان صدق عنوان الجفاف و اليبس.

و ربما يقال: الجفاف غير اليبوسة اذ الاول في مقابل الرطوبة المسرية و الثاني في قبال النداوة و بما أن النسبة بين العنوانين عموم من وجه بحسب المورد اذ الاول يتوقف علي الرطوبة المسرية يصدق بذهابها و ان بقيت النداوة في الجملة و الثاني يكفي فيه النداوة و لا يصدق الا بذهابها، كان مقتضي الجمع بين الروايتين الاكتفاء باحد الامرين فان كانت في الموضع النجس رطوبة مسرية فاذهبتها الشمس طهر و لو مع بقاء النداوة لصدق الجفاف و ان كانت فيه نداوة طهر بذهابها بالشمس لصدق عنوان اليبس.

و يرد علي هذا البيان: ان المستفاد من اللغة- كما هو المذكور في المنجد- ان العنوانين مترادفان فالمعتبر ذهاب النداوة بالشمس كي يصدق العنوانان المأخوذ ان في الحديثين فلاحظ و لو وصلت النوبة إلي الشك في الترادف و عدمه تكون النتيجة ما ذكر اذ ما لم تذهب النداوة بالشمس لم يحرز تحقق المطهر فلا يمكن الحكم بالطهارة فلاحظ.

(1) تستفاد من عبارة المتن ثلاثة فروع: الفرع الاول: انه يشترط أن يكون

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 492

______________________________

الجفاف باشراق الشمس فلو حصل الجفاف بالمجاورة لم تحصل الطهارة و يدل علي المدعي بالصراحة ما رواه أبو بكر «1» و لكن قد مر أن الرواية ضعيفة سندا.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عمار «2» فان المذكور في هذه الرواية عنوان اصابة الشمس- ان قلت: ان المذكور في حديث زرارة «3» عنوان الجفاف بالشمس و هذا العنوان يصدق و لو بكون الجفاف بالمجاورة.

قلت: اولا: يمكن أن يقال: بعدم صدق العنوان فان الجفاف بالمجاورة جفاف بحرارة الشمس لا بها و الحاصل

بها ما يحصل باشراقها و ان أبيت فلا أقلّ من الانصراف- كما في كلام سيد المستمسك-.

و ثانيا: علي فرض تسلم الاطلاق في هذا الحديث ترفع اليد عنه بحديث عمار الناص في لزوم اصابة الشمس فلاحظ.

الفرع الثاني: انه لا بد من استناد حصول الجفاف إلي اشراق الشمس بالاستقلال و لا يكفي اشتراكه مع غيره كالهواء و الريح. و عن المدارك و جماعة الحكم بالطهارة لصدق التجفيف بالشمس و لا سيما مع كون الغالب كذلك.

و يرد عليه أن قوله عليه السلام في حديث زرارة: «اذا جففته الشمس» يقتضي أن يكون الجفاف بالشمس مستقلا فلا يكفي الاشتراك و أما الغلبة باشتراك غيرها معها في التأثير فممنوعة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 486.

(2) لاحظ ص: 330.

(3) لاحظ ص: 483

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 493

[مسألة 451: الباطن النجس يطهر تبعا لطهارة الظاهر بالإشراق]

(مسألة 451): الباطن النجس يطهر تبعا لطهارة الظاهر بالاشراق (1).

______________________________

ان قلت: ان المستفاد من الحديث عمار كفاية اشراق الشمس في الجملة و بعبارة اخري: مقتضي اطلاق الحديث المذكور كفاية الاشتراك فلا وجه لاشتراط الاستقلال.

قلت: يرد عليه اولا: ان المستفاد من ذيل الحديث اشتراط الاستقلال فان قوله عليه السلام في ذيل الحديث: «و ان أصابته الشمس و لم ييبس الموضع» الحديث، يقتضي ان يكون اليبس باشراق الشمس فتأمل.

و ثانيا: لا يمكن الاخذ باطلاق صدر الحديث و الاكتفاء بالاشراق و اليبوسة الحاصلة بعده بغيرها و لو مع فصل نصف يوم أو يوم أو أزيد أو أقل فانه خلاف المتسالم عليه عند القوم فلا بد من التقييد.

و ثانيا: يلزم رفع اليد عن الاطلاق و تقييده بحديث زرارة فان المستفاد منه كما ذكرنا لزوم كون الجفاف بالشمس بالاستقلال.

الفرع الثالث: مشاركة غيرها من ريح أو غيرها في الجملة- كما في المتن- لا تكون

مضرة اذ استقلال الشمس في الجفاف مستقلا و بلا مشاركة امر آخر نادر بل لعله غير متحقق فلا يمكن أن تكون النصوص الواردة في المقام ناظرة اليه فلاحظ و أما حديث زرارة و حديد بن حكيم «1» فقد مر الكلام فيه و قلنا ان هذا الحديث ليس من ادلة المقام.

(1) ربما يقال: بأنه لا دليل علي طهارة الباطن اذ طهارة الموضع النجس

______________________________

(1) لاحظ ص: 330

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 494

[مسألة 452: إذا كانت الأرض النجسة جافة و أريد تطهيرها صب عليها الماء الطاهر أو النجس]

(مسألة 452): اذا كانت الارض النجسة جافة و اريد تطهيرها صب عليها الماء الطاهر أو النجس فاذا يبس بالشمس طهرت (1).

[مسألة 453: إذا تنجست الأرض بالبول فاشرقت عليها الشمس حتي يبست طهرت من دون حاجة إلي صب الماء عليها]

(مسألة 453): اذا تنجست الارض بالبول فاشرقت عليها الشمس حتي يبست طهرت من دون حاجة إلي صب الماء عليها (2) نعم اذا كان البول غليظا له جرم لم يطهر جرمه بالجفاف (3) بل لا يطهر

______________________________

بالاشراق انما استفيدت من جواز الصلاة عليه من جهة لزوم طهارة مسجد الجبهة و هذا المقدار لا يقتضي طهارة الباطن نعم لا بد من الالتزام بطهارة شي ء يسير من الباطن فان الصلاة علي بعض الاراضي كالأراضي الرملية يستتبع تبدل أجزائها و قد توجب تبدل الظاهر باطنا و هذا المقدار لا بد من الالتزام بطهارة الباطن دون الزائد عليه.

و لكن يمكن أن يقال: ان الظاهر من النصوص عدم الفرق بين الظاهر و الباطن فان قوله عليه السلام: «فهو طاهر» في حديث زرارة يرجع إلي المحل النجس و قس عليه لفظ «الموضع» الوارد في حديث عمار «و الارض» و «السطح» الواردين في حديث ابن بزيع اضف إلي ذلك الاجماع المدعي عن ظاهر البحار فما عن المنتهي من اختصاص الحكم بالظاهر ضعيف.

(1) اذ المستفاد من الادلة كما مر أن الجفاف بالشمس يطهر الارض المتنجسة فعليه اذا كانت جافة و صبت عليها الماء فجفت بالشمس طهرت.

(2) كما هو المفروض في حديثي زرارة و عمار فلاحظ.

(3) كما مر و قلنا: لا يستفاد من الادلة طهارة العين النجسة بالشمس.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 495

سطح الارض الذي عليه الجرم (1).

[مسألة 454: الحصي و التراب و الطين و الأحجار المعدودة جزء من الأرض بحكم الأرض في الطهارة بالشمس]

(مسألة 454): الحصي و التراب و الطين و الاحجار المعدودة جزءا من الارض بحكم الارض في الطهارة بالشمس و ان كانت في نفسها منقولة (2) نعم لو لم تكن معدودة من الارض كقطعة من اللبن في ارض مفروشة بالزفت أو بالصخر او نحوهما فثبوت الحكم حينئذ لها محل

اشكال (3).

[مسألة 455: المسمار الثابت في الأرض أو البناء بحكم الأرض]

(مسألة 455): المسمار الثابت في الارض أو البناء بحكم الارض فاذا قلع لم يجر عليه الحكم فاذا رجع رجع حكمه و هكذا (4).

______________________________

(1) اذ قد مر أنه يشترط في حصول الطهارة اصابة الشمس للشي ء النجس و المفروض ان البول الغليظ مانع عن الاصابة فلا يطهر سطح الارض الذي عليه الجرم.

(2) اذ المفروض كونها جزءا من الارض عرفا فاذا كانت جزءا من الارض يترتب عليها حكمها من طهارته بالشمس و لا يضر كونها منقولة في نفسها و ان شئت قلت: سطوح الاراضي مختلفة فبعضها لا يكون سطحه قابلا للنقل كالمبلط بالقير و بعضه قابل للنقل و لكن ما لم ينقل يكون جزءا من الارض فيترتب عليه حكمها.

(3) الظاهر أنه لا وجه للترديد و أن مقتضي القاعدة عدم جريان حكم الارض عليه و بعبارة اخري: علي تقدير عدم التعدي إلي المنقول لا يمكن الالتزام بالالحاق بالارض في الحكم المذكور.

(4) فان الحكم تابع لموضوعه فاذا تحقق موضوعه يترتب عليه و مع عدمه

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 496

[الرابع: الاستحالة إلي جسم آخر]
اشارة

الرابع:

الاستحالة إلي جسم آخر (1).

______________________________

لا مجال لترتبه اذ الحكم بالنسبة إلي موضوعه كالمشروط بالنسبة إلي شرطه و لا مجال لتحقق المشروط مع فقدان الشرط للزوم الخلف.

بقي شي ء: و هو ان حصول الطهارة بالشمس هل يختص بالنجاسة البولية أو يعم جميع النجاسات و المتنجسات الحق هو الثاني و يمكن الاستدلال علي المدعي بتقريبين و نحوين: احدهما: أن المستفاد من الشرع الاقدس أن النجاسة الخبثية الموجودة في البول اشد و اعظم من بقية النجاسات فاذا فرض كون الشمس مطهرة لها فغيرها بطريق اولي.

ثانيهما: حديث عمار «1» فانه صرح في تلك الرواية بأنه اذا كان الموضع قذرا من البول أو غير ذلك كما أن

المذكور في حديث ابن بزيع «2» البول و ما أشبهه فلا مجال للترديد مضافا إلي ما نقل عن الجواهر من عدم عرفان خلاف فيه.

(1) المقصود من الاستحالة في كلام القوم تبدل الصورة النوعية إلي صورة اخري عرفا كتبدل الماء بولا توضيح ذلك أن التبدل قد يكون في الاوصاف الشخصية أو الصنفية مع بقاء الحقيقة النوعية بحالها و ذلك كتبدل القطن ثوبا أو الثوب قطنا أو تبدل الحنطة دقيقا أو خبزا فانه لا اشكال في بقاء الحقيقة بحالها و انما الاختلاف في الحالات و الصفات و قد يكون التبدل في الصورة النوعية و الميزان

______________________________

(1) لاحظ ص: 330

(2) لاحظ ص: 486.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 497

______________________________

فيه الصدق العرفي فلا فرق في هذا التبدل بين كونه فلسفيا كتبدل الكلب بالملح و بين أن لا يكون كذلك كتبدل الخمر بالخل و الوجه في أن الميزان بالتبدل العرفي ان الاحكام الشرعية تترتب علي الموضوعات بحسب الصدق العرفي و لا تدور مدار الحكم العقلي فيكفي في الاستحالة التبدل العرفي.

ثم ان الوجه في كون الاستحالة مطهرة هو تبدل موضوع الحكم و بعبارة اخري: بقاء الحكم الشرعي ببقاء موضوعه و مع زواله لا يبقي ذلك الحكم و الا يلزم الخلف و لذا لا بد من ملاحظة الموضوع الجديد المحال اليه فربما يستفاد من الادلة طهارته كما اذا استحال المني إلي انسان أو شاة فانه يحكم عليه بالطهارة بمقتضي دليل طهارة الانسان أو الشاة و قد يستحال إلي احد الاعيان النجسة كما فيما اذا استحال الماء إلي بول غير مأكول اللحم فانه يحكم عليه بالنجاسة لنجاسة بول محرم الاكل و ربما يستحال إلي مشكوك الطهارة و النجاسة فيحكم عليه بالطهارة بمقتضي قاعدتها الجارية في

الشبهة الحكمية و الموضوعية.

فانقدح بما ذكرنا أن عد الاستحالة من المطهرات غير صحيح فان المطهر عبارة عن ازالة النجاسة عن الموضوع النجس و تبديلها بالطهارة و الاستحالة ليست كذلك و لذا قد تكون النتيجة النجاسة لا الطهارة فلاحظ.

ثم انه لا فرق في كون الاستحالة مطهرة بين استحالة العين النجسة إلي شي ء آخر و بين استحالة المتنجس و في المقام شبهة منقولة عن الفاضل الهندي قدس سره و هو الفرق بين المقامين بتقريب: ان المستفاد من الادلة ترتب النجاسة علي الاعيان النجسة بعناوينها كعنوان البول مثلا فلو فرض تبدل العنوان المفروض

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 498

______________________________

بالاستحالة إلي عنوان آخر لم يبق ذلك الحكم المترتب عليه اذ المفروض انعدام الموضوع فلا يمكن بقاء حكمه و أما في المتنجس فالموضوع للنجاسة هو الجسم لاحظ ما رواه عمار «1» فان المستفاد من هذه الرواية أن الموضوع للنجاسة عنوان ما أصابه ذلك الماء و هذا العنوان محفوظ في كلتا الحالتين فلا مقتضي للطهارة.

و ان شئت قلت: مقتضي الاطلاق بقاء النجاسة بعد الاصابة علي الاطلاق بلا فرق بين عدم تحقق الاستحالة و تحققها.

و نجيب عن هذا الاشكال بأن الاطلاق فرع بقاء الموضوع الذي يترتب عليه الحكم و أما مع انعدامه و تبدله إلي موضوع آخر فلا مجال للإطلاق.

و ان شئت قلت: المستفاد من حديث عمار و نظائره أن الموضوع هو الجسم لكن لا اشكال في أنه يفهم عرفا أن الموضوع هو الجسم المتصور بالصورة النوعية العرفية فيستفاد من الحديث المذكور ان الاجسام الخارجية كالفراش و الظروف و الملابس و غيرها من الاعيان تتنجس بملاقاة الماء النجس فبقاء النجاسة و جريان الاطلاق الاحوالي متوقف علي بقاء تلك الصورة النوعية المفروضة للنجاسة كما

أن جريان الاستصحاب فيها يتوقف علي بقائها اذ بقاء الموضوع شرط في جريان الاستصحاب كما هو المقرر.

و ربما يقال: بأنه يدل علي طهارة المتنجس بالاستحالة ما رواه ابن محبوب «2»

______________________________

(1) لاحظ ص: 154.

(2) لاحظ ص: 328

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 499

فيطهر ما أحالته النار رمادا (1) أو دخانا (2) أو بخارا (3).

______________________________

بتقريب أن مادة الجص تنجس بالعذرة و عظام الموتي لكن تطهر بالاستحالة بالنار.

و يرد عليه: اولا: ان الطهارة اسندت في كلامه عليه السلام إلي الماء و النار كليهما لا إلي النار فقط و ثانيا: أن الجص بالطبخ لا تتبدل صورته النوعية بل هو باق علي ما هو عليه و انما التبدل في صفته و لذا أفتي سيدنا الاستاد في هامشه علي العروة بجواز السجود علي الجص بعد الطبخ كما يجوز قبله فالمدرك للحكم ما ذكره من تبدل الموضوع بالاستحالة و عدم المجال للإطلاق و الاستصحاب.

(1) نقل عن الشيخ الطوسي قدس سره و جملة من الاعاظم دعوي الاجماع علي كونها مطهرة و من الظاهر أن تحصيل الاجماع التعبدي في مثل المقام غير ممكن لاحتمال استناد المجمعين إلي بعض الوجوه و لكن الظاهر انه لا مجال للتوقف بعد ما بينا من أن الاستحالة توجب تغير الموضوع.

(2) الكلام فيه هو الكلام.

(3) قال في المستمسك: «المعروف الطهارة بل ظاهر بعض أنه لا كلام فيه و استدل عليه بالسيرة علي عدم التوقي عنه كما في بخار الحمامات و في بخار البول أيام الشتاء و غير ذلك» «1» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و الكلام فيه هو الكلام فانه بعد انعدام الصورة الاولية لا يبقي مجال لأن يشمله الدليل الاول كما أنه لا مجال لجريان الاستصحاب.

______________________________

(1) مستمسك العروة ج

2 ص 90

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 500

سواء كان نجسا أم متنجسا (1) و كذا يطهر ما استحال بخارا بغير النار (2) أما ما أحالته النار خزفا أم جصا أم نورة فهو باق علي النجاسة (3) و فيما أحالته فحما اشكال (4).

[مسألة 456: لو استحال الشي ء بخارا ثم استحال عرقا]

(مسألة 456) لو استحال الشي ء بخارا ثم استحال عرقا فان كان متنجسا فهو طاهر و ان كان نجسا فكذلك (5) الا اذا صدق علي العرق

______________________________

(1) لوحدة الملاك و هي الاستحالة التي تتحقق في كل من الصورتين.

(2) اذ المناط هي الاستحالة و لا فرق فيها بين أسبابها فلاحظ.

(3) لبقاء الصورة النوعية و التبدل في الوصف الخارجي و لذا لا فرق في جواز السجود علي المذكورات بين طبخها و عدمه و صفوة القول: ان طبخها بالنار لا يوجب تبدل صورها.

(4) قال في المستمسك: «و لا يبعد القول بالطهارة للشك في بقاء الموضوع المقتضي للرجوع إلي قاعدة الطهارة» «1».

و لنا أن نقول: اذا وصلت النوبة إلي الشك فلا مجال للقاعدة اذ الاصل الموضوعي مقدم و حاكم علي الاصل الحكمي فان مرجع الشك في بقاء الصورة النوعية الاولي و مقتضي الاستصحاب بقاء تلك الصورة الاولية بحالها و عليه نقول:

لو قلنا بأن صيرورة الخشب فحما لا يوجب تبدل الصورة النوعية فالامر ظاهر و ان قلنا بعدم احراز بقاء الصورة الاولية و الشك في بقائها و عدمه فالاستصحاب يقتضي الحكم بالبقاء و ترتب الآثار و طريق الاحتياط ظاهر.

(5) لعدم بقاء الصورة الاولية كما هو المفروض فلا وجه للنجاسة بل مقتضي

______________________________

(1) مستمسك العروة ج 2 ص: 94

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 501

نفسه عنوان احدي النجاسات كعرق الخمر فانه مسكر (1).

[مسألة 457: الدود المستحيل من العذرة أو الميتة طاهر]

(مسألة 457): الدود المستحيل من العذرة أو الميتة طاهر و كذا كل حيوان تكون من نجس أو متنجس (2).

[مسألة 458: الماء النجس إذا صار بولا لحيوان مأكول اللحم أو عرقا له أو لعابا فهو طاهر]

(مسألة 458): الماء النجس اذا صار بولا لحيوان مأكول اللحم أو عرقا له أو لعابا فهو طاهر (3):

[مسألة 459: الغذاء النجس أو المتنجس اذا صار خرءا لحيوان مأكول اللحم أو لبنا أو صار جزءا من الخضروات او النباتات او الأشجار أو الأثمار فهو طاهر]

(مسألة 459): الغذاء النجس أو المتنجس اذا صار خرءا لحيوان مأكول اللحم أو لبنا أو صار جزءا من الخضروات او النباتات او الاشجار أو الاثمار فهو طاهر و كذلك الكلب اذا استحال ملحا و كذا الحكم في غير ذلك مما يعد المستحال اليه متولدا من المستحال منه (4).

______________________________

القاعدة الطهارة كما مر.

(1) اذ مع صدق الموضوع يترتب عليه الحكم.

(2) لتحقق الملاك المذكور و هو تبدل الصورة النوعية الاولية إلي صورة اخري و قلنا ان مقتضي القاعدة طهارة الصورة الثانية الا فيما ثبت نجاستها بدليل.

(3) لفرض تبديل الصورة النوعية الاولية إلي صورة اخري.

(4) الميزان الكلي كما ذكرنا هي الاستحالة الموجبة للتبدل في الصورة النوعية ففي كل مورد تتحقق يترتب عليها ما يترتب عليها من انعدام الموضوع الاولي و انعدام حكمها بالتبع فلا مجال لبقاء النجاسة الاولية و هذا هو المقصود و حكم الامثال واحد فلاحظ.

فائدة: ربما يقال: بأن النار من المطهرات و الحق عدم كونها كذلك اذ لا

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 502

[الخامس: الانقلاب]

الخامس:

الانقلاب، فانه مطهر للخمر اذا انقلبت خلا (1) بنفسها أو بعلاج (2) نعم لو تنجس أناء الخمر بنجاسة خارجية ثم انقلبت الخمر خلا

______________________________

دليل عليه نعم الاستحالة من المطهرات بنحو التسامح كما مر.

و نقل عن بعض المؤلفات: ان النجاسة في كل مورد جائية من قبل المكروبات المتكونه في مواردها و حيث ان النار توجب انعدامها فلا مجال لبقاء النجاسة فالحق ان النار تطهر.

و يرد علي هذا البيان ان الاحكام الشرعية تدور مدار ادلتها و التكلم عن أمر المكروب خارج عن وظيفة الفقيه و لا دليل فيما بايدينا يدل علي كون المكروب ملاك النجاسة و عليه لا يرجع ما ذكر إلي محصل صحيح و لا بد

من تبعية الادلة و استفادة الحكم منها فلا تغفل.

(1) نقل عن جملة من الاعيان دعوي الاجماع عليه و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن الخمر يكون أوله خمرا ثم يصير خلا قال: اذا ذهب سكره فلا بأس و رواه في كتابه مثله الا أنه زاد فيه:

أ يؤكل؟ قال: نعم «1».

(2) النصوص الواردة في المقام طوائف ثلاث: الطائفة الاولي: ما يدل علي الطهارة علي الاطلاق لاحظ حديث ابن جعفر المتقدم ذكره آنفا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 9 و 10.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 503

لم تطهر علي الاحوط وجوبا (1) و أما اذا وقعت النجاسة في الخمر و استهلكت فيها و لم يتنجس الاناء بها فانقلب الخمر خلا

______________________________

الطائفة الثانية: ما يدل علي الطهارة مع العلاج لاحظ ما رواه أبو بصير قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الخمر يصنع فيها الشي ء حتي تحمض قال: ان كان الذي صنع فيها هو الغالب علي ما صنع فلا بأس به «1».

الطائفة الثالثة: ما يدل علي عدم الطهارة اذا كان بالعلاج لاحظ ما رواه أبو بصير أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الخمر يجعل خلا قال: لا بأس اذا لم يجعل فيها ما يغلبها «2».

فيقع التعارض بين الطائفة الثانية و الثالثة فلا بد من علاجه و ربما يقال- كما في جملة من كلمات الاصحاب- أنه يحمل النهي علي الكراهة ببركة ما يدل علي الجواز و لكن قد مر منا كرارا انه ليس جمعا عرفيا بل يراه العرف من التعارض فلا بد من ترجيح احد الطرفين بالمرجح المنصوص و حيث ان المستفاد من كتاب

«الفقه علي المذاهب الاربعة» «3» ان العامة قائلون بكون استحالة الخمر الي الخل تطهره علي نحو الاطلاق فالترجيح مع دليل المنع لكونه مخالفا مع ما ذهبوا اليه و اللّه العالم.

(1) و ذلك لأن مقتضي تنجيس المتنجس ان الخل ينجس بملاقاته مع الاناء المتنجس و لا دليل علي العفو و لا يبعد أن يكون الوجه في عدم جزم الماتن و بنائه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الفقه علي المذاهب الاربعة ج 1 ص: 26

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 504

طهرت علي الاظهر (1) و كما أن الانقلاب إلي الخل يطهر الخمر كذلك العصير العنبي اذا غلي بناء علي نجاسته فانه يطهر اذا انقلب خلا (2).

______________________________

المسألة علي الاحتياط أن صناع الخمر الاعم من الكافر و المسلم لا يتحفظون علي عدم تنجس الاناء فعدم التعرض في مقام البيان و اطلاق الحكم يقتضي عدم الفرق و ان نجاسة الاناء لا تضر بطهارة الخل المنقلب من الخمر و لكن الحكم الصادر من الامام عليه السلام حيثي و لا يمكن رفع اليد عن مقتضي دليل التنجيس.

(1) و الوجه فيه أن الخمر لا تتنجس بنجاسة خارجية لامتناع ذلك أو قصور الادلة عن اثباته فالمرجع اطلاق الادلة المقتضي للعموم اضف إلي ذلك ان مقتضي اطلاق النصوص عدم الفرق في الحكم المذكور بين ما يؤخذ من يد الكافر و مستحل الخمر و غيره و من الظاهر ان الكافر بل مطلق صناع الخمر لا يتحفظون عليها من سائر النجاسات فتصيبها النجاسة طبعا فلاحظ.

(2) الظاهر أن الوجه فيه أن المستفاد من الادلة أن نجاسة العصير من حيث كونه خمرا و لو بنحو الحكومة فيترتب عليه حكم الخمر بصيرورته طاهرا بالانقلاب.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني

منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 3، ص: 504

ايقاظ: ربما يقال: انه لا وجه لأفراد الانقلاب بالذكر في قبال الاستحالة لأنه من افرادها فانه بالانقلاب- كانقلاب الخمر خلا- تزول الصورة النوعية العرفية الاولية و توجد صورة اخري و هذه هي الاستحالة.

و لكن هذه المقاله ليست في محلها اذ الانقلاب لو لا النص الخاص لا يقتضي الطهارة فانه علي القول بكون المتنجس منجسا كيف يمكن تصور طهارة الخل المنقلب من الخمر مع كون الاناء متنجسا بالخمر فيوجب تنجيس الخل.

اضف إلي ذلك ان الاستحالة توجب الطهارة بلا فرق بين أن تكون بلا علاج

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 505

[السادس: ذهاب الثلثين بحسب الكم لا بحسب الثقل]

السادس:

ذهاب الثلثين بحسب الكم لا بحسب الثقل فانه مطهر للعصير العنبي اذا علي بناء غلي نجاسته (1).

______________________________

و بين كونها بالعلاج و أما الانقلاب فاذا كان بالعلاج- كما لو جعل في الخمر مقدارا من الملح و قبل اندكاكه فيها صار خلا ينجس الخل بالملح الموجود فيه اذ الملح المفروض قد تنجس بالخمر فيوجب تنجس الخل المنقلب اليه فلاحظ.

(1) قال السيد اليزدي قدس سره في عروته في هذا المقام: «و تقدير الثلث و الثلثين اما بالوزن أو بالكيل أو بالمساحة». و عن الجواهر: «ان المعتبر انما هو صدق ذهاب الثلثين من دون فرق بين الوزن و الكيل و المساحة».

و الحق في المقام أن يقال: ان المساحة و الكيل أمران متحدان و هما طريقان الي معرفة كم خاص و لا اختلاف بينهما و أما الوزن فهو يغاير الكيل و المساحة و النسبة بينهما و بينه عموم مطلق اذ ذهاب الثلثين بحسب الكم يتقدم دائما علي ذهابهما بحسب الثقل لان الذاهب بالنار

أو غيرها هو الاجزاء المائية اللطيفة و بذهابها يزداد العصير غلظة و ثخانة و كما قيل يكون ثلثه بحسب الكم قريبا من نصفه بحسب الثقل و مع هذه النسبة لا معني لاعتبارهما معا أو التخيير بينهما بل لا بد من كون المدار علي احدهما علي نحو التعين و يقع الكلام في هذا المقام في موضعين:

أما الموضع الاول: ففيما هو المستفاد من النصوص الواردة في المقام فربما يقال: بأن المستفاد من النصوص ان المناط بذهاب الثلثين وزنا و تقريب الاستدلال علي المدعي بالنصوص نحوان:

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 506

______________________________

احدهما: انه قد رتبت الحرمة أو النجاسة علي العصير بعد الغليان لاحظ ما رواه حماد بن عثمان «1» و ما رواه محمد بن عاصم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بشرب العصير ستة أيام قال ابن أبي عمير: معناه ما لم يغل «2» و ما رواه ذريح «3» فان مقتضاها حرمة الشرب بعد الغليان علي الاطلاق بلا فرق بين ذهاب شي ء منه و عدمه.

و في قبال هذه النصوص روايات تدل علي حليته اذا ذهب منه ثلثاه منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان «4» و هذه النصوص تدل علي الجواز اذا ذهب منه ثلثاه و حيث ان المراد من الثلثين غير معلوم تصبح هذه الروايات مجملة و قد قرر في محله أن اجمال المخصص المنفصل لا يسري إلي العام فالنتيجة أن اطلاقات المنع تبقي بحالها الا في المقدار المعلوم من التخصيص اي نقتصر في رفع اليد عن العموم بمقدار معلوم و المقدار المعلوم ما ذهب منه الثلثان بحسب الثقل و في مورد الشك يبقي عموم العام و اطلاقه بحالهما و مقتضاه المنع.

و يرد عليه: ان

اعتبار المقدار يختلف بحسب اختلاف موارده فان بعض الاشياء يعتبر فيه العدد كالإنسان و الحيوان و بقية المعدودات و في بعضها يعتبر الوزن كما في الحنطة و الشعير و الارز و نحوها و في بعضها يعتبر المساحة كالأراضي و المائعات من هذه الجهة كالأراضي و العرف ببابك.

______________________________

(1) لاحظ ص: 223

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 224

(4) لاحظ ص: 225.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 507

______________________________

و مما يؤيد المدعي- لو لم يدل عليه- جعل الائمة عليهم السلام الحلية مدار ذهاب الثلثين مع أن كثيرا من أهل البلاد لا يتمكنون من توزين العصير لعدم الميزان عندهم فكيف باهالي الصحاري و البراري و ما هذا شأنه لا يناط به الحكم الكلي الشرعي.

اضف إلي ذلك أن ذهاب الثلثين يصدق بذهابهما من حيث المساحة و مع الصدق لا وجه لرفع اليد عن النص و بعبارة اخري: مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين الامرين و لازمه الاكتفاء بكل منهما لكن حيث انا نعلم بتحقق احد النحوين و تقدمه علي الاخر دائما نفهم انه لا تصل النوبة إلي النحو الثاني و هذا لا يضر بالاطلاق.

و بعبارة واضحة الاطلاق رفض للقيود لا الجمع بينها فالميزان هو الجامع لكنه يتحقق في ضمن احد الامرين قبل الاخر.

ثانيهما: النصوص الخاصة الدالة علي كون الميزان هو الثقل لا المساحة منها ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا زاد الطلا علي الثلاث أوقية فهو حرام «1».

بتقريب: انه ورد في الحديث لفظ الاوقيه و هي من أسماء الاوزان فيكشف أن الميزان هو الوزن. و فيه ان الحديث ضعيف بالارسال.

و منها: ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه

عليه السلام في رجل أخذ عشرة أرطال من عصير العنب فصب عليه عشرين رطلا ماء ثم طبخهما حتي ذهب منه

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 9.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 508

______________________________

عشرون رطلا و بقي عشرة أرطال أ يصلح شرب تلك العشرة أم لا؟ فقال: ما طبخ علي الثلث فهو حلال «1».

فانه يفهم من لفظ الرطل أن الميزان هو الوزن. و فيه أن عقبه بن خالد لم يوثق صريحا مضافا إلي أنه يحتمل أن يكون المراد بمحمد بن عبد اللّه، هو محمد بن عبد اللّه بن هلال غير الموثق أضف إلي ذلك ان كلمة رطل ليست في كلام الامام عليه السلام بل واردة في كلام الراوي فلا اعتبار به.

و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: العصير اذا طبخ حتي يذهب منه ثلاثة دوانيق و نصف ثم يترك حتي يبرد فقد ذهب ثلثاه و بقي ثلثه «2».

بتقريب: أن الوارد في هذا الخبر لفظ دانق معرب «دانك». و فيه ان السند مخدوش بمنصور فلا تصل النوبة إلي النظر في مفاد الحديث.

هذا تمام الكلام في الموضع الاول و أما الموضع الثاني ففيما هو مقتضي الاصل العملي فان مقتضاه بقاء الحرمة إلي زمان ذهاب الثلثين وزنا اذ استصحاب بقاء الحرمة يقتضي ذلك.

و يرد عليه ان استصحاب بقاء الحكم الكلي و هو الحرمة معارض باستصحاب عدم الجعل الطويل فان جعل الحرمة بعد زوال الثلثين كما محل الشك من أول الامر و بعد التعارض و التساقط تصل النوبة إلي أصلي الحلية و الطهارة مضافا إلي

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب الاشربة المحرمة

الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 509

[السابع الانتقال]

السابع:

الانتقال فانه مطهر للمنتقل اذا اضيف إلي المنتقل اليه وعد جزءا منه كدم الانسان الذي يشربه البق و البرغوث و القمل نعم لو لم يعد جزءا منه أو شك في ذلك كدم الانسان الذي يمصه العلق فهو باق علي النجاسة (1).

______________________________

أنه لا مجال للأصلي العملي مع وجود الدليل الاجتهادي و مر قريبا ان مقتضي نصوص التحديد هو التحديد الكمي.

(1) الذي ينبغي أن يقال في المقام هو أن الدم بعد انتقاله إلي المنتقل اليه يتصور بصور:

الصورة الاولي: أن يضاف إلي المنتقل اليه و ينقطع اضافته عما انتقل عنه ففي هذه الصورة يحكم عليه بما يكون حكما للمضاف إلي الثاني اذ المفروض أن اضافته انقطعت من الاول و اضيفت إلي الثاني فان كان حكم المضاف إلي الثاني هي الطهارة فالمنتقل كذلك أيضا لكونه مصداقا لدليل الطهارة و مع عدم الدليل يكون المرجع قاعدتها و بمقتضاها يحكم عليه بالطهارة و لا مجال لاستصحاب النجاسة اذ يشترط في جريان الاستصحاب بقاء الموضوع و وحدته في القضيتين و دعوي تعدد الموضوع في مفروض الكلام ليست جزافية.

مضافا إلي ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض بعدم الجعل الطويل و بعد التعارض تصل النوبة إلي قاعدة الطهارة.

الصورة الثانية: أن تكون اضافته إلي الاول محفوظة و لا يكون مضافا إلي

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 510

______________________________

الثاني كالدم الذي يمصه العلق من الانسان و لا شبهة في نجاسته اذ المفروض بقائه علي ما كان و المفروض نجاسته بالدليل العام أو المطلق.

الصورة الثالثة: ان يكون مضافا إلي المنتقل عنه اضافة حقيقية فانه لو فرض كذلك فلا بد من ملاحظة دليلي النجاسة و الطهارة فان كان الدليل في كلا الموردين

لبيا كالإجماع فلا يمكن شموله للمورد اذ لا يعقل اجتماع الطهارة و النجاسة في شي ء واحد في زمان واحد.

مضافا إلي أن القدر المعلوم من الاجماع غير مورد الفرض فالمرجع استصحاب النجاسة علي القول بجريانه في الحكم الكلي الا أن يقال: بعدم بقاء الموضوع فتأمل، و قاعدة الطهارة علي المختار من عدم جريان الاستصحاب في الحكم الكلي.

و ان كان الدليل في احدهما لبيا و في الاخر لفظيا فلا بد من رفع اليد من الدليل اللبي و الاخذ بالدليل اللفظي الا مع العلم بكون المورد داخلا تحت الدليل اللبي فيخصص الدليل اللفظي بالدليل اللبي، و ان كان كلا الدليلين لفظيا فان كان احدهما بالوضع و الاخر بالاطلاق يؤخذ بالعموم الوضعي لكونه قرينة عرفية علي العموم الاطلاقي و ان كان كلاهما بالوضع يقع التعارض بين الدليلين و لا بد من ترجيح احدهما علي الاخر بالمرجحات المنصوصة و ان كان كلاهما بالاطلاق فربما يقال: - كما عليه سيدنا الاستاد- بان الاطلاقين يتعارضان فيتساقطان بدعوي أن اطلاق كل من الدليلين يتوقف بقائه علي عدم الظفر بالدليل الاخر.

و بعبارة اخري: كما أن تحقق الاطلاق يتوقف حدوثا علي عدم المعارض كذلك يتوقف بقائه علي ما هو عليه علي عدم المعارض و مع التعارض يسقط كلا الاطلاقين فلا مجال للترجيح السندي.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 511

______________________________

و يرد علي هذا البيان ان الاطلاق بعد تمامية مقدماته لا ينقلب عما هو عليه و ان شئت قلت: تحقق الاطلاق بتمامية مقدمات الحكمة حين الخطاب و مع تماميتها يتم الاطلاق غاية الامر بعد ابتلائه بالمعارض تختل حجيته و لا يختل اطلاقه.

هذا تمام الكلام في صورة العلم بالحال و أما لو شك فله صور أيضا: الصورة الاولي: أن

تكون الاضافة إلي المنتقل اليه محرزة و يكون الشك في بقاء الاضافة الي المنتقل عنه و الشك فيه قد يكون داخلا في الشبهة المفهومية و اخري يكون داخلا في الشبهة المصداقية أما علي الاول فجريان الاستصحاب فيه و عدمه يبتني علي جريانه في الشبهة المفهومية و عدمه و حيث انا بنينا علي الجريان و قلنا انا لا نري مانعا من جريانه نقول: بأن مقتضي الاستصحاب بقاء الاضافة الاولية و أما علي الثاني فيجري استصحاب البقاء بلا اشكال و بعد جريان الاستصحاب يدخل في أحد الاقسام الثلاثة السابقة أي القسم الذي تكون الاضافة إلي كلا الطرفين محرزة و يترتب عليه ما ذكرناه فيه.

ان قلت: كيف يعارض الاستصحاب الجاري في احد الطرفين مع الدليل اللفظي الوارد في الطرف الاخر مع أن الاصل العملي لا يعارض الدليل الاجتهادي.

قلت: التعارض في الحقيقة بين الدليل اللفظي في احد الطرفين و الدليل اللفظي الوارد في الطرف الاخر و بالاستصحاب يحرز الموضوع.

الصورة الثانية أن تكون الاضافة إلي الاول محرزة و يشك في الاضافة إلي الثاني و لا اشكال في نجاسة الدم في هذه الصورة اذ المفروض ان الاضافة الاولية محفوظة فيشمله دليل نجاسته و الاضافة الثانية مورد الشك فان منشأ الشك الامور الخارجية.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 512

[الثامن: الإسلام]

الثامن:

الإسلام فانه مطهر للكافر (1).

______________________________

و بعبارة اخري: ان كانت الشبهة موضوعية فلا اشكال في جريان استصحاب عدم تحقق الاضافة و ان كان منشأ الشك، الشك في المفهوم فايضا يكون الامر كما ذكر أما علي القول بجريان الاستصحاب فواضح و أما علي القول الاخر فلان التمسك بالعموم أو الاطلاق لا يجوز مع الشك في المصداق فيكون المرجع دليل نجاسة الدم المضاف إلي المنتقل عنه.

الصورة الثالثة

أن تكون الاضافتان كلتاهما مورد الشك فان كانت الشبهة موضوعية فلا مانع من استصحاب بقاء الاضافة الاولية و عدم تحقق الاضافة الثانوية فيشمله دليل نجاسة الدم المضاف إلي الاول، و ان كانت الشبهة مفهومية فعلي مسلكنا يجري استصحاب البقاء بالنسبة إلي الاول و عدم حدوث الاضافة بالنسبة الي الثاني و أما علي القول الاخر فلا مجال للاستصحاب فتجري قاعدة الطهارة.

(1) هذا علي طبق القاعدة الاولية اذ النجاسة علي الفرض عارضة للكافر و الكافر باسلامه يزول عنه عنوان الكفر و يتعنون بالاسلام و ان شئت قلت: الحكم تابع لموضوعه و مع تبدل الموضوع لا مجال لبقاء الحكم.

و علي الجملة لو قلنا بنجاسة الكافر نلتزم بطهارته باسلامه بلا فرق بين أقسامه اذ مقتضي القاعدة الاولية طهارته بتبدل كفره بالاسلام الا أن يقوم دليل علي خلاف القاعدة اضف إلي ذلك أنه نقل عن جماعة الاعتراف بعدم الخلاف فيه و عن المنتهي و الذكري و غيرهما دعوي الاجماع عليه و عن المستند دعوي الضرورة و عن الجواهر دعواها في الجملة.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 513

بجميع أقسامه (1) حتي المرتد عن فطرة علي الاقوي (2).

______________________________

(1) كما مر منا أن القاعدة تقتضي التسوية بين أقسامه من هذه الجهة.

(2) الكافر علي ثلاثة أقسام: القسم الاول: الكافر الاصلي و لا اشكال في أن اسلامه يوجب طهارته و هو القدر المتيقن من معقد الاجماع و الضرورة.

القسم الثاني: المرتد الملي قال سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام:

«لم يعرف فيه الخلاف بل حكي عليه الاتفاق» انتهي. مضافا إلي أنه يصدق عليه عنوان المسلم و ذكرنا آنفا انه مع تبدل الموضوع لا مجال لبقاء الحكم.

و النصوص الواردة في هذا الباب علي ثلاث طوائف: الطائفة الاولي ما

يدل علي عدم قبول توبة المرتد علي الاطلاق لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال:

سألت أبا جعفر عليه السلام عن المرتد فقال: من رغب عن الإسلام و كفر بما انزل علي محمد صلي اللّه عليه و آله فلا توبة له و قد وجب قتله و بانت منه امرأته و يقسم ما ترك علي ولده «1».

الطائفة الثانية: ما يدل علي قبول توبته علي الاطلاق لاحظ ما روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام في المرتد يستتاب فان تاب و إلا قتل الحديث «2».

الطائفة الثالثة: ما يدل علي التفصيل بين الملي و الفطري بقبولها بالنسبة إلي الاول و عدم قبولها بالنسبة إلي الثاني لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن مسلم تنصر قال: يقتل و لا يستتاب قلت فنصراني أسلم ثم ارتد قال: يستتاب فان رجع و الا قتل «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب حد المرتد الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب حد المرتد الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب حد المرتد الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 514

______________________________

فانه فصل في هذه الرواية بين الفطري و الملي بقبول التوبة من الثاني و عدم قبولها من الاول اضف إلي ذلك ما رواه أبو الطفيل أن بني ناجية قوما كانوا يسكنون الاسياف و كانوا قوما يدعون في قريش نسبا و كانوا نصاري فأسلموا ثم رجعوا عن الإسلام فبعث امير المؤمنين عليه السلام معقل بن قيس التميمي فخرجنا معه فلما انتهينا إلي القوم جعل بيننا و بينه امارة فقال: اذا وضعت يدي علي رأسي فضعوا فيهم السلاح فأتاهم فقال: ما أنتم عليه؟ فخرجت طائفة فقالوا: نحن

نصاري فأسلمنا لا نعلم دينا خيرا من ديننا فنحن عليه و قالت طائفة: نحن كنا نصاري ثم أسلمنا ثم عرفنا أنه لا خير من الدين الذي كنا عليه فرجعنا اليه فدعاهم إلي الإسلام ثلاث مرات فأبوا فوضع يده علي رأسه قال: فقتل مقاتليهم و سبي ذراريهم قال: فأتي بهم عليا عليه السلام فاشتراهم معقلة بن هبيرة بمائة ألف درهم فأعتقهم و حمل إلي علي عليه الصلاة و السلام خمسين الفا فأبي أن يقبلها قال: فخرج بها فدفنها في داره و لحق بمعاوية قال: فخرب أمير المؤمنين عليه السلام داره و أجاز عتقهم «1».

فان هذه الرواية تدل علي قبول توبة المرتد الملي و الدليل وارد فيه بالخصوص فلا اشكال في قبول توبة المرتد الملي و بعبارة اخري: لو فرض أن المرتد الفطري التزمنا بعدم قبول توبته و عدم صحة اسلامه فلا نلتزم بذلك بالنسبة إلي المرتد الملي.

القسم الثالث: المرتد الفطري و هو محل الكلام و انه هل تقبل توبته بالنسبة الي صيرورته مسلما أم لا؟ فذهب المشهور إلي عدم قبول توبته و عدم تأثير اسلامه

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب حد المرتد الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 515

______________________________

في طهارته و خالف المشهور جماعة و ذهبوا إلي أن اسلامه يوجب طهارته و منشأ الخلاف بعض النصوص الواردة في المقام فانه يستفاد من بعض هذه النصوص ان المرتد لا تقبل توبته و لا توبة له لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1» و ما رواه عمار الساباطي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الإسلام و جحد محمدا صلي اللّه عليه و آله نبوته و كذبه فان دمه مباح لمن

سمع ذلك منه و امرأته بائنة منه يوم ارتد و يقسم ماله علي ورثته و تعتد امرأته عدة المتوفي عنها زوجها و علي الامام أن يقتله و لا يستتيبه «2» و ما رواه ابن جعفر «3».

بتقريب: أن نفي التوبة منه يقتضي عدم تأثير التوبة في ازالة كفره و تعنونه بعنوان الإسلام.

و يرد عليه: أن التوبة عبارة عن الندم عما ارتكب من الذنب و العزم علي عدم الارتكاب و المستفاد من هذه النصوص أن الاثر المترتب علي الذنب و هو الارتداد لا ينمحي بالتوبة فيجب قتله مثلا و هذا لا يقتضي عدم تأثير ما يصدر منه بعد ذلك اي الإسلام.

و بعبارة اخري: حدوث الارتداد يوجب بحكم الشارع ترتب آثار عليه و هي الكفر و وجوب القتل و انقطاع العلقة الزوجية و تقسيم المال و انتقاله إلي الورثة و الشارع الاقدس بعد حكمه بما ذكر يحكم بأنه لا توبة بالنسبة إلي هذه الآثار

______________________________

(1) لاحظ ص: 513.

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب حد المرتد الحديث: 3.

(3) لاحظ ص: 513.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 516

______________________________

المترتبة اي: اذا تاب المرتد لا نعتبره مسلما بالنسبة إلي قبل التوبة و لا نحكم بانتقال ما انتقل عنه اليه و لا نحكم بعدم قتله بل هذه الاحكام و الآثار مترتبة عليه بلا فرق بين أن يتوب و ان لا يتوب و أما اسلامه الذي يصدر عنه بعد الارتداد فلا يكون مشمولا لهذه النصوص و لا ريب أنه لو أسلم يتعنون بعنوان المسلم و يترتب عليه حكم الإسلام.

و بتقريب آخر: ان نجاسة الكافر علي القول بها موضوعها عنوان الكفر فلو فرض تبدل كفره بالاسلام و صار الكافر مسلما يترتب عليه ما يترتب علي المسلم من

طهارة بدنه و جواز ازدواجه مع المسلم إلي غيرها من الاحكام نعم بمقتضي النصوص الخاصة نلتزم بعدم تأثير توبته بالنسبة إلي بعض ما يترتب علي الارتداد كالقتل مثلا بل لنا أن نقول: بأن وجوب قتله بالارتداد ثابت و لو مع فرض عدم هذه الجملة في النصوص «و لا توبة له» اذ مقتضي اطلاق وجوب القتل وجوبه و لو مع رجوعه عن الكفر و دخوله في الإسلام فلاحظ فعلي هذا يكون اسلام المرتد الفطري كغيره مطهرا.

و يمكن أن يستدل علي المدعي بوجه آخر و هو أنه لا اشكال عندهم في أن المرتد الفطري بعد اسلامه مكلف بالصلاة و غيرها من التكاليف المنافية مع نجاسته فلو لم يكن قابلا لان يطهر بالاسلام يكون تكليفه بامر غير مقدور و هو قبيح.

ان قلت: الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار قلت: عدم التنافي من ناحية العقاب لا من ناحية الخطاب فان تعلق الامر و النهي بالامر غير المقدور غير جائز عقلا اذ الامر بملاك الداعوية و النهي بملاك الزاجرية و مع عدم امكانهما لا مجال لهما.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 517

و يتبعه أجزائه كشعره و ظفره و فضلاته من بصاقه و نخامته و قيئه و غيرها (1).

______________________________

ان قلت لا مانع من تعلق الامر بغير المقدور فانه تكليف صوري لتسجيل العقاب عليه بايجاب ما لا يكون مقدورا للعبد و بهذا التقريب يمكن اثبات المدعي.

و ربما يقال: بأنه لا تنافي بين توجه التكليف به بهذه التكاليف و بقائه علي الكفر بأن نلتزم بالتخصيص في ادلة شرطية الطهارة بالنسبة اليه فتجب عليه الصلاة و لكن لا يشترط في صلاته طهارة بدنه و لباسه و أيضا لا يشترط في ماء غسله و وضوئه الطهارة و

هكذا.

و الانصاف: ان هذا المعني بعيد عن الذهن فالنتيجة أن اسلام المرتد الفطري مطهر اياه و اللّه العالم.

و استدل المحقق الهمداني علي المدعي بما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: من كان مؤمنا فحج و عمل في ايمانه فتنة فكفر ثم تاب و آمن قال:

يحسب له كل عمل صالح عمله في ايمانه و لا يبطل منه شي ء «1».

بتقريب: ان الظاهر من الخبر فرض الكافر اعم من المرتد الفطري و جوابه عليه السلام كما تري يقتضي قبول توبته و اسلامه «2».

و يرد عليه: اولا ان الرواية ضعيفة بموسي بن بكر و ثانيا ان غاية ما في الخبر المزبور الاطلاق و لا بد من رفع اليد عنه بما فصل فيه بين الملي و الفطري كما مر.

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الاول: حديث الجب «الإسلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب مقدمات العبادات الحديث: 1

(2) مصباح الفقيه ج 1 ص: 639

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 518

______________________________

يجب ما قبله» «1» و التوبة تجب ما قبلها من الكفر و المعاصي و الذنوب و الجب القطع. و فيه ان الحديث ضعيف سندا مضافا إلي الاشكال في دلالته- كما في كلام سيد المستمسك- «2».

الثاني: عدم معهودية الاجتناب عن الامور المذكورة بعد الإسلام. و يرد عليه:

انه لا اثر لعدم المعهودية بل لا بد من معهودية العدم كي يكشف عن كونها طاهرة.

الثالث: ان الوجه في النجاسة الاضافة إلي الكافر مثلا شعر الكافر نجس باعتبار كونه تبعا له و الا فلا مقتضي لنجاسته فاذا فرض اسلامه تتبدل الاضافة و تصدق عليه الاضافة الثانية اي يقال: انه شعر للمسلم و لا اشكال في طهارة شعره.

و أورد علي هذا الاستدلال في المستمسك «بأن الاضافة إلي

المسلم تؤثر اذا كان منشأ الاضافة التكون فيه و هو غير حاصل في الفرض» «3».

و يرد عليه: انه لا وجه لهذا القيد اذ كما ذكرنا انه بعد تبدل الاضافة لا مقتضي للنجاسة فان الوجه في الحكم اضافته إلي بدن الكافر و مع زوال الاضافة المذكورة لا مقتضي للنجاسة و لو وصلت النوبة إلي الشك فلا مجال لاستصحاب النجاسة أما اولا فلتعدد الموضوع و أما ثانيا فلعدم جريان الاستصحاب في الحكم الكلي فلاحظ.

______________________________

(1) مجمع البحرين مادة جبب

(2) مستمسك العروة ج 2 ص: 115

(3) مستمسك العروة ج 2 ص: 115

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 519

[التاسع: التبعية]

التاسع:

التبعية فان الكافر اذا اسلم يتبعه ولده في الطهارة أبا كان الكافر أم جدا أم اما (1).

______________________________

(1) بلا خلاف فيه و لا اشكال- كما في الجواهر- علي ما نقل عنه. و استدل علي المدعي بما رواه حفص بن غياث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل من أهل الحرب اذا أسلم في دار الحرب فظهر عليهم المسلمون بعد ذلك فقال: اسلامه اسلام لنفسه و لولده الصغار و هم أحرار و ولده و متاعه و رقيقه له فأما الولد الكبار فهم في ء للمسلمين الا أن يكونوا أسلموا قبل ذلك الحديث «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا بالقاساني.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بقصور المقتضي. و بعبارة اخري: ولد الكافر اذا كان مميزا و أظهر الكفر يحكم عليه بأنه كافر و بعدم القول بالفصل بين المميز و غيره نحكم بنجاسة الجميع و أما اذا اسلم احد الاصول فلا اجماع علي نجاسة الولد و عليه لا مقتضي لنجاسة ولد الكافر بعد اسلامه.

لكن هذا البيان انما يتم به المدعي علي القول بعدم جريان الاستصحاب في

الحكم الكلي و أما علي القول بالجريان كما عليه المشهور فيشكل الامر بالنسبة الي الطفل الذي كان محكوما بالكفر و النجاسة قبل اسلام والده فان مقتضي الاستصحاب نجاسته بقاء و يحتاج الحكم بالطهارة إلي دليل معتبر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من أبواب جهاد العدو الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 520

و الطفل المسبي للمسلم يتبعه في الطهارة اذا لم يكن مع الطفل أحد آبائه (1) و يشترط في طهارة الطفل في الصورتين ان لا يظهر الكفر اذا كان مميزا (2).

و كذا أواني الخمر فانها تتبعها في الطهارة اذا انقلبت الخمر خلا (3) و كذا أواني العصير اذا ذهب ثلثاه بناء علي

______________________________

(1) لعدم دليل علي نجاسته في الفرض و مقتضي القاعدة في مورد الشك هي الطهارة نعم اشكال جريان الاستصحاب في بعض الفروض علي المسلك المشهور جار في المقام أيضا.

(2) اذ مع التميز و اظهار الكفر يصدق عليه عنوان الكافر فيترتب عليه الحكم بالنجاسة علي القول بها ان قلت: ان مقتضي حديث محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: عمد الصبي و خطأه واحد «1» ان عمد الصبي كخطإه فلا يترتب اثر علي ما يصدر منه قلت: يمكن أن يستفاد من دليل شرعية عباداته أن ايمان الصبي و كفره يترتب عليها الاثر الا أن يقال: ان المستفاد من ذلك الدليل صحة ايمانه و اسلامه و أما كفره فلا دليل علي اعتبار اظهاره فلا يحكم عليه بالكفر.

(3) فان آنية الخمر لو لم تطهر تبعا لانقلاب الخمر خلا تكون منجسة لما فيها من الخل فلا أثر للحكم بطهارته. و في المقام كلام و هو ان مقتضي القاعدة اختصاص الطهارة التبعية بالاجزاء الملاصقة من الاناء بالخمر و

أما الاجزاء الفوقانية غير الملاصقة المتنجسة بالخمر قبل الانقلاب فلا مقتضي لطهارتها تبعا و لذا يجب اخراج الخل

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب العاقلة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 521

النجاسة (1) و كذا يد الغاسل للميت و السدة التي يغسل عليها و الثياب التي يغسل فيها فانها تتبع الميت في الطهارة (2) و أما بدن الغاسل و ثيابه و سائر آلات التغسيل فالحكم بطهارتها تبعا للميت محل اشكال (3).

[العاشر: زوال عين النجاسة عن بواطن الإنسان]

العاشر:

زوال عين النجاسة عن بواطن الانسان (4).

______________________________

من الاناء و لو بكسرها كي يحفظ الخل عن الملاقاة مع تلك الاجزاء.

و يرد علي هذا البيان: ان ما افيد و ان كان تاما لكن حيث ان السيرة جارية علي أخذ الخل من الاناء كبقية المائعات بلا كسر للآنية و لا ثقب تحتها نفهم ان تلك الاجزاء لا تؤثر في النجاسة بل لنا أن نقول: ان عدم بيانهم هذا المعني في وقت بيان حكم انقلاب الخمر يكون دليلا علي المدعي.

و بعبارة اخري: الاطلاق المقامي يقتضي هذا المعني و لقائل أن يقول: انه لا دليل علي الطهارة التبعية في المقام اذ من الممكن ان عدم انفعال الخل بالملاقاة من جهة عدم كون المتنجس منجسا فلاحظ.

(1) الكلام فيه هو الكلام.

(2) للسيرة علي عدم غسل الامور المذكورة بعد الفراغ من التغسيل.

(3) لعدم الدليل عليه فلا بد من التطهير.

(4) يقع الكلام في تنجس البواطن و عدمه و الباطن تارة يراد منه ما دون الحلق و اخري ما فوق الحلق أما القسم الاول فلا يترتب علي البحث في تنجسه و عدمه اثر عملي اذ لا اشكال في صحة الصلاة و غيرها مما يشترط فيه طهارة البدن مع فرض

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 522

______________________________

تنجس الباطن.

و يمكن أن يقال: بعدم دليل علي تنجس هذا القسم من الباطن فان حديث عمار «1» و ما يكون مثله في الدلالة لا يشمل المقام.

اضف إلي ذلك ما يدل علي عدم تنجسه لاحظ ما دل علي عدم نجاسة ما يخرج من الانسان من المذي و الودي مثل ما رواه بريده بن معاوية قال: (عن أبي عبد اللّه خ ل) سألت أحدهما عليهما السلام عن المذي فقال: لا ينقض الوضوء و لا يغسل منه ثوب و لا جسد انما هو بمنزلة المخاط و البصاق «2» و غيره مما ورد في الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء من الوسائل.

اذ لو كان الباطن يتنجس لم يكن وجه للحكم بطهارة ما ذكر مع ملاقاته للنجاسة في الباطن.

و أما القسم الثاني و هو ما فوق الحلق كباطن الفم مثلا فان كانت النجاسة الملاقية له من الباطن فيستفاد من طائفة من النصوص عدم وجوب غسله لاحظ ما رواه عمار «3» و مثله غيره الوارد في الباب 24 من أبواب النجاسات من الوسائل فان المستفاد من هذه النصوص عدم وجوب غسل الباطن و بها ترفع اليد عن عموم ما دل علي النجاسة بلحاظ الامر بالغسل و هو حديث آخر لعمار «4».

و أما اذا كانت النجاسة خارجة فمقتضي عموم حديث عمار «5» تنجس

______________________________

(1) لاحظ ص: 154

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 194

(4) لاحظ ص: 154

(5) لاحظ ص: 154.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 523

______________________________

هذا القسم من الباطن انما الكلام في أن طهارته تتوقف علي غسله كبقية الاجسام أو يكفي زوال النجاسة عنه.

قال في المستمسك في هذا المقام: «بلا خلاف ظاهر و في الجواهر: انه متفق عليه بل قيل

انه يمكن أن يكون من ضروريات الدين» «1» و ادعي في بعض كلمات الاصحاب بجريان السيرة علي ذلك و ايد المدعي بحديثين واردين في بصاق شارب الخمر احدهما ما رواه عبد الحميد بن أبي الديلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل يشرب الخمر فيبصق فاصاب ثوبي من بصاقه قال: ليس بشي ء «2» و هذه الرواية ضعيفة بعبد الحميد.

ثانيهما: ما رواه الحسن بن موسي الحناط قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشرب الخمر ثم يمجه من فيه فيصيب ثوبي فقال: لا بأس «3» و هذه الرواية ضعيفة بحسن بن موسي.

و لا يخفي ان مقتضي الحديث الاول طهارة البصاق و لو مع وجود الخمر في فيه فيدل علي عدم تنجيس ما يصل اليه من الفم فاما لا ينجس الفم بالخمر و اما لا ينجس البصاق المتنجس ما يلاقيه و أما المستفاد من الحديث الثاني فهو طهارة نفس الخمر اذا الضمير يرجع اليها ظاهرا و لا بد من أن يحمل علي ما هو ظاهر من الحديث الاول كما حمله عليه في الوسائل.

______________________________

(1) مستمسك العروة ج 2 ص: 131

(2) الوسائل الباب 39 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 524

و جسد الحيوان الصامت فيطهر منقار الدجاجة الملوث بالعذرة بمجرد زوال عينها و رطوبتها و كذا بدن الدابة المجروحة و فم الهرة الملوث بالدم و ولد الحيوان الملوث بالدم عند الولادة بمجرد زوال عين النجاسة و كذا يطهر باطن فم الانسان اذا أكل نجسا أو شربه بمجرد زوال العين و كذا باطن عينه عند الاكتحال بالنجس أو المتنجس (1).

______________________________

(1) يظهر من بعض الكلمات ان المشهور فيما بين الاصحاب طهارة

بدن الحيوان غير الادمي بزوال العين عنه و استدل عليه بالسيرة المستمرة من السلف علي عدم التحرز من الهرة و نظائرها مع العلم بمباشرتها مع النجاسات عادة و عدم ورود اي مطهر عليها.

اضف إلي ذلك جملة من النصوص الدالة علي المدعي منها: ما دل علي عدم البأس بسؤر الهرة و أمثالها لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الهرة أنها من أهل البيت و يتوضأ من سؤرها «1» و غيره مما ورد في الباب 2 من أبواب الأسآر من الوسائل.

و منها: ما دل علي عدم البأس بسؤر الفارة و غيرها لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام في حديث قال: سألته عن العظاية و الحية و الوزغ يقع في الماء فلا يموت أ يتوضأ منه للصلاة؟ قال: لا بأس به. و سألته عن فأرة وقعت في حب دهن و اخرجت قبل أن تموت أ يبيعه من مسلم؟ قال: نعم

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الأسآر الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 525

______________________________

و يدهن منه «1» و غيره مما ورد في الباب 9 من أبواب الأسآر من الوسائل.

و منها: ما دل علي عدم البأس بأسآر اصناف الاطيار لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: فضل الحمامة و الدجاج لا بأس به و الطير «2» و غيره مما ورد في الباب 4 من أبواب الأسآر من الوسائل.

فانه لا اشكال في ملاقاة هذه الحيوانات مع النجاسات فلو لا طهارة بدن الحيوان بزوال النجاسة عنه لم يكن وجه لعدم البأس فالنتيجة ان بدن الحيوان الصامت يطهر بزوال عين النجاسة عنه.

و ربما يقال:

انه لا مقتضي لتنجس بدن الحيوان اذ لا دليل علي عموم تنجس كل شي ء يلاقي النجس فبدن الحيوان لا ينجس كي يطهر بالزوال.

و يرد عليه: ان المستفاد من حديث عمار «3» نجاسة كل جسم لاقي الماء المتنجس بالميتة فالمقتضي للنجاسة موجود.

و ربما يقال: بأن النصوص المشار اليها ناظرة إلي اسقاط استصحاب النجاسة بالنسبة إلي نجاسة بدن الحيوان و أنه لو شك في ورود المطهر عليه لا يجري استصحاب النجاسة بل تجري اصالة الطهارة و أما مع عدم ورود المطهر عليه يحكم عليه بالنجاسة و يرد عليه: ان هذا المدعي ينافي اطلاق النصوص فان قوله عليه السلام في حديث عمار: «الا أن تري في منقاره دما» «4» يقتضي توقف الانفعال علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الأسآر الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب الأسآر الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 154

(4) الوسائل الباب 4 من أبواب الأسآر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 526

بل في ثبوت النجاسة لبواطن الانسان بالنسبة إلي ما دون الحلق و جسد الحيوان منع (1) بل و كذا المنع في سراية النجاسة من النجس إلي الطاهر اذا كانت الملاقاة بينهما في الباطن

______________________________

وجود الدم و أما مع عدمه و لو مع القطع بعدم ورود المطهر عليه لا ينجس الماء.

اضف إلي ذلك ان الاجتناب عن بدن الحيوان بعد زوال العين و الالتزام بتطهيره يعد من الامور السفهية.

و في المقام احتمال آخر و هو ان النصوص المشار اليها ناظرة إلي عدم كون المتنجس الجامد منجسا لملاقيه فعدم البأس ناش من هذه الجهة لا من طهارة بدن الحيوان بعد زوال العين عنه و تظهر ثمرة القولين في الصلاة في جلدها أو صوفها المتخذين عنها بعد زوال العين

عنها فانه علي القول ببقائها علي نجاستها لا تجوز الصلاة فيها لعدم جواز الصلاة في النجس و أما علي القول بطهارة أبدانها بزوال النجاسة عنه فتجوز الصلاة لعدم المانع علي الفرض و لكن الحق هو طهارته بزوال العين عنه و ذلك للسيرة الجارية علي عدم الاجتناب حتي مع العلم بعدم تطهيره بمطهر.

(1) أما بالنسبة إلي ما دون الحلق من البواطن فقد مر أنه لا مقتضي للالتزام بانفعالها و أما بالنسبة إلي جسد الحيوان الصامت فقد ذكرنا ان مقتضي حديث عمار «1» تنجسه بالملاقاة لكن لقائل أن يقول: لا يترتب علي القول بالانفعال اثر ممتاز عن القول بعدمه اذ ما دام العين موجودة في بدنه تكون النجاسة باقية

______________________________

(1) لاحظ ص: 154

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 527

سواء كانا متكونين في الباطن كالمذي يلاقي البول في الباطن (1) أو كان النجس متكونا في الباطن و الظاهر يدخل اليه كماء الحقنة فانه لا ينجس بملاقاة النجاسة في المعاء (2) أم كان النجس في الخارج

______________________________

و بعد زوالها يطهر علي الفرض فما الفرق بين الالتزام بالانفعال و عدمه.

و يمكن ان يقال: انه يظهر الاثر في الصلاة في جلده مثلا قبل زوال عين النجاسة اذ علي القول بعدم الانفعال تجوز الصلاة فيه و أما علي القول بالانفعال فلا تجوز فلاحظ.

(1) الحق ما أفاده من عدم التأثير للملاقاة اذا كان المتلاقيان كلاهما من الداخل كالمثال المذكور في المتن و قد تقدم ان المستفاد من مجموع الادلة عدم تنجس الباطن بالباطن فراجع.

(2) الظاهر ان الامر كما أفاده اذ لا دليل علي الانفعال في هذا الفرض بل الدليل قائم علي خلافه لاحظ ما رواه عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتقيؤ

في ثوبه أ يجوز أن يصلي فيه و لا يغسله؟ قال: لا بأس به «1».

و ما رواه أيضا أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن القي ء يصيب الثوب فلا يغسل قال: لا بأس به «2».

لكن هذا مختص بالباطن الذي لا يمكن احساسه باحدي الحواس و أما مع امكان احساسه كباطن الفم مثلا فيشكل الالتزام بعدم الانفعال فان مقتضي اطلاق نجاسة الدم و تنجيسه الملاقي معه نجاسة اليد الداخلة في الفم الملاقية مع الدم

______________________________

(1) الوسائل الباب 48 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 528

كالماء النجس الذي يشربه الانسان فانه لا ينجس ما دون الحلق (1) و أما ما فوق الحلق فانه ينجس و يطهر بزوال العين (2) و كذا اذا كانا متكونين في الخارج و دخلا و تلاقيا في الداخل كما اذا ابتلع شيئا طاهرا و شرب عليه ماء نجسا فانه اذا خرج ذلك الطاهرين من جوفه حكم عليه بالطهارة و لا يجري الحكم الاخير في الملاقاة في باطن الفم فلا بد من تطهير الملاقي (3).

______________________________

الخارج عن اللثة و دعوي انصراف الدليل عن الصورة المزبورة علي مدعيها.

و لا يخفي انه لا مجال للاستدلال بالحديثين علي المدعي لان القي ء عين الغذاء الذي يرجع من المعدة و ليس في المعدة شي ء من النجاسات بل محل النجاسة هو المصران و عليه يشكل الحكم بعدم كون الملاقاة في الداخل منجسا مع تمامية المقتضي لها فان مقتضي ادلة التنجيس ان الملاقاة في الداخل مع النجس يوجب الانفعال و لا وجه لادعاء انصراف الدليل عنه فلاحظ.

(1) و قد مر انه لا دليل علي تنجس الباطن.

(2) كما مر و قلنا مقتضي عموم دليل الانفعال تنجسه

فراجع.

(3) بدعوي انصراف دليل الانفعال عن الملاقاة في الداخل. و فيه اولا: انه لا وجه للانصراف بل مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين امكنة الملاقاة كما أنه لا فرق من هذه الجهة بين ازمنتها.

و ثانيا انه يلزم انه لو أدخل احدي اصابعه النجسة مع الاخري الطاهرة في فمه فتلاقيا هناك مع الرطوبة انه لا تنجس الاخري بملاقاتها مع النجسة و هل يمكن الالتزام به؟.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 529

[الحادي عشر: الغيبة]

الحادي عشر:

الغيبة فانها مطهرة للإنسان و ثيابه و فراشه و أوانيه و غيرها من توابعه (1).

______________________________

و صفوة القول: ان مقتضي عموم حديث عمار حيث قال: «و اغسل كل ما أصابه ذلك الماء» «1» تنجس الملاقي للنجس علي الاطلاق فلا وجه للتفريق بين الملاقاة في المعاء و الملاقاة في الفم.

(1) ادعي عليه عدم الخلاف بل نقل عليه الاجماع و من الظاهر انه لا يمكن تحصيل الاجماع التعبدي في مثل هذه المسألة سيما مع نقل المنع عن قيام الاجماع عن بعض الاجلة و التردد عن بعض آخر و عن المستند دعوي الشهرة علي النجاسة حتي تعلم الازالة فلا بد من الاستناد في الحكم بالطهارة إلي وجه آخر و استدل عليه أيضا بلزوم الحرج و بفحوي حجية قول ذي اليد و بالسيرة.

و يرد علي الاستدلال بالحرج ان الحرج علي فرض تحققه يوجب جواز الارتكاب تكليفا لا رفع النجاسة وضعا و التعدي من حجية قول ذي اليد إلي فعله ليس من مقتضي الدلالة بالفحوي مع ان الظهور الفعلي كالقولي لا يتحقق الا مع التحفظ علي عدة شروط.

فالعمدة هي السيرة بتقريب: ان التأمل في سيرة الائمة عليهم السلام و تابعيهم في عصرهم و غيره يقتضي ان الشارع الاقدس جعل غيبة المسلم بنفسها

طريقا تعبديا للطهارة لأنهم عليهم السلام كانوا يساورون أهل الخلاف الموجودين في زمانهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الماء المطلق الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 530

اذا علم بنجاستها و لم يكن ممن لا يبالي بالطهارة و النجاسة و كان يستعملها فيما يعتبر فيه الطهارة (1) فانه حينئذ يحكم بطهارة ما ذكر بمجرد احتمال حصول الطهارة له (2).

______________________________

و كانوا يدخلون بيوت الفسقة و المرتكبين لا عظم المحرمات مع ان العامة لا يلتزمون بنجاسة جملة من النجاسات فانهم التزموا بطهارة مخرج البول بالتمسح علي الحائط و طهارة جلد الميتة بالدباغة و غيرهما و الفسقة كانوا يشربون الخمر و لا يبالون باصابة البول و غيره من النجاسات و لم ينقل تجنبهم عليهم السلام عن امثالهم و عدم مساورتهم أو غسلهم لما يشترونه من الفساق أو أهل الخلاف و كذلك نري المسلمين يشترون الفرو ممن يغلب في بلاده المخالفون من غير سؤال عن صانعه و أنه من العامة أو الخاصة.

(1) اذ العلم بالنجاسة و كونه مباليا و استعماله فيما يشترط فيه الطهارة يكون كاشفا عن أنه طهره و لكن هذا انما يتم اذا كان مدرك الحكم بالطهارة هو الظهور الفعلي و أما علي القول بأن المدرك السيرة فلا يكون الحكم بالطهارة مشروطا بهذه الشروط و الالتزام بها من باب الاحتياط.

(2) اذ مع عدم الاحتمال تكون النجاسة معلومة و لا مجال للحكم بالطهارة فان الغيبة ليست من المطهرات و اطلاق المطهرية عليها بالتسامح بل الغيبة طريق ظاهري للحكم بها.

بقي شي ء: و هو انه علي القول بعدم الاشتراط هل يمكن الحكم بالطهارة بمجرد احتمال ورود المطهر علي المتنجس و لو مع العلم بكون من بيده الامر لم يتصد للتطهير و

لم يعلم به.

و بعبارة اخري: مجرد احتمال ورود المطهر علي المتنجس هل يترتب عليه

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 531

[الثاني عشر: استبراء الحيوان الجلال]
اشارة

الثاني عشر:

استبراء الحيوان الجلال فانه مطهر له من نجاسة الجلل (1) و الاحوط اعتبار مضي المدة المعينة له شرعا و هي في الابل اربعون يوما و في البقر عشرون و في الغنم عشرة و في البطة خمسة و في الدجاجة ثلاثة (2).

______________________________

الاثر؟ الانصاف انه يشكل لعدم الدليل فان الجزم بقيام السيرة حتي في الصورة المفروضة مشكل و ان كان قيامها حتي في هذه الصورة غير بعيد.

(1) بلا اشكال فان المراد به سلب عنوان الجلل عنه اذ موضوع النجاسة علي ما يظهر من دليلها عنوان الجلال لاحظ حديثي هشام و حفص «1» و مع انتفاء العنوان يرتفع الحكم بالنجاسة فان بقاء الحكم ببقاء موضوعه و ارتفاعه بارتفاعه و هذا ظاهر واضح.

(2) لاحظ ما رواه مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الناقة الجلالة لا يؤكل لحمها و لا يشرب لبنها حتي تغذي أربعين يوما و البقرة الجلالة لا يؤكل لحمها و لا يشرب لبنها حتي تغذي ثلاثين [عشرين اربعين خ ل] يوما و الشاة الجلالة لا يؤكل لحمها و لا يشرب لبنها حتي تغذي عشرة أيام و البطة الجلالة لا يؤكل لحمها حتي تربي خمسة أيام و الدجاجة ثلاثة أيام «2».

و هذه الرواية ضعيفة بسهل و بغبره و في الباب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة

______________________________

(1) لاحظ ص: 274 و 273

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 532

و يعتبر زوال اسم الجلل عنها مع ذلك (1) و مع عدم تعيين مدة شرعا يكفي زوال الاسم

(2).

[مسألة 460: الظاهر قبول كل حيوان ذي جلد للتذكية عدا نجس العين]

(مسألة 460): الظاهر قبول كل حيوان ذي جلد للتذكية عدا نجس العين (3).

______________________________

من الوسائل نصوص اخر كلها ضعيفة سندا أما الاول فبالنوفلي و أما الثالث فببسام الصيرفي و أما الرابع فبسهل و الرفع و أما الخامس فبالسياري و أما السادس فبالجوهري و أما السابع و الثامن فبالارسال فالتحديد بالحدود المذكورة من باب الاحتياط.

(1) كما هو ظاهر.

(2) كما هو ظاهر لما ذكرنا.

(3) وقع الكلام بين القوم في أنه لو شك في حيوان أنه قابل للتذكية أم لا؟

بأنه هل يكون مقتضي القاعدة قابليته لها أو مقتضاها عدم قابليته و ربما يقال: بأن مقتضاها هو العدم بتقريب: ان اصالة عدم التذكية اصل موضوعي و هو المرجع عند الشك و بهذا التقريب وجه ما ذهب اليه المحقق و الشهيد الثانيان من اصالة الحرمة في الحيوان المشكوك قبوله للتذكية.

و بعبارة اخري: يشترط في جريان التذكية علي الحيوان قابليته و الاصل عدم قابليته لها فلا يمكن اثباتها عند الشك في القابلية.

و أفاد السيد الحكيم قدس سره في هذا المقام: بأن القابلية اعم من أن تكون جزءا للتذكية أو تكون شرطا لها لا مجال لاستصحاب عدمها أما علي الاول و كونها جزءا فليست لعدمها حالة سابقة كي تستصحب اذ القابلية من لوازم الماهية فلا

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 533

______________________________

يجري فيها اصالة العدم حتي علي القول بجريان الاصل في الاعدام الازليه لاختصاص القول بجريانه بالنسبة إلي عوارض الوجود و أما علي الثاني فلانه لو شك في التذكية للشك في القابلية مع تحقق الافعال الخاصة لا مجال لجريان الاصل بالنسبة الي وجود الخاص اذ لا شك في الوجود انما الشك في الخصوصية و ليست لها حالة سابقة «1».

و يرد عليه: بأن التذكية تقع

علي الموجود الخارجي و القابلية للتذكية له لا محالة فكيف يمكن أن يقال: انها من لوازم الماهية و لا يجري فيه الاصل اضف الي ذلك ان الاحكام الشرعية انما تترتب علي الوجود الخارجي و لو لاه لا يتحقق حكم في الخارج و عليه ما دام لا توجد الماهية الكذائية لا يترتب حكم شرعي علي تلك الماهية الكذائية و عليه نقول: لو شك في قابلية حيوان للتذكية يمكننا أن نقول:

بأن الحيوان الكذائي قبل وجوده لم يكن مصداقا خارجيا للماهية الكذائية و مقتضي الاستصحاب عدم مصداقيته لها بعد الوجود فالنتيجة ان هذا البيان لا يكون مانعا عن جريان اصالة عدم القابلية.

فالحق في رد التقريب المذكور أن يقال: انه لا دليل علي هذا المدعي اي لم يستفد من الادلة ان القابلية جزء للتذكية أو شرط لها و غاية ما في الباب ان الشارع حكم بحلية بعض الحيوانات و طهارته عند ذبحه الشرعي أو حكم بطهارة بعضها كذلك و لم يحكم بذلك في البعض الاخر نعم لا اشكال علي مسلك العدلية ان الاحكام الشرعية تابعة للملاكات لكن الالتزام به لا يقتضي الالتزام بكون القابلية جزءا أو شرطا للتذكية و الا لا انسد باب جريان اصالة الحل للشك في قابليتها له

______________________________

(1) مستمسك العروة ج 1 ص: 294

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 534

______________________________

و عدمها.

اذا عرفت ذلك نقول: التذكية ان كانت عبارة عن الافعال الخارجية فلا مجال لأصالة عدمها لتحققها وجدانا و المستفاد من اللغة ان التذكية فعل المكلف ففي «المنجد» و «اقرب الموارد»: أن تذكية الحيوان ذبحها و عن مجمع البحرين: معني ذكيتم ذبحتم اي قطعتم الاوداج.

و ربما يستدل علي المدعي بجملة من النصوص: منها ما رواه ابن بكير «1» و

منها: ما رواه علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد اللّه و أبا الحسن عليهما السلام عن لباس الفراء و الصلاة فيها فقال: لا تصل فيها الا ما كان منه ذكيا قلت:

و ما لا يؤكل لحمه من غير الغنم؟ قال: لا بأس بالسنجاب فانه دابة لا تأكل اللحم و ليس هو مما نهي عنه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اذ نهي عن كل ذي ناب و مخلب «2».

و منها: ما رواه سماعة بن مهران قال: سألته عن الذكاة فقال: لا تذك الا بحديدة نهي عن ذلك أمير المؤمنين عليه السلام «3».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تأكل من فريسة السبع و لا الموقوذه و لا المتردية الا أن تدركها حية فتذكي «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 131

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب لباس المصلي الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب الذبائح الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 19 من أبواب الذبائح الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 535

______________________________

بدعوي: ان المستفاد من هذه النصوص ان الذبح فعل مباشري للمكلف و هذا هو المدعي.

و لكن لقائل أن يقول: بأنه لا تنافي بين نسبة التذكية إلي المكلف و كونها امرا توليديا مترتبا علي الفعل الخارجي اذ الفعل التوليدي يمكن اسناده إلي الشخص باعتبار ان سببه بيده و باختياره.

و أما ان كانت امرا مسببا مترتبا علي الفعل الخارجي فربما يقال: بأنه لو شك في تحققها للشك في القابلية فلا مجال الا لأصالة العدم اذ الشك في المحصل يقتضي جريان اصالة العدم نظير الشك في حصول الطهارة بالغسلات و المسحات عند الشك في تماميتها.

و لكن لنا أن نقول: ان تمت مقدمات الاطلاق

و الحكمة فلا مجال للأصل فان مقتضي الاطلاق المقامي عدم دخل شي ء آخر و مقتضاه تحقق المسبب فلا مجال للأصل.

فتحصل انه لا مجال لدعوي جريان اصالة عدم القابلية و لو لم تتم المقدمات فالقاعدة تقتضي جريان اصالة العدم بلا فرق بين كون التذكية من أفعال المكلف مباشرة و كونها أمرا مسببا مترتبا علي الفعل الخارجي فالتفصيل في غير محله.

اضف إلي ذلك ان مقتضي بعض النصوص قابلية كل حيوان للتذكية الا ما خرج بالدليل كالكلب و الخنزير لاحظ حديث علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن لباس الفراء و السمور و الفنك و الثعالب و جميع الجلود قال: لا بأس بذلك «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 536

فاذا ذكي الحيوان الطاهر العين جاز استعمال جلده و كذا سائر أجزائه فيما يشترط فيه الطهارة (1) و لو لم يدبغ جلده علي الاقوي (2).

______________________________

و لاحظ حديث الريان بن الصلت قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن لبس الفراء و السمور و السنجاب و الحواصل و ما أشبهها و المناطقي و الكيمخت و المحشو بالقز و الخفاف من أصناف الجلود فقال: لا بأس بهذا كله الا بالثعالب «1».

لا يقال: لا مجال للتمسك بالعموم المشار اليه المستفاد من النص اذ قد علم من الخارج عدم جواز لبس الميتة اما مطلقا أو حال الصلاة فقد خصص ذلك العام بهذا المخصص و المخصص و ان كان منفصلا لكن يوجب تعنون العام بخلافه و عليه يتعنون العام بخصوص الحيوان القابل للتذكية و مع الشك في القابلية يكون داخلا في التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية فلا يجوز.

فانه يقال: المستفاد من الدليل المنع

عن الميتة و الميتة عبارة عن الحيوان الذي مات حتف انفه أو ذبح علي غير الوجه الشرعي و المفروض وقوع الذبح علي الطريق الشرعي بحسب الدليل و لم يستفيد من دليل اشتراط تحقق التذكية القابلية كي يتم البيان المذكور فلاحظ.

(1) اذ المفروض تحقق التذكية فيه بالنص فلا يكون جلده و كذا سائر أجزائه نجسة فيجوز استعمالها فيما يشترط فيه الطهارة.

(2) اذ لا دليل علي توقف طهارة الجلد علي الدبغ و ان شئت قلت: ان ذكي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 537

[مسألة 461: تثبت الطهارة بالعلم و البينة و بإخبار ذي اليد إذا لم تكن قرينة علي اتهامه]

(مسألة 461): تثبت الطهارة بالعلم و البينة و باخبار ذي اليد اذا لم تكن قرينة علي اتهامه بل باخبار الثقة أيضا علي الاظهر (1) و اذا شك في نجاسة ما علم طهارته سابقا يبني علي طهارته (2).

______________________________

الحيوان الطاهر العين فلا تتوقف طهارته علي الدبغ و ان لم يذك فلا تؤثر فيه الدباغة و قال في الشرائع: «و يستحب اجتناب جلد ما لا يؤكل لحمه حتي يدبغ بعد ذكاته».

و قال في الجواهر: «و أما ما في المتن و القواعد و غيرهما من استحباب الاجتناب- كالذي في المعتبر و المختلف- من كراهة الاستعمال قبل الدبغ فلم اقف علي ما يقتضي شيئا منهما عدا الخبر الذي ستسمعه و التفصي في شبهة القول بوجوب الاجتناب قبل الدبغ المحكي عن الشيخ بل الشيخين بل المرتضي بل في كشف اللثام عن الاكثر بل في الذكري عن المشهور بل هو اختياره في البيان» «1» الي آخر كلامه.

و المراد من الخبر ما حكي عن كاشف اللثام من أنه روي في بعض الكتب عن الرضا عليه السلام: «دباغة الجلد طهارته» و من الظاهر أن مثل هذا الخبر لا اعتبار به

سندا مضافا إلي أن دلالته غير ظاهرة فالامر كما افاده في المتن من أن الاقوي جواز استعمال الجلد و لو لم يدبغ.

(1) قد تعرض الماتن في المسألة (384) لاعتبار الامور المذكورة و شرحنا ما أفاده هناك فراجع.

(2) للاستصحاب.

______________________________

(1) الجواهر ج 6 ص: 350

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 538

[خاتمة في حكم أواني الذهب و الفضة]
اشارة

خاتمة: يحرم استعمال أواني الذهب و الفضة في الاكل و الشرب (1).

______________________________

(1) قال في المستمسك في هذا المقام شرحا لكلام الماتن: «اجماعا حكاه جماعة كثيرة كالعلامة و الشهيد و الأردبيلي و السيد في المدارك و غيرهم بل عن المنتهي:

انه اجماع كل من يحفظ عنه العلم» «1».

و العمدة النصوص الواردة في المقام فلا بد من ملاحظتها سندا و دلالة و اخذ النتيجة منها و عليه نتعرض لكل واحد من هذه النصوص و نلاحظه فنقول:

الحديث الاول من تلك النصوص ما رواه داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تأكل في آنية الذهب و الفضة «2» و المستفاد من الحديث ان الاكل في آنية الذهب و الفضة حرام.

و هذه الرواية لا اعتبار بها من جهة كون معلي بن محمد في سندها و للرواية سند آخر و فيه اشكال من ناحية الوشاء.

الحديث الثاني: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه نهي عن آنية الذهب و الفضة «3» و هذه الرواية ضعيفة بسهل و لها سند آخر لا بأس به و المستفاد من هذه الرواية ان استعمال آنية الذهب و الفضة حرام.

الحديث الثالث: ما رواه موسي بن بكر عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال: آنية الذهب و الفضة متاع الذين لا يوقنون «4».

و هذه الرواية ضعيفة بموسي بن بكر و لها سند آخر

يكون موسي بن بكر داخلا

______________________________

(1) مستمسك العروة ج 2 ص: 164

(2) الوسائل الباب 65 من أبواب النجاسات الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 539

______________________________

فيه فلا تكون تامة سندا اضف إلي ذلك ان دلالة هذه الرواية غير تامة فان قوله عليه السلام: «آنية الذهب و الفضة متاع الذين لا يوقنون» غير دال علي الحرمة اذ غاية ما يستفاد من هذه الجملة ان الذين ليس لهم اليقين المطلوب بالمعتقدات الدينية يتمتعون بالذهب و الفضة و أما التمتع بهما حرام في الشرع فلا يستفاد منها.

الحديث الرابع: ما رواه الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام في حديث المناهي قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن الشرب في آنية الذهب الفضة «1».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق إلي شعيب.

الحديث الخامس: ما رواه مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهم السلام أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهاهم عن سبع منها: الشرب في آنية الذهب و الفضة «2».

و هذه الرواية ضعيفة بمسعدة.

الحديث السادس: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال:

لا تأكل في آنية ذهب و لا فضة «3».

و الظاهر ان هذه الرواية تامة سندا اذ طريق الصدوق إلي ابان بن عثمان تام و الدليل علي أن ابان الواقع في الطريق هو ابن عثمان روايته عن محمد بن مسلم علي ما يظهر من الطبقات.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 7.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 540

______________________________

الحديث السابع: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تأكل في آنية

من فضة و لا في آنية مفضضة «1».

و هذا الحديث تام سندا و المستفاد منه ان الاكل في آنية الفضة و كذلك في آنية مفضضة حرام.

الحديث الثامن: ما رواه البراء بن عازب قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن سبع و أمر بسبع نهانا أن تتختم (نتختم) بالذهب و عن الشرب في آنية الذهب و الفضة و قال: من شرب فيها في الدنيا لم يشرب فيها في الآخرة «2».

و هذه الرواية ضعيفة بمعاوية بن سويد.

الحديث التاسع: ما رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن آنية الذهب و الفضة فكرههما فقلت قد روي بعض اصحابنا أنه كان لأبي الحسن عليه السلام مرآة ملبسة فضة فقال: لا و الحمد للّه انما كانت لها حلقة من فضة و هي عندي ثم قال: ان العباس حين عذر عمل له قضيب ملبس من فضة من نحو ما يعمله للصبيان تكون فضة نحوا من عشرة دراهم فأمر به أبو الحسن عليه السلام فكسر «3».

و هذه الرواية دالة علي كراهته عليه السلام آنية الذهب و الفضة و مجرد الكراهة لا يدل علي الحرمة.

و قال سيدنا الاستاد في هذا المقام: «ان الكراهة في الرواية تدل علي الحرمة

______________________________

(1) الوسائل الباب 66 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب لباس المصلي الحديث: 8

(3) الوسائل الباب 65 من أبواب النجاسات الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 541

______________________________

بتقريب: أن الكراهة ضد الحب اذا الكراهة في اللغة بمعني البغض ضد الحب و المبغوض هو المحرم غاية الامر ربما يبرز الحرام بالنهي و اخري يبرز ما هو منشأ له» «1».

و يرد عليه: انا نسأل ان المكروه

هل هو قسم من الاحكام الشرعية أم لا؟ من الظاهر انه قسم من الاحكام و عليه هل يكون الفعل المكروه مبغوضا أو يكون محبوبا لا سبيل إلي الثاني فيكون مبغوضا و المفروض ان المبغوض حرام علي مقتضي كلامه.

و بعبارة اخري: المولي بالنسبة إلي الفعل المكروه هل يكون لا بشرط و لا اقتضاء أو يكون محبا أو يكون مبغضا لا سبيل إلي الاول و الثاني فيتعين الثالث.

فالحق أن يقال انه كما يكون للحب مراتب بعض مراتبه منشأ للوجوب و بعضها الاخر منشأ للندب كذلك للبغض مراتب بعض مراتبه منشأ للحرمة و بعضها الاخر منشأ للكراهة فالمتحصل ان الكراهة بما هي لا تدل علي الحرمة نعم اذا قام دليل علي الحرمة لا يعارضه دليل الكراهة اذ الكراهة تجتمع مع الحرمة.

الحديث العاشر: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه كره آنية الذهب و الفضة و الانية المفضضة «2».

و هذه الرواية مخدوشة سندا بمحمد بن خالد البرقي مضافا إلي عدم دلالتها علي الحرمة كما مر وجهه آنفا.

الحديث الحادي عشر: ما رواه بريد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه كره الشرب في الفضة و في القدح المفضض و كذلك أن يدهن في مدهن مفضض و المشطة

______________________________

(1) التنقيح ج 3 ص: 311

(2) الوسائل الباب 65 من أبواب النجاسات الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 542

______________________________

كذلك «1».

و هذه الرواية لا تدل علي الحرمة اذ قلنا ان الكراهة اعم من الحرمة.

الحديث الثاني عشر: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن المرآة هل يصلح امساكها اذا كان لها حلقة فضة؟ قال:

نعم انما يكره استعمال ما يشرب به قال:

و سألته عن السرج و اللجام فيه الفضة أ يركب به؟ قال: ان كان مموها لا يقدر علي نزعه فلا بأس و الا فلا يركب به «2».

و هذه الرواية أيضا تدل علي الكراهة لا الحرمة.

و أفاد سيدنا الاستاد في هذا المقام: «بأن المراد من الكراهة في هذه الرواية الحرمة بتقريب: انها وقعت في قبال يصلح فان العرف يفهم من قوله عليه السلام:

«انما يكره استعمال ما يشرب به» ان استعمال الفضة في الشرب غير صالح و الامر غير الصالح هو الحرام مضافا إلي أنه لو كانت الكراهة في الرواية بمعني الكراهة المصطلحة لم يكن للحصر المستفاد من كلمة «انما» مجال فان الكراهة المصطلحة لا تختص باستعمال ما يشرب به بل موجودة في غيره فيفهم ان المراد هي الحرمة لا الكراهة «3».

و يرد عليه: ان المستفاد من جوابه عليه السلام ان ما يشرب به اذا كان فضة يكون استعماله مكروها و أما كونه غير صالح فلا يستفاد من الحديث. و بعبارة اخري: ان المستفاد من استدراكه بقوله: «نعم» ان استعمال ما يشرب به ليس

______________________________

(1) الوسائل الباب 66 من أبواب النجاسات الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 67 من أبواب النجاسات الحديث: 5 و 6

(3) التنقيح ج 3 ص 312

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 543

______________________________

مثل امساك المرآة.

و أما الحصر فيرفع اليد عنه بالدليل الدال علي الكراهة في غير المورد. و ان شئت قلت: التقييد كالتخصيص ليس عزيزا و الا فلا يزول الاشكال حتي مع الالتزام بكون المراد من الكراهة الحرمة و ذلك لعدم حصر الحرمة في الشرب خاصة.

الحديث الثالث عشر: ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا ينبغي الشرب في آنية الذهب و الفضة

«1».

و هذه الرواية تامة سندا و أما من حيث الدلالة فأفاد سيدنا الاستاد: بأن الجملة في الرواية: تدل علي الحرمة بدعوي: أن معني قوله عليه السلام: «لا ينبغي» بحسب اللغة انه لا يتيسر و لا يتسهل و حيث ان الشرب من آنية الذهب و الفضة ميسور للمكلف خارجا يكون المراد بعدم اليسر عدم جوازه شرعا فيكون حراما «2».

و يرد عليه: انه لا دليل علي هذا المدعي قال في مجمع البحرين في مادة بغي: «يقال: ما ينبغي لك أن تفعل كذلك اي ما يصلح لك ذلك» ثم قال: «و في المصباح حكي عن الكسائي انه سمع من العرب و ما ينبغي أن يكون كذا اي ما يستقيم و ما يحسن قال و ينبغي أن يكون كذا معناه يندب ندبا مؤكدا لا يحسن تركه» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و قال الراغب في مفرداته: «فاذا قيل: ينبغي أن يكون كذا فيقال علي وجهين:

احدهما ما يكون مسخرا للفعل نحو النار ينبغي أن تحرق الثوب و الثاني علي الاستئهال نحو ينبغي أن يعطي لكرمه» الي آخر كلامه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 65 من أبواب النجاسات الحديث: 5.

(2) التنقيح ج 3 ص 313

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 544

______________________________

و قد استعمل هذا اللفظ في القرآن في موارد و في جميع تلك الموارد يناسب مغي الاهلية و الصلاح و من تلك الموارد قوله تعالي: «قٰالُوا سُبْحٰانَكَ مٰا كٰانَ يَنْبَغِي لَنٰا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيٰاءَ» «1».

فانه لا يبعد أن يكون المراد انه لا يحسن و لا يصلح لنا أن نتخذ من دونك أولياء بل الظاهر هو هذا المعني اذ المستفاد من الاية- و اللّه العالم- انهم باختيارهم اتخذوا من دون اللّه أولياء و في

مقام الاعتذار يقولون انه لا يحسن هذا العمل و بعبارة اخري: المستفاد من الاية ان ما صدر منهم باختيارهم و لكن لم يكن عملهم عملا صالحا فلم يرد من اللفظ عدم التيسر.

و منها: قوله تعالي: «وَ مٰا يَنْبَغِي لَهُمْ وَ مٰا يَسْتَطِيعُونَ» «2» و في هذه الاية أيضا لا يبعد أن يكون المراد من نفي الابتغاء الاهلية اي: لا اهلية للشياطين انزال الكتاب.

و منها: قوله تعالي: «لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهٰا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَ لَا اللَّيْلُ سٰابِقُ النَّهٰارِ» «3» و في هذه الاية أيضا لا يبعد أن المراد الاهلية اي الشمس لا اهلية لها أن تدرك القمر.

و منها: قوله تعالي: «وَ مٰا عَلَّمْنٰاهُ الشِّعْرَ وَ مٰا يَنْبَغِي لَهُ» «4» و في هذه الاية أيضا يناسب نفي الاهلية اي الرسول الكريم صلي اللّه عليه و آله لا يليق بشأنه

______________________________

(1) الفرقان/ 17

(2) الشعراء/ 210

(3) يس/ 39

(4) يس/ 68

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 545

______________________________

أن يكون شاعرا.

و منها: قوله تعالي: «وَ مٰا يَنْبَغِي لِلرَّحْمٰنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً» «1» و في هذه الاية يناسب أن يكون المراد من نفي الابتغاء عدم الاهليه اي: ليس مقام الالوهية اهلا لاتخاذ الولد و بعبارة اخري: لا يبعد أن يكون الظاهر من قولهم ان اللّه اتخذ ولدا انه تعالي جعل المسيح ولدا له لا ان المسيح تولد منه فأجاب اللّه عن قولهم بقوله: و ما ينبغي و لا يناسب لمقامه اتخاذ الولد.

و منها: قوله تعالي: «قٰالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ هَبْ لِي مُلْكاً لٰا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي» «2» فانه لا يبعد أن يكون المراد من الاية أن يعطيه ملكا لا يكون ذلك الملك مناسبا مع غيره من الانبياء العظام بحسب الزمان.

و لعله يمكن

أن يجاب به عن الاشكال الذي وجهوه إلي سليمان و هو أن دعائه هذا يستلزم البخل الذي لا يناسب مقام النبوة اذ يمكن أن يقال: ان العطية الالهية بالنسبة إلي الانبياء لا بد أن تكون متناسبة مع ازمنتهم فلا يكون دعاء سليمان بالنحو المذكور مستلزما للبخل و اللّه العالم.

و صفوة القول: انه لا يظهر من موارد استعمال هذه الكلمة ان معناه عدم التيسر فالنتيجة ان الرواية لا تدل علي الحرمة بل غايتها الكراهة و لو اغمض عما ذكر نقول: لا اشكال أن المتبادر من اللفظ عندنا عدم الحسن و عدم الاهلية فيمكن ببركة الاستصحاب القهقري اثبات كون معناه كذلك في زمان صدور اللفظ عن المعصوم

______________________________

(1) مريم/ 91

(2) ص/ 34

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 546

______________________________

عليه السلام.

الحديث الرابع عشر: ما رواه يوسف بن يعقوب قال: كنت مع أبي عبد اللّه عليه السلام في الحجر فاستسقي ماء فاتي بقدح من صفر فقال رجل: ان عباد بن كثير يكره الشرب في الصفر فقال: لا بأس و قال عليه السلام للرجل: ألا سألته أذهب أم فضة؟! «1».

و هذه الرواية ضعيفة بيوسف مضافا إلي أنه لا دلالة فيها علي الحرمة بل غاية دلالتها هي الكراهة.

اذا عرفت ما تقدم نقول: المستفاد من النصوص التامة من حيث السند الواردة في المقام حرمة الاكل في آنية الذهب و كذلك في آنية الفضة و أما الشرب من آنية الذهب و الفضة فلم يقم عليه دليل معتبر و لكن المتسالم عند القوم حرمته.

و يؤيد المدعي بعض النصوص الباب لاحظ حديث الحسين بن زيد «2» و يمكن الاستدلال علي حرمة الشرب من آنية الذهب و الفضة بما رواه محمد بن مسلم «3» فان مقتضي النهي عن آنية

الذهب و الفضة حرمة استعمالها في الاكل و الشرب اذ النهي لا يتعلق بالاعيان الخارجية بل النهي يتعلق بالافعال و حيث ان المذكور في الرواية النهي عن آنية الذهب و الفضة علي الاطلاق يستفاد منه ان استعمالها حرام في الاكل و الشرب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 65 من أبواب النجاسات الحديث: 6.

(2) لاحظ ص: 539

(3) لاحظ ص: 538

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 547

و الطهارة من الحدث و الخبث و غيرها من أنواع الاستعمال (1).

______________________________

و بعبارة اخري: ان مقتضي الاطلاق و عدم التقييد حرمة استعمال آنية الذهب و الفضة باي نحو من الاستعمال فتحصل مما تقدم: ان الاكل و الشرب في آنية الذهب أو الفضة حرام فانه صرح في بعض النصوص بالنهي عن الاكل فيها و يلحق به الشرب فيكون الاكل بما هو و كذلك الشرب اذا كان فيهما حراما و أيضا يستفاد من النهي عن اناء الذهب و الفضة حرمة استعمالها في الاكل و الشرب فهذا المقدار مما لا اشكال فيه و لا ريب.

(1) ربما يستدل علي المدعي بحديث موسي بن بكر «1» بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان التمتع بآنية الذهب و الفضة يكون من غير اهل اليقين فالمؤمن لا يتمتع بهما.

و فيه: اولا ان السند ضعيف كما مرو ثانيا قلنا بأن الحديث لا يدل علي الحرمة بل غاية ما يدل عليه المرجوحية فتأمل.

و استدل علي المدعي أيضا بما رواه محمد بن مسلم «2» بتقريب ان متعلق النهي محذوف و حذف المتعلق يفيد العموم.

و قال سيدنا الاستاد في هذا المقام: «ان النهي و ان كان متعلقه محذوفا و لكن في كل مورد متعلق بما يكون مرغوبا فيه مثلا اذا قال المولي حرمت عليكم امهاتكم يستفاد من

النهي المذكور نكاح الامهات و اذا تعلق النهي بالميتة يستفاد منه حرمة أكلها و صفوة القول أنه في كل مورد يكون متعلق النهي الاثر الظاهر من ذلك الشي ء و حيث ان الظاهر من الاناء الاكل و الشرب منه أو فيه فالنهي عن الاناء نهي

______________________________

(1) لاحظ ص: 538

(2) لاحظ ص: 538

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 548

و لا يحرم نفس المأكول و المشروب (1) و الاحوط استحبابا عدم

______________________________

عن الاكل و الشرب و أما بقية الاستعمالات فلا» «1» هذا ما أفاده في المقام.

و يمكن أن يقال: بأن المرجع في باب الظواهر العرف و العرف يفهم في هذه الموارد النهي عما يتعلق بالعين فلا فرق بين انحاء الاستعمالات و لا ينقض بآية تحريم الامهات فان الاختصاص بالنكاح يفهم من مناسبة الحكم مع الموضوع و من القرائن الخارجية و علي هذا لنا أن نقول: بأنه لا ينحصر النهي في الاكل و الشرب بل يشمل الطهارة من الحدث و الخبث و غيرها من أنواع الاستعمالات كما في المتن و قال في الحدائق: «ان المذكور في بعض النصوص النهي عن خصوص الاكل و الشرب و في بعض النصوص أطلق متعلق النهي و قاعدة حمل المطلق علي المقيد أن يحمل ما أطلق فيه المتعلق علي المقيد» «2».

هذا كلامه و يرد عليه: ان حمل المطلق علي المقيد يتوقف علي وحدة المطلوب و السبب و أما في غيره فلا مجال للحمل و وحدة السبب و المطلوب تحتاج اثباتها الي دليل مفقود في المقام بل مقتضي الاطلاق عدم التقييد فلاحظ.

(1) يشكل ما أفاده فان المستفاد من بعض النصوص كما تقدم النهي عن الاكل في آنية الذهب و الفضة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «3» فان

الظاهر من الحديث المذكور حرمة الاكل بعنوان كونه في آنية الذهب أو الفضة.

و بعبارة اخري: ان الاكل و ان كان من حيث هو لا حرمة فيه و لكن من حيث

______________________________

(1) التنقيح ج 3 ص: 316

(2) الحدائق ج 5 ص: 509.

(3) لاحظ ص: 539

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 549

التزيين بها (1) و كذا اقتنائها (2) و بيعها و شرائها (3).

______________________________

كونه في آنية الذهب أو الفضة يكون حراما بالعنوان الثانوي.

(1) ربما يقال: بأن المحرم هو استعمال الاناء و التزيين ليس استعمالا له بل انتفاع. و يرد عليه: بأنه لا اشكال في أن التزيين نحو من الاستعمال و هل يمكن أن يقال: بأن التزيين بالخاتم ليس استعمالا له؟ كلا. فعلي ما ذكرنا من أن مقتضي عموم المتعلق المستفاد من حذفه حرمة التزيين.

(2) لا يبعد أن يقال: بأن مقتضي حذف المتعلق في دليل النهي عن الانية حرمة مطلق ما يتعلق بها حتي فيما لا يصدق عنوان الاستعمال.

(3) الظاهر ان المقصود من حرمة البيع و الشراء هي الوضعية اي لا يصح بيعها و لا شرائها و لا دليل علي حرمتهما حتي علي القول بحرمة الاقتناء اذ الخبر المشهور: «ان اللّه اذا حرم شيئا حرم ثمنه» ليس له سند معتبر بل دلالته مخدوشة لاحظ ما روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: لعن اللّه اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها و أكلوا ثمنها و ان اللّه تعالي اذا حرم علي قوم أكل شي ء حرم عليهم ثمنه «1».

فان المذكور في هذا الحديث: «ان اللّه اذا حرم أكل شي ء حرم ثمنه» و صفوة القول: انه لم يدل دليل معتبر علي حرمة البيع وضعا و أما الحرمة التكليفية فايضا يشكل اثباتها فان بيع

الانية لا يشمله بحسب الفهم العرفي النهي الوارد عنها.

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 6 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 550

و صياغتها (1) و أخذ الاجرة عليها (2) و الاقوي الجواز في جميعها (3).

[مسألة 462: الظاهر توقف صدق الآنية علي انفصال المظروف عن الظرف و كونها معدة]

(مسألة 462): الظاهر توقف صدق الانية علي انفصال المظروف عن الظرف و كونها معدة لان يحرز فيها المأكول أو المشروب أو نحوهما (4) فرأس الغرشة و رأس الشطب و قراب السيف و الخنجر و السكين و قاب الساعة المتداولة في هذا العصر و محل فص الخاتم و بيت المرآة و ملعقة الشاي و أمثالها خارج عن الانية فلا بأس بها

______________________________

(1) لا يبعد أن يشملها النهي عن آنية الذهب و الفضة.

(2) اذا قلنا بأن الاستعمالات المتعلقة بأواني الذهب و الفضة حرام كما بنينا عليها فكيف يصح اخذ الاجرة علي صياغتها و بعبارة اخري: كيف يمكن أن يكون الفعل حراما شرعا و مع ذلك تكون الاجارة عليه صحيحة؟ فان مقتضي الصحة وجوب الوفاء و افراغ الذمة من العمل و مقتضي كون الفعل حراما امساك المكلف عن العمل و عدم الاتيان به فالنتيجة ان حرمة الفعل تستلزم فساد الاجارة.

و ربما يقال: انه اي تناف بين الامرين فان مقتضي الصحة مالكية المستأجر العمل الكذائي في ذمة الاجير غاية الامر ان الاجير يحرم عليه الاتيان بالعمل فيكون غير قادر علي التسليم شرعا و الممنوع شرعا كالممتنع عقلا و وجوب الوفاء بالعقد لا يكون وجوبا تكليفيا بل وجوب الوفاء بالعقد ارشاد إلي لزومه فلا تنافي بين الامرين. و لكن البيان المزبور ينافيه ذوق الفقاهة و اللّه العالم.

(3) قد ظهر ما في كلامه من الاشكال.

(4) لم يظهر المراد من نحوهما مع نفي البعد عن

عدم صدق الانية علي ظرف الغالبة و المعجون و نحوهما.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 551

و لا يبعد ذلك أيضا في ظرف الغالية و المعجون و التتن و الترياك و البن (1).

[مسألة 463: لا فرق في حكم الآنية بين الصغيرة و الكبيرة و بين ما كان علي هيئة الأواني المتعارفة]

(مسألة 463): لا فرق في حكم الانية بين الصغيرة و الكبيرة و بين ما كان علي هيئة الاواني المتعارفة من النحاس و الحديد و غيرهما (2).

______________________________

(1) الحكم مترتب في لسان الادلة علي عنوان الانية فلا بد في فعلية الحكم من تحقق الموضوع فاذا دار أمر المفهوم بين الاقل و الاكثر فلا مناص عن التحفظ علي جميع الخصوصيات التي يحتمل دخلها في الصدق و في مورد الشك تجري البراءة بل علي ما سلكناه لا مانع من جريان الاستصحاب بالنسبة إلي نفس المفهوم بأن يقال: ملعقة الشاي مثلا قبل وجودها لم تكن مصداقا للإناء و الاصل بقائها علي ما كانت حتي بعد وجودها و لا يبعد ان ما أفاده في بيان مفهوم الانية في المتن كذلك. و كيف كان- كما ذكرنا- لا بد من التحفظ علي القيود المحتملة.

و صفوة القول: أنه يلزم الاقتصار علي ما يصدق عليه الانية بل لا يبعد أن يقال:

بأن المستفاد من حديث ابن جعفر «1» انحصار الحرمة فيما يشرب به.

و بعبارة اخري: مقتضي الحصر المستفاد من الحديث عدم حرمة استعمال غير ما يشرب به و عليه لو لم يصدق عنوان ما يشرب به لم يكن حراما فلا يشمل مثل الصيني و القدر و المصفاة و امثالها و علي تقدير تحقق الاجماع في غيره يقتصر في المقدار الذي قام عليه الاجماع.

(2) للإطلاق فان مقتضي اطلاق الدليل عدم الفرق بين مصاديق الانية.

______________________________

(1) لاحظ ص: 542.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 552

[مسألة 464: لا بأس بما يصنع بيتا للتعويذ من الذهب و الفضة]

(مسألة 464): لا بأس بما يصنع بيتا للتعويذ من الذهب و الفضة كحرز الجواد عليه السلام و غيره (1).

[مسألة 465: يكره استعمال القدح المفضض]

(مسألة 465): يكره استعمال القدح المفضض (2).

______________________________

(1) لعدم صدق الانية عليه أو للشك في الصدق فلا مقتضي للحرمة مضافا إلي النص الوارد الدال علي الجواز لاحظ ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن التعويذ يعلق علي الحائض؟ فقال: نعم اذا كان في جلد أو فضة أو قصبة حديد «1».

(2) قد دل علي حرمته ما رواه الحلبي «2» و قد دل علي جوازه و نص علي عدم البأس فيه ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه السلام قال: لا بأس أن يشرب الرجل في القدح المفضض و اعزل فمك عن موضع الفضة «3» فببركة الحديث الثاني ترفع اليد عن ظهور الحديث الاول في الحرمة و يحمل علي الكراهة و هذا انما يتم اذا قلنا بأن سند الرواية تاما و لم نناقش فيه بكون الوشاء داخلا فيه و الا يكون المرجع حديث الحلبي الدال علي الحرمة.

و منشأ الاشكال في الوشاء انه لم يوثق صريحا بل قال النجاشي في حقه: «انه خير» فربما يقال: بأنه شهادة بتوثيقه و لكن يرد علي هذا البيان انا نري انهم شهدوا في بيان حال مثل الكليني و المفيد و الطوسي و اضرابهم بالوثاقة صريحا فما الوجه في عدم الشهادة بالوثاقة في حق الرجل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 67 من أبواب النجاسات الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 540

(3) الوسائل الباب 66 من أبواب النجاسات الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 3، ص: 553

و الاحوط عزل الفم عن موضع الفضة بل لا يخلو وجوبه عن قوة (1) و اللّه سبحانه

العالم و هو حسبنا و نعم الوكيل.

______________________________

ان قلت: اذا لم يكن ثقة فكيف يمكن الشهادة في حقه بكونه خيرا علي الاطلاق قلت: لا اشكال في أن الشخص اذا كان ظاهر الصلاح يحضر الجماعة و لا يغتب و لا يؤذي و لا يوهن و لا يري منه الخلاف يقال في العرف: فلان خير لكن ليس هذا دليلا علي العلم بجميع جهاته و كونه ثقة في الكلام فلاحظ.

و ربما يقال: ان حديث الحلبي يدل علي حرمة الاكل في الانية المفضضة و حديث ابن سنان يدل علي جواز الشرب منها فلا تعارض بين الحديثين فلا تصل النوبة الي الجمع بينهما بالنحو المذكور و الانصاف ان هذا البيان في محله و اللّه العالم.

(1) للأمر بالعزل في حديث ابن سنان «1» و الامر ظاهر في الوجوب.

______________________________

(1) لاحظ ص: 552

الجزء الرابع

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

[كتاب الصلاة]

اشارة

كتاب الصلاة و فيه مقاصد:

الصلاة هي احدي الدعائم التي بني عليها الإسلام ان قبلت قبل ما سواها و ان ردت رد ما سواها (1).

[المقصد الأول أعداد الفرائض و نوافلها و مواقيتها و جملة من أحكامها]

اشارة

المقصد الاول اعداد الفرائض و نوافلها و مواقيتها و جملة من أحكامها و فيه

______________________________

(1) لاحظ ما رواه عيسي بن عبد اللّه الهاشمي عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ان عمود الدين الصلاة و هي أول ما ينظر فيه من عمل ابن آدم فان صحت نظر في عمله و ان لم تصح لم ينظر في بقية عمله «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 6

[الفصل الأول: في الصلوات الواجبة و المستحبة]
اشارة

فصول: الفصل الاول: الصلوات الواجبة في هذا الزمان ست (1)

[الصلوات الواجبة في هذا الزمان ست]

اليومية (2) و تندرج فيها صلاة الجمعة فان المكلف مخير بين إقامتها و صلاة الظهر يوم الجمعة و اذا اقيمت بشرائطها أجزأت عن صلاة الظهر (3).

______________________________

و ما روي عن الصادق عليه السلام قال: أول ما يحاسب به العبد الصلاة فان قبلت قبل سائر عمله و اذا ردت رد عليه سائر عمله «1».

(1) قد وقع الاختلاف في تعداد الفرائض و الماتن جعله ستة و عن الشهيد أنه جعله سبعة و عن المعتبر انه تسعة و الامر سهل فان هذا الاختلاف يمكن أن يكون ناشئا من ادخال بعض الاقسام في الاخر كإدخال الجمعة في اليومية أو من جهة ان الكلام ناظر الي زمان الغيبة و بعض الصلوات ليس واجبا فيه كالعيدين.

ثم ان المراد من الواجب في المقام ما يكون واجبا في قبال ما يكون مندوبا اعم من أن يكون دليل الوجوب الكتاب أو غيره من النص و الاجماع.

(2) بالضرورة مضافا الي النصوص التي سيمر عليك بعضها.

(3) اعلم انه قد وقع الخلاف بين الاعلام في صلاة الجمعة في زمن الغيبة بعد الاتفاق علي الوجوب التعييني في زمان الحضور و الاقوال في المسألة ثلاثة: الاول:

القول بالوجوب التعييني في زمان الغيبة ذهب اليه جملة من الاصحاب رضوان اللّه عليهم منهم الكليني- علي حسب نقل الحدائق- و جملة من المشاهير علي ما نسب اليهم.

الثاني القول بالتحريم و عدم مشروعيتها في زمان الغيبة و نسب هذا القول الي ابن ادريس و سلار و ظاهر المرتضي.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 7

______________________________

الثالث: القول بالتخيير بين الجمعة و الظهر نسب هذا القول الي الشهيد الثاني في جملة من كتبه اذا عرفت

هذا فاعلم انه يقع البحث اولا في الوجوب التعييني و ما يمكن أن يستدل به لهذا القول امور:

الامر الاول: قوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا نُودِيَ لِلصَّلٰاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِليٰ ذِكْرِ اللّٰهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» «1».

بتقريب: ان الامر ظاهر في الوجوب و في الاية امر بالسعي الي صلاة الجمعة عند اعلام الصلاة و لا شبهة في أن المناسبات الخارجية و الداخلية تقتضي أن يكون المراد اقامة الجمعة و من الظاهر ان هذا خطاب عام غير مختص بزمان دون زمان فيشمل زمان الغيبة كشموله لزمان الحضور بلا فرق.

و اورد عليه سيدنا الاستاد دام ظله اولا بأنه قضية شرطية و معناها انه متي اقيمت الجمعة في الخارج و نودي اليها وجب الحضور و أما ان الاقامة واجبة علي كل مكلف فلا دلالة في الاية.

و ملخص الكلام: ان القضية الشرطية لا تدل علي تحقق التالي الا عند تحقق المقدم فلا تعرض فيها للمقدم و عليه تدل الاية علي عدم الوجوب عند عدم الاقامة.

و يدل علي ذلك ذيل الاية و هو قوله تعالي: وَ إِذٰا رَأَوْا تِجٰارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهٰا وَ تَرَكُوكَ قٰائِماً قُلْ مٰا عِنْدَ اللّٰهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجٰارَةِ وَ اللّٰهُ خَيْرُ الرّٰازِقِينَ «2» فان المستفاد من الاية ان الانتشار للتجارة بعد اقامة الجمعة امر مذموم لا مطلقا.

و يرد عليه: ان المراد من النداء- كما اعترف به في كلامه- قول المؤذن:

«حي علي الصلاة» و هذا الاذان اذان الاعلام فيكون معناه: اذا كان يوم الجمعة

______________________________

(1) الجمعة/ 9

(2) الجمعة/ 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 8

______________________________

و أعلن المؤذن انه دخل الظهر فاسعوا و من الظاهر ان اعلام الظهر

باذان المؤذن طريق لمعرفة الظهر فمعناه: اذا صار الظهر فَاسْعَوْا إِليٰ ذِكْرِ اللّٰهِ اي: اقيموا الجمعة اذ من الظاهر انه انما يجب السعي بلحاظ درك الجمعة و الا لا تجب الصلاة جماعة يوم الجمعة و هذا من الضروريات و عليه لا يكون الوجوب مشروطا بل الوجوب مطلق.

و بعبارة واضحة: ان الاية الشريفة بمثابة أن يقال: يا أيها الذين آمنوا اقيموا الصلاة يوم الجمعة عند الزوال. و أما ما أفاده من أن قوله تعالي: وَ إِذٰا رَأَوْا الي آخر الاية يدل علي أن الشرط للاجتماع اقامة الجمعة بتقريب: ان الذم علي عدم حضورهم عند قيام النبي صلي اللّه عليه و آله لصلاة الجمعة فالذم متوجه بعد ما اقيمت الجمعة لا مطلقا ففيه ان الذم علي اقامة الجماعة و عدم الحضور للصلاة.

و بعبارة اخري: انه صلي اللّه عليه و آله في زمانه كان يقيم الجمعة و الاعتراض عليهم بأنهم يتركون واجبهم و ليس عليه دلالة علي أن الوجوب وجوب مشروط و غايته عدم الدلالة علي المطلق و يكفي للدلالة علي الاطلاق صدر الاية فلا حظ.

و اورد علي الاستدلال ثانيا بأن السعي بمعني السير السريع و المراد من الذكر الخطبة اذ لم تكن الصلاة مترتبة علي النداء و من الظاهر ان الاسراع لسماع الخطبة غير واجب انما الواجب الصلاة و للمكلف مجال الي أن يدرك الامام في الركوع فيعلم ان الامر ليس للوجوب و يدل عليه قوله تعالي: «ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ» فيعلم ان ترك الصلاة أيضا خير لكن الحضور للصلاة احسن. و بعبارة اخري:

ليس في تركه ذم بل كلا الطرفين حسن لكن احدهما أحسن.

و يرد عليه: ان عدم القول بوجوب الحضور من اول الامر لا يوجب رفع اليد

عن ظهور الاية في الوجوب فان غاية ما في الباب الاجماع علي عدم وجوب

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 9

______________________________

الاسراع الي استماع الخطبة.

مضافا الي أنه اجماع منقول و علي فرض تحصيله محتمل المدرك اضف الي ذلك أن صحة الصلاة حتي فيما يدرك الامام في الركوع لا يدل علي عدم الوجوب اذ الاجزاء امر و وجوب الحضور من اول الامر أمر آخر و المناسبة تقتضي وجوب الحضور من أول الامر اذ استماع الخطبة يترتب عليه الآثار المطلوبة كما ان مقتضي تعظيم شعائر اللّه الاجتماع.

و يستفاد من قوله تعالي: «وَ تَرَكُوكَ قٰائِماً» ان الحضور لاستماع الخطبة واجب حيث يذمهم اللّه و القمي ذكر حديثا في تفسيره يدل علي أن المراد بالقيام القيام حال الخطبة «1».

مضافا الي أنه يكون المراد بالذكر الصلاة و الامر بالاسراع للتأكيد لان لا تفوت الصلاة أضف الي ذلك أنه ليس السرعة و العدو مأخوذا في السعي و لذا لا يعتبر في السعي بين الصفا و المروة العدو و السرعة و في المنجد: «يقول:

سعي اليه قصده».

و يؤيد ما ذكرنا ما أفاده في الحدائق من أن المراد بالذكر باتفاق المفسرين الصلاة أو خطبتها أو هما معا و الامر للوجوب و لم يقل بأن الحضور للخطبة ليس واجبا و ان شئت قلت: ان المراد بالذكر اما الصلاة و اما الخطبة و اما هما معا و علي جميع التقادير يثبت المطلوب.

و يؤيد المدعي ما ارسله الصدوق قال: و روي انه كان بالمدينة اذا أذن المؤذن يوم الجمعة نادي مناد: حرم البيع حرم البيع لقوله عز و جل: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا نُودِيَ لِلصَّلٰاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِليٰ ذِكْرِ اللّٰهِ وَ ذَرُوا

______________________________

(1) تفسير القمي ج 2 ص

367

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 10

______________________________

الْبَيْعَ «1».

و أما ما استفاد من لفظ الخير فليس علي ما ينبغي اذ يمكن تصور الحسن في الترك أيضا مع كون السعي واجبا لان المكلف مع تركه للصلاة يستفيد منفعة دنيوية و هذا كما في قوله تعالي بالنسبة الي الخمر و الميسر «وَ إِثْمُهُمٰا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمٰا» «2».

فتحصل مما ذكرنا حول الاية الشريفة ان السعي واجب حتي الي الخطبة بلحاظ ما رواه القمي من أن اللّه عاتبهم حيث يتركوا النّبيّ صلي اللّه عليه و آله قائما يخطب و التسالم علي عدم وجوب الحضور للخطبة ليس اجماعا تعبديا كاشفا.

و لو سلم عدم وجوب الحضور للخطبة نقول: من الممكن أن يكون المراد بالذكر الصلاة فغاية الامر أن يكون الذكر بماله من المعني مجملا لكن نرفع الاجمال بذيل الاية المباركة حيث يقول تعالي: «فَإِذٰا قُضِيَتِ الصَّلٰاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللّٰهِ» فيفهم من مجموع الصدر و الذيل ان السعي و ترك المعاملة واجب الي انقضاء الصلاة و بعد الانقضاء يجوز الانتشار و يجوز البيع.

و ان شئت قلت: ان المفهوم من الاية الشريفة ان الاجتماع و ترك البيع واجب الي أن تنقضي الصلاة فلا يبقي ريب من حيث الصناعة في أن الصلاة واجبة بمقتضي الاية و ان قلنا بعدم وجوب الحضور للخطبة فلاحظ و تأمل و اغتنم فانه دقيق و بالتأمل حقيق.

و قد اوردت في الاية ايرادات و الحري بنا أن نذكرها و نجيب عنها: الاول ان الخطاب متوجه الي الموجودين زمان الخطاب و بقاعدة الاشتراك لا بد من تسرية

______________________________

(1) الوسائل الباب 53 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 4

(2) البقرة/ 219

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 11

______________________________

الحكم الي غيرهم و حيث ان

مدرك قاعدة الاشتراك الاجماع و لا اجماع في المقام لاحتمال اختصاص الحكم بالموجودين فلا يمكن الاستدلال بالآية للوجوب.

و الجواب: انه ان قلنا بأن الخطابات القرآنية نزلت علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ثم انه صلي اللّه عليه و آله بين الاحكام للناس فلا موضوع لهذا البحث اذ المفروض أنه حين النزول ليس للخطاب مخاطب لا من الموجودين و لا من المعدومين.

و أما ان قلنا بأن الخطاب القرآني حين النزول يقرئه صلي اللّه عليه و آله و بعبارة اخري حين النزول يجري علي لسانه المبارك فلهذا البحث مجال. فنقول:

ان الخطاب الحقيقي لا يمكن بالنسبة الي الغائبين عن مجلس الخطاب بل لا يمكن بالنسبة الي الغافلين الموجودين في مجلس التخاطب و أما الخطاب الانشائي اذا كان علي نحو القضية الحقيقية فيمكن بالنسبة الي الغائبين عن مجلس الخطاب كما انه يمكن بالنسبة الي المعدومين فانه مقتضي كون القضية حقيقية و الظاهر ان ادوات الخطاب وضعت للإنشاء اي إنشاء الخطاب بداع من الدواعي فاذا كان بداعي البعث فيكون القضية حقيقية يتحقق بالنسبة الي كل من يكون مقصودا بالخطاب و الدليل علي كونه إنشائيا أن الخطاب يتحقق حتي بالنسبة الي غير ذوي الشعور كقول الشاعر: تا اللّه يا ظبيات القاع قلن لنا.

مضافا الي أنه اذا كان هذا الاشكال واردا يلزم في كل مورد أن نتوقف حتي يثبت الاجماع و ان شئت قلت: اما نقول: بأن معقد الاجماع عام و الاخراج يحتاج الي الدليل و اما نقول: بأن تحقق الاجماع لازم في كل مورد اما علي الاول فالاخراج يتوقف علي الدليل و في المقام ذلك الدليل مفقود، و أما علي الثاني فلا بد من التوقف في اكثر الموارد اذ

لم يتحقق اجماع علي الاشتراك و هو كما تري فهذا

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 12

______________________________

الاشكال غير وارد.

الثاني: ان كلمة «اذا» غير موضوعة للعموم فلا يجب السعي كلما تحقق النداء.

و الجواب: ان مقدمات الحكمة لو تمت تكفي لاستفادة العموم و ان لم تكن الكلمة (اذا) موضوعة للعموم مضافا الي أن نقول صلاة الجمعة اما تجب في العمر مرة واحدة و اما يشترط وجوبها بوجود الامام او نائبه و اما لا هذا و لا ذاك بل مطلقا لا سبيل الي الاول لمنافاته للضرورة القطعية و أما الثاني فينافي الإطلاق المستفاد من مقدمات الحكمة فيتعين الثالث و هو المطلوب.

الثالث: ان الوجوب علق علي الاذان فالوجوب مشروط.

و يرد عليه: انه لو ثبت الوجوب بعد الاذان يثبت مطلقا لعدم القول بالفصل مضافا الي أن الظاهر ان الاذان كناية عن دخول الوقت فلا اشكال.

الرابع: ان الوجوب معلق علي النداء للصلاة و النداء لها يتوقف علي وجوبها و هذا دور.

و الجواب ان الاذان يوم الجمعة كالأذان في غير الجمعة بمعني انه لا شبهة في مشروعية الاذان للأعلام و حضور الصلاة فلا دور.

مضافا الي أن الوجوب يتوقف علي الاذان و الاذان يتوقف علي المشروعية فلا يدور.

الخامس: ان المراد بالذكر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله.

و الجواب: انه ليس عليه دليل معتبر و في مرسلة المفيد فسر الذكر بامير المؤمنين عليه السلام «1» و الظاهر ان مثله تأويل.

______________________________

(1) تفسير البرهان ج 4 ص 335 ح 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 13

______________________________

الامر الثاني: قوله تعالي: «حٰافِظُوا عَلَي الصَّلَوٰاتِ وَ الصَّلٰاةِ الْوُسْطيٰ» «1» تقريب الاستدلال بها: ان المراد من الصلاة الوسطي هي صلاة الجمعة و لكن هذا الاستدلال فاسد اذ فسرت الوسطي بغير الجمعة اي

بالظهر تارة.

لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: و قال تعالي: «حٰافِظُوا عَلَي الصَّلَوٰاتِ وَ الصَّلٰاةِ الْوُسْطيٰ» و هي صلاة الظهر «2» و بالعصر اخري لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: و في بعض القراءة حافظوا علي الصلوات و الصلاة الوسطي صلاة العصر «3» نعم نقل عن أمير المؤمنين عليه السلام مرسلا أنها الجمعة يوم الجمعة و الظهر في سائر الايام «4» و هذه الرواية لإرسالها لا اعتبار بها فهذا الاستدلال غير تام.

و اورد سيدنا الاستاد علي الاستدلال بأنه لا يسعنا الاستدلال بها علي لزوم صلاة الجمعة و وجوب اقامتها و ان فسرناها بصلاة الجمعة لان الامر بالمحافظة علي شي ء انما يصح بعد وجوبه في نفسه اذا يكون الامر بالمحافظة ارشادا الي لزوم الاتيان بصلاة الجمعة و اهميتها حيث ذكرت بالخصوص بعد ذكر سائر الصلوات و الاوامر الارشادية لا دلالة لها علي الوجوب- فضلا عن سعته و ضيقه- «5».

و فيه ما لا يخفي لأنه لو ورد في رواية صحيحة تفسيرها بالجمعة فمعني المحافظة عليها هو وجوب اقامتها و الاتيان بها و لا معني لكون الامر ارشاديا في هذا الحال.

الامر الثالث: قوله تعالي: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تُلْهِكُمْ أَمْوٰالُكُمْ وَ لٰا أَوْلٰادُكُمْ

______________________________

(1) البقرة/ 238

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

(3) نفس المصدر

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 4

(5) التنقيح ج 1 من الصلاة ص 20

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 14

______________________________

عَنْ ذِكْرِ اللّٰهِ «1» تقريب الاستدلال بها ان المراد بذكر اللّه في الاية هو صلاة الجمعة و قد نهي اللّه تعالي عن نسيانها فتجب اقامتها.

و يرد عليه: انه لا

دليل علي أن المراد بذكر اللّه هو صلاة الجمعة.

الامر الرابع: مما استدل به للمدعي النصوص الكثيرة الواردة في الابواب المتفرقة بألسنة مختلفة إليك بعضها: منها ما رواه زرارة بن اعين عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: انما فرض اللّه عز و جل علي الناس من الجمعة الي الجمعة خمسا و ثلاثين صلاة منها صلاة واحدة فرضها اللّه عز و جل في جماعة و هي الجمعة «2» و ما رواه حماد بن عيسي «3».

و منها ما رواه زرارة أيضا عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: صلاة الجمعة فريضة و الاجتماع اليها فريضة مع الامام فان ترك رجل من غير علة ثلاث جمع فقد ترك ثلاث فرائض و لا يدع ثلاث فرائض من غير علة الا منافق «4».

و منها ما رواه أبو بصير و محمد بن مسلم قالا سمعنا أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام يقول: من ترك الجمعة ثلاثا متواليات بغير علة طبع اللّه علي قلبه «5».

و منها ما رواه أبو بصير و محمد بن مسلم جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان اللّه عز و جل فرض في كل سبعة ايام خمسا و ثلاثين صلاة منها صلاة واجبة علي كل مسلم ان يشهدها الا خمسة: المريض و المملوك و المسافر و المرأة

______________________________

(1) سورة المنافقون الاية: 9

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 1

(3) عين المصدر الحديث 2

(4) عين المصدر الحديث: 8 و 12

(5) عين المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 15

______________________________

و الصبي «1».

و منها ما رواه منصور عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال الجمعة واجبة علي كل احد لا يعذر الناس فيها

الا خمسة المرأة و المملوك و المسافر و المريض و الصبي «2».

و منها ما رواه العلاء بن فضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس في السفر جمعة و لا اضحي و لا فطر «3».

و منها ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: علي من تجب الجمعة؟

قال: تجب علي سبعة نفر من المسلمين و لا جمعة لأقل من خمسة من المسلمين احدهم الامام فاذا اجتمع سبعة و لم يخافوا أمهم بعضهم و خطبهم «4».

و منها ما رواه الفضل بن عبد الملك قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

اذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة اربع ركعات فان كان لهم من يخطب لهم جمعوا اذا كانوا خمس نفر و انما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين «5».

و منها ما رواه منصور يعني ابن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يجمع القوم يوم الجمعة اذا كانوا خمسة فما زادوا فان كانوا أقلّ من خمسة فلا جمعة لهم و الجمعة واجبة علي كل احد «6».

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 14

(2) عين المصدر الحديث: 16

(3) عين المصدر الحديث: 29

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 4

(5) عين المصدر الحديث: 6

(6) عين المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 16

______________________________

و منها ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تكون جمعة ما لم يكن القوم خمسة «1».

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: تجب الجمعة علي سبعة نفر من المسلمين (المؤمنين) و لا تجب علي أقلّ منهم «2».

و منها ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا

كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة «3» و غيرها من الروايات الواردة في الابواب المختلفة من ابواب صلاة الجمعة و غيرها لاحظ الباب 3 و 4 من أبواب صلاة الجمعة من الوسائل.

و استفادة الوجوب من هذه الروايات اظهر من أن يخفي و لا مجال للمناقشة في السند و أما من حيث الدلالة فربما يقال: بأنها ليست في مقام بيان الشرائط و لذا لا يمكن نفي شرطية شي ء أو جزئيته لأنها ليست في مقام البيان بل انما هي لبيان اصل الوجوب.

و الجواب عن هذه الشبهة انه يدفع بالعموم المذكور في بعض هذه النصوص مضافا الي التصريح في بعضها لاحظ ما رواه زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام الجمعة واجبة علي من أن صلي الغداة في أهله ادرك الجمعة و كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله انما يصلي العصر في وقت الظهر في سائر الايام كي اذا قضوا الصلاة مع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله رجعوا الي رحالهم قبل الليل و ذلك سنة الي يوم القيامة «4».

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 8

(2) عين المصدر الحديث: 9

(3) عين المصدر الحديث: 10

(4) الوسائل الباب 4 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 17

______________________________

مضافا الي أن هذه الروايات تبين ما في الاية و الاية شملت جميع المؤمنين اضف الي ذلك كله ان اصالة البيان محكمة فبمقدار نعلم أنه ليس في مقام البيان فهو و في غيره نلتزم بالاطلاق بمقتضي اصالة البيان فدلالة النصوص علي المدعي لا كلام فيها و انما الكلام في الوجوه المانعة و إليك تلك الوجوه:

منها: أن السيرة جرت من اصحاب الائمة عليهم السلام علي ترك صلاة الجمعة و لو

كانت واجبة لم يمكن ترك الواجب بالنسبة اليهم مع جلالة شأنهم و الدليل علي السيرة، عدم نقل اقامتهم لها.

بل يدل عليه صحيح زرارة قال: حثنا أبو عبد اللّه عليه السلام علي صلاة الجمعة حتي ظننت انه يريد ان نأتيه فقلت: نغد و عليك؟ فقال: لا انما عنيت عندكم «1» بدعوي: ان الصحيح يدل علي أن زرارة كان تاركا لصلاة الجمعة و أنه لو كانت واجبة كان المناسب أن يوبخهم الامام عليه السلام علي الترك لا الحث علي الفعل و هذا اللسان لسان الاستحباب.

و موثق عبد الملك عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: مثلك يهلك و لم يصل فريضة فرضها اللّه قال: قلت: كيف اصنع؟ قال: صلوا جماعة يعني صلاة الجمعة «2» بدعوي انه يستفاد من هذه الرواية ان عبد الملك لم يصل الجمعة طيلة حياته فيكشف عن عدم الوجوب التعييني.

و الانصاف انه ليس في هذه الروايات دلالة علي المدعي كما انه عدم النقل لا يدل علي عدم تركهم لصلاة الجمعة فانه لم يعهد ان ينقل اتيان اصحاب الأئمة بالواجبات الالهية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 1

(2) عين المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 18

______________________________

فان الاتيان بالواجب علي القاعدة و لا ملزم للنقل و اما حث الامام عليه السلام زرارة فلا يدل علي تركه بل يدل علي اهتمامه عليه السلام بهذه الفريضة كما أنه أعم من الندب و لذا في كثير من المقامات وقع الحث علي فعل الواجب مضافا الي أنه وقع التهديد في رواية عبد الملك و لو لا وجوب الجمعة لم يكن وجه لتهديد عبد الملك لتركه صلاة الجمعة كما أنه لا دلالة في الرواية علي أن

عبد الملك كان تاركا لصلاة الجمعة طيلة حياته فلاحظ.

و منها: الروايات الدالة علي عدم وجوب الجمعة علي من كان علي رأس فرسخين لاحظ ما رواه زرارة بن اعين قال: انما فرض اللّه عز و جل علي الناس من الجمعة الي الجمعة خمسا و ثلاثين منها صلاة واحدة فرضها اللّه عز و جل في جماعة و هي الجمعة و وضعها عن تسعة: عن الصغير و الكبير و المجنون و المسافر و العبد و المرأة و المريض و الاعمي و من كان علي رأس فرسخين «1».

و ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال: انما وجبت الجمعة علي من يكون علي فرسخين لا اكثر من ذلك «2».

و الوجه في الدلالة انه لو كانت الجمعة واجبة مطلقا يجب علي النائي الاقامة في محله فان كل مكان من الامكنة يكون امام الجماعة فيها موجودا و حملها علي قلل الجبال و امثالها حمل علي الفرد النادر.

و الجواب انه يمكن أن يكون الامام مريضا أو مسافرا أو غير ذلك من الاعذار ككونه أعمي فلا يستلزم وجود الامام تعين اقامة الجمعة اضف اليه ان الحمل علي النادر لا معني له في المقام فان الميزان الشرعي ان النائي لا يجب عليه الحضور اعم من

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 19

______________________________

ان يكون مصداق المستثني كثيرا أو قليلا.

و بعبارة اخري مقتضي الحكمة بيان الحكم و لو في حق قليل من المكلفين و هذا ليس من مصاديق حمل اللفظ علي الفرد النادر بل الموضوع في حد نفسه امر نادر.

و منها: ما دل من

الروايات علي ان كل جماعة اذا كان فيهم من يخطب لهم لصلاة الجمعة وجبت عليهم لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عن اناس في قرية هل يصلون الجمعة جماعة؟ قال: نعم (و) يصلون أربعا اذا لم يكن من يخطب «1».

و ما رواه الفضل بن عبد الملك قال: سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول:

اذا كان قوم (القوم) في قرية صلوا الجمعة اربع ركعات فان كان لهم من يخطب لهم جمعوا اذا كانوا خمس نفر «2».

و ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة يوم الجمعة فقال: أما مع الامام فركعتان و أما من يصلي وحده فهي اربع ركعات بمنزلة الظهر يعني اذا كان امام يخطب فان لم يكن امام يخطب فهي اربع ركعات و ان صلوا جماعة «3».

و تقريب الاستدلال: ان المراد بمن يخطب أن يكون من يخطب لهم بالفعل لا من من شأنه أن يخطب و ذلك لان الظاهر من اللفظ الفعلية مضافا الي أن فرض عدم وجدان من يخطب حمل علي الفرد النادر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 20

______________________________

و بعبارة اخري كل مكان يفرض له امام جماعة و هو قادر علي القاء أقلّ المجزي من الخطبة فتجب و تركها عصيان بالنسبة الي الامام و موجب لسقوطه عن العدالة مضافا الي أنه يجب عليه التعلم حتي لا يفوت الفرض فيعلم ان المعلق عليه الوجود الخارجي.

و فيه: انه خلاف الظاهر من قوله: «يصلون اربعا اذا لم يكن من يخطب»

«1» فان الظاهر من هذا اللفظ الوجود الشأني و أما الحمل علي الفرد النادر فما معناه اذ يمكن فرض كون الامام معذورا عن اقامة الجماعة اما لغيبته و اما لمرضه و اما لغير ذلك و لا بد للشارع من بيان احكام جميع الصور المتصورة.

ثم ان سيدنا الاستاد دام ظله تعرض لنبذة اخري من الروايات يمكن الاستدلال بها علي وجوب الجمعة تعيينا:

منها ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام علي من تجب الجمعة؟

قال: تجب علي سبعة نفر من المسلمين و لا جمعة لأقل من خمسة من المسلمين احدهم الامام فاذا اجتمع سبعة و لم يخافوا امهم بعضهم و خطبهم «2» و اجاب عن هذه الروايات: بأن التعليق علي السبعة ليس لبيان شرط الصحة فانه خلاف ظاهرها فلا مجال لان يقال: انها في مقام بيان شرط الصحة فلا ترتبط بالوجوب.

لكن نقول: لو كانت واجبة علي تقدير وجود السبعة فلا معني للتعليق اذ كلما يفرض و اي مكان فرضناه يوجد فيه سبعة نفر الا أن يحمل علي قلل الجبال و امثالها و هو حمل علي الفرد النادر فمعناه: ان الاجتماع لو حصل في الخارج تجب الجمعة و بقرينة عدم الوجوب التي تقدمت في كلماتنا لا تجب عينا بعد الاجتماع

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 21

______________________________

بل الوجوب معلق علي تحقق الجمعة في الخارج و الا فلا تجب.

و ما افاده غير تام لا يمكن مساعدته فانه خلاف الظاهر لاحظ ما رواه زرارة «1» فان المستفاد من صدر الرواية ان صلاة الجمعة واجبة علي سبعة نفر من المسلمين فاذا ارادوا

أن يصلوا و اجتمعوا و لم يخافوا أمهم بعضهم و خطبهم فان كلمة التفريع بعد بيان الوجوب.

و لو اغمض عن ذلك نقول: ما المراد من الاجتماع؟ فان هذا الاجتماع اما يكون بحسب الطبع بمعني أنه اجتمع عدة في مكان لشغل أو بالصدفة- كما هو ظاهر الكلام- علي فرض التنزل أو يكون المراد انه اجتمع عدة لإقامة صلاة الجمعة و علي جميع التقادير يثبت المدعي اذ بعد الاجتماع تجب الاقامة و من الظاهر ان الاجتماع بما هو ليس دخيلا في الوجوب بحيث نقول: مع عدم الاجتماع لا تجب و معه تجب فيعلم ان الجمعة واجبة مطلقا و قد تقدم بطلان ما افاده من القرائن علي عدم الوجوب فراجع.

اضف اليه بأن ما افاده من أنه كيف يمكن ان لا يتحقق سبعة نفر يدفع بأن المفروض ان الظرف ظرف التقيّة و مع لحاظها تحقق الشرط امر مشكل.

و يضاف الي ذلك كله انه يمكن كون الشخص في البراري و الجبال و ما اورد من أنه حمل علي الفرد النادر غير سديد و قد مر ما فيه سابقا.

ثم انه ذكر ما رواه منصور عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

الجمعة واجبة علي كل احد لا يعذر الناس فيها الا خمسة: المرأة و المملوك و المسافر و المريض و الصبي «2».

______________________________

(1) مر آنفا

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 22

______________________________

فانه يدل علي أنه لا يعذر احد في ترك الجمعة الا طوائف من الناس.

و اجاب عن الرواية بأنها تدل علي وجوب الحضور بعد اقامتها و استشهد لما ذكره باستثناء المسافر و من كان علي رأس فرسخين اذ المسافر يشرع في حقه

الجمعة فمعني الاخراج انه لا يجب عليه الحضور بعد الاقامة و كذلك من يكون علي رأس فرسخين.

و ايد كلامه بما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: لا بأس أن تدع الجمعة في المطر «1» فان هذه الرواية تدل علي سقوط الوجوب بنزول المطر و من البعيد ان الواجب يسقط بواسطة المطر «2».

و ما افاده لا يرجع الي محصل صحيح فان رواية منصور تدل علي الوجوب الا علي من استثني و اي استبعاد في ذلك فان المسافر يشرع في حقه الجمعة و لكن لا تجب عليه كما انه لا استبعاد في سقوط التكليف بنزول المطر و لعمري أنه لا يمكن رفع اليد عن الدلالة الظاهرة الواضحة بمثل هذه التقريبات و العجب العجاب انه دام ظله- في آخر كلامه تردد في الامر و لم يجزم بالوجوب التعييني عند الاقامة و قال بأن كلام كل من القائلين بالوجوب و عدمه ينافي هذا التفصيل «3».

و بعبارة اخري رفع اليد عن الدليل بلحاظ الاجماع المركب و هو غريب منه لكن العصمة مخصوصة باهلها.

نعم لا يخفي انه مع ذلك كله لا يمكن الالتزام بالوجوب التعييني في زمان الغيبة اذ لو كانت كذلك كيف يمكن ان يكون مجهولا بحيث يصير وجوبها كذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 1

(2) التنقيح ج 1 من الصلاة ص: 38

(3) نفس المصدر ص: 40

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 23

______________________________

محل النزاع و محط الاختلاف بين القائل بالوجوب التخييري و بين القائل بالوجوب التعييني و بين القائل بالحرمة و يدل علي ما ذكرناه كلمات جملة من الفقهاء فذكر الشيخ في الخلاف: من شرط انعقاد الجمعة

الامام او من يأمره الامام بذلك من قاض أو امير و نحو ذلك و متي اقيمت بغير امره لم تصح الي أن قال:

دليلنا: انه لا خلاف انها تنعقد بالامام أو بامره و ليس علي انعقادها اذا لم يكن امام و لا امره دليل فان قيل: أ ليس قد رويتم فيما مضي و في كتبكم انه يجوز لا هل القرايا و السواد و المؤمنين اذا اجتمع العدد الذي تنعقد بهم أن يصلوا الجمعة؟ قلنا ذلك مأذون فيه مرغب فيه فجري ذلك مجري أن ينصب الامام من يصلي بهم و أيضا عليه اجماع الفرقة فانهم لا يختلفون ان من شرط الجمعة الامام أوامره الي أن قال: و أيضا فانه اجماع فان من عهد النّبيّ صلي اللّه عليه و آله الي وقتنا هذا ما اقام الجمعة الا الخلفاء و الامراء و من ولي الصلاة فعلم ان ذلك اجماع اهل الاعصار و لو انعقدت بالرعية لصلوها كذلك «1».

و عنه في النهاية: الاجتماع في صلاة الجمعة فريضة اذا حصلت شرائطها و من شرائطها أن يكون هناك امام عادل أو من نصبه الامام للصلاة بالناس.

و قال أيضا: و لا بأس ان يجتمع المؤمنون في زمن التقية بحيث لا ضرر عليهم فيصلوا الجمعة بخطبتين.

و قال أيضا في باب الامر بالمعروف منها: و يجوز لفقهاء اهل الحق أن يجمعوا بالناس في الصلوات كلها و صلاة الجمعة و العيدين و يخطبوا الخطبتين و يصلوا بهم صلاة الكسوف ما لم يخافوا في ذلك ضررا.

و عنه في مبسوطه: فاما الشروط الراجعة الي صحة الانعقاد فاربعة: السلطان

______________________________

(1) الخلاف ج 1 ص 248 مسألة 43 من كتاب صلاة الجمعة.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 24

______________________________

العادل أو من يأمره السلطان،

و العدد.

و قال ابن ادريس في السرائر: و الذي يقوي عندي صحة ما ذهب اليه في مسائل خلافه و خلاف ما ذهب اليه في نهايته للأدلة التي ذكرها من اجماع اهل الاعصار و أيضا فان عندنا- بلا خلاف بين اصحابنا- ان من شرط انعقاد الجمعة الامام أو من نصبه الامام للصلاة «1».

و عن المفيد في المقنعة: ان لفقهاء الشيعة أن يجمعوا باخوانهم في الصلوات الخمس و صلوات الاعياد و الاستسقاء و الخسوف و الكسوف اذا تمكنوا من ذلك و أمنوا فيه معرفة اهل الفساد لهم.

و عن سلار في المراسم: ان صلاة الجمعة فرض مع حضور الامام الاصل أو من يقوم مقامه.

و في باب الامر بالمعروف افتي: بأنه ليس لفقهاء الشيعة صلاة الجمعة.

و عن المختلف: عن السيد انه لا جمعة الا مع امام عادل أو من نصبه.

و هؤلاء الاعلام- مع قربهم بعصر المعصوم عليه السلام- افتوا باشتراط الوجوب بوجود الامام العادل أو من نصبه مع ان هذه الروايات بايديهم و بمنظر منهم فلو كانت صلاة الجمعة واجبة بحيث تكون فريضة كسائر الفرائض كيف يمكن أن يدعي هؤلاء الاكابر الاجماع علي عدم جواز اقامتها أو عدم صحتها و هل يمكن أن يبقي وجوب هذه الفريضة مخفيا بحيث يدعي الاجماع علي عدم الوجوب و الحال أن السيرة مستمرة و لو كان لبان و لم يكن قابلا لان يبقي في حال الخفاء.

ان قلت: انه يمكن انهم استفاد و امن الروايات عدم الوجوب و فهمهم ليس حجة لنا.

قلت: ليس في كلماتهم الاستدلال بالروايات مضافا الي أنه لو كانت واجبة

______________________________

(1) السرائر ص 66

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 25

______________________________

تعيينا لم يكن مجال للاستدلال بالرواية.

و صفوة كلا منافي المقام: انه لا يمكن أن

يخفي الفرائض الاولية التي تعم البلوي و في الاهمية في الدرجة الاولي علي مثل الشيخ الطوسي الذي مقامه في الفضل و التقوي أظهر من الشمس و مع قربه بعصر المعصوم- فانه لو كانت واجبة لكان الشيعة في عصر العسكري عليه السلام عالمين به و هكذا في عصر الغيبة الصغري.

ان قلت لعل التقية اوجبت خفاء الامر. قلت: يظهر من رواية زرارة «1» و امثالها أن الأئمة كانوا يحثون الشيعة علي اقامة الجمعة.

و ملخص الكلام: ان صلاة الجمعة في اعصار الائمة عليهم السلام اما كانت واجبة بلا بدل و اما لم تكن كذلك فان قلت بالثاني يحصل المدعي و ان اخترت الاول فنسأل كيف يمكن أن يكون امرا و حكما من الشريعة مخفيا لمثل المفيد و السيد و الشيخ و امثالهم بحيث يدعي الشيخ الاجماع علي الخلاف و لما ذا لم تصر هذه المسألة كمسألة العول و التعصيب و المتعة و أمثالها.

و يؤيد المدعي بل يدل عليه ما رواه عبد الملك «2» و أيضا: ان الظاهر ان وزان صلاة الجمعة و حكمها حكم صلاة العيدين و هما من مناصب الامام عليه السلام أو من يعينه.

و الدليل عليه ما ورد في الصحيفة السجادية في دعاء يوم الجمعة و ثاني العيدين من قوله عليه السلام اللهم ان هذا المقام لخلفائك و أصفيائك و مواضع امنائك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها قد ابتزوها و انت المقدر لذلك «3».

______________________________

(1) تقدم في ص: 17

(2) لاحظ ص: 17

(3) الصحيفة السجادية دعائه عليه السلام في الاضحي و الجمعة: 48

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 26

______________________________

و لا اشكال فيه من حيث الدلالة حيث انه عليه السلام كان يقرأه في يومي الاضحي و الجمعة فيعلم ان

المقصود أن اقامة الصلاة مختصة بمقام الخلافة أما من حيث السند فربما يدعي فيه التواتر.

و يؤيد المدعي أيضا عدة روايات: الاولي ما في دعائم الإسلام عن علي عليه السلام انه قال: لا يصلح الحكم و لا الحدود و لا الجمعة الا بامام «1».

الثانية: و بهذا الاسناد ان عليا عليه السلام سئل عن الامام يهرب و لا يخلف أحدا يصلي بالناس كيف يصلون الجمعة؟ قال: يصلون كصلاتهم أربع ركعات «2».

الثالثة: ما عن دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عليهما السلام انه قال:

لا جمعة الا مع امام عدل تقي و عن علي عليه السلام انه قال: لا يصح الحكم و لا الحدود و لا الجمعة الا بامام عدل «3».

الرابعة: ما عن جعفر بن احمد القمي في كتاب العروس عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: صلاة يوم الجمعة فريضة و الاجتماع اليها فريضة مع الامام «4».

الخامسة: المروي عن الاشعثيات: ان الجمعة و الحكومة لإمام المسلمين «5».

السادسة: ما عن رسالة ابن عصفور: ان الجمعة لنا و الجماعة لشيعتنا «6».

السابعة: ما رواه طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال:

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) التنقيح ج 1 من الصلاة ص: 51

(6) نفس المصدر

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 27

______________________________

لا جمعة الا في مصر تقام فيه الحدود «1».

فانقدح بما ذكر انه لا يمكن الالتزام بالوجوب التعييني فهل الصحيح هو القول الثاني و هو القول بالتحريم أو الحق هو القول الثالث و هو القول بالتخيير فنقول: ما استدل به لإثبات القول الثاني امور:

منها الاجماع: و يرد عليه اولا انه ادعي

في المقام ان وجوبها ثابت تخييرا و معه كيف يمكن أن يقال بأنه اجماعي و ثانيا: انه محتمل المدرك فليس اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم.

و منها ان السيرة: جارية من عصر النبي صلي اللّه عليه و آله الي زمان الائمة عليهم السلام ان صلاة الجمعة كانت تقام بالوالي او بمن يعينه.

و يرد عليه اولا: انه لا طريق لنا الي كشف هذا الامر و ان الجمعة ما كانت تقام الا كذلك. و ثانيا يظهر من جملة من الروايات ان الامام عليه السلام كان يحث مثل زرارة و عبد الملك علي اقامة الجمعة عندهم. و ثالثا انه علي فرض تمامية هذا الامر لا دليل علي كون الامر كذلك في زمان الغيبه فالمرجع الادلة.

و منها انه لو لم تكن منصبا خاصا لشخص خاص فربما يوجب الفتنة و الجدال و الشارع لا يرضي بهذا الامر.

و يرد عليه اولا ان هذا المحذور يندفع بالقول بالوجوب التخييري. و ثانيا ان الحكم الشرعي لا يتبع شهوات الناس فانه علي هذا الفرض يجب علي عامة المكلفين ان يقتدوا بامام واجد للشرائط فمن لا يكون واجدا للشرائط لا يجوز الاقتداء به و من يكون واجدا يرعي الموازين الشرعية و لو كان ما ذكر من الاشكال موجبا لعدم الجعل لكان جعل الجماعة أيضا فيه المحذور المذكور غاية الامر بدرجة

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 28

______________________________

نازلة نعم لو لم يكن في امام الجمعة شرط من العدالة و غيرها لكان لهذا الكلام مجال.

و منها ما رواه سماعة «1» فانه يدل علي كون الجمعة لا تنعقد الا مع الامام. اقول: الذي يستفاد من هذه الرواية ان الجمعة

واجبة فيما يكون امام يخطب و بعبارة اخري ان هذه الرواية من ادلة وجوب الجمعة بنحو التعيين و لا يستفاد منها اختصاص اقامة الجمعة بزمان الحضور.

و بعبارة اوضح ليس المراد من الامام امام المعصوم عليه السلام بل المراد منه امام الجماعة بشرط كونه خطيبا و ان ابيت عن ذلك و قلت ان المراد منه هو امام المسلمين نقول: نرفع اليد عنها بما دل علي مشروعية الجمعة مطلقا كالروايات الدالة علي الوجوب علي نحو الاطلاق و بخصوص ما دل علي جواز اقامتها من روايتي زرارة و عبد الملك.

و منها ما تقدم من الروايات الدالة علي اختصاص هذا المقام بامام المعصوم و من دعاء الصحيفة السجادية.

و فيه ان الروايات ضعيفة سندا و اما دعاء الصحيفة فانما يدل علي أن هذا المقام مقام الامام و لو كنا نحن و هذا الدعاء لم يكن دليل علي جواز اقامتها في زمان الغيبة لكن مقتضي الجمع بين الروايات ان اقامتها جائزة لغيره أيضا فان المستفاد من الروايات عموما و من رواية زرارة و عبد الملك خصوصا جواز الاقامة لغيره عليه السلام نعم التصدي لإقامتها بعنوان الرئاسة الدينية الالهية مختص بساحة قدسه ارواحنا لتراب مقدمه الفداء.

و منها ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال: انما صارت صلاة

______________________________

(1) تقدم في ص 19

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 29

______________________________

الجمعة اذا كان مع الامام ركعتين و اذا كان بغير امام ركعتين و ركعتين لان الناس يتخطون الي الجمعة من بعد فاحب اللّه عز و جل أن يخفف عنهم لموضع التعب الذي صاروا اليه و لان الامام يحبسهم للخطبة و هم منتظرون للصلاة و من انتظر الصلاة فهو في الصلاة في حكم التمام و

لان الصلاة مع الامام أتم و أكمل لعلمه و فقهه و فضله و عدله و لان الجمعة عيد و صلاة العيد ركعتان و لم تقصر لمكان الخطبتين «1».

و قال: انما جعلت الخطبة يوم الجمعة لان الجمعة مشهد عام فاراد أن يكون للأمير سبب الي موعظتهم و ترغيبهم في الطاعة و ترهيبهم من المعصية و توقيفهم علي ما اراد من مصلحة دينهم و دنياهم و يخبرهم بما ورد عليهم من الآفاق (و) من الاهوال التي لهم فيها المضرة و المنفعة و لا يكون الصابر في الصلاة منفصلا و ليس بفاعل غيره ممن يؤم الناس في غير يوم الجمعة «2».

بتقريب انه يستفاد من هذين الخبرين ان امام الجمعة لا بد أن يكون عالما عارفا و يكون له خصال لا تحصل الا في امام صالح للإمامة و لذا صرح في الرواية الثانية بأن الامام في صلاة الجمعة غير امام الجماعة.

و فيه: ان السند مخدوش مضافا الي أن الامور المذكورة بعنوان الحكمة لا العلة و لذا يكفي أقلّ الخطبة.

و منها: انه لو كانت صلاة الجمعة واجبة في عصر الغيبة و لم يكن وجوبها مشروطا بوجود الامام لكان اللازم وجوبها علي من بعد عن فرسخين و الحال انه خصص الوجوب بالنسبة اليهم فلا يكون وجه لهذا الاستثناء الا عدم وجود الامام عندهم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 30

______________________________

و فيه: ان المرفوع عنهم الحضور للجمعة لا اصل الوجوب و المشروعية و لذا يجوز أو يجب عليهم الاقامة مع وجود امام يخطب.

و منها: انه قد دلت جملة من الروايات علي أنه

لو اجتمع العيد و الجمعة يجوز للنائي أن لا يبقي لدرك الجمعة و قد اذن له الامام بالترك فيعلم ان هذا حق شخصي للإمام قابل لان يسقطه.

فمن تلك الروايات ما رواه الحلبي انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفطر و الاضحي اذا اجتمعا في يوم الجمعة فقال: اجتمعا في زمان علي عليه السلام فقال: من شاء أن يأتي الجمعة فليأت و من قعد فلا يضره و ليصل الظهر و خطب خطبتين جمع فيهما خطبة العيد و خطبة الجمعة «1».

و منها ما رواه سلمة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اجتمع عيدان علي عهد امير المؤمنين عليه السلام فخطب الناس فقال: هذا يوم اجتمع فيه عيدان فمن احب أن يجمع معنا فليفعل و من لم يفعل فان له رخصة يعني من كان متنحيا «2».

و فيه: ان غاية ما يستفاد من هذه الروايات ان الامام يجوز له الاذن في ترك الجمعة في الفرض المذكور و ليس فيها دلالة علي عدم مشروعية صلاة الجمعة في زمان الغيبة كما هو المدعي هذا اولا.

و ثانيا ان ما يستفاد منه ان للإمام الاذن في الترك رواية واحدة و هي ما رواه اسحاق بن عمار عن جعفر عن ابيه ان علي بن ابي طالب عليه السلام كان يقول:

اذا اجتمع عيدان للناس في يوم واحد فانه ينبغي للإمام أن يقول للناس في الخطبة

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب صلاة العيد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 31

______________________________

الاولي: انه قد اجتمع لكم عيدان فانا أصليهما جميعا فمن كان مكانه قاصيا فاحب ان ينصرف عن الاخر فقد اذنت له «1».

و قد رويت بسندين

في احد السندين غياث بن كلوب و هو لم يوثق و في ثانيهما محمد بن الفضيل و قيل انه مشترك بين الثقة و غير الثقة.

مضافا الي أنه لو كان حقا شخصيا لكان مقتضي القاعدة ترخيصه عليه السلام في غير المورد و لم يسمع.

فانقدح ان هذه الوجوه لم تصلح لإثبات المدعي.

فلنرجع الي ما كنا فيه و نقول مضافا الي ما بيناه انه نقل صاحب الحدائق عن الشهيد انه قال ما حاصله: ان الادلة علي الوجوب التعييني و ان كانت تامه لكن لا يمكن الالتزام بمفادها لان عمل الطائفة علي عدم الوجوب العيني في سائر الاعصار و الامصار و اتفقت آرائهم علي أن شرط الوجوب حضور السلطان العادل أو من يكون مأذونا من قبله «2».

و ملخص الكلام ان الادلة بحسب الكتاب و السنة تامة و ليس هذا الحكم خلاف التقية كي يخفي لهذه الجهة فمن عدم ظهور هذا الحكم و وقوع الخلاف فيه نكشف انها لا تكون واجبة عينا.

و أيضا لا يمكن الاستدلال بخبر عبد الملك حيث يسئل الامام ما يصنع؟ فاجابه باقامة الجمعة عندهم فلو كانت صلاة الجمعة واجبة عينا لم يكن وجه لتركه و لم يكن مورد لسؤاله بأنه كيف يصنع؟.

ان قلت لعل تركه كان عن تقية قلت: فما الوجه في سؤاله و أيضا لم يكن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الحدائق ج 9 ص 420- 421

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 32

______________________________

مجال لمقالة الامام اذ العمل بالتقية وظيفة شرعية و المستفاد من الخبران عبد الملك كان تاركا للجمعة تركا باتا.

و أيضا يدل علي عدم الوجوب ما رواه الشيخ في مصباحه و الصدوق في اماليه عنه عليه السلام قال: اني احب للرجل أن لا يخرج من الدنيا

حتي يتمتع و لو مرة و يصلي الجمعة و لو مرة «1».

و صرح الشهيد الثاني- علي ما نقل عنه- انه اهمل هذا الفرض و استمرت السيرة من زمان الائمة عليهم السلام علي عدم اقامتها عند الشيعة و لذلك حثهم الامام علي فعلها و اثبات الوجوب التخييري لا سبيل اليه هذا ملخص كلامه رفع مقامه.

اقول: هل يمكن الالتزام بأن فقهاء الشيعة باجمعهم تركوا هذه الفريضة المقدسة؟ فمن سيرتهم نكشف انها لا تكون واجبة عينا.

اذا عرفت ما تقدم من عدم الوجوب العيني و من عدم الحرمة تكون النتيجة هو الوجوب التخييري بتقريب ان الادلة لإثبات الوجوب تامة و انما نرفع اليد عنها لهذه الوجوه فنقول: لا شبهة في كونها مجزئة و نقول بأنه يجوز تركها و من الظاهر أنّه ليس لجواز تركها معني الا الاتيان بالظهر و لنا أن نقرب الوجوب التخييري برواية عبد الملك «2» بتقريب ان المستفاد منها انه يجوز ترك الجمعة و الاتيان بالظهر كما كان عبد الملك يتركها و يجوز الاتيان بالجمعة بدلا عن الظهر كما أن الامام كان يشوق عبد الملك بالاتيان بها ما دام لم يهلك و أيضا الصادق عليه السلام كان يحث زرارة علي اقامتها فلا شبهة في الوجوب التخييري.

______________________________

(1) الحدائق ج 9 ص 412

(2) لاحظ ص: 17

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 33

______________________________

(1) (ما هو مقتضي الاصل عند الشك؟) فنقول: لو لم يمكن أن يستفاد حكم الجمعة من الادلة فتارة نلتزم بوجود اطلاق يقتضي وجوب الظهر يوم الجمعة كبقية الايام- كما هو كذلك- لاحظ الباب 13 من ابواب اعداد الفرائض و نوافلها من الوسائل و اخري لا نلتزم به و نقول:

ليس في المقام ما يدل علي وجوب الظهر أيضا اما

علي الاول فلا بد من الالتزام بوجوب الظهر لاحظ النصوص المذكورة في الباب 2/ 3/ 6 من ابواب اعداد الفرائض و نوافلها في الوسائل.

فانه يثبت بهذه النصوص ان الواجب في يوم الجمعة هو الظهر كبقية الايام و اما علي الثاني فللشك صور:

الاولي: ان نشك في ان صلاة الجمعة في يوم الجمعة واجبة وجوبا تعيينا بعد العلم بالمشروعية و في هذه الصورة تجري البراءة عن الزائد اذ مرجع هذا الشك الي الشك في الزيادة فانا نعلم بوجوب الجامع و نشك في التعين و في مثله المرجع هي البراءة و النتيجة التخيير.

الثانية: أن نقطع بعدم تعين الجمعة لكن الامر دائر بين تعين الظهر و التخيير بينهما و في هذه الصورة أيضا مقتضي القاعدة البراءة عن الاكثر كما هو الميزان في الشك بين الاقل و الاكثر.

الثالثة: أن نعلم بتعلق الامر بالجامع و نحتمل وجوب كل منهما بنحو التعين و المرجع أيضا هي البراءة.

الرابعة: أن نعلم بتعلق الامر بالجامع لكن نعلم بأن الواجب احدهما بنحو التعين و بعبارة اخري نعلم علما اجماليا بوجوب احداهما و فيه لا بد من الاحتياط

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 34

و صلاة الطواف (1) و الآيات (2) و الاموات (3) و ما التزم بنذر أو نحوه أو اجارة (4) و قضاء ما فات عن الوالد بالنسبة الي الولد الاكبر (5) أما اليومية فخمس: الصبح ركعتان و الظهر أربع و العصر أربع و المغرب ثلاث و العشاء أربع و في السفر (6).

______________________________

بالجمع بين الصلاتين لاقتضاء العلم الإجمالي بناء علي تنجزه بالنسبة الي جميع الاطراف.

ثم ان سيدنا الاستاد افاد في المقام بأن هذا كله مع قطع النطر عن استصحاب وجوب الجمعة علي مسلك المشهور من جريان الاستصحاب

في الحكم الكلي و اما علي ذلك المسلك فلو قلنا بأن المتعين قبل عصر الغيبة وجوب الجمعة فبمقتضي الاستصحاب يثبت وجوبها في عصر الغيبة أيضا «1».

و يرد عليه: أن بقاء الموضوع شرط في جريان الاستصحاب و حيث انه يحتمل ان الموضوع للوجوب قبل عصر الغيبة هو زمان الحضور فلا طريق الي جريان الاستصحاب هذا تمام الكلام في صلاة الجمعة من حيث الدليل الاجتهادي و مفاد الاصل العملي فلنرجع الي ما كنا فيه و هو البحث عن بقية الصلوات اليومية.

(1) و قد تعرضنا لها و لأحكامها في كتابنا مصباح الناسك في شرح المناسك.

(2) التعرض لوجوبها و لخصوصيتها موكول الي محله.

(3) قد مر الكلام فيها و أحكامها تبعا للماتن في كتاب الطهارة من هذا الشرح فراجع.

(4) اذ يجب الوفاء بالنذر و شبهه كما أنه يجب الوفاء بمورد الاجارة.

(5) و يقع الكلام فيها إن شاء اللّه تعالي في بحث صلاة القضاء.

(6) اجماعا منقولا و محصلا بل ضرورة من دين الامامية مضافا الي النصوص

______________________________

(1) التنقيح ج 1 من الصلاة ص: 58

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 35

و الخوف (1) تقصر الرباعية فتكون ركعتين

______________________________

المتواترة.

منها: ما رواه فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في حديث: ان اللّه عز و جل فرض الصلاة ركعتين ركعتين عشر ركعات فأضاف رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الي الركعتين ركعتين و الي المغرب ركعة فصارت عديل الفريضة لا يجوز تركهن الا في سفر و أفرد الركعة في المغرب فتركها قائمة في السفر و الحضر فاجاز اللّه له ذلك كله فصارت الفريضة سبع عشرة ركعة ثم سن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله النوافل أربعا و ثلاثين ركعة مثلي الفريضة

فأجاز اللّه عز و جل له ذلك و الفريضة و النافلة احدي و خمسون ركعة منها ركعتان بعد العتمه جالسا تعد بركعة مكان الوتر الي أن قال: و لم يرخص رسول اللّه لأحد تقصير الركعتين اللتين ضمهما الي ما فرض اللّه عز و جل بل ألزمهم ذلك الزاما واجبا و لم يرخص لأحد في شي ء من ذلك الا للمسافر و ليس لا حد أن يرخص ما لم يرخصه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فوافق أمر رسول اللّه أمر اللّه و نهيه نهي اللّه و وجب علي العباد التسليم له كالتسليم للّه «1».

(1) قال في الحدائق: «لا خلاف بين الاصحاب في وجوب التقصير في صلاة الخوف اذا وقعت سفرا و انما الخلاف في ما اذا وقعت حضرا فنقل عن الاكثر و منهم المرتضي و الشيخ في الخلاف و ابن الجنيد و ابن أبي عقيل و ابن السراج و ابن ادريس انهم ذهبوا الي وجوب التقصير سفرا و حضرا جماعة و فرادي الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و يمكن الاستدلال علي كون صلاة الخوف مقصورة بما رواه زرارة عن أبي

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 36

[و أما النوافل فكثيرة]
اشارة

و أما النوافل فكثيرة أهمها الرواتب اليومية (1).

______________________________

جعفر عليه السلام قال: قلت له صلاة الخوف و صلاة السفر تقصران جميعا؟ قال:

نعم و صلاة الخوف أحق أن تقصر من صلاة السفر لان فيها خوفا «1».

و دلالة هذه الرواية علي المدعي غير قابلة للإنكار و لا مجال للمناقشة فيها بكون المراد من القصر فيها القصر في حدودها فان مثل هذه المناقشات يسد باب الاستنباط و تفصيل هذه المسألة مع بيان

فروعها موكول الي ذلك الباب.

(1) نقل عن جماعة التصريح به و عن الجواهر: انه لا ريب فيه و عن كلام بعض انه من المسلمات و أفاد سيد المستمسك: «بأن في كفاية هذا المقدار لو لا الاجماع تأملا».

و يرد عليه: انه لو لم يفد المطلوب هذا المقدار من الاقوال مضافا الي الروايات التي أشار اليها فكيف يفيد الاجماع و الحال انه لو فرض تحقق اجماع في المقام لا يفيد حيث انه يحتمل كونه مستندا الي هذه الروايات و الاقوال.

و كيف كان فلا يبعد أن يستفاد المدعي من مجموع الروايات الواردة في الابواب المختلفة لاحظ ما رواه معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: كان في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام أن قال: يا علي أوصيك في نفسك بخصال فاحفظها عني ثم قال: اللهم أعنه الي أن قال:

و السادسة الاخذ بسنتي في صلاتي و صومي و صدقتي أما الصلاة فالخمسون ركعة الحديث «2».

فانه يستفاد من هذه الوصية المذكورة أن النوافل من الفرائض و لا حظ ما رواه حنان قال: سأل عمرو بن حريث أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا جالس فقال له:

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الخوف الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 37

______________________________

جعلت فداك أخبرني عن صلاة رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقال: كان النبي صلي اللّه عليه و آله يصلي ثمان ركعات: الزوال و أربعا الاولي و ثمانيا (ثماني) بعدها و أربعا العصر و ثلاثا المغرب و أربعا بعد المغرب و العشاء الآخرة أربعا و ثمان (ثماني) صلاة الليل و

ثلاثا الوتر و ركعتي الفجر و صلاة الغداة ركعتين قلت: جعلت فداك و ان كنت أقوي علي أكثر من هذا يعذبني اللّه علي كثرة الصلاة فقال: لا، و لكن يعذب علي ترك السنة «1» فانه يدل علي عذاب التارك.

و ما رواه أبو بصير قال: قال الصادق عليه السلام: شيعتنا أهل الورع و الاجتهاد و أهل الوفاء و الامانة و أهل الزهد و العبادة و أصحاب الاحدي و خمسين ركعة في اليوم و الليلة القائمون بالليل الصائمون بالنهار يزكون أموالهم و يحجون البيت و يجتنبون كل محرم «2».

و ما رواه محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام في قوله تعالي:

«وَ الَّذِينَ هُمْ عَليٰ صَلٰاتِهِمْ يُحٰافِظُونَ» قال: أولئك أصحاب الخمسين صلاة من شيعتنا «3».

و ما رواه الشيخ في المصباح عن العسكري عليه السلام قال: علامات المؤمن خمس وعد منها صلاة الاحدي و خمسين «4».

و لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: اني رجل تاجر اختلف و أتجر فكيف لي بالزوال و المحافظة علي صلاة الزوال؟ و كم نصلي؟

قال: تصلي ثمان ركعات اذا زالت الشمس و ركعتين بعد الظهر و ركعتين قبل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 26

(3) نفس المصدر الحديث: 28

(4) نفس المصدر الحديث: 29

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 38

______________________________

العصر فهذه اثنتا عشرة ركعة و تصلي بعد المغرب ركعتين و بعد ما ينتصف الليل ثلاث عشرة ركعة منها الوتر و منها ركعتا الفجر و ذلك سبع و عشرون ركعة سوي الفريضة و انما هذا كله تطوع و ليس بمفروض ان تارك الفريضة كافر و ان تارك هذا ليس بكافر و لكنها معصية لأنه يستحب اذا عمل الرجل عملا من الخير أن

يدوم عليه «1».

و ما رواه يحيي بن حبيب قال: سألت الرضا عليه السلام عن أفضل ما يتقرب به العباد الي اللّه من الصلاة قال: ستة و أربعون ركعة فرائضه و نوافله قلت: هذه رواية زرارة قال: أو تري أحدا كان أصدع بالحق منه «2».

و لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا ما أدي الرجل صلاة واحدة تامة قبلت جميع صلاته و ان كن غير تامات و ان أفسدها كلها لم يقبل منه شي ء منها و لم تحسب له نافلة و لا فريضة و انما تقبل النافلة بعد قبول الفريضة و اذا لم يؤد الرجل الفريضة لم تقبل منه النافلة و انما جعلت النافلة ليتم بها ما أفسده من الفريضة «3».

و لاحظ ما رواه الفضيل قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللّه عز و جل: الَّذِينَ هُمْ عَليٰ صَلٰاتِهِمْ يُحٰافِظُونَ قال: هي الفريضة قلت: الَّذِينَ هُمْ عَليٰ صَلٰاتِهِمْ دٰائِمُونَ قال: هي النافلة «4».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان عمار

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 5.

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب اعداد الفرائض الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 17 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 39

______________________________

الساباطي روي عنك رواية قال: و ما هي؟ قلت: روي أن السنة فريضة فقال:

أين يذهب أين يذهب؟ ليس هكذا حدثته انما قلت له: من صلي فأقبل علي صلاته لم يحدث نفسه فيها أو لم يسه فيها أقبل اللّه عليه ما أقبل عليها فربما رفع نصفها أو ربعها أو ثلثها أو خمسها و انما امرنا

بالسنة ليكمل بها ما ذهب من المكتوبة «1».

و ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان العبد ليرفع له من صلاته نصفها أو ثلثها أو ربعها أو خمسها فما يرفع له الا ما أقبل عليه منها بقلبه و انما امرنا بالنافلة ليتم لهم بها ما نقصوا من الفريضة «2».

و ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: يا با محمد ان العبد يرفع له ثلث صلاته و نصفها و ثلاثة أرباعها و أقل و اكثر علي قدر سهوه فيها لكنه يتم له من النوافل قال: فقال له أبو بصير: ما أري النوافل ينبغي أن تترك علي حالة فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: أجل لا «3».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان العبد يقوم فيصلي النافلة فيعجب الرب ملائكته منه فيقول: يا ملائكتي عبدي يقضي ما لم افترض عليه «4».

و ما رواه أبان بن تغلب عن أبي جعفر في حديث ان اللّه جل جلاله قال:

ما يقرب إلي عبد من عبادي بشي ء احب إلي مما افترضت عليه و انه ليتقرب إلي بالنافلة حتي احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و لسانه الذي ينطق به و يده التي يبطش بها ان دعاني اجبته و ان سألني أعطيته «5»

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 40

______________________________

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: «آنٰاءَ اللَّيْلِ سٰاجِداً وَ قٰائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ»

قال: يعني صلاة الليل قال: قلت له:

«وَ أَطْرٰافَ النَّهٰارِ لَعَلَّكَ تَرْضيٰ» قال: يعني تطوع بالنهار قال: قلت له: «وَ إِدْبٰارَ النُّجُومِ» قال: ركعتان قبل الصبح قلت: «وَ أَدْبٰارَ السُّجُودِ» قال: ركعتان بعد المغرب «1».

و ما رواه أبو بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كل سهو في الصلاة يطرح منها غير أن اللّه يتم بالنوافل «2».

و ما رواه موسي بن بكر عن أبي الحسن عليه السلام قال: صلاة النوافل قربان كل مؤمن «3».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: انما جعلت النافلة ليتم بها ما يفسد من الفريضة «4».

و ما رواه أبو بكر قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: أ تدري لأي شي ء وضع التطوع؟ قلت: ما ادري جعلت فداك قال انه تطوع لكم و نافلة للأنبياء و تدري لم وضع التطوع؟ قلت: لا أدري جعلت فداك قال: لأنه ان كان في الفريضة نقصان قضيت النافلة علي الفريضة حتي تتم ان اللّه عز و جل يقول لنبيه صلي اللّه عليه و آله:

و من الليل فتهجد به نافلة لك «5».

و ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: يرفع للرجل من الصلاة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 10

(5) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 41

ثمان للظهر قبلها و ثمان بعدها قبل العصر للعصر (1) و أربع بعد المغرب لها (2) و ركعتان من جلوس

______________________________

ربعها أو ثمنها أو نصفها أو أكثر بقدر ماسها و لكن اللّه تعالي يتم ذلك بالنوافل «1».

و لاحظ الروايات الواردة في الباب 18 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها من الوسائل.

و في دلالة

أخبار هذا الباب تأمل اذ يمكن أن يكون المراد بالنافلة فيها مطلق النوافل لا خصوص اليومية.

و ما رواه سعد بن أبي عمرو الجلاب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ركعتي الفجر تفوتني أ فأصيلها؟ قال: نعم قلت: لم؟ فريضة؟ قال: رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله سنها فما سنها رسول اللّه فهو فرض «2».

و لاحظ الروايات الواردة في الباب 29 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها من الوسائل.

و لعل هذا المقدار من الروايات مضافا الي ما سمعت من أقوال الاعلام يكفي لإثبات المطلوب و الاحتياط يقتضي عدم الجزم في مقام الفتوي.

(1) لاحظ ما رواه حماد بن عثمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صلاة رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بالنهار فقال و من يطيق ذلك ثم قال: و لكن ألا اخبرك كيف أصنع أنا؟ فقلت: بلي فقال: ثماني ركعات قبل الظهر و ثمان بعدها قلت: فالمغرب؟ قال: أربع بعدها قلت فالعتمة قال: كان رسول اللّه صلي اللّه صلي اللّه عليه و آله يصلي العتمة ثم ينام و قال بيده هكذا فحركها قال ابن أبي عمير ثم وصف كما ذكر أصحابنا «3».

(2) لاحظ ما رواه الحارث بن المغيرة النصري قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 33 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 42

تعد ان بركعة بعد العشاء لها (1) و ثمان صلاة الليل و ركعتا الشفع بعدها و ركعة الوتر بعدها و ركعتا الفجر قبل الفريضة (2).

______________________________

السلام يقول: صلاة النهارست عشرة ركعة ثمان اذا زالت الشمس و

ثمان بعد الظهر و أربع ركعات بعد المغرب يا حارث لا تدعهن في سفر و لا حضر و ركعتان بعد عشاء الآخرة كان أبي يصليهما و هو قاعد و أنا أصيلهما و أنا قائم و كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يصلي ثلاث عشرة ركعة من الليل «1».

و لاحظ ما رواه حنان بن سدير «2».

(1) لاحظ ما رواه فضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الفريضة و النافلة احدي و خمسون ركعة منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعدان بركعة و هو قائم الفريضة منها سبع عشرة و النافلة أربع و ثلاثون ركعة «3».

(2) لاحظ ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صلاة النافلة ثمان ركعات حين تزول الشمس قبل الظهر و ست ركعات بعد الظهر و ركعتان قبل العصر و أربع ركعات بعد المغرب و ركعتان بعد العشاء الآخرة يقرأ فيهما مأئة آية قائما أو قاعدا و القيام أفضل و لا تعد هما من الخمسين و ثمان ركعات من آخر الليل تقرأ في صلاة الليل قل هو اللّه احد و قل يا أيها الكافرون في الركعتين الاوليين و تقرأ في سائرها ما أحببت من القرآن ثم الوتر ثلاث ركعات تقرأ فيهما (فيها) جميعا قل هو اللّه أحد و تفصل بينهن بتسليم ثم الركعتان اللتان قبل الفجر تقرأ في الاول منهما قل يا أيها الكافرون و في الثانية قل هو اللّه أحد «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) لاحظ ص: 36

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 43

و في يوم الجمعة يزاد علي الست

عشرة أربع ركعات قبل الزوال (1).

______________________________

(1) هذا هو المشهور فيما بين القوم و قال في الحدائق: «فالمشهور انها عشرون ركعة و قال ابن الجنيد انها اثنتان و عشرون ركعة و قال الصدوقان زيادة الاربع ركعات للتفريق فان قدمت النوافل و اخرتها فهي ست عشرة ركعة» «1» انتهي.

فالاقوال في المقام مختلفة و مجموعها أربعة: الاول: القول بأنها عشرون الثاني: القول بأنها اثنتان و عشرون الثالث: القول بأنها ست عشرة ركعة مع الجمع في وقت واحد الرابع: القول: بأنها مع التفريق يصلي عشرين.

و المنشأ في هذا الاختلاف اختلاف النصوص الواردة في الباب فالحري بنا أن تذكر الاخبار أولا ثم النظر فيها و ما يستفاد منها فمما يدل علي القول الاول ما رواه يعقوب بن يقطين عن العبد الصالح عليه السلام قال: سألته عن التطوع في يوم الجمعة قال: اذا اردت أن تطوع في يوم الجمعة في غير سفر صليت ست ركعات ارتفاع النهار و ست ركعات قبل نصف النهار و ركعتين اذا زالت الشمس قبل الجمعة و ست ركعات بعد الجمعة «2» و السند معتبر.

و ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن التطوع يوم الجمعة قال: ست ركعات في صدر النهار و ست ركعات قبل الزوال و ركعتان اذا زالت و ست ركعات بعد الجمعة فذلك عشرون ركعة سوي الفريضة «3».

______________________________

(1) الحدائق ج 10 ص: 184

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 10

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 44

______________________________

و هذه الرواية رواها ابن أبي نصر تارة بلا واسطة و اخري بواسطة محمد بن عبد اللّه و سندها معتبر اذا لم يكن واسطة

بين البزنطي و الامام عليه السلام و لا يكون معتبرا اذا كان مع الواسطة لكن الذي يهون الخطب انها موافقة في المضمون مع رواية يعقوب بن يقطين.

و ما رواه أيضا قال: قال أبو الحسن عليه السلام: الصلاة النافلة يوم الجمعة ست ركعات بكرة و ست ركعات صدر النهار و ركعتان اذا زالت الشمس ثم صل الفريضة ثم صل بعدها ست ركعات «1».

و لكن السند ليس معتبرا بسهل بن زياد.

و ما رواه مراد بن خارجة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: أما أنا فاذا كان يوم الجمعة و كانت الشمس من المشرق بمقدار ما من المغرب في وقت صلاة العصر صليت ست ركعات فاذا ارتفع (انفتح) النهار صليت ستا فاذا زاغت أو زالت صليت ركعتين ثم صليت الظهر ثم صليت بعدها ستا «2».

و هذه الرواية ضعيفة بمراد بن خارجة.

و ما رواه أبو بصير قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ان قدرت أن تصلي يوم الجمعة عشرين ركعة فافعل ستا بعد طلوع الشمس و ستا قبل الزوال اذا تعالت الشمس و افصل بين كل ركعتين من نوافلك بالتسليم و ركعتين قبل الزوال و ست ركعات بعد الجمعة «3».

و الظاهر ان سند الرواية معتبر.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 18

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 45

______________________________

و ما رواه زريق عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان ربما يقدم عشرين ركعة يوم الجمعة في صدر النهار فاذا كان عند زوال الشمس أذن و جلس جلسة ثم أقام و صلي الظهر الي أن قال: و ربما كان يصلي يوم الجمعة ست ركعات اذا ارتفع النهار و بعد ذلك ست ركعات اخر و كان

اذا ركدت الشمس في السماء قبل الزوال أذن و صلي ركعتين فما يفرغ الا مع الزوال ثم يقيم للصلاة فيصلي الظهر و يصلي بعد الظهر أربع ركعات ثم يؤذن و يصلي ركعتين ثم يقيم فيصلي العصر «1».

و الرواية ضعيفة بزريق.

و أما القول الثاني فيدل عليه ما رواه سعد بن سعد الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الصلاة يوم الجمعة كم ركعة هي قبل الزوال؟

قال: ست ركعات بكرة و ست بعد ذلك اثنتا عشرة ركعة و ست ركعات بعد ذلك ثماني عشرة ركعة و ركعتان بعد الزوال فهذه عشرون ركعة و ركعتان بعد العصر فهذه ثنتان و عشرون ركعة «2» و في السند اشكال بلحاظ البرقي.

و أما القول الثالث فيدل عليه ما رواه سعيد الاعرج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صلاة النافلة يوم الجمعة فقال: ست عشرة ركعة قبل العصر ثم قال: و كان علي عليه السلام يقول: ما زاد فهو خير و قال: ان شاء رجل أن يجعل منها ست ركعات في صدر النهار و ست ركعات في نصف النهار و يصلي الظهر و يصلي معها أربعة ثم يصلي العصر «3».

و ما رواه سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: النافلة يوم الجمعة قال: ست ركعات قبل زوال الشمس و ركعتان عند زوالها و القراءة في الاولي

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة و آدابها الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 46

______________________________

بالجمعة و في الثانية بالمنافقين و بعد الفريضة ثماني ركعات «1».

و أما ما يدل علي القول الرابع فما ورد في

الفقه الرضوي حيث قال: لا تصل يوم الجمعة بعد الزوال غير الفرضين و النوافل قبلهما أو بعدهما … و في نوافل يوم الجمعة زيادة أربع ركعات يتمها عشرين ركعة يجوز تقديمها في صدر النهار و تأخيرها الي بعد صلاة العصر … فان استطعت أن تصلي يوم الجمعة اذا طلعت الشمس ست ركعات و اذا انبسطت ست ركعات و قبل المكتوبة ركعتين و بعد المكتوبة ست ركعات فافعل فان صليت نوافلك كلها يوم الجمعة قبل الزوال أو أخرتها الي بعد المكتوبة اجزأك و هي ست عشرة ركعة و تاخيرها أفضل من تقديمها و اذا زالت الشمس يوم الجمعة فلا تصل الا المكتوبة «2».

اذا عرفت هذا فالمهم الجمع بين الأخبار أفاد صاحب الحدائق قدس سره بأن الظاهر انه ليس الا التخيير و حمل الزائد علي الافضلية.

و فيه: انه ما الوجه في هذا الجمع و أي فرق بين الواجب و المستحب و هل يمكن الالتزام به في الدليلين الدالين علي الواجبين.

و أفاد سيد المستمسك قدس سره: بأن ما دل علي اثنتين و عشرين ركعة مهجور و ما دل علي الست عشر لا ينافي الزائد.

و فيه: ان الاعراض لا يسقط السند عن الاعتبار فلا بد من العلاج.

و أفاد في مصباح الفقيه: بأنه يحتمل أن يكون الوجه في الاختلاف اختلاف جهات الفضل و يكون مبنيا علي التوسعة و التخيير مع ان المقام مقام المسامحة.

و يرد عليه: أيضا: ان الحمل علي الاختلاف في الفضل بأي وجه و ما المراد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) الحدائق ج 10 ص: 188

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 47

______________________________

من المسامحة فانه لا فرق بين الواجب و المستحب من حيث الفتوي و الالتزام و بعبارة اخري: لا بد

للمفتي أن يستند الي مستند و لا يمكن المسامحة في هذا الامر كما هو ظاهر.

و أفاد سيدنا الاستاد: بانه يجوز العمل بجميع الكيفيات الواردة لصحتها و اعتبارها.

و يرد عليه ان صحة الجميع توجب التعارض فما الحيلة و ما الوسيلة فانتظر.

فنقول: الذي يظهر من هذه الروايات هو التعارض اذ كل واحدة منها يدل علي عدد مخصوص و ينفي الاخر و ما اشتهر فيما بين القوم بأنه يرفع اليد عن ظاهر كل من الدليلين بنص الاخر لا يمكن مساعدته فان العرف يري المعارضة في أمثال المقام مضافا الي أن التخيير بين الاقل و الاكثر غير معقول.

الا أن يقال: بأنه حيث يختلف الترتيب المستفاد من هذه الروايات تكون النسبة التباين و بعد البناء علي التعارض لو سلكنا مسلك المشهور في باب العلاج نلتزم بسقوط الكل بالمعارضة فالمرجع الدليل الدال علي أن مجموع الفرائض و النوافل في اليوم واحد و خمسون ركعة فان ذلك الدليل باطلاقه يشمل يوم الجمعة لاحظ ما رواه فضيل بن يسار «1».

و ان لم نسلك مسلك المشهور و التزمنا بأن التأخر من المرجحات- كما قويناه في بحث الاصول في التعادل و الترجيح- نأخذ بما رواه يعقوب بن يقطين «2» و بما رواه البزنطي عن الرضا عليه السلام «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 42

(2) لاحظ ص: 43

(3) لاحظ ص: 43

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 48

و لها آداب مذكورة في محلها مثل كتاب مفتاح الفلاح للمحقق البهائي قدس سره (1).

[مسألة 1: يجوز الاقتصار علي بعض النوافل المذكورة]

(مسألة 1): يجوز الاقتصار علي بعض النوافل المذكورة (2).

______________________________

(1) فراجع.

(2) اذ ليست النوافل المذكورة عبادة واحدة كي لا يجوز تبعيضها و الدليل علي المدعي ظواهر النصوص حسب الفهم العرفي مضافا الي ما ورد في تفضيل بعضها علي البعض الاخر

قال في الحدائق: «الثالثة»: قال الصدوق قدس سره:

أفضل هذه الرواتب ركعتا الفجر ثم ركعة الوتر ثم ركعتا الزوال ثم نافلة المغرب ثم تمام صلاة الليل ثم تمام نوافل النهار قال في المدارك بعد نقل ذلك عنه: و لم نقف له علي دليل يعتد به.

اقول: ستعرف دليله ان شاء اللّه تعالي في المقام و نقل عن ابن أبي عقيل لما عد النوافل و ثماني عشرة ركعة بالليل منها نافلة المغرب و العشاء ثم قال: بعضها اوكد من بعض و اوكدها الصلوات التي تكون بالليل لا رخصة في تركها في سفر و لا حضر و قال في المعتبر: ركعتا الفجر افضل من الوتر ثم نافلة المغرب ثم صلاة الليل و ذكر روايات تدل علي فضل هذه الصلوات.

و قال في الذكري بعد نقلها- و نعم ما قال-: هذه المتمسكات غايتها الفضيلة أما الافضلية فلا دلالة فيها عليها انتهي. و منه يظهر أيضا ما في كلام صاحب المدارك هنا حيث انه قال: أفضل الرواتب صلاة الليل لكثرة ما ورد فيها من الثواب و لقول النبي صلي اللّه عليه و آله في وصيته لعلي عليه السلام: و عليك بصلاة الليل «1» ثلاثا رواه معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام ثم صلاة الزوال لقوله صلي اللّه عليه و آله في الوصية بعد ذلك: و عليك بصلاة الزوال «2» ثلاثا ثم

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 49

كما يجوز الاقتصار في نوافل الليل علي الشفع و الوتر (1).

______________________________

نافلة المغرب لقوله عليه السلام في رواية الحارث بن المغيرة: أربع ركعات

بعد المغرب لا تدعهن في حضر و لا في سفر «1» ثم ركعتا الفجر.

اقول: لم أقف لهذه الاقوال علي مستند من الاخبار زيادة علي ما عرفت سوي ما ذكره في الفقيه فانه مأخوذ من كتاب الفقه الرضوي علي ما عرفت سابقا و ستعرف قال عليه السلام في الكتاب المذكور: و اعلم ان أفضل النوافل ركعتا الفجر و بعدها ركعة الوتر و بعدها ركعتا الزوال و بعدها نوافل المغرب و بعدها صلاة الليل و بعدها نوافل النهار انتهي.

و به يظهر لك مستند الصدوق قدس سره فيما ذكره الا ان الكتاب المذكور لم يصل الي نظر المتأخرين فكثيرا ما يعترضون عليه و علي أبيه في مثل ذلك مما مستنده مثل هذا الكتاب كما تقدم في غير موضع و يأتي أمثاله ان شاء اللّه تعالي «2».

(1) لاحظ ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتابه الي المأمون قال: و الصلاة الفريضة: الظهر أربع ركعات و العصر أربع ركعات و المغرب ثلاث ركعات و العشاء الآخرة أربع ركعات و الغداة ركعتان هذه سبع عشرة ركعة و السنة أربع و ثلاثون ركعة ثمان ركعات قبل فريضة الظهر و ثمان ركعات قبل فريضة العصر و أربع ركعات بعد المغرب و ركعتان من جلوس بعد العتمه تعدان بركعة و ثمان ركعات في السحر و الشفع و الوتر ثلاث ركعات تسلم بعد الركعتين و ركعتا الفجر «3».

و ما رواه رجاء بن أبي الضحاك في حديث قال: كان الرضا عليه السلام اذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

(2) الحدائق ج 6: 37/ 38.

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 23

مباني منهاج الصالحين،

ج 4، ص: 50

______________________________

زالت الشمس جدد وضوئه و قام فصلي ست ركعات الي أن قال: ثم يقوم فيصلي ركعتي الشفع يقرأ في كل ركعة منهما الحمد مرة و قل هو اللّه احد ثلاث مرات و يقنت في الثانية بعد القراءة و قبل الركوع فاذا سلم قام و صلي ركعة الوتر «1».

و ما رواه الاعمش عن جعفر بن محمد عليهما السلام في حديث شرائع الدين قال: و صلاة الفريضة الظهر أربع ركعات و العصر أربع ركعات و المغرب ثلاث ركعات و العشاء الآخرة أربع ركعات و الفجر ركعتان فجملة الصلاة المفروضة سبع عشرة ركعة و السنة أربع و ثلاثون ركعة منها: أربع ركعات بعد المغرب لا تقصير فيها في السفر و الحضر و ركعتان من جلوس بعد العشاء الآخرة تعدان بركعة و ثمان ركعات في السحر و هي صلاة الليل و الشفع ركعتان و الوتر ركعة و ركعتا الفجر بعد الوتر و ثمان ركعات قبل الظهر و ثمان ركعات بعد الظهر قبل العصر و الصلاة تستحب في أول الاوقات «2».

فان المستفاد من هذه النصوص أن الشفع و الوتر ليستا داخلتين في صلاة الليل لكن الاشكال في أسناد النصوص المذكورة فلاحظ.

و لاحظ ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التطوع بالليل و النهار فقال: الذي يستحب أن لا يقصر عنه ثمان ركعات عند زوال الشمس و بعد الظهر ركعتان و قبل العصر ركعتان و بعد المغرب ركعتان و قبل العتمة ركعتان و من (في) السحر ثمان ركعات ثم يوتر و الوتر ثلاث ركعات مفصولة ثم ركعتان قبل صلاة الفجر و احب صلاة الليل اليهم آخر الليل «3».

فان المستفاد من هذا الحديث ان الوتر

عبارة عن تلك الثلاث ركعات و سند

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 24

(2) نفس المصدر الحديث: 25

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 51

و علي الوتر خاصة (1) و في نافلة المغرب علي ركعتين (2).

______________________________

الرواية لا بأس به.

(1) لاحظ ما رواه معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

أما يرضي احدكم أن يقوم قبل الصبح و يوتر و يصلي ركعتي الفجر و يكتب له بصلاة الليل «1».

و لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من كان يؤمن باللّه و اليوم الاخر فلا يبيتن الا بوتر قال: قلت: تعني الركعتين بعد العشاء الآخرة؟

قال: نعم انهما بركعة فمن صلاهما (ها) ثم حدث به حدث مات علي وتر فإن لم يحدث به حدث الموت يصلي الوتر في آخر الليل فقلت هل صلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله هاتين الركعتين؟ قال: لا قلت: و لم؟ قال: لان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان يأتيه الوحي و كان يعلم أنه هل يموت في تلك (هذه) الليلة أم لا و غيره لا يعلم فمن أجل ذلك لم يصلهما و أمر بهما «2».

فان المستفاد من الحديثين ان الوتر بنفسه محبوب للمولي لكن المستفاد من حديث أبي بصير «3» ان الوتر ثلاث ركعات مفصولة و بعبارة اخري: ان هذه الرواية بالحكومة تفسر الوتر بكونها ثلاثة فكيف يجوز التفكيك بينها و لعل الماتن ناظر الي رواية دالة علي ما ادعاه لم اظفر عليها و اللّه العالم.

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير «4» فان المستفاد من هذا الحديث أنه يجوز الاقتصار علي هذا المقدار فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل

الباب 46 من أبواب المواقيت الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 8

(3) لاحظ ص 50

(4) لاحظ ص: 50

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 52

[مسألة 2: يجوز الإتيان بالنوافل الرواتب و غيرها في حال الجلوس اختيارا]

(مسألة 2): يجوز الاتيان بالنوافل الرواتب و غيرها في حال الجلوس اختيارا (1).

______________________________

(1) هذا هو المشهور فيما بين القوم بل عن جملة من الاعلام دعوي الاجماع عليه و السيرة من المتشرعة جارية عليه و تدل عليه بعض النصوص لاحظ ما رواه سدير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أ تصلي النوافل و أنت قاعد؟ فقال: ما اصليها الا و أنا قاعد منذ حملت هذا اللحم و ما بلغت هذا السن «1».

و ما رواه سهل بن اليسع أنه سأل أبا الحسن الاول عليه السلام عن الرجل يصلي النافلة قاعدا و ليست به علة في سفر أو حضر فقال: لا بأس به «2».

و ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في حديث قال: ان الصلاة قائما أفضل من الصلاة قاعدا «3».

و ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: انا نتحدث نقول:

من صلي و هو جالس من غير علة كانت صلاته ركعتين بركعة و سجدتين سجدة فقال: ليس هو هكذا هي تامة لكم «4».

و ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في حديث قال: صلاة القاعد علي نصف صلاة القائم «5». و غيرها من الروايات الواردة في الباب 5 من أبواب القيام من الوسائل.

و عن الحلي منع ذلك إلا في الوتيرة و علي الراحلة مدعيا خروجهما بالإجماع

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب القيام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب القيام الحديث:

1

(5) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 53

لكن الاولي حينئذ عد كل ركعتين بركعة و عليه فيكرر الوتر مرتين (1) كما يجوز الاتيان بها في حال المشي (2).

______________________________

و استدل لمدعاه بالاصل و شذوذ الرواية المجوزة و ما أفاده غير تام أما الاصل فيرد عليه اولا: ان مقتضي الاطلاق الجواز و ثانيا ان مقتضي الاصل رفع التقييد فتأمل و أما الرواية فليست شاذة فلاحظ.

(1) و يدل عليه جملة من النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يكسل أو يضعف فيصلي التطوع جالسا قال: يضعف ركعتين بركعة «1».

و ما رواه الحسن بن زياد الصيقل قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا صلي الرجل جالسا و هو يستطيع القيام فليضعف «2».

فان مقتضي ملاحظة ما دل علي جواز الجلوس في النافلة و هذه الطائفة الدالة علي احتساب كل ركعتين بركعة جواز الجلوس و محبوبية التضعيف فلاحظ.

(2) لاحظ ما رواه يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام الي أن قال قلت: يصلي و هو يمشي؟ قال: نعم يؤمي إيماء و ليجعل السجود اخفض من الركوع «3».

و ما رواه الحسين بن المختار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي و هو يمشي تطوعا؟ قال: نعم قال: أحمد بن محمد بن أبي نصر:

و سمعته أنا من الحسين بن المختار «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب: 16 من أبواب القبلة الحديث: 4

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 53

(4) نفس المصدر

الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 54

[مسألة 3: الصلاة الوسطي التي تتأكد المحافظة عليها صلاة الظهر]

(مسألة 3): الصلاة الوسطي التي تتأكد المحافظة عليها صلاة الظهر (1).

______________________________

فان المستفاد من الحديثين جواز الاتيان بالنافلة في حال المشي و مقتضي اطلاقهما عدم الفرق بين السفر و الحضر و أيضا اطلاقهما يقتضي عدم الفرق بين حالتي الاختيار و الاضطرار و غيرهما من القيود و سيجي ء في بحث القبلة ان شاء اللّه تعالي ما له نفع في المقام فانتظر.

(1) هذا هو المشهور فيما بين الامامية و عن الخلاف اجماع الطائفة عليه و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: و قال تعالي: «حٰافِظُوا عَلَي الصَّلَوٰاتِ وَ الصَّلٰاةِ الْوُسْطيٰ» و هي صلاة الظهر الي أن قال: و انزلت هذه الاية يوم الجمعة و رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في سفر فقنت فيها فتركها علي حالها في السفر و الحضر «1».

و ما رواه أبو بصير يعني المرادي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

صلاة الوسطي صلاة الظهر و هي أول صلاة أنزل اللّه علي نبيه صلي اللّه عليه و آله «2».

و غيرهما من الروايات الواردة في الباب 5 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها من الوسائل و مستدرك الوسائل.

و عن السيد ان المراد بها صلاة العصر و ادعي عليه اجماع الشيعة و الحال انه لم يثبت القول به الا منه و العجب انه يدعي الاجماع و الحال هذه و لكن هذا دأبه فلا أثر لهذا الاجماع المدعي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 55

______________________________

و نقل عن الفقه الرضوي: أن الصلاة الوسطي هي العصر «1»

و قد نقلت هذه الرواية عن البحار و الرواية لا اعتبار بها فلا يترتب عليها أثر.

و مما يمكن أن يستدل به علي قول السيد ما رواه الصدوق عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال فيه «و أما صلاة العصر فهي الساعة التي أكل آدم فيها من الشجرة فأخرجه اللّه عز و جل من الجنة فأمره اللّه ذريته بهذه الصلاة الي يوم القيامة و اختارها اللّه لأمتي فهي من أحب الصلوات الي اللّه عز و جل و أوصاني أن احفظها من بين الصلوات» «2».

و هذه الرواية مضافا الي الاشكال الوارد في سندها لا تدل علي المدعي فان المستفاد منها ان صلاة العصر لها اهمية.

و مما يمكن أن يستدل به ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال فيه:

و قال تعالي: «حٰافِظُوا عَلَي الصَّلَوٰاتِ وَ الصَّلٰاةِ الْوُسْطيٰ» و هي صلاة الظهر الي أن قال: و في بعض القراءة حافظوا علي الصلوات و الصلاة الوسطي صلاة العصر «3» بتقريب: ان المستفاد من ذيل الرواية ان الصلاة الوسطي هي العصر.

و يرد عليه: اولا أن المستفاد منها ان الوسطي هي الظهر و في بعض القراءة انها العصر لا أن الواقع كذلك مضافا الي أنه نقل الاستاد بأن الشيخ نقل الرواية بلفظ (واو) العاطفة فلا يدل علي المدعي.

و بعبارة اخري: لا يكون لفظ صلاة العصر علي هذا التقدير بدلا بل يكون عطفا علي صلاة الظهر و الترجيح مع الزيادة كما هو المقرر اضف الي ذلك كله:

______________________________

(1) الحدائق ج 6 ص: 23

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 56

[الفصل الثاني في مواقيت الصلاة]
اشارة

الفصل الثاني وقت الظهرين من الزوال

(1).

______________________________

انه يقع التعارض بين الصدر و الذيل و المرجع بقية الروايات.

و نقل في المستدرك حديثا عن لب اللباب قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله يوم الخندق: شغلونا عن الصلاة الوسطي ملأ اللّه بيوتهم و قبورهم نارا و كانوا شغلوه عن صلاة العصر و رواه في فقه القرآن و زاد بعد قوله «الْوُسْطيٰ» صلاة العصر و بعد قوله: «نارا» ثم قال صلي اللّه عليه و آله: انها الصلاة التي شغل عنها سليمان بن داود حتي توارت بالحجاب «1» و لا اعتبار به.

و نقل عن العامة أقوال كثيرة فعن بعض انها الظهر و عن آخر انها المغرب و عن ثالث انها العشاء و عن رابع انها الصبح و عن خامس انها مجموع الصلوات و الحق ما هو المشهور عند الاصحاب و هل يترتب علي هذا البحث أثر عملي؟

أفاد الاستاد بأنه يظهر أثره في النذر و لكن يظهر الاثر في الاخبار عن حكم اللّه و انها الظهر او العصر و اللّه العالم.

(1) نقل عن الخلاف اجماع المسلمين عليه و هكذا عن المعتبر و التذكرة و نهاية الاحكام و نقل عدم الخلاف بين اهل العلم عن جملة من الكتب منها: المسائل الناصرية و المنتهي و نقل عن الذكري و الغنية الاجماع بل نقل ادعاء انه من ضروريات المذهب أو الدين و نقل عن بعض كابن عباس صحة صلاة المسافر لو صلي قبل الزوال و لا يعبأ به اذ يرده الكتاب و النص و الفتوي.

و يدل عليه قوله تعالي «أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ» «2» و الدلوك هو

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 5 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 11

(2) الاسراء/ 78

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 57

______________________________

الزوال اي زوال

الشمس عن خط نصف النهار كما عن أهل اللغة و نقل انه فسر في بعض التفاسير باصفرار الشمس و ليس هذا مرادا من الاية قطعا.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص لاحظ ما رواه سعيد بن الحسن قال:

قال أبو جعفر عليه السلام: أول الوقت زوال الشمس و هو وقت اللّه الاول و هو أفضلهما «1».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر و العصر فاذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب و العشاء الآخرة «2».

و ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن وقت الظهر و العصر فقال: اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر جميعا الا أن هذه قبل هذه ثم أنت في وقت منهما جميعا حتي تغيب الشمس «3».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله تعالي «أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِليٰ غَسَقِ اللَّيْلِ» قال: ان اللّه افترض أربع صلوات أول وقتها زوال الشمس الي انتصاف الليل منها صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمس الي غروب الشمس الا ان هذه قبل هذه و منها صلاتان أول وقتهما من غروب الشمس الي انتصاف الليل الا ان هذه قبل هذه «4».

و ما رواه سماعة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام جعلت فداك متي وقت الصلاة؟ فأقبل يلتفت يمينا و شمالا كأنه يطلب شيئا فلما رأيت ذلك تناولت عودا

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 58

______________________________

فقلت هذا تطلب؟ قال: نعم

فأخذ العود فنصبه بحيال الشمس ثم قال: ان الشمس اذا طلعت كان الفي ء طويلا ثم لا يزال ينقص حتي تزول فاذا زالت زادت فاذا استنبت فيه الزيادة فصل الظهر ثم لا تمهل قدر زراع وصل العصر «1».

و ما رواه الحارث بن المغيرة و عمر بن حنظلة و منصور بن حازم جميعا قالوا:

كنا نقيس الشمس بالمدينة بالذراع فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: الا انبئكم بأبين من هذا اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر الا ان بين يديها سبحة و ذلك إليك ان شئت طولت و ان شئت قصرت «2».

و غيرها مما ورد في الباب 4 و 10 و 11 و 5 من أبواب المواقيت من الوسائل و ملخص الكلام انه لا اشكال في هذا الحكم كتابا و سنة و اجماعا.

و في قبال هذه النصوص طائفة اخري تنافيها حيث يستفاد منها ان الزوال ليس أول وقت الظهر لاحظ ما رواه زرارة بن أعين و بكير بن أعين و محمد بن مسلم و بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام انهما قالا: وقت الظهر بعد الزوال قدمان و وقت العصر بعد ذلك قدمان «3».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن وقت الظهر فقال:

ذراع من زوال الشمس و وقت العصر ذراعان (ع) من وقت الظهر فذاك أربعة أقدام من زوال الشمس ثم قال: ان حائط مسجد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان قامة و كان اذا مضي منه ذراع صلي الظهر و اذا مضي منه ذراعان صلي العصر ثم قال:

أ تدري لم جعل الذراع و الذراعان؟ قلت: لم جعل ذلك؟ قال: لمكان النافلة

______________________________

(1) الوسائل

الباب 11 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب المواقيت الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 59

______________________________

لك أن تتنفل من زوال الشمس الي أن يمضي ذراع فاذا بلغ فيئك ذراعا من الزوال بدأت بالفريضة و تركت النافلة و اذا بلغ فيئك ذراعين بدأت بالفريضة و تركت النافلة «1».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: كان حائط مسجد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قبل أن يظلل قامة و كان اذا كان الفي ء ذراعا و هو قدر مربض عنز صلي الظهر فاذا كان ضعف ذلك صلي العصر «2».

و ما رواه اسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اذا كان في ء الجدار ذراعا صلي الظهر و اذا كان ذراعين صلي العصر قال: قلت: ان الجدار يختلف بعضها قصير و بعضها طويل فقال: كان جدار مسجد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يومئذ قامة «3».

و ما رواه احمد بن محمد يعني ابن أبي نصر قال: سألته عن وقت صلاة الظهر و العصر فكتب قامة للظهر و قامة للعصر «4».

فيقع التعارض بين هذه الطائفة و تلك الطائفة كما أنه يقع التعارض بين الروايات الواردة في الطائفة الثانية فان بعضها يدل علي أن الحد هو القدم لاحظ ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن وقت الظهر فقال: بعد الزوال بقدم أو نحو ذلك الا في يوم الجمعة أو في السفر فان وقتها حين تزول «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3 و

4

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 12

(5) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 60

______________________________

و ما رواه سعيد الاعرج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن وقت الظهر أ هو اذا زالت الشمس؟ فقال: بعد الزوال بقدم أو نحو ذلك الا في السفر أو يوم الجمعة فان وقتها اذا زالت «1».

و بعضها الاخر يدل علي أنه قدمان لاحظ ما روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام «2». فلا بد من علاج التعارض اولا بين الطائفتين و ثانيا علاج التعارض الواقع بين نفس الطائفة الثانية فنقول: يرتفع التعارض بين الطائفتين بجملة من الروايات الدالة علي أن التحديد بالقدم عارضي و انما يكون لأجل النافلة لاحظ ما رواه الحارث بن مغيرة و عمر بن حنظلة و منصور بن حازم «3» و ما رواه زرارة «4».

و يترتب علي ما ذكر ان النافلة لو كانت ساقطة لأجل الجمعة أو السفر لم يكن مانع من الاتيان بالفريضة اول الزوال كما أنه لو لم يرد المكلف أن يأتي بالنافلة لا مانع من الاتيان بالفريضة اول الزوال هذا هو المقام الاول.

و أما المقام الثاني و هو التعارض بين الروايات الواردة في الطائفة الثانية فأيضا يمكن رفع التعارض بينهما بأن نلتزم بأن الافضل أن يصلي أقرب الي الزوال و الشاهد لهذا الجمع ما رواه ذريح المحاربي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سأل أبا عبد اللّه اناس و أنا حاضر الي أن قال: فقال بعض القوم انا نصلي الاولي اذا كانت علي قدمين و العصر علي أربعة أقدام فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: النصف

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 17

(2) لاحظ ص:

58

(3) لاحظ ص: 58

(4) لاحظ ص: 58

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 61

______________________________

من ذلك احب إلي «1».

و تدل رواية ابن بكير قال: دخل زرارة علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال:

انكم قلتم لنا: في الظهر و العصر علي ذراع و ذراعين ثم قلتم أبردوا بها في الصيف فكيف الابراد بها؟ و فتح ألواحة ليكتب ما يقول فلم يجبه أبو عبد اللّه عليه السلام بشي ء فأطبق ألواحه و قال: انما علينا ان نسألكم و أنتم أعلم بما عليكم و خرج و دخل أبو بصير علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال: ان زرارة سألني عن شي ء فلم اجبه و قد ضقت من ذلك فاذهب أنت رسولي اليه فقل صل الظهر في الصيف اذا كان ظلك مثلك و العصر اذا كان مثليك و كان زرارة هكذا يصلي في الصيف و لم اسمع أحدا من أصحابنا يفعل ذلك غيره و غير ابن بكير «2» ان معيار دخول الوقت صيرورة الظل مثل القامة و قامتين و فيه: ان الرواية ضعيفة بقاسم بن عروة.

و يستفاد من حديث زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم يجبني فلما أن كان بعد ذلك قال لعمر بن سعيد بن هلال: ان زرارة سألني عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم اخبره فحرجت من ذلك فأقرئه مني السلام و قل له: اذا كان ظلك مثلك فصل الظهر و اذا كان ظلك مثليك فصل العصر «3»، التفصيل بين القيظ و غيره و بمفهوم الشرطية ترفع اليد عن اطلاق حديث احمد بن محمد «4».

و الحاصل: ان المذكور فيه السؤال عن الوقت في القيظ و القيظ- علي ما

______________________________

(1) الوسائل الباب 8

من أبواب المواقيت الحديث: 22

(2) نفس المصدر الحديث: 33

(3) نفس المصدر الحديث: 13

(4) لاحظ ص: 59

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 62

______________________________

في «المنجد» صميم الصيف و زمان شدة الحر فتدل الرواية علي أن زمان الفضيلة في القيظ يطول الي أن يصير الظل بمقدار القامة و يمكن أن يكون الوجه فيه التفضل علي المكلفين بأن لا يتأذوا من الحر و يؤيد المدعي ما عن أبي هريرة قال:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فان الحر من قيح جهنم «1».

فان هذه الرواية تدل علي التأخير في الحر و نقل عن الصدوق أن معني الكلمة التعجيل بالصلاة لاحظ ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: كان المؤذن يأتي النبي صلي اللّه عليه و آله في الحر في صلاة الظهر فيقول له رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: أبرد أبرد قال الصدوق: يعني عجل عجل و اخذ ذلك من البريد (التبريد) «2».

و ربما يقال: بأن الامر حيث وقع في مقام توهم الحظر لا يدل علي أكثر من الترخيص فلا يدل علي لزوم التأخير و الالتزام بما ذكر و رفع اليد عن الظهور في الشرطية مشكل لكن بما أنه لا شبهة في جواز الاتيان بالصلاة في اول الوقت نلتزم بامتداد وقت الفضيلة الي هذا المقدار.

و في المقام رواية تدل علي أن وقت الظهر زوال الشمس و يمتد الي قامة فيدخل وقت العصر و يمتد الي قامتين و هي ما رواه محمد بن حكيم قال: سمعت العبد الصالح عليه السلام و هو يقول: ان أول وقت الظهر زوال الشمس و آخر وقتها قامة من الزوال و أول وقت العصر

قامة و آخر وقتها قامتان قلت: في الشتاء و الصيف سواء؟ قال: نعم «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب المواقيت الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 29

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 63

الي المغرب (1).

______________________________

و الرواية ضعيفة بمحمد بن حكيم فانه نقل عن الكشي ان أبا الحسن عليه السلام لم يرض كلامه عند ذكر اصحاب الكلام و هذا المقدار لا يكفي لوثاقته.

و في رواية اخري ان «القامة و القامتان الذراع و الذراعان في كتاب علي عليه السلام «1» و الرواية ضعيفة بعلي بن حنظلة مضافا الي أن كون القامة في كتاب علي عليه السلام هو الذراع لا يترتب عليه أثر بالنسبة الي غير كتابه عليه السلام و بعبارة اخري: لا يكون هذا موجبا لتحقق الحقيقة الشرعية بالنسبة الي هذه الكلمة.

ثم ان الحد المذكور في الروايات يختلف باختلاف ذي الظل و لذا وقع السؤال عنه في رواية الجعفي «2» لكن المستفاد من كلامه عليه السلام في هذه الرواية ان الميزان بقامة الانسان المتعارف فيكون المراد بالقدم سبع الظل اذ كل قدم سبع القامة و يدل علي المقصود رواية زرارة «3» أيضا.

و صفوة القول: انه يجب حمل النصوص المنافية علي وجه يرتفع التنافي و التعارض من البين اذ قد عرفت ان دخول الوقت بالزوال ادعي عليه انه من ضروريات المذهب أو الدين فلاحظ.

ثم ان تحديد الزوال بانعدام الظل امر ظاهر و في غيره يظهر بعد الشروع في الزيادة كما هو واضح أو نقول: بأن الميزان في مثله صيرورته هذا المقدار بعد ميل الشمس الي الطرف الذي كانت فيه الي الجانب الاخر.

(1) و أما الكلام من حيث المنتهي فالمشهور فيما بين القوم ما أفاده في المتن

______________________________

(1)

نفس المصدر الحديث: 14

(2) لاحظ ص: 59

(3) لاحظ ص: 58

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 64

______________________________

و هو المغرب و عن الجواهر نفي الخلاف المعتد به عندنا و يمكن أن يستفاد المدعي من الاية الشريفة: «أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِليٰ غَسَقِ اللَّيْلِ» «1».

فان مفادها ان اول الوقت هو الزوال و آخره غسق الليل و مقتضي اطلاقها جواز الاتيان بالفرائض المقررة غير فريضة الفجر بين الحدين غاية الأمر أنا علمنا من الخارج ان وقت الظهرين ينتهي بتحقق الغروب.

اضف الي ذلك جملة من النصوص: منها ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين الي نصف الليل الا أن هذه قبل هذه و اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين الا ان هذه قبل هذه «2» الا أن القاسم الواقع في السند لم يوثق.

و أما حديثه الاخر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة لا تفوت صلاة النهار حتي تغيب الشمس و لا صلاة الليل حتي يطلع الفجر و لا صلاة الفجر حتي تطلع الشمس «3» فهو أيضا مخدوش بعلي بن يعقوب فانه لم يوثق.

و منها: ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: أحب الوقت الي اللّه عز و جل أوله حين يدخل وقت الصلاة فصل الفريضة فان لم تفعل فانك في وقت منها حتي تغيب الشمس «4».

و الظاهر تمامية الرواية دلالة و أما سندا فمخدوشة بموسي بن بكر و أيضا

______________________________

(1) الاسراء/ 78

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب المواقيت الحديث: 24

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 9

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص:

65

______________________________

تدل علي المدعي جملة من الروايات الواردة في الباب الرابع من أبواب المواقيت منها ما رواه زرارة «1» و منها: ما رواه عبيد بن زرارة «2» مضافا الي وضوح الامر عند المتشرعة.

و في قبال المشهور نقل من المبسوط ان انتهاء وقت الظهر للمختار صيرورة الظل مثل الشاخص و عن القاضي حتي للمضطر و عن ابن أبي عقيل انتهاء وقت المختار بالذراع و نحوه عن المقنعة و عن أبي الصلاح انتهاء وقته بأربعة اسباع و نحوه ما عن نهاية الشيخ و عمل يوم و ليلة و عن التهذيب ذلك مطلقا و عن المقنعة انتهاء وقت العصر للمختار باصفرار الشمس و عن جملة من الاكابر انتهاء وقته الي أن يصير الظل مثليه و عن ابن أبي عقيل انتهاء وقته بالذراعين و لعل الوجه لهذه الاقوال جملة من الروايات تحمل علي وقت الفضيلة و لعلنا نتعرض لها ان شاء اللّه تعالي.

و أفاد صاحب الحدائق قدس سره بأن المشهور بين المتأخرين من المحقق و العلامة و من تأخر عنهما و نسب الي المرتضي و ابن ادريس: ان الوقتين اللذين لكل فريضة احدهما وقت الفضيلة و ثانيهما للاجزاء و ذهب الشيخان و ابن أبي عقيل و أبو الصلاح و ابن البراح و من متأخري المتأخرين المحدث الكاشاني قدس سره ان الوقت الاول للمختار و الثاني للمضطرين و ذوي الاعذار و العذر علي ما في المبسوط اربعة: السفر و المطر و المرض و شغل يضر تركه بدينه أو دنياه و الضرورة خمسة: الكافر يسلم و الصبي يبلغ و الحائض تطهر و المجنون يفيق و المغمي عليه يفيق و اختار قدس سره القول الثاني و أفاد بأن المستفاد من الاخبار الواردة في

المقام

______________________________

(1) لاحظ ص: 57

(2) لاحظ ص: 57

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 66

______________________________

هو القول المختار و استدل بجملة من النصوص لما رامه «1».

و الكلام في المقام تارة من حيث المقتضي و اخري من حيث المانع فالحري بنا أن نذكر ما يمكن أن يكون مستندا لهذا القول كما ذكره قدس سره و نري انه هل يمكن أن يستفاد ما ادعاه أم لا فنقول: قد ذكر جملة من الروايات في المقام:

منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول:

لكل صلاة وقتان و أول الوقت أفضله و ليس لا حد أن يجعل آخر الوقتين وقتا الا في عذر من غير علة «2».

و تقريب الاستدلال بالرواية مع الغض عما في السند ان المستفاد منها ان لكل صلاة وقتين و لكل وقت اول و آخر و ليس لأحد أن يؤخر الصلاة الي الوقت الثاني الا لعذر.

و أورد عليه سيدنا الاستاد بأنه ليس اول الوقت أفضل للجزم بعدم الافضلية لان أول الوقت وقت التنفل.

و يرد عليه: أنه خلاف ما يستفاد من بعض النصوص فان المستفاد من رواية زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام: اصلحك اللّه وقت كل صلاة أول الوقت أفضل أو وسطه أو آخره؟ قال: أوله ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ان اللّه عز و جل يحب من الخير ما يعجل «3» ان اول الوقت افضل غاية الأمر أنه يستفاد من بعض النصوص انه يمتد وقت الفضل لمكان النافلة و هذا لا ينافي كون الاول افضل.

______________________________

(1) الحدائق ج 6 ص: 89

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث: 13

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين،

ج 4، ص: 67

______________________________

لكن يرد علي أصل التقريب اولا ان المذكور في رواية ابن سنان بطريق الشيخ «و أول الوقتين أفضلهما» «1» و المستفاد من هذا اللفظ ان الوقت الاول وقت لما هو أفضل لا أنه وقت للمختار.

و ثانيا انه لا يبعد أن يكون المستفاد من الرواية انه لو جعل احد من غير عذر و علة الوقت الثاني وقتا يكون علي خلاف الميزان الشرعي لأنه مبدع و مشرع و ليس في الرواية ما يدل علي عدم المشروعية من غير هذه الناحية و هو المدعي في المقام.

و ثالثا: انه لو كان المراد من أول الوقت اول الوقت الاول يكون المراد من الاخر آخر الوقت الثاني فيكون المعني: انه لو جعل احد آخر الوقت الثاني وقتا له لا يكون له ذلك و الحال ان المدعي ليس هذا بل المدعي ان التأخير الي الوقت الثاني حرام فالمراد من الرواية اما اضافة الصفة الي الموصوف بأن يكون المراد من أن الوقت الاول أفضل من الوقت الثاني و اما يكون الكلام مجملا و علي كلا التقديرين لا يدل علي المدعي فلاحظ.

و منها: ما رواه الصدوق مرسلا قال: قال الصادق عليه السلام: اوله رضوان اللّه و آخره عفو اللّه و العفو لا يكون الا عن ذنب «2».

و التقريب ظاهر لكن الرواية لإرسالها لا اعتبار بها.

و منها: ما رواه ربعي عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: انا لنقدم و نؤخر و ليس كما يقال: من أخطأ وقت الصلاة فقد هلك و انما الرخصة للناسي و المريض و المدنف و المسافر و النائم في تأخيرها «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب المواقيت الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث: 16

(3) الوسائل

الباب 7 من أبواب المواقيت الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 68

______________________________

بتقريب ان المذكور في الرواية من الناسي و غيره من باب المثال فان المعذور له التأخير و أما المختار فليس له بل يهلك به. و بعبارة اخري: الميزان اطلاق صدر الرواية و مقتضاه عدم جواز التأخير الا عند العذر.

و الرواية ضعيفة باسماعيل بن سهل حيث انه لم يوثق مضافا الي أن التقريب المذكور خلاف ظاهر اللفظ فان الظاهر ان ما بعد ليس «كما يقال» مقول القول فالرواية علي خلاف المدعي ادل و بعبارة اخري: ليس الامر كما يقولون بأن من أخر الصلاة فقد هلك فانا نقدم و نؤخر فيجوز التأخير فلاحظ.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لكل صلاة وقتان و أول الوقتين افضلهما و وقت صلاة الفجر حين ينشق الفجر الي أن يتجلل الصبح السماء و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا و لكنه وقت من شغل أو نسي أو سهي أو نام و وقت المغرب حين تجب الشمس الي أن تشتبك النجوم و ليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا الا من عذر أو من علة «1».

و يرد عليه اولا: انه يمكن أن يكون المراد جعل آخر الوقت وقتا من غير علة و عذر تشريعا و ثانيا ان كون احد الوقتين أفضل يدل علي اشتراك الفضل و وجوده في كلا الوقتين فلا يحرم التأخير فعلي فرض ظهور كلمة لا ينبغي في الحرمه يرفع اليد عنه بظهور ذلك اللفظ في العدم و لا أقلّ من الاجمال و ثالثا ان لفظ لا ينبغي ليس ظاهرا في الحرمة بل ظاهره المرجوحية.

و منها: ما رواه ابراهيم الكرخي قال: سألت

أبا الحسن موسي عليه السلام متي يدخل وقت الظهر قال: اذا زالت الشمس فقلت: متي يخرج وقتها؟ فقال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب المواقيت الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 69

______________________________

من بعد ما يمضي من زوالها اربعة أقدام ان وقت الظهر ضيق ليس كغيره قلت: فمتي يدخل وقت العصر؟ فقال: ان آخر وقت الظهر هو اول وقت العصر فقلت: فمتي يخرج وقت العصر؟ فقال: وقت العصر الي أن تغرب الشمس و ذلك من علة و هو تضييع فقلت له: لو أن رجلا صلي الظهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام أ كان عندك غير مؤد لها؟ فقال: ان كان تعمد ذلك ليخالف السنة و الوقت لم يقبل منه كما لو أن رجلا أخر العصر الي أن تغرب الشمس متعمدا من غير علة لم يقبل منه ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قد وقت للصلاة المفروضات أوقاتا و حد لها حدودا في سنته للناس فمن رغب عن سنته من سنة الموجبات كان مثل من رغب عن فرائض اللّه «1».

و يرد عليه اولا انها ضعيفة بالكرخي و ثانيا يمكن ان الوجه في البطلان و الحرمة الاعراض عن السنة و الرغبة عنها و هذا غير المدعي فلا حظ.

و منها: ما رواه داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: قوله تعالي:

«إِنَّ الصَّلٰاةَ كٰانَتْ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ كِتٰاباً مَوْقُوتاً» قال: كتابا ثابتا و ليس ان عجلت قليلا أو اخرت قليلا بالذي يضرك ما لم تضيع تلك الاضاعة فان اللّه عز و جل يقول لقوم: أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا «2».

بتقريب: أن التأخير كثيرا يكون داخلا في اضاعة الصلاة و يرد عليه

اولا ان المستفاد من الرواية ان التأخير و التقديم امر معهود بين الامام و السائل فيمكن أن يكون التأخير عن الوقت عدم الاتيان بها في الوقت و من الظاهر انه حرام و خلاف للمقرر الشرعي و ثانيا انه لا شبهة في أن المقصود من التعجيل ايقاع الصلاة قبل

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب المواقيت الحديث: 32

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب اعداد الفرائض الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 70

______________________________

دخول الوقت فيكون التأخير عبارة عن عدم الاتيان بها حتي يخرج الوقت فلا تدل علي المدعي.

و منها: ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان الموتور أهله و ماله من ضيع صلاة العصر قلت: و ما الموتور؟ قال: لا يكون له أهل و لا مال في الجنة قلت: و ما تضييعها؟ قال: يدعها حتي تصفر و تغيب «1».

و رواها الصدوق باسناده عن أبي بصير عن ابي جعفر عليه السلام و رواها البرقي عن الصدوق «2» و هذه الرواية علي تقدير صحة سندها علي خلاف المطلوب أدل لأنها تدل علي ان الذي يؤخر صلاته يكون موتورا في الجنة و الحال ان جزاء من لا يصلي في الوقت النار لا الجنة و الظاهر ان الصحيح لفظ الواو لا أو فانه لا معني للترديد بين اصفرار الشمس و غيبوبتها لأنها لا يمكن ان تغيب الا و أن تصفر قبلها و أما وجه عطف الغيبوبة علي الاصفرار فمن باب مجاز المشارفة لمكان ان الشمس حين الاصفرار غائبة فلاحظ.

مضافا الي أن الظاهر ان الرواية ليست معتبرة فان في طريق الشيخ حسين بن هاشم و لم يوثق و في طريق الصدوق الي أبي بصير علي بن أبي حمزة

و في طريق البرقي محمد بن علي الكوفي الصير في.

و منها: ما في الفقه الرضوي قال: اعلم ان لكل صلاة وقتين اول و آخر فاول الوقت رضوان اللّه و آخره عفو اللّه و يروي ان لكل صلاة ثلاثة اوقات أول و وسط و آخر فاول الوقت رضوان اللّه و وسطه عفو اللّه و آخره غفر ان اللّه و اول الوقت افضله و ليس لأحد أن يتخذ آخر الوقت وقتا و انما جعل آخر الوقت للمريض

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) عين المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 71

______________________________

و المعتل و المسافر الي آخره «1». و السند مخدوش فلا تصل النوبة الي الدلالة.

و منها: ما رواه أبان بن تغلب قال: كنت صليت خلف أبي عبد اللّه عليه السلام بالمزدلفة فلما انصرف التفت إلي فقال: يا أبان الصلوات الخمس المفروضات من أقام حدود هن و حافظ علي مواقيتهن لقي اللّه يوم القيامة و له عنده عهد يدخله به الجنة و من لم يقم حدود هن و لم يحافظ علي مواقيتهن لقي اللّه و لا عهد له ان شاء عذبه و ان شاء غفر له «2».

و منها: ما رواه الصدوق مرسلا قال: دخل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله المسجد و فيه ناس من أصحابه فقال: تدرون ما قال ربكم؟ قالوا: اللّه و رسوله أعلم قال: ان ربكم يقول: ان هذه الصلوات الخمس المفروضات من صلاهن لوقتهن و حافظ عليهن لقيني يوم القيامة و له عندي عهد ادخله به الجنة و من لم يصلهن لوقتهن و لم يحافظ عليهن فذاك إلي ان شئت عذبته و ان شئت غفرت له «3».

و التقريب للمدعي ان

المستفاد من هذه الطائفة من الأخبار أن الاتيان بالصلوات في الوقت الاول يوجب القرب من اللّه و يوجب المغفرة و القبول و أما الاتيان بها في الوقت الثاني بلا عذر و لا علة يدخل المكلف تحت المشية و ليس المراد بالاتيان في غير الوقت خارجه اذ ترك الصلاة و ايقاعها خارج الوقت يوجب الكفر.

و اجاب سيدنا الاستاد بأن المستفاد من الرواية ان المكلف لو صلي في تلك الاوقات اي اوقات الفضل يكون ممن وعده اللّه أن يدخله الجنة و من صلي في غير تلك الاوقات لا يكون داخلا في الوعد بل يمكن ان يدخله الجنة.

______________________________

(1) الحدائق ج 6 ص 92

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 72

______________________________

و يرد عليه: ان المذكور في الرواية انه ان شاء عذبه و ان شاء غفر له و الحال انه لا مقتضي للعذاب فهذا الجواب غير صحيح و الصحيح في الجواب ان يقال:

ان المذكور في الرواية ان من أقام حدود الصلاة اي أجزائها و شرائطها و أوقاتها فهو يدخل الجنة و من لم يواظب حدودها و أوقاتها فهو كذا و الظاهر أن المراد أن لا يراعي أجزائها و شرائطها و من جملة الشرائط الوقت فانه لو لم يحفظ حدود الصلاة يدخل تحت المشية و لا منافاة بين هذه الطائفة و ما يدل علي أن تاركها كافر اذ الترك يقتضي الكفر فان الايقاع خارج الوقت علي هذا التقريب يقتضي الكفر كما أن الاتيان بلا حفظ لحدودها الاخر يقتضي الكفر أيضا لكن الامر بيده تعالي ان شاء يعذب و ان شاء يغفر.

و مما يؤيد المدعي انه لو كان الوقت للمختار الوقت الاول

فايقاعها في الوقت الثاني يكون تركا لها فيعود الاشكال و ملخص الكلام انه لا يستفاد من هذه الطائفة ما ادعاه صاحب الحدائق بل يستفاد منها ان الاتيان بالصلاة بلا رعاية لجهاتها يقتضي الدخول تحت المشية فلا حظ.

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كل سهو في الصلاة يطرح فيها غير ان اللّه يتم بالنوافل ان أول ما يحاسب به العبد الصلاة فان قبلت قبل ما سواها ان الصلاة اذا ارتفعت في اول وقتها رجعت الي صاحبها و هي بيضاء مشرقة تقول: حفظتني حفظك اللّه و اذا ارتفعت في غير وقتها بغير حدودها رجعت الي صاحبها و هي سوداء مظلمة تقول: ضيعتني ضيعك اللّه «1».

و التقريب فيها في كلام صاحب الحدائق كما في سابقتها و هذه الرواية علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب المواقيت الحديث: 2 و التهذيب ج 2 ص: 239 الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 73

______________________________

نسخة الكافي مشتملة علي لفظ «اول» و علي نسخة التهذيب غير مشتملة علي هذا اللفظ و الترجيح مع الكافي بقاعدة انه لو دار الامر بين الزيادة و النقيصة يقدم احتمال الاشتباه في النقصان فالترجيح مع نسخة الكافي لكن علي كلا التقديرين لا تدل علي المدعي أما علي نسخة التهذيب فظاهر اذ المستفاد من الرواية ان الصلاة اذا وقعت في وقتها تقبل و الا فلا و أما علي نسخة الكافي فتدل علي أن الصلاة الواقعة في اول الوقت في غاية درجة الفضيلة و أما الصلاة الواقعة في غير الوقت لا تقبل و رجعت الي صاحبها سوداء فلا تدل الرواية علي المدعي علي كلا التقديرين.

و لو سلم ان المراد بأول الوقت الوقت الاول و

بغير الوقت الوقت الثاني فلا يدل علي ما ذهب اليه صاحب الحدائق اذ الايقاع بغير الحدود يوجب البطلان كما هو ظاهر.

و منها: ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أتي جبرئيل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بمواقيت الصلاة فأتاه حين زالت الشمس فأمره فصلي الظهر ثم أتاه حين زاد الظل قامة فأمره فصلي العصر ثم أتاه حين غربت الشمس فأمره فصلي المغرب ثم أتاه حين سقط الشفق فأمره فصلي العشاء ثم أتاه حين طلع الفجر فأمره فصلي الصبح ثم أتاه من الغد حين زاد في الظل قامة فأمره فصلي الظهر ثم أتاه حين زاد في الظل قامتان فأمره فصلي العصر ثم أتاه حين غربت الشمس فأمره فصلي المغرب ثم أتاه حين ذهب ثلث الليل فأمره فصلي العشاء ثم أتاه حين نور الصبح فأمره فصلي الصبح ثم قال: ما بينهما وقت «1».

و تقريب الاستدلال بها ان المستفاد من الرواية ان الوقت للظهرين بين الزوال و قامتين.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 74

______________________________

و يرد عليه: انه لو كان المراد بالوقت وقت الوجوب كيف أوقع النبي صلي اللّه عليه و آله صلاة الظهر في اليوم الثاني بعد القامة و صلاة العصر بعد قامتين فانه يكشف انه ليس هذا الوقت وقت الوجوب بل وقت الفضيلة.

و يدل علي المدعي جملة من الروايات و منها ما دل ان وقت الظهر من الزوال الي قامة و العصر الي قامتين لاحظ ما رواه أحمد بن عمر عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن وقت الظهر و العصر فقال: وقت الظهر اذا زالت الشمس الي أن يذهب الظل قامة

و وقت العصر قامة و نصف الي قامتين «1» و ما رواه محمد بن حكيم «2».

و ما رواه يزيد بن خليفة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت فقال: اذا لا يكذب علينا قلت: ذكرا لك قلت: ان أول صلاة افترضها اللّه علي نبيه صلي اللّه عليه و آله الظهر و هو قول اللّه عز و جل: «أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ» فاذا زالت الشمس لم يمنعك الا سبحتك ثم لا تزال في وقت الي أن يصير الظل قامة و هو آخر الوقت فاذا صار الظل قامة دخل وقت العصر فلم تزل في وقت العصر حتي يصير الظل قامتين و ذلك المساء قال: صدق «3».

بدعوي: انها تدل علي انتهاء الوقت بالقامة و بالقامتين و لا وجه للحمل علي وقت الفضيلة بل الاولي أن تحمل علي الوقت للمختار و خلافها لذوي الاعذار.

و الجواب عنه اولا بما تقدم من اختلاف صلاة النبي صلي اللّه عليه و آله في اليوم الاول و الثاني مع أنه كيف يجوز انه صلي اللّه عليه يوقع في غير الوقت

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب المواقيت الحديث: 9

(2) لاحظ ص: 62

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 75

______________________________

و ثانيا انه لو كان مقتضي الجمع العرفي بين الطائفتين بحمل هذه الطائفة علي وقت الفضيلة و تلك علي وقت الاجزاء فهو و الا فالترجيح مع تلك الطائفة بموافقتها مع الكتاب مضافا الي السيرة الخارجية التي لا يبقي معها شك و لا ريب فلاحظ.

و منها: ما رواه عمار بن موسي الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

من صلي الصلوات المفروضات في أول وقتها

و أقام حدودها رفعها الملك الي السماء بيضاء نقية و هي تهتف به تقول: حفظك اللّه كما حفظتني و استودعك اللّه استودعتني ملكا كريما و من صلاها بعد وقتها من غير علة و لم يقم حدودها رفعها الملك سوداء مظلمة و هي تهتف به ضيعتني ضيعك اللّه كما ضيعتني و لا رعاك اللّه كما لم ترعني ثم قال الصادق عليه السلام ان اول ما يسئل عنه العبد اذا وقف بين يدي اللّه عز و جل الصلوات المفروضات و عن الزكاة المفروضة و عن الصيام المفروض و عن الحج المفروض و عن ولايتنا اهل البيت «1».

و هذه الرواية وصفها في الحدائق بالموثقة و الحال ان في السند حسين بن ابراهيم بن تاتانه و هو لم يوثق فالرواية ساقطة من حيث السند و أما من حيث الدلالة فالجواب هو الجواب عن غيرها فانه من الظاهر ان من يصلي في غير الوقت مع عدم تمامية الاجزاء و الشرائط لا تكون صلاته صحيحة مضافا الي أن الصلاة في اول الوقت لا تجب حتي علي مذهب صاحب الحدائق.

و منها ما رواه الحسن بن محمد الطوسي في المجالس عن أبيه عن المفيد عن علي بن محمد بن حبيش عن الحسن بن علي الزعفراني عن اسحاق بن ابراهيم الثقفي عن عبد اللّه بن محمد بن عثمان عن علي بن محمد بن أبي سعيد عن فضيل

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث: 17

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 76

______________________________

بن الجعد عن أبي اسحاق الهمداني «1» قال: لما ولي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام محمد بن أبي بكر مصر و أعمالها كتب له كتابا و أمره ان يقرأه علي اهل مصر

و يعمل بما وصاه فيه و ذكر الكتاب بطوله الي أن قال: و انظر الي صلاتك كيف هي فانك امام لقومك ان تتمها و لا تخففها فليس من امام يصلي بقوم يكون في صلاتهم نقصان الا كان عليه لا ينقص من صلاتهم شي ء و تممها و تحفظ فيها يكن لك مثل أجورهم و لا ينقص ذلك من اجورهم شيئا ثم ارتقب وقت الصلاة فصلها لوقتها و لا تعجل بها قبله لفراغ و لا تؤخرها عنه لشغل فان رجلا سأل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن أوقات الصلاة فقال: أتاني جبرئيل عليه السلام فاراني وقت الظهر (الصلاة) حين زالت الشمس فكانت علي حاجبه الايمن ثم أراني وقت العصر و كان ظل كل شي ء مثله ثم صلي المغرب حين غربت الشمس ثم صلي العشاء الآخرة حين غاب الشفق ثم صلي الصبح فأغلس بها و النجوم مشتبكة فصل لهذه الاوقات و الزم السنة المعروفة و الطريق الواضح ثم انظر ركوعك و سجودك فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان أتم الناس صلاة و أخفهم عملا فيها و اعلم ان كل شي ء من عملك تبع لصلاتك فمن ضيع الصلاة فانه لغيرها أضيع «2».

و السند غير معتبر فلاحظ و أما من حيث الدلالة فيستفاد منها ان الصلاة لو قدمت علي الوقت أو اخرت عنه تبطل و هذا أمر ظاهر لا سترة عليه.

و منها: ما رواه العباس بن معروف قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لفضل

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الوضوء الحديث: 19

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 77

______________________________

الوقت الاول علي الاخير خير للرجل من ولده و ماله

«1».

و الرواية ضعيفة بمحمد بن موسي بن المتوكل فانه لم يوثقه القدماء من الاصحاب غير ابن داود و وثاقته أول الكلام.

و لا يخفي ان الرواية رويت باسناد اخر و كلها ضعيفة مضافا الي أنه لا دلالة فيها علي المدعي اذ يمكن أن يكون المراد بالوقت الاول وقت الفضيلة فلاحظ.

و منها: ما رواه الصدوق مرسلا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان فضل الوقت الاول علي الاخر كفضل الآخرة علي الدنيا «2».

و الاشكال فيه واضح سندا و دلالة و الرواية رويت مستندة أيضا و السند ضعيف بسلمة بن الخطاب.

و منها: ما رواه عبيد اللّه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا صليت في السفر شيئا من الصلوات في غير وقتها فلا يضرك «3».

بتقريب ان المستفاد من الرواية ان الصلاة في غير الوقت في السفر لا تضر لان السفر عذر و من الظاهر انه لو كان المراد بالوقت مطلقه لم يكن فرق بين السفر و الحضر فالمقصود من الوقت المذكور في الرواية الوقت الاول ففي غير السفر لا يجوز التأخير عنه.

و فيه: أولا انه لا يستفاد من الرواية الكلية بل المستفاد منها الموجبة الجزئية فمن الممكن أن يكون المراد التفصيل في بعض النوافل بين السفر و الحضر و ثانيا ان الوارد في الرواية عنوان اذا صليت شيئا من الصلوات في غير اوقاتها و لم يعبر بالتأخير و الاتيان في غير الوقت كما يصدق علي التأخير يصدق علي التقديم و من

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث: 14

(2) نفس المصدر الحديث: 15

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب المواقيت الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 78

______________________________

الظاهر ان تقديم الفريضة علي الوقت لا يجوز حتي في

السفر و أما في النافلة فيجوز في الجملة لاحظ الروايات الدالة علي جواز تقديم نوافل الزوال و غيرها علي أوقاتها لمن خاف عدم التمكن منها و تأخيرها عنها منها: ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اعلم أن النافلة بمنزلة الهدية متي ما اتي بها قبلت «1».

و ثالثا: انه لا مفهوم للقضية الا بنحو السالبة بانتفاء الموضوع فان مفهوم هذه القضية أنه لو لم تصل شيئا من الصلاة في غير الوقت في السفر فلا يضرك.

و بعبارة اخري: المفهوم عبارة عن انتفاء التالي عند انتفاء المقدم و انتفاء المقدم في المقام عبارة عن عدم الصلاة في غير الوقت في السفر و هذا لا يفيد شيئا كما هو ظاهر.

ان قلت: فما فائدة التقييد بالسفر؟ قلت: يمكن أن يكون في التأخير في غير السفر عن اول الوقت حزازة و هذه الحزازة ليست في السفر فلاحظ.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: قلت: المرأة تري الطهر عند الظهر، فتشتغل في شأنها حتي يدخل وقت العصر قال: تصلي العصر وحدها فان ضيقت فعليها صلاتان «2».

بتقريب: ان المستفاد من هذه الرواية انه يفوت وقت الظهر بدخول وقت العصر. و فيه ان السند مخدوش بضعف اسناد الشيخ الي ابن فضال.

و منها: ما رواه داود الزجاجي عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا كانت المرأة حائضا فطهرت قبل غروب الشمس صلت الظهر و العصر و ان طهرت من آخر الليل صلت

______________________________

(1) الوسائل الباب 37 من أبواب المواقيت الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 49 من أبواب الحيض الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 79

______________________________

المغرب و العشاء الآخرة «1» و هذه الرواية ضعيفة بالزجاجي.

و منها: ما

رواه الفضل بن يونس قال: سألت أبا الحسن الاول عليه السلام قلت: المرأة تري الطهر قبل غروب الشمس كيف تصنع بالصلاة؟ قال: اذا رأت الطهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام فلا تصلي الا العصر لان وقت الظهر دخل عليها و هي في الدم و خرج عنها الوقت و هي في الدم فلم يجب عليها أن تصلي الظهر و ما طرح اللّه عنها من الصلاة و هي في الدم اكثر «2».

و يعارضها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا طهرت المرأة قبل غروب الشمس فلتصل الظهر و العصر و ان طهرت من آخر الليل فلتصل المغرب و العشاء «3».

و بعبارة اخري: ان هذه الروايات معارضة بما ورد في ذلك الباب كرواية ابن سنان و الترجيح مع المعارض لمخالفته مع التقية و موافقته مع الكتاب فلاحظ.

مضافا الي ما أفاده سيدنا الاستاد بقوله في هذا المقام «علي أنا سواء قلنا بأن الوقت الاول وقت اختياري و الثاني اضطراري أم قلنا ان الثاني وقت اجزاء و الاول وقت فضيلة لم تكن أية مناقشة في أن المرأة في مورد الروايتين مكلفة بصلاة الظهر لأنه من موارد الاضطرار بمعني ان المرأة انما تؤخر صلاتها الي الوقت الثاني اضطرارا لمكان حيضها و هو من الاعذار المسوغة للتأخير الي آخر الوقت «4»

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) التنقيح ج 1 من الصلاة ص: 145- 146

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 80

و تختص الظهر من أوله بمقدار ادائها و العصر من آخره كذلك (1).

______________________________

فالحق ما ذهب اليه المشهور.

(1) قال في الحدائق: «المشهور بين الاصحاب اختصاص الظهر من أول

الوقت بمقدار ادائها ثم اشتراك الوقت بين الفرضين الي أن يبقي مقدار اداء العصر قبل الغروب فيختص به العصر و هكذا في المغرب و العشاء يختص المغرب من اوله بثلاث ركعات ثم يشترك الوقتان الي أن يبقي من الانتصاف قدر صلاة العشاء فتخص به» «1».

و ملخص الكلام: انه وقع الكلام بينهم في أن الوقت مشترك بين الصلاتين من المبدأ الي المنتهي الا أن الترتيب يقتضي تقديم الظهر أو أن أول الوقت مختص بالظهر و لا مجال للعصر فيه و آخر الوقت مختص بالعصر كذلك ذهب المشهور الي الثاني و نسب القول الاول الي الصدوق و ان ناقش صاحب الحدائق في النسبة.

و الكلام يقع تارة في المبدأ و اخري في المنتهي فيقع البحث في فرعين:

الفرع الاول: انه هل يختص اول الوقت بالظهر كما عليه المشهور او لا يختص كما نسب الي الصدوق؟

و ما يمكن أن يقال أو قيل في توجيه كلام المشهور امور:

الاول: ما رواه داود بن فرقد مرسلا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتي يمضي مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات فاذا مضي ذلك فقد دخل وقت الظهر و العصر حتي يبقي من الشمس مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات فاذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر و بقي

______________________________

(1) الحدائق ج 6 ص: 100

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 81

______________________________

وقت العصر حتي تغيب الشمس «1».

و هذه الرواية تارة يبحث فيها من حيث السند و اخري من حيث الدلالة أما بحسب الدلالة فلا شبهة في دلالتها علي ما ادعاه المشهور و أما من حيث السند فلا اعتبار بها حيث انها مرسلة و لا بد في الاخذ بها

من احد أمرين: احدهما أن يقال: بأن المشهور عملوا بها و عمل المشهور جابر لضعف الرواية ثانيهما: ان المرسل من بني فضال و قد امرنا بالاخذ بكل ما رواه بنو الفضال لاحظ ما رواه الحسين بن روح عن أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام أنه سئل عن كتب بني فضال فقال: خذوا بما رووا و ذروا ما رأوا «2».

و شي ء من الامرين لا يفيد أما الاول فقد ذكرنا مرارا بأن الضعف لا ينجبر بالعمل مضافا بأن الصغري محل الكلام فان المشهور يمكن أن يكون الوجه في مرامهم أمرا آخر كما ربما يتضح عند بيان الوجوه و أما الثاني فيفهم من المقابلة ان المراد من الرواية ان فساد عقيدتهم لا يضر بوثاقتهم.

و بعبارة اخري: ان المقصود انه لا وجه لرفع اليد من الرواية بلحاظ كون الراوي من بني فضال لا ان الرواية يؤخذ بها علي جميع التقادير و يقطع النظر عن كل الايرادات و هذا ظاهر مضافا الي ان الرواية بنفسها ضعيفة سندا.

اضف الي ذلك كله انها تعارض جميع الروايات الدالة علي أن الوقتين يدخلان بالزوال فيقع التعارض بين هذه الرواية و بين تلك الروايات لاحظ ما رواه زرارة «3» فلو كانت تلك الروايات مشهورة يكون الترجيح معها و ان كان ما دل عليه بنفسه ضعيفا

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب المواقيت الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث: 13

(3) لاحظ ص: 57

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 82

______________________________

سندا «1».

الثاني: مضمرة الحلبي قال: سألته عن رجل نسي الاولي و العصر جميعا ثم ذكر ذلك عند غروب الشمس فقال: ان كان في وقت لا يخاف فوت احداهما فليصل الظهر ثم يصل العصر و ان

هو خاف أن تفوته فليبدأ بالعصر و لا يؤخرها فتفوته فيكون قد فاتتاه جميعا و لكن يصلي العصر فيما قد بقي من وقتها ثم ليصلي الاولي بعد ذلك علي أثرها «2».

بتقريب انه يستفاد من هذه الرواية ان الوقت اذا لم يكن واسعا لكلتا الصلاتين يجب تقديم العصر فلا يكون الوقت مشتركا.

و يرد عليه: اولا انه علي فرض تماميتها سندا لان ابن سنان الواقع في السند لا يبعد أن يكون محمدا، راجع الي وقت العصر لا الظهر و ثانيا لا تدل هذه الرواية علي المدعي اذ لو فرضنا ان المصلي صلي العصر قبل الظهر باعتقاد انه صلي الظهر فلا اشكال في صحة العصر لقاعدة لا تعاد فله أن يصلي الظهر في آخر الوقت بمقتضي الاية الشريفة و الروايات كما سيظهر لك ان شاء اللّه تعالي نعم يستفاد من الرواية انه لا يجوز الاتيان بالظهر في الجملة و هذا المقدار لا شبهة فيه لكن القول بالاختصاص لا يرتبط بهذا المعني.

الثالث: ما أفاده صاحب المدارك- علي ما في الحدائق- من أن الترتيب شرط بين الصلاتين و عليه لا يجوز الاتيان بالعصر قبل الظهر و مع فرض الاتيان لا يصح لان اجزاء غير المأمور به عنه علي خلاف القاعدة و عليه يكون اول الوقت مختصا بالظهر.

و فيه: انه ان كان المراد ان التقديم يوجب البطلان مع العمد فلا شبهة فيه لكن لا

______________________________

(1) لاحظ الباب 9 من أبواب صفات القاضي

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب المواقيت الحديث: 18

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 83

______________________________

يختص البطلان بأول الوقت بل تبطل و لو بالايقاع في الوقت المشترك بلا اشكال و ان كان المراد انها تبطل مطلقا حتي مع الغفلة و النسيان فليس علي

ما ينبغي لعدم الدليل بل نلتزم بالصحة لقاعدة لا تعاد.

مضافا الي أنه يمكن أن نفرض الاتيان بصلاة الظهر قبل العصر مع الاتيان بالعصر في اول الوقت و ذلك بأن يؤتي بالظهر باعتقاد دخول الوقت و وقوع جزء يسير من الظهر في الوقت كالسلام مثلا فان الاتيان بالعصر في الفرض يكون بعد الظهر كما هو ظاهر.

الرابع: ما أفاده العلامة- علي ما في الحدائق- و حاصل ما أفاده: انه لو لم نقل باختصاص اول الوقت بالظهر فلا بد اما من الالتزام بأن المكلف مكلف في اول الوقت بكلتا الصلاتين معا و أما مكلف بالجامع و اما مكلف بخصوص العصر و الالتزام بالاول تكليف بالمحال كما أن الالتزام بالثاني أو الثالث يستلزم خرق الاجماع و الضرورة فينحصر الامر بالالتزام بالاختصاص.

و فيه: انا نلتزم بأن المكلف مكلف في اول الوقت بخصوص الظهر لكن لو فرضنا انه اتي بالظهر قبل الوقت و وقع جزء من الظهر في الوقت أو اعتقد الاتيان بالظهر و أتي بالعصر لأجل هذا الاعتقاد أو للغفلة فهل تكون صلاته صحيحة أو باطلة؟

فانقدح فساد هذه الوجوه.

الخامس: ما في جملة من الروايات الواردة في الباب 4 من أبواب المواقيت من الوسائل الدالة علي كون الظهر قبل العصر منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن وقت الظهر و العصر فقال: اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر جميعا الا أن هذه قبل هذه ثم أنت في وقت منهما جميعا حتي تغيب الشمس «1» بتقريب ان وقت الاولي قبل الثانية.

______________________________

(1) المصدر السابق الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 84

______________________________

و فيه مضافا الي المناقشة في أسنادها انها تدل علي الترتيب لا علي تقدم

الوقت بل صرح في أكثر تلك الاخبار بدخول وقت كلتا الصلاتين بتحقق الزوال فلا تغفل.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان مقتضي القاعدة انه لا يختص اول الوقت بالظهر و ذلك لوجوه: الاول:

ان مقتضي الاية الشريفة ايقاع هذه الصلوات الاربع بين الزوال و غسق الليل غاية الامر نقطع بعدم جواز تأخير الظهرين من الغروب اجمالا و اما الزائد علي هذا المقدار فمدفوع بالاطلاق.

الثاني: أن مقتضي جملة من الروايات دخول وقت الظهرين بتحقق الزوال و امتداده الي غيبوبة الشمس لاحظ الروايات في الباب 4 من أبواب المواقيت من الوسائل منها ما رواه زرارة «1».

الثالث: ان البراءة الشرعية و العقلية تقتضي ذلك لدوران الامر بين الاقل و الاكثر غاية ما في الباب ان الترتيب بين الظهرين ثابت بلا اشكال و مقتضاه تقديم الظهر حتي في الوقت المشترك لكن لو قدم العصر نسيانا أو غفلة كانت صحيحة لحديث لا تعاد كما أنه لو اتي بالظهر قبل الوقت بحيث وقع جزء منه في الوقت لا مانع من الاتيان بالعصر هذا تمام الكلام في الفرع الاول.

الفرع الثاني: انه هل يختص آخر الوقت بالعصر بحيث لو أتي بالظهر يقع باطلا الظاهر انه لا وجه للقول بالبطلان كما هو مقتضي الاختصاص و ما تقدم من الوجوه علي فرض جريانها في هذا الفرع قد تقدم الجواب عنها فلا نعيد.

______________________________

(1) لاحظ ص: 57

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 85

______________________________

و أما رواية الحلبي «1» فقد اورد الاشكال عليها من حيث السند لاحتمال ان ابن سنان الواقع في السند محمد بن سنان هذا اولا و ثانيا: ان هذه الرواية تدل علي وجوب تقديم العصر.

و بعبارة اخري: غاية ما يستفاد من هذه الرواية انه مع عدم الاتيان بالعصر لا

يجوز الاتيان بالظهر و لو أتي به يكون باطلا لكن لا تدل علي عدم قابلية الوقت للظهر مطلقا بل لنا أن نقول: بأنها تدل علي عكس المطلوب حيث يقول: «ثم ليصلي الاولي بعد ذلك علي اثرها» فانه لو لم يكن الوقت باقيا فلا وجه للتعجيل الا أن يقال: بأن الرواية من ادلة المضايقة فلاحظ.

و قريب من هذه الرواية ما رواه اسماعيل بن همام عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال في الرجل يؤخر الظهر حتي يدخل وقت العصر أنه يبدأ بالعصر ثم يصلي الظهر «2».

و هذه الرواية علي تقدير تمامية سندها تدل علي وجوب تقديم العصر و لا تدل علي الاختصاص.

و أفاد سيدنا الاستاد- علي ما في التقرير- بأن القاعدة تقتضي مفاد الرواية اذ هو مقتضي الانبساط و بعبارة اخري: ان المكلف مكلف بثمان ركعات علي الترتيب و بعد تحقق الضيق اما يكون الواجب خصوص الظهر أو الجامع أو العصر لا مجال للأول و الثاني فيبقي الثالث.

و فيه: ان المفروض ان الوقت بمقتضي النص مشترك فلو ضاق الوقت يقتضي الاتيان بالظهر لان العصر مشروط بوقوعه بعد الظهر لا العكس و حيث ان المشروط

______________________________

(1) لاحظ ص: 82

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب المواقيت الحديث: 17

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 86

و ما بينهما مشترك بينهما (1) و وقت العشاءين للمختار من المغرب الي نصف الليل (2).

______________________________

ينتفي بانتفاء شرطه فلا مجال للإتيان به غاية الامر ان الاجماع القطعي قائم علي وجوب الاتيان بالعصر.

و يمكن أن يستفاد هذا المعني من جملة من الروايات الواردة في الباب 49 من أبواب الحيض من الوسائل منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان «1» و منها:

ما رواه داود الزجاجي «2» و منها: ما

رواه الفضل بن يونس «3» و منها:

ما رواه محمد بن مسلم «4».

مضافا الي التسالم و الاجماع علي المدعي عند الاصحاب بل يدل علي المدعي ما رواه ابن همام «5».

(1) كما هو ظاهر.

(2) يقع الكلام تارة في المغرب و اخري في العشاء اما الكلام في المغرب فتارة من حيث الابتداء و اخري من حيث الانتهاء لا اشكال في دخول وقت صلاة المغرب بالغروب غاية الامر يكون الخلاف في أن الغروب الموضوع للوجوب يحصل باستتار القرص أو بذهاب الحمرة المشرقية و هذا مضافا الي عدم الخلاف

______________________________

(1) لاحظ ص: 78

(2) لاحظ ص: 78

(3) لاحظ ص: 78

(4) لاحظ ص: 78

(5) لاحظ ص: 85

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 87

______________________________

فيه يكون مقتضي الاية الشريفة بالتقريب المتقدم فان هذا الزمان ظرف لهذه الصلوات غاية الامر قد علم من الخارج عدم جواز تقديم صلاة المغرب علي الغروب كما ان مقتضي بعض النصوص كذلك.

اضف الي ذلك ان البراءة تقتضي مذهب المشهور كما هو ظاهر انما الكلام في انتهاء وقته قال في الحدائق ما مضمونه: «المشهور ان وقته يمتد الي أن يبقي لانتصاف الليل بمقدار اداء صلاة العشاء و هو اختيار السيد و جماعة» «1».

و يدل علي هذا القول الاية الشريفة بضميمة الاخبار فان الاية تدل علي امتداد وقت المغرب الي غسق الليل و دل بعض النصوص علي دخول وقتها بالمغرب و قد أشرنا اليه و دل بعض ان غسق الليل عبارة عن انتصافه.

لاحظ ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عما فرض اللّه عز و جل من الصلاة فقال: خمس صلوات في الليل و النهار فقلت: هل سماهن اللّه و بينهن في كتابه؟ قال: نعم قال اللّه تعالي لنبيه صلي اللّه عليه

و آله: «أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِليٰ غَسَقِ اللَّيْلِ» و دلوكها زوالها و فيما بين دلوك الشمس الي غسق الليل أربع صلوات سماهن اللّه و بينهن و وقتهن و غسق الليل هو انتصافه ثم قال تبارك و تعالي: «وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كٰانَ مَشْهُوداً» فهذه الخامسة و قال تبارك و تعالي في ذلك: «أَقِمِ الصَّلٰاةَ طَرَفَيِ النَّهٰارِ» و طرفاه: المغرب و الغداة «وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ» و هي صلاة العشاء الآخرة و قال تعالي: «حٰافِظُوا عَلَي الصَّلَوٰاتِ وَ الصَّلٰاةِ الْوُسْطيٰ» و هي صلاة الظهر و هي أول صلاة صلاها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و هي وسط النهار و وسط صلاتين بالنهار صلاة الغداة و صلاة العصر «2».

______________________________

(1) الحدائق ج 6 ص: 175

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 88

______________________________

فبهذا التقريب نلتزم بامتداد وقته الي نصف الليل الا أن يمنع عنه مانع و في قبال هذا القول أقوال:

منها: القول بأن وقت المغرب يمتد الي طلوع الفجر للمضطر قال في الحدائق:

«الظاهر أن اول من ذهب صريحا الي امتداد العشاءين الي طلوع الفجر للمضطر هو المحقق في المعتبر و تبعه صاحب المدارك و شيده و تبعه في هذا القول جملة ممن تأخر عنه».

و استدل لهذا القول برواية ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان نام رجل أو نسي أن يصلي المغرب و العشاء الآخرة فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما و ان خاف أن تفوته احداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة و ان استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس «1».

و

رواية أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان نام رجل و لم يصل صلاة المغرب و العشاء أو نسي فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما و ان خشي أن تفوته احداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة و ان استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصل الفجر ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس فان خاف أن تطلع الشمس فنفوته احدي الصلاتين فليصل المغرب و يدع العشاء الآخرة حتي تطلع الشمس و يذهب شعاعها ثم ليصلها «2».

و رواية عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة لا تفوت صلاة النهار حتي تغيب الشمس و لا صلاة الليل حتي يطلع

______________________________

(1) الوسائل الباب 62 من أبواب المواقيت الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 89

______________________________

الفجر و لا صلاة الفجر حتي تطلع الشمس «1».

و خبر عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا طهرت المرأة قبل غروب الشمس فلتصل الظهر و العصر و ان طهرت من آخر الليل فلتصل المغرب و العشاء «2».

و خبر داود الزجاجي عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا كانت المرأة حائضا فطهرت قبل غروب الشمس صلت الظهر و العصر و ان طهرت من آخر الليل صلت المغرب و العشاء الآخرة «3».

و خبر عمر بن حنظلة عن الشيخ عليه السلام قال: اذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلت المغرب و العشاء و ان طهرت قبل أن تغيب الشمس صلت الظهر و العصر «4».

و خبر أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلت المغرب و العشاء و ان طهرت

قبل أن تغيب الشمس صلت الظهر و العصر «5».

و لا يخفي ان الاخبار الواردة في باب الحائض كلها ضعيفة لضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال و أما رواية ابن سنان التي تعرضت لحال النوم و النسيان فلا مانع من الاخذ بها فان مقتضي تقييد المطلق ذلك.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 49 من أبواب الحيض الحديث: 10

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) نفس المصدر الحديث: 12

(5) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 90

______________________________

و ما في كلام صاحب الحدائق من أنها مخالف للكتاب لا وجه له فان المخالف للكتاب يضرب عرض الجدار اذا كان مخالفا بالتباين كما أن ما أفاده من أن هذه الروايات موافقة للعامة فتحمل علي التقية غير تام اذ الرواية لو كانت معارضة يؤخذ بما يكون مخالفا للتقية لا مطلقا كما أن ما أفاده أيضا من أن الاخبار المتعرضة للوقت لم تتعرض لمثله، ليس تحته شي ء فان عدم التعرض فيها لا يقتضي رفع اليد عن الدليل المعتبر كما هو ظاهر.

كما أن ما أفاده الميرزا قدس سره من أن المشهور اعرضوا عنها لا أثر له فانا ذكرنا ان الاعراض لا يسقط الخبر المعتبر عن الاعتبار كما أن ما أفاده أيضا من أن الاخبار دلت علي امتداد الوقت الي النصف و في تلك الاخبار ما ورد في تفسير الاية و فسر الغسق و تبعه في هذا البيان سيدنا الاستاد غير تام فان هذا كله لا يمنع عن الاخذ بالمقيد.

يبقي في المقام شي ء و هو أنه يستفاد من رواية زرارة و الفضيل قالا قال أبو جعفر عليه السلام ان لكل صلاتين وقتين غير المغرب فان وقتها واحد

و وقتها وجوبها و وقت فوتها سقوط الشفق «1»، أن وقت المغرب واحد فيشكل بأنه يقع التعارض بين هذه الرواية و رواية ابن سنان فما الحيلة؟

و نجيب عن هذه الاشكال اولا: ان المستفاد من الرواية بحسب الظاهر ان لكل صلاة وقتين احدهما أفضل غير المغرب كما يدل عليه ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: لكل صلاة وقتان و أول الوقتين أفضلهما و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا و لكنه وقت من شغل أو نسي أو سها أو نام و ليس لأحد

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب المواقيت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 91

______________________________

أن يجعل آخر الوقتين وقتا الا من عذر أو علة «1».

فانه يستفاد من تلك الرواية ان صلاة المغرب ليست كبقية الصلوات فان الصلوات لها وقت فضل و وقت اجزاء و أما صلاة المغرب فلها وقت اجزاء فقط فلا ينافي ما يدل علي أن وقت الاجزاء يختلف بالنسبة الي بعض العوارض كالنسيان و النوم.

و ثانيا: ان غاية ما يستفاد من تلك الرواية مطلق و لا مانع من تقييده بالنسبة الي الناسي و النائم.

فالحق ان يقال: ان وقت المغرب يمتد الي الفجر بالنسبة الي الناسي و النائم لكن الاحتياط يقتضي أن يؤتي بالصلاة بعد الغسق بعنوان ما في الذمة كي يخرج عن شبهة الخلاف و اللّه العالم.

و منها: ما نسب الي ابن البراج و بعض آخر و هو امتداد وقت المغرب الي سقوط الشفق و يدل علي هذا القول ما رواه زرارة و الفضيل «2» بحمل هذا التحديد علي الافضلية.

و الظاهر انه لا وجه له فانه لا شاهد لهذا الجمع بل يقع التعارض بين

هذه الرواية و بقية الروايات الدالة علي امتداد الوقت الي النصف و الترجيح مع تلك الروايات لموافقتها الكتاب كما أن المرجع عند التساقط الرجوع الي الكتاب و الحق انه لا تصل النوبة الي التعارض و العلاج فانه لا شبهة في أن الامر ليس كذلك و وقت المغرب ليس بهذا المقدار.

و مما يدل علي قول ابن البراج ما رواه زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 90

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 92

______________________________

يقول: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لا يصلي من النهار شيئا حتي تزول الشمس فاذا زالت قدر نصف اصبع صلي ثماني ركعات فاذا فاء الفي ء ذراعا صلي الظهر ثم صلي بعد الظهر ركعتين و يصلي قبل وقت العصر ركعتين فاذا فاء الفي ء ذراعين صلي العصر و صلي المغرب حتي تغيب الشمس فاذا غاب الشفق دخل وقت العشاء و آخر وقت المغرب اياب الشفق فاذا آب الشفق دخل وقت العشاء ثلث الليل و كان لا يصلي بعد العشاء حتي ينتصف الليل ثم يصلي ثلاث عشره ركعة منها الوتر و منها ركعتي الفجر قبل الغداة فاذا طلع الفجر و أضاء صلي الغداة «1».

و هذه الرواية ساقطة من حيث السند لكون موسي بن بكر في سلسلتها.

و منها: ما نسب الي ابن بابويه و المفيد من امتداد وقته الي ربع الليل في السفر و عن ابن حمزة القول بذلك مع الاضطرار و يدل عليه ما رواه عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: وقت المغرب في السفر الي ربع الليل «2».

و لاحظ ما رواه عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه

السلام عن وقت المغرب فقال: اذا كان أرفق بك و أمكن لك في صلاتك و كنت في حوائجك فلك أن تؤخرها الي ربع الليل «3».

و الرواية الثانية ضعيفة بمحمد بن عمر بن يزيد و أما الرواية الاولي فحيث انها نقية السند يكون مقتضي القاعدة الاخذ بها و الالتزام بمفادها لكن حيث ان المقطوع به خلافه فتطرح و حملها علي التحديد من جهة الفضل لا شاهد عليه و يعارضها ما رواه عبيد اللّه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس أن تؤخر المغرب

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب المواقيت الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 93

______________________________

في السفر حتي يغيب الشفق «1».

و ان شئت قلت: ان الرواية المذكورة اما معارضة مع بقية الروايات و اما حاكمة عليها فعلي الاول يكون الترجيح مع غيرها بموافقة الكتاب و علي الثاني تقدم هذه مع قطع النظر عن القطع الخارجي.

فانقدح مما ذكرنا ان الحق ان وقت المغرب يمتد إلي نصف الليل الا بالنسبة الي الناسي و النائم.

بقي شي ء: و هو انه هل يلاحظ النصف بالنسبة الي طلوع الشمس أو يلاحظ بالنسبة الي طلوع الفجر؟ الحق هو الثاني اذ ما بين الطلوعين ليس جزءا من الليل بل من اليوم فالمدار بالفجر لا بشروق الشمس.

و أما العشاء فالمشهور فيما بينهم- علي ما في الحدائق- «2» ان اول وقت العشاء مضي مقدار ثلاث ركعات من غروب الشمس و اليه ذهب السيد و الشيخ و جملة من الاعلام.

و في قبال هذا القول قول و هو ان اول وقته ذهاب الشفق و يدل علي مذهب المشهور وجوه:

الوجه الاول: الاية الشريفة فانها

باطلاقها تقتضي جواز الاتيان بالعشاء بين المبدأ و المنتهي مع رعاية الترتيب بينه و بين المغرب.

الوجه الثاني: النصوص الواردة في المقام منها: ما رواه زرارة «3» و منها ما رواه أيضا قال: سألت أبا جعفر و أبا عبد اللّه عليهما السلام عن الرجل يصلي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الحدائق ج 6 ص 189

(3) لاحظ ص: 57

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 94

______________________________

العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق فقالا: لا بأس به «1».

و منها: ما رواه عبيد اللّه و عمران ابنا علي الحلبيان قالا: كنا نختصم في الطريق في الصلاة صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق و كان منا من يضيق بذلك صدره فدخلنا علي أبي عبد اللّه فسألناه عن صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق فقال:

لا بأس بذلك قلنا و اي شي ء الشفق؟ فقال: الحمرة «2».

الوجه الثالث: الاصل العملي بالتقريب المتقدم و لا يخفي انه لا مجال لان يقال: بأن جواز التقديم يختص بصورة العذر لأنه صرح في بعض الروايات بجواز التقديم من غير عذر و علة كرواية زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بالناس المغرب و العشاء الآخرة قبل الشفق من غير علة في جماعة و انما فعل ذلك ليتسع الوقت علي امته «3».

و في مقابل تلك الاخبار المجوزة نصوص تدل علي أن أول وقت العشاء ذهاب الشفق منها:

ما رواه عمران بن علي الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام متي تجب العتمة؟ قال: اذا غاب الشفق و الشفق الحمرة فقال عبيد اللّه أصلحك اللّه انه يبقي بعد ذهاب الحمرة ضوء شديد معترض فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان الشفق انما هو الحمرة و

ليس الضوء من الشفق «4».

و مع التعارض يكون الترجيح مع تلك الروايات لموافقتها مع الكتاب كما أنه علي فرض التساقط يكون المرجع اطلاق الكتاب أيضا كما أن ذهاب العامة

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب المواقيت الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 23 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 95

______________________________

الي خلاف القول المشهور يقتضي الاخذ بتلك النصوص فان الرشد في خلافهم.

و أما حمل الخبر المخالف للقول المشهور علي الفضل فيشكل اذ لا بد في حمل الرواية علي معني من شاهد و لا يبعد أن يكون مثله تبرعيا و الشاهد عليه انه وقع الترديد في كلماتهم بين حمله علي التقية و حمله علي الافضلية اذ لو كان مقتضي الجمع العرفي الثاني فلا وجه للأول و ان لم يكن وجه للجمع فلا وجه للثاني.

هذا تمام الكلام بالنسبة الي المبدأ و أما الكلام من حيث المنتهي فالمعروف بين الاصحاب امتداد وقته الي نصف الليل و في مقابل هذا القول قول بأنه يمتد الي ثلث الليل و الحق هو القول المعروف و تدل عليه الاية الشريفة كما أنه تدل عليه جملة من الروايات و قد مر بعض منها. كما أن مقتضي الاصل العملي كذلك.

و من جملة الروايات الدالة علي هذا المعني ما رواه عبد اللّه بن سنان قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: وقت المغرب اذا غربت الشمس فغاب قرصها قال: و سمعته يقول: أخر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ليلة من الليالي العشاء الآخرة ما شاء اللّه فجاء عمر فدق الباب فقال: يا رسول اللّه نام النساء نام الصبيان فخرج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله

فقال: ليس لكم أن تؤذوني و لا تأمروني و انما عليكم أن تسمعوا و تطيعوا «1».

و منها: ما دل علي أنه لو لا المشقة لكان النبي صلي اللّه عليه و آله يؤخر العشاء الي ثلث الليل لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر (أبي عبد اللّه) عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لو لا اني أخاف أن اشق علي امتي لأخرت العشاء الي ثلث الليل و أنت في رخصة الي نصف الليل و هو غسق الليل الحديث «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 96

______________________________

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لو لا نوم الصبي و غلبة (علة) الضعيف لأخرت العتمة الي ثلث الليل «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لو لا أن اشق علي امتي لأخرت العشاء الي نصف الليل «2».

الي غير ذلك من الروايات الواردة في الابواب المختلفة.

و يدل علي القول الاخر ما رواه معاوية بن عمار في رواية أن وقت العشاء الآخرة الي ثلث الليل «3».

و مع فرض التعارض يكون الترجيح مع تلك الاخبار لان ما رواه معاوية بن عمار مخالف للكتاب لكن مقتضي الجمع العرفي أن يحمل علي الافضلية بشهادة ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: العتمة الي ثلث الليل أو الي نصف الليل و ذلك التضييع «4».

فان هذه الروايه تدل علي أن التقديم بمرتبة من الفضيلة بحيث يصح أن يقال:

ان المؤخر ضيع الصلاة.

ان قلت:

اذا كان الامر كذلك فما معني ما في بعض الروايات من أنه لو لا المشقة لكان صلي اللّه عليه و آله يؤخر العشاء الي ثلث الليل؟ قلت: لا منافاة بين الامرين فانه يستفاد من تلك الروايات انه كان في التأخير اقتضاء لكنه لا ينافي أن يكون الجعل الخارجي كذلك.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 17 من أبواب المواقيت الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 97

و تختص المغرب من أوله بمقدار ادائها و العشاء من آخره كذلك (1).

______________________________

فالنتيجة أن وقت العشاء بحسب الاجزاء ينتهي الي النصف و لكن الافضل أن يقدم علي الثلث.

(1) الكلام في الوقت الاختصاصي في المقام هو الكلام في الظهرين بمعني أنه ان كان المراد ان الوقت غير قابل للظرفية فلا دليل عليه بل مقتضي الاطلاق اللفظي و الاصل العملي خلافه نعم لا اشكال في الترتيب بين العشاءين و ما يمكن أن يستدل به عليه وجوه:

الوجه الاول: النصوص الدالة علي الترتيب بقوله عليه السلام: الا ان هذه قبل هذه «1».

لكن هذه النصوص كلها ضعيفة ففي بعضها سهل بن زياد و في بعضها قاسم بن عروة و في بعضها ضحاك بن زيد.

الوجه الثاني: ما أفاده سيدنا الاستاد من أنه يجب الصلاة بدخول المغرب و حيث انه لا معني لوجوب كلتا الصلاتين معا و لا يحتمل لزوم تقديم العشاء فاللازم تقديم المغرب.

و فيه: انه يمكن التخيير ان قلت: هذا أيضا مقطوع خلافه قلت: يرجع الاستدلال الي القطع الخارجي و هذا دليل آخر و وجه في قبال بقية الوجوه.

الوجه الثالث: ما ورد في باب القضاء حيث يدل علي الترتيب في القضاء بين الظهرين و المغربين فيدل علي

أن الترتيب معتبر لكن الانصاف انه لا دلالة في تلك الاخبار علي المدعي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب المواقيت الحديث: 11 و 14 و الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 4 و الباب 16 من أبواب المواقيت الحديث: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 98

و ما بينهما مشترك أيضا بينهما (1) و أما المضطر لنوم أو نسيان أو حيض أو غيرها فيمتد وقتهما له الي الفجر الصادق (2) و تختص العشاء من آخره بمقدار ادائها (3 و الاحوط وجوبا للعامد المبادرة اليها بعد نصف الليل قبل طلوع الفجر من دون نية القضاء أو الاداء (4) و وقت الصبح من طلوع الفجر الصادق الي طلوع الشمس (5).

______________________________

الوجه الرابع ما ورد في العدول من العصر الي الظهر و من العشاء الي المغرب حيث يدل علي الترتيب بنظر العرف فلاحظ.

(1) كما ظهر مما تقدم.

(2) قد ذكرنا ان مقتضي النصوص ان الوقت بالنسبة الي الناسي و النائم يمتد الي الفجر دون غيرهما فراجع.

(3) قد ظهر وجهه مما تقدم في الوقت الاختياري.

(4) لا وجه لما أفاده بالنسبة الي العامد في التأخير فان الظاهر انه لا يمتد الوقت و ينتهي الي نصف الليل نعم مقتضي الاحتياط انه لو أخر الي النصف لا ينوي الاداء و القضاء و اللّه العالم.

(5) الظاهر أنه لا اشكال و لا كلام في أن وقت صلاة الفجر يدخل بحصوله و انما الكلام في أن المراد بالفجر الثاني أو الاول و هو امر آخر و يدل علي المدعي نصوص منها ما رواه زرارة «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: اذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة «2».

______________________________

(1) لاحظ ص: 87

(2) الوسائل الباب

26 من أبواب المواقيت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 99

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل صلي الفجر حين طلع الفجر فقال: لا بأس «1».

و منها: ما رواه ذريح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أتي جبرئيل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فأعلمه مواقيت الصلاة فقال: صل الفجر حين ينشق الفجر الحديث «2».

و أما آخره فالمشهور انه طلوع الشمس و في قبال هذا القول قول بأنه طلوع الشمس بالنسبة الي المعذور و أما بالنسبة الي المختار فآخره طلوع الحمرة المشرقية ذهب الي القول الاول السيد و ابن الجنيد و المفيد و سلار و ابن البراج و أبو الصلاح و ابن زهرة و ابن ادريس و عليه جمهور المتأخرين و اختار ابن أبي عقيل و ابن الحمزة القول الثاني و نسب الي الشيخ في أحد قوليه.

و الظاهر ان ما ذهب اليه المشهور هو الحق و يمكن أن يستدل عليه بوجوه:

الاول: قوله تعالي: «وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ» «3» بضم الرواية المفسرة له فانه لا اشكال في انتهاء الوقت بطلوع الشمس و أما قبله فأول الكلام فان التقييد خلاف الاطلاق المستفاد من الدليل.

الثاني: انه مقتضي الاصل الشرعي و العقلي فان مقتضاه الاخذ بالاقل في مقام الشك نعم لو تم دليل الخصم لا تصل النوبة الي الاصل كما أن الاطلاق ينهدم به.

الثالث: النصوص الواردة في المقام منها: ما رواه علي بن يقطين قال:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 8

(3) الاسراء/ 78

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 100

______________________________

سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يصلي الغداة حتي يسفر و تظهر الحمرة و لم

يركع ركعتي الفجر أ يركعهما أو يؤخرهما؟ قال: يؤخرهما «1».

فانه يستفاد من الرواية ان صلاة الفجر لا ينقضي وقتها بظهور الحمرة بل يستفاد من النص انه يجوز التأخير اختيارا الي ظهور الحمرة حيث ان السائل في ذهنه انه لو كان للنافلة وقت قبل ظهور الحمرة لكان الاتيان بها جائزا بحيث يصلي النافلة و تظهر الحمرة بعدها ثم يصلي الفجر و الامام عليه السلام لم يردعه عن ارتكازه.

و منها ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل اذا غلبته عينه أو عاقه امر أن يصلي المكتوبة من الفجر ما بين أن يطلع الفجر الي أن تطلع الشمس و ذلك في المكتوبة خاصة «2».

و منها: ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لكل صلاة وقتان و أول الوقتين أفضلهما و وقت صلاة الفجر حين ينشق الفجر الي أن يتجلل الصبح السماء و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا و لكنه وقت من شغل أو نسي أو سهي أو نام و وقت المغرب حين تجب الشمس الي أن تشتبك النجوم و ليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا الا من عذر أو من علة «3».

فان قوله عليه السلام: «اول الوقتين افضلهما» يدل علي بقاء وقت صلاة الفجر حتي بالنسبة الي العامد فانه يستفاد من صيغة التفضيل كما هو ظاهر و قوله:

«لا ينبغي» غير ظاهر في الحرمة بل لا يستفاد من هذا اللفظ الا الكراهة و لا نسلم ما أفاده سيدنا الاستاد من ظهوره في الحرمة مضافا الي أنه علي فرض التسليم

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 26 من أبواب المواقيت الحديث: 7

(3)

نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 101

______________________________

يرفع اليد عن هذا الظهور بصدر الرواية و يحمل علي شدة الكراهة الي غير ذلك من النصوص.

الرابع: الاتفاق و التسالم بين الاصحاب فانه كيف يمكن أن يبقي مثل هذا الحكم مجهولا لديهم و هذا لا يكون تمسكا بالإجماع بل تمسك بالوضوح و السيرة العملية من المتشرعة بحيث لا يكون نكير من احد و هذا ظاهر.

و استدل للقول الاخر بعدة نصوص: منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: وقت الفجر حين ينشق الفجر الي أن يتجلل الصبح السماء و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا و لكنه وقت لمن شغل أو نسي أو نام «1».

بدعوي ان قوله عليه السلام: «لا ينبغي» يقتضي عدم جواز التأخير عمدا.

و فيه: انه لا نسلم ظهور هذا اللفظ في الحرمة بل ظاهر في الكراهة مضافا الي أنه علي تقدير التسليم ترفع اليد عن ظهوره بحديث ابن سنان «2» المصرح فيه بأن أول الوقتين أفضلهما.

و منها: ما قدمناه من رواية عمار بن موسي «3» بتقريب ان المذكور في الرواية وقت لذوي الاعذار و أما وقت المختار فلم يذكر. و هذا دعوي بلا دليل بل ان الرواية باطلاقها كما ذكرنا تدل علي امتداد الوقت الي طلوع الشمس لمطلق المكلف اذ يستفاد من الرواية انه لو عاق المكلف امر فله التأخير و مقتضي اطلاقها ان الامر بيد المكلف فله أن يجعل كل امر اختياري مانعا عن الاتيان بالفريضة.

و منها: ما رواه ابو بصير ليث المرادي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) لاحظ ص 100

(3) لاحظ ص: 100

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 102

[مسألة 4: الفجر الصادق هو البياض المعترض في الأفق الذي يتزايد وضوحا و جلاء]

(مسألة 4): الفجر الصادق هو البياض

المعترض في الافق الذي يتزايد وضوحا و جلاء و قبله الفجر الكاذب و هو البياض المستطيل من الافق صاعدا الي السماء كالعمود الذي يتناقص و يضعف حتي ينمحي (1).

______________________________

فقلت: متي يحرم الطعام و الشراب علي الصائم و تحل الصلاة صلاة الفجر؟ فقال:

اذا اعترض الفجر فكان كالقبطية البيضاء فثم يحرم الطعام علي الصائم و تحل الصلاة صلاة الفجر قلت: أ فلسنا في وقت الي أن يطلع شعاع الشمس قال: هيهات أين يذهب بك تلك صلاة الصبيان «1».

و قريب منه ما رواه أبو بصير المكفوف قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصائم متي يحرم عليه الطعام؟ فقال: اذا كان الفجر كالقبطية البيضاء قلت: فمتي تحل الصلاة؟ فقال: اذا كان كذلك فقلت: أ لست في وقت من تلك الساعة الي أن تطلع الشمس؟ فقال: لا انما نعدها صلاة الصبيان «2».

بتقريب: انه يستفاد من هاتين الروايتين سيما ثانيتهما انه لا يجوز التأخير و انما التأخير من الصبيان.

و الانصاف: انه لا بأس بهذا الاستدلال لكن من مجموع روايات المسألة يستفاد المرجوحية في التأخير لا الحرمة اضف الي ذلك ان بقاء الوقت الي طلوع الشمس من الواضحات.

(1) ما أفاده في المتن هو المعروف بين الاصحاب- كما في بعض الكلمات- كما انه نقل عدم الخلاف فيه بل نقل عن العامة انهم موافقون للإمامية في هذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب المواقيت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 103

[مسألة 5: الزوال المنتصف ما بين طلوع الشمس و غروبها]

(مسألة 5): الزوال المنتصف ما بين طلوع الشمس و غروبها و يعرف بزيادة ظل كل شاخص معتدل بعد نقصانه أو حدوث ظله بعد انعدامه (1).

______________________________

الرأي و يدل عليه من النصوص ما رواه ابو بصير

«1».

و يدل عليه أيضا ما رواه علي بن عطية عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال:

الصبح (الفجر) هو الذي اذا رأيته كان معترضا كأنه بياض نهر سوراء «2».

مضافا الي أنه مقتضي الاصل العملي اذ نشك ان الفجر بما هو موضوع للواجب تحقق قبل صيرورته صادقا أم لا؟ و الاصل عدمه.

(1) يتحقق الزوال بزيادة الظل بعد انتهاء نقصانه كما هو الغالب أو بحدوثه بعد انعدامه و هو القليل و لذا لم يرد في نص من النصوص عنوان الحدوث بعد الانعدام لاحظ ما رواه سماعة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام جعلت فداك متي وقت الصلاة؟ فأقبل يلتفت يمينا و شمالا كأنه يطلب شيئا فلما رأيت ذلك تناولت عودا فقلت: هذا تطلب؟ قال: نعم فأخذ العود فنصبه بحيال الشمس ثم قال: ان الشمس اذا طلعت كان الفي ء طويلا ثم لا يزال ينقص حتي تزول فاذا زالت زادت فاذا استنبت فيه الزيادة فصل الظهر ثم تمهل قدر ذراع وصل العصر «3».

و ما رواه علي بن أبي حمزة قال: ذكر عند أبي عبد اللّه عليه السلام زوال الشمس قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: تأخذون عودا طوله ثلاثة اشبار و ان زاد فهو أبين فيقام فما دام تري الظل ينقص فلم تزل فاذا زاد الظل بعد النقصان

______________________________

(1) لاحظ ص: 101

(2) الوسائل الباب 27 من أبواب المواقيت الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 104

و نصف الليل منتصف ما بين غروب الشمس و طلوعها (1).

______________________________

فقد زالت «1» و ما رواه الصدوق «2».

فان المذكور فيها عنوان الزيادة لكنها ضعيفة سندا و ملخص الكلام ان خط النصف خط و دائرة موهومة يقسم

الفلك الي نصفين الشرق و الغرب و بعد طلوع الشمس من المشرق يوجد ظل للشاخص الي طرف المغرب و هذا الظل ينقص شيئا فشيئا حتي تصل الشمس الي الدائرة القاسمة فان كانت مسامتة للشاخص ينعدم الظل و ان كانت مائلة الي الجنوب أو الشمال يبقي من الظل شي ء غاية الامر ان كانت مائلة الي الجنوب يحصل الظل في طرف الشمال و ينعكس في فرض العكس.

(1) وقع الخلاف في أن الليل يحسب من غروب الشمس الي الفجر أو يحسب منه الي طلوعها اختار سيدنا الاستاد القول الثاني و اصر بأن الليل يحسب من الغروب الي طلوع الشمس بدعوي أن الغسق عبارة عن شدة الظلمة و هي انما تتحقق في نصف ما بين غروب الشمس و طلوعها و استدل لما ادعاه بما رواه بكر بن محمد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله سائل عن وقت المغرب فقال: ان اللّه يقول في كتابه لإبراهيم: «فَلَمّٰا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأيٰ كَوْكَباً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي» و هذا اول الوقت و آخر ذلك غيبوبة الشفق و أول وقت العشاء الآخرة ذهاب الحمرة و آخر وقتها الي غسق الليل يعني نصف الليل «3» و ما رواه زرارة «4».

و يرد عليه: انه يستفاد من الروايتين ان الشارع عرف الغسق بالنصف و معلوم ان النصف مفهوم واضح لدي العرف و بعد بيان هذه المقدمة نقول: الحق ما هو

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 16 من أبواب المواقيت الحديث: 6

(4) لاحظ ص: 87

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 105

______________________________

المشهور و ان النصف يلاحظ بالنسبة الي غروب الشمس و طلوع الفجر اذ اليوم عبارة عما بين الفجر و الغروب و

الغسق فسر بالنصف فلا يبقي مجال للإشكال.

و استدل سيدنا الاستاد علي ما ادعاه بحديث زرارة «1» بأنه سمي الزوال بالنصف في هذه الرواية و الحال ان الزوال لا يكون نصفا الا أن يحسب مبدئه من طلوع الشمس.

و استدل أيضا بقوله تعالي: «أَقِمِ الصَّلٰاةَ طَرَفَيِ النَّهٰارِ» و في حديث زرارة فسر طرفاه بصلاة الغداة و المغرب و حيث ان المغرب داخل في الليل و خارج عن النهار كذلك صلاة الغداة.

و يرد علي ما ادعاه ان الاستعمال اعم من الحقيقة فلا يدل كون الزوال نصفا من النهار علي ما رامه مضافا الي أنه يمكن أن نلتزم بكون النهار من اول طلوع الشمس لكن لا ينافي أن لا يكون ما بين الطلوعين من الليل بل يكون من اليوم و أما ما أفاده من قرينة المقابلة فلا يقتضي كون الغداة خارجا من النهار اذ القرينة أنما تؤثر عند الشك و نحن نعلم ان ما بين الطلوعين ليس من الليل مضافا الي أن خروج الغداة من النهار لا يكون دليلا علي كونه من الليل و يضاف الي ذلك بأنه لو كان مثل هذه الاستعمالات دليلا يكون قوله عليه السلام: «و هي وسط النهار و وسط صلاتين بالنهار صلاة الغداة و صلاة العصر» دليلا علي العكس.

و ملخص الكلام: انه لا شبهة ان ما بين الطلوعين اي الفجر من اليوم لغة و عرفا و لا أقلّ من أن لا يعد من الليل و لا نستدل في هذه المقالة برواية أبي هاشم الخادم قال: قلت لأبي الحسن الماضي عليه السلام: لم جعلت صلاة الفريضة

______________________________

(1) لاحظ ص: 78

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 106

و يعرف الغروب بسقوط القرص (1).

______________________________

و السنة خمسين ركعة لا يزاد فيها

و لا ينقص منها؟ قال: لان ساعات الليل اثنتا عشرة ساعة و فيما بين طلوع الفجر الي طلوع الشمس ساعة و ساعات النهار اثنتا عشرة ساعة فجعل اللّه لكل ساعة ركعتين و ما بين غروب الشمس الي سقوط الشفق غسق فجعل للغسق ركعة «1».

و لا بخبر ابان الثقفي قال سأل النصراني الشامي الباقر عليه السلام عن ساعة ما هي من الليل و لا هي من النهار اي ساعة هي؟ قال أبو جعفر عليه السلام: ما بين طلوع الفجر الي طلوع الشمس الحديث «2» كي يقال: بأنهما ضعيفان سندا.

كما انا لا نستدل علي كون ما بين الطلوعين من اليوم برواية يحيي بن أكثم القاضي أنه سأل أبا الحسن الاول عن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراءة و هي من صلوات النهار و انما يجهر في صلاة الليل؟ فقال: لان النّبيّ صلي اللّه عليه و آله كان يغلس بها فقر بها من الليل «3» كي يقال: بأنها ضعيفة سندا أيضا بل نستدل باللغة و العرف فانهما اصدقا شاهد علي خروجه من مفهوم الليل و دخوله في مفهوم النهار فلا وجه لهذه المقالة و عليه فما أفاده في العروة بنحو الاحتمال هو الاقوي و اللّه العالم.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 106

(1) قال السيد اليزدي قدس سره في عروته: «و يعرف المغرب بذهاب الحمرة المشرقية عن سمت الرأس» و نقل عن السرائر الاجماع عليه و عن المعتبر عليه عمل الاصحاب و عن جماعة نسبته الي المشهور و في الحدائق: «فالمشهور و هو الذي

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب أعداد الفرائض

الحديث: 20

(2) مستدرك الوسائل الباب 49 من أبواب المواقيت الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 25 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 107

______________________________

عليه الاكثر من المتقدمين و المتأخرين انه انما يعلم بزوال الحمرة المشرقية عن قمة الرأس الي ناحية المغرب».

و في قبال هذا القول هو القول بأن المغرب يتحقق باستتار القرص و نقل هذا القول عن الشيخ و السيد و ابن الجنيد و الصدوق و منشأ الاختلاف اختلاف الاخبار فلا بد من ملاحظة روايات الباب و استخراج النتيجة منها و في المقام طائفتان من الروايات:

الطائفة الاولي ما استدل بها أو يمكن أن يستدل بها علي القول الاول منها:

ما رواه بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا غابت الحمرة من من هذا الجانب يعني من المشرق فقد غابت الشمس من شرق الارض و غربها «1».

و قد عبر السيد الحكيم قدس سره عن هذه الرواية بمصحح بريد و الحال ان السند ضعيف بقاسم بن عروة و تقريب الاستدلال بهذه الرواية ان المستفاد منها ان غيبوبة الحمرة من المشرق تلازم غيبوبة الشمس و الرواية ساقطة عن درجة الاعتبار سندا فلا تصل النوبة الي الدلالة مضافا الي أن التلازم من هذا الطرف و من الممكن ان الشمس تغيب و الحمرة باقية بعد.

و ما أفاده سيدنا الاستاد في المقام ليس تاما فانه لا يستفاد من الشرطية التلازم من الطرفين و هذا واضح جدا.

و منها ما رواه علي بن احمد بن اشيم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: وقت المغرب اذا ذهبت الحمرة من المشرق و تدري كيف ذلك؟ قلت: لا قال: لان المشرق مطل علي المغرب هكذا و

رفع يمينه فوق

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 108

______________________________

يساره فاذا غابت هاهنا ذهبت الحمرة من هاهنا «1» و الرواية ساقطة سندا بالارسال.

و منها: ما رواه ابن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

وقت سقوط القرص و وجوب الافطار من الصيام أن تقوم بحذاء القبلة و تتفقد الحمرة التي ترتفع من المشرق فاذا جازت قمة الرأس الي ناحية المغرب فقد وجب الافطار و سقط القرص «2». و هذه الرواية لإرسالها ساقطة عن درجة الاعتبار.

و منها: ما رواه أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اي ساعة كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يوتر؟ فقال: علي مثل مغيب الشمس الي صلاة المغرب «3».

و الرواية ضعيفة باسماعيل بن أبي سارة. و منها ما رواه بكر بن محمد «4».

و تقريب الاستدلال ان الحديث دال علي أن المغرب يتحقق بطلوع الكوكب و طلوع الكوكب يلازم ذهاب الحمرة. و فيه: ان هذا أول الكلام بل قال بعض الاعاظم ان الغالب رؤية الكوكب قبل ذهاب الحمرة.

و منها: ما رواه بريد بن معاوية العجلي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: اذا غابت الحمرة من هذا الجانب يعني ناحية المشرق فقد غابت الشمس من شرق الارض و من غربها «5». و هذه الرواية ساقطة بقاسم بن عروة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) لاحظ ص: 104

(5) الوسائل الباب 16 من أبواب المواقيت الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 109

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن علي قال: صحبت الرضا عليه السلام في السفر فرأيته يصلي المغرب اذا أقبلت الفحمة من المشرق يعني

السواد «1». و فيه:

ان فعله عليه السلام لا يدل علي الالزام كما هو ظاهر.

و منها: ما رواه شهاب بن عبد ربه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: يا شهاب اني احب اذا صليت المغرب أن أري في السماء كوكبا «2» و الرواية ضعيفة بمحمد بن حكيم.

و منها: ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: انما أمرت أبا الخطاب أن يصلي المغرب حين زالت الحمرة من مطلع الشمس فجعل هو الحمرة التي من قبل المغرب و كان يصلي حين يغيب الشفق «3» و الرواية ضعيفة بعلي بن يعقوب.

و منها: ما رواه بريد عن أحدهما عليهما السلام قال: اذا غابت الحمرة من المشرق فقد غابت الشمس من شرق الارض و غربها «4».

و قد مر الجواب و قلنا: بأن القاسم الواقع في الطريق ضعيف.

و منها: ما رواه محمد بن شريح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن وقت المغرب فقال: اذا تغيرت الحمرة في الافق و ذهبت الصفرة و قبل ان تشتبك النجوم «5» و الرواية ضعيفة ببكار و غيره.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 11

(5) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 110

______________________________

و منها: ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال لي:

مسوا بالمغرب قليلا فان الشمس يغيب من عندكم قبل أن تغيب من عندنا «1».

و الرواية تامة سندا لكن في الدلالة علي المدعي نقاشا بل يمكن أن يقال:

ان الرواية تدل علي خلاف المدعي اذ يفهم منها ان الميزان بغياب الشمس عن الافق و محصل الكلام انه لا يرتبط بمدعي الخصم فانه اما تدل

علي أن الميزان بغيبوبة الشمس عن جميع الاقطار فهذا باطل قطعا و اما المقصود ان الشمس تغيب من نظركم و الحال انها بعد باقية في الافق فالمس بهذا اللحاظ و علي كلا التقديرين اجنبية عن المدعي كما هو ظاهر.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن وضاح قال: كتبت الي العبد الصالح عليه السلام يتواري القرص و يقبل الليل ثم يزيد الليل ارتفاعا و تستتر عنا الشمس و ترتفع فوق الجبل حمرة و يؤذن عندنا المؤذنون أ فأصلي حينئذ و أفطر ان كنت صائما أو انتظر حتي يذهب الحمرة التي فوق الجبل؟ فكتب إلي: أري لك أن تنتظر حتي تذهب الحمرة و تأخذ بالحائطة لدينك «2».

و تقريب الاستدلال بهذه الرواية ان الحكم مترتب علي المغرب بعد ذهاب الحمرة و لكن حيث ان بيان هذا الحكم مخالف للتقية بينه عليه السلام بهذا التعبير فيكون الاحتياط في الشبهة الحكمية.

و فيه: ان الحمل علي التقية خلاف القاعدة الاولية بل يناسب أن يكون بلحاظ الشبهة الموضوعية و التعبير بالاحتياط يناسب عدم اللزوم و ان شئت قلت: ان الامام عليه السلام لا يناسب أن يبين الحكم الشرعي بنحو الاحتياط فهذا الاحتياط من

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 111

______________________________

باب الشبهة الموضوعية كي يحصل اليقين بسقوط القرص عن الافق.

و منها ما رواه جارود قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: يا جارود ينصحون فلا يقبلون و اذا سمعوا بشي ء نادوا به أو حدثوا بشي ء أذاعوه قلت لهم: مسوا بالمغرب قليلا فتركوها حتي اشتبكت النجوم فأنا الان اصليها اذا سقط القرص «1» و تقريب الاستدلال ظاهر.

و فيه: ان هذه الرواية تدل علي خلاف المقصود اذ الجهال

اذا عوا أمرا مخالفا لمقالته عليه السلام و لذا صلي عند استتار القرص كي يكرن ردعا لما اذاعوا و حمل فعله علي التقية علي خلاف القاعدة.

و بعبارة اخري: لا وجه لحمل فعله علي التقية و الالتزام بأنه عليه السلام صلي قبل الوقت تقية و الحال ان الظاهر من الرواية انه لم يكن موضوع للتقية في هذه الرواية.

و مما يمكن أن يستدل به لهذا القول ما ربما يقال و ملخصه ان التأخير عن ذهاب الحمرة كان من دأب الشيعة. و فيه: انه علي فرض تحققه لا يدل علي الوجوب و اللزوم غايته الرجحان فانه يناسب الحائطة كما ان الشهادة الثالثة في الاذان و الاقامة من شعار الشيعة بحيث لو تركها احد يعد غير شيعي و الحال انها ليست منهما و هذا ظاهر واضح فانقدح انه ليس في المقام دليل علي هذا القول.

الطائفة الثانية: ما استدل بها علي القول الاخر منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: وقت المغرب اذا غربت الشمس

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 112

______________________________

فغاب قرصها «1».

و منها: ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: وقت المغرب اذا غاب القرص فان رأيت بعد ذلك و قد صليت أعدت الصلاة و مضي صومك و تكف عن الطعام ان كنت أصبت منه شيئا «2».

و منها: ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن وقت المغرب قال: ما بين غروب الشمس الي سقوط الشفق «3» الي غير ذلك من الروايات الواردة في الباب 16 من أبواب المواقيت من الوسائل.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه

السلام قال: اذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر و العصر و اذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب و العشاء الآخرة «4».

و منها: ما رواه صفوان بن مهران الجمال قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ان معي شبه الكرش المنشور فاؤخر صلاة المغرب حتي عند غيبوبة الشفق ثم اصليهما جميعا يكون ذلك ارفق بي فقال: اذا غاب القرص فصل المغرب فانما انت و مالك للله «5».

و منها: ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: وقت المغرب حين تجب الشمس الي أن تشتبك النجوم «6» الي غير ذلك من

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 16

(2) نفس المصدر الحديث: 17

(3) نفس المصدر الحديث: 29

(4) الوسائل الباب 17 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 18 من أبواب المواقيت الحديث: 24

(6) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 113

و الاحوط لزوما تأخير صلاة المغرب الي ذهاب الحمرة المشرقية

[مسألة 6: المراد من اختصاص الظهر بأول الوقت عدم صحة العصر إذا وقعت فيه عمدا]

(مسألة 6): المراد من اختصاص الظهر بأول الوقت عدم صحة العصر اذا وقعت فيه عمدا و أما اذا صلي العصر في الوقت المختص بالظهر سهوا صحت (1).

و لكن الاحوط أن يجعلها ظهرا ثم يأتي باربع ركعات بقصد ما في الذمة أعم من الظهر و العصر (2) بل و كذلك اذا صلي العصر في الوقت

______________________________

الروايات الدالة علي هذا القول المتفرقة في الابواب المختلفة فنقول: مقتضي القاعدة هو القول الثاني لتمامية هذه الروايات سندا و دلالة و لو اغمض عما ذكرنا و قلنا بالتعارض فالترجيح مع هذه الطائفة لموافقتها لإطلاق الكتاب و لكن مع ذلك كله لا ينبغي ترك الاحتياط فانه طريق النجاة كما اشار اليه الماتن بقوله: «و الاحوط لزوما تأخير صلاة المغرب الي ذهاب

الحمرة المشرقية».

(1) وقع الكلام بين القوم في المراد من الاختصاص و قد مران المراد منه انه مع العمد و الالتفات لا يجوز الاتيان بغير صاحبة الوقت و استظهرنا من النص ان الوقت من اوله الي آخره وقت و ظرف لكلتا الصلاتين و عليه يكون ما أتي به في أول الوقت مثلا صحيحا بلا اشكال لقاعدة لا تعاد.

(2) اذ هو مقتضي بعض النصوص لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء و كان عليك قضاء صلوات فابدأ بأولهن فأذن لها و اقم ثم صلها ثم صل ما بعدها باقامة اقامة لكل صلاة و قال: قال أبو جعفر عليه السلام: و ان كنت قد صليت الظهر و قد فاتتك الغداة فذكرتها فصل الغداة اي ساعة ذكرتها و لو بعد العصر و متي ما ذكرت صلاة فاتتك صليتها و قال: اذا نسيت الظهر حتي صليت العصر فذكرتها و أنت في الصلاة أو بعد فراغك فانوها

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 114

______________________________

الاولي ثم صلي العصر فانما هي أربع مكان أربع و ان ذكرت أنك لم تصل الاولي و أنت في صلاة العصر و قد صليت منها ركعتين فانو الاولي ثم صل الركعتين الباقيتين و قم فصل العصر و ان كنت قد ذكرت انك لم تصل العصر حتي دخل وقت المغرب و لم تخف فوتها فصل العصر ثم صل المغرب فان كنت قد صليت المغرب فقم فصل العصر و ان كنت قد صليت من المغرب ركعتين ثم ذكرت العصر فانوها العصر ثم قم فأتمها ركعتين ثم تسلم ثم تصلي المغرب فان كنت قد صليت العشاء الآخرة و نسيت المغرب فقم فصل المغرب

و ان كنت ذكرتها و قد صليت من العشاء الآخرة ركعتين أو قمت في الثالثة فانوها المغرب ثم سلم ثم قم فصل العشاء الآخرة فان كنت قد نسيت العشاء الآخرة حتي صليت الفجر فصل العشاء الآخرة و ان كنت ذكرتها و انت في الركعة الاولي و في الثانية من الغداة فانوها العشاء ثم قم فصل الغداة و أذن و أقم و ان كانت المغرب و العشاء قد فاتتاك جميعا فأبد أبهما قبل أن تصلي الغداة ابدأ بالمغرب ثم العشاء فان خشيت أن تفوتك الغداة ان بدأت بهما فابدأ بالمغرب ثم صل الغداة ثم صل العشاء و ان خشيت أن تفوتك الغداة ان بدأت بالمغرب فصل الغداة ثم صل المغرب و العشاء ابدء باولهما لأنهما جميعا قضاء ايهما ذكرت فلا تصلهما الا بعد شعاع الشمس قال: قلت: و لم ذاك؟ قال: لأنك لست تخاف فوتها «1»

و ما رواه الحلبي قال: سألته عن رجل نسي أن يصلي الاولي حتي صلي العصر قال: فليجعل صلاته التي صلي الاولي ثم ليستأنف العصر «2».

فان مقتضي النصوص جعل ما اتي به ظهرا و اتيان العصر بعده فيلزم العمل به

______________________________

(1) الوسائل الباب 63 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 115

المشترك قبل الظهر سهوا سواء كان التذكر في الوقت المختص بالعصر أو المشترك (1) و اذا قدم العشاء علي المغرب سهوا صحت و لزمه الاتيان بالمغرب بعدها (2).

[مسألة 7: في وقت فضيلة الظهر و العصر و العشاءين و الصبح]

(مسألة 7): وقت فضيلة الظهر ما بين الزوال و بلوغ الظل الحادث به مثل الشاخص و وقت فضيلة العصر ما بين الزوال و بلوغ الظل الحادث به مقدار مثليه (3).

______________________________

ان قلت: ان المشهور افتوا بجعل ما اتي به

عصرا و الاتيان بالظهر حيث انهم اعرضوا عن النص الوارد في المقام. قلت: قد ذكرنا مرارا ان اعراض المشهور لا يقتضي سقوط اعتبار النص الجامع لشرائط الحجية فعليه لا بد من الاتيان بالعصر بعد جعل ما أتي به ظهرا لكن مقتضي الاحتياط أن يؤتي به بقصد ما في الذمة.

(1) بلا اشكال لقاعدة لا تعاد و النص الخاص الوارد في المقام غاية الامر في مثل الظهرين لو قدم العصر بلا عمد يصح و لا بد من جعله ظهرا بمقتضي النص الخاص و اعراض المشهور عن الرواية و عدم الالتزام بمقتضاه لا يوجب رفع اليد عن الدليل المعتبر كما مر آنفا.

(2) أما صحة العشاء فلقاعدة لا تعاد و أما وجوب الانيان بالمغرب فلعدم مجال للعدول.

(3) قد اختلف الروايات الدالة علي وقت الفضيلة و هي علي طوائف: الطائفة الاولي: من هذه الاخبار نصوص تدل علي أن وقت الفضل بعد بلوغ الظل قدمين للظهر و اربعة اقدام للعصر فمن هذه النصوص ما رواه زرارة بن أعين و محمد بن مسلم و بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنهما قالا:

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 116

______________________________

وقت الظهر بعد الزوال قدمان و وقت العصر بعد ذلك قدمان «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن وقت الظهر فقال: ذراع من زوال الشمس و وقت العصر ذراعان (ع) من وقت الظهر فذاك أربعة أقدام من زوال الشمس ثم قال: ان حائط مسجد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان قامة و كان اذا مضي منه ذراع صلي الظهر و اذا مضي منه ذراعان صلي العصر ثم قال: أ تدري لم

جعل الذراع و الذراعان؟ قلت: لم جعل ذلك؟ قال:

لمكان النافلة لك أن تتنفل من زوال الشمس الي أن يمضي ذراع فاذا بلغ فيئك ذراعا من الزوال بدأت بالفريضه و تركت النافلة و اذا بلغ فيئك ذراعين بدأت بالفريضة و تركت النافلة «2».

و منها: ما رواه اسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اذا كان في ء الجدار ذراعا صلي الظهر و اذا كان ذراعين صلي العصر قال: قلت: ان الجدار يختلف بعضها قصير و بعضها طويل فقال: كان جدار مسجد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يومئذ قامة «3».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: أ تدري لم جعل الذراع و الذراعان؟ قلت: لم؟ قال: لمكان الفريضة لك أن تتنفل من زوال الشمس الي أن تبلغ ذراعا فاذا بلغت ذراعا بدأت بالفريضة و تركت النافلة «4» الي غيرها من الروايات الدالة علي هذا المعني.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب المواقيت الحديث: 1 و 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3 و 4

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 117

______________________________

الطائفة الثانية: ما يدل علي أن وقت فضيلة الظهر بلوغ الظل قدما و بلوغه قدمين للعصر فمن تلك النصوص ما رواه ذريح المحاربي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأل أبا عبد اللّه اناس و أنا حاضر الي أن قال: فقال بعض القوم: انا نصلي الاولي اذا كانت علي قدمين و العصر علي أربعة أقدام فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: النصف من ذلك احب إلي «1».

الطائفة الثالثة: ما يدل علي أن وقت الفضيلة يدخل بدخول الوقت و يمتد

الي بلوغ الظل قامة و قامتين فمن تلك النصوص ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألته عن وقت صلاة الظهر و العصر فكتب قامة للظهر و قامة للعصر «2» و منها: ما رواه معاوية بن وهب «3».

الطائفة الرابعة: ما يدل علي دخول الوقت بعد ثلثي القامة و مما يدل عليه ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الصلاة في الحضر ثماني ركعات اذا زالت الشمس ما بينك و بين أن يذهب ثلثا القامة فاذا ذهب ثلثا القامة بدأت بالفريضة «4».

الطائفة الخامسة: ما يدل من النصوص علي أن الاتيان بالصلاة أمر مرغوب فيه في اول الوقت و من هذه النصوص ما رواه سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال: الصلوات المفروضات في اول وقتها اذا اقيم حدودها أطيب ريحا من قضيب الآس حين يؤخذ من شجره في طيبه و ريحه و طراوته

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 22

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) لاحظ ص: 73

(4) الوسائل الباب: 8 من أبواب المواقيت الحديث: 23

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 118

______________________________

و عليكم بالوقت الاول «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اذا دخل وقت صلاة فتحت أبواب السماء لصعود الاعمال فما احب أن يصعد عمل أول من عملي و لا يكتب في الصحيفة احد أول مني «2».

و منها: ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: لكل صلاة وقتان و أول الوقتين أفضلهما و لا ينبغي تأخير ذلك عمدا و لكنه وقت من شغل أو نسي أو سهي أو نام و ليس لأحد أن

يجعل آخر الوقتين وقتا الا من عذر أو علة «3».

و منها: ما رواه سعيد بن الحسن قال: قال أبو جعفر عليه السلام: أول الوقت زوال الشمس و هو وقت اللّه الاول و هو أفضلهما «4».

و منها: ما رواه ذريح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال جبرئيل لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في حديث: أفضل الوقت أوله «5».

و منها: ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: اعلم أن أول الوقت أبدا أفضل فعجل الخير ما استطعت و أحب الاعمال الي اللّه ما داوم عليه العبد و ان قل «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) نفس المصدر الحديث: 8

(6) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 119

______________________________

و منها: ما رواه معاوية بن عمار أو ابن وهب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام لكل صلاة وقتان و أول الوقت أفضلهما «1».

و منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أصلحك اللّه وقت كل صلاة أول الوقت أفضل أو وسطه أو آخره؟ قال: أوله ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ان اللّه عز و جل يحب من الخير ما يعجل «2».

الطائفة السادسة: ما يدل علي أن تأخير الفريضة لأجل النافلة و من تلك النصوص ما رواه زرارة «3».

و منها: ما رواه زرارة قال: قال لي: أ تدري لم جعل الذراع و الذراعان؟

قال: قلت: لم؟ قال: لمكان الفريضة لك أن تتنفل من زوال الشمس الي أن يبلغ ذراعا فاذا بلغ ذراعا بدأت بالفريضة و تركت النافلة «4».

و منها: ما رواه محمد بن

مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اذا دخل وقت الفريضة اتنفل أو ابدأ بالفريضة؟ فقال: ان الفضل أن تبدأ بالفريضة و انما اخرت الظهر ذراعا من عند الزوال من أجل صلاة الاوابين «5».

الطائفة السابعة: ما يدل علي أن وقت فضيلة الظهر بلوغ الظل مثل الشاخص و علي أن وقت فضيلة العصر بلوغ الظل مثليه لاحظ ما رواه زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم يجبني فلما أن كان بعد ذلك

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) لاحظ ص: 116

(4) الفروع من الكافي ج 3 ص: 288 حديث: 1

(5) نفس المصدر ص 289 حديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 120

______________________________

قال لعمر بن سعيد بن هلال: ان زرارة سألني عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم اخبره فحرجت من ذلك فأقرئه مني السلام و قل له: اذا كان ظلك مثلك فصل الظهر و اذا كان ظلك مثليك فصل العصر «1».

الطائفة الثامنه: ما يدل علي أن وقت فضيلة الظهر من الزوال الي بلوغ الظل قامة و وقت فضيلة العصر من قامة و نصف الي قامتين و يدل علي هذا التفصيل ما رواه أحمد بن عمر عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن وقت الظهر و العصر فقال: وقت الظهر اذا زاغت الشمس الي أن يذهب الظل قامة و وقت العصر قامة و نصف الي قامتين «2».

و لا بد من ملاحظة هذه الطوائف و أخذ النتيجة منها و قال سيدنا الاستاد- في المقام- بأن ما رواه ابن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام «3» تام من حيث السند و أيضا تام من حيث الدلالة علي

مذهب المشهور و لكن يجب تقديم ما يدل علي أن وقت الظهر القدم و وقت العصر قدمان و ما يدل علي القدمين و أربعة أقدام علي رواية ابن وهب الدالة علي القول المشهور.

و استدل علي مدعاه بوجهين: الوجه الاول: ان اخبار القدم متواترة قطعية الصدور مضافا الي أن جملة منها صحاح فحديث ابن وهب لا يكون حجة في نفسه لأنه مخالف للسنة القطعية.

الوجه الثاني: ان حديث ابن وهب موافقة للعامة فعلي فرض التعارض يكون الترجيح مع أخبار القدم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب المواقيت الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) لاحظ ص: 73

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 121

______________________________

اقول: يرد عليه اولا: ان ترجيح احد الطرفين علي الطرف الاخر يتوقف علي تحقق التعارض و الحال انه يمكن ان يقال: بعدم التعارض بين الروايات بأن نقول: الجمع بينها يقتضي أن يقال: الحق ما ذهب اليه المشهور بدليل حديثي البزنطي و ابن وهب و اخبار القدم لا تعارضهما فان جعل القدم أو القدمين لأجل النافلة فيكون وقت الفضيلة من أول الوقت غاية الامر لأجل النافلة لا بأس بتأخيرها.

و ان شئت قلت: ان ملاك النافلة يزاحم ملاك تقديم الفريضة و اتيانها اول الوقت و مع عدم الاتيان بالنافلة يكون المقتضي للإتيان تاما و لا مانع لتأثير المقتضي فكان الشارع الاقدس قال: ايها المكلف صل النافلة ثم الفريضة و ان لم تصل النافلة فأت بالفريضة فالزمان زمان فضل الفريضة لكن مع ذلك ظرف للنافلة أيضا و اختلاف ألسنة الروايات يعطي أن الفضل ذو درجات فافضلها هو أول الوقت ثم القدم ثم القدمان و هكذا.

و ثانيا: انه لو صلت النوبة الي التعارض و الترجيح فلا وجه لجعل اخبار القدم و القدمين

و الذراع و الذراعين طائفة واحدة و جعل خبر ابن وهب في قبالها بل كل طائفة بنفسها طرف المعارضة فلا تكون أطراف المعارضة منحصرة في طرفين.

و ثالثا: ان قطعية صدور اخبار القدم لا توجب سقوط حديث ابن وهب عن الاعتبار اذ يمكن أن مفاد خبر ابن وهب هو الحكم الواقعي و بعبارة اخري: كون احد المتعارضين قطعي الصدور لا يوجب سقوط الطرف الاخر عن الاعتبار و الذي يوجب سقوطه كونه مقطوع المخالفة مع الحكم الواقعي و المقام ليس كذلك.

و رابعا: انه لو وصلت النوبة الي المعارضة يمكن أن يقال: بأن الترجيح مع حديث ابن وهب لكونه موافقا مع الكتاب فان مقتضي قوله تعالي: «وَ سٰارِعُوا

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 122

______________________________

إِليٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ» «1» و قوله تعالي: «سٰابِقُوا إِليٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ» «2».

محبوبية المسارعة.

فالمسارعة و المسابقة الي فعل الخير محبوب للشارع و لا اشكال في أن المبادرة الي الصلاة في أول الوقت مصداق للمسارعة و المسابقة الي الخير فان المستفاد من الآيتين ان المسارعة و المسابقة الي عمل محبوب للشارع أمر مرغوب فيه.

و بعبارة اخري: مقتضي الآيتين ان المبادرة الي كل عمل واجب أو مستحب مرغوب فيه و مستحب فما يدل علي محبوبية الصلاة أول الوقت يوافق الآيتين.

و خامسا: الذي يستفاد من كتاب «الفقه علي المذاهب الاربعة» ان آراء العامة في المقام مختلفة فكيف يكون ما رواه ابن وهب موافقا لهم فالترجيح مع ما يدل علي القول المشهور لكونه موافقا مع الكتاب كما أن الترجيح بالاحدثية مع هذه الطائفة فان حديث البزنطي عن الرضا عليه السلام فالنتيجة ان الذي يختلج بالبال ان ما أفاده المشهور ينطبق علي المستفاد من نصوص الباب.

بقي أمر في المقام: و

هو أن الشاخص يختلف طولا و قصرا فما المناط في القدم و نحوه و يتضح هذا الامر بملاحظة ما ورد في حديث الجعفي «3» فان الراوي يسأل و يقول: «ان الجدار يختلف» و يجيب عليه السلام بأن جدار مسجد النبي صلي اللّه عليه و آله كان بمقدار قامة فالميزان بالقامة المتعارفة هذا من ناحية و من ناحية اخري ان القدم سبع القامة فلو قلنا: بأن الميزان ببلوغ الظل مقدار قدم أو قدمين معناه بلوغه سبع الشاخص و سبعيه و هذا الميزان لا يختلف باختلاف الشواخص.

______________________________

(1) آل عمران/ 133

(2) الحديد/ 22

(3) لاحظ ص: 116

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 123

و وقت فضيلة المغرب من المغرب الي ذهاب الشفق و هو الحمرة المغربية (1) و هو أول وقت فضيلة العشاء و يمتد الي ثلث الليل (2).

______________________________

(1) و تدل عليه جملة من النصوص: منها ما رواه بكر بن محمد «1» و منها:

ما رواه زرارة «2» و منها: ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن وقت المغرب قال: ما بين غروب الشمس الي سقوط الشفق «3» و منها: ما رواه معاوية بن وهب «4» و منها ما رواه ذريح «5».

(2) و يدل علي المدعي ما رواه معاوية بن وهب «6» و يدل علي المدعي بالنسبة الي آخر الوقت ما رواه معاوية بن عمار «7» و ما رواه أبو بصير «8».

و ربما يقال: ما رواه بكر بن محمد «9» يعارض هذه النصوص اذ مفاده ان آخر الوقت نصف الليل. و يجاب عن هذا الاشكال بأن حديث أبي بصير «10» يرفع التنافي و يجمع بين الطرفين فان مقتضي مجموع النصوص ان وقت الفضيلة الي الثلث

و وقت الاجزاء الي النصف.

______________________________

(1) لاحظ ص: 104

(2) لاحظ ص: 90

(3) الوسائل الباب 18 من أبواب المواقيت الحديث: 14

(4) لاحظ ص: 73

(5) الوسائل الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 8

(6) لاحظ ص: 73

(7) لاحظ ص: 96

(8) لاحظ ص: 95

(9) لاحظ ص: 104

(10) لاحظ ص: 95

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 124

و وقت فضيلة الصبح من الفجر الي ظهور الحمرة المشرقية (1) و الغلس بها أول الفجر أفضل (2).

______________________________

(1) ما أفاده من حيث الابتداء موافق للكتاب و السنة و لكن ما ذكره من حيث الانتهاء الظاهر انه ليس في نصوص الباب منه أثر لاحظ حديث ابن وهب «1» و حديث ذريح «2» و حديثي الحلبي و ابن سنان «3».

الا أن يقال: بأن عنوان تجلل الصبح و التنور و الاسفار ملازم لحدوث الحمرة في المشرق فان ثبت التلازم فهو و الا فان قام الاجماع التعبدي الكاشف يتم الامر و الا يشكل الجزم بالمدعي و اذا وصلت النوبة الي الاصل العملي لا يمكن اثبات بقاء الفضل الي زمان ظهور الحمرة في المشرق اذ الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد مضافا الي أن استصحاب الوقت مع الشك في الوقت فيه اشكال من ناحية اخري فتأمل.

(2) في المقام حديثان احدهما ما رواه يحيي اكثم القاضي «4» و هو ضعيف بابن أكثم و للرواية سند آخر و هو أيضا ضعيف بعلي بن بشار.

ثانيهما ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أخبرني عن أفضل المواقيت في صلاة الفجر قال: مع طلوع الفجر ان اللّه تعالي يقول:

«إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كٰانَ مَشْهُوداً» يعني صلاة الفجر تشهده ملائكة الليل و ملائكة النهار فاذا صلي العبد صلاة الصبح

مع طلوع الفجر اثبت له مرتين تثبته ملائكة

______________________________

(1) لاحظ ص: 73

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب المواقيت الحديث: 8

(3) لاحظ ص: 100 و 101

(4) لاحظ: 106

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 125

كما أن التعجيل في جميع أوقات الفضيلة أفضل (1).

[مسألة 8: وقت نافلة الظهرين من الزوال إلي آخر اجزاء الفريضتين]

(مسألة 8): وقت نافلة الظهرين من الزوال الي آخر اجزاء الفريضتين لكن الاولي تقديم فريضة الظهر علي النافلة بعد أن يبلغ الظل الحادث سبعي الشاخص كما ان الاولي تقديم فريضة العصر بعد ان يبلغ الظل المذكور أربعة أسباع الشاخص (2).

______________________________

الليل و ملائكة النهار «1».

و هذه الرواية أيضا ضعيفة فانها علي رواية الصدوق ضعيفة بغياث بن كلوب و برواية الكليني و الشيخ ضعيفة بعبد الرحمن بن سالم فلا دليل عليه نعم قد مر ان المستفاد من جملة من النصوص ان أول الوقت مطلقا أفضل و التعجيل أمر مندوب اليه فالالتزام به بالغلس في صلاة الصبح موافق لتلك الروايات فلاحظ.

(1) قد عقد لهذا العنوان بابا في الوسائل و هو الباب الثالث من أبواب المواقيت و قد اوردنا بعض هذه النصوص سابقا «2» فلاحظ و مقتضي اطلاق هذه النصوص الدالة علي محبوبية التعجيل استحباب التعجيل مطلقا كما ذكره الماتن دام ظله.

(2) قال في الحدائق: «اختلف الاصحاب في آخر وقت نافلة الظهرين فقيل:

ان آخره أن يبلغ زيادة الظل من قدمين الذي هو عبارة عن سبعي الشاخص للظهر و للعصر الي اربعة أقدام و هو مذهب الشيخ في النهاية و جمع من الاصحاب و قيل يمتد بامتداد المثل و هو مذهب الشيخ في الجمل و ملخص الكلام: ان المثل للظهر و المثلين للعصر و قيل: انه يمتد بامتداد وقت الفريضة و القائل مجهول».

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2)

لاحظ ص: 117 الي 119

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 126

______________________________

و الحق هو القول الاول و لعله المشهور و ذلك للنصوص الواردة في المقام منها ما رواه زرارة «1» و منها ما رواه أيضا «2» الي غيرهما من الروايات بل يدل علي المقصود ما يدل من النصوص علي كون الذراع وقت الظهر و الذراعين وقت العصر.

بتقريب: ان الوقت من دلوك الشمس فالتأخير الي الذراع و الذراعين لأجل النافلة.

و استدل للقول الثاني بحديث زرارة «3» بتقريب: ان المراد من القامة الذراع بشهادة عدة نصوص منها ما رواه علي بن حنظلة قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: القامة و القامتان الذراع و الذراعان في كتاب علي عليه السلام «4».

و منها: ما رواه علي بن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

القامة هي الذراع «5».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال له ابو بصير كم القامة؟ فقال: ذراع ان قامة رحل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كانت ذراعا «6».

و منها: ما رواه علي بن حنظلة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: في كتاب علي عليه السلام: القامة ذراع و القامتان الذراعان «7».

______________________________

(1) لاحظ ص: 116

(2) لاحظ ص: 116

(3) لاحظ ص: 116

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب المواقيت الحديث: 14

(5) نفس المصدر الحديث: 15

(6) نفس المصدر الحديث: 16

(7) نفس المصدر الحديث: 26

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 127

______________________________

فهذه الرواية تكون قرينة لإرادة المثل من الذراع الوارد في جملة من النصوص.

و الجواب عن هذا الاستدلال اولا: انه لم يثبت هذا الادعاء و النصوص المشار اليها ضعيفة بعضها بعلي بن حنظلة و بعضها بعلي بن أبي حمزة.

و ثانيا ان

ذيل الرواية صريح في خلاف المطلوب المدعي حيث ذكر فيه:

«انه اذا بلغ فيئك ذراعا و ذراعين» فان الشاخص شخص المكلف و هذا الاحتمال علي فرض جريانه في الصدر غير جار في الذيل كما هو ظاهر و علي فرض التنافي بين الصدر و الذيل يكون المرجع غيره من النصوص.

و عن الشهيد: الاستدلال عليه بأن النبي صلي اللّه عليه و آله كان يوصل النافلة بالفريضة و كذا بقية السلف و لم يكونوا يفصلون و حيث علم ان وقت الفريضة المثل و المثلان يتم الامر.

و فيه: ان هذا المدعي اول الكلام و ثانيا: ان الدليل دل علي أنه صلي اللّه عليه و آله كان يصلي فيما بلغ الظل بمقدار الذراع فعلي فرض تمامية المدعي يكون الحق هو القول المشهور لا هذا القول.

و استدل علي القول الثالث بجملة من الروايات الدالة علي أعداد الرواتب منها ما رواه معاوية بن عمار «1» و منها ما رواه فضيل بن يسار «2» و منها ما رواه حنان بن سدير «3» الي غيرها من الروايات الواردة في الباب 13 من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها من الوسائل.

______________________________

(1) لاحظ ص: 36

(2) لاحظ ص: 42

(3) لاحظ ص: 36

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 128

______________________________

بتقريب ان مقتضي اطلاق هذه الروايات جواز الاتيان بها الي آخر الوقت.

و فيه انها ليست بصدد البيان من هذه الجهة و ثانيا: علي فرض ثبوت الاطلاق تحمل علي المقيد بقرينة ما دل علي توقيت النافلة بوقت معين.

ان قلت: ان المطلق لا يحمل علي المقيد في باب المستحبات. قلت: ان سيدنا الاستاد و ان بني علي هذا الامر لكن لا نسلم ما أفاده فانه ما الفرق بين الامرين اذ المناط بوحدة المطلوب و تعدده

فعلي فرض تقدير وحدة المطلوب لا بد من الحمل بلا فرق بين الواجب و المندوب و علي الثاني لا وجه للحمل أيضا علي نحو الاطلاق مضافا الي أن النزاع انما يجري فيما لا ينهي عن حصة خاصة و أما مع النهي عن فرد خاص لا يبقي موضوع للإتيان اذ لا يجتمع الامر و النهي في امر واحد و لا يكون المورد قابلا لان يحصل الامتثال به.

و يمكن الاستدلال عليه بما ورد من النصوص في الباب 5 من أبواب المواقيت من الوسائل منها ما رواه الحارث بن مغيرة و عمر بن حنظلة و منصور بن حازم «1» حيث دلت علي أن اختيار النوافل بيد المكلف فله أن يأتي بها في كل قطعة من الزمان من أول الوقت الي آخره.

و أورد عليه سيدنا الاستاد بأنها ليست في مقام البيان من هذه الجهة. لكن تصديق هذا المدعي مشكل فلا بد من دفع الاشكال بنحو آخر و هو انه علي فرض التسليم تقيد تلك النصوص بما دل علي أن النافلة لا بد من اتيانها في وقت خاص.

فالنتيجة: ان الحق هو القول الاول و عليه فلو اتي بالنافلة بعد مضي ذلك الوقت يأتي بها رجاء بما لها من المطلوبية.

______________________________

(1) لاحظ ص: 58

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 129

و وقت نافلة المغرب بعد الفراغ منها الي آخر وقت الفريضة و ان كان الاولي عدم التعرض للأداء و القضاء بعد ذهاب الحمرة المغربية (1).

______________________________

(1) نسب الي المشهور ان انتهاء وقت نافلة المغرب ذهاب الحمرة المغربية و المرجع في المسألة النصوص و الذي يستفاد من نصوص الباب امتداد وقتها الي آخر وقت الفريضة و من تلك النصوص ما رواه الحارث بن المغيرة قال: قال

أبو عبد اللّه عليه السلام: اربع ركعات بعد المغرب لا تدعهن في حضر و لا سفر «1».

فان مقتضي اطلاق قوله عليه السلام اربع ركعات بعد المغرب لا تدعهن في حضر و لا سفر امتداد وقتها بامتداد وقت الفريضة الي غيره من النصوص الواردة في الباب 24 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها من الوسائل فلو لم يكن للمشهور دليل علي مدعاه يلزم القول بامتداد الوقت كما عليه جملة من الاعلام و منهم صاحب الحدائق.

و مما استدل به عليه: أن النبي صلي اللّه عليه و آله كان يصلي النافلة بعد فريضة المغرب و فيه: ان اثبات هذا الامر اول الكلام مضافا الي أنه لا يدل علي انقضاء الوقت بذهاب الحمرة.

و مما استدل به عليه أو يمكن الاستدلال به ان دليل فعل النافلة منصرف الي اتيانها قبل زوال الحمرة.

و فيه انه دعوي بلا دليل فانه كما ذكرنا ان مقتضي الاطلاق خلافه و مما يمكن أن يستدل به ان وقت الفريضة مضيق فكذلك النافلة بل اولي.

و فيه اولا انه لا ضيق في وقت الفريضة بل وقتها موسع الي نصف الليل.

و ثانيا: انه لا تلازم بين الامرين و الانصاف انه لا يمكن الالتزام به و الا كان

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب أعداد الفرائض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 130

______________________________

لازمه الالتزام بكون وقتها باقيا حتي بعد انقضاء وقت الفريضة و الحال ان الظاهر من دليل النافلة كونها للفريضة من حيث الوقت.

و نقل عن المحقق قدس سره انه استدل عليه بأن التطوع في وقت الفريضة منهي عنه فلا يجوز الاتيان بالنافلة بعد ذهاب الحمرة اذ يدخل وقت فريضة العشاء بذهابها.

و فيه: اولا انه عليه لا يجوز الاتيان بها حتي

قبل ذهابها اذ وقت العشاء من حين الغروب فعلي القول بعدم الجواز لا بد من الالتزام بالجواز بالنسبة الي النوافل اليومية و منها نافلة المغرب.

و ثانيا: انه انما يتم علي القول بالحرمة و أما علي القول بالجواز فلا كما هو ظاهر.

و ثالثا: انه لا يبعد أن يستفاد من تلك الادلة انه انما يكون اتيان النافلة منهيا عنه فيما يكون اتيانها مزاحما لإتيان الفريضة لكن لو لم يكن مزاحما كما لو كان الاتيان بها حراما أو مرجوحا فلا مانع من الاتيان بالنافلة كما لو فرض ان الجائر يكره علي عدم الاتيان بالفريضة.

و ملخص الكلام: ان البحث في وقت النافلة من حيث هي و أما كونها مزاحما للفريضة فهو امر آخر فانه يمكن أن يفرض ان المكلف اتي بالعشاء سهوا قبل المغرب فلا موضوع لما ذكر.

كما انه لنا أن نقول: بأنه ما المانع من الاتيان بالنافلة بعد الاتيان بفريضة العشاء.

و مما يمكن أن يستدل به عليه ما في بعض الاخبار من المنع عن الاتيان بنافلة المغرب بالنسبة الي من يفيض من عرفات اذا صلي المغرب بالمشعر لاحظ الروايات

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 131

و يمتد وقت نافلة العشاء بامتداد وقتها (1).

______________________________

في الباب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر منها ما رواه عنبسة بن مصعب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اذا صليت المغرب بجمع اصلي الركعات بعد المغرب قال: لأصل المغرب و العشاء ثم صل الركعات بعد «1».

بتقريب: ان النهي عن النافلة ليس الا من اجل ذهاب الوقت و في بعض الاخبار سمي المزدلفة بالجمع لأنه يجمع بين الصلاتين بلا فصل بينهما بالنافلة «2».

و فيه: انه لا يدل علي المطلوب فانه حكم خاص وارد في مورد مخصوص و

يدل بعض نصوص ذلك الباب ان أبا عبد اللّه عليه السلام قد فصل بين الصلاتين بالنافلة «3» فيعلم ان وقت النافلة لا ينقضي بمضي هذا المقدار من الوقت.

و استدل عليه بالإجماع. و فيه ما في غيره من الاجماعات مضافا الي أن المخالف موجود في المسألة كالشهيد- علي ما نقل عنه- و كصاحب المدارك و كاشف اللثام و صاحب الحدائق فالحق ما ذهب اليه هؤلاء الاعلام و هذا ما تقتضي الصناعة و لكن الاولي الموافق للأخذ بالحائطة عدم التعرض للأداء و القضاء بعد ذهاب الحمرة المغربية كما في المتن.

(1) المشهور بل المجمع عليه ان الوتيرة يمتد وقتها بوقت الفريضة و لا يخفي انه ليس في الادلة ما يدل علي كون الوتيرة نافلة للعشاء بل مشروعيتها لإتمام عدد النوافل و يدل عليه بعض النصوص.

منها ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام هل قبل العشاء الآخرة

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 132

______________________________

و بعدها شي ء؟ قال: لا غير اني اصلي بعدها ركعتين و لست احسبهما من صلاة الليل «1». فانه يدل علي أن النافلة لم تفرض لفريضة العشاء.

و منها ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في حديث قال: و انما صارت العتمة مقصورة و ليس تترك ركعتاها (ركعتيها) لان الركعتين ليستا من الخمسين و انما هي زيادة في الخمسين تطوعا ليتم بهما بدل كل ركعة من الفريضة ركعتين من التطوع «2».

و الحاصل ان الوتيرة ليست نافلة للعشاء. و ربما يقال: بأن قوله عليه السلام في بعض النصوص: من كان يؤمن باللّه و اليوم الاخر فلا يبيتن الا

بوتر «3» يدل علي التوقيت بدعوي ان الغالب في البيتوتة وقوعها قبل انتصاف الليل هذا من ناحية و من ناحية اخري انه فسر الوتر في تلك الروايات بالوتيرة.

و فيه: ان النص الذي فسر فيه الوتر بالوتيرة خبر أبي بصير «4» و هذه الخبر ضعيف يا بن أبي حمزة و البيتوتة عبارة عن الاقامة في الليل و معني الخبر ظاهرا انه من كان يؤمن باللّه و اليوم الاخر لا يصبح الا مع الاتيان بصلاة الوتر التي تكون صلاة الليل. و ما دل من الاخبار من صدق البيتوتة قبل انتصاف الليل كخبر معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام: قال: اذا فرغت من طوافك للحج و طواف النساء فلا تبيت الا بمني الا أن يكون شغلك في نسكك و ان خرجت

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب أعداد الفرائض الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب اعداد الفرائض الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 1 و 2

(4) لاحظ ص: 51

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 133

و وقت نافلة الفجر السدس الاخير من الليل و ينتهي بطلوع الحمرة المشرقية علي المشهور (1).

______________________________

بعد نصف الليل فلا يضرك ان تبيت في غير مني «1» لا يدل علي كون معني اللفظ كذلك فان الاستعمال اعم من الحقيقة و أصالة الحقيقة ليست اصلا تعبديا.

نعم يمكن أن يستفاد مما دل علي كون الوتيرة بدل الوتر ان ظرفها قبل نصف الليل حيث ان الوتر ظرفه بعد الانتصاف و لا يكون البدل و المبدل منه متحدين من حيث الظرف اذ مع مضي النصف يتوجه التكليف بالمبدل منه و لا موضوع للبدل فيكون ظرفها قبل الانتصاف و لو وصلت النوبة الي الاصل العملي يقع التعارض بين استصحاب

عدم الجعل المطلق و الجعل المقيد و بعد التساقط تصل النوبة الي البراءة و مقتضاها الاطلاق اذ البراءة تقتضي السعة و عدم الاطلاق يقتضي المضيقة نعم لو قلنا: بأن البراءة لا تجري في المستحبات يكون مقتضي حكم العقل الاقتصار علي المتيقن و لا يخفي ان استصحاب عدم جعل المطلق لا يعارضه استصحاب عدم جعل المضيق الا علي القول بالاصل المثبت.

(1) وقع الخلاف بين الاعلام في نافلة الفجر ابتداء و انتهاء و الظاهر أن منشأ الخلاف اختلاف النصوص فالاولي النظر فيها و الالتزام بما يستفاد منها و النصوص علي طوائف:

منها: ما دل علي أن وقتها قبل الفجر و كونها داخلة في صلاة الليل و مما دل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن ركعتي الفجر قبل الفجر أو بعد الفجر فقال: قبل الفجر انهما من صلاة الليل ثلاث عشرة ركعة صلاة الليل أ تريد أن تقايس لو كان عليك من شهر رمضان أكنت تطوع اذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب العود الي مني الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 50 من أبواب المواقيت الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 134

______________________________

و منها: ما دل علي كونها قبل الفجر بلا تعرض لكونها داخلة في صلاة الليل و مما دل عليه ما رواه زرارة أيضا قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: الركعتان اللتان قبل الغداة أين موضعهما؟ فقال: قبل طلوع الفجر فاذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة «1».

و منها: ما يدل علي كونها بعد الفجر و منه ما رواه يعقوب بن سالم البزاز قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السلام صلهما بعد الفجر و اقرأ فيهما في الاولي قل

يا أيها الكافرون و في الثانية قل هو اللّه احد «2».

و مثله في الدلالة ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: صلهما بعد ما يطلع الفجر «3».

و منها: ما يدل علي جواز ايقاعها قبل الفجر و عند الفجر و بعده و منه ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: صل ركعتي الفجر قبل الفجر و بعده و عنده «4».

الي غيره من النصوص الواردة في الباب 52 من أبواب المواقيت من الوسائل.

و منها: ما يدل علي كون انقضاء وقتها ظهور الحمرة المشرقية و صدق الاسفرار بلا تعرض لابتداء وقتها و منه ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يصلي الغداة حتي يسفر و تظهر الحمرة و لم يركع ركعتي الفجر أ يركعهما أو يؤخرهما قال: يؤخرهما «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 51 من أبواب المواقيت الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 52 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 51 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 135

______________________________

و منها: ما يدل علي امتداد وقتها الي طلوع الشمس و هو ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الركعتين قبل الفجر قال: تركعهما حين تنزل (تترك) الغداة انهما قبل الغداة «1».

و منها: ما دل علي امتداد وقتها الي حصول التنور بالغداة و هو ما رواه الحسين بن أبي العلاء قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يقوم و قد نور بالغداة قال: فليصل السجدتين الليلتين (اللتين ظ) قبل الغداة ثم ليصل الغداة «2».

و لا يخفي ان الطائفة

السادسة لاختلاف نسخها لا يمكن الاعتماد عليها فتسقط عن الاعتبار و أما الطائفة السابعة فلا اعتبار بسندها فان في السند قاسم بن محمد و يحتمل كونه هو الجوهري و لم يوثق و وقوعه في اسناد كامل الزيارة لا يترتب عليه الاثر كما بنينا عليه فتبقي بقية الروايات.

فنقول: أما ما دل علي كونها بعد الفجر فلا دليل علي كونه ناظرا الي النافلة بل لا يبعد أن يكون ناظرا الي صلاة الفجر اي الفريضة فلا موضوع للمعارضة و قال سيدنا الاستاد في هذا المقام بأنه لا تعارض بين هذه الطائفة و بين ما دل علي كونها قبل الفجر اذ يدل ما دل علي كونها قبل الفجر ان ايقاعها قبله افضل فيجمع بين الطائفتين اذ صرح فيه بأن التقديم أفضل.

و ما أفاده مخدوش اذ ليس فيه ما يدل علي الافضلية بل يدل علي كونها قبله و تلك الطائفة تدل علي كونها بعده فيقع التعارض بينهما.

و لا يخفي انه لا مجال للجمع بين الطائفتين بحديث ابي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: متي اصلي ركعتي الفجر؟ قال: فقال لي: بعد طلوع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 136

______________________________

الفجر قلت له: ان أبا جعفر عليه السلام أمرني أن اصليهما قبل طلوع الفجر فقال:

يا با محمد ان الشيعة أتوا أبي مسترشدين فأفتاهم بمر الحق و أتوني شكاكا فافتيتهم بالتقية «1» لضعفه بعلي بن أبي حمزة البطائني.

و أفاد سيدنا الاستاد أيضا بأن ما دل علي كونها بعد الفجر موافق للعامة فعند المعارضة تقدم تلك الطائفة الاخري.

و ما أفاده غير سديد لان ما دل علي كونها قبل الفجر كما أنها تعارض تلك الروايات المشار اليها

كذلك تعارض ما دل علي كونها من صلاة الليل و أيضا تعارض ما دل علي التخيير بين ايقاعها قبله و عنده و بعده لكن العمدة كما قلنا انه لا موضوع للمعارضة اذ لا دليل علي كون ما دل علي كونها بعد الفجر ناظرا الي النافلة فنبقي نحن و بقية الطوائف من الروايات و هي طوائف اربع و يقع التعارض بين ما دل علي التخيير و بين ما يدل علي كونها من صلاة الليل و ما يدل علي أنها قبل الفجر و كلها مخالف للعامة حيث انه نقل عنهم بأنهم قائلون بأنها بعد الفجر.

و أما ما دل علي كونها باقية الي ظهور الحمرة فهي و ان كانت معارضة لما دل علي كونها من صلاة الليل بل تعارض ما يدل علي كونها قبل الفجر لكن حيث انها مروية عن أبي الحسن عليه السلام و قد ذكرنا في بحث الترجيح بأن الرجحان مع المتأخر و الاحدث فنأخذ برواية ابن يقطين.

فتحصل: ان وقتها من حيث الانتهاء ظهور الحمرة المشرقية و انما الكلام من حيث المبدأ فالمشهور أن مبدئها الفجر الاول و قال سيدنا الاستاد بأن إتيانها بعد الفجر الاول مما لا اشكال فيه لرواية علي بن يقطين.

______________________________

(1) الوسائل الباب 50 من أبواب المواقيت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 137

و يجوز دسها في صلاة الليل قبل ذلك (1).

______________________________

و فيه: ان رواية ابن يقطين ناظرة الي آخر الوقت و لا يستقاد منها جواز اتيانها قبل الفجر الصادق و عليه يشكل الالتزام بالجواز بل ابتدائه حسب الصناعة الفجر الثاني.

و يمكن تقريب المدعي بوجهين: الاول: ان الظاهر بنظر العرف ان النافلة تابعة للفريضة من حيث الوقت فلو لم يكن دليل من الخارج

يكون ايقاعها قبل وقت الفريضة ايقاعا في غير ظرفها.

الثاني: انه مقتضي الاصل فان مقتضي استصحاب عدم تشريع النافلة قبل الفجر الثاني عدم الجواز فالنتيجة ان مبدئها الفجر الثاني خلاف الشهرة المحققة بل الاجماع و اللّه العالم.

(1) يدل عليه ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت الرضا عليه السلام عن ركعتي الفجر فقال احشوا بهما صلاة الليل «1».

و مقتضي اطلاق الدبر جواز الدس مطلقا ففي كل مورد يجوز الاتيان بصلاة الليل يجوز دسها فيها و بعبارة اخري: هي تابعة لها في هذه الصورة.

و ان شئت قلت: نافلة الفجر تارة يؤتي بها باستقلالها و اخري بتبع صلاة الليل ففي الصورة الاولي لا بد من ملاحظة وقتها بحيالها و في الصورة الثانية تتبع وقت صلاة الليل اذ ليس لها استقلال.

و أما ما في كلام سيدنا الاستاد من أن مقتضي كونها من صلاة الليل كونها محكومة باحكامها فتجري عليها ما يجري عليها غير تام اذ تلك النصوص كانت طرفا للمعارضة و لذا تسقط. مضافا الي أنه لا يستفاد منها الا كونها جزءا من صلاة الليل فالنتيجة هي التبعية المحضة.

______________________________

(1) المصدر السابق الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 138

و وقت نافلة الليل منتصفه الي الفجر الصادق (1).

______________________________

(1) المشهور ان ابتداء وقتها نصف الليل و ما يمكن أن يستدل به عليه امور:

الاول: الاجماع و حاله معلوم.

الثاني: مرسل الصدوق قال: و قال أبو جعفر عليه السلام: وقت صلاة الليل ما بين نصف الليل الي آخره «1» و فيه ما فيه.

الثالث: ما دل علي أن أهل البيت كانوا ملتزمين باتيانها بعد الانتصاف و منه ما رواه ابن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: كان رسول اللّه صلي

اللّه عليه و آله اذا صلي العشاء آوي الي فراشه و لم يصل شيئا حتي ينتصف الليل «2».

و مثله ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي عليه السلام لا يصلي من الليل شيئا اذا صلي العتمه حتي ينتصف الليل و لا يصلي من النهار شيئا حتي تزول الشمس «3».

و يمكن أن يشكل بأنه مجرد التزام و لا يدل علي أزيد من الرجحان و ان كان الجزم بالاشكال مشكلا أيضا.

الرابع الروايات الدالة علي جواز التقديم علي الانتصاف لذوي الاعذار الواردة في الباب 44 من أبواب المواقيت من الوسائل منها: ما رواه ليث المرادي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في الصيف في الليالي القصار صلاة الليل في أول الليل فقال: نعم نعم ما رأيت و نعم ما صنعت يعني في السفر قال: و سألته عن الرجل يخاف الجنابة في السفر أو في البرد فيعجل صلاة الليل و الوتر في اول الليل فقال: نعم «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من أبواب المواقيت الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 36 من أبواب المواقيت الحديث: 6

(4) الوسائل الباب 44 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 139

______________________________

و استشكل سيدنا الاستاد في هذا الوجه بأنها لا تدل علي عدم الجواز اذ يمكن أن يكون التقديم مرجوحا و مع العذر يرتفع المرجوحية.

و فيه: ان الايراد في غير مورده فان الظاهر من تلك النصوص ان السائل في ذهنه عدم الجواز عند عدم العذر و الامام عليه السلام يقرره علي ما في ذهنه فلا بأس بهذا الوجه.

الخامس: النصوص الدالة علي أن قضائها أفضل من الاتيان بها قبل الانتصاف الواردة في الباب 45 من

أبواب المواقيت من الوسائل منها ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: قلت له: ان رجلا من مواليك من صلحائهم شكي إلي ما يلقي من النوم و قال: اني اريد القيام بالليل (للصلاة) فيغلبني النوم حتي اصبح فربما قضيت صلاة الشهر المتتابع و الشهرين أصبر علي ثقله فقال: قرة عين و اللّه قرة عين و اللّه و لم يرخص في النوافل (الصلاة) اول الليل و قال: القضاء بالنهار أفضل «1».

بتقريب: انه لو كان وقتها من أول الليل لم يكن وجه لا فضيلة قضائها نهارا فان الافضلية تنافي التوقيت كما هو الظاهر و هذا الاستدلال لا بأس به من جهة عدم جواز الايقاع في اول الليل لكن لا تدل تلك النصوص علي كون وقتها من النصف فلاحظ.

و يستفاد من تلك النصوص ان الايقاع في اول الليل جائز لمن يخاف النوم غاية الامر القضاء افضل.

السادس: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: انما علي أحدكم

______________________________

(1) الوسائل الباب 45 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 140

______________________________

اذا انتصف الليل أن يقوم فيصلي صلاته جملة واحدة ثلاث عشرة ركعة ثم ان شاء جلس فدعا و ان شاء نام و ان شاء ذهب حيث شاء «1» فانه مقتضي مفهوم الشرط.

السابع: انه مقتضي الاستصحاب و التقريب ظاهر.

و ما يمكن الاستدلال به علي كون وقتها من اول الليل امور: منها المطلقات لاحظ ما رواه الحارث بن المغيرة في حديث قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام كان أبي لا يدع ثلاث عشرة ركعة بالليل في سفر و لا حضر «2» و يمكن أن يرد عليه بأنه ليس فيها اطلاق من هذه الجهة.

و

منها: الاخبار الدالة علي جواز الاتيان قبل الانتصاف عند الضرورة لاحظ ما رواه ليث المرادي «3» و سائر الروايات الواردة في الباب 44 من أبواب المواقيت من الوسائل.

بتقريب: أن المستفاد من تلك الاخبار ان التوسعة بلحاظ قابلية الظرف لا لأجل الضرورة و هذا الاستدلال غريب فان تلك الاخبار تدل علي عكس المدعي كما ذكرنا و هذا الادعاء خلاف ظاهر تلك الاخبار.

و منها رواية الحسين بن علي بن بلال قال: كتبت اليه في وقت صلاة الليل فكتب: عند زوال الليل و هو نصفه أفضل فان فات فاوله و آخره جائز «4».

لكن الرواية ضعيفة بابن بلال.

و منها: ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بصلاة الليل

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب التعقيب الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب أعداد الفرائض الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 138

(4) الوسائل الباب 44 من أبواب المواقيت الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 141

______________________________

فيما بين أوله الي آخره الا أن أفضل ذلك بعد انتصاف الليل «1» و مثله خبر ابن عيسي «2». و مثلهما خبر محمد بن حمران «3».

و مقتضي الجمع بين النصوص أن يقال: ان مبدء وقت نافلة الليل من النصف الا لعارض خارجي فان ما رواه سماعة يقتضي جواز الايقاع من أول الليل لكل احد لكن مفهوم الشرط المستفاد من القضية الشرطية يقيد الاطلاق فيختص الجواز بصورة العذر كما أن التقييد بذوي الاعذار يقيد عدم جواز التقديم علي النصف المستفاد من رواية زرارة «4» فان مفهوم تلك الرواية يقتضي المنع عن التقديم علي النصف بنحو الاطلاق لكن هذه النصوص يقيدها بغير ذوي الاعذار.

هذا بالنسبة الي مبدأ النافلة و أما منتهي وقتها فالمشهور كما في المتن

الفجر الثاني و يمكن الاستدلال عليه ببعض النصوص و منه ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يقوم من آخر الليل و هو يخشي أن يفجأه الصبح يبدأ بالوتر أو يصلي الصلاة علي وجهها حتي يكون الوتر آخر ذلك؟

قال: بل يبدأ بالوتر و قال: أنا كنت فاعلا ذلك «5».

و تقريب الاستدلال بالرواية ظاهر فانه لو لم يكن الصبح نهاية الوقت لم يكن وجه للخشية و منه ما رواه معاوية بن وهب «6» و يدل عليه ما رواه اسماعيل بن

______________________________

(1) المصدر السابق الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 14

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) لاحظ ص: 139

(5) الوسائل الباب 46 من أبواب المواقيت الحديث: 2

(6) لاحظ ص: 51

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 142

و افضله السحر و الظاهر انه الثلث الاخير من الليل (1).

______________________________

جابر أو عبد اللّه بن سنان «1» مضافا الي أن الظاهر انه اتفاقي.

(1) قد اشتمل بعض الروايات لفظ السحر لاحظ ما رواه أبي بصير «2» و في جملة من الروايات و منها رواية أبي بصير قد اشتملت عنوان آخر الليل و منها:

ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ما جرت به السنة في الصلاة؟

فقال: ثمان ركعات الزوال و ركعتان بعد الظهر و ركعتان قبل العصر و ركعتان بعد المغرب و ثلاث عشرة ركعة من آخر الليل منها الوتر و ركعتا الفجر الحديث «3».

و منها: ما رواه سليمان بن خالد «4» الي غيرها من الروايات و لفظ السحر فسر بآخر الليل و مجرد الجمع بين لفظ السحر و لفظ الاخر في حديث ابي بصير «5» لا يدل علي اختلاف المعني بل يمكن أن يكون تكرارا و تأكيدا

و عليه يكون الافضل الاتيان بها آخر الليل.

و يظهر من خبر إسماعيل بن سعد الاشعري قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن ساعات الوتر قال: احبها إلي الفجر الاول و سألته عن أفضل ساعات الليل قال: الثلث الباقي الحديث «6» ان الثلث الاخير من الليل افضل و أما الوتر فالافضل أن يقع بين الفجرين كما يظهر من هذا الخبر فلاحظ.

فالنتيجة: ان وقت نافلة الليل يدخل بالنصف و يكون ايقاعها في الثلث الاخير

______________________________

(1) المصدر السابق الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 50

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب أعداد الفرائض الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 42

(5) لاحظ ص: 50

(6) الوسائل الباب 54 من أبواب المواقيت الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 143

______________________________

أفضل و أفصل منه ما يكون الوتر بين الفجرين.

بقي شي ء و هو انه يستفاد من بعض النصوص جواز اتيان النافلة بعد الفجر كخبر عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن صلاة الليل و الوتر بعد طلوع الفجر فقال: صلها بعد الفجر حتي يكون في وقت تصلي الغداة في آخر وقتها و لا تعمد ذلك في كل ليلة و قال: أوتر أيضا بعد فراغك منها «1».

و غيره الوارد في الباب 48 من أبواب المواقيت من الوسائل.

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي كونها قضاء: منها خبر اسماعيل بن جابر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اوتر بعد ما يطلع الفجر؟ قال لا «2».

و منها خبر سعد بن سعد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون في بيته و هو يصلي و هو يري أن عليه ليلا ثم يدخل عليه الاخر من الباب فقال: قد اصبحت هل يصلي

الوتر أم لا أو يعيد شيئا من صلاته؟ قال: يعيد ان صلاها مصبحا «3».

و في المقام طائفة ثالثة تدل علي الجواز فيما استيقظ و يري انه لم يصل صلاة الليل و منها ما رواه سليمان خالد قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: ربما قمت و قد طلع الفجر فاصلي صلاة الليل و الوتر و الركعتين قبل الفجر ثم اصلي الفجر قال: قلت أفعل أنا ذا؟ قال: نعم و لا يكون منه عادة «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 48 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 46 من أبواب المواقيت الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 48 من أبواب المواقيت الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 144

[مسألة 9: يجوز تقديم نافلتي الظهرين علي الزوال يوم الجمعة]

(مسألة 9): يجوز تقديم نافلتي الظهرين علي الزوال يوم الجمعة (1) بل في غيره أيضا اذا علم أنه لا يتمكن منهما بعد الزوال

______________________________

و منها ما رواه عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اقوم و قد طلع الفجر فان أنا بدأت بالفجر صليتها في أول الوقت و ان بدأت بصلاة الليل و الوتر صليت الفجر في وقت هؤلاء فقال: ابدأ بصلاة الليل و الوتر و لا تجعل ذلك عادة «1».

و حيث انا غير ملتزمين بانقلاب النسبة تقع المعارضة بين الأولي و الثانية و الترجيح مع ما يدل علي عدم الجواز و اختصاص النافلة بالليل لأنها توافق الكتاب و هو قوله تعالي وَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نٰافِلَةً لَكَ «2» فما يدل علي الجواز يسقط و يبقي ما يدل علي عدمه و بعد سقوط تلك الطائفة يقيد ما يدل علي عدم الجواز بما يدل علي الجواز في الصورة الخاصة.

و لك أن تقول: ان الرواية المقيدة

تقيد الطائفتين كلتيهما هذا علي تقدير تمامية سند المقيد و أما علي تقدير عدم تماميته- كما هو ليس ببعيد- فالامر أظهر و لا يخفي ان خبر ابن يزيد مخدوش سندا.

(1) الجزم بما أفاده مشكل و اختلاف الروايات لا يدل علي المدعي و يستفاد من حديثي البزنطي نحو خاص قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن التطوع يوم الجمعة قال: ست ركعات في صدر النهار و ست ركعات قبل الزوال و ركعتان اذا زالت و ست ركعات بعد الجمعة فذلك عشرون ركعة سوي الفريضة «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الاسراء/ 79

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 145

فيجعلهما في صدر النهار (1).

______________________________

و عن أبي الحسن عليه السلام قال: النوافل في يوم الجمعة ست ركعات بكرة و ست ركعات ضحوة و ركعتين اذا زالت الشمس و ست ركعات بعد الجمعة «1».

و حيث ان الا حدثية من المرجحات فلا بد من الاخذ بهما و أما تقديمهما علي الزوال رجاء فلا مانع منه.

(1) نسب الي المشهور عدم جواز تقديم نافلتي الظهرين علي الزوال و في مقابل هذا القول القول بالجواز مطلقا و في المقام قول بالتفصيل و هو انه يجوز اذا كان للمكلف عذر و شغل يعذره عن ايقاع النافلة في وقتها و الا فلا يجوز و المدرك للتفصيل ما رواه اسماعيل بن جابر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اني اشتغل قال:

فاصنع كما تصنع صل ست ركعات اذا كانت الشمس في مثل موضعها من صلاة العصر بين ارتفاع الضحي الاكبر و اعتد بها من الزوال «2».

و بهذه الرواية يقيد ما يدل علي جواز التقديم علي الاطلاق كحديث محمد بن عذافر

قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: صلاة التطوع بمنزلة الهدية متي ما اتي بها قبلت فقدم منها ما شئت و أخر منها ما شئت «3».

و الانصاف ان العمل بالاطلاق و غض النظر عن رواية اسماعيل بن جابر مشكل و لا يخفي ان رواية ابن جابر ذكر فيها لفظ فاء الظاهر في كون بعده جزاء للشرط المقدر و مفهوم الشرط حجة لكن لو اخذنا برواية ابن جابر فلا بد من لحاظ القيود

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 19

(2) الوسائل الباب 37 من أبواب المواقيت الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 146

و كذا يجوز تقديم صلاة الليل علي النصف للمسافر اذا خاف فوتها ان أخرها أو صعب عليه فعلها في وقتها (1) و كذا الشاب (2).

______________________________

المذكورة فيها و القائل بالتقييد لم يلتزم بهذه القيود و المسألة محل اشكال و الاحتياط طريق النجاة.

(1) النصوص الواردة في المقام قسمان: احدهما مطلق و منه ما رواه ليث المرادي «1» و منه ما رواه سماعة بن مهران أنه سأل أبا الحسن الاول عليه السلام عن وقت صلاة الليل في السفر فقال: من حين تصلي العتمة الي أن ينفجر الصبح «2».

ثانيهما ما قيد بخوف الفوت و منه ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان خشيت أن لا تقوم في آخر الليل أو كانت بك علة أو أصابك برد فصل و أوتر في اول الليل في السفر «3». و بقانون تقييد المطلق بالمقيد لا بد من تقييد الاطلاق ثم ان التقديم من باب التوسعة في الوقت فيكون الاتيان بها اداء أو يكون من باب التعجيل كصلاة القضاء غاية الامر يكون القضاء بعد مضي الوقت و التعجيل

قبل زمان الواجب و الظاهر انه من باب التوسعة فان المستفاد من حديث سماعة «4» صريحا ان الوقت المقرر لها من بعد العتمة الي الفجر في السفر غاية الامر يقيد بقيد خوف الفوت كما ذكرنا فظهر مما سبق انه لا وجه لما أفاده سيد المستمسك قدس سره.

(2) لا يخفي ان عنوان الشاب لم يرد في الادلة الا في رواية يعقوب الاحمر

______________________________

(1) لاحظ ص: 138

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب المواقيت الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 147

و غيره ممن يخاف فوتها اذا أخرها لغلبة النوم (1) او طرو الاحتلام (2) او غير ذلك (3).

______________________________

قال: سألته عن صلاة الليل في الصيف في الليالي القصار في أول الليل قال: نعم نعم ما رأيت و نعم ما صنعت ثم قال: ان الشاب يكثر النوم فأنا آمرك به «1».

و الموضوع في هذه الرواية عنوان التقديم في ليالي القصار و لذا لا فرق بين كون المصلي شابا و غيره فالميزان بكون الصلاة في الصيف في الليالي القصار و قد دل عليه ما رواه ليث «2» فانقدح ان الشاب ليس له موضوعية بل الموضوعية لكون الليل قصيرا.

ثم ان جواز التقديم في ليالي القصار مطلق أو مقيد بصورة خوف الفوت أو كون الايقاع بعد النصف صعبا مقتضي الاطلاق عموم الحكم فلا وجه للتقييد كما صنعه سيدنا الاستاد بدعوي أن التناسب بين الحكم و الموضوع يقتضي التقييد.

(1) كما في حديث الحلبي «3».

(2) يدل عليه حديث ليث «4».

(3) يدل عليه حديث الحلبي «5» فان قوله: «أو كان بك علة» يقتضي الجواز لكل ذي عذر و أيضا يدل عليه حديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اذا خشيت أن لا تقوم آخر الليل أو كانت بك علة أو أصابك برد فصل صلاتك

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 17

(2) لاحظ ص: 138

(3) لاحظ ص: 146

(4) لاحظ ص: 138

(5) لاحظ: 146

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 148

______________________________

و أوتر من أول الليل «1».

و أفاد سيدنا الاستاد بأنه يلزم أن يحمل المطلق علي المقيد في المقام و إلا يلزم أن يكون التقييد لغوا و لا ينافي ما قلنا من عدم حمل المطلق علي المقيد في المستحبات لأنه فرق بين أن يكون التقييد راجعا الي المتعلق و بين أن يكون راجعا الي الحكم و المقام من قبيل الثاني».

و يرد عليه: اولا ان ما أفاده من عدم حمل المطلق علي المقيد في المستحبات غير تام بلا فرق بين الحكم و المتعلق و لا فرق بين الواجب و المستحب من هذه الجهة.

و ثانيا: انه في حديث أبي بصير «2» قد جمع الامام عليه السلام بين المقيد و المطلق فكيف يلزم اللغوية. و ثالثا: انه اشتهر بين الاعلام بأنه لا تنافي بين الاثباتين.

و بعبارة اخري: ان التقييد يمكن أن يكون لخصوصية منظورة للمولي و عليه لا وجه للتقييد فمطلق العذر كاف للتقديم فظهر مما ذكرنا ان كل عذر يكفي لجواز التقديم و عليه هل يكون من باب التوقيت أو التعجيل الظاهر هو الثاني لما رواه محمد عن أحدهما قال: قلت: الرجل من أمره القيام بالليل تمضي عليه الليل و الليلتان و الثلاث لا يقوم فيقضي احب إليك أم يجعل الوتر أول الليل؟ قال: لا بل يقضي و ان كان ثلاثين ليلة «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من أبواب المواقيت الحديث: 12

(2) مر آنفا

(3) الوسائل الباب 45 من أبواب المواقيت الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين،

ج 4، ص: 149

[الفصل الثالث في أحكام المواقيت]
اشارة

الفصل الثالث:

اذا مضي من أول الوقت مقدار اداء نفس الصلاة الاختيارية و لم يصل ثم طرأ أحد الاعذار المانعة من التكليف وجب القضاء (1 و الا لم يجب (2) و اذا ارتفع العذر في آخر الوقت فان وسع الصلاتين مع الطهارة وجبتا جميعا (3) و كذا اذا وسع مقدار خمس ركعات معها (4).

______________________________

و ما رواه يعقوب بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يخاف الجنابة في السفر أو البرد أ يعجل صلاة الليل و الوتر في اول الليل قال:

نعم «1».

(1) لان التكليف تحقق و يكون قابلا للامتثال و لم يحصل فيجب القضاء بمقتضي دليله.

(2) لعدم تحقق الموضوع فلا يتحقق الحكم كما هو مقتضي القاعدة.

(3) كما هو واضح ظاهر.

(4) يمكن تقريب هذا المدعي بوجهين: احدهما: أن قاعدة من ادرك المستفادة من النص «2» تقتضي ان ادراك ركعة من الصلاة في الوقت كإدراك تمام الوقت هذا من ناحية و من ناحية اخري ان الترتيب معتبر بين الظهر و العصر فيلزم تقديم الظهر ثم الاتيان بالعصر كي يحصل الامتثال بالنسبة الي كلتا الصلاتين أما بالنسبة

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من أبواب المواقيت الحديث: 10

(2) لاحظ النصوص في الباب: 30 من أبواب المواقيت من الوسائل

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 150

و الا وجبت الثانية اذا بقي ما يسع ركعة معها (1) و الا لم يجب

______________________________

الي الظهر فواضح و أما بالنسبة الي العصر فلان المفروض ان ادراك ركعة بمثابة تمام الصلاة فيحصل الامتثال مع شرائطه.

و أفاد سيدنا الاستاد في المقام بأن قاعدة من ادرك تجري في الظهر أيضا اذ المفروض ان المصلي يدرك ركعة من وقت الظهر «1».

و يرد عليه ان الوقت ظرف لكلتا

الصلاتين فلا تضيق بالنسبة الي الظهر.

و ان شئت قلت: ان كان دليل وجوب الاتيان بالعصر عند التضيق شاملا لمثل الفرض فلا مجال للإتيان بالظهر بل اللازم الاتيان بالعصر و لا اثر لقاعدة من ادرك.

و ان قلنا بأنه لا يشمل مثل المقام فالوقت وقت مشترك لكلتا الصلاتين و لا وجه لاختصاصه بخصوص العصر.

ثانيهما: أن ما افاده علي وفق القاعدة اي القاعدة تقتضي الاتيان بالظهر ابتداء و ذلك لان الوقت حسب المستفاد من الادلة وقت لكلتا الصلاتين من دلوك الشمس الي غروبها و المفروض أن الظهر غير مقيد بالعصر بخلاف العكس فانه مشروط بتقدم الظهر عليه و الدليل الدال علي اختصاصه بالعصر لا يشمل مثل الفرض اذ المفروض ان الوقت أزيد من مقدار اربع ركعات فالقاعدة الاولية تقتضي الاتيان بالظهر.

لكن يرد عليه: انه بعد مضي مقدار ركعة يجب الاتيان بالعصر بمقتضي الدليل الدال علي أنه يجب الاتيان بالمتأخر مع التضيق فهذا التقريب غير صحيح و الامر منحصر في التقريب الاول.

(1) الوجه فيه ظاهر اذ علي تقدير بقاء مقدار اربع ركعات يلزم الاتيان بالعصر للنصوص الواردة في الباب 49 من أبواب الحيض من الوسائل منها ما رواه

______________________________

(1) التنقيح ج 1 من الصلاة ص: 303

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 151

شي ء (1).

[مسألة 10: لا تجوز الصلاة قبل دخول الوقت]

(مسألة 10): لا تجوز الصلاة قبل دخول الوقت (2).

______________________________

عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ايما امرأة رأت الطهر و هي قادرة علي أن تغتسل في وقت صلاة ففرطت فيها حتي يدخل وقت صلاة اخري كان عليها قضاء تلك الصلاة التي فرطت فيها و ان رأت الطهر في وقت صلاة فقامت في تهيئة ذلك فجاز وقت صلاة و دخل وقت صلاة اخري فليس عليها قضاء

و تصلي الصلاة التي دخل وقتها «1». مضافا الي التسالم من الاصحاب علي المدعي.

(1) لو التزمنا بشمول قاعدة من أدرك للمقام يلزم الاتيان بالعصر لان الوقت بمقتضي تلك القاعدة يسع الصلاة و الا تكون كلتا الصلاتين قضاء.

(2) هذا مقتضي القاعدة الاولية فانه لو صلي قبله لا يكون ممتثلا و اجزاء غير المأمور به عنه علي خلاف القاعدة كما هو ظاهر.

قال في الحدائق: «أجمع اهل العلم كافة علي أنه لا تجوز الصلاة قبل دخول وقتها و عن المعتبر انه اجماع اهل العلم و عن المنتهي انه لا يجوز الصلاة قبل دخول وقتها و هو قول اهل العلم كافة الا ما روي عن ابن عباس في مسافر صلي الظهر قبل الزوال يجزأه و بمثله قال الحسن و الشعبي».

و تدل علي المقصود جملة من الروايات منها ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: انه ليس لأحد أن يصلي صلاة الا لوقتها و كذلك الزكاة الي أن قال: و كل فريضة انما تؤدي اذا حلت «2».

و منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أ يزكي الرجل ماله

______________________________

(1) الوسائل الباب 49 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 152

بل لا تجزي الا مع العلم به (1).

______________________________

اذا مضي ثلث السنة؟ قال: لا أ تصلي الاولي قبل الزوال؟! «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: قلت: فمن صلي لغير القبلة أو في يوم غيم لغير الوقت قال: يعيد «2» و منها غيرها الوارد في الباب 13 من أبواب المواقيت من الوسائل.

و يدل علي المقصود أيضا حديث

لا تعاد الصلاة الا من خمس: الطهور، و الوقت و القبلة و الركوع و السجود «3».

(1) يقع الكلام في هذا المقام في موضعين: احدهما: انه مع عدم العلم لا يجوز الاكتفاء بما اتي به ثانيهما: ان العلم بالوقت شرط في صحة الصلاة بحيث لو صلي مع عدم العلم رجاء و أصاب الواقع لا يجزي.

أما الموضع الاول فنقول: لا شبهة في اعتبار العلم أو ما يقوم مقامه اذ مقتضي الاستصحاب عدم الدخول و يترتب عليه الفساد مضافا الي النصوص الدالة علي لزوم تحصيل العلم منها: ما رواه عبد اللّه بن عجلان قال: قال أبو جعفر عليه السلام:

اذا كنت شاكا في الزوال فصل ركعتين فاذا استيقنت أنها قد زالت بدأت بالفريضة «4».

و منها: ما رواه اسماعيل بن جابر عن الصادق عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام في حديث طويل: ان اللّه تعالي اذا حجب عن عباده عين الشمس التي جعلها دليلا علي أوقات الصلاة فموسع عليهم تأخير الصلوات ليتبين لهم الوقت

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب الوضوء الحديث: 8

(4) الوسائل الباب 58 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 153

أو قيام البينة (1) و لا يبعد الاجتزاء بأذان الثقة العارف (2).

______________________________

بظهورها و يستيقنوا أنها قد زالت «1».

و منها غير هما الوارد في الباب 58 من أبواب المواقيت من الوسائل.

و أما الموضع الثاني فلا دليل علي الاشتراط بهذا المعني و لا وجه للبطلان مع التصادف الواقعي و قد حقق في محله ان الجزم بالنية غير معتبر في صحة العبادة.

(1) عن الذخيرة عليه الاكثر و الوجه فيه انه لا كلام في حجية البينة اي شهادة العدلين علي ما

هو المشهور في الموضوعات الخارجية.

(2) فانه ثبت في الاصول اعتبار خبر الثقة و الاذان نوع اخبار فيكون حجة اضف اليه جملة من النصوص منها ما رواه ذريح المحاربي قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: صل الجمعة باذان هؤلاء فانهم اشد شي ء مواظبة علي الوقت «2».

الي غيره من الروايات المذكورة في الباب 58 من أبواب المواقيت من الوسائل.

و ربما يقال: بأن مقتضي رواية عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأل عن الاذان هل يجوز أن يكون عن غير عارف؟ قال: لا يستقيم الاذان و لا يجوز أن يؤذن به الا رجل مسلم عارف فان علم الاذان و أذن به و لم يكن عارفا لم يجز أذانه و لا اقامته و لا يقتدي به الحديث «3».

اشتراط العدالة لكن مدلول الرواية لا يقتضي اشتراط العدالة بل غاية مدلولها الايمان و الظاهر من الرواية انه لا يترتب اثر علي اذان غير العارف و هذا واضح لان الايمان شرط في صحة العبادات.

و ربما يقال: بأن ما دل علي اعتبار قول المؤذن يعارضه ما في رواية علي بن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 26 من أبواب الاذان و الاقامة

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 154

أو باخباره (1) و يجوز العمل بالظن في الغيم و كذا في غيره من الاعذار النوعية (2).

______________________________

جعفر عن أخيه موسي عليه السلام في الرجل يسمع الاذان فيصلي الفجر و لا يدري طلع أم لا غير أنه يظن لمكان الاذان انه طلع قال: لا يجزيه حتي يعلم انه قد طلع «1».

فان المستفاد منها عدم اعتبار الاذان بل يلزم حصول العلم بالوقت لكن يجاب عن

الاشكال بأن رواية ابن جعفر مطلقة من حيث كون المؤذن ثقة أم لا فلا تعارض بين القسمين مضافا الي أنه لو لم يترتب علي الاذان أثر و لا يكون معتبرا فلا فائدة في تشريعه و يكون لغوا اذ لا يكون ملازمة بين اذان المؤذن و حصول العلم بالوقت كما هو ظاهر بل غايته حصول الاحتمال أو الظن كبقية اخبارات المخبرين.

(1) لوحدة الملاك و اعتبار خبر الثقة.

(2) في بعض الكلمات انه مشهور و عن المدارك انه اجماعي و ما يمكن أن يقال في وجهه امور:

الاول: الاجماع و حاله معلوم سيما في مثل هذه المسألة.

الثاني: الاصل. و لا أصل له بل الاصل خلافه فان الشك في الحجية مساوق للعلم بعدمها.

الثالث: نفي الحرج. و فيه أنه لا حرج في الصبر حتي يحصل العلم بدخول الوقت.

الرابع: تعذر العلم فتصل النوبة الي الظن. و فيه أنه ما الدليل علي هذا المدعي فانه مع الشك في الوقت لا يكون اصل التكليف معلوما و ان قلت: الايقاع

______________________________

(1) الوسائل الباب 58 من أبواب المواقيت الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 155

______________________________

في الوقت شرطا للواجب و يكون الوجوب حاصلا قبل الوقت بنحو الواجب المعلق فمع أنه خلاف الواقع لا مجال لهذه الدعوي اذ يمكن الاحتياط بالصبر فظهر أن دعوي حجية الظن بدليل الانسداد لا مجال له.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 155

الخامس: انه تكليف بما لا يطاق. و فساده أوضح من أن يخفي اذ علم آنفا أن التكليف غير معلوم و الاحتياط ممكن فاما لا تكليف و اما يمكن امتثاله بالاحتياط بالصبر.

السادس: النصوص الدالة علي حجية

اذان المؤذن. و فيه انه لا وجه للتعدي و القياس باطل.

السابع: المرسل: «المرء متعبد بظنه». و فيه: انه غير معتبر مضافا الي أنه لا نفهم منه معني صحيحا فانه في الجملة تام لكن المهملة في قوة الجزئية و أما بنحو الاطلاق فغير صحيح قطعا فانه لا شبهة في عدم حجية مطلق الظن لأنه خلاف الكتاب.

الثامن: النصوص الواردة في الديكة المذكورة في الوسائل في الباب 14 من أبواب المواقيت.

منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن الصلاة بالليل و النهار اذا لم تر الشمس و لا القمر فقال: تعرف هذه الطيور التي عندكم بالعراق يقال لها الديكة؟ قال:

نعم قال: اذا ارتفعت أصواتها و تجاوبت فقد زالت الشمس أو قال: فصله «1».

و فيه: انه علي تقدير العمل بها لا وجه للتعدي بل يستفاد من بعض الخصوصيات الواردة في بعض تلك النصوص انه طريق خاص تعبدي و ليس الاعتبار بمطلق

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 156

______________________________

الظن فلاحظ.

التاسع: ما رواه أحمد بن عبد اللّه القزويني (القروي) عن أبيه قال: دخلت علي الفضل بن الربيع و هو جالس علي سطح فقال لي: ادن مني فدنوت منه حتي حاذيته ثم قال لي: اشرف الي البيت في الدار فاشرفت فقال لي: ما تري في البيت؟ قلت: ثوبا مطروحا الي ان قال هذا أبو الحسن موسي بن جعفر عليه السلام الي أن قال: و قد و كل من يترصد له الزوال فلست أدري متي يقول له الغلام:

قد زالت الشمس اذ وثب فيبتدي الصلاة «1».

و السند مخدوش فان أحمد بن عبد اللّه لم يوثق مضافا الي أن الدلالة قاصرة فانه لا دليل علي تمكنه عليه السلام من حصول

العلم و أيضا يحتمل أن يكون المسئول ثقة و كان يعمل بقوله من باب حجية قول الثقة.

العاشر: ما رواه سماعة قال: سألته عن الصلاة بالليل و النهار اذا لم ير الشمس و لا القمر و لا النجوم قال: اجتهد رأيك و تعمد القبلة جهدك «2».

و فيه انه ليس في الرواية شاهد علي كون الظن معتبرا بالنسبة الي الوقت بل السؤال و الجواب ناظران الي القبلة.

الحادي عشر: ما رواه أبو الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت و في السماء غيم فأفطر ثم ان السحاب انجلي فاذا الشمس لم تغب فقال: قد تم صومه و لا يقضيه «3».

و فيه: انه لا وجه لقياس الصلاة بالصوم و بعبارة اخري: ان الاحكام التعبدية

______________________________

(1) الوسائل الباب 59 من أبواب المواقيت الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب القبلة الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 157

[مسألة 11: إذا أحرز دخول الوقت بالوجدان أو بطريق معتبر فصلي ثم تبين أنها وقعت قبل الوقت لزم اعادتها]

(مسألة 11): اذا احرز دخول الوقت بالوجدان أو بطريق معتبر فصلي ثم تبين أنها وقعت قبل الوقت لزم اعادتها (1) نعم اذا

______________________________

لا يمكن التصرف فيها الا بالحجة المعتبرة.

الثاني عشر: ما رواه اسماعيل بن جابر «1» و هذه الرواية ساقطة عن الاعتبار سندا فان في سنده حسين بن علي بن أبي حمزة و هو لم يوثق مضافا الي الاشكال في دلالة الرواية فلاحظ.

الثالث عشر ما رواه زرارة عن أبي جعفر «2» بتقريب: انه يبعد الخطأ مع اليقين فيعلم انه ظن بدخول الوقت. و فيه: انه استبعاد في غير محله و بعبارة اخري لا يظهر من الرواية جواز العمل بالظن.

الرابع عشر ما رواه بكير

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: اني صليت الظهر في يوم غيم فانجلت فوجدتني صليت حين زال النهار قال: فقال:

لا تعد و لا تعد «3».

بتقريب: انه يستفاد من الرواية ان العمل بالظن جائز و لذا لم يأمره بالاعادة.

و فيه: انه علي خلاف المطلوب أدل اذ لو كان العمل بالظن جائزا لم يكن وجه لعدم العود و أما عدم وجوب الاعادة فيمكن أن يكون من باب وقوع الصلاة في الوقت نعم انما يستقاد من الرواية ان المكلف لو صلي مع عدم العلم بالوقت و صادف الواقع تصح صلاته و هذا امر علي القاعدة اذ العلم طريقي.

(1) هذا مقتضي القاعدة الاولية فان الاجزاء يحتاج الي الدليل بل يقتضيه حديث لا تعاد مضافا الي جملة من النصوص منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه

______________________________

(1) لاحظ ص 152

(2) لاحظ ص: 112

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب المواقيت الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 158

علم أن الوقت قد دخل و هو في الصلاة فالمشهور ان صلاته صحيحة لكن الاحوط لزوما اعادتها (1).

و أما اذا صلي غافلا و تبين دخول الوقت في الاثناء فلا اشكال في البطلان (2) نعم اذا تبين دخوله قبل الصلاة اجزأت (3) و كذا اذا صلي بر جاء دخول الوقت (4).

______________________________

السلام في رجل صلي الغداة بليل غره من ذلك القمر و نام حتي طلعت الشمس فاخبر أنه صلي بليل قال: يعيد صلاته «1».

(1) عن الجواهر: علي أشهر القولين بل هو المشهور و المدرك رواية اسماعيل بن رياح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا صليت و انت تري انك في وقت و لم يدخل الوقت فدخل الوقت و أنت في الصلاة فقد

أجزأت عنك «2».

و عن الاسكافي و العماني و العلامة في كلام له في المختلف و ابن فهد و الصيمري و الأردبيلي و تلميذه و غيرهم البطلان و عن المرتضي نسبة البطلان الي محققي اصحابنا و محصليهم لما تقدم من الوجه للبطلان و الرواية ليست قابلة لكونها مستندة للحكم بالصحة لعدم توثيق ابن رياح.

الا أن يقال بأن التسالم علي الصحة يكفي مدركا لكن كيف يمكن الاعتراف بالتسالم مع ما تقدم من ذكر الخلاف و اللّه العالم.

(2) لما ذكرنا من الوجه و لا تشمل الرواية المورد فلاحظ.

(3) و الوجه فيه ظاهر اذ المفروض وقوع الصلاة في وقتها.

(4) اذ المفروض ان الصلاة وقعت في الوقت مع قصد القربة و العلم بدخول

______________________________

(1) الوسائل الباب 59 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب المواقيت

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 159

و اذا صلي ثم شك في دخوله أعاد (1).

[مسألة 12: يجب الترتيب بين الظهرين بتقديم الظهر]

(مسألة 12): يجب الترتيب بين الظهرين بتقديم الظهر و كذا بين العشاءين بتقديم المغرب (2) و اذا عكس في الوقت المشترك عمدا أعاد (3) و اذا كان سهوا لم يعد علي ما تقدم (4) و اذا كان التقديم من جهة الجهل بالحكم فالاقرب الصحة اذا كان الجاهل معذورا سواء كان مترددا غير جازم أم كان جازما غير متردد (5).

[مسألة 13: يجب العدول من اللاحقة إلي السابقة]

(مسألة 13): يجب العدول من اللاحقة الي السابقة كما اذا

______________________________

الوقت لا يكون دخيلا في الصحة.

(1) لاستصحاب عدم الدخول و عدم وقوعها في وقتها.

(2) بلا اشكال و لا خلاف بل يمكن أن يقال ان المدعي من الواضحات التي لا تكون قابلة للبحث مضافا الي جملة من النصوص منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن وقت الظهر و العصر فقال: اذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر و العصر جميعا الا ان هذه قبل هذه ثم أنت في وقت منهما جميعا حتي تغيب الشمس «1». لاحظ الروايات في الباب 4 من أبواب المواقيت من الوسائل.

(3) كما هو مقتضي القاعدة اذ المفروض انه لم يأت بالمأمور به فلا بد من الاعادة.

(4) تقدم الكلام فيه في مسألة 6 من الفصل الثاني فراجع.

(5) لقاعدة لا تعاد فان المانن يري جريانها بالنسبة الي القاصر الجاهل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 160

قدم العصر أو العشاء سهوا و ذكر في الاثناء فانه يعدل الي الظهر أو المغرب و لا يجوز العكس كما اذا صلي الظهر أو المغرب و في الاثناء ذكر انه قد صلاهما فانه لا يجوز له العدول الي العصر أو العشاء (1).

[مسألة 14: إنما يجوز العدول من العشاء إلي المغرب إذا لم يدخل في ركوع الرابعة]

(مسألة 14): انما يجوز العدول من العشاء الي المغرب اذا لم يدخل في ركوع الرابعة (2).

______________________________

(1) العدول بلا دليل عموما أو خصوصا أمر علي خلاف القاعدة الاولية فان كل امر يصدر من المولي يقتضي الاتيان بما امر به و لا يجزي غير ما امر به عن المأمور به و مقتضي اطلاق الامر في مقام البيان عدم الاجزاء.

و بعبارة واضحة: الامر بصلاة العصر يقتضي الاتيان بالعصر

أعم من أنه عدل من الظهر اليه أم لا فالعدول لا يجزي بمقتضي الاطلاق كما أن مقتضي الاصل العملي عدم جواز العدول و عدم كونه مجزيا و لا فرق فيما ذكرنا بين أن يكون العدول من السابقة الي اللاحقة و بين العكس الا أن الدليل وارد في الثاني بالخصوص لاحظ ما رواه زرارة «1».

(2) افاد سيد المستمسك قدس سره في شرح كلام السيد اليزدي قدس سره في المقام: بأن ما افاده الماتن يقتضي جواز العدول قبل الدخول في الركوع الرابع و ان قام الي الرابعة و جاء بالتسبيح و نقل عن الجواهر انه ظاهر كلام الاصحاب و قال: العمدة فيه اطلاق خبر عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي صلاة حتي دخل وقت صلاة اخري فقال: اذا نسي الصلاة أو نام عنها صلي حين يذكرها فاذا ذكرها و هو في صلاة بدأ بالتي نسي

______________________________

(1) لاحظ ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 161

و الا بطلت و لزم استينافها (1).

______________________________

و ان ذكرها مع امام في صلاة المغرب اتمها بركعة ثم صلي المغرب ثم صلي العتمة بعدها و ان كان صلي العتمة وحده فصلي منها ركعتين ثم ذكر انه نسي المغرب اتمها بركعة فتكون صلاته للمغرب ثلاث ركعات ثم يصلي العتمة بعد ذلك «1».

و تصدي لتصحيح سند الرواية و الحق ان هذه الرواية لا اعتبار بها فان معلي بن محمد لم يوثق و ما أفاده سيد المستمسك من أنه معتبر الحديث عهدته عليه و لا دليل علي هذا المدعي فهذه الرواية لا يمكن أن تكون مدركا نعم لا بأس بها بمقدار التأييد و ربما يقال: انه لا مانع من

الاستناد بما رواه زرارة «2» عن أبي جعفر عليه السلام فان قوله عليه السلام: «و قد صليت من العشاء الآخرة ركعتين أو قمت في الثالثة» يقتضي باطلاقه جواز العدول الي المغرب حتي بعد الاتيان بالتسبيح فان الظاهر انه بعد الاتيان به يصدق عنوان القيام في الثالثة و لا يختص هذا العنوان بأول زمان القيام بحيث لو تأمل مقدارا أو أتي ببعض الاذكار المستحبة كما لو صلي عليه صلي اللّه عليه و آله لا يشمله الدليل و بعبارة اخري: ان المستفاد من الرواية ان المصلي لو أتي بركعتين أو فرغ منها و دخل في الثالثة يجوز له العدول لكن الانصاف ان الاستدلال برواية زرارة غير سديد لأنها لا تشمل ما دخل في الرابعة فان المستفاد منها أن موضوع العدول القيام الي الثالثة فلا تدل علي المدعي لكن الظاهر أن الحكم مورد تسالم الاصحاب و عن الجواهر: «انه نسبه الي ظاهرهم و اللّه العالم.

(1) فان البطلان علي القاعدة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 63 من أبواب المواقيت الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 162

[مسألة 15: يجوز تقديم الصلاة في أول الوقت لذوي الأعذار مع اليأس عن ارتفاع العذر]

(مسألة 15): يجوز تقديم الصلاة في اول الوقت لذوي الاعذار مع اليأس عن ارتفاع العذر (1) بل مع رجائه أيضا (2) في غير المتيمم (3) لكن اذا ارتفع العذر في الوقت وجبت الاعادة (4) نعم في التقية يجوز البدار و لو مع العلم بزوال العذر و لا تجب الاعادة بعد زواله في الوقت (5).

[مسألة 16: الأقوي جواز التطوع بالصلاة لمن عليه الفريضة أدائية]

(مسألة 16): الاقوي جواز التطوع بالصلاة لمن عليه الفريضة ادائية (6).

______________________________

(1) كما هو ظاهر لتحقق الموضوع.

(2) لجريان الاستصحاب الاستقبالي المقتضي لجواز البدار.

(3) تقدم الكلام فيه في الفصل الخامس من فصول المبحث الخامس في التيمم.

(4) لما حقق في محله من عدم كون الاتيان بالمأمور به بالامر الظاهري مجزيا.

(5) قد تقدم الكلام حول التقية و انها هل تكون مجزية أم لا في ج 1 من هذا الشرح ص: 413.

(6) وقع الكلام بين الاعلام في جواز التطوع في وقت الفريضة و عدمه فذهب الي الجواز جمع منهم الشهيدان و ذهب جماعة الي عدمه بل احتمل انه محل الاجماع و منهم المحقق قدس سره و الحكم في المقام النصوص فلا بد من ملاحظتها فمنها ما رواه الشهيد في الذكري عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتي يبدأ بالمكتوبة «1».

و هذه الرواية لا بأس بها دلالة فانها تدل علي عدم الجواز و لكن لا اعتبار بها سندا و الوجه فيه ان سند الرواية مجهول و وجه الصحة عند الشهيد غير معلوم

______________________________

(1) الوسائل الباب 61 من أبواب المواقيت الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 163

______________________________

فلا يمكن الاعتماد عليها و بعبارة اخري: انه يمكن أن يكون الوجه عنده اجتهادا غير مقبول

لدينا.

و منها ما رواه الشهيد الثاني في الروض قال: و يؤيده صحيحة زرارة أيضا قال: قلت لأبي جعفر: اصلي النافلة و علي فريضة أو في وقت فريضة قال: لا انه لا تصلي النافلة في وقت فريضة الحديث «1».

و هذه الرواية أيضا لاعتبار بها سندا فان طريقها مجهول و مجرد توصيف الشهيد لها بالصحة لا يكفي كما هو ظاهر لكن يمكن أن يقال: بأنهم اصطلحوا فيما بينهم بأنه يطلق الصحيح علي خبر يكون الرواة كلهم عدولا و عليه لا مجال للترديد فيكون قول الشهيد بأن هذا الخبر صحيح شهادة بعدالة رواة الخبر و شهادة الشهيد حجة فيكون الخبر حجة.

نعم يشكل الامر بأنه لم يوجد في كتب اصحاب الحديث فانه كيف يمكن أن يصل الخبر بطريق صحيح الي الشهيد و لم يطلع عليه الشيوخ مضافا الي أن الشهيد من المتأخرين.

و منها ما رواه زياد أبو عتاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول:

اذا حضرت المكتوبة فابدأ بها فلا تضرك أن تترك ما قبلها من النافلة «2».

و هذه الرواية لا دلا فيها علي المدعي فان المستفاد منها أن ترك النافلة لا يضر بصحة الفريضة. و بعبارة اخري: ان الامر بالاتيان بالمكتوبة في مقام توهم المنع عن الاتيان بها فغاية ما يستفاد من الرواية ان الاتيان بالفريضة جائز و لا بأس بها بل هذه الرواية تدل علي عكس المدعي مضافا الي الاشكال في السند فلاحظ الرجال.

و منها: ما رواه أبو بكر عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: اذا دخل

______________________________

(1) روض الجنان ص: 184

(2) الوسائل الباب 35 من أبواب المواقيت الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 164

______________________________

وقت صلاة فريضة فلا تطوع «1» و هذه الروايه ساقطة من

حيث السند فان أبا بكر لم يوثق و علي فرض كونه في أسانيد كامل الزيارة لا يكفي في وثاقته.

و منها: ما رواه نجية قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: تدركني الصلاة و يدخل وقتها فأبدأ بالنافلة؟ قال فقال ابو جعفر عليه السلام: لا و لكن ابدأ بالمكتوبة و اقض النافلة «2».

و هذه الرواية لا تدل علي المدعي اذ يستفاد منها أن وقت النافلة انقضي بدخول وقت الفريضة فتكون الرواية متعرضة لحكم النوافل المرتبة التي عين لها وقت كما الذراع و الذراعين.

نعم لا يبعد أن يستفاد من الرواية انه لا يجوز قضاء النافلة المرتبة بعد دخول وقت الفريضة قبل الاتيان بها.

و منها: ما رواه زرارة «3» عن أبي جعفر عليه السلام بتقريب ان المستفاد منها انه لا يجوز الاتيان بالنافلة بعد دخول وقت الفريضة و لا يجوز الاتيان بنافلة الفجر بعد دخول الفجر و بعدد بين الكبري بالنحو الكلي و هي أن الصلاة مثل الصوم فكما أن الصوم لا يجوز التطوع به في وقت الفريضة كذلك الصلاة.

و يرد عليه: انا ذكرنا في تلك المسألة ان النتيجة جواز الاتيان بها بعد الفجر بل قلنا بأنه يلزم الاتيان بها بعده فهذه الرواية لا يمكن أن يؤخذ بها في موردها فكيف ببقية الموارد.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن رجل صلي بغير

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) لاحظ ص: 133

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 165

______________________________

طهور أو نسي صلاة لم يصلها أو نام عنها فقال: يقضيها اذا ذكرها في اي ساعة ذكرها من ليل أو نهار فاذا دخل وقت الصلاة و لم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف أن

يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت و هذه احق بوقتها فليصلها فاذا قضاها فليصل ما فاته مما قد مضي و لا يتطوع بركعة حتي يقضي الفريضة كلها «1».

و تقريب الاستدلال بهذه الرواية انه يستفاد منها انه لا يجوز الاتيان بالنافلة حتي يؤتي بقضاء الفريضة و لا يخفي انه لا تعرض في الرواية للفرض الادائي بل الرواية مختصة بالقضاء و الالتزام بعموم الحكم بأن الرواية دالة علي عدم الجواز بالنسبة الي الاداء بالاولوية لا شاهد عليه فان بحث المضايقة بحث معروف عند الاصحاب فهذه الرواية تدل علي المدعي بالنسبة الي القضاء ان قلت: قوله عليه السلام و لا يتطوع الي آخره يدل علي المدعي.

قلت: ان النهي عن التطوع عرضي بيان ذلك ان الامام عليه السلام بعد قوله:

«يقضيها اذا ذكرها في اي ساعة ذكرها من ليل أو نهار» قال: فاذا دخل وقت الصلاة و لم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت و هذه احق بوقتها فليصلها فاذا قضاها فليصل ما فاته مما قد مضي و لا يتطوع الحديث فهذه الجملة الاخيرة ليست مستقلة في كلام الامام عليه السلام كي تدل علي المدعي بل من تتمة الكلام السابق فتكون دالة علي أن النهي عن التطوع نهيا عرضيا و بعبارة اخري: قوله عليه السلام: «و لا يتطوع» ليست جملة مستقلة كي تدل علي المدعي.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال لي رجل من أهل المدينة يا أبا جعفر ما لي لا اراك تتطوع بين الاذان و الاقامة كما يصنع

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4،

ص: 166

______________________________

الناس؟ فقلت: انا اذا اردنا أن نتطوع كان تطوعنا في غير وقت فريضة فاذا دخلت الفريضة فلا تطوع «1».

و تقريب الاستدلال بها ظاهر و أفاد سيدنا الاستاد بأن المستفاد منها النهي عن التطوع بين الاذان و الاقامة و أما قبل الاذان أو بين الاذان فلا تعرض في الرواية له.

و الانصاف ان الايراد غير وارد فان الميزان بالجواب و هو باطلاقه يدل علي المنع عن التطوع بعد دخول وقت الفريضة فالظاهر ان الرواية غير قابلة للمناقشة من حيث الدلالة علي المدعي كما أن سندها معتبر.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تصل من النافلة شيئا في وقت الفريضة فانه لا تقضي نافلة في وقت فريضة فاذا دخل وقت الفريضة فابدأ بالفريضة «2».

و هذه الرواية من حيث السند لا بأس بها فان ابن ادريس ينقل عن كتاب حريز و الميزان الكلي أن يعمل بخبر الثقة ما لم يحرز خلافه كما حققناه في محله فتأمل.

و أما من حيث الدلالة فقد أفاد سيدنا الاستاد بأن القدر المتقين منها النوافل المرتبة و لا شبهة في جواز الاتيان بها بعد دخول وقت الفريضة فلا يستفاد من الرواية مدعي الخصم بل المستفاد منها عدم جواز الاتيان بالنوافل المرتبة بعد دخول وقت فضيلة الفريضة.

و يرد عليه: انه لا وجه لهذا التقييد فان القدر المتيقن لا يوجب رفع اليد عن الاطلاق ما دام لا يوجب الانصراف و الظهور فالحق أن الرواية دالة علي عدم مشروعية النافلة في وقت الفريضة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب المواقيت الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 167

______________________________

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت: اصلي في وقت فريضة

نافلة؟

قال: نعم في أول الوقت اذا كنت مع امام تقتدي به فاذا كنت وحدك فابدأ بالمكتوبة «1» و الظاهر ان الرواية لا بأس بها من حيث الدلالة فانقدح مما ذكرنا ان المقتضي لعدم الجواز تام لا اشكال فيه.

و في قبال هذه الروايات نصوص تدل علي الجواز منها ما رواه سماعة قال:

سألته (سألت أبا عبد اللّه) عن الرجل يأتي المسجد و قد صلي اهله أ يبتدئ بالمكتوبة أو يتطوع؟ فقال: ان كان في وقت حسن فلا بأس بالتطوع قبل الفريضة و ان كان خاف الفوت من أجل ما مضي من الوقت فليبدأ بالفريضة و هو حق اللّه ثم يتطوع ماشا الا هو (الامر) موسع أن يصلي الانسان في أول دخول وقت الفريضة النوافل الا أن يخاف فوت الفريضة و الفضل اذا صلي الانسان وحده أن يبدأ بالفريضة اذا دخل وقتها ليكون فضل أول الوقت للفريضة و ليس بمحظور عليه أن يصلي النوافل من أول الوقت الي قريب من آخر الوقت «2».

فان المستفاد من هذه الرواية ظاهرا ان التنفل في وقت فضيلة الفريضة جائز لكن الاتيان بالفريضة في وقتها أفضل فان الظاهر من قوله: «يأتي المسجد و قد صلي أهله» ان الداخل يريد أن يصلي جماعة و من الظاهر ان المريد للجماعة لا يدخل المسجد في آخر الوقت و عليه الخوف من فوت الفريضة فوت وقت الفضل لا فوت وقت الاجزاء فتدل الرواية علي جواز النافلة في وقت الفضيلة للفريضة و لو سلم عدم الظهور فلا اشكال في دلالة الرواية علي جواز النافلة من أول الوقت الي زمان فوت الفريضة فدلالة الرواية علي الجواز غير قابلة للإنكار و مقتضي الجمع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث:

1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 168

______________________________

بين هذه الرواية و بين ما دل علي المنع الالتزام بأن الافضل الاتيان بالفريضة و لو سلم التعارض و عدم الجمع العرفي بين الطرفين يسقط كل منهما و المرجع اطلاق ادلة النفل بل يمكن أن يقال: بأن الترجيح مع ما دل علي الجواز فان عدم الجواز موافق لقول الحنابلة في الجملة.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اذا دخل وقت الفريضة أتنفل أو أبدأ بالفريضة قال: ان الفضل أن تبدأ بالفريضة و انما اخرت الظهر ذراعا من عند الزوال من اجل صلاة الاوابين «1».

و يظهر من هذه الرواية ان الاتيان بالنافلة يجوز مطلقا في وقت الفريضة غاية الامر ان الافضل الاتيان بالفريضة و انما خصص هذا الحكم في وقت صلاة الظهر و العصر بالدليل فلو دار الامر في أول الزوال بين الاتيان بنافلة الظهر و فرضه يكون الافضل الاتيان بالنافلة و أما لو دار الامر بين الفرض و غير نافلته يكون الافضل الاتيان بالفريضة فاته لا يمنعه الا سبحة «2».

فان هذه الرواية تدل ظاهرا بل صريحا علي جواز النافلة في وقت الفضيلة و لو فرض وقوع التعارض بين هذه الرواية و ما تقدم من تلك الروايات الدالة علي الجواز يجري فيه ما ذكرناه آنفا.

و تدل علي الجواز في الجملة جملة من النصوص منها: ما رواه اسحاق بن عمار «3» فان هذه الرواية تدل علي الجواز بالنسبة الي من ينتظر الجماعة.

و منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل

______________________________

(1) الوسائل الباب 36 من أبواب المواقيت الحديث: 2 و 3

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب المواقيت الحديث: 6

(3)

لاحظ ص: 167

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 169

______________________________

دخل المسجد فافتتح الصلاة فبينما هو قائم يصلي اذ أذن المؤذن و أقام الصلاة قال: فليصل ركعتين ثم ليستأنف الصلاة مع الامام و ليكن الركعتان تطوعا «1».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان فاتك شي ء من تطوع الليل و النهار فاقضه عند زوال الشمس و بعد الظهر عند العصر و بعد المغرب و بعد العتمة و من آخر السحر «2» و تقريب الاستدلال ظاهر.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل نسي صلاة الليل و الوتر فيذكر اذا قام في صلاة الزوال فقال: يبدأ بالنوافل (بالزوال) فاذا صلي الظهر صلي صلاة الليل و أوتر ما بينه و بين العصر أو متي احب «3».

و منها: ما رواه الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل فاتته صلاة النهار متي يقضيها؟ قال: متي شاء ان شاء بعد المغرب و ان شاء بعد العشاء «4».

و من النصوص الدالة علي الجواز مطلقا ما رواه عمر بن يزيد أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرواية التي يروون أنه لا يتطوع في وقت فريضة ما حد هذا الوقت؟ قال: اذا أخذ المقيم في الاقامة فقال له: ان الناس يختلفون في الاقامة فقال: المقيم الذي يصلي معه «5».

فان هذه الرواية حاكمة علي جميع الروايات المانعة و مفسرة لها و يستفاد منها

______________________________

(1) الوسائل الباب 56 من أبواب الجماعة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 57 من أبواب المواقيت الحديث: 10

(3) الوسائل الباب 49 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 39 من أبواب المواقيت الحديث: 7

(5) الوسائل

الباب 35 من أبواب المواقيت الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 170

أو قضائية (1).

______________________________

ان هذا الحكم حكم مختص بمن يريد الجماعة فان مثل هذا الشخص لا يجوز له الاتيان بالنافلة بعد شروع الامام في الاقامة.

(1) و في المقام يقع الكلام تارة من حيث المقتضي لعدم الجواز و اخري من حيث المانع أما الاول فما يمكن أن يقال أو قيل في وجهه امور:

منها: قوله صلي اللّه عليه و آله: لا صلاة لمن عليه صلاة «1» فان مقتضي اطلاقه انه لا يجوز الاتيان بالصلاة مطلقا فيما يكون صلاة علي المكلف حتي الفرائض اليومية لكن الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها: أن القضاء فوري فلا يجوز الاتيان بالنافلة. و برد عليه اولا: ان هذا اول الكلام فانا لا نسلم الفورية و الكلام يقع فيه في محله.

و ثانيا: ان هذا الاستدلال مبني علي كون الفورية فورية حقيقية دقية بحيث ينافي الاشتغال بكل عمل مباح و مستحب.

و ثالثا: ان الفورية لا تنافي استحباب النافلة الاعلي القول باقتضاء الامر بالشي ء النهي عن ضده و لا نقول به. و بعبارة اخري: غاية ما في الباب انه يجب علي المكلف الاشتغال بالقضاء و لا يدل علي عدم مشروعية النافلة الذي هو محل الكلام.

و رابعا: هذا التقريب انما يتم فيما يكون المكلف مكلفا بالقضاء و أما لو لم يكن عليه واجبا بالفعل للغفلة أو لفقد بعض الشرائط أو لإكراه مكره يكرهه علي عدم الاتيان فلا مانع من الاتيان بالنافلة فلا تغفل.

و منها: ان الفريضة الحاضرة مترتبة علي الفائتة و قبل الاتيان بالفائتة لا يجوز الاتيان بالحاضرة و بالاولوية نلتزم بالترتب في النوافل.

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 46 من المواقيت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 171

______________________________

و يرد

عليه: انه ليس الالتزام بالترتب في الفرائض من باب التزاحم كي يقال:

بأن الفريضة لو لم تكن مزاحمة للفائتة لا تكون النافلة مزاحمة له بالاولوية بل علي تقدير القول به يكون المدرك النصوص و عليه لا وجه لتسرية الحكم الي النوافل و لا سيما في النوافل المبتدئة و الحاصل انه لا وجه صحيح لهذا الاستدلال.

و منها: ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل ينام عن الغداة حتي تبزغ الشمس أ يصلي حين يستيقظ أو ينتظر حتي تنبسط الشمس؟ فقال: يصلي حين يستيقظ قلت: يوتر أو يصلي الركعتين قال: بل يبدأ بالفريضة «1».

و تقريب الاستدلال بالرواية ظاهر فانه يستفاد منها عدم جواز تقديم النافلة علي الفريضة الفائتة و لكن يعارضها في نفس موردها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل نام عن الغداة حتي طلعت الشمس فقال: يصلي ركعتين ثم يصلي الغداة «2».

و حيث لا ترجيح يتساقطان فالمدرك الادلة الاولية و مقتضاها الجواز هذا اولا و ثانيا: انه علي تقدير القول به يكون الحكم واردا في خصوص صلاة الفجر فلا وجه لعموم الحكم بالنسبة الي كل فائتة.

و ثالثا: لا وجه لسراية الحكم الي كل نافلة فان الحكم الوارد يختص بخصوص نافلة الفجر و الوتر فلا وجه لتسرية الحكم الي كل نافلة.

و منها: ما رواه الشهيد الثاني عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام اصلي نافلة و علي فريضة أو في وقت الفريضة؟ قال: لا انه لا يصلي نافلة في وقت

______________________________

(1) الوسائل الباب 61 من أبواب المواقيت الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 172

______________________________

فريضة أ رأيت لو كان

عليك من شهر رمضان أ كان لك أن تتطوع حتي تقضيه؟ قال:

قلت: لا قال: فكذلك الصلاة «1».

فان هذه الرواية تدل علي عدم جواز التطوع لمن عليه فريضة لكن يعارضه ما رواه الشهيد عن زرارة عن أبي جعفر قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتي يبدأ بالمكتوبة قال: فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عتبة و أصحابه فقبلوا ذلك مني فلما كان في القابل لقيت أبا جعفر عليه السلام فحدثني أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عرس في بعض أسفاره و قال: من يكلؤنا فقال بلال: أنا فنام بلال و ناموا حتي طلعت الشمس فقال: يا بلال ما أرقدك؟ فقال: يا رسول اللّه أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفاسكم فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: قوموا فتحولوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة و قال: يا بلال أذن فأذن فصلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ركعتي الفجر و أمر أصحابه فصلوا ركعتي الفجر ثم قام فصلي بهم الصبح «2» فانها بعد التعارض يتساقطان مضافا الي أن في سنديهما اشكالا كما مر.

و منها: ما رواه زرارة «3». بتقريب انه عليه السلام قال: «و لا يتطوع بركعة» فنهي عن التطوع.

و يمكن أن يقال في الجواب بأن هذه الجملة ليست جملة مستقلة اذ بعد قوله «من ليل أو نهار قال: فاذا دخل وقت الصلاة و لم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت و هذه أحق بوقتها فليصلها فاذا قضاها

______________________________

(1) روض الجنان ص: 184

(2) الوسائل الباب 61 من أبواب المواقيت الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 164

مباني

منهاج الصالحين، ج 4، ص: 173

ما لم تتضيق (1).

______________________________

فليصل ما قد فاته مما قد مضي و لا يتطوع» فهذه الجملة ليست مستقلة بل من تتمة الجملة السابقة فيكون النهي عنها غيريا فلو لم يكن النهي عن النافلة ذاتيا تقع صحيحة فيما لا تكون الفريضة واجبة بالفعل لعلة من الغفلة أو اعتقاد الاتيان بها أو فقد شرط من شرائطها بل يجوز الاتيان بها و لو مع الامر الفعلي بالفريضة لصحة الترتب.

و لو اغمض عن جميع ما ذكر نقول: قد ثبت في المسألة السابقة جواز التطوع في وقت الفريضة الحاضرة فلو ثبت الجواز هناك يكون الجواز في المقام بطريق أولي فانه لا قائل بالجواز هناك و المنع في المقام كما أن ما رواه الشهيد يقتضي العكس بأن نلتزم بالجواز في المقام و نمنع هناك.

هذا و لكن يمكن الاشكال في هذا الجواب بأن نقول بعد ما استفيد من هذه الرواية الواردة في المقام المنع نلتزم بالمنع هناك بالاولوية و لا وجه لتقديم تلك الروايات بل يقع التعارض بين الطائفتين لكن الترجيح مع تلك الطائفة لتأخرها و كونها أحدث فانها مروية عن أبي عبد اللّه عليه السلام و هذه الرواية مروية عن أبي جعفر عليه السلام اضف الي ما ذكر أن جواز التطوع في وقت الفريضة لعله من الواضحات و اللّه العالم.

(1) فانه بعد تضيق وقت الفريضة لا يجوز الاتيان بالنافلة بلا اشكال لان الاتيان بها يوجب فوت الواجب و من البديهي ان المندوب لا يزاحم المفروض.

لكن لا يخفي انه لو عصي المكلف و اتي بالنافلة تكون صحيحة اذ لا دليل علي عدم مشروعيتها في تلك الحال بل عدم الجواز من باب التزاحم و التضاد و قد حقق في محله

ان الامر بالشي ء لا يقتضي النهي عن الضد و لذا لو تخيل المكلف انه صلي صلاته أو شهد عنده شاهدان عدلان علي أنه صلي و الحال انه لم يصل

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 174

[مسألة 17: إذا بلغ الصبي في أثناء الوقت وجب عليه الصلاة إذا أدرك مقدار ركعة أو أزيد]

(مسألة 17): اذا بلغ الصبي في أثناء الوقت وجب عليه الصلاة اذا أدرك مقدار ركعة أو أزيد (1) و لو صلي قبل البلوغ ثم بلغ في الوقت في أثناء الصلاة أو بعدها فالاقوي كفايتها و عدم وجوب الاعادة و ان كان الاحوط استحبابا الاعادة في الصورتين (2).

______________________________

في الواقع و أتي بالنافلة تكون صحيحة بلا تحقق معصية منه كما هو ظاهر.

(1) فان دليل من أدرك يدخله في موضوع التكليف فيجب عليه.

(2) ربما يقال: بأنه لا يجزيه ما أتي به في حال صغره لان عباداته في حال الصغر تمرينية. و يرد عليه ان الحق ان عبادات غير البالغ شرعية فلا اشكال من هذه الجهة.

و ربما يستدل علي عدم الاجزاء بأن المتوجه الي الصبي علي الفرض أمران:

احدهما وجوبي و الاخر ندبي و الاصل عدم اجزاء المأتي به بالامر الندبي عن الامر الوجوبي. و بعبارة اخري: ان التداخل في المسبب علي خلاف القاعدة الاولية.

و اجيب عن هذا الاشكال بأن المفروض ان الماهية واحدة و لا يمكن تعلق امرين بماهية واحدة و ان شئت قلت: ان المفروض ان الصلاة وقعت صحيحة من الصبي فطلب الصلاة بعد البلوغ تحصيل للحاصل.

و بعبارة ثالثة: ان الامر المتعلق بالعبادة لا يشمل من أتي بها صحيحة. لكن لنا أن نقول: انه لا منافاة بين كون عبادت الصبي شرعية و عدم الاجزاء اذ من الممكن انه يوجد بعد البلوغ ملاك ملزم في الفعل و من الظاهر انه مع وجود الملاك لا بد

من تحقق الفعل في الخارج نعم لو كان عدم تعلق التكليف بالصبي من باب الامتنان لكان الاجزاء علي القاعدة.

و بعبارة واضحة: انه لو كان الملاك الملزم في العبادة عاما لجميع أفراد

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 175

[المقصد الثاني القبلة]

اشارة

المقصد الثاني القبلة يجب استقبال المكان الواقع فيه البيت الشريف (1).

______________________________

الموضوع اعم من البالغ و غيره و عدم توجه التكليف بالصبي من باب اللطف لا من باب عدم الملاك لم يكن مجال لتوجهه بعد البلوغ اذ المفروض ان الملاك حصل بما أتي به في حال عدم البلوغ و أما ان كان من باب عدم الاقتضاء و عدم تحقق الملاك الملزم في حقه فلا مقتضي للاجزاء لان الملاك المقتضي للأمر الندبي غير الملاك المقتضي للأمر الوجوبي و مع تعدد الامر بتعدد الملاك يكون الاجزاء علي خلاف الاصل و الالتزام به يحتاج الي دليل خاص و هو مفقود في المقام و مجرد احتمال وحدة الملاك الالزامي غير كاف بل اطلاق الامر الوجوبي محكم الا أن يقال: ان المستفاد من حديث الرفع ان الملاك تام حتي في حق غير البالغ و الرفع للامتنان فالاجزاء علي القاعدة لكن لا اشكال في أن الاعادة حسن.

(1) هذا هو المشهور بين الاصحاب- كما في بعض الكلمات- و يظهر من بعض العبائر انه المنسوب الي الاكثر و في قبال هذا القول قول و هو أن الكعبة قبلة لمن في المسجد و هو قبلة لمن في الحرم و هو قبلة للخارج عنه و نقل عن المحقق انه الا ظهر و نقل نسبته الي الاكثر و نسب الي الخلاف الاجماع عليه.

و ما يمكن أن يكون وجها لهذا القول أمران: الاول: الاجماع الثاني جملة من النصوص:

منها: ما رواه عبد اللّه

بن محمد الحجال عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان اللّه تعالي جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد و جعل المسجد قبلة لأهل الحرم

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 176

______________________________

و جعل الحرم قبلة لأهل الدنيا «1».

و منها: ما رواه بشر بن جعفر الجعفي عن جعفر بن محمد عليه السلام قال:

سمعته يقول: البيت قبلة لأهل المسجد و المسجد قبلة لأهل الحرم و الحرم قبلة للناس جميعا «2».

و منها: ما رواه الصدوق قال قال الصادق عليه السلام ان اللّه تبارك و تعالي جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد و جعل المسجد قبلة لأهل الحرم و جعل الحرم قبلة لأهل الدنيا «3».

و منها: ما رواه أبو غرة قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: البيت قبلة المسجد و المسجد قبلة مكة و مكة قبلة الحرم و الحرم قبلة الدنيا «4».

أما الاجماع فغير قابل للاستناد اليه فانه كيف يمكن ادعائه مع هذا الخلاف الفاحش مضافا الي أن المحصل منه غير حاصل و المنقول منه غير حجة.

و أما الروايات فهي ضعاف سندا فان الاولي و الثالثة مرسلتان و في سند الثانية بشر بن جعفر و في الرابعة أبو غرة و هما لم يوثقا فالروايات ضعيفة سندا و اعتبارها بعمل المشهور بها ممنوع صغري و كبري.

مضافا الي أنه ربما يقال: انه يلزم ان الخارج عن الحرم مجاز في استقباله و الاكتفاء به و لو مع العلم بأنه مستدبرا للكعبة.

و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟ و أيضا يلزم التخصيص الاكثر بالنسبة الي

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب القبلة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 177

______________________________

ما اوجب استقبال الكعبة فان

نسبة من يصلي في المسجد الي من يصلي في خارج المسجد نسبة واحد الي الملايين فالحق هو القول الاول.

و نقل عن الشهيد قدس سره انه يكفي استقبال الجهة و استدل بما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: لا صلاة الا الي القبلة قال: قلت: و اين حد القبلة؟ قال: ما بين المشرق و المغرب قبلة كله «1».

فان مقتضي هذه الرواية ان ما بين المشرق و المغرب كله قبلة و مقتضي هذا القول ان القبلة عبارة عن الجنوب و لا شبهة في أنه لا يمكن الالتزام به فانه كما صرح به المحقق الهمداني قدس سره لم ينقل عن احد الالتزام بالاتساع بهذا المقدار نعم فيمن أخطأ في تشخيص القبلة و صلي بين المشرق و المغرب يمكن الالتزام بصحة صلاته و أيضا يكون هذا القول مخالفا لضرورة الفقه لو لم يكن مخالفا لضرورة الدين و أيضا يكون مخالفا لمرتكز المتشرعة من أن القبلة هي الكعبة بحيث يلقنون الاموات بها بل لا يبعد أن يقال: بأن هذه الرواية تخالف الكتاب فان الواجب بحسب الكتاب التحول شطر المسجد الحرام قال اللّه تعالي: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ* «2».

قال الراغب في مفرداته شطر الشي ء نصفه و وسطه فمن الممكن أن يكون المراد من الاية ان الواجب التحول الي وسط المسجد فتكون القبلة نفس البيت فتكون الرواية مخالفة للكتاب.

و ان ابيت عن ذلك و قلت: ان الشطر عبارة عن الجهة و لا شبهة في أن الكعبة في الجنوب فأي تناف بين الاية و الرواية قلت: لا شبهة في أن استقبال الجنوب

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب القبلة الحديث: 9

(2) البقرة/ 144

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 178

الذي هو من

تخوم الارض الي عنان السماء (1) في جميع الفرائض

______________________________

بأي نحو كان لا يكون تحولا الي جهة المسجد كما ينقدح بأدني تأمل فالرواية مخالفة للآية مطلقا و لا يمكن الاستناد اليها.

(1) نقل عن المفاتيح عدم الخلاف و نقل عن المنتهي انه لا نعرف فيه خلافا بين أهل العلم و عن كشف اللثام انه اجماع من المسلمين و يدل عليه مرسل الفقيه قال: قال الصادق عليه السلام: أساس البيت من الارض السابعة السفلي الي الارض السابعة العليا «1».

و هذه الرواية من حيث الدلالة علي المطلوب تامة لكن من حيث السند ضعيفة.

و يدل عليه في الجملة ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سأله رجل قال: صليت فوق أبي قبيس العصر فهل يجزي ذلك و الكعبة تحتي؟

قال: نعم انها قبلة من موضعها الي السماء «2».

و هذه الرواية أيضا ساقطة سندا لضعف سند الشيخ الي الطاطري فان احمد بن عبدون في السند و هو لم يوثق.

و يدل علي المقصود في الجملة أيضا ما رواه خالد بن أبي اسماعيل قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يصلي علي أبي قبيس مستقبل القبلة فقال: لا بأس «3» و الظاهر ان هذه الرواية لا بأس بسندها.

و يمكن أن يقال: بأنه لا يلزم اثبات كون القبلة من تخوم الارض الي عنان السماء بالنصوص اذ مضافا الي أن هذا الامر مورد الاتفاق و التسالم بين الاصحاب ان الاستقبال يتحقق و لو علي القول بعدم كون القبلة كذلك و انها نفس البنية فان

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب القبلة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 179

اليومية (1) و توابعها من الاجزاء المنسية

(2) بل سجود السهو علي الاحوط الاولي (3) و النوافل اذا صليت علي الارض في حال الاستقرار علي

______________________________

الاستقبال لا يتوقف علي كون المستقبل و القبلة في سطح واحد و لذا يمكن للإنسان استقبال الشمس و الكواكب و يصدق هذا المفهوم كما أنه يصدق هذا المعني و لو كانت القبلة أسفل من المستقبل فلا اشكال من هذه الجهة.

(1) لا يكون من الجزاف أن يدعي انه من ضروريات الدين مضافا الي اجماع الامامية بل قاطبة المسلمين منقولا بل محصلا.

و يدل عليه من الكتاب قوله تعالي: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ* «1» لاحظ ما رواه زرارة «2» و من السنة جملة من النصوص المذكورة في الباب 1 من أبواب القبلة من الوسائل منها: ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الفرض في الصلاة فقال: الوقت و الطهور و القبلة «3».

(2) فان المفروض انها جزء الصلاة فيشترط فيها ما يعتبر فيها و ان شئت قلت:

ان الظاهر من الدليل ان الاتيان به لا بد أن يكون مثل ما لو أتي به في الصلاة.

(3) ربما يستدل علي الوجوب بما رواه زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: صلي بنا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الظهر خمس ركعات ثم انفتل فقال له القوم: يا رسول اللّه هل زيد في الصلاة شي ء؟ قال: و ما ذاك؟ قال: صليت بنا خمس ركعات قال فاستقبل القبلة و كبر و هو جالس ثم سجد سجدتين ليس فيها قراءة و لا ركوع ثم سلم و كان يقول: هما المرغمتان «4».

و هذه الرواية لا دلالة فيها علي الاشتراط مضافا الي أن مضمونها غير قابلة

______________________________

(1) البقرة/ 144

(2) لاحظ ص: 180

(3) الوسائل

الباب 1 من أبواب القبلة الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 19 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 180

الاحوط (1).

______________________________

للقبول فالامر كما أفاده.

(1) قال في الحدائق: ربما يظهر من بعض العبارات جواز النافلة الي غير القبلة و ان كان مستقرا علي الارض و هو بعيد لان العبادات موقوفة علي التشريع من صاحب الشرع و لم ينقل عنه ذلك فيكون ايقاعها كذلك تشريعا محرما».

و يمكن الاشكال فيه بأنه ما المانع من استصحاب عدم تعلق الامر بالاكثر كما أنه لا مانع من جريان البراءة منه كما ذكرنا في ذلك البحث نعم يدل علي الوجوب ما رواه زرارة «1» و ما رواه أيضا «2» فان مقتضي اطلاق الروايتين عدم الفرق بين الفريضة و النافلة مضافا الي وضوح الامر بحيث يري خلاف ما ذكر مستنكرا عند المتشرعة.

و ان شئت قلت: هذا أمر لو كان مشروعا في الشريعة لكان معلوما لدي الكل لكثرة الابتلاء به و ملخص الكلام ان التشكيك في مثله يعد من الوسواس فانه أظهر من الامس و أبين من الشمس.

و بما ذكرنا ظهر انه لا يبقي مجال لقول الخصم و لكن نتعرض لما يمكن أن يقال أو قيل في وجه عدم الوجوب و هو امور:

الاول: الاصل فان مقتضي الاصل العملي عدم الوجوب. و فيه انه انما يجوز التمسك بالاصل عند الشك لا مع العلم بالخلاف.

الثاني صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال له: استقبل القبلة بوجهك و لا تقلب بوجهك عن القبلة فتفسد صلاتك فان اللّه عز و جل يقول لنبيه في الفريضة «فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ وَ حَيْثُ مٰا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ» *

______________________________

(1) لاحظ ص: 177

(2) لاحظ ص:

179

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 181

______________________________

الحديث «1».

بدعوي: ان الحكم مخصوص بالفريضة بمقتضي هذا الحديث. و فيه: ان الكلام في الاشتراط و ما يستفاد من الرواية اختصاص الاية بالفريضة و أما اختصاص الحكم بها فلا.

الثالث: ما رواه العياشي عن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

الصلاة في السفر في السفينة و المحمل سواء؟ قال: النافلة كلها سواء تؤمي إيماء اينما توجهت دابتك و سفينتك و الفريضة تنزل لها عن المحمل الي الارض الا من خوف فان خفت أومأت و أما السفينة فصل فيها قائما و توخ القبلة بجهدك فان نوحا عليه السلام قد صلي الفريضة فيها قائما متوجها الي القبلة و هي مطبقة عليهم قال:

قلت و ما كان علمه بالقبلة فيتوجهها و هي مطبقة عليهم؟ قال: كان جبرئيل عليه السلام يقومه نحوها قال قلت: فأتوجه نحوها في كل تكبيرة قال: أما في النافلة فلا انما تكبر علي غير القبلة اللّه أكبر ثم قال: كل ذلك قبلة للمتنفل اينما تولوا فثم وجه اللّه «2» و سند الرواية ضعيف.

الرابع: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قال:

اذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة اذا كان الالتفات فاحشا و ان كنت قد تشهدت فلا تعد «3».

و تقريب الاستدلال: ان مقتضي مفهوم الشرط عدم وجوب الاعادة اذا كان الالتفات في غير المكتوبة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب القبلة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب القبلة الحديث: 17

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 182

أما اذا صليت حال المشي أو في السفينة فلا يجب فيها الاستقبال (1).

______________________________

و فيه: ان الشرطية في الرواية لا مفهوم

لها فانها سيقت لبيان الموضوع فان مفهوم الشرطية انه اذا لم تلتفت في المكتوبة فلا تعد و ليس مفهومها انه لو التفت في النافلة فلا تعد.

الخامس: ما رواه البزنطي صاحب الرضا عليه السلام قال سألته عن الرجل يلتفت في صلاته هل يقطع ذلك صلاته؟ قال: اذا كانت الفريضة و التفت الي خلفه فقد قطع صلاته فيعيد ما صلي و لا يعتد به و ان كانت نافلة لا يقطع ذلك صلاته و لكن لا يعود «1»

و فيه: ان غاية ما يستفاد من الرواية ان الالتفات حتي الي الخلف لا يفسد النافلة و هذا لا يدل علي عدم اشتراط الاستقبال فيها مضافا الي الاشكال في سند الرواية.

(1) نقل عن بعض الاجماع في الركوب و نقل عدم الخلاف في المشي و العمدة النصوص الواردة في المقام منها: ما رواه الحلبي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن صلاة النافلة علي البعير و الدابة فقال: نعم حيث كان متوجها و كذلك فعل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قلت علي العبير و الدابة قال: نعم حيث ما كنت متوجها قلت: استقبل القبلة اذا أردت التكبير؟ قال: لا و لكن تكبر حيث ما كنت متوجها و كذلك فعل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله «2».

و منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بأن يصلي الرجل صلاة الليل في السفر و هو يمشي و لا بأس ان فاتته صلاة الليل أن يقضيها بالنهار و هو يمشي يتوجه الي القبلة ثم يمشي و يقرأ فاذا أراد أن يركع حول

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب القبلة الحديث: 6

و 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 183

و ان كانت منذورة (1).

______________________________

وجهه الي القبلة و ركع و سجد ثم مشي «1» و السند مخدوش بالبرقي.

و منها غيرهما المذكور في الباب 15 و 16 من أبواب القبلة من الوسائل.

و السيرة من المتشرّعة جارية علي ذلك و طريق الاحتياط ظاهر و اللّه العالم.

(1) فان الظاهر من الادلة بحسب المتبادر الي الذهن ان المراد بالنفل العنوان الاولي فلا يؤثر فيه العنوان العارضي بالنذر و نحوه و هذا هو العمدة و الا يشكل الامر فان ما رواه ابن جعفر عن أخيه موسي عليه السلام قال: سألته عن رجل جعل للّه عليه أن يصلي كذا و كذا هل يجزيه أن يصلي ذلك علي دابته و هو مسافر؟ قال نعم «2» و ان كان تاما من حيث الدلالة لكن مخدوش سندا فان محمد بن أحمد العلوي لم يثبت وثاقته فان فيه بحثا يطلب من مظانه من الرجال.

بقي شي ء و هو أن صاحب الحدائق نقل عن ابن ادريس بأنه قطع بوجوب الاستقبال بالتكبيرة و الدليل علي هذا المدعي ما رواه عبد الرحمن بن أبي نجران قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة بالليل في السفر في المحمل قال:

اذا كنت علي غير القبلة فاستقبل القبلة ثم كبر وصل حيث ذهب بك بعيرك قلت:

جعلت فداك في أول الليل؟ فقال: اذا خفت الفوت في آخره «3».

و قد رده صاحب الحدائق بأن ما أفاده و ان كان صحيحا حيث ان الرواية المشار اليها تقتضيه لكن يعارضها ما رواه الحلبي «4» عن أبي عبد اللّه عليه السلام فانه قد صرح فيه بعدم الوجوب و بهذا النحو لا بد أن يجاب عن استدلال ابن

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من

أبواب القبلة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب القبلة الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب القبلة الحديث: 13

(4) لاحظ ص: 182

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 184

[مسألة 18: يجب العلم بالتوجه إلي القبلة و تقوم مقامه البينة]

(مسألة 18): يجب العلم بالتوجه الي القبلة (1) و تقوم مقامه البينة (2) بل و اخبار الثقة (3) و كذا قبلة بلد المسلمين في صلواتهم و قبورهم و مجاريبهم اذا لم يعلم بنائها علي الغلط (4) و مع تعذر ذلك يبذل جهده

______________________________

ادريس لا كما أفاد سيد المدارك حيث رده باطلاق الاخبار فان اطلاق الاخبار يقيد بما رواه ابن أبي نجران كما هو القاعدة.

هذا لكن ما أفاده صاحب الحدائق أيضا غير تام اذ في سند رواية الحلبي محمد بن سنان الذي فيه ما فيه فلا اعتبار بها و عليه لا بد من الاخذ بما رواه ابن أبي نجران و علي فرض غض النظر عن اشكال السند تقع المعارضة بين الروايتين و الترجيح مع رواية ابن أبي نجران حيث انها احدث اذ رويت عن أبي الحسن عليه السلام.

لكن لا يخفي ان الظاهر من رواية ابن أبي نجران ان السؤال و الجواب ناظر ان الي صلاة الليل فلا وجه لشمول الحكم لسائر الصلوات المندوبة و عدم القول بالفصل بين الموارد لا يرجع الي محصل صحيح فلاحظ و تأمل.

(1) فانه بدون العلم يشك في سقوط التكليف و استصحاب بقاء التكليف يقتضي عدم حصول الامتثال كما أن قاعدة الاشتغال تقتضي بقائه.

(2) لكون البينة حجة في الموضوعات و المقام من مصاديقها.

(3) حيث ان الماتن يري اعتبار قول الثقة في الموضوعات.

(4) ادعي عليه الاجماع و حاله معلوم نعم لا يبعد أن تكون السيرة قائمة عليه و هل يجوز ترتيب الاثر عليه حتي مع التمكن

من العلم؟ فيه اشكال كما أنه لو حصل الظن بالخلاف يشكل جواز ترتيب الاثر اذ دائرة السيرة ليست بهذه المثابة بحيث يترتب عليها الاثر حتي مع الظن بالخلاف و مع ذلك كله الالتزام باعتبارها مطلقا

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 185

في تحصيل المعرفة بها و يعمل علي ما تحصل له و لو كان ظنا (1) و مع

______________________________

ليس جزافا فلاحظ.

(1) يدل عليه ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يجزي التحري أبدا اذا لم يعلم أين وجه القبلة «1» فان المجزي في حال عدم العلم التحري و هو عبارة عن طلب ما هو الاحري و أليق بالاستعمال- علي ما في مجمع البحرين-.

و يدل عليه أيضا ما رواه سماعة قال: سألته عن الصلاة بالليل و النهار اذا لم ير الشمس و لا القمر و لا النجوم قال: اجتهد رأيك و تعمد القبلة جهدك «2».

و يؤيد المدعي- ان لم يدل عليه- ما رواه يعقوب بن يقطين قال: سألت عبدا صالحا عن رجل صلي في يوم سحاب علي غير القبلة ثم طلعت الشمس و هو في وقت أ يعيد الصلاة اذا كان قد صلي علي غير القبلة؟ و ان كان قد تحري القبلة بجهده أ تجزيه صلاته فقال: يعيد ما كان في وقت فاذا ذهب الوقت فلا اعادة عليه «3».

و مثله ما رواه سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يكون في قفر من الارض في يوم غيم فيصلي لغير القبلة ثم يضحي فيعلم أنه صلي لغير القبلة كيف يصنع؟ قال: ان كان في وقت فليعد صلاته و ان كان مضي الوقت فحسبه اجتهاده «4».

و كذا ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه

السلام في الاعمي يؤم القوم و هو

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب القبلة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب القبلة الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 186

تعذره يكتفي بالجهة العرفية (1) و مع الجهل بها صلي الي اي جهة شاء (2).

______________________________

علي غير القبلة قال: يعيد و لا يعيدون فانهم قد تحروا «1».

(1) اذ يمكن أن يقال: ان المستفاد من دليل التحري و حديث زرارة و محمد ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام انه قال: يجزي المتحير أبدا اينما توجه اذا لم يعلم أين وجه القبلة «2» ان الوظيفة العمل بما هو أقرب الي الواقع فلاحظ.

(2) المشهور شهرة عظيمة وجوب الصلاة الي أربع جهات- علي ما في بعض الكلمات- و نقل عن صريح الغنية الاجماع عليه و يدل عليه مرسل الصدوق قال: روي فيمن لا يهتدي الي القبلة في مفازة أنه يصلي الي أربعة جوانب «3».

و مرسل الكليني قال: و روي أيضا أنه يصلي الي أربع جوانب «4».

و مرسل خراش عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت جعلت فداك ان هؤلاء المخالفين علينا يقولون اذا اطبقت علينا أو أظلمت فلم نعرف السماء كنا و أنتم سواء في الاجتهاد فقال: ليس كما يقولون اذا كان ذلك فليصل لأربع وجوه «5».

و لا يخفي ان الشهرة ليست حجة و الاجماع حاله معلوم و المرسل لا اعتبار به فلا سند لهذا المدعي بل مقتضي القاعدة الصلاة الي جوانب مختلفة كي يعلم بوقوعها الي القبلة.

و في قبال هذا القول قول بالاجتزاء و كفاية صلاة واحدة ذهب اليه جملة من الاعلام- علي ما نسب اليهم- و منهم الأردبيلي و صاحب الحدائق

و اختاره سيدنا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب القبلة الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 187

______________________________

الاستاد في المتن و يدل عليه ما عن أبي جعفر «1». و الاشكال في سند الصدوق الي زرارة و ابن مسلم. و فيه: ان سنده الي زرارة معتبر.

و يدل عليه أيضا مرسل ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن زرارة قال:

سألت أبا جعفر عليه السلام عن قبلة المتحير فقال: يصلي حيث يشاء «2».

و هذه المرسلة لا اعتبار بها من جهة الارسال و كون المرسل مثل ابن أبي عمير لا أثر له كما حقق في محله.

و يدل عليه أيضا ما رواه معاوية بن عمار أنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يقوم في الصلاة ثم ينظر بعد ما فرغ فيري أنه قد انحرف عن القبلة يمينا أو شمالا فقال له: قد مضت صلاته و ما بين المشرق و المغرب قبلة و نزلت هذه الاية في قبلة المتحير وَ لِلّٰهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّٰهِ «3».

و الاشكال في الرواية بأنه يحتمل كون الذيل من كلام الصدوق مدفوع بأن الظاهر حجة و مجرد الاحتمال لا يوجب رفع اليد عن الظاهر مضافا الي أن الصدوق كيف يمكن أن يدرج كلامه في الرواية و لم يشعر به أ ليس هذا خلافا لمقامه و ديانته؟

و أما الاشكال فيها بأنها وردت جملة من النصوص تدل علي أن الاية نزلت في النافلة لاحظ ما رواه الطبرسي في مجمع البيان عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام في قوله تعالي: فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّٰهِ انها ليست بمنسوخة

و أنها مخصوصة بالنوافل في حال السفر «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 186

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب القبلة الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب القبلة الحديث: 1 و من لا يحضره الفقيه ج 1 ص:

179 حديث: 6

(4) الوسائل الباب 15 من أبواب القبلة الحديث: 18

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 188

______________________________

و ما رواه محمد بن الحسن في النهاية عن الصادق عليه السلام في قوله تعالي:

فَأَيْنَمٰا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّٰهِ قال: هذا في النوافل خاصة في حال السفر فاما الفرائض فلا بد فيها من استقبال القبلة «1».

و ما رواه العياشي في تفسيره عن حريز قال: قال أبو جعفر عليه السلام أنزل اللّه هذه الاية في التطوع خاصة فأينما تولوا فثم وجه اللّه ان اللّه واسع عليم و صلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ايماء علي راحلته أينما توجهت به حيث خرج الي خيبر و حين رجع من مكة و جعل الكعبة خلف ظهره «2».

و ما رواه زرارة «3»، فيدفع بأن الظاهر أن تلك الروايات ضعيفة سندا مضافا الي أنه لا مانع من نزول الاية في كلا المقامين فتأمل.

و أما الاشكال فيها بأنها منافية لوجوب التحري فمدفوع بأنه قابل للتقييد فان هذه الرواية تقيد بدليل وجوب التحري مضافا الي أن ذلك الدليل حاكم علي المقام فان هذا حكم المتحير و مع امكان التحري لا تحير فان الظن الحاصل من التحري حجة علي الفرض و يكون علما تعبديا و مع العلم لا تصل النوبة الي وظيفة المتحير كما هو ظاهر.

و أما ما عن السيد من الرجوع الي القرعة ففيه انه مع وجود النص لا مجال للعمل بالقرعة التي عينت للمشكل مضافا الي أن سعة دائرة حجية القرعة

بهذا المقدار اول الكلام.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 19

(2) نفس المصدر الحديث: 23

(3) لاحظ ص: 181

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 189

و الاحوط استحبابا أن يصلي الي أربع جهات مع سعة الوقت و الاصلي بقدر ما وسع (1) و اذا علم عدمها في بعض الجهات اجتزأ بالصلاة الي المحتملات الاخر (2).

[مسألة 19: من صلي إلي جهة اعتقد أنها القبلة ثم تبين الخطأ]

(مسألة 19): من صلي الي جهة اعتقد انها القبلة ثم تبين الخطأ فان كان منحرفا الي ما بين اليمين و الشمال صحت صلاته (3) و اذا التفت في الاثناء مضي ما سبق و استقبل في الباقي (4) من غير فرق بين

______________________________

(1) لا اشكال في حسنه مع الامكان.

(2) كما هو ظاهر فانه مع العلم بعدمها في بعض الجهات لا وجه للإتيان بالصلاة الي تلك الجهة.

(3) لعدة نصوص منها ما رواه معاوية بن عمار «1» و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا صلاة الا الي القبلة قال قلت: أين حد القبلة؟ قال:

ما بين المشرق و المغرب قبلة كله «2».

و منها: ما رواه الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم السلام انه كان يقول من صلي علي غير القبلة و هو يري أنه علي القبلة ثم عرف بعد ذلك فلا اعادة عليه اذا كان فيما بين المشرق و المغرب «3».

(4) ادعي عليه عدم الخلاف بل ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في رجل صلي علي غير القبلة فيعلم و هو في الصلاة قبل أن يفرغ من صلاته قال: ان كان متوجها فيما بين المشرق و المغرب فليحول

______________________________

(1) لاحظ ص: 187

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب القبلة الحديث: 2

(3)

نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 190

بقاء الوقت و عدمه و لا بين المتقين و الظان و الناسي و الغافل (1).

نعم اذا كان ذلك عن جهل بالحكم فالاقوي لزوم الاعادة في الوقت و القضاء في خارجه (2) و أما اذا تجاوز انحرافه عما بين اليمين و الشمال أعاد في الوقت (3) سواء كان التفاته أثناء الصلاة أو بعدها (4) و لا يجب القضاء اذا التفت خارج الوقت (5).

______________________________

وجهه الي القبلة ساعة يعلم و ان كان متوجها الي دبر القبلة فليقطع الصلاة ثم يحول وجهه الي القبلة ثم يفتتح الصلاة «1».

(1) للإطلاق.

(2) لعدم الدليل علي الاجزاء و مقتضي القاعدة الاولية عدمه فتجب الاعادة في الوقت و القضاء في خارجه.

(3) و الوجه فيه ظاهر فان وجوب الاعادة علي القاعدة لانتفاء المشروط بانتفاء الشرط مضافا الي النصوص الدالة علي وجوب الاعادة لو انكشف الخلاف في الوقت لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا صليت و انت علي غير القبلة و استبان لك انك صليت و أنت علي غير القبلة و أنت في وقت فأعد و ان فاتك الوقت فلا تعد «2» و ما رواه يعقوب بن يقطين «3».

(4) لما قلنا من أن الاجزاء لا دليل عليه مضافا الي اطلاق النصوص أو كون الحكم بالبطلان أولي اذا كان في الاثناء.

(5) و الوجه فيه جملة من النصوص الواردة في الباب 11 من أبواب القبلة من

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب القبلة الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 185

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 191

[المقصد الثالث: الستر و الساتر]

ااشرة

المقصد الثالث:

الستر و الساتر و فيه فصول:

[الفصل الأول: يجب مع الاختيار ستر العورة في الصلاة]
اشارة

الفصل الاول: يجب مع الاختيار ستر العورة في الصلاة (1).

______________________________

الوسائل منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «1» و منها: ما رواه يعقوب بن يقطين «2».

و في قبال هذه الطائفة من النصوص رواية معمر بن يحيي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلي علي غير القبلة ثم تبينت القبلة و قد دخل وقت صلاة اخري قال: يعيدها قبل أن يصلي هذه التي دخل وقتها «3» و هذه الرواية لا اعتبار بها فان اسناد الشيخ الي الطاطري ليس صحيحا.

(1) للإجماع بقسميه- كما في الجواهر- منا و من أكثر العامة علي اشتراط الصحة به و لقوله تعالي: «خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ» «4» بناء علي ما في مجمع البيان من أن الزينة هنا ما يواري به العورة في الصلاة و الطواف.

و لا يخفي ان الاستدلال بالآية علي المدعي يتوقف علي تفسير وارد من العترة بطريق معتبر و لكن الاجماع و التسالم بين الاصحاب و وضوح الامر يكفي لإثبات المدعي.

و مما استدل به علي المقصود ما رواه محمد بن مسلم في حديث قال: قلت

______________________________

(1) لاحظ ص: 190

(2) لاحظ ص: 185

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب القبلة الحديث: 5

(4) الاعراف/ 31

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 192

______________________________

لأبي جعفر عليه السلام: الرجل يصلي في قميص واحد؟ فقال: اذا كان كثيفا فلا بأس به و المرأة تصلي في الدرع و المقنعة اذا كان الدرع كثيفا يعني اذا كان ستيرا «1».

فان مفهوم الشرطية يقتضي البطلان و باطلاقه يقتضي عدم الفرق بين وجود الناظر و عدمه و ما أفاده سيد المستمسك من أنه ليس واردا في مقام تشريع شرطية الستر بل في

مقام الاجتزاء بالواحد في مقابل اعتبار التعدد لا يرجع الي محصل صحيح فانه لا شبهة في أنه يفهم من الرواية ان عدم البأس يتوقف علي الساتر الكثيف و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين الموارد كما ذكرنا.

و استشهد برواية أبي مريم الانصاري في حديث قال: صلي بنا أبو جعفر عليه السلام في قميص بلا ازار و لا رداء فقال: ان قميصي كثيف فهو يجزي أن لا يكون علي ازار و لا رداء «2»

و هذه الرواية ضعيفة بصالح بن عقبة فانه لم يوثق مضافا الي أن الكلام في هذه الرواية هو الكلام فانه لا وجه لعدم الاطلاق اذ يمكن أن يكون ما يصدر من الامام ناظرا الي جهات عديدة و اصالة البيان من الاصول العقلائية التي تجري عند الشك في كون المولي في مقام البيان أم لا.

و ان شئت قلت: ان المستفاد من الرواية البأس فيما يصلي في لباس واحد لا يكون كثيفا و مقتضاه وجود البأس مع عدم وجود الناظر و الحال انه لو لا الشرطية المطلقه لما كان وجه للفساد و البأس.

و مما استدل به علي المطلوب النصوص الواردة في حكم العاري منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي عليهما السلام قال: سألته عن الرجل قطع عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 22 من أبواب لباس المصلي الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 193

و توابعها (1) بل و سجود السهو علي الاحوط استحبابا (2) و ان لم يكن ناظر أو كان في ظلمة (3).

[مسألة 20: إذا بدت العورة لريح أو غفلة أو كانت بادية من الأول و هو لا يعلم أو نسي سترها صحت صلاته]

(مسألة 20): اذا بدت العورة لريح أو غفلة أو كانت بادية من الاول و هو لا يعلم أو نسي سترها صحت صلاته (4)

و اذا التفت في

______________________________

أو غرق متاعه فبقي عريانا و حضرت الصلاة كيف يصلي؟ قال: ان اصاب حشيشا يستر به عورته اتم صلاته بالركوع و السجود و ان لم يصب شيئا يستر به عورته أومأ و هو قائم «1».

الي غيره من الروايات الواردة في الباب 50 من أبواب لباس المصلي من الوسائل.

بتقريب: ان هذه النصوص تدل باطلاقها ان العاري يومي للركوع و السجود و لو لم يكن اللباس شرطا مطلقا لما كان وجه لبدلية الايماء عن الركوع و السجود عند عدم ناظر محترم فالمسألة واضحة من حيث النص مضافا الي الاجماع المحصل و المنقول.

(1) فان الظاهر من دليل القضاء انه كالأداء في جميع الاحكام و الشرائط.

(2) اذ لا دليل علي الوجوب و حسن الاحتياط ظاهر.

(3) لإطلاق الروايات و قد مر الكلام حول هذه الجهة فلاحظ.

(4) لقاعدة لا تعاد مضافا الي ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن الرجل صلي و فرجه خارج لا يعلم به هل عليه اعادة أو ما حاله؟ قال: لا اعادة

______________________________

(1) الوسائل الباب 50 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 194

الاثناء أعاد صلاته علي الاظهر (1).

______________________________

عليه و قد تمت صلاته «1».

(1) مقتضي اطلاق العبارة عدم الفرق بين المبادرة الي الستر و عدمها أما البطلان مع عدم المبادرة فعلي القاعدة اذ معناه الاخلال بالشرط عمدا و أما الصحة في صورة المبادرة فما يمكن أن يقال في وجهها أمور:

منها الاصل العملي اي اصالة البراءة عن الشرطية بدعوي: ان دليل الاشتراط لا يقتضي التستر في الآنات المتخللة و بعد عدم المقتضي تصل النوبة الي الاصل العملي.

و فيه ان الظاهر من الادلة بحسب الفهم العرفي اشتراط التستر بين المبدأ و

المنتهي لا خصوص حال الاشتغال بالاذكار و الانصاف ان هذا ظاهر لا سترة عليه فلا مجال لأصالة البراءة.

و منها: مفاد حديث لا تعاد بتقريب ان الحديث يشمل الاثناء كما أنه يشمل بعد اتمام الصلاة. و بعبارة اخري: كلما لا يكون عن عمد لا يفسد الصلاة.

و فيه ان الظاهر من الحديث و لو بحكم الانصراف انه ناظر الي صورة انكشاف الخلاف و لا يشمل ما لو يكون المصلي عالما بفقدان الجزء أو الشرط أو وجود المانع.

لكن للمناقشة في هذا البيان مجال نعم في المقام اشكال و هو الاشكال في شمول الحديث أثناء الصلاة و قبل الفراغ منها بدعوي عدم صدق الاعادة الا بعد الفراغ فلا يصدق عنوان الاعادة في الاثناء فلا يحكم بعدم الاعادة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 195

[مسألة 21: عورة الرجل في الصلاة القضيب و الأنثيان و الدبر]

(مسألة 21): عورة الرجل في الصلاة القضيب و الانثيان و الدبر (1).

______________________________

و منها: ما رواه علي بن جعفر «1» بتقريب ان اطلاق الرواية يشمل ما لو كان الالتفات في الاثناء الدال بالملازمة علي عدم قدح التكشف من زمان العلم الي زمان التستر فلا يقدح في المقام أيضا.

و فيه: ان الظاهر من الرواية ان الانكشاف في صورة الجهل لا مانع منه و لا يبطل لا صورة العلم و ليس مصداق الرواية منحصرا بالانكشاف أثناء الصلاة و العلم به في ذلك الزمان كي يدل بدلالة الاقتضاء علي عدم قدح العلم اذ الممكن ان العلم يحصل في الاثناء و لكن لا يكون الانكشاف باقيا بأن صار مستورا بعد ما كان مكشوفا و العلم به حصل في زمان الاستتار بل يمكن أن يقال: ان الظاهر من الرواية فرض تمامية الصلاة فلا تشمل

الاثناء.

فظهر انه لا دليل علي الصحة فالحق هو البطلان اذ الحكم الوضعي لا يتوقف علي القدرة و فقدان الشرط و لو في زمان يسير و لو بغير الاختيار يقتضي البطلان و اللّه العالم.

(1) قال في الحدائق: الا شهر الا ظهر أنها عبارة عن القبل و الدبر و المراد بالقبل الذكر و البيضتان و بالدبر حلقه الدبر التي هي نفس المخرج» الي آخر كلامه «2».

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما أرسله الواسطي عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: العورة عورتان: القبل و الدبر و الدبر مستور بالاليتين فاذا سترت

______________________________

(1) لاحظ ص: 193

(2) الحدائق ج 7 ص: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 196

دون ما بينهما (1) و عورة المرأة في الصلاة جميع بدنها حتي الرأس و الشعر (2).

______________________________

القضيب و البيضتين فقد سترت العورة «1» و المرسلة لا اعتبار بها.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عليه السلام قال: اذا زوج الرجل أمته فلا ينظرن الي عورتها و العورة ما بين السرة و الركبة «2».

(1) لا بد من اتمام المدعي بالإجماع و التسالم و الا يشكل الامراد مقتضي حديث ابن علوان وجوب ستره و قد تكلمنا حول هذا الفرع مفصلا في الجزء الاول من هذا الشرح ص: 269- 270.

(2) قال في الحدائق: ان المشهور بين الاصحاب ان بدن المرأة كله عورة يلزم سترها عدا الوجه و الكفين و القدمين. و في مقابل هذا القول ما نسب الي ابن الجنيد حيث ذهب الي التسوية بين الرجل و المرأة و انها لا تجب عليها الا ستر القبل و الدبر الي آخره. و لا شبهة في أن هذا القول شاذ لا يعبأ به.

و

تدل علي القول المشهور عدة من النصوص: منها: ما رواه الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام قال: صلت فاطمة عليها السلام في درع و خمارها علي رأسها ليس عليها أكثر مما وارت به شعرها و اذنيها «3».

و منها: ما رواه علي بن جعفر أنه سأل أخاه موسي بن جعفر عليه السلام عن المرأة ليس لها الا ملحفة واحدة كيف تصلي؟ قال: تلتف فيها و تغطي رأسها

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب آداب الحمام الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 28 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 197

______________________________

و تصلي فان خرجت رجلها و ليس تقدر علي غير ذلك فلا بأس «1».

و منها: ما رواه يونس بن يعقوب أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي في ثوب واحد؟ قال: نعم قال قلت: فالمرأة؟ قال: لا و لا يصلح للحرة اذا حاضت الا الخمار الا أن لا تجده «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: المرأة تصلي في الدرع و المقنعة اذا كان كثيفا يعني ستيرا «3» و منها غيرها المذكور في الوسائل في الباب 28 من أبواب لباس المصلي.

فانقدح بما ذكرنا ان مقتضي النص و الفتوي انه ليس التسوية بين الرجل و المرأة و انه لا شبهة في أن المرأة يجب عليها الستر زائدا علي ستر القبل و الدبر فهذا الحكم في الجملة مما لا اشكال فيه و انما الكلام في بعض أجزاء جسدها بأنه يجب ستره أم لا؟.

و مما وقع فيه الكلام الرأس فعن ابن الجنيد انه لا يجب ستره حتي في المرأة و

يدل علي هذا القول ما رواه عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا بأس بالمرأة المسلمة الحرة أن تصلي و هي مكشوفة الرأس «4».

و لا يبعد أن يكون الحديث معتبرا لكن يعارضه عدة نصوص اخر و من تلك النصوص ما رواه علي بن جعفر «5» عن أخيه مضافا الي أن السيرة الجارية الخارجية

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 29 من أبواب لباس المصلي الحديث: 5

(5) لاحظ ص: 196

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 198

عدا الوجه (1).

______________________________

تقضي بالوجوب بحيث يكون الكشف مستنكرا عند المتشرعة و يؤيد المدعي أن الطائفة الثانية أحدث فتقدم علي الاول بناء علي ما بنينا عليه من أن الاحدثية بنفسها من المرجحات و ان لم يبعد أن يكون الترجيح من حيث المخالفة مع العامة مع الطائفة الاولي فلاحظ.

و مما وقع الكلام فيه الشعر و نقل عن القاضي عدم وجوب ستره بل نقل ان عدم الوجوب ظاهر كلمات الاكثر و كيف كان المرجع النصوص الواردة في المقام و لا اشكال في أن مقتضي جملة من النصوص المشار اليها آنفا وجوب ستره.

و منها ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن أدني ما تصلي فيه المرأة قال: درع و ملحفة فتنشرها علي رأسها و تجلل بها «1» فان مقتضاه وجوب ستر الشعر و ان كان طويلا فانه عليه السلام في مقام الجواب عن أدني ما تصلي فيه المرأة قال: درع و ملحفة فتنشرها و تجلل بها فان الملحفة ثوب واسع يلبس علي الثياب و أمر عليه السلام بنشر الملحفة و تجليلها علي رأسها و لا اشكال في أن الستر بهذه الصورة

يستر الشعر بأي نحو كان فلا اشكال في المسألة بحسب النص نعم مقتضي رواية ابن بكير عدم الوجوب و لكن الكلام فيه هو الكلام في الرأس فلاحظ.

(1) الظاهر انه لا شبهة فيه فانه مضافا الي الاجماع و التسالم و السيرة العملية بلا انكار من احد ان المقتضي للوجوب في نفسه قاصر اذ الملحفة و كذلك المقنعة و الخمار و امثالها لا تستر الوجه بحسب الطبع فاولا لا مقتضي للوجوب و ثانيا:

النص الخاص الوارد في المقام يدل علي الجواز بل علي كون الاسفار أفضل.

لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن المرأة تصلي متنقبة؟ قال: إذا كشفت

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب لباس المصلي الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 199

بالمقدار الذي يغسل في الوضوء (1) و عدا الكفين الي الزندين (2).

______________________________

عن موضع السجود فلا بأس به و ان أسفرت فهو أفضل «1».

(1) الظاهر انه لم يرد في النص عنوان الوجه كي يقدر بهذا المقدار مضافا الي أنه علي تقدير ورود النص بهذا العنوان لا وجه لهذا التقدير بل الميزان الاقتصار علي ما يصدق عليه العنوان المأخوذ في الدليل فالذي ينبغي أن يقال في هذا المقام ان المقدار الذي ينكشف عند عدم النقاب مع فرض الخمار أو المقنعة أو الملحفة يجوز الاسفار عنه و لا يبعد أن يكون ما أفاده في المتن منطبقا عليه و لو وصلت النوبة الي الشك تكون النتيجة البراءة من الزائد كما هو الميزان الكلي.

(2) استدل عليه بالإجماع و يمكن أن يرد عليه بأن الاجماع المنقول لا يكون حجة و المحصل منه علي فرض تحققه محتمل المدرك فلا يكون اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السلام الا أن يقال بأن وضوح المدعي

بحد لا يعتريه شك و لا ريب.

و مما يمكن أن يستدل به عليه أو استدل به ما دل علي جواز صلاة المرأة في الدرع و المقنعة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام:

ما تري للرجل يصلي في قميص واحد؟ فقال: اذا كان كثيفا فلا بأس به و المرأة تصلي في الدرع و المقنعة اذا كان الدرع كثيفا يعني اذا كان ستيرا «2» بدعوي ان الدرع لا يستر الكفين و الفدمين.

و فيه: انه يرد علي هذا الاستدلال ما اورده صاحب الحدائق حيث قال: من الجائز ان الدرغ المتعارفة في ذلك الزمان كانت بحيث تستر الكفين و القدمين

______________________________

(1) الوسائل الباب 33 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب لباس المصلي الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 200

و القدمين الي الساقين (1).

______________________________

و مع هذا الاحتمال كيف يمكن الحكم بعدم وجوب الستر لو كان المقتضي في حد نفسه تاما و هذا الاشكال متين جدا.

و مما يمكن أن يقال في هذا المقام أن وجوب ستر البدن حتي الكفين لا دليل عليه و لقائل أن يقول: انه يكفي دليلا علي المدعي ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام «1».

بتقريب ان المستفاد منه ان المرأة تنشر الملحفة علي رأسها و تجللها و بالطبع تستر الكفان بها الا أن يقال: بأن المتعارف خروج الكفين و مع هذا التعارف الخارجي لا يستفاد الوجوب من الروايتين و مع الشك في التعارف و عدمه يكفي للقول بعدم الوجوب الاصل العملي بتقاريبه المختلفة فان الميزان عند الشك في الزائد البناء علي عدمه.

و مما يمكن أن يستدل به السيرة الخارجية فان ستر الكفين لو كان لازما و واجبا

لبان و لما بقي موردا للشك و الحاصل ان هذه المسألة ليست من المسائل التي يمكن أن تبقي مجهولة و حيث نري ان المتشرعة لا تستنكر عدم سترهما في الصلاة نفهم انه ليس واجبا و اللّه العالم بحقائق الاشياء.

(1) قيل انه المشهور و في بعض الكلمات ان العمدة اصالة البراءة بعد عدم وجود ما يدل علي وجوب سترهما و ما افيد في المقام من عدم الدليل مشكل اذ يكفي دليلا ما رواه علي بن جعفر عليه السلام «2» فان مفهوم الشرط الواقع في الرواية يقتضي عدم الصحة بلا ستر الرجل الا عند الضرورة و اعراض الاصحاب عن الرواية علي فرض ثبوته لا يوجب سقوطها عن الاعتبار كما مر منا مرارا في

______________________________

(1) لاحظ ص: 198

(2) لاحظ ص: 196

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 201

ظاهرهما و باطنهما (1) و لا بد من ستر شي ء مما هو خارج عن الحدود (2).

______________________________

ضمن الابحاث.

و أيضا يدل علي المقصود ما رواه زرارة «1» حيث أمر بنشر الملحفة علي الرأس و التجلل بها فان الظاهر ان التجلل بها بهذه الصورة لستر القدمين.

و يؤيد المقصود لو لم يدل عليه ما رواه ابن ابي يعفور قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: تصلي المرأة في ثلاثة أثواب ازار و درع و خمار و لا يضرها بأن تقنع بالخمار فان لم تجد فثوبين تتزر باحدهما و تقنع بالاخر قلت: فان كان درع و ملحفة ليس عليها مقنعه؟ فقال: لا بأس اذا تقنعت بملحفة فان لم تكفها فتلبسها طولا «2» فلاحظ فلا تصل النوبة الي الاصل العملي.

(1) الظاهر انه لا فرق في وجوب الستر بين الظاهر و الباطن و قد نقل عن بعض التفصيل بين ظاهر القدمين

و باطنهما بوجوب الستر في الثاني دون الاول و كأن الوجه في هذا التفصيل ان المرأة بتمامها عورة لا بد من سترها في الصلاة و حيث ان الرخصة ثبتت من الشرع بالنسبة الي الظاهر فنلتزم بعدم وجوب الستر حيث ان القميص لا يستر الظاهر و لكن الباطن لم تثبت الرخصة بالنسبة اليه حيث انه في حال القيام مستور بالارض و حال الجلوس و التشهد مستور بالدرع و قد ظهر بما ذكرنا انه لا وجه لهذا التفصيل.

(2) فان احراز الامتثال الذي يلزم بحكم العقل يتوقف علي المقدمة العلمية.

______________________________

(1) لاحظ ص: 198

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب لباس المصلي الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 202

[مسألة 22: الأمة و الصبية كالحرة و البالغة في ذلك إلا في الرأس و شعره و العنق]

(مسألة 22): الامة و الصبية كالحرة و البالغة في ذلك الا في الرأس و شعره و العنق فانه لا يجب عليهما سترهما (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول ان الامة كالحرة و الدليل علي المدعي اطلاق الادلة.

الفرع الثاني: ان الصبية كالبالغة بتقريب ان مقتضي الاطلاقات عموم الحكم و ربما يقال: ان القلم مرفوع عن غير البالغ.

و فيه ان القلم المرفوع قلم الالزام و بعبارة الاخري: غير البالغ لا يتوجه اليه تكليف الزامي لا أن الاحكام الوضعية من الجزئية و الشرطية مرفوعة عنه فلاحظ.

و لكن يمكن أن يقال: ان المقتضي في مقام الاثبات قاصر فان المرأة بمالها من المفهوم لا تصدق علي الجارية غير البالغة و مع الشك يكون المرجع الاصل العملي و مقتضاه عدم الاشتراط.

الفرع الثالث: انه لا تجب علي الامة ستر الرأس و شعره و عنقها لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: الامة تغطي رأسها اذا صلت؟

فقال: ليس علي الامة قناع «1»

و ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام قال: ليس علي الاماء أن يتقنعن في الصلاة «2».

الفرع الرابع: انه لا يجب علي الصبية ستر رأسها و شعره و عنقها و ادعي عليه الاجماع و يمكن أن يقال بقصور المقتضي اذ الوارد في النصوص عنوان المرأة و هذا العنوان لا يصدق علي غير البالغة و تؤيد المدعي جملة من النصوص لاحظ ما رواه يونس بن يعقوب «3» و الروايات الواردة في الباب 28 و 29

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 197

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 203

[مسألة 23: إذا كان المصلي واقفا علي شباك أو طرف سطح]

(مسألة 23): اذا كان المصلي واقفا علي شباك أو طرف سطح بحيث لو كان ناظر تحته لرأي عورته فالاقوي وجوب سترها من تحته (1) نعم اذ كان واقفا علي الارض لم يجب الستر من جهة التحت (2).

[الفصل الثاني: يعتبر في لباس المصلي أمور]
اشارة

الفصل الثاني:

يعتبر في لباس المصلي امور:

[الأول: الطهارة]

الاول: الطهارة الا في الموارد التي يعفي عنها في الصلاة و قد تقدمت في أحكام النجاسات (3).

______________________________

من أبواب لباس المصلي من الوسائل.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 203

(1) الانصاف ان الجزم به مشكل فان الميزان في الصحة و الفساد صدق الستر و الكشف و لا يصدق علي مثله انه مكشوف العورة و لو وصلت النوبة الي الشك فلا يبعد أن يكون الاستصحاب جاريا و بجريانه يحرز عدم كونه مكشوف العورة.

الا أن يقال: ان مقتضي الاستصحاب الفساد اذ المطلوب صدق الستر و الاصل عدمه و لو قيل بعدم جريان الاستصحاب في مثل المقام الذي يكون شكا في المفهوم فلا مانع من البراءة كما هي الميزان في امثال المقام و ان شئت قلت: الاجمال في المفهوم و يدور الامر بين الاقل و الاكثر و المرجع البراءة.

(2) هذا من الواضحات التي لا يعتريها الريب فانه مضافا الي الاجماع و الضرورة و التسالم يدل علي المدعي الاطلاق المقامي في النصوص حيث اكتفي بذكر الدرع و الخمار أو الثوب الستير و لم يتعرض للسروال فيكفي السترة المتعارفة.

(3) قد تقدم الكلام في الفصل الثالث من المبحث السادس من الطهارة فراجع «1».

______________________________

(1) لاحظ الجزء الثالث من هذا الشرح ص: 324

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 204

[الثاني: الإباحة]
اشارة

الثاني: الاباحة فلا تجوز الصلاة فيما يكون من المغصوب ساترا له بالفعل (1).

______________________________

(1) قال في الحدائق: ظاهر كلام الاصحاب الاتفاق علي تحريم الصلاة في الثوب المغصوب و نسبه في المنتهي الي علمائنا مؤذنا بدعوي الاجماع عليه و صرح بذلك في النهاية فقال: لا تصح الصلاة في الثوب المغصوب مع

العلم بالغصبية عند علمائنا أجمع و اطلاق أكثر عباراتهم شامل لما هو أعم من أن يكون ساترا أو غير ساتر الي آخر كلامه.

و نقل عن الفضل بن شاذان الجواز و نقل عن جملة من الاعلام منهم المحقق و الشهيدان التفصيل بين الساتر و غيره بالفساد في الاول و عدمه في الثاني.

و لا يبعد أن يكون الحق هو القول الثالث و عليه يقع الكلام تارة في الساتر المغصوب و اخري في غيره، أما لو كان الساتر مغصوبا فلا يبعد بأن نلتزم بالبطلان و الوجه فيه أن التستر واجب و محبوب عند الشارع و حيث انه مغصوب و الغصب حرام يكون حراما و مبغوضا و لا يعقل أن يكون الوجود الواحد مبغوضا و محبوبا فلا يجتمع الامر و النهي فانه بهذا التقريب يكون التركيب اتحاديا فلا بد اما من رفع اليد عن الامر و اما من رفع اليد عن النهي فلو قلنا بأن تعارض العام الشمولي مع البدلي يقتضي تقديم الاطلاق الشمولي فلا بد من تقديم ناحية النهي و الالتزام بالحرمة فلا تصح الصلاة.

ان قلت: هب ان الامر و النهي لا يجتمعان لكن المفروض ان التستر ليس جزءا للصلاة بل يكون شرطا و قصد القربة لا يكون شرطا في الشرائط بل يختص بالاجزاء و لو فرض وصول النوبة الي الشك يكون مقتضي الاصل عدم الاشتراط و عليه فاي مانع من كون الشرط حراما و تكون الصلاة صحيحة.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 205

______________________________

قلت: لا فرق فيما ذكرنا بين الجزء و الشرط و لا بين اشتراط قصد القربة و عدمه فان الوجه في الفساد ان الوجود الواحد لا يمكن أن يكون مصداقا للواجب و الحرام بلا فرق بين كون

الوجوب تعبديا أو توصليا فما افاده سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام من تقريب الصحة حتي في الساتر لا يمكن المساعدة عليه.

و لكن يمكن أن يقال: بأن الشرط عبارة عن التستر و الشرط لا يكون جزاء من الصلاة و بعبارة اخري: الواجب هو الجزء العقلي و هو التقيد و عليه فما المانع من أن يكون التستر حراما لكونه غصبا و مع ذلك تكون الصلاة صحيحة لعدم اتحاد متعلق الامر و النهي و عدم اجتماعهما.

و ملخص الكلام ان هذا التقييد من ناحية حكم العقل و حيث ان متعلق النهي غير متعلق الامر فلا وجه للتقييد بالحلية فلا وجه للفساد فلاحظ.

و أما لو كان اللباس غير ساتر فالحق انه لا يوجب الفساد اذ لا اتحاد بين متعلق الامر و النهي و يكون التركيب انضماميا فكما أن النظر الي الاجنبية في الصلاة مع كونه حراما لا يوجب الفساد كذلك الغصب في المقام لا يوجبه و ما يمكن أن يذكر وجها للفساد في هذه الصورة امور:

الاول: ان الغاصب مأمور بايصال المال الي صاحبه و الاشتغال يضاده و الامر بالشي ء يقتضي النهي عن الضد و النهي عن العبادة يوجب الفساد.

و فيه انه علي فرض تحقق الموضوع قد قرر في الاصول ان الامر بالشي ء لا يقتضي النهي عن ضده الخاص و انما ينهي عن الضد العام اي الترك علي كلام فيه أيضا.

الثاني: ان النهوض و القيام و الهوي كلها حركات صلاتية و بهذه الحركات

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 206

______________________________

يتحقق الغصب و يتحد المتعلق فيوجب البطلان لكون التركيب اتحاديا.

و يرد عليه: أولا ان هذا الاشكال علي فرض تسلمه أخص من المدعي اذ يمكن فرض التلبس بالغصب في غير هذه الصورة بأن

يلبس اللباس الغصبي حين القيام و قبل الهوي الي الركوع ينزعه.

و ثانيا: ان هذه الحركات ليست من الصلاة فان الواجب عبارة عن القيام و الركوع و السجود فان المطلوب هذه الهيئات الوضعية و انها معتبرة في الصلاة و أما تلك الحركات فهي مقدمات و لا محذور في كون المقدمة حراما كما حقق في الاصول.

و ثالثا نفرض ان الحركات أجزاء للصلاة لكن لا اتحاد بين الامرين فان الحركات قائمة ببدن المصلي و الحرمة الغصبية قائمة باللباس الغصبي فلا اتحاد نعم الحركة القائمة بالبدن علة للحرمة و مقدمة الحرام ليست حراما و علي فرض حرمتها لا تكون مبعدة.

الثالث: ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: لو أن الناس أخذوا ما أمرهم اللّه فانفقوه فيما نهاهم عنه ما قبله منهم و لو أخذوا ما نهاهم اللّه عنه فانفقوه فيما أمرهم اللّه به ما قبله منهم حتي يأخذوه من حق و ينفقوه في حق «1».

و هذه الرواية ساقطة عن الاعتبار بمحمد بن سنان و السند الاخر فيه الارسال مضافا الي أن مدلولها لا يفي بالمقصود فان المستفاد من الرواية ان المنهي عنه لو صرف في سبيل الطاعة لا تقبل تلك الطاعة كما لو غصب طعاما و أطعم الفقير و الامر ليس كذلك في المقام اذ أحد الامرين لا يرتبط بالاخر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 207

نعم اذا كان جاهلا بالغصبية أو ناسيا لها (1).

______________________________

الرابع: ما رواه الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول عن امير المؤمنين عليه السلام في وصيته لكميل قال: يا كميل انظر في ما تصلي و علي ما تصلي ان لم

يكن من وجهه و حله فلا قبول «1».

و هذه الرواية ساقطة بالارسال و قد رواها الطبرسي مسندا و السند ساقط براشد بن علي القرشي فانه لم يوثق فانقدح بما ذكرنا. ان الحق عدم الاشتراط و علي فرض التنزل يكون الحق هو التفصيل و اللّه العالم.

(1) يقع الكلام تارة في النسيان و اخري في الجهل أما الناسي فيظهر من سيد المستمسك انه تمسك في وجه الصحة بحديث الرفع قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: رفع عن امتي تسعة اشياء: الخطأ و النسيان و ما اكرهوا عليه و ما لا يعلمون و ما لا يطيقون و ما اضطروا اليه الحديث «2»

و نفل انه استدل به جملة من المحققين و الظاهر انه لا يمكن المساعدة عليه و الوجه فيه ان النسيان اما مستوعب لتمام الوقت أم لا أما علي الثاني فلا مقتضي لهذا القول اصلا اذ الامر متعلق بالطبيعة من المبدأ الي المنتهي.

و بعبارة اخري الامر متعلق بالجامع و الفرد لا يكون متعلقا للأمر كي يرتفع بحديث الرفع. و أما علي الاول فغاية ما في الباب رفع الحكم عن المركب التام و النتيجة ارتفاع الحكم عند النسيان و أما الاكتفاء بالناقص و صحته فلا وجه له و لا يستفاد من الحديث هذا المعني.

و ان شئت قلت: ان حديث الرفع لا يرفع المانعية و لا يعقل رفع المانعية أو الشرطية أو الجزئية بل رفع هذه الامور برفع منشأ انتزاعها و هو الامر المتعلق

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 56 من أبواب جهاد النفس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 208

أو جاهلا بحرمته جهلا يعذر فيه (1).

______________________________

بالكل فظهر أن هذا التقريب غير تام.

اذا عرفت هذا فاعلم ان

الحق أن يستند في الحكم بالصحة بحديث لا تعاد الصلاة الا من خمسة: الطهور و الوقت و القبلة و الركوع و السجود الحديث «1» فان مقتضاه عدم الاعادة بل لنا أن نلتزم بالصحة بلا التماس دليل لا تعاد و ذلك لان الناسي لا يكون قابلا للتكليف و مع سقوط التكليف و عدم حرمة الغصب لا مقتضي للاشتراط اذا لاشتراط بحكم العقل من باب عدم امكان الاجتماع فالصلاة صحيحة علي القاعدة نعم لو كان النسيان تقصيريا بكون التكليف باقيا بملاكه و في هذه الصورة شمول الحديث أيضا مشكل اذ المفروض تقصير المكلف فلاحظ.

و بعين هذا الاستدلال نستدل علي الصحة فيما يكون المكلف جاهلا بالغصبية فانه لا مانع من جريان حديث لا تعاد و يختلج بالبال ان الحكم الواقعي مع الجهل بالغصبية موجود فتكون الصلاة مبغوضة و كيف يمكن الاكتفاء بالمبغوض الا أن يقال: اطلاق دليل لا تعاد محكم و ملاكات الاحكام مجهولة عندنا.

(1) الجاهل بالحكم اما يكون جهله تقصيريا و اما يكون قصوريا أما علي الاول فلا وجه للصحة اذ المانع عن الصحة اي كون الفعل مبغوضا موجود و يمنع عن الصحة و شمول اطلاق حديث لا تعاد للجاهل المقصر مشكل.

و أما علي الثاني فالحق ان صلاته صحيحة لارتفاع المانع و هي الحرمة فان الغافل لا يكون مكلفا و ما أفاده سيد المستمسك قدس سره في المقام من أن الغفلة و عدمها لا دخل لها في توجه التكليف و عدمه اذ الغفلة و عدمه متأخرتان عن الحكم مثل العلم و الجهل و لا يعقل أخذ هذه الامور في متعلق الحكم و الا يلزم الدور،

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين،

ج 4، ص: 209

أو ناسيا لها أو مضطرا فلا بأس (1).

[مسألة 24: لا فرق في الغصب بين أن يكون عين المال مغصوبا أو منفعته أو كان متعلقا لحق غيره كالمرهون]

(مسألة 24): لا فرق في الغصب بين أن يكون عين المال مغصوبا أو منفعته أو كان متعلقا لحق غيره كالمرهون (2) بل اذا اشتري ثوبا بعين مال فيه الخمس أو الزكاة مع عدم ادائهما من مال آخر كان

______________________________

ليس علي ما ينبغي فان العلم بالحكم و عدمه لا يعقل تحققه و تصوره الا مع وجود الحكم و لو علق الحكم علي العلم يلزم توقف الشي ء علي نفسه و أما تعليق الحكم علي الالتفات و احتمال وجوده فلا محذور فيه اذ احتمال الحكم لا يتوقف علي الحكم بل يتصور وجوده مع وجود الحكم و عدمه و لعله بعد التأمل ظاهر فالحق التفصيل بين الموارد بهذا النحو.

ان قلت: ان عقاب المقصر لتركه التعلم لا علي نفس الحرام فلا فرق بين المقصر و القاصر.

قلت: ان العقاب علي ارتكابه المحرم فان وجوب التعلم طريقي. مضافا الي أن الفساد لا يرتبط بالعقاب فان المناط في الفساد كون الفعل مبغوضا و المبغوض لا يكون محبوبا.

و مما ذكرنا يظهر فساد ما قيل في وجه تصحيح العبادة عن المقصر بأن الميزان في القربية قصد القربة و قد تحقق عن المقصر، فانه ظهر بما ذكرنا أن قصد القربة بالمبغوض لا أثر له فيما يكون الفعل مبغوضا كما هو المفروض.

(1) لعدم فعلية التكليف فلا مبغوضية بالنسبة اليهما و المفروض ان الشرطية عقلية.

(2) فان الميزان و الملاك كون التصرف حراما بلا فرق بين مصاديقه لوحدة المناط.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 210

حكمه حكم المغصوب (1) و كذا اذا مات الميت و كان مشغول الذمة بالحقوق المالية من الخمس و الزكاة و المظالم و غيرها بمقدار يستوعب التركة فان

أمواله بمنزلة المغصوب لا يجوز التصرف فيها (2) الا باذن الحاكم الشرعي (3) و كذا اذا مات و له وارث قاصر لم ينصب عليه قيما فانه لا يجوز التصرف في تركته الا بمراجعة

______________________________

(1) في هذا المقام مسلكان: أحدهما: ان المعاملة صحيحة و ينتقل الخمس الي المال الذي وقع في مقابل العين التي لم يؤد خمسها ثانيهما: ان المعاملة بالنسبة الي مقدار الخمس أو الزكاة فضولية و غير صحيح و علي كلا المسلكين ما أفاده نام اذا المفروض ان العين لم تنتقل الي ملك المشتري فيكون كالمغصوب كما أفاده.

(2) اذ هذه الحقوق دين في ذمة الميت و مقتضي قوله تعالي مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهٰا أَوْ دَيْنٍ «1» ان المقدار المساوي للدين لا ينتقل الي الوارث و يدل علي المدعي أيضا ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ان الدين قبل الوصية ثم الوصية علي أثر الدين ثم الميراث بعد الوصية فان أول (اولي خ ل) القضاء كتاب اللّه «2».

(3) ما أفاده يتوقف علي ولاية الحاكم بهذا المقدار و ولايته بهذا المقدار محل الكلام و الاشكال و بعبارة اخري: لا يمكن الجزم بجواز التصرف باذن الحاكم علي الاطلاق.

______________________________

(1) النساء/ 11

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب أحكام الوصايا الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 211

الحاكم الشرعي (1).

[مسألة 25: لا بأس بحمل المغصوب في الصلاة إذا لم يتحرك بحركات المصلي]

(مسألة 25): لا بأس بحمل المغصوب في الصلاة اذا لم يتحرك بحركات المصلي (2) بل و اذا تحرك بها أيضا علي الاظهر (3).

[الثالث: أن لا يكون من أجزاء الميتة التي تحلها الحياة]

الثالث: أن لا يكون من أجزاء الميتة التي تحلها الحياة (4) سواء كانت من حيوان محلل الاكل أم محرمه (5) و سواء كانت

______________________________

(1) فان الحاكم ولي القاصر و التصرف في ملكه لا يجوز الا مع اذن الولي العام بشرائطه.

(2) كما هو ظاهر لعدم ما يقتضي الفساد و عدم التركيب اتحاديا.

(3) لما تقدم من أن الحركات الواقعة في الصلاة ليست أجزاء منها مضافا الي عدم كون التركيب اتحاديا.

(4) قال في الحدائق: «و قد اجمع الاصحاب قدس اللّه أسرارهم علي أنه لا تجوز الصلاة فيه و لو كان مما يؤكل لحمه سواء دبغ أم لم يدبغ حتي من القائلين بطهارته بالدباغ». و يدل علي المقصود جملة من النصوص:

منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن الجلد الميت أ يلبس في الصلاة اذا دبغ قال: لا و لو دبغ سبعين مرة «1» الي غيره من النصوص.

(5) كما هو مقتضي اطلاق النص المتقدم آنفا مضافا الي التصريح به في النصوص لاحظ ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 212

له نفس سائلة أم لم تكن علي الاحوط وجوبا (1).

______________________________

قال اللّه عز و جل لموسي «فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ» لأنها كانت من جلد حما رميت «1».

و ما رواه الصدوق قال: سئل الصادق عليه السلام عن قول اللّه عز و جل لموسي «فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوٰادِ الْمُقَدَّسِ طُويً» قال: «كانتا من جلد حمار ميت» «2» و ان كان في دلالتهما علي المدعي

اشكال.

(1) يقع الكلام في هذا الفرع تارة من حيث المقتضي و اخري من حيث المانع أما الكلام من حيث المانع فربما يتمسك للجواز بمكاتبة علي بن مهزيار قال: كتبت الي أبي محمد عليه السلام أسأله عن الصلاة في القرمز و أن اصحابنا يتوقفون عن الصلاة فيه فكتب لا بأس به مطلق و الحمد للّه «3».

و هذه الرواية ضعيفة بحسن بن علي بن مهزيار و الرواية رواها الصدوق بطريقه الي ابراهيم بن مهزيار و طريقه اليه صحيح لكن ابراهيم لا دليل علي وثاقته.

و ربما يقال: بأن السيرة تقتضي الجواز بالنسبة الي القمل و البرغوث و أمثالهما.

و لكن يجاب عن هذا الاستدلال بأن الجواز المستفاد من السيرة مخصوصة بموردها و لا يجوز التعدي الا بالقياس الباطل عندنا.

و ربما يقال: بأنه نقل الاجماع علي الجواز و النسبة علي فرض صدقها لا أثر لها فان غايتها الاجماع المنقول الذي قد تحقق عدم كونه حجة.

اذا عرفت هذا فاعلم انه لا بد من النظر في الادلة الدالة علي المنع فان كان فيها اطلاق أو عموم يشمل محل الكلام فهو و الا يكفي في الجواز او لا إطلاقات

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب لباس المصلي الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 44 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 213

______________________________

الاولية فان الدليل دل علي وجوب التستر و مقتضي اطلاق اللباس عدم الفرق بين مصاديقه فلا مانع من الصلاة في الساتر الذي يكون من الميتة و ثانيا: يكفي للجواز أصل البراءة الذي هو المعول عليه عند الشك فالعمدة النظر في الدليل المانع.

فنقول وقع الكلام بين الاعلام في هذا الفرع اختار صاحب الحدائق قدس سره اختصاص الحكم بذي النفس

السائلة و ادعي ان دليل المنع منصرف عن الفرد النادر و عليه يكون الاطلاقات مقتضية للجواز.

و يمكن أن يقال: بأن ندرة الفرد لا توجب الانصراف اليه و أما الانصراف عنه فلا. و بعض تمسك بالاطلاق الوارد في مرسلة ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الميتة قال: لا تصل في شي ء منه و لا في شسع «1».

و هذه الرواية لا بأس بها من حيث الدلالة لكن ارسالها مانع عن العمل بها و كون المرسل مثل ابن أبي عمير لا يرجع الي محصل صحيح. لكن مع ذلك لا يبعد أن يستفاد من بعض النصوص التعميم كرواية سماعة بن مهران انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن تقليد السيف في الصلاة و فيه الفراء و الكيمخت فقال: لا بأس ما لم تعلم انه ميتة «2».

فانه يستفاد من هذه الرواية ان الصلاة في الميتة باطلة و كل ما لم يذك من الحيوان فهي ميتة أعم من ان يكون قابلا للتذكية أم لا فان صدق الميتة لا يتوقف علي قبول التذكية فان الميتة تساوق لفظ (مردار) في اللغة الفارسية و أما كون الرواية في مقام بيان الحكم الظاهري فلا يكون مانعا من دلالتها علي الاطلاق اذ لا شبهة

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 50 من أبواب النجاسات الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 214

______________________________

في انه يستفاد من الرواية ان الميتة بمالها من المفهوم لا تكون قابلة لان تقع الصلاة فيها.

و كرواية ابن بكير قال: سأل زرارة أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في الثعالب و الفنك و السنجاب و غيره من الوبر فأخرج كتابا زعم انه املاء رسول

اللّه صلي اللّه عليه و آله أن الصلاة في وبر كل شي ء حرام أكله فالصلاة في وبره و شعره و جلده و بوله و روثه و كل شي ء منه فاسد لا تقبل تلك الصلاة حتي يصلي في غيره مما أحل اللّه أكله ثم قال: يا زرارة هذا عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فاحفظ ذلك يا زرارة فان كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره و بوله و شعره و روثه و ألبانه و كل شي ء منه جائز اذا علمت انه ذكي و قد ذكاه الذبح و ان كان غير ذلك مما قد نهيت عن أكله و حرم عليك فالصلاة في كل شي ء منه فاسد ذكاه الذبح أم لم يذكه «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان المأكول لحمه يشترط في جواز الصلاة فيه وقوع التذكية عليها فلو لم يذك لا يجوز فميتة السمك لا تصح الصلاة فيها.

و ما أفاده المحقق الهمداني قدس سره في هذا المقام من أن التناسب بين الحكم و الموضوع يقتضي أن يختص المنع بخصوص الميتة النجسة فلا يعم الحكم لما يكون طاهرا ليس تاما فان النجاسة بنفسها مانع في قبال الميتة و لا وجه لخلط أحد الامرين بالآخر و عليه فالحق- و فاقا لصاحب المستند- تعميم الحكم لكل ميتة كانت لها نفس سائلة أو لا تكون و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 215

و قد تقدم في النجاسات حكم الجلد الذي يشك في كونه مذكي أولا كما تقدم بيان ما لا تحله الحياة من الميتة فراجع (1) و المشكوك في كونه من جلد الحيوان أو من غيره لا بأس بالصلاة

فيه (2).

[الرابع: أن لا يكون مما لا يؤكل لحمه]
اشارة

الرابع: أن لا يكون مما لا يؤكل لحمه (3) و لا فرق بين ذي النفس و غيره (4).

______________________________

(1) و قد تقدم الكلام هناك فراجع.

(2) للاستصحاب و البراءة أما الاول فلان مقتضي الاستصحاب عدم كونه جلدا للحيوان فلا مانع و أما الثاني فلان مقتضي البراءة عن الاشتراط عدمه كما ان رفع ما لا يعلم يقتضي جواز الصلاة و عدم الاشتراط.

(3) نقل عليه عدم الخلاف و الاجماع و الامر في الجملة مما لا شبهة فيه و يدل عليه ما رواه ابن بكير «1».

(4) ربما يقال بأن اطلاقات المنع منصرفة عما لا نفس له فالقصور في المقتضي و فيه انه لا وجه لهذا الانصراف سيما بالنسبة الي ماله لحم معتد به كبعض أقسام السمك و الحية و مما يؤكد عدم الانصراف استثناء الخز و الحواصل بناء علي أنه لا نفس لهما لاحظ ما رواه بشير بن بشار قال: سألته عن الصلاة في الفنك و الفراء و السنجاب و السمور و الحواصل التي تصاد ببلاد الشرك أو بلاد الإسلام أن اصلي فيه لغير تقية؟ قال فقال: صل في السنجاب و الحواصل الخوارزمية و لا تصل في الثعالب و لا السمور «2».

و ما رواه يحيي بن أبي عمران انه قال: كتبت الي أبي جعفر الثاني عليه السلام

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب لباس المصلي الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 216

______________________________

في السنجاب و الفنك و الخز و قلت: جعلت فداك احب ان لا تجيبني بالتقية في ذلك فكتب بخطه إلي: صل فيها «1».

فالنصوص الدالة علي المنع تشمل ما لا نفس له بل موثق ابن بكير «2» يدل علي المدعي بالعموم.

ان قلت: ان قوله عليه السلام

في ذيل الموثقة «ذكاه الذبح» قرينة علي كون المراد من غير المأكول ما يكون قابلا للتذكية بالذبح فيكون ما لا نفس له خارجا.

قلت: يمكن أن يقال: بأن المستفاد من دليل التذكية بالذبح قابلية كل حيوان للتذكية بالذبح الا ما جعل الشارع طريقا لتذكيته كالخروج من الماء للسمك هذا اولا ثانيا يمكن أن يقال: بأن المستفاد من قوله: «ذكاه الذبح» ان الميزان حرمة الاكل أعم من وقوع التذكية عليه و من عدم الوقوع اما لعدم القابلية أو لعدم التحقق فيدخل ما لا نفس له في الموضوع.

لا يقال: ان ذكاة ما لا نفس له موته قلت: لا شبهة في أنه ميتة غاية الامر ليست نجسة كبقية الميتات مضافا الي أنه لا يبعد أن يستفاد من قوله عليه السلام «ذكاه الذبح» ان المقصود من الذبح التذكية أعم من أن تكون بالذبح أو بالنحر أو بنحو آخر كالخروج من الماء كما في السمك.

و ثالثا: نقول: المستفاد من الرواية انه عليه السلام في مقام اعطاء ضابط كلي و هو أن معيار الجواز حلية الاكل كما أن معيار الحرمة حرمته و ليس الميزان التذكية و عدمها.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 217

و لا بين ما تحله الحياة من أجزائه و غيره (1) بل لا فرق أيضا بين ما لا تتم فيه الصلاة و غيره علي الاحوط وجوبا (2) بل لا يبعد المنع من مثل الشعرات الواقعة علي الثوب و نحوه بل الاحوط وجوبا عموم المنع للمحمول في جيبه (3).

______________________________

و ان شئت فقل: ان هذه الجملة استطرادية و هي علي خلاف المدعي أدل حيث يفهم منها ان الميزان و المعيار جواز الاكل و عدمه و لو

فتح باب هذه المناقشة يلزم أن نقول باختصاص الرواية بالحيوان الذي يكون ذا وبر أو شعر و أما الحيوان الذي لا شعر له و لا وبر فلا يكون مشمولا للرواية و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟ كلا.

و رابعا انه يكفي لإثبات العموم بعض المطلقات الواردة في المقام لاحظ رواية محمد بن مسلم «1» و ما رواه الاعمش عن جعفر بن محمد عليه السلام قال:

و لا يصلي في جلود الميتة و ان دبغت سبعين مرة و لا في جلود السباع «2».

لكن طريق الصدوق الي الاعمش مخدوش بتميم بن بهلول و غيره فلا تكون الا مؤيدة للمدعي فلاحظ.

(1) فانه قد صرح في الموثقة «3» ببعض ذلك و قوله عليه السلام «و كل شي ء منه» قد دل علي العموم فلا يجوز في شي ء منه.

(2) لإطلاق الادلة.

(3) لا اشكال في أن صدق الظرفية يتوقف علي كون الظرف مشتملا علي المظروف و لو علي بعضه لكن هذا المعني لا يتصور في مثل البول و الروث

______________________________

(1) لاحظ ص: 211

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب لباس المصلي الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 218

______________________________

و الالبان المذكورة في الموثقة «1» و حيث انه لا يمكن تصور الظرفية لبعض المذكورات فالمراد من لفظ «في» مطلق الملابسة و المعية و حيث ان الظاهر بحسب الفهم العرفي اتحاد المعني في جميع المذكورات يكون المقصود مطلق المعية حتي في الوبر و الشعر.

ان قلت: الضرورات تقدر بقدرها فان ارادة الظرفية بمعناها يصح بالنسبة الي الشعر و الوبر و أمثالهما و لا تصح بالنسبة الي الريق فاي ملزم بارادة المصاحبة و المعية في الجميع بل نفصل في المذكورات.

قلت: حيث ان لفظ «في» لم يكرر يلزم أن

نلتزم باستعمال اللفظ في أكثر من معني واحد.

ان قلت: يمكن تصور الظرفية في مثل البول و نحوه بأن يراد الصلاة في الثوب المتلطخ و المتلوث بالبول و نحوه.

قلت: يلزم التقدير و هو خلاف الاصل و قد قيل انه لو دار الامر بين المجاز و الاضمار يكون المجاز مقدما.

ان قلت: لا نلتزم بالاضمار بل نقول بأن لفظ «في» استعمل في الظرفية و حيث انه لا يمكن تصورها في مثل البول نلتزم بأن المراد بالبول مثلا الثوب المتلوث به بعلاقة الحال و المحل فلا اضمار.

قلت: المراد من الاضمار ليس الا هذا كما قيل و ان شئت قلت: لا يخلو الاضمار في كل مورد عن علاقة مصححة و الحاصل انه علي هذا لا يبقي مجال للإضمار اذ يمكن أن يقال: انه استعمل لفظ القرية في قوله تعالي «وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ» «2»

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

(2) يوسف/ 82

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 219

______________________________

في أهلها بعلاقة الحال و المحل.

و ان أبيت الا عن أنه قسم آخر من المجاز و هو أقرب من التجوز في كلمة «في» في مطلق المصاحبه قلنا ليس الامر كذلك فان الثاني أقرب فانه لا ينسبق الي الذهن من لفظ البول و أمثاله الا معنا هما فالنتيجة ان المراد بلفظ «في» مطلق المصاحبة و المعية.

لكن لقائل أن يقول: انه بعد تعذر الظرفية الحقيقية بالنسبة الي الجميع لا وجه لإرادة مطلق المصاحبة بل يمكن أن يراد من لفظ «في» مطلق الظرفية الجامعة بين الحقيقية و المجازية ففي كل مورد يمكن انطباق المعني الاول كالوبر و الشعر يعتبر الصدق الحقيقي و في كل مورد لا يمكن يكتفي فيه بالمعية و المصاحبة و لكن علي كل تقدير لا يشمل الدليل المحمول

خصوصا اذا كان غير المأكول في حقة و لو تردد الامر بين المحتملات و وصلت النوبة الي الشك يكفي الاطلاقات الاولية للجواز فيما اذا القي شعر علي لباس المصلي مضافا الي أن مقتضي البراءة عدم البأس فلا تغفل.

فانقدح بما ذكرنا انه لا يمكن استفادة المانعية بمجرد المعية و المصاحبة نعم يستفاد المنع من رواية ابراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت اليه يسقط علي ثوبي الوبر و الشعر مما لا يؤكل لحمه من غير تقية و لا ضرورة فكتب لا تجوز الصلاة فيه «1».

لكن الرواية ساقطه سندا بعمر بن علي بن عمر بن يزيد فالذي يستفاد من موثق ابن بكير «2» و غيره من روايات أبواب لباس المصلي ان الصلاة في

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 220

[مسألة 26 إذا صلي في غير المأكول جهلا به صحت صلاته]

(مسألة 26) اذا صلي في غير المأكول جهلا به صحت صلاته (1).

______________________________

وبر ما لا يؤكل لحمه و أمثال الوبر من الشعر و الجلد حرام و باطل و لكن قد دل ما رواه محمد بن عبد الجبار قال: كتبت الي أبي محمد عليه السلام أسأله هل يصلي في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه أو تكة حرير محض أو تكة من وبر الارانب؟

فكتب: لا تحل الصلاة في الحرير المحض و ان كان الوبر ذكيا حلت الصلاة فيه ان شاء اللّه «1»، علي جواز الصلاة في وبر ما لا يؤكل اذا كان ذكيا فيقع التعارض بينه و بين الموثقة و ما بمعناها و الترجيح مع روايات المنع لان دليل الجواز موافق لما عليه العامة.

قال الشيخ في الخلاف ج 1 ص 193 في مسألة 256: كلما لا يؤكل لحمه لا

يجوز الصلاة في جلده و لا وبره و لا شعره الي أن قال: و خالف جميع الفقهاء في ذلك و قالوا: اذا ذكي و دبغ جازت الصلاة.

فالنتيجة: ان جزء غير المأكول ان كان من قبيل الوبر و الشعر فالمانعية تتوقف علي صدق الظرفية الحقيقية و ان كان من قبيل البول و الريق يكفي فيها مطلق المعية و المصاحبة.

(1) و الدليل عليه حديث لا تعاد فان مقتضاه عدم وجوب الاعادة و الاكتفاء بما اتي به كما ان مقتضي رواية عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي و في ثوبه عذرة من انسان أو سنور أو كلب أ يعيد صلاته؟

قال: ان كان لم يعلم فلا يعيد «2» صحة الصلاة في صورة الجهل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب لباس المصلي الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 40 من أبواب النجاسات الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 221

و كذا اذا كان نسيانا أو كان جاهلا بالحكم أو ناسيا له (1) نعم تجب الاعادة اذا كان جاهلا بالحكم عن تقصير (2).

[مسألة 27: إذا شك في اللباس أو فيما علي اللباس من الرطوبة أو الشعر أو غيرهما]

(مسألة 27): اذا شك في اللباس أو فيما علي اللباس من الرطوبة أو الشعر أو غيرهما في أنه من المأكول أو من غيره أو من الحيوان أو من غيره صحت الصلاة فيه (3).

______________________________

(1) بمقتضي قاعدة لا تعاد.

(2) حيث ان الماتن يري عدم شمول القاعدة للجاهل المقصر فلاحظ.

(3) وقع الكلام بين الاصحاب في هذه المسألة فذهب الي جواز الصلاة في المشكوك فيه جماعة و الي عدمه جماعة آخرون و منشأ الاشكال ان المستفاد من الدليل ان حرمة الاكل مانع أو أن الحلية شرط بتقريب انه لو قلنا بالشرطية فلا بد من احرازها فمع

الشك لا تجوز الصلاة اذ يلزم بحكم العقل الجزم بالبراءة و هي لا تحصل مع الشك.

هذا ملخص الكلام في المقام و قبل التعرض لما يستفاد من النصوص في مقام الاثبات لا بد من تقديم مقدمة و هي انه لا يمكن أن يكون أحد الضدين شرطا و الضد الاخر مانعا و عليه لا يمكن أن يكون التستر بالمأكول شرطا و التستر بما لا يؤكل مانعا فنقول: اجزاء العلة عبارة عن المقتضي و الشرط و عدم المانع أما المقتضي فهو الذي يترشح منه المعلول و أما الشرط فلا مدخل له في الترشح فان الاحتراق يترشح من النار لا من المحاذات و المحاذات دخيلة في فعلية الترشح و هذه الدخالة اما من ناحية النقصان في فاعلية الفاعل و اما من جهة النقصان في قابلية القابل.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 222

______________________________

و ان شئت عبر بأن المحاذات كغيرها من الشرائط اما تتم فاعلية الفاعل و اما قابلية القابل مثلا المؤثر في النهي عن الفحشاء هي الصلاة و الطهارة تكون متممة لهذا الاثر أو تؤثر في قابلية النفس للتأثر و أما عدم المانع فليس له أثر فان العدم لا يعقل أن يكون مؤثرا في شي ء كما هو ظاهر و انما مدخليته من باب مزاحمة وجوده لتأثير المقتضي و لو لا هذه المزاحمة لم يكن لعدم المانع دور في الاثر.

اذا عرفت ما ذكرنا فاعلم انه لو وجد المقتضي و أحد الضدين الذي يكون شرطا لا يعقل وجود الضد الاخر كي يزاحم التأثير اذ يلزم اجتماع الضدين و لو فرض عدم المقتضي أو عدم الشرط فعدم المعلول يستند الي عدم المقتضي أو عدم الشرط و لا يستند الي وجود المانع اذ ما دام

لا يكون المقتضي موجودا مع الشرط لا مجال للمزاحمة.

ان قلت: وجود المعلول مستند الي مجموع أجزاء العلة و هذا يستدعي أن يكون استناد العدم الي المجموع من دون ترتب نعم لو كان بعض الاجزاء موجودا لاستند العدم الي بعض المعدوم.

قلت: استناد العدم الي المانع من باب المزاحمة و مع عدم المقتضي لا موضوع للتزاحم و مع وجوده لا يتصور وجود المانع للزوم اجتماع الضدين.

ان قلت: سلمنا هذا المعني بالنسبة الي المقتضي فانه لا يعقل أن يكون أحد الضدين مقتضيا و الضد الاخر مانعا لكن اي مانع من أن يكون أحدهما شرطا و الاخر مانعا فانه لو فرض عدم الشرط و فرض وجود المانع لا وجه لاستناد العدم الي عدم الشرط بل اليه و الي وجود المانع في رتبة واحدة و لا وجه للترجيح.

قلت: الشرط كما قلنا دخيل في فاعلية الفاعل أو قابلية القابل فمع عدم الشرط لا مجال للمزاحمة كما هو ظاهر.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 223

______________________________

ان قلت: سلمنا لكن لو فرض وجود أحد الضدين مع الضد الاخر يكون عدم المعلول مستندا الي وجود المانع فالملازمة صادقة و صدق الشرطية لا يستلزم تحقق الشرط.

قلت: اذا كان صدق المانعية متوقفا علي تحقق الضدين في الخارج فصدق الشرطية لا يستلزم اتصاف الضد بالمانعية فان مستلزم المحال محال.

و بعبارة اخري: لا يتصف الضد بالمانعية لهذا المحذور لكن الشرطية صادقة مضافا الي أنه لو فرض تحقق اجتماع الضدين فاي محذور في تحقق المتضادين في ناحية المعلول فان حكم الامثال واحد.

ان قلت: هذا يتم في التكوينيات و أما في التشريعيات فلا مانع اذ لا تأثير و لا تأثر. قلت الاحكام الشرعية تابعة للمصالح و المفاسد و الخصوصيات الخارجية تؤثر في

تحقق الملاكات.

ان قلت: ان المصلحة في نفس الامر لا في المتعلق. قلت: ان الحكم الحقيقي تابع للمصلحة الخارجية نعم ربما يكون الملاك في نفس الحكم و لا يتصور هذا في الحكم الحقيقي الناشي عن الملاك الذي عليه العدلية هذا مضافا الي أنه لو اخذ أحد الضدين شرطا يكون مغنيا عن اخذ الاخر مانعا فان المفروض ان وجود احدهما يلازم عدم الاخر فما الوجه في اعتبار عدمه فانه لغو تعالي اللّه عن ذلك.

ان قلت: ان كانت اللغوية موجبة لعدم الاعتبار في وعاء الشرع فما الوجه في النزاع في باب المقدمة بأنها هل تكون واجبة أم لا و كذلك في باب الضد بأن الامر بأحد الضدين يستلزم النهي عن الاخر أم لا أو أن الامر باحد المتلازمين أمر ابا لملازم الاخر أم لا؟.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 224

______________________________

قلت: يمكن أن يكون المقصود في باب المقدمة ان البعث نحو ذي المقدمة يكون بعثا نحو المقدمة بالعرض لا ان هناك بعثين و كذلك في باب الضد و الملازم مضافا الي أنه يمكن أن يكون في ذلك المقام ذا اثر كالتأكيد مثلا بخلاف المقام.

ان قلت: ان كان الامر بشي ء مع عدم الحاجة اليه لغوا يلزم أن لا يبعث نحو شي ء يرتكبه المكلف بداع نفساني قلت: تارة يكون جعل الحكم بنحو القضية الحقيقية و اخري بنحو القضية الخارجية أما الاول فمعني الجعل ايجاد ما يمكن أن يكون داعيا للمكلف و هذا بالنسبة الي أفراد المكلف سواء و أما الثاني فتارة يكون المولي جاهلا بحال العبد و اخري عالما بأنه يرتكبه أما علي الاول فيكون كالصورة الاولي و أما علي الثاني فيكون الجعل لغوا الا فيما يكون الجعل بلحاظ ان العبد لو

اطاع يثاب و هذه فائدة نعم لو كان الواجب تعبديا يلزم الامر كي يقع بهذه الصورة.

ان قلت: ان الامر بشي ء دائما يكون بداعي الامر لان الامر به بداع آخر أمر محال و بعبارة اخري: لا يعقل أن يؤمر بشي ء و يقيد بأن يؤتي بالمأمور به بداع آخر غير الامر و مع استحالة التقييد يستحيل الاطلاق فلا بد من اخذ الداعي القربي في المتعلق.

قلت: ليس الامر كما ذكرت فان استحالة التقييد لا يستلزم استحالة الاطلاق بل يوجب وجوبه لاستحالة الاهمال في الواقعيات و ما قيل من أن استحالة أحد المتقابلين بتقابل العدم مع الملكة يستلزم استحالة الاخر غير صحيح.

ان قلت: يكفي في دفع اللغوية كون الامر بعدم المانع مؤكدا قلت: اندفاع اللغوية لنكتة التأكيد عين الالتزام بالاستحالة فلا بد من أحد الجعلين.

ان قلت: الجمع بين الجعلين انما يكون محالا لو كان المكلف واحدا و أما

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 225

______________________________

مع التعدد فما المانع من جعل الشرطية بالنسبة الي أحد و جعل المانعية بالنسبة الي آخر.

قلت: المفروض ان الاحكام مشتركة و مع الاشتراك لا معني لما ذكرت في الاشكال فظهر أنه لا يمكن تحقق الجعلين نعم لو كان الضدان لا ثالث لهما يكون أحد الجعلين مغنيا عن الاخر فلا ترجيح في أحدهما علي الاخر اذ لو كان لهما ثالث لا يكون جعل أحدهما مغنيا عن الاخر كما يظهر عند التأمل.

اذا عرفت ما ذكرنا نقول: مقتضي ما ذكر عدم امكان جعل ما لا يؤكل مانعا و جعل ما يؤكل شرطا و ان المجعول اما هذا أو ذاك فننظر في الادلة و نري ما المستفاد منها فان كان المستفاد الشرطية يشكل الامر في المشكوك حيث انه لا يجري الاصل

و أما علي فرض أن المجعول المانعية فالامر سهل.

ربما يقال: ان المستفاد من قوله عليه السلام في ذيل الموثقة «لا تقبل تلك الصلاة حتي يصلي في غيره مما أحل اللّه أكله» «1» الشرطية بتقريب ان الظاهر من هذه الجملة لزوم وقوع الصلاة فيما يؤكل لحمه و هذا معني الاشتراط.

و عن بعض الاعاظم: ان ظهور الصدر في المانعية مانع عن انعقاد الذيل في الشرطية لتصادم الظهورين في كلام واحد متصل فيكون ذلك من سوء تعبير ابن بكير.

و فيه: اولا ان التصادم في الظهور في كلامهم ليس أمرا مستنكرا فان الاصحاب قائلون بأن النص لو اجمل تصل النوبة الي جريان الاصل.

و ثانيا: انه يمكن أن يقال: بأن الصدر ناظر الي المانعية و ليس ناظرا الي

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 226

______________________________

الشرطية اذ من الظاهر انه لا يشترط ايقاع الصلاة في الساتر لكن لو صلي المصلي في لباس من غير المأكول تكون صلاته باطلة فلا يمكن تصور الشرطية في غير الساتر.

و بعبارة اخري: لا اشكال في أنه لا يشترط في الصلاة وقوعها في اللباس نعم انما يشترط أن تقع في الساتر فيمكن الجمع بين المانعية و الشرطية بأن يكون وقوعها في غير الساتر من غير المأكول مانعا و وقوعها في الساتر من المأكول شرطا.

ان قلت: نعم لكن نتصور الشرطية بنحو الفرض و التقدير بأن يقال: لو لبست لباسا يشترط فيه أن يكون مما يؤكل.

قلت: مرجع هذا الاشتراط الي تحصيل الحاصل أو اجتماع الضدين اذ المفروض أن الشرط عبارة عن التلبس بلباس مأخوذ من الحيوان فان كان مما يؤكل يكون الامر به تحصيلا للحاصل و ان كان مما لا يؤكل يكون أمرا بالمحال و كلاهما باطل.

ان قلت:

يمكن أن يكون الشرط ارادة التلبس قلت: الارادة الحدوثية لا مدخل لها بالقطع و أما الارادة البقائية الكلام فيها هو الكلام في نفس التلبس فلاحظ.

و ملخص الكلام: ان الشرط في الواجب لا بد أن يكون فعلا اختياريا للمكلف و من الظاهر انه لا يشترط في الصلاة غير الساتر فلا معني لان يقال: يشترط فيها التلبس بالمأكول فلا بد من أن يكون علي نحو التعليق و فرض التلبس و مع فرضه يلزم احد المحذورين فالصدر ناظر الي المانعية و الذيل راجع الي الشرطية اذ

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 227

______________________________

لا بد في الصلاة من الساتر و يشترط فيه أن يكون من مأكول اللحم أو يكون من غير المحرم أكله لكن مع ذلك لا يمكن الالتزام به اذا المشار اليه بلفظ الاشارة اما طبيعي الصلاة أو صنف خاص منها أو شخص الصلاة بما أنها واقعة في الحيواني لا بما هي شخص فانه بهذا اللحاظ لا يعقل أن تصح فان الشي ء لا ينقلب عما هو عليه أما علي الاول و الثاني فيستفاد الاشتراط اذ لا مانع من أن يريد المولي من المكلف أن يصلي في الساتر و يجعل شرطه كونه مما يؤكل فان هذا أمر ممكن في حد نفسه بلا اشكال و أما علي الثالث كما هو الظاهر من الموثقة فلا يستفاد الاشتراط اذ المفروض ان الشخص وقع في غير المأكول و من الظاهر انه لا يصح الا مع الساتر المأخوذ من المأكول اذ الفساد قطعي.

و ان شئت قلت: انه لا شبهة في أنه لا يشترط في الساتر أن يكون من الحيوان المأكول اذ تصح الصلاة مع الساتر المأخوذ من القطن مثلا و يظهر من الموثقة «1» ان الصلاة

لا تقبل الا مع وقوعها في الساتر المأخوذ من الحيوان المأكول فيفهم ان الوجه في الفساد كونه من غير المأكول و مرجعه الي المانعية.

ان قلت: علي ما ذكرت لا يتصور الشرطية حتي في الساتر لأنه لا شبهة في صحة الصلاة الواقعة في الساتر القطني نعم يمكن بنحو التعليق لكن يرجع الي أحد المحذورين اما تحصيل الحاصل و اما اجتماع الضدين.

قلت: يمكن تصويره بأن يكون التقييد بالساتر الجامع بين غير الحيواني و الحيواني المأخود من المأكول ففي مقام الثبوت يتصور الشرطية.

ان قلت: لو سلم عدم استفادة الشرطية من الموثقة «2» لكن لا شبهة في

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

(2) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 228

______________________________

أنه يستفاد المنع من الصلاة في غير المأكول و عليه لا بد من تقييد الساتر بأن يكون من غير المأكول لان الاهمال محال و الاطلاق منتف علي الفرض فلا بد من هذا التقييد.

و ان شئت قلت: لو لا هذا التقييد يلزم اجتماع الامر و النهي في شي ء واحد.

قلت: لا اشكال في أنه يحصل التقييد من ناحية النهي عن الصلاة في غير المأكول لكن الكلام في أن القيد عبارة عن الصلاة في الساتر المأخوذ من غير المحرم أكله الذي يكون بمعني الاشتراط أو أن القيد عبارة عن الساتر الذي لا يكون متخذا من المحرم و بينهما فرق فان الاول عبارة عن الشرط و الثاني عبارة عن المانع فظهر بما ذكر ان المستفاد من الموثقة «1» المانعية لا الشرطية.

و يمكن منع دلالة الموثقة علي الشرطية بتقريب آخر و هو أن قوله عليه السلام «لا تقبل تلك الصلاة» «2» خبر بعد خبر للصلاة و يكون بيانا للجملة الاولي فان المشار اليه بلفظ الاشارة هي الصلاة

و ذكرنا انه لا يمكن الجمع بين المانعية و الشرطية فكأنه عليه السلام قال: الصلاة في غير المأكول فاسدة لا تقبل فيفهم ان الوجه في الفساد وقوعها في غير المأكول و هي المانعية.

و بتقريب ثالث: يمكن اثبات ان المجعول ليس هي الشرطية المستفادة من ذيل الموثقة «3» و ذلك لأنه لا شبهة في عدم توقف صحة الصلاة علي وقوعها في الساتر المأخوذ من المأكول فالمقصود ليس الا بيان فساد الواقعة في غير

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

(2) لاحظ ص: 214

(3) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 229

______________________________

المأكول و انما ذكر المأكول لأنه فرض وقوعها في غير المأكول فلا دليل علي الشرطية في مقام الاثبات.

و بتقريب رابع نقول: الذي نحتمله ثبوتا أن يكون المجعول بنحو الاشتراط و معناه أن يكون المشروط عبارة عن تقييد الصلاة بوقوعها في الساتر الذي يكون من غير المأكول و أما احتمال اشتراط كونه مأخوذا من المأكول فهو غير محتمل فانه فاسد ثبوتا و الحال أن ذيل الموثقة ظاهر في الاشتراط بكونه مأخوذا من المأكول فهذا الظاهر غير مراد قطعا فلا دليل علي الشرطية و نبقي نحن و صدرها و ظاهره المانعية فلاحظ.

و ربما يقال: بأن المستفاد من قوله في الموثقة «و ان كان مما يؤكل لحمه» «1» الي آخره ان الشرط للجواز وقوعها في المأكول و ان عدم الجواز المستفاد من مفهوم الشرطية مستند الي فقدان الشرط لا الي وجود المانع.

و فيه: اولا ما قلناه بأنه لا شبهة في عدم هذا الاعتبار و ان احتمال اشتراط الصلاة بوقوعها في المأكول فاسد بالقطع.

و ثانيا: انه لو فرض لباس للمصلي كما فرض في هذه الجملة فلا يعقل جعل الاشتراط اذ مرجعه الي تحصيل الحاصل

كما أن الامر في المفهوم كذلك فانه مع أنه من غير المأكول يكون مرجع الاشتراط الي الامر بالمحال فمعني قوله جائز هي الصحة و الفساد معناه عدم انطباق المأمور به علي المأتي به و هذا يجتمع مع كل من الشرطية و المانعية.

و ثالثا ان التصريح بقوله: «و ان كان غير ذلك مما قد نهيت» الي آخره لا

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 230

______________________________

يبقي ظهورا للشرطية فيما ادعي كما هو ظاهر.

و مما يمكن أن يستفاد الشرطية منه ما رواه أبو تمامة قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام: ان بلادنا بلاد باردة فما تقول في لبس هذا الوبر؟ فقال:

البس منها ما اكل و ضمن «1» و الرواية ساقطة سندا.

و مما يمكن أن يستدل به ما رواه علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام أو أبا الحسن عليه السلام عن لباس الفراء و الصلاة فيها فقال: لا تصل فيها الا ما كان منه ذكيا قال قلت: أو ليس الذكي مما ذكي بالحديد؟ قال: بلي اذا كان مما يؤكل لحمه «2».

و قريب منه ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه و أبا الحسن عليهما السلام عن لباس الفراء و الصلاة فيها فقال: لا تصل فيها الا ما كان منه ذكيا قلت: أو ليس الذكي مما ذكي بالحديد؟ قال: بلي اذا كان مما يؤكل لحمه قلت: و ما لا يؤكل لحمه من غير الغنم؟ قال: لا بأس بالسنجاب فانه دابة لا تأكل اللحم و ليس هو مما نهي عنه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اذ نهي عن كل ذي ناب و مخلب «3» و السند في كلا الحديثين ضعيف.

ثم انه

قد عرفت انه لو اعتبر ما اعتبر في الصلاة بنحو الاشتراط يلزم احراز الشرط بالوجد ان أو بالامارة أو الاصل و أما لو اعتبر بنحو المانعية فربما يقال:

بأنه لا يلزم احراز عدم المانع و انه يجوز الاتيان مع الشك استنادا الي قاعدة المقتضي و المانع فانه لو احرز المقتضي و شك في المانع يحكم بتحقق المعلول

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب لباس المصلي الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب لباس المصلي الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 231

______________________________

فيجوز الاكتفاء بالمأتي به مع الشك في وجود المانع و لا يلزم احراز عدمه.

و فيه اولا ان تلك القاعدة لا اساس لها كما بين في محله. و ثانيا: لو فرض كونها تامة لا ترتبط بالمقام و ذلك لان المانعية في المقام عبارة عن تقييد المأمور به بعدم ذلك المانع فكما انه يلزم احراز المأمور به بقيودها الوجودية كذلك يلزم احرازه بقيودها العدمية فلا فرق بين القولين من هذه الجهة.

ثم انه لو شك في أن المجعول هي الشرطية أو المانعية فعن الميرزا قدس سره: انه لا مانع من اجراء الاصل و رفع الكلفة الزائدة من ناحية الشرط و لا يمكن مساعدته لأنا نعلم اجمالا باحد الاعتبارين و لا اصل لنا يعين احد الطرفين نعم الشك في الشرطية في حد نفسه مورد للأصل لكن يعارض هذا الاصل بالاصل الجاري في المانعية.

و ببيان أوضح: ان المجعول لو كان هي المانعية يمكن اجراء البراءة عند الشك في المانع و لو كان المجعول الشرطية يكون الشك في تحقق الشرط موردا للاشتغال و مع الشك في أن المجعول أيهما لا مجال لجريان البراءة لان الشك في تحقق موضوعها فلا

بد من الاحتياط اذ المفروض ان الشك في السقوط و لا بد في مقام الامتثال من الجزم بتحققه فلاحظ.

ثم انه وقع الكلام في أنه لا شبهة في أنه لو شك في تمام الموضوع و بقائه يجري فيه الاستصحاب فلو رتب حكم علي وجود زيد مثلا و شك في بقائه يحكم ببقائه بحكم الاستصحاب و أما اذا كان الموضوع مركبا من جزءين و احرز احدهما فهل يجري الاستصحاب في الجزء المشكوك؟

ربما يقال: بأنه لا مجال للاستصحاب و الوجه فيه انه لو اخذ قيد في الموضوع أو المتعلق لا يمكن احراز المقيد بالاستصحاب الا علي القول بالمثبت و ذلك لان

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 232

______________________________

الجزء المأخوذ اما يكون جزء للموضوع و اما يكون قيدا فانه لو كان قيدا فالتقيد بالقيد دخيل في الموضوع و المفروض ان التقيد و الاتصاف لم يحرز بالوجدان و احرازه بالاستصحاب يتوقف علي الالتزام بالمثبت و ان كان جزءا للموضوع فايضا الاشكال باق بحاله اذ كل من الجزءين مقيد بالاخر و الكلام فيه هو الكلام فلا يمكن احراز الموضوع بضم الوجدان الي الاصل.

و يمكن أن يقال بأن الامور المتبانية لو اخذت متعلقة للحكم أو الموضوع فلا معني لتركبها و وحدتها الا اعتبار احدهما في زمان الاخر بلا جهة اخري و بلا وصف آخر غير نفس الاجزاء فعليه لو احرز أحد الجزءين بالوجدان و الجزء الاخر بالاستصحاب يتم الموضوع و يترتب عليه الحكم بلا اشكال فلو ترتب حكم علي وجود زيد في يوم الجمعة و شك في وجوده في يوم الجمعة فهل يشك في استصحاب بقائه، لترتب الاثر عليه فانه لا فرق بين أن يكون الموضوع وجود زيد يوم الجمعة و بين وجوده منضما

الي وجود بكر و هكذا و قس عليه حال الشرط فان الموضوع في باب الشرط عبارة عن الذات في زمان وجود الشرط.

و بعبارة اخري: يترتب الاثر علي المشروط لا علي الشرط و المشروط.

و الحاصل: ان الفرق بين الجزء و الشرط ان الموضوع في باب الاجزاء عبارة عن الاجزاء كل منها في فرض وجود الاخر و الموضوع في باب الشرط عبارة عن نفس المشروط اي وجوده مقيدا بزمان وجود شي ء آخر فلو احرز أحد الامرين فلا مانع من استصحاب الجزء المشكوك و ضم الوجدان الي الاصل و لا يتوجه اشكال الاثبات.

نعم لو اخذ في الموضوع عنوان انتزاعي زائدا علي الوجود لا يمكن احرازه بالاستصحاب فلو اخذ في صحة الايتمام ركوع المأموم في زمان ركوع الامام

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 233

______________________________

يمكن احراز الموضوع بالاستصحاب فان ركوع المأموم محرز بالوجدان و ركوع الامام محرز بالاستصحاب فيتم الموضوع و أما لو كان موضوع الصحة ادراك المأموم لركوع الامام المنتزع لا يمكن احرازه باستصحاب ركوع الامام الا علي القول بالمثبت.

ان قلت: سلمنا جريان الاصل بهذا النحو لكن يعارض هذا الاصل جريان الاستصحاب في المركب بأن نقول: نشك في تحقق المركب أو المشروط و الاصل عدم تحققهما.

و فيه: انه لو فتح باب هذا الاشكال يكون مقتضاه سد باب جريان الاستصحاب في كل مورد يشك في تحقق الامتثال فلو شك في بقاء الطهارة و اجري الاستصحاب و احرز الطهارة بالاستصحاب يعارضه استصحاب عدم الصلاة مع الطهارة و هذا مناقض لدليل الاستصحاب في مورده فان عمدة دليل الاستصحاب النص الوارد في باب الشك في بقاء الوضوء و مرجعه الي عدم اعتبار الاستصحاب في مورد دليله و هو كما تري.

مضافا الي أن الشك في

تحقق المأمور به ناش و مسبب عن الشك في تحقق الشرط و مع جريان الاصل في السبب لا يبقي شك في المسبب شرعا فلا مجال للاستصحاب فلا تغفل.

ثم انه لا بد أن يعلم ان النزاع و ان كان في الصلاة لكن البحث عام لكل ما يشك في المانعية أعم من أن يكون المانعية بحكم الشرع أو يكون بحكم العقل و ما توهم ان المانعية ان كانت بحكم العقل تختص بصورة الاحراز و لا تعم صورة الجهل توهم فاسد ناش من الخلط بين بابي التزاحم و التعارض فان المعجزية في باب التزاحم منوط بالعلم اذ مع عدمه لا يكون الحكم الواقعي معجزا و أما في باب

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 234

______________________________

التعارض و ترجيح جانب النهي فلا فرق بين صورتي العلم و الجهل و لذا نلتزم بفساد الصلاة في الدار المغصوبة و لو مع الجهل بالغصبية.

ثم ان المشهور- علي ما نسب اليهم- ذهبوا الي عدم جريان البراءة في المقام مع ذهابهم الي البراءة في الشك في الاكثر و لعل الوجه في ذلك أنهم بنوا علي ان النهي الغيري الدال علي المانعية نهي عن الطبيعة و لا ينحل الي الافراد بحسب تعدد الموضوع فقالوا: ان التكليف معلوم فلا بد من الفراغ و لا يحرز الفراغ الا بالاحتراز عن المشكوك.

لكن الحق ان النهي الغيري ينحل الي الافراد فالكلام فيه هو الكلام في النهي النفسي بلا فرق بين المقامين فلاحظ.

ثم ان اعتبار المانعية لغير المأكول اما يكون في نفس الصلاة أو في المصلي أو في اللباس.

و بعبارة اخري: هل القيد الاعتباري مركزه نفس الصلاة فاعتبر فيها أن لا تقع في غير المأكول من دون اضافة الي المصلي أو اللباس أو

يكون مركزه المصلي بأن اعتبر في الصلاة أن لا يكون المصلي حين الصلاة لابسا لغير المأكول أو مصاحبا له أو يكون مركزه اللباس بأن اعتبر في الصلاة أن لا يكون لباس المصلي حينها من غير المأكول.

و قبل الخوض في المسألة نقول: كلما يكون شرطا للمأمور به وجودا، أو عدما لا بد أن يكون متعلقا للأمر بتبع المأمور به.

و بعبارة اخري: لا بد في الشرط أن يكون فعلا اختياريا للمكلف و عليه لا يكون الموجود الخارجي شرطا للمأمور به و لا يعقل نعم يمكن أن يكون شرطا للأمر و عليه لا مناص من جعل كل شرط قيدا للمأمور به ففي المقام يكون القيد

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 235

______________________________

لا محالة راجعا الي الصلاة فانها فعل اختياري للمكلف غاية الامر تارة يعتبر عدم المانع في نفس الصلاة فيقال: لا تصل في غير المأكول و اخري تعتبر في المصلي بأن يقال: لا تصل و انت لابس لغير المأكول و حيث ان كون غير المأكول ظرفا للصلاة أمر لا يتصور فلا محالة تكون هذه الظرفية بلحاظ المصلي فان صدق الصلاة في غير المأكول او في المأكول بلحاظ كون المصلي لا بسا أحدهما هذا بحسب مقام الثبوت و أما في مقام الاثبات فالمستفاد من رواية سماعة قال: سألته عن لحوم السباع و جلودها فقال: أما لحوم السباع فمن الطير و الدواب فانا نكرهه و أما الجلود فاركبوا عليها و لا تلبسوا منها شيئا تصلون فيه «1» ان المركز هو المصلي و المستفاد من غيرها ان المركز جعل نفس الصلاة و حيث ان اسناد الظرفية الي الصلاة بالعناية و المجاز فيكون بتوسيط المصلي.

و بعبارة اخري: ارتباط أحد الفعلين بالاخر يكون بلحاظ الفاعل

فيكون الاسناد أولا و بالذات الي المصلي و ثانيا و بالعرض الي الصلاة فلا تنافي بين الدليلين بل ما يدل علي كون المانع الظرفية للصلاة راجع الي كون المصلي لابسا لغير المأكول فمرجع كلا الدليلين أمر واحد و لعل ثمرة هذا البحث تظهر عنه اجراء الاصل فانتظر.

بقي شي ء: و هو ان المانع وقوع الصلاة في ذوات ما لا يؤكل لحمه من الاسد و غيره و عنوان ما لا يؤكل لحمه معرفا لتلك الذوات بحيث تكون الذوات موضوعا لحكمين: احدهما حرمة الاكل ثانيهما عدم جواز الصلاة أو أن الموضوع عبارة عن محرم الاكل بحيث يكون أحد الحكمين في طول الاخر فنقول: لو قلنا

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب لباس المصلي الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 236

______________________________

بأن المدرك في المقام ما رواه علي بن أبي حمزة «1» و اقتصرنا علي ما يستفاد منه و التزمنا باختصاص الحكم بالسباع طبق ما في تلك الرواية فلازمه الالتزام بأن المانع العنوان الذاتي و الوجه فيه ظاهر اذ الميزان بما يؤخذ من الدليل في مقام الاثبات لكن الرواية ساقطة عن الاعتبار سندا و لا نعمل بها فالميزان بما يستفاد من بقية الادلة و المستفاد من الموثقة «2» هي الطولية و لا وجه لرفع اليد عن ظاهرها و القول بأن العنوان المأخوذ فيها عنوان مشير لا وجه له و عليه يكون الموضوع للمانعية كون الحيوان محرم الاكل.

و مما يؤيد مقالتنا- بل يدل عليه- انه لو نسخت حرمة أكل واحد من الحيوانات التي يحرم أكلها و صار حلالا كما لو فرض جواز أكل لحم الثعلب بالنسخ فهل يشك فقيه في جواز الصلاة في وبره؟ فان المستفاد من موثقة ابن بكير «3» ان

الميزان في الجواز و الحرمة حلية الاكل و حرمته.

اذا عرفت ما تلوناه عليك فاعلم انه يقع الكلام في موضعين: الموضع الاول في مقتضي الادلة الاجتهادية الموضع الثاني في مقتضي الاصول العملية. أما الموضع الاول: فقد يدعي ان مقتضي الادلة الاجتهادية الجواز مع الشك في المانعية و ذلك من وجوه:

منها: دعوي اختصاص الالفاظ وضعا أو انصرافا بخصوص المصاديق المعلومة فلو شك في وجود المانع لا يكون المانع موجودا حتي في الواقع و نتيجة هذه الدعوي انه لا موضوع لانكشاف الخلاف و فساد هذا البيان أوضح من أن يخفي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 230

(2) لاحظ ص: 214

(3) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 237

______________________________

و منها: ان مطلقات دليل الصلاة أو الساتر حجة الا أن يعلم مصداق المخصص و مع الشك في مصداق المخصص لا مانع من الاخذ بالعام أو المطلق.

و فيه ان دليل التخصيص أو التقييد يخصص أو يقيد العام و المطلق و لا مجال للتمسك بالعام و انما يتمسك بالعام فيما يشك في أصل التخصيص و أما لو شك في انطباق المخصص علي الخارج لا يجوز الاخذ بالعام الا علي القول بالتمسك به في الشبهة المصداقية و علي فرض الالتزام بهذا المعني تكون الصحة ظاهرية لا واقعية الا أن يدل دليل علي الاجزاء كحديث لا تعاد مثلا.

و منها: ان المانعية في المقام منتزعة عن النهي عن الصلاة في غير المأكول فتكون فعلية المانعية بفعلية النهي و حيث ان النهي لا يكون فعليا مع الجهل لا تكون المانعية فعلية أيضا نعم لو كان دليل المانعية بلسان لا صلاة في غير المأكول لكان مقتضاه المانعية المطلقة المقتضية للفساد حتي مع الجهل.

و فيه: اولا ان بعض الادلة- كموثقة ابن بكير

«1» - ليس بلسان النهي فلا يكون الاستدلال تاما لانهدام الاساس الذي ذكره في الاستدلال.

و ثانيا يلزم عدم مجال لانكشاف الخلاف و عدم اشتراك التكليف بين العالم و الجاهل و هو كما تري.

و ثالثا انه لا فرق بين النواهي المتعلقة بالموانع في باب العبادات و المتعلقة بها في باب المعاملات فكما ان المانعية في باب المعاملات لا تختص بحال العلم كذلك في باب العبادات و معني الانتزاعية ان المانعية تنتزع من تعلق الامر با لمأموريه المقيد بالقيد العدمي لا أنها تنتزع عن النهي المتعلق بالمانع.

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 238

______________________________

و ملخص الكلام ان النهي في المقام ارشاد الي المانعية و النهي الارشادي كالأمر الارشادي ليس منوطا بالعلم في صيرورته فعليا فان الاشتراط بالعلم ليس من لوازم كل إنشاء بل من لوازم التكليف.

و رابعا أن ما افيد في تقريب الاستدلال بأن النهي لا يصير فعليا الا مع العلم غير سديد فان فعلية الحكم لا تتوقف علي العلم الا مع قيام الدليل في مقام الاثبات لو قلنا بامكان أخذ العلم بالحكم في موضوعه أو أخذ العلم بالموضوع في ترتب الحكم عليه كما لو قام دليل علي أنه لو علم المكلف بأن اللباس من غير المأكول لا يجوز الصلاة فيه و أما بلا دليل دال فلا وجه لهذا القيد فانه خلف و محال لان المفروض ان الموضوع تحقق في الخارج و تخلف الحكم عن موضوعه كتخلف المعلول عن علته.

و ملخص الكلام: ان فعلية الحكم ليس مرهونا بالعلم نعم مع الجهل لا يكون الحكم منجزا و هذا أمر آخر و من هنا يعلم ان المانعية لو كانت منتزعة عن الحكم التكليفي لا يكون متوقفا علي العلم

في الفعلية و لذا نلتزم بفساد الصلاة في الدار المغصوبة و لو مع الجهل بها لو التزمنا باستحالة الاجتماع و تقديم جانب النهي و ان ما ذهب اليه المشهور من الصحة مبني علي الجواز و ان التركيب انضمامي لا اتحادي و عليه يدخل المجمع في باب التزاحم و لا يكون داخلا في باب التعارض و قد ذكرنا ان التوسل بقاعدة المقتضي و المانع فيما يشك في المانع غير صحيح.

و منها: انه دلت جملة من النصوص علي جواز الصلاة في الخز و الخز الخالص في زمان صدور تلك النصوص في غاية الندرة بحيث كان الجواز و تجويز الصلاة فيه لغوا فان الاكثر كان مخلوطا بوبر الثعالب و عليه يكون المستفاد من تلك الادلة جواز الصلاة في المشكوك و بعدم القول بالفصل نلتزم بالجواز في بقية

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 239

______________________________

الموارد.

و يرد عليه: اولا انه قد قيدت تلك النصوص بطائفة اخري دلت علي عدم الجواز مع فرض الغش و الخلط و كون الخز الخالص في غاية الندرة لا يوجب رفع اليد عن التقييد فان وظيفة الشرع بيان الحكم و لو لأفراد نادرة.

و ثانيا لو فرض صدق هذه المقالة يلزم تخصيص الحكم بأن نقول: يجوز الصلاة في الخز الخالص و المخلوط بوبر الارانب و لا وجه لتسرية الحكم الي كل مورد و عدم القول بالفصل غير القول بعدمه مضافا الي أن الاجماع المنقول لا يكون حجة و المحصل منه علي فرضه لا يكون حجة للعلم بالمدرك فلا يكون تعبديا.

و لا يخفي انه علي فرض تمامية هذه الدعوي لا يفرق بين أن يكون المستفاد من الدليل المانعية كما هي المدعاة أو الشرطية لعدم تفاوت فيما هو المناط فلاحظ هذا

تمام الكلام في الموضع الاول.

و أما الموضع الثاني: فقد استدل علي الجواز بالاصل العملي بتقاريب مختلفة التقريب الاول: ان مقتضي اصالة الحل حلية الحيوان المتخذ منه المشكوك و قد استشكل فيه من وجوه:

الاشكال الاول: ان اصالة الاباحة لا توجب ترتب الآثار الواقعية بل انما توجب ترتيب الآثار الظاهرية و حيث ان جواز الصلاة من الآثار للحلية الواقعية فلا يترتب باصالة الحل.

و فيه: ان دليل الاصل حاكم علي دليل الحكم الواقعي و يوجب التوسعة غاية الامر تكون الحكومة ظاهرية و ما دام الشك و لذا نري ان جميع الآثار يترتب كالشرب و الوضوء و الغسل علي اصالة الطهارة ما دام لم ينكشف الخلاف فاذا

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 240

______________________________

انكشف الخلاف لا بد من رفع اليد و اعادة ما سبق لعدم دليل علي الاجزاء كما حقق في محله الا في باب الصلاة فانها لا تعاد الا في جملة من الموارد ببركة حديث عدم الاعادة أو غيره و التفصيل موكول الي محل آخر.

الاشكال الثاني: ما عن الميرزا قدس سره و هو انه علي تقدير جواز جريان اصالة الحل في المقام انما يجري فيما لا يكون الجزء المشتبه مرددا أمره بين معلوم الحرمة و معلوم الحلية المتميزين في الخارج اذ في هذه الصورة ليس في البين مشكوك الحكم بل الحكم معلوم و انما المجهول عنوان انتزاعي فما يكون موجودا في الخارج يكون معلوما و ما يكون مشكوكا يكون عنوانا انتزاعيا.

و فيه: انه لا اشكال في أن العنوان الانتزاعي منطبق علي ما في الخارج و بهذا العنوان يكون الموجود الخارجي مشكوكا فموضوع اصالة الحل متحقق بلا كلام و لا اشكال.

الاشكال الثالث: أيضا ما عن الميرزا قدس سره بأن المستفاد من

دليل المانعية ان الصلاة في أجزاء ذوات الحيوانات التي يكون معرفها حرمة الاكل فاسد و من الظاهر ان اصالة الحل لا تقتضي كون المشكوك من الانواع المحللة فان اقتضاء دليل الحل اثبات الحل لا كون المشكوك معنونا بعنوان كذائي.

و فيه: انا قد بينا ان المستفاد من موثقة ابن بكير «1» ان الموضوع لدليل المانعية عنوان محرم الاكل و ليست العناوين الاولية الذاتية موضوعة فلا اشكال من هذه الجهة.

الاشكال الرابع: ان اصالة الحل من الاصول الحكمية فلا بد من أن يكون الموضوع محلا للابتلاء فلو فرض لحم الحيوان موردا للابتلاء و جري فيه الاضل

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 241

______________________________

يترتب عليه جواز الصلاة في شعره و لو بعد سنين و أما لو لم يكن اللحم محلا للابتلاء حين جريان الاصل كما هو الغالب فلا مجال لجريانه فيه.

و فيه ان المفروض ان الحلية موضوع لجواز الصلاة فبهذا اللحاظ لا مانع من جريان اصالة الحل و الحكم بجواز الصلاة فيه و هذا نظير جريان استصحاب الطهارة في الملاقي لإثبات طهارة الملاقي و لو بعد انعدام الملاقي بسنين و السر فيه انه يكفي في جريان الاصل ترتب أثر شرعي و أما كون مورد جريان الاصل محلا للابتلاء بالفعل فلا دليل علي شرطيته.

الاشكال الخامس: ما عنه أيضا و هو ان المستفاد من دليل الحل الحلية الفعلية و ما يكون في الدليل هي الحلية الشأنية و بعبارة اخري: الموضوع للمنع عبارة عن الحيوان الذي يكون من شأنه انه لو ذبح و ذكي لا يحل لحمه في مقابل الحيوان الذي لو ذبح بطريق شرعي يحل أكله و اصالة الحل لا تثبت هذا العنوان.

و الذي يوضح مرادنا انه لو مات غنم

حتف انفه يجوز الصلاة في شعره و الحال انه لم يكن محلل الاكل في وقت من الاوقات اذ قبل الموت لا يجوز أكل الحيوان فان الحلية تتوقف علي التذكية و بعد الموت صار ميتة.

و هذا الاشكال متين و لا يمكن رده و علي هذا لا أثر لأصالة الحلية و لا يترتب عليها جواز الصلاة.

فائدة: و هي انه كما لا يترتب جواز الصلاة علي اصالة الحل كذلك لا يترتب عدم الجواز علي اصالة الحرمة كأصالة عدم التذكية أو غيرها و ذلك لان عدم الجواز مترتب علي الحرمة الشأنية و الجواز علي الحلية كذلك و اثبات الحرمة الفعلية بالاصل لا يثبت الحرمة الشأنية و كذلك الحال لو كان الموضوع احد العناوين الذاتية للحيوان

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 242

______________________________

فلاحظ.

التقريب الثاني: التمسك بقاعدة الطهارة فيما لو دار الامر بين كون المشكوك مأخوذا من الكلب أو الغنم فيحكم عليه بالطهارة بالقاعدة و يترتب عليه جواز الصلاة و يحكم في بقية الموارد بعدم القول بالفصل.

و فيه اولا: ان قاعدة الطهارة لا يترتب عليها الا ما كان مشروطا بها و أما غير الطهارة فلا يثبت بالقاعدة الا علي القول بالاصل المثبت و علي القول به كيف نلتزم بعدم القول بالفصل و الحال ان ترتيب الاثر في مورد القاعدة من باب اثبات اللوازم العقلية بخلاف بقية الموارد مضافا الي أن عدم القول بالفصل لا يترتب عليه الاثر كما هو ظاهر.

التقريب الثالث: التمسك باستصحاب عدم الحرمة قبل البلوغ و فيه أن ما يجري فيه الاستصحاب و هي الحرمة الفعلية ليس موضوعا للحكم و ما يكون موضوعا له لا يجري فيه الاستصحاب لعدم احراز الحالة السابقة فان الموضوع الحرمة الشأنية مضافا الي أن البالغ موضوع

في قبال غير البالغ و كيف يسري الحكم من موضوع الي موضوع آخر بالاستصحاب و الحال أن وحدة الموضوع شرط فيه.

التقريب الرابع: استصحاب عدم الحرمة الثابت قبل الشرع و لا فرق بين أن يكون الشبهة موضوعية أو حكمية فان مرجع الشك علي كل حال الي كون الحيوان الخارجي من أي القسمين.

و اورد عليه بايرادات: الاول: ان عدم الحرمة قبل الشرع من باب السالبة بانتفاء الموضوع و قد علمنا بانقلابه اما باضافة الحرمة و اما باضافة الحلية و لا يمكن اثبات اضافة العدم باستصحاب بقاء ما قبل الشرع الا بنحو المثبت.

و فيه: ان الشرع و الشريعة عبارة عن مجموع القوانين الشرعية فان قلنا بأن

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 243

______________________________

الشارع هو اللّه تبارك و تعالي يكون العدم مضافا اليه و مقتضي الاستصحاب بقائه و ان قلنا ان الشارع النبي صلي اللّه عليه و آله بوحي من اللّه فلا شبهة في أنه صلي اللّه عليه و آله لم يحرم المحرمات في أول بعثته بل حرمها بالتدريج فلا ريب في مضي زمان لم يحرم المشكوك كما يستفاد من قوله تعالي: قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَليٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّٰا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً الآية «1» فان حصر المحرم في المذكورات حين نزول الاية يدل علي جواز البقية فلا مانع من استصحاب العدم مضافا الي أنه يكفي اثبات عدم تعلق الحرمة بالحيوان المشار اليه.

الايراد الثاني: انا نعلم بحدوث حكم المشار اليه في الشريعة و لا ندري انه الاباحة أو الحرمة و استصحاب عدم الحرمة معارض باستصحاب عدم الاباحة.

و فيه: انه يمكن لنا أن ندعي ان الاستصحاب يجري في الاباحة السابقة المدلول عليها بالآية فمقتضي الاستصحاب بقاء الاباحة و

عليه لا مجال للمعارضة باصالة عدمها.

لكن يمكن أن يرد عليه بأن هذا الاستصحاب معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد. لكن نجيب بنحو آخر و نقول: بأنه يكفي في ترتب الاثر استصحاب عدم حدوث الحرمة و لا يعارضها استصحاب عدم حدوث الحلية الاعلي القول بالمثبت فان المطلوب عدم كون الحيوان من محرم الاكل.

و ان شئت قلت: المانع وقوع الصلاة فيما لا يؤكل لحمه و هذا الحيوان في أول البعثة لم يكن داخلا في هذا العنوان و الان كما كان.

الايراد الثالث: ان استصحاب عدم الحرمة لا يثبت ان الحيوان الخارجي متصف بعدم الحرمة الا علي القول بالمثبت.

______________________________

(1) الانعام/ 145

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 244

______________________________

و فيه: ان الاحكام الشرعية مجعولة علي نحو القضية الحقيقية فكما أن بقاء الحرمة يترتب عليه كون المصداق محرما كذلك بقاء عدمها يترتب عليه عدم حرمة الموجود الخارجي و السر فيه أنه لا واسطة كي يلزم الاثبات فان حرمة الخمر معناها انه لو وجد خمر في الخارج يكون حراما و هذا عين جعل الشارع لا أمر آخر و كذلك عدم الحرمة فلا اشكال من هذه الناحية أيضا.

فالنتيجة: ان هذا الاستصحاب بهذا التقريب يترتب عليه جواز الصلاة بل يمكن أن نقول بأن المجعول لو كان هي الشرطية يمكن احرازها بهذا التقريب فانه لو استفيد من الدليل انه لا بد من ايقاع الصلاة في غير ما لا يؤكل لحمه يمكن احرازه بالاصل الموضوعي.

لكن هذا البيان يتم بناء علي كون الموضوع عنوان ما حرم أكله و أما لو كان الموضوع نفس الذوات فلا يمكن بهذا التقريب اثبات العنوان المحلل أو سلب عنوان المحرم الا بالاثبات لكن قد عرفت سابقا انه لا ملزم لهذه المقالة فان المستفاد من الموثقة

«1» ان المانع عنوان محرم الاكل.

التقريب الخامس: جريان الاستصحاب في المصلي بأن نقول: ان المصلي قبل لبسه المشكوك لم يكن لابسا للباس كذائي و الان كما كان. و هذا الوجه لا بأس به لكن يتوقف علي أن المستفاد من الدليل ان الجاعل ناظر الي المصلي لكن لو استفيد من الدليل اشتراط الصلاة بعدم وقوعها فيما لا يؤكل أو استفيد بأن شرط اللباس أن لا يكون من غير المأكول لا يثبت باستصحاب عدم اللبس الا علي القول بالاصل المثبت.

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 245

______________________________

التقريب السادس: جريان الاستصحاب في اللباس بأن نقول: هذا اللباس لم يكن من الحيوان المحرم الاكل و الان كما كان و هذا الاستصحاب من مصاديق جريان الاصل في الاعدام الازلية و قد ذكرنا في محله ان مقتضي القاعدة جريان الاستصحاب بهذا النحو فببركته نثبت ان اللباس المشار اليه ليس مما لا يؤكل و يترتب عليه جواز الصلاة أعم من أن يكون القيد قيدا للباس أو للصلاة أو للمصلي فانه لو احرز الشرط بالاصل و احرز الجزء الاخر بالوجدان يتم المطلوب. و لا مجال لان يقال: الاصل عدم تحقق المركب من المشروط و الشرط فان المركب لا وجود له الا وجود الاجزاء بعينها.

و يختلج ببالي انه يمكن تقريب الاستصحاب بنحو آخر و هو ان المكلف لو صلي في المشكوك رجاء يمكنه أن يجري الاستصحاب بأن يقول: الصلاة التي صليتها لم تكن في المانع قبل وجودها و الاصل بقائها علي ما كانت حتي بعد وجودها فلاحظ.

هذا تمام الكلام في الاصل الجاري في الموضوع و مع جريانه لا تصل النوبة الي الاصل الحكمي فان الاصل الجاري في الموضوع حاكم علي الاصل الحكمي فانه

لو جري اصالة بقاء المائع علي نجاسته لا تصل النوبة الي اصالة الحل الجارية في الشرب و لو قطع النظر عن الاصل الموضوعي تصل النوبة الي الاصل الحكمي.

فنقول: لجريان الاصل الحكمي تقريبان: أحدهما ما عن صاحب الحدائق و هو انا نشك في حرمة الصلاة في المشكوك و مقتضي الاصل اباحتها و جوازها.

و فيه: انه لا شبهة في جواز الصلاة علي تقدير و حرمتها علي تقدير آخر فانه لو صلي في المشكوك رجاء لا اشكال في جوازها و لكن لا أثر لهذه الصلاة لعدم احراز الشرط العدمي و أما لو صلي بقصد الامر و أنها مصداق لمطلوب المولي

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 246

______________________________

تكون حراما لأنه تشريع نعم لو قلنا ان المستفاد من قاعدة الحل الحلية المطلقة بمعني ان المكلف لا يكون محروما فان المكلف محروم من الصلاة في غير المأكول فلا تكون حلالا كما أن المكلف محروم عن البيع الفاسد لفساده فلا يكون البيع الفاسد حلالا للمكلف، لكان هذا التقريب تاما لكن هذا المبني بمراحل من الواقع فان المستفاد من قاعدة الحل الحلية الظاهرية التكليفية و الا يلزم الالتزام بلوازم متعددة و تأسيس فقه جديد فان لازم هذا الكلام انه لو شك في فساد عقد من العقود يحكم بالصحة لعدم المحرومية فانه خلاف ظاهر الدليل و خلاف الاجماع و التسالم و لا اظن ان صاحب الحدائق بنفسه يلتزم بهذه اللوازم.

ثانيهما: انه قد تقرر في الاصول اجراء الاصل بالنسبة الي الاكثر فيما دار الامر بين الاقل و الاكثر بلا فرق بين أن يكونا غير ارتباطيين و بين ان يكونا مرطبتين و عليه فلو شك في أن الصلاة هل قيدت بقيد عدمي أم لا لا مانع من اجراء

حديث الرفع بلا فرق بين أن تكون الشبهة حكمية أو موضوعية فلاحظ.

فتحصل مما ذكرنا ان المستفاد من الادلة لو كان مانعية غير المأكول يجوز الصلاة في المشكوك اولا بجريان استصحاب عدم الحرمة و ثانيا: باستصحاب عدم كون اللباس مما لا يؤكل و ثالثا بالبراءة عن المانعية المشكوكة و لا فرق بين أن يكون المستفاد من الادلة ان مركز اعتبار المانعية اللباس أو المصلي أو الصلاة اذ بعد ما ثبت عدم كون الحيوان من غير المأكول تحصل النتيجة مطلقا بناء علي كون الموضوع في لسان الدليل محرم الاكل كما أن مقتضي استصحاب العدم الازلي اخراج اللباس من مورد المنع و مقتضي البراءة الحكمية جواز الصلاة في المشكوك علي كل تقدير أي أعم من أن يكون المنهي الصلاة في غير ما لا يؤكل أو المنهي الصلاة في اللباس الكذائي أو المنهي الصلاة مع كون المصلي لا بسا للباس كذائي

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 247

______________________________

و أيضا أعم من أن يكون المأخوذ في الموضوع الذوات الاولية أو الذات المعنونة بعنوان محرم الأكل فانه علي جميع هذه التقادير يشك في القيد العدمي و يدفع بالبراءة هذا كله علي تقدير كون المستفاد المانعية و أما لو كان المستفاد الشرطية فلو كان الشرط عبارة عن اشتراط الصلاة بوقوعها في اللباس الذي لا يكون من غير المأكول بنحو سلب الصفة.

و بعبارة اخري: لو استفيد من الدليل انه يشترط في الصلاة أن تكون في غير ما لا يؤكل اي في غير المحرم فانه باستصحاب عدم تعلق الحرمه يحرز أنه لا يكون من المحرم فبالاصل يحرز هذا العنوان و بضم الوجدان اليه يتم تمام الموضوع نعم لو كان المستفاد من الدليل اشتراط الصلاة بوقوعها في

محلل الاكل يشكل الامر اذ لو فرض كون الحيوان محلل الاكل قبل الشرع و ببركة الاستصحاب يحكم ببقاء الحلية يعارضه استصحاب عدم الجعل الزائد.

الا أن يقال: بأن الشبهة لو كانت حكمية يمكن التمسك بقوله تعالي: قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَليٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّٰا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً «1» بأن يقال: لو لم يكن الحيوان داخلا في العناوين المحرمة يثبت له الحلية بمقتضي الاية فاثبات الجواز يكون بالدليل اللفظي لا بالاصل العملي.

لكن هذا فيما يكون الشك في الحكم الكلي و أما لو كانت الشبهة موضوعية فلا مجال لهذا الاستدلال لأنه لا موضوع له كما هو ظاهر اذ المفروض ان الحكم الكلي ظاهر و الشك في المصداق فلا بد من احراز الشرط فافهم و اغتنم.

______________________________

(1) الانعام/ 145

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 248

[مسألة 28: لا بأس بالشمع و العسل و الحرير الممزوج و مثل البق و البرغوث و الزنبور و نحوها من الحيوانات التي لا لحم لها]

(مسألة 28): لا بأس بالشمع و العسل و الحرير الممزوج و مثل البق و البرغوث و الزنبور و نحوها من الحيوانات التي لا لحم لها (1) و كذا لا بأس بالصدف (2).

______________________________

(1) فان المقتضي لشمول المذكورات قاصر اذ الموثقة «1» التي هي العمدة في هذا الباب مدركا صرح فيها بما يكون من مأكول اللحم فلو لم يكن المنع ظاهرا في الحيوان الذي يكون ذا لحم فلا أقلّ من الاجمال و عدم الظهور في الاطلاق فتبقي الاطلاقات الاولية مصونة عن التقييد كما أن البراءة عند الشك محكمة فلاحظ.

مضافا الي السيرة العملية الخارجية بالنسبة الي المذكورات بلا نكير من أحد اضف الي ذلك كله بعض النصوص الواردة في الموارد الخاصة و منه ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن دم البراغيث يكون في الثوب هل يمنعه ذلك من الصلاة فيه؟

قال: لا و ان كثر فلا بأس أيضا بشبهه من الرعاف ينضحه و لا يغسله «2».

و منه ما رواه علي بن مهزيار «3» و القرمز علي ما في مجمع البحرين عصارة دود يوجد في آجامهم و هذه الرواية لا اعتبار بها سندا فان في احدي سنديها حسن بن علي بن مهزيار و هو لم يوثق و في الاخر ابراهيم بن مهزيار فانه لم يوثقه المتقدمون و انما مدحه و وثقه ابن طاوس و يفهم توثيقه من العلامة حيث حكم بصحة طريق الصدوق الي بحر السقاء.

(2) الامر كما أفاده و لا يستفاد من رواية علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

(2) الوسائل الباب 20 من أبواب النجاسات الحديث: 7

(3) لاحظ ص: 212

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 249

و لا بأس بفضلات الانسان كشعره و ريقه و لبنه و نحوها (1).

______________________________

الاول عليه السلام قال: لا يحل أكل الجري و لا السلحفاة و لا السرطان قال:

و سألته عن اللحم الذي يكون في أصداف البحر و الفرات أ يؤكل؟ قال: ذلك لحم الضفادع لا يحل أكله «1» خلافه فان هذه الرواية لا تدل علي أن الصدف بنفسه حيوان.

(1) لانصراف العنوان المأخوذ في دليل المنع عن الانسان فلا مقتضي للمنع في مقام الاثبات و الشك في الاطلاق كاف للأخذ بالاطلاقات الاولية كما ان الشك في التقييد يقتضي البراءة و لو اغمض عن هذا البيان فلا بد للحكم بالجواز من التمسك بالدليل و مما يستدل به عليه ما رواه علي بن الريان بن الصلت أنه سأل أبا الحسن الثالث عليه السلام عن الرجل يأخذ من شعره و أظفاره ثم يقوم الي الصلاة من غير أن ينفضه من ثوبه فقال:

لا بأس «2».

و قال كتبت الي أبي الحسن عليه السلام هل تجوز الصلاة في ثوب يكون فيه شعر من شعر الانسان و أظفاره من قبل أن ينفضه و يلقيه عنه؟ فوقع: يجوز «3»

و الرواية الاولي ضعيفة بضعف طريق الصدوق الي علي بما جيلويه و الرواية الثانية لا بأس بسندها و كذا بدلالتها.

و مما يستدل به ما رواه الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السلام سئل عن البصاق يصيب الثوب قال: لا بأس به «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب أطعمة المحرمة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 17 من أبواب النجاسات الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 250

و ان كانت واقعة علي المصلي من غيره (1) و كذا الشعر الموصول بالشعر المسمي بالشعر العارية سواء كان مأخوذا من الرجل أم من المرأة (2).

[مسألة 29: يستثني من الحكم المزبور جلد الخز]

(مسألة 29): يستثني من الحكم المزبور جلد الخز (3).

______________________________

و منه ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله أبي و أنا حاضر عن الرجل يسقط سنه فأخذ سن انسان ميت فيجعله مكانه؟ قال: لا بأس «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال الي غيرها من الروايات الواردة في الابواب المختلفة. لاحظ الباب 24 من أبواب قواطع الصلاة من الوسائل مضافا الي السيرة الخارجية فانه لا شبهة في جواز ان المصلي يصلي في ثوبه و فيه عرقه أو بصاقه و كذلك في لباس غيره اضف الي ذلك كله انه لو منع و التزم بهذا التقييد يلزم الحرج الشديد المنافي لكون الدين الاسلامي سهلة سمحة فلاحظ.

(1) و قد ظهر وجهه مما ذكرنا من النصوص و السيرة فلاحظ.

(2) لقصور

دليل المنع و السيرة الخارجية في الجملة الدالة علي الجواز فان حكم الامثال واحد.

(3) قال في الحدائق: «لا خلاف بين الاصحاب في جواز الصلاة في وبر الخز الخالص من مخالطة و بر الارنب و الثعالب و نحوهما مما لا تصح الصلاة فيه نقل الاجماع علي ذلك جماعة منهم المحقق و العلامة و ابن زهرة و الشهيد قدس أسرارهم و غيرهم الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و يستفاد من رواية عبد الرحمن بن الحجاج ان الخز دابة تمشي علي أربع و معروف بكونه كلب الماء قال سأل أبا عبد اللّه عليه السلام رجل و أنا عنده عن جلود

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب لباس المصلي الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 251

______________________________

الخز فقال: ليس بها بأس فقال الرجل: جعلت فداك انها علاجي (في بلادي) و انما هي كلاب تخرج من الماء فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا خرجت من الماء تعيش خارجة من الماء؟ فقال الرجل: لا قال: ليس به بأس «1».

و يدل علي المدعي من النصوص ما رواه سليمان بن جعفر الجعفري انه قال:

رأيت الرضا عليه السلام يصلي في جبة خز «2».

و ما رواه علي بن مهزيار قال: رأيت أبا جعفر الثاني عليه السلام يصلي الفريضة و غيرها في جبة خز طاروي و كساني جبة خز و ذكر أنها لبسها علي بدنه و صلي فيها و أمرني بالصلاة فيها «3».

و ما رواه زرارة قال: خرج أبو جعفر عليه السلام يصلي علي بعض أطفالهم و عليه جبة خز صفراء و مطرف خز أصفر «4».

و ما رواه معمر بن خلاد قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الصلاة في الخز فقال: صل فيه «5».

و

ما رواه اسماعيل بن علي عن أبيه أخي دعبل بن علي عن الرضا عليه السلام في حديث انه خلع علي دعبل قميصا من خز و قال له احتفظ بهذا القميص فقد صليت

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 252

و السنجاب (1).

______________________________

فيه الف ليلة كل ليلة ألف ركعة و ختمت فيه القرآن ألف ختمة «1» و ما رواه ابن أبي يعفور «2» و سند بعضها و ان كان ضعيفا لكن في المعتبر منها كفاية فلاحظ.

(1) السنجاب علي ما نقل عن مجمع البحرين حيوان علي حد اليربوع أكبر من الفارة شعره في غاية النعومة يتخذ من شعره الفراء يلبسه المتنعمون الي آخر كلامه.

و اختلفت الاقوال فيه فذهب جماعة الي الجواز بل نسب هذا القول الي الاكثر بل نقل عن الشيخ قدس سره عدم الخلاف فيه و ذهب جماعة الي عدم الجواز و أيضا نسب الي الاكثر بل نقل الاجماع عليه و ذهب بعض الي الكراهة و العمدة هي النصوص و تدل جملة منها علي الجواز منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الفراء و السمور و السنجاب و الثعالب و أشباهه قال:

لا بأس بالصلاة فيه «3».

و منها ما رواه أبو علي بن راشد قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما تقول في الفراء أي شي ء يصلي فيه؟ قال: اي الفراء؟ قلت: الفنك و السنجاب و السمور قال: فصل في الفنك و السنجاب فأما السمور فلا تصل فيه «4».

و

منه ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله عن أشياء منها الفراء

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب اعداد الفرائض الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب لباس المصلي الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب لباس المصلي الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 253

______________________________

و السنجاب فقال: لا بأس بالصلاة فيه «1».

و يدل عليه أيضا ما رواه علي بن أبي حمزة «2» و ما رواه مقاتل بن مقاتل قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة في السمور و السنجاب و الثعلب فقال: لا خير في ذا كله ما خلا السنجاب فانه دابة لا تأكل اللحم «3».

و ما رواه بشير بن بشار «4» و ما رواه يحيي بن أبي عمران «5» و ما رواه الوليد بن أبان قال: قلت للرضا عليه السلام: اصلي في الفنك و السنجاب؟

قال: نعم «6».

و يدل عليه أيضا ما رواه الحسن الفضل الطبرسي في مكارم الاخلاق قال:

و سئل الرضا عليه السلام عن جلود الثعالب و السنجاب و السمور فقال: قد رأيت السنجاب علي أبي و نهاني عن الثعالب و السمور «7».

فقد بان ان المقتضي للجواز تام و ما يمكن أن يقال في وجه المنع امور: منها:

ان روايات الجواز تعارض الموثقة «8» و الترجيح مع المانع لان العامة قائلون بالجواز.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 230

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 215

(5) لاحظ ص: 215

(6) الوسائل الباب 3 من أبواب لباس المصلي الحديث: 7

(7) الوسائل الباب 4 من أبواب لباس المصلي الحديث: 5

(8) لاحظ ص: 214

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 254

______________________________

و فيه: ان

دلالة الموثقة «1» بالاطلاق و العموم و مقتضي القاعدة تخصيص العام بالخاص و مجرد ذكر السنجاب في السؤال لا يخرج الجواب عن كونه عاما قابلا للتخصيص.

و منها: ان في نصوص الجواز ما لا يكون سنده نقيا. و فيه: أن في المعتبر منها كفاية. و منها: ان النص المعتبر من نصوص الجواز مشتمل علي ما لا يكون الصلاة فيه جائزا كالفنك.

و فيه: أن اشتمال الخبر المعتبر علي ما لا نقول به لا يقتضي رفع اليد عنه مطلقا و بعبارة اخري: في كل مورد تم المقتضي و عدم المانع نلتزم بالجواز و في المقام رواية رواها أبو حمزة قال سأل أبو خالد الكابلي علي بن الحسين عليه السلام عن أكل لحم السنجاب و الفنك و الصلاة فيهما فقال أبو خالد: ان السنجاب يأوي الاشجار فقال: ان كان له سلبة كسلبة السنور و الفار فلا يؤكل لحمه و لا تجوز الصلاة فيه ثم قال: أما أنا فلا آكله و لا احرمه «2».

ربما يقال: انها تعارض ما يدل علي الجواز و الرواية ضعيفة باشكيب.

بقي شي ء في المقام و هو ان مقتضي ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي عليه السلام قال: سألته عن لبس السمور و السنجاب و الفنك و القاقم قال: لا يلبس و لا يصلي فيه الا أن يكون ذكيا «3» عدم الجواز الا مع التذكية.

و قال في الحدائق: ان جمعا من الاصحاب صرحوا بأن القول بالجواز يتوقف علي تذكيته لأنه ذو نفس سائلة قطعا فاشتراط التذكية فيه علي القاعدة مضافا الي

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

(2) الوسائل الباب 41 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 2

(3) مستدرك الوسائل الباب 3 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين،

ج 4، ص: 255

و وبرهما (1) و في كون ما يسمي الان خزا هو الخز اشكال و ان كان الظاهر جواز الصلاة فيه و الاحتياط طريق النجاة (2) و أما السمور و القماقم و الفنك فلا تجوز الصلاة في أجزائها علي الاقوي (3).

______________________________

النص الخاص فلاحظ لكن في الرواية اشكال يأتي في السمور.

(1) لشمول دليل الاستثناء الوبر.

(2) يشكل ما أفاده من الجواز اذ مع الشك لا يجوز التمسك بدليل الجواز للشبهة المصداقية أو المفهومية فلا يجوز لإطلاق دليل المنع فلاحظ.

(3) ينبغي أن يتكلم في كل واحد من هذه المذكورات باستقلاله و حياله كي لا يختلط فيقع الكلام في ثلاثة فروع:

الاول: هل يجوز الصلاة في السمور و عن المصباح السمور كتنور دابة معروفة يتخذ من جلدها الفراء تكون في بلاد الترك و نقل ان الصيادين يصيدون الصغار فيخصون الذكر و يتركونه يرعي فاذا كان ايام الثلج خرجوا للصيد فما كان مخصيا استلقي علي قفاه فادركوه.

و المشهور- كما قيل- عدم الجواز و يقتضيه الموثق «1» و يدل علي عدم الجواز ما رواه أبو علي بن راشد «2» و ما رواه سعد بن سعد الاشعري عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن جلود السمور فقال: أي شي ء هو ذاك الأدبس؟

فقلت: هو الاسود فقال: يصيد؟ قلت: نعم يأخذ الدجاج و الحمام فقال: لا «3» لكن البرقي يطلق علي محمد بن خالد و وثاقته محل نقاش عندنا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 214

(2) لاحظ ص: 252

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 256

______________________________

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي الجواز منها: ما رواه الحلبي «1» و منها: ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن

عليه السلام عن لباس الفراء و السمور و الفنك و الثعالب و جميع الجلود قال: لا بأس بذلك «2».

و منها: ما رواه الريان بن الصلت قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن لبس الفراء و السمور و السنجاب و الحواصل و ما أشبهها و المناطق و الكيمخت و المحشو بالقز و الخفاف من أصناف الجلود فقال: لا بأس بهذا كله الا بالثعالب «3».

و في المقام رواية رواها علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال: سألته عن لبس السمور و السنجاب و الفنك فقال: لا يلبس و لا يصلي فيه الا أن يكون ذكيا «4» تفصل بين الذكي و ما لم يذك و لكن الرواية ساقطة سندا بعبد اللّه بن الحسن اذ انه لم يوثق.

و الجمع بين المتعارضين يقتضي الاخذ بما دل علي المنع اذ لم يصرح في رواية الجواز بجواز الصلاة في السمور و بعبارة اخري: لم يذكر في كلام الامام عليه السلام بل ذكر في كلام الراوي فيكون كلامه عليه السلام قابلا للتخصيص.

و ثانيا لو اغمض عن ذلك يكون ما دل علي المنع مخالفا للعامة و الرشد في خلافهم و ثالثا: ما دل علي المنع متأخر زمانا عما دل علي الجواز فان أبا علي بن راشد من أصحاب الجواد و الهادي عليهما السلام و الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن.

______________________________

(1) لاحظ ص: 252

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(3) عين المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 4 من أبواب لباس المصلي الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 257

______________________________

لكن مع ذلك لا يبعد أن يفصل بين الذكي و غير المذكي لرواية علي بن جعفر «1» فان مقتضاها التفصيل بين

المذكي منه و ما لم يذك كما أن الامر كذلك بالنسبة الي القماقم لكن سيد المستمسك أفاد في هذا المقام بأني لم اجد الخبر المذكور في كتاب الرجال و لذا يشكل الامر.

و ربما يقال: ان الامر اشتبه علي صاحب المستدرك فانه كيف يمكن أن يكون الحديث المذكور في كتاب المسائل و لم يلتفت اليه صاحب الوسائل و لم يجد الحكيم مع العناية و لم يذكره شيخ الحدائق و اللّه العالم.

الثاني: هل يجوز الصلاة في القماقم نقل انه أطول من الفارة و يأكل الفارة و لا مقتضي للجواز لو كان غير المأكول كما هو كذلك ظاهرا فلا اشكال في عدم الجواز لكن مقتضي ما رواه في المستدرك عن كتاب المسائل «2» الجواز مع التذكية.

و قد مر ما فيه مضافا الي ان القماقم لم تذكر في الحديث المروي عن قرب الاسناد «3».

الثالث: هل يجوز الصلاة في الفنك قيل: هو نوع من الثعلب فان مقتضي الموثقة «4» عدم الجواز لكن دل بعض النصوص علي الجواز بالنسبة اليه لاحظ خبري أبي علي بن راشد و علي بن يقطين «5» و أيضا يدل علي الجواز

______________________________

(1) لاحظ ص: 254

(2) لاحظ ص: 254

(3) لاحظ ص: 256

(4) لاحظ ص: 214

(5) لاحظ ص: 252 و 256

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 258

[الخامس: أن لا يكون من الذهب للرجال]
اشارة

الخامس: أن لا يكون من الذهب للرجال (1).

______________________________

ما رواه الوليد بن أبان «1» لكن السند ساقط بالوليد بن أبان اذانه لم يوثق.

و أيضا يدل علي الجواز ما رواه يحيي بن أبي عمران «2» لكن السند ساقط فان طريق الصدوق الي يحيي ابن أبي عمران ضعيف بمحمد بن علي ما جيلويه نعم في المعتبر من هذه النصوص كفاية و اعراض المشهور لا يسقط الخبر

المعتبر عن الحجية كما ذكرناه مرارا.

(1) هذا هو المعروف بين الاصحاب و يدل عليه ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: لا يلبس الرجل الذهب و لا يصلي فيه لأنه من لباس أهل الجنة «3».

و يؤيد المدعي خبر موسي بن أكيل النميري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الحديد انه حلية أهل النار و الذهب انه حلية أهل الجنة و جعل اللّه الذهب في الدنيا زينة النساء فحرم علي الرجال لبسه و الصلاة فيه «4».

و خبر جابر الجعفي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ليس علي النساء أذان الي أن قال: و يجوز للمرأة لبس الديباج و الحرير في غير صلاة و احرام و حرم ذلك علي الرجال الا في الجهاد و يجوز أن تتختم بالذهب و تصلي فيه و حرم ذلك علي الرجال الا في الجهاد «5».

و هاتان الروايتان لا اعتبار بهما سندا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 253

(2) لاحظ ص: 215

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب لباس المصلي الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 16 من أبواب لباس المصلي الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 259

و لو كان حليا كالخاتم (1) أما اذا كان مذهبا بالتمويه و الطلي علي نحو بعد عند العرف لونا فلا بأس (2) و يجوز ذلك كله للنساء (3) كما يجوز أيضا حمله للرجال كالساعة و الدنانير (4) نعم الظاهر عدم جواز مثل زنجير الساعة اذ كان ذهبا و معلقا برقبته أو بلباسه علي نحو

______________________________

و ربما يستدل علي المدعي بأن لباس الذهب حرام للرجل فلو كان ساترا تفسد الصلاة كما لو كان الساتر غصبا بتقريب: ان التلبس يتحد مع الصلاة اذ

التلبس شرط في الصلاة و حيث انه لا يجوز اجتماع الامر و النهي و يقع التعارض بين الدليلين يقدم جانب النهي فلا تكون الصلاة الواقعة في الساتر الذهب صحيحة و يكون تفصيلا بين ما يكون اللباس ساترا و بين ما لا يكون كذلك.

و يمكن أن يرد علي هذا الاستدلال بأن ما يكون داخلا في الصلاة الجزء العقلي و هو التقيد فما يكون حراما عبارة عن التلبس و هو خارج عن الصلاة و الذي يكون داخلا في الصلاة ليس حراما فلا يكون مركز الامر و النهي واحدا كي يتحقق هذا البيان و بهذا التقريب يمكن تصحيح الصلاة في الساتر الغصبي و اللّه العالم.

(1) للإطلاق فان الميزان صدق الصلاة في الذهب بلا فرق بين مصاديقه بل صرح بالحرمة في رواية جابر «1» فلاحظ.

(2) لعدم صدق موضوع الحرمة فلا وجه للبطلان.

(3) كما هو مقتضي القاعدة الاولية و عدم المقتضي للمنع اذ الدليل يختص بالرجال مضافا الي أنه نقل الاجماع علي الجواز بالاضافة الي النص الخاص.

(4) لعدم دليل علي المنع و مقتضي القاعدة الاولية الجواز.

______________________________

(1) لاحظ ص: 258

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 260

يصدق عليه عنوان اللبس عرفا (1).

[مسألة 30: إذا صلي في الذهب جاهلا أو ناسيا صحت صلاته]

(مسألة 30): اذا صلي في الذهب جاهلا أو ناسيا صحت صلاته (2).

[مسألة 31: لا يجوز للرجال لبس الذهب في غير الصلاة أيضا و فاعل ذلك آثم]

(مسألة 31): لا يجوز للرجال لبس الذهب في غير الصلاة أيضا و فاعل ذلك آثم (3) و الظاهر عدم حرمة التزين بالذهب فيما لا يصدق عليه اللبس مثل جعل مقدم الاسنان من الذهب (4) و أما شد الاسنان به أو جعل الاسنان الداخلة منه فلا بأس به بلا اشكال (5).

______________________________

(1) القضية بشرط المحمول ضرورية فانه لو صدق عنوان اللبس يكون حراما و مفسدا.

(2) لقاعدة لا تعاد فان مقتضاها عدم وجوب الاعادة اذا كان الجهل أو النسيان للموضوع و أما اذا كان بالنسبة الي الحكم فلا بد من التفصيل بين القصوري و التقصيري فلاحظ.

(3) للموثق المتقدم «1» مضافا الي الاجماع المدعي في المقام بل الحكم بنحو من الوضوح حتي قيل انه ضروري و يؤيد المدعي ما رواه جراح المدائني عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تجعل في يدك خاتما من ذهب «2» الي غيره من الروايات الواردة في الباب 30 من أبواب لباس المصلي من الوسائل فراجع.

(4) لعدم الدليل علي حرمته.

(5) و يدل عليه ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث

______________________________

(1) لاحظ ص: 258

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 261

[السادس: أن لا يكون من الحرير الخالص للرجال]
اشارة

السادس: أن لا يكون من الحرير الخالص للرجال (1).

______________________________

ان أسنانه استرخت فشدها بالذهب «1» و كتب سيدنا الاستاد في هامش العروة:

«بل لا بأس بتلبيس السن بالذهب».

و الظاهر ان الوجه في الجواز انه لا يصدق عليه اللبس فلا مقتضي للحرمة اذ مجرد التزيين بالذهب لا دليل علي حرمته و ان قوله في جملة من النصوص «فانه زينة أهل الجنة أو الآخرة» «2» لا يدل علي حرمة التزيين به بل غاية دلالته بعموم

العلة حرمة التختم بكل زينة اخروية.

مضافا الي أنه يمكن ارجاع الضمير الي التختم لا الي الذهب فلاحظ.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 261

(1) قال في المعتبر- علي ما في الحدائق-: و أما بطلان الصلاة فيه فهو مذهب علمائنا و وافقنا بعض الحنابلة» و قال في الحدائق: «لا خلاف بين الاصحاب في تحريم لبس الحرير المحض للرجال و بطلان الصلاة فيه»، و يدل عليه من النصوص ما رواه محمد بن عبد الجبار «3» و ما رواه أيضا قال: كتبت الي أبي محمد عليه السلام أسأله هل يصلي في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج فكتب عليه السلام: لا تحل الصلاة في حرير محض «4».

و يؤيد المدعي ما رواه اسماعيل بن سعد الاحوص في حديث قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام: هل يصلي الرجل في ثوب أبريسم؟ فقال:

لا «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1 و 4 و 5 و 6

(3) لاحظ ص: 220

(4) الوسائل الباب 14 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 11 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 262

و لا يجوز لبسه في غير الصلاة أيضا كالذهب (1).

______________________________

و في المقام رواية لابن بزيع قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة في الثوب الديباج فقال: ما لم يكن فيه التماثيل فلا بأس «1».

و يظهر منها المعارضة لكن المعارضة تتوقف علي أن يكون الديباج الحرير المحض و هذا اول الكلام و الذي يدل علي كونه غيره و ليس عينه

ما ورد في مكاتبة محمد بن عبد الجبار «2» من التقابل بينهما و في أقرب الموارد قال: «الديباج ثوب سداه و لحمته من الحرير» و عليه لا تعارض.

(1) نقل عليه عدم الخلاف- كما في الحدائق- و يدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يصلح لباس الحرير و الديباج فأما بيعهما فلا بأس «3».

و هذه الرواية قد عبر عنها صاحب الحدائق بالموثق و لكن الحق أنها مرسلة فان غير واحد ينطبق علي ثلاثة اشخاص و نحوها و يجوز عدم وثاقة جميعهم فلا اعتبار بالسند.

و منها: ما رواه أبو الجارود عن أبي جعفر أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال لعلي عليه السلام أني احب لك ما احب لنفسي و اكره لك ما اكره لنفسي فلا تختم بخاتم ذهب الي ان قال: و لا تلبس الحرير فيحرق اللّه جلدك يوم تلقاه «4».

و السند ساقط بضعف طريق الصدوق الي أبي الجارود و للرواية سند آخر لا بأس به ظاهرا.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) لاحظ ص: 261

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب لباس المصلي الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 11 من أبواب لباس المصلي الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 263

______________________________

و منها ما رواه يوسف بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالثوب أن يكون سداه وزره و علمه حريرا و انما كره الحرير المبهم للرجال «1».

و السند ساقط مضافا الي أن الدلالة ليست واضحة.

و منها: ما رواه أبو داود يوسف بن ابراهيم «2» و السند ساقط بأبي داود حيث انه لم يوثق مضافا الي أن دلالة الرواية ليست تامة.

و منها: ما رواه

اسماعيل بن الفضل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يصلح للرجل أن يلبس الحرير الا في الحرب «3».

و السند ساقط بعبد اللّه بن محمد بن عيسي.

و منها: ما رواه ابن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا يلبس الرجل الحرير و الديباج الا في الحرب «4».

و منها: ما رواه الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عليهما السلام أن عليا كان لا يري بلبس (بلباس) الحرير و الديباج في الحرب اذا لم يكن فيه التماثيل بأسا «5».

و لا يبعد أن يستفاد من هذه الرواية عدم الجواز في غير الحرب لكونه عليه السلام في مقام اعطاء الضابطة الكلية.

و منها: ما رواه ليث المرادي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كسا اسامة بن زيد حلة حرير فخرج فيها فقال: مهلا يا اسامة

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب لباس المصلي الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 264

نعم لا بأس به في الحرب (1) و الضرورة كالبرد و المرض (2).

______________________________

انما يلبسها من لا خلاق له فاسقمها بين نسائك «1».

و السند ساقط بأبي جميلة مفضل بن صالح و الظاهر أن التواتر لا يحصل بهذا المقدار لكن حديث حسين بن علوان لا بأس به سندا و كذلك لا بأس بحديث أبي الجارود.

(1) كما دل عليه ما رواه حسين بن علوان «2» لكن المستفاد من تلك الرواية انه يلزم أن لا يكون فيه تمثال فلاحظ و يعارض هذه الرواية ما رواه

سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن لباس الحرير و الديباج فقال: أما في الحرب فلا بأس به و ان كان فيه تماثيل «3».

فانه صرح في هذه الرواية بعدم البأس و ان كان فيه التمثال و في تلك الرواية قيد الجواز بعدم التمثال فيه و بعد التعارض يكون مقتضي القاعدة الاخذ بدليل المنع فانه مطلق.

(2) فانه لا شبهة في أن الضرورات تبيح المحذورات و يدل عليه قولهم عليهم السلام: ليس شي ء مما حرم اللّه الا و قد أهله لمن اضطر اليه و قولهم عليهم السلام:

كلما غلب اللّه عليه فاللّه أولي بالعذر و قوله صلي اللّه عليه و آله: رفع عن امتي الخطأ و النسيان و ما اكرهوا عليه و ما لا يطيقون «4» فلا يحرم عليه لبس الحرير عند الضرورة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2

(2) مر في ص: 263

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب لباس المصلي الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 6 و 7 و 8

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 265

حتي في الصلاة (1) كما لا بأس بحمله في حال الصلاة و غيرها (2) و كذا افتراشه و التغطي به و نحو ذلك مما لا يعد لبسا له (3) و لا بأس بكف الثوب

______________________________

(1) لا ملازمة بين الجوازين و المتبع الادلة الواردة في المقام فانه لو دعت الضرورة الي لبس الحرير و كانت الضرورة مستوعبة للوقت فمن حيث ان الصلاة لا تسقط بحال تجب الصلاة و تصح و أما في حال الحرب فلا وجه للصحة اذ الجواز المستفاد تكليفي و عدم القول بالفصل لا يرجع الي محصل كما أن دعوي انصراف دليل المانعية الي خصوص لبس المحرم

بلا وجه و أضعف منه الانصراف عن حال الحرب و أما الاطلاق المقامي الذي تعرض له في المستمسك بتقريب ان دليل الجواز تكليفا يدل بالاطلاق المقامي علي الجواز الوضعي حيث لم يتعرض لوجوب النزع مع انه مما يغفل عنه، غير سديد اذ المفروض ان كل واحد من التكليف و الوضع قد دل عليه الدليل و لا بد من الاتباع و الدليل علي أنه ليس مغفولا عنه أنه وقع مورد البحث.

(2) فان الجواز علي القاعدة فانه ليس مما لا يؤكل لحمه لعدم كونه ذا لحم و علي فرض كونه ذا لحم لا بأس بالمحمول منه اذ يتصور الظرفية للحرير فالمنع يتوقف علي عنوانها لكن المستفاد من النص المنع و لو مع عدم صدق الظرفية.

(3) لعدم المقتضي و للنص علي الجواز في حديث علي بن جعفر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الفراش الحرير و مثله من الديباج و المصلي الحرير هل يصلح للرجل النوم عليه و التكئة و الصلاة؟ قال: يفترشه و يقوم عليه و لا يسجد عليه «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 266

به (1) و الاحوط أن لا يزيد علي أربع اصابع (2) كما لا بأس بالازرار منه و السفائف (و القياطين) و ان تعددت و كثرت (3).

______________________________

(1) المستفاد من الكلمات انه موضع خلاف بين الاصحاب فالعمدة النص و المستفاد منه ان الممنوع الحرير المحض و لا يبعد أن يقال: ان المكفوف بالحرير لا يصدق عليه الحرير المحض فان المحوضة تنتفي بالالتحام و الخلط.

(2) ليس عليه دليل ظاهر نعم نقل عن عمر أنه نقل عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و مثله من

حيث المضمون ما أرسله العلامة عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: نهي النبي صلي اللّه عليه و آله عن الحرير الا موضع اصبعين أو ثلاث أو أربع «1».

و الرواية ساقطة عن الاعتبار سندا مضافا الي أنه يلزم جواز التلبس به مستقلا اذا لم يكن أزيد من هذا المقدار و هو خلاف ما استفيد من النصوص الدالة علي المنع عن لبس الحرير المحض.

بقي شي ء و هو انه يستفاد من حديث جراح المدائني عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه كان يكره أن يلبس القميص المكفوف بالديباج و يكره لباس الحرير و لباس الوشي (القسي) و يكره المبثرة الحمراء فانه مبثرة ابليس «2».

لكن السند مخدوش بمحمد بن خالد و جراح لكن مع ذلك في النفس شي ء فان الممنوع وقوع الصلاة في الحرير المحض و لا يبعد صدق هذا المفهوم في المكفوف بالحرير المحض فان صدق الظرفية لا يتوقف علي كون الظرف مستقلا في الظرفية.

(3) لأنه لا يصدق لبس الحرير المحض لكن مقتضي موثق عمار بن موسي

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 15 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب لباس المصلي الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 267

و أما ما لا تتم فيه الصلاة من اللباس فالاحوط وجوبا تركه (1)

[مسألة 32: لا يجوز جعل البطانة من الحرير و إن كانت الي النصف]

(مسألة 32): لا يجوز جعل البطانة من الحرير و ان كانت الي النصف (2).

______________________________

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال و عن الثوب يكون علمه ديباجا قال: لا يصلي فيه «1» المنع عن الصلاة في الثوب الذي يكون علمه ديباجا و يعارضه رواية محمد بن اسماعيل بن بزيع «2» و الثانية ترجح لكونها أحدث زمانا.

و لا يخفي انه لو قلنا بحرمة لبس الحرير

في غير حال الصلاة لا وجه للقول بالجواز في الموارد المستثناة اذ دليل الاستثناء ناظر الي حال الصلاة و من الظاهر انه لا ملازمة بين الامرين جوازا و منعا كما تقدم الا أن يقال: بأن العرف يفهم من قوله عليه السلام: «لا بأس» الجواز التكليفي أيضا لكنه مشكل فلاحظ.

(1) للإطلاق بل التصريح في رواية محمد بن عبد الجبار «3» و أما ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل ما لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس بالصلاة فيه مثل التكة الإبريسم و القلنسوة و الخف و الزنار يكون في السراويل و يصلي فيه «4» فمن حيث السند ساقط باحمد بن هلال فان الشيخ ضعفه فعلي فرض كون كلام النجاشي توثيقا اياه يكون معارضا بجرح الشيخ راجع رجال سيدنا الاستاد في هذا المقام.

(2) لصدق الصلاة في الحرير المحض فتكون باطلة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) لاحظ ص: 262

(3) لاحظ ص: 261

(4) الوسائل الباب 14 من أبواب لباس المصلي الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 268

[مسألة 33: لا بأس بالحرير الممتزج بالقطن أو الصوف أو عيرهما مما يجوز لبسه في الصلاة]

(مسألة 33): لا بأس بالحرير الممتزج بالقطن أو الصوف أو عيرهما مما يجوز لبسه في الصلاة لكن بشرط أن يكون الخلط بحيث يخرج اللباس به عن صدق الحرير الخالص فلا يكفي الخلط بالمقدار اليسير المستهلك عرفا (1).

[مسألة 34: إذا شك في كون اللباس حريرا أو غيره جاز لبسه]

(مسألة 34): اذا شك في كون اللباس حريرا أو غيره جاز لبسه (2) و كذا اذا شك في أنه حرير خالص أو ممتزج (3).

[مسألة 35: يجوز للولي إلباس الصبي الحرير أو الذهب]

(مسألة 35): يجوز للولي الباس الصبي الحرير أو الذهب (4) و لكن لا تصح صلاة الصبي فيه (5).

[الفصل الثالث ما يعتبر في لباس المصلي]
اشارة

الفصل الثالث:

اذا لم يجد المصلي لباسا يلبسه في الصلاة فان وجد ساترا غيره

______________________________

(1) و الوجه فيه ظاهر لعدم صدق موضوع الحرير.

(2) لأصالة البراءة عن المانعية بل لا مانع من جريان الاستصحاب في الموضوع و ما في كلام السيد الحكيم قدس سره من كون الحريرية امر ذاتي فلا يجري فيه الاصل لا يرجع الا محصل صحيح اذ المفروض ان المنع ناش من الوجود الخارجي و يصح أن يقال: هذا الشي ء الموجود قبل وجوده لم يكن حريرا موجودا و الان كما كان.

(3) لعين الملاك فلاحظ.

(4) الوجه في الجواز عدم الدليل علي الحرمة فان مقتضي اصالة الحلية الجواز.

(5) فان مقتضي الاطلاق الفساد و الانصراف لا وجه له فلاحظ و لا ملازمة

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 269

كالحشيش و ورق الشجر و الطين و نحوها تستر به و صلي صلاة المختار (1) و ان لم يجد ذلك أيضا فان أمن الناظر المحترم صلي قائما موميا الي الركوع و السجود (2).

______________________________

بين الجوازين.

(1) ما أفاده علي القاعدة اذ لا يبعد أن تكون هذه الامور من مصاديق الساتر بحيث تكون في عرض بقية ما يستتر به فيجوز الستر بها حتي في حال الاختيار و يدل علي المدعي ما رواه علي بن جعفر «1».

و أيضا يدل عليه ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل خرج من سفينة عريانا أو سلب ثيابه و لم يجد شيئا يصلي فيه فقال: يصلي إيماء الحديث «2» فلاحظ.

(2) لا يخفي انه وردت في المقام نصوص و لا بد من ملاحظتها و أخذ النتيجة منها فان المستفاد من رواية

علي بن جعفر «3» أن العاري يصلي قائما و يومي للركوع و السجود أعم من أن يكون هناك ناظر أم لا.

و المستفاد من رواية زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل خرج من سفينة عريانا أو سلب ثيابه و لم يجد شيئا يصلي فيه فقال: يصلي إيماء و ان كانت امرأة جعلت يدها علي فرجها و ان كان رجلا وضع يده علي سوأته ثم يجلسان فيؤميان إيماء و لا يسجد ان و لا يركعان فيبدو ما خلفهما تكون صلاتهما ايماء برءوسهما قال: و ان كانا في ماء أو بحر لجي لم يسجدا عليه و موضوع عنهما التوجه

______________________________

(1) لاحظ ص: 192

(2) الوسائل الباب 50 من أبواب لباس المصلي الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 192

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 270

______________________________

فيه يؤميان في ذلك إيماء رفعهما توجه و وضعهما «1»، انه يصلي جالسا.

لكن لا يبعد أن يستفاد منها ان الجلوس مقدمة للركوع و السجود بأن نقول:

ان المستفاد من الرواية ان المصلي العاري يصلي قائما و يضع يده علي فرجه ثم يجلس و يؤمي للركوع و السجود.

و أما بقية النصوص فمنها ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال:

و ان كان معه سيف و ليس معه ثوب فليتقلد السيف و يصلي قائما «2».

و هذه الرواية متحده مع رواية ابن جعفر من حيث المضمون. و منها ما رواه ابن مسكان عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يخرج عريانا فتدركه الصلاة قال: يصلي عريانا قائما ان لم يره أحد فان رآه أحد صلي جالسا «3».

و قد فصل فيه بين وجود الناظر و عدمه و لا يترتب عليه أثر لأنه مرسل.

و منها: ما

رواه أيوب بن نوح عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام:

قال: العاري الذي ليس له ثوب اذا وجد حفيرة دخلها و يسجد فيها و يركع «4».

و الكلام فيه هو الكلام في سابقه و مثله مرسل الفقيه «5».

و منها: ما رواه عبد اللّه مسكان عن أبي جعفر عليه السلام في رجل عريان ليس

______________________________

(1) الوسائل الباب 50 من أبواب لباس المصلي الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 271

و الاحوط له وضع يديه علي سوأته (1) و ان لم يأمن الناظر المحترم صلي جالسا مؤميا الي الركوع و السجود (2) و الاحوط أن يجعل ايماء

______________________________

معه ثوب قال: اذا كان حيث لا يراه أحد فليصل قائما «1».

و قد فصل فيه بين الرؤية و عدمها و قد نوقش في السند بأن رواية ابن مسكان من حيث الطبقة عن أبي جعفر بعيد. لكن هذا الاشكال مردود بأنه ما دام لم يقطع بالخلاف و بعبارة اخري: ما دام يحتمل تطابق الظاهر للواقع يؤخذ بالخبر علي حسب الموازين و نحن نحتمل وجدانا ان ابن مسكان لقي أبا جعفر و سمع الحديث منه فلا وجه لرفع اليد عنها فلا تصل النوبة الي القول بأنه من أصحاب الاجماع و أن الخبر معمول به عند المشهور كي يرد عليه ما اوردناه في محله.

لكن مع ذلك يكون العمل بالرواية مشكلا اذ محمد بن خالد البرقي واقع في الطريق و النجاشي ضعفه فلا يمكن الاعتماد عليها.

و عليه نقول: لو قلنا بأن حديث ابن مسكان معتبر و لا بد من العمل به فمقتضي القاعدة تقييد كل من حديثي ابن جعفر و

زرارة بحديث ابن مسكان و تكون النتيجة أن نقول: بأنه اذا كان بحيث لا يراه أحد يصلي قائما و يؤمي للركوع و السجود و ان كان بحيث يراه أحد يصلي جالسا بأن يقوم و يضع يده علي فرجه و يجلس للركوع و السجود و أما لو قلنا بأن خبر ابن مسكان لا اعتبار به يكون مقتضي القاعدة ترجيح رواية ابن جعفر حيث انها احدث.

(1) لدلالة رواية زرارة عليه و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(2) الظاهر انه لا دليل عليه فان مقتضي خبر ابن جعفر عدم الفرق بين الصورتين كما مر.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 272

السجود أخفض من ايماء الركوع (1).

[مسألة 36: إذا انحصر الساتر بالمغصوب أو الذهب أو الحرير أو ما لا يؤكل لحمه أو النجس]

(مسألة 36): اذا انحصر الساتر بالمغصوب أو الذهب أو الحرير أو ما لا يؤكل لحمه أو النجس فان اضطر الي لبسه صحت صلاته فيه (2 و ان لم يضطر صلي عاريا في الاربعة الاول (3).

______________________________

(1) لاحظ خبر أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام أنه قال: من غرقت ثيابه فلا ينبغي له أن يصلي حتي يخاف ذهاب الوقت يبتغي ثيابا فان لم يجد صلي عريانا جالسا يؤمي إيماء يجعل سجوده أخفض من ركوعه فان كانوا جماعة تباعدوا في المجالس ثم صلوا كذلك فرادي «1».

و الخبر ضعيف بأبي البختري و الاحتياط طريق النجاة.

(2) اذ المفروض انه معذور في لبسها و لا بد منه و الصلاة لا تسقط بحال فتسقط المانعية كبقية الموارد و هذا ظاهر و لا وجه لا شكال سيد المستمسك قدس سره في المقام بأنه لا وجه لسقوط المانعية فانه يرد عليه ان المانعية انما تسقط بلحاظ أن الصلاة لا تترك بحال فلاحظ.

(3) و الوجه فيه ان

الستر في الصلاة متوقف علي التمكن منه و مع حرمة الستر لا يتمكن المكلف منه فان الممنوع شرعا كالممتنع عقلا.

ان قلت: يمكن قلب الدليل بأن نقول: ان حرمة لبس الحرير مثلا أيضا مشروطة بعدم الاضطرار إلي اللبس و هو متوقف علي عدم وجوب الستر فلا تصلح حرمته للمانعية اذ لا حرمة علي تقدير وجوبه فلا بد من رعاية ما هو الاهم من حيث الملاك و اثبات الأهمية في جانب حرمة اللبس يحتاج الي الدليل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 52 من أبواب لباس المصلي

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 273

______________________________

قلت: أولا: ان حرمة اللبس لا تتوقف علي عدم الضرورة بل مطلقة و الضرورة رافعة للحرمة لكن وجوب الستر يتوقف علي القدرة و الحرمة ترفع القدرة فلا يعقل أن يكون وجوب الستر محققا للضرورة الرافعة للحرمة الا علي النحو الدوري.

و ملخص الكلام: انه لا شبهة في أن الامر بالتستر يتوقف علي عدم حرمة اللبس و أما دليل الحرمة فهو مطلق. و ان شئت قلت: التوقف من جانب واحد.

و بتعبير آخر: نقول: تحقق التزاحم بين الدليلين يتوقف علي شمول كل من الدليلين للمورد و المفروض عدم شمولهما اذ دليل الحرمة بنظر العرف يصلح لان يكون قرينة للمراد من دليل وجوب الستر مضافا الي ان موضوع وجوب صلاة العاري من لم يجد ساترا و عدم الوجدان تارة بالتكوين و اخري بالتشريع فلاحظ.

و لكن لا يخفي ان ما ذكرناه انما يتم بالنسبة الي الثلاثة الاول و أما الرابعة فلا الا علي القول بحرمة لبس غير المأكول مطلقا فربما يقال: بأن المقام يدخل في باب التزاحم اذ يتردد الامر بين الصلاة في غير المأكول مثلا و الصلاة عاريا فلا بد من اجراء قانون التزاحم

من تقديم معلوم الاهمية أو محتملها أو التخيير الي آخر أحكام ذلك الباب.

و الحق أن يقال: ان دوران الامر بين الاجزاء و الشرائط للصلاة لا يكون من صغريات باب التزاحم اذ معني التزاحم التمانع في مقام الامتثال بعد تمامية الجعل من قبل المولي.

و بعبارة اخري: لو كان التنافي في مقام الجعل و العلم بعدم تحقق الجعل المتعدد من قبل الشارع يكون التنافي و التعاند من باب المعارضة و أما لو كان الجعل معلوما من قبله تعالي و كان التعاند في مقام الامتثال يدخل في باب التزاحم فنقول:

علي مبني هذا الامر لا يكون الدوران المفروض في باب الصلاة داخلا في باب

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 274

______________________________

التزاحم اذ الاوامر المتعلقة بالاجزاء و الشرائط الصلاتية أوامر ارشادية لا مولوية و لذا لا فرق بين قدرة المكلف و عدمها.

ان قلت: كيف يمكن الالتزام بكون الامر الضمني أمرا إرشاديا و الحال انه لا شبهة في أن الامر بالمركب ينحل الي الامر بالاجزاء و كل جزء منه له نصيب من الامر النفسي اذ المركب ليس الا الاجزاء.

قلت: ما ذكرته صحيح لكن لا يعقل فرض التزاحم بين الامر المتعلق بجزء مع المتعلق بجزء آخر اذ المفروض ان المركب ارتباطي و كل جزء منه يرتبط بالجزء الاخر.

و ان شئت قلت: ان متعلق كل أمر مشروط بالجزء الاخر فلا يعقل التزاحم و التدافع فادخال هذه المسألة في باب التزاحم لا وجه له فالدوران في باب الصلاة يكون من باب التعارض.

بتقريب: انه لو تعذر جزء أو شرط من الصلاة يكون مقتضي القاعدة الاولية سقوط وجوبها لكن حيث علم بالإجماع و الضرورة القطعية عدم سقوط وجوبها نعلم بوجوب الاتيان بالمقدار الممكن و الميسور فلو كان الجزء

المتعذر متعينا يسقط التكليف بالنسبة اليه و يبقي بالنسبة الي الباقي و أما لو تردد بين أمرين كما لو دار الامر بين رفع اليد عن السورة و بين رفع اليد عن التشهد- مثلا- يكون مقتضي دليل كل منهما وجوبه فتارة يكون كل واحد من الدليلين مهملا في مقام الاثبات و اخري لا يكون كذلك و علي الثاني فاما يكون احدهما مطلقا و الاخر مهملا و اما يكون كلاهما مطلقين و علي الثاني فاما يكون الاطلاق في كل منهما بدليل الحكمة و اما يكون كل من الدليلين بالعموم الوضعي و اما يكون احدهما بالحكمة و الاخر بالوضع أما لو كان كل من الدليلين مهملا في مقام الاثبات كما لو كان المدرك اجماعا في كل من الامرين تصل النوبة الي الاصل العملي و مقتضي البراءة عدم

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 275

و أما في النجس فالاحوط الجمع بين الصلاة فيه و الصلاة عاريا و ان كان الاظهر الاجتزاء بالصلاة فيه كما سبق في أحكام النجاسات (1).

______________________________

تعين احدهما و تكون النتيجة التخيير و أما لو كان احدهما مطلقا و الاخر مهملا يؤخذ بالمطلق و ان كان كل منهما بالاطلاق بدليل الحكمة فلو قلنا بأن النتيجة التساقط يرجع الي الاصل أيضا و لو قلنا بأنه يقع التعارض بين الاطلاقين فلا بد من اعمال قانون التعارض.

و أما لو كان أحدهما بالوضع و الاخر بالاطلاق يقدم ما بالوضع لأنه يصلح أن يكون بيانا لما يكون بالاطلاق و ان كان كلاهما بالوضع يقع التعارض بينهما و لا بد من اعمال قواعد المعارضة من التخيير علي بعض المسالك أو الترجيح لو كان ترجيح في البين أو التساقط كما هو الحق.

هذا هو الميزان الكلي في

هذا المقام و أما في هذه الفروع التي تعرض لها الماتن و أفاد بأن الواجب أن يصلي عاريا فيمكن أن يقال في وجهه أن المذكور في جملة من النصوص «1» ترتب الصلاة عاريا علي عدم وجدان الساتر و حيث انه علم من الدليل الشرعي مانعية غير المأكول مثلا و يترتب عليه ان وجود الساتر الممنوع كعدمه فطبعا تصل النوبة الي البدل و هو أن يصلي عريانا.

و ان شئت قلت: انه استفيد من الادلة الاولية ان الصلاة تفسد فيما لا يؤكل لحمه- مثلا- و مقتضي اطلاق دليل المانع عدم الفرق بين وجود ساتر غيره و بين عدمه فيكون معني قوله عليه السلام: «ان لم يجد ساترا يصلي عاريا» أن المصلي لو لم يجد ساترا شرعيا يصلي عاريا و من الظاهر ان غير المأكول لا يكون ساترا شرعا فلا بد من التنزل الي البدل و قس عليه غيره من الموانع.

(1) و قد تقدم شرح كلام الماتن فراجع و الاحتياط طريق النجاة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 192 و 369

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 276

[مسألة 37: الأحوط لزوما تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر و احتمل وجوده في آخر الوقت]

(مسألة 37): الاحوط لزوما تأخير الصلاة عن أول الوقت اذا لم يكن عنده ساتر و احتمل وجوده في آخر الوقت (1) و اذا يئس و صلي في أول الوقت صلاته الاضطرارية بدون ساتر فان استمر العذر الي آخر الوقت صحت صلاته و ان لم يستمر لم تصح (2).

[مسألة 38: إذا كان عنده ثوبان يعلم إجمالا أن أحدهما مغصوب أو حرير و الآخر مما تصح الصلاة فيه]

(مسألة 38): اذا كان عنده ثوبان يعلم اجمالا أن احدهما مغصوب أو حرير و الاخر مما تصح الصلاة فيه لا يجوز الصلاة في واحد منهما بل يصلي عاريا (3) و ان علم أن احدهما من غير المأكول

______________________________

(1) هذا من صغريات مسألة جواز البدار لذوي الاعذار و عدمه و الظاهر انه ليس في المقام نص الا ما رواه أبو البختري «1» و الرواية ضعيفة سندا بأبي البختري و دلالة الرواية علي الوجوب محل الاشكال فان لفظ ينبغي لا يدل الا علي مجرد الرجحان و أما من حيث القاعدة فالظاهر انه لا مانع من البدار فان استصحاب بقاء العذر الي آخر الوقت بالاستصحاب الاستقبالي يقتضي جواز البدار فلو انكشف الخلاف لا بد من الاعادة لعدم الاجزاء نعم التأخير موافق للاحتياط فان الاقوال مختلفة في المسألة و الاولي أن يأتي في أول الوقت رجاء و يترصد فلو انكشف انقطاع العذر يأتي بما هو وظيفة المختار.

(2) كما هو ظاهر فان الامر تعلق بالطبيعة بين المبدأ و المنتهي و المفروض تمكن المكلف من الاتيان بصلاة المختار و الاجزاء لا دليل عليه.

(3) اذ العلم الإجمالي منجز عند القوم بالنسبة الي جميع الاطراف للواقع فلا يمكن التصرف في أطرافه فليس له الا الصلاة عاريا و بعبارة اخري: يصدق انه

______________________________

(1) لاحظ ص: 272

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 277

و الاخر من المأكول أو أن احدهما نجس

و الاخر طاهر صلي صلاتين في كل منهما صلاة (1).

[المقصد الرابع: مكان المصلي]

اشارة

المقصد الرابع:

مكان المصلي

[مسألة 39: لا تجوز الصلاة فريضة أو نافلة في مكان يكون المسجد فيه مغصوبا]

(مسألة 39): لا تجوز الصلاة فريضة أو نافلة في مكان يكون المسجد فيه مغصوبا (2).

______________________________

لم يجد ما يستر به عورته.

(1) فانه مقتضي تنجز العلم الإجمالي.

(2) قد حكي الاجماع عليه لكن كيف يمكن تحصيل الاجماع علي مثله كما أنه لا مجال للاستدلال بحديث وصية أمير المؤمنين عليه السلام قال: يا كميل انظر في ما تصلي و علي ما تصلي ان لم يكن من وجهه و حله فلا قبول «1». فانه قد مر في بحث لباس المصلي و قلنا بأنه ضعيف سندا.

و في المستدرك الباب 4 من أبواب الانفال الحديث: 3 عن عوالي اللئالي ما أرسله عن الصادق عليه السلام بل نبيح لهم المساكن لتصح عباداتهم و نبيح لهم المناكح لتطيب ولادتهم و نبيح لهم المتاجر ليزكو أموالهم.

و عدم اعتبار الرواية أوضح من أن يخفي فالعمدة في المقام ما حقق في بحث الاجتماع في الاصول من امتناع الاجتماع و أن مبغوض المولي لا يمكن أن يتقرب به فهذا شرط من ناحية العقل لا من ناحية الشرع هذا بحسب الكبري فالبحث

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب مكان المصلي الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 278

______________________________

في المقام من حيث الصغري بأن نري أن الاجزاء الصلاتية هل تكون متحدة مع الغصب أم لا؟

ربما يقال: باستحالة اتحاد الصلاة مع الغصب بدعوي: ان الصلاة من مقولة و الغصب من مقولة اخري و قد حقق في الفلسفة باستحالة اتحاد مقولة مع مقولة اخري فان المقولات متباينات.

لكن الامر ليس كذلك فان الغصب ليس من المقولات بل أمر انتزاعي ينتزع من المقولات المتعددة فقد ينتزع من الكون في المكان الذي يكون من مقولة الاين و اخري ينتزع من أكل مال الغير الذي

يكون من مقولة اخري و عليه لا يمكن أن يكون الغصب من الامور المتأصلة الخارجية في قبال المقولات و الا يلزم تفصل شي ء واحد بفصلين في عرض واحد و اندراجه تحت نوعين و هذا من الاباطيل الواضحة فلا يكون الغصب أمرا متأصلا خارجيا بل أمر انتزاعي فلا مانع من أن يكون مصداقه في بعض الاعيان من مقولة و اخري يكون من مقولة اخري و أما الصلاة فلا تكون مقولة برأسها في قبال المقولات فان المقولات محصورة في محدودة خاصة و لا تكون الصلاة داخلة تحت مقولة مخصوصة كما هو ظاهر بل الصلاة مركبة من مقولات متعددة و هي الكيف النفساني و الكيف المسموع و الوضع و هكذا فعليه لا مانع ثبوتا من اتحاد الصلاة مع الغصب اذ ثبت ان الصلاة مركبة من المقولات و ثبت ان الغصب أمر انتزاعي من المقولات المختلفة فلا مانع من أن يكون منشأ انتزاع الغصب هي المقولة التي تكون الصلاة مركبة منها.

اذا عرفت امكان الاتحاد فلا بد من أن نلاحظ و نري انه هل يكون حد مشترك بين الامرين و هل يلتقي احدهما بالاخر في المطاف أم لا؟ فنقول: ان الصلاة مركبة من عدة مقولات منها النية و هي الكيف النفساني و لا شبهة في أنه لا يكون من مصاديق

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 279

______________________________

الغصب و منها التكبيرة و القراءة و الاذكار و هي من مقولة الكيف المسموع و هي أيضا لا تكون من الغصب المحرم اذ الغصب عبارة عن التصرف في مال الغير و القراءة و ان كانت تموج الهواء و تكون نوع تصرف في مال الغير لكن لا تكون تصرفا عرفيا.

و منها القيام و الركوع و السجود و

القعود و انها أيضا لا تكون داخلة تحت عنوان الغصب اذان المذكورات هيئات خاصة عارضة علي المصلي و تكون من مقولة الوضع فان هيئة القيام ليست تصرفا في مال الغير بل التصرف هو اشغال الفضاء و مقدار من الارض.

ان قلت: ان الركوع و كذلك غيره مما ذكر فعل من افعال المصلي و الفعل تصرف في مال الغير فيكون حراما.

قلت: لا كلية في الكبري فان كلما صدر عن الشخص و يسمي فعلا اختياريا له لا يكون تصرفا خارجيا و لذا قلنا بأن النية لا تكون داخلة في الغصب و الحال انه لا شبهة في أنها من أفعال المكلف.

ان قلت: انه لا شبهة في أن الهوي الي الركوع و السجود و كذلك النهوض الي القيام تصرف في مال الغير فيكون غصبا فثبت الاتحاد.

قلت: ان الامر و ان كان كذلك لكن كونها جزءا من الصلاة اول الكلام بل انها مقدمة للواجب.

ان قلت: انه لا يكفي في القيام مجرد الهيئة بحيث لو كان الشخص معلقا في الهواء يكون كافيا بل لا بد من كونه علي الارض فيكون متصرفا في مقامه و يكون حراما لأنه غصب.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 280

عينا أو منفعة أو لتعلق حق أحد به كحق الرهن (1) و لا فرق في ذلك بين العالم بالغصب و الجاهل به علي الاظهر (2) نعم اذا كان معتقدا عدم الغصب أو كان ناسيا له و لم يكن هو الغاصب صحت صلاته (3) و كذلك تصح صلاة من كان مضطرا أو مكرها علي التصرف في المغصوب كالمحبوس بغير حق (4) و الاظهر صحة الصلاة في المكان الذي يحرم المكث فيه لضرر علي النفس

______________________________

قلت: سلمنا لكن هذا أخص من المدعي فانه

لو فرض عدم القيام وحده غصبا يرتفع هذا الاشكال فتأمل مضافا الي أنه لا يشترط في القيام الاعتماد بل مجرد المماسة مع الارض كاف فلو فرض ان التماس لم يكن مع ملك الغير بأن الارض المغصوبة مفروشة بفرش مباح لا يتوجه الاشكال.

فاتضح انه لا تلافي بين الامرين و التركيب انضمامي نعم يشكل الامر في السجدة فانه لو قلنا بأنه يعتبر فيها الاعتماد علي الارض و لا يكفي مجرد المماسة يتوجه اشكال الاتحاد فيتم ما افاده الماتن.

(1) اذ كلها مصداق للغصب.

(2) اذ مع الجهل الحكم الواقعي فعلي و محفوظ و لا يمكن أن المبغوض يكون مصداقا للعبادة فلا فرق بين الجاهل و العالم.

(3) اذ مع النسيان أو اعتقاد عدم الغصب لم يكن النهي فعليا فلا يصدر الفعل مبغوضا من المكلف فتصح الصلاة نعم اذا كان هو الغاصب يكون الفعل الصادر منه مبغوضا لكونه مقصرا في مقدماته و الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار و في شمول حديث لا تعاد للمقصر اشكال.

(4) اذ المفروض عدم صدور الفعل عنه حراما فلا يكون مانعا عن الصحة.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 281

أو البدن لحر أو برد أو نحو ذلك و كذلك المكان الذي فيه لعب قمار أو نحوه (1) كما أن الاظهر صحة الصلاة فيما اذا وقعت تحت سقف مغصوب أو خيمة مغصوبة (2).

[مسألة 40: إذا اعتقد غصب المكان فصلي فيه بطلت صلاته]

(مسألة 40): اذا اعتقد غصب المكان فصلي فيه بطلت صلاته (3) و ان انكشف الخلاف (4).

[مسألة 41: لا يجوز لأحد الشركاء الصلاة في الأرض المشتركة إلا بإذن بقية الشركاء]

(مسألة 41): لا يجوز لأحد الشركاء الصلاة في الارض المشتركة الا باذن بقية الشركاء (5) كما لا تجوز الصلاة في الارض المجهولة المالك الا باذن الحاكم الشرعي (6).

[مسألة 42: إذا سبق واحد إلي مكان في المسجد فغصبه منه غاصب فصلي فيه]

(مسألة 42): اذا سبق واحد الي مكان في المسجد فغصبه منه غاصب فصلي فيه ففي صحة صلاته اشكال (7).

______________________________

(1) لعدم التركيب اتحاديا فلا يكون متعلق الامر متحدا مع متعلق النهي فلا تنافي بين حرمة الكون في الدار و صحة الصلاة كما لو صلي مع الخلوة بالاجنبية بناء علي حرمتها.

(2) الكلام فيه هو الكلام و هو عدم كون التركيب اتحاديا.

(3) فان المبغوض لا يمكن أن يكون مصداقا للواجب.

(4) اذ مع الاعتقاد بالحرمة كيف يمكن أن يقصد القربة منه تعالي.

(5) اذ المفروض انه ملك الغير و لا يجوز التصرف في ملك أحد الا باذنه.

(6) ما افاده يتوقف علي ولاية الحاكم بهذا المقدار و هو محل الكلام و الاشكال و بعبارة اخري: لا يمكن الجزم بجواز التصرف باذن الحاكم علي الاطلاق.

(7) قال في الجواهر: «أما حق السبق في المشتركات كالمسجد و نحوه ففي

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 282

[مسألة 43: إنما تبطل الصلاة في المغصوب مع عدم الإذن من المالك في الصلاة]

(مسألة 43): انما تبطل الصلاة في المغصوب مع عدم الاذن من المالك في الصلاة و لو لخصوص زيد المصلي و الا فالصلاة

______________________________

بطلان الصلاة بغصبه و عدمه و جهان بل قولان أقواهما الثاني وفافا للعلامة الطباطبائي في منظومته لأصالة عدم تعلق الحق للسابق علي وجه يمنع الغير بعد فرض دفعه عنه سواء كان هو الدافع أو غيره و ان اثم بالدفع المزبور لأولويته اذ هي أعم من ذلك قطعا الي آخر كلامه «1».

و في المقام روايتان: إحداهما ما رواه محمد بن اسماعيل عن بعض اصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: تكون بمكة أو بالمدينة أو الحيرة أو الموضع التي يرجي فيها الفضل فربما خرج الرجل يتوضأ فيجي ء آخر فيصير مكانه فقال: من سبق الي موضع فهو احق

به يومه و ليلته «2».

ثانيتهما: ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق الي مكان فهو أحق به الي الليل «3».

لكن الاولي مرسلة و في سند الثانية طلحة بن زيد و هو لم يوثق و عليه لا يبعد أن ما أفاده في الجواهر هو الحق فان المفروض انه حق عام فلكل احد أن يسبق اليه.

لكن الانصاف انه مشكل الا فيما يتصرف السابق بالدفع بأن يترك المحل و أما في صورة عدم الانصراف فحق السبق له و مجرد دفعه و طرده ظلما لا يسقط حق أولويته و اسبقيته و العمدة عدم الدليل علي نحو الاطلاق و استصحاب بقائه حتي

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 8 ص: 286

(2) الوسائل الباب 56 من أبواب أحكام المساجد الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 283

صحيحة (1).

[مسألة 44: المراد من إذن المالك المسوغ للصلاة أو غيرها من التصرفات أعم من الإذن الفعلية]

(مسألة 44): المراد من اذن المالك المسوغ للصلاة أو غيرها من التصرفات أعم من الاذن الفعلية بأن كان المالك ملتفتا الي الصلاة مثلا و اذن فيها و الاذن التقديرية بأن يعلم من حاله انه لو التفت الي التصرف لإذن فيه فتجوز الصلاة في ملك غيره مع غفلته اذا علم من حاله انه لو التفت لأذن (2).

[مسألة 45: تعلم الإذن في الصلاة إما بالقول كأن يقول: صل في بيتي أو بالفعل]

(مسألة 45): تعلم الاذن في الصلاة اما بالقول كأن يقول:

صل في بيتي أو بالفعل كأن يفرش له سجادة الي القبلة أو بشاهد الحال كما في المضايف المفتوحة الابواب و نحوها (3) و في غير ذلك لا تجوز الصلاة و لا غيرها من التصرفات الا مع العلم بالاذن و لو كان تقديريا و لذا يشكل في بعض المجالس المعدة لقراءة التعزية الدخول في المرحاض و الوضوء بلا اذن و لا سيما اذا توقف ذلك علي تغيير بعض أوضاع المجلس من رفع ستر أو طي بعض فراش

______________________________

بعد الدفع معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد فلاحظ.

(1) بلا اشكال لعدم المقتضي للفساد و بعبارة اخري: ان موضوع الغصب ينتفي مع اذن المالك.

(2) اذ لا اشكال في كفاية الاذن و الرضا التقديريين فانه يجوز التصرف في مال الغير مع احراز طيب نفسه و لو علي نحو التقدير و هذا من الواضحات.

(3) اذ المناط كشف الرضا فلو كشف يترتب عليه الاثر بلا فرق بين انحاء الكشف.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 284

المجلس أو نحو ذلك مما يثقل علي صاحب المجلس و مثله في الاشكال كثرة البصاق علي الجدران النزهة و الجلوس في بعض مواضع المجلس المعدة لغير مثل الجالس لما فيها من مظاهر الكرامة المعدة لأهل الشرف في الدين مثلا أو لعدم كونها معدة للجلوس فيها مثل

الغطاء الذي يكون علي الحوض المعمول في وسط الدار أو علي درج السطح أو فتح بعض الغرف و الدخول فيها و الحاصل أنه لا بد من احراز رضا صاحب المجلس في كيفية التصرف و كمه و موضع الجلوس و مقداره و مجرد فتح باب المجلس لا يدل علي الرضا بكل تصرف يشاء الداخل (1).

[مسألة 46: الحمامات المفتوحة و الخانات لا يجوز الدخول فيها لغير الوجه المقصود منها إلا بالإذن]

(مسألة 46): الحمامات المفتوحة و الخانات لا يجوز الدخول فيها لغير الوجه المقصود منها الا بالاذن فلا يصح الوضوء من مائها و الصلاة فيها الا باذن المالك أو وكيله و مجرد فتح أبوابها لا يدل علي الاذن في ذلك و ليست هي كالمضائف المسبلة للانتفاع بها (2).

[مسألة 47: تجوز الصلاة في الأراضي المتسعة و الوضوء من مائها]

(مسألة 47): تجوز الصلاة في الاراضي المتسعة و الوضوء من مائها و ان لم يعلم الاذن من المالك اذا لم يكن المالك لها صغيرا أو مجنونا أو علم كراهته (3).

______________________________

(1) لعدم العلم بالرضا و مع عدم العلم لا يجوز التصرف في مال الغير.

(2) كما هو ظاهر لعدم دليل علي الجواز و صفوة القول أن جواز التصرف يحتاج الي دليل معتبر فلاحظ.

(3) للسيرة المتصلة بزمنهم عليهم السلام و أما الاستدلال عليه بدليل نفي الحرج

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 285

و كذلك الا راضي غير المحجبة كالبساتين التي لا سور لها و لا حجاب فيجوز الدخول اليها و الصلاة فيها و ان لم يعلم الاذن من المالك (1) نعم اذا ظن كراهة المالك فالاحوط الاجتناب عنها (2).

[مسألة 48: الأقوي صحة صلاة كل من الرجل و المرأة إذا كانا متحاذيين حال الصلاة]

(مسألة 48): الاقوي صحة صلاة كل من الرجل و المرأة اذا كانا متحاذيين حال الصلاة أو كانت المرأة متقدمة اذا كان الفصل بينهما مقدار شبر أو أكثر و ان كان الاحوط استحبابا أن يتقدم الرجل بموقفه علي مسجد المرأة أو يكون بينهما حائل أو مسافة عشرة أذرع

______________________________

و العسر، فاورد عليه بأن دليل رفع الحرج امتناني و رفع الحرمة عن التصرف في مال الغير خلاف الامتنان علي المالك.

و يمكن دفع هذا الاشكال بأن الامتنان علي فرض تسلم اشتراطه بالنسبة الي من تشمله القاعدة و لا يلزم أن يكون امتنانا بالنسبة الي كل واحد و كل فرد و من الظاهر ان تجويز التصرف امتناني بالنسبة الي من يكون الامتناع عن التصرف حرجيا بالنسبة اليه.

لكن هل يمكن الالتزام بجواز التصرف في أموال الناس بدليل الحرج؟ مضافا الي ان دليل الحرج يعارض بدليل نفي الضرر علي ما هو المقرر عند القوم اذ التصرف في ملك

أحد بلا اذن منه نوع ضرر علي مالكه و لا ضرر و لا ضرار في الإسلام و صفوة القول انه لم تحرز السيرة علي التصرف في الفروض المذكورة و مقتضي القاعدة الاولية عدم الجواز.

(1) الكلام فيه هو الكلام.

(2) لعدم احراز السيرة.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 286

بذراع اليد (1).

______________________________

(1) علي المشهور- علي ما في بعض الكلمات- بل ادعي عليه الاجماع- كما نقل عن الخلاف و الفقيه- و العمدة النصوص: منها ما رواه ادريس بن عبد اللّه القمي قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي و بحياله امرأة قائمة علي فراشها جنبا فقال: ان كانت قاعدة فلا يضرك و ان كانت تصلي فلا «1».

و منها: ما رواه محمد عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن المرأة تزامل الرجل في المحمل يصليان جميعا قال: لا و لكن يصلي الرجل فاذا فرغ صلت المرأة «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن المرأة تصلي عند الرجل فقال: لا تصلي المرأة بحيال الرجل الا أن يكون قدامها و لو بصدره «3»

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث أنه سئل عن الرجل يستقيم له أن يصلي و بين يديه امرأة تصلي؟ قال: ان كانت تصلي خلفه فلا بأس و ان كانت تصيب ثوبه «4».

و في قبال هذه الروايات عدة نصوص تدل علي الجواز منها: ما رواه جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: لا بأس أن (لا ظ) تصلي المرأة بحذاء الرجل و هو يصلي فان النبي صلي اللّه عليه و آله كان يصلي و عائشة مضطجعة بين يديه و هي حائض و كان اذا

أراد أن يسجد غمز رجليها فرفعت رجليها حتي يسجد «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب مكان المصلي الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب مكان المصلي الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) الوسائل الباب 4 من أبواب مكان المصلي الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 287

______________________________

و الانصاف ان هذه الرواية مضطربة- كما قال صاحب الحدائق- و يحتمل التصحيف و ان الصحيح انه «لا بأس أن تضطجع» الي آخرها.

و منها: ما رواه الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام قال: انما سميت بكة لأنه تبك فيها الرجال و النساء و المرأة تصلي بين يديك و عن يمينك و عن يسارك و معك و لا بأس بذلك و انما يكره في سائر البلدان «1».

و الاستدلال بالرواية علي الجواز يتوقف علي ثبوت عدم الفصل بين مكة و غيرها و هذا أول الكلام فان المناسبة بين الحكم و الموضوع كما ذكر في الرواية تقتضي التفصيل.

و منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يصلي و المرأة تصلي بحذاه؟ قال: لا بأس «2». و هذه الرواية لإرسالها غير قابلة للاستدلال.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

اصلي و المرأة الي جنبي (جانبي) و هي تصلي؟ قال: لا الا أن تقدم هي أو أنت و لا بأس أن تصلي و هي بحذاك جالسة أو قائمة «3».

و الاستدلال بهذه الرواية علي الجواز يتوقف علي أن يكون المراد بالتقدم تقدم المرأة علي الرجل في حال الصلاة و هذا بعيد عن الانظار فانه كيف يمكن أن يكون التقدم جائزا و التساوي لا

يكون جائزا فيكون المعني انه لا بد من أن يتقدم أحدهما في الصلاة بأن يصليا بالترتيب مضافا الي أن قراءة صيغة «تقدم»

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب مكان المصلي الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 288

______________________________

مجهولا خلاف الظاهر و ان قرأت معلومة فاما تقرأ لازمة بلا تشديد و اما تقرأ متعدية.

أما علي الاول فلا ينسجم المعني و أما مع التعدية فيحتمل أن يكون المفعول الصلاة اي لا يجوز الا بأن تقدم المرأة صلاتها أو أنت تقدم صلاتك و يحتمل أن يكون المفعول الشخص بأن يكون المراد أنه لا يجوز الا بأن تقدمك أو تقدمها و بعد الاجمال لا مجال لان يستدل بالرواية.

و في المقام طائفة ثالثة من النصوص تفصل منها: ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله عن الرجل و المرأة يصليان في بيت واحد قال:

اذا كان بينهما قدر شبر صلت بحذاه وحدها و هو وحده و لا بأس «1».

و هذه الرواية ضعيفة لضعف اسناد الصدوق الي ابن وهب بمحمد بن علي ما جيلويه.

و منها: ما رواه أبو بصير هو ليث المرادي قال: سألته عن الرجل و المرأة يصليان في بيت واحد المرأة عن يمين الرجل بحذاه قال: لا الا أن يكون بينهما شبر أو ذراع ثم قال: كان طول رحل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ذراعا و كان يضعه بين يديه اذا صلي يستره ممن يمر بين يديه «2».

و هذه الرواية ضعيفة بالصيقل.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل و المرأة يصليان جميعا في بيت المرأة عن يمين الرجل

بحذاه قال: لا حتي يكون بينهما شبر أو ذراع أو نحوه «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 289

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن سنان.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا كان بينها و بينه ما لا يتخطي أو قدر عظم الذراع فصاعدا فلا بأس «1».

و منها: ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرأة تصلي الي جنب الرجل قريبا منه فقال: اذا كان بينهما موضع رجل (رحل) فلا بأس «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له المرأة و الرجل يصلي كل واحد منهما قبالة صاحبه؟ قال: نعم اذا كان بينهما قدر موضع رحل «3» و هذه الرواية غير متعرضة لحكم المساواة بل متعرضة لحكم تقدم احدهما علي الاخر.

و منها: ما رواه أيضا قال: قلت له: المرأة تصلي حيال زوجها؟ قال: تصلي بازاء الرجل اذا كان بينها و بينه قدر ما لا يتخطي أو قدر عظم الذراع فصاعدا «4».

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن الرجل يستقيم له أن يصلي و بين يديه امرأة تصلي؟ قال: لا يصلي حتي يجعل بينه و بينها أكثر من عشرة أذرع و ان كانت عن يمينه و عن يساره جعل بينه و بينها مثل ذلك فان كانت تصلي خلفه فلا بأس و ان كانت تصيب ثوبه و ان كانت المرأة قاعدة أو قائمة في غير صلاة فلا بأس حيث كانت «5».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2)

نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 12

(4) نفس المصدر الحديث: 13

(5) الوسائل الباب 7 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 290

______________________________

الرجل يصلي في زاوية الحجرة و امرأته أو ابنته تصلي بحذاه في الزاوية الاخري قال: لا ينبغي ذلك فان كان بينهما شبر أجزأه يعني: اذا كان الرجل متقدما للمرأة بشبر «1».

و منها: ما رواه محمد الحلبي قال: سألته (يعني أبا عبد اللّه) عن الرجل يصلي في زاوية الحجرة و ابنته أو امرأته تصلي بحذائه في الزاوية الاخري قال:

لا ينبغي ذلك الا أن يكون بينهما ستر فان كان بينهما ستر أجزأه «2» و قريب منه ما رواه محمد بن مسلم «3».

و مقتضي القاعدة أن يلتزم بلزوم البعد أكثر من عشرة أذرع فيما تكون المرأة متقدمة علي الرجل و بين يديه فان حديث عمار «4» يقتضي ذلك بلا معارض و لو فرض انه يعارضه ما رواه زرارة «5» يقدم هذا الحديث علي ذاك لان هذا الحديث أحدث حيث روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام و ذلك الحديث روي عن أبي جعفر عليه السلام.

و أما فيما تساوي الرجل فحيث ان الروايات متعارضة و لا ترجيح لأحد الاطراف تتساقط.

و ان شئت قلت: ان الروايات المفصلة بعد تعارضها و تساقطها تصل النوبة الي الاخذ باطلاق الطائفة الاولي المانعة و لنا أن نقول: حديث علي بن جعفر

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب مكان المصلي الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 289

(5) لاحظ ص: 289

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 291

و لا فرق في ذلك بين المحارم و غيرهم و الزوج و الزوجة و غيرهما (1)

نعم يختص ذلك بصورة وحدة المكان بحيث يصدق التقدم و المحاذاة فاذا كان أحدهما في موضع عال دون الاخر علي وجه لا يصدق التقدم و المحاذاة فلا بأس (2).

______________________________

عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام في حديث قال: سألته عن الرجل يصلي في مسجد حيطانه كوي كله قبلته و جانباه و امرأته تصلي حياله يراها و لا تراه قال:

لا بأس «1» يرجح علي ما يعارضه للأحدثية.

لكن التسالم عند الكل عدم لزوم البعد أكثر من عشرة أذرع مضافا الي أن الدليل الدال علي عدم البأس في حال تقدم المرأة مع البعد المذكور يدل علي الجواز في صورة التساوي بالاولوية فان التساوي ليس أشد حكما من صورة التقدم الا أن يقال: ان الاولوية المستفادة بنفسها طرف المعارضة فتحصل انه في صورة التساوي لا بأس مع بعد أكثر من عشرة اذرع و أما في صورة تقدم الرجل و لو بصدره علي المرأة فتصح الصلاة.

لاحظ ما رواه زرارة «2» فانقدح بما ذكر أن ما أفاده في المتن يشكل الالتزام به فلاحظ.

(1) للإطلاق.

(2) لان المذكور في النصوص عنوان المحاذاة و الحيال و أمثالهما فلو انتفت العناوين المذكورة بكون مكان أحدهما أعلي من الاخر يكون موضوع المنع منتفيا فلا موضوع كي يترتب عليه الحكم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 286

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 292

[مسألة 49: لا يجوز التقدم في الصلاة علي قبر المعصوم إذا كان مستلزما للهتك و إساءة الأدب]

(مسألة 49): لا يجوز التقدم في الصلاة علي قبر المعصوم اذا كان مستلزما للهتك و اساءة الادب (1).

______________________________

فائدة: مقتضي مفهوم الشرطية الواقعة في حديث عمار «1» أن الرجل و المرأة اذا يصليان في مكان واحد تفسد صلاتهما بأي نحو كان الا بأن تصلي المرأة خلف الرجل فلا فرق بين أن

تكون المرأة قدام الرجل أو علي يمينه أو يساره أو علي نحو آخر انما نرفع اليد عن الاطلاق بما دل علي أن المنع يرتفع بالحاجز أو بالبعد بأكثر من عشرة أذرع ان قلت: ان ما يدل علي الجواز مع الساتر أو الحاجز بنفسه طرف المعارضة كما مر فما الوجه في الجواز فيما يكون الحائل غير الجدار؟ قلت: السيرة الخارجية تقتضي الجواز علي الاطلاق و اللّه العالم.

(1) قال في الحدائق: «ان ظاهر المشهور هو الجواز علي كراهة الي أن قال:

و بالجملة فاني لم اقف علي من قال بالتحريم سوي شيخنا البهائي قدس سره ثم اقتفاه جمع ممن تأخر عنه» الي آخر كلامه «2».

و العمدة النص الوارد في المقام و هو ما رواه محمد بن عبد اللّه الحميري قال: كتبت الي الفقيه عليه السلام أسأله عن الرجل يزور قبور الائمة هل يجوز أن يسجد علي القبر أم لا؟ و هل يجوز لمن صلي عند قبورهم أن يقوم وراء القبر و يجعل القبر قبلة و يقوم عند رأسه و رجليه؟

و هل يجوز أن يتقدم القبر و يصلي و يجعله خلفه أم لا؟ فاجاب و قرأت التوقيع و منه نسخت: و أما السجود علي القبر فلا يجوز في نافلة و لا فريضة و لا زيارة بل يضع خده الايمن علي القبر و أما الصلاة فانها خلفه و يجعله الامام و لا يجوز أن

______________________________

(1) لاحظ ص: 286

(2) الحدائق ج 7 ص: 219/ 220

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 293

و لا بأس به مع البعد المفرط أو الحاجب المانع الرافع لسوء الادب (1) و لا يكفي فيه الضرائح المقدسة و لا ما يحيط بها من غطاء و نحوه (2).

______________________________

يصلي بين يديه لان

الامام لا يتقدم و يصلي عن يمينه و شماله.

و رواه الطبرسي في الاحتجاج عن محمد بن عبد اللّه الحمري عن صاحب الزمان عليه السلام مثله الا أنه قال: و لا يجوز أن يصلي بين يديه و لا عن يمينه و لا عن يساره لان الامام لا يتقدم عليه و لا يساوي «1».

و الانصاف ان الرواية غير قاصرة عن الدلالة علي المدعي لكن السند غير نقي فان محمد بن احمد بن داود لم يوثق فان النجاشي قال في ترجمته: «شيخ هذه الطائفة و عالمها و شيخ القميين في وقته و فقيههم».

و قال سيدنا الاستاد: «ان هذا المقدار يكفي في توثيقه» و لكنه كما تري فان النجاشي لو كان معتقدا. لوثاقة الرجل فلما ذا لم يصرح بأنه ثقة أو صحيح الحديث فالانصاف ان الجزم بوثاقة الرجل بهذا المقدار من الشهادة مشكل جدا فلا يمكن الاعتماد علي الرواية.

و يؤيد المدعي أن المشهور من المتقدمين- كما سمعت- لم يذهبوا الي المنع بل التزموا بالجواز علي كراهة نعم اذا كان التقدم مستلزما للهتك لا يجوز و لكن لا يرتبط بالبحث الواقع بين الاعلام فلاحظ.

(1) كما هو واضح فان الميزان في الجواز عدم تحقق الهتك.

(2) اذ ان هذه الامور تعد من التوابع فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 294

[مسألة 50: تجوز الصلاة في بيوت من تضمنت الآية جواز الأكل فيها بلا إذن]

(مسألة 50): تجوز الصلاة في بيوت من تضمنت الاية جواز الاكل فيها بلا اذن مع عدم العلم بالكراهة كالأب و الام و الاخ و العم و الخال و العمة و الخالة و من ملك الشخص مفتاح بيته و الصديق (1) و أما مع العلم بالكراهة فلا يجوز (2).

[مسألة 51: إذا دخل المكان المغصوب جهلا أو نسيانا بتخيل الإذن ثم التفت و بان الخلاف]

(مسألة 51): اذا دخل المكان المغصوب جهلا أو نسيانا بتخيل الاذن ثم التفت و بان الخلاف ففي سعة الوقت لا يجوز التشاغل بالصلاة (3).

______________________________

(1) فانه يستفاد من الاية الشريفة و هي قوله تعالي: وَ لٰا عَليٰ أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبٰائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهٰاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوٰانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوٰاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمٰامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمّٰاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوٰالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خٰالٰاتِكُمْ أَوْ مٰا مَلَكْتُمْ مَفٰاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ «1» جواز التصرف و الانتفاع مما ذكر في الاية الشريفة و مقتضي الاطلاق هو الجواز حتي مع العلم بالكراهة لكن الاجماع و التسالم علي عدم الجواز في صورة العلم بالخلاف يقتضي رفع اليد عن الاطلاق.

و ان شئت قلت: ان المستفاد من الاية بضميمة التسالم و الاجماع هو الحكم الظاهري و من الظاهر ان الحكم الظاهري موضوعه الشك و عدم العلم بالواقع.

(2) قد ظهر الوجه فيما أفاده من عدم الجواز مع العلم بالكراهة.

(3) أما في صورة زيادة التصرف زمانا أو كيفية فواضح و أما في غير هذه الصورة بأن يكون زمان الصلاة مساويا لغيره ففي بعض الصور لا يبعد الالتزام

______________________________

(1) النور/ 61

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 295

و يجب قطعها (1) و في ضيق الوقت يجوز الاشتغال بها حال الخروج مبادرا اليه سالكا أقرب الطرق مراعيا للاستقبال بقدر الامكان (2) و يؤمي للسجود (3) و يركع (4) الا

أن يستلزم ركوعه تصرفا زائدا فيومي له حينئذ (5) و تصح صلاته و لا يجب عليه القضاء (6) و المراد بالضيق أن لا يتمكن من ادراك ركعة في الوقت علي تقدير تأخير الصلاة الي ما بعد الخروج (7).

______________________________

بعدم جواز التشاغل أيضا فان الداخل في المكان المغصوب في مفروض المسألة و ان كان معذورا و لا يكون مستحقا للعقاب لكن الحكم الواقعي لا يسقط بالجهل فان كان الحكم الواقعي محفوظا كما في صورة الجهل و احتمال الحرمة بحيث يكون الحكم الواقعي محفوظا لا تكون الصلاة صحيحة علي القول بالتركيب الاتحادي نعم مع القطع بالاذن لا يمكن كون الحكم الواقعي محفوظا فلاحظ.

(1) فانه يجب تأدية المال الي صاحبه و هذه مقدمة.

(2) اذ لو كان الوقت ضيقا و لا يمكنه التأخير و ادراك صلاة المختار في الوقت و لو بمقدار ركعة تصل النوبة الي التكليف الاضطراري فيختار أقرب الطرق فرارا عن ارتكاب الحرام و يراعي الاستقبال بقدر الامكان حيث ان الصلاة لا تسقط بحال.

(3) لوجوبه و عدم امكان الاتيان به علي النحو التام للعذر الشرعي فيومي.

(4) لوجوبه.

(5) لعدم امكان الاتيان بالركوع للعذر الشرعي فيومي.

(6) لأنه لا مقتضي له بعد اداء الوظيفة الفعلية.

(7) لقاعدة من أدرك فان المستفاد منها أن من أدرك ركعة من الصلاة في حكم

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 296

[مسألة 52: يعتبر في مسجد الجبهة مضافا إلي ما تقدم من الطهارة أن يكون من الأرض أو نباتها]

(مسألة 52): يعتبر في مسجد الجبهة مضافا الي ما تقدم من الطهارة (1) أن يكون من الارض أو نباتها (2).

______________________________

من يدركها لاحظ ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال فان صلي ركعة من الغداة ثم طلعت الشمس فليتم و قد جازت صلاته «1».

و ما رواه الاصبغ بن نباتة قال: قال

أمير المؤمنين عليه السلام: من أدرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الغداة تامة «2».

و ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: فان صلي ركعة من الغداة ثم طلعت الشمس فليتم الصلاة و قد جازت صلاته و ان طلعت الشمس قبل أن يصلي ركعة فليقطع الصلاة و لا يصلي حتي تطلع الشمس و يذهب شعاعها «3».

و ما رواه الشهيد في الذكري «4».

(1) و قد تقدم شرح كلامه فراجع.

(2) اجماعا مستفيض النقل- كما في بعض الكلمات- و قد دلت عليه جملة من النصوص المذكورة في الوسائل في الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه منها:

ما رواه هشام بن الحكم أنه قال لأبي عبد اللّه عليه السلام أخبرني عما يجوز السجود عليه و عما لا يجوز قال: السجود لا يجوز الا علي الارض أو علي ما انبتت الارض الا ما اكل أو لبس فقال له: جعلت فداك ما العلة في ذلك؟ قال: لان السجود خضوع للّه عز و جل فلا ينبغي أن يكون علي ما يؤكل و يلبس لان أبناء الدنيا عبيد

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 297

أو القرطاس (1) و الافضل أن يكون من التربة الشريفة الحسينية علي مشرفها افضل الصلاة و التحية فقد ورد فيها فضل عظيم (2) و لا يجوز السجود علي ما خرج عن اسم الارض من المعادن كالذهب و الفضة و غيرهما (3).

______________________________

ما يأكلون و يلبسون و الساجد في سجوده في عبادة اللّه عز و جل فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده

علي معبود ابناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها «1» فلاحظ.

(1) نقل عليه الاجماع و يدل عليه ما رواه صفوان الجمال قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام في المحمل يسجد علي القرطاس و أكثر ذلك يومي إيماء «2» و غيره الوارد في الباب 7 من أبواب ما يسجد عليه من الوسائل.

(2) لاحظ ما رواه الشيخ باسناده عن معاوية بن عمار قال: كان لأبي عبد اللّه عليه السلام خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبد اللّه عليه السلام فكان اذا حضرته الصلاة صبه علي سجادته و سجد عليه ثم قال عليه السلام: ان السجود علي تربة أبي عبد اللّه عليه السلام يخرق الحجب السبع «3».

(3) لا بد من السجود علي الارض أو نباتها فلو لم يكن ما يسجد عليه مما يصدق عليه عنوان الارض يكون السجود باطلا فالسجود علي المعادن انما يكون فاسدا من هذه الجهة و لم يقم دليل علي بطلان السجود علي المعدن.

و ان شئت قلت: الاشكال من ناحية عدم المقتضي لا من جهة وجود المانع نعم قد دل بعض النصوص علي عدم جواز السجود علي القير لاحظ ما رواه محمد

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 16 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 298

و لا علي ما خرج عن اسم النبات كالرماد و الفحم (1) و يجوز السجود علي الخزف و الاجر و الجص و النورة بعد طبخها (2).

[مسألة 53: يعتبر في جواز السجود علي النبات أن لا يكون مأكولا]

(مسألة 53): يعتبر في جواز السجود علي النبات أن لا يكون مأكولا كالحنطة و الشعير و البقول و الفواكهة و نحوها من المأكول (3).

______________________________

بن

عمرو بن سعيد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: لا تسجد علي القير و لا علي القفر و لا علي الصاروج «1».

لكن قد دل بعض الروايات علي الجواز و مما دل عليه ما رواه معاوية بن عمار قال: سأل المعلي بن خنيس أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده عن السجود علي القفر و علي القير، فقال: لا بأس به «2».

و حيث ان الجواز مذهب العامة يحمل دليل الجواز علي النقية عند المعارضة.

(1) لانتفاء الموضوع و لا مجال لجريان الاصل- كما عن الجواهر- فان المستفاد من الدليل كما تقدم أن ما يسجد عليه لا بد أن يكون من الارض أو من نباته.

(2) المشهور فيما بين القوم هو الجواز و الميزان بقاء الاسم و صدق عنوان الارض عليها و مع الشك في بقاء الصدق لا مانع من الاستصحاب و الاشكال بأنه شبهة مفهومية و لا مجال للاستصحاب مدفوع بأنا لا نري مانعا من جريانه و أما استصحاب الحكم- كما في كلام سيد المستمسك- فيرد عليه اولا أن استصحاب الحكم مع الشك في الموضوع غير جار و ثانيا: ان استصحاب الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد.

(3) كما نص عليه في حديث هشام بن الحكم «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 296

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 299

و لو قبل وصولها الي زمان الاكل (1) أو احتيج في أكلها الي عمل من طبخ و نحوها (2) نعم يجوز السجود علي قشورها و نواها و علي التبن و القصيل و الجت و نحوها (3) و فيما لم يتعارف أكله مع صلاحيته لذلك لما فيه من حسن

الطعم المستوجب لا قبال النفس علي أكله اشكال و ان كان الاظهر في مثله الجواز (4) و مثله عقاقير الادوية كورد لسان الثور و عنب الثعلب و الخوبة و نحوها مما له طعم و ذوق حسن (5) و أما ما ليس له ذلك فلا اشكال في جواز السجود عليه و ان استعمل للتداوي به (6).

______________________________

(1) الجزم به مشكل فانه اي فرق بينه و ورق العنب بعد اليبس الا أن يقال ان الورق بعد اليبس يسقط عن قابلية الاكل و الثمرة قبل او ان الاكل يتوقف أكله علي علاج و هو النضج بالشمس و اللّه العالم.

(2) الكلام فيه هو الكلام.

(3) لعدم المقتضي للمنع و لعدم صدق عنوان المأكول عليه.

(4) لعدم صدق موضوع النهي لكن الانصاف ان الجزم بالجواز مشكل الا أن يقال بأن عنوان المأكول منصرف عن مورد الكلام.

(5) و الوجه فيه أن الميزان في المنع أن يكون الشي ء داخلا في قسم المأكول و لا اشكال في كون المذكورات ليست كذلك و هذا أمر عرفي و لا يحتاج الي تطويل بحث فانه لو سئل عن التبن يجاب بأنه ليس من المأكولات بخلاف ما لو سئل عن الخس حيث انه يجاب بأنه منها.

(6) لعدم صدق الموضوع عليه.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 300

و كذا ما يؤكل عند الضرورة و المخمصة (1) أو عند بعض الناس نادرا (2).

[مسألة 54: يعتبر أيضا في جواز السجود علي النبات أن لا يكون ملبوسا]

(مسألة 54): يعتبر أيضا في جواز السجود علي النبات أن لا يكون ملبوسا كالقطن و الكتان و القنب و لو قبل الغزل أو النسج (3) و لا بأس بالسجود علي خشبها و ورقها (4) و كذا الخوص و الليف و نحوهما مما لا صلاحية فيه لذلك و ان لبس لضرورة أو

شبهها أو عند بعض الناس نادرا (5).

______________________________

(1) فانه لا اشكال في أن عروض الاضطرار للأكل لا يوجب دخوله في القسم المأكول فان المراد بالمأكول ليس ما يكون قابلا له و لا ما يكون سادا للجوع و هذا ظاهر و لذا لا يعد التبن من المأكولات و ان كان قابلا للأكل و ربما يسد الجوع لو اكل.

(2) لعدم صدق موضوع المنع.

(3) لاحظ ما رواه هشام «1» و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:

قلت له: أسجد علي الزفت يعني القير؟ فقال: لا و لا علي الثوب الكرسف و لا علي الصوف و لا علي شي ء من الحيوان و لا علي طعام و لا علي شي ء من ثمار الارض و لا علي شي ء من الرياش «2».

(4) لعدم صدق عنوان الملبوس عليه فيجوز.

(5) لعدم صدق موضوع النهي و الضرورة أو الندرة لا توجبان صدق موضوع

______________________________

(1) لاحظ ص: 296

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 301

[مسألة 55: الأظهر جواز السجود علي القرطاس مطلقا]

(مسألة 55): الاظهر جواز السجود علي القرطاس مطلقا و ان اتخذ مما لا يصح السجود عليه كالمتخذ من الحرير أو القطن أو الكتان (1).

[مسألة 56: لا بأس بالسجود علي القرطاس المكتوب إذا كانت الكتابة معدودة صبغا لا جرما]

(مسألة 56) لا بأس بالسجود علي القرطاس المكتوب اذا كانت الكتابة معدودة صبغا (2) لا جرما (3).

[مسألة 57: إذا لم يتمكن من السجود علي ما يصح السجود]

(مسألة 57) اذا لم يتمكن من السجود علي ما يصح السجود

______________________________

المنع فلاحظ.

(1) الحق كما أفاده فان مقتضي النصوص الواردة في الباب السابع من أبواب ما يسجد عليه من الوسائل الجواز بنحو مطلق لاحظ ما رواه صفوان الجمال «1»

و ما أفاده السيد الحكيم قدس سره من المعارضة لا يرجع الي محصل اذ استفيد من تلك النصوص عدم الجواز الا علي الارض أو نباتها و بهذه النصوص تخصص العموم المستفاد من تلك الاخبار و الاشكال في اطلاق هذه النصوص بلا وجه كما يظهر بالنظر فيها و لا فرق بين أن يتخذ من نبات الارض و غيره اذ لا شبهة في أن القرطاس حقيقة اخري لا يصدق عليه النبات.

(2) للإطلاق المستفاد من الدليل فلاحظ.

(3) اذ مع الجرم لا يكون السجود علي القرطاس و كون ما دل من النص علي جواز السجود علي القرطاس المكتوب عليه في مقام البيان من هذه الجهة محل الاشكال.

______________________________

(1) لاحظ ص: 297

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 302

عليه لتقية جاز له السجود علي كل ما تقتضيه التقية (1) و أما اذا لم يتمكن لفقد ما يصح السجود عليه أو لمانع من حر أو برد فالاظهر وجوب السجود علي ثوبه (2).

______________________________

(1) اذ مع عدم الامكان لا بد من السجود علي طبق التقية اذ الصلاة لا تسقط بحال و صفوة القول: انه مع عدم المندوحة و لابدية التقية لا يسقط وجوب الصلاة فيجوز علي كل ما تقتضيه التقية.

و يدل علي المدعي ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام عن الرجل يسجد علي المسح و البساط

قال: لا بأس اذا كان في حال التقية و رواه الصدوق باسناده عن علي بن يقطين و رواه الشيخ أيضا كذلك و زادا:

و لا بأس بالسجود علي الثياب في حال التقية «1».

و ما رواه أبو بصير قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسجد علي المسح فقال: اذا كان في تقية فلا بأس به «2».

(2) لاحظ ما رواه القاسم بن الفضيل قال: قلت للرضا عليه السلام: جعلت فداك الرجل يسجد علي كمه من أذي الحر و البرد قال: لا بأس «3».

و ما رواه محمد بن القاسم الفضيل بن يسار قال: كتب رجل الي أبي الحسن عليه السلام هل يسجد الرجل علي الثوب يتقي به وجهه من الحر و البرد و من الشي ء يكره السجود عليه؟ قال: نعم لا بأس «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 303

فان لم يمكن فعلي ظهر الكف أو علي شي ء آخر مما لا يصح السجود عليه حال الاختيار (1).

______________________________

فان المستفاد من الحديثين أنه مع عدم امكان السجود علي ما يصح السجود عليه تصل النوبة الي السجود علي الثوب لكن قد ورد في بعض النصوص انه لو صلي في السفينة يسجد علي القير لاحظ ما رواه معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في السفينة الي أن قال: يصلي علي القير و القفر و يسجد عليه «1».

و ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في السفينة قال:

تستقبل القبلة بوجهك ثم تصلي كيف دارت

تصلي قائما فان لم تستطع فجالسا يجمع الصلاة فيها ان أراد و ليصلي علي القير و القفر و يسجد عليه «2».

و حيث ان ما يدل علي السجود علي القير أخص مما دل علي السجود علي الثوب يقيد ذلك الدليل و تكون النتيجة انه اذا كان في السفينة يسجد علي القير و لا يسجد علي ثوبه.

(1) لا دليل علي جواز السجود علي ظهر الكف إلا حديثان: احدهما ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: أكون في السفر فتحضر الصلاة و أخاف الرمضاء علي وجهي كيف أصنع؟ قال: تسجد علي بعض ثوبك فقلت:

ليس علي ثوب يمكنني أن أسجد علي طرفه و لا ذيله قال: اسجد علي ظهر كفك فانها احدي المساجد «3» ثانيهما: ما رواه أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: جعلت فداك الرجل يكون في السفر فيقطع عليه الطريق فيبقي عريانا في

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب القيام الحديث: 8

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 304

[مسألة 58: لا يجوز السجود علي الوحل أو التراب اللذين لا يحصل تمكن الجبهة في السجود عليهما]

(مسألة 58): لا يجوز السجود علي الوحل أو التراب اللذين لا يحصل تمكن الجبهة في السجود عليهما (1) و ان حصل التمكن جاز (2) و ان لصق بجبهته شي ء منهما ازاله للسجدة الثانية علي الاحوط (3) و ان لم يجد الا الطين الذي لا يمكن الاعتماد عليه صلي إيماء (4).

______________________________

سراويل و لا يجد ما يسجد عليه يخاف ان سجد علي الرمضاء أحرقت وجهه قال:

يسجد علي ظهر كفه فانها أحد المساجد «1».

و هذان الحديثان ضعيفان سندا فتصل النوبة الي السجود علي كل شي ء لا يجوز

السجود عليه اختيارا من باب أن الصلاة لا تسقط بحال.

(1) لما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن حد الطين الذي لا يسجد عليه ما هو؟ فقال: اذا غرقت الجبهة و لم تثبت علي الارض الحديث «2» فان هذه الرواية كما تري تدل دلالة واضحة علي المدعي.

(2) نقل عدم الاشكال عن الجواهر و يدل عليه ما تقدم من رواية عمار.

(3) لأنه يجب أن لا يكون حائل بين الجبهة و ما يسجد عليه فيلزم الازالة و يمكن ان الوجه في عدم الجزم صدق المأمور به و بعبارة اخري: يصدق السجود علي ما يصح السجود عليه الا أن يقال: بأن الامر ظاهر في الاحداث و لا يكون ما فرض احداثا للمأمور به مضافا الي أن تعدد السجود واجب و لقائل أن يقول:

احداث السجود أو تعدده لا ينافي بقاء ما يصح السجود عليه علي جبهته.

(4) ربما يقال- كما في كلام سيد المستمسك- بأن المدرك لهذا الحكم قاعدة الميسور و لكن قد ذكرنا في محله عدم تمامية هذه القاعدة بالنحو الكلي نعم مقتضي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب مكان المصلي الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 305

[مسألة 59: إذا كانت الأرض ذات طين بحيث يتلطخ بدنه أو ثيابه إذا صلي فيها صلاة المختار و كان ذلك حرجيا]

(مسألة 59): اذا كانت الارض ذات طين بحيث يتلطخ بدنه أو ثيابه اذا صلي فيها صلاة المختار و كان ذلك حرجيا صلي مؤميا للسجود و لا يجب عليه الجلوس للسجود و لا للتشهد (1).

______________________________

وجوب الصلاة و عدم سقوطها بحال تمامية هذه القاعدة في خصوص باب الصلاة فما دام يمكن الاتيان بأجزائها و شرائطها يجب لكن لا بد من ملاحظة ان دليل بدلية الايماء عن السجدة يقتضي وجوب بدلية الايماء عن السجدة أم لا فنقول:

يستفاد من حديث عمار المتقدم الحد الذي لا يسجد عليه من الطين.

و يستفاد من رواية اخري لعمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يؤمي في المكتوبة و النوافل اذا لم يجد ما يسجد عليه و لم يكن له موضع يسجد فيه؟ فقال: اذا كان هكذا فليؤم في الصلاة كلها «1».

انه لو لم يجد المصلي ما يسجد عليه تنتقل وظيفته الي الايماء فالنتيجة ان الواجب في مفروض المتن أن تصل النوبة الي الايماء.

(1) لما عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته: الرجل يصيبه المطر و هو في موضع لا يقدر علي أن يسجد فيه من الطين و لا يجد موضعا جافا قال: يفتتح الصلاة فاذا ركع فليركع كما يركع اذا صلي فاذا رفع رأسه من الركوع فليؤم بالسجود إيماء و هو قائم يفعل ذلك حتي يفرغ من الصلاة و يتشهد و هو قائم و يسلم «2».

و لما رواه هشام «3» و مقتضي اطلاق الروايتين عدم الفرق بين أن يكون

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 306

[مسألة 60: إذا اشتغل بالصلاة و في أثنائها فقد ما يصح السجود عليه قطعها في سعة الوقت]

(مسألة 60): اذا اشتغل بالصلاة و في أثنائها فقد ما يصح السجود عليه قطعها في سعة الوقت (1) و في الضيق ينتقل الي البدل من الثوب أو ظهر الكف علي الترتيب المتقدم (2).

[مسألة 61: إذا سجد علي ما لا يصح السجود عليه باعتقاده أنه مما يصح السجود عليه]

(مسألة 61): اذا سجد علي ما لا يصح السجود عليه باعتقاده أنه مما يصح السجود عليه فان التفت بعد رفع الرأس فالاحوط اعادة السجدة الواحدة حتي فيما اذا كانت الغلطة في السجدتين ثم اعادة الصلاة (3) و ان التفت في أثناء السجود رفع رأسه و سجد علي ما يصح

______________________________

الجلوس حرجيا أم لا الا أن يقال: بأن عدم القدرة المذكور في النص يقتضي عدم القدرة علي السجود الشرعي أو يكون حرجيا و لو من جهة تلطخ ثيابه فلا يكون الحكم مطلقا فتأمل.

(1) بل الصلاة تنقطع بنفسها و لا تصلح للإتمام اذ مع فرض سعة الوقت لا تصل النوبة الي البدل الاضطراري و لا يخفي أن المراد بالسعة امكان ادراك ركعة تامة من الوقت بمقتضي قاعدة من أدرك.

(2) قد مر البحث عن هذه الجهة قريبا فلا نعيد.

(3) يمكن أن يقال: بأن الواجب السجود الخاص فبانتفاء الخصوصية يكون المأتي به كالعدم فلا بد من اعادة السجدة بل لنا أن نقول: لو كان من واجبات السجود تجب اعادة السجدة أيضا اذ المفروض أن كل جزء من الاجزاء مقيد بالبقية فهذا السجود لا يكون مصداقا للمأمور به فلا بد من اعادة السجدة لتدارك ما فات من الواجب.

و بعبارة اخري: المفروض عدم الاتيان بجزء من الصلاة و لا مانع من تداركه باعادة السجود و لا مقتضي لبطلان الصلاة اذ الاتيان بالسجدة الثانية بمقتضي

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 307

السجود عليه مع التمكن وسعة الوقت و مع ذلك فالاحوط اعادة

الصلاة (1).

[مسألة 62: يعتبر في مكان الصلاة أن يكون بحيث يستقر فيه المصلي و لا يضطرب]

(مسألة 62): يعتبر في مكان الصلاة أن يكون بحيث يستقر فيه المصلي و لا يضطرب فلا تجوز الصلاة علي الدابة السائرة و الارجوحة و نحوهما مما يفوت معه الاستقرار (2).

______________________________

وظيفته و أما السجدة الاولي فلا يترتب عليها أثر لعدم كونها جامعة للشرائط.

نعم علي القول بأن قاعدة لا تعاد لا تشمل الاخلال المتوجه اليه في الاثناء يشكل الحكم بالصحة اذ المفروض ان السجدة الاولي زيادة.

و صفوة القول: ان الذي يختلج بالبال أن يقال: الاخلال بالسجود و لو ببعض ما يتعلق به يسقطه عن الاعتبار فلا بد من تداركه و الظاهر ان الوجه في الاحتياط باعادة الصلاة النصوص الدالة علي عدم جواز قراءة سور العزائم في الفريضة لاحظ الروايات في الباب 40 من أبواب القراءة في الصلاة من الوسائل منها: ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: لا تقرأ في المكتوبة بشي ء من العزائم فان السجود زيادة في المكتوبة «1» لأجل أن السجود زيادة في المكتوبة.

و في دلالة تلك النصوص علي محل الكلام اشكال اذ الاتيان بالسجدة الثانية في محل الكلام مقتضي القاعدة الاولية و مما ذكرنا يعلم أنه لا بد من الاتيان بالسجدتين اذا كانت الغلطة فيهما هذا بحسب الصناعة و لكن لا بد من الاحتياط بالاعادة و اللّه العالم.

(1) كما هو مقتضي القاعدة اذ المفروض أن المأمور به لم يحصل فلا بد من السجدة علي ما يصح و أما الاحتياط بالاعادة فالكلام فيه هو الكلام فلاحظ.

(2) مقتضي القاعدة الاولية أن يقال: لا تجوز الصلاة فاقدة لجزء من الاجزاء

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 308

______________________________

أو شرط من الشرائط فلو فرض أن الصلاة علي الدابة

أو الارجوحة أو السفينة فاقدة للاستقرار الواجب أو الاستقبال كذلك أو غيرهما تكون فاسدة بمقتضي ادلة تلك الاجزاء و الشرائط.

و في المقام عدة من الروايات منها ما يستفاد منه عدم جواز الصلاة علي الدابة كرواية عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يصلي علي الدابة الفريضة الا مريض يستقبل به القبلة و يجزيه فاتحة الكتاب و يضع بوجهه في الفريضة علي ما أمكنه من شي ء و يؤمي في النافلة إيماء «1».

و الذي يستفاد من هذه الطائفة ان الصلاة علي الدابة من حيث كونها فاقدة لجملة من الشرائط غير جائزة.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي علي الرف المعلق بين النخلتين؟ فقال:

ان كان مستويا يقدر علي الصلاة فيه فلا بأس «2».

و منها: ما ورد في حكم الصلاة في السفينة و هو علي قسمين: احدهما ما دل علي الترخيص كرواية جميل بن دراج أنه قال لأبي عبد اللّه عليه السلام: تكون السفينة قريبة من الجد (الجدد) فاخرج و اصلي؟ قال: صل فيها أما ترضي بصلاة نوح عليه السلام «3».

ثانيهما: ما فصل فيه بين امكان الصلاة خارج السفينة و عدمه كرواية حماد بن عيسي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يسئل عن الصلاة في السفينة فيقول:

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب القبلة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 35 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب القبلة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 309

و تجوز الصلاة علي الدابة و في السفينة الواقفتين مع حصول الاستقرار (1).

______________________________

ان استطعتم أن تخرجوا الي الجدد فاخرجوا فان

لم يقدر و افصلوا قياما فان لم تستطيعوا فصلوا قعودا و تحروا القبلة «1».

و في المقام رواية اخري و هي ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأل عن الصلاة في السفينة فقال: يستقبل القبلة فاذا دارت فاستطاع أن يتوجه الي القبلة فليفعل و الا فليصل حيث توجهت به قال: فان أمكنه القيام فليصل قائما و الا فليقعد ثم ليصل «2».

و يستفاد من هذه الرواية انه يجوز الصلاة في السفينة بشرط أن يراعي القبلة و القيام بقدر الامكان.

و لا يبعد أن يستفاد من مجموع ما ورد في الباب ان المكلف اذا أمكنه الصلاة تامة في السفينة يجوز له أن يصلي فيها و له الخيار بين الامرين و ان لم يمكنه أن يصلي الصلاة التامة فلو أمكنه أن يصلي خارج السفينة يجب عليه اختياره و أما مع عدم الامكان فله أن يصلي في السفينة و يراعي الشرائط بقدر الامكان.

و لكن لا يخفي أنه لا يستفاد من هذه الروايات اشتراط القرار اذ الصلاة علي الدابة فاقدة لجملة من الامور الدخيلة في الصلاة كالسجود علي الاعظم السبعة و القيام و غيرها فالنهي عن الصلاة علي الدابة لا يدل علي المدعي كما أن النهي عن الصلاة في السفينة لأجل القيام أو القبلة لا يكون دليلا علي هذا الشرط فلا بد من التماس دليل آخر.

(1) ما أفاده مقتضي القاعدة الاولية فانه لو روعيت الشرائط المقررة في الصلاة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 14

(2) نفس المصدر الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 310

______________________________

تكون صحيحة عقلا مضافا إلي ما ورد من جوازها في السفينة بل دل بعض النصوص علي جوازها حتي في حال السير.

و ما يمكن أن يقال في

وجه المنع امور: منها: انه لا جزم بالنية اذ يمكن أن تتحرك الدابة أو السفينة فلا تصح الصلاة.

و فيه اولا أن الدليل أخص اذ يمكن فرض الجزم و هو فيما يطمئن الانسان بعدم الحركة و ثانيا لا دليل علي اشتراط الجزم بالنية.

و منها: قوله تعالي: «حٰافِظُوا عَلَي الصَّلَوٰاتِ» «1» و الجواب: ان المراد بالحفظ أن يؤتي بها و لا يكون المكلف تاركا لها فلا يرتبط بالمقام.

و منها: قوله صلي اللّه عليه و آله: جعلت لي الارض مسجدا و طهورا «2» بتقريب ان المراد من كلامه صلي اللّه عليه و آله ان الارض لا بد أن يكون مصلي.

و فيه: ان المراد من كلامه صلي اللّه عليه و آله اما جعل الارض مسجد الجبهة و اما يكون المراد ان الارض كلها مسجدا فلا يلزم الاتيان بالصلاة في المسجد فقط و علي كلا التقديرين لا يرتبط بالمقام و يؤيد هذا المعني ما رواه عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: الارض كلها مسجد إلا بئر غائط أو مقبرة أو حمام «3». مضافا الي ضعف اسنادها.

و منها: الاخبار الدالة علي المنع عن الصلاة علي الدابة أو السفينة. و فيه:

انه قد مر منا ان المستفاد من تلك النصوص انه لا يجوز الصلاة علي الدابة أو السفينة ناقصة الا في مورد الضرورة و لا يستفاد من تلك الروايات عدم الجواز من حيث

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 310

______________________________

(1) البقرة/ 238

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1 و 2 و 5

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين،

ج 4، ص: 311

و كذا اذا كانتا سائرتين ان حصل ذلك أيضا (1) و نحوهما العربة و القطار و امثالهما فانه تصح الصلاة فيها اذا حصل الاستقرار و الاستقبال (2) و لا تصح اذا فات واحد منهما الا مع الضرورة (3).

______________________________

كونها علي الدابة أو في السفينة بل دل بعض النصوص علي الجواز في حال الاختيار.

(1) قد ظهر وجه ما أفاده مما ذكرنا فانه لا فرق بين الواقفة و السائرة و الحركة التبعية لا توجب الفساد كما دل علي الجواز بعض النصوص لاحظ ما رواه جميل «1»

(2) و الوجه فيه ظاهر و حكم الامثال واحد.

(3) لا يبعد أن ما أفاده علي القاعدة فانه لو لم يمكنه أن يصلي الصلاة التامة تصل النوبة الي الصلاة الناقصة فانها لا تسقط بحال و قد دلت عليه جملة من النصوص: منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

أ يصلي الرجل شيئا من المفروض راكبا؟ قال: لا الا من ضرورة «2». و هذه الرواية ضعيفة باحمد بن هلال.

و منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «3» و منها: ما رواه محمد بن عذافر في حديث قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل يكون في وقت الفريضة لا يمكنه الارض من القيام عليها و لا السجود عليها من كثرة الثلج و الماء و المطر و الوحل أ يجوز له أن يصلي الفريضة في المحمل؟ قال: نعم هو بمنزلة السفينة ان أمكنه قائما و الا قاعدا و كل ما كان من ذلك فاللّه أولي بالعذر يقول اللّه عز و جل:

بل الانسان علي نفسه بصيرة «4» و هذه الرواية ضعيفة باحمد بن هلال.

______________________________

(1) لاحظ ص: 308

(2)

الوسائل الباب 14 من أبواب القبلة الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 308

(4) الوسائل الباب 14 من أبواب القبلة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 312

______________________________

و منها: ما رواه الحميري قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام: روي جعلني اللّه فداك مواليك عن آبائك أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله صلي الفريضة علي راحلة في يوم مطير و يصيبنا المطر و نحن في محاملنا و الارض مبتلة و المطر يؤذي فهل يجوز لنا يا سيدي أن نصلي في هذه الحال في محاملنا أو علي دوابنا الفريضة ان شاء اللّه؟ فوقع عليه السلام: يجوز ذلك مع الضرورة الشديدة «1».

و في المقام رواية رواها منصور بن حازم قال: سأله أحمد بن النعمان فقال:

اصلي في محملي و أنا مريض؟ قال: فقال: أما النافلة فنعم و أما الفريضة فلا قال:

و ذكر احمد شدة وجعه فقال: أنا كنت مريضا شديد المرض فكنت آمرهم اذا حضرت الصلاة يضخوني (يقيموني ينحوني ينيخوني) فاحتمل فراشي فاوضع و اصلي ثم احتمل بفراشي فاوضع في محملي «2».

و هذه الرواية تدل علي المنع و الرواية ضعيفة بعلي بن احمد بن أشيم.

فتحصل: ان المستفاد من النصوص جواز الصلاة في السفينة أو علي الدابة اذا اقتضت الضرورة و لا بد من رعاية الشرائط بقدر الامكان بمقتضي القاعدة فان الضرورة تقدر بقدرها و يستفاد أيضا هذا الامر من رواية ابن عذافر لكن عرفت ضعفها.

بقي في المقام شي ء و هو انه كتب سيدنا الاستاد في الهامش علي العروة:

«المراد به (الوقت) في المقام هو عدم التمكن من اداء تمام الصلاة بعد الخروج» و لا نفهم وجه الفرق بين الموردين فان قاعدة من أدرك المقتضية للتوسعة تقتضي التوسعة في المقام أيضا و

اللّه العالم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 313

و حينئذ ينحرف الي القبلة كلما انحرفت الدابة أو نحوها (1) و ان لم يتمكن من الاستقبال الا في تكبيرة الاحرام اقتصر عليه و ان لم يتمكن من استقبال اصلا سقط (2) و الاحوط استحبابا تحري الاقرب الي القبلة فالاقرب و كذا الحال في الماشي و غيره من المعذورين (3).

[مسألة 63: الأقوي جواز إيقاع الفريضة في جوف الكعبة الشريفة اختيارا]

(مسألة 63): الاقوي جواز ايقاع الفريضة في جوف الكعبة الشريفة اختيارا و ان كان الاحوط تركه (4) أما اضطرارا فلا اشكال

______________________________

(1) اذ الضرورات تقدر بقدرها مضافا الي النص الخاص.

(2) اذ الصلاة لا تسقط بحال فاشتراط القبلة يسقط.

(3) لا اشكال في أنه أحوط كما انه لا اشكال في حسنه.

(4) النصوص متعارضة فمنها ما يدل علي المنع كحديث محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: لا تصل المكتوبة في الكعبة «1».

و حديث معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تصلي المكتوبة في جوف الكعبة فان النبي صلي اللّه عليه و آله لم يدخل الكعبة في حج و لا عمرة و لكنه دخلها في الفتح فتح مكة و صلي ركعتين بين العمودين و معه اسامة بن زيد «2».

و منها: ما يدل علي الجواز كحديث يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: حضرت الصلاة المكتوبة و أنا في الكعبة أفا صلي فيها؟ قال:

صل «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب القبلة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 314

في جوازها (1) و كذا النافلة و لو اختيارا (2).

[مسألة 64: تستحب الصلاة في المساجد]

(مسألة 64) تستحب الصلاة في المساجد (3) و أفضلها المسجد

______________________________

و ما يقال: بأن الجمع بينهما يقتضي الحمل علي الكراهة غير سديد فان العرف يريهما متعارضين فلا بد من اعمال قواعد التعارض و المرجح في طرف المانع فان مقتضي قوله تعالي: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ وَ حَيْثُ مٰا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ «1» عدم الجواز و العامة أكثرهم ذهبوا الي الجواز و منهم الحنفية فالاظهر عدم الجواز.

(1) اذ تسقط الشرطية عند الضرورة.

(2) ادعي الاجماع علي جواز النافلة

في الكعبة و قد دلت جملة من النصوص علي الجواز في الجملة فلاحظ تلك النصوص الواردة في الباب 36 من أبواب مقدمات الطواف.

منها: ما رواه معاوية قال: رأيت العبد الصالح عليه السلام دخل الكعبة فصلي ركعتين الحديث «2» و حيث انه ليس في النصوص اطلاق فالحكم بالجواز علي نحو الاطلاق مشكل و مثله ما رواه اسماعيل بن همام «3».

(3) لاحظ ما رواه ابن سنان عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول:

ان اناسا كانوا علي عهد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ابطأوا عن الصلاة في المسجد فقال النبي صلي اللّه عليه و آله ليوشك قوم يدعون الصلاة في المسجد أن نأمر بحطب فيوضع علي أبوابهم فتوقد عليهم نار فتحرق عليهم بيوتهم «4» و غيره

______________________________

(1) البقرة/ 144 و 149 و 150

(2) الوسائل الباب 36 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب أحكام المساجد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 315

الحرام و الصلاة فيه تعدل الف الف صلاة (1) ثم مسجد النبي صلي اللّه عليه و آله و الصلاة فيه تعدل عشرة آلاف صلاة (2) ثم مسجد الكوفة (3) و الاقصي (4).

______________________________

مما ورد في الباب 2 من أبواب أحكام المساجد من الوسائل.

مضافا الي أن هذا الحكم من الواضحات التي لا يعتبر بها شك و لا ريب.

(1) لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله ابن أبي يعفور كم اصلي؟ فقال: صل ثمان ركعات عند زوال الشمس فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: الصلاة في مسجدي كألف في غيره الا المسجد الحرام فان الصلاة في المسجد الحرام تعدل

ألف صلاة في مسجدي «1».

(2) كما صرح في خبر أبي الصامت قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: صلاة في مسجد النبي صلي اللّه عليه و آله تعدل بعشرة آلاف صلاة «2».

(3) لاحظ ما روي أن الفريضة في مسجد الكوفة بألف فريضة و النافلة بخمسمائة و روي أن الفريضة فيه بحجة و النافلة بعمرة «3».

(4) لاحظ ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال:

صلاة في بيت المقدس تعدل الف صلاة و صلاة في المسجد الاعظم مأئة صلاة و صلاة في مسجد القبيلة خمس و عشرون صلاة و صلاة في مسجد السوق اثنتا عشرة صلاة و صلاة الرجل في بيته صلاة واحدة «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 57 من أبواب أحكام المساجد الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 44 من أبواب أحكام المساجد الحديث: 27 و 28

(4) الوسائل الباب 64 من أبواب أحكام المساجد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 316

و الصلاة فيهما تعدل الف صلاة (1) ثم مسجد الجامع و الصلاة فيه بمائة ثم مسجد القبيلة و فيه تعدل خمسا و عشرين ثم مسجد السوق و الصلاة فيه تعدل اثنتي عشرة صلاة (2) و صلاة المرأة في بيتها أفضل و أفضل البيوت المخدع (3).

[مسألة 65: تستحب الصلاة في مشاهد الائمة عليهم السلام]

(مسألة 65): تستحب الصلاة في مشاهد الائمة عليهم السلام بل قيل: انها أفضل من المساجد و قد ورد أن الصلاة عند علي عليه السلام بمأتي ألف صلاة (4).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه السكوني «1» و ما رواه في مصباح الزائر «2».

(2) لاحظ ما رواه السكوني «3».

(3) لاحظ ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها

و صلاتها في بيتها أفصل من صلاتها في الدار «4».

(4) لاحظ أبواب الجنان للشيخ خضر الشلال الفصل الثامن من الباب الثالث مستمسك العروة ج 5 ص 519 و لاحظ الروايات الواردة في الباب 83 من كتاب كامل الزيارات منها ما رواه جابر الجعفي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام للمفضل في حديث طويل في زيارة قبر الحسين عليه السلام: ثم تمضي الي صلاتك و لك بكل ركعة ركعتها عنده كثواب من حج ألف حجة و اعتمر ألف عمرة و اعتق

______________________________

(1) لاحظ ص: 315

(2) لاحظ ص: 315

(3) لاحظ ص: 315

(4) الوسائل الباب 30 من أبواب أحكام المساجد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 317

[مسألة 66: يكره تعطيل المساجد]

(مسألة 66): يكره تعطيل المساجد ففي الخبر ثلاثة يشكون الي اللّه تعالي: مسجد خراب لا يصلي فيه أحد و عالم بين جهال و مصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه (1).

[مسألة 67: يستحب التردد إلي المساجد]

(مسألة 67): يستحب التردد الي المساجد ففي الخبر من مشي الي مسجد من مساجد اللّه فله بكل خطوة خطاها حتي يرجع الي منزله عشر حسنات و محي عنه عشر سيئات و رفع له عشر درجات (2) و يكره لجار المسجد أن يصلي في غيره لغير علة و في الخبر لا صلاة لجار المسجد الا في مسجده (3).

[مسألة 68: يستحب للمصلي أن يجعل بين يديه حائلا إذا كان في معرض مرور أحد قدامه]

(مسألة 68): يستحب للمصلي أن يجعل بين يديه حائلا اذا كان في معرض مرور أحد قدامه و يكفي في الحائل عود أو حبل أو كومة تراب (4).

______________________________

ألف رقبة و كأنما وقف في سبيل اللّه ألف مرة مع نبي مرسل.

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب احكام المساجد الحديث: 1 و نحوه الحديث الثاني من الباب.

(2) الوسائل الباب 4 من ابواب أحكام المساجد الحديث: 3.

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب احكام المساجد الحديث: 1.

(4) لاحظ الروايات الواردة في الباب 12 من أبواب مكان المصلي من الوسائل منها: ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يجعل العنزة بين يديه اذا صلي «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 318

[مسألة 69: مواضع التي تكره الصلاة فيها]

(مسألة 69): قد ذكروا أنه تكره الصلاة في الحمام (1) و المزبلة و المجزرة (2) و الموضع المعد للتخلي (3) و بيت المسكر (4) و معاطن الابل و مرابط الخيل و البغال و الحمير و الغنم (5).

______________________________

(1) لاحظ مرسلة عبد اللّه بن الفضل «1».

(2) لاحظ ما روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه نهي عن الصلاة في سبعة مواطن: ظهر بيت اللّه و المقبرة و المزبلة و المجزرة و الحمام و عطن الابل و محجة الطريق «2».

(3) لاحظ ما روي عن دعائم الإسلام قال: و نهوا صلوات اللّه عليهم عن الصلاة في المقبرة و بيت الحش و بيت الحمام «3» و ما روي عن الجعفريات «4».

(4) لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تصلي في بيت فيه خمر أو مسكر «5» و

ما رواه الصدوق «6».

(5) لاحظ الروايات الواردة في الباب 17 من أبواب مكان المصلي من الوسائل منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في أعطان الابل قال: ان تخوفت الضيعة علي متاعك فاكنسه و انضحه و لا بأس بالصلاة في مرابض الغنم «7» و منها: ما رواه سماعة قال: لا تصل في مرابط الخيل

______________________________

(1) لاحظ ص: 319

(2) جواهر الكلام ج 8 ص: 340

(3) مستدرك الوسائل الباب 23 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 21 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(6) نفس المصدر الحديث: 2 و 3

(7) الوسائل الباب 17 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 319

بل في كل مكان قذر (1) و في الطريق (2) و اذا أضرت بالمارة حرمت و بطلت (3) و في مجاري المياه (4) و الارض السبخة (5) و بيت النار كالمطبخ (6).

______________________________

و البغال و الحمير «1» و منها ما رواه أيضا «2».

(1) لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

و سألته عن الصلاة في بيت الحجام من غير ضرورة قال: لا بأس اذا كان المكان الذي صلي فيه نظيفا «3» و غيره مما ورد في الباب 43 من ابواب مكان المصلي من الوسائل.

(2) لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: عشرة مواضع لا يصلي فيها: الطين و الماء و الحمام و القبور و مسان الطريق و قري النمل و معاطن الابل و مجري الماء و السبخ و الثلج «4» و لاحظ الروايات الواردة في الباب 19 من أبواب مكان المصلي من الوسائل.

(3) اذ

لا يجوز المزاحمة و مع عدم الجواز تصير الصلاة باطلة لعدم امكان مصداقية الحرام للواجب.

(4) لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام «5».

(5) لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام «6».

(6) لاحظ مرسلة محمد بن علي بن ابراهيم قال: لا يصلي في ذات الجيش

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 43 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 15 من أبواب مكان المصلي الحديث: 6 و 7

(5) مر آنفا

(6) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 320

و أن يكون أمامه نار مضرمة و لو سراجا (1) أو تمثال ذي روح (2) أو مصحف مفتوح (3) أو كتاب كذلك (4).

______________________________

الي أن قال و لا في بيت فيه نار «1».

(1) لاحظ الروايات في الباب 30 من أبواب مكان المصلي من الوسائل منها:

ما رواه علي بن جعفر عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرجل (هل يصلح له أن) يصلي و السراج موضوع بين يديه في القبلة قال: لا يصلح له أن يستقبل النار «2».

(2) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: اصلي و التماثيل قدامي و أنا انظر اليها؟ قال: لا اطرح عليها ثوبا و لا بأس بها اذا كانت عن يمينك أو شمالك أو خلفك أو تحت رجلك أو فوق رأسك و ان كانت في القبلة فألق عليها ثوبا وصل «3» و سائر الروايات الواردة في الباب 32 من أبواب مكان المصلي من الوسائل.

(3) لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت في الرجل يصلي و بين يديه مصحف مفتوح في قبلة قال: لا قلت: فان كان في

غلاف؟ قال: نعم «4» و ما رواه علي بن جعفر «5».

(4) لاحظ ما رواه علي ابن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل هل يصلح له أن ينظر في نقش خاتمه و هو في الصلاة كأنه يريد

______________________________

(1) بحار الأنوار ج 83 ص 327 حديث: 29

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 32 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 27 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(5) سيأتي

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 321

و الصلاة علي القبر و في المقبرة أو أمامه قبر و بين قبرين (1) و اذا كان في الاخيرين حائل أو بعد عشرة أذرع فلا كراهة (2) و أن يكون قدامه انسان مواجه له (3) و هناك موارد اخري للكراهة مذكورة في محلها.

______________________________

قراءته أو في المصحف أو في كتاب في القبلة؟ قال: ذلك نقص في الصلاة و ليس يقطعها «1».

(1) لاحظ ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عليهم السلام قال:

نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن يجصص المقابر و يصلي فيها و نهي أن يصلي الرجل في المقابر «2» و غيره مما ورد في الباب 25 من أبواب مكان المصلي من الوسائل.

(2) لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي بين القبور؟ قال: لا يجوز ذلك الا أن يجعل بينه و بين القبور اذا صلي عشرة أذرع من بين يديه و عشرة أذرع من خلفه و عشرة أذرع عن يمينه و عشرة أذرع عن يساره ثم يصلي ان شاء «3».

(3) لاحظ ما روي عن علي عليه السلام انه سئل عن المرور بين

يدي المصلي فقال: لا يقطع الصلاة شي ء و لا تدع من يمر بين يديك «4» و ما روي عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله «5» و لاحظ الروايات الواردة في الباب 11 من أبواب مكان المصلي من الوسائل.

______________________________

(1) المصدر السابق الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب مكان المصلي الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) مستدرك الوسائل الباب 7 من أبواب مكان المصلي

(5) نفس المصدر

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 322

[المقصد الخامس: أفعال الصلاة و ما يتعلق بها]

اشارة

المقصد الخامس:

أفعال الصلاة و ما يتعلق بها و فيه مباحث:

[المبحث الأول الأذان و الإقامة]
ااشارة

المبحث الاول الاذان و الاقامة و فيه فصول:

[الفصل الأول: في استحباب الأذان و الإقامة استحبابا مؤكدا في الفرائض اليومية]
اشارة

الفصل الاول: يستحب الاذان و الاقامة استحبابا مؤكدا في الفرائض اليومية اداءا و قضاء حضرا و سفرا في الصحة و المرض للجامع و المنفرد رجلا كان أو امرأة (1).

______________________________

(1) بلا كلام و لا اشكال نصا و فتوي بل ادعي الاجماع و الضرورة و يكفي لإثبات المدعي اطلاق الادلة و قد صرح في بعض النصوص باستحبابهما للمريض لاحظ ما رواه عمار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا بد للمريض أن يؤذن و يقيم اذا أراد الصلاة و لو في نفسه ان لم يقدر علي أن يتكلم به سئل فان كان شديد الوجع؟ قال: لا بد من أن يؤذن و يقيم لأنه لا صلاة الا بأذان و اقامة «1».

و يستفاد من جملة من النصوص استحباب الاذان و الاقامة علي الاطلاق: منها ما رواه يحيي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أذنت في أرض فلاة و أقمت صلي خلفك صفان من الملائكة و ان أقمت و لم تؤذن صلي خلفك صف واحد «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: انك اذا أنت أذنت و أقمت صلي خلفك صفان من الملائكة و ان أقمت اقامة بغير اذان صلي خلفك صف واحد «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 323

و يتأكدان في الادائية منها (1) و خصوص المغرب و الغداة (2).

______________________________

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أذنت و أقمت

صلي خلفك صفان من الملائكة و اذا أقمت صلي خلفك صف من الملائكة «1» و منها غيرها من الروايات الواردة في الباب 4 من أبواب الاذان و الاقامة من الوسائل.

مضافا الي أنه لو كان الاذان واجبا لكان أمرا واضحا بل يستفاد من حديث ابن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الاذان مثني مثني و الاقامة مثني مثني و لا بد في الفجر و المغرب من أذان و اقامة في الحضر و السفر لأنه لا يقصر فيهما في حضر و لا سفر و تجزئك اقامة بغير اذان في الظهر و العصر و العشاء الآخرة و الاذان و الاقامة في جميع الصلوات أفضل «2» ان الاذان و الاقامة في جميع الصلوات أمران مستحبان.

(1) نقل عليه الاجماع عن التذكرة «3».

(2) و الدليل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه أبو بصير عن أحدهما عليهما السلام في حديث قال: ان كنت وحدك تبادر أمرا تخاف أن يفوتك تجزيك اقامة الا الفجر و المغرب فانه ينبغي أن تؤذن فيهما و تقيم من أجل أنه لا يقصر فيهما كما يقصر في سائر الصلوات «4» و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني.

و منها: ما رواه الصباح بن سيابة قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: لا تدع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 2

(3) جواهر الكلام ج 9 ص: 26

(4) الوسائل الباب 6 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 324

______________________________

الاذان في الصلوات كلها فان تركته فلا تتركه في المغرب و الفجر فانه ليس فيهما تقصير «1» و الصبّاح لم يوثق فالسند ضعيف.

و منها: ما رواه صفوان ابن مهران «2».

و

منها: ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تجزئك في الصلاة اقامة واحدة الا الغداة و المغرب «3».

و منها: ما رواه سماعة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا تصلي الغداة و المغرب إلا بأذان و اقامة و رخص في سائر الصلوات بالاقامة و الاذان أفضل «4».

و ربما يقال: بأن المستفاد من بعض النصوص الوجوب و يعارض ما دل علي الوجوب في المغرب ما رواه عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الاقامة بغير الاذان في المغرب فقال: ليس به بأس و ما أحب أن يعتاد «5».

و حيث ان العلة في المغرب و الصبح واحدة فالحكم فيهما واحد وجوبا و استحبابا.

توضيح المقام انه يستفاد من هذه الرواية بضميمة العلة المشار اليها أن الاذان غير واجب في المغرب و الصبح و يكون الاعتياد بالترك مرجوحا فلا تعارض بين الطائفتين.

و لو فرض التعارض يكون المرجع بعد التعارض و التساقط اطلاقات عدم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 323

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب الاذان الاقامة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 325

و اشدهما تأكدا الاقامة خصوصا للرجال (1).

______________________________

الوجوب و بعد الاغماض عنها البراءة عن الوجوب كما هو ظاهر.

و يدل علي عدم الوجوب مطلقا ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل هل يجزيه في السفر و الحضر اقامة ليس معها اذان؟ قال: نعم لا بأس به «1».

و أما وجوب الاقامة في المغرب و الصبح و عدم وجوبها في غيرهما فلا

يمكن الالتزام به كما سيتضح لك إن شاء اللّه عن قريب.

(1) ربما يقال بالوجوب و ما يمكن أن يستدل به للوجوب عدة نصوص منها:

ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن الصادق عليه السلام انه قال: يجزي في السفر اقامة بغير اذان «2» و هذه الرواية لا تدل الا علي كون الاقامة مجزية و أما كون المجعول الوجوب أو الاستحباب فلا.

و منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي «3» و الجواب هو الجواب.

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الرجل يؤذن و يقيم ليصلي وحده فيجي ء رجل آخر فيقول له: نصلي جماعة هل يجوز أن يصليا بذلك الاذان و الاقامة؟ قال: لا و لكن يؤذن و يقيم «4».

و فيه: انه لا يظهر من هذه الرواية الا أنه لا يجزي ما أتي به سابقا و أما المجعول هو الاستحباب أو الوجوب فلا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) مر آنفا

(4) الوسائل الباب 27 من أبواب الاذان و الاقامة

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 326

______________________________

و منها: ما رواه عمار «1» و تقريب الاستدلال: ان الظاهر من النفي نفي الصحة كقوله: لا صلاة الا بفاتحة الكتاب و كقوله: لا صلاة لمن لم يقم صلبه لا نفي الكمال.

و فيه: ان الظاهر من قوله عليه السلام: لا صلاة الا باذان و اقامة ان الاستثناء واحد اي يكون المستثني واحدا و هو مجموع الاذان و الاقامة و حيث انه ثبت عدم وجوب الاذان فالاقامة كذلك فالمقصود بالنفي نفي الكمال.

و لو اغمض عما ذكر و قلنا: ان الاستثناء متعدد و عليه نأخذ بالظهور بالنسبة الي الاقامة

و نرفع اليد عنه بالنسبة الي الاذان نظير ما يقال في اغتسل للجمعة و الجنابة حيث انه نرفع اليد عن ظهور الامر في الوجوب بالنسبة الي غسل الجمعة لقيام الدليل علي عدم الوجوب.

نقول: صيغة الامر في قوله: «اغتسل» استعملت في الطلب و من الاطلاق و عدم بيان جواز الترك يفهم الوجوب و حيث انه لم يقم بالنسبة الي الجنابة نبقي الظهور بحاله و لكن في المقام ليس الامر كذلك اذ المراد بقوله: «لا صلاة» اما نفي الحقيقة و الصحة بالنسبة الي كل من الاذان و الاقامة عند فقدهما و اما نفي الكمال كذلك و اما الجامع بين الامرين و اما نفي الحقيقة بالنسبة الي فقد الاقامة و نفي الكمال بالنسبة الي فقد الاذان.

أما الاول فخلاف الواقع و أما الثاني فعلي خلاف المطلوب و علي الثالث يكون الكلام مجملا و علي الرابع يكون خلاف الظاهر و بدون القرينة لا يصار اليه و ان شئت قلت: ان استعمال اللفظ في أكثر من معني واحد و ان كان أمرا ممكنا لكن لا يصار اليه الا بالدليل.

______________________________

(1) لاحظ ص: 322

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 327

______________________________

و منها: ما رواه صفوان بن مهران «1» و الكلام فيه هو الكلام في موثق عمار فلا نعيد مضافا الي قوله عليه السلام في ذيل الرواية «و الاذان و الاقامة في جميع الصلوات افضل» حيث انه يفهم من هذه الجملة ان الاذان و الاقامة ليسا من شرائط الصلوات بل الفرد الافضل منها ما يكون مع الاذان و الاقامة فلا يبقي مجال للأخذ بظهور الصدر.

و منها: ما رواه سماعة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا تصل الغداة و المغرب الا باذان و اقامة و

رخص في سائر الصلوات بالاقامه و الاذان أفضل «2».

و الكلام فيه هو الكلام في سابقه اذ الوارد في الرواية و ان كان بصيغة النهي لكن النهي ارشادي فانه يرشد الي أن الصلاة لا تتحقق الا بالاذان و الاقامة فيتوجه السؤال بأن المراد بعدم التحقق بدونهما عدم تحقق الصحيح أو الكامل أو الجامع أو كلا الامرين فالاشكال هو الاشكال فلا يستفاد منه وجوب الاقامة بل يستفاد منه العدم فان وحدة السياق تقتضي التسوية بين الاذان و الاقامة و الظاهر انه عليه السلام في مقام بيان الحكم و تفهيم المخاطب و كون الكلام مجملا غير مفهم للمعني خلاف الاصل الاولي فلاحظ.

و منها: ما دل علي جواز قطع الصلاة فيما نسي الاقامة و دخل في الصلاة لان يتدارك الاقامه لاحظ ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل ينسي أن يقيم الصلاة و قد افتتح الصلاة قال: ان كان قد فرغ من صلاته فقد تمت صلاته و ان لم يكن فرغ من صلاته فليعد «3».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا افتتحت الصلاة فنسيت

______________________________

(1) لاحظ ص: 323

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 28 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 328

______________________________

أن تؤذن و تقيم ثم ذكرت قبل أن تركع فانصرف و أذن و أقم و استفتح الصلاة و ان كنت قد ركعت فأتم علي صلاتك «1».

بتقريب: انه لو لم تكن الاقامة واجبة لما كان وجه لقطع الصلاة لتدارك الاقامة. و فيه: ان جواز القطع أو استحبابه لا يلازم وجوب الاقامة فانه من الممكن ان يكون الملاك في

الاقامة بحد يقتضي رفع اليد عن الصلاة لتدارك ذلك.

لكن يمكن أن يقال: بأنه يستفاد من جملة من النصوص المشار اليها انه يجب قطع الصلاة للتدارك و لا يمكن أن تكون الاقامة مستحبة و مع ذلك يكون القطع واجبا و ما يمكن أن يقال: بأن الامر بالقطع حيث انه في مقام توهم الحظر فلا يدل علي الوجوب ليس تاما فان السائل كما يحتمل الحظر يحتمل الوجوب و في مقام تعلم وظيفته و لا وجه لرفع اليد عن الامر بالقطع.

و ان شئت قلت: ان الامر بالقطع ارشاد الي شرطية الاقامة لكن يمكن أن يجاب بنحو آخر و هو ان بعض النصوص يدل علي أن الناسي للإقامة ان فرغ من الصلاة فلا شي ء عليه و ان لم يفرغ منها يعيد و يقيم لاحظ ما رواه علي بن يقطين «2»

و بعضها يدل علي أنه لو دخل في الصلاة يتم الصلاة و لا شي ء عليه لاحظ ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل نسي الاذان و الاقامة حتي دخل في الصلاة قال: فليمض في صلاته فانما الاذان سنة «3».

و ما رواه داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل نسي الاذان

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 327

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 329

______________________________

و الاقامة حتي دخل في الصلاة قال: ليس عليه شي ء «1»

و بعضها يدل علي التفصيل بين التذكر قبل الركوع و بعده لاحظ ما رواه الحلبي «2» و بعضها يدل علي التفصيل بين الدخول في القراءة و عدمه لاحظ ما رواه حسين بن أبي العلاء عن

أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يستفتح صلاته المكتوبة ثم يذكر أنه لم يقم قال: فان ذكر أنه لم يقم قبل أن يقرأ فليسلم علي النبي صلي اللّه عليه و آله ثم يقيم و يصلي و ان ذكر بعد ما قرأ بعض السورة فليتم علي صلاته «3».

فيقع التعارض بين القسم الثالث و القسم الرابع و بعد تساقطهما نقول: لو كان مقتضي القاعدة الجمع بين القسم الاول و القسم الثاني بالالتزام بجواز القطع لا وجوبه فهو و أما لو قلنا: بأن مقتضي القاعدة اعمال قانون التعارض فالتعارض يوجب تساقطهما فلا دليل علي وجوب القطع فلاحظ.

لكن لا يخفي ان الترجيح مع ما دل علي وجوب القطع حيث ان الدليل عن أبي الحسن عليه السلام و ذكرنا ان الاحدثية من المرجحات.

و منها: ما دل علي أن الاقامة من الصلاة لاحظ ما رواه سليمان بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يقيم أحدكم الصلاة و هو ماش و لا راكب و لا مضطجع الا أن يكون مريضا و ليتمكن في الاقامة كما يتمكن في الصلاة فانه اذا أخذ في الاقامة فهو في صلاة «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 327

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 13 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 330

______________________________

و ما رواه يونس الشيباني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: أؤذن و أنا راكب؟ قال: نعم قلت: فاقيم و أنا راكب؟ قال: لا قلت: فاقيم و رجلي في الركاب؟ قال: لا قلت: فاقيم و أنا قاعد؟ قال: لا قلت: فاقيم و أنا ماش؟ قال:

نعم ماش الي الصلاة قال: ثم قال: اذا أقمت الصلاة فأقم مترسلا فانك في الصلاة قال: قلت له: قد سألتك اقيم و أنا ماش؟ قلت لي: نعم فيجوز أن أمشي في الصلاة؟

فقال: نعم اذا دخلت من باب المسجد فكبرت و أنت مع امام عادل ثم مشيت الي الصلاة أجزأك ذلك الحديث «1».

و رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع مثله الي قوله: أجزأك ذلك الا أنه ترك قوله: فاقيم و رجلي في الركاب الي قوله: اقيم و أنا ماش «2».

و السند في هذه الروايات الثلاث ضعيف بصالح بن عقبة.

و منها: ما دل علي اشتراطها بالطهارة و عدم جواز الكلام بعدها و القيام و التمكن و الاستقبال لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تؤذن و أنت علي غير وضوء في ثوب واحد قائما أو قاعدا و اينما توجهت و لكن اذا أقمت فعلي وضوء متهيئا للصلاة «3».

و ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس للمسافر أن يؤذن و هو راكب و يقيم و هو علي الارض قائم «4».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: يؤذن الرجل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 10

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 331

______________________________

و هو قاعد: قال: نعم و لا يقيم الا و هو قائم «1».

و ما رواه احمد بن محمد عن عبد صالح عليه السلام قال: يؤذن الرجل و هو جالس و لا يقيم الا و هو قائم و قال: تؤذن و أنت راكب و لا تقيم الا و أنت علي الارض «2».

و ما رواه أبو

بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام قال: لا باس بأن تؤذن راكبا أو ماشيا أو علي غير وضوء و لا تقم و أنت راكب أو جالس الا من علة أو تكون في ارض ملصة «3».

و ما رواه يونس الشيباني «4» و غيرها من الروايات الواردة في الباب 13 من أبواب الاذان و الاقامة من الوسائل.

و فيه: ان اشتراطها بها مع تمامية الدليل عليها و عدم معارضته بخلافه أعم من وجوبها كما هو ظاهر فان جميع المستحبات مشروطة بشروط علي اختلافها.

و منها: ما دل علي عدم الاذان و الاقامة علي النساء لاحظ ما رواه جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة أ عليها أذان و اقامة فقال لا «5»

بتقريب: انه لا شبهة في استحبابها عليهن فنفي الاقامة عنهن ناظر الي نفي وجوبها فيدل علي وجوبها علي الرجال. و فيه: انه يتوقف علي الالتزام بمفهوم اللقب الذي لا نلتزم به.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) لاحظ ص: 330

(5) الوسائل الباب 14 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 332

______________________________

ان قلت: الجمع بين كونها مستحبة في حقها و نفيها عنها يقتضي أن يكون الاستثناء بلحاظ الوجوب. قلت: ان هذا الظهور ليس بحد يكون مدركا للحكم الشرعي فانه كما يمكن أن يكون الاستثناء بلحاظ الوجوب كذلك يمكن أن يكون بلحاظ تأكد الاستحباب فان للاستحباب مراتب فان تلك الآكدية ليست في حق المرأة لجهات مزاحمة.

و منها: ما تضمن الامر بالاذان و الاقامة عند ارادة الصلاة لاحظ ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قمت الي صلاة فريضة

فأذن و أقم و افصل بين الاذان و الاقامة بقعود أو بكلام او بتسبيح «1».

و الحق أنه لا يمكن انكار دلالة هذه الرواية علي الوجوب لكن يعارض هذه الطائفة ما دل علي أنه لو صلي مع الاذان و الاقامة يصلي خلفه صفان من الملائكة و لو صلي مع الاقامة يصلي خلفه صف واحد لاحظ ما رواه يحيي الحلبي «2» و ما رواه محمد بن مسلم «3» و ما رواه الحلبي «4» و غيرها مما ورد في الباب 4 من أبواب الاذان و الاقامة من الوسائل فانه يفهم من هذه الطائفة ان الصلاة بلا اذان و لا اقامة صحيحة غاية الامر لا يقتدي بالمصلي من الملائكة فتأمل.

فيقع التعارض بين الطائفتين و أيضا يعارضها ذيل رواية صفوان بن مهران «5» حيث قلنا ان قوله عليه السلام: «و الاذان و الاقامة في جميع الصلوات أفضل»

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 322

(3) لاحظ ص: 323

(4) لاحظ ص: 323

(5) لاحظ ص: 323

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 333

بل الاحوط استحبابا لهم الاتيان بها (1) و لا يشرع الاذان و لا الاقامة في النوافل و لا في الفرائض غير اليوميه (2).

______________________________

يدل علي الاستحباب و عدم الوجوب فلو قلنا: بأن مقتضي الجمع العرفي رفع اليد عن دليل الوجوب بدليل الاستحباب و حمل دليل الوجوب علي الندب فهو و الا فيشكل الامر حيث ان المرجح في طرف الوجوب اذ العامة قائلون بأنها سنة و الرشد في خلافهم راجع كتاب «الفقه علي المذاهب الخمسة» لمغنية.

مضافا الي أنا ذكرنا ان رواية علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام «1» حيث انها متأخرة و حادثة فلا بد من الاخذ

بها فانها تنسخ ما قبلها كما في الخبر «2»

و عليه يكون مقتضي القاعدة و الجمع بين روايات الباب الوجوب و لكن مع ذلك لا نلتزم به اذ لو كانت الاقامة واجبة لكان من الامور الواضحة المسلمة عند الكل فمن عدم وضوح هذا الامر بل وضوح خلافه بحيث لا يستنكر ترك الاقامة حتي من الاتقياء يكشف أن الامر ليس كذلك.

و مما يؤكد المدعي انه يظهر مما نقل عن الشيخ انه التزم بعدم الوجوب و الحال ان الاقامة لو كانت واجبة كيف يمكن أن يخفي علي مثله مع قرب عهده بعهد المعصومين عليهم السلام و اطلاعه علي الروايات المروية عنهم و ورعه و مقامه الشامخ من جميع الجهات و اللّه العالم.

(1) قد ظهر وجه الاحتياط مما ذكرناه.

(2) تارة يبحث في المقتضي و اخري في المانع و يكون البحث عن الاول مقدما طبعا أما الكلام من حيث المقتضي فالظاهر انه لا قصور فيه لوجود الاطلاق

______________________________

(1) لاحظ ص: 327

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب صفات القاضي الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 334

[مسألة 70: يسقط الأذان للعصر عزيمة يوم عرفة إذا جمعت مع الظهر]

(مسألة 70): يسقط الاذان للعصر عزيمة يوم عرفة اذا جمعت مع الظهر (1).

______________________________

في بعض النصوص لاحظ ما رواه عمار «1» و انما الكلام في المانع و العمدة الاجماع و التسالم و وضوح الامر فانه نقل عن العلامة ادعاء الاجماع في عدة من كتبه بل عن بعض كتبه ادعاء انه اجماع علماء الإسلام مضافا الي أن السيرة الخارجية أحس شاهد علي عدم المشروعية بحيث لو بادر أحد الي الاذان في غير الصلوات الخمس ليعد مستهجنا و يدل علي المطلوب في الجملة ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ليس يوم الفطر و لا يوم الاضحي

أذان و لا اقامة أذانهما طلوع الشمس اذا طلعت خرجوا و ليس قبلهما و لا بعدهما صلاة «2».

و يؤيد المدعي ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قلت له: أ رأيت صلاة العيدين هل فيهما أذان و اقامة؟ قال: ليس فيهما أذان و لا اقامة و ليكن ينادي الصلاة ثلاث مرات «3».

لكن اسناد الصدوق و الشيخ كليهما ضعيفان الي اسماعيل بن جابر و أما حديث زرارة فانما يدل بالنسبة الي صلاة العيد نعم يمكن أن يقال: انه لو لم يشرع الأذان و الاقامة في صلاة العيدين لا يكون مشروعا في غيرهما بالاولوية فتأمل.

(1) لما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: السنة في الاذان يوم عرفة أن يؤذن و يقيم للظهر ثم يصلي ثم يقوم فيقيم للعصر بغير أذان و كذلك في المغرب و العشاء بمزدلفة «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 322 و الوسائل الباب 11 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة العيد الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 36 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 335

و للعشاء ليلة المزدلفة اذا جمعت مع المغرب (1).

[مسألة 71: يسقط الأذان و الإقامة جميعا في موارد]

(مسألة 71): يسقط الاذان و الاقامة جميعا في موارد: الاول:

في الصلاة جماعة اذا سمع الامام الاذان و الاقامة في الخارج (2).

الثاني: الداخل في الجماعة التي أذنوا لها و أقاموا و ان لم يسمع (3).

______________________________

و لا مجال لان يقال: بأن اطلاق الرواية يقتضي عدم الفرق في السقوط بين الجمع و عدمه اذ الظاهر من الرواية صورة الجمع.

(1) و يدل عليه ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال: لا

تصلي المغرب حتي تأتي جمعا فصل بها المغرب و العشاء الآخرة بأذان و اقامتين «1» و غيره مما ورد في الباب: 6 من أبواب الوقوف بالمشعر و ما رواه ابن سنان و قد مر آنفا.

(2) لاحظ ما رواه عمرو بن خالد «2».

(3) بلا خلاف كما في بعض الكلمات و يدل عليه ما رواه معاوية بن شريح عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا جاء الرجل مبادرا و الامام راكع أجزأه تكبيرة واحدة الي أن قال: و من أدركه و قد رفع رأسه من السجدة الاخيرة و هو في التشهد فقد أدرك الجماعة و ليس عليه أذان و لا اقامة و من أدركه و قد سلم فعليه الاذان و الاقامة «3» و هذه الرواية ساقطه سندا بابن شريح.

و قد استدل سيد المستمسك قدس سره علي المدعي باحاديث: احدها ما رواه

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث: 1

(2) سيأتي في المباحث الآتية

(3) الوسائل الباب 65 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 336

______________________________

عمار «1» بتقريب: أن السائل كان في ذهنه أنه يكفيه اذان الامام و اقامته فيما كان اماما للجماعة.

و لكن لا يمكن المساعدة عليه فان مفروغية الاكتفاء باذان الجماعة لا تستفاد من الرواية.

ثانيها: خبر محمد بن عذافر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أذن خلف من قرأت خلفه «2».

و هذه الرواية لا تدل علي المدعي فانه لا يستفاد منها انه لو دخل في الجماعة الصحيحة ليس عليه اذان و اقامة بل المستفاد من هذه الرواية ان الايتمام بالمخالف لا يقتضي السقوط و أما مورد السقوط فالرواية ساكتة عنه مضافا الي أن ابا اسحاق الموجود في السند لم تثبت

وثاقته.

ثالثها: ما رواه أبو مريم الانصاري قال: صلي بنا أبو جعفر عليه السلام في قميص بلا ازار و لا رداء و لا اذان و لا اقامة الي أن قال فقال: و اني مررت بجعفر و هو يؤذن و يقيم فلم اتكلم فأجزأ في ذلك «3» مضافا الي الاشكال في دلالتها علي المدعي.

و هذه الرواية ساقطة سندا بصالح بن عقبة.

رابعها: ما رواه معاوية بن شريح «4» لكن العمدة هي السيرة الجارية فانه لا اشكال في السقوط.

و الرواية ساقطة سندا كما مر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 325

(2) الوسائل الباب 34 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 335

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 337

الثالث: الداخل الي المسجد قبل تفرق الجماعة (1) سواء صلي جماعة اماما أم مأموما (2) أم صلي منفردا (3) بشرط الاتحاد في المكان عرفا فمع كون احداهما في أرض المسجد و الاخري علي سطحه يشكل السقوط (4).

______________________________

(1) الحكم في الجملة اجماعي- كما قيل- و العمدة النصوص في المقام فلا بد من ملاحظتها منها: ما رواه أبو بصير فقال: سألته عن الرجل ينتهي الي الامام حين يسلم قال: ليس عليه أن يعيد الاذان فليدخل معهم في اذانهم فان وجدهم قد تفرقوا أعاد الاذان «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يدخل المسجد و قد صلي القوم أ يؤذن و يقيم؟ قال: ان كان دخل و لم يتفرق الصف صلي بأذانهم و اقامتهم و ان كان تفرق الصف أذن و أقام «2».

(2) و يدل عليه ما رواه زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: دخل رجلان

المسجد و قد صلي الناس فقال لهما علي عليه السلام ان شئتما فليؤم أحدكما صاحبه و لا يؤذن و لا يقيم «3».

(3) و يدل عليه حديث أبي بصير الثاني بل هذه الرواية باطلاقها تشمل جميع الاقسام المذكورة في المتن.

(4) فانه الظاهر من النص بلا اشكال.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 338

و يشترط أيضا أن تكون الجماعة السابقة بأذان و اقامة (1) فلو كانوا تاركين لهما لاجتزائهم بأذان جماعة سابقة عليها و اقامتها فلا سقوط (2) و أن تكون صلاتهم صحيحة فلو كان الامام فاسقا مع علم المأمومين به فلا سقوط (3) و في اعتبار كون الصلاتين ادائيتين و اشتراكهما في الوقت اشكال (4) و الاحوط الاتيان حينئذ بهما برجاء المطلوبية بل

______________________________

(1) فانه الظاهر من الدليل بل صرح في بعض النصوص «1».

(2) فان الظاهر من خبر أبي بصير ان الملاك أذانهم و اقامتهم كما هو أو ضح من أن يخفي.

(3) فان الظاهر من النص ان مصداقا من المأمور به يجزي عن المصداق الاخر و مع فرض البطلان لا موضوع للقضية.

(4) أما اشتراط كونهما ادائيتين فلا اري وجها وجيها له فانه لا يبعد أن تكون الرواية مطلقة من هذه الجهات و طريق الاحتياط ظاهر كما أنه لو كان مجملا او شك في الظهور يكون المرجع الاطلاقات الاولية الدالة علي الجعل فلاحظ.

كما ان شرطية الاشتراط في الوقت محل الاشكال لإطلاق بعض النصوص.

و أفاد سيد المستمسك قدس سره بأن اذان نفسه قبل الوقت لا يجزيه فكيف باذان غيره.

و يرد عليه ان أذان نفسه لو كان قبل الوقت لا يكون مطلوبا و مأمورا

به للمولي بخلاف اذان غيره في مفروض الكلام فان المفروض ان أذان الجماعة صدر من أهله و وقع في محله فالقياس مع الفارق.

______________________________

(1) لاحظ الحديث الثاني لأبي بصير ص: 337

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 339

الظاهر جواز الاتيان بهما في جميع الصور برجاء المطلوبية (1) و كذا اذا كان المكان غير مسجد (2).

الرابع: اذا سمع شخصا آخر يؤذن و يقيم للصلاة (3).

______________________________

(1) الذي يختلج بالبال ان السقوط عزيمة اذ بعد قيام الدليل علي الاجزاء و الاكتفاء لا دليل علي المشروعية و لكن لا اشكال في أن باب الرجاء واسع كما ان طريق الاحتياط ظاهر.

(2) لا مجال لجريان الحكم و السراية الي غير المسجد اذ لا دليل عليه فان النصوص واردة في خصوص المسجد نعم ما رواه أبو بصير «1» مطلق لكن السند ضعيف بصالح (خالد) ابن سعيد فان الرواية عن الكافي و المذكور فيه صالح بن سعيد و هو لم يوثق فراجع و عليه لا مجال للتسرية بلا اشكال و باب الرجاء واسع.

(3) قال في الحدائق: «انه لا خلاف بين الاصحاب في أنه اذا سمع الامام اذان مؤذن جاز له أن يجتزأ به في الجماعة».

و العمدة النصوص الواردة في المقام فانه لا بد من ملاحظتها و مقدار دلالتها فنقول: منها ما رواه أبو مريم الانصاري «2» و هذه الرواية ضعيفة بصالح بن عقبة.

و منها: ما رواه اسماعيل بن جابر أن أبا عبد اللّه عليه السلام كان يؤذن و يقيم غيره قال: و كان يقيم و قد أذن غيره «3» و الرواية مرسلة.

______________________________

(1) لاحظ الحديث الاول لأبي بصير ص: 337

(2) لاحظ ص: 336

(3) الوسائل الباب 31 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص:

340

______________________________

و منها ما أرسله الصدوق قال: كان علي عليه السلام يؤذن و يقيم غيره و كان يقيم و قد أذن غيره «1» و الرواية مرسلة.

و منها: ما رواه عبد السلام بن صالح الهروي عن علي بن موسي الرضا عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لما عرج بي الي السماء أذن جبرئيل مثني مثني و أقام مثني مثني ثم قال لي: تقدم يا محمد الي أن قال:

فتقدمت و صليت بهم و لا فخر «2» و الرواية ضعيفة بعباس بن عبد اللّه.

و منها: ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لما اسري برسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و حضرت الصلاة أذن جبرئيل و أقام الصلاة فقال:

يا محمد تقدم فقال له رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: تقدم يا جبرئيل فقال له: انا لا نتقدم علي الآدمين منذ امرنا بالسجود لآدم «3» و الرواية ضعيفة بعبد الواحد مضافا الي أن في القتيبي أيضا اشكالا.

و منها: ما رواه ابن عباس في حديث قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لما عرج بي الي السماء الرابعة أذن جبرئيل و أقام ميكائيل ثم قيل لي: ادن يا محمد فتقدمت فصليت بأهل السماء الرابعة «4» و الرواية ضعيفة بعبد اللّه بن موسي.

و منها: ما رواه عمرو بن خالد عن أبي جعفر عليه السلام قال: كنا معه فسمع اقامة جار له بالصلاة فقال: قوموا فقمنا فصلينا معه بغير أذان و لا اقامة قال: و يجزيكم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 341

______________________________

أذان

جاركم «1» و هذه الرواية لا بأس بها و يستفاد منها ان سماع أذان الغير أو اقامته يجزي.

و منها: ما رواه ابن سنان «2» و هذه الرواية أيضا لا بأس بها و حيث انه لا اطلاق فيها بمعني ان المولي لا يكون في مقام البيان من ناحية السماع و عدمه فالقدر المتيقّن انه اذا سمع أذان الغير يجوز الاجتزاء.

و صاحب المستمسك استدل علي المدعي بالنصوص الدالة علي عدم البأس باذان غير البالغ و الروايات الواردة في هذا الباب أربع:

احداها: ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم «3».

ثانيتها: ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يقول: لا بأس أن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم «4».

ثالثتها: ما رواه طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال:

لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم «5».

رابعتها: ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالغلام الذي لم يبلغ الحلم أن يؤم القوم و أن يؤذن «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 32 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

(6) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 342

اماما كان الآتي بهما أم مأموما أم منفردا (1) و كذا في السامع (2) بشرط سماع تمام الفصول (3) و ان سمع بعضها اتم ما بقي (4) بشرط

______________________________

و الثانية: منها سندها مخدوش بغياث بن كلوب فانه لم يوثق

مضافا الي أن الحسن بن موسي الخشاب لم يوثق أيضا اذ قيل في حقه: انه من وجوه اصحابنا و هذا المقدار أعم من التوثيق و في سند الثالثة منها طلحة بن زيد و هو لم يوثق فيبقي الاولي و الرابعة و لكن العمدة الاشكال في الدلالة علي المدعي فان المستفاد من هذه الروايات ان اذان غير البالغ لا بأس به فمن الممكن أن يكون المراد أن أذانه الا علامي لا بأس به.

و بعبارة اخري: لا يستفاد من هذه الروايات مورد الاكتفاء و الاجزاء نعم لو علم من الخارج الاجتزاء بأذان الغير في مورد يجوز الاكتفاء بأذان غير البالغ في ذلك المورد فلاحظ.

(1) للإطلاق.

(2) الظاهر انه لا مانع من الاخذ بالاطلاق فان مقتضي حديث ابن سنان «1» كفاية اذان الغير بلا فرق بين أن يكون الغير منفردا أو جامعا اماما أو مأموما و هكذا الكلام في خبر عمرو بن خالد «2».

(3) لعدم صدق الموضوع علي الناقص فان نصف الاذان ليس أذانا و ان شئت قلت: ان التناسب بين الحكم و الموضوع يقتضي أن يكون المراد من الاذان و الاقامه الفرد الصحيح منهما و من الظاهر ان الناقص لا يكون صحيحا فما أفاده صحيح و لو لم نقل بأن اللفظ موضوع لخصوص الصحيح.

(4) لرواية ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أذن مؤذن فنقص

______________________________

(1) لاحظ بعيد هذا

(2) لاحظ ص: 340

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 343

مراعاة الترتيب (1) و ان سمع احدهما لم يجز عن الاخر (2).

[الفصل الثاني: فصول الأذان ثمانية عشر]

الفصل الثاني:

فصول الاذان ثمانية عشر

اللّه أكبر أربع مرات ثم أشهد أن لا إله الا اللّه ثم أشهد أن محمدا رسول اللّه ثم حي علي الصلاة ثم حي علي

الفلاح ثم حي علي خير العمل ثم اللّه أكبر ثم لا إله الا اللّه كل فصل مرتان (3).

______________________________

الاذان و أنت تريد أن تصلي بأذانه فاتم ما نقص هو من اذانه «1» فانها صريحة في المدعي.

(1) فان مقتضي ادلة الترتيب ذلك كما هو ظاهر.

(2) لعدم الدليل.

(3) الروايات الواردة في المقام مختلفة منها: ما رواه اسماعيل الجعفي قال:

سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الاذان و الاقامة خمسة و ثلاثون حرفا فعد ذلك بيده واحدا واحدا الاذان ثمانية عشر حرفا و الاقامة سبعة عشر حرفا «2» و هذه الرواية ساقطة بمحمد بن عيسي.

و منها: ما رواه أبو الربيع عن أبي جعفر عليه السلام في حديث الاسراء قال: ثم أمر جبرئيل عليه السلام فأذن شفعا و أقام شفعا و قال في اذانه حي علي خير العمل ثم بقدم محمد صلي اللّه عليه و آله فصلي بالقوم «3» و الرواية ضعيفة

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 344

______________________________

بأبي الربيع.

و منها: ما رواه المعلي بن خنيس قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يؤذن فقال: اللّه أكبر اللّه أكبر اللّه أكبر اللّه أكبر أشهد أن لا إله الا اللّه أشهد أن لا إله الا اللّه أشهد أن محمدا رسول اللّه أشهد أن محمدا رسول اللّه حي علي الصلاة حي علي الصلاة حي علي الفلاح حي علي الفلاح حي علي خير العمل حي علي خير العمل اللّه اكبر اللّه اكبر لا إله الا اللّه لا إله الا اللّه.

و بالاسناد مثله الا انه ترك حي علي خير العمل.

و قال مكانه: حتي

فرغ من الاذان و قال في آخره: اللّه اكبر اللّه أكبر لا إله الا اللّه لا إله الا اللّه «1».

و الرواية ضعيفة بالمعلي فان الاقوال فيه مختلفة.

و منها: ما رواه أبو بكر الحضرمي و كليب الاسدي جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه حكي لهما الاذان فقال:

اللّه أكبر اللّه اكبر اللّه أكبر اللّه اكبر أشهد أن لا إله الا اللّه أشهد ان لا إله الا اللّه أشهد أن محمدا رسول اللّه أشهد أن محمدا رسول اللّه حي علي الصلاة حي علي الصلاة حي علي الفلاح حي علي الفلاح حي علي خير العمل حي علي خير العمل اللّه أكبر اللّه أكبر لا إله الا اللّه لا إله الا اللّه و الاقامة كذلك.

و رواه الصدوق باسناده عن أبي بكر الحضرمي و كليب الاسدي و زاد:

و لا بأس أن يقال في صلاة الغداة علي أثر حي علي خير العمل: الصلاة خير من النوم مرتين للتقية «2».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 345

______________________________

و هو ضعيف بكليب و أبي بكر.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: ان بلا لا كان عبدا صالحا فقال: لا اؤذن لأحد بعد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فترك يومئذ حي علي خير العمل «1» و هو ضعيف بضعف اسناد الصدوق الي أبي بصير.

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان فيما ذكره من العلل عن الرضا عليه السلام أنه قال: انما امر الناس بالاذان لعلل كثيرة منها أن يكون تذكيرا للساهي و تنبيها للغافل و تعريضا لمن جهل الوقت و اشتغل عنه و يكون المؤذن بذلك داعيا الي عبادة الخالق و

مرغبا فيها مقرا له بالتوحيد مجاهرا بالايمان معلنا بالاسلام مؤذنا لمن ينساها و انما يقال له: مؤذن لأنه يؤذن بالاذان بالصلاة و انما بدأ فيه بالتكبير و ختم بالتهليل لان اللّه عز و جل أراد أن يكون الابتداء بذكره و اسمه و اسم اللّه في التكبير الاول في أول الحرف و في التهليل في آخره و انما جعل مثني مثني ليكون تكرارا في آذان المستمعين مؤكدا عليهم ان سها أحد عن الاول لم يسه الثاني و لان الصلاة ركعتان ركعتان فلذلك جعل الاذان مثني مثني و جعل التكبير في اول الاذان أربعا لان أول الأذان انما يبدو غفلة و ليس قبله كلام ينبه المستمع له فجعل الاول تنبيها للمستمعين لما بعده في الاذان و جعل بعد التكبير الشهادتان لان أول الايمان هو التوحيد و الاقرار للّه بالوحدانية و الثاني الاقرار للرسول بالرسالة و أن طاعتهما و معرفتهما مقرونتان و لان أصل الايمان انما هو الشهادتان فجعل شهادتين شهادتين كما جعل في سائر الحقوق شاهدان فاذا أقر العبد للّه عز و جل بالوحدانية و أقر للرسول صلي اللّه عليه و آله بالرسالة فقد أقر بجملة الايمان لان أصل الايمان انما هو الاقرار باللّه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 346

______________________________

و برسوله و انما جعل بعد الشهادتين الدعاء الي الصلاة لان الاذان انما وضع لموضع الصلاة و انما هو نداء الي الصلاة في وسط الاذان و دعاء الي الفلاح و الي خير العمل و جعل ختم الكلام باسمه كما فتح باسمه «1».

و هو ضعيف بضعف اسناد الصدوق الي الفضل و قس عليه ما رواه أيضا «2» فان السند مخدوش.

و منها: ما رواه محمد بن أبي

عمير أنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن حي علي خير العمل لم تركت من الاذان؟ قال: تريد العلة الظاهرة أو الباطنة؟ قلت:

اريدهما جميعا فقال: أما العلة الظاهرة فلئلا يدع الناس الجهاد اتكالا علي الصلاة و أما الباطنة فان خير العمل الولاية فأراد من أمر بترك حي علي خير العمل من الاذان أن لا يقع حث عليها و دعاء اليها «3».

و هو ضعيف بابن قتيبة و عبد الواحد.

و منها ما رواه عبد السلام بن صالح الهروي «4» و هو ضعيف بعباس بن عبد اللّه و منها: ما رواه يزيد بن الحسن عن موسي بن جعفر عن آبائه عن علي عليهم السلام في حديث تفسير الاذان انه قال فيه: اللّه أكبر اللّه أكبر اللّه أكبر اللّه أكبر أشهد أن لا إله الا اللّه أشهد أن لا إله الا اللّه أشهد أن محمدا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أشهد أن محمدا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حي علي الصلاة حي علي الصلاة حي علي الفلاح حي علي الفلاح اللّه أكبر اللّه أكبر لا إله الا اللّه لا إله الا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 14

(2) نفس المصدر الحديث: 15

(3) نفس المصدر الحديث: 16

(4) لاحظ ص: 340

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 347

______________________________

اللّه و ذكر في الاقامة: قد قامت الصلاة «1» و هو ضعيف بمحمد بن عاصم و جملة من روايات الباب مرسلة.

و أما الروايات المعتبرة سندا فهي قسمان: قسم يدل علي أن التكبير في أول الاذان أربع و التهليل في آخره اثنان و من هذا القسم ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: يا زرارة تفتح الاذان بأربع تكبيرات و تختمه بتكبيرتين و

تهليلتين «2» و محمد بن اسماعيل الواقع في السند ابو الحسن البندقي النيشابوري و هذا لم يرو عنهم عليهم السلام.

و قسم يدل علي أن التكبير في أول الاذان اثنان و الذي يدل عليه ما رواه صفوان الجمال قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: الاذان مثني مثني و الاقامة مثني مثني «3».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الاذان فقال:

تقول: اللّه أكبر اللّه أكبر أشهد أن لا إله الا اللّه أشهد أن لا إله الا اللّه أشهد أن محمدا رسول اللّه أشهد أن محمدا رسول اللّه حي علي الصلاة حي علي الصلاة حي علي الفلاح حي علي الفلاح حي علي خير العمل حي علي خير العمل اللّه أكبر اللّه أكبر لا إله الا اللّه لا إله الا اللّه «4».

و ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الاذان مثني مثني

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 18

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 348

و كذلك الاقامة الا أن فصولها أجمع مثني الا التهليل في آخرها فمرة و يزاد بعد الحيعلات قبل التكبير قد قامت الصلاة مرتين فتكون فصولها سبعة عشر (1).

______________________________

و الاقامة واحدة واحدة «1».

فلا بد من الجمع بين هذه النصوص و الترجيح مع القسم الثاني فانها مخالفة للعامة و أكثر عددا و متأخرة زمانا من حيث الصدور و لكن مع ذلك لا يمكن رفع اليد عن الطريق المألوف فانه حكي عن مفتاح الكرامة ان الشيعة في الاعصار و الامصار في الليل و النهار في المجامع و الجوامع و رءوس المآذن يلهجون بالمشهور فلا يصغي

بعد ذلك الي قول القائل بالخلاف.

و يؤكد المدعي ما في هذا المقام من التعبيرات فربما عبر بالإجماع و اخري بمذهب علمائنا و ثالثة بمذهب الشيعة و رابعة بقول: عليه عمل الاصحاب أو الطائفة أو مذهب الاصحاب لا يعلم فيه مخالف أو الاصحاب لا يختلفون فيه في كتب فتواهم.

(1) الدال علي فصول الاقامة ما رواه اسماعيل الجعفي «2» و ذكرنا أن السند ضعيف بالعبيدي و أما بقية الروايات المعتبرة فمفادها مغاير لهذا النحو المشهور عند الشيعة فان حديث صفوان الجمال «3» يدل علي التسوية بين الاذان و الاقامة في الفصول و أن فصولهما مثني مثني و أما حديث معاوية بن وهب «4» فيدل علي أن الاقامة واحدة واحدة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) لاحظ ص: 343

(3) لاحظ ص: 347

(4) لاحظ ص: 347

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 349

و تستحب الصلاة علي محمد و آل محمد عند ذكر اسمه الشريف (1) و اكمال الشهادتين بالشهادة لعلي عليه السلام بالولاية و امرة المؤمنين في الاذان و غيره (2).

______________________________

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الإقامة مرة مرة إلا قول اللّه أكبر اللّه أكبر فانه مرتان «1» يدل علي أن الإقامة واحدة واحدة إلا قول اللّه أكبر فانه مرتان.

لكن الكلام فيها هو الكلام في الاذان فانه أوضح من أن يخفي مضافا الي ما ذكر في المقام من أنه حكي عليه الاجماع و انه مذهب العلماء و انه لا يختلف فيه الاصحاب و ان عليه عمل الاصحاب و عمل الطائفة و انه مذهب الشيعة و اتباعهم.

(1) و يدل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: و صل علي النبي صلي

اللّه عليه و آله كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان أو غيره «2».

(2) تدل علي رجحان الاقتران بين ذكر علي عليه السلام بامرة المؤمنين و ذكر التوحيد و الشهادة عدة نصوص منها ما رواه الطبرسي في الاحتجاج قال: روي قاسم بن معاوية قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام هؤلاء يروون حديثا في معراجهم انه لما اسري برسول اللّه رأي علي العرش مكتوبا لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه ابو بكر الصديق فقال: سبحان اللّه غيروا كل شي ء حتي هذا قلت نعم قال: ان اللّه عز و جل لما خلق العرش كتب عليه: لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين و لما خلق اللّه عز و جل الماء كتب في مجراه لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين و لما خلق اللّه عز و جل الكرسي كتب علي قوائمه لا إله الا اللّه محمد

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 42 من أبواب الاذان و الاقامة

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 350

______________________________

رسول اللّه علي امير المؤمنين و لما خلق اللّه عز و جل اللوح كتب فيه لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين و لما خلق اللّه اسرافيل كتب علي جبهته لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين و لما خلق اللّه جبرئيل كتب علي جناحيه لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين و لما خلق اللّه عز و جل السماوات كتب في اكنافها لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين و لما خلق اللّه عز و جل الارضين

كتب في أطباقها لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين و لما خلق اللّه عز و جل الجبال كتب في رءوسها لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين و لما خلق اللّه عز و جل الشمس كتب عليها لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين و هو السواد الذي ترونه في القمر فاذا قال احدكم لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه فليقل علي امير المؤمنين عليه السلام «1».

و منها: ما روي من كتاب الفردوس قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله:

لما عرج بي الي السماء و عرضت علي الجنة وجدت علي أوراق الجنة مكتوبا:

لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي بن أبي طالب ولي اللّه الحسن و الحسين صفوة اللّه «2».

و منها: ما رواه جابر بن عبد اللّه الانصاري عن علي عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: أتاني جبرئيل و قد نشر جناحيه فاذا فيها مكتوب:

لا إله الا اللّه محمد النبي و مكتوب علي الاخر لا إله الا اللّه علي الوصي «3».

______________________________

(1) الاحتجاج المطبوع في المطبعة المرتضوية في النجف الاشرف 1350 ص 83 و 84

(2) بحار الأنوار ج 27 ص 8 حديث: 17

(3) نفس المصدر ص: 9 حديث: 19

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 351

______________________________

و منها: ما رواه أيضا قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ليلة اسري بي الي السماء امر بعرض الجنة و النار علي فرأيتهما جميعا رأيت الجنة و ألوان نعيمها و رأيت النار و ألوان عذابها و علي كل باب من أبواب الجنة الثمانية: لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي

ولي اللّه «1».

و منها: ما رواه مروان بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: مسطور بخط جليل حول العرش: لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي أمير المؤمنين «2».

و منها: ما رواه جابر الانصاري قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ما بال أقوام يلومونني في محبتي لأخي علي بن أبي طالب؟ فو الذي بعثني بالحق نبيا ما أحببت حتي أمرني ربي جل جلاله بمحبته ثم قال: ما بال أقوام يلومونني في تقديمي لعلي بن أبي طالب؟ فوعزة ربي ما قدمته حتي أمرني عز اسمه بتقديمه و جعله أمير المؤمنين و أمير امتي و امامها.

ايها الناس: انه لما عرج بي الي السماء السابعة وجدت علي كل باب سماء مكتوبا لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين و لما صرت الي حجب النور رأيت علي كل حجاب مكتوبا لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين و لما صرت الي العرش وجدت علي كل ركن من أركانه مكتوبا: لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين «3».

و منها ما رواه قاسم بن معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: لما خلق اللّه عز و جل القمر كتب عليه لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي امير المؤمنين و هو

______________________________

(1) نفس المصدر ص: 11 حديث: 24

(2) نفس المصدر الحديث: 27

(3) نفس المصدر ص: 12 حديث: 28

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 352

______________________________

السواد الذي ترونه «1».

و منها: ما روي عن الصادق عليه السلام قال في تفسير قوله تعالي: «إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ»: الكلم الطيب قول

المؤمن: لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي ولي اللّه و خليفة رسول اللّه صلوات اللّه عليهما «2».

و منها: ما رواه المفضل بن عمر في حديث طويل عن الصادق عليه السلام في كيفية ولادة فاطمة عليها السلام الي أن قال: فنطقت فاطمة عليها السلام بالشهادتين و قالت: اشهد أن لا إله الا اللّه و أن أبي رسول اللّه سيد الانبياء و أن بعلي سيد الاوصياء و ولدي سادة الاسباط «3».

و منها: ما روي عن حكيمة في كيفية ولادة الحجة عليه السلام حالكونه ساجدا علي وجهه جاثيا علي ركبتيه رافعا سبابتيه نحو السماء و هو يقول: اشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أن جدي رسول اللّه و أن أبي أمير المؤمنين «4».

و منها: ما عن الرضا عليه السلام في قوله تعالي: «إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصّٰالِحُ يَرْفَعُهُ» قال: الكلم الطيب هو قول المؤمن لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي ولي اللّه و خليفته حقا الحديث: «5».

و منها: ما عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: مكتوب علي باب الجنة محمد رسول اللّه علي أخو رسول اللّه الحديث «6».

______________________________

(1) بحار الأنوار ج 58 ص: 156 حديث: 6

(2) تفسير الصافي ج 4 ص: 233

(3) بحار الأنوار ج 43 ص 2 حديث: 1

(4) بحار الأنوار ج 51 ص 13

(5) تفسير البرهان ج 3 ص 358 حديث: 2

(6) بحار الأنوار ج 8 ص 131 حديث: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 353

______________________________

و منها: ما عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في حديث قال: و من اراد أن يتمسك بالعروة الوثقي في الدنيا و الآخرة فليقل لا إله

الا اللّه محمد رسول اللّه علي ولي اللّه الحديث «1»

و منها: ما في زيارة أهل القبور و هذا دعاء علي عليه السلام بسم اللّه الرحمن الرحيم السلام علي أهل لا إله الا اللّه من أهل لا إله الا اللّه الي أن قال: و احشرنا في زمرة من قال لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي ولي اللّه «2».

و منها في البحار ج 8 ص 174 في ضمن الحديث 12 عن أبي ذر رحمه اللّه عن النبي صلي اللّه عليه و آله في خبر المعراج الي ان قال و قد خلق اللّه جنة الفردوس و علي بابها شجرة ليس فيها ورقة الا عليها مكتوب حرفان بالنور: لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه علي بن ابي طالب عروة اللّه الوثيقة، و حبل اللّه المتين و عينه في الخلائق اجمعين و سيف نقمته علي المشركين. فأقرئه منا السلام و قد طال شوقنا اليه الحديث.

و منها ما فيه أيضا ج 8 ص 191 حديث 167 عن موسي بن اسماعيل بن موسي بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ادخلت الجنة فرأيت علي بابها مكتوب بالذهب: لا إله الا اللّه محمد حبيب اللّه علي ولي اللّه، فاطمة أمة اللّه، الحسن و الحسين صفوة اللّه علي مبغضيهم لعنة اللّه.

اضف الي ذلك كله ان ذكره في الاذان و الاقامة رمزا و شعارا للشيعة و لا اشكال في رجحان ذكره فيهما لكن لا بقصد كونه جزءا منهما.

______________________________

(1) بحار الأنوار ج 8 ص 144 حديث: 67

(2) بحار الأنوار ج 102 ص 301 حديث: 31

مباني منهاج

الصالحين، ج 4، ص: 354

[الفصل الثالث: يشترط فيهما أمور]

الفصل الثالث:

يشترط فيهما أمور: الاول: النية ابتداء و استدامة و يعتبر فيها القربة (1).

______________________________

و بعبارة اخري: يمكن اثبات رجحانه بلا كونه جزءا من الاذان و الاقامة بأن هذه الشهادة نحو ابراز ولاء بالنسبة الي ساحته المقدسة و لا اشكال في حسن ابراز الولاء بالنسبة اليه و يؤكد المدعي ان هذه الشهادة ارغام لا نوف الذين يكون في قلوبهم مرض فزادهم اللّه مرضا.

و نعم ما قال سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام في جملة كلام له: «بل ذلك في هذه الاعصار معدود من شعائر الايمان و رمز الي التشيع فيكون من هذه الجهة راجحا شرعا بل قد يكون واجبا «1».

و قال صاحب الجواهر: «بل لو لا تسالم الاصحاب لا مكن دعوي الجزئية بناء علي صلاحية العموم لمشروعية الخصوصية «2».

و عن المنظومة الطباطبائي قدس اللّه نفسه:

و أكمل الشهادتين بالتي قد اكمل الدين بها في الملة

(1) لا اشكال في أن الاذان للصلاة و كذلك الاقامة أمر ان عباديان يحتاجان الي قصد القربة لا من باب ان الاصل الاولي العبادية فانه خلاف ما حقق في الاصول من أن مقتضي الاصل لفظيا و عمليا التوصلية بل من جهة التسالم و السيرة الخارجية و الارتكازية الموجودة عند المتشرعة بحيث يكون أمرا واضحا بخلاف الاذان

______________________________

(1) مستمسك العروة ج 5 ص: 545

(2) جواهر الكلام ج 9 ص: 87

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 355

و التعيين مع الاشتراك (1) الثاني و الثالث: العقل (2) و الايمان (3) و في الاجتزاء بأذان المميز و اقامته اشكال (4).

______________________________

الاعلامي فانه ليس عباديا لعدم الدليل عليه و ان كان في النفس شي ء.

(1) مع الاشتراك و عدم التعيين اما يقع لكلتيهما و اما يقع لإحداهما

المرددة و اما لإحداهما معينة أو مخيرة و اما لا يقع لا لهذه و لا لتلك أما الوقوع لكلتيهما فخلاف ما استفيد من الدليل من أن لكل صلاة اذانا و اقامة و أما الثاني فلا واقع له فان المردد لا مصداق له و أما الثالث فترجيح بلا مرجح و أما الرابع فغير معهود فان المحقق في الخارج اما يكون مصداقا للمأمور به أولا أما علي الاول فنسأل من أنه لا يهما و أما علي الثاني فأمر يحتاج الي دليل خارجي فان الظاهر من الادلة ان الاذان حين حصوله و تحققه يكون اذانا للصلاة الفلانية و أما الخامس فهو المتعين بلا كلام.

(2) ادعي عليه الاجماع و كونه مجنونا خلاف المعهود الشرعي فان المؤذن لو كان مجنونا يعد امرا مستنكرا مضافا الي أن لنا أن نقول: الدليل قاصر لشموله فانه لا دليل يدل علي محبوبية الاذان و الاقامة و يكون ذلك الدليل مطلقا يشمل المجنون أضف الي ذلك ان المجنون غير مكلف فلا دليل علي صحة عمله.

(3) يدل عليه ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الاذان هل يجوز أن يكون عن غير عارف؟ قال: لا يستقيم الاذان و لا يجوز أن يؤذن به الا رجل مسلم عارف فان علم الاذان و أذن به و لم يكن عارفا لم يجز اذانه و لا اقامته و لا يقتدي به «1».

مضافا الي أن الاذان و الاقامة أمر ان عباديان و يشترط في العبادة الايمان.

(4) يمكن أن يقال: انه لا وجه للإشكال اذ بعد كون عمله شرعيا فلا مانع من

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج

الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 356

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 356

الرابع: الذكورية للذكور فلا يعتد بأذان النساء و اقامتهن لغيرهن (1) حتي المحارم علي الاحوط وجوبا (2) نعم يجتزي بهما لهن فاذا أمت المرأة النساء فأذنت و أقامت كفي (3).

الخامس: الترتيب بتقديم الاذان علي الاقامة (4) و كذابين

______________________________

أن يشمله الادلة الا أن يدعي الانصراف فلا يكون سماع أذانه كافيا و يؤيد كونه مجزيا جملة من النصوص منها ما رواه ابن سنان «1».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار «2» و منها ما رواه طلحة بن زيد «3» و منها: ما رواه غياث بن ابراهيم «4».

(1) يمكن أن يقال: ان العمدة في دليل المنع عدم المعهودية و استنكار أن تكون المرأة مؤذنة مضافا الي انصراف الدليل عن أذانها.

(2) لعدم الدليل و هو يكفي للمنع و اصالة عدم الاجزاء محكمة.

(3) بلا اشكال فان المفروض ان الجماعة مشروعة للنساء فما ثبت من الاحكام لجماعة الرجال فهو ثابت لجماعتهن حيث انه ليس في جماعتهن تأسيس لحكم مغاير مضافا الي أنه لا يتصور غيرها اذ المؤذن في الجماعة اما امام الجماعة و أما أحد المأمومين و الرجل اذ أذن فلا بد أن يأتم بالمرأة و هو غير جائز.

(4) قال في الحدائق: «الظاهر انه لا خلاف و لا اشكال في اشتراط الترتيب بين الاذان و الاقامة و بين فصول كل منهما» الي غيره من كلماتهم في هذا المقام

______________________________

(1) لاحظ ص: 341

(2) لاحظ ص: 341

(3) لاحظ ص: 341

(4) لاحظ ص: 341

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 357

فصول كل منهما (1) فاذا قدم الاقامة اعادها بعد الاذان (2) و اذا خالف

بين الفصول أعاد علي نحو يحصل الترتيب (3) الا أن تفوت الموالاة

______________________________

و يمكن الاستدلال عليه بالسيرة فانها قائمة علي هذا الترتيب و هذا النحو بلا اشكال و خلاف الترتيب يعد عند المتشرعة مستنكرا.

و يدل عليه أيضا ما رواه زرارة: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل شك في الاذان و قد دخل في الاقامة قال: يمضي قلت: رجل شك في الاذان و الاقامة و قد كبر قال: يمضي قلت: رجل شك في التكبير و قد قرأ قال: يمضي قلت:

شك في القراءة و قد ركع قال: يمضي قلت: شك في الركوع و قد سجد قال:

يمضي علي صلاته ثم قال: يا زرارة اذا خرجت من شي ء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشي ء «1».

فانه يدل علي أنه لو دخل في الاقامة يكون الشك في الاذان بعد الدخول في الغير المترتب عليه.

(1) النصوص الدالة علي الكيفية تدل بالوضوح علي الترتيب كما هو ظاهر واضح و يدل علي المقصود ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من سها في الاذان فقدم أو أخر أعاد علي الاول الذي أخره حتي يمضي علي آخره «2» مضافا الي دعاوي الاجماع نقلا و تحصيلا و السيرة الخارجية فالامر مسلم.

(2) و هو مقتضي الترتيب المقرر بينهما.

(3) فانه مقتضي لزوم رعاية الترتيب مضافا الي أنه صرح في رواية زرارة المتقدمة آنفا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب الخلل الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 33 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 358

فيعيد من الاول (1).

السادس: الموالاة بينهما و بين الفصول من كل منهما و بينهما و بين الصلاة فاذا أخل بها أعاد (2).

السابع: العربية و ترك اللحن (3) الثامن: دخول

الوقت فلا يصحان قبله (4) نعم يجوز تقديم الاذان قبل الفجر للأعلام (5).

______________________________

(1) اذ انتفاء الشرط يقتضي انتفاء المشروط فلا بد من الاعادة.

(2) فانه لو لم تبق الصورة بحسب عرف المتشرعة يكون مرجعه الي انعدام الموضوع و البطلان في هذا الفرض من القضايا الضرورية و ملخص الكلام انه لا اشكال بحسب السيرة الخارجية من الصدر الاول الي زماننا في جميع الامصار و الاعصار رعاية الموالاة بهذا المقدار و ان الفصل الخارج عن المتعارف بين الفصول أو بينهما أو بين الاقامة و الصلاة يخل بالمقرر الشرعي.

(3) فان النصوص صرحت بالكيفية و لا يجوز التعدي فان التعدي عبارة عن الاتيان بغير المأمور به و الملحون لا يكون مصداقا للمأمور به.

(4) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فان الاذان الاعلامي للأعلام بالوقت و قبل الوقت لا موضوع له و الاذان للصلاة من مقدماتها و مرتبطة بها فلا معني لان يؤتي به قبل وقتها و قس عليه الاقامة.

مضافا الي النص الخاص و هو ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: لا تتنظر بأذانك و اقامتك الا دخول وقت الصلاة و احدر اقامتك حدرا «1» لكن الرواية ضعيفة لضعف اسناد الصدوق الي معاوية بن وهب.

(5) و من النصوص التي يمكن أن يستدل بها علي المدعي ما رواه ابن سنان

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 359

______________________________

قال: سألته عن النداء قبل طلوع الفجر قال: لا بأس و أما السنة مع الفجر و ان ذلك لينفع الجيران يعني قبل الفجر «1».

و هذه الرواية لا بأس بها سندا و دلالة اذ لا يبعد أن يستفاد منها ان النداء قبل

الفجر لا بأس به لكن السنة المقررة من قبل الشارع أن يؤذن بعد دخول الوقت و مثله في الدلالة علي المقصود بالتقريب الذي ذكرنا حديثه الاخر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: ان لنا مؤذنا يؤذن بليل قال: أما ان ذلك ينفع الجيران لقيامهم الي الصلاة و أما السنة فانه ينادي مع طلوع الفجر و لا يكون بين الاذان و الاقامة الا الركعتان «2».

و منها ما رواه عمران بن علي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الاذان قبل الفجر فقال: ان كان في جماعة فلا و اذا كان وحده فلا بأس «3».

لكن المراد من الرواية غير واضح و يمكن أن تكون اشارة الي أنه لو كان في جماعة يكون اذانه موجبا للإغراء بالجهل فلا يجوز و أما لو كان وحده فلا مانع من التقديم حيث انه لا يترتب عليه محذور.

و منها: ما رواه معاوية بن وهب «4».

و منها: ما أرسله الصدوق «5» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان بلال يؤذن للنبي صلي اللّه عليه و آله و ابن أم مكتوم و كان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) لاحظ ص: 358

(5) الوسائل الباب 8 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 360

[الفصل الرابع مستحبات الأذان و الإقامة و مكروهاتهما]

الفصل الرابع يستحب في الاذان الطهارة من الحدث (1).

______________________________

أعمي يؤذن بالليل و يؤذن بلال حين يطلع الفجر «1».

و منها ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: هذا ابن أم مكتوم و هو يؤذن بليل فاذا أذن بلال فعند ذلك فأمسك

يعني في الصوم «2».

و حديث معاوية ضعيف لضعف اسناد الصدوق اليه و مرسل الفقيه ضعيف بالارسال و في المعتبر من الروايات غني و كفاية فلا يبعد ان ما أفاده تام.

(1) لما عن دعائم الإسلام مرسلا عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: لا بأس أن يؤذن الرجل علي غير طهر و يكون علي طهر أفضل و لا يقيم الا علي طهر «3» و السند مخدوش و أما بالنسبة الي الاقامة فيدل عليه ما رواه زرارة «4».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس أن يؤذن الرجل من غير وضوء و لا يقيم الا و هو علي وضوء «5».

و ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس أن تؤذن و أنت علي غير طهور و لا تقيم الا و أنت علي وضوء «6» و غيرها من الروايات الواردة في

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) مستدرك الوسائل الباب 8 من أبواب الاذان الاقامة الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 330

(5) الوسائل الباب 9 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 2

(6) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 361

و القيام (1) و الاستقبال (2).

______________________________

الباب 9 من أبواب الأذان و الاقامة من الوسائل.

(1) و استدل عليه في الأذان بما رواه عمران قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الأذان جالسا قال: لا يؤذن جالسا الا راكب أو مريض «1» و السند مخدوش بمحمد بن سنان مضافا الي التصريح بالجواز في حديث زرارة «2» و غيره مما ورد في الباب 13 من أبواب الأذان و الاقامة من الوسائل فلاحظ.

و أما في الاقامة فاستدل عليه بما رواه محمد بن

مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: يؤذن الرجل و هو قاعد؟ قال: نعم و لا يقيم الا و هو قائم «3» و يدل عليه ما رواه ابن سنان «4» و ما رواه أحمد بن محمد «5» فلا اشكال في استحبابه بل مقتضي القاعدة اشتراطها به فانه لا وجه لرفع اليد عن ظهور هذه الأخبار في الاشتراط.

(2) استدل عليه في الأذان بخبر دعائم الإسلام عن علي عليه السلام قال: يستقبل المؤذن القبلة في الأذان و الاقامة فاذا قال: حي علي الصلاة، حي علي الفلاح حول وجهه يمينا و شمالا «6».

و الرواية ساقطة بالارسال و موافقة للتقية فانها موافقة لقول الشافعي مضافا الي ما دل علي عدم الاشتراط لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 11

(2) لاحظ ص: 330

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 5

(4) لاحظ ص: 330

(5) لاحظ ص: 331

(6) بحار الأنوار ج 84 ص: 157

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 362

و يكره الكلام في أثنائه (1).

______________________________

قلت له: يؤذن الرجل و هو علي غير القبلة؟ قال: اذا كان التشهد مستقبل القبلة فلا بأس «1».

و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل يفتتح الأذان و الاقامة و هو علي غير القبلة ثم استقبل القبلة؟ قال لا بأس «2».

و أما في الاقامة فاستدل بما رواه يونس الشيباني «3» و الرواية ساقطة فان ابن عقبة لم يوثق و هكذا الكلام في حديث سليمان بن صالح «4» فان ابن عقبة في السند.

(1) أما التكلم في أثناء الأذان فيدل علي جوازه ما رواه عمرو

بن أبي نصر قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أ يتكلم الرجل في الأذان؟ قال: لا بأس قلت: في الاقامة؟ قال: لا «5» و ما رواه أيضا «6».

و يدل علي المنع ما رواه حماد بن عمرو و أنس بن محمد عن أبيه جميعا عن جعفر بن محمد عن آبائه في وصية النبي لعلي عليه السلام أنه قال: و كره الكلام بين الأذان و الاقامة في صلاة الغداة «7» و اسناد الصدوق اليهما ضعيف مضافا الي الاشكال في الدلالة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 47 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 330

(4) لاحظ ص: 329

(5) الوسائل الباب 10 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 4

(6) نفس المصدر الحديث: 11

(7) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 363

______________________________

و ما رواه سماعة قال: سألته عن المؤذن أ يتكلم و هو يؤذن؟ قال: لا بأس حين (حتي) يفرغ من أذانه «1».

و العرف أما لا يري تعارضا بين الروايتين بأن نقول: الجمع بين الروايتين يقتضي كراهة الكلام بين الأذان و أما يري المعارضة بين الخبرين أما علي الأول فالنتيجة كراهة الكلام كما في المتن و أما علي الثاني فحيث أن العامة قائلون بالكراهة فمقتضي القاعدة التساقط و القاعدة الأولية تقتضي الجواز بلا كراهة فما أفاده في المتن غير سديد.

لا يقال: أن العامة القائلين بالكراهة قائلون بالجواز فما دل علي الجواز موافق لهم فالترجيح مع ما دل علي المنع فانه يقال: ان المستفاد من رواية الجواز الجواز بالمعني الأخص و الكراهة جواز بالمعني الأعم فلا تكون رواية الجواز موافقة معهم فلا ترجيح في البين مضافا الي أن الرواية المشار اليها لا يعلم أن الصادر من الامام

عليه السلام لفظ (حين) أو لفظ (حتي) فانه علي الثاني يكون دالا علي الجواز فلا دليل علي المنع اذ مع اجمال الرواية لا يمكن الأخذ بها و جعلها مستندة للحكم الشرعي كما هو ظاهر.

و كتب في هامش جامع الأحاديث للبروجردي قدس سره ج 2 ص 230 الطبع القديم «و في حاشية التهذيب المخطوط أن هذه الكلمة بخط الشيخ رحمه اللّه مرددة بين حتي و حين».

هذا بالنسبة الي الأذان و أما بالنسبة الي الاقامة فالنصوص متعارضة فمنها ما يدل علي المنع عن التكلم لاحظ ما رواه عمرو بن أبي نصر «2».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 362

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 364

و كذلك الاقامة بل الظاهر اشتراطها بالطهارة و القيام (1) و تشتد كراهة الكلام بعد قول المقيم قد قامت الصلاة (2) الا فيما

______________________________

و منها ما يدل علي الجواز لاحظ ما رواه ابن أبي عمير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتكلم في الاقامة؟ قال نعم فاذا قال المؤذن قد قامت الصلاة فقد حرم الكلام علي أهل المسجد الا أن يكونوا قد اجتمعوا من شتي و ليس لهم امام فلا بأس أن يقول بعضهم ببعض (لبعض) تقدم يا فلان «1».

و ما رواه حماد بن عثمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتكلم بعد ما يقيم الصلاة؟ قال: نعم «2».

و ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام قلت: أ يتكلم الرجل بعد ما تقام الصلاة؟ قال: لا بأس «3». و ما رواه الحلبي «4».

و حيث ان العامة قائلون بالكراهة فلا ترجيح لأحد الطرفين و مقتضي التعارض التساقط و النتيجة هو الجواز هذا مبني علي التعارض

و أما لو قلنا بأن مقتضي الجمع الحمل علي الكراهة فلا تعارض و النتيجة أيضا الجواز مع الكراهة.

(1) قد ظهر الحال فيما يتعلق بالاقامة فلاحظ.

(2) فانه فصل في حديث ابن أبي عمير «5» ما قبل هذا القول و بعده و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا تتكلم اذا أقمت

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 7

(2) المصدر السابق الحديث: 9

(3) عين المصدر الحديث: 13

(4) نفس المصدر الحديث: 8

(5) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 365

يتعلق بالصلاة (1) و يستحب فيهما التسكين في أواخر فصولهما (2) مع التأني في الاذان و الحدر في الاقامة (3) و الافصاح بالالف و الهاء من لفظ الجلالة (4).

______________________________

الصلاة فانك اذا تكلمت أعدت الاقامة «1» فالحق أن يعبر بشدة الكراهة اذ مقتضي الجمع علي هذا المسلك الالتزام بالكراهة مطلقا و بشدتها بعد هذا القول.

(1) لاحظ ما رواه ابن أبي عمير «2» لكن يشكل التعدي عن مورد النص.

(2) و تدل عليه رواية خالد بن نجيح عنه عليه السلام انه قال: و الاذان و الاقامة مجزومان «3» و قال ابن بابويه: و في حديث آخر موقوفان «4» و السند ضعيف بخالد نعم يدل علي المدعي في الاذان ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: الاذان جزم بافصاح الالف و الهاء و الاقامة حدر «5» فان قوله عليه السلام «الاذان جزم بافصاح الالف و الهاء» معناه بحسب الظاهر أن الجزم في الاذان مطلوب مع الافصاح المذكور.

(3) و يدل عليه ما رواه الحسن بن السري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

الاذان ترتيل و الاقامة حدر «6» و السند ساقط بمحمد بن

سنان نعم يدل علي الحدر في الاقامة ما رواه زرارة «7».

(4) و تدل عليه رواية زرارة المتقدمة آنفا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 364

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب الاذان الاقامة الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 24 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 2

(6) نفس المصدر الحديث 3:

(7) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 366

و وضع الاصبعين في الاذنين في الاذان (1) و مد الصوت فيه و رفعه اذا كان المؤذن ذكرا (2) و يستحب رفع الصوت أيضا في الاقامة الا انه دون الاذان (3) و غير ذلك مما هو مذكور في المفصلات (4).

[الفصل الخامس من ترك الأذان و الإقامة أو أحدهما عمدا]
اشارة

الفصل الخامس من ترك الاذان و الاقامة أو احدهما عمدا حتي أحرم للصلاة لم يجز له قطعها و استئنافها علي الاحوط (5) و اذا تركهما عن نسيان

______________________________

(1) لرواية الحسن بن السري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من السنة اذا أذن الرجال أن يضع اصبعيه في اذنيه «1».

(2) و يدل عليه ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أذنت فلا تخفينّ صوتك فان اللّه يأجرك مد صوتك فيه «2» و غيره مما ورد في الباب 16 من أبواب الاذان و الاقامة من الوسائل.

(3) لرواية معاوية بن وهب أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الاذان فقال:

اجهر به و ارفع به صوتك و اذا أقمت فدون ذلك «3» لكن اسناد الصدوق الي ابن وهب مخدوش.

(4) فراجع.

(5) لان قطع الصلاة حرام و لا مجال لارتكاب الحرام مقدمة لتدارك المندوب لاحظ ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت

في صلاة الفريضة فرأيت غلاما لك قد أبق أو غريما لك عليه مال أو حية تتخوفها علي نفسك

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1 و 2

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 367

يستحب له القطع لتداركهما ما لم يركع (1) و اذا نسي الاقامة وحدها

______________________________

فاقطع الصلاة فاتبع غلامك أو غريمك و اقتل الحية «1» فان مقتضي مفهوم الشرطية عدم جواز القطع.

(1) النصوص الواردة في هذا الباب مختلفة فمنها ما يدل علي أنه لو نسي الاذان و الاقامة قبل الدخول في الركوع يرجع و يتدارك لاحظ ما رواه الحلبي «2»

و منها: ما فصل بين الدخول في القراءة و عدمه لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: في الرجل ينسي الاذان و الاقامة حتي يدخل في الصلاة قال: ان كان ذكر قبل أن يقرأ فليصل علي النبي صلي اللّه عليه و آله و ليقم و ان كان قد قرأ فليتم صلاته «3» و ما رواه حسين بن أبي العلاء «4»

فيقع التعارض بين هذين القسمين و مقتضي التعارض التساقط و المستفاد من خبر علي بن يقطين «5» انه لو نسي الاقامة فما دام لم يفرغ من الصلاة يجوز له أن يعيد و حيث ان الرواية عن موسي بن جعفر عليه السلام تقدم علي غيرها عند المعارضة لكونها أحدث و تنسخ ما قبلها.

و عليه نقول: لو نسي الاقامة و تذكر في الاثناء يجوز له الرجوع و التدارك كما أنه كذلك لو نسي الاذان و الاقامة كليهما و أما لو نسي الاذان وحده فلا يجوز له أن يرجع

و يتدارك إذ قد مر آنفا أن حرمة الابطال مستفادة من النص فلا يجوز ابطال الصلاة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 327

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 4

(4) لاحظ ص: 329

(5) لاحظ ص: 327

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 368

فالظاهر استحباب القطع لتداركها اذا ذكر قبل القراءة (1).

[إيقاظ و تذكير]

ايقاظ و تذكير قال اللّه تعالي: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلٰاتِهِمْ خٰاشِعُونَ (2) و قال النبي و الائمة عليهم أفضل الصلاة و السلام كما ورد في أخبار كثيرة: انه لا يحسب للعبد من صلاته الا ما يقبل عليه منها (3) و انه لا يقدمن أحدكم علي الصلاة متكاسلا و لا ناعسا (4) و لا يفكرن في نفسه (5) و يقبل بقلبه علي ربه (6) و لا يشغله بأمر الدنيا (7) و ان الصلاة وفادة علي اللّه تعالي و ان العبد قائم فيها بين يدي للّه تعالي فينبغي أن يكون قائما مقام العبد الذليل الراغب الراهب الخائف الراجي المسكين المتضرع (8) و أن يصلي صلاة مودع يري أن لا يعود اليها أبدا (9) و كان علي بن الحسين عليه السلام اذا قام في الصلاة كأنه ساق شجرة لا

______________________________

(1) قد ظهر الحال مما تقدم فراجع.

(2) المؤمنون/ 1

(3) بحار الأنوار ج 84 ص 252 حديث: 48

(4) نفس المصدر ص: 231 حديث: 4 و ص 239 حديث: 21

(5) نفس المصدر ص 239 حديث: 21

(6) روضة المتقين ج 2 ص: 44

(7) بحار الأنوار ج 84 ص: 24 حديث 24

(8) نفس المصدر ص 247 حديث: 39

(9) نفس المصدر ص 233 حديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 369

يتحرك منه الا ما حركت الريح

منه (1) و كان أبو جعفر و أبو عبد اللّه عليهما السلام اذا قاما الي الصلاة تغيرت ألوانهما مرة حمرة و مرة صفرة و كأنهما يناجيان شيئا يريانه (2) و ينبغي أن يكون صادقا في قوله:

(اياك نعبد و اياك نستعين) فلا يكون عابدا لهواه و لا مستعينا بغير مولاه و ينبغي اذا أراد الصلاة أو غيرها من الطاعات أن يستغفر اللّه تعالي و يندم علي ما فرط في جنب اللّه ليكون معدودا في عداد المتقين الذين قال اللّه تعالي في حقهم إِنَّمٰا يَتَقَبَّلُ اللّٰهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (3) وَ مٰا تَوْفِيقِي إِلّٰا بِاللّٰهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ و هو حسبنا و نعم الوكيل و لا حول و لا قوة الا باللّه العلي العظيم (4).

[المبحث الثاني في ما يجب في الصلاة]
اشارة

المبحث الثاني في ما يجب في الصلاة و هو أحد عشر: النية و تكبيرة الاحرام و القيام و القراءة و الذكر و الركوع و السجود و التشهد و التسليم و الترتيب و الموالاة (5).

______________________________

(1) نفس المصدر ص: 228

(2) نفس المصدر ص: 248

(3) المائدة/ 27

(4) لا اشكال فيما أفاده.

(5) قال المحقق قدس سره في الشرائع: «فالواجبات ثمانية» و قال العلامة في التبصرة: «الواجبات ثمانية: النية، تكبيرة الاحرام، القيام، القراءة، الركوع،

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 370

______________________________

السجود، التشهد، السلام».

و لعل ما ذكره العلمان أحسن مما ذكره الماتن اذ لو كان الغرض عد مطلق الواجبات لكان عليه ذكر الطمأنينة و الاعتماد علي المساجد و غيرهما و ان كان المراد عد الواجبات العرضية تعين عدم عد الذكر و الترتيب و الموالاة و الامر سهل.

ثم انه لا اشكال و لا خلاف في أن النية من واجبات الصلاة بل وجوبها من الضروريات فهذا المقدار لا مجال لأن يبحث

فيه انما الكلام في أنها شرط- كما عليه جماعة- أو هي جزء كما عليه آخرون؟.

قال سيد المستمسك قدس سره: انها ليست جزءا و لا شرطا لأنها ليست اختيارية فلا يمكن أن يتعلق الأمر بها فالمأمور به لا يكون مركبا منها و من غيرها و لا يكون مشروطا بها اذ لا فرق في عدم امكان تعلق الأمر بغير المقدور أعم من أن يكون بلحاظ جزئه أو بلحاظ قيده».

و يرد عليه أنه يلزم الجبر و سد باب التكاليف و هو كما تري و حل الاشكال بأن الارادة و ان لم تكن بارادة أخري و الا يلزم التسلسل لكن اختيارية كل فعل بالارادة و اختيارية الارادة بنفسها و لقد حققنا ما عندنا في مسألة الجبر و الاختيار في بحث الأصول.

و أفاد المحقق الهمداني قدس سره في هذا المقام بأنه لو لم تكن شرطا لزم صحة الأفعال الصلاتية عند عرائها عن القصد.

و يرد عليه: أنه لا شبهة و لا اشكال في أن الأفعال الصلاتية لا بد من تقارنها مع القصد و النية انما الكلام في أنها جزء أو شرط.

و كيف كان يمكن اثبات الشرطية بنحوين: أحدهما: الروايات فمن تلك الروايات ما رواه القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 371

و الاركان- و هي التي تبطل الصلاة بنقيصتها عمدا و سهوا- خمسة: النية و التكبير (1) و القيام و الركوع و السجود و البقية أجزاء

______________________________

عليه و آله: افتتاح الصلاة الوضوء و تحريمها التكبير و تحليلها التسليم «1».

و منها: ما رواه علي بن أسباط عنهم عليهم السلام قال فيما وعظ اللّه به عيسي عليه السلام الي أن قال له: كل يوم

خمس صلوات متواليات ينادي الي الصلاة كداء الجيش بالشعار و يفتتح بالتكبير و يختتم بالتسليم «2».

و غيرهما من الروايات المذكورة في الباب: 1 من أبواب التسليم و الباب 1 من أبواب تكبيرة الاحرام من الوسائل، فان مفاد هذه النصوص أن أول الصلاة التكبير و الحال أنه لو كانت النية جزءا من الصلاة لكان حق التعبير خلافه بأن يقال: أول الصلاة النية.

ثانيهما: أنه لا شبهة في أن أفعال الصلاة لا بد من انبعاثها عن الارادة القربية و أما دخل الارادة بنحو الجزئية أو الشرطية فأمر مجهول و لا دليل علي كونها جزءا فعلي تقدير استلزام الجزئية لكلفة زائدة يدفع الزائد بالأصل كما هو المقرر عند الشك و الذي يهون الخطب أنه لا يترتب عليه أثر مهم.

ثم ان الظاهر أن النية ركن بمعني أن نقصانها يوجب البطلان بلا فرق بين العمد و السهو قال في الجواهر: «و علي كل حال فهي ركن في الصلاة اجماعا منا محصلا و منقولا مستفيضا أو متواترا بل من العلماء كافة» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

(1) كون التكبيرة ركنا بهذا المعني محل اشكال فانه يحتمل أن يكون زيادتها عن سهو لا توجب البطلان و قد كتب الماتن في هامش العروة في هذا المقام:

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب التسليم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 372

غير ركنية لا تبطل الصلاة بنقصها سهوا و في بطلانها بالزيادة تفصيل يأتي ان شاء اللّه تعالي (1)

[الفصل الأول في النية]
اشارة

فهنا فصول: الفصل الاول في النية و قد تقدم في الوضوء انها القصد الي الفعل علي نحو يكون الباعث اليه امر اللّه تعالي (2) و لا يعتبر التلفظ بها (3) و لا اخطار

صورة العمل تفصيلا عند القصد اليه (4).

______________________________

«الأقوي أن زيادة تكبيرة الاحرام سهوا لا توجب البطلان». و تحقيق هذا الفرع موكول الي بحثه فانتظر.

(1) و يأتي إن شاء اللّه شرح كلام الماتن.

(2) و تقدم الكلام هناك فراجع.

(3) عن التذكرة «أنه اجماعي» و نقل عن البيان: «أن الأقرب كراهته لأنه احداث شرع و كلام بعد الاقامة».

و فيه: أن لازم كونه احداث شرع حرمته لأنه بدعة و كيف كان لا دليل علي وجوبه بل مقتضي الأصل الاجتهادي و العملي عدم وجوبه بل في بعض الموارد يكون مفسدا كما لو تلفظ بالنية في صلاة الاحتياط فانه بناء علي كونها من الصلاة فالتكلم ما بينهما يفسدها.

الا أن يقال: بأن دليل المنع منصرف عن مثله و في المنع اشكال اذ لا يصدق عليه الذكر و لا يكون قرآنا و ملخص الكلام انه لا دليل علي وجوب التلفظ نعم التلبية في الحج مورد لفتوي و الاصحاب النص و لا يرتبط بالمقام.

(4) لا دليل علي وجوب الاخطار فان المقدار اللازم أن يؤتي بالصلاة مع القصد و نية التقرب فلو حصل هذا المعني و لو مع عدم الاخطار يكفي و مما يؤكد المدعي بل يدل عليه ان القائل بوجوب الاخطار يكتفي به حدوثا و لا يشترط الاستدامة بهذا المعني و الحال انه لا فرق بين الجزء الاول من الصلاة و بقية

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 373

______________________________

أجزائها.

و ملخص الكلام في المقام: ان عنوان الاختيارية و القربية يحصل بالداعي و الزائد عليه منفي بالاصل و الاطلاق المقامي المنعقد في صحيحة حماد بن عيسي أنه قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام يوما تحسن أن تصلي يا حماد؟ قال: قلت يا سيدي أنا أحفظ كتاب حريز

في الصلاة قال: فقال عليه السلام: لا عليك قم فصل قال:

فقمت بين يديه متوجها الي القبلة فاستفتحت الصلاة و ركعت و سجدت فقال عليه السلام: يا حماد لا تحسن أن تصلي ما أقبح بالرجل (منكم) أن يأتي عليه ستون سنة أو سبعون سنة فما يقيم صلاة واحدة بحدودها تامة.

قال حماد: فأصابني في نفسي الذل فقلت: جعلت فداك فعلمني الصلاة فقام أبو عبد اللّه عليه السلام مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا علي فخذيه قد ضم أصابعه و قرب بين قدميه حتي كان بينهما ثلاثة أصابع مفرجات و استقبل بأصابع رجليه (جميعا) لم يحرفهما عن القبلة بخشوع و استكانة فقال: اللّه أكبر ثم قرأ الحمد بترتيل و قل هو اللّه أحد ثم صبر هنيئة بقدر ما تنفس و هو قائم ثم قال:

اللّه اكبر و هو قائم ثم ركع و ملأ كفيه من ركبتيه مفرجات ورد ركبتيه الي خلفه حتي استوي ظهره حتي لو صبت عليه قطرة ماء أو دهن لم تزل لاستواء ظهره و تردد ركبتيه الي خلفه و نصب عنقه و غمض عينيه ثم سبح ثلاثا بترتيل و قال:

سبحان ربي العظيم و بحمده ثم استوي قائما فلما استمكن من القيام قال: سمع اللّه لمن حمده ثم كبر و هو قائم و رفع يديه حيال وجهه و سجد و وضع يديه الي الارض قبل ركبتيه و قال: سبحان ربي الاعلي و بحمده ثلاث مرات و لم يضع شيئا من بدنه علي شي ء منه و سجد علي ثمانية أعظم: الجبهة و الكفين و عيني الركبتين و أنا مل ابهامي الرجلين و الانف فهذه السبعة فرض و وضع الانف علي

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 374

و لا نية الوجوب

و الندب (1) و لا تمييز الواجبات من الاجزاء عن مستحباتها (2) و لا غير ذلك من الصفات و الغايات بل يكفي الارادة الاجمالية المنبعثة عن أمر اللّه تعالي المؤثرة في وجود الفعل كسائر الافعال الاختيارية الصادرة عن المختار المقابل للساهي و الغافل (3).

______________________________

الارض سنة و هو الارغام ثم رفع رأسه من السجود فلما استوي جالسا قال: اللّه أكبر ثم قعد علي جانبه الا يسر و وضع ظاهر قدمه اليمني علي باطن قدمه اليسري و قال: استغفر اللّه ربي و أتوب اليه ثم كبر و هو جالس و سجد الثانية و قال كما قال في الاولي و لم يستعن بشي ء من بدنه علي شي ء منه في ركوع و لا سجود و كان مجنحا و لم يضع ذراعيه علي الارض فصلي ركعتين علي هذا ثم قال: يا حماد هكذا صل و لا تلتفت و لا تعبث بيديك و أصابعك و لا تبزق عن يمينك و لا (عن) يسارك و لا بين يديك «1» التي عين فيها ما هو لازم في الصلاة و هي تقتضي عدم وجوب الاخطار.

بل لنا أن نقول ان السيرة الجارية الخارجية قائمة علي الاكتفاء بهذا المقدار من النية و لا يلتزمون بالاخطار مضافا الي أنه لو كان واجبا لشاع و ذاع و لم يكن موردا للرد و الايراد و النفي و الاثبات.

(1) فانه قد حقق في محله ان قصد الوجه غير واجب بل يكفي في صحة العبادة اتيانها بداعي الامتثال فما عن المشهور من لزوم قصده لا وجه له.

(2) لما حقق في محله من عدم وجوب قصد التميز.

(3) لعدم الدليل علي وجوبه و مقتضي الاطلاق اللفظي و الاصل العملي عدم وجوبه.

______________________________

(1) الوسائل الباب

1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 375

[مسألة 72: يعتبر فيها الإخلاص]

(مسألة 72): يعتبر فيها الاخلاص فاذا انضم الي امر اللّه تعالي الرياء بطلت الصلاة و كذا غيرها من العبادات (1).

______________________________

(1) كما هو المشهور فيما بين القوم بل نقل عن غير واحد من الاصحاب دعوي الاتفاق عليه الا من السيد في الانتصار فانه قدس سره- علي ما نقل عنه- ذهب الي عدم بطلان العبادة لو أتي بها رياء و خلافه لا يضر بالتسالم بين الاصحاب و قد دلت علي المدعي جملة من الروايات:

منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عن أبيه عن آبائه صلوات اللّه عليهم قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: يؤمر برجال الي النار الي أن قال: فيقول لهم خازن النار: يا أشقياء ما كان حالكم؟ قالوا: كنا نعمل لغير اللّه فقيل لنا: خذوا ثوابكم ممن عملتم له «1».

و منها: ما رواه يزيد بن خليفة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ما علي أحدكم لو كان علي قلة جبل حتي ينتهي اليه أجله أ تريدون تراؤون الناس؟ ان من عمل للناس كان ثوابه علي الناس و من عمل للّه كان ثوابه علي اللّه ان كل رياء شرك «2».

و منها: ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله: ان الملك ليصعد بعمل العبد مبتهجا به فاذا صعد بحسناته يقول اللّه عز و جل: اجعلوها في سجين انه ليس اياي أراد به «3».

و منها: ما رواه يزيد بن خليفة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: كل رياء شرك انه من عمل للناس كان ثوابه علي الناس

و من عمل للّه كان ثوابه علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 376

سواء كان الرياء في الابتداء أم في الاثناء (1) و في تمام الاجزاء أم في بعضها الواجبة (2) و في ذات الفعل أم بعض قيوده مثل أن يرائي في صلاته جماعة أو في المسجد أو في الصف الاول أو خلف الامام الفلاني أو أول الوقت أو نحو ذلك (3) نعم في بطلانها بالرياء في

______________________________

اللّه «1».

و منها: ما رواه عقبة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اجعلوا أمركم هذا للّه و لا تجعلوه للناس فانه ما كان للّه فهو للّه و ما كان للناس فلا يصعد الي اللّه «2» و منها غيرها المذكور في الباب 12 من أبواب مقدمة العبادات من الوسائل.

(1) اذ تبطل نيته بقاء بالرياء.

(2) الظاهر ان ما أفاده تام فان الرياء في الجزء في مثل الصلاة يوجب البطلان لا من جهة ان الرياء في الجزء يوجب كون الكل ريائيا بل من باب ان الرياء فيه يوجب بطلانه فاذا بطل لا يكون قابلا للجزئية و المفروض انه أتي به بقصد الجزئية فيكون زيادة و الزيادة في الصلاة تقتضي بطلانها و هذا بخلاف ما لا يكون كذلك كالأذان مثلا.

(3) اذ المفروض ان الفرد من المأتي به معنون بعنوان الرياء بل يمكن أن يقال: بأن الفرد المفروض ليس فيه داع قربي فان الداعي في اتيانه الرياء المحض فالفساد فيه من ناحية فقدان القربة مضافا الي وجود المانع.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 377

الاجزاء المستحبة مثل القنوت أو زيادة التسبيح

أو نحو ذلك اشكال (1).

بل الظاهر عدم البطلان بالرياء بما هو خارج عن الصلاة مثل ازالة الخبث قبل الصلاة و التصدق في اثنائها (2) و ليس من الرياء المبطل ما لو أتي بالعمل خالصا للّه و لكنه كان يعجبه أن يراه الناس (3).

______________________________

(1) بتقريب: انه لا وجه للبطلان اذ الجزء المستحبي لا جزء للماهية و لا جزء للفرد بل أمر مستحبي ظرفه الواجب.

و يرد عليه: انه لو لم يكن جزءا فكيف يوجب تأكد مطلوبيته فانه علي الظرفية لا يرتبط بالعمل بل أمر مستقل لوحظ علي حياله و الظاهر ان الجزء المستحبي جزء غاية الامر جزء استحبابي و لا منافاة بين كون شي ء جزءا للواجب و بين كونه مستحبا فكما ان الصلاة بحسب الحقيقة علي أقسام قسم قصر و قسم تام قسم منها صلاة الآيات و قسم منها صلاة العيدين الي غيرها من الاقسام كذلك قسم من الصلاة خال عن المستحب و قسم منها مشتمل علي الجزء الاستحبابي فما أفاده في المتن غير تام و يتضح ما ذكرنا بملاحظة المركبات الخارجية فان السرداب مثلا ليس مقوما للدار و لكن علي فرض وجوده يعد جزءا منها.

(2) كما هو ظاهر لعدم الارتباط بين الامرين.

(3) لعدم المقتضي للبطلان مضافا الي أنه منصوص فان ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يعمل الشي ء من الخير فيراه انسان فيسره ذلك قال: لا بأس ما من أحد الا و هو يحب أن يظهر له في الناس الخير اذا لم يكن صنع (تصنع ل) ذلك لذلك «1» دال علي الصحة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 378

كما أن الخطور القلبي لا

يبطل الصلاة خصوصا اذا كان يتأذي بهذا الخطور (1) و لو كان المقصود من العبادة امام الناس رفع الذم عن نفسه أو ضرر آخر غير ذلك لم يكن رياء و لا مفسدا (2) و الرياء المتأخر عن العبادة لا يبطلها كما لو كان قاصدا الاخلاص ثم بعد اتمام العمل بدا له أن يذكر عمله (3) و العجب لا يبطل العبادة سواء كان متأخرا أم مقارنا (4).

______________________________

(1) لان الخطور لا يوجب تعنون العمل بالرياء فلا وجه للبطلان كما لا وجه لحرمته في نفسه.

(2) كما هو ظاهر أما عدم كونه رياء فواضح و أما عدم كونه مفسدا فلعدم دليل علي الفساد.

(3) لعدم الدليل علي الابطال.

(4) لعدم الدليل علي البطلان و في المقام جملة من الروايات ربما يقال: بأنه يستفاد منها البطلان منها: ما رواه علي بن سويد عن أبي الحسن عليه السلام قال:

سألته عن العجب الذي يفسد العمل فقال: العجب درجات منها أن يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا فيعجبه و يحسب أنه يحسن صنعا و منها أن يؤمن العبد بربه فيمن علي اللّه عز و جل و للّه عليه فيه المن «1».

و لا دلالة في هذه الروايه علي المدعي بوجه كما هو ظاهر اذ المذكور في الحديث مورد ان احدهما ان يرتكب الشخص السيئة و يتصور حسنها و من الظاهر أن فعل السيئة لا يوجب بطلان العبادة نعم يمكن أن يكون موجبا للحبط ثانيهما

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 379

[مسألة 73: الضمائم الأخر غير الرياء إن كانت محرمة و موجبة لحرمة العبادة أبطلت العبادة]

(مسألة 73): الضمائم الاخر غير الرياء ان كانت محرمة و موجبة لحرمة العبادة أبطلت العبادة (1) و الا فان كانت راجحة أو مباحة فالظاهر صحة العبادة اذا كان

داعي القربة صالحا للاستقلال في

______________________________

أن يؤمن باللّه و ظاهر ان الايمان به تعالي لا ينقسم الي الصحيح و الفاسد فانه لا يتصور فيه مضافا الي أنه علي فرض الالتزام به يختص بذلك المورد.

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أتي عالم عابدا فقال له: كيف صلاتك؟ فقال: مثلي يسئل عن صلاته؟ و أنا أعبد اللّه منذ كذا و كذا قال: فكيف بكائك؟ فقال: أبكي حتي تجري دموعي فقال له العالم:

فان ضحكك و أنت خائف أفضل من بكائك و أنت مدل ان المدل لا يصعد من عمله شي ء «1» و الرواية ساقطة سندا بمحمد بن سنان.

و منها: ما رواه أبو حمزة الثمالي عن أبي عبد اللّه أو علي بن الحسين عليهما السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في حديث: ثلاث مهلكات شح مطاع و هوي متبع و اعجاب المرء بنفسه «2».

و هذه الرواية تدل علي كون العجب من المهلكات و هذا اللسان يناسب الاحباط و منع ارتفاع العبادة الي اللّه و لذا لا يمكن الالتزام بأن الشح من مفسدات العبادة و قس عليه ما روي عن أبي جعفر عليه السلام «3» فلاحظ.

(1) فانه لو اتحد الحرام مع الواجب كإيذاء الغير بصلاته يكون العمل باطلا اذ لا يمكن أن يكون الحرام مقربا و مصداقا للواجب.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 380

البعث الي الفعل بحيث يفعل للأمر به و لو لم تكن تلك الضميمة (1 و ان لم يكن صالحا للاستقلال فالظاهر البطلان (2).

[مسألة 74: يعتبر تعيين الصلاة التي يريد الإتيان بها إذا كانت صالحة]

(مسألة 74): يعتبر تعيين الصلاة التي يريد الاتيان بها اذا كانت صالحة

لان تكون علي أحد وجهين متميزين (3).

______________________________

(1) و نقل عن العلامة تبعا لجماعة اطلاق البطلان في الضميمة المباحة و عن جملة من الاساطين منهم المحقق الثاني متابعتهم بدعوي ان الضميمة تنافي الاخلاص المعتبر في العبادة و الحق ما أفاده الماتن من الصحة فان اللازم في العبادة أن يكون العبد منبعثا من أمر المولي و المفروض تحقق هذا المعني و المفروض ان الداعي الالهي موجود و غيره تبعي و لا استقلال فيه و لا دليل علي لزوم الاخلاص بحيث يكون الداعي التبعي مضرا به.

(2) لان المفروض ان الداعي القربي لا يكون باعثا مستقلا فلا مقتضي للصحة. و بعبارة اخري: لا بد في صدق الامتثال من كون أمر المولي قابلا للداعوية بالاستقلال و لا يكفي في صدق الاطاعة التبعية في الداعي.

(3) اذ يجب أن يؤتي بالفعل بقصد الامتثال فلو فرض أن الواجب متعددا كالظهر و العصر و يكون الظهر غير العصر و انما التشابه في الصورة فلو لم يقصد خصوص الظهر أو العصر لم يقصد امتثال أمر المولي لان كل أمر يدعوا الي متعلقه و المفروض أن الامر لم يتعلق بالجامع بل تعلق بالخصوصية فمع عدم قصد الخصوصية لم يقصد الامتثال.

و مما ذكر علم ان لزوم التعيين فرع التعين الواقعي و أما لو تعدد الواجب بلا تعين واقعي بل التعدد باعتبار تعدد السبب كما لو نذر صوم يوم ان رزق ولد و رزق و نذر صوم يوم ان شفي أخوه و شفي فانه لا مجال للتعيين اذ لا تعين بل يكفي قصد امتثال أمر الصوم.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 381

و يكفي التعيين الإجمالي مثل عنوان ما اشتغلت به الذمة- اذا كان متحدا أو ما اشتغلت به أولا-

اذا كان متعددا أو نحو ذلك (1) فاذا صلي صلاة مرددة بين الفجر و نافلتها لم تصح كل منهما (2) نعم اذا لم تصلح لان تكون علي أحد وجهين متميزين كما اذا نذر نافلتين لم يجب التعيين لعدم تميز احداهما في مقابل الاخري (3).

______________________________

ان قلت: لو لم يعين اما يقع امتثالا لهما أو لأحدهما المعين دون الاخر و الاول غير ممكن كما هو ظاهر و الثاني ترجيح بلا مرجح فيقع باطلا.

قلت: يرد عليه النقض بقضاء شهر رمضان فانه لو فرض صيام عدة أيام عليه فأتي بالصوم قضاء بلا تعيين اليوم الاول و الثاني فهل يصح صومه قضاء أم لا؟

لا طريق الي الثاني.

و أما الحل فان هذا البيان لا مجال له مع فرض عدم التعين الواقعي و الامتثال لا يكون لكليهما و لا لأحدهما المعين بل يكون امتثالا لأحدهما لا علي التعيين نعم فيما يكون لأحدهما أثر خاص كما لو نذر أن يصوم يوما و حلف أن يصوم يوما آخر فان أثر حنث النذر يغاير أثر حنث الحلف فلا بد من التعيين.

(1) اذ الملاك في الصحة تحقق الامتثال و الانبعاث عن الامر و هو يتوقف علي التعيين و التعيين كما يحصل بالتفصيل يحصل بالاجمال فيصح.

(2) اذ مع التردد لا يتحقق الامتثال اذ المفروض عدم قصد الامر مع التردد.

(3) قد ظهر الوجه مما تقدم و لا يخفي أن ما أفاده بقوله: «و يكفي التعيين الإجمالي مثل عنوان ما اشتغلت به الذمة اذا كان متحدا» ليس علي ما ينبغي اذ مع فرض الاتحاد لا مجال للتعيين.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 382

[مسألة 75: لا تجب نية القضاء و لا الا داء]

(مسألة 75): لا تجب نية القضاء و لا الا داء فاذا علم أنه مشغول الذمة بصلاة الظهر

و لا يعلم أنها قضاء أو أداء صحت اذا قصد الاتيان بما اشتغلت به الذمة فعلا (1) و اذا اعتقد أنها أداء فنواها أداء صحت أيضا اذا قصد امتثال الامر المتوجه اليه و ان كانت في الواقع قضاء و كذا الحكم في العكس (2).

[مسألة 76: لا يجب الجزم بالنية في صحة العبادة]

(مسألة 76): لا يجب الجزم بالنية في صحة العبادة فلو صلي في ثوب مشتبه بالنجس لاحتمال طهارته و بعد الفراغ تبينت طهارته صحت الصلاة و ان كان عنده ثوب معلوم الطهارة و كذا اذا صلي في موضع الزحام لاحتمال التمكن من الاتمام فاتفق تمكنه صحت

______________________________

(1) نقل عن المشهور اعتباره و ما يمكن أن يذكر وجها له أمور: الأول:

الاجماع فانه نقل عن التذكرة الاجماع عليه.

و فيه: أنه حقق في محله عدم حجية الاجماع المنقول سيما أن الوجه للحكم قد ذكر في مقام التقريب و الوجه المذكور فاسد كما نبين ان شاء اللّه.

الثاني: ان الفعل مشترك فلا يتخصص الا بالتعيين و فيه: ان اللازم تعيين الواجب في مقام الامتثال و هو يحصل بغير قصد القضاء أو الأداء كما هو ظاهر.

الثالث: أن ايقاع الفعل في الوقت من قيود المأمور به أداء كما أن عنوان التدارك لما فات من قيوده قضاء فلا بد من قصده. و فيه: أن اللازم تعيين المأمور به علي ما هو عليه و أزيد من هذا المقدار لا دليل عليه و هو كما قلنا يحصل بلا قصد الأداء و القضاء.

(2) اذ المفروض أنه قصد ما هو عليه في الواقع و انما اشتباهه في الانطباق و لا وجه لكونه مفسدا للقصد.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 383

صلاته و ان كان يمكنه الصلاة في غير موضع الزحام (1).

[مسألة 77: قد عرفت أنه لا يجب- حين العمل- الالتفات إليه تفصيلا و تعلق القصد به]

(مسألة 77): قد عرفت أنه لا يجب- حين العمل- الالتفات اليه تفصيلا و تعلق القصد به بل يكفي الالتفات اليه و تعلق القصد به قبل الشروع فيه و بقاء ذلك القصد اجمالا علي نحو يستوجب وقوع الفعل من أوله الي آخره عن داعي الامر بحيث لو التفت الي نفسه لرأي

أنه يفعل عن قصد الامر و اذا سئل أجاب بذلك (2) و لا فرق بين أول الفعل و آخره و هذا المعني هو المراد من الاستدامة الحكمية بلحاظ النية التفصيلية حال حدوثها أما بلحاظ نفس النية فهي استدامة حقيقية (3).

[مسألة 78: إذا كان في أثناء الصلاة فنوي قطعها أو نوي الإتيان بالقاطع و لو بعد ذلك]

(مسألة 78): اذا كان في أثناء الصلاة فنوي قطعها أو نوي الاتيان بالقاطع و لو بعد ذلك فان أتم صلاته علي هذا الحال بطلت (4).

______________________________

(1) اذ لا دليل عليه بل اللازم اتيان العمل قربيا و هو يحصل و لو مع عدم الجزم.

(2) اذ لا بد من بقاء الامتثال الي آخر العمل فلا بد من بقاء النية فلو غفل بحيث يبقي متحيرا عند السؤال لا يصدق أنه أتي بالعمل بعنوان الامتثال نعم يمكن التحير في الجواب لمانع يمنع عن التوجه الي ما في النفس و في هذه الصورة لا مانع من الصحة لأن النية علي الفرض باقية و لكن المكلف لا يمكنه التوجه اليها.

(3) و صفوة القول: أنه لا فرق بين الابتداء و الاثناء من حيث النية و الذي يلزم اتيان العمل بالداعي القربي و هو كما يحصل بالتفصيل كذلك يحصل بالاجمال.

(4) يمكن أن يكون الوجه في البطلان صدق الزيادة في المكتوبة اذ مع

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 384

و كذا اذا أتي ببعض الاجزاء ثم عاد الي النية الاولي (1) و أما اذا عاد الي النية الاولي قبل أن يأتي بشي ء منها صحت و أتمها (2).

______________________________

قصد القطع أو القاطع يكون المأتي به زائدا و لكن يمكن أن يقال ان الاتيان بالباقي بعنوان الصلاة مع قصد القطع أو القاطع متنافيان فلا بد من الذهول عن قصد القطع أو القاطع و في هذا الفرض لا مانع من الصحة

نعم يمكن قصد الصلاة مع عدم الذهول بعنوان التشريع اذ مع قصد الاتيان بالقاطع أو مع قصد القطع لا يكون في مقام الامتثال و مع عدم قصد الامتثال لا يكون المأتي به جزءا من الصلاة فيكون الاتيان بعنوان الجزئية موجبا للبطلان.

(1) و قد ظهر وجه البطلان.

(2) وقع الخلاف بين الاعلام فعن الشرائع و بعض آخر: «أنها لا تبطل» و عن جملة من الاساطين منهم العلامة: «أنها تبطل».

و الذي يمكن أن يقال في وجه الابطال أمور: منها: أن النية لو زالت و عادت بعد ذلك لا تكون مقارنة للعمل. و فيه: أنه لا شبهة في حصول المقارنة انما الكلام في أن زوالها يوجب البطلان أم لا و لا دليل علي البطلان اذ المفروض اتيان كل جزء بقصد القربة و الداعي الالهي و عدم تحقق المنافي في الاثناء.

و منها: أن الاجزاء السابقة غير قابلة للانضمام الي اللاحقة. و فيه: أنه لا دليل عليه. و منها: الاجماع علي لزوم استدامة النية و المفروض انقطاعها. و فيه: ان الاجماع قائم علي لزوم اتيان الاجزاء بقصد الهي و هذا لا ينافي قصد القطع أو القاطع مضافا الي أنه وقع الاختلاف بين الاعلام كما مر فكيف يكون اجماعيا.

و منها: ما في جملة من النصوص من «أنه لا عمل الا بنية» «1» و فيه:

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب مقدمة العبادات

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 385

[مسألة 79: إذا شك في الصلاة التي بيده أنه عينها ظهرا أو عصرا]

(مسألة 79): اذا شك في الصلاة التي بيده انه عينها ظهرا أو عصرا فان لم يأت بالظهر قبل ذلك نواها ظهرا و أتمها (1) و ان أتي بالظهر بطلت (2) الا اذا رأي نفسه فعلا في صلاة العصر و شك في أنها نواها عصرا من أول

الامر أو أنه نواها ظهرا فانه حينئذ يحكم بصحتها و يتمها عصرا (3).

______________________________

أنه ليس الكلام في ذلك بل الكلام في أن بقاء النية في الآنات المتخللة لازمة أم لا؟.

و منها: أن المعلوم من النص و الفتوي و ارتكاز المتشرعة أن الصلاة هيئة اتصالية ينافيها قصد الخروج عنها. و فيه: أنه لا نص في المقام و الفتاوي مختلفة و الارتكاز أول الكلام.

و منها: أنه توزيع للنية. و فيه: أنه لا دليل علي كون التوزيع مبطلا علي نحو الاطلاق نعم التوزيع بحيث يرجع الي القصد الي كل جزء علي الاستقلال يوجب البطلان.

و منها: أن البطلان مقتضي قاعدة الاشتغال. و فيه: أن المقرر في محله أن المحكم في أمثال المقام البراءة.

(1) اذ مع نية الظهر فهي صلاة الظهر كما هو ظاهر و أما مع نية كونها عصرا يجب العدول الي الظهر اذ المفروض عدم الاتيان به.

(2) لعدم امكان اثبات الصحة و عدم طريق الي احراز نية العصر و من أراد تفصيل الكلام في المقام فليراجع الدرر و اللئالي في فروع العلم الإجمالي.

(3) لقاعدة التجاوز و لكن الاشكال في عدم تمامية الدليل علي القاعدة الا ان يقال: انه لا مانع من اجراء قاعدة الفراغ بأن نقول: لا تختص القاعدة بما بعد الفراغ من العمل بل تجري حتي في الاثناء و من أراد تفصيل البحث فليراجع

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 386

[مسألة 80: إذا دخل في فريضة فأتمها بزعم أنها نافلة غفلة]

(مسألة 80): اذا دخل في فريضة فأتمها بزعم أنها نافلة غفلة صحت فريضة و في العكس تصح نافلة (1).

[مسألة 81: إذا قام لصلاة ثم دخل في الصلاة و شك في أنه نوي ما قام إليها أو غيرها]

(مسألة 81): اذا قام لصلاة ثم دخل في الصلاة و شك في أنه نوي ما قام اليها أو غيرها فالاحوط الاتمام ثم الاعادة (2).

______________________________

ما ذكرنا في رسالة فروع العلم الإجمالي.

(1) لا يبعد أن يكون من مصاديق الخطأ في التطبيق اذ المفروض أن المكلف في أول الصلاة قصد امتثال التكليف الواقعي و في الاثناء يخطئ و يتخيل انه غيره مضافا الي أنه تدل عليه جملة من النصوص:

منها: ما رواه عبد اللّه بن المغيرة قال في كتاب حريز انه قال: اني نسيت اني في صلاة فريضة (حتي ركعت) و أنا أنويها تطوعا قال: فقال عليه السلام: هي التي قمت فيها اذا كنت قمت و أنت تنوي فريضة ثم دخلك الشك فأنت في الفريضة و ان كنت دخلت في نافلة فنويتها فريضة فأنت في النافلة و ان كنت دخلت في فريضة ثم ذكرت نافله كانت عليك مضيت في الفريضة «1» و غيره من الروايات المذكورة في الباب 2 من أبواب النية من الوسائل.

(2) لا يبعد أن يكون وجه الاحتياط عدم الوقوع في ابطال الصلاة و ربما يقال- كما نقل عن كشف اللئام و غيره- أنه يبني علي التي قام اليها و هو مشكل فان المدرك لما ذهب اليه كاشف اللثام اما الظاهر فان مقتضاه أنه عينها ظهرا مثلا و اما أصالة عدم العدول و اما النص.

و يرد عليه أنه لا اعتبار بهذا الظاهر و أصالة عدم العدول لا تقتضي أن ما بيده يكون ظهرا الا بنحو الاثبات و أما النصوص فظاهرها صورة الشروع في العمل لا

______________________________

(1) الوسائل الباب 2

من أبواب النية الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 387

[مسألة 82: لا يجوز العدول عن صلاة إلي أخري إلا في موارد]

(مسألة 82): لا يجوز العدول عن صلاة الي اخري الا في موارد (1).

منها: ما اذا كانت الصلاتان أدائيتين مترتبتين- كالظهرين و العشاءين و قد دخل في الثانية قبل الاولي فانه يجب أن يعدل الي

______________________________

القيام بعنوانه «1».

و الذي تقتضيه القاعدة أن يقال: تارة يقع الكلام في المترتبين كالظهرين و المغربين و أخري في غيرهما فلو كان في المترتبين و لم يأت بالاولي أو شك فيها يجعل ما بيده الاولي و صحت بلا اشكال لأنه اما أتي بها ظهرا أو عصرا فان أتي بها ظهرا فقد وقع في محله و ان قصد عصرا يكون من موارد جواز العدول و أما في غيرهما فلا وجه للبناء علي ما قام اليه كما ذكرنا لعدم الدليل نعم الظاهر أنه لا مانع من الاتمام بعنوان قصده أول الشروع الذي يكون معلوما عند اللّه و يأتي بالثانية أيضا علي ما هي عليه اذ قد مر أن التعيين الإجمالي يكفي في النية و عليه لا تحتاج الي الاعادة.

(1) اذ الصلوات حقائق مختلفة و الامر المتعلق ببعضها غير ما تعلق بالاخر و لا اشكال في أن الامتثال عبارة عن الاتيان بالعمل من أوله الي آخره بقصد امتثال أمره المتعلق به و في العدول لا يتحقق هذا المعني بالنسبة الي الجزء المأتي به و الشي ء لا ينقلب عما هو عليه و مجرد بناء المكلف لا يغير الواقع و قياس المورد الذي لا دليل عليه علي الموارد المنصوصة باطل و تنقيح المناط القطعي متعذر و الشك في الجواز كاف في عدم جواز الاكتفاء مضافا الي أن مقتضي الاصل عدم الجواز فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 386

مباني منهاج الصالحين،

ج 4، ص: 388

الاولي اذا تذكر في الاثناء (1).

و منها: اذا كانت الصلاتان قضائيتين فدخل في اللاحقة ثم تذكر ان عليه سابقة فانه يجب أن يعدل الي السابقة في المترتبتين (2).

______________________________

(1) الظاهر ان هذا هو المعروف عندهم و رواية زرارة «1» تقتضيه و مقتضي التصريح فيها عدم الفرق بين العشاءين و الظهرين فلو تذكر في أثناء العصر انه لم يصل الظهر يعدل اليه و كذلك لو تذكر أثناء العشاء انه لم يصل المغرب و لم يفت محل العدول يعدل الي المغرب.

(2) ما يمكن أن يقال: في وجه الجواز امور منها الاجماع فانه نقل عن الجواهر عدم الخلاف فيه و عن حاشية الارشاد للمحقق الثاني الاجماع عليه.

و يرد عليه أنه ثبت في محله عدم حجية الاجماع المنقول بل لا اعتبار به و ان كان محصلا لاحتمال اعتماد المجمعين الي الوجوه المتصورة في المقام فلا يكون اجماعا تعبديا.

و منها الاستصحاب بأن يقال: كان العدول جائزا في الوقت و الان كما كان و فيه أنه من الاستصحاب التعليقي الذي لا نقول به هذا اولا.

و ثانيا: يكون من الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي الذي لا نلتزم به للمعارضة مع أصل عدم الجعل الزائد.

و ثالثا: أنه يشترط في جريان الاستصحاب بقاء الموضوع و وحدة القضية و المفروض ان القضاء بأمر جديد.

لكن الانصاف ان ادعاء تغير الموضوع مشكل و منها الاولوية: و فيه انه لا اولوية بحسب ادراكنا فان الامور التعبدية مجهولة الملاك عندنا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 389

و يجوز العدول في غيرهما (1).

و منها: ما اذا دخل في الحاضرة فذكر أن عليه فائتة فانه يجوز العدول الي الفائتة (2) و انما يجوز العدول في الموارد المذكورة اذا ذكر

قبل أن يتجاوز محله أما اذا ذكر في ركوع رابعة العشاء أنه لم يصل المغرب فانها تبطل و لا بد من أن يأتي بها بعد أن يأتي بالمغرب (3).

و منها: ما اذا نسي فقرأ في الركعة الاولي من فريضة يوم الجمعة غير سورة الجمعة و تذكر بعد أن تجاوز النصف فانه يستحب له

______________________________

و منها: ان القضاء عين الاداء فلا اختلاف بين أحكامهما. و فيه: أنه لا دليل عليه فان الاتحاد في الموضوع و لا دليل علي وحدة الحكم فانه من الممكن أن يكون الشي ء الواحد باعتبار كونه في الوقت و في خارجه مختلف الحكم.

و منها: الغاء خصوصية المورد بأن نقول: نفهم من دليل القضاء ان الامر الاول من قبيل تعدد المطلوب فمتي فاته الظهر ان يجب عليه الاتيان بهما حسب ما كانا واجبين.

و بعبارة اخري: لا يبعد أن يقال: بأن العرف يفهم من دليل القضاء ان الاحكام المترتبة علي القضاء هي الاحكام المترتبة علي الاداء من غير التماس دليل خارجي عليه. و الانصاف أن هذه الدعوي قريبة جدا.

(1) قد مر في أول البحث ان العدول علي خلاف القاعدة الاولية.

(2) يدل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام «1».

(3) فانه يستفاد من الحديث أنه يجوز العدول في الموارد المذكورة فيه مع

______________________________

(1) لاحظ ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 390

العدول الي النافلة ثم يستأنف الفريضة و يقرأ سورتها (1).

و منها: ما اذا دخل في فريضة منفردا ثم اقيمت الجماعة استحب العدول بها الي النافلة مع بقاء محله ثم يتمها و يدخل في الجماعة (2).

و منها: ما اذا دخل المسافر في القصر ثم نوي الاقامة قبل التسليم فانه يعدل بها الي التمام و اذا دخل المقيم

في التمام فعدل عن الاقامة قبل الركوع الثالثة عدل الي القصر و اذا كان بعد الركوع بطلت صلاته (3).

______________________________

بقاء محل العدول كما أن التناسب بين الحكم و الموضوع يقتضي بقاء المحل.

(1) يدل علي هذا الحكم ما رواه صباح بن صبيح قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل أراد أن يصلي الجمعة فقرأ بقل هو اللّه أحد قال: يتم ركعتين ثم يستأنف «1».

(2) يدل عليه ما رواه سليمان خالد «2» و يدل عليه أيضا مضمر سماعة قال سألته عن رجل كان يصلي فخرج الامام و قد صلي الرجل ركعة من صلاة فريضة قال: ان كان اماما عدلا فليصل اخري و ينصرف و يجعلها تطوعا و ليدخل مع الامام في صلاته كما هو و ان لم يكن امام عدل فليبن علي صلاته كما هو و يصلي ركعة اخري و يجلس قدر ما يقول الحديث: «3».

(3) سيأتي الكلام ان شاء اللّه تعالي في شرح الفرعين في بحث صلاة

______________________________

(1) الوسائل الباب 72 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 168

(3) الوسائل الباب 56 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 391

[مسألة 83: إذا عدل في غير محل العدول]

(مسألة 83): اذا عدل في غير محل العدول فان لم يفعل شيئا جاز له العود الي ما نواه أولا (1) و ان فعل شيئا فان كان عامدا بطلت الصلاتان (2) و ان كان ساهيا ثم التفت أتم الاولي ان لم يزد ركوعا أو سجدتين (3).

[مسألة 84: الأظهر جواز ترامي العدول]

(مسألة 84): الاظهر جواز ترامي العدول فاذا كان في فائتة فذكر أن عليه فائتة سابقة فعدل اليها فذكر ان عليه فائتة اخري سابقة عليها فعدل اليها أيضا صح (4).

______________________________

المسافر.

(1) لعدم ما يقتضي البطلان و مقتضي القاعدة عدم البطلان و بعبارة اخري:

لا دليل علي بطلان الصلاة بنية العدول.

(2) أما بطلان الثانية فلعدم دليل علي جواز العدول و أما الاولي فللزيادة في المكتوبة.

(3) بمقتضي قاعدة لا تعاد فان مقتضي تلك القاعدة علي القول بجريانها في الاثناء الصحة الا مع زيادة الركوع أو السجدتين كما في كلام الماتن.

(4) يمكن أن يقال: ان دليل العدول يدل علي جوازه من الحاضرة الي الحاضرة كالعدول من العصر الي الظهر و علي جواز العدول من الحاضرة الي الفائتة كالعدول من الظهر الي الصبح و أما العدول من الفائتة الي الفائتة فلا دليل عليه الا أن يدعي عدم الفرق بين القضاء و الاداء في الاحكام أو يدعي قيام الاجماع و عهدة اثباتهما علي المدعي و اللّه العالم.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 392

[الفصل الثاني: في تكبيرة الإحرام]
اشارة

الفصل الثاني:

في تكبيرة الاحرام و تسمي تكبيرة الافتتاح (1) و صورتها اللّه أكبر (2).

______________________________

(1) كما في رواية ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: افتتاح الصلاة الوضوء و تحريمها التكبير و تحليلها التسليم «1»

(2) هذا هو المشهور فيما بين القوم- ظاهرا- و عليه علمائنا- كما عن المنتهي- و مما يدل عليه من النصوص مرسل الصدوق قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أتم الناس صلاة و أوجزهم كان اذا دخل في صلاته قال: اللّه اكبر بسم اللّه الرحمن الرحيم «2» بضميمة قوله صلي اللّه عليه و آله: «صلوا كما

رأيتموني اصلي» «3» و حال المرسل معلوم.

و مثله في الضعف ما رواه في المجالس باسناده في حديث جاء نفر من اليهود الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و أما قوله اللّه أكبر الي أن قال: لا تفتح الصلاة الا بها «4».

و هذه الرواية ضعيفة سندا. و لا يتم المدعي بكونه متعارفا فان التعارف لا يقيد الاطلاق لو كان كما أنه لا يوجب المنع عن جريان الاصل و أما لو دار الامر بين التخيير و التعيين فالحق هو الاول فان البراءة عن المعين تقتضي التوسعة و لا مقتضي للتعيين مضافا الي أن مقتضي الاطلاق الثابت في جملة من الروايات لا يبقي مجال التمسك بالاصل العملي اللهم الا أن يقال: ان الاتيان بغير هذا لصيغة

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) مستمسك العروة ج 6 ص 57 كتب في الهامش: كنز العمال ج 4 ص: 62 حديث 1196

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 393

و لا يجزي مرادفها بالعربية و لا ترجمتها بغير العربية (1) و اذا تمت حرم ما لا يجوز فعله من منافيات الصلاة (2) و هي ركن تبطل الصلاة بنقصها عمدا و سهوا (3).

______________________________

مستنكر عند المتشرعة بل يمكن اثبات المدعي بصحيح حماد «1».

(1) ان كان في المقام اجماع تعبدي فهو و الا يشكل الامر فان مقتضي الاطلاق هو الجواز كما أن مقتضي الاصل عدم التقييد بهذه القيود و لا مقتضي للتقييد الا أن يقال: ان الاتيان بغير الصيغة المتعارفة مستنكر عند المتشرعة كما مر آنفا و أنه خلاف النص.

(2) كما في رواية ابن القداح 2 و في المقام

اشكال و هو أن الشروع في الصلاة يتحقق بأول جزء من التكبيرة و كيف يمكن الجمع بين كون التحريم بها و بين تحقق الدخول في الصلاة بأول جزء من التكبير اذ لو كان التحريم بالتكبيرة فلا يحرم الاتيان بالمنافي بينها و هل يمكن الالتزام به؟

و قد دلت جملة من النصوص علي أن الصلاة تفتتح بالتكبيرة و ملخص الكلام في المقام: انه لا اشكال في أن الدخول في الصلاة يتحقق بتحقق الجزء الاول من التكبير و أيضا لا اشكال في أن ادلة المنافيات تشمل ما يقع من المنافي أثناء التكبيرة و الحال أن التحريم يتحقق بها.

و حل الاشكال: بأن نقول: دليل كون التحريم بالتكبير حاكم علي ادلة المنافيات فلا يكون المنافي الواقع أثناء التكبير منافيا لكن هل يمكن الالتزام بهذا اللازم فلاحظ.

(3) نقل عن الشهيد: انه اجماعي و عن الجواهر: انه اجماعي منقولا و محصلا و العمدة في المقام النصوص الواردة عنهم عليهم السلام و هي علي طوائف:

______________________________

(1) (1 و 2) لاحظ ص: 373 و 392

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 394

______________________________

الطائفة الاولي: ما دل علي ان الاخلال بها يبطل الصلاة و ان كان الاخلال بها عن سهو كرواية زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل ينسي تكبيرة الافتتاح قال: يعيد «1».

الطائفة الثانية: ما يدل علي عدم الاخلال لو كان عن سهو كرواية عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل نسي أن يكبر حتي دخل في الصلاة فقال: أ ليس كان من نيته أن يكبر؟ قلت: نعم قال: فليمض في صلاته «2».

الطائفة الثالثة: ما يدل علي الاخلال حتي لو كان التذكر بعد الركوع كرواية علي بن يقطين

قال: سألت أبا الحسن عن الرجل ينسي أن يفتتح الصلاة حتي يركع قال: يعيد الصلاة «3».

الطائفة الرابعة: ما يظهر منه التفصيل بين أن يكون التذكر قبل الركوع و بعده أو بعد الصلاة فان كان قبل الركوع يستأنف و ان كان بعد الركوع أو بعد الفراغ من الصلاة لا تبطل و الدال علي التفصيل رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: الرجل ينسي أول تكبيرة من الافتتاح فقال: ان ذكرها قبل الركوع كبر ثم قرأ ثم ركع و ان ذكرها في الصلاة كبرها في قيامه في موضع التكبير قبل القراءة و بعد القراءة قلت: فان ذكرها بعد الصلاة قال: فليقضها و لا شي ء عليه «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 395

و تبطل بزيادتها عمدا (1) فاذا جاء بها ثانية بطلت الصلاة فيحتاج الي ثالثة فان جاء بالرابعة بطلت أيضا و احتاج الي خامسة و هكذا تبطل بالشفع و تصح بالوتر (2) و الظاهر عدم بطلان الصلاة بزيادتها سهوا (3).

______________________________

الطائفة الخامسه: ما دل علي أنه لو كان التذكر بعد الدخول في الركوع فلا تبطل و الدال عليه ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قلت له: رجل نسي أن يكبر تكبيرة الافتتاح حتي كبر للركوع فقال: أجزأه «1».

و مقتضي الصناعة أن يؤخذ بالطائفة الخامسة فان التأخر في الصدور من المرجحات و بعد تقديمها علي معارضها يكون مقيدا للطائفة الاولي و الثانية و تكون النتيجة التفصيل بين أن يكون التذكر قبل الركوع أو بعده.

و ان أبيت عن

التقييد و قلت: انها معارضة للطائفة الاولي و الثانيه أيضا فقل انها معارضة مع جميع الطوائف من النصوص و مقدمة عليها هذا مقتضي الصناعة لكن لا يمكن الالتزام به اذ كون الاخلال بها موجبا للبطلان علي الاطلاق لعله مورد التسالم فيكون ركنا.

(1) اذ لو كانت الزيادة عمدية يلزم البطلان بمقتضي دليل ابطال الزيادة.

(2) لبطلان الصلاة بالزيادة.

(3) الظاهر أن المشهور فيما بين القوم ان زيادتها كنقصانها و ربما يستدل عليه بالإجماع. و حال الاجماع معلوم و أما كونها ركنا لا يستلزم كون زيادتها مبطلة فان الركنية تثبت بالاخلال بها بنقصانها عمدا و سهوا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 396

و يجب الاتيان بها علي النهج العربي مادة و هيئة (1) و الجاهل يلقنه غيره أو يتعلم (2) فان لم يمكن اجتزأ منها بالممكن (3) فان عجز جاء بمراد فها (4) و ان عجز فبترجمتها (5).

______________________________

و ربما يقال: انها لو زيدت توجب البطلان لان الزيادة مبطلة. و فيه: ان حديث لا تعاد علي ما هو المقرر عند القوم يقتضي الصحة فيما تكون عن سهو نعم مع العمد لا شبهة في كونها مبطلة للزيادة.

لا يقال: ان زيادتها توجب ارتفاع الهيئة الاتصالية المعتبرة في الصلاة.

فانه يقال: يمنع ذلك و لذا لا مجال لهذا الكلام في نظائر المقام في موارد الزيادة.

ان قلت: ان الصلاة اسم للصحيح فيكون الاسم مجملا و لا يمكن الاخذ بالاطلاق قلت: أولا: ان الصلاة اسم للصحيح أول الكلام و ان اخترناه في الدورة الاخيرة في بحث الاصول و ثانيا: انه مع الاجمال تصل النوبة الي الاصل العملي و مقتضاه البراءة كما هو المقرر و ثالثا: أن قاعدة لا تعاد

تقتضي الصحة.

(1) اذ لو لم تكن كذلك يلزم أن تكون غلطا.

(2) و الوجه فيه ظاهر فانه ما دام ممكنا الاتيان بالمبدل منه لا تصل النوبة الي البدل.

(3) لقاعدة الميسور الجارية في الصلاة.

(4) بتقريب ان المرادف أقرب الي المأمور به من ترجمته و للتأمل في هذا المدعي مجال بأن يقال: ان الترجمة مقدمة علي المرادف فلاحظ.

(5) لا يبعد أن تكون الترجمة مقدمة بحسب المرتبة علي الملحون فان الترجمة مصداق للتكبير و انما ترفع اليد عن الاطلاق بالإجماع و التسالم بالنسبة الي القادر علي الاتيان بها باللغة العربية و أما مع العجز فلا اجماع فالاطلاق محكم.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 397

[مسألة 85: الأحوط وجوبا عدم وصلها بما قبلها من الكلام دعاء كان أو غيره]

(مسألة 85): الاحوط وجوبا عدم وصلها بما قبلها من الكلام دعاء كان أو غيره (1) و لا بما بعدها من بسملة أو غيرها (2) و أن لا يعقب اسم الجلالة بشي ء من الصفات الجلالية أو الجمالية (3) و ينبغي تفخيم اللام من لفظ الجلالة و الراء من أكبر (4).

[مسألة 86: يجب فيها القيام التام]

(مسألة 86): يجب فيها القيام التام (5) فاذا تركه عمدا أو سهوا

______________________________

(1) نقل عن الذكري البطلان لأنه خلاف ما وصل من صاحب الشرع.

و فيه ما مر من الاشكال في الرواية «1» و ان صاحب الشرع كان يكبر دائما بقطع الهمزة غير معلوم عندنا و مقتضي الاطلاق و كذلك مقتضي الاصل الجواز و الاحتياط حسن بلا اشكال بل مقتضي حديث حماد كذلك.

(2) و عن القواعد: انه لا يجوز اقتصارا علي ما صدر عن صاحب الشرع أو دعوي الانصراف عن هذا الفرد.

و لا وجه للانصراف و عدم صدوره عن صاحب الشرع غير معلوم مع أنه لو علم لا يكون دليلا علي اللزوم كما هو ظاهر و طريق الاحتياط واضح.

(3) اذا لم يكن بقصد التشريع فلا وجه للبطلان الا أن يقال: انه خلاف المتعارف عند المتشرعة بل يعد مستنكرا عندهم و اللّه العالم.

(4) اذ الموضوع المأمور به يتحقق بلا تفخيم فتترتب عليه الصحة بلا تفخيم و الظاهر ان التفخيم من محسنات القراءة فلا ينبغي تركها.

(5) نقل عليه الاجماع و يدل عليه ما دل علي وجوب القيام في الصلاة فان التكبير من الصلاة فيجب فيه القيام.

______________________________

(1) لاحظ ص: 392

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 398

بطلت (1) من غير فرق بين المأموم الذي أدرك الامام راكعا و غيره (2) بل يجب التربص في الجملة حتي يعلم بوقوع التكبير تاما قائما (3) و

أما الاستقرار في القيام المقابل للمشي و التمايل من أحد الجانبين الي الاخر أو الاستقرار بمعني الطمأنينة فهو و ان كان واجبا حال التكبير (4).

______________________________

و يدل عليه ما رواه عمار في حديث: قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وجبت عليه صلاة من قعود فنسي حتي قام و افتتح الصلاة و هو قائم ثم ذكر قال: يقعد و يفتتح الصلاة و هو قاعد و لا يعتد بافتتاحه الصلاة و هو قائم و كذلك ان وجبت عليه الصلاة من قيام فنسي حتي افتتح الصلاة و هو قاعد فعليه أن يقطع صلاته و يقوم فيفتتح الصلاة و هو قائم و لا يقتدي (و لا يعتدي) بافتتاحه و هو قاعد «1».

و يدل عليه أيضا ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّٰهَ قِيٰاماً وَ قُعُوداً وَ عَليٰ جُنُوبِهِمْ» قال: الصحيح يصلي قائما و قعودا و المريض يصلي جالسا و علي جنوبهم الذي يكون أضعف من المريض الذي يصلي جالسا «2».

(1) لاحظ ما رواه عمار.

(2) للإطلاق.

(3) لوجوب العلم بتحقق المأمور به.

(4) لا بد من اتمام الاستدلال عليه بالإجماع و التسالم اذ الظاهر أن النص قاصر

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب القيام الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب القيام الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 399

لكن الظاهر أنه اذا تركه سهوا لم تبطل الصلاة (1).

[مسألة 87: الأخرس يأتي بها علي قدر ما يمكنه]

(مسألة 87): الاخرس يأتي بها علي قدر ما يمكنه (2) فان عجز

______________________________

عن اثبات الوجوب لاحظ ما رواه سليمان بن صالح «1».

و هذه الرواية ضعيفة بصالح بن عقبة و أما رواية السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: في الرجل يصلي

في موضع ثم يريد أن يتقدم قال: يكف عن القراءة في مشيه حتي يتقدم الي الموضع الذي يريد ثم يقرأ «2»، فهي أيضا ضعيفة بالنوفلي مضافا الي أنها واردة في القراءة فلا تشمل المقام.

و ربما يتمسك لإثبات المدعي بما رواه هارون بن حمزة الغنوي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في السفينة فقال: ان كانت محملة ثقيلة اذا قمت فيها لم تتحرك فصل قائما و ان كانت خفيفة تكفأ فصل قاعدا «3».

و هذه الرواية مخدوشة سندا بيزيد بن اسحاق فانه لم يوثق مضافا الي أن استفادة المدعي من الرواية مشكلة اذ المستفاد منها جواز الجلوس في صورة الاكفاء و بعبارة أخري في مقام بيان جواز الجلوس في صورة الاكفاء.

(1) لقاعدة لا تعاد.

(2) فانه الميسور بالنسبة اليه و مقتضي أن الصلاة لا تسقط بحال وجوب الاتيان بالقدر الممكن و يؤيده ما رواه مسعدة بن صدقة قال: سمعت جعفر بن محمد عليه السلام يقول: انك قد تري من المحرم من العجم لا يراد منه ما يراد من العالم الفصيح و كذلك الاخرس في القراءة في الصلاة و التشهد و ما أشبه ذلك فهذا بمنزلة

______________________________

(1) لاحظ ص: 329

(2) الوسائل الباب 34 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب القيام الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 400

عن النطق أخطرها بقلبه و أشار بإصبعه و الاحوط الاولي أن يحرك بها لسانه ان أمكن (1).

[مسألة 88: يشرع الإتيان بستة تكبيرات مضافا إلي تكبيرة الإحرام]

(مسألة 88): يشرع الاتيان بستة تكبيرات مضافا الي تكبيرة الاحرام فيكون المجموع سبعا (2).

______________________________

العجم و المحرم لا يراد منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح «1».

(1) كلمات القوم في هذا المقام مختلفة و العمدة في المدرك ما رواه

السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تلبية الاخرس و تشهده و قراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه و اشارته باصبعه «2».

لكن الرواية ضعيفة بالنوفلي مضافا الي أنه ليس في الرواية ذكر من الاخطار بالقلب و القول بأنه ليس في مقام البيان من هذه الجهة بل في مقام بيان الدال فكما أنه يجب اخطار المعني علي الناطق يجب علي الاخرس عهدته علي مدعيه و لا يجب علي الناطق الاخطار- كما في الجواهر- و طريق الاحتياط ظاهر.

(2) ادعي عليه الاجماع و عدم الخلاف و السيرة جارية عليها و تدل عليه جملة من النصوص و منها: ما رواه حفص يعني ابن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان في الصلاة و الي جانبه الحسين ابن علي فكبر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فلم يحر الحسين عليه السلام بالتكبير ثم كبر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فلم يحر الحسين التكبير فلم يزل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يكبر و يعالج الحسين عليه السلام التكبير فلم يحر حتي أكمل سبع تكبيرات فأحار الحسين عليه السلام التكبير في السابعة فقال أبو عبد اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 59 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 401

و يجوز الاقتصار علي الخمس و علي الثلاث (1) و الاولي أن يقصد بالاخيرة تكبيرة الاحرام (2).

______________________________

عليه السلام فصارت سنة «1».

(1) كما في رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: أدني ما يجزي من التكبيرات في التوجه الي الصلاة تكبيرة واحدة و ثلاث تكبيرات و خمس و سبع أفضل «2».

(2) الاقوال

في المقام مختلفة فذهب جملة من الاعلام منهم صاحب الحدائق الي انها الاولي و استدل علي هذا القول بما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك ثم ابسطهما بسطا ثم كبر ثلاث تكبيرات ثم قل: «اللهم أنت الملك الحق لا إله الا أنت سبحانك اني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي انه لا يغفر الذنوب الا أنت» ثم تكبر تكبيرتين ثم قل: «لبيك و سعديك و الخير في يديك و الشر ليس إليك و المهدي من هديت لا ملجأ منك الا إليك سبحانك و حنانيك تباركت و تعاليت سبحانك رب البيت» ثم تكبر تكبيرتين ثم تقول: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ- عٰالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهٰادَةِ- حَنِيفاً مُسْلِماً- وَ مٰا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ- إِنَّ صَلٰاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيٰايَ وَ مَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ لٰا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذٰلِكَ أُمِرْتُ و أنا من المسلمين» ثم تعوذ من الشيطان الرجيم ثم اقرأ فاتحة الكتاب «3».

بتقريب: ان الظاهر من الرواية ان افتتاح الصلاة يتحقق بتكبيرة الاحرام فأول تكبيرة تتحقق بمقتضي الرواية يتحقق الافتتاح.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 402

______________________________

و فيه: انه لا يبعد أن يكون الخبر ظاهرا في تحقق الافتتاح بمجموع التكبيرات السبع و عليه يكون الخبر دليلا علي قول والد المجلسي القائل بأن مجموع التكبيرات تكبيرة الاحرام فانه نقل عنه ان التكبير كالتسبيح في كونه واجبا مخيرا بين الاقل و الاكثر فلو اختار المكلف الاكثر يكون مصداقا للواجب.

و استدل صاحب الحدائق أيضا بما رواه زرارة عن أبي جعفر

عليه السلام أنه قال: الذي يخاف اللصوص و السبع يصلي صلاة المواقفة ايماء علي دابته قال: قلت: أ رأيت ان لم يكن المواقف علي وضوء كيف يصنع و لا يقدر علي النزول؟ قال: ليتيمم من لبد سرجه أو معرفة (عرف) دابته فان فيها غبارا و يصلي و يجعل السجود أخفض من الركوع و لا يدور الي القبلة و لكن اينما دارت به دابته غير أنه يستقبل القبلة بأول تكبيرة حين يتوجه «1».

قال في الحدائق: «هذا الخبر يدل علي المدعي بأوضح دلالة». و لم يبين تقريب الدلالة. و فيه: أن وجه الدلالة ان كان قوله عليه السلام: «يستقبل القبلة بأول تكبيرة» فيمكن أن لا يكون أول تكبيرة تكبيرة الاحرام و لكن حيث انها من متعلقات الصلاة يكتفي بالاستقبال فيها و لا منافاة بين مفاد الرواية و بين ما نقل عن والد المجلسي من أن المجموع يتحقق به الافتتاح.

و استدل أيضا بما رواه زرارة «2» بتقريب: ان الظاهر من الرواية أن أول تكبيرة من الافتتاح تكبيرة الاحرام لا يقال: ان الرواية مشتملة علي ما لا يلتزم به الاصحاب و هي صحة الصلاة مع نسيان التكبيرة اذ تكبيرة الاحرام ركن فانه يقال: يجب ارتكاب التأويل في موضع المخالفة فان رد بعض الخبر بالمعارض

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة الحديث: 8

(2) لاحظ ص: 394

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 403

______________________________

الاقوي لا يمنع عن العمل بالبعض الذي لا معارض له.

و فيه: اولا انه يمكن حمل الخبر علي ما نقل عن والد المجلسي و ثانيا ما أفاده من عدم البأس بالاخذ ببعض مفاد الخبر و ترك بعض الاخر و ان كان صحيحا لكن في المقام لا يمكن لان

المنساق له الكلام نسيان التكبيرة و المفروض انه لا يمكن الالتزام بالصحة و بعبارة اخري: ما استفاده من الرواية ليس مستفادا من جملة مستقلة كي يحفظ عليها و تترك الاخري فلا تغفل.

و استدل أيضا بما رواه حفص «1» و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال خرج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الي الصلاة و قد كان الحسين عليه السلام أبطأ عن الكلام حتي تخوفوا أنه لا يتكلم و أن يكون به خرس فخرج به حامله علي عاتقه وصف الناس خلفه فأقامه علي يمينه فافتتح رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الصلاة فكبر الحسين عليه السلام فلما سمع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله تكبيره عاد فكبر فكبر الحسين عليه السلام حتي كبر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله سبع تكبيرات و كبر الحسين عليه السلام فجرت السنة بذلك «2».

بتقريب: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله افتتح الصلاة بالتكبيرة الاولي و العود الي الثانية و الثالثة و هكذا لتمرين الحسين عليه السلام و انما جرت السنة علي ذلك و الانصاف ان تقريب الاستدلال متين و لا يرد عليه ما أورده في المستمسك من أن الفعل مجمل و لا يستفاد منه شي ء لان الظاهر من الرواية ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله افتتح الصلاة بحيث لو كان تكبير الحسين عليه السلام صحيحا لم يعد فالتكبيرة الاولي كانت تكبيرة الاحرام و البقية مستحبة و السنة جرت علي طبقه.

______________________________

(1) لاحظ ص: 400

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 404

______________________________

و في قبال قول صاحب الحدائق ما اختاره صاحب الجواهر قدس

سره من أن التكبيرة هي الاخيرة و استدل للمدعي علي أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان يخفت بست تكبيرات لاحظ ما رواه أبو علي الحسن بن راشد قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن تكبيرة الافتتاح فقال: سبع قلت: روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله أنه كان يكبر واحدة فقال: ان النبي صلي اللّه عليه و آله كان يكبر واحدة يجهر بها و يسر ستا «1» و الحال انه يستحب للإمام أن يجهر و يسمع كلما يقوله في الصلاة لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كل ما يقول و لا ينبغي من خلفه أن يسمعوا شيئا مما يقول «2».

فلو التزمنا بكونها الاخيرة لا يلزم تخصيص في تلك الادلة بخلاف العكس و فيه: انه لا مجال للأخذ باصالة عدم التخصيص لإثبات الموضوعات الخارجية اذ لا دليل عليه.

و استدل بما أرسله الصدوق «3» و فيه: ان المرسل لا اعتبار به مضافا الي الاشكال في الدلالة و أما ما في فقه الرضا عليه السلام: «و اعلم أن السابعة هي الفريضة و هي تكبيرة الافتتاح» «4» فحاله معلوم فلا دليل عليه.

و أما القول بالتخيير فاستدل عليه في الجواهر باطلاق الادلة و أورد عليه في المستمسك بأنه لم أقف علي هذا الاطلاق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 52 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 392

(4) فقه الرضا ص 8 ط القديم ص: 105 ط الجديد

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 405

______________________________

و أما كون مجموع التكبيرات تكبيرة الاحرام فتدل عليه جملة من النصوص المتفرقة في الابواب

المختلفة منها: ما رواه زيد الشحّام قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الافتتاح فقال: تكبيرة تجزيك قلت: فالسبع قال: ذلك الفضل «1».

و منها: ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الامام يجزيه تكبيرة واحدة و يجزيك ثلاثا مترسلا اذا كنت وحدك «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: التكبيرة الواحدة في افتتاح الصلاة تجزي و الثلاث أفضل و السبع أفضل كله «3».

و منها: ما رواه زرارة قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام أو قال: سمعته استفتح الصلاة بسبع تكبيرات ولاء «4».

و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا افتتحت الصلاة فكبر ان شئت واحدة و ان شئت ثلاثا و ان شئت خمسا و ان شئت سبعا و كل ذلك مجز عنك غير أنك اذا كنت اماما لم تجهر الا بتكبيرة «5».

و منها: ما رواه الحلبي «6» و منها غيرها المذكور في الباب 7 من أبواب تكبيرة الاحرام من الوسائل.

فان المستفاد من هذه النصوص ان الافتتاح يحصل بالمجموع و لا تعارض بين هذه النصوص و ما دل علي أن التكبيرة هي الاولي و هو الخبر الوارد في قصة

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 7 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

(6) لاحظ ص: 401

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 406

[مسألة 89: يستحب للإمام الجهر بواحدة و الإسرار بالبقية]

(مسألة 89): يستحب للإمام الجهر بواحدة و الاسرار بالبقية (1) و يستحب أن يكون التكبير في حال رفع اليدين (2) الي الاذنين (3) أو مقابل الوجه (4).

______________________________

الحسين عليه السلام و يمكن الجمع بينهما

و ذلك لان المستفاد من تلك الرواية بحسب الظهور- كما قلنا- ان النبي صلي اللّه عليه و آله افتتح الصلاة بالتكبيرة الاولي لكن ليس في الرواية ان ما يفتتح به هي الاولي و الباقي ليست مما يفتتح به و مقتضي ظهور هذه النصوص ان الافتتاح يحصل بالمجموع.

يبقي الكلام في أنه من التخيير بين الاقل و الاكثر و قد حقق في الاصول انه جائز بشرط رجوعه الي المتباينين و أما ما في جملة من النصوص من أن السبع أفضل لا يقتضي رفع اليد عن الوجوب التخييري فانه لا مانع من كون السبع أفضل و مع ذلك يكون من أفراد الواجب و بعبارة اخري: يكون أفضل الافراد و مقتضي الاحتياط ان يقصد ما هو الواقع و المطلوب عند اللّه و اللّه العالم بحقائق الامور.

(1) لاحظ ما رواه أبو بصير «1» و ما رواه أبو علي الحسن بن راشد «2»

(2) لاحظ ما رواه الحلبي «3».

(3) لاحظ ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام في حديث:

اذا افتتحت الصلاة فكبرت و لا تجاوز اذنيك و لا ترفع يديك بالدعاء في المكتوبة تجاوز بهما رأسك «4».

(4) لاحظ ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) لاحظ ص: 405

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 406

(2) لاحظ ص: 404

(3) لاحظ ص: 401

(4) الوسائل الباب 9 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 407

أو الي النحر (1) مضمومة الاصابع حتي الابهام و الخنصر (2) مستقبلا بباطنهما القبلة (3).

[مسألة 90: إذا كبر ثم شك في أنها تكبيرة الإحرام أو الركوع بني علي الأولي]

(مسألة 90) اذا كبر ثم

شك في أنها تكبيرة الاحرام أو الركوع بني علي الاولي (4) و ان شك في صحتها بني علي الصحة (5) و ان شك في وقوعها و قد دخل فيما بعدها من القراءة بني علي وقوعها (6).

[مسألة 91: يجوز الإتيان بالتكبيرات ولاء بلا دعاء]

(مسألة 91): يجوز الاتيان بالتكبيرات ولاء بلا دعاء (7).

______________________________

يصلي يرفع يديه حيال وجهه حين استفتح «1».

(1) لاحظ ما رواه معاوية بن عمار قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام حين افتتح الصلاة يرفع يديه أسفل من وجهه قليلا «2».

(2) لاحظ ما رواه حماد «3».

(3) لاحظ ما رواه منصور بن حازم قال: رأيت ابا عبد اللّه عليه السلام افتتح الصلاة فرفع يديه حيال وجهه و استقبل القبلة ببطن كفيه «4».

(4) لعدم احراز الاتيان بالقراءة فيجب الاتيان بها.

(5) لقاعدة الفراغ.

(6) علي ما هو المقرر عندهم من اعتبار قاعدة التجاوز و قد أنكرنا قيام الدليل عليها و التفصيل موكول الي محل آخر.

(7) لاحظ ما رواه زرارة «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 373

(4) الوسائل الباب 9 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 6

(5) لاحظ ص: 405

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 408

و الافضل أن يأتي بثلاث منها ثم يقول: «اللهم أنت الملك الحق لا إله الا أنت سبحانك اني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي انه لا يغفر الذنوب الا أنت» ثم يأتي باثنتين و يقول: «لبيك و سعديك و الخير في يديك و الشر ليس إليك و المهدي من هديت لا ملجأ منك الا إليك سبحانك و حنانيك تباركت و تعاليت سبحانك رب البيت» ثم يأتي باثنتين و يقول:

«وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ- عٰالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهٰادَةِ- حَنِيفاً مُسْلِماً- وَ مٰا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ- إِنَّ صَلٰاتِي وَ

نُسُكِي وَ مَحْيٰايَ وَ مَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ لٰا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذٰلِكَ أُمِرْتُ و أنا من المسلمين» ثم يستعيذ و يقرأ سورة الحمد (1).

[الفصل الثالث: في القيام]
اشارة

الفصل الثالث:

في القيام و هو ركن حال تكبيرة الاحرام- كما عرفت- (2) و عند الركوع و هو الذي يكون الركوع عنه المعبر عنه بالقيام المتصل بالركوع (3).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الحلبي «1».

(2) قد مر الكلام فيه في بحث تكبيرة الاحرام و يدل عليه ما رواه عمار «2».

(3) الظاهر أنه لا مستند لهذا الحكم الا الاجماع و التسالم القطعي فيما بين

______________________________

(1) لاحظ ص: 401

(2) لاحظ ص: 398

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 409

فمن كبر للافتتاح و هو جالس بطلت صلاته (1) و كذا اذا ركع جالسا سهوا و ان قام في أثناء الركوع متقوسا (2) و في غير هذين الموردين

______________________________

القوم و لا يمكن أن يكون اطلاق دليل وجوب القيام مستندا لهم اذ لا شبهة في أن اطلاق أدلة الاجزاء و الشرائط محكومة بالنسبة الي دليل لا تعاد.

و ربما يقال بأن الوجه في كونه ركنا انه لو اختل يختل الركوع اذ لو لم يكن عن قيام لم يكن ركوعا.

و فيه: ان الركوع من الجالس يصدق و ليس عن قيام مضافا الي أنه يلزم أن تكون ركنيته علي الفرض عرضية لا ذاتية و لا يبعد أن يكون هذا البحث و هو أن ركنية القيام بلحاظ نفسه أو بلحاظ كونه مقوما للركوع لغوا اذ لا شبهة و لا اشكال فيما بين القوم في وجوبه حال الركوع فاي ثمرة تترتب علي هذا البحث؟

و ربما يقال: انه لا دليل علي وجوب القيام حال الركوع الا من جهة دخله في الركوع هذا من ناحية و من ناحية اخري

ان الانتصاب ليس مقوما للقيام بل يصدق القيام و لو مع التقوس و يترتب عليه أنه لو ركع عن حال التقوس سهوا تصح صلاته.

لكن الحق ان هذه الجهة لا تكون فارقة بين القولين اذ لو قلنا بأن القيام بنفسه واجب بدليل خاص نحكم بالصحة أيضا في الفرض لان الانتصاب غير دخيل في حقيقة القيام فلا أثر للبحث.

(1) لما مر و قد دلت عليه رواية عمار التي قد مرت عليك «1».

(2) لا لان الركوع لا يصدق اذا كان عن جلوس بل لوجوب ان الركوع لا بد أن يكون من القيام.

______________________________

(1) لاحظ ص: 398

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 410

يكون القيام الواجب واجبا غير ركن (1) كالقيام بعد الركوع (2 و القيام حال القراءة أو التسبيح (3) فاذا قرأ جالسا سهوا أو سبح كذلك ثم قام و ركع عن قيام ثم التفت صحت صلاته و كذا اذا نسي القيام بعد الركوع حتي سجد السجدتين (4).

[مسألة 92: إذا هوي لغير الركوع ثم نواه في أثناء الهوي لم يجز و لم يكن ركوعه عن قيام فتبطل صلاته]

(مسألة 92): اذا هوي لغير الركوع ثم نواه في أثناء الهوي لم يجز و لم يكن ركوعه عن قيام فتبطل صلاته (5) نعم اذا لم يصل الي حد الركوع انتصب قائما و ركع عنه و صحت صلاته (6).

______________________________

(1) لعدم الدليل علي الركنية فلا يكون ركنا و بعبارة اخري: لا دليل علي البطلان فيما يكون تركه عن سهو لإطلاق قاعدة لا تعاد الدالة عليه جملة من الروايات منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تعاد الصلاة الا من خمسة:

الطهور و الوقت و القبلة و الركوع و السجود ثم قال: القراءة سنة و التشهد سنة فلا تنقض السنة الفريضة «1».

(2) أما وجوبه فلما يذكر في بحث الركوع و أما عدم كونه

ركنا فلما ذكرنا.

(3) أما وجوبه فللأدلة الدالة علي وجوبه في الصلاة و منها ما رواه أبو حمزة «2» و أما أنه غير ركن فلعدم الدليل عليه كما مر.

(4) لما قرر عندهم من جريان قاعدة لا تعاد و لو في الاثناء و لنا في هذا المقام كلام موكول الي محله.

(5) و الامر كما أفاده و بعبارة اخري: ان القيام المتصل بالركوع لم يتحقق.

(6) لتحقق المأمور به و عدم تحقق ما يوجب البطلان.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 398

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 411

و كذا اذا وصل و لم ينوه ركوعا (1).

[مسألة 93: إذا هوي إلي ركوع عن قيام و في أثناء الهوي غفل حتي جلس للسجود]

(مسألة 93): اذا هوي الي ركوع عن قيام و في أثناء الهوي غفل حتي جلس للسجود فان كانت الغفلة بعد تحقق مسمي الركوع صحت صلاته (2) و الاحوط استحبابا أن يقوم منتصبا ثم يهوي الي السجود (3) و أما اذا التفت الي ذلك و قد سجد سجدة واحدة مضي في صلاته (4) و الاحوط استحبابا اعادة الصلاة بعد الاتمام (5) و اذا التفت الي ذلك و قد سجد سجدتين صح سجوده و مضي (6) و ان كانت الغفلة قبل تحقق مسمي الركوع عاد الي القيام منتصبا ثم هوي الي الركوع و مضي و صحت صلاته (7).

[مسألة 94: يجب مع الإمكان الاعتدال في القيام]

(مسألة 94): يجب مع الامكان الاعتدال في القيام (8).

______________________________

(1) اذ المفروض انه لم يزد الركوع فانه لم يقصد الركوع فلا موجب للبطلان.

(2) اذ المفروض تحقق الركوع.

(3) يمكن أن يكون الوجه في عدم الوجوب ان المستفاد من الدليل ان الواجب القيام و الانتصاب عن الركوع و المفروض فوت محله.

(4) لعدم امكان تدارك القيام بعد الركوع لاستلزامه زيادة سجدة واحدة.

(5) فانه لا اشكال في حسنه.

(6) بلا اشكال.

(7) اذ المحل باق فيجب الاتيان بالركوع الواجب فلاحظ.

(8) يمكن أن يكون الوجه فيه أنه مع عدم الاعتدال لا يصدق القيام المأمور

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 412

و الانتصاب (1) فاذا انحني أو مال الي أحد الجانبين بطل (2) و كذا اذا فرج بين رجليه علي نحو يخرج عن الاستقامة عرفا (3) نعم لا بأس باطراق الرأس (4) و تجب أيضا في القيام غير المتصل بالركوع

______________________________

به و لا أقلّ من انصراف الدليل عن غير المعتدل.

(1) اي نصب فقار الظهر و هي عظامه المنظمة في النخاع التي تسمي خرز الظهر كما صرح في بعض النصوص لاحظ ما

رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام في حديث و قم منتصبا فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: من لم يقم صلبه فلا صلاة له «1».

و ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من لم يقم صلبه في الصلاة فلا صلاة له «2».

و أما الاستدلال عليه بأن الانتصاب مقوم لحقيقة القيام فعهدة اثباته علي مدعيه اذ لا شبهة في أنه يصدق القيام عرفا مع بعض مراتب الانحناء و عدم صدق الانتصاب.

(2) و الوجه فيه ظاهر لعدم صدق المأمور به.

(3) لعدم صدق القيام.

(4) ربما يقال بعدم الجواز لما ارسل عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له:

«فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ» قال: النحر الاعتدال في القيام أن يقيم صلبه و نحره و قال:

لا تكفر فانما يصنع ذلك المجوس و لا تلثم و لا تحتفز و لا تقع علي قد ميك و لا تفترش ذراعيك «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب القيام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 413

الطمأنينة (1) و الاحوط استحبابا الوقوف علي القدمين جميعا فلا يجزأ الوقوف علي أحدهما و لا علي أصابعهما فقط و لا علي أصل القدمين فقط (2).

______________________________

و المرسل لا اعتبار به و لم يعمل به كي يقال بأنه منجبر مضافا الي ضعف المبني كما قلناه مرارا و الحق ما أفاده في المتن.

(1) العمدة في دليلها الاجماع فان تم فهو و الا يشكل اثباته بما رواه سليمان بن صالح «1» فان سند الرواية ضعيف بصالح بن عقبة و أيضا لا يمكن اثباته بما رواه السكوني «2» لضعف السند بالنوفلي و أيضا

لا يمكن اثباته بما رواه هارون بن حمزة «3» فان السند ضعيف بيزيد بن اسحاق.

مضافا الي أن المستفاد من الرواية أن أمره عليه السلام بالجلوس من جهة الاكفاء لا من جهة عدم الاستقرار فلاحظ و أما دخوله في القيام مفهوما ففساده أوضح من أن يخفي.

(2) قد ذكر في وجه عدم الكفاية امور: منها الاصل. و فيه: ان الاطلاق يقتضي الجواز و لو وصلت النوبة الي الاصل فمقتضاه البراءة.

و منها التبادر. و فيه: انه بدوي و المرجع الاطلاق. و منها: عدم الاستقرار.

و فيه: أنه أخص من المدعي مع أن في اشتراط الاستقرار تأملا كما عرفت.

و منها: التأسي. و فيه ما عرفت من عدم دليل معتبر علي وجوبه.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يقوم علي أطراف أصابع رجليه فأنزل اللّه سبحانه:

______________________________

(1) لاحظ ص: 329

(2) لاحظ ص: 399

(3) لاحظ ص: 399

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 414

و الظاهر جواز الاعتماد علي عصا أو جدار أو انسان في القيام علي كراهية (1).

______________________________

طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقي «1».

و قريب منه ما عن تفسير القمي أيضا الا أنه قال: كان يقوم علي أصابع رجليه حتي تورم «2» و فيه: ان المستفاد من الخبر عدم الوجوب لا الالتزام بالخلاف مضافا الي ضعف السند في الثاني فالحكم مبني علي الاحتياط.

(1) ربما يقال: بوجوب الاستقلال- كما هو المشهور- علي ما في بعض الكلمات و ما يمكن أن يقال في وجهه امور: منها: الاجماع و فيه ما فيه.

و منها أنه داخل في مفهوم القيام. و فيه: انه ليس كذلك كما هو واضح.

و منها: انه المنصرف اليه من نصوص القيام

و فيه: انه علي فرض تسلمه بدوي يزول بالتأمل اذ لا وجه له.

و منها: انه المعهود من النبي صلي اللّه عليه و آله و يجب التأسي لقوله صلي اللّه عليه و آله صلوا كما رأيتموني اصلي «3» و فيه ان الرواية ضعيفة سندا مضافا الي أنها مجملة اذ لا يجب التأسي في جميع الخصوصيات الا أن يقال:

بأنه يؤخذ به ما لم يعلم بالخلاف.

و منها جملة من النصوص و من تلك النصوص ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تمسك بخمرك و أتت تصلي و لا تستند الي جدار و انت تصلي الا أن تكون مريضا «4» و الخمر بالتحريك و الفتح ما ورائك من شجر أو حائط.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب القيام الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نقل عن طريق العامة

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب القيام الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 415

______________________________

و منها: ما رواه عبد اللّه بن بكير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة قاعدا أو متوكيا علي عصا أو حائط فقال: ما شأن أبيك و شأن هذا ما بلغ أبوك هذا بعد «1».

و منها: ما عن دعوات الراوندي قال: و روي عنهم عليهم السلام: ان المريض تلزمه الصلاة اذا كان عقله ثابتا فان لم يتمكن من القيام بنفسه اعتمد علي حائط أو عكازة و ليصل قائما فان لم يتمكن فليصل جالسا الحديث «2».

و الرواية الاخيرة ضعيفة سندا لكن في غيرها كفاية.

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري من الروايات تدل علي الجواز منها: ما ما رواه علي بن جعفر أنه سأل أخاه موسي بن جعفر عليه السلام عن الرجل

هل يصلح له أن يستند الي حائط المسجد و هو يصلي أو يضع يده علي الحائط و هو قائم من غير مرض و لا علة؟ فقال: لا بأس و عن الرجل يكون في صلاة فريضة فيقوم في الركعتين الاولتين هل يصلح أن يتناول جانب المسجد فينهض يستعين به علي القيام من غير ضعف و لا علة؟ فقال: لا بأس به «3»

و منها: ما رواه عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي متوكيا علي عصاء أو علي حائط قال: لا بأس بالتوكؤ علي عصاء و الاتكاء علي الحائط «4».

و منها: ما رواه سعيد بن يسار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التكئة

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب القيام الحديث: 20

(2) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب القيام الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب القيام الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 416

______________________________

في الصلاة علي الحائط يمينا و شمالا فقال: لا بأس «1».

فيقع التعارض بين الطائفتين فلا بد من العلاج و رفع التعارض بحمل الطائفة الثانية علي صورة الاضطرار بلا وجه فانه صرح في رواية علي بن جعفر بالجواز و لو مع عدم عذر و علة كما أن رفع اليد عن الطائفة الثانية باعراض المشهور لا وجه له فان اعراض المشهور لا يوجب سقوط النص المعتبر عن الحجية مضافا الي أن احراز الاعراض في غاية الاشكال اذ يمكن انهم جمعوا بين الطائفتين بجمع لا نرضي به فلا بد من العلاج.

مضافا الي أن جملة من الفقهاء ذهبوا الي عدم الاشتراط- علي ما نقل عنهم- كأبي الصلاح و صاحب المدارك و الكفاية و البحار و

التنقيح و عن الحدائق و المستند تقوية هذا القول.

و ربما يقال: بأن الطائفة الثانية موافقة لمذهب العامة و الذي يستفاد من «الفقه علي المذاهب الخمسة» ان وجوب الاستقلال مورد الاتفاق و لكن الذي يستفاد من «الفقه علي المذاهب الاربعة» ان القول بوجوب الاستقلال حال التكبير و القراءة الواجبة مخصوص بالمالكية و علية تكون أخبار الجواز توافق قول العامة و ان كان يشكل بأن قول العامة مختلف.

و أما الترجيح بالاحدثية فهو مع الطائفة الثانية فانه نقل عدم الوجوب عن أبي الحسن موسي عليه السلام و لو وصلت النوبة الي التعارض و التساقط يكون المرجع أصل البراءة من الوجوب.

و أما ما أفاده سيد المستمسك قدس سره بأن الترجيح مع الطائفة الثانية

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 417

بل الاحوط ترك ذلك مع الامكان.

[مسألة 95: إذا قدر علي ما يصدق عليه القيام عرفا و لو منحيا أو متفرج الرجلين صلي قائما]

(مسألة 95): اذا قدر علي ما يصدق عليه القيام عرفا و لو منحيا أو متفرج الرجلين صلي قائما (1).

______________________________

للشهرة فمدفوع بأن الشهرة المرجحة ما تكون بحد يصدق عليه عنوان لا ريب فيه كما في النص و ليس المقام كذلك فتأمل مع الاشكال السندي في دليل الترجيح بالشهرة و طريق الاحتياط ظاهر كما اشار اليه الماتن في اخر كلامه.

(1) لا يخفي انه يستفاد من جملة من الروايات ان المكلف ان لم يقدر علي القيام يصلي جالسا فمن تلك الروايات ما رواه عمر بن اذينة قال: كتبت الي أبي عبد اللّه عليه السلام أسأله ما حد المرض الذي يفطر فيه صاحبه و المرض الذي يدع صاحبه الصلاه قائما؟ قال: بل الانسان علي نفسه بصيرة و قال: ذاك اليه هو أعلم بنفسه «1».

و منها: ما رواه زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

حد المرض الذي يفطر فيه الصائم و يدع الصلاة من قيام فقال: بل الانسان علي نفسه بصيرة هو أعلم بما يطيقه «2».

و منها: ما رواه جميل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ما حد المرض الذي يصلي صاحبه قاعدا؟ فقال: ان الرجل ليوعك و يحرج و لكنه أعلم بنفسه اذا قوي فليقم «3» و منها: ما رواه سليمان بن حفص المروزي «4».

فلو لا دليل خارجي لا بد من تقديم القيام علي الجلوس فلو دار الامر بين

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب القيام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 418

و ان عجز عن ذلك صلي جالسا (1).

______________________________

القيام الفاقد للانتصاب و الجلوس يقدم القيام اذ المفروض أن القيام ما دام ممكنا مقدم علي الجلوس.

مضافا الي أنه يستفاد المدعي من رواية علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن السفينة لم يقدر صاحبها علي القيام يصلي فيها و هو جالس يؤمي أو يسجد؟ قال: يقوم و ان حني ظهره «1».

كما أنه لو دار الامر بين القيام مع الاعتماد و الجلوس يقدم القيام اذ المفروض أن القيام مقدم في الرتبة و لا يبعد أن يستفاد المدعي أيضا من رواية ابن سنان «2».

بتقريب: انه يستفاد من هذه الرواية أنه يجوز الاعتماد عند الضرورة و اذا جاز وجب و أما لو دار الامر بين القيام الفاقد عن الاستقرار و الجلوس يقدم الاول فان دليل وجوب الاستقرار قاصر من الاول و ليس له اطلاق يقتضي اشتراط الاستقرار علي نحو الاطلاق و عليه لو تعذر الاستقرار يكون وجوب القيام الفاقد للاستقرار علي القاعدة الاولية و ليس بدلا

اضطراريا عن القيام كي يحتاج الي دليل البدلية.

و أما لو دار الامر بين القيام مع التفريج الفاحش بين الرجلين و القعود فتارة لا يكون التفريج مخلا بصدق القيام و اخري يكون مخلا أما علي الاول فلا اشكال في تقديم القيام فانه لا وجه للانتقال الي الجلوس و أما علي الثاني فتقديمه علي الجلوس مشكل لأنه لو لم يصدق عليه القيام تصل النوبة الي الجلوس بمقتضي تلك الروايات.

(1) لأنه اذا عجز عن القيام تصل النوبة الي الجلوس بمقتضي جملة من الاخبار

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب القيام الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 414

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 419

و يجب الانتصاب و الاستقرار و الطمأنينة علي نحو ما تقدم في القيام (1) هذا مع الامكان و الا اقتصر علي الممكن (2) فان تعذر الجلوس حتي الاضطراري صلي مضطجعا (3) علي الجانب الايمن و وجهه الي

______________________________

و قد تقدم بعضها «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن علي الحلبي في حديث أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في السفينة فقال: ان أمكنه القيام فليصل قائما و الا فليقعد ثم يصلي «2»

و منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سألته عن الصلاة في السفينة فقال:

يصلي قائما فان لم يستطع القيام فليجلس و يصلي و هو مستقبل القبلة الحديث «3» و منها: ما رواه أبو حمزة «4».

(1) الظاهر انه لا اشكال في المسألة نصا و فتوي و ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ان العرف يفهم من ادلة اعتبار الامور المذكورة اعتبارها في الصلاة علي الاطلاق فلا فرق في المبدل منه و البدل فلاحظ.

(2) لقاعدة الميسور الجارية في الصلاة المستفادة من قاعدة: ان الصلاة لا تترك بحال.

(3) بلا

خلاف- كما في بعض الكلمات- و عن كشف اللثام انه اجماعي و يدل عليه ما رواه أبو حمزة «5» و يدل عليه أيضا ما رواه سماعة قال: سألته عن المريض لا يستطيع الجلوس قال: فليصل و هو مضطجع و ليضع علي جبهته شيئا

______________________________

(1) لاحظ ص: 417

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب القيام الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) لاحظ ص: 398

(5) لاحظ ص: 398

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 420

القبلة كهيئة المدفون (1).

______________________________

اذا سجد فانه يجزي عنه و لم يكلف اللّه ما لا طاقة له به «1».

و يدل عليه ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن المريض الذي لا يستطيع القعود و لا الايماء كيف يصلي و هو مضطجع؟

قال: يرفع مروحة الي وجهه و يضع علي جبينه و يكبر هو «2».

(1) انه المشهور فيما بين القوم و استظهر صاحب الحدائق من العلامة انه قائل بالتخيير بين الايمن و الايسر.

و يمكن أن يستدل علي القول المشهور بما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المريض اذا لم يقدر أن يصلي قاعدا كيف قدر صلي اما أن يوجه فيؤمي إيماء و قال: يوجه كما يوجه الرجل في لحده و ينام علي جانبه (جنبه) الايمن ثم يؤمي بالصلاة فان لم يقدر أن ينام علي جنبه الايمن فكيف ما قدر فانه له جائز و ليستقبل بوجهه القبلة ثم يؤمي بالصلاة إيماء «3».

و يؤيده مرسل الصدوق قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: المريض يصلي قائما فان لم يستطع صلي جالسا فان لم يستطع صلي علي جنبه الايمن فان لم يستطع صلي علي جنبه الايسر فان لم يستطع استلقي و

أومأ إيماء و جعل وجهه نحو القبلة و جعل سجوده أخفض من ركوعه «4».

و في المقام بعض النصوص يدل علي أنه لو لم يقدر علي الجلوس يستلقي لاحظ ما رواه عبد السلام بن صالح الهروي عن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب القيام الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 21

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 421

و مع تعذره فعلي الايسر عكس الاول (1).

______________________________

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا لم يستطع الرجل أن يصلي قائما فليصل جالسا فان لم يستطع جالسا فليصل مستلقيا ناصبا رجليه بحيال القبلة يؤمي إيماء «1».

و ما رواه الصدوق مرسلا «2» و هذه الروايات قاصرة سندا مضافا الي أنها مخالفة للآية الشريفة فان الاية تدل علي أنه لو تعذر الجلوس تصل النوبة الي الاضطجاع لاحظ ما رواه أبو حمزة «3».

(1) هذا هو المشهور فيما بين القوم كما في بعض الكلمات و استدل عليه بمرسل الصدوق «4» و يمكن أن يجاب عن ضعف سنده بأن المشهور بين المتأخرين كذلك و الشهرة جابرة لضعف السند مضافا الي أن الصدوق قدس سره ضمن صحة الروايات التي رواها في كتابه اضف الي ذلك أن الحلي أفتي بمضمونه و هو لا يعمل الا بالقطعيات.

و الحق ان اثبات المدعي بالمرسل في غاية الاشكال فانه غير حجة و لا يكون عمل المشهور جابرا خصوصا اذا كان العامل به من المتأخرين و شهادة الصدوق بصدق روايات كتابه لا تفيد فان تلك الروايات تكون حجة له و لا وجه لكونها حجة لنا اذ يمكن الاختلاف في مباني الحجية.

مضافا الي أن مرسل الصدوق معارض بمرسل دعائم الإسلام و

فيه: «فان لم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 18

(2) نفس المصدر الحديث: 13 و ملحقه

(3) لاحظ ص: 398

(4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 422

______________________________

يستطع أن يصلي علي جنبه الايمن صلي مستلقيا» «1» و استدل علي المدعي- علي ما قيل- بموثق عمار «2».

بتقريب: انه يستفاد من الموثق جواز الاضطجاع علي الايسر بعد عدم امكانه علي الايمن و لو جاز لوجب لعدم القول بالتخيير بينه و بين الاستلقاء.

و فيه: اولا: أنه يمكن قلب الدليل بأن نقول: يستفاد منه جواز الاستلقاء و لو جاز لوجب لعدم القول بالتخيير و ثانيا: أن عدم القول بالتخير لا يوجب رفع اليد عن مفاد الرواية.

و ربما يقال- كما في الحدائق- بأنه يستفاد المدعي من قوله عليه السلام:

«و ليستقبل بوجهه القبلة» فانه يدل علي وجوب الاضطجاع علي الايسر.

و فيه: أنه كثيرا ما يستعمل التوجه الي القبلة في المستلقي فيراد بمقابلة الوجه التوجه الي جهتها و أيضا الاستقبال بالوجه الي القبلة يتحقق من المستلقي بين المشرق و المغرب بتحويل الوجه الي القبلة كما يتحقق من المستلقي الي القبلة بوضع شي ء تحت رأسه و الحق في المقام أن يستدل بما رواه ابو حمزة «3».

فانه يستفاد من هذه الرواية ان الوظيفة بعد تعذر الجلوس تنتقل الي الصلاة علي الجنب و مقتضي موثق عمار ان الايمن مقدم فلو تعذر الايمن تصل النوبة الي الايسر.

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب القيام الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 420

(3) لاحظ ص: 398

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 423

و ان تعذر صلي مستلقيا و رجلاه الي القبلة كهيئة المحتضر (1) و الاحوط وجوبا أن يؤمي برأسه للركوع و السجود مع الامكان (2).

______________________________

(1) بلا خلاف- كما في بعض الكلمات- و تقتضيه جملة من النصوص

منها ما أرسله الصدوق «1» و منها: ما رواه عبد السلام بن صالح الهروي «2» و منها: ما أرسله الصدوق أيضا «3» لكن هذه النصوص مخدوشة سندا و لنا أن نستدل بموثق عمار «4» علي المدعي بأن نقول: المستفاد منه أنه لو تعذر الاضطجاع علي الايمن يكون المكلف مخيرا غاية الامر يقيد بصورة امكان الاضطجاع علي الايسر و يبقي ما لو لم يكن الاضطجاع علي الايسر ممكنا فيتعين الاستلقاء فان احد فردي التخيير لو تعذر يتعين الفرد الاخر طبعا و هذا ظاهر.

(2) يمكن أن يقال: انه اذا أمكن الركوع أو السجود يجب بلا اشكال لإطلاق الادلة و لو أمكن الميسور منهما يجب فيما يصدق عليه الركوع أو السجود و لو مع فقدان الشرائط و أما مع عدم الصدق فربما يقال: بالوجوب فانه نقل عن العلامة في المنتهي: «أنه لو عجز عن السجود رفع ما يسجد عليه و لم يجز الايماء الا مع عدمه أو عدم التمكن خلافا للشافعي». و هذا نقل اجماع علي الحكم المذكور و فيه ما فيه.

و لا يبعد أن تدل عليه رواية ابراهيم بن أبي اياد الكرخي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل شيخ لا يستطيع القيام الي الخلاء و لا يمكنه الركوع و السجود فقال: ليؤم برأسه إيماء و ان كان له من يرفع الخمرة فليسجد فان لم

______________________________

(1) لاحظ ص: 420

(2) لاحظ ص: 420

(3) لاحظ ص: 421

(4) لاحظ ص: 420

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 424

______________________________

يمكنه ذلك فليؤم برأسه نحو القبلة إيماء «1».

و ابراهيم بعنوان الكرخي لم يوثق فالخبر ساقط عن الاعتبار بل يمكن أن يقال بأنه يستفاد من بعض النصوص خلاف المدعي منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد

اللّه عليه السلام قال: سألته عن المريض اذا لم يستطع القيام و السجود قال:

يومي برأسه ايماء و ان يضع جبهته علي الارض أحب إلي «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن المريض كيف يسجد؟ فقال: علي خمرة أو علي مروحة أو علي سواك يرفعه اليه هو أفضل من الايماء انما كره (من كره) السجود علي المروحة من أجل الاوثان التي كانت تعبد من دون اللّه و انا لم نعبد غير اللّه قط فاسجدوا علي المروحة و علي السواك و علي عود «3».

نعم اذا لم يمكن تصل النوبة الي الايماء بلا خلاف- كما عن بعض و تدل عليه جملة من النصوص لاحظ ما رواه الحلبي «4» و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: المريض يومئ ايماء «5».

و ما رواه سماعة قال: سألته عن الرجل يكون في عينيه الماء فينتزع الماء منها فيستلقي علي ظهره الايام الكثيرة أربعين يوما أو أقل أو أكثر فيمتنع من الصلاة الايام الا إيماء و هو علي حاله فقال: لا بأس بذلك و ليس شي ء مما حرم اللّه الا

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب القيام الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب ما يصح السجود عليه الحديث: 1

(4) مر آنفا

(5) الوسائل الباب 1 من أبواب القيام الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 425

و الاولي أن يجعل ايماء السجود أخفض من ايماء الركوع (1).

______________________________

و قد أحله لمن اضطر اليه «1».

و ما رواه عمار «2» و ما رواه ابراهيم بن أبي زياد الكرخي «3» و ما أرسله الصدوق «4» و ما رواه عبد السلام بن صالح الهروي «5» و يمكن أن

يكون الوجه في نظر الماتن أن مقتضي اطلاق نصوص الباب أن يؤمي و لو مع القدرة علي الركوع و السجود و اللّه العالم.

(1) و يدل عليه ما أرسل الصدوق «6» و يدل عليه ما أرسله الصدوق أيضا قال: و قال أمير المؤمنين عليه السلام: دخل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله علي رجل من الانصار و قد شبكته الريح فقال: يا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كيف اصلي؟ فقال: ان استطعتم أن تجلسوه فاجلسوه و الا فوجهوه الي القبلة و مروه فليؤم برأسه إيماء و يجعل السجود أخفض من الركوع و ان كان لا يستطيع أن يقرأ فاقرءوا عنده و اسمعوه «7» و لا اعتبار بالمرسلات.

لكن يمكن أن يستفاد الحكم مما رواه يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في السفر و أنا أمشي قال: أوم إيماء و اجعل السجود أخفض من الركوع «8».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) لاحظ: 420

(3) لاحظ ص: 423

(4) لاحظ ص: 420

(5) لاحظ ص: 420

(6) لاحظ ص: 420

(7) الوسائل الباب 1 من أبواب القيام الحديث: 16

(8) الوسائل الباب 16 من أبواب القبلة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 426

و مع العجز يؤمي بعينه (1).

[مسألة 96: إذا تمكن من القيام و لم يتمكن من الركوع قائما]

(مسألة 96): اذا تمكن من القيام و لم يتمكن من الركوع قائما

______________________________

و ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام الي أن قال: قلت: يصلي و هو يمشي؟ قال: نعم يؤمي إيماء و ليجعل السجود أخفض من الركوع «1».

(1) هذا هو المشهور بين القوم علي ما نقل عنهم و يدل عليه ما أرسله الصدوق «2» قال و قال الصادق عليه السلام يصلي المريض قائما فان لم يقدر

علي ذلك صلي جالسا فان لم يقدر أن يصلي جالسا صلي مستلقيا يكبر ثم يقرأ فاذا أراد الركوع غمض عينيه ثم يسبح فاذا سبح فتح عينيه فيكون فتح عينيه رفع رأسه من الركوع فاذا اراد أن يسجد غمض عينيه ثم سبح فاذا سبح فتح عينيه فيكون فتح عينيه رفع رأسه من السجود و ظاهر ان المرسل لا اعتبار به.

مضافا الي أن الرواية واردة في المستلقي و عدم الفصل بينه و بين المضطجع اول الكلام و مثله ما رواه عبد السلام بن صالح عن الرضا عليه السلام في الذي تدركه الصلاة و هو فوق الكعبة قال: ان قام لم يكن له قبلة و لكن يستلقي علي قفاه و يفتح عينيه الي السماء و يعقد بقلبه القبلة التي في السماء البيت المعمور و يقرأ فاذا اراد أن يركع غمض عينيه و اذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع فتح عينيه و السجود علي نحو ذلك «3» و هذه الرواية علي تقدير تمامية سندها واردة في مورد خاص و أيضا موردها المستلقي و عليه اتمام المدعي بالدليل مشكل.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب القيام الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 19 من أبواب القبلة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 427

صلي قائما (1) و أومأ للركوع (2) و الاحوط استحبابا أن يعيد صلاته مع الركوع جالسا (3) و ان لم يتمكن من السجود أيضا صلي قائما و أومأ للركوع و السجود أيضا (4).

[مسألة 97: إذا قدر علي القيام في بعض الصلاة دون بعض وجب أن يقوم إلي أن يعجز فيجلس]

(مسألة 97): اذا قدر علي القيام في بعض الصلاة دون بعض وجب أن يقوم الي أن يعجز فيجلس (5) و اذا أحس بالقدرة علي القيام قام و هكذا و لا يجب عليه استئناف

ما فعله حال الجلوس فلو قرأ جالسا ثم تجددت القدرة علي القيام قبل

______________________________

(1) اذ المفروض انه يمكنه القيام فيجب.

(2) و يمكن أن يقال: انه بمقتضي ان الصلاة لا تسقط بحال يجب عليه أن يأتي بالمقدار الممكن و انه يمكنه الركوع جالسا فيجب و بعبارة اخري انه مع امكان الركوع جالسا لا تصل النوبة الي الايماء الا أن يقال: بأنه لا دليل علي وجوب الركوع الجلوسي في هذا الفرض و فيه: انه يكفي دليلا علي المدعي ان الصلاة لا تترك بحال فتأمل.

(3) لا اشكال في حسنه.

(4) الكلام في السجود هو الكلام في الركوع و انه لا بد من مراعاة قاعدة الميسور و اللّه العالم.

(5) يمكن أن يستدل عليه بالنصوص الدالة علي وجوب القيام اذا قوي عليه فان المستفاد من هذه النصوص ان المكلف ما دام يكون قادرا علي القيام لا يجوز له الصلاة عن جلوس و المفروض أنه قادر علي القيام في الركعة الاولي أو علي القيام في الاول منها فيجب أن يقوم و بعد ما صار عاجزا تصل النوبة الي الجلوس.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 428

الركوع بعد القراءة قام للركوع و ركع من دون اعادة للقراءة هذا في ضيق الوقت (1) و أما مع سعته فان استمر العذر الي آخر الوقت لا يعيد (2) و ان لم يستمر فان أمكن التدارك كأن تجددت القدرة بعد القراءة و قبل الركوع استأنف القراءة عن قيام و مضي في صلاته (3) و ان لم يمكن التدارك فان كان الفائت قياما ركنيا أعاد صلاته (4) و الا لم تجب الاعادة (5).

[مسألة 98: إذا دار الأمر بين القيام في الجزء السابق و القيام في الجزء اللاحق]

(مسألة 98): اذا دار الامر بين القيام في الجزء السابق و القيام في الجزء اللاحق فالترجيح للسابق (6)

حتي فيما اذا لم يكن القيام في الجزء السابق ركنا و كان في الجزء اللاحق ركنا (7).

[مسألة 99: يستحب في القيام إسدال المنكبين]

(مسألة 99): يستحب في القيام اسدال المنكبين (8).

______________________________

(1) و الوجه فيه ظاهر فانه كلما يقدر علي القيام يجب و لا تجب الاعادة في ضيق الوقت لتغير الحكم بتغير موضوعه و عدم مقتضي للإعادة.

(2) لعدم امكان التدارك.

(3) لا مكان الاستيناف و عدم دليل علي الاكتفاء به.

(4) بتقريب: أن قاعدة لا تعاد لا تشمل الاخلال بالاركان.

(5) لقاعدة لا تعاد.

(6) اذ المفروض انه قادر علي القيام و ما دام قادرا علي القيام يجب الي أن يعجز فتصل النوبة الي الجلوس.

(7) لعين الملاك الذي ذكرنا فلاحظ.

(8) كما في حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا قمت في الصلاة

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 429

و ارسال اليدين (1) و وضع الكفين علي الفخذين قبال الركبتين اليمني علي اليمني و اليسري علي اليسري (2) و ضم أصابع الكفين (3) و أن يكون نظره الي موضع سجوده (4) و أن يصف قدميه متحاذيتين مستقبلا بهما (5) و يباعد بينهما بثلاث أصابع مفرجات أو أزيد الي شبر (6) و أن يسوي بينهما في الاعتماد (7) و أن يكون علي حال الخضوع و الخشوع

______________________________

فلا تلصق قدمك بالاخري دع بينهما فصلا اصبعا أقل من ذلك الي شبر أكثره و أسدل منكبيك و أرسل يديك و لا تشبك أصابعك و ليكونا علي فخذيك قبالة ركبتيك و ليكن نظرك الي موضع سجودك و اذا ركعت فصف في ركوعك بين قدميك تجعل بينهما قدر شبر الحديث «1».

(1) كما في حديث زرارة.

(2) كما في حديث زرارة.

(3) كما في حديث زرارة.

(4) كما في حديث زرارة.

(5) كما في حديث حماد «2» و في

فقه الرضا «فصف قدميك» «3».

(6) كما في حديث زرارة.

(7) لاحظ ما عن الفقه الرضوي: قال: و لا تتك مرة علي رجلك و مرة علي الاخري «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 373

(3) مستدرك الوسائل الباب 1 من أفعال الصلاة الحديث: 7

(4) الحدائق ج 8 ص: 88

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 430

قيام عبد ذليل بين يدي المولي الجليل (1).

[الفصل الرابع في القراءة]
اشارة

الفصل الرابع في القراءة يعتبر في الركعة الاولي و الثانية من كل صلاة فريضة أو نافلة قراءة فاتحة الكتاب (2) و يجب في خصوص الفريضة قراءة سورة كاملة (3).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت في صلاتك فعليك بالخشوع و الاقبال علي صلاتك فان اللّه تعالي يقول: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلٰاتِهِمْ خٰاشِعُونَ «1».

(2) اجماعا و تسالما عند الكل مضافا الي السيرة العملية بين المسلمين بحيث لا يبقي مجال للريب و تدل علي الحكم في الجملة جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الذي لا يقرأ بفاتحة الكتاب في صلاته قال: لا صلاة له الا أن يقرأ بها في جهر أو اخفات قلت أيما احب إليك اذا كان خائفا أو مستعجلا يقرأ سورة أو فاتحة الكتاب؟ قال:

فاتحة الكتاب «2».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فينسي فاتحة الكتاب الي أن قال: فليقرأها ما دام لم يركع فانه لا قراءة حتي يبدأ بها في جهر أو اخفات «3» و غيرهما.

(3) كما هو المشهور و في المقام جملة من النصوص ربما يستدل بها أو استدل

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أفعال الصلاة الحديث:

1

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 431

______________________________

علي المطلوب منها: ما رواه منصور بن حازم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

لا تقرأ في المكتوبة بأقل من سورة و لا بأكثر «1».

و قد استشكل في هذه الرواية بأنها لا تدل علي المدعي لأنها تدل علي المنع عن القران بين سورتين و المنع عن الاكتفاء بأقل من سورة و أما صورة عدم الاتيان بها علي الاطلاق فالرواية غير متعرضة لها و الظاهر ان هذا الاشكال وارد فالرواية ساقطة من حيث الدلالة لكن لا يبعد أن يستفاد من سوق الرواية كون لزوم قراءة السورة أمرا مفروغا عنه.

و أيضا اورد في الرواية بأن النهي كراهي و النهي عن الاقل نهي تحريمي فيلزم استعمال اللفظ في أكثر من معني واحد.

و الجواب عن هذا الاشكال انه لا يلزم هذا المحذور فان النهي ظاهر في التحريم و لا بد من العمل بهذا الظهور الا فيما يقوم القرينة علي الخلاف و بعبارة اخري: ظهور النهي في الحرمة و كذلك ظهور الامر في الوجوب ظهور اطلاقي لا ظهور وضعي فلا يلزم استعمال اللفظ في غير ما وضع له فلاحظ.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يجوز للمريض أن يقرأ في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها و يجوز للصحيح في قضاء الصلاة التطوع بالليل و النهار «2».

و هذه الرواية مخدوشة سندا بالعبيدي مضافا الي أن الوصف لا مفهوم له.

و منها: ما رواه معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اذا قمت للصلاة أقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب؟ قال: نعم

قلت فاذا قرأت

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 432

______________________________

فاتحة القرآن اقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم مع السورة قال: نعم «1».

و هذه الرواية مخدوشة بالعبيدي أيضا مضافا الي أنها لا تدل الا علي كون البسملة من السورة.

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام أنه قال: امر الناس بالقراءة في الصلاة لئلا يكون القرآن مهجورا مضيعا مدروسا فلا يضمحل و لا يجهل و انما بدء بالحمد دون سائر السور لأنه ليس شي ء من القرآن و الكلام جمع فيه من جوامع الخير و الحكمة ما جمع في سورة الحمد الحديث «2».

بتقريب: انه يستفاد من الخبر أن البدأة بالحمد فتكون السورة واجبة و فيه:

ان طريق الصدوق الي الفضل ضعيف علي ما في نخبة المقال للحاجياني مضافا الي أنه يمكن ان الابتداء بالاضافة الي الركوع.

و منها: ما رواه يحيي بن أبي عمران قال: كتبت الي أبي جعفر عليه السلام:

جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدء ببسم اللّه الرحمن الرحيم في صلاته وحده في أمّ الكتاب فلما صار الي غير أمّ الكتاب من السورة تركها؟ فقال العباسي: ليس بذلك بأس فكتب بخطه: يعيدها مرتين علي رغم أنفه يعني العباسي «3».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بيحيي و لو لا ضعف سندها لا يبعد أن تكون دلالتها علي المدعي تامة.

و منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا بأس بأن يقرأ الرجل في الفريضة بفاتحة الكتاب في الركعتين الاوليتين اذا ما

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 5

(2) الوسائل الباب

1 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 433

______________________________

ما أعجلت به حاجة أو تخوف شيئا «1».

و الانصاف انه لا قصور في دلالة هذه الرواية علي المدعي بمفهوم الشرط و الاشكال فيها بأن هذا اللسان لسان الاستحباب- كما في كلام سيد المستمسك- ليس تاما فان العرف يفهم من مثل هذه الشرطية.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أدرك الرجل بعض الصلاة وفاته بعض خلف امام يحتسب بالصلاة خلفه جعل أول ما أدرك اول صلاته ان أدرك من الظهر أو من العصر أو من العشاء ركعتين و فاتته ركعتان قرأ في كل ركعة مما أدرك خلف امام في نفسه بام الكتاب و سورة فان لم يدرك السورة تامة أجزأته أمّ الكتاب فاذا سلم الامام قام فصلي ركعتين لا يقرأ فيهما لان الصلاة انما يقرأ فيها (في) بالاوليين في كل ركعة بام الكتاب و سورة و في الاخيرتين لا يقرأ فيهما انما هو تسبيح و تكبير و تهليل و دعاء ليس فيهما قراءة و ان أدرك ركعة قرأ فيها خلف الامام فاذا سلم الامام قام فقرأ بام الكتاب و سورة ثم قعد فتشهد ثم قام فصلي ركعتين ليس فيهما قراءة «2».

و هذه الرواية أيضا لا قصور فيها من حيث دلالتها علي المدعي و الاشكال في الدلالة بأنها ليست في مقام تشريع السورة بل في مقام أن السورة لا تسقط في صلاة الجماعة علي نحو الاطلاق حتي في المأموم المسبوق ليس تاما فان الظاهر من الرواية لزوم الاتيان بالسورة و هذا الظهور لا ينكر و بعبارة اخري يفهم العرف من

هذه الجملة ان السورة من الصلاة و لا بد من الاتيان بها.

و منها: ما رواه محمد عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الرجل يقرأ

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 47 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 434

______________________________

السورتين في الركعة؟ فقال: لا لكل سورة ركعة «1».

و هذه الرواية أيضا تدل علي الوجوب لكن يمكن الاشكال فيها بأن المقدار المستفاد من الرواية عدم مشروعية أزيد من سورة واحدة في ركعة واحدة و أما أصل التشريع بنحو الوجوب أو الندب فلا تعرض للرواية له.

و منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من غلط في سورة فليقرأ قل هو اللّه أحد ثم ليركع «2» و الانصاف ان هذه الرواية دالة علي المدعي.

و منها: ما رواه محمد بن اسماعيل قال: سألته قلت: اكون في طريق مكة فننزل للصلاة في مواضع فيها الاعراب أ يصلي المكتوبه علي الارض فيقرأ أم الكتاب وحدها أم يصلي علي الراحلة فيقرأ فاتحة الكتاب و السورة؟ قال: اذا خفت فصل علي الراحلة المكتوبة و غيرها و اذا قرأت الحمد و السورة أحب إلي و لا أري بالذي فعلت بأسا «3».

و هذه الرواية أيضا لا قصور فيها من حيث الدلالة فان السائل في ذهنه وجوب السورة و لذا يسأل عن جواز تركه و لم يردعه الامام عليه السلام بل خيره بين الصلاة قائما بلا سورة و الصلاة علي الدابة مع السورة و رجح الشق الاخير.

و منها: ما دل علي عدم جواز العدول من سورة الي غيرها الا في مورد خاص مثل ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه

السلام قال: اذا افتتحت صلاتك بقل هو اللّه أحد و أنت تريد أن تقرأ بغيرها فامض فيها و لا ترجع الا أن تكون في يوم

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 43 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 435

______________________________

الجمعة فانك ترجع الي الجمعة و المنافقين منها «1» و يمكن أن يرد فيه بأن عدم جواز العدول لا ينافي الاستحباب و عدم الوجوب.

و مما يمكن أن يستدل به للمدعي ان النبي صلي اللّه عليه و آله كان مداوما علي قراءة السورة و يجب التأسي به لقوله صلي اللّه عليه و آله «صلوا كما رأيتموني اصلي» و فيه: أنه لو سلم كونه مداوما لا دليل علي وجوب التأسي لضعف مستنده كما مر.

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري من النصوص تدل علي عدم وجوب السورة منها ما رواه علي بن رئاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول:

ان فاتحة الكتاب تجوز وحدها في الفريضة «2».

و منها: ما رواه أبان بن عثمان عمن أخبره عن أحدهما عليهما السلام قال:

سألته هل يقسم السورة في ركعتين قال: نعم اقسمها كيف شئت «3» و هذه الرواية مرسلة لا اعتبار بها.

و منها: ما رواه سعد بن سعد الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن رجل قرأ في ركعة الحمد و نصف سورة هل يجزيه في الثانية أن لا يقرأ الحمد و يقرأ ما بقي من السورة؟ فقال: يقرأ الحمد ثم يقرأ ما بقي من السورة «4».

و منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام:

رجل قرأ سورة

______________________________

(1) الوسائل الباب 69 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 436

______________________________

في ركعة فغلط أ يدع المكان الذي غلط فيه و يمضي في قراءته أو يدع تلك السورة و يتحول منها الي غيرها؟ فقال: كل ذلك لا بأس به و ان قرأ آية واحدة فشاء أن يركع بها ركع «1».

و منها: ما رواه عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أ يقرأ الرجل السورة الواحدة في الركعتين من الفريضة؟ قال: لا بأس اذا كانت أكثر من ثلاث آيات «2».

و منها: ما رواه علي بن يقطين في حديث قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن تبعيض السورة فقال: اكره و لا باس به في النافلة «3».

و منها: ما رواه اسماعيل بن الفضل قال: صلي بنا أبو عبد اللّه عليه السلام أو أبو جعفر عليه السلام فقرأ بفاتحة الكتاب و آخر سورة المائدة فلما سلم التفت إلينا فقال: أما اني اردت أن اعلمكم «4».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن السورة أ يصلي بها الرجل في ركعتين من الفريضة؟ قال: نعم اذا كانت ست آيات قرأ بالنصف منها في الركعة الاولي و النصف الاخر في الركعة الثانية «5».

و منها: ما رواه سليمان بن أبي عبد اللّه قال: صليت خلف أبي جعفر عليه السلام فقرأ بفاتحة الكتاب و آي من البقرة فجاء أبي فسئل فقال: يا بني انما صنع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 6 من

أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 437

علي الاحوط بعدها (1) و اذا قدمها عليها عمدا استأنف الصلاة (2) و اذا قدمها سهوا و ذكر قبل الركوع فان كان قد قرأ الفاتحة بعدها أعاد السورة (3) و ان لم يكن قد قرأ الفاتحة قرأها و قرأ السورة بعدها (4).

______________________________

ذا ليفقهكم و يعلمكم «1». و الشيخ علي ما نقل عنه قد حمل ما رواه ابن رئاب و الحلبي علي صورة الضرورة لا الاختيار بقرينة ما رواه الحلبي «2».

و الظاهر ان الروايات متعارضة فلا بد من العلاج و أما ما أفاده سيد المستمسك قدس سره من أنه لا معارضة بين الطائفتين اذ ما يدل علي جواز الترك يكون قرينة علي استحباب السورة فليس تاما و لو فرضنا المعارضة بين الروايات فلا يتم الامر بما ارتكبه الشيخ قدس سره من الحمل علي حال الضرورة فان ما دل علي جواز التفصيل لا يمكن حمله علي حال الاستعجال و الضرورة فان لسان تلك الروايات الدالة علي التبعيض آب عن هذا الحمل و عليه لا بد من علاج آخر و الظاهر ان مقتضي القاعدة حمل الاخبار المجوزة علي التقية فان الرشد في خلاف العامة مضافا الي أنه لا يبعد أن نقول: لو كان ترك السورة اختيارا جائزا لم يبق جوازه مستورا بل كان بحيث يتضح اذ هو أمر مورد ابتلاء جميع المكلفين في كل يوم و ليلة في السفر و الحضر فلاحظ.

(1) قد ظهر وجه بناء الماتن المسألة علي الاحتياط.

(2) اذ بالتقديم العمدي تحصل

الزيادة في المكتوبة و الزيادة فيها تبطل الصلاة.

(3) لوجوبها بعد الحمد فتجب الاعادة.

(4) كما هو ظاهر لوجوب الحمد و السورة فيجب الاتيان بهما و زيادة السورة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 432

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 438

و ان ذكر بعد الركوع مضي (1) و كذا ان نسيهما أو نسي احداهما و ذكر بعد الركوع (2).

[مسألة 100: تجب السورة في الفريضة و إن صارت نافلة كالمعادة]

(مسألة 100): تجب السورة في الفريضة و ان صارت نافلة كالمعادة (3) و لا تجب في النافلة و ان صارت واجبة بالنذر و نحوه علي الاقوي (4) نعم النوافل التي وردت في كيفيتها سور مخصوصة تجب قراءة تلك السور فيها فلا تشرع بدونها الا اذا كانت السورة شرطا لكمالها لا لأصل مشروعيتها (5).

[مسألة 101: تسقط السورة في الفريضة عن المريض]

(مسألة 101): تسقط السورة في الفريضة عن المريض (6).

______________________________

لا توجب البطلان لقاعدة لا تعاد المقررة عندهم.

(1) لعدم امكان التدارك و مقتضي قاعدة لا تعاد صحة الصلاة.

(2) قد ظهرا لوجه فيما أفاده لوحدة الملاك.

(3) لإطلاق دليل الوجوب فلاحظ.

(4) فان الظاهر من المكتوبة عنوانها الاولي و الوجوب النذري و نحوه لا يكون عنوانا للصلاة كما هو ظاهر.

(5) هذا من الواضحات فان اشتراط السورة قد فرض في بعض النوافل فلاحظ.

(6) ادعي عليه عدم الخلاف و يدل عليه ما رواه عبد اللّه بن سنان «1» و اطلاق الرواية و ان كان مقتضيا لجواز الترك و لو مع عدم الضرورة لكن مناسبة الحكم و الموضوع تقتضي الحمل علي صورة الضرورة و لا يخفي أن في سند

______________________________

(1) لاحظ ص: 431

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 439

و المستعجل (1) و الخائف من شي ء اذا قرأها (2) و من ضاق وقته (3).

______________________________

رواية ابن سنان محمد بن عيسي و ناقشنا في وثاقته لكن الذي يسهل الخطب ان المرض لو كان بحيث يقتضي الضرورة ترك السورة يدخل في كبري الاستعجال.

(1) نقل عليه الاجماع و يدل عليه ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي «1» و يدل عليه أيضا ما رواه الحسن الصيقل قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أ يجزي عني أن أقول في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها اذا كنت مستعجلا أو

أعجلني شي ء؟

فقال: لا بأس «2».

و يدل عليه أيضا ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون مستعجلا يجزيه أن يقرأ في الفريضة بفاتحة الكتاب وحدها؟ قال: لا بأس «3».

(2) كما صرح به في رواية الحلبي «4».

(3) ما يمكن أن يستدل به في المقام امور:

منها الاجماع- كما عن البحار- و فيه: ان الاجماع المنقول لا يكون حجة.

و منها: القصور في الاطلاق فالقصور في المقتضي. و فيه: ان الظاهر ان الاطلاق محقق فلاحظ.

و منها: فحوي ما دل علي السقوط بالنسبة الي المأموم المسبوق. و فيه: أنه حكم خاص ورد في مورد مخصوص و لا وجه للتعدي.

و منها: فحوي ما دل علي جواز الترك في مورد الحاجة و الاستعجال بتقريب:

______________________________

(1) لاحظ ص: 432

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 4

(3) المصدر السابق الحديث: 6

(4) لاحظ ص: 432

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 440

و الاحوط استحبابا في الاوليين الاقتصار علي صورة المشقة في الجملة بقراءتها (1) و الاظهر كفاية الضرورة العرفية (2).

[مسألة 102: لا تجوز قراءة السور التي يفوت الوقت بقراءتها من السور الطوال]

(مسألة 102): لا تجوز قراءة السور التي يفوت الوقت بقراءتها من السور الطوال (3).

______________________________

ان ايقاع الصلاة في الوقت مقصود للمصلي. و فيه: ان هذا التقريب دوري اذ كون الغرض ايقاع الصلاة في الوقت يتوقف علي سقوط السورة و سقوطها يتوقف علي كون الايقاع فيه غرضا.

فالوجوه كلها مخدوشة فان تم اجماع تعبدي و الا نقول: لو لم يدرك ركعة مع السورة تكون الصلاة ساقطة و أما مع ادراك ركعة يلزم الاتيان بها فان الاتيان بالركعة الكاملة في الوقت يجزي عن الاتيان بالصلاة بتمامها فيه و اللّه العالم.

و ملخص الكلام أن ترك السورة لضيق الوقت يتوقف علي وجوب

التحفظ علي الوقت و لو بترك السورة و جواز ترك السورة يتوقف علي وجوب رعاية الوقت كي يصدق عنوان الاستعجال و الخوف و هذا دور.

(1) لعل وجه الاحتياط الخروج عن شبهة الخلاف و اللّه العالم.

(2) للإطلاق.

(3) اذ المفروض انه يوجب تفويت الوقت و لا يجوز التفويت عمدا كما هو ظاهر و ربما يستدل علي المدعي بما رواه أبو بكر الحضرمي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام في حديث: لا تقرأ في الفجر شيئا من آل حم «1» و هذه الرواية لا ترتبط بالمدعي.

و أما رواية عامر بن عبد اللّه قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: من

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 441

فان قرأها عامدا بطلت الصلاة (1) و ان كان ساهيا عدل الي غيرها مع سعة الوقت (2) و ان ذكر بعد الفراغ منها و قد خرج الوقت أتم صلاته (3) الا اذا لم يكن قد أدرك ركعة فيحكم حينئذ ببطلان صلاته و لزمه القضاء (4).

[مسألة 103: لا تجوز قراءة احدي سور العزائم في الفريضة]

(مسألة 103): لا تجوز قراءة احدي سور العزائم في الفريضة (5).

______________________________

قرأ شيئا من آل حم في صلاة الفجر فاته الوقت «1» فهي ساقطة سندا بعامر فانه لم يوثق.

(1) اذ المفروض ان قراءته غير مطلوبة فالاتيان بها بقصد الجزئية يوجب الزيادة في المكتوبة فتبطل.

(2) رعاية للوقت و لا يتوجه اشكال القران بين سورتين فان المفروض انه لم يتم السورة الاولي.

(3) لقاعدة من أدرك مضافا الي قاعدة لا تعاد.

(4) لعدم الاتيان بالمأمور به فيجب القضاء.

(5) هذا هو المشهور بين القوم و نسب القول بالخلاف الي ابن الجنيد و العمدة النصوص الواردة في المقام فاللازم النظر فيها منها: ما رواه

زرارة «2».

و هذه الرواية ضعيفة بقاسم بن عروة و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن الرجل يقرأ في الفريضة سورة النجم أ يركع بها أو يسجد ثم يقوم فيقرأ بغيرها؟ قال: يسجد ثم يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب و يركع و ذلك زيادة في الفريضة و لا يعود يقرأ في الفريضة بسجدة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 307

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 442

______________________________

قال: و سألته عن امام يقرأ السجدة فأحدث قبل أن يسجد كيف يصنع؟ قال:

يقدم غيره فيسجد و يسجدون و ينصرف و قد تمت صلاتهم «1».

و منها: ما رواه أبو البختري وهب بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه عن علي عليه السلام انه قال: اذا كان آخر السورة السجدة أجزأك أن تركع بها «2» و الرواية ضعيفة.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن الرجل يقرأ بالسجدة في آخر السورة قال: يسجد ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب ثم يركع و يسجد «3» و هذه الرواية صريحة في الصحة و عدم المنافاة بين الامرين.

و منها: ما رواه سماعة قال: من قرأ اقرأ باسم ربك فاذا ختمها فليسجد فاذا قام فليقرأ فاتحة الكتاب و ليركع قال: و اذا ابتليت بها مع امام لا يسجد فيجزيك الايماء و الركوع «4» و هذه الرواية دالة أيضا علي عدم البأس.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان صليت مع قوم فقرأ الامام اقرأ باسم ربك الذي خلق أو شيئا من العزائم و فرغ من قراءة و لم يسجد فأوم إيماء و الحائض تسجد اذا سمعت السجدة «5».

و هذه

الروايات متعارضة حيث ان بعضها يدل علي الجواز و بعضها الاخر يدل علي المنع فان قلنا بأن الجمع العرفي يقتضي رفع اليد عن دليل المنع بما

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 4 و 5

(2) الوسائل الباب 27 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 38 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 443

علي اشكال (1) فاذا قرأها عمدا وجب عليه السجود للتلاوة (2) فان سجد بطلت صلاته (3) و ان عصي فالاحوط وجوبا له الاتمام و الاعادة (4) و اذا قرأها نسيانا و ذكر قبل آية السجدة عدل الي غيرها (5) و اذا ذكر بعدها فان سجد نسيانا أيضا اتمها و صحت صلاته (6) و ان

______________________________

يدل علي الجواز تكون النتيجة هو الجواز و أما لو قلنا بأنه لا بد من اعمال قواعد التعارض فالترجيح مح دليل المنع اذ المنع خلاف قول العامة.

و يمكن أن يقال: بأن النصوص الدالة علي الجواز أعم من النص الدال علي المنع لاحظ حديث سماعة قال: من قرأ اقرأ باسم ربك فاذا ختمها فليسجد الي أن قال: و لا تقرأ في الفريضة اقرأ في التطوع «1» فان هذه الروايه أخص اذ تلك أعم من الفريضة و هذه تمنع عن القراءة في خصوص الفريضة.

(1) قد ظهر وجه الاشكال لتعارض النصوص و مقتضي الصناعة ما ذكرناه.

(2) لوجوب السجود للقراءة بمقتضي اطلاق دليله.

(3) بل مقتضي القاعدة البطلان قبل الاتيان بالسجدة اذ السورة ممنوعة شرعا فقرائتها توجب البطلان.

(4) بل الاظهر كما ذكرنا.

(5) فان المفروض انه لا يجوز له قراءتها فلا يمكن الاجتزاء بها فلا بد من العدول

الي سورة اخري و القران الممنوع لو سلم صدقه لا يضر للسهو.

(6) لعدم البطلان بالسجود السهوي و من ناحية اخري المفروض الاتيان بالسورة و سورة العزيمة لا قصور فيها الا من ناحية وجوب السجود فالمأمور به تحقق في الخارج.

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 444

التفت قبل السجود أومأ اليه و أتم صلاته (1).

______________________________

و صفوة القول: ان النهي من ناحية زيادة السجدة و المفروض ان السجدة وقعت سهوا فلا تفسد الصلاة و النتيجة صحتها.

و في النفس شي ء و هو ان المستفاد من الادلة النهي عن سور العزائم بما هي كما عليه جملة من الاساطين.

(1) لجملة من النصوص لاحظ ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون في صلاة جماعة فيقرأ انسان السجدة كيف يصنع؟ قال يؤمي برأسه «1».

و ما رواه أيضا قال: و سألته عن الرجل يكون في صلاته فيقرأ آخر السجدة فقال: يسجد اذا سمع شيئا من العزائم الاربع ثم يقوم فيتم صلاته الا أن يكون في فريضة فيؤمي برأسه إيماء «2».

و هذه النصوص مختصة بصورة السماع لا القراءة فالتعدي يحتاج الي الدليل مضافا الي أن مورد بعضها التقية و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان المورد من صغريات باب التزاحم اذ يجب السجود و يحرم ابطال الصلاة لاحظ ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلاما لك قد أبق أو غريما لك عليه مال أو حية تتخوفها علي نفسك فاقطع الصلاة فاتبع غلامك أو غريمك و اقتل الحية «3».

لكن الحق ان المقام داخل في باب التعارض اذ السجود

واجب و البطلان يتحقق به فلا يمكن الجمع بين الحرمة و الوجوب و يمكن أن يقال: ان المستفاد

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 21 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 445

و سجد بعدها علي الاحوط (1) فان سجد و هو في الصلاة بطلت (2)

[مسألة 104: إذا استمع إلي آية السجدة و هو في الصلاة]

(مسألة 104): اذا استمع الي آية السجدة و هو في الصلاة أومأ برأسه الي السجود و أتم صلاته (3) و الاحوط وجوبا السجود أيضا بعد الفراغ (4) و الظاهر عدم وجوب السجود بالسماع من غير اختيار مطلقا (5).

______________________________

من نصوص النهي عن قراءة العزائم أن السجود مأمور به حتي في الفريضة فلا تعارض بل تجب السجدة فتبطل الصلاة.

(1) قد ظهر انه تجب السجدة في الصلاة فلا مجال لهذا الاحتياط.

(2) كما هو ظاهر فان السجود في الفريضة يوجب بطلانها لاحظ ما رواه علي ابن جعفر «1».

(3) لاحظ حديثي ابن جعفر 2.

(4) لم يظهر وجه وجوبه و لا اشكال في حسنه.

(5) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل سمع السجدة تقرأ قال: لا يسجد الا أن يكون منصتا لقراءته مستمعا لها أو يصلي بصلاته فأما أن يكون يصلي في ناحية و أنت تصلي في ناحية اخري فلا تسجد لما سمعت 3 و السند مخدوش بالعبيدي.

و تدل علي الوجوب جملة من النصوص: منها: حديثا علي بن جعفر 4

______________________________

(1) (1 و 2) لاحظ ص: 444

(2) (3) الوسائل الباب 43 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 1

(3) (4) لاحظ ص: 444

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 446

[مسألة 105: تجوز قراءة سور العزائم في النافلة منفردة أو منضمة إلي سورة أخري]

(مسألة 105): تجوز قراءة سور العزائم في النافلة (1) منفردة أو منضمة الي سورة اخري (2) و يسجد عند قراءة آية السجدة و يعود الي صلاته فيتمها (3).

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يعلم السورة من العزائم فتعاد عليه مرارا في المقعد الواحد قال: عليه أن يسجد كلما سمعها و علي الذي يعلمه أيضا أن يسجد «1».

و

عن السرائر الاجماع عليه و عن الحدائق: أن عليه الاكثر و في المقام رواية عن عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسمع السجدة في الساعة التي لا تستقيم الصلاة فيها قبل غروب الشمس و بعد صلاة الفجر فقال: لا يسجد الي أن قال: و عن الرجل يصلي مع قوم لا يقتدي بهم فيصلي لنفسه و ربما قرءوا آية من العزائم فلا يسجدون فيها فكيف يصنع؟ قال: لا يسجد «2».

و الترجيح مع ما يدل علي الوجوب لمخالفته مع مذهب العامة مضافا الي كونه أحدث زمانا فلاحظ.

(1) نقل عن الخلاف الاجماع عليه و يدل عليه ما رواه سماعة «3».

(2) فان القران يجوز في النافلة بلا كلام.

(3) لان السجود واجب فيجب الاتيان به و لا دليل علي كونه مخلا بالصلاة و مقتضي حديث الرفع عدم اخلاله و يؤيد المدعي ما رواه علي بن جعفر «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 45 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 43 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 443

(4) لاحظ ص: 444

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 447

و كذا الحكم لو قرأ آية السجدة وحدها (1) و سور العزائم أربع:

الم السجدة، حم السجدة، النجم اقرأ باسم ربك (2).

[مسألة 106: البسملة جزء من كل سورة]

(مسألة 106): البسملة جزء من كل سورة فتجب قراءتها معها (3).

______________________________

(1) لعين الملاك.

(2) اجماعا كما عن المستند و يدل عليه ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قرأت شيئا من العزائم التي يسجد فيها فلا تكبر قبل سجودك و لكن تكبر حين ترفع رأسك و العزائم أربعة: حم السجدة و تنزيل و النجم و اقرأ باسم ربك «1».

و ما رواه داود بن سرحان

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان العزائم أربع:

اقرأ باسم ربك الذي خلق، و النجم و تنزيل السجدة و حم السجدة «2».

(3) بلا خلاف- كما في بعض الكلمات- و عن المعتبر: نسبته الي علمائنا و يدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه صفوان قال: صليت خلف أبي عبد اللّه عليه السلام أياما فكان يقرأ في فاتحة الكتاب ببسم اللّه الرحمن الرحيم فاذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم و أخفي ما سوي ذلك «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن السبع المثاني و القرآن العظيم أ هي الفاتحة؟ قال: نعم قلت بسم اللّه الرحمن الرحيم

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 448

عدا سورة براءة (1) و اذا عينها لسورة لم تجز قراءة غيرها الا بعد اعادة البسملة لها و اذا قرأ البسملة من دون تعيين سورة وجب اعادتها و يعينها لسورة خاصة و كذا اذا عينها لسورة و نسيها فلم يدر ما عين و اذا كان مترددا بين السور لم يجز له البسملة الا بعد التعيين (2).

______________________________

من السبع؟ قال: نعم هي أفضلهن «1» و منها ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام «2» و منها غيرها المذكور في الباب 11 من أبواب القراءة في الصلاة من الوسائل.

و في قبال هذه النصوص ما يدل علي عدم الوجوب لاحظ ما رواه مسمع البصري قال: صليت مع أبي عبد اللّه عليه السلام فقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه رب العالمين

ثم قرأ السورة التي بعد الحمد و لم يقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم ثم قام في الثانية فقرأ الحمد و لم يقرأ ببسم اللّه الرحمن الرحيم ثم قرأ بسورة اخري «3» و غيره «4».

و لا مجال للبحث فان السيرة القطعية الجارية تدل علي كون البسملة جزءا من السورة.

(1) للإجماع و السيرة.

(2) وقع الكلام بينهم في أنه يجب تعيين البسملة للسورة المعينة أو لا يلزم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 10

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 3 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 449

______________________________

التعيين قبل الشروع في السورة و منشأ هذا الخلاف أن البسملة جزء من السورة فلو صدق قراءة السورة بلا تعيين قبل الشروع لا يلزم و الا يلزم و لا يبعد ان الحق مع القائلين بالوجوب فانه يلزم أن يصدق قراءة القرآن و مجرد التطابق بين المقرو و بين القرآن لا يوجب الصدق.

و بعبارة اخري: ان الواجب علي المكلف أن يقرأ القرآن و البسملة جزء من السورة الواجبة قراءتها و لا يصدق قراءة القرآن الا بأن يكون القاري ناظرا الي حكاية ما نزل علي الرسول الاكرم صلي اللّه عليه و آله و من الظاهر ان النازل علي قلبه المقدس كل شخص من هذه السور مع البسملة نعم لو كان مجرد التطابق موجبا لصدق القراءة و الحكاية لم يكن التعيين لازما لكن لا يمكن الالتزام به و لذا نري فرقا بين أن يقول المتكلم: تكلمت بكلام زيد و حكيت كلامه و بين أن يقول:

قلت مثل قوله و الذي يدل علي ما ذكرنا أنه لو أنشأ شاعر شعرا مثل شعر شاعر

آخر بلا علم و بلا توجه لا يقال: قرأ شعره بل يقال: أنشأ و قرأ شعرا مثل شعر ذلك الشاعر.

و ملخص الكلام في المقام: ان الواجب علي المكلف أن يقرأ سورة من سور القرآن بعد الحمد و المفروض أن البسملة جزء لكل سورة و لا يصدق قراءة سورة خاصة الا بقصد قراءتها بخصوصها فلو قرأ بسملة بلا قصد انها جزء لسورة معينة لم يقرأ ما هو جزء للقرآن اذ المفروض ان ما هو جزء القرآن ما لو حظ جزءا من السورة فلا يصح أن يقال: بأن الجامع بين البسامل هو القرآن اذ الجامع انتزاع عقلي و النازل علي قلبه المقدس هو الشخص الخارجي.

ثم انه لو وصلت النوبة الي الشك فمقتضي القاعدة هو لزوم التعيين اذ لا شبهة في وجوب قراءة القرآن فلو شك في صدق هذا المفهوم بلا تعيين يلزم لان الشك

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 450

و اذا كان عازما من أول الصلاة علي قراءة سورة معينة أو كان من عادته ذلك فقرأ غيرها كفي و لم تجب اعادة السورة (1).

[مسألة 107: الأحوط ترك القرآن بين السورتين في الفريضة]

(مسألة 107): الاحوط ترك القران بين السورتين في الفريضة و ان كان الاظهر الجواز علي كراهة (2).

______________________________

في المحصل فلو عين البسملة لسورة خاصة لا يمكن أن يكون حكاية لغيرها فيكون الغير بلا بسملة.

و عن البحار أنه لا محذور فيه محتجا بالكتابة و بأنه يلزم اعتبار هذا المعني في بقية الالفاظ المشتركة و بخبر علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن الرجل أراد أن يقرأ سورة فقرأ غيرها هل يصلح له أن يقرأ نصفها ثم يرجع الي السورة التي أراد؟ قال: نعم ما لم تكن قل هو اللّه أحد أو قل يا

ايها الكافرون «1».

و فيه: ان الكتابة أيضا كذلك و الالتزام بمثله في بقية المشتركات لا محذور فيه و خبر ابن جعفر اجنبي عن المقام فلاحظ.

(1) لعدم دليل علي عدم الكفاية و مقتضي اطلاق الادلة الكفاية فلاحظ.

(2) النصوص الواردة في المقام مختلفة فمنها ما يدل علي عدم الجواز كما رواه محمد «2» و منها: ما يدل علي الجواز كما رواه علي بن يقطين قال:

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 450

سألت أبا الحسن عليه السلام عن القران بين السورتين في المكتوبة و النافلة قال:

لا بأس «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 433

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 451

و في النافلة يجوز ذلك بلا كراهة (1).

[مسألة 108: سورتا الفيل و الإيلاف سورة واحدة]

(مسألة 108): سورتا الفيل و الايلاف سورة واحدة و كذا سورتا و الضحي و الم نشرح (2) فلا تجزي واحدة منهما بل لا بد من

______________________________

و منها: ما يدل علي أن الترك أفضل كما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تقرنن بين السورتين في الفريضة في ركعة فانه أفضل «1».

فان مقتضي الجمع بين هذه الروايات أن ترك القران أفضل كما صرح بالكراهة في حديث زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: انما يكره أن يجمع بين السورتين في الفريضة فأما النافلة فلا بأس «2».

و يستفاد من رواية المستطرفات أن الترك أفضل من الفعل فيكون المراد من الكراهة رجحان الترك.

(1) بلا اشكال كما استفيد من النص المتقدم مضافا الي أن القران بين السور كثير في باب الصلوات

المستحبة كما يظهر لمن يراجع كتب العبادات.

(2) الجزم بالاتحاد في غاية الاشكال اذ الملاك ليس الا جملة من المراسيل لاحظ ما رواه جعفر بن الحسن بن سعيد المحقق في الشرائع قال: روي أصحابنا أن الضحي و أ لم نشرح سورة واحدة و كذا الفيل و لا لايلاف «3».

و يصح ما عن المعتبر من أنه لا نسلم انهما سورة واحدة فانه يمكن أن تكونا سورتين لكن يجب قراءتهما في الركعة الواحدة للإجماع و التسالم و لرواية زيد الشحام قال: صلي بنا أبو عبد اللّه عليه السلام الفجر فقرأ الضحي و أ لم نشرح في

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 452

الجمع بينهما مرتبا مع البسملة الواقعة بينهما (1).

[مسألة 109: تجب القراءة الصحيحة بأداء الحروف و إخراجها من مخارجها علي النحو اللازم في لغة العرب]

(مسألة 109): تجب القراءة الصحيحة بأداء الحروف و اخراجها من مخارجها علي النحو اللازم في لغة العرب كما يجب أن تكون هيئة الكلمة موافقة للأسلوب العربي من حركة البنية و سكونها و حركات الاعراب و البناء و سكناتها و الحذف و القلب و الادغام و المد الواجب و غير ذلك فان أخل بشي ء من ذلك بطلت القراءة (2).

______________________________

ركعة «1».

و في دلالة الرواية علي المدعي تأمل.

(1) فان بناء المصاحف علي اثبات البسملة في اول الم نشرح و لا لايلاف و هذا بنفسه دليل علي كون كل واحدة منهما سورة و القول بأنه لا منافاة بين الامرين بدليل ان اعتقاد الاكثر علي عدم كون البسملة جزءا من السورة و مع ذلك يثبتونها مردود بأن الميزان في الشروع في كل سورة اثبات البسملة فاثباتها دليل علي هذا الاعتقاد و يكفي لإثبات المدعي ان هذا الاعتقاد

لم يردع من قبل الشارع مضافا الي أن اصالة الاحتياط تقتضي الاتيان بها اذ ثبت وجوب سورة كاملة و بالاتيان بالثانية بلا بسملة نشك في الفراغ و مقتضي الاشتغال الاتيان لكن يمكن أن يقال:

بأن مقتضي القاعدة الاكتفاء بالسورة الواحدة ك (أ لم تر) مثلا غاية الامر علمنا بوجوب اضافة لا لايلاف اليها و نشك في وجوب البسملة فيكون مقتضي البراءة عدم وجوبها فتأمل.

(2) اذ المفروض ان الواجب علي المكلف القراءة و القراءة ان لم تكن علي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 453

[مسألة 110: يجب حذف همزة الوصل في الدرج مثل همزة اللّه، و الرحمن، و الرحيم و اهدنا و غيرها]

(مسألة 110): يجب حذف همزة الوصل في الدرج مثل همزة اللّه، و الرحمن، و الرحيم و اهدنا و غيرها فاذا أثبتها بطلت القراءة (1) و كذا يجب اثبات همزة القطع: إياك، و أنعمت فاذا حذفها بطلت القراءة (2).

[مسألة 111: الأحوط وجوبا ترك الوقوف بالحركة]

(مسألة 111): الاحوط وجوبا ترك الوقوف بالحركة بل و كذا الوصل بالسكون (3).

______________________________

طبق الموازين لا تكون مصداقا للمأمور به و بعبارة اخري: القراءة غير الصحيحة خارجة بالتخصص.

(1) اذ المفروض ان الكلام العربي علي هذا النهج فالكلام هو الكلام.

(2) بعين البيان و يمكن النقاش في بعض مصاديق هذه الكبري مثلا لو قال في مقام التحذير: اللّه اللّه في الإسلام و حذف الهمزة في كلمة اللّه المعادة في الكلام لا يبعد أن يعد مستهجنا بخلاف ما لو أثبتها فانه أوقع في القلوب و ببالي ان سيدنا الاستاد كان يقرر ما ذكرنا و كان يمثل بنفس هذا المثال فلاحظ.

(3) و عن المجلسي: اتفاق القراء و اهل العربية علي عدم جواز الاول و عن بعض عدم وجوب رعايته مع اتيان الكلمة بحسب ما يقتضيه وضعها و اتفاق القراء لا أثر له كما أن مخالفة أهل العربية لا تضر و لا دليل علي وجوب القراءة علي النهج العربي.

و فساد هذا الكلام ظاهر لان القرآن عربي فلا بد من رعاية قانون العربية و عن الشهيد الثاني جواز الثاني لعدم مخالفته لقانون العربية و الحال ان المنقول عنهم عدم جواز الوصل بالسكون و حصر الجواز في حال الوقف.

و العمدة أن يشخص الموضوع من أهل اللسان في محاوراتهم و لذا يمكن

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 454

[مسألة 112: يجب المد في الواو المضموم ما قبلها و الياء المكسور ما قبلها و الألف المفتوح ما قبلها]

(مسألة 112): يجب المد في الواو المضموم ما قبلها و الياء المكسور ما قبلها و الالف المفتوح ما قبلها اذا كان بعدها سكون لازم مثل: ضالين (1) بل هو الاحوط في مثل: جاء و جي ء و سوء (2).

______________________________

أن يستشهد كما استشهد بقول الصياد حين يري الغزال: «غزال، غزال» مع تسكين اللام و لا يبعد أن لا يعد

غلطا و لو وصلت النوبة الي الشك يكون المرجع البراءة كما هو الميزان الكلي في مورد الشك.

(1) من أقسام المد ما اذا كان بعد حرف المد ساكن بسكون لازم و يكون الساكن مدغما في غيره كمثال المتن و في مثله- كما في كلام المحقق الحائري قدس سره- يجب المد بمقدار يظهر اللفظ فان التحفظ علي الهيئة و التشديد يتوقف علي مقدار من المد و الا يصير ضلين بلا ألف أو ضالين بلا تشديد و كلاهما غلط و أما الزائد فلا.

(2) الذي يختلج ببالي: انه لا يجب المد في الموارد المذكورة و الشاهد عليه انه نري ان أهل اللسان في محاوراتهم لا يراعون المد في هذه الموارد و مع عدم المراعاة لا يعد كلامهم غلطا و هذه آية عدم الوجوب و من الظاهر أن للقرآن ليس خصوصية من هذه الجهة.

ان قلت: ان اللازم قراءة ما نزل علي النبي صلي اللّه عليه و آله و يحتمل أن ما نزل عليه بهذه الخصوصية قلت: ان اللازم رعاية الخصوصية من حيث المادة و الصورة حسب القواعد العربية و أما رعاية الخصوصيات الزائدة فلا كما لو أمر المولي عبده بقراءة قصيدة كذائية فانا نري صدق القراءة و لو مع عدم رعاية مثل هذه الخصوصيات.

مضافا الي أن هذا الشك مرجعه الي الشك في التكليف الزائد و المرجع

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 455

[مسألة 113: الأحوط استحبابا الإدغام إذا كان بعد النون الساكنة أو التنوين أحد حروف: يرملون]

(مسألة 113): الاحوط استحبابا الإدغام اذا كان بعد النون الساكنة أو التنوين أحد حروف: يرملون (1).

______________________________

البراءة بل مع الاستصحاب الجاري في الموضوع لا يبقي مجال للأصل الحكمي فان مقتضي الاستصحاب عدم نزوله مع المد فلاحظ.

و أما ما عن ابن مسعود من أنه كان يقري رجلا فقرأ الرجل: «إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ

لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ» مرسلة فقال ابن مسعود: ما هكذا أقرأنيها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: كيف فقال: أقرأنيها انما الصدقات للفقراء و المساكين» فمدها ثم قال الجزري: هذا حديث جليل حجة و نص في هذا الباب و رجال اسناده ثقاة رواه الطبراني في المعجم الكبير «1» فلا يرجع الي محصل اذ كون السند معتبرا أول الكلام مضافا الي أن هذه الرواية دليل علي الخلاف حيث ان الاعرابي قرأ بلا مد و أما تواتر الحديث فليس ثابتا.

(1) حكي عن ابن حاجب و الرضي وجوب الادغام أعم من أن يكون ما ذكر في كلمتين أو في كلمة واحدة الا فيما يوجب الاشتباه في كلمة واحدة فلا يجب ففي مثل انمحي يجب لعدم الالتباس.

و الحق عدم وجوبه و الوجه فيه انا نري ان أهل اللسان لا يعدون التارك للإدغام في الموارد المذكورة غلطا فلا يجب و لو وصلت النوبة الي الشك يكون المرجع اصل البراءة.

و ما أفاده في المستمسك من أن المقام داخل في دوران الامر بين التعيين و التخيير فلا بد من الاحتياط لم نفهم ما رامه فان جميع الموارد التي يجري فيها اصل البراءة دائر بين التعيين و التخيير اذ مقتضي البراءة التخيير و مقتضي الاحتياط

______________________________

(1) مستمسك العروة الوثقي ج 6 ص: 236

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 456

[مسألة 114: يجب ادغام لام التعريف اذا دخلت علي حروف الآتية]

(مسألة 114): يجب ادغام لام التعريف اذا دخلت علي التاء و الثاء و الدال و الذال و الراء و الزاي و السين و الشين و الصاد و الضاد و الطاء و الظاء و اللام و النون و اظهارها في بقية الحروف فتقول في اللّه و الرحمن و الرحيم و الصراط و الضالين بالادغام و في

الحمد و العالمين و المستقيم بالاظهار (1).

[مسألة 115: يجب الإدغام في مثل مد و رد مما اجتمع مثلان في كلمة واحدة]

(مسألة 115): يجب الادغام في مثل مد و رد مما اجتمع مثلان في كلمة واحدة (2) و لا يجب في مثل اذهب بكتابي و يدرككم مما اجتمع فيه المثلان في كلمتين و كان الاول ساكنا و ان كان الادغام أحوط (3).

[مسألة 116: تجوز قراءة مالك و ملك يوم الدين]

(مسألة 116): تجوز قراءة مالك و ملك يوم الدين (4) و يجوز في الصراط بالصاد و السين (5) و يجوز في كفوا أن يقرأ بضم الفاء

______________________________

التعيين و بعبارة اخري: لا نري مانعا من جريان البراءة مع وصول النوبة الي الشك.

(1) يعبر عن القسم الاول بالشمسي و عن الثاني بالقمري و الرجوع الي أهل اللسان يكفي في اعتبار ما أفاده في المتن.

(2) هذا من موارد وجوب الادغام فان الرجوع الي أهل اللسان يشهد بلزومه فانه لو قرأ أحد بدون الادغام و بالتفكيك في مثل كلمة رد و فرو أمثالهما يعد غلطا.

(3) لعدم عده غلطا في العرف.

(4) نقل ان الاول قراءة عاصم و كسائي من السبعة و الثاني قراءة باقي القراء و عليه يكون كل منهما جائزا كما سيجي ء في مسأله 119.

(5) الانصاف انه يشكل الجزم بجواز الاكتفاء بالسين في المقام الا بعد ثبوت

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 457

و بسكونها مع الهمزة أو الواو (1).

[مسألة 117: اذا لم يقف علي أحد في قل هو اللّه أحد و وصله باللّه الصمد فالاحوط أن يقول أحدن اللّه الصمد]

(مسألة 117): اذا لم يقف علي أحد في قل هو اللّه أحد و وصله باللّه الصمد فالاحوط أن يقول أحدن اللّه الصمد بضم الدال و كسر التنوين (2).

[مسألة 118: إذا اعتقد كون الكلمة علي وجه خاص من الإعراب أو البناء أو مخرج الحرف فصلي مدة علي ذلك الوجه ثم تبين أنه غلط]

(مسألة 118): اذا اعتقد كون الكلمة علي وجه خاص من الاعراب أو البناء أو مخرج الحرف فصلي مدة علي ذلك الوجه ثم تبين انه غلط فالظاهر الصحة و ان كان الاحوط الاعادة (3).

______________________________

كونه متداولا في ذلك العصر و الا فكيف يمكن الاكتفاء مع الشك بل مقتضي الاصل عدم تداوله فلاحظ.

(1) أما صورة ضم الفاء مع الهمزة فهي المشهورة عندهم حسب النقل و أما صورة سكون الفاء مع الهمزة فهي المنقولة عن نافع و همزة و خلف و أما صورة ضم الفاء مع الواو فهي منقولة عن حفص و أما صورة اسكان الفاء مع الواو فلم تنقل فاذا قلنا بأن الاسكان و قلب الهمزة واوا أمر علي القاعدة يجوز و الا يشكل لاحظ ما أفاده سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام «1».

(2) نقل عن أهل العربية عدم حذف التنوين من الاسم المتمكن المنصرف الا في المضاف الي ابن الواقعة بين علمين كقوله جاء زيد ابن عمرو و عليه ما أفاده من الاحتياط في موضعه.

(3) لحديث لا تعاد الا في صورة العمد أو الجهل عن تقصير.

______________________________

(1) مستمسك العروة ج 6 ص: 251

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 458

[مسألة 119: الأحوط القراءة بإحدي القراءات السبع]

(مسألة 119): الاحوط القراءة باحدي القراءات السبع (1).

______________________________

(1) قال سيدنا الاستاد في كتاب البيان: هم عبد اللّه بن عامر كان معاصرا لوليد بن عبد الملك مات سنه 118 و ابن كثير مات سنة 120 و عاصم مات سنة 128 أو 127 و أبو عمرو البصري مات سنه 154 و حمزة الكوفي مات سنه 156 و نافع المدني مات سنة 169 و الكسائي مات سنه 189 «1» و وفات جعفر بن محمد عليه السلام رئيس المذهب سنة 148.

ربما يقال: بأنه

يجوز القراءة باحدي القراءات السبع أو العشر و ادعي عليه الاجماع لكن الذي ينبغي أن يقال: في المقام: ان الواجب قراءة ما نزل من عند اللّه علي قلب رسوله الاكرم صلي اللّه عليه و آله.

ان قلت: انه نقل متواترا هذه القراءات السبع فكل من القرآن قلت: هذا أول الكلام فانه نقل عن جمله من الاعاظم انكار هذا المدعي بل يستفاد من بعض النصوص ان القرآن نزل علي حرف واحد كرواية الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان الناس يقولون: ان القرآن نزل علي سبعة أحرف فقال: كذبوا أعداء اللّه و لكنه نزل علي حرف واحد من عند الواحد «2».

ان قلت: قد وردت عدة روايات تدل علي كون نزول القرآن علي سبعة أحرف قلت: هذه الروايات عامية لا اعتبار بها سندا مضافا الي أنها مخالفة لما رواه الفضيل و لم يثبت تواتر هذه القراءات عن النبي صلي اللّه عليه و آله.

و عليه نقول: بأن مقتضي القاعدة الاولية الاحتياط لان الواجب قراءة القرآن و مقتضي الاشتغال أو الاستصحاب الاحتياط حتي يقطع بفراغ الذمة لكن قد ورد في بعض الروايات ان القراءة المتداولة جائزة كخبر سالم أبي سلمة قال: قرأ

______________________________

(1) البيان ص: 140/ 155

(2) الاصول من الكافي ج 2 ص: 630 حديث: 13 من باب النوادر في فضل القرآن

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 459

______________________________

رجل علي أبي عبد اللّه عليه السلام و أنا استمع حروفا من القرآن ليس علي ما يقرأه الناس فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتي يقوم القائم فاذا قام القائم قرأ كتاب اللّه علي حده و أخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام

«1».

و هذا الخبر لو قلنا بصحته فالمدرك تام و أما لو ناقشنا في سنده من جهة سالم فلا بد من الاعتماد علي مدرك آخر و يدل علي المدعي ما عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك انا نسمع الآيات من القرآن ليس هي عندنا كما نسمعها و لا نحسن أن نقرأها كما بلغنا عنكم فهل نأثم؟ فقال: لا اقرءوا كما تعلمتم فسيجيئكم من يعلمكم «2» و هذا الخبر لإرساله لا يعتمد عليه.

و لكن يمكن اثبات المدعي بوجه آخر فعن الشيخ في التبيان جواز القراءة بالقراءات المتداولة بالإجماع قال المحقق الهمداني في هذا المقام: فلا شبهة في كفاية كل من القراءات السبع لاستفاضة نقل الاجماع عليه بل تواتره الي آخر كلامه و السيرة الخارجية علي قراءة القرآن بهذه القراءات بلا ردع منهم عليهم السلام فانه لو ردع لنقل و لو كان لبان.

و في المقام رواية رواها عبد اللّه بن فرقد و المعلي بن خنيس قالا: كنا عند أبي عبد اللّه عليه السلام و معنا ربيعة الرأي فذكرنا فضل القرآن فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان كان ابن مسعود لا يقرأ علي قراءتنا فهو ضال فقال: ربيعة: ضال؟

فقال: نعم ضال ثم قال أبو عبد اللّه عليه السلام: أما نحن فنقرأ علي قراءة ابي «3»

______________________________

(1) الوسائل الباب 74 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الاصول من الكافي ج 2 ص: 634 حديث 27 باب النوادر من فضل القرآن

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 460

و ان كان الاقوي جواز القراءة بجميع القراءات التي كانت متداولة في زمان الائمة عليهم السلام (1).

[مسألة 120: يجب علي الرجال الجهر بالقراءة في الصبح و الأوليين من المغرب و العشاء]

(مسألة 120): يجب علي الرجال الجهر بالقراءة في الصبح و

الاوليين من المغرب و العشاء (2).

______________________________

تدل بظاهرها علي أنه عليه السلام أنكر علي ابن مسعود بأنه لو لم يقرأ علي قراءتنا فهو ضال لكن في سندها عبد اللّه بن فرقد و المعلي بن خنيس و هما لم يوثقا مضافا الي أنه مع هذا الاجماع و السيرة و عدم وصول الردع كيف يمكن العمل بها.

(1) كما هو ظاهر فانه مع التداول في زمنهم يكون وجه الجواز أوضح من أن يخفي.

(2) كما هو المشهور و عن الخلاف دعوي الاجماع عليه و الدليل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في رجل جهر فيما لا ينبغي الا جهار فيه و أخفي فيما لا ينبغي الاخفاء فيه فقال: اي ذلك فعل معتمدا فقد نقض صلاته و عليه الاعادة فان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شي ء عليه و قد تمت صلاته «1».

و مثله خبره الاخر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: رجل جهر بالقراءة فيما لا ينبغي الجهر فيه أو أخفي فيما لا ينبغي الاخفاء فيه و ترك القراءة فيما ينبغي القراءة فيه أو قرأ فيما لا ينبغي القراءة فيه فقال: اي ذلك فعل ناسيا أو ساهيا فلا شي ء عليه «2».

و لا مجال للمناقشة في الدلالة علي الوجوب بأن لفظ لا ينبغي ظاهر في مطلق الرجحان و كذلك لا مجال للمناقشة بأن التعبير في الرواية الاولي بلفظ نقض فان النقض يصدق بترك المستحب اذ المفروض أنه حكم بالاعادة و وجوب الاعادة

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 461

______________________________

يقتضي بطلان الصلاة كما أن ظاهر النقض هو البطلان مع أنه لو شك

في الزيادة و النقيصة يكون مقتضي القاعدة كون الحرف معجمة فان الزيادة خلاف الاصل بخلاف النقض و العمدة هذان الخبران.

و أما مداومة النبي صلي اللّه عليه و آله علي الجهر فلا تدل علي الوجوب و خبر «صلوا كما رأيتموني اصلي» ضعيف سندا.

و أما ما رواه الصدوق باسناده الي محمد بن عمران (حمران) أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام فقال: لأي علة يجهر في صلاة الجمعة و صلاة المغرب و صلاة العشاء الآخرة و صلاة الغداة و ساير الصلوات (مثل) الظهر و العصر لا يجهر فيها؟

الي أن قال: فقال: لان النبي صلي اللّه عليه و آله لما اسري به الي السماء كان أول صلاة فرض اللّه عليه الظهر يوم الجمعة فأضاف اللّه عز و جل اليه الملائكة تصلي خلفه و أمر نبيه صلي اللّه عليه و آله أن يجهر بالقراءة ليتبين لهم فضله ثم فرض عليه العصر و لم يضف اليه أحدا من الملائكة و أمره أن يخفي القراءة لأنه لم يكن وراءه أحد ثم فرض عليه المغرب و أضاف اليه الملائكة فأمره بالاجهار و كذلك العشاء الآخرة فلما كان قرب الفجر نزل ففرض اللّه عليه الفجر فأمره بالاجهار لبيت للناس فضله كما بين للملائكة فلهذه العلة يجهر فيها «1».

فلا يمكن الاعتماد عليه لإمكان أن تكون الرواية باسناده الي محمد بن عمران و الاسناد ضعيف و ما رواه في العلل فضعيف بعلي بن معبد و أما رواية يحيي بن أكثم القاضي «2» فهي ضعيفة بابن أكثم و الحديث بسنده الاخر أيضا ضعيف.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(2) لاحظ: 106

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 462

______________________________

و أما خبر المجالس باسناده قال: جاء

نفر من اليهود الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فسألوه عن مسائل الي أن قال: و سألوه عن سبع خصال: منها الاجهار في ثلاث صلوات فقال: أما الاجهار فانه يتباعد لهب النار منه بقدر ما يبلغ صوته و يجوز علي الصراط و يعطي السرور حتي يدخل الجنة «1» فضعيف بضعف اسناد الصدوق فيما جاء نفر من اليهود.

و أما خبر رجاء بن أبي ضحاك عن الرضا عليه السلام أنه كان يجهر بالقراءة في المغرب و العشاء الآخرة و صلاة الليل و الشفع و الوتر و الغداة و يخفي القراءة في الظهر و العصر «2» فضعيف به.

و عن جملة من الاعلام عدم الوجوب و مدركهم خبر علي بن جعفر عن أخيه موسي عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي من الفريضة ما يجهر فيه بالقراءة هل عليه أن لا يجهر؟ قال: ان شاء جهر و ان شاء لم يفعل «3».

فان المستفاد من هذه الرواية التخيير لكن متن الرواية مضطرب فانه فرض الجهر في الصلاة و مع ذلك يسأل من أنه هل عليه أن لا يجهر فمن المحتمل قويا ان السؤال عن غير القراءة من الاذكار.

و في نسخة قرب الاسناد هكذا «هل عليه أن يجهر» «4» لكن في السند عبد اللّه بن الحسن فالحق هو القول المشهور مضافا الي السيرة الجارية فانه لو كان عدم الجهر جائزا لبان و لم يكن مستورا عن الانظار و لم يكن الدليل منحصرا في خبر ابن جعفر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) مستمسك العروة ج 6 ص: 200

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 463

و الاخفات في غير الاوليين

منهما (1).

______________________________

و أما الاستدلال باطلاق قوله تعالي: «وَ لٰا تَجْهَرْ بِصَلٰاتِكَ وَ لٰا تُخٰافِتْ بِهٰا وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلًا» «1» فعلي فرض تمامية الاطلاق يرفع اليد عنه بالنصوص الخاصة و السيرة و التسالم.

(1) مقتضي اطلاق العبارة لزوم الاخفات بلا فرق بين القراءة و الذكر كما يصرح بالتخيير بينهما بعد ذلك في مسألة: (128) فنقول: أما وجوب الاخفات في القراءة ففي بعض الكلمات: «انه المشهور» بل قيل: «انه كاد أن يكون اجماعا» و نقل عن بعض كتب الاصحاب: «انه مورد الاجماع» بل عن الجواهر «ان بطلان الجهر بالقراءة في الاخيرتين من مذهب الامامية».

و استدل عليه بأن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان مواظبا علي الاخفات بها و كذلك المسلمين و هذا يكشف عن كونه مما ينبغي الاخفات فيه فيدخل في رواية زرارة «2» الدالة علي البطلان في صورة الخلاف العمدي.

و لا يخفي ان الشهرة لا اعتبار بها و أما الاجماعات المنقولة فحالها معلوم في عدم الحجية و أما مواظبة النبي صلي اللّه عليه و آله و كذلك المسلمين فعلي فرض التسلم لا تكون دليلا علي اللزوم فعليه لا يكون داخلا في حديث زرارة.

و أما وجوبه في الذكر فيمكن أن يستدل عليه بأمور: منها الاجماع. و فيه:

ان المنقول منه لا اعتبار به و أما المحصل فغير حاصل.

و منها: انه يستفاد من رواية علي بن حنظلة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الركعتين الاخيرتين ما أصنع فيهما؟ فقال: ان شئت فاقرأ فاتحة الكتاب و ان

______________________________

(1) الإسراء/ 110

(2) لاحظ ص: 460

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 464

______________________________

شئت فاذكر اللّه فهو سواء قال: قلت: فأي ذلك أفضل؟ فقال: هما و اللّه سواء ان شئت سبحت

و ان شئت قرأت «1».

و فيه ان التسوية المذكورة في تلك الرواية لا ترتبط بما نحن بصدده فلاحظ مضافا الي الاشكال السندي اضف الي ذلك الاشكال في القراءة أيضا كما مر.

و منها: ان التسبيح بدل عن القراءة فيكون البدل في حكم المبدل منه و حيث انه يجب الاخفات فيه يجب في البدل أيضا.

و فيه: أولا: ان البدلية أول الكلام فانه قيل- كما في الحدائق- أن التسبيح أصل في الاخيرتين و ثانيا انه من أين علم اتحاد حكم البدل مع حكم المبدل منه في جميع الاحكام و ثالثا: ان الكلام جار و الاشكال سار في القراءة أيضا كما مر.

و منها: أن صلاة النهار اخفائية بحسب الروايات لاحظ ما رواه بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: السنة في صلاة النهار بالاخفات و السنة في صلاة الليل بالاجهار «2».

و ما رواه الصدوق باسناده عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في حديث انه ذكر العلة التي من أجلها جعل الجهر في بعض الصلوات دون بعض أن الصلوات التي يجهر فيها انما هي في أوقات مظلمة فوجب أن يجهر فيها ليعلم المار أن هناك جماعة فان أراد أن يصلي صلي لأنه ان لم ير جماعة علم ذلك من جهة السماع و الصلاتان اللتان لا يجهر فيهما انما هما بالنهار في أوقات مضيئة فهي من جهة الرؤية لا يحتاج فيها الي السماع «3» و ما رواه يحيي بن أكثم

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 22 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 25 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 465

______________________________

القاضي «1».

فالتسبيح فيها

بالاخفات و بعدم القول بالفصل يثبت في الليليه و فيه: اولا ان هذه الروايات ضعيفة سندا.

و ثانيا ان اطلاقها بحيث يشمل الاخيرتين محل الاشكال و ثالثا: ان مقتضي هذه الروايات ان صلاة الليل اجهارية و بعدم القول بالفصل يثبت في النهارية و رابعا: ان عدم القول بالفصل ليس شي ء تحته كما ذكرناه مرارا.

و منها: ان الاخفات أقرب الي الاحتياط و فيه: ان الاحتياط حسن لكن الكلام في الا لزام مع أن مقتضي الاصل لو لم يكن اطلاق هي البراءة.

و منها: ما رواه علي بن يقطين عن أخيه عن أبيه في حديث قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الامام أ يقرأ فيهما بالحمد و هو امام يقتدي به؟ فقال: ان قرأت فلا بأس و ان سكت فلا بأس «2».

و فيه: ان المراد من الركعتين الاوليتين و الا لم يكن وجه لكون المأموم مخيرا بين القراءة و السكوت.

و منها: ما أفاده سيد المستمسك قدس سره بادخال المقام في حديث زرارة «3» بدعوي ان المقام من الموارد التي ينبغي الاخفات فيها. و فيه: ان الحكم لا يكون متعرضا لموضوع نفسه و كون المقام من تلك الموارد أول الكلام.

اذا عرفت ما ذكرنا فاعلم انه يمكن اثبات الوجوب بالسيرة القطعية و ان الجهر يعد في نظر المتشرعة من المنكرات مضافا الي أنه خروج عن الخلاف و موافق

______________________________

(1) لاحظ ص: 106

(2) الوسائل الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 13

(3) لاحظ ص: 460

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 466

و كذا في الظهر و العصر في غير يوم الجمعة (1) عدا البسملة (2).

______________________________

للاحتياط الذي يكون طريق النجاة.

(1) لما تقدم في رواية زرارة «1» و التقريب هو التقريب و

الاشكال و الجواب كما تقدم فراجع.

و يؤيد المدعي بل يدل عليه في الجملة ما رواه جميل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجماعة يوم الجمعة في السفر فقال: يصنعون كما يصنعون في غير يوم الجمعة في الظهر و لا يجهر الامام فيها بالقراءة انما يجهر اذا كانت خطبة «2».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن صلاة الجمعة في السفر فقال تصنعون كما تصنعون في الظهر و لا يجهر الامام فيها بالقراءة و انما يجهر اذا كانت خطبة «3».

(2) المشهور استحباب الجهر بها نقل الاجماع عليه و عن المعتبر انه من منفردات الامامية و يشهد له جملة من النصوص المذكورة في الباب 21 من أبواب القراءة في الصلاة من الوسائل و الحديث 1 و 4 من الباب 11 من هذه الابواب من الوسائل.

منها: ما رواه صفوان الجمال قال: صليت خلف أبي عبد اللّه عليه السلام اياما فكان اذا كانت صلاة لا يجهر فيها جهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم و كان يجهر في السورتين جميعا «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 460

(2) الوسائل الباب 73 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) الوسائل الباب 21 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 467

أما فيه فيستحب الجهر في الجمعة (2).

______________________________

و ربما يقال: بوجوبه- كما عن الصدوق- و قد دل علي وجوبه خبران أحدهما ما رواه سليم بن قيس قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام فحمد اللّه و أثني عليه الي أن قال: و ألزمت الناس الجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم «1» و هذه الرواية تامة دلالة و استشكل في المستمسك في السند.

ثانيهما: ما رواه الاعمش عن جعفر بن محمد

عليه السلام في حديث شرايع الدين قال: و الاجهار ببسم اللّه الرحمن الرحيم في الصلاة واجب «2» و هذه الرواية غير تامة سندا.

و يعارض ما دل علي الوجوب ما رواه الحلبيان عن أبي عبد اللّه أنهما سألاه عمن يقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم حين يريد يقرأ فاتحة الكتاب فقال: نعم ان شاء سراوان شاء جهرا فقالا: أ فيقرأها مع السورة الاخري؟ فقال: لا «3».

و الترجيح مع هذه الرواية لأنها أحدث لان هذه الرواية عن الصادق عليه السلام و تلك الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام مضافا الي أن لو كان الاجهار واجبا لبان و ظهر فالحق كما في المتن.

(2) و الحكم مورد التسالم و الوفاق كما يظهر من كلماتهم و يدل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث في الجمعة قال: و القراءة فيها بالجهر «4».

و أيضا يدل عليه ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث

______________________________

(1) الروضة من الكافي ص: 61

(2) الوسائل الباب 21 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 73 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 468

بل في الظهر أيضا علي الاقوي (1).

______________________________

قال: ليقعد قعدة بين الخطبتين و يجهر بالقراءة «1»:

و ما رواه عبد الرحمن العرزمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أدركت الامام يوم الجمعة و قد سبقك بركعة فاضف اليها ركعة اخري و اجهر فيها «2».

و مثلها غيرها في الدلالة مما ورد في الباب 73 من أبواب القراءة في الصلاة من الوسائل و الظاهر من هذه الروايات وجوب الجهر فيشكل الالتزام بالندب-

كما في المتن- الا أن يقال: بأن الامر الواقع في مقام توهم الحظر لا يدل علي الوجوب.

(1) لجملة من النصوص منها ما رواه عمران الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي الجمعة أربع ركعات أ يجهر فيها بالقراءة؟ قال:

نعم و القنوت في الثانية «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال لنا:

صلوا في السفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة و أجهروا بالقراءة فقلت: انه ينكر علينا الجهر بها في السفر فقال: أجهروا بها «4».

و منها: ما رواه محمد بن مروان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صلاة الظهر يوم الجمعة كيف نصليها في السفر؟ فقال: تصليها في السفر ركعتين و القراءة فيها جهرا «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 469

[مسألة 121: إذا جهر في موضع الإخفات أو أخفت في موضع الجهر عمدا بطلت صلاته]

(مسألة 121): اذا جهر في موضع الاخفات أو أخفت في موضع الجهر عمدا بطلت صلاته (1) و اذا كان ناسيا أو جاهلا بالحكم

______________________________

و منها: ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القراءة في الجمعة اذا صليت وحدي أربعا أجهر بالقراءة؟ فقال: نعم الحديث «1».

و لكن هذه النصوص معارضة بغيرها لاحظ ما رواه جميل «2» و ما رواه محمد بن مسلم «3» و عن ابن ادريس الاخذ بنصوص المنع لاعتضادها باطلاقات الاخفات.

و فيه: أنه لا وجه له بعد وجود نصوص معارضة فلا بد من ملاحظة النسبة بينهما و ترجيح ما فيه الترجيح و حيث ان الدال علي وجوب الاخفات و موافق للعامة «4»، يؤخذ بالنصوص الاول.

و عن المرتضي قدس سره:

التفصيل بين الامام فيجهر و غيره فلا لخبر علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل صلي العيدين وحده و الجمعة هل يجهر فيها بالقراءة؟ قال: لا يجهر الا الامام «5».

و هذا الخبر ضعيف بعبد اللّه بن الحسن مضافا الي أنه يدل علي خلاف ما رواه الحلبي فالحق ان الجهر أحوط ان لم يكن أقوي و أظهر اللهم أن يقال:

انه لو كان واجبا لبان و ظهر و الحال انه ليس كذلك بل الامر علي العكس فلاحظ.

(1) كما تقدم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 466

(3) لاحظ ص: 466

(4) لاحظ الخلاف الشيخ الطائفة ج 1 ص: 632 الطبع الثالث

(5) الوسائل الباب 73 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 470

من أصله أو بمعني الجهر و الاخفات صحت صلاته (1) و الاحوط الاولي الاعادة اذا كان مترددا فجهر أو أخفت في غير محله برجاء المطلوبية (2) و اذا تذكر الناسي أو علم الجاهل في أثناء القراءة مضي في القراءة و لم يجب عليه اعادة ما قرأه (3).

______________________________

(1) للإطلاق الثابت في النص لاحظ حديثي زرارة «1» فمن حيث النص لا مانع من الالتزام بالاطلاق لكن يبقي اشكال عقلي في المقام و هو أن اشتراط الحكم بالعلم به يستلزم الدور المحال.

و الجواب عن هذا الاشكال أنه يمكن مع الاتيان بالفاقد للشرط أن يحصل مقدار من الملاك و مع حصوله لا يمكن استيفاء الملاك التام فعدم وجوب الاعادة ليس من باب اشتراط الوجوب بالعلم حتي يلزم المحال بل من باب عدم امكان استيفاء الملاك.

(2) لا اشكال في حسن الاحتياط بل استحبابه.

(3) لإطلاق النص و ربما يتوهم أن المستفاد من النص

اختصاص الحكم بالتذكر بعد تمامية الصلاة بقرينة قوله عليه السلام «فقد تمت صلاته» «2»

لكن هذا التوهم علي خلاف القاعدة اذ التمامية بلحاظ ما وقع من الصلاة و الدليل عليه أن الظاهر من الشرطية الاولي مدار الحكم علي عدم العمد و الشرطية الثانية كأنها تصريح بالمفهوم و ليست مستقلة بالدلالة.

مضافا الي أن الرواية الاخري «3» ليست فيها هذه الجملة لكنها تختص بالسهو

______________________________

(1) لاحظ ص: 460

(2) لاحظ ص: 460

(3) لاحظ ص: 460

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 471

[مسألة 122: لا جهر علي النساء]

(مسألة 122): لا جهر علي النساء (1).

______________________________

و النسيان اضف الي ذلك كله انه لو تذكر في الاثناء و أتم الصلاة برجاء المطلوبية فلا اشكال في عدم وجوب الاعادة فيعلم ان التذكر في الاثناء لا يخل بالصلاة فلاحظ.

(1) ما يمكن أن يستدل به امور: الاول: الاجماع و قيل: ان نقل الاجماع عليه مستفيض بل متواتر لكن الاجماع حاله معلوم.

الثاني: ان صوتها عورة فلا بد من أن تخفت. و فيه: اولا أن صوتها ليست عورة و يجوز لها أن تسمع صوتها الاجنبي بلا اشكال و السيرة شاهدة عليه الا أن يقال: كونه عورة بمعني انه يلزم عليها اخفائه في الصلاة كما تستر جسدها و هو كما تري لا دليل عليه مضافا الي أنه ينافي الجواز فان لازمه وجوب الاخفات لا عدم وجوب الجهر.

أضف الي ذلك انه قد صرح في النص علي خلاف ذلك لاحظ ما رواه علي ابن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن المرأة تؤم النساء ما حد رفع صوتها بالقراءة أو التكبير؟ قال: قدر ما تسمع «1» و ثانيا ان لازمه الفرق بين مورد يسمع صوته الاجنبي و غيره و الحال انهم لم يفرقوا فهذا

الوجه ساقط.

الثالث: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: و سألته عن النساء هل عليهن الجهر بالقراءة في الفريضة؟ قال: لا الا أن تكون امرأة تؤم النساء فتجهر بقدر ما تسمع قراءتها «2» و هذه الرواية ساقطة سندا بعبد اللّه بن الحسن.

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 472

بل يتخيرن بينه و بين الاخفات في الجهرية (1) و يجب عليهن الاخفات في الاخفاتية (2) و يعذرن فيما يعذر الرجال فيه (3).

______________________________

الرابع: ما رواه علي بن جعفر «1» أيضا و لا يبعد أن يستفاد من هذه الرواية انه لا جهر علي النساء الا فيما تؤم النساء.

و يؤيده ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال:

سألته عن المرأة تؤم النساء ما حد رفع صوتها بالقراءة و التكبير؟ فقال: بقدر ما تسمع «2».

الخامس: السيرة الجارية بين المتشرعة بحيث لا يستنكر اخفات المرأة أحد من المتشرعة و هذه السيرة أقوي شاهد و دليل اذ لو كان الجهر واجبا عليها لبان و ظهر و اللّه العالم.

(1) فانه لا وجه لوجوب الاخفات اذ القراءة واجبة عليها و بعد عدم وجوب الجهر يكون التخيير علي القاعدة.

(2) و نقل عن بعض التخيير بدعوي عدم الدليل و دليل الوجوب مختص بالرجال و هذا القول نقل عن الأردبيلي و جملة ممن تأخر عنه منهم الفاضل الخراساني و الشيخ المجلسي.

و يرد عليه أن مقتضي قاعدة الاشتراك وجوبه عليهن و يؤيده انه موافق للاحتياط و لا يبعد أن يقال: بأن ما دل علي الوجوب بالنسبة الي الرجال يدل عليه بالنسبة الي النساء بالاولوية.

(3) لقاعدة الاشتراك.

______________________________

(1) لاحظ ص: 471 حديثه الاول

(2)

الوسائل الباب 31 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 473

[مسألة 123: مناط الجهر و الإخفات الصدق العرفي لا سماع من بجانبه و عدمه]

(مسألة 123): مناط الجهر و الاخفات الصدق العرفي (1) لا سماع من بجانبه و عدمه (2) و لا يصدق الاخفات علي ما يشبه كلام المبحوح و ان كان لا يظهر جوهر الصوت فيه (3) و لا يجوز الافراط في الجهر كالصياح (4) و الاحوط في الاخفات أن يسمع نفسه تحقيقا أو تقديرا

______________________________

(1) المناط في الجهر و الاخفات هو الصدق العرفي فان الحكم يترتب علي هذين العنوانين و الموضوعات أمرها راجع الي العرف الا أن يتصرف الشارع فيها فعليه لا بد من رعاية الصدق العرفي و عليه لو لم يظهر جوهر الصوت و مع ذلك لم يصدق عنوان الاخفات عليه كما لو أشبه كلام المبحوح و نحوه لا يكفي اذ لا يصدق عليه الاخفات فلا بد من رعاية الصدق في كلا العنوانين بالنظر العرفي.

و لو وصلت النوبة الي الشك لا يبعد أن يكون المرجع البراءة لا الاشتغال اذ المفروض ان الشبهة مفهومية ففي المقدار المشكوك تجري البراءة.

(2) لعدم دليل علي كونه مناطا.

(3) كما مر.

(4) و يدل عليه ما رواه سماعة قال: سألته عن قول اللّه عز و جل: وَ لٰا تَجْهَرْ بِصَلٰاتِكَ وَ لٰا تُخٰافِتْ بِهٰا قال: المخافة ما دون سمعك و الجهر أن ترفع صوتك شديدا «1».

و يدل علي المقصود أيضا ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: علي الامام أن يسمع من خلفه و ان كثروا فقال: ليقرأ قراءة وسطا يقول اللّه تبارك و تعالي: وَ لٰا تَجْهَرْ بِصَلٰاتِكَ وَ لٰا تُخٰافِتْ بِهٰا «2» لكن السند مخدوش

______________________________

(1) الوسائل الباب 33 من أبواب القراءة

في الصلاة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 474

كما اذا كان أصم أو كان هناك مانع من سماعه (1).

[مسألة 124: من لا يقدر إلا علي الملحون و لو لتبديل بعض الحروف و لا يمكنه التعلم أجزأه ذلك]

(مسألة 124): من لا يقدر الا علي الملحون و لو لتبديل بعض الحروف و لا يمكنه التعلم أجزأه ذلك (2).

______________________________

بمحمد بن عيسي.

(1) يستفاد من رواية سماعة انه يجب اسماع نفسه لكن رواية الحلبي قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام هل يقرأ الرجل في صلاته و ثوبه علي فيه؟ قال: لا بأس بذلك اذا أسمع اذنيه الهمهمة «1» تعارضها و بعد التعارض و التساقط يكون الاطلاق مرجعا و مقتضاه كفاية القراءة بأي نحو كان.

و يمكن أن يقال: ان نسبة رواية الحلبي الي رواية سماعة نسبة الخاص الي العام لان المفروض ان المذكور في رواية الحلبي عنوان القراءة و أما رواية سماعة فمطلقة و عليه يقيد المطلق بالمقيد كما هو الميزان.

كما أنه يمكن أن نقول: بأنه بعد التعارض و التساقط المرجع نفس الاية و يستفاد منها ان الاخفات ممنوع و من المعلوم ان النهي عن مرتبة شديدة و لا يبعد انه لو لم يسمع نفسه تصدق عليه تلك المرتبة فلاحظ و النتيجة: انه لو قلنا بأن الجمع بين الخبرين يقتضي الاخذ برواية الحلبي لكونها اخص يكفي سماع الهمهمة.

(2) نقل عليه عدم الخلاف و استدل عليه بما رواه مسعدة بن صدقة قال: سمعت جعفر بن محمد عليه السلام يقول: انك قد تري من المحرم من العجم لا يراد منه ما يراد من العالم الفصيح و كذلك الاخرس في القراءة في الصلاة و التشهد و ما أشبه ذلك فهذا بمنزلة العجم و المحرم لا يراد منه ما يراد من العاقل المتكلم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج

الصالحين، ج 4، ص: 475

و لا يجب عليه أن يصلي صلاته مأموما (1) و كذا اذا ضاق الوقت عن التعلم (2) نعم اذا كان مقصرا في ترك التعلم وجب عليه أن يصلي مأموما (3).

______________________________

الفصيح «1».

و هذه الرواية من حيث السند مخدوشة بمسعدة حيث انه لم يوثق و مجرد كونه في أسناد كامل الزيارة لا يترتب عليه الاثر لما قلناه في محله. و استدل أيضا بما رواه السكوني «2» و هذه الرواية مخدوشة سندا بالنوفلي.

و استدل أيضا بما رواه ابن فهد الحلي في عدة الداعي عنهم عليهم السلام:

ان سين بلال عند اللّه شين «3».

و هذه الرواية لا اعتبار بها من حيث الارسال لكن الذي يظهر من كلام الاصحاب تسالمهم علي الكفاية فان تم الاجماع الكاشف عن رأي المعصوم عليه السلام فهو و الا يجب عليه الايتمام اذا أمكن و اثبات كون الايتمام مسقط للقراءة مشكل اذ يستفاد من الادلة ان الامام ضامن فيجب الايتمام بحكم العقل اذ المكلف يمكنه الاتيان بالفرد الكامل من المأمور به.

(1) و الوجه في عدم الوجوب اطلاق الروايات فان من يعمل بهذه النصوص فلا بأس بأن يلتزم بعدم وجوب الايتمام لإطلاقها و لكن قد مر ان النصوص قاصرة سندا الا أن يقال: ان الايتمام مسقط لا بدل فلا يتعين و قد عرفت ان اثباته مشكل.

(2) الكلام فيه هو الكلام فلا وجه للإعادة.

(3) وقع الكلام بين الاعلام في هذا الفرض فاختار بعضهم أنه يجوز الاتيان

______________________________

(1) الوسائل الباب 59 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 4

(3) مستدرك الوسائل الباب 23 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 476

______________________________

بالنحو الذي يمكنه الاتيان به و

لو مع امكان الايتمام بتقريب: ان الواجب علي المكلف القراءة الصحيحة فلو قلنا بأن الايتمام بدل يتعين الاتيان به بمقتضي تعين احد فردي الواجب عند تعذر الفرد الاخر و لو قلنا بأن الايتمام مسقط للقراءة فلا يجب اذ لا وجه لوجوب المسقط.

و بعبارة اخري: مع التمكن من الايتمام يعلم المكلف بوجوب الصلاة عليه لكن يشك في وجوب الايتمام فلا يجب بمقتضي أصل البراءة فيكتفي بالصلاة مع القراءة الناقصة نعم لو لم يتمكن من التعلم لا يمكنه الاكتفاء بصلاة المعذور اذ المفروض انه بسوء اختياره و عدم تعلمه صار مضطرا و قاعدة «الصلاة لا تترك بحال» لا تدل علي الصلاة الناقصة في فرض امكان الاتيان بالصلاة التامة فيعلم اجمالا بأنه اما يجب الاتيان بهذه الصلاة الناقصة في الوقت و اما بقضائها خارج الوقت و مقتضي تنجز العلم الإجمالي وجوب الاحتياط بالجمع بين الامرين.

و اختار الآخرون وجوب الايتمام و منهم سيدنا الاستاد دام ظله و الوجه فيه:

ان الواجب التخييري لو تعذر احد فرديه يتعين الفرد الاخر و حيث انه يتعذر أن يأتي بصلاة المختار منفردا يجب الايتمام.

و الظاهر ان الحق هو القول الثاني اذ لو فرضنا ان دليل البدل لا يشمل من صار عاجزا بسوء الاختيار و دليل عدم سقوط الصلاة لا يدل علي اجزاء الصلاة الناقصة في مورد تعمد المكلف بعدم القيام بوظيفته فالواجب عليه الاتيان بالصلاة التامة فلو قلنا: ببدلية الايتمام فالامر ظاهر من حيث وجوب الايتمام و أما لو قلنا بالمسقطية فالعقل يلزم بالاتيان بالايتمام اذ المفروض ان ملاك الصلاة التامة يحصل بالايتمام لا بغيره.

و لكن الاشكال في أصل المبني و هو ان اثبات كون الجماعة مسقطة أول الكلام

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 477

و

اذا تعلم بعض الفاتحة قرأه (1).

______________________________

بل المستفاد من النص ان الامام ضامن فوجوب الايتمام علي طبق القاعدة.

(1) في هذا الفرض اما يكون متمكنا من الايتمام أم لا و علي الاول اما نقول:

بأن الايتمام بدل أو نقول بأنه مسقط و علي كلا التقديرين اما تنجز التكليف بالقراءة في سعة الوقت و اما لم يتنجز أما مع القدرة علي الايتمام و الالتزام بكون الايتمام بدل فلا اشكال في وجوبه كما هو ظاهر كما أن الامر كذلك لو كان متمكنا و تنجز و فرض العجز فانه يلزم الايتمام في الفرض أعم من أن يكون الايتمام بدلا أو مسقطا.

و أما مع عدم تنجز التكليف بالقراءة فيلزم الإتيان بالمقدار الذي تعلم لا لقاعدة الميسور فان سند القاعدة مخدوش كما ذكرنا في الاصول و لا للإجماع المنقول عن المعتبر و غيره بل لقاعدة «الصلاة لا تسقط بحال».

هذا علي القول بكون الايتمام مسقطا و أما علي القول بالبدلية فيجب الايتمام علي الاطلاق اذ مع فرض تعذر احد فردي الواجب التخييري يتعين الفرد الاخر فلاحظ الا أن يقال: ان مقتضي حديث ابن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام ان اللّه فرض من الصلاة الركوع و السجود ألا تري لو أن رجلا دخل في الإسلام لا يحسن أن يقرأ القرآن أجزأه أن يكبروا يسبح و يصلي «1» وجوب التكبير و التسبيح و التصلية.

و يمكن أن يقال: ان من يحسن قراءة مقدار من الفاتحة لا يكون داخلا في الموضوع فيجب عليه أن يقرأ ذلك المقدار نعم لا اشكال في أن مقتضي الاحتياط هو الايتمام بل يمكن أن يقال: ان الحديث منصرف عن صورة تمكن المكلف عن الايتمام فان الايتمام علي فرض البدلية في

حكم امكان القراءة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 478

و الاحوط استحبابا أن يقرأ من سائر القرآن عوض البقية (1).

______________________________

(1) قد اختلفوا في ذلك فمنهم من ذهب الي وجوبه كالشهيد و ابن سعيد و غيرهما و منهم من ذهب الي عدم الوجوب كما عن المعتبر و غيره و ما يمكن أن يستدل به علي الوجوب أو استدل به أمور:

منها: قاعدة الاشتغال. و فيه: أن المرجع عند الشك في التكليف البراءة لا الاشتغال كما حقق في الاصول.

و منها: قوله تعالي: فَاقْرَؤُا مٰا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ «1» و فيه: ان كون المراد من الاية القراءة في الصلاة أول الكلام و الشاهد عليه انه لا ريب في عدم وجوب ما تيسر من القرآن في الصلاة و لا في غير الصلاة فيكون الامر للاستحباب فلا يرتبط بالصلاة.

و منها. رواية محمد بن مسلم «2» بتقريب: ان المستفاد منها أن الصلاة لا بد فيها من فاتحة الكتاب أو بدلها فيلزم الاتيان بالبدل.

و فيه أن البدلية لا دليل عليها فلو كانت الجزئية باقية حتي في حال العجز تسقط الصلاة لعدم الامكان و الا تسقط جزئيتها في هذا الحال و يكتفي بالمقدار الممكن لقاعدة «الصلاة لا تسقط بحال».

و منها خبر الفضل بن شاذان «3».

بتقريب: ان المستفاد منه ان في قراءة القرآن مصلحة و في قراءة الفاتحة مصلحة اخري و تعذر احدي المصلحتين لا يوجب ترك المصلحة الاخري.

______________________________

(1) المزمل/ 20

(2) لاحظ ص: 430

(3) لاحظ ص: 432

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 479

و اذا لم يعلم شيئا منها قرأ من سائر القرآن (1) و الاحوط وجوبا أن يكون بقدر الفاتحة (2) و اذا لم يعرف شيئا من القرآن

أجزأه أن يكبر

______________________________

و فيه: اولا أن سند الصدوق الي الفضل مخدوش فلا اعتبار بالرواية و ثانيا علي فرض التسليم قد تحقق الملاك بقراءة بعض الفاتحة و الملاك القائم بالفاتحة لا يمكن تداركه و البدلية تحتاج الي الدليل المفقود فالحق ما أفاده من استحباب الاحتياط خروجا عن شبهة الخلاف.

(1) هذا هو المشهور بين القوم و استدل بما رواه ابن سنان «1» بتقريب ان المستفاد من الحديث ان من يحسن قراءة القرآن تجب عليه القراءة.

(2) و استدل- علي ما قيل- عليه بأنه يجب تعويض المقدار الفائت من الحمد فبالاولوية يجب في المقام فانه لو لم يكتف ببعض الحمد فكيف يكتفي بغيره.

و فيه: انه قد مر عدم الدليل علي الوجوب و استدل أيضا بعموم لا صلاة الا بفاتحة الكتاب و قد مر الجواب عنه سابقا و استدل أيضا بأنه يعلم من الامر بالقراءة بدلا عن الفاتحة المساواة. و فيه: انه ليس في الادلة هكذا فان عمدة الدليل صحيح ابن سنان «2» و المستفاد منه انه ما دام ممكن الاتيان بالقرآن لا تصل النوبة الي الذكر مضافا الي أن استفاده المماثلة من الامر بالتبديل في الكمية أول الكلام.

______________________________

(1) لاحظ ص: 477

(2) لاحظ ص: 477

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 480

و يسبح (1) و الاحوط وجوبا أن يكون بقدرها أيضا (2) بل الاحوط الاتيان بالتسبيحات الاربع (3) و اذا عرف الفاتحة و جهل السورة فالظاهر سقوطها مع العجز عن تعلمها (4).

______________________________

(1) الملاك ان كان صحيح ابن سنان «1» فالمذكور فيه التكبير و التسبيح و التصلية و أما النبوي اذا قمت الي الصلاة فان كان معك قرآن فاقرأ به و الا فاحمد اللّه و هلله و كبره «2» فالمستفاد منه وجوب التحميد

و التهليل و التكبير لكن النبوي لا اعتبار به.

و يستفاد من نبوي آخر «أن رجلا سأل النبي صلي اللّه عليه و آله فقال: اني لا استطيع أن احفظ شيئا من القرآن فما ذا اصنع؟ فقال له: قل سبحان اللّه و الحمد للّه «3».

و في آخر: قل سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه أكبر «4» و هذان النبويان أيضا لا اعتبار بهما سندا فالعمل علي رواية ابن سنان.

(2) كما هو المشهور بين المتاخرين علي ما في بعض الكلمات و عن المعتبر استحباب المساواة و نقل انه استدل المشهور علي وجوب المساواة بالوجوه المتقدمة و قد مر جواب تلك الوجوه فالحق عدم وجوبه.

(3) فان الاتيان بهذا النحو جامع لمفاد الروايات من حيث الكيفية و لقول المشهور من حيث الكمية الا أن يقال: ليست التصلية في التسبيحات فلاحظ.

(4) فان المستفاد من النصوص و عمدتها خبر ابن سنان «5» ان الجاهل

______________________________

(1) لاحظ ص: 477

(2) سنن البيهقي ج 2 ص: 380

(3) سنن أبي داود

(4) نفس المصدر

(5) لاحظ ص: 477

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 481

[مسألة 125: تجوز اختيارا القراءة في المصحف الشريف]

(مسألة 125): تجوز اختيارا القراءة في المصحف الشريف (1).

______________________________

بالقرآن يجب عليه الذكر و مع معرفة الفاتحة لا يبقي موضوع للبدلية كما هو ظاهر و نقل عن غير واحد الاجماع علي عدم الوجوب.

(1) كما هو مقتضي الاطلاق فان الواجب القراءة بلا خصوصية و أيضا اصالة البراءة تقتضي الجواز و في المقام نصان يدل أحدهما علي الجواز و هو ما رواه الحسن بن زياد الصيقل قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما تقول في الرجل يصلي و هو ينظر في المصحف يقرأ فيه يضع السراج قريبا منه فقال: لا بأس بذلك

«1».

و يدل الثاني علي المنع و هو ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل و المرأة يضع المصحف أمامه ينظر فيه و يقرأ و يصلي قال: لا يعتد بتلك الصلاة «2».

لكن الاول مخدوش بالحسن بن زياد الصيقل و الثاني بعبد اللّه بن الحسن.

و حكي عن جماعة منهم العلامة و الشهيد و المحقق الثاني القول بالمنع الا علي تقدير عدم التمكن و قيل في وجهه أمور.

الاول: قاعدة الاشتغال. و فيه: ان الاطلاق يقتضي الجواز و لا تصل النوبة الي الاصل و علي فرض وصول النوبة اليه يكون المرجع أصل البراءة لا الاشتغال.

الثاني: انه المعهود من النبي صلي اللّه عليه و آله و يجب التأسي به في الصلاة و فيه: أن دليل التأسي مخدوش سندا كما مر سابقا و مجرد كون فعل النبي صلي اللّه عليه و آله كذلك لا يدل علي الوجوب و عدم جواز غيره.

______________________________

(1) الوسائل الباب 41 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 482

______________________________

الثالث: الانصراف. و فيه: انه بدوي ناش من قلة الوجود و ليس بحد يكون اللفظ ظاهرا في غيره مضافا الي أن الامر بقراءة بعض السور الطوال التي لا يقدر أكثر الناس أن يقرأها عن ظهر القلب لا يبقي مجالا لهذا الانصراف.

الرابع: خبر علي بن جعفر «1» المتقدم ذكره. و فيه انه قد مر ان سنده ضعيف و علي فرض الاغماض يعارضه خبر الصيقل «2» و بعد التعارض و التساقط يكون المرجع الاطلاق.

الخامس: ما رواه عبد اللّه بن أبي أو في الوارد في سنن أبي داود ج 1 ص: 220 قال: جاء رجل فقال:

اني لا استطيع أن آخذ من القرآن شيئا فعلمني ما يجزئني منه قال صلي اللّه عليه و آله: قل سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه أكبر.

و فيه: اولا ان الخبر ضعيف عامي لا يعتد به و ثانيا ان مورده العامي المحض الذي لا يقدر أن يقرأ المصحف و الا فلا شبهة في الجواز بالنسبة الي غير القادر.

السادس: ان الاجماع قائم علي كراهة القراءة من المصحف و الكراهة تنافي الوجوب و فيه: أولا ان الاجماع المنقول لا يكون حجة و ثانيا: انه ما المراد من الكراهة فان المراد منها اما كراهة الاتيان بالقراءة الواجبة في الصلاة بهذه الكيفية فيكون دليلا علي الجواز لا المنع و يكون المقام كالصلاة في الحمام.

و بعبارة اخري: يكون من مصاديق الكراهة في العبادة فيمكن أن يكون بمعني أقل ثوابا و ان كان المراد من الكراهة النظر في المصحف فلا تكون القراءة مكروهة بل المكروه النظر في المصحف لا نفس القراءة و ان كان المراد من

______________________________

(1) لاحظ ص: 481

(2) لاحظ ص: 481

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 483

و بالتلقين (1) و ان كان الاحوط استحبابا الاقتصار في ذلك علي الاضطرار (2).

[مسألة 126: يجوز العدول اختيارا من سورة إلي أخري]

(مسألة 126): يجوز العدول اختيارا من سورة الي اخري (3).

______________________________

الكراهة كراهة القراءة في الصلاة كراهة حقيقية اي يكون المكروه قراءة القرآن من المصحف في الصلاة فيكون بين العنوانين عموم مطلق فربما يقال- كما في كلام المحقق الهمداني- ان الكراهة المتعلقة بالفرد لا تنافي الوجوب المتعلق بالطبيعة فيجتمع الامر مع النهي الكراهي.

لكن الذي يختلج بالبال انه لا يجوز فان الوجود الواحد لا يمكن أن يجتمع فيه حكمان حيث ان الاحكام مضادة بأسرها فالنتيجة جواز القراءة من المصحف

في الصلاة.

(1) لعدم ما يقتضي المنع و مقضي الاطلاق الجواز كما أنه كذلك من حيث الاصل العملي.

(2) خروجا عن شبهة الخلاف.

(3) للنصوص منها: ما رواه عمرو بن أبي نصر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يقوم في الصلاة فيريد أن يقرأ سورة فيقرأ قل هو اللّه أحد و قل يا أيها الكافرون فقال: يرجع من كل سورة الا من قل هو اللّه أحد و قل يا أيها الكافرون «1».

و منها: ما رواه الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل قرأ في الغداة سورة قل هو اللّه أحد قال: لا بأس و من افتتح سورة ثم بدا له أن يرجع في سورة غيرها فلا بأس الا قل هو اللّه أحد و لا يرجع منها الي غيرها و كذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 484

ما لم يتجاوز النصف (1).

______________________________

قل يا ايها الكافرون «1».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن الرجل أراد أن يقرأ سورة فقرأ غيرها هل يصلح له أن يقرأ نصفها ثم يرجع الي السورة التي أراد؟ قال: نعم ما لم تكن قل هو اللّه أحد أو قل يا أيها الكافرون «2»:

و منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل قرأ سورة في ركعة فغلط أ يدع المكان الذي غلط فيه و يمضي في قراءته؟ أو يدع تلك السورة و يتحول منها الي غيرها؟ فقال: كل ذلك لا بأس به و ان قرأ آية واحدة فشاء أن يركع بها ركع «3».

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام

في الرجل يريد أن يقرأ السورة فيقرأ غيرها قال: له أن يرجع ما بينه و بين أن يقرأ ثلثيها «4».

و منها: ما رواه أبو العباس عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يريد أن يقرأ السورة فيقرأ في اخري قال: يرجع الي التي يريد و ان بلغ النصف «5».

و منها: ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يقرأ في المكتوبة بنصف السورة ثم ينسي فيأخذ في اخري حتي يفرغ منها ثم يذكر قبل أن يركع قال: يركع و لا يضره «6».

(1) اتمامه بالنص بأن لا يكون العدول جائزا بعد تجاوز النصف مشكل فان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 36 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

(6) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 485

و الاحوط عدم العدول ما بين النصف و الثلثين (1) و لا يجوز العدول بعد بلوغ الثلثين (2) هذا في غير سورتي الجحد و التوحيد و أما فيهما فلا يجوز العدول من احداهما الي غيرهما (3) و لا الي الاخري

______________________________

مقتضي جواز العدول بنحو الاطلاق جوازه كما هو ظاهر و مقتضي خبر عبيد بن زرارة هو الجواز و أن المدار بلوغ ثلثين و أما خبر الفقه الرضوي: «فان ذكرتها من قبل أن تقرأ نصف سورة فارجع الي سورة الجمعة و ان لم تذكرها الا بعد ما قرأت نصف سورة فامض في صلاتك» «1» فلا يعتد به لضعفه مضافا الي معارضته بخبر ابن جعفر.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف.

(2) كما في خبر عبيد بن زرارة «2».

(3) يدل عليه جملة من النصوص «3» و عن المعتبر ان الوجه

الكراهة لقوله تعالي: فَاقْرَؤُا مٰا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ «4» و لا تقوي الرواية لتخصيص الاية.

و يرد عليه اولا: ان المقصود من الاية غير معلوم و ثانيا لا اشكال في جواز تخصيص الكتاب بالخبر الواحد و ثالثا: انهم لم يجوز و العدول بعد بلوغ النصف أو بعد التجاوز عنه و الملاك واحد.

و عن الذخيرة: «ان الاصل في هذا الباب روايتان و دلالتهما علي التحريم غير

______________________________

(1) الفقه الرضوي ص: 11

(2) لاحظ ص: 484

(3) لاحظ الروايات في ص: 483 و 484

(4) المزمل/ 19

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 486

مطلقا (1) نعم يجوز العدول من غيرهما و لو بعد تجاوز النصف أو من احدي السورتين مع الاضطرار لنسيان بعضها (2) أو ضيق الوقت عن اتمامها (3) أو كون الصلاة نافلة (4).

______________________________

واضح» و صاحب الحدائق يقول: بأنه من جملة التشكيكات الواهية التي بنيت علي ما تفرد به من أن الامر و النهي لا يدل علي الوجوب و التحريم و من الظاهر أنه غير صحيح فلا اشكال في الحكم.

(1) للإطلاق لاحظ ما رواه ابن أبي نصر و الحلبي «1».

(2) المستفاد من دليل عدم جواز العدول ان الجزء للصلاة هي السورة التي شرع فيها و بعبارة اخري يستفاد من الدليل اشتراط الصلاة بقراءة خصوص السورة التي شرع فيها فلا يكون المنع عن العدول منعا نفسيا و حراما مستقلا و لا ان المضي واجبا نفسيا و لا ان العدول مانعا وضعا بل المضي شرط و واجب غيري.

و بعد بيان هذه المقدمة نقول: لا يبعد ان المنساق الي الذهن بحسب الفهم العرفي من ادلة عدم جواز العدول اختصاصه بما لا يكون فيه مانع عن الاستمرار فلو نسي بعض السورة لا يشمله الدليل كما أنه لو

أكرهه مكره بعدم اتمام السورة التي بيده لا يشمله دليل المنع.

و لا يخفي ان هذا ليس من باب عدم امكان اشتراط غير المقدور فان الامر الوضعي لا يفرق فيه بين كون متعلقة مقدورا و عدمه اذانه ارشاد بل من باب انسباق الفهم العرفي و هذا العرف ببابك.

(3) و قد مر وجهه فانه مضطر و الدليل منصرف عن صورة الاضطرار.

(4) ان تم الاجماع التعبدي الكاشف فهووا لا فيشكل الجزم لإطلاق دليل المنع

______________________________

(1) لاحظ ص: 483

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 487

[مسألة 127: يستثني من الحكم المتقدم يوم الجمعة]

(مسألة 127): يستثني من الحكم المتقدم يوم الجمعة فان من كان بانيا فيه علي قراءة سورة الجمعة في الركعة الاولي و سورة المنافقون في الثانية من صلاة الجمعة أو الظهر فغفل و شرع في سورة اخري فانه يجوز له العدول الي السورتين و ان كان من سورة التوحيد أو الجحد أو بعد تجاوز الثلثين من أي سورة كانت (1).

______________________________

اللهم الا أن يمنع الاطلاق و عهدته علي مدعيه.

(1) لجملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في الرجل يريد أن يقرأ سورة الجمعة في الجمعة فيقرأ قل هو اللّه أحد قال: يرجع الي سورة الجمعة «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذ افتتحت صلاتك بقل هو اللّه أحد و أنت تريد أن تقرأ بغيرها فامض فيها و لا ترجع الا أن تكون في يوم الجمعة فانك ترجع الي الجمعة و المنافقين منها «2».

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أراد أن يقرأ في سورة فأخذ في اخري قال: فليرجع الي السورة الاولي الا أن يقرأ بقل هو

اللّه أحد قلت: رجل صلي الجمعة فأراد أن يقرأ سورة الجمعة فقرأ قل هو اللّه أحد قال: يعود الي سورة الجمعة «3».

لكن النصوص مختصة بالتوحيد و أما خبر علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن القراءة في الجمعة بما يقرأ قال: سورة الجمعة

______________________________

(1) الوسائل الباب 69 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 488

و الاحوط وجوبا عدم العدول عن الجمعة و المنافقون يوم الجمعة حتي الي السورتين (1) الا مع الضرورة فيعدل الي احداهما دون غيرهما علي الاحوط (2).

[مسألة 128: يتخير المصلي في ثالثة المغرب و أخيرتي الرباعيات بين الفاتحة و التسبيح]

(مسألة 128): يتخير المصلي في ثالثة المغرب و اخيرتي الرباعيات بين الفاتحة و التسبيح (3).

______________________________

و اذا جاءك المنافقون و ان أخذت في غيرها و ان كان قل هو اللّه أحد فاقطعها من أولها و ارجع اليها «1» فضعيف بعبد اللّه بن الحسن فلا مجال لملاحظة المعارضة بينه و بين غيره الا أن يقال: اذا ثبت الحكم بالنسبة الي التوحيد يثبت في غيره بالاولوية فلاحظ.

(1) دل علي عدم الجواز خبر دعائم الإسلام: و كذلك سورة الجمعة أو سورة المنافقين لا يقطعهما الي غيرهما «2».

و هذا الخبر لضعفه لا يعتد به مضافا الي أن مقتضاه الاطلاق و لا يختص بيوم الجمعة و ملاكات الاحكام ليست بايدينا فلا مجال لان يقال: بأن أهمية السورتين تقتضي جواز العدول اليهما.

(2) بتقريب: ان العدول اليهما بلا اشكال و أما غيرهما فلا فتأمل.

(3) نقل عليه عدم الخلاف بل عن جملة من الأعاظم الاتفاق عليه في الجملة و قد دلت عليه جملة من النصوص منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه

السلام عن الركعتين الاخيرتين من الظهر قال: تسبح و تحمد اللّه و تستغفر

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) مستدرك الوسائل الباب 51 من أبواب القراءة في الصلاة

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 489

______________________________

لذنبك و ان شئت فاتحة الكتاب فانها تحميد و دعاء «1».

و منها: ما رواه معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القراءة خلف الامام في الركعتين الاخيرتين فقال: الامام يقرأ بفاتحة الكتاب و من خلفه يسبح فاذا كنت وحدك فاقرأ فيهما و ان شئت فسبح «2» و منهما: ما رواه علي بن حنظلة «3».

و منها: ما رواه جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عما يقرأ الامام في الركعتين في آخر الصلاة فقال: بفاتحة الكتاب و لا يقرأ الذين خلفه و يقرأ الرجل فيهما اذا صلي وحده بفاتحة الكتاب «4».

و منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما يجزي من القول في الركعتين الاخيرتين؟ قال: أن تقول: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه أكبر و تكبر و تركع «5».

و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أدني ما يجزي من القول في الركعتين الاخيرتين ثلاث تسبيحات أن تقول: سبحان اللّه سبحان اللّه سبحان اللّه «6».

و في المقام رواية مذكورة في الاحتجاج تدل علي عدم جواز التسبيح في الاخيرتين و هي ما رواه محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن صاحب الزمان

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 463

(4) الوسائل الباب 42 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

(6) نفس

المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 490

______________________________

عليه السلام أنه كتب اليه يسأله عن الركعتين الاخيرتين قد كثرت فيهما الروايات فبعض يري أن قراءة الحمد وحدها أفضل و بعض يري أن التسبيح فيهما أفضل فالفضل لا يهما لنستعمله؟ فأجاب عليه السلام قد نسخت قراءة أمّ الكتاب في هاتين الركعتين التسبيح و الذي نسخ التسبيح قول العالم عليه السلام: كل صلاة لا قراءة فيها فهي خداج الا للعليل أو من يكثر عليه السهو فيتخوف بطلان الصلاة عليه «1».

و هذه الرواية لا اعتبار بها حيث انها مرسلة مضافا الي أنه لا يمكن الالتزام بمفادها فانه لا اشكال في جواز التسبيح في الركعتين الاخيرتين.

و في المقام روايات تدل علي عدم جواز القراءة منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: لا تقرأن في الركعتين الاخيرتين من الاربع الركعات المفروضات شيئا اماما كنت أو غير امام قال: قلت: فما اقول فيهما؟ قال: اذا كنت اماما أو وحدك فقل: سبحان اللّه و الحمد اللّه و لا إله الا اللّه ثلاث مرات تكمله تسع تسبيحات ثم تكبر و تركع «2».

و منها: ما رواه حريز «3» و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان الذي فرض اللّه علي العباد من الصلاة عشر ركعات و فيهن القراءة و ليس فيهن و هم يعني سهوا فزاد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله سبعا و فيهن الوهم و ليس فيهن قراءة «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 14

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 491

______________________________

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه

السلام قال: عشر ركعات ركعتان من الظهر و ركعتان من العصر و ركعتا الصبح و ركعتا المغرب و ركعتا العشاء الآخرة لا يجوز فيهن الوهم الي أن قال: و هي الصلاة التي فرضها اللّه و فوض الي محمد صلي اللّه عليه و آله فزاد النبي صلي اللّه عليه و آله في الصلاة سبع ركعات هي سنة ليس فيهن قراءة انما هو تسبيح و تهليل و تكبير و دعاء فالوهم انما هو فيهن «1».

و منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قمت في الركعتين الاخيرتين لا تقرأ فيهما فقل: الحمد للّه و سبحان اللّه و اللّه أكبر «2».

لكن لا يمكن الالتزام بمفادها مع تسلم الجوازيين الاعلام و اشتهاره بهذه المرتبة فما عن الصدوقين و ابن أبي عقيل من تعين التسبيح ليس علي ما ينبغي.

و ان أبيت و قلت: بأن الروايات الدالة علي عدم جواز القراءة معتبرة سندا و الاجماعات المدعاة في المقام مدركية و لا تكون سيرة جارية قائمة علي الجواز فلا بد من العلاج.

قلت: علي هذا يقع التعارض بين هذه الروايات و بين الروايات الدالة علي التخيير و هي ما رواه عبيد بن زرارة «3» و ما رواه معاوية بن عمار «4» و ما رواه علي بن حنظلة «5».

و ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان كنت خلف الامام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) لاحظ ص: 488

(4) لاحظ ص: 489

(5) لاحظ ص: 463

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 492

______________________________

في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتي يفرغ و كان الرجل مأمونا علي القرآن فلا تقرأ خلقه في الاولتين و قال:

يجزيك التسبيح في الاخيرتين قلت: اي شي ء تقول أنت؟ قال: اقرأ فاتحة الكتاب «1».

و حيث لا ترجيح لأحد الجانبين علي الاخر حيث ان أقوال العامة مختلفة علي ما في الفقه علي المذاهب الخمسة لمغنية يتساقطان و بعد التساقط نقول: يكفي التسبيح و يجزي للسيرة القطعية.

و لقائل أن يقول: يمكن اثبات التخيير بين القراءة و التسبيح بتقريب آخر و هو ان الجامع بين الامرين وجوبه معلوم و نشك في وجوب كل منهما بخصوصه فننفيه بالاصل و النتيجة جواز الاتيان بأي واحد منهما فافهم.

و يمكن ان يقال: ان الاحدثية من المرجحات فالترجيح فيما روي عن الصادق عليه السلام فنقول: يستفاد من حديث معاوية ابن عمار «2» انه يجب علي الامام القراءة و علي المأموم الذكر و غيرهما مخير بين الامرين و يستفاد من حديث الحلبي «3» تعين الذكر و يستفاد من حديث منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت اماما فاقرأ في الركعتين الاخيرتين بفاتحة الكتاب و ان كنت وحدك فيسعك فعلت أو لم تفعل «4» وجوب القراءة علي الامام و التخيير لغير الامام كما يستفاد التخيير بالنسبة الي المأموم في الصلوات الاخفائية من حديث ابن سنان «5» فالنتيجة وجوب القراءة علي الامام و التخيير لغيره.

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 12

(2) لاحظ ص: 489

(3) لاحظ ص: 491

(4) الوسائل الباب 51 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 11

(5) لاحظ ص: 491

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 493

و صورته: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه أكبر (1) هذا في غير المأموم في الصلوات الجهرية (2).

______________________________

بتقريب: ان الدليل الدال علي التخيير بالنسبة الي غير الامام

و المأموم لا معارض له كما أن الدليل الدال علي وجوب القراءة علي الامام لا معارض له و الدليل الدال علي وجوب الذكر علي المأموم يعارضه ما يدل علي كون التسبيح مجزيا و لا يكون متعينا.

الا أن يقال: لا بد من التفصيل بين الصلوات الجهرية و الاخفائية بالالتزام بالتخيير في الاولي و تعين الذكر في الثانية و اللّه العالم.

(1) لا شبهة أن السيرة أقوي شاهد علي كفاية ما ذكر مادة و هيئة مضافا الي دلالة بعض النصوص علي المدعي لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما يجزي من القول في الركعتين الاخيرتين؟ قال: أن تقول: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه أكبر و تكبر و تركع «1» لكنه يعارضه حد بثه الاخر «2».

(2) يمكن أن يكون ناظرا الي حديث معاوية بن عمار «3» و لكن ما أفاده لا يستفاد من هذا الحديث بل يدل علي أن المأموم يجب عليه التسبيح في الاخيرتين علي الاطلاق و أما حديث ابن سنان «4» فالمستفاد منه ان المأموم في الصلاة الجهرية مخير.

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 490

(3) لاحظ ص: 489

(4) لاحظ ص: 491

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 494

و أما فيه فالاحوط لزوما اختيار التسبيح (1) و تجب المحافظة علي العربية (2) و يجزي ذلك مرة واحدة (3) و الاحوط استحبابا التكرار

______________________________

(1) بتقريب: ان المستفاد من حديث معاوية بن عمار «1» وجوب الذكر علي المأموم و يقيد الاطلاق بحديث ابن سنان «2».

(2) كما هو ظاهر مضافا الي أنه المستفاد من حديث زرارة «3» و غيره.

(3) تارة نقول: بأن الروايات متعارضة علي خلاف

المشهور و اخري نبحث علي طبق مذاق المشهور من عدم التنافي بين روايات الباب أما علي الاول فلا بد من الالتزام بأنه لا يستفاد من الروايات شي ء اذ بعد التعارض و التساقط لا يبقي ما يؤخذ به.

و بتقريب: آخر ان الروايات الدالة علي جواز التسبيح بنحو التخيير بينه و بين القراءة يعارضها ما يدل علي عدم جواز القراءة كما مر لكن مقتضي البراءة عدم وجوب الاكثر من المرة.

و أما علي الثاني فالروايات أيضا متعارضة بالنسبة الي نفس التسبيح مادة و هيئة و عددا و بعد التساقط لأجل التعارض نقول: انه لا شبهة في الاتيان بهذا النحو المتعارف للسيرة و نكتفي بالمرة للبراءة عن وجوب الزائد عليها هذا ما يختلج ببالي القاصر نعم ربما يقال: بأنه لا تعارض بين الادلة بأن يرفع اليد عن ظهور كل واحد منها في التعيين بالنص الاخر في الاجزاء و أمثال هذا التقريب و اللّه العالم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 489

(2) لاحظ ص: 491

(3) لاحظ ص: 493

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 495

ثلاثا (1) و الافضل اضافة الاستغفار اليه (2) و يجب الاخفات في الذكر و في القراءة بدله حتي البسملة علي الاحوط وجوبا (3).

[مسألة 129: لا تجب مساواة الركعتين الأخيرتين في القراءة و الذكر]

(مسألة 129): لا تجب مساواة الركعتين الاخيرتين في القراءة و الذكر بل له القراءة في احداهما و الذكر في الاخري (4).

[مسألة 130: إذا قصد أحدهما فسبق لسانه إلي الآخر]

(مسألة 130): اذا قصد أحدهما فسبق لسانه الي الاخر فالظاهر عدم الاجتزاء به و عليه الاستيناف له أو لبديله (5) و اذا كان غافلا و أتي به بقصد الصلاة اجتزأ به و ان كان خلاف عادته أو كان عازما في أول الصلاة علي غيره (6) و اذا اقرأ الحمد بتخيل انه في الاولتين فذكر أنه في الاخيرتين اجتزأ (7) و كذا اذا قرأ سورة التوحيد مثلا بتخيل انه

______________________________

(1) و الوجه فيه ان العدد المذكور قد عين في ما رواه حريز «1».

(2) لما ورد في حديث عبيد بن زرارة «2» لكن الرواية من أطراف المعارضة و مقتضي الاحتياط الاتيان به رجاء.

(3) و قد تقدم الكلام من هذه الجهه في مسألة 120 فراجع.

(4) و هذا مقتضي اطلاق الادلة.

(5) فانه سبق للسان فلا يعتد به.

(6) اذ لا قصور فيه و لا يلزم القصد السابق.

(7) اذ المفروض ان المكلف قصد الامر الفعلي غاية الامر أخطأ في التطبيق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من أبواب: القراءة في الصلاة الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 488

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 496

في الركعة الاولي فذكر أنه في الثانية (1).

[مسألة 131: إذا نسي القراءة و الذكر و تذكر بعد الوصول إلي حد الركوع صحت الصلاة]

(مسألة 131): اذا نسي القراءة و الذكر و تذكر بعد الوصول الي حد الركوع صحت الصلاة (2) و اذا تذكر قبل ذلك و لو بعد الهوي رجع و تدارك (3).

______________________________

(1) الكلام فيه هو الكلام و صفوة القول ان المكلف أتي بما هو مصداق للمأمور به فلا وجه لعدم الاجزاء.

(2) لعدم امكان التدارك فانه فرض انه دخل في الركوع.

(3) فان المحل باق فلا بد من الاتيان بالوظيفة بلا اشكال و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

رجل نسي أم القرآن قال: ان كان لم يركع فليعد أم القرآن «1».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فينسي فاتحة الكتاب قال: فليقل أستعيذ باللّه من الشيطان الرجيم ان اللّه هو السميع العليم ثم ليقرأها ما دام لم يركع فانه لا صلاة له حتي يقرأ بها في جهر أو اخفات فانه اذا ركع أجزأه ان شاء اللّه «2».

و منها: ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يفتتح سورة فيقرأ بعضها ثم يخطي و يأخذ في غيرها حتي يختمها ثم يعلم أنه قد أخطأ هل له أن يرجع في الذي افتتح و ان كان قد ركع و سجد؟ قال: ان كان لم يركع فليرجع ان أحب و ان ركع فليمض «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 497

و اذا شك في قراءتها بعد الركوع مضي (1) و اذا شك قبل ذلك تدارك (2) و ان كان الشك بعد الاستغفار (3) بل بعد الهوي أيضا (4).

[مسألة 132: الذكر للمأموم افضل في الصلوات اخفاتية من القراءة]

(مسألة 132): الذكر للمأموم افضل في الصلوات اخفاتية من القراءة (5).

______________________________

و حديث علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر قال: سألته عن رجل افتتح الصلاة فقرأ سورة قبل فاتحة الكتاب ثم ذكر بعد ما فرغ من السورة قال: يمضي في صلاته و يقرأ فاتحة الكتاب فيما يستقبل «1» يدل علي خلاف تلك الروايات لكن سنده مخدوش بعبد اللّه بن الحسن.

(1) لفوات المحل كما مر مضافا الي قاعدة التجاوز.

(2) لبقاء محل التدارك و عدم جريان القاعدة.

(3) لبقاء المحل

الا أن يقال: ان الدخول في الجزء المستحبي يكفي في جريان القاعدة و التفصيل موكول الي محله.

(4) اذ الهوي ليس من واجبات الصلاة و الماتن يري أن جريان قاعدة التجاوز مشروط بالدخول في الغير المترتب شرعا.

(5) نقل انه مختار جملة من الاساطين و قد دلت جملة من النصوص عليه منها:

ما رواه رجاء بن أبي الضحاك أنه صحب الرضا عليه السلام من المدينة الي مرو فكان يسبح في الاخراوين يقول: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه أكبر ثلاث مرات «2» و هذه الرواية ضعيفة برجاء.

و منها: ما رواه محمد بن عمران في حديث أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 42 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 498

______________________________

فقال لأي علة صار التسبيح في الركعتين الاخيرتين أفضل من القراءة؟ قال: انما صار التسبيح أفضل من القراءة في الاخيرتين لان النّبيّ صلي اللّه عليه و آله لما كان في الاخيرتين ذكر ما رأي من عظمة اللّه عز و جل فدهش فقال: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه أكبر فلذلك صار التسبيح أفضل من القراءة «1» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن عمران.

و منها: ما رواه محمد بن حمزة «2» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن حمزة و غيره.

و منها: ما رواه زرارة «3» و هذه الرواية تدل علي تعين التسبيح بالنسبة الي الامام و المنفرد.

و منها: ما رواه زرارة «4» و هذه الرواية تدل علي تعين التسبيح بالنسبة الي المأموم.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان امير المؤمنين

عليه السلام اذا صلي يقرأ في الركعتين الاولتين من صلاته الظهر سرا و يسبح في الاخيرتين من صلاته الظهر علي نحو من صلاة العشاء و كان يقرأ في الاولتين من صلاته العصر سرا و يسبح في الاخيرتين علي نحو من صلاته العشاء «5».

و هذه الرواية تدل علي كون التسبيح أفضل و مقتضي اطلاق الرواية أنه

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 3

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 498

(2) عين المصدر

(3) لاحظ ص: 490

(4) لاحظ ص: 433

(5) الوسائل الباب 51 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 499

______________________________

عليه السلام كان يرجح التسبيح اماما كان أو منفردا لكن الرواية ضعيفة بالعبيدي.

و منها ما رواه معاوية بن عمار «1» و هذه الرواية تدل علي رجحان التسبيح بالنسبة الي المأموم.

و في قبال هذه الروايات جملة اخري من النصوص منها ما رواه الحميري «2» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها: ما رواه محمد بن حكيم قال: سألت أبا الحسن عليه السلام ايما أفضل القراءة في الركعتين الاخيرتين أو التسبيح؟ فقال: القراءة أفضل «3» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن حسن بن علان.

و منها: ما رواه علي بن حنظلة «4» و هذه الرواية تدل علي التسوية بينهما علي نحو الاطلاق و الرواية ضعيفة.

و منها: ما رواه ابن سنان «5» و هذه الرواية تدل علي رجحان القراءة بالنسبة الي المأموم.

و منها ما رواه منصور بن حازم «6» و هذه الرواية تدل علي رجحان القراءة بالنسبة الي الامام اذا عرفت ما ذكرنا فاعلم انه قد تقدم ان النصوص

متعارضة و قد رجحنا طائفة منها بالاحدثية و الظاهر انه لا دليل علي الافضلية الا أن يثبت اجماع تعبدي كاشف.

______________________________

(1) لاحظ ص: 489

(2) لاحظ ص: 989

(3) الوسائل الباب 51 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 10

(4) لاحظ ص: 463

(5) لاحظ ص: 491

(6) لاحظ ص: 492

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 500

و في أفضليته للإمام و المنفرد اشكال (1) و تقدم أن الاحوط لزوما اختيار الذكر للمأموم في الصلوات الجهرية (2).

[مسألة 133: تستحب الاستعاذة قبل الشروع في القراءة في الركعة الاولي]

(مسألة 133): تستحب الاستعاذة قبل الشروع في القراءة في الركعة الاولي (3) بأن يقول: أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم (4) و الاولي الاخفات بها (5) و الجهر بالبسملة في أولتي الظهرين (6) و الترتيل في القراءة (7).

______________________________

(1) يمكن أن يكون الوجه في الاشكال عدم الدليل.

(2) و تقدم وجهه فراجع.

(3) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام و ذكر دعاء التوجه بعد تكبيرة الاحرام ثم قال: ثم تعوذ من الشيطان الرجيم ثم اقرأ فاتحة الكتاب «1».

(4) قال: في الحدائق: «الثاني المشهور في كيفيتها أنها اعوذ باللّه من الشيطان الرجيم» «2».

(5) قال في الحدائق: الثالث: المشهور بين الاصحاب بل نقل عن الشيخ في الخلاف دعوي الاجماع عليه هو استحباب الاخفات بالاستعاذة «3».

(6) راجع مسألة 120

(7) قال: في الحدائق: و منها ترتيل القراءة و قد أجمع العلماء كافة علي استحبابه في القراءة في الصلاة و غيرها لقوله عز و جل و رتل القرآن ترتيلا «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 57 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) الحدائق ج 8 ص: 162

(3) الحدائق ج 8 ص: 164

(4) الحدائق ج 8 ص: 172

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 501

و تحسين الصوت بلا غناء (1) و الوقف علي فواصل الآيات (2)

و السكتة بين الحمد و السورة و بين السورة و تكبير الركوع أو القنوت (3) و أن يقول بعد قراءة التوحيد كذلك اللّه ربي أو ربنا (4).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اقرءوا القرآن بألحان العرب و أصواتها و اياكم و لحون أهل الفسق و أهل الكبائر فانه سيجي ء من بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيح الغناء و النوح و الرهبانية لا يجوز تراقيهم قلوبهم مقلوبة و قلوب من يعجبه شأنهم «1».

(2) لاحظ ما عن أم السلمة انها قالت: كان النبي صلي اللّه عليه و آله يقطع قراءته آية آية «2».

(3) لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليه السلام ان رجلين من أصحاب رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اختلفا في صلاة رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فكتبا الي أبي بن كعب: كم كانت لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله من سكتة قال: كانت له سكتتان: اذا فرغ من أمّ الكتاب (القرآن) و اذا فرغ من السورة «3».

(4) لاحظ ما رواه عبد العزيز بن المهتدي قال: سألت الرضا عليه السلام عن التوحيد فقال: كل من قرأ قل هو اللّه أحد و آمن بها فقد عرف التوحيد قلت: كيف يقرأها؟ قال: كما يقرأ الناس و زاد فيها: كذلك اللّه ربي كذلك اللّه ربي «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 21 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 46 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني

منهاج الصالحين، ج 4، ص: 502

و أن يقول بعد الفراغ من الفاتحة الحمد للّه رب العالمين (1) و المأموم يقولها بعد فراغ الامام (2) و قراءة بعض السور في بعض الصلوات كقراءة: عم و هل أتي و هل أتاك و لا اقسم في صلاة الصبح (3) و سورة

______________________________

و ما رواه رجاء بن أبي ضحاك عن الرضا عليه السلام في حديث أنه كان اذا قرأ قل هو اللّه أحد قال سرا: هو اللّه احد فاذا فرغ منها قال: كذلك اللّه ربنا ثلاثا «1».

(1) لاحظ ما رواه فضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قرأت الفاتحة و قد فرغت من قراءتها و أنت في الصلاة فقل: الحمد للّه رب العالمين «2».

(2) لاحظ ما رواه جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت خلف امام فقرأ الحمد و فرغ من قراءتها فقل أنت: الحمد للّه رب العالمين و لا تقل آمين «3».

(3) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم في حديث قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أي السور تقرأ في الصلاة؟ قال: أما الظهر و العشاء الآخرة تقرأ فيهما سواء و العصر و المغرب سواء و أما الغداة فأطول و أما الظهر و العشاء الآخرة فسبح اسم ربك الاعلي و الشمس و ضحاها و نحوها و أما العصر و المغرب فاذا جاء نصر اللّه و ألهاكم التكاثر و نحوها و أما الغداة فعم يتسائلون و هل أتاك حديث الغاشية و لا اقسم بيوم القيامة و هل أتي علي الانسان حين من الدهر «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) الوسائل

الباب 48 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 503

الاعلي و الشمس و نحوهما في الظهر و العشاء (1) و سورة النصر و التكاثر في العصر و المغرب (2) و سورة الجمعة في الركعة الاولي و سورة الاعلي في الثانية من العشاءين ليلة الجمعة (3) و سورة الجمعة في الاولي و التوحيد في الثانية من صبحها (4) و سورة الجمعة في الاولي و المنافقون

______________________________

(1) لاحظ ما رواه ابن مسلم.

(2) لاحظ ما رواه ابن مسلم.

(3) لاحظ ما رواه محمد بن علي بن الحسين قال: أفضل ما يقرأ في الصلوات في اليوم و الليلة في الركعة الاولي الحمد و انا أنزلناه و في الثانية الحمد و قل هو اللّه أحد الا في صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة فان الافضل أن يقرأ في الاولي منهما الحمد و سورة الجمعة و في الثانية الحمد و سبح اسم و في صلاة الغداة و الظهر و العصر يوم الجمعة في الاولي الحمد و سورة الجمعة و في الثانية الحمد و سورة المنافقين الي أن قال: و في صلاة الغداة يوم الاثنين و يوم الخميس في الركعة الاولي الحمد و هل أتي علي الانسان و في الثانية الحمد و هل أتاك حديث الغاشية فان من قرأهما في صلاة الغداة يوم الاثنين و يوم الخميس وقاه اللّه شر اليومين قال: و حكي من صحب الرضا عليه السلام الي خراسان لما اشخص اليها أنه كان يقرأ في صلاته بالسور التي ذكرناها «1» و ما رواه أبو بصير الآتي بعيد هذا.

(4) لاحظ ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام اقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة و سبح اسم

ربك الاعلي و في الفجر سورة الجمعة و قل هو اللّه أحد و في الجمعة سورة الجمعة و المنافقين «2».

______________________________

(1) المصدر السابق الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 49 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 504

في الثانية من ظهريها (1) و سورة هل أتي في الاولي و هل أتاك في الثانية في صبح الخميس و الاثنين (2) و يستحب في كل صلاة قراءة القدر في الاولي و التوحيد في الثانية (3) و اذا عدل عن غيرهما اليهما لما فيهما من فضل اعطي أجر السورة التي عدل عنها مضافا الي أجرهما (4).

[مسألة 134: يكره ترك سورة التوحيد في جميع الفرائض الخمس]

(مسألة 134): يكره ترك سورة التوحيد في جميع الفرائض الخمس (5).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الصدوق.

(2) لاحظ ما رواه الصدوق.

(3) لاحظ ما رواه أبو علي بن راشد قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام:

جعلت فداك انك كتبت الي محمد بن الفرج تعلمه أن أفضل ما يقرأ في الفرائض انا أنزلناه و قل هو اللّه أحد و ان صدري ليضيق بقراءتهما في الفجر فقال عليه السلام لا يضيقن صدرك بهما فان الفضل و اللّه فيهما «1» و ما رواه الصدوق «2».

(4) لاحظ ما رواه في الاحتجاج قال عليه السلام فيه: الثواب في السور علي ما قد روي و اذا ترك سورة مما فيهما الثواب و قرأ قل هو اللّه أحد و انا أنزلناه لفظهما اعطي ثواب ما قرأ و ثواب السورة التي ترك «3».

(5) لاحظ ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من مضي به يوم واحد فصلي فيه بخمس صلوات و لم يقرأ فيها بقل هو اللّه أحد قيل له:

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب القراءة في الصلاة

الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 505

و قراءتها بنفس واحد (1) و قراءة سورة واحدة في كلتا الركعتين الاوليتين (2) الا سورة التوحيد فانه لا بأس بقراءتها في كل من الركعة الاولي و الثانية (3).

[مسألة 135: يجوز تكرار الآية و البكاء]

(مسألة 135): يجوز تكرار الاية و البكاء (4) و تجوز قراءة

______________________________

يا عبد اللّه لست من المصلين «1».

(1) لاحظ ما رواه محمد بن يحيي باسناد له عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

يكره أن يقرأ قل هو اللّه احد في نفس واحد «2».

(2) لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يقرأ سورة واحدة في الركعتين من الفريضة و هو يحسن غيرها فان فعل فما عليه؟ قال: اذا أحسن غيرها فلا يفعل و ان لم يحسن غيرها فلا بأس «3».

(3) لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: اصلي بقل هو اللّه أحد؟ فقال: نعم قد صلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في كلتي الركعتين بقل هو اللّه أحد لم يصل قبلها و لا بعدها بقل هو اللّه أحد أتم منها «4».

و ما رواه صفوان الجمال قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: صلاة الاوابين الخمسون كلها بقل هو اللّه أحد «5».

(4) لاحظ ما رواه الزهري قال: كان علي بن الحسين عليه السلام اذ اقرأ

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 19 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 6 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 7 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج

الصالحين، ج 4، ص: 506

المعوذتين في الصلاة و هما من القرآن (1) و يجوز إنشاء الخطاب بمثل اياك نعبد و اياك نستعين مع قصد القرآنية و كذا إنشاء الحمد بقوله الحمد للّه رب العالمين و إنشاء المدح بمثل الرحمن الرحيم (2).

______________________________

ملك يوم الدين يكررها حتي يكاد أن يموت «1».

و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن الرجل يصلي له أن يقرأ في الفريضة فتمر الاية فيها التخريف فيبكي و يردد الآية؟ قال: يردد القرآن ما شاء و ان جاء البكاء فلا بأس «2».

(1) لاحظ ما رواه صفوان الجمال قال: صلي بنا أبو عبد اللّه عليه السلام المغرب فقرأ بالمعوذتين في الركعتين «3».

و ما رواه صابر مولي بسام قال: أمنا أبو عبد اللّه عليه السلام في صلاة المغرب فقرأ المعوذتين ثم قال: هما من القرآن «4».

و ما رواه منصور بن حازم قال: أمرني أبو عبد اللّه عليه السلام أن أقرأ المعوذتين في المكتوبة «5» و غيرها من الروايات الواردة في الباب 47 من أبواب القراءة في الصلاة من الوسائل.

(2) الظاهر أنه لا تنافي بين الامرين كما أفاده في المتن اذ ما ذكر في المقام من أن الجمع بين الامرين يستلزم استعمال اللفظ في المتعدد من المعني و هو محال،

______________________________

(1) الوسائل الباب 68 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 47 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 507

[مسألة 136: إذا أراد أن يتقدم أو يتأخر في أثناء القراءة يسكت و بعد الطمأنينة يرجع إلي القراءة]

(مسألة 136): اذا أراد أن يتقدم أو يتأخر في أثناء القراءة يسكت و بعد الطمأنينة يرجع الي القراءة (1) و لا يضر تحريك اليد أو أصابع الرجلين حال

القراءة (2).

[مسألة 137: إذا تحرك في حال القراءة قهرا لريح أو غيرها بحيث فات الطمأنينة]

(مسألة 137): اذا تحرك في حال القراءة قهرا لريح أو غيرها بحيث فات الطمأنينة فالاحوط استحبابا اعادة ما قرأ في تلك الحال (3).

______________________________

مردود أولا: بأنه لا يستلزم تعدد الاستعمال بل اللفظ استعمل في معناه.

و بعبارة اخري يقرأ القرآن و يحكيه و مع ذلك يقصد الانشاء أو الاخبار و بعبارة ثالثة كلما نفتش أنفسنا لا نجد تنافيا بين قصد القرآنية بلفظ «الحمد للّه رب العالمين» و قصد إنشاء الحمد بل بين الامرين كمال الملائمة- مثلا- لو فرض ان شخصا كتب كتابا الي ابنه أو صديقه و المكتوب اليه يقرأ الكتاب و في نفس الوقت يرد عليه وارد فيجمع بين القراءة و اداء التحيات فيقرأ الكتاب و المكتوب فيه سلام عليكم نسأل اللّه صحتكم.

هذا أولا و ثانيا: قد أثبتنا في مباحث الالفاظ بأن استعمال اللفظ في المتعدد ليس محالا بل أمر خلاف الظاهر و بين الامرين بون بعيد.

(1) تقدم الكلام في اشتراط الاستقرار و النقاش في دليله في مسألة 86 من فصل تكبيرة الاحرام.

(2) لقصور دليل المنع علي فرض تحققه مضافا الي أن السيرة علي ارتكابه من المتشرعة بلا نكير من أحد.

(3) لا يبعد أن يقال: بأن الدليل منحصر في الاجماع و القدر المعلوم منه ما يكون اختياريا فالحركة القهرية لا توجب البطلان و لعله لهذه الجهة بني الماتن المسألة علي الاحتياط الاستحبابي و لا اشكال في حسن الاحتياط.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 508

[مسألة 138: يجب الجهر في جميع الكلمات و الحروف في القراءة الجهرية]

(مسألة 138): يجب الجهر في جميع الكلمات و الحروف في القراءة الجهرية (1).

[مسألة 139: تجب الموالاة بين حروف الكلمة بالمقدار الذي يتوقف عليه صدق الكلمة]

(مسألة 139): تجب الموالاة بين حروف الكلمة بالمقدار الذي يتوقف عليه صدق الكلمة (2).

______________________________

(1) و الوجه فيه انه لو وجب الجهر يجب تحفظه في جميع أجزاء القراءة و لا يعتد بالتسامح العرفي في الاطلاق.

(2) ربما يتمسك بوجوب التأسي بتقريب: ان النبي صلي اللّه عليه و آله كان يوالي بين اجزاء القراءة و التأسي به واجب لعموم وجوبه و خصوص التأسي في الصلاة.

و فيه: أن مدرك وجوب التأسي في الصلاة ضعيف كما مرو دليل وجوب عموم التأسي لا تعرض فيه لمثل هذه الامور.

و ربما يستدل علي المدعي بأن العبادة توقيفية فلا بد من رعاية ما يحتمل لزومه و فيه: انه ما المراد من التوقيفية فانه لو كان المراد منها رعاية جميع المحتملات فغير صحيح اذ لا شبهة في جريان البراءة في أجزاء العبادة و شرائطها عند الشك فيها و ان كان المراد منها انه لا يمكن التصرف في العبادة من حيث الزيادة و النقيصة و الكيفية فهذا حق لكن لا يقتضي رعاية الموالاة لو فرض الشك في لزومها.

و ربما يتمسك بانصراف القراءة الي صورة الموالاة. و فيه انه مع صدق القراءة و لو مع عدم الموالاة لا وجه لرعايتها.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان الوجه في اشتراط الموالاة ان الظاهر من الامر بقراءة سورة كالحمد و السورة و غيرهما مثل الامر المتعلق بقراءة قصيدة من القصائد قراءتها مع الموالاة فانه لو لم يراع الموالاة بين أجزاء الجملة بان انفصل بين

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 509

فاذا فاتت الموالاة سهوا بطلت الكلمة (1) و اذا كان عمدا بطلت الصلاة (2) و كذا الموالاة بين الجار

و المجرور و حرف التعريف

______________________________

المبتدأ و الخبر سكوت طويل أو انفصل بينهما بكلام اجنبي يكون خارجا عن الكلام العربي و يكون غلطا فعدم رعاية الموالاة بهذا المقدار يوجب كون الكلام غلطا و لو لم يكن مخلا بالمعني و الظاهر من الامر ان المولي أراد ما هو الصحيح من القراءة لا كيف ما كانت.

و ان شئت قلت: ان القصيده الكذائية لا تصدق علي ما لم تراع فيها الحركات و السكنات و لزوم تبديل الحروف فيها بغيرها و فصل مفرداتها فهذا المقدار مما لا شبهة في لزوم مراعاته.

و أما الموالاة بين الجملات المستقلة و عدم الفصل بين آية قل هو اللّه أحد و بين اللّه الصمد بكلام أجنبي أو بفصل طويل فمن باب ظهور الامر المتوجه بالقراءة بكونها قراءة واحدة فلو أمر المولي عبده بقراءة قصيدة من قصائد امرؤ القيس فيقرأ العبد نصف بيت في الصبح و نصفه الاخر بعد ساعة و هكذا بأن يتم القصيدة في يومين مثلا لم يعد مثل هذا العبد ممتثلا و عليه ما أفاده في المستمسك من أنه لا دليل علي اعتبار الموالاة بهذا المعني، ليس علي ما ينبغي.

و ملخص الكلام ان الفهم العرفي محكم في ادراك المفاهيم و الظاهر ان العرف يشهد بما ذكرنا و هو ببابك و علي فرض الشك في الصدق لا بد من الاحتياط لعدم احراز المأمور به و مقتضي قاعدة الاشتغال علي المعروف و الاستصحاب علي المسلك المنصور وجوب الرعاية كي يحرز تحقق المأمور به.

(1) كما هو ظاهر.

(2) للزيادة المبطلة لها.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 510

و مدخوله و نحو ذلك مما يعد جزء الكلمة (1) و الاحوط الموالاة بين المضاف و المضاف اليه و المبتدأ و خبره

و الفعل و فاعله و الشرط و جزائه و الموصوف و صفته و المجرور و متعلقه و نحو ذلك مما له هيئة خاصة علي نحو لا يجوز الفصل فيه بالاجنبي فاذا فات سهوا أعاد القراءة (2) و اذا فاتت عمدا فالاحوط وجوبا الاتمام و الاستيناف (3).

[مسألة 140: إذا شك في حركة كلمة أو مخرج حروفها لا يجوز أن يقرأ بالوجهين]

(مسألة 140): اذا شك في حركة كلمة أو مخرج حروفها لا يجوز أن يقرأ بالوجهين فيما اذا لم يصدق علي الاخر انه ذكر و لو غلطا (4) و لكن لو اختار أحد الوجهين جازت القراءة عليه فاذا انكشف انه مطابق للواقع لم يعد الصلاة و الا أعادها (5).

[الفصل الخامس: في الركوع]
اشارة

الفصل الخامس:

في الركوع و هو واجب في كل ركعة مرة فريضة كانت أو

______________________________

(1) قد ظهر وجه ما أفاده مما ذكرناه.

(2) لعدم فوات المحل فيجب التدارك و المفروض عدم تحقق المأمور به.

(3) الظاهر ان الوجه في ابتناء الحكم علي الاحتياط عدم الجزم بالاشتراط و قد ظهر مما ذكرنا انه تجب المراعاة حتي مع الشك فلاحظ.

(4) اذ مع عدم صدق الذكر و لو غلطا تفسد الصلاة بالكلام الادمي و اما مع صدق الذكر و لو غلطا لا يشمله دليل الابطال.

(5) هذا واضح اذ مع فرض الاتيان و قصد القربة و انكشاف كونه صحيحا تصح الصلاة بلا اشكال كما أنه مع انكشاف كونه غلطا تفسد لعدم دليل علي الصحة.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 511

نافلة (1) عدا صلاة الآيات كما سيأتي (2) كما أنه ركن تبطل الصلاة بزيادته و نقيصته عمدا و سهوا (3).

______________________________

(1) وجوب الركوع في كل ركعة من الواضحات و عن غير واحد انه من ضروريات الدين و لا تصدق الركعة الا به و ملخص الكلام انه لا اشكال و لا كلام في وجوب الركوع من حيث النص و الفتوي و أيضا لا اشكال في أن الواجب ركوع واحد و لا يجب أزيد من الواحد بل يوجب البطلان.

(2) يأتي ان شاء اللّه تعالي التعرض للجهات الراجعة اليها في محلها.

(3) بلا اشكال و لا كلام و هذا مقتضي القاعدة الاولية

فان الصلاة تبطل بالزيادة و النقصان و الصحة تحتاج الي الدليل و يدل علي المدعي ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: لا تعاد الصلاة الا من خمسة: الطهور و الوقت و القبلة و الركوع و السجود «1».

و يدل علي البطلان بالنقصان جملة من النصوص منها: ما رواه رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل ينسي أن يركع حتي يسجد و يقوم قال:

يستقبل «2».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الرجل ينسي أن يركع قال: يستقبل حتي يضع كل شي ء من ذلك موضعه «3».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أيقن الرجل أنه ترك ركعة من الصلاة و قد سجد سجدتين و ترك الركوع استأنف الصلاة «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الركوع الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 512

عدا صلاة الجماعة فلا تبطل بزيادته للمتابعة كما سيأتي (1) و عدا النافلة فلا تبطل بزيادته فيها سهوا (2).

______________________________

و منها: ما رواه أيضا قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل نسي أن يركع قال: عليه الاعادة «1».

(1) و يقع البحث في وجهه ان شاء اللّه في ذلك البحث.

(2) استدل عليه بتقريبين: الاول: انه لا مقتضي للبطلان بدعوي: ان الدليل في الفريضة منحصر في الاجماع و لا اجماع في النافلة فلا وجه للبطلان.

و فيه: انه ليس الامر كذلك اذ قد دل الدليل علي بطلان الصلاة بالزيادة لاحظ ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من زاد في صلاته فعليه

الاعادة «2».

الثاني النصوص منها: ما رواه الحسن الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يصلي الركعتين من الوتر ثم يقوم فينسي التشهد حتي يركع و يذكر و هو راكع قال: يجلس من ركوعه يتشهد ثم يقوم فيتم قال: قلت:

أ ليس قلت في الفريضة اذا ذكره بعد ما ركع مضي في صلاته ثم سجد سجدتي السهو بعد ما ينصرف يتشهد فيهما؟ قال: ليس النافلة مثل الفريضة «3».

و فيه: أولا ان الرواية ضعيفة بالصيقل و ثانيا: لا دلالة فيها علي المدعي فان الظاهر منها انه نسي التشهد و شرع في صلاة اخري فلم تتحقق الزيادة.

و منها: ما رواه عبيد اللّه الحلبي قال: سألته عن الرجل سها في ركعتين من

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب التشهد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 513

[يجب فيه أمور]
اشارة

و يجب فيه امور:

[الأول: الانحناء بقصد الخضوع قدر ما تصل أطراف الأصابع إلي الركبتين]

الاول: الانحناء بقصد الخضوع قدر ما تصل أطراف الاصابع الي الركبتين (1).

______________________________

النافلة فلم يجلس بينهما حتي قام فركع في الثالثة فقال يدع ركعة و يجلس و يتشهد و يسلم ثم يستأنف الصلاة بعد «1».

و هذه الرواية أيضا لا تكون دليلا علي المدعي لأن المفروض ان الركوع الثالث قصد به صلاة اخري فلا يكون زيادة في النافلة.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن السهو في النافلة فقال: ليس عليك شي ء «2».

و الاستدلال بهذه الرواية يتوقف علي الالتزام باطلاق السهو في الرواية فان قلنا بأنه شامل لكل سهو يثبت به المدعي في المقام و أما لو قلنا بأن السهو المذكور في الرواية السهو الموضوع لوجوب سجدتيه فلا يكون دليلا فيشكل كما كتب الماتن في هامش العروة: «فيه اشكال».

و لكن الانصاف انه لا مانع من الاطلاق فما أفاده في المقام تام.

(1) ما يمكن أن يقال: في هذا المقام امور: منها الاجماع. و فيه: ان تحصيل الاجماع التعبدي في المقام متعذر.

و منها: قاعدة الاشتغال. و فيه: انه لو تحقق عنوان الركوع المأمور به و شك في خصوصية زائدة يكون المرجع أصل البراءة لا الاشتغال.

و منها النبوي المذكور في المعتبر- علي ما نقل عنه-: «اذا ركعت فضع كفيك علي ركبتيك» و فيه ان المرسل لا اعتبار به.

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 514

و غير مستوي الخلقة لطول اليدين أو قصرهما يرجع الي المتعارف (1) و لا بأس باختلاف أفراد مستوي الخلقة فان لكل حكم

______________________________

و منها جملة من النصوص منها: ما رواه حماد بن عيسي «1»

و منها: ما رواه زرارة قال عليه السلام و تضع يدك اليمني علي ركبتك اليمني قبل اليسري و بلغ أطراف أصابعك عين الركبة «2».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أردت أن تركع فقل و أنت منتصب الي أن قال: و تمكن راحتيك من ركبتيك و تضع يدك اليمني علي ركبتك اليمني قبل اليسري و بلغ (القم) بأطراف أصابعك عين الركبة «3».

و اورد في الاستدلال بأنها في مقام بيان الآداب المندوبة فلا تكون دالة علي الوجوب و يمكن ذب الايراد بأن الظواهر حجة ما دام لا يكون قرينة علي خلافها و لا اشكال في أن الظاهر من هذه النصوص وجوب جملة من الامور لكن قد علم من الخارج عدم وجوب بعض منها فنرفع اليد عن الظهور بهذا المقدار و نأخذ بالباقي كما هو الميزان.

نعم يستفاد من قوله عليه السلام: «فان وصلت أطراف اصابعك في ركوعك الي ركبتيك أجزأك ذلك» «4» ان بلوغ الاصابع الي الركبة كاف في تحقق المأمور به فينطبق علي ما في المتن اذ الظاهر من هذه الجملة ان الاصابع كلها لا بد أن تصل الي الركبة و لا يلزم أكثر من هذ المقدار.

(1) لا اشكال في أنه لا يجب وضع اليدين علي الركبة و عليه يكون التحديد

______________________________

(1) لاحظ ص: 373

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب الركوع الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 515

نفسه.

[الثاني: الذكر]

الثاني: الذكر (1) و يجزي منه «سبحان ربي العظيم و بحمده» (2).

______________________________

الواقع في النص بنحو الطريقية كالمذكور في باب غسل الوجه في الوضوء و عليه يكون

الظاهر من النص التحديد بالمستوي كما في المتن كما أن الظاهر أن المدار علي مقدار انحناء أقلّ المستوين خلقة و من هذا يظهر انه لا يبعد أن يكتفي أفراد المستوين علي ذلك المقدار الاقل من الانحناء و ان كان الجزم به مشكل اذ القضية بنحو القضية الحقيقة فلكل فرد من المكلف حكمه و لازمه الاختلاف و لو يسيرا فيكون ما أفاده الماتن بقوله: «و لا بأس باختلاف أفراد مستوي الخلقة فان لكل حكم نفسه» تاما.

(1) نقل الاجماع عليه من جملة من الاعيان منهم الشيخ و العلامة و الشهيد قدس اللّه أسرارهم و لا شبهة في وجوبه و لا اشكال انما الكلام في تعيينه من حيث المصداق و النصوص الدالة علي وجوب الذكر في الركوع متظافرة ان لم تكن متواترة.

(2) النصوص المتضمنة للتسبيحة الكبري علي قسمين: قسم منها خال عن كلمة و بحمده كخبر هشام بن سالم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التسبيح في الركوع و السجود فقال: تقول في الركوع: سبحان ربي العظيم و في السجود سبحان ربي الاعلي الفريضة من ذلك تسبيحة و السنة ثلاث و الفضل في سبع «1» و هذه الرواية ساقطة عن الاعتبار بقاسم بن عروة و سيد المستمسك قدس سره عبر عن الرواية بصحيح هشام.

و كرواية عقبة بن عامر الجهني أنه قال: لما نزلت فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ قال لنا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اجعلوها في ركوعكم فلما نزلت سَبِّحِ

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الركوع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 516

______________________________

اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَي قال لنا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اجعلوها في سجودكم «1» و هذه الرواية ضعيفة بعقبة.

و كخبر

حمزة بن حمران و الحسن بن زياد قالا: دخلنا علي أبي عبد اللّه عليه السلام و عنده قوم فصلي بهم العصر و قد كنا صلينا فعددنا له في ركوعه سبحان ربي العظيم أربعا أو ثلاثا و ثلاثين مرة و قال أحدهما في حديثه و بحمده في الركوع و السجود «2» و حمزة بن حمران لم يوثق.

و قسم منها يتضمن لهذه الكلمة كرواية حماد بن عيسي «3» و كرواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أردت أن تركع الي أن قال: و قل …

سبحان ربي العظيم و بحمده ثلاث مرات «4».

و نقل عن جملة من الاعيان القول بالاستحباب و عن التنقيح نسبته الي الاكثر و عن المعتبر و كنز العرفان انها مستحبة عندنا.

و جمع بين القسمين سيد المستمسك بوجه آخر و هو حمل القسم الخالي من هذه الكلمة علي بيان الكل بذكر بعضه و قال: هذا النحو من الجمع أقرب عرفا من الحمل علي الاستحباب.

و ما أفاده غير سديد اذ في رواية حمزة و حسن بن زياد ذكر أنهما قالا: عددنا له في ركوعه سبحان ربي العظيم أربعا أو ثلاثا و ثلاثين مرة فالامام عليه السلام بعمله أفهم جواز الخالي من هذه الكلمة فالحق مع هؤلاء الاعلام حيث حملوا

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب الركوع الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الركوع الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 373

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب الركوع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 517

أو سبحان اللّه ثلاثا (1) بل يجزي مطلق الذكر من تحميد و تكبير و تهليل و غيرها (2) اذا كان بقدر الثلاث الصغريات مثل:

______________________________

النص المتضمن لها علي الاستحباب علي طبق مسلكهم المعروف من الحمل

علي الاستحباب في مثل هذه الموارد لكن الاشكال في تمامية الدليل علي الخالي من هذه الكلمة.

(1) كما في رواية معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أخف ما يكون من التسبيح في الصلاة قال: ثلاث تسبيحات مترسلا تقول: سبحان اللّه سبحان اللّه سبحان اللّه «1».

و يدل عليه أيضا ما رواه سماعة قال: سألته عن الركوع و السجود هل نزل في القرآن؟ قال: نعم قول اللّه تعالي: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَ اسْجُدُوا» قلت: كيف حد الركوع و السجود؟ فقال: أما ما يجزيك من الركوع فثلاث تسبيحات تقول: سبحان اللّه سبحان اللّه سبحان اللّه ثلاثا «2» و المستفاد من مجموع الروايات أن المأمور به في ذكر الركوع هي الكبري و لكن الصغري مجزية منها فلاحظ.

(2) و الذي يدل عليه ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قلت له: يجزي أن اقول مكان التسبيح في الركوع و السجود لا إله الا اللّه و الحمد للّه و اللّه أكبر؟ فقال: نعم كل هذا ذكر اللّه «3».

و ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه «4» فان قوله عليه السلام: «نعم كل هذا ذكر اللّه» يدل علي كفاية مطلق الذكر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الركوع الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب الركوع الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 518

الحمد للّه ثلاثا أو اللّه اكبر ثلاثا (1).

______________________________

(1) و الدليل عليه ما رواه مسمع بن أبي سيار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يجزيك من القول في الركوع و السجود ثلاث تسبيحات أو قدرهن مترسلا و ليس له و لا كرامة

أن يقول: سبح سبح سبح «1».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يجزي الرجل في صلاته أقل من ثلاث تسبيحات أو قد رهن «2».

و هاتان الروايتان لا اعتبار بهما سندا فان مسمع بن أبي سيار لم يوثق فيبقي اطلاق رواية هشام مرجعا فيكفي مطلق الذكر و قد التزم بهذا القول- علي ما في الحدائق- الشيخ في المبسوط و الجمل و الحلبيون الاربعة و جملة من المتأخرين منهم الشهيد الثاني و سبطه في المدارك و غيرهما.

يبقي في المقام شي ء و هو أنه قد ورد في بعض النصوص أن أقل ما يجزي في الركوع و السجود ثلاث تسبيحات لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: ما يجزي من القول في الركوع و السجود؟ فقال: ثلاث تسبيحات في ترسل و واحدة تامة تجزي «3».

و ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال: سألته عن الركوع و السجود كم يجزي فيه من التسبيح؟ فقال: ثلاثة و تجزيك واحدة اذا أمكنت جبهتك من الارض «4».

و ما رواه أيضا عنه عليه السلام أيضا قال: سألته عن الرجل يسجد كم يجزيه

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الركوع الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب الركوع الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 519

و يجوز الجمع بين التسبيحة الكبري و الثلاث الصغريات و كذا بينهما و بين غيرهما من الاذكار (1).

______________________________

من التسبيح في ركوعه و سجوده؟ فقال: ثلاث و تجزيه واحدة «1» و ما رواه سماعة «2».

لكن قد ذكر في أكثر من واحدة من هذه الروايات انه «تجزي واحدة» فيفهم العرف ان

الاكتفاء بتسبيحة واحدة جائز و مما ذكر يعلم جواب الاستدلال بما رواه معاوية بن عمار «3» فانه قد ذكر في هذه الرواية أن «أخف ما يكون من التسبيح في الصلاة ثلاث تسبيحات مترسلا» فان الظاهر من هذه الرواية و ان كان أقل الذكر ثلاث لكن بتلك النصوص نرفع اليد عن هذا الظهور و علي فرض التعارض تقدم تلك الطائفة للتأخر الزماني و إلا حديثة و الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن لاحظ حديثي ابن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام «4».

(1) فانه علي طبق القاعدة اذ الاتيان بالذكر و الدعاء مطلوب في الصلاة و تدل علي مطلوبية الاطالة جملة من النصوص منها: ما رواه أبان بن تغلب قال: دخلت علي أبي عبد اللّه و هو يصلي فعددت له في الركوع و السجود ستين تسبيحة «5» و ما رواه حمزة بن حمران و الحسن بن زياد «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 517

(3) لاحظ ص: 517

(4) مرا آنفا

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب الركوع الحديث: 1

(6) لاحظ ص: 516

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 520

و يشترط في الذكر العربية و الموالاة و اداء الحروف من مخارجها و عدم المخالفة في الحركات الاعرابية و البنائية (1).

[الثالث: الطمأنينة فيه بقدر الذكر الواجب]

الثالث: الطمأنينة فيه بقدر الذكر الواجب (2).

______________________________

(1) قد تقدم الكلام من هذه الجهات في بحث القراءة و المقامان من واد واحد.

(2) مما استدل به علي المدعي ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:

بينا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله جالس في المسجد اذا دخل رجل فقام يصلي فلم يتم ركوعه و لا سجوده فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: نقر كنقر الغراب لئن مات هذا و هكذا

صلاته ليموتن علي غير ديني «1».

و الانصاف ان هذه الرواية لا تدل علي المدعي بل المستفاد منها انه يلزم علي المكلف أن يستمر في ركوعه و لا يكون ركوعه كنقر الغراب.

و مثله ما رواه عبد اللّه بن ميمون القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أبصر علي بن أبي طالب عليه السلام رجلا ينقر صلاته فقال: منذ كم صليت بهذه الصلاة؟

فقال له الرجل: منذ كذا و كذا فقال: مثلك عند اللّه مثل الغراب اذا نقر لو مت مت علي غير ملة أبي القاسم محمد ثم قال علي عليه السلام: ان أسرق الناس من سرق من صلاته «2».

و أما النبوي المنقول عن عوالي اللئالي «ان رجلا دخل المسجد و رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله جالس في ناحية المسجد فصلي ثم جاء فسلم عليه فقال صلي اللّه عليه و آله و عليك السلام ارجع فصل الي أن قال: فقال: ثم اركع حتي تطمئن راكعا «3» فلا اعتبار بسنده و أما الدلالة فالظاهر انه لا بأس بها فانه صلي اللّه عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الركوع الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب أعداد الفرائض الحديث: 2

(3) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 521

بل الاحوط وجوبا ذلك في الذكر المندوب اذا جاء به بقصد الخصوصية (1) و لا يجوز الشروع في الذكر قبل الوصول الي حد الركوع (2).

[الرابع: رفع الرأس منه حتي ينتصب قائما]

الرابع: رفع الرأس منه حتي ينتصب قائما (3).

______________________________

و آله أمر بقوله: ثم اركع حتي تطمئن راكعا و أما النبوي الاخر عن الذكري لا تجزي صلاة الرجل حتي يقم ظهره في الركوع و السجود فلا دلالة فيه علي المدعي

فان اقامة الظهر ليست عبارة عن الطمأنينة.

و أما خبر بكر بن محمد الازدي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال فيه: فاذا قام أحدكم فليعتدل فاذا ركع فليتمكن «1» فدال علي وجوب التمكن في الركوع و أما وجوب الطمأنينة بمقدار الذكر فلا دلالة فيه مضافا الي أن بكر بن محمد لم يوثق فعليه العمدة في الدليل الاجماع و التسالم فيما بين الاصحاب و الاحتياط طريق النجاة.

لكن الانصاف: انه يمكن اثبات المدعي بخبر بكر بن محمد فان المستفاد من قوله عليه السلام: «فاذا ركع فليتمكن» ان التمكن لازم في الركوع الواجب و أما وجوب التمكن بمقدار الذكر الواجب مع قطع النظر عن الذكر فلا يدل عليه الخبر فلاحظ.

(1) هذا مبني علي اشتراط التمكن في جميع الاجزاء الصلاتية واجبة كانت أم مندوبة و قد مر الاشكال في اشتراط التمكن في مطلق الجزء الصلاتي.

(2) اذ ظرف الذكر هو الركوع فلا بد من ايقاعه في ظرفه فلا يجوز الشروع قبل الوصول الي حده.

(3) و يدل عليه خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا رفعت رأسك

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب أعداد الفرائض الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 522

[الخامس: الطمأنينة حال القيام المذكور]

الخامس: الطمأنينة حال القيام المذكور (1) و اذا لم يتمكن لمرض أو غيره سقطت و كذا الطمأنينة حال الذكر فانها تسقط لما ذكر (2) و لو ترك الطمأنينة في الركوع سهوا بأن لم يبق في حده بل رفع رأسه بمجرد الوصول اليه ثم ذكر بعد رفع الرأس فالاحوط اتمام الصلاة ثم الاعادة (3).

[مسائل في الركوع]
[مسألة 141: إذا تحرك حال الذكر الواجب بسبب قهري وجب عليه السكوت حال الحركة و إعادة الذكر]

(مسألة 141): اذا تحرك حال الذكر الواجب بسبب قهري وجب عليه السكوت حال الحركة و اعادة الذكر (4) و اذا ذكر في حال

______________________________

من الركوع فاقم صلبك فانه لا صلاة لمن لا يقم صلبه «1» لكن الخبر ضعيف بالارسال نعم يدل عليه ما رواه حماد «2» قال: «ثم استوي قائما فلما استمكن من القيام قال: سمع اللّه لمن حمده».

(1) قال في المستمسك «لا دليل عليه غير الاجماع» و الظاهر ان الامر كما أفاده فان قوله في رواية حماد «فلما استمكن من القيام» لا يدل علي لزوم الطمانينة فتأمل فالعمدة الاجماع و طريق الاحتياط ظاهر.

(2) بلا اشكال فان الصلاة لا تسقط بحال.

(3) لاحتمال ركنيتها فتبطل بفقدانها و لا دليل عليها كما لا دليل علي كونها مقومة للركوع اذ بناء علي كونها مقومه له تفوت الركوع بفواتها لكن لا دليل عليها.

(4) كما هو ظاهر لبقاء المحل فيجب الاعادة الا أن يقال: بأن وجوب الاستقرار

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الركوع الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 523

الحركة فان كان عامدا بطلت صلاته (1) و ان كان ساهيا فالاحوط وجوبا تدارك الذكر (2).

[مسألة 142: مستحبات الركوع]

(مسألة 142): يستحب التكبير للركوع قبله (3) و رفع اليدين حالة التكبير (4) و وضع الكفين علي الركبتين اليمني علي اليمني و اليسري

______________________________

لا اطلاق في دليله علي فرض وجوده.

(1) اذ علي القول بلزوم الاستقرار حال الذكر لو تعمد الذكر حال الحركة يكون الذكر زيادة فتبطل.

(2) لاحتمال الركنية و قد مر آنفا بل يجب تداركه علي فرض وجوبه و لو لم يكن ركنا.

(3) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أردت أن تركع فقل و أنت منتصب: اللّه أكبر ثم

اركع و قل: اللهم لك ركعت و لك اسلمت و عليك توكلت و أنت ربي خشع لك قلبي و سمعي و بصري و شعري و بشري و لحمي و دمي و مخي و عصبي و عظامي و ما أقلته قدماي غير مستنكف و لا مستكبر و لا مستحسر سبحان ربي العظيم و بحمده ثلاث مرات في ترسل و تصف في ركوعك بين قدميك تجعل بينهما قدر شبر و تمكن راحتيك من ركبتيك و تضع يدك اليمني علي ركبتك اليمني قبل اليسري و بلغ (ألقم) بأطراف أصابعك عين الركبة و فرج أصابعك اذا وضعتها علي ركبتيك و أقم صلبك و مد عنقك و ليكن نظرك بين قدميك ثم قل: سمع اللّه لمن حمده و أنت منتصب قائم الحمد للّه رب العالمين أهل الجبروت و الكبرياء و العظمة للّه رب العالمين تجهر بها صوتك ثم ترفع يديك بالتكبير و تخرسا جدا «1».

(4) لاحظ ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: اذا اردت أن تركع

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الركوع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 524

علي اليسري ممكنا كفيه من عينهما (1) ورد الركبتين الي الخلف (2) و تسوية الظهر (3) و مد العنق موازيا للظهر (4) و أن يكون نظره بين قدميه (5) و أن يحنح بمرفقيه (6) و أن يضع اليمني علي الركبة قبل اليسري (7) و أن تضع المرأة كفيها علي فخذيها (8).

______________________________

و تسجد فارفع يديك و كبر ثم اركع و اسجد «1».

(1) لاحظ ما رواه زرارة.

(2) لاحظ ما رواه حماد بن عيسي «2».

(3) لاحظ ما رواه حماد بن عيسي «3».

(4) لاحظ ما رواه زرارة.

(5) لاحظ ما رواه زرارة.

(6) لاحظ ما

رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام يركع ركوعا أخفض من ركوع كل من رأيته يركع و كان اذا ركع جنح بيديه «4».

(7) لاحظ ما رواه زرارة.

(8) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: المرأة اذا قامت في الصلاة جمعت بين قدميها و تضم يديها الي صدرها لمكان ثدييها فاذا ركعت وضعت

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الركوع الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 373

(3) لاحظ ص: 373

(4) الوسائل الباب 18 من أبواب الركوع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 525

و تكرار التسبيح ثلاثا (1) أو خمسا (2) أو سبعا (3) أو اكثر (4) و أن يكون الذكر و ترا (5) و أن يقول قبل التسبيح: اللهم لك

______________________________

يديها فوق ركبتيها علي فخذيها لئلا تطأطأ كثيرا فترتفع عجيزتها «1».

(1) لاحظ ما رواه حماد بن عيسي «2».

(2) لاحظ ما في فقه الرضا عليه السلام: و قل في ركوعك بعد التكبير: اللهم لك ركعت الي أن قال: سبحان ربي العظيم و بحمده ثلاث مرات و ان شئت خمس مرات و ان شئت سبع مرات و ان شئت التسع فهو أفضل «3».

(3) لاحظ ما رواه هشام بن سالم «4».

(4) لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن الركوع و السجود هل نزل في القرآن؟ قال: نعم الي أن قال: و من كان يقوي علي أن يطول الركوع و السجود فليطول ما استطاع يكون ذلك في تسبيح اللّه و تحميده و تمجيده و الدعاء و التضرع فان أقرب ما يكون العبد الي ربه الحديث «5».

(5) لا يبعد ان يستفاد من بعض نصوص الباب لاحظ خبر هشام «6» قال عليه السلام فيه: الفريضة من ذلك تسبيحة

و السنة ثلاث و الفضل في سبع و لاحظ قوله عليه السلام: ان اللّه وتر يحب الوتر «7».

______________________________

(1) المصدر السابق الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 373

(3) مستدرك الوسائل الباب 4 من أبواب الركوع الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 515

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب الركوع الحديث: 4

(6) لاحظ ص: 515

(7) الوسائل الباب 31 من أبواب الوضوء الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 526

ركعت و لك أسلمت و عليك توكلت و أنت ربي خشع لك قلبي و سمعي و بصري و شعري و بشري و لحمي و دمي و مخي و عصبي و عظامي و ما أقلته قدماي غير مستنكف و لا مستكبر و لا مستحسر (1) و أن يقول للانتصاب بعد الركوع سمع اللّه لمن حمده و أن يضم اليه: الحمد للّه رب العالمين و أن يضم اليه اهل الجبروت و الكبرياء و العظمة و الحمد للّه رب العالمين (2) و أن يرفع يديه للانتصاب المذكور (3) و أن يصلي علي النبي صلي اللّه عليه و آله في الركوع (4).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه زرارة «1».

(2) لاحظ ما رواه زرارة «2».

(3) لاحظ ما رواه معاوية بن عمار قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يرفع يديه اذا ركع و اذا رفع رأسه من الركوع و اذا سجد و اذا رفع رأسه من السجود و اذا أراد أن يسجد الثانية «3».

(4) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يذكر النبي صلي اللّه عليه و آله و هو في الصلاة المكتوبة اما راكعا و اما ساجدا فيصلي عليه و هو علي تلك الحال؟ فقال: نعم ان الصلاة علي نبي اللّه كهيئة

التكبير و التسبيح و هي عشر حسنات يبتدرها ثمانية عشر ملكا أيهم يبلغها اياه «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 523

(2) لاحظ ص: 523

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب الركوع الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 20 من أبواب الركوع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 527

و يكره فيه أن يطأطأ رأسه (1) أو يرفعه الي فوق (2) و أن يضم يديه الي جنبيه (3) و أن يضع احدي الكفين علي الاخري و يدخلها بين ركبتيه (4 و أن يقرأ القرآن فيه (5) و أن يجعل يديه تحت ثيابه ملاصقا لجسده (6).

______________________________

(1) لاحظ مرفوعة القاسم بن سلام رفعه عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه نهي أن يذبح الرجل في الصلاة كما يذبح الحمار قال: و معناه أن يطأطأ الرجل رأسه في الركوع حتي يكون أخفض من ظهره «1».

(2) لاحظ مرفوعته أيضا قال: و كان اذا ركع لم يضرب رأسه و لم يقنعه قال:

و معناه انه لم يكن يرفعه حتي يكون أعلي من جسده و لكن بين ذلك و الاقناع رفع الرأس و اشخاصه قال اللّه تعالي مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ «2».

(3) لعله من باب أنه خلاف التجنيح الذي هو مندوب فيه.

(4) نقل عن جملة من الاعيان كراهته و عن آخرين نقل حرمته.

(5) لاحظ ما رواه أبو البختري عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يقول: لا قراءة في ركوع و لا سجود انما فيهما المدحة للّه عز و جل ثم المسألة فابتدءوا قبل المسألة بالمدحة للّه عز و جل ثم اسألوا بعده «3».

(6) لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي فيدخل يده في ثوبه قال: ان كان عليه ثوب

آخر ازار أو سراويل فلا بأس و ان لم يكن فلا يجوز له ذلك و ان أدخل يدا واحدة و لم يدخل الاخري فلا بأس «4» فانه يحمل علي الكراهة للقطع بالجواز.

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب الركوع الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب الركوع الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 40 من أبواب لباس المصلي الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 528

[مسألة 143: إذا عجز عن الانحناء التام بنفسه اعتمد علي ما يعينه عليه]

(مسألة 143): اذا عجز عن الانحناء التام بنفسه اعتمد علي ما يعينه عليه و اذا عجز عنه فالاحوط أن يأتي بالممكن منه مع الايماء الي الركوع منتصبا قائما قبله أو بعده (1) و اذا دار أمره بين الركوع جالسا و الايماء اليه قائما تعين الثاني (2) و الاولي الجمع بينهما بتكرار الصلاة (3) و لا بد في الايماء من أن يكون برأسه ان أمكن و الا فبالعينين تغميضا له و فتحا للرفع منه (4).

[مسألة 144: إذا كان كالراكع خلقة أو لعارض]

(مسألة 144): اذا كان كالراكع خلقة أو لعارض فان أمكنه الانتصاب التام للقراءة و للهوي للركوع وجب و لو بالاستعانة بعصا و نحوها (5) و الا فان تمكن من رفع بدنه بمقدار يصدق علي الانحناء

______________________________

(1) تارة يمكنه الانحناء بمقدار يصدق عليه الركوع فلا اشكال في لزوم الاتيان به فانه المأمور به الاولي و أما لو لم يتمكن من الانحناء بهذا المقدار فمقتضي الاحتياط أن يأتي بالقدر الممكن و يومي معه أيضا و السرّ فيه ان الهوي الي الركوع ليس من الاجزاء الصلاتية فلا يكون ميسورا بالنسبة الي الركوع فيدور الامر بين أن يركع قائما بنحو الايماء و بين أن يركع ركوعا تاما جالسا و مقتضي القاعدة في مثله التخيير بين الامرين الا أن يقال: ان الوظيفة بعد عدم التمكن من الركوع الاختياري الركوع الاضطراري و هو الايماء.

(2) تقدم الكلام فيه آنفا و في مسألة 96 من فصل القيام.

(3) لا اشكال في حسن الاحتياط.

(4) تقدم الكلام فيه في مسألة 95 من فصل القيام.

(5) فان المفروض ان القيام واجب حال القراءة و كذلك يجب الركوع

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 529

بعده الركوع في حقه عرفا لزمه ذلك (1) و الا أومأ برأسه (2) و

ان لم يمكن فبعينيه (3).

[مسألة 145: حد ركوع الجالس أن ينحني بمقدار يساوي وجهه ركبتيه]

(مسألة 145): حد ركوع الجالس أن ينحني بمقدار يساوي وجهه ركبتيه و الافضل الزيادة في الانحناء الي أن يستوي ظهره (4).

______________________________

عن قيام فيجب القيام.

(1) لصدق الموضوع علي الفرض فيجب.

(2) و الظاهر انه كما أفاد اذ المفروض ان مثله لا يمكنه الركوع فتصل النوبة الي الايماء.

(3) تقدم الكلام في هذه الجهة في مسألة 95 من فصل القيام.

(4) عن الجواهر: «ان الميزان في الركوع الجلوسي هو الصدق العرفي» و لكن يمكن ان يقال: بأن الشرع بين حدا للركوع القيامي و أمر بأن العاجز عن القيام يصلي جالسا و يفهم من الامر بالجلوس ان الجالس يركع الركوع الواجب علي القائم.

و بعبارة اخري: العرف يفهم من دليل الجلوس ان القيام تبدل بالجلوس فلا بد من الاتيان بما وجب في حال القيام في حال الجلوس و عليه لا يبقي مجال للإحالة الي العرف فما أفاده صاحب الجواهر ليس علي ما ينبغي فعلي ما ذكرتم ما في المتن اذ لا يبعد أن يكون الحد الاوفي حاصلا بهذا المقدار من الانحناء المذكور.

و بتقريب آخر: نقول: بأن أدني حد الانحناء في الركوع الجلوسي أن ينحني بحيث يصير بالنسبة الي القاعد المنتصب كالراكع بالنسبة الي القائم.

و لا مجال لان يقال: الميزان المستفاد من النص وصول الاصابع الي الركبة اذ من الظاهر ان وصول الاصابع الي الركبة ليس له موضوعية بل طريق الي

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 530

و اذا لم يتمكن من الركوع انتقل الي الايماء كما تقدم (1).

[مسألة 146: إذا نسي الركوع فهوي الي السجود و ذكر قبل وضع جبهته علي الأرض رجع إلي القيام ثم ركع]

(مسألة 146): اذا نسي الركوع فهوي الي السجود و ذكر قبل وضع جبهته علي الارض رجع الي القيام ثم ركع (2) و كذلك ان ذكره بعد ذلك قبل الدخول في الثانية علي الاظهر (3).

______________________________

الحد الواجب شرعا

في الحد الاعلي للركوع و هي تسوية الظهر بحيث لو صب عليه قطرة ماء استقر في مكانه و مد العنق موازيا للظهر و لا يبعد ان ينطبق هذا الحد المستفاد من النص علي الانحناء بمقدار يساوي الوجه المسجد في الركوع القيامي و الجلوسي كليهما و مما ذكر يعلم الوجه في قوله «و الافضل الزيادة في الانحناء الي أن يستوي ظهره».

(1) و قد تقدم الدليل علي بدلية الايماء.

(2) لا بد من الرجوع كي يتحقق الركوع الواجب في الصلاة علي الكيفية الخاصة و قد تقدم ان المستفاد من الادلة وجوب احداث الركوع عن القيام.

(3) ربما يقال: بوجوب الاعادة و بطلان الصلاة لجملة من النصوص: منها:

ما رواه رفاعة «1» و هذه الرواية ظاهرة في حصول الالتفات بعد السجدتين و لا شبهة في البطلان في هذه الصورة.

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار «2» و هذه الرواية يستفاد منها ان البطلان ناش من عدم وضع كل شي ء موضعه و الحال انه لو قلنا بأن زيادة السجدة الواحدة بغير عمد لا تبطل الصلاة يكون مجال التدارك و وضع كل شي ء في موضعه باقيا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 511

(2) لاحظ ص: 511

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 531

و الاحوط استحبابا حينئذ اعادة الصلاة بعد الاتمام (1) و ان ذكره بعد الدخول في الثانية بطلت صلاته و استأنف (2).

[مسألة 147: يجب أن يكون الانحناء بقصد الركوع]

(مسألة 147): يجب أن يكون الانحناء بقصد الركوع فاذا انحني ليتناول شيئا من الارض أو نحوه ثم نوي الركوع لا يجزي بل لا بد من القيام ثم الركوع عنه (3).

______________________________

مضافا الي أنه يمكن أن تقيد بما رواه أبو بصير «1» فان مفهوم هذه الرواية انه لو ترك الركوع و لم يسجد سجدتين لم يجب الاستيناف و

مما ذكرنا يعلم الجواب عن الاستدلال بما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام «2» مضافا الي أن سند الرواية ساقط بمحمد بن سنان.

(1) قد ظهر مما ذكرنا وجه الاحتياط.

(2) لعدم مجال للتدارك مع زيادة الركن.

(3) قال في الحدائق: «و الظاهر انه لا خلاف في الحكم المذكور». و قال في الجواهر: «لو هوي غافلا لا بقصد الركوع أو غيره أو بقصد غيره من قتل حية أو عقرب ثم بدا له الركوع أو السجود صح و لقد أجاد العلامة الطباطبائي بقوله:

و لو هوي لغيره ثم نوي صح كذا السجود بعد ما هوي

اذ الهوي فيهما مقدمة خارجة لغيرها ملتزمة «3»

و اعترض المحقق الهمداني علي السيد الطباطبائي بأن المستفاد من الادلة

______________________________

(1) لاحظ ص: 511

(2) لاحظ ص: 512

(3) جواهر الكلام ج 10 ص: 77

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 532

[مسألة 148: يجوز للمريض و في ضيق الوقت و سائر موارد الضرورة الاقتصار في ذكر الركوع علي سبحان اللّه مرة]

(مسألة 148): يجوز للمريض و في ضيق الوقت و سائر موارد الضرورة الاقتصار في ذكر الركوع علي سبحان اللّه مرة (1).

______________________________

وجوب احداث هذه الهيئة و اما ان الهوي جزء المطلوب أو مقدمة له فهو أمر آخر و افاد بأن شيخنا المرتضي اعترض عليه- مع انه قائل بكون الهوي مقدمة للواجب لا جزء منه- بأن الظاهر من ادلة الركوع الانحناء الخاص الحدوثي الذي لا يخاطب به الا من لم يكن متلبسا به و لذا لا يقال للمنحني انحن هذا قسم من مقالة الاعلام في هذا المقام.

و لا يبعد أن يكون الامر كما أفادوه لا من باب ان الامر ظاهر في الاحداث كما عليه سيدنا الاستاد و لذا لا يجوز الغسل لمن يكون تحت الماء بتحريك بدنه و يلزم اخراج البدن من الماء و ادخاله فيه بقصد الغسل فانه يمكن النقاش

فيه كما ناقشنا.

و قلنا: بأن المولي لو أمر بالكون في المسجد ساعة لا يلزم علي العبد اذا كان في المسجد أن يخرج ثم يدخل كي يحصل الامتثال بل يكفي في الامتثال بقائه في المسجد و لكن لنا أن نقول: بأن تحقق بعض المفاهيم يستلزم الحدوث كما لو أمر المولي بدخول المسجد فان مفهوم الدخول لا يحصل بالبقاء فيه بل اللازم أن يخرج ثم يدخل كي يحصل الامتثال فكما يقول الشيخ الاعظم قدس سره: من كان منحيا لا يخاطب بخطاب انحن و كذلك الركوع الذي هو هيئة خاصة حاصلة من الهوي من القيام فلو تم ما ذكر يكون ما أفاده الماتن تاما اذ لو لم يكن بقصد الخضوع لم يحصل المأمور به.

(1) عن المعتبر أن عليه فتوي الاصحاب و في بعض الكلمات: «ان الاكتفاء بالواحد في حال الضرورة اجماعي». و يمكن أن يقال: ان الاكتفاء بالواحد جائز في حال الاختيار ففي بعض النصوص صرح بكفاية التسبيحة الواحدة لاحظ خبر

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 533

[الفصل السادس: في السجود]
اشارة

الفصل السادس: في السجود و الواجب منه في كل ركعة سجدتان (1) و هما معا ركن تبطل الصلاة بنقصانهما معا و بزيادتهما كذلك عمدا و سهوا و لا تبطل بزيادة واحدة و لا بنقصها سهوا (2).

______________________________

علي بن يقطين «1» و مثله في الدلالة خبر هشام بن سالم «2» و خبر زرارة «3» و خبر آخر لعلي بن يقطين «4» فراجع.

و أما رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: أدني ما يجزي المريض من التسبيح في الركوع و السجود قال: تسبيحة واحدة «5» فلا تدل علي عدم الجواز في غير المريض لعدم المفهوم مضافا الي أن العبيدي

في السند و فيه نقاش.

(1) بلا اشكال و لا خلاف بل هو من ضروريات الدين و النصوص الدالة عليه كثيرة متفرقة في الابواب المختلفة منها: ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل نسي أن يسجد السجدة الثانية حتي قام فذكر و هو قائم انه لم يسجد قال: فليسجد ما لم يركع فإذا ركع فذكر بعد ركوعه انه لم يسجد فليمض علي صلاته حتي يسلم ثم يسجدها فانها قضاء قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض و ان شك في السجود بعد ما قام فليمض «6».

(2) تفصيل البحث موكول الي بحث الخلل و اما اجمال الكلام ان الركن

______________________________

(1) لاحظ ص: 518

(2) لاحظ ص: 515

(3) لاحظ ص: 518

(4) لاحظ ص: 518

(5) الوسائل الباب 4 من أبواب الركوع الحديث: 8

(6) الوسائل الباب 14 من أبواب السجود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 534

و المدار في تحقق مفهوم السجدة علي وضع الجبهة أو ما يقوم مقامها بقصد التذلل و الخضوع (1) و علي هذا المعني تدور الزيادة و النقيصة دون بقية الواجبات (2)

[في واجبات السجود]
[الأول السجود علي ستة أعضاء]
اشارة

و هي أمور الاول السجود علي ستة أعضاء: الكفين و الركبتين و ابهامي الرجلين (3).

______________________________

عبارة عما يكون نقصانه أو زيادته موجبا للبطلان و هذا أمر علي طبق القاعدة الاولية فان نقصان المأمور به يوجب بطلان المركب لعدم مقتض للاجزاء كما ان زيادته توجب البطلان لكون الزيادة مبطلة للصلاة و لا فرق في هذه الجهة بين العمد و السهو و الجهل فما أفاده من فروض البطلان أمر علي طبق القاعدة و أما عدم البطلان في بعض الفروض فهو بلحاظ دليل خارجي هذا اجمال

البحث و التفصيل موكول الي محله فانتظر.

(1) قال الراغب في مفرداته: «السجود أصله التطامن و التذلل» و قال في الحدائق: «و هو لغة الخضوع و الانحناء» فعليه يكون حقيقة السجود التذلل نعم السجود شرعا عبارة عن وضع الجبهة علي الارض بقصد التعظيم.

(2) اذا لحكم يترتب علي السجدة زيادة أو نقصانا.

(3) تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: السجود علي سبعة أعظم: الجبهة و اليدين و الركبتين و الابهامين من الرجلين و ترغم بأنفك ارغاما أما الفرض فهذه السبعة و أما الارغام بالانف فسنة من النّبيّ صلي اللّه عليه و آله «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن ميمون القداح عن جعفر بن محمد عليه السلام قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب السجود الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 535

و يجب في الكفين الباطن (1) و في الضرورة ينتقل الي الظاهر (2) ثم الي الاقرب فالاقرب علي الاحوط (3) و لا يجزي السجود علي رءوس الاصابع (4) و كذا اذا ضم اصابعه الي راحته و سجد علي ظهرها (5) و لا يجب الاستيعاب في الجبهة بل يكفي المسمي (6).

______________________________

يسجد ابن آدم علي سبعة أعظم يديه و رجليه و ركبتيه و جبهته «1».

و ما رواه الفضل بن الحسن الطبرسي في مجمع البيان قال: روي ان المعتصم سأل أبا جعفر محمد بن علي بن موسي الرضا عليه السلام عن قوله: «وَ أَنَّ الْمَسٰاجِدَ لِلّٰهِ فَلٰا تَدْعُوا مَعَ اللّٰهِ أَحَداً» فقال: هي الاعضاء السبعة التي يسجد عليها «2» و منها: ما رواه حماد «3».

(1) عن النهاية نسبته الي ظاهر علمائنا و لا يبعد

ادعاء التبادر فانه المتعارف في وضع الكف علي الارض و السيرة جارية عليه بحيث لو بدل أحد الباطن بالظاهر و سجد علي ظاهر كفيه يكون مستنكرا.

(2) فانه الميسور فيجب.

(3) اتمام هذا بالدليل مشكل نعم مقتضي الاحتياط ما ذكر.

(4) فانها تعد من الظاهر.

(5) فانه لا يكون مصداقا للسجود علي الباطن المفروض وجوبه.

(6) يظهر من بعض الكلمات انه اتفاقي و يقتضيه النص لاحظ ما رواه زرارة عن احدهما عليهما السلام قال: قلت: الرجل يسجد و عليه قلنسوة أو عمامة فقال:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 8

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 536

و لا يعتبر أن يكون مقدار المسمي مجتمعا بل يكفي و ان كان متفرقا فيجوز السجود علي السبحة غير المطبوخة اذا كان مجموع ما وقعت عليه بمقدار مسمي السجود (1) مع كون اجزائها غير

______________________________

اذا مس جبهته الارض فيما بين حاجبه و قصاص شعره فقد أجزأ عنه «1».

و ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن حد السجود قال:

ما بين قصاص الشعر الي موضع الحاجب ما وضعت منه اجزأك «2».

و ما رواه بريد عن أبي جعفر عليه السلام قال الجبهة الي الانف اي ذلك أصبت به الارض في السجود أجزأك و السجود عليه كله أفضل «3» و يستفاد المدعي أيضا من حديث زرارة قال: عليه السلام: أجزأك مقدار الدرهم أو مقدار طرف الانملة «4» و مما رواه مروان بن مسلم و عمار الساباطي جميعا قال: ما بين قصاص الشعر الي طرف الانف مسجد اي ذلك أصبت به الارض أجزأك «5».

(1) اذ لا دليل علي شرطية الاجتماع و الانصراف لو كان بدوي و يدل علي المدعي في الجملة النصوص الدالة علي

جواز السجدة علي الحصي فمن تلك النصوص ما رواه حمران عن أحدهما عليهما السلام قال: كان أبي عليه السلام يصلي علي الخمرة يجعلها علي الطنفسة و يسجد عليها فاذا لم تكن خمرة جعل حصي علي الطنفسة حيث يسجد «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب السجود الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) الوسائل الباب 2 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 537

متباعدة (1) و يجزي في الركبتين أيضا المسمي (2) و في الابهامين وضع ظاهر هما أو باطنهما و ان كان الاحوط وضع طرفهما (3).

[مسألة 149: لا بد في الجبهة من مماستها للأرض]

(مسألة 149): لا بد في الجبهة من مماستها للأرض (4) و لا تعتبر

______________________________

و منها: ما رواه الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: دعا أبي بخمرة فأبطأت عليه فأخذ كفا من حصي فجعله علي البساط ثم سجد «1».

و منها: ما رواه عبد الملك بن عمرو قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام سوي الحصي حين أراد السجود «2» و منها غيرها.

(1) لعدم الدليل علي الجواز و انصراف الادلة عن الصورة المفروضة.

(2) فان الاجزاء مقتضي الاطلاق و أما الاستيعاب فالظاهر انه بالنسبة الي المتعارف من الناس أمر غير معقول عادة.

(3) بل لا يبعد أن يكون هذا هو الاقوي فانه فسر الانملة في اللغة برؤوس الإبهامين قال الراغب في مفرداته: «و الا نملة طرف الاصابع و جمعه انامل» و قريب منه عبارة مجمع البحرين و المنجد.

و قال في رواية حماد و انامل ابهامي الرجلين «3» و لا معارض لها و أما التعبير بالابهام في غير هذه الرواية فلا يوجب رفع اليد عنها اذ مقتضي القاعدة

تقييد اطلاق الابهام بالانملة الا أن يقال: بأن الا نملة العقدة أو تكون مجملة بحسب المفهوم فيكون المحكم اطلاق لفظ الابهام بماله من المفهوم.

(4) فانه علي القاعدة اذ بعد ما ثبت انه يلزم أن يضع الجبهة علي الارض

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 538

في غيرها من الاعضاء المذكورة (1).

[الثاني: الذكر]

الثاني: الذكر علي نحو ما تقدم في الركوع (2) و الاحوط في التسبيحة الكبري ابدال العظيم بالاعلي (3).

______________________________

و ثبت انه يشترط في المسجد أن يكون من جنس الارض أو من نباتها الا ما خرج فلا يبقي مجال للإشكال مضافا الي النص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسجد و عليه العمامة لا يصيب وجهه الارض قال: لا يجزيه ذلك حتي تصل جبهته الي الارض «1» و غيره مما ورد في الباب 14 من أبواب ما يسجد عليه من الوسائل.

(1) بلا اشكال و لا كلام لعدم المقتضي و السيرة القطعية شاهدة عليه مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه حمران «2» و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أردت أن تسجد فارفع يديك بالتكبير و خرسا جدا و ابدأ بيديك فضعهما علي الارض فان كان تحتهما ثوب فلا يضرك و ان أفضيت بهما الي الارض فهو أفضل «3».

و ما رواه أبو حمزة قال: قال أبو جعفر عليه السلام لا بأس أن تسجد و بين كفيك و بين الارض ثوبك «4».

(2) و قد تقدم الكلام هناك.

(3) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي

عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سجدت

______________________________

(1) لاحظ الوسائل الباب 14 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 536

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 539

[الثالث: الطمأنينة فيه]

الثالث: الطمأنينة فيه كما في ذكر الركوع (1).

______________________________

فكبر و قل اللهم لك سجدت و بك آمنت و لك اسلمت و عليك توكلت و أنت ربي سجد وجهي للذي خلقه و شق سمعه و بصره الحمد للّه رب العالمين تبارك اللّه أحسن الخالقين ثم قال: سبحان ربي اللّه الاعلي و بحمده ثلاث مرات فاذا رفعت رأسك فقل بين السجدتين: اللهم اغفر لي و ارحمني و أجرني و ادفع عني (و عافني) اني لما أنزلت إلي من خير فقير تبارك اللّه رب العالمين «1» و لاحظ ما رواه حماد «2» و ما رواه عقبة بن عامر «3» و ما رواه هشام بن الحكم «4» و مقتضي بعض النصوص كفاية مطلق الذكر في الركوع و السجود.

(1) ادعي عليه عدم الخلاف بل الاجماع و استدل عليه بجملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن موسي الهمداني (الهذلي) عن علي بن الحسين عليه السلام قال: أتي الثقفي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يسأل عن الصلاة فقال:

اذا قمت الي الصلاة فأقبل الي اللّه بوجهك يقبل عليك فاذا ركعت فانشر أصابعك علي ركبتيك و ارفع صلبك فاذا سجدت فمكن جبهتك من الارض و لا تنقره كنقرة الديك «5».

و هذه الرواية مخدوشة سندا بالهذلي مضافا الي أن المستفاد منها انه لا يكون كنقرة الديك و لا يستفاد منها استقرار البدن اضف الي ذلك انه ليس في الرواية دليل علي المقدار اي

مقدار الذكر.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب السجود الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 373

(3) لاحظ ص: 515

(4) الوسائل الباب 21 من أبواب الركوع الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 18

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 540

[الرابع: كون المساجد في محالها حال الذكر]

الرابع: كون المساجد في محالها حال الذكر (1) و اذا أراد رفع شي ء منها سكت الي أن يضعه ثم يرجع الي الذكر (2).

______________________________

سألته عن الرجل يسجد علي الحصي فلا يمكن جبهته من الارض قال: يحرك جبهته حتي يتمكن فينحي الحصي عن جبهته و لا يرفع رأسه «1».

و من الممكن أن يكون المراد من التمكن الاعتماد علي الارض لا الاستقرار مضافا الي أنه لا دلالة فيه من حيث مقدار الذكر.

و منها: ما رواه علي بن يقطين «2» و فيه: اولا: ان احتمال أن يكون المراد الاعتماد لا الاستقرار موجود مضافا الي أنه علي تقدير الدلالة يدل علي لزوم الاستقرار بمقدار تسبيح واحد فالمتحصل انه ليس في الروايات شاهد علي المدعي.

(1) كما هو الظاهر من قوله صلي اللّه عليه و آله: «السجود علي سبعة أعظم» «3» و غيره من النصوص.

(2) فلا يضر مطلق الرفع حتي في غير حال الذكر و الامر كما أفاده لعدم ما يقتضي البطلان فان مقتضي الاطلاق المقامي و الاصل العملي عدم كونه مبطلا و يؤيد المدعي ما رواه ابن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يكون راكعا أو ساجدا فيحكه بعض جسده هل يصلح له أن يرفع يده من ركوعه أو سجوده فيحكه مما حكه؟ قال: لا بأس اذا شق عليه أن يحكه و الصبر الي

أن يفرغ افضل «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب السجود الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 518

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب السجود الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 23 من أبواب الركوع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 541

[الخامس: رفع الرأس من السجدة الأولي إلي أن ينتصب جالسا مطمئنا]

الخامس: رفع الرأس من السجدة الاولي الي أن ينتصب جالسا مطمئنا (1).

[السادس: تساوي موضع جبهته و موقفه]
اشارة

السادس: تساوي موضع جبهته و موقفه الا أن يكون الاختلاف بمقدار لبنة و قدر بأربع أصابع مضمومة (2).

______________________________

(1) فانه بلا رفع الرأس لا يتحقق الفرد الثاني من السجدة و يدل عليه ما في رواية حماد من قوله «ثم رفع رأسه من السجود» «1» و لكن لا دلالة في الرواية علي الاطمينان نعم ادعي عليه الاجماع.

(2) اللبنة بفتح اللام و كسر الباء و بكسر اللام و سكون الباء و المراد بها ما كان متعارفا منها في زمان الائمة عليهم السلام و قدرها الاصحاب بأربع أصابع تقريبا و الدليل عليه ان اللبن الموجود الان في ابنية بني العباس في سر من رأي الذي في أبنيتها بهذا المقدار تقريبا علي ما قالوا.

و أما قوله و قدر الي آخره فلان الظاهر من التقدير باللبنة التقدير بالعمق فينطبق علي ما في المتن.

و كيف كان هذا الحكم مشهور بين الاصحاب بل عن جملة من الاعيان نسبته الي علمائنا و استدل علي المدعي بما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن السجود علي الارض المرتفع فقال: اذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن موضع بدنك قدر لبنة فلا بأس «2»

و هذه الرواية لا اعتبار بها سندا فان النهدي لقب لمحمد بن أحمد بن خاقان و لهيثم بن أبي مسروق و يطلق أيضا علي يزيد بن فرقد و الثاني و الثالث لم يوثقا

______________________________

(1) لاحظ ص: 373

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب السجود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 542

______________________________

و قال في الحدائق: «ان الظاهر ان النهدي الذي في السند هو الهيثم بن أبي مسروق بقرينة

رواية محمد بن علي بن محبوب عنه» فلا اعتبار بالرواية سندا مضافا الي أنه قيل: انه ضبط في بعض النسخ «يديك» بدل بدنك.

و مما يمكن أن يستدل به عليه ما أرسله الكليني قال: و في حديث آخر في السجود علي الارض المرتفعة قال: اذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن رجليك قدر لبنة فلا بأس «1».

و هذه الرواية أيضا ساقطة سندا و سيد المستمسك قدس سره يحتمل انه عين ما رواه ابن سنان و ما احتمله في محله.

و أما خبر حسين بن حماد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: أضع وجهي للسجود فيقع وجهي علي حجر أو علي موضع مرتفع احول وجهي الي مكان مستو؟ فقال: نعم جر وجهك علي الارض من غير أن ترفعه «2» فغير معتبر فان حسين بن حماد لم يوثق.

و كذلك خبره الاخر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أسجد فتقع جبهتي علي الموضع المرتفع فقال: ارفع رأسك ثم ضعه «3».

و أما خبر أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يرفع موضع جبهته في المسجد فقال: اني احب أن أضع وجهي في موضع قدمي و كرهه «4» فلا يدل علي اللزوم و لا يقتضي المنع عن الارتفاع.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب السجود الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب السجود الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 543

______________________________

يبقي في المقام خبر عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن موضع جبهة المساجد أن يكون أرفع من مقامه؟ فقال: لا و ليكن مستويا «1» فان مقتضي هذه الرواية لزوم التساوي بين موضع الجبهة

و المقام.

و لا يعارضه ما رواه محمد بن عبد اللّه عن الرضا عليه السلام في حديث انه سأله عمن يصلي وحده فيكون موضع سجوده أسفل من مقامه فقال: اذا كان وحده فلا بأس «2» فان السند مخدوش بالعبيدي مضافا الي أنه لم يعرف محمد بن عبد اللّه الواقع في السند.

لكن يقيد بالنسبة الي الانخفاض بما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المريض أ يحل له أن يقوم علي فراشه و يسجد علي الارض؟ قال:

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 543

فقال: اذا كان الفراش غليظا قدر آجرة أو أقل استقام له أن يقوم عليه و يسجد علي الارض و ان كان أكثر من ذلك فلا «3».

لكن لقائل أن يقول: ان مقتضي القاعدة الالتزام بالجواز بالنسبة الي المريض و أما في غيره فلا وجه بل مقتضي تلك الرواية وجوب رعاية التساوي و اللّه العالم.

و أما رواية معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا وضعت جبهتك علي نبكة فلا ترفعها و لكن جرها علي الارض «4» فلا يعلم الوجه في امره عليه السلام بجر الجبهة فان تحويل الجبهة يمكن أن يكون لعدم امكان الاعتماد.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب السجود الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب السجود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 544

و لا فرق بين الانحدار و التسنيم فيما اذا كان الانحدار ظاهرا (1) و أما في غير الظاهر فلا اعتبار بالتقدير المذكور (2) و ان كان هو الاحوط استحبابا

(3).

______________________________

فتحصل من مجموع ما تقدم ان الانخفاض بمقدار اللنبة لا بأس به و أما الارتفاع فلا يجوز بمقتضي رواية ابن سنان الا أن يقال: بأنه لا يجب التساوي بلا اشكال انما الكلام في أن الارتفاع المغتفر بأي مقدار و حيث ان الزائد عن اللبنة ممنوع بتسالم الاصحاب مضافا الي السيرة العملية الخارجية فبهذا المقدار لا بأس به و الزائد عليه ممنوع و يمكن أن يقال: انه لا يستفاد من خبر ابن سنان وجوب التسوية اذ الامر الوارد فيه في مقام توهم الحظ فلا يدل علي الوجوب و بعبارة واضحة ان السائل يحتمل لزوم الارتفاع و يسأل الامام عليه السلام عنه و يجيب عليه السلام بعدم الوجوب ثم يأمر بالتسوية فالمقام مقام توهم الحظ و يضاف الي ذلك ان المستفاد من احاديث حمران و الحلبي و عبد الملك «1» ان الامام عليه السلام وضع جبهته علي الحصي عند السجود و من الظاهر أن لازمه كون موضع جبهته أرفع من مقامه فلا تجب التسوية و مع عدم وجوبها ترفع اليد عن دليل لزومها علي فرض دلالته عليها غاية الامر نلتزم بعدم الجواز اذا كان أزيد من مقدار اللبنة للتسالم.

(1) لإطلاق الدليل المقتضي لعدم الفرق.

(2) ما أفاده مشكل فان مقتضي الاطلاق عدم الفرق و قد كتب الماتن في هامش العروة- في هذا المقام-: «الظاهر عدم الفرق بينه و بين غير اليسير».

(3) و قد ظهر أنه الا ظهر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 536 و 537

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 545

و لا يعتبر ذلك في باقي المساجد علي الاقوي (1).

[مسألة 150: إذا وضع جبهته علي الموضع المرتفع أو المنخفض]

(مسألة 150): اذا وضع جبهته علي الموضع المرتفع أو المنخفض فان لم يصدق معه السجود رفعها ثم سجد علي المستوي (2) و

ان صدق معه السجود أو كان المسجد مما لا يصح السجود عليه فالظاهر أيضا لزوم الرفع و السجود علي ما يجوز السجود عليه (3) و اذا وضعها علي ما يصح السجود عليه جاز جرها الي الافضل أو الاسهل (4).

[مسألة 151: إذا ارتفعت جبهته عن المسجد قهرا قبل الذكر أو بعده]

(مسألة 151): اذا ارتفعت جبهته عن المسجد قهرا قبل الذكر أو بعده فان أمكن حفظها عن الوقوع ثانيا احتسبت له و سجد اخري بعد الجلوس معتدلا (5) و ان وقعت علي المسجد ثانيا قهرا لم تحسب الثانية فيرفع رأسه و يسجد الثانية (6).

______________________________

(1) كما لعله المشهور فيما بين القوم و ما أفاده علي القاعدة فان الاطلاق المقامي يقتضي العدم كما ان مقتضي اصالة البراءة كذلك.

(2) اذ لا مانع من الرفع و الوضع ثانيا فان المفروض ان السجود بما له من المفهوم لم يتحقق فلا يتوجه اشكال من ناحية الزيادة و أما زيادة وضع الجبهة علي المرتفع فهي لا تفسد الصلاة لعدم العمد.

(3) لعدم تحقق المأمور به فيلزم الرفع و الوضع علي ما يصح.

(4) الجواز علي القاعدة لعدم ما يقتضي المنع.

(5) كفاية مجرد الوقوع علي الارض بلا قرار بحيث يكون كنقر الغراب في غاية الاشكال فعليه يمكن القول بأن القاعدة تقتضي أن يأتي بها ثانيا بلا اشكال لان زيادة السجدة تضر بالصحة و المفروض ان السجدة لا تتحقّق بمجرد الوضع و الرفع.

(6) لو قلنا بأن السجود الاول لم يكن تاما لا يكون الثاني مؤثرا في الصحة

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 546

[مسائل في السجود]
[مسألة 152: إذا عجز عن السجود التام انحني بالمقدار الممكن و رفع المسجد إلي جبهته و وضعها عليه]

(مسألة 152): اذا عجز عن السجود التام انحني بالمقدار الممكن و رفع المسجد الي جبهته و وضعها عليه (1) و وضع سائر المساجد في محالها (2) و ان لم يمكن الانحناء أصلا

______________________________

لان الثاني لا يكون متمما للأول بل فرد ثان و حيث انه وقع بلا اختيار لا يكون مفيدا فمقتضي القاعدة أن يتدارك و لا يوجب البطلان فان السجدة الاولي حيث انها فاقدة للاستقرار لا يكون سجودا شرعيا و الثانية حيث انها بلا اختيار لا

تكون موضوعا للنهي و مع ذلك مقتضي الاحتياط اعادة الصلاة.

(1) يدل عليه ما رواه ابراهيم ابن أبي زياد الكرخي قال: قلت: لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل شيخ لا يستطيع القيام الي الخلا و لا يمكنه الركوع و السجود فقال: ليؤم برأسه ايماء و ان كان له من يرفع الخمرة فليسجد فان لم يمكنه ذلك فليؤم برأسه نحو القبلة ايماء «1».

و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن خالد الطيالسي فانه لم يوثق فلا يمكن الاعتماد عليها و عليه لو كان بحيث صدق عنوان السجود و لو مع ارتفاع المسجد يجب لأنه ميسور و يجب و أما مع عدم الصدق فيجب الايماء.

و قد نقل عن الشافعي و أبي حنيفة انه تصل النوبة الي الايماء من أول الامر و لا يمكن مساعدته اذ لا مقتضي لوجوب الايماء من أول الامر كما مر التفصيل في مبحث القيام فراجع.

(2) فان وضعها في محالها واجب حسب النص و لا موجب لسقوط الوجوب فان المفروض انه واجب في ظرف السجود و فرضنا تحقق السجود فيجب بوجوبه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب السجود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 547

أو أمكن بمقدار لا بصدق معه السجود عرفا أومأ برأسه فان لم يمكن فبالعينين (1) و ان لم يمكن فالاولي أن يشير الي السجود باليد أو نحوها و ينويه بقلبه (2) و الاحوط استحبابا له رفع المسجد الي الجبهة (3) و كذا وضع المساجد في محالها و ان كان الاظهر عدم وجوبه (4).

[مسألة 153: إذا كان بجبهته قرحة أو نحوها مما يمنعه من وضعها علي المسجد]

(مسألة 153): اذا كان بجبهته قرحة أو نحوها مما يمنعه من وضعها علي المسجد فان لم يستغرقها سجد علي الموضع السليم و لو بأن بحفر حفيرة ليقع السليم علي الارض (5).

______________________________

(1)

و قد تقدم الكلام في مبحث القيام.

(2) اتمام ما أفاده مشكل و النية بالقلب لا دليل عليها و لا يكون ميسورا للسجود و الايماء.

(3) خروجا عن شبهة الخلاف.

(4) الظاهر انه لا وجه له فان الظاهر من الادلة وجوب وضعها حال السجود و المفروض انتفائه و وجوبه في حال البدل لا دليل عليه.

(5) هذا مقتضي القاعدة فان الامتثال يمكن بهذا النحو فيجب بحكم العقل و يؤيده ما رواه مصادف قال: خرج بي دمل فكنت أسجد علي جانب فرأي أبو عبد اللّه عليه السلام أثره فقال: ما هذا؟ فقلت: لا أستطيع أن أسجد من أجل الدمل فانما أسجد منحرفا فقال لي: لا تفعل ذلك و لكن احفر حفيرة و اجعل الدمل في الحفيرة حتي تقع جبهتك علي الارض «1» و هذه الرواية ساقطة سندا و لذا عبرنا بالتأييد.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب السجود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 548

و ان استغرقها سجد علي أحد الجبينين (1) مقدما الايمن علي الاحوط استحبابا (2) و الاحوط لزوما الجمع بينه و بين السجود علي الذقن و لو بتكرار الصلاة (3) فان تعذر السجود علي الجبين اقتصر علي السجود علي

______________________________

(1) ادعي عليه الاجماع و من الظاهر ان مثل هذه الاجماعات لا اعتبار به فانها مدركية و ان ابيت عن القطع فاقله الاحتمال.

و في المقام نصوص منها: ما رواه علي بن محمد باسناد له قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عمن بجبهته علة لا يقدر علي السجود عليها قال: يضع ذقنه علي الارض ان اللّه تعالي يقول: يَخِرُّونَ لِلْأَذْقٰانِ سُجَّداً «1» و هذه الرواية ضعيفة فان اسناد علي بن محمد غير معلوم.

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار عن

أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

قلت: له: رجل بين عينيه قرحة لا يستطيع أن يسجد قال: يسجد ما بين طرف شعره فان لم يقدر سجد علي حاجبه الايمن قال: فان لم يقدر فعلي حاجبه الايسر فان لم يقدر فعلي ذقنه قلت: علي ذقنه؟ قال: نعم أما تقرأ كتاب اللّه عز و جل يَخِرُّونَ لِلْأَذْقٰانِ سُجَّداً «2» و هذه الرواية أيضا ضعيفة لكون الصباح مجهولا.

و منها: ما رواه في فقه الرضا «3» و هذه الرواية أيضا ضعيفة كما هو ظاهر.

(2) الوجه في الاحتياط ما في الفقه الرضوي و الاعتبار أيضا يساعده و يؤيده أيضا حديث اسحاق بن عمار الذي سبق ذكره.

(3) للعلم الإجمالي.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) جامع أحاديث الشيعة الباب 9 من أبواب السجود الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 549

الذقن (1) فان تعذر أومأ الي السجود برأسه أو بعينه علي ما تقدم (2).

[مسألة 154: لا بأس بالسجود علي غير الأرض و نحوها مثل الفراش في حال التقية]

(مسألة 154): لا بأس بالسجود علي غير الارض و نحوها مثل الفراش في حال التقية و لا يجب التخلص منها بالذهاب الي مكان آخر (3) نعم لو كان في ذلك المكان وسيلة لترك التقية بأن يصلي علي البارية أو نحوها مما يصح السجود عليه وجب اختيارها (4).

[مسألة 155: إذا نسي السجدتين]

(مسألة 155): اذا نسي السجدتين فان تذكر قبل الدخول في الركوع وجب العود اليهما (5) و ان تذكر بعد الدخول فيه بطلت الصلاة (6) و ان كان المنسي سجدة واحدة رجع و أتي بها ان تذكر قبل الركوع (7).

______________________________

(1) لدلالة الروايتين و لا يبعد أن يعد ميسورا للجبهة.

(2) و قد تقدم الكلام هناك فراجع.

(3) ما أفاده يتم فيما يتعلق الامر بالعمل الفاقد للشرط لأجل التقية كما لو قال المولي: صلي علي الفرش عند التقية فانه لا شبهة في الجواز و أما مجرد الامر بالتقية فلا يقتضي الاجزاء أعم من أن يكون بنحو الوجوب أو الندب اذ جواز التقية وجوبا أو ندبا أعم من كون موردها مجزية و تفصيل الكلام موكول الي محل آخر.

(4) حيث ان في هذا الفرض لا موضوع للتقية اذ الاتيان بالواجب مع شرائطه لا يكون منافيا للتقية و لا فرق بين الفرد الواجد و الفاقد.

(5) لبقاء محل التدارك فيجب.

(6) اذ السجدتان ركن و المفروض عدم امكان تداركهما فلا تكون الصلاة قابلة للصحة.

(7) لإمكان التدارك بالرجوع.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 550

و ان تذكره بعده مضي و قضاها بعد السلام و سيأتي في مبحث الخلل التعرض لذلك (1).

[مسألة 156: يستحب في السجود التكبير حال الانتصاب بعد الركوع و رفع اليدين حاله]

(مسألة 156): يستحب في السجود التكبير حال الانتصاب بعد الركوع و رفع اليدين حاله (2) و السبق باليدين الي الارض (3) و استيعاب الجبهة في السجود عليها (4) و الارغام بالانف (5).

______________________________

(1) و نتكلم حول المسألة هناك ان شاء اللّه فانتظر.

(2) لاحظ ما رواه زرارة «1».

(3) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال فيه: «فإذا اردت أن تسجد فارفع يديك بالتكبير و خر ساجدا و ابدأ بيديك فضعهما علي الارض قبل ركبتيك تضعهما

معا الحديث» «2».

(4) لاحظ ما رواه بريد «3».

(5) ادعي عليه الاجماع و دلت عليه عدة نصوص منها: ما رواه حماد قال فيه:

«و وضع الانف علي الارض سنة» «4» و منها: ما رواه عمار عن جعفر عن أبيه قال: قال علي عليه السلام: لا تجزي صلاة لا يصيب الانف ما يصيب الجبين «5».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن المغيرة عمن سمع أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

لا صلاة لمن لم يصيب أنفه ما يصيب جبينه «6».

______________________________

(1) لاحظ ص: 523

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 536

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 4 من أبواب السجود الحديث: 4

(6) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 551

______________________________

و نقل عن ظاهر الصدوق في الفقيه و الهداية القول بالوجوب و استدل لعدم الوجوب بوجوه: منها خبر محمد بن مصادف (مضارب) قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: انما السجود علي الجبهة و ليس علي الانف سجود «1».

و هذه الرواية ضعيفة بابن مصادف فانه ضعفه ابن الغضائري في مورد و وثقه في مورد آخر فبالتعارض يتساقطان و مجرد كونه في أسناد كامل الزيارة- كما في رجال سيدنا الاستاد- لا أثر له.

و منها: انه عبر في بعض النصوص بأنه سنة «2» و فيه انه يمكن أن يكون المراد بالسنة انه ليس مما فرضه اللّه في كتابه.

و منها: انه صرح في رواية زرارة «3» بأن السجود علي سبعة أعظم.

و فيه: ان غاية ما تدل عليه رواية زرارة ان الارغام ليس من أفراد السجود و لا ينافي ما يدل علي وجوبه بل في نفس الخبر دلالة علي وجوبه بقوله: «و

ترغم بانفك».

و منها:: ما دل علي أن حد السجود ما بين قصاص الشعر الي موضع الحاجب لاحظ ما رواه زرارة «4».

و فيه: ان الخبر في مقام بيان حد السجود الواقع في الجبهة اذا عرفت ما ذكر فاعلم ان احسن الوجوه في الالتزام بعدم الوجوب و رفع اليد عن ظهور بعض النصوص فيه السيرة الجارية بلا نكير من احد فانه لو كان الارغام واجبا لبان و ظهر و شاع و علن و اللّه العالم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 550

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب السجود الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 535

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 552

و بسط اليدين مضمومتي الاصابع حتي الابهام حذاء الاذنين متوجها بهما الي القبلة (1) و شغل النظر الي طرف الانف حال السجود (2) و الدعاء قبل الشروع في الذكر فيقول: اللهم لك سجدت و بك آمنت و لك اسلمت و عليك توكلت و أنت ربي سجد وجهي للذي خلقه و شق سمعه و بصره الحمد للّه رب العالمين تبارك اللّه أحسن الخالقين (3) و تكرار الذكر (4) و الختم علي الوتر (5) و اختيار التسبيح

______________________________

(1) لما في رواية حماد من قوله: «ثم سجد و بسط كفيه مضمومتي الاصابع بين يدي ركبتيه حيال وجهه» «1».

(2) قال في الحدائق: و منها: نظره في حال السجود الي طرف أنفه قال في الذكري: قاله جماعة من الاصحاب و هو يؤذن بعدم وقوفه علي مستنده و بذلك صرح غيره أيضا و مستنده الذي وقفت عليه ما في كتاب الفقه الرضوي حيث قال عليه السلام: «و يكون بصرك في وقت السجود الي انفك» «2».

(3) لاحظ ما رواه الحلبي «3».

(4) لاحظ ما رواه هشام «4».

(5) لاحظ ما

رواه هشام «5» و ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ان اللّه وتر يحب الوتر «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 2

(2) الحدائق الناضرة ج 8 ص: 301

(3) لاحظ ص: 538

(4) لاحظ ص: 515

(5) لاحظ ص: 515

(6) الوسائل الباب 31 من أبواب الوضوء الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 553

و الكبري منه و تثليثها (1) و الافضل تخميسها (2) و الافضل تسبيعها (3) و أن يسجد علي الارض (4) بل التراب (5) و مساواة موضع الجبهة

______________________________

(1) لاحظ ما رواه حماد «1».

(2) لاحظ ما روي في فقه الرضا عليه السلام: «و قل في ركوعك بعد التكبير اللهم لك ركعت الي أن قال: سبحان ربي العظيم و بحمده ثلاث مرات و ان شئت خمس مرات و ان شئت سبع مرات و ان شئت التسع فهو افضل» «2» فتأمل.

(3) لاحظ ما رواه هشام «3».

(4) لاحظ ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: السجود علي الارض أفضل لأنه أبلغ في التواضع و الخضوع للّه عز و جل «4» و ما رواه اسحاق بن الفضيل «5».

(5) لاحظ ما في دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ان الارض بكم برة تتيممون منها و تصلون عليها في الحياة و هي لكم كفاة في الممات و ذلك من نعمة اللّه له الحمد فأفضل ما يسجد عليه المصلي الارض النقية و روينا عن جعفر بن محمد عليهما السلام انه قال: ينبغي للمصلي أن يباشر بجبهته الارض و يعفر وجهه في التراب لأنه من التذلل

للّه «6».

______________________________

(1) لاحظ ص: 373

(2) مستدرك الوسائل الباب 4 من أبواب الركوع الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 515

(4) الوسائل الباب 17 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) مستدرك الوسائل الباب 10 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 554

للموقف (1) بل مساواة جميع المساجد لهما (2) قيل: و الدعاء في السجود بما يريد من حوائج الدنيا و الآخرة خصوصا الرزق فيقول: يا خير المسئولين و يا خير المعطين ارزقني و ارزق عيالي من فضلك فانك ذو الفضل العظيم (3) و التورك في الجلوس بين السجدتين و بعدهما (4) بأن يجلس علي فخذه اليسري جاعلا ظهر قدمه اليمني علي بطن اليسري (5 و أن يقول في الجلوس بين السجدتين: استغفر اللّه ربي و أتوب اليه (6) و أن يكبر بعد الرفع من السجدة الاولي بعد الجلوس مطمئنا و يكبر للسجدة الثانية و هو جالس (7).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان «1».

(2) كما نقل عن بعض علي ما في كلام سيد المستمسك قدس سره و عن الجواهر تعليله بقوله: «لأنه أقوم للسجود» و اللّه العالم.

(3) كما نص عليه في رواية زيد الشحام «2».

(4) حكي عليه الاجماع.

(5) قال السيد الحكيم قدس سره حكي تفسيره بذلك عن الشيخ و من تأخر عنه و لاحظ ما رواه حماد «3».

(6) لاحظ ما رواه حماد «4».

(7) لاحظ ما رواه حماد «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 543

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب السجود الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 373

(4) لاحظ ص: 373

(5) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 555

و يكبر بعد الرفع من الثانية كذلك (1) و يرفع اليدين حال التكبيرات (2) و وضع اليدين

علي الفخذين حال الجلوس اليمني علي اليمني و اليسري علي اليسري (3) و التجافي حال السجود عن الارض (4) و التجنح بمعني أن يباعد بين عضديه عن

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الطبرسي في كتاب الاحتجاج في جواب مكاتبة محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري الي صاحب الزمان عليه السلام يسألني بعض الفقهاء عن المصلي اذا قام من التشهد الاول الي الركعة الثالثة هل يجب عليه أن يكبر فان بعض أصحابنا قال: لا يجب عليه التكبير و يجزيه أن يقول: بحول اللّه و قوته اقوم و أقعد فكتب عليه السلام في الجواب: ان فيه حديثين أما أحدهما فانه اذا انتقل من حالة الي حالة اخري فعليه التكبير و أما الاخر فانه روي اذا رفع رأسه من السجدة الثانية و كبر ثم جلس ثم قام فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير و كذلك التشهد الاول يجري هذا المجري و بأيهما أخذت من جهة التسليم كان صوابا «1».

(2) لاحظ ما رواه الطبرسي عن مقاتل بن حنان قال فيه: «و ان لكل شي ء زينة و ان زينة الصلاة رفع الايدي عند كل تكبيرة» «2».

(3) قال سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام: قال في التذكرة: و يستحب وضعهما حالة الجلوس للتشهد و غيره علي فخذيه مبسوطتين مضمومتي الاصابع بحذاء عين ركبتيه عند علمائنا لان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان اذا قعد يدعو يضع يده اليمني علي فخذه اليمني و يده اليسري علي فخذه اليسري و يشير بإصبعه.

(4) لاحظ ما رواه حفص الاعور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان علي عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب السجود الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب

تكبيرة الاحرام الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 556

جنبيه و يديه عن بدنه (1) و أن يصلي علي النبي و آله في السجدتين (2) و أن يقوم رافعا ركبتيه قبل يديه (3) و أن يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لي و ارحمني و أجرني و ادفع عني اني لما أنزلت إلي من خير فقير تبارك اللّه رب العالمين (4) و أن يقول عند النهوض: «بحول اللّه و قوته أقوم و أقعد (5) و اركع و اسجد (6) أو بحولك و قوتك اقوم و اقعد أو اللهم بحولك

______________________________

السلام اذا سجد يتخوي كما يتخوي البعير الضامر يعني بروكه «1».

(1) لاحظ ما رواه حماد «2».

(2) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان «3».

(3) لاحظ ما رواه محمد قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يضع يديه قبل ركبتيه اذا سجد و اذا أراد أن يقوم رفع ركبتيه قبل يديه «4».

(4) لاحظ ما رواه الحلبي «5».

(5) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا جلست في الركعتين الاوليين فتشهدت ثم قمت فقل: بحول اللّه و قوته أقوم و اقعد «6».

(6) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب السجود الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 373

(3) لاحظ ص: 526

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب السجود الحديث: 1

(5) لاحظ ص: 538

(6) الوسائل الباب 13 من أبواب السجود الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 557

و قوتك اقوم و اقعد (1) و يضم اليه و اركع و اسجد (2) و أن يبسط يديه علي الارض معتمدا عليها للنهوض (3) و أن يطيل السجود (4) و يكثر

فيه من الذكر و التسبيح (5) و يباشر الارض بكفيه (6) و زيادة

______________________________

قمت من السجود قلت: اللهم ربي بحولك و قوتك أقوم و أقعد و ان شئت قلت:

و أركع و أسجد «1» و ما رواه رفاعة «2».

(1) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان.

(2) كما مر.

(3) لاحظ ما عن دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: اذا أردت القيام من السجود فلا تعجن بيديك يعني تعتمد عليهما و هو مقبوضة و لكن ابسطهما بسطا و اعتمد عليهما و انهض قائما «3».

(4) لاحظ ما رواه زياد القندي في حديث ان أبا الحسن عليه السلام كتب اليه: اذا صليت فأطل السجود «4».

(5) لاحظ ما رواه حفص بن غياث قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يتخلل بساتين الكوفة فانتهي الي نخلة فتوضأ عندها ثم ركع و سجد فأحصيت في سجوده خمسمائة تسبيحة «5».

(6) لاحظ ما رواه زرارة «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) مستدرك الوسائل الباب 16 من أبواب السجود الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 23 من أبواب السجود الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 6

(6) لاحظ ص: 538

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 558

تمكين الجبهة (1) و يستحب للمرأة وضع اليدين بعد الركبتين عند الهوي للسجود و عدم تجافيهما بل تفرش ذراعيها و تلصق بطنها بالارض و تضم اعضائها و لا ترفع عجيزتها حال النهوض للقيام بل تنهض معتدلة (2).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال علي عليه السلام: اني لأكره للرجل أن اري جبهته جلحاء ليس فيها أثر السجود «1».

و ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: ان علي بن الحسين عليه السلام

كان أثر السجود في جميع مواضع سجوده فسمي السجاد لذلك «2».

(2) لاحظ ما رواه زرارة قال: اذا قامت المرأة في الصلاة جمعت بين قدميها و لا تفرج بينهما و تضم يديها الي صدرها لمكان ثدييها فاذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها علي فخذيها لئلا تطأطأ كثيرا فترتفع عجيزتيها فاذا جلست فعلي أليتيها ليس كما يجلس الرجل و اذا سقطت للسجود بدأت بالقعود و بالركبتين قبل اليدين ثم تسجد لاطئة بالارض فاذا كانت في جلوسها ضمت فخذيها و رفعت ركبتيها من الارض و اذا نهضت انسلت انسلالا لا ترفع عجيزتيها اولا «3».

و ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سجدت المرأة بسطت ذراعيها «4».

و ما رواه ابن بكير عن بعض أصحابنا قال: المرأة اذا سجدت تضممت

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب السجود الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب السجود الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 559

و يكره الاقعاء في الجلوس بين السجدتين (1) بل بعدهما أيضا (2) و هو أن يعتمد بصدر قدميها علي الارض و يجلس علي عقبيه (3) و يكره أيضا نفخ موضع السجود (4).

______________________________

و الرجل اذا سجد تفتح «1».

و ما عن أمير المؤمنين عليه السلام: اذا صلت المرأة فلتحتفز اي تتضام اذا جلست و اذا سجدت و لا تتخوي كما يتوخي الرجل «2».

(1) لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تقع بين السجدتين اقعاء «3».

(2) لاحظ ما روي عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: لا تلثم و لا تحتفز و لا تقع علي قدميك و

لا تفترش ذراعيك «4».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال فيه؟ «و لا تقع علي قدميك» «5» بناء علي أنه من الاقعاء.

(3) كما فسر بذلك فيما رواه عمرو بن جميع عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال فيه و الاقعاء أن يضع الرجل ألييه علي عقبيه في تشهديه «6».

(4) لاحظ ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله: قال: و نهي أن ينفخ في طعام أو

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب السجود الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 5

(6) الوسائل الباب 7 من أبواب السجود الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 560

اذا لم يتولد منه حرفان و الا لم يجز (1) و أن لا يرفع بيديه عن الارض بين السجدتين (2) و أن يقرأ القرآن في السجود (3).

[مسألة 157: الأحوط استحبابا الإتيان بجلسة الاستراحة]

(مسألة 157): الاحوط استحبابا الاتيان بجلسة الاستراحة و هي الجلوس بعد السجدة الثانية في الركعة الاولي و الثالثة مما لا تشهد فيها (4).

______________________________

شراب و أن ينفخ في موضع السجود «1».

(1) لما يأتي من أن الكلام مبطل للصلاة.

(2) لما رواه البزنطي صاحب الرضا عليه السلام قال: سألته عن الرجل يسجد ثم لا يرفع يديه من الارض بل يسجد الثانية هل يصلح له ذلك قال: ذلك نقص في الصلاة «2».

(3) لاحظ ما رواه أبو عبيد القاسم بن عبد السلام بأسانيد متصلة الي النبي صلي اللّه عليه و آله قال: اني قد نهيت عن القراءة في الركوع و السجود الحديث «3»

(4) نقل عن جملة من الاعاظم الالتزام بالوجوب بل نقل ادعاء الاجماع عليه و يدل عليه في الجملة ما رواه أبو

بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام اذا رفعت رأسك في (من) السجدة الثانية من الركعة الاولي حين تريد أن تقوم فاستو جالسا ثم قم «4».

و يدل عليه أيضا ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا قمت

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب السجود الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب السجود الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب الركوع الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب السجود الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 561

[تتميم]
اشارة

تتميم:

يجب السجود عند قراءة آياته الاربع في السور الاربع (1) و هي

______________________________

الي أن قال: و اذا كان في الركعة الاولي و الثانية فرفعت رأسك من السجود فاستتم جالسا حتي ترجع مفاصلك «1».

و ربما يقال: ان رواية زرارة قال: رأيت أبا جعفر و أبا عبد اللّه عليهما السلام اذا رفعا رءوسهما من السجدة الثانية نهضا و لم يجلسا «2» تعارض ما دل علي الوجوب.

لكن يرده و يعارضه خبر عبد الحميد بن عواض عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: رأيته اذا رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الاولي جلس حتي يطمئن ثم يقوم «3».

و لنا أن نقول: ان وجه الفعل لم يكن معلوما و يمكن أن يكون الوجه في تركهما عليهما السلام التقية الا أن يقال: ان حديث زرارة يدل علي أنهما عليهما السلام كانا مستمرين في عدم الاستراحة فلا مجال لحمله علي التقية فيقع التعارض بين الجانبين و بعد التعارض تصل النوبة الي الاصل اللفظي و العملي و مقتضاه عدم الوجوب و طريق الاحتياط ظاهر.

(1) ادعي عليه الاجماع من جماعة من الاعاظم و قد دلت عليه جملة من النصوص: منها: ما رواه سماعة قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا قرأت

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب السجود الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 562

الم تنزيل عند قوله تعالي: يَسْتَكْبِرُونَ و حم فصلت عند قوله: تَعْبُدُونَ و النجم و العلق في آخرهما (1).

______________________________

السجدة فاسجد و لا تكبر حتي ترفع رأسك «1».

و منها: ما رواه الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: يقرأ الرجل السجدة و هو علي غير وضوء قال: يسجد اذا كانت من العزائم «2» الي غيرهما.

(1) قد وقع الكلام بين الاعلام بأن محل السجدة في كل آية عند التلفظ بها أو موضعها عند الفراغ من الاية قال في الحدائق: «الظاهر من النصوص وجوب السجود عند قراءة السجدة و الحمل علي تمام الاية يحتاج الي تقدير في تلك العبارات بأن يراد سماع آية السجدة الي آخرها الا ان ظاهر الاصحاب الاتفاق علي أن محل السجود بعد تمام الاية» الي آخره.

و يرد عليه: ان حمل السجدة علي لفظ السجدة كي لا يلزم التقدير أمر غير ممكن اذ لم يقع لفظ السجدة في لسان الآيات و انما الموجود فيها المشتق من هذه المادة فلا بد من التقدير كلفظ الاية- مثلا-.

مضافا الي أنه ربما يقال: بأن الظاهر من بعض نصوص الباب ان الموضوع لوجوب السجدة قراءة آيتها لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن الرجل يقرأ بالسجدة في آخر السورة قال: يسجد ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب ثم يركع و يسجد «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 37 من أبواب القراءة

في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 563

______________________________

و ما رواه أبو البختري وهب بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه عن علي عليهم السلام انه قال: اذا كان آخر السورة السجدة أجزأك أن تركع بها «1».

و ربما يستدل علي الوجوب عند التلفظ بهذه المادة بأن الوارد في الآيات الامر بالسجود و الامر به يقتضي الفور فيجب فورا و لا يجوز التأخير. و فيه: اولا:

انه لو كان الامر كذلك يلزم السجود بدون القراءة اذ الامر بشي ء يقتضي الاتيان بمتعلقه و هو كما تري. و ثانيا: ان الامر المقتضي للامتثال الامر الوارد في النصوص لا الوارد في الآيات.

فتحصل ان المستفاد من النصوص وجوب السجدة عند قراءة الاية كما في المتن و يؤكده دعوي الاتفاق في المقام. أضف الي ذلك ان المدعي يستفاد من حديث سماعة قال: من قرأ اقرأ باسم ربك فاذا ختمها فليسجد «2» فانه يستفاد من هذا الحديث انه لو ختم السورة يجب السجود و لا فرق بين هذه السورة و بقية السور العزائم من هذه الجهة.

و لو وصلت النوبة الي الاصل العملي نقول: ان مقتضي الاستصحاب عدم تعلق الوجوب قبل تمام الاية و لا مجال لان يقال ان المكلف يعلم اجمالا اما أنه يجب السجود عند ذكر السجدة و اما يجب عليه عند تمام الاية فانه مع جريان الاستصحاب كما ذكرنا لا يكون العلم الإجمالي منجزا و ان شئت قلت: انا نشك في أنه هل يتعلق الوجوب بقراءة بعض الاية أم لا؟ و الاصل عدم التعلق قبل الاتمام و بعبارة واضحة ان المكلف لا يعلم بالتكليف الا بعد تمام الاية فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج

الصالحين، ج 4، ص: 564

و كذا يجب علي المستمع اذا لم يكن في حال الصلاة (1) فان كان

______________________________

(1) اجماعا- كما في بعض الكلمات و يكفي لإثبات الوجوب النصوص الواردة في المقام الدالة عليه بالنسبة الي السامع لاحظ ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون في صلاة جماعة فيقرأ انسان السجدة كيف يصنع؟ قال يومي برأسه «1».

و ما رواه أيضا قال: و سألته عن الرجل يكون في صلاته فيقرأ آخر السجدة فقال: يسجد اذا سمع شيئا من العزائم الاربع ثم يقوم فيتم صلاته الا أن يكون في فريضة فيؤمي برأسه ايماء «2».

و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يعلم السورة من العزائم فتعاد عليه مرارا في المقعد الواحد قال: عليه أن يسجد كلما سمعها و علي الذي يعلمه أيضا أن يسجد «3».

فانه لو كان واجبا علي السامع يجب علي المستمع بالطريق الاولي و الظاهر انه يعارض هذه النصوص ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسمع السجدة في الساعة التي لا تستقيم الصلاة فيها قبل غروب الشمس و بعد صلاة الفجر فقال: لا يسجد الي أن قال: و عن الرجل يصلي مع قوم لا يقتدي بهم فيصلي لنفسه و ربما قرءوا آية من العزائم فلا يسجدون فيها فكيف يصنع؟ قال: لا يسجد «4».

و لكن التقديم مع تلك الطائفة لان عدم الوجوب بالنسبة الي السامع مذهب

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 45 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 43 من أبواب قراءة القرآن الحديث:

2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 565

في حال الصلاة أومأ الي السجود و سجد بعد الصلاة علي الاحوط (1).

و يستحب في أحد عشر موضعا في الاعراف عند قوله تعالي:

«وَ لَهُ يَسْجُدُونَ» و في الرعد عند قوله: وَ ظِلٰالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصٰالِ» و في النحل عند قوله «وَ يَفْعَلُونَ مٰا يُؤْمَرُونَ» و في بني اسرائيل عند قوله: «وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً» و في مريم عند قوله: و «خَرُّوا سُجَّداً وَ بُكِيًّا» و في سورة الحج في موضعين: عند قوله: «إِنَّ اللّٰهَ يَفْعَلُ مٰا يَشٰاءُ» و عند قوله: «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» و في الفرقان عند قوله: «وَ زٰادَهُمْ نُفُوراً» و في النحل عند قوله: «رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ» * و في ص عند قوله:

«خَرَّ رٰاكِعاً وَ أَنٰابَ» و في الانشقاق عند قوله: «لٰا يَسْجُدُونَ» (2).

______________________________

العامة فالترجيح بالمخالفة يقتضي تقديم ما يدل علي الوجوب و أيضا الترجيح بالاحدثية يقتضي تقديم رواية ابن جعفر.

و يدل علي الوجوب بالنسبة إلي المستمع بالنصوصية بعض الاخبار كخبر عبد اللّه ابن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل سمع السجدة تقرأ قال:

لا يسجد الا أن يكون منصتا لقراءته مستمعا لها أو يصلي بصلاته الحديث «1» و ملخص الكلام ان الامر ظاهر عند الاصحاب.

(1) مر الكلام من هذه الجهة في المسألة (104) من الفصل الرابع في القراءة.

(2) أما عدم وجوب السجدة في غير العزائم فمضافا الي الاجماع المدعي في المقام يمكن الاستدلال عليه بالسيرة و ببعض النصوص لاحظ ما رواه داود بن سرحان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 566

______________________________

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان العزائم أربع اقرأ باسم الذي خلق و النجم و تنزيل السجدة و حم السجدة «1».

و ما

رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قرأت شيئا من العزائم التي يسجد فيها فلا تكبر قبل سجودك و لكن تكبر حين ترفع رأسك و العزائم أربعة: حم السجدة و تنزيل و النجم و اقرأ باسم ربك «2».

و ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال: اذا قرء شي ء من العزائم الاربع فسمعتها فاسجد و ان كنت علي غير وضوء و ان كنت جنبا و ان كانت المرأة لا تصلي و سائر القرآن أنت فيه بالخيار ان شئت سجدت و ان شئت لم تسجد «3».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: العزائم الم تنزيل و حم السجدة و النجم و اقرأ باسم ربك و ما عداها في جميع القرآن مسنون و ليس بمفروض «4».

و أما استحبابه في بقية الموارد فمضافا الي الشهرة يمكن الاستدلال عليه بما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان أبي علي بن الحسين عليه السلام ما ذكر للّه نعمة عليه الا سجد و لا قرأ آية من كتاب اللّه فيها سجدة الا سجد الي أن قال: فسمي السجاد لذلك «5» و برواية ابن سنان المتقدمة آنفا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 9

(5) الوسائل الباب 44 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 567

بل الاولي السجود عند كل آية فيها أمر بالسجود (1).

[مسألة 158: ليس في هذا السجود تكبيرة افتتاح و لا تشهد و لا تسليم]

(مسألة 158): ليس في هذا السجود تكبيرة افتتاح (2) و لا تشهد و لا تسليم (3) نعم يستحب التكبير للرفع منه بل

الاحوط استحبابا عدم تركه (4).

______________________________

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن الرجل يقرأ بالسورة فيها السجدة فينسي فيركع و يسجد سجدتين ثم يذكر بعد قال: يسجد اذا كانت من العزائم و العزائم أربع: الم تنزيل و حم السجدة و النجم و اقرأ باسم ربك و كان علي بن الحسين عليه السلام يعجبه أن يسجد في كل سورة فيها السجدة «1» و اللّه العالم.

(1) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم.

(2) فانه مضافا الي الاجماع المدعي في المقام يدل عليه ما رواه عبد اللّه بن سنان «2».

(3) لعدم الدليل و يكفي للحكم بالعدم الاطلاق المقامي.

(4) النصوص الواردة في المقام مختلفة فمنها ما يدل علي الوجوب كرواية عبد اللّه بن سنان «3» و رواية سماعة «4» و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام فيمن يقرأ السجدة من القرآن من العزائم فلا يكبر حين يسجد و لكن يكبر حين يرفع رأسه «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 566

(3) لاحظ ص: 566

(4) لاحظ ص: 561

(5) الوسائل الباب 42 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 568

و لا يشترط فيه الطهارة من الحدث و لا الخبث (1) و لا الاستقبال (2) و لا طهارة محل السجود (3) و لا الستر و لا صفات الساتر بل يصح حتي في المغصوب (4).

______________________________

و في قبال هذه النصوص ما رواه عمار قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل اذ اقرأ العزائم كيف يصنع؟ قال: ليس فيها تكبير اذا سجدت و لا اذا قمت و لكن اذا سجدت قلت: ما تقول في السجود «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بعلي بن خالد فما عن ظاهري

الشيخ و الشهيد في الخلاف و الذكري من الوجوب قوي لا يمكن العدول عنه الا أن يتم الامر بالتسالم و السيرة و اللّه العالم.

(1) لعدم المقتضي و مقتضي الاصل براءة و استصحابا عدم الوجوب مضافا الي النص الخاص الوارد لاحظ ما رواه أبو بصير «2» و الحلبي «3».

(2) لعدم المقتضي و أما ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يقرأ السجدة و هو علي ظهر دابته قال: يسجد حيث توجهت به فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان يصلي علي ناقته و هو مستقبل المدينة يقول اللّه عز و جل: فأينما تولوا فثم وجه اللّه «4» فسنده ضعيف بجعفر بن محمد بن مسرور مضافا الي أنه لا يستفاد منه الاشتراط بل يستفاد منه عدمه فلاحظ.

(3) لعدم المقتضي و مقتضي الاصل عدم الاشتراط.

(4) لعدم كون التركيب اتحاديا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 46 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 566

(3) لاحظ ص: 562

(4) الوسائل الباب 49 من أبواب قراءة القرآن

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 569

اذا لم يكن السجود تصرفا فيه (1) و الاحوط وجوبا فيه السجود علي الاعضاء السبعة (2) و وضع الجبهة علي الارض أو ما في حكمها (3) و عدم اختلاف المسجد عن الموقف في العلو و الانخفاض (4) و لا بد فيه من النية (5) و اباحة المكان (6) و يستحب فيه الذكر الواجب في سجود الصلاة (7).

______________________________

(1) اذ في هذا الفرض يكون التركيب اتحاديا و لا يمكن أن يكون الحرام مصداقا للواجب.

(2) ربما يقال: ان شمول الدليل للمقام مشكل و لكن لا يبعد أن يستفاد الاطلاق من نصوص الباب لاحظ ما ورد في الباب 4 من

أبواب السجود من الوسائل و قد تقدم بعض الروايات «1».

(3) للإطلاق لاحظ ما ورد في الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه من الوسائل و منه ما رواه هشام «2».

(4) بدعوي: ان اطلاق الدليل يشمل المقام و في الشمول اشكال لاحظ ما رواه عبد اللّه ابن سنان «3» و لكن الانصاف انه لو ادعي أحد اطلاق الدليل لم يكن جزافا.

(5) فانها عبادة لا تتحقق بلا نية.

(6) علي ما تقدم في بحث المكان و للنقاش مجال فانه لو لم يشترط الاتكاء في السجدة يمكن لنا أن نقول بعدم اشتراط الاباحة فلاحظ.

(7) لاحظ ما رواه عمار «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 534

(2) لاحظ ص: 296 و الوسائل الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 543

(4) لاحظ ص: 568

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 570

[مسألة 159: يتكرر السجود بتكرر السبب]

(مسألة 159): يتكرر السجود بتكرر السبب (1) و اذا شك بين الاقل و الاكثر جاز الاقتصار علي الاقل (2) و يكفي في التعدد رفع الجبهة ثم وضعها من دون رفع بقية المساجد أو الجلوس (3).

[مسألة 160: يستحب السجود شكرا للّه تعالي عند تجدد كل نعمة و دفع كل نقمة]

(مسألة 160): يستحب السجود شكرا للّه تعالي عند تجدد كل نعمة و دفع كل نقمة (4) و عند تذكر ذلك (5).

______________________________

(1) فانه علي القاعدة اذ تداخل الاسباب علي خلاف مقتضاها بل يمكن الاستدلال عليه بما رواه محمد بن مسلم «1» و الا شكال في شموله لمورد لم يتخلل السجود ليس علي ما ينبغي فان مقتضاه عدم الفرق بين أن يتخلل السجود و ان لا يتخلل.

(2) لأصالة عدم الزائد.

(3) اذ الواجب السجود و هو يتحقق بالنحو المذكور.

(4) لاحظ ما رواه جابر قال: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام:

ان أبي علي بن الحسين ما ذكر للّه عز و جل نعمة عليه الا سجد و لا قرأ آية من كتاب اللّه عز و جل فيها سجود الا سجد و لا دفع اللّه عنه سوءا يخشاه أو كيد كائد الا سجد و لا فرغ من صلاة مفروضة الا سجد و لا وفق لا صلاح بين اثنين الا سجد و كان أثر السجود في جميع مواضع سجوده فسمي السجاد لذلك «2».

(5) لاحظ ما رواه معاوية بن وهب قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام بالمدينة و هو راكب حماره فنزل و قد كنا صرنا الي السوق أو قريبا منه قال: فنزل فسجد و أطال السجود ثم رفع رأسه إلي فقلت له: رأيتك نزلت فسجدت فقال:

______________________________

(1) لاحظ ص: 564

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب سجدتي الشكر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص:

571

و التوفيق لأداء كل فريضة و نافلة (1) بل كل فعل خير و منه اصلاح ذات البين (2) و يكفي سجدة واحدة (3) و الافضل سجدتان فيفصل بينهما بتعفير الخدين (4).

______________________________

اني ذكرت نعمة اللّه عز و جل الحديث «1».

(1) لاحظ ما رواه الحسن بن علي بن فضال عن ابي الحسن الرضا عليه السلام قال: السجدة بعد الفريضة شكر للّه عز و جل علي ما وفق له العبد من أداء فريضة و أدني ما يجزي فيها من القول أن يقال شكرا للّه شكرا للّه شكرا للّه ثلاث مرات قلت: فما معني قوله: شكرا للّه؟ قال: يقول: هذه السجدة مني شكرا للّه علي ما وفقني له من خدمته و أداء فرضه و الشكر موجب للزيادة فان كان في الصلاة تقصير لم يتم بالنوافل تم بهذه السجدة «2».

(2) فان فعل الخير من نعم اللّه و له الشكر و منه اصلاح ذات البين كما نص في الخبر لاحظ ما رواه جابر «3».

(3) لصدق الطبيعة و لاحظ ما رواه معاوية بن وهب «4».

(4) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن جندب عن موسي بن جعفر عليه السلام أنه قال:

تقول في سجدة الشكر اللهم اني اشهدك الي أن قال ثم تضع خدك الايمن علي الارض و تقول الي أن قال ثم تضع خدك الايسر علي الارض و نقول الي أن قال:

ثم تعود الي السجود و تقول مأئة مرة شكرا شكرا «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب سجدتي الشكر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 570

(4) لاحظ ص: 570

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب سجدتي الشكر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 572

أو الجبينين (1) أو الجميع (2) مقدما الايمن علي

الايسر ثم وضع الجبهة ثانيا (3) و يستحب فيه افتراش الذراعين و الصاق الصدر و البطن بالارض (4) و أن يمسح موضع سجوده بيده ثم يمرها علي وجهه و مقاديم بدنه (5) و أن يقول فيه شكرا للّه شكرا للّه (6) أو مأئة مرة شكرا شكرا أو مأئة مرة

______________________________

(1) قال في الجواهر: لعله للمرسل المشهور ان «من علامات المؤمن تعفير الجبين «1».

(2) لم نظفر علي دليله.

(3) كما في رواية عبد اللّه بن جندب «2».

(4) لاحظ ما رواه يحيي بن عبد الرحمن بن خاقان قال: رأيت أبا الحسن الثالث عليه السلام سجد سجدة الشكر فأفرش ذراعيه و الصق جؤجؤه و صدره و بطنه بالارض فسألته عن ذلك فقال: كذا يجب «3».

(5) قال في الحدائق: و قد روي عن الصادقين عليهم السلام انهم قالوا: ان العبد اذا سجد امتد من عنان السماء عمود من نور الي موضع سجوده فاذا رفع أحدكم رأسه من السجود فليمسح بيده موضع سجوده ثم يمسح بها وجهه و صدره فانه لا تمر بداء إلا نقته ان شاء اللّه تعالي «4».

(6) الوارد في بعض النصوص ثلاث مرات لاحظ ما روي عن الصادق عليه السلام قال: و أدني ما يجزي فيها شكرا للّه ثلاث مرات «5» و ما رواه الحسن

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 10 ص: 242

(2) لاحظ ص: 571

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب سجدتي الشكر الحديث: 2

(4) الحدائق ج 8 ص: 348- 349

(5) الوسائل الباب 1 من أبواب سجدتي الشكر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 573

عفوا عفوا (1) أو مأئة مرة الحمد للّه شكرا و كلما قاله عشر مرات قال شكرا للمجيب ثم يقول: يا ذا المن الذي لا ينقطع ابدا و

لا بحصيه غيره عددا و يا ذا المعروف الذي لا ينفد أبدا يا كريم يا كريم يا كريم ثم يدعو و يتضرع و يذكر حاجته (2) و قد ورد في بعض الروايات غير ذلك (3) و الاحوط فيه السجود علي ما يصلح السجود عليه و السجود علي المساجد السبعة (4).

[مسألة 161: يستحب السجود بقصد التذلل للّه تعالي]

(مسألة 161) يستحب السجود بقصد التذلل للّه تعالي (5) بل هو من أعظم العبادات و قد ورد انه أقرب ما يكون العبد الي اللّه

______________________________

بن علي بن فضال «1».

(1) لاحظ ما رواه سليمان بن حفص المروزي أنه قال: كتب إلي أبو الحسن الرضا عليه السلام: قل في سجدة الشكر مأئة مرة شكرا شكرا و ان شئت عفوا عفوا «2».

(2) لاحظ ما روي عن علي بن الحسين عليه السلام «3».

(3) فلاحظ.

(4) قد مر الكلام فيهما فراجع.

(5) ففي رواية اسحاق بن عمار قال عليه السلام و ليكن تواضعا للّه عز و جل فان ذلك احب «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 571

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب سجدتي الشكر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 7 من أبواب سجدتي الشكر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 574

تعالي و هو ساجد (1) و يستحب اطالته (2).

[مسألة 162: يحرم السجود لغير اللّه تعالي من دون فرق بين المعصومين عليهم السلام و غيرهم]

(مسألة 162): يحرم السجود لغير اللّه تعالي من دون فرق بين المعصومين عليهم السلام و غيرهم و ما يفعله الشيعة في مشاهد الائمة عليهم السلام لا بد أن يكون للّه تعالي شكرا علي توفيقهم لزيارتهم عليهم السلام و الحضور في مشاهدهم جمعنا اللّه تعالي و اياهم في الدنيا و الآخرة انه أرحم الراحمين (3).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه زيد الشحام «1».

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: يا با محمد عليك بطول السجود فان ذلك من سنن الاوابين «2».

(3) حرمة السجود لغير اللّه تعالي مما لا اشكال فيها و لا شك يعتريها و تدل علي المدعي جملة من النصوص.

منها: ما رواه عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه عليه و آله يوما

قاعدا في أصحابه اذ مر به بعير فجاء حتي ضرب بجرانه الارض و رغا فقال رجل: يا رسول اللّه أسجد لك هذا البعير فنحن أحق أن نفعل؟ قال: فقال: لا بل اسجدوا لله ثم قال: لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لا مرت المرأة أن تسجد لزوجها «3» و منها غيره المذكور في الباب 27 من أبواب السجود من الوسائل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب السجود الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) الوسائل الباب 27 من أبواب السجود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 575

[الفصل السابع: في التشهد]
اشارة

الفصل السابع:

في التشهد و هو واجب في الثنائية مرة بعد رفع الرأس من السجدة الاخيرة من الركعة الثانية (1).

______________________________

(1) قال سيد المستمسك في هذا المقام: «اجماعا- كما عن الخلاف و الغنية و المعتبر و التذكرة و جامع المقاصد و مجمع البرهان و المدارك و المفاتيح و كشف اللثام و غيرها و عن المنتهي: انه مذهب أهل البيت عليهم السلام و عن الامالي:

انه من دين الامامية و في المستند: هو واجب عند نابل الضرورة من مذهبنا و في الذكري: هو واجب في الثنائية مرة و فيما عداها مرتين باجماع علمائنا» الي آخر كلامه.

و يمكن أن يستفاد المدعي من جملة من النصوص منها: ما رواه الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يصلي الركعتين من الوتر ثم يقوم فينسي التشهد حتي يركع و يذكر و هو راكع قال: يجلس من ركوعه يتشهد الحديث «1».

و منها ما عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يحدث بعد أن يرفع رأسه في السجدة الاخيرة و قبل أن يتشهد قال: ينصرف فيتوضأ فان شاء رجع الي المسجد و ان شاء ففي بيته

و ان شاء حيث شاء قعد فيتشهد ثم يسلم «2».

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يحدث بعد ما يرفع رأسه من السجود الاخير فقال: تمت صلاته و أما التشهد سنة في الصلاة فيتوضأ و يجلس مكانه أو مكانا نظيفا فيتشهد «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب التشهد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب التشهد الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 576

و في الثلاثية و الرباعية مرتين الاولي كما ذكر و الثانية بعد رفع الرأس من السجدة الاخيرة من الركعة الاخيرة (1).

______________________________

اضف الي ذلك ان مقتضي السيرة وجوب التشهد في كل ثنائية كما في المتن.

(1) بلا كلام و لا اشكال كما يستفاد من كلمات الاصحاب و الانصاف ان ما ذكره الماتن من ضروريات المذهب و سيمر عليك نصوص الباب في أثناء البحث ان شاء اللّه تعالي.

منها: ما رواه الاحول عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: التشهد في الركعتين الاولتين الحمد للّه أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله اللهم صل علي محمد و آل محمد و تقبل شفاعته و ارفع درجته «1».

و الظاهر ان هذه الرواية لا قصور فيها من حيث الدلالة علي الوجوب الا أن يقال: ان الرواية غير ناظرة الي الحكم بل ناظرة الي الكيفية.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا جلست في الركعة الثانية فقل: بسم اللّه و باللّه و خير الاسماء للّه أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله أرسله

بالحق بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة أشهد انك نعم الرب و أن محمدا نعم الرسول اللهم صلي علي محمد و آل محمد و تقبل شفاعته في امته و ارفع درجته ثم تحمد اللّه مرتين أو ثلاثا ثم تقوم فاذا جلست في الرابعة قلت: بسم اللّه و باللّه و الحمد للّه و خير الاسماء للّه أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله أرسله

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب التشهد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 577

و هو واجب غير ركن (1) فاذا تركه عمدا بطلت الصلاة (2) و اذا تركه سهوا أتي به ما لم

______________________________

بالحق بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة أشهد انك نعم الرب و أن محمدا نعم الرسول الحديث «1».

و هذه الرواية أيضا تدل علي المدعي و اشتمالها علي ما ليس واجبا لا يضر بالاستدلال.

و منها: ما رواه الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: في الرجل يصلي الركعتين من المكتوبة ثم ينسي فيقوم قبل أن يجلس بينهما قال: فليجلس ما لم يركع و قد تمت صلاته و ان لم يذكر حتي ركع فليمض في صلاته فاذا سلم سجد سجدتين و هو جالس «2» الي غيرها من الروايات الكثيرة الواردة في الابواب المتعددة.

(1) لعدم الدليل علي كونه ركنا و مقتضي حديث لا تعاد عدم كون الاخلال به مبطلا فيما لم يكن عن عمد لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال:

لا تعاد الصلاة الا من خمسة: الطهور و الوقت و القبلة و الركوع و السجود ثم قال:

القراءة سنة و التشهد سنة و لا تنقض السنة الفريضة «3».

(2) و

الوجه فيه ظاهر.

______________________________

(1) تهذيب الاحكام ج 2 ص: 99 حديث: 141

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب التشهد الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب التشهد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 578

يركع (1) و إلا قضاه بعد الصلاة علي الاحوط (2) و كيفيته علي الاحوط:

«أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله اللهم صل علي محمد و آل محمد (3).

______________________________

(1) لبقاء محل التدارك و يدل عليه النص و هو ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قمت في الركعتين من ظهر أو غيرها فلم تتشهد فيهما فذكرت ذلك في الركعة الثالثة قبل أن تركع فاجلس و تشهد و قم فاتم صلاتك و ان أنت لم تذكر حتي تركع فامض في صلاتك حتي تفرغ فاذا فرغت فاسجد سجدتي السهو بعد التسليم قبل أن تتكلم «1».

(2) و تفصيل الكلام في باب الخلل فانتظر.

(3) بلا خلاف كما نقل عن المبسوط و اجماعا- كما عن جملة من الاعلام و يدل علي المدعي بالنسبة الي الركعة الثانية و الرابعة من الروايات ما رواه أبو بصير «2».

و يدل عليه بالنسبة الي الركعة الاخيرة في الجملة ما رواه محمد بن مسلم قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: التشهد في الصلوات قال: مرتين قال: قلت كيف مرتين؟ قال: اذا استويت جالسا فقل: أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ثم تنصرف قال: قلت: قول العبد: التحيات للّه و الطيبات و الصلوات للّه قال: هذا اللطف من الدعاء يلطف العبد ربه «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب التشهد الحديث: 3

(2) لاحظ

ص: 576

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب التشهد الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 579

______________________________

و يؤيد المدعي خبر يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: التشهد في كتاب علي شفع «1».

و خبر سورة بن كليب قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن أدني ما يجزي من التشهد قال: الشهادتان «2».

و يدل علي المدعي بالنسبة الي الركعة الاخيرة ما رواه الفضيل و زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته فان كان مستعجلا في أمر يخاف أن يفوته فسلم و انصرف أجزأه «3».

و في قبال هذه الروايات طائفة اخري تدل علي خلاف المدعي منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام ما يجزي من القول في التشهد في الركعتين الاولتين؟ قال: أن تقول: أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له قلت: فما يجزي من تشهد الركعتين الاخيرتين؟ فقال: الشهادتان «4» فان هذه الرواية تدل علي اجزاء الشهادة الواحدة في الركعتين الاولتين.

و يدل علي الكفاية مطلقا ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: جعلت فداك التشهد الذي في الثانية يجزي أن اقول في

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 580

______________________________

الرابعة؟ قال: نعم «1».

و لنا أن نقول: انه يقع التعارض بين رواية زرارة و رواية احمد بن محمد بن أبي نصر فان الاولي تدل علي التفصيل بين التشهد الاول و الثاني و الثانية تدل علي التسوية و الترجيح مع الثانية لتأخرها و بعد سقوط الاولي تصل النوبة الي الاخذ

بما يدل علي وجوب الشهادتين مطلقا فلاحظ.

و ان أبيت عما ذكر نقول: بعد هذه الاجماعات الكثيرة و السيرة الجارية بحيث يكون الحكم واضحا كالنار علي المنار لا يكون الخبر الدال علي التفصيل معتدا به و كذلك كل ما يدل علي خلاف مورد الاجماع و التسالم مردود.

و حيث ان حديث أبي بصير «2» علي نسخة التهذيب متفق مع بقية الروايات المبينة للكيفية فالاظهر فيهما ما في المتن و اللّه العالم.

هذا بالنسبة الي الشهادتين و أما بالنسبة الي الصلوات فتدل علي وجوبها مضافا الي السيرة و شعار الشيعة و الاجماع المدعي من جماعة رواية أبي بصير و زرارة جميعا قالا في حديث قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان الصلاة علي النبي صلي اللّه عليه و آله من تمام الصلاة اذا تركها متعمدا فلا صلاة له اذا ترك الصلاة علي النبي صلي اللّه عليه و آله «3».

و يدل علي وجوب الصلوات بهذه الصورة الخاصة ما رواه الاحول «4» مضافا الي حديث أبي بصير 5.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 576

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب التشهد الحديث: 1

(4) (4 و 5) لاحظ ص: 576

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 581

و يجب فيه الجلوس (1).

______________________________

نعم المذكور في رواية أبي بصير و زرارة مطلق الصلاة علي النبي صلي اللّه عليه و آله لكن يحمل المطلق علي المقيد و مثلها ما رواه أبو بصير و زرارة جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: من تمام الصوم اعطاء الزكاة كما أن الصلاة علي النبي صلي اللّه عليه و آله من تمام الصلاة و من صام و لم يؤدها فلا صوم له ان (اذا) تركها متعمدا و من صلي و

لم يصل علي النبي صلي اللّه عليه و آله و ترك ذلك متعمدا فلا صلاة له ان اللّه تعالي بدأ بها (قبل الصلاة) فقال: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰي وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّٰي «1».

و يؤيد التقييد ما رواه عمار بن موسي قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فقال رجل: اللهم صل علي محمد و أهل بيت محمد فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام:

يا هذا لقد ضيقت علينا أما علمت أن أهل البيت خمس أصحاب الكساء؟ فقال الرجل: كيف أقول؟ قال: قل: اللهم صل علي محمد و آل محمد فنكون نحن و شيعتنا قد دخلنا فيه «2».

(1) بلا خلاف- كما عن بعض- و اجماعا- كما عن آخر- و تدل عليه جملة من الروايات منها ما رواه الفضيل «3».

و منها: ما رواه الحلبي «4» و منها: ما رواه محمد بن علي الحلبي قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسهو في الصلاة فينسي التشهد قال: يرجع

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب التشهد الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 42 من أبواب الذكر الحديث: 11

(3) لاحظ ص: 577

(4) لاحظ ص: 578

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 582

و الطمأنينة (1) و أن يكون علي النهج العربي مع الموالاة بين فقراته و كلماته (2) و العاجز عن التعلم اذا لم يجد من يلقنه يأتي بما أمكنه ان صدق عليه الشهادة مثل أن يقول اشهد أن لا إله الا اللّه و أشهد أن محمدا رسول اللّه (3) و ان عجز فالاحوط وجوبا أن يأتي بترجمته (4) و اذا عجز عنها أتي بسائر الاذكار بقدره.

[مسألة 163: يكره الإقعاء فيه]

(مسألة 163): يكره الاقعاء فيه (5).

______________________________

فيتشهد قلت: ليسجد سجدتي السهو؟ فقال: لا ليس في هذا سجدتا

السهو «1».

(1) العمدة الاتفاق عليها و قد مر الكلام فيها.

(2) قد ظهر الوجه فيما أفاده مما تقدم في القراءة فراجع.

(3) اذ المفروض انه لا يمكنه غيره و من ناحية اخري الصلاة لا تسقط بحال فيجب بالمقدار الميسور.

(4) لا يبعد أن يصدق عنوان الشهادة علي الترجمة بل لا شبهة فيه لكن الاشكال في صدق الميسور علي الترجمة اذ الواجب علي المكلف التشهد بهذه الالفاظ و بهذه الكيفية و لا تكون الترجمة ميسورا للواجب و مما ذكرنا يظهر الاشكال في تتمة المسألة.

(5) قد وردت في الاقعاء عدة روايات منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تقع بين السجدتين اقعاء «2».

و منها: ما رواه معاوية بن عمار و ابن مسلم و الحلبي قالوا: لا تقع في

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب التشهد الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب السجود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 583

______________________________

الصلاة بين السجدتين كإقعاء الكلب «1».

و منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا بأس بالاقعاء في الصلاة فيما بين السجدتين «2».

و منها: ما رواه سعيد بن عبد اللّه أنه قال لجعفر بن محمد عليهما السلام: اني اصلي في المسجد الحرام فأقعد علي رجلي اليسري من أجل الندي فقال: اقعد علي أليتيك و ان كنت في الطين «3».

و منها: ما رواه حريز عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: لا تلثم و لا تحتفز و لا تقع علي قدميك و لا تفترش ذراعيك «4».

و منها: ما رواه عمرو بن جميع قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا بأس بالاقعاء في الصلاة بين السجدتين و بين الركعة الاولي

و الثانية و بين الركعة الثالثة و الرابعة و اذا أجلسك الامام في موضع يجب أن تقوم فيه تتجافي و لا يجوز الاقعاء في موضع التشهدين الا من علة لان المقعي ليس بجالس انما جلس بعضه علي بعض و الاقعاء أن يضع الرجل ألييه علي عقبيه في تشهديه الحديث «5».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا بأس بالاقعاء فيما بين السجدتين «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 6

(6) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 584

بل يستحب فيه الجلوس متوركا كما تقدم فيما بين السجدتين (1).

______________________________

و لا يخفي ان الخبر الرابع ضعيف بسعيد بن عبد اللّه و الخامس بالارسال و السادس بعمرو بن جميع و الباقي بين ما يدل علي حرمة الاقعاء بين السجدتين و بين ما يدل علي جوازه فان قلنا بأن مقتضي الجمع العرفي الحمل علي الكراهة فهو و ان قلنا بأنها متعارضة و نتيجة التعارض التساقط فالنتيجة الجواز.

مضافا الي أن الكلام في المقام في التشهد و الاقعاء المنهي عنه بين السجدتين فالاقعاء بأي معني كان لو كان من أنحاء الجلوس- كما هو كذلك- فلا مانع من الجلوس الاقعائي حال التشهد و ان لم يكن جلوسا و لا يصدق علي المقعي عنوان الجالس فلا يجوز علي القاعدة لان الجلوس حال التشهد واجب و أما رواية عمرو بن جميع الناهية عن الاقعاء في موضع التشهد معللة بأن المقعي ليس بجالس فقد مر أنها ضعيفة بعمرو.

نعم لا يبعد ان يستفاد الكراهة من رواية زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام لا بأس بالاقعاء فيما بين

السجدتين و لا ينبغي الاقعاء في موضع التشهد في الجلوس و ليس المقعي بجالس «1».

(1) ادعي عليه الاجماع و يدل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: و اذا قعدت في تشهدك فألصق ركبتيك بالارض و فرج بينهما شيئا و ليكن ظاهر قدمك اليسري علي الارض و ظاهر قدمك اليمني علي باطن قدمك اليسري و أليتاك علي الارض و أطراف (طرف) ابهامك اليمني علي الارض «2».

و أما رواية أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا قمت الي الصلاة

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب التشهد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب افعال الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 585

و أن يقول قبل الشروع في الذكر «الحمد للّه» (1) أو يقول: «بسم اللّه و باللّه و الحمد للّه و خير الاسماء للّه (2) «أو الاسماء الحسني كلها للّه» (3) و أن يجعل يديه علي فخذيه منضمة الاصابع (4).

و أن يكون نظره الي حجره (5) و أن يقول بعد الصلاة علي النبي

______________________________

الي أن قال: و لا تورك فان قوما قد عذبوا بنقض الاصابع و التورك في الصلاة الحديث «1» فمخدوشة سندا بالخندقي مضافا الي أنه يمكن أن يكون المراد من التورك في هذه الرواية وضع اليد علي الورك كما في مرسلة الفقيه الآتية في ذيل مسألة (202).

(1) لاحظ حديث الاحول «2».

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير «3».

(3) لاحظ ما في فقه الرضا عليه السلام فاذا تشهدت في الثانية فقل بسم اللّه و باللّه و الحمد للّه و الاسماء الحسني كلها للّه الي أن قال: فاذا صليت الركعة الرابعة فقل في تشهدك بسم اللّه و باللّه و الحمد للّه و الاسماء

الحسني كلها للّه الحديث «4».

(4) لما عن التذكرة: «و يستحب وضعهما حالة الجلوس للتشهد و غيره علي فخذيه مبسوطتين مضمومتي الاصابع «5».

(5) قال في الحدائق: «اقول: مستند هذا الحكم مما اختص به كتاب

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) لاحظ ص: 576

(3) لاحظ ص: 576

(4) مستدرك الوسائل الباب 2 من أبواب التشهد الحديث: 3

(5) مستمسك العروة ج 6 ص: 395

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 586

صلي اللّه عليه و آله «و تقبل شفاعته و ارفع درجته» في التشهد الاول (1) و أن يقول: سبحان اللّه سبعا بعد التشهد الاول ثم يقوم (2) و أن يقول حال النهوض عنه بحول اللّه و قوته أقوم و أقعد (3) و أن تضم المرأة فخذيها الي نفسها و ترفع ركبتيها عن الارض (4).

[الفصل الثامن: في التسليم]
اشارة

الفصل الثامن:

في التسليم: و هو واجب في كل صلاة و آخر اجزائها و به يخرج

______________________________

الفقه الرضوي كما تقدم في السجود الي أن قال: قال عليه السلام في كتاب المذكور: و ليكن بصرك في وقت السجود الي طرف انفك و بين السجدتين في حجرك و كذا في وقت التشهد» «1».

(1) لاحظ ما رواه الاحول و أبو بصير «2».

(2) لاحظ ما رواه عمرو بن حريث قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: قل في الركعتين الاولتين بعد التشهد قبل أن تنهض: سبحان اللّه سبحان اللّه سبع مرات «3».

(3) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا جلست في الركعتين الاوليين فتشهدت ثم قمت فقل بحول اللّه و قوته أقوم و أقعد «4».

(4) لاحظ ما رواه زرارة «5».

______________________________

(1) الحدائق الناضرة ج 8 ص: 454

(2) لاحظ ص: 576

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب التشهد الحديث: 1

(4)

الوسائل الباب 14 من أبواب التشهد.

(5) لاحظ ص: 558

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 587

عنها و تحل له منافياتها (1).

______________________________

(1) قال في الحدائق: «قد وقع الخلاف فيه في مواضع: الاول: في وجوبه و استحبابه و الثاني: في دخوله في الصلاة و خروجه و الثالث: في كيفيته أما وجوبه فذهب اليه المرتضي و أبو الصلاح و سلار و ابن أبي عقيل و القطب الراوندي و صاحب الفاخر و ابن زهرة و المحقق و صاحب البشري و العلامة و الشهيد و هو المختار و ذهب الشيخان و ابن البراج و ابن ادريس الي الاستحباب و اليه ذهب جمهور المتأخرين «1» هذا ملخص كلامه.

و قد دلت علي وجوبه جملة من النصوص: منها: ما رواه عمر بن اذينة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث طويل قال: فقال لي: يا محمد سلم فقلت:

السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته «2».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال فيه: ثم قل:

السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته السلام علي أنبياء اللّه و رسله السلام علي جبرئيل و ميكائيل و الملائكة المقربين السلام علي محمد بن عبد اللّه خاتم النبيين لا نبي بعده و السلام علينا و علي عباد اللّه الصالحين ثم تسلم «3».

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي الركعتين من المكتوبة فلا يجلس فيهما حتي يركع فقال: يتم صلاته ثم يسلم و يسجد سجدتي السهو و هو جالس قبل أن يتكلم «4».

و منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج

الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 4، ص: 587

______________________________

(1) الحدائق الناضرة ج 8 ص: 471

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 10

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب التشهد الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 7 من أبواب التشهد الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 588

______________________________

نسي أن يجلس في الركعتين الاولتين فقال: ان ذكر قبل أن يركع فليجلس و ان لم يذكر حتي يركع فليتم الصلاة حتي اذا فرغ فليسلم (و سلم و سجد) و ليسجد سجدتي السهو «1».

و منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد و سلم و اسجد سجدتين بغير ركوع و لا قراءة فتشهد فيهما تشهدا خفيفا «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: و ان كنت قد صليت المغرب ركعتين ثم ذكرت العصر فانوها العصر ثم قم فاتمها ركعتين ثم تسلم ثم تصل المغرب فان كنت قد صليت العشاء الآخرة و نسيت المغرب فقم فصل المغرب و ان كنت ذكرتها و قد صليت من العشاء الآخرة ركعتين أو قمت في الثالثة فانوها المغرب ثم سلم «3».

و منها: ما رواه زرارة أيضا عن أحدهما عليهما السلام في حديث قال:

قلت له: رجل لا يدري اثنتين صلي أم ثلاثا قال: ان دخل الشك بعد دخوله في الثالثة مضي في الثالثة ثم صلي الاخري و لا شي ء عليه و يسلم «4».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه في كيفية صلاة الخوف قال فيه ثم يقوم أصحابه و الامام قاعد فيصلون

الثالثة و يتشهدون معه ثم يسلم و يسلمون «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 63 من أبواب مواقيت الصلاة الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 9 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الخوف و المطاردة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 589

______________________________

و هذه الرواية مروية عن كتاب علي بن جعفر فان صاحب الوسائل نقلها من كتابه فلا اشكال من حيث السند.

و منها: ما رواه عبد الحميد بن عواض عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان كنت تؤم قوما أجزأك تسليمة واحدة عن يمينك و ان كنت مع امام فتسليمتين و ان كنت وحدك فتسليمة واحدة «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: فان ذهب و همك الي الاربع فتشهد و سلم «2».

و منها: ما رواه ابو بصير قال: سألته عن رجل صلي فلم يدرأ في الثالثة هو أم في الرابعة قال: فما ذهب و همه اليه ان رأي أنه في الثالثة و في قلبه من الرابعة شي ء سلم بينه و بين نفسه ثم صلي ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب «3».

و منها: ما رواه عمار الساباطي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل شك في المغرب فلم يدر ركعتين صلي أم ثلاثا قال: يسلم ثم يقوم فيضيف اليها ركعة «4».

و الظاهر من هذه الروايات ان التسليم واجب فلا بد من النظر الي دليل المخالف كي تظهر النتيجة و ما يمكن أن يستدل به علي المدعي أمور: منها:

أصل البراءة عن الوجوب. و فيه: انه لا مجري للأصل مع فرض الروايات

الدالة علي الوجوب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب التسليم الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 590

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: التشهد في الصلوات قال: مرتين قال: قلت: كيف مرتين؟ قال: اذا استويت جالسا فقل: اشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ثم تنصرف الحديث «1».

بتقريب: ان المصلي ينصرف بالتشهد فلا يكون التسليم واجبا. و فيه: اولا:

ان لازم هذا الكلام عدم وجوب الصلاة علي محمد و آله و هم لا يلتزمون بهذا اللازم و ثانيا: ان النسبة بين هذه الرواية و الروايات الدالة علي الوجوب نسبة المطلق بالمقيد و لا اشكال في أن المقيد يقدم علي المطلق.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته فان كان مستعجلا في أمر يخاف أن يفوته فسلم و انصرف أجزأه «2» بتقريب: ان الصلاة تمضي بالشهادتين.

و فيه: أولا: ان لازم هذا التقريب كما تقدم عدم وجوب الصلاة علي محمد و آله صلي اللّه عليهم و ثانيا: يقيد الاطلاق بالمقيد. و ثالثا: ان هذه الرواية تدل علي وجوب التسليم فان مقتضاها انه مع الاستعجال لا بد من التسليم فالرواية ناظرة الي نفي الوجوب عن الاتيان ببقية الاذكار التي لا اشكال في استحبابها.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يكون خلف الامام فيطول الامام

بالتشهد فيأخذ الرجل البول أو يتخوف علي شي ء يفوت أو يعرض له وجع كيف يصنع؟ قال: يتشهد و ينصرف و يدع الامام «3» و التقريب كما تقدم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب التشهد الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 64 من أبواب الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 591

______________________________

و الجواب: اولا و ثانيا كما تقدم و ثالثا: ان الصدوق ذكر الرواية في الفقيه بهذا النحو: «قال: يسلم و ينصرف» «1» فيكون كل من النقلين معارضا بالاخر الا أن يقال: بأن مقتضي التعارض التساقط فالمرجع غيرهما.

و منها: ما رواه يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام:

صليت بقوم صلاة فقعدت للتشهد ثم قمت و نسيت أن اسلم عليهم فقالوا: ما سلمت علينا فقال: أ لم تسلم و أنت جالس؟ قلت: بلي قال: فلا بأس عليك و لو نسيت حين قالوا لك ذلك استقبلتهم بوجهك و قلت: السلام عليكم «2».

بتقريب: ان السلام للصلاة لو كان واجبا لما كان وجه لهذا الجواب فان التسليم عليهم بهذا النحو ينافي الصلاة.

و فيه: ان الرواية من ادلة وجوب التسليم اذ يستفاد من الرواية ان اللازم السلام حين كان قاعدا و أما السلام عليهم فيتدارك بعد القيام بالتوجه اليهم و السلام عليهم فانه- علي ما يظهر- ان المتداول عند العامة ان الامام بعد السلام يتوجه الي المأمومين و يسلم عليهم و السائل يفرض ان الامام نسي و لم يسلم عليهم فلا تغفل.

و منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام و محل الشاهد في الرواية قوله عليه السلام: «ثم تشهد و احمد اللّه و اثن عليه وصل علي النبي صلي اللّه عليه و آله

و اسأله أن يتقبل منك الحديث «3».

و فيه: اولا: أن عدم الفصل ليس عليه دليل و ثانيا: علي فرض تسليمه يمكن

______________________________

(1) روضة المتقين ج 2 ص: 548

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب التسليم الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 71 من أبواب الطواف الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 592

______________________________

أن يقال: ان مقتضي جملة من النصوص وجوب التسليم و بعدم الفصل لا بد من الالتزام بوجوبه في صلاة الطواف أيضا. و ثالثا: انه ربما يقال: ان الامام عليه السلام ليس في مقام بيان جميع ما يكون واجبا.

و استدل علي عدم الوجوب بأنه لو كان واجبا لبطلت الصلاة بتخلل المنافي بينه و بين التشهد و اللازم باطل فالملزوم مثله أما الملازمة فاجماعية و أما بطلان اللازم فلجملة من النصوص:

منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي ثم يجلس فيحدث قبل أن يسلم قال: تمت صلاته و ان كان مع امام فوجد في بطبه أذي فسلم في نفسه و قام فقد تمت صلاته «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة اذا كان الالتفات فاحشا و ان كنت قد تشهدت فلا تعد «2».

و منها: ما رواه غالب بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي المكتوبة فينقضي صلاته و يتشهد ثم ينام قبل أن يسلم قال: تمت صلاته و ان كان رعافا غسله ثم رجع فسلم «3».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يحدث بعد أن يرفع رأسه في السجدة الاخيرة و قبل أن يتشهد قال: ينصرف فيتوضأ فان

شاء

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب التسليم الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 593

______________________________

رجع الي المسجد و ان شاء ففي بيته و ان شاء حيث شاء قعد فيتشهد ثم يسلم و ان كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته «1».

و منها: ما رواه الحسن بن الجهم قال: سألته يعني أبا الحسن عليه السلام عن رجل صلي الظهر أو العصر فأحدث حين جلس في الرابعة قال: ان كان قال:

أشهد أن لا إله الا اللّه و أشهد أن محمدا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فلا يعد و ان كان لم يتشهد قبل أن يحدث فليعد «2».

هذه هي الروايات التي تدل علي عدم بطلان الصلاة بوقوع المنافي قبل السلام.

و الجواب عن الخبر الثاني و هو خبر الحلبي. ان مفاده مخالف للإجماع القطعي و التسالم اذ الكلام في السلام و أما الصلاة علي محمد و آله صلي اللّه عليه و آله فلا اشكال في جزئيتها و الحال أن المستفاد من الرواية ان الميزان بتحقق التشهد و هكذا الجواب عن الخبر الرابع و هو خبر زرارة.

و أما الخبر الاخير و هو خبر ابن الجهم فضعيف بعباد بن سليمان يبقي الخبر الثاني و الثالث فيقع التعارض بين الطائفتين اذ مقتضي تلك الطائفة جزئية السلام للصلاة و مقتضي هذه الطائفة عدم جزئيته و حيث ان العامة مختلفون في المسألة اذ حسب ما نقل في كتاب «الفقه علي المذاهب الاربعة» ان الحنفية قائلون بأن المصلي يخرج من الصلاة بكل مناف لكن السلام واجب فلا يكون جزءا و الباقون قائلون بالجزئية و ان الخروج من الصلاة يحصل بالسلام و الا تبطل فلا ترجيح من

هذه الجهة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب التشهد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب القواطع الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 594

______________________________

و ان شئت قلت: ان الطائفة الدالة علي الوجوب تدل علي الوجوب الشرطي و كونه جزءا من الصلاة و أقوال العامة من هذه الجهة مختلفة فلا مرجح من هذه الناحية فتصل النوبة الي المرجح الاخر و هو الاحدثية و الترجيح من هذه الجهة مع تلك الطائفة فان ما روي عن موسي بن جعفر عليه السلام متأخر زمانا عن بقية الروايات فلاحظ.

مضافا الي الاجماع و السيرة الجارية بحيث لو خالف أحد يعد مخالفا للوظيفة الشرعية و يقع موقع الانكار من قبل المتشرعة هذا تمام الكلام في وجوبه.

و أما الكلام من حيث دخوله في الصلاة و عدمه فنقول: ان الظاهر من الروايات الدالة علي الوجوب كونه جزءا من الصلاة فان الاوامر الواردة في المركبات ظاهرة في الارشاد الي الجزئية و لو لا هذا الظهور لاختل الاستدلال بالنسبة الي كثير من الموارد اذ في كل مورد يمكن أن يقال: بأنه ليس المستفاد الا الوجوب التكليفي و الوجوب التكليفي لا يلازم الجزئية فالمستفاد من تلك الروايات الجزئية و عدم انقضاء الصلاة الا بالتسليم.

و أما الروايات الدالة علي خلافها فنقول: ان حديث زرارة «1» يدل ذيله علي المطلوب اذ يدل الشرط بمفهومه انه بلا تسليم لا تتم الصلاة فتكون الرواية مجملة و أما حديث الحلبي «2» فانما يدل علي أن الالتفات الفاحش بعد التشهد لا يضر و مقتضي اطلاقه ان الالتفات الفاحش بعد التشهد و قبل

______________________________

(1) لاحظ ص: 592

(2) لاحظ ص: 592

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 595

و له صيغتان: الاولي: «السلام علينا و علي عباد اللّه الصالحين» و

الثانية: السلام عليكم (1).

______________________________

السلام لا يفسد.

و هذا الاطلاق يقيد بالصلاة و السلام فانه لا فرق بين الصلاة و السلام من هذه الجهة.

يبقي حديث غالب بن عثمان «1» و مقتضاه ان الصلاة تتم بلا سلام و أن السلام ليست جزءا منها و تكون معارضة للروايات الدالة علي الجزئية و يكون الترجيح كما ذكرنا مع تلك الروايات فلاحظ.

و أما الخروج عن الصلاة به و حلية منافياتها فبلا كلام و لا اشكال و يدل عليه بعض النصوص لاحظ ما رواه القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: افتتاح الصلاة الوضوء و تحريمها التكبير و تحليلها التسلم «2».

(1) يدل علي الاولي ما رواه الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: كل ما ذكرت اللّه عز و جل به و النبي صلي اللّه عليه و آله فهو من الصلاة و ان قلت:

السلام علينا و علي عباد اللّه الصالحين فقد انصرفت «3».

و يدل عليه ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت اماما فانما التسليم أن تسلم علي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم و تقول: السلام علينا و علي عباد اللّه الصالحين فاذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلاة ثم تؤذن القوم فتقول و أنت مستقبل القبلة: السلام عليكم و كذلك اذا كنت وحدك تقول: السلام علينا و علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب التسليم الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 592

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب التسليم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 596

______________________________

عباد اللّه الصالحين مثل ما سلمت و أنت امام فاذا كنت في جماعة فقل مثل ما قلت و سلم علي من علي

يمينك و شما لك فان لم يكن علي شما لك أحد فسلم علي الذين علي يمينك و لا تدع التسليم علي يمينك ان لم يكن علي شمالك أحد «1».

و يدل عليه أيضا ما رواه أبو كهمس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الركعتين الاولتين اذا جلست فيهما للتشهد فقلت و أنا جالس: السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته انصراف هو؟ قال: لا و لكن اذا قلت: السلام علينا و عباد اللّه الصالحين فهو الانصراف «2» الي غيرها.

و يدل علي الثانية ما رواه أبو بكر الحضرمي قال: قلت له: اني اصلي بقوم فقال: سلم واحدة و لا تلتفت قل: السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته السلام عليكم «3».

و يدل عليه ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن تسليم الامام و هو مستقبل القبلة قال: يقول: السلام عليكم «4».

ثم انه لا يخفي انه يكفي احدهما و لا يلزم الجمع بينهما أما الاكتفاء بالاولي فيدل عليه ما رواه الحلبي «5» و يدل علي كفاية الثانية مطلقات التسليم مضافا الي حديث ابن أبي يعفور الذي تقدم آنفا فانه يدل علي كفايتها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب التسليم الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب التسليم الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 11

(5) لاحظ ص: 595

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 597

باضافة و رحمة اللّه و بركاته علي الاحوط و ان كان الاظهر عدم وجوبها (1) فبأيهما أتي فقد خرج عن الصلاة (2) و اذا بدأ بالاولي استحبت له الثانية (3).

______________________________

(1) كما في خبر عبد اللّه بن أبي يعفور «1» فان

هذا الخبر يدل علي جواز الحذف كما هو ظاهر و أما خبر علي بن جعفر «2» فهو نقل فعل و لا يدل علي الوجوب و لذا لا يلتزم احد بوجوب السلام مكررا مع انه في هذا الخبر كذلك فلاحظ و أما حديث ابن اذينة «3» فلا يكون ظاهرا في وجوب التسليم بهذا النحو بل النبي صلي اللّه عليه و آله قد أتي بهذه الكيفية مضافا الي خبر عبد اللّه بن أبي يعفور «4» الدال علي عدم الوجوب فالحق ما أفاده في المتن.

(2) قد ظهر الوجه فيما أفاده مما تقدم فراجع.

(3) ما ذكره مشهور- كما في بعض الكلمات- و عن بعض ان الخروج من الصلاة يحصل بالاولي لكن الاتيان بالثانية واجب و استدل عليه بحديث المعراج «5».

و فيه: ان المذكور في حديث المعراج خصوص الثانية وحدها فلا يدل علي الوجوب في صورة الاتيان بالاولي.

و ربما يستدل بما رواه الفضيل وزارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته فان كان مستعجلا في أمر يخاف أن يفوته فسلم و انصرف أجزأه «6».

______________________________

(1) لاحظ ص: 596

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب التسليم الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 587

(4) لاحظ ص: 596

(5) لاحظ ص: 587

(6) الوسائل الباب 1 من أبواب التسليم الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 598

بخلاف العكس (1) و أما قوله «السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته» فليس من صيغ السلام و لا يخرج به عن الصلاة (2) بل هو

______________________________

بتقريب: ان المراد بالسلام الصيغة الاولي و بالانصراف الصيغة الثانية.

و لا يخفي ان هذا خلاف الظاهر مضافا الي أنه قد علم من بعض النصوص ان الانصراف يحصل

بالصيغة الاولي. و ربما يقال: بأن الامر بالتسليم منصرف الي الثانية و مقتضي الاطلاق وجوبه حتي مع سبق الاولي و فيه: ان الانصراف ممنوع و ان المستفاد من الادلة ان وجوبه من حيث حصول الانصراف به و مع تحقق الانصراف بالاولي لا يبقي مجال للثانية.

بقي شي ء و هو انه ما الدليل علي استحباب الثانية في فرض الاتيان بالاولي فان خبر أبي بصير «1» ضعيف بابن سنان الا أن يتمسك بالسيرة الخارجية فانها تكشف عن استحبابها و اللّه العالم.

(1) لعدم الدليل علي استحباب الاولي بعد الثانية نعم نسب الي بعض الاعلام القول بالاستحباب فلو قلنا: بأن مفاد دليل التسامح يقتضي الاستحباب و قلنا أيضا: أن البلوغ يشمل فتوي المجتهد لكان للقول بالاستحباب مجال و لكنه فرض في فرض و ليست له نتيجة الا العدم.

(2) لا دليل علي وجوبه بل مقتضي الادلة خلافه لا يقال: ان الاية الشريفة و هي قوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً» «2» تقتضي وجوب السلام عليه اذ المراد من الاية غير معلوم من حيث الزمان و المكان و من الظاهر انه لا يمكن الاخذ باطلاقها و الا يلزم وجوب الصلاة و السلام عليه صلي اللّه عليه و آله في كل وقت و زمان و هذا مخالف للضرورة و عدم كونه واجبا في غير

______________________________

(1) لاحظ ص: 595

(2) الاحزاب/ 56

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 599

مستحب (1).

[مسألة 164: يجب الإتيان بالتسليم علي النهج العربي]

(مسألة 164): يجب الاتيان بالتسليم علي النهج العربي (2) كما يجب فيه الجلوس (3) و الطمأنينة حاله (4) و العاجز عنه كالعاجز عن التشهد في الحكم المتقدم (5).

[مسألة 165: إذا أحدث قبل التسليم بطلت الصلاة]

(مسألة 165): اذا أحدث قبل التسليم بطلت الصلاة و كذا اذا فعل غيره من المنافيات (6) و اذا نسي التسليم حتي وقع منه المنافي

______________________________

الصلاة لا يدل علي الوجوب فيها و لذا لا اظن أن يلتزم فقيه بجواز السلام عليه في الصلاة علي الاطلاق اذ هو كلام آدمي و يوجب البطلان الا أن يقال: ان حديث الحلبي «1» يقتضي أن يكون ذكر النبي صلي اللّه عليه و آله من الصلاة.

(1) فانه امر به في خبر أبي بصير «2» لكن حيث انه ليس واجبا بالإجماع و التسالم نلتزم بالاستحباب.

(2) كما تقدم في نظائر المقام.

(3) و يدل عليه ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا جلست في الركعة الثانية فقل الحديث «3» مضافا الي السيرة الخارجية بحيث يستنكر خلافه.

(4) و قد مر الكلام في الاطمينان و انه لا دليل عليه الا الاجماع.

(5) الكلام فيه هو الكلام تقريبا و اشكالا فلاحظ.

(6) فانه من آثار المبطل و يكون البطلان علي القاعدة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 595

(2) لاحظ ص: 595

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب التشهد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 600

فالظاهر صحة الصلاة (1) و ان كانت اعادتها أحوط (2) و اذا نسي السجدتين حتي سلم أعاد الصلاة اذا صدر منه ما ينافي الصلاة عمدا و سهوا و الا أتي بالسجدتين و التشهد و التسليم (3) و سجد سجدتي السهو لزيادة السلام (4).

______________________________

(1) الظاهر ان الوجه فيما أفاده ان حديث لا تعاد يخرج الجزء المنسي عن كونه جزءا

و بعد فرض عدم كونه جزءا لا يكون الحدث واقعا في الاثناء فلا وجه للبطلان. ان قلت: ان الحديث لا يشمل السلام المنسي لان الحدث واقع في أثناء الصلاة. قلت: لا مانع من شموله إلا صدق وقوع الحدث في الاثناء و صدق الوقوع يتوقف علي عدم الشمول فلو توقف عدم الشمول علي الصدق يكون دورا.

ان قلت: ان الخروج من الصلاة معلول للحدث و في رتبة متأخرة عنه فالحدث واقع في الصلاة. قلت: ليس الامر كذلك فان الخروج معلول لعدم بقاء السلام علي الجزئية بلحاظ النسيان و مع عدم كونه جزءا لا يكون واقعا في الاثناء فلا وجه للبطلان.

(2) خروجا عن شبهة الخلاف.

(3) و الوجه فيه انه مع فوات السجدتين و عدم امكان التدارك تبطل الصلاة و لا مجال لجريان قاعدة لا تعاد لكون السجدتين من الخمسة و أما مع امكان التدارك يجب التدارك و أما مع فرض كون الفائت سجدة واحدة فتصح الصلاة مطلقا.

(4) يأتي الكلام فيه في محله.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 601

[مسألة 166: يستحب فيه التورك في الجلوس حاله و وضع اليدين علي الفخذين و يكره الاقعاء]

(مسألة 166): يستحب فيه التورك في الجلوس حاله و وضع اليدين علي الفخذين و يكره الاقعاء كما سبق في التشهد (1).

[الفصل التاسع: في الترتيب]

الفصل التاسع في الترتيب يجب الترتيب بين أفعال الصلاة علي نحو ما عرفت فاذا عكس الترتيب فقدم مؤخرا فان كان عمدا بطلت الصلاة (2) و ان كان سهوا أو عن جهل بالحكم من غير تقصير فان قدم ركنا علي ركن بطلت (3) و ان قدم ركنا علي غيره كما اذا ركع قبل القراءة

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون الوجه فيه انه يعد من ملحقات التشهد فلو ثبت شي ء للتشهد يكون شاملا للتسليم أيضا و الاحسن أن يقصد الرجاء.

(2) أما لزوم الترتيب بينها فأمر واضح فانه يستفاد من الادلة بحسب المتفاهم العرفي مضافا الي السيرة و وضوح الامر بحيث لا يكون قابلا للترديد و الشك و أما لو خالف الترتيب عمدا فكون ما أتي به باطلا علي القاعدة لان المفروض انه وضع في غير محله و لا وجه للصحة و أما كونه مبطلا فلانه أتي به بعنوان الجزئية علي الفرض فتكون زيادة في المكتوبة و الزيادة في الصلاة توجب البطلان.

(3) و الوجه فيه ان مثله لا يكون قابلا للصحة اذ لو اكتفي باتيان الركوع يعد السجدتين و لم يأت بهما يكون باطلا من جهة عدم رعاية الترتيب و ان أتي بهما بعد الركوع يكون الركن زائدا في الصلاة بل لنا أن نقول: بأنه لا تصل النوبة الي هذا التقريب اذ الاتيان بالسجدتين قبل الركوع زيادة في المكتوبة و لا يشملها حديث لا تعاد لأنهما من الاركان فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 602

مضي وفات محل ما ترك (1) و لو قدم غير الركن عليه تدارك علي وجه

يحصل الترتيب و كذا لو قدم غير الاركان بعضها علي بعض (2).

[الفصل العاشر: في الموالاة]

الفصل العاشر في الموالاة و هي واجبة في أفعال الصلاة بمعني عدم الفصل بينها علي وجه يوجب محو صورة الصلاة في نظر أهل الشرع و هي بهذا المعني تبطل الصلاة بفواتها عمدا و سهوا (3) و لا يضر فيها تطويل الركوع و السجود و قراءة السور الطوال (4) و أما بمعني توالي الاجزاء و تتابعها و ان لم يكن دخيلا في حفظ مفهوم الصلاة فوجوبها محل اشكال و الاظهر عدم الوجوب من دون فرق بين العمد و السهو (5).

______________________________

(1) و يشمله حديث لا تعاد.

(2) الامر كما أفاده فانه لو لم يستلزم زيادة الركن يجب تدارك ما فات من الترتيب و الزيادة حيث انها سهوية لا توجب البطلان بخلاف ما لو كان التدارك مستلزما لزيادة الركن فانه لا يجوز.

(3) فانه في هذا الفرض لا يكون الموضوع باقيا و لا مجال للقول بالصحة فكما أن تركها عمدا يوجب البطلان كذلك ترك الموالاة فيها نسيانا اذ ترك الموالاة يوجب عدم تحققها و المفروض ان عدمها يوجب البطلان.

(4) فان هذا راجع الي ما علم من الشرع و ليس أمرا عرفيا و من الظاهر ان الفصل بالاجنبي يكون منافيا للموالاة الشرعية لا مثل ما ذكر في المتن و أمثاله.

(5) اذ لو لم يكن دخيلا في حفظ مفهوم الصلاة فلا وجه لوجوبه من دون فرق بين السهو و العمد.

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 603

[الفصل الحادي عشر: في القنوت]
اشارة

الفصل الحادي عشر في القنوت و هو مستحب في جميع الصلوات (1).

______________________________

(1) نقل عليه الاجماع من جملة من الاساطين و نقل عن الصدوق القول بالوجوب كما هو ظاهر قوله المنقول المحكي عن الفقيه: «القنوت سنة واجبة و من تركها متعمدا في كل صلاة فلا صلاة له» و

أيضا حكي القول بالوجوب عن ابن أبي عقيل و عن الحبل المتين: «ان ما قال به الشيخان الجليلان غير بعيد عن جادة الصواب» و نقل عن الشيخ ابي الحسن البحراني القول بالوجوب حتي ذكر انه صنف رسالة في وجوب القنوت.

و لا بد من ملاحظة نصوص الباب و يستفاد من جملة من الروايات وجوبه:

منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتابه الي المأمون قال:

و القنوت سنة واجبة في الغداة و الظهر و العصر و المغرب و العشاء الآخرة «1».

و منها: ما عن جعفر بن محمد عليه السلام في حديث شرايع الدين قال:

و القنوت في جميع الصلوات سنة واجبة في الركعة الثانية قبل الركوع و بعد القراءة «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن القنوت في الصلوات الخمس فقال: اقنت فيهن جميعا «3» و منها ما رواه ابن المغيرة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام اقنت في كل ركعتين فريضة أو نافلة قبل

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب القنوت الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 604

______________________________

الركوع «1».

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان نسي الرجل القنوت في شي ء من الصلاة فقد جازت صلاته و ليس عليه شي ء و ليس له أن يدعه متعمدا «2».

و في المقام رواية عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام في القنوت ان شئت فاقنت و ان شئت فلا تقنت قال أبو الحسن عليه السلام و اذا كانت التقيه فلا تقنت و أنا اتقلد هذا «3» تدل علي التخيير و مقتضي الترجيح

بمخالفة القوم أن يرجح ما يدل علي الوجوب.

لكن الحق أن يقدم ما عن الرضا عليه السلام و يلتزم بالتخيير اذ العامة ليسوا قائلين بالقنوت فكما أن الخبر الدال علي الوجوب مخالف لهم كذلك يخالفهم ما يدل علي التخيير فالترجيح مع ما يدل علي التخيير.

و يستفاد من حديث يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القنوت في أي الصلوات أقنت؟ فقال: لا تقنت الا في الفجر «4» ان القنوت يختص بصلاة الصبح و لا وجه لحمل الرواية علي التقية لاختلاف أقوال القوم في القنوت في صلاة الفجر فلا تكون موافقة للتقية لكن يدل علي التخيير بالنسبة الي الفجر ما رواه الشيخ في التهذيب «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب القنوت الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب القنوت الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب القنوت الحديث: 7

(5) التهذيب ج 2 ص: 161 حديث: 92

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 605

فريضة كانت أو نافلة (1) علي اشكال في الشفع و الاحوط الاتيان به فيها برجاء المطلوبية (2).

و يتأكد استحبابه في الفرائض الجهرية (3) خصوصا في الصبح

______________________________

اذا عرفت ما تقدم نقول: ان القنوت لو كان واجبا كبقية الواجبات الصلاتية لكان بوضوح بمكان فانه هل يمكن أن يبقي حكم القنوت من حيث الوجوب و عدمه مخفيا مع كثرة الابتلاء فيكون هذا آية عدم وجوبه و اللّه العالم.

(1) يمكن الاستدلال عليه بما رواه ابن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن القنوت فقال: في كل صلاة فريضة و نافلة «1» فان مقتضي عموم الحكم عدم الفرق بين أفراد الصلاة.

(2) لاحظ ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي

عبد اللّه عليه السلام قال:

القنوت في الركعة الثانية و في العشاء و الغداة مثل ذلك و في الوتر في الركعة الثالثة «2» فان مقتضي هذا الحديث ان القنوت في الركعة الثالثة فلاحظ.

(3) فانه يظهر من بعض النصوص التأكيد بالنسبة الي الجهرية كخبر محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن القنوت في الصلوات الخمس فقال:

أقنت فيهن جميعا قال: و سألت أبا عبد اللّه عليه السلام بعد ذلك عن القنوت فقال لي: أما ما جهرت به فلا تشك (شك) «3».

و لا ينافي التأكيد ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القنوت فقال: فيما يجهر فيه بالقراءة قال: فقلت له: اني سألت أباك عن ذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب القنوت الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب القنوت الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب القنوت الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 606

و الجمعة و المغرب و في الوتر من النوافل (1) و المستحب منه مرة بعد القراءة قبل الركوع في الركعة الثانية (2).

______________________________

فقال: في الخمس كلها فقال: رحم اللّه أبي ان أصحاب أبي أتوه فسألوه فأخبرهم بالحق ثم أتوني شكاكا فأفتيتهم بالتقية «1».

فانه يستفاد من هذه الرواية ان القنوت محبوب في جميع الصلوات غاية الامر أنه عليه السلام لم يأمر به الا في الجهر لأجل التقية.

و ان شئت قلت: يستفاد من مجموع الحديثين ان القنوت محبوب في الفرائض غاية الامر يتأكد في الجهرية و لذا أمر به أبو عبد اللّه عليه السلام فيها و سكت عنه في الاخفاتية لأجل بعض الجهات.

(1) الظاهر أن الوجه في الخصوصية رواية سعد «2».

(2) نقل الاجماع عليه من جملة من الاساطين و السيرة

جارية عليه و يدل عليه من النصوص ما رواه زرارة «3» و يدل عليه أيضا ما رواه يعقوب بن يقطين «4»

و مثلهما في الدلالة ما رواه سماعة قال: سألته عن القنوت في أي صلاة هو؟

فقال: كل شي ء يجهر فيه بالقراءة فيه قنوت و القنوت قبل الركوع و بعد القراءة «5».

و يدل عليه أيضا ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ما أعرف قنوتا الا قبل الركوع «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب القنوت الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب القنوت الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب القنوت الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 3

(6) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 607

الا في الجمعة ففيه قنوتان قبل الركوع في الاولي و بعده في الثانية و الا في العيدين ففيهما خمسة قنوتات في الاولي و أربعة في الثانية و الا في الآيات ففيها قنوتان قبل الركوع الخامس من الاولي و قبله في الثانية بل خمسة قنوتات قبل كل ركوع زوج كما سيأتي ان شاء اللّه تعالي (1) و الا في الوتر ففيها قنوتان قبل الركوع و بعده علي اشكال في الثاني (2) نعم يستحب بعده أن يدعوا بما دعا به أبو الحسن موسي عليه السلام و هو: «هذا مقام من حسناته نعمة منك و شكره ضعيف و ذنبه عظيم و ليس لذلك الا رفقك و رحمتك فانك قلت في كتابك المنزل علي نبيك المرسل صلي اللّه

______________________________

و لا يعارضها ما رواه اسماعيل الجعفي و معمر بن يحيي عن أبي جعفر عليه السلام قال: القنوت قبل الركوع و ان شئت فيعده «1» فان سند الرواية ضعيف بالجوهري.

(1)

تحقيق كل من هذه الفروع موكول الي تلك الابحاث تبعا للماتن.

(2) الظاهر ان وجه الاشكال في القنوت الثاني في الوتر بعض النصوص لاحظ ما روي بعض أصحابنا عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال: كان اذا استوي من الركوع في آخر ركعته من الوتر قال: اللهم انك قلت في كتابك المنزل كٰانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مٰا يَهْجَعُونَ وَ بِالْأَسْحٰارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ طال و اللّه هجوعي و قل قيامي و هذا السحر و أنا استغفرك لذنوبي استغفار من لا يملك لنفسه ضرا و لا نفعا و لا موتا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 608

عليه و آله كٰانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مٰا يَهْجَعُونَ وَ بِالْأَسْحٰارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، طال و اللّه هجوعي و قل قيامي و هذا السحر و أنا أستغفرك لذنوبي استغفار من لا يملك لنفسه ضرا و لا نفعا و لا موتا و لا حياة و لا نشورا (1) كما يستحب أن يدعو في القنوت قبل الركوع في الوتر بدعاء الفرج و هو لا إله الا اللّه الحليم الكريم لا إله الا اللّه العلي العظيم سبحان اللّه رب السماوات السبع و رب الارضين السبع و ما فيهن و ما بينهن و رب العرش العظيم

______________________________

و لا حياة و لا نشورا ثم يخر ساجدا «1».

و ما رواه أيضا قال: كان ابو الحسن الاول عليه السلام اذا رفع رأسه من آخر ركعة الوتر قال: هذا مقام من حسناته نعمة منك و شكره ضعيف و ذنبه عظيم و ليس لذلك الا دفعك و رحمتك فانك قلت في كتابك المنزل علي نبيك المرسل صلي اللّه عليه و آله كانوا الحديث «2».

و أما الاول فيدل علي كونه قبل الركوع

ما رواه معاوية بن عمار «3» و ما رواه أيضا أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن القنوت في الوتر قال: فان نسيت أقنت اذا رفعت رأسي؟ قال: لا «4» فان الحديث الاول بالاطلاق و الثاني بالصراحة يدلان علي المطلوب.

(1) لاحظ ما روي عن أبي الحسن عليه السلام «5».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 16 من أبواب القنوت الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 18 من أبواب القنوت الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) لاحظ ص: 607

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 609

و الحمد للّه رب العالمين (1) و أن يستغفر لأربعين مؤمنا أمواتا و أحياء (2) و أن يقول سبعين مرة استغفر اللّه ربي و أتوب اليه (3) ثم يقول: «استغفر اللّه الذي لا إله الا هو الحي القيوم ذو الجلال و الاكرام لجميع ظلمي

______________________________

(1) الظاهر انه ليس دليل معتبر يدل علي استحبابه في قنوت الوتر و انما وردت رواية ضعيفة «1» في وروده في قنوت الجمعة و صورة الدعاء تنافي ما في المتن نعم ما ذكره في المتن من الصورة الخاصة قد ورد الدليل عليه في تلقين المحتضر و هي رواية زرارة «2».

(2) قال في مصباح المتهجد: و يستحب أن يذكر أربعين نفسا مما زاد عليه فان من فعل ذلك استجيبت دعوته ان شاء اللّه «3».

و قال المجلسي قدس سره: و أما الدعاء لأربعين من المؤمنين في خصوص قنوت الوتر فلم اره في رواية الي آخره «4».

(3) قد وردت جملة من النصوص تدل علي استحباب مطلق الاستغفار سبعين مرة منها ما رواه معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: في قول اللّه عز و جل وَ بِالْأَسْحٰارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ

قال: كانوا يستغفرون اللّه في آخر الوتر في آخر الليل سبعين مرة «5».

و جملة من النصوص تدل علي استحباب الصيغة الخاصة المغايرة لما في المتن منها: ما رواه زرارة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام ثم تقول في قنوت

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب القنوت الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 38 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(3) بحار الأنوار ج 87 ص: 274

(4) نفس المصدر ص: 276

(5) بحار الأنوار ج 87 ص: 207

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 610

و جرمي و اسرافي علي نفسي و أتوب اليه سبع مرات (1) و سبع مرات هذا المقام العائذ بك من النار (2) ثم يقول: رب أسأت و ظلمت نفسي و بئس ما صنعت و هذه يداي جزاء بما كسبت و هذه رقبتي خاضعة لما أتيت و ها أنا ذابين يديك فخذ لنفسك من نفسي الرضا حتي ترضي لك العتبي لا أعود (3) ثم يقول العفو ثلاثمائة مرة ثم يقول: رب اغفر لي و ارحمني و تب علي انك انت التواب الرحيم (4).

______________________________

الوتر بعد هذا الدعاء استغفر اللّه و أتوب اليه سبعين مرة الحديث «1».

نعم يدل علي ما في المتن ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: من قال في وتره اذا أوتر: استغفر اللّه ربي و أتوب اليه سبعين مرة الحديث «2».

(1) لاحظ ما روي عن المصباح «3».

(2) لاحظ ما رواه ابن أبي يعفور «4».

(3) لاحظ ما عن مصباح المتهجد «5».

(4) لاحظ ما عن المصباح المتهجد «6».

______________________________

(1) نفس المصدر ص: 198

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب القنوت الحديث: 2 و 3

(3) بحار الأنوار ج 87 ص: 274

(4) نفس المصدر ص: 287

(5) نفس المصدر ص:

274

(6) نفس المصدر ص: 275

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 611

[مسألة 167: لا يشترط في القنوت قول مخصوص]

(مسألة 167): لا يشترط في القنوت قول مخصوص بل يكفي فيه ما يتيسر من ذكر أو دعاء أو حمد أو ثناء (1) و يجزي سبحان اللّه خمسا أو ثلاثا (2) أو مرة (3) و الاولي قراءة المأثور عن المعصومين عليهم السلام (4).

[مسألة 168: يستحب التكبير قبل القنوت]

(مسألة 168): يستحب التكبير قبل القنوت (5).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه اسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القنوت و ما يقال فيه قال: ما قضي اللّه علي لسانك و لا أعلم فيه شيئا موقتا «1».

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أدني القنوت فقال: خمس تسبيحات «2». و ما رواه أبو بكر بن أبي سماك عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: يجزي من القنوت ثلاث تسبيحات «3».

(3) كما يقتضيه الاطلاق الوارد في حديث اسماعيل بن الفضل.

(4) كما هو ظاهر.

(5) لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه قال: التكبير في الصلاة الفرض الخمس صلوات خمس و تسعون تكبيرة منها تكبيرات القنوت خمس «4».

و ما رواه عبد اللّه بن المغيرة مثله الي أن قال و خمس تكبيرات القنوت في خمس صلوات «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب القنوت الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب القنوت الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 612

و رفع اليدين حال التكبير (1) و وضعهما (2) ثم رفعهما حيال الوجه (3) قيل و بسطهما جاعلا باطنهما نحو السماء و ظاهر هما نحو الارض (4) و أن تكونا منضمتين (5) مضمومتي الاصابع الا الابهامين (6) و أن

تكون نظره

______________________________

و ما رواه الصباح المزني قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: خمس و تسعون تكبيرة في اليوم و الليلة للصلوات منها تكبير القنوت «1».

(1) لاحظ ما رواه صفوان بن مهران الجمال قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام اذا كبر في الصلاة يرفع يديه حتي يكاد يبلغ اذنيه «2».

(2) لعله من باب ان الوضع مقدمة للرفع و حيث ان الرفع مستحب فلا بد من الوضع اولا و اللّه العالم.

(3) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ترفع يديك في الوتر حيال وجهك و ان شئت تحت (فتحت) ثوبك «3» مضافا الي ما نسب الي الاصحاب في محكي المعتبر و الذكري.

(4) قال في الحدائق: «قال في الذكري: يستحب رفع اليدين تلقاء وجهه مبسوطتين يستقبل ببطونها السماء و بظهورهما الارض قاله الاصحاب» «4».

(5) قال في المستمسك: «لم اقف علي وجهه فيما حضرني عاجلا» «5».

(6) قال في المستمسك: «كما عن ظاهر الدروس و صريح غيره و في الذكري في مقام تعداد المستحبات في القنوت قال: و تفريق الابهام علي الاصابع قاله ابن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب القنوت الحديث: 1

(4) الحدائق الناضرة ج 8 ص: 386

(5) مستمسك العروة ج 6 ص: 508

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 613

الي كفيه (1).

[مسألة 169: يستحب الجهر بالقنوت للإمام و المنفرد و المأموم]

(مسألة 169): يستحب الجهر بالقنوت للإمام و المنفرد و المأموم (2) و لكن يكره للمأموم أن يسمع الامام صوته (3).

[مسألة 170: إذا نسي القنوت و هوي فإن ذكر قبل الوصول إلي حد الركوع رجع]

(مسألة 170): اذا نسي القنوت و هوي فان ذكر قبل الوصول الي حد الركوع رجع (4).

______________________________

ادريس و في الجواهر الاعتراف بعدم الوقوف عليه في شي ء من النصوص و كذا ظاهر المستند».

(1) كما هو المشهور بل المنسوب الي الاصحاب علي ما في كلام سيد المستمسك في هذا المقام.

(2) لاحظ ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: القنوت كله جهار «1» فان مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين الامام و المأموم و المنفرد.

(3) لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كل ما يقول و لا ينبغي من خلفه أن يسمعوا شيئا مما يقول «2».

(4) يدل عليه ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن الرجل ينسي القنوت في الوتر أو غير الوتر فقال: ليس عليه شي ء و قال: ان ذكره و قد أهوي الي الركوع قبل أن يضع يديه علي الركبتين فليرجع قائما و ليقنت ثم ليركع و ان وضع يده علي الركبتين فليمض في صلاته و ليس عليه شي ء «3» مضافا الي أن المحل باق و يمكن التدارك.

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب القنوت الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 52 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب القنوت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 614

و ان كان بعد الوصول اليه قضاه حين الانتصاب بعد الركوع (1) و اذا ذكره بعد الدخول في السجود قضاه بعد الصلاة جالسا مستقبلا (2) و الاحوط ذلك فيما اذا ذكره بعد الهوي الي السجود

قبل وضع

______________________________

(1) لجملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم و زرارة بن أعين قالا:

سألنا أبا جعفر عليه السلام عن الرجل ينسي القنوت حتي يركع قال: يقنت بعد الركوع فان لم يذكر فلا شي ء عليه «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القنوت ينساه الرجل فقال: يقنت بعد ما يركع فان لم يذكر حتي ينصرف فلا شي ء عليه «2».

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل ذكر أنه لم يقنت حتي ركع قال: فقال: يقنت اذا رفع رأسه «3» نعم يستفاد من رواية معاوية بن عمار قال: سألته عن الرجل ينسي القنوت حتي يركع أيقنت؟

قال: لا «4» خلاف مفاد تلك النصوص لكن الترجيح مع تلك النصوص لكونها خلاف العامة.

(2) الظاهر ان ما ذكره مستفاد من رواية زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل نسي القنوت فذكره و هو في بعض الطريق فقال: يستقبل القبلة ثم ليقله ثم قال: اني لا كره للرجل أن يرغب عن سنة رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب القنوت الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 615

الجبهة (1) و اذا تركه عمدا في محله أو بعد ما ذكره بعد الركوع فلا قضاء له (2).

[مسألة 171: الظاهر انه لا تؤدي وظيفة القنوت بالدعاء الملحون أو بغير العربي]

(مسألة 171): الظاهر انه لا تؤدي وظيفة القنوت بالدعاء الملحون أو بغير العربي و ان كان لا يقدح في صحة الصلاة (3).

[الفصل الثاني عشر: في التعقيب]

الفصل الثاني عشر في التعقيب و هو الاشتغال بعد الفراغ من الصلاة بالذكر و الدعاء و منه أن يكبر ثلاثا بعد التسليم (4).

______________________________

أو يدعها «1» و رواية أبي بصير قال: سمعته يذكر عند أبي عبد اللّه عليه السلام قال في الرجل اذا سها في القنوت قنت بعد ما ينصرف و هو جالس «2».

(1) يمكن أن يكون الوجه في الاحتياط احتمال عدم شمول النصوص و ان المنصرف اليه منها صورة عدم الهوي الي السجود.

(2) اذ دليل القضاء لا يشمل الترك العمدي.

(3) أما عدم التأدية فلعدم كون الملحون مصداقا للمأمور به كما أن غير العربي لا يكون مصداقا لما أمر به فان ما امر به في النصوص العربي و أما عدم كونه قادحا في صحة الصلاة فلعدم دليل علي القادحية اذ القادح هو الكلام الادمي و الذكر الملحون لا يكون كلاما آدميا كما أنه لا وجه لقادحية الدعاء أو الذكر بغير اللغة العربية نعم اذا تعنون بعنوان مخل كالزيادة يكون مبطلا من تلك الجهة.

(4) لاحظ ما رواه المفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: لأي

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب القنوت الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 616

رافعا يديه علي نحو ما سبق (1) و منه و هو أفضله تسبيح الزهراء عليها السلام (2) و هو التكبير.

______________________________

علة يكبر المصلي بعد التسليم ثلاثا يرفع بها يديه؟ فقال: لأن النبي صلي اللّه عليه و آله لما فتح مكة صلي بأصحابه الظهر عند الحجر الاسود فلما سلم رفع يديه و كبر

ثلاثا و قال: لا إله الا اللّه وحده وحده الي أن قال: ثم أقبل علي أصحابه فقال: لا تدعوا هذا التكبير و هذا القول في دبر كل صلاة مكتوبة الحديث «1».

(1) قال في الجواهر: «منها التكبيرات الثلاث رافعا يديه بكل واحدة منها علي هيئة الرفع في غيرها من تكبيرات الصلاة اذ الظاهر كون الرفع بالتكبير هيئة واحدة و ان تعددت مواضع مشروعيته الي آخر كلامه «2» و قال في الحدائق:

و قال في الذكري: قال الاصحاب يكبر بعد التسليم ثلاثا رافعا بها يديه كما تقدم و يضعها في كل مرة الي أن تبلغ فخذيه أو قريبا منهما. و قال المفيد يرفعهما حيال وجهه مستقبلا بظاهرهما وجهه و بباطنهما القبلة الي آخره «3».

(2) قال في الجواهر- بعد قول المحقق: فأفضله تسبيح الزهراء عليها السلام-:

الذي ما عبد اللّه بشي ء من التحميد أفضل منه و لو كان شي ء افضل منه لنحله رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فاطمة عليها السلام» «4».

و استدل علي المدعي بما رواه صالح بن عقبة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما عبد اللّه بشي ء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة عليها السلام و لو

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب التعقيب الحديث: 2

(2) جواهر الكلام ج 10 ص: 408

(3) الحدائق الناضرة ج 8 ص: 526

(4) جواهر الكلام ج 10 ص: 396

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 617

أربعا و ثلاثين ثم الحمد ثلاثا و ثلاثين ثم التسبيح ثلاثا و ثلاثين (1).

و منه قراءة الحمد و آية الكرسي و آية شهد اللّه و آية الملك (2) و منه

______________________________

كان شي ء أفضل منه لنحله رسول اللّه عليه و آله فاطمة عليها السلام «1».

و لاحظ ما رواه أبو خالد القماط

قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

تسبيح فاطمة عليها السلام في كل يوم في دبر كل صلاة أحب إلي من صلاة ألف ركعة في كل يوم «2».

(1) قال في الجواهر: «المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة بل في الوسائل عليه عمل الطائفة أربع و ثلاثون تكبيرة ثم الثلث و ثلاثون تحميدة ثم ثلاث و ثلاثون تسبيحة بل لا خلاف اجده في الفتاوي» «3».

و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه محمد بن عذافر قال:

دخلت مع أبي علي أبي عبد اللّه (ع) فسأله أبي عن تسبيح فاطمة عليها السلام فقال:

اللّه أكبر حتي احصي أربعا و ثلاثين مرة ثم قال: الحمد للّه حتي بلغ سبعا و ستين ثم قال: سبحان اللّه حتي بلغ مأئة يحصيها بيده جملة واحدة «4» و منها ما رواه أبو بصير «5» و منها ما رواه مفضل بن عمر «6».

(2) لاحظ ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لما أمر اللّه هذه الآيات أن يهبطن الي الارض تعلقن بالعرش و قلن: اي رب الي أين

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب التعقيب الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) جواهر الكلام ج 10 ص 399

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب التعقيب الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 2

(6) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 4، ص: 618

غير ذلك مما هو كثير مذكور في الكتب المعدة له (1).

______________________________

تهبطنا الي اهل الخطايا و الذنوب فأوحي اللّه عز و جل إليهن اهبطن فو عزتي و جلالي لا يتلوكن أحد من آل محمد و شيعتهم في دبر ما افترضت عليه الا نظرت اليه بعيني المكنونة في كل يوم سبعين نظرة أقضي له في

كل نظرة سبعين حاجة و قبلته علي ما كان فيه من المعاصي و هي أمّ الكتاب و شهد اللّه أنه لا إله الا هو و الملائكه و اولوا العلم و آية الكرسي و آية الملك «1».

(1) لاحظ ابواب التعقيب في الوسائل.

تذكرة: في الصفحة: 521 يضاف الي السطر: 16 قولنا: و من الظاهر ان الركوع واجب حال الذكر الواجب فيجب التمكن لكن مقتضي هذا البيان ان التمكن لازم حين الذكر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب التعقيب الحديث: 1

الجزء الخامس

[تتمة كتاب الصلاة]

[تتمة المقصد الخامس في أفعال الصلاة]

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

[المبحث الثالث: منافيات الصلاة]
اشارة

المبحث الثالث:

منافيات الصلاة

[و هي أمور]
اشارة

و هي أمور:

[الأول: الحدث]

الاول: الحدث سواء كان أصغر أم أكبر فانه مبطل للصلاة اينما وقع في أثنائها عمدا (1).

______________________________

(1) بلا خلاف و اجماعا و عن شرح المفاتيح: لعله من ضروريات الدين أو المذهب و ربما يظهر من بعض النصوص خلافه لاحظ ما رواه الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: اكون في الصلاة فأجد غمزا في بطني أو أذي أو ضربانا فقال: انصرف ثم توضأ و ابن علي ما مضي من صلاتك الحديث «1».

و ما رواه أبو سعيد القماط قال: سمعت رجلا يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وجد غمزا في بطنه أو اذي أو عصرا من البول و هو في صلاة المكتوبة في الركعة الاولي أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة فقال: اذا اصاب شيئا من ذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 9.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 4

أو سهوا (1).

______________________________

فلا بأس بأن يخرج لحاجته تلك فيتوضأ ثم ينصرف الي مصلاه الذي كان يصلي فيه فيبني علي صلاته من الموضع الذي خرج منه لحاجته الحديث «1» و لا بد من حمل مثل هذه النصوص علي بعض المحامل أورد علمه الي أهله.

(1) قال في الحدائق: «لا خلاف بين الاصحاب في بطلان الصلاة بترك الطهارة عمدا أو سهوا و الظاهر أن الحكم المذكور اجماعي نصا و فتوي» الي أن قال: «انما الخلاف في ما لو أحدث ساهيا فاقول: المشهور البطلان بل ادعي عليه العلامة في التذكرة الاجماع فقال: انه مبطل للصلاة اجماعا» «2» الي آخر كلامه.

و اللازم ملاحظة النصوص الواردة في المقام و قبل الاستدلال بالنصوص الخاصة استدل علي البطلان: بأن الطهارة شرط في الصلاة فيكون انتفائها موجبا لانتفائها قضية

للشرطية.

و اورد علي هذا الاستدلال: ان المعتبر عدم وقوع شي ء من اجزاء الصلاة بدون الطهارة و أما اشتراط عدم تخلل الحدث في الاثناء فممنوع.

و اجيب: بأن الصلاة ليست عبارة عن تلك الأجزاء بالخصوص بل عبارة عن الاجزاء و ما بينها من الاكوان و يدل عليه قوله عليه السلام تحليلها التسليم و تحريمها التكبير.

و أما النصوص فمنها ما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11.

(2) الحدائق ج 9 ص: 2 و 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 5

______________________________

قال: سألته عن الرجل يخفق و هو في الصلاة؟ فقال: ان كان لا يحفظ حدثا منه ان كان فعليه الوضوء و اعادة الصلاة و ان كان يستيقن أنه لم يحدث فليس عليه وضوء و لا اعادة «1».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يكون في الصلاة فيعلم أن ريحا قد خرجت فلا يجد ريحها و لا يسمع صوتها قال: يعيد الوضوء و الصلاة و لا يعتد بشي ء مما صلي اذا علم ذلك يقينا «2».

و منها: ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حب القرع كيف يصنع؟ قال: ان كان خرج نظيفا من العذرة فليس عليه شي ء و لم ينقض وضوئه و ان خرج متلطخا بالعذرة فعليه أن يعيد الوضوء و ان كان في صلاته قطع الصلاة و أعاد الوضوء و الصلاة «3».

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تعارضها منها: ما رواه الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام أكون في الصلاة فاجد غمزا في بطني أو أذي

أو ضربانا فقال: انصرف ثم توضأ و ابن علي ما مضي من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمدا و ان تكلمت ناسيا فلا شي ء عليك فهو بمنزلة من تكلم في الصلاة ناسيا قلت: و ان قلب وجهه عن القبلة؟ قال: نعم و ان قلب وجهه عن القبلة «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 6.

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 7.

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب نواقض الوضوء الحديث: 5.

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 9.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 6

______________________________

و يستفاد من هذه الرواية ان الحدث في الاثناء لا يبطل الصلاة و يمكن حملها علي التقية فان صاحب الحدائق أفاد- كما في ج 8 من الحدائق ص: 448-:

بأن الشيخ حسن نقل في المنتقي: أنه يعزي الي أبي حنيفة و جماعة من العامة القول: باعادة الوضوء لمن سبقه الحدث و البناء علي ما فعله.

و ان أبيت عن الجمع بهذا النحو نقول: بأن الترجيح من حيث الاحدثية مع الطائفة الاولي فانه قد سبق الرواية الدالة علي البطلان عن موسي بن جعفر عليه السلام.

و منها: ما رواه أبو سعيد القماط قال: سمعت رجلا يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وجد غمزا في بطنه أو أذي أو عصرا من البول و هو في صلاة المكتوبة في الركعة الاولي أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة فقال: اذا أصاب شيئا من ذلك فلا بأس بأن يخرج لحاجته تلك فيتوضأ ثم ينصرف الي مصلاه الذي كان يصلي فيه فيبني علي صلاته من الموضع الذي خرج منه لحاجته ما لم ينقض الصلاة بالكلام قال: قلت: و ان التفت يمينا أو شمالا

أو ولي عن القبلة؟ قال: نعم كل ذلك واسع انما هو بمنزلة رجل سها فانصرف في ركعة أو ركعتين أو ثلاثة من المكتوبة فانما عليه أن يبني علي صلاته ثم ذكر سهو النبي صلّي اللّه عليه و آله «1» و هذه الرواية ضعيفة بموسي بن عمر.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يصيبه الغمز في بطنه و هو يستطيع أن يصبر عليه أ يصلي علي تلك الحال أو لا يصلي؟ فقال: ان احتمل الصبر و لم يخف اعجالا عن الصلاة فليصل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 7

______________________________

و ليصبر «1».

و هذه الرواية لا تدل علي مقصود الخصم بوجه فان المستفاد منها انه يجوز القطع في صورة عدم تحمل الصبر و أما أنه بعد القطع ما حكمه؟ فليست الرواية متعرضة له فلاحظ مضافا الي أنه لا يستفاد من الرواية قطع الصلاة بل السؤال و الجواب ناظران الي الدخول في الصلاة و عدمه.

و منها: ما رواه زرارة أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن رجل دخل في الصلاة و هو متيمم فصلي ركعة ثم أحدث فأصاب ماء قال: يخرج و يتوضأ ثم يبني علي ما مضي من صلاته التي صلي بالتيمم «2».

و هذه الرواية تدل علي أن وقوع الحدث في أثناء الصلاة لا تبطلها. و قيل في الجواب عن الرواية انها اجنبية عن هذا المعني و المراد منها أن الصلاة التي أتمها مع التيمم قبل وجدان الماء صحيحة تامة و أما هذه الصلاة التي أحدث في أثنائها تبطل بالحدث و يخرج و يتوضأ لكن لا يعيد الصلاة التي صلاها مع التيمم و ان كان الوقت باقيا

فلا يرتبط بمدعي الخصم كما هو ظاهر و يمكن حمل الخبر علي التقية فانه نقل عن بدائع الصنائع للكاشاني الحنفي عدم فساد الصلاة لو سبقه الحدث فيها من غير تعمد فانه يتوضأ و يبني علي صلاته «3».

و يحتمل أن يكون المراد من الخبر انه امطر و احدث يكون مبنيا للمفعول و قوله عليه السلام: «فأصاب ماء» يناسب المطر و الا أي مناسبة بين الحدث المبطل و اصابة الماء و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب قواطع الصلاة الحديث 1.

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 10

(3) الحدائق ج 4 ص: 387

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 8

______________________________

و منها: ما دل علي عدم بطلان الصلاة بالحدث قبل التشهد و بعد السجدة الاخيرة لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يحدث بعد أن يرفع رأسه في السجدة الاخيرة و قبل أن يتشهد قال: ينصرف فيتوضأ فان شاء رجع الي المسجد و ان شاء ففي بيته و ان شاء حيث شاء قعد فيتشهد ثم يسلم و ان كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته «1».

و ما رواه عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يحدث بعد ما يرفع رأسه من السجود الاخير فقال: تمت صلاته و أما التشهد سنة في الصلاة فيتوضأ و يجلس مكانه أو مكانا نظيفا فيتشهد «2».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل صلي الفريضة فلما فرغ و رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الرابعة أحدث فقال: أما صلاته فقد مضت و بقي التشهد و انما التشهد سنة في الصلاة فليتوضأ و ليعد الي مجلسه أو مكان

نظيف فيتشهد «3».

و هذه الأخبار و ان كان موردها خاصا بالحدث قبل التشهد الاخير الا أنه لا خلاف في وجوب التشهد و أنه جزء من الصلاة فيكون الحدث واقعا في أثناء الصلاة و لا يكون مبطلا لها و قال في الحدائق: «لو حملت هذه الاخبار علي التقية كان أنسب لأنه مذهب كثيرين من العامة كالشافعي و أهل العراق و الاوزاعي و مالك اذ يقولون بعدم وجوب التشهد الاول و قال: بعدم وجوب التشهد الثاني أيضا مالك و أبو حنيفة و الثوري و الاوزاعي «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب التشهد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الحدائق الناضرة ج 8 ص 446

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 9

نعم اذا وقع قبل السلام سهوا فقد تقدم أن الظاهر صحة صلاته (1) و يستثني من الحكم المذكور المسلوس و المبطون و نحوهما و المستحاضة كما تقدم (2)

[الثاني: الالتفات بكل البدن عن القبلة]

الثاني: الالتفات بكل البدن عن القبلة (3).

______________________________

مضافا الي أن الترجيح بالاحدثية يكون مع الطائفة الاولي الدالة علي البطلان فان في تلك الطائفة ما رواه ابن جعفر عن أخيه عليه السلام فلاحظ. اضف الي ذلك كله أن الحدث الواقع قبل التشهد يسقطه عن الجزئية بمقتضي حديث لا تعاد.

(1) و قد تقدم شرح كلام الماتن.

(2) و قد تقدم شرح كلامه فراجع هناك.

(3) بلا اشكال و لا خلاف بل نقل عن غير واحد ادعاء الاجماع عليه و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يلتفت في صلاته قال: لا و لا ينقض أصابعه «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قال

اذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة اذا كان الالتفات فاحشا و ان كنت قد تشهدت فلا تعد «2».

و منها: ما رواه زرارة أنه سمع أبا جعفر عليه السلام يقول: الالتفات يقطع الصلاة اذا كان بكله «3».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون في صلاته فيظن أن ثوبه قد انخرق أو أصابه شي ء هل يصلح له أن ينظر فيه أو يمسه قال: ان كان في مقدم ثوبه أو جانبيه فلا بأس و ان كان في مؤخره فلا يلتفت فانه

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 10

______________________________

لا يصلح «1».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان تكلمت أو صرفت وجهك عن القبلة فأعد الصلاة «2».

و منها: ما رواه في الخصال باسناده عن علي عليه السلام في حديث الاربعة مأئة قال: الالتفات الفاحش يقطع الصلاة و ينبغي لمن يفعل ذلك أن يبدأ بالصلاة بالأذان و الاقامة و التكبير «3».

و منها: ما رواه البزنطي صاحب الرضا عليه السلام قال: سألته عن الرجل يلتفت في صلاته هل يقطع ذلك صلاته؟ قال: اذا كانت الفريضة و التفت الي خلفه فقد قطع صلاته فيعيد ما صلي و لا يعتد به و ان كانت نافلة لا يقطع ذلك صلاته و لكن لا يعود «4».

و منها: ما رواه عمر بن اذينة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله عن الرجل يرعف و هو في الصلاة و قد صلي بعض صلاته فقال: ان كان الماء عن يمينه أو عن

شماله أو عن خلفه فليغسله من غير أن يلتفت و ليبن علي صلاته فان لم يجد الماء حتي يلتفت فليعد الصلاة قال: و القي ء مثل ذلك «5».

و منها: رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال له: استقبل القبلة بوجهك و لا تقلب بوجهك عن القبلة فتفسد صلاتك فان اللّه عز و جل يقول لنبيه في الفريضة فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ وَ حَيْثُ مٰا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ*

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 8

(5) الوسائل الباب 2 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 11

و لو سهوا (1)

______________________________

الحديث «1».

و منها قوله عليه السلام: فاذا حول وجهه فعليه أن يستقبل الصلاة استقبالا «2».

(1) فان مقتضي ادلة قدح الالتفات عدم الفرق بين العمد و السهو و قاعدة لا تعاد لا تقتضي الصحة بل تؤكد البطلان لان القبلة من الخمس و حديث الرفع لا يقتضي الصحة كما حقق في محله بأن الحديث يرفع الحكم عند النسيان و لا يثبت حكما آخر.

نعم يظهر من بعض النصوص عدم البطلان لكن لا بد من حملها علي محمل أو طرحه أورد علمه الي أهله.

منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل صلي بالكوفة ركعتين ثم ذكر و هو بمكة أو بالمدينة أو بالبصرة أو ببلدة من البلدان أنه صلي ركعتين قال: يصلي ركعتين «3».

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث و الرجل يذكر بعد ما قام و تكلم و مضي في حوائجه أنه انما صلي ركعتين في الظهر و العصر و العتمة و المغرب قال: يبني

علي صلاته فيتمها و لو بلغ الصين و لا يعيد الصلاة «4».

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلي ركعة من الغداة ثم انصرف و خرج في حوائجه ثم ذكر أنه صلي ركعة قال فليتم (يتم) ما بقي «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب القبلة الحديث: 3

(2) جامع أحاديث الشيعة ج 5 ص: 504

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 19

(4) نفس المصدر الحديث: 20

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 12

أو قهرا من ريح أو نحوها (1) و الساهي ان لم يذكره الا بعد خروج الوقت لم يجب عليه القضاء أما اذا ذكره في الوقت أعاد (2) الا اذا كان لم يبلغ احدي نقطة اليمين و اليسار فلا اعادة حينئذ فضلا عن القضاء (3) و يلحق بالالتفات بالبدن الالتفات بالوجه خاصة مع بقاء

______________________________

(1) فان مقتضي القاعدة الاولية البطلان و لا دليل علي الصحة.

(2) الظاهر ان نظر الماتن في التفصيل المذكور إلي جملة من النصوص الدالة عليه منها ما رواه عبد الرحمن ابن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا صليت و أنت علي غير القبلة و استبان لك أنك صليت و أنت علي غير القبلة و أنت في وقت فأعد و ان فاتك الوقت فلا تعد «1» و غيره من الروايات الواردة في الباب:

11 من أبواب القبلة من الوسائل.

فانه يصح في حقه أن يقال انه استبان له بعد الوقت انه صلي الي غير القبلة و قال عليه السلام: «و ان فاتك الوقت فلا تعد».

(3) للنص الخاص لاحظ ما

رواه معاوية بن عمار أنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يقوم في الصلاة ثم ينظر بعد ما فرغ فيري أنه قد انحرف القبلة يمينا أو شمالا فقال له: قد مضت صلاته و ما بين المشرق و المغرب قبلة «2».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال لا صلاة الا الي القبلة قال: قلت: أين حد القبلة؟ قال: ما بين المشرق و المغرب قبلة كله «3» و غيرهما من الروايات الواردة في الباب 10 من أبواب القبلة من الوسائل فان المستفاد من هذه النصوص أن ما بين اليمين و اليسار قبلة فلا اعادة في الوقت و لا قضاء في خارجه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب القبلة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب القبلة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 13

البدن علي استقباله اذا كان الالتفات فاحشا فيجري فيه ما ذكرناه من البطلان في فرض العمد و عدم وجوب القضاء مع السهو اذا كان التذكر خارج الوقت و وجوب الاعادة اذا كان التذكر في الوقت و كان انحراف الوجه بلغ نقطتي اليمين و اليسار و أما اذا كان الالتفات بالوجه يسيرا يصدق معه الاستقبال فلا بطلان و لو كان عمدا نعم هو مكروه (1).

[الثالث: ما كان ماحيا لصورة الصلاة في نظر أهل الشرع]
اشارة

الثالث: ما كان ماحيا لصورة الصلاة في نظر أهل الشرع كالرقص و التصفيق و الاشتغال بمثل الخياطة و النساجة بالمقدار المعتد به و نحو ذلك (2).

______________________________

(1) دليل التفصيل بين كون الالتفات فاحشا و عدمه ما رواه الحلبي «1» فعدم البطلان في صورة عدم كونه فاحشا مستفاد من النص و أما مع كونه فاحشا فيدخل تحت عنوان الانحراف عن القبلة و يجري فيه التفصيل المذكور في

المتن و أما الكراهة مع عدم كونه فاحشا فهي المنقول- كما في الحدائق- و أما الصحة في صورة كون الانحراف بحد يصدق معه الاستقبال فهو علي طبق القاعدة الاولية اذ مع فرض صدق الاستقبال لا مقتضي للبطلان.

(2) الذي يظهر من كلمات القوم في هذا المقام أنه لا اشكال و لا خلاف في أن الفعل الكثير يوجب بطلان الصلاة في الجملة.

و الذي يختلج بالبال ان يقال: ان مقتضي ارتكاز المتشرعة و المغروس في اذهان المتدينين ان جملة من الافعال تنافي صحة الصلاة و لا يمكن الالتزام بعدم المنافاة و لو مع عدم دلالة رواية من الروايات ففي كل مورد ثبت التنافي بلحاظ

______________________________

(1) لاحظ ص: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 14

و لا فرق في البطلان به بين صورتي العمد و السهو (1) و لا بأس بمثل حركة اليد و الاشارة بها و الانحناء لتناول شي ء من الارض و المشي الي احدي الجهات بلا انحراف عن القبلة و قتل الحية و العقرب و حمل الطفل و ارضاعه و نحو ذلك مما لا يعد منافيا للصلاة عندهم (2).

______________________________

الارتكاز أو النص أو الاجماع و التسالم نلتزم بالبطلان و إلا نحكم بالصحة بمقتضي البراءة.

فالمتحصل مما ذكرنا ان المقصود بالفعل الماحي هو الفعل الذي علم من الشرع بالنص أو بالإجماع أو بالارتكاز الموجود في أذهان المتشرعة بما هم كذلك أنه ينافي الصلاة في نظر الشارع أعم من أن يكون كثيرا أو قليلا.

(1) اذ مع محو صورة الصلاة لا اشكال في البطلان و لا مجال للتفصيل بين صورتي العمد و السهو فان التفصيل يتصور مع بقاء الموضوع لا انعدامه.

(2) المستفاد من رواية علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام أنه

قال سألته عن المرأة تكون في صلاتها قائمة يبكي ابنها الي جنبها هل يصلح لها أن تتناوله فتحمله و هي قائمة؟ قال: لا تحمله و هي قائمة «1» المنع من حمل المرأة ابنها حال الصلاة و هي قائمة.

الا أن يقال: بأنه نقطع بعدم خصوصية في الحمل حال القيام و لا شك في جواز مثل هذه الافعال و يؤبد المدعي ما ينقل عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه صلي اللّه عليه و آله كان يحمل الحسنين عليهما السلام علي عاتقه في الصلاة و تدل جملة من النصوص «2» علي الجواز فالميزان في الجواز و عدمه كونه منافيا مع الصلاة

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1 و 2 و الباب 24 من

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 15

[مسألة 172: الظاهر بطلان الصلاة فيما إذا أتي في أثنائها بصلاة أخري و تصح الصلاة الثانية مع السهو]

(مسألة 172): الظاهر بطلان الصلاة فيما اذا أتي في أثنائها بصلاة اخري (1) و تصح الصلاة الثانية مع السهو (2) و كذلك مع العمد اذا كانت الصلاة الاولي نافلة (3) و أما اذا كانت فريضة ففي صحتها

______________________________

بحسب ما علم من الشرع كما تقدم.

(1) يمكن تقريب الاستدلال علي البطلان بوجوه: الاول: التعليل المستفاد من النص الناهي عن قراءة العزيمة في الصلاة لاحظ ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: لا تقرأ في المكتوبة بشي ء من العزائم فان السجود زيادة في المكتوبة «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان السجدة توجب بطلان الصلاة لزيادتها.

و بعبارة اخري: ان السجدة و ان لم تكن جزءا بلحاظ قصد المصلي لكن تكون زيادة بحكم الشارع و قريب منه ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن الرجل يقرأ في

الفريضة سورة النجم أ يركع بها أو يسجد ثم يقوم فيقرأ بغيرها؛ قال: يسجد ثم يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب و يركع و ذلك زيادة في الفريضة و لا يعود يقرأ في الفريضة بسجدة «2» و اذا كان السجود زيادة موجبة للبطلان فالركوع كذلك بالاولوية.

الثاني: ان التسليم كلام آدمي فيوجب بطلان الظرف. الثالث: ان الاقحام خلاف المعهود من الشرع الاقدس و خلاف ارتكاز المتشرعة فالنتيجة بطلان الظرف.

(2) لعدم ما يقتضي بطلانها في صورة السهو.

(3) اذا بطال النافلة جائز فغاية ما في الباب كون الثانية مبطلة للأولي و المفروض

______________________________

أبواب القواطع الحديث: 2 و 1 و الباب 9 من هذه الابواب الحديث: 1 و 2 و 3 و الباب 23 من هذه الابواب الحديث: 1 و 2 و الباب 41 من أبواب الأطعمة المباحة الحديث: 5

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 16

اشكال (1) و اذا أدخل صلاة فريضة في اخري سهوا و تذكر في الاثناء فان كان التذكر قبل الركوع أتم الاولي (2) الا اذا كانت الثانيه مضيقة فيتمها (3) و ان كان التذكر بعد الركوع أتم الثانية الا اذا كانت الاولي مضيقة فيرفع اليد عما في يده و يستأنف الاولي (4).

[مسألة 173: إذا أتي بفعل كثير أو سكوت طويل و شك في فوات الموالات و محو الصورة]

(مسألة 173): اذا أتي بفعل كثير أو سكوت طويل و شك في فوات الموالات و محو الصورة فالاحوط اعادة الصلاة بعد اتمامها (5).

______________________________

جواز الابطال.

(1) لا يبعد أن يكون الوجه في الاشكال عدم الجزم بحرمة قطع الصلاة و مع عدم الحرمة تكون الفريضة مثل النافلة و يمكن أن يقال: ان المستفاد من حديث حريز «1» بمقتضي مفهوم الشرط حرمة قطع الصلاة فاذا كان القطع

حراما فلا يمكن تصحيح الصلاة الثانية لأنها مصداق للحرام فلا يمكن أن يكون مصداقا للواجب.

(2) كي لا يلزم قطع الصلاة.

(3) اذ في صورة الضيق يجب الاتيان بالمضيق فيتم الثانية.

(4) قد ظهر وجه ما أفاده مما تقدم فان الاولي تبطل بالركوع فمع عدم ضيق وقتها يتم الثانية و أما مع ضيق وقتها يجب رفع اليد عن الثانية و الإتيان بالاولي اللهم الا أن يقال: انه لا وجه لبطلان الاولي مع السهو بمقتضي قاعدة لا تعاد.

(5) الذي يختلج بالبال أن يقال: ان الظاهر من كلام الماتن ان الشبهة مصداقية و عليه لا يبعد أن يقال: بأنه لا مانع من الاستصحاب و بعبارة أخري: ان مرجع الشك

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 17

[الرابع: الكلام عمدا اذا كان مؤلفا من حرفين]
اشارة

الرابع: الكلام عمدا اذا كان مؤلفا من حرفين (1) و يلحق به الحرف

______________________________

الي الشك في تحقق الماحي في الخارج بأن نعلم مثلا ان السكوت بمقدار دقيقتين يمحو الصلاة و نشك في أن السكوت الحاصل بهذا المقدار أو أقل فالظاهر عدم مانع من جريان الاصل فيه و اثبات عدم تحققه.

و بعبارة اخري: انا علمنا من طريق الارتكاز الثابت عند المتشرعة ان الصلاة تفسد بهذا المقدار من السكوت و نشك في أن الحاصل في الخارج هذا المقدار أم لا فنستصحب عدمه ان قلت: باستصحاب عدم عروض الماحي لا تثبت الهيئة الاتصالية الصلاتية الاعلي القول بالمثبت قلت: لا نتصور من الهيئة الا اشتراط الصلاة بعدم ذلك الشي ء الذي نسميه بالماحي و أي فرق بين استصحاب عدم الحدث و بين استصحاب عدم الماحي نعم لو كانت الهيئة الاتصالية أمرا واقعيا لم يكن مجال لإثباتها باستصحاب عدم طرو الماحي لاشكال الاثبات و

لكن الامر ليس كذلك فان الهيئة الاتصالية انما تنتزع من اعتبار الشارع الصلاة بعدم ذلك الشي ء.

و ان شئت فقل: ان الماحي من أفراد القاطع. ان قلت: علي هذا فلا فرق بين المانع و القاطع فان المانع عبارة عن شي ء قيد الصلاة بعدمه. قلت: الفرق بين المانع و القاطع ان عدم الاول شرط لأفعال الصلاة و أما الثاني فعدمه شرط حتي في الاكوان المتخللة فتحصل انه لا مانع من جريان استصحاب عدم تحقق الماحي.

(1) بلا خلاف بين الاصحاب- كما في الحدائق- و قال: «و قد نقل اتفاقهم علي ذلك جمع منهم الفاضلان و الشهيدان و غيرهم» انتهي. و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل الي أن قال: قال: ينفتل الي أن قال عليه السلام: و ان تكلم فليعد صلاته «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب القواطع الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 18

______________________________

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصيبه الرعاف و هو في الصلاة فقال «عليه السلام» ان قدر علي ماء عنده الي أن قال: و ان لم يقدر علي ماء حتي ينحرف بوجهه أو يتكلم فقد قطع صلاته «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يأخذه الرعاف أو القي ء في الصلاة كيف يصنع؟ قال: ينفتل (ينتقل) فيغسل أنفه و يعود في الصلاة و ان تكلم فليعد الصلاة «2». و منها: ما رواه الفضيل بن يسار «3» و منها: ما رواه أبو سعيد القماط «4» و منها: ما رواه أبو بصير «5».

و يستفاد من رواية

أبي جرير عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال: قال:

ان الرجل اذا كان في الصلاة فدعاه الوالد فليسبح فاذا دعته الوالدة فليقل لبيك «6» جواز الكلام بالتلبية لو دعت المصلي الوالدة و لكن الرواية ضعيفة سندا.

و مقتضي اطلاق كلام الماتن شمول الحكم لحرفين مهملين لصدق الكلام عليه غاية الامر كلام مهمل و لذا نقل عن الذخيرة عدم الخلاف فيه و عن شرح المفاتيح نسبته الي الفقهاء و عن البحراني الاجماع عليه.

لكن هل يمكن الاستناد الي الاجماع و التسالم؟ كما استند اليهما في مصباح الفقيه الحق أنه في غاية الاشكال فان مثل هذه الاجماعات ليس تعبديا بل ناش من

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 11

(5) الوسائل الباب 3 من أبواب القواطع الحديث: 6

(6) الوسائل الباب 9 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 19

الواحد المفهم مثل (ق) فعل أمر الوقاية فتبطل الصلاة به (1) بل الظاهر قدح الحرف الواحد غير المفهم أيضا مثل حروف المباني التي تتألف منها الكلمة أو حروف المعاني مثل همزة الاستفهام و لام

______________________________

الحدس أو غيره من الامور المذكورة في المقام.

و عن مجمع البحرين انه قال: «الكلام في أصل اللغة عبارة عن أصوات متتابعة لمعني مفهوم و في عرف النحاة اسم لما تركب من مسند و مسند اليه» الي آخر كلامه.

و عن الشهيد الثاني في الروضة: اعتبار الوضع في تسميته كلاما في اللغة فلو كان الكلام مقيدا بهذا القيد في اللغة و العرف فكيف يمكن الجزم بترتب الحكم علي المركب من حرفين مهملين و لو وصلت النوبة الي الشك لا يمكن الاخذ باطلاق دليل المنع

اذ لا يجوز الاخذ بالدليل في الشبهة المصداقية كما قرر في محله بل مقتضي الاصل عدم صدق الكلام عليه نعم لو صدق عنوان الكلام عرفا يترتب عليه حكمه بلا اشكال و لكن الاشكال في اثبات هذه الجهة.

و ربما يظهر من رواية طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام أنه قال: من أن في صلاته فقد تكلم «1» المدعي لكن الرواية ضعيفة بطلحة فانه لم يوثق. و أما مرسلة الفقيه قال: و روي أن من تكلم في صلاته ناسيا كبر تكبيرات و من تكلم في صلاته متعمدا فعليه اعادة الصلاة و من أن في صلاته فقد تكلم «2» فهي لإرسالها لا اعتبار بها.

(1) اذ يصدق عليه الكلام فان المحذوف كالمذكور.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 20

الاختصاص (1).

[مسألة 174: لا تبطل الصلاة بالتنحنح و النفخ و الأنين و التأوه و نحوها]

(مسألة 174): لا تبطل الصلاة بالتنحنح (2) و النفخ (3) و الانين (4) و التأوه و نحوها (5) و اذا قال آه أو آه من ذنوبي فان كان شكاية اليه

______________________________

(1) يظهر الاشكال فيما أفاده مما تقدم في كلامنا فلاحظ.

(2) لخروجه موضوعا مضافا الي النص الخاص الدال علي الجواز لاحظ ما رواه عمار بن موسي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسمع صوتا بالباب و هو في الصلاة فيتنحنح لتسمع جاريته أو أهله لتأثيه فيشير اليها بيده ليعلمها من بالباب لتنظر من هو فقال: لا بأس به و عن الرجل و المرأة يكونان في الصلاة فيريدان شيئا أ يجوز لهما أن يقولا سبحان اللّه قال: نعم «1».

(3) فانه خارج موضوعا و يدل علي جوازه ما رواه ليث المرادي قال: قلت لأبي

عبد اللّه عليه السلام: الرجل يصلي فينفخ في موضع جبهته قال: ليس به بأس انما يكره ذلك أن يؤذي من الي جانبه «2» و لا يعارضه ما ورد في الباب: 7 من أبواب السجود من الوسائل من النصوص فان المستفاد من حديث المرادي التفصيل فلا تعارض بين النصوص.

(4) لعدم دخوله في الموضوع بلا فرق بين أن يكون بحرف أو بحرفين و أما خبر طلحة بن زيد «3» فان سنده ضعيف و كذا مرسل الصدوق «4».

(5) الكلام فيه هو الكلام فانه خارج موضوعا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب السجود الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 19

(4) لاحظ ص: 19

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 21

تعالي لم تبطل (1) و الا بطلت (2).

[مسألة 175: لا فرق في الكلام المبطل عمدا بين أن يكون مع مخاطب أو لا]

(مسألة 175): لا فرق في الكلام المبطل عمدا بين أن يكون مع مخاطب أو لا (3) و بين أن يكون مضطرا فيه أو مختارا (4) نعم لا بأس بالتكلم سهوا و لو لاعتقاد الفراغ من الصلاة (5).

[مسألة 176: لا بأس بالذكر و الدعاء و قراءة القرآن في جميع أحوال الصلاة]

(مسألة 176): لا بأس بالذكر و الدعاء (6) و قراءة القرآن في

______________________________

(1) فانه في هذا الفرض داخل تحت عنوان المناجاة مع اللّه تعالي فلا يكون مبطلا.

(2) اذ يصدق عليه الكلام فيكون مبطلا.

(3) لإطلاق دليل القاطعية.

(4) فان حديث الرفع لا يقتضي الصحة فلو اضطر فاما مع المندوحة أو بدونها أما معها فلا بد من الامتثال في ضمن فرد آخر و أما بدونها فمقتضي قاعدة الميسور الجارية في الصلاة الصحة

(5) بلا خلاف كما في بعض الكلمات و عن المنتهي انه عليه علمائنا و يدل عليه بعض النصوص كخبر زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يسهو في الركعتين و يتكلم فقال: يتم ما بقي من صلاته تكلم أو لم يتكلم و لا شي ء عليه «1».

و خبر عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول: أقيموا صفوفكم فقال: يتم صلاته ثم يسجد سجدتين «2».

(6) فانه خارج عن الكلام الادمي موضوعا مضافا الي النص الخاص كخبر

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 22

جميع أحوال الصلاة (1) و أما الدعاء بالمحرم فالظاهر عدم البطلان به و ان كانت الاعادة أحوط (2).

______________________________

عمار بن موسي «1» و خبر علي بن مهزيار قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يتكلم في صلاة الفريضة بكل

شي ء يناجي به ربه قال: نعم «2».

و خبر الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: كل ما ذكرت اللّه عز و جل به و النبي صلي اللّه عليه و آله فهو من الصلاة «3».

(1) لخروجه عن كلام الادمي موضوعا مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان عليا عليه السلام كان في صلاة الصبح فقرأ ابن الكوّاء و هو خلفه «و لقد اوحي إليك و الي الذين من قبلك لئن أشركت ليهبطن عملك و لتكونن من الخاسرين» فانصت علي عليه السلام تعظيما للقرآن حتي فرغ من الاية ثم عاد في قراءته ثم أعاد ابن الكوّاء الاية فأنصت علي عليه السلام أيضا ثم قرأ فأعاد ابن الكوّاء فأنصت علي عليه السلام ثم قال: «فاصبر ان وعد اللّه حق و لا يستخفنك الذين لا يوقنون» ثم أتم السورة ثم ركع الحديث «4».

(2) بدعوي انصراف الدليل عنه و فيه تأمل بعد عدم جوازه فان المستفاد من رواية هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ان العبد ليكون مظلوما فلا (فما) يزال يدعو حتي يكون ظالما «5».

و من رواية ثوير قال: سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول: ان الملائكة

______________________________

(1) لاحظ ص: 20

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 34 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 53 من أبواب الدعاء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 23

[مسألة 177: اذا لم يكن الدعاء مناجاة له سبحانه بل كان المخاطب غيره]

(مسألة 177): اذا لم يكن الدعاء مناجاة له سبحانه بل كان المخاطب غيره كما اذا قال لشخص «غفر اللّه لك» فالاحوط ان لم يكن أقوي عدم

جوازه (1).

[مسألة 178: الظاهر عدم جواز تسميت العاطس في الصلاة]

(مسألة 178): الظاهر عدم جواز تسميت العاطس في الصلاة (2).

[مسألة 179: لا يجوز للمصلي ابتداء السلام و لا غيره من أنواع التحيات]

(مسألة 179): لا يجوز للمصلي ابتداء السلام و لا غيره من أنواع التحيات (3) نعم يجوز رد السلام بل يجب (4) و اذا لم يرد و مضي

______________________________

اذا سمعوا المؤمن يذكر أخاه بسوء و يدعو عليه قالوا له: بئس الاخ أنت لأخيك كف أيها المستّر علي ذنوبه و عورته و اربع علي نفسك و احمد اللّه الذي ستر عليك و اعلم أن اللّه عز و جل أعلم بعبده منك «1» الحرمة و مع فرض الحرمة لا يكون داخلا تحت دليل الجواز فيكون مبطلا له لدخوله تحت عنوان الكلام اللهم الا أن يقال: بأن الكلام منصرف الي كلام الادمي فلا يشمل الدعاء فتأمل.

(1) اذ انه كلام و مكالمة و خطاب مع غيره تعالي و نصوص المناجاة مع اللّه لا تشمله فلا تغفل.

(2) اذ ذكرنا ان ادلة الدعاء تختص بمورد يكون المخاطبة مع اللّه تعالي و أما الخطاب مع غيره فيكون داخلا في كلام الادمي و يوجب البطلان نعم لو قلنا بعدم حرمة قطع الصلاة لا مانع من شمول دليل الاستحباب التسميت حال الصلاة لكن لا ينافي القاطعية فان دليل الاستحباب لا يدل علي عدم القاطعية كما هو ظاهر.

(3) فانه كلام و تكلم مع الغير و لا اشكال في بطلان الصلاة به.

(4) بلا كلام و لا اشكال و سيمر عليك نصوص وجوب الرد فكيف بالجواز نعم ربما يستفاد عدم الجواز من رواية مصدق بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 24

في صلاته صحت و ان أثم (1).

[مسألة 180: يجب أن يكون رد السلام في أثناء الصلاة بمثل ما سلم]

(مسألة 180): يجب أن يكون رد السلام في أثناء الصلاة بمثل ما سلم فلو قال المسلم: «سلام عليكم» يجب أن يكون جواب

المصلي «سلام عليكم» (2) بل الاحوط وجوبا المماثلة في

______________________________

عليه السلام قال: لا تسلموا علي اليهود و لا النصاري الي أن قال: و لا علي المصلي و ذلك لان المصلي لا يستطيع أن يرد السلام لان التسليم من المسلم تطوع و الرد فريضة «1».

و الرواية ضعيفة بما جيلويه مضافا الي أنه لا مجال للعمل بهذا الخبر فان جواز الرد من الواضحات عند المتشرعة.

(1) اذ لا وجه للبطلان نعم يتحقق الا ثم بترك الرد لأنه ترك للواجب لكن ترك الواجب في حال الصلاة لا يقتضي بطلانها.

(2) احتمل في بعض الكلمات انه مضافا الي الشهرة يكون الحكم مورد دعوي الاجماع و يدل عليه ما رواه محمد بن مسلم قال: دخلت علي أبي جعفر عليه السلام و هو في الصلاة فقلت: السلام عليك فقال: السلام عليك فقلت: كيف أصبحت؟

فسكت فلما انصرف قلت: أ يرد السلام و هو في الصلاة؟ قال: نعم مثل ما قيل له «2».

و يعارض رواية محمد بن مسلم ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يسلم عليه و هو في الصلاة؟ قال: يرد سلام عليكم و لا يقل عليكم السلام فان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله كان قائما يصلي فمر به عمار بن ياسر فسلم عليه عمار فرد عليه النبي صلّي اللّه عليه و آله هكذا «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 25

التعريف و التنكير و الافراد و الجمع (1) نعم اذا سلم المسلم بصيغة الجواب بأن قال مثلا عليك السلام جاز الرد بأي صيغة كان (2)، و

أما

______________________________

فان المستفاد منه ان المتعين في الجواب سلام عليكم لكن حيث انه مطلق نقيده بمورد يكون سلام المسلم هكذا بأن نقول: يجب الجواب بهذا النحو بشرط أن يكون السلام الابتدائي بهذه الصيغة و الا فلا و مما ذكر ظهر الجواب عن رواية اخري و هي ما رواه محمد بن مسلم أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يسلم علي القوم في الصلاة فقال: اذا سلم عليك مسلم و أنت في الصلاة فسلم عليه تقول:

السلام عليك و أشر بإصبعك «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان المتعين في الجواب صيغة السلام عليك لكن اطلاق الرواية يقيد برواية اخري لمحمد بن مسلم.

(1) بل الاظهر كذلك فان الجمع بين النصوص يقتضي المماثلة بتمام معني الكلمة.

(2) يرد عليه ان المماثلة شرط و مقتضاه أن يرد الجواب بصيغة عليكم السلام و المنهي عنها في حديث سماعة ليس ناظرا الي المنع عن الرد بهذا النحو بل ناظر الي اعتبار المماثلة و بعبارة اخري: ان الجواب حيث انه لا بد أن يكون من سنخ السلام الابتدائي فنهي عليه السلام عن الجواب المتعارف حيث ان المتعارف في الجواب صيغة عليكم السلام.

و ان شئت قلت: الظاهر من قول السائل في الرواية سألته عن الرجل يسلم عليه و هو في الصلاة ان المسلم ابتدا بالسلام و يكون المبتدأ في كلامه كلمة السلام فنهي عليه السلام عن الجواب المتعارف.

و ببيان آخر نقول: يمكن أن يستفاد ببركة حديث محمد بن مسلم انه عليه السلام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 26

في غير حال الصلاة فيستحب الرد بالاحسن فيقول في سلام عليكم:

السلام أو بضميمة و رحمة اللّه و بركاته (1).

[مسألة 181: إذا سلم بالملحون وجب الجواب و الاحوط كونه صحيحا]

(مسألة 181): اذا سلم بالملحون وجب

الجواب و الاحوط كونه صحيحا (2).

______________________________

ناظر الي جهة المماثلة فلا يدل النهي علي خصوصية في صيغة عليكم السلام بحيث نلتزم بعدم جواز الرد بها و اللّه العالم.

(1) المستفاد من الاية الشريفة التخيير لكن لا يبعد أن يستفاد من حديث أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام قال: مر أمير المؤمنين عليه السلام بقوم فسلم عليهم فقالوا عليك السلام و رحمة اللّه و بركاته و مغفرته و رضوانه فقال لهم أمير المؤمنين: لا تجاوزوا بنا مثل ما قالت الملائكة لأبينا ابراهيم عليه السلام انما قالوا رحمة اللّه و بركاته عليكم أهل البيت «1». اضف الي ذلك ان التحية و الدعاء أمر مستحب في الشريعة المقدسة فما أفاده الماتن من الاستحباب مقتضي القاعدة الاولية فلاحظ.

(2) بدعوي انه يصدق السلام علي الملحون و الانصراف الي الصحيح ليس بحد يمنع عن الاطلاق. و يرد عليه أنه ما الفرق بين المقام و سائر الموارد كالقراءة و الاذكار حيث ان الاصحاب ملتزمون بلزوم الاتيان بها صحيحة فانه أي فرق بين أن يقال: اذا قرء سورة الحمد أو اقرأ سورة الحمد و بين أن يقال: اذا سلم عليكم.

و ملخص الكلام: ان لفظ السلام كبقية الألفاظ اسم للمادة المخصوصة المتهيئة بالهيئة الخاصة فلو اختلت الهيئة بأن قال: «سام» لا يصدق عليه عنوان السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 27

[مسألة 182: اذا كان المسلم صبيا مميزا أو امرأة]

(مسألة 182) اذا كان المسلم صبيا مميزا أو امرأة فالظاهر

______________________________

كذلك لو اختلت المادة بأن قال: «صلام» و أبدل السين بالصاد لا يصدق عليه نعم لا نضائق من اطلاق العنوان علي الملحون و لكن الاطلاق و الاستعمال أعم من الحقيقة و لذا لا اشكال في اطلاق

اسم الحمد علي القراءة الملحونة و يطلقون هذا العنوان علي قراءة غير أهل اللسان كقراءة الفرس سورة الحمد فلو كان الاطلاق كافيا في الصدق و التحقق فبأي ميزان و مناط يوجبون- كالمصنف نفسه- وجوب التعلم؟ أ ليس هذا التفريق تحكما؟

ثم انه لو التزمنا و قلنا بأنه يكفي في تحقق التكليف السلام الملحون لكن بأي ميزان يجب الجواب صحيحا فانه لو لم يصدق الا بالصحيح فأي وجه في وجوب الجواب؟ و اذا كان صادقا فبأي ملاك لا يجوز الجواب و لو بالملحون؟

و هذا تحكم آخر.

فانقدح بما ذكرنا ان شمول الدليل للمقام مشكل بل الارجح عدم الشمول نعم يبقي الاشكال من ناحية اخري و هو أنه لو سلمنا عدم شمول هذا الدليل لكن لا اشكال في صدق التحية بالملحون و معه يجب الجواب بمقتضي اطلاق قوله تعالي: «وَ إِذٰا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهٰا أَوْ رُدُّوهٰا» «1» فيجب الجواب و لو في حال الصلاة للإطلاق لكن يشكل بلحاظ حرمة بطلان الصلاة فيدخل المقام في باب التزاحم و لا بد من رعاية قانونه.

الا أن يقال: بأن الاية لا تقتضي الوجوب علي الاطلاق و الا يلزم وجوب الجواب في كل تحية و من الضرورة عدم وجوب الجواب علي نحو الاطلاق بل وجوب الجواب مختص بما لو كانت التحية بعنوان السلام و فرضنا ان السلام الملحون ليس سلاما.

______________________________

(1) النساء/ 86

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 28

وجوب الرد (1).

[مسألة 183: يجب إسماع رد السلام في حال الصلاة]

(مسألة 183): يجب اسماع رد السلام (2) في حال الصلاة

______________________________

(1) للإطلاق فان قوله عليه السلام في رواية محمد بن مسلم «1». «نعم مثل ما قيل له» مطلق يشمل جميع الموارد.

(2) ادعي عليه الاجماع في الجملة و حال الاجماع في الاشكال معلوم و أما

انصراف دليل وجوب الجواب الي الحصة الخاصة فاثباته علي مدعيه و أما ادعاء ان الاسماع داخل في مفهوم الرد فهو أيضا لا دليل عليه و أما رواية ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سلم أحدكم فليجهر بسلامه و لا يقول سلمت فلم يردوا علي و لعله يكون قد سلم و لم يسمعهم فاذا رد أحدكم فليجهر برده و لا يقول المسلم سلمت نلم يردوا علي الحديث «2» فضعيفة به و بسهل.

و كذا رواية عبد اللّه بن الفضل الهاشمي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن معني التسليم في الصلاة فقال: التسليم علامة الامن و تحليل الصلاة قلت:

و كيف ذلك جعلت فداك؟ قال: كان الناس فيما مضي اذا سلم عليهم وارد أمنوا شره و كانوا اذا ردوا عليه أمن شرهم و ان لم يسلم لم يأمنوه و ان لم يردوا علي المسلم لم يأمنهم و ذلك خلق في العرب فجعل التسليم علامة للخروج من الصلاة و تحليلا للكلام و أمنا من أن يدخل في الصلاة ما يفسدها و السلام اسم من أسماء اللّه عز و جل و هو واقع من المصلي علي ملكي اللّه الموكلين «3» فان السند فيها ضعيف بتميم بن بهلول.

______________________________

(1) لاحظ ص: 24

(2) الوسائل الباب 38 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب التسليم الحديث 13

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 29

و غيرها (1) الا أن يكون المسلم أصم أو كان بعيدا و لو بسبب المشي سريعا و حينئذ فالاحوط استحبابا الجواب علي النحو المتعارف في الرد (2).

[مسألة 184: اذا كانت التحية بغير السلام مثل: صبحك اللّه بالخير لم يجب الرد]

(مسألة 184): اذا كانت التحية بغير السلام مثل: «صبحك اللّه بالخير» لم يجب الرد (3) و ان

كان أحوط و أولي (4) و اذا أراد الرد في الصلاة فالاحوط وجوبا الرد بقصد الدعاء علي نحو يكون

______________________________

(1) لوحدة الدليل و الملاك نعم قيام الاجماع علي الوجوب في الصلاة محل الاشكال ان لم يكن خلافه معلوما و لكن العمدة ان الاشكال في أصل اثبات الوجوب و قد ظهر الاشكال في دليله كما ذكرنا و المستفاد من رواية منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سلم عليك الرجل و أنت تصلي قال: ترد عليه خفيا كما قال «1» وجوب الرد خفيا اذا كان في الصلاة.

(2) أما لو قلنا بعدم الدليل علي وجوب الاسماع و عدم وجوبه فالامر ظاهر و أما علي القول به فيمكن أن يقال: بأن الوجه في عدم الوجوب في الموردين عدم قيام الاجماع أو انصراف الدليل الي الموارد المتعارفة ففي الموردين الحكم فيهما البراءة.

(3) لعدم الدليل عليه بل السيرة قائمة علي خلافه و أما الاية الكريمة فاما المراد بها خصوص السلام كما يظهر من جملة من الكلمات و اما المراد بها مطلق التحية لكن الامر بالرد استحبابي و علي كل تقدير لا يجب رد غير السلام من التحيات.

(4) لاحتمال الوجوب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 30

المخاطب به اللّه تعالي مثل اللهم صبحة بالخير (1).

[مسألة 185: يكره السلام علي المصلي]

(مسألة 185): يكره السلام علي المصلي (2).

[مسألة 186: إذا سلم واحد علي جماعة كفي رد واحد منهم]

(مسألة 186): اذا سلم واحد علي جماعة كفي رد واحد منهم (3) و اذا سلم واحد علي جماعة منهم المصلي فرد واحد منهم لم يجز له الرد (4).

______________________________

(1) فيه اشكال اذ لو لم يقصد التخاطب و الرد لا يصدق الجواب و مع قصده يدخل في التخاطب مع غيره تعالي و تبطل الصلاة.

(2) لما رواه الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: كنت أسمع أبي يقول: اذا دخلت المسجد الحرام و القوم يصلون فلا تسلم عليهم و سلم علي النبي صلّي اللّه عليه و آله ثم أقبل علي صلاتك و اذا دخلت علي قوم جلوس يتحدثون فسلم عليهم «1» و ظاهر النهي الحرمة لكن حيث انه يقطع بعدم الحرمة فنلتزم بالكراهة و يؤيده ما رواه مصدق بن صدقة «2».

(3) بلا اشكال و يكفي السيرة الجارية و يدل عليه أيضا ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سلم من القوم واحد أجزأ عنهم و اذا رد واحد أجزأ عنهم «3» و مثله خبر ابن بكير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا مرت الجماعة يقوم أجزأهم أن يسلم واحد منهم و اذا سلم علي القوم و هم جماعة أجزأهم أن يرد واحد منهم «4».

(4) اذ مقتضي القاعدة بطلان الصلاة بالكلام و لا دليل علي عدم البطلان في

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 23

(3) الوسائل الباب 46 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 31

و ان كان الراد صبيا مميزا (1) و كذلك اذا شك

المصلي في أن المسلم قصده مع الجماعة و ان لم يرد واحد منهم (2).

[مسألة 187: إذا سلم مرات عديدة كفي في الجواب مرة]

(مسألة 187): اذا سلم مرات عديدة كفي في الجواب مرة (3).

______________________________

مفروض الكلام.

(1) يشكل الالتزام بما أفاده فان مقتضي حديث محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: عمدا لصبي و خطأه واحد «1» أنه لا يعتد بفعل الصبي و لو كان عمديا.

(2) فان مقتضي الاستصحاب عدم كونه مقصودا فلا دليل علي جواز الرد و مقتضي القاعدة عدم الجواز فلاحظ.

(3) ربما يقال: بأن المجموع تحية واحدة و فيه انه لا اشكال في التعدد و ربما يقال: بأن مقتضي الاطلاق كفاية الجواب اذ المستفاد من الدليل ان التحية يجب ردها و لم يفصل بين أن تكون واحدة أو متعددة.

و فيه: ان التداخل في الاسباب خلاف القاعدة كما أن التداخل في المسببات كذلك نعم يمكن أن يقال بأن التحية تصدق عند اللقاء فلا تصدق الا علي الفرد الاول. و يشكل بأنه لا دليل علي هذا المدعي نعم لا يبعد ادعاء السيرة علي الاكتفاء بالجواب الواحد.

و يؤيد المدعي ما أرسله الصدوق عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال لرجل من بني سعد: أ لا احدثك عني و عن فاطمة الي أن قال: فغدا علينا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و نحن في لحافنا فقال: السلام عليك فسكتنا و استحيينا لمكاننا ثم قال: السلام عليكم فسكتنا ثم قال السلام عليكم فخشينا ان لم نرد عليه أن ينصرف

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب العاقلة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 32

و اذا سلم بعد الجواب احتاج أيضا الي الجواب (1) من دون فرق بين المصلي و غيره (2).

[مسألة 188: إذا سلم علي شخص مردد بين شخصين لم يجب علي واحد منهما الرد]

(مسألة 188): اذا سلم علي شخص مردد بين شخصين لم يجب علي واحد منهما الرد و في الصلاة لا

يجوز الرد (3).

______________________________

و قد كان يفعل ذلك فيسلم ثلاثا فان اذن له و الا انصرف فقلنا: و عليك السلام يا رسول اللّه ادخل فدخل ثم ذكر حديث تسبيح فاطمة عند النوم «1».

و يدل علي المدعي ما رواه أبان بن عثمان عن الصادق عليه السلام في حديث الدراهم الاثني عشر ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال للجارية: مري بين يدي و دليني علي أهلك و جاء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حتي وقف علي باب دارهم و قال: السلام عليكم يا أهل الدار فلم يجيبوه فأعاد عليهم السلام فلم يجيبوه فأعاد السلام فقالوا: و عليك السلام يا رسول اللّه و رحمة اللّه و بركاته فقال: ما لكم تركتم اجابتي في أول السلام و الثاني؟ قالوا: يا رسول اللّه سمعنا سلامك فاحببنا أن نستكثر منه الحديث «2» فان الظاهر ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قرر ما ارتكبوا فيفهم منه الجواز و عدم وجوب الرد متعددا.

(1) اذ السلام بعد الجواب يصدق عليه التحية بالاستقلال فيجب الجواب علي مقتضي القاعدة الاولية فان المفروض وجوب رد السلام و المفروض انه فرد للسلام فيجب جوابه.

(2) للإطلاق.

(3) فان الاصل يقتضي عدم الوجوب و الاحتياط يقتضي الرد لكن لو كان في الصلاة يكون الرد مبطلا لعدم تعلق الامر به بمقتضي الاصل فتكلم بلا موجب

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 33

[مسألة 189: إذا تقارن شخصان في السلام وجب علي كل منهما الرد علي الآخر علي الأحوط]

(مسألة 189): اذا تقارن شخصان في السلام وجب علي كل منهما الرد علي الاخر علي الاحوط (1).

[مسألة 190: إذا سلم سخرية أو مزاحا فالظاهر عدم وجوب الرد]

(مسألة 190): اذا سلم سخرية أو مزاحا فالظاهر عدم وجوب الرد (2).

[مسألة 191: إذا قال: سلام بدون عليكم فالاحوط في الصلاة الجواب بذلك أيضا]

(مسألة 191): اذا قال: سلام بدون عليكم فالاحوط في الصلاة الجواب بذلك أيضا (3).

[مسألة 192: إذا شك المصلي في أن السلام كان بأي صيغة]

(مسألة 192): اذا شك المصلي في أن السلام كان بأي صيغة فالظاهر جواز الجواب بكل من الصيغ الاربعة المتعارفة (4).

______________________________

فتفسد بل ارتكب المحرم بناء علي حرمة الابطال.

(1) فان كل واحد منهما مصداق للسلام فيجب الرد علي كل واحد منهما و لم يظهر وجه عدم جزم الماتن الا أن يقال: بانصراف الدليل عن المورد و لا وجه له.

(2) لعدم صدق التحية علي المزاح و السخرية و ان أبيت فلا أقلّ من انصراف الدليل عنه.

(3) أما وجوب أصل الرد فلإطلاق دليله و أما كونه مماثلا فالحق انه يلزم أن يكون كذلك و عليه يكون اضافة الظرف خلاف القاعدة.

(4) قد ظهر مما تقدم انه لا بد من رفع اليد عن الصلاة اذ المفروض ان المماثلة معتبرة و المفروض أيضا انه لا يعلم أن ما سلم المسلم به اي صيغة كانت فلو احتاط في الجواب تبطل الصلاة بالكلام و لو اختار صيغة خاصة يكون مقتضي الاصل عدمها ان قلت: يجمع بين الصيغ الاربعة و يقصد الجواب بما هو المطابق للسلام و يقصد القرآن أو الدعاء بالباقي قلت: المخاطبة مع غيره تعالي يوجب تحقق عنوان كلام الادمي المبطل للصلاة فلا أثر له كما أن قصد القرآنية لا أثر له اذ ليس في القرآن

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 34

[مسألة 193: يجب رد السلام فورا]

(مسألة 193): يجب رد السلام فورا (1) فاذا أخر عصيانا أو نسيانا حتي خرج عن صدق الجواب لم يجب الرد (2) و في الصلاة لا يجوز (3) و اذا شك في الخروج عن الصدق وجب علي الاحوط و ان كان في الصلاة فالأحوط الرد و إعادة الصلاة بعد الاتمام (4).

[مسألة 194: لو اضطر المصلي الي الكلام في الصلاة لدفع الضرر عن النفس أو غيره تكلم]

(مسألة 194). لو اضطر المصلي الي الكلام في الصلاة لدفع الضرر عن النفس أو غيره تكلم (5) و بطلت صلاته (6).

______________________________

جميع الصيغ الاربعة فلاحظ.

(1) للتعارف الخارجي فان الحكم الشرعي منزل علي الطريقة المألوفة.

(2) لعدم المقتضي للوجوب.

(3) اذ علي الفرض يوجب بطلان الصلاة.

(4) للاستصحاب لكن الاصل لا يجري في الحكم مع الشك في الموضوع و جريان الأصل في الموضوع لا يبعد أن يكون من قبيل الاستصحاب التعليقي بأن يقال: الرد بحيث لو تحقق كان ردا و الان كما كان فجريان الاصل مشكل فلا مجال للجواب مع الشك في الصدق بل مقتضي الاستصحاب التنجيزي هو البطلان اذ الرد مع الشك في الصدق محكوم بعدم كونه مصداقا له فكلام الادمي يتحقق مع عدم كونه معنونا بعنوان الرد فيكون مبطلا فانقدح بما ذكر انه لا وجه لوجوب الاحتياط فيما يكون مشغولا بالصلاة بل الاحتياط في غير الصلاة استحبابي فلا تغفل.

(5) لمكان الاضطرار الرافع للتكليف.

(6) اذ المفروض ان التكلم مبطل و حديث الاضطرار لا يقتضي الصحة كما قرر في محله.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 35

[مسألة 195: إذا ذكر اللّه تعالي في الصلاة أو دعا أو قرأ القرآن علي غير وجه العبادة]

(مسألة 195): اذا ذكر اللّه تعالي في الصلاة أو دعا أو قرأ القرآن علي غير وجه العبادة بقصد التنبيه علي أمر من دون قصد القربة لم تبطل الصلاة نعم لو لم يقصد الذكر و لا الدعاء و لا القرآن و انما جري علي لسانه مجرد التلفظ بطلت (1).

[الخامس: القهقهة]
اشارة

الخامس: القهقهة (2) و هي الضحك المشتمل علي الصوت

______________________________

(1) الظاهر أن ما أفاده غير تام اذا دلة الاستثناء اذا كانت شاملة لما لا يكون مقرونا بقصد القربة فلا وجه للتفصيل بين الصورتين و الحكم بالبطلان في إحداهما و بالصحة في الاخري و اذا لم تكن شاملة للفاقد لقصد القربة كما هو كذلك فلازمه الحكم بالبطلان علي الاطلاق الا فيما يكون مقرونا بقصد القربة نعم لو قلنا بأن ادلة الاستثناء شاملة لما لا يكون مقرونا بالقربة يلزم أن نقول: بعدم البطلان حتي في موارد عدم قصد القرآنية أو الذكرية اذ صدق العنوان لا يتوقف علي القصد فلاحظ. فالنتيجة أن عدم البطلان يختص بما يكون مقرونا بالقربة و يكون التنبيه بعنوان الداعي.

(2) عن جملة من الاساطين دعوي الاجماع عليه و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: القهقهة لا تنقض الوضوء و تنقض الصلاة «1».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن الضحك هل يقطع الصلاة؟ قال: أما التبسم فلا يقطع الصلاة و أما القهقهة فهي تقطع الصلاة «2».

و منها: ما رواه ابن أبي عمير عن رهط سمعوه يقول: ان التبسم في الصلاة

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 36

و الترجيع (1) و لا بأس بالتبسم (2) و بالقهقهة

سهوا (3).

[مسألة 196: لو امتلأ جوفه ضحكا و احمر و لكن حبس نفسه عن إظهار الصوت لم تبطل صلاته]

(مسألة 196): لو امتلأ جوفه ضحكا و احمر و لكن حبس نفسه عن اظهار الصوت لم تبطل صلاته (4) و الاحوط استحبابا الاتمام

______________________________

لا ينقض الصلاة و لا ينقض الوضوء انما يقطع الضحك الذي فيه القهقهة «1».

(1) عن القاموس: «هي الترجيع في الضحك أو شدة الضحك» و عن الصحاح «القهقهة في الضحك معروف و هو أن يقول: قه قه» و عن الروض: «انها الترجيع في الضحك أو شدة الضحك» و في مجمع البحرين: «القهقهة الضحك و هي أن يقول الانسان قه قه». و الحق ان القهقهة لها مفهوم عرفي يرجع اليه في تشخيص مصداقها و حيث ان الشبهة مفهومية و أمر المفهوم دائر بين الاقل و الاكثر يقتصر علي الاكثر في ترتب الحكم عند الشك و لا يصغي الي ما يمكن أن يقال: ان المستفاد من رواية سماعة «2» ان الضحك مطلقا يفسد الصلاة و الخارج عنوان التبسم فقط بدعوي أن صدر الرواية قرينة علي أن المراد بالقهقهة الواردة في الذيل مطلق الضحك غير التبسم فان اثبات هذا المعني متعذر اذا المستفاد من الرواية ان القهقهة تبطل و التبسم لا يبطل و المتوسط بين الامرين مورد الشك و مقتضي الاطلاق و الاصل عدم كونه مبطلا.

(2) كما هو المنصوص في رواية سماعة.

(3) لا للإهمال في دليل المانعية فانه لا اهمال فيه بل لحكومة قاعدة لا تعاد علي ادلة الاجزاء و الشرائط و الموانع علي ما هو المقرر عندهم.

(4) لعدم تحقق الموضوع فان المبطل التقديري لا معني له فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 35

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 37

و الاعادة (1).

[السادس: تعمد البكاء المشتمل علي الصوت إذا كان لأمور الدنيا أو لذكر ميت]

السادس: تعمد البكاء المشتمل علي الصوت (2) بل غير المشتمل عليه علي الاحوط وجوبا (3)

اذا كان لأمور الدنيا أو لذكر ميت (4).

______________________________

(1) فانه لا ريب في حسن الاحتياط.

(2) علي المشهور و يدل عليه ما رواه أبو حنيفة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن البكاء في الصلاة أ يقطع الصلاة؟ فقال: ان بكي لذكر جنة أو نار فذلك هو أفضل الاعمال في الصلاة و ان كان ذكر ميتا له فصلاته فاسدة «1».

و الحديث ضعيف بنعمان بن عبد السلام و غيره و عمل المشهور به علي فرض تحققه لا يكون جابرا علي مسلكنا و مثله في الضعف مرسل الصدوق قال: و روي أن البكاء علي الميت يقطع الصلاة و البكاء لذكر الجنة و النار من أفضل الأعمال في الصلاة «2».

و استدل عليه أيضا بأنه فعل خارج عن الصلاة فيوجب بطلانها و فيه: ان مجرد كون الفعل خارجا لا يوجب البطلان كما هو ظاهر و الا كان اللازم البطلان بحركة الأصبع و هو كما تري.

(3) اذ الوارد في كلام الامام عليه السلام ليس لفظ البكاء بل الواقع فيه لفظ بكي و الاختلاف بالمد و القصر في لفظ البكاء فعن الجوهري: «البكاء يمد و يقصر فاذا مددت أردت الصوت الذي مع البكاء و ان قصرت أردت الدموع و خروجها» و علي ما ذكرنا يكون اطلاق الحكم علي الأقوي.

(4) المذكور في الخبر المبطل للصلاة البكاء لفوات الامور الدنيوية كالبكاء علي فقدان الأحبة بالموت و اما البكاء لأمر اخروي فلا يوجب البطلان لخروجه عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 38

فاذا كان خوفا من اللّه تعالي أو شوقا الي رضوانه أو تذللا له تعالي و لو لقضاء حاجة دنيوية فلا بأس به

(1) و كذا ما كان منه علي سيد الشهداء

______________________________

تحت الدليل.

(1) بل تدل جملة من الروايات علي الحث و الترغيب علي البكاء للخشية عن اللّه و للشوق اليه لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

أكون أدعو فأشتهي البكاء و لا يجيئني و ربما ذكرت بعض من مات من أهلي فأرق و أبكي فهل يجوز ذلك؟ فقال: نعم فتذكر فاذا رققت فابك و ادع ربك تبارك و تعالي «1».

و ما رواه عنبسة العابد قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان لم تكن بكاء فتباك «2».

و ما رواه سعد بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اني أتباكي في الدعاء و ليس لي بكاء قال: نعم و لو مثل رأس الذباب «3».

و ما رواه علي بن أبي حمزة قال: قال أبو عبد اللّه لأبي بصير: ان خفت أمرا يكون أو حاجة تريدها فابدأ باللّه فمجده و أئن عليه كما هو أهله وصل علي النبي صلّي اللّه عليه و آله و سل حاجتك و تباك و لو مثل رأس الذباب ان أبي كان يقول:

ان أقرب ما يكون العبد من الرب عز و جل و هو ساجد باكي «4».

و ما رواه اسماعيل الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان لم يجئك البكاء فتباكي و ان خرج منك مثل جناح الذباب فبخ بخ «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب الدعاء الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 39

عليه السلام اذا كان راجعا الي الآخرة (1) كما لا باس به اذا كان سهوا (2) أما اذا

كان اضطرار بأن غلبه البكاء فلم يملك نفسه فالظاهر أنه مبطل أيضا (3).

[السابع: الأكل و الشرب و إن كانا قليلين]
اشارة

السابع: الاكل و الشرب و ان كانا قليلين اذا كانا ماحيين للصورة (4).

______________________________

و ما رواه أبو حمزة الثمالي عن علي بن الحسين عليه السلام قال في حديث:

و ما من قطرة أحب الي اللّه من قطرتين: قطرة دم في سبيل اللّه و قطرة دمعة في سواد الليل لا يريد بها عبد الا اللّه عز و جل «1».

و غيرها مما ورد في الباب 29 من أبواب الدعاء و الباب 15 من أبواب جهاد النفس من الوسائل.

(1) فانه خارج عن تحت دليل المانعية.

(2) لحديث لا تعاد.

(3) لو كان الاضطرار بحيث لا يكون البكاء اختياريا لا أعرف وجه عدم شمول حديث لا تعاد فان مقتضاه عدم وجوب الاعادة لو كان الخلل عن غير اختيار نعم لو كان صادرا بالاختيار مضطرا فالظاهر كونه مبطلا لدليل القاطعية و كونه صادرا بالاضطرار لا ينافي كونه مبطلا فان حديث الرفع لا يقتضي الصحة.

(4) نقل عن جملة من الاعيان الاجماع عليه و لكن حال الاجماع معلوم في الاشكال و الظاهر انه ليس نص في المقام يدل علي المقصود فالمستند منحصر في الارتكاز المغروس في أذهان المتشرعة نعم لو وصلت النوبة الي حد لا يصدق الاسم و العنوان لكان البطلان علي القاعدة.

______________________________

(1) نفس المصدر: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 40

أما اذا لم يكونا كذلك ففي البطلان بهما اشكال (1) و لا بأس بابتلاع السكر المذاب في الفم و بقايا الطعام (2) و لو أكل أو شرب سهوا فان بلغ حد محو الصلاة بطلت صلاته كما تقدم (3) و ان لم يبلغ ذلك فلا بأس به (4).

[مسألة 197: يستثني من ذلك ما اذا كان عطشانا مشغولا في دعاء الوتر]

(مسألة 197): يستثني من ذلك ما اذا كان عطشانا مشغولا في دعاء الوتر و قد نوي أن يصوم و

كان الفجر قريبا يخشي مفاجأته و الماء أمامه أو قريبا منه قدر خطوتين أو ثلاثا فانه يجوز له التخطي و الارتواء ثم الرجوع الي مكانه و يتم صلاته (5) و الاحوط الاقتصار

______________________________

و صفوة القول: انه بالمقدار المعلوم من الارتكاز نلتزم بالفساد و أما الزائد عليه فبحكم الاصل نحكم بعدم الفساد الا أن يقوم اجماع تعبدي كاشف.

(1) قد ظهر وجه ما أفاده مما ذكرناه فلاحظ.

(2) لعدم الدليل علي البطلان و مقتضي الاصل الصحة.

(3) اذ المفروض محو الصورة و مع محوها لا يبقي الموضوع فالبطلان قطعي.

(4) لعدم الدليل عليه بل مقتضي حديث لا تعاد علي ما هو المشهور عند القوم الصحة.

(5) لما رواه سعيد الا عرج أنه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: جعلت فداك اني أكون في الوتر و أكون قد نويت الصوم فأكون في الدعاء و أخاف الفجر فأكره أن اقطع علي نفسي الدعاء و أشرب الماء و تكون القلة أمامي قال: فقال لي: فاخط اليها الخطوة و الخطوتين و الثلاث و اشرب و ارجع الي مكانك و لا تقطع علي نفسك الدعاء «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 41

علي الوتر المندوب دون ما كان واجبا كالمنذور (1) و لا يبعد التعدي من الدعاء الي سائر الاحوال (2) كما لا يبعد التعدي من الوتر الي سائر النوافل (3) و لا يجوز التعدي من الشرب الي الاكل (4).

[الثامن: التكفير]

الثامن: التكفير (5) و هو وضع احدي اليدين علي الاخري كما

______________________________

و مثله ما رواه أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اني أبيت و اريد الصوم فأكون في الوتر فأعطش فأكره أن أقطع الدعاء و أشرب و أكره

أن اصبح و انا عطشان و أمامي قلة بيني و بينها خطوتان أو ثلاثة قال: تسعي اليها تشرب منها حاجتك و تعود في الدعاء «1» لكن سنده مخدوش بهيثم بن أبي مسروق.

(1) بل علي الاقوي اذا قلنا: بأن القاعدة تقتضي عدم جواز الشرب و عدم جواز التخطي فالتعدي عن مورد الرواية خلاف القاعدة.

(2) للاطمينان بعدم الفرق.

(3) و فيه اشكال لاحتمال الفرق و لا وجه للتعدي و اللّه العالم.

(4) الامر كما أفاده اذ لا دليل علي العموم فلاحظ.

(5) ما يمكن أن يستدل به عليه أمور: الاول: الاجماع. و حاله في الاشكال ظاهر. الثاني: ان العبادات توقيفية فلا يجوز. و فيه: ان معني كون العبادات توقيفية أن لا يجوز التشريع و لا شبهة في حرمته. الثالث: انه فعل كثير. و فيه: ان الامر ليس كذلك و بطلان هذا الاستدلال أوضح من أن يخفي. الرابع: ان قاعدة الاحتياط تقتضي الترك. و فيه: ان الحكم عند الشك أصل البراءة كما هو المقرر فلا اشكال.

الخامس: جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 42

يتعارف عند غيرنا (1) فانه مبطل للصلاة اذا أتي به بقصد الجزئية من الصلاة (2) و أما اذا لم يقصد به الجزئية بل أتي به بقصد الخضوع

______________________________

عليهما السلام قال: قلت له الرجل يضع يده في الصلاة و حكي اليمني علي اليسري فقال: ذلك التكفير لا يفعل «1» و الظاهر من هذه الرواية مانعية التكفير فهذا الرواية لإثبات البطلان ناهضة.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: قال: و عليك بالاقبال علي صلاتك الي أن قال: و لا تكفر فانما يصنع ذلك المجوس «2» و

هذه الرواية أيضا غير قاصرة لإثبات المانعية و اشتمال الرواية علي جملة من المكروهات و ذكر التكفير في جملتها لا يدل علي كون التكفير مكروها غير محرم.

لكن يستفاد من رواية علي بن جعفر قال: و سألته عن الرجل يكون في صلاته أ يضع احدي يديه علي الاخري بكفه أو ذراعه؟ قال: لا يصح ذلك فان فعل فلا يعود له «3» أنه لا يوجب البطلان بل أمر مرجوح الا أن يقال: بأن حديث ابن جعفر أعم من حديث ابن مسلم فيخصص به كما هو المقرر.

(1) فان مقتضي الجمع بين النصوص ما أفاده الماتن اذ مقتضي حديث محمد ابن مسلم اختصاص النهي بهذه الصورة و مقتضي حديثي زرارة و ابن جعفر هو الاطلاق و قد تقدم ان مقتضي القاعدة تقييد المطلق بالمقيد و العام بالخاص فيختص المنع بهذه الصورة.

(2) الظاهر انه لا وجه لهذا التقييد فانه مع فقد الجزئية تبطل الصلاة لمكان

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 43

و التأدب في الصلاة ففي بطلان الصلاة به اشكال و الاحوط وجوبا الاتمام ثم الاعادة نعم هو حرام حرمة تشريعية مطلقا (1) هذا فيما اذا وقع التكفير عمدا و في حال الاختيار و أما اذا وقع سهوا أو تقية أو كان الوضع لغرض آخر غير التأدب من حك جسده و نحوه فلا بأس به (2).

[التاسع: تعمد قول: «آمين» بعد تمام الفاتحة]

التاسع: تعمد قول: «آمين» بعد تمام الفاتحة (3) اماما كان أو

______________________________

الزيادة و الحال ان المستفاد من النص ان التكفير بنفسه مبطل نعم لا بد أن يكون بداعي الخضوع فان التكفير يتقوم بهذا القصد كما يظهر من اللغة كما أن

حكاية فعل غيرنا تتقوم بهذا القصد فلاحظ.

(1) لحرمة التشريع و قد ظهر مما تقدم ان التكفير بنفسه مبطل.

(2) تظهر من كلامه فروع ثلاثة: الاول: عدم البأس اذا كان سهوا و الامر كما أفاده بمقتضي قاعدة لا تعاد علي ما هو المقرر عندهم. الثاني: انه لا يكون مبطلا اذا كان تقية و هذا مبني علي كون العمل الصادر عن تقية مجزيا و هو أول الكلام و الاشكال مضافا الي أنه لا نتعقل التقية بالنسبة الي النية التي هي أمر قلبي الا أن يكون الشخص قاصرا. الثالث: عدم كونه مبطلا اذا لم يكن بعنوان الخضوع و الامر كما أفاده لعدم تحقق الموضوع.

(3) الاقوال في المسألة ثلاثة: الاول: القول بالتحريم و ابطاله الصلاة و هذا القول مشهور عند الاصحاب حتي قيل بأنه نقل عن الشيخين و المرتضي و ابن زهرة و العلامة الاجماع عليه. الثاني: ما ذهب اليه المحقق من القول بالكراهة.

الثالث: ما ذهب اليه صاحب المدارك و هو القول بالحرمة تكليفا و عدم كونه مبطلا و لا بد من النظر الي النصوص الواردة في المقام و استفادة ما هو الحق منها فنقول: قد وردت جملة من الروايات في المقام:

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 44

______________________________

منها: ما رواه جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت خلف امام فقرأ الحمد و فرغ من قراءتها فقل انت: الحمد للّه رب العالمين و لا تقل: آمين «1» و الرواية تامة سندا.

و منها: ما رواه محمد الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام أقول اذا فرغت فاتحة الكتاب آمين؟ قال: لا «2» و نقل المحقق في المعتبر عن جامع البزنطي عن عبد الكريم عن الحلبي «3» و حيث ان

عبد الكريم الواقع في السند اذا كان ابن عمرو- كما هو ليس ببعيد- فهذه الرواية أيضا معتبرة.

و منها: ما رواه جميل أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب آمين قال: ما أحسنها و اخفض الصوت بها «4».

و منها: ما رواه معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أقول آمين اذا قال الامام غير المغضوب عليهم و لا الضالين؟ قال: هم اليهود و النصاري و لم يجب في هذا «5».

و منها: ما رواه فضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قرأت الفاتحة و قد فرغت من قراءتها و أنت في الصلاة فقل الحمد للّه رب العالمين «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الحدائق ج 8 ص: 197

(4) الوسائل الباب 17 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 2

(6) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 45

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال فلا بد من ملاحظة بقية الروايات و الجمع بينها فربما يقال: - كما عن المحقق- بأن الجمع بين نصوص الباب يقتضي الذهاب الي الكراهة. و الحق انه ليس جمعا عرفيا فانه كيف يمكن حمل رواية جميل الثانية علي الكراهة مع استحسانه عليه السلام و أمره بخفض الصوت فيه مضافا الي أنا قلنا بأن العرف يري التعارض في أمثال المقام فلا بد من اجراء قواعد المتعارضين و عند التعارض الترجيح مع رواية المنع اذ الجواز يوافق قول العامة فالترجيح مع المانع.

ثم انه هل المستفاد من رواية المنع الحرمة التكليفية؟ بمعني انها تدل علي أن أحد المحرمات

الشرعية هذا القول؟ و هذا محتمل كلام سيد المدارك فلو أتي المصلي به لا تبطل صلاته اذ النهي عنه نهي عن أمر خارج عن الصلاة أو المستفاد منها نفي المشروعية؟ اي الدليل ناظر الي أن الشارع لم يشرع هذا القول- كما هو محتمل كلام المحقق الهمداني و سيد المستمسك- أو أن النهي في الرواية ارشاد الي المانعية؟ وجوه.

و لا يخفي ان الوجه الاول ساقط عن درجة الاعتبار فان النهي في أمثال المقام ليس محمولا علي الحرمة التكليفية و لم يلتزم به الفقهاء و بعبارة اخري: ان النهي في باب المركبات ليس ظاهرا في النهي المولوي بل الظاهر منه الارشاد الي عدم المشروعية أو ارشاد الي المانعية و الظاهر هو الثاني كما في بقية موارد النهي في أمثال المقام و ليس الدليل منحصرا بما يكون النهي مسبوقا بالسؤال كي يقال:

بأن الظاهر من السؤال انه من حيث المشروعية و عدمها كما أن الالتزام بأن المنهي عنه لو كان من سنخ العبادة يكون النهي ظاهرا في نفي المشروعية لا أن يكون ارشادا الي المانعية، ليس عليه دليل فالحق ما أفاده في المتن من أن الاتيان به يوجب

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 46

مأموما أو منفردا (1).

______________________________

البطلان هذا تمام الكلام في مفاد النصوص.

و ربما يقال: بأن الاتيان به يوجب البطلان بلحاظ كونه كلاما آدميا بتقريب:

ان لفظة آمين اسم فعل بمعني استجب و بعبارة اخري: هو علم للفظ الفعل لا لمعناه و يقرب الاستدلال علي البطلان بهذا القول أيضا بلحاظ كونه كلاما آدميا بأن المستفاد من كلام أهل اللغة انه ليس منحصرا في المعني الدعائي بل له معان متعددة فلا يكون مصداقا للدعاء.

و قرر المنع بوجه ثالث و هو أن وقوعه

مصداقا للدعاء انما يكون فيما يقع بعد الدعاء و مسبوقا به و الا- كما في المقام- يكون من لقلقة اللسان. و يرد علي التقريب الاول: بأن كونه اسم فعل لا يخرجه عن كونه مصداقا للدعاء فانه لا فرق عند عرف أهل اللسان بين لفظ «استجب» و بين قول «آمين».

و يرد علي التقريب الثاني بأن اللفظ المشترك لو استعمل في أحد المعاني مع القرينة يكون الاستعمال صحيحا فلو استعمل في المعني الدعائي مع القرينة يدخل تحت عنوان الدعاء.

و اجيب عن التقريب الثالث بأن الاستجابة ترجع الي دعاء امام الجماعة و طلبه للهداية بقوله: «اهدنا الصراط المستقيم» و فيه: انه مجرد فرض لا واقع له مضافا الي أن القاري للحمد لا يقصد الدعاء بل وقع الكلام في جواز قصد الانشاء بالقراءة بل قيل: بأنه لا يمكن الجمع بين قصد القراءة و قصد إنشاء الدعاء فلاحظ.

فظهر ان هذا وجه آخر للقول بالبطلان فتأمل.

(1) يدل علي الاول و الاخر حديث الحلبي «1» و علي الوسط حديث

______________________________

(1) لاحظ ص: 44

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 47

أخفت بهما أو جهر (1) فانه مبطل اذا قصد الجزئية أو لم يقصد به الدعاء (2) و اذا كان سهوا فلا بأس به (3) و كذا اذا كان تقية بل قد تجب (4) و اذا تركه حينئذ اثم و صحت صلاته علي الاظهر (5).

______________________________

جميل «1».

(1) لا طلاق دليل المنع و لا مجال لان يقال: بأنه يستفاد من حديث جميل الثاني «2» انه لا يجهر به فيقيد دليل المنع به بأن نقول: الجمع بين الحديثين يقتضي الالتزام بالجواز مع الخفض فانه يرد علي هذا البيان بأنه امر في تلك الرواية بقراءة الحمد للّه رب العالمين و نهي

عن قول: «آمين» و في هذه الرواية امر به و بين الروايتين تعارض بلا كلام و الترجيح مع رواية المنع كما تقدم.

(2) الظاهر انه لا وجه لهذا التفصيل فان مقتضي الاطلاق كون الاتيان بهذه الكلمة مبطلا نعم لو اغمض عن اطلاق دليل المانعية فلا مانع من الاتيان به بقصد الدعاء اذا كان مسبوقا به.

(3) لقاعدة لا تعاد علي ما هو المقرر عند القوم.

(4) فانه بالتقية تحقن الدماء و التقية ديني و دين آبائي و لا اشكال في جواز التقية مع تحقق موضوعها لكن قد سبق منا في بعض المباحث المتقدمة بأنا لا نلتزم بأن دليل جواز التقية أو وجوبها يدل علي الصحة و الاجزاء و أما التقية في خصوص الايتمام فالبحث فيها موكول الي بحث الجماعة و نتعرض ان شاء اللّه تعالي في ذلك البحث لما هو حق القول فيه فانتظر.

(5) لا يخفي ان الحكم الواقع في مورد التقية ان كان ترخيصا في ترك الواقع

______________________________

(1) لاحظ ص 44

(2) لاحظ ص: 44

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 48

[مسائل في منافيات الصلاة]
[مسألة 198: إذا شك بعد السلام في أنه أحدث في أثناء الصلاة أو فعل ما يوجب بطلانها بني علي العدم]

(مسألة 198): اذا شك بعد السلام في أنه أحدث في أثناء الصلاة أو فعل ما يوجب بطلانها بني علي العدم (1).

[مسألة 199: إذا علم أنه نام اختيارا و شك في أنه أتم الصلاة ثم نام أو نام في أثنائها غفلة عن كونه في الصلاة]

(مسألة 199): اذا علم أنه نام اختيارا و شك في أنه أتم الصلاة ثم نام أو نام في أثنائها غفلة عن كونه في الصلاة بني علي صحة الصلاة (2) و أما اذا احتمل ان نومه كان عن عمد و ابطالا منه للصلاة فالظاهر وجوب الاعادة (3) و كذلك اذا علم انه غلبه النوم قهرا و شك في أنه

______________________________

يكون الواقع علي حاله فلو ترك التقية و أتي بالتكليف الاولي فلا اشكال في الصحة كما هو ظاهر و اما ان كان موجبا لانقلاب الحكم الواقعي الاولي الي حكم آخر موافق للتقية و في هذا الفرض اما يكون الانقلاب علي نحو الاطلاق و اما يكون في خصوص ما يكون التقية شرطا أو جزءا فان كان علي نحو الاطلاق فلا يكون الاتيان بمتعلق الامر الأولي مجزيا لفرض انقلاب الواقع و ان لم يكن كذلك فلا بد من التفصيل و لا يبعد أن يكون في المقام الحكم الواقعي محفوظا لعدم لزوم قول آمين عندهم و بعبارة اخري لا يكون جزءا أو شرطا عندهم.

(1) لاستصحاب عدم تحقق الحدث و لا مانع من جريان قاعدة الفراغ أيضا فان جريانها لا يختص بمورد الشك في فقدان الجزء أو الشرط بل تجري فيما يكون الشك في وجود المانع مضافا الي أن المانع مرجعه الي اشتراط الواجب بعدمه فلاحظ.

(2) لقاعدة الفراغ المقتضية للصحة.

(3) اذ لو احتمل رفع اليد عن الصلاة عمدا و لم يتمها اختيارا لا تجري القاعدة اذ القاعدة لا تجري في احتمال المصادفات الاتفاقية و ان شئت قلت: ان قاعدة الفراغ امارة

و انما تجري لدفع الغفلة و الاشتباه و أما مع احتمال تعمد الابطال أو احراز

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 49

كان في أثناء الصلاة أو بعدها كما اذا رأي نفسه في السجود و شك في أنه سجود الصلاة أو سجود الشكر (1).

[مسألة 200: لا يجوز قطع الفريضة اختيارا علي الاحوط]

(مسألة 200): لا يجوز قطع الفريضة اختيارا علي الاحوط (2).

______________________________

الغفلة حين العمل فلا تجري فانها تجري فيما يصدق عنوان كونه أذكر حين العمل الا أن يقال: ما المانع من جريان استصحاب عدم الابطال العمدي فلاحظ.

(1) اذ احتمال الصحة ناش من مجرد المصادفة الواقعية و لم يحرز الفراغ و لو من حيث البناء و صفوة القول ان القاعدة انما تجري في مورد يكون المكلف في مقام الامتثال و يحتمل التذكر حين العمل ففي مثله لو احتمل البطلان يدفع الاحتمال اذ البطلان اما من ناحية تعمد الابطال و اما من ناحية الغفلة أما الاول فهو خلاف ما عليه المكلف من البناء علي الامتثال و أما الثاني فيدفع بالقاعدة و شبهة جريان الاستصحاب جارية في المقام أيضا.

(2) عن جامع المقاصد: «انه لا ريب في تحريم قطع الصلاة الواجبة» و عن بعض «انه لا خلاف فيه» و عن آخر «انه اتفاقي ظاهرا» و عن رابع: «انه من بديهيات الدين» و ما يمكن أن يستدل به عليه أو استدل أمور: منها: الاجماع.

و حاله معلوم و منها: قوله تعالي: «لٰا تُبْطِلُوا أَعْمٰالَكُمْ» «1».

و ربما اورد في دلالة الاية بأن المراد منها ظاهرا ان ابطال الاعمال بنحو العام المجموعي حرام. و فيه ان الظاهر من الاية ليس كذلك بل الظاهر من الاية حرمة كل واحد منها لا المجموع من حيث المجموع لكن الاشكال المتوجه بالاستدلال ان المراد بالابطال ان كان ابطاله

بالحبط بعروض الكفر أو الشرك فلا يرتبط بالمقام و ان كان المراد منه الحرمة التكليفية يلزم تخصيص الاكثر اذ لا يحرم ابطال الاعمال الواجبة علي النحو الاطلاق كالوضوء و التيمم.

______________________________

(1) محمد/ 33

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 50

و يجوز لضرورة دينية أو دنيوية كحفظ المال و أخذ العبد من الاباق

______________________________

لكن يمكن أن يقال: بأنه لا يلزم تخصيص الاكثر اذ لو التزمنا بحرمة ابطال الصلوات الواجبة و حرمة ابطال الحج أعم من الواجب و المستحب كيف يلزم تخصيص الاكثر و لو مع الالتزام بعدم حرمة ابطال الصلوات المستحبة لكن لا يبعد أن يكون المنساق الي الذهن من الاية النهي عن ابطال العمل بعد اتمامه بما يوجب حبطه فيكون ارشادا فان وحدة السياق تقتضي ما ذكر فيكون ارشادا الي الاطاعة أولا، ثم الارشاد الي عدم معصية موجبة للحبط.

و يؤيده ما رواه أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من قال سبحان اللّه غرس اللّه له بها شجرة في الجنة و من قال:

الحمد للّه غرس اللّه له بها شجرة في الجنة و من قال: لا إله الا اللّه غرس اللّه له بها شجرة في الجنة و من قال: اللّه أكبر غرس اللّه له بها شجرة في الجنة فقال رجل من قريش: يا رسول اللّه ان شجرنا في الجنة لكثير فقال: نعم و لكن اياكم أن ترسلوا عليها نيرانا فتحرقوها و ذلك ان اللّه عز و جل يقول: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا اللّه و اطيعوا الرسول و لا تبطلوا أعمالكم «1» لكن الحديث ضعيف.

و منها: ما يدل علي أن تحريم الصلاة التكبير و تحليلها التسليم فمن تلك الروايات ما رواه

ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: افتتاح الصلاة الوضوء و تحريمها التكبير و تحليلها التسليم «2». و منها مرسلة الصدوق «3» و منها ما عن الرضا عليه السلام «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب الذكر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 10

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب التسليم الحديث: 8

(4) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 51

______________________________

و فيه: انها مخدوشة من حيث السند مضافا الي أنها شاملة للنافلة و حيث ان النافلة يجوز ابطالها فليس هذا المعني مرادا منها بل المراد منها الحكم الوضعي.

و منها: انه نهي عن نقض الصلاة في باب كثير الشك بقوله عليه السلام: «لا تعودوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه» «1» و فيه: ان النهي متعلق بتعويد الشيطان و لا يرتبط بالمقام مضافا الي أنه لا يستفاد من الحديث الحرمة التكليفية بل المستفاد منه الارشاد الي عدم التعويد فلاحظ.

و منها: المنع عن الاتيان بالمنافيات. و فيه ان الظاهر منه الارشاد الي المانعية و لا يرتبط بالمقام.

و منها: ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلاما لك قد أبق أو غريما لك عليه مال أوحية تتخوفها علي نفسك فاقطع الصلاة فاتبع غلامك أو غريمك و اقتل الحية «2» فان مقتضي مفهوم الشرط عدم جواز القطع و بعبارة اخري: لا اشكال في عدم وجوب قطع الصلاة عند اباق الغريم و امثاله فيكون المراد من الرواية جواز القطع و مفهوم الشرطية عدم الجواز عند عدم الشرط و هذا هو المطلوب.

و الانصاف ان هذه الرواية تامة من حيث

الدلالة علي حرمة قطع الصلاة و الاشكال فيها بأنه من الجائز أن يكون النهي عن القطع بلحاظ الحزازة الحاصلة من رفع اليد عن الصلاة التي هي معراج المؤمن لأجل بعض مصلحة دنيوية و ليس تحريميا مقتضيا للحرمة، غير وارد اذ الظاهر حجة ما دام لم يقم علي خلافه دليل و لا وجه لرفع اليد عن ظهور النهي في الحرمة التكليفية نعم لا مجال للاستدلال بما

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 21 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 52

و الغريم من الفرار و الدابة من الشراد و نحو ذلك (1) بل لا يبعد جوازه لأي غرض يهتم به دينيا أو دنيويا و ان لم يلزم من فواته ضرر (2) فاذا صلي في المسجد و في الاثناء علم أن فيه نجاسة جاز القطع و ازالة النجاسة كما تقدم (3) و يجوز قطع النافلة مطلقا (4) و ان كانت منذورة (5) لكن الاحوط استحبابا الترك بل الاحوط ترك قطع النافلة في غير

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 5، ص: 52

______________________________

رواه سماعة قال: سألته عن الرجل يكون قائما في الصلاة الفريضة فينسي كيسه أو متاعا يتخوف ضيعته أو هلاكه قال: يقطع صلاته و يحرز متاعه ثم يستقبل الصلاة الحديث «1» اذ لا مفهوم لكلامه عليه السلام هذا مضافا الي التسالم بين الاصحاب و مغروسيته في الاذهان فالحكم في الجملة مما لا اشكال فيه.

(1) و يدل علي المدعي حديث حريز «2».

(2) الانصاف ان اثبات المدعي مشكل اذ المستفاد من الحديث حرمة القطع

الا في الموارد المذكورة فلا وجه للالتزام بالجواز علي الاطلاق.

(3) قد ظهر مما ذكرنا ان الالتزام بالجواز مشكل بل المقام يدخل في باب التزاحم و لا بد من رعاية قانونه و راجع ما ذكرناه هناك شرحا لكلامه.

(4) لعدم الدليل علي الحرمة و مقتضي القاعدة الاولية عند الشك هو الجواز.

(5) لقائل أن يقول: بأن اطلاق الفريضة الواردة في رواية حريز يقتضي عموم المنع لكن الجزم بالاطلاق مشكل فان المنصرف اليه من لفظ صلاة الفريضة الفرائض الاولية لا ما يكون فرضا بالعرض و لا أقل من الاجمال.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 51

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 53

مورد جواز قطع الفريضة (1).

[مسألة 201: إذا وجب القطع فتركه و اشتغل بالصلاة أثم و صحت صلاته]

(مسألة 201): اذا وجب القطع فتركه و اشتغل بالصلاة أثم و صحت صلاته (2).

[مسألة 202: يكره في الصلاة الالتفات بالوجه قليلا]

(مسألة 202): يكره في الصلاة الالتفات بالوجه قليلا (3) و بالعين (4).

______________________________

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط.

(2) أما الاثم فلترك الواجب و أما الصحة فلقاعدة الترتب.-

(3) لاحظ ما رواه عبد الملك قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الالتفات في الصلاة أ يقطع الصلاة؟ فقال: لا و ما احب أن يفعل «1» بتقريب: ان المراد بالالتفات في الرواية الالتفات بالوجه بالمقدار غير المضر بالاستقبال فان الجمع بين هذه الرواية و ما يدل علي قاطعية الالتفات يقتضي ما ذكر. و في الاستدلال المذكور تأمل اذا الظاهر من الالتفات ما يكون عن القبلة مضافا الي أن الاختصاص بخصوص الوجه لا دليل عليه.

(4) استدل علي المدعي بجملة من النصوص منها: ما رواه الخضر بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قام العبد الي الصلاة أقبل اللّه عليه بوجهه فلا يزال مقبلا عليه حتي يلتفت ثلاث مرات فاذا التفت ثلاث مرات اعرض عنه «2».

و منها: ما رواه أبو البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال:

الالتفات في الصلاة اختلاس من الشيطان فاياكم و الالتفات في الصلاة فان اللّه مقبل علي العبد اذا قام في الصلاة فاذا التفت قال اللّه تبارك و تعالي با بني آدم لمن تلتفت ثلاثة

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 5.

(2) الوسائل الباب 32 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 54

و العبث باليد و اللحية و الرأس و الاصابع (1) و القران بين السورتين (2) و نفخ موضع السجود (3).

______________________________

فاذا التفت الرابعة أعرض اللّه عنه «1».

و منها: ما

رواه ابن القداح عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام قال: قال علي عليه السلام: للمصلي ثلاث خصال: الي أن قال: فان التفت قال الرب تبارك و تعالي الي خير مني تلتفت يا بن آدم؟ لو يعلم المصلي من يناجي ما انفتل «2».

و يمكن أن يقال: ان اطلاق حديث عبد الملك «3» يشمل الالتفات بالعين فلاحظ.

(1) لاحظ ما رواه حماد بن عيسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه لما علمه الصلاة قال: هكذا صل و لا تلتفت و لا تعبث بيديك و أصابعك «4» و ما روي في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: يا علي ان اللّه كره لأمتي العبث في الصلاة «5». و ما رواه أحمد بن محمد بن عيسي رفعه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذ اقمت في الصلاة فلا تعبث بلحيتك و لا برأسك و لا تعبث بالحصي و أنت تصلي الا ان تسوي حيث تسجد فلا بأس «6» و غيرها مما ورد في الباب 12 من أبواب قواطع الصلاة من الوسائل.

(2) راجع ما ذكرنا في شرح مسألة: 107.

(3) كما تقدم في مكروهات السجود فراجع.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 53

(4) الوسائل الباب 12 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 3

(6) نفس المصدر الحديث: 7.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 55

و البصاق و فرقعة الاصابع (1) و التمطي و التثاؤب (2) و مدافعة البول و الغائط و الريح (3) و التكاسل و التناعس و التثاقل (4) و الامتخاط (5).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا قمت الي الصلاة

فاعلم انك بين يدي اللّه فان كنت لا تراه فاعلم انه يراك فأقبل قبل صلاتك و لا تمتخط و لا تبزق و لا تنقض أصابعك و لا تورك فان قوما قد عذبوا بنقض الاصابع و التورك في الصلاة «1».

(2) لاحظ ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام اذا قمت في الصلاة فعليك بالاقبال علي صلاتك الي أن قال: و لا تتثأب و لا تتمطأ الحديث «2».

(3) لجملة من النصوص منها: ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه قال:

لا صلاة لحاقن و لا لحاقنة و هو بمنزلة من هو في ثوبه «3».

و منها: ما في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: يا علي ثمانية لا تقبل منهم الصلاة الي أن قال: و الزبين و هو الذي يدفع البول و الغائط «4» و منها غيرها المذكور في الباب 8 من أبواب قواطع الصلاة من الوسائل.

(4) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: و لا تقم الي الصلاة متكاسلا و لا متناعسا و لا متثاقلا «5».

(5) لاحظ ما رواه أبو بصير «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 9.

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 2.

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب قواطع الصلاة الحديث 2.

(4) نفس المصدر الحديث: 4.

(5) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 5

(6) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 56

و وصل احدي القدمين بالاخري بلا فصل بينهما (1) و تشبيك الاصابع (2) و لبس الخف أو الجورب الضيق (3) و حديث النفس (4) و النظر الي نقش الخاتم و المصحف و الكتاب (5) و وضع اليد علي

الورك متعمدا (6).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا قمت الي الصلاة فلا تلصق قدمك بالاخري دع بينهما فصلا اصبعا أقل من ذلك الي شبر أكثره «1».

(2) كما في حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: و لا تشبك أصابعك «2».

(3) لاحظ ما رواه ابن عمار قال: سمعت أبا عبد اللّه الصادق عليه السلام يقول:

لا صلاة لحاقن و لا لحاقب و لا لحاذق فالحاقن الذي به البول و لحاقب الذي به الغائط و الحاذق الذي قد ضغطه الخف «3» و لم يذكر في هذه الرواية الجورب.

(4) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: فيه و لا تحدث نفسك «4».

(5) لاحظ ما رواه ابن جعفر عن أخيه قال: و سألته عن الرجل هل يصلح له أن ينظر الي نقش خاتمه و هو في الصلاة كأنه يريد قراءته أو في المصحف أو في كتاب في القبلة؟ قال: ذلك نقص الصلاة و ليس يقطعها «5».

(6) لاحظ ما رواه في الفقيه و لا تتورك فان اللّه عز و جل قد عذب قوما علي التورك كان أحدهم يضع يديه علي وركيه «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 3

(2) نفس المصدر

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب قواطع الصلاة الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 34 من أبواب القواطع الحديث: 3

(6) من لا يحضره الفقيه ج 1 ص: 198

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 57

و غير ذلك مما ذكر في المفصلات (1).

[ختام]
اشارة

ختام: تستحب الصلاة علي النبي صلي اللّه عليه و آله لمن ذكره أو ذكر عنده (2).

______________________________

(1) راجع الموارد المشار اليها.

(2) لجملة من

النصوص منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من ذكرت عنده فنسي أن يصلي علي خطا اللّه به طريق الجنة «1».

و منها: ما رواه ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمع أبي رجلا متعلقا بالبيت و هو يقول: اللهم صل علي محمد فقال له أبي عليه السلام: لا نبترها لا تظلمنا حقنا قل: اللهم صل علي محمد و أهل بيته «2».

و منها: ما رواه رجل عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في حديث: و من ذكرت عنده فلم يصل علي فلم يغفر اللّه له و أبعده اللّه «3».

و منها: ما في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: يا علي من نسي الصلاة علي فقد أخطأ طريق الجنة «4».

و منها: ما رواه أبان بن تغلب عن أبي جعفر الباقر عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من أراد التوسل إلي و أن تكون له عندي يد أشفع له بها يوم القيامة فليصل علي أهل بيتي و يدخل السرور عليهم «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الذكر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 58

و لو كان في الصلاة (1) من دون فرق بين ذكره باسمه الشريف أو كنيته أو بالضمير (2).

[مسألة 203: إذا ذكر اسمه مكررا استحب تكرارها]

(مسألة 203): اذا ذكر اسمه مكررا استحب تكرارها (3) و ان كان في أثناء التشهد لم يكتف بالصلاة التي هي جزء منه (4).

______________________________

و منها: ما

رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتابه الي المأمون قال: و الصلاة علي النبي صلي اللّه عليه و آله واجبة في كل موطن و عند العطاس و الذبائح و غير ذلك «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن علي بن الحسن عن أبيه عن جده قال: قال رسول صلي اللّه عليه و آله: البخيل حقا من ذكرت عنده فلم يصل علي «2».

و منها غيرها الوارد في الباب 42 من أبواب الذكر من الوسائل فان المستفاد من تلك النصوص انه يستحب الصلاة عليه صلي اللّه عليه و آله بالنسبة الي من يذكر عنده و الظاهر من هذه النصوص ان الحكم مترتب علي من ذكر عنده لكن لا يبعد أن يفهم العرف ان الميزان ذكره علي الاطلاق فيشمل ما اذا كان ذاكرا.

(1) للإطلاق.

(2) للإطلاق المنعقد في تلك النصوص.

(3) فان التداخل في المسبب خلاف القاعدة كما أن التداخل في الاسباب كذلك فكل ذكر له صلي اللّه عليه و آله موضوع لاستحباب الصلاة عليه.

(4) فان الاكتفاء يحتاج الي دليل خاص و مع عدم الدليل يكون مقتضي القاعدة عدم الاكتفاء كما في المتن.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 59

[مسألة 204: الظاهر كون الاستحباب علي الفور]

(مسألة 204): الظاهر كون الاستحباب علي الفور (1) و لا يعتبر فيها كيفية خاصة (2) نعم لا بد من ضم آله عليهم السلام اليه في الصلاة عليه صلي اللّه عليه و آله و سلم (3).

[المقصد السادس: صلاة الآيات]

اشارة

المقصد السادس: صلاة الآيات و فيه مباحث:

[المبحث الأول: تجب هذه الصلاة علي كل مكلف عدا الحائض و النفساء في موارد]
اشارة

المبحث الاول: تجب هذه الصلاة (4).

______________________________

(1) للظهور العرفي فان النصوص ظاهرة في الفور و مع فرض الظهور لا مجال للمناقشة فيما افيدوا لسيرة الخارجية تؤيد المدعي ان لم تدل عليه.

(2) للإطلاق.

(3) لجملة من النصوص: منها: ما رواه ابن القداح «1» و منها: ما رواه عبد اللّه بن الحسن بن علي عن أبيه عن جده قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من قال: صلي اللّه علي محمد و آله قال اللّه جل جلاله: صلي اللّه عليك فليكثر من ذلك و من قال: صلي اللّه علي محمد و لم يصل علي آله لم يجد ريح الجنة و ريحها يوجد من مسير خمسمائة عام «2».

و منها: ما رواه أبان بن تغلب عن أبي جعفر عن آبائه عليهم السلام قال:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من صلي علي و لم يصل علي آلي لم يجد ريح الجنة و ان ريحها ليوجد من مسير خمسمائة عام «3» و منها غيرها المذكور في الباب 42 من أبواب الذكر من الوسائل.

(4) اجماعا بل يمكن أن يقال: بأنه في الجملة من ضروريات الدين و النصوص

______________________________

(1) لاحظ ص: 57

(2) الوسائل الباب 42 من أبواب الذكر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 60

علي كل مكلف (1) عدا الحائض و النفساء (2) عند كسوف الشمس و خسوف القمر (3).

______________________________

الواردة فيها في الابواب المختلفة بعناوين متعددة متواترة منها: ما روي عنهما عليهما السلام قالا: اذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلها ما لم تتخوف ان يذهب وقت الفريضة فان تخوفت فابدا بالفريضة و اقطع ما كنت فيه من صلاة الكسوف

فاذا فرغت من الفريضة فارجع الي حيث كنت قطعت و احتسب بما مضي «1».

و منها: ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام فرض اللّه الصلاة و سن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله علي عشرة اوجه: صلاة السفر و الحضر و صلاة الخوف علي ثلاثة أوجه و صلاة كسوف الشمس و القمر و صلاة العيدين و صلاة الاستسقاء و الصلاة علي الميت «2».

(1) اذ مقتضي اطلاق دليل وجوبها العموم و تدل علي المدعي في الجملة ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن النساء هل علي من عرف منهن صلاة النافلة و صلاة الليل و الزوال و الكسوف ما علي الرجال؟ قال: نعم «3».

(2) لاشتراط وجوب الصلاة بعدم كون المرأة محدثة بحدث الحيض أو النفاس لعموم دليل المانعية.

(3) اجماعا- كما في بعض الكلمات- و تدل عليهما جملة من النصوص:

منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: وقت صلاة الكسوف

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 2.

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 61

______________________________

الي أن قال: و هي فريضة «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: صلاة العيدين فريضة و صلاة الكسوف فريضة «2».

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال: انما جعلت للكسوف صلاة لأنه من آيات اللّه لا يدري الرحمة ظهرت أم لعذاب فأحب النبي صلي اللّه عليه و آله أن تفزع امته الي خالقها

و راحمها عند ذلك ليصرف عنهم شرها و يقيهم مكروهها الحديث «3».

و منها: مرسل الصدوق قال: و قال سيد العابدين عليه السلام و ذكر علة كسوف الشمس و القمر ثم قال: أما انه لا يفزع للآيتين و لا يرهب الا من كان من شيعتنا فاذا كان ذلك منهما فافزعوا الي اللّه عز و جل و راجعوه «4».

و منها: مرسل المفيد قال: و روي عن الصادقين عليهم السلام أن اللّه اذا أراد تخويف عباده و تجديد زجره لخلقه كسف الشمس و خسف القمر فاذا رأيتم ذلك فافزعوا الي اللّه بالصلاة «5».

و منها: مرسله أيضا قال: و روي عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أنه قال:

صلاة الكسوف فريضة «6».

و منها: ما رواه محمد بن حمران في حديث صلاة الكسوف قال: قال أبو

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

(6) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 62

______________________________

عبد اللّه عليه السلام: هي فريضة «1».

و منها: ما رواه أبو أسامة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صلاة الكسوف فريضة «2».

و منها: ما رواه جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صلاة الكسوف فريضة «3».

و منها: ما رواه علي بن عبد اللّه قال: سمعت أبا الحسن موسي عليه السلام يقول: انه لما قبض ابراهيم بن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله جرت فيه ثلاث سنن: أما واحدة فانه لما مات انكسفت الشمس فقال الناس: انكسفت الشمس لفقد ابن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فصعد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله المنبر

فحمد اللّه و أثني عليه ثم قال: يا أيها الناس ان الشمس و القمر آيتان من آيات اللّه يجريان بأمره مطيعان له لا ينكسفان لموت أحد و لا لحياته فاذا انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا ثم نزل فصلي بالناس صلاة الكسوف «4».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: انكسف القمر و أنا عند أبي عبد اللّه عليه السلام في شهر رمضان فوثب و قال: انه كان يقال: اذا انكسف القمر و الشمس فافزعوا الي مساجدكم «5».

و منها: مرسل الصدوق قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله: ان الشمس و القمر آيتان من آيات اللّه يجريان بتقديره و ينتهيان الي أمره لا ينكسفان لموت أحد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 10

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 63

و لو بعضهما (1) و كذا عند الزلزلة (2) و كل مخوف سماوي كالريح

______________________________

و لا لحياة أحد فان انكسف أحدهما فبادروا الي مساجدكم «1» و مثله مرسل المفيد «2».

(1) بلا خلاف ظاهر- كما في بعض الكلمات- لإطلاق نصوص الباب و دلالة جملة من النصوص علي المطلوب بالنحو الخاص منها: ما رواه فضيل بن يسار و محمد بن مسلم أنهما قالا: قلنا لأبي جعفر عليه السلام أ تقضي صلاة الكسوف من اذا أصبح فعلم و اذا أمسي فعلم قال: ان كان القرصان احترقا كلاهما قضيت و ان كان انهما احترق بعضهما فليس عليه قضاءه «3».

و منها: ما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا انكسفت الشمس كلها و احترقت و لم تعلم ثم

علمت بعد ذلك فعليك القضاء و ان لم يحترق كلها فليس عليك قضاء «4».

و منها: ما رواه حريز قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا انكسف القمر و لم تعلم به حتي أصبحت فان كان احترق كله فعليك القضاء و ان لم يكن احترق كله فلا قضاء عليك «5».

فان المستفاد من هذه النصوص بالفهم العرفي التفصيل بين احتراق البعض و احتراق الكل بالنسبة الي وجوب القضاء و أما بالنسبة الي الاداء فالحكم مطلق فلاحظ.

(2) اجماعا- كما في كلام بعضهم- و يدل علي الوجوب ما رواه سليمان الديلمي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الزلزلة ما هي؟ فقال: آية ثم ذكر سببها الي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 64

السوداء و الحمراء و الصفراء و الظلمة الشديدة و الصاعقه و الصيحة و النار التي تظهر في السماء (1) بل عند كل مخوف أرضي أيضا علي الاحوط كالهدة و الخسف و غير ذلك من المخاوف (2).

______________________________

أن قال: قلت: فاذا كان ذلك فما أصنع؟ قال: صل صلاة الكسوف «1».

و الرواية من حيث الدلالة تامة لكن الاشكال في سندها و عليه لا بد أن يتم الامر بالتسالم و وضوح الحكم اذ عمل المشهور بالرواية لا يجبر ضعفها.

و يمكن أن يستدل علي وجوبها بحديث الفضيل و زرارة و بريد و محمد بن مسلم عن كليهما عليهما السلام و منهم من رواء عن أحدهما عليهما السلام ان صلاة كسوف الشمس و القمر و الرجفة و الزلزلة عشر ركعات و أربع سجدات صلاها رسول

اللّه صلي اللّه عليه و آله و الناس خلفه في كسوف الشمس ففرغ حين فرغ و قد انجلي كسوفها و رواه أن الصلاة في هذه الآيات كلها سواء و اشدها و أطولها كسوف الشمس الحديث «2» فانه يستفاد من هذه الرواية ان الزلزلة كالكسوف الا أن يقال: بأنها لا تدل علي الوجوب.

(1) المشهور بين القوم- كما في الحدائق- وجوب الصلاة لجميع الاخاويف السماوية و يدل علي المدعي ما رواه زرارة و محمد بن مسلم قالا: قلنا لأبي جعفر عليه السلام هذه الرباح و الظلم التي تكون هل يصلي لها؟ فقال: كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصل له صلاة الكسوف حتي يسكن «3».

(2) الحكم فيه مبني علي الاحتياط فانه لا دليل عليه و خبر الفضل «4»

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 61

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 65

[مسألة 205: لا يعتبر الخوف في وجوب الصلاة للكسوف و الخسوف و كذا الزلزلة علي الأقوي]

(مسألة 205): لا يعتبر الخوف في وجوب الصلاة للكسوف و الخسوف و كذا الزلزلة علي الاقوي (1) و يعتبر في وجوبها للمخوف حصول الخوف لغالب الناس فلا عبرة بغير المخوف (2) و لا بالمخوف النادر (3).

[المبحث الثاني: وقت صلاة الكسوفين من حين الشروع في الانكساف]
اشارة

المبحث الثاني: وقت صلاة الكسوفين من حين الشروع في الانكساف (4).

______________________________

ضعيف فان اسناد الصدوق اليه لا اعتبار به كما أن خبر دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عليهما السلام انه قال: يصلي في الرجفة و الزلزلة و الريح العظيمة [و الظلمة] و الاية تحدث و ما كان مثل ذلك «1» كذلك فان الرواية مرسلة و أما ما عن أبي جعفر و أبي عبيد اللّه عليهما السلام «2» فانه ضعيف سندا فان اسناد الصدوق اليهما مجهول.

(1) لإطلاق النصوص و أما ما رواه الصدوق «3» مسندا عن الفضل بن شاذان و مرسلا عن السجاد عليه السلام «4» فلا اعتبار به أما المسند فلضعف اسناد الصدوق الي الفضل و أما المرسل فحاله في الاشكال ظاهر مضافا الي عدم تمامية دلالتهما علي المطلوب.

(2) اذ الدليل متضمن لعنوان أخاويف السماء.

(3) لانصراف الدليل عنه.

(4) قال في الحدائق: «انه لا خلاف بين الاصحاب في أن أول وقت صلاة

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة الآيات الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 60

(3) لاحظ ص: 61

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 66

الي تمام الانجلاء (1).

______________________________

الكسوفين ابتدائه» و مستنده النصوص لاحظ ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: وقت صلاة الكسوف في الساعة التي تنكسف عند طلوع الشمس و عند غروبها «1» و ما عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام «2»

و ما رواه أبو بصير «3» و ما رواه الصدوق «4» و ما رواه المفيد في المقنعة عن الصادق عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ان الشمس و القمر لا ينكسفان لموت أحد و لا لحياة أحد و لكنهما آيتان من آيات اللّه فاذا رأيتم ذلك فبادروا الي مساجدكم للصلاة «5».

و أما رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا انكسفت الشمس و القمر فانكسف كلها فانه ينبغي للناس أن يفزعوا الي امام يصلي بهم و أيهما كسف بعضه فانه يجزي الرجل يصلي وحده «6» فضعيفة بعلي بن يعقوب فانه لم يوثق.

(1) المشهور علي ما في الحدائق ان آخر وقته الاخذ في الانجلاء و ذهب جملة من الاساطين الي ان آخره تمام الانجلاء و هو الحق لظاهر الدليل في أن الكسوف ظرف للصلاة الواجبة و يدل عليه ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال: ان صليت الكسوف الي أن يذهب الكسوف عن الشمس و القمر و تطول في صلاتك فان ذلك أفضل و اذا أحببت أن تصلي فتفرغ من صلاتك قبل أن يذهب الكسوف فهو

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 60

(3) لاحظ ص: 62

(4) لاحظ ص: 62

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 3

(6) الوسائل الباب 12 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 67

و الاحوط استحبابا اتيانها قبل الشروع في الانجلاء (1) و اذا لم يدرك المصلي من الوقت الا مقدار ركعة صلاها اداءا (2).

______________________________

جائز «1».

و يؤبده بل يدل عليه ما رواه معاوية بن

عمار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام صلاة الكسوف اذا فرغت قبل أن ينجلي فأعد «2» فانه لو لم يكن الوقت باقيا لم يكن وجه للإعادة.

(1) قد ظهر وجه الاحتياط.

(2) لقاعدة من أدرك المستفادة من النصوص منها: ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: فان صلي ركعة من الغداة ثم طلعت الشمس فليتم و قد جازت صلاته «3».

و منها: ما رواه الاصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من أدرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الغداة تامة «4».

و منها: ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

فان صلي ركعة من العداة ثم طلعت الشمس فليتم الصلاة و قد جازت صلاته و ان طلعت الشمس قبل أن يصلي ركعة فليقطع الصلاة و لا يصلي حتي تطلع الشمس و يذهب شعاعها «5».

و منها: ما رواه الشهيد في الذكري قال: روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 68

و ان أدرك أقل من ذلك صلاها من دون تعرض للأداء و القضاء (1) هذا فيما اذا كان الوقت في نفسه واسعا و أما اذا كان زمان الكسوف أو الخسوف قليلا في نفسه و لا يسع مقدار الصلاة ففي وجوب صلاة الآيات حينئذ اشكال (2) و الاحتياط لا يترك (3) و أما سائر الآيات فثبوت الوقت فيها محل اشكال (4).

______________________________

أنه قال: من أدرك ركعة من الصلاة فقد

أدرك الصلاة «1».

و منها: ما روي عنه صلي اللّه عليه و آله من أدرك ركعة من العصر قبل أن يغرب الشمس فقد أدرك الشمس «2».

(1) فانه مع عدم التعرض ينطبق المأمور به علي المأتي به علي كل تقدير.

(2) فان انتهاء وقت صلاة الآيات في الكسوفين تمام الانجلاء فلو لم يسع مقدار الصلاة يكون التكليف ساقطا لعدم امكان الامتثال.

(3) لا اشكال في أن الاحتياط طريق النجاة.

(4) أما في الزلزلة فلا دليل فيها للتوقيت و ادعي الاجماع علي عدمه و النص الدال علي وجوبها و هي رواية الديلمي «3» لا يدل علي التوقيت مضافا الي أنها ضعيفة سندا كما مر.

و أما في غير الزلزلة من مخاويف السماوية فعمدة دليل وجوبها رواية زرارة و محمد بن مسلم «4».

و قد ذكر في الرواية «حتي يسكن» و في هذا اللفظ احتمالات: منها: ان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) لاحظ ص: 63

(4) لاحظ ص: 64

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 69

فتجب المبادرة الي الصلاة بمجرد حصولها (1).

______________________________

لفظ: يسكن يكون قيدا للمادة أي تجب الصلاة ما دام لم يحصل السكون و لازمه وجوب تكرار الصلاة الي زمان السكون و هو خلاف الاجماع اذ لا اشكال في عدم وجوب التكرار و لو مع عدم السكون.

و منها: أن يكون قيدا للوجوب اي الوجوب باق ببقاء الاية و سقوطه بتحقق السكون و الكلام فيه هو الكلام. و منها: كونه علة غائية و لازمه انه لو سكن قبل الصلاة لا تجب و أيضا لازمه عدم الوجوب لو لم يسكن و لو مع الاتيان بالصلاة و كلا الامرين خلاف الاجماع.

و منها: أن يكون قيدا للوقت المقيد للوجوب أو للفعل بأن يكون المراد وجوب الصلاة في

الزمان المحدود أو يكون المراد ان الصلاة المطلوبة محدودة بهذا الحد.

و منها: أن يكون حكمة للجعل و التشريع و لا يكون السكون قيدا للمادة و لا للهيئة و حيث ان الاحتمالات متعددة و لا يمكن الاخذ بما هو ظاهر منها تكون الرواية مجملة و علي هذا فيشكل بقاء الوجوب فان ابقائه بالاستصحاب يعارض باستصحاب عدم الجعل الزائد الا أن يتم المدعي بالتسالم و الاجماع.

و لقائل أن يقول: بأن الظاهر من الدليل وجوب الصلاة ما دام لم يحصل السكون و حيث ان الاجماع قائم علي عدم وجوب التكرار يكون التكرار مستحبا لكن لازمه عدم الوجوب في الاية التي لا يكون زمانها واسعا لوقوع الفعل فيه و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟

(1) ربما يقال: انه تستفاد الفورية من رواية الديلمي «1» بالنسبة الي الزلزلة لكن ذكرنا أن الرواية ضعيفة سندا و أما الرواية الدالة علي وجوب صلاة

______________________________

(1) لاحظ ص: 63

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 70

و ان عصي فبعده الي آخر العمر (1) علي الاحوط (2).

[مسألة 206: إذا لم يعلم بالكسوف الي تمام الانجلاء و لم يكن القرص محترقا كله لم يجب القضاء]

(مسألة 206): اذا لم يعلم بالكسوف الي تمام الانجلاء و لم يكن القرص محترقا كله لم يجب القضاء (3) و ان كان عالما به و أهمل

______________________________

الآيات لمخاويف سماوية فحيث انها مجملة كما مر لا يمكن أن يستفاد منها الفورية فلا بد من اتمام الامر بالإجماع و السيرة و لا يبعد أن تكون السيرة جارية علي الاتيان بها فورا.

(1) حيث ان استفادة المدعي من النصوص بلحاظ الاشكال فيها من حيث السند أو من حيث الاجمال و الدلالة مشكلة فلا بد من اتمام الامر بالتسالم و الاجماع و السيرة.

(2) لا يبعد أن يكون الوجه في الاحتياط و عدم الجزم ما ذكرنا و مقتضي الاحتياط

التام عدم التعرض للأداء و القضاء بعد العصيان و اللّه العالم.

(3) لجملة من النصوص منها: ما رواه الفضيل بن يسار و محمد بن مسلم أنهما قالا: قلنا لأبي جعفر عليه السلام: أ تقضي صلاة الكسوف من اذا أصبح فعلم و اذا أمسي فعلم قال: ان كان القرصان احترقا كلاهما قضيت و ان كان انما احترق بعضهما فليس عليك قضائه «1».

و منها: ما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا انكسفت الشمس كلها و احترقت و لم تعلم ثم علمت بعد ذلك فعليك القضاء و ان لم يحترق كلها فليس عليك قضاء «2».

و منها: ما رواه الكليني قال: و في رواية اخري: اذا علم بالكسوف و نسي

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 71

و لو نسيانا أو كان القرص محترقا كله وجب القضاء (1) و كذا اذا

______________________________

أن يصلي فعليه القضاء و ان لم يعلم به فلا قضاء عليه هذا اذا لم يحترق كله «1».

و منها: ما رواه حريز قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا انكسف القمر و لم تعلم به حتي أصبحت ثم بلغك فان كان احترق كله فعليك القضاء و ان لم يحترق كله فلا قضاء عليك «2» فالنتيجة التفصيل في وجوب القضاء و عدمه مع عدم العلم بين احتراق جميع القرص و احتراق بعضه بالوجوب في الاول و عدمه في الثاني.

(1) يدل بعض النصوص علي عدم وجوب القضاء اذا فاتت لاحظ خبر البزنطي صاحب الرضا عليه السلام قال: سألته عن صلاة الكسوف هل علي من تركها قضاء قال: اذا فاتك فليس عليك

قضاء «3».

و مثل خبر البزنطي خبر علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن صلاة الكسوف هل علي من تركها قضاء؟ قال: اذا فاتتك فليس عليك قضاء «4».

و لكن يدل علي وجوب القضاء خبر عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: ان لم تعلم حتي يذهب الكسوف ثم علمت بعد ذلك فليس عليك صلاة الكسوف و ان أعلمك أحد و أنت نائم فعلمت ثم غلبتك عينك فلم تصل فعليك قضائها «5» و بقانون تقييد المطلق بالمقيد ترفع اليد عن اطلاق الطائفة الاولي و يتم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 72

صلي صلاة فاسدة (1).

[مسألة 207: غير الكسوفين من الآيات إذا تعمد تأخير الصلاة له عصي و وجب الاتيان بها ما دام العمر علي الاحوط]

(مسألة 207): غير الكسوفين من الآيات اذا تعمد تأخير الصلاة له عصي (2) و وجب الاتيان بها ما دام العمر علي الاحوط (3) و كذا اذا علم و نسي (4) و اذا لم يعلم حتي مضي الوقت أو الزمان المتصل بالآية فالاحوط الوجوب أيضا (5).

[مسألة 208: يختص الوجوب لمن في بلد الآية]

(مسألة 208): يختص الوجوب لمن في بلد الاية (6) و ما يلحق

______________________________

الأمر فعليه لو أهمل عصي لأنه لم يمتثل الامر المتوجه اليه و أما وجوب القضاء فلحديث عمار.

(1) اذ قد مر ان العلم بالآية في زمانها يقتضي وجوب القضاء فلو ظهر فساد الصلاة يجب قضائها و ان شئت قلت: هذا الفرع من صغريات تلك الكبري.

(2) اذ فرض وجوب الاتيان بها فورا.

(3) و مر الكلام فيه فراجع.

(4) بتقريب. ان اطلاق دليل الوجوب يقتضي بقائه و فيه ما تقدم من الاشكال سندا و دلالة.

(5) الظاهر ان الوجه في الاحتياط ان الدليل الدال علي الوجوب يقتضي وجوب الصلاة حتي مع عدم العلم بالآية و بعبارة اخري: مقتضي اطلاق الدليل عدم التقييد و أما وجه عدم الوجوب فلما دل علي التفصيل في الكسوفين اذ قد علم بالنص عدم الوجوب في الكسوفين لو حصل العلم بعد انقضاء الوقت ففي غيرهما بطريق أولي فان ملاك الوجوب فيهما أشد.

(6) كما لو رتب حكم علي الظهر أو المغرب أو اول الشهر فان تحقق هذه العناوين في مكان لا يقتضي شمول أحكامها لغير ذلك المكان و ان شئت قلت: ان

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 73

به مما يشترك معه في رؤية الاية نوعا (1) و لا يضر الفصل بالنهر كدجلة و الفرات (2) نعم اذا كان البلد عظيما جدا بنحو لا يحصل الرؤية لطرف منه عند وقوع الاية في الطرف

الاخر اختص الحكم بطرف الاية (3).

[مسألة 209: إذا حصل الكسوف في وقت فريضة يومية و اتسع وقتهما تخير في تقديم أيهما شاء]

(مسألة 209): اذا حصل الكسوف في وقت فريضة يومية و اتسع وقتهما تخير في تقديم أيهما شاء (4) و ان ضاق وقت احداهما دون الاخري

______________________________

الظاهر من الادلة بنظر العرف الاختصاص و لا أقلّ من الاجمال بالنسبة الي غير ذلك المكان مضافا الي السيرة الجارية العملية من الصدر الاول إلي زماننا هذا.

(1) الذي يختلج بالبال أن يقال انه لا وجه للإلحاق بل الحكم دائر مدار تحقق موضوعه ففي كل مورد تحقق يترتب عليه حكمه و الا فلا و صفوة القول ان المستفاد من الدليل ان الحكم يترتب علي الاية فوجوب الصلاة لأجلها يتوقف علي تحقق صدق الموضوع عرفا و العرف ببابك.

(2) اذ الميزان بالصدق العرفي فلا يضر الفصل به بمثله.

(3) لما ذكرنا من ترتب كل حكم علي موضوعه و مع عدمه لا وجه لترتبه عليه.

(4) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فانه لا وجه للزوم تقديم احداهما علي الاخري و هذا هو المشهور بين الاصحاب المتأخرين علي ما في بعض الكلمات و عن جملة من الاساطين وجوب تقديم الفريضة.

و يدل عليه ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن عن صلاة الكسوف في وقت الفريضة فقال: ابدأ بالفريضة فقيل له: في وقت صلاة الليل؟ فقال: صل صلاة الكسوف قبل صلاة الليل «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 74

قدمها (1) و ان ضاق وقتهما قدم اليومية (2) و ان شرع في احداهما فتبين ضيق وقت الاخري علي وجه يخاف فوتها علي تقدير اتمامها قطعها و صلي الاخري (3) لكن اذا كان قد شرع في صلاة الاية فتبين ضيق

اليومية فبعد القطع و اداء اليومية يعود الي صلاة الاية من محل القطع (4).

______________________________

لكن ترفع اليد عن ظهور هذه الرواية بما رواه أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: جعلت فداك ربما ابتلينا بالكسوف بعد المغرب قبل العشاء الآخرة فان صليت الكسوف خشينا أن تفوتنا الفريضة فقال: اذا خشيت ذلك فاقطع صلاتك و اقض فريضتك ثم عدّ فيها قلت: فان كان الكسوف في آخر الليل فصلينا صلاة الكسوف فاتتنا صلاة الليل فبأيتهما نبدأ؟ فقال: صل صلاة الكسوف و اقض صلاة الليل حين تصبح «1».

فان الجمع بين الروايتين يقتضي أن يقال: انه مع خوف فوت وقت الفريضة تقدم علي صلاة الكسوف و أما مع عدم خوف الفوت يجوز تقديم صلاة الكسوف و بعبارة اخري: يقيد المطلق بالمقيد فلاحظ.

(1) اذ لا تزاحم بين المضيق و الموسع و عند الدوران لا اشكال في تقديم المضيق فانه طريق الامتثال بالنسبة الي كلا التكليفين بحكم العقل.

(2) اجماعا- كما نقل عن التنقيح- فان اليومية أهم بل احتمال الأهمية كاف في لزوم التقديم عند التزاحم.

(3) كما هو ظاهر اذ الموسع لا يزاحم المضيق و بعبارة اخري: يمكن للمكلف امتثال كلا التكليفين بالنحو المذكور فيجب لكن ما المانع من الاستصحاب الاستقبالي نعم النصوص تدل علي المدعي بالنسبة الي خوف فوت الفريضة.

(4) و يدل عليه ما رواه بريد بن معاوية و محمد بن مسلم «2» لكن هذه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 60

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 75

اذا لم يقع منه مناف غير الفصل باليومية (1).

[مسألة 210: يجوز قطع صلاة الآية و فعل اليومية إذا خاف فوات فضيلتها]

(مسألة 210): يجوز قطع صلاة الاية و فعل اليومية اذا خاف فوات فضيلتها ثم يعود الي صلاة الاية من محل القطع (2).

______________________________

الرواية ضعيفة سندا فان اسناد

الصدوق ضعيف اليهما.

و أما حديث محمد بن مسلم «1» و ابراهيم بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن صلاة الكسوف قبل أن تغيب الشمس و تخشي فوت الفريضة فقال: اقطعوها و صلوا الفريضة و عودوا الي صلاتكم «2» فلا يدلان علي المطلوب فان المذكور في الروايتين عنوان العود الي صلاة الآيات و هذا العنوان ليس ظاهرا في المدعي اذ العود كما يصدق فيما يأتي بالبقية يصدق بالاتيان بصلاة الاية بتمامها و الحديثان ليسا في مقام بيان تصحيح صلاة الاية كي يقال: لا يضر بصحتها هذا الفصل بل في مقام بيان جواز قطعها أو وجوب قطعها و الاشتغال بالفريضة فلا بد من العمل بما هو مقتضي القاعدة بالنسبة الي بطلان صلاة الاية بهذا المقدار من الفصل و عدمه.

و مقتضي القاعدة البطلان و ذلك لوجهين: احدهما: انتفاء الموالاة الواجبة بين الأجزاء. ثانيهما: ان الاتيان بالسلام يوجب البطلان حيث ان السلام كلام آدمي فيوجب قطع صلاة الاية. فتأمل.

(1) اذ لو تحقق مناف آخر يكون مقتضاه البطلان و لا دليل علي عدمه.

(2) لحديث محمد بن مسلم «3» فان الظاهر منه ان التزاحم فرض في وقت الفضيلة لكن عمدة الاشكال ما تقدم منا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 73

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 73

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 76

[المبحث الثالث: صلاة الآيات ركعتان]
اشارة

المبحث الثالث: صلاة الآيات ركعتان (1) في كل واحدة خمسة ركوعات ينتصب بعد كل واحد منها و سجدتان بعد الانتصاب

______________________________

(1) بلا اشكال و لا كلام و يكفي في اثبات المدعي السيرة الجارية المتصلة مضافا الي النصوص الدالة علي المقصود منها: ما رواه الفضيل و زرارة و بريد و محمد ابن مسلم

عن كليهما عليهما السلام و منهم من رواه عن أحدهما عليهما السلام ان صلاة كسوف الشمس و القمر و الرجفة و الزلزلة عشر ركعات و أربع سجدات صلاها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و الناس خلفه في كسوف الشمس ففرغ حين فرغ و قد انجلي كسوفها و رواه ان الصلاة في هذه الآيات كلها سواء و أشدها و أطولها كسوف الشمس تبدأ فتكبر بافتتاح الصلاة ثم تقرأ أمّ الكتاب و سورة ثم تركع ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أمّ الكتاب و سورة ثم تركع الثانية ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أمّ الكتاب و سورة ثم تركع الثالثة ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أمّ الكتاب و سورة ثم تركع الرابعة ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أمّ الكتاب و سورة ثم تركع الخامسة فاذا رفعت رأسك قلت: سمع اللّه لمن حمده ثم تخر ساجدا فتسجد سجدتين ثم تقوم فتصنع مثل ما صنعت في الاولي.

قال: قلت: و ان هو قرأ سورة واحدة في الخمس ركعات يفرقها (ففرقها) بينها؟

قال: أجزأه أم القرآن في أول مرة فان قرأ خمس سورة فمع كل سورة أمّ الكتاب و القنوت في الركعة الثانية قبل الركوع اذا فرغت من القراءة ثم تقنت في الرابعة مثل ذلك ثم في السادسة ثم في الثامنة ثم في العاشرة «1».

و منها: غيره المذكور في الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات من الوسائل و سيمر عليك بعضها عن قريب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 77

من الركوع الخامس و يتشهد بعدهما ثم يسلم و تفصيل ذلك أن يحرم مقارنا للنية كما في

سائر الصلوات ثم يقرأ الحمد و سورة ثم يركع ثم يرفع رأسه منتصبا فيقرأ الحمد و سورة ثم يركع و هكذا حتي يتم خمسة ركوعات ثم ينتصب بعد الركوع الخامس و يهوي الي السجود فيسجد سجدتين ثم يقوم و يصنع كما صنع أولا ثم يتشهد و يسلم (1).

______________________________

(1) يدل علي جميع ما أفاد حديث الرهط «1» و يظهر من حديث أبي البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام أن عليا عليه السلام صلي في كسوف الشمس ركعتين في أربع سجدات و أربع ركعات قام فقرأ ثم ركع ثم رفع رأسه ثم ركع ثم قام فدعا مثل ركعتين ثم سجد سجدتين ثم قام ففعل مثل ما فعل في الاولي في قراءته و قيامه و ركوعه و سجوده سواء «2» أنها أربع ركعات.

كما أنه يظهر من حديث يونس بن يعقوب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

انكسف القمر فخرج أبي عليه السلام و خرجت معه الي المسجد الحرام فصلي ثماني ركعات كما يصلي ركعة و سجدتين «3» انها ثماني ركعات لكن الحديثين ضعيفان سندا أما الأول: فبمحمد بن خالد و أبي البختري، و أما الثاني: فبنان بن محمد.

و يظهر من خبر أبي بصير قال: سألته عن صلاة الكسوف؟ فقال: عشر ركعات و أربع سجدات يقرأ في كل ركعة مثل يس و النور و يكون ركوعك مثل قراءتك

______________________________

(1) لاحظ ص: 76

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 78

[مسألة 211: يجوز أن يفرق سورة واحدة علي الركوعات الخمسة]

(مسألة 211): يجوز أن يفرق سورة واحدة علي الركوعات الخمسة (1) فيقرأ بعد الفاتحة في القيام الاول بعضا من سورة آية أو

______________________________

و سجودك مثل ركوعك قلت: فمن

لم يحسن يس و أشباهها. قال: فليقرأ ستين آية في كل ركعة فاذا رفع رأسه من الركوع فلا يقرأ بفاتحة الكتاب. قال: فاذا غفلها أو كان نائما فليقضها «1» عدم وجوب الفاتحة.

و كذا من خبر عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السلام قال: انكسف الشمس علي عهد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فصلي ركعتين قام في الاولي فقرأ سورة ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه فقرأ سورة ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه فقرأ سورة ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه فقرأ سورة ثم ركع ففعل ذلك خمس مرات قبل أن يسجد ثم سجد سجدتين ثم قام في الثانية ففعل مثل ذلك فكان له عشر ركعات و أربع سجدات «2».

و الكلام فيهما هو الكلام فان خبر أبي بصير ضعيف بالبطائني و الخبر المنقول عن الذكري مرسل مضافا الي أن الامر أوضح من أن تصل النوبة الي حد البحث و القيل و القال و اللّه العالم.

(1) بلا خلاف ظاهر- كما في بعض الكلمات- و تقتضيه النصوص لاحظ حديث الرهط «3» و ما رواه زرارة و محمد بن مسلم قالا سألنا أبا جعفر عليه السلام عن صلاة الكسوف كم هي ركعة أو كيف نصليها؟ فقال: هي عشر ركعات و أربع سجدات تفتتح الصلاة بتكبيرة و تركع بتكبيرة و ترفع رأسك بتكبيرة الا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ الحدائق ج 10 ص: 331.

(3) لاحظ ص: 76

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 79

______________________________

في الخامسة التي تسجد فيها و تقول: سمع اللّه لمن حمده و تقنت في كل ركعتين قبل الركوع فتطيل القنوت و الركوع علي قدر القراءة و الركوع و السجود فان فرغت قبل

أن ينجلي فاقعد (فاعد) و ادع اللّه حتي ينجلي فان انجلي قبل أن تفرغ من صلاتك فأتم ما بقي و تجهر بالقراءة قال: قلت: كيف القراءة فيها؟ فقال: ان قرأت سورة في كل ركعة فأقرأ فاتحة الكتاب فان نقصت من السور شيئا فاقرأ من حيث نقصت و لا تقرأ فاتحة الكتاب قال: و كان يستحب أن يقرأ فيها بالكهف و الحجر الا أن يكون اماما يشق علي من خلفه و ان استطعت أن تكون صلاتك بارزا لا يجنك بيت فافعل و صلاة كسوف الشمس أطول من صلاة كسوف القمر و هما سواء في القراءة و الركوع و السجود «1».

و ما رواه الحلبي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن صلاة الكسوف كسوف الشمس و القمر قال: عشر ركعات و أربع سجدات يركع خمسا ثم يسجد في العاشرة و ان شئت قرأت سورة في كل ركعة و ان شئت قرأت نصف سورة في كل ركعة فاذا قرأت سورة في كل ركعة فاقرأ فاتحة الكتاب و ان قرأت نصف سورة أجزأك أن لا يقرأ فاتحة الكتاب الا في أول ركعة حتي تستأنف اخري و لا تقل سمع اللّه لمن حمده في رفع رأسك من الركوع الا في الركعة التي تريد أن تسجد فيها «2».

و ما رواه البزنطي قال: و سألته عن القراءة في صلاة الكسوف و هل يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب؟ قال: اذا ختمت سورة و بدأت باخري فاقرأ فاتحة الكتاب و ان قرأت سورة في الركعتين أو ثلاث فلا تقرأ بفاتحة الكتاب حتي تختم

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص:

80

أقل من آية أو أكثر (1) ثم يركع ثم يرفع رأسه و يقرأ بعضا آخر من حيث قطع أولا ثم يركع ثم يرفع رأسه و يقرأ بعضا آخر من حيث قطع ثم يركع و هكذا يصنع في القيام الرابع و الخامس حتي يتم سورة ثم يسجد السجدتين ثم يقوم و يصنع كما صنع في الركعة الاولي فيكون قد قرأ في كل ركعة فاتحة واحدة و سورة تامة موزعة علي الركوعات الخمسة (2) و يجوز أن يأتي بالركعة الاولي علي النحو الاول و بالثانية علي النحو الثاني (3) و يجوز العكس (4) كما أنه يجوز

______________________________

السورة و لا تقل سمع اللّه لمن حمده في شي ء من ركوعك الا الركعة التي تسجد فيها «1».

(1) مقتضي الاطلاق الموجود في صحيح الرهط «2» و غيره جواز التفريق بالنصف و غيره و حديث الحلبي «3» لا يدل علي عدم جواز التفريق الا بالتنصيف بل غايته عدم الدلالة علي الجواز فالدال علي الجواز محكم.

(2) كما هو مقتضي حديث الرهط و غيره.

(3) فان المستفاد من حديث زرارة و محمد «4» الخيار للمصلي في كل واحدة من الركعتين و لازمه جواز التفريق بينهما بالنحو المذكور في المتن فلاحظ.

(4) قد ظهر الوجه مما ذكرنا.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) لاحظ ص: 76

(3) لاحظ ص: 79

(4) لاحظ ص: 78

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 81

تفريق السورة علي أقل من خمسة ركوعات (1) لكن يجب عليه في القيام اللاحق لانتهاء السورة الابتداء بالفاتحة و قراءة سورة تامة أو بعض سورة (2) و اذا لم يتم السورة في القيام السابق لم تشرع له الفاتحة في اللاحق بل يقتصر علي القراءة من حيث قطعه نعم اذا لم يتم السورة في القيام

الخامس فركع فيه عن بعض سورة وجب عليه قراءة الفاتحة بعد القيام للركعة الثانية (3).

[مسألة 212: حكم هذه الصلاة حكم الثنائية في البطلان بالشك في عدد الركعات]

(مسألة 212): حكم هذه الصلاة حكم الثنائية في البطلان بالشك في عدد الركعات (4) و اذا شك في عدد الركعات بني علي الاقل (5) الا أن يرجع الي الشك في الركعات كما اذا شك في أنه

______________________________

(1) لاحظ حديث الحلبي «1» فان المدعي يستفاد منه.

(2) كما هو المستفاد من حديث الحلبي.

(3) فان المستفاد من النصوص ان الفاتحة لا تشرع الا مع اتمام السورة.

(4) فانها ركعتان و الشك في عدد الركعة يوجب البطلان اذا كانت الصلاة ركعتين بمقتضي النص لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن السهو في صلاة الغداة فقال: اذا لم تدر واحدة صليت أم ثنتين فأعد الصلاة من أولها و الجمعة أيضا اذا سها فيها الامام فعليه أن يعيد الصلاة لأنها ركعتان و المغرب اذا سها فيها فلم يدر كم ركعة صلي فعليه أن يعيد الصلاة «2».

(5) اذ الشك في وجود الاكثر و مقتضي الاستصحاب عدم تحققه.

______________________________

(1) لاحظ ص: 79

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 82

الخامس أو السادس فتبطل (1).

[مسألة 213: ركوعات هذه الصلاة أركان تبطل بزيادتها و نقصها عمدا و سهوا كاليومية]

(مسألة 213): ركوعات هذه الصلاة أركان تبطل بزيادتها و نقصها عمدا و سهوا كاليومية (2) و يعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة اليومية من أجزاء و شرائط و أذكار واجبة و مندوبة و غير ذلك (3) كما يجري فيها أحكام السهو و الشك في المحل و بعد التجاوز (4).

[مسألة 214: يستحب فيها القنوت بعد القراءة قبل الركوع في كل قيام زوج]

(مسألة 214): يستحب فيها القنوت بعد القراءة قبل الركوع في كل قيام زوج (5) و يجوز الاقتصار علي قنوتين في الخامس و العاشر (6).

______________________________

(1) اذ لو رجع الي الشك في الركعات يكون الشك موجبا للبطلان كما مر آنفا.

(2) لإطلاق دليل بطلان الصلاة بزيادة الركن أو نقيصته و ان شئت قلت: يكون كل ركوع في هذه الصلاة محكوما بما حكم عليه و المفروض بطلان الصلاة بزيادة الركوع و نقصانه.

(3) لإطلاق ادلته.

(4) فان مقتضي اطلاق الادلة كذلك نعم في المقام كلام بنحو الكبري الكلية و هو انه لا دليل علي جريان قاعدة التجاوز و لكن كلام الماتن مبني علي ما هو المقرر عندهم من تمامية قاعدته.

(5) يستفاد هذا من حديث الرهط «1» و من حديث زرارة و محمد بن مسلم «2».

(6) و قد دل عليه ما أرسله الصدوق قال: و ان لم يقنت الا في الخامسة و العاشرة

______________________________

(1) لاحظ ص: 76

(2) لاحظ ص: 78

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 83

و يجوز الاقتصار علي الاخير منهما (1) و يستحب التكبير عند الهوي الي الركوع و عند الرفع عنه الا في الخامس و العاشر فيقول: «سمع اللّه لمن حمده» بعد الرفع من الركوع (2).

[مسألة 215: يستحب إتيانها بالجماعة]

(مسألة 215): يستحب اتيانها بالجماعة (3).

______________________________

فهو جائز لو ورد الخبر به «1» لكن الخبر المذكور ضعيف بالارسال فلاحظ.

(1) فان المستفاد من حديث الرهط «2» جواز القنوت في العاشر مضافا الي السيرة الجارية في الخارج.

(2) و قد دل عليه خبر زرارة و محمد بن مسلم «3».

(3) نقل عليه الاجماع و يدل عليه حديث الرهط «4» و تدل عليه أيضا جملة من النصوص منها: ما رواه علي بن عبد اللّه «5» و منها: ما رواه زرارة و محمد

ابن مسلم «6».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: انكسفت الشمس في زمان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فصلي بالناس ركعتين و طول حتي غشي علي بعض القوم ممن كان ورائه من طول القيام «7».

و منها: ما رواه الصدوق قال: انكسفت الشمس علي عهد أمير المؤمنين عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 9

(2) لاحظ ص: 76

(3) لاحظ ص: 78

(4) لاحظ ص: 76

(5) لاحظ ص: 62

(6) لاحظ ص: 78

(7) الوسائل الباب 9 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 84

اداءا كان أو قضاء (1).

______________________________

السلام فصلي بهم حتي كان الرجل ينظر الي الرجل قد ابتلت قدمه من عرقه «1».

و منها: مرسل المفيد قال: روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه صلي بالكوفة صلاة الكسوف فقرأ فيها بالكهف و الانبياء و رددها خمس مرات و أطال في ركوعها حتي سال العرق علي أقدام من كان معه و غشي علي كثير منهم «2».

و منها: ما رواه روح بن عبد الرحيم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صلاة الكسوف تصلي جماعة؟ قال: جماعة و غير جماعة «3».

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام «4» و منها:

رواه محمد بن يحيي الساباطي عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن صلاة الكسوف تصلي جماعة أو فرادي؟ قال: أي ذلك شئت «5».

(1) لإطلاق ادلة الجماعة فان مقتضي قوله عليه السلام في رواية عبد اللّه بن سنان «الصلاة في جماعة تفضل علي كل صلاة الفرد (الفذ) بأربعة و عشرين درجة تكون خمسة و عشرين

صلاة «6» ان الاتيان بالصلاة علي اطلاقها مع الجماعة أفضل من أن يؤتي بها منفردا بل لا يبعد أن يكون مقتضي النصوص الواردة في استحباب الجماعة في صلاة الآيات عدم الفرق بين الاداء و القضاء لاحظ روايات الباب الثاني عشر من أبواب صلاة الآيات و الكسوف «7».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 66

(5) الوسائل الباب 12 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 3

(6) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(7) مرت آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 85

مع احتراق القرص و عدمه (1) و يتحمل الامام فيها القراءة لا غيرها كاليومية (2) و تدرك بادراك الامام قبل الركوع الاول أو فيه من كل ركعة أما اذا أدركه في غيره ففيه اشكال (3).

[مسألة 216: يستحب التطويل في صلاة الكسوف الي تمام الانجلاء]

(مسألة 216): يستحب التطويل في صلاة الكسوف الي تمام الانجلاء (4) فان فرغ قبله جلس في مصلاه مشتغلا بالدعاء (5) أو

______________________________

(1) عن الصدوقين: انه اذا احترق القرص كله فصلها جماعة و ان احترق بعضه فصلها فرادي. و فيه انه لا دليل علي التفصيل و مقتضي الاطلاق عدم الفرق لاحظ ما رواه روح بن عبد الرحيم «1».

(2) اذ عدم البيان يكفي لإثبات المدعي فان بيان استحباب الجماعة في هذه الصلاة مع عدم بيان خصوصية فيها يكشف من أن المولي اكتفي في مقام البيان بما بين في ادلة الجماعة مضافا الي أن ما ورد في ادلة الجماعة باطلاقه يقتضي التسوية بين جميع الافراد فلو فرض ثبوت استحباب الجماعة في صلاة الاية يشمله ذلك الدليل.

(3) العمدة في الاشكال عدم انعقاد اطلاق في ادلة مشروعية الجماعة كي يتمسك به

بل لا بد من الاقتصار علي مقدار دلالة الدليل و في كل مورد تصل النوبة الي الشك يشكل اذا لأصل الاولي عدم مشروعية الجماعة فما أفاده في المتن متين.

(4) لاحظ ما رواه عمار «2».

(5) لاحظ ما رواه زرارة و محمد بن مسلم «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 84

(2) لاحظ ص 66

(3) لاحظ ص: 78

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 86

يعيد الصلاة (1) نعم اذا كان اماما يشق علي من خلفه التطويل خفف (2) و يستحب قراءة السورة الطوال كياسين و النور و الكهف و الحجر (3) و اكمال السورة في كل قيام (4) و ان يكون كل من الركوع و السجود

______________________________

(1) لاحظ ما رواه ابن عمار «1» و هذه الرواية و ان كانت ظاهرة في وجوب الاعادة بلحاظ ظهور الامر في الوجوب و ربما يقال ترفع اليد عن هذا الظهور بصراحة حديث عمار «2» لكن هذه الرواية لا تعرض فيها للإعادة و عدمها الا انه لا شبهة في عدم وجوب الاعادة.

(2) لاحظ ما رواه زرارة و محمد بن مسلم «3» مضافا الي حسن رعاية أضعف المأمومين في الجماعة.

(3) لاحظ ما رواه أبو بصير «4» و لاحظ ما أرسله المفيد «5» و لاحظ ما رواه زرارة و محمد بن مسلم «6».

(4) لاحظ حديث الرهط «7» حيث يظهر منه أفضلية اتمام السورة و جواز التبعيض و لاحظ ما أرسله المفيد في المقنعة «8».

______________________________

(1) لاحظ ص: 67

(2) لاحظ ص: 66

(3) لاحظ ص: 78

(4) لاحظ ص: 77

(5) لاحظ ص: 84

(6) لاحظ ص: 78

(7) لاحظ ص: 76

(8) لاحظ ص: 84

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 87

بقدر القراءة في التطويل (1) و الجهر بالقراءة (2) ليلا أو نهارا (3) حتي في كسوف الشمس علي الأصحّ

(4) و كونها تحت السماء (5) و كونها في المسجد (6).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه زرارة و محمد بن مسلم «1» و لاحظ ما رواه أبو بصير «2».

(2) لاحظ ما رواه زرارة و محمد بن مسلم «3».

(3) لإطلاق الدليل.

(4) ربما يقال: بأنه يستحب الاخفات في كسوف الشمس لان صلاة الكسوف نهارية و يرد عليه: ان الدليل الدال علي استحباب الجهر أقوي دلالة فتقدم بحكم العرف مضافا الي أن الاخفات في الصلوات النهارية واجب و الكلام في المقام في الاستحباب.

(5) لاحظ ما رواه زرارة و محمد بن مسلم «4».

(6) لاحظ ما رواه أبو بصير «5» و ما رواه الصدوق «6» و ما رواه المفيد «7».

______________________________

(1) لاحظ ص: 78

(2) لاحظ ص: 77

(3) لاحظ ص: 78

(4) لاحظ ص: 78

(5) لاحظ ص: 62

(6) لاحظ ص: 62

(7) الوسائل الباب 6 من أبواب صلاة الكسوف و الآيات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 88

[مسألة 217: يثبت الكسوف و غيره من الآيات بالعلم و شهادة العدلين]

(مسألة 217): يثبت الكسوف و غيره من الآيات بالعلم (1) و شهادة العدلين (2) بل بشهادة الثقة الواحد أيضا علي الاظهر (3) و لا يثبت باخبار الرصدي (4) اذا لم يوجب العلم (5).

[مسألة 218: إذا تعدد السبب تعدد الواجب]

(مسألة 218): اذا تعدد السبب تعدد الواجب (6) و الاحوط

______________________________

(1) فانه حجة ذاتا.

(2) بلا اشكال فان الاعتماد علي اخبار العدلين في الموضوعات الخارجية أمر جائز بمقتضي السيرة.

(3) فان قول الثقة حجة بمقتضي السيرة العقلائية الممضاة شرعا.

(4) ربما يقال: ان شهادة الرصدي حسية و قول أهل الخبرة حجة في الحدسيات فلا يكون قوله حجة في المقام.

و فيه: انه كيف يكون حسيا و الحال انه يخبر بالخسوف أو الكسوف قبل زمان تحققهما بواسطة مقدمات و هل يكون هذا الاخبار من مصاديق الحس و اذا كان هذا حسيا فأين يكون الحدس؟

و يمكن أن يكون الوجه في الاشكال ان في المقام روايات تدل علي كون المنجم كاذبا أو كافرا. و لا يستفاد من هذه الروايات عدم حجية اخباره بالنسبة الي هذه الامور مضافا الي ضعف السند في أكثرها فلاحظ فيكون الحكم مبنيا علي الاحتياط.

(5) كما هو ظاهر فان حجية العلم ذاتية بل يكفي الاطمينان الحاصل من قوله لأنه علم عادي و حجة عقلائية.

(6) لعدم التداخل لا في السبب و لا في المسبب.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 89

استحبابا التعيين مع اختلاف السبب نوعا كالكسوف و الزلزلة (1).

[المقصد السابع: صلاة القضاء]

اشارة

المقصد السابع: صلاة القضاء يجب قضاء الصلاة اليومية التي فاتت في وقتها عمدا أو سهوا أو جهلا (2).

______________________________

(1) امكان التعيين فرع تعين الواجب واقعا و تمييزه فان كان متميزا في الواقع يتوقف الامتثال علي التعيين فلا يتحقق الا به فيجب و مع عدم تميزه لا يعقل التعيين فلا مجال له و عليه لا نفهم معني استحباب الاحتياط اذ مع احتمال التعين يجب و مع عدمه لا يعقل الا أن يقال: الظاهر من الادلة عدم التعيين فلا يجب و لكن حيث يحتمل التعين يستحب

الاحتياط فلاحظ.

(2) بلا خلاف- كما قيل- و يقع الكلام في مقامين أما المقام الاول ففيما يقتضيه الاصل العملي. المعروف بين الاصحاب ان الامر المتوجه الي القضاء أمر جديد فلو شك فيه يكون مقتضي البراءة عدمه.

و ان شئت قلت: ان الامر الاول تعلق بالفعل المحدود بالزمان الخاص و لا يعقل أن يكون متعرضا لغير ذلك الموقت فيسقط بخروج الوقت و انقضائه.

و ربما يقال: بجريان استصحاب بقاء الوجوب الأول بدعوي: ان الوقت ليس مقوما للموضوع بل من الحالات و مع الشك في البقاء يكون الاستصحاب مقتضيا لبقائه.

و يرد عليه: أولا: ان الاستصحاب لا يجري في الحكم الكلي كما قلنا مرارا.

و ثانيا: ان الوقت ليس بنظر العرف من الحالات بل من المقومات فلا مجري للاستصحاب.

و ثالثا: انه لو فرض ان الوقت من قبيل الحالات لكن الظاهر من الدليل وحدة المطلوب فلو شك في بقاء الوجوب يكون من استصحاب القسم الثالث من الكلي فان الفرد الموجود من الوجوب انعدم بانعدام الوقت و بقائه في ضمن فرد

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 90

______________________________

آخر مقارن أو حادث مشكوك من الاول و لا يجري الاستصحاب فيه.

و رابعا: لو اغمض عما ذكرنا أيضا بأن نقول: نشك أن الامر المتعلق بالصلاة بنحو وحدة المطلوب أو بنحو تعدده فيدخل المقام في الاستصحاب القسم الثاني من أقسام الكلي و قد ثبت في محله جريانه لكن لا يجري في المقام اذ جريان الاصل في الجامع مشروط بكون النسبة بين الفردين التباين كالبق و الفيل في الموضوعات أو كالحدث الاصفر و الاكبر و أمثالهما.

و أما اذا كان الدوران بين الاقل و الاكثر كالمقام فلا يجري الاستصحاب في الجامع اذ الشك في الجامع مسبب من أن المجعول الشرعي الطويل أو

القصير.

و بعبارة اخري: نشك في أن المجعول بنحو وحدة المطلوب أو بنحو التعدد و علي كل حال لا اشكال في تعلق الوجوب بالقصير و انما الشك في الزائد فالاصل عدم تعلقه بالطويل و لا يعارضه عدم تعلقه بالقصير اذ لا شبهة في تعلقه به علي كلا التقديرين فانقدح بما ذكرنا أن مقتضي الاصل العملي عدم وجوب القضاء عند الشك.

و أما المقام الثاني ففيما تقتضيه النصوص فمنها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: أربع صلوات يصليها الرجل في كل ساعة: صلاة فاتتك فمتي ذكرتها أديتها «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن رجل صلي بغير طهور أو نسي صلاة لم يصلها أو نام عنها فقال: يقضيها اذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار فاذا دخل وقت الصلاة و لم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت و هذه أحق بوقتها فليصلها فاذا قضاها

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 91

______________________________

فليصل ما فاته مما قد مضي و لا يتطوع بركعة حتي يقضي الفريضة كلها «1».

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لكل صلاة مكتوبة لها نافلة ركعتين الا العصر فانه تقدم نافلتها فتصير ان قبلها و هي الركعتان اللتان تمت بهما الثماني التي بعد الظهر فاذا أردت أن تقضي شيئا من صلاة مكتوبة أو غيرها فلا تصل شيئا حتي تبدأ فتصلي قبل الفريضة التي حضرت ركعتين نافلة لها ثم اقض ما شئت الحديث «2».

و منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد

اللّه عليه السلام قال: قلت له:

تفوت الرجل الاولي و العصر و المغرب و ذكرها عند العشاء الآخرة قال: يبدأ بالوقت الذي هو فيه فانه لا يأمن الموت فيكون قد ترك صلاة فريضة في وقت قد دخلت ثم يقضي ما فاته الاولي فالاولي «3».

و منها: ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل ينام عن الفجر حتي تطلع الشمس و هو في سفر كيف يصنع؟ أ يجوز له أن يقضي بالنهار؟ قال: لا تقضي صلاة نافلة و لا فريضة بالنهار و لا تجوز له و لا تثبت له و لكن يؤخرها فيقضيها بالليل «4».

و منها: ما رواه سماعة بن مهران قال: سألته عن رجل نسي أن يصلي الصبح حتي طلعت الشمس قال: يصليها حين يذكرها فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله رقد عن صلاة الفجر حتي طلعت الشمس ثم صليها حين استيقظ و لكنه تنحي عن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 92

______________________________

مكانه ذلك ثم صلي «1».

و منها: ما رواه زرارة قال: قلت له: رجل فاتته صلاة من صلاة السفر فذكرها في الحضر قال: يقضي ما فاته كما فاته ان كانت صلاة السفر أداها في الحضر مثلها و ان كانت صلاة الحضر فليقض في السفر صلاة الحضر كما فاتته «2».

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: سألته عن الرجل تكون عليه صلاة في الحضر هل يقضيها و هو مسافر؟ قال: نعم يقضيها بالليل علي الأرض فأما علي الظهر فلا و يصلي في الحضر «3».

و منها غيرها

المذكور في الباب 6 من أبواب قضاء الصلوات من الوسائل.

و الظاهر انه لا اشكال في استفادة عموم الحكم منها لجميع الموارد و ربما يشكل في استفادة الحكم بنحو الاطلاق بدعوي ان المذكور في النصوص موارد خاصة فالتعدي لا وجه له لاحظ خبر زرارة «4» فان المذكور فيه موارد خاصة و لا وجه للتعدي.

و الجواب عن هذه الشبهة ان الخصوصيات المذكورة ليست في كلام الامام عليه السلام بل ذكرت في كلام السائل و يفهم عرفا ان ذكرها من باب المثال و الا يلزم عدم استفادة وجوب القضاء فيما تركها عمدا حيث انه لم يذكر في الرواية فالتعدي اليه بأي وجه؟ و هل يمكن التفوه به؟

مضافا الي أن ذيل الخبر يعطي ضابطة كلية و حكما ساريا في جميع الموارد فتأمل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب قضاء الصلوات

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 90

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 93

أو لأجل النوم المستوعب للوقت (1).

______________________________

اضف الي ذلك كله ما يدل من النصوص علي الحكم الكلي من أول الامر لاحظ حديث زرارة «1» و حديث زرارة و الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: متي استيقنت أو شككت في وقت فريضة أنك لم تصلها أو في وقت فوتها أنك لم تصلها صليتها و ان شككت بعد ما خرج وقت الفوت و قد دخل حائل فلا اعادة عليك من شك حتي تستيقن فان استيقنت فعليك أن تصليها في أي حالة كنت «2».

(1) بلا فرق بين النوم المتعارف و غيره لإطلاق الدليل و عن بعض كالشهيد و الشيخ اختصاص الحكم بالمتعارف بتقريب: ان الملاك ان كان هو الاجماع فلا يشمل

المقام و ان كان المدرك النص فهو منصرف عن المقام.

و أورد عليه سيدنا الاستاد: بأن النوم اياما من أقوي مصاديق النوم فكيف يمكن ادعاء الانصراف. و فيه: انه لا منافاة فان الانصراف قد يكون من باب ضعف الفرد الخارجي كما لو ادعي انصراف الحيوان عن البق و اخري من باب شرافة الفرد كما لو ادعي انصراف الحيوان عن الانسان و لذا ادعي ان عنوان ما لا يؤكل منصرف عن الانسان و ثالثة يكون من باب آخر و هكذا.

و لكن الانصاف انه لا وجه للانصراف في المقام اذ لا وجه له الا قلة وجود مثله و عدم تعارفه و هذا المقدار لا يوجب الانصراف.

و ان شئت قلت: ان الفرد النادر لا ينصرف اليه المطلق لا أنه ينصرف عنه كما أنه يمكن أن يقال: بأن اختصاص المطلق بالفرد النادر قبيح اضف الي ذلك أن

______________________________

(1) لاحظ ص: 92

(2) الوسائل الباب 60 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 94

______________________________

الميزان الكلي المستفاد من صحيح زرارة «1» ان الموضوع للوجوب فوت الفريضة و هذا العنوان يتحقق في محل الكلام.

و ربما يقال بالتفصيل بنحو آخر بأن يقال: فرق بين النوم الغالب الخارج عن تحت الاختيار و غيره فلا يجب في الاول بخلاف الثاني و الدليل عليه النصوص الدالة علي عدم وجوب قضاء الصلاة بالنسبة الي المغمي عليه فانه يستفاد منها التلازم بين عدم وجوب القضاء و الترك المستند الي غلبة اللّه فمن تلك النصوص ما رواه علي بن مهزيار أنه سأله يعني أبا الحسن الثالث عليه السلام عن هذه المسألة فقال: لا يقضي الصوم و لا يقضي الصلاة و كلما غلب اللّه عليه فاللّه أولي بالعذر «2».

بدعوي أن النوم

كالإغماء مما غلبه اللّه فكما أن الاغماء أوجب سقوط القضاء كذلك يوجب سقوطه النوم الغالب. لأنه لا اشكال في أن العرف يفهم من هذا الكلام ان العلة لسقوط القضاء في مورد الاغماء غلبة اللّه علي العبد في ترك صلاته و من هذه الكبري الكلية يفهم حكم جميع الموارد المشابهة و منها المقام و بعد بيان هذه الجهة نسأل بأنه ما الفرق بين النوم المستوعب للوقت الخارج عن المتعارف و بين النوم المتعارف فان كل نائم يصدق عليه أنه ممن غلبه اللّه عليه و كذلك الناسي فيقع التعارض بين هذه القاعدة و النصوص الدالة علي وجوب القضاء.

و لقائل أن يقول: بأن النسبة بين دليل وجوب القضاء في مورد النسيان و النوم و السهو و بين دليل هذه القاعدة نسبة الخاص الي العام فيخصص العام بالخاص و يدل علي التخصيص ما رواه سماعة «3» و لا اشكال في أن النبي صلي اللّه عليه

______________________________

(1) لاحظ ص: 92

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 91

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 95

______________________________

و آله لم ينم عن الفريضة اختيارا.

الا أن يقال: بأن هذا التخصيص من موارد استهجان التخصيص و من تلك النصوص ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في حديث قال: و كذلك كلما غلب اللّه عليه مثل المغمي الذي يغمي عليه في يوم و ليلة فلا يجب عليه قضاء الصلوات كما قال الصادق عليه السلام: كلما غلب اللّه علي العبد فهو أعذر له «1».

و هذه الرواية لا اشكال في دلالتها علي التلازم بين سقوط الاداء بلحاظ غلبة اللّه و بين سقوط القضاء لكن سند الرواية ضعيف لضعف اسناد الصدوق الي الفضل ابن شاذان.

و

منها: ما رواه موسي بن بكر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يغمي عليه يوما أو يومين أو الثلاثة أو الاربعة أو أكثر من ذلك كم يقضي من صلاته؟

قال: ألا اخبرك بما يجمع لك هذه الاشياء كلما غلب اللّه عليه من أمر فاللّه أعذر لعبده قال و زاد فيه غيره أن أبا عبد اللّه عليه السلام قال: هذا من الابواب التي يفتح كل باب منها ألف باب «2».

و هذه الرواية ضعيفة بموسي بن بكر لكن التقريب فيها من حيث الدلالة هو التقريب.

و منها: ما رواه مرازم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المريض لا يقدر علي الصلاة قال: فقال: كلما غلب اللّه عليه فاللّه أولي بالعذر «3».

و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن حديد مضافا الي أنها غير ناظرة الي القضاء بل

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8 و 9

(3) نفس المصدر الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 96

أو لغير ذلك (1) و كذا اذا أتي بها فاسدة لفقد جزء أو شرط يوجب فقده البطلان (2) و لا يجب قضاء ما تركه المجنون في حال جنونه (3) أو الصبي في حال صباه (4).

______________________________

تنظر الي الاداء و ليس فيها ما يدل علي أن الاغماء موضوع للسقوط بل الموضوع في الرواية المريض. الا أن يقال: بأن المستفاد منها مطلق الغلبة.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كلما غلب اللّه عليه فليس علي صاحبه شي ء «1».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 5، ص: 96

و

هذه الرواية من حيث السند لا بأس بها و أما من حيث الدلالة فالظاهر انها تدل علي عدم وجوب القضاء فان قوله عليه السلام: «ليس علي صاحبه شي ء» يدل بالاطلاق علي عدم القضاء.

و ملخص الكلام في المقام: أنه لو أمكن الجمع بين الروايات فهو و إلا نلتزم بوجوب القضاء في مورد النوم و السهو و أمثالهما فانه لا شبهة في الوجوب اجماعا و سيرة و أنه لو لم يكن واجبا لبان و للزم تخصيص وجوب القضاء بخصوص مورد ترك الصلاة عمدا و هو كما تري.

(1) لإطلاق دليل وجوب القضاء.

(2) اذ المفروض في كلام الماتن بطلان الصلاة بفقد ذلك الجزء أو الشرط و بعبارة اخري فرض فساد الصلاة و من الظاهر ان الفاسد من الصلاة في حكم عدم الاتيان بها فيكون موضوعا لوجوب القضاء المستفاد من النص.

(3) اجماعا و ضرورة مع قصور الدليل من شموله للمورد اذ المجنون خارج عن دائرة المكلفين فلا مقتضي لوجوب القضاء في حقه فلاحظ.

(4) اجماعا- كما في جملة من الكلمات- بل قيل انه من ضروريات الدين

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 97

أو المغمي عليه (1).

______________________________

و الظاهر أن الامر كذلك و لعدم المقتضي اذ لا اشكال في أن المستفاد من ادلة وجوب القضاء بحسب المتفاهم العرفي ان القضاء في مورد يكون الاداء موضوعا و لو بنحو الاقتضاء.

و بعبارة اخري: يفهم من دليل القضاء ان الاداء لو كان موضوعا علي المكلف لو خلي و طبعه يكون القضاء واجبا عليه و أما فيما لا يكون الاداء موضوعا كما في الصبي فلا يشمله دليل القضاء.

(1) يقع الكلام في المقام تاره في المقتضي للوجوب و اخري في المانع أما الكلام من حيث المقتضي

فلا اشكال في أن دليل وجوب القضاء يشمل المقام اذ لا فرق في نظر العرف بين النوم و الاغماء فكما أن مقتضي دليل الوجوب لزوم القضاء علي النائم الذي فاتت منه الفريضة كذلك يجب علي المغمي عليه و أما من ناحية المانع فالنصوص في المقام مختلفة فان جملة منها: تدل علي عدم الوجوب و طائفة اخري تدل علي الوجوب.

أما الطائفة الاولي فهي نصوص: منها ما رواه الحلبي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن المريض هل يقضي الصلوات اذا اغمي عليه؟ فقال: لا الا الصلاة التي أفاق فيها «1».

و منها: ما رواه معمر بن عمر قال: سألت أبا جعفر (أبا عبد اللّه) عليه السلام عن المريض يقضي الصلاة اذا اغمي عليه؟ قال: لا «2».

و منها: ما رواه أبو بصير يعني المرادي عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن المريض يغمي عليه ثم يفيق كيف يقضي صلاته؟ قال: يقضي الصلاة التي أدرك

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 98

______________________________

وقتها «1».

و منها: ما رواه علي ابن مهزيار قال: سألته عن المغمي عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته من الصلاة أم لا؟ فكتب عليه السلام: لا يقضي الصوم و لا يقضي الصلاة «2».

و منها: ما رواه أيوب بن نوح أنه كتب الي أبي الحسن الثالث عليه السلام يسأله عن المغمي عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته من الصلوات أو لا: فكتب لا يقضي الصوم و لا يقضي الصلاة «3».

و أما الطائفة الثانية فهي بين مطلقة و مفصلة أما المطلقة فهي جملة من النصوص:

منها ما رواه رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال: سألته عن المغمي عليه شهرا ما يقضي من الصلاة؟ قال: يقضيها كلها ان أمر الصلاة شديد «4».

و منها ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل ما تركته من صلاتك لمرض اغمي عليك فيه فاقضه اذا أفقت «5».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يغمي عليه ثم يفيق قال: يقضي ما فاته يؤذن في الاولي و يقيم في البقية «6».

و منها: ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المغمي عليه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 17

(2) نفس المصدر الحديث: 18

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 4 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 1

(6) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 99

______________________________

قال: يقضي كلما فاته «1».

و أما المفصلة فهي أيضا جملة من النصوص: منها ما رواه حفص عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يقضي صلاة يوم «2».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن المريض يغمي عليه قال: اذا جاز عليه ثلاثة أيام فليس عليه قضاء و اذا اغمي عليه ثلاثة أيام فعليه قضاء الصلاة فيهن «3».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: قلت: لأبي جعفر عليه السلام: رجل اغمي عليه شهرا أ يقضي شيئا من صلاته؟ قال: يقضي منها ثلاثة أيام «4».

و منها غيرها لاحظ الروايات في الباب 7 من أبواب قضاء الصلوات في جامع احاديث الشيعة.

و ملخص الكلام ان الروايات اطلاقا و تفصيلا متعارضة من الطرفين اي كما ان المطلقات متعارضة كذلك المفصلة منها فيها التعارض فلو قلنا: بأن الجمع العرفي يقتضي حمل الروايات الآمرة بالقضاء علي الاستحباب لصراحة الروايات النافية

في عدم الوجوب- كما عليه سيدنا الاستاد و غيره- فهو و أما لو قلنا بان هذا الجمع تبرعي و يكون من المتعارضين في نظر العرف فالترجيح مع روايات الوجوب لكونها علي خلافهم و مع الاغماض عن هذا المرجح يكون الترجيح مع روايات عدم الوجوب للأحدثية لاحظ حديث علي بن مهزيار «5».

و مع الاغماض عن هذه الجهة يكون مطلقات وجوب القضاء كافية لإثبات

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 11

(5) لاحظ ص: 98 و 94

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 100

اذا لم يكن بفعله (1).

______________________________

الوجوب و اللّه العالم لكن أقوال العامة في المقام مختلفة فلا يكون القول بالوجوب خلافا لهم و لا ترجيح من هذه الجهة فتكون الاحدثية مرجحة فلا يكون القضاء واجبا.

(1) أفاد سيدنا الاستاد بأنه لا بد من فرض الكلام فيما اذا لم يحصل السبب الاختياري بعد دخول الوقت و تنجز التكليف و أما مع دخول الوقت و تنجز التكليف لو حصل الاغماء باختياره و لو فيما يكون جائزا- كما لو كان مضطرا أو مكرها- يكون القضاء واجبا اذ الاغماء في هذا الحال تفويت للفريضة المنجزة فموضوع وجوب القضاء متحقق «1».

و يرد عليه: انه لو كان التسبب الي الاغماء أمرا جائزا كيف يمكن تنجز التكليف؟ فانه جمع بين متنافيين و بعبارة اخري: اذا كان التسبب جائزا لا يكون التكليف متوجها فلا يكون موضوع القضاء متحققا.

نعم لا يبعد أن يقال: ان أمكن للمكلف أن يصلي في أول الوقت صلاة المعذور و لم يصل يصدق انه ترك الفريضة فيكون القضاء واجبا من هذه الجهة كما أنه لو مضي من الوقت بمقدار يمكنه أن يصلي فيه تامة كنصف ساعة

مثلا و لم يصل ثم اغمي عليه باختياره فلا اشكال في توجه القضاء اليه لتمامية الموضوع.

و أما لو حصل سبب الاغماء قبل الوقت باختياره و عمده فربما يقال: بأنه لا يشمله دليل سقوط القضاء لانصراف الدليل الي ما هو الشائع الغالب و هو الاغماء القهري.

و فيه ما لا يخفي فان المطلق لا ينصرف الي الفرد النادر لا أنه ينصرف عنه و كم فرق بين الامرين و بعبارة اخري: لا مانع من الاطلاق كما هو ظاهر.

و في المقام وجه آخر للتقييد و هو ان عدم القضاء علل في جملة من الروايات

______________________________

(1) مستند العروة صلاة القضاء ص: 33

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 101

______________________________

بغلبة اللّه عليه فتكون العلة هي الغلبة و حيث ان المعلول يدور مدار العلة وجودا و عدما يكون سقوط القضاء دائرا مدار عنوان غلبة اللّه فلو كان الاغماء اختياريا لا يكون مشمولا للدليل.

و اجيب: بأنه يكفي المطلقات و اورد فيه: بأن العلة تعمم و تخصص فتوجب تقييد المطلقات و أجاب المحقق الهمداني قدس سره: بأن العلة لا مفهوم لها غاية الامر عدم استفادة العموم منها فيكفي اطلاق بقية الادلة.

و أورد عليه سيدنا الاسناد: بأنه و ان كان الامر كذلك لكن الاغماء غير الاختياري فيه جهتان: إحداهما ذاتية و هي زوال العقل ثانيتهما العرضي و هي استنادها الي اللّه تعالي و لو كان الحكم كليا لكان المناسب عدم التقييد بالعرضي.

و بعبارة اخري: العدول من الجهة الذاتية الي العرضية قبيح فيعلم التقييد فيكون الحكم خاصا بمورد غلبة اللّه. لكن العمدة عدم الدليل فان ما دل علي التعليل ضعيف سندا و عليه يكون المطلقات كافية لإثبات اطلاق الحكم.

و يرد عليه: أولا: أنه يلزم الالتزام بمفهوم اللقب بتقريب: انه

لو كان الحكم عاما لغير مورده لكان ذكر اللقب لغوا و هو كما تري فان التخصيص بالذكر يمكن أن يكون لملاك و خصوصية كما في جميع موارد الالقاب و الاوصاف و لذا لا نلتزم بالمفهوم في تلك الموارد هذا أولا.

و ثانيا: قد ذكرنا ان بعض الروايات تدل علي العلية مع صحة سنده فلا اشكال من هذه الجهة و حيث ان الروايات متعارضة و قد رجحنا حديث علي بن مهزيار «1» بالاحدثية نأخذ به و حيث انه يستفاد من هذه الرواية ان عدم وجوب القضاء معلل بهذه العلة و هي غلبة اللّه لا يكون الحكم شاملا للإغماء الاختياري

______________________________

(1) لاحظ ص: 98- 94

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 102

أو الكافر الاصلي في حال كفره (1).

______________________________

فلاحظ و لا فرق من هذه الجهة بين أن يكون الاغماء الاختياري جائزا و بين أن لا يكون كذلك اذ المناط صدق عنوان غلبة اللّه فالقضاء واجب علي الاطلاق.

(1) استدل عليه بعدم الخلاف و الاجماع و الضرورة فانه لا اشكال في أن الكافر الاصلي اذا أسلم لا يؤمر بقضاء صلواته و انه لو كان واجبا عليه لبان و ظهر.

و أفاد سيدنا الاستاد في المقام بأن الأمر و إن كان كذلك لكن يمكن أن يقال بأنه لا مقتضي للوجوب من أول الامر فان القضاء فرع وجوب الاداء و الكافر حال الكفر غير مكلف بالاداء و يكون مثل البهائم كما أن الامر كذلك بالنسبة الي المجنون و الصبي فلا مقتضي للوجوب فلا تصل النوبة الي البحث عن المانع.

و ملخص الكلام: ان الكافر في حال كفره لا يكون مأمورا بالفروع كالصلاة و الصوم و الحج و انه مكلف بالاسلام فقط و استشهد بما ورد من أن الناس

يؤمرون بالاسلام ثم بالولاية بتقريب: ان العطف «بثم» ظاهر في عدم تعلق التكليف بالولاية الا بعد الإسلام فاذا كان حال الولاية كذلك فكيف ببقية الفروع و الحال ان الفروع العبادية لا تقبل الا بالولاية فالكافر ما دام كافرا لا يكون مكلفا بالفروع فلا مقتضي للقضاء.

و فيه: أولا: انا لم نجد هذه الرواية و لا ندري حالها من حيث صحة السند و ثانيا: انه لا يستفاد من لفظ «ثم» العاطفة الا الترتيب الرتبي لا الزماني.

و بعبارة اخري: المستفاد من لفظ «ثم» التراخي و هل يمكن الالتزام بتراخي الامر بالايمان بالنسبة الي الكافر فان الكافر لو فرض اسلامه في أول زمان تعلق الامر باسلامه هل يمكن أن تراخي الامر بالايمان عن الامر باسلامه فهذا التراخي يكون في الرتبة و لا شبهة في التأخر الرتبي.

و ثالثا: المستفاد من بعض الآيات القرآنية ان الكافر مكلف بالفروع حال

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 103

و كذا ما تركته الحائض أو النفساء مع استيعاب المانع تمام الوقت (1) أما المرتد فيجب عليه قضاء ما فاته حال الارتداد بعد توبته (2) و تصح

______________________________

الكفر منها قوله تعالي في سورة المدثر- نقلا عن الكفار في جواب سؤالهم عن سلوكهم في سفر- ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين و لم نك نطعم المسكين و كنا نخوض مع الخائضين و كنا نكذب بيوم الدين «1».

فانهم كانوا مكذبين بالمعاد فكانوا كفارا و مع ذلك كانوا مكلفين بالصلاة و الزكاة فالنتيجة ان المقتضي لوجوب القضاء عليه موجود انما الكلام في المانع.

و مما استدل عليه ما روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله «الإسلام يجب ما قبله «2» و هذا الحديث من حيث السند ضعيف فان تم

المدعي بالإجماع و السيرة فهو و الا يشكل الجزم بعدم المقتضي للوجوب اذا لمقتضي كما ذكرنا تام و اللّه العالم.

(1) اذ مع استيعاب الحيض أو النفاس لتمام الوقت لا يكون الاداء واجبا كي يبحث عن القضاء و بعبارة اخري: لا مقتضي لوجوب القضاء كما مر في نظائر المقام أضف الي ذلك أن النصوص الخاصة تدل بالصراحة علي عدم وجوبه و تقدم الكلام من هذه الجهة في مبحث الحيض.

(2) اطلاقات ادلة التكاليف و عموماتها تكفي لإثبات المدعي و لا دليل علي التخصيص أما دليل وجوب الاداء فقد ذكرنا أنه يشمل الكافر الاصلي فكيف بالمرتد و أما سقوط القضاء فلا دليل عليه بالنسبة اليه و مع عدم الدليل علي سقوط القضاء يكون مقتضي اطلاقه وجوبه عليه.

______________________________

(1) المدثر/ 42- 46

(2) مجمع البحرين مادة جبب

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 104

منه و ان كان عن فطرة علي الاقوي (1). و الاحوط وجوبا القضاء علي المغمي عليه اذا كان بفعله (2).

______________________________

(1) قد دل بعض النصوص علي عدم قبول توبته كرواية محمد بن مسلم قال:

سألت أبا جعفر عليه السلام عن المرتد فقال: من رغب عن الإسلام و كفر بما انزل علي محمد صلي اللّه عليه و آله بعد اسلامه فلا توبة له و قد وجب قتله و بانت منه امرأته و يقسم ما ترك علي ولده «1».

فان هذه الرواية تدل علي عدم قبول توبة المرتد الفطري و أما قبول توبته فيما بينه و بين اللّه فهو أمر آخر لا يهم تحقيقه و لا يترتب عليه أثر عملي و أما عدم قبولها بالنسبة الي القتل و بينونة زوجته و تقسيم أمواله فلا اشكال فيه و أما بالنسبة الي تعلق التكليف به فلو تحققت

الضرورة عليه- كما في كلام سيدنا الاستاد- فلا كلام و الا يشكل الجزم بالقبول و الصحة لدلالة النص علي عدم القبول و لكن الظاهر أن ما أفاده سيدنا الاستاد متين اذ لو فرض أن المرتد الفطري لم يقتل و تاب و أسلم بعد ارتداده فهل يمكن أن يقال: انه غير مكلف بالصلاة و الصوم و الحج و بقية العبادات و الطاعات؟ و علي فرض كونه مكلفا لا بد من الالتزام بصحة عمله اذ كيف يمكن الالتزام بتعلق التكليف به مع عدم الالتزام بصحة عمله فانه جمع بين المتنافيين.

اضف الي ذلك كله انه لا يبعد أن يقال: ان قوله عليه السلام في الرواية:

«و قد وجب قتله و بانت امرأته و يقسم ما ترك علي ولده» تفسير لقوله عليه السلام:

«فلا توبة له» فلا مقتضي لعدم قبول توبته و بعبارة اخري: المراد من عدم قبول توبته أنه يجب قتله و تجب بينونة زوجته عنه و يجب تقسيم أمواله علي وارثه.

(2) قد ظهر وجه الاحتياط مما تقدم بل قلنا ان مقتضي القاعدة و الصناعة وجوبه

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب حد المرتد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 105

[مسألة 219: إذا بلغ الصبي و أفاق المجنون و المغمي عليه في أثناء الوقت وجب عليهم الاداء]

(مسألة 219): اذا بلغ الصبي و أفاق المجنون و المغمي عليه في أثناء الوقت وجب عليهم الاداء اذا أدركوا مقدار ركعة مع الشرائط فاذا تركوا وجب القضاء (1) و أما الحائض أو النفساء اذا طهرت في أثناء الوقت فان تمكنت من الصلاة و الطهارة المائية وجب

______________________________

عليه و اللّه العالم.

(1) اذ موضوع التكليف تام فيتوجه الخطاب بالتكاليف و دليل نفي القضاء من المغمي عليه لا يشمل هذه الصورة و بكلمة اخري: ان من أدرك الوقت و لو بمقدار ركعة مع اجتماع

شرائط التكليف تجب عليه الصلاة بلا كلام و لا اشكال.

و ربما يقال: ان دليل من أدرك لا يشمل مثل المقام اذ ذلك الدليل في مقام توسعة الوقت علي نحو الحكومة فلا بد من كون الوقت في حد نفسه قابلا و واسعا فاذا لم يؤت بالعمل و قد بقي مقدار من الوقت فلا مانع من التنزيل و أما مع عدم سعة الوقت في حد نفسه كما في المقام فلا مجال للأخذ بدليل من أدرك لان أصل العمل غير قابل لان يقع في هذا المقدار من الزمان و المفروض ان التكليف انما توجه بعد ارتفاع العذر و عدم بقاء الوقت الا بهذا المقدار.

و يرد عليه: أنه لا مانع من الشمول اذ المفروض أن الوقت في حد نفسه قابل لتحقق العمل بتمامه و انما القصور من ناحية المكلف و معذوريته و عليه لا مانع من شمول القاعدة لامتثال المقام.

و صفوة القول: انه تارة يكون الوقت في حد نفسه قاصرا عن السعة بالنسبة الي العمل و اخري يكون قابلا و انما الاشكال في ناحية المكلف و بين الموردين فرق فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 106

عليها الاداء (1) فان فاتها وجب القضاء (2). و كذلك ان لم تتمكن من الطهارة المائية لمرض أو لعذر آخر و تمكنت من الطهارة الترابية (3) و أما اذا لم تتمكن من الطهارة المائية لضيق الوقت فالاحوط أن تأتي بالصلاة مع التيمم (4) لكنها اذا لم تصل لم يجب القضاء (5).

______________________________

(1) فانه ظاهر واضح اذ في الصورة المفروضة يتحقق موضوع التكليف بلا اشكال.

(2) لتحقق موضوعه و مع تحقق موضوعه لا وجه لعدم تعلق التكليف بالقضاء كما هو ظاهر.

(3) الكلام فيه هو الكلام فانه مع العذر

تصل النوبة الي التيمم فاذا لم يتحقق الامتثال و فاتت الفريضة يجب القضاء بمقتضي دليله.

(4) الذي يختلج بالبال في وجه الاحتياط و عدم الجزم ان البدل الاضطراري انما تصل النوبة اليه فيما يكون المبدل منه مشروعا لو لا العذر و في المقام الحيض ما دام موجودا يكون مانعا عن تعلق التكليف و بعد ارتفاعه لا يسع الوقت للعمل الاختياري.

و لكن يمكن أن يقال ان مقتضي قاعدة من أدرك جعل هذا المقدار من الوقت في حكم ادراك جميع الوقت و المفروض ان التيمم بدل عن الغسل و قد فرض عدم امكان الغسل فتصل النوبة الي التيمم فتجب الصلاة.

(5) لاحظ ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال: ايما امرأة رأت الطهر و هي قادرة علي أن تغتسل في وقت صلاة ففرطت فيها حتي يدخل وقت صلاة اخري كان عليها قضاء تلك الصلاة التي فرطت فيها و ان رأت الطهر في وقت صلاة فقامت في تهية ذلك فجاز وقت صلاة و دخل وقت صلاة اخري فليس

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 107

[مسألة 220: إذا طرأ الجنون أو الاغماء بعد ما مضي من الوقت مقدار يسع الصلاة فقط وجب القضاء]

(مسألة 220): اذا طرأ الجنون أو الاغماء بعد ما مضي من الوقت مقدار يسع الصلاة فقط وجب القضاء فيما اذا كان متمكنا من تحصيل الشرائط قبل الوقت (1) و يعتبر في وجوب القضاء فيما اذا طرأ الحيض أو النفاس مضي مقدار يسع الصلاة و الطهارة من الحدث (2).

[مسألة 221: المخالف إذا استبصر يقضي ما فاته أيام خلافه]

(مسألة 221): المخالف اذا استبصر يقضي ما فاته أيام

______________________________

عليها قضاء و تصلي الصلاة التي دخل وقتها «1».

(1) اذ مع فرض تمكن المكلف من تحصيل الشرائط قبل الوقت يصدق عنوان فوت الفريضة فيكون موضوع وجوب القضاء متحققا.

و ربما يقال: ان المستفاد من دليل القضاء ان الموضوع فيه فوت الفريضة فاذا فرض عدم سعة الوقت لتحصيل الشرائط و المقدمات لا يتحقق عنوان فوت الفريضة فلا موضوع لوجوب القضاء نعم يكفي لتعلق الوجوب بالقضاء تعلق التكليف و لو بالعمل الاضطراري و ان شئت قلت: يتوقف وجوب القضاء علي عنوان فوت الفريضة و مع عدم تحقق هذا العنوان لا وجه لوجوبه فلاحظ.

(2) لاحظ ما رواه عبيد بن زرارة «2» فان المستفاد من هذا الحديث ان وجوب القضاء علي الحائض يتوقف علي تمكنها من الطهارة في الوقت لكن الرواية ناظرة الي المرأة التي تطهر في الوقت و أما المرأة الطاهرة التي تري الدم في الوقت فلا تنظر اليها و عليه يكون حكمها كغيرها و لا وجه لتخصيصها بهذه الخصوصية و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 49 من أبواب الحيض الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 106

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 108

خلافه (1) أو أتي به علي نحو كان يراه فاسدا في مذهبه (2) و الا فليس عليه قضائه (3).

______________________________

(1) هذا علي حسب القاعدة فانه لا شبهة في أن المخالف مكلف بالفروع فلو ترك الصلاة يجب

عليه قضائها لتحقق موضوع وجوب القضاء و يستفاد من بعض النصوص عدم وجوب القضاء عليه و لو مع الترك رأسا لاحظ ما رواه عمار الساباطي قال: قال سليمان بن خالد لأبي عبد اللّه عليه السلام و أنا جالس: اني منذ عرفت هذا الامر اصلي في كل يوم صلاتين أقضي ما فاتني قبل معرفتي قال: لا تفعل فان الحال التي كنت عليها أعظم من ترك ما تركت من الصلاة «1» لكن الرواية ضعيفة لا يعتمد عليها.

(2) فانه يجب عليه القضاء لتحقق موضوعه و ما دل علي سقوط القضاء مختص بما يري المخالف انه صحيح و بعبارة اخري: القاعدة الاولية تقتضي القضاء الا فيما قام الدليل علي عدم وجوبه و لا دليل علي السقوط في المقام.

(3) كما هو المشهور بين القوم و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه بريد بن معاوية العجلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: كل عمل عمله و هو في حال نصبه و ضلالته ثم من اللّه عليه و عرفه الولاية فانه يوجر عليه الا الزكاة فانه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها لأنها لأهل الولاية و أما الصلاة و الحج و الصيام فليس عليه قضاء و رواه ابن اذينة قال: كتب إلي أبو عبد اللّه عليه السلام ثم ذكر مثله الا أنه أسقط لفظ الحج «2».

و منها: ما رواه زرارة و بكير و الفضيل و محمد بن مسلم و بريد العجلي كلهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 1 و ذيله

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 109

و الاحوط استحبابا الاعادة مع بقاء الوقت (1) و لا فرق بين المخالف الاصلي و غيره

(2).

______________________________

عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنهما قالا في الرجل يكون في بعض هذه الاهواء الحرورية و المرجئة و العثمانية و القدرية ثم يتوب و يعرف هذا الامر و يحسن رأيه أ يعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج أو ليس عليه اعادة شي ء من ذلك؟ قال: ليس عليه اعادة شي ء من ذلك غير الزكاة و لا بد أن يؤديها لأنه وضع الزكاة في غير موضعها و انما موضعها أهل الولاية «1». و منها: ما رواه عمار الساباطي «2».

(1) ربما يقال: بوجوب الاعادة في الفرض المزبور بدعوي ان الموضوع الواقع في الدليل عنوان القضاء فلا يشمل الاداء.

و يرد عليه أولا: أن ما افيد يتوقف علي كون المراد بالقضاء المعني الاصطلاحي و أما لو كان المراد المعني اللغوي فلا وجه للاختصاص و ثانيا: يكفي للإطلاق صحيح الفضلاء «3» فان المذكور فيه لفظ الاعادة فالحق انه لا تجب الاعادة نعم تستحب خروجا عن شبهة الخلاف و ان شئت قلت: ان الاحتياط حسن و مستحب في الشريعة.

(2) أفاد سيدنا الاستاد في هذا المقام: ان المستفاد من الدليل ان الموضوع للحكم هو المخالف الذي لم يمن اللّه عليه و لم يعرفه الولاية و أما العارف الذي بسوء اختياره ينكر لا يكون موضوعا للدليل.

و الحق أن يقال: انه لو كان نصبه عن عناد و مع العلم بأن الحق معهم عليهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 108

(3) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 110

[مسألة 222: يجب القضاء علي السكران]

(مسألة 222): يجب القضاء علي السكران من دون فرق بين الاختياري و غيره و الحلال و الحرام (1).

[مسألة 223: يجب قضاء غير اليومية من الفرائض عدا العيدين]

(مسألة 223): يجب قضاء غير اليومية من الفرائض (2) عدا العيدين (3).

______________________________

السلام فالامر كما أفاده سيدنا الاستاد و أما مع الشبهة و عدم وضوح الامر فالحق علي خلافه اذ مقتضي اطلاق الرواية انه لو استبصر و عرف الحق لا يجب عليه القضاء بلا فرق بين أن يكون مسبوقا بشي ء أم لا فلا تغفل.

(1) الوجه في وجوب القضاء اطلاقات وجوبه فانها تقتضي وجوبه اذا كان المقتضي للأداء موجودا و المفروض أن المقتضي للأداء موجود في المقام و أما وجه عدم الوجوب صدق عنوان غلبة اللّه فانه يستفاد من تلك النصوص عموم القاعدة.

و الظاهر ان الامر كذلك كما مر و لا اشكال في دلالته كما أنه لا اشكال في سند بعض تلك النصوص لاحظ ما رواه علي بن مهزيار «1».

نعم لا بد من صدق العنوان المأخوذ في الرواية و عليه لا بد من التفصيل بين السكر الناشي من الاختيار و غيره و بعبارة اخري: مقتضي الاطلاق دخول السكر غير الاختياري في تلك الكبري.

(2) لإطلاق بعض النصوص كرواية زرارة «2».

(3) حتي في فرض وجوبهما كما في زمان الحضور للنص الخاص لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: من لم يصل مع الامام في جماعة

______________________________

(1) لاحظ ص: 94

(2) لاحظ ص: 90

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 111

حتي النافلة المنذورة في وقت معين علي الاظهر (1).

[مسألة 224: يجوز القضاء في كل وقت من الليل و النهار و في الحضر و السفر]

(مسألة 224): يجوز القضاء في كل وقت من الليل و النهار و في الحضر و السفر (2) نعم يقضي ما فاته قصرا و لو في الحضر و ما

______________________________

يوم العيد فلا صلاة له و لا قضاء عليه «1».

(1) لإطلاق الدليل و استشكل بأن المستفاد من لفظ الفريضة الواقع في النص «2» لا يشمل

المقام فان الظاهر من الفريضة ما كان كذلك بعنوانه لا ما يكون كذلك بعنوان النذر.

و فيه: انه لا نري مانعا من الاطلاق و الانصراف علي فرض تسلمه بدوي اضف الي ذلك انه يمكن أن يقال: بأن هذا العنوان لم يؤخذ في جميع النصوص لاحظ ما رواه زرارة «3» فان الموضوع المأخوذ فيه ليس عنوان الفريضة فلا مجال للإشكال في الاطلاق و لكن مع ذلك في النفس شي ء.

(2) بلا خلاف- كما في بعض الكلمات- للأخبار الكثيرة حتي قيل: انها متواترة منها: ما رواه زرارة «4» و في قبالها ما رواه عمار «5» و مفاد هذه الرواية يخالف الضرورة الفقهية و السيرة المستمرة مضافا الي أن السند فيها مخدوش باحمد بن خالد و رويت الرواية بسند آخر «6» و فيه علي بن خالد و هو أيضا لم يوثق. و يستفاد الخلاف من رواية اخري لعمار «7» و مفادها كما قلنا يخالف

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة العيد الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 90

(3) لاحظ ص: 90 حديث الرقم: 1

(4) لاحظ ص: 93

(5) لاحظ ص: 91

(6) الوسائل الباب 57 من أبواب المواقيت الحديث: 14

(7) لاحظ ص: 91

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 112

فاته تماما و لو في السفر (1) و اذا كان في بعض الوقت حاضرا و في بعضه مسافرا قضي ما وجب في آخر الوقت (2).

[مسألة 225: إذا فاتته الصلاة في بعض أماكن التخيير قضي قصرا]

(مسألة 225): اذا فاتته الصلاة في بعض اماكن التخيير قضي قصرا (3).

______________________________

الضرورة الفقهية.

(1) بلا اشكال و يدل عليه ما رواه زرارة «1».

(2) لان آخر الوقت زمان الفوت فيترتب عليه الحكم و لا بد من رعايته كما في المتن.

(3) ربما يقال: بأن قضاء الصلاة في مفروض المسألة التخيير بين القصر و التمام و

ما يمكن أن يقال في وجهه امور الاول: ان النص قد دل علي أن الصلاة تقضي كما فاتت لاحظ ما رواه زرارة «2» فان المستفاد من الرواية ان القضاء تابع للأداء و مما ثل له فيكون مخيرا فيه بين الاتمام و القصر.

و أورد عليه سيدنا الاستاد: بأن الرواية ناظرة الي الجهة الذاتية لا ما يطرا علي الوظيفة و حيث ان المجعول الاولي في حق المسافر هو القصر يكون القضاء أيضا قصرا.

و هذا البيان مخدوش فانه لا دليل علي هذا القيد. و أفاد السيد الحكيم قدس سره: بأن المجعول الاولي لو كان بنحو التخيير يكون القضاء أيضا كذلك و أما لو كان المجعول هو القصر و كان التمام بنحو البدل الاضطراري يكون القضاء قصرا اذ موضوع وجوب القضاء هو الواجب الاصلي و التمام بدل اضطراري.

______________________________

(1) لاحظ ص: 92

(2) لاحظ ص: 92

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 113

______________________________

و الدليل عليه ما رواه علي بن مهزيار قال: كتبت الي أبي جعفر الثاني عليه السلام أن الرواية قد اختلفت عن آبائك في الاتمام و التقصير للصلاة في الحرمين فمنها أن يأمر بتتميم الصلاة و منها أن يأمر بقصر الصلاة بأن يتم الصلاة و لو صلاة واحدة و منها أن يقصر ما لم ينو عشرة أيام و لم ازل علي الاتمام فيها الي ان صدرنا في حجنا في عامنا هذا فان فقهاء أصحابنا أشاروا إلي بالتقصير اذا كنت لا أنوي مقام عشرة أيام فصرت الي التقصير و قد ضقت بذلك حتي أعرف رأيك فكتب إلي عليه السلام بخطه قد علمت يرحمك اللّه فضل الصلاة في الحرمين علي غيرهما فانا احب لك اذا دخلتهما أن لا تقصر و تكثر فيهما من الصلاة

فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهة: اني كتبت إليك بكذا و أجبتني بكذا فقال: نعم فقلت: أي شي ء تعني بالحرمين؟ فقال مكة و المدينة الحديث «1».

فان هذه الرواية تدل علي أن الضرورة دعت الي جواز التمام. و فيه: انه أي دليل علي هذا المدعي؟ و لا دليل عليه و مجرد احتمال كون الترخيص بلحاظ التقية لا يوجب الحمل و لذا يجوز التخيير مطلقا بلا لحاظ التقية و لو فرضنا ان الملاك التقية لا يتم مدعاه فانها علي نحو الملاك و الحكمة و ليس التمام بدلا اضطراريا كالصلاة عن جلوس بدلا عن القيام و مع الشك أفاد بأن المقام داخل في دوران الامر بين التعيين و التخيير و يكون مقتضي الاصل التعيين.

و فيه: انا لا نسلم المدعي أيضا بل البراءة تقتضي الثاني و عدم التعيين فالقاعدة تقتضي التخيير اجتهادا و فقاهة.

الثاني ما عن المحقق الهمداني قدس سره: من أن الامر بالقضاء يكشف عن تعلق الامر في الوقت بالقضاء بنحو تعدد المطلوب فالامر بالقضاء مخيرا قد تعلق

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 114

______________________________

من اول الامر تبعا للأمر الادائي.

و فيه: انه ليس الامر كذلك فان الامر بالقضاء أمر جديد و لا دليل علي هذا المدعي أي تعدد المطلوب و بعبارة اخري: التخيير في الامر الادائي و أما الامر القضائي فكونه بأي نحو أول الكلام.

الثالث: الاستصحاب. و فيه ان الاستصحاب لا يجري في الحكم الكلي.

هذا أولا و ثانيا: انه لا مجال للاستصحاب لانهدام اساسه اذ الأمر الادائي قد زال بلا اشكال و الامر القضائي غير معلوم الصفة حين حدوثه.

ثم ان سيدنا الاستاد أفاد: بأن الحق في المقام هو القصر اذ لا

اشكال في أن موضوع القضاء هو الفائت و الفائت حين صدق الفوت هو القصر و بعبارة اخري:

الصلاة تفوت بعد صدق الضيق المفوت و هذا العنوان يصدق دائما علي الفوت القصري.

و فيه: أنه يمكن فرض فوت المكلف مع بقاء الوقت فالفائت هو الجامع.

ان قلت: ان آخر زمان قابل لان تقع فيه الصلاة بالنسبة الي مثل هذا الشخص زمان فوت القصر فيتم المدعي.

قلت: الميزان بنفس الوقت من حيث هو و المفروض بقائه. ان قلت: لا اشكال في أن من يموت بعد مضي مقدار من زمان يسع مقدار ركعتين يجب عليه القصر بحسب الواقع فالفائت هو القصر.

قلت: لا وجه لتعلق التكليف بخصوص القصر بل التكليف متعلق بالجامع فان الاطلاق رفض القيود و لا تكون فيه مؤنة غاية الامر المكلف لا يمكنه أن يأتي الا بالقصر و هذا لا يمنع عن تعلق الامر بالجامع فتأمل.

و أما تجويز التخيير فيما يؤتي بالقضاء في تلك الاماكن مستدلا باطلاق دليل

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 115

و لو لم يخرج من ذلك المكان فضلا عما اذا خرج و رجع أو خرج و لم يرجع (1) و اذا كان الفائت مما يجب فيه الجمع بين القصر و التمام احتياطا فالقضاء كذلك (2).

[مسألة 226: يستحب قضاء النوافل الرواتب]

(مسألة 226): يستحب قضاء النوافل الرواتب (3).

______________________________

التخيير اعني حديث علي بن مهزيار «1» ففيه ان هذا الحديث غير ناظر الي القضاء بل ناظر الي الاداء و الا يلزم جواز التخيير فيما اذا أراد المكلف الاتيان بالقضاء في خصوص الحرمين حتي و لو كانت الفائتة في غيرهما و لا يظن باحد الالتزام به.

(1) فانه لا دليل علي التفريق بين الخروج و عدمه و المرجع اطلاق الدليل فعلي كلا القولين لا مقتضي للتفصيل فلاحظ.

(2) للعلم

الإجمالي الموجب للتنجز علي ما هو المقرر عند القوم.

(3) اجماعا- كما في بعض الكلمات- و قد دلت عليه جملة من النصوص منها: ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

ان العبد يقوم فيقضي النافلة فيعجب الرب ملائكته منه فيقول: ملائكتي عبدي يقضي ما لم افترضه عليه «2».

و منها: ما رواه مرازم قال سأل اسماعيل بن جابر أبا عبد اللّه عليه السلام فقال:

أصلحك اللّه ان علي نوافل كثيرة فكيف أصنع؟ فقال: اقضها فقال له: انها أكثر من ذلك قال: اقضها قلت (قال) لا احصيها قال: توخ «3».

و منها غيرهما من الروايات الواردة في الباب 18 و 19 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها من الوسائل.

______________________________

(1) لاحظ ص: 113

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 19 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 116

بل و غيرها (1) و لا يتأكد قضاء ما فات منها حال المرض (2) و اذا عجز عن قضاء الرواتب استحب له الصدقة عن كل ركعتين بمد و ان لم يتمكن فمد لصلاة الليل و مد لصلاة النهار (3).

______________________________

(1) كصلاة أول الشهر و أمثالها لإطلاق بعض النصوص كخبر ابن سنان «1» و خبر عاصم بن حميد قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان الرب ليعجب ملائكته من العبد من عباده يراه يقضي النوافل (النافلة) فيقول: انظروا الي عبدي يقضي ما لم افترضه عليه «2» و الانصراف عنها لا وجه له و أما الاستدلال بالاستصحاب ففيه ما مر.

(2) لا يبعد أن يكون مقتضي الجمع بين النصوص نفي التأكد بالنسبة الي المريض لاحظ ما رواه محمد

بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له:

رجل مرض فترك النافلة فقال: يا محمد ليست بفريضة ان قضاها فهو خير يفعله و ان لم يفعل فلا شي ء عليه «3».

و ما رواه مرازم بن حكيم الازدي انه قال: مرضت أربعة أشهر لم أتنفل فيها فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام فقال: ليس عليك قضاء ان المريض ليس كالصحيح كلما ما غلب اللّه عليه فاللّه أولي بالعذر «4».

(3) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له أخبرني عن رجل عليه من صلاة النوافل ما لا يدري ما هو من كثرتها كيف يصنع قال: فليصل حتي لا يدري كم صلي من كثرتها فيكون قد قضي بقدر علمه (ما علمه)

______________________________

(1) مر آنفا

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 20 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 117

[مسألة 227: لا يعتبر الترتيب في قضاء الفوائت غير اليومية لا بعضها مع بعض و لا بالنسبة الي اليومية]

(مسألة 227): لا يعتبر الترتيب في قضاء الفوائت غير اليومية لا بعضها مع بعض و لا بالنسبة الي اليومية (1) و أما الفوائت اليومية فيجب الترتيب بينها اذا كانت مترتبة بالاصل كالظهرين أو العشاءين من يوم واحد أما اذا لم تكن كذلك فاعتبار الترتيب بينها في القضاء علي نحو الترتيب في الفوات فيقضي الاول فواتا فالاول محل اشكال و الاظهر عدم الاعتبار من دون فرق بين العلم به و الجهل (2).

______________________________

من ذلك ثم قال: قلت له: فانه لا يقدر علي القضاء فقال: ان كان شغله في طلب معيشة الي أن قال: قلت فانه لا يقدر علي القضاء فهل يجزي أن يتصدق فسكت مليا ثم قال: لكم

فليتصدق بصدقة قلت: فما يتصدق؟ قال: بقدر طوله و أدني ذلك مد لكل مسكين مكان كل صلاة قلت: و كم الصلاة التي يجب فيها مد لكل مسكين؟ قال: لكل ركعتين من صلاة الليل مد و لكل ركعتين من صلاة النهار مد فقلت: لا يقدر قال: مد لكل أربع ركعات من صلاة النهار و أربع ركعات من صلاة الليل قلت لا يقدر قال: فمد اذا لصلاة الليل و مد لصلاة النهار و الصلاة أفضل و الصلاة أفضل و الصلاة أفضل «1» لكن الرواية لا تنطبق علي ما في المتن.

(1) لعدم الدليل علي الترتيب و مقتضي اطلاق دليل وجوب القضاء عدم اعتبار شي ء في مقام الامتثال مضافا الي أن أصل البراءة يقتضي عدم الاشتراط كما هو ظاهر.

(2) نقل الشهرة علي وجوب الترتيب و عن بعض انه اجماعي و لا يبعد أن يقال: بأن القاعدة الاولية تقتضي مراعاة الترتيب بين الظهرين و العشاءين حيث أن الترتيب لوحظ بمقتضي الدليل بالنسبة الي الاداء و بعد ثبوت الاشتراط يجب

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 118

______________________________

مراعاة الترتيب اذ يجب قضاء ما فات كما فات لاحظ ما رواه زرارة «1» فكما أن الفائت لو كان قصرا أو جهريا يجب المراعاة كذلك الترتيب فهذا أمر علي القاعدة في الجملة.

و يدل علي لزوم مراعاة الترتيب بين العشاءين ما رواه ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان نام رجل أو نسي أن يصلي المغرب و العشاء الآخرة فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما و ان خاف أن تفوته احداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة و ان استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح

ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس «2».

و بعدم الفرق بين العشاءين و الظهرين يتم الامر في الظهرين أيضا.

و مثله ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: و ان كانت المغرب و العشاء قد فاتتاك جميعا فابدأ بهما قبل أن تصلي الغداة ابدأ بالمغرب ثم العشاء فان خشيت أن تفوتك الغداة ان بدأت بهما فابدأ بالمغرب ثم صل الغداة ثم صل العشاء و ان خشيت أن تفوتك الغداة ان بدأت بالمغرب فصل الغداة ثم صل المغرب و العشاء ابدأ بأولهما لأنهما جميعا قضاء الحديث «3».

و مثله ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان نام رجل و لم يصل صلاة المغرب و العشاء أو نسي فان استيقظ قبل الفجر قد رما يصليهما كلتيهما فليصلهما و ان خشي أن تفوته احداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة و ان استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصل الفجر ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس فان خاف أن

______________________________

(1) لاحظ ص: 92

(2) الوسائل الباب 62 من أبواب المواقيت الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 63 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 119

______________________________

تطلع الشمس فتفوته احدي الصلاتين فليصل المغرب و يدع العشاء الآخرة حتي تطلع الشمس و يذهب شعاعها ثم ليصلها «1».

و أما في غير الظهرين و العشاءين فهل يعتبر الترتيب بين قضاء الفوائت أم لا؟

اختلف القول بين الاصحاب في الاعتبار و عدمه و القاعدة الاولية تقتضي عدم الاعتبار فان اطلاق دليل القضاء يقتضي عدم الاعتبار بالنسبة الي كل ما يحتمل اعتباره و كذلك اصل البراءة يقتضي ذلك.

و ما يمكن أن يستدل به علي الاعتبار عدة روايات منها ما رواه جعفر بن الحسن المحقق في

المعتبر عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت: تفوت الرجل الاولي و العصر و المغرب و يذكر بعد العشاء قال: يبدأ بصلاة الوقت الذي هو فيه فانه لا يأمن الموت فيكون قد ترك الفريضة في وقت قد دخل ثم يقضي ما فاته الاول فالاول «2».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بالارسال و مع فرض رواية المحقق مسندا يكون السند مجهولا فلا اعتبار بالرواية.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء و كان عليك قضاء صلوات فابدأ بأوّلهنّ فأذن لها و أقم ثم صلها ثم صل ما بعدها باقامة لكل صلاة الحديث «3».

و الاستدلال بالرواية يتوقف علي كون المراد بأولهن، الاولي بالفوات فيراعي الترتيب بين الفوائت.

______________________________

(1) الوسائل الباب 62 من أبواب المواقيت الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 63 من أبواب مواقيت الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 120

[مسألة 228: إذا علم أن عليه احدي الصلوات الخمس يكفيه صبح و مغرب و رباعية]

(مسألة 228). اذا علم أن عليه احدي الصلوات الخمس يكفيه صبح و مغرب و رباعية بقصد ما في الذمة مرددة بين الظهر و العصر و العشاء و اذا كان مسافرا يكفيه مغرب و ثنائية بقصد ما في الذمة مرددة بين الاربع و ان لم يعلم انه كان مسافرا أو حاضرا يأتي

______________________________

و استشكل في هذا الاستدلال بأنه يمكن أن يكون المراد بأولهن، الاولي في باب القضاء بأن تكون الرواية ناظرة الي كيفية القضاء و أنه يكفيه اذان واحد للأولي و الشاهد علي هذا المعني قوله عليه السلام: «فأذن لها» و لو كانت ناظرة الي الفائت كان المناسب التعبير بالواو العاطفة لا الفاء التفريعية.

فتكون الرواية توافق من حيث المفاد حديث محمد بن مسلم قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلي الصلوات و هو جنب اليوم و اليومين و الثلاثة ثم ذكر بعد ذلك قال: يتطهر و يؤذن و يقيم في أولهن ثم يصلي و يقيم بعد ذلك في كل صلاة فيصلي بغير اذان حتي يقضي صلاته «1».

و لكن الانصاف انه لا يمكن رفع اليد عن ظهور الرواية في وجوب الترتيب بهذه الاشكالات فان الظاهر من قوله عليه السلام «فابدأ بأولهن» أنه يجب في مقام القضاء الشروع من الفريضة التي فاتت و لا تنافي بين ارادة هذا المعني و الاتيان بالتفريع بقوله عليه السلام: «فأذن لها» فان الاتيان بالاذان متفرع علي الابتداء بالاولي.

و يؤيد المدعي ما رواه جميل «2» فان دلالة الرواية علي اشتراط الترتيب واضحة انما الاشكال في سندها فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 91

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 121

بثنائية مرددة بين الثلاث و مغرب و يتخير في المرددة في جميع الفروض بين الجهر و الاخفات (1).

[مسألة 229: إذا علم أن عليه اثنتين من الخمس مرددتين]

(مسألة 229): اذا علم أن عليه اثنتين من الخمس مرددتين

______________________________

(1) قد وردت في المقام روايتان احداهما ما رواه علي بن أسباط عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من نسي من صلاة يومه واحدة و لم يدر أي صلاة هي صلي ركعتين و ثلاثا و أربعا «1».

ثانيتهما: ما رواه الحسين بن سعيد يرفع الحديث قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي من الصلوات لا يدري أيتها هي قال: يصلي ثلاثة و أربعة و ركعتين فان كانت الظهر أو العصر أو العشاء فقد صلي أربعا و ان كانت المغرب أو الغداة فقد صلي «2».

و كلتا

الروايتين ضعيفتان أما الاولي فبالارسال فان عنوان غير واحد لا يدخل الخبر في المتواتر فان هذا العنوان يصدق علي الثلاثة و ما فوقها مضافا الي المناقشة في الوشاء.

و أما الثانية فبالرفع و البرقي فلا بد من العمل علي طبق القاعدة و مقتضاها الاتيان بالصبح و المغرب و رباعية جهرية و رباعية اخفاتية علي ما هو المقرر عند القوم من كون العلم الإجمالي منجزا نعم لا نري مانعا من أن يأتي برباعية يقرأ فيها مرتين: مرة جهرا و اخري اخفاتا يقصد الاتيان بما هو في ذمته و تكون الاخري مستحبة هذا ما يختلج بالبال القاصر عاجلا و مما ذكرنا يعلم ما في المتن من الاشكال فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 122

في الخمس من يوم وجب عليه الاتيان بأربع صلوات فيأتي بصبح ثم رباعية مرددة بين الظهر و العصر ثم مغرب ثم رباعية مرددة بين العصر و العشاء و ان كان مسافرا يكفيه ثلاث صلوات ثنائية مرددة بين الصبح و الظهر و العصر و مغرب ثم ثنائية مرددة بين الظهر و العصر و العشاء و ان لم يعلم أنه كان مسافرا أو حاضرا أتي بخمس صلوات فيأتي بثنائية مردة بين الصبح و الظهر و العصر ثم برباعية مرددة بين الظهر و العصر ثم بمغرب ثم بثنائية مرددة بين العصر و العشاء ثم برباعية مرددة بين العصر و العشاء (1).

[مسألة 230: إذا علم أن عليه ثلاثا من الخمس وجب عليه الإتيان بالخمس]

(مسألة 230): اذا علم أن عليه ثلاثا من الخمس وجب عليه الاتيان بالخمس و ان كان الفوت في الضر يكفيه أربع صلوات ثنائية مرددة بين الصبح و الظهر و ثنائية اخري بين الظهر و العصر

ثم مغرب ثم ثنائية مرددة بين العصر و العشاء و اذا علم بفوات أربع منها

______________________________

(1) الذي يختلج بالبال أن يقال: انه يجب في مقام القضاء الاتيان بالصبح أو لا ثم الاتيان بالظهر و بعدها بالعصر و بعدها بالمغرب و بعدها بالعشاء و بالصبح مرة اخري و بأربع ركعات مرددة بين الظهر و العصر و بالمغرب مرة اخري و الوجه فيما ذكرنا أن النص الخاص الوارد في المقام لا يعتمد عليه لضعفه سندا فلا بد من العمل علي طبق العلم الإجمالي من الاتيان علي نحو يراعي فيه الترتيب فانه يقطع بالامتثال.

و مما ذكرنا في الحاضر يعلم الحال بالنسبة الي المسافر كما أنه يعلم الحال بالنسبة الي مورد الشك في أنه كان مسافرا أو حاضرا فانه يجب عليه أن يأتي بصبح

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 123

أتي بالخمس تماما اذا كان في الحضر و قصرا اذا كان في السفر و يعلم حال بقية الفروض مما ذكرنا و المدار في الجميع علي حصول العلم باتيان ما اشتغلت به الذمة و لو علي وجه الترديد (1).

______________________________

ثم بالظهر مرتين مرة قصرا و اخري تماما ثم بالعصر كذلك ثم بالمغرب ثم بالعشاء كذلك ثم بالصبح ثم بأربع ركعات مرددة بين الظهر و العصر و بركعتين كذلك ثم بالمغرب.

(1) ما افاده متين و صفوة القول: انه بعد وجوب الترتيب و تنجز العلم الإجمالي لا بد من الاتيان في مقام الامتثال بنحو يقطع بفراغ الذمة غاية الأمر الطريق الذي يقطع به بالفراغ يختلف بحسب اختلاف المباني فانه لو لم يعمل بالنص الخاص لضعفه سندا و الالتزام بوجوب الترتيب في القضاء كما التزمنا تكون النتيجة ما ذكرنا في مقام تحصيل الفراغ.

و لسيدنا الاستاد كلام في

المقام و هو أنه لا يجب مراعاة الجهر و الاخفات في أمثال المقام و ذلك لان عمدة الدليل علي الجهر و الاخفات ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في رجل جهر فيما لا ينبغي الاجهار فيه و أخفي فيها لا ينبغي الاخفاء فيه فقال: أي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته و عليه الاعادة فان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شي ء عليه و قد تمت صلاته «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان الناقض للصلاة التعمد و بعبارة اخري: يستفاد من هذه الرواية ان العلم شرط في التكليف بالجهر و الاخفات و مع الجهل- كما في المقام- لا يشترطان و قد ذكرنا في الاصول انه لا مانع من أن يكون العلم بمرتبة من الحكم شرطا لمرتبة اخري فانه يمكن أن يكون العلم بمرحلة الجعل

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 124

[مسألة 231: إذا شك في فوات فريضة أو فرائض لم يجب القضاء]

(مسألة 231): اذا شك في فوات فريضة أو فرائض لم يجب القضاء (1) و اذا علم بالفوات و تردد بين الاقل و الاكثر جاز له الاقتصار

______________________________

و الحكم الانشائي مأخوذا في موضوع الحكم الفعلي.

و في كلامه موارد للنظر الاول: انه ليس قائلا بمراتب للحكم و يقول: للحكم اقتضاء ثم يتحقق مرحلة الشوق ثم مرحلة العجل ثم التنجز فقيل الجعل لا إنشاء و بعد الجعل الحكم فعلي و لا نتصور لمرحلة الانشاء مرحلة غير مرحلة الفعلية.

الثاني: انه يلزم ان المكلف لو قصر و لم يفحص و صلي اخفاتا في مورد الجهر أو بالعكس أن تكون صلاته صحيحة اذ لم يحصل له العلم بمرحلة الانشاء.

الثالث: ان المستفاد من الروايه ان النسيان و السهو يمنعان

من البطلان لا أن التعمد دخيل في الفساد.

و بكلمة اخري: ان الرواية لو كانت ناظرة الي صورة العلم التفصيلي بالحكم مع التوجه و التذكر يلزم أن نلتزم بالصحة و لو مع امكان العلم بالواقع كما لو كتب الفائت في دفتره و نسي أنه كان عشاء أو ظهرا يكفي الإتيان بأربع ركعات مخيرا بين الجهر و الاخفات.

مضافا الي أنه مع العلم الإجمالي يكون التكليف منجزا و الترك يكون عمديا.

و ان شئت قلت. ان المستفاد من الرواية انه لو اجهر في موضع الاخفات أو العكس عن عذر تصح صلاته و في المقام لا عذر للمكلف في ارتكاب خلاف الواقع فلا بد من العمل علي طبق اقتضاء العلم الإجمالي و اللّه العالم.

(1) لأنه شك في التكليف و مقتضي البراءة عدم الوجوب لكن هذا يتم علي القول بأن القضاء مترتب علي الفوت و عنوان الفوت أمر وجودي لا يثبت باستصحاب عدم الاتيان بالفريضة و أما علي القول بأن الفوت ليس عنوانا وجوديا بل عنوان عدمي فيشكل الامر لان مقتضي استصحاب عدم الاتيان بالفريضة في الوقت وجوب

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 125

علي الاقل (1) و ان كان الاحوط استحبابا التكرار حتي يحصل العلم بالفراغ (2).

______________________________

القضاء خارجه.

لكن يمكن أن يستدل علي عدم وجوب القضاء مع الشك في الفوت بقاعدة الحيلولة المستفادة من حديث زرارة و الفضيل «1».

فان مقتضي هذا الحديث ان الشك في فوت الفريضة بعد الوقت لا أثر له و يحكم بتحققها و لا تختص القاعدة المستفادة من الحديث بمورد يحتمل الغفلة كي يقال- كما في كلام سيدنا الاستاد-: انه لو لم يكن الشك ناشيا عن احتمال الغفلة كما لو نام مدة و لا يدري انه نام يوما أو يومين

فان قاعدة الحيلولة لا تجري في مثل المفروض في الكلام فلا بد من الاخذ باصالة البراءة اذ لا وجه للاختصاص.

(1) للشك في التكليف الزائد و مقتضي قاعدة الحيلولة عدم وجوب القضاء الا مع اليقين بالفوات.

(2) و هو المشهور- كما في بعض الكلمات و حسن الاحتياط علي القاعدة فانه ثبت في محله أن الاحتياط حسن مع احتمال التكليف الواقعي و لو لا حسن الاحتياط كان بقاء التكليف في الواقع لغوا فهذا مما لا اشكال فيه و ربما يذكر بعض الموانع:

منها: قاعدة نفي العسر بدعوي: انها تقتضي رفع الاحتياط. و فيه: ان الكلام في حسن الاحتياط لا في وجوبه مضافا الي أن القاعدة لو اقتضت رفع الاحتياط حتي رجحانه يلزم كون الامر الواقعي لغوا و لا اشكال في بقائه مع عدم تحقق مصداق المكلف به في الخارج.

و ان شئت قلت: لو كان هذا البيان تاما يلزم رفع الحكم الواقعي و الا كيف يمكن

______________________________

(1) لاحظ ص: 93

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 126

[مسألة 232: لا يجب الفور في القضاء فيجوز التأخير ما لم يحصل التهاون في تفريغ الذمة]

(مسألة 232): لا يجب الفور في القضاء فيجوز التأخير ما لم يحصل التهاون في تفريغ الذمة (1).

______________________________

بقاء الحكم الواقعي و عدم حسن الاحتياط الا أن يقال: بأنه يكفي لبقاء الحكم الواقعي حكم العقل بحسن الاحتياط و لا يستلزم الحكم الواقعي تعلق الامر المولوي بالاحتياط.

اضف الي ذلك كله انه لو كان التقريب تاما يلزم رفع الحكم الواقعي اذ الموجب للعسر ذلك التكليف و لا اشكال في بقائه فتأمل.

و بالاضافة الي جميع ما تقدم ان رفع العسر لا يستلزم رفع الاحتياط علي الاطلاق بل بمقدار يوجب العسر و أما مع عدمه فلا.

و منها: انه بعث بالحنفية السمحة «1» و فيه اولا انه غير معتبر سندا و ثانيا:

لا ينافي

حسن الاحتياط السماح فلاحظ و منها: ما رواه حمزة بن حمران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ما أعاد الصلاة فقيه قط يحتال لها و يدبرها حتي لا يعيدها «2».

و فيه: انه لا ينافي الاحتياط و مفاد الحديث اجنبي عن المقام مضافا الي أن حمزة بن حمران لم يوثق.

(1) الكلام هنا بالنسبة الي الوجوب النفسي لا الشرطي اي الكلام في أن الفضاء وجوبه مضيق بحيث لا يجوز للمكلف الاشتغال بشي ء آخر حتي الاكل و الشرب و ذهب الي الفورية بعض الفقهاء بل عن الحدائق: ان المشهور بين القدماء وجوب القضاء فورا و المشهور بين المتأخرين خلافها و أنهم ذهبوا الي المواسعة و ما يمكن أن يكون وجها للقول الاول امور:

منها قاعدة الاشتغال و اصالة الاحتياط. و فيه: ان الشك في الوجوب مورد

______________________________

(1) كنز العمال ج 6 ص: 111 حديث 1721

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 127

______________________________

للبراءة حتي عند الاخباريين.

و منها ان: الامر بالقضاء يقتضي الفورية و فيه: ان المحقق في الاصول ان الامر لا يقتضي الفورية بل مقتضاه الاتيان علي الاطلاق.

و منها: قوله تعالي: «وَ أَقِمِ الصَّلٰاةَ لِذِكْرِي» «1». بتقريب: ان الاية تدل علي وجوب قضاء الفائتة لدي التذكر و لو بمعونة النص.

و الانصاف انه لا يظهر من الاية بنفسها هذا المعني بل المستفاد منها انه تجب الصلاة لغاية التذكر فان الغرض الاقصي التذكر له تعالي أو لان الصلاة تشتمل علي الذكر فالمستفاد منها ان الصلاة انما تجب كي يذكر العبد ربه لا أن الصلاة واجبة في موقع تذكير اللّه عبده فالاضافة من قبيل اضافة المصدر الي المفعول لا من اضافته الي الفاعل.

مضافا الي

أنه ليس في الاية شاهد يشهد ان المراد من الصلاة قضائها فيمكن أن يكون المراد اداء الصلاة.

اضف الي ذلك انه لو ثبت هذا الحكم بالنسبة إلي موسي عليه السلام فلا دليل علي ثبوته بالنسبة إلينا اذا لاستصحاب علي فرض جريانه معارض بعدم الجعل الزائد.

هذا بحسب المستفاد من الاية و أما النص ففي المقام روايتان: احداهما ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت اخري فان كنت تعلم انك اذا صليت التي فاتتك كنت من الاخري في وقت فابدأ بالتي فاتتك فان اللّه عز و جل يقول: «اقم الصلاة لذكري» و ان كنت تعلم أنك اذا صليت التي فاتتك فاتتك التي بعدها فابدأ بالتي أنت في وقتها و اقض الاخري «2»

______________________________

(1) طه/ 14

(2) الوسائل الباب 62 من أبواب المواقيت الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 128

______________________________

و الرواية ضعيفة بقاسم بن بالعروة.

ثانيتهما: ما رواه الشهيد في الذكري بسنده الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتي يبدأ بالمكتوبة قال: فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عتيبة و أصحابه فقبلوا ذلك مني فلما كان في القابل لقيت أبا جعفر عليه السلام فحدثني أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عرس في بعض أسفاره و قال: من يكلؤنا؟ فقال بلال: أنا فنام بلال و ناموا حتي طلعت الشمس فقال: يا بلال ما أرقدك؟ فقال:

يا رسول اللّه أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفاسكم فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله:

قوموا فتحولوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة فقال: يا بلال أذن فأذن فصلي رسول اللّه

صلي اللّه عليه و آله ركعتي الفجر و أمر أصحابه فصلوا ركعتي الفجر ثم قام فصلي بهم الصبح و قال: من نسي شيئا من الصلاة فليصلها اذا ذكرها فان اللّه عز و جل يقول: «و أقم الصلاة لذكري» قال زرارة: فحملت الحديث الي الحكم و أصحابه فقالوا: نقضت حديثك الاول فقدمت علي أبي جعفر عليه السلام فاخبرته بما قال القوم فقال: يا زرارة ألا أخبرتهم أنه قد فات الوقتان جميعا و أن ذلك كان قضاء من رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله «1».

و هذه الرواية علي تقدير تمامية سندها لا تدل علي المدعي اذ المستفاد منها أن القضاء واجب كالأداء لغاية التذكر و أما وجوب القضاء فورا فلا بل يستفاد من الرواية عدم وجوب الفور اذ لو كان واجبا فوريا لم يكن التحول من ذلك المكان جائزا و أيضا كيف يمكن الالتزام به مع تقديم النافلة فان الفورية تنافي التقديم فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 61 من أبواب المواقيت الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 129

______________________________

اضف الي ذلك ان الرواية فيها ما فيها فانه كيف يمكن الالتزام بأن النبي صلي اللّه عليه و آله رقد وفاته الفجر فهل يمكن الالتزام به مع ورود آية التطهير في شأنه.

و يضاف الي ذلك كله أن الرواية من حيث السند مخدوشة.

و منها: جملة من النصوص و من تلك النصوص ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألت عن الرجل ينام عن الغداة حتي تبزغ الشمس أ يصلي حين يستيقظ أو ينتظر حتي تنبسط الشمس؟ فقال: يصلي حين يستيقظ قلت: يوتر أو يصلي الركعتين؟ قال: بل يبدأ بالفريضة «1».

بتقريب ان المستفاد من الرواية وجوب اقامة الصلاة

عند طلوع الشمس و فيه: ان الظاهر منها السؤال عن جواز الاقامة أو لزوم التأخير الي انبساط الشمس فقوله: «يصلي» تجويز لا ايجاب.

و منها: ما رواه سماعة بن مهران قال: سألته عن رجل نسي أن يصلي الصبح حتي طلعت الشمس قال: يصليها حين يذكرها فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله رقد عن صلاة الفجر حتي طلعت الشمس ثم صليها حين استيقظ و لكنه تنحي عن مكانه ذلك ثم صلي «2».

و الانصاف: ان دلالة هذه الرواية علي المدعي لا قصور فيها و لا دليل علي أن وجه السؤال جواز الاتيان بالصلاة عند طلوع الشمس كي يقال: بأن الامر وارد مورد توهم الحظر فلا يدل علي الوجوب.

الا أن يقال: أن تحوله صلي اللّه عليه و آله عن ذلك المكان ينافي الفورية كما

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 130

______________________________

مر مضافا الي الخدشة في الرواية من حيث اشتمالها علي ما لا يناسب اسناده الي النبي صلي اللّه عليه و آله.

و منها: جملة اخري من الروايات و هي التي تدل علي أن من فاته يأتي بقضائه متي ذكره و من تلك الروايات ما رواه زرارة «1» و منها: ما رواه أيضا «2».

و منها: ما رواه نعمان الرازي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل فاته شي ء من الصلوات فذكر عند طلوع الشمس و عند غروبها قال: فليصل حين ذكره «3».

و تقريب الاستدلال بهذه النصوص ان الظاهر منها انه يجب علي المكلف الاتيان بالصلاة حين الذكر فتجب الفورية في القضاء.

و قد أورد السيد الحكيم قدس سره علي الاستدلال بأن حق التعبير أن يقال:

يأتي بها أول

ما يذكر فان ترك فليقض اولا فأولا و أورد علي ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام بأن المستفاد من الرواية انه يشترط في الاتيان بالاداء الاتيان بالفائتة أولا و لا يرتبط بمسألة المضايقة.

و فيما أفاده أولا من الايراد نقاش فان التعابير مختلفة و الظاهر انه يستفاد من هذا التعبير الواقع في الرواية الفورية فالعمدة الاشكال في السند كما مر.

و أما الحديث الثاني لزرارة عن أبي جعفر عليه السلام فالسند الواقع فيه ضعيف بقاسم بن عروة فلا موضوع للاستدلال.

______________________________

(1) لاحظ ص: 91

(2) لاحظ ص: 127

(3) الوسائل الباب 39 من أبواب المواقيت الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 131

______________________________

و أورد سيدنا الاستاد علي الاستدلال بأن المستفاد من النصوص الوجوب الشرطي اي يشترط في صحة الحاضرة الاتيان بالفائتة و هذا مطلب آخر لسنا بصدده في هذا المجال و أما كلمة «اذا» فلا تكون للتوقيت بل شرط للتكليف بدعوي ان تحقق التكليف في الواقع يتوقف علي التذكر و عدم امكان وجود التكليف و تعلقه بالغافل و الناسي و لذا ذكرنا في مفاد حديث الرفع ان الرفع واقعي بالنسبة الي غير ما يعلمون.

و ما أفاده غير تام اذ يستفاد من بعض النصوص ايجاب الاتيان بالقضاء مع قطع النظر عن الاتيان بالحاضرة و عدمه لاحظ حديث زرارة «1» عن أبي جعفر عليه السلام الوارد في القضاء و فيه قال عليه السلام «يقضيها اذا ذكرها في أي ساعة ذكرها في ليل أو نهار».

و مما يدل علي الفورية ما رواه أبو ولاد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

اني كنت خرجت من الكوفة في سفينة الي قصر ابن هبيرة و هو من الكوفة علي نحو من عشرين فرسخا في الماء فسرت

يومي ذلك اقصر الصلاة ثم بد إلي في الليل الرجوع الي الكوفة فلم أدر أصلي في رجوعي بتقصير أو بتمام و كيف كان ينبغي أن أصنع؟ فقال: ان كنت سرت في يومك الذي خرجت فيه بريدا فكان عليك حين رجعت أن تصلي بالتقصير لأنك كنت مسافرا الي أن تصير الي منزلك قال: و ان كنت لم تسرفي يومك الذي خرجت فيه بريدا فان عليك أن تقضي كل صلاة صليتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام من قبل أن تؤم من مكانك ذلك لأنك لم تبلغ الموضع الذي يجوز فيه التقصير حتي رجعت فوجب عليك قضاء

______________________________

(1) لاحظ ص: 90

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 132

______________________________

ما قصرت و عليك اذا رجعت أن تتم الصلاة حتي تصير الي منزلك «1».

و يعارضه ما رواه زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يخرج مع القوم في السفر يريده فدخل عليه الوقت و قد خرج من القرية علي فرسخين فصلوا و انصرف بعضهم في حاجة فلم يقض له الخروج ما يصنع بالصلاة التي كان صلاها ركعتين؟ قال: تمت صلاته و لا يعيد «2».

و أفاد سيدنا الاستاد بأنه يحمل علي الاستحباب بقرينة المعارض لكن الحق انهما متعارضان فيتساقطان و المرجع تلك الروايات الدالة علي الفورية لكن القائل بالفورية ان كان قائلا بها علي الدقة فيعارضها ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله من أنه صلي اللّه عليه و آله نام وفات عنه الفرض اذ يدل ذلك الحديث علي أنه أخر الصلاة و لم يأت بها فورا و ان كان قائلا بالفورية العرفية فلا دليل عليها الا أن يقال بأن الحديث المتضمن لنوم النبي صلي اللّه عليه و آله ليس قابلا

للاعتماد فان مقامه أجل و شأنه أرفع من أن ينام و يفوت عنه الواجب فيبقي دليل وجوب الفورية محكما.

مضافا الي أنه يمكن أن يكون فعل النبي صلي اللّه عليه و آله لملاك خاص لا نعلمه و يؤيده ما رواه سماعة «3».

فانقدح مما ذكرنا ان المقتضي لوجوب الفورية تام فلو لم يكن مانع من العمل بتلك الادلة يجب الالتزام بها فنقول: ما يمكن أن يقال في وجه عدم وجوب الفور أو قيل أمور:

الاول: اصالة البراءة. و فيه: أنه انما يؤخذ بالأصل مع عدم دليل علي وجوب

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 129

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 133

______________________________

الفور و المفروض تمامية الدليل.

الثاني: لزوم الحرج و قد أورد علي الاستدلال به سيدنا الاستاد بأن دليل نفي الحرج لا ينفي التكليف الوارد في مورد الحرج كالجهاد مثلا بل دليل وجوب القضاء يوجب تخصيص دليل رفع الحرج.

و ما أفاده و ان كان تاما لكن انما يتم بالنسبة الي الحرج الملازم و أما لو لم يكن لازما فلا وجه لعدم شمول دليل نفي الحرج. و بعبارة اخري: الاتيان بالفائتة يكون فيه مشقة بمقدار و هذا المقدار من المشقة لا يوجب رفع وجوب القضاء اذ التكليف وارد في موردها و أما الزائد علي هذا المقدار فلا وجه لرفع اليد عن دليل رفع الحرج.

و ملخص الكلام: ان الحرج الساري في جميع موارد الاتيان بالقضاء لا يوجب رفع التكليف و أما الزائد عليه فلا وجه لعدم كونه رافعا لكن الاشكال في الاستدلال من ناحية اخري و هو: ان الحرج الرافع للتكليف ليس نوعيا بل يكون شخصيا فلا بد من

ملاحظة الموارد ففي كل مورد يكون الاتيان بالفائتة حرجيا يرتفع الوجوب و الا فلا.

مضافا الي أن الفائتة لو كانت كثيرة و يكون الاتيان بها حرجيا لا مانع من الالتزام بوجوب الفورية بمقدار لا يلزم منه الحرج.

و بعبارة اخري: يكون وجوب الفور بالنسبة الي كل فائتة مستقلا و لا يرتبط بالاخري فما دام لا يكون حرجيا يجب الاتيان فورا و فيما يحصل الحرج يرتفع الوجوب.

الثالث: ما ورد في نوم النبي صلي اللّه عليه و آله فانه يدل علي عدم الفور.

و فيه: ان الاغماض عن هذه الروايات احري و أولي فانه كيف يمكن الالتزام بمفادها

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 134

______________________________

مع نزول آية التطهير في شأنه صلي اللّه عليه و آله.

مضافا الي أنا ذكرنا ان ارتحاله صلي اللّه عليه و آله من ذلك المكان و عدم الاتيان بالقضاء فورا يمكن أن يكون لملاك خاص فلا وجه لرفع اليد عن دليل وجوب الفور.

الرابع: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء و كان عليك قضاء صلوات فابدأ باولهن فأولهن فأذن لها و أقسم ثم صلها ثم صل ما بعدها باقامة اقامة لكل صلاة و قال: قال أبو جعفر عليه السلام:

و ان كنت قد صليت الظهر و قد فاتتك الغداة فذكرتها فصل الغداة اي ساعة ذكرتها و لو بعد العصر و متي ما ذكرت صلاة فاتتك صليتها و قال: اذا نسيت الظهر حتي صليت العصر فذكرتها و أنت في الصلاة أو بعد فراغك فانوها الاولي ثم صل العصر فانما هي أربع مكان أربع و ان ذكرت أنك لم تصل الاولي و أنت في صلاة العصر و قد صليت منها ركعتين فانوها الاولي

ثم صل الركعتين الباقيتين و قم فصل العصر و ان كنت قد ذكرت أنك لم تصل العصر حتي دخل وقت المغرب و لم تخف فوتها فصل العصر ثم صل المغرب فان كنت قد صليت المغرب فقم فصل العصر و ان كنت قد صليت من المغرب ركعتين ثم ذكرت العصر فانوها العصر ثم قم فأتمها ركعتين ثم تسلم ثم تصلي المغرب فان كنت قد صليت العشاء الآخرة و نسيت المغرب فقم فصل المغرب و ان كنت ذكرتها و قد صليت من العشاء الآخرة ركعتين أو قمت في الثالثة فانوها المغرب ثم سلم ثم قم فصل العشاء الآخرة فان كنت قد نسيت العشاء الآخرة حتي صليت الفجر فصل العشاء الآخرة و ان كنت ذكرتها و أنت في الركعة الاولي و في الثانية من الغداة فانوها العشاء ثم قم فصل الغداة و أذن و أقم و ان كانت المغرب و العشاء قد فاتتاك جميعا فابدأ بهما قبل أن تصلي الغداة ابدأ بالمغرب

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 135

______________________________

ثم العشاء فان خشيت أن تفوتك الغداة ان بدأت بهما فابدأ بالمغرب ثم صلي الغداة ثم صل العشاء و ان خشيت أن تفوتك الغداة ان بدأت بالمغرب فصل الغداة ثم صل المغرب و العشاء ابدأ بأولهما لأنهما جميعا قضاء أيهما ذكرت فلا تصلهما الا بعد شعاع الشمس قال: قلت: و لم ذاك؟ قال: لأنك لست تخاف فوتها «1».

بتقريب: ان الخطاب لزرارة و مع وجوب الفور كيف يمكن أن يخالف مثل زرارة.

و بعبارة اخري: لو كان قضاء الفائتة فوريا لما أخل بها مثل زرارة مع جلالته مقامه فلا يتصور في حقه.

و فيه ان الخطاب لزرارة بنحو القضية الشرطية لا يستلزم التحقق الخارجي كما

هو ظاهر نعم ذيل الرواية يدل علي المطلوب فان قوله عليه السلام «فلا تصلهما الا بعد شعاع الشمس» يدل علي عدم الفور و أما قوله: «لأنك لست تخاف فوتها» فلا يدل عليه لأنه لا شبهة في أن وقت القضاء موسع غاية الامر القائل بالمضايقة يقول يجب الاتيان بها فورا ففورا.

الخامس: ما رواه أبو بصير «2» فان قوله عليه السلام: «و يدع العشاء حتي تطلع الشمس و يذهب شعاعها» يدل علي المطلوب اذ لو كان الفور واجبا لم يكن التأخير جائزا.

و ان شئت قلت: ان رفع اليد عن الملاك الملزم بلحاظ الملاك غير الملزم أمر غير ممكن.

الوجه الاخير: السيرة فان المتشرعة حتي الاتقياء الذين يشار اليهم بالبنان

______________________________

(1) الوسائل الباب 63 من أبواب المواقيت الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 118

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 136

[مسألة 233: لا يجب تقديم القضاء علي الحاضرة]

(مسألة 233): لا يجب تقديم القضاء علي الحاضرة فيجوز الاتيان بالحاضرة لمن عليه القضاء و لو كان ليومه (1).

______________________________

يؤخرون القضاء و لا يأتون به فورا و هذا يدل علي عدم الوجوب.

و ان شئت قلت: انه لو كان واجبا لشاع و ذاع. فالنتيجة: انه لا يجب الفور في الاتيان بالقضاء بل الوجوب موسع ما دام العمر إلا فيما يوجب الفوت و ميزان الحد المزبور يشكل تشخيصه فربما يقال: ان حده الظن بالفوت.

و فيه ان الظن بنفسه لا يكون حجة فالحق أن يقال: ان حده حصول الوثوق بالفوت بلحاظ الامارات الموجبة له فلاحظ و تأمل و الاحتياط طريق النجاة عصمنا اللّه من الزلل.

و صفوة القول: ان وجوب القضاء كوجوب الاداء فكما ان المكلف لا يجب عليه المبادرة الي الاتيان بفريضة الظهر مثلا بل يجوز له التأخير الي آخر وقت الاجزاء إلا مع قيام دليل علي

أنه لو لم يأت بها تفوت كذلك بالنسبة الي القضاء و لعل ما أفاده الماتن من قوله: «ما لم يحصل التهاون في تفريغ الذمة» يرجع الي ما ذكرنا و اللّه العالم.

(1) و في قبال هذا القول القول بوجوب التقديم و تأخير الحاضرة و في مقام الاستدلال تارة يستدل بالاصل اي اصالة الاشتغال و اخري بالنصوص الخاصة أما الدليل الاول فيرد عليه ان المرجع عند الشك اصالة البراءة لا الاشتغال.

و أما الدليل الثاني فالحري بالبحث أن نذكر النصوص المستدل بها علي المضايقة كي نري ما يستفاد منها: و من تلك النصوص ما رواه زرارة «1».

و هذه الرواية ضعيفة بقاسم بن عروة فانه لم يوثق و مع ضعف السند لا تصل النوبة الي مسألة الدلالة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 127

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 137

______________________________

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سألته عن رجل نسي الظهر حتي دخل وقت العصر قال: يبدأ بالظهر و كذلك الصلوات تبدأ بالتي نسيت الا أن تخاف أن تخرج وقت الصلاة فتبدأ بالتي أنت في وقتها ثم تقضي التي نسيت «1» و هذه الرواية ضعيفة بسهل و محمد بن سنان.

و منها: ما رواه معمر بن يحيي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صل علي غير القبلة ثم تبينت القبلة و قد دخل وقت صلاة اخري قال: يعيدها قبل أن يصلي هذه التي قد دخل وقتها الحديث «2» و هذه الرواية أيضا ضعيفة سندا لضعف اسناد الصدوق الي الطاطري.

و منها: ما رواه صفوان بن يحيي عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل نسي الظهر حتي غربت الشمس و قد كان صلي العصر فقال: كان أبو جعفر عليه السلام أو كان

أبي عليه السلام يقول: ان أمكنه أن يصيلها قبل أن تفوته المغرب بدأ بها و الاصلي المغرب ثم صلها «3».

و هذه الرواية مورد المناقشة و الاشكال اذ تدل علي رجحان تقديم المغرب علي العصر فيما يخاف فوت وقت الفضيلة.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي صلاة حتي دخل وقت صلاة اخري فقال: اذا نسي الصلاة أو نام عنها صلي حين يذكرها فاذا ذكرها و هو في صلاة بدأ بالتي نسي و ان ذكرها مع امام في صلاة المغرب اتمها بركعة ثم صلي المغرب ثم صلي العتمة بعدها و ان كان صلي العتمة وحده فصلي منها ركعتين ثم ذكر أنه نسي المغرب أتمها بركعة فتكون

______________________________

(1) الوسائل الباب 62 من أبواب المواقيت الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب القبلة الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 62 من أبواب المواقيت الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 138

______________________________

صلاته للمغرب ثلاث ركعات ثم يصلي العتمة بعد ذلك «1».

و هذه الرواية ضعيفة بمعلي. و منها: ما رواه زرارة «2» و هذه الرواية تامة سندا و محل الاستشهاد بالرواية ثلاث فقرات:

الاولي: قوله عليه السلام: «و ان كنت قد ذكرت انك لم تصل العصر حتي دخل وقت المغرب و لم تخف فوتها فصل العصر ثم صل المغرب».

بتقريب: ان هذه الجملة تدل علي لزوم تقديم الفائتة علي الحاضرة و لزوم تأخيرها عنها.

و فيه: انه لا يبعد أن يكون الظاهر من الرواية ان المراد بخوف الفوت فوت وقت الفضيلة. و بعبارة اخري: يستفاد من الجملة ان تذكره باق حتي دخل وقت المغرب و من الظاهر ان الاشتراط لا ينثلم بخوف وقت الفضيلة.

و بتعبير

آخر فوت وقت الفضيلة لا يوجب رفع اليد عن الاتيان بالواجب هذا أولا.

و ثانيا أن المستفاد من صدر الرواية ان الامام عليه السلام في مقام بيان قضاء الفائتة و ليس ناظرا الي بيان شرط الحاضرة مضافا الي أنه يمكن أن يقال: بأن الامر في مورد الحظر فانه ربما يتوهم عدم جواز الاتيان بالفائتة قبل الفريضة.

أضف الي ذلك أن الرواية علي ما قبل تشمل علي ما لا يقول به أحد و هو العدول الي السابقة بعد الفراغ و أيضا يوجب و هن الاستدلال أن الرواية يستفاد من ذيلها جواز التأخير و الحال أنه ادعي انه لم يفصل بين وجوب الترتيب و بين جواز التأخير بمعني انه لم يقل أحد بأنه يجوز تأخير الفائتة من حيث الزمان في

______________________________

(1) الوسائل الباب 63 من أبواب المواقيت الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 134

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 139

______________________________

حد نفسه و يجب تقديمها علي الحاضرة.

و ان شئت فقل: انه لم يفصل أحد بين الفوريتين فلاحظ.

الثانية قوله عليه السلام: «و ان كنت قد صليت من المغرب ركعتين ثم ذكرت العصر ثم قم فاتمها ركعتين» الحديث.

بتقريب: انه يستفاد من هذه الجملة ان المغرب مترتبة علي العصر و لو لا الترتب لم يكن وجه للعدول من المغرب الي العصر.

و استشكل سيدنا الاستاد علي التقريب المذكور أو لا بأنه عليه السلام في مقام حكم الفائتة لا بيان شرط الحاضرة فلا يدل علي الاشتراط و ثانيا بأن الامر وارد في مورد توهم الحظر حيث يتوهم عدم جواز العدول.

و فيه: أن ظهور الكلام حجة و الظاهر من الجملة ان العدول واجب و مع وجوبه يثبت المدعي. لكن الانصاف ان في النفس شيئا فانه لا يبعد أن يفهم من

مجموع الحديث ان محل الكلام و محط نظره عليه السلام بيان حكم الفائتة و ليس في بيان أحكام الحاضرة فلا دلالة في هذه الجملة علي المدعي.

و أما ما أفاده من أن الامر وارد مقام توهم الحظر فيرد عليه أن توهم الحظر يمنع ظهور الامر في الوجوب فيما يتوهم الحظر و لا يحتمل الوجوب و في المقام كما أنه يحتمل النهي كذلك يحتمل الامر لاشتراط الحاضرة بسبق الفائتة.

لكن يمنع عن الاستدلال علي المدعي أمر آخر و هو تعارض الصدر و الذيل اذ ذكرنا ان المستفاد من قوله عليه السلام: «و ان ذكرت انك لم تصل العصر حتي دخل وقت المغرب و لم تخف فوتها فصل العصر» الحديث، جواز تأخير الفائتة عن الحاضرة.

الثالثة: قوله عليه السلام: «و ان كانت المغرب و العشاء قد فاتتاك جميعا فابدأ

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 140

بل يستحب ذلك اذا خاف فوت فضيلة الحاضرة (1) و الا استحب تقديم الفائتة (2) و ان كان الاحوط تقديم الفائتة (3).

______________________________

بهما قبل أن تصلي الغداة» حيث دل علي لزوم تقديم الفائتة علي الحاضرة.

و الجواب هو الجواب فان سوق الرواية يقتضي ان الامام عليه السلام في مقام بيان حكم الفائتة لا الحاضرة مضافا الي أنه علي فرض الدلالة يكون معارضا بما دل علي جواز التأخير.

و لو اغمض عن الاجوبة المذكورة نقول: بأن هذه النصوص الدالة علي الاشتراط يعارضها نصوص اخر كحديث ابي بصير «1» و حديث ابن مسكان و ابن سنان «2» و بعد التعارض لو قلنا بأن مقتضي الجمع العرفي حمل تلك الاخبار علي الندب فهو و الا فيلزم أن يعامل معهما معاملة المتعارضين و حيث انه لا مرجح لأحدهما علي الاخر بل المرجح مع ما

يدل علي عدم الاشتراط اذا لدال علي عدم الاشتراط مخالف لما عن العامة و مع عدم المرجح يلزم التساقط و النتيجة عدم الاشتراط بلحاظ جريان البراءة اضف الي هذا كله ان السيرة قائمة علي عدم رعاية الترتيب و لا شبهة في قيام هذه السيرة.

(1) اذا مر بالتقديم في بعض النصوص في فرض فوت الفضيلة لاحظ ما رواه صفوان بن يحيي «3».

(2) فانه امر بالتقديم مع سعة الوقت و حيث لا يكون التقديم واجبا يكون مستحبا.

(3) خروجا عن الخلاف و لا اشكال في حسن الاحتياط.

______________________________

(1) لاحظ ص: 118

(2) لاحظ ص: 116 و 118

(3) لاحظ ص: 137

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 141

خصوصا في فائتة ذلك اليوم (1) بل يستحب العدول اليها من الحاضرة اذا غفل و شرع فيها (2).

[مسألة 234: يجوز لمن عليه القضاء الإتيان بالنوافل علي الأقوي]

(مسألة 234): يجوز لمن عليه القضاء الاتيان بالنوافل علي الاقوي (3).

[مسألة 235: يجوز الإتيان بالقضاء جماعة]

(مسألة 235): يجوز الاتيان بالقضاء جماعة سواء كان الامام قاضيا أيضا أم مؤديا بل يستحب ذلك (4) و لا يجب اتحاد صلاة الامام

______________________________

(1) لاحظ حديث صفوان «1» و نقل عن المختلف التفصيل بين فائتة اليوم و غيرها.

(2) كما نص به في حديث زرارة «2».

(3) مر الكلام من هذه الجهة في الفرع السادس عشر من فصل اوقات الرواتب.

(4) لإطلاق بعض نصوص الجماعة كحديث زرارة و الفضيل قالا: قلنا له:

الصلاة في جماعة فريضة هي؟ فقال: الصلاة فريضة و ليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها و لكنها سنة من تركها رغبة عنها و عن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له «3».

و مثله ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما يروي الناس أن الصلاة في جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمس و عشرين صلاة فقال:

صدقوا الحديث «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 137

(2) لاحظ ص: 134

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 142

و المأموم (1).

[مسألة 236: يجب لذوي الأعذار تأخير القضاء إلي زمان رفع العذر بعد ذلك]

(مسألة 236): يجب لذوي الاعذار تأخير القضاء الي زمان رفع العذر بعد ذلك و يجوز البدار اذا علم بعد ارتفاعه الي آخر العمر بل اذا احتمل بقاء العذر و عدم ارتفاعه أيضا لكن اذا قضي و ارتفع العذر وجبت الاعادة فيما اذا كان الخلل في الاركان و لا تجب الاعادة اذا كان الخلل في غيرها (2).

______________________________

و حديث اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: تقام الصلاة و قد صليت فقال: صل و اجعلها لما فات «1» و احاديث نوم النبي صلي اللّه عليه و آله «2» و حديث عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «3» و

أما حديث محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام: اني أحضر المساجد مع جيرتي و غيرهم فيأمرونني بالصلاة بهم و قد صليت قبل أن أتاهم و ربما صلي خلفي من يقتدي بصلاتي و المستضعف و الجاهل فأكره أن اتقدم و قد صليت لحال من يصلي بصلاتي ممن سميت ذلك فمرني في ذلك بأمرك أنتهي اليه و أعمل به ان شاء اللّه تعالي فكتب عليه السلام صل بهم «4» فلا يدل علي المدعي بل يدل علي استحباب الاعادة جماعة بالنسبة الي من صلي منفردا و لذا ذكر صاحب الوسائل الحديث في هذا الباب. فلاحظ.

(1) كما عليه السيرة و نتكلم حول الفرع في صلاة الجماعة.

(2) بمعني أن البدار مع ارتفاع العذر لا يجوز بحسب الواقع اذ المفروض

______________________________

(1) الوسائل الباب 55 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 127

(3) لاحظ ص: 137

(4) الوسائل الباب 54 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 143

[مسألة 237: إذا كان عليه فوائت و أراد أن يقضيها في ورد واحد]

(مسألة 237): اذا كان عليه فوائت و أراد أن يقضيها في ورد واحد أذن و أقام للأولي و اقتصر علي الاقامة في البواقي (1) و الظاهر ان السقوط رخصة (2).

[مسألة 238: يستحب تمرين الطفل علي أداء الفرائض و النوافل و قضائها]

(مسألة 238): يستحب تمرين الطفل علي اداء الفرائض و النوافل و قضائها (3).

______________________________

ان البدل الاضطراري انما يكون مجزيا فيما يكون العذر مستوعبا للوقت و الا فلا هذا بحسب الواقع و أما بحسب الحكم الظاهري فمع احتمال بقاء العذر و عدم ارتفاعه يجوز البدار بمقتضي الاستصحاب الاستقبالي فلو ارتفع العذر و انكشف مخالفة الحكم الواقعي للظاهري لا بد من التفصيل فان كانت الخلل في الامور التي لا يشملها حديث لا تعاد فلا بد من الاعادة و الا فلا.

(1) لاحظ حديث زرارة «1».

(2) لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الرجل اذا أعاد الصلاة هل يعيد الا ذان و الاقامة؟ قال: نعم «2» فان مقتضي الجمع بين هذه الرواية و حديث زرارة ان السقوط رخصة و لكن رواية عمار ناظرة الي الاعادة لا القضاء فلا وجه للالتزام بالرخصة الا أن يقال: حيث ان الامر في مقام توهم الحظر لا يستفاد منه أزيد من الرخصة فتأمل.

(3) لجملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه قال: انا نأمر صبياننا بالصلاة اذا كانوا بني خمس سنين فمروا صبيانكم بالصلاة اذا كانوا بني سبع سنين «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 134

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب أعداد الفرائض الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 144

بل علي كل عبادة (1).

______________________________

و منها: ما رواه في الخصال باسناده عن علي عليه السلام في حديث

الاربع مأئة قال: علموا صبيانكم الصلاة و خذوهم بها اذا بلغوا ثماني سنين «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن فضالة عن أبي عبد اللّه أو أبي جعفر عليهما السلام في حديث قال: سمعته يقول: يترك الغلام حتي يتم له سبع سنين فاذا تم له سبع سنين قيل له اغسل وجهك و كفيك فاذا غسلهما قيل له صل ثم يترك حتي يتم له تسع سنين فاذا تمت له علم الوضوء و ضرب عليه و امر بالصلاة و ضرب عليها فاذا تعلم الوضوء و الصلاة غفر اللّه لوالديه ان شاء اللّه «2».

و منها: ما رواه الفضيل بن يسار قال: كان علي بن الحسين عليه السلام يأمر الصبيان يجمعون بين المغرب و العشاء و يقول: هو من خير من أن يناموا عنها «3».

و منها: ما رواه ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: انا نأمر الصبيان أن يجمعوا بين الصلاتين: الاولي و العصر و بين المغرب و العشاء الآخرة ما داموا علي وضوء قبل أن يشتغلوا «4».

و مقتضي الطلاق هذه النصوص عدم الفرق بين القضاء و الاداء بل عدم الفرق بين الفرض و النفل.

(1) لوحدة الملاك و لما ورد في باب الصوم لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: انا نأمر صبياننا بالصيام اذا كانوا بني سبع سنين بما أطاقوا من صيام اليوم فان كان الي نصف النهار أو أكثر من ذلك أو أقل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب أعداد الفرائض الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 74 من أبواب أحكام الاولاد الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 145

و الاقوي مشروعية عباداته (1).

______________________________

فاذا

غلبهم العطش و الفرث أفطروا حتي يتعود و الصوم و يطيقوه فمروا صبيانكم اذا كانوا بني تسع سنين بالصوم ما أطاقوا من صيام فاذا غلبهم العطش أفطروا «1» و غيرها من الروايات الواردة في الباب 29 من أبواب من يصح منه الصوم من الوسائل.

بل لا يبعد جريان سيرة المتشرعة عليه فانا نري ان المتدينين ملتزمون بتمرين اطفالهم علي العبادات حتي المستحبة كالزيارة و قراءة القرآن فلاحظ و يؤيد المدعي و يؤكده- ان لم يكن دليلا- ما ورد في احجاج الصبي.

(1) ربما يقال في وجهه: ان اطلاق ادلة التشريع تشمل الصبي غاية الامر بمقتضي رفع القلم عنه نرفع اليد عن الالزام فان رفع الالزام فيه منة و أما رفع الرجحان و المشروعية فليس في رفعهما امتنان فانه علي هذا البيان ان مقتضي حديث الرفع رفع ما وضع من قبل الشارع علي العباد من الصلاة و الصوم و نحوهما.

و يرد عليه ان الاحكام الشرعية بسائط و ليس فيها تركيب و أجزاء كي يقال:

بأن أحد الجزءين يرتفع و الجزء الاخر يبقي.

و ان شئت قلت: ان مقتضي حديث الرفع عدم التكليف الالزامي و اثبات التكليف الندبي يحتاج الي الدليل كما أنه لا طريق الي اثبات الملاك و المحبوبية بعد رفع الالزام.

اذا عرفت هذا نقول: الوجه في مشروعية العبادة في حقه الاوامر المتعلقة بأمرهم بالصلاة و الصوم بدعوي أن الامر بشي ء أمر بذلك الشي ء بحسب التفاهم العرفي لاحظ حديث الحلبي «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 144

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 146

فاذا بلغ في أثناء الوقت و قد صلي أجزأت (1).

[مسألة 239: يجب علي الولي حفظ الطفل عن كل ما فيه خطر علي نفسه]

(مسألة 239): يجب علي الولي حفظ الطفل عن كل ما فيه

خطر علي نفسه (2) و عن كل ما علم من الشرع كراهة وجوده و لو من الصبي كالزنا و اللواط و شرب الخمر و النميمة و نحوها (3) و في وجوب الحفظ عن أكل النحاسات و المتنجسات و شربها اذا لم تكن مضرة اشكال و ان كان الاظهر الجواز (4) و لا سيما في المتنجسات و لا سيما مع كون النجاسة منهم أو من مساورة بعضهم لبعض (5) كما ان الظاهر جواز الباسهم الحرير و الذهب (6).

[مسألة 240: يجب علي ولي الميت و هو الولد الذكر الاكبر حال الموت أن يقضي ما فات أباه من الفرائض اليومية]

(مسألة 240): يجب علي ولي الميت (7) و هو الولد الذكر

______________________________

(1) قد تعرض لهذا الفرع في مسألة 17 من الفصل الثالث من المقصد الاول في الصلاة و ذكرنا هناك ما اخترناه فراجع «1»:

(2) اذ يجب عليه حفظه بلا اشكال.

(3) القضية بهذه الصورة ضرورية لكن الكلام في احراز الصغري ففي كل مورد علم أن الشارع لم يرد وجوده و أراد الدفع نلتزم و اني لنا باثباتها في جميع المذكورات.

(4) الامر كما أفاده اذ لا دليل علي الوجوب.

(5) يمكن أن يكون ناظرا الي أن السيرة الخارجية جارية علي عدم الحفظ في الموردين المذكورين.

(6) لعدم الدليل علي الحرمة و الاصل يقتضي الجواز.

(7) بلا اشكال و لا خلاف في الجملة- كما في بعض الكلمات- و قد ادعي عليه

______________________________

(1) لاحظ ج: 4 من هذا الشرح ص 174

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 147

الاكبر حال الموت (1) أن يقضي ما فات أباه من الفرائض اليومية

______________________________

قيام الاجماع و العمدة النصوص الواردة في المقام منها: ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام قال: يقضي عنه أولي الناس بميراثه قلت. فان كان أولي الناس به امرأة

فقال: لا الا الرجال «1».

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي بذيل حديث حفص «2» اذا لولد الاكبر من الذكور أولي بميراث الميت لأجل اختصاص الحبوة به زيادة علي الارث المشترك بينه و بين بقية الورثة.

لكن انما يتم هذا البيان في صورة وجود الولد الذكر الاكبر و أما مع عدمه فيكون الاولي من يكون أولي بالارث من غيره فيعم جميع الطبقة الاولي و مع عدمها يعم جميع الطبقة الثانية و هكذا.

و دعوي ان المتبادر من اللفظ «الاولي بميراثه» علي الاطلاق من الموجودين و المعدومين و يكون المراد من الاولي الواقع في الحديث شخص واحد دائما فلا ينطبق علي غير الولد الاكبر بلا شاهد فان الظاهر من الحديث ان الاولي بالارث بالفعل يجب عليه القضاء و هذا العنوان قد ينطبق علي الطبقة الاولي و اخري علي الطبقة الثانية كما أنه قد يكون مصداقه شخصا واحدا و اخري يكون مصداقه جماعة فلا تغفل.

و يدل علي تعلق الوجوب بالاكبر ما رواه صفار قال: كتبت الي الاخير عليه السلام: رجل مات و عليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيام و له وليان هل يجوز لهما أن يقضيا عنه جميعا خمسة أيام أحد الوليين و خمسة أيام الاخر؟ فوقع

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 5

(2) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 148

و غيرها (1) لعذر من مرض و نحوه (2) و لا يبعد اختصاص وجوب القضاء بما اذا تمكن أبوه من قضائه و لم يقضه (3) و الاحوط استحبابا الحاق الاكبر الذكر في جميع طبقات المواريث علي الترتيب في الارث

______________________________

عليه السلام: يقضي عنه أكبر وليه عشرة أيام ولاء ان شاء اللّه «1».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين،

10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 5، ص: 148

(1) لاحظ حديث حفص «2» فان مقتضي اطلاقه وجوب قضاء مطلق ما عليه من الصلوات.

(2) نقل عن بعض اختصاص القضاء بما فات عن عذر فلا يجب في الترك العمدي. و لا وجه لهذا التقييد لإطلاق النص و ما يمكن ان يقال من أن العامد يستحق العقاب فلا يجديه القضاء لكونه بمثابة الكفارة و هي تناسب المعذور فهو وجه استحساني لا برهاني كما أن قوله تعالي: (وَ لٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْريٰ «3» لا يقتضي التقييد فان الاية ناظرة الي مرحلة العقاب و لا ترتبط بالمقام فانه لا مانع أن يكون فعل أحد أو تركه موضوعا لتكليف غيره كما لو نجس أحد المسجد فانه يجب علي غيره التطهير كما أن انصراف دليل وجوب القضاء الي صورة العذر لا وجه له و نقل عن الحلي و ابن سعيد اختصاص القضاء بما فات منه في مرض الموت و لا وجه لهذا القيد أيضا كما لا يخفي.

(3) و الوجه فيه أمران: أحدهما: قصور المقتضي فان عمدة الدليل حديث حفص «4» فان الظاهر من الرواية ان القضاء يجب عمن ثبت عليه التكليف فان قوله المذكور في الرواية «في الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام» و مقتضي هذه

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 147

(3) الانعام/ 64

(4) لاحظ ص: 147

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 149

بالابن (1) و الاحوط احتياطا لا يترك الحاق ما فاته عمدا أو أتي به فاسدا بما فاته من عذر (2) و الاولي الحاق الام بالاب (3).

______________________________

الجملة ثبوت التكليف علي المكلف قبل الموت فيكون

متمكنا من القضاء اذ مع عدم التمكن لا يصدق هذا العنوان اذ التكليف مشروط بالقدرة.

ثانيهما ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان و ماتت في شوال فأوصتني أن أقضي عنها قال: هل برئت من مرضها قلت: لا ماتت فيه قال: لا يقضي عنها فان اللّه لم يجعله عليها قلت: فاني أشتهي أن أقضي عنها و قد أوصتني بذلك قال: كيف تقضي عنها شيئا لم يجعله اللّه عليها فان اشتهيت أن تصوم لنفسك فصم «1».

فان عموم التعليل يقتضي عدم وجوب القضاء في صورة عدم تعلق التكليف بالمكلف قبل الموت.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف و الاحتياط حسن بلا كلام.

(2) بل الاظهر ذلك كما مر.

(3) المشهور فيما بين القوم اختصاص الحكم بالرجل و عن بعض عموم الحكم للمرأة و من القائلين به الماتن و وجه الخلاف اختلاف النصوص فان مقتضي بعضها عموم الحكم و هو ما رواه عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السلام قال: الصلاة التي دخل وقتها قبل أن يموت الميت يقضي عنه أولي الناس به «2».

و هذه الرواية من حيث الدلالة تامة فان لفظ الميت يطلق علي الرجل و المرأة لكن سند الرواية مخدوش فان سند ابن طاوس مجهول.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 18

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 150

[مسألة 241: إذا كان الولي حال الموت صبيا أو مجنونا]

(مسألة 241): اذا كان الولي حال الموت صبيا أو مجنونا

______________________________

و في قبال الاطلاق ما يدل علي التقييد مثل ما رواه حفص «1» و أما حمل المطلق علي المقيد فلا وجه له فانه لا يحمل عليه في المثبتين كما أنه لا

وجه للانصراف فان لفظ الميت يطلق علي الرجل و المرأة بلا فرق فالعمدة قصور السند في حديث ابن سنان.

و ربما يستدل علي عموم الحكم بوجه آخر و هو أن بعض النصوص يدل علي الوجوب في الصوم و بعدم القول بالفصل بين الصوم و الصلاة يتم الامر في الصلاة لاحظ ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل خروج شهر رمضان هل يقضي عنها؟

قال: أما الطمث و المرض فلا و أما السفر فنعم «2».

و قريب منه ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل أن يخرج رمضان هل يقضي عنها؟ فقال: أما الطمث و المرض فلا و أما السفر فنعم «3».

بتقريب: ان جواز القضاء أمر واضح لا يخفي علي مثل أبي حمزة و ابن مسلم فالسؤال يكون عن الوجوب و يظهر من الجواب الوجوب و من الظاهر أنه لا يجب علي غير الولي و بعدم القول بالفصل يتم العموم.

و هذا الاستدلال غير تام اذ المفروض ان المكلف مات في شهر رمضان و الجواز في هذا الفرض خفي اذ من الواضح أن القضاء لا بد أن يكون بعد مضي شهر رمضان و المفروض موته فيه فجواز القضاء قابل للسؤال.

و بعبارة اخري: ان التكليف لم يتوجه الي المكلف لا اداءا لوجود العذر

______________________________

(1) لاحظ ص: 147

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 151

وجب عليه القضاء اذا بلغ أو عقل (1).

[مسألة 242: إذا تساوي الذكران في السن وجب عليهما علي نحو الوجوب الكفائي]

(مسألة 242): اذا تساوي الذكران في السن

وجب عليهما علي نحو الوجوب الكفائي بلا فرق بين امكان التوزيع كما اذا تعدد الفائت و عدمه كما اذا اتحد أو كان وترا (2).

______________________________

من المرض أو الطمث أو السفر و لا قضاء لان زمان القضاء بعد مضي رمضان و مع عدم تحقق التكليف كيف يكون جواز القضاء مسلما و معلوما أضف الي ذلك أن عدم القول بالفصل لا يرجع الي محصل.

(1) ربما يقال: بأنه لا يجب عليهما بعد البلوغ و العقل لعدم عموم زماني لدليل وجوب القضاء. و فيه: أن الاطلاق يقتضي الوجوب. و بعبارة اخري: كل حكم تابع لموضوعه و موضوع وجوب القضاء متحقق بعد البلوغ و العقل و الدليل يشملهما فلا مجال لاستصحاب عدم الوجوب.

(2) الاقوال في المقام ثلاثة: الاول: ما نسب الي الحلي و هو عدم وجوب القضاء علي أحدهما لانتفاء الاكبر فلا موضوع للوجوب.

و فيه: ان الموضوع للوجوب هو الاولي بالميراث لا عنوان الاكبر و لذا لا اشكال في وجوب القضاء علي الولد لو كان واحدا مع عدم انطباق عنوان الاكبر عليه.

الثاني: ما ذهب اليه الشيخ الاعظم قدس سره و هو التقسيط عليهما بتقريب:

أن دليل وجوب القضاء مجمل لا يصلح لإثبات أحد الامرين من الوجوب الكفائي و العيني و كل من الوارثين يقطع بتوجه الوجوب اليه بمقدار حصته علي كلا التقديرين و يشك في الزائد و الاصل عدمه.

و فيه: ان الموضوع للوجوب عنوان الاولي بالميراث و هذا العنوان قد ينطبق علي واحد و اخري ينطبق علي المتعدد كما أن مقتضي دليل وجوب القضاء قضاء كل

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 152

[مسألة 243: إذا اشتبه الأكبر بين شخصين أو اشخاص]

(مسألة 243): اذا اشتبه الاكبر بين شخصين أو اشخاص فالاحوط الاولي العمل علي نحو الوجوب الكفائي (1).

[مسألة 244: لا يجب علي الولي قضاء ما فات الميت مما وجب عليه أداؤه عن غيره بإجارة أو غيرها]

(مسألة 244): لا يجب علي الولي قضاء ما فات الميت مما وجب عليه اداؤه عن غيره باجارة أو غيرها (2).

______________________________

فريضة فاتت عن الميت.

و بالنتيجة يكون كل من الوارثين مكلفا باتيان كل فريضة فاتت عن المورث بنحو الوجوب العيني و حيث ان الوجوب العيني مقطوع العدم تصل النوبة الي الوجوب الكفائي بلا فرق بين ما يقبل القسمة و ما لا يقبلها فالحق هو القول الثالث و هو القول بالوجوب الكفائي علي نحو الاطلاق فيتم ما أفاده في المتن.

(1) حيث ان الموضوع لوجوب القضاء الولد الاكبر و كل منهما يشك في كونه معنونا بهذا العنوان و يجري كل منهما اصالة عدم كونه مصداقا له فلا يجب علي واحد منهما و عنوان أكبر الذكور بسيط يتتزع من تولد أحد و عدم تولد غيره قبله و هذا العنوان لا يثبت بالاصل الاعلي القول بالمثبت.

مضافا الي ان الاصل معارض بمثله في الطرف الاخر فتصل النوبة الي البراءة المقتضية لعدم الوجوب.

اللهم الا أن يقال: انه لا مانع من جريان الاصل في كلا الطرفين لعدم المخالفة العملية فالعمدة الاشكال في أن الاصل لا يثبت.

(2) الظاهر انه ليس في النصوص المعتبرة ما يكون شاملا لفوائت غير الميت فان نصوص الباب تشتمل علي عنوان القضاء عنه لاحظ ما رواه حفص «1» و من الظاهر أن الواجب بالاستيجار لا يقضي عن الميت بل يقضي عمن فاتته و كذلك

______________________________

(1) لاحظ ص: 147

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 153

[مسألة 245: يجب القضاء علي الولي و لو كان ممنوعا عن الإرث]

(مسألة 245): يجب القضاء علي الولي و لو كان ممنوعا عن الارث بقتل أو رق أو كفر (1).

[مسألة 246: إذا مات الأكبر بعد موت أبيه لا يجب القضاء علي غيره من إخوته الأكبر فالأكبر]

(مسألة 246): اذا مات الاكبر بعد موت أبيه لا يجب القضاء علي غيره من اخوته الاكبر فالاكبر (2) و لا يجب اخراجه من تركته (3).

[مسألة 247: إذا تبرع شخص عن الميت سقط عن الولي]

(مسألة 247): اذا تبرع شخص عن الميت سقط عن الولي (4) و كذا اذا استأجره الولي أو أوصي الميت بالاستئجار من ماله و قد عمل الاجير (5).

______________________________

صلاة والد الميت تقضي عن الوالد لا عن الميت و ان أبيت عما ذكر فلنا أن نقول:

بأن النصوص منصرفة الي ما فات عن الميت نفسه و ان أبيت عن هذا أيضا فلا أقلّ من الاجمال و المحكم اصالة البراءة.

(1) بدعوي أن الظاهر من الدليل من يكون أولي ذاتا و لو مع منع مانع عن الفعلية. و يرد عليه انه لا دليل عليه و الظاهر من العناوين الفعلية و الموضوع لوجوب القضاء هو الذي يرث بالفعل و مع عدم هذه الاولوية لا تحقق للموضوع و الالتزام بأن الموضوع هو المقتضي لا دليل عليه.

(2) فانه لا دليل عليه اذ الميزان بالاكبرية حال الموت و أما بعده فلا يشمله الدليل فلاحظ.

(3) لعدم الدليل علي وجوب الاخراج في غير الواجبات المالية و نتعرض لهذه الجهة في مسألة 249.

(4) لجواز التبرع و لعل الحكم متسالم عليه بين القوم.

(5) بعد ما ثبت بالنص وجوب القضاء علي الولي يكون مقتضي القاعدة عدم جواز الاستيجار فانه ثبت في محله انه يجب في تحقق امتثال كل واجب أن يقوم

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 154

أما اذا لم يعمل لم يسقط (1).

[مسألة 248: إذا شك في فوات شي ء من الميت]

(مسألة 248): اذا شك في فوات شي ء من الميت لم يجب

______________________________

المكلف به بنفسه و لا يسقط عنه بفعل الغير لكن قد ثبت في المقام انه يجوز التبرع عن الغير بل يستحب و سيقع الكلام عليه تبعا للماتن في صلاة الاستيجار و عليه لو تبرع أحد عن الميت في قضاء صلواته يسقط الوجوب عن الولي بلا اشكال و بعد

جواز التبرع لا يكون اشكال في الاجارة فتصح و يسقط الواجب عن عهدة الولي بفعل الاجير.

و عن الحلي و جماعة عدم الجواز و عدم السقوط و ما يمكن أن يذكر في وجهه امور:

الاول: ان الاجير يتبرع عن الولي و لا تجوز النيابة عن الحي. و فيه: ان الاجير ينوب عن الميت لا عن الولي و قد ثبت بالنصوص جواز التبرع و النيابة عن الميت.

الثاني: استصحاب بقاء الوجوب و عدم السقوط عن الولي و فيه: انه لا تصل النوبة الي الاصل اذ الجواز قد ثبت بالنص الخاص و سيجي ء البحث حوله مضافا الي أن الاستصحاب لا يجري في الحكم الكلي الالهي فلا تغفل.

الثالث: ما رواه الصفار «1» و لا يمكن العمل بالرواية فان المستفاد منها عدم جواز التصدي للنيابة لغير الاكبر من الاولياء و الحال أن الجواز مما لا اشكال فيه.

و أيضا يستفاد منها وجوب التوالي و الحال انه لا يجب التوالي في قضاء المكلف عن نفسه فكيف بالنيابة عن الغير.

(1) اذ من الظاهر أن مجرد الاجارة بلا فعل الاجير لا يقتضي السقوط.

______________________________

(1) لاحظ ص: 147

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 155

القضاء (1) و اذا شك في مقداره جاز له الاقتصار علي الاقل (2).

[مسألة 249: إذا لم يكن للميت ولي أو فاته ما لا يجب علي الولي قضائه]

(مسألة 249): اذا لم يكن للميت ولي أو فاته ما لا يجب علي

______________________________

(1) تقريب الاصل علي القول بأن موضوع وجوب القضاء هو الفوت و الفوت أمر وجودي، ظاهر اذ لا يثبت باصالة عدم الاتيان عنوان الفوت الا علي القول بالمثبت لكن لا يتم هذا البيان لو مات في الوقت فانه قبل أن يموت يصدق انه عليه صلاة و بعد موته نشك في أنه صلي أم لا فيحكم بعدمها بالاصل فلا بد من التفصيل.

ثم

ان التقريب الذي ذكرنا لعدم وجوب القضاء انما يتم علي القول بأن الفوت أمر وجودي و أما لو لم نقل به فما الحيلة و ما الوسيلة؟

ربما يقال: نتمسك بقاعدة الحيلولة المستفادة من رواية زرارة و الفضيل «1».

لكن الاخذ بهذه الرواية بالنسبة الي فعل الغير مشكل الا أن يقال: بأن المكلف بنفسه لو شك في أنه صلي أم لم يصل لم يجب عليه القضاء فبطريق أولي لو شك غيره في أنه صلي أو لم يصل لا يجب عليه.

و لا يبعد أن يقال: بأن الالتزام بوجوب القضاء بمجرد الشك في الاتيان أمر بعيد عن اذهان المتشرعة مضافا الي أنه غير معهود في الخارج.

اضف الي ذلك ان مثل هذا التكليف ينافي كون الشريعة سهلة سمحة و يضاف الي ذلك كله ان الموضوع في دليل الوجوب عنوان انه مات و عليه صلاة لاحظ حديث حفص «2» و مع الشك في تحقق الموضوع يكون الوجوب مشكوكا فيه فيجري فيه الاصل بل يمكن احراز عدم الموضوع بالاصل فلاحظ.

(2) ظهر الوجه فيه مما تقدم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 93

(2) لاحظ ص: 147

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 156

الولي قضائه فالاقوي عدم وجوب القضاء عنه من صلب المال (1) و ان

______________________________

(1) ربما يقال بوجوب الاداء من صلب المال و ما يمكن أن يستدل به علي هذا المدعي امور: منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: رجل عليه دين من صلاة قام يقضيه فخاف أن يدركه الصبح و لم يصل صلاة ليلته تلك قال:

يؤخر القضاء و يصلي صلاة ليلته تلك «1».

و تقريب الاستدلال انه أطلق في لسان الراوي لفظ الدين علي الصلاة المقتضية و فيه: ان الرواية ضعيفة سندا فان السيد ابن

طاوس نقلها في كتاب سلطان الوري.

و منها: ما رواه حماد بن عيسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال لقمان لابنه اذا سافرت مع قوم الي أن قال يا بني اذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشي ء صلها و استرح منها فانها دين «2» الحديث بتقريب: انه أطلق الدين علي الصلاة.

و فيه: ان الصدوق روي هذه الرواية باسناده الي المنقري و طريقه اليه ضعيف بقاسم بن محمد الاصفهاني علي ما ذكره الحاجياني في رجاله و رواها البرقي و أيضا رواه الكليني و قاسم بن محمد موجود في جميع الاسناد فالنتيجة ان الرواية ضعيفة فلا يترتب اثر عليها.

و منها: ما رواه ابن طاوس في غياث سلطان الوري عن حماد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في اخباره عن لقمان: و اذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشي ء صلها و استرح منها فانها دين «3» و التقريب هو التقريب و الجواب هو الجواب.

و منها ما روته امرأة خثعمية انها أتت الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقالت

______________________________

(1) الوسائل الباب 61 من أبواب المواقيت الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 52 من أبواب آداب السفر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 26

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 157

كان القضاء أحوط استحبابا بالنسبة الي غير القاصرين من الورثة (1).

[مسألة 250: المراد من الأكبر من لا يوجد أكبر منه سنا]

(مسألة 250): المراد من الاكبر من لا يوجد اكبر منه سنا و ان وجد من هو اسبق منه بلوغا أو أسبق انعقادا للنطفة (2).

______________________________

يا رسول اللّه ان فرض الحج قد أدرك أبي و هو شيخ لا يقدر علي ركوب الراحلة أ يجوز أن أحج عنه؟ قال صلي اللّه عليه و آله: يجوز قالت: يا رسول اللّه

ينفعه ذلك؟ قال صلي اللّه عليه و آله: أ رأيت لو كان علي أبيك دين فقضيته أما كان يجزي؟

قالت: نعم قال: فدين اللّه أحق «1» و المرسل لا اعتبار به.

و منها: ما أرسله محمد بن الحنفية انه ذكر عنده الاذان فقال: لما اسري بالنبي صلي اللّه عليه و آله الي السماء الي أن قال ثم قال: حي علي الصلاة قال اللّه جل جلاله: فرضتها علي عبادي و جعلتها لي دينا الحديث «2».

و هذه الرواية ضعيفة فان في طريقها الي ابن الحنفية من لم يوثق مضافا الي أن ابن الحنفية أرسل الرواية عن النبي صلي اللّه عليه و آله و المرسلات لا اعتبار بها كما هو ظاهر.

فانقدح بما ذكرنا انه لا دليل علي كون الواجبات البدنية من الديون بحكم الشارع كي يقال: بأن الدين يخرج من الاصل بحكم الكتاب و السنة و الاجماع و كلما ثبت كونه دينا كذلك.

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط بالنسبة الي المكلفين.

(2) فان الاكبر مفهوم عرفي و هو الاسبق في التولد فلو ترتب حكم علي الاكبر يترتب عليه و لا أثر لا سبقية انعقاد النطفة أو اسبقية البلوغ كما هو ظاهر.

نعم ربما يستفاد الخلاف من مرسلة علي بن أحمد أشيم عن بعض أصحابه قال:

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 18 من أبواب وجوب الحج الحديث: 3

(2) مستدرك الوسائل الباب 37 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 158

[مسألة 251: لا يجب الفور في القضاء عن الميت ما لو يبلغ حد الإهمال]

(مسألة 251): لا يجب الفور في القضاء عن الميت (1) ما لو يبلغ حد الاهمال (2).

[مسألة 252: إذا علم أن علي الميت فوائت و لكن لا يدري أنها فات لعذر من مرض أو نحوه أو لا لعذر]

(مسألة 252): اذا علم أن علي الميت فوائت و لكن لا يدري أنها فات لعذر من مرض أو نحوه أو لا لعذر فالاحوط لزوما القضاء (3).

[مسألة 253: في أحكام الشك و السهو يراعي الولي تكليف نفسه اجتهادا أو تقليدا]

(مسألة 253): في أحكام الشك و السهو يراعي الولي تكليف نفسه اجتهادا أو تقليدا (4) و كذا في اجزاء الصلاة و شرائطها (5).

______________________________

أصاب رجل غلامين في بطن فنهاه أبو عبد اللّه ثم قال: أيهما الاكبر (أكبر خ ل) فقال: الذي خرج أولا فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: الذي خرج أخيرا هو أكبر أما تعلم أنها حملت بذاك أولا و أن هذا دخل علي ذاك فلم يمكنه أن يخرج حتي يخرج هذا فالذي خرج أخيرا هو أكبرهما «1» لكن المرسل لا اعتبار به كما هو ظاهر فالحق ما أفاده الماتن.

(1) لعدم الدليل علي المضايقة حتي في فوائت نفسه فكيف بالمقام فالمرجع اطلاق الدليل المقتضي لجواز التراخي و مع الغض عنه يكون أصل البراءة مقتضيا لعدم وجوب الفورية.

(2) بحيث ينافي الامتثال و مع التنافي تجب المبادرة بحكم العقل.

(3) قد سبق منا في (مسألة 240) انه لا فرق بين موارد الفوت و ان الحق وجوب القضاء مطلقا.

(4) اذ هذه الاحكام أحكام الشاك و الساهي و المفروض ان الولي يشك و يسهو فيعمل علي طبق نظره بالاجتهاد أو التقليد.

(5) الالفاظ موضوعة للمعاني الواقعية و ليس للأنظار دخل فيها هذا من ناحية

______________________________

(1) الوسائل الباب 99 من أبواب أحكام الاولاد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 159

[مسألة 254: إذا مات في أثناء الوقت بعد مضي مقدار الصلاة بحسب حاله قبل أن يصلي]

(مسألة 254): اذا مات في أثناء الوقت بعد مضي مقدار الصلاة بحسب حاله قبل أن يصلي وجب علي الولي قضائها علي الاحوط (1).

[المقصد الثامن: صلاة الاستيجار]

اشارة

المقصد الثامن: صلاة الاستيجار: لا يجوز التبرع عن الاحياء في الواجبات و لو مع عجزهم عنها (2) الا في الحج اذا كان

______________________________

و من ناحية اخري ان حمل قوله عليه السلام في رواية حفص «1» «في الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام» علي طبق اعتقاده خلاف الظاهر فالميزان في الوجوب صدق أن عليه صلاة أو صيام و التشخيص بنظر الولي و لا دخل لنظر الميت كما هو ظاهر كبقية الموضوعات المترتبة عليها الاحكام.

(1) للإطلاق فان مقتضي حديث حفص «2» أنه لو صدق عنوان «عليه صلاة أو صيام» يجب القضاء بلا فرق بين أن يكون الموت في الوقت أو خارجه و المراد من القضاء الوارد في الحديث الاتيان و يؤيده ما رواه ابن سنان «3» لكن الرواية ضعيفة سندا.

و لا يخفي أن وجوب القضاء في هذا الفرض لا يستلزم وجوب الاتيان بها في نفس الوقت بدعوي: أن الولي يتلقي التكليف من الميت و هو تكليف خاص اذ من الظاهر ان التكليف المتوجه الي الميت قد سقط و التكليف المتوجه الي الولي مطلق و غير مقيد بهذا القيد فلا مجال لهذا الكلام.

(2) فان النيابة عن الغير بلا اذن شرعي تشريع فلا يجوز و ان شئت قلت: ان

______________________________

(1) لاحظ ص: 147

(2) لاحظ ص: 147

(3) لاحظ ص: 149

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 160

مستطيعا و كان عاجزا عن المباشرة فيجب أن يستنيب من يحج عنه (1).

______________________________

مقتضي اطلاق الامر المتوجه الي المكلف عدم سقوطه إلا بإتيانه بنفسه و عدم اجزاء فعل الغير عنه.

هذا بحسب القاعدة الاولية و أما

من حيث النص الخاص ففي المقام روايات ربما يقال: بدلالتها علي الجواز.

منها: ما رواه محمد بن مروان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام ما يمنع الرجل منكم أن يبرو الديه حيين و ميتين يصلي عنهما و يتصدق عنهما و يحج عنهما و يصوم عنهما فيكون الذي صنع لهما و له مثل ذلك فيزيده اللّه عز و جل ببره و صلته خيرا كثيرا «1» و هذه الرواية ضعيفة بحكم بن مسكين.

و منها: ما رواه علي بن أبي حمزة قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السلام: أحج و اصلي و أتصدق عن الاحياء و الاموات من قرابتي و أصحابي؟ قال: نعم تصدق عنه وصل عنه و لك اجر بصلتك اياه «2».

و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني مضافا الي أن الرواية مروية في كتاب غياث سلطان الوري.

و منها: ما أرسله في عدة الداعي قال: قال عليه السلام: ما يمنع أحدكم أن يبروا لديه حيين و ميتين يصلي عنهما و يتصدق عنهما و يصوم عنهما فيكون الذي صنع لهما و له مثل ذلك فيزيده اللّه ببره خيرا كثيرا «3». و ضعف المرسلة ظاهر مضافا الي التأمل في دلالتها علي المدعي فلاحظ.

(1) علي تفصيل مذكور في كتاب الحج و قد تعرضنا لحكم المسألة في كتابنا

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) الوسائل الباب 28 من أبواب الاحتضار الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 161

و يجوز التبرع عنهم في مثل زيارة قبر النبي صلي اللّه عليه و آله و قبور الائمة عليهم السلام (1).

______________________________

مصباح الناسك في شرح المناسك بالتفصيل فراجع.

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي ببعض النصوص منها: ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد

اللّه عليه السلام في حديث طويل في ثواب زيارة الحسين عليه السلام الي أن قال: قال: فما لمن تجهز اليه و لم يخرج لعلة تصيبه قال: يعطيه اللّه بكل درهم ينفقه مثل احد من الحسنات و يخلف عليه أضعاف ما انفق الحديث «1».

و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن محمد بن سالم و أما ما روي عن موسي بن جعفر عليهما السلام قال: فاذا اتيت قبر النبي صلي اللّه عليه و آله فقضيت ما يجب عليك فصل ركعتين ثم قف عند رأس النبي صلي اللّه عليه و آله ثم قل: السلام عليك يا نبي اللّه من أبي و أمي و ولدي و خاصتي و جميع أهل بلدي حرهم و عبدهم و أبيضهم و أسودهم الحديث «2».

فسنده ضعيف أيضا لكن لا اشكال في تحقق السيرة من المتشرعة علي النيابة في باب الزيارات عن الاموات و الاحياء بلا كلام مضافا الي ما ورد بالنسبة الي النيابة في الطواف المستحب عن الغير فانه يدل علي الجواز لكن مورده خصوص الطواف.

لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

قلت له: فأطوف عن الرجل و المرأة و هما بالكوفة؟ فقال: نعم يقول حين يفتتح الطواف: اللهم تقبل من فلان للذي يطوف عنه «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب المزار الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب المزار الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 18 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 162

بل يجوز التبرع في جميع المستحبات رجاء (1) كما يجوز التبرع عن الاموات في الواجبات و المستحبات (2) و يجوز اهداء ثواب العمل الي الاحياء و الاموات في الواجبات و المستحبات كما

ورد في بعض

______________________________

و ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من وصل أباه أو ذا قرابة له فطاف عنه كان له أجره كاملا و للذي طاف عنه مثل أجره و يفضل هو بصلته اياه بطواف آخر الحديث «1».

و ما رواه يحيي الازرق قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: الرجل يحج عن الرجل يصلح له أن يطوف عن أقاربه؟ فقال: اذا قضي مناسك الحج فليصنع ما شاء «2».

و ما رواه موسي بن القاسم البجلي قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام اني أرجو أن اصوم بالمدينة شهر رمضان فقال: تصوم بها ان شاء اللّه تعالي فقال:

أرجو أن يكون خروجنا في عشر من شوال و قد عود اللّه زيارة رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و زيارتك فربما حججت عن أبيك و ربما حججت عن أبي و ربما حججت عن الرجل من اخواني و ربما حججت عن نفسي فكيف أصنع؟ فقال: تمتع فقلت: اني مقيم بمكة منذ عشر سنين فقال: تمتع «3». و ما رواه أيضا «4» فلاحظ.

(1) فان باب الرجاء واسع.

(2) بلا اشكال و السيرة جارية عليها مضافا الي جملة من النصوص الدالة علي علي المدعي و ستمر عليك في ذيل مسألة (255).

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 21 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 25 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 26 من أبواب النيابة في الحج

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 163

الروايات (3).

______________________________

(3) قال سيدنا الاستاد في هذا المقام: ان الجواز علي القاعدة اذا هداء الثواب ليس تمليكا كي يحتاج الي القبول بل دعاء و طلب من اللّه تعالي بأن يهدي و يعطي

ثواب العمل الفلاني لشخص كذائي و الامر بيده تعالي و لا اشكال في محبوبية الدعاء كما أنه لا اشكال في محبوبية الاحسان الي الغير.

و يدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما أرسله الشيخ في المصباح قال: روي عنهم عليهم السلام أنه يصلي العبد يوم الجمة ثماني ركعات أربعا تهدي الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و أربعا تهدي الي فاطمة عليها السلام و يوم السبت أربع ركعات تهدي الي أمير المؤمنين عليه السلام ثم كذلك كل يوم الي واحد من الائمة عليهم السلام الي يوم الخميس أربع ركعات تهدي الي جعفر بن محمد ثم في الجمعة أيضا ثماني ركعات أربعا تهدي الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و أربعا الي فاطمة ثم يوم السبت أيضا أربع ركعات تهدي الي موسي بن جعفر ثم كذلك الي يوم الخمس أربع ركعات تهدي الي صاحب الزمان عليه السلام «1».

لكن لا اعتبار بالمرسلات و مثله في عدم الاعتبار مرسل و رام قال: قال عليه السلام: اذا قرأ المؤمن آية الكرسي و جعل ثواب قراءته لأهل القبور جعل اللّه تعالي له من كل حرف ملكا يسبح له الي يوم القيامة «2» و من هذه النصوص ما رواه هشام بن الحكم انه كان يقول: اللهم ما عملت من خير مفترض و غير مفترض فجميعه عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و أهل بيته الصادقين فتقبل ذلك مني و عنهم «3». و الرواية مخدوشة سندا و دلالة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من أبواب بقية الصلوات المندوبة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 34 من أبواب الدفن الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث: 39

مباني منهاج

الصالحين، ج 5، ص: 164

و حكي فعله عن بعض اجلاء أصحاب الائمة عليهم السلام بأن يطلب من اللّه سبحانه أن يعطي ثواب عمله لاخر حي أو ميت. (1).

[مسألة 255: يجوز الاستئجار للصلاة]

(مسألة 255): يجوز الاستئجار للصلاة (2).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الشيخ الكشي في رجاله قال: وجدت بخط أبي عبد اللّه الشاذاني في كتابه: سمعت فضل بن هاشم الهروي يقول: ذكر لي كثرة ما يحج المحمودي فسألته عن مبلغ حجاته فلم يخبرني بمبلغها و قال: رزقت خيرا كثيرا و الحمد للّه فقلت له: فتحج عن نفسك أو عن غيرك فقال: عن غيري بعد حجة الإسلام و احج عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و أجعل ما أجازني اللّه عليه لأوليائه و أهب ما أثاب علي ذلك للمؤمنين و المؤمنات قلت: فما تقول في حجك؟ فقال: أقول: اللهم اني أهلل لرسولك محمد صلي اللّه عليه و آله و جعلت جزائي منك و منه لأوليائك الطاهرين و وهبت ثوابي عنهم لعبادك الصالحين الحديث «1».

(2) كما هو المشهور بل قيل بأنه اجماعي و العمدة اثبات صحة النيابة عن الميت فلو ثبت جواز النيابة فلا اشكال في صحة الاجارة اذ لا فرق بين الاجارة علي خياطة الثوب و بين الاجارة علي النيابة عن الميت.

و بعبارة اخري: غاية ما يعتبر في مورد الاجارة أن يكون عملا ينتفع به المستأجر و يكون بذل المال بازائه عقلائيا و لا شبهة ان هذه الامور موجودة في محل الكلام نعم في المقام اشكال من ناحية ان العبادية تقوم بالقصد القربي و كيف يمكن مع الاجارة فان الاجير يأتي بالعمل لأجل وصول الاجرة فلا تتحقق القربة.

و قد تعرضنا لهذا الاشكال في بحث المعاملات و قلنا بأنه لا منافاة

بين الامرين و ملخص الكلام بالنسبة الي هذا الاشكال و دفعه ان الاجير لو كان متدينا و كان في

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 11 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 165

______________________________

مقام اداء ما وجب عليه يأتي بالعمل العبادي متقربا الي اللّه فانه يعلم بأنه ما دام لا يقصد القربة لا تكون ذمته فارغة و يكون مآخذا عند اللّه و لا اشكال في أن العمل يصير واجبا تعبديا بعد الاجارة اذا لعبادية مفروضة فيه مع قطع النظر عن الاجارة و الوجوب يأتي من قبل الاجارة و لا فرق من هذه الجهة بين وجوب العمل بالاجارة و بين وجوبه باسباب اخر كالنذر و الشرط و اليمين و العهد و امر الوالدين و غيرها فلا اشكال من هذه الجهة أيضا.

فالعمدة اثبات جواز النيابة و مشروعيتها فنقول: تارة نبحث من حيث القاعدة الاولية و اخري من حيث النصوص الخاصة أما الجهة الاولي فمقتضي القاعدة الاولية عدم الجواز اذ العبادات توقيفية و الاصل يقتضي عدم المشروعية فتكون تشريعا محرما كما أن مقتضي الاطلاق و الاصل عدم سقوط الفعل الواجب علي شخص باتيان الاخر نيابتا فان مقتضي الاطلاق بقائه و لو أتي به الغير كما أن مقتضي الاستصحاب بقائه و عدم سقوطه بفعل الغير و مقصودنا من هذا الاصل استصحاب عدم جعل فعل النائب غاية للوجوب لا استصحاب بقاء الوجوب كي يقال بأن الاستصحاب في الحكم الكلي فعارض بعدم الجعل الزائد.

و أما من حيث النصوص فاستدل علي المدعي بجملة من الروايات منها:

ما رواه عمار بن موسي من كتاب أصله المروي عن الصادق عليه السلام في الرجل يكون عليه صلاة أو صوم هل يجوز له أن يقضيه غير

عارف؟ قال: لا يقضي الا مسلم عارف «1».

و منها: ما رواه عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام تصلي عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 166

و لسائر العبادات عن الاموات (1).

______________________________

الميت؟ فقال: نعم حتي انه ليكون في ضيق فيوسع اللّه عليه ذلك الضيق ثم يؤتي فيقال له: خفف عنك هذا الضيق بصلاة فلان اخيك عنك قال: فقلت: فاشرك بين رجلين في ركعتين؟ قال: نعم «1».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألت أبي جعفر بن محمد عليه السلام عن الرجل هل يصلح له أن يصلي أو يصوم عن بعض موتاه؟ قال: نعم فليصل علي ما أحب و يجعل تلك للميت فهو للميت اذا جعل ذلك له «2» الي غيرها من الروايات.

(1) و تدل عليه النصوص منها ما رواه عمار و قد تقدم آنفا فان هذه الرواية تدل علي الجواز بالنسبة الي الصلاة و الصوم و تدل علي المدعي بالنسبة الي الصوم عدة روايات مذكورة في الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان من الوسائل منها ما رواه محمد يعني الصفار قال: كتبت الي الاخير عليه السلام: رجل مات و عليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيام و له وليان هل يجوز لهما أن يقضيا عنه جميعا خمسة أيام أحد الوليين و خمسة أيام الاخر؟ فوقع عليه السلام: يقضي عنه أكبر وليه عشرة أيام ولاء ان شاء اللّه «3».

و أما بالنسبة الي الحج فالأمر أوضح من أن يخفي و حكم المسألة واضح جلي لا غبار عليه و عليه السيرة فلا وجه للإشكال و لكن مع ذلك كله يشكل

الحكم علي النحو الكلي مثلا لو نذر أن يصلي صلاة الليل و لم يأت بها عن عذر أو بلا عذر فهل يمكن القول بجواز النيابة عنه؟

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 167

و تفرغ ذمتهم بفعل الاجير (1).

______________________________

الا أن يقال: ان الكلام في موارد فرض اشتغال ذمة الميت بها و أما في جملة من الموارد فاشتغال الذمة و كونها مشغولة حتي بعد الموت اول الكلام و مع فرض اشتغال الذمة لا بد من الالتزام بجواز النيابة اذ لو لا جوازها يكون الاشتغال لغوا و بلا اثر و فائدة فلاحظ.

(1) بلا اشكال و لا كلام فان الظاهر من النيابة ان النائب يأتي بما عليه فلا وجه لبقاء الاشتغال مضافا الي أن بقائه لغو كما قلنا آنفا. اضف الي ذلك انه صرح في بعض النصوص بأنه يقال للميت بأنه خفف عنك الضيق لاحظ ما رواه عمر بن يزيد «1».

بقي اشكال في النيابة و هو ان الامر المتعلق بالعبادة متوجه الي المنوب عنه فالنائب لو قصد ذلك الامر يلزم أن يمتثل الامر المتوجه الي احد بفعل غيره و لا معني له و لو قصد الامر المتوجه الي نفسه يلزم افراغ ذمته لا ذمة المنوب عنه.

و اجيب عن الاشكال بجوابين: احدهما: ان النائب ينزل نفسه منزلة نفس المنوب عنه فيحل الاشكال اذ بالتنزيل يكون الامر متوجها اليه.

و فيه: ان التنزيل لا اثر له و الا يلزم صحة طلاق زوجته و أني لنا بذلك نعم هذا التنزيل لو كان من قبل ولي الامر لكان ما

افيد تاما.

ثانيهما: ان الخطاب و ان كان متوجها الي المنوب عنه لكن ملاكه قائم بكل فعل يضاف اليه اما باضافة الصدور أو بغيره كفعل النائب و هذا كسابقه في الفساد لان الاشكال في أثر هذه الاضافة و لو كان مجرد الاضافة مؤثرا يلزم انه لو شرب الخمر و أضاف الي الغير يكون ذلك الغير عاصيا و هكذا و هو كما تري.

______________________________

(1) لاحظ ص: 165

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 168

من دون فرق بين كون المستأجر وصيا أو وليا أو وارثا أو اجنبيا (1).

[مسألة 256: يعتبر في الأجير شرائط]

(مسألة 256): يعتبر في الاجير العقل (2) و الايمان (3).

______________________________

فالحق في دفع الاشكال أن يقال: ان الامر غير متوجه الي المنوب عنه بل يمكن القول بأن توجهه اليه لغو اذ ليس الميت قابلا للانبعاث لكن لا مانع من كون ذمته مشغولة بالفعل كما لو كان ذمته مشغولة بالدين و الامر متوجه الي النائب اما لزوما أو استحبابا و بعد قيام الدليل علي أنه يجوز أن ينوب عنه فيما اشتغلت ذمته به و بعد تعلق الامر بهذا العنوان يقصد النائب امتثال الامر المتوجه اليه بلا اشكال فلاحظ.

(1) اذ الملاك واحد في الكل و بعبارة اخري: النيابة عن الغير بنحو واحد في جميع اقسام النائب.

(2) للتسالم و الاجماع علي اعتبار كون النائب عاقلا و قد ادعي صاحب الجواهر:

«ان اشتراط العقل من ضرورة الدين و ان لفظ المجنون كلفظ النائم بل كأصوات البهائم» «1».

(3) اذ يشترط في العبادة فلا يصح عمل غير المؤمن بمقتضي النصوص المذكورة في الباب 29 من أبواب مقدمة العبادات من الوسائل.

منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كل من دان اللّه عز و جل بعبادة يجهد

فيها نفسه و لا امام له من اللّه فسعيه غير مقبول و هو ضال متحير و اللّه شانئ لأعماله الي أن قال: و ان مات علي هذه الحال مات ميتة كفر و نفاق الحديث «2» مضافا الي ما ورد بالخصوص في المقام لاحظ ما

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 22 ص: 265

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 169

و البلوغ (1) و يعتبر أن يكون عارفا باحكام القضاء علي وجه يصح منه الفعل (2).

______________________________

رواه عمار «1».

(1) أفاد سيدنا الاستاد- في مقام بيان عدم الاكتفاء بفعل غير البالغ- ان القصور في المقتضي اذ عبادات الصبي و ان كانت شرعية لكن اثبات شرعيتها بالامر المتوجه الي الولي فان الامر بشي ء امر بذلك الشي ء لكن هذه الادلة منصرفة الي أعمال نفسه و لا تشمل العمل النيابي و عليه لا يترتب أثر علي ما يأتي به نيابة أعم من أن تكون بنحو الاجارة أو بنحو التبرع لعدم الدليل علي المشروعية و مع الشك و عدم الدليل يكون مقتضي القاعدة عدم فراغ ذمة المنوب عنه.

و ملخص كلامه عدم الاطلاق في تلك الادلة. اقول: ان قلنا بأن حديث رفع القلم لا يشمل المستحبات فالامر ظاهر فان التبرع عن الغير مستحب حتي بالنسبة الي الصبي فيجوز اجارته للنيابة و أما ان قلنا بالشمول و عدم شمول دليل الاستحباب لغير البالغ فنقول: انه لو قلنا بشرعية عبادات الصبي فلا فرق بين أعماله اصالة أو نيابة.

و بعبارة اخري: كيف يمكن أن تكون عباداته واجبة كانت أو مستحبة مشروعة لكن لا تكون عباداته نيابة مستحبة و قد صرح سيدنا الاستاد بأن نيابته مشروعة و لكن لا يكتفي بها «2» و

لعل مرجع كلامه الي التهافت.

(2) الحق انه لا يشترط في الاجير ما ذكره من المعرفة اذ لا مانع من الاتيان بالعمل الصحيح مع الجهل بأن يحتاط و يحترز عن كل ما يمكن أن يكون مانعا

______________________________

(1) لاحظ ص: 165

(2) مستند العروة صلاة الاستيجار ص: 167

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 170

و يجب أن ينوي بعمله الاتيان بما في ذمة الميت امتثالا للأمر المتوجه الي النائب نفسه بالنيابة الذي كان استحبابيا قبل الاجارة و صار وجوبيا بعدها كما اذا نذر النيابة عن الميت فالمتقرب بالعمل هو النائب و يترتب عليه فراغ ذمة الميت (1).

[مسألة 257: يجوز استيجار كل من الرجل و المرأة عن الرجل و المرأة]

(مسألة 257): يجوز استيجار كل من الرجل و المرأة عن الرجل و المرأة (2).

______________________________

و الاتيان بجميع ما يحتمل اشتراطه و أيضا يمكن أن يأتي بالصلاة بتلقين الغير اياه و مع التحفظ علي ما ذكر تصح الصلاة و لا يضر الجهل فان التعلم ليس واجبا نفسيا و ليس من شرائط صحة الصلاة كما هو ظاهر انما الكلام في أن اصالة الصحة الجارية بالنسبة الي عمل الغير تجري في عمل الجاهل كما تجري بالنسبة الي العالم بل تجري بالنسبة الي مشكوك العرفان أو لا تجري؟.

و لا يبعد جريانها لا من باب جريانها تعبدا و كفاية التصادف الواقعي بل للسيرة فانه لو احتمل اتيانه بالعمل الصحيح من باب مراعاة جميع الاحتمالات لا يبعد جريان الاصل العقلائي الممضي لدي الشارع و ان كان الجزم بتحقق السيرة مشكلا و اللّه العالم.

(1) قد تقدم الكلام من هذه الجهة و قلنا ان النائب يقصد امتثال الامر المتوجه اليه فراجع.

(2) الظاهر ان هذا من المسلمات و السيرة جارية عليها بلا اشكال و في باب الحج منصوص بل في باب الصلاة أيضا صرح

به في رواية محمد بن مروان «1» و يشهد للمراد بعض الاطلاقات لاحظ الأحاديث: 2 و 3 و 4 و 8 و 9 و 10 و 11 من

______________________________

(1) لاحظ ص: 160

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 171

و في الجهر و الاخفات يراعي حال الاجير فالرجل يجهر بالجهرية و ان كان نائبا عن المرأة و المرأة لا جهر عليها و ان نابت عن الرجل (1).

[مسألة 258: لا يجوز استيجار ذوي الأعذار]

(مسألة 258): لا يجوز استيجار ذوي الاعذار كالعاجز عن القيام أو عن الطهارة الخبثية أو ذي الجبيرة أو المسلوس أو المتيمم (2).

______________________________

الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات من الوسائل.

(1) فان ما يدل علي وظيفة الرجل أو المرأة باطلاقه يشمل كل عمل يصدر عنه اصالة أو نيابة.

(2) يقع الكلام تارة فيما فات عن المكلف في حال الاختيار و اخري فيما فات عنه في حال العذر فهنا مقامان أما المقام الاول فنقول: ان السر فيه ان ادلة البدلية قاصرة عن الشمول.

و بعبارة اخري: العمل الاضطراري في طول العمل الاختياري فما دام الاتيان بالاختياري ممكنا لا تصل النوبة الي الاضطراري.

و ان شئت قلت: ان النائب وجود تنزيلي للمنوب عنه و المنوب عنه لو كان بنفسه في مقام افراغ ذمته لم يجز له الاتيان بالقضاء في حال العذر بل لا بد من انتظار ارتفاع العذر و الاتيان بالعمل الاختياري فنائبه حكمه كذلك.

و أما المقام الثاني فنقول: ان المستفاد من ادلة العمل الاضطراري ان البدل الاضطراري انما يكون بدلا لو حصل الامتثال به في ظرف التكليف و أما لو لم يحصل الامتثال به فالفائت هو العمل الاختياري.

و ملخص الكلام ان المكلف موظف بالعمل التام الكامل غاية الامر مع عدم القدرة تصل النوبة الي البدل و أما مع

عدم تحقق الامتثال يلزم أن يقضي عنه في ضمن العمل الاختياري اذ الفائت هو العمل الكامل.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 172

الا اذا تعذر غيرهم (1) بل الاظهر عدم صحة تبرعهم عن غيرهم (2) و ان تجدد للأجير العجز انتظر زمان القدرة (3).

[مسألة 259: إذا حصل للأجير شك أو سهو يعمل بأحكامها بمقتضي تقليده أو اجتهاده]

(مسألة 259): اذا حصل للأجير شك أو سهو يعمل باحكامها بمقتضي تقليده أو اجتهاده و لا يجب عليه اعادة الصلاة هذا مع اطلاق الاجارة و إلا لزم العمل علي مقتضي الاجارة فاذا استأجره علي أن يعيد مع الشك أو السهو تعين ذلك و كذا الحكم في سائر أحكام الصلاة فمع اطلاق الاجارة يعمل الاجير علي مقتضي اجتهاده أو تقليده و مع تقييد الاجارة يعمل علي ما يقتضي التقييد (4).

______________________________

ان قلت: في ذلك الظرف لم يكن مكلفا بالعمل الكامل فكيف يجب القضاء عنه في ضمن الكامل. قلت: لو فاتت الصلاة عن المكلف بواسطة النوم أو الغفلة أو النسيان لا اشكال في وجوب القضاء مع انه لا يعقل توجه التكليف بمن يكون فاقدا لشرائطه و لا يكون قابلا للانبعاث و يكفي في الحكم بالقضاء مجرد الاقتضاء و الشأنية فانه مع وجود الاقتضاء يصدق الفوت فيجب القضاء عنه بمثل ما فات منه.

(1) اذ مع فرض التعذر تصل النوبة الي العمل الاضطراري.

(2) لعدم الدليل فان دليل النيابة لا تشمل العمل الاضطراري ما دام يكون الاختياري ممكنا.

(3) قد ظهر الوجه مما تقدم.

(4) اذ مع الاطلاق يكون مورد الاجارة العمل الصحيح و المفروض ان العمل الصحيح بنظر الاجير ما يكون صحيحا عنده بالاجتهاد أو التقليد و أما مع التقييد فلا بد من العمل علي طبق ما وقع عليه العقد.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 173

[مسألة 260: إذا كانت الإجارة علي نحو المباشرة لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل]

(مسألة 260): اذا كانت الاجارة علي نحو المباشرة لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل (1) و لا لغيره أن يتبرع عنه فيه (2) أما اذا كانت مطلقة جاز له أن يستأجر غيره (3) و لكن لا يجوز أن يستأجره باقل من الاجرة الا اذا أتي ببعض

العمل (4) أو يستأجر بغير جنس الاجرة (5).

[مسألة 261: إذا عين المستأجر للأجير مدة معينة فلم يأت بالعمل كله أو بعضه فيها]

(مسألة 261): اذا عين المستأجر للأجير مدة معينة فلم يأت بالعمل كله أو بعضه فيها لم يجز الاتيان به بعدها (6) الا باذن من المستأجر (7) و اذا أتي به بعدها بدون اذنه لم يستحق الاجرة (8) و ان برئت ذمة المنوب عنه بذلك (9).

______________________________

(1) و الوجه فيه ظاهر فان الاجير يجب عليه أن يسلم مورد الاجارة و حيث ان الاجارة لو لا القرينة ظاهرة في العمل المباشري فلا يجوز استيجار الغير و أما مع الاذن فلا مانع كما هو ظاهر.

(2) اذ لا يعقل عليه التبرع فلاحظ.

(3) و الوجه فيه ظاهر فان ذمته مشغولة بنفس العمل الاعم من المباشرة.

(4) قد تعرضنا لهذه الجهة في كتاب الاجارة في مسألة (52) فراجع.

(5) اذ مع كونه من غير جنس الاجرة لا يدخل تحت دليل المنع فيجوز.

(6) اذ المفروض عدم انطباق مورد الاجارة علي عمله فلا يجوز.

(7) كما هو ظاهر.

(8) اذ لا وجه للاستحقاق.

(9) اذ المفروض ان الاجير نائب عن الميت و أوجد العمل في الخارج.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 174

[مسألة 262: إذا تبين بطلان الإجارة بعد العمل استحق الأجير اجرة المثل]

(مسألة 262): اذا تبين بطلان الاجارة بعد العمل استحق الاجير اجرة المثل و كذا اذا فسخت لغبن أو غيره (1).

[مسألة 263: إذا لم يتعين كيفية العمل من حيث الاشتمال علي المستحبات يجب الإتيان به علي النحو المتعارف]

(مسألة 263): اذا لم يتعين كيفية العمل من حيث الاشتمال علي المستحبات يجب الاتيان به علي النحو المتعارف (2).

[مسألة 264: إذا نسي الأجير بعض المستحبات و كان مأخوذا في متعلق الإجارة نقص من الأجرة بنسبته]

(مسألة 264): اذا نسي الاجير بعض المستحبات و كان مأخوذا في متعلق الاجارة نقص من الاجرة بنسبته (3).

[مسألة 265: إذا تردد العمل المستأجر عليه بين الأقل و الأكثر جاز الاقتصار علي الأقل]

(مسألة 265): اذا تردد العمل المستأجر عليه بين الاقل و الاكثر جاز الاقتصار علي الاقل (4) و اذا تردد بين متباينين وجب الاحتياط بالجمع (5).

______________________________

(1) ما أفاده مبني علي قاعدة: «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» و ملخص الكلام في مدرك تلك القاعدة السيرة العقلائية فان الاقدام علي الامر الضماني يقتضي ان المقدم لم يقدم علي اتلاف ما له أو عمله مجانا ففي البيع الفاسد يكون المشتري ضامنا للمبيع و في الاجارة الفاسدة يكون المستاجر ضامنا لأجرة العمل و قس عليه مسألة الفسخ.

(2) اذا لا طلاق منصرف الي المتعارف الخارجي فيجب القنوت علي القول بعدم كونه واجبا.

(3) اذ لو كان بنحو الجزئية بأن يكون جزءا للعمل فالتخلف يوجب الرجوع بالاجرة و بعبارة اخري يتقسط الثمن علي الاجزاء. و لا يبعد أن يكون الاجير ضامنا لأجرة مثل الفائت و التفصيل موكول الي مجال آخر.

(4) اذ مع الشك في الاقل و الاكثر تجري البراءة عن الاكثر.

(5) لتنجز العلم الإجمالي علي ما هو المقرر عند القوم.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 175

[مسألة 266: يجب تعيين المنوب عنه و لو اجمالا]

(مسألة 266): يجب تعيين المنوب عنه و لو اجمالا مثل أن ينوي من قصده المستأجر أو صاحب المال أو نحو ذلك (1).

[مسألة 267: إذا وقعت الإجارة علي تفريغ ذمة الميت فتبرع عن الميت متبرع ففرغت ذمته]

(مسألة 267): اذا وقعت الاجارة علي تفريغ ذمة الميت فتبرع عن الميت متبرع ففرغت ذمته انفسخت الاجارة اذا لم يمض زمان تمكن الاجير فيه من الاتيان بالعمل و الا كان عليه اجرة المثل (2 أما اذا كانت الاجارة علي نفس العمل عنه فلا تنفسخ فيما اذا كان العمل مشروعا بعد فراغ ذمته فيجب علي الاجير العمل علي طبق الاجارة (3).

[مسألة 268: يجوز الإتيان بصلاة الاستيجار جماعة اماما كان الأجير أم مأموما]

(مسألة 268) يجوز الاتيان بصلاة الاستيجار جماعة اماما كان الاجير أم مأموما لكن يعتبر في صحة الجماعة اذا كان الامام أجيرا العلم باشتغال ذمة المنوب عنه بالصلاة فاذا كانت احتياطية كانت الجماعة باطلة (4).

______________________________

(1) اذ لا يصدق النيابة عن فلان بلا تعيين و بعبارة اخري: تشخيص الكلي في الفرد الخارجي في المقام يتوقف علي تعيين المنوب عنه غاية الامر يكفي التعيين الإجمالي و لو بأن يكون بعنوان مشير.

(2) اذ مع عدم مضي زمان يمكن فيه العمل تكون الاجارة فاسدة لعدم قدرة الاجير فرضا و أما مع الامكان فالاجارة صحيحة و يكون علي الاجير اجرة المثل.

(3) اذ مع فرض المشروعية لا وجه للانفساخ كما لو احتمل بقاء اشتغال ذمته الا أن يقال: بأن الاجارة تنصرف عن الصورة المذكورة.

(4) بعد فرض جواز الجماعة في الصلاة الاستيجاري نقول: لا بد فيما يكون

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 176

[مسألة 269: إذا مات الاجير قبل الاتيان بالعمل المستأجر عليه و اشترطت المباشرة]

(مسألة 269): اذا مات الاجير قبل الاتيان بالعمل المستأجر عليه و اشترطت المباشرة فان لم يمض زمان يتمكن الاجير من الاتيان بالعمل فيه بطلت الاجارة و وجب علي الوارث رد الاجرة المسماة من تركته (1) و الا كان عليه اداء اجرة مثل العمل من تركته و ان كانت أكثر من الاجرة المسماة (2) و ان لم تشترط المباشرة وجب علي الوارث الاستئجار من تركته كما في سائر الديون المالية (3) و اذا لم تكن له تركة لم يجب علي الوارث شي ء (4) و يبقي الميت مشغول الذمة بالعمل أو المال (5).

[مسألة 270: يجب علي من عليه واجب من الصلاة و الصيام أن يبادر إلي القضاء إذا ظهرت امارات الموت]

(مسألة 270): يجب علي من عليه واجب من الصلاة و الصيام أن يبادر الي القضاء اذا ظهرت امارات الموت (6) بل اذا لم يطمئن

______________________________

الإمام يصلي نيابة أن نعلم باشتغال ذمة الميت و الا لا يمكن الجزم بصحة صلاة المأموم و الوجه فيه ان صحة النيابة تتوقف علي اشتغال ذمة الميت و المفروض عدم احرازها.

(1) اذ مع فرض عدم التمكن تكون الاجارة باطلة اذ المفروض انه لم يملك الاجرة المسماة فيجب ردها.

(2) اذ المفروض صحة الإجارة و المفروض ان العمل في ذمته فلا بد من اداء اجرة المثل.

(3) اذ المفروض ان ذمته مشغولة بنفس العمل فلا بد من ادائه من تركته.

(4) لعدم الدليل علي الوجوب.

(5) كما هو ظاهر.

(6) اذا لواجب الموسع بتضيق بتضيق الوقت و المفروض انه مع ظهور امارات

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 177

بالتمكن من الامتثال اذا لم يبادر (1) فان عجز وجب عليه الوصية به (2) و يخرج من ثلثه كسائر الوصايا (3) و اذا كان عليه دين مالي للناس و لو كان مثل الزكاة و الخمس و رد المظالم وجب عليه المبادرة

الي وفائه و لا يجوز التأخير و ان علم ببقائه حيا (4) و اذا عجز عن الوفاء

______________________________

الموت بتبين تضيق الوقت فيجب الفور بحكم العقل.

(1) اذ مع عدم الاطمينان يجب البدار بحكم العقل.

(2) اذ المفروض انه واجب عليه و علي عهدته و من الطرق الممكنة للأداء النيابة عنه بعد الموت فتجب الوصية و ان شئت قلت: فراغ الذمة يحصل باحد الامرين اما المباشرة و اما النيابة بعد الموت و مع انتفاء الشق الاول يتعين الشق الثاني.

و هذا فيما يطمئن بقيام الوصي للأداء واضح و أما مع عدمه بأن يطمئن بالخلاف فللمناقشة في الوجوب مجال كما أن الامر كذلك مع الشك اذ معه يحكم بالعدم بمقتضي الاصل فما وجه الوجوب.

و بعبارة اخري: الوصية طريق للوصول الي تحصيل الواجب في الخارج و مع عدم الحصول لا وجه للتوصل اذ لا اشكال في عدم الموضوعية للوصية.

و لقائل أن يقول: بأنه يلزم اتمام الحجة و يجب القيام بالوظيفة بالمقدار الممكن و عصيان الوصي و عدم قيامه بما عليه من الوظيفة لا يوجب سقوط التكليف عن المكلف بالوصية فتأمل.

و ربما يقال: ان المستفاد من قوله تعالي: «فمن بدله» الاية وجوب الوصية أو جوازها و الوصي آثم بتبديلها.

(3) اذ الوصية نافذة في الثلث.

(4) اذ يجب رد حقوق الناس فورا فلا فرق بين بقائه و عدمه.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 178

و كانت له تركة وجب عليه الوصية بها الي ثقة مأمون ليؤديها بعد موته (1) و هذه تخرج من أصل المال و ان لم يوص بها (2).

[مسألة 271: إذا آجر نفسه لصلاة شهر مثلا فشك في أن المستأجر عليه صلاة السفر أو الحضر و لم يمكن الاستعلام من المؤجر]

(مسألة 271): اذا آجر نفسه لصلاة شهر مثلا فشك في ان المستأجر عليه صلاة السفر أو الحضر و لم يمكن الاستعلام من المؤجر وجب الاحتياط بالجمع

و كذا لو آجر نفسه لصلاة و شك في أنها الصبح أو الظهر مثلا وجب الاتيان بهما (3).

[مسألة 272: إذا علم أن علي الميت فوائت و لم يعلم أنه أتي بها قبل موته أو لا استؤجر عنه]

(مسألة 272): اذا علم ان علي الميت فوائت و لم يعلم أنه أتي بها قبل موته أولا استؤجر عنه (4).

______________________________

(1) لان الوصية احدي طرق الاداء فتجب و لا بد أن يكون الوصي مأمونا اذ مع عدم كونه ثقة لا يحصل العلم بالاداء الواجب.

(2) فان الدين المالي يخرج من اصل المال.

(3) للعلم الإجمالي.

(4) مقتضي استصحاب عدم الاتيان بقاء الاشتغال فيجب علي الوصي أو الولي أن يفرغ ذمة الميت لا يقال: مقتضي اصالة الصحة الحكم بالاتيان فانه يقال: حمل فعل الغير علي الصحة يتوقف علي تحقق الفعل و يشك في صحته و فساده فيحكم بالصحة باصالتها و في المقام تحقق العمل في الخارج أول الكلام فلا موضوع لأصالة الصحة نعم عدم اساءة الظن بالغير صحيح لكن لا يرتبط باصالة الصحة.

ان قلت: الواجب علي الولي مراعاة تنجر التكليف المتوجه الي الميت و من الممكن ان التكليف بالقضاء لم يتنجز في حقه لغفلته و عدم التفاته الي فوت الصلاة عنه فلا يجب علي الولي الاستيجار عنه.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 179

[مسألة 273: إذا آجر نفسه لصلاة أربع ركعات من الزوال في يوم معين الي الغروب فأخر حتي بقي من الوقت أربع ركعات]

(مسألة 273): اذا آجر نفسه لصلاة أربع ركعات من الزوال في يوم معين الي الغروب فأخر حتي بقي من الوقت أربع ركعات و لم يصل عصر ذلك اليوم وجب الاتيان بصلاة العصر (1) و للمستأجر حينئذ فسخ الاجارة و المطالبة بالاجرة المسماة و له أن لا يفسخها و يطالب باجرة المثل و ان زادت علي الاجرة المسماة (2).

[مسألة 274: الأحوط اعتبار عدالة الأجير حال الاخبار]

(مسألة 274): الاحوط اعتبار عدالة الاجير حال الاخبار بأنه أدي ما استوجر عليه و ان كان الظاهر كفاية كونه ثقة في تصديقه اذا

______________________________

قلت: ليس الامر كذلك فان الموضوع لوجوب الاستيجار اشتغال ذمة الميت بالصلاة و لا يرتبط بتنجز التكليف علي الميت و لذا يجب القضاء عنه في صورة الاشتغال و لو مع القطع بعدم التنجز في حقه كما لو فات عنه فوائت و قطعنا بعدم التفاته الي فوتها فيجب القضاء عنه بلا اشكال.

(1) لا اشكال في تقدم فريضة الوقت فان الصلاة اهم الواجبات الشرعية و مجرد كون المزاحم حق الناس لا يوجب تقدمه كما هو ظاهر.

و بعبارة اخري: الوجه في تقديم احد المتزاحمين علي الاخر اهمية الملاك و لا اشكال في أن ملاك فريضة الوقت اهم. و ان شئت قلت لا دليل علي تقدم الحق المالي علي الاطلاق.

(2) الامر كما أفاده اذ لا دليل علي انفساخ الاجارة بتوهم ان الاجير لا يقدر علي العمل اذ المفروض انه كان قادرا فصار عاجزا فله احد الامرين كما في المتن اذ بعد عدم تسليم العمل الذي يكون مورد الاجارة يثبت للمستأجر الخيار فله الاخذ به و ابطال الاجارة كما أن له ابقائها و اخذ اجرة المثل فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 180

أخبر بالتأدية (1).

[المقصد التاسع: الجماعة]

اشارة

المقصد التاسع: الجماعة و فيه فصول:

[الفصل الأول: في استحباب الجماعة في جميع الفرائض غير صلاة الطواف و وجوب الجماعة في بعض الصلوات و جملة من أحكامها]
اشارة

الفصل الاول:

تستحب الجماعة في جميع الفرائض (2) غير صلاة الطواف فان الاحوط

______________________________

(1) الماتن يري اعتبار قول الثقة و لذا بني اعتبار العدالة في المخبر علي الاحتياط و الامر كما أفاده فان قول الثقة حجة بالسيرة العقلائية الممضاة شرعا.

(2) عن المنتهي و الذكري ظاهر الاجماع عليه و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه زرارة و الفضيل قالا: قلنا له: الصلاة في جماعة فريضة هي؟ فقال:

الصلاة فريضة و ليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها و لكنها سنة من تركها رغبة عنها و عن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له «1».

الي غيرها من النصوص الواردة في الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل.

و تقريب الاستدلال علي المدعي برواية زرارة و الفضيل ان الراوي يسأل عن وجوب الجماعة في الصلاة بعد الفراغ عن جوازها فأجاب عليه السلام بأن الصلاة فريضة و لكن الجماعة ليست واجبة في الصلوات كلها.

و بعبارة اخري: يفهم من كلامه عليه السلام أن الجماعة لا تجب في عامة الصلوات و بعد هذا الجواب تفضل بأمر آخر و هو أن الجماعة مستحبة في جميع الصلوات فان الظاهر ان الضمير في قوله عليه السلام «و لكنها» بحسب المتفاهم العرفي يرجع الي الصلوات المذكورة قبل هذه الجملة.

و الانصاف ان دلالة الرواية علي المدعي لا تنكر. ان قلت: ان النفي وارد علي العموم فتدل الرواية علي كون الجماعة سنة في مورد لا تكون فرضا و ذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 181

______________________________

المورد غير معلوم.

قلت: ان لفظ «كل» جي ء به للتأكيد و النفي ورد علي الجمع المحلي باللام مضافا الي أنه علي

تقدير التسليم يكون الخبر دالا علي أن الجماعة فرض في بعض الصلوات و سنة في البعض الاخر فليس مورد يشك فيه من حيث المشروعية و عدمها.

ان قلت: ان قوله عليه السلام: «الصلاة فريضة» لم يرد منه مطلق الصلوات و الا لزم تخصيص الاكثر مضافا الي أن قوله عليه السلام منصرف الي اليومية و لا أقلّ من الاجمال.

قلت: أما الانصراف فلا وجه له و علي فرضه بدوي و أما اشكال تخصيص الاكثر فيندفع بأن السائل لا يسأل عن وجوب الجماعة في الصلاة المندوبة اذ لا معني لاستصحاب أصل الصلاة و وجوب الجماعة فيها و انما يسأل عن وجوبها في المفروضة فاجاب عليه السلام و بين امورا ثلاثة: الاول: ان الصلاة التي تسأل عن فرض الجماعة فيها واجبة. الثاني: ان الجماعة غير مفروضة في شي ء من الصلوات. الثالث: انها محبوبة في جميعها فلاحظ.

مضافا الي أن محل الشاهد في كلامه عليه السلام قوله عليه السلام: «و ليس الاجتماع» الي آخره فعلي فرض اجمال كلمة «الصلاة» في الصدر لا ينهدم الاستدلال.

و الانصاف انه لا قصور في دلالة جملة من روايات الباب علي المدعي لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الصلاة في جماعة تفضل علي كل صلاة الفرد (الفذ) بأربعة و عشرين درجة تكون خمسة و عشرين صلاة «1» فان قوله عليه السلام: «الصلاة جماعة» باطلاقه يشمل جميع الصلوات الا ما

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 182

______________________________

خرج بالدليل.

و مثله خبر زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما يروي الناس أن الصلاة في جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمس و عشرين صلاة فقال:

صدقوا الحديث «1» فانقدح بما

ذكرنا ان استحباب الجماعة لا تختص بالفرائض اليومية بل يعم غيرها كصلاة الآيات مضافا الي السيرة الخارجية الدالة علي مشروعيتها فيها.

و أما صلاة الاحتياط فلا يشرع فيها الجماعة لاحتمال كونها نافلة بناء علي عدم المشروعية في مطلق النافلة.

لكن يرد عليه انها ان كانت جابرة فواجبة و الا فمندوبة و لا مانع من أن تصلي جماعة اذ يمكن أن يؤتي بها رجاء فعلي فرض كونها جابرة وقعت في محله و الا تكون لغوا.

و لكن مع ذلك لا يمكن الالتزام بجواز القدوة فيها فان شمول الدليل بحسب الفهم العرفي مشكل اذ لا يبعد أن يعلم من الدليل ان الحكم راجع الي الفرائض التي فرضت بعنوانها الاولي الاستقلالي.

و أما جواز الجماعة في القضاء فمضافا الي التسالم بين الاصحاب و يظهر من بعض الكلمات عدم الخلاف فيه بل عن ظاهر الذكري دعوي اجماع المسلمين عليه، يمكن التمسك بالطلاق رواية زرارة و غيرها من الروايات فانه لا وجه لعدم الشمول فان الجمع المحلي باللام الواقع في الرواية شامل لجميع الصلوات.

و أما الاستدلال علي الجواز بما يدل علي رقود النبي صلي اللّه عليه و آله و أصحابه عن صلاة الفجر حتي طلعت الشمس ثم قضائه صلي اللّه عليه و آله بهم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 183

______________________________

جماعة بعد الانتقال الي مكان آخر «1» فربما يشكل بأنه كيف يمكن تصديق مفاد الرواية و الاذعان بأن النبي صلي اللّه عليه و آله نام عن صلاة الفجر.

لكن يمكن أن يقال: بأن المستفاد أمران: جواز رقود النبي صلي اللّه عليه و آله عن صلاة الفجر و جواز الجماعة في الفائتة و أي مانع من رد احد الامرين و حمله علي التقية و

الاخذ بالاخر.

و الرواية مخدوشة سندا فلاحظ.

و يدل علي المطلوب ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

تقام الصلاة و قد صليت؟ فقال: صل و اجعلها لما فات «2».

لكن الرواية برواية الشيخ مخدوشة سندا بسلمة فانه لم يوثق و مجرد كونه في اسناد كامل الزيارة لا يكفي و برواية الصدوق مخدوشة لان اسناد الصدوق الي اسحاق بن عمار مخدوش علي ما في رجال الحاجياني فانه دام بقائه حكم بأن السند غير معتبر و استغرب من سيدنا الاستاد حيث حكم بالصحة في رجاله و اللّه العالم.

و يؤيد المدعي ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي صلاة حتي دخل وقت صلاة اخري فقال: اذا نسي الصلاة أو نام عنها صلي حين يذكرها فاذا ذكرها و هو في صلاة بدأ بالتي نسي و ان ذكرها مع امام في صلاة المغرب أتمها بركعة ثم صلي المغرب ثم صلي العتمة بعدها و ان كان صلي العتمة وحده فصلي منها ركعتين ثم ذكر أنه نسي المغرب

______________________________

(1) لاحظ الرواية في ص: 128

(2) الوسائل الباب 55 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 184

لزوما عدم الاكتفاء فيها بالاتيان بها جماعة مؤتما (1) و يتأكد الاستحباب في اليومية (2) خصوصا في الادائية (3).

______________________________

أتمها بركعة فتكون صلاته للمغرب ثلاث ركعات ثم يصلي العتمة بعد ذلك «1».

فان الرواية ضعيفة سندا و لكنها مؤيدة بلا اشكال و أما صلاة الطواف فمن حيث المقتضي لا مانع من الالتزام بجواز الجماعة فيها لكن عدم معهودية انعقادها جماعة يوجب الاشكال و اللّه العالم. و أما الصلاة المفروضة بالعنوان الثانوي فالالتزام بالجواز فيها في

غاية الاشكال.

(1) قد مر الكلام من هذه الجهة آنفا.

(2) استدل بما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من صلي الخمس في جماعة فظنوا به خيرا «2» و استفادة المدعي من هذه الرواية مشكل اذ الظاهر منها أن المراد من الخمس اليومية الادائية.

(3) فانها القدر المتيقن من الادلة مضافا الي ما ورد فيها خصوصا مثل ما رواه أنس عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: من صلي الفجر في جماعة ثم جلس يذكر اللّه عز و جل حتي تطلع الشمس كان له في الفردوس سبعون درجة بعد ما بين كل درجتين كحضر الفرس الجواد المضر سبعين سنة و من صلي الظهر في جماعة كان له في جنات عدن خمسون درجة بعد كل درجتين كحضر الفرس الجواد خمسين سنة و من صلي العصر في جماعة كان له كأجر ثمانية من ولد اسماعيل كلهم رب بيت يعتقهم و من صلي المغرب في جماعة كان له كحجة مبرورة و عمرة مقبولة و من

______________________________

(1) الوسائل الباب 62 من أبواب المواقيت الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 185

و خصوصا في الصبح و العشاءين (1) و لها ثواب عظيم و قد ورد في الحث عليها و الذم علي تركها أخبار كثيرة و مضامين عالية لم يرد مثلها في أكثر المستحبات (2).

______________________________

صلي العشاء في جماعة كان له كقيام ليلة القدر «1».

(1) يدل عليه ما رواه أبو بصير عن الصادق عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله من صلي المغرب و العشاء الآخرة و صلاة

الغداة في المسجد في جماعة فكأنما أحيا الليل كله «2».

(2) لاحظ ما رواه أبو سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله:

أتاني جبرئيل مع سبعين ألف ملك بعد صلاة الظهر فقال: يا محمد ان ربك يقرئك السلام و أهدي إليك هديتين لم يهديهما الي نبي قبلك قلت: ما الهديتان؟ قال: الوتر ثلاث ركعات و الصلاة الخمس في جماعة قلت: يا جبرئيل و ما لأمتي في الجماعة قال: يا محمد اذا كانا اثنين كتب اللّه لكل واحد بكل ركعة مأئة و خمسين صلاة.

و اذا كانوا ثلاثة كتب اللّه لكل منهم بكل ركعة ستمائة صلاة و اذا كانوا أربعة كتب اللّه لكل واحد بكل ركعة ألفا و مأتي صلاة و اذا كانوا خمسة كتب اللّه لكل واحد بكل ركعة ألفين و أربعمائة صلاة و اذا كانوا ستة كتب اللّه لكل واحد منهم بكل ركعة أربعة آلاف و ثمانمائة صلاة و اذا كانوا سبعة كتب اللّه لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة آلاف و ستمائة صلاة و اذا كانوا ثمانية كتب اللّه تعالي لكل واحد منهم بكل ركعة عشر ألفا و مائتي صلاة و اذا كانوا تسعة اللّه تعالي لكل واحد منهم بكل ركعة ستة و ثلاثين ألفا و أربعمائة صلاة و اذا كانوا عشرة كتب اللّه تعالي لكل واحد بكل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 186

[مسألة 275: تجب الجماعة في الجمعة و العيدين]

(مسألة 275): تجب الجماعة في الجمعة و العيدين مع اجتماع شرائط الوجوب و هي حينئذ شرط في صحتها (1) و لا تجب بالاصل في في غير ذلك (2) نعم قد تجب بالعرض لنذر أو نحوه (3)

أو لضيق الوقت عن ادراك ركعة الا بالائتمام (4).

______________________________

ركعة سبعين ألفا و ألفين و ثمانمائة صلاة فان زادوا علي العشرة فلو صارت بحار السماوات و الارض كلها مدادا و الاشجار أقلاما و الثقلان مع الملائكة كتابا لم يقدروا أن يكتبوا ثواب ركعة واحدة.

يا محمد تكبيرة يدركها المؤمن مع الامام خير له من ستين ألف حجة و عمرة و خير من الدنيا و ما فيها سبعين ألف مرة ركعة يصليها المؤمن مع الامام خير من مأئة ألف دينار يتصدق بها علي المساكين و سجدة يسجدها المؤمن مع الامام في جماعة خير من عتق مأئة رقبة «1».

و لاحظ عدة نصوص دالة علي المطلوب في الباب من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل.

(1) لا اشكال في اشتراط الجماعة في صلاة الجمعة و أما اشتراطها في صلاة العيدين فنتكلم حوله عند تعرض الماتن لها فانتظر.

(2) لعدم الدليل.

(3) اذ يجب العمل بالنذر و أخويه بادلتها فلا اشكال في الوجوب.

(4) اذ ينحصر امتثال الصلاة في الوقت في الصلاة جماعة فتجب و أفاد في المستمسك بأنه لو خالف و صلي منفردا صحت قضاء لوقوع كل جزء في غير وقته.

و فيه: اولا أن ما أفاده يتوقف علي أن يقصد المكلف امتثال الامر القضائي

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 187

أو لعدم تعلمه القراءة مع قدرته عليها (1).

______________________________

و الا فلا وجه للصحة بأي وجه و ثانيا أن الامتثال لو كان ممكنا و لو مع الايتمام لا يصدق عنوان الفوت فلا مجال لهذا الكلام مضافا الي أنه لا يبعد أن يكون منصرف ادلة القضاء صورة خروج الوقت.

(1) تقريب الاستدلال علي لمدعي انه مع التمكن من التعلم لا يشمله

دليل البدلية اذ ادلة الاحكام الاضطرارية منصرفة عن صورة العمد و لا تشملها و دليل قاعدة الميسور علي فرض تماميتها يختص بما يكون العسر غير اختياري فيدور الامر بين الاتيان بالناقص و بين الايتمام و بحكم العقل يجب اختيار الثاني دفعا للعقاب اذ المكلف يقدر أن يأتي بالكامل في ضمن بعض أفراد الطبيعة فيجب. و بعبارة اخري:

لا مصحح للفاقد للقراءة منفردا فتجب الجماعة وجوبا شرعيا.

و فيه: انه لا اشكال في الوجوب العقلي و لكن الشرط الشرعي فلا اذ يستفاد من مجموع الامرين وجوب الصلاة علي كل حال و عدم وجوب الجماعة في كافة الصلوات ان الصلاة لا تجب جماعة شرعا.

و مما ذكرنا علم أن ما أفاده في المستمسك بأن المرجع في صورة التقصير اصالة الفساد ليس كذلك فان النتيجة علي ما ذكرنا ان صحة الصلاة مبنية علي مقدمتين.

الاولي: وجوب الصلاة حتي مع عدم التمكن من القراءة. الثانية: عدم الوجوب جماعة علي الاطلاق.

ثم انه لا يخفي ان عدم شمول البدل مفروض الكلام مخصوص بصورة تقصير المكلف بأن يترك التعلم مع عدم عزمه علي الايتمام أو عزمه علي عدمه و أما لو تركه مع العزم عليه فلا يكون مقصرا ففي آخر الوقت يشمله دليل البدلية بلا اشكال فالنتيجة عدم الوجوب الشرطي مطلقا في هذه الصورة.

و لكن للمناقشة في هذا البيان مجال اذ لا اشكال في تعين بعض الافراد الطولية

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 188

أو لغير ذلك (1).

[مسألة 276: لا تشرع الجماعة لشي ء من النوافل الأصلية]

(مسألة 276): لا تشرع الجماعة لشي ء من النوافل الاصلية (2).

______________________________

عند تعذر الباقي كما أن الامر كذلك في الافراد العرضية فلو لم يكن المكلف قادرا علي الاتيان بالصلاة الا في المسجد فهل يمكن أن يقال بأن مقتضي القاعدة سقوط الصلاة عنه؟

كلا. فان الوجوب بحكم العقل يقتضي تعين الصلاة في المسجد بلا احتياج الي قاعدة: «لا تسقط الصلاة بحال» و قس عليه الصلاة جماعة فلو لم يمكن العبد أن يصلي مع القراءة و لم يشمله دليل البدلية تجب الجماعة بحكم العقل بلا احتياج الي عدم سقوط الصلاة بحال.

و ان شئت قلت: الامر دائر بين أمرين: احدهما شمول دليل قاعدة عدم السقوط و اثبات صحة الصلاة بلا قراءة فلا نحتاج في اثبات عدم وجوب الجماعة إلي حديث زرارة و الفضيل «1». ثانيهما: عدم موضوع لجريان القاعدة لإمكان الصلاة و وجوبها جماعة لوجود القدرة علي الاتيان ببعض الافراد فما أفاده في المتن تام.

(1) فان حكم الامتثال واحد.

(2) الذي يظهر من كلمات القوم ان المشهور فيما بينهم عدم مشروعية الجماعة في النوافل بل نقل عليه الاجماع و عن صاحب المدارك و بعض آخر الميل الي الجواز و ينبغي أن يقع البحث في مواضع:

الموضع الاول في مقتضي الاصل الاولي مع قطع النظر عن الدليل علي الجواز أو المنع فنقول: الاصل الاولي عدم الجواز اذ العبادة توقيفية و تحتاج الي دليل يثبت مشروعيتها و الاصل عدم مشروعيتها.

و بتقريب آخر يمكن اثبات عدم المشروعية اذ سقوط القراءة ينافي اطلاق جزئيتها كما أن اجراء احكام الجماعة بما يوجب بطلان الصلاة علي حسب القواعد

______________________________

(1) لاحظ ص: 180

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 189

______________________________

لا دليل عليه و لا مقتضي للتصحيح فلاحظ. هذا بالنسبة الي الموضع الاول من البحث.

الموضع الثاني في أنه هل يكون لنا دليل يقتضي بالعموم أو الاطلاق رجحان الجماعة في النافلة أم لا؟ و بعبارة اخري: يقع الكلام في هذا الموضع في المقتضي فان تم تصل النوبة الي المقام الثالث و الموضع الاخير و

الذي يمكن أن يستدل به علي الجواز عدة نصوص:

منها: رواية زرارة و الفضيل «1» فان المستفاد من قوله عليه السلام:

«و ليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها و لكنها سنة» ان الجماعة سنة و مندوبة في جميع الصلوات حتي النوافل و لا نري مانعا من شمول الرواية النوافل كما يشمل الفرائض.

و منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صل بأهلك في رمضان الفريضة و النافلة فاني أفعله «2». و مقتضي الاطلاق المستفاد من الرواية انه يجوز الجماعة في مطلق النوافل في شهر رمضان.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تؤم المرأة النساء في الصلاة و تقوم وسطا بينهن و يقمن عن يمينها و شمالها تؤمهن في النافلة و لا تؤمهن في المكتوبة «3».

فان مقتضي الاطلاق انه تجوز الجماعة في النافلة مطلقا و بعدم القول بالفصل بين امامة المرأة و الرجل يثبت الاطلاق و العموم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 180

(2) الوسائل الباب 20 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 13

(3) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 190

______________________________

ان قلت: ان الامام عليه السلام في هذه الرواية ليس في مقام بيان مشروعية الجماعة في النافلة كي يؤخذ باطلاقها بل في مقام بيان حكم آخر و هو جواز امامة المرأة فيمكن القول بجوازها في الجملة و نسب هذا الاشكال الي المحقق الهمداني.

قلت: يرد عليه انه لا وجه لهذا الكلام فان الامام بين هذا الحكم ابتداء بلا سبق سؤال و بلا قرينة فلا مانع من الاخذ بالاطلاق و العرف ببابك.

و منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة تؤم النساء؟ فقال:

اذا كن جميعا امتهن في النافلة فأما المكتوبة فلا و لا تتقدمهن و لكن تقوم وسطا منهن «1».

و هذه الرواية أيضا باطلاقها تدل علي الجواز و لا نري مانعا من الاطلاق و مما يوضح الاطلاق انه هل يتردد احد في أن المستفاد من الرواية عدم جواز امامة المرأة في الفريضة علي الاطلاق فكما أن المنع يستفاد بنحو الاطلاق كذلك الجواز.

و منها: ما رواه هشام بن سالم أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة هل تؤم النساء؟: قال تؤمهن في النافلة فأما في المكتوبة فلا و لا تتقدمهن و لكن تقوم وسطهن «2» و تقريب الاستدلال بالرواية هو التقريب فلا نعيد.

فالي هنا ثبت ان المقتضي للجواز تام و لا وجه للإشكال الموضع الثالث: فيما يقتضي النهي و المنع و هي عدة روايات منها: ما رواه الاعمش عن جعفر بن محمد عليه السلام في حديث شرايع الدين قال: و لا يصلي التطوع في جماعة لان ذلك

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 191

______________________________

بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار «1» و هذا الخبر ضعيف بتميم بن بهلول و غيره.

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتابه الي المأمون قال: لا يجوز أن يصلي تطوع في جماعة لان ذلك بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار «2» و طريق الصدوق الي الفضل ضعيف بابن قتيبة.

و منها: ما رواه محمد بن سليمان في حديث قال: فقال: ايها الناس ان هذه الصلاة نافلة و لن تجتمع للنافلة فليصل كل رجل منكم وحده «3» و هذه الرواية ضعيفة فان اسناد الشيخ الي

علي بن حاتم ضعيف علي ما كتبه الحاجياني زيد توفيقه.

و منها: ما رواه سليم بن قيس الهلالي قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام الي أن قال: و اللّه لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان الا في فريضة و أعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة فتنادي بعض أهل عسكري من يقاتل معي:

يا أهل الإسلام غيرت سنة عمر نهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعا و قد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري الحديث «4».

و هذه الرواية مخدوشة اولا سندا بسليم بن قيس فانه لم يوثق و ما ورد في شأنه لا يدل علي وثاقته. و ثانيا ان الرواية لا يستفاد منها العموم فان قوله عليه السلام «أمرت أن لا يجتمعوا في شهر رمضان الا في فريضة و اعلمتهم ان اجتماعهم في النوافل بدعة» لا يستفاد منه العموم اذ الصدر المقيد يقيد الذيل.

و ان شئت قلت: ان قوله عليه السلام ثانيا بنحو العطف «و أعلمتهم ان اجتماعهم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث: 6

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب نافلة شهر رمضان الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 192

و ان وجبت بالعارض لنذر أو نحوه (1).

______________________________

في النوافل بدعة» بحسب الظهور العرفي عطف تفسيري و يستفاد منه ما استفيد من المعطوف عليه فلا تتم الدلالة.

و منها: ما رواه الفضلاء أنهم سألوا أبا جعفر الباقر عليه السلام و أبا عبد اللّه الصادق عليه السلام عن الصلاة في شهر رمضان نافلة بالليل في جماعة فقالا: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان اذا صلي العشاء الآخرة انصرف الي منزله ثم يخرج من آخر

الليل الي المسجد فيقوم فيصلي فخرج في اول ليلة من شهر رمضان ليصلي كما كان يصلي فاصطف الناس خلفه فهرب منهم الي بيته و تركهم ففعلوا ذلك ثلاث ليال فقام في اليوم الرابع علي منبره فحمد اللّه و أثني عليه ثم قال: ايها الناس ان الصلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة في جماعة بدعة و صلاة الضحي بدعة ألا فلا تجمعوا ليلا في شهر رمضان لصلاة الليل و لا تصلوا صلاة الضحي فان تلك معصية ألا و ان كل بدعة ضلالة و كل ضلالة سبيلها الي النار ثم هو نزل و هو يقول:

قليل في سنة خبر من كثير في بدعة «1».

و هذه الرواية تختص بشهر رمضان و لا يستفاد منها الاطلاق فلاحظ. فانقدح من مجموع ما ذكرنا ان المقتضي للجواز تام و المانع لا يصلح للمانعية فالنتيجة جواز الجماعة في النافلة لكن مع ذلك كله لا يمكن الالتزام به فان السيرة جارية علي عدم الانعقاد فيها الا في موارد خاصة و ببيان آخر ان جواز الجماعة في النافلة لو كان أمرا مشروعا لبان و ظهر و لما احتاج الي هذا المقدار من البحث و اللّه العالم و عليه التكلان.

(1) كما هو ظاهر فان المستفاد من دليل المنع عنوان النافلة اصالة و ان كانت واجبة بالعرض.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 193

حتي صلاة الغدير علي الاقوي (1) الا في صلاة العيدين مع عدم اجتماع شرائط الوجوب (2) و صلاة الاستسقاء (3).

______________________________

(1) اذ المستفاد من الادلة علي مسلك المشهور عدم المشروعية و نقل عن جماعة المشروعية فيها و قيل في وجه الجواز امور: منها: ان عمل الشيعة عليه. و فيه انه اول الكلام.

و

منها: انه عيد عظيم تستحب الجماعة في صلاته. و فيه: انه لا دليل علي أن كل عيد عظيم تكون الصلاة جماعة فيه مستحبة.

و منها ان النبي صلي اللّه عليه و آله أمر كذلك و فيه انه لا دليل عليه.

و منها مرسل أبي الصلاح الدال علي الجواز. و فيه ان المرسل لا اعتبار به.

و منها: اثبات الاستحباب بقاعدة من بلغ. و فيه انه لا يستفاد من تلك القاعدة الا التفضل من اللّه علي انقياد العبد و أما استحباب العمل فلا يستفاد من تلك الادلة.

و بعبارة اخري: مفاد تلك القاعدة لا يكون الا الارشاد الي الحكم العقلي و لا يستفاد منها الجعل المولوي فلاحظ.

(2) لا اشكال في جواز الجماعة في العيدين علي فرض مشروعيتها في زمان الغيبة انما الكلام في هذه الجهة و تحقيق ما يتعلق بصلاة العيدين موكول الي بحثهما فانتظر.

(3) يكفي في الجواز السيرة الخارجية مضافا الي النصوص الدالة علي جوازها فيها منها ما رواه هشام ابن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن صلاة الاستسقاء فقال: مثل صلاة العيدين يقرأ فيها و يكبر فيها كما يقرأ و يكبر فيها يخرج الامام و يبرز الي مكان نظيف في سكينة و وقار و خشوع و مسكنة و يبرز معه الناس فيحمد اللّه و يمجده و يثني عليه و يجتهد في الدعاء و يكثر من التسبيح و التهليل و التكبير و يصلي مثل صلاة العيدين ركعتين في دعاء و مسألة و اجتهاد فاذا سلم

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 194

[مسألة 277: يجوز اقتداء من يصلي إحدي الصلوات اليومية بمن يصلي الأخري]

(مسألة 277): يجوز اقتداء من يصلي احدي الصلوات اليومية بمن يصلي الاخري (1).

______________________________

الامام قلب ثوبه و جعل الجانب الذي علي المنكب الايمن علي المنكب الايسر

و الذي علي الايسر علي الايمن فان النبي صلي اللّه عليه و آله كذلك صنع «1».

(1) قال في الحدائق: «المعروف من مذهب الاصحاب جواز اقتداء المفترض بمثله في فروض الصلاة اليومية و ان اختلف العدد و الكمية بل قال في المنتهي انه قول علمائنا أجمع» «2».

و لا بد من متابعة النصوص الواردة في الموارد المختلفة و لو لا النص لا يمكن الحكم بالجواز فان ترتيب آثار الجماعة من ترك القراءة و الاتيان بالركوع ثانيا لو قام منه قبل الامام و أمثالهما أمر علي خلاف القاعدة و علي خلاف مقتضي ادلة الجزئية و القاطعية فلا بد في اثبات الجواز من دلالة نص عموما أو خصوصا.

و مما يدل علي المدعي ما رواه حماد بن عثمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل امام قوم فصلي العصر و هي لهم الظهر قال: اجزأت عنه و أجزأت عنهم «3» فان المستفاد من هذه الرواية جواز الاقتداء في الظهر بامام يصلي العصر.

و مما يدل عليه ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «4» فانه يستفاد من هذه الرواية جواز الاقتداء في العصر بمغرب الامام كما أنه يدل علي جواز الاقتداء في القضاء بالأداء لكن هذه الرواية ضعيفة سندا بمعلي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء الحديث: 1

(2) الحدائق الناضرة ج 11 ص 148

(3) الوسائل الباب 53 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 183

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 195

و ان اختلفا بالجهر و الاخفات (1).

______________________________

و مما يدل عليه ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا صلي المسافر خلف قوم حضور فليتم صلاته ركعتين و يسلم و ان صلي معهم الظهر

فليجعل الاولتين الظهر و الاخيرتين العصر «1».

فان هذه الرواية تدل علي جواز الاقتداء في العصر بالظهر كما أنها تدل علي جواز الاقتداء في القصر بالتمام.

و مما يدل عليه ما رواه جميل ابن دراج عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في رجل دخل مع قوم و لم يكن صلي هو الظهر و القوم يصلون العصر يصلي معهم الظهر و يصلي هو بعد العصر «2».

و لا يبعد أن يفهم العرف من هذه النصوص ان الحكم عام و لا يختص بمورد دون مورد.

و نقل عن الصدوق انه لا بأس أن يصلي الرجل خلف من يصلي العصر و لا يصلي العصر خلف من يصلي الظهر الا أن يتوهمها العصر فيصلي معه العصر ثم يعلم انها كانت الظهر فتجزي عنه.

و قيل: و وجهه انه خلاف الترتيب فان العصر يشترط فيه أن يقع بعد الظهر فلا يمكن مقارنته معه.

و هذا الوجه في غاية السقوط اذ المفروض ان الامام يصلي الظهر و المقتدي يصلي العصر و اشتراط القبلية و البعدية ملحوظتان بالنسبة الي المصلي نفسه.

(1) يمكن الاستدلال عليه بما رواه اسحاق بن عمار «3» فان مقتضي هذه

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 63 من أبواب المواقيت الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 183

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 196

و القصر و التمام (1) و كذا مصلي الاية بمصلي الاية (2) و ان اختلفت الايتان (3) و لا يجوز اقتداء مصلي اليومية بمصلي العيدين أو الآيات أو صلاة الاموات بل صلاة الطواف علي الاحوط وجوبا و كذا الحكم في العكس (4).

______________________________

الرواية جواز الافتداء في القضاء بالاداء كما أن مقتضي اطلاقها عدم الفرق بين اتفاق الصلاتين و اختلافهما من حيث

الجهر و الاخفات.

و ربما يقال: - كما في كلام صاحب الوسائل- انه يكفي لإثبات المدعي عمومات الجماعة فانه اي مانع من التمسك بقوله عليه السلام: «لكنها سنة».

(1) ادعي التسالم في جميع هذه الموارد و يدل علي الجواز في خصوص المقام ما رواه أبو العباس الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا يؤم الحضري المسافر و لا المسافر الحضري فان ابتلي بشي ء من ذلك فأم قوما حضريين فاذا أتم الركعتين سلم ثم أخذ بيد بعضهم فقدمه فأمهم و اذا صلي المسافر خلف قوم حضور فليتم صلاته ركعتين و يسلم و ان صلي معهم الظهر فليجعل الاولتين الظهر و الاخيرتين العصر «1».

فان هذه الرواية تدل بالصراحة علي الجواز بل لقائل أن يقول: بأنه يدل علي الجواز رواية اسحاق المتقدمة آنفا بتقريب ان اطلاق تلك الرواية يقتضي الجواز.

(2) بلا اشكال و لا كلام نصا و فتوي و قد تقدم الروايات في مسألة 215 فراجع.

(3) قد مر أنه يجوز الاتيان بكل صلاة جماعة و ان اختلفتا و بعبارة اخري:

بعد مشروعية الجماعة في صلاة الآيات تجري أحكام الجماعة فيها بالفهم العرفي فلاحظ.

(4) قد مر عدم جواز الجماعة في صلاة الطواف و أما صلاة الأموات فكونها

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 197

كما انه لا يجوز الاقتداء في صلاة الاحتياط (1) و كذا في الصلوات

______________________________

صلاة أول الكلام و أما اقتداء كل من الثلاثة بالاخر فيشكل من باب قصور المقتضي فانه كما مر لا اطلاق في المقام يقتضي الجواز علي الاطلاق مضافا الي أن نظم كل منها لا ينطبق علي الاخر فكيف تتحقق الجماعة مع انها تتقوم بالمتابعة التي لا يمكن

تحققها في مفروض الكلام فلاحظ.

(1) مقتضي اطلاق كلامه عدم جواز الاقتداء في اليومية بصلاة الاحتياط و لا الاقتداء في صلاة الاحتياط باليومية و لا الاقتداء في صلاة الاحتياط بصلاة الاحتياط ففي المقام ثلاثة فروع:

الفرع الأول انه لا يجوز الاقتداء في اليومية بصلاة الاحتياط و الوجه فيه انه لا يجوز الاقتداء بالنافلة و من الممكن ان صلاة الامام تكون نافلة هذا ما قيل في هذا المقام.

لكن يمكن أن يرد علي هذا التقريب انه أي دليل دل علي كونها نافلة علي تقدير الزيادة بل لا يبعد أن يستفاد من أدلة صلاة الاحتياط أنها واجبة بالوجوب الطريقي لاحظ ما رواه عمار بن موسي الساباطي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شي ء من السهو في الصلاة؟ فقال: ألا اعلمك شيئا اذا فعلته ثم ذكرت انك أتممت أو نقصت لم يكن عليك شي ء؟ قلت: بلي. قال: اذا سهوت فابن علي الأكثر فاذا فرغت و سلمت فقم فصل ما ظننت أنك نقصت فان كنت قد أتممت لم يكن عليك في هذه شي ء و ان ذكرت أنك كنت نقصت كان ما صليت تمام ما نقصت «1».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 5، ص: 197

لكن مع ذلك يشكل القول بالجواز اذ القصور في المقتضي فانه لا دليل لدينا يدل بعمومه أو اطلاقه علي مشروعية الجماعة بأي نحو كانت بل غاية ما يستفاد

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 198

الاحتياطية كما في موارد العلم الإجمالي بوجوب القصر أو الاتمام (1) الا اذا اتحدت الجهة الموجبة للاحتياط كأن

يعلم الشخصان اجمالا

______________________________

من رواية زرارة و الفضيل «1» ان الجماعة مستحبة في تمام الصلوات و لكن ليس في الرواية اطلاق من حيث الحالات و الخصوصيات فلا مقتضي للجواز مضافا الي أنها علي تقدير كونها زائدة لا مجال للاقتداء فيها.

الفرع الثاني: انه لا يجوز الاقتداء في صلاة الاحتياط باليومية و الوجه فيه ان صلاة المأموم اما متممة و اما زائدة أما علي الأول فلا يجوز الاقتداء اذ الاقتداء في الاثناء غير جائز و أما علي الثاني فلا معني للاقتداء كما هو ظاهر.

ان قلت: لا وجه للالتزام بكونه في الاثناء فان صلاة الاحتياط مستقلة قلت لو فرض الاستقلال فيها يشكل الالتزام بالجواز من باب قصور المقتضي فان شمول دليل الاستحباب لمثلها مشكل.

الفرع الثالث: انه لا يجوز الاقتداء في صلاة الاحتياط بمثلها فنقول: تارة يكون الاقتداء في خصوص صلاة الاحتياط و اخري: يكون الاقتداء محققا من أول الأمر أما علي الأول فيكون الاشكال هو الاشكال المتقدم فان الاقتداء في الأثناء غير جائز و أما علي الثاني فلا مانع من الاقتداء رجاء اذ علي تقدير كونها متممة يكون الاقتداء في محله و الا فلا دليل علي جوازه لقصور المقتضي.

و يمكن أن يقال: بجواز ترتيب أثر الجماعة عليها اذ علي تقدير الجزئية فجماعته صحيحة و علي تقدير الزيادة يكون الاتيان بها لغوا فلا يضر بصلاته.

(1) اذ من الممكن أن تكون صلاة الامام باطلة في الواقع بخلاف صلاة المأموم فلا يجوز الاقتداء.

______________________________

(1) لاحظ ص: 180

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 199

بوجوب القصر أو التمام فيصليان جماعة قصرا أو تماما (1).

[مسألة 278: أقل عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة و العيدين اثنان]

(مسألة 278): أقل عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة و العيدين اثنان أحدهما الامام (2).

______________________________

(1) فانه لا مانع من الاقتداء اذ

علي فرض الصحة تكون كلتاهما صحيحة و الا تكون كلتاهما فاسدة.

(2) قد ذكر في بعض الكلمات: انه نقل عليه الاجماع جماعة كثيرة و يدل عليه من النصوص ما رواه زرارة في حديث قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجلان يكونان جماعة؟ فقال: نعم و يقوم الرجل عن يمين الامام «1».

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه محمد عن أحدهما عليهما السلام قال: الرجلان يؤم أحدهما صاحبه يقوم عن يمينه فان كانوا أكثر من ذلك قاموا خلفه «2».

و يدل عليه أيضا ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام أنه سأل عن الرجلين يصليان جماعة؟ قال: نعم و يجعله عن يمينه «3».

و عن الصدوق ان الواحد جماعة كما في النص لاحظ ما رواه يوسف قال:

سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ان الجهني أتي النبي صلي اللّه عليه و آله الي أن قال: فقال: يا رسول اللّه ان المرأة تذهب في مصلحتها فأبقي أنا وحدي فأؤذن و اقيم و اصلي أ جماعة أنا؟ فقال: نعم المؤمن وحده جماعة «4».

و ما رواه الصدوق قال: و قال النبي صلي اللّه عليه و آله: المؤمن وحده حجة

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الجماعة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 200

و لو كان المأموم امرأة (1) أو صبيا علي الاقوي (2) و أما في الجمعة

______________________________

و المؤمن وحده جماعة «1».

و لا بد من حمله علي بعض المحامل فانه يحمل- كما في المدارك- علي أنه لو كان في مقام الاتيان بالصلاة جماعة و لم يتيسر له يكتب له ثواب الجماعة.

(1)

بلا اشكال- كما في بعض الكلمات- و يدل عليه من النصوص ما رواه الحسن الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته كم أقل ما تكون الجماعة؟

قال: رجل و امرأة «2» لكن الرواية ضعيفة بالصيقل. و يدل عليه ما عن أبي جعفر عليه السلام «3» و هذه الرواية ضعيفة بيوسف. و يدل عليه ما رواه الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: المرأة تصلي خلف زوجها الفريضة و التطوع و تأتم به في الصلاة «4».

و يدل عليه ما رواه أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اصلي المكتوبة بام علي؟ قال: نعم تكون عن يمينك يكون سجودها بحذاء قدميك «5».

الي غيرها من الروايات اضف الي ذلك السيرة الخارجية من المتشرعة.

(2) يدل علي المدعي ما رواه أبو البختري عن جعفر عليه السلام قال: ان عليا عليه السلام قال: الصبي عن يمين الرجل في الصلاة اذا ضبط الصف جماعة و المريض القاعد عن يمين المصلي (الصبي) جماعة «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) لاحظ ص: 199

(4) الوسائل الباب 19 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 2

(6) الوسائل الباب 4 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 201

و العيدين فلا تنعقد الا بخمسة أحدهم الامام (1).

[مسألة 279: تنعقد الجماعة بنية المأموم للائتمام]

(مسألة 279): تنعقد الجماعة بنية المأموم للائتمام (2) و لو كان

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بأبي البختري و يدل عليه أيضا ما رواه ابراهيم بن ميمون عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يؤم النساء ليس معهن رجل في الفريضة؟

قال: نعم و ان كان معه صبي فليقم الي جانبه «1». و هذه الرواية ضعيفة بابراهيم مضافا الي النقاش في دلالتها

علي المدعي فلاحظ.

و استدل سيدنا الاستاد علي الصحة بما رواه أبو علي بن راشد قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام ان مواليك قد اختلفوا فاصلي خلفهم جميعا فقال (قال): لا تصل الا خلف من تثق بدينه «2». بتقريب: ان اطلاق قوله عليه السلام: «صل خلف من تثق بدينه» يشمل الصبي المميز بناء علي شرعية عباداته.

لكن الرواية التي وجدناها ليست بهذا التعبير مضافا الي أن السند مخدوش بسهل لكن بناء علي كون عبادات الصبي شرعية لا مانع ظاهرا من القول بالجواز- كما في المتن- فان مقتضي تلك الادلة المقتضية لكون العبادات مطلوبة منه ان الصبي محكوم بحكم الكبير و من تلك الاحكام الايتمام فلاحظ.

(1) الكلام في حكم الجمعة و العيدين موكول الي محل آخر.

(2) اجماعا مستفيض النقل- كما في بعض الكلمات- و عن المنتهي: انه قول كل من يحفظ عنه العلم و الظاهر ان هذا من القطعيات الواضحات لدي الكل و السيرة جارية علي هذا المنوال بل ان مفهوم الاقتداء متقوم بجعل الغير قدوة و لا يتحقق مفهوم الائتمام الا بجعل الامامة للإمام و أما مجرد جعل المطابقة في الافعال لغرض

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 202

الامام جاهلا بذلك غيرنا و للإمامة (1) فاذا لم ينو المأموم لم تنعقد (2) نعم في صلاة الجمعة و العيدين لا بد من نية الامام للإمامة بأن ينوي الصلاة التي يجعله المأموم فيها اماما (3) و كذا اذا كانت صلاة الامام معادة جماعة (4).

[مسألة 280: لا يجوز الاقتداء بالمأموم لإمام آخر]

(مسألة 280): لا يجوز الاقتداء بالمأموم لإمام آخر (5) و لا

______________________________

فلا يكون اقتداء و يؤيد المدعي النبوي المنقول: «انما

جعل الامام اماما ليؤتم به».

(1) بلا خلاف بل الاجماع عليه منقول من جماعة- كما في بعض الكلمات- و قد استدل سيدنا الاستاد عليه باطلاق قوله عليه السلام: «صل خلف من تثق بدينه» و قد مر الاشكال فيه قريبا.

لكن يمكن الاستدلال عليه بالاطلاق المقامي المستفاد من ادلة بيان أحكام الجماعة فانهم عليهم السلام بينوا عدة شروط لتحقق الجماعة و لم يذكروا منها هذا الشرط فيعلم انه ليس شرطا مضافا الي السيرة الجارية فانا نري ان المتشرعة يأتمون بامام يثقون به و في بعض الاحيان لا يلتفت الامام الي أن من خلفه مؤتم به و لا يستنكر هذا المعني عندهم أو ليس هذا شاهدا علي الجواز؟.

(2) هذا علي القاعدة فانه لا يترتب علي مثله أحكام الجماعة لعدم الموضوع فان عمل بالوظيفة صحت و الا فلا و عن القواعد انه لو تابع من غير نية فسدت صلاته و لا دليل علي قدح المتابعة و لا يبعد أن يكون المراد ان الصلاة تفسد اذا نقص عنها شي ء أو زاد فيها و اللّه العالم.

(3) و البحث موكول الي ذلك المقام.

(4) اذ بلا قصد الامامة لا تكون الاعادة مشروعة و ان شئت قلت: ان قوام الاعادة بقصد الامامة فلاحظ.

(5) نقل عن التذكرة و الذكري الاجماع عليه و تقتضيه القاعدة الاولية فانه لا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 203

بشخصين (1).

______________________________

دليل علي مشروعية الجماعة بهذا النحو و الاصل عدم المشروعية.

(1) الظاهر أنه لا خلاف فيه بل يمكن أن يقال: انه من المسلمات بحيث يعد خلافه من المستنكرات و انه لو كان جائزا لبان و ظهر و لذا لم يسمع خلافه و وقوعه و لو في مورد واحد مضافا الي أن عدم الجواز موافق للأصل

فان مقتضاه عدم المشروعية.

و لسيدنا الاستاد في هذا المقام كلام و هو انه في فرض التعدد لا يخلو الحال من اقتداء المأموم بكل واحد منهما مستقلا و بنحو العام الاستغراقي أو بكليهما معا علي سبيل العام المجموعي و لا ثالث و شي ء منها لا يتم أما الاول فلانه من الجائز اختلاف الامامين في الافعال بأن يركع أحدهما و الاخر قائم حيث يكون هذا التفكيك في نفسه ممكنا جدا و ان فرضنا عدم تحققه خارجا حيث ان صدق الشرطية لا يتوقف علي صدق طرفيها خارجا كما لا يخفي.

و حينئذ قلنا أن نتسائل ان المأموم حينما يقتدي و هو يري امكان التفكيك بينهما كما مرهل هو بان علي الاستمرار في نيته حتي مع فرض تحقق الانفكاك بينهما خارجا فلازمه البناء علي الجمع بين الضدين أو أنه ينوي الاقتداء بعد ذلك بأحدهما و لازمه عدم استمراره علي نية الاقتداء بامام معين في تمام الصلاة و هو كما تري.

و أما الثاني فلانه مع فرض الاختلاف- و ان لم يتحقق خارجا كما سمعت- يبطل الايتمام لا محالة لعدم الموضوع للمجموع حينئذ بعد فرض الاختلاف حيث لا يصدق في فرض قيام أحد الامامين و ركوع الاخر و نحو ذلك ان المجموع في حال القيام أو الركوع ليمكن الاقتداء في القيام أو الركوع بالمجموع كما هو ظاهر.

و حينئذ فان كان قد استمر في نيته فقد ائتم بامام لا وجود له و ان نوي الاقتداء آنذاك بواحد معين منهما استلزم الايتمام في الاثناء و لا دليل علي مشروعيته في المقام

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 204

و لو اقترنا في الاقوال و الافعال (1) و لا بأحد الشخصين علي الترديد (2) و لا تنعقد الجماعة

ان فعل ذلك (3) و يكفي التعيين الإجمالي مثل أن ينوي الائتمام بامام هذه الجماعة أو بمن يسمع صوته و ان تردد ذلك المعين بين شخصين (4).

[مسألة 281: إذا شك في أنه نوي الايتمام أم لا بني علي العدم]

(مسألة 281): اذا شك في أنه نوي الايتمام أم لا بني علي العدم (5).

______________________________

كما لا يخفي «1».

و يمكن الجواب عنه بأنا نختار الشق الأول في كلامه بأن نقول: يقتدي المأموم بكل واحد من الامامين مثلا بنحو الاستغراق و نقتصر بمورد يعلم المأموم بعدم الاختلاف بينهما كي لا يتوجه الاشكال.

(1) لما تقدم من الوجوه الدالة علي عدم الجواز.

(2) فان المردد لا واقع له فلا موضوع للجماعة.

(3) قد ظهر الوجه مما تقدم.

(4) اذ يخرج بأحد هذه الأمور عن الابهام و الترديد فيحصل المقصود. و عن الجواهر ان الترديد في المصداق كالترديد في المفهوم اذ يشك في شمول الادلة.

و فيه: ان لازم هذا الكلام بطلان ائتمام الصفوف المتأخرة و غيرهم ممن لا يري الامام فانه لا تعين للإمام عندهم الا بنحو الاجمال و لا اشكال في الصحة.

(5) كما يقتضيه الأصل و عن الذكري: انه لا يلتفت بعد تجاوز المحل و الظاهر ان مدركه قاعدة التجاوز.

و فيه: ان القاعدة انما تجري فيما يشك في الاتيان بما يكون دخيلا في المعنون

______________________________

(1) مستند العروة صلاة الجماعة ص: 275

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 205

و أتم منفردا (1) الا اذا علم انه قام بنية الدخول في الجماعة و ظهرت عليه أحوال الائتمام من الانصات و نحوه و احتمل أنه لم ينو الائتمام غفلة فانه لا يبعد حينئذ جواز الاتمام جماعة (2).

[مسألة 282: إذا نوي الاقتداء بشخص علي أنه زيد فبان]

(مسألة 282): اذا نوي الاقتداء بشخص علي أنه زيد فبان عمروا

______________________________

بعد احراز العنوان و في المقام الشك في أصل العنوان فلا مجال للقاعدة بل المرجع استصحاب العدم كما قلنا.

(1) أفاد في المستمسك في هذا المقام في شرح كلام سيد العروة. بأن ما أفاده مبني علي أنه يكفي في جريان حكم العام جريان

اصالة عدم الخاص، و أما بناء علي أن اصالة عدم الخاص لا يترتب عليها شي ء الا نفي الخاص يشكل ما أفاده فيلزم احتياطا أن يتم الصلاة بقصد الانفراد و لو لا هذا القصد يحتمل كونه مأموما كما أنه يحتمل كونه منفردا.

و يرد عليه: ان يكفي لإثبات حكم العام اصالة عدم الخاص فانه يجب علي المصلي أن يقرأ ان كان في الاولي و الثانية كما أنه يجب عليه أن يعتني بشكه خرج عن هذا العام المصلي جماعة فلو احرز عدم عنوان الخاص بالاصل يثبت حكم العام بلا اشكال.

و ان شئت قلت: الواجب علي المصلي جماعة قصد الايتمام و أما المصلي منفردا فلا يجب عليه قصد الانفراد و لذا لو صلي احد صلاة الظهر غافلا عن الانفراد و الجماعة و أتي بما يجب عليه تكون صلاته صحيحة بلا اشكال.

(2) بل يبعد اذ غاية ما في الباب ان ظاهر الحال يقتضي نية الايتمام و الظهور ما دام لا يكون عليه دليل لا يكون حجة فالمحكم اصالة العدم.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 206

عمروا فان لم يكن عمرو عادلا بطلت جماعته (1) بل صلاته اذا وقع فيها ما يبطل الصلاة عمدا و سهوا (2) و الا صحت (3) و ان كان عمرو عادلا صحت جماعته و صلاته (4).

[مسألة 283: إذا صلي اثنان و علم بعد الفراغ أن نية كل منهما كانت الإمامة للآخر صحت صلاتهما]

(مسألة 283): اذا صلي اثنان و علم بعد الفراغ ان نية كل منهما كانت الامامة للاخر صحت صلاتهما (5) و اذا علم ان نية كل منهما كانت الائتمام بالاخر استأنف كل منهما الصلاة اذا كانت مخالفة

______________________________

(1) اذ يعتبر في امام الجماعة العدالة و مع عدمها لا تتحقق الجماعة و هذا ظاهر.

(2) اذ المفروض ان جماعته باطلة و من ناحية اخري أتي بما

يوجب البطلان علي الاطلاق و لا تشمله قاعدة لا تعاد.

(3) لقاعدة لا تعاد.

(4) لعدم وجه للبطلان فان الخطأ في التطبيق.

(5) هذا علي القاعدة فانه لا وجه للبطلان اذ الامام لو أتي بوظيفة المنفرد و لم يأت بما يوجب الفساد علي الاطلاق تكون صلاته صحيحة.

و بعبارة اخري: قصد الامامة لا يوجب الفساد مضافا الي أن مقتضي حديث السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في رجلين اختلفا فقال أحدهما كنت امامك و قال الاخر: أنا كنت امامك فقال:

صلاتهما تامة قلت: فان قال كل واحد منهما: كنت ائتم بك قال: صلاتهما فاسدة و ليستأنفا «1» الصحة و هذه الرواية مؤيدة و لا تكون دليلا فانها ضعيفة سندا بالنوفلي و مجرد وقوعه في اسناد كامل الزيارات لا يوجب وثاقته كما ذكرناه غير مرة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 207

لصلاة المنفرد (1).

[مسألة 284: لا يجوز نقل نية الائتمام من إمام إلي آخر اختيارا]

(مسألة 284): لا يجوز نقل نية الائتمام من امام الي آخر اختيارا (2) الا أن يعرض للإمام ما يمنعه من اتمام صلاته من موت (3).

______________________________

(1) الظاهر انه لا وجه للبطلان بعد كون الرواية ضعيفة و مقتضي قاعدة لا تعاد عدم البطلان الا في صورة الاتيان بالمبطل بحيث لا تشمله القاعدة فلاحظ.

(2) اذ لا دليل علي شرعيته و الاصل عدمها مضافا الي أن اطلاق الادلة الاولية يقتضي عدم الجواز فان المصلي يجب عليه القراءة في الاولي و الثانية و سقوطها في مورد الفرض محل الاشكال و خلاف الاطلاق. و عن العلامة الجواز و يمكن أن يكون المستند أحد أمرين: أحدهما ما يدل علي جواز الائتمام بامام آخر لو حدث حادث للإمام كما

يأتي بدعوي عدم الفرق بين المقامين. و فيه انه لا دليل علي الاطلاق فلا يمكن التعميم.

ثانيهما: استصحاب الجواز الثابت قبل الصلاة و فيه انه داخل في الاستصحاب التعليقي و لا يكون حجة مضافا الي أنه من قسم الاستصحاب الجاري في الاحكام الكلية.

(3) كما في رواية الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأل عن رجل أم قوما فصلي بهم ركعة ثم مات قال: يقدمون رجلا آخر و يعتدون بالركعة و يطرحون الميت خلفهم و يغتسل من مسه «1».

و كما في رواية الاحتجاج قال: مما خرج عن صاحب الزمان عليه السلام الي محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري حيث كتب اليه: روي لنا عن العالم عليه السلام انه سئل عن امام قوم يصلي بهم بعض صلاتهم و حدثت عليه حادثة كيف يعمل

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من أبواب صلاة الجماعة.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 208

أو جنون أو اغماء أو حدث (1).

______________________________

من خلفه؟ فقال يؤخر و يتقدم بعضهم و يتم صلاتهم و يغتسل من مسه التوقيع: ليس علي من مسه الا غسل اليد و اذا لم تحدث حادثة تقطع الصلاة تمم صلاته مع القوم «1».

(1) قد دلت علي المدعي بالنسبة الي الحدث جملة من النصوص منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يؤم القوم فيحدث و يقدم رجلا قد سبق بركعة كيف يصنع؟ قال: لا يقدم رجلا قد سبق بركعة و لكن يأخذ بيد غيره فيقدمه «2».

و منها: ما رواه علي بن جعفر أنه سأل أخاه موسي بن جعفر عليه السلام عن الامام أحدث فانصرف و لم يقدم أحدا ما حال القوم؟ قال: لا صلاة لهم الا بامام

فليقدم بعضهم فليتم بهم ما بقي منها و قد تمت صلاتهم «3».

و منها: ما رواه زرارة انه قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل دخل مع قوم في صلاتهم و هو لا ينويها صلاة و أحدث امامهم فأخذ بيد ذلك الرجل فقدمه فصلي بهم أ تجزيهم صلاتهم بصلاته و هو لا ينوبها صلاة؟ فقال: لا ينبغي للرجل أن يدخل مع قوم في صلاتهم و هو لا ينويها صلاة بل ينبغي له أن ينويها (صلاة) و ان كان قد صلي فان له صلاة اخري و الا فلا يدخل معهم و قد تجزي عن القوم صلاتهم و ان لم ينوها «4» و منها: ما رواه معاوية بن عمار «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب غسل المس الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 41 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 72 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 39 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(5) سيأتي عن قريب

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 209

أو تذكر حدث سابق علي الصلاة (1) فيجوز للمأمومين تقديم امام آخر و اتمام صلاتهم معه (2).

______________________________

و أما بالنسبة الي الجنون و الاغماء فيمكن الاستدلال علي المدعي بما ورد في الموت بدعوي ان العرف يفهم عدم الفرق بين موارد العذر.

مضافا الي حديث معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي المسجد و هم في الصلاة و قد سبقه الامام بركعة أو أكثر فيعتل الامام فيأخذ بيده و يكون أدني القوم اليه فيقدمه فقال: يتم صلاة القوم ثم يجلس حتي اذا فرغوا من التشهد أومأ اليهم بيده عن اليمين و الشمال و كان الذي أومأ اليهم بيده التسليم و انقضاء صلاتهم

و أتم هو ما كان فاته أو بقي عليه «1».

فانه يمكن أن يقال: بأن المستفاد من الرواية ان الموضوع للجواز اعتلال الامام فلاحظ.

(1) لرواية جميل بن دراج عن الصادق عليه السلام في رجل أم قوما علي غير وضوء فانصرف و قدم رجلا و لم يدر المقدم ما صلي الامام قبله قال: يذكره من خلفه «2».

و رواية زرارة قال: سألت أحدهما عليهما السلام عن امام أم قوما فذكر أنه لم يكن علي وضوء فانصرف و أخذ بيد رجل و أدخله فقدمه و لم يعلم الذي قدم ما صلي القوم فقال: يصلي بهم فان أخطأ سبح القوم به و بني علي صلاة الذي كان قبله «3».

(2) يقع البحث في هذا المقام تارة من حيث جواز الاستنابة و وجوبها و اخري من حيث ان الاستنابة وظيفة الامام أو المأموم أما جواز الاستنابة و وجوبها فاختار

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 40 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 210

______________________________

سيدنا الاستاد الجواز و ذيله بقوله: «بل لا ينبغي الاشكال فيه بناء علي جواز الانفراد اختيارا في وسط الصلاة بتقريب: انه لو جاز الانفراد اختيارا و مع تمكن الامام من الاتمام فالجواز مع عدم إمكان الاتمام أولي».

و الظاهر ان ما أفاده ليس تاما اذ ملاك الحكم غير معلوم عندنا و لا بد من متابعة الادلة و في المقام رواية رواها علي بن جعفر «1» ربما يستفاد منها الوجوب.

و أجاب سيدنا الاستاد عنها بأن الظاهر منها ان صلاتهم متقومة بالجماعة و الحال ان الجماعة في الصلوات سنة و لم يقل لا اتمام الصلاة.

و هذا التقريب غير سديد فان

الظاهر من الرواية ان هذه الصلاة التي بايديهم لا تتم الا بالجماعة و لذا فرع علي قوله: «لا صلاة لهم» قوله «فليقدم بعضهم».

و استدل أخيرا بالإجماع و حال الاجماع- سيما في مثل المقام- ظاهر و المسألة محل الاشكال و لذا تردد صاحب المدارك في حكمها- علي ما نقل عنه- نعم لا يبعد القول بالجواز و عدم الوجوب بلحاظ حديث زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال:

سألته عن رجل صلي بقوم ركعتين ثم أخبرهم أنه ليس علي وضوء قال: يتم القوم صلاتهم فانه ليس علي الامام ضمان «2».

فان مقتضي هذا الحديث عدم وجوب الاتمام جماعة و لقائل أن يقول: ان المستفاد من هذه الرواية الاتمام بلا قيد و لا بد من تقييدها بحديث ابن جعفر و اللّه العالم.

و أما أن الاستنابة وظيفة الامام أو المأموم فيستفاد من رواية أبي العباس «3»

______________________________

(1) لاحظ ص: 208

(2) الوسائل الباب 36 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 196

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 211

و الاقوي اعتبار أن يكون الامام الاخر منهم (1).

______________________________

انها وظيفة الامام و يستفاد من رواية الحلبي «1» انها وظيفة المأمومين و مقتضي حديث ابن جعفر «2» ان الوظيفة تقديم الامام بلا بيان من يقدمه و لا تنافي بين النصوص فانه لا يبعد أن يفهم عرفا ان المقصود امامة من يليق بهذا المقام بلا فرق بين أن يقدمه الامام أو المأموم حتي أنه لو تقدم أحد من تلقاء نفسه و ارتضوه لكان صحيحا فلا موضوعية للشخص بل المطلوب تقدم المرضي به بأي وجه كان.

(1) يقع الكلام في أنه هل يجوز تقديم امام من غير المأمومين أم لا؟ ربما يقال: بالاول- كما عن الحدائق- و الدليل عليه جملة من

النصوص منها ما رواه جميل «3» بتقريب انه ذكر في الرواية أن المقدم لم يدر ما صلي الامام فيعلم انه اجنبي و الا كيف يمكن أن لا يدري ما صلي الامام.

و فيه: انه يمكن فرض الجهل بالنسبة الي المأموم أيضا اذ يمكن أن يكون غافلا عن عدد الركعات فانه يتابع الامام و لذا لا يبالي كما أنه يمكن أن يكون مسبوقا بالجماعة فادرك الامام في الركوع و حدث حادث في السجود فليس في الرواية الا الاطلاق بالنسبة الي الاجنبي.

و منها ما رواه الحلبي «4» فان هذه الرواية باطلاقها تشمل الاجنبي.

و منها: ما رواه زرارة «5» و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن حديد.

و منها: مرسل الصدوق قال: و قال أمير المؤمنين عليه السلام: ما كان من امام

______________________________

(1) لاحظ ص: 207

(2) لاحظ ص: 208

(3) لاحظ ص: 209

(4) لاحظ ص: 207

(5) لاحظ ص: 209

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 212

[مسألة 285: لا يجوز للمنفرد العدول إلي الائتمام في الأثناء]

(مسألة 285): لا يجوز للمنفرد العدول الي الائتمام في الاثناء (1).

______________________________

تقدم في الصلاة و هو جنب ناسيا أو أحدث حدثا أو رعف رعافا أو أذي في بطنه فليجعل ثوبه علي أنفه ثم لينصرف و ليأخذ بيد رجل فليصل مكانه ثم ليتوضأ و ليتم ما سبقه من الصلاة و ان كان جنبا فليغتسل فليصل الصلاة كلها «1» و حال المرسل في الضعف ظاهر.

و في مقابل هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي لزوم أن يكون الامام من المأمومين منها ما رواه أبو العباس «2» فان مقتضي هذه الرواية أنه يلزم أن يكون من المأمومين.

و منها: ما رواه ابن جعفر «3» و لا مجال لان يقال: بأنه لا تعارض بين المثبتين اذ هذا البيان يتم في مورد ثبوت الحكم لمطلق الوجود لا

مثل المقام الذي لا يكون الا لصرفه كما هو ظاهر فلا بد من العلاج و أفاد في المستمسك «بأن المقيد يحمل علي الفضل أو علي أنه أسهل». و لا دليل عليه بل مقتضي القاعدة حمل المطلق علي المقيد فالنتيجة اشتراط أن يكون منهم.

(1) كما هو المشهور عند الاصحاب و تقتضيه القاعدة الاولية فان مقتضي الاصل عدم المشروعية و لا دليل علي شرعيتها بل يمكن أن يقال: بان الدليل قائم علي عدم الجواز فان الدليل الدال علي أن المنفرد يجوز له أن يعدل الي النافلة و يتم الصلاة و يأتم يدل علي المدعي اذ لو كان الاقتداء في الأثناء جائزا لما احتاج الي العدول الي النافلة ثم الاستئناف جماعة.

و الامر ظاهر و قياس المقام بباب تبدل امام بامام آخر فيما لو حدث حادث للإمام

______________________________

(1) الوسائل الباب 72 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 196

(3) لاحظ ص: 208

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 213

[مسألة 286: يجوز العدول عن الائتمام إلي الانفراد اختيارا في جميع أحوال الصلاة علي الأقوي]

(مسألة 286): يجوز العدول عن الائتمام الي الانفراد اختيارا في جميع أحوال الصلاة علي الاقوي اذا لم يكن ذلك من نيته في أول الصلاة و إلا فصحة الجماعة لا تخلو من اشكال (1).

______________________________

كما مر قريبا، قياس مع الفارق و الاحكام الشرعية ليست مبنية علي القياس و أمثاله.

(1) الكلام يقع في مقامات ثلاثة: الاول: فيما يكون قصده الانفراد من أول الامر. الثاني فيما يكون مترددا. الثالث: فيما يكون عازما علي الاقتداء الي آخر الصلاة لكن بدا له أن ينفرد.

أما المقام الاول فما يمكن أن يذكر في وجه الجواز امور: منها الاجماعات المنقولة. و فيه انه قد ثبت في محله ان الاجماع المنقول ليس حجة مضافا الي أنه كيف يمكن تحقق الاجماع مع خلاف

الشيخ قدس سره في المسألة.

و منها النصوص الواردة في المسبوق بالجماعة و ايتمام المتم بالمقصر و الاقتداء في الرباعية بالثلاثية و الثنائية فان مقتضي هذه النصوص جواز الاقتداء في بعض الصلاة من أول الامر.

و فيه ان الموارد المذكورة قد وردت فيها النصوص المشار اليها و قياس المقام بتلك الموارد مع الفارق اذ لا يمكن بقاء الايتمام في تلك الموارد بخلاف المقام.

و منها: ما ورد في بعض النصوص من أن الركعة في الجماعة أربع و عشرون ركعة «1».

و في رواية اخري: «ركعة يصليها المؤمن مع الامام خير له من أن يتصدق «2».

بدعوي ان مقتضي الاطلاق جواز الاقتداء و استحبابه حتي في ركعة واحدة.

و فيه انه لا يظهر من مثل هذه النصوص هذا المعني و الا يلزم جواز الاقتداء في

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 10

(2) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 214

______________________________

خصوص سجدة واحدة أو ركوع واحد و هو كما تري بل المستفاد من هذه النصوص ان صلاة الجماعة لها هذه الخصوصيات و ليست في مقام بيان تشريع الجماعة في ركعة واحدة أو ركوع واحد أو سجود كذلك.

مضافا الي المناقشة في السند فان سند رواية المجالس مخدوش بحسن بن عبد اللّه و غيره و حديث المستدرك أيضا ضعيف بالخدري فانه لم يوثق.

فانقدح ان هذه الوجوه كلها مخدوشة و مقتضي الاصل عدم المشروعية كما هو المقرر في هذا الباب و ليس في النصوص اطلاق يقتضي الجواز لاحظ حديث زرارة و الفضيل «1» فان الظاهر من هذا الحديث ان الجماعة مستحبة في مجموع الصلاة لا في أبعاضها فلاحظ.

فالنتيجة ان الجماعة في هذا الفرض غير صحيحة الا أن

يقال: انه كيف يمكن أن لا تكون صحيحة مع ان الاصحاب باجمعهم الا الشاذ النادر قائلون بالصحة و توافقهم عليها يكشف عن الصحة الشرعية و اللّه العالم.

هذا بالنسبة الي تحقق الجماعة و عدمه و أما من حيث صحة الصلاة نفسها فالظاهر أنه لو عمل بوظيفة المنفرد تكون صلاته صحيحة و الا فلا و الوجه فيه ظاهر.

و أما المقام الثاني فالظاهر ان حكمه حكم الصورة الاولي و المقامان من باب واحد فان مشروعية مثل هذه الجماعة اول الكلام و بعبارة اخري: لا دليل علي مشروعية الجماعة مع هذا الترديد.

و أما المقام الثالث فالاقوال المنقولة فيه ثلاثة: الاول القول المشهور و هو الجواز الثاني: القول بعدم الجواز. الثالث: القول المنسوب الي الشيخ قدس سره بأن الانفراد ان كان لعذر فيجوز و الا فلا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 180

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 215

______________________________

و استدل علي القول الاول بوجوه: منها: ان النبي صلي اللّه عليه و آله صلي بطائفة يوم ذات الرقاع ركعة ثم خرجت من صلاته و اتمت منفردة «1».

و فيه: ان هذه الرواية لا اعتبار بها سندا. و منها ان الجماعة لم تكن واجبة ابتداء فكذلك استدامة و بعبارة اخري: يستصحب بقاء جواز الانفراد.

و فيه انه ليست لهذا الاستصحاب حالة سابقة اذ في أي زمان كان الانفراد جائزا بعد الاقتداء و بعبارة اخري: كان الانفراد في الصلاة جائزا بلا كلام و لا اشكال لكن جواز الانفراد و الافتراق بعد الاجتماع اول الكلام فلا مجال للاستصحاب.

و منها: البراءة تكليفا فان مقتضاها جواز الافتراق. و فيه ان البراءة عن لزوم بقاء الاقتداء و ان كانت جارية لكن لا تترتب عليها الصحة بحيث تترتب علي صلاته أحكام المنفرد اذا لأصل العملي

لا يثبت لوازمه العقلية و مع عدم ترتب هذا اللازم يشكل جريان الاصل اذ يلزم البطلان و لا يجوز ابطال الصلاة فان مقتضي عدم مشروعية الانفراد عدم صحة الصلاة منفردة.

و منها: انه يجوز الانفراد في جملة من الموارد بمقتضي النصوص لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون خلف الامام فيطول الامام بالتشهد فيأخذ الرجل البول أو يتخوف علي شي ء يفوت أو يعرض له وجع كيف يصنع؟ قال: يتشهد هو و ينصرف و يدع الامام «2».

و ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون خلف الامام فيطيل الامام التشهد قال: يسلم من خلفه و يمضي لحاجته ان أحب «3».

______________________________

(1) سنن أبي داود ج 2 ص: 12 صلاة الخوف و الحدائق ج 11 ص 238.

(2) الوسائل الباب 64 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 216

______________________________

و لاحظ ما رواه أبو المعزاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يصلي خلف امام فسلم قبل الامام قال: ليس بذلك بأس «1».

و فيه انه حكم خاص في مورد مخصوص و لا وجه لسريانه الي مورد آخر.

و منها: البراءة عن الاشتراط فانه لا مانع من جريان الاصل و الحكم بعدم الاشتراط. و لا يبعد أن يجري الاصل بهذا التقريب فان مقتضي اصالة البراءة عن الشرطية اتمام الصلاة منفردا و لا مجال لقاعدة الاشتغال اذ مع نفي القيد الزائد بمقتضي البراءة لا موضوع للاشتغال.

ان قلت: انه تارك للقراءة و القراءة شرط في الصلاة في حال الانفراد. قلت:

مقتضي قاعدة لا تعاد- علي المشهور- هي

الصحة.

ان قلت: انه ترك عمدا و لا تشمله القاعدة. قلت: و ان كان الترك عمديا لكنه عذري فتشمله القاعدة مضافا الي أنه يمكن أن يفرض الكلام في مورد عدم ترك القراءة كما لو اقتدي في الركعة الثالثة و أتي بالقراءة و يمكن أن يقال: ان مقتضي دليل سقوط القراءة في الجماعة سقوطها في مفروض الكلام. و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان الجمع بين الاخذ بالاطلاق و الاخذ بالبراءة عن الشرطية جمع بين المتنافيين اذ مع تحقق الاطلاق لا تصل النوبة الي الاصل العملي و مع وصولها اليه لا مجال للإطلاق و المفروض انه لا مجال له لان تحقق الجماعة مع الانفراد محل الكلام و الاشكال فلا مناص عن الاحتياط الا في مورد التسالم و الاجماع.

ان قلت: لو زاد ركوعا سهوا للمتابعة لا يمكنه الانفراد لان زيادة الركوع مغتفرة في الجماعة و المفروض انه انفرد عنها.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 217

[مسألة 287: إذا نوي الانفراد في أثناء قراءة الإمام وجبت عليه القراءة من الأول]

(مسألة 287): اذا نوي الانفراد في أثناء قراءة الامام وجبت عليه القراءة من الاول (1) بل و كذلك اذا نوي الانفراد بعد قراءة الامام قبل الركوع علي الاحوط (2).

______________________________

قلت: اولا هذا الدليل أخص من المدعي فانه يمكن أن لا يتحقق مثله و ثانيا اي مانع من الاخذ بدليل الاغتفار فان الدليل دل علي عدم بطلان الصلاة بزيادة الركوع في حال الاقتداء و المفروض ان الزيادة في حال الاقتداء الا أن يقال: ان الاشكال في صحة الاقتداء و مع عدمها تكون الصلاة باطلة لزيادة الركوع فلاحظ.

(1) فان الظاهر من الدليل ضمان الامام مجموع القراءة و أما ضمانه عن البعض دون الاخر فلا و ربما يقال بأنه يؤخذ بالاطلاق اذ المأموم ما

دام لم ينفرد يكون داخلا في الجماعة و المفروض ان الامام ضامن لقراءته و لكن قد مر الاشكال في الاخذ بالاطلاق فلاحظ.

(2) الذي يظهر في المقام ان في المسألة قولين: احدهما عدم الوجوب ثانيهما الوجوب و يستدل علي عدم الوجوب ان الامام ضامن لقراءة المأموم و مقتضي الاطلاق ضمانه حتي بعد الانفراد.

و لا بد من ملاحظة نصوص الباب و استفادة الحكم منها فمن تلك النصوص ما رواه الحسين بن كثير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله رجل عن القراءة خلف الامام فقال. لا ان الامام ضامن للقراءة و ليس يضمن الامام صلاة الذين هم من خلفه انما يضمن القراءة «1».

و منها: ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله رجل عن القراءة خلف الامام فقال: لا ان الامام ضامن للقراءة و ليس يضمن الامام صلاة الذين خلفه انما يضمن القراء «2» و منها غيرهما.

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 218

[مسألة 288: إذا نوي الانفراد صار منفردا و لا يجوز له الرجوع إلي الائتمام]

(مسألة 288): اذا نوي الانفراد صار منفردا و لا يجوز له الرجوع الي الائتمام (1) و اذا تردد في الانفراد و عدمه ثم عزم علي عدمه ففي جواز بقائه علي الائتمام اشكال (2).

[مسألة 289: إذا شك في أنه عدل إلي الانفراد أو لا بني علي العدم]

(مسألة 289): اذا شك في أنه عدل الي الانفراد أو لا بني علي العدم (3).

[مسألة 290: لا يعتبر في الجماعة قصد القربة لا بالنسبة إلي الإمام و لا بالنسبة إلي الماموم]

(مسألة 290): لا يعتبر في الجماعة قصد القربة لا بالنسبة الي الامام و لا بالنسبة الي الماموم فاذا كان قصد الامام أو الماموم غرضا دنيويا مباحا مثل الفرار من الشك أو تعب القراءة أو غير ذلك صحت

______________________________

و الذي يظهر من هذه النصوص ان الامام ضامن لقراءة من خلفه و المفروض ان تحقق الاقتداء و الجماعة مع انفراد المأموم مورد الاشكال فلا موضوع للجماعة كي يترتب عليها الضمان.

و بعبارة اخري: سالبة بانتفاء الموضوع و لو لا هذا الأشكال لكان لتقريب الاطلاق مجال بأن يقال: مقتضي الدليل ضمان الامام للقراءة أعم من أن ينفرد المأموم أم لا.

(1) لعدم دليل علي الجواز و مقتضي الاصل عدم المشروعية ان قلت: مقتضي الاستصحاب بقاء الائتمام شرعا قلت: هذا داخل في استصحاب الحكم الكلي الذي لا يقول بجريانه و ثانيا: الاقتداء أمر قصدي خارجي فما دام يكون القصد باقيا يكون الافتداء كذلك و الامامة متحققة و اذا فرض انعدامه بقصد الانفراد انهدم قوام الائتمام.

(2) قد ظهر مما ذكر صحة ما أفاده فان الاقتداء ينهدم بالتردد فيكون من الاقتداء في الاثناء و لا دليل علي صحته.

(3) فانه مقتضي اصالة العدم و استصحاب بقاء الايتمام.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 219

و ترتبت عليها أحكام الجماعة و لكن لا يترتب عليها ثواب الجماعة (1)

[مسألة 291: إذا نوي الاقتداء بمن يصلي صلاة لا اقتداء فيها سهوا أو جهلا]

(مسألة 291): اذا نوي الاقتداء بمن يصلي صلاة لا اقتداء فيها سهوا أو جهلا كما اذا كانت نافلة فان تذكر قبل الاتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل الي الانفراد و صحت صلاته و كذا تصح اذا تذكر بعد الفراغ و لم تخالف صلاة المنفرد و ان حصل منه ما يوجب بطلان صلاة المنفرد عمدا أو سهوا بطلت (2).

[مسألة 292: تدرك الجماعة بالدخول في الصلاة من أول قيام الإمام للركعة إلي منتهي ركوعه]

(مسألة 292): تدرك الجماعة بالدخول في الصلاة من أول قيام

______________________________

(1) قد مر ان تحقق الجماعة لا يتوقف علي قصد الامام الائتمام فلا يجب قصد الامامة فضلا عن اشتراط أن يكون بقصد القربة و أما المأموم فقد مر أنه يلزم أن يقصد الائتمام لكن لا دليل علي اشتراطه بالقربة بل مقتضي النصوص الدالة علي محبوبية الجماعة و مقتضي الامر بها عدم الاشتراط لما حقق في بحث التوصلي و التعبدي ان مقتضي اطلاق الامر عدم الاشتراط نعم لا يترتب ثواب الجماعة الا بقصد القربة فيها اذ الثواب علي الاطاعة و بلا قصد القربة لا تحصل الاطاعة.

(2) لا اشكال في فساد الجماعة و أما صحة الصلاة فتتوقف علي عدم ما يوجب البطلان علي نحو الاطلاق أي أعم من أن يكون عن عذر أم لم يكن و أما الاتيان بما تشمله قاعدة لا تعاد فلا يوجب البطلان بلا فرق بين تذكره بعد الفراغ أم قبله أما علي الاول فلا اشكال و أما علي الثاني فعلي المشهور من جريان قاعدة لا تعاد.

و صفوة القول: انه مع الاتيان بوظيفة المنفرد تصح صلاته بلا اشكال لعدم ما يوجب فسادها و أما مع الاتيان بالمبطل عمدا و سهوا فتبطل لعدم شمول قاعدة لا تعاد و المفروض عدم تحقق الجماعة و أما الاتيان بالمبطل غير العمدي

فلا يوجب البطلان لحديث لا تعاد.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 220

الامام للركعة الي منتهي ركوعه فاذا دخل مع الامام في حال قيامه قبل القراءة أو في أثنائها أو بعدها قبل الركوع أو في حال الركوع فقد أدرك الركعة (1) و لا يتوقف ادراكها علي الاجتماع معه في الركوع فاذا أدركه قبل الركوع و فاته الركوع معه فقد أدرك الركعة و وجبت

______________________________

(1) هذا هو المشهور و عن ظاهر الخلاف و المنتهي الاجماع عليه و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في الرجل اذا أدرك الامام و هو راكع و كبر الرجل و هو مقيم صلبه ثم ركع قبل أن يرفع الامام رأسه فقد أدرك الركعة «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا أدركت الامام و قد ركع فكبرت و ركعت قبل أن يرفع الامام رأسه فقد أدركت الركعة و ان رفع رأسه قبل أن تركع فقد فاتتك الركعة «2».

و منها: ما رواه أبو أسامة أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل انتهي في الامام و هو راكع قال: اذا كبر و أقام صلبه ثم ركع فقد أدرك «3».

و منها: ما رواه معاوية بن ميسرة عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: اذا جاء الرجل مبادرا و الامام راكع أجزأته تكبيرة واحدة لدخوله في الصلاة و الركوع «4».

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ان أول صلاة احدكم الركوع «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 45 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3)

نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 221

______________________________

و منها غيرها المذكور في الباب 46 و 50 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل و يأتي بعضها في المباحث الآتية.

و نسب الخلاف الي بعض كالقاضي بدعوي ان منتهي الحد ادراك تكبيرة الركوع فلا يكفي ادراك الامام راكعا و تدل عليه أيضا جملة من النصوص.

منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أدركت التكبيرة قبل أن يركع الامام فقد أدركت الصلاة «1».

و منها ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال لي: اذا لم تدرك القوم قبل أن يكبر الامام للركعة فلا تدخل معهم في تلك الركعة «2».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تعتد بالركعة التي لم تشهد تكبيرها مع الامام «3».

و منها: ما رواه أيضا قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا لم تدرك تكبيرة الركوع فلا تدخل معهم في تلك الركعة «4» فيقع التعارض بين الطائفتين.

و أجاب سيدنا الاستاد عن التعارض اولا: بأنه من تعارض النص و الظاهر فان الطائفة الاولي صريحة في الجواز و الثانية ظاهرة في المنع و بالنص يرفع اليد عن الظاهر و نلتزم باولوية التأخير الي الركعة اللاحقه و ثانيا بأن الطائفة الاولي مشهورة و مصداق للمجمع عليه و الثانية خبر شاذ لكون الراوي فيها محمد بن مسلم و من المرجحات الموجبة للتقديم الشهرة و هذا الوجه ذكره في الحدائق.

و يرد علي الجواب الاول ان العرف يري التعارض بين الطائفتين فلا بد من

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث:

3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 222

______________________________

العلاج و يرد علي الثاني انه لا دليل علي هذا المدعي فان مقبولة عمر بن حنظلة ضعيفة.

و الحق أن يقال: انه تقدم الطائفة الاولي و ترجح علي الثانية بالاحدثية فان الطائفة الثانية مروية عن أبي جعفر عليه السلام و الاولي مروية عن أبي عبد اللّه عليه السلام فالترجيح مع الاولي.

لكن هذا التقريب غير تام اذ من النصوص الدالة علي الجواز ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه سئل عن الرجل يدخل المسجد فيخاف أن تفوته الركعة فقال: يركع قبل أن يبلغ القوم و يمشي و هو راكع حتي يبلغهم «1».

و مع تردد المروي عنه بين أبي جعفر عليه السلام و أبي عبد اللّه عليه السلام لا يمكننا الجزم بأحدثية دليل الجواز و مع عدم احرازها كيف يمكن الترجيح بها مضافا الي أن بعض نصوص عدم الجواز مروي عن أبي عبد اللّه عليه السلام لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «2».

و الانصاف انه لا تصل النوبة الي الترجيح بالاحدثية اذ المستفاد من كلمات العامة انهم قائلون بالجواز فالترجيح مع روايات عدم الجواز لأنها مخالفة لهم الا ان يتم الامر بالسيرة الخارجية فلاحظ.

و أما الحديثان المرويان عن أبي جعفر عليه السلام «3» الدالان علي الجواز فهما ضعيفان سندا أما الاول فبعمرو بن شمر و أما الثاني فبالارسال و في المقام حديثان احدهما ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أدركت الامام قبل

______________________________

(1) الوسائل الباب 46 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) لاحظ الرواية في ص: 221 رقم 4

(3) الوسائل الباب 50 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين،

ج 5، ص: 223

عليه المتابعة في غيره (1) و يعتبر في ادراكه في الركوع أن يصل الي

______________________________

أن يركع الركعة الاخيرة فقد أدركت الصلاة و ان ادركته بعد ما ركع فهي أربع بمنزلة الظهر «1» ثانيهما ما رواه أيضا «2».

ربما يقال: بأن مفادهما يقتضي لزوم ادراك الامام قبل الركوع و أما ادراكه راكعا فلا يكفي و صاحب الوسائل حمل الحديثين علي مورد الفراغ من الركوع و رفع الرأس منه لكنه خلاف الظاهر فلا بد من العلاج.

و الحق أن يقال: ان مورد الحديثين اجنبي عن المقام فان المستفاد من الحديثين انه لو أدرك المأموم الامام راكعا في صلاة الجمعة فقد فاته الجمعة لكن يمكنه ادراك الجماعة فمحل الاقتداء باق و عليه تكون الرواية دالة علي القول المشهور لا علي خلافه فلاحظ.

(1) كما في رواية عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام في رجل صلي في جماعه يوم الجمعة فلما ركع الامام ألجأه الناس الي جدار او اسطوانة فلم يقدر علي أن يركع ثم يقوم في الصف و لا يسجد حتي رفع القوم رءوسهم أ يركع ثم يسجد و يلتحق بالصف و قد قام القوم أم كيف يصنع؟ قال: يركع و يسجد لا بأس بذلك «3».

و روايته أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون في المسجد اما في يوم الجمعة و اما في غير ذلك من الايام فيزحمه الناس اما الي حائط و اما الي اسطوانة فلا يقدر علي أن يركع و لا يسجد حتي رفع الناس رءوسهم فهل يجوز له أن يركع و يسجد وحده ثم يستوي مع الناس في الصف؟ فقال: نعم

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 1

(2)

نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 224

حد الركوع قبل أن يرفع الامام رأسه و لو كان بعد فراغه من الذكر (1) بل لا يبعد تحقق الادراك للركعة بوصوله الي حد الركوع و الامام لم يخرج عن حده و ان كان هو مشغولا بالهوي و الامام مشغولا بالرفع (2).

______________________________

لا بأس بذلك «1».

و روايته الثالثة عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي مع مع امام يقتدي به فركع الامام و سهي الرجل و هو خلفه لم يركع حتي رفع الامام رأسه و انحط للسجود أ يركع ثم يلحق بالامام و القوم في سجودهم أم كيف يصنع؟

قال: يركع ثم ينحط و يتم صلاته معهم و لا شي ء عليه «2».

(1) هذا هو المعروف بينهم- علي ما يظهر من بعض الكلمات- و يقتضيه اطلاق النصوص و عن العلامة في النهاية اعتبار ادراكه ذكره.

و يدل عليه من النصوص ما رواه الحميري عن صاحب الزمان عليه السلام أنه كتب اليه يسأله عن الرجل يلحق الامام و هو راكع فيركع معه و يحتسب بتلك الركعة فان بعض أصحابنا قال: ان لم يسمع تكبيرة الركوع فليس له أن يعتد بتلك الركعة فأجاب اذ الحق مع الامام من تسبيح واحدة اعتد بتلك الركعة و ان لم يسمع تكبيرة الركوع «3».

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال لكن يشكل الامر من جهة ان النصوص الدالة علي كفاية ادراك الركوع معارضة مع تلك الطائفة المشار اليها و مع التعارض كيف يمكن أن تكون مستندة للمقام و الاستدلال بالسيرة أيضا مشكل فان اثبات السيرة بالنسبة الي هذه الخصوصية في غاية الاشكال.

(2) لبقاء الامام في الركوع و

عدم رفع رأسه.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 45 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 225

لكنه لا يخلو من اشكال ضعيف (1).

[مسألة 293: إذا ركع بتخيل إدراك الإمام راكعا فتبين عدم إدراكه بطلت صلاته]

(مسألة 293): اذا ركع بتخيل ادراك الامام راكعا فتبين عدم ادراكه بطلت صلاته (2) و كذا اذا شك في ذلك (3).

______________________________

(1) و ذلك بأن نقول: يصدق رفع الرأس بالشروع فيه و ان لم يخرج عن حد الركوع الشرعي و لو تنزلنا عن الظهور و قلنا: بأن الرواية مجملة من هذه الجهة لكانت النتيجة وجوب الاحتياط لعدم دليل علي شرعية الاقتداء و الاصل عدمها.

(2) لا يبعد أن يقال: بأنه علي مسلك المشهور من جريان قاعدة لا تعاد في أثناء الصلاة ان الصلاة صحيحة و الجماعة باطلة أما بطلان الجماعة فللنصوص الدالة عليه و أما صحة الصلاة فلان الفائت القراءة و هي ليست من الخمس و المفروض ان القراءة فائت عن عذر.

و أما الاستدلال علي البطلان بقوله عليه السلام: فقد فاتتك الركعة ففيه ان الظاهر من النصوص المشار اليها فوت الركعة بعنوان الجماعة.

و بعبارة اخري: المستفاد من النصوص ان ادراك الجماعة متوقف علي ادراك الركوع و لا أقلّ من الاجمال و عدم الظهور في المدعي و النتيجة صحة الصلاة فرادي نعم مقتضي الاحتياط العدول الي النافلة و الاقتداء ثانيا و اللّه العالم.

(3) المستفاد من حديثي سليمان و الحلبي «1» ان صحة الجماعة متوقفة علي ادراك الامام في الركوع قبل أن يرفع رأسه و باستصحاب بقائه في الركوع لا يحرز عنوان القبلية الا بالنحو المثبت و عليه لا يجوز له الائتمام الا رجاء فلو اقتدي رجاء و شك في حصول قيد الموضوع اي عنوان القبلية يكون مقتضي

الاستصحاب عدم تحققه فتكون الجماعة باطلة و كذلك تكون الصلاة باطلة مثل الجماعة لان تركه للقراءة لم يكن عن عذر فتبطل الجماعة و كذلك صلاته.

______________________________

(1) لاحظ ص: 220

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 226

[مسألة 294: الظاهر جواز الدخول في الركوع مع احتمال إدراك الإمام راكعا]

(مسألة 294): الظاهر جواز الدخول في الركوع مع احتمال ادراك الامام راكعا فان أدركه صحت الجماعة و الصلاة و الا بطلت الصلاة (1).

[مسألة 295: إذا نوي و كبر فرفع الإمام رأسه قبل أن يصل إلي الركوع تخير بين المضي منفردا]

(مسألة 295): اذا نوي و كبر فرفع الامام رأسه قبل أن يصل الي الركوع تخير بين المضي منفردا (2) و العدول الي النافلة ثم الرجوع الي الائتمام بعد اتمامها (3).

______________________________

(1) فان الدخول بعنوان الرجاء لا مانع منه فان أدرك تصح الجماعة و الا تبطل جماعته بل صلاته أما بطلان الجماعة فظاهر و أما بطلان صلاته فلعدم اتيانه بالقراءة و بعبارة اخري عدم الاتيان بالقراءة بلا عذر فتبطل صلاته و في المقام اشكال لعله لا يخفي علي المتأمل.

(2) اذ تحقق الجماعة في مفروض الكلام مورد الاشكال و مقتضي الاصل عدم المشروعية فيكون المكلف منفردا مضافا الي أنه قد مر ان قصد الانفراد في الاثناء و لو ببركة اصالة البراءة جائز و بهذا القصد ينفرد المأموم بل الانفراد يحصل بلا قصده.

(3) فان المنفرد يجوز له العدول الي النافلة ثم الاقتداء. و أفاد في العروة:

انه يجوز الانتظار قائما الي الركعة الاخري فيجعلها الاولي و المهم في الاشكال انه لا اطلاق في باب الجماعة يمكن الاخذ به لدفع الشبهات و حيث انه يمكن أن يكون هذا النحو من الاقتداء لا يكون مشروعا فاصالة عدم المشروعية تقتضي عدمها فلا يجوز الانتظار.

نعم قد وردت جملة من النصوص بالنسبة الي من لم يدرك ركوع الامام و لا بد من ملاحظتها سندا و دلالة و العمل بها حسب الموازين و من تلك الروايات ما رواه محمد ابن مسلم قال: قلت له: متي يكون يدرك الصلاة مع الامام؟ قال: اذا أدرك

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 227

[مسألة 296: إذا أدرك الإمام و هو في التشهد الاخير يجوز له أن يكبر للإحرام و يصلي معه]

(مسألة 296): اذا أدرك الامام و هو في التشهد الاخير يجوز له أن يكبر للإحرام و يصلي معه و يتشهد بنية القربة المطلقة علي الاحوط وجوبا فاذا سلم

الامام قام لصلاته من غير حاجة الي استئناف التكبير

______________________________

الامام و هو في السجدة الاخيرة من صلاته فهو مدرك لفضل الصلاة مع الامام «1».

و من الظاهر ان هذه الرواية اجنبية عن المقام و موردها كما تري السجدة الاخيرة و التعدي عن موردها الي غيره بلا مجوز.

و منها: ما رواه المعلي بن خنيس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سبقك الامام بركعة فأدركته و قد رفع رأسه فاسجد معه و لا تعتد بها «2». و الرواية ضعيفة بالمعلي.

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الرجل يدرك الامام و هو قاعد يتشهد و ليس خلفه الا رجل واحد عن يمينه قال: لا يتقدم الامام و لا يتأخر الرجل و لكن يقعد الذي يدخل معه خلف الامام فاذا سلم الامام قام الرجل فأتم صلاته «3».

و مفاد الرواية لا يرتبط بالمقام و حكم مخصوص و التعدي بلا وجه و مثله رواية اخري له قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أدرك الامام و هو جالس بعد الركعتين قال: يفتتح الصلاة و لا يقعد مع الامام حتي يقوم «4».

الا أن يقال: انه يستفاد من هذه الرواية جواز الانتظار و لو في غير موردها.

و منها: ما رواه عبد الرحمن عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: اذا وجدت الامام ساجدا فاثبت مكانك حتي يرفع رأسه و ان كان قاعدا قعدت و ان كان

______________________________

(1) الوسائل الباب 49 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 228

و يحصل له بذلك فضل الجماعة و ان لم تحصل له

ركعة (1) و كذا اذا أدركه في السجدة الاولي أو الثانية من الركعة الاخيرة فانه يكبر للإحرام و يسجد معه السجدة أو السجدتين و يتشهد بنية القربة المطلقة علي الاحوط وجوبا ثم يقوم بعد تسليم الامام فيكبر مرددا بين تكبيرة

______________________________

قائما قمت «1».

و هذه الرواية ضعيفة بعبد اللّه بن محمد و علي فرض الغض عن السند لا دلالة فيها لاحتمال أن يكون المراد من الثبوت الاستقرار و انتظار الامام للإلحاق به في الركعة التالية فلاحظ.

و منها: ما رواه معاوية بن شريح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا جاء الرجل مبادرا و الامام راكع أجزأته تكبيرة واحدة لدخوله في الصلاة و الركوع و من أدرك الامام و هو ساجد كبر و سجد معه و لم يعتد بها و من أدرك الامام و هو في الركعة الأخيرة فقد أدرك فضل الجماعة و من أدركه و قد رفع رأسه من السجدة الاخيرة و هو في التشهد فقد أدرك الجماعة و ليس عليه اذان و لا اقامة و من أدركه و قد سلم فعليه الاذان و الاقامة «2» و هذه الرواية ضعيفة بمعاوية.

و منها: ما رواه أبو هريرة قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا جئتم الي الصلاة و نحن في السجود فاسجدوا و لا تعدوها شيئا و من أدرك الركعة فقد ادرك الصلاة «3» و هذه الرواية ضعيفة بأبي هريرة و غيره.

(1) تتشعب من هذا المتن فروع: الاول: انه يجوز لمن أدرك الامام في التشهد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 229

______________________________

الاخير ان يدخل معه و يجلس و يظهر من بعض كلمات القوم انه

مشهور شهرة عظيمة.

و يدل عليه ما رواه عمار «1» و لا يعارضه خبره الاخر «2» اذ مورد الخبر الاول التشهد الاخير كما هو ظاهر من الرواية بل صريحها و مورد الثاني التشهد الاول كما هو ظاهر أيضا فلا تنافي بين الخبرين.

و أيضا لا يعارضهما رواه محمد بن مسلم «3» اذ غاية ما يستفاد من رواية ابن مسلم انه اذا لم يدرك السجدة الاخيرة لم يدرك الجماعة و باطلاقها يشمل المقام لكن تقيد الاطلاق بحديث عمار و يؤيد المقصود ما رواه معاوية بن شريح «4».

الثاني، أن يتشهد مع الامام و النص خال عنه و عليه لا يجوز الاتيان بالتشهد بعنوان الورود لعدم الدليل نعم لا بأس بالإتيان بعنوان مطلق الذكر و لا يشكل من حيث تضمن التشهد الشهادة بالرسالة اذ قد ورد في بعض النصوص ان ذكر النبي صلي اللّه و آله من الأذكار المطلوبة في الصلاة «5» فلا يقدح من حيث انه كلام آدمي.

الثالث: انه لا يلزم استيناف النية و التكبير و يدل عليه قوله عليه السلام في رواية عمار: «فاتم صلاته» فانه لا شبهة في ظهور كلامه في كفاية تلك التكبيرة التي بها دخل في الجماعة و عن ظاهر محكي النافع وجوب الاستئناف.

و ربما يستدل عليه بما رواه عبد اللّه بن المغيرة قال: كان منصور بن حازم يقول:

______________________________

(1) لاحظ ص: 227

(2) لاحظ ص: 227

(3) لاحظ ص: 226

(4) لاحظ ص: 228

(5) لاحظ ص: 22

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 230

الاحرام و الذكر المطلق و يدرك بذلك فضل الجماعة و تصح صلاته (1).

______________________________

اذا أتيت الامام و هو جالس قد صلي ركعتين فكبر ثم اجلس فاذا قمت فكبر «1».

و هذه الرواية علي تقدير تمامية سندها كونها عن الامام

اول الكلام مضافا الي أنها لا ترتبط بالمقام اذانها ناظرة الي التشهد الوسط لا الأخير.

الرابع: انه يحصل بذلك فضل الجماعة و لا اشكال فيه كما هو ظاهر من رواية ابن مسلم فلا وجه للإشكال و التأمل نعم هل الفضل الحاصل بهذا العمل في الجملة أو بمقدار فضل الاقتداء من الاول لا يبعد أن يستفاد من حديثي ابن مسلم و ابن شريح ان الفضل الحاصل فضل الاقتداء التام و لا يمكن الجزم بالمقدار المعين و لكن حصول الفضل في الجملة مما لا اشكال فيه.

الخامس: انه لا تحصل له ركعة و هذا ظاهر من رواية عمار مضافا الي أنه لم يأت لا بالركوع و لا بالسجود و لا بالقراءة فكيف يمكن أن تحسب له ركعة؟

(1) في هذا المتن فروع أيضا: الاول: انه لو أدرك الامام في السجدة الثانية من الركعة الاخيرة يجوز له أن يدخل في الجماعة و يتابع الامام في السجود و التشهد و يمكن أن يستدل عليه بما رواه محمد بن مسلم «2».

و في الرواية و ان لم يصرح و لم يذكر فيها التكبير و السجود و ذكره لكن لا يبعد أن يفهم من مفهوم الادراك هذا المعني اذ ما دام لم يدخل في الصلاة و لم يتابع الامام لا يصدق الدرك مضافا الي ملاحظة ما ورد فيما اذا أدرك الامام حال التشهد و لا تعرض للإتيان بالتشهد في هذه الرواية و مقتضي الاحتياط أن يؤتي به بقصد القربة المطلقة كما في المتن.

الثاني: انه يجب عليه استئناف التكبير و النية و لا يجوز له الاكتفاء بما أتي به

______________________________

(1) جامع احاديث الشيعة الباب 41 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 226

مباني منهاج الصالحين، ج 5،

ص: 231

[مسألة 297: إذا حضر المكان الذي فيه الجماعة فرأي الإمام راكعا و خاف أن الإمام يرفع رأسه ان التحق بالصف]

(مسألة 297): اذا حضر المكان الذي فيه الجماعة فرأي الامام راكعا و خاف أن الامام يرفع رأسه ان التحقق بالصف كبر للإحرام

______________________________

و عن المدارك و غيرها نسبتها الي الاكثر لكن لا يبعد أن يستفاد من رواية ابن مسلم عدم وجوب الاستئناف و الاكتفاء بما أتي به اذ الظاهر ان السائل يسأل عن انه متي يمكن أن تكون الصلاة صلاة جماعة فمفاد الخبر ليس ناظرا الي حصول فضل و ثواب بل ناظر الي أن الصلاة جماعة تحصل بهذا النحو فلا وجه للاستئناف.

الثالث: أن يكبر مرددا و الوجه فيه الفرار عن ابطال الصلاة اذ من الممكن صحة تكبيرة فلا مجال للتكبير ثانيا بل يمكن أن يقال: بأنه لو أتي بالثانية قبل الاتيان بالمنافي لا تكون صالحة للجزئية للصلاة اذ من المحتمل أن يكون مصداقا للمبطل فاذا بنينا علي حرمة ابطال الصلاة لكان التكبير مصداقا للمحرم فالاولي أن يأتي بالتكبير بعنوان انه لو كان الاستئناف واجبا كان تكبير افتتاح و لو كان في وسط الصلاة لكان ذكرا و اللّه العالم.

الرابع: انه لو أدرك الامام في السجدة الاولي من الركعة الاخيرة نوي و كبر و الذي يمكن أن يستدل به عليه جملة من النصوص منها: ما رواه المعلي بن خنيس «1» و هذه الرواية ضعيفة بابن خنيس فان النجاشي ضعفه.

و منها: ما رواه معاوية بن شريح «2» و هذه الرواية ضعيفة بابن شريح.

و منها: ما رواه عبد الرحمن «3» و هذه الرواية مخدوشة سندا بعبد اللّه بن محمد فان سيدنا الاستاد استظهر ان المراد به الملقب ببنان و هو لم يوثق و مجرد كونه في اسانيد الكامل لا أثر له مضافا الي أنه لا يستفاد من الرواية

المتابعة في السجود فان

______________________________

(1) لاحظ ص: 227

(2) لاحظ ص: 228

(3) لاحظ ص: 227

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 232

في مكانه و ركع ثم مشي في ركوعه (1) أو بعده أو في سجوده أو بين السجدتين أو بعدهما أو حال القيام للثانية و التحق بالصف (2) سواء

______________________________

الثبوت في المكان و الاستقرار ليس معناه السجود كما هو ظاهر.

و منها: ما رواه أبو هريرة «1» و الرواية ضعيفة فلا دليل عليه.

(1) كما في رواية محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام انه سئل عن الرجل يدخل المسجد فيخاف أن تفوته الركعة فقال: يركع قبل أن يبلغ القوم و يمشي و هو راكع حتي يبلغهم «2».

(2) الظاهر ان المدرك لما أفاده ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اذا دخلت المسجد و الامام راكع فظننت أنك ان مشيت اليه رفع رأسه قبل أن تدركه فكبر و اركع فاذا رفع رأسه فاسجد مكانك فاذا قام فالحق بالصف فاذا جلس فاجلس مكانك فاذا قام فالحق بالصف «3».

و مفاد هذه الرواية مناف لما في رواية محمد بن مسلم فعلي مسلك المشهور من عدم التنافي في مثل هذه الموارد يجمع بين الروايتين و يلتزم بالتخيير- كما في المتن-.

و أما علي القول بالتنافي و التعارض فلا يبعد أن يفصل بين صورة الظن بالفوت ان التحق بالصف و بين عدم الظن بالفوت بأن نلتزم بمفاد رواية عبد الرحمن في صورة الظن و بمفاد رواية ابن مسلم في غير تلك الصورة و ما أفاده في المتن من التخيير بين الامور المذكورة و ان لم يذكر في الرواية لكن لا يبعد أن يفهم من رواية عبد الرحمن بالفهم العرفي

لكن الظاهر من الرواية أن لا يمشي في الركوع

______________________________

(1) لاحظ ص: 228

(2) الوسائل الباب 46 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 233

كان المشي الي الامام أم الي الخلف أم الي أحد الجانبين (1) بشرط أن لا ينحرف عن القبلة (2) و أن لا يكون مانع آخر غير البعد من حائل

______________________________

و السجود.

الا أن يقال: بأن المشي في حال الصلاة لا ينافي الصلاة فالتخيير علي القاعدة و في المقام رواية اخري رواها اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

أدخل المسجد و قد ركع الامام فأركع بركوعه و أنا وحدي و أسجد فاذا رفعت رأسي أي شي ء أصنع؟ فقال (قال) قم فاذهب اليهم و ان كانوا قياما فقم معهم و ان كانوا جلوسا فاجلس معهم «1» و هذه الرواية مطلقة فتقيد بالروايتين المتقدمتين.

(1) للإطلاق المقتضي لعدم التقييد و ربما يقال: بأن مقتضي ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت له: الرجل يتأخر و هو في الصلاة؟ قال: لا قلت: فيتقدم؟ قال:

نعم ماشيا الي القبلة «2» عدم جواز التأخر.

و فيه: انه لا يرتبط بالمقام بل نهي عنه بنحو الاطلاق و الحال ان المنفرد يجوز له أن يتأخر بشرط عدم انحرافه عن القبلة فلا يبعد أن تكون الرواية ناظرة الي عدم جواز التأخر فيما يستلزم الانحراف كما هو مقتضي الطبع الاولي فان المشي المتعارف يستلزم الاستدبار و أما المشي القهقري فغير مشمول للرواية و مقتضي الاطلاق جوازه.

و بعبارة اخري: يفهم من قوله عليه السلام «ماشيا الي القبلة» ان المنهي عنه الاستدبار و اللّه العالم.

(2) اذ الرواية في مقام بيان عدم القدح بالنسبة الي البعد و المشي فادلة بقية

______________________________

(1) نفس

المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 234

و غيره (1) و ان كان الاحوط استحبابا انتفاء البعد المانع من الاقتداء أيضا (2) و يجب ترك الاشتغال بالقراءة و غيرها مما يعتبر فيه الطمأنينة حال المشي (3) و الاولي جر الرجلين حاله (4).

[الفصل الثاني: يعتبر في انعقاد الجماعة أمور]
اشارة

الفصل الثاني: يعتبر في انعقاد الجماعة امور:

[الأول: أن لا يكون بين الإمام و المأموم حائل و كذا بين بعض المأمومين]
اشارة

الاول: أن لا يكون بين الامام و المأموم حائل (5) و كذا بين بعض المأمومين مع

______________________________

الشرائط محكمة و من الظاهر ان مقتضي الادلة عدم جواز الانحراف.

(1) قد ظهر الوجه فيه.

(2) خروجا عن شبهة الخلاف.

(3) نسب الي بعض الجواز للإطلاق و لكن قد مران النصوص ليست في مقام البيان من هذه الجهات.

(4) فانه يوافق الاحتياط و ان كان مقتضي الاطلاق جواز المشي متخطيا و عدم وجوب الجر فلاحظ.

(5) عن المدارك: هذا الحكم مجمع عليه بين الاصحاب و الاصل ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان صلي قوم و بينهم و بين الامام ما لا يتخطا فليس ذلك الامام لهم بامام و أي صف كان أهله يصلون بصلاة امام و بينهم و بين الصف الذي يتقدمهم قد رما لا يتخطا فليس تلك لهم بصلاة فان كان بينهم سترة أو جدار فليست تلك لهم بصلاة الامن كان (من كا) حيال الباب قال: و قال: هذه المقاصير لم تكن في زمان احد من الناس و انما أحدثها الجبارون ليست (و ليس يب) لمن صلي خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة قال: و قال أبو جعفر (ويب خ) ينبغي أن يكون الصفوف تامة متواصلة بعضها الي بعض (و خ يب) لا يكون بين صفين

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 235

______________________________

(الصفوف خ يب) ما لا يتخطا يكون قدر ذلك مسقط جسد الانسان «1».

و عن الفقيه: روي زرارة عن أبي جعفر عليه السلام انه قال: ينبغي للصفوف أن تكون تامة متواصلة بعضها الي بعض و لا يكون بين الصفين ما لا يتخطا يكون قدر ذلك مسقط جد انسان اذا سجد و قال أبو

جعفر عليه السلام: ان صلي قوم (و خ) بينهم و بين الامام ما لا يتخطي فليس ذلك الامام لهم بامام و اي صف كان أهله يصلون بصلاة امام و بينهم و بين الصف الذي يتقدمهم ما لا يتخطي فليس تلك لهم بصلاة و ان كان سترا أو جدارا فليس تلك لهم بصلاة الا من كان بحيال الباب قال: و قال: هذه المقاصير انما احدثها الجبارون فليس لمن صلي خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة قال: ايما امرأة صلت خلف امام و بينها و بينه ما لا يتخطي فليست لها تلك بصلاة و قال: قلت: فان جاء انسان يريد أن يصلي كيف يصنع و هي الي جانب الرجل؟

قال: يدخل بينها و بين الرجل و تنحدر هي شيئا «2».

و الظاهر أن هذه الرواية رواية واحدة نقلت بطريقين و الذي يستفاد من الحديث حسب ما نقل في الكافي: ان المعتبر في الجماعة عدم الفصل بين الامام و المأموم و بين كل صف و سابقه بما لا يتخطي من ستر أو جدار فان الامام عليه السلام بعد بيان فساد الصلاة فيما كان بين الامام و المأموم قدر ما لا يتخطي فرع عليه قوله: فان كان بينهم سترة أو جدار فليست تلك لهم بصلاة فالمبطل الفصل بما لا يتخطي نعم ذكرت هذه الجملة بلفظ الواو في نقل الصدوق.

ان قلت: ان تقدير ما لا يتخطي في الرواية بمسقط جسد الانسان نص في أن النظر الي المسافة بين المأموم و الامام فلا يرتبط بالستر و الحائل.

______________________________

(1) جامع احاديث الشيعة الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 236

______________________________

قلت: المستفاد من الرواية أمران: احدهما اعتبار

ما لا يتخطي طولا أي عدم الفصل بالستر أو الجدار بهذا المقدار.

ثانيهما: عدم الفصل بين الامام و المأموم عرضا بهذا المقدار و لا تنافي بين الامرين فانه عليه السلام بين حكم مقدار المسافة عرضا بين الامام و المأموم و عين مقدارها بمقدار مسقط جسد انسان اذا سجد و بعده بين حكم الحائل و حكم باشتراط عدم الفاصل بمقدار ما لا يتخطي.

فلنا أن نقول: بأن الظاهر من الرواية هذا المعني اذ لو كان التحديد بما لا يتخطي راجعا الي المسافة العرضية لما كان وجه لا عادته في الذكر بعد بيان المسافة العرضية و تماميته.

و بعبارة اخري: نقول: بأن الظاهر من رواية الصدوق ما ذكر لان اسم كان في الكلام لم يأت به و بحسب الظهور اسم كان ضمير يرجع الي ما ذكر قبلا و ما ذكر قبله عبارة عما لا يتخطي فيكون المعني ان ما لا يتخطي اذا كان سترة أو جدارا فلا صلاة فلاحظ.

و لو اغمض عن ذلك و قلنا بالاجمال من هذه الناحية قلنا أن نتمسك بالاطلاق المقامي و نحكم بعدم مانعية شي ء آخر أو شرطيته.

و بعبارة اخري: لا اشكال في أن المولي في مقام بيان شرائط و موانع للجماعة و لم يزد عليها شيئا و مقتضي الاطلاق عدم اشتراط ما يشك في شرطيته أو مانعية ما ما يحتمل كونه مانعا و هذا الذي نقول لا ينافي المبني المعروف و هو عدم اطلاق في باب الجماعة اذ تارة نشك في مشروعية الجماعة كما لو شك في أنه هل يجوز الاقتداء في السجود أم لا فلا يجوز الحكم بصحة الاقتداء اذ لا اطلاق كي يؤخذ به و اخري بعد بيان الشارع جملة من الاجزاء و

الشرائط نشك في اشتراط امر زائد، لم يكن مانع من الاخذ بالاطلاق المقامي.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 237

الاخر ممن يكون واسطة في الاتصال بالامام (1) و لا فرق بين كون الحائل ستارا أو جدارا أو شجرة أو غير ذلك (2) و لو كان شخص انسان (3).

______________________________

و ان شئت قلت: انه لا مجال للأخذ بالاطلاق اللفظي اذ ليس في الادلة اطلاق كي يؤخذ به و لكن الاطلاق المقامي موجود و يؤخذ به و ينفي به ما يشك في اعتباره فلا تغفل.

و في المقام رواية رواها الحسن بن الجهم قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يصلي بالقوم في مكان ضيق و يكون بينهم و بينه ستر أ يجوز أن يصلي بهم؟

قال: نعم «1» تدل علي عدم مانعية الستر و لا يبعد حملها علي التقية فان المنقول عن جملة من العامة عدم الاشتراط و جواز الفصل.

و قيل ان المضبوط في بعض النسخ (الشبر) بدل الستر فلا يرتبط بالمقام و لقائل أن يقول: بأنه يمكن الجمع بين الروايتين بتقييد رواية ابن الجهم بحديث زرارة اذ الستر المذكور في رواية ابن الجهم مطلق و قابل للتقييد بأن نقول:

جواز الستر مخصوص بالساتر الذي لا يكون بمقدار ما لا يتخطي.

(1) عن المنتهي و غيره الاجماع عليه و يقتضيه النص المتقدم فان الموجود في نسخة الكافي و التهذيب عام كما في المتن.

(2) للإطلاق و عطف الجدار علي السترة يمكن أن يكون من باب عطف الخاص علي العام و لا يبعد أن يكون السترة ظاهرة في الساتر غير الثابت.

(3) للإطلاق و ان كان شمول الاطلاق له محل اشكال و لو وصلت النوبة الي الشك و الاجمال في الدليل لكان مقتضي الاصل عدم المشروعية

كما هو كذلك في

______________________________

(1) الوسائل الباب 59 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 238

واقفا (1) نعم لا بأس باليسير كمقدار شبر و نحوه (2) و هذا اذا كان المأموم رجلا أما اذا كان امرأة فلا بأس بالحائل بينها و بين الامام أو المامومين اذا كان الامام رجلا (3) أما اذا كان الامام امرأة فالحكم كما في الرجل (4).

[مسألة 298: الأحوط استحبابا المنع في الحيلولة بمثل الزجاج و الشبابيك و الجدران المخرمة و نحوها مما لا يمنع من الرؤية]

(مسألة 298): الاحوط استحبابا المنع في الحيلولة بمثل الزجاج و الشبابيك و الجدران المخرمة و نحوها مما لا يمنع من الرؤية (5).

______________________________

هذا الباب الا أن يقال: ان مقتضي الاطلاق المقامي عدم المانعية و اللّه العالم.

(1) لم يظهر لي وجه التقييد بكونه واقفا فان الميزان في المانعية صدق عنوان ما لا يتخطي فلا فرق بين كونه واقفا أو قاعدا أو راكعا.

(2) لعدم صدق العنوان المانع عن الصحة.

(3) لاحظ ما رواه عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي بالقوم و خلفه دار و فيها نساء هل يجوز لهن أن يصلين خلفه؟ قال: نعم ان كان الامام أسفل منهن قلت: فان بينهن و بينه حائطا أو طريقا فقال: لا بأس «1».

(4) كما هو مقتضي الاصل فان مقتضاه عدم المشروعية مع وجود الحائل و الموثق لا يشمل المقام و ربما يقال: بأن مقتضي رواية زرارة شمول الحكم للمقام بتقريب ان القوم و الامام باطلاقه يشمل ما لو كان الامام امرأة و أما موثق عمار فلا يشمل الا مع الغاء خصوصية امامية الرجل و لا دليل علي الالغاء و التناسب بين الحكم و الموضوع يقتضي عدمه و الفرق بين المقامين فان الامام اذا كان رجلا يصلي بقوم من الرجال فالاولي بحال المرأة أن تقتدي

من وراء الستر أو جدار.

(5) الميزان كون ما بين الامام و المأموم ما لا يتخطي فلا عبرة بصدق الحائل

______________________________

(1) الوسائل الباب 60 من أبواب صلاة الجماعة.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 239

و لا بأس بالنهر و الطريق اذا لم يكن فيهما البعد المانع كما سيأتي و لا بالظلمة و الغبار (1).

[الثاني: أن لا يكون موقف الإمام أعلي من موقف المأموم علوا دفعيا كالأبنية و نحوها]

الثاني: أن لا يكون موقف الامام أعلي من موقف المأموم علوا دفعيا كالأبنية و نحوها (2) بل تسريحيا قريبا من التسنيم كسفح

______________________________

و عدمه بل البطلان و عدمه يدوران مدار صدق هذا العنوان و عدمه فان منطوق رواية زرارة «1» يقتضي الفساد مع وجود ما لا يتخطي و مفهومها يقتضي الصحة و لو كان بينهما ساتر أو جدار يمنع عن المشاهدة في بعض الحالات و صفوة القول:

ان الميزان تحقق عنوان ما لا يتخطي فالاحتياط وجوبي و اللّه العالم.

(1) الوجه في الجواز فيما ذكر عدم صدق الفصل بما لا يتخطي.

(2) لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي بقوم و هم في موضع أسفل من موضعه الذي يصلي فيه فقال: ان كان الامام علي شبه الدكان أو علي موضع أرفع من موضعهم لم تجز صلاتهم فان كان أرفع منهم بقدر إصبع أو أكثر أو أقل اذا كان الارتفاع ببطن مسيل فان كان أرضا مبسوطة أو كان في موضع منها ارتفاع فقام الامام في الموضع المرتفع و قام من خلفه أسفل منه و الأرض مبسوطة الا انهم في موضع منحدرة قال: لا (فلا) بأس. قال: و سئل فان قام الامام أسفل من موضع من يصلي خلفه؟ قال: لا بأس. قال: و ان كان الرجل فوق بيت أو غير ذلك دكانا كان

أو غيره و كان الامام يصلي علي الارض أسفل منه جاز للرجل أن يصلي خلفه و يقتدي بصلاته و ان كان أرفع منه بشي ء كثير «2».

فان المستفاد منه اشتراط عدم كون موقف الامام أرفع من موقف المأموم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 234

(2) الوسائل الباب 63 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 240

الجبل و نحوه (1) نعم لا بأس بالتسريحي الذي يصدق معه كون الارض منبسطة (2) كما لا بأس بالدفعي اليسير اذا كان دون الشبر (3) و لا بأس أيضا بعلو موقف المأموم من موقف الامام (4) بمقدار يصدق معه الاجتماع عرفا (5).

[الثالث: أن لا يتباعد المأموم عن الإمام أو عن بعض المأمومين بما لا يتخطي]
اشارة

الثالث: أن لا يتباعد المأموم عن الامام أو عن بعض المأمومين بما لا يتخطي بأن لا يكون بين موقف الامام و مسجد المأموم المقدار المذكور و كذا بين موقف المتقدم و مسجد المتأخر (6).

______________________________

(1) لإطلاق رواية عمار بل يدل عليه قوله عليه السلام «اذا كان الارتفاع ببطن مسيل» فان سياق الرواية يقتضي أن يكون لفظ (ان) في قوله: «و ان كان» وصلية و عليه يكون الحرف الواقع قبل (ان) الواو لا الفاء.

(2) كما صرح به في ذيل الرواية.

(3) بل لا بد من ملاحظة القدر اليسير الذي قامت عليه السيرة عند المتشرعة.

(4) اجماعا- كما عن جماعة- و السيرة جارية عليه و يدل عليه ذيل رواية عمار.

(5) بحيث لا يخرج عن صلاة الجماعة بحسب الارتكاز المتشرعة الكاشف عن الحكم الشرعي.

(6) المشهور بين الاصحاب اشتراط عدم البعد بين الامام و المأموم أو بين المأموم و من سبقه من المأمومين بالخارج عن المتعارف و عن التذكرة الاجماع عليه و عن المبسوط صحة الجماعة مع البعد بمقدار ثلاثمائة ذراع.

و لا اشكال في البطلان في هذه

الصورة انما الكلام في أن البعد اذا كان بمقدار ما لا يتخطي تصح الجماعة أم لا نسب الي المشهور الاول و نقل عن جملة من الاساطين منهم صاحبا المدارك و الحدائق اختيار الثاني و يمكن الاستدلال للقول

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 241

______________________________

الثاني بما رواه زرارة «1».

و الذي يختلج بالبال انه يمكن الاستدلال به بوجهين أحدهما: الاستدلال بقوله عليه السلام «ينبغي أن تكون الصفوف تامة» الي آخر كلامه عليه السلام بتقريب ان المستفاد من كلامه عليه السلام انه لا يكون بين صفين ما لا يتخطي فيلزم رعاية هذا الشرط.

و يمكن أن يرد عليه وجوه من الايراد: الاول: ان الاصحاب اعرضوا عن الرواية بدليل انهم لم يلتزموا بهذا الشرط.

و الجواب: انهم حملوه علي الاستحباب فلم يعرضوا عن السند مضافا الي أن اعراضهم لا يسقط الرواية المعتبرة عن الاعتبار.

الثاني: انه يعارضه موثق عمار «2» بتقريب ان المستفاد من الموثق انه لا مانع من وجود الحائل بين الامام و المرأة و بعدم القول بالفصل بين المرأة و الرجل يثبت الحكم بالنسبة الي الرجل أيضا.

و فيه: ان ذلك الموثق ناظر الي نفي البأس عن الحيلولة و الكلام في المقام في اشتراط عدم التباعد بين الامام و المأموم فلا يرتبط الموثق بالمقام.

الثالث: ان ما لا يتخطي مجمل و مردد بين العلو و البعد فكيف يستدل به علي الثاني: و فيه: ان الظاهر من هذه الكلمة المسافة العرضية.

الرابع: ان الظاهر من الكلام أن يكون بين موقفين ما لا يتخطي و يتعين حمله علي الاستحباب اذ لا يتحقق شي ء من البعد في هذا الفرض بل يكون سجود المتأخر عند عقب المتقدم و لا اشكال في اغتفار أزيد من هذا المقدار فيكون مستحبا.

______________________________

(1) لاحظ

ص: 234 و 235

(2) لاحظ ص: 238

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 242

______________________________

و يمكن أن يجاب عن هذا الايراد بأن المقصود بيان البعد بين مكان المصلي اي الفضاء الذي يشغله في أثناء الصلاة و الشاهد عليه قوله عليه السلام «متواصلة» فان تواصل الصفوف بلحاظ حال السجود فيكون البعد ملحوظا بالنسبة الي هذا الحال.

الخامس: انه لا مقتضي للإلزام اذ قوله عليه السلام «ينبغي» ان لم يكن ظاهرا في الاستحباب لم يكن ظاهرا في الوجوب هذا من ناحية و من ناحية اخري ان قوله عليه السلام: «لا يكون بين صفين ما لا يتخطي» عطف علي مدخول «ينبغي» فلا يستفاد منه الوجوب.

و يمكن أن يجاب عن الاشكال بأن كلمة «لا يكون» ليست عطفا علي مدخول لفظ «ينبغي» بل علي نفسه و هذا الجواب تام بناء علي وجود العاطف و أما مع عدم العاطف- كما في بعض النسخ- لا يتم الجواب اذ علي تقدير عدم العاطف لا بد من جعل لفظ «يكون» بدلا عما قبله أو عطف بيان له و مع اختلاف النسخة لا يتم الامر.

الا أن يقال: ان المقام داخل في موضوع دوران الامر بين الزيادة و النقيصة و الاصل يقتضي حمل النقيصة علي الغفلة كما هو المقرر.

ثانيهما: ان قوله عليه السلام «ايما امرأة صلت» الي آخره يدل علي الاشتراط المذكور بلا كلام. و الاشكال بأن النفي نفي الفضيلة كقوله: «لا صلاة لجار المسجد الا في المسجد» مردود بأنه خلاف الظاهر و ثبوت الحكم بالنسبة الي المرأة يثبت بالنسبة الي الرجل بقاعدة الاشتراك بل يثبت بالنسبة الي الرجل بالاولوية فانه لو كان البعد بالنسبة الي المرأة مضرا كان بالنسبة الي الرجل كذلك بالاولوية كما هو ظاهر فالاستدلال علي المدعي

بهذه الرواية بهذين التقريبين.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 243

و بين أهل الصف الواحد بعضهم مع بعض (1).

______________________________

و أما الاستدلال عليه بقوله عليه السلام «ان صلي قوم و بينهم» الي آخره فلا يصح اذ كما مر يكون المستفاد من تلك الجملة اشتراط عدم الحائل فليس الكلام ناظرا الي اشتراط عدم البعد أما علي رواية الكافي حيث فرع عليه قوله عليه السلام «فان كان بينهم سترة أو جدار» فالامر أوضح من أن يخفي اذ لا يناسب أن يكون المراد من الصدر المسافة العرضية و يكون المراد من الذيل العلو فان التفريع لا يناسبه مضافا الي أنه يلزم الاستخدام في ضمير كان و أما علي رواية الصدوق حيث بدل لفظ الفاء بالواو بقوله: «و ان كان سترا أو جدارا» فأيضا لا يناسب اذ الظاهر ان الصدر و الضمير المستتر في لفظ كان واحد و ليس الا العلو و الا يلزم الاستخدام و هو خلاف الظاهر.

و يمكن الاستدلال عليه بما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أقلّ ما يكون بينك و بين القبلة مربض (مربط) عنز و أكثر ما يكون مربض فرس «1».

فان المنقول عن المجلسي قده سره ان المراد بالقبلة الصف المتقدم و الظاهر ان الامر كذلك و اللّه العالم و علي تقدير عدم تمامية الاستدلال يكون مقتضي الاصل المقرر في هذا المقام الالتزام بهذا الاشتراط اذ مع عدمه يشك في الصحة و الاصل عدمها فلاحظ.

(1) المستفاد من الدليل الوارد في المقام و لو بضميمة المناسبة بين الحكم و الموضوع ان الاتصال شرط اما من القدام أو من أحد الجانبين مضافا الي الاجماع و السيرة فالبعد المانع لو حصل بين أهل الصف

الاول بحيث لا يتحقق الاتصال لا بالامام و لا بالمأموم المتصل بالامام لم تصح الجماعة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 62 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 244

و الافضل بل الاحوط عدم الفصل بين موقف السابق و مسجد اللاحق (1).

[مسألة 299: البعد المذكور إنما يقدح في اقتداء المأموم البعيد دون غيره من المأمومين]

(مسألة 299): البعد المذكور انما يقدح في اقتداء المأموم البعيد دون غيره من المأمومين كما أن بعد المأموم من جهة لا يقدح في جماعته اذا كان متصلا بالمأمومين من جهة اخري فاذا كان الصف الثاني أطول من الاول فطرفة و ان كان بعيدا عن الصف الاول لا يقدح ذلك في صحة ائتمامه لاتصاله بمن علي يمينه أو علي يساره من أهل صفه و كذا اذا تباعد أهل الصف الثاني بعضهم عن بعض لا يقدح ذلك في صحة ائتمامهم لاتصال كل واحد منهم باهل الصف المتقدم نعم لا يأتي ذلك في أهل الصف الاول فان البعيد منهم عن المأموم الذي هو في جهة الامام لما لم يتصل من الجهة الاخري بواحد من المأمومين تبطل جماعته (2).

[الرابع: أن لا يتقدم المأموم علي الإمام في الموقف]
اشارة

الرابع: أن لا يتقدم المأموم علي الامام في الموقف (3).

______________________________

(1) لاحتمال كون المراد من التواصل الوارد في النص هذا النحو من التواصل و لا اشكال في كونه أحوط و أما كونه أفضل فلقوله عليه السلام «ينبغي أن يكون الصفوف تامة متواصلة».

(2) فان المستفاد من النص كفاية الاتصال و لو من احد الجانبين فلو تحقق الاتصال بأي نحو كان صح و الا لم يصح و هذا ظاهر و صفوة القول ان الاتصال يكفي من احد الجوانب.

(3) نقل عليه الاجماع من جماعة و مع الشك لا بد من رعاية ما يحتمل أن يكون شرطا فانه مقتضي الاصل المقرر و عن المدارك ان هذا قول علمائنا اجمع

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 245

______________________________

و وافقنا عليه أكثر العامة ثم احتج عليه بأن المنقول من فعل النبي و الائمة عليهم السلام اما تقدم الامام أو تساوي الموقفين فيكون خلافه خروجا عن طريق الشرع و لان المأموم

مع التقدم يحتاج الي استعلام حال الامام بالالتفات الي ما ورائه.

و ربما يستدل بما رواه الحميري قال: كتبت الي الفقيه عليه السلام أسأله عن الرجل يزور قبور الائمة هل يجوز أن يسجد علي القبر أم لا؟ و هل يجوز لمن صلي عند قبورهم أن يقوم وراء القبر و يجعل القبر قبلة و يقوم عند رأسه و رجليه؟ و هل يجوز أن يتقدم القبر و يصلي و يجعله خلفه أم لا؟ فأجاب و قرأت التوقيع و منه نسخت:

و أما السجود علي القبر فلا يجوز في نافلة و لا فريضة و لا زيارة بل يضع خده الايمن علي القبر و أما الصلاة فانها خلفه و يجعله الامام و لا يجوز أن يصلي بين يديه لان الامام لا يتقدم و يصلي عن يمينه و شماله «1».

و في الكل نظر أما الاجماع فحاله في الاشكال معلوم و أما التأسي بفعل النبي و الائمة عليهم السلام فلا يجب علي الاطلاق الا فيما يعلم ان فعلهم بلحاظ وجوبه و الا فمن الممكن أن التأخر يكون مستحبا و أما التعليل فعليل اذ يمكن استعلام الحال بغير الالتفات و أما الرواية فمخدوشة بمحمد بن أحمد بن داود اذ لم يوثق و ان مدح بالفقاهة و الجلالة و أما رواية الطبرسي فهي مرسلة لا اعتبار بها.

مضافا الي أن الظاهر من الرواية انها لا ترتبط بالمقام فان المقصود أن يجعل القبر أمامه لا خلفه فتكون الهمزة مفتوحة لا مكسورة.

لكن الانصاف ان الترديد في عدم الجواز في غير محله فان المناسبة بين الحكم و الموضوع تقتضي الاشتراط مضافا الي السيرة القطعية و لم يسمع خلافه و كذلك لم ير- حتي في مورد واحد- و يعد من

المستنكرات عند المتشرعة اضف

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 246

بل الاحوط وجوبا أن لا يساويه (1).

______________________________

اليه ان الاصل يكفي لعدم الجواز كما قلنا بل يدل علي عدم جواز التقدم بعض النصوص لاحظ ما رواه محمد «1».

و ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن الرجل يؤم الرجلين قال:

يتقدمهما و لا يقوم بينهما و عن الرجلين يصليان جماعة؟ قال: نعم يجعله عن يمنيه «2».

و ما روي عن علي عليه السلام انه كان يقول: المرأة خلف الرجل صف و لا يكون الرجل خلف الرجل صفا انما يكون الرجل الي جنب الرجل عن يمينه «3».

(1) هذا هو المشهور بينهم- علي ما يظهر من بعض الكلمات- و ربما يستدل بحديث ابن مسلم «4» بتقريب: انه يدل علي وجوب التأخر علي الاطلاق.

و فيه انه لا اطلاق فيه بل صرح بالتفصيل بين أن يكون واحدا و بين أن يكون أكثر. فالمستفاد من هذه الرواية ان المأموم اذا كان واحدا يجب أن يساوي الامام بخلاف ما اذا كان متعددا.

و ربما يستدل لجواز المساواة بجواز قيام المأموم حذاء الامام اذا لم يجد مكانا لاحظ ما رواه سعيد بن عبد اللّه الاعرج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدخل المسجد ليصلي مع الامام فيجد الصف متضائقا بأهله فيقوم وحده حتي يفرغ الامام من الصلاة أ يجوز ذلك له؟ قال: نعم لا بأس به «5».

و ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي الصلاة فلا يجد في الصف مقاما أ يقوم وحده حتي يفرغ من صلاته؟ قال: نعم لا بأس يقوم

______________________________

(1) لاحظ ص: 199

(2)

الوسائل الباب 23 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 12

(4) لاحظ ص: 199

(5) الوسائل الباب 57 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 247

و أن لا يتقدم عليه في مكان سجوده و ركوعه و جلوسه (1) بل الاحوط وجوبا وقوف المأموم خلف الامام اذا كان متعددا (2) هذا في جماعة الرجال و أما في جماعة النساء فالاحوط أن تقف الامام في وسطهن و لا تتقدمهن (3).

______________________________

بحذاء الامام «1» و فيه: انه حكم وارد في مورد خاص و لا وجه للتعدي.

و ربما يستدل بما ورد في امامة المرأة و جواز قيامها وسط المأمومات لاحظ ما رواه هشام بن سالم «2» و غيره مما ورد في الباب 20 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل. و الجواب ظاهر فانه حكم وارد في مورد خاص.

و ربما يستدل بما ورد من النهي عن أن يبدوا بهم امام إذا دخلوا المسجد قبل أن يتفرق جميع من فيه و أرادوا أن يصلوا جماعة «3».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 5، ص: 247

و فيه انه حكم خاص في مورد مخصوص مضافا الي أن السند ضعيف بالحراني فلاحظ.

(1) اذ المستفاد من الدليل ان المأموم لو كان متعددا لوجب تاخره و مع التقدم و لو في الجملة يكون خلاف مقتضي الدليل مضافا الي الاصل المقتضي للاحتياط.

(2) بل هو الاقوي كما يستفاد من حديث محمد عن أحدهما عليهما السلام «4» فلاحظ.

(3) اذا قلنا بصحة امامة النساء لهن كما عليه الماتن فلا بد من رعاية ما ذكره من

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 190

(3)

الوسائل الباب 65 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 199

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 248

[مسألة 300: الشروط المذكورة شروط في الابتداء و الاستدامة]

(مسألة 300): الشروط المذكورة شروط في الابتداء و الاستدامة فاذا حدث الحائل أو البعد أو علو الامام أو تقدم المأموم في الاثناء بطلت الجماعة (1) و اذا شك في حدوث واحد منها بعد العلم بعدمه بني علي عدمه (2) و اذا شك مع عدم سبق العلم بالعدم لم يجز الدخول الا مع احراز العدم (3) و كذا اذا حدث شك بعد الدخول غفلة (4) و ان شك في ذلك بعد الفراغ من الصلاة فان علم بوقوع ما يبطل الفرادي أعادها ان كان قد دخل في الجماعة غفلة (5).

______________________________

الشرط لجملة من النصوص منها ما رواه هشام «1» و منها غيره المذكور في الباب 20 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل.

(1) لإطلاق الدليل و لا اختصاص بالابتداء و هذا ظاهر واضح فتبطل الصلاة جماعة لوجود المانع أو لفقدان الشرط و تصير الصلاة انفرادية علي القاعدة اذ لا وجه لبطلانها.

(2) للأصل.

(3) للشك في المانع و لا يمكن احراز عدمه بالاصل علي الفرض و كتب الماتن في هامش العروة «لا يبعد الجواز فيه» و يمكن أن يكون الوجه في نظره استصحاب العدم الازلي الاستقبالي بأن نقول لا اشكال في أن الجماعة قبل انعقادها لا يصدق عليها عنوان انه صلي قوم بينهم الخ و مقتضي الاستصحاب عدم صدق هذا العنوان.

(4) الكلام فيه هو الكلام و بعبارة اخري: مع الشك لا يحرز عدم المانع كما لا يحرز الشرط.

(5) لعدم جريان الفراغ لفرض العلم بالغفلة كما أن المفروض العلم بحدوث

______________________________

(1) لاحظ ص: 190

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 249

و الا بني علي الصحة (1) و ان

لم يعلم بوقوع ما يبطل الفرادي بني علي الصحة (2) و الاحوط استحبابا الاعادة في الصورتين (3).

[مسألة 301: لا تقدح حيلولة بعض المأمومين عن بعضهم و إن لم يدخلوا في الصلاة إذا كانوا متهيئين للصلاة]

(مسألة 301): لا تقدح حيلولة بعض المأمومين عن بعضهم و ان لم يدخلوا في الصلاة اذا كانوا متهيئين للصلاة (4).

[(مسألة 302: إذا انفرد بعض المأمومين أو انتهت صلاته]

(مسألة 302): اذا انفرد بعض المأمومين أو انتهت صلاته كما لو كانت صلاته قصرا فقد انفرد من يتصل به (5) الا اذا عاد الي الجماعة بلا فصل (6).

[مسألة 303: لا باس بالحائل غير المستقر كمرور انسان و نحوه]

(مسألة 303): لا باس بالحائل غير المستقر كمرور انسان و نحوه (7) نعم اذا اتصلت المارة بطلت الجماعة (8).

______________________________

ما يبطل صلاته ان كان منفردا فصلاته باطلة.

(1) لقاعدة الفراغ.

(2) اذ غاية الامر بطلان الجماعة فتصح صلاته منفردة.

(3) لاحتمال حدوث المبطل و الاحتياط حسن بلا اشكال.

(4) لا بد من اتمام الدليل بالسيرة الخارجية القطعية و الا فمجرد احتمال القدح يكفي في لزوم الاحتياط بمقتضي الاصل المقرر في هذا المقام هذا علي تقدير انصراف دليل قدح البعد و الحائل عن المقام و الا فالامر اوضح فلاحظ.

(5) كما هو ظاهر اذ المفروض فقدان الشرط أو وجود المانع.

(6) اتمامه بالدليل مشكل الا أن يتم الأمر بالسيرة فتأمل.

(7) يمكن أن يقال: بأن النص منصرف عنه مضافا الي السيرة الجارية فتأمل.

(8) لصدق الحيلولة مضافا الي أن مجرد الشك يكفي في المنع بمقتضي الاصل المقرر.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 250

[مسألة 304: إذا كان الحائل مما يتحقق معه المشاهدة حال الركوع لثقب في وسطه مثلا]

(مسألة 304): اذا كان الحائل مما يتحقق معه المشاهدة حال الركوع لثقب في وسطه مثلا أو حال القيام لثقب في اعلاه أو حال الهوي الي السجود لثقب في أسفله فالاقوي عدم انعقاد الجماعة فلا يجوز الائتمام (1).

[مسألة 305: إذا دخل في الصلاة مع وجود الحائل و كان جاهلا به لعمي أو نحوه لم تصح الجماعة]

(مسألة 305): اذا دخل في الصلاة مع وجود الحائل و كان جاهلا به لعمي أو نحوه لم تصح الجماعة (2) فان التفت قبل أن يعمل ما ينافي صلاة المنفرد و لو سهوا أتم منفردا و صحت صلاته (3) و كذلك تصح لو كان قد فعل ما لا ينافيها الا عمدا كترك القراءة (4).

[مسألة 306: الثوب الرقيق الذي يري الشبح من ورائه حائل لا يجوز الاقتداء معه]

(مسألة 306): الثوب الرقيق الذي يري الشبح من ورائه حائل لا يجوز الاقتداء معه (5).

[مسألة 307: لو تجدد البعد في الاثناء بطلت الجماعة و صار منفردا]

(مسألة 307): لو تجدد البعد في الاثناء بطلت الجماعة و صار منفردا فاذا لم يلتفت الي ذلك و بقي علي نية الاقتداء فان أتي بما ينافي صلاة المنفرد من زيادة ركوع أو سجود مما تضر زيادته سهوا

______________________________

(1) قد علم مما ذكرنا ان صدق الحائل و عدمه ليستا مناطا للصحة و الفساد بل المدار علي تحقق عنوان ما لا يتخطي و عدمه أعم من أن يصدق الحائل عليه أم لا و أعم من أن يكون مانعا عن المشاهدة أم لا فلا تغفل.

(2) لفقدان الشرط و المشروط ينتفي بانتفاء شرطه.

(3) كما تقتضيه القاعدة اذ المفروض ان الجماعة لم تنعقد فتكون صلاته انفرادية.

(4) لقاعدة لا تعاد.

(5) للإطلاق.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 251

و عمدا بطلت صلاته و ان لم يأت بذلك أو أتي بما لا ينافي الا في صورة العمد صحت صلاته كما تقدم في (مسألة 305) (1).

[مسألة 308: لا يضر الفصل بالصبي المميز اذا كان مأموما]

(مسألة 308): لا يضر الفصل بالصبي المميز اذا كان مأموما فيما اذا احتمل أن صلاته صحيحة عنده (2).

[مسألة 309: إذا كان الإمام في محراب داخل في جدار أو غيره لا يجوز ائتمام من علي يمينه و يساره لوجود الحائل]

(مسألة 309): اذا كان الامام في محراب داخل في جدار أو غيره لا يجوز ائتمام من علي يمينه و يساره لوجود الحائل (3) أما الصف الواقف خلفه فتصح صلاتهم جميعا و كذا الصفوف المتأخرة و كذا اذا انتهي المأمومون الي باب فانه تصح صلاة تمام الصف الواقف خلف الباب لاتصالهم بمن يصلي في الباب (4).

______________________________

(1) قد تقدم الكلام حول المسألة فلا نعيد.

(2) اذ المفروض شرعية عباداته و مع الشك يحمل فعله علي الصحة فان الملاك في حمل فعل الغير علي الصحة واحد بالنسبة الي موارده و لا يختص بخصوص البالغين و يؤيد المدعي ما رواه أبو البختري «1».

(3) فانه المتيقن من حديث زرارة المتقدم ذكره «2» فلاحظ.

(4) الاقوال في المقام مختلفة فعن القواعد: «انه لو صلي الامام في محراب داخل صحت صلاة من يشاهده من الصف الاول خاصة و صلاة الصفوف الباقية أجمع لأنهم يشاهدون من يشاهده».

و عن الدرس: «و لو صلي في محراب داخل بطلت صلاة الجناحين من

______________________________

(1) لاحظ ص: 200

(2) لاحظ ص: 234 و 235

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 252

______________________________

الصف الاول خاصة».

و عن جملة آخرين خلاف ذلك و انه يكفي مشاهدة من يشاهد الامام و لو بوسائط بلا فرق بين الصف الاول و باقي الصفوف حتي قيل: هذا القول هو المشهور بين الاصحاب.

و الكلام يقع في مقامين: احدهما: انه هل يعتبر عدم الحائل بين كل مأموم و بين الامام أم يكفي عدم الحائل بين المأموم و مأموم آخر لا حائل بينه و بين الامام و ان كان بينه و بين الامام حائل؟

ثانيهما: انه هل يعتبر

المشاهدة القدامية بين المأموم و الامام و المأمومين بعضهم مع بعض أم يكفي مطلق المشاهدة و لو كانت يمينية أو يسارية؟

أما المقام الاول فنقول: ربما يقال: بأن ضمير الجمع في قوله عليه السلام «فان كان بينهم» «1» يرجع الي المأمومين فتكون جملة «و بين الامام» مقدرة فتكون النتيجة انه لو كان ستر أو جدار بين الامام واحد المأمومين تكون صلاة المأموم باطلة.

و يذب هذا التقريب بأن ما أفاده الامام عليه السلام بنحو التفريع نتيجة لما تقدم في الصدر و اجمال لذلك التفصيل و من الظاهر ان ما تقدم في الصدر استفيد منه انه يشترط عدم الفصل بين الامام و الصف الاول و من يقتدي به و كذلك يشترط عدم الفصل بين الصف الاول و الصف الثاني و هكذا فبهذا البيان يندفع الاشكال.

و أما المقام الثاني فتقريب الاستدلال علي المدعي ان الظاهر من الرواية اختصاص صحة الصلاة بخصوص صلاة الشخص المصلي بحيال الباب فمن يصلي علي جانبيه تكون صلاته فاسدة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 234 و 235

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 253

______________________________

و اجيب عن هذا التقريب- كما في الحدائق- بأن المراد من المستثني الصف لا الشخص و الدليل عليه ان الاحكام المتقدمة مترتبة علي عنوان الصف.

و لكن الانصاف ان ظهور قوله عليه السلام «الا من كان بحيال الباب» في الشخص مما لا ينكر نعم يرد علي هذا التقريب: ان لازمه انه لو استطال الصف الاول علي وجه لا يري من في طرفيه الامام بطلان صلاتهم حيث انهم لا يشاهدون الامام و مشاهدة من علي اليمين أو اليسار لا تكفي و لا يمكن الالتزام بهذه المقالة.

و الحل انه يفهم من مجموع الكلام بمساعدة تناسب الحكم و الموضوع انه يعتبر

في صحة الجماعة الاتصال و عدم الفصل بما لا يتخطي بلا خصوصية للصف فلو فرض كون الصف الثاني أطول من الاول يحكم بصحة صلاتهم اذا لم يكن بين المأمومين في الصف الثاني ما لا يتخطي.

و بعبارة اخري: ذكر الصفوف باعتبار الغلبة الخارجية و الا فالمناط الاتصال و عدم الفصل اما من القدام و اما من الجنب فعليه يكون استثناء من كان حيال الباب من باب خروجه عن المستثني منه و دخوله في الحد و المفروض أن من يكون في أحد جانبيه يكون داخلا في الحد فلا وجه لفساد صلاته و لذا أفاد في مصباح الفقيه:

«انه لم يظهر مخالف في المسألة الي زمان الوحيد البهبهاني».

و يدل علي المدعي ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام:

قال: لا أري بالصفوف بين الاساطين بأسا «1».

فان المستفاد من الرواية عدم البأس بحيلولة الاساطين بين الصفوف و ليس هذا الا من جهة كفاية الاتصال من أحد الجانبين.

و يؤيد المدعي جواز الجماعة بنحو الاستدارة حول الكعبة فيكفي الاتصال

______________________________

(1) الوسائل الباب 59 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 254

و ان كان الاحوط استحبابا الاقتصار في الصحة علي من هو بحيال الباب دون من علي يمينه و يساره من أهل صفه (1).

[الفصل الثالث: في بقية شرائط الإمام الجماعة غير الإيمان و العقل و طهارة المولد]
اشارة

الفصل الثالث: يشترط في امام الجماعة مضافا الي الايمان (2).

______________________________

من الجانب و لا يختص بالقدام فلاحظ.

و ملخص الكلام في المقام ان المستفاد من الرواية ان الفصل بين الامام و الصف الاول مخل بالجماعة كما ان انفصال الصف الثاني عن الصف الاول مخل بجماعة الصف الثاني و المفروض ان الصف الواقع خلف المحراب متصل بالامام بلحاظ من يكون بحيال الباب و لا يعتبر

هذا الشرط بالنسبة الي كل واحد كما مر و الا يلزم بطلان صلاة من يكون بينه و بين الامام ما لا يتخطي علي الاطلاق و هذا فاسد بالضرورة.

و مما يمكن أن يستدل به علي المقصود قوله عليه السلام «و هذه المقاصير انما احدثها الجبارون» «1» الي آخره فان من يصلي خلف جدار المقصورة تكون صلاته فاسدة لعدم اتصاله بالامام لكن من يكون حيال الباب صلاته صحيحة.

و ان شئت قلت: ان قوله عليه السلام «ان صلي قوم بينهم و بين الامام سترة أو جدار فليس تلك لهم بصلاة» «2» لا يصدق علي الصف المنعقد حيال الباب لأنه ليس بين الامام و المأمومين ستر و لا جدار اذ المفروض انه لا حائل بين الواقف حيال الباب و بين الامام.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف و الاحتياط حسن بلا كلام.

(2) هذا من الواضحات اذ كيف يمكن اشتراط العدالة في امام الجماعة مع أنها ترجع الي الفروع و لا يشترط فيه الايمان الذي يكون من الاصول؟ كيف؟

______________________________

(1) لاحظ ص: 234 و 235

(2) لاحظ ص: 234 و 235

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 255

و العقل (1).

______________________________

و قد قال اللّه تعالي: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلٰامَ دِيناً «1».

اضف الي ذلك النصوص الدالة علي بطلان عبادة من لا يكون مواليا لاحظ النصوص في الباب 29 من أبواب مقدمة العبادات من الوسائل.

منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول كل من دان اللّه عز و جل بعبادة يجهد فيها نفسه و لا امام له من اللّه فسعيه غير مقبول هو ضال متحير و اللّه شانئ لأعماله الي أن قال: و ان مات علي

هذه الحال مات ميتة كفر و نفاق و اعلم يا محمد ان ائمة الجور و أتباعهم لمعزولون عن دين اللّه قد ضلوا و أضلوا فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا علي شي ء ذلك هو الضلال البعيد «2».

مضافا الي جملة من النصوص الناهية عن الصلاة خلف المخالف لاحظ النصوص في الباب 10 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل.

منها: ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الصلاة خلف المخالفين فقال: ما هم عندي الا بمنزلة الجدر «3».

(1) نقل عليه الاجماع المستفيض و يقتضيه الاصل المقرر مضافا الي أن قصد القربة لا يتمشي من المجنون لعدم شعوره و ادراكه و تناسب الحكم و الموضوع يؤكد المدعي.

اضف الي ذلك كله النص الخاص لاحظ ما رواه أبو بصير ليث المرادي عن أبي

______________________________

(1) المائدة/ 3

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 256

______________________________

عبد اللّه عليه السلام قال: خمسة لا يؤمون الناس علي كل حال و عد منهم المجنون و ولد الزنا «1».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:

لا يصلي أحدكم خلف المجنون و ولد الزنا الحديث «2».

يبقي الكلام بالنسبة الي حال افاقته و عن المشهور جوازه و نقل عن بعض المنع و قيل في وجهه وجوه: الاول: انه لا يؤمن احتلامه حال الجنون.

و ضعف هذا الوجه أوضح من أن يخفي فانه مع الشك يستصحب عدمه و مع العلم يحمل فعله علي الصحة كبقية الموارد.

الثاني: انه يمكن عروضه حال الصلاة و هذا الوجه كسابقه في الوهن فان مقتضي

الاستصحاب الاستقبالي عدم عروضه مضافا الي أنه متي عرضه تصير الجماعة فرادي و فيه اشكال لا يخفي علي المتأمل.

الثالث: الاصل المقرر في هذا المقام. و فيه: اولا انه يمكن الاخذ باطلاق قوله عليه السلام «لا تصل الا خلف من تثق بدينه» «3» و بمفهوم العدد الواقع في رواية أبي بصير «4» حيث انه عليه السلام في مقام بيان الحد.

الرابع: انه لا يليق بهذا المقام. و فيه: انه أول الدعوي.

الخامس: ان استفادة المنع بالنسبة اليه أظهر من بقيه الافراد اذ المجنون في حال الجنون ليس قابلا للمنع فينحصر فيه. و فيه: انه يمكن أن يتصور أن

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 255

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 257

و طهارة المولد (1) امور: الاول: الرجولة اذا كان المأموم رجلا (2).

______________________________

يصلي بالناس و يشعر هذا المقدار و يقصد القربة.

و بعبارة اخري: يمكن تصوران المجنون مع كونه مجنونا يصلي أضف الي ذلك ان الرواية ناظرة الي الحكم الوضعي اي الشرطية فلا مجال لهذا التقريب فلاحظ.

(1) ادعي عليه الاجماع و قد دلت عليه جملة من النصوص لاحظ ما رواه أبو بصير «1» و ما رواه زرارة «2» و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام انه قال: خمسة لا يؤمون الناس و لا يصلون بهم صلاة فريضة في جماعة وعد منهم ولد الزنا «3».

و منها: ما رواه الاصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول:

ستة لا ينبغي أن يؤموا الناس: ولد الزنا و المرتد و الاعرابي بعد الهجرة و شارب الخمر و المحدود و الاغلف «4».

(2) بلا

خلاف أو اجماعا علي اختلاف الكلمات و التناسب يقتضيه و العمدة في وجه الاستدلال الاصل المقرر مضافا الي الارتكاز و استنكار امامة المرأة للرجال و يؤيده ما أرسله دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: لا تؤم المرأة الرجال و تصلي بالنساء و لا تتقدمهن و [لكن] تقوم وسطا منهن و في نسخة (بينهن) و تصلين بصلاتها «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 255

(2) لاحظ ص: 256

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) مستدرك الوسائل الباب 18 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 258

فلا تصح امامة المرأة الا للمرأة (1).

______________________________

(1) أما عدم صحة امامتها للرجال فقد ظهر وجهه مما تقدم و أما امامتها للنساء فالظاهر ان المشهور هو الجواز و استدل بجملة من النصوص:

منها: ما رواه الحسن بن زياد الصيقل قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام كيف تصلي النساء علي الجنائز اذا لم يكن معهن رجل؟ فقال: يقمن جميعا في صف واحد و لا تتقدمهن امرأة قيل: ففي صلاة مكتوبة أ يؤم بعضهن بعضا؟ فقال:

نعم «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا بالصيقل.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن المرأة تؤم النساء ما حد رفع صوتها بالقراءة و التكبير؟ فقال: قدر ما تسمع «2» و مقتضي هذه الرواية جواز امامتها علي الاطلاق فتأمل.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث في المرأة تؤم النساء؟ قال: نعم تقوم وسطا بينهن و لا يتقدمهن «3».

و منها غيرها المذكور في الباب 20 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل.

و في

قبال هذه الطائفة طائفتان اخريان: الاولي: ما يدل علي اختصاص الجواز بصلاة الجنازة كرواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: المرأة تؤم النساء؟ قال: لا الا علي الميت اذا لم يكن أحد أولي منها تقوم وسطهن معهن في الصف فتكبر و يكبرن «4».

الثانية: ما يدل علي اختصاصه بالنافلة كرواية هشام بن سالم «5» و رواية

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 20 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) لاحظ ص: 190

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 259

______________________________

سليمان بن خالد «1» و رواية الحلبي «2».

و مقتضي الجمع بين هذه الطوائف أن يقال بعدم الجواز الا في صلاة الجنازة و النافلة فان مقتضي الطائفة الاولي الجواز علي الاطلاق و مقتضي الثانية عدم الجواز الا في الجنازة و يقيد الاولي بالثانية و مقتضي الثالثة عدم الجواز الا في النافلة و اطلاق المنع المستفاد من الثانية و الثالثة يقيد بالتقييد الاخر و لا وجه لان يجمع بين الروايات بحمل الناهية علي الكراهة فانه يرد علي هذا الجمع.

اولا: بأن الصناعة تقتضي تقييد المطلق بالمقيد و لا وجه لرفع اليد عن التقييد.

و ثانيا: ما معني للحمل علي الكراهة و الحال ان الكراهة في العبادة لا تتصور الا بمعني المرجوحية الاضافية و هو معني بعيد عن الذهن- كما قيل-.

ان قلت. كيف يمكن حمل اخبار الجواز علي النافلة و الحال ان تشريع الجماعة في بعض النوافل كالعيدين و الاستسقاء و صلاة الغدير علي قول فيلزم أن يحمل علي الفرد النادر.

قلت: محل النفي و الاثبات جواز الاقتداء بالمرأة و عدمه لا جواز الجماعة و كم فرق بين الامرين.

و بعبارة

اخري: محط النفي و الاثبات هذه الجهة لا تلك فلا مجال لان يقال:

بأن الحمل علي الجواز في النافلة حمل للدليل علي الفرد القليل البعيد عن الذهن.

و علي فرض الاغماض عما ذكر فغاية ما في الباب انه يقع التعارض بين الدليلين و الترجيح مع المانع لمخالفته لرأي العامة اضف الي ذلك ان الاصل

______________________________

(1) لاحظ ص: 190

(2) لاحظ ص: 189

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 260

و في صحة امامة الصبي لمثله اشكال (1).

______________________________

المقرر يقتضي عدم الجواز و اللّه العالم.

(1) المشهور فيما بين القوم اشتراط البلوغ في امام الجماعة- علي ما يظهر من بعض الكلمات- و عن المنتهي نفي الخلاف فيه و مع الشك في الجواز يكون مقتضي الاصل المقرر عدمه و استدل علي المدعي برواية اسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يقول: لا بأس أن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم و لا يؤم حتي يحتلم فان أم جازت صلاته و فسدت صلاة من خلفه «1». و هذه الرواية ضعيفة بالخشاب اذ لم يوثق بل غياث بن كلوب لم تثبت وثاقته.

و يدل علي الجواز ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا بأس بالغلام الذي لم يبلغ الحلم أن يؤم القوم و أن يؤذن «2».

و هذه الرواية تامة سندا و يدل عليه أيضا ما رواه طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال: لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم و أن يؤم «3».

و مقتضي اطلاقهما جواز الاقتداء بكل مميز لكن يقيدهما ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: يجوز صدقة الغلام و عتقه و يؤم الناس اذا

كان له عشر سنين «4».

و الصناعة تقتضي الجواز اذ مع وجود الدليل لا تصل النوبة الي الاصل و اعراض الاصحاب عن نصوص الجواز لا يسقطها عن الاعتبار فلاحظ و لكن الاحتياط طريق النجاة فظهر مما ذكرنا عدم اشتراط البلوغ في امام الجماعة فلو جازت امامته للبالغين فجواز امامته لمثله بالاولوية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) الفقيه ج 1 ص: 358 حديث 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 261

و لا بأس بها تمرينا (1) الثاني: العدالة فلا تجوز الصلاة خلف الفاسق (2).

______________________________

(1) كيف يمكن الحكم بعدم البأس مع عدم الدليل علي الجواز و هل يمكن الحكم بجواز التشريع.

(2) عن بعض الاساطين انه لا خلاف فيه بل نقل العلامة ذلك عن بعض المخالفين مستدلا باجماع أهل البيت عليهم السلام و تدل عليه جملة من النصوص:

منها: ما رواه سماعة قال سألته عن رجل كان يصلي فخرج الامام و قد صلي الرجل ركعة من صلاة فريضة قال: ان كان اماما عدلا فليصل اخري و ينصرف و يجعلهما تطوعا و ليدخل مع الامام في صلاته كما هو و ان لم يكن امام عدل فليبن علي صلاته كما هو و يصلي ركعة اخري و يجلس قدر ما يقول: أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ثم ليتم صلاته معه علي ما استطاع فان التقية واسعة و ليس شي ء من التقية الا و صاحبها مأجور عليها ان شاء اللّه «1».

و هذه الرواية تامة سندا و من حيث الدلالة لا قصور فيها لإثبات المطلوب اذ قد صرح فيها بأن الاقتداء معلق علي

كون الامام عدلا.

و منها ما رواه يزيد بن حماد عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له: اصلي خلف من لا اعرف؟ فقال: لا تصل الا خلف من تثق بدينه الحديث «2».

لكن هذه الرواية لا اعتماد بسندها غاية الامر تكون مؤيدة فان الوثوق بالدين لا يحصل الا بالنسبة الي من يكون عادلا.

و يؤيده ما رواه أبو ذر قال: ان امامك شفيعك الي اللّه عز و جل فلا تجعل شفيعك سفيها و لا فاسقا «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 56 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 11 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 262

______________________________

و يؤيده الحديث: 4 و 6 و 8 و 10 و 11 من الباب 11 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل.

و في المقام رواية لعمر بن يزيد أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن امام لا بأس به في جميع اموره عارف غير انه يسمع ابويه الكلام الغليظ الذي يغيظهما اقرأ خلفه؟ قال: لا تقرأ خلفه ما لم يكن عافا قاطعا «1».

ربما يستفاد منها جواز الاقتداء بمن يوجب غيظ والديه اذ منع فيها عن الاقتداء بالعاق فيجوز الاقتداء بالفاسق لكن لا يبعد أن يقال: بأن مجردا ثارة الغيظ لا يمكن أن يحكم عليه بالحرمة فغاية ما في الباب ان الرواية تدل علي جواز الاقتداء بمن لا يكون عاقا و باطلاقها تدل علي جواز الاقتداء بالفاسق.

و يرد علي هذا التقريب ان ما يدل علي اشتراط العدالة حاكم علي هذه الرواية و يقيدها و علي فرض تسلم التعارض اما يرجح ما يدل علي المنع و يدل علي اشتراط العدالة لان العامة

غير قائلين بالاشتراط فيؤخذ بالمخالف و اما نفرض و التعارض و التساقط فيحكم بالاشتراط بلحاظ الاصل المقرر و علي فرض الاغماض عن جميع ما تقدم تكون الرواية دالة علي الجواز بالنسبة الي فسق خاص فانه فرض في الرواية ان الامام لا بأس به في جميع اموره.

لا يقال: عدم القول بالفصل يقتضي عدم الاشتراط فانه يقال نعكس الامر فان الدليل دل علي الاشتراط و بعدم القول بالفصل نلتزم بالاشتراط المطلق.

و ملخص الكلام في المقام ان الاصل في هذا المقام يكفي للاشتراط كما هو المقرر مضافا الي أن المناسبة بين الحكم و الموضوع يقتضيه اضف الي ذلك الاجماعات و عدم الخلاف و النصوص المشار اليها.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 263

و لا بد من احرازها (1) و لو بالوثوق الحاصل من أي سبب كان (2) فلا تجوز الصلاة خلف مجهول الحال (3). الثالث: أن يكون الامام صحيح القراءة اذا كان الائتمام في الاوليين و كان المأموم صحيح القراءة (4).

______________________________

(1) اذ مع عدم الاحراز يحكم بعدمها بالاصل بل الشك يكفي لعدم الجواز للشك في الصحة.

(2) فان الوثوق حجة عقلائية.

(3) للشك في كونه واجدا للشرط فلا يجوز.

(4) ادعي عليه الاجماع و العمدة الاصل المقرر و لا يمكن التمسك للجواز بما رواه محمد بن حمران و جميل بن دراج انهما سألا أبا عبد اللّه عليه السلام عن امام قوم أصابته جنابة في السفر و ليس معه من الماء ما يكفيه للغسل أ يتوضأ بعضهم و يصلي بهم؟ فقال: لا و لكن يتيمم الجنب و يصلي بهم فان اللّه عز و جل جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا «1».

بتقريب ان الامام فاقد للطهارة المائية و مع ذلك

يجوز أن يأتم الواجد لها اذ لا ندري ان صلاة من لا يحسن القراءة في عرض صلاة من يقرأ صحيحا و لا دليل علي التسوية بين المقام و صلاة المتيمم.

الا أن يقال: المستفاد من ذيل حديث جميل كفاية صحة صلاة الامام لجواز الاقتداء و مقتضي عموم العلة الجواز في المقام أيضا اذ المفروض ان صلاة الامام صحيحة فبهذا التعليل نخرج عن مقتضي الاصل المقرر و أما دليل ضمان الامام للقراءة فغايته ان قراءته لا تنفع المأموم و هذا لا يقتضي بطلان الائتمام لاحظ ما رواه الحسين

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من ابواب التيمم الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 264

بل مطلقا علي الاحوط لزوما (1).

[مسألة 310: لا بأس في أن يأتم الافصح بالفصيح]

(مسألة 310): لا بأس في أن يأتم الافصح بالفصيح و الفصيح

______________________________

ابن كثير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله رجل عن القراءة خلف الامام فقال: لا ان الامام ضامن للقراءة و ليس يضمن الامام صلاة الذين هم من خلفه انما يضمن القراءة «1».

و يمكن أن يقال: بأن القراءة الناقصة غايتها أن تكون في حكم العدم فلنا أن نقول بأنه يجوز الاقتداء بأن يقتدي و يقرأ لنفسه الا أن يتم الامر بالإجماع و ربما يقال: يمكن أن تستفاد التسوية من قوله صلي اللّه عليه و آله «ان سين بلال عند اللّه شين» «2» لكن السند ضعيف.

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط و لكن مقتضي القاعدة الجواز و ان لم نقل به في الصورة الاولي لعدم الاجماع في الصورة الثانية و اللّه العالم.

و لا يذهب عليك ان حديث جميل نقل في رواية الشيخ هكذا «فان اللّه جعل التراب طهورا» «3» و في رواية الصدوق هكذا: «فان اللّه عز و جل جعل التراب

طهورا كما جعل الماء طهورا» «4».

فاقول: الكلية تتم علي طبق رواية الشيخ قدس سره اذ يستفاد منها ان صحة صلاة الامام تكفي لجواز الاقتداء و أما علي طبق رواية الصدوق فلا اذ يستفاد من الحديث ان العلة للجواز كون التراب كالماء ففي كل مورد نفهم التسوية فهو و الا يشكل فلا تغفل و ليعلم ان مقتضي التعارض بين الزيادة و النقيصة الاخذ بالزائد.

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) مستدرك الوسائل الباب 23 من أبواب قراءة القرآن الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 24 من أبواب التيمم الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 265

بغيره اذا كان يؤدي القدر الواجب (1).

[مسألة 311: لا يجوز إمامة القاعد للقائم]

(مسألة 311): لا يجوز امامة القاعد للقائم (2) و لا المضطجع

______________________________

(1) يمكن أن يستدل عليه بالتعليل الوارد في رواية جميل «1» فان مقتضاه ان صحة صلاة الامام تكفي لجواز الاقتداء و المفروض كذلك فتأمل مضافا الي أنه لا اشكال في عدم اشتراط التسوية في الفصاحة بين الامام و المأموم.

(2) ادعي عليه الاجماع و يكفي لعدم الجواز الأصل المقرر في المقام و ربما يستدل عليه بما رواه الصدوق مرسلا قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله صلي بأصحابه جالسا فلما فرغ قال: لا يؤمن أحدكم بعدي جالسا «2». و لكن المرسل لا اعتبار به.

و ربما يستدل أيضا بما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يؤم المقيد المطلقين و لا صاحب الفلج الاصحاء و لا صاحب التيمم المتوضئين «3».

و الرواية ضعيفة بالنوفلي مضافا الي أنه يعارضها بالنسبة الي المتيمم

ما رواه جميل «4».

و ربما يستدل بما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه في حديث قال: لا يؤم صاحب الفالج الاصحاء «5» و هذه الرواية ضعيفة ببنان بن محمد.

و ربما يستدل بما رواه الشعبي قال: قال علي عليه السلام في حديث لا يؤم المقيد

______________________________

(1) لاحظ ص: 263

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 22 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 263

(5) الوسائل الباب 22 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 266

______________________________

المطلقين «1».

و هذه الرواية ضعيفة بصاعد بن مسلم بل بغيره ظاهرا فهذه الروايات لا تفيد لإثبات المقصود نعم يكفي لعدم الصحة الأصل المقرر.

و الذي يمكن أن يستدل به في مقابل الأصل ما رواه جميل «2» فان مقتضي التعليل الوارد في ذيل الحديث جواز الاقتداء بمن تكون صلاته صحيحة.

و أفاد صاحب المستمسك قدس سره في هذا المقام: بأن الرواية ناظرة الي جهة الصحة و ليس لها نظر الي حيثية اخري و الشك في المقام من جهة الاختلاف بين الامام و المأموم من حيث الهيئة في بعض الاحوال فالمرجع هو الاصل فالكلية صحيحة اذا لم يكن الاختلاف من حيث الهيئة أما لو لم يكن النقص موجبا لذلك كإمامة المعتمد للمستقل لكان مقتضي القاعدة الجواز.

و يرد عليه أولا: النقض بأنه ما الفرق بين المقامين اذ لو كان الشك من حيث الهيئة خارجا عن محور الاطلاق لكان اللازم الحكم بالفساد فيه أيضا.

و ثانيا بالحل و هو ان الاطلاق في التعليل لو تم بمعني انه لو استفيد من التعليل انه يصح الاقتداء بمن تكون صلاته صحيحة كان مقتضاه جواز الاقتداء في مورد يتحقق الموضوع فلا اشكال من هذه الناحية

انما الاشكال من جهة اخري و هي أن المستفاد من الرواية ان علة جواز الاقتداء ان الشارع جعل التراب طهورا كما جعل الماء كذلك.

و بعبارة اخري: المستفاد من الرواية ان التراب في عرض الماء ففي كل مورد يكون كذلك يصح الاقتداء و حيث انا لم نحرز ان صلاة القاعد بالنسبة اليه كصلاة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 263

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 267

للقاعد (1) و تجوز امامة القائم لهما (2) كما تجوز امامة القاعد لمثله (3) و في جواز امامة القاعد أو المضطجع للمضطجع اشكال (4) و تجوز

______________________________

القائم و نحتمل ان مرتبتها أنزل و أنقص فلا يمكننا الأخذ باطلاق الرواية و عليه يظهر وجه الاشكال في الكلية الا فيما يفهم من دليل معتبر بأن الناقص عند الاضطرار كالكامل عند الاختيار و العمدة تشخيص هذه الجهة.

(1) الكلام فيه هو الكلام حرفا بحرف فلاحظ.

(2) بلا اشكال و السيرة جارية عليه.

(3) ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن قوم صلوا جماعة و هم عراة؟ قال: يتقدمهم الامام بركبتيه و يصلي بهم جلوسا و هو جالس «1».

و ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: قوم قطع عليهم الطريق و أخذت ثيابهم فبقوا عراتا و حضرت الصلاة كيف يصنعون؟ فقال: يتقدمهم امامهم فيجلس و يجلسون خلفه فيؤمي إيماء بالركوع و السجود و هم يركعون و يسجدون خلفه علي وجوههم «2» و بهما ترفع اليد عن اطلاق ما أرسله الصدوق «3» علي فرض العمل به.

(4) و عن بعض الأصحاب جواز امامة كل مسا و لمساويه و جواز ائتمام كل ناقص

بالكامل و عن الجواهر عدم الخلاف فيه. و من الظاهر ان عدم الخلاف لا يكون دليلا.

و استدل برواية جميل «4» و لكن ليس الاستدلال تاما اذ غاية ما يمكن أن

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من أبواب لباس المصلي الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 265

(4) لاحظ ص: 263

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 268

امامة المتيمم للمتوضي (1).

______________________________

يقال في تقريبه: ان المستفاد من الصحيحة جواز اقتداء المساوي بالمساوي و هذا التقريب ليس تاما فان تلك الرواية ليست في مقام بيان جواز الجماعة من جميع الجهات كي يؤخذ باطلاقها فلو شك في أصل جواز الجماعة في هذا الحال يكفي الأصل للالتزام بعدم الجواز و الظاهر ان الماتن ناظر الي ما ذكرنا و الحق معه.

(1) هذا هو المشهور بين القوم و يشهد له صحيح جميل «1» و يدل عليه جملة من النصوص:

منها: ما رواه عبد اللّه بن بكير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أجنب ثم تيمم فأمنا و نحن طهور؟ فقال: لا بأس به «2».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: رجل أم قوما و هو جنب و قد تيمم و هم علي طهور. فقال: لا بأس «3».

و منها: ما رواه أبو اسامة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يجنب و ليس معه ماء و هو امام القوم قال: نعم يتيمم و يؤمهم «4».

و تعارض هذه النصوص طائفة اخري منها: ما رواه السكوني عن أبي جعفر عن أبيه قال: لا يؤم صاحب التيمم المتوضئين و لا يؤم صاحب الفالج الاصحاء «5».

و منها: ما رواه عباد بن صهيب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

لا

يصلي المتيمم بقوم متوضئين «6».

______________________________

(1) لاحظ ص: 263

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

(6) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 269

و ذو الجبيرة لغيره (1) و المسلوس و المبطون و المستحاضة لغيرهم و المضطر الي الصلاة في النجاسة لغيره (2).

[مسألة 312: اذا تبين للمأموم بعد الفراغ من الصلاة أن الإمام فاقد لبعض شرائط صحة الصلاة أو الإمامة]

(مسألة 312): اذا تبين للمأموم بعد الفراغ من الصلاة ان

______________________________

و منها: ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في حديث: لا يؤم صاحب التيمم المتوضئين «1».

و لا يخفي ان روايتي السكوني ضعيفتان سندا إحداهما ببنان بن محمد و الثانية بالنوفلي و أما رواية عباد بن صهيب فالظاهر صحتها فان اسناد الشيخ الي احمد بن محمد بن عيسي في غير باب المتعة تام لكن المستفاد من هذه الرواية عدم جواز امامة المتيمم علي الاطلاق للمتوضي و لنا أن نفصل بأن نقول: المنع مختص بصورة كون الامام متيمما بدلا عن الوضوء و كون المأموم متوضئا و أما لو كان الامام متيمما بدلا عن الغسل فيجوز أن يكون اماما للمتوضي و للمغتسل لحديث جميل اذ المستفاد منه الجواز علي الاطلاق فيقيد بهذه الرواية.

الا أن يقال: بأن التفصيل مقطوع الخلاف و يكون المورد من موارد التعارض و علي فرض التعارض يكون الترجيح في طرف دليل المنع لان العامة قائلون بالجواز فلاحظ.

(1) مقتضي الاصل عدم الجواز يبقي في المقام عموم التعليل المستفاد من حديث جميل «2» و كون صلاة ذي الجبيرة في عرض صلاة المختار اول الكلام و الاشكال فيشكل الحكم بالجواز.

(2) الكلام فيها هو الكلام فيما قبلها.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) لاحظ

ص: 263

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 270

الامام فاقد لبعض شرائط صحة الصلاة أو الامامة صحت صلاته اذا لم يقع فيها ما يبطل الفرادي (1).

______________________________

(1) علي ما هو المشهور بين القوم و تقتضيه قاعدة لا تعاد اذ المفروض أن المأموم لم يأت بما يخل في صلاته و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: من صلي بقوم و هو جنب أو علي غير وضوء فعليه الاعادة و ليس عليهم أن يعيدوا و ليس عليه أن يعلمهم و لو كان ذلك عليه لهلك قال: قلت كيف كان يصنع بمن قد خرج الي خراسان؟ و كيف كان يصنع بمن لا يعرف؟ قال: هذا عنه موضوع «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أم قوما و هو علي غير طهر فأعلمهم بعد ما صلوا فقال: يعيد هو و لا يعيدون «2».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يؤم القوم و هو علي غير طهر فلا يعلم حتي تنقضي صلاته قال: يعيد و لا يعيد من صلي خلفه و ان أعلمهم انه كان علي غير طهر «3».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قوم صلي بهم امامهم و هو غير طاهر أ تجوز صلاتهم أم يعيدونها؟ فقال: لا اعادة عليهم تمت صلاتهم و عليه هو الاعادة و ليس عليه أن يعلمهم هذا موضوع عنه «4».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 36 من أبواب صلاة

الجماعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 271

______________________________

رجل أم قوما و هو علي غير وضوء فقال: ليس عليهم اعادة و عليه هو أن يعيد «1».

و منها: ما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوم خرجوا من خراسان أو بعض الجبال و كان يؤمهم رجل فلما صاروا الي الكوفة علموا أنه يهودي قال: لا يعيدون «2».

و منها: ما رواه زياد بن مروان القندي في كتابه ان الصادق عليه السلام قال في رجل صلي بقوم حتي خرجوا من خراسان حتي قدموا مكة فاذا هو يهودي أو نصراني قال: ليس عليهم اعادة «3».

و منها: ما رواه زرارة «4».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الأعمي يؤم القوم و هو علي غير القبلة قال: يعيد و لا يعيدون فانهم قد تحروا «5».

فانه يستفاد من مجموع هذه النصوص ان الحكم عام لجميع الموارد من هذا القبيل مضافا الي أنه يستفاد من عدم البأس في صورة انكشاف الكفر عدمه في غيره بالاولوية فلاحظ.

و نقل عن الاسكافي و علم الهدي انه تجب الاعادة لجملة من النصوص:

منها: ما رواه معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أ يضمن الامام صلاة الفريضة؟ فان هؤلاء يزعمون انه يضمن. فقال: لا يضمن أي شي ء

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 37 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 209

(5) الوسائل الباب 38 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 272

______________________________

يضمن الا أن يصلي بهم جنبا أو علي غير طهر «1».

و

منها: ما روي عن علي عليه السلام انه قال: صلي عمر بالناس صلاة الفجر فلما قضي الصلاة أقبل عليهم فقال: يا أيها الناس ان عمر صلي بكم الغداة و هو جنب فقال له الناس فما ذا تري؟ فقال: علي الاعادة و لا اعادة عليكم. قال له علي عليه السلام: بل عليك الاعادة و عليهم ان القوم بامامهم يركعون و يسجدون فاذا فسدت صلاة الامام فسدت صلاة المأمومين «2».

و منها: ما روي عنه أيضا قال: من صلي بالناس و هو جنب أعاد هو و الناس صلاتهم «3».

و الرواية الثانية و الثالثة لا اعتبار بهما سندا و أما الاولي فلا يبعد أن يكون المراد بها ان الامام اذا علم بجنابة نفسه لا يجوز له الامامة و يكون ضامنا للمأموم و أما المدعي فلا يستفاد من الحديث مضافا الي أنه حكم خاص في مورد خاص فلا تقوم حجة في قبال تلك النصوص.

و نقل عن الصدوق و جماعة- علي ما في الوسائل- وجوب الاعادة في الاخفاتية دون الجهرية و يمكن أن يكون المدرك ما رواه عبد الرحمن العرزمي عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صلي علي عليه السلام بالناس علي غير طهر و كانت الظهر ثم دخل فخرج مناديه أن أمير المؤمنين عليه السلام صلي علي غير طهر فأعيدوا و ليبلغ الشاهد الغائب «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 36 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 6

(2) مستدرك الوسائل الباب 32 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 36 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 273

و الا اعادها (1) و ان تبين في الاثناء اتمها في الفرض الاول (2) و اعادها

في الثاني (3).

[مسألة 313: إذا اختلف المأموم و الإمام في أجزاء الصلاة و شرائطها اجتهادا أو تقليدا]

(مسألة 313): اذا اختلف المأموم و الامام في أجزاء الصلاة و شرائطها اجتهادا أو تقليدا فان علم المأموم بطلان صلاة الامام

______________________________

و هذه الرواية مخدوشة سندا و متنا أما من حيث السند فبمحمد بن عبد اللّه اذ الظاهر انه لم يوثق و أما متنا فلان المستفاد منها أن عليا عليه السلام صلي علي غير طهر و كيف يمكن الالتزام به.

(1) و ربما يقال: بأن مقتضي نصوص المقام عدم البطلان و لو من هذه الجهة فان اطلاقها يقتضي الصحة علي الاطلاق و لكن الانصاف انه يشكل الجزم بهذا الاطلاق فان المتفاهم العرفي منها انها ناظرة الي عدم بطلان الصلاة من حيث بطلان صلاة الامام.

و بعبارة اخري: انه ينسبق الي الذهن منها انها تنفي وجوب الاعادة بالنسبة الي المأموم و يوجبها بالنسبة الي الامام.

و بعبارة ثالثة: ان المفهوم منها ان فساد صلاة الامام لا يقتضي فساد صلاة المأموم لا أزيد من هذا المقدار.

(2) كما في حديث زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن رجل صلي بقوم ركعتين ثم أخبرهم أنه ليس علي وضوء قال: يتم القوم صلاتهم فانه ليس علي الامام ضمان «1».

مضافا الي قاعدة لا تعاد علي مسلك القوم من جريانها في الاثناء.

(3) كما هو ظاهر لفرض البطلان.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 274

واقعا لم يجز له الائتمام به (1) و الإجازة و صحت الجماعة (2) و كذا اذا كان الاختلاف بينهما في الامور الخارجية بأن يعتقد الامام طهارة ماء فتوضأ به و المأموم يعتقد نجاسته أو يعتقد الامام طهارة الثوب فيصلي به و يعتقد المأموم نجاسته فانه لا يجوز الائتمام في الفرض

______________________________

(1) اذ مع اعتقاد المأموم لفساد صلاة الامام

لا مجال له أن يأتم به.

(2) الذي يختلج بالبال في المقام أن يقال: تارة يكون الاختلاف في أمر يكون الاخلال به مخلا بالصلاة بلا فرق فيه بين أن يكون الاخلال به عن عمد و بين أن يكون عن عذر و لا يكون مشمولا لقاعدة لا تعاد كما لو اختلفا في الوقت فلا يجوز اقتداء من يعتقد عدم الدخول بمن يعتقد الدخول و دخل في الصلاة.

و الوجه في هذا التفصيل ان صلاة الامام علي فرض صحتها و لو ببركة قاعدة لا تعاد لا قصور فيها و يؤيد المدعي ما رواه جميل «1» فانه يستفاد من هذه الرواية بعموم العلة ان صحة صلاة الامام و لو عند الاضطرار تقتضي جواز ائتمام غبر المضطر به.

و لكن تبقي شبهة و هي ان الصحة المستفادة من قاعدة لا تعاد لا تثبت كون الصلاة الفاقدة تامة عند العذر و الا يلزم أن يكون العلم دخيلا في الحكم و هو يستلزم الدور

و رواية جميل لا تدل علي كفاية الصلاة الناقصة لجواز الاقتداء اذ من الممكن ان صلاة الامام عند فقدان الماء مع التيمم تامة كما هو الظاهر من قوله عليه السلام:

فان اللّه جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا «2».

فان الظاهر من هذه الجملة ان التراب عند عدم الماء عدل له و تأثيره عند فقدانه

______________________________

(1) لاحظ ص: 263

(2) لاحظ ص: 263

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 275

الاول و يجوز في الفرض الثاني (1) و لا فرق فيما ذكرنا بين الابتداء و الاستدامة (2) و المدار علي علم المأموم بصحة صلاة الامام في حق الامام (3) هذا في غير ما يتحمله الامام عن المأموم و أما فيما يتحمله كالقراءة ففيه تفصيل فان من يعتقد

وجوب السورة مثلا ليس له أن يأتم قبل الركوع بمن لا يأتي بها لاعتقاده عدم وجوبها (4) نعم اذا ركع الامام جاز الائتمام به (5).

[الفصل الرابع: في أحكام الجماعة]
اشارة

الفصل الرابع: في أحكام الجماعة:

[مسألة 314: لا يتحمل الإمام عن المأموم شيئا من أفعال الصلاة و أقوالها غير القراءة في الأوليين]

(مسألة 314): لا يتحمل الامام عن المأموم شيئا من أفعال الصلاة و أقوالها غير القراءة في الاوليين اذا ائتم به فيهما فتجزيه

______________________________

بمقدار اثره عند وجدانه و عليه يشكل الالتزام بجواز الاقتداء مع الاصل المقرر في هذا الباب.

(1) الكلام فيه هو الكلام فانه لا فرق من هذه الجهة بين الشبهة الحكمية و الموضوعية.

(2) كما هو ظاهر فان اعتبار الشرط لا فرق فيه بين الابتداء و الاستدامة فلاحظ.

(3) و لكن في النفس شي ء و هو الاشكال في استفادة المدعي من حديث جميل.

(4) و لنا أن نقول: يجوز له الائتمام به قبل الركوع غاية الامر يأتي بالسورة لعدم بدلها فرضا كما لو ترك الامام القراءة سهوا و المأموم التفت به قبل فوت محل التدارك فانه يجب عليه التدارك فلاحظ.

(5) كما هو ظاهر علي مسلك المشهور أن الصحة عند الامام تكفي لجواز الاقتداء.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 276

قراءته (1) و يجب عليه متابعته في القيام (2) و لا تجب عليه الطمأنينة حاله حتي في حال قراءة الامام (3).

[مسألة 315: الظاهر عدم جواز القراءة للمأموم في أوليي الاخفاتية إذا كانت القراءة بقصد الجزئية]

(مسألة 315): الظاهر عدم جواز القراءة للمأموم في أوليي الاخفاتية اذا كانت القراءة بقصد الجزئية (4).

______________________________

(1) هذا من الواضحات و النص دال عليه لاحظ ما رواه الحسين بن كثر «1» و ما رواه سماعة «2».

(2) لا يجب القيام في حد نفسه بل اما الواجب القراءة حال القيام أو القيام حال القراءة و المفروض انتفاء الموضوع فلا تجب المبادرة لكن لا بد من لحاظ بقاء المتابعة و الاقتصار بالمقدار الجاري عليه السيرة المتشرعية و الزائد عليه يخل بالجماعة و لو احتمالا و لا دليل علي بقائها اذ الاصل لا مجري له لمعارضته باستصحاب عدم الجعل الزائد.

(3) اذ دليل وجوبها مختص بحال القراءة

و المفروض انها ساقطة عن المأموم و الامام ضامن لها.

(4) و قد وقع الكلام و الخلاف بين الاصحاب في هذا المقام فذهب قوم الي جواز القراءة مع الكراهة حتي نقل بأنه الاشهر و ذهب جمع من المتقدمين و المتأخرين الي الحرمة و منشأ الخلاف اختلاف النصوص فقد دلت جملة منها علي المنع عن القراءة:

منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا صليت خلف امام تأتم به فلا تقرأ خلفه سمعت قراءته أم لم تسمع الا أن تكون صلاة تجهر فيها

______________________________

(1) لاحظ ص: 263

(2) لاحظ ص: 217

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 277

______________________________

بالقراءة و لم تسمع فاقرأ «1».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة خلف الامام أقرأ خلفه؟ فقال: أما الصلاة التي لا تجهر فيها بالقراءة فان ذلك جعل اليه فلا تقرأ خلفه و أما الصلاة التي يجهر فيها فانما امر بالجهر لينصت من خلفه فان سمعت فانصت و ان لم تسمع فاقرأ «2».

و منها: ما رواه زرارة و محمد بن مسلم قالا: قال أبو جعفر عليه السلام كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: من قرأ خلف امام يأتم به فمات بعث علي غير الفطرة «3».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان كنت خلف امام فلا تقرأ شيئا في الاولتين و انصت لقراءته و لا تقرأن شيئا في الاخيرتين فان اللّه عز و جل يقول للمؤمنين «و اذا قرء القرآن» يعني في الفريضة خلف الامام «فاستمعوا له و أنصتوا لعلكم ترحمون» فالاخيرتان تبعا للأولتين «4».

و منها: ما رواه يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه

السلام عن الصلاة خلف من ارتضي به أقرأ خلفه؟ قال: من رضيت به فلا تقرأ خلفه «5».

و منها: ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه بن الحسن باسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام اذا كنت خلف الامام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتي يفرغ و كان الرجل

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 278

______________________________

مأمونا علي القرآن فلا تقرأ خلفه في الاولتين و قال: يجزيك التسبيح في الاخيرتين قلت: اي شي ء تقول أنت؟ قال أقرأ فاتحة الكتاب «1». و منها: ما رواه عمر ابن يزيد «2».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن رجل يصلي خلف امام يقتدي به في الظهر و العصر يقرأ؟ قال: لا و لكن يسبح و يحمد ربه و يصلي علي نبيه صلي اللّه عليه و آله «3».

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي الجواز منها: ما رواه المرافقي و البصري عن جعفر بن محمد عليه السلام انه سأل عن القراءة خلف الامام فقال:

اذا كنت خلف الامام تولاه و تثق به فانه يجزيك قراءته و ان أحببت أن تقرأ فاقرأ فيما يخافت فيه فاذا جهر فانصت قال اللّه تعالي: «و أنصتوا لعلكم ترحمون» «4» و هذه الرواية ضعيفة بالمخارقي و غيره.

و منها: ما رواه ابن يقطين في حديث قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الامام أ يقرأ فيهما الحمد و هو امام يقتدي به؟ فقال:

ان قرأت فلا بأس و ان سكت فلا بأس «5».

فان المراد من

الصمت في الرواية الاخفات فانه اقرب المجازات الي المعني الحقيقي الذي لا يمكن ارادته و حيث ان هذه الرواية نص في جواز القراءة ترفع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) لاحظ ص: 262

(3) الوسائل الباب 32 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 15

(5) نفس المصدر الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 279

______________________________

اليد عن ظهور تلك الروايات في الحرمة و يحمل علي الكراهة.

و يشهد للكراهة ما رواه سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

أ يقرأ الرجل في الاولي و العصر خلف الامام و هو لا يعلم انه يقرأ؟ فقال: لا ينبغي له أن يقرأ يكله الي الامام «1».

و يشهد للكراهة أيضا ما رواه بكر بن محمد الازدي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: اني اكره للمرء أن يصلي خلف الامام صلاة لا يجهر فيها بالقراءة فيقوم كأنه حمار قال: قلت: جعلت فداك فيصنع ما ذا؟ قال: يسبح «2».

هذا ما يمكن أن يقال في هذا المقام لكن لا يخفي ان روايتي سليمان و بكر لا تشهد ان للقول المشهور فان لفظ ينبغي و كذا كره لا يدل علي الحرمة لا انه ظاهر في الكراهة المصطلحة فيقع التعارض بين الطائفتين و لا يمكن الجمع بينهما بحمل دليل الحرمة علي الكراهة فان العرف يري التعارض بينهما كما مر منا في أمثال المقام و مع التعارض لا بد من ترجيح الطائفة الاولي فانها الأكثر و المشهور فلا بد من الاخذ بها بمقتضي وجوب الاخذ بما اشتهر و صرف النظر عن الشاذ النادر.

و لكن لك أن تقول: بأنه لا دليل علي الترجيح بالشهرة اذ حديث عمر بن حنظلة لا يعتمد

عليه فان عمر لم يوثق و عليه تصل النوبة الي الترجيح و هو مع الطائفة الثانية لا حدثيته لكن هذا الجمع أيضا مخدوش لاحظ ما رواه علي بن جعفر «3».

فالروايات متعارضة و بالتعارض تتساقط و المرجع بعد التعارض اطلاق دليل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 32 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 278

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 280

و الافضل له أن يشتغل بالذكر و الصلاة علي النبي صلي اللّه عليه و آله (1) و أما في الاوليين من الجهرية فان سمع صوت الامام و لو همهمة وجب عليه ترك القراءة (2).

______________________________

ضمان الامام عن المأموم. لكن الاحتياط لا ينبغي تركه و الاولي و الاحوط انه ان أراد أن يقرأ أن يقصد القربة المطلقة اذ لا اشكال في جواز القراءة اذا لم تكن بعنوان الجزئية فاذا قرأ بعنوان انه ان كان الاتيان بها بعنوان الجزئية جائزا كانت جزءا و الا فلا كان خاليا عن الاشكال و اللّه العالم.

(1) كما أن الاحوط ما ذكرنا.

(2) الذي يظهر من كلام الأصحاب في المقام: انه ذهب قوم الي حرمة القراءة و ذهب آخرون الي كراهتها و يدل علي القول الاول جمله من النصوص:

منها: ما رواه عبيد بن زرارة عنه عليه السلام أنه ان سمع الهمهمة فلا يقرأ «1».

و منها: ما رواه زرارة «2» و منها: ما رواه زرارة محمد بن مسلم «3» و منها:

ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «4».

و منها: ما رواه قتيبة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت خلف امام ترتضي به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلم تسمع قراءته فاقرأ أنت لنفسك و ان كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب

31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 277

(3) لاحظ ص: 277

(4) لاحظ ص: 277

(5) الوسائل الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 281

______________________________

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا صليت خلف امام تأتم به فلا تقرأ خلفه سمعت قراءته أو لم تسمع «1» و منها: ما رواه يونس بن يعقوب «2».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي عليه السلام قال: سألت عن الرجل يكون خلف الامام يجهر بالقراءة و هو يقتدي به هل له أن يقرأ من خلفه؟

قال: لا و لكن يقتدي به «3».

فان مقتضي النهي عن القراءة في هذه النصوص حرمتها و استدل علي الكراهة بأن النهي عن القراءة قد علل في جملة من النصوص بالانصات و الحال ان الانصات ليس واجبا اجماعا بل يظهر كونه مندوبا من نفس الاية و هي قوله تعالي في سورة الاعراف 204 وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ.

بتقريب: ان التعريض للغفران واجب لوجوب دفع الضرر المحتمل و لكن التعريض للرحمة ليس واجبا.

و الذي ينبغي أن يلاحظ كل واحدة من الروايات التي أوجبت هذا التوهم كي نري ان الامر كما ذكر أم لا أما رواية زرارة «4» فنهي فيها عن القراءة و امر فيها بالانصات و لا يتم هذا التقريب فيها اذ لم يعلل النهي فيها بوجوب الانصات و غاية ما يستفاد منها ببركة الاجماع حرمة القراءة و استحباب الانصات.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) لاحظ ص: 277

(3) الوسائل الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 16

(4) لاحظ ص: 277

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 282

بل الاحوط الاولي الانصات لقراءته (1) و ان لم يسمع حتي الهمهمة

جازت له القراءة بقصد القربة و بقصد الجزئية (2).

______________________________

و أما رواية عبد الرحمن بن الحجاج «1» فالمستفاد منها ان العلة للجهر في الجهرية انصات من خلف الامام و لا اشكال في وجوب الجهر علي الامام و علة الواجب واجبة.

و ان شئت قلت: لم يعلل النهي عن القراءة بالانصات بل علل وجوب الجهر به فلو كان المراد من الانصات ترك القراءة كان واجبا.

و أما خبر زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: اذا كنت خلف امام تأتم به فانصت و سبح في نفسك «2» فلم ينه فيه عن القراءة كي تصل النوبة الي التعليل فالنتيجة ان رفع اليد عن النهي الوارد في عدة روايات لا وجه له.

(1) كما في الاية و بعض النصوص و حيث انه لا يكون واجبا فيكون الاتيان به أولي و أحوط كما هو ظاهر.

(2) فان جملة من النصوص قد ورد الامر فيها بالقراءة مع عدم سماعها لاحظ ماروا الحلبي «3» و ما رواه عبد الرحمن «4» و ما رواه سماعة في حديث قال: سألته عن الرجل يؤم الناس فيسمعون صوته و لا يفقهون ما يقول فقال: اذا سمع صوته فهو يجزيه و اذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه «5» و ما رواه قتيبة «6».

______________________________

(1) لاحظ ص: 277

(2) الوسائل الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 276

(4) لاحظ ص: 277

(5) الوسائل الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 10

(6) لاحظ ص: 280

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 283

و الاحوط استحبابا الاول (1) و اذا شك في أن ما يسمعه صوت الامام أو غيره فالاقوي الجواز (2) و لا فرق في عدم السماع بين أسبابه من صمم أو بعد أو غيرهما (3).

[مسألة 316: إذا أدرك الإمام في الأخيرتين وجب عليه قراءة الحمد و السورة]

(مسألة

316): اذا أدرك الامام في الاخيرتين وجب عليه قراءة الحمد و السورة (4).

______________________________

و هذه الروايات و ان كانت دالة علي الوجوب ظاهرا لكن ترفع اليد عنها برواية علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن الاول عليه السلام عن الرجل يصلي خلف امام يقتدي به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلا يسمع القراءة قال: لا بأس ان صمت و ان قرأ «1».

و ان أبيت عن كون الجمع بينهما عرفيا و قلت: بأنهما متعارضان كان الترجيح مع رواية ابن يقطين لأحدثيتها.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف اذ قد نسب الي الحلي عدم الجواز و لكن محط بحث الجواز و عدمه الاتيان بها بقصد الجزئية لا بعنوان محبوبية قراءة القرآن.

(2) الظاهر ان الوجه في الجواز استصحاب عدم السماع بنحو العدم المحمولي.

(3) لإطلاق الدليل و عدم ما يقتضي التقييد.

(4) كما تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا فاتك شي ء مع الامام فاجعل أول صلاتك ما استقبلت منها و لا تجعل أول صلاتك آخرها «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 11

(2) الوسائل الباب 47 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 284

______________________________

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدرك الركعة الثانية من الصلاة مع الامام و هي له الاولي كيف يصنع اذا جلس الامام؟ قال: يتجافي و لا يتمكن من القعود فاذا كانت الثالثة للإمام و هي له الثانية فليلبث قليلا اذا قام الامام بقدر ما يتشهد ثم يلحق بالامام قال: و سألته عن الرجل الذي يدرك الركعتين الاخيرتين من الصلاة كيف يصنع بالقراءة؟

قال:

اقرأ فيهما فانهما لك الاولتان و لا تجعل أول صلاتك آخرها «1».

و منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اذا سبقك الامام بركعة فأدركت القراءة الاخيرة قرأت في الثالثة من صلاته و هي ثنتان لك فان لم تدرك معه الا ركعة واحدة قرأت فيها و في التي تليها و ان سبقك بركعة جلست في الثانية لك و الثالثة له حتي تعدل الصفوف قياما «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أدرك الرجل بعض الصلاة وفاته بعض خلف امام يحتسب بالصلاة خلفه جعل أول ما أدرك أول صلاته ان أدرك من الظهر أو من العصر أو من العشاء ركعتين و فاتته ركعتان قرأ في كل ركعة مما أدرك خلف امام في نفسه بام الكتاب و سورة فان لم يدرك السورة تامة أجزأته أمّ الكتاب فاذا سلم الامام قام فصلي ركعتين لا يقرأ فيهما لان الصلاة انما يقرأ فيها (في) بالاولتين في كل ركعة بام الكتاب و سورة و في الاخيرتين لا يقرأ فيهما انما هو تسبيح و تكبير و تهليل و دعاء ليس فيهما قراءة و ان أدرك ركعة قرأ فيهما خلف الامام فاذا سلم الامام قام فقرأ بام الكتاب و سورة ثم قعد فتشهد ثم قام فصلي ركعتين

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 285

______________________________

ليس فيهما قراءة «1».

و منها: ما رواه طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال:

يجعل الرجل ما أدرك مع الامام أول صلاته قال جعفر: و ليس نقول كما يقول الحمقي «2».

و منها: ما رواه أحمد بن النضر عن

رجل عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال لي: أي شي ء يقول هؤلاء في الرجل اذا فاته مع الامام ركعتان؟ قال: يقولون يقرأ في الركعتين بالحمد و سورة فقال: هذا يقلب صلاته فيجعل اولها آخرها قلت: و كيف يصنع؟ فقال: يقرأ بفاتحة الكتاب في كل ركعة «3».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي عليه السلام قال: سألته عن رجل أدرك مع الامام ركعة ثم قام يصلي كيف يصنع؟ قال: يقرأ في الثلاث كلهن أو في ركعة أو في ثنتين؟ قال: يقرأ في ثنتين و ان قرأ واحدة أجزأه «4».

و منها: ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يدرك الامام و هو يصلي أربع ركعات و قد صلي الامام ركعتين قال: يفتتح الصلاة و يدخل معه و يقرأ خلفه في الركعتين يقرأ في الاولي الحمد و ما أدرك من سورة الجمعة و يركع مع الامام و في الثانية الحمد و ما أدرك من سورة المنافقين و يركع مع الامام فاذا قعد الامام للتشهد فلا يتشهد و لكن يسبح فاذا سلم الامام ركع ركعتين يسبح فيهما و يتشهد و يسلم «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 8

(5) الوسائل الباب 29 من أبواب صلاة الجمعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 286

______________________________

و منها ما رواه في مستدرك الوسائل في الباب 38 من أبواب صلاة الجماعة فهذه النصوص تدل علي المطلوب و عن العلامة في المنتهي ان القراءة مستحبة و تبعه المحقق الأردبيلي في شرح الارشاد و سيد المدارك في مداركه و ذكر في وجه الالتزام بهذه المقالة

امور:

منها: ان جملة من النصوص قد دلت علي سقوط القراءة عن المأموم و أن الامام ضامن له و مقتضي الجمع بين ما دل علي السقوط و ما دل بظاهره علي وجوب الاتيان بها حمل دليل الوجوب علي الاستحباب.

و فيه: اولا ان مقتضي قانون تقييد المطلق بالمقيد الاخذ بما يدل علي وجوب الاتيان اذ هذه الادلة أخص مما دل علي السقوط.

و ثانيا لا يبعد أن يقال: بأن دليل سقوط القراءة منصرف الي خصوص الاوليين خصوصا ما تضمن لفظ الضمان فان التناسب بين الموضوع و الحكم يقتضي ما لو كان المأموم مع الامام كي يكون قراءته نازلة منزلة قراءته.

و منها: ان النصوص الدالة علي وجوب القراءة مشتملة علي بعض المكروهات و المستحبات لاحظ حديث زرارة «1» حيث نهي عن القراءة في الاخيرتين و لاحظ حديث عبد الرحمن بن الحجاج «2» حيث امر بالتجافي و وحدة السياق تقتضي أن يكون الامر للاستحباب.

و فيه: ان ظهور الامر في الوجوب يقتضي الالتزام به و لا وجه لرفع اليد عن هذا الظهور بمجرد كون امر آخر للاستحباب أو النهي الكذائي للكراهة.

هذا اولا و ثانيا: ان الامر في صحيح عبد الرحمن قد علل بحرمة جعل اول

______________________________

(1) لاحظ ص: 284

(2) لاحظ ص: 284

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 287

______________________________

الصلاة آخرها فعلي تقدير تمامية الاشكال في رواية زرارة لا يتم في هذه الرواية.

و ثالثا: ان السؤال عن القراءة في رواية عبد الرحمن وقع منفصلا عما قبله فلا مجال لما قيل من وحدة السياق.

و رابعا لو تم هذا البيان لزم الالتزام بكون اللبث للتشهد مستحبا أيضا و لا اشكال في وجوبه و هذه الرواية مدرك القوم.

و خامسا: ان استحباب التجافي اول الكلام فان من الاصحاب من

أوجبه استنادا الي هذه الرواية كما دل عليه ما عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالاقعاء في الصلاة بين السجدتين و بين الركعة الاولي و الثانية و بين الركعة الثالثة و الرابعة و اذا أجلسك الامام في موضع يجب أن تقوم فيه تتجافي و لا يجوز الاقعاء في موضع التشهدين الا من علة لان المقعي ليس بجالس انما جلس بعضه علي بعض الحديث «1».

و سادسا يكفي للإثبات غيرهما من النصوص الخالية عن هذا التقريب فلاحظ.

و منها: ما عبر في خبر زرارة بقوله عليه السلام «قرأ في نفسه» بتقريب ان القراءة في النفس لا يدل علي القراءة و التكلم.

و يرد عليه: انها كناية عن الاخفات و يدل عليه انه قد عبر عن الاخفات بالصمت لاحظ رواية ابن يقطين «2» و لاحظ روايتي محمد بن اسحاق و محمد بن أبي حمزة عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يجزيك اذا كنت معهم من القراءة مثل حديث النفس «3» مع انه يجب القراءة خلف المخالف.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب السجود الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 278

(3) الوسائل الباب 33 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 288

و ان لزم من قراءة السورة فوات المتابعة في الركوع اقتصر علي الحمد (1) و ان لزم ذلك من اتمام الحمد فالاحوط لزوما الانفراد (2).

______________________________

و ثانيا: ان غاية ما في الباب اجمال الرواية و عدم الدلالة علي الوجوب لكن يكفي غيرها للإثبات لاحظ رواية ابن الحجاج.

(1) كما تدل عليه رواية زرارة «1».

(2) أما قصد الانفراد فعلي القول بجوازه في الجماعة اختيارا فعلي القاعدة و يكون موافقا للاحتياط و بعبارة اخري: مع قصد الانفراد يجمع

بين جميع الاحتمالات فلا تجب عليه المتابعة نفسيا علي القول بها فلا اثم و لم تترك القراءة فلا يتوجه اشكال بطلان الصلاة بترك القراءة الواجبة علي كل أحد الا من خرج بالدليل و لم يتم الصلاة جماعة كي يشكل بأنه من الممكن انهدام الجماعة مع عدم المتابعة.

و يمكن أن يقال: انه يجوز له ترك القراءة و متابعة الامام بمقتضي رواية معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدرك آخر صلاة الامام و هو اول صلاة الرجل فلا يمهله حتي يقرأ فيقضي القراءة في آخر صلاته قال:

نعم «2».

فان المستفاد من هذه الرواية جواز ترك القراءة و الاتيان بها في آخر الصلاة فبمقتضي هذه الرواية يجوز ترك القراءة و عليه لا يتوجه الاشكال بأنه كيف يمكن رفع اليد عن دليل وجوب القراءة و وجوب المتابعة لا يقتضي جواز ترك القراءة فان تخصيص العام أو تقييد المطلق أمر ليس بعزيز في باب الادلة الشرعية كما هو

______________________________

(1) لاحظ ص: 284

(2) الوسائل الباب 47 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 289

بل الاحوط استحبابا له اذ لم يحرز التمكن من اتمام الفاتحة قبل ركوع الامام عدم الدخول في الجماعة حتي يركع الامام و لا قراءة عليه (1).

[مسألة 317: يجب علي المأموم الإخفات في القراءة]

(مسألة 317): يجب علي المأموم الاخفات في القراءة سواء كانت واجبة كما في المسبوق بركعة أو ركعتين أم غير واجبة كما في

______________________________

ظاهر كما ان الحكم في ناسي القراءة كذلك حسب احد القولين في المسألة بأنه لو نسي القراءة في الاولتين تجب عليه القراءة في الاخيرتين.

ان: قلت: مقتضي هذه الرواية وجوب القراءة في آخر الصلاة فيلزم اختيار القراءة و الحال ان المكلف مخير بين القراءة و

التسبيح و لا يمكن الالتزام بالتعين.

قلت: هب ان الامر كذلك فانه ما المانع من الالتزام بالتعين مع تمامية الدليل و ان أبيت عن ذلك و قلت لا يمكن قلت: عدم امكان الاخذ بهذا الظهور لا يمنع عن العمل بالرخصة في ترك القراءة و ليس تلازم بين عدم التعين و عدم الجواز.

و لعمري ان هذا تحقيق رشيق و بالعمل به يليق و لا يخفي عليك ان التعبير بالقضاء اما تعبير مجازي و اما بمعني الفعل كقوله تعالي: اذا قضيت الصلاة فانتشروا.

(1) كي لا يدور الامر بين المحذورين و هما وجوب القراءة و وجوب المتابعة لكن قد مر جواز ترك القراءة بمقتضي رواية معاوية فلاحظ.

و علي تقدير تمامية الامر صناعة كيف يمكن القول بأن هذا احوط و بعبارة اخري:

لا مجال لان يقال: بأن الاحتياط مستحب كما في المتن اذ بالترك يتأخر عن الجماعة و يكون ثوابه أقل فتدبر.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 290

غيره حيث تشرع له القراءة (1) و ان جهر نسيانا أو جهلا صحت صلاته (2) و ان كان عمدا بطلت (3).

[مسألة 318: يجب علي المأموم متابعة الإمام في الأفعال]

(مسألة 318): يجب علي المأموم متابعة الامام في الافعال بمعني أن لا يتقدم عليه (4).

______________________________

(1) الظاهر ان مستند الحكم ما رواه زرارة «1» فان الامام عليه السلام أمر بالقراءة في النفس و هذا الحكم و ان ورد في القراءة الواجبة لكن العرف يفهم ان هذا حكم الجماعة بل يمكن أن يكون دالا علي مورد الاستحباب بالاولوية فان الجماعة اذا كانت تقتضي تغيير حكم القراءة الواجبة و تعين الاخفات فيها يدل علي التعين في مورد الاستحباب بالاولوية مضافا الي أن تناسب الحكم و الموضوع يقتضي ذلك فان الجهر في الجماعة ينافي النظم و الوحدة فلاحظ.

(2)

كما في رواية زرارة «2».

(3) للزيادة فانها توجب بطلان الصلاة.

(4) قال في الحدائق: «الظاهر انه لا خلاف بين الاصحاب في وجوب متابعة المأموم للإمام في الافعال حتي قال في المعتبر و عليه اتفاق العلماء» الي آخر كلامه.

و ما يمكن أن يستدل به عليه امور: منها النبوي انه قال: انما جعل الامام اماما ليؤتم به فاذا كبر فكبر «3» و فيه ان النبوي ضعيف سندا و لا جابر له.

و منها النبوي الاخر: «أما يخشي الذي يرفع رأسه و الامام ساجد أن يحول اللّه رأسه رأس حمار» «4». و الكلام فيه هو الكلام.

______________________________

(1) لاحظ ص: 284

(2) لاحظ ص: 123

(3) مستدرك الوسائل الباب 39 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(4) مستمسك العروة ج 7 ص 264

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 291

______________________________

و منها نبوي ثالث: «رجل يرفع رأسه قبل الامام و يضع قبل الامام فلا صلاة له» «1» و الكلام فيه هو الكلام.

و منها: ما دل علي وجوب الانتظار لو فرغ المأموم من القراءة قبل الامام لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اكون مع الامام فافرغ من القراءة قبل أن يفرغ قال: ابق آية و مجد اللّه و أثن عليه فاذا فرغ فاقرأ الاية و اركع «2».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 5، ص: 291

و ما رواه اسحاق بن عمار عمن سأل أبا عبد اللّه عليه السلام قال: اصلي خلف من لا اقتدي به فاذا فرغت من قراءتي و لم يفرغ هو قال: فسبح حتي يفرغ «3» و ما رواه عمران بن أبي شعبة عن أبي عبد اللّه

عليه السلام قال: قلت له: اكون مع الامام فافرغ قبل أن يفرغ من قراءته قال: فأتم السورة و مجد اللّه و اثن عليه حتي يفرغ «4».

و هذه النصوص ناظرة الي بيان حكم الصلاة مع المخالف و يمكن أن يكون الوجه في السؤال انه لو فرغ من القراءة فلا يكون الانتظار جائزا و يوجب البطلان فأجاب عليه السلام بأنه ينتظر فلا يدل علي وجوب الانتظار كي يستفاد حكم المقام منه.

و منها ما يدل علي وجوب العود الي الركوع أو السجود لو رفع رأسه عنهما قبل أن يرفع الامام لاحظ ما رواه الفضيل بن يسار أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلي مع امام يأتم به ثم رفع رأسه من السجود قبل أن يرفع الامام رأسه من السجود قال: فليسجد «5».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 39 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 35 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) الوسائل الباب 48 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 292

و لا يتأخر عنه تأخرا فاحشا (1).

______________________________

و ما رواه سهل الاشعري عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عمن يركع مع امام يقتدي به ثم رفع رأسه قبل الامام قال: يعيد ركوعه «1».

و ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يركع مع الامام يقتدي به ثم يرفع رأسه قبل الامام قال: يعيد بركوعه معه «2».

و منها: ما رواه ابن فضال قال: كتبت الي أبي الحسن الرضا عليه السلام في الرجل كان خلف امام يأتم به فيركع قبل أن يركع الامام و هو يظن أن الامام قد ركع

فلما رآه لم يركع رفع رأسه ثم أعاد الركوع مع الامام أ يفسد ذلك عليه صلاته أم تجوز تلك الركعة؟ فكتب عليه السلام: تتم صلاته و لا تفسد صلاته بما صنع «3».

و ما رواه محمد بن علي بن فضال عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له:

أسجد مع الامام فأرفع رأسي قبله اعيد؟ قال: أعد و اسجد «4».

و الظاهر انه لا بأس بدلالة هذه الاخبار علي المدعي اذ لو كان التقدم جائزا لم يكن العود واجبا اضف الي ذلك كله ان السيرة جارية عليه بحيث يكون خلافه مستنكرا عند المتشرعة مضافا الي الاصل المقرر في هذا المقام فلاحظ.

(1) فانه مناف للائتمام بما هو مرتكز في نظر المتشرعة بل نفس الشك كاف في عدم الجواز فان بقاء القدوة مع التأخر الفاحش مورد الشك فلا يمكن الالتزام ببقائها و يمكن استفادة المدعي مما ورد في من يدرك الامام في آخر صلاته و الوارد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 293

و الاحوط الاولي عدم المقارنة (1) و أما الاقوال فالظاهر عدم وجوبها فيها فيجوز التقديم فيها و المقارنة (2).

______________________________

في المأموم المسبوق لاحظ روايتي زرارة و معاوية بن وهب «1».

(1) المشهور بين الاصحاب- علي ما يظهر من بعض الكلمات- جواز المقارنة و نقل عن بعض دعوي الاجماع عليه و حال الاجماع في الاشكال معلوم.

و استدل بما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يصلي له أن يكبر قبل الامام؟ قال: لا يكبر الا مع الامام فان كبر قبله أعاد التكبير «2».

و أورد علي الاستدلال بالرواية صاحب الحدائق بأنها

لا تدل علي جواز المقارنة.

و لكن الانصاف انها تدل علي المدعي بالاطلاق لكن الاستدلال بها يتوقف علي عدم الفصل بين التكبيرة و غيرها مضافا الي أن التكبير من الاقوال و الكلام في الافعال و لكن لا يبعد الالتزام بالجواز بلحاظ السيرة و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(2) الذي يظهر من بعض الكلمات في هذا المقام ان المشهور عدم وجوب المتابعة و عن بعض وجوبها و الذي يمكن أن يستدل به علي الوجوب امور: منها:

معاقد الاجماع بدعوي شمولها للأقوال. و فيه انه كيف يمكن دعوي الاجماع مع ان المشهور قائلون بالعدم.

و منها: النبوي «3» بدعوي ان ذكر التكبير من باب المثال. و فيه: ان النبوي لا اعتبار به كما مر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 288 و 284

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب صلاة الجنازة

(3) لاحظ ص: 290

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 294

عدا تكبيرة الاحرام (1) و ان تقدم فيها كانت الصلاة فرادي (2).

______________________________

و منها: ان متابعة الامام تقتضي متابعته في الأقوال كمتابعته في الافعال. و فيه:

ان الجماعة متقومة بما يكون مأخوذا من الشرع فلا بد من متابعة الدليل.

و منها: ان مقتضي الاصل المقرر في هذا المقام عدم المشروعية في مورد الشك فعلي تقدير احتمال الوجوب و عدم دليل علي عدمه يلزم أن يراعي ما يحتمل كونه قيدا و هذا دليل قوي و الامر كذلك و لا بد في رفع اليد عن مقتضاه من اقامة دليل.

و الذي يمكن أن يكون دليلا في المقام هي السيرة العملية الجارية بين المتشرعة فانه لا اشكال في أنهم لا يتقيدون بهذا القيد.

و يؤيد المدعي بل يدل عليه انه لو كانت المتابعة القولية واجبة لاختل نظام الجماعة اذ ربما يكون المأموم بعيدا عن الامام

و لا يشخص كلماته فلا بد من وجوب الصبر حتي يحصل له اليقين بأنه تم قول الامام و ربما ينجر الي تأخره عنه في الافعال بل يمكن أن ينجر الي التأخر الفاحش.

و ان شئت فقل: لو كان المتابعة القولية واجبة لبان وجوبها لكثرة الابتلاء بهذه المسألة و لم تكن باقية مجهولة.

(1) نقل عليه الاجماع و عدم الخلاف و القاعدة الاولية تقتضي ذلك فان الدخول في الصلاة جماعة قبل الامام ينافي عنوان الاقتداء و التبعية و ان شئت قل: انه جمع بين المتنافيين و لك أن تقول ان مرجع التكبير قبل الامام الي الاقتداء في الاثناء و هو كما تري مضافا الي أن الاصل المقرر في هذا المقام يقتضي عدم جوازها اضف الي ذلك أن النص الخاص «1» صريح في عدم جوازه.

(2) اذ المفروض عدم تحقق القدوة و من ناحية اخري لا يجوز الاقتداء في الاثناء فتكون صلاته فرادي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 293

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 295

بل الاحوط وجوبا عدم المقارنة فيها (1).

______________________________

(1) نقل عن المدارك و الذخيرة و غيرهما تعينه و عن الرياض نسبته الي فتوي الاصحاب و ما يمكن أن يستدل به عليه امور: منها الاصل المقرر في المقام. و فيه:

انه انما يتم الاستدلال بالاصل اذا لم يقم دليل علي الجواز و المدعي في المقام ان الدليل قائم فانتظر.

و منها: ما رواه في المجالس باسناده عن أبي سعيد الخدري عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: اذا قمتم الي الصلاة فاعدلوا صفوفكم و أقيموها و سدوا الفرج و اذا قال امامكم: اللّه اكبر فقولوا اللّه اكبر و اذا قال: سمع اللّه لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا و لك الحمد «1» و هذه

الرواية ضعيفة ببكر بن صالح و غيره.

و منها: النبوي «2» و النبوي ضعيف سندا و يمكن الاستدلال علي الجواز بما رواه علي بن جعفر «3» فان المستفاد من هذه الرواية جواز التكبير مع الامام بل وجوبه لكن ترفع اليد عن الوجوب بالقطع و الانصاف انه لا يدل علي الوجوب حيث انه ذكر بعد النهي عن التقدم فعلي تقدير تمامية الرواية سندا و دلالة لا تصل النوبة الي العمل بالاصل.

و ربما يستشكل في الرواية سندا من حيث وقوع عبد اللّه بن الحسن فيه و هو لم يوثق. و يمكن أن يجاب عن هذا الاشكال بأن صاحب الوسائل يشهد بظهور كلام الحميري في أن الرواية بهذا النحو موجودة في كتاب ابن جعفر فلا اشكال من هذه الجهة.

و ربما يرد عليها من حيث الدلالة من أنه ذكر في الرواية بأنه ان كبر قبله أعاد و

______________________________

(1) الوسائل الباب 70 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 290

(3) لاحظ ص: 293

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 296

كما ان الاحوط المتابعة في الاقوال (1) خصوصا مع السماع (2) و في التسليم (3).

______________________________

الحال ان المكبر التكبيرة الاولي دخل في الصلاة فلو كبر ثانيا تبطل صلاته و حمل الرواية علي صورة ابطال الصلاة بمبطل آخر بعيد.

و نجيب عن هذا الاشكال بأن غاية ما في الباب انه يغمض عن هذه الجهة في الرواية و يكفي لإثبات المدعي قوله عليه السلام: «لا يكبر إلا مع الامام» فان مقتضاه الجواز أي جواز المقارنة فلا اشكال كما أنه لا اشكال في حسن الاحتياط و لكن لا وجه لوجوبه و اللّه العالم.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف.

(2) فان شبهة الوجوب فيه أقوي.

(3) لاحتمال خصوصية فيه كالتكبير و بعبارة اخري:

ان التسليم يوجب الخروج عن الصلاة فيمكن أن تجب فيه المتابعة و لذا قيد الجواز بعض الاصحاب بصورة العذر لدلالة النص عليه لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون خلف الامام فيطول الامام بالتشهد فيأخذ الرجل البول أو يتخوف علي شي ء يفوت أو يعرض له وجع كيف يصنع؟ قال: يتشهد هو و ينصرف و يدع الامام «1».

أو بصورة قصد الانفراد و الانصاف ان قصد الانفراد لا ينفك عن التسليم قبل الامام فانه كيف يمكن أن يسلم و مع ذلك يكون باقيا علي ايتمامه. الا أن يقال: بأن الانفراد يحصل بمجرد القصد فرتبة الانفراد بل زمانه متقدمة علي التسليم.

و كيف كان فقد دل النص علي جوازه لاحظ ما رواه أبو المعزا عن أبي عبد اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 64 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 297

[مسألة 319: إذا ترك المتابعة عمدا لم يقدح ذلك في صلاته و لكن تبطل جماعته فيتمها فرادي]

(مسألة 319): اذا ترك المتابعة عمدا لم يقدح ذلك في صلاته و لكن تبطل جماعته فيتمها فرادي (1).

______________________________

عليه السلام في الرجل يصلي خلف امام فسلم قبل الامام قال: ليس بذلك بأس «1»

و ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون خلف الامام فيطيل الامام التشهد قال: يسلم من خلفه و يمضي لحاجته ان أحب «2».

(1) هل وجوب المتابعة شرطي بالنسبة الي الجماعة بحيث لو فاتت فاتت الجماعة أو للصلاة و تكون النتيجة بطلانها أو وجوب تعبدي و تركها لا تبطل الصلاة و لا الجماعة؟ بل المترتب عليه مجرد الاثم نسب الي المشهور بل الي الاصحاب الثالث و نسب الثاني الي الشيخ في المبسوط و الظاهر ان

الحق هو الاول اذ لا وجه للوجوب التعبدي و لا دليل عليه كما أنه لا وجه لبطلان الصلاة بتركها بل المستفاد من قوله عليه السلام في المأموم المسبوق «فان لم يدرك السورة تامة اجزأته أم الكتاب» اشتراط الجماعة بالمتابعة.

و بعبارة اخري: النظر في هذه الطائفة من النصوص يعطي ان بقاء الجماعة و تحققها منوط بالمتابعة كما أن مقتضي الاصل كذلك اذ مجرد الشك في الشرطية يقتضي اعتبارها.

و ما في كلام سيد المستمسك قدس سره من استصحاب بقاء الامامة و القدرة يرد عليه انه معارض باستصحاب العدم الجعل الزائد كما هو المقرر عندنا فالنتيجة انه لو ترك المتابعة لا يمكنه ابقاء الاقتداء اذ لا يجوز الاقتداء في الاثناء و مع ترك المتابعة اما نجزم بانعدام الجماعة و اما نحتمل و علي كل تقدير لا يجوز ابقاء القدوة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 298

نعم اذا كان ركع قبل الامام في حال قراءة الامام بطلت صلاته اذا لم يكن قرأ لنفسه (1) بل الحكم كذلك اذا ركع بعد قراءة الامام علي الاحوط (2).

[مسألة 320: إذا ركع أو سجد قبل الإمام عمدا انفرد في صلاته]

(مسألة 320): اذا ركع أو سجد قبل الامام عمدا انفرد في صلاته (3) و لا يجوز له أن يتابع الامام فيأتي بالركوع أو السجود ثانيا للمتابعة (4).

______________________________

و ترتيب الآثار عليها.

(1) لتركه القراءة عمدا فتبطل الصلاة للنقيصة.

(2) لا اشكال في حسن الاحتياط و لكن مقتضي الصناعة صحة صلاته اذ لا وجه للبطلان فلاحظ.

(3) فان المفروض ان القدوة متقومة بالمتابعة و مع تركها عمدا يتحقق الانفراد قهرا.

(4) و لا دليل علي الجواز الا امران و كلاهما باطلان: احدهما: قياس المقام علي ما رفع رأسه من الركوع فكما أن المتابعة جائزة

في ذلك المقام كذلك في المقام.

و فيه: ان تلك النصوص محمولة علي صورة السهو فلا تشمل المقام.

ثانيهما: ان الرجوع حيث انه ليس بقصد الجزئية لا يكون زيادة في المكتوبة.

و فيه: انه علي فرض عدم قصد الجزئية يكفي للبطلان ما ورد في حكم سور العزائم معللا بكون السجود زيادة في المكتوبة «1» مع ان السجود هناك ليس بعنوان الجزئية و الحكم و ان كان واردا في السجود لكن يلحق الركوع به بالاولوية

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب القراءة في الصلاة

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 299

و اذا انفرد اجتزأ بما وقع من الركوع و السجود و أتم (1) و اذا ركع أو سجد قبل الامام سهوا فالاحوط له المتابعة بالعودة الي الامام بعد الاتيان بالذكر و لا يلزمه الذكر في الركوع أو السجود بعد ذلك مع الامام (2) و اذا لم يتابع عمدا صحت صلاته و بطلت جماعته (3).

[مسألة 321: إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام عمدا]

(مسألة 321): اذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الامام عمدا فان كان قبل الذكر بطلت صلاته ان كان متعمدا في تركه (4 و الا صحت صلاته و بطلت جماعته (5).

______________________________

و يضاف الي ذلك ان نفس الشك يكفي في الحكم بعدم الجواز فان بقاء القدوة مورد الشك و لا دليل علي بقائها.

(1) فانه علي القاعدة اذ لا نقص في صلاته علي الفرض.

(2) بتقريب: ان الذي يقتضيه النظر في الادلة ان الركوع الصلاتي هو الركوع الاول و ان محل الذكر الواجب هو الركوع الاول و الركوع الثاني بعنوان المتابعة و لا مقتضي لان يقع الذكر الواجب فيه و مقتضي الاطلاق المقامي عدم وجوب شي ء فيه.

(3) كما هو مقتضي القاعدة اذ لا وجه للبطلان.

(4) لأنه لم يأت بالذكر الواجب

فتبطل صلاته بالنقيصة.

(5) أما صحة صلاته فلعدم موجب للبطلان و نقصان الذكر لا يقتضي الفساد لحديث لا تعاد علي ما هو المقرر عند القوم و أما بطلان جماعته فلان رفع الرأس عمدا يوجب اختلال الجماعة و الانفصال عنها فلا وجه للرجوع و الاقتداء في الاثناء بلا دليل بل الاصل يقتضي عدم الجواز و المشروعية و أما النصوص الدالة علي

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 300

و ان كان بعد الذكر صحت صلاته و اتمها منفردا و لا يجوز له أن يرجع الي الجماعة فيتابع الامام بالركوع أو السجود ثانيا (1) و ان رفع رأسه من الركوع أو السجود سهوا رجع اليها (2).

______________________________

الرجوع كرواية الفضيل «1» و رواية سهل الاشعري «2» و رواية علي بن يقطين «3» و رواية محمد بن علي «4» فيمكن أن يقال بشمولها لصورة العمد.

و لكن تعارضها رواية غياث بن ابراهيم قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يرفع رأسه من الركوع قبل الامام أ يعود فيركع اذا أبطأ الامام و يرفع رأسه معه؟ قال: لا «5» و الترجيح من حيث مخالفة القوم مع رواية غياث و علي فرض التساقط يكون مقتضي الاصل عدم الجواز.

(1) اذ لا وجه لفساد صلاته و أما عدم جواز الرجوع فقد ظهر الوجه فيه مما تقدم آنفا فلاحظ.

(2) لجملة من النصوص و قد تقدمت «6» فان مقتضي هذه النصوص وجوب العود و في مقابل هذه الطائفة ما رواه غياث بن ابراهيم «7».

و نقل عن المشهور بأنهم جمعوا بين الطائفتين بحمل الاولي علي صورة السهو و الثانية علي صورة العمد.

______________________________

(1) لاحظ ص: 291

(2) لاحظ ص: 292

(3) لاحظ ص: 292

(4) لاحظ ص: 292

(5) الوسائل الباب 48 من أبواب صلاة

الجماعة الحديث: 6

(6) لاحظ ص: 291 و 292

(7) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 301

و اذا لم يرجع عمدا انفرد و بطلت جماعته (1).

______________________________

و أورد سيد المستمسك قدس سره علي هذا الجمع بأنه تبرعي و ليس جمعا عرفيا و أفاد بأن مقتضي الصناعة أن تحمل الاولي علي الفضل و الثانية علي عدم الوجوب.

و الحق انه جمع تبرعي أيضا فان ظاهر الاولي يقتضي الوجوب و الثانية يقتضي الحرمة فكيف يجمع بينهما. و ربما يقال: بأن المستفاد من الطائفة الاولي صورة السهو اذ كيف يمكن أن يتخلف المأموم عن عمد.

و بعبارة اخري: المستفاد من هذه النصوص السؤال عن حكم هذه المسألة بأن يفرض شخص يصلي جماعة و يرفع رأسه عن الركوع أو السجود قبل الامام و الشخص المصلي جماعة لا يتعمد الخلاف فانه لا وجه له.

لكن هذا البيان جار بالنسبة الي الطائفة الثانية بعينه و لا وجه لحمل الاولي علي صورة السهو و حمل الثانية علي صورة العمد أو الاعم فانه أردأ من الجمع الثاني مضافا الي أن رفع الرأس عمدا خلاف اول الكلام و الاشكال فالحق ان التعارض موجود بين الطائفتين.

و الذي يظهر من كلمات جملة من العامة وجوب الرجوع و عليه يكون الترجيح مع الطائفة الثانية و لكن هل يمكن الالتزام بمفادها اي الحرمة مع أنها خلاف السيرة القطعية فالرواية من حيث اطلاقها يرد علمها الي أهلها فالنتيجة لزوم العمل علي طبق الطائفة الاولي و مفادها وجوب الرجوع كما في المتن و للتأمل في هذه المقالة مجال واسع اذ كيف يمكن القطع باتصال السيرة الي زمانهم عليهم السلام و امضائها.

(1) فان مقتضي عمد ترك المتابعة تحقق الانفراد فتبطل جماعته و أما صلاته فلا وجه لبطلانها.

مباني

منهاج الصالحين، ج 5، ص: 302

و ان لم يرجع سهوا صحت صلاته و جماعته (1) و ان رجع و ركع للمتابعة فرفع الامام رأسه قبل وصوله الي حد الركوع بطلت صلاته (2).

______________________________

(1) أما صحة صلاته فعلي القاعدة و أما صحة جماعته فالجزم بها مشكل اذ لا دليل علي بقائها بل مقتضي حديث غياث بطلانها مضافا الي أن مقتضي الاصل المقرر في الجماعة هو البطلان.

(2) فان المستفاد من نصوص المتابعة «1» متابعة الامام و الركوع معه و المفروض انه ليس كذلك فتبطل الصلاة للزيادة.

و أفاد صاحب المستمسك في المقام بأن المستفاد من نصوص بطلان الصلاة بزيادة الركوع ان الركوع المأتي به بعنوان الجزئية يبطل علي فرض الزيادة لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا استيقن أنه قد زاد في الصلاة المكتوبة ركعة لم يعتد بها و استقبل الصلاة استقبالا اذا كان قد استيقن يقينا «2».

و في المقام المأتي به ليس بهذا العنوان بل بعنوان المتابعة و لكن لا يبعد ان تلك النصوص تشمل المقام اذ الاتيان بالركوع و ان كان بلحاظ المتابعة لكن الاتيان به بعنوان الامتثال و الاتيان بالوظيفة المقررة فيكون مرجعه الي قصد الجزئية غاية الامر الجزئية بهذا النحو فيصح أن يقال: انه زاد.

و ربما يقال: بأنه يمكن الاستدلال بما ورد في النهي عن قراءة العزيمة في الصلاة معللا بأن السجود زيادة في المكتوبة «3» مع أن السجود ليس بعنوان الجزئية و الحديث و ان كان واردا في السجود لكن يلحق الركوع به بالاولوية.

______________________________

(1) لاحظ ص: 291 و 292

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب الركوع الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 40 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1 و 4

مباني منهاج الصالحين،

ج 5، ص: 303

[مسألة 322: إذا رفع رأسه من السجود فرأي الإمام ساجدا فتخيل أنه في الأولي فعاد إليها بقصد المتابعة فتبين أنها الثانية]

(مسألة 322): اذا رفع رأسه من السجود فرأي الامام ساجدا فتخيل أنه في الاولي فعاد اليها بقصد المتابعة فتبين أنها الثانية اجتزأ بها و اذا تخيل الثانية فسجد اخري بقصد الثانية فتبين انها الاولي حسبت للمتابعة (1).

[مسألة 323: إذا زاد الإمام سجدة أو تشهدا أو غيرهما مما لا تبطل الصلاة بزيادته سهوا]

(مسألة 323): اذا زاد الامام سجدة أو تشهدا أو غيرهما مما لا تبطل الصلاة بزيادته سهوا لم تجب علي المأموم متابعته (2) و ان نقص شيئا لا يقدح نقصه سهوا فعله المأموم (3).

[مسألة 324: يجوز للمأموم أن يأتي بذكر الركوع و السجود أزيد من الإمام]

(مسألة 324): يجوز للمأموم أن يأتي بذكر الركوع و السجود أزيد من الامام و كذلك اذا ترك بعض الاذكار المستحبة مثل تكبير الركوع و السجود أن يأتي بها (4) و اذا ترك الامام جلسة الاستراحة

______________________________

أضف الي ذلك التسالم بين الأصحاب.

(1) لا يبعد أن يكون الوجه في الصحة ان المقام من صغريات الخطأ في التطبيق بأن ينوي الوظيفة الفعلية غاية الامر يتخيل ان الوظيفة المتابعة و الحال ان الوظيفة الاتيان بالسجدة الثانية و كذلك الامر في الصورة الثانية. لكن يشكل هذا التقريب كما في كلام سيد المستمسك قدس سره: «بأن سجود المتابعة لم يقصد به الجزئية فلا يغني عن السجود الجزء و لا ينطبق أحدهما علي الاخر» كما أنه في الصورة الثانية قصد الجزئية فكيف تحسب بعنوان المتابعة.

(2) اذ المفروض ان ما أتي به الامام زيادة فلا مقتضي للتبعية.

(3) اذ المفروض انه نقص فيجب علي المأموم الاتيان به و الا تبطل صلاته للنقصان العمدي.

(4) و الوجه فيه ظاهر فان المفروض استحباب هذه الأذكار في الصلاة و لا دليل

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 304

لعدم كونها واجبة عنده لا يجوز للمأموم المقلد لمن يقول بوجوبها أو بالاحتياط الوجوبي أن يتركها و كذا اذا اقتصر في التسبيحات علي مرة مع كون المأموم مقلدا لمن يوجب الثلاث لا يجوز له الاقتصار علي المرة و هكذا الحكم في غير ما ذكر (1).

______________________________

علي سقوطها عن المأموم و ليست فيها متابعة فالأمر كما أفاد.

(1) اذ المفروض ان تركها لا يقتضي

فساد صلاة الامام فان مقتضي دليل لا تعاد صحة الصلاة الفاقدة لهذه الشروط و الاجزاء صحة واقعية فلا قصور في صلاة الامام كي يقال: لا يمكن الاقتداء بها فلاحظ.

نعم في المقام اشكال و هو ان قاعدة لا تعاد و ان تصحح صلاة الامام صحة واقعية لكن لا مناص من الالتزام بأن الصلاة الفاقدة لبعض الشرائط و الاجزاء ناقصة و الا يلزم أن يكون العلم بالحكم دخيلا في جعله و هذا يستلزم الدور ففي كل مورد يتوجه هذا المحذور لا بد من الالتزام بنقصان الصلاة.

ان قلت: كيف يمكن الحكم بالصحة مع فرض النقصان. قلت: يمكن أن لا يكون قابلا للتدارك و يظهر هذا في ضمن مثال خارجي فان العبد اذا كان مريضا و عرضه الصداع الشديد و يكون عطشانا يلزم أن يشرب مقدارا من الخل لرفع الصداع و العطش و لذا يكون تكليفه شرب الخل فاذا شرب الماء لا يبقي مجال لشرب الخل لامتلاء المعدة فيسقط التكليف بشرب الخل و سقوط هذا التكليف من باب عدم امكان استيفاء الملاك و في المقام يمكن تصويره و عليه يكون الاقتداء مشكلا لعدم اطلاق في باب الجماعة يقتضي صحة الاقتداء علي الاطلاق فلاحظ.

و أما حديث جميل «1» فقد مر الاشكال في دلالته علي كفاية صحة صلاة

______________________________

(1) لاحظ ص: 263

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 305

[مسألة 325: إذا حضر المأموم الجماعة و لم يدر أن الإمام في الأوليين أو الأخيرتين]

(مسألة 325): اذا حضر المأموم الجماعة و لم يدر ان الامام في الاوليين أو الاخيرتين جاز أن يقرأ الحمد و السورة بقصد القربة فان تبين كونه في الاخيرتين وقعت في محلها و ان تبين كونه في الاوليين لا يضره (1).

______________________________

الامام عنده في جواز الاقتداء به و قلنا ان المستفاد من دليل التيمم انه بدل من

الطهارة المائية بتمام معني الكلمة فلا فرق بين الطهارة المائية و الترابية.

الا أن يقال: انه علي هذا الفرض يجوز اهراق الماء عمدا و الحال ان الظاهر ان عدم الجواز مورد التسالم بين القوم و مع الاغماض عن هذا الاشكال تكون النتيجة جواز الاقتداء و لكن لا يجوز اتباعه في ترك المذكورات اذ المفروض ان الاتيان بها واجب بنظر المأموم فلا بد له من الاتيان بها و لا دليل علي جواز الترك.

(1) ما أفاده تام و الامر كما ذكر اذ علي كل تقدير لا يكون مخلا لأنه اما عمل بالوظيفة الوجوبية و اما أتي بالمندوب لكن لا يبعد جواز ترك القراءة استنادا الي استصحاب بقاء الامام في الاوليين بتقريب: ان المستفاد من جملة من النصوص ان الامام ضامن للقراءة لاحظ ما رواه الحسين بن كثير «1» و ما رواه سماعة «2» و انما خرج عن العموم ما اذا كان الاقتداء في ثالثة الامام او رابعته قلنا أن نحكم ببقائه في الاولي أو عدم دخوله في الثالثة.

و لكن يرد علي هذا التقريب ان استصحاب بقاء الامام في الاوليين لا يثبت كون الركعة احدي الاوليين الا علي القول بالمثبت اللهم الا أن يقال: انه لا اشكال في أن الامام في هذه الصلاة الشخصية كان في الركعة الاولي أو الثانية و الاصل بقائه علي ما كان فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 263

(2) لاحظ ص: 217

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 306

[مسألة 326: إذا أدرك المأموم ثانية الإمام تحمل عنه القراءة فيها و كانت أولي صلاته]

(مسألة 326): اذا أدرك المأموم ثانية الامام تحمل عنه القراءة فيها و كانت اولي صلاته (1) و يتابعه في القنوت (2) و كذلك في الجلوس للتشهد (3) متجافيا علي الاحوط وجوبا (4).

______________________________

(1) بلا اشكال و لا كلام فانه لا اشكال في

جواز الاقتداء في كل واحدة من الركعات و لا اشكال في أن الامام ضامن للقراءة فالنتيجة ما أفاده و يؤكده ما رواه عبد الرحمن ابن أبي عبد اللّه «1» و عبر صاحب المستمسك عن الرواية بالصحيحة و الحال انها ضعيفة بعبد اللّه بن محمد بن عيسي فانه لم يوثق.

(2) كما دل عليه ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يدخل في الركعة الاخيرة من الغداة مع الامام فقنت الامام أيقنت معه؟

قال: نعم و يجزيه من القنوت لنفسه «2».

(3) كما دلت عليه رواية الحسين بن المختار و داود بن الحصين قال: سئل عن رجل فاتته صلاة ركعة من المغرب مع الامام فأدرك الثنتين فهي الاولي له و الثانية للقوم يتشهد فيها؟ قال: نعم قلت: و الثانية أيضا؟ قال: نعم قلت: كلهن؟ قال:

نعم و انما هي بركة «3».

و مثلها في الدلالة علي المقصود حديث اسحاق بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام جعلت فداك يسبقني الامام بالركعة فتكون لي واحدة و له ثنتان ا فأتشهد كلما قعدت؟ قال: نعم فانما التشهد بركة «4».

(4) و عن الصدوق نقل وجوبه و هكذا عن ظاهر السرائر و الغنية و الحلبي و ابن

______________________________

(1) لاحظ ص: 284

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب القنوت الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 66 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 307

و يستحب له التشهد (1) فاذا كان في ثالثة الامام تخلف عنه في القيام فيجلس للتشهد ثم يلحق الامام (2) و كذا في كل واجب عليه دون الامام (3).

______________________________

حمزة و يدل عليه ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدرك الركعة الثانية من الصلاة مع الامام و هي له الاولي كيف يصنع اذا جلس الامام؟ قال: يتجافي و لا يتمكن من القعود فاذا كانت الثالثة للإمام و هي الثانية له فليلبث قليلا اذا قام الامام بقدر ما يتشهد ثم ليلحق الامام «1».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث: قال: من أجلسه الامام في موضع يجب أن يقوم فيه يتجافي و أقعي أقعاء و لم يجلس متمكنا «2».

و الظاهر انه لا وجه لرفع اليد عن ظهور النص في الوجوب و حمل الامر فيه علي الندب بلا دليل.

(1) و نقل عن النهاية و السرائر الامر بالتسبيح و المنع عن التشهد و الظاهر انه لا وجه له بل مقتضي القاعدة تعين التشهد لما ورد في النص لاحظ ما رواه الحسين بن المختار و داود بن الحصين «3».

(2) كما دل عليه ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «4» و مثله رواية البصري «5».

(3) لأنه لا دليل علي السقوط الا بالنسبة الي القراءة فان الامام ضامن للقراءة

______________________________

(1) الوسائل الباب 67 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 306

(4) لاحظ ص: 284

(5) لاحظ ص: 284

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 308

و الافضل له أن يتابعه في الجلوس للتشهد الي أن يسلم ثم يقوم الي الرابعة (1) و يجوز له أن يقوم بعد السجدة الثانية من رابعة الامام التي هي ثالثته أو ينفرد (2) اذا لم يكن قصد الانفراد من أول صلاته (3).

[مسألة 327: يجوز لمن صلي منفردا أن يعيد صلاته جماعة إماما كان أم مأموما]

(مسألة 327): يجوز لمن صلي منفردا أن يعيد صلاته جماعة اماما كان (4) أم مأموما (5).

______________________________

و في المقام اشكال و هو

ان المستفاد من حديث معاوية بن وهب «1» انه يترك الحمد و الحال انه لا صلاة الا بفاتحة الكتاب فيستفاد من الحديث وجوب التحفظ علي المتابعة و لو بترك فاتحة الكتاب الا أن يقال: بأنه حكم وارد في مورد خاص و طريق الاحتياط قصد الانفراد و اللّه العالم.

(1) كما دلت عليه رواية زرارة «2».

(2) لجواز الانفراد في الاثناء.

(3) لإخلاله بتحقق الجماعة فان الاقتداء ببعض الصلاة لا دليل عليه فلا يجوز قصد الانفراد من أول الامر و قد مر الكلام حول هذا الفرع في المسألة (286) فراجع.

(4) كما يستفاد من حديث محمد بن اسماعيل بن بزيع «3».

(5) ادعي عليه الاجماع و قد دلت عليه جملة من النصوص منها ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في الرجل يصلي الصلاة وحده ثم يجد

______________________________

(1) لاحظ ص: 288

(2) لاحظ ص: 284

(3) لاحظ ص: 142

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 309

و كذا اذا كان قد صلي جماعة اماما أو مأموما فان له أن يعيدها في جماعة اخري اماما (1) و يشكل صحة ذلك فيما اذا صلي كل من الامام و المأموم منفردا و ارادا اعادتها جماعة من دون أن يكون في الجماعة من لم يؤد فريضة (2) و مع ذلك فلا بأس بالاعادة رجاء (3).

[مسألة 328: إذا ظهر بعد الإعادة أن الصلاة الأولي كانت باطلة اجتزأ بالمعادة]

(مسألة 328): اذا ظهر بعد الاعادة ان الصلاة الاولي كانت باطلة اجتزأ بالمعادة (4).

______________________________

جماعة قال: يصلي معهم و يجعلها الفريضة ان شاء «1».

و منها: ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يصلي الصلاة وحده ثم يجد جماعة قال: يصلي معهم و يجعلها الفريضة «2».

و منها: ما رواه عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه

السلام عن الرجل يصلي الفريضة ثم يجد قوما يصلون جماعة أ يجوز له أن يعيد الصلاة معهم؟ قال: نعم و هو أفضل قلت: فان لم يفعل؟ قال: ليس به بأس «3».

(1) يدل عليه حديث ابن بزيع «4» فان مقتضي اطلاق الرواية انه لا بأس بالامامة بعد ما صلي بلا فرق بين أن صلي جماعة أو منفردا.

(2) لخروج الفرض عن مورد شمول النصوص.

(3) فان باب الرجاء واسع.

(4) اذ قد استفيد من النصوص ان المعادة فرد للواجب بل ما أفاده مقتضي

______________________________

(1) الوسائل الباب 54 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) لاحظ ص: 142

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 310

[مسألة 329: لا تشرع الإعادة منفردا إلا إذا احتمل وقوع خلل في الأولي و إن كانت صحيحة ظاهرا]

(مسألة 329): لا تشرع الاعادة منفردا الا اذا احتمل وقوع خلل في الاولي و ان كانت صحيحة ظاهرا (1).

[مسألة: 330: إذا دخل الإمام في الصلاة باعتقاد دخول الوقت و الماموم لا يعتقد ذلك]

(مسألة: 330): اذا دخل الامام في الصلاة باعتقاد دخول الوقت و الماموم لا يعتقد ذلك لا يجوز الدخول معه (2) و اذا دخل الوقت في أثناء صلاة الامام فالاحوط لزوما أن لا يدخل معه (3).

(مسألة 331): اذا كان في نافلة فاقيمت الجماعة و خاف من اتمامها عدم ادراك الجماعة و لو بعدم ادراك التكبير مع الامام استحب له قطعها بل لا يبعد استحبابه بمجرد شروع المقيم في الاقامة (4).

______________________________

القاعدة لان المفروض بقاء الصلاة في ذمته و المفروض صحة الجماعة و لا اشكال في جواز الاقتداء في الصلاة الواجبة.

(1) اذ مع سقوط الامر لا مجال للإعادة نعم مع احتمال الخلل و الفساد لا مانع من الاحتياط بل لعلها مستحبة كما في عروة السيد اليزدي قدس سره.

(2) اذ لا يجوز لأحد أن يدخل في الصلاة قبل الوقت.

(3) يمكن أن يقال: ان المفروض ان صلاة الامام صحيحة في هذا الفرض فلا مانع من الاقتداء بعد العلم بدخول الوقت و لعل الوجه في احتياط الماتن عدم الاطلاق في باب الجماعة و الاصل الاولي عدم المشروعية و اللّه العالم.

(4) يمكن أن يقال: ان ما أفاده علي طبق القاعدة الاولية اذ رفع اليد عن النافلة جائز و من ناحية اخري استحباب الصلاة جماعة من المستحبات الاكيدة فبحكم العقل يرجح قطع النافلة و الصلاة جماعة.

لكن الظاهر من العبارة ان القطع بهذا العنوان مستحب نعم يدل علي رجحان

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 311

و اذا كان في فريضة عدل استحبابا الي النافلة و اتمها ركعتين ثم دخل في الجماعة هذا اذا لم يتجاوز محل العدول

(1) و اذا خاف بعد العدول من اتمامها ركعتين فوت الجماعة جاز له قطعها (2) و ان خاف ذلك قبل العدول لم يجز العدول بنية القطع بل يعدل بنية الاتمام (3) لكن اذا بدا له أن يقطع قطع (4).

______________________________

القطع ما عن فقه الرضا «و ان كنت في صلاة نافلة و اقيمت الصلاة فاقطعها وصل الفريضة مع الامام» «1» لكن الرواية مخدوشة سندا.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عمر بن يزيد أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرواية التي يروون انه لا ينبغي أن يتطوع في وقت فريضة ما حد هذا الوقت؟ قال: اذا أخذ المقيم في الاقامة فقال له ان الناس يختلفون في الاقامة فقال: المقيم الذي تصلي معه «2».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث انه لا مجال للنافلة بعد شروع المقيم في الاقامة بلا فرق بين الابتداء و الاثناء فاذا كان مشغولا بالنافلة يستحب رفع اليد عنها فلاحظ.

(1) قد وقع الكلام حول هذا الفرع في مسألة 82 من الفصل الاول من المبحث الثاني فراجع.

(2) فان الجواز علي طبق القاعدة الاولية بل لا يبعد شمول حديث عمر بن يزيد للمقام.

(3) لعدم شمول دليل العدول للمفروض و لا يجوز ابطال الصلاة الفريضة.

(4) لعدم دليل علي الحرمة و مقتضي الاصل الاولي هو الجواز فلاحظ.

______________________________

(1) الحدائق ج 11 ص: 258

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 312

(مسألة 332): اذا لم يحرز الامام من نفسه العدالة فجواز ترتيبه آثار الجماعة لا يخلو من اشكال بل الاقوي عدم الجواز و في كونه آثما بذلك اشكال و الاظهر العدم (1).

(مسألة 333): اذا شك الماموم بعد السجدة الثانية من الامام انه سجد

معه السجدتين أو واحدة يجب عليه الاتيان باخري اذا لم يتجاوز المحل (2).

[مسألة 334: إذا رأي الإمام يصلي و لم يعلم أنها من اليومية أو من النوافل لا يصح الاقتداء به]

(مسألة 334): اذا رأي الامام يصلي و لم يعلم انها من اليومية أو من النوافل لا يصح الاقتداء به (3) و كذا اذا احتمل انها من الفرائض التي لا يصح اقتداء اليومية بها (4).

______________________________

(1) يقع الكلام في هذه المسألة تارة من حيث الحكم الوضعي اعني صحة الجماعة و عدمها و اخري من حيث الحكم التكليفي أما الكلام من الجهة الاولي فالحق عدم صحة الجماعة لفقدان شرطها فلا يجوز ترتيب الاثر عليها و أما جواز الامامة تكليفا فالظاهر انه لا مانع منها و الجواز مقتضي الاصل.

و رواية السياري قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام قوم من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة فيقدم بعضهم فيصلي بهم جماعة فقال: ان كان الذي يؤم بهم ليس بينه و بين اللّه طلبة فليفعل «1» لا اعتبار بها سندا فان اليساري لم يوثق.

(2) لكون الشك في المحل و عدم مجال لجريان القاعدة لإثبات الاتيان بها فتجب.

(3) لعدم احراز المشروعية و الاصل عدمها و لو بالاستصحاب العدم الازلي بل نفس الشك كاف في عدم الجواز لعدم جواز الاخذ بالعام في الشبهة المصداقية.

(4) الكلام فيه هو الكلام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 313

و ان علم انها من اليومية لكن لم يدر انها أية صلاة من الخمس أو أنها قضاء أو اداء أوانها قصر أو تمام لا بأس بالاقتداء (1).

[مسألة 335: الصلاة إماما أفضل من الصلاة مأموما]

(مسألة 335): الصلاة اماما أفضل من الصلاة مأموما (2).

[مسألة 336: قد ذكروا أنه يستحب للإمام أن يقف محاذيا لوسط الصف الأول]

(مسألة 336): قد ذكروا انه يستحب للإمام أن يقف محاذيا لوسط الصف الاول (3) و أن يصلي بصلاة أضعف المأمومين (4).

______________________________

(1) فانه من الواضحات و لا يبعد أن تكون السيرة جارية عليه مضافا الي أنه بعد ثبوت جواز الاقتداء علي جميع التقادير يكون احتمال اشتراط الاحراز و العلم بعيدا عن الفهم العرفي.

(2) استدل علي المدعي في المستمسك بحديث المناهي قال: و نهي أن يؤم الرجل قوما الا باذنهم و قال من أم قوما بإذنهم و هم به راضون فاقتصد بهم في حضوره و أحسن صلاته بقيامه و قراءته و ركوعه و سجوده و قعوده فله مثل اجر القوم و لا ينقص عن اجورهم شي ء «1».

و في الدلالة اشكال فان المستفاد من الحديث ان فضيلة صلاة الامام كفضيلة صلاة المأموم فلاحظ.

(3) لاحظ ما نقل عن كنز العمال فان المروي عن الجمهور انه وسط الامام و سد الخلل «2».

(4) لاحظ ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال: آخر ما فارقت عليه حبيب قلبي أن قال: يا علي اذا صليت فصل صلاة أضعف من خلفك الحديث «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(2) مستمسك العروة ج 7 ص 355

(3) الوسائل الباب 69 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 314

فلا يطيل الا مع رغبة المأمومين بذلك (1) و أن يسمع من خلفه القراءة و الاذكار فيما لا يجب الاخفاف فيه (2) و أن يطيل الركوع اذا احس بداخل بمقدار مثلي ركوعه المعتاد (3) و أن لا يقوم من مقامه اذا أتم صلاته حتي يتم من خلفه صلاته (4).

______________________________

(1)

بتقريب قصور الدليل عن شموله لمثل هذه الصورة.

(2) لاحظ حديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كل ما يقول و لا ينبغي من خلفه أن يسمعوا شيئا مما يقول «1».

(3) لاحظ ما رواه جابر الجعفي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: اني أؤم قوما فأركع فيدخل الناس و أنا راكع فكم انتظر؟ فقال: ما أعجب ما تسأل عنه يا جابر انتظر مثلي ركوعك فان انقطعوا و الا فارفع رأسك «2».

و ما رواه مروك بن عبيد عن بعض اصحابه عن أبي جعفر عليه السلام قال:

قلت له: اني امام مسجد الحي فأركع بهم فأسمع خفتان نعالهم و أنا راكع فقال:

اصبر ركوعك فان انقطعوا (انقطع) و الا فانتصب قائما «3».

(4) لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ايما رجل أم قوما فعليه أن يقعد بعد التسليم و لا يخرج من ذلك الموضع حتي يتم الذين خلفه الذين سبقوا صلاتهم ذلك علي كل امام واجب اذا علم أن فيهم مسبوقا فان علم أن ليس فيهم مسبوق بالصلاة فليذهب حيث شاء «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 52 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 50 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب التعقيب الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 315

[مسألة 337: الأحوط لزوما للمأموم أن يقف عن يمين الإمام متأخرا عنه قليلا إن كان رجلا واحدا]

(مسألة 337): الاحوط لزوما للمأموم أن يقف عن يمين الامام متأخرا عنه قليلا ان كان رجلا واحدا (1).

______________________________

(1) المشهور كما عن بعض استحباب وقوف المأموم عن يمين الامام أو هو مذهب علمائنا أو عليه اجماعنا أو جميع الفقهاء الا النخعي و سعيد أو قول علمائنا أو عليه الاجماع- كما

نقل عن آخرين.

و المستفاد من بعض النصوص اشتراط صحة الجماعة بوقوف المأموم الواحد عن يمين الامام اذا كان رجلا لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1» و ما رواه الحسين بن علوان «2».

و ما رواه أبو البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليه السلام قال:

قال: رجلان صف فاذا كانوا ثلاثة تقدم الامام «3» و ما رواه محمد بن مسلم «4» و ما رواه زرارة «5».

و التزم صاحب الحدائق بالوجوب كما نقل هذا القول عن ابن جنيد. و نقل عن العلامة قدس سره انه استدل علي القول بالاستحباب بما رواه أبو الصباح قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقوم في الصف وحده فقال: لا بأس انما يبدو واحد بعد واحد «6».

بتقريب: ان هذه الرواية تدل علي جواز قيام مأموم واحد خلف الامام. و فيه:

______________________________

(1) لاحظ ص: 199

(2) لاحظ ص: 246

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 13

(4) لاحظ ص: 246

(5) لاحظ ص: 199

(6) الوسائل الباب 57 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 316

______________________________

ان الظاهر من الرواية ان المأموم الواحد يجوز أن يكون وحده و لا بأس بأن يقف في صف وحده مع امتلاء الصفوف.

و مثله ما رواه موسي بن بكر أنه سأل أبا الحسن موسي بن جعفر عليه السلام عن الرجل يقوم في الصف وحده قال: لا بأس انما يبدو الصف واحد بعد واحد «1»

و يؤيد ما ذكرنا ما رواه سعيد بن عبد اللّه الاعرج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدخل المسجد ليصلي مع الامام فيجد الصف متضائقا بأهله فيقوم وحده حتي يفرغ الامام من الصلاة أ يجوز ذلك له؟ قال:

نعم لا بأس به «2».

و ان أبيت فغاية ما في الباب أن تكون الرواية مطلقة و مقتضي قانون تقييد المطلق بالمقيد ان الاطلاق يقيد بما يدل علي الاشتراط.

و سيد المستمسك قدس سره استدل علي جواز وقوف المأموم عن يسار الامام بما رواه احمد بن محمد قال: ذكر الحسين يعني ابن سعيد أنه أمر من يسأله عن رجل صلي الي جانب رجل فقام عن يساره و هو لا يعلم ثم علم و هو في صلاته كيف يصنع؟ قال: يحوله عن يمينه «3».

و مثله ما رواه المدائني أنه سمع من يسأل الرضا عليه السلام عن رجل صلي الي جانب رجل فقام عن يساره و هو لا يعلم ثم علم و هو في الصلاة كيف يصنع؟

قال: يحوله عن يمينه «4».

بتقريب: ان الظاهر من الروايتين صحة الجماعة مع وقوف المأموم عن يسار

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 24 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 317

و يقف خلفه ان كان امرأة (1).

______________________________

الامام «1».

و لنا أن نقول: بأن الرواية تدل علي الاشتراط و لذا يجب علي الامام تحويله مضافا الي أنه نلتزم بالتخصيص بأن نقول: مقتضي دليل الاشتراط القول به علي الاطلاق لكن نقيد الاطلاق بالمقيد هذا فالنتيجة ان المأموم الواحد يجب أن يقف عن يمين الامام و المتعدد يجب أن يقف خلفه فلا بد من قيام دليل علي ما في المتن.

(1) قد وردت في المقام جملة من النصوص: منها: ما رواه الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: المرأة تصلي خلف زوجها الفريضة و التطوع و تأتم به في الصلاة «2».

و مقتضي هذه الرواية ان المرأة

لا بد أن تقف خلف الرجل و ربما يقال انه لا دليل علي أن الامام عليه السلام في مقام بيان حكم الجماعة و لكن الانصاف ان الاشكال في غير محله.

و منها: ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

الرجل اذا أم المرأة كانت خلفه عن يمينه سجودها مع ركبتيه «3».

و منها: ما رواه الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أصلي المكتوبة بام علي. قال: نعم تكون عن يمينك يكون سجودها بحذاء قدميك «4» و مقتضي هذه النصوص انه يجب أن تقف المرأة خلف الامام اذا كان رجلا.

و ربما يقال: انه مستحب و ذكر في وجه الاستحباب أمران: احدهما ادعاء

______________________________

(1) مستمسك العروة ج 7 ص 352

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 9

(4) الوسائل الباب 19 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 318

و اذا كان رجل و امراة وقف الرجل خلف الامام و المرأة خلفه (1).

______________________________

الاجماع علي عدم الفصل بين المقام و بين محاذاة الرجل للمرأة في الصلاة و حيث يحكم بالجواز هناك فالمقام كذلك.

و فيه: ان هذه الاجماعات غير كاشفة عن رأي المعصوم مضافا الي أن الجواز هناك اول الكلام.

ثانيهما اختلاف النصوص في التعبيرات و ان هذا الاختلاف يكشف عن مراتب الفضل، و لكن جملة من النصوص ضعيفة مضافا الي أنه لا بد من ملاحظة ما يستفاد من مجموعها.

فالنتيجة انه لا يجوز أن تقف المرأة محاذية للإمام بل لا بد أن تقف خلفه و لكن يجوز أن يكون سجودها بحذاء قدميه أو ركبتيه فان ما دل علي كل منهما من

الروايتين و ان كان ظاهرا في اللزوم لكن نقطع بعدم اشتراط النحو الخاص فيحمل علي الاستحباب.

و يمكن أن يقال: بوقوع التعارض بين حديثي هشام و ابن يسار اذ الظاهر من كل من الحديثين التعين و مقتضي التعارض التساقط فلا بد أن تكون المرأة الواحدة خلف الامام عن يمينه و اللّه العالم.

(1) المستفاد من حديث القاسم بن الوليد قال: سألته عن الرجل يصلي مع الرجل الواحد معها النساء قال: يقوم: الرجل الي جنب الرجل و يتخلفن النساء خلفها «1» وجوب قيام الرجل الواحد عن يمين الامام و المرأة خلفهما و هذه الرواية ضعيفة بابن الوليد.

و لكن يمكن أن يقال: بأن المستفاد من بقية النصوص وجوب ما ذكر لاحظ

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 319

و ان كانوا أكثر اصطفوا خلفه و تقدم الرجال علي النساء (1).

______________________________

رواية الحسين بن علوان «1» فان مقتضي هذه الرواية أن المأموم اذا كان رجلا واحدا يجب أن يقف عن يمين الامام علي الاطلاق اي بلا فرق بين أن لا يكون مأموم غيره أو كان لكن لا يكون رجلا.

هذا بالنسبة الي وقوف الرجل الواحد عن يمين الامام و أما وقوف النساء أو المرأة الواحدة خلفها فيكفي في لزومه الاصل المقرر اذ دليل جواز أن يكون سجودها بحذاء قدميه أو ركبتيه مخصوص بما يكون المأموم امرأة واحدة.

و يؤيد المدعي بعض النصوص الدال علي وجوب وقوفها وراء الامام أو خلفه كرواية عبد اللّه بن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يؤم المرأة؟ قال: نعم تكون خلفه «2».

و رواية أبي العباس قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يؤم المرأة في بيته؟ فقال: نعم تقوم

ورائه «3».

بل يمكن أن يستفاد الحكم من رواية فضيل «4» فان الظاهر منها انه يجوز للمرأة أن تصلي مع زوجها صلاة الفريضة و التطوع و يجوز لها أن تقتدي به لكن بشرط أن تكون خلفه و مقتضي الاطلاق كونها خلفه في جميع الحالات.

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فان الرجل اذا لم يكن واحدا يجب أن يقوم خلفه كما أن المرأة لا بد أن تكون خلف الرجل.

اضف الي ذلك حديث عبد اللّه بن مسكان قال: بعثت اليه بمسألة في مسائل

______________________________

(1) لاحظ ص: 246

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) لاحظ ص: 317

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 320

و يستحب أن يقف أهل الفضل في الصف الاول (1) و أفضلهم في يمين الصف (2) و ميا من الصفوف افضل من مياسرها (3) و الاقرب الي الامام أفضل (4) و في صلاة الاموات الصف الاخير أفضل (5).

______________________________

ابراهيم فدفعها الي ابن سدير فسأل عنها و ابراهيم بن ميمون جالس عن الرجل يؤم النساء؟ فقال: نعم فقلت: سله عنهن اذا كان معهن غلمان لم يدركوا أ يقومون معهن في الصف أم يتقدمونهن؟ فقال: لا بل يتقدمونهن و ان كانوا عبيدا «1».

و حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرجل يؤم النساء؟

قال: نعم و ان كان معهن غلمان فأقيموهم بين أيديهن و ان كانوا عبيدا «2».

(1) ادعي عليه الاجماع مضافا الي خبر جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال:

ليكن الذين يلون الامام منكم أولوا الاحلام منكم و النهي فان نسي الامام أو تعايا قوموه الحديث «3» و في سند الرواية اشكال فالعمدة الاجماع ان ثبت.

(2) و في دلالة الرواية علي

المدعي اشكال مضافا الي الاشكال في سندها.

(3) لاحظ ما رواه سهل باسناده قال: قال: فضل ميامن الصفوف علي مياسرها كفضل الجماعة علي صلاة الفرد «4».

(4) لاحظ ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: أفضل الصفوف أولها و أفضل أولها ما دنا من الامام «5».

(5) لاحظ خبر السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال النبي صلي اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 321

و يستحب تسوية الصفوف (1) و سد الفرج (2) و المحاذاة بين المناكب (3) و اتصال مساجد الصف اللاحق بمواقف السابق (4) و القيام عند قول المؤذن «قد قامت الصلاة (5) قائلا «اللهم أقمها و أدمها و اجعلني

______________________________

عليه و آله: خير الصفوف في الصلاة المقدم و خير الصفوف في الجنائز المؤخر قبل:

يا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم؟ قال: سترة للنساء «1».

(1) لاحظ خبر الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: أقيموا صفوفكم فاني أراكم من خلفي كما أراكم من قدامي و من بين يدي و لا تخالفوا فيخالف اللّه بين قلوبكم «2».

(2) لاحظ خبر الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أتموا الصفوف اذا وجدتم خللا و لا يضرك أن تتأخر اذا وجدت ضيقا في الصف و تمشي منحرفا حتي تتم الصف «3».

(3) لاحظ خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه قال: قال رسول اللّه صلي اللّه

عليه و آله: سووا بين صفوفكم و حاذوا بين مناكبكم لا يستحوذ عليكم الشيطان «4».

(4) لاحظ خبر زرارة «5».

(5) لاحظ ما رواه حفص بن سالم أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام اذا قال المؤذن:

قد قامت الصلاة أ يقوم الناس علي أرجلهم أو يجلسون حتي يجي ء امامهم؟ قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب صلاة الجنازة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 70 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) لاحظ ص: 234

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 322

من خير صالحي اهلها (1) و أن يقول عند فراغ الامام من الفاتحة:

«الحمد للّه رب العالمين» (2).

[مسألة 338: يكره للمأموم الوقوف في صف وحده إذا وجد موضعا في الصفوف]

(مسألة 338): يكره للمأموم الوقوف في صف وحده اذا وجد موضعا في الصفوف (3) و التنفل بعد الشروع في الاقامة (4) و تشتد الكراهة عند قول المقيم «قد قامت الصلاة» (5) و التكلم بعدها الا اذا

______________________________

لا بل يقومون علي أرجلهم فان جاء امامهم و الا فليؤخذ بيد رجل من القوم فيقدم «1».

(1) لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عليهما السلام انه قال: اذا قال المؤذن اللّه أكبر فقل: اللّه أكبر الي أن قال: فاذا قال قد قامت الصلاة فقل اللهم اقمها و أدمها و اجعلنا من خير صالحي أهلها عملا الخبر «2».

(2) لاحظ حديث جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت خلف امام فقرأ الحمد و فرغ من قراءتها فقل أنت: الحمد للّه رب العالمين و لا تقل آمين «3».

(3) ادعي عليه الاجماع مضافا الي خبر السكوني عن جعفر عن أبيه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا تكونن في العثكل قلت:

و ما العثكل؟ قال: أن تصلي خلف الصفوف وحدك فان لم يمكن الدخول في الصف قام حذاء الامام اجزأه فان هو عاند الصف فسدت عليه صلاته «4».

(4) لاحظ خبر عمر بن يزيد «5».

(5) عن المشهور أنهم خصوا المنع بهذه الصورة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(2) مستدرك الوسائل الباب 34 من أبواب الاذان و الاقامة الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 17 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 58 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(5) لاحظ ص: 311

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 323

كان لإقامة الجماعة كتقديم امام و نحو ذلك (1) و اسماع الامام ما يقوله من الاذكار (2) و أن يأتم المتم بالمقصر و كذا العكس (3).

[المقصد العاشر: الخلل]

اشارة

المقصد العاشر: الخلل من أخل بشي ء من أجزاء الصلاة و شرائطها عمدا بطلت صلاته و لو كان بحرف أو حركة من القراءة أو الذكر (4) و كذا من زاد فيها جزءا عمدا قولا أو فعلا (5).

______________________________

(1) تقدم الكلام حول المسألة في الفصل الرابع من فصول الاذان و الاقامة.

(2) لاحظ حديث أبي بصر «1» و حديث حفص البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال. ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه التشهد و لا يسمعونه هم شيئا يعني الشهادتين و يسمعهم أيضا السلام علينا و علي عباد اللّه الصالحين «2».

(3) لاحظ ما رواه أبو العباس «3».

(4) بلا اشكال و لا كلام فان المركب ينتفي بانتفاء احد أجزائه أو شروطه و قصور شمول حديث لا تعاد للعامد.

(5) يقع الكلام في المقام في موضعين: الموضع الاول: في أنه هل يمكن تحقق الزيادة في المركب الاعتباري أم لا؟. الموضع الثاني: في أنه هل يشترط صدق

الزيادة بالقصد أم لا؟.

أما الكلام في الموضع الاول فربما يقال: باستحالة تحقق الزيادة اذ الزائد اما لا يكون من سنخ المزيد عليه و اما يكون من سنخه أما علي الاول فلا تصدق الزيادة حتي في الامور الخارجية ألا تري لو اضيف مقدار من الدبس علي مقدار

______________________________

(1) لاحظ ص: 314

(2) الوسائل الباب 52 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 196

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 324

______________________________

من الدهن لا يصدق الزيادة علي الدهن و أما علي الثاني فتارة اخذ المأمور به لا بشرط عن المقدار و اخري اخذ بشرط لا أما علي تقدير اللابشرطية فلا تصدق الزيادة بل المجموع المركب مصداق للواجب و أما علي تقدير اعتبار بشرط لا يكون المأمور به ناقصا لفقدان القيد لعدم تحقق ما يكون جزءا له.

و الحق أن يقال: ان الزيادة تصدق أعم من أن يكون الزائد من سنخ المزيد عليه أم لا فلو أمر المولي بطبخ معجون مركب من أجزاء مختلفة و اعتبر اللابشرطية فلو زيد علي تلك الاجزاء المأمور بها شي ء آخر أعم من أن يكون من سنخها أو من غيره تصدق الزيادة بلا اشكال.

و أما الكلام في الموضع الثاني فالحق انه لا تصدق الزيادة الا بالقصد اذ المركب الاعتباري تكون وحدته بالاعتبار و لا يكون انسجام بين أجزائه الا مع القصد فالنتيجة ان الزيادة تتصور في المركب الاعتباري.

لكن لا يخفي ان بطلان المركب الاعتباري يتوقف علي اشتراط المركب بعدم الزيادة اذ لا يعقل تحقق البطلان و اعتبار اللابشرطية بالنسبة الي الزيادة فانه جمع بين المتنافيين.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان ما يمكن أن يقال أو قيل في وجه البطلان امور:

الاول: ان العبادة كمعاجين الاطباء تفسد بالزيادة كما تفسد

بالنقيصة. و اورد في هذا الاستدلال- كما في المستمسك- ان العبادة لا تبطل بمقارنة الافعال المباحة أو المكروهة أو المحرمة أو الواجبة أو المستحبة.

و هذا الجواب غير سديد لأنا ذكرنا ان صدق عنوان الزيادة في المركبات الاعتبارية يتوقف علي قصد الجزئية فالحق في الجواب أن يقال: بأن الامر في

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 325

______________________________

معاجين الاطباء ليس كما ذكر بل قد لا تفسدها الزيادة و قد تفسدها مضافا الي أن قياس المقام بذلك الباب بلا وجه فان الكلام في أن العبادة تفسد بالزيادة أم لا؟ و هذا الدليل المذكور عين المدعي.

الثاني: انه تشريع و هو يوجب تعنون العمل الخارجي بالحرمة و الحرام لا يقع مصداقا للواجب و الا يلزم اجتماع الضدين.

و فيه: ان الحرمة تختص بالزائد و بالفعل الذي زيد علي العبادة و لا وجه لتسرية الحرمة الي نفس العبادة نعم لو نوي الامر المتعلق بالمجموع لا تصح لعدم قصد الامر الشرعي لكنه خارج عن فرض المسألة.

الثالث: ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من زاد في صلاته فعليه الاعادة «1».

و استشكل في الرواية بأن الزيادة السهوية غير الركنية خارجة عن تحت هذا الدليل و عليه فيدور الامر بين ارادة الزيادة العمدية و بين زيادة الركعة أو زيادة الاركان و حيث ان الزيادة العمدية نادرة و زيادة الركعة فرد واضح للزيادة تكون الرواية منصرفة اليها أو تكون مجملة.

و الجواب: انه لا يدور الامر بين الامرين بل مقتضي القاعدة الاخذ باطلاق الرواية علي نحو السريان و الحكم بالبطلان مطلقا غاية الامر نرفع اليد عن الاطلاق بمقدار ما خرج عن تحته بالدليل كالزيادة سهوا.

الرابع: ما رواه زرارة و بكير ابنا اعين عن أبي جعفر

عليه السلام قال: اذا استيقن أنه زاد في صلاته المكتوبة لم يعتد بها و استقبل صلاته استقبالا اذا كان قد

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 326

من غير فرق في ذلك كله بين الركن و غيره (1).

______________________________

استيقن يقينا «1».

فان مقتضي هذه الرواية بطلان الصلاة بمطلق الزيادة و لكن في المقام رواية اخري لزرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا استيقن أنه قد زاد في الصلاة المكتوبة ركعة لم يعتد بها و استقبل الصلاة استقبالا اذا كان قد استيقن يقينا «2».

و مقتضي هذه الرواية بطلان الصلاة بزيادة ركعة و مقتضي مفهوم الشرط عدم البطلان في غير هذه الصورة و مقتضي الصناعة تقييد ما يدل بالاطلاق علي البطلان بهذه الرواية المقيدة فلاحظ.

و قد يظهر من جملة من الفحول منهم العلامة عدم البطلان و قد بني سيدنا الوالد قدس سره البطلان علي الاحتياط بمطلق الزيادة.

الخامس: ما رواه زرارة «3» و هذه الرواية ضعيفة بقاسم بن عروة.

السادس: ما رواه الاعمش عن جعفر بن محمد عليه السلام في حديث شرائع الدين قال: و التقصير في ثمانية فراسخ و هو بريدان و اذا قصرت أفطرت و من لم يقصر في السفر لم تجز صلاته لأنه قد زاد في فرض اللّه عز و جل «4».

و طريق الصدوق اليه ضعيف فتحصل ان بطلان الصلاة بالزيادة علي نحو الاطلاق مبني علي الاحتياط.

(1) بتقريب: ان الدليل باطلاقه يقتضي ان الزيادة مطلقا توجب البطلان. لكن الاشكال في أصل الاطلاق كما مر.

______________________________

(1) الفروع من الكافي ج 3 ص: 354 حديث: 72

(2) نفس المصدر ص 348 حديث: 3

(3) لاحظ ص: 15

(4) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة المسافر

الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 327

و لا بين كونه موافقا لأجزاء الصلاة أو مخالفا (1) و لا بين أن يكون ناويا ذلك في الابتداء أو في الاثناء (2).

[مسائل في الخلل]
[مسألة 339: لا تتحقق الزيادة في غير الركوع و السجود إلا بقصد الجزئية للصلاة]

(مسألة 339): لا تتحقق الزيادة في غير الركوع و السجود الا بقصد الجزئية للصلاة فان فعل شيئا لا بقصدها مثل حركة اليد و حك الجسد و نحو ذلك مما يفعله المصلي لا بقصد الصلاة لم يقدح فيها الا أن يكون ماحيا لصورتها (3).

[مسألة 340: من زاد جزءا سهوا فإن كان ركوعا أو سجدتين من ركعة بطلت صلاته]

(مسألة 340): من زاد جزءا سهوا فان كان ركوعا أو سجدتين من ركعة بطلت صلاته (4).

______________________________

(1) خلافا لصاحب المستند حيث حكم بأن الزيادة لا تتحقق الا بالموافق للاجزاء و ما أفاده غير تام و ذلك لأنه لا اشكال في صدق الزيادة في المعاجين الخارجية و لو كانت الزيادة بما لا يوافق الاجزاء كما لو زيد مقدار من الزعفران في سقمونيا.

(2) للإطلاق لكن تقدم منا انه لا بد من تقييد الاطلاق بالمقيد و الحكم بالاطلاق مبني علي الاحتياط.

(3) يظهر من المتن ان صدق الزيادة بالنسبة الي الركوع و السجود لا يتوقف علي قصد الجزئية و الحال انه لا فرق بين الركوع و السجود و بين غيرهما من هذه الجهة فان صدق الزيادة في المركب الاعتباري يتوقف علي قصد الجزئية نعم يمكن الالتزام بالبطلان بسبب الاتيان بها و لو مع عدم قصد الجزئية بدليل آخر غير دليل بطلان الصلاة بالزيادة كالنص الوارد في العزائم.

(4) أما بالنسبة الي الركوع فيمكن الاستدلال علي البطلان بما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل صلي فذكر أنه زاد سجدة

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 328

______________________________

قال: لا يعيد صلاة من سجدة و يعيدها من ركعة «1».

و ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل شك فلم يدرأ سجد اثنتين أم واحدة فسجد اخري ثم استيقن انه قد

زاد سجدة فقال: لا و اللّه لا نفسد الصلاة بزيادة سجدة و قال: لا يعيد صلاته من سجدة و يعيدها من ركعة «2».

فان المراد من الركعة فيها الركوع بقرينة المقابلة و لا اشكال في اطلاق الركعة علي الركوع في بعض النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل استيقن بعد ما صلي الظهر انه صلي خمسا قال: و كيف أستيقن؟ قلت: علم. قال: ان كان علم انه كان جلس في الرابعة فصلاة الظهر تامة فليقم فليضف الركعة الخامسة ركعة و سجدتين فتكونان ركعتين نافلة و لا شي ء عليه «3».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل صلي الظهر خمسا؟ قال: ان كان لا يدري جلس في الرابعة أم لم يجلس فليجعل أربع ركعات منها الظهر و يجلس و يتشهد ثم يصلي و هو جالس ركعتين و أربع سجدات و يضيفها الي الخامسة فتكون نافلة «4».

و لا مجال لان يقال بأن المفروض انه زيد سهوا فلا تبطل الصلاة بها لان الركوع داخل في الخمسة فلا يشمله حديث عدم الاعادة.

و يمكن أن يستدل عليه بما دل علي بطلان الصلاة بنسيان الركوع حتي سجد

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب الركوع الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 19 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 329

______________________________

سجدتين مثل ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أيقن الرجل انه ترك ركعة من الصلاة و قد سجدتين و ترك الركوع أستأنف الصلاة «1»

اذ لا وجه للبطلان الا ان زيادة السجدتين تبطل الصلاة و

بعد ثبوت البطلان بزيادة سجدتين يثبت في زيادة الركوع.

و يمكن أن يستدل علي المدعي بأن الاجماع قائم علي أن الركن عبارة عما تبطل الصلاة بزيادته و نقيصته سهوا و حيث ان الركوع ركن فيترتب عليه هذا الحكم.

لكن تحقق الاجماع بهذا النحو محل الاشكال و انما المسلم من مورد الاجماع الاخلال بالنقيصة أي الاجماع قائم علي أن الركن ما تبطل الصلاة بنقصانه و أما الزيادة فلا.

و في المقام شبهة و هي ان حديث «لا تعاد» لا يشمل ذيله الزيادة بل ظاهر في النقيصة مضافا الي أن نسبة المقدر الي كل من الخمسة امر واحد و حيث انه لا تتصور الزيادة بالنسبة الي ثلاثة منها فلا يكون المقدر الا النقصان.

و فيه: انه لا دليل علي اختصاص الدليل بالنقصان بل مقتضي الاطلاق الاعم و لا أقل من الاجمال فيسري اجماله الي الصدر فلا يشمل صدر الحديث زيادة الركوع سهوا فتبطل الصلاة بزيادة الركوع و أما المقدر فلا يلزم أن يكون أمرا واحدا في الجميع بل المستفاد من الحديث ان الصلاة تعاد من ناحية الخمسة و الحكم لا يبين موضوع نفسه فيكون مفاده ان الفساد الناشي من ناحية هذه الخمسة بأي نحو كان يبطل الصلاة و لعل هذا المقدار يكفي للجزم بالحكم و اللّه العالم.

و أما بالنسبة الي زيادة السجدتين فيمكن الاستدلال علي ابطالها بالإجماع علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الركوع الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 330

و الا لم تبطل (1).

[مسألة 341: من نقص جزءا سهوا فان التفت قبل فوات محله تداركه و ما بعده]

(مسألة 341): من نقص جزءا سهوا فان التفت قبل فوات محله تداركه و ما بعده (2) و ان كان بعد فوات محله فان كان ركنا بطلت صلاته (3).

______________________________

تفسير الركن بما تبطل الصلاة بزيادته أو نقيصته عمدا

و سهوا لكن فيه ما تقدم في زيادة الركوع.

و يمكن أن يستدل عليه بما دل من النصوص «1» علي انه لو نسي الركوع حتي سجد سجدتين أعاد الصلاة فانه يعلم من هذه النصوص ان زيادة السجدتين تبطل الصلاة و الا لم يكن وجه للبطلان و كان مقتضي القاعدة أن يركع ثم يأتي بالسجدتين.

أضف الي ذلك ما نقل من الاجماع عليه- كما عن مجمع البرهان و تعليق الارشاد- و انه مذهب أصحابنا- كما عن المدارك- و بلا خلاف- كما عن الرياض-.

(1) لحديث لا تعاد المقتضي لعدم الاعادة علي ما هو المقرر عند القوم.

(2) فانه علي طبق القاعدة الاولية اذ المفروض وجوب الاتيان بالاجزاء علي الترتيب فمع بقاء محل التدارك لا بد من التدارك كي يحصل الامتثال بل يحرم خلافه فانه يوجب بطلان الصلاة مضافا الي لزوم التشريع من حيث انه خلاف المقرر الشرعي.

(3) فان الصلاة تبطل بالنقيصة و اذا كان الناقص ركنا لا يشمله دليل لا تعاد.

ان قلت: يمكن تدارك الفائت باتيانه بعد الجزء اللاحق غاية الامر يفوت الترتيب

______________________________

(1) لاحظ ص: 329

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 331

و الا صحت (1) و عليه قضائه بعد الصلاة اذا كان المنسي سجدة واحدة و كذلك اذا كان المنسي تشهدا علي الاحوط كما سيأتي (2).

و يتحقق فوات محل الجزء المنسي بامور:

الاول: الدخول في الركن اللاحق كمن نسي القراءة أو الذكر أو بعضا منهما أو الترتيب بينها و التفت بعد الوصول الي حد الركوع فانه يمضي في صلاته (3) أما اذا التفت قبل الوصول الي حد

______________________________

و حيث انه ليس من الأركان يشمله دليل لا تعاد.

قلت: الزيادة و النقيصة بلحاظ التحفظ علي الترتيب و الترتيب ليس منظورا بحياله و استقلاله مضافا الي

أن حديث لا تعاد لا يشمل الاخلال العمدي و المفروض أن المكلف يأتي به في غير محله مع العلم بأنه كذلك و يضاف الي ما ذكر أن المدعي يستفاد من النص الخاص لاحظ ما رواه رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن رجل ينسي أن يركع حتي يسجد و يقوم قال: يستقبل «1». و ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الرجل ينسي أن يركع؟

قال: يستقبل حتي يضع كل شي ء من ذلك موضعه «2» و ما رواه أبو بصير «3».

(1) لحديث لا تعاد المقتضي للصحة.

(2) و نتعرض لشرح كلام الماتن هناك فانتظر.

(3) لا اشكال في أن الركن المأتي به قبل الاتيان بالاجزاء السابقة زيادة في المكتوبة فعلي تقدير بطلان الصلاة بالزيادة لا بد من الالتزام بالبطلان لكن ببركة

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الركوع الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 329

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 332

الركوع فانه يرجع و يتدارك الجزء و ما بعده علي الترتيب (1) و ان كان المنسي ركنا كمن نسي السجدتين حتي ركع بطلت صلاته (2) و اذا التفت قبل الوصول الي حد الركوع تداركهما (3) و اذا نسي سجدة واحدة أو تشهدا أو بعضه أو الترتيب بينهما حتي ركع صحت صلاته و مضي (4) و ان ذكر قبل الوصول الي حد الركوع تدارك المنسي و ما بعده علي الترتيب (5) و عليه في بعض هذه الفروض سجدتا السهو كما سيأتي تفصيله (6).

الثاني: الخروج من الصلاة فمن نسي السجدتين حتي سلم

______________________________

حديث لا تعاد ترفع اليد عن جزئية الاجزاء السابقة غير الركنية و النتيجة صحة الصلاة.

و لا مجال لان يقال: بأنه ترفع اليد

عن الترتيب و يؤتي بالاجزاء الفائتة بعد الاتيان بالركن لأنه قد مر منا ان الترتيب لم يلحظ في قبال وجوب الاجزاء علي حياله بل لوحظ الاجزاء علي النحو الخاص و الترتيب المخصوص.

(1) كما هو مقتضي القاعدة اذ المفروض انه لم يصل الي حد الركوع فالتدارك ممكن فيجب.

(2) اذ المفروض ان الناقص هو الركن و نقصانه يوجب البطلان.

(3) فانه قابل للتدارك فيجب أن يتدارك.

(4) لقاعدة لا تعاد كما هو المقرر عند القوم.

(5) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فلاحظ.

(6) فانتظر.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 333

و أتي بما ينافي الصلاة عمدا أو سهوا بطلت صلاته (1) و اذا ذكر قبل الاتيان به رجع و أتي بهما و تشهد و سلم (2) ثم سجد سجدتي السهو للسلام الزائد (3) و كذلك من نسي احداهما أو التشهد أو بعضه حتي سلم و لم يأت بالمنافي فانه يرجع و يتدارك المنسي و يتم صلاته و يسجد سجدتي السهو (4) و اذا ذكر ذلك بعد الاتيان بالمنافي صحت صلاته و مضي (5) و عليه قضاء المنسي و الاتيان بسجدتي السهو علي ما يأتي (6).

الثالث: الفعل الذي يجب فيه فعل ذلك المنسي كمن نسي الذكر أو الطمأنينة في الركوع أو السجود حتي رفع رأسه فانه يمضي (7).

______________________________

(1) اذ بعد الخروج لا يمكن التدارك فتبطل الصلاة بنقصان السجدتين و عدم دليل علي الصحة.

(2) لبقاء محل التدارك فيجب أن يتدارك.

(3) بناء علي وجوبهما للسلام الزائد و سيقع الكلام حول هذه الجهة فانتظر.

(4) قد ظهر وجهه مما تقدم.

(5) لعدم مجال للتدارك و تصح لقاعدة لا تعاد.

(6) فانتظر.

(7) اذا المفروض ان الذكر من واجبات الصلاة و ليس قيدا للركوع و السجود و بعد رفع الرأس ليس الفائت

قابلا للجبران لزيادة الركن و مقتضي حديث لا تعاد الغاء الجزئية في حال السهو مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه علي بن يقطين

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 334

و كذا اذا نسي وضع بعض المساجد الستة في محله (1) نعم اذا نسي القيام حال القراءة أو التسبيح وجب أن يتداركهما قائما اذا ذكر

______________________________

قال: سألت أبا الحسن الاول عليه السلام عن رجل نسي تسبيحة في ركوعه و سجوده قال: لا بأس بذلك «1».

(1) بتقريب ان وضع المساجد علي الأرض واجب مستقل ظرفه السجود و بعد رفع الرأس منه يفوت محله و الظاهر من المتن عدم الفرق بين الجبهة و غيرها و قوي صاحب الجواهر التسوية و عدم الفرق و هذا الحكم بالنسبة الي غير الجبهة محل الاتفاق و أما في الجبهة ففي المسألة خلاف و المستفاد من اللغة ان السجود عبارة عن وضع الجبهة علي الأرض و عليه لا يكون وضع الجبهة علي غير الأرض سجودا فلا بد من التدارك كما أنه علي القول بالاشتراط يلزم في الجبهة بل حتي علي القول بكون الوضع واجبا آخر أما علي الأول فلعدم تحقق المقيد بدون قيده و أما علي الثاني فلان كل جزء من الصلاة مقيد بالاخر.

فالنتيجة تقتضي أن يقال: بأنه لو وضع جبهته علي غير الأرض لا بد من التدارك اذ السجود لم يتحقق بلا فرق بين سجدة واحدة و سجدتين و لو وضع جبهته علي الارض و الاخلال حصل في بقية المساجد فمقتضي القاعدة وجوب تدارك سجدة واحدة فان زيادة سجدة واحدة لا توجب البطلان.

نعم يمكن أن يقال: بأن المستفاد من النصوص الدالة علي النهي عن قراءة العزائم في الفريضة ان زيادة السجدة الواحدة توجب بطلان

الصلاة فلاحظ.

الا أن يقال: بأن الزيادة انما تحققت بالسجدة المأتي بها الفاقدة للقيد و المفروض ان زيادتها كانت سهوية فلا تبطل بل لو لا الاجماع و الاتفاق يكون الحكم

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الركوع الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 335

قبل الركوع (1).

[مسألة 342: من نسي الانتصاب بعد الركوع حتي سجد أو هوي إلي السجود مضي في صلاته]

(مسألة 342): من نسي الانتصاب بعد الركوع حتي سجد أو هوي الي السجود مضي في صلاته (2).

______________________________

كذلك بالنسبة الي غير الجبهة فان بعض النصوص يدل علي أن السجود علي سبعة أعظم لاحظ ما رواه زرارة «1» و غيره فان المستفاد من هذه النصوص ان السجود متقوم بوضع هذه المواضع علي الارض فلاحظ.

(1) بتقريب ان المستفاد من الادله ان القيام شرط في القراءة و مع انتفائه يجب أن يتدارك لبقاء محله.

(2) فان المستفاد من نصوص الباب وجوب الانتصاب بعد القيام لاحظ ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا قمت الي الصلاة الي أن قال: و اذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك حتي ترجع مفاصلك «2».

و ما رواه حماد بن عيسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال فيه: و قال، سبحان ربي العظيم و بحمده ثم استوي قائما فلما استمكن من القيام قال: سمع اللّه لمن حمده ثم كبر و هو قائم «3».

و ما رواه أبو بصير يعني المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من لم يقم صلبه في الصلاة فلا صلاة له «4».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا رفعت رأسك من الركوع

______________________________

(1) لاحظ النصوص في الباب 4 من أبواب السجود من الوسائل.

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة الحديث: 9

(3) نفس

المصدر الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 16 من أبواب الركوع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 336

و الاحوط استحبابا الرجوع الي القيام ثم الهوي الي السجود اذا كان التذكر قبل السجود و اعادة الصلاة اذا كان التذكر بعده (1) و أما اذا كان التذكر بعد الدخول في السجدة الثانية مضي في صلاته و لا شي ء عليه (2) و اذا نسي الانتصاب بين السجدتين حتي جاء بالثانية مضي في صلاته (3) و اذا ذكره حال الهوي اليها رجع و تداركه (4) و اذا سجد

______________________________

فأقم صلبك فانه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه «1».

فان الظاهر من بعضها و صريح البعض الآخران الانتصاب يلزم أن يكون بعد الركوع بأن يصدق القيام عن الركوع منتصبا فعليه لو خرج عن حد الركوع و لم يتحقق هذا العنوان بل حدث عنوان آخر لكان محل الانتصاب فائتا و غير قابل للتدارك.

(1) خروجا عن شبهه الخلاف فانه ربما يقال: بأنه يجب العود لبقاء محل التدارك ما دام لم يدخل في السجدة الثانية و قد ظهر مما ذكرنا ما فيه و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(2) لفوات محل التدارك بالدخول في السجدة الثانية.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 5، ص: 336

(3) بتقريب: انه يفوت محل التدارك بالدخول في الثانية لكن لقائل أن يقول:

بأن القاعدة تقتضي اعادة سجدة واحدة كي يحصل الانتصاب و ان كانت الزيادة توجب بطلان الصلاة لكن حديث لا تعاد يقتضي عدم الاعادة فيلزم السجود ثانيا كي يحصل الانتصاب و يحصل تقييد السجود به.

ان قلت: يلزم زيادة سجود واحد. قلت: قلنا: ان حديث لا تعاد يمنع عن

بقاء المانعية اذ المفروض ان الزيادة سهوية.

(4) لبقاء محل التدارك فيجب أن يتدارك فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 337

علي المحل المرتفع أو المنخفض أو المأكول أو الملبوس أو النجس و ذكر بعد رفع الرأس من السجود أعاد السجود علي ما تقدم (1).

[مسألة 343: إذا نسي الركوع حتي سجد السجدتين أعاد الصلاة]

(مسألة 343): اذا نسي الركوع حتي سجد السجدتين أعاد الصلاة (2).

______________________________

(1) و قد تقدم شرح المتن فراجع.

(2) علي المشهور بين الاصحاب و تدل عليه جمله من النصوص لاحظ ما رواه رفاعة «1» و اسحاق بن عمار «2» و أبو بصير «3».

و ما رواه أيضا قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل نسي أن يركع قال:

عليه الاعادة «4».

مضافا الي أن مقتضي وجوب الاعادة من ناحية الخمسة المستفاد من حديث لا تعاد وجوبها اذ لو لم يرجع و لم يركع كانت الصلاة باطلة من جهة النقصان و ان رجع و ركع و سجد بعده تبطل الصلاة من ناحية زيادة السجدتين.

و عن الشيخ قدس سره انه خالف المشهور فانه نقل عنه في المبسوط في فصل الركوع قال: «من نسي الركوع بطلت صلاته اذا كان في الركعتين الاولتين من كل صلاة و كذلك اذا كان في الثالثة من المغرب و ان كان من الركعتين الاخيرتين من الرباعية ان سجد سجدة أو سجدتين اسقط السجدة و قام فركع و تمم صلاته».

و عن الصدوق انه قال: «ان نسيت الركوع بعد ما سجدت من الركعة الاولي فأعد صلاتك لأنه اذا لم تثبت لك الاولي لم تثبت لك صلاتك و ان كان الركوع

______________________________

(1) لاحظ ص: 331

(2) لاحظ ص: 331

(3) لاحظ ص: 329

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب الركوع الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 338

______________________________

من الركعة

الثانية أو الثالثة فاحذف السجدتين و اجعل الثالثة ثانية و الرابعة ثالثة».

و المنشأ للخلاف ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل شك بعد ما سجد أنه لم يركع قال: فان استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة لهما فيبني علي صلاته التمام و ان كان لم يستيقن الا بعد ما فرغ و انصرف فليتم فليصل ركعة و سجدتين و لا شي ء عليه «1».

و ما رواه العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي ركعة من صلاته حتي فرغ منها ثم ذكر انه لم يركع قال: يقوم فيركع و يسجد سجدتي السهو «2».

بل و حديث حكم بن حكيم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ينسي من صلاته ركعة أو سجدة أو الشي ء منها ثم يذكر فقال: يقتضي ذلك بعينه فقلت:

أ يعيد الصلاة؟ قال: لا «3».

و الظاهر انه لا اشكال في التعارض بين الطرفين و لا وجه لحمل الثاني علي النافلة و الاول علي الفريضة فانه جمع تبرعي.

و للجمع بينهما وجه آخر و هو حمل الاول علي الندب و الثاني علي الاجزاء و هذا خلاف الظاهر أيضا كما ذكرنا مرارا فلا بد من اعمال قواعد التعارض و عن المجلسي قدس سره «4» انه قال: «يمكن حمل الثاني علي التقية فيكون الترجيح بمخالفة القوم مع الاول مضافا الي أنه أحدث فان حديث اسحاق بن عمار «5»

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الركوع الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) الحدائق ج 9 ص 110

(5) لاحظ ص: 331

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 339

و ان ذكر قبل الدخول في الثانية فلا يبعد الاجتزاء بتدارك الركوع

و الاتمام و ان كان الاحوط استحبابا الاعادة أيضا (1).

______________________________

عن أبي ابراهيم عليه السلام.

(1) يظهر من بعض كلمات القوم ان المشهور البطلان لإطلاق خبر أبي بصير «1».

فان مقتضي اطلاق هذا الخبران نسيان الركوع يوجب البطلان و ان لم يدخل في السجدة الثانية و ضعف السند بابن سنان علي فرض تسلمه ينجبر بعمل المشهور به.

و يرد عليه اولا ان السند مخدوش بمحمد و ضعف الخبر لا ينجبر بالعمل و ثانيا ينقض بما لو نسي الركوع و قبل الوصول الي السجدة الاولي تذكر فهل يلتزم القائل بالبطلان فان مقتضي اطلاق الخبر البطلان فيه أيضا.

و ثالثا نرفع اليد عن الاطلاق بالتعليل المستفاد من حديث اسحاق بن عمار «2» اذ المستفاد من هذا الحديث ان استقبال الصلاة لأجل أن يضع كل شي ء في محله فلو قلنا بأن الصلاة لا تبطل بزيادة سجدة فلا مانع من أن يركع و يأتي بالسجدتين بعده فانه وضع كل شي ء في محله.

بل يمكن تقييده بالخبر الاخر لأبي بصير «3» فان مقتضي مفهومه انه لا تبطل الصلاة بالاتيان بسجدة واحدة.

ان قلت: ان مقتضي هذا الحديث عدم البطلان الا فيما ترك الركعة و الركوع و أتي بالسجدتين و لازمه الحكم بالصحة حتي فيما ترك الركوع و لم يترك الركعة و لا يمكن الالتزام به.

______________________________

(1) لاحظ ص: 337

(2) لاحظ ص: 331

(3) لاحظ ص: 329

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 340

______________________________

قلت: نرفع اليد عن الاطلاق و لا مانع منه و أما رفع اليد عن مفهوم الشرطية فلا وجه له كما أفاد سيد المستمسك من رفع اليد عن المفهوم فالنتيجة ان مقتضي القواعد الصحة.

و في المقام اشكال و هو ان حديث لا تعاد الصلاة الا من خمسة: الطهور و الوقت

و القبلة و الركوع و السجود «1» يقتضي البطلان في مفروض الكلام اذ لا اشكال في أن الصلاة تبطل بالنقصان من ناحية الركوع فلو توقف الحكم بالبطلان علي الدخول في السجدة الثانية كان البطلان من ناحية زيادة سجدتين و فوات الركوع في هذا الفرض من ناحية بطلان الصلاة و لا يمكن أن يكون موجبا للبطلان و الا يلزم الدور اذ يتوقف بطلان الصلاة علي عدم امكان تدارك الركوع و عدم امكان تداركه يتوقف علي بطلان الصلاة بالدخول في السجدة الثانية فتبطل الصلاة بالدخول في السجدة الاولي.

و الجواب عن هذا الاشكال بالنقض فيما سها عن السجدتين حتي دخل في الركوع فانه علي هذا البيان يلزم الحكم بالبطلان قبل الدخول في الركوع و الا كان البطلان من ناحية زيادة الركوع لا نقصان السجدتين.

و ثانيا: نجيب عن الاشكال بالحل و هو ان زيادة السجدتين تتوقف علي كون الركوع جزءا اذ لو ركع أو الغي جزئيته لم تكن السجدتان زائدتين.

و بعبارة اخري: زيادة سجدتين ناشئة من نقصان الركوع. و صفوة القول:

ان حديث لا تعاد لا يكون مبينا للمبطل بل ناظر الي ادلة الابطال و يقيدها الا بالنسبة الي الخمسة فلا بد من ملاحظة ادلة بطلان الصلاة و مقدار دلالتها و حيث ان المستفاد من الادلة عدم بطلان الصلاة بزيادة سجدة واحدة لا يكون وجه للبطلان في صورة

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الركوع الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 341

[مسألة 344: إذا ترك سجدتين و شك في أنهما من ركعة أو ركعتين]

(مسألة 344): اذا ترك سجدتين و شك في أنهما من ركعة أو ركعتين فان كان الالتفات الي ذلك بعد الدخول في الركن لم يبعد الاجتزاء بقضاء سجدتين (1) و ان كان قبل الدخول في الركن فان احتمل ان كلتيهما

من اللاحقة فلا يبعد الاجتزاء بتدارك السجدتين (2) و ان علم انهما اما من السابقة أو احداهما منها و الاخري من اللاحقة

______________________________

نسيان الركن الي حصول الدخول في السجدة الاولي.

و لإثبات المدعي يمكن أن يتمسك بحديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا نسيت شيئا من الصلاة ركوعا أو سجودا أو تكبيرا ثم ذكرت فاصنع الذي فاتك سواء (سهوا) «1».

فان مقتضي هذا الحديث الرجوع فيما سهي و التدارك فما دام لم يكن دليل علي عدم امكان الرجوع كما لو دخل في الثانية كان مقتضي القاعدة الرجوع و التدارك فلاحظ.

(1) بتقريب: انه بمقتضي قاعدة التجاوز المقررة عند القوم يحكم بعدم تحقق المبطل و من ناحية اخري يعلم بالوجدان ترك السجدتين فيجب تداركهما بالقضاء هذا علي تقدير جريان قاعدة التجاوز و أما علي تقدير عدم جريانها فيشكل الحكم بالصحة لاحتمال نقصانهما من ركعة واحدة الا أن يقال ان مقتضي قاعدة الفراغ الحكم بالصحة.

(2) لبقاء المحل و عدم جريان قاعدة التجاوز لعدم الدخول في الغير اذ مع العلم بنقصان سجدة من الاخيرة يكون الاتيان بالاجزاء المترتبة علي السجدة لغوا فلا يتحقق الدخول في الغير فجريان القاعدة بالنسبة الي الركعات السابقة

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 342

فلا يبعد الاجتزاء بتدارك سجدة و قضاء اخري (1) و الاحوط استحبابا الاعادة في الصور الثلاث (2).

[مسألة 345: إذا علم أنه فاتته سجدتان من ركعتين من كل ركعة سجدة قضاهما]

(مسألة 345): اذا علم انه فاتته سجدتان من ركعتين من كل ركعة سجدة قضاهما و ان كانتا من الاوليين (3).

[مسألة 346: من نسي التسليم و ذكره قبل فعل المنافي تداركه و صحت صلاته]

(مسألة 346): من نسي التسليم و ذكره قبل فعل المنافي تداركه و صحت صلاته (4).

______________________________

بلا معارض و مقتضي الاستصحاب عدم الاتيان بالسجدتين فيجب الاتيان بهما لبقاء محلهما كما هو ظاهر.

(1) فان مقتضي قاعدة التجاوز الاتيان بسجدة واحدة من الركعات السابقة كما أن مقتضي العلم الوجداني الإتيان بسجدة واحدة من الركعة الاخيرة و مقتضي الاستصحاب عدم الاتيان بالثانية منها كما أن مقتضي الاستصحاب عدم الاتيان بالثانية من الركعة السابقة فلا بد من الاتيان بالثانية من الركعة الاخيرة لبقاء محل التدارك و قضاء سجدة واحدة من الركعة السابقة و لا مجال لجريان القاعدة بالنسبة الي السجدة الثانية من الركعة الاخيرة لأنه يعلم اما بنقصانها من الركعة الاخيرة و اما بنقصان كلتا السجدتين من الركعة السابقة فتبطل الصلاة بنقصان الركن فلا مجال لجريان القاعدة بالنسبة الي السجدة الثانية من الركعة الاخيرة علي كلا التقديرين فلاحظ.

(2) لاحتمال البطلان فتستحب الاعادة و تترجح.

(3) بمقتضي دليل وجوب قضاء السجدة و نتعرض لدليل وجوبه عند تعرض الماتن ان شاء اللّه.

(4) لبقاء محل تداركه علي الفرض فيجب تداركه.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 343

و ان كان بعده صحت صلاته (1) و الاحوط استحبابا الاعادة (2).

[مسألة 347: إذا نسي ركعة من صلاته أو أكثر فذكر قبل التسليم قام و أتي بها]

(مسألة 347): اذا نسي ركعة من صلاته أو أكثر فذكر قبل التسليم قام و أتي بها (3) و كذا اذا ذكرها بعد التسليم قبل فعل المنافي (4 و اذا ذكرها بعده بطلت صلاته (5).

[مسألة 348: إذا فاتت الطمأنينة في القراءة أو في التسبيح أو في التشهد سهوا مضي]

(مسألة 348): اذا فاتت الطمأنينة في القراءة أو في التسبيح أو في التشهد سهوا مضي (6) و لكن لا يترك الاحتياط الاستحبابي بتدارك القراءة أو غيرها بنية القربة المطلقة (7) و اذا فاتت في ذكر الركوع أو السجود فذكر قبل أن يرفع رأسه أعاد الذكر علي الاظهر (8).

______________________________

(1) لقاعدة لا تعاد المقتضية للصحة.

(2) لا اشكال في حسن الاحتياط اذ يحتمل كون السلام ركنا تفسد الصلاة بنقصانه.

(3) لبقاء محل التدارك فيجب أن يتدارك.

(4) الكلام هو الكلام فان محل التدارك باق فيجب أن يتدارك غاية الامر ان السلام الواقع في غير محله يكون زيادة و الزيادة السهوية لا توجب البطلان.

(5) كما هو ظاهر فلاحظ.

(6) لعدم دليل علي وجوبها علي الاطلاق فلا مقتضي للإعادة.

(7) هل يمكن الجمع بين كون الاحتياط استحبابيا و بين الالتزام بعدم الترك و كيف كان لا اشكال في حسن الاحتياط.

(8) الظاهر انه لا دليل علي وجوبها علي الاطلاق فلا بد من اتمام المدعي من تمامية الاجماع التعبدي الكاشف و هل يمكن تحصيله.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 344

[مسألة 349: إذا نسي الجهر و الإخفات و ذكر لم يلتفت و مضي]

(مسألة 349): اذا نسي الجهر و الاخفات و ذكر لم يلتفت و مضي (1) سواء كان الذكر في أثناء القراءة أم التسبيح أم بعدهما (2) و الجهل بالحكم يلحق بالنسيان في ذلك (3).

[فصل في الشك]
اشارة

فصل في الشك

[مسألة 350: من شك و لم يدر أنه صلي أم لا]

(مسألة 350): من شك و لم يدر انه صلي أم لا فان كان في الوقت صلي (4) و ان كان بعد خروج الوقت لم يلتفت (5) و الظن بفعل

______________________________

(1) للنص لاحظ ما رواه زرارة «1» و ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: رجل جهر بالقراءة فيما لا ينبغي الجهر فيه أو أخفي فيما لا ينبغي الاخفاء فيه و ترك القراءة فيما ينبغي القراءة فيه أو قرأ فيما لا ينبغي القراءة فيه فقال:

أي ذلك فعل ناسيا أو ساهيا فلا شي ء عليه «2».

(2) للإطلاق.

(3) لاحظ ما رواه زرارة «3» فان قوله عليه السلام: «أو لا يدري» يشمل الجاهل فلاحظ.

(4) ما أفاده مقتضي القاعدة فانه مقتضي اصل الاشتغال علي المشهور و مقتضي الاستصحاب علي المختار مضافا الي أنه مفاد النص فلاحظ.

(5) قيل: ان المستفاد من كلماتهم ان هذا من المسلمات عند القوم و قد دل عليه

______________________________

(1) لاحظ ص: 123

(2) الوسائل الباب 26 من أبواب القراءة في الصلاة الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 123

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 345

الصلاة حكمه حكم الشك في التفصيل المذكور (1) و اذا شك في بقاء الوقت بني علي بقائه (2) و حكم كثير الشك في الاتيان بالصلاة و عدمه حكم غيره فيجري فيه التفصيل المذكور من الاعادة في الوقت و عدمها بعد خروجه (3) و أما الوسواسي فيبني علي الاتيان و ان كان في

______________________________

النص لاحظ ما رواه زرارة و الفضيل «1».

(1) ربما يقال: بأنه من أفراد الشك اذا لشك خلاف اليقين مضافا الي أن التقابل الوارد في النص بينهما يقتضي أن يكون المراد بالشك ما يقابل اليقين.

(2) لاستصحاب بقاء الوقت و الوجه فيه ان الظاهر من

الدليل ان الموضوع للحكم هو الشك في الاتيان و عدمه ما دام الوقت باقيا و بحكم الاستصحاب يحكم ببقاء الوقت نعم لو كان المستفاد من الدليل الشك الموصوف بوصف كونه في الوقت لكان اشكال الاثبات واردا فلاحظ.

(3) فان مقتضي القاعدة الاولية ترتب حكم الشك علي كثيره كقليله و الخروج يحتاج الي دليل مخرج.

و ربما يقال: بأن مفاد حديث زرارة و أبي بصير جميعا قالا: قلنا له: الرجل يشك كثيرا في صلاته حتي لا يدري كم صلي و لا ما بقي عليه قال: يعيد. قلنا: فانه يكثر عليه ذلك كلما أعاد شك قال: يمضي في شكه ثم قال: لا تعودوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه فان الشيطان خبيث معتاد لما عود فليمض أحدكم في الوهم و لا يكثرن نقض الصلاة فانه اذا فعل ذلك مرات لم يعد اليه الشك قال زرارة ثم قال: انما يريد الخبيث أن يطاع فاذا عصي لم يعد الي أحدكم «2» عدم الاعتناء بالشك الكثير علي الاطلاق.

______________________________

(1) لاحظ ص: 93

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 346

الوقت (1) و اذا شك في الظهرين في الوقت المختص بالعصر بني علي وقوع الظهر و أتي بالعصر (2) و اذا شك و قد بقي من الوقت مقدار اداء ركعة أتي بالصلاة (3).

______________________________

و لكن الجزم به مشكل فان غاية ما يمكن أن يقال: ان المستفاد من الرواية ان الشيطان خبيث معتاد لما عود لكن كون كثرة الشك من الشيطان في المقام اول الكلام.

و ان شئت قلت: ان مقتضي عموم العلة عدم جواز تعويد الشيطان لا عدم جواز الاعتناء بالشك و كونه في مفروض الكلام من الشيطان

اول الكلام.

(1) يظهر من بعض الكلمات انه مورد الاجماع و يمكن الاستدلال عليه بالحديث المذكور آنفا فانه بعد فرض كونه من الوسواس الذي يوسوس في صدور الناس يحرم ترتيب الاثر عليه.

و ان شئت قلت: ان المستفاد من حديث عبد اللّه بن سنان قال: ذكرت لأبي عبد اللّه عليه السلام رجلا مبتلي بالوضوء و الصلاة و قلت هو رجل عاقل فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: و اي عقل له و هو يطيع الشيطان؟ فقلت له: و كيف يطيع الشيطان؟

فقال: سله هذا الذي يأتيه من أي شي ء هو؟ فانه يقول لك من عمل الشيطان «1» ان الوسواس اطاعة الشيطان و اطاعته حرام.

(2) فانه يحكم عليها بالاتيان لقاعدة الحيلولة و يجب الاتيان بالعصر.

(3) قد دلت جملة من النصوص علي أنه لو أدرك مقدار ركعة من الوقت جازت صلاته «2» فلا يبعد أن يقال بأن الوقت لو بقي بهذا المقدار لم يكن الوقت باقيا و لكن ببركة هذه النصوص بترتب عليه أثر البقاء فان المستفاد منها ان الشارع

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب مقدمة العبادات

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب المواقيت

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 347

و اذا كان أقل لم يلتفت (1) و اذا شك في فعل الظهر و هو في العصر عدل بنيته الي الظهر و أتمها ظهرا (2).

______________________________

اعتبر هذ المقدار من الوقت منزلة تمامه.

(1) فانه يصدق انه خرج الوقت نعم لا يبعد أن يقال: بأنه منصرف الي خصوص مورد خروج الوقت بتمامه و لكن يمكن أن يقال: بأنه بدوي يزول بالتأمل.

(2) لا اشكال في أن مقتضي استصحاب عدم الاتيان بالظهر بقائه علي عهدته فلا بد من العدول اليه- كما في المتن- و ما يمكن أن يكون

دليلا علي الحكم باتيانه أمران:

احدهما رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا جاء يقين بعد حائل قضاه و مضي علي اليقين و يقضي الحائل و الشك جميعا فان شك في الظهر فيما بينه و بين أن يصلي العصر قضاها و ان دخله الشك بعد أن يصلي العصر فقد مضت الا أن يستيقن لان العصر حائل فيما بينه و بين الظهر فلا يدع الحائل لما كان من الشك الا بيقين «1».

بتقريب: ان حكم المقام يستفاد من تلك الرواية، و فيه ان الرواية بنفسها لا تشمل المقام و تنقيح المناط يحتاج الي دليل مضافا الي أن الرواية في مورها معارضة برواية زرارة و الفضيل «2».

ثانيهما: قاعدة التجاوز بتقريب: ان الاتيان بالظهر شرط للعصر فلو شك فيه يكون شكا بعد تجاوز محله، و فيه: اولا ان الاشتراط ذكري لا واقعي فلو دخل في العصر قبل الظهر سهوا لا يكون العصر واقعا في غير ظرفه فلا موضوع للتجاوز.

و ثانيا: علي تقدير الاشتراط الواقعي نقول تارة نلاحظ صلاة الظهر من حيث

______________________________

(1) الوسائل الباب 60 من أبواب المواقيت الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 93

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 348

[مسألة 351: إذا شك في جزء أو شرط للصلاة بعد الفراغ منها لم يلتفت]

(مسألة 351): اذا شك في جزء أو شرط للصلاة بعد الفراغ منها لم يلتفت (1) و اذا شك في التسليم فان كان شكه في صحته لم

______________________________

وجوبها النفسي و اخري فلاحظها من حيث كون العصر مترتبا عليها أما من الحيثية الاولي فلا مجال لجريان القاعدة لان الظهر غير مشروط بشي ء و لذا لو لم يصل العصر بعده لم يكن الظهر باطلا فمن هذه الجهة وجوب صلاة الظهر محكوم بالبقاء و يجب الاتيان بها للاستصحاب و بعد البناء علي وجوب الاتيان بها لا

تصل النوبة الي جريان القاعدة اذ العصر مشروط بتقدم الظهر فتصل النوبة الي العدول- كما في المتن-.

الا أن يقال: انه يكفي في جريان القاعدة مطلق الدخول في الغير و لو لم يكن الترتب شرعيا.

و أما بلحاظ الحيثية الثانية فلا مجال لجريان القاعدة أيضا اذ المفروض ان كل جزء من الصلاة المترتبة مشروط بتقدم السابقة و الحال ان بعض الاجزاء المترتبة لم يؤت بها فالشك في المحل و اثبات تماميتها بجريان القاعدة في مقدار منها يرجع الي المثبت الذي لا نقول به و لا يخفي ان العمدة الاشكال في عدم الدليل علي القاعدة فلاحظ.

(1) لقاعدة الصحة الجارية في أفعال نفسه و غيره و ادعي عليه الاجماع في الجملة و كذلك السيرة و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل شك في الوضوء بعد ما فرغ من الصلاة قال: يمضي علي صلاته و لا يعيد «1».

و منها: ما رواه أيضا قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: كل ما مضي

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الوضوء الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 349

يلتقت (1) و كذا ان كان شكه في وجوده و قد أتي بالمنافي حتي مع السهو (2) و أما اذا كان شكه قبل ذلك فاللازم هو التدارك و الاعتناء

______________________________

من صلاتك و طهورك فذكرته تذكرا فأمضه و لا اعادة عليك فيه «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا شككت في شي ء من الوضوء و قد دخلت في غيره فليس شكك بشي ء انما الشك اذا كنت في شي ء لم تجزه «2».

و منها ما رواه

محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يشك بعد ما ينصرف من صلاته قال: فقال: لا يعيد و لا شي ء عليه «3».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: كلما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض و لا تعد «4».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا شك الرجل بعد ما صلي فلم يدر أ ثلاثا صلي أم أربعا و كان يقينه حين انصرف انه كان قد أتم لم يعد الصلاة و كان حين انصرف أقرب الي الحق منه بعد ذلك «5».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: كلما شككت فيه مما قد مضي فأمضه كما هو «6».

(1) لقاعدة الفراغ المقتضية للصحة.

(2) اذ مع الاتيان بالمنافي لا مجال للتدارك فتصح صلاته حتي مع العلم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 27 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

(6) الوسائل الباب 23 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 350

بالشك (1).

[مسألة 352: كثير الشك لا يعتني بشكه]

(مسألة 352): كثير الشك لا يعتني بشكه (2) سواء كان الشك في عدد الركعات (3) أم في الافعال (4).

______________________________

بالنقصان لقاعدة لا تعاد.

(1) لقائل أن يقول: ما المانع من جريان قاعدة التجاوز فانه لو دخل في التقعيب و شك في وجود التسليم امكن جريان القاعدة و لكن عمدة الاشكال عدم الدليل عليها.

(2) نقل عليه عدم الخلاف و الاجماع بل نقل عن بعض الاعلام انه ضروري و تدل علي المدعي جملة من النصوص.

منها: ما رواه محمد بن مسلم

عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذ اكثر عليك السهو فامض علي صلاتك فانه يوشك أن يدعك انما هو من الشيطان «1».

و منها: ما رواه زرارة و أبو بصير «2».

و منها: ما رواه ابن سنان عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك «3» و منها غيرها المذكور في الوسائل في الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.

(3) فان مورد حديث زرارة و أبي بصير «4» الشك في الركعات غاية الامر ان العلة المذكورة في الرواية تقتضي اطلاق الحكم.

(4) كما هو مورد رواية عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يكثر عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 345

(3) الوسائل الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 345

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 351

أم في الشرائط (1) فيبني علي وقوع المشكوك فيه الا اذا كان وجوده مفسدا فيبني علي عدمه كما لو شك بين الاربع و الخمس أو شك في أنه أتي بركوع أو ركوعين مثلا فان البناء علي وجود الاكثر مفسد فيبني علي عدمه (2).

[مسألة 353: إذا كان كثير الشك في مورد خاص من فعل أو زمان أو مكان اختص عدم الاعتناء به]

(مسألة 353): اذا كان كثير الشك في مورد خاص من فعل أو زمان أو مكان اختص عدم الاعتناء به و لا يتعدي الي غيره (3).

______________________________

الوهم في الصلاة فيشك في الركوع فلا يدري أركع أم لا و يشك في السجود فلا يدري أسجد أم لا فقال: لا يسجد و لا يركع و يمضي في صلاته حتي يستيقن يقينا الحديث «1» و يدل علي المدعي اطلاق حديث محمد بن مسلم «2» بل يمكن أن يستدل علي المدعي بالعلة

المذكورة في رواية زرارة و أبي بصير «3».

(1) فان مقتضي التعليل عموم الحكم كما أن مقتضي اطلاق رواية محمد بن مسلم عدم الفرق بين الموارد.

(2) الميزان الكلي في هذا الباب انه لو كان احد طرف الشك اقتضائيا دون الاخر يبني علي غير الاقتضائي و بتعبير أحسن: المراد بعدم الاعتناء الحكم بالصحة و البناء علي الاتيان بما يكون لازم الاتيان و البناء علي عدم الاتيان بما يكون مفسدا.

و الوجه في هذا الادعاء ظهور النصوص في هذا المعني بحسب الفهم العرفي.

(3) وقع الخلاف بينهم فمنهم من أخذ باطلاق بعض النصوص و منهم من خصص الحكم بمورد تحقق الكثرة- كما في المتن- و الانصاف ان دعوي الانصراف

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 350

(3) لاحظ ص: 345

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 352

[مسألة 354: المرجع في صدق كثرة الشك هو العرف]

(مسألة 354): المرجع في صدق كثرة الشك هو العرف (1) نعم اذا كان يشك في كل ثلاث صلوات متواليات مرة فهو كثير الشك (2) و يعتبر في صدقها أن لا يكون ذلك من جهة عروض عارض من خوف أو غضب أو هم أو نحو ذلك مما يوجب اختشاش الحواس (3).

______________________________

الي خصوص ما يتحقق موضوع الحكم- كما في المتن- قوية و تناسب الحكم و الموضوع يؤيد المدعي و لعله منشأ الانصراف فلاحظ.

(1) كبقية الالفاظ فان العرف مرجع في فهم المفاهيم و ربما يقال: بأن حديث محمد بن أبي حمزة أن الصادق عليه السلام قال: اذا كان الرجل ممن يسهو في كل ثلاث فهو ممن كثر عليه السهو «1» بمفهومه يدل علي خلاف المدعي و يقيد الموضوع بقيد خاص كما هو المذكور في الرواية.

و لكن يذب الاشكال بأن الظاهر من الشرطية

اضافة فرد الي موضوع الحكم.

و بعبارة اخري: المستفاد من الحديث ان كثير الشك موضوع حكم في الشرع و يكون الشاك الكذائي المذكور في الحديث ملحقا بحكم الشارع بكثير الشك فلا يدل علي المفهوم.

و بعبارة اخري: ليس المستفاد من الحديث ان شرط ترتيب الحكم كون المكلف يشك في كل ثلاث كي يقال: بأن مفهومه نفي الحكم فلا بد من كون الموضوع متصفا بهذه الصفة بل المستفاد منها ان الحكم المجعول في الشريعة يترتب علي الموصوف أيضا.

(2) بحيث يكون ذلك حالا من حالاته كما تقدم آنفا.

(3) اذ مورد النص ليس الشك من هذه النواحي المذكورة و لا يكون الشك في هذه الموارد من الشيطان كما لا يكون ترك الاعتناء به موجبا لزواله.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 353

[مسألة 355: إذا لم يعتن بشكه ثم ظهر وجود الخلل جري عليه حكم وجوده]

(مسألة 355): اذا لم يعتن بشكه ثم ظهر وجود الخلل جري عليه حكم وجوده فان كان زيادة أو نقيصة مبطلة أعاد و ان كان موجبا للتدارك تدارك و ان كان مما يجب قضائه قضاه و هكذا (1).

[مسألة 356: لا يجب عليه ضبط الصلاة بالحصي أو بالسبحة أو بالخاتم أو بغير ذلك]

(مسألة 356): لا يجب عليه ضبط الصلاة بالحصي أو بالسبحة أو بالخاتم أو بغير ذلك (2).

______________________________

(1) اذ الحكم الظاهري لا يكون مجزيا عن الواقع كما حقق في الاصول.

(2) لإطلاق الادلة في كثير الشك و غيره و رواية حبيب الخثعمي قال: شكوت الي أبي عبد اللّه عليه السلام كثرة السهو في الصلاة فقال: أحص صلاتك بالحصاء أو قال: احفظها بالحصي «1».

لا تكون ظاهرة في الوجوب بل لا يبعد أن تكون ظاهرة في الارشاد و لا أقل من الاجمال و علي فرض ظهورها في الوجوب ترفع اليد عنه ببركة ما رواه حبيب ابن المعلي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام فقال له: اني رجل كثير السهو فما أحفظ صلاتي الا بخاتمي احوله من مكان الي مكان فقال: لا بأس به «2».

و ما رواه عبد اللّه بن المغيرة عنه عليه السلام انه قال: لا بأس أن يعد الرجل صلاته بخاتمه أو بحصي يأخذ بيده فيعد به «3».

فان العرف يفهم من المجموع الترخيص في الضبط بالامور المذكورة و عدم الالتزام به كما أنه لا يفهم الالتزام بالادراج من حديث عبيد اللّه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن السهو قلت: فانه يكثر علي فقال: أدرج صلاتك ادراجا

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 354

[مسألة 357: لا يجوز لكثير الشك الاعتناء بشكه]

(مسألة 357): لا يجوز لكثير الشك الاعتناء بشكه فاذا جاء بالمشكوك فيه بطلت (1).

[مسألة 358: لو شك في أنه حصل له حالة كثرة الشك]

(مسألة 358): لو شك في أنه حصل له حالة كثرة الشك بني

______________________________

قلت: و أي شي ء الادراج؟ قال: ثلاث تسبيحات في الركوع و السجود «1».

خصوصا مع ملاحظة حديث عمر بن يزيد أنه قال: شكوت الي أبي عبد اللّه عليه السلام السهو في المغرب فقال: صلها بقل هو اللّه أحد و قل يا ايها الكافرون ففعلت ذلك فذهب عني «2».

و حديث عمران الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: ينبغي تخفيف الصلاة من أجل السهو «3».

(1) كما هو ظاهر الاصحاب- علي ما في بعض الكلمات- و عن الأردبيلي:

التخيير بين الاعتناء و تركه و الذي قيل في وجهه أو يمكن أن يقال أمران:

الاول: ان الامر بالمضي واقع في مورد توهم الحظر فلا يدل علي الوجوب اي لا يدل الاعلي عدم الحظر لا أزيد.

و فيه: انه لا يلائم مع قوله عليه السلام تارة «انه من الشيطان» و اخري «لا تعودوا الخبيث نقض الصلاة فتطمعوه فان الشيطان خبيث معتاد لما عود انما يريد الخبيث أن يطاع فاذا عصي لم يعد» و ثالثة «و يتعوذ من الشيطان».

فان هذه التعبيرات تناسب الحرمة لا الاباحة و لو تنزلنا عن الالتزام بالحرمة فلا أقل من عدم محبوبية العمل شرعا و بعبارة اخري: يستفاد من النصوص ان الاعتناء بالشك في المقام عمل شيطاني و العمل الشيطاني لا يكون رحمانيا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 355

علي العدم كما أنه اذا صار كثير الشك ثم شك في زوال هذه الحالة بني علي بقائها

(1).

[مسألة 359: إذا شك امام الجماعة في عدد الركعات رجع إلي المأموم الحافظ]

(مسألة 359): اذا شك امام الجماعة في عدد الركعات رجع الي المأموم الحافظ (2).

______________________________

الثاني: ان مقتضي الجمع بين الصدر و الذليل في حديث أبي بصير و زرارة «1» التخيير بين الامرين فانه صرح في الصدر بالاعادة و في الذيل امر بالمضي فالمكلف مخير بين الامرين. و فيه: ان المراد بالكثرة في الصدر كثرة الاطراف و المراد بالكثرة في الذيل كثرة الافراد فلا جامع بين الصدر و الذيل و لا تعارض مضافا الي أن مقتضي التعارض الاجمال لا الجمع بهذا النحو فانه تبرعي لا عرفي فلاحظ.

(1) للاستصحاب في كلا الموردين.

(2) قال في الحدائق: «لا خلاف بين الاصحاب في رجوع كل من الامام و المأموم الي الاخر لو شك و حفظ عليه الاخر و هو مقطوع به في كلامهم كما نقله غير واحد من المتأخرين».

و يدل علي المدعي ما رواه ابراهيم بن هاشم انه سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن امام يصلي بأربع نفر أو بخمس فيسبح اثنان علي أنهم صلوا ثلاثا و يسبح ثلاثة علي أنهم صلوا أربعا يقول هؤلاء: قوموا و يقول هؤلاء: اقعدوا و الامام مائل مع احدهما أو معتدل الوهم فما يجب عليهم؟

قال: ليس علي الامام سهو اذا حفظ عليه من خلفه سهوه باتفاق (بايقان) منهم و ليس علي من خلف الامام سهو اذا لم يسه الامام و لا سهو في سهو و ليس في المغرب سهو و لا في الفجر سهو و لا في الركعتين الاولتين من كل صلاة سهو و لا سهو في نافلة فاذا اختلف علي الامام من خلفه فعليه و عليهم في الاحتياط الاعادة

______________________________

(1) لاحظ ص: 345

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 356

عادلا كان أو فاسقا ذكرا أو

انثي (1) و كذلك اذا شك المأموم فانه يرجع الي الامام الحافظ (2) و الظان منهما بمنزلة الحافظ فيرجع الشاك اليه (3).

______________________________

و الاخذ بالجزم «1».

و الظاهر ان الرواية مرسلة و استدل علي المدعي بما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن الرجل يصلي خلف الامام لا يدري كم صلي هل عليه سهو؟ قال:

لا «2».

و استدل أيضا بما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

ليس علي الامام سهو و لا علي من خلف الامام سهو الحديث «3».

(1) لإطلاق الدليل.

(2) بمقتضي النص.

(3) ربما يستدل علي الرجوع بأن الظن بمنزلة اليقين. و فيه: انه ان اريد انه بمنزلة اليقين بالنسبة الي الظان فمسلم لكن لا يجدي في المقام و ان اريد انه متي كان شاكا يبني علي ظن غيره فلا دليل عليه.

و بعبارة اخري: ان الموضوع لرجوع المأموم الي الامام المستفاد من رواية ابراهيم «4» عدم سهو الامام و السهو اعم من الشك المتساوي بالنسبة الي الطرفين مضافا الي أن المرسل لا اعتبار به. و ربما يقال: ان مقتضي حديثي ابن جعفر و حفص عدم اعتناء المأموم حتي في صورة ظن الامام و فيه تأمل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 355

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 357

و ان اختلف المأمون لم يرجع الي بعضهم (1) و اذا كان بعضهم شاكا و بعضهم حافظا رجع الامام الي الحافظ (2) و في جواز رجوع الشاك منهم اليه اذا لم يحصل له الظن اشكال (3) و الظاهر ان جواز رجوع المأموم الي الامام و بالعكس لا يختص بالشك في الركعات

بل يعم الشك في الافعال أيضا فاذا علم المأموم انه لم يتخلف عن الامام و شك في أنه سجد سجدتين أم واحدة و الامام جازم بالاتيان بهما رجع المأموم اليه و لم يعتن بشكه (4).

______________________________

(1) لعدم دليل عليه بل الدليل قائم علي خلاف ذلك فان المذكور في رواية الفقيه عنوان الاتفاق و قد مر ان الرواية مرسلة.

(2) ربما يقال بأن مقتضي رواية ابراهيم «1» توقف رجوع الامام علي الاتفاق و مع الاختلاف لا يكون الشرط حاصلا و لكن لا يبعد أن يفهم عرفا ان المضر الاختلاف بأن يكون بعضهم متيقنا بطرف و البعض الاخر متيقنا بالطرف الاخر لا مثل مفروض المسألة في المتن و علي كل في النفس شي ء و لا يمكن الجزم مضافا الي أن المرسل لا اعتبار به كما مر. و لكن الانصاف ان مقتضي اطلاق رواية حفص جواز رجوع الامام الي المأموم الحافظ فلاحظ.

(3) لعدم الحفظ و رجوعه الي المأمومين لا يجعله حافظا بل يمكن أن يقال:

بأن ما تقدم علي فرض تماميته لا يمكن الجزم في المقام بالرجوع اذ ما تقدم كان من رجوع الشاك الي الظان بل يمكن أن يقال: بأن الظن علم و في المقام لا يكون الامام ظانا فلا وجه لرجوع المأموم اليه.

(4) قد صرح صاحب الحدائق بالتسوية بين الشك في الركعات و الافعال

______________________________

(1) لاحظ ص: 355

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 358

[مسألة 360: يجوز في الشك في ركعات النافلة البناء علي الأقل و البناء علي الأكثر]

(مسألة 360): يجوز في الشك في ركعات النافلة البناء علي الاقل و البناء علي الاكثر (1).

______________________________

و نقل عن المدارك انه نسب عدم الفرق الي الاصحاب و الانصاف ان مقتضي اطلاق رواية ابراهيم بن هاشم «1» عدم الفرق و كون المورد الشك في الركعات لا يمنع الاطلاق في

الجواب كما هو المقرر و أيضا لا اري مانعا من الاطلاق في حديث حفص «2».

(1) بلا اشكال و لا خلاف- كما في بعض الكلمات- و قال في الحدائق: الظاهر انه لا خلاف بين الاصحاب في التخيير في النافلة بين البناء علي الاكثر أو الاقل لو عرض له الشك فيها مع أفضلية البناء علي الاقل و نقل عن المدارك انه قال: لا ريب في أفضلية البناء علي الاقل لأنه المتيقن.

و الكلام تارة يقع فيما يقتضيه الاصل الاولي و اخري فيما تقتضيه النصوص أما الاصل فمقتضاه البناء علي الاقل و العمدة النصوص الواردة في هذا الباب و لا بد من النظر فيها و استفادة ما ورد فيها مما يرتبط بالمقام و من النصوص ما رواه ابراهيم «3».

فانه عليه السلام قال في هذه الرواية: «و لا سهو في نافلة» و بقرينة وحدة السياق يكون المراد من نفي السهو في النافلة بطلانها.

و منها: مرسل الكليني قال: و روي أنه اذا سها في النافلة بني علي الاقل «4» و مقتضي هذا المرسل ان الشاك في النافلة يبني علي الاقل لكن المرسل لإرساله لا اعتبار به.

______________________________

(1) لاحظ ص: 355

(2) لاحظ ص: 356

(3) لاحظ ص: 355

(4) الوسائل الباب 18 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 359

______________________________

و منها: ما رواه محمد ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن السهو في النافلة فقال: ليس عليك شي ء «1» و لا يبعد أن يكون مقتضي هذه الرواية عدم ترتب أحكام السهو من سجدتيه عليها.

و منها ما رواه عبيد اللّه الحلبي قال: سألته عن الرجل سها في ركعتين من النافلة فلم يجلس بينهما حتي قام فركع في الثالثة فقال:

يدع ركعة و يجلس و يتشهد و يسلم ثم يستأنف الصلاة بعد «2» و مقتضي هذه الرواية ان النافلة لا تبطل بزيادة الركن و لا ترتبط بما نحن فيه.

و منها ما رواه العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يشك في الفجر قال: يعيد قلت: و المغرب؟ قال: نعم و الوتر و الجمعة من غير أن أسأله «3» و مقتضي هذه الرواية ان صلاة الوتر تبطل بالشك فيها.

و منها: ما رواه في الخصال باسناده عن علي عليه السلام في حديث الأربعمائة قال: لا يكون السهو في خمس: في الوتر و الجمعة و الركعتين الاولتين من كل صلاة مكتوبة و في الصبح و في المغرب «4».

و منها: ما رواه الحسن الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

الرجل يصلي الركعتين من الوتر ثم يقوم فينسي التشهد حتي يركع و يذكر و هو راكع قال: يجلس من ركوعه يتشهد ثم يقوم فيتم قال: قلت: أ ليس قلت في الفريضة اذا ذكره بعد ما ركع مضي في صلاته ثم سجد سجدتي السهو بعد ما

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 360

الا أن يكون الاكثر مفسدا فيبني علي الاقل (1).

______________________________

ينصرف يتشهد فيهما؟ قال: ليس النافلة مثل الفريضة «1».

و لا يخفي ان حديث الصيقل ضعيف به و رواية الخصال ضعيفة بقاسم بن يحيي و العبيدي و مرسلة الكليني ضعيفة بالارسال كما ان ما رواه ابراهيم مرسل فلا بد من العمل بمقتضي بقية النصوص المعتبرة سندا.

و لقائل أن يقول: بأن المتبادر من كلمة السهو

في باب الصلوات الشك في الركعات و ذلك لكثرة استعمال السهو و ارادة الشك في الركعة و عليه نقول:

المستفاد من خبر ابن مسلم ان الشك في النافلة من حيث الركعة لا يكون مقتضيا لشي ء اذ نص في هذا الخبر بأنه ليس عليك شي ء فيأخذ المكلف بما يكون فيه نفعه و بهذا الخبر نرفع اليد عن مقتضي الاصل المقتضي للبناء علي الاقل كما أنه ببركته نرفع اليد عن خبر ابراهيم حيث دل علي البطلان بقرينة وحدة السياق.

فالنتيجة انه لو كان احد طرف الشك موجبا للبطلان دون الاخر يبني علي الصحة كما انه لو كان احد الطرفين مقتضيا لإضافة ركعة دون الطرف الاخر- كما لو شك في أن ما بيده الاولي أو الثانية- يبني علي أنها الثانية و لا يستفاد التخيير بين الامرين.

لكن يظهر من كلمات الاصحاب ان التخيير بين الاقل و الاكثر مورد الاجماع قال المحقق الهمداني في هذا المقام: انه نقل الاجماع مستفيضا ان لم يكن متواترا علي جواز البناء علي الاقل بل يكون أفضل و ملخص الكلام ان التخيير بين الامرين متسالم عليه بين الاصحاب فالنتيجة ان الشك في النافلة لا اعتبار به.

(1) أما مقتضي النص فكما ذكرنا ينفي الاقتضاء و لا تبطل الصلاة و البناء علي الاكثر يقتضي الاعادة فلا بد من البناء علي الاقل كي تكون الصلاة صحيحة و أما

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب التشهد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 361

[مسألة 361: من شك في فعل من أفعال الصلاة فريضة كانت أو نافلة أدائية أم قضائية]

(مسألة 361): من شك في فعل من أفعال الصلاة فريضة كانت أو نافلة ادائية أم قضائية أم صلاة جمعة أم آيات و قد دخل في الجزء الذي بعده مضي و لم يلتفت كمن شك في تكبيرة الاحرام و هو

في القراءة أو في الفاتحة و هو في السورة أو في الاية السابقة و هو في اللاحقة أو في أول الاية و هو في آخرها أو في القراءة و هو في الركوع أو في الركوع و هو في السجود أو شك في السجود و هو في التشهد أو في القيام لم يلتفت و كذا اذا شك في التشهد و هو في القيام أو في التسليم فانه لا يلتفت الي الشك في جميع هذه الفروض (1).

______________________________

مقتضي الاجماع فكذلك أيضا اذا لإجماع قائم علي عدم بطلان النافلة بالشك.

(1) يمكن الاستدلال علي اعتبار قاعدة التجاوز بالإجماع و النصوص أما الاجماع فالظاهر انه مدركي و لا يكون اجماعا كاشفا و أما النصوص فلا بد من ملاحظة اسنادها اولا و دلالتها ثانيا.

فنقول: من تلك النصوص ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: كل ما مضي من صلاتك و طهورك فذكرته تذكرا فامضه و لا اعادة عليك فيه «1». و هذه الرواية لا اعتبار بها سندا بموسي بن جعفر الواقع في السند.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: كلما شككت فيه مما قد مضي فامضه كما هو «2».

و هذه الرواية عامة تشمل باطلاقها جميع الموارد من الصلاة و الوضوء و غيرها

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الوضوء الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 362

______________________________

من العبادات بل تشمل غير العبادات من العقود و الايقاعات بل شاملة للمعاملات بالمعني الاعم فتشمل غسل الثوب و أمثاله من الاعمال و حيث ان الظاهر من المضي المسند الي الشي ء تحقق الشي ء و

مضيه تختص الرواية بقاعدة الفراغ و لا تشمل مورد الشك في أصل الوجود أعني مورد قاعدة التجاوز.

نعم لا نضائق من الالتزام بشمول الرواية للشك في الجزء و لا وجه لاختصاص مفادها بالشك في الكل.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا شككت في شي ء من الوضوء و قد دخلت في غيره فليس شكك بشي ء انما الشك اذا كنت في شي ء لم تجزه «1».

و هذه الرواية كالرواية قبلها تدل علي قاعدة عامة لجميع الموارد و مخصوصة بالشك في الشي ء مع فرض وجوده اذ لا يتصور التجاوز عن شي ء مع الشك في وجوده فمفادها قاعدة الفراغ غاية الامر يستفاد منها ان جريان القاعدة يختص بصورة الدخول في الغير.

و منها: ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض و ان شك في السجود بعد ما قام فليمض كل شي ء شك فيه مما قد جاوزه و دخل في غيره فليمض عليه «2».

و المستفاد من هذه الرواية ما هو المستفاد من الرواية المذكورة قبلها بلا فرق غير أن تلك الرواية دلالتها بالعموم الاطلاقي و هذه الرواية دلالتها بالعموم الوضعي و لا يبعد أن يكون المراد من أبي أحمد محمد بن عيسي العبيدي و هو ضعيف و عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الوضوء الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب السجود الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 363

______________________________

تكون الرواية ضعيفة سندا.

و منها: ما رواه زرارة قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل شك في الاذان و قد دخل في الاقامة قال: يمضي قلت: رجل شك في الاذان

و الاقامة و قد كبر.

قال: يمضي. قلت: رجل شك في التكبير و قد قرأ. قال: يمضي. قلت: شك في القراءة و قد ركع. قال: يمضي. قلت: شك في الركوع و قد سجد. قال:

يمضي علي صلاته ثم. قال: يا زرارة اذا خرجت من شي ء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشي ء «1».

و المستفاد من هذه الرواية هو المستفاد من الروايات السابقة و يستفاد منها قاعدة الفراغ اذ لا يعقل اجتماع الخروج عن شي ء مع الشك فيه و حمل الكلام علي الخروج من محل الشي ء لا دليل عليه و النتيجة ان هذه الروايات المذكورة لا تدل علي قاعدة التجاوز.

و منها ما رواه بكير ابن أعين. قال: قلت له. الرجل يشك بعد ما يتوضأ. قال:

هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك «2».

و هذه الرواية من حيث السند مخدوشة اذ بكير بن أعين الواقع في السند لم يوثق صريحا و أما من حيث الدلالة فتدل علي قاعدة الفراغ علي النحو الكلي من جهة العلة المذكورة فيها.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه. قال: اذا شك الرجل بعد ما صلي فلم يدرأ ثلاثا صلي أم أربعا و كان يقينه حين انصرف أنه كان قد أتم لم يعد الصلاة و كان حين انصرف أقرب الي الحق منه بعد ذلك «3»

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 42 من أبواب الوضوء الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 27 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 364

و اذا كان الشك قبل أن يدخل في الجزء الذي بعده وجب الاتيان به كمن شك في التكبير قبل أن

يقرأ أو في القراءة قبل أن يركع أو في الركوع قبل السجود (1).

______________________________

و هذه الرواية تدل علي اعتبار قاعدة الفراغ و بلحاظ العلة المذكورة فيها تدل علي عمومية القاعدة لكل مورد.

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: كلما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض و لا تعد «1».

و هذه الرواية تدل علي قاعدة الفراغ بالنسبة الي خصوص الصلاة. و بما ذكرنا ظهر انه لا دليل علي اعتبار قاعدة التجاوز في قبال قاعدة الفراغ و لا نبالي بالانفراد و خلاف المشهور.

نعم في كل مورد قام دليل علي اعتبار قاعدة التجاوز فيه نلتزم بجريانها في ذلك المورد كما لو شك في الركوع بعد دخوله في السجود أو شك في السجود بعد ما قام لاحظ ما رواه حماد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أشك و أنا ساجد فلا أدري ركعت أم لا قال: امض «2».

و ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و ان شك في السجود بعد ما قام فليمض «3».

(1) وقع الكلام بين القوم في أنه هل يشترط جريان القاعدة بالدخول في الغير أم لا؟ و المستفاد من حديث زرارة «4» اشتراط جريان القاعدة بالدخول في الغير

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب الركوع الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب السجود الحديث: 5

(4) لاحظ ص: 363

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 365

______________________________

فان مقتضي مفهوم الشرطية أنه لو شك في شي ء و لم يدخل في غيره وجب الاعتناء بالشك و مقتضي حديث محمد بن مسلم «1» انه لا يجب الاعتناء و النسبة بين الحديثين عموم من وجه

فانهما يفترقان فيما لو شك في شي ء و دخل في غيره و فيما شك في شي ء و لم يدخل في غيره لكن لم يتحقق عنوان المضي و يجتمعان فيما لو شك في شي ء و تحقق عنوان المضي و لم يدخل في غيره فان مقتضي حديث ابن مسلم عدم وجوب الاعتناء و مقتضي حديث زرارة هو الوجوب و الترجيح مع حديث ابن مسلم لان عمومه وضعي و العام الوضعي يقدم علي العموم الاطلاقي.

و أما حديث اسماعيل بن جابر «2» فهو و ان كان بالعموم الوضعي يدل علي اشتراط جريان القاعدة بالدخول في الغير و لكنه من حيث السند مخدوش اذ يحتمل أن يكون العبيدي في الطريق و هو مورد المناقشة.

فالنتيجة عدم اشتراط جريان القاعدة بالدخول في الغير فلاحظ. و مما ذكر تعرف الجواب عن الاستدلال علي المدعي بما رواه ابن أبي يعفور «3» اذ المرجع للضمير الواقع في لفظ غيره اما راجع الي الوضوء و اما راجع الي لفظ الشي ء الواقع في الحديث أما علي الاول فلا يدل علي عدم جريان القاعدة أثناء الوضوء و يتوقف جريانها علي الدخول في غير الوضوء فلا يكون دليلا علي المدعي.

و أما علي الثاني فهو يكون دليلا علي المدعي كرواية زرارة و لكن حيث ان دلالته بالاطلاق لا يقاوم العموم الوضعي الواقع في حديث ابن مسلم.

بل يمكن أن يقال: ان الرواية تدل عل الاشتراط في خصوص الوضوء حتي

______________________________

(1) لاحظ ص: 361

(2) لاحظ ص: 362

(3) لاحظ ص: 362

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 366

______________________________

علي الاحتمال الثاني و لا يستفاد منها الميزان الكلي و الضابطة الكلية المستفادة من ذيل الحديث عدم اعتبار الشك مع صدق عدم التجاوز و لكن مع صدقه لا يعتني

بالشك فلا يلزم الدخول في الغير و يتضح الامر بالنسبة الي الوضوء ما رواه زرارة «1» فان المستفاد من هذه الرواية عدم جريان القاعدة بالنسبة الي الوضوء ما دام لم يفرغ المكلف منه فلاحظ.

و ربما يستدل علي الاشتراط بوجهين: الاول: ان المطلق ينصرف الي الفرد الغالب و الغالب في الشك في الصحة أن يكون بعد الدخول في الغير.

و فيه: ان الغلبة لا توجب الانصراف نعم لا يختص المطلق بالفرد النادر و لا مانع من شمول الاطلاق اياه و لذا لا يختص حرمة الصلاة في غير المأكول بما يبتلي به المكلف غالبا و صفوة القول: ان الحكم المترتب علي طبيعة يشمل جميع أفراد تلك الطبيعة و الاخراج يحتاج الي دليل خاص.

الثاني: ما عن المحقق النائيني قدس سره و هو ان شمول الحكم لجميع أفراد الطبيعة يختص بما لا تكون الطبيعة مشككة كالماء مثلا و أما مع التشكيك فلا يتحقق الاطلاق كلفظ الحيوان فان شموله للإنسان محل الاشكال و المقام كذلك فان صدق المضي بعد الدخول في الغير أظهر من صدقه قبله.

و فيه: انه اذا كان التشكيك لخفاء الصدق و ظهوره كلفظ الحيوان فالحق كما أفاده اذ انعقاد الاطلاق يتوقف علي صدق الطبيعة علي الفرد و أما لو كان التشكيك بالظهور و الأطهرية فلا مانع من الاطلاق و الا يلزم اختصاص القاعدة بالشك بعد الوقت لان صدق المضي أظهر فهذا الوجه أيضا غير مانع عن الاطلاق.

فالمتحصل مما ذكرنا عدم اشتراط جريان القاعدة بالدخول في الغير و لو اغمض

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الوضوء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 367

و ان كان الشك حال الهوي اليه (1) أو في السجود أو في التشهد و هو جالس

(2) أو حال النهوض الي القيام (3) و كذلك اذا شك في التسليم و هو في التعقيب (4).

______________________________

عما ذكرنا و قيل بالاشتراط فهل يلزم أن يكون الغير مترتبا أم يكفي مطلق الغيرية؟.

الظاهر هو الاول اذ مع عدم الترتيب لا يصدق عنوان الخروج و الدخول في الغير.

و بعبارة اخري: الغير اذا لم يكن مترتبا يمكن اجتماعه مع عدم الخروج عن المشكوك فيه مثلا يمكن أن يقرأ المصلي السورة و في حال قراءتها يحك بدنه و لا يصدق عليه انه داخل في غير القراءة اذ حك البدن ليس مترتبا علي القراءة فالنتيجة ان الغير لا بد أن يكون مترتبا.

ثم انه هل يلزم أن يكون الترتب شرعيا أم يكفي مطلق الترتب و لو كان عاديا أو عقليا الحق هو الثاني فان عنوان الدخول في الغير يتحقق بمطلق الدخول في الغير المترتب و لا يبعد أن يدل علي المدعي حديث زرارة «1» فان قوله عليه السلام أو «غيرها» يدل علي أن الموضوع لجريان القاعدة الدخول في مطلق الغير لكن هذه الرواية تختص بباب الوضوء.

(1) قد ظهر مما ذكرنا ان مجرد الترتب يكفي في جريان القاعدة فيكفي الدخول في الهوي و ان لم يكن من أجزاء الصلاة.

(2) لعدم احراز الدخول في الغير.

(3) قد ظهر مما مر الاشكال فيه فلاحظ.

(4) بتقريب ان التسليم لا يكون محله قبل التعقيب فلا يصدق الخروج لبقاء الحمل، و فيه ان التعقيب مترتب علي التسليم فيصدق انه شك في التسليم بعد الدخول

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب الوضوء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 368

قبل أن يأتي بما ينافي الصلاة عمدا أو سهوا (1).

[مسألة 362: يعتبر في الجزء الذي يدخل فيه أن يكون من الأجزاء الواجبة]

(مسألة 362): يعتبر في الجزء الذي يدخل فيه أن يكون من الاجزاء

الواجبة فاذا شك في القراءة و هو في القنوت لزمه الالتفات و التدارك (2).

______________________________

في التعقيب المترتب عليه نعم الاشكال تمام الاشكال عدم دلالة الرواية علي اعتبار قاعدة التجاوز.

(1) الذي ينبغي أن يقال في المقام هو التفصيل بين المنافي العمدي و بين المنافي مطلقا كالحدث بأن نقول: علي الاول لا وجه لعدم الالتفات لعدم تحقق موضوع القاعدتين فيجب التدارك و اما علي الثاني فلان المفروض ان السلام غير قابل لان يلحق بالصلاة فنحكم عليها بالصحة لقاعدة لا تعاد فلاحظ.

(2) الظاهر ان نظره الي أن جريان القاعدة يتوقف علي صدق عنوان المضي و هذا العنوان لا يحصل الا بالدخول في الجزء المترتب عليه و هذا الامر في القنوت مثلا بالنسبة الي السورة مفقود اذ لم يعتبر في السورة تقدمها علي القنوت و ان اعتبر في القنوت تأخره عن السورة و أيضا ان الجزئية و الاستحباب عنوانان لا يجتمعان فان الاهمال محال في مقام الثبوت و عليه كل شي ء يلاحظ بالنسبة الي المركب فاما يكون المركب بالنسبة اليه لا بشرط و اما لا يكون و علي الثاني فاما يكون ذلك الشي ء دخيلا بنفسه في المركب فيكون جزءا و اما يكون دخيلا بنحو التقيد به فيكون شرطا و اما يكون عدمه دخيلا فيكون مانعا و الجزء المستحبي لا يكون دخيلا في المركب بأي نحو من الاقسام فكيف يكون جزءا و الحال أن الجزء ما يكون المركب مركبا منه و من غيره و لازمه انتفائه بانتفائه.

و نجيب عن الاستدلال اولا بالنقض و ثانيا بالحل أما الاول فنقول: انا نسأل

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 369

______________________________

ان الركوع الثالث من صلاة المغرب هل يكون جزءا للصلاة أم لا؟ لا مجال للثاني فعلي فرض

كونه جزءا كما هو كذلك قطعا فهل يكون المركب بالنسبة اليه لا بشرط أم لا؟ فعلي تقدير الاشتراط و الجزئية كيف يمكن تحقق الماهية بدون ما يكون جزءا و لا اشكال في تحقق الطبيعة بدونه كصلاة الصبح و نحوها.

و أما علي الثاني نقول: الصلاة اما اسم للأعم من الصحيح كما هو مذهب الماتن في ذلك البحث و اما اسم لخصوص الصحيح كما هو الحق أما علي الاول فنقول- كما هو مختاره- ان الصلاة اسم للأركان بنحو لا بشرط بحيث لو زيد عليه بقية الاجزاء تصير جزءا و علي فرض عدمها لا تكون الماهية ناقصة و أما علي تقدير كونها اسما لخصوص الصحيح نقول: الصلاة اسم لما يكون ناهيا عن الفحشاء لكن ملحوظة لا بشرط بالنسبة الي الجزء المستحب بحيث لو انضم اليه يكون جزءا و مع عدم الانضمام لا تكون الماهية منهدمة الاركان.

و نظيره ما ذكرناه في المركبات الخارجية مثلا الدار اسم لأرض ذات جدران أربعة و قبة فلو انضم اليها السرداب يكون جزءا و الا فالدار صادقة علي الفاقد للسرداب أيضا و قس عليه بقية الاجزاء و بقية المركبات و السر في ذلك ان المركب الاعتباري ليس كالمركب الحقيقي بأن يكون الجزء الملحوظ فيه مقوما له يوجب انتفائه انتفاء المركب كالفصل أو الجنس فلا يعقل أن يتحقق الانسان بلا تحقق الحيوان أو الناطق.

فانقدح ان الجزء المستحبي أمر قابل للتصور و عليه نقول: لا مانع من أن الشارع الاقدس قيد الصلاة بالقنوت و جعله في مكان خاص فيصح أن يقال: ان محل السورة قبل القنوت و محل الركوع بعده و محله بعد السورة و قبل الركوع و الادلة نفي بالمقصود في مقام الاثبات.

مباني منهاج الصالحين،

ج 5، ص: 370

[مسألة 363: إذا شك في صحة الواقع بعد الفراغ منه لا يلتفت]

(مسألة 363): اذا شك في صحة الواقع بعد الفراغ منه لا يلتفت (1) و ان لم يدخل في الجزء الذي بعده كما اذا شك بعد الفراغ من تكبيرة الاحرام في صحتها فانه لا يلتفت و كذا اذا شك في صحة قراءة الكلمة أو الاية (2).

[مسألة 364: إذا أتي بالمشكوك في المحل ثم تبين أنه قد فعله أو لا لم تبطل صلاته]

(مسألة 364): اذا أتي بالمشكوك في المحل ثم تبين انه قد فعله أولا لم تبطل صلاته الا اذا كان ركنا (3).

______________________________

و من هذا البيان انقدح عدم الفرق في جريان القاعدة بعد الدخول في الغير بين كون المدخول فيه واجبا أو مستحبا كما أنه لا فرق في المشكوك فيه بين كونه واجبا أو مستحبا فالقاعدة تجري في الاقسام المتصورة الاربعة.

و مما يؤكد هذا المدعي بل يدل عليه انه ذكر في صدر الرواية التي رواها زرارة الاذان و الاقامة و في ذيل الرواية اعطي قاعدة كلية فلو كان فرق بين الواجب و المستحب لكان عليه عليه السلام البيان و التذكير فانه لا اشكال في أن العرف يفهم الكلية من الرواية فلاحظ.

(1) لقاعدة الفراغ.

(2) قد تقدم ان المستفاد من النصوص اعتبار قاعدة الفراغ و أما قاعدة التجاوز فلا دليل عليها و ذكرنا ان مقتضي الصناعة عدم توقف جريان القاعدة علي الدخول في الغير.

(3) و الوجه فيه ان زيادة الركن توجب البطلان بلا فرق بين الجاهل و العالم و مجرد الحكم الظاهري المقتضي للإتيان لا يقتضي رفع اليد عن الواقع.

لكن لا يخفي انه لو كان الركن المفروض في الكلام من الاذكار كتكبيرة الاحرام يمكن الاتيان به بقصد القربة المطلقة كي لا يتوجه اشكال الزيادة المبطلة للصلاة

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 371

و اذا لم يأت بالمشكوك بعد تجاوز المحل فتبين عدم الاتيان به فان أمكن

التدارك به فعله (1) و الا صحت صلاته (2) الا أن يكون ركنا (3).

[مسألة 365: إذا شك و هو في فعل في أنه هل شك في بعض الأفعال المتقدمة أو لا لم يلتفت]

(مسألة 365): اذا شك و هو في فعل في أنه هل شك في بعض الافعال المتقدمة أو لا لم يلتفت (4) و كذا لو شك في أنه هل سهي أم لا و قد جاز محل ذلك الشي ء الذي شك في أنه سها عنه أو لا (5) نعم لو شك في السهو و عدمه و هو في محل يتلافي فيه المشكوك فيه أتي به علي الأصحّ (6).

______________________________

و ان لم يكن من الاركان لا يوجب البطلان اذ المفروض انها لم تكن عمدية فلا تبطل بها علي ما هو المشهور بين القوم من عدم البطلان لقاعدة لا تعاد.

(1) لوجوب التدارك لكون المشكوك جزءا من المركب فيجب الاتيان به و المفروض بقاء محل التدارك.

(2) لقاعدة لا تعاد.

(3) لعدم شمول قاعدة لا تعاد فيترتب عليه البطلان علي طبق القاعدة الاولية لنقصان المركب و عدم امكان تداركه فلاحظ.

(4) فان مرجع الشك هذا الي فوت فعل من الافعال السابقة و مقتضي القاعدة عدم الاعتناء.

(5) الكلام فيه هو الكلام.

(6) لعدم جريان القاعدة الثانوية و مقتضي القاعدة الاولية التلافي و لا يخفي ان الميزان في الجريان و عدمه دخول المورد تحت عنوان قاعدة الفراغ و عدمه بأنه ان كان مرجع الشك في صحة الموجود تجري القاعدة و ان كان في أصل الوجود فلا.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 372

[مسألة 366: إذا شك المصلي في عدد الركعات فالأحوط له استحبابا التروي يسيرا]

(مسألة 366): اذا شك المصلي في عدد الركعات فالاحوط له استحبابا التروي يسيرا (1) فان استقر الشك و كان في الثنائية أو الثلاثية أو الاوليين من الرباعية بطلت و ان كان في غيرها و قد أحرز الاوليين بأن أتم الذكر في السجدة الثانية من الركعة الثانية (2).

______________________________

(1) ما قيل في وجوب التروي انصراف ادلة الشكوك الي

الشك المستقر بالتروي قال المحقق الهمداني قدس سره في هذا المقام: «و هل يجب التروي الي أن يتحقق الفصل الطويل» الي أن قال: «المتبادر من الشك في النصوص و الفتاوي هو التحير الحاصل للنفس بعد اعمال الروية في الجملة أي الشك المستقر» انتهي كلامه.

و قال في الحدائق في هذا المقام في الرد علي كلام الشهيد الثاني: «و أنت خبير بان الاخبار خالية من ذلك و تقييد اطلاقها من غير دليل مشكل و ان كان الاحوط ما ذكره و اللّه العالم.

و الانصاف انه لا مانع من الاطلاق و لا وجه لا دعاء الانصراف بل يمكن أن يقال: بأن مقتضي الاستصحاب الاستقبالي بقاء الشك بحاله و عدم انقلابه الي الظن أو اليقين و مع بقاء الشك يترتب عليه أحكامه بلا كلام و نقل عن الجواهر عدم الوجوب و ان اطلاق الادلة يقتضي عدمه فالحق انه لا يجب و الاحتياط طريق النجاة.

(2) قد تعرض الماتن لجملة من الفروع: الفرع الاول حكم الشك في الثنائية فان الشك فيها يوجب البطلان نقل عليه الاجماع من جملة من الاعلام علي اختلاف تعبيراتهم.

و يدل علي المدعي ما رواه سماعة قال: سألته عن السهو في صلاة الغداة فقال:

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 373

______________________________

اذا لم تدر واحدة صليت أم ثنتين فأعد الصلاة من أولها و الجمعة أيضا اذا سها فيها الامام فعليه أن يعيد الصلاة لأنها ركعتان و المغرب اذا سها فيها فلم يدر كم ركعة صلي فعليه أن يعيد الصلاة «1».

فان عموم العلة الواردة في هذه الرواية يقتضي بطلان الشك في الثنائية و يؤكد المدعي في الجملة جملة من الروايات الواردة في الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة من الوسائل.

و يدل

عليه أيضا جملة من النصوص: منها ما رواه زرارة بن أعين قال: قال أبو جعفر عليه السلام كان الذي فرض اللّه علي العباد عشر ركعات و فيهن القراءة و ليس فيهن و هم يعني سهوا فزاد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله سبعا و فيهن الوهم و ليس فيهن قراءة فمن شك في الاولتين أعاد حتي يحفظ و يكون علي يقين و من شك في الاخيرتين عمل بالوهم «2».

و منها: ما رواه أيضا قال: و انما فرض اللّه كل صلاة ركعتين و زاد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله سبعا و فيهن الوهم و ليس فيهن قراءة «3».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن رجل لم يدري أ واحدة صلي أو اثنتين فقال له: يعيد الصلاة فقال له: فاين ما روي أن الفقيه لا يعيد الصلاة؟ قال: انما ذلك في الثلاث و الاربع «4».

و منها: ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قاله قلت له: رجل لا يدري

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 374

______________________________

واحدة صلي أو ثنتين قال: يعيد الحديث «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سليمان عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما عرج برسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نزل بالصلاة عشر ركعات ركعتين ركعتين فلما ولد الحسن و الحسين (ع) زاد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله سبع ركعات الي أن قال: و انما يجب السهو فيما

زاد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فمن شك في أصل الفرض الركعتين الاولتين استقبل صلاته «2». و غيرها من الروايات.

و في قبال هذه النصوص جملة من الروايات يدل علي البناء علي الاقل و اضافة ركعة منها: ما رواه الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل لا يدري أ ركعتين صلي أم واحدة قال: يتم «3».

و في رواية اخري مثله الا أنه قال: يتم علي صلاته «4».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل لا يدري أ ركعتين صلي أم واحدة قال: يتم بركعة «5».

و منها: ما رواه عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل لم يدر صلي الفجر ركعتين أو ركعة قال: يتشهد و ينصرف ثم يقوم فيصلي ركعة فان كان قد صلي ركعتين كانت هذه تطوعا و ان كان قد صلي ركعة كانت هذه تمام الصلاة قلت: فصلي المغرب فلم يدر اثنتين صلي أم ثلاثا؟ قال: يتشهد و ينصرف

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 20

(4) نفس المصدر الحديث: 21

(5) نفس المصدر الحديث: 22

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 375

______________________________

ثم يقوم فيصلي ركعة فان كان صلي ثلاثا كانت هذه تطوعا و ان كان صلي اثنتين كانت هذه تمام الصلاة و هذا و اللّه مما لا يقضي أبدا «1».

و نسب القول بمضمونها الي الصدوق و ان كان المنقول عن الوحيد فساد انتسابه اليه جزما. و كيف كان لا مجال لرفع اليد عن تلك الاخبار بهذه النصوص المعارضة فان هذه النصوص مضافا الي أنها معرض عنها تكون موافقة للعامة علي

ما صرح الشيخ الحر في الوسائل و أيضا التقديم مع تلك الاخبار بلحاظ الاحدثية.

و في المقام رواية اخري رواها علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يدري كم صلي واحدة أم (أو). اثنتين أو ثلاثا قال: يبني علي الجزم و يسجد سجدتي السهو و يتشهد تشهدا خفيفا «2» تدل علي البناء علي الجزم و الجزم يحصل بالاستيناف كما أفاده الشيخ قدس سره فلا تكون معارضة لتلك النصوص فتأمل.

مضافا الي أنها مطلقة من حيث كون الصلاة ثنائية أو ثلاثية أو رباعية فلا تعارض ما دل علي بطلان الصلاة بالشك اذا كانت ثنائية فان المستفاد من حديث سماعة «3» ان الشك في أنه صلي واحدة أم اثنتين يوجب البطلان في الثنائية و تكون النسبة بين هذه الرواية و الروايات المعارضة نسبة الخاص الي العام فالدليل علي بطلان الثنائية تام.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه زرارة «4». فان المستفاد من هذه الرواية ان الثنائية ليست قابلة لان تكون ظرفا للشك. و ان شئت قلت: ان هذه الرواية

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 372

(4) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 376

______________________________

حاكمة علي النصوص المعارضة.

و يمكن الاستدلال بطريق ثالث علي المدعي و هو أن المستفاد من بعض النصوص بطلان الفجر بالشك لاحظ ما رواه حفص بن البختري و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا شككت في المغرب فأعد و اذا شككت في الفجر فأعد «1».

و ما رواه حفص بن البختري و غير واحد كلهم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اذا

شككت في المغرب فأعد و اذا شككت في الفجر فأعد «2».

و ما رواه العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يشك في الفجر قال: يعيد قلت المغرب قال: نعم و الوتر و الجمعة من غير أن أسأله «3».

و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين النقيصة و الزيادة و بعدم القول بالفصل بين الصلوات يثبت الحكم لكل ثنائية نعم يعارض ما دل علي البطلان ما رواه عمار «4» لكن يعارضه في مورده ما رواه سماعة «5» أيضا و يحمل ما رواه عمار علي التقية.

الفرع الثاني: الشك في الثلاثية مبطل للصلاة ادعي الاجماع عليه جملة من الاعلام- علي ما نقل عنهم- و يدل علي المدعي بعض النصوص لاحظ ما رواه حفص بن البختري و غيره «6».

و ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عن السهو في

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) لاحظ ص: 374

(5) لاحظ ص: 372

(6) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 377

______________________________

المغرب قال: يعيد حتي يحفظ انها ليست مثل الشفع «1» و ما رواه سماعة «2».

و ما رواه ابراهيم بن هاشم عن الصادق عليه السلام قال: و ليس في المغرب سهو و لا في الفجر سهو «3».

و ما رواه العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل صلي الفجر فلا يدري صلي ركعة أو ركعتين فقال: يعيد فقال له بعض أصحابنا و أنا حاضر و المغرب فقال: و المغرب فقلت له أنا: و الوتر قال: نعم و الوتر و الجمعة «4».

و في المقام جملة من الروايات تدل علي أنه لو شك

في أنه صلي اثنتين أم واحدة يتم لاحظ ما رواه الحسين بن أبي العلاء و عبد اللّه بن أبي يعفور «5» و تعارض هذه الروايات جملة اخري لاحظ ما رواه رفاعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل لا يدري أ ركعة صلي أم ثنتين قال: يعيد «6».

و ما رواه عبد اللّه بن الفضل الهاشمي «7».

و ما رواه زرارة «8».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي و لا يدري أ واحدة صلي أم اثنتين قال: يستقبل حتي يستقين أنه قد أتم و في الجمعة

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 372

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 13

(4) نفس المصدر الحديث: 15

(5) لاحظ ص: 374 و 376

(6) الوسائل الباب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 12

(7) لاحظ ص: 373

(8) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 378

______________________________

و في المغرب و في الصلاة في السفر «1» و الترجيح مع الطائفة الثانية لمخالفتها مع العامة مضافا الي أن الطائفة الاولي مطلقة من حيث الفريضة و النافلة فيتقدم ما يدل علي البطلان و يحمل علي الفريضة و الا لم يبق له موضوع و هذا بنفسه من المرجحات الدلالية.

و في المقام روايتان إحداهما ما رواه عمار الساباطي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل شك في المغرب فلم يدر ركعتين صلي أم ثلاثا قال: يسلم ثم يقوم فيضيف اليها ركعة ثم قال: هذا و اللّه مما لا يقضي أبدا «2».

ثانيتهما ما رواه أيضا «3». لكن تعارضهما جملة اخري لاحظ ما رواه محمد بن مسلم

«4» و ما رواه سماعة «5» الي غيرهما من الروايات و الترجيح مع الثانية لموافقة الاولي مع التقية.

الفرع الثالث: ان الشك في الاوليين من الرباعية يوجب البطلان لجملة من الروايات منها: ما رواه زرارة بن أعين «6» و منها ما رواه عامر بن جذاعة «7» و منها ما رواه ابراهيم بن هاشم «8» و منها: ما رواه يونس «9» و منها ما رواه

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 11

(3) لاحظ ص: 374

(4) مر آنفا.

(5) لاحظ ص: 372

(6) لاحظ ص: 373

(7) الوسائل الباب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

(8) نفس المصدر الحديث: 4

(9) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 379

______________________________

الفضل بن عبد الملك «1» و منها: ما رواه عنبسة بن معصب «2» و منها: ما رواه أبو بصير «3» و منها ما رواه سماعة قال: قال: اذا سها الرجل في الركعتين الاولتين من الظهر و العصر فلم يدر واحدة صلي أم ثنتين فعليه أن يعيد الصلاة «4» و منها: ما رواه موسي بن بكر «5».

الفرع الرابع أن يكون الشك في الرباعية مع احراز الاوليين بأن أتم الذكر في السجدة الثانية من الركعة الثانية وقع الكلام بين القوم في هذه الجهة فربما يقال: بأن تحقق الركعة بحصول الركوع بتقريب أن الركعة واحدة الركوع و بما ورد في صلاة الآيات من أنها عشر ركعات.

و هذا القول ضعيف اذ كون الركعة واحدة الركوع لغة لا ينافي كون الركعة حقيقة في الركعة الواجدة للسجدتين حقيقية متشرعية و استعمال الركعة في ركوع وحده في صلاة الآيات أعم من الحقيقة فان

الاستعمال قد يكون حقيقيا و اخري مجازيا و اصالة الحقيقة ليست أصلا تعبديا بل من الامارات.

اضف الي ذلك ان القرينة في المقام قائمة علي المراد فان العرف يفهم من النصوص ان الشك في الركعات يوجب البطلان اذا لم تحفظ الاوليان.

و الذي يختلج ببالي القاصر انه لا يشك أحد في أن المراد من الركعة في النصوص المشار اليها الركعة الكاملة لا الركوع لاحظ حديث زرارة «6»

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 14

(3) نفس المصدر الحديث: 15

(4) نفس المصدر الحديث: 17

(5) نفس المصدر الحديث: 19

(6) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 380

______________________________

فان قوله عليه السلام: و فيهن القراءة» صريح و لا أقلّ من كونه ظاهرا في أن المراد من الركعة ليس الركوع وحده و قس عليه بقية النصوص فهذا القول ساقط عن درجة الاعتبار.

و ربما يقال: بأن اللازم الدخول في الثالثة و الا لم يكن الشك صحيحا لحديث زرارة عن احدهما عليهما السلام قال قلت له: رجل لا يدري اثنتين صلي أم ثلاثا قال: ان دخل الشك بعد دخوله في الثالثة مضي في الثالثة ثم صلي الاخري و لا شي ء عليه و يسلم «1».

و اجيب عنه بأن الشك بعد اكمال السجدتين من الركعة الثانية في الرباعية صحيح بلا اشكال فيحمل مفهوم الحديث علي الشك قبل الاكمال.

و يمكن أن يقال: ان هذه الرواية من الروايات التي تدل علي البناء علي الاقل و الاتيان بالباقي موصولا فتكون موافقة للتقية اذ مع الدخول في الثالثة معناه انه لا اشكال في تحقق الثاني قبل ذلك فطبعا يكون الشك بعد الدخول في الركعة اللاحقة شكا بين الثلاث و الاربع و مقتضي قوله عليه السلام: «مضي في الثالثة ثم صلي

الاخري» انه يبني علي الثلاث و يأتي بركعة موصولة و هذا خلاف المذهب فهذا القول أيضا ساقط عن درجة الاعتبار.

و ربما يقال: بأنه يشترط في تحققهما رفع الرأس من السجدة الثانية و ما يمكن أن يكون وجها لهذا القول امور:

الاول: ان رفع الرأس من السجدة الثانية من واجبات السجود فما دام لم يرفع الرأس منه لم يتحقق السجود و مع عدم تحققه لا تتحقق الركعة فيكون الشك موجبا لبطلان الصلاة.

و فيه: ان كون رفع الرأس من السجدة من واجبات السجود محل نظر و اشكال

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 381

و ان لم يرفع رأسه (1) فهنا صور: منها: لا علاج للشك فيها فتبطل الصلاة فيها (2).

______________________________

بل يمكن أن يقال: بأن وجوبه عقلي للإتيان ببقية أجزاء الصلاة.

الثاني: انه ما دام لم يرفع الرأس لم يكن خارجا عن الركعة و يكون المقدار الزائد جزءا من الركعة و احراز الركعة الثانية شرط صحة الشك.

و فيه: انه لا تنافي بين الاحراز و عدم الخروج الثالث: استصحاب بقاء الركعة و بتعبير آخر استصحاب عدم تحقق الركعة قبل الرفع. و فيه: انه لا مجال للأصل مع احراز موضوع الحكم الشرعي و المستفاد من الادلة تمامية الركعة بالاتيان بالمقدار الواجب منها و المفروض حصوله.

و ربما يقال: بالاكتفاء بوضع الجبهة لعدم كون الذكر مقوما للسجود. و فيه ان الذكر و ان لم يكن مقوما للسجود لكن مقوم للركعة لأنه من واجباتها فلا بد من رعايته في تحقق الموضوع و بما ذكرنا ظهر أن ما أفاده في المتن هو الصحيح.

(1) و قد ظهر وجهه.

(2) لا ريب في أن مقتضي الاستصحاب عند الشك في عدد

الركعات البناء علي الاقل لكن مقتضي جملة من النصوص ان الشك في عدد الركعات يوجب البطلان و انما يحكم بعدم البطلان في موارد خاصة كما سيأتي البحث عنها لقيام الدليل عليه.

فمن تلك النصوص ما رواه صفوان عن أبي الحسن عليه السلام قال: ان كنت لا تدري كم صليت و لم يقع و همك علي شي ء فأعد الصلاة «1».

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا شككت فلم تدرأ في ثلاث أم في اثنتين أم في واحدة أم في اربع فأعد و لا تمض علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 382

______________________________

الشك «1».

و منها: ما رواه زرارة و أبو بصير جميعا قالا: قلنا له: الرجل يشك كثيرا في صلاته حتي لا يدري كم صلي و لا ما بقي عليه قال: يعيد الحديث «2».

و منها: ما رواه علي بن النعمان الرازي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: انما يعيد من لا يدري ما صلي «3».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فلا يدري صلي شيئا أم لا قال: يستقبل «4».

ان قلت يعارض هذه الروايات ما رواه اسحاق بن عمار قال: قال لي أبو الحسن الاول عليه السلام: اذا شككت فابن علي اليقين قال: قلت: هذا أصل؟

قال: نعم «5».

فان مقتضي هذه الرواية البناء علي الاقل. قلت: اولا هذه الرواية ضعيفة سندا لضعف طريق الصدوق الي ابن عمار.

و ثانيا ان هذه الرواية غاية دلالتها عدم نقض اليقين بالشك كبقية روايات باب الاستصحاب و ليست واردة في

خصوص الشك في الركعات فنرفع اليد عن اطلاقها بما ورد في المقام.

و ربما يقال: بأن مقتضي رواية عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال له:

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 5، ص: 382

يا عمار أجمع لك السهو كله في كلمتين متي ما شككت فخذ بالاكثر فاذا سلمت

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 5 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 383

______________________________

فاتم ما ظننت انك نقصت «1» البناء علي الاكثر.

و فيه ان الظاهر من الحديث ان هذا وظيفة من كان الاكثر صحيحا في حقه.

و بعبارة اخري: لو دار الامر بين النقيصة و عدمها يكون المستفاد من الرواية وجوب العمل علي الاكثر و تدارك النقص الاحتمالي بصلاة منفصلة و المقام يكون الامر دائرا بين النقيصة و الزيادة و مقتضي تلك الروايات الحكم بالبطلان.

و في المقام رواية عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد و سلم و اسجد سجدتين بغير ركوع و لا قراءة فتشهد فيهما تشهدا خفيفا «2» مفادها الالتزام بالصحة علي الاطلاق و الاتيان بالمرغمتين و لكن لا يمكن الالتزام بمفادها.

و مثل هذه الرواية في المفاد حديث زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر زاد أم نقص فليسجد سجدتين و هو جالس و سماهما رسول اللّه صلي اللّه عليه و

آله المرغمتين «3».

و أما حديث زيد الشحام قال: سألته عن رجل صلي العصر ست ركعات أو خمس ركعات قال: ان استيقن أنه صلي خمسا أو ستا فليبعد و ان كان لا يدري أزاد أم نقص فليكبر و هو جالس ثم ليركع ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب في آخر صلاته ثم يتشهد الحديث «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 384

و منها ما يمكن علاج الشك فيها و تصح الصلاة حينئذ و هي تسع صور:

الاولي: منها الشك بين الاثنتين و الثلاث بعد ذكر السجدة الاخيرة (1) فانه يبني علي الثلاث و يأتي بالرابعة و يتم صلاته (2).

______________________________

فسنده مخدوش بأبي جميلة مفضل بن صالح فالنتيجة ان الشك في عدد الركعات يوجب البطلان الا فيما يقوم دليل علي الصحة كما في موارد الشكوك الصحيحة.

(1) اذ مع عدم اكمال السجدتين تكون الركعة الثانية مورد الشك و هو يوجب البطلان.

(2) هذا هو المشهور علي ما في بعض- كلمات القوم- و نقل عن جملة من الاعلام ادعاء الاجماع عليه و نقل عن الامالي انه من دين الامامية و يدل عليه ما رواه عمار «1».

و ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شي ء من السهو في الصلاة فقال: ألا اعلمك شيئا اذا فعلته ثم ذكرت انك اتممت أو نقصت لم يكن عليك شي ء؟ قلت: بلي قال: اذا سهوت فابن علي الاكثر فاذا فرغت و سلمت فقم فصل ما ظننت انك نقصت فان كنت قد أتممت لم يكن عليك في هذه شي ء و ان ذكرت انك كنت نقصت

كان ما صليت تمام ما نقصت «2».

و ما رواه أيضا قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام. قال: كلما دخل عليك من الشك في صلاتك فاعمل علي الاكثر قال: فاذا انصرفت فأتم ما ظننت أنك نقصت «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 382

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 385

______________________________

و يؤيد المدعي ما رواه العلاء قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل صلي ركعتين و شك في الثالثة قال: يبني علي اليقين فاذا فرغ تشهد و قام قائما فصلي ركعة بفاتحة القرآن «1».

فان المراد من البناء علي اليقين البناء علي الاكثر بقرينة الذيل و انما عبرنا بالتأييد لكون سند الرواية ضعيفا.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه محمد بن مسلم قال: انما السهو بين الثلاث و الاربع و في الاثنتين و (في) الاربع بتلك المنزلة و من سها فلم يدر ثلاثا صلي أم أربعا و اعتدل شكه قال: يقوم فيتم ثم يجلس فيتشهد و يسلم و يصلي ركعتين و أربع سجدات و هو جالس فان كان أكثر وهمه الي الاربع تشهد و سلم ثم قرأ فاتحة الكتاب و ركع و سجد ثم قرأ و سجد سجدتين و تشهد و سلم و ان كان أكثر وهمه الي اثنتين نهض و صلي ركعتين و تشهد و سلم «2».

و الاشكال في الرواية بكونها مقطوعة غير سديد فان الراوي ابن مسلم و حاله في الجلالة معلوم و تقريب الاستدلال بالرواية ان الشك اذا كان بين الثلاث و الاربع فلا يخلو اما يكون ذلك في حال الجلوس أو في حال القيام فان كان في حال الجلوس يجب عليه اتمام

الصلاة لا القيام و اضافة ركعة و ان كان في حال القيام لا بد من اتمام صلاته و علي كلا التقديرين لا يلائم مع قوله عليه السلام: «يقوم فيتم» و عليه يكون المراد الشك بين الثلاث و الاربع قبل التلبس بالركعة بأن يشك في حال الجلوس في أن الركعة التي يريد الدخول فيها هل هي ثالثة أم رابعة و عليه يكون الشك حقيقة بين الاثنتين و الثلاث.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 386

______________________________

و في المقام قول نقل عن المقنع و هو القول بكون هذا الشك مبطلا و ما استدل به عليه ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل لم يدر ركعتين صلي أم ثلاثا قال: يعيد قلت: أ ليس يقال: لا يعيد الصلاة فقيه؟ فقال:

انما ذلك في الثلاث و الاربع «1».

و لا اشكال في أنه مع عدم امكان الجمع بينه و ما تقدم ترفع اليد عن هذه الرواية كيف و قد مر من الامالي ان هذا من دين الامامية و يمكن حمل الرواية علي صلاة المغرب فان الحديث باطلاقه يشمل المغرب و اللّه العالم.

و نسب الي الفقيه جواز البناء علي الاقل جمعا بين ما تقدم و بين رواية اسحاق ابن عمار قال: قال لي أبو الحسن الاول عليه السلام: اذا شككت فابن علي اليقين قال: قلت: هذا اصل؟ قال: نعم «2».

و قد تقدم ان رواية ابن عمار ضعيفة سندا و قاصرة دلالة اذ غاية دلالتها كونها كبقية اخبار الاستصحاب و مقتضي ما ورد في المقام عدم

اعتبار الاستصحاب في باب الشك في عدد الركعات.

و عن والد الصدوق: التخيير بين البناء علي الاقل و البناء علي الاكثر و مدركه ما في فقه الرضا عليه السلام «و ان شككت فلم تدر اثنتين صليت أم ثلاثا و ذهب و همك الي الثالثة فاضف اليها الرابعة فاذا سلمت صليت ركعة بالحمد وحدها و ان ذهب وهمك الي الاقل فابن عليه و تشهد في كل ركعة ثم اسجد سجدتي السهو بعد التسليم و ان اعتدل وهمك فأنت بالخيار فان شئت بنيت علي الاقل و تشهدت في كل ركعة و ان شئت بنيت علي الاكثر و عملت ما وصفناه لك «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

(3) مستدرك الوسائل الباب 9 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 387

ثم يحتاط بركعة قائما علي الاحوط وجوبا (1).

______________________________

(1) مقتضي القاعدة الاولية تعين الاتيان بركعة قائما فانه مقتضي الظاهر من جملة من النصوص لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال له: يا عمار أجمع لك السهو كله في كلمتين متي ما شككت فخذ بالاكثر فاذا سلمت فاتم ما ظننت أنك نقصت «1» و ما رواه أيضا «2».

و بعض النصوص صريح في المدعي لاحظ ما رواه العلاء قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل صلي ركعتين و شك في الثالثة قال: يبني علي اليقين فاذا فرغ تشهد و قام قائما فصلي ركعة بفاتحة الكتاب «3» و أيضا رواية عمار «4» صريحة في المدعي.

و أما التخييريين الامرين اي الاتيان بركعة من قيام أو ركعتين من

جلوس فالظاهر انه لا وجه له الا ما يظهر من كلماتهم و هو الاجماع و من الظاهر انه علي فرض تحققه لا اعتبار به لاحتمال كونه مدركيا فانه يمكن أن يكون المدرك للمجمعين ما أرسله جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: فيمن لا يدري أثلاثا صلي أم أربعا و وهمه في ذلك سواء قال: فقال: اذا اعتدل الوهم في الثلاث و الاربع فهو بالخيار ان شاء صلي ركعة و هو قائم و ان شاء صلي ركعتين و أربع سجدات و هو جالس الحديث «5».

بدعوي عدم الفصل بين الموارد و هو كما تري مضافا الي عدم الاعتبار بالمرسل و ربما يقال: بأنه مقتضي الجمع بين المطلقات و ما ورد في الصورة الثانية من الشك الدال علي الاتيان بركعتين جالسا بدعوي عدم القول بالفصل و هو كما تري فان

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 384 رقم 3

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 384

(5) الوسائل الباب 10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 388

و ان كانت وظيفته الجلوس في الصلاة احتاط بركعة جالسا (1). الثانية الشك بين الثلاث و الاربع في أي موضع كان فيبني علي الاربع و يتم صلاته (2).

______________________________

هذه الوجوه لا يمكن أن تكون مدركا للحكم الشرعي كما هو ظاهر و من هذا البيان يعلم ما في كلام الماتن من الاحتياط.

(1) لإطلاق أدلة بدلية الجلوس عن القيام لاحظ ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّٰهَ قِيٰاماً وَ قُعُوداً وَ عَليٰ جُنُوبِهِمْ»

قال: الصحيح يصلي قائما و قعودا المريض يصلي جالسا و علي جنوبهم الذي يكون أضعف من المريض الذي يصلي جالسا «1» الي غيره من الروايات الواردة في الباب 1 من أبواب القيام من الوسائل.

(2) نقل عليه الاجماع من جملة من الاعلام و يدل عليه المطلقات الدالة علي البناء علي الاكثر لاحظ أحاديث عمار «2» و يدل عليه أيضا ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: ان كنت لا تدري ثلاثا صليت أم أربعا و لم يذهب وهمك الي شي ء فسلم ثم صل ركعتين و أنت جالس تقرأ فيهما بام الكتاب و ان ذهب وهمك الي الثلاث فقم فصل الركعة الرابعة و لا تسجد سجدتي السهو فان ذهب وهمك الي الاربع فتشهد و سلم ثم اسجد سجدتي السهو «3».

و يدل عليه أيضا ما رواه الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

ان استوي وهمه في الثلاث و الاربع سلم و صلي ركعتين و أربع سجدات بفاتحة الكتاب و هو جالس يقصر في التشهد «4» و يدل عليه ما رواه عبد الرحمن بن

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب القيام الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 384 و 387

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 389

______________________________

سيابة و أبو العباس جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذ لم تدر ثلاثا صليت أو أربعا الي أن قال: و ان اعتدل وهمك فانصرف و صل ركعتين و أنت جالس «1» و يدل عليه مرسل جميل «2».

بل يدل عليه ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام في حديث قال: اذا لم

يدر في ثلاث هو أو في أربع و قد أحرز الثلاث قام فأضاف اليها اخري و لا شي ء عليه و لا ينقض اليقين بالشك و لا يدخل الشك في اليقين و لا يخلط أحدهما بالاخر و لكنه ينقض الشك باليقين و يتم علي اليقين فيبني عليه و لا يعتد بالشك في حال من الحالات «3».

فان هذه الرواية و ان كانت ظاهرة في البناء علي الاقل الموافق للعامة و لكن صدر الرواية قرينة علي كون المراد منها البناء علي الاكثر و الاتيان بركعتين مفصولتين و تؤكد المدعي التأكيدات الواردة في الرواية فان هذه التأكيدات متناسبة أن يكون مفاد الرواية علي خلاف مذهبهم حيث ذهبوا الي البناء علي الاقل في الشك في الركعات و أما حديث محمد بن مسلم «4» فقاصر سندا لعدم استناد الرواية الي الامام عليه السلام و امكان أن يكون ما قاله ابن مسلم اجتهادا منه مضافا الي أنه جمع في الرواية بين البناء علي الاقل و الاتيان بالباقي و مع ذلك حكم الاتيان بالمتم بعد الصلاة. و بعبارة اخري: جمع في الرواية بين المتمم موصولا و مفصولا و لا يمكن الالتزام به و لكن قد مر ان جلالة مقام ابن مسلم تنافي نقل الحكم عن غير

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 387

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 385

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 390

ثم يحتاط بركعة قائما أو ركعتين جالسا (1) و الاحوط استحبابا اختيار الركعتين جالسا (2) و ان كانت وظيفته الصلاة جالسا احتاط بركعة جالسا (3). الثالثة: الشك بين الاثنتين و الاربع بعد ذكر السجدة الاخيرة (4) فيبني علي الاربع و يتم صلاته

(5).

______________________________

المعصوم و أيضا قد مر ان المستفاد من الرواية حكم الشك بين الاثنتين و الثلاث و لا يرتبط بالمقام فلاحظ.

(1) عن الجعفي تعين الركعتين من جلوس و الظاهر صحة هذا القول فان الاطلاق الوارد في بعض النصوص يقيد بالتقييد الوارد في البعض الاخر و التصريح بالتخيير الوارد في مرسل جميل لا اعتبار به.

(2) قد ظهر مما ذكرنا انه الاظهر.

(3) قد ظهر مما تقدم تقريب الاستدلال علي المدعي.

(4) قد ظهر الوجه في التقييد.

(5) هذا هو المشهور بين الاصحاب و نقل عن جملة من الاعلام ادعاء الاجماع عليه بل عن الامالي انه من دين الامامية و تدل عليه مضافا الي المطلقات الدالة علي البناء علي الاكثر جملة من النصوص الخاصة.

منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا لم تدر اثنتين صليت أم أربعا و لم يذهب وهمك الي شي ء فتشهد و سلم ثم صل ركعتين و أربع سجدات تقرأ فيهما بام الكتاب ثم تشهد و تسلم فان كنت انما صليت ركعتين كانتا هاتان تمام الاربع و ان كنت صليت أربعا كانتا هاتان نافلة «1».

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 391

______________________________

لا يدري ركعتين صلي أم أربعا قال: يتشهد و يسلم ثم يقوم فيصلي ركعتين و أربع سجدات يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب ثم يتشهد و يسلم فان كان صلي أربعا كانت هاتان نافلة و ان كان صلي ركعتين كانت هاتان تمام الاربعة و ان تكلم فليسجد سجدتي السهو «1».

و منها: ما رواه زرارة في حديث عن أحدهما عليهما السلام

قال: قلت له:

من لم يدر في أربع هو أم في ثنتين و قد أحرز الثنتين؟ قال: يركع بركعتين و أربع سجدات و هو قائم بفاتحة الكتاب و يتشهد و لا شي ء عليه الحديث «2».

و منها: ما رواه أيضا عن أحدهما عليهما السلام قال: قلت له: من لم يدر في اثنتين هو أم في أربع؟ قال: يسلم و يقوم فيصلي ركعتين ثم يسلم و لا شي ء عليه «3».

و منها: ما رواه جميل عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال في رجل لم يدر اثنتين صلي أم أربعا و وهمه يذهب الي الاربع أو الي الركعتين فقال: يصلي ركعتين و أربع سجدات و قال: ان ذهب وهمك الي ركعتين و أربع فهو سواء و ليس الوهم في هذا الموضع مثله في الثلاث و الاربع «4».

و أما صحيح زرارة «5» فقد مر أن صدره قرينة علي الاتيان مفصلا فيكون المراد من البناء علي اليقين الاتيان بالمتمم بنحو يكون علي يقين بعدم الزيادة و النقصان.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) لاحظ ص: 389

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 392

ثم يحتاط بركعتين من قيام (1).

______________________________

مضافا الي أنه يمكن أن يقال: بأن الحديث وارد في مورد خاص و لا يستفاد منه حكم عام فلا يرتبط بالمقام و أما حديث زرارة «1» و حديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا لم تدر أربعا صليت أم ركعتين فقم و اركع ركعتين ثم سلم و اسجد سجدتين و أنت جالس ثم سلم بعدهما «2».

و حديث بكير بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت

له: رجل شك فلم يدر أربعا صلي أم اثنتين و هو قاعد قال: يركع ركعتين و أربع سجدات و يسلم ثم يسجد سجدتين و هو جالس «3» قلنا أن نقول: بأن اطلاقها يقيد بتلك النصوص المتقدمة و يقال: بأن المراد الاتيان بركعتين بعد الصلاة.

و ان أبيت فتقع المعارضة و الترجيح مع تلك النصوص لمخالفتها مع العامة و علي تقدير التساقط يكون المرجع اطلاق البناء علي الاكثر.

و أما حديث محمد بن مسلم قال: سألته عن الرجل لا يدري صلي ركعتين أم أربعا قال: يعيد الصلاة «4» فيحمل علي صلاة الغداة و المغرب أو يحمل علي الشك قبل الاكمال و ان أبيت فنقول: بعد المعارضة يكون المرجع اطلاق ما يدل علي البناء علي الاكثر.

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فان جواز الجلوس يحتاج الي دليل بالخصوص أضف الي ذلك التصريح بالقيام في جملة من النصوص لاحظ أحاديث

______________________________

(1) لاحظ ص: 391

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 393

و ان كانت وظيفته الصلاة جالسا احتاط بركعتين من جلوس (1) الرابعة الشك بين الاثنتين و الثلاث و الاربع بعد ذكر السجدة الاخيرة فيبني علي الاربع و يتم صلاته ثم يحتاط بركعتين من قيام و ركعتين من جلوس (2).

______________________________

ابن أبي يعفور و زرارة و بكير «1».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلي ركعتين فلا يدري ركعتين هي أو أربع قال: يسلم ثم يقوم فيصلي ركعتين بفاتحة الكتاب و يتشهد و ينصرف و ليس عليه شي ء «2».

(1) علي ما مر فراجع.

(2) هذا هو المشهور بين الاصحاب-

علي ما في بعض الكلمات- و نقل عن جملة من الاعلام دعوي الاجماع عليه و العمدة النصوص و هي علي قسمين:

القسم الاول: ما يختص بالمقام و هي جملة من الروايات منها ما رواه أبو ابراهيم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل لا يدري اثنتين صلي أم ثلاثا أم أربعا فقال: يصلي ركعة (ركعتين) من قيام ثم يسلم ثم يصلي ركعتين و هو جالس «3».

و منها مرسل الصدوق قال: و قد روي انه يصلي ركعة من قيام و ركعتين و هو جالس «4».

و منها: ما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) لاحظ ص: 39 و 391 و 392

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 394

و الاقوي تأخير الركعتين من جلوس (1).

______________________________

في رجل صلي فلم يدر اثنتين صلي أم ثلاثا أم أربعا قال: يقوم فيصلي ركعتين من قيام و يسلم ثم يصلي ركعتين من جلوس و يسلم فان كانت أربع ركعات كانت الركعتان نافلة و إلا تمت الاربع «1».

و هذه النصوص كلها ضعيفة أما الاول فلضعف اسناد الصدوق الي عبد الرحمن و أما الثاني و الثالث فبالارسال.

و أما القسم الثاني فهي المطلقات الشاملة للمقام باطلاقها لاحظ أحاديث عمار «2». و في المقام رواية لسهل بن اليسع عن الرضا عليه السلام انه قال:

يبني علي يقينه و يسجد سجدتي السهو بعد التسليم و يتشهد تشهدا خفيفا «3»:

و هذه الرواية تحمل علي التقية كما مر في نظيرها مضافا الي أنها واردة في غير المقام فمقتضي القاعدة العمل

بالمطلقات. و أما حديث علي بن أبي حمزة «4» فمخدوش سندا به.

(1) لا يبعد أن يقال: ان المستفاد من المطلقات الاتيان بركعتين من قيام و بركعة من قيام أيضا لاحظ حديث عمار «5» فان مقتضي هذا الحديث لزوم الاتيان بصلاة الاحتياط من قيام الا أن يقال: ان المستفاد مما ورد في الشك بين الثلاث و الاربع ان حكم الشك المذكور الاتيان بركعتين من جلوس بلا فرق بين موارده لاحظ احاديث جميل و عبد الرحمن و أبي العباس و زرارة و محمد بن مسلم و الحلبي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 382 و 384

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 4

(5) لاحظ ص: 384

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 395

و ان كانت وظيفته الصلاة جالسا احتاط بركعتين من جلوس ثم بركعة جالسا (1). الخامسة الشك بين الاربع و الخمس بعد ذكر السجدة الاخيرة فيبني علي الاربع و يتم صلاته ثم يسجد سجدتي السهو (2).

______________________________

و الحسين بن أبي العلاء «1».

مضافا الي عدم الفصل بين الموارد و أما وجه لزوم تأخيرهما فلدلالة حديث أبي ابراهيم و مرسل ابن أبي عمير «2» علي المدعي فان قوله عليه السلام:

«: ثم يصلي ركعتين» يدل علي لزوم الترتيب لكن قد مر ان الاشكال في السند.

(1) علي ما مر فراجع.

(2) هذا هو المشهور علي ما في بعض الكلمات و يدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كنت لا تدري أربعا صليت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثم سلم بعدهما «3».

و منها ما رواه

أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا لم تدر خمسا صليت أم أربعا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك و أنت جالس ثم سلم بعدهما «4».

و منها ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد و سلم و اسجد سجدتين بغير ركوع و لا قراءة فتشهد فيهما تشهدا خفيفا «5».

و يستفاد من هذه النصوص ما أفاده في المتن من البناء علي الاربع و الاتيان

______________________________

(1) لاحظ ص: 389 و 387 و 388 و 385

(2) لاحظ ص: 393

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 396

السادسة: الشك بين الاربع و الخمس حال القيام فانه يهدم و حكمه حكم الشك بين الثلاث و الاربع فيتم صلاته (1) ثم يحتاط كما سبق في الصورة الثانية (2). السابعة: الشك بين الثلاث و الخمس حال القيام فانه يهدم و حكمه حكم الشك بين الاثنتين و الاربع فيتم صلاته و يحتاط كما سبق في الصورة الثالثة (3). و الثامنة: الشك بين الثلاث و الاربع و الخمس حال القيام فانه يهدم و حكمه حكم الشك بين الاثنتين و الثلاث و الاربع فيتم صلاته و يحتاط كما سبق في الصورة الرابعة (4). التاسعة: الشك بين الخمس و الست حال القيام فانه يهدم

______________________________

بسجدتين بعد الصلاة.

(1) نقل عليه عدم الخلاف و يمكن الاستدلال عليه بما ورد من النصوص في بيان حكم الشك بين الثلاث و الاربع «1» فان تلك الادلة تدل علي وجوب البناء علي الاربع و عليه يكون القيام

الذي بيده زائدا فيحكم عليه بالزيادة و لا توجب زيادته البطلان حيث لم تكن عن عمد.

(2) تقدم الكلام من هذه الجهة و قد ظهر مما تقدم تعين الجلوس فراجع.

(3) فان مرجعه الي الشك بين الاثنتين و الاربع فيعمل علي طبق الوظيفة و يحكم بزيادة الركعة التي بيده و لا توجب زيادتها البطلان لعدم كونها عمدية.

(4) من البناء علي الاكثر عملا بالعمومات كما مر و يكون القيام زائدا غير مبطل و قد مر ما هو مقتضي النصوص و ما فيها من الاشكال فراجع.

______________________________

(1) لاحظ ص: 388 و 389

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 397

و حكمه حكم الشك بين الاربع و الخمس و يتم صلاته و يسجد للسهو (1) و الاحوط في هذه الصور الاربع أن يسجد سجدتي السهو للقيام الزائد أيضا (2).

[مسألة 367: إذا تردد بين الاثنتين و الثلاث]

(مسألة 367): اذا تردد بين الاثنتين و الثلاث فبني علي الثلاث ثم ضم اليها ركعة و سلم و شك في أن بناءه علي الثلاث كان من جهة الظن بالثلاث أو عملا بالشك فعليه صلاة الاحتياط (3).

______________________________

(1) كما مر.

(2) ما أفاده مبني علي وجوب سجدتي السهو لكل زيادة و تحقيق هذه الجهة موكول الي تلك المسألة فانتظر.

(3) بتقريب ان المستفاد من الادلة ان الموضوع لأحكام الشك عدم الدراية و العلم لاحظ النصوص الواردة في الباب 11 من أبواب الحلل الواقع في الصلاة من الوسائل «1» و غيره و عليه يكون الخارج الظن و مقتضي الاصل عدمه فلا مجال لان يقال: بأن المقام مقام الاحتياط و العلم الإجمالي.

ان قلت: المستفاد من حديث أبي العباس «2» ان الموضوع للبناء علي الأكثر اعتدال الوهم و مقتضي الاصل عدمه فيكون الاصلان متعارضين و لا يمكن الاخذ باطلاق دليل البناء علي

الأكثر.

قلت: ان الامر كما ذكر لكن المستفاد حديث زرارة «3» و غيره الدال علي أن الميزان للبناء علي الأكثر عدم الدراية انه مع عدمها لا بد من البناء علي

______________________________

(1) لاحظ ص: 390

(2) لاحظ ص: 389

(3) لاحظ ص: 391

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 398

و اذا بني في الفرض المذكور علي الاثنتين و شك بعد التسليم انه كان من جهة الظن بالاثنتين أو خطأ منه و غفلة عن العمل بالشك صحت صلاته و لا شي ء عليه (1).

[مسألة 368: الظن بالركعات كاليقين]

(مسألة 368): الظن بالركعات كاليقين (2).

______________________________

الاكثر فيكون هو المرجع بعد تعارض الاصلين و تساقطهما الا أن يقال: انه من مصاديق الاخذ بالعام في الشبهة المصداقية فيشكل ما افيد فالاتيان بصلاة الاحتياط مبني علي الاحتياط.

(1) لقاعدة الفراغ فان مقتضاها صحة الصلاة و عدم بطلانها فلاحظ.

(2) هذا هو المشهور فيما بين القوم- علي ما يظهر من بعض الكلمات- و نفي عنه الخلاف- علي ما نقل- الا من ابن ادريس و يدل علي المدعي ما رواه صفوان عن أبي الحسن عليه السلام قال: ان كنت لا تدري كم صليت و لم يقع وهمك علي شي ء فأعد الصلاة «1».

فان مقتضي مفهوم الشرطية عدم الاعادة مع وقوع الوهم علي أحد الطرفين.

ان قلت: مقتضي حديث زرارة «2» وجوب الاعادة الا مع الحفظ و اليقين بالاتيان بالاوليين.

قلت: ليس الحفظ و اليقين المذكورين في الحديث علي نحو الصفتية بل اخذ اعلي نحو الطريقية و المستفاد من حديث صفوان ان الظن يقوم مقام اليقين.

و ان أبيت عن هذا التقريب فقل: انه يخصص عموم حديث زرارة بحديث صفوان فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 399

______________________________

ان قلت: المذكور

في حديث صفوان تكثر الاحتمال و هذا عنوان آخر غير عنوان الشك. قلت: اذا كان الظن حجة مع تكثر الاحتمال كان حجة مع عدمه و قلة الاحتمال بالاولوية لكن الاشكال في سند رواية صفوان من جهة محمد بن خالد فيشكل الامر بالنسبة الي الاولتين فانه استفيد من جملة النصوص انه ليس في الاولتين و هم لاحظ حديثي زرارة «1».

و حديث المعراج قال فيه: «فمن أجل ذلك جعلت الركعتان الاولتان كلما حدث فيهما حدث كان علي صاحبهما اعادتهما «2» اي لا أثر للوهم اي الظن فيهما بل الظن فيهما بحكم الشك فلا يعمل بالظن في الاولتين- كما عليه المفيد في المقنعة و الشيخ علي ما نقل عنه المحقق في المعتبر و صاحب الحدائق و غيرهم- و الاحتياط طريق النجاة و اللّه العالم.

و أما الظن في الاخيرتين فهو حجة بلا خلاف- كما في بعض الكلمات نقلا عن جماعة- بل ادعي عليه الاجماع- حسب النقل- و تقتضيه النصوص.

لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن سيابة و أبو العباس جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا لم تدر ثلاثا صليت أو أربعا و وقع رأيك علي الثلاث فابن علي الثلاث و ان وقع رأيك علي الاربع فابن علي الاربع فسلم و انصرف و ان اعتدل وهمك فأنصرف و صل ركعتين و أنت جالس «3».

و لاحظ جملة من الروايات الواردة في الباب 10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة من الوسائل. و في مقابل هذه النصوص نصوص تدل علي الخلاف لاحظ

______________________________

(1) لاحظ ص: 373

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب افعال الصلاة الحديث: 10

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 400

______________________________

ما

رواه محمد بن مسلم «1».

و ما رواه أبو بصير قال: سألته عن رجل صلي فلم يدرأ في الثالثة هو أم في الرابعة قال: فما ذهب وهمه اليه ان رأي أنه في الثالثة و في قلبه من الرابعة شي ء سلم بينه و بين نفسه ثم صلي ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب «2».

و ما رواه أيضا انه روي فيمن لم يدر ثلاثا صلي أم أربعا ان كان ذهب وهمك الي الرابعة فصل ركعتين و أربع سجدات جالسا فان كنت صليت ثلاثا كانتا هاتان تمام صلاتك و ان كنت صليت أربعا كانتا هاتان نافلة لك «3».

فان قلنا: بأن الجمع العرفي بين الطائفتين يقتضي حمل الطائفه الثانية علي الاستحباب فهو و ان لم نقل بذلك و قلنا: بأنهما متعارضتان فبعد التساقط نأخذ باطلاق حديث صفوان «4» فان مقتضاه حجية الظن في الركعات فيقوم مقام العلم.

بل يمكن اثبات المدعي بما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يسهو فيبني علي ما ظن كيف يصنع؟

أ يفتح الصلاة أم يقوم فيكبر و يقرأ؟ و هل عليه اذان و اقامة؟ و ان كان قدسها في الركعتين الأخراوين و قد فرغ من قراءته هل عليه أن يسبح أو يكبر؟ قال: يبني علي ما كان صلي ان كان فرغ من القراءة فليس عليه قراءة و ليس عليه اذ ان و لا اقامة و لا سهو عليه «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 385

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) لاحظ ص: 398

(5) الوسائل الباب 7 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 401

أما الظن

بالافعال فالظاهر أن حكمه حكم الشك (1).

______________________________

فان المستفاد من هذا الحديث بمقتضي التفصيل ان الظن حجة في الاخيرتين و أما في الاولتين فلا و قد مر ان حديث صفوان مخدوش سندا فالعمدة حديث ابن جعفر فتحصل انه لا بد من اتمام المدعي أي حجية الظن في الركعات علي نحو الاطلاق بالإجماع.

و في المقام اشكال آخر و هو ان العامة قائلون بحجية الظن في عدد الركعات و حيث ان الترجيح بمخالفة القوم مقدم علي الترجيح بالاحدثية لا بد من الاخذ بما يعارض حديث ابن جعفر.

و ان شئت قلت: ان حديث ابن جعفر صدرا و ذيلا يعارض بغيره و الترجيح بالنسبة الي الاخيرتين مع المعارض لمخالفة القوم فلا تصل النوبة الي الترجيح بالاحدثية فلا بد من اتمام الامر في المقام أيضا بالإجماع و التسالم و اللّه العالم.

(1) ما يمكن ان يستدل به او استدل علي العموم أمور: منها النبوي «اذا شك احدكم في الصلاة فلينظر في احري ذلك الي الصواب فليبن عليه» «1».

و منها النبوي الاخر: «اذا شك احدكم في الصلاة فليتحري الصواب» «2».

فان مقتضي اطلاقهما عموم الحكم. و فيه انهما ضعيفان و عمل المشهور بهما ممنوع صغري و كبري اذ مجرد موافقة قول المشهور لهما لا يؤثر ما لم يحرز الاستناد مضافا الي أن الاستناد لا يفيد كما حققناه تبعا لسيدنا الاستاد.

و منها الشهرة الفتوائية و فيه: انه ثبت في محله عدم اعتبارها.

______________________________

(1) كتاب الذكري مسألة: 1 من المطلب الثالث في الشك من الركن الثاني في الخلل.

(2) كنز العمال ج 4 ص: 101 حديث 2143

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 402

______________________________

و منها. ما نقل عن المحقق من عدم الخلاف فيه. و فيه: ان الاجماع لا يكون حجة

فكيف بعدم الخلاف.

و منها: الفحوي و لتقريب الاستدلال بالفحوي وجوه: الاول: انه لو كان الظن معتبرا في الركعة التي ليست الا مجموع الافعال كان بالحجية في أبعاضها أولي.

ثانيها: انه لو كان الظن في الاولتين حجة مع انها فرض اللّه فكونه حجة بالنسبة الي القراءة التي هي سنة أولي و لا فرق بين القراءة و غيرها.

ثالثها: انه لو كان معتبرا في الركعة التي لا تسقط بحال فكونه حجة بالنسبة الي القراءة التي تسقط بمجرد الاستعجال أولي.

و فيه: ان التعبديات أمرها بيد الشارع و ليس أمرها بأيدينا.

و منها اخبار حفظ الركعات بالحصي «1». و فيه: ان ظاهره العلم مع ان الظاهر منها الشك في الركعات.

و منها: اخبار رجوع الامام الي المأموم و بالعكس «2» و فيه الاشكال في جواز رجوع كل منهما الي الاخر في الافعال.

اضف الي ذلك انه حكم خاص في مورد مخصوص. و منها: انه يكفي في الامتثال الظن. و فيه: ان الظن لا يغني من الحق شيئا و المعروف بين القوم ان الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة كذلك.

و منها: ان المناسب لشرع الصلاة اعتبار الظن في الافعال فان الصلاة كثيرة الافعال و التروك. و فيه: ان التناسب لا يقتضي شيئا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 353

(2) لاحظ ص: 355

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 403

فاذا ظن بفعل الجزء في المحل لزمه الاتيان به (1) و اذا ظن بعدم الفعل بعد تجاوز المحل مضي و ليس له أن يرجع و يتداركه (2) و الاحوط استحبابا اعادة الصلاة في الصورتين (3).

[مسألة 369: في الشكوك المعتبر فيها إكمال الذكر]

(مسألة 369): في الشكوك المعتبر فيها اكمال الذكر في

______________________________

و منها انه قد دل النص علي أنه لو أهوي الي السجود و قد شك في الركوع لم يعتن لاحظ ما رواه

عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام رجل أهوي الي السجود فلم يدر أ ركع أم لم يركع قال: قد ركع «1» فانه ليس الوجه فيه الا حصول الظن.

و فيه: ان ملاك الحكم حصول الظن اول الكلام و لذ الا يتوقف ذلك الحكم علي حصول الظن مضافا الي أنه لا دليل علي تسرية الحكم.

و منها ما رواه اسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام. اذا ذهب وهمك الي التمام ابدا في كل صلاة فاسجد سجدتين بغير ركوع أ فهمت؟ قلت:

نعم «2» و فيه ان الرواية ضعيفة سندا بالمعاذي فعلي تقدير تمامية الدلالة لا اعتبار بها سندا فالنتيجة عدم دليل علي حجية الظن في الأفعال.

(1) لعدم دليل علي الاتيان فيلزم بمقتضي قاعدة الاشتغال علي المسلك المشهور و الاستصحاب علي المذهب المنصور.

(2) بمقتضي قاعدة التجاوز علي ما هو المقرر عند القوم و عدم اعتبار الظن بعدم الفعل.

(3) لاحتمال الزيادة في الاول و النقيصة في الثاني و لا اشكال في حسن الاحتياط.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الركوع الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 404

السجدة الثانية كالشك بين الاثنتين و الثلاث و الشك بين الاثنتين و الاربع و الشك بين الاثنتين و الثلاث و الاربع: اذا شك مع ذلك في الاتيان بالسجدتين أو واحدة فان كان شكه حال الجلوس قبل الدخول في القيام أو التشهد بطلت صلاته لأنه محكوم بعدم الاتيان بهما أو باحداهما فيكون شكه قبل اكمال الذكر (1) و ان كان بعد الدخول في القيام أو التشهد لم تبطل (2).

______________________________

(1) اذ المفروض انه مع عدم احراز

ذكر السجدتين و عدم اكمالهما لا يترتب حكم الشك و لا يمكن ترتيب اثر الصحة فما أفاده تام أو فقل: ان موضوع الحكم احراز الاوليين و مع الشك و عدم احرازهما لا بالوجدان و لا بالاصل لا يمكن ترتيب حكم الشك.

(2) هذا مبني علي جريان قاعدة التجاوز و تماميتها- كما بني عليها الاصحاب- و استدلوا بجملة من النصوص منها: ما رواه اسماعيل بن جابر «1».

و لكن لنا كلام في تمامية قاعدة التجاوز فان الظاهر من قوله عليه السلام:

«كل شي ء شك فيه مما قد جاوزه و دخل في غيره» التجاوز عن نفس الشي ء لا عن محله فيكون مفاد الحديث قاعدة الفراع لا التجاوز.

ان قلت: يكفي للحكم بتحقق السجود عند الشك ما رواه أيضا «2» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية عدم الفرق بين أن يكون الشك في صحة السجود أو في أصله فالشك في أصل السجود محكوم بالاتيان.

قلت: الامر و ان كان كذلك لكن نقيده بمفهوم الرواية الاولي فانها تقتضي

______________________________

(1) لاحظ ص: 362

(2) لاحظ ص: 364

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 405

[مسألة 370: إذا تردد في أن الحاصل له شك أو ظن]

(مسألة 370): اذا تردد في أن الحاصل له شك أو ظن كما يتفق كثيرا لبعض الناس كان ذلك شكا (1) و كذا لو حصلت له حالة في أثناء الصلاة و بعد أن دخل في فعل آخر لم يدر أنه كان شكا أو ظنا يبني علي أنه كان شكا ان كان فعلا شاكا و ظنا ان كان فعلا ظانا و يجري علي ما يقتضيه ظنه أو شكه الفعلي (2) و كذا لو شك في شي ء ثم انقلب شكه الي الظن أو ظن به ثم انقلب ظنه الي الشك فانه يلحظ الحالة الفعلية و يعمل عليها فلو شك

بين الثلاث و الاربع مثلا فبني علي الاربع ثم انقلب شكه الي الظن بالثلاث بني عليه و أتي بالرابعة و اذا ظن بالثلاث ثم تبدل ظنه الي الشك بينها و بين الاربع بني علي الاربع ثم يأتي بصلاة الاحتياط (3).

[مسألة 371: صلاة الاحتياط واجبة]

(مسألة 371): صلاة الاحتياط واجبة لا يجوز أن يدعها و يعيد الصلاة علي الاحوط (4).

______________________________

بالعموم الوضعي شرطية التجاوز عن نفس الشي ء لا عن محله و العموم الوضعي يقدم علي الاطلاق الشمولي و قد مر منا في مسألة 361 و 363 ما ينفع في المقام فراجع.

(1) لاحظ ما ذكرناه في شرح مسألة 367.

(2) لان الميزان بالحالة الفعلية علي ما هو المستفاد من الادلة فلا بد في ترتيب الآثار عليها.

(3) و الكلام فيه هو الكلام فان الحكم يترتب علي موضوعه الفعلي فلاحظ.

(4) اذ علي القول بحرمة قطع الصلاة يكون ترك صلاة الاحتياط مصداقا للإبطال و يكون تركها كترك ركعة من أصل الصلاة.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 406

و لا تصح الاعادة (1) الا اذا أبطل الصلاة بفعل المنافي (2).

[مسألة 372: يعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة من الأجزاء و الشرائط]

(مسألة 372): يعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة من الاجزاء و الشرائط (3) فلا بد فيها من النية (4).

______________________________

(1) المفروض ان قطع الصلاة حرام فكل فعل يكون مصداقا للقاطع يكون الاتيان به حراما و الحرام لا يكون مصداقا للواجب هذا علي القول بحرمة القطع و أما علي تقدير جوازه فالظاهر انه لا وجه للبطلان اذ يكون الاتيان بالثانية من قبيل تبديل امتثال فرد بفرد آخر فلا مقتضي للبطلان.

(2) فانه بعد بطلان الاصلية لا وجه لفساد الثانية بل الصحة علي القاعدة.

(3) هذا من الواضحات فان صلاة الاحتياط اما جزء من الصلاة الاصلية و اما صلاة مستقلة و علي كلا التقديرين لا بد من مراعاة ما يلزم مراعاتها في الصلاة.

(4) المقصود من النية ما يكون لازما حين الشروع في الصلاة و الدليل علي لزومها في المقام ما صرح في جملة من النصوص من أن صلاة الاحتياط اما نافلة أو متممة للصلاة

لاحظ ما رواه أبو بصير «1» و ما رواه الحلبي «2».

مضافا الي أن المستفاد من النصوص الكثيرة الواردة في الابواب المختلفة ان صلاة الاحتياط صلاة مستقلة فيلزم فيها ما يلزم في بقية الصلوات فمن تلك النصوص ما رواه عبد الرحمن بن سيابة و أبو العباس «3» و منها: ما رواه عمار «4» و منها: ما رواه عمار بن موسي الساباطي «5» و منها: ما رواه العلاء «6»

______________________________

(1) لاحظ ص: 400

(2) لاحظ ص: 390

(3) لاحظ ص: 399

(4) لاحظ ص: 384

(5) لاحظ ص: 385

(6) لاحظ ص: 385

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 407

و التكبير للإحرام (1).

______________________________

و منها: مرسل جميل «1» و منها: ما رواه محمد بن مسلم «2».

و منها غيرها المذكور في الباب 10 و 11 و 13 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة من الوسائل أضف الي ذلك أن المسألة مورد اتفاق الاصحاب ظاهرا.

«3» (1) كما هو المشهور بين الاصحاب بل نقل عن الدرة ادعاء الاجماع عليه و يظهر من كلام الراوندي القول بالخلاف من بعض و استدل علي الاول بأنها يحتمل كونها نافلة فيجب فيها التكبير و استدل علي القول الاخر بانها يحتمل كونها جزءا للصلاة فتكون التكبير زيادة في المكتوبة فانها لو كانت متممة لما يحتمل نقصه يكون التكبير زيادة علي فرض النقيصة و كون صلاة الاحتياط جزءا للصلاة الاصلية.

و الحق ما عليه المشهور أما علي القول بكونها مستقلة و لا تكون جزءا للصلاة الاصلية فالامر ظاهر اذ علي هذا المبني تكون صلاة مستقلة و لا صلاة الا بالتكبيرة و لا مجال للقول بأن عدم التعرض للتكبير في ادلة صلاة الاحتياط مع كون المقام مقام البيان يدل علي عدم وجوبه اذ قد علم من الخارج

ان كل صلاة يحتاج الي التكبير و ان التكبير تحريم الصلاة.

و بعبارة اخري: يكفي لإثبات الوجوب الامر به بعنوان الصلاة في نصوص كثيرة اشرنا اليها آنفا.

و أما علي القول بالجزئية فأيضا الامر كذلك فان مقتضي الظاهر من الادلة لزومه و السيرة الجارية بين المتشرعة تدل علي المدعي فان السيرة الخارجية تكشف

______________________________

(1) لاحظ ص: 387

(2) لاحظ ص: 385

(3) لاحظ ص: 385

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 408

و قراءة الفاتحة (1) اخفاتا (2) حتي في البسملة علي الاحوط وجوبا (3).

______________________________

من رأي المعصوم.

و يؤيد المدعي كون الحكم مورد الوفاق و يؤيده أيضا ما رواه زيد الشحام قال: سألته عن رجل صلي العصر ست ركعات أو خمس ركعات قال: ان استيقن انه صلي خمسا أو ستا فليعد و ان كان لا يدري أ زاد أم نقص فليكبر و هو جالس ثم ليركع ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب في آخر صلاته ثم يتشهد الحديث «1»

(1) قال في الحدائق: «المشهور بين الاصحاب تعين الفاتحة في صلاة الاحتياط و عن الجواهر شهرة عظيمة كادت تكون اجماعا و هو مقتضي كونها صلاة مستقلة فانه لا صلاة الا بفاتحة الكتاب و تقتضيه جملة من النصوص الخاصة لاحظ احاديث العلاء و محمد بن مسلم و الحلبي و الحسين بن أبي العلاء و أبي بصير و محمد بن مسلم و الحلبي و ابن ابي يعفور و زرارة و محمد بن مسلم و زيد الشحام «2».

(2) الظاهر ان مقتضي الاطلاق اللفظي و كذا مقتضي الاصل العملي الخيار بين الامرين لكن مقتضي الاحتياط رعاية الاخفات لذهاب جماعة الي تعينه حسب ما نقل في بعض الكلمات.

(3) ربما يقال باستحباب الجهر و الجزم بالاستحباب مشكل فانا لم نظفر علي دليل معتبر

دال عليه لاحظ الروايات الواردة في الباب 21 من أبواب القراءة في الصلاة من الوسائل فان هذه الروايات بين قصور في سندها و بين ما يكون قاصرا عن الدلالة علي المدعي فلاحظ، نعم ربما يتم الامر علي مسلك ثبوت الاستحباب بالتسامح في ادلة السنن و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 385 و 388 و 400 و 39 و 393

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 409

و الركوع و السجود و التشهد و التسليم (1) و لا تجب فيها سورة (2) و اذا تخلل المنافي بينها و بين الصلاة بطلت الصلاة و لزم الاستئناف (3).

[مسألة 373: إذا تبين تمامية الصلاة قبل صلاة الاحتياط لم يحتج إليها]

(مسألة 373): اذا تبين تمامية الصلاة قبل صلاة الاحتياط لم يحتج اليها (4) و ان كان في الاثناء جاز تركها (5) و اتمامها نافلة ركعتين (6).

______________________________

(1) كما عليه السيرة الخارجية و تدل عليه النصوص الواردة في الابواب المختلفة المشار اليها مضافا الي أنه لو أمر المولي بالصلاة لكان اللازم رعاية هذه الامور فانه قد علم من الشرع ان الصلاة مركبة من هذه المذكورات مضافا الي بعض النصوص لاحظ ما رواه زيد الشحام «1».

(2) نقل عليه عدم الخلاف بل الاجماع و يدل عليه عدم التعرض لها في النصوص مع التعرض للفاتحة و غيرها كما مر و لو لا هذا لكان مقتضي القاعدة وجوب السورة لكونها صلاة مستقلة ولدا قلنا بأنه يجب فيها التكبير لاحظ حديث حماد بن عيسي قال فيه «ثم قرأ الحمد و قل هو اللّه أحد الحديث «2» فانه يستفاد من هذا الحديث ان السورة من اجزاء الصلاة.

(3) كما مر فراجع.

(4) اذ الأمر بصلاة الاحتياط حكم ظاهري و لا يبقي موضوعه مع

كشف الواقع و لا مجال للإتيان بها.

(5) لجواز قطع النافلة.

(6) لعدم الدليل علي مشروعية النافلة ركعة و ادلة الشكوك لا يفي باثبات المشروعية فان تلك الادلة ناظرة الي ظرف الشك لكن يشكل بأنه ما الدليل علي

______________________________

(1) لاحظ ص: 408

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب افعال الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 410

[مسألة 374: إذا تبين نقص الصلاة قبل الشروع في صلاة الاحتياط أو في أثنائها جري عليه حكم من سلم علي النقص]

(مسألة 374): اذا تبين نقص الصلاة قبل الشروع في صلاة الاحتياط أو في أثنائها جري عليه حكم من سلم علي النقص (1) من وجوب ضم الناقص و الاتمام مع الامكان (2) و الا فيحكم بالبطلان كما اذا شك بين الاثنتين و الاربع و تبين له بعد دخوله في ركوع الركعة الثانية من صلاة الاحتياط نقص الصلاة بركعة واحدة (3) و اذا

______________________________

مشروعية ضم ركعة اخري نعم لو نوي من الاول بعضا من النافلة علي تقدير التمامية لم يكن مانع ظاهرا من الضم و الاتمام فتأمل. و اللّه العالم كما أنه ربما يقال: بأنه لو نوي كونها فريضة بهذا النحو لم يكن دليل علي المنع فلاحظ.

(1) فان الدليل قاصر للشمول و ان شئت قلت: الوظيفة المقررة للشك حكم ظاهري و قوامه بالشك و بارتفاعه يرتفع الحكم الظاهري.

(2) بلا خلاف- كما في بعض الكلمات- و قال بعض: بانه حكي عليه الاجماع و الوجه فيه ان دليل البناء علي الاكثر و الاتمام بالمتمم بعد الاتمام يقتضي عدم كون السلام مفرغا و مع فرض عدم كونه مفرغا تكون الصلاة ناقصة و قابلة لان ينضم اليها المتمم فيجب.

ان قلت: عدم مفرغية السلام مشروط ببقاء الشك الي بعد تمامية صلاة الاحتياط و المقام ليس كذلك، قلت: هذا جمود علي صورة بقاء الشك و هو خلاف المتفاهم العرفي.

بل لنا أن

نقول: بأنه لا وجه لكون السلام مفرغا فان مفرغية السلام في فرض الاتيان به علي الوجه المقرر الشرعي و في المقام ليس كذلك و المفروض انه انما أتي به المكلف بأمر الشارع و حيث انكشف الخلاف فلا وجه للبطلان.

(3) كما هو ظاهر فان الصلاة تبطل بزيادة الركن.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 411

تبين ذلك بعد الفراغ منها أجزأت اذا تبين النقص الذي كان يحتمله أولا (1) أما اذا تبين غيره ففيه تفصيل فان النقص المتبين اذا كان أكثر من صلاة الاحتياط و أمكن تداركه لزم التدارك و صحت صلاته (2) و في غير ذلك يحكم بالبطلان و لزوم اعادة اصل الصلاة (3). مثلا اذا شك بين الثلاث و الاربع فبني علي الاربع و أتي بركعة واحدة قائما للاحتياط ثم تبين له قبل الاتيان بالمنافي أن النقص كان ركعتين فان عليه حينئذ اتمام الصلاة بركعة اخري (4) و سجود السهو مرتين لزيادة السلام في أصل الصلاة و زيادته في صلاة الاحتياط (5).

[مسألة 375: يجري في صلاة الاحتياط ما يجري في سائر الفرائض]

(مسألة 375): يجري في صلاة الاحتياط ما يجري في سائر

______________________________

(1) كما هو ظاهر فان المأمور به ينطبق علي المأتي به فلاحظ.

(2) ربما يقال: انه لا يمكن الاكتفاء بالناقص لعدم الاتيان بالمأمور به و لا دليل علي الاجزاء و أما ضم ركعة اخري علي صلاة الاحتياط فلعدم الدليل عليه اذ مورد الدليل غير المقام.

و لكن لا يبعد أن يقال: بأنه اذا كان المأتي به ركعة واحدة و انكشف بعد الاتيان بها قبل الاتيان بالمنافي النقص بركعتين فالظاهر جواز ضم ركعة اخري اليها بلا حاجة الي اعادة الصلاة.

(3) لعدم امكان التدارك كما هو المفروض.

(4) الامر كما أفاده اذ المفروض امكان التدارك فيجب.

(5) كما هو المقرر عندهم و

سيأتي التعرض له.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 412

الفرائض من أحكام السهو في الزيادة و النقيصة (1) و الشك في المحل أو بعد تجاوزه أو بعد الفراغ و غير ذلك (2) و اذا شك في عدد ركعاتها لزم البناء علي الاكثر الا أن يكون مفسدا (3).

______________________________

(1) لإطلاق دليل حكم السهو فان مقتضي اطلاقه شموله لصلاة الاحتياط.

(2) لإطلاق دليلي قاعدتي التجاوز و الفراغ بناء علي تعددهما و أما الشك في المحل فمقتضي القاعدة الاتيان بالمشكوك فيه فلاحظ.

(3) ما أفاده مبني علي ظهور قوله عليه السلام: «لا سهو في سهو» في عدم الاعتناء بالشك في المقام و توضيح ما ذكرنا انه وردت في المقام جملة من النصوص منها: ما رواه ابراهيم بن هاشم و يونس «1».

و منها: ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: ليس علي السهو سهو و لا علي الاعادة اعادة «2».

و منها ما رواه يونس عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: لا سهو في سهو «3».

و حديث حفص معتبر سندا و قد اختلفت كلمات الفقهاء في بيان المراد من السهو الواقع في هذه النصوص و منشأ الاختلاف تطرق احتمالات كثيرة في معني الكلمة فيحتمل أن يكون المراد من السهو النسيان و يمكن أن يكون المراد منه الشك و يحتمل أن يكون المراد الجامع بين الامرين و يحتمل اختلاف المراد من الكلمة بأن يراد شي ء من الاول و أمر آخر من الثاني و يحتمل التقدير في كل منهما كما أنه

______________________________

(1) لاحظ ص: 356

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 413

______________________________

يحتمل التقدير

في الاول دون الثاني كما أنه يحتمل العكس و علي اساس هذه الامكانات ترتقي الاحتمالات الي مراتب كثيرة و المدعي أن المراد من السهو في الموردين الشك لا السهو الجامع بين الامرين و الدليل علي هذا المدعي أمران:

الاول: قرينة السياق في حديث ابراهيم بن هاشم فان المراد من السهو في قوله: «ليس في المغرب سهو و لا في الفجر سهو و لا في الركعتين سهو» هو الشك و بقرينة وحدة السياق يكون المراد من السهو هو الشك و بعد ما علم ان المراد من السهو الشك نقول: لا اشكال في أن المراد من السهو الاول موجب الشك بالفتح اذ نفي اصل السهو لا معني له.

و بعبارة اخري نفي الحكم بلسان نفي الموضوع و كذلك الحال في السهو الثاني اذ لو لم يقدر الموجب بالفتح في السهو الثاني يكون المراد به انه لا يتعلق حكم الشك بالشك و هذا لا معني له فيكون المراد ان موجب الشك بالفتح ليس في موجب الشك بالفتح.

ثم انه يحتمل ابتداء أن يكون المراد من السهو الاول البطلان نظير قوله:

ليس في المغرب سهو و يمكن أن يكون المراد عدم الاعتناء به كسهو الامام مع حفظ المأموم أو العكس و الظاهر هو الثاني و ذلك لوجوه:

الاول: قرينة السياق لاحظ صدر حديث حفص «1» فان محل الشاهد وقع في سياق قوله: ليس علي الامام سهو و لا علي المأموم سهو «2».

الثاني: انه لا يبعد أن يكون مقتضي حرف الاستعلاء في رواية حفص ما ذكرنا

______________________________

(1) لاحظ ص: 412

(2) الوسائل الباب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 414

______________________________

فان اثبات البطلان ينافي النص و بعبارة اخري: كيف يجمع بين

الرفع و اثبات البطلان عليه.

الثالث: ان صلاة الاحتياط بدل عن الركعتين الاخيرتين و الشك في الاخيرتين لا يكون موجبا للبطلان فكيف بالبدل و أقل ما في الباب أن يكون مؤيدا للمدعي فالنتيجة أن معني الحديث عدم الاعتناء بالشك في موجب الشك.

و بعبارة اخري يكون عدم الاعتناء بالشك الحاصل في صلاة الاحتياط. ان قلت: موجب الشك ليس منحصرا في صلاة الاحتياط بل سجدتا السهو من موجباته احيانا كما في بعض الشكوك الصحيحة و أيضا الاتيان بالمشكوك فيه موجب الشك بشرط عدم التجاوز عن المحل فآثار الشك متعددة منها صلاة الاحتياط فما الوجه في الاختصاص؟

قلت: اما الاتيان بالجزء المشكوك فيه فمن آثار وجوب الصلاة لا من آثار الشك و حيث ان المقدر غير معلوم فالقدر المتيقن منه صلاة الاحتياط.

ان قلت: مقتضي الاطلاق العموم فيشمل الحكم كل موجب الشك. قلت:

مقتضي الاطلاق و ان كان كذلك و لا وجه للاقتصار علي المتيقن حيث انه خارج عن مقام التخاطب لكن يمكن أن يقال: بأن المستفاد من جملة من الروايات الكثيره ان المراد من السهو الشك في عدد الركعات فكأنه صار اصطلاحا خاصا في عرف الشارع لاحظ هذه النصوص في الباب 28 و 24 و 16 و 7 و 8 و 18 من أبواب الخلل من الوسائل و قد مر بعض النصوص في الابحاث المتقدمة.

فالنتيجه ان المراد من موجب الشك في عدد الركعات صلاة الاحتياط.

و لا يخفي ان عدم الاعتناء بالشك في عدد الركعات يستلزم البناء علي الاكثر الا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 415

[مسألة 376: إذا شك في الإتيان بصلاة الاحتياط بني علي العدم]

(مسألة 376): اذا شك في الاتيان بصلاة الاحتياط بني علي العدم (1) الا اذا كان بعد خروج الوقت (2) أو بعد الاتيان بما ينافي الصلاة عمدا و

سهوا (3).

[مسألة 377: إذا نسي من صلاة الاحتياط ركنا و لم يتمكن من تداركه أعاد الصلاة]

(مسألة 377): اذا نسي من صلاة الاحتياط ركنا و لم يتمكن من تداركه أعاد الصلاة و كذلك اذا زاد ركوعا أو سجدتين في ركعة (4).

______________________________

فيما يلزم منه البطلان اذا البناء علي الاقل ينافي عدم الاعتناء فعدم الاعتناء عبارة عن البناء علي الاكثر و هذا قول المشهور و في قباله ما نسب الي المجلسي و الأردبيلي من البناء علي الاقل.

(1) للاستصحاب فان مقتضاه عدم الاتيان.

(2) اذ صلاة الاحتياط جزء للصلاة الاصلية و موقتة بوقتها و مع خروج الوقت لو شك فيها كان من الشك بعد الوقت و قاعدة الحيلولة تقتضي الحكم بالاتيان علي ما نطق به النص لاحظ ما رواه زرارة و الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: متي استيقنت أو شككت في وقت فريضة انك لم تصلها أو في وقت فوتها انك لم تصلها صليتها و ان شككت بعد ما خرج وقت الفوت و قد دخل حائل فلا اعادة عليك من شك حتي تستيقن فان استيقنت فعليك أن تصلها في أي حالة كنت «1».

(3) لقاعدة الفراغ فان صلاة الاحتياط متممة للصلاة الاصلية فالشك في صلاة الاحتياط شك في صحتها و مقتضي قاعدة الفراغ صحتها.

(4) فانها في حكم الصلاة الاصلية فيبطلها المبطل للصلاة اضف الي ذلك انه نقل بأنه لم يخالف احد في البطلان و احتمال شمول قوله عليه السلام: «ليس علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 416

[فصل في قضاء الأجزاء المنسية]
اشارة

فصل في قضاء الاجزاء المنسية:

[مسألة 378: إذا نسي السجدة الواحدة و لم يذكر إلا بعد الدخول في الركوع وجب قضائها بعد الصلاة]

(مسألة 378): اذا نسي السجدة الواحدة و لم يذكر الا بعد الدخول في الركوع وجب قضائها بعد الصلاة (1).

______________________________

السهو سهو» «1» للمقام ضعيف لعدم وضوح معني الحديث و يحتمل أن يكون المراد منه عدم الاعتناء بالشك المتعلق بموجب الشك.

(1) المشهور بين القوم وجوب قضائها بعد مضي محل التدارك بل عن بعضهم دعوي الاجماع عليه و يدل عليه بعض النصوص لاحظ ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل نسي أن يسجد السجدة الثانية حتي قام فذكر و هو قائم أنه لم يسجد قال: فليسجد ما لم يركع فاذا ركع فذكر بعد ركوعه أنه لم يسجد فليمض علي صلاته حتي يسلم ثم يسجدها فانها قضاء قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض و ان شك في السجود بعد ما قام فليمض الحديث «2».

و ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث أنه سأل عن رجل نسي سجدة فذكرها بعد ما قام و ركع قال: يمضي في صلاته و لا يسجد حتي يسلم فاذا سلم سجد مثل ما فاته. قلت: فان لم يذكر الا بعد ذلك؟ قال: يقضي ما فاته اذا ذكره «3».

و ما رواه أبو بصير قال: سألته عمن نسي أن يسجد سجدة واحدة فذكرها و هو قائم قال: يسجدها اذا ذكرها ما لم يركع فان كان قد ركع فليمض علي صلاته

______________________________

(1) لاحظ ص: 412

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب السجود الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 417

بعد صلاة الاحتياط اذا كانت عليه (1) و كذا يقضي التشهد اذا نسيه

______________________________

فاذا

انصرف قضاها و ليس عليه سهو «1».

و في قبال القول المشهور نقل عن العماني و الكليني البطلان و يمكن أن يكون المستند لهذا القول ما رواه معلي بن خنيس قال: سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام في الرجل ينسي السجدة من صلاته قال: اذا ذكرها قبل ركوعه سجدها و بني علي صلاته ثم سجد سجدتي السهو بعد انصرافه و ان ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة و نسيان السجدة في الاولتين و الاخيرتين سواء «2».

و هذه الرواية لا اعتبار بها لإرسالها و عدم ثبوت وثاقة معلي و عن المفيد و الشيخ التفصيل بين الاولتين فتبطل و الاخيرتين فتقضي و الظاهر انهما استندا في هذا التفصيل الي ما رواه البزنطي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل يصلي ركعتين ثم ذكر في الثانية و هو راكع انه ترك السجدة في الاولي قال: كان أبو الحسن عليه السلام يقول: اذا ترك السجدة في الركعة الاولي فلم يدر واحدة أو ثنتين استقبلت الصلاة حتي يصح لك ثنتان و اذا كان في الثالثة و الرابعة فتركت سجدة بعد ان تكون قد حفظت الركوع أعدت السجود «3».

و لكن الرواية مضطربة من حيث المتن و يظهر منها ان الموضوع للبطلان أمران:

أحدهما ترك سجدة. ثانيهما: الشك في أنه صلي ركعة أو ركعتين.

(1) و ذلك لا لكون السجدة تمكن أن تكون زيادة في المكتوبة اذا المفروض ان المكلف لا يقصد كونها جزءا بل يأتي بها بعنوان القضاء عن الفائت الا أن يقال:

بأن السجود بنفسه زيادة في المكتوبة و هذا اول الكلام فالمدرك ليس ما ذكر بل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 418

و

لم يذكره الا بعد الركوع علي الاحوط وجوبا (1).

______________________________

المستفاد من النص انه يجب الاتيان بها بعد الفراغ من الصلاة لاحظ ما رواه اسماعيل بن جابر «1»

و ما رواه عمار بن عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث و (عن) الرجل ينسي سجدة فذكرها بعد ما قام و ركع قال: يمضي في صلاته و لا يسجد حتي يسلم فاذا سلم سجد مثل ما فاته قلت و ان لم يذكر الا بعد ذلك قال: يقضي ما فاته اذا ذكره «2»

و ما دام لم يحصل الفراغ من صلاة الاحتياط لم يحرز الفراغ من الصلاة و مع الشك في الموضوع لا يمكن ترتيب الحكم بل لنا أن نقول: بأن مقتضي الاستصحاب عدم حصول الفراغ فانه لا دليل علي الغاء الاستصحاب علي الاطلاق في باب الشك في الركعات. و صفوة القول: ان المستفاد من الدليل انه يلزم الاتيان بالسجدة بعد الصلاة فلا بد من اتيانها بعد الفراغ من صلاة الاحتياط.

(1) وجوب قضائه هو المشهور بل نقل عليه الاجماع من بعض الاصحاب و يمكن الاستدلال عليه بما رواه حكم بن حكيم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ينسي من صلاته ركعة أو سجدة أو الشي ء منها ثم يذكر بعد ذلك فقال:

يقضي ذلك بعينه فقلت: أ يعيد الصلاة؟ فقال: لا «3».

فان مقتضي اطلاق هذه الرواية وجوب قضاء التشهد لكن الاطلاق موهون بعدم العمل به و تخصيصه بخصوص السجدة و التشهد من المستهجن.

و مما يمكن أن يستدل به عليه ما رواه محمد عن أحدهما عليهما السلام في الرجل

______________________________

(1) لاحظ ص: 416

(2) الوسائل الباب 26 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب الخلل الواقع

في الصلاة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 419

______________________________

يفرغ من صلاته و قد نسي التشهد حتي ينصرف فقال: ان كان قريبا رجع الي مكانه فتشهد و الا طلب مكانا نظيفا فتشهد فيه و قال: انما التشهد سنة في الصلاة «1» و مقتضي اطلاق الرواية عدم الفرق بين التشهد الوسط و الاخير.

و في المقام عدة روايات: منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي أن يجلس في الركعتين الاولتين فقال: ان ذكر قبل أن يركع فليجلس و ان لم يذكر حتي يركع فليتم الصلاة حتي اذا فرغ فليسلم (و سلم و سجد) و ليسجد سجدتي السهو «2».

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي الركعتين من المكتوبة فلا يجلس فيهما حتي يركع فقال: يتم صلاته ثم يسلم و يسجد سجدتي السهو و هو جالس قيل أن يتكلم «3».

و منها: ما رواه الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام و ذكر مثل ما رواه ابن أبي يعفور الا أنه قال: حتي يركع الثالثة «4» و مقتضي الجمع بين النصوص التفصيل بين التشهد الاول و الثاني فان مقتضي اطلاق حديث ابن مسلم عدم الفرق بين التشهد الاول و الثاني و مقتضي احاديث ابناء خالد و أبي يعفور و أبي العلاء عدم وجوب قضاء التشهد الاول فالاطلاق المنعقد في حديث ابن مسلم يقيد بهذه الروايات و مما ذكرنا يظهر وجه بناء الحكم علي الاحتياط.

و أما حديث عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان نسي الرجل التشهد

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب التشهد الحديث: 2

(2) نفس المصدر

الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 420

و يجري الحكم المذكور فيما اذا نسي سجدة واحدة و التشهد من الركعة الاخيرة و لم يذكر الا بعد التسليم و الاتيان بما ينافي الصلاة عمدا و سهوا (1) و أما اذا ذكره بعد التسليم و قبل الاتيان بالمنافي فاللازم تدارك المنسي و الاتيان بالتشهد و التسليم (2) ثم الاتيان بسجدتي

______________________________

في الصلاة فذكر أنه قال: بسم اللّه فقد جازت صلاته و ان لم يذكر شيئا من التشهد أعاد الصلاة «1»، فلا بد من رد علمه الي أهله.

هذا تمام الكلام بالنسبة الي قضائه و أما كونه بعد صلاة الاحتياط أو قبله فعلي القول بعدم وجوب تدارك التشهد الوسط و عدم وجوب قضائه لا يكون مجال للبحث كما هو ظاهر و أما علي القول بوجوبه فيكون حكمه كالسجدة فلاحظ و أما بالنسبة الي التشهد الاخير فتارة يكون الالتفات بنسيانه قبل فوات المحل و اخري يكون بعد فواته أما علي الاول كما اذا سلم و قبل الانصراف تذكر نسيان التشهد فلا اشكال في وجوب تقديم التشهد علي صلاة الاحتياط اذ السلام وقع في غير محله فيجب تدارك التشهد ثم التسليم ثم الاتيان بصلاة الاحتياط و أما علي الثاني فقد مر في فصل صلاة الاحتياط ان الفصل بين الصلاة الاصلية و صلاة الاحتياط بالمنافي يخل بصحة الصلاة فأيضا لا يبقي مجال لهذا البحث.

(1) الظاهر انه ليس في النصوص ما يدل عليه بالخصوص نعم مقتضي اطلاق بعض الروايات ما ذكر لاحظ ما رواه حكم بن حكيم «2» و ما رواه عبد اللّه بن سنان «3».

(2) فان مقتضي القاعدة الاتيان بالسجدة ثم الاتيان بالتشهد و التسليم اذ

المفروض

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) لاحظ ص: 418

(3) لاحظ ص: 341

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 421

السهو للسلام الزائد علي الاحوط وجوبا (1) و لا يقضي غير السجدة و التشهد من الاجزاء (2) و يجب في القضاء ما يجب في المقضي من جزء و شرط (3).

______________________________

ان الترتيب لم يتحقق بين الاجزاء و لم يفت محل التدارك فلا وجه لرفع اليد عن رعاية الترتيب.

و ما أفاده في المستمسك من كون السلام مفرغا فبعد السلام ليس المصلي في الاثناء كي يلزم رعاية الترتيب ليس سديدا اذ السلام انما يكون مفرغا فيما يقع في محله المعين بحسب النظر الشرعي لا كيف ما اتفق و الا يلزم الخروج من الصلاة بالاتيان بالسلام سهوا علي الاطلاق و ليس الامر كذلك اذ لا اشكال عندهم ظاهرا ان الاتيان بالسلام سهوا لا يوجب خروج المصلي من الصلاة.

و لذا أفاد في الجواهر في هذا المقام بأن مقتضي القاعدة الاتيان بالسجدة ثم الاتيان بالتشهد و السلام كي يحصل الترتيب و المانع من الالتزام به الاجماع و لولاه كان مقتضي القاعدة الالتزام بالصحة و تدارك الترتيب بل مقتضي القاعدة ما ذكر حتي فيما لو فات السجدتان، و ما أفاده متين لكن تحقق الاجماع التعبدي غير ثابت بل الثابت خلافه.

(1) بناء علي وجوبهما لكل زيادة و نتعرض للمسألة عند تعرض الماتن ان شاء اللّه فانتظر.

(2) لعدم الدليل عليه و مقتضي الاصل الاولي عدم الوجوب مضافا الي دعوي الاجماع علي عدمه فلاحظ و ما يدل علي وجوب القضاء علي الاطلاق لا يمكن الالتزام به كما مر.

(3) فان الظاهر من دليل القضاء ان القضاء يلزم أن يكون مطابقا للأداء كبقية الموارد.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 422

كما يجب فيه نية

البدلية (1) و لا يجوز الفصل بالمنافي بينه و بين الصلاة و اذا فصل أعاد الصلاة (2).

______________________________

(1) فانه علي القاعدة الاولية اذ وجوب المنسي بهذا العنوان فلا بد من قصده كي يتحقق قصد الواجب و يكفي النية الإجمالية لعدم دليل علي لزوم التفصيل.

(2) يمكن أن يقال: بأن مقتضي اطلاق دليل القضاء عدم قدح الفصل بالمنافي بل يمكن استفادة المدعي بوضوح من حديثي عمار و ابن مسلم «1» فان المستفاد من قوله عليه السلام: (يقضي ما فانه اذا ذكره» ان القضاء واجب في زمان التذكر بلا فرق بين موارده و أيضا يستقاد من حديث ابن مسلم انه يجوز قضاء التشهد مع الانصراف و بعده عن مكانه فانه يطلب مكانا نظيفا و يتشهد.

هذا بحسب الاصل اللفظي و أما بحسب الاصل العملي فيمكن أن يقال: بأن مقتضي اصالة البراءة عدم تقيد القضاء بهذا القيد و عدم قدح الفصل المذكور.

و لكن لقائل أن يقول: بأنه لو لم يتم التقريب الاول لا بد من الاحتياط لاستصحاب عدم سقوط الواجب لكن يرد عليه بأن الاستصحاب في المقام يعارضه استصحاب عدم الجعل الزائد.

و الحق أن يقال: بأنه لو قلنا بجريان قاعدة لا تعاد كان مقتضي القاعدة عدم وجوب الاعادة و يمكن أن يقال: انه لا مجال لجريان قاعدة لا تعاد فانه كيف يمكن الحكم بعدم الاعادة مع دليل وجوب قضاء الجزء المنسي فان المستفاد من دليل وجوب قضاء الجزء المنسي بحسب الفهم العرفي انه جزء للصلاة غاية الامر تبدل محله و المراد من القضاء الاتيان به لا القضاء المصطلح.

و صفوة القول: ان المستفاد من دليل قضاء الجزء بعد الصلاة ان الجزئية

______________________________

(1) لاحظ ص: 418

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 423

[مسألة 379: إذا شك في فعله بني علي العدم]

(مسألة 379): اذا

شك في فعله بني علي العدم (1) الا أن يكون قد خرج الوقت (2) و اذا شك في موجبه بني علي العدم (3).

[فصل في سجود السهو]
اشارة

فصل في سجود السهو:

[مسألة 380: في موارد وجوب سجدة السهو]

(مسألة 380): يجب سجود السهو للكلام ساهيا (4) و للسلام

______________________________

محفوظة و انما تبدل محله فيترتب عليه ان الاتيان بالمنافي يخل بصحة الصلاة و ان قلنا بعدم جريانها كان دليل وجوب الصلاة كافيا لوجوب الاعادة فان سقوط الامر عن الواجب خلاف اطلاق الدليل.

و بعبارة اخري: بدلية قضاء السجدة أو التشهد مع الفصل بالمنافي خلاف الاطلاق لكن الحق ان المحكم اطلاق دليل قضاء الجزء فلا يضر الفصل بالمنافي و طريق الاحتياط ظاهر.

(1) لأصالة عدم الاتيان به.

(2) لقاعدة الحيلولة و لقائل أن يقول: لا وجه لجريان القاعدة فان جريانها يتوقف علي كون الوقت الادائي ظرفا للقضاء و لكن قد مر ان مقتضي دليل البدلية وجوب رعاية الشرائط المقررة في البدل كالمبدل منه فيلزم رعاية الوقت فيه كبقية الشرائط فتجري فيه القاعدة بحسب الفهم العرفي.

و لكن الاشكال كل الاشكال في أن المستفاد من اطلاق دليل القضاء عدم اشتراط المقضي بالوقت بل يجوز الاتيان به و لو بعده فلا موضوع لقاعدة الحيلولة فلا مناص عن الاتيان به لاستصحاب عدم الإتيان غاية الامر طريق الاحتياط أن يؤتي به رجاء و اللّه العالم.

(3) لأصالة العدم فلاحظ.

(4) هذا هو المشهور- علي ما في بعض الكلمات- و نقل عن بعض الاجماع

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 424

______________________________

عليه و يدل عليه ما رواه عبد الرحمن ابن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول: أقيموا صفوفكم فقال: يتم صلاته ثم يسجد سجدتين الحديث «1» و يدل عليه أيضا ما رواه ابن أبي يعفور «2».

و ربما يقال: بأنه يعارض ما دل علي الوجوب عدة نصوص دالة علي عدم الوجوب: منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر

عليه السلام في الرجل يسهو في الركعتين و يتكلم فقال: يتم ما بقي من صلاته تكلم أو لم يتكلم و لا شي ء عليه «3».

بتقريب أن قوله عليه السلام: «و لا شي ء عليه» يدل علي عدم وجوب سجدتي السهو و حمله علي عدم الاعادة بأن يكون عطفا تفسيريا ينافي الظهور في التأسيس.

و لا يخفي انه لا مجال لتوهم وجوب شي ء عليه غير سجدة السهو فيكون النفي ناظرا الي عدم وجوبها فالتعارض بين الروايتين ظاهر و حمل دليل الوجوب علي الاستحباب بقرينة المعارض ليس جمعا عرفيا و أقوال العامة في المقام مختلفة فالقاعدة تقتضي تساقط طرفي المعارضة و مقتضي الاصل عدم الوجوب و نقل عن الصدوقين و غيرهما القول بعدم الوجوب.

و أفاد السيد الحكيم قدس سره في المقام بأن المسألة لا تخلو من اشكال لكن كيف يمكن الالتزام به مع الشهرة الفتوائية و الاجماع المدعي من بعض الاعلام و قس علي خبر زرارة غيره مما دل علي عدم الوجوب كخبر الفضيل بن يسار «4» مضافا الي أن الترجيح بالاحدثية مع ما يدل علي الوجوب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 390

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 1 من ابواب قواطع الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 425

في غير محله (1).

______________________________

(1) هذا هو المشهور علي ما في بعض الكلمات، بل نقل عليه الاجماع قال في الحدائق: «نقل عن العلامة في المنتهي الاتفاق علي ذلك و نسبه المحقق الي علمائنا مؤذنا بدعوي الاجماع عليه».

و لا يخفي انه لا يمكن الاستناد الي مثل هذه الاجماعات التي يمكن استنادها الي الوجوه المذكورة و لا تكون

اجماعات تعبدية.

و استدل علي المدعي بأنه زيادة في الصلاة و يجب سجود السهو لكل زيادة.

و فيه: ان الكلام في المبني كما سيجي ء.

و استدل عليه بما رواه العيص قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي ركعة من صلاته حتي فرغ منها ثم ذكر انه لم يركع قال: يقوم فيركع و يسجد سجدتين «1».

و في دلالة الرواية علي المدعي اشكال فانه من المحتمل بل الظاهر ان المراد بالسجدتين سجدتا الصلاة الواقعة بعد الركوع.

و استدل بما رواه سعيد الاعرج قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

صلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ثم سلم في ركعتين فسأله من خلفه يا رسول اللّه حدث في الصلاة شي ء؟ فقال: و ما ذلك قال: انما صليت ركعتين فقال: أ كذلك يا ذا اليدين؟ و كان يدعي ذو الشمالين فقال: نعم فبني علي صلاته فأتم الصلاة أربعا الي أن قال: و سجد سجدتين لمكان الكلام «2».

و فيه: ان الظاهر من الرواية ان سجود السهو للكلام الواقع أثناء الصلاة.

و استدل بما رواه عمار في حديث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 426

و للشك بين الاربع و الخمس كما تقدم (1) و لنسيان التشهد (2).

______________________________

صلي ثلاث ركعات و هو يظن أنها أربع فلما سلم ذكر انه ثلاث قال: يبني علي صلاته متي ما ذكر و يصلي ركعة و يتشهد و يسلم و يسجد سجدتي السهو و قد جازت صلاته «1».

و فيه: ان مورده السهو عن التشهد و التسليم فلا دلالة في الرواية علي وجوب سجود السهو للسلام

وحده و أما الاشكال في الرواية- كما في المستمسك- بأنه من المحتمل أن يكون من جهة الزيادة فلا خصوصية للسلام فغير وارد اذ لا وجه لرفع اليد عن الرواية بمجرد هذا الاحتمال.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما دل علي وجوبه للكلام «2» الا أن يقال:

بأن الظاهر من ذلك الدليل الكلام الخارج عن الصلاة و لعله لا وجه لهذا الاشكال فان الانصراف علي تقدير تسلمه لعله بدوي.

(1) كما هو المشهور- علي ما في بعض الكلمات- و يدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه أبو بصير «3».

(2) نقل عن الخلاف و غيره الاجماع عليه و عن المدارك نفي الخلاف فيه و النصوص الواردة في المقام تكفي لإثبات الوجوب لاحظ ما رواه سليمان بن خالد «4» و ما رواه ابن أبي يعفور «5» و ما رواه الحسين بن أبي العلاء «6» و النصوص واردة في التشهد الاول و لكن بعضها مطلق من هذه الجهة كحديث

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 14

(2) لاحظ ص: 424

(3) لاحظ ص: 395

(4) لاحظ ص: 419

(5) لاحظ ص: 419

(6) لاحظ ص: 419

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 427

و الاحوط وجوبا سجود السهو لنسيان السجدة (1) و للقيام في موضع

______________________________

أبي بصير قال: سألته عن الرجل ينسي أن يتشهد قال يسجد سجدتين يتشهد فيهما «1».

(1) المشهور علي ما في بعض الكلمات- وجوبهما بل نقل عن جملة من الاعيان ادعاء الاجماع عليه لعموم وجوبهما لكل زيادة و نقيصة و لرواية جعفر بن بشير قال: سئل أحدهم عن رجل ذكر أنه لم يسجد في الركعتين الاولتين الا سجدة و هو في التشهد الأول قال: فليسجدها ثم لينهض و اذا ذكره و هو في التشهد الثاني قبل أن يسلم فليسجدها

ثم يسلم ثم يسجد سجدتي السهو «2».

و فيه ان الاجماع التعبدي غير متحقق و ثبوت وجوبهما لكل زيادة و نقيصة محل الاشكال كما سيظهر ان شاء اللّه تعالي و أما حديث ابن بشير فمن حيث السند ضعيف بمحمد بن خالد.

و يدل علي عدم الوجوب ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

و سئل عن الرجل ينسي الركوع أو ينسي سجدة عليه سجدة السهو؟ قال: «قد أتم الصلاة «3».

فان مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين كون التذكر في المحل و التذكر بعد فوات المحل و عدم امكان الالتزام بالصحة بالنسبة الي الركوع الا فيما كان التذكر قبل فوات المحل لا يقتضي رفع اليد عن الاطلاق بالنسبة الي نسيان السجدة و يدل أيضا علي عدم الوجوب ما رواه أبو بصير «4» و مثله ما رواه محمد بن منصور «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب التشهد الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب السجود الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 26 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 416

(5) الوسائل الباب 14 من أبواب السجود الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 428

الجلوس أو الجلوس في موضع القيام (1).

______________________________

هذا كله فيما لا يكون قابلا للتدارك و أما في صورة امكان التدارك فلا موضوع للنقصان نعم علي القول بالوجوب لكل زيادة و نقيصة يجب الاتيان بهما للزيادة و لكن الاشكال في أصل المبني.

(1) انه من دين الامامية علي ما نقل عن بعض و نقل عن بعض ادعاء الاجماع عليه و العمدة النصوص و مما استدل عليه ما رواه معاوية بن عمار قال: سألته عن الرجل يسهو فيقوم في حال قعود أو يقعد في حال قيام قال:

يسجد سجدتين بعد التسليم و هما المرغمتان ترغمان الشيطان «1» و هذه الرواية مخدوشة بالعبيدي.

و مما استدل به علي المدعي ما رواه عمار بن موسي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن السهو ما تجب فيه سجدتا السهو؟ قال: اذا أردت أن تقعد فقمت أو أردت أن تقوم فقعدت أو أردت أن تقرأ فسبحت أو أردت أن تسبح فقرأت فعليك سجدتا السهو و ليس في شي ء مما يتم به الصلاة سهو و عن الرجل اذا أراد أن يقعد فقام ثم ذكر من قبل أن يقوم شيئا أو يحدث شيئا فقال: ليس عليه سجدتا السهو حتي يتكلم بشي ء و عن الرجل اذا سها في الصلاة فينسي أن يسجد سجدتي السهو قال: يسجد متي ذكر الي أن قال: و عن الرجل يسهو في صلاته فلا يذكر حتي يصلي الفجر كيف يصنع؟ قال: لا يسجد سجدتي السهو حتي تطلع الشمس و يذهب شعاعها الحديث «2».

و هذه الرواية تدل علي المدعي بما في صدرها لكن ذيل الرواية يقتضي عدم الوجوب الا مع التكلم و الا فمجرد القيام في محل القعود لا يوجب سجود السهو فعلي تقدير عدم اعتبار الرواية الاولي فلا مقتضي للوجوب و علي تقدير اعتبارها

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 429

كما أن الاحوط استحبابا سجود السهو لكل زيادة أو نقيصة (1).

______________________________

يقع التعارض بين الخبرين و أقوال العامة في المقام مختلفة علي ما يظهر من الحدائق.

قال في الحدائق: «و لا يبعد عندي حمل أخبار السجود علي التقية فان القول بوجوب السجود هنا مذهب أبي حنيفة و الشافعي و اتباعهما» الي آخر كلامه.

لكن مع

اختلاف أقوال العامة يكون كل من القول بالوجوب و القول بعدمه موافقا لهم فلا ترجيح من هذه الجهة و بعد فرض التعارض تكون نتيجة سقوط الخبرين بالمعارضة عدم الوجوب لعدم المقتضي و مقتضي البراءة العدم كما هو المقرر عند الشك فالقول بالوجوب من باب الاحتياط.

(1) عن الشيخ نسبة وجوبهما لكل زيادة و نقيصة الي بعض الاصحاب و عن الدروس انه لم نظفر بقائله و مما يمكن أن يستدل عليه ما رواه سفيان بن السمط عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تسجد سجدتي السهو في كل زيادة تدخل عليك أو نقصان «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بالارسال و عدم تحقق وثاقة سفيان و مجرد كون ابن أبي عمير في السند لا يكفي كما حقق في محله مضافا الي عدم عمل الاصحاب به.

و ربما يستدل عليه بما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد و سلم و اسجد سجدتين بغير ركوع و لا قراءة فتشهد فيهما تشهدا خفيفا «2».

بتقريب: ان الجملة اما عطف علي فعل الشرط و اما عطف علي معموله أما علي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 430

______________________________

الاول فدلالة الرواية علي المدعي واضحة و أما علي الثاني فان حملناه علي العلم الإجمالي فالدلالة واضحة أيضا اذ العلم الإجمالي انما يكون منجزا فيما يكون الاثر مترتبا علي الاطراف و ان حملناه علي الشك فيدل علي المدعي بالاولوية القطعية.

و الانصاف ان الحديث بظاهره اجنبي عن المقام فان الظاهر منه أنه لو لم يدر صلي أربعا

أم خمسا أو شك في أنه نقص من الاربع أو زاد علي الخمس تشهد و سلم فلا يرتبط بالزيادة و النقيصة و اللّه العالم.

و مما يمكن أن يستدل به عليه ما رواه الفضيل بن يسار انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن السهو فقال: من حفظ سهوه فاتمه فليس عليه سجدتا السهو و انما السهو علي من لم يدر أزاد في صلاته أم نقص منها «1».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي الفضيل بمحمد بن خالد.

و مما يمكن أن يستدل به عليه ما رواه صفوان بن مهران الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن سجدتي السهو فقال: اذا نقصت فقبل التسليم و اذا زدت فبعده «2» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي صفوان.

و مما استدل به عليه ما رواه سعد بن سعد الاشعري قال: قال الرضا عليه السلام في سجدتي السهو اذا نقصت قبل التسليم و اذا زدت فبعده «3».

و هذه الرواية من حيث السند مخدوشة بالبرقي فان صاحب الوسائل أفاد بأن هذا العنوان يكون لمحمد بن خالد غالبا و لا أقل من الاجمال و أما من حيث الدلالة فيمكن أن يقال بأنها ناظرة الي بيان محل السجدة و لا تدل علي الوجوب و لا علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 431

[مسألة 381: يتعدد السجود بتعدد موجبه و لا يتعدد بتعدد الكلام]

(مسألة 381): يتعدد السجود بتعدد موجبه (1) و لا يتعدد بتعدد الكلام الا مع تعدد السهو بأن يتذكر ثم يسهو أما اذا تكلم كثيرا و كان ذلك عن سهو واحد وجب

سجود واحد لا غير (2).

[مسألة 382: لا يجب الترتيب فيه بترتيب أسبابه و لا تعيين السبب]

(مسألة 382): لا يجب الترتيب فيه بترتيب أسبابه (3) و لا تعيين السبب (4).

[مسألة 383: يؤخر السجود عن صلاة الاحتياط]

(مسألة 383): يؤخر السجود عن صلاة الاحتياط و كذا عن الاجزاء المقضية (5).

______________________________

العموم.

و مما يمكن أن يستدل به عليه ما رواه زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر زاد أم نقص فليسجد سجدتين و هو جالس و سماهما رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله المرغمتين «1».

بدعوي ان الرواية تدل علي المدعي في المقام بالاولوية و فيه ان الاولوية اول الكلام فالحكم مبني علي الاحتياط.

(1) لعدم تداخل الاسباب و لا المسببات فيتكرر المسبب كالسبب.

(2) المستفاد من النص ان الكلام السهوي يوجب السجدة فالمناط في التعدد تعدد الكلام سهوا و عليه لا يمكن المساعدة مع ما أفاده الماتن و اللّه العالم.

(3) فانه مع عدم التعين لا مجال للترتيب كما هو ظاهر.

(4) فان التعيين فرع التعين و حيث لا تعيين فلا مجال للتعين.

(5) تأخير سجود السهو عن صلاة الاحتياط علي القاعدة اذ سجود السهو يجب

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 432

و الاحوط عدم تأخيره عن الصلاة (1).

______________________________

الاتيان به بعد الصلاة كما هو المستفاد من النصوص و أما لزوم تأخيره عن قضاء الاجزاء المقضية فلا دليل عليه نعم هو مقتضي الاحتياط فلاحظ.

الا أن يقال: ان المستفاد من دليل القضاء ان المقضي جزء من الصلاة غاية الامر تبدل مكانه فما دام لم يتحقق لم يفرغ من الصلاة فلا يجوز الاتيان بالسجدة قبله لكن المفروض صدق الفراغ قبل الاتيان به و اللّه العالم.

(1) وجوب الاتيان به فورا هو المشهور- علي

ما في بعض الكلمات- و ربما يقال: بأنه لا دليل علي الفورية بل بدل علي عدم وجوبها ما رواه عمار بن موسي «1».

و لا يخفي انه لو لم يتم دليل علي الفورية فلا مقتضي للقول بها و لا نحتاج الي دليل لعدمها و ان تم الدليل علي الفورية فلا يعارضها ما رواه عمار اذ هو وارد في مورد خاص و لا مانع من التخصيص.

فالعمدة النظر في النصوص كي نري هل فيها ما يدل علي المدعي و ما يمكن أن يستدل به عليه عدة نصوص منها: ما رواه منهال القصاب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أسجد في الصلاة و أنا خلف الامام قال: فقال: اذا سلم فاسجد سجدتين و لا تهب «2» و هذه الرواية ضعيفة بمنهال.

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور «3» و المستفاد من هذه الرواية انه لا بد من الاتيان بالسجدتين قبل التكلم و لا تدل علي الفورية.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قمت في الركعتين من ظهر أو غيرها فلم تتشهد فيهما فذكرت ذلك في الركعة الثالثة قبل أن تركع

______________________________

(1) لاحظ ص: 428

(2) الوسائل الباب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 419

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 433

______________________________

فاجلس و تشهد و قم فأتم صلاتك و ان أنت لم تذكر حتي تركع فامض في صلاتك حتي تفرغ فاذا فرغت فاسجد سجدتي السهو بعد التسليم قبل أن تتكلم «1».

و هذه الرواية أيضا لا تدل علي المدعي و هي الفورية بل المستفاد منها الاتيان بالسجدتين قبل الاتيان بالمنافي كالتكلم.

لكن الانصاف انه لا يبعد أن يفهم العرف من نصوص الباب الفورية لاحظ

ما رواه الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: في الرجل يصلي الركعتين من المكتوبة ثم ينسي فيقوم قبل أن يجلس بينهما قال: فليجلس ما لم يركع و قد تمت صلاته و ان لم يذكر حتي ركع فليمض في صلاته فاذا سلم سجد سجدتين و هو جالس «2».

فان المستفاد من قوله عليه السلام: «فاذا سلم سجد سجدتين» الفورية بالظهور العرفي و الاشكال فيه بأن المستفاد منه الاتيان بالسجدتين بعد الصلاة في مقابل الاتيان بهما اثنائها، فلا يدل علي الفورية بل يدل علي البعدية و هي لا تقتضي الفورية اذ الأمر لا يقتضي الفورية، مدفوع بأن الظهور العرفي لا يقاوم ما ذكر من البيان و لاحظ بقية نصوص الباب لعلك تطمئن بما قلناه.

و يمكن أن يقال: في تقريب الاستدلال علي المدعي ان قوله عليه السلام:

«قبل أن يتكلم» ظاهر في الفورية بتقريب: ان المصلي بحسب طبعه بعد اتمامه الصلاة يتكلم فقوله عليه السلام: «قبل أن يتكلم» معناه انه يلزم رعاية الفورية حتي بهذا المقدار.

و بعبارة اخري: ليس النص ناظرا الي النهي عن الفصل بالمنافي بل المقصود

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب التشهد الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب التشهد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 434

و عدم الفصل بينهما بالمنافي (1) و اذا أخره عنها أو فصله بالمنافي لم تبطل صلاته (2) و لم يسقط وجوبه (3) بل لا تسقط فوريته أيضا علي الاحوط (4) و اذا نسيه فذكر و هو في أثناء صلاة اخري أتم صلاته و أتي به بعدها (5).

[مسألة 384: سجود السهو سجدتان متواليتان]

(مسألة 384): سجود السهو سجدتان متواليتان (6) و تجب فيه

______________________________

من النص الاتيان بالسجود فورا نظير قول القائل: اذا دخلت الدار فاسجد سجدة

الشكر قبل أن تقعد فلاحظ.

(1) قد ظهر الاشكال فيه مما ذكرنا فلاحظ.

(2) لعدم المقتضي و مقتضي الاصل الاولي عدم الجزئية و الشرطية و المستفاد من قوله عليه السلام: «هما المرغمتان» عدم ارتباطهما باصل الصلاة بل وجوبهما مجازاة للمصلي لأجل سهوه فلاحظ.

(3) علي القول بالفورية يشكل الالتزام ببقاء الوجوب مع العصيان و عدم الاتيان به فورا لعدم الدليل علي البقاء اذ حديث عمار «1» ناظر الي صورة النسيان أما مع تعمد التأخير فلا يدل الحديث علي بقاء الوجوب و أما استصحاب البقاء فمعارض باصالة عدم جعل الزائد كما هو المقرر.

(4) علي القول ببقاء الوجوب بعد العصيان لا وجه لوجوب المبادرة فلا تغفل.

(5) اذ السجدة تتقوم بالسلام و السلام كلام الادمي فتبطل الصلاة به فلاحظ.

(6) كما هو المستفاد من نصوص الباب فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 428

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 435

نيه القربة (1) و لا يجب فيه تكبير (2) و يعتبر فيه وضع الجبهة علي ما يصح السجود عليه (3).

______________________________

(1) لأنه عيادة و لا بد من النية و القربة في العبادة.

(2) للأصل و لرواية عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن سجدتي السهو هل فيهما تكبير أو تسبيح؟ فقال: لا إنما هما سجدتان فقط فان كان الذي سها هو الامام كبر اذا سجد و اذا رفع رأسه ليعلم من خلفه انه قدسها و ليس عليه أن يسبح فيهما و لا فيهما تشهد بعد السجدتين «1».

(3) استشكل فيه صاحب الحدائق لعدم الدليل و عن المدارك في مقام اثبات المدعي: «ان السجود الصلاتي مشروط بهذا الشرط و المعهود من لفظ السجود هو السجود الخاص المقيد».

و أورد عليه صاحب الحدائق نقضا و حلا أما نقضا فبسجود التلاوة حيث

ان صاحب المدارك تنظر في اشتراطه بهذا الشرط و الحال ان حكم الامثال واحد و أما حلا فبأن هذا انما يتم في سجود الصلاة حيث اشترط بشروط لا مطلق السجود.

و ربما يقال: بأن مقتضي اطلاق دليل السجود في المقام عدم الاشتراط و مع عدم الاطلاق يكون مقتضي البراءة عدم الوجوب أيضا.

لكن يمكن أن يقال: انه يستفاد من بعض النصوص شمول الحكم للمقام لاحظ ما رواه هشام بن الحكم انه قال: لأبي عبد اللّه عليه السلام أخبرني عما يجوز السجود عليه و عما لا يجوز قال: السجود لا يجوز الاعلي الأرض أو علي ما أنبت الارض الا ما اكل أو لبس فقال له: جعلت فداك ما العلة في ذلك؟ قال: لان السجود خضوع للّه عز و جل فلا ينبغي أن يكون علي ما يؤكل و يلبس لان أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 436

و وضع سائر المساجد (1) و الاحوط استحبابا أن يكون واجدا لجميع ما يعتبر في سجود الصلاة من الطهارة و الاستقبال و الستر و غير ذلك (2) و الاقوي وجوب الذكر في كل واحد منهما و الاحوط في صورته: بسم اللّه و باللّه السلام عليك أيها النّبيّ و رحمة اللّه و بركاته (3).

______________________________

و يلبسون و الساجد في سجوده في عبادة اللّه عز و جل فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده علي معبود ابناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها الحديث «1».

فان السؤال في هذه الرواية عن مطلق السجود و لا وجه لتقييده بسجود الصلاة بالخصوص مضافا الي أن المستفاد من العلة المذكورة في الرواية عموم الحكم فلاحظ.

(1) بتقريب انه مقتضي

اطلاق حديث زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: السجود علي سبعة أعظم: الجبهة و اليدين و الركبتين و الابهامين من الرجلين و ترغم بأنفك ارغاما أما الفرض فهذه السبعة و أما الارغام بالانف فسنة من النبي صلي اللّه عليه و آله «2».

(2) مقتضي القاعدة الاولية من الاصل اللفظي و العملي عدم اشتراطه بما ذكر و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(3) قال في الحدائق: «المشهور وجوب الذكر فيهما و تردد المحقق فيه في الشرائع قال في المدارك: منشأ التردد اطلاق قوله عليه السلام: «فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثم سلم بعدهما» الي آخره.

و ملخص الكلام في المقام في وجه التردد انه قد وردت جملة من النصوص

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب ما يسجد عليه الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب السجود الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 437

______________________________

بلا تقييد للسجود بالذكر لاحظ احاديث اسحاق بن عمار و عبد اللّه بن سنان و زرارة و أبي بصير و عبيد اللّه بن علي الحلبي «1».

فان هذه النصوص باطلاقها تقتضي عدم وجوب الذكر فيهما بل صرح بعدم الوجوب فيما رواه عمار «2» و في قبال هذه الرواية حديث آخر يدل علي الوجوب لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: تقول في سجدتي السهو: بسم اللّه و باللّه (اللهم صل علي محمد و آل محمد) و صلي اللّه علي محمد و آل محمد قال: و سمعته مرة اخري يقول: بسم اللّه و باللّه السلام عليك أيها النبي و رحمة اللّه و بركاته «3».

و هذه الرواية اختلف في نقلها قال في الحدائق: «و المستند في ما قلناه

ما رواه في الكافي و التهذيب عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

يقول في سجدتي السهو: بسم اللّه و باللّه اللهم صلي علي محمد و آل محمد قال الحلبي: و سمعته مرة اخري يقول فيهما: بسم اللّه و باللّه السلام عليك ايها النبي و رحمة اللّه و بركاته و رواه الصدوق في الفقيه في الصحيح عن الحلبي الا انه فيه:

«و صلي اللّه علي محمد و آل محمد» و في بعض نسخ التهذيب مثل ما نقلناه عن الكافي أيضا و رواه الشيخ عن عبيد اللّه الحلبي في الحسن عن عبد اللّه مثل ما في الفقيه لكن فيه «و السلام» باضافة الواو فيقع التعارض بين الطائفتين.

و لا يخفي ان المطلقات لا تعارض النص الخاص فالتعارض بين الخاصين و الترجيح مع الدال علي الوجوب اذ المستفاد من كتاب «الفقه علي المذاهب

______________________________

(1) لاحظ ص: 403 و 395 و 431 و 429

(2) لاحظ ص: 435

(3) الوسائل الباب 20 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 438

و يجب فيه التشهد (1).

______________________________

الخمسة» لمغنية ان العامة لا يقولون بوجوب شي ء في السجدتين و مقتضي الصناعة تعين جملة «بسم اللّه و باللّه السلام عليك ايها النبي و رحمة اللّه و بركاته» كما عليه السيرة الجارية و ذلك لأحدثية قوله عليه السلام: «يقول فيها بسم اللّه و باللّه السلام عليك ايها النبي و رحمة اللّه و بركاته» فيؤخذ بالاحدث لكونه أرجح.

يبقي الكلام في زيادة الواو العاطفة علي «السلام علي النّبيّ» و لا يبعد ان الرواية المتضمنة لهذه الزيادة مخدوشة فان الشيخ روي هذه الرواية- علي ما في «جامع احاديث الشيعة» بطريقه الي سعد بن عبد اللّه

عن أبي جعفر عن أبيه و الظاهر ان المراد بأبي جعفر احمد بن محمد بن عيسي فاحمد ينقل عن أبيه محمد بن عيسي و الظاهر انه هو العبيدي و قد مر منا ضعف الرجل.

و ملخص الكلام انه لا تعارض بالنسبة الي الصدر و هو قول: «بسم اللّه و باللّه» و بالنسبة الي الذيل الترجيح مع قول: «السلام عليك ايها النبي و رحمة اللّه و بركاته» فلاحظ.

(1) علي المشهور- كما في بعض الكلمات- بل نقل عليه الاجماع من ظاهر التذكرة و صريح المعتبر و المنتهي و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي «1».

و منها: ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يدري كم صلي واحدة أم (أو) اثنتين أو ثلاثا قال: يبني علي الجزم و يسجد سجدتي السهو و يتشهد تشهدا خفيفا «2» و منها: ما رواه سهل بن اليسع «3»

______________________________

(1) لاحظ ص: 429

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 394

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 439

بعد رفع الرأس من السجدة الثانية (1) ثم التسليم (2) و الاحوط اختيار التشهد المتعارف (3).

______________________________

و منها: ما رواه أبو بصير «1» و منها: ما رواه الحسن الصيقل «2» و يعارضها ما رواه عمار «3» و حيث ان العامة قائلون بالتشهد- علي ما في كتاب «الفقه علي المذاهب الخمسة» فالترجيح مع رواية عمار فلاحظ و السيرة العملية جارية علي الاتيان بالتشهد.

(1) كما هو ظاهر نصوص الباب فلاحظ.

(2) كما هو المشهور بناء علي ما يشاهد في بعض كلمات بعض الاصحاب بل نقل عليه الاجماع و تدل عليه عدة نصوص لاحظ حديثي

عبد اللّه بن سنان و أبي بصير «4».

و لا يخفي انه لا يعارض ما قدمناه عن عمار النصوص الدالة علي وجوب السلام اذ رواية عمار تدل علي وجوب التشهد و التشهد غير السلام كما هو ظاهر.

(3) لا يخفي ان الخفيف ليس له اصطلاح خاص في كلام الشارع و لا يبعد أن يكون المراد به في لسان الروايات التشهد المتعارف في الصلاة فانه خفيف بالنسبة الي ما يتضمن المستحبات لكن الانصاف أن مقتضي الاطلاق التخيير بين أقسام الخفيف الا أن يقال: بأن المتبادر الي الذهن من نصوص الباب ان الواجب هو التشهد المعهود الدائر في الصلاة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 427

(2) لاحظ ص: 359

(3) لاحظ ص: 435

(4) لاحظ ص: 395

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 440

[مسألة 385: إذا شك في موجبه لم يلتفت]

(مسألة 385): اذا شك في موجبه لم يلتفت (1) و اذا شك في عدد الموجب بني علي الاقل (2) و اذا شك في اتيانه بعد العلم بوجوبه أتي به (3) و اذا اعتقد تحقق الموجب و بعد السلام شك فيه لم يلتفت (4) كما أنه اذا شك في الموجب و بعد ذلك علم به أتي به (5) و اذا شك في أنه سجد سجدة أو سجدتين بني علي الاقل (6) الا اذا دخل في التشهد (7) و اذا شك بعد رفع الرأس في تحقق الذكر مضي (8) و اذا علم بعدمه أعاد السجدة (9) و اذا زاد سجدة لم تقدح علي اشكال ضعيف (10).

[مسألة 386: تشترك النافلة مع الفريضة في أنه إذا شك في جزء منها في المحل لزم الإتيان به]

(مسألة 386): تشترك النافلة مع الفريضة في أنه اذا شك في جزء منها في المحل لزم الاتيان به و اذا شك بعد تجاوز المحل لا

______________________________

(1) لاستصحاب عدمه مضافا الي اصالة البراءة عن وجوب السجود فلاحظ.

(2) لأصالة عدم الاكثر كما هو ظاهر.

(3) لاستصحاب عدم الاتيان به.

(4) لاستصحاب عدم وجوده و لا دليل علي اعتبار قاعدة اليقين.

(5) لإحراز تحقق الموضوع فيجب ترتيب الحكم عليه.

(6) لاستصحاب العدم.

(7) لقاعدة التجاوز و قد عرفت الاشكال فيها سابقا.

(8) لقاعدة الفراغ.

(9) بتقريب ان الواجب بسبب الدليل السجود الخاص و المفروض انه لم يتحقق فيجب الاتيان به و اجزاء الناقص عنه بلا دليل.

(10) للزيادة و لا دليل علي قدح الزيادة فيها.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 441

يعتني به (1) و في أنه اذا نسي جزءا لزم تداركه اذا ذكره قبل الدخول في ركن بعده (2) و تفترق عن الفريضة بأن الشك في ركعاتها

______________________________

(1) أما عدم الالتفات بعد الدخول في الغير فعلي القاعدة المقررة عندهم المقتضية للحكم بتحقق ما شك في

صحته أو ما شك في وجوده و قد مر منا الاشكال في عدم تمامية الدليل بالنسبة الي الشك في الوجود و أما قبل الدخول في الغير فمقتضي الاستصحاب عدم الاتيان به كما أن المستفاد من ادلة قاعدة الفراغ الاعتناء بالشك قبل الدخول في الغير و لا دليل علي اخراج النافلة من هذا الكلي و التمسك بالاولوية بتقريب ان الشك في عدد النافلة ان كان محكوما بعدم الاعتناء ففي الشك في الافعال بطريق أولي لا يرجع الي محصل صحيح.

و ما عن الجواهر من أن وجوب الاتيان من أحكام الاستصحاب و ليس من أحكام السهو غير سديد فان وجوب الاتيان من أحكام الشك غاية الامر دليله الاستصحاب و لا فرق بين أن يكون الدليل الاستصحاب أو غيره مضافا الي أن وجوب الاتيان كما ذكرنا يظهر من ادلة القاعدة أيضا فالعمدة القصور في المقتضي و هو ان السهو الوارد في النص ظاهر في الشك في الركعات كما أن المتيقن من مراد المجمعين ذلك.

لكن تقدم ان جريان قاعدة الفرغ لا يتوقف علي الدخول في الغير و عليه اذا شك في صحة شي ء بعد مضيه يحكم بصحته بمقتضي قاعدة الفراغ و اذا شك في وجود شي ء يحكم بعدمه بمقتضي الاستصحاب نعم علي القول باعتبار قاعدة التجاوز يحكم بتحققه بعد الدخول في الغير علي ما هو المقرر عندهم.

(2) لبقاء المحل علي الفرض و أما مع الدخول في الركن فلا لعدم امكان الاستدراك و ربما يقال: بعدم قدح زيادة الركن في النافلة و قد استدل عليه بعدم الدليل علي البطلان و اختصاص الاجماع علي البطلان بالفريضة و بخبر

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 442

يجوز فيه البناء علي الاقل و الاكثر كما تقدم (1)

و انه لا سجود للسهو فيها (2) و انه لا قضاء للجزء المنسي فيها اذا كان يقضي في

______________________________

الصيقل «1» و بخبر الحلبي «2».

و يرد علي الاول انه يكفي ما دل باطلاقه علي بطلان الصلاة بالزيادة كخبر أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من زاد في صلاته فعليه الاعادة «3»

فان مقتضاه بطلان كل صلاة و لا اختصاص للخبر بالفريضة فالمقتضي تام و التقييد يحتاج الي الدليل و اختصاص الاجماع بالفريضة لا يضر اذ غايته عدم الدلالة لا الدلالة علي العدم.

و أما خبر الصيقل فضعيف به و أما خبر الحلبي فلا يبعد أن يكون ظاهرا في كون الثالثة من صلاة اخري فلا يدل علي عدم قدح زيادة الركن في النافلة أضف الي ذلك اطلاق بعض النصوص الدال علي البطلان علي الاطلاق لاحظ حديثي منصور و عبيد بن زرارة «4» فان مقتضي هذين الخبرين عدم الفرق بين الفريضة و النافلة.

بقي شي ء و هو انه ربما يقال ان المستفاد من حديث زرارة «5» بالمفهوم عدم قدح زيادة الركعة في النافلة و فيه: ان مفهوم الشرطية علي فرض تحققه عدم قدح ما دون الركعة في المكتوبة لا عدم قدح الركعة في النافلة.

(1) فراجع.

(2) هذا هو المشهور بين الاصحاب و عن بعض الاعلام نفي الخلاف فيه و عن

______________________________

(1) لاحظ ص: 359

(2) لاحظ ص: 359

(3) الوسائل الباب 19 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 327 و 328

(5) لاحظ ص: 302

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 443

الفريضة (1) و ان زيادة الركن سهوا غير قادحة و من هنا يجب تدارك الجزء المنسي اذا ذكره بعد الدخول في الركن أيضا (2).

[المقصد الحادي عشر صلاة المسافر]

اشارة

المقصد الحادي عشر صلاة المسافر و فيه

فصول:

[الفصل الأول: تقصر الصلاة الرباعية باسقاط الركعتين الاخيرتين منها في السفر بشروط]
اشارة

الفصل الاول: تقصر الصلاة الرباعية باسقاط الركعتين الاخيرتين منها في السفر (3).

______________________________

التذكرة انه اجماعي و هذا هو العمدة و الا يشكل الالتزام بالاختصاص فلاحظ.

(1) ان تم اجماع تعبدي كاشف فهو و الا يشكل الالتزام به اذ لا قصور في شمول دليل الوجوب للنافلة لاحظ النصوص الدالة علي القضاء «1» فان المقتضي للوجوب تام و لا دليل علي التخصيص و قد مر ان قوله عليه السلام: «لا سهو في النافلة» لا يشمل مثل المقام و خبر الحلبي «2» غايته دلالته علي جواز التدارك مع الامكان لا عدم الوجوب مع عدم امكان التدارك كما قد مر ان الالتزام بعدم قدح الزيادة مشكل فلاحظ.

ان قلت: كيف يمكن الالتزام بالوجوب مع ان الاصل ليس واجبا لكون المفروض أنه نافلة فتلزم زيادة الفرع علي الاصل.

قلت: ليس المدعي كون القضاء واجبا تكليفا بل المدعي وجوبه الغيري و لا تنافي بين الحكم الوضعي و التكليفي بأن يكون فعل مندوبا تكليفا و يكون مركبا و مشروطا من أجزاء و شرائط.

(2) و قد مر الاشكال فيها فراجع.

(3) في كلام بعض الاصحاب انه ادعي غير واحد عليه الاجماع بل الضرورة

______________________________

(1) لاحظ ص: 341 و 342

(2) لاحظ ص: 359

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 444

______________________________

من الامامية و خالف قسم من العامة الامامية في وجوب القصر فانه نقل عن أكثرهم التخيير بين القصر و التمام و عن أبي حنيفة انه انفرد بلزوم القصر و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: صلاة الخوف و صلاة السفر تقصران جميعا؟ قال: نعم الحديث «1».

و منها: ما رواه زرارة و محمد بن مسلم انهما قالا قلنا لأبي جعفر عليه السلام

ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي و كم هي؟ فقال: ان اللّه عز و جل يقول: «وَ إِذٰا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلٰاةِ» فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر قالا: قلنا له: قال اللّه عز و جل: «وَ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ» و لم يقل افعلوا فكيف أوجب ذلك؟ فقال: أو ليس قد قال اللّه عز و جل في الصفا و المروة «فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما» ألا ترون ان الطواف بهما واجب مفروض لان اللّه عز و جل ذكره في كتابه و صنعه نبيه و كذلك التقصير في السفر شي ء صنعه النبي صلي اللّه عليه و آله و ذكر اللّه في كتابه الحديث «2»

و منها مرسلة الصدوق قال: و قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من صلي في السفر أربعا فأنا الي اللّه منه بري ء يعني متعمدا «3».

و منها مرسلته الاخري قال: و قال الصادق عليه السلام: المتمم في السفر كالمقصر في الحضر «4» و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قوما صاموا حين أفطر و قصر عصاة و قال: هم العصاة

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من ابواب صلاة المسافر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 445

______________________________

الي يوم القيامة و انا لنعرف أبنائهم و أبناء ابنائهم الي يوما هذا «1».

و منها: ما رواه أبان بن تغلب عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: خيار امتي الذين اذا

سافروا أفطروا و قصرو الحديث «2».

و منها: ما رواه ابن أبي عمير عن بعض اصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ان اللّه عز و جل تصدق علي مرضي امتي و مسافريها بالتقصير و الافطار أيسر أحدكم اذا تصدق بصدقة أن ترد عليه «3».

و منها: ما رفعه بعض اصحابنا الي أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من صلي في سفره أربع ركعات فأنا الي اللّه منه بري ء «4».

و منها: ما رواه السكوني عن جعفر عن آبائه عليهم السلام عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ان اللّه أهدي إلي و الي امتي هدية لم يهدها الي احد من الامم كرامة من اللّه لنا قالوا: و ما ذلك يا رسول اللّه قال: الافطار في السفر و التقصير في الصلاة فمن لم يفعل ذلك فقد رد علي اللّه عز و جل هديته «5».

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال: و انما قصرت الصلاة في السفر لان الصلاة المفروضة أولا انما هي عشر ركعات و السبع انما زيدت فيها بعد فخفف اللّه عنه تلك الزيادة لموضع سفره و تعبه و نصبه و اشتغاله بأمر نفسه و ظعنه و اقامته لئلا يشتغل عما لا بد له منه من معيشة رحمة من اللّه و تعطفا عليه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 8

(5) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 446

بشروط (1)

[الأول: قصد قطع المسافة]
اشارة

الاول: قصد قطع (2).

______________________________

الا صلاة المغرب فانها لم يقصر لأنها صلاة مقصورة في الاصل «1».

و منها: ما روي عن علي

بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: خياركم الذين اذا سافروا قصروا و أفطروا «2».

(1) بمقتضي دلالة ادلتها التي ستمر عليك فانتظر.

(2) عن الجواهر: انه ادعي الاجماع عليه بقسميه و كذلك عن غيرها» و يدل المدعي ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يخرج في حاجة فيسير خمسة فراسخ أو ستة فراسخ و يأتي قرية فينزل فيها ثم يخرج فيها فيسير خمسة فراسخ اخري أو ستة فراسخ لا يجوز ذلك ثم ينزل ذلك الموضع قال:

لا يكون مسافرا حتي يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ فليتم الصلاة «3»، فان هذه الرواية بقرينة السؤال تدل علي اشتراط قصد المسافة من أول السير و يؤيد المدعي ما رواه قال: سألت الرضا عليه السلام عن رجل خرج من بغداد يريد أن يلحق رجلا علي رأس ميل فلم يزل يتبعه حتي بلغ النهروان و هي أربعة فراسخ من بغداد أ يفطر اذا اراد الرجوع و يقصر؟ قال لا يقصر و لا يفطر لأنه خرج من منزله و ليس يريد السفر ثمانية فراسخ انما خرج يريد أن يلحق صاحبه في بعض الطريق فتمادي به السير الي الموضع الذي بلغه الحديث «4» و في المقام رواية اخري لعمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يخرج في حاجة له و هو لا يريد السفر فمضي في ذلك فتمادي به المضي حتي تمضي به ثمانية فراسخ

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 447

المسافة (1) و هي ثمانية فراسخ

امتدادية ذهابا أو ايابا (2).

______________________________

كيف يصنع في صلاته؟ قال: يقصر و لا يتم الصلاة حتي يرجع الي منزله «1» و المستفاد من هذه الرواية ان المركوز في ذهن السائل انه لا يجوز القصر مع عدم ارادة السفر و انما يسأل عن وظيفته بعد بلوغ مقدار السير ثمانية فراسخ فاجاب عليه السلام بوجوب القصر. و ربما يقال: ان المستفاد من الرواية ان وجوب القصر بعد بلوغ ثمانية أعم من الشروع في الرجوع و النتيجة وجوب القصر حتي مع توقفه في رأس ثمانية فراسخ لكن ترفع اليد عنه بما ورد في الرواية الاخري حيث قال عليه السلام: «لا يكون مسافرا حتي يسير بقصد ثمانية فراسخ» فموضوع وجوب القصر السير الخاص عن قصد و يمكن الاستدلال علي المدعي كما عن بعض بما دل علي تحديد المسافة و بعد ضم الاجماع و النصوص علي وجوب التقصير عند بلوغ حد الترخص مع عدم اعتبار طي الطريق فيكون تمام الموضوع هو القصد.

(1) أفاد بعض الاصحاب بأن المسافة المحدودة شرط في القصر اجماعا من الخاصة و العامة و نقل عن داود الظاهر انه اكتفي بمجرد الضرب في الارض و النصوص باختلاف السنتها تدل علي محدودية المسافة بحد خاص و عدم كفاية مجرد الضرب في الارض و قال في الحدائق: «أجمع العلماء من الخاصة و العامة علي أن المسافة شرط في التقصير».

(2) قال في الحدائق: «حكي اجماعهم علي ذلك المحقق في المعتبر و غيره في غيره» و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام انه سمعه يقول: انما وجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقلّ من ذلك و لا أكثر لان ثمانية فراسخ مسيرة يوم

للعامة و القوافل و الاثقال فوجب التقصير في مسيرة يوم و لو لم يجب في مسيرة يوم لما وجب في مسيرة ألف سنة و ذلك لان كل يوم يكون بعد هذا اليوم فانما هو نظير هذا اليوم فلو لم يجب في هذا اليوم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 448

______________________________

فمما وجب في نظيره اذا كان نظيره مثله لا فرق بينهما «1».

و رواه في العلل و عيون الاخبار و زاد: و قد يختلف المسير فسير البقر انما هو أربعة فراسخ و سير الفرس عشرون فرسخا و انما جعل مسير يوم ثمانية فراسخ لان ثمانية فراسخ هو سير الجمال و القوافل و هو الغالب علي المسير و هو أعظم المسير الذي يسيره الجمالون و المكاريون «2».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن يحيي الكاهلي أنه سمع الصادق عليه السلام يقول في التقصير في الصلاة بريد في بريد أربعة و عشرون ميلا ثم قال: كان أبي يقول ان التقصير لم يوضع علي البغلة السفواء و الدابة الناجية و انما وضع علي سير القطار «3».

و منها: مرسلة الصدوق قال: و قد سافر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الي ذي خشب و هو مسيرة يوم من المدينة يكون اليها بريد ان أربعة و عشرون ميلا فقصر و أفطر فصار سنة «4».

و منها: ما رواه أبو أيوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن التقصير قال: فقال: في بريدين أو بياض يوم «5».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن المسافر في كم يقصر الصلاة؟ فقال:

في مسيرة يوم و ذلك بريد ان و هما ثمانية فراسخ الحديث «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة المسافر

الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 7

(6) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 449

______________________________

و منها: ما رواه أبو بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: في كم يقصر الرجل؟ قال: في بياض يوم أو بريدين «1».

و بهذا الاسناد مثله و زاد. خرج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الي ذي خشب فقصر و أفطر قلت: و كم ذي خشب؟ قال: بريدان «2».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن المسافر في كم يقصر الصلاة؟ فقال:

في مسيرة يوم و هي ثمانية فراسخ الحديث «3».

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري من الاخبار تنافيها فلا بد من العلاج منها:

ما رواه عمرو بن سعيد قال: كتب اليه جعفر بن محمد (أحمد) يسأله عن السفر في كم التقصير؟ فكتب عليه السلام بخطه و أنا اعرفه: قد كان أمير المؤمنين عليه السلام اذا سافر أو خرج في سفر قصر في فرسخ ثم أعاد اليه المسألة من قابل فكتب اليه:

في عشرة ايام «4».

و هذه الرواية مخدوشة سندا بمحمد بن عيسي مضافا الي أن مفادها خلاف اجماع المسلمين.

و منها: ما رواه أبو سعيد الخدري قال: كان النبي صلي اللّه عليه و آله اذا سافر فرسخا قصر الصلاة «5».

و هذه الرواية مخدوشة سندا بعبد اللّه بن أبي خلف اذ انه لم يوثق مضافا الي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 13

(4) الوسائل الباب 6 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 450

______________________________

ما في دلالته كما مر قريبا.

و منها ما رواه زكريا بن آدم أنه سأل أبا

الحسن الرضا عليه السلام عن التقصير في كم يقصر الرجل اذا كان في ضياع أهل بيته و أمره جائز فيها يسير في الضياع يومين و ليلتين و ثلاثة أيام و لياليهن؟ فكتب: التقصير في مسيرة يوم و ليلة «1»

و هذه الرواية من حيث المفاد توافق قول الشافعية و المالكية و الحنابلة- علي ما في كتاب «الفقه علي المذاهب الاربعة» - فتحمل علي التقية.

و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس للمسافر أن يتم الصلاة في سفره مسيرة يومين «2».

و هذه الرواية مخدوشة بأبي جميلة مضافا الي أن متنها موافق مع قول الحنفية علي ما في كتاب «الفقه علي المذاهب الاربعة» حيث قال هناك: «ان الحنفي قائل بأن المسافة الشرعية عبارة عن ستة عشر فرسخا فيوافق هذا القول مع مسيرة يومين كما في الخبر.

و منها: ما رواه ابن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الرجل يريد السفر في كم يقصر؟ فقال: في ثلاثة برد «3».

و هذا الخبر موافق لقول بعض العامة علي ما في الحدائق- حيث قال: «و عن جمع منهم: انها ثلاثة برد» كما قال أيضا: و نقل عن بعض قدمائهم انه روحة أي ثمانية فراسخ» فقول الامامية موافق مع مذهب بعض قدمائهم فلا بد من العلاج و الظاهر انه لا طريق للعلاج اذ لا مرجح فان المفروض ان كل فريق من الروايات

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 451

أو ملفقة من أربعة ذهابا و أربعة ايابا (1).

______________________________

موافق مع قول بعض العامة و أما من حيث الاحدثية فما

دل علي أن الميزان يوم و ليلة و ما دل علي أنها ثلاثة برد كلاهما عن الرضا عليه السلام فمقتضي القاعدة التساقط فيدور الامر بين القول بعدم اعتبار المسافة و القول بمقالة المشهور و الالتزام باحد الاقوال المخالفة أما القول الاول فهو خلاف الضرورة كما مر و أما القول الثالث فخلاف المتسالم بينهم مضافا الي أنه لا وجه للترجيح و أما القول الثاني فهو مورد التسالم مضافا الي أن السيرة الخارجية تدل علي أنه الحق و اللّه العالم.

(1) قال في الحدائق: «اختلف الاصحاب فيما لو كانت المسافة أربعة فراسخ فصاعدا الي ما دون الثمانية علي أقوال: الاول وجوب التقصير اذا أراد الرجوع ليومه.

الثاني: التقصير اذا أراد الرجوع و التخيير اذا لم يرد الرجوع ليومه.

الثالث: القول السابق مع المنع عن التقصير في الصوم.

الرابع: التخيير مع قصد الاربعة بشرط الرجوع ليومه.

الخامس: القصر ان رجع قبل عشرة ايام.

السادس: التخيير علي الاطلاق.

السابع: وجوب القصر مع قصد الاربعة علي الاطلاق».

و العمدة النصوص الواردة في المقام و تدل علي ما في المتن جملة من النصوص: منها: ما رواه معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

أدني ما يقصر فيه المسافر الصلاة؟ قال: بريد ذاهبا و بريد جائيا «1».

و منها: ما رواه زرارة بن أعين قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التقصير

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 452

______________________________

فقال: بريد ذاهب و بريد جائي «1».

و منها مرسلة الصدوق قال: و كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اذا أتي ذبابا قصر و ذباب علي بريد و انما فعل ذلك لأنه اذا رجع كان سفره بريدين ثمانية فراسخ «2».

و منها: ما

رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن التقصير قال: في بريد قلت: بريد؟ قال: انه ذهب بريدا و رجع بريدا فقد شغل يومه «3».

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتابه الي المأمون قال: انما وجبت الجمعة علي من يكون علي (رأس) فرسخين لا أكثر من ذلك لان ما تقصر فيه الصلاة بريد ان ذاهبا أو بريد ذاهبا و بريد جائيا و البريد أربعة فراسخ فوجبت الجمعة علي من هو نصف البريد الذي يجب فيه التقصير و ذلك لأنه يجي ء فرسخين و يذهب فرسخين و ذلك أربعة فراسخ و هو نصف طريق المسافر «4».

و ببركة هذه النصوص سيما رواية زرارة نجمع بين ما دل علي أن القصر يشترط بتحقق ثمانية فراسخ و ما دل علي كفاية أربعة فراسخ في تحقق القصر لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: التقصير في بريد و البريد أربع فراسخ «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 14

(2) نفس المصدر الحديث: 15

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 18

(5) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 453

______________________________

و ما رواه أبو اسامة زيد الشحام قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

يقصر الرجل الصلاة في مسيرة اثني عشر ميلا «1».

و ما رواه اسماعيل بن الفضيل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التقصير فقال: في أربعة فراسخ «2».

و ما رواه أبو الجارود قال قلت: لأبي جعفر عليه السلام في كم التقصير؟ فقال:

في بريد «3».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: التقصير في بريد و البريد أربعة فراسخ «4».

و أيضا يدل علي المدعي ما رواه اسحاق

بن عمار قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قوم خرجوا في سفر فلما انتهوا الي الموضع الذي يجب عليهم فيه التقصير قصروا من الصلاة فلما صاروا علي فرسخين أو علي ثلاثة فراسخ أو علي أربعة تخلف عنهم رجل لا يستقيم لهم سفرهم الا به فأقاموا ينتظرون مجيئه اليهم و هم لا يستقيم لهم السفر الا بمجيئه اليهم فأقاموا علي ذلك أياما لا يدرون هل يمضون في سفرهم أو ينصرفون هل ينبغي لهم أن يتموا الصلاة أو يقيموا علي تقصيرهم؟

قال: ان كانوا بلغوا مسيرة أربعة فراسخ فليقيموا علي تقصيرهم أقاموا أم انصرفوا و ان كانوا ساروا أقل من أربعة فراسخ فليتموا الصلاة (ما أقاموا فاذا انصرفوا) قاموا أو انصرفوا فاذا مضوا فليقصروا «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 10

(5) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 454

______________________________

و ما رواه محمد بن أسلم (مسلم) و هو نحوه و زاد قال: ثم قال: هل تدري كيف صار هكذا؟ قلت: لا قال: لان التقصير في بريدين و لا يكون التقصير في أقل من ذلك فاذا كانوا قد ساروا بريدا و أراد و ان ينصرفوا كانوا قد سافروا سفر التقصير و ان كانوا ساروا أقل من ذلك لم يكن لهم الا اتمام الصلاة قلت: أ ليس قد بلغوا الموضع الذي لا يسمعون فيه أذان مصرهم الذي خرجوا منه؟ قال: بلي انما قصروا في ذلك الموضع لأنهم لم يشكوا في مسيرهم و ان السير يجدهم فلما جاءت العلة في مقامهم دون البريد صاروا هكذا «1».

و ملخص الكلام انه ببركة هذه النصوص الشارحة يجمع بين

ما دل علي أن المناط في تحقق القصر ثمانية فراسخ بأن يحمل علي الاعم من الملفق و ما دل علي كفاية أربعة فراسخ بأن المراد منه الملفق من الذهاب و الاياب.

و نقل عن بعض الاساطين- كسيد المدارك و الشهيد- الميل الي التخيير في الاربعه الملفقة و لا وجه له خصوصا مع لحاظ بعض النصوص كحديث معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: في كم اقصر الصلاة؟ فقال: في بريد ألا تري ان أهل مكة اذا خرجوا الي عرفة كان عليهم التقصير «2».

و حديث اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: في كم التقصير؟ فقال: في بريد ويحهم كأنهم لم يحجوا مع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقصروا «3».

و حديث معاوية بن عمار انه قال لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان أهل مكة يتمون

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 455

سواء اتصل ذهابه بايابه أم انفصل عنه بمبيت ليلة واحدة أو أكثر في الطريق أو في المقصد الذي هو رأس الاربعة ما لم تحصل منه الاقامة للسفر أو غيرها من القواطع الآتية (1).

______________________________

الصلاة بعرفات فقال: ويلهم أو ويحهم و أي سفر اشد منه لا تتم «1».

و حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: حج النبي صلي اللّه عليه و آله فأقام بمني ثلاثا يصلي ركعتين ثم صنع ذلك أبو بكر و صنع ذلك عمر ثم صنع ذلك عثمان ست سنين ثم أكملها عثمان أربعا فصلي الظهر أربعا ثم تمارض ليشد (ليسد) بذلك بدعته فقال للمؤذن: اذهب الي علي عليه السلام فقل له فليصل بالناس العصر فأتي المؤذن

عليا عليه السلام فقال له: ان أمير المؤمنين عثمان يأمرك أن تصلي بالناس العصر فقال: اذن لا اصلي الا ركعتين كما صلي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فرجع (فذهب) المؤذن فأخبر عثمان بما قال علي فقال: اذهب اليه و قل له: انك لست من هذا في شي ء اذهب فصل كما تؤمر فقال عليه السلام:

لا و اللّه لا أفعل فخرج عثمان فصلي بهم أربعا الحديث «2» فان هذا النصوص تأبي عن التخيير.

(1) نقل عن العماني انه مع التزامه به نسب هذا القول الي آل الرسول و نقل عن جملة من الاساطين امضائه بل قيل انه المشهور بين متأخري المتأخرين و العمدة نصوص المقام و قد تقدم الكلام في تحقق السفر الموجب للقصر بالملفق و قد مرت النصوص الدالة علي المدعي.

و الانصاف ان مقتضي اطلاق تلك النصوص عدم التقييد كما في المتن لاحظ

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 456

______________________________

حديثي معاوية بن وهب و زرارة «1».

بل يدل علي المطلوب بالصراحة ما دل علي وجوب القصر علي أهل مكة حين خرجوا الي عرفات كروايتي معاوية بن عمار و اسحاق بن عمار «2».

و حديث معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان أهله مكة اذا زاروا البيت و دخلوا منازلهم أتموا و اذا لم يدخلوا منازلهم قصروا «3» و حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان أهل مكة اذا خرجوا حجاجا قصروا و اذا زاروا و رجعوا الي منزلهم أتموا «4» و حديث زرارة «5».

و استدل علي الاشتراط بما رواه محمد بن مسلم «6» بتقريب: ان المستفاد من الرواية كون الموضوع للقصر شغل اليوم فلا

بد من الرجوع كي يصدق العنوان.

و فيه: اولا ان هذه الرواية ضعيفة سندا بضعف سند الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال- علي ما كتبه الحاجياني.

و ثانيا: انه لرفع تعجب السائل قال عليه السلام: «انه اذا رجع يكون المجموع من الذهاب و الاياب ثمانية فراسخ فلا تتعجب.

و بعبارة اخري: الميزان السفر الذي يكون شاغلا لليوم بحسب الطبع و لذا لم يفرق بين اليوم و الليلة و الملفق منهما.

و صفوة القول: ان المستفاد من الخبر ان الموضوع للقصر و الافطار تحقق

______________________________

(1) لاحظ ص: 451

(2) لاحظ ص: 454

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 8

(5) لاحظ ص: 455

(6) لاحظ ص: 452

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 457

______________________________

السفر بهذه المسافة أعم من الامتدادي و التلفيقي و لذا لاشكال في أنه لو أخذ احد في السفر في اليوم و بعد الخروج عن الترخص توقف و بات فلا اشكال في تحقق الموضوع مع انه لم يشغل يومه فشغل اليوم بالقوة لا بالفعل.

و مما استدل به علي الاشتراط ما رواه سماعة قال سألته عن المسافر في كم يقصر الصلاة؟ فقال: في مسيرة يوم و هي ثمانية فراسخ و من سافر فقصر الصلاة و أفطر الا أن يكون رجلا مشيعا لسلطان جائر أو خرج الي صيد أو الي قرية له تكون مسيرة يوم يبيت الي أهله لا يقصر و لا يفطر «1».

بتقريب: ان المراد من الرواية ان البيتوتة عند أهله في القرية فالوجه في عدم التقصير عدم ايابه ليومه و معني كون القرية مسيرة يوم ان المجموع من الذهاب و الاياب مسيرة يوم فالمانع من التقصير البيتوتة في القرية.

و فيه أولا ان سماعة من الواقفة و يمكن

الخدش في الاستدلال بأنه لا دليل علي أن السؤال من الامام و بعبارة اخري: ليست مضمرات سماعة كمضرات زرارة و أضرابه فتأمل.

و ثانيا انه ان كان المراد من الرواية المبيت في القرية فما الوجه في حمل السفر علي التلفيق بل يكون السفر امتدادية و لا وجه لعدم القصر و ان كان المراد المبيت عند أهله رجوعه الي المحل الذي سافر منه فالسفر ملفق لكن علي هذا الفرض رجع ليومه فالمعني- و اللّه العالم- ان السفر ملفق من الذهاب و الاياب و الوجه في عدم القصر قصده الذهاب الي قريته فلا يتحقق السفر فان سفره ينقطع بوصوله الي قريته.

و مما استدل به عليه ما رواه الصدوق قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل أتي يتسوق سوقا بها و هي من منزله علي أربع (سبع) فراسخ فان هو أتاها علي الدابة

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 و 8 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 13 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 458

[مسألة 387: الفرسخ ثلاثة أميال و الميل أربعة آلاف ذراع]

(مسألة 387): الفرسخ ثلاثة اميال (1) و الميل أربعة آلاف ذراع

______________________________

أتاها في بعض يوم و ان ركب السفن لم يأتها في يوم قال: يتم الراكب الذي يرجع من يومه صوما و يقصر صاحب السفن «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بالارسال و غير واضحة الدلالة و احتمل الشيخ الحر قدس سره انه يمكن ان الوجه في التمام رجوعه الي وطنه قبل الظهر فالنتيجة ان الحق ما أفاده في المتن.

(1) عن المنتهي: انه لا خلاف فيه و عن المعتبر: انه ادعي الاجماع عليه و كذلك عن جملة من الاعيان و عن جماعة دعوي الاتفاق عليه و لا اشكال في أنه المستفاد من نصوص الباب.

لاحظ ما رواه عبد الرحمن

بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت له: كم أدني ما يقصر فيه الصلاة؟ قال: جرت السنة ببياض يوم فقلت له: ان بياض يوم يختلف يسير الرجل خمسة عشر فرسخا في يوم و يسير الاخر أربعة فراسخ و خمسة فراسخ في يوم قال: فقال: انه ليس الي ذلك ينظر أما رأيت سير هذه الاثقال (الاميال) بين مكة و المدينة ثم أومأ بيده أربعة و عشرين ميلا يكون ثمانية فراسخ «2».

و يقتضيه أيضا الجمع بين جملة من النصوص كحديث الفضل بن شاذان «3» و حديث سماعة «4» و حديث أبي بصير «5» و حديث زكريا بن آدم «6»

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 13

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 15

(3) لاحظ ص: 447

(4) لاحظ ص: 448

(5) لاحظ ص: 449

(6) لاحظ ص: 450

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 459

بذراع اليد (1) و هو من المرفق الي طرف الاصابع (2) فتكون المسافة أربعا و اربعين كيلومترا تقريبا (3).

[مسألة 388: إذا نقصت المسافة عن ذلك و لو يسيرا بقي علي التمام]

(مسألة 388): اذا نقصت المسافة عن ذلك و لو يسيرا بقي علي التمام (4) و كذا اذا شك في بلوغها المقدار المذكور (5).

______________________________

و حديث عبد اللّه بن يحيي الكاهلي «1».

و حديث عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال في التقصير: حده أربعة و عشرون ميلا «2» و حديث أبي اسامة «3» الي غيرها.

(1) هذا هو المشهور بين الاصحاب و عن المدارك و الكفاية: انه مما قطع به الاصحاب و عن غير واحد انه المشهور بين اللغويين و العرف و لا ينافيه ما عن قدماء من أهل الهيئة انه ثلاثة آلاف ذراع لان الذراع عند القدماء

اثنتان و ثلاثون اصبعا و الباقي يقولون أربع و عشرين اصبعا لثلاثة آلاف ذراع في كلمات القدماء هي أربعة آلاف في كلمات القوم و يدل علي المدعي أن الفرسخ ثلاثة أميال عند الكل.

(2) كما هو ظاهر لغة و عرفا.

(3) فلاحظ.

(4) لدوران الحكم مدار وجود الموضوع.

(5) لاستصحاب عدم تحقق الموضوع لوجوب القصر فيجب التمام هذا في الشبهة الموضوعية و أما في الشبهة الحكمية فتقريب الاستدلال علي وجوب التمام انه استفيد من الدليل ان كل مكلف يجب عليه التمام.

و الدليل ما رواه فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في حديث

______________________________

(1) لاحظ ص: 448

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 14

(3) لاحظ ص: 453

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 460

______________________________

ان اللّه عز و جل فرض الصلاة ركعتين ركعتين عشر ركعات فأضاف رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الي الركعتين ركعتين و الي المغرب ركعة فصارت عديل الفريضة لا يجوز تركهن الا في سفر و أفرد الركعة في المغرب فتركها قائمة في السفر و الحضر فأجاز اللّه له ذلك كله فصارت الفريضة سبع عشرة ركعة ثم سن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله النوافل أربعا و ثلاثين ركعة مثلي الفريضة فاجاز اللّه عز و جل له ذلك و الفريضة و النافلة احدي و خمسون ركعة منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعد بركعة مكان الوتر الي أن قال: و لم يرخص رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لأحد تقصير الركعتين اللتين ضمهما الي ما فرض اللّه عز و جل بل الزمهم ذلك الزاما واجبا و لم يرخص لأحد في شي ء من ذلك الا للمسافر و ليس لأحد أن يرخص ما لم

يرخصه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فوافق أمر رسول اللّه أمر اللّه و نهيه نهي اللّه و وجب علي العباد التسليم له كالتسليم للّه «1».

و مع الشك في مقدار التخصيص قلة و كثرة يؤخذ بالاصل أي باصالة عدم تخصيص الاكثر من المقدار المعلوم.

لكن يمكن أن يقال: ان المذكور في الرواية ان الوظيفة للمسافر القصر و لغيره التمام فعلي تقدير عدم تقييد المسافر بقيد بدليل معتبر يكون مقتضي القاعدة الحكم بوجوب القصر بعد تحقق عنوان السفر نعم لو لم يصدق عنوان المسافر علي شخص يكون حكمه التمام و أما مع صدق عنوان المسافر تكون النتيجة وجوب القصر و الذي يهون الخطب انه ليس في دليل المسافة اجمال كما مر و بينا حده.

ان قلت: قد استفيد من بعض النصوص و هو ما رواه زرارة عن أبي جعفر

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب اعداد الفرائض الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 461

______________________________

عليه السلام قال: عشر ركعات: ركعتان من الظهر و ركعتان من العصر و ركعتا الصبح و ركعتا المغرب و ركعتا العشاء الآخرة لا يجوز الوهم فيهن من وهم في شي ء منهن استقبل الصلاة استقبالا و هي الصلاة التي فرضها اللّه عز و جل علي المؤمنين في القرآن و فوض الي محمد صلي اللّه عليه و آله فزاد النبي في الصلاة سبع ركعات و هي سنة ليس فيهن قراءة انما هو تسبيح و تهليل و تكبير و دعاء و الوهم انما يكون فيهن فزاد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في صلاة المقيم غير المسافر ركعتين في الظهر و العصر و العشاء الآخرة و ركعة في المغرب للمقيم و المسافر «1» و ما رواه زرارة

و محمد بن مسلم «2» ان وجوب التمام حكم الحاضر أو المقيم فكيف يمكن التمسك بالعام مع عدم احراز الموضوع فالقاعدة تقتضي في مورد الشك الجمع قضاء للعلم الإجمالي.

قلت: المستفاد من احدي الروايتين وجوب التمام علي الحاضر و لا ينافي اثبات التمام لكلي المكلف غير المسافر و المستفاد من الرواية الاخري ان حكم التمام لغير المسافر و مع اجمال مفهوم المسافر و دورانه بين الاقل و الاكثر يؤخذ باطلاق رواية فضيل المتقدمة الدالة علي وجوب التمام علي كل مكلف.

و لنا أن نقول: ان المستفاد من مجموع النصوص ان الموضوع للتمام من لا يكون مسافرا سفرا خاصا.

و بعبارة اخري: ذكر الاقامة في بعض النصوص و الحضور في بعض آخر ليس لأجل خصوصية بل من باب نفي عنوان المسافر.

و يؤيد المدعي- ان لم يدل عليه- ان الدليل دل علي وجوب التمام علي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) لاحظ ص: 444

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 462

أو ظن (1).

[مسألة 389: تثبت المسافة بالعلم و بالبينة الشرعية]

(مسألة 389): تثبت المسافة بالعلم (2) و بالبينة الشرعية (3) و لا يبعد ثبوتها بخبر العدل الواحد (4) بل باخبار مطلق الثقة و ان لم يكن

______________________________

جملة من المسافرين كالعاصي و المتمادي به السير من دون قصد له و المتردد و من يكون شغله السفر و غيرها.

و مع الاغماض عن جميع ذلك نقول: سلمنا التعارض بين الروايات و تساقطها لكن المستفاد من الاية الشريفة «1» ان التقصير حكم المسافر «وَ إِذٰا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلٰاةِ».

فان الشرطية بمفهومها تدل علي عدم جواز القصر مع عدم تحقق السفر.

الا أن يقال: بأن المولي لو كان في مقام البيان كان مقتضي اطلاق الاية وجوب القصر مع صدق السفر الا فيما

علم خلافه لكن السفر قيد بقيود مذكورة في النصوص فلا بد من الالتزام بتقيد السفر بقيود و لا مجال للأخذ بالاطلاق.

(1) لعدم اعتبار الظن فيكون كالشك.

(2) فان العلم حجة عقلا بلا فرق بين اسباب حصوله و تحققه كما هو ظاهر.

(3) فانه لا ريب في اعتبارها الا فيما دل الدليل علي اعتبار قيد كما في الشهادة علي الزنا.

(4) كما أنه لا يبعد أن يكون منشأ الاشكال حديث مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: كل شي ء هو لك حلال حتي تعلم انه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك و ذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته و هو سرقة و المملوك عندك لعله حر قد باع نفسه أو خدع فبيع قهرا أو امرأة تحتك و هي اختك

______________________________

(1) النساء: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 463

عادلا (1) و اذا تعارضت البينتان أو الخبران تساقطتا (2) و وجب التمام (3) و لا يجب الاختيار اذا لزم منه الحرج (4) بل مطلقا (5) و اذا شك العامي

______________________________

أو رضيعتك و الاشياء كلها علي هذا حتي يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة «1».

بتقريب: ان المستفاد من هذا الحديث ان الحجة اما العلم أو البينة فلا اعتبار بقول العدل الواحد.

و يرد عليه اولا ان الرواية ضعيفة سندا و ثانيا: ان البينة ليس تعدد العدل داخلا في معناها بل المراد منها مطلق الدليل المعتبر و عليه يكون قول العدل الواحد حجة للسيرة العقلائية علي العمل به غير المردوعة.

(1) لاعتباره عند العقلاء فلاحظ.

(2) فان التساقط اثر التعارض و عن المحقق قدس سره: تقديم بينة الاثبات لان شهادة النفي غير مسموعة.

و لا وجه لهذه الدعوي فان مقتضي اطلاق دليل

الاعتبار عدم الفرق نعم الظاهر انه لا مجال للمعارضة اذا كان شهادة النفي أو الاثبات مستندة الي الاستصحاب اذ البينة مقدمة علي الاصل و مع اعتبار البينة المستندة الي الحس كيف يمكن أن يشهد المخالف بالخلاف و الحال ان مقتضي اعتبار البينة سقوط الاستصحاب عن الاعتبار.

بل يمكن أن يقال: ان الشهادة المستندة الي اليد و أمثالها لا يقاوم الشهادة عن الحس و التفصيل موكول الي محل آخر.

(3) للاستصحاب.

(4) فان الحرج يرفع الالزام.

(5) فان الظاهر انه لا وجه للوجوب اذ المفروض ان الشبهة موضوعية و لا يجب

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 464

في مقدار المسافة شرعا وجب عليه اما الرجوع الي المجتهد و العمل علي فتواه أو الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام (1) و اذا اقتصر علي احدهما و انكشف مطابقته للواقع اجزأه (2).

[مسألة 390: إذا اعتقد كون ما قصده مسافة فقصر فظهر عدمه أعاد]

(مسألة 390): اذا اعتقد كون ما قصده مسافة فقصر فظهر عدمه أعاد (3) و كذا اذا اعتقد عدم كونه مسافة فأتم ثم ظهر كونه مسافة (4).

[مسألة 391: إذا شك في كونه مسافة أو اعتقد العدم و ظهر في أثناء السير كونه مسافة قصر]

(مسألة 391): اذا شك في كونه مسافة أو اعتقد العدم و ظهر في أثناء السير كونه مسافة قصر و ان لم يكن الباقي مسافة (5).

[مسألة 392: إذا كان للبلد طريقان و الأبعد منهما مسافة دون الأقرب]

(مسألة 392): اذا كان للبلد طريقان و الأبعد منهما مسافة دون الاقرب فان سلك الا بعد قصر (6).

______________________________

الفحص فيها و لا مجال لقاعدة الاشتغال مع وجود الاصل نعم مع العلم الإجمالي بالمخالفة يمنع عن جريان الاصل كما هو المقرر.

(1) فان وظيفة العامي في الشبهات الحكمية اما التقليد أو الاحتياط.

(2) لانطباق المأمور به علي المأتي به واقعا المقتضي للاجزاء عقلا.

(3) اذ الاجزاء يحتاج إلي الدليل و لا وجه له في المقام فانه أمر خيالي لا واقع له و الامر ظاهر.

(4) الكلام فيه هو الكلام.

(5) لتحقق الموضوع واقعا و المفروض انه قصده و مقتضي اطلاق الدليل عدم الفرق بين صورة العلم بالموضوع و الجهل به بسيطا و مركبا فلاحظ و الحاصل ان المفروض تحقق المسافة و المكلف قصدها و ليس مفاد الادلة أزيد من ذلك.

(6) لتحقق الموضوع علي الفرض.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 465

و ان سلك الاقرب أتم (1) و كذا اذا ذهب من الابعد و رجع من الاقرب أو بالعكس (2).

[مسألة 393): اذا كان الذهاب خمسة فراسخ و الإياب ثلاثة لم يقصر]

(مسألة 393): اذا كان الذهاب خمسة فراسخ و الاياب ثلاثة لم يقصر و كذا في جميع صور التلفيق الا اذا كان الذهاب أربعة فما زاد أو الاياب كذلك (3).

______________________________

(1) كما هو ظاهر.

(2) كما هو ظاهر فان الحكم تابع لوجود الموضوع.

(3) ربما يقال: بكفاية التلفيق علي الاطلاق و الوجه فيه التعليل المذكور في بعض النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1» فان المستفاد من هذه الرواية بلحاظ العلة المذكورة فيها ان الميزان بالسفر الشاغل لليوم بلا فرق بين مصاديقه.

و لا يخفي ان سند الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال ضعيف- علي ما ذكره الحاجياني- و لاحظ حديث صدوق «2».

بتقريب ان المستفاد من الحديثين و

أمثالهما بالنظر العرفي ان الميزان في تحقق السفر ثمانية فراسخ غاية الامر قد علل الاكتفاء بالاربع بأن المجموع من الذهاب و الاياب ثمانية فراسخ.

و بعبارة اخري: المستفاد من النصوص ان الموضوع للقصر ثمانية فراسخ و انما يكتفي باربعة لأنه بالمجموع من الذهاب و الاياب يتحقق الموضوع.

لكن الحق ان المرجع النصوص الدالة علي اشتراط السفر بكونه ثمانية

______________________________

(1) لاحظ ص: 452

(2) لاحظ ص: 452

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 466

[مسألة 394: مبدأ حساب المسافة من سور البلد و منتهي البيوت فيما لا سور له]

(مسألة 394): مبدأ حساب المسافة من سور البلد و منتهي البيوت فيما لا سور له (1).

______________________________

فراسخ ذهابا أو أربعة فراسخ ذهابا و أربعة فراسخ ايابا و ان شئت قلت: مقتضي القاعدة حمل الاخبار المطلقة علي المقيدة فالحق ما أفاده في المتن فلاحظ.

(1) كون الميزان سور البلد نسب الي غير واحد- كما في بعض الكلمات- و الظاهر ان ما أفاده في المتن مطابق مع الفهم العرفي من النصوص بل صرح في بعض لاحظ ما رواه زرارة قال: و سأل محمد بن مسلم أبا عبد اللّه عليه السلام فقال له: الرجل يريد السفر متي يقصر قال: اذا تواري من البيوت «1».

و بعبارة اخري: ان الفهم العرفي هذا المعني من النصوص غير قابل للإنكار و عن الكفاية: نفي البعد عن كون المبدأ مبدأ سيره بقصد السفر و لعله ناظر الي ما ذكر فيه لفظ المنزل كحديث عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يخرج في حاجة فيسير خمسة فراسخ أو ستة فراسخ و يأتي قرية فينزل فيها ثم يخرج منها فيسير خمسة فراسخ اخري أو ستة فراسخ لا يجوز ذلك ثم ينزل في ذلك الموضع قال: لا يكون مسافرا حتي يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ

فليتم الصلاة «2».

و حديث: صفوان قال: سألت الرضا عليه السلام عن رجل خرج من بغداد يريد أن يلحق رجلا علي رأس ميل فلم يزل يتبعه حتي بلغ النهروان و هي أربعة فراسخ من بغداد أ يفطر اذا اراد الرجوع و يقصر؟ قال: لا يقصر و لا يفطر لأنه خرج من منزله و ليس يريد السفر ثمانية فراسخ انما خرج يريد أن يلحق صاحبه في بعض الطريق فتمادي به السير الي الموضع الذي بلغه و لو انه خرج من منزله يريد

______________________________

(1) روضة المتقين ج 2 ص 612

(2) الوسائل الباب: 4 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 467

______________________________

النهروان ذاهبا و جائيا و كان عليه أن ينوي من الليل سفرا و الافطار فان هو أصبح و لم ينو السفر فبدا له بعد أن أصبح في السفر قصر و لم يفطر يومه ذلك «1».

و حديث عبد اللّه بن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يخرج من منزله يريد منزلا له آخر أو ضيعة له اخري قال: ان كان بينه و بين منزله أو ضيعته التي يؤم بريدان قصر و ان كان دون ذلك أتم «2».

و الظاهر ان المراد من المنزل ما هو أعم من البيت و يدل عليه عطف الضيعة و القرية عليه أضف الي ذلك أن مبدأ السير من المنزل يختلف و ليس له ميزان معين مضبوط و لا يمكن الالتزام باختلاف التقدير باختلاف مبدأ السير.

و يمكن الاستدلال علي المدعي ببعض النصوص الوارد في تعيين حد الترخص لاحظ ما رواه محمد بن أسلم (مسلم) «3».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل

يريد السفر (فيخرج) متي يقصر؟ قال: اذا تواري من البيوت الحديث «4».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن التقصير قال: اذا كنت في الموضع الذي تسمع فيه الاذان فأتم و اذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الاذان فقصر و اذا قدمت من سفرك فمثل ذلك «5».

فان المستفاد من هذه الروايات ان الميزان بمصر و البلد و مقتضي الاطلاق عدم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 454

(4) الوسائل الباب 6 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 468

[مسألة 395: لا يعتبر توالي السير علي النحو المتعارف]

(مسألة 395): لا يعتبر توالي السير علي النحو المتعارف بل يكفي قصد السفر في المسافة المذكورة و لو في ايام كثيرة (1) ما لم يخرج عن صدق السفر عرفا (2).

[مسألة 396: يجب القصر في المسافة المستديرة و يكون الذهاب فيها الي منتصف الدائرة و الإياب منه الي البلد]

(مسألة 396): يجب القصر في المسافة المستديرة و يكون الذهاب فيها الي منتصف الدائرة و الاياب منه الي البلد (3).

______________________________

الفرق بين الكبير و الصغير.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه حماد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المسافر يقصر حتي يدخل المصر «1».

و ما رواه أيضا عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يخرج مسافرا قال: يقصر اذا خرج من البيوت «2».

و ما رواه غياث بن ابراهيم عن جعفر عن أبيه أنه كان يقصر الصلاة حين يخرج من الكوفة في أول صلاة تحضره «3».

فانه لا ريب في أن المستفاد من هذه النصوص ان الميزان هو البلد بلا فرق بين مصاديقه.

(1) لإطلاق الدليل و معه لا وجه للتقييد.

(2) لعدم تحقق الموضوع و لكن الاشكال في عدم الصدق و مع الشك في الصدق لا بد من العمل علي طبق استصحاب الحالة السابقة علي القول بجريانه و الا فلا بد من العمل علي طبق مقتضي العلم الإجمالي.

(3) لا يخفي ان المعيار في الذهاب التباعد عن مبدأ السير و هو موجود في ما

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 469

و لا فرق بين ما اذا كانت الدائرة في احد جوانب البلد أو كانت مستديرة علي البلد (1).

[مسألة 397: لا بد من تحقق القصد الي المسافة في أول السير]

(مسألة 397): لا بد من تحقق القصد الي المسافة في أول السير فاذا قصد ما دون المسافة و بعد بلوغه تجدد قصده الي ما دونها أيضا و هكذا وجب التمام و ان قطع مسافات (2) نعم اذا شرع في الإياب الي البلد و كانت المسافة ثمانية قصر (3) و الا بقي علي التمام (4) فطالب الضالة أو الغريم

أو الآبق و نحوهم يتمون الا اذا حصل لهم في الاثناء قصد ثمانية فراسخ امتداية أو ملفقة من أربعة ذهابا و أربعة ايابا (5).

______________________________

بين المقصد و النقطة المقابلة لمبدإ السير فلا يصدق الشروع في الإياب الا مع التجاوز عن تلك النقطة نعم ربما يطلق الاياب بلحاظ الخروج عن المقصد مسامحة و لا عبرة بها و لعله ظاهر.

(1) للإطلاق

(2) لعدم تحقق الموضوع و قد صرح في رواية عمار «1» بأنه لا يكون مسافرا حتي يسير ثمانية فراسخ.

(3) لتحقق موضوع القصر.

(4) لعدم تحقق موضوع القصر.

(5) كما هو ظاهر فان الحكم وجودا و عدما تابع لوجود الموضوع و عدمه.

______________________________

(1) لاحظ ص: 466

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 470

[مسألة 398: إذا خرج إلي ما دون أربعة فراسخ ينتظر رفقة إن تيسروا سافر معهم و الا رجع أتم]

(مسألة 398): اذا خرج الي ما دون أربعة فراسخ ينتظر رفقة ان تيسروا سافر معهم و إلا رجع أتم (1) و كذا اذا كان سفره مشروطا بأمر آخر غير معلوم الحصول (2) نعم اذا كان مطمئنا بتيسر الرفقة أو بحصول ذلك الامر قصر (3).

[مسألة 399: لا يعتبر في قصد السفر أن يكون مستقلا]

(مسألة 399): لا يعتبر في قصد السفر أن يكون مستقلا (4) فاذا كان تابعا لغيره كالزوجة و العبد و الخادم و الاسير وجب التقصير (5) اذا كان قاصدا تبعا لقصد المتبوع (6) و اذا شك في قصد المتبوع بقي علي التمام (7) و الاحوط استحبابا الاستخبار من المتبوع (8).

______________________________

(1) لعدم تحقق الموضوع و لاحظ حديث اسحاق بن عمار «1».

(2) كما هو ظاهر.

(3) لتحقق الموضوع.

(4) للإطلاق فانه لم يقيد في دليل الحكم بقيد من هذه الجهة.

(5) كل ذلك للإطلاق.

(6) اذ مع عدم القصد لا يتحقق الموضوع.

(7) لعدم علمه بالمسافة علي الفرض و مع عدم العلم بالمسافة يجب التمام بمقتضي النص لاحظ ما رواه عمار «2» فان مقتضي هذه الرواية ان وجوب القصر يتوقف علي قصد طي ثمانية فراسخ حين الشروع في السير.

(8) خروجا عن شبهة الخلاف و الحق انه لا وجه لوجوبه اذ هذا الوجوب اما طريقي أو نفسي أما الاول فلا وجه له اذ الشبهة موضوعية و مقتضي النص كما ذكرنا

______________________________

(1) لاحظ ص: 453

(2) لاحظ ص: 466

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 471

و لكن لا يجب الاخبار (1) و اذا علم في الاثناء قصد المتبوع فان كان الباقي مسافة و لو ملفقة قصر (2) و الا بقي علي التمام (3).

[مسألة 400: إذا كان التابع عازما علي مفارقة المتبوع قبل بلوغ المسافة أو مترددا في ذلك]

(مسألة 400): اذا كان التابع عازما علي مفارقة المتبوع قبل بلوغ المسافة أو مترددا في ذلك بقي علي التمام و كذا اذا كان عازما علي المفارقة علي تقدير حصول أمر محتمل الحصول سواء كان له دخل في حصول المقتضي للسفر مثل الطلاق أو العتق أم كان مانعا أو شرطا في السفر مع تحقق المقتضي له فاذا قصد المسافة و احتمل احتمالا عقلائيا حدوث مانع عن سفره

أتم صلاته و ان انكشف بعد ذلك عدم المانع (4).

______________________________

وجوب التمام مضافا الي أن مقتضي الاستصحاب عدم كون المتبوع قاصدا للمسافة أو عدم كون مقصده مسافة.

اضف الي ذلك ان غاية الامر وجوب الاحتياط فلا وجه للزوم الاستخبار و أما الثاني فلا دليل عليه و مجرد احتمال موهوم و مورد للبراءة فلاحظ.

(1) لعدم دليل علي الوجوب.

(2) لتحقق الموضوع.

(3) اذ المفروض تردده أولا و عدم قصده المسافة كما أن المفروض ان الباقي لا يكون مسافة بعد العلم و بعبارة اخري: التردد في العنوان ينافي تحقق قصد المسافة و ان شئت قلت: ان المستفاد من الدليل كحديث عمار ان الشرط لوجوب القصر قصد مسافة معينة و مع الشك لا يتحقق الموضوع.

(4) لعدم تحقق موضوع القصر.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 472

[مسألة 401: الظاهر وجوب القصر في السفر غير الاختياري]

(مسألة 401): الظاهر وجوب القصر في السفر غير الاختياري كما اذا القي في قطار أو سفينة بقصد ايصاله الي نهاية مسافة و هو يعلم ببلوغه المسافة (1).

[الثاني: استمرار القصد]
اشارة

الثاني: استمرار القصد فاذا عدل قبل بلوغ الاربعة الي قصد الرجوع

______________________________

(1) يظهر من كلماتهم في هذا المقام التسالم علي وجوب الالحاق و القصر فان تم اجماع تعبدي كاشف و الا ففيه اشكال قوي اذ من الظاهر انه لم يقصد السير و ليس قاصدا له نعم هو عالم به و أظهر في الاشكال من الاسير في ايدي القاهرين عليه ما اذا لم يمكن قصد اصلا كما لو كان سيره بأمر سماوي كما لو دخل في سفينة مربوطة في ساحل البحر متصل ببلدة بقصد التفرج أو اخذ متاع مثلا فاخذها الريح و علم بمقتضي العادة انها لا تقف الا بعد قطع المسافة فان الفرق بين الموردين بما ربما يقال: في الفرض الاول ان علمه بارادة القاهر يجعله في حكم المريد و القاصد بخلاف الفرض الثاني حيث انه ليس قصد من احد و لا ارادة بلا فارق.

و استدل علي المدعي في مصباح الفقيه بما دل علي أن الصلاة في السفر ركعتان الا المغرب و عن المستند انه استند في الحكم باطلاق الاية و الرواية فان مقتضاهما وجوب القصر علي المسافر و هذا يصدق عليه العنوان.

و فيه انه لا وجه لهذا الاستدلال اذ الاطلاق بعد تقييده بالمقيد- كما هو المفروض- لا يبقي له مجال و لا موضوع له كما هو المقرر و أما الاستدلال بأن المراد من القصد اعم من العلم ففيه انه خلاف الظاهر و انه خلاف ما استفيد من النص لاحظ ما رواه عمار «1» و أما حديث محمد بن

اسلم «2» فهو ضعيف سندا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 466

(2) لاحظ ص: 454

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 473

أو تردد في ذلك وجب التمام (1).

______________________________

(1) عن الحدائق انه نسبه الي الاصحاب أولا و ادعي اتفاقهم عليه ثانيا و عن المستند نفي الخلاف فيه و استدل عليه برواية أبي ولاد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اني كنت خرجت من الكوفة في سفينة الي قصر ابن هبيرة و هو من الكوفة علي نحو من عشرين فرسخا في الماء فسرت يومي ذلك اقصر الصلاة ثم بدا لي في الليل الرجوع الي الكوفة فلم أدر أصلي في رجوعي بتقصير أم بتمام و كيف كان ينبغي أن أصنع؟ فقال: ان كنت سرت في يومك الذي خرجت فيه بريدا فكان عليك حين رجعت أن تصلي بالتقصير لأنك كنت مسافرا الي أن تصير الي منزلك قال: و ان كنت لم تسر في يومك الذي خرجت فيه بريدا فان عليك أن تقضي كل صلاة صليتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام من قبل أن تؤم من مكانك ذلك لأنك لم تبلغ الموضع الذي يجوز فيه التقصير حتي رجعت فوجب عليك قضاء ما قصرت و عليك اذا رجعت أن تتم الصلاة حتي تصير الي منزلك «1» فان هذه الرواية تدل علي المدعي بوضوح.

و يؤيد المدعي رواية محمد بن أسلم «2» و انما عبرنا بالتأييد لضعف سندها بمحمد بن أسلم و أما رواية سليمان بن حفص المروزي قال: قال الفقيه عليه السلام التقصير في الصلاة بريد ان أو بريد ذاهبا و جائيا و البريد ستة أميال و هو فرسخان و التقصير في أربعة فراسخ فاذا خرج الرجل من منزله يريد اثني عشر ميلا و ذلك أربعة فراسخ

ثم بلغ فرسخين و نيته الرجوع أو فرسخين آخرين قصر و ان رجع عما نوي عند بلوغ فرسخين و أراد المقام فعليه التمام و ان كان قصر ثم رجع عن نيته أعاد الصلاة «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة المسافر

(2) لاحظ ص: 454

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 474

و الاحوط لزوما اعادة ما صلاة قصرا (1).

______________________________

فضعيفة سندا بسليمان فلا اعتبار بها و عليه لا وجه للدقة في مفادها فالعمدة الرواية الاولي.

لكن اورد فيها بأن المستفاد منها ان بلوغ المسافة شرط متأخر لصحة القصر و هو خلاف المشهور و معارض بما رواه زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يخرج مع القوم في السفر يريده فدخل عليه الوقت و قد خرج من القرية علي فرسخين فصلوا و انصرف بعضهم في حاجة فلم يقض له الخروج ما يصنع بالصلاة التي كان صلاها ركعتين؟ قال: تمت صلاته و لا يعيد «1».

و فيه انه علي فرض رفع اليد عنها من هذه الجهة لا وجه لإسقاطها بالكلية فان وجوب التمام بعد الرجوع عن الاستمرار في السفر مستفاد من الحديث و لا معارض له بالنسبة الي تلك الجهة فلا بد من العلاج بالنسبة الي صحة القصر و عدمها فانتظر.

(1) المشهور فيما بين القوم عدم وجوب الاعادة في الوقت و عدم وجوب القضاء خارجه و نسب الي الشيخ التفصيل بين الاعادة في الوقت و عدم القضاء خارجه فيقع الكلام في أن مقتضي القاعدة الذهاب الي مذهب المشهور أو اختيار العكس و وجوب الاعادة مطلقا أو اختيار قول الشيخ.

و بدل علي القول المشهور ما رواه زرارة «2» فان المستفاد من هذه

الرواية عدم وجوب الاعادة و عدم وجوبها اما يشمل عدم وجوب القضاء بالاطلاق و اما يدل عليه بالاولوية و يعارض هذه الرواية ما رواه أبو ولاد «3»

و هذه الرواية اما تشمل وجوب الاعادة بالاطلاق أو بالاولوية و حمل هذه

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(2) مر آنفا

(3) لاحظ ص: 473

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 475

اذا كان العدول قبل خروج الوقت و الامساك في بقية النهار ان كان قد افطر قبل ذلك (1) و اذا كان العدول أو التردد بعد بلوغ الاربعة و كان عازما علي العود قبل اقامة العشرة بقي علي القصر و استمر علي الافطار (2).

[مسألة 402: يكفي في استمرار القصد بقاء قصد نوع السفر]

(مسألة 402): يكفي في استمرار القصد بقاء قصد نوع السفر

______________________________

الرواية علي الاستحباب لا دليل عليه بل الدليلان متعارضان فلا بد من علاج التعارض.

و لنا أن نقول ان رواية زرارة الدالة علي الصحة و الاجزاء تقدم لموافقتها مع اطلاق الاية أي قوله تعالي: وَ إِذٰا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلٰاةِ «1».

و لكن الاحتياط طريق النجاة فينبغي أن لا يترك بالجمع بين الامرين الا أن يقال: ان المرجع بعد التعارض و سقوطهما عن الاعتبار حديث عمار «2» فان هذا الحديث باطلاقه يقتضي وجوب التمام الا في صورة تحقق السير الكذائي و مع وجود هذا الحديث لا مجال لترجيح احد المتعارضين بموافقة الكتاب اذ لا يبقي اطلاق الكتاب بحاله مع حديث عمار و ليس حديث عمار طرف المعارضة اذ ليس متعرضا لحكم خصوص مورد التعارض بل مطلق فلاحظ.

(1) من باب الملازمة بين الاتمام و الامساك و القصر و الافطار.

(2) لتمامية الموضوع و حديث أبي ولاد «3» دال علي المدعي.

______________________________

(1) النساء: 102

(2) لاحظ ص:

466

(3) لاحظ ص: 473

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 476

و ان عدل عن الشخص الخاص كما اذا قصد السفر الي مكان و في الاثناء عدل الي غيره اذا كان يبلغ ما مضي مع ما بقي اليه مسافة فانه يقصر علي الأصحّ و كذا اذا كان من أول الامر قاصدا السفر الي أحد البلدين من دون تعيين احدهما اذا كان السفر الي كل منهما يبلغ المسافة (1).

______________________________

(1) نقل عن غير واحد التصريح به و استدل عليه بصدق الموضوع المأخوذ في لسان الدليل. و اورد عليه سيد المستمسك قدس سره بأن المعدول اليه لم يكن مقصودا اولا و انما طرأ قصده ثانيا بعد العدول عن الاول و ظاهر الدليل كون المجموع مقصودا من اول الامر و الجامع بين المسافتين لم يتعلق به القصد و ما تعلق به القصد هو الشخص هذا.

و يمكن التخلص عن الأشكال بوجوه: الاول: ان المستفاد من حديث عمار «1» ان موضوع وجوب القصر قصد المسافة و لم يؤخذ فيه قيد و لا اشكال في أن قصد الشخص قصد للجامع و لو لم يتحقق بهذا العنوان لكن يكفي تحقق الموضوع واقعا.

الثاني: ان المستفاد من حديث أبي ولاد «2» ان تحقق السفر الموجب للقصر يكفي البقاء عليه و ان لم يبق الشخص علي حاله لاحظ قوله عليه السلام في جواب السائل: «ان كنت سرت في يومك الذي خرجت فيه بريدا فكان عليك حين رجعت أن تصلي بالتقصير» فان المستفاد من هذه الجملة تحقق الموضوع في وجوب القصر و تغير المقصود لا يوجب انقلاب وجوب القصر.

الثالث: التعليل المنصوص به في حديث أبي ولاد فان المستفاد منه كفاية تحقق

______________________________

(1) لاحظ ص: 466

(2) لاحظ ص: 473

مباني منهاج الصالحين، ج 5،

ص: 477

[مسألة 403: إذا تردد في الاثناء ثم عاد إلي الجزم]

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 5، ص: 477

(مسألة 403): اذا تردد في الاثناء ثم عاد الي الجزم فان كان ما بقي مسافة و لو ملفقة و شرع في السير قصر (1) و الا اتم صلاته (2).

نعم اذا كان تردده بعد بلوغ أربعة فراسخ و كان عازما علي الرجوع قبل العشرة قصر (3).

[الثالث: أن لا يكون ناويا في أول السفر اقامة عشرة أيام قبل بلوغ المسافة]

الثالث: أن لا يكون ناويا في أول السفر اقامة عشرة ايام قبل بلوغ المسافة (4).

______________________________

الجامع.

الرابع: انه لو فرض الاجمال في المستفاد من النصوص كفي صدق المسافر في جوب القصر كما قلنا سابقا فان المستفاد من النصوص ان المسافر يقصر صلاته في السفر الا المغرب فلاحظ و يؤيد المدعي حديثا المروزي و اسحاق بن عمار «1».

(1) لتحقق الموضوع بلا اشكال.

(2) بدعوي ان المستفاد من الدليل طي المسافة مع القصد بنحو الاتصال و عدم تخلل الترديد و يترتب عليه انه لا أثر لما بطل بالترديد.

و بعبارة اخري: السفر الموضوع لوجوب القصر مشروط باستمرار القصد و المفروض زوال الاستمرار فلا بد من تحقق الموضوع ثانيا كي يترتب عليه الحكم فلاحظ.

(3) كما هو ظاهر لتمامية موضوع وجوب القصر فيجب.

(4) كما نقل عن الذخيرة انه لا اعرف فيه خلافا و نقل عن المدارك: انه لا خلاف في أنه قاطع للسفر و لكن الاجماع في أمثال المقام لا يكون حجة فكيف بعدم الخلاف نعم لا يخلو عن التأييد.

______________________________

(1) لاحظ ص: 473 و 453

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 478

______________________________

و استدل عليه بالاستصحاب فان قبل تحقق السفر كان محكوما بوجوب التمام و الاصل بقائه.

و فيه ان الاستصحاب في الحكم الكلي لا يجري اضف الي

ذلك انه لا تصل النوبة الي الاصل العملي مع وجود الدليل الاجتهادي و ذكرنا ان مقتضي الاية و جملة من النصوص ان المسافر لا بد أن يقصر.

لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شي ء الا المغرب ثلاث «1».

و استدل عليه أيضا بما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قدم قبل التروية بعشرة ايام وجب عليه اتمام الصلاة و هو بمنزلة أهل مكة فاذا خرج الي مني وجب عليه التقصير فاذا زار البيت أتم الصلاة و عليه اتمام الصلاة اذا رجع الي مني حتي ينفر «2».

و تقريب الاستدلال بالرواية علي المدعي يتم بعموم المنزلة فان مقتضي هذه الرواية ان المقيم عشرة ايام محكوم بحكم المتوطن في ذلك المكان.

و اورد فيه بوجوه: الاول: ما عن الجواهر: بأن التنزيل بلحاظ وجوب التمام فلا اطلاق في النص و بعبارة اخري: التنزيل منصرف الي خصوص هذه الجهة.

و يرد عليه اولا: انه لا وجه للانصراف. و ثانيا ينافيه ذكره بعد ايجاب التمام بقوله عليه السلام: «وجب عليه اتمام الصلاة» فان حمل اللفظ علي العطف التفسيري خلاف الاصل العقلائي و لا يصار اليه بلا دليل و ثالثا: انه يستفاد من التفريع ان التنزيل عام و لذا يجب عليه التمام فاذا سافر يجب القصر و بعد رجوعه

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب اعداد الفرائض الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 479

______________________________

يجب عليه التمام أيضا.

الثاني: ان لازم عموم المنزلة وجوب الاتمام عليه لو مر علي المحل الذي أقام فيه دفعة واحدة و لم يلتزم بذلك فقيه.

و

يمكن الجواب عن هذا الاشكال ان المقيم منزل منزلة الاهل لا محل الاقامة منزلة الوطن و من الواضح ان الحكم دائر مدار العنوان المأخوذ في الموضوع حدوثا و بقاء و المقيم بعد خروجه من محل اقامته يزول عنه العنوان.

و ان شئت قلت: ان المشتق حقيقة في المتلبس و مجاز في المنقضي عنه المبدأ. اضف الي ذلك انه كما ان المتوطن لو أعرض عن وطنه يزول عنه حكم المتوطن كذلك المقيم لو خرج عن محل الاقامة يزول عنه الحكم فلاحظ.

الثالث: ما أفاده سيدا المستمسك قدس سره و هو ان الرواية صريحة في أن محل الاقامة بمزلة الوطن اذا سافر عنه قصر و اذا رجع اليه اتم و لم يلتزم به احد.

و هذا يوهن دلالة الرواية فيرد علمها الي أهلها و التفكيك في الحجية بين دلالاتها بحيث ينفع المقام بعيد عن المذاق العرفي.

و فيه اولا: ان التفكيك بين الدلالات ليس أمرا عزيزا و ظواهر الألفاظ حجة ما دام لم يقم علي خلافها دليل مضافا الي أنه يمكن حمل جملات الرواية علي محامل ذكرها في الوافي بأن نقول: يجب التمام ان قدم مكة للإقامة عشرة ايام و يجب التقصير اذا خرج الي مني لذهابه الي عرفات و انما يتم اذا زار البيت لان التمام أفضل في مكة و انما اتم اذا خرج الي مني لأنه قصد الاقامة في مكة و مني من مكة أقلّ من بريد فتدل الرواية علي أن ارادة ما دون المسافة لا ينافي عزم الاقامة فيمكن دفع اشكال الدلالة بهذا الطريق.

و في الرواية اشكال من حيث السند فان اسناد الشيخ الي حماد بن عيسي

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 480

______________________________

ضعيف- علي ما كتبه الحاجياني- و حماد

المذكور في السند المروي عنه للشيخ مشترك بين ابن عيسي و ابن عثمان و الرواية قابلة لان تكون من كل منهما فكيف يمكن الجزم باعتبارها فلاحظ.

و ربما يستدل علي المدعي بما رواه علي بن جعفر عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرجل يدركه شهر رمضان في السفر فيقيم الايام في المكان عليه صوم؟ قال: لا حتي يجمع علي مقام عشرة ايام و اذا اجمع علي مقام عشرة ايام صام و أتم الصلاة قال: و سألته عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان و هو مسافر يقضي اذا أقام في المكان؟ قال: لا حتي يجمع علي مقام عشرة أيام «1»

بتقريب: ان الظاهر من الرواية ان المرتكز في ذهن السائل ان المقصود من المسافر ما يقابل الحاضر و المقيم معالا ما يقابل الحاضر فقط و الامام عليه السلام قرره علي هذا الذي في ذهنه.

و يرد عليه: انه سلمنا تقريره عليه السلام لكن لا يترتب علي هذا التقرير الاثر المقصود اذ لا اشكال في أن المقيم في محل اقامته لا يترتب عليه اثر السفر و لا يجوز له القصر و الافطار انما الكلام في أن الاقامة قاطعة للسفر بحيث لا يترتب عليها اثر السفر حتي في غير محل الاقامة أو ليست كذلك و هذه الجهة لا يستفاد من هذا الحديث فلاحظ.

مضافا الي انه لا يستفاد من الحديث الا السؤال عن حكم المسافر ايام اقامته و لا يستفاد منه ان المرتكز في ذهنه اتحاد حكم المقيم و الحاضر و التقابل المدعي في المقام فلا تغفل.

و في بعض الكلمات استدل علي المدعي بما رواه اسحاق بن عمار قال سألت

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من ابواب صلاة المسافر الحديث:

1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 481

أو يكون مترددا في ذلك (1) و الا أتم من أول السفر (2).

______________________________

أبا الحسن عليه السلام عن أهل مكة اذا زاروا عليهم اتمام الصلاة؟ قال: المقيم بمكة الي شهر بمنزلتهم «1».

بتقريب: ان المقيم الي شهر بمكة بمنزلة أهلها و عموم المنزلة يقتضي ترتيب كل أثر يترتب علي المنزل عليه علي المنزل و حيث ان قصد التوطن قاطع للسفر موضوعا كذلك قصد اقامة عشرة أيام أثناء الطريق قاطع للموضوع و بعدم القول بالفصل بين الاقامة ثلاثين يوما و الاقامة عشرة ايام يثبت المدعي في المقام.

و فيه اولا: انه لا يظهر من الحديث غير ان المقيم ثلاثين يوما يتم في محل الاقامة كالمتوطن و أما الزائد عليه فلا فتأمل.

و ثانيا: ان غاية عدم القول بالفصل تحقق الاجماع و اذا وصلت النوبة الي التمسك بالإجماع فلا يتوقف علي هذا التقريب بل ادعي الاجماع علي المدعي في المقام ابتداء لكن تحقق الاجماع الكاشف عن رأي المعصوم اول الكلام و الاشكال.

و ربما يقال: بأن الظاهر من دليل وجوب التمام علي المقيم بمناسبة الحكم و الموضوع كون التمام بعناية ان الاقامة تخرج المسافر عن هذا العنوان.

و فيه: ان المستفاد من ذلك الدليل ان المقيم يترتب عليه حكم الحاضر في محل اقامته. و بعبارة اخري: لا يدل علي أزيد من تخصيص حكم السفر في محل الاقامة و أما كون الاقامة قاطعة للسفر موضوعا في اعتبار الشارع فلا فلم يبق الا التسالم علي الحكم و هل يمكن الاكتفاء به في مقام الفتوي أم لا؟

(1) اذ مع التردد ليس قاصدا للسفر.

(2) لعدم تحقق موضوع وجوب القصر علي الفرض.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 482

و كذا اذا

كان ناويا المرور بوطنه أو مقره أو مترددا في ذلك (1) فاذا كان قاصدا السفر المستمر لكن احتمل عروض ما يوجب تبدل قصده علي نحو يلزمه أن ينوي الاقامة عشرة أو المرور بالوطن أتم صلاته و ان لم يعرض ما احتمل عروضه (2).

[الرابع: أن يكون السفر مباحا]
اشارة

الرابع: أن يكون السفر مباحا فاذا كان حراما لم يقصر سواء كان حراما لنفسه كإباق العبد (3).

______________________________

(1) اذ مع قصد المرور بالوطن أو المقر لا يتحقق قصد السفر الموضوع لوجوب القصر كما انه مع التردد لا يجزم بالسفر فلا يتحقق الموضوع.

(2) قد ظهر وجهه مما مر.

(3) ينبغي أن نتصور الاقسام المتصورة فنلاحظ ان الدليل بأي مقدار يفي بالمدعي فنقول: ان سفر المعصية علي أقسام:

الاول: أن يكون السفر بما هو سفر و طي للمسافة حراما كالفرار من الزحف و الاباق من المولي أو السفر مع نهي الوالد عنه علي القول بحرمته و وجوب اطاعته.

الثاني: أن لا يكون حراما من حيث طي المسافة بل من حيث عنوان آخر كالسفر مع الركوب علي مركوب مغصوب فانه حرمته من جهة التصرف في مال الغير.

الثالث: أن يكون لغاية محرمة كما لو سافر لقتل نفس محترمة أو للسرقة أو الزنا.

الرابع: أن يكون مستلزما للمعصية كما لو كان مديونا و يسافر مع مطالبة الديان و الحال انه لو بقي و لم يسافر أمكنه اداء دينه.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 483

______________________________

الخامس: أن يصادف المعصية كالغيبة و شرب الخمر و أمثالهما مما يمكن وقوعه في السفر و لكن السفر ليس لأجله.

أما القسم الاول فعن المشهور انه يجب الاتمام و عن الشهيد الثاني قدس سره انه تنظر في قول المشهور.

و استدل للمشهور بحديث عمار بن مروان عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال:

سمعته يقول: من سافر قصر و أفطر الا ان يكون رجلا سفر الي صيد أو في معصية اللّه أو رسول لمن يعصي اللّه أو في طلب عدو أو شهناء أو سعاية أو ضرر علي قوم من المسلمين «1».

و استشكل في تمامية دلالة الخبر بأن الظاهر من الخبر انه عطف قوله عليه السلام «في معصية» علي قوله: «الي صيد» فيكون المراد ان السفر لأجل المعصية فانه فرق واضح بين سفر المعصية و السفر في المعصية الذي هو من قبيل السعي في الحاجة.

و يمكن أن يقال بأن الظاهر من كلمة السفر في المعصية أن يكون السفر بنفسه حراما أي سفرا مصروفا في المعصية.

و ان شئت قلت: كون المراد بكلمة الجار (في) الي أو اللام كي يستفاد منه الغاية المحرمة خلاف الظاهر فلا يصار اليه الا مع القرينة فالجملة في حد نفسها لا تدل علي مدعي الخصم اذ فرق بين أن يقال: في المعصية و أن يقال في طريق المعصية فان الفرق بين التعبيرين لعله ظاهر.

مضافا الي انه عطف قوله: «أو رسول» فانه قرينة علي كون السفر حراما

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 484

______________________________

بنفسه بتقريب: انه ان كان رسولا للعاصي كانت غاية السفر محرمة فبقرينة المقابلة يكون المراد من الجملة الاولي كون السفر حراما في حد نفسه.

و من النصوص المستدل به ما رواه سماعة «1» بدعوي ان السفر اذا كان مشايعة للجائر حرام.

و يمكن أن يناقش فيه بأن حرمة المشايعة بلحاظ ما يترتب عليه من المفاسد لا من حيث نفسه بأن يكون نفس طي الطريق حراما فيكون من القسم الثاني المذكور في المتن مضافا الي أنه حكم وارد في مورد

خاص و لا دليل علي التعميم.

و ربما يستدل بما أرسله ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يفطر الرجل في شهر رمضان الا في سبيل حق «2».

بتقريب: ان السفر الحرام سير باطل. و أورد عليه سيد المستمسك قدس سره اولا بأن السير الباطل ما يكون غاية المسير باطلة فلا يدل علي المدعي اذ لا تنافي بين عدم حرمة السير و بطلان الغاية.

و ثانيا بأنه لا يمكن الاخذ باطلاق الحديث.

و يرد عليه: ان السير الحرام يصدق عليه انه ليس سبيل الحق و لا مانع من الاخذ باطلاقه اذ لو لم يكن السير حراما لا يصدق عليه انه سبيل باطل.

و بعبارة اخري: المقصود من الحق أن لا يكون أمرا علي خلاف الشرع هذا و لكن العمدة الاشكال في السند فان الحديث مرسل و كون المرسل ابن أبي عمير لا يقتضي اعتبار الحديث كما قلنا مرارا.

و ربما يستدل بما رواه ابن بكير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتصيد اليوم و اليومين و الثلاثة أ يقصر الصلاة؟ قال: لا الا أن يشيع الرجل أخاه

______________________________

(1) لاحظ ص: 457

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 485

______________________________

في الدين فان التصيد (الصيد) مسير باطل لا تقصر الصلاة فيه و قال: يقصر اذا شيع أخاه «1» و تقريب استدلال ظاهر.

و فيه: ان السند مخدوش بسهل مضافا الي أنه لا يمكن الاخذ بالعموم المستفاد من العلة الواقعة فيه فلاحظ.

و استدل بما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يخرج الي الصيد أ يقصر أو يتم؟ قال: يتم لأنه ليس بمسير حق «2».

بتقريب: ان المستفاد

من العلة المذكورة فيه ان المسير اذا لم يكن حقا لا يقصر و عدم كونه حقا أعم من انه بلحاظ غايته أو نفسه فالسفر اذا كان حراما لا يكون حقا.

و اورد في الرواية بأن المراد من الجملة ما يكون غايته حراما و انما يصدق هذا العنوان بلحاظ الغاية لا بلحاظ نفس السفر.

و الانصاف انه لا يبعد أن يستفاد من الرواية العموم بأن نقول: الظاهر من الاضافة كونها بيانية فلو كان السفر حراما لا يكون حقا و المقصود من الحق المقابل للباطل ما يكون جائزا شرعا نعم اذا كانت الغاية محرمة لا يصدق علي المسير انه مسير حق.

اضف الي ذلك انه لا يبعد أن يفهم العرف من الحكم بعدم التقصير فيما اذا كانت الغاية محرمة الاولوية فيما يكون نفس السفر حراما- كما عن الجواهر- و لعل هذا المقدار من النصوص و الاجماعات المنقولة و عدم العثور علي مخالف حتي الشهيد علي ما في كلام بعض كاف في الالتزام بالحكم و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 486

أم لغايته كالسفر لقتل النفس المحترمة أم للسرقة أم للزني أم لإعانة الظالم و نحو ذلك (1) و يلحق به ما اذا كانت الغاية من السفر ترك واجب كما اذا كان مديونا و سافر مع مطالبة الدائن و امكان الاداء في الحضر دون السفر فانه يجب فيه التمام ان كان السفر بقصد التوسل الي

______________________________

(1) هذا هو القسم الثالث من الاقسام الخمسة و الظاهر انه لا خلاف بين الاصحاب في قدحه في الترخص و يدل عليه من النصوص ما رواه عبيد بن زرارة و ما رواه ابن بكير

و ما أرسله ابن أبي عمير «1».

و يدل علي المدعي ما رواه أبو سعيد الخراساني قال: دخل رجلان علي أبي الحسن الرضا عليه السلام بخراسان فسألاه عن التقصير فقال: لأحدهما وجب عليك التقصير لأنك قصدتني و قال للاخر وجب عليك التمام لأنك قصدت السلطان «2».

و أيضا يدل عليه ما رواه اسماعيل بن أبي زياد عن جعفر عن أبيه قال: سبعة لا يقصرون الصلاة الي أن قال: و الرجل يطلب الصيد يريد به لهوا لدنيا و المحارب الذي يقطع السبيل «3» بل يدل عليه ما رواه عمار بن مروان «4».

و يؤيد المدعي ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بٰاغٍ وَ لٰا عٰادٍ» قال: الباغي الصيد و العادي السارق و ليس لهما أن يأكلا الميتة اذا اضطرا اليها هي عليهما حرام ليس كما هي علي المسلمين و ليس لهما أن يقصرا في الصلاة «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 484 و 485

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) لاحظ ص: 483

(5) الوسائل الباب 8 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 487

ترك الواجب (1).

______________________________

(1) هذا هو القسم الرابع من الاقسام التي ذكرناها في اول الامر و يستفاد من كلام بعض ان الوجوه بل الاقوال في المقام اربعة: القول الاول: وجوب القصر علي الاطلاق. القول الثاني: عكس الاول. القول الثالث: ما أفاده في المتن من التفصيل. القول الرابع: التفصيل بين ما اذا كان السفر علة تامة لتركه مثل ما اذا كان ترك الواجب متوقفا علي السفر بحيث لو ترك السفر لتحقق منه الواجب قهرا و بين ما

لم يكن كذلك بل كان بحيث لو ترك السفر أمكن ترك الواجب فيجب التمام في الاول دون الثاني.

و الظاهر ان القول الاول مبني علي أن القصر واجب علي المسافر و ليس المقام داخلا في عنوان يكون خارجا عن موضوع الوجوب فيجب.

و استدل علي القول الثاني علي حسب ما في بعض الكلمات بأن هذا السفر حرام فيجب التمام و الوجه في حرمته امور:

منها: ان ترك السفر مقدمة للواجب و مقدمة الواجب واجبة فالسفر المستلزم لترك الواجب معصية فيجب التمام فيه.

و فيه: اولا: ان ترك احد الضدين ليس مقدمة للضد الاخر علي ما ذكرنا في بحث الضد. و ثانيا: ان مقدمة الواجب ليست واجبة.

و منها: ما عن الحلي من الاجماع علي أن مستلزم المحرم محرم فالسفر المستلزم لترك الواجب محرم. و فيه: انه اجماع منقول و لا اعتبار به.

و منها قوله تعالي: «وَ لٰا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّٰهِ فَيَسُبُّوا اللّٰهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ» «1» فان هذه الاية تدل علي أن تسبيب الحرام حرام.

و فيه: اولا: انه لا دليل علي عموم الحكم بل يمكن اختصاصه بمورده.

______________________________

(1) الانعام/ 109

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 488

أما اذا كان السفر مما يتفق وقوع الحرام أو ترك الواجب أثنائه كالغيبة و شرب الخمر و ترك الصلاة و نحو ذلك من دون أن يكون الحرام أو ترك الواجب غاية للسفر وجب فيه القصر (1).

[مسألة 404: إذا كان السفر مباحا و لكن ركب دابة مغصوبة أو مشي في ارض مغصوبة]

(مسألة 404): اذا كان السفر مباحا و لكن ركب دابة مغصوبة أو مشي في ارض مغصوبة ففي وجوب التمام أو القصر وجهان:

______________________________

و ثانيا: ان الاية راجعة الي التسبب الي فعل الغير الحرام و المقام راجع الي فعل نفسه فلا وجه للقياس.

و استدل للقول الثالث: بأن فعل شي ء للتوصل

الي ترك الواجب معصية له تعالي فالسفر المستلزم لترك الواجب سفر معصية.

و فيه: اولا: ان المقدمة لأداء الدين الكون في الحضر فالكون في السفر ضد للواجب و الامر بالشي ء لا يقتضي النهي عن ضده.

و ثانيا: ان مقدمة الواجب ليست واجبة و لا فرق فيما ذكرنا بين أن يكون السفر علة تامة لترك الواجب أولا.

و بعبارة اخري: العلة التامة لترك الواجب أو فعل الحرام ليست حراما. ان قلت: فكيف يعاقب المكلف؟ قلت: العقاب علي ذلك الامر التوليدي و التسببي.

اذا عرفت ما ذكرنا فاعلم ان الحق ما أفاده في المتن اذ المكلف اذا سافر لأجل عدم وفاء الدين يصدق عليه ان سفره لغاية محرمة فلا بد من القصر و لا فرق فيما ذكرنا بين القول بالمقدمية و عدمها فان تعنون السفر بهذا العنوان بلا اشكال.

(1) لعدم تحقق الموضوع فيجب القصر بمقتضي القاعدة و هذا هو القسم الخامس.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 489

اظهرهما القصر (1) نعم اذا سافر علي دابة مغصوبة بقصد الفرار بها عن المالك أتم (2).

______________________________

(1) هذا هو القسم الثاني من الاقسام المذكورة في كلامنا و تقريب الاستدلال علي المدعي ان المستفاد من الدليل ان الموضوع للحكم الطي المحرم و بعبارة اخري: اذا كان طي الطريق بما هو حراما يكون موضوعا للتمام و في المقام عنوان الغصب موضوع للحرمة.

و يرد عليه: بأنه ما الفرق بين المقام و الموارد التي حكم فيها قبلا بوجوب التمام كما لو كان السفر مضرا أو ممنوعا من قبل الوالدين أو الزوج أو تركه موردا للنذر فان حرمة العارضة بالعنوان الثانوي ان لم يكن كافيا فكيف حكم هناك بالتمام و ان كان كافيا فما وجه الجزم بالعدم في المقام و المقامان من

باب واحد.

و لا يبعد أن يقال: ان مقتضي اطلاق الدليل شموله لجميع الموارد بلا تفرقة ان قلت: السفر عبارة عن الابتعاد عن الوطن و هذا أمر يحصل بالخطوات و الطي لا نفسه، قلت: عليه لا أثر لان يكون نفس الطي حراما لا بالعنوان الثانوي و لا بالعنوان الاولي.

مضافا الي أن هذا خلاف المستفاد من الادلة و يظهر من المحقق الهمداني قدس سره: الفرق بين المشي في الارض المغصوبة و طي الطريق مع الدابة المغصوبة بالالتزام بالحكم في الاول دون الثاني بدعوي انصراف الدليل عن مثل الركوب علي الدابة أو حمل شي ء مغصوب معه و لا يبعد الانصراف المدعي عن بعض أفراده فان مقتضي الانصاف عدم شمول الدليل لحمل الشي ء المغصوب معه فلاحظ.

(2) لتحقق موضوع وجوب التمام لصدق كون الغاية الحرام.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 490

[مسألة 405: إباحة السفر شرط في الابتداء و الاستدامة]

(مسألة 405) اباحة السفر شرط في الابتداء و الاستدامة فاذا كان ابتداء سفره مباحا و في الاثناء قصد المعصية أتم حينئذ (1).

______________________________

(1) قيل: انه صرح به غير واحد علي نحو يظهر انه من المسلمات و استدل عليه باطلاق الدليل فان قوله عليه السلام في رواية عمار «1» أو في معصية اللّه» باطلاقه يشمل المقام فلا وجه للتقييد.

ان قلت: المفروض ان سفره تحقق من حين شروعه مباحا و غايته ان ما اتصف بالحرام لا يكون متمما للمسافة و لكن اذا فرض تحقق المسافة بنحو جائز فما دام لم يتحقق قاطع من القواطع لم يكن وجه للتمام فان موضوع القصر تحقق و لم يعرضه ما يقتضي قطعه.

قلت: الدليل قام علي أن سفر المعصية يجب فيه التمام و المفروض ان سفره الان معصية فيجب التمام فيه.

لا يقال: المنساق من النصوص ما لو كان

خروجه من منزله بقصد الحرام فلا يشمل ما لو عدل الي المعصية في الاثناء لكن ببركة الاجماع و التسالم نلتزم بوجوب التمام فيما لو كان عدوله قبل تحقق المسافة و أما بعد تحققها فلا.

فانه يقال: مضافا الي نص الاعاظم في ارادة الاعم انه يستفاد من بعض التعليلات الواردة في النصوص بالاضافة الي التناسب بين الحكم و الموضوع ان الحكم عام لاحظ حديث عبيد بن زرارة «2» فان العلة للقصر كون المسير سيرا لا يكون حقا.

و يؤيد المدعي ما رواه بعض أهل العسكر قال: خرج عن أبي الحسن عليه السلام ان صاحب الصيد يقصر ما دام علي الجادة فاذا عدل عن الجادة أتم فاذا رجع

______________________________

(1) لاحظ ص: 483

(2) لاحظ ص: 485

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 491

و أما ما صلاة قصرا سابقا فلا تجب اعادته اذا كان قد قطع مسافة (1) و الا فالاحوط وجوبا الاعادة في الوقت (2).

______________________________

اليها قصر «1».

فانه لا يبعد أن يقال: بأنه يقصر ما دام علي جادة الشرع و يتم ما دام خارجا عنها فلاحظ. و يؤيد المدعي ان لم يدل عليه ما رواه سماعة «2» فان الميزان في التمام مشايعة الجائر علي الاطلاق.

و صفوة القول: انه ان قلنا ان المستفاد من نصوص الباب ان الموضوع للقصر تحقق المسافة الجائزة و بعد تحققها يترتب عليه حكم السفر مطلقا- كما عن الشيخ الانصاري قدس سره- فاللازم ترتيب حكم القصر و ان قلنا: ان المستفاد منها ان كل مسافر يجب عليه التقصير اذا لم يكن سفره معصية فالواجب عليه بعد رجوعه الي المعصية هو التمام.

(1) لعدم ما يقتضي الاعادة كما هو ظاهر.

(2) و ربما يقال بعدم وجوب الاعادة لرواية زرارة «3» و قد مر سابقا

ان التعارض واقع بين هذا الخبر و خبر أبي ولاد «4» و المرجع بعد التعارض حديث عمار «5» فان مقتضي هذا الحديث انه لا يتحقق السفر الا بالسير بهذا المقدار و المفروض عدم تحققه فمقتضي القاعدة عدم الاجزاء لعدم تحقق الموضوع و الاجزاء خلاف القاعدة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب صلاة المسافر الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 457

(3) لاحظ ص: 474

(4) لاحظ ص: 473

(5) لاحظ ص: 466

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 492

و اذا رجع الي قصد الطاعة فان كان ما بقي مسافة و لو ملفقة و شرع في السير قصر (1) و الا أتم صلاته (2) نعم اذا شرع في الاياب و كان مسافة قصر (3).

[مسألة 406: إذا كان ابتداء سفره معصية فعدل الي المباح]

(مسألة 406): اذا كان ابتداء سفره معصية فعدل الي المباح فان كان الباقي مسافة و لو ملفقة من أربعة ذهابا و أربعة ايابا قصر و الا اتم (4).

[مسألة 407: الراجع من سفر المعصية يقصر]

(مسألة 407): الراجع من سفر المعصية يقصر اذا كان الرجوع

______________________________

(1) لتحقق موضوع وجوب القصر كما هو ظاهر.

(2) بتقريب: ان المستفاد من الادلة ان موضوع وجوب القصر السفر الخاص فان المستفاد من الدليل ان المسافة المقرونة بالمعصية لا تحسب من المسافة الموضوعة لاحظ ما رواه عمار «1» فان المستفاد من هذا الحديث ان سفر المعصية لا تحسب من السفر شرعا.

و أيضا لاحظ ما رواه عبيد بن زرارة «2» فان المستفاد من هذه الرواية انه لا بد في المسافة الموضوعة لحكم القصر كونها حقا و مسير المعصية لا يكون حقا كما هو ظاهر و ملخص الكلام انه ليس تخصيصا في الحكم بل تقييد في الموضوع.

(3) لتحقق موضوع وجوب القصر فلاحظ.

(4) هذه المسألة متفرعة علي ما تقدم آنفا و صفوة القول ان سفر المعصية لا يترتب عليه الاثر فالميزان هو السفر الذي لا يكون معصية فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 483

(2) لاحظ ص: 485

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 493

مسافة و ان لم يكن تائبا (1).

[مسألة 408: إذا سافر لغاية ملفقة من الطاعة و المعصية أتم صلاته]

(مسألة 408): اذا سافر لغاية ملفقة من الطاعة و المعصية أتم صلاته (2) الا اذا كانت المعصية تابعة غير صالحة للاستقلال في تحقق السفر فانه يقصر (3).

[مسألة 409: إذا سافر للصيد لهوا- كما يستعمله أبناء الدنيا أتم الصلاة في ذهابه]

(مسألة 409): اذا سافر للصيد لهوا- كما يستعمله أبناء الدنيا- أتم الصلاة في ذهابه (4).

______________________________

(1) نقل عن المحقق القمي في اجوبة مسائله: الحاق الاياب بالذهاب في عدم التقصير و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان عد الاياب تتمة للذهاب و لم يتب فيجب عليه التمام و الا فيقصر.

و لكن لقائل أن يقول: ان سفر المعصية اما بلحاظ كون الغاية معصية أو بلحاظ نفس السفر فلو فرضنا ان ايابه لم يكن لغاية محرمة و لم يكن حراما بنفسه فلا وجه لترتب حكم التمام عليه بل وجوب القصر علي المسافر يقتضي وجوب القصر عليه نعم لو كان ايابه من طريق مغصوب يكون سفره محرما الا مع التوبة و انحصار الطريق فيه و اختياره من باب أقلّ المحذورين بل لا مدخلية للتوبة أصلا اذ التوبة راجعة الي ما صدر عنه سابقا و الكلام في السفر الحالي فالنتيجة ان ما أفاده في المتن تام.

(2) اذ في هذه الصورة لا يكون السير حقا فيجب التمام لاحظ حديث عبيد بن زرارة «1».

(3) اذ في هذه الصورة يكون موضوع القصر محققا فيجب.

(4) حكي عليه الاجماع و عن بعض انه من دين الامامية و تدل عليه جملة من

______________________________

(1) لاحظ ص: 458

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 494

و قصر في ايابه اذا كان وحده مسافة (1) أما اذا كانت الصيد لقوته و قوت عياله قصر (2).

______________________________

النصوص لاحظ ما رواه عمار «1» و ما رواه سماعة «2» و ما رواه اسماعيل بن أبي زياد «3» و ما رواه أبو

سعيد الخراساني «4».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عمن يخرج عن أهله بالصقورة و البزاة و الكلاب يتنزه الليلة و الليلتين و الثلاثة هل يقصر من صلاته أم لا يقصر؟ قال: انما خرج في لهو لا يقصر الحديث «5» و ما رواه عبيد بن زرارة «6».

و ما رواه بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يخرج الي الصيد مسيرة يوم أو يومين (أو ثلاثة) يقصر أو يتم؟ فقال: ان خرج لقوته و قوت عياله فليفطر و ليقصر و ان خرج لطلب الفضول فلا و لا كرامة «7».

و ما رواه العيص بن القاسم أنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يتصيد فقال: ان كان يدور حوله فلا يقصر و ان كان تجاوز الوقت فليقصر «8».

(1) لتمامية موضوع وجوب القصر.

(2) نقل عليه عدم الخلاف بل نقل عليه الاجماع و استدل عليه بالمرسل «9».

______________________________

(1) لاحظ ص: 483

(2) لاحظ ص: 457

(3) لاحظ ص: 486

(4) لاحظ ص: 486

(5) الوسائل الباب 9 من ابواب صلاة المسافر الحديث: 1

(6) لاحظ ص: 485

(7) الوسائل الباب 9 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 5

(8) نفس المصدر الحديث: 8

(9) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 495

و كذلك اذا كان للتجارة علي الاظهر (1).

______________________________

و من الظاهر ان المرسل لا اعتبار به و لا اشكال في شمول بعض الاطلاقات لاحظ ما رواه عبيد بن زرارة «1».

و مثله بعض الاطلاقات الاخر و لكن يمكن رفع اليد عن اطلاق هذه النصوص بما في رواية زرارة «2».

و صفوة القول: أن بعض النصوص يدل علي أن السفر للصيد يوجب التمام علي الاطلاق كرواية عمار بن مروان «3» و بعضها يدل علي أن

السفر للصيد يوجب التقصير علي الاطلاق كرواية العيص «4».

و رواية عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتصيد فقال:

ان كان يدور حوله فلا يقصر و ان كان تجاوز الوقت فليقصر «5».

و يستفاد من بعضها التفصيل بين كونه لهويا فلا يوجب و عدم كونه لهويا فيوجب و القاعدة تقتضي رفع اليد عن الاطلاقين بالمقيد لاحظ ما رواه زرارة «6» فان المستفاد من هذه الرواية ان السفر للصيد لهوا يوجب التمام و لا يجب فيه القصر.

(1) كما هو المشهور بين المتأخرين- علي ما في بعض الكلمات- و استدل عليه بوجوب القصر علي المسافر و نقل عن أكثر القدماء قصر الصوم دون الصلاة بل نقل عليه الاجماع، و بما أرسله الشيخ من نسبته الي رواية الاصحاب و كذلك

______________________________

(1) لاحظ ص: 485

(2) لاحظ ص: 494

(3) لاحظ ص: 483

(4) لاحظ ص: 494

(5) الوسائل الباب 9 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 2

(6) لاحظ ص: 494

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 496

______________________________

نقل عن الحلي في السرائر فانهما نقلا مرسلا.

و لكن الاجماع المنقول ليس حجة و المرسل حاله معلوم في عدم الاعتبار مضافا الي أن التفصيل ينافي النص الدال علي الملازمة بين القصر و الافطار لاحظ ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: اذا دخلت بلدا و أنت تريد المقام عشرة ايام فأتم الصلاة حين تقدم و ان أردت المقام دون العشرة فقصر و ان أقمت تقول: غدا أخرج أو بعد غد و لم تجمع علي عشرة فقصر ما بينك و بين شهر فاذا أتم الشهر فأتم الصلاة قال: قلت: ان دخلت بلدا أول يوم من شهر رمضان و لست اريد أن اقيم عشرا

قال: قصرو أفطر قلت فان مكثت كذلك اقول: غدا أو بعد غد فافطر الشهر كله و اقصر؟ قال: نعم هذا (هما) واحد اذا قصرت أفطرت و اذا أفطرت قصرت «1».

و مقتضي النصوص المعتبرة الواردة في المقام الحكم بالقصر و الافطار فان مقتضي حديثي ابن سنان و العيص «2» تحقق التمام في سفر الصيد بلا تقييد و مقتضي حديث عمار «3» وجوب التمام مطلقا و مثله حديث سماعة «4» و لكن ترفع اليد بما رواه زرارة «5» فان مقتضي هذه الرواية ان السفر للصيد انما لا يقتضي القصر اذا كان لهويا و من الظاهر ان الصيد للتجارة لا يكون لهوا و باطلا. و صفوة القول ان الاطلاقات تقيد بالمقيد كما هو المقرر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 17

(2) لاحظ ص: 494 و 495

(3) لاحظ ص: 483

(4) لاحظ ص: 457

(5) لاحظ ص: 494

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 497

و لا فرق في ذلك بين صيد البحر و البر (1).

[مسألة 410: التابع للجائر إذا كان مكرها أو بقصد غرض صحيح كدفع مظلمة عن نفسه أو غيره]

(مسألة 410): التابع للجائر اذا كان مكرها أو بقصد غرض صحيح كدفع مظلمة عن نفسه أو غيره يقصر (2).

______________________________

(1) للإطلاق و كون المتعارف بين الملوك هو الاول لا يوجب الانصراف المستقر.

(2) أما في صورة الاكراه فترفع الحرمة به و أما في صورة الاختيار و قصد الغرض الصحيح فلعدم مقتضي للحرمة هذا تقريب دليل ما أفاده الماتن و لكن للإشكال في القسمين المذكورين مجال أما القسم الاول و هو المكره بالفتح فالاشكال فيه من ناحية ان حديث الرفع يقتضي رفع الاثر عن العمل الاكراهي فان مقتضي حديث رفع الاكراه عدم ترتب الاثر علي القصد الاكراهي فلا بد أن يتم.

ان قلت: ان رفع الاكراه امتناني و الحكم القصر

حيث انه كلفة زائدة ليس امتنانيا قلت: يظهر من الحديث ان رفع الاثر ارغام لأنف المكره بالكسر و يكفي هذا المقدار للمنة علي المكره بالفتح.

الا أن يقال: كيف يكون منة عليه و الحال ان الكلفة أزيد عليه. و لنا أن نقول:

ان مقتضي حديث الرفع وجوب القصر اذ لا اشكال في انه قصد المسافة و المفروض ان الاكراه رافع لحرمة سفره فموضوع وجوب القصر حاصل بالنسبة اليه.

و أما فيما اذا كان قصده دفع مظلمة و نحوه فيمكن أن يناقش في اطلاقه فان مصاحبة الظالم اذا كانت حراما كما لو كان الظالم من ولاة الجور فكيف يجوز مصاحبته و لو لغرض صحيح.

الا أن يقال: بأن المستفاد مما ورد في جواز تصدي ابن يقطين بمقام الوزارة جواز المعاونة في هذه الصورة و أما اذا كان الظالم لم يكن من ولاة الجور و كان وجه عدم الجواز عنوان اعانة الظالم فتكون الحرمة من باب اعانة الاثم فقد

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 498

و الا فان كان علي وجه يعد من اتباعه و أعوانه في جوره يتم (1) و ان كان سفر الجائر مباحا فالتابع يتم و المتبوع يقصر (2).

[مسألة 411: إذا شك في كون السفر معصية أو لا مع كون الشبهة موضوعية فالأصل الإباحة]

(مسألة 411): اذا شك في كون السفر معصية أو لا مع كون الشبهة موضوعية فالاصل الاباحة فيقصر (3) الا اذا كانت الحالة السابقة هي الحرمة (4) أو كان هناك اصل موضوعي يحرز به الحرمة فلا يقصر (5).

[مسألة 412: إذا كان السفر في الابتداء معصية فقصد الصوم ثم عدل في الأثناء إلي الطاعة]

(مسألة 412): اذا كان السفر في الابتداء معصية فقصد الصوم ثم عدل في الاثناء الي الطاعة فان كان العدول قبل الزوال وجب

______________________________

ذكرنا في محله انه لا دليل علي حرمة الاعانة علي الاثم و انما الحرام هو التعاون عليه فلاحظ.

لكن يستفاد من بعض النصوص ان اعانة الظالم محرمة علي الاطلاق لاحظ ما رواه أبو حمزة عن علي بن الحسين عليهما السلام في حديث قال: اياكم و صحبة العاصين و معونة الظالمين «1».

و صفوة القول: ان السفر اذا لم يكن حراما و كان الغرض صحيحا يجب التمام و أما كون التبعية للجائر حراما أم لا فلا بد من التفصيل.

(1) لكون سفره معصية فيجب التمام.

(2) اذ المفروض ان سفر الجائر جائز فيقصر و أما سفر التابع حيث انه حرام علي الفرض يجب عليه التمام.

(3) كما هو المقرر في الاصول.

(4) فان الاستصحاب يقتضي بقاء الحرمة.

(5) كما اذا كانت الحلية مشروطة بأمر وجودي كإذن المولي و كان مسبوقا بالعدم

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 499

الافطار اذا كان الباقي مسافة و قد شرع فيه (1) و لا يفطر بمجرد العدول من دون الشروع في قطع الباقي مما هو مسافة (2) و ان كان العدول بعد الزوال و كان في شهر رمضان فالاحوط وجوبا أن يتمه ثم يقضيه (3) و لو انعكس الامر بأن كان سفره طاعة في الابتداء و عدل الي المعصية في الاثناء فان

لم يأت بالمفطر و كان قبل الزوال فالاحوط وجوبا أن يصوم ثم يقضيه (4) و ان كان بعد فعل المفطر أو بعد الزوال لم يصح صومه (5).

______________________________

فان استصحاب الحالة السابقة لا يبقي مجالا لأصالة البراءة فان الاصل السببي حاكم علي المسببي فلاحظ.

(1) لتمامية موضوع الافطار علي الفرض.

(2) لعدم تحقق الضرب في الارض و السفر.

(3) ان قلنا ان الاباحة شرط للموضوع فلازمه صحة الصوم و وجوب الاتمام اذ المفروض انه قبل الزوال لم يكن متلبسا بالسفر الموجب للقصر فحاله حال من سافر بعد الزوال و حكمه اتمام الصوم و صحته و ان قلنا ان الاباحة قيد للحكم فحيث ان الموضوع تحقق قبل الزوال غاية الامر لم يكن مرخصا في الافطار و أما بعد الزوال فلا مانع من الافطار و حكمه الافطار و القضاء و حيث ان المختار عندنا هو الاول يجب الاتمام و يكون صومه صحيحا.

(4) فانه في حكم من سافر و حضر قبل الزوال في أنه يجب عليه الصوم و لا فرق فيما ذكر بين كون الاباحة قيدا للموضوع أو الحكم.

(5) فانه في حكم من سافر و حضر بعد الزوال فان الحضور بعد الزوال لا يؤثر في صحة الصوم.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 500

[الخامس: أن لا يتخذ السفر عملا له]
اشارة

الخامس: أن لا يتخذ السفر عملا له كالمكاري و الملاح و الساعي و الراعي و التاجر الذي يدور في تجارته و غيرهم ممن عمله السفر الي المسافة فما زاد فان هؤلاء يتمون الصلاة في سفرهم (1).

______________________________

(1) بلا خلاف- كما في كلام بعض الاصحاب- و يدل عليه ما رواه زرارة قال:

قال: أبو جعفر عليه السلام: أربعة قد يجب عليهم التمام في سفر كانوا أو حضر:

المكاري و الكري و الراعي و الاشتقان لأنه

عملهم «1».

و مثله مرفوع ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: خمسة يتمون في سفر كانوا أو حضر: المكاري و الكري و الاشتقان و هو البريد و الراعي و الملاح لأنه عملهم «2».

و يدل علي المقصود أيضا ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: ليس علي الملاحين في سفينتهم تقصير و لا علي المكارين و لا علي الجمالين «3»

و ما رواه اسماعيل بن أبي زياد عن جعفر عن أبيه قال: سبعة لا يقصرون الصلاة الجابي الذي يدور في جبايته و الامير يدور في امارته و التاجر الذي يدور في تجارته من سوق الي سوق و الراعي و البدوي الذي يطلب مواضع القطر و منبت الشجر و الرجل الذي يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا و المحارب الذي يقطع السبيل «4».

و المستفاد من مجموع النصوص و العلة المذكورة في بعضها ان الميزان في التمام أن يكون شغل الشخص في السفر بحيث يكون شغله سفريا و لا يلزم أن يكون السفر بنفسه شغلا له فان التاجر الذي يدور في تجارته ليس السفر بنفسه شغلا له

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 501

و ان استعملوه لأنفسهم كحمل المكاري متاعه أو أهله من مكان الي آخر (1) و كما أن التاجر الذي يدور في تجارته يتم الصلاة كذلك العامل الذي يدور في عمله كالنجار الذي يدور في الرساتيق لتعمير النواعير و الكرود و البناء الذي يدور في الرساتيق لتعمير الآبار التي يستقي منها للزرع و الحداد الذي يدور في الرساتيق و المزارع لتعمير الماكينات

و اصلاحها و النقار الذي يدور في القري لنقر الرحي و أمثالهم من العمال الذين يدورون في البلاد و القري و الرساتيق للاشتغال و الاعمال مع صدق الدوران في حقهم لكون مدة الاقامة للعمل قليلة و مثلهم الحطاب و الجلاب الذي يجلب الخضر و الفواكه و الحبوب و نحوها الي البلد فانهم يتمون الصلاة (2) و يلحق بمن عمله السفر أو يدور في عمله من كان عمله في مكان معين يسافر اليه في اكثر أيامه كمن كانت اقامته في مكان و تجارته أو طبابته أو تدريسه أو دراسته في مكان آخر (3) و الحاصل ان العبرة في لزوم التمام بكون السفر بنفسه عملا أو كون عمله في السفر و كان السفر

______________________________

و كذلك الامير الذي يدور في امارته و هكذا.

(1) الميزان أن يكون شغله و عمله سفرا بمقدار المسافة و لا وجه للتفريق بين مصاديقه بعد تحقق الاطلاق و عدم المقيد.

(2) لصدق عنوان الموضوع علي المذكورين.

(3) اذ المستفاد من النصوص كما تقدم ان الميزان في الزمان أن يكون السفر

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 502

مقدمة له (1).

[مسألة 413: إذا اختص عمله بالسفر الي ما دون المسافة]

(مسألة 413): اذا اختص عمله بالسفر الي ما دون المسافة قصر ان اتفق له السفر الي المسافة (2) نعم اذا كان عمله السفر الي مسافة معينة كالمكاري من النجف الي كربلاء فاتفق له كري دوابه الي غيرها فانه يتم حينئذ (3).

[مسألة 414: لا يعتبر في وجوب التمام تكرر السفر ثلاث مرات]

(مسألة 414): لا يعتبر في وجوب التمام تكرر السفر ثلاث مرات بل يكفي كون السفر عملا له و لو في المرة الاولي (4).

[مسألة 415: إذا سافر من عمله السفر سفرا ليس من عمله]

(مسألة 415): اذا سافر من عمله السفر سفرا ليس من عمله كما اذا سافر المكاري للزيارة أو الحج وجب عليه القصر (5).

______________________________

بنفسه عملا أو يكون العمل في السفر فيتم ما أفاده.

(1) الامر كما أفاده فلاحظ.

(2) لتحقق المسافة الموضوعة لوجوب القصر و عدم ما يقتضي التمام.

(3) لتمامية الموضوع لوجوب التمام فلاحظ.

(4) الميزان في وجوب التمام صدق ان شغله السفر و لا يقيد بتعدد السفر و عدمه بل الاعتبار بصدق هذا العنوان.

(5) قال في مصباح الفقيه في هذا المقام: «وجهان بل قولان» الي آخره.

و الظاهر ان الامر كما أفاده في المتن لوجوه:

الاول: ان التناسب بين الحكم و الموضوع يقتضي ذلك فان الحكم بالتقصير شرعا للإرفاق علي المسافر و المفروض ان من شغله السفر في السفر الذي لا يكون للشغل و الكسب حاله كبقية المسافرين من حيث وجوب القصر.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 503

______________________________

الثاني: ان المستفاد من حديث زرارة «1» ان الموضوع للتمام هو السفر الكذائي فانه عليه السلام قال: «يجب عليهم التمام في سفر كانوا أو حضر» ثم علله و لا يخفي ان التمام في السفر يحتاج الي العلة و أما التمام في الحضر فلا يحتاج اليها و علل الحكم «بأنه عملهم» و الظاهر ان الضمير يرجع الي السفر المذكور في كلامه عليه السلام فيكون معني كلامه: ان من شغله السفر يتم في سفره لان هذا السفر عمله فلا مقتضي للتمام في السفر الذي لا يكون كذلك.

الثالث: قوله عليه السلام في حديث محمد بن مسلم ليس علي الملاحين في في سفينتهم تقصير و لا

علي المكاري و الجمال «2».

فان التقييد بكونهم في سفينتهم يقتضي اختصاص الحكم بالزمان الذي في السفينة و كونهم في السفينة كناية عن الاشتغال بالشغل.

و مثله ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اصحاب السفن يتمون الصلاة في سفنهم «3». الرابع ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: سألته عن المكارين الذين يكرون الدواب و قلت:

يختلفون كل أيام كلما جاءهم شي ء اختلفوا فقال: عليهم التقصير اذا سافروا «4».

فان المستفاد من هذا الخبر- كما في الوافي- انهم في مختلفهم يتمون و أما اذا سافروا الي غير مختلفهم فحالهم كبقية المسافرين.

و مثله في الدلالة خبره الاخر قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الذين

______________________________

(1) لاحظ ص: 500

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 12 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 504

و مثله ما ذا انكسرت سيارته أو سفينته فتركها عند من يصلحها و رجع الي أهله فانه يقصر في سفر الرجوع و كذا لو غصبت دوابه أو مرضت فتركها و رجع الي أهله (1) نعم اذا لم يتهيأ له المكاراة في رجوعه فرجع الي أهله بدوابه أو بسيارته أو بسفينته خالية من دون مكاراة فانه يتم في رجوعه فالتمام يختص بالسفر الذي هو عمله أو متعلق بعمله (2).

[مسألة 416: إذا اتخذ السفر عملا له في شهور معينة من من السنة أو فصل معين منها]

(مسألة 416): اذا اتخذ السفر عملا له في شهور معينة من من السنة أو فصل معين منها كالذي يكري دوابه بين مكة و جدة في شهور الحج أو يجلب الخضر في فصل الصيف جري عليه الحكم و أتم الصلاة في سفره في المدة المذكورة (3). أما

في غيرها من الشهور

______________________________

يكرون الدواب يختلفون كل الايام أ عليهم التقصير اذا كانوا في سفر؟ قال: نعم «1».

و هذا التقريب لو كان تاما يكون أدل و أتم بالنسبة الي المطلوب من بقية الوجوه اذ الامام عليه السلام صرح بالتقصير في السفر الذي لا يكون مشتغلا فيه فلاحظ.

(1) اذ لا مقتضي للتمام في زمان رجوعه الي أهله و قس عليه بقية كلامه.

(2) الظاهر ان الامر كما أفاده فان الميزان الصدق العرفي.

(3) لصدق الموضوع في زمان الاشتغال و كون المتيقن غيره لا يوجب رفع اليد عن الاطلاق اضف الي ذلك أن جملة من العناوين المذكورة في النصوص كالاشتقان و الجابي بناء علي أن عمل الاشتقان مختص بزمان معين و كذلك الجابي لاحظ حديثي زرارة و اسماعيل «2» و التفريق بين المذكورين و التاجر بأنه فرق

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 500

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 505

فيقصر في سفره اذا اتفق له السفر (1).

[مسألة 417: الحملدارية الذين يسافرون إلي مكة في أيام الحج في كل سنة و يقيمون في بلادهم بقية ايام السنة]

(مسألة 417): الحملدارية الذين يسافرون الي مكة في أيام الحج في كل سنة و يقيمون في بلادهم بقية ايام السنة يشكل جريان حكم من عمله السفر عليهم فالاحوط لزوما لهم الجمع بين القصر و التمام بل لا يبعد وجوب القصر عليهم فيما اذا كان زمان سفرهم قليلا كما هو الغالب في من يسافر جوا في عصرنا الحاضر (2).

______________________________

بين عمل من طبعه الاختصاص بوقت دون التجارة و نحوها التي لا وقت معين لها تحكم.

(1) بتقريب: انه لا يصدق عليه العنوان المأخوذ في دليل وجوب التمام و فيه تأمل.

(2) بتقريب: عدم صدق العنوان عليهم علي نحو يكون السفر عملا لهم و استدل علي المدعي بما رواه محمد بن جزك قال: كتبت الي أبي الحسن الثالث

عليه السلام ان لي جمالا و لي قوام عليها و لست اخرج فيها الا في طريق مكة لرغبتي في الحج أو في الندرة الي بعض المواضع فما يجب علي اذا أنا خرجت معهم أن اعمل أ يجب علي التقصير في الصلاة و الصيام في السفر أو التمام؟ فوقع عليه السلام:

اذا كنت لا تلزمها و لا تخرج معها في كل سفر الا الي مكة فعليك تقصير و افطار «1».

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان مقتضي حديث زرارة ان السفر اذا كان شغلا بنحو المزاولة يكفي تحقق الموضوع و ترتب الحكم عليه و لو كان هذا السفر في كل سنة مرة واحدة.

و يستفاد من حديث هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المكاري

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 506

[مسألة 418: الظاهر أن عملية السفر تتوقف علي العزم علي المزاولة مرة بعد أخري]

(مسألة 418): الظاهر ان عملية السفر تتوقف علي العزم علي المزاولة مرة بعد اخري علي نحو لا تكون له فترة غير معتادة لمن يتخذ ذلك السفر عملا له فسفر بعض كسبة النجف الي بغداد أو غيرها لبيع الاجناس التجارية أو شرائها و الرجوع الي البلد ثم السفر ثانيا و ربما يتفق ذلك لهم في الاسبوع مرة أو في الشهر مرة كل ذلك لا يوجب كون السفر عملا لهم لان الفترة المذكورة غير معتادة في مثل السفر من النجف الي كربلاء أو بغداد اذا اتخذ عملا و مهنة و تختلف

______________________________

و الجمال الذي يختلف و ليس له مقام يتم الصلاة و يصوم شهر رمضان «1».

انه يشترط في تحقق الموضوع عنوان عدم المقام لكن لا يمكن الالتزام بكون الحكم مدار صدق هذا العنوان اذ يلزم عدم ترتب الحكم حتي

بالنسبة الي من يكون شغله في كل سنة ستة أشهر و هو كما تري.

اضف الي ذلك ان المستفاد من حديث زرارة «2» ان الميزان صدق كون السفر عملا للمسافر و هذه الرواية حاكمة علي بقية النصوص.

و أما رواية محمد بن جزك فالمستفاد منها ان السائل يسأل عن حكمه في سفر الحج بعنوان الرغبة فيه و لا يكون خروجه الي الحج بعنوان العمل اذ المفروض ان له قواما و جمالا فهو حاله كحال من يكون له سيارة و سائق و سائقه ينقل المسافرين و يسفرهم و في بعض الاحيان صاحب السيارة يسافر معه فانه من الظاهر انه يجب عليه التقصير لعدم موجب للتمام كما هو ظاهر. فتحصل ان الميزان صدق العنوان و لا مدخلية للكثرة و القلة فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب صلاة المسافر الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 500

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 507

الفترة طولا و قصرا باختلاف أنحاء السفر من حيث قرب المقصد و بعده فان الفترة المعتادة في بعيد المقصد أطول منها في قريبه فالذي يكري سيارته في كل شهر مرة من النجف الي خراسان ربما يصدق أنه عمله السفر و الذي يكري سيارته في كل ليلة جمعة من النجف الي كربلاء لا يصدق ان عمله السفر فذلك الاختلاف ناشئ من اختلاف أنواع السفر و المدار العزم علي توالي السفر من دون فترة معتد بها و يحصل ذلك فيما اذا كان عازما علي السفر في كل يوم و الرجوع الي أهله أو يحضر يوما و يتأخر يوما أو يحضر يومين و يسافر يومين أو يحضر ثلاثة ايام و يسافر ثلاثة أيام سفرا واحدا أو يحضر أربعة أيام و يسافر ثلاثة و اذا كان

يحضر خمسة و يسافر يومين كالخميس و الجمعة فالاحوط له لزوما الجمع بين القصر و التمام (1).

[مسألة 419: إذا لم يتخذ السفر عملا و حرفة و لكن كان له غرض في تكرار السفر بلا فترة]

(مسألة 419): اذا لم يتخذ السفر عملا و حرفة و لكن كان له غرض في تكرار السفر بلا فترة مثل أن يسافر كل يوم من البلد للتنزه

______________________________

(1) الميزان في ترتب الحكم صدق العنوان المأخوذ في الموضوع فان قلنا بأنه يلزم أن يصدق عليه العنوان علي الاطلاق يشكل بالنسبة الي من يكون شغله السفر ستة أشهر في كل سنة و ان قلنا بأنه يكفي الصدق و لو بالنسبة الي الزمان الخاص فلا بد من الالتزام به علي الاطلاق ثم انه لاعتبار بقصد المزاولة في صدق عنوان الموضوع و الا يلزم عدم ترتب الحكم علي من يكون شغله السفر في طول السنة بلا قصد المزاولة فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 508

أو لعلاج مرض أو لزيارة امام أو نحو ذلك مما لا يكون فيه السفر عملا له و لا مقدمة لعمله يجب فيه القصر (1).

[مسألة 420: إذا أقام المكاري في بلده عشرة أيام وجب عليه القصر في السفرة الأولي دون الثانية]

(مسألة 420): اذا أقام المكاري في بلده عشرة أيام وجب عليه القصر في السفرة الاولي دون الثانية فضلا عن الثالثة و كذا اذا أقام في غير بلده عشرة منوية (2) و أما غير المكاري ففي الحاقه بالمكاري

______________________________

(1) الوجه فيما أفاده عدم صدق ان شغله السفر و هذا العنوان لا بد من صدقه كي يترتب عليه حكمه.

(2) هذا هو المشهور بين القوم و نقل عن بعض الاساطين نفي الخلاف فيه و ربما يستدل عليه بما رواه هشام «1» بتقريب ان المراد بالمقام المذكور في الخبر اقامة عشرة ايام اما لانصراف هذا اللفظ بما له من المعني الي الاقامة عشرة ايام أو للإجماع علي عدم وجوب القصر في الاقل من هذا المقدار من الاقامة أو لان البناء علي اطلاقه يوجب التقصير لكل مكار اذ ما

من مكار إلا و له اقامة و لو في بعض يوم.

و فيه: ان هذه الترديدات لا يقتضي ظهور الخبر في المدعي مضافا الي أنه من المحتمل قويا ان لم يكن اللفظ ظاهرا فيه ان المراد بالمقام من يكون مستقرا في محله و لا يكون بلا استقرار لكثرة الاختلاف و السفر فلا يرتبط بالمقام.

و في الرواية احتمال آخر أيضا و هو ان المكاري و الجمال لهما خصوصية في قبال بقية المسافرين و هي ان المسافر انما يتم فيما اذا يقصد اقامة عشرة ايام و اما المكاري فهو يتم حتي مع عدم الاقامة فلاحظ.

و استدل بما أرسله يونس بن عبد الرحمن عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

______________________________

(1) لاحظ ص: 505

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 509

اشكال (1)

[السادس: أن لا يكون ممن بيته معه كأهل البوادي من العرب و العجم الذين لا مسكن لهم معين من الارض]
اشارة

السادس: أن لا يكون ممن بيته معه كاهل البوادي من العرب و العجم الذين لا مسكن لهم معين من الارض بل يتبعون العشب و الماء أينما كانا و معهم بيوتهم فان هؤلاء يتمون صلاتهم و تكون

______________________________

سألته عن حد المكاري الذي يصوم و يتم قال: ايما مكار أقام في منزله أو في البلد الذي يدخل أقل من مقام عشرة أيام وجب عليه الصيام و التمام ابدا و ان كان مقامه في منزله أو في البلد الذي يدخله أكثر من عشرة ايام فعليه التقصير و الافطار «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال مضافا الي كون ابن مرار في السند و هو لم يوثق اضف الي ذلك ان مفاد الرواية ينافي مدعي القوم فان الشرط المأخوذ فيها الاقامة أكثر من عشرة ايام.

و استدل علي المدعي بما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المكاري اذا لم يستقر في منزله

الا خمسة أيام او أقل قصر في سفره بالنهار و أتم صلاة الليل و عليه صيام شهر رمضان فان كان له مقام في البلد الذي يذهب اليه عشرة أيام أو أكثر و ينصرف الي منزله و يكون له مقام عشرة أيام أو أكثر قصر في سفره و أفطر «2».

و الظاهر ان هذه الرواية تامة سندا لصحة اسناد الصدوق الي ابن سنان و لكن من حيث الدلالة لا تنطبق علي المدعي فان المستفاد من الخبر ان الشرط مركب من اقامة عشرة أيام في البلد الذي يذهب اليه و اقامة عشرة أيام في منزله عند الانصراف فلاحظ فلو ثبت المدعي باجماع تعبدي و الا فيشكل الجزم بالحكم بهذه التقريبات.

(1) لعدم الدليل عليه و اختصاصه به.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 510

بيوتهم بمنزلة الوطن (1) نعم اذا سافر أحدهم من بيته لمقصد آخر

______________________________

(1) نقل عدم الخلاف في وجوب التمام علي من يكون بيته معه و يدل عليه بعض النصوص لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألته عن الملاحين و الاعراب هل عليهم تقصير؟ قال: لا، بيوتهم معهم «1».

و هذه الرواية صريحة الدلالة علي عدم التقصير في حق من يكون بيته معه لكنها ضعيفة سندا بمحمد بن عيسي.

و مثله من جهة تمامية الدلالة و ضعف السند ما أرسله سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الاعراب لا يقصرون و ذلك ان منازلهم معهم «2».

و لا يخفي انه لا يستفاد من الحديثين عدم صدق المسافر علي من يكون بيته معه بل الامر بالعكس فانه حيث يصدق عليه المسافر لكن ليس له مستقر يسأل

الراوي الامام عليه السلام بأن مثله أيضا يقصر أم لا؟ و لو لم يصدق عليه عنوان المسافر لم يكن وجه للسؤال بل كان مقتضي القاعدة الاولية التمام.

نعم لا بأس أن يستدل عليه بما رواه هشام ابن الحكم «3» فان المستفاد من هذه الرواية ان الذي ليس له مقام و مستقر يتم و لا يقصر لاحظ قوله عليه السلام:

«الذي يختلف و ليس له مقام» فان المستفاد من هذه الجملة ان العلة للحكم تحقق هذا العنوان و هذا العنوان متحقق.

بل لا بأس بأن يستدل عليه بما رواه زرارة «4» فان المستفاد من التعليل ان من يكون شغله شغلا سفريا يتم و لا يقصر و ما نحن فيه كذلك.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 505

(4) لاحظ ص: 500

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 511

كحج أو زيارة أو لشراء ما يحتاج من قوت أو حيوان أو نحو ذلك قصر (1) و كذا اذا خرج لاختيار المنزل أو موضع العشب و الماء اما

______________________________

و يدل عليه ما رواه اسماعيل بن أبي زياد «1» فان قوله عليه السلام: «و البدوي الذي يطلب مواضع القطر» الي آخره ينطبق علي ما نحن فيه فلاحظ و الظاهر ان سند الرواية تام فانها رويت بطرق مختلفه منها: ما رواه الصدوق باسناده الي اسماعيل و سنده اليه معتبر.

(1) نقل عن بعض دعوي الاجماع عليه و يستفاد من التعليل الوارد في رواية ابن عمار و كذلك مرسلة سليمان ان الحكم دائر مدار كون بيتهم معهم و مع عدم تحقق العلة يقصر.

لكن قلنا ان الحديثين ضعيفان و لنا أن نقول: ان البدوي الذي يطلب موضع القطر قد عد في رواية

اسماعيل «2» في عداد التاجر الذي يدور في تجارته و غيره من ذوي الحرف التي تتحقق في السفر و قد مر أن من يكون شغله السفر يتم في السفر الذي يكون شغلا له لا في غيره و لا يبعد أن يقال: ان العرف يفهم من الرواية ان الحكم بالتمام في ذلك السفر الخاص لهذه العلة و بعبارة اخري قد علل في خبر زرارة «3» وجوب التمام بكون السفر عملا لهم.

و لا يبعد أن يقال: ان المستفاد من النص ان وجوب التمام حكم للسفر الخاص للعلة المذكورة فيبقي غيره علي طبق القاعدة الاولية فيجب فيه القصر.

و الانصاف ان المناسبة الواقعة بين الحكم و الموضوع تقتضي ذلك فان الحكم بالقصر للإرفاق و الارفاق بالنسبة الي من يكون السفر له أمرا عارضيا خارجا عن

______________________________

(1) لاحظ ص: 500

(2) لاحظ ص: 500

(3) لاحظ ص: 500

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 512

اذا سافر لهذه الغايات و معه بيته أتم (1).

[مسألة 421: السائح في الأرض الذي لم يتخذ وطنا منها يتم]

(مسألة 421): السائح في الارض الذي لم يتخذ وطنا منها يتم (2) و كذا اذا كان له وطن و خرج معرضا عنه و لم يتخذ وطنا آخر

______________________________

مهنته و مثل المذكورين حالهم في السفر و الحضر علي حد سواء فلاحظ.

(1) و قد استشكل سيد العروة قدس سره في هذا المقام و منشأ الاشكال انه ليس بيته معه فيقصر و من جانب آخر يكون سفره لإصلاح بيته فكأنه بيته معه و لكن قد مر ان الحديث ضعيف.

و لكن مقتضي التعليل الوارد في ذلك الحديث الذي ذكرنا أن يقصر في المقام اذ المفروض ان هذا السفر ليس عملا له الا أن يقال: بأنه من متعلقات عمله فلا بد فيه من التمام فالحق ما ذهب اليه

سيد العروة من لزوم الاحتياط.

(2) يمكن الاستدلال علي المدعي بوجهين: احدهما: انه من مصاديق من بيته معه فيدل علي وجوب التمام في حقه حديث اسحاق بن عمار «1» و مثله مرسل سليمان «2» و لكن قد مر منا ان الاشكال في السند.

ثانيهما: انه يقتضي وجوب التمام بالنسبة اليه ما دل علي وجوب التمام بالنسبة الي من يكون شغله السفر لاحظ ما رواه زرارة «3» فانه يصدق عليه ان عمله السفر.

و ربما يقال: بأنه لا يصدق علي مثله المسافر اذ المسافر من يكون له حضر و الذي فرض لا يكون له حضر.

و فيه انه لا اشكال في صدق المسافر علي مثله و لا يشترط في صدق هذا العنوان

______________________________

(1) لاحظ ص: 510

(2) لاحظ ص: 510

(3) لاحظ ص: 500

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 513

اذا لم يكن بانيا علي اتخاذ الوطن و الا وجب عليه القصر (1).

[السابع: أن يصل الي حد الترخص]
اشارة

السابع: أن يصل الي حد الترخص (2) و هو المكان الذي يتواري فيه المسافر عن أهل البيوت و علامة ذلك انه لا يري أهل بلده أو المكان الذي يخفي فيه صوت الاذان بحيث لا يسمع و يكفي احدهما مع الجهل بحصول الاخر أما مع العلم بعدم الاخر فالاحوط الجمع

______________________________

تحقق الحضر و بعبارة اخري: التقابل بين عنواني الحاضر و المسافر تقابل التضاد اللذين لا ثالث لهما.

(1) أما في صورة ارادة أخذ وطن غيره فيجب عليه القصر بلا اشكال اذ المفروض انه مسافر و يجب علي المسافر التقصير و لم يعنون باحد العناوين المأخوذة في النصوص لوجوب التمام و أما في صورة العزم علي عدم الاتخاذ فيترتب عليه حكم السائح أو غيره من تلك العناوين فيجب التمام.

(2) هذا هو المشهور بين القوم بل ادعي

عليه الاجماع و عن الصدوق: انه يكفي فيه الخروج عن المنزل و يمكن الاستدلال عليه بما ارسله قال: روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا خرجت من منزلك فقصر الي أن تعود اليه «1».

و لا اعتبار بالمرسل.

و يمكن الاستدلال عليه بما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن موسي عليه السلام في الرجل يسافر في شهر رمضان أ يفطر في منزله؟ قال: اذا حدث نفسه في الليل بالسفر أفطر اذا خرج من منزله و ان لم يحدث نفسه من الليلة ثم بدا له في السفر من يومه أتم صومه «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 514

بين القصر و التمام (1) و لا يلحق محل الاقامة و المكان الذي بقي فيه

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال.

مضافا الي أنه يمكن تقييدهما بما يدل علي توقف التقصير علي الوصول الي حد الترخص و أما مرسل حماد «1» فلا اعتبار به للإرسال مضافا الي انه يمكن رفع اليد عنه بغيره كما مر.

(1) الاقوال المنقولة عن الاعلام مختلفة و العمدة النصوص الواردة في المقام و الاختلاف بينها منشأ الاختلاف في الفتوي و تحقيق المقام يتوقف علي بيان مقدمة و هي انه لا اشكال في أن خفاء الاذان و الجدران ليست لهما موضوعية بحيث لو فرض عدمهما ينتفي التحديد.

و بعبارة اخري: لا اشكال في أن الموضوع للحكم المقدار الخاص من البعد و يكون خفاء أحد الامرين امارة علي الموضوع لا أنه بنفسه يكون ملاكا للحكم.

اذا عرفت ذلك نقول: لا يمكن الالتزام بكفاية احد الامرين

في مقام التحديد ان كان بين الحدين عموم مطلقا فان التخيير بين الاقل و الاكثر غير معقول و تواري الشخص عن البيوت كما في حديث ابن مسلم «2» حمل في كلام القوم علي تواري البيوت عن عين الرائي و بين الامرين بون بعيد.

و الذي يخطر بالبال ان حديث ابن مسلم جعل المعيار خفاء الشخص عن البيوت لإخفاء البيوت عنه كما فهمه المشهور و بينهما فرق واضح فانه لا يبعد أن تواري الانسان من البيوت أي من أهلها يحصل بمقدار من البعد الذي يخفي عليه الاذان غالبا فهما اعني تواري الشخص عن البيوت و خفاء الاذان انما جعل كل واحد امارة لبعد خاص.

______________________________

(1) لاحظ ص: 468

(2) لاحظ ص: 467

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 515

______________________________

ان قلت: انما جعل هذه الامارة للمسافر و كيف يعلم بتواريه عن أهل البيوت قلت: بين الامرين تلازم فانه اذا تواري عن أهلها فالاهل أيضا يتوارون عنه بالملازمة

فالنتيجة: الاخذ بكلتا الامارتين و الاكتفاء باحد الامرين في مقام ترتيب الحكم و مقتضي الصناعة رفع اليد عن ظهور كل واحدة من الشرطيتين و تخصيصها بالاخري و النتيجة كفاية أحد الامرين في مقام استكشاف الحد بل لا ترفع اليد عن الظهور فان المستفاد من كل من الدليلين ان وجود كل واحد من الامرين امارة علي تحقق الموضوع و عدمه امارة علي عدم تحققه فمع انتفائهما يتم كما أنه علي تقدير اجتماعهما يقصر و أما مع الاختلاف بأن يتحقق أحدهما دون الاخر كما لو وصل الي حد لا يسمع الاذان و لكن لا يتحقق التواري فمقتضي التعارض بين الامارتين تساقطهما و الرجوع الي أصل آخر و الظاهر أن المرجع في مثله وجوب القصر اذ قد ثبت ان

المسافر يقصر.

و أما لو تحقق أحدهما و شك في الاخر فأفاد سيد المستمسك قدس سره: ان الاصل عدم تحقق المعارض.

و يرد عليه: ان المعارض انتفاء الاخر لا وجوده و من الظاهر ان انتفاء الاخر موافق مع اصالة عدمه ففي صورة الشك أيضا يتحقق التعارض و الرجوع الي وجوب القصر فيصح أن يقال: ان تحقق احد الامرين يكفي للقصر لكن بهذا التقريب الذي ذكرنا فالنتيجة وجوب الاتمام مع انتفاء الامارتين و وجوب القصر في الصور الثلاث الباقية فلاحظ.

و يمكن أن يقال: بأن مفهوم كل واحدة من الشرطيتين يقيد بمنطوق الاخر فالنتيجة ان تحقق احد الامرين يكفي و لو مع العلم بعدم تحقق الاخر.

و مما ذكرنا يظهر ما في التفصيل المذكور في المتن من الاشكال و انه لا وجه

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 516

ثلاثين يوما مترددا بالوطن فيقصر فيهما المسافر صلاته بمجرد شروعه في السفر (1) و ان كان الاحوط فيهما استحبابا الجمع بين القصر و التمام فيما بين البلد و حد الترخص (2).

[مسألة 422: المدار في السماع علي المتعارف من حيث إذن السامع و الصوت المسموع و موانع السمع و الخارج عن المتعارف يرجع اليه]

(مسألة 422): المدار في السماع علي المتعارف من حيث اذن السامع و الصوت المسموع و موانع السمع و الخارج عن المتعارف يرجع اليه و كذلك الحال في الرؤية (3).

[مسألة 423: كما لا يجوز التقصير فيما بين البلد الي حد الترخص في ابتداء السفر كذلك لا يجوز التقصير عند الرجوع]

(مسألة 423): كما لا يجوز التقصير فيما بين البلد الي حد الترخص في ابتداء السفر كذلك لا يجوز التقصير عند الرجوع الي

______________________________

للتفصيل فلاحظ.

(1) فان الظاهر من رواية ابن سنان «1» انه حكم المتوطن باعتبار قوله:

«و اذا قدمت من سفرك فمثل ذلك» و أما حديث ابن مسلم «2» فالظاهر منه ان السؤال عمن يريد السفر و ليس مسافرا و المقيم عشرة أيام مسافر بلا اشكال.

و ان شئت قلت: ان الحديث مجمل أو منصرف الي ارادة السفر بعد الحضر.

و أما قوله عليه السلام في حديث اسحاق عن أبي الحسن عليه السلام «و المقيم بمكة الي شهر بمنزلتهم» «3» لا يستفاد منه التنزيل علي الاطلاق بل ظاهر في التنزيل باعتبار وجوب التمام.

(2) فانه طريق النجاة و لا ينبغي تركه بالنسبة الي الصلاة التي هي عمود الدين.

(3) فان التعارف و المعتاد يقتضي ما ذكر و لعله ظاهر في المقام و في غيره من

______________________________

(1) لاحظ ص: 467

(2) لاحظ ص: 467

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 517

البلد فانه اذا تجاوز حد الترخص الي البلد وجب عليه التمام (1).

______________________________

المقدرات.

(1) النصوص الواردة في المقام متعارضة لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان «1» و مثله ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سمع الاذان أتم المسافر «2».

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي وجوب القصر قبل الوصول الي المنزل لاحظ ما رواه حماد «3» و ما رواه معاوية

بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أهل مكة اذا زاروا البيت و دخلوا منازلهم ثم رجعوا الي مني أتموا الصلاة و ان لم يدخلوا منازلهم قصروا «4». و ما رواه أيضا «5».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان أهل مكة اذا خرجوا حجاجا قصروا و اذا زاروا و رجعوا الي منزلهم أتموا «6».

و ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون مسافرا ثم يدخل و يقدم و يدخل بيوت الكوفة أيتم الصلاة أم يكون مقصرا حتي يدخل أهله؟ قال: بل يكون مقصرا حتي يدخل أهله «7».

و ما رواه العيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يزال المسافر

______________________________

(1) لاحظ ص: 467

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 7

(3) لاحظ ص: 468

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 4

(5) لاحظ ص: 456

(6) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 8

(7) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 518

[مسألة 424: إذا شك في الوصول إلي الحد بني علي عدمه]

(مسألة 424): اذا شك في الوصول الي الحد بني علي عدمه فيبقي علي التمام في الذهاب و علي القصر في الاياب (1).

[مسألة 425: يعتبر كون الأذان في آخر البلد في ناحية المسافر إذا كان البلد كبيرا]

(مسألة 425): يعتبر كون الاذان في آخر البلد في ناحية المسافر اذا كان البلد كبيرا (2) كما أنه يعتبر كون الاذان علي مرتفع

______________________________

مقصرا حتي يدخل بيته «1».

و ما رواه الصدوق قال: روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا خرجت من منزلك فقصر الي أن تعود اليه «2».

و ربما يقال: بأن الطائفة الثانية لاعراض القدماء عنها موهونة و فيه أن عدم العمل بالخبر الصحيح لا يسقطه عن الاعتبار فلا بد من علاج التعارض.

و لا يبعد أن يكون الترجيح مع الطائفة الثانية فانها موافقة مع اطلاق الكتاب فان المسافر ما لم يدخل منزله يكون مسافرا.

و لنا أن نقول: انه يمكن الجمع بين الطائفتين بالجمع الدلالي العرفي بتقريب: ان حديث ابن سنان يقتضي وجوب التمام بالنسبة الي القادم من السفر اذا وصل الي حد الترخص و تلك الطائفة تقتضي القصر بالاطلاق و من المقرر في محله تقييد المطلق بالمقيد فلا تعارض في البين لكن الانصاف انه لا يمكن الجمع العرفي الدلالي بين الطائفتين.

(1) للاستصحاب و لا يخفي انه انما يتم فيما لا يحصل علم اجمالي بالتكليف و الا يلزم العمل علي طبقه و يسقط الاصل عن الاعتبار كما هو الميزان المقرر عندهم.

(2) اذ لا يمكن ان يكون المعيار فيها كما في البلاد الصغيرة للتفاوت بين المقامين

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 519

معتاد في اذان البلد غير خارج عن المتعارف في العلو (1).

[مسألة 426: إذا اعتقد الوصول إلي الحد فصلي قصرا ثم بان أنه لم يصل بطلت و وجبت الإعادة]

(مسألة 426): اذا اعتقد الوصول الي الحد فصلي قصرا ثم بان أنه لم يصل بطلت و وجبت الاعادة قبل الوصول اليه تماما و بعده قصرا فان لم يعد وجب عليه القضاء و كذا في العود اذا

صلي تماما باعتقاد الوصول فبان عدمه وجبت الاعادة قبل الوصول اليه قصرا و بعده تماما فان لم يعد وجب القضاء (2).

[الفصل الثاني في قواطع السفر]
اشارة

الفصل الثاني في قواطع السفر و هي أمور:

[الأول: الوطن]
اشارة

الاول:

الوطن (3) و المراد به المكان الذي يتخذه الانسان مقرا له علي

______________________________

لكن يشكل ما أفاده من جهة ان الميزان ان كان بآخر البلد من جانب المسافر فما وجه التفصيل لكن يمكن أن يقال: بأن الاحالة الي المتعارف تقتضي ما ذكره فلاحظ.

(1) فان الاحالة الي المتعارف تقتضي ذلك لكن الميزان التعارف في زمان صدور الروايات لا غيره فلا عبرة بسماع الاذان من المكبرات فلا تغفل.

(2) و الوجه في وجوب الاعادة او القضاء انه لا وجه للاجزاء فان اجزاء غير المأمور به عنه علي خلاف القاعدة فيحتاج الي دليل.

و يمكن أن يقال: انه لا وجه للقضاء علي رأي الماتن حيث يري ان وجوب القضاء مترتب علي الفوت و الفوت أمر وجودي مشكوك فيه و أما علي القول بأنه عدمي- كما هو مختارنا فلا اشكال.

الا أن يقال: ان المفروض انه عمل علي خلاف الوظيفة و مقتضي القاعدة وجوب القضاء فلا وجه للإشكال علي الماتن.

(3) قال في المستمسك في هذا المقام «بلا خلاف و لا اشكال فيه في الجملة بل

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 520

الدوام لو خلي و نفسه بحيث اذا لم يعرض ما يقتضي الخروج منه لم يخرج (1).

______________________________

لعله من الضروريات» الي آخر كلامه.

و الوجه فيه ان عنوان السفر بالمرور بالوطن يوجب خروج المكلف عن العنوان الموضوع للحكم فان المأخوذ في عنوان دليل وجوب القصر اذا كان الغيبوبة عن الوطن فلا اشكال في انعدام العنوان بالمرور عليه.

و علي الجملة ان وجوب القصر حكم مترتب علي عنوان المسافر و المرور علي الوطن يقطع هذا العنوان فكونه قاطعا للسفر موضوعا أمر علي طبق القاعدة الاولية بلا احتياج الي دليل يدل عليه.

نعم قد

دلت جملة من النصوص علي وجوب القصر علي من دخل وطنه قبل دخوله منزله و بعبارة اخري تدل تلك النصوص علي وجوب القصر قبل دخول القادم من السفر منزله و قد تقدم الكلام في الجمع بين تلك النصوص مع ما يعارضها «1» كما أنه تقدم ما هو مقتضي القاعدة فراجع.

(1) بلا اشكال لصدق الوطن عليه الذي هو موضوع وجوب التمام في جملة من النصوص لاحظ ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن الاول عليه السلام أنه قال: كل منزل من منازلك لا تستوطنه فعليك فيه التقصير «2».

و ما رواه اسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسافر من أرض الي أرض و انما ينزل قراه وضيعته قال: اذا نزلت قراك و أرضك فأتم الصلاة و اذا كنت في غير ارضك فقصر «3».

______________________________

(1) لاحظ النصوص و الجمع بينها و بين ما يعارضها في ص: 518

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 521

______________________________

و ما رواه علي بن يقطين قال: قلت لأبي الحسن الاول عليه السلام: الرجل يتخذ المنزل فيمر به أيتم أم يقصر؟ قال: كل منزل لا تستوطنه فليس لك بمنزل و ليس لك أن تتم فيه «1».

و ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسافر فيمر بالمنزل له في الطريق يتم الصلاة أم يقصر؟ قال: يقصر انما هو المنزل الذي توطنه «2» و ما رواه اسحاق بن عمار «3».

و ما رواه اسماعيل بن جابر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: يدخل علي وقت الصلاة و أنا في السفر فلا اصلي حتي ادخل

أهلي فقال: صل و أتم الصلاة قلت: فدخل علي وقت الصلاة و أنا في أهلي اريد السفر فلا اصلي حتي اخرج فقال: فصل و قصر فان لم تفعل فقد خالفت و اللّه رسول اللّه «4».

و ما رواه العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدخل عليه وقت الصلاة في السفر ثم يدخل بيته قبل أن يصليها قال: يصليها أربعا و قال:

لا يزال يقصر حتي يدخل بيته «5».

و ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام (عن أبي عبد اللّه عليه السلام) في الرجل يقدم من الغيبة فيدخل عليه وقت الصلاة فقال: ان كان لا يخاف أن يخرج الوقت فليدخل و ليتم و ان كان يخاف أن يخرج الوقت قبل أن يدخل فليصل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) لاحظ ص: 516

(4) الوسائل الباب 21 من ابواب صلاة المسافر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 522

سواء كان مسقط رأسه أو استجده (1) و لا يعتبر فيه أن يكون له فيه ملك (2) و لا أن يكون قد أقام فيه ستة أشهر (3).

[مسألة 427: يجوز أن يكون للإنسان وطنان]

(مسألة 427): يجوز أن يكون للإنسان وطنان بأن يكون له منزلان في مكانين كل واحد منهما علي الوصف المتقدم فيقيم في كل

______________________________

و ليقصر «1».

و ما رواه منصور بن حازم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اذا كان في سفر فدخل عليه وقت الصلاة قبل أن يدخل أهله فسار حتي يدخل أهله فان شاء قصر و ان شاء أتم و الاتمام احب إلي «2».

و ملخص الكلام انه لا اشكال في وجوب التمام في مفروض الكلام من حيث النصوص و لا يخفي

ان صدق الوطن عرفا لا يتوقف علي القصد و لذا يصدق علي مسقط الرأس انه وطن الشخص ما لم يعرض و لو مع غفلته و ذهوله عن قصد التوطن و عدمه فلاحظ.

(1) للإطلاق المقتضي لتسرية الحكم.

(2) بلا خلاف كما عن بعض الاعلام و الاطلاق الوارد في النصوص يقتضيه.

(3) لتحقق الصدق بدونها و ما عن سيد المدارك من الاشتراط بتقريب: ان الوطن الشرعي اذا تحقق مع هذا الشرط فهو شرط في الوطن العرفي بالاولوية، لا يرجع الي محصل فانه لا مجال للأولوية اذا الصدق العرفي لا يتوقف علي الامر المذكور فيصدق الموضوع العرفي مع عدم ذلك الشرط و لا يلزم الشرط المذكور كما هو واضح و ان كان أحوط.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 523

سنة بعضا منها في هذا و بعضها الاخر في الاخر و كذا يجوز أن يكون له أكثر من وطنين (1).

[مسألة 428: الظاهر أنه لا يكفي في ترتيب أحكام الوطن مجرد نية التوطن]

(مسألة 428): الظاهر انه لا يكفي في ترتيب أحكام الوطن مجرد نية التوطن بل لا بد من الاقامة بمقدار يصدق معها عرفا أن البلد وطنه (2).

[مسألة 429: الظاهر جريان أحكام الوطن علي الوطن الشرعي]

(مسألة 429): الظاهر جريان أحكام الوطن علي الوطن الشرعي و هو المكان الذي يملك فيه الانسان منزلا قد استوطنه ستة أشهر بأن أقام فيها ستة أشهر عن قصد و نية فيتم الصلاة فيه كلما دخله (3).

______________________________

(1) للصدق العرفي فما دام صدق عنوان الوطن و ان الشخص الفلاني ما دام في المكان الكذائي لا يكون مسافرا يترتب عليه حكم الوطن من وجوب التمام.

(2) يمكن أن يقال: انه لا يشترط في تحقق الموضوع الاقامة المذكورة و عن الجواهر تقوية عدم الاشتراط و عن بغية الطالب للشيخ الاكبر كفاية مجرد النية بلا اشتراط هذا الشرط و مقتضي الاحتياط ان يجمع بين التمام و القصر في تلك المدة و لا يمكن الاكتفاء بالقصر بلا اشكال علي القول بتنجز العلم الإجمالي.

(3) الوطن الشرعي قبال الوطن العرفي و الدليل عليه حديث محمد بن اسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرجل يقصر في ضيعته فقال:

لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيام الا أن يكون له فيها منزل يستوطنه فقلت: ما الاستيطان؟

فقال: أن يكون فيها منزل يقيم فيه سنة أشهر فاذا كان كذلك يتم فيها متي دخلها قال: و أخبرني محمد بن اسماعيل أنه صلي في ضيعته فقصر في صلاته قال احمد:

اخبرني علي بن اسحاق بن سعد و احمد بن محمد جميعا أن ضيعته التي قصر

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 524

______________________________

فيها الحمراء «1».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

مباني منهاج الصالحين؛ ج 5، ص: 524

و سيد المستمسك قدس سره قد استشكل في فتوي المشهور و في استفادة المدعي من حديث ابن بزيع و غيره و ما أفاده في مقام الاشكال عدة امور:

منها: ان المذكور في حديث ابن بزيع و غيره لفظ المضارع فلا يناسب الوطن الشرعي الذي اشترط فيه مضي البقاء و السكونة ستة أشهر.

و فيه: اولا ان المذكور في الحديثين الاخرين لفظ الماضي و ثانيا: ان العرف يفهم من لفظ المضارع ما يفهمه من لفظ الماضي

و بعبارة اخري: يفهم ان موضوع الحكم هو التحقق الخارجي لا بنحو الشرط المتأخر مثلا لو قال المولي: المستطيع يجب عليه الحج يفهم منه العرف ان المكلف اذا استطاع وجب عليه الحج لا من يستطيع في المستقبل.

و منها: انه لو كان المراد الوطن الشرعي يلزم الاغراء اذ هذا المعني لا يفهم من صدر الكلام بل الدال عليه علي فرض التسليم ذيله بعد سؤال الراوي عنه فقبل السؤال كان كلامه عليه السلام موهما لغير المقصود و هذا لا يجوز بالنسبة اليه.

و فيه: انه عليه السلام عارف بوظيفته و لعل المصلحة اقتضت ان يبين الحكم بهذا النحو و من الممكن انه لو لم يسئل الراوي بينه الامام ابتداء مضافا الي ان الاستيطان العرفي لا يتوقف علي تقسيم السنة الي قسمين بل هذا احد الاقسام.

و منها: ان ابن بزيع أجل من أن يسأل معني الاستيطان. و فيه أن السؤال عن الوطن الشرعي الذي يكون في مقابل الوطن العرفي لا ينافي مقام ابن بزيع كما هو ظاهر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 525

[مسألة 430: يكفي في صدق الوطن قصد التوطن و لو تبعا كما في الزوجة و العبد و الأولاد]

(مسألة 430): يكفي في صدق الوطن قصد التوطن و لو تبعا

كما في الزوجة و العبد و الاولاد (1).

[مسألة 431: إذا حدث له التردد في التوطن في المكان بعد ما أتخذه وطنا اصليا كان أو مستجدا]

(مسألة 431): اذا حدث له التردد في التوطن في المكان بعد ما أتخذه وطنا اصليا كان أو مستجدا ففي بقاء الحكم اشكال و الاظهر البقاء (2).

[مسألة 432: الظاهر أنه يشترط في صدق الوطن قصد التوطن فيه أبدا]
اشارة

(مسألة 432): الظاهر انه يشترط في صدق الوطن قصد التوطن فيه أبدا فلو قصد الاقامة في مكان مدة طويلة و جعله مقرا له- كما هو ديدن المهاجرين الي النجف الاشرف أو غيره من المعاهد العلمية لطلب العلم قاصدين الي أوطانهم بعد قضاء وطرهم- لم يكن

______________________________

مضافا الي أن الامور تدريجية و ابن بزيع كغيره من آحاد الناس غاية الامر انه بالممارسة و الاستفادة من مركز الوحي و الاستعلام من باب العلم يتدرج و بعد مضي مدة يكون جليلا و فاضلا فلا تغفل فالحق ما أفاده في المتن.

و لكن لنا أن نقول: لا يستفاد من حديث ابن بزيع أن تكون الاقامة ستة أشهر عن قصد و عزم بل مقتضي الاطلاق كفاية الاقامة بهذا المقدار بأي نحو كان فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر فانه يصدق الموضوع فيترتب عليه الحكم.

(2) قد مر منا ان الاقرب الي النظر عدم اشتراط مضي مدة في الصدق في المستجد و لكن الذي يختلج بالبال أن يقال في هذه المسألة: ان الوطن الاصلي و كذلك المستجد الذي مضت مدة يشترط في الزوال و عدم الصدق الاعراض و الخروج و لا أثر لمجرد التردد و أما لو تردد في البقاء في المستجد قبل مضي مدة فالظاهر انه يوجب زوال العنوان فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 526

ذلك المكان وطنا له نعم هو بحكم الوطن يتم الصلاة فيه فاذا رجع اليه من سفر الزيارة مثلا اتم و ان لم يعزم علي الاقامة فيه عشرة أيام كما أنه يعتبر في جواز القصر في

السفر منه الي الوطن أن تكون المسافة ثمانية فراسخ امتدادية فلو كان أقلّ وجب التمام و كما ينقطع السفر بالمرور بالوطن ينقطع بالمرور بالمقر (1).

[تنبيه]

تنبيه: اذا كان الانسان وطنه النجف و كان له محل عمل في الكوفة يخرج اليه وقت العمل كل يوم و يرجع ليلا فانه لا يصدق عليه عرفا و هو في محله أنه مسافر فاذا خرج من النجف قاصدا محل العمل و بعد الظهر مثلا يذهب الي بغداد يجب عليه التمام في ذلك المحل و بعد التعدي من حد الترخص منه يقصر و اذا رجع من بغداد الي النجف و وصل الي محل عمله أتم و كذلك الحكم لأهل الكاظمية اذا كان لهم محل عمل في بغداد و خرجوا منها اليه لعملهم ثم السفر الي كربلاء مثلا فانهم يتمون فيه الصلاة ذهابا و ايابا اذ امروا به (2).

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون ما ذكره شرطا للصدق هو الصحيح كما مر لكن ان لم يصدق عليه عنوان المسافر يجب عليه التمام فلا يتوقف وجوب التمام علي قصد التوطن كما أن الشخص بمروره بذلك المكان يخرج عن عنوان المسافر كما في المتن.

(2) هذا من فروع المسألة المتقدمة و ملخص الكلام انه لو لم يصدق عنوان المسافر علي الشخص كما هو المفروض في كلام الماتن لا يترتب عليه وجوب القصر فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 527

[الثاني: العزم علي الإقامة عشرة أيام متوالية]
اشارة

الثاني: العزم علي الاقامة عشرة ايام (1) متوالية (2).

______________________________

(1) اما كون قصد العشرة قاطعا للسفر فقد تقدم وجهه في شروط القصر و الكلام في أن الاقامة قاطعة للحكم أو الموضوع فراجع و أما وجوب التمام بالاقامة فهو من ضروريات الفقه و تدل عليه جملة من النصوص: منها: ما رواه علي بن جعفر «1».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت: لأبي عبد اللّه عليه السلام:

الرجل يكون له الضياع بعضها قريب من

بعض يخرج فيقيم فيها يتم أو يقصر؟ قال:

يتم «2».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: اذا قدمت أرضا و انت تريد أن تقيم بها عشرة أيام فصم و أتم و ان كنت تريد أن تقيم أقل من عشرة أيام فافطر ما بينك و بين شهر فاذا تم (بلغ) الشهر فأتم الصلاة و الصيام و ان قلت ارتحل غدوة «3».

و منها: ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول اذا أتيت بلدة فأجمعت المقام عشرة أيام فأتم الصلاة الحديث «4» الي غيرها من النصوص المذكورة في الوسائل في الباب 15 من أبواب صلاة المسافر.

(2) لظهور النصوص في اشتراط التوالي كما في نظائر المقام من أيام الحيض و غيره و العرف ببابك فان التحديد بالزمان قابل للتقييد بالتوالي مثلا لو امر المولي عبده بجلوس ساعة في المكان الفلاني يفهم العرف منه انه يجب الجلوس ساعة متوالية الآنات فلاحظ نعم ربما يقال: بأن الخروج من محل الاقامة الي ما دون المسافة لا ينافي التوالي و سيجي ء الكلام عليه فانتظر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 480

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 528

في مكان واحد (1) أو العلم ببقائه المدة المذكورة فيه (2) و ان لم يكن باختياره (3) و الليالي المتوسطة داخلة (4) بخلاف الاولي و الاخيرة (5) و يكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر فاذا نوي الاقامة من زوال أول يوم الي زوال اليوم الحادي عشر وجب التمام (6) و الظاهر ان مبدأ اليوم طلوع الشمس فاذا نوي الاقامة من طلوع الشمس فيكفي

______________________________

(1) و نعترض ان شاء اللّه

تعالي لوجهه عند تعرض الماتن في ضمن الشروط فانتظر.

(2) بلا اشكال و يدل عليه من النصوص ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: أ رأيت من قدم بلدة الي متي ينبغي له أن يكون مقصرا؟ و متي ينبغي أن يتم؟ فقال: اذا دخلت أرضا فأيقنت ان لك بهما مقام عشرة أيام فاتم الصلاة و ان لم تدر ما مقامك بها تقول: غدا اخرج أو بعد غد فقصر ما بينك و بين أن يمضي شهر فاذا تم لك شهر فأتم الصلاة و ان أردت أن تخرج من ساعتك «1».

فان مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين البقاء بهذا المقدار عن اختيار و قصد و بقائه جبرا و اكراها.

(3) قد ظهر وجهه.

(4) بلا اشكال أما لو قلنا: بأنه يفهم من اليوم هو و ليلته فظاهر و أما مع عدمه فلاشتراط التوالي و الاستمرار.

(5) لخروجهما عن مفهوم اليوم و لا دليل علي التبيعة.

(6) بادعاء ان المفهوم من اليوم الساعات النهارية لا خصوص ما بين طلوع الفجر و غروب الشمس.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 529

في وجوب التمام نيتها الي غروب اليوم العاشر (1).

[مسألة 433: يشترط وحدة محل الإقامة]

(مسألة 433): يشترط وحدة محل الاقامة فاذا قصد الاقامة عشرة أيام في النجف الاشرف و مسجد الكوفة مثلا بقي علي القصر (2).

______________________________

و عن المدارك: ان الاظهر عدم الكفاية و عن النهاية و التذكرة الاشكال.

و الانصاف ان في النفس شيئا و لا ينبغي ترك الاحتياط و لو وصلت النوبة الي الشك كان مقتضي الصناعة وجوب القصر فيشمله دليل وجوب القصر علي المسافر من الكتاب و السنة اذ بعد اجمال المراد من اليوم يكون المورد من موارد

دوران امر المخصص بين الاقل و الاكثر فيؤخذ باطلاق الدليل الفوقاني.

(1) بل الظاهر ان مبدأه طلوع الفجر فان اليوم من أول الفجر.

(2) لظهور النصوص في الاقامة في محل واحد و مع تعدد محل الاقامة لا يصدق المفهوم الذي اخذ في موضوع الادلة و ربما يستفاد خلاف المدعي من رواية عبد الرحمن «1».

و تقريب الاشكال ظاهر و هو ان المذكور في الرواية الاقامة في الضياع فيكفي الاقامة و لو في أمكنة متعددة.

و فيه اولا: ان المذكور في بعض النسخ «يطوف» بدل «يقيم» فلا ربط بين المستفاد من هذه الرواية و المدعي في المقام.

و ثانيا: انه يمكن أن يكون من باب عدم صدق المسافر عليه من جهة انه فرض ان الضياع له و ثالثا: ان غاية ما في الباب وقوع التعارض بين هذه الرواية و بقية النصوص و الترجيح في خلاف هذه الرواية لان الدال علي القصر موافق للكتاب بعد فرض صدق السفر و الضرب في الارض فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 527

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 530

نعم لا يشترط قصد عدم الخروج عن سور البلد بل اذا قصد الخروج الي ما يتعلق بالبلد من الامكنة مثل بساتينه و مزارعه و مقبرته و مائه و نحو ذلك من الامكنة التي يتعارف وصول اهل البلد اليها من جهة كونهم أهل ذلك البلد لم يقدح في صدق الاقامة فيها نعم يشكل الخروج الي حد الترخص فضلا عما زاد عليه الي ما دون المسافة كما اذا قصد الاقامة في النجف الاشرف مع قصد الخروج الي مسجد الكوفة أو السهلة فالاحوط الجمع حينئذ مع الامكان و ان كان الاظهر جواز الاقتصار علي التمام و عدم منافاة الخروج المذكور للإقامة اذا كان زمان الخروج

قليلا (1).

______________________________

اضف الي ذلك ان المدعي في المقام عدم الخلاف بين القوم في وجوب القصر مع صدق السفر. ثم انه لا يخفي ان المدار علي الصدق العرفي فكلما صدق الاقامة في محل واحد عشرة ايام بترتب عليه الحكم بالتمام و الا فلا و مع الشك في الصدق يكون دليل وجوب القصر علي المسافر محكما.

(1) المستفاد من نصوص الاقامة عشرا بحسب المتفاهم العرفي أن يقصد المقيم الحضور في محل الاقامة هذا المقدار من الزمان و عليه قصد الخروج و لو بمقدار يسير كساعة مثلا ينافي قصد الاقامة و عدم الخروج و الحضور في محل الاقامة و لا فرق في هذه الجهة بين المسافة و ما دونها و كذلك لا فرق فيها بين الخروج الي ما دون حد الترخص و غيره.

و أما ادعاء ان المستفاد من الادلة ان المراد من المقام محل حط الرحل و صدق هذا المعني لا ينافي الخروج عن سور البلد بل لا ينافيه الخروج الي

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 531

______________________________

ما دون المسافة فهو خلاف المتفاهم العرفي من الادلة.

و صفوة القول في المقام: ان المستفاد من النصوص الاقامة في محل واحد هذا المقدار مستمرا فينا فيه الخروج و لو الي ما دون حد الترخص بمقدار يسير كساعة مثلا و التسامح العرفي لا يعتد به كما هو ظاهر و لو وصلت النوبة الي الشك كان المرجع اطلاق دليل القصر فلا تغفل.

و يظهر مما ذكرنا ان الخروج الي ما يتعلق بالبلد كالبساتين يضر بصدق الموضوع فتأمل، و في المقام روايات ربما يستفاد منها خلاف ظاهر نصوص الاقامة و خلاف ما قويناه من منافاة قصد الخروج مع نية الاقامة.

منها: ما رواه الحضيني قال: استأمرت ابا جعفر في

الاتمام و التقصير قال:

اذا دخلت الحرمين فانو عشرة ايام و أتم الصلاة قلت: اني اقدم مكة قبل التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة (أيام) قال: انو مقام عشرة أيام و أتم الصلاة «1».

و تقريب الاستدلال بالرواية ان المستفاد منها ان المكلف حين قصد الاقامة ناو للخروج الي عرفات و مع ذلك حكم بالاتمام.

و فيه: اولا ان الخبر ضعيف سندا و عدم عمل الاصحاب به في مورد الرواية اذ عرفات مسافة و لم يقل احد بأن الخروج الي المسافة لا ينافي مضافا الي أن لازم هذا الاستدلال ان الخروج بهذا المقدار من الزمان لا ينافي.

و منها: ما رواه زرارة «2» و تقريب الاستدلال بالرواية علي المدعي انه عليه السلام حكم بوجوب التمام علي من قدم قبل التروية بعشرة أيام و لو مع قصد الخروج في الاثناء و ان حاله حال أهل مكة ثم قال: «فاذا خرج الي مني وجب

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 15

(2) لاحظ ص: 478

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 532

[مسألة 434: إذا قصد الإقامة إلي ورود المسافرين أو انقضاء الحاجة أو نحو ذلك وجب القصر]

(مسألة 434): اذا قصد الاقامة الي ورود المسافرين او انقضاء الحاجة أو نحو ذلك وجب القصر و ان اتفق حصوله بعد عشرة ايام (1).

______________________________

عليه التقصير» فيعلم ان السفر الي عرفات يوجب التقصير و مع ذلك لا ينافي قصد الاقامة و لا يبطله و لذا يجب عليه الاتمام عند رجوعه الي مكة فلا بد من الالتزام بأن هذا المقدار من المسافة لا يوجب وجوب القصر بنحو التعين و علي تقدير تعينه لا بد من فرض اقامة جديدة بعد العود.

و يرد علي هذا الاستدلال اولا: انه لم يفرض في الرواية نية الخروج الي عرفات من أول الامر بل المقصود ان بعد تحقق

قصد الاقامة لو اتفق الخروج لم يكن مضرا و هذا فرع آخر لا يرتبط بالمقام.

و ثانيا: ان حمل الرواية علي صورة تحقق قصد اقامة جديدة بعد الرجوع لا دليل عليه. و ثالثا: انه مع فرض انهدام قصد الاقامة بالخروج الي المسافة كما يستفاد من الرواية كيف يمكن اثبات المدعي بها فان المستفاد منها ان قصد الخروج الي عرفات من أول الامر ان كان منافيا لقصد الاقامة فكيف يكون الخروج هادما للقصد بحيث يحتاج الي اقامة جديدة و ان لم يكن منافيا فكيف يحتاج الي قصد اقامة جديدة.

فالمقصود من الرواية- و اللّه العالم- ان من قدم قبل التروية بعشرة أيام يتم و هو بمنزلة أهل مكة حيث ان الذي يقدم مكة قبل التروية بحسب الغالب يبقي في مكة فيكون موضوعا لوجوب التمام فاذا خرج الي عرفات يقصر لتحقق موضوعه و بعد رجوعه الي مكة يتم لتجديد قصد الاقامة و اللّه العالم. و مما ذكرنا يظهر الاشكال في جملة من موارد كلام الماتن.

(1) يشترط في تحقق الاقامة احد الامرين: احدهما: العزم علي البقاء كما في

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 533

و اذا نوي الاقامة الي يوم الجمعة الثانية مثلا و كان عشرة أيام كفي في صدق الاقامة و وجوب التمام و كذا في كل مقام يكون فيه الزمان محدودا بحد معلوم و ان لم يعلم انه يبلغ عشرة أيام لتردد زمان النية بين سابق و لا حق (1) و أما اذا كان التردد لأجل الجهل بالاخر كما اذا نوي المسافر الاقامة من اليوم الواحد و العشرين الي آخر الشهر و تردد الشهر بين الناقص و التمام وجب فيه القصر و ان انكشف كمال الشهر بعد ذلك (2).

[مسألة 435: تجوز الإقامة في البرية]

(مسألة

435): تجوز الاقامة في البرية و حينئذ يجب أن ينوي عدم الوصول الي ما لا يعتاد الوصول اليه من الامكنة البعيدة الا اذا كان زمان الخروج قليلا كما تقدم (3).

[مسألة 436: إذا عدل المقيم عشرة أيام عن قصد الإقامة]

(مسألة 436): اذا عدل المقيم عشرة أيام عن قصد الاقامة فان كان قد صلي فريضة تماما بقي علي الاتمام الي أن يسافر و الا رجع الي قصر سواء لم يصل أصلا أم صلي مثل الصبح و المغرب أو شرع

______________________________

حديث ابن جعفر «1» ثانيهما: العلم بالبقاء عشره أيام كما في رواية زرارة «2» و المفروض عدم تحقق الموضوع فلاحظ.

(1) لتحقق الموضوع فانه يصدق عليه العزم علي المقام عشرة أيام.

(2) لعدم تحقق الموضوع اذ لا يعزم علي اقامة العشرة كما أنه لا يعلم بها.

(3) قد مر الاشكال في الخروج فراجع.

______________________________

(1) لاحظ ص: 480

(2) لاحظ ص: 428

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 534

في الرباعية و لم يتمها و لو كان في ركوع الثالثة او فعل ما لا يجوز فعله للمسافر من النوافل و الصوم أو لم يفعل (1).

______________________________

(1) لرواية أبي ولاد الحناط قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اني كنت نويت حين دخلت المدينة أن اقيم بها عشرة أيام و اتم الصلاة ثم بدا لي بعد أن لا اقيم بها فما تري لي اتم أم اقصر؟.

قال: ان كنت دخلت المدينة و حين صليت بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك أن تقصر حتي تخرج منها و ان كنت حين دخلتها علي نيتك التمام فلم تصل فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتي بدا لك أن لا نقيم فأنت في تلك الحال بالخيار ان شئت فانو المقام عشرا و أتم و ان لم تنو المقام عشرا فقصر ما بينك و

بين شهر فاذا مضي لك شهر فأتم الصلاة «1».

مضافا الي اطلاق دليل التمام بعد التعيين و العزم و لا مجال لمعارضة خبر حمزة ابن عبد اللّه الجعفري قال: لما أن نفرت من مني نويت المقام بمكة فأتممت الصلاة حتي جاءني خبر من المنزل فلم اجد بدا من المصير الي المنزل و لم ادر ا تم أم اقصر و أبو الحسن عليه السلام يومئذ بمكة فأتيته فقصصت عليه القصة قال: ارجع الي التقصير «2» فانه ضعيف سندا.

فلو لم يصل أو صلي غير الرباعية فلا اشكال في انهدام القصر و الرجوع الي القصر و احتمال كفاية الاتيان بمطلق الفريضة و لو كانت غير رباعية احتمال خلاف ظاهر رواية أبي ولاد و لا وجه لانصراف الرواية عن هذه الصورة.

ثم انه لو أتي بنافلة من النوافل التي لا يجوز فعلها للمسافر كنافلة الظهر لم يترتب عليه الحكم فان المستفاد من النص خلافه و الحاقه بفريضة تامة اجتهاد قبال

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 535

______________________________

النص و ادعاء ان ذكر الصلاة الفريضة مبني علي الغالب و المراد الاتيان بما هو وظيفة الحاضر لا دليل عليه بل الظاهر من النص خلافه.

و يمكن أن يقال: انه لو عدل عن العزم الاول لم يكن الموضوع باقيا و بعبارة اخري: بقاء الحكم دائر مدار بقاء الموضوع و المفروض ان الموضوع غير باق بالعدول فلاحظ.

ثم انه لو تردد في البقاء بعد العزم و لم يصل رباعية و لم يعزم علي الخلاف فما الوظيفة و المنشأ للإشكال ان المستفاد من حديث أبي ولاد صورة البداء و العزم علي الخلاف و أما صورة التردد فلا يشمله

الحديث فلقائل أن يقول: ان مقتضي الادلة وجوب التمام لكن الظاهر من النصوص خلافه فان الظاهر منها أن لا يرجع عن عزمه.

و بعبارة اخري: الموضوع لوجوب التمام العزم علي الاقامة و بالتردد في البقاء ينقلب الموضوع و ان ابيت عن هذا الظهور فلا أقل من الاجمال و المرجع دليل وجوب القصر علي المسافر و لا مجال لاستصحاب وجوب التمام.

اذ فيه اولا مع وجود دليل اللفظي لا تصل النوبة الي الاصل العملي. و ثانيا: ان الاستصحاب لا يجري في الحكم الكلي. و ثالثا: اصل وجوب التمام قبل الاتيان بصلاة تامة رباعية محل الاشكال فلاحظ.

مضافا الي أنه لنا أن نقول: بأن المدعي يستفاد من حديث أبي ولاد فان قوله عليه السلام «فان لم تنو المقام فقصر الي ما بينك و بين شهر» يدل علي أن نفس التردد يوجب وجوب القصر.

ثم انه لو اتي بالرباعية و دخل في الركعة الثالثة فهل يكون ملحقا بالصلاة التامة افتي الماتن بعدم الالحاق و الوجه فيه ان الظاهر من الرواية ان الميزان في

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 536

______________________________

وجوب التمام بعد العدول اتمام الصلاة التامة و المفروض انه لم يتحقق.

و حكي عن بعض الاجلة: الاكتفاء بالدخول في الرباعية و ان لم يدخل في ركوع الثالثة و قيل في وجهه: ان المستفاد من رواية أبي ولاد ما يعم الشروع في الرباعية. و فيه: انه خلاف ظاهر الدليل. و قيل في وجهه أيضا: ان الدليل منصرف عن هذه الصورة فالمرجع اطلاق دليل التمام علي المقيم أو استصحاب وجوبه

و فيه: اولا لا وجه للانصراف كما هو ظاهر فان المستفاد من الرواية ان الموضوع لوجوب التمام الاتيان بالصلاة تامة رباعية و المفروض عدم تحققه.

و ثانيا: انه مع

الانصراف يكون المرجع وجوب القصر علي المسافر و لا وجه للأخذ بدليل وجوب التمام.

و أما استصحاب وجوب التمام ففيه: اولا مع وجود الدليل لا تصل النوبة الي الاصل. و ثانيا: ان الاستصحاب لا يجري في الحكم الكلي. و ثالثا: لا مجري للأصل الا بعد وجوب التمام و يمكن أن يتصور العدول قبل تحقق الوجوب كما لو قصد الاقامة قبل الظهر و عدل أيضا قبله و غفل عن عدوله فالنتيجة: ان الدخول في ركوع الثالثة لا اثر له فكيف بمجرد الشروع في الصلاة التامة.

و ألحق العلامة قدس سره: الاكتفاء بالدخول في ركوع الركعة الثالثة بدعوي:

ان العدول الي القصر بعد الدخول في الركوع الثالث لا يمكن فيلزم ابطال الصلاة و ابطالها حرام. و فيه: انها بعد العدول تنبطل فليس ابطالا.

و ربما يقال: بأن المستفاد من الرواية التخيير بين القصر و التمام و بعد الدخول في ركوع الركعة الثالثة لا مجال للعدول الي القصر فلا موضوع للتخيير.

و فيه: انه يمكنه الاتيان بالقصر برفع اليد عما في يده و الاتيان به و ان شئت قلت: بعد العدول ما بيده ينبطل بنفسه فله الخيار بين الامرين.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 537

[مسألة 437: إذا صلي بعد نية الإقامة فريضة تماما نسيانا أو لشرف البقعة كفي في البقاء علي التمام]

(مسألة 437): اذا صلي بعد نية الاقامة فريضة تماما نسيانا أو لشرف البقعة كفي في البقاء علي التمام (1) و لكن اذا فاتته الصلاة بعد نية الاقامة فقضاها خارج الوقت تماما ثم عدل عنها رجع الي القصر (2).

[مسألة 438: إذا تمت مدة الإقامة لم يحتج في البقاء علي التمام إلي إقامة جديدة]

(مسألة 438): اذا تمت مدة الاقامة لم يحتج في البقاء علي التمام الي اقامة جديدة بل يبقي علي التمام الي أن يسافر و ان لم يصل في مدة الاقامة فريضة تماما (3).

[مسألة 439: لا يشترط في تحقق الإقامة كونه مكلفا]

(مسألة 439): لا يشترط في تحقق الاقامة كونه مكلفا فلو نوي الاقامة و هو غير بالغ ثم بلغ في أثناء العشرة وجب عليه التمام في بقية الايام و قبل البلوغ يصلي تماما و اذا نواها و هو مجنون و كان تحقق القصد منه ممكنا أو نواها حال الافاقة ثم جن يصلي تماما بعد

______________________________

(1) الظاهر كفاية الاتيان بالصلاة التامة في ترتب الحكم و لو مع النسيان لإطلاق الدليل و الانصراف الي صورة التذكر علي فرض تسليمه بدوي يزول بالتأمل و قس عليه ما اذا صلي لشرف البقعة.

(2) لعدم تحقق الموضوع علي الفرض فلاحظ.

(3) أما مع الاتيان بصلاة تامة فتدل علي المطلوب رواية أبي ولاد فان مقتضي اطلاقها ان الحكم هو التمام الي أن يخرج و أما مع عدم الاتيان فيكفي للمدعي دليل وجوب التمام علي المقيم لاحظ احاديث: ابن جعفر و ابن الحجاج و ابي بصير و ابن حازم «1».

______________________________

(1) لاحظ ص: 480 و 527

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 538

الافاقة في بقية العشرة (1) و كذا اذا كانت حائضا حال النية فانها تصلي ما بقي بعد الطهر من العشرة تماما بل اذا كانت حائضا تمام العشرة يجب عليها التمام ما لم تنشئ سفرا (2).

[مسألة 440: إذا صلي تماما ثم عدل لكن تبين بطلان صلاته رجع إلي القصر]

(مسألة 440): اذا صلي تماما ثم عدل لكن تبين بطلان صلاته رجع الي القصر (3) و اذا صلي الظهر قصرا ثم نوي الاقامة فصلي العصر ثم تبين له بطلان إحدي الصلاتين فانه يرجع الي القصر و يرتفع حكم الاقامة (4) و اذا صلي بنية التمام و بعد السلام شك في أنه سلم علي الاربع أو الاثنتين أو الثلاث كفي في البقاء علي حكم التمام اذا عدل

______________________________

(1) فان مقتضي الاطلاق عدم الفرق انما

الاشكال من ناحية ان عمد الصبي و خطاه واحد «1» و لكن حيث ان وظيفة الصبي مثل وظيفة البالغ في عباداته فيقصر اذا كان مسافرا مع شرائطه و يتم كذلك.

مضافا الي أن القصد علي الاقامة عشرا لا ينفك عن العلم بالبقاء و العلم بنفسه موضوع لوجوب التمام فلاحظ.

و قس عليه المجنون فانه مع تحقق القصد منه يتحقق موضوع وجوب التمام و الجنون العارض لا يكون مبطلا للقصد كالتردد فعلي فرض قدحه في تحقق القصد لا يكون قادحا في القصد الذي تحقق حال الافاقة كالنوم و النسيان.

(2) و الوجه فيه ما تقدم فان الموضوع متحقق علي الفرض.

(3) و الوجه فيه ظاهر فان الصلاة الباطلة كالعدم في عدم ترتب الاثر الشرعي عليها.

(4) لأصالة عدم الاتيان بالرباعية بعد القصر فيجب القصر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب العاقلة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 539

عن الاقامة بعد الصلاة (1) و كذا يكفي في البقاء علي حكم التمام اذا عدل عن الاقامة بعد السلام الواجب و قبل فعل المستحب منه أو قبل الاتيان بسجود السهو (2) و لا يترك الاحتياط فيما اذا عدل بعد السلام و قبل قضاء السجدة المنسية (3).

[مسألة 441: إذا استقرت الإقامة و لو بالصلاة تماما فبدا للمقيم الخروج إلي ما دون المسافة]

(مسألة 441): اذا استقرت الاقامة و لو بالصلاة تماما فبدا للمقيم الخروج الي ما دون المسافة فان كان ناويا للإقامة في المقصد أو في محل الاقامة أو في غيرهما بقي علي التمام حتي يسافر من محل الاقامة الثانية (4) و ان كان ناويا الرجوع الي محل الاقامة و السفر منه

______________________________

(1) فان مقتضي اصالة الصحة الجارية في الصلاة تحقق الاربعة الموضوعة لوجوب التمام اذ من قصد الاقامة يكون وظيفته التمام ما دام لم يعدل عن قصده أضف الي ذلك ان

النص الخاص يدل علي المدعي لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1».

(2) كما هو ظاهر لتمامية الموضوع.

(3) قال في العروة: «و كذا لو كان قبل الاتيان بقضاء الاجزاء المنسية» و الظاهر انه لا يمكن المساعدة عليه فان المستفاد من دليل قضاء الجزء المنسي كما ذكرنا في محله ان المنسي جزء من الصلاة و لذا يضر بالصحة تخلل المنافي بينه و بين الصلاة فبدون قضاء الجزء المنسي لا يتم الصلاة و معه لا يتحقق موضوع التمام فالاحتياط المذكور في المتن في محله ان لم نقل بأنه أظهر و اللّه العالم.

(4) لتمامية موضوع وجوب التمام علي أي تقدير فان الواجب في حق المقيم وجوب التمام.

______________________________

(1) لاحظ ص: 348

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 540

قبل العشرة اتم في الذهاب و المقصد (1) و أما في الاياب و محل الاقامة فالاحوط الجمع بين القصر و التمام فيهما (2) و ان كان الاظهر جواز الاقتصار علي التمام حتي يسافر من محل الاقامة (3) نعم اذا كان ناويا السفر من مقصده و كان رجوعه الي محل اقامته من جهة وقوعه في طريقه قصر في ايابه و محل اقامته أيضا (4).

[مسألة 442: إذا دخل في الصلاة بنية القصر فنوي الإقامة في الأثناء أكملها تماما]

(مسألة 442): اذا دخل في الصلاة بنية القصر فنوي الاقامة في الاثناء اكملها تماما (5) و اذا نوي الاقامة فشرع في الصلاة بنية التمام فعدل في الاثناء فان كان قبل الدخول في ركوع الثالثة اتمها

______________________________

(1) اذ المفروض انه قصد الاقامة و لم يتحقق الخروج الشرعي فيجب التمام.

(2) لا يبعد أن يكون الوجه في الاحتياط احتمال كون مبدأ السفر المقصد فيكون الاياب و محل الاقامة اثناء السفر فيجب القصر.

(3) ما أفاده تام اذ المفروض ان محل الاقامة موضوع وجوب التمام الي أن يخرج

خروجا شرعيا و المفروض عدم تحققه.

(4) بتقريب: ان الاياب و محل الاقامة أثناء الطريق فيجب القصر. و فيه ان المستفاد من حديث أبي ولاد ان المكلف بعد قصد الاقامة يجب عليه التمام الي أن يخرج عن محل الاقامة خروجا شرعيا و يسافر و المفروض انه لم يحصل هذا العنوان بعد فيجب التمام الي أن يخرج عن محل الاقامة فلاحظ.

(5) نقل عليه عدم الخلاف بل ادعي عليه الاجماع و ما افيد مقتضي القاعدة الاولية اذ المفروض انه قصد الفريضة المفروضة و وظيفته حين الشروع القصر و بعد قصد الاقامة وظيفته التمام.

مضافا الي النص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه علي بن يقطن أنه

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 541

قصرا (1) و ان كان بعده بطلت (2).

[مسألة 443: إذا عدل عن نية الإقامة و شك في أن عدوله كان بعد الصلاة تماما]

(مسألة 443) اذا عدل عن نية الاقامة و شك في أن عدوله كان بعد الصلاة تماما بني علي العدم (3).

[مسألة 444: إذا عزم الإقامة فنوي الصوم و عدل بعد الزوال قبل أن يصلي تماما بقي علي صومه و أجزأ]

(مسألة 444): اذا عزم الاقامة فنوي الصوم و عدل بعد الزوال قبل أن يصلي تماما بقي علي صومه و أجزأ (4) و أما الصلاة فيجب

______________________________

سأل أبا الحسن الاول عليه السلام عن الرجل يخرج في السفر ثم يبدو له في الاقامة و هو في الصلاة قال: يتم اذا بدت له الاقامة «1».

و ما رواه سهل قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يخرج في سفر تبدو له الاقامة و هو في صلاته أيتم أم يقصر؟ قال: يتم اذا بدت له الاقامة «2».

(1) فانه علي القاعدة أيضا اذ قد مر ان الدخول في الرباعية لا يكفي في وجوب التمام و مخالف لرواية أبي ولاد.

(2) لزيادة الركن.

(3) اذ العدول وجداني و الاتيان بصلاة تامة رباعية مورد الشك و يدفع بالاصل فيجب القصر و لا مجال لاستصحاب وجوب التمام اذ اصالة عدم الاتيان بالرباعية و تحقق العدول وجدانا لا تبقي مجالا لأصالة وجوب التمام.

مضافا الي أن الاستصحاب لا يجري في الحكم الكلي أضف الي ذلك ان الاستصحاب المذكور لا يجري في جميع موارد الشك الا علي النحو التعليقي الذي لا نقول به.

(4) اذ المفروض ان العدول لا يكون كاشفا عن فساد الاقامة فالصوم تحقق

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 542

فيها القصر كما سبق (1).

[الثالث: أن يقيم في مكان واحد ثلاثين يوما من دون عزم علي الإقامة عشرة أيام]
اشارة

الثالث: أن يقيم في مكان واحد ثلاثين يوما من دون عزم علي الاقامة عشرة أيام (2) سواء عزم علي اقامة تسعة أو أقلّ أم بقي مترددا

______________________________

صحيحا و العدول بعد الزوال بمنزلة السفر بعده و المفروض ان السفر بعد الزوال لا يفسد الصوم.

لاحظ حديث محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال: اذا سافر الرجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار فعليه صيام ذلك اليوم و يعتد به من شهر رمضان الحديث «1».

فان اطلاقه يشمل المقام و أما استصحاب وجوب الصوم فيرد عليه أولا: انه استصحاب في الحكم الكلي و ثانيا: المرجع عند الشك دليل وجوب الافطار علي المسافر. و ثالثا: وجوبه قبل الزوال في مفروض الكلام محل الاشكال و الكلام.

(1) كما هو ظاهر.

(2) نقل عليه عدم الخلاف و نقل عن البغدادي: انه وافق القوم في الاتمام في محل التردد و أما كونه قاطعا بحيث يحتاج في ترتب القصر الي مسافرة جديدة فلا بتقريب: ان الشخص مسافر و حكمه القصر غاية الامر قد دل الدليل علي التمام ما دام في محل التردد.

و العمدة النصوص الواردة في المقام و الانصاف انه يستفاد من النصوص ما هو المشهور بين القوم لاحظ ما رواه أبو ولاد «2» و ما رواه زرارة «3» و ما

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 534

(3) لاحظ ص: 428

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 543

فانه يجب عليه القصر الي نهاية الثلاثين (1) و بعدها يجب عليه التمام الي أن يسافر سفرا جديدا (2).

[مسألة 445: المتردد في الأمكنة المتعددة يقصر و إن بلغت المدة ثلاثين يوما]

(مسألة 445): المتردد في الامكنة المتعددة يقصر و ان بلغت المدة ثلاثين يوما (3).

______________________________

رواه اسحاق بن عمار «1».

و ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا عزم الرجل أن يقيم عشرا فعليه اتمام الصلاة و ان كان في شك لا يدري ما يقيم فيقول: اليوم أو غد فليقصر ما بينه و بين شهر فان أقام بذلك البلد أكثر من شهر فليتم الصلاة «2».

و ما روي عن أبي جعفر عليه السلام

قال: اذا دخلت البلدة فقلت: اليوم أخرج أو غدا أخرج فاستتممت شهرا فأتم «3».

الي غيرها من الروايات الواردة في الباب 15 من أبواب صلاة المسافر من الوسائل فانه لا اشكال في أن المستفاد من بعض هذه النصوص ان التردد الي شهر يوجب كون المتردد بعد مضي شهر بمنزلة أهل ذلك المحل فان قوله عليه السلام:

في حديث اسحاق بن عمار، يقتضي عموم المنزلة بل يمكن أن يقال: ان التسوية بين الاقامة عشرا و البقاء مترددا يفهم منه بالفهم العرفي انهما سيان في كونهما قاطعا للسفر كما عليه المشهور فتأمل.

(1) للإطلاق.

(2) قد ظهر وجه ما أفاده مما تقدم فلاحظ.

(3) لان الظاهر من النصوص ترتب الحكم علي من يكون في محل واحد مترددا

______________________________

(1) لاحظ ص: 480

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 13

(3) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 544

[مسألة 446: إذا خرج المقيم المتردد إلي ما دون المسافة]

(مسألة 446): اذا خرج المقيم المتردد الي ما دون المسافة جري عليه حكم المقيم عشرة أيام اذا خرج اليه فيجري فيه ما ذكرناه فيه (1).

[مسألة 447: إذا تردد في مكان تسعة و عشرين يوما ثم انتقل إلي مكان آخر و أقام فيه مترددا تسعة و عشرين يوما و هكذا]

(مسألة 447): اذا تردد في مكان تسعة و عشرين يوما ثم انتقل الي مكان آخر و أقام فيه مترددا تسعة و عشرين يوما و هكذا بقي علي القصر في الجميع الي أن ينوي الاقامة في مكان واحد عشرة أيام أو يبقي في مكان واحد ثلاثين يوما مترددا (2).

[مسألة 448: يكفي تلفيق المنكسر من يوم آخر هنا]

(مسألة 448): يكفي تلفيق المنكسر من يوم آخر هنا كما تقدم في الاقامة (3).

[مسألة 449: في كفاية الشهر الهلالي إشكال بل الأظهر العدم اذا نقص عن الثلاثين يوما]

(مسألة 449): في كفاية الشهر الهلالي اشكال بل الاظهر العدم اذا نقص عن الثلاثين يوما (4).

______________________________

فلا يترتب علي المتردد في الأمكنة المتعددة فلاحظ.

(1) بتقريب: ان البقاء الي شهر مترددا قاطع للموضوع و يكون الحكم كما ذكره في المتن نعم علي القول بكونه قاطعا للحكم تكون الوظيفة القصر بعد الخروج عن محل التردد لكونه مسافرا.

(2) لعدم دليل علي التمام و مقتضي أدلة القصر وجوبه.

(3) للفهم العرفي فانه يفهم عرفا عدم الفرق بين التلفيق و غيره و قد مر الاشكال في اقامة عشرة أيام و قلنا: انه لا ينبغي ترك الاحتياط فراجع.

(4) الوارد في أكثر النصوص لفظ الشهر و الموجود في رواية أبي أيوب لفظ ثلاثين قال: سأل محمد بن مسلم أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا اسمع عن

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 545

[الفصل الثالث: في أحكام المسافر]
اشارة

الفصل الثالث: في أحكام المسافر.

[مسألة 450: تسقط النوافل النهارية في السفر]

(مسألة 450): تسقط النوافل النهارية في السفر (1).

______________________________

المسافر إن حدث نفسه باقامة عشرة أيام فليتم الصلاة فان لم يدر ما يقيم يوما أو اكثر فليعد ثلاثين يوما ثم يتم و ان كان أقام يوما أو صلاة واحدة فقال محمد بن مسلم:

بلغني انك قلت خمسا فقال: قد قلت ذلك قال أبو أيوب: فقلت أنا: جعلت فداك يكون أقل من خمسة أيام قال: لا «1».

فيمكن أن يقال: ان المراد بالشهر اذا كان بين هلالين يتحقق الموضوع اذ الشهر علي الفرض المذكور ربما يتحقق في ضمن تسعة و عشرين و لا ينافي بين ما دل عليه و ما دل علي أن الموضوع ثلاثون يوما فان المثبتين لا تنافي بينهما فالنتيجة:

ان الحكم مترتب علي كلا الموضوعين.

و أفاد سيد المستمسك قدس سره: انه لا يمكن الالتزام به اذ لازمه اختصاص الحكم في نصوص الشهر بصورة وقوع التردد في أول آنات الشهر و لا تعرض للتردد الواقع في الان الثاني من اليوم الاول فضلا عن التردد الواقع في اليوم الثاني و هذا مما لا يمكن الالتزام به.

و الانصاف ان العرف يفهم من لفظ الشهر مقداره و حيث ان مقدار الشهر يختلف و لا يمكن الاخذ بالاطلاق اذ يدور الامر بين الاقل و الاكثر يحمل علي ثلاثين يوما بقرينة رواية أبي أيوب مضافا الي ان غيره محل الشك و مقتضي وجوب القصر علي المسافر أن يقصر فلاحظ.

(1) ادعي عليه الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الصلاة تطوعا في السفر

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص:

546

______________________________

قال: لا تصل قبل الركعتين و لا بعدهما شيئا نهارا «1».

و منها: ما رواه حذيفة بن منصور عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام انهما قالا: الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شي ء «2» و منها:

ما رواه عبد اللّه بن سنان «3».

و منها: ما رواه أبو يحيي الحناط قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صلاة النافلة بالنهار في السفر فقال: يا بني لو صلحت النافلة في السفر تمت الفريضة «4».

و منها: ما رواه صفوان بن يحيي قال: سألت الرضا عليه السلام عن التطوع بالنهار و أنا في السفر فقال: لا و لكن تقضي صلاة الليل بالنهار و أنت في سفر الحديث «5».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شي ء الا المغرب فان بعدها أربع ركعات لا تدعهن في سفر و لا حضر و ليس عليك قضاء صلاة النهار و صل صلاة الليل و اقضه «6».

و منها: ما رواه رجاء بن أبي ضحاك عن الرضا عليه السلام انه كان في السفر يصلي فرائضه ركعتين ركعتين الا المغرب فانه كان يصليها ثلاثا و لا يدع نافلتها و لا يدع صلاة الليل و الشفع و الوتر و ركعتي الفجر في سفر و لا حضر و كان لا يصلي من

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب اعداد الفرائض الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 478

(4) الوسائل الباب 21 من أبواب اعداد الفرائض الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

(6) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 547

و في سقوط الوتيرة اشكال و لا بأس بالاتيان بها

برجاء المطلوبية (1).

و يجب القصر في الفرائض الرباعية بالاقتصار علي الاوليين منها (2) فيما عدا الاماكن الاربعة كما سيأتي (3).

______________________________

نوافل النهار في السفر شيئا «1».

(1) نقل ان السقوط مشهور فيما بين القوم بل ادعي عليه الاجماع و يقتضيه اطلاق جملة من النصوص لاحظ ما رواه حذيفة بن منصور و ما رواه عبد اللّه بن سنان و ما رواه أبو يحيي و ما رواه أبو بصير و ما رواه رجاء «2».

و عن الشيخ تجويز الاتيان بها و عن الشهيد تقويته و المدرك ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في حديث قال: و انما صارت العتمة مقصورة و ليس تترك ركعتاها (ركعتيها) لان الركعتين ليستا من الخمسين و انما هي زيادة في الخمسين تطوعا ليتم بها بدل كل ركعة من الفريضة ركعتين من التطوع «3».

و اسناد الصدوق الي الفضل ضعيف- علي ما ذكره الحاجياني- و ربما يقال:

ان المستفاد من حديث أبي يحيي «4» عدم جواز التطوع علي الاطلاق في السفر لكن لا يبعد أن يكون الظاهر من الرواية بقرينة بقية الروايات ان السؤال عن خصوص نوافل الظهرين مضافا الي أنه لا اشكال في جواز النوافل المبتدأة في السفر.

(2) كما تقدم فراجع.

(3) فانتظر.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) لاحظ ص: 478 و 546

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب أعداد الفرائض الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 546

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 548

و اذا صلاها تماما فان كان عالما بالحكم بطلت و وجبت الاعادة أو القضاء (1) و ان كان جاهلا بالحكم من أصله بأن لم يعلم وجوب القصر علي المسافر لم يجب الاعادة فضلا عن القضاء (2).

______________________________

(1) بلا اشكال و لا كلام اذ لا وجه للاجزاء مضافا الي

أنه كيف يمكن قصد التقرب الا بنحو التشريع فالصلاة توجد باطلة.

و في المقام رواية عن العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صلي و هو مسافر فأتم الصلاة قال: ان كان في وقت فليعد و ان كان الوقت قد مضي فلا «1»، تدل علي التفصيل بين الوقت و خارجه بأن يعيد في الاول و لا يقضي في الثاني و الظاهر ان هذه الرواية لا تشمل العامد إذ من يتصدي للصلاة لا يأتي بالصلاة الباطلة.

مضافا الي أن التفصيل بين الوقت و خارجه لا يناسب تعمد الخلاف و بعبارة اخري يفهم من الرواية انه ان كشف الخلاف في الوقت يعيد و الا فلا فيشمل الجاهل مطلقا و الناسي بأقسامه فالنتيجة: ان العامد يجب عليه القضاء و الاعادة كما في المتن.

(2) لحديث زرارة و محمد بن مسلم قالا: قلنا لأبي جعفر عليه السلام: رجل صلي في السفر أربعا أ يعيد أم لا؟ قال: ان كان قرأت عليه آية التقصير و فسرت له فصلي أربعا أعاد و ان لم يكن قرأت عليه و لم يعلمها فلا اعادة عليه «2».

و يستفاد من هذا الحديث عدم وجوب الاعادة في الوقت قطعا و عدم وجوب القضاء في خارج الوقت بالاولوية القطعية و بهذا الحديث نخصص رواية العيص حيث تدل علي وجوب الاعادة في الوقت و بعبارة اخري: المتيقن من رواية زرارة و محمد

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 549

و ان كان عالما بأصل الحكم و جاهلا ببعض الخصوصيات الموجبة للقصر مثل انقطاع عملية السفر باقامة عشرة في البلد و مثل ان العاصي في سفره يقصر

اذا رجع الي الطاعة و نحو ذلك أو كان جاهلا بالموضوع بأن لا يعلم ان ما قصده مسافة مثلا فأتم فتبين انه مسافة أو كان ناسيا للسفر أو ناسيا ان حكم المسافر القصر فأتم فان علم أو تذكر في الوقت أعاد و ان علم أو تذكر بعد خروج الوقت فالظاهر عدم وجوب القضاء عليه (1).

______________________________

عدم الاعادة في الوقت.

(1) لاقتضاء التكليف الواقعي ذلك بالنسبة الي الاعادة بل يقتضيه اطلاق حديث عبيد اللّه بن علي الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: صليت الظهر أربع ركعات و أنا في سفر قال: أعد «1». و يقتضيه أيضا حديث العيص بالنسبة الي الاعادة.

و ربما يقال: بأن مقتضي اطلاق الجهل عدم وجوب الاعادة لاحظ حديث زرارة و محمد. و فيه: ان المراد بعدم الجناح المذكور في الاية هو الوجوب لا بقية الخصوصيات و توهم ان المستفاد من الحديث مطلق الجهل لا وجه له.

و لكن الانصاف انه لا يبعد أن يقال: بأن مقتضي قوله عليه السلام «ان قرأت عليه آية التفسير و فسرت له» أن يفسر جميع ما في الاية من خصوصيات الضرب في الأرض و حدوده لا خصوص تفسير «لا جناح» و عليه يشكل الجزم فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 550

______________________________

و أما الاستدلال علي المدعي برواية العيص الواردة في الصوم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من صام في السفر بجهالة لم يقضه «1».

بدعوي عدم الفصل بين الصوم و الصلاة ففيه انه لا يرجع الي محصل فان الاجماع ليس حجة فكيف بعدم الفصل فمع الجهل بأصل الحكم لا تجب عليه الاعادة فكيف بالقضاء هذا بالنسبة الي الاعادة و أما القضاء فلا لرواية العيص فان

حديث زرارة و محمد ظاهره الاعادة في الوقت فلا يشمل خارج الوقت فرواية العيص محكمة و علي تقدير الاغماض عن الظهور في خصوص الوقت فلا اشكال في أن رواية العيص أظهر في عدم الوجوب بالنسبة الي القضاء خارج الوقت فيؤخذ بها.

مضافا الي أنه اذا وصلت النوبة الي التعارض فالترجيح مع رواية العيص لكونها أحدث فلاحظ.

لكن الانصاف: ان الاعادة ليست ظاهرة في خصوص الوجود الثاني في الوقت بل أعم كما يشاهد من موارد استعمالها في الروايات فتأمل.

نعم القدر المتيقن من لفظ الاعادة خصوص الاتيان ثانيا في الوقت فالعمدة تقديم رواية العيص بالاحدثية لكن انما يتم علي القول بالتعارض في العامين من وجه فيما كان عمومهما بالاطلاق و أما علي القول بتساقطهما فيشكل الحكم بالسقوط اذ المرجع بعد التساقط عموم دليل القضاء و بعبارة اخري: الادلة الاولية تقتضي الاعادة في الوقت و خارجه فلاحظ.

هذا كله بالنسبة الي الجهل بالحكم و أما مع الجهل بالموضوع فربما يقال:

بأن عدم الاعادة في حق الجاهل بالموضوع أولي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 551

[مسألة 451: الصوم كالصلاة فيما ذكر]

(مسألة 451): الصوم كالصلاة فيما ذكر فيبطل في السفر مع العلم (1) و يصح مع الجهل سواء كان الجهل بأصل الحكم أو بالخصوصيات أو بالموضوع (2).

______________________________

و فيه: ان الاولوية ممنوعة و قيل: انه مأمور بالامر الظاهري و هو يقتضي الاجزاء. و فيه: ان اجزاء الامر الظاهري خلاف ما حقق في محله و مقتضي القاعدة الاولية وجوب القضاء و أما بحسب النصوص فالتقريب هو التقريب فان مقتضي حديث العيص عدم القضاء و قلنا: انه يقدم علي حديث زرارة و محمد و أما عدم وجوب القضاء علي مسلك الماتن فيمكن

أن يكون من باب أن موضوعه الفوت و هو أمر وجودي شك فيه و اللّه العالم.

و أما صورة النسيان فمضافا الي حديث العيص المقتضي للتفصيل يقتضي التفصيل المذكور حديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل نسي فيصلي في السفر أربع ركعات قال: ان ذكر في ذلك اليوم فليعد و ان لم يذكر حتي يمضي ذلك اليوم فلا اعادة عليه «1».

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية مضافا الي جملة من النصوص منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: ان الصلاة و الزكاة و الحج و الولاية ليس ينفع شي ء مكانها دون أدائها و ان الصوم اذا فاتك أو قصرت أو سافرت فيه أديت مكانه أياما غيرها و جزيت ذلك الذنب بصدقة و لا قضاء عليك «2».

و منها: غيره مما ورد في الباب: 1 من أبواب من يصح منه الصوم من الوسائل.

(2) لا بد أن يبحث في المقام في ثلاثة فروع: الفرع الاول: أن يكون جاهلا

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 552

______________________________

بأصل الحكم و حكمه عدم وجوب القضاء- كما في المتن- و يدل عليه مضافا الي الاجماع المدعي في المقام عدة نصوص.

منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن رجل صام شهر رمضان في السفر فقال: ان كان لم يبلغه ان رسول اللّه عليه و آله نهي عن ذلك فليس عليه القضاء و قد اجزأ عنه الصوم «1».

و منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي قال: قلت

لأبي عبد اللّه عليه السلام:

رجل صام في السفر فقال: ان كان بلغه أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي عن ذلك فعليه القضاء و ان لم يكن بلغه فلا شي ء عليه «2» و منها ما رواه العيص «3».

و منها: ما رواه ليث المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سافر الرجل في شهر رمضان أفطر و ان صامه بجهالة لم يقضه «4».

الفرع الثاني: أن يكون جاهلا بالخصوصيات و الحق كما عليه الماتن انه لا يجب فيه القضاء أيضا لإطلاق النصوص المشار اليها و ما أفاده في المستمسك من أن الظاهر هو الجهل بأصل الحكم لا وجه له و خلاف الاطلاق المنعقد في النصوص.

الفرع الثالث: أن يكون جاهلا بالموضوع فان اطلاق الجهل الوارد في بعض النصوص كخبر العيص و ان كان عدم وجوب القضاء لكن مقضي خبر الحلبي «5» اختصاص الحكم بصورة الجهل بالحكم فيبقي الجهل بالموضوع تحت القاعدة

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 548

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 6

(5) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 553

[مسألة 452: إذا قصر من وظيفته التمام بطلت صلاته في جميع الموارد]

(مسألة 452): اذا قصر من وظيفته التمام بطلت صلاته في جميع الموارد (1) الا في المقيم عشرة أيام اذا قصر جهلا بأن حكمه التمام فان الاظهر فيه الصحة (2).

[مسألة 453: إذا دخل الوقت و هو حاضر و تمكن من الصلاة تماما و لم يصل ثم سافر حتي تجاوز حد الترخص و الوقت باق]

(مسألة 453): اذا دخل الوقت و هو حاضر و تمكن من الصلاة تماما و لم يصل ثم سافر حتي تجاوز حد الترخص و الوقت باق صلي قصرا (3).

______________________________

الاولية و مقتضاها الوجوب كما هو ظاهر و بعبارة اخري: بخبر الحلبي نقيد ما أطلق من الروايات.

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فما دام لم يقم دليل علي الخلاف يحكم عليه بالبطلان و في المقام حديث و هو ما رواه محمد بن اسحاق قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن امرأة كانت معنا في السفر و كانت تصلي المغرب ركعتين ذاهبة و جائية قال: ليس عليها قضاء «1».

و هذا الحديث وارد في خصوص المغرب و ليس مخصوصا بصورة الجهل مضافا الي أنه نقل الاجماع علي خلافه و عن الشيخ و غيره رميه بالشذوذ.

(2) لاحظ حديث منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: اذا أتيت بلدة فأزمعت المقام عشرة أيام فأتم الصلاة فان تركه رجل جاهلا فليس عليه اعادة «2».

(3) ما أفاده الماتن هو المشهور- علي ما في بعض الكلمات- و نقل عن بعض دعوي الاجماع عليه و الاقوال في المقام مختلفة و منشأ الخلاف اختلاف النصوص

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 554

______________________________

فانها علي طوائف: فان طائفة منها تقتضي ما أفاده في المتن.

و بعبارة اخري: يستفاد منها ان الميزان هو حال الاداء لا حال الوجوب لاحظ ما رواه محمد بن مسلم في حديث

قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يريد السفر فيخرج حين تزول الشمس فقال: اذا خرجت فصل ركعتين «1».

و ما رواه اسماعيل بن جابر «2» و ما رواه العيص بن القاسم «3» و ما رواه محمد بن مسلم «4».

و ما رواه الحسن بن علي الوشاء قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: اذا زالت الشمس و أنت في العصر و أنت تريد السفر فأتم فاذا (خرج) خرجت بعد الزوال قصر العصر «5».

و طائفة من النصوص تدل علي أن المدار علي حال الوجوب لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن رجل دخل وقت الصلاة و هو في السفر فأخر الصلاة حتي قدم و هو يريد يصليها اذا قدم الي أهله فنسي حين قدم الي أهله أن يصليها حتي ذهب وقتها قال: يصيلها ركعتين صلاة المسافر لان الوقت دخل و هو مسافر كان ينبغي له أن يصلي عند ذلك «6».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدخل من سفره و قد دخل وقت الصلاة و هو في الطريق فقال: يصلي ركعتين و ان خرج

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 521

(3) لاحظ ص: 521

(4) لاحظ ص: 521

(5) الوسائل الباب 21 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 12

(6) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 555

______________________________

الي سفره و قد دخل وقت الصلاة فليصل أربعا «1».

و ما رواه بشير النبال قال: خرجت مع أبي عبد اللّه عليه السلام حتي أتينا الشجرة فقال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: يا نبال قلت: ليبك قال: انه لم يجب علي أحد من أهل هذا

العسكر أن يصلي أربعا غيري و غيرك و ذلك انه دخل وقت الصلاة قبل أن نخرج «2».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يدخل مكة من سفره و قد دخل وقت الصلاة قال: يصلي ركعتين و ان خرج الي سفر و قد دخل وقت الصلاة فليصل أربعا «3».

و طائفة تدل علي التخيير لاحظ ما رواه منصور بن حازم «4» و طائفة تدل علي التفصيل بين خوف الفوت و عدمه فيجب القصر علي الاول و التمام علي الثاني لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: في الرجل يقدم من سفره في وقت الصلاة فقال: ان كان لا يخاف فوت الوقت فليتم و ان كان يخاف خروج الوقت فليقصر «5».

و مقتضي القاعدة أن يقدم ما يدل علي أن المدار علي حال الاداء بالاطلاق علي ما يدل علي خلافه كذلك اذ الاول موافق للكتاب و هو قوله تعالي: «وَ إِذٰا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلٰاةِ» «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 10

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) لاحظ ص: 522

(5) الوسائل الباب 21 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 6

(6) النساء/ 102

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 556

و اذا دخل عليه الوقت و هو مسافر و تمكن من الصلاة قصرا و لم يصل حتي وصل الي وطنه أو محل اقامته صلي تماما فالمدار علي زمان الاداء لا زمان حدوث الوجوب (1).

______________________________

فان منطوق الاية يقتضي وجوب القصر في السفر علي الاطلاق كما أن مفهومها يقتضي وجوب التمام في الحضر فما دل باطلاقه علي كون المدار وقت الاداء موافق للكتاب و أما

ما يدل علي التخيير و هو حديث منصور بن حازم فهو أيضا معارض بحديث اسماعيل بن جابر و الترجيح مع رواية ابن جابر.

مضافا الي أنه قيل ان رواية منصور معرض عنها و لم يعمل بها في موردها فضلا عن التعدي الي غيره و بعبارة اخري: الكلام في الحاضر الذي يسافر قبل أن يصلي و أما القادم من السفر فلا اشكال في وجوب التمام عليه و أما حديث اسحاق بن عمار فيمكن أن يقال: بأنه قابل لان يفسر و يقيد بحديث ابن مسلم «1».

بأن نقول: ان المقصود من الرواية انه يقصر قبل الوصول مع فوت الوقت في السفر و مع عدم الخوف يقدم و يتم و علي فرض عدم امكان الجمع و فرض التعارض يكون الترجيح مع حديث ابن مسلم لموافقته الكتاب كما مر آنفا. اضف الي ذلك كله انه قيل: ان حديث ابن عمار لم يعمل به في مورده فضلا عن التعدي فلاحظ.

(1) هذا هو المشهور بل قيل ان الشهرة بحد كادت تكون اجماعا و نقل عن السرائر انه لم ينقل بأن المدار حال الوجوب في المقام لا منا و لا من غيرنا و مقتضي الصناعة ما ذكرناه فالحق ما أفاده في المتن في كلا المقامين و طريق الاحتياط ظاهر و حسنه واضح.

______________________________

(1) لاحظ ص: 521

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 557

[مسألة 454: إذا فاتته الصلاة في الحضر قضي تماما و لو في السفر و إذا فاتته في السفر قضي قصرا]

(مسألة 454): اذا فاتته الصلاة في الحضر قضي تماما و لو في السفر و اذا فاتته في السفر قضي قصرا و لو في الحضر (1) و اذا كان في اول الوقت حاضرا و في آخره مسافرا أو بالعكس راعي في القضاء حال الفوات و هو آخر الوقت فيقضي في الاول قصرا و في العكس

تماما (2).

[مسألة 455: يتخير المسافر بين القصر و التمام في الأماكن الأربعة الشريفة]

(مسألة 455): يتخير المسافر بين القصر و التمام في الاماكن الاربعة الشريفة (3).

______________________________

(1) كما هو ظاهر فان القضاء تابع للأداء.

(2) أما احتمال وجوب القضاء قصرا و تماما فلا وجه له فانه لم يكن مكلفا الا بصلاة واحدة و أما احتمال عدم وجوب شي ء عليه فأيضا غير صحيح اذ المفروض ان قضاء الصلاة واجب و أما احتمال عدم وجوب احدهما المعين فيرد عليه: انه ترجيح بلا مرجح و يتفرع عليه ان الواجب أحدهما بنحو التخيير.

و يستفاد من حديث زرارة «1» ان الميزان زمان الوجوب لكن الرواية ضعيفة سندا بموسي بن بكر مضافا الي أنه لم يعمل بها في موردها فضلا عن غيره.

و يمكن أن يقال: ان الواجب قضاء الفريضة و الفوت لا يتحقق الا بانقضاء الوقت ففي آخر الوقت ان كان تكليفه التمام يجب القضاء تماما و الا يجب قصرا و أماما أفاده في العروة من التخيير فالظاهر انه لا وجه له لان المكلف اما مسافر فيجب عليه القصر و اما حاضر فيجب عليه التمام فلا يكون مخيرا لا في السفر و لا في الحضر فالنتيجة ما أفاده في المتن.

(3) وقع الخلاف في حكم صلاة المسافر في الاماكن الاربعة قال في الحدائق

______________________________

(1) لاحظ ص: 554

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 558

______________________________

«المشهور هو التخيير بين القصر و الاتمام و الاتمام أفضل و ذهب الصدوق قدس سره الي مساواة هذه المواضع لغيرهما في وجوب القصر الا انه يري أفضلية قصد الاقامة و الاتمام و ذهب السيد المرتضي و ابن الجنيد قدس سرهما الي وجوب التمام في هذه المواضع و الحقا بها المشاهد المشرفة و الضرائح المنورة» «1» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و منشأ الخلاف اختلاف النصوص فان

جملة منها يستفاد منها وجوب التمام مع اختلافها أيضا في ذكر الموضع لاحظ ما رواه حماد بن عيسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: من مخزون علم اللّه الاتمام في أربعة مواطن حرم اللّه و حرم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و حرم أمير المؤمنين عليه السلام و حرم الحسين بن علي عليه السلام «2».

و ما رواه مسمع عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: كان أبي يري لهذين الحرمين ما لا يراه لغيرهما و يقول: ان الاتمام فيهما من الامر المذخور «3».

و ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التمام بمكة و المدينة فقال: اتم و ان لم تصل فيها الا صلاة واحدة «4».

و ما رواه أيضا قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام ان هشاما روي عنك أنت أمرته بالتمام في الحرمين و ذلك من أجل الناس؟ قال: لا كنت أنا و من مضي من آبائي اذا وردنا مكة أتممنا الصلاة و استترنا من الناس «5».

و ما رواه مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال لي: اذا دخلت مكة فأتم

______________________________

(1) الحدائق ج 11 ص 438

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 559

______________________________

يوم تدخل «1».

و ما رواه عمر بن رياح قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام اقدم مكة اتم أو اقصر قال اتم و بهذا الاسناد و زاد قلت: و أمر علي المدينة فاتم الصلاة أو اقصر؟ قال:

اتم «2».

و ما رواه أبو شبل قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ازور قبر الحسين؟ قال:

نعم

زر الطيب و أتم الصلاة عنده قلت: بعض أصحابنا يري التقصير قال: انما يفعل ذلك الضعفة «3».

و ما رواه عبد الحميد خادم اسماعيل بن جعفر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

تتم الصلاة في أربعة مواطن: في المسجد الحرام و مسجد الرسول و مسجد الكوفة و حرم الحسين عليه السلام «4».

و ما رواه زياد القندي قال: قال أبو الحسن عليه السلام يا زياد احب لك ما احب لنفسي و أكره لك ما اكره لنفسي أتم الصلاة في الحرمين و بالكوفة و عند قبر الحسين عليه السلام «5».

و ما رواه عثمان بن عيسي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن اتمام الصلاة و الصيام في الحرمين فقال: أتمها و لو صلاة واحدة «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8 و 9

(3) نفس المصدر الحديث: 12

(4) نفس المصدر الحديث: 14

(5) نفس المصدر الحديث: 13

(6) نفس المصدر الحديث: 17

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 560

______________________________

و ما رواه ابراهيم بن ثيبة قال: كتبت الي أبي جعفر عليه السلام أسأله عن اتمام الصلاة في الحرمين فكتب إلي: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يحب اكثار الصلاة في الحرمين فأكثر فيهما و أتم «1».

و ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان من الامر المذخور الاتمام في الحرمين «2».

و ما رواه زياد بن مروان قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن اتمام الصلاة في الحرمين فقال: احب لك ما احب لنفسي أتم الصلاة «3».

و ما رواه رجل من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تتم الصلاة في ثلاثة مواطن: في المسجد الحرام و مسجد الرسول و عند قبر الحسين عليه السلام «4»

و ما رواه حذيفة بن منصور عمن سمع أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: تتم الصلاة في المسجد الحرام و مسجد الرسول و مسجد الكوفة و حرم الحسين عليه السلام «5».

و ما روي أيضا قال: و في خبر في حرم اللّه و حرم رسوله و حرم امير المؤمنين عليه السلام و حرم الحسين عليه السلام «6».

و ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: تتم الصلاة في أربعة مواطن: في المسجد الحرام و مسجد الرسول و مسجد الكوفة و حرم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 18

(2) نفس المصدر الحديث: 20

(3) نفس المصدر الحديث: 21

(4) نفس المصدر الحديث: 22

(5) نفس المصدر الحديث: 23

(6) نفس المصدر الحديث: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 561

______________________________

الحسين عليه السلام «1».

و مرسل الصدوق قال: قال الصادق عليه السلام: من الامر المذخور اتمام الصلاة في أربعة مواطن: مكة و المدينة و مسجد الكوفة و حائر الحسين عليه السلام «2».

و ما رواه بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من الامر المذخور اتمام الصلاة في أربعة مواطن: بمكة و المدينة و مسجد الكوفة و الحائر «3».

و ما رواه عمرو بن مرزوق قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة في الحرمين و عند قبر الحسين عليه السلام قال: اتم الصلاة فيهن «4».

و ما رواه قائد الحناط عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: سألته عن الصلاة في الحرمين فقال: أتم و لو مررت به مارا «5». و جملة من النصوص تدل علي تعين القصر لاحظ ما رواه معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قدم مكة فأقام علي احرامه قال: فليقصر الصلاة ما دام

محرما «6».

و ما رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: سألت الرضا عليه السلام عن الصلاة بمكة و المدينة تقصير أو تمام فقال: قصر ما لم تعزم علي مقام عشرة أيام «7».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 25

(2) نفس المصدر الحديث: 26

(3) نفس المصدر الحديث: 29

(4) نفس المصدر الحديث: 30

(5) نفس المصدر الحديث: 31

(6) نفس المصدر الحديث: 3

(7) نفس المصدر الحديث: 32

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 562

______________________________

و ما رواه علي بن حديد قال: سألت الرضا عليه السلام فقلت: ان أصحابنا اختلفوا في الحرمين فبعضهم يقصر و بعضهم يتم و أنا ممن يتم علي رواية قد رواها أصحابنا في التمام و ذكرت عبد اللّه بن جندب انه كان يتم فقال: رحم اللّه ابن جندب ثم قال لي لا يكون الاتمام الا أن تجمع علي اقامة عشرة أيام وصل النوافل ما شئت قال ابن حديد: و كان محبتي أن تأمرني بالاتمام «1».

و ما رواه معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التقصير في الحرمين و التمام فقال: لا تتم حتي تجمع علي مقام عشرة أيام فقلت: ان أصحابنا رووا عنك انك أمرتهم بالتمام فقال: ان أصحابك كانوا يدخلون المسجد فيصلون و يأخذون نعالهم و يخرجون و الناس يستقبلونهم يدخلون المسجد للصلاة فأمرتهم بالتمام «2». و ما رواه الحضيني «3».

و ما رواه معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: مكة و المدينة كسائر البلدان؟ قال: نعم قلت روي عنك بعض أصحابنا انك قلت لهم: أتموا بالمدينة لخمس فقال: ان أصحابكم هؤلاء كانوا يقدمون فيخرجون من المسجد عند الصلاة فكرهت ذلك لهم فلهذا قلته «4».

و جملة منها تدل علي التخيير لاحظ ما رواه علي

بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام في الصلاة بمكة قال: من شاء أتم و من شاء قصر «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 33

(2) نفس المصدر الحديث: 34

(3) لاحظ ص: 531

(4) الوسائل الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 27

(5) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 563

______________________________

و ما رواه علي بن مهزيار قال: كتبت الي أبي جعفر الثاني عليه السلام: أن الرواية قد اختلفت عن آبائك في الاتمام و التقصير للصلاة في الحرمين فمنها أن يأمر بتتميم الصلاة و منها أن يأمر بقصر الصلاة بأن يتم الصلاة و لو صلاة واحدة و منها أن يقصر ما لم ينو عشرة أيام و لم أزل علي الاتمام فيهما الي أن صدرنا في حجنا في عامنا هذا فان فقهاء أصحابنا أشاروا إلي بالتقصير اذا كنت لا أنوي مقام عشرة أيام فصرت الي التقصير و قد ضقت بذلك حتي أعرف رأيك فكتب إلي عليه السلام بخطه.

قد علمت يرحمك اللّه فضل الصلاة في الحرمين علي غيرهما فأنا أحب لك اذا دخلتهما أن لا تقصر و تكثر فيهما من الصلاة فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهة: اني كتبت إليك بكذا و أجبتني بكذا فقال: نعم فقلت: اي شي ء تعني بالحرمين؟

فقال: مكة و المدينة الحديث «1».

و ما رواه عمران بن حمران قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: اقصر في المسجد الحرام أو اتم؟ قال: ان قصرت فلك و ان أتممت فهو خير و زيادة الخير خير «2».

و ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن التقصير بمكة فقال: اتم و ليس بواجب الا اني احب لك ما احب لنفسي «3».

و مقتضي الصناعة بحسب النظر الاولي أن يؤخذ

بما يدل علي وجوب القصر و ذلك لان ما يدل علي وجوب القصر موافق للكتاب فان الموافق للكتاب هو المرجح

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 19

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 564

و هي المسجد الحرام و مسجد النبي صلي اللّه عليه و آله و مسجد الكوفة و حرم الحسين عليه السلام (1).

______________________________

الاول و لكن التأمل في مجموع الروايات يقتضي أن يلتزم بالتخيير بين الاتمام و القصر مع أفضلية الاتمام و الذي يدل علي هذا المدعي حديث علي بن مهزيار «1» مضافا الي ما دل علي التخيير مع التصريح بعدم وجوب التمام في حديث علي بن يقطين «2».

و يظهر من جملة من الروايات ان الامر بالاتمام بالخصوص كان للمصلحة التي ذكرت في بعض احاديث الباب لاحظ حديث معاوية «3» فالانصاف ان الدقة في أحاديث الباب من حيث المجموع تقتضي الالتزام بالتخيير في الحرمين مع أفضلية التمام.

و أما بالنسبة الي حرم أمير المؤمنين عليه السلام و حرم الحسين عليه السلام فنقول: بعد القطع بعدم وجوب التمام عينا تكون الوظيفة التخيير.

فانقدح بما ذكرنا ضعف ما نقل عن الصدوق قدس سره من منع الاتمام الا مع نية الاقامة و كذا ما عن السيد و ابن الجنيد من وجوب الاتمام مع و هن المنقول عنهما بما نقل عنهما في المختلف- حسب نقل المستمسك- من استحباب الاتمام.

(1) أما بالنسبة الي الاولين فمضافا الي الشهرة المنقولة النصوص تفي باثبات المدعي لاحظ ما رواه علي بن مهزيار «4» فانه فسر الامام عليه السلام الحرمين بمكة و المدينة كما أن المذكور في حديث عبد الرحمن بن الحجاج «5»

______________________________

(1) لاحظ ص: 563

(2) لاحظ ص: 563

(3) لاحظ ص: 562

(4) لاحظ ص:

563

(5) لاحظ ص: 558

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 565

______________________________

لفظ مكة و المدينة و المذكور في خبر مسمع «1» لفظ مكة و في خبر عمرو بن رياح «2» اضيف لفظ المدينة و المذكور في خبر علي بن يقطين «3» لفظ مكة و أما خبر عمران بن حمران «4» فمضافا الي ضعف السند بعمران لا يقتضي خلاف المدعي اذ المثبتان لا يتعارضان و قس عليه خبر عبد الحميد «5» فان سنده مخدوش بمحمد بن سنان و ان كان له سند آخر لا بأس به ظاهرا.

و مما يدل علي المقصود خبر الحسين بن المختار عن أبي ابراهيم عليه السلام قال:

قلت له: انا اذا دخلنا مكة و المدينة نتم أو نقصر؟ قال: ان قصرت فذلك و ان أتممت فهو خير تزداد «6».

و مثله ذيل حديث عثمان بن عيسي انه قال: عن اتمام الصلاة في الحرمين مكة و المدينة فقال: أتم الصلاة و لو صلاة واحدة «7» و المذكور في خبر علي بن يقطين «8» لفظ مكة.

و أما خبر ابراهيم بن أبي البلاد «9» فضعيف سندا بالارسال مضافا الي أنا قلنا لا تنافي بين الاثباتين و لا يعتد أيضا بحديث أبي بصير «10» فان سنده

______________________________

(1) لاحظ ص: 558

(2) لاحظ ص: 559

(3) لاحظ ص: 563

(4) لاحظ ص: 563

(5) لاحظ ص: 559

(6) الوسائل الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 16

(7) نفس المصدر ذيل الحديث: 17

(8) لاحظ ص: 563

(9) لاحظ ص: 560

(10) لاحظ ص: 560

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 566

______________________________

مخدوش و مما يؤيد المدعي مرسل الصدوق «1».

و مما ذكرنا تعرف الجواب عن حديث صالح بن عبد اللّه الخثعمي قال: كتبت الي أبي الحسن موسي عليه السلام أسأله عن الصلاة في المسجدين اقصر

أم اتم؟

فكتب عليه السلام إلي أي ذلك فعلت فلا بأس قال: فسألت أبا الحسن الرضا عنها مشافهة فأجابني بمثل ما أجابني أبوه الا انه قال في الصلاة قصر «2».

و مما يؤيد المدعي بل يدل عليه التصريح بلفظ مكة و المدينة في جملة اخري من أحاديث الباب فلاحظ.

و أما الثالث فقد ورد في جملة من النصوص حرم أمير المؤمنين عليه السلام لاحظ ما رواه حماد بن عيسي «3» و ما رواه حذيفة بن منصور «4» و في جملة من النصوص ورد لفظ مسجد الكوفة لاحظ أحاديث عبد الحميد و منصور و أبي بصير و مرسل الصدوق و مرسل حماد «5».

و في بعض النصوص قد عبر بالكوفة لاحظ ما رواه زياد القندي «6» و هذه الرواية ضعيفة بالقندي. و لا يخفي ان ما ذكر فيه لفظ كوفة و كذا ما ذكر فيه مسجد الكوفة ضعيف سندا فيبقي المذكور فيه لفظ الحرم و يستفاد من حديث حسان بن مهران قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: قال أمير المؤمنين السلام: مكة حرم اللّه و المدينة حرم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و الكوفة حرمي لا يريدها جبار

______________________________

(1) لاحظ ص: 561

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 28

(3) لاحظ ص: 558

(4) لاحظ ص: 560

(5) لاحظ ص: 559 و 560 و 561

(6) لاحظ ص: 559

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 567

______________________________

بحادثة الا قصمه اللّه «1» ان الكوفة حرم أمير المؤمنين عليه السلام.

و مثله خبر القلانسي عن الصادق عليه السلام قال: مكة حرم اللّه و حرم رسوله و حرم علي بن أبي طالب عليه السلام الصلاة فيها بمائة ألف صلاة و الدرهم فيها بمائة ألف درهم و

المدينة حرم اللّه و حرم رسوله و حرم علي بن أبي طالب عليه السلام الصلاة فيها بعشرة آلاف صلاة و الدرهم فيها بعشرة آلاف درهم و الكوفة حرم اللّه و حرم رسوله و حرم علي أبي طالب عليه السلام الصلاة فيها بألف صلاة و سكت عن الدرهم «2».

و مثلهما خبر عاصم عن أبي عبد اللّه عليه السلام: مكة حرم اللّه و المدينة حرم محمد صلي اللّه عليه و آله و الكوفة حرم علي بن أبي طالب عليه السلام ان عليا حرم من الكوفة ما حرم ابراهيم من مكة و ما حرم محمد صلي اللّه عليه و آله من المدينة «3».

فان مقتضي هذه النصوص ان الكوفة حرم أمير المؤمنين عليه السلام و بمقتضي بعض النصوص كما تقدم ان الاتمام في حرم أمير المؤمنين عليه السلام من المذخور في علم اللّه.

و أما الرابع فقد وردت عدة نصوص علي اختلافها ففي بعضها ذكر حرم الحسين عليه السلام كخبر حماد «4» و خبر عبد الحميد «5» و خبر حذيفة بن

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب المزار الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب أحكام المساجد الحديث: 12

(3) الحدائق ج 11 ص 456

(4) لاحظ ص: 558

(5) لاحظ ص: 559

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 568

______________________________

منصور «1» و خبر أبي بصير «2» و خبر حماد معتبرا سندا الا أن يقال أن أبا عبد اللّه كنية لمحمد بن خالد و فيه نقاش و يؤيده الباقي و في بعض النصوص ذكر بعنوان عند قبر الحسين عليه السلام كخبر أبي شبل «3» و خبر زياد القندي «4» و خبر ابراهيم بن أبي البلاد «5» و خبر عمرو بن مرزوق «6».

و هذه النصوص كلها ضعيفة سندا

أما الاول فبسهل و أما الثاني فبالقندي و أما الثالث فبالارسال و أما الرابع فبقاسم بن ربيع.

و في بعض النصوص ذكر بعنوان الحائر كمرسل الصدوق «7» و مرسل حماد «8» و كلاهما ضعيفان بالارسال و قد حدد حرم الحسين عليه السلام في بعض النصوص بحدود لاحظ ما رواه منصور بن العباس رفعه الي أبي عبد اللّه عليه السلام قال: حرم الحسين عليه السلام خمس فراسخ من أربع جوانبه «9».

و ما رواه البصري عمن رواه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: حرم الحسين فرسخ في فرسخ من أربع جوانب القبر «10».

______________________________

(1) لاحظ ص: 560

(2) لاحظ ص: 560

(3) لاحظ ص: 559

(4) لاحظ ص: 559

(5) لاحظ ص: 560

(6) لاحظ ص: 561

(7) لاحظ ص: 561

(8) لاحظ ص: 561

(9) الوسائل الباب: 67 من أبواب المزار الحديث: 1

(10) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 569

و التمام أفضل (1) و القصر أحوط (2) و الظاهر الحاق مكة و المدينة

______________________________

و ما رواه اسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ان لموضع قبر الحسين عليه السلام حرمة معروفة من عرفها و استجار بها اجير قلت: فصف لي موضعها قال: امسح من موضع قبره اليوم خمسة و عشرين ذراعا من ناحية رجليه و خمسة و عشرين ذراعا من ناحية رأسه الحديث «1»

و رواه الحسن محبوب مثله الا أنه قال: امسح من موضع قبره اليوم خمسة و عشرين ذراعا من ناحية رأسه و خمسة و عشرين ذراعا من ناحية رجليه و خمسة و عشرين ذراعا من خلفه و خمسة و عشرين ذراعا مما يلي وجهه «2».

و ما رواه الصدوق قال: قال: حريم الحسين عليه السلام خمسة فراسخ من أربع

جوانب القبر «3».

و هذه النصوص كلها ضعيفة أما الاول فبالرفع و أما الثاني فبالارسال و أما الثالث فبمحمد بن جعفر و أما الرابع فبسهل لكن للرواية سندا آخر لا بأس به ظاهرا فالعمدة القصور في الدلالة فان اثبات الحرمة بلحاظ الاجارة لا ينافي ترتب حكم علي عنوان الحرم الذي يصدق علي الروضة المطهرة فلاحظ.

فالنتيجة: ان الحكم يختص بالقدر المتيقن و هو تحت القبة المنورة و كان سيدنا الوالد قدس اللّه نفسه الشريفة يحتاط و كان لا يترتب الاثر الا بهذا المقدار.

(1) لاحظ مكاتبة علي بن مهزيار «4» و مثلها غيرها في الدلالة.

(2) لا اشكال فيه.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) لاحظ ص: 563

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 570

بالمسجدين (1) دون الكوفة و كربلا (2) و في تحديد الحرم الشريف اشكال و الظاهر جواز التمام في تمام الروضة المقدسة المقابلة للرواق و الصحن (3).

[مسألة 456: لا فرق في المساجد المذكورة بين أرضها و سطحها]

(مسألة 456): لا فرق في المساجد المذكورة بين أرضها و سطحها و المواضع المنخفضة فيها كبيت الطشت في مسجد الكوفة (4).

[مسألة 457: لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المذكور]

(مسألة 457): لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المذكور فلا يجوز الصوم في الاماكن الاربعة (5).

[مسألة 458: التخيير المذكور استمراري]

(مسألة 458): التخيير المذكور استمراري (6) فاذا شرع في

______________________________

(1) الامر كما أفاده و يتم المدعي بما تقدم فان المذكور في عدة نصوص عنوان مكه و المدينة فلاحظ.

(2) أما بالنسبة الي كربلا فظاهر لعدم ذكر الموضوع بهذا العنوان في النصوص و أما بالنسبة الي الكوفة فلعدم دليل معتبر عليه و لا يخفي انه لا دليل علي ترتب الحكم علي عنوان حرم أمير المؤمنين عليه السلام فعلي تقدير قيام دليل معتبر علي أن الكوفة حرم أمير المؤمنين عليه السلام لا يترتب عليه الاثر المقصود فلا تغفل.

(3) قد تقدم ان الحكم مختص بتحت القبة المنورة.

(4) للإطلاق.

(5) لعدم الدليل و التلازم بين الامرين في أن السفر المشرع لقصر الصلاة مشرع لقصر الصوم لا يدل علي الالحاق بل يدل علي الخلاف ما رواه عثمان بن عيسي «1».

(6) لإطلاق الادلة فان مقتضاه الاستمرار.

______________________________

(1) لاحظ ص: 559

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 571

الصلاة بنية القصر يجوز في الاثناء الاتمام و بالعكس (1).

[مسألة 459: لا يجري التخيير المذكور في سائر المساجد و المشاهد الشريفة]

(مسألة 459): لا يجري التخيير المذكور في سائر المساجد و المشاهد الشريفة (2).

[مسألة 460: يستحب للمسافر أن يقول عقيب كل صلاة مقصورة ثلاثين مرة]

(مسألة 460): يستحب للمسافر أن يقول عقيب كل صلاة مقصورة ثلاثين مرة «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه أكبر» (3).

[مسألة 461: يختص التخيير المذكور بالأداء و لا يجري في القضاء]

(مسألة 461): يختص التخيير المذكور بالاداء و لا يجري في القضاء (4).

______________________________

(1) و ذلك لان المأتي به من أفراد المأمور به و المفروض ان المكلف اتي به بقصد القربة فلاحظ.

(2) لعدم الدليل عليه فلا وجه للجريان.

(3) ادعي عليه عدم الخلاف و يدل علي مطلوبيته خبر المروزي قال: قال الفقيه العسكري عليه السلام: يجب علي المسافر أن يقول في دبر كل صلاة يقصر فيها «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه أكبر» ثلاثون مرة لتمام الصلاة «1».

و خبر رجاء بن أبي ضحاك عن الرضا عليه السلام انه صحبه في سفر فكان يقول في دبر (بعد) كل صلاة يقصرها: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه اكبر» ثلاثين مرة و يقول: هذا تمام الصلاة «2».

(4) لعدم الدليل عليه فلا وجه للتعميم و قد تقدم الكلام حول هذه المسألة في المسألة (225) من صلاة القضاء فراجع.

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب صلاة المسافر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 572

[خاتمة في بعض الصلوات المستحبة]

اشارة

خاتمة في بعض الصلوات المستحبة:

[منها: صلاة العيدين]
اشارة

منها: صلاة العيدين و هي واجبة في زمان الحضور (1).

______________________________

(1) قال في الحدائق: «اجمع الاصحاب علي وجوبها كما نقله جماعة منهم المحقق و العلامة في جملة من كتبه» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و قال المحقق الهمداني قدس سره في مصباح الفقيه: «أما وجوبها في الجملة فمما لا شبهة فيه بل لا خلاف فيه بل عن غير واحد دعوي اجماع علمائنا» انتهي موضع الجماعة من كلامه.

و لا يخفي ان مثل هذه الاجماعات معلومة المدرك الا أن يقال: ان أصل وجوبها في الجملة من واضحات الفقه.

و كيف كان استدل علي وجوبها بالكتاب و السنة أما الكتاب فقوله تعالي: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰي وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّٰي» «1».

قال في الحدائق: «ذكر جمع من المفسرين ان المراد بالزكاة زكاة الفطرة و الصلاة صلاة العيد» و لا يخفي انه علي تقدير تمامية هذه الدعوي لا تصير الاية دليلا علي وجوب الصلاة بل انما تدل علي أن مثله فالح و مجرد ثبوت الفلاح بفعل لا يثبت الوجوب.

و قد وردت جملة من الاخبار في مقام تفسير الاية بصلاة العيد منها: مرسل الصدوق قال: و سئل الصادق عليه السلام عن قول اللّه عز و جل: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰي» قال: من أخرج الفطرة فقيل له: «وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّٰي» قال: خرج الي الجبانة فصلي «2» و هذه الرواية ساقطة عن الاعتبار بالارسال و لها سند آخر و فيه اشكال أيضا.

______________________________

(1) الاعلي/ 15 و 16

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة العيد الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 573

______________________________

و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: من تمام الصوم اعطاء الزكاة كالصلاة

علي النبي صلي اللّه عليه و آله فانها من تمام الصلاة و من صام فلم يؤدها فلا صوم له اذا تركها متعمدا و من صلي و لم يصل علي النبي صلي اللّه عليه و آله و ترك ذلك متعمدا فلا صلاة له ان اللّه عز و جل بدأ بها قبل الصلاة فقال: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰي وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّٰي «1» و هذه الروايه لا تدل علي الوجوب كما هو ظاهر.

و استدل علي المدعي بقوله تعالي: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ» «2».

بتقريب: ان المراد بالصلاة صلاة العيد و بالنحر الاضحية و ظاهر الامر يقتضي الوجوب قال صاحب الحدائق: «لم اقف في الاخبار علي تفسير الاية بهذا المعني و انما الذي ورد فيها التفسير بمطلق الصلاة و المراد بالنحر رفع اليدين».

و لا يبعد ان الامر كذلك لاحظ ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ» قال: هو رفع يديك حذاء وجهك «3» و غيره مما ورد في الباب 9 من أبواب تكبيرة الاحرام من الوسائل و لاحظ تفسير البرهان في تفسير الاية.

فنتيجة البحث انه ليس المستفاد من الكتاب بما هو بل و لو مع ضم الحديث هو الوجوب أما الاية الثانية فظاهر فان قوله تعالي: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ» لا يدل علي أن المراد من الصلاة صلاة العيدين و لم يرد نص يستفاد منه هذا المعني و أما الاية الاولي فقد ذكرنا ان غاية ما يستفاد منها ان المصلي فالح و أما السنة فيستفاد من

______________________________

(1) تفسير البرهان ج 4 ص: 451

(2) الكوثر

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب تكبيرة الاحرام الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 574

مع

اجتماع الشرائط (1).

______________________________

جملة منها وجوب صلاة العيدين منها: ما رواه جميل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التكبير في العيدين قال: سبع و خمس و قال: صلاة العيدين فريضة قال:

و سألته ما يقرأ فيهما؟ قال: و الشمس و ضحيها و هل أتاك حديث الغاشية و أشباههما «1».

و منها: ما رواه أبو اسامة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في حديث صلاة العيدين فريضة و صلاة الكسوف فريضة «2».

و قد دلت رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: صلاة العيدين مع الامام سنة و ليس قبلهما و لا بعدهما صلاة ذلك اليوم الا الزوال «3» علي أن صلاة العيدين سنة فربما يقال: - كما قيل- ان هذه الرواية منافية مع الرواية الدالة علي أن صلاة العيدين فرض فلا بد من رفع التنافي بينهما و الظاهر انه لا تنافي بين الخبرين اذ يمكن الجمع بينهما اولا: بأن صلاة العيدين مما ثبت وجوبها بالسنة لا بالكتاب كما تقدم و ثانيا يمكن الجمع بين الحديثين بأن يكون المراد من السنة ان السنة و الوظيفة في هذه الصلاة أن تصلي جماعة مع الامام لا أن يكون المراد بالسنة ما يقابل الفريضة.

(1) قال المحقق الهمداني قدس سره في مصباح الفقيه و أما اشتراط وجوبها بحضور الامام أو منصوبه فهذا هو المشهور بين الاصحاب بل عن الذخيرة عدم ظهور مصرح بالوجوب في زمن الغيبة بل عن الروض و شرح الالفية الاجماع علي انتفائه و عن الانتصار و الناصريات و الخلاف و المعتبر و المنتهي و النهاية و التذكرة و غيرها الاجماع و عدم الخلاف في اشتراط وجوبها بشرائط الجمعة التي منها السلطان

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة

العيدين الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة العيد الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 575

______________________________

العادل لديهم خلافا لما نسب الي جماعة من المتأخرين من القول بوجوبها في زمن الغيبة أيضا علي الجامع دون المنفرد» الي آخر كلامه.

و استدل علي المشهور بجملة من النصوص: منها ما رواه زرارة أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا صلاة يوم الفطر و الاضحي الا مع امام عادل «1»

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: من لم يصل مع الامام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له و لا قضاء عليه «2».

و منها: ما رواه أيضا قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ليس يوم الفطر و الاضحي أذان و لا اقامة الي أن قال: و من لم يصل مع امام في جماعة فلا صلاة له و لا قضاء عليه «3».

و منها: ما رواه أيضا عن أحدهما عليهما السلام قال: انما صلاة العيدين علي المقيم و لا صلاة الا بامام «4».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الصلاة يوم الفطر و الاضحي فقال: ليس صلاة إلا مع امام «5».

و منها: ما رواه معمر بن يحيي و زرارة جميعا قالا: قال أبو جعفر عليه السلام:

لا صلاة يوم الفطر و الاضحي الا مع امام «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 576

______________________________

و منها: ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا صلاة في العيدين الا

مع الامام فان صليت وحدك فلا بأس «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: متي يذبح؟

قال: اذا انصرف الامام قلت: فاذا كنت في أرض (قرية) ليس فيها امام فاصلي بهم جماعة فقال: اذا استقبلت الشمس و قال: لا بأس أن تصلي وحدك و لا صلاة الا مع امام «2».

فانه استدل بهذه النصوص انه لا صلاة الا مع امام فلا تجب في زمان الغيبة و نوقش في الاستدلال بأن الظاهر من لفظ الامام في النصوص امام الجماعة لا الامام الاصل و الدليل عليه تنكير لفظ الامام كما أنه يشعر بالمدعي لفظ لجماعة في بعض نصوص الباب كخبر زرارة «3» و أيضا يشعر به مقابلة الجماعة بالانفراد في بعضها كخبر سماعة «4».

و يرد عليه: ان خبر سماعة الثاني نص في الامام الاصلي فان السائل يسأل عن جواز الامامة و يجيب عليه السلام بعدم الجواز الا مع الامام فيفهم من هذه الرواية اختصاص وجوبها باقامتها من قبل الامام العادل الاصلي.

مضافا الي أن لفظ الامام في هذه الرواية كبعض النصوص المتقدمة معرف باللام و لا يمكن ارادة مطلق الامام لان لازمه التناقض فانه يناقض قوله عليه السلام في الذيل «و ان صليت وحدك فلا بأس».

ان قلت: يمكن أن يكون المراد بالنفي الا مع الامام الفرد الاكمل. قلت:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 575

(4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 577

______________________________

لازمه استحباب صلاة العيدين جماعة و هو خلاف النص و الفتوي.

ان قلت: يمكن أن يكون المراد بالنفي نفي الوجوب أي لا صلاة وجوبا الا مع امام الجماعة و لو بأن يؤم غيره. قلت: لا اشكال في أن وجوبها

ليس مشروطا بالارادة و حمل الكلام علي صورة التعذر و عدم امكان الجماعة حمل علي الفرد النادر مضافا الي أنه ينافي تصريح السائل في خبر سماعة الثاني بتمكنه من الصلاة جماعة.

فالانصاف: ان مقتضي الصناعة اختصاص الوجوب بزمان الحضور و الاتيان بها مع الامام الاصلي و يؤيد المدعي لو لم يكن دليلا قول السجاد عليه السلام في الصحيفة «اللهم ان هذا المقام لخلفائك و اصفيائك «1».

و يؤيده أيضا خبر عبد اللّه بن ذبيان عن أبي جعفر عليه السلام قال: يا عبد اللّه ما من يوم عيد للمسلمين أضحي و لا فطر الا و هو يجدد اللّه لآل محمد عليهم السلام فيه حزنا (حزن) قال: قلت: و لم؟ قال: انهم يرون حقهم في أيدي غيرهم «2».

و أما النصوص الدالة علي وجوبها كحديث جميل بن دراج عن الصادق عليه السلام انه قال: صلاة العيدين فريضة و صلاة الكسوف فريضة «3».

فليست في مقام بيان شرائطها و ما يتعلق بها بل في مقام بيان أصل التشريع فلا مجال للأخذ باطلاقها.

و أما حديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل و ليتطيب بما وجد و ليصل في بيته وحده كما يصلي في

______________________________

(1) الصحيفة الدعاء: 48

(2) الوسائل الباب 31 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 578

______________________________

جماعة «1».

فلا يستفاد منه وجوب الاتيان وحده اذ المستفاد من النصوص كما تقدم ذكرها ان وجوبها مشروط بالجماعة و ربما يستشعر من الحديث جواز ترك الجماعة اختيارا و الاتيان بها انفرادا و الحال انه لا يجوز التخلف عن الاتيان بها جماعة مع

الامام.

و صاحب الحدائق أيد عدم اشتراط وجوبها بكونها مع الامام الاصلي ببيان احكامها و كيفيتها و ما يتعلق بالامام فيها كرواية الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في صلاة العيدين اذا كان القوم خمسة أو سبعة فانهم يجمعون الصلاة كما يصنعون يوم الجمعة و قال: تقنت في الركعة الثانية قال: قلت يجوز بغير عمامة؟

قال: نعم و العمامة احب إلي «2».

بتقريب: انه يفهم من هذه الروايات انه يجوز لأصحابهم أن يأتوا بها بغير المعصوم اذ مع الاختصاص بالمعصوم لا يظهر لهذا التعليم كثير فائدة.

و يرد عليه اولا: ان بيان الاحكام الشرعية من وظائف الامام و لو لم يكن لها مصداق لجهة من الجهات و لذا نري انهم بينوا أحكام الجهاد و ما يتعلق به و الحال انهم بعد قتل الحسين عليه السلام كانوا مقهورين مشردين مقيدين في أيدي الظلمة.

و ثانيا: ان المنصوب من قبل الامام عليه السلام في حكمه فمن الممكن ان الامام ينصب شخصا سرا للتصدي لهذا المقام مضافا الي أن الاصحاب كيف كان اقامة الصلاة في جماعة في امكانهم مع وجود ولاة الظلمة في أنحاء البلاد و اذا فرض انهم كانوا يقيمون سرا فمن الممكن نصب الامام واحدا منهم للإمامة فلاحظ.

فالمتحصل مما ذكرنا ان مقتضي الصناعة ان الحق ما ذهب اليه المشهور من عدم

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 39 من أبواب صلاة العيد

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 579

و مستحبة في عصر الغيبة جماعة و فرادي (1).

______________________________

الوجوب الا مع الامام الاصلي أو نائبه الخاص المنصوب من قبله هذا كله بالنسبة الي زمان الحضور و لا يخفي انه لا أثر لهذا البحث لأنا محرومون من فيض

حضرته و العمدة بيان حكم زمن الغيبة.

(1) فهنا فرعان: احدهما: جواز الاتيان بها جماعة في زمن الغيبة ثانيهما:

اتيانها فرادي. أما الفرع الاول فقد وقع الكلام بين الاعلام في مشروعية الجماعة فيها و عدمها و ما يمكن أن يقال أو قيل في وجه الجواز امور:

الاول: ما عن قطب الدين الراوندي من الاستدلال عليها بعمل جمهور الامامية و انهم يصلون هاتين الصلاتين و عملهم حجة.

و فيه: ان مجرد عمل جمهور الاصحاب ليس حجة شرعية فان غايته اجماع عملي و فيه ما فيه نعم فيما يكون عملهم متصلا بزمن المعصوم و يكون كاشفا عن امضائه يترتب عليه الاثر و نلتزم باعتباره.

الثاني دعوي الاجماع عليه فعن الحلي دعوي الاجماع و كذلك عن المختلف و فيه: انه اجماع منقول و لا اعتبار به.

الثالث: ما رواه محمد بن أبي قرة باسناده عن الصادق عليه السلام انه سئل عن صلاة الاضحي و الفطر فقال: صلهما ركعتين في جماعة و غير جماعة «1».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية جواز الاتيان بها جماعة كما يجوز الاتيان بها فرادي. و فيه: ان الحديث ضعيف سندا بمحمد بن أبي قرة.

و مثله مرسل عبد اللّه بن المغيرة عن بعض أصحابنا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صلاة الفطر و الاضحي فقال: صلهما ركعتين في جماعة و غير جماعة

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة العيدين الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 580

______________________________

و كبر سبعا و خمسا «1».

مضافا الي أنه يمكن أن يكون المراد من الحديثين ان صلاة العيدين ركعتان بلا فرق بين ايقاعهما جماعة و فرادي فلا يدل علي جواز الجماعة فيها في مورد الكلام و لا أقلّ من احتمال هذا المعني و معه تكون الرواية

مجملة.

الرابع تقرير الامام للسائل حين سأله عن الامامة في صلاة العيد لاحظ ما رواه سماعة «2» و فيه: ان هذه الرواية علي خلاف مطلوب الخصم ادل اذ السائل يسأل عن وقت الذبح و عن جواز الامامة و الامام عليه السلام يقتصر في الجواب بالجواب عن وقت الذبح و الصلاة منفردا.

فالنتيجة ان مع الامكان من الاقامة مع الامام أو منصوبه تجب و مع عدمه أو عدم امكان الاقامة معه كزمان الغيبة لا دليل علي جوار اقامتها جماعة.

و مما يؤيد المدعي ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قلت له: هل يؤم الرجل بأهله في صلاة العيدين في السطح أو في بيت؟ قال: لا يؤم بهن و لا يخرجن و ليس علي النساء خروج و قال: اقلوا لهن من الهيئة حتي لا يسألن الخروج «3».

و أما حديث الحلبي «4» فلا يمكن الاستدلال به علي جواز الجماعة مع عدم الامام الاصلي اذ يمكن أن يقال- كما قيل-: ان الحديث ليس في مقام بيان وجوب صلاة العيدين كي يؤخذ باطلاقه بل في مقام بيان اشتراط العدد فيها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة العيدين الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 576

(3) الوسائل الباب 28 من أبواب صلاة العيد الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 578

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 581

______________________________

هذا أولا و ثانيا سلمنا فيه الاطلاق لكن يقيد بما دل من النصوص علي عدم تحققها الا بالامام الاصلي أو المنصوب من قبله فلاحظ.

و أما الفرع الثاني و هو اقامتها فرادي فالظاهر جوازها لجملة من النصوص

منها: ما رواه سماعة «1» و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان «2».

و منها: ما رواه الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام

عن الرجل لا يخرج في يوم الفطر و الاضحي عليه صلاة وحده؟ قال: نعم «3» فتأمل.

و منها: ما رواه منصور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: مرض أبي يوم الاضحي فصلي في بيته ركعتين ثم ضحي «4».

و في المقام روايات ربما يستفاد منها خلاف المقصود: الاولي: ما رواه هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الخروج يوم الفطر و يوم الاضحي الي الجبانة حسن لمن استطاع الخروج اليها فقلت: أ رأيت ان كان مريضا لا يستطيع أن يخرج أ يصلي في بيته؟ قال: لا «5» و هذه الرواية ضعيفة بيزيد بن اسحاق شعر.

الثانية: ما رواه ابن (أبو) قيس عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: انما الصلاة يوم العيد علي من خرج الي الجبانة و من لم يخرج فليس عليه صلاة «6».

و هذه الرواية أيضا ضعيفة بمحمد بن خالد التميمي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 576

(2) لاحظ ص: 577

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب صلاة العيد الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) الوسائل الباب 2 من أبواب صلاة العيد الحديث: 8

(6) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 582

و لا يعتبر فيها العدد (1) و لا تباعد الجماعتين و لا غير ذلك من شرائط صلاة الجمعة (2).

______________________________

الثالثة: ما رواه زرارة «1» و مثل هذه الرواية في المضمون غيرها و لكن المستفاد منها و من غيرها من حيث المجموع ان صلاة العيدين علي الوجه المقرر اللزومي لا تتحقق الا مع الامام الاصلي لكن لا ينافي استحباب اقامتها انفرادا مع عدم التمكن من الاتيان مع الامام و الذي يشهد لما ذكرنا بنحو واضح حديث سماعة «2».

(1) قد ظهر مما ذكرنا ان الاتيان بها جماعة

لا دليل عليه بل الواجب مع التمكن الاقامة مع الامام الاصلي أو نائبه المنصوب من قبله و علي القول بعدم الاختصاص فالظاهر من رواية الحلبي «3» ان العدد شرط في تعلق التكليف فانه مقتضي الشرطية.

(2) عن المدارك ان ظاهر الاصحاب اشتراطه و عن بعض الاساطين التصريح بالاشتراط و استدل عليه بأنه لم ينقل عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه صلي في زمانه عيدان في بلد كما لم ينقل انه صليت جمعتان و بما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال الناس لأمير المؤمنين عليه السلام: ألا تخلف رجلا يصلي في العيدين فقال: لا اخالف السنة «4».

و يمكن أن يستدل بما رواه زرارة «5» و مثله في المضمون غيره بتقريب:

انه لو شرعت الصلاة مرة اخري في البلد لما حسن هذا الاطلاق فمع وجود الامام

______________________________

(1) لاحظ ص: 575

(2) لاحظ ص: 576

(3) لاحظ ص: 578

(4) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة العيد الحديث: 9

(5) لاحظ ص: 575

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 583

و كيفيتها: ركعتان (1) يقرأ في كل منهما الحمد و سورة (2).

______________________________

الاصلي أو نائبه المنصوب لا صلاة و لو كان التعدد جائزا لما كان وجه لأمره بالصلاة انفرادا.

و أما ما عن الشهيد من ان هذا الشرط شرط في وجوب صلاتين و أما الاستحباب فلا يشترط فمدفوع بما تقدم منا من عدم دليل علي شرعية الجماعة في صلاة العيدين علي وجه الندب فلاحظ.

و أما الخطبة فالظاهر ان استحبابها ليس فيه اشكال و أما وجوبها و حضورها و استماعها فلم يثبت دليل عليه.

(1) كون صلاة العيدين ركعتين مما لا ريب فيه نصا و فتوي.

(2) يدل علي وجوب الحمد ما دل علي أنه لا

صلاة الا بفاتحة الكتاب «1» و تدل علي ما في المتن جملة من النصوص: منها: ما رواه معاوية يعني ابن عمار قال: سألته عن صلاة العيدين فقال: ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شي ء و ليس فيهما أذان و لا اقامة تكبر فيهما اثنتي عشرة تكبيرة تبدأ فتكبر و تفتح الصلاة ثم تقرأ فاتحة الكتاب ثم تقرأ و الشمس و ضحيها ثم تكبر خمس تكبيرات ثم تكبر و تركع فيكون تركع بالسابعة و يسجد سجدتين ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب و هل أنك حديث الغاشية ثم تكبر أربع تكبيرات و تسجد سجدتين و تتشهد و تسلم قال:

و كذلك صنع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الحديث «2».

و منها غيره مما ذكر في الباب 10 من أبواب صلاة العيد من الوسائل فوجوب الحمد لا اشكال فيه.

و أما السورة فيدل علي وجوبها ما رواه جميل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب القراءة في الصلاة

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 584

و الافضل أن يقرأ في الاولي «الشمس» و في الثانية «الغاشية» أو في الاولي «الاعلي» و في الثانية «الشمس» (1) ثم يكبر في الاولي خمس

______________________________

السلام عن التكبير في العيدين قال: سبع و خمس و قال: صلاة العيدين فريضة قال:

و سألته ما يقرأ فيهما قال: و الشمس و ضحيها و هل أتيك حديث الغاشية و أشباههما «1».

و يؤيد المدعي ما رواه الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام في صلاة العيدين قال: يكبر واحدة يفتتح بها الصلاة ثم يقرأ أمّ الكتاب و سورة ثم يكبر خمسا يقنت بينهن ثم يكبر واحدة و يركع بها ثم يقوم

فيقرأ أمّ الكتاب و سورة يقرأ في الاولي سبح اسم ربك الاعلي و في الثانية و الشمس و ضحيها ثم يكبر أربعا و يقنت بينهن ثم يركع بالخامسة «2».

(1) يمكن أن يكون ناظرا الي احاديث جميل و الجعفي و معاوية بن عمار «3» و أبي الصباح قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التكبير في العيدين فقال:

اثنتي عشرة: سبعة في الاولي و خمسة في الاخيرة فاذا قمت الي الصلاة فكبر واحدة تقول: اشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله الي أن قال: و تقرأ الحمد و سبح اسم ربك الاعلي و تكبر السابعة و تركع و تسجد و تقوم و تقرأ الشمس و ضحيها و تقول الحديث «4».

و لا يخفي انه لا يستفاد الترجيح من رواية جميل و لا الترتيب بل يستفاد من تلك الرواية ان المقرر في صلاة العيد هاتين السورتين و أشباههما نعم يستفاد من حديث أبي الصباح رجحان قراءة الا علي في الاولي و الشمس في الثانية و يؤيده ما رواه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 10

(3) لاحظ ص: 583

(4) الوسائل الباب 26 من أبواب صلاة العيد الحديث: 5 و 6

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 585

تكبيرات (1).

______________________________

الجعفي «1» و أما حديث ابن عمار «2» ففي سنده اشكال من حيث محمد بن عيسي.

(1) تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه معاوية بن عمار «3» و منها: ما رواه علي بن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في صلاة العيدين قال: يكبر ثم يقرأ ثم يكبر خمسا و يقنت بين كل تكبيرتين ثم يكبر السابعة و يركع بها

ثم يسجد ثم يقوم في الثانية فيقرأ ثم يكبر أربعا فيقنت بين كل تكبيرتين ثم يكبر و يركع بها «4» و منها: ما رواه جميل «5».

و منها: ما رواه محمد عن أحدهما عليهما السلام في صلاة العيدين قال:

الصلاة قبل الخطبة و التكبير بعد القراءة سبع في الاولي و خمس في الاخيرة الحديث «6». و منها: ما رواه أبو الصباح «7».

و منها: ما رواه يعقوب بن يقطين قال: سألت العبد الصالح عليه السلام عن التكبير في العيدين قبل القراءة أو بعدها؟ و كم عدد التكبير في الاولي و في الثانية و الدعاء بينهما؟ و هل فيهما قنوت أم لا؟ فقال: تكبير العيدين للصلاة قبل الخطبة تكبر تكبيرة يفتتح بها الصلاة ثم يقرأ و يكبر خمسا و يدعو بينهما (بينها) ثم يكبر اخري و يركع بها فذلك سبع تكبيرات بالتي (بالذي) افتتح بها ثم يكبر في الثانية

______________________________

(1) لاحظ ص: 584

(2) لاحظ ص: 583

(3) لاحظ ص: 583

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث: 3

(5) لاحظ ص: 583

(6) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث: 5

(7) لاحظ ص: 584

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 586

______________________________

خمسا يقوم فيقرأ ثم يكبر أربعا و يدعو بينهن ثم يركع بالتكبيرة الخامسة «1».

و منها ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في صلاة العيدين قال: كبر ست تكبيرات و اركع بالسابعة ثم قم في الثانية فاقرأ ثم كبر أربعا و اركع بالخامسة و الخطبة بعد الصلاة «2» و منها ما رواه الجعفي «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التكبير في الفطر و الاضحي قال: قال: ابدأ تكبر تكبيرة ثم

تقرأ ثم تكبر بعد القراءة خمس تكبيرات ثم تركع بالسابعة ثم تقوم فتقرأ ثم تكبر أربع تكبيرات ثم تركع بالخامسة «4».

و منها: ما رواه أبو اسامة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن التكبير في العيدين قال: سبع و خمس و قال: صلاة العيدين فريضة الحديث «5».

و منها ما رواه هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن التكبير في العيدين قال: سبع و خمس «6».

و منها ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن التكبير في الفطر و الاضحي فقال: خمس و أربع و لا يضرك اذا انصرفت علي وتر «7».

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) لاحظ ص: 584

(4) الوسائل الباب 10 من أبواب صلاة العيد الحديث: 11

(5) نفس المصدر الحديث: 12

(6) نفس المصدر الحديث: 13

(7) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 587

و يقنت عقيب كل تكبيرة (1) و في الثانية يكبر بعد القراءة أربعا و يقنت بعد كل واحدة علي الاحوط في التكبيرات و القنوتات (2) و يجزي في

______________________________

و ربما يقال: بأنه لا بد من رفع اليد عن ظهور هذه النصوص في وجوب التكبيرات بلحاظ حديث زرارة أن عبد الملك بن أعين سأل أبا جعفر عليه السلام عن الصلاة في العيدين فقال: الصلاة فيهما سواء يكبر الامام تكبير الصلاة قائما كما يصنع في الفريضة ثم يزيد في الركعة الاولي ثلاث تكبيرات و في الاخري ثلاثا سوي تكبيرة الصلاة و الركوع و السجود و ان شاء ثلاثا و خمسا و ان شاء خمسا و سبعا بعد أن يلحق ذلك الي وتر «1».

و فيه:

ان ظاهر الرواية وجوب الثلاث فتعارض تلك الروايات و لا وجه للحمل علي الاستحباب و يظهر من جملة من الروايات وصل القراءة بالقراءة و تقديم التكبير في الاولي و تأخيرها في الثانية «2» و حيث ان الطائفة الاولي تخالف قول العامة و الثانية توافقهم علي ما في الحدائق «3» تقدم الطائفة الاولي علي الثانية. مضافا الي أن الالتزام بالطائفة الثانية يخالف السيرة العملية الجارية بين الاصحاب و المتشرعة.

(1) كما صرح به في حديث علي بن أبي حمزة و الجعفي «4» لكن الحديثين كليهما ضعيفان أما الاول بعلي بن أبي حمزة و أما الثاني فبالقروي.

(2) أما وجوب التكبيرات فلما مر في بعض النصوص و أما القنوتات فليس عليها دليل معتبر نعم الظاهر انه لا بأس بالقول بأنه يستفاد وجوب القنوت من حديث

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 17

(2) لاحظ حديث الجعفي ص: 584

(3) الحدائق ج 10 ص 242/ 247/ 248

(4) لاحظ ص: 584/ 585

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 588

القنوت ما يجزي في قنوت سائر الصلوات (1) و الافضل أن يدعو بالمأثور فيقول في كل واحد منها: «اللهم أهل الكبرياء و العظمة و أهل الجود و الجبروت و أهل العفو و الرحمة و أهل التقوي و المغفرة أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا و لمحمد صلي اللّه عليه و آله و سلم ذخرا و مزيدا أن تصلي علي محمد و آل محمد كأفضل ما صليت علي عبد من عبادك و صل علي ملائكتك و رسلك و اغفر للمؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات الاحياء منهم و الاموات اللهم اني أسألك خير ما سألك عبادك الصالحون و أعوذ بك من شر ما استعاذ بك منه عبادك المفلحون

(2).

______________________________

يعقوب بن يقطين «1» فان الظاهر من قوله عليه السلام بعد سؤال السائل عن القنوت «و يدعوا بينها» وجوب القنوت و يؤيده حديث علي بن أبي حمزة و الجعفي «2» فانقدح انه لا وجه للبناء علي الاحتياط كما في المتن.

(1) كما يدل عليه ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الكلام الذي يتكلم به في ما بين التكبيرتين في العيدين قال: ما شئت من الكلام الحسن «3».

(2) كما ورد في حديث محمد بن عيسي بن أبي منصور «4» لكن سند الشيخ الي علي بن حاتم ضعيف و الرواية الاخري أيضا مخدوشة سندا فما في المتن

______________________________

(1) لاحظ ص: 585

(2) لاحظ ص: 584 و 585

(3) الوسائل الباب 26 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 589

و في بعض الروايات غير ذلك (1) و يأتي الامام بخطبتين بعد الصلاة يفصل بينهما بجلسة خفيفة (2) و الاحوط الاتيان بهما (3) و لا يجب الحضور عندهما و لا الاصغاء (4).

[مسألة 462: لا يتحمل الإمام في هذه الصلاة غير القراءة]

(مسألة 462): لا يتحمل الامام في هذه الصلاة غير القراءة (5).

______________________________

انما يتم استحبابه علي القول بثبوت الاستحباب بالتسامح.

(1) فلاحظ.

(2) كما في جملة من النصوص: منها: ما رواه معاوية قال: سألته عن صلاة العيدين فقال: ركعتان الي أن قال: و الخطبة بعد الصلاة و انما أحدث الخطبة قبل الصلاة عثمان و اذا خطب الامام فليقعد بين الخطبتين قليلا و ينبغي للإمام أن يلبس يوم العيدين بردا و يعتم شاتيا كان أو كان قائظا الحديث «1».

و منها: ما رواه محمد عن أحدهما عليهما السلام في صلاة العيدين قال: الصلاة قبل الخطبتين بعد القراءة سبع في الاولي و خمس

في الاخير و كان أول من أحدثها بعد الخطبة عثمان لما أحدث احداثه كان اذا فرغ من الصلاة قام الناس ليرجعوا فلما رأي ذلك قدم الخطبتين و احتبس الناس للصلاة «2».

و منها غيرهما من الروايات المذكورة في الباب 11 من أبواب صلاة العيد من الوسائل.

(3) لا وجه لوجوب الاحتياط فانه لا دليل عليه.

(4) لعدم الدليل عليه.

(5) لعدم الدليل علي تحمل غير القراءة و أما القراءة فيتحمل الامام عن المأموم

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 590

[مسألة 463: إذا لم تجتمع شرائط وجوبها]

(مسألة 463): اذا لم تجتمع شرائط وجوبها ففي جريان احكام النافلة عليها اشكال (1) و الظاهر بطلانها بالشك في ركعاتها (2) و لزوم قضاء السجدة الواحدة اذا نسيت (3) و الاولي سجود السهو عند تحقق موجبه (4).

[مسأله 464: إذا شك في جزء منها و هو في المحل أتي به]

(مسأله 464): اذا شك في جزء منها و هو في المحل أتي به و ان كان بعد تجاوز المحل مضي (5).

[مسألة 465: ليس في هذه الصلاة أذان و لا إقامة]

(مسألة 465): ليس في هذه الصلاة اذان و لا اقامة بل يستحب

______________________________

في صلاة العيدين كما يتحمل في غيرها لإطلاق ادلة التحمل التي قد مر التعرض لها في بحث الجماعة فراجع.

(1) تقريب الجريان أن صلاة العيدين مندوبة و نافلة في هذا الزمان فلا تترتب عليها أحكام الفريضة. و لكن يمكن أن يقال: ان الظاهر من تلك الادلة- و لا أقلّ من الانصراف- ان المراد بها النوافل الاصلية فلا تشمل المقام.

(2) لأنها ثنائية و الشك فيها يوجب البطلان.

(3) قد ظهر الاشكال في ما أفاده مما تقدم من حيث انها نافلة في زمن الغيبة و مما ذكر يظهر الاشكال في لزوم سجود السهو اذا أتي بموجبه فراجع لكن تقدم ان الدليل النافلة منصرف عن المقام.

(4) بل علي الاقوي لإطلاق ادلة سجود السهو و صفوة القول: انه علي القول بعدم جريان احكام النافلة عليها كما هو مفروض كلام الماتن لا وجه للتوقف في جريان حكم السهو عليها و سجدتيه.

(5) لقاعدة التجاوز المقررة عندهم و قد مر منا سابقا الاشكال في ثبوت أصل القاعدة الا في بعض الموارد الخاصة.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 591

أن بقول المؤذن الصلاة ثلاثا (1).

[مسألة 466: وقتها من طلوع الشمس إلي الزوال]

(مسألة 466): وقتها من طلوع الشمس الي الزوال (2).

______________________________

(1) لجملة من النصوص منها: ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: أ رأيت صلاة العيدين هل فيهما أذان و اقامة؟ قال: ليس فيهما اذان و لا اقامة و ليكن ينادي الصلاة ثلاث مرات الحديث «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في الفطر و الاضحي قال: ليس فيها أذان و لا اقامة و ليس بعد الركعتين

و لا قبلهما صلاة «2». و منها: غيرهما المذكور في الباب 7 من أبواب صلاة العيد من الوسائل.

(2) علي المشهور كما في كلام المحقق الهمداني قدس سره و عن المنتهي التصريح بالإجماع و يدل عليه من النصوص ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ليس يوم الفطر و لا يوم الاضحي اذان و لا اقامة اذانهما طلوع الشمس اذا طلعت خرجوا و ليس قبلهما و لا بعدهما صلاة «3».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن الغدو الي المصلي في الفطر و الاضحي فقال: بعد طلوع الشمس «4».

و منها: ما رواه أبو بصير المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يخرج بعد طلوع الشمس «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 29 من أبواب صلاة العيد الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 18 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 592

______________________________

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تخرج من بيتك الا بعد طلوع الشمس «1» و منها: ما رواه ياسر الخادم و الريان بن الصلت «2»

فان المستفاد من هذه النصوص بالفهم العرفي ان اول وقتها طلوع الشمس و لا مجال للنقاش في أن المستفاد من النصوص ان طلوع الشمس وقت الخروج فان الظاهر من هذه النصوص ان طلوع الشمس اعلام لدخول الوقت كما في قوله تعالي: «إِذٰا نُودِيَ لِلصَّلٰاةِ» و أما الخروج الي الصلاة فهو ليس أمرا مضبوطا كي يجعل له وقت و انه يختلف بحسب بعد الطريق و قربه.

هذا بالنسبة الي اول الوقت و

أما انتهائه فيدل علي أن غايته الزوال ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا شهد عند الامام شاهد ان؟؟؟ أبا الهلال منذ ثلاثين يوما أمر الامام بالافطار في ذلك اليوم اذا كانا شهدا قبل زوال الشمس فان شهدا بعد زوال الشمس أمر الامام بافطار ذلك اليوم و أخر الصلاة الي الغد فصلي بهم «3».

فان الظاهر من الرواية ان أمره عليه السلام بالتأخير الي الغد مشروط بالشهادة بعد الزوال و احتمال كون قوله «و اخر الصلاة الي الغد» جملة مستأنفة- كما في الحدائق- خلاف الظاهر من الرواية.

مضافا الي أن لازمه التأخير و لو كان الشهادة في صدر النهار لان عنوان قبل الزوال يصدق عليه فلو كان مقتضي الاطلاق التأخير الي الغد بلا فرق بين كون الشهادة قبل الزوال و بعده فلازمه التأخير علي الاطلاق و لا يمكن الالتزام به فالظاهر امتداد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 593

و الاظهر سقوط قضائها لو فاتت (1) و يستحب الغسل قبلها (2) و الجهر

______________________________

وقته الي الزوال.

و أما مرفوعة محمد بن أحمد قال: اذا أصبح الناس صياما و لم يروا الهلال و جاء قوم عدول يشهدون علي الرؤية فليفطر واو ليخرجوا من الغد اول النهار الي عيدهم «1» فمضافا الي ضعف سندها مطلق قابل للتقييد بالرواية الاولي.

(1) قال في الحدائق: «المشهور عدم القضاء» و مقتضي الأصل و النص عدم وجوبه أما الأول: فان البراءة شرعا و عقلا تقتضي عدم الوجوب اذا لم يقم دليل معتبر علي الوجوب و أما الثاني فما رواه زرارة «2».

و نقل

عن بعض انه استدل علي وجوب قضائها أربعا بما رواه أبو البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال: من فاتته صلاة العيد فليصل أربعا «3».

و هذه الرواية ضعيفة بأبي البختري.

و أما الاستدلال علي الوجوب بما دل علي وجوب القضاء فمضافا الي دعوي اختصاصه باليومية يرد عليه أنه علي فرض الاطلاق يقيد بما تقدم من النص الخاص الدال علي عدم وجوب قضاء صلاة العيدين و أما حديث محمد بن قيس «4» فلا يستفاد منه وجوب القضاء علي الاطلاق أو استحبابه بل يستفاد منه التأخير الي الغد في مورد خاص و الذي يهون الخطب انه لا تجب صلاة العيدين في زمن الغيبة فلا موضوع لوجوب القضاء و أما القضاء انفرادا ندبا مع فواتها فلا دليل عليه فلاحظ.

(2) لاحظ ما روي عن الرضا عليه السلام و فيه: «فلما طلعت الشمس قام عليه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 575

(3) الوسائل الباب 5 من ابواب صلاة العيدين الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 592

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 594

فيها بالقراءة (1) اماما كان أو منفردا (2) و رفع اليدين حال التكبيرات (3) و السجود علي الارض (4) و الاصحار بها (5).

______________________________

السلام فاغتسل و تعمم بعمامة بيضاء من قطن القي طرفا منها علي صدره و طرفا بين كنفيه و تشمر ثم قال لجميع مواليه: افعلوا مثل ما فعلت ثم أخذ بيده عكارا الحديث «1».

(1) لاحظ حديث ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سمعته يقول: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يعتم في العيدين الي أن قال: و يجهر بالقراءة كما يجهر في الجمعة «2».

(2) للإطلاق.

(3) لاحظ ما رواه يونس قال: سألته عن تكبير العيدين

أ يرفع يده مع كل تكبيرة أم يجزيه أن يرفع يديه في أول التكبيرات؟ قال: يرفع مع كل تكبيرة «3».

(4) لاحظ ما عن المقنعة قال: و روي أن الامام يمشي يوم العيد و لا يقصد المصلي راكبا و لا يصلي علي بساط و يسجد علي الارض و اذا مشي رمي ببصره الي السماء و يكبر بين خطواته أربع تكبيرات ثم يمشي «4».

و لاحظ الروايات الواردة في الباب 17 من أبواب صلاة العيد من الوسائل

(5) لاحظ الروايات الواردة في الباب 17 من أبواب صلاة العيد من الوسائل منها: ما رواه أبو بصير يعني ليث المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا ينبغي أن تصلي صلاة العيدين في مسجد مسقف و لا في بيت انما تصلي في الصحراء أو في

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 32 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 19 من أبواب صلاة العيد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 595

الا في مكة المعظمة فان الاتيان بها في المسجد الحرام أفضل (1) و أن يخرج اليها راجلا حافيا لابسا عمامة بيضاء مشمرا ثوبه الي ساقه (2) و أن يأكل قبل خروجه الي الصلاة في الفطر و بعد عوده في الاضحي مما يضحي به ان كان (3)

[و منها: صلاة ليلة الدفن]
اشارة

و منها: صلاة ليلة الدفن و تسمي صلاة الوحشة و هي ركعتان يقرأ في الاولي بعد الحمد آية الكرسي (4).

______________________________

مكان بارد «1».

(1) لاحظ ما رواه حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: السنة علي أهل الأمصار أن يبرزوا من أمصارهم في العيدين الا أهل مكة فانهم

يصلون في المسجد الحرام «2» و غيره مما ورد في الباب 17 من أبواب صلاة العيد من الوسائل.

(2) لاحظ ما رواه ياسر الخادم و الريان و ما رواه في المقنعة «3».

(3) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تخرج يوم الفطر حتي تطعم شيئا و لا تأكل يوم الاضحي شيئا الا من هديك و اضحيتك و ان لم تقو فمعذور «4» و غيره مما ورد في الباب 12 من أبواب صلاة العيد من الوسائل.

(4) لاحظ ما رواه الكفعمي في المصباح قال: صلاة الهدية ليلة الدفن ركعتان:

في الاولي الحمد و آية الكرسي و في الثانية الحمد و القدر عشرا فاذا سلم قال:

اللهم صل علي محمد و آله و ابعث ثوابها الي قبر فلان «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة العيد الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 593 و 594

(4) الوسائل الباب 12 من أبواب صلاة العيد الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 44 من أبواب بقية الصلوات المندوبة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 596

و الاحوط الي: «هم فيها خالدون» (1) و في الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرات و بعد السلام يقول: اللهم صل علي محمد و آل محمد و ابعث ثوابها الي قبر فلان و يسمي الميت (2) و في رواية بعد الحمد في الاولي التوحيد مرتين و بعد الحمد في الثانية سورة التكاثر عشرا ثم الدعاء المذكور (3) و الجمع بين الكيفيتين أولي و أفضل (4).

[مسألة 467: لا بأس بالاستيجار لهذه الصلاة]

(مسألة 467): لا بأس بالاستيجار لهذه الصلاة (5) و ان كان الاولي ترك الاستيجار و دفع المال الي المصلي علي نحو لا يؤذن له بالتصرف فيه الا اذا صلي (6).

[مسألة 468: إذا صلي و نسي آية الكرسي أو القدر أو بعضهما]

(مسألة 468): اذا صلي و نسي آية الكرسي أو القدر او بعضهما

______________________________

(1) فان المراد بها مردد بين الاقل و الاكثر و مقتضي الاحتياط الاتيان بالاكثر.

(2) لاحظ ما رواه الكفعمي «1».

(3) كما رواه الكفعمي «2».

(4) لا اشكال في أن الجمع أولي كما أنه لا اشكال في أنه أفضل و لا يبعد أن يقال: انهما متعارضان و مقتضي التعارض التساقط لكن يمكن أن يقال: ان مقتضي استحباب الصلاة و انها قربان كل تقي محبوبية كلا النحوين و النتيجة ان الجمع بين النحوين أفضل.

(5) فانه قد ثبت في محله انه لا مانع من أخذ الاجرة علي العبادة و لا تنافي بين الامرين فلا مانع من قصد القربة و يقع التعرض للمسألة في محله فانتظر.

(6) لا اشكال في حسن الاحتياط و أولويته.

______________________________

(1) لاحظ ص: 595

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب بقية الصلوات المندوبة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 597

أو أتي بالقدر أقلّ من العدد الموظف فهي لا تجزي عن صلاة ليلة الدفن (1) و لا يحل له المال المأذون له فيه بشرط كونه مصليا اذا لم تكن الصلاة تامة (2).

[مسألة 469: وقتها الليلة الأولي من الدفن]

(مسألة 469): وقتها الليلة الاولي من الدفن (3) فاذا لم يدفن الميت الا بعد مرور مدة أخرت الصلاة الي الليلة الاولي من الدفن (4) و يجوز الاتيان بها في جميع آنات الليل (5) و ان كان التعجيل أولي (6).

[مسألة 470: إذا أخذ المال ليصلي فنسي الصلاة في ليلة الدفن]

(مسألة 470): اذا أخذ المال ليصلي فنسي الصلاة في ليلة الدفن لا يجوز له التصرف في المال الا بمراجعة مالكه (7) فان لم يعرفه

______________________________

(1) اذ المفروض ان الاجارة وقعت علي النحو الخاص فالاجزاء علي خلاف القاعدة و لا دليل عليه.

(2) الظاهر انه لا وجه لما أفاده اذ المفروض صحة الاجارة غاية الامر ثبوت الخيار للمستأجر و له الخيار بين فسخ الاجارة و استرجاع الاجرة و بين ابقائها علي حالها و أخذ اجرة مثل العمل فلاحظ نعم اذا لم يكن علي نحو الاجارة يتم ما أفاده و اللّه العالم.

(3) فانه المستفاد من حديث الكفعمي.

(4) اذ الحكم تابع لموضوعه و المفروض ان الموضوع ليلة الدفن و قد اخرت.

(5) للإطلاق.

(6) فانه لا شبهة أن الاستعجال في الامر المندوب حسن و الاسراع الي الاهداء الي الميت مرغوب فيه.

(7) قد ظهر الاشكال في هذا الفرع مما مر آنفا اذا لمفروض صحة الاجارة و الاجرة مملوكة للأجير فلا وجه لعدم جواز التصرف.

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 598

و لم يمكن معرفته جري عليه حكم مجهول المالك و اذا علم من القرائن انه لو استاذن المالك لأذن له التصرف في المال لم يكف ذلك في جواز التصرف فيه بمثل البيع و الهبة و نحوها (1) و ان جاز بمثل اداء الدين و الاكل و الشرب و نحوهما (2).

[و منها صلاة أول يوم من كل شهر]
اشارة

و منها صلاة اول يوم من كل شهر و هي: ركعتان يقرأ في الاولي بعد الحمد سورة التوحيد ثلاثين مرة و في الثانية بعد الحمد سورة القدر ثلاثين مرة ثم يتصدق بما تيسر يشتري بذلك سلامة الشهر (3) و يستحب قراءة هذه الآيات الكريمة بعدها و هي: بسم اللّه الرحمن الرحيم و ما من دابة

في الارض

______________________________

الا أن يقال: بأن النسيان يوجب عدم قدرته علي العمل فيوجب بطلان الاجارة و مما ذكر تعرف الاشكال فيما فرع عليه من اعمال حكم المجهول المالك مع الاجرة الباقية في يده فلاحظ.

(1) بتقريب: انه لا يكفي مجرد الاذن و الرضا في صحة التصرف الوضعي فان الثمن اذا خرج من كيس المستأجر لا بد من دخول المبيع في كيسه و لا يجوز خروجه من كيس احد و دخوله في كيس شخص اخر.

(2) فان هذه التصرفات تجوز بالاذن و بعبارة اخري يجوز للمالك اباحة التصرف بهذا النحو من التصرفات و لا يخفي انا قد بنينا في بحث المعاملات انه يجوز أن يدخل المعوض في ملك احد و خروج العوض عن ملك شخص آخر و التفصيل موكول الي كتاب البيع فانتظر لكن لا يكفي مجرد العلم بالرضا في التصرف في جواز التصرف الاعتباري فلا يجوز بيع مال أحد مع العلم برضاه و يجوز التصرف الخارجي في مال الغير مع العلم برضاه كالأكل و الشرب.

(3) لاحظ ما رواه الحسن بن علي الوشاء قال: كان أبو جعفر محمد بن علي

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 599

الا علي اللّه رزقها و يعلم مستقرها و مستودعها كل في كتاب مبين بسم اللّه الرحمن الرحيم و أن يمسسك اللّه بضر فلا كاشف له الا هو و ان يمسسك بخير فهو علي كل شي ء قدير بسم اللّه الرحمن الرحيم سيجعل اللّه: بعد عسر يسرا ما شاء اللّه لا قوة الا باللّه حسبنا اللّه و نعم الوكيل و أفوض أمري الي اللّه ان اللّه بصير بالعباد لا إله الا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين رب اني لما أنزلت إلي من خير فقير رب لا

تذرني فردا و أنت خير الوارثين (1).

[مسألة 471: يجوز اتيان هذه الصلاة في تمام النهار]

(مسألة 471): يجوز اتيان هذه الصلاة في تمام النهار (2)

[و منها: صلاة الغفيلة]
اشارة

و منها:

صلاة الغفيلة و هي ركعتان بين المغرب و العشاء يقرأ في الاولي بعد الحمد «وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنٰاديٰ فِي الظُّلُمٰاتِ أَنْ لٰا إِلٰهَ إِلّٰا أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ فَاسْتَجَبْنٰا لَهُ وَ نَجَّيْنٰاهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ» و في الثانية «وَ عِنْدَهُ مَفٰاتِحُ

______________________________

الرضا عليه السلام اذا دخل شهر جديد يصلي في أول يوم منه ركعتين يقرأ في أول ركعة الحمد مرة و قل هو اللّه أحد لكل يوم الي آخره و في الثانية الحمد و انا انزلناه في ليلة القدر مثل ذلك و يتصدق بما يتسهل يشتري به سلامة ذلك الشهر كله «1».

(1) لاحظ ما رواه السيد قدس سره «2».

(2) للإطلاق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 45 من أبواب بقية الصلوات المندوبة الحديث: 1

(2) مستدرك الوسائل الباب 37 من ابواب بقية الصلوات المندوبة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 600

الْغَيْبِ لٰا يَعْلَمُهٰا إِلّٰا هُوَ وَ يَعْلَمُ مٰا فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مٰا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلّٰا يَعْلَمُهٰا وَ لٰا حَبَّةٍ فِي ظُلُمٰاتِ الْأَرْضِ وَ لٰا رَطْبٍ وَ لٰا يٰابِسٍ إِلّٰا فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ» ثم يرفع يديه و يقول: «اللهم اني أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها الا أنت أن تصلي علي محمد و آل محمد و أن تفعل بي كذا و كذا» و يذكر حاجته ثم يقول: «اللهم انت ولي نعمتي و القادر علي طلبتي تعلم حاجتي فأسألك بحق محمد و آله عليه و عليهم السلام لما (1) (و في نسخة) (2) الا قضيتها لي» ثم يسأل حاجته فانها تقضي ان شاء اللّه تعالي و

قد ورد انها تورث دار الكرامة و دار السلام و هي الجنة (3).

[مسألة 472: يجوز الإتيان بركعتين من نافلة المغرب بصورة صلاة الغفيلة]

(مسألة 472): يجوز الاتيان بركعتين من نافلة المغرب بصورة صلاة الغفيلة فيكون ذلك من تداخل المستحبين (4).

[و منها: الصلاة في مسجد الكوفة لقضاء الحاجة]

و منها: الصلاة في مسجد الكوفة لقضاء الحاجة و هي ركعتان

______________________________

(1) لاحظ ما رواه هشام بن سالم «1».

(2) لم أظفر بها.

(3) لاحظ ما رواه الصدوق قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: تنفلوا في ساعة الغفلة و لو بركعتين خفيفتين فانهما تورثان دار الكرامة قال و في خبر آخر دار السلام و هي الجنة و ساعة الغفلة ما بين المغرب و العشاء الآخرة «2».

(4) التداخل علي خلاف قاعدة الاولية كما ثبت في محله و عليه يشكل ما أفاده

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب بقية الصلوات المندوبة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 20 من أبواب بقية الصلوات المندوبة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 601

يقرأ في كل واحدة منهما بعد الحمد سبع سور و الاولي الاتيان بها علي هذا الترتيب الفلق اولا ثم الناس ثم التوحيد ثم الكافرون ثم النصر ثم الاعلي ثم القدر (1) و لنكتف بهذا المقدار من الصلوات المستحبة طلبا للاختصار و الحمد للّه ربنا و هو حسبنا و نعم الوكيل.

______________________________

فان الالتزام بالتداخل مع كونه علي خلاف القاعدة يحتاج الي الدليل و مع عدمه لا يمكن الالتزام به فلاحظ.

(1) لاحظ ما رواه الحذاء قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من كانت له حاجة فليقصد الي مسجد الكوفة و يسبغ وضوئه و يصل في المسجد ركعتين يقرأ في كل واحدة منهما فاتحة الكتاب و سبع سور معها و هي المعوذتان و قل هو اللّه أحد و قل يا ايها الكافرون و اذا جاء نصر اللّه و الفتح و سبح اسم ربك الاعلي و أنا أنزلناه

في ليلة القدر فاذا فرغ من الركعتين و تشهد و سلم و سأل اللّه حاجته فانها تقضي بعون اللّه ان شاء اللّه «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب بقية الصلوات المندوبة الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 5، ص: 602

استدراك

في ص: 345 المسألة 350 في فصل في الشك في ذيل قول الماتن «و اذا شك في بقاء الوقت بني علي بقائه» كتبنا «لاستصحاب بقاء الوقت» الي آخر ما ذكرنا. و الذي ينبغي أن يقال في وجه الاستدلال هكذا: فان المستفاد من الدليل الاتيان بالصلاة حال كون الوقت باقيا فببركة استصحاب بقاء الوقت تصح الصلاة و بعبارة اخري: يتم الموضوع بضم الوجدان الي الأصل فان الصلاة تحرز بالوجدان و الوقت باق بالاستصحاب.

الجزء السادس

كتاب الصوم

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

كتاب الصوم و فيه فصول:

[الفصل الأول: النية]

اشارة

الفصل الاول: النية

[مسألة 1: يشترط في صحة الصوم النية علي وجه القربة]

(مسألة 1): يشترط في صحة الصوم النية علي وجه القربة (1).

______________________________

(1) بلا اشكال و لا كلام فان كون الصوم من العبادات من الواضحات و من الامور المركوزة في أذهان عامة أهل الإسلام و وزانه من هذه الجهة وزان الصلاة.

اضف الي ذلك انه قد ورد في بعض النصوص ان الصوم مما بني عليه الإسلام و ذكر في عداد الصلاة و الزكاة و الحج و الولاية.

لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: بني الإسلام علي خمسة أشياء: علي الصلاة و الزكاة و الحج و الصوم و الولاية الحديث «1».

فان المناسبة بين الموضوع و الحكم تقتضي ان ما يكون الإسلام مبنيا عليه يكون في عداد الصلاة و الحج و يكون قربيا فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 4

لا بمعني وقوعه عن النية كغيره من العبادات الفعلية بل يكفي وقوعه للعجز عن المفطرات أو لوجود الصادف النفساني عنها اذا كان عازما علي تركها لو لا ذلك (1) فلو نوي الصوم ليلا ثم غلبه النوم قبل الفجر أو نام اختيارا حتي دخل الليل صح صومه (2).

______________________________

(1) أي لا يلزم أن يكون الامساك في كل آن من آنات النهار مستندا الي ارادة موافقته لأمر اللّه و الا يلزم بطلانه بانتفاء ذلك بالنوم أو الغفلة أو العجز عن ارتكاب المفطر أو عدم الرغبة فيه أو وجود المنفر الطبيعي عنه و لا يمكن الالتزام بهذا اللازم بلا كلام بل يكفي تحققه بحيث يكون الداعي الالهي مستقلا في الانزجار و لو بنحو التعليق.

و صفوة القول: ان اللازم فيه الاجتناب علي نحو لو تمكن لم يفعل مع كونه للّه.

و ان شئت

قلت: الفعل العبادي يلزم أن يؤتي به مع القصد و الاختيار و يكون الداعي الي فعله التقرب من اللّه.

و أما الترك العبادي فيكفي في تحققه قصد القربة من العبد بأن يكون قاصدا أن لا يرتكب الفعل الفلاني قربة الي المولي و هذا المقدار يكفي في تحقق المأمور به و الا يلزم تحقق الترك في كل آن عن قصد و التفات و الحال انه لا اشكال في صحة الصوم من النائم و الغافل عن كونه صائما و يدل علي المدعي النصوص الدالة علي صحة صوم من أفطر نسيانا اذ الغفلة لو كانت منافية للصوم لم يكن وجه للصحة.

(2) و السيرة قائمة علي الصحة فيكفي تحقق النية من الليل و بعبارة اخري:

لا اشكال في جواز النوم الي ما بعد الفجر و لا يبطل الصوم و عليه لا مجال لما نقل

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 5

و يكفي ذلك في سائر التروك العبادية أيضا (1) و لا يلحق بالنوم السكر و الاغماء علي الاحوط وجوبا (2).

______________________________

عن السيد قدّس سرّه بأن وقت النية آخر جزء من الليل متصل بالنهار.

و يرده انه لو نوي أحد اول الليل أن يصوم ثم نام الي أن طلع الفجر كان صومه صحيحا فلا توقيت فيها.

(1) كتروك الاحرام فان التقريب الذي ذكرناه بالنسبة الي الصوم جار في غيره من سائر التروك العبادية فلاحظ.

(2) الذي يختلج بالبال أن يقال: ان قلنا بالصحة في النائم علي طبق القاعدة بتقريب ان الترك لا يلزم أن يصدر عن التفات و اختيار بل يكفي تحققه بشرط سبق النية فالظاهر الحاق السكر و الاغماء بالنوم لوحدة الملاك اذ لا فرق بين الاغماء و السكر و بين النوم من هذه الجهة فلا وجه

للالتزام بالصحة في النوم دونهما.

و ان قلنا بأن الصحة لأجل قيام السيرة عليها في النوم دونهما فالالحاق في غير محله لعدم الدليل عليه و الظاهر ان الصحة في النوم لأجل السيرة و التسالم فلا وجه للإلحاق اذ لا دليل علي كفايه سبق النية و ان الامر العبادي لا بد في تحققه من قصد القربة و لو ارتكازا و المفروض انتفائها بالنسبة اليهما.

و بعبارة اخري: لا بد في تحقق العبادة من القصد و الاختيار و المفروض ان الصوم أمر ممتد من الفجر الي آخر اليوم فلا بد من تحققه بجميع شراشره قربة الي اللّه و انما التزمنا بالصحة في النائم بالدليل الخارجي فالحق عدم الالحاق.

و العجب من سيدنا الاستاد حيث فرق بين العبادات الوجودية و العدمية و أفاد «بأنه يكفي في الثاني مجرد الترك و لو بلحاظ عدم كون الفعل اختياريا و مع ذلك

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 6

[مسألة 2: لا يجب قصد الوجوب و الندب و لا الأداء و القضاء]

(مسألة 2): لا يجب قصد الوجوب و الندب و لا الاداء و القضاء و لا غير ذلك من صفات الامر و المأمور به بل يكفي القصد الي المأمور به عن أمره كما تقدم في كتاب الصلاة (1).

[مسألة 3: يعتبر في القضاء عن غيره قصد امتثال الامر المتوجه اليه بالنيابة عن الغير]

(مسألة 3): يعتبر في القضاء عن غيره قصد امتثال الامر المتوجه اليه بالنيابة عن الغير علي ما تقدم في النيابة في الصلاة كما أن فعله عن نفسه يتوقف علي امتثال الامر المتوجه اليه بالصوم عن نفسه (2) و يكفي في المقامين القصد الإجمالي (3).

[مسألة 4: لا يجب العلم بالمفطرات علي التفصيل]

(مسألة 4): لا يجب العلم بالمفطرات علي التفصيل فاذا قصد

______________________________

استشكل في المقام في الصحة بالنسبة الي الاغماء و السكر «1».

مضافا الي أنه كيف يكفي عدم القدرة اذ مع عدمها لا وجه للنهي عن الفعل أو البعث نحو الترك فانه تحصيل للحاصل.

(1) الامر كما أفاده فان قصد الوجه غير واجب كما ثبت في محله كما أن التعرض للقضاء و الاداء لا دليل علي وجوبه بل يكفي تعلق القصد بامتثال الامر الفعلي المتوجه اليه كما أن التعرض لبقية الخصوصيات لا دليل عليه فلا يجب.

(2) اذ النائب يمتثل الامر المتوجه اليه لا الامر الي غيره مضافا الي أن الامر غير متوجه الي المنوب عنه اذ تعلق الامر بالميت لا معني له لكن يمكن تصور النيابة عن الحي فهذا التقريب لا يتم إلا في موارد النيابة عن الميت.

(3) اذ أزيد من هذا المقدار لا دليل علي وجوبه و لزومه فيكفي القصد الإجمالي.

______________________________

(1) مستند العروة ج 1 من الصوم ص: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 7

الصوم عن المفطرات اجمالا كفي (1).

[مسألة 5: لا يقع في شهر رمضان صوم غيره]

(مسألة 5): لا يقع في شهر رمضان صوم غيره (2).

______________________________

(1) اذ لا دليل عليه بل المستفاد من الادلة وجوب الامساك عن عدة اشياء فلو نوي المكلف الاجتناب عنها علي ما هي عليها كفي.

(2) ما يمكن أن يقال في وجه ما ذكر أمور: الاول: عدم الدليل علي المشروعية.

و فيه: انه تكفي دليلا اطلاقات الادلة فان تلك الادلة تشمل مفروض الكلام و لو علي نحو الترتب فانه قد ثبت في الاصول صحته بل مقتضي القاعدة الصحة حتي علي القول ببطلان الترتب كما لو نذر المكلف أن يصوم في السفر و سافر في شهر رمضان يجوز أن يصوم الصوم النذري في السفر

في شهر رمضان اذ خطاب وجوب الصوم الرمضاني لا يتوجه الي المسافر فيبقي الصوم النذري بلا مزاحم فلاحظ.

الثاني: قوله تعالي: «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَ مَنْ كٰانَ مَرِيضاً أَوْ عَليٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّٰامٍ أُخَرَ» «1» بتقريب: ان المستفاد من الاية عدم المشروعية.

و فيه: ان عدم مشروعية الصوم المستفاد من الاية بالنسبة الي صوم رمضان لا مطلق الصوم مضافا الي أن غاية ما يستفاد منها المنع بالنسبة الي المسافر و المريض لا مطلق المكلف.

الثالث: مرسل الجمال عن رجل قال: كنت مع أبي عبد اللّه عليه السلام فيما بين مكة و المدينة في شعبان و هو صائم ثم رأينا هلال شهر رمضان فأفطر فقلت له:

جعلت فداك أمس كان من شعبان و أنت صائم و اليوم من شهر رمضان و أنت مفطر.

فقال: ان ذلك تطوع و لنا أن نفعل ما شئنا و هذا فرض فليس لنا أن نفعل الا ما امرنا «2».

______________________________

(1) سورة البقرة/ 184.

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 8

علي اشكال (1).

______________________________

بتقريب: ان المستفاد منه المنع من الصوم في رمضان. و فيه: ان المستفاد من الحديث المنع عن صوم رمضان في السفر و لا يستفاد منه المنع من مطلق الصوم كما هو محل الكلام.

الرابع: ما أرسله اسماعيل بن سهل عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

خرج أبو عبد اللّه عليه السلام من المدينة في أيام بقين من شهر شعبان فكان يصوم ثم دخل عليه شهر رمضان و هو في السفر فأفطر فقيل له تصوم شعبان و تفطر شهر رمضان؟

فقال: نعم شعبان إلي ان شئت صمت و ان شئت لا و شهر رمضان عزم

من اللّه عز و جل علي الافطار «1» و التقريب هو التقريب و الجواب هو الجواب اضف الي ما ذكر ان المرسلات لا اعتبار بها.

الخامس النبوي: «ليس من البر الصيام في السفر «2» و من الظاهر انه لا يرتبط الحديث بالمقام لان المستفاد منه النهي عن الصوم في السفر مضافا الي ضعفه سندا.

السادس: ما هو المغروس في أذهان المتشرعة من عدم الجواز و عن الجواهر «انه المعروف في الشريعة بل كاد يكون من قطعيات أربابها ان لم يكن من ضرورياتها».

و هذا هو العمدة في وجه المنع و الا فلقائل أن يقول: بالجواز و لو من باب تطبيق قاعدة الترتب علي المقام فلاحظ.

(1) قد ظهر وجهه مما ذكرنا.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) مستدرك الوسائل الباب 9 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 9

فان نوي غيره بطل الا أن يكون جاهلا به أو ناسيا له فيجزي عن رمضان حينئذ لا عن ما نواه (1).

______________________________

(1) نقل حكاية الاجماع عليه عن غير واحد و البحث في المقام يقع تارة فيما هو مقتضي القاعدة و اخري فيما هو مقتضي النص الخاص أما بحسب القواعد الاولية فان رجع القصد الي ما هو الوظيفة الفعلية و يكون الخطأ في التطبيق يكون الصوم صحيحا و يكون محسوبا من رمضان بلا اشكال.

و أما اذا لم يكن الخطأ في التطبيق فيشكل الاجزاء اذ ما تعلق به القصد غير قابل للتحقق و ما يكون قابلا لم يتعلق به القصد.

هذا بحسب القواعد و أما بحسب النصوص الواردة في المقام فهي تدل علي احتسابه من رمضان و ان قصد غيره لاحظ ما رواه سماعة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل

صام يوما و لا يدري أمن شهر رمضان هو أو من غيره فجاء قوم فشهدوا انه كان من شهر رمضان فقال بعض الناس عندنا لا يعتد به فقال: بلي فقلت:

انهم قالوا: صمت و أنت لا تدري أمن شهر رمضان هذا أم من غيره فقال: بلي فاعتد به فانما هو شي ء وفقك اللّه له انما يصام يوم الشك من شعبان و لا يصومه من شهر رمضان لأنه قد نهي أن ينفرد الانسان بالصيام في يوم الشك و انما ينوي من الليلة انه يصوم من شعبان فان كان من شهر رمضان أجزأ عنه بتفضل اللّه و بما قد وسع علي عباده و لو لا ذلك لهلك الناس «1».

فان المستفاد من هذه الرواية انه لو صام يوم الشك بعنوان شعبان و كان اول رمضان يصح صومه و يحسب من رمضان.

و ربما يشكل بأن النصوص ناظرة الي الجاهل فلا وجه لإلحاق الناسي به

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 10

[مسألة 6: يكفي في صحة صوم رمضان القصد اليه و لو اجمالا]

(مسألة 6): يكفي في صحة صوم رمضان القصد اليه و لو اجمالا فاذا نوي الصوم المشروع في غد و كان من رمضان أجزأ عنه (1).

أما اذا قصد صوم غد دون توصيفه بخصوص المشروع لم يجز (2) و كذا الحكم في سائر أنواع الصوم من النذر أو الكفارة أو القضاء فما لم يقصد المعين لا يصح (3) نعم اذا قصد ما في ذمته و كان واحدا أجزأ عنه (4).

______________________________

و المفروض ان مقتضي القاعدة عدم الاحتساب من رمضان.

و لكن يمكن أن يقال: ان العرف يفهم من التعبير الواقع في جملة من نصوص الباب «فانما هو شي ء وفقك اللّه له» عدم الفرق بين

الجهل و النسيان.

لكن لقائل أن يقول: بأنه لو كان المكلف عالما بكونه من رمضان و لكن لا يعلم بعدم جواز الاتيان بصوم آخر فأتي به فهل يمكن الالتزام بالصحة؟.

(1) اذ لا دليل علي وجوب شي ء زائد بعد تحقق الامتثال. و بعبارة اخري:

الواجب بحكم العقل الاتيان بمتعلق التكليف و المفروض الاتيان به مع قصد القربة فيحصل الامتثال الواجب.

(2) اذ يلزم في تحقق الامتثال الانبعاث من الامر المتوجه اليه من قبل المولي و المفروض عدم الانبعاث و عدم قصد امتثال الواجب لا تفصيلا و لا اجمالا فلا مقتضي للاجزاء.

(3) لوحدة الملاك.

(4) اذ المفروض تحقق الامتثال فان الواجب عليه معين عند اللّه و المكلف قصد امتثاله فيجزي.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 11

و يكفي في صحة الصوم المندوب المطلق نية صوم غد قربة الي اللّه تعالي اذا لم يكن عليه صوم واجب (1) و لو كان غد من أيام البيض مثلا فان قصد الطبيعة الخاصة صح المندوب الخاص (2) و الأصحّ مندوبا مطلقا (3).

[مسألة 7: وقت النية في الواجب المعين و لو بالعارض عند طلوع الفجر الصادق]

(مسألة 7): وقت النية في الواجب المعين و لو بالعارض عند طلوع الفجر الصادق بحيث يحدث الصوم حينئذ مقارنا للنية و في الواجب غير المعين يمتد وقتها الي الزوال و ان تضيق وقته فاذا أصبح ناويا للإفطار و بدا له قبل الزوال أن يصوم واجبا فنوي الصوم أجزأه و ان كان ذلك بعد الزوال لم يجز و في المندوب يمتد وقتها

______________________________

(1) كما يتعرض الماتن في الفصل الرابع لاشتراط جواز التطوع بالصوم بعدم تحقق الصوم الواجب بالمكلف و نتعرض ان شاء اللّه تعالي هناك لشرح الفرع المذكور.

(2) كما هو ظاهر اذ المفروض انه قصد امتثال الامر الفعلي المتعلق بالحصة الخاصة.

(3) لم يظهر لي المراد فان المفروض

ان الصوم في الصورة المذكورة صوم خاص و المكلف اما قصد امتثاله و لو اجمالا و اما لم يقصد الحصة الخاصة أما علي الاول فيتحقق الامتثال لتمامية مقتضيه و أما علي الثاني فلا مقتضي لتحقق الامتثال لان المجعول من قبل المولي ليس الا الامر بالحصة الخاصة و المفروض عدم تعلق القصد بها فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 12

الي أن يبقي من النهار ما يمكن فيه تجديد النية (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول: ان آخر وقت النية في الواجب المعين اذا كان من شهر رمضان عند طلوع الفجر الصادق و الوجه فيه ان الصوم من العبادات فلا بد من وقوعه مع نية القربة من أوله الي آخره و نقل عن بعض جواز التأخير الي الزوال و عن بعض أخر جوازه الي ما قبل الغروب.

و لكن لا يمكن المساعدة عليهما مع البناء علي عبادية الصوم و عن ابن أبي عقيل: لزوم تقديمها من الليل و يمكن الاستدلال عليه بما عن النبي صلي اللّه عليه و آله أنه قال: لا صيام لمن لا يبيت الصيام من الليل «1».

و من الظاهر ان المرسل لا اعتبار به و الحق جواز النية في كل جزء من الليل كما مر.

و صفوة القول: ان اللازم تحقق الصوم بقصد القربة بالنحو الذي تقدم.

الفرع الثاني: ان آخر وقت النية في الواجب المعين- و لو بالعارض- عند طلوع الفجر الصادق فلو نذر أن يصوم اليوم السادس من شهر رجب- مثلا- لا يجوز تأخير نيته من الفجر الصادق.

و الوجه فيه: ما تقدم من أن الصوم عمل عبادي يجب أن يتحقق بنية القربة من أو له الي آخره و بعبارة اخري: مقتضي القاعدة وجوب مقارنته مع

النية من أو له الي آخره و كفاية نحو آخر يحتاج الي الدليل.

و يمكن أن يقال: ان مقتضي بعض النصوص الواردة في المقام جواز تأخير نية الواجب المعين الي الزوال و نتعرض للنّصّ المشار اليه في الفروع الآتية فانتظر

الفرع الثالث: ان الواجب غير المعين يمتد وقت نيته الي الزوال و ادعي

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 2 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 13

______________________________

عدم الخلاف المعتد به فيه و عن المدارك: «انه مما قطع به الاصحاب» و استدل عليه بجملة من النصوص:

منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت له:

ان رجلا أراد أن يصوم ارتفاع النهار أ يصوم؟ قال: نعم «1».

و أفاد سيدنا الاستاد: «انه لا يبعد ظهور هذه الرواية في الصوم الندبي بتقريب: انه عبر فيها بارادة المكلف الصوم فيستفاد منها أنه له أن يريد و له أن لا يريد و المنصرف في مثله المتطوع و لو بني علي اطلاقها شملت الواجب غير المعين حيث انه بميله و ارادته يطبق الواجب علي هذا الفرد فهذه الرواية اما خاصة بالنافلة أو عامة لها و لغير المعين لأجل تعليق الحكم علي رغبته و ارادته» «2».

و يرد عليه ان الارادة وردت في سؤال الراوي لا في كلام الامام عليه السلام و الظاهر من السؤال ان المكلف اذا لم يكن ناويا من الليل و بعد ارتفاع النهار اراد الصوم فهل يجوز ذلك أم لا؟.

و بعبارة اخري: السؤال عن حكم تأخير النية و انه هل يكون مضرا بصحة الصوم أم لا يضر فأجاب عليه السلام بعدم كونه مضرا و يكون جائزا و مقتضي اطلاق الرواية شمولها للنافلة و الفريضة

غير المعين وقتها و المعين بل لا يبعد ان اطلاقها يشمل صوم رمضان و التخصيص بغير المعين يحتاج الي دليل و عليه يشكل ما مر في الفرع الثاني من أن آخر وقت النية في المعين هو الفجر الصادق.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام في الرجل يبدو له بعد ما يصبح و يرتفع النهار في صوم ذلك اليوم ليقضي من شهر

______________________________

(1) الوسائل الباب: 2 من ابواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 1

(2) مستند العروة ج 1 من الصوم ص: 48

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 14

______________________________

رمضان و لم يكن نوي ذلك من الليل قال: نعم ليصمه و ليعتد به اذا لم يكن أحدث شيئا «1». قال سيدنا الاستاد «يستفاد من كلمة «يبدو» ان القضاء ليس متعينا عليه بحيث يكون مختارا بين الصوم و عدمه فلا تشمل الرواية الواجب المعين» «2».

و فيه: ما تقدم آنفا فان هذه الكلمة واردة في سؤال الراوي و نظر السائل الي أن التاخير هل يضر أم لا؟ و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين غير المعين و المعين فلاحظ.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال علي عليه السلام: اذا لم يفرض الرجل علي نفسه صياما ثم ذكر الصيام قبل أن يطعم طعاما أو يشرب شرابا و لم يفطر فهو بالخيار ان شاء صام و ان شاء أفطر «3».

و مقتضي هذه الرواية صحة الصوم مع التأخير في النية و الظاهر من الرواية بيان حكم الواجب غير المعين أو الاعم منه و من المندوب و لا تشمل الواجب المعين فان قوله عليه السلام: «فهو بالخيار ان شاء صام و ان شاء أفطر»

يقتضي أن لا يكون الصوم متعينا عليه و الا لم يكن وجه للخيار فلاحظ.

و منها: ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان و يريد أن يقضيها متي يريد أن ينوي الصيام؟ قال: هو بالخيار الي أن تزول الشمس فاذا زالت الشمس فان كان نوي الصوم فليصم و ان كان نوي الافطار فليفطر سئل فان كان نوي الافطار يستقيم أن ينوي الصوم بعد ما

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 2

(2) مستند العروة ج 1 من الصوم ص: 49

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 15

______________________________

زالت الشمس؟ قال: لا الحديث «1».

و هذه الرواية تدل علي المدعي بوضوح لكن سند الرواية مخدوش بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال.

و منها: ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

الرجل يصبح و لا ينوي الصوم فاذا تعالي النهار حدث له رأي في الصوم فقال: ان هو نوي الصوم قبل أن تزول الشمس حسب له يومه و ان نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوي «2».

فان اطلاق صدر الحديث يشمل الصوم المندوب و الواجب بل يمكن أن يقال: ان مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين الموسع و المضيق فلاحظ.

فتحصل ان الواجب غير المعين يمتد وقت نيتها الي الزوال بل المستفاد من بعض النصوص ان حكم المعين كذلك أيضا.

الفرع الرابع: ان الواجب غير المعين لا يجوز تأخير نيته عن الزوال و علي فرض التأخير لا يكون الصوم صحيحا و هذا هو المشهور بين القوم و نقل عن ابن

الجنيد جواز تجديد النية بعد الزوال.

و استدل علي مذهب المشهور بما رواه عمار «3» فانه يستفاد من هذه الرواية التفصيل بين ما قبل الزوال و ما بعده اي يجوز التجديد قبل الزوال و أما بعده فلا و الرواية و ان كانت واردة في قضاء شهر رمضان لكن ببركة عدم القول بالفصل يسري الحكم الي غير موردها.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) لاحظ ص: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 16

______________________________

و يرد علي الاستدلال بالرواية انها ضعيفة سندا لضعف اسناد الشيخ الي ابن فضال مضافا الي أن عدم القول بالفصل لا يترتب عليه أثر.

و استدل سيدنا الاستاد علي المدعي بما رواه هشام «1» بتقريب: ان المستفاد من الرواية التفصيل بين تجديد النية قبل الزوال و تجديدها بعده فعلي الاول يحسب اليوم بتمامه و علي الثاني يحسب من وقت النية و حيث ان هذا المقدار لا يجزي في الصوم الواجب يحمل الذيل علي الصوم الندبي كما يظهر من صاحب الحدائق هذا المعني أيضا «2».

فالنتيجة ان المستفاد من الحديث التفصيل في الصوم الواجب و هو المطلوب «3».

و يرد عليه انه لا دليل علي هذا المدعي فان المستفاد من الحديث صحة الصوم مع تجديد النية بلا فرق بين أن يكون قبل الزوال أو بعده و انما الفرق من ناحية المثوبة و القاعدة تقتضي ذلك اذا لامتثال انما يحصل في تلك الساعة التي تكون ظرفا للنية و لكن في النفس شي ء و ما أفاده سيدنا الاستاد ليس بعيدا فلاحظ.

و استدل علي مذهب ابن الجنيد بما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن موسي عليه السلام عن الرجل يصبح و لم يطعم و لم يشرب و لم

ينو صوما و كان عليه يوم من شهر رمضان أ له أن يصوم ذلك اليوم و قد ذهب عامة النهار؟ فقال:

نعم له أن يصومه و يعتد به من شهر رمضان «4».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية جواز التأخير مع ذهاب أكثر النهار.

______________________________

(1) لاحظ ص: 15

(2) الحدائق الناضرة ج 13 ص 24

(3) مستند العروة ج 1 من الصوم ص: 54

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 17

______________________________

و أورد سيدنا الاستاد علي هذا الاستدلال بأن ما بين الطلوعين داخل في الصوم فلو جدد النية قبل الزوال بمقدار نصف ساعة يصدق العنوان المأخوذ في الرواية و هو ذهاب عامة النهار.

و بعبارة اخري: من قبل الزوال من أول الفجر الصادق الي الزوال و هذا المقدار أكثر من المقدار المحسوب من الزوال فيصدق الموضوع في الفرض المذكور فغاية ما في الباب الاطلاق فان مقتضاه جواز النية بعد الزوال أيضا فلا بد ما تقييده بما رواه هشام بمقتضي قانون تقييد المطلق بالمقيد» «1».

و يرد عليه: ان النهار يحسب من أول طلوع الشمس لا من أول الفجر فلا وجه للاحتساب المذكور مضافا الي أن ذهاب عامة النهار ظاهر في أنه لم يبق منه الا مقدار قليل و لا يصدق هذا العنوان بمجرد كون الذاهب أكثر من الباقي.

و بعبارة اخري: فرق بين أن يقال: ذهب أكثر النهار و بين أن يقال: ذهب عامة النهار و العرف ببابك.

فنقول: ان قلنا: بأن حديث هشام لا يدل علي التفصيل بين ما قبل الزوال و بعده و لا يكون معارضا مع رواية عبد الرحمن فالصحيح مذهب ابن الجنيد لحديث عبد الرحمن و ان قلنا بأنه يعارضه حديث هشام اذ

يدل علي التفصيل بين ما قبل الزوال و ما بعده فلا بد من اعمال قانون التعارض و حيث انه لا مرجح لا حد الطرفين لا من الكتاب و لا من حيث مخالفة العامة تصل النوبة الي الترجيح بالاحدثية و الترجيح من هذه الناحية مع رواية عبد الرحمن فانها مروية عن أبي الحسن عليه السلام و تلك الرواية مروية عن أبي عبد اللّه عليه السلام و اللّه العالم.

الفرع الخامس: ان الواجب غير المعين يجوز تأخير النية فيه الي الزوال

______________________________

(1) مستند العروة ج 1 من الصوم ص 54

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 18

______________________________

و ان تضيق وقته.

و الوجه فيه اطلاق بعض نصوص الباب فان مقتضاه عدم الفرق بين الموسع و المعين بضيق الوقت و لم يظهر لي وجه تفريق سيدنا الاستاد بين المعين من أول الامر و بين المعين بضيق الوقت حيث لم يجوز التأخير في النية في الاول و جوز التأخير في الثاني فان مستند الحكم نصوص الباب فعلي تقدير الالتزام بالاطلاق و لو في بعضها لا بد من الالتزام بجواز التأخير علي الاطلاق و الا فلا بد من الالتزام بعدم الجواز كذلك فلاحظ.

الفرع السادس: انه هل يجوز تأخير النية في الصوم المندوب الي أن يبقي من النهار ما يمكن فيه تجديد النية- كما عليه الماتن- و المسألة ذات قولين:

احدهما: جواز التاخير الي أن يبقي من النهار ما يمكن فيه تجديد النية.

ثانيهما: ما نسب الي المشهور من أن المندوب كالفريضة من حيث التحديد الي الزوال.

و استدل سيدنا الاستاد علي القول الاول بما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يدخل الي أهله فيقول: عندكم شي ء و إلا صمت

فان كان عندهم شي ء أتوه به و إلا صام «1».

بتقريب: ان التعبير ب (كان) ظاهر في الاستمرار و لا شك ان الدخول الي الاهل غالبا انما هو بعد الزوال لأجل تناول الطعام فتدل علي جواز تجديد النية بعد الزوال.

و يرد عليه ان الغلبة المدعاة في عصره عليه السلام مورد المناقشة و الاشكال بل يمكن أن يكون المراد دخوله بعد الفجر أو بعد طلوع الشمس فلا تدل الرواية

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 19

______________________________

علي المدعي.

و استدل سيد المستمسك قدس سره باطلاق الرواية علي المدعي بدعوي: ان اطلاقها يشمل بعد الزوال.

و فيه: انه يحتمل أن يكون مراد الامام عليه السلام دخوله عليه السلام بعد طلوع الشمس الا أن يقال: بأن مقصود الامام من نقل هذه القضية ليس مجرد الحكاية و الأخبار عن فعل أمير المؤمنين عليه السلام بل في مقام بيان حكم تأخير النية بهذا النحو فيتم الاطلاق فتأمل.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصائم المتطوع تعرض له الحاجة قال: هو بالخيار ما بينه و بين العصر و ان مكث حتي العصر ثم بدا له أن يصوم و ان لم يكن نوي ذلك فله أن يصوم ذلك اليوم ان شاء «1».

فان المستفاد من هذه الرواية بالصراحة جواز تأخير النية الي ما بعد الزوال.

و يعارض دليل الجواز ما رواه ابن بكير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يجنب ثم ينام حتي يصبح أ يصوم ذلك اليوم تطوعا؟ فقال: أ ليس هو بالخيار ما بينه و نصف النهار «2».

فان المستفاد من الخبر المذكور ان الخيار

محدود بالزوال فلا بد من علاج التعارض.

و يمكن أن يجمع بين الطرفين ببركة رواية اخري لهشام «3» بأن نقول:

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 20 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 20

[مسألة 8: يجتزئ في شهر رمضان كله بينة واحدة قبل الشهر]

(مسألة 8): يجتزئ في شهر رمضان كله بينة واحدة قبل الشهر (1).

______________________________

التفصيل بين ما قبل الزوال و ما بعده باعتبار الاثابة و الجزاء فالنتيجة جواز التأخير و لكن التقديم أكثر ثوابا.

و ان أبيت عما ذكر فالمتعارضان يتساقطان لعدم مرجح في أحد الطرفين فالمرجع مطلقات الباب فانها تكفي لإثبات المدعي لاحظ احاديث ابن سنان و محمد بن قيس و الحلبي «1».

(1) يظهر من بعض الكلمات انه ادعي عليه الاجماع من جملة من الاساطين و يمكن أن يستدل عليه بقوله تعالي: «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» «2».

فان المستفاد من الاية المباركة ان من شهد شهر رمضان يجب عليه صومه من أوله الي آخره بنحو الوجوب التعليقي و لا يكون المراد أن جميع الشهر ظرف لواجب واحد ارتباطي و يكون صوم كل يوم جزءا من الواجب الواحد فان هذا باطل قطعا بل لكل يوم وجوب و صوم كل يوم واجب مستقل في قبال بقية الايام و لكن لا مانع من تعلق الوجوب الي المكلف بالنسبة الي كل يوم من أول الليلة الاولي من الشهر بنحو الوجوب التعليقي فعليه يكفي نية الصوم لتمام الشهر دفعة واحدة و يكفي بقائها في خزانة النفس بنحو الارتكاز.

و بعبارة اخري: كما أن نية الصوم في الليل تكفي لصوم الغد كذلك تكفي نية واحدة لتمام الشهر.

و ربما يقال- كما في المستمسك- ان كان الداعي الارتكازي

كافيا في تحقق العبادة فلا فرق بين تحقق النية في الليل بالنسبة الي صوم الغد و بين تحققها اول

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 3 و لاحظ ص: 13 و 14

(2) البقرة/ 185

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 21

و الظاهر كفاية ذلك في غيره أيضا كصوم الكفارة و نحوها (1).

[مسألة 9: إذا لم ينو الصوم في شهر رمضان لنسيان الحكم أو الموضوع أو للجهل بهما و لم يستعمل مفطرا]

(مسألة 9): اذا لم ينو الصوم في شهر رمضان لنسيان الحكم أو الموضوع أو للجهل بهما و لم يستعمل مفطرا ففي الاجتزاء بتجديد نيته اذا تذكر أو علم قبل الزوال اشكال (2).

______________________________

الشهر أو قبله اذ المفروض بقاء النية في خزانة النفس و ان لم يكن كافيا فلا أثر للنية حتي في الليل بالنسبة الي الغد «1».

(1) لوحدة الملاك ففي كل مورد يكون الوجوب فعليا و لو كان الواجب استقباليا يجوز تقديم النية. و بعبارة اخري: كفاية النية الواحدة في اول شهر رمضان ليست مدلول دليل خاص كي يقال: باختصاصه بمورده بل جوازه كما مر علي طبق القاعدة و حكم الامثال واحد فلاحظ.

(2) المشهور بين الاصحاب جواز تجديد النية قبل الزوال في الفروض المذكورة في المتن و ما ذكر في وجه الجواز امور.

الاول: ما ورد في المسافر من أنه اذا قدم أهله قبل الزوال و لم يأت بالمفطر يجدد النية و يصوم «2».

مع ان المسافر لم يكن مكلفا بالصوم فاذا كان الامر بالنسبة اليه كذلك مع عدم كونه مكلفا فبطريق أولي يثبت بالنسبة الي من يكون الصوم واجبا بالنسبة اليه كالفروض المذكورة.

و فيه: ان التعدي من مورد النص الي غيره يحتاج الي الدليل و لا أولوية اذ مبدأ نية المسافر القادم أهله زمان قدومه من السفر و أما الجاهل و الناسي فزمان

______________________________

(1)

مستمسك العروة. ج 8 ص 221

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 22

______________________________

النية بالنسبة اليهما طلوع الفجر فلا وجه للقياس.

و صفوة القول: انه لا دليل علي التعدي و الاحكام الشرعية تعبدية.

الثاني: حديث الرفع «1» بتقريب: ان مقتضاه عدم وجوب النية في هذا المقدار من الزمان.

و فيه: انه لا اشكال في كون الرفع المستفاد من الحديث عذرا للمكلف و لم تكن النية واجبة علي الجاهل و الناسي غاية الامر يكون الرفع بالنسبة الي الجاهل ظاهريا و بالنسبة الي الناسي واقعيا لكن لا يستفاد من الحديث كفاية العمل الناقص عن التمام.

و بعبارة اخري: شأن الحديث رفع الحكم اما ظاهرا أو واقعا و أما اثبات أمر آخر من الاجزاء و غيره فلا يستفاد منه.

الثالث: المرسل: ان ليلة الشك أصبح الناس فجاء أعرابي فشهد برؤية الهلال فأمر صلي اللّه عليه و آله مناديا ينادي: من لم يأكل فليصم و من أكل فليمسك «2».

و فيه: ان المرسل لا اعتبار به مضافا الي ما فيه من الاشكال فلاحظ.

الرابع: اطلاق بعض نصوص جواز التأخير كحديث ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في حديث: ان بدا له ان يصوم بعد ما ارتفع النهار فليصم فانه يحسب له من الساعة التي نوي فيها «3».

فان مقتضي اطلاق هذه الرواية و غيرها شمول الحكم لمثل الفرض الا أن يكون

______________________________

(1) الوسائل الباب 56 من أبواب جهاد النفس

(2) مستمسك العروة ج 8 ص 214

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 23

و الاحتياط بتجديد النية و القضاء لا يترك (1).

[مسألة 10: إذا صام يوم الشك بنية شعبان ندبا أو قضاء أو نذرا أجزأ عن شهر رمضان ان كان]

(مسألة 10): اذا صام يوم

الشك بنية شعبان ندبا أو قضاء أو نذرا أجزأ عن شهر رمضان ان كان و اذا تبين انه من رمضان قبل الزوال أو بعده جدد النية و ان صامه بنية رمضان بطل و ان صامه بنية الامر الواقعي المتوجه اليه اما الوجوبي أو الندبي فالظاهر الصحة و ان صامه علي أنه ان كان من شعبان كان ندبا و ان كان من رمضان كان وجوبا فالظاهر البطلان و اذا أصبح فيه ناويا للإفطار فتبين أنه من رمضان قبل تناول المفطر فان كان قبل الزوال فالاحوط تجديد النية ثم القضاء و ان كان بعده أمسك وجوبا و عليه قضائه (2).

______________________________

الاجماع و التسالم علي خلافه و اللّه العالم.

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط و قد مر ما هو الاظهر و اللّه العالم.

(2) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول: انه لو صام يوم الشك بنية شعبان ندبا فبان انه من رمضان أجزأ عنه و ادعي عليه الاجماع.

و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه سماعة «1». و في قبال النصوص الدالة علي الصحة ما يدل علي البطلان و عدم الاحتساب و ان كان من رمضان لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان فقال: عليه قضائه و ان كان كذلك «2».

و لاحظ ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في يوم الشك:

من صامه قضاه و ان كان كذلك يعني من صامه علي أنه من شهر رمضان بغير رؤية

______________________________

(1) لاحظ ص: 9

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 24

______________________________

قضاه و ان كان يوما

من شهر رمضان لان السنة جاءت في صيامه علي أنه من شعبان و من خالفها كان عليه القضاء «1».

و ما تقدم من حديث سماعة الدال علي التفصيل يجمع به بين المتعارضين فتكون النتيجة انه لو صام بعنوان رمضان يبطل و ان كان بعنوان شعبان يصح و يحسب من رمضان و يوم وفق له.

الفرع الثاني: انه لا فرق في الاجزاء بين أن يصوم ندبا و بين أن يصوم بعنوان القضاء أو الوفاء بالنذر فانه يجزي عن رمضان مطلقا و الدليل عليه مضافا الي الاتفاق المدعي في المقام اطلاق جملة من نصوص الباب.

لاحظ ما رواه معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان فيكون كذلك فقال: هو شي ء وفق له «2».

فان الموضوع المأخوذ في الدليل الصوم يوم الشك و انصراف الصوم الي الصوم المندوب ليس بنحو يعتد به.

و ان شئت قلت: الانصراف المدعي يزول بالتأمل سيما مع ملاحظة ان من عليه الصوم الواجب لا يجوز له الانيان بالصوم الندبي.

فالنتيجة ان صوم يوم الشك بأي عنوان كان يحسب من رمضان بعد انكشاف الحال.

و ربما يستفاد من حديث بشير النبال عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن صوم يوم الشك فقال: صمه فان يك من شعبان كان تطوعا و ان يك من شهر رمضان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 25

______________________________

فيوم وفقت له «1»، انه لا بد من الاتيان بالصوم يوم الشك بعنوان التطوع.

و هذه الرواية ضعيفة سندا فلا تصل النوبة الي التعرض لدلالتها علي المدعي.

و في المقام روايات يستفاد منها النهي عن

الصوم يوم الشك منها: ما رواه قتيبة الاعشي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن صوم ستة أيام: العيدين و أيام التشريق و اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان «2».

و هذه الرواية قابلة للتقييد بما دل علي النهي عن الصوم بعنوان رمضان و الجواز بعنوان شعبان لاحظ ما رواه سماعة «3» فرواية الاعشي تقيد بهذه الرواية و لا وجه للحمل علي الكراهة- كما عن بعض- بعد قابلية تقييدها بما ذكر.

و منها: ما رواه محمد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن اليوم الذي يشك فيه و لا يدري أ هو من شهر رمضان أو من شعبان فقال: شهر رمضان شهر من الشهور يصيبه ما يصيبه الشهور من التمام و النقصان فصوموا للرؤية و أفطروا للرؤية و لا يعجبني أن يتقدمه أحد بصيام يوم الحديث «4» و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي الاشكال السندي فيه.

و منها: ما رواه عبد الكريم بن عمرو قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اني جعلت علي نفسي أن أصوم حتي يقوم القائم فقال: (صم و) لا تصم في السفر و لا العيدين و لا أيام التشريق و لا اليوم الذي يشك فيه «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 9

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 7

(5) الوسائل الباب 6 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 26

______________________________

و هذه الرواية قابلة للتقييد أيضا أي لا يجوز بعنوان صوم رمضان اضف الي ذلك ما أفاده في الحدائق من

حمل هذه الطائفة من النصوص علي التقية «1» فان المنقول عن العامة عدم جواز الصوم يوم الشك.

الفرع الثالث: انه اذا تبين قبل الزوال أو بعده انه من رمضان جدد النية و المدعي في المقام أمران:

احدهما: الاجتزاء بما أتي به بنية صوم غير رمضان. ثانيهما: لزوم تجديد النية بعنوان رمضان أما الامر الاول فمضافا الي الاجماع المدعي يمكن الاستدلال عليه بالنصوص الواردة في المقام.

بتقريب: ان انكشاف الخلاف بعد انقضاء اليوم بتمامه اذا لم يكن مضرا بصحة الصوم فعدم اخلاله ببعض اليوم بالاولوية.

و لا يخفي ان تقريب الاولوية انما يتم لو جدد النية و أتي بالباقي بنية شهر رمضان و أما لو لم يجدد النية و أتي بعد انكشاف الخلاف علي مقتضي النية الاولي فلا يتم التقريب اذ مع انكشاف الخلاف لا وجه لإدامة النية السابقة و حساب المأتي به بعنوان رمضان. و مما ذكرنا علم الوجه في الامر الثاني.

و صفوة القول: انه لا اشكال في أن الصوم عمل عبادي لا بد من اتيانه بقصد القربة فاما يجدد النية و يأتي بالباقي بعنوان شهر رمضان و اما يبقي علي النية السابقة أما علي الاول فيكون العمل صحيحا لما ذكرنا و يحسب من رمضان و أما علي الثاني فلا يحسب من رمضان لعدم الدليل عليه و نصوص الباب ناظرة الي صورة انكشاف الخلاف بعد العمل لا أثنائه فلاحظ.

______________________________

(1) الحدائق الناضرة ج 13 ص 41

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 27

______________________________

الفرع الرابع: انه لو صام يوم الشك بعنوان رمضان يكون صومه باطلا و هذا هذا المشهور بين الاصحاب علي ما يظهر من المراجعة الي كلماتهم.

و يدل علي البطلان ما رواه سماعة «1» فانه يستفاد من هذه الرواية انه لا يجوز

الاتيان بالصوم يوم الشك بعنوان شهر رمضان.

و تدل علي المدعي أيضا رواية الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام في حديث طويل قال: و صوم يوم الشك امرنا به و نهينا عنه امرنا به أن نصومه مع صيام شعبان و نهينا عنه أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك فيه الناس فقلت له:

جعلت فداك فان لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع؟ قال: ينوي ليلة الشك أنه صائم من شعبان فان كان من شهر رمضان أجزأ عنه و ان كان من شعبان لم يضره فقلت: و كيف يجزي صوم تطوع عن فريضة؟ فقال: لو أن رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوعا و هو لا يعلم انه من شهر رمضان ثم علم بذلك لأجزأ عنه لان الفرض انما وقع علي اليوم بعينه «2».

و رواية محمد بن شهاب الزهري قال: سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول: يوم الشك امرنا بصيامه و نهينا عنه امرنا أن يصومه الانسان علي أنه من من شعبان نهينا عن أن يصومه علي أنه من شهر رمضان. و هو لم ير الهلال «3»

و يدل علي المدعي ما رواه هشام «4» فان المستفاد من هذه الرواية انه لو صام بعنوان رمضان يكون باطلا فان قوله عليه السلام: «و ان كان كذلك» معناه انه لو نوي

______________________________

(1) لاحظ ص: 9

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 8

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 4

(4) لاحظ ص: 23

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 28

______________________________

رمضان و كان كذلك في الواقع فمقتضي هذه النصوص فساد الصوم لو أتي به بعنوان رمضان.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه محمد

بن مسلم «1» فان قوله عليه السلام «و ان كان كذلك» يناسب تحقق الصوم بعنوان رمضان.

و في قبال هذه النصوص ما يدل علي الاجزاء لاحظ ما رواه معاوية بن وهب «2» فان قوله عليه السلام: «فيكون كذلك» دليل علي أنه صام بعنوان رمضان فانكشف انه كذلك و عمله صادف الواقع فحكم عليه السلام بالصحة و بأنه شي ء وفق له فيقع التعارض بين الجانبين بالتباين.

و بعبارة اخري: التعارض واقع بين ما يدل علي فساد صوم يوم الشك بعنوان رمضان و ما يدل علي صحته بهذا العنوان و لا مجال للقول بأن حديث سماعة المفصل بين نية يوم الشك من رمضان و نيته من شعبان بالحكم بالصحة في الثاني و الفساد في الاول شاهد للجمع فان حديث سماعة بنفسه طرف المعارضة فلا يمكن جعله شاهدا فلا بد من حيلة اخري.

فنقول: حيث ان العامة متفقون علي عدم الاجزاء لو انكشف كونه من رمضان- علي ما في الحدائق- «3» فالترجيح مع دليل الاجزاء و علي فرض غمض العين عما ذكر و الالتزام بالتعارض و التساقط يكون المرجع اطلاق دليل عدم الأجزاء لاحظ ما رواه عبد الكريم بن عمرو «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 23

(2) لاحظ ص: 24

(3) الحدائق الناضرة ج 13 ص 34

(4) لاحظ ص: 25

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 29

______________________________

الفرع الخامس: انه لو صام بنية الامر الواقعي يصح صومه. و الوجه فيه انه لم ينو كونه من رمضان كي يشمله دليل المنع بل نوي الامر الواقعي فعلي كل تقدير يكون ما يؤتي به مطابقا للأمر و هو يقتضي الاجزاء.

و لكن يشكل الجزم بالصحة لحديث سماعة «1» فان المستفاد من هذا الحديث ان الوظيفة الاتيان بالصوم بعنوان كونه من شعبان.

ان قلت:

هذا في قبال نية كونه من رمضان لكون الحصر إضافيا. قلت: ان ذيل الحديث المصدر بكلمة الحصر (انما) يدل علي حصر الجواز في هذه الصورة و الالتزام بالحصر الاضافي لا دليل عليه.

و بعبارة اخري: الالتزام بكون الذيل عطفا تفسيريا و بيانا ثانويا للصدر خلاف القاعدة اذ ظاهر سوق الكلام هو التأسيس فلا وجه لكون الحصر اضافيا فلاحظ.

و يمكن الاستدلال علي عدم الصحة بتقريب آخر: و هو ان المستفاد من النصوص الواردة في المقام عدم جواز الاتيان بالصوم بعنوان صوم شهر رمضان و في الصورة المفروضة ان الغد لو كان من رمضان كان المنوي الإجمالي نية رمضان و الحال ان المكلف منهي عن مثل هذه النية فكيف يمكن الجزم بالصحة مع احتمال كون الغد من رمضان.

و ان شئت قلت: يدور الامر بين المأمور به و المنهي عنه فكيف يحصل الجزم بالامتثال.

الفرع السادس: أن ينوي بنحو الترديد بأن ينوي ان الغد ان كان من شعبان يكون الصوم ندبيا و ان كان من رمضان يكون وجوبيا ذهب جملة من الاساطين الي عدم الصحة في هذه الصورة علي ما نسب اليهم بل عن العلامة دعوي الاجماع

______________________________

(1) لاحظ ص: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 30

______________________________

علي عدم الصحة.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجهين: احدهما: ما مر منا في الفرع السابق و هو ان المستفاد من حديث سماعة حصر النية في كونه من شعبان و الترديد بين الامرين ليس كذلك فلا يصح.

ثانيهما: ان مقتضي دليل النهي عن الاتيان بعنوان رمضان عدم الفرق بين الاتيان به جزما و الاتيان به احتمالا و رجاء.

الفرع السابع: انه اذا أصبح ناويا للإفطار فتبين كونه من رمضان قبل الزوال و قبل الاتيان بالمفطر فالاحوط تجديد النية ثم

القضاء و افتي السيد اليزدي قدس سره في العروة بالصحة و الاجزاء في هذه الصورة.

و يمكن الاستدلال عليه بأنه قد قام الدليل علي أن المسافر اذا صار حاضرا قبل الزوال و لم يأت بالمفطر يجب عليه الصيام فالمقام كذلك.

و يؤيد المدعي المنقول عما في المعتبر «ان ليلة الشك أصبح الناس فجاء اعرابي فشهد برؤية الهلال فأمر صلي اللّه عليه و آله مناديا ينادي: من لم يأكل فليصم و من أكل فليمسك «1».

و فيه: انه لا وجه لتسرية ذلك الحكم الي المقام و لا دليل عليه و أما المرسل فلا اعتبار به.

و لقائل أن يقول: ان اطلاق حديث ابن سنان «2» يشمل المقام الا أن يقال: بأن الاجماع و التسالم قائمان علي خروج المقام عن مورد الرواية فمقتضي الاحتياط تجديد النية ثم القضاء- كما في المتن.

______________________________

(1) مستمسك العروة ج 8 ص 214

(2) لاحظ ص: 22

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 31

[مسألة 11: تجب استدامة النية إلي آخر النهار]

(مسألة 11): تجب استدامة النية الي آخر النهار (1) فاذا نوي القطع فعلا أو تردد بطل (2) و كذا اذا نوي القطع فيما يأتي أو تردد فيه أو نوي المفطر مع العلم بمفطريته (3) و اذا تردد للشك في صحة

______________________________

الفرع الثامن: انه لو كان التبين بعد الزوال أمسك وجوبا ثم يقضي بتقريب انه لا دليل علي صحة الصوم في الفرض فلا يمكن الالتزام بالصحة و أما وجوب الامساك فيمكن الاستدلال عليه بالإجماع المدعي في المقام فاذا تحقق اجماع تعبدي كاشف علي وجوب الامساك في شهر رمضان و لو مع عدم كون المكلف صائما الا في موارد خاصة كالمسافر و المريض و نحوهما فلا بد من الالتزام بوجوبه و الا فلا.

هذا بالنسبة الي وجوب الامساك و أما

بالنسبة الي القضاء فعلي القاعدة اذ المفروض انه لو لم يصم المكلف في شهر رمضان يجب عليه قضائه.

الا أن يقال: بأن اطلاق حديث ابن سنان «1» المتقدم يشمل المقام أيضا و اللّه العالم.

(1) كما هو ظاهر اذ المفروض ان الصوم أمر عبادي يجب تحققه من اوله الي آخره عن نية فتجب الاستدامة.

(2) اذ في الفرضين المذكورين يختل شرط الصحة أي النية فان العزم علي القطع أو التردد فيه ينافي استدامتها.

(3) الذي يختلج بالبال انه لا معني لنية القطع فيما يأتي فان نية القاطع و الاتيان بالمفطر يتصور بالنسبة الي الزمان المستقبل و أما نية القطع فلا معني لها اذ كيف يمكن العزم علي بقاء النية مع العزم علي افسادها فيما يأتي و بعبارة اخري: ان نية القطع فيما يأتي يستلزم عدم بقاء النية فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 22

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 32

صومه فالظاهر الصحة (1) هذا في الواجب المعين أما الواجب غير المعين فلا يقدح شي ء من ذلك فيه اذا رجع الي نيته قبل الزوال (2).

[مسألة 12: لا يصح العدول من صوم إلي صوم اذا فات وقت نية المعدول اليه]

(مسألة 12): لا يصح العدول من صوم الي صوم اذا فات وقت نية المعدول اليه (3) و الا صح (4).

______________________________

(1) اذ هذا التردد في الحكم الشرعي لا في العمل و بعبارة اخري: المكلف ربما يتردد في صحة عمله من باب الجهل بالحكم الشرعي و هذا التردد لا ينافي البقاء علي النية و العزم علي اتمام العمل.

(2) بناء علي ما مر من أن تجديد النية في الواجب الموسع يمكن الي الزوال فاذا فرض ان المكلف لم يكن ناويا للصوم ثم بني عليه يكون صومه صحيحا فالمقام كذلك اذ لا يشذ عنه.

و لقائل أن يقول: ان الاحكام الشرعية امور تعبدية فلا

بد من الاقتصار علي موارد قيام الدليل عليها الا أن يقال: انه يكفي اطلاق نصوص المقام لاحظ حديث ابن سنان «1» فان مقتضي اطلاق هذا الحديث جواز التجديد في مفروض الكلام.

(3) اذ العدول ليس أمرا علي طبق القاعدة بل أمر تعبدي محتاج الي الدليل.

و ان شئت قلت: ان كون العمل المأتي به بعضه بعنوان امتثال امر و بعضه الاخر بعنوان امتثال امر آخر مجزيا يتوقف علي قيام دليل عليه كما قام في باب الصلاة في الجملة.

(4) اذ مع بقاء وقت المعدول اليه لا يكون عدولا كي يقال انه علي خلاف القاعدة فلو صام ندبا مثلا فتذكر انه عليه صوم رمضان و كان تذكره قبل الزوال

______________________________

(1) لاحظ ص: 22

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 33

علي اشكال (1).

[الفصل الثاني: المفطرات]

اشارة

الفصل الثاني: المفطرات

[و هي أمور]
اشارة

و هي امور:

[الأول و الثاني: الأكل و الشرب]

الاول و الثاني: الاكل و الشرب (2) مطلقا و لو كانا قليلين (3) أو غير معتادين (4).

______________________________

يمكنه العدول اي يرفع اليد عن الصوم الندبي و ينوي امتثال الامر القضائي و هذا ليس من باب العدول بل من باب تحقق موضوع الاتيان بالقضاء بحسب اطلاق دليل جواز تجديد النية الي الزوال.

(1) يمكن أن يكون المراد من الاشكال ان ما ذكر ليس عدولا كما نبهنا عليه.

(2) اجماعا من جميع المسلمين في الجملة بل و ضرورة و يدل علي المدعي قوله تعالي: «وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتّٰي يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيٰامَ إِلَي اللَّيْلِ» «1» و تدل علي المدعي أيضا السنة و ستمر عليك النصوص المدعاة فانتظر.

(3) اذ الحكم مترتب علي عنواني الاكل و الشرب و القلة لا توجب عدم الصدق فلا فرق.

(4) ادعي عليه الاجماع من جملة من الاساطين- علي ما نسب اليهم- بل نقل ادعاء عدم الخلاف فيه بين المسلمين الا من حسن بن صالح و العمدة صدق العنوان المأخوذ في الدليل عليه فبمقتضي الاطلاق يحكم علي غير المعتاد مثل ما يحكم علي المعتاد فان مقتضي النهي الوارد في الكتاب عن الاكل و الشرب حرمتهما علي الاطلاق و لا دليل علي التقييد.

و دعوي الانصراف علي فرض تماميتها بدوية تزول بالتأمل كما أن عنوان الأكل

______________________________

(1) البقرة/ 184

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 34

[الثالث: الجماع قبلا و دبرا]

الثالث: الجماع قبلا (1) و دبرا (2).

______________________________

و الشرب الواردين في جملة من النصوص يشمل غير المعتاد أيضا.

(1) بلا اشكال و في بعض الكلمات: «لعله من الضروريات» و يدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:

لا يضر الصائم ما

صنع اذا اجتنب ثلاث خصال: الطعام و الشراب و النساء و الارتماس في الماء «1».

و منها ما رواه عبد الرحمن ابن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتي يمني قال: عليه من الكفارة مثل ما علي الذي يجامع «2».

(2) لإطلاق الجماع و اتيان الاهل فتأمل. مضافا الي اتفاقهم علي الحكم قال في الحدائق: «و بالجملة فاني لا اعرف لذلك دليلا بالنسبة الي التحريم و الي ايجاب القضاء و الكفارة الا اتفاقهم علي الحكم المذكور و لعله كاف مع عدم وجود دليل يناقضه سيما مع موافقته للاحتياط» انتهي «3».

و يستفاد عدم الحاق الدبر بالقبل من بعض النصوص لاحظ مرفوعي الكوفيين و علي بن الحكم الي أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يأتي المرأة في دبرها و هي صائمة قال: لا ينقض صومها و ليس عليها غسل «4» لكن المرفوع لا اعتبار به و الحكم مبني علي الاحتياط.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(3) الحدائق ج 13 ص 109

(4) الوسائل الباب 12 من أبواب الجنابة الحديث: 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 35

فاعلا و مفعولا به (1) حيا و ميتا (2) حتي البهيمة علي الاحوط وجوبا (3) و لو قصد و شك في الدخول أو بلوغ مقدار الحشفة بطل صومه (4) و لكن لم تجب الكفارة عليه (5) و لا يبطل الصوم اذا قصد التفخيذ مثلا فدخل في أحد الفرجين (6).

[الرابع: الكذب علي اللّه تعالي أو علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أو علي الائمة عليهم السلام]
اشارة

الرابع: الكذب علي اللّه تعالي (7) أو علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أو علي الائمة عليهم

السلام (8) بل الاحوط الحاق الانبياء و الاوصياء

______________________________

(1) ان قلنا بتحقق الجنابة بالدخول و لو لم تكن المفعول امرأة فالامر ظاهر لأجل تحقق الجنابة و الا يكون الحكم مبينا علي الاحتياط.

(2) بدعوي اطلاق الدليل و صدق الجماع و اتيان الاهل و لا يبعد.

(3) الحكم مبني علي الاحتياط لعدم الدليل و عدم ثبوت الجنابة بالاتيان بالنسبة الي البهيمة.

(4) لأجل فساد النية.

(5) اذ الكفارة مترتبة علي الاتيان بالمفطر و مع عدمه لا وجه لثبوتها.

(6) لعدم فساد النية بقصد التفخيذ و أما الدخول في أحد الفرجين المفروض في المتن فحيث لا يكون عمديا لا يوجب فساد الصوم.

(7) ادعي عليه الاجماع مضافا الي النصوص منها: ما رواه أبو بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: الكذبة تنقض الوضوء و تفطر الصائم قال: قلت له:

هلكنا قال: ليس حيث تذهب انما ذلك الكذب علي اللّه و علي رسوله و علي الائمة عليهم السلام «1».

(8) كما صرح بهما في حديث أبي بصير فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 36

عليهم السلام بهم (1) من غير فرق بين أن يكون في أمر ديني أو دنيوي (2) و اذا قصد الصدق فكان كذبا فلا بأس (3) و ان قصد الكذب فكان صدقا كان من قصد المفطر و قد تقدم البطلان به مع العلم بمفطريته (4).

[مسألة 13: إذا تكلم بالكذب غير موجه خطابه إلي أحد أو موجها له إلي من لا يفهم]

(مسألة 13): اذا تكلم بالكذب غير موجه خطابه الي أحد أو موجها له الي من لا يفهم ففي بطلان صومه اشكال و الاحتياط لا يترك (5).

______________________________

(1) ربما يقال: بأن الكذب علي الانبياء أو الاوصياء كذب علي اللّه. و فيه منع كما يعلم من جعله في مقابل الكذب علي

اللّه في الخبر.

و ربما يقال: ان مقتضي اطلاق الرسول و الائمة الواقعين في الخبر التعميم.

و يرد عليه: ان الظاهر من الخبر رسول الإسلام و الأئمة من أهل بيته فلا يشمل المقام و لذا يكون الحكم مبنيا علي الاحتياط كما في المتن.

(2) لإطلاق الدليل لاحظ حديث أبي بصير و بقية النصوص.

(3) لعدم العمد.

(4) لفساد الصوم بفساد النية.

(5) و الوجه في الاشكال دعوي عدم صدق الاخبار. و فيه: ان الموضوع الوارد في الخبر عنوان الكذب و تحققه لا يتوقف علي وجود سامع يفهم كلام المتكلم بل يصدق عنوان الاخبار.

نعم لو لم يكن مخاطب يفهم الكلام لا يصدق عنوان انه أخبر فلانا بكذا و من الظاهر ان صدق هذا العنوان غير دخيل في تحقق موضوع الحكم.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 37

[الخامس: رمس تمام الرأس في الماء]
اشارة

الخامس: رمس تمام الرأس في الماء (1) من دون فرق بين الدفعة و التدريج (2) و لا يقدح رمس أجزائه علي التعاقب و ان استغرقه (3) و كذا اذا ارتمس و قد لبس ما يمنع وصول الماء الي البدن كما يصنعه الغواصون (4).

[مسألة 14: في إلحاق المضاف بالماء إشكال و الأظهر عدم الإلحاق]

(مسألة 14): في الحاق المضاف بالماء اشكال و الاظهر عدم الالحاق (5).

______________________________

(1) ادعي عليه الاجماع مضافا الي النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم «1».

(2) لإطلاق الدليل فلاحظ.

(3) لعدم صدق الموضوع الوارد في دليل المنع فان صدقه يتوقف علي رمس جميع الرأس في الماء آنا ما.

(4) بدعوي عدم صدق الارتماس في الصورة المزبورة و مع عدم صدقه لا يترتب عليه الحكم.

(5) لعدم دليل عليه فان المصرح به في حديث ابن مسلم «2» الارتماس في الماء و مثله غيره.

لاحظ ما رواه في رسالة المحكم و المتشابه عن علي عليه السلام قال: و أما حدود الصوم فأربعة حدود: أولها: اجتناب الاكل و الشرب و الثاني اجتناب النكاح و الثالث اجتناب القي ء متعمدا و الرابع اجتناب الاغتماس في الماء و ما يتصل بها و ما يجري مجراها و السنن كلها «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 34

(2) لاحظ ص: 34

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 38

[مسألة 15: إذا ارتمس عمدا ناويا للاغتسال]

(مسألة 15): اذا ارتمس عمدا ناويا للاغتسال فان كان الصوم واجبا معينا بطل غسله و صومه (1) و كذلك في الواجب الموسع اذا كان الغسل بعد الزوال (2) و أما اذا كان قبل الزوال أو كان الصوم مستحبا بطل صومه و صح غسله (3) و ان كان ناسيا صح صومه و غسله في جميع ذلك (4).

[السادس: إيصال الغبار الغليظ منه و غير الغليظ إلي جوفه عمدا]

السادس: ايصال الغبار الغليظ منه و غير الغليظ الي جوفه عمدا علي الاحوط نعم ما يتعسر التحرز عنه فلا بأس به و الاحوط الحاق الدخان بالغبار (5).

______________________________

و ما رواه أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه باسناده رفعه الي أبي عبد اللّه عليه السلام قال: خمسة أشياء تفطر الصائم: الاكل و الشرب و الجماع و الارتماس في الماء و الكذب علي اللّه و علي رسوله و علي الائمة عليهم السلام «1».

(1) أما صومه فلكون الارتماس مفطرا فيفسد صومه و أما غسله فلعدم امكان أن يكون الحرام مصداقا للمأمور به و ان شئت قلت لا يجتمع الحب و البغض في وجود واحد.

(2) و الكلام فيه هو الكلام.

(3) أما بطلان صومه فلما مر و أما صحة غسله فلعدم حرمة ابطال الصوم في مفروض الكلام فلا وجه لفساد الغسل فلاحظ.

(4) اذ لا يتحقق البطلان مع النسيان فلا مقتضي لبطلان الغسل أيضا.

(5) و الدليل عليه ما رواه سليمان بن جعفر (حفص) المروزي قال: سمعته

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 39

[السابع: تعمد البقاء علي الجنابة حتي يطلع الفجر]
اشارة

السابع: تعمد البقاء علي الجنابة حتي يطلع الفجر (1).

______________________________

يقول: اذا تمضمض الصائم في شهر رمضان أو استنشق متعمدا أو شم رائحة غليظة أو كنس بيتا فدخل في أنفه و حلقه غبار فعليه صوم شهرين متتابعين فان ذلك مفطر مثل الاكل و الشرب و النكاح «1».

و سليمان الراوي للخبر لم يوثق مضافا الي ان اضماره يمكن أن يكون من غير المعصوم فلا يترتب عليه الاثر.

اضف الي ذلك انه يعارضه ما رواه عمرو بن سعيد عن الرضا عليه السلام قال:

سألته عن الصائم يتدخن بعود أو بغير ذلك فتدخل الدخنة في حلقه

فقال: جائز لا بأس به قال: و سألته عن الصائم يدخل الغبار في حلقه قال: لا بأس «2».

و قد صرح في الرواية بعدم الباس بالغبار و جواز دخول الدخنة في الحلق و مما ذكرنا علم انه لا دليل علي الحكم و لو مع عدم العسر فكيف معه فلاحظ.

(1) قال في الحدائق: «و المشهور بين الاصحاب بطلان الصيام بذلك و وجوب القضاء و الكفارة» الي أن قال «و نقل ابن ادريس: اجماع الفرقة علي أنه يفسد الصوم» ثم قال: «و لا يعتد بالشاذ الذي يخالف ذلك و نسبه في المنتهي و التذكرة الي علمائنا» «3» انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في علو مقامه.

و نقل عن الرياض دعوي تواتر الروايات بذلك. و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه احمد بن محمد يعني ابن أبي نصر عن أبي الحسن عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الحدائق ج 13 ص 112

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 40

______________________________

قال: سألته عن رجل أصاب من أهله في شهر رمضان أو أصابته جنابة ثم ينام حتي يصبح متعمدا قال: يتم ذلك اليوم و عليه قضائه «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في رجل احتلم أول الليل أو أصاب من أهله ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتي أصبح قال: يتم صومه ذلك ثم يقضيه اذا أفطر من شهر رمضان و يستغفر ربه «2».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ثم ترك الغسل متعمدا حتي أصبح قال: يعتق رقبة أو يصوم شهر

بن متتابعين أو يطعم ستين مسكينا قال: و قال: انه حقيق (لخليق) أن لا أراه يدركه أبدا «3».

و منها: ما رواه سليمان بن جعفر (حفص) المروزي عن الفقيه عليه السلام قال:

اذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل و لا يغتسل حتي يصبح فعليه صوم شهرين متتابعين مع صوم ذلك اليوم و لا يدرك فضل يومه «4».

و دلالة هذه النصوص علي المدعي ظاهرة لا يقال: كيف يدل وجوب الكفارة علي بطلان الصوم كما في بعض الروايات، فانه يقال يفهم عرفا ان ايجاب الكفارة ناش عن ابطال الصوم و ليس وجوبا تعبديا بحتا مضافا الي أنه يكفي لا ثبات المطلوب بقية النصوص.

و استدل علي القول الاخر بقوله تعالي: «أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيٰامِ الرَّفَثُ إِليٰ

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 41

______________________________

نِسٰائِكُمْ» «1» و قوله تعالي: «فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ» «2».

بتقريب: ان المستفاد من الاية الشريفة جواز الرفث و المباشرة في كل جزء من الليل مع ان حرمة البقاء علي الجنابة و الاصباح جزا تنافيان مع جواز الرفث و المباشرة في كل جزء منه.

و الجواب: انه ترفع اليد عن اطلاق الاية بالنصوص الواردة في المقام.

و استدل أيضا علي القول الثاني بجملة من النصوص منها: ما رواه اسماعيل بن عيسي قال: سألت الرضا عليه السلام عن رجل أصابته جنابة في شهر رمضان فنام عمدا حتي يصبح اي شي ء عليه؟ قال: لا يضره هذا و لا يفطر و لا يبالي فان أبي عليه السلام قال: قالت عائشة ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و

آله أصبح جنبا من جماع غير احتلام قال: لا يفطر و لا يبالي و رجل أصابته جنابة فبقي نائما حتي يصبح اي شي ء يجب عليه؟ قال: لا شي ء عليه يغتسل الحديث «3» و هذه الرواية ضعيفة باسماعيل.

و منها: ما رواه حماد بن عثمان أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أجنب في شهر رمضان من أول الليل و أخر الغسل حتي يطلع الفجر فقال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يجامع نسائه من أول الليل ثم يؤخر الغسل حتي يطلع الفجر و لا اقول كما يقول هؤلاء الاقشاب يقضي يوما مكانه «4» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

______________________________

(1) البقرة/ 185

(2) البقرة/ 185

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 42

______________________________

و منها: ما رواه سليمان بن أبي زينبة قال: كتبت الي أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام أسأله عن رجل أجنب في شهر رمضان من أول الليل فأخر الغسل حتي طلع الفجر فكتب عليه السلام إلي بخطه أعرفه مع مصادف: يغتسل من جنابته و يتم صومه و لا شي ء عليه «1». و هذه الرواية ضعيفة بسليمان.

و منها: ما رواه حبيب الخثعمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يصلي صلاة الليل في شهر رمضان ثم يجنب ثم يؤخر الغسل متعمدا حتي يطلع الفجر «2»

و أورد سيدنا الاستاد علي الرواية «بأنها خلاف السنة القطعية فلا يمكن الاعتماد عليها» «3».

و فيه: انه ما المراد من السنة القطعية فان كان المراد بها الحكم الشرعي الواقعي فلا دليل علي المدعي لأنه يحتمل أن يكون الحكم في

الواقع هكذا و ان كان المراد من السنة ان الروايات الدالة علي الفساد قطعية الصدور فنقول:

لا دليل علي سقوط الرواية اذا عارضتها الرواية القطعية صدورا اذ مقبولة ابن حنظلة لا اعتبار بها فهذا الاشكال غير وارد.

و أورد عليها أيضا بأنها تدل علي استمرار رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله علي الاصباح جنبا و هذا لا يمكن الالتزام به اذ الاصباح جنبا لا شبهة في مرجوحيته و كيف يمكن أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يستمر علي الامر المرجوح.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 5

(3) مستند العروة ج 1 من الصوم ص: 178

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 43

و الاظهر اختصاص ذلك بشهر رمضان و قضائه (1).

______________________________

و فيه: ان مرجوحيته أول الكلام و الاشكال فهذه الرواية تعارض تلك النصوص فلا بد من علاج التعارض و حيث ان العامة قائلون بالصحة تحمل هذه الرواية علي التقية.

و منها ما رواه عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أجنب في شهر رمضان في أول الليل فأخر الغسل حتي طلع الفجر فقال: يتم صومه و لا قضاء عليه «1».

و هذه الرواية ان قلنا ان دلالتها علي المدعي بالاطلاق و يمكن تقييدها بغير صورة العمد فهو و الا تحمل علي التقية كتلك الرواية.

(1) و الوجه في تسرية الحكم الي قضاء رمضان عدة نصوص واردة في المقام منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقضي شهر رمضان فيجنب من أول الليل و لا يغتسل حتي يجي ء آخر الليل و هو يري ان الفجر قد طلع قال: لا

يصوم ذلك اليوم و يصوم غيره «2».

و منها: ما رواه ابن سنان أيضا يعني عبد اللّه قال: كتب أبي الي أبي عبد اللّه عليه السلام و كان يقضي شهر رمضان و قال: اني أصبحت بالغسل و أصابتني جنابة فلم اغتسل حتي طلع الفجر، فاجابه عليه السلام: لا تصم هذا اليوم و صم غدا «3»

و منها: ما رواه سماعة بن مهران قال: سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل في رمضان فنام و قد علم بها و لم يستيقظ حتي أدركه الفجر فقال عليه السلام:

عليه أن يتم صومه و يقضي يوما آخر فقلت: اذا كان ذلك من الرجل و هو يقضي رمضان قال: فليأكل يومه ذلك و ليقض فانه لا يشبه رمضان شي ء من الشهور «4»

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 44

أما غيرهما من الصوم الواجب أو المندوب فلا يقدح فيه ذلك (1).

[مسألة 16: الأقوي عدم البطلان بالاصباح جنبا لا عن عمد في صوم رمضان]

(مسألة 16): الاقوي عدم البطلان بالاصباح جنبا لا عن عمد في صوم رمضان (2) و غيره من الصوم الواجب المعين (3) إلا قضاء رمضان (4) فلا يصح معه و ان تضيق وقته (5).

[مسألة 17: لا يبطل الصوم واجبا أو مندوبا معينا أو غيره بالاحتلام في اثناء النهار]

(مسألة 17): لا يبطل الصوم واجبا أو مندوبا معينا أو غيره بالاحتلام في اثناء النهار (6).

______________________________

فان المستفاد من هذه النصوص ان قضاء شهر رمضان مثله في هذا الحكم مضافا الي دعوي ان القضاء و الاداء متحدان في الماهية فيتحدان في الاحكام فتأمل.

(1) لعدم المقتضي اذ النصوص واردة في صوم شهر رمضان و قضائه و دعوي عدم الفرق عهدتها علي مدعيها مضافا الي أن المستفاد من حديث ابن مسلم «1» انه لا دخل لغير المذكورات في تحقق الصوم و يضاف الي ذلك بالنسبة الي الصوم المندوب ان الدليل الخاص دل علي عدم بطلانه بذلك لاحظ حديثي حبيب و ابن بكير «2».

(2) لاختصاص دليل البطلان بصورة العمد فلا وجه للتعدي.

(3) قد مر ان التعمد علي البقاء لا يفسده فكيف بالبقاء عن غير عمد.

(4) لإطلاق دليل البطلان الوارد في القضاء لاحظ حديثي ابن سنان «3».

(5) للإطلاق.

(6) ادعي عدم الخلاف فيه و الاجماع بل كونه ضروريا و تدل علي المدعي

______________________________

(1) لاحظ ص: 34

(2) الوسائل الباب 20 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1 و لاحظ ص: 19

(3) لاحظ ص: 34

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 45

كما لا يبطل البقاء علي حدث مس الميت عمدا حتي يطلع الفجر (1).

[مسألة 18: إذا أجنب عمدا ليلا في وقت لا يسع الغسل و لا التيمم ملتفتا الي ذلك فهو من تعمد البقاء علي الجنابة]

(مسألة 18): اذا أجنب عمدا ليلا في وقت لا يسع الغسل و لا التيمم ملتفتا الي ذلك فهو من تعمد البقاء علي الجنابة (2) نعم اذا

______________________________

جملة من النصوص: منها: ما رواه عبد اللّه بن ميمون عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ثلاثة لا يفطرن الصائم: القي ء و الاحتلام و الحجامة الحديث «1».

و منها: ما رواه ابن بكير في حديث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يحتلم بالنهار

في شهر رمضان يتم صومه كما هو؟ فقال: لا بأس «2».

و منها: ما رواه العيص بن القاسم أنه سأل أبا عبد للّه عليه السلام عن الرجل ينام في شهر رمضان فيحتلم ثم يستيفظ ثم ينام قبل أن يغتسل، قال: لا بأس «3».

و منها: ما رواه عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: لأي علة لا يفطر الاحتلام الصائم و النكاح يفطر الصائم؟ قال: لان النكاح فعله و الاحتلام مفعول به «4».

و منها: ما رواه ابراهيم بن عبد الحميد عن بعض مواليه قال: سألته عن احتلام الصائم قال: فقال: اذا احتلم نهارا في شهر رمضان فلا ينام حتي يغتسل الحديث «5»

(1) لعدم الدليل علي البطلان بل حديث ابن مسلم الدال علي حصر المفطر يدل علي عدمه فلاحظ.

(2) فانه نحو من التعمد لقدرته علي عدمه بترك مقدمته و ان شئت قلت:

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 46

تمكن من التيمم وجب عليه التيمم و الصوم و قضائه علي الاحوط و ان ترك التيمم وجب عليه القضاء و الكفارة (1).

[مسألة 19: إذا نسي غسل الجنابة ليلا حتي مضي يوم أو أيام من شهر رمضان بطل صومه]

(مسألة 19): اذا نسي غسل الجنابة ليلا حتي مضي يوم أو أيام من شهر رمضان بطل صومه و عليه القضاء (2).

______________________________

لا اشكال في تحقق الاصباح جنبا و لا اشكال في أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار فلاحظ.

(1) لا اشكال في أن بدلية التيمم ليست بدلية اختيارية فلا يكون المكلف مخبرا بين الامرين و لذا لا يجوز اراقة الماء و الاتيان بالتيمم بدلا له و حيث ان المفروض في المقام ان

المكلف لا يمكنه تحصيل الطهارة المائية لا يجوز له الاجتناب فمقتضي الصناعة فساد صومه و عدم تأثير للتيمم و يترتب عليه وجوب القضاء و الكفارة و مقتضي الاحتياط الاتيان بالتيمم و الصوم و القضاء و الكفارة.

و لا أدري ما الوجه في تفريق الماتن بين القضاء و الكفارة فان التيمم ان كان بدلا عن الغسل فلا يفسد الصوم فلا يجب القضاء كما لا تجب الكفارة و ان لم يكن بدلا لعدم الدليل عليه فيفسد الصوم فيجب القضاء و تجب الكفارة و اللّه العالم.

(2) كما نسب الي الاكثر و الاشهر و يدل علي المدعي ما رواه الحلبي قال:

سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتي خرج شهر رمضان قال: عليه أن يقضي الصلاة و الصيام «1».

و يؤيد المدعي حديث ابراهيم بن ميمون قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان ثم ينسي أن يغتسل حتي يمضي لذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من ابواب من يصح منه الصوم الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 47

دون غيره من الواجب المعين و غيره (1) و ان كان أحوط

______________________________

جمعة أو يخرج شهر رمضان قال: عليه قضاء الصلاة و الصوم «1».

و مرسل الصدوق قال: و روي في خبر آخر ان من جامع في أول شهر رمضان ثم نسي الغسل حتي خرج شهر رمضان أن عليه أن يغتسل و يقضي صلاته و صومه الا أن يكون قد اغتسل للجمعة فانه يقضي صلاته و صيامه الي ذلك اليوم و لا يقضي ما بعد ذلك «2».

و نسب الي بعض الاساطين عدم البطلان و عدم وجوب القضاء و ذكر في وجهه ان النسيان

مرفوع بحديث الرفع «3» و الدليل قائم علي عدم بطلان الصوم بنوم الجنب الي الفجر بتقريب: ان النسية بين الدليلين عموم من وجه و ان ذلك الدليل يشمل الناسي و حديث الحلبي يشمل النائم. و ان المفطرات محصورة في أمور محدودة ليس هذا منها.

و الوجوه المذكورة لا ترجع الي محصل صحيح أما حديث رفع النسيان فهو لا يقتضي اثبات الصحة للفاقد و غايته اثبات العذر كما حقق في محله.

و أما الوجه الثاني فيرد عليه ان الدليل الدال علي عدم فساد الصوم بالنوم لا يقتضي عدم فساده من ناحية اخري. و ان شئت قلت: ان ذلك الدليل يدل علي أن نوم الجنب لا يفسد الصوم و هذا الدليل يدل علي بطلان الصوم بالنسيان فاي ربط بينهما و أما الوجه الثالث ففيه انه انما يتم مع عدم قيام دليل علي البطلان و المفروض ان الدليل قائم عليه.

(1) لعدم الدليل و اختصاص النص بصوم رمضان.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 56 من أبواب جهاد النفس

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 48

استحبابا (1) و الاقوي عدم الحاق غسل الحيض و النفاس اذا نسيته المرأة بالجنابة و ان كان الالحاق أحوط استحبابا (2).

[مسألة 20: إذا كان المجنب لا يتمكن من الغسل لمرض و نحوه وجب عليه التيمم قبل الفجر]

(مسألة 20): اذا كان المجنب لا يتمكن من الغسل لمرض و نحوه وجب عليه التيمم قبل الفجر (3) فان تركه بطل صومه (4) و ان تيمم وجب عليه أن يبقي مستيقظا الي أن يطلع الفجر علي الاحوط (5).

______________________________

(1) خروجا عن شبهة الخلاف و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(2) الكلام فيه هو الكلام فيما قبله و كون الحيض أعظم من الجنابة في بعض الجهات لا يقتضي كونه مثله في جميع الاحكام كما هو ظاهر.

بقي

شي ء و هو ان قضاء شهر رمضان هل يكون مثله في هذا الحكم أم لا؟

الحق هو الثاني اذا لالتزام بالالحاق اما من باب أن القضاء كالأداء في جميع الخصوصيات و الاحكام و أما من باب شمول النصوص الواردة في قضاء شهر رمضان الدالة علي بطلان الصوم بالاصباح جنبا لاحظ احاديث ابن سنان و سماعة بن مهران «1».

و يرد علي الوجه الاول انه لا دليل علي كونه مثله في جميع الاحكام و الخصوصيات و يرد علي الوجه الثاني ان تلك الأحاديث لا تشمل صورة النسيان الا أن يقال ان حديثي ابن سنان «2» يشمل المقام بالاطلاق و اللّه العالم.

(3) اذ التيمم بدل اضطراري عن الغسل فان لم يتمكن من الغسل كما هو المفروض تصل النوبة الي التيمم فيجب.

(4) اذ تركه يدخل في تعمد الاصباح جنبا فيبطل صومه.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 48

(5) بدعوي انتقاض تيممه بالحدث الاصغر كالنوم فيجب عليه البقاء مستيقظا الي

______________________________

(1) لاحظ ص: 43

(2) لاحظ ص: 43

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 49

[مسألة 21: إذا ظن سعة الوقت للغسل فاجنب فبان الخلاف]

(مسألة 21): اذا ظن سعة الوقت للغسل فاجنب فبان الخلاف فلا شي ء عليه مع المراعاة (1) أما بدونها فالاحوط القضاء (2).

______________________________

طلوع الفجر و قد ذكرنا في بحث التيمم في شرح المسألة (349) ان المستفاد من الكتاب «1» و السنة «2» ان التيمم كالوضوء و الغسل في حق غير المتمكن و بعبارة اخري: انه رافع موقت للحدث.

و استدل سيدنا الاستاد علي بقاء جنابة المتيمم بما رواه عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: رجل أم قوما و هو

جنب و قد تيمم و هم علي طهور فقال: لا بأس «3».

بتقريب: انه فرض الراوي ان الامام المتيمم في حال الجنابة أم القوم و الامام عليه السلام قرره علي ما في ذهنه.

و فيه: انه ترفع اليد عن تقريره في هذه الرواية بما يدل علي أن التيمم كالغسل من الكتاب و السنة مضافا الي أن المستفاد من ادلة البدلية انه يترتب علي التيمم ما يترتب علي الغسل و الوضوء فكما انه يجوز النوم مع الغسل كذلك يجوز مع التيمم فلاحظ.

(1) لعدم صدق التعمد.

(2) لاحتمال صدق التعمد و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه سماعة بن مهران قال: سألته عن رجل أكل أو شرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان قال:

ان كان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل ثم عاد فرأي الفجر فليتم صومه و لا اعادة عليه و ان كان قام فأكل و شرب ثم نظر الي الفجر فرأي انه قد طلع الفجر فليتم صومه

______________________________

(1) المائدة/ 7

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب التيمم

(3) الوسائل الباب 17 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 50

[مسألة 22: حدث الحيض و النفساء كالجنابة في أن تعمد البقاء عليهما مبطل للصوم في رمضان]

(مسألة 22): حدث الحيض و النفساء كالجنابة في أن تعمد البقاء عليهما مبطل للصوم في رمضان (1).

______________________________

و يقضي يوما آخر لأنه بدأ بالأكل قبل النظر فعليه الاعادة «1».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان الاتيان بالمفطر مح عدم رعاية الوقت و الفحص يوجب بطلان الصوم و وجوب القضاء.

و يؤيد المدعي ما رواه ابراهيم بن مهزيار قال: كتب الخليل بن هاشم الي أبي الحسن عليه السلام رجل سمع الوطء و النداء في شهر رمضان فظن ان النداء للسحور فجامع و خرج فاذا الصبح قد اسفر فكتب بخطه: يقضي ذلك اليوم

ان شاء اللّه «2».

(1) الذي يظهر من كلام بعض الاصحاب انه مشهور بينهم و ادعي عدم الخلاف فيه و استدل علي المدعي بالنسبة الي الحيض بما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان طهرت بليل من حيضتها ثم توانت أن تغتسل في رمضان حتي أصبحت عليها قضاء ذلك اليوم «3».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن و ما روي في الاخذ بروايات بني فضال «4». ضعيف سندا أيضا مضافا الي أن سند الشيخ الي ابن فضال كما تقدم ضعيف فلا دليل علي كون الحديث مرويا لبني فضال.

و يضاف الي ذلك كله ان المستفاد من الحديث المستند الي العسكري عليه السلام انه لا ينبغي التشكيك في روايات بني الفضال و هذا الحديث لا يدل علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 21 من أبواب ما يمسك عنه الصائم

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب صفات القاضي الحديث: 79

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 51

دون غيره (1) و اذا حصل النقاء في وقت لا يسع الغسل و لا التيمم أو

______________________________

توثيق الواسطة بينهم و الامام و لا يدل علي تصديق الوسائط فلاحظ و اغتنم.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه علي بن مهزيار قال: كتبت اليه عليه السلام: امرأة طهرت من حيضها أو دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان ثم استحاضت فصلت و صامت شهر رمضان كله من غير أن تعمل ما تعمل المستحاضة من الغسل لكل صلاتين هل يجوز (يصح) صومها و صلاتها أم لا؟ فكتب عليه السلام: تقضي صومها و لا تقضي صلاتها لان رسول اللّه كان

يأمر (فاطمة و) المؤمنات من نسائه بذلك «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان البقاء علي حدث الاستحاضة و عدم الاتيان بالغسل قبل الفجر يوجب بطلان الصوم و وجوب القضاء فبالأولوية القطعية يفهم ان حدث الحيض كذلك اذ حدث الحيض أعظم و أشد من حدث الاستحاضة.

هذا بالنسبة الي الحيض و أما بالنسبة الي النفاس فيمكن الاستدلال عليه بالاولوية بالتقريب المتقدم مضافا الي دعوي قيام الاجماع علي أن النفساء كالحائض.

(1) لاختصاص الدليل بشهر رمضان فلا وجه لإسراء الحكم الي غيره حتي القضاء فلا يعم الحكم المذكور قضائه أيضا و لا دليل علي كون القضاء كالأداء في جميع الخصوصيات نعم المستفاد من دليل القضاء في الصلاة و قوله عليه السلام: «يقض ما فاته كما فاته» «2» انه لا بد من رعاية الخصوصيات المرعية في أصل الطبيعة فقضاء صوم رمضان مشروط بالشروط المرعية في أصل الطبيعة و أما الزائد علي هذا المقدار فلا.

لكن الحديث خاص بالصلاة و لا يشمل الصوم الا أن يقال: بقيام الاجماع

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 52

لم تعلم بنقائها حتي طلع الفجر صح صومها (1).

[مسألة 23: المستحاضة الكثيرة يشترط في صحة صومها الغسل لصلاة الصبح و كذا للظهرين و لليلة الماضية علي الأحوط]

(مسألة 23): المستحاضة الكثيرة يشترط في صحة صومها الغسل (2) لصلاة الصبح و كذا للظهرين و لليلة الماضية علي الاحوط (3).

______________________________

علي عدم الفرق بين الموردين من هذه الجهة و يمكن أن يقال: ان دليل القضاء في حد نفسه يقتضي ذلك.

(1) لعدم ما يقتضي البطلان و بعبارة اخري لا تعمد في البقاء علي الحدث الي الفجر.

(2) هذا هو المشهور فيما بين القوم بل ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه

علي بن مهزيار «1» و الاضمار في الرواية لا يسقطها عن الاعتبار لأن المضمر ابن مهزيار و اضمار امثاله غير مضر كما أن اشتمال الحديث علي ما لا يقولون به من عدم قضاء الصلاة لا يقتضي سقوط الرواية عن الاعتبار فان التفكيك بين فقرات الحديث الواحد في الحجية امر ممكن كما أن قيام الدليل علي أن فاطمة عليها السلام بنت الرسول صلي اللّه عليه و آله لم تكن تر حمرة لا يقتضي رفع اليد عن الرواية لاحتمال ان المراد غيرها و يمكن أن يكون المراد أمر فاطمة عليها السلام لأجل أن تعلم النساء لا لعمل نفسها مع أن هذه الكلمة ساقطة في بعض الطرق و المذكور فيه هكذا «كان يأمر المؤمنات».

(3) أما شمول الرواية للظهرين فلا اشكال فيه و هو القدر المتيقن من الحديث و أما شموله الغسل لليلة الماضية فهو المستفاد من قول الراوي (الغسل لكل صلاتين) و أما دخل الغسل لليلة الآتية فهو و ان كان في مقام التصور أمرا ممكنا لكنه بعيد عن الفهم العرفي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 51

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 53

فاذا تركت احداها بطل صومها (1) و لا يجب تقديم غسل الصبح علي الفجر (2) بل لا يجزي لصلاة الصبح الا مع وصلها به (3).

______________________________

و أما شموله لغسل الفجر فهو من باب ان المستفاد من الرواية ان المركوز في ذهن السائل ان حدث الاستحاضة يقتضي بطلان الصوم فيكون غسل الفجر داخلا في موضوع الحكم هذا ما أفاده سيدنا الاستاد في هذا المقام «1».

و قد ذكرنا في كتاب الطهارة في ذيل المسألة (220) من بحث الاستحاضة ان المستفاد من الرواية توقف صحة الصوم علي غسل الظهرين و العشاءين و الظاهر بحسب

المتفاهم العرفي ان المراد بغسل العشاءين غسل الليلة اللاحقة و أما التوقف بالنسبة إلي غسل الفجر فلا يستفاد منها.

و بعبارة اخري: الذي يستفاد من الحديث ان صحة الصوم تتوقف علي غسل الظهرين و غسل العشاءين من الليلة اللاحقة و أما اشتراط الصحة بغسل الفجر فان تم اجماع تعبدي كاشف عليه فهو و إلا فيشكل الجزم به.

و صفوة القول: ان المذكور في الرواية الغسل لكل صلاتين و ليس لغسل الفجر ذكر فيها فالمرتكز في ذهن السائل ان الشرط للصحة الغسل لكل صلاتين و اذا كان المرتكز في ذهنه غسل العشاءين لليلة الماضية لكان المناسب أن يذكر غسل الفجر اذ المانع عن الصحة الحدث فكيف يمكن أن يكون الحدث الموجود في الليلة الماضية مانعا و لا يكون حدث الفجر كذلك فالمراد اما خصوص غسل الظهرين و أما مع غسل الليلة اللاحقة و اللّه العالم و عليه التوكل و التكلان.

(1) للحديث المذكور الدال علي البطلان بترك الغسل.

(2) لعدم الدليل عليه.

(3) بتقريب: ان المستفاد من ادلة وجوب الغسل عليها انه لا يجوز الفصل

______________________________

(1) مستند العروة ج 1 من الصوم ص: 196

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 54

______________________________

المعتد به بين الغسل و الصلاة و قد تعرضا لدليل وجوب المبادرة في كتاب الطهارة في شرح مسألة (218).

و قلنا هناك انه لا يبعد أن يكون المدرك لوجوب المبادرة حديث أبي المعزا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحلبي قد استبان ذلك منها تري كما تري الحائض من الدم قال: تلك الهراقة ان كان دما كثيرا فلا تصلين و ان كان قليلا فلتغتسل عند كل صلاتين «1».

و حديث اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة الحبلي تري

الدم اليوم و اليومين قال: ان كان دما عبيطا فلا تصلي ذينك اليومين و ان كان صفرة فلتغتسل عند كل صلاتين «2».

بتقريب: ان لفظ (عند) المذكور في الحديثين ظاهر في المقاربة و تقدير لفظ الوقت كي يقال: ان المراد عند وقت الصلاة، خلاف الظاهر و لا دليل عليه و بهما ترفع اليد عن اطلاق غيرهما.

و مثلهما في الدلالة علي المدعي حديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: (سمعته يقول: المرأة خ) المستحاضة تغتسل (التي لا تطهر خ) عند صلاة الظهر و تصلي الظهر و العصر ثم تغتسل عند المغرب فتصلي المغرب و العشاء ثم تغتسل عند الصبح فتصلي الفجر و لا بأس بأن يأتيها بعلها اذا شاء الا أيام حيضها الحديث «3».

و أما حديث اسماعيل بن عبد الخالق قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

______________________________

(1) الوسائل الباب: 30 من ابواب الحيض الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب الاستحاضة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 55

و اذا اغتسلت لصلاة الليل لم تجتزئ به للصبح و لو مع عدم الفصل المعتد به علي الاحوط (1).

[مسألة 24: إذا أجنب في شهر رمضان ليلا و نام حتي أصبح]

(مسألة 24): اذا اجنب في شهر رمضان ليلا و نام حتي اصبح فان نام ناويا لترك الغسل أو مترددا فيه لحقه حكم تعمد البقاء علي الجنابة (2).

______________________________

المستحاضة كيف تصنع؟ قال: اذا مضي وقت طهرها الذي كانت تطهر فيه فلتؤخر الظهر الي آخر وقتها ثم تغتسل ثم تصلي الظهر و العصر فان كان المغرب فلتؤخرها الي آخر وقتها ثم تغتسل ثم تصلي المغرب و العشاء فاذا كان صلاة الفجر فلتغتسل بعد طلوع الفجر ثم تصلي ركعتين قبل الغداة ثم تصلي الغداة الحديث

«1»، فضعيف سندا فلا يعبأ به.

(1) لعدم الدليل علي الاجزاء فلاحظ.

(2) قد تعرض الماتن في هذه الجملة لحكم صورتين و حكم ببطلان الصوم في كليهما أما الصورة الاولي فلا اشكال في صدق تعمد البقاء علي الجنابة الي الصبح فيترتب عليه البطلان و بعض النصوص الدالة علي البطلان وارد في النوم العمدي لاحظ ما رواه الحلبي «2».

و أما الصورة الثانية فأيضا بصدق عليها عنوان العمد و يترتب عليه بطلان الصوم و بعبارة اخري مثل هذا الشخص لا ينوي الصوم و الاصباح جنبا مفطر و المفروض انه لا ينوي عدمه بل متردد فيه و ان شئت قلت: النية تتوقف علي العزم و العزم ينافي التردد.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 15

(2) لاحظ ص: 40

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 56

و ان نام ناويا للغسل فان كان في النومة الاولي صح صومه (1).

______________________________

(1) في فرض البناء علي الغسل تارة يكون واثقا بعدم الانتباه و اخري يكون مترددا فيه و ثالثة يكون واثقا بالانتباه أما الصورة الاولي فالظاهر بطلان الصوم لان نومه مع الفرض المذكور يكون مصداقا للتعمد علي البقاء فيكون صومه باطلا.

و أما الصورة الثانية فربما يقال: بأن مقتضي الاستصحاب الاستقبالي بقائه علي النوم الي الصبح فيكون في حكم العامد.

و فيه: ان ترتب عنوان العمد علي الاستصحاب المذكور ليس ترتبا شرعيا فيكون من الاصل المثبت. و لكن لنا أن نقول بأن النوم مع عدم الوثوق بالانتباه مثل التردد في الغسل و عدمه.

و بعبارة اخري: مع عدم الوثوق بالانتباه لا يكون ناويا للصوم لان الصوم متقوم بعدم الاصباح جنبا.

و يظهر من كلام سيدنا الاستاد ان مثله غير داخل في المتعمد و هذه عبارته:

«ففي النومة الاولي بعد البناء علي الاستيقاظ و الاغتسال كما

هو المفروض بما أنه لا يصدق العمد و لا سيما في معتاد الانتباه فلا شي ء عليه». «1».

و فيه: انه مع عدم الوثوق بالانتباه يكون تاركا لنية الصوم فيكون داخلا تحت عنوان العمد فكيف يصح صومه.

و أما الصورة الثالثة فالظاهر صحة الصوم لعدم دليل علي فساد صومه بل الدليل قائم علي الصحة لاحظ ما رواه أبو سعيد القماط انه سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عمن أجنب في شهر رمضان في أول الليل فنام حتي أصبح قال: لا شي ء عليه و ذلك ان جنابته كانت في وقت حلال «2».

______________________________

(1) مستند العروة ج 1 من الصوم ص: 211

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 57

______________________________

لكن يعارضه ما رواه سماعة بن مهران قال: سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل في رمضان قام و قد علم بها و لم يستيقظ حتي يدركه الفجر فقال:

عليه أن يتم صومه و يقضي يوما آخر الحديث «1».

و في المقام طائفة اخري من النصوص تدل علي البطلان في صورة العمد لاحظ حديثي الحلبي و أبي بصير «2» فالطائفة الاولي تخصص بالطائفة الثالثة فان قلنا بتمامية قاعدة انقلاب النسبة تخصص الطائفة الثانية بالاولي بعد تخصيص الطائفة الثالثة اياها.

و بعباره واضحة الطائفة الاولي بعد تخصيصها بالثالثة تنقلب نسبتها الي الثانية من التباين الي العموم و الخصوص المطلقين فتكون مخصصة لها و أما لو لم نقل بانقلاب النسبة- كما لا نقول- يمكن تقييد الطائفة الاولي بما فصل بين النومة الاولي و الثانية.

لاحظ ما رواه معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يجنب في أول الليل ثم ينام حتي يصبح في شهر رمضان

قال: ليس عليه شي ء قلت فانه استيقظ ثم نام حتي أصبح قال: فليقض ذلك اليوم عقوبة «3».

فانه يستفاد من هذه الرواية التفصيل بين النومة الاولي و الثانية ففي النومة الاولي اذا بقي نائما و أصبح جنبا لا يفسد صومه.

و ان شئت قلت: نسبة هذه الرواية الي الطائفة الاولي نسبة الخاص الي العام

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 40

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 58

______________________________

فتخصص تلك الطائفة بهذه الطائفة الرابعة.

و بعبارة واضحة: ان المستفاد من هذه الرواية التفصيل بين النومة الاولي بعد الجنابة و النومة الثانية فانه يفهم عرفا من قول الراوي: «الرجل يجنب في أول الليل ثم ينام» ان النوم وقع بعد الجنابة حتي فيما كانت جنابته احتلامية فالنوم الاول هو النوم الحادث بعد الاحتلام و لا تعد النومة التي أجنب فيها من النومة الاولي بل هي نومة واحدة مستمرة فهي نومة الجنابة لا أنها نومة اولي بعد الجنابة.

و حمل قوله «ثم ينام» علي النومة التي أجنب فيها باعتبار الاستمرار ليكون ما ثبت فيه القضاء هي في الحقيقة النومة الاولي بعد الانتباه خلاف ظاهر كلمة (ثم).

و يدل علي المدعي اي صحة الصوم في الفرض المذكور و هي النومة الاولي أيضا ما رواه ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يجنب في شهر رمضان ثم (حتي) يستيقظ ثم ينام ثم يستيقظ ثم ينام حتي يصبح قال: يتم يومه (صومه) و يقضي يوما آخر و ان لم يستيقظ حتي يصبح أتم صومه (يومه) و جاز له «1».

فان المستفاد من هذه الرواية انه لو بقي نائما

الي الفجر في النومة الاولي بعد الجنابة يكون صومه صحيحا و هذا هو المدعي.

ان قلت: يمكن أن يكون قوله عليه السلام: «و ان لم يستيقظ» الي آخره ناظرا الي النومة التي أجنب فيها و احتلم فيكون مفهوم الشرطية فساد الصوم بالنومة التي بعد الاستيقاظ الاول فتكون الرواية دالة علي خلاف المدعي.

قلت: هذا خلاف الظهور العرفي و ان شئت قلت: التقسيم قاطع للشركة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 59

و ان كان في النومة الثانية بأن نام بعد العلم بالجنابة ثم أفاق و نام ثانيا حتي أصبح وجب عليه القضاء (1) دون الكفارة علي الاقوي (2).

______________________________

فانه يفهم من كلامه التفصيل بين النومة الثانية و الاولي بكون الصوم فاسدا في الثانية و صحيحا في الاولي.

و لقائل أن يقول ان مقتضي اطلاق قوله عليه السلام «و ان لم يستيقظ» عدم الفرق بين النومة التي اجنب فيها و النومة الاولي بعد الانتباه في أنه لو بقي نائما الي الفجر لا يفسد صومه فلاحظ.

(1) كما هو المعروف عند الاصحاب و يدل علي المدعي حديث ابن عمار المتقدم ذكره آنفا فان المستفاد منه كما مر قريبا التفصيل بين النوم الاول و الثاني بصحة الصوم في الصورة الاولي و عدم شي ء عليه و فساده في الثانية و وجوب القضاء.

و يمكن أن يستدل عليه بحديث ابن أبي يعفور بعين التقريب و هذه الرواية نقلت في الفقيه بهذا النحو الموجود في الوسائل لكنها نقلت في التهذيب هكذا:

«الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ثم ينام حتي يصبح قال: يتم صومه و يقضي يوما آخر «1».

فيدور الامر بين الاشتباه بالزيادة و الاشتباه بالنقيصة و الترجيح مع الثانية مضافا الي ما قيل من أن

الفقيه أضبط. و لقائل أن يقول: من الممكن تعدد الرواية فان دوران الامر بين الزيادة و النقيصة فرع وحدة الرواية و هي أول الكلام فلاحظ.

(2) لعدم الدليل عليها و عهدة دعوي الملازمة الشرعية بين القضاء و الكفارة علي مدعيها مع انتقاضها بموارد عديدة منها نسيان غسل الجنابة فانه يوجب القضاء دون الكفارة.

______________________________

(1) تهذيب الاحكام ج 4 ص 211 ح 19

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 60

و ان كان بعد النومة الثالثة فالاحوط استحبابا الكفارة أيضا (1).

______________________________

و في المقام حديثان ربما يستدل بهما علي وجوب الكفارة احدهما ما رواه المروزي «1» و هذه الرواية ضعيفة فان سليمان بن حفص لم يوثق و كونه في اسناد كامل الزيارة لا اثر له كما مر منا مرارا مضافا الي أنه قابل للتقييد بالعمد.

ثانيهما ما أرسله ابراهيم بن عبد الحميد (اللّه) عن بعض مواليه قال: سألته عن احتلام الصائم قال: فقال: اذا احتلم نهارا في شهر رمضان فلا ينم حتي يغتسل و ان أجنب ليلا في شهر رمضان فلا ينام إلا ساعة حتي يغتسل فمن أجنب في شهر رمضان فنام حتي يصبح فعليه عتق رقبة أو اطعام ستين مسكينا و قضاء ذلك اليوم و يتم صيامه و لن يدركه أبدا «2» و من الظاهر ان المرسل لا اعتبار به.

فالنتيجة: انه لا دليل علي الكفارة و مقتضي الاصل عدمها مضافا الي ما يشاهد في بعض الكلمات من أن العدم نسب الي ظاهر الاصحاب بل نقل علي عدم وجوبها الاجماع و اللّه العالم.

(1) اي يترتب علي الاصباح جنبا بعد النومة الثالثة امران: احدهما: القضاء و فساد الصوم كما كان كذلك في النومة الثانية. ثانيهما: استحباب الكفارة فيقع الكلام اولا في وجوب القضاء و

ثانيا في الكفارة.

فنقول: لا اشكال في وجوب القضاء فان حديث ابن عمار يدل علي وجوب القضاء في المقام بالأولوية و أما الكفارة فيظهر من كلمات القوم ان المشهور وجوبها و ادعي عليه الاجماع و ذهب جماعة من الاساطين الي عدم الوجوب لعدم الدليل عليه و قد عرفت ضعف الوجوه القائمة علي الوجوب.

______________________________

(1) لاحظ ص: 40

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 61

و كذلك في النومين الاولين اذا لم يكن معتاد الانتباه (1) و اذا نام عن ذهول و غفلة فالاحوط وجوب القضاء في النومين الاولين و الكفارة أيضا في الثالث (2).

[مسألة 25: يجوز النوم الأول و الثاني مع احتمال الاستيقاظ و كونه معتاد الانتباه]

(مسألة 25) يجوز النوم الاول و الثاني مع احتمال الاستيقاظ و كونه معتاد الانتباه (3) و الاحوط لزوما تركه اذا لم يكن معتاد الانتباه (4).

______________________________

و أما الاجماع المدعي في المقام فيرد عليه ان الاجماع المنقول ليس حجة كما حقق في محله و تحصيل الاجماع الكاشف لا يمكن فالنتيجه ان مقتضي القاعدة عدم الوجوب و لكن المشهور حيث ذهبوا الي القول بالوجوب يستحب الاحتياط فان حسنه غير قابل للإنكار.

(1) اذا لم يكن معتاد الانتباه لا يكون واثقا بالاستيقاظ و مع عدم الوثوق به يكون مترددا في تحقق الغسل فيكون مصداقا للعامد و العامد يجب عليه القضاء مضافا الي الكفارة.

(2) و الوجه فيه ان الذهول و الغفلة يلازمان النسيان اذا لمفروض ان المكلف علم بالجنابة ثم ذهل أي نسي جنابته و بمقتضي النص الخاص الناسي لغسل الجنابة يجب عليه القضاء بلا فرق بين النومة الاولي و غيرها و أما الاحتياط بالكفارة في الثالثة فلذهاب المشهور الي القول بالوجوب.

(3) اذ مع كونه معتاد الانتباه يثق بأنه اذا نام

لا يصبح جبنا فلا ينافي نومه مع نية الصوم. و ان شئت قلت: ان الوثوق بالانتباه حجة عقلائية فيكون كالقاطع بالانتباه في أنه يجوز له النوم.

(4) الذي يظهر في هذا المقام ان الاقوال فيه مختلفة فالمشهور هو الجواز علي الاطلاق و عن جماعة عدم الجواز كذلك و قول بالتفصيل بين النومة الاولي فتجوز

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 62

و أما النوم الثالث فالاحوط تركه مطلقا (1).

[مسألة 26: إذا احتلم في نهار شهر رمضان لا تجب المبادرة إلي الغسل منه]

(مسألة 26): اذا احتلم في نهار شهر رمضان لا تجب المبادرة الي الغسل منه (2) و يجوز له الاستبراء بالبول و ان علم ببقاء شي ء من

______________________________

و الثانية فلا تجوز اما القائلون بالجواز فاستدلوا بالاصل.

و فيه انه لا مجال له مع صدق تعمد الاصباح جنبا فان الاصل لا مجال له مع قيام الدليل علي حرمة النوم لكونه مصداقا للعمد.

و استدل للقول الثاني بما رواه ابراهيم بن عبد الحميد «1» و المرسل لا اعتبار به.

و استدل للقول بالتفصيل بما رواه معاوية بن عمار «2». بتقريب ان المستفاد من الرواية حرمة النوم الثاني اذ جعل القضاء عليه عقوبة و العقوبة تناسب الحرمة بخلاف النوم الاول فانه قد صرح بأنه ليس عليه شي ء.

و اورد فيه بأن العقوبة المستلزمة للحرمة العقوبة الاخروية لا العقوبة الدنيوية فان الناسي للنجاسة يجب عليه القضاء عقوبة و الحال ان الصلاة في النجس نسيانا ليست حراما.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان الحق حرمة النوم مطلقا مع عدم اعتياد الانتباه.

(1) لم يظهر لي وجه التفكيك بين النوم الثاني و الثالث اذ مع عدم اعتماد الانتباه لا يجوز النوم علي الاطلاق و أما مع الوثوق بالانتباه فلا مقتضي لعدم الجواز و القول بالتفصيل مضافا الي ضعف مدركه يقتضي التفصيل بين النوم الاول

و الثاني لا بين الثاني و الثالث و الامر سهل.

(2) ادعي انه لا خلاف في عدم الوجوب بل ادعي عليه الاجماع بقسميه و نسب

______________________________

(1) لاحظ ص: 60

(2) لاحظ ص: 57

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 63

المني في المجري (1) و لكن لو اغتسل قبل الاستبراء بالبول فالاحوط تاخيره الي ما بعد المغرب (2).

[مسألة 27: لا يعد النوم الذي احتلم فيه ليلا من النوم الأول]

(مسألة 27): لا يعد النوم الذي احتلم فيه ليلا من النوم الاول بل اذا أفاق ثم نام كان نومه بعد الافاقة هو النوم الاول (3).

______________________________

الي جملة من الاساطين عدم العلم بالخلاف و الحق عدم الوجوب كما في المتن للأصل و عدم ما يقتضي الوجوب و أما مرسل ابراهيم «1» فلا اعتبار به لكونه مرسلا.

و يمكن الاستدلال علي الجواز بما رواه العيص «2» فان الحديث المذكور يدل علي المدعي بالصراحة فلاحظ.

(1) قيل: انه مقطوع به و هو كذلك لعدم الدليل علي عدم الجواز اذ لا شبهة في أنه لا تحصل جنابة جديدة و أما دليل حرمة الامناء فالانصاف انه منصرف عن مفروض الكلام مضافا الي جريان السيرة عليه بل ابداء احتمال الاشكال فيه يعد غريبا.

(2) الوجه في عدم الجواز تحقق الجنابة التي تكون مفطرا بمقتضي ما رواه القماط «3» فان مقتضي هذه الرواية بطلان الصوم بالجنابة و لعل وجه عدم الجزم بالحكم انصراف الدليل عن هذه الصورة و الانصاف انه لا يبعد دعوي الانصراف.

(3) كما نسب الي جملة من الاساطين و يمكن الاستدلال عليه بجملة من النصوص الأول: ما رواه عيص بن القاسم انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل ينام

______________________________

(1) لاحظ ص: 60

(2) لاحظ ص: 45

(3) لاحظ ص: 56

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 64

[مسألة 28: الظاهر إلحاق النوم الرابع و الخامس بالثالث]

(مسألة 28): الظاهر الحاق النوم الرابع و الخامس بالثالث (1).

[مسألة 29: الأقوي عدم إلحاق الحائض و النفساء بالجنب]

(مسألة 29): الاقوي عدم الحاق الحائض و النفساء بالجنب (2) فيصح الصوم مع عدم التواني في الغسل و ان كان البقاء علي الحدث في النوم الثاني أو الثالث (3).

______________________________

في شهر رمضان فيحتلم ثم يستيفظ ثم ينام قبل أن يغتسل قال: لا بأس «1».

فان مقتضي اطلاق الرواية انه لو نام في شهر رمضان في الليل و اجنب و استيقظ ثم نام و بقي نائما الي الفجر لم يكن بنومه بأس فلا يترتب عليه القضاء و الكفارة.

الثاني: ما رواه معاوية بن عمار «2» فان هذه الرواية تدل علي أن النومة الاولي هي النومة التي تحقق بعد الجنابة لا النومة التي تحقق الجنابة فيها و قد ذكرنا تقريب المدعي في ذيل مسألة (24) فراجع.

الثالث: ما رواه ابن أبي يعفور «3» فانه يستفاد من هذه الرواية ان النومة التي تكون بعد اليقظة الثانية يترتب عليها القضاء فالنوم الذي يتحقق فيه الاحتلام ليس معدودا فلاحظ.

(1) فان مقتضي الفهم العرفي كذلك حيث انه يفهم من الدليل عدم الفرق بين الثالث و غيره في مثل المقام و لذا نلتزم بوجوب القضاء في الثالث كما نلتزم في الثاني مع عدم دليل علي القضاء أيضا في الثالث فلاحظ.

(2) لعدم الدليل عليه و اثبات ترتب الحكم المترتب علي الجنابة في المقام بدعوي الاولوية لا سبيل اليه فلا بد من اتباع الدليل الوارد فيهما.

(3) لاختصاص النص بالجنب و لا وجه للتعدي بل العبرة بصدق التعمد علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 57

(3) لاحظ ص: 58

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 65

[الثامن: إنزال المني بفعل ما يؤدي إلي نزوله مع احتمال ذلك و عدم الوثوق بعدم نزوله]

الثامن: انزال المني بفعل ما يؤدي الي نزوله مع احتمال ذلك و عدم الوثوق بعدم نزوله (1).

______________________________

البقاء و

عدمه و حديث أبي بصير «1» لا اعتبار به سندا.

(1) ادعي تارة عدم الخلاف فيه و اخري الاتفاق عليه و ثالثة انه مما أطبق عليه الاصحاب و رابعة انه عليه اجماع العلماء كافة و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «2».

و منها: ما رواه حفص بن سوقة عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يلاعب أهله أو جاريته و هو في قضاء شهر رمضان فيسبقه الماء فينزل قال: عليه من الكفارة مثل ما علي الذي جامع في شهر رمضان «3».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن رجل يعبث بامرأته حتي يمني و هو محرم من غير جماع أو يفعل ذلك في شهر رمضان فقال عليه السلام: عليهما جميعا الكفارة مثل ما علي الذي يجامع «4».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل لزق بأهله فأنزل قال: عليه اطعام ستين مسكينا مد لكل مسكين «5».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وضع يده علي شي ء من جسد امرأته فأدفق فقال: كفارته أن يصوم شهرين متتابعين أو

______________________________

(1) لاحظ ص: 50

(2) لاحظ ص: 34

(3) الوسائل الباب 4 من ابواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 66

______________________________

يطعم ستين مسكينا أو يعتق رقبة «1».

و هذه النصوص و ان كانت دالة بالمطابقة علي الكفارة لكن تدل علي المدعي بالملازمة للإجماع علي عدم الكفارة مع عدم الافطار مضافا الي أنه يكفي لإثبات المدعي ما تقدم من كلمات القوم فان فساد الصوم شرعا

في مفروض الكلام أوضح من أن يخفي.

بل يمكن الاستدلال علي البطلان بطائفة اخري من النصوص التي تدل علي المدعي بالمطابقة لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن رجل يمس من المرأة شيئا أ يفسد ذلك صومه أو ينقضه؟ فقال: ان ذلك ليكره للرجل الشاب مخافة أن يسبقه المني «2».

و ما رواه منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما تقول في الصائم يقبل الجارية و المرأة؟ فقال: أما الشيخ الكبير مثلي و مثلك فلا بأس و أما الشاب الشبق فلا لأنه لا يؤمن و القبلة احدي الشهوتين قلت: فما تري في مثلي يكون له الجارية فيلاعبها فقال لي: انك لشبق يا با حازم الحديث «3».

و ما رواه سماعة أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يلصق بأهله في شهر رمضان فقال: ما لم يخف علي نفسه فلا بأس «4».

و ما رواه محمد بن مسلم و زرارة جميعا عن أبي جعفر عليه السلام انه سئل هل يباشر الصائم أو يقبل في شهر رمضان فقال: اني أخاف عليه فليتنزه من ذلك

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 67

و أما اذا كان واثقا بالعدم فنزل اتفاقا أو سبقه المني بلا فعل شي ء لم يبطل صومه (1).

[التاسع: الاحتقان بالمائع]
اشارة

التاسع: الاحتقان بالمائع (2).

______________________________

الا أن يثق أن لا يسبقه منيه «1».

فان المستفاد من هذه النصوص بالنصوصية أو بالظهور ان الامناء يفسد الصوم و هذا هو المدعي فلاحظ.

(1) ادعي عليه القطع و عدم الخلاف فيه و الاشكال لعدم المقتضي و قصور

النصوص عن اثبات البطلان في الفرض: ان قلت مقتضي اطلاق بعض النصوص وجوب الكفارة بالانزل بلا تقييد بالعمد لاحظ حديثي حفص و سماعة «2» قلت ترفع اليد عن الاطلاق بما رواه زرارة و محمد «3» فان الاطلاق يقيد بهذه الرواية مضافا الي أنه كيف يمكن جعل الكفارة علي أمر غير اختياري و هذا الاطلاق خلاف الحكم الشرعي قطعا.

(2) يظهر من بعض الكلمات انه لا اشكال و لا خلاف في كون الاحتقان حراما للصائم نعم حكي عن ابن الجنيد انه قال: يستحب للصائم الاجتناب عن الاحتقان انما الكلام في كونه مفسدا للصوم و هو المدعي في المقام.

و يدل عليه ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن عليه السلام انه سأل عن الرجل يحتقن تكون به العلة في شهر رمضان فقال: الصائم لا يجوز له أن يحتقن «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) لاحظ ص: 65

(3) لاحظ ص: 66

(4) الوسائل الباب 5 من ابواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 68

و لا باس بالجامد (1).

______________________________

بتقريب: ان النهي في هذه الموارد يرشد الي الفساد و لا يستفاد منه الحرمة النفسية سيما مع فرض الراوي أن الرجل به علة و مع ذلك قال عليه السلام:

«لا يجوز للصائم الاحتقان» اي لا يصح الصوم و لا يجوز مع الاحتقان و ان كان المراد من النهي الحرمة النفسية كيف يمكن أن يحكم عليه السلام بالحرمة علي الاطلاق و الحال ان الصوم لا يصح للمريض مضافا الي قاعدة رفع الحرج.

(1) لعدم المقتضي فان الاحتقان بما له من المفهوم لا يصدق علي الجامد فلا وجه لكونه مفسدا سيما مع حصر المفطر في النص «1» بأمور محصورة ليس

الاحتقان بالجامد منها و لو شك في الصدق يكون المرجع حديث الحصر.

فالنتيجة عدم دليل علي بطلان الصوم اذا كان الاحتقان بالجامد و يدل علي الجواز بالنسبة الي الجامد بالصراحة ما رواه محمد بن الحسن (الحسين) عن أبيه قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام ما تقول في اللطف يستدخله الانسان و هو صائم فكتب عليه السلام لا بأس بالجامد «2».

و لا يبعد أن تدل هذه الرواية بالمفهوم علي كون الاحتقان بالمائع مفسدا لا من باب مفهوم اللقب كي يقال: انه لا مفهوم له بل لخصوصية في المقام اذ لو لم يكن في مقام اثبات الفساد للاحتقان بالمائع كان المناسب في الجواب أن يقول:

«لا بأس به».

و بعبارة اخري: ان السائل فرض في الكلام استدخال الشياف و مع ذلك أجاب عليه السلام بأنه لا بأس بالجامد فيفهم من كلامه الفساد بالمائع فلاحظ.

و في المقام رواية اخري رواها علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه

______________________________

(1) لاحظ ص: 34

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 69

______________________________

السلام قال: سألته عن الرجل و المرأة هل يصلح لهما أن يستدخلا الدواء و هما صائمان؟ قال: لا بأس «1».

ربما يقال بأنها تعارض حديث البزنطي فلا بد من علاج التعارض فنقول: ان قلنا بأن الاحتقان الوارد في ذلك الحديث ظاهر في الاحتقان بالمائع و حديث علي بن جعفر ظاهر في الجامد فلا تعارض كما هو ظاهر و ان قلنا بأن حديث البزنطي ظاهر في المائع و حديث ابن جعفر ظاهر في الاعم فحديث البزنطي يخصص تلك الرواية فلا تعارض أيضا و ان قلنا بالعكس فلا تعارض أيضا لعدم المعارضة بين العام و الخاص.

و

أما ان قلنا بأن كل واحد من الخبرين ظاهر في الاعم فيقع التعارض بينهما فعلي القول بانقلاب النسبة يرتفع التعارض اذ المكاتبة تخصص حديث البزنطي و بعد التخصيص تنقلب نسبته الي تلك الرواية الي نسبة الخاص الي العام و يخصصها و أما علي عدم القول بالانقلاب فلا بد من العلاج.

فنقول: مقتضي ما تقدم من كون المكاتبة بمفهومها تثبت البأس للمائع تكون وسيلة للجمع بين المتعارضين و رفع النزاع من البين اذ علي هذا بمنطوقها تقيد حديث البزنطي و بمفهومها تقيد تلك الرواية فالنتيجة التفصيل بين المائع و الجامد.

لكن علي القول بكون الاحتقان ظاهرا في المائع- كما لا يبعد أن يكون كذلك- لا تصل النوبة الي المعارضة و أيضا لا معارضة علي القول بأن شمول مفهوم الاحتقان للجامد مشكوك فيه.

و لقائل أن يقول: ان حديث البزنطي أخص من تلك الرواية علي جميع التقادير اذا لمفروض في تلك الرواية استدخال الدواء و الاستدخال أعم من أن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 70

كما لا بأس بما يصل الي الجوف من غير طريق الحلق مما لا يسمي أكلا أو شربا كما اذا صب دواء في جرحه أو في اذنه أو في احليله أو عينه فوصل الي جوفه و كذا اذا طعن برمح أو سكين فوصل الي جوفه و غير ذلك نعم اذا فرض احداث منفذ لوصول الغذاء الي الجوف من غير طريق الحلق كما يحكي عن بعض اهل زماننا فلا يبعد صدق الاكل و الشرب حينئذ فيفطر به كما هو كذلك اذا كان بنحو الاستنشاق من طريق الانف (1) و أما ادخال الدواء بالابرة في اليد أو الفخذ أو نحوهما من الاعضاء فلا باس به (2)

و كذا تقطير

______________________________

يستدخل من المحل الذي يحتقن أو يستدخل من محل آخر.

اللهم الا أن يقال: المتبادر من اللفظ هو الاستدخال من المحل المعهود فلاحظ فنتيجة ما تقدم هو التفصيل كما في المتن.

(1) اذ الموضوع المترتب عليه الحكم عنوان الاكل أو الشرب و مع عدم صدق هذين العنوانين لا يفسد الصوم إلا مع قيام دليل علي بطلانه بأمر آخر كما قام علي البطلان بالاحتقان و غيره من المفطرات.

و صفوة القول: ان الميزان صدق العنوان و مع الشك يحكم بعدمه علي ما هو المقرر عندنا من جريان الاصل في الشبهة المفهومية و مما ذكرنا يظهر الاشكال في جملة من الموارد التي ذكرت في المتن.

(2) لعدم صدق عنواني الاكل و الشرب عليه و يدل علي المدعي ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الصائم هل يصلح له أن يصب في اذنه الدهن؟ قال: اذا لم يدخل حلقه فلا بأس «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 71

الدواء في العين أو الاذن (1).

[مسألة 30: لا يجوز ابتلاع ما يخرج من الصدر أو ينزل من الرأس من الخلط إذا وصل إلي فضاء الفم]

(مسألة 30): لا يجوز ابتلاع ما يخرج من الصدر أو ينزل من الرأس من الخلط اذا وصل الي فضاء الفم علي الاحوط (2).

______________________________

(1) لعدم ما يقتضي البطلان و الحرمة فلا بأس و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها رواية علي بن جعفر المتقدمة آنفا و منها غيرها المذكور في الباب 24 من أبواب ما يمسك عنه الصائم من الوسائل.

(2) لصدق عنوان الاكل عليه فلا يجوز و في المقام رواية تدل علي جواز ازدراد النخامة و هي ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا

بأس أن يزد رد الصائم نخامته «1».

لكن مفهوم النخامة غير ظاهر و وقع الاختلاف في تفسيرها بين اهل الفن و الاقوال فيها مختلفة فعن بعض اختصاصها بما يخرج من الصدر مقابلا لما ينزل من الرأس و عن بعض آخر عكس هذا التفسير و عن ثالث: انها الجامع بين الامرين قال في مجمع البحرين في مادة نخم: «النخامة بالضم النخاعة تنخم الرجل اذا تنخع و النخاعة ما يخرجه الانسان من مخرج الخاء انتهي.

و الازدراد عبارة عن الابتلاع و حيث ان المراد من النخامة غير معلوم و دائر امرها بين معان ثلاثة و ليس لنا قدر متيقن فلا بد من الاحتياط من باب العلم الإجمالي.

و صفوة القول: ان مقتضي الدليل الاولي الحرمة و الذي لا اشكال فيه ان عموم الدليل قد خصص بمورد و لكن لا يمكننا العلم به فلا مناص عن الاحتياط علي ما حقق في محله من تنجز العلم الإجمالي علي ما هو المعروف و الظاهر ان ما ذكرنا هو الوجه في عدم جزم الماتن بل بني الحكم بعدم الجواز علي الاحتياط

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 72

أما اذا لم يصل الي فضاء الفم فلا بأس بهما (1).

[مسأله 31: لا بأس بابتلاع البصاق المجتمع في الفم و إن كان كثيرا]

(مسأله 31): لا بأس بابتلاع البصاق المجتمع في الفم و ان كان كثيرا و كان اجتماعه باختياره كتذكر الحامض مثلا (2).

[العاشر: تعمد القي ء]
اشارة

العاشر: تعمد القي ء (3) و ان كان لضرورة من علاج مرض

______________________________

فلاحظ.

(1) لعدم صدق الاكل و لا الشرب عليه فلا مقتضي للحرمة.

(2) لانصراف دليل المنع عن مثله مضافا الي جريان السيرة من المتشرعة عليه.

(3) ادعي عليه الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا تقيا الصائم فقد أفطر و ان ذرعه من غير أن يتقيأ فليتم صومه «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا تقيا الصائم فعليه قضاء ذلك اليوم و ان ذرعه من غير أن يتقيا فليتم صومه «2».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن القي ء في رمضان فقال: ان كان شي ء يبدره فلا بأس و ان كان شي ء يكره نفسه عليه (فقد) أفطر و عليه القضاء الحديث «3».

و منها: ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام انه قال:

من تقيأ متعمدا و هو صائم فقد أفطر و عليه الاعادة فان (و ان) شاء اللّه عذبه و ان شاء غفر له و قال: من تقيا و هو صائم فعليه القضاء «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 73

و نحوه (1) و لا بأس بما كان بلا اختيار (2).

[مسألة 32: إذا خرج بالتجشؤ شي ء ثم نزل من غير اختيار لم يكن مبطلا]

(مسألة 32): اذا خرج بالتجشؤ شي ء ثم نزل من غير اختيار لم يكن مبطلا (3) و اذا وصل الي فضاء الفم فابتلعه اختيارا بطل صومه

______________________________

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن الرجل يستاك و هو صائم فيقي ء

ما عليه؟ قال: ان تقيا متعمدا فعليه قضائه و ان لم يكن تعمد ذلك فليس عليه شي ء «1».

(1) لإطلاق النصوص و في قبال هذه النصوص ما يعارضها لاحظ ما رواه عبد اللّه بن ميمون عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام قال: ثلاثة لا يفطرن الصائم القي ء و الاحتلام و الحجامة الحديث «2».

و حيث ان هذه الرواية مطلقه من حيث العمد و عدمه تقيد بتلك النصوص المفصلة بين الاختيار و عدمه فلاحظ.

(2) كما صرح به في النصوص مضافا الي دعوي الاتفاق عليه و ما عن ابن الجنيد من وجوب القضاء اذا كان عن محرم فضعيف.

(3) مفهوم التجشؤ يغاير مفهوم القي ء علي ما يظهر من اللغة بل يظهر التغاير المفهومي بينهما من النص لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن القلس و هي الجشاء يرتفع الطعام من جوف الرجل من غير أن يكون تقيا و هو قائم في الصلاة قال: لا تنقض ذلك وضوئه و لا يقطع صلاته و لا يفطر صيامه «3».

فلا مقتضي لكونه مبطلا مضافا الي دلالة جملة من النصوص علي عدم تحقق

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 74

و عليه الكفارة علي الاحوط (1).

______________________________

الافطار به و من تلك النصوص ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل الصائم يقلس فيخرج منه الشي ء من الطعام أ يفطر ذلك؟ قال:

لا قلت: فان ازدرده بعد أن صار علي لسانه قال: لا يفطر ذلك «1».

و أما خروج شي ء معه فأيضا لا دليل علي كونه مبطلا بل الدليل قائم علي عدمه فان حديث

ابن سنان الذي تقدم صريح في عدم كونه مبطلا و أما نزوله بغير اختيار فأيضا لا يكون مبطلا اذ يشترط في تحقق الافطار الاختيار كما سيجي ء في كلام الماتن.

(1) لصدق موضوع الحكم فان الافطار العمدي يقتضي القضاء و الكفارة و المفروض في الكلام انه ابتلع عمدا ما وصل الي فضاء فمه لكن مقتضي حديث عبد اللّه بن سنان «2» عدم تحقق الافطار فان المستفاد من هذه الرواية عدم ترتب الفساد علي ازدراد ما ظهر علي اللسان فان قلنا بانقلاب النسبة نقول: بأن دليل كون الاكل مبطلا بعد الاختصاص بصورة العمد و التذكر تصير نسبته الي حديث ابن سنان عموما من وجه فان ما به الافتراق من ناحية حديث ابن سنان صورة النسيان و غير الاختيار و ما به الافتراق من ناحية دليل مبطلية الاكل مصاديقه المتعارفة و ما به الاجتماع ما فرض من الازدراد في حديث ابن سنان و حيث ان دليل حرمة الاكل و كونه مبطلا موافق للكتاب يرجع و يقدم علي عدم الابطال.

و أما ان لم نقل بانقلاب النسبة- كما لا نقول- يكون حديث ابن سنان مخصصا لدليل حرمة الاكل و لم يظهر لي وجه عدم جزم الماتن و بنائه المسألة علي الاحتياط مع انه يري صحة الانقلاب و يمكن أن يكون الوجه في عدم الجزم انصراف دليل

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من ابواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 9

(2) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 75

[مسألة 33: إذا ابتلع في الليل ما يجب قيئه في النهار بطل صومه في الواجب المعين]

(مسألة 33): اذا ابتلع في الليل ما يجب قيئه في النهار بطل صومه في الواجب المعين و ان لم يقئه و كذلك الواجب غير المعين علي الاحوط اذا كان اخراجه منحصرا بالقي ء (1).

______________________________

حرمة الاكل عن المقام.

و لا

يخفي ان سند حديث ابن سنان مخدوش فان محمد بن عيسي الواقع في السند يمكن أن يكون المراد منه محمد بن عيسي بن عبيد بن يقطين بل هو حسب التميز و هو رواية محمد بن يحيي عنه و الرجل مورد الكلام.

(1) بتقريب: انه كيف يمكن الجمع بين وجوب القي ء و ايجاب الصوم فان مرجعه الي الجمع بين الضدين.

و لقائل أن يقول: انه يمكن تصور الامر بالصوم مع وجوب القي ء في النهار علي نحو الترتب اذ في فرض عصيان الامر الاول يمكن للمكلف أن يمسك عن المفطرات بقصد القربة فعلي القول بجواز الترتب كما هو كذلك لا مانع من تصحيح الصوم بهذا النحو.

و بعبارة واضحة تتصور للمكلف حالات ثلاث: الاولي: أن يمتثل وجوب القي ء و يتقيا. الثانية: أن يمسك عن القي ء و لكن لا يقصد امتثال الامر الصومي.

الثالثة: أن يمسك عنه بقصد امتثال الامر الصومي و حيث انه تتصور صورة ثالثة لا مانع من تعلق الامر بالامساك القربي علي فرض العصيان و لا يلزم تحصيل الحاصل

هذا بالنسبة الي الواجب المعين و أما بالنسبة الي الواجب غير المعين فالظاهر هي الصحة و لو علي عدم القول بالترتب الا علي القول بأن الامر بالشي ء يقتضي النهي عن الضد و علي القول بأن النهي الغيري يقتضي الفساد و لا نقول بشي ء من الامرين.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 76

و ان لم يكن منحصرا به لم يبطل الا اذا قاءه اختيار (1).

[مسألة 34: ليس من المفطرات مص الخاتم و مضغ الطعام و ذوق المرق]

(مسألة 34): ليس من المفطرات مص الخاتم (2) و مضغ الطعام (3) و ذوق المرق (4).

______________________________

و علي الجملة لا نري وجها للفساد في الواجب غير المعين و لذا لا مجال لتوهم فساد الصلاة اليومية مع سعة الوقت و وجوب

ازالة النجاسة عن المسجد فان ازالة النجاسة عن المسجد لا تزاحم وجوب الصلاة في سعة الوقت فلا مورد للترتب و ان شئت قلت الاطلاق في دليل الصلاة لا ينافي التقييد في دليل الازالة فلاحظ.

(1) و الوجه فيه ظاهر اذ لا تنافي بين الامرين نعم اذا اختار القي ء يبطل صومه كما لو أفطر بمفطر آخر.

(2) لحصر المفطر في غيره و مقتضي الاصل الاولي عدم كونه مفطرا و حراما مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يعطش في شهر رمضان قال: لا بأس بأن يمص الخاتم «1».

(3) الكلام فيه هو الكلام لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث أنه سئل عن المرأة يكون لها الصبي و هي صائمة فتمضغ له الخبز و تطعمه قال: لا بأس به و الطير ان كان لها «2».

(4) الكلام فيه هو الكلام لاحظ ما رواه حماد بن عثمان قال: سأل ابن أبي يعفور أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا أسمع عن الصائم يصب الدواء في اذنه؟ قال:

نعم و يذوق المرق و يزق الفرخ «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 38 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 37 من ابواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 77

و نحوها مما لا يتعدي الي الحلق (1) أو تعدي من غير قصد أو نسيانا للصوم (2) أما ما يتعدي عمدا فمبطل (3) و ان قل (4) و منه ما يستعمل في بعض البلاد المسمي عندهم بالنسوار علي ما قيل و كذا لا

بأس بمضغ العلك (5) و ان وجد له طعما في ريقه (6).

______________________________

و يستفاد من حديث سعيد الاعرج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصائم أ يذوق الشي ء و لا يبلعه؟ قال: لا «1»، المنع.

و نقل عن الشيخ حمل الاولي علي زمان الحاجة و الثانية علي عدم الحاجة و من الظاهر انه جمع تبرعي و أما حمل النهي علي الكراهة- كما في كلام سيد المستمسك قدس سره- و كلام سيدنا الاستاد ففيه ما قلناه من أنه ليس جمعا عرفيا

نعم يمكن الحمل علي الكراهة ببركة ما رواه محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا محمد اياك أن تمضغ علكا فاني مضغت اليوم علكا و أنا صائم فوجدت في نفسي منه شيئا «2» اذ من الظاهر ان الامام عليه السلام لا يرتكب الحرام فيكون مكروها.

(1) لعين الملاك.

(2) لعدم بطلان الصوم بلا قصد كما انه لا يبطل في صورة النسيان.

(3) لتحقق موضوع الابطال.

(4) لإطلاق دليل الابطال.

(5) كما يستفاد من حديث ابن مسلم المتقدم ذكره الدال علي ارتكاب الامام بنفسه و قلنا يحمل دليل المنع علي الكراهة.

(6) لعدم دليل علي الابطال في هذه الصورة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 36 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 78

ما لم يكن لتفتت أجزائه (1) و لا بمص لسان الزوج و الزوجة (2) و الاحوط الاقتصار علي صورة ما اذا لم تكن عليه رطوبة (3).

[مسألة 35: يكره للصائم ملامسة النساء و تقبيلها و ملاعبتها]

(مسألة 35): يكره للصائم ملامسة النساء و تقبيلها و ملاعبتها (4) اذا كان واثقا من نفسه بعدم الانزال (5) و ان قصد الانزال كان من قصد

______________________________

(1) بتقريب: انه في هذا الفرض يصدق عليه عنوان الاكل لكن

في صدق العنوان مع الاستهلاك اشكال بل منع فلاحظ.

(2) كما يدل عليه خبر علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل الصائم أله أن يمص لسان المرأة أو تفعل المرأة ذلك؟ قال:

لا بأس «1».

و هذا الخبر فيه اشكال سندي من جهة محمد بن أحمد العلوي.

(3) بتقريب: ان دليل الجواز ناظر إلي صورة عدم رطوبة عليه و الشبهة واهية فان فرض عدم الرطوبة عليه فرض نادر ان لم يكن ملحقا بالعدم.

(4) لاحظ ما عن الرضا عليه السلام قال: قال علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه و آله: ثلاثة لا يعرض أحدكم نفسه لهن و هو صائم: الحجامة و الحمام و المرأة الحسناء «2» و ما رواه الحلبي و ما رواه منصور بن حازم «3».

(5) و أما مع عدم الوثوق فلا يجوز لاحظ ما رواه زرارة و محمد بن مسلم «4» فانه يستفاد من هذه الرواية انه يبطل الصوم مع عدم الوثوق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 34 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 10

(3) لاحظ ص: 66

(4) لاحظ ص: 66

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 79

المفطر (1) و يكره له الاكتحال بما يصل طعمه أو رائحته الي الحلق كالصبر و المسك (2) و كذا دخول الحمام اذا خشي الضعف (3) و اخراج

______________________________

(1) كما هو ظاهر.

(2) لاحظ ما رواه سماعة ابن مهران قال: سألته عن الكحل للصائم فقال:

اذا كان كحلا ليس فيه مسك و ليس له طعم في الحلق فلا بأس به «1»:

و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام انه سئل عن المرأة تكتحل و هي صائمة فقال:

اذا لم يكن كحلا تجد له طعما في حلقها فلا بأس «2».

فانه يستفاد من نصوص المنع الحرمة و لكن بضميمة الاجماع علي الجواز و ما دل علي عدم كونه من الطعام و الشراب يحمل النهي علي الكراهة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الصائم يكتحل قال: لا بأس به ليس بطعام و لا شراب «3».

و ما رواه ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكحل للصائم فقال: لا بأس به انه ليس بطعام يؤكل «4».

(3) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام انه سئل عن الرجل يدخل الحمام و هو صائم فقال: لا بأس ما لم يخش ضعفا «5» فانه يحمل النهي ببركة الإجماع علي الجواز علي الكراهة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) الوسائل الباب 27 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 80

الدم المضعف (1) و السعوط (2).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الصائم أ يحتجم؟ فقال: اني أتخوف عليه أما يتخوف (به) علي نفسه؟ قلت: ما ذا يتخوف عليه؟ قال: الغشيان (الغشي به) أو (أن) تثور به مرة قلت أ رأيت ان قوي علي ذلك و لم يخش شيئا؟ قال: نعم ان شاء «1».

و من عموم العلة يسري الحكم الي غير الحجامة من بقية الموارد فمع خشية الضعف يكره اخراج الدم و لا يحرم للتسالم علي عدم الحرمة.

و يستفاد من بعض النصوص كراهة الحجامة علي الاطلاق لاحظ ما

عن الرضا عليه السلام «2» و يستفاد من بعضها الجواز علي الاطلاق لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس أن يحتجم الصائم في شهر رمضان «3» و لكن بما فصل فيه بين احتمال الضعف و الامن منه يفصل كما في المتن.

(2) لاحظ ما رواه ليث المرادي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصائم يحتجم و يصب في اذنه الدهن قال: لا بأس الا السعوط فانه يكره «4».

و ما رواه غياث بن ابراهيم عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام انه كره السعوط للصائم «5».

فانه يستفاد من الحديثين المرجوحية و مقتضي الاصل و انحصار المفطر في غيره عدم الحرمة فالنتيجة هي الكراهة فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 78

(3) الوسائل الباب 26 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 7 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 81

مع عدم العلم بوصوله الي الحلق (1) و شم كل نبت طيب الريح (2).

______________________________

(1) اذ مع وصوله الي الحلق يدخل في عنوان الاكل المفطر المحرم و لو فرض نص دال علي الجواز لا يمكن استفادة الاطلاق منه بحيث يستفاد منه الجواز حتي في الصورة المفروضة اذ ليس في مقام البيان من هذه الجهة.

(2) ادعي عليه الاجماع و تدل علي مرجوحيته جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن الفيض (العيص) قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام ينهي عن النرجس فقلت: جعلت فداك لم ذلك؟ فقال: لأنه ريحان الاعاجم «1».

و منها: ما رواه غياث بن ابراهيم عن جعفر عن أبيه

أن عليا عليه السلام كره المسك أن يتطيب به الصائم «2».

و منها: ما رواه الحسن بن راشد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الصائم لا يشم الريحان «3».

و منها: ما رواه الحسن الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الصائم يلبس الثوب المبلول؟ فقال: لا و لا يشم الريحان «4» و منها مرسلة المفيد «5».

و قال سيد العروة قدس سره: «ان المراد بالريحان كل نبت طيب الريح» و قال سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام. «كما في المجمع و القاموس انه احد معانيه».

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 12

(4) نفس المصدر الحديث: 13

(5) نفس المصدر الحديث: 18

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 82

و بل الثوب علي الجسد (1) و جلوس المرأة في الماء (2) و الحقنة بالجامد (3) و قلع الضرس بل مطلق إدماء الفم و السواك بالعود الرطب (4).

______________________________

(1) بلا خلاف اجد- كما عن الجواهر- و يدل علي المدعي ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا تلزق ثوبك الي جسدك و هو رطب و أنت صائم حتي تعصره «1».

و ما رواه الحسن الصيقل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصائم يرتمس في الماء قال: لا و لا المحرم قال: و سألته عن الصائم أ يلبس الثوب المبلول؟

قال: لا «2».

(2) لاحظ ما رواه حنان بن سدير أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصائم يستنقع في الماء قال: لا بأس و لكن لا ينغمس و المرأة لا تستنقع في الماء لأنها تحمل الماء بقبلها «3».

لكن مقضي الحديث

كراهة نزول المرأة في الماء بلا فرق بين الجلوس و غيره.

قال في مجمع البحرين: «و استنقعت في الغدير اي نزلت و اغتسلت».

(3) بتقريب: ان دليل المنع عن الاحتقان باطلاقه يشمل الاحتقان بالجامد و دليل جواز استدخال الدواء يشمل المائع فيقع التعارض بين الجانبين فيحمل النهي علي الكراهة و قد تعرضنا للجمع بين النصوص في ذيل المفطر التاسع و فيما ذكرناه هناك كفاية عن التعرض في المقام فراجع.

(4) لاحظ ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الصائم ينزع

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 83

و المضمصة: عبثا (1) و انشاد الشعر (2) الا في مراثي الائمة عليهم السلام و مدائحهم (3).

______________________________

ضرسه؟ قال: لا و لا يدمي فاه و لا يستاك بعود رطب «1».

(1) لجملة من النصوص منها: ما رواه حماد عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الصائم يتمضمض و يستنشق؟ قال: نعم و لكن لا يبالغ «2».

و منها: ما رواه يونس قال: الصائم في شهر رمضان يستاك متي شاء و ان تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه فليس عليه شي ء و قدتم صومه و ان تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الاعادة و الافضل للصائم أن لا يتمضمض «3».

و منها: ما رواه عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتمضمض فيدخل في حلقه الماء و هو صائم قال: ليس عليه شي ء اذا لم يتعمد ذلك قلت: فان تمضمض الثانية فدخل في حلقه الماء قال: ليس عليه شي ء قلت: فان تمضمض الثالثة قال: فقال:

قد أساء ليس عليه شي ء و لا قضاء «4».

(2) لاحظ ما رواه حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

يكره رواية الشعر للصائم و للمحرم و في الحرم و في يوم الجمعة و أن يروي بالليل قال: قلت: و ان كان شعر حق؟ قال: و ان كان شعر حق «5».

(3) لا يبعد أن يكون ناظرا الي ما رواه خلف بن حماد قال: قلت للرضا عليه السلام ان اصحابنا يروون عن آبائك عليهم السلام ان الشعر ليلة الجمعة و يوم الجمعة و في شهر رمضان و في الليل مكروه و قد هممت أن ارثي أبا الحسن (في

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 13 من أبواب آداب الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 84

و في الخبر:» اذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب و غضوا أبصاركم و لا تنازعوا و لا تحاسدوا و لا تغتابوا و لا تماروا و لا تكذبوا و لا تباشروا و لا تخالفوا و لا تغضبوا و لا تسابوا و لا تشاتموا و لا تنابزوا و لا تجادلوا و لا تباذوا و لا تظلموا و لا تسافهوا و لا تزاجروا و لا تغفلوا عن ذكر اللّه تعالي» الحديث طويل (1).

[تتميم: المفطرات المذكورة انما تفسد الصوم اذا وقعت علي وجه العمد]
اشارة

تتميم: المفطرات المذكورة انما تفسد الصوم اذا وقعت علي وجه العمد (2).

______________________________

ليلة الجمعة خ) و هذا شهر رمضان فقال لي ارث أبا الحسن في ليلة الجمعة و في شهر رمضان و في الليل و في سائر الايام فان اللّه يكافيك علي ذلك «1»

و الرواية ضعيفة للإرسال.

مضافا الي أن المستفاد من حديث حماد بن عثمان و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا ينشد الشهر بالليل و لا ينشد في شهر رمضان بليل و لا نهار فقال له اسماعيل: يا ابتاه فانه فينا قال: و ان كان فينا «2»، المنع و السند معتبر ظاهرا فلاحظ.

(1) لاحظ الباب 11 من أبواب آداب الصائم من الوسائل الحديث: 13.

(2) قال: سيدنا الاستاد في هذا المقام: «الظاهران هذا الحكم من الواضحات المتسالم عليها بين الفقهاء و لم يقع فيه خلاف كما صرح به غير واحد و الافطار غير العمدي الذي لا يكون مفطرا علي قسمين القسم الاول: ما يصدر عن المكلف من

______________________________

(1) الوسائل الباب 105 من أبواب المزار الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب آداب الصائم الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 85

______________________________

غير قصد القسم الثاني: ما يكون بلحاظ السهو و الغفلة عن كونه صائما أما القسم الاول فعن المستند: انه لا ريب فيه و لا خلاف.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الوجه الأول: ما رواه محمد بن مسلم «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان المكلف يصح صومه اذا اجتنب ثلاث خصال و من الظاهر انه لو صدر فعل من احد بلا اختيار لا يقال انه لم يجتنب.

و بعبارة اخري: يشترط في صحة الصوم الاجتناب عن عدة امور و الاجتناب بماله من المفهوم لا ينافي صدور الفعل من غير اختيار و ان شئت قلت: لا مقتضي للبطلان بالفعل الصادر عن غير الاختيار.

الوجه الثاني التعليل الوارد في حديث أبي بصير و سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس

فرأوا أنه الليل فأفطر بعضهم ثم ان السحاب انجلي فاذا الشمس فقال: علي الذي أفطر صيام ذلك اليوم ان اللّه عز و جل يقول: «و أتموا الصيام الي الليل فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضائه لأنه أكل متعمدا «2».

فان المستفاد من هذه الرواية ان الاتيان بالمفطر اذا كان عن عمد يوجب فساد الصوم و الا فلا.

الوجه الثالث: النصوص الدالة علي عدم فساد الصوم بالنسبة الي الناسي عن الصوم فاذا كان الامر كذلك اي لا يفسد الصوم بالافطار الاختياري فلا يفسد فيما لا يكون الاتيان بالمفطر بالاختيار بالاولوية.

الوجه الرابع: ما رواه عمار الساباطي «3» فان المستفاد من هذا الحديث

______________________________

(1) لاحظ ص: 34

(2) الوسائل الباب 50 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 83

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 86

و لا فرق بين العالم بالحكم و الجاهل به (1).

______________________________

ان المناط في مفطرية الشرب هو الاختيار و الا فلا يفسد الصوم فلاحظ.

الوجه الخامس: ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن آبائه عليهم السلام ان عليا عليه السلام سئل عن الذباب يدخل في حلق الصائم قال: ليس عليه قضاء لأنه ليس بطعام «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان الاكل غير الاختياري ليس مفطرا فان المراد من قوله «لأنه ليس بطعام» انه لا يكون اختياريا لا أن الذباب ليس طعاما فلا يكون أكله مفطرا اذ كيف يمكن الالتزام بذلك و علي الجملة يستفاد من التعليل ان العلة في الافساد هو العمد فبمفهوم العلة يسري الحكم الي بقية المفطرات فلاحظ.

الوجه السادس: النصوص الدالة علي القضاء علي من أفطر متعمدا و لكن قيد التعمد واقع في كلام السائل لا في كلام الامام عليه

السلام و يؤيد المدعي انه فصل في بعض المفطرات كالكذب و القي ء بين صورة العمد و غيرها هذا تمام الكلام في القسم الاول و أما القسم الثاني فيأتي الكلام فيه ان شاء اللّه تعالي.

(1) لا طلاق دليل المفطر الشامل لجميع الصور و عن جملة من الاساطين عدم كونه مفطرا مع الجهل بلا فرق بين أنواعه. و بعبارة واضحة مقتضي اطلاق دليل وجوب الاجتناب عن المفطرات و كونها مفسدة للصوم عدم الفرق بين العالم بالحكم و الجاهل به و كذلك لا فرق بين أقسام الجاهل بحسب الاطلاق.

و في قبال هذه الادلة حديثان يستفاد منهما خلاف تلك الادلة احدهما ما رواه زرارة و أبو بصير قالا جميعا سألنا أبا جعفر عليه السلام عن رجل أتي أهله في شهر رمضان و أتي أهله و هو محرم و هو لا يري الا أن ذلك حلال له قال: ليس عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 87

______________________________

شي ء «1».

فان مقتضي هذه الرواية ان الاتيان بالمفطر جاهلا لا يترتب عليه القضاء و النسبة بين هذه الرواية و تلك الادلة عموم من وجه اذ تفترقان من ناحية تلك الادلة في العالم بالحكم و من ناحية هذه الرواية بالنسبة الي الكفارة و يجتمعان في الجاهل بالحكم بالنسبة الي وجوب القضاء اذ المستفاد من تلك الادلة وجوبه و مقتضي هذه الرواية عدمه فلا بد من علاج التعارض.

و فيه ان هذه الرواية ضعيفة سندا بضعف اسناد الشيخ الي ابن الفضال.

ثانيهما ما رواه عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث ان رجلا أعجميا دخل المسجد يلبي و عليه قميصه فقال لأبي عبد اللّه

عليه السلام اني كنت رجلا أعمل بيدي و اجتمعت لي نفقة فحيث احج لم أسأل أحدا عن شي ء و أفتو في هؤلاء ان اشق قميصي و أنزعه من قبل رجلي و ان حجي فاسد و أنّ علي بدنة فقال له: متي لبست قميصك أبعد ما لبيت أم قبل؟ قال قبل أن ألبّي قال: فأخرجه من رأسك فانه ليس عليك بدنة و ليس عليك الحج من قابل اي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شي ء عليه الحديث «2».

بتقريب: ان النسبة بين هذه الرواية و تلك الادلة عموم من وجه فيقع التعارض بينهما في افطار شهر رمضان عن جهل.

و قال سيدنا الاستاد ان هذه الرواية لا تدل الا علي نفي الكفارة لان لبس المخيط لا يقتضي بطلان الحج ليحتاج الي القضاء حتي في صورة العمد بل غايته الاثم و الكفارة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 45 من أبواب تروك الاحرام الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 88

______________________________

ان قلت: التأمل في الرواية صدرا و ذيلا يشهد بأنها ناظرة الي نفي فساد الحج الذي أفتي به العامة و انه ليس عليه الحج من قابل كما أنه ليس عليه الكفارة.

قلت و ان كان ما ذكر صحيحا و الاشكال تاما و ان الرواية في مقام دفع ما تخيله السائل لكن حيث ان عدم القضاء ليس من آثار الجهل فان الحج صحيح و لا يفسد بلبس القميص حتي مع العلم و العمد و هذه قرينة واضحة علي أن نظره عليه السلام الي نفي الكفارة.

و يرد عليه ان الامر كما أفاده و ان الحج لا يفسد و عدم وجوب القضاء ليس من آثار الجهل و لكن

هذا لا يمنع عن الاطلاق.

و بعبارة اخري: انه عليه السلام بعد أن أجاب عن الموضوع الشخصي اعطي قاعدة كلية و مقتضاها عدم ترتب شي ء علي الارتكاب الجهلي فلا بد من علاج المعارضة بنحو آخر.

و أجاب سيدنا الاستاد عن الحديثين بوجه آخر و هوان المستفاد منهما ان الاثر المترتب علي الفعل مرتفع عند الجهل نظير المستفاد من حديث الرفع فان المستفاد من حديث الرفع و أمثاله ان الفعل الفلاني كشرب الخمر مثلا اذا صدر عن المكلف نسيانا يرتفع عنه الحرمة و يرتفع عنه الحد و مقامنا أيضا كذلك اي المستفاد من الحديثين ان الآثار المترتبة علي فعل المكلف ترتفع عند الجهل و أثر الفعل اي الافطار هي الكفارة أو الحد و أمثالهما و أما القضاء فليس من آثار الإفطار بل القضاء من آثار عدم الاتيان بالمأمور به و لذا لم يحتمل احد انه لو تكلم في صلاته جاهلا بكونه مبطلا أن لا تكون صلاته باطلة بل لا اشكال في البطلان اذ وجوب الاعادة من آثار عدم الاتيان بالمأمور به و هي الصلاة الصحيحة لا من آثار الاتيان بالتكلم فعلي هذا الاساس لا يكون الحديثان متعارضين لأدلة وجوب القضاء.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 89

و الظاهر عدم الفرق في الجاهل بين القاصر و المقصر (1) بل الظاهر فساد الصوم بارتكاب المفطر حتي مع الاعتقاد بأنه حلال و ليس بمفطر (2) نعم اذا وقعت علي وجه غير العمد كما اذا اعتقد أن المائع الخارجي مضاف فارتمس فيه فتبين أنه ماء أو أخبر عن اللّه ما يعتقد أنه صدق فتبين كذبه لم يبطل صومه (3) و كذلك لا يبطل الصوم اذا كان ناسيا للصوم فاستعمل المفطر (4).

______________________________

و صفوة القول: ان

موضوع وجوب القضاء ترك المأمور به و عدم الاتيان به.

و بعبارة واضحة: القضاء مترتب علي فوت المأمور به و لذا لو فرض ان المكلف لم ينو الصوم و أمسك تمام اليوم يجب عليه القضاء لعدم الاتيان بالمأمور به أو نوي الصوم و أمسك و لكن كان قصده ريائيا و كان مرائيا يكون صومه باطلا و يجب عليه القضاء و ما أفاده في هذا المقام دقيق اضف الي ذلك أن تخصيص الحكم بخصوص العالم به يستلزم الدور فلاحظ.

(1) الامر كما أفاده اذ المناط واحد و هو ارتكاب المفطر و عدم دليل علي تخصيص الحكم بصورة العلم.

(2) بعين الملاك اذ يصدق عنوان الاتيان بالمفطر عمدا و اختيارا و ان كان معذورا شرعا و عقلا.

(3) لعدم تحقق العمد فانه مع اعتقاد ان المائع الخارجي مضاف لا يصدق انه ارتمس في الماء عمدا.

(4) هذا هو القسم الثاني فعن المستند دعوي الاجماع علي عدم فساد الصوم و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص:

منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل نسي

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 90

أو دخل في جوفه شي ء قهرا بدون اختياره (1).

[مسألة 36: إذا أفطر مكرها بطل صومه]

(مسألة 36): اذا أفطر مكرها بطل صومه (2).

______________________________

فأكل و شرب ثم ذكر قال: لا يفطر انما هو شي ء رزقه اللّه فليتم صومه «1».

بتقريب ان المستفاد من العلة المذكورة فيه عموم الحكم و بعبارة اخري:

يستفاد من الرواية ان العلة في عدم البطلان و صحة الصوم تحقق النسيان فمورد الرواية و ان كان الاكل و الشرب لكن نتعدي الي غيرهما بعموم العلة.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان أمير- المؤمنين عليه السلام يقول: من

صام فنسي فأكل و شرب فلا يفطر من أجل أنه نسي فانما هو رزق رزقه اللّه تعالي فليتم صيامه (صومه) «2». و تقريب الاستدلال بالرواية هو التقريب.

و يؤيد المدعي ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في المحرم يأتي أهله ناسيا قال: لا شي ء عليه انما هو بمنزلة من أكل في شهر رمضان و هو ناس «3»

و منها: بقية النصوص الدالة علي عدم بطلان الصوم في فرض النسيان و بقية النصوص و ان كان موردها الاكل و الشرب أو الجماع لكن يمكن ان يدعي ان العرف يفهم عدم الفرق بين الموارد.

(1) هذا داخل في القسم الاول و لا مدخلية للنسيان فيه فلاحظ.

(2) اذ باختياره ارتكب المفطر و مقتضي اطلاق دليل المفطر عدم الفرق بين صدوره عن اكراه و بين غير هذه الصورة. و ربما يقال: بعدم فساد الصوم بالافطار الاكراهي بتقريب: ان دليل تحقق الافطار بالاتيان بالمفطرات منصرف عن الافطار

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 91

و كذا اذا كان تقية سواء كانت التقية في ترك الصوم كما اذا أفطر في عيدهم تقية (1).

______________________________

الاكراهي مضافا الي الاصل و حديث رفع الاكراه.

و فيه انه لا مجال للأصل مع الدليل كما هو ظاهر و أما الانصراف فلا وجه له و علي فرض تسلمه يكون بدويا يزول بالتأمل اذ المفروض تحقق الافطار عن اختيار نعم في صورة الالجاء كما لو اوجر في حلقه الماء لا يبطل صومه كما تقدم في القسم الاول و أما حديث رفع الاكراه «1» فلا يترتب عليه الا نفي الكفارة و الحرمة و لازم رفع الحرمة

رفع التكليف عن الصوم فلا يجب الصوم فيفسد و يجب قضائه و لا دليل علي تعلق الامر بالباقي فلا دليل علي صحة الفاقد.

و صفوة القول: ان مقتضي حديث رفع الاكراه رفع الآثار المترتبة علي الافطار بالاكراه و أثر الافطار الكفارة و الاثم و هما يرتفعان بالاكراه و أما القضاء فهو اثر عدم الاتيان بالمأمور به و المفروض انه لم يأت به.

و لقائل أن يقول: سلمنا ان القضاء من آثار عدم الاتيان بالمأمور به لكن يصح أن يقال: ان عدم الاتيان بالمأمور به اكراهي و المفروض ان الاكراه يرفع الاثر المترتب علي مورده.

و بعبارة واضحة ان القضاء حكم الافطار و المفروض ان الافطار اكراهي فيرتفع اثره و هو القضاء.

الا أن يقال: ان المستفاد من الادلة ان وجوب القضاء من آثار الافطار و عدم الاتيان بالصوم أعم من أن يكون عدم الاتيان به عن عذر أو لا عن عذر فلا وجه لسقوط القضاء و لذا لو غفل عن الصوم و لم يصم يجب عليه القضاء فلاحظ.

(1) تارة يقع الكلام في المقام من حيث مقتضي القاعدة و اخري من حيث

______________________________

(1) الوسائل الباب 56 من أبواب جهاد النفس

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 92

______________________________

مقتضي النص الخاص أما الكلام من حيث مقتضي القاعدة فمقتضاها عدم الاجزاء و وجوب القضاء لو أفطر تقية اذ مقتضي ادلة وجوب القضاء وجوبه الا أن يقوم دليل علي عدم الوجوب في مورد.

و أما من حيث النص الخاص فمقتضي ما رواه أبو الجارود قال: سألت أبا جعفر عليه السلام انا شككنا سنة في عام من تلك الاعوام في الاضحي فلما دخلت علي أبي جعفر عليه السلام و كان بعض أصحابنا يضحي فقال: الفطر يوم يفطر الناس و

الأضحي يوم يضحي الناس و الصوم يوم يصوم الناس «1».

ان الفطر يوم يفطر الناس فيه و لا ادري انه ما الوجه في عدم التزام سيدنا الاستاد بمفاد الحديث و قد ذكرنا في مستدركات الجزء الثاني من كتابنا «مصباح الناسك في شرح المناسك» ان المفيد قدس سره وثق أبا الجارود فالرواية معتبرة سندا كما أنه لا اشكال في دلالتها علي المدعي.

نعم يمكن أن يقال: ان مفاد الرواية لا ينطبق علي زماننا و امثاله فان الرواية ناظرة الي ذلك الزمان الذي كان المسلمون فيه تحت لواء واحد و تحت حكومة امام جائر و أما مثل هذا الزمان فليس مصداقا لمفاد الرواية كما هو ظاهر و لذا نشاهد في أكثر الشهور ان لم يكن في جميعها الاختلاف في الهلال في الممالك الاسلامية بالاضافة الي أن الخلافة و الحكومة العامة قد تبدلت الي حكومات متعددة مع اختلاف اشكالها من الملوكية و الجمهورية و زال عنوان الخلافة الاسلامية بانقراض الدولة العثمانية.

لكن رفع اليد عن اطلاق الحديث مشكل جدا نعم حديث أبي الجارود يختص بالافطار يوم يفطر فيه الناس و لا يشمل جميع موارد الافطار عن تقية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 57 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 93

أم كانت في اداء الصوم كالإفطار قبل الغروب و الارتماس في نهار الصوم (1) فانه يجب الافطار حينئذ و لكن يجب القضاء (2).

______________________________

و يستفاد من مرسلة رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: دخلت علي أبي العباس بالحيرة فقال: يا ابا عبد اللّه ما تقول في الصيام اليوم؟ فقال: ذلك الي الامام ان صمت صمنا و ان أفطرت افطرنا فقال: يا غلام علي بالمائدة فأكلت معه و أنا

أعلم و اللّه انه يوم من شهر رمضان فكان افطاري يوما و قضائه أيسر علي من أن يضرب عنقي و لا يعبد اللّه «1»، ان الافطار للتقية يوجب القضاء لكن المرسل لا اعتبار به.

(1) العمل المخالف للمأمور به الذي يؤتي به تقية لا يكون مجزيا علي طبق القاعدة الاولية علي ما هو المقرر من أن الاجزاء يحتاج الي دليل فان تم دليل عام علي الاجزاء أو قام دليل في مورد خاص فهو و الا فلا يمكن الالتزام بالاجزاء.

(2) أما وجوب الافطار فلكونه مصداقا للتقية و التقية واجبة فيجب الافطار و اما وجوب القضاء فلان المفروض انه أفطر فيجب عليه القضاء.

و لما انجر البحث الي هنا ينبغي أن نرسل عنان الكلام و نتكلم في جهات التقية فنقول: للتقية جهات:

الجهة الاولي في معناها و هي مأخوذة من الوقاية و هي التحفظ عن الضرر علي نحو الاطلاق فان التحفظ من الداء باستعمال الدواء مصداق للتقية فالتحفظ من كل ضرر متوجه الي الشخص يكون مصداقا للتقية بالمعني العام.

الجهة الثانية في حكمها تكليفا فنقول: أما التقية من اللّه تبارك و تعالي فنتحقق باتيان الواجبات و ترك المحرمات و عليه لا تكون محكومة بحكم جديد بل الامر المتعلق بها في كثير من الموارد ارشاد الي ما يحكم به العقل من وجوب الاطاعة و حرمة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 94

______________________________

المعصية.

و بعبارة اخري: التقية من اللّه اما بفعل الواجب كالإتيان بالصلاة فالامر المولوي متعلق بفعلها و اما بترك المحرم كترك شرب الخمر فالنهي المولوي متعلق بفعله و علي كلا التقديرين لا يكون الامر بالتقوي منه تعالي الا ارشاديا كالأمر المتعلق بالاطاعة و النهي عن المعصية و لا يعقل أن

يكون مولويا الا علي نحو التأكيد.

و أما التقية بالمعني الاعم فيمكن الاستدلال علي جوازها بقاعدة نفي الضرر علي المسلك المشهور من أن مقتضاها رفع الحكم التكليفي الالزامي كما أنه لو كان تحمل الضرر المتوجه الي المكلف من ترك التقية حرجيا يمكن الاستدلال علي الجواز بقاعدة نفي العسر كما أنه يدل علي المطلوب حديث رفع الاضطرار و هو ما رواه حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: رفع عن امتي تسعة اشياء: الخطاء و النسيان و ما اكرهوا عليه و ما لا يعلمون و ما لا يطيقون و ما اضطروا اليه و الحسد و الطيرة و التفكر في الوسوسة في الخلق (الخلوة خ ل) ما لم ينطقوا بشفة «1».

فان المكلف اذا اضطر الي التقية تجوز بمقتضي رفع الاضطرار شرعا و أيضا يدل علي المدعي ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المريض هل تمسك له المرأة شيئا فيسجد عليه؟ فقال: لا الا أن يكون مضطرا ليس عنده غيرها و ليس شي ء مما حرم اللّه الا و قد أحله لمن اضطر اليه «2».

فان مقتضاه ان كل حرام يصير حلالا عند الاضطرار فالتقية بالمعني الاعم في

______________________________

(1) الوسائل الباب 56 من أبواب جهاد النفس الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب القيام الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 95

______________________________

حد نفسها تكون جائزة و قد تصير حراما كما لو انجرت الي اراقة الدم في صورة الاحترام لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: انما جعل التقية ليحقن بها الدم فاذا بلغ الدم فليس تقية «1».

و قد تكون واجبة

كما لو توقف حفظ النفس عليها نعم ربما يكون ملاك ترك التقية أعظم و عند التزاحم يجب حفظ ذلك الملاك ففي هذه الصورة لا تجوز التقية لحفظ النفس بل يجب تركها و ان انجر الي اراقة دمه و لعله لما ذكر أقدم سيد شباب اهل الجنة الحسين عليه السلام و أصحابه علي القتال مع يزيد لعنه اللّه و عرضوا نفوسهم الزكية للشهادة فانه عليه السلام فدي نفسه للدين.

و أما المستحبة منها فيمكن أن يمثل لها بمورد تكون التقية فيه جائزة و لكن يعرض علي المورد عنوان موجب لرجحان التقية كاستدعاء مؤمن.

و أما المكروهة منها فقد مثل لها بما لو اكره علي اظهار البراءة من امير- المؤمنين عليه السلام فان قلنا: بأن تعريض النفس للضرر المتوجه من قبل المكره أرجح يكون المراد بالكراهة ان ترك التقية يرجح.

هذا بالنسبة الي التقية بالمعني الاعم و أما التقية بالمعني الاخص و هي التقية من العامة فيمكن أن يقال بوجوبها لجملة من النصوص منها: ما رواه ابو (ابن) عمر الاعجمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه قال: لا دين لمن لا تقية له و التقية في كل شي ء الا في النبيذ و المسح علي الخفين «2».

و منها: ما رواه أبو عمر الاعجمي قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام يا با

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب الامر و النهي و ما يناسبهما الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب الامر و النهي و ما يناسبهما الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 96

______________________________

عمران تسعة أعشار الدين في التقية و لا دين لمن لا تقية له الحديث «1».

و منها: ما رواه معمر بن خلاد قال: سألت أبا الحسن

عليه السلام عن القيام للولاة فقال: قال أبو جعفر عليه السلام التقية من ديني و دين آبائي و لا ايمان لمن لا تقية له «2».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: التقية ترس المؤمن و التقيه حرز المؤمن و لا ايمان لمن لا تقية له الحديث «3».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اتقوا علي دينكم و احجبوه بالتقية فانه لا ايمان لمن لا تقية له انما انتم في الناس كالنحل في الطير و لو ان الطير يعلم ما في أجواف النحل ما بقي منها شي ء الا أكلته و لو أن الناس علموا ما في أجوافكم انكم تحبونا اهل البيت لأكلوكم بألسنتهم و لتحلوكم في السر و العلانية رحم اللّه عبدا منكم كان علي ولايتنا «4».

و منها: ما رواه حبيب بن بشر قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام سمعت أبي يقول: لا و اللّه ما علي وجه الارض شي ء احب الي من التقية يا حبيب انه من كانت له تقية رفعه اللّه يا حبيب من لم تكن له تقية وضعه اللّه يا حبيب ان الناس انما هم في هدنة فلو قد كان ذلك كان هذا «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب الامر و النهي و ما يناسبهما الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 6

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 96

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 97

______________________________

و منها: ما في رسالة أبي

عبد اللّه عليه السلام الي أصحابه قال: و عليكم بمجاملة أهل الباطل تحملوا الضيم منهم و اياكم و مماظّتهم دينوا فيما بينكم و بينهم اذا أنتم جالستموهم و خالطتموهم و نازعتموهم الكلام بالتقية التي أمركم اللّه أن تأخذوا بها فيما بينكم و بينهم الحديث «1».

و منها: ما رواه المعلي بن خنيس قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام يا معلي اكتم أمرنا و لا تذعه فانه من كتم أمرنا و لا يذيعه أعزه اللّه في الدنيا و جعله نورا بين عينه يقوده الي الجنة يا معلي ان التقية ديني و دين آبائي و لا دين لمن لا تقية له يا معلي ان اللّه يحب أن يعبد في السر كما يحب أن يعبد في العلانية و المذيع لأمرنا كالجاحد له «2».

و منها: ما رواه ابن ادريس في آخر السرائر نقلا من كتاب مسائل الرجال و مكاتباتهم مولانا علي بن محمد عليهما السلام من مسائل داود الصرمي قال: قال لي يا داود لو قلت: ان تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقا «3».

و منها: ما رواه الحسين ابن خالد عن الرضا عليه السلام قال: لا دين لمن لا ورع له و لا ايمان لمن لا تقية له و ان اكرمكم عند اللّه أعملكم بالتقية قيل: يا ابن رسول اللّه الي متي؟ قال: الي قيام القائم فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا الحديث «4».

فان المستفاد من هذه النصوص وجوب التقية و لكن الانصاف انه لا وجه لاختصاص جميعهما بخصوص التقية من العامة بل مقتضي اطلاق بعضها وجوب التقية مطلقا و منها

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 23

(3) نفس المصدر الحديث: 26

(4) نفس المصدر الحديث:

25

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 98

______________________________

التقية من العامة فلو اقتضي المقام التقية من أهل الكتاب يجب كما أنه لو اقتضي التقية من المشرك أو غيره من أهل الباطل تجب فالاصل الاولي وجوب التقية في موردها.

الجهة الثالثة في مورد التقية مقتضي الاطلاق و العموم الواردين في النصوص وجوبها في كل مورد و مما يستفاد منه المدعي ما رواه محمد بن مسلم «1».

و ما رواه أبو حمزة الثمالي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لم تبق الارض الا و فيها منا عالم يعرف الحق من الباطل و قال: انما جعلت التقية ليحقن بها الدم فاذا بلغت التقية الدم فلا تقية و ايم اللّه لو دعيتم لتنصرونا لقلتم لا نفعل انما نتقي و لكانت التقية أحب إليكم من آبائكم و امهاتكم و لو قد قام القائم ما احتاج الي مسائلتكم عن ذلك و لأقام في كثير منكم من اهل النفاق حد اللّه «2».

فانه يستفاد من الحديثين ان التقية جائزة ما دام لم تبلغ الدم فالنتيجة ان الاصل الاولي هي التقية و الاستثناء يحتاج الي الدليل و قد ذكرت للاستثناء موارد.

المورد الاول: ما اذا اكره علي قتل نفس محترمة فانه لا يجوز للمكره بالفتح قتل النفس المحترمة لما تقدم آنفا من الحديثين الدالين علي عدم جواز اراقة الدم بلحاظ التقية معللا بأن التقية انما جعلت ليحقن به الدماء فاذا بلغت الدم فلا تقية.

و أفاد سيدنا الاستاد: بأن المقام يدخل في باب التزاحم لان المكلف يحرم عليه قتل النفس المحترمة و يجب عليه حفظ نفسه فيدور الامر بين المحذورين و حيث لا مرجح تكون النتيجة هو التخيير فلو قتل بالاكراه نفسا محترمة لا يقتص منه بل يؤخذ منه الدية

اذ لا يهدر الدم» «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 95

(2) الوسائل الباب 31 من ابواب الامر و النهي الحديث: 2

(3) مباني تكلمة المنهاج ج 2 ص: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 99

______________________________

و ما أفاده من الغرائب فانه مع وجود النص الصريح الدال علي عدم المجال للتقية و عدم جواز قتل الغير لا تصل النوبة الي تطبيق قانون التزاحم علي المورد و علي فرض التسليم لا وجه لإيجاب دفع الدية علي القاتل اذ المفروض انه لا قود في المقام.

و أيضا ليس مصداق لموضوع الدية و لكن الذي يهون الخطب ان العصمة لأهلها.

المورد الثاني: ما اذا لم يترتب علي ترك التقية أي ضرر عاجل او آجل فذكر انه لا مورد للتقية. و لكن خروج هذا المورد من موارد التقية خروج موضوعي اذ المفروض انه لا يتوجه ضرر علي تركها لا عاجلا و لا آجلا.

المورد الثالث: مسح الخفين حيث ذكر ان التقية غير جارية فيه و استدل علي المدعي بجملة من النصوص: منها: ما رواه محمد بن الفضل الهاشمي قال:

دخلت مع اخوتي علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقلنا: انا نريد الحج و بعضنا صرورة فقال: عليكم بالتمتع فانا لا نتقي في التمتع بالعمرة الي الحج سلطانا و اجتناب المسكر و المسح علي الخفين «1». و هذه الرواية ضعيفة بالهاشمي و بغيره.

و منها: ما رواه أبو عمر الاعجمي «2» و هذه الرواية ضعيفة بأبي عمر.

و منها: ما رواه زرارة مرسلا «3» و هذه الرواية لا اعتبار بها من حيث الارسال و عنوان غير واحد لا يقتضي دخول الخبر في المتواتر.

و منها: ما رواه زرارة مسندا قال: قلت له: في مسح الخفين تقية فقال: ثلاثة

______________________________

(1) الفروع من الكافي ج 4 ص

293 ح 14

(2) لاحظ ص: 95

(3) الوافي الجزء 11 من ج 3 ص: 86

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 100

______________________________

لا اتقي فيهن أحدا: شرب المسكر و مسح الخفين و متعة الحج قال زرارة: و لم يقل الواجب عليكم أن لا تتقوا فيهن احدا «1». و هذه الرواية لا يستفاد منها عموم الحكم اذ من الممكن أن عدم التقية في المذكورات من مختصاته عليه السلام.

المورد الرابع: ما اذا اكره علي التبري من أمير المؤمنين عليه السلام لما ورد في جملة من الاخبار من النهي عنه و من تلك الاخبار ما رواه محمد بن ميمون عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام ستدعون الي سبي فسبوني و تدعون الي البراءة مني فمدوا الرقاب فاني علي الفطرة «2». و هذه الرواية ضعيفة سندا بابن ميمون و غيره.

و منها: ما عن علي بن موسي الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السلام انه قال: انكم ستعرضون علي سبي فان خفتم علي أنفسكم فسبوني ألا و انكم ستعرضون علي البراءة مني فلا تفعلوا فاني علي الفطرة «3». و هذا الرواية ضعيفة أيضا سندا.

و منها: ما رواه محمد بن الحسين الرضي في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال: أما انه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم مندحق البطن يأكل ما يجد و يطلب ما لا يجد فاقتلوه و لن تفعلوه ألا و انه سيأمركم بسبي و البراءة مني فأما السب فسبوني فانه لي زكاه و لكم نجاة و أما البراءة فلا تبر أو (تتبروا) مني فاني ولدت علي الفطرة و سبقت الي الايمان و الهجرة «4»

و هذه الرواية

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب الوضوء الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب الامر و النهي الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 101

______________________________

ضعيفة بالارسال.

فانقدح انه لا دليل علي الاستثناء الا في مورد الاكراه علي القتل و لا تجوز التقية في ذلك المورد و لا تجوز اراقة دم الغير فالتقية جائزة علي الاطلاق بل واجبة.

المورد الخامس: ما لو زاحم التقية عنوان آخر اهم فانه لا تجوز التقية و لذا تقدم منا ان اقدام أبي الشهداء و أصحابه عليهم السلام علي تعريض أنفسهم الشهادة و القتل لعله من هذه الجهة اذ يجب أن يصير كل شي ء فداء للدين.

الجهة الرابعة: في أن التقية هل ترفع الآثار المترتبة علي الفعل الصادر عن تقية أو لا؟ فنقول: لا اشكال في ارتفاع الحكم التكليفي المترتب علي الفعل بل لا يعقل بقائه علي حاله اذ المفروض ان التقية واجبة فكيف يعقل مع وجوبها بقاء الحكم الاولي.

و ان شئت قلت: لا اشكال في أنه يرفع بالتقية ما يكون قابلا لان تناله يد التشريع و هو عبارة عن الحكم التكليفي الاولي فلو شرب المكلف ما يكون شربه حراما تقية لا يكون حراما بالنسبة اليه هذا بالنسبة الي الحكم التكليفي الذي يكون متعلقا بالفعل.

و أما الآثار المترتبة علي الفعل كالحد و الكفارة و الضمان فالحق هو التفصيل فيها بأن نقول: أما الكفارة و الحد فيرتفعان بالتقية اذ المفروض ان المكلف عمل بوظيفته الشرعية فلا مجال لان يحد أو يكفر.

و أما الضمان فان كان لدليله عموم أو اطلاق يؤخذ به و يلتزم بالضمان فلو أتلف احد مال الغير تقية يضمن لا من جهة ان رفع

الضمان خلاف الامتنان بالنسبة الي الغير فانه لا دليل علي رعاية تحقق الامتنان بالنسبة الي الغير بل لإطلاق الدليل أو

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 102

______________________________

عمومه و لا تنافي بين الامرين.

بقي شي ء و هو ان التقية هل تقتضي رفع الجزئية و المانعية و الشرطية فلو اضطر المكلف أن يأتي بالمأمور به خاليا عن الجزء أو الشرط أو مع المانع فهل يكون مجزيا بلحاظ التقية أم لا يقتضي ذلك و قبل الخوض في بيان المدعي نقدم أمرين:

الامر الاول: انه ربما يقال: ان محل الكلام في المانعية هو المانعية المنتزعة عن النواهي الغيرية و أما المانعية المنتزعة عن النهي المستقل فهي غير داخلة في محل الكلام فلو صلي المكلف في المكان المغصوب تقية تصح صلاته و الوجه في خروج هذا القسم من محل الكلام هو ان المانعية في هذا القسم بحكم العقل و منشأ حكم العقل حرمة الفعل و لو لا حرمة الفعل لا يكون وجه للفساد فاذا ارتفعت الحرمة بالتقية لم يبق مانع عن صحة العمل و الاجزاء و أما المانعية الناشئة عن النهي الغيري فلا وجه لارتفاعها عند التقية اذ المفروض ان المانعية ليست ناشئة عن الحرمة النفسية كي ترتفع بارتفاعها فلبس الحرير مانع عن الصحة و ان لم يكن حراما نفسا.

و عن الميرزا النائيني قدس سره ان المانعية باقية حتي في صورة الضرورة بتقريب: ان المفسدة منشأ لأمرين: أحدهما الحرمة ثانيهما المانعية و الاضطرار يقتضي ارتفاع الحرمة و أما المانعية فهي باقية بحالها فالعبادة فاسدة لوجود المانع.

و أورد عليه سيدنا الاستاد «بأنه لا يبعد أن يكون المقتضي للمنع باقيا حتي بعد عروض الاضطرار اذ رفع الحكم يقتضي بقاء ما يقتضي بقائه و بعبارة اخري: رفع

الحكم لأجل الاضطرار لا لعدم المقتضي و الملاك. و لكن مع ذلك لا يتم ما أفاده الاستاد قدس سره و ذلك لان الملاك علي تقدير بقائه غير مؤثر في المنع بعد عروض الاضطرار لان الشارع قد رخص في فعله و بعد ترخيص الشارع لا يبقي مجال للمانعية

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 103

______________________________

و بعبارة اخري: اذا كان الفعل مرخصا فيه من قبل الشارع كما هو المفروض فلا فرق فيه بين الاتيان به في الصلاة و الاتيان به في غيرها» «1».

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان ما أفاده الميرزا قدس سره تام و ذلك لان الملاك اذا كان باقيا يكون الفعل مبغوضا و المبغوض ليس قابلا لان يتقرب به و مجرد الترخيص المولوي لا يقتضي الصحة و لذا ذهب سيدنا الاستاد الي فساد العبادة اذا كان المكلف جاهلا بالغصب بالجهل العذري و لا وجه للفساد إلا عدم امكان صيرورة مبغوض المولي محبوبا له فعلي هذا نقول:

المفسدة في الفعل عند الاضطرار ان لم تكن باقية فلا مقتضي لبقاء الحكم و لا معني للرفع- كما هو قائل به- و ان كانت باقية و مقتضية للمبغوضية فلا يمكن الالتزام بالصحة.

لكن هذا البيان انما يتم بالنسبة الي حديث الرفع و أما في المقام فلا يتم اذ المفروض ان التقية واجبة و مع وجوبها لا يمكن أن يكون الفعل مبغوضا.

و صفوة القول: ان الالزام تارة يرتفع برعاية حال المكلف مع بقاء مقتضي المنع و اخري يرتفع الحكم مع عدم بقاء المقتضي و انتفاء الموضوع الاولي كالمقام فان كان من القسم الاول يتم ما أفاده الميرزا قدس سره و ان كان من القسم الثاني يتم ما أفاده سيدنا الاستاد.

الامر الثاني: ان محل

الكلام ما لو كان لدليل الجزئية أو الشرطية أو المانعية اطلاق أو عموم يشمل حال التقية و الاضطرار و أما لو لم يكن لدليله اطلاق أو عموم فهو خارج عن محل البحث و ذلك لأنه مع عدم الاطلاق و العموم تكون

______________________________

(1) التنقيح ج 4 ص: 270

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 104

______________________________

الصحة مقتضي القاعدة اذ مقتضي اصالة البراء و استصحاب عدم الجزئية و الشرطية و المانعية عدم اعتبارها فتكون الصحة علي طبق القاعدة الاولية.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان ما يمكن الاستدلال به علي أن التقية ترفع الجزئية و الشرطية و المانعية وجوه:

الوجه الاول: حديث الرفع «1» بتقريب: ان الاضطرار يقتضي رفع ما اضطر اليه المكلف فلو اضطر الي ترك الجزء مثلا فالجزئية ترتفع بالاضطرار و هكذا الشرطية و المانعية و القاطعية.

و فيه: ان الاضطرار اما غير مستوعب لتمام الوقت أو مستوعب لتمامه أما علي الاول فلا مجال لهذا التقريب اذ مع وجود المندوحة لا تتحقق الضرورة و أما علي الثاني فأيضا لا يتم الاستدلال اذ الجزئية بنفسها لا تنالها يد الجعل لا اثباتا و لا نفيا فان الجزئية منتزعة من الامر بالمركب و ارتفاعها بارتفاع ذلك الامر فعند الاضطرار يرتفع الامر المتعلق بالمركب و حديث الرفع متكفل لبيان ارتفاعه و أما اثبات أمر آخر متعلق بالباقي فحديث الرفع غير متكفل لبيانه.

الوجه الثاني قاعدة لا ضرر المستفادة من الاخبار لاحظ الاخبار في الباب 12 من أبواب احياء الموات من الوسائل.

بتقريب ان ترك التقية ضرري. و بعبارة اخري: الاتيان بالمأمور به الواقعي ضرري فلا يجب الاتيان به.

و فيه: اولا انما يتم علي مسلك القوم في مفاد القاعدة من كون مفادها نفي الحكم الضرري و أما علي المسلك

المنصور فلا. و ثانيا: انه مع وجود المندوحة

______________________________

(1) لاحظ ص: 94

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 105

______________________________

لا يتم الاستدلال و مع عدمها فالكلام هو الكلام في مفاد حديث الرفع فلا نعيد.

الوجه الثالث: قاعدة رفع الحرج المستفادة من الآيات «1» و الروايات.

و تقريب الاستدلال بها علي المدعي هو التقريب الذي ذكر في الاستدلال بقاعدة نفي الضرر و الجواب هو الجواب و هو ان المستفاد من هذه القاعدة رفع الحكم عن الفعل الحرجي و أما تعلق التكليف بما لا يكون حرجيا فلا يستفاد من القاعدة.

الوجه الرابع: ان المستفاد من جملة من الروايات ان التقية جائزة أو واجبة فالتقية وظيفة للمكلف و فيه: ان المستفاد من هذه الروايات جواز التقية أو وجوبها و أما الاجزاء و كفاية الناقص عن التام فلا يستفاد منها.

الوجه الخامس: ما رواه اسماعيل الجعفي و معمر بن يحيي بن سالم و محمد ابن مسلم و زرارة قالوا: سمعنا أبا جعفر عليه السلام يقول: التقية في كل شي يضطر اليه ابن آدم فقد احله اللّه له «2».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان كل واجب يضطر المكلف الي تركه يجوز تركه كما أن كل حرام يضطر الي فعله يجوز ارتكابه و لا فرق بين الوجوب الغيري و النفسي من هذه الجهة كما أنه لا فرق بين النهي الغيري و النفسي فلو اضطر المكلف الي ترك جزء من الواجب يجوز له فيكفي العمل الفاقد للجزء لعدم وجوبه.

و فيه: ان الاضطرار ان لم يكن مستوعبا لتمام الوقت فلا موضوع للتقريب المذكور و ان كان مستوعبا فالاضطرار الي ترك الجزء معناه الاضطرار الي ترك

______________________________

(1) الحج/ 76 و البقرة/ 185

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب الامر و النهي الحديث: 2

مباني منهاج

الصالحين، ج 6، ص: 106

______________________________

الواجب فيجوز للمكلف أن يترك الواجب بتمامه و اما بدليلة الفاقد عن الواجد كي يتحقق به الاجزاء فلا يستفاد من جواز التقية أو وجوبها نعم في باب الصلاة قام الدليل علي أنها لا تسقط بحال فيجب الاتيان بالمقدار الميسور منها فلاحظ.

الوجه السادس: ما رواه أبو الصباح قال: و اللّه لقد قال لي جعفر بن محمد عليه السلام ان اللّه علم نبيه التنزيل و التأويل فعلمه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عليا قال: و علمنا و اللّه ثم قال: ما صنعتم من شي ء أو حلفتم عليه من يمين في تقية فأنتم منه في سعة «1».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان المكلف في سعة في ترك جزء أو شرط فلا يضر تركهما اذا كان عن تقية.

و فيه: انه مع عدم الاستيعاب لا يتم التقريب كما هو ظاهر و أما مع الاستيعاب فالتقية تقتضي ترك المأمور به لا الاتيان بالفاقد.

و بعبارة اخري الواجب علي المكلف الاتيان بالمركب و المفروض انه لا يمكنه الاتيان به فهو في سعة في تركه و لا يستفاد من الحديث كون الفاقد مجزيا.

ان قلت: القضاء من آثار التقية فيرتفع: قلت: القضاء من آثار عدم الاتيان بالمأمور به و المفروض انه ترك.

الوجه السابع: ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل كان يصلي فخرج الامام و قد صلي الرجل ركعة من صلاة فريضة قال: ان كان اماما عدلا فليصل اخري و ينصرف و يجعلهما تطوعا و ليدخل مع الامام في صلاته كما هو و ان لم يكن امام عدل فليبن علي صلاته كما هو و يصلي ركعة اخري و يجلس قدر ما يقول «أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا

شريك له و اشهد ان محمدا عبده و رسوله» ثم ليتم صلاته معه علي

______________________________

(1) الوسائل الباب: 12 من ابواب الايمان الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 107

______________________________

ما استطاع فان التقية واسعة و ليس شي ء من التقية الا و صاحبها مأجور عليها ان شاء اللّه «1».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان التقية واسعة و باي نحو يمكن ايقاعها يجوز أو يجب و لو نقص من صلاته بسبب المتابعة لا يضر بصلاته.

و فيه: ان المستفاد من الرواية التفصيل بين الامام العادل و الفاسق فان كان عادلا يقتدي به و ان كان فاسقا يتم صلاته و لا تدل الرواية علي المدعي بل لا يبعد أن يقال: انها تدل علي عكس المطلوب. فلاحظ.

الوجه الثامن: النصوص الدالة علي جواز الغسل بدل المسح لاحظ ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتوضأ الوضوء كله الا رجليه ثم يخوض بهما الماء خوضا قال: اجزأه ذلك «2».

و ما رواه أيوب بن نوح قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام أسأله عن المسح علي القدمين فقال: الوضوء بالمسح و لا يجب فيه الا ذاك و من غسل فلا بأس «3».

و غيرهما مما هو مذكور في الباب 25 من أبواب الوضوء من الوسائل فانها تدل علي جواز الغسل بدل المسح.

و فيه: ان هذه النصوص معارضة مع ما يدل علي تعين المسح و الترجيح مع الطائفة الثانية لموافقتها مع الكتاب و مخالفتها مع العامة.

الوجه التاسع: النصوص الدالة علي محبوبية الاقتداء بالامام الجائر و الترغيب

______________________________

(1) الوسائل الباب 56 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 25 من ابواب الوضوء الحديث: 14

(3) نفس المصدر الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 108

______________________________

في

حضور جماعاتهم و من تلك النصوص ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يحسب لك اذا دخلت معهم و ان كنت لا تقتدي بهم مثل ما يحسب لك اذا كنت مع من تقتدي به «1».

و منها: ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: من صلي معهم في الصف الاول كان كمن صلي خلف رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في الصف الأول «2».

و منها: غيرهما مما هو مذكور في الباب 5 من أبواب صلاة الجماعة من الوسائل. بتقريب: ان المستفاد من هذه النصوص الاتيان بالصلاة معهم و الاكتفاء بها معهم عن المأمور به الواقعي.

و يعارض هذه الروايات ما رواه سماعة «3» و الترجيح مع الطائفة الثانية لمخالفتها مع العامة كما أن المرجع بعد التساقط الادلة الأولية الدالة علي وجوب المركب التام.

الوجه العاشر: ان السيرة جارية علي الغسل بدل المسح و الصلاة معهم و لم يردع عنها الائمة عليهم السلام و لم يقم دليل علي وجوب الاعادة فهذا يدل علي كون التقية مجزية.

و يرد عليه: اولا انه مر قريبا تعارض الروايات في جواز الصلاة معهم و كذلك الغسل بدل المسح، و ثانيا ان التقية لو اقتضت ان الصلاة معهم تكون صحيحة تكون صحتها من باب انها لا تسقط بحال.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب صلاة الجماعة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 106

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 109

[مسألة 37: إذا غلب علي الصائم العطش و خاف الضرر من الصبر عليه أو كان حرجا جاز أن يشرب بمقدار الضرورة]

(مسألة 37): اذا غلب علي الصائم العطش و خاف الضرر من الصبر عليه أو كان حرجا جاز أن يشرب بمقدار الضرورة و يفسد بذلك صومه و يجب عليه الامساك في بقية النهار اذا كان

في شهر

______________________________

و بعبارة اخري: اذا اضطر المكلف أن يصلي معهم و لم تكن له مندوحة تكون صلاته صحيحة لا من باب كون التقية مجزية بل من باب ان الصلاة لا تسقط بحال.

و ثالثا: انه يكفي للردع النصوص الدالة علي عدم جواز الغسل بدل المسح و المسح منكوسا.

و بعبارة اخري: مقتضي اطلاق هذه النصوص ان الغسل لا يكفي عن المسح و هذا ظاهر. و أما الوقوف بعرفات مع عدم ثبوت الهلال فربما يقال: بكفايته عن المأمور به لجريان السيرة و عدم ردعهم عليهم السلام بل لم ينقل عنهم عليهم السلام الاحتياط و تكرار العمل و هذا يكشف عن كون التقية مجزية في الوقوف.

و يرد عليه انه لا دليل علي عدم احتياطهم عليهم السلام بأنفسهم بل نحتمل انهم عليهم السلام كانوا يحتاطون بحيث لا يفهم احد و أما عدم ردعهم الشيعة فيمكن أن يكون الوجه فيه التقية.

أضف الي ذلك أن مقتضي خبر أبي الجارود «1» ان الاضحي يوم يضحي الناس فان مقتضي هذا الخبر ان الوقوف معهم يجزئ فانقدح بما ذكرنا عدم قيام دليل علي كون التقية مجزية عن المأمور به الواقعي علي نحو الاطلاق و اذا فرض قيام الدليل علي الاجزاء في مورد كما قام في مورد الوقوف معهم نلتزم بالاجزاء في ذلك المورد فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 92

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 110

رمضان علي الاحوط و أما في غيره من الواجب الموسع أو المعين فلا يجب (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول: انه لو غلب علي الصائم العطش و خاف الضرر من الصبر عليه يجوز أن يشرب بمقدار الضرورة و الدليل عليه ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يصيبه العطاش

حتي يخاف علي نفسه قال: يشرب بقدر ما يمسك رمقه و لا يشرب حتي يروي «1».

و المستفاد من الحديث ان الموجب للجواز الخوف علي النفس أي يخاف ان يموت من العطش فيشكل ما أفاده في المتن من جعل الموضوع مطلق الضرر الا أن يقال: بأن خوف الضرر يوجب جواز الافطار فكما أنه يجوز الشرب مع خوف الضرر علي النفس كذلك يجوز الشرب مع خوف الضرر علي البدن فاذا لم يجز الشرب الا بمقدار الضرورة في صورة خوف الضرر علي النفس لا يجوز الشرب أكثر من هذا المقدار في صورة خوف الضرر علي البدن بطريق أولي.

الفرع الثاني: انه لو كان الصبر علي العطش حرجيا جاز أن يشرب بمقدار الضرورة و الدليل عليه قاعدة نفي الحرج المقتضية للجواز و الوجه في وجوب الاقتصار علي مقدار الضرورة تلك الرواية المشار اليها فانه يفهم حكم المقام من تلك الرواية بالفهم العرفي.

الفرع الثالث: انه يفسد صومه و الدليل عليه أنه أفطر عامدا غاية الامر يكون معذورا في الافطار.

الفرع الرابع: لو كان شهر رمضان يجب عليه الامساك و الوجه فيه انه لا فرق بين الماء و بقية المفطرات فاذا لم يجز له الشرب حتي يرتوي لم يجز له الاتيان ببقية

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 111

[الفصل الثالث: كفارة الصوم]

اشارة

الفصل الثالث: كفارة الصوم: تجب الكفارة بتعمد شي ء من المفطرات اذا كان الصوم مما تجب فيه الكفارة كشهر رمضان و قضائه بعد الزوال و الصوم المنذور المعين (1) و الظاهر اختصاص وجوب الكفارة بمن كان عالما بكون ما يرتكبه مفطرا و أما اذا كان

______________________________

المفطرات.

و بعبارة اخري: لا يحتمل الفرق بين الماء و غيره من المفطرات

فيجب عليه الامساك عنها.

الفرع الخامس: ان هذا الحكم مختص بشهر رمضان و أما في غيره من الواجب الموسع أو المعين فلا أما في الواجب الموسع فيجوز له الافطار بالاختيار فلا مجال للبحث و أما في المعين فلدعوي انصراف الدليل الي خصوص شهر رمضان أو لعدم الاطلاق و المتيقن منه شهر رمضان و الانصاف ان الجزم بما ذكر مشكل.

(1) قد جعل الافطار و الاتيان بالمفطر في جملة من الروايات موضوعا لوجوب الكفارة منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أفطر من شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر قال: يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا فان لم يقدر تصدق بما يطيق «1».

و مقتضي اطلاق الافطار عموم الحكم لكل واحد من المفطرات و لا يختص بخصوص الاكل و الشرب و بعبارة اخري: الصوم في نظر الشارع عبارة عن الامساك عن جملة امور و جعل كل واحد منها مفطرا ثم رتب وجوب الكفارة علي تحقق الافطار و مقتضي الاطلاق عموم الحكم كما قلنا.

ثم ان موضوع الكفارة الافطار عن عمد- كما في المتن- اي يتعمد افطار

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 112

جاهلا به فلا تجب الكفارة (1) حتي اذا كان مقصرا و لم يكن معذورا

______________________________

صومه باحد المفطرات و أما اذا لم يكن عن عمد بأن اوجر في حلقه أو نسي انه صائم فلا تجب الكفارة أما في الصورة الاولي فظاهر اذ لم يصدر منه فعل علي الفرض كي تجب عليه الكفاره و أما في صورة النسيان فقد تقدم انه لا شي ء عليه و يكون صومه صحيحا.

اضف

الي ما ذكر ان مقتضي حديث المشرقي عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل أفطر من شهر رمضان أياما متعمدا ما عليه من الكفارة؟ فكتب:

من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فعليه عتق رقبة مؤمنة و يصوم يوما بدل يوم «1» التفصيل بين صورة العمد و غيره لكن الحديث المذكور ضعيف سندا بالمشرقي فان سيدنا الاستاد أفاد بأن الرجل لم يوثق.

(1) استدل عليه بما رواه زرارة و أبو بصير «2» فان مقتضي هذه الرواية ان الافطار ليس عليه شي ء اذا كان عن جهل و هذه الرواية ضعيفة بضعف إسناد الشيخ الي علي بن الحسن.

و استدل عليه أيضا بما رواه عبد الصمد بن بشير «3» فان مقتضي هذه الرواية ان ركوب أمر بجهالة لا يترتب عليه شي ء.

و يمكن الاستدلال بنصوص باب الكفارة فان الموضوع في لسان الدليل عنوان التعمد و مع الجهل لا يصدق العمد نعم الدليل الوارد في الجماع و في الانزال اذ الزق بأهله مطلق من حيث التعمد و عدمه فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) لاحظ ص: 86

(3) لاحظ ص: 87

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 113

لجهله (1) نعم اذا كان عالما بحرمة ما يرتكبه كالكذب علي اللّه سبحانه وجبت الكفارة أيضا و ان كان جاهلا بمفطريته (2).

[مسألة 38: كفارة افطار يوم من شهر رمضان مخيرة بين عتق رقبة و صوم شهرين متتابعين و إطعام ستين مسكينا]

(مسألة 38): كفارة افطار يوم من شهر رمضان مخيرة بين عتق رقبة و صوم شهرين متتابعين و اطعام ستين مسكينا (3) لكل مسكين

______________________________

(1) لإطلاق الدليل و لا تنافي بين استحقاقه العقاب لتقصيره و عدم وجوب الكفارة عليه لجهله.

و صفوة القول: ان مجرد الجهل بالمفطرية يكفي في عدم وجوب الكفارة نعم اذا كان ملتفتا حين العمل و كان مترددا في الجواز و عدمه لا يشمله الدليل

اذ مقتضي وجوب الاحتياط شرعا و عقلا أن يحتاط و لا يرتكب فلا يصدق انه ركب أمرا بجهالة اذا لحكم الواقعي منجز في حقه و أيضا يصدق عنوان التعمد.

(2) بدعوي انه مع العلم بالحرمة لا يصدق انه ركب الامر بجهالة كما انه لا يصدق انه يري انه حلال له.

و يرد عليه ان المفروض انه يري انه حلال له من حيث الصوم كما انه يصدق انه ركب الامر بجهالة من حيث افساده الصوم.

و ان أبيت عما ذكرنا فنقول: المأخوذ في موضوع وجوب الكفارة عنوان تعمد الافطار و مع الجهل بكونه مفطرا لا يصدق هذا العنوان فلاحظ.

(3) النصوص الواردة في المقام مختلفة: الطائفة الاولي: ما يدل علي التخيير بين امور ثلاثة لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان «1».

و لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل أتي أهله في شهر رمضان متعمدا قال: عليه عنق رقبة أو اطعام ستين مسكينا أو صوم شهرين متتابعين و قضاء ذلك

______________________________

(1) لاحظ ص: 111

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 114

______________________________

اليوم و من أين له مثل ذلك اليوم «1».

فان هذه الرواية واردة في اتيان الاهل الذي هو من اهم المفطرات أو اهم منها فاذا ثبت التخيير فيه يثبت التخيير في غيره بطريق أولي.

الطائفة الثانية ما يدل علي تعين التصدق لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل لزق بأهله فأنزل قال: عليه اطعام ستين مسكينا مد لكل مسكين «2».

و دلالة هذه الطائفة علي تعين الصدقة بالاطلاق فلو قام دليل علي التخيير بين الامور الثلاثة أو علي الترتيب بينها يلزم تقييد الاطلاق المقتضي للتعين فهذه الطائفة لا تكون طرفا للمعارضة علي كلا التقديرين الا بعد سقوطهما عن الاعتبار.

الطائفة الثالثة ما يدل علي تعين

العنق لاحظ ما رواه المشرقي «3» و هذه الرواية ضعيفة سندا كما مر.

الطائفة الرابعة: ما يدل علي الترتيب بين الامور الثلاثة لاحظ ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال: سألته عن رجل نكح امرأته و هو صائم في رمضان ما عليه؟ قال: عليه القضاء و عتق رقبة فان لم يجد فصيام شهرين متتابعين فان لم يستطع فاطعام ستين مسكينا فان لم يجد فليستغفر- اللّه «4».

فيقع التعارض بين الطائفة الاولي و الرابعة و يظهر من كلام الشيخ في الخلاف «5» ان أقوال العامة مختلفة في المقام فان أبا حنيفة و اصحابه و الشافعي

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) لاحظ ص: 112

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 9

(5) كتاب الخلاف ج 1 ص 386

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 115

مد (1) و هو يساوي ثلاثة ارباع الكيلو تقريبا و كفارة افطار قضاء شهر رمضان بعد الزوال اطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد فان لم يتمكن صام ثلاثة ايام (2).

______________________________

و الاوزاعي و ليث بن سعد قائلون بالترتيب و المالك قائل بالتخيير فلا مجال لترجيح احدي الطائفتين علي الاخري بالمخالفة مع العامة فتصل النوبة الي الترجيح بالاحدثية و الترجيح بها مع حديث ابن جعفر.

(1) لاحظ ما رواه سماعة «1» فان هذه الرواية تدل علي المدعي بالصراحة.

(2) وجوب الكفارة لإفطار قضاء شهر رمضان بعد الظهر مشهور بين القوم بل ادعي عليه الاجماع و ربما يقال: بعدم وجوب شي ء عليه و الدليل عليه ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرجل يكون عليه

ايام من شهر رمضان الي أن قال: سئل فان نوي الصوم ثم افطر بعد ما زالت الشمس قال:

قد أساء و ليس عليه شي ء إلا قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه «2».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن و ربما يقال: بأن كفارته مثل كفارة افطار شهر رمضان و الدليل عليه ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل صام قضاء من شهر رمضان فأتي النساء قال: عليه من الكفارة ما علي الذي أصاب في شهر رمضان لان ذلك اليوم عند اللّه من أيام رمضان «3».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن و أما وجوب

______________________________

(1) لاحظ ص: 114

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 116

______________________________

اطعام عشرة مساكين فقد استدل عليه بما رواه هشام بن سالم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام رجل وقع علي أهله و هو يقضي شهر رمضان فقال: ان كان وقع عليها قبل صلاة العصر فلا شي ء عليه يصوم يوما بدل يوم و ان فعل بعد العصر صام ذلك اليوم و أطعم عشرة مساكين فان لم يمكنه صام ثلاثة أيام كفارة لذلك «1».

بتقريب: ان المراد بالعصر وقت صلاة العصر و حيث ان وقت الصلاتين يدخل عند الزوال يكون الزوال وقت صلاة العصر كما يكون وقت صلاة الظهر الا ان هذه قبل هذه. و لا دليل عليه.

و بعبارة اخري: رفع اليد عن الظهور العرفي يتوقف علي قيام قرينة دالة علي أن المراد من اللفظ الكذائي خلافه و ليس دليل في المقام يدل علي

خلاف ظاهر اللفظ مضافا الي انه لو كان المراد من العصر هو الزوال كان الاولي أن يعبر عنه بالزوال أو بالظهر.

فالنتيجة: ان ابقاء اللفظ علي ظهوره لا يمكن اذ لا قائل به و التصرف فيه بحمل العصر علي الزوال لا دليل عليه فلا بد من رد علمه الي اهله و اللّه الموفق.

و أما حديث بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام في رجل أتي أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان قال: ان كان أتي أهله قبل زوال الشمس فلا شي ء عليه الا يوم مكان يوم و ان كان أتي أهله بعد زوال الشمس فان عليه أن يتصدق علي عشرة مساكين فان لم يقدر عليه صام يوما مكان يوم و صام ثلاثة أيام كفارة لما صنع «2» فضعيف سندا بالحارث بن محمد.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 117

و كفارة افطار الصوم المنذور المعين كفارة يمين (1).

______________________________

(1) قال السيد اليزدي قدس سره في عروته: «و كفارته كفارة افطار شهر رمضان» و قال السيد الحكيم قدس سره في شرح المتن: «كما عن المشهور في كفارة النذر و عن الانتصار و الغنية الاجماع عليه» انتهي.

و في قبال المشهور قول آخر و هو أن كفارته كفارة اليمين و يدل علي القول المشهور ما رواه عبد الملك بن عمرو عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عمن جعل للّه عليه أن لا يركب محرما سماه فركبه قال: لا و لا أعلمه الا قال: فليعتق رقبة أو ليصم شهرين متتابعين أو ليطعم ستين مسكينا «1»، و هذه الرواية ضعيفة بعبد الملك.

و مما استدل به علي المدعي ما رواه ابن مهزيار انه كتب اليه

يسأله يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما بعينه فوقع ذلك اليوم علي أهله ما عليه من الكفارة؟ فكتب اليه يصوم يوما بدل يوم و تحرير رقبة مؤمنة «2».

و المستفاد من الرواية تعين عتق الرقبة و لم يقل بتعينه احد و جعل هذه الرواية دليلا علي القول المشهور مبني علي ان الامر بالعتق للتخيير بينه و بين الاطعام و الصيام و الحال ان العتق احد خصال كفارة اليمين فالامر بالعتق لا يكون دليلا علي المشهور.

و بعبارة واضحة: ان تعين العتق لا يمكن الالتزام به اذ لم يلتزم به أحد و أما كونه عدلا لأحد الخصال فكما انه يمكن كونه عدلا لأحد الخصال في كفارة افطار صوم شهر رمضان كذلك يمكن جعله عدلا لأحد الخصال في كفارة اليمين.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب الكفارات الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب بقية الصوم الواجب الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 118

______________________________

اضف الي ذلك كله ان صاحب الوسائل قدس سره لم يذكر الرزاز في الموثقين و أما سيدنا الاستاد فأفاد ان الرجل ثقة و لم يذكر وجهه و ظاهر ان مجرد كونه شيخا للكليني لا يقتضي كونه ثقة و اللّه العالم.

و ربما يستدل علي قول المشهور بمكاتبة الحسين بن عبيدة قال: كتبت اليه يعني أبا الحسن الثالث عليه السلام يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما للّه فوقع ذلك اليوم علي أهله ما عليه من الكفارة فأجاب عليه السلام يصوم يوما مكان (بدل) يوم و تحرير رقبة «1».

و مكاتبة الصيقل انه كتب اليه أيضا يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما للّه تعالي فوقع في ذلك اليوم علي أهله ما عليه من الكفارة؟ فاجابه يصوم يوما بدل

يوم و تحرير رقبة مؤمنة «2».

و تقريب الاستدلال بهما علي المدعي هو التقريب المذكور في حديث ابن مهزيار و الاشكال في الاستدلال هو الاشكال مضافا الي ضعف السند في كلا الحديثين أما الاول فبالحسين بن عبيدة و أما الثاني فبالقاسم الصيقل.

و استدل علي القول الاخر بجملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان قلت: للّه علي فكفارة يمين «3».

و منها: ما رواه حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن كفارة النذر فقال: كفارة النذر كفارة اليمين و من نذر بدنة فعليه ناقة يقلدها

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب الكفارات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 119

______________________________

و يشعرها و يقف بها بعرفة و من نذر جذورا فحيث شاء نحره «1».

و في المقام رواية اخري رواها علي بن مهزيار قال كتب بندار مولي ادريس يا سيدي نذرت أن اصوم كل يوم سبت فان أنا لم اصمه ما يلزمني من الكفارة؟

فكتب اليه و قرأته لا تتركه الا من علة و ليس عليك صومه في سفر و لا مرض الا أن تكون نوبت ذلك و ان كنت أفطرت فيه من غير علة فتصدق بعدد كل يوم علي سبعة مساكين الحديث «2».

تدل علي أنه لو نذر الصوم في يوم معين و أفطر من غير علة تكون كفارته التصدق علي سبعة مساكين و مقتضي الصناعة أن يخصص الدليل الدال علي أن كفارة حنث النذر كفارة اليمين بهذه الرواية لكن الظاهر انه لم يلتزم احد بمفادها و اللّه العالم بحقايق الاشياء.

و أما حديث علي بن مهزيار قال: و كتب اليه يسأله يا

سيدي رجل نذر أن يصوم يوما فوقع ذلك اليوم علي أهله ما عليه من الكفارة؟ فكتب اليه يصوم يوما بدل يوم و تحرير رقبة مؤمنة «3»، الدال علي أن كفارة حنث نذر الصوم عتق الرقبة فالظاهر انه غير مذكور في الكافي بالسند المذكور في الوسائل و لا يبعد ان الامر كما ذكره سيدنا الاستاد انه اشتبه الامر علي صاحب الوسائل قدس سره نعم هذه الروايه مذكورة في الكافي «4» بسند آخر و السند مخدوش بالرزاز.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 7 من ابواب بقية الصوم الواجب الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب الكفارات الحديث: 2

(4) الفروع من الكافي ج 7 ص 456 حديث. 12

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 120

و هي عتق رقبة أو اطعام عشرة مساكين (1) لكل واحد مد (2).

______________________________

(1) كما نص عليه في الكتاب الشريف في قوله تعالي: «لٰا يُؤٰاخِذُكُمُ اللّٰهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمٰانِكُمْ وَ لٰكِنْ يُؤٰاخِذُكُمْ بِمٰا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمٰانَ فَكَفّٰارَتُهُ إِطْعٰامُ عَشَرَةِ مَسٰاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مٰا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ ذٰلِكَ كَفّٰارَةُ أَيْمٰانِكُمْ إِذٰا حَلَفْتُمْ» «1».

و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في كفارة اليمين يطعم (عنه خ) عشرة مساكين لكل مسكين مد من حنطة أو مد من دقيق و حفنة أو كسوتهم لكل انسان ثوبان أو عتق رقبة و هو في ذلك بالخيار اي ذلك الثلاثة شاء صنع فان لم يقدر علي واحدة من الثلاث فالصيام عليه ثلاثة ايام «2».

(2) يستفاد من بعض النصوص ان احد الخصال هو المد لاحظ ما رواه محمد بن قيس قال: قال أبو جعفر عليه

السلام: قال اللّه عز و جل لنبيه صلي اللّه عليه و آله:

«يٰا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مٰا أَحَلَّ اللّٰهُ لَكَ- قَدْ فَرَضَ اللّٰهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمٰانِكُمْ» فجعلها يمينا و كفرها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قلت بما كفر؟ قال: أطعم عشرة مساكين لكل مسكين مد قلنا: فمن وجد الكسوة؟ قال: ثوب يواري به عورته «3».

و يستفاد من بعضها ان الواجب هو من الحنطة و حفنة فتكون الحفنة في طحنه و طبخه لاحظ ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في كفارة

______________________________

(1) المائدة/ 89

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب الكفارات الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب الكفارات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 121

أو كسوة عشرة مساكين (1).

______________________________

اليمين مد مد من حنطة و حفنة لتكون الحفنة في طحنه و حطبه «1».

و يستفاد من قسم ثالث ان الواجب المد من حنطة أو مد من دقيق و حفنة لاحظ ما رواه الحلبي «2» اذا عرفت هذا الاختلاف في الاخبار فنقول: اذا لم يكن النصوص متعارضة و يكون مقتضي القاعدة حمل الحفنة علي الاستحباب فهو و أما ان قلنا: بأنها متعارضة فبعد التعارض تتساقط و تجري اصالة البراءة عن وجوب الزائد علي المد.

(1) كما نص عليها في الاية و الرواية و المستفاد من جملة من النصوص كفاية ثوب واحد لاحظ ما رواه محمد بن قيس «3».

و ما رواه معمر بن عمر (عثمان خ ل) قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عمن وجب عليه الكسوة في كفارة اليمين قال: هو ثوب يواري عورته «4».

و ما رواه أبو بصير يعني المرادي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول اللّه: «مِنْ أَوْسَطِ مٰا

تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ» قال: ثوب «5».

و يستفاد من جملة من النصوص وجوب الكسوة بثوبين لاحظ ما رواه الحلبي «6» و ما رواه علي بن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن كفارة اليمين فقال: عتق رقبة أو كسوة و الكسوة ثوبان الحديث «7».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 120

(3) لاحظ ص: 120

(4) الوسائل الباب 15 من أبواب الكفارات الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) لاحظ ص: 120

(7) الوسائل الباب 12 من أبواب الكفارات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 122

فان عجز صام ثلاثة أيام (1).

[مسألة 39: تتكرر الكفارة بتكرر الموجب في يومين]

(مسألة 39): تتكرر الكفارة بتكرر الموجب في يومين (2).

______________________________

و ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن قول اللّه «مِنْ أَوْسَطِ مٰا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ» في كفارة اليمين قال: ما يأكل أهل البيت يشبعهم يوما و كان يعجبه مد لكل مسكين قلت: أو كسوتهم قال: ثوبين لكل رجل «1».

و ما رواه أبو جميلة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في كفارة اليمين عتق رقبة أو اطعام عشر مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم و الوسط الخل و الزيت و أرفعه الخبز و اللحم و الصدقة مد (مدخ) من حنطة لكل مسكين و الكسوة ثوبان «2».

فان كان مقتضي الجمع العرفي حمل ما يدل علي وجوب ثوبين علي الاستحباب فهو و الا فلا بد من ترجيح احد الطرفين علي الاخر من مرجح و حيث ان ما يدل علي مطلق الكسوة موافق للكتاب يكون الترجيح معه فلاحظ.

(1) كما تدل عليه الاية و الرواية.

(2) ادعي عليه الاجماع و مقتضي اطلاق الدليل كذلك اذ الكفارة مترتبة علي الافطار و المفروض

تحقق الموضوع في يومين فيترتب عليه حكمه في كليهما فصاعدا كما أن مقتضي اطلاق الدليل عدم الفرق بين تخلل التكفير و عدمه و اتحاد الجنس المفطر و عدمه فان الاطلاق ينفي جميع ذلك و ان شئت قلت: المقتضي للتعدد موجود و الدليل علي التداخل مفقود.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب الكفارات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 123

لا في يوم واحد (1).

______________________________

(1) و الوجه فيه ان الكفارة رتبت بالنسبة الي غير الجماع و ما يلحق به علي عنوان الافطار و هذا العنوان غير قابل للتكرار فان الافطار ناقض للصوم و هذا المفهوم غير قابل للتكرار و لا مجال للتداخل و عدمه في المقام اذ التداخل و عدمه انما يتصوران في الموضوعات التي تكون قابلة للتكرار و أما المقام فلا يعقل فيه التكرار و الا يلزم تحصيل الحاصل فمقتضي اصالة البراءة عدم الوجوب عند التكرار.

و ربما يقال: بوجوب التكرار و ذكر في وجهه امور: الاول: ان التداخل علي خلاف الاصل فيجب التكرار و فيه: انه كما ذكرنا لا مجال لهذا البيان لانتفاء موضوعه.

الثاني: انه يجب علي المكلف الامساك بعد الافطار فكما يحرم عليه استعمال المفطر قبل تحقق الافطار كذلك يحرم عليه بعده. و فيه: ان الكفارة مترتبة علي الافطار لا علي فعل المحرم و بعد تحقق الافطار في المرة الاولي لا يتحقق هذا العنوان ثانيا كما مر.

الثالث: انه لا دليل علي انتقاض الصوم باستعمال المفطر اولا بل من الجائز صحته حتي بعد استعمال المفطر. و فيه: اولا: أن الدليل قائم علي انتقاضه باستعمال المفطر. و ثانيا: انه علي هذا الفرض لا وجه للكفارة اذ المفروض انه لا يتحقق الانتفاض و الكفارة مترتبة

علي النقض و الافطار و ربما يفصل بين تغاير الجنس و عدمه بوجوب التكرار في الاول و عدمه في الثاني بدعوي: ان الاصل عدم التداخل في الاول و ان الاصل هو التداخل في الثاني.

و فيه: ان التداخل علي خلاف الاصل علي الاطلاق و أما في المقام فلا يتصور التكرار كما مر. و ربما يفصل بين تخلل التكفير و عدمه بالالتزام بالتداخل في

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 124

الا في الجماع (1).

______________________________

الثاني و عدمه في الاول و مما ذكرنا ظهر فساد التفصيل فالحق هو عدم التكرار كما في المتن.

(1) ما يمكن أن يقال في وجهه امور: الاول: ما رواه الفتح بن يزيد الجرجاني انه كتب الي أبي الحسن عليه السلام يسأله عن رجل واقع امرأة في شهر رمضان من حلال أو حرام في يوم عشر مرات قال: عليه عشر كفارات لكل مرة كفارة فان أكل أو شرب فكفارة يوم واحد «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا.

الثاني ما روي عن كتاب شمس المذهب عنهم عليهم السلام ان الرجل اذا جامع في شهر رمضان عامدا فعليه القضاء و الكفارة فان عاود الي المجامعة في يومه ذلك مرة اخري فعليه في كل مرة كفارة «2» و هذه الرواية مرسلة لا اعتبار بها.

الثالث: ما أرسله العلامة قدس سره قال: و روي عن الرضا عليه السلام أن الكفارة تتكرر بتكرر الوطء «3» و المرسل لا اعتبار به.

الرابع: اطلاق دليل وجوب الكفارة لإتيان الاهل و الدليل عليها عدة نصوص:

منها: ما رواه سماعة «4» فان مقتضي اطلاق الرواية تكرر الكفارة بتكرر الجماع و دعوي انصراف الاتيان الي خصوص اتيان المفطر- كما ادعاه سيد المستمسك قدس سره- لا وجه له ظاهرا.

و بعبارة اخري: لو كان

الاتيان الثاني حراما يشمله اطلاق الدليل لكن المستفاد

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 125

______________________________

من قوله عليه السلام: «و قضاء ذلك اليوم» ان المفروض في السؤال المرة الاولي من الاتيان اذ لو لم يكن كذلك لم يكن وجه لترتب وجوب القضاء عليه لان وجوب القضاء مترتب علي اول الوجود من الاتيان.

و بعبارة اخري: الظاهر من الحديث سؤالا و جوابا ان الكفارة و القضاء مترتبان علي الاتيان و من الظاهر انه لا يتم الا بأن يكون المراد الاتيان الاول فلاحظ.

و منها: ما رواه علي بن جعفر «1» و لا يخفي انه فرض كون الناكح صائما فلا مجال للاستدلال به علي المدعي و هو تكرر الكفارة بتكرر الوطء.

و منها: ما رواه إدريس بن هلال عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل أتي أهله في شهر رمضان قال: عليه عشرون صاعا من تمر فبذلك أمر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الرجل الذي أتاه فسأله عن ذلك «2». و هذه الرواية ضعيفة بادريس

و منها: ما رواه عبد المؤمن بن الهيثم (القاسم) الانصاري عن أبي جعفر عليه السلام ان رجلا أتي النبي صلي اللّه عليه و آله فقال: هلكت و اهلكت فقال: و ما أهلكك؟ قال: اتيت امرأتي في شهر رمضان و أنا صائم فقال له النبي صلي اللّه عليه و آله: اعتق رقبة قال: لا اجد قال: فصم شهرين متتابعين قال: لا اطبق قال:

تصدق علي ستين مسكينا قال: لا اجد فاتي النبي صلي اللّه عليه و آله بصدقه في مكتل فيه خمسة عشر صاعا

من تمر فقال له النبي صلي اللّه عليه و آله: خذ هذا فتصدق بها فقال: و الذي بعثك بالحق نبيا ما بين لا لابتيها اهل بيت أحوج اليه منا فقال: خذه و كله أنت و أهلك فانه كفارة لك «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 114

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 126

و الاستمناء فانها تتكرر بتكررها (1) و من عجز عن الخصال الثلاث فالاحوط أن يتصدق بما يطيق و يضم اليه الاستغفار (2).

______________________________

و هذه الرواية قد فرض فيها كون الآتي صائما فلا تكون قابلة للاستدلال بها علي المدعي.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل وقع علي أهله في شهر رمضان فلم يجد ما يتصدق به علي ستين مسكينا قال: يتصدق بقدر ما يطيق «1».

و هذه الرواية لا اطلاق لها من هذه الجهة فلا تكون قابلة للاستدلال بها علي المدعي. و بعبارة اخري: السؤال في هذه الرواية ناظر الي أن المكلف وقع علي أهله و وجب عليه التصدق علي ستين مسكينا و لم يجد فما حكمه؟ و أما في أي مورد تجب الكفارة فلا تكون الرواية بصدد بيانه و لعل ما ذكرنا ظاهر واضح بعد التدبر فيها فتدبر.

(1) لاحظ ما رواه سماعة «2» فان المستفاد من هذه الرواية ان الانزال يوجب الكفارة و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين اول فرد منه و الثاني و هكذا هذا من ناحية و من ناحية اخري ان العرف يفهم ان الموضوع هو الانزال ففي كل مورد تحقق الانزال يكون حكمه كذلك و لا يختص بالانزال المسبب عن اللزوق بالاهل فلاحظ.

(2)

قال السيد في عروته: «من عجز عن الخصال الثلاث في كفارة شهر رمضان تخير بين أن يصوم ثمانية عشر يوما أو يتصدق بما يطيق».

و لا بد من التعرض للنصوص التي يمكن الاستدلال بها علي ما هو الواجب

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 114

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 127

______________________________

في المقام كي فلاحظ ان الحق ما هو فنقول: منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل كان عليه صيام شهرين متتابعين فلم يقدر علي صيام و لم يقدر علي العتق و لم يقدر علي الصدقة قال: فليصم ثمانية عشر يوما عن كل عشرة مساكين ثلاثة ايام «1».

و هذه الرواية ضعيفة با بني المرار و المبارك و كون الاول في اسناد تفسير علي ابن ابراهيم و الثاني في اسناد كامل الزيارات لا يفيد فان التوثيق المستفاد من ابن ابراهيم و قولويه لا يتجاوز عن الطبقة الاولي و تحقيق الحال موكول الي مجال آخر.

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ظاهر من امرأته فلم يجد ما يعتق و لا ما يتصدق و لا يقوي علي الصيام قال: يصوم ثمانية عشر يوما لكل عشرة مساكين ثلاثة أيام «2».

و هذه الرواية واردة في بيان حكم كفارة الظهار و لا ترتبط بالمقام و منها:

ما رواه عبد اللّه بن سنان «3» و منها ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل وقع علي أهله في شهر رمضان فلم يجد ما يتصدق به علي ستين مسكينا قال:

يتصدق بقدر ما يطيق «4».

فان مقتضي الحديثين ان المكلف اذا لم يتمكن من الخصال الثلاث تصدق بما يمكنه و

منها: ما رواه علي بن جعفر «5» و مقتضي هذه الرواية ان المكلف

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب بقية الصوم الواجب

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الكفارات

(3) لاحظ ص: 111

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 3

(5) لاحظ ص: 114

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 128

و يلزم التكفير عند التمكن علي الاحوط وجوبا (1).

[مسألة 40: يجب في الإفطار علي الحرام كفارة الجمع بين الخصال الثلاث المتقدمة علي الاحوط]

(مسألة 40): يجب في الافطار علي الحرام كفارة الجمع بين الخصال الثلاث المتقدمة علي الاحوط. (2).

______________________________

ان عجز عن الخصال يجب عليه الاستغفار و حيث انه لا تنافي بين المثبتين و لا دليل علي وحدة المطلوب يجب الجمع بين التصدق بالمقدار الممكن و الاستغفار كما في المتن.

(1) الذي يختلج بالبال أن يقال: ان التكفير اذا لم يكن وجوبه فوريا- كما انه لا يكون فوريا- فلا تصل النوبة الي التصدق و الاستغفار مع امكان التكفير و لو بعد حين و عليه كيف يمكن الجمع بين وجوب التصدق و الاستغفار فعلا و وجوب التكفير أيضا عند الامكان فانه جمع بين المبدل و البدل الا ان يكون ناظرا الي الحكم الظاهري فانه مع عدم الامكان فعلا لو شك في حصول التمكن بعد ذلك يحكم بعدمه بالاستصحاب الاستقبالي فيترتب عليه وجوب البدل فلو تمكن بعد ذلك يجب التكفير لعدم كون الحكم الظاهري مجزيا.

(2) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي جملة من النصوص الاول: ما رواه الهروي قال: قلت للرضا عليه السلام: يا بن رسول اللّه قد روي عن آبائك عليهم السلام فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه ثلاث كفارات و روي عنهم أيضا كفارة واحدة فبأي الحديثين نأخذ؟ قال: بهما جميعا متي جامع الرجل حراما أو أفطر علي حرام في

شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات: عتق رقبة و صيام شهرين متتابعين و اطعام ستين مسكينا. و قضاء ذلك اليوم و ان كان نكح حلالا أو أفطر علي حلال فعليه كفارة واحدة و ان كان ناسيا فلا شي ء عليه «1». و هذه الرواية

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 129

[مسألة 41: إذا أكره زوجته علي الجماع في صوم شهر رمضان]

(مسألة 41): اذا أكره زوجته علي الجماع في صوم شهر رمضان فالاحوط أن عليه كفارتين و تعزيرين خمسين سوطا فيتحمل عنها الكفارة و التعزير (1).

______________________________

ضعيفة بعبد الواحد بن محمد بن عبدوس و غيره.

الثاني: ما روي عن المهدي عليه السلام فيمن أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا بجماع محرم عليه أو بطعام محرم عليه أن عليه ثلاث كفارات «1» و هذه الرواية ضعيفة بكون طريق الصدوق الي أبي الحسين مجهولا.

الثالث: ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل أتي أهله في رمضان متعمدا فقال:

عليه عتق رقبة و اطعام ستين مسكينا و صيام شهرين متتابعين و قضاء ذلك اليوم و أني (أين) له مثل ذلك اليوم «2».

بتقريب: ان الجمع بين هذه الرواية و بقية الروايات الدالة علي التخيير بين الخصال بحمل هذه الرواية علي الافطار بالحرام و فيه ان هذا الجمع ليس عرفيا بل جمع تبرعي غير صحيح.

مضافا الي أن هذه الرواية هي الرواية التي مروية في كتاب نوادر احمد بن محمد بن عيسي عن عثمان بن عيسي بلفظ (أو) دون الواو و في مقام الدوران بين الزيادة و النقيصة يقدم احتمال النقيصة فالترجيح مع ما في النوادر فالنتيجة ان الحكم بالجمع مبني علي الاحتياط.

(1) استدل علي المدعي بما رواه المفضل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام في

رجل أتي امرأته و هو صائم فقال: ان كان استكرهها فعليه كفارتان و ان كان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 130

و لا فرق في الزوجة بين الدائمة و المنقطعة (1) و لا تلحق بها الامة (2) كما لا تلحق بالزوج اذا اكرهت زوجها علي ذلك (3).

[مسألة 42: إذا علم أنه أتي بما يوجب فساد الصوم و تردد بين ما يوجب القضاء فقط أو يوجب الكفارة معه]

(مسألة 42): اذا علم أنه أتي بما يوجب فساد الصوم و تردد بين ما يوجب القضاء فقط أو يوجب الكفارة معه لم تجب عليه (4) و اذا علم انه أفطر اياما و لم يدر عددها اقتصر في الكفارة علي القدر المعلوم (5) و اذا شك في أنه أفطر بالمحلل أو المحرم كفاه احدي الخصال (6) و اذا شك في أن اليوم الذي أفطره كان من شهر رمضان

______________________________

طاوعته فعليه كفارة و عليها كفارة و ان كان أكرهها ضرب خمسين سوطا نصف الحد و ان كان طاوعته ضرب خمسة و عشرين سوطا و ضربت خمسة و عشرين سوطا «1»

و هذه الرواية ضعيفة بابراهيم بن اسحاق و طريق الصدوق الي مفضل بن عمر ضعيف فالحكم مبني علي الاحتياط و مقتضي الصناعة أن يكفر الزوج عن نفسه و أما الزائد عليه فلا لأصالة البراءة و أما الزوجة فلا شي ء عليها لقاعدة الاكراه فان مقتضي حديث الرفع انه لا شي ء علي المكره بالفتح فلاحظ.

(1) لإطلاق الدليل.

(2) لعدم الدليل و مقتضي الاصل عدم الوجوب.

(3) لعدم الدليل و الاصل عدم وجوب الزائد عليها و اللّه العالم.

(4) للشك في التكليف الزائد و مقتضي الاصل عدمه.

(5) كما هو الميزان في الشك بين الاقل و الاكثر.

(6) بتقريب: ان احدي الخصال مقطوع الوجوب و الشك في وجوب الزائد

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب

ما يمسك عنه الصائم

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 131

أو كان من قضائه و قد أفطر قبل الزوال لم تجب عليه الكفارة (1) و ان كان قد أفطر بعد الزوال كفاه اطعام ستين مسكينا (2).

______________________________

و مقتضي الاصل عدمه. و لقائل أن يقول: ان الامر ليس دائرا بين الاقل و الاكثر بل الامر دائر بين المتباينين اذ المكلف لا يدري ان الواجب عليه الاتيان باحدي الخصال اي الجامع بين الثلاث أو أن الواجب جميعها و عليه يكون الاصل في كل من الطرفين معارضا مع جريانه في الطرف الاخر فلا بد من الاتيان بكفارة الجمع

الا أن يقال: ان مقتضي البراءة رفع الكلفة الزائدة و رفع التكليف عن الجامع لا يرفع أصل التكليف اذ اصل التكليف قطعي فجريان الاصل و البراءة عن الجميع لا يعارضه شي ء فالامر دائر بين الاقل و الاكثر و لا تعارض.

(1) للشك في وجوبها و مقتضي الاصل عدم الوجوب.

(2) و قال سيد العروة قدس سره في عروته: «بل له الاكتفاء باطعام عشرة مساكين» بتقريب: ان اطعام عشرة مساكين معلوم الوجوب اما تعيينا أو في ضمن ستين مسكينا تخييرا بينه و بين العتق و الصيام فيدور الامر بين الاقل و الاكثر.

و أورد عليه سيدنا الاستاد بأن الامر ليس كذلك اذ الوجوب التخييري متعلق بالجامع الانتزاعي فالامر دائر بين تعلق الوجوب باطعام عشرة مساكين و تعلقه بالجامع بين الخصال الثلاث فيدور الامر بين المتباينين و مقتضاه وجوب الاحتياط فلو أطعم ستين مسكينا كفي علي كلا الاحتمالين اذ كفارة افطار قضاء شهر رمضان اطعام عشرة مساكين و اطعام العشرة يحصل في ضمن اطعام ستين مسكينا و اطعام ستين مسكينا احدي الخصال الثلاث.

و صفوة القول: ان مرجع الوجوب التخييري

الشرعي الي التخيير العقلي- كما حقق في محله- فعليه يكون الامر في المقام دائرا بين المتباينين فيتعارض الاصلان

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 132

[مسألة 43: إذا أفطر عمدا ثم سافر قبل الزوال لم تسقط عنه الكفارة]

(مسألة 43): اذا أفطر عمدا ثم سافر قبل الزوال لم تسقط عنه الكفارة (1).

______________________________

الجاريان في كلا الطرفين فيجب الاحتياط كما في المتن.

و نخبة الكلام في المقام ان انحلال العلم الإجمالي و عدم تنجزه يتوقف علي جريان الاصل في بعض الاطراف دون الاخر ففي مقام دوران الامر بين الاقل و الاكثر غير الارتباطي لا يجري الاصل في الاقل و يجري الاصل في الاكثر فينحل العلم الإجمالي كما أن الامر في الارتباطي كذلك اذا المكلف يعلم بأن ترك الاقل يوجب العقاب فلا مجال لجريان قبح العقاب بلا بيان و أما بالنسبة الي الاكثر فالبيان غير تام فلا مانع من جريان البراءة العقلية غاية الامر في القسم الاول يكون الانحلال حقيقيا و في القسم الثاني يكون حكميا اذ الترديد باق بحاله نعم الاصول غير متعارضة.

و أفاد سيدنا الاستاد: ان البراءة الشرعية أيضا تجري في الاكثر و لا تجري في الاقل بتقريب: ان المكلف يعلم بتعلق الوجوب بالأقل بنحو الاهمال و لا يدري ان الواجب بشرط شي ء أو لا بشرط و البراءة تجري عن المقيد لان فيه كلفة زائدة و أما بالنسبة الي الاطلاق فلا تجري اذ ليس في الاطلاق كلفه زائدة فليس في رفعه منة فلا تجري اصالة البراءة.

و يرد عليه: ان رفع الاطلاق في حد نفسه امتناني و لذا لاشكال في أنه لو شك في تعلق التكليف بماهية مطلقة يجري فيه الاصل و ينفي عنها الوجوب. الا أن يقال:

انه مع فرض العلم بالتكليف لا يكون رفع الوجوب عن المطلق امتنانيا.

و ان شئت قلت: ان

أثر البراءة التوسعة و لا توسعة في رفع الاطلاق و لا ثبات المدعي تقريب آخر و هو انا نشك في شمول الوجوب للجزء المشكوك فيه و مقتضي الاستصحاب عدم شموله فلا تكون السورة واجبة مثلا اذا شك في وجوبها

(1) ادعي عليه الاجماع و ربما يستدل بما رواه زرارة و محمد بن مسلم قالا:

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 133

______________________________

قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ايما رجل كان له مال حال عليه الحول فانه يزكيه قلت له: فان وهبه قبل حله بشهر أو بيوم؟ قال: ليس عليه شي ء أبدا قال: و قال زرارة عنه: انه قال: انما هذا بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضان يوما في اقامته ثم يخرج في آخر النهار في سفر فأراد بسفره ذلك ابطال الكفارة التي وجبت عليه و قال:

انه حين رأي الهلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة و لكنه لو كان وهبها قبل ذلك لجاز و لم يكن عليه شي ء بمنزلة من خرج ثم افطر انما لا يمنع الحال عليه فأما ما لا يحل فله منعه الحديث «1».

بتقريب: ان المشار اليه ظاهرا في قوله عليه السلام: (انما هذا) هي الجملة الاولي اي من كان حال علي ما له الحول يزكيه بقرينة قوله عليه السلام: وجبت عليه فالمستفاد من الرواية ان المال الذي حال عليه الحول لا تسقط عنه الزكاة كما لا تسقط الكفارة بالسفر بعد الافطار.

و فيه ان مورد الرواية هو السفر بعد الزوال فلا ترتبط بما نحن فيه. و أفاد سيدنا الاستاد: «انه يمكن الاستدلال بالرواية علي المقام حيث ان المستفاد من مجموع الصدر و الذيل ان المناط في سقوط الكفارة و عدمه جواز الافطار و عدمه و لذا شبه الهبة

بعد حولان الحول بالسفر بعد الزوال اذ بعد الزوال لا طريق للتخلص من الكفارة و أما قبل الزوال فيمكن للمكلف أن يسافر ثم يفطر فالهبة بعد حولان الحول مثل المسافرة بعد الزوال في عدم التأثير و اما الهبة قبل الحولان فمثل المسافرة قبل الزوال ثم الافطار فيفهم من الرواية ان الميزان في عدم تحقق الكفارة جواز الافطار و حيث ان الافطار قبل الزوال و قبل المسافرة لا يجوز تتحقق الكفارة به.

______________________________

(1) الوسائل الباب 58 من أبواب ما يمسك عنه الصائم

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 134

______________________________

و ان شئت قلت: اذا كان المسافرة قبل الزوال مؤثرة في سقوط الكفارة حتي فيما لو كان الافطار قبلها لكان المناسب أن يقول عليه السلام: بمنزلة من خرج أو يقول:

بمنزلة من افطر و خرج و حيث انه عليه السلام قال: «بمنزلة من خرج ثم افطر» يعلم ان المسقط للكفارة هو الخروج قبل الافطار و لا اثر للخروج بعد الافطار في اسقاط الكفارة فلاحظ.

و ما أفاده بتوضيح منا يكون صالحا للاستدلال علي المدعي في المقام. و يمكن الاستدلال علي المدعي بتقريب آخر و هو ان المستفاد من جملة من النصوص أن المسافر في شهر رمضان ما دام لم يخرج و لم يصل الي حد الترخص لا يجوز له الافطار.

فمن تلك الروايات ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: هذا واحد اذ اقصرت أفطرت و اذا أفطرت قصرت «1».

و منها: ما رواه سماعة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام في حديث: و ليس يفترق التقصير و الافطار فمن قصر فليفطر «2».

و منها: ما رواه الطبرسي في مجمع البيان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

من سافر قصر و أفطر الحديث «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سافر الرجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار فعليه صيام ذلك اليوم و يعتد به

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 135

______________________________

من شهر رمضان الحديث «1».

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن الرجل يخرج من بيته و هو يريد السفر و هو صائم قال: فقال: ان خرج من قبل ان ينتصف النهار فليفطر و ليقض ذلك اليوم و ان خرج بعد الزوال فليتم يومه «2».

و منها غيرها من الروايات المذكورة في الباب: 5 من أبواب من يصح منه الصوم من الوسائل. فما دام باقيا في محله و لم يتلبس بالسفر يجب عليه الامساك فلو لم يمسك و أفطر يشمله ما دل من النصوص من أن الافطار يوجب الكفارة لاحظ حديثي عبد اللّه بن سنان «3».

و ما رواه ادريس «4» و ما رواه المشرقي «5» و حديثي سماعة «6» و غيرها من الروايات الواردة في الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم من الوسائل.

فان أكثر هذه النصوص لم يؤخذ في موضوعها عنوان الصائم كي يقال: بأن من يريد السفر و يسافر بعد ذلك لا يكون صائما بل الموضوع المأخوذ فيها عنوان الافطار العمدي و حيث ان الإمساك واجب قبل الخروج يصدق الافطار اذ الإفطار يضاد الامساك فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 111 و 127

(4) لاحظ ص:

125

(5) لاحظ ص: 112

(6) لاحظ ص: 113 و 114

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 136

[مسألة 44: إذا كان الزوج مفطرا لعذر فأكره زوجته الصائمة علي الجماع لم يتحمل عنها الكفارة]

(مسألة 44): اذا كان الزوج مفطرا لعذر فأكره زوجته الصائمة علي الجماع لم يتحمل عنها الكفارة (1) و ان كان آثما بذلك (2).

______________________________

(1) لعدم الدليل عليه و مقتضي الاصل عدمه.

(2) ربما يقال: بأن اكراه الغير علي عمل لا يكون موردا لاستحقاق المكره بالكسر حرام و حيث ان الجماع لا يكون حقا للزوج فلا يكون اكراه الزوجة عليه من قبل الزوج جائزا.

و أورد عليه سيدنا الاستاد: «بأنه لا دليل علي هذه الكبري الكلية فان مجرد الاكراه بما هو اذا لم يكن معنونا بعنوان محرم آخر لا يكون حراما و لذا لو اشتغلت الزوجة بعمل غير مناف لحق الزوج كالكتابة مثلا يجوز للزوج أن يكرهها علي تركها بأن يقول لها: اتركي الكتابة و إلا طلقتك فانه لا دليل علي حرمة هذا الاكراه.

و لكن مع ذلك لا يمكن الالتزام بالجواز من ناحية اخري و هي انه لو نهي المولي جماعة عن عمل يفهم عرفا انه مبغوض له بلا فرق بين صدوره بالمباشرة أو بتسبيب الغير و حديث رفع الاكراه يقتضي رفع المؤاخذة و العقاب لا رفع المبغوضية فالعمل المبغوض المكره عليه من قبل الغير لا يكون حراما بالنسبة الي المكره بالفتح لحديث الرفع و أما بالنسبة الي المكره بالكسر فحرام و لذا قلنا في كتاب الطهارة انه لا يجوز تقديم طعام نجس للغير اذ أكل النجس حرام بلا فرق بين المباشرة و التسبيب».

هذا ملخص ما أفاده في هذا المقام. و تمامية ما أفاده تتوقف علي ما ادعاه من أن المستفاد من ادلة المحرمات النهي عن المباشرة و التسبيب و الجزم بهذا المدعي مشكل اذ

مجرد احراز كون شي ء محبوبا للمولي أو مبغوضا له لا يوجب

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 137

و لا تجب الكفارة عليها (1).

[مسألة 45: يجوز التبرع بالكفارة عن الميت صوما كانت أو غيره]

(مسألة 45): يجوز التبرع بالكفارة عن الميت صوما كانت أو غيره (2).

______________________________

و لا يقتضي الارتكاب و الانزجار فلا دليل علي حرمة العمل بالنسبة الي الغير.

و بعبارة اخري: الحرام هو الفعل المنهي عنه و اثبات ان المنهي عنه في الشريعة منهي بالنسبة الي غير من حرم عليه في غاية الاشكال.

و يؤيد المدعي لو لم يدل عليه ان سيدنا الأستاد لم يلتزم بهذه المقالة في طرف الامر فلو أمر المولي عبده بفعل لا يجب علي غير العبد أن يكره العبد و يسبب أن يأتي به العبد و أي فرق بين المقامين فالحكم بالحرمة مبني علي الاحتياط.

(1) لمكان الأكراه المقتضي للإسقاط.

(2) يظهر من كلام القوم انه لا اشكال فيه و ليس فيه خلاف معتد به و البحث فيه موكول الي بحث القضاء في كتاب الصلاة و ملخص الكلام ان المستفاد من جملة من الروايات ان كل عمل صالح يمكن أن يؤتي به نيابة عن الميت لاحظ ما رواه حماد ابن عثمان في كتابه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان الصلاة و الصوم و الصدقة و الحج و العمرة و كل عمل صالح ينفع الميت حتي أن الميت ليكون في ضيق فيوسع عليه و يقال: هذا بعمل ابنك فلان و بعمل اخيك فلان أخوك في الدين «1»

و ما رواه أيضا قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من عمل من المؤمنين عن ميت عملا أضعف اللّه له أجره و ينعم به الميت «2».

و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يقضي

عن الميت

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب قضاء الصلوات الحديث: 15

(2) نفس المصدر الحديث: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 138

و في جوازه عن الحي اشكال (1).

______________________________

الحج و الصوم و العتق و فعاله الحسن «1».

(1) الاقوال في المسألة ثلاثة: الاول: الجواز علي الاطلاق. الثاني عدم الجواز كذلك. الثالث: التفصيل بين الصوم فلا يجوز و غير الصوم فيجوز.

و قال سيدنا الاستاد: «لا بد من التكلم في جهات» و نحن تبعا له نتكلم في تلك الجهات: الجهة الاولي: هل يعتبر في العتق و الاطعام أن يكونا من خالص مال المكلف أو يجوز التصدي لذلك و لو من مال غيره المأذون في التصرف؟

الظاهر انه لا اشكال في عدم الاعتبار فان مقتضي اطلاق الروايات جواز العتق و لو كان العبد مملوكا للغير.

و بعبارة اخري: الواجب عليه أن يعتق رقبة أو يطعم مساكين و مقتضي اطلاق الدليل عدم اشتراط أن يكونا من خالص ماله و ما ورد من أنه لا عتق الا في ملك يمكن أن يكون ناظرا الي أن العتق لا يقع علي الحر و يمكن أن يكون ناظرا الي أن العتق يلزم أن يكون باذن المالك فاذا كان باذن المالك يجوز و لو لم يكن للمعتق.

الجهة الثانية: هل يعتبر التصدي للعتق أو الاطعام مباشرة أو يجوز التوكيل فيهما؟ الظاهر انه يكفي الوكالة فيهما و الوكالة تجري في موردين: احدهما:

الامور الاعتبارية كالعقود و الايقاعات. ثانيهما: ما يكون من قبيل القبض و الاقباض فان السيرة العقلانية شاهدة علي جريان الوكالة في هذين الموردين مضافا الي النصوص الواردة في كلا المقامين فلو باع احد دار زيد بالوكالة عنه يصح البيع كما أنه لو أقبض أو قبض بالوكالة عنه يصح ذلك الاقباض و

ذلك القبض.

و أما في غير الموردين المذكورين فلا دليل علي صحة الوكالة و يتفرع علي ما ذكر ان الوكالة تجري في المقام بالنسبة الي العتق و الاطعام و اما بالنسبة الي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 23

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 139

______________________________

الصوم فلا لعدم دليل عليه.

الجهة الثالثة: في التبرع عن الغير و قد سبق ان الأقوال فيه ثلاثة: الجواز علي الاطلاق و المنع كذلك و التفصيل بين الصوم و غيره.

أما الجواز علي الاطلاق فبدعوي ان الواجبات الالهية ديون و الشاهد عليه ما عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في قضية الخثعمية لما سألت رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقالت يا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ان أبي أدركته فريضة الحج شيخا زمنا لا يستطيع أن يحج ان حججت عنه أ ينفعه ذلك؟ فقال لها: أ رأيت لو كان علي أبيك دين فقضيته أ كان ينفعه ذلك؟ قالت: نعم قال: فدين اللّه أحق بالقضاء «1».

و ما ذكر في بعض الروايات و أطلق لفظ الدين علي الحج هذا من ناحية و من ناحية اخري يجوز التبرع عن المديون في كل دين فاذا ثبت ان الواجب الشرعي دين و يجوز التبرع عن الغير في وفائه تكون النتيجة الجواز علي الاطلاق في المقام.

و فيه: ان الحديث المروي عن رسول اللّه ضعيف سندا و أما اطلاق الدين علي الحج فمن الواضح انه ليس المراد منه انه دين كبقية الديون المالية بل التنزيل باعتبار ثبوته في الذمة.

مضافا الي أن الكلام في المقام ليس في الحج و لو سلمنا الصغري فالاشكال في الكبري اذ لم يدل دليل علي جواز التبرع عن الغير في كل دين حتي في الواجبات

الشرعية و لذا لا يجوز لأحد القيام بواجبات الغير تبرعا.

و أما حديث جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فقال: ان رجلا أتي النبي صلي اللّه عليه و آله

______________________________

(1) الحدائق ج 11 ص 39

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 140

______________________________

فقال: هلكت يا رسول اللّه فقال: و مالك؟ قال: النار يا رسول اللّه قال: و مالك؟

قال: وقعت علي أهلي قال: تصدق و استغفر (ربك) فقال الرجل: فو الذي عظم حقك ما تركت في البيت شيئا لا قليلا و لا كثيرا قال: فدخل رجل من الناس بمكتل من تمر فيه عشرون صاعا يكون عشرة أصوع بصاعنا فقال له رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: خذ هذا التمر فتصدق به فقال: يا رسول اللّه علي من أتصدق به و قد أخبرتك انه ليس في بيتي قليل و لا كثير قال: فخذه و اطعمه عيالك و استغفر اللّه الحديث «1» فالمستفاد منه انه يجوز التصدق بمال الغير باذنه فلا يرتبط بالمدعي.

و أما المنع علي الاطلاق فبتقريب ان مقتضي ظاهر الامر وجوب مباشرة المكلف بنفسه أو بالتوكيل فيما يجوز فيه الوكالة و أما السقوط بفعل المتبرع فلا دليل عليه.

و أما التفصيل بين الصوم و غيره فبتقريب أن كل ما يقبل التوكيل يقبل التبرع و حيث ان العتق و الاطعام يقبلان التوكيل فيجري فيه التبرع و أما الصوم فلا يجري فيه التبرع لعدم جريان التوكيل فيه.

و فيه: انه لا دليل علي كفاية التبرع في مورد جواز الوكالة فان فعل الوكيل فعل الموكل عرفا و شرعا كما ان اقباض الوكيل و قبضه كذلك فالحق هو القول الثاني و هو عدم

جواز التبرع مطلقا أما في الصوم فظاهر لعدم جواز الوكالة فيه و أما في العتق و الاطعام فلعدم دليل علي الاجزاء و مقتضي الاطلاق عدم جوازه اذ مقتضي اطلاق وجوب العتق و الاطعام بقاء الوجوب حتي في صورة تبرع الغير.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 141

[مسألة 46: وجوب الكفارة موسع]

(مسألة 46): وجوب الكفارة موسع (1) و لكن لا يجوز التأخير الي حد يعد توانيا و تسامحا في اداء الواجب (2).

[مسألة 47: مصرف كفارة الإطعام الفقراء]

(مسألة 47): مصرف كفارة الاطعام الفقراء (3).

______________________________

(1) كما هو ظاهر الادلة اذ قد قرر في الاصول ان الامر بشي ء لا يدل علي الفور و لا علي التراخي فالتوسعة علي القاعدة الاولية و لا مجال لان يقال: ان الكفارة نحو عقوبة فلا بد من الاتيان بها كالتوبة التي تجب فورا لان الكفارة بنفسها من الواجبات و لا تكون كالتوبة ماحية للسيئة.

و بعبارة اخري ان التوبة ماحية للذنب علي ما استفيد من ادلتها فيمكن أن يقال بوجوبها الفوري و أما الكفارة فليست كذلك بل هي واجبة كبقية الواجبات و حيث لا دليل علي فوريتها لا تكون فورية.

(2) بحيث لا يطمأن بامكان الامتثال فان امتثال كل واجب لازم بحكم العقل فيجوز التأخير الي حد يكون الاطمينان بتحقق الامتثال باقيا و الا فلا يجوز عقلا التأخير فلاحظ.

(3) المذكور في نصوص الكفارة عنوان المسكين لاحظ حديثي عبد اللّه بن سنان «1» و ما رواه عبد المؤمن «2» و ما رواه علي بن جعفر «3» و حديثي سماعة «4».

و ربما يقال: بأنه لا يجزي اطعام الفقراء لتغاير الفقير و المسكين مفهوما و لكن

______________________________

(1) لاحظ ص: 111 و 127

(2) لاحظ ص: 125

(3) لاحظ ص: 114

(4) لاحظ ص: 113 و 114

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 142

اما باشباعهم (1).

______________________________

يرد عليه: بأنه ادعي الاجماع علي أن الفقير و المسكين يراد كل منهما من الاخر عند الانفراد و عن محكي المبسوط: أنه لا خلاف في أنه ان أوصي للفقراء منفردين أو للمساكين كذلك جاز صرف الوصية الي الصنفين جميعا و مثله ما عن نهاية الاحكام.

و

عن محكي المسالك: «و اعلم ان الفقراء و المساكين متي ذكر احدهما دخل فيه الاخر بغير خلاف» و عن الروضة: «الاجماع علي ذلك». و عن الحدائق:

«نفي الخلاف فيه».

اضف الي ذلك كله ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن اطعام عشرة مساكين أو اطعام ستين مسكينا أ يجمع ذلك لإنسان واحد يعطه؟ قال: لا و لكن يعطي انسانا انسانا كما قال اللّه تعالي قلت: فيعطيه الرجل قرابته ان كانوا محتاجين؟ قال: نعم الحديث «1» فانه يظهر من هذه الرواية انه يكفي لجواز الاعطاء الحاجة التي هي ملاك الفقر.

و بعبارة واضحة: مع ان الموضوع المذكور في الرواية عنوان المسكين جوز و رخص عليه السلام اعطاء قرابته في صورة الاحتياج فالاشكال المذكور في غير محله.

(1) لا اشكال في لزوم الاشباع فان الاطعام الذي هو احدي الخصال الثلاث ظاهر بحسب الفهم العرفي في الاشباع فلا مجال لان يقال: ان مقتضي الاطلاق كفاية مطلق تحقق هذا المفهوم و لو بلقمة فان العرف الذي هو المرجع في تعيين المفاهيم لا يساعده.

اضف الي ذلك ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن أوسط ما تطمعون أهليكم قال: ما تقوتون به عيالكم من أوسط ذلك قلت: و ما أوسط ذلك؟

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الكفارات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 143

و اما بالتسليم اليهم كل واحد مد (1) و الاحوط مدان (2) و يجزي مطلق الطعام من التمر و الحنطة و الدقيق و الأرز و الماش و غيرها مما يسمي

______________________________

فقال: الخل و الزيت و التمر و الخبز يشبعهم به مرة واحدة قلت: كسوتهم؟ قال:

ثوب واحد «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان الواجب الشرعي

هو الاشباع و حيث انه لا يحتمل الفرق بين كفارة اليمين و المقام من هذه الجهة تكون الرواية دليلا علي المدعي في المقام فلاحظ.

(1) هذا هو المشهور و يدل علي المدعي ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا قال: عليه عليه خمسة عشر صاعا لكل مسكين مد بمد النبي صلي اللّه عليه و آله أفضل «2» و ما رواه سماعة «3» فلا اشكال في كفاية المد لكل مسكين- كما في المتن-.

و عن الشيخ قدس سره في جملة من كتبه ان الواجب مدان و ربما يستدل عليه بما رواه أبو بصير عن احدهما عليهما السلام في كفارة الظهار قال: تصدق علي ستين مسكينا ثلاثين صاعا لكل مسكين مدين «4».

و فيه ان الحديث وارد في الظهار فلا وجه للتعدي مع التصريح بكفاية المد في المقام في بعض النصوص كما تقدم.

(2) قد ظهر وجه الاحتياط.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب الكفارات الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 10

(3) لاحظ ص: 114

(4) الوسائل الباب 14 من أبواب الكفارات الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 144

طعاما (1) نعم الاحوط في كفارة اليمين الاقتصار علي الحنطة و دقيقها و خبزها (2).

[مسألة 48: لا يجزي في الكفارة إشباع شخص واحد مرتين أو أكثر أو إعطائه مدين أو أكثر]

(مسألة 48): لا يجزي في الكفارة اشباع شخص واحد مرتين أو أكثر أو اعطائه مدين أو أكثر بل لا بد من ستين نفسا (3).

[مسألة 49: إذا كان للفقير عيال فقراء جاز إعطائه بعددهم]

(مسألة 49): اذا كان للفقير عيال فقراء جاز اعطائه بعددهم (4).

______________________________

(1) لإطلاق ادلة الكفارة فان مقتضي اطلاقها الاكتفاء بكل ما يصدق عليه الطعام و الاطعام بلا فرق بين الاشباع و الاعطاء نعم لا اشكال في أن الاشباع لا بد من أن يكون علي النحو المتعارف من اشباعهم بالطعام المطبوخ.

(2) الوارد في نصوص كفارة اليمين الحنطة و الدقيق لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في كفارة اليمين يطعم (عنه خ) عشرة مساكين لكل مسكين مد من حنطة أو مد من دقيق و حفنة أو كسوتهم لكل انسان ثوبان الحديث «1»

و قد ورد في رواية أبي بصير «2» في عداد الأطعمة الخبز و مقتضي اطلاقه عدم تقيده بكونه من الحنطة فما الوجه في الاحتياط المذكور في المتن و اللّه العالم

(3) كما هو مقتضي القاعدة الاولية اذ المفروض عدم الاتيان بالمأمور به فانه عبارة عن اطعام ستين أو اعطائهم و هذا المفهوم لا ينطبق علي الاقل مضافا الي النص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه اسحاق «3».

(4) كما هو مقتضي اطلاق الادلة فان المستفاد منها وجوب اعطاء مد لستين مسكينا فلا فرق بين كون المسكين كبيرا أو صغيرا كما انه لا فرق بين كونه مذكرا أو مؤنثا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب الكفارات الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 143

(3) لاحظ ص: 142

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 145

اذا كان وليا عليهم أو وكيلا عنهم في القبض (1) فاذا قبض شيئا من ذلك كان ملكا لهم (2) و لا يجوز التصرف فيه

الا باذنهم اذا كانوا كبارا و ان كانوا صغارا صرفه في مصالحهم كسائر أموالهم (3).

______________________________

مضافا الي أنه يستفاد المدعي من بعض النصوص لاحظ ما رواه يونس بن عبد الرحمن عن أبي الحسن عليه السلام في حديث الكفارة قال: و يتمم اذا لم يقدر علي المسلمين و عيالاتهم تمام العده التي تلزمه أهل الضعف ممن لا ينصب «1».

و لاحظ رواية اخري ليونس عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل عليه كفارة اطعام عشرة مساكين أ يعطي الصغار و الكبار سواء و النساء و الرجال أو يفضل الكبار علي الصغار و الرجال علي النساء؟ فقال: كلهم سواء «2».

فانها صريحة في التسوية و الرواية و ان كانت واردة في اطعام عشرة مساكين لكن لا يحتمل الفرق من هذه الجهة بين العشرة و الستين.

(1) اذ اللازم في الاعطاء تمليك المسكين المد فاذا لم يكن الفقير وليا أو وكيلا لا يتحقق الامتثال فيلزم أن يكون الاخذ وكيلا عن غيره أو يكون وليا عليه كي يصدق الاعطاء المأمور به.

(2) كما هو مقتضي قاعدة الوكالة و الولاية.

(3) اذ لا يجوز التصرف في ملك الغير نعم يجوز التصرف مع الاذن اذا كان قابلا للإذن كما أنه يجوز اذا كان مولي عليه و يكون التصرف في ملكه علي طبق مصالحه فلاحظ.

بقي شي ء: و هو ان التصدق اذا كان بالبذل لا بالاعطاء فهل يكفي الصغير عن الكبير أم لا؟ و البحث في هذه المسألة تارة من حيث مقتضي القاعدة الاولية و اخري من حيث ما يستفاد من النص الخاص.

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب الكفارات الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب الكفارات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 146

[مسألة 50: زوجة الفقير إذا كان زوجها باذلا لنفقتها علي النحو المتعارف لا تكون فقيرة]

(مسألة 50): زوجة

الفقير اذا كان زوجها باذلا لنفقتها علي النحو المتعارف لا تكون فقيرة و لا يجوز اعطائها من الكفارة الا اذا كانت محتاجة الي نفقة غير لازمة للزوج من وفاء دين و نحوه (1).

______________________________

أما بحسب القاعدة فمقتضي الاطلاق عدم الفرق بين الصغير و الكبير بل الميزان صدق الموضوع و هو اطعام ستين مسكينا ففي كل مورد تحقق هذا العنوان يكفي كما هو ظاهر بل يمكن استفادة الاجزاء مضافا الي أنه مقتضي القاعدة من النص لاحظ ما رواه يونس «1» فانه قد صرح في هذه الرواية بكفاية الاعطاء لعيالات المسلمين أو اشباعهن و من الظاهر شمول لفظ العيالات للصغار فلا اشكال من حيث القاعدة الاولية.

و أما من حيث النص فقد وردت روايتان في كفارة اليمين ربما يستفاد منهما خلاف ما ذكر إحداهما ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السلام قال:

من أطعم في كفارة اليمين صغارا و كبارا فليزود الصغير بقدر ما أكل الكبير «2».

و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي و مجرد كونه في اسناد كامل الزيارات لا أثر له كما ذكرنا مرارا.

ثانيتهما ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يجزي اطعام الصغير في كفارة اليمين و لكن صغيرين بكبير «3» و هذه الرواية واردة في كفارة اليمين و لا ترتبط بالمقام.

(1) الظاهر ان ما أفاده مبني علي ما تعرضوا له في كتاب الزكاة من عدم جواز أخذ مثلها الزكاة بل عن الجواهر «انه يمكن تحصيل الاجماع علي عدم الجواز».

______________________________

(1) لاحظ ص: 145

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب الكفارات الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 147

[مسألة 51: تبرأ ذمة المكفر بمجرد ملك المسكين]

(مسألة 51) تبرأ ذمة المكفر بمجرد ملك المسكين و

لا تتوقف البراءة علي أكله الطعام فيجوز له بيعه عليه و علي غيره (1).

[مسألة 52: تجزي حقة النجف التي هي ثلاث حقق اسلامبول و ثلث عن ستة أمداد]

(مسألة 52): تجزي حقة النجف التي هي ثلاث حقق اسلامبول و ثلث عن ستة أمداد (2).

[مسألة 53: في التكفير بنحو التمليك يعطي الصغير و الكبير]

(مسألة 53): في التكفير بنحو التمليك يعطي الصغير و الكبير سواء كل واحد مد (3).

[مسألة 54: يجب القضاء دون الكفارة في موارد]
اشارة

(مسألة 54): يجب القضاء دون الكفارة في موارد

[الأول: نوم الجنب حتي يصبح]

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 147

الاول: نوم الجنب حتي يصبح علي تفصيل قد مر (4).

______________________________

و يمكن استفادة المدعي من النص الوارد في أن المحترف ليس فقيرا لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله:

لا تحل الصدقة لغني و لا لذي مرة سوي و لا لمحترف و لا لقوي قلنا: ما معني هذا؟

قال: لا يحل له أن يأخذها و هو يقدر علي أن يكف نفسه عنها «1».

فكأن المستفاد من النص أن المعيار في الفقير الشرعي من لا يكون ذا مال فعلا و قوة فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر اذ المفروض تحقق الامتثال بالاعطاء و صيرورة المعطي ملكا للمعطي اليه فيجوز له التصرف فيه كيف ما شاء.

(2) لأنها تساويها من حيث الوزن فيتم المدعي.

(3) كما تقدم.

(4) و قد مر شرح كلام الماتن هناك فراجع.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 148

[الثاني: اذا أبطل صومه بالاخلال بالنية من دون استعمال المفطر]

الثاني: اذا أبطل صومه بالاخلال بالنية من دون استعمال المفطر (1).

______________________________

(1) أما وجوب القضاء فلتركه الصوم بالاخلال بالنية و أما عدم وجوب الكفارة فلعدم دليل عليها اذ الكفارة مترتبة في النصوص علي استعمال المفطر و المفروض عدم استعماله.

ان قلت: اذا كان الصوم يبطل بنية الافطار لانهدام الصوم بالاخلال بالنية و بعبارة اخري: لو كانت نية الافطار مفطرة فلا يكون استعمال المفطر مفطرا لسبق استعمال كل مفطر بسبق نية الافطار فالمفطر منحصر في الاخلال بالنية فلا تجب الكفارة في مورد اذ لا يتحقق الافطار باستعمال المفطر في مورد من الموارد بل الافطار

دائما يكون بالاخلال بالنية و المفروض ان الافطار بالاخلال بالنية لا يقتضي الكفارة.

قلت: لا بد من الالتزام بأحد الامرين: أحدهما: حمل نصوص الكفارة بالافطار باستعمال المفطر بعد النية. ثانيهما: ان النية المتعقبة باستعمال المفطر مفطرة و أما النية غير المتعقبة باستعمال المفطر لا تكون مقتضية للكفارة.

ان قلت: اذا كان الافطار حاصلا بنية المفطر فما المانع من الالتزام بكون النية بنفسها مفطرة مطلقا و النتيجة ان النية تكون مقتضية للكفارة و لو مع عدم استعمال المفطر.

قلت: لا اشكال في أن المستفاد من النصوص من حيث المجموع ان الكفارة مترتبة علي استعمال المفطر لا علي انهدام الصوم و بطلانه و العرف يفهم منها كذلك فان جملة من النصوص الدالة علي الكفارة اخذ في موضوعها الوقوع علي الاهل أو اتيان الاهل أو نكاح امرأته او اللزوق بأهله لاحظ احاديث ابن سنان و عبد

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 149

[الثالث: إذا نسي غسل الجنابة يوما أو أكثر]

الثالث: اذا نسي غسل الجنابة يوما أو اكثر (1).

[الرابع: من استعمل المفطر بعد طلوع الفجر بدون مراعاة و لا حجة علي طلوعه]

الرابع: من استعمل المفطر بعد طلوع الفجر بدون مراعاة و لا حجة علي طلوعه (2) أما اذا قامت حجة علي طلوعه وجب القضاء و الكفارة (3) و اذا كان مع المراعاة و اعتقاد بقاء الليل فلا قضاء (4) هذا

______________________________

المؤمن و ابن هلال و علي بن جعفر و سماعة «1».

و في المقام شبهة و هي انه لو اخل بالنية من الليل بأن لم ينو الصوم فلا يصدق عنوان الصائم عليه و مع عدم صدق هذا العنوان لا يصدق الافطار و لازمه عدم تحقق الكفارة و لو مع استعمال المفطر لعدم تحقق الموضوع فرضا الا أن يقال: حيث ان الامساك واجب عليه يصدق عنوان الافطار علي استعمال المفطر.

(1) كما مر و قد مر الكلام حول الموضوع.

(2) كما هو مقتضي القاعدة الاولية اذ المفروض انه لم يأت بالمأمور به ففات منه الصوم فيجب القضاء كما ان الامر كذلك بلحاظ النص الخاص لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل تسحر ثم خرج من بيته و قد طلع الفجر و تبين فقال: يتم صومه ذلك ثم ليقضة الحديث «2».

فان مقتضي هذه الرواية وجوب القضاء اضف الي ذلك كله دعوي عدم الخلاف بل ادعي الا جماع عليه كما يظهر من بعض الكلمات.

(3) كما هو ظاهر لتحقق موضوع القضاء و كذلك الكفارة علي الفرض.

(4) مقتضي القاعدة الاولية و كذلك مقتضي اطلاق حديث الحلبي وجوب القضاء هنا أيضا لكن حديث سماعة بن مهران قال: سألته عن رجل أكل أو شرب بعد ما

______________________________

(1) لاحظ ص: 114 و 125 و 127

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب ما يمسك عنه

الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 150

اذا كان صوم رمضان و أما غيره من الواجب المعين أو غير المعين أو المندوب فالاقوي فيه البطلان مطلقا (1).

______________________________

طلع الفجر في شهر رمضان قال: ان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل ثم عاد فرأي الفجر فليتم صومه و لا اعادة عليه و ان كان قام فأكل و شرب ثم نظر الي الفجر فرأي انه قد طلع الفجر فليتم صومه و يقضي يوما آخر لأنه بدأ بالاكل قبل النظر فعليه الاعادة «1» يوجب التفصيل.

فانقدح بما ذكرنا ان وجوب القضاء ثابت بالدليل في صورة عدم مراعاة الفجر و أما الكفارة فعدم وجوبها لعدم المقتضي اذ هي متفرعة علي الافطار العمدي و المفروض انه لم يفطر عمدا.

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية اذ المفروض عدم تحقق المأمور به و الاجزاء يحتاج الي قيام دليل عليه كما هو ظاهر.

و ربما يقال: بأنه لو كان في المعين يكون مجزيا مع المراعاة و يكون مثل صوم شهر رمضان و الدليل عليه حديث معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: آمر الجارية تنظر الفجر فتقول: لم يطلع بعد فآكل ثم انظر فأجد قد كان طلع حين نظرت قال: اقضه أما انك لو كنت أنت الذي نظرت لم يكن عليك شي ء «2».

فان المستفاد من هذا الحديث التفصيل بين المراعاة و عدمها و مقتضي اطلاق الرواية، عدم الفرق بين صوم شهر رمضان و غيره المعين.

و هذه الروايه مروية في الكافي مع الاختلاف في المتن ففيه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: آمر الجارية أن تنظر طلع الفجر أم لا فتقول: لم يطلع فآكل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 46 من أبواب

ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 151

[الخامس: الإفطار قبل دخول الليل لظلمة ظن منها دخوله و لم يكن في السماء غيم]
اشارة

الخامس: الافطار قبل دخول الليل لظلمة ظن منها دخوله و لم يكن في السماء غيم (1).

______________________________

ثم انظره فأجده قد طلع حين نظرت قال: تتم يومك ثم تقضيه أما انك لو كنت أنت الذي نظرت ما كان عليك قضائه «1».

و لكن لا دليل علي اتحادهما و من الممكن تعدد الحديث فلا تعارض بينهما كي يقال: بأن الكافي أضبط فيكون أرجح.

فعلي هذا يقع التعارض بين حديث معاوية حسب نقل الفقيه و ذيل رواية الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: فان تسحر في غير شهر رمضان بعد الفجر أفطر ثم قال: ان أبي كان ليله يصلي و أنا آكل فانصرف فقال: أما جعفر فأكل و شرب بعد الفجر فأمرني فافطرت ذلك اليوم في غير شهر رمضان «2».

فان حديث الحلبي خاص من حيث اختصاصها بغير شهر رمضان و عام من حيث المراعاة و عدمها و حديث معاوية خاص من حيث المراعاة و عام من حيث رمضان و غيره غاية الامر لا بد من فرض الكلام في صوم معين قابل للقضاء و أما ما لا قضاء له كالمندوب أو الواجب الذي لا قضاء له فليس فيه الكلام.

و علي الجملة اذا كان الصوم معينا قابلا للقضاء يقع التعارض بين الروايتين في صورة المراعاة و نتيجة التعارض التساقط و بعد التساقط تصل النوبة الي الاصل و مقتضاه بطلان الصوم اذ كما تقدم مقتضي الاصل الاولي بطلان الصوم باستعمال المفطر فلاحظ.

(1) و الوجه في وجوب القضاء بطلان الصوم بالافطار فان مقتضي القاعدة الاولية

______________________________

(1) الفروع من الكافي ج 4 ص 97 ح 3

(2) الوسائل الباب 45 من أبواب ما

يمسك عنه الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 152

بل الاحوط ان لم يكن أقوي وجوب الكفارة (1) نعم اذا كان غيم فلا قضاء (2).

______________________________

وجوبه و لا دليل علي السقوط.

(1) ما أفاده علي طبق القاعدة اذ مع عدم العلم بدخول الليل وجدانا أو تعبدا يجب عليه الامساك بمقتضي الاستصحاب فيكون افطاره افطارا عمديا فتجب عليه الكفارة.

(2) استدل عليه بجملة من الروايات منها: ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: وقت المغرب اذا غاب القرص فان رأيته بعد ذلك و قد صليت أعدت الصلاة و مضي صومك و تكف عن الطعام ان كنت قد أصبت منه شيئا «1».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان غيبوبة الشمس بلحاظ كون الغيم في السماء و الا فكيف يمكن رؤية القرص بعد غيبوبته و لا بد من حمل الرواية علي مورد قيام حجة علي تحقق الغروب كي يجوز الافطار.

و بعبارة اخري: مع عدم حجة معتبرة لا يجوز الافطار فلا بد من حمل الرواية علي مورد وجود حجة معتبرة شرعا.

و منها ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام في حديث انه قال قال لرجل ظن أن الشمس قد غابت فافطر ثم أبصر الشمس بعد ذلك قال: ليس عليه قضاء «2».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية انه أفطر لحصول الظن المعتبر علي دخول الليل و سقوط القرص و الا لا يكون جائزا له الافطار و حيث ان الظن بالليل لا بد له من منشأ فيحمل الحديث علي صورة غيم في السماء الموجب للظن.

و يؤيد المدعي ما رواه أبو الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث:

2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 153

و لا كفارة (1).

______________________________

عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت و في السماء غيم فأفطر ثم ان السحاب انجلي فاذا الشمس لم تغب فقال: قد تم صومه و لا يقضيه «1».

و ما رواه زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل صائم ظن أن الليل قد كان و ان الشمس قد غابت و كان في السماء سحاب فأفطر ثم ان السحاب انجلي فاذا الشمس لم تغب فقال: تم صومه و لا يقضيه «2».

و يعارض هذه الروايات ما رواه أبو بصير و سماعة «3» فان مقتضي هذه الرواية وجوب القضاء فلا بد من رفع التعارض.

قال في الحدائق: «و الاظهر عندي العمل بالاخبار الدالة علي عدم الوجوب و حمل الرواية الدالة علي الوجوب علي التقية لذهاب جمهور العامة الي وجوبه» «4»

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان المستفاد من الحديث الثاني لزرارة ان الظان بدخول الوقت و تحقق الليل اذا أفطر لا قضاء عليه بلا فرق بين كون الظن ظنا معتبرا و كونه غير معتبر كما ان مقتضي اطلاق الرواية عدم الفرق بين كون المنشأ لحصول الظن وجود العلة في السماء و كون المنشأ أمر آخر.

و العجب من الماتن انه أفتي بعدم القضاء بظن دخول الليل في صورة وجود الغيم في السماء و لم يقيد الظن بالمعتبر و الحال ان ما أفاده في البحث علي حسب تقرير المقرر غير ما أفاده في المقام حيث قيد الظن بخصوص المعتبر.

(1) أما في صورة وجود الظن المعتبر فالوجه ظاهر فانه لا يصدق الافطار العمدي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 85

(4) الحدائق ج 13 ص: 104

مباني منهاج

الصالحين، ج 6، ص: 154

و أما العلة التي تكون في السماء غير الغيم ففي الحاقها بالغيم في ذلك اشكال و الاحوط وجوبا عدمه (1).

[مسألة 55: إذا شك في دخول الليل لم يجز له الإفطار]

(مسألة 55): اذا شك في دخول الليل لم يجز له الافطار (2) و اذا أفطر اثم و كان عليه القضاء و الكفارة (3) الا أن يتبين انه كان بعد دخول الليل (4) و كذا الحكم اذا قامت حجة علي دخوله فافطر فتبين دخوله (5) أما اذا قامت حجة علي دخوله أو قطع بدخوله فأفطر فلا اثم و لا كفارة نعم يجب عليه القضاء اذا تبين عدم دخوله (6).

______________________________

و أما مع عدم الظن المعتبر فيمكن الاستدلال علي عدم وجوب الكفارة بالاولوية اذ لو لم يكن القضاء واجبا فعدم وجوب الكفارة بالاولوية فتأمل.

(1) قد ظهر مما تقدم عدم اشكال فيه و مقتضي الاطلاق ان تمام الموضوع هو الظن بأي وجه حصل و بما ذكرنا ظهر الاشكال في صدر كلامه حيث حكم بوجوب القضاء و الكفارة مع عدم علة في السماء اذ مقتضي الحديث الثاني لزرارة عدم الفرق بين كون منشأ الظن وجود علة في السماء و غيره.

(2) لاستصحاب بقاء اليوم.

(3) كما يقضيه الاستصحاب فانه محكوم ببقاء اليوم فافطاره اثم و موجب للقضاء و الكفارة و ان شئت قلت انه عالم: تعبدا فيترتب عليه ما يترتب علي العلم فلاحظ.

(4) اذ معه لا مجال لا للقضاء و لا للكفارة لانتفاء موضوعهما.

(5) كما هو ظاهر لعين الملاك و التقريب.

(6) كما هو ظاهر لكونه معذورا فلا يكون آثما كما أنه لا تجب عليه الكفارة لانتفاء العمد و أما القضاء فيجب لفرض بطلان صومه بالافطار و عدم دليل علي سقوط القضاء.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 155

و اذا شك في

طلوع الفجر جاز له استعمال المفطر ظاهرا (1) و اذا تبين الخطأ بعد استعمال المفطر فقد تقدم حكمه (2).

[السادس: إدخال الماء إلي الفم بمضمضة و غيرها فيسبق و يدخل الجوف]
اشارة

السادس: ادخال الماء الي الفم بمضمضة و غيرها فيسبق و يدخل الجوف فانه يوجب القضاء (3) دون الكفارة (4) و ان نسي فابتلعه فلا قضاء (5).

______________________________

(1) لاستصحاب بقاء الليل.

(2) و تقدم شرح كلام الماتن فراجع.

(3) ادعي عليه الاجماع و لا يخفي ان عدم وجوب القضاء علي طبق القاعدة الاولية اذ المفروض انه لم يستعمل المفطر بالاختيار و انما الدليل علي وجوب القضاء النص الخاص لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل حلقه قال: عليه قضائه و ان كان في وضوء فلا بأس به «1».

فان مقتضي هذه الرواية ان المضمضة اذا كانت عبثا و لم تكن للوضوء توجب القضاء و بهذه الرواية تقيد رواية عمار الساباطي «2» فان مقتضي هذا الحديث عدم القضاء مطلقا لكن بقانون تقييد المطلق بالمقيد تقيد بحديث سماعة و تكون النتيجة التفصيل بين ما تكون للوضوء فلا بأس بها و غيره فتوجب القضاء.

(4) لعدم ما يقتضي وجوبها اذ المفروض انتفاء التعمد.

(5) فانه رزق رزقه اللّه و قد تقدم سابقا ان استعمال المفطر نسيانا لا يوجب بطلان الصوم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 83

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 156

و كذا اذا كان في مضمضة وضوء الفريضة (1) و التعدي الي النافلة مشكل (2).

[مسألة 56: الظاهر عموم الحكم المذكور لرمضان و غيره]

(مسألة 56): الظاهر عموم الحكم المذكور لرمضان و غيره (3).

[السابع: سبق المني بالملاعبة و نحوها اذا لم يكن قاصدا و لا من عادته]

السابع: سبق المني بالملاعبة و نحوها اذا لم يكن قاصدا و لا من عادته فانه يجب فيه القضاء دون الكفارة (4).

______________________________

(1) كما نص به في خبر سماعة فلاحظ.

(2) مقتضي اطلاق حديث سماعة عدم الفرق بين الفريضة و النافلة و لكن فصل بينهما في حديث عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه فقال: ان كان وضوئه لصلاة فريضة فليس عليه شي ء و ان كان وضوئه لصلاة نافلة فعليه القضاء «1».

بدعوي ان القدر المتيقن منه هي المضمضة فيستفاد منه التفصيل بين الفريضة و النافلة فيوجب تقييد اطلاق حديث سماعة.

و لكن يمكن أن يقال: انه لا ارتباط بين الحديثين فان حديث عمار وارد في الوضوء و المضمضة ليست داخلة في الوضوء بل من مقدماته و عليه يكون المرجع اطلاق حديث سماعة فلا فرق بين وضوء الفريضة و النافلة فلاحظ.

(3) لعدم تقييد الموضوع في نصوص الباب و مقتضي الاطلاق عموم الحكم.

(4) أما وجوب القضاء فلان المفروض انه أنزل بالاختيار و الانزال الاختياري بنفسه من المفطرات كما تقدم في بحث المفطرات و أما عدم وجوب الكفارة فلعدم التعمد في الافطار فلا مقتضي لوجوبها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 157

هذا اذا كان يحتمل ذلك احتمالا معتدا به و أما اذا كان واثقا من نفسه بعدم الخروج فسبقه المني اتفاقا فالظاهر عدم وجوب القضاء أيضا (1).

[الفصل الرابع: شرائط صحة الصوم]

اشارة

الفصل الرابع: شرائط صحة الصوم و هي أمور: الايمان (2) و العقل (3).

______________________________

(1) اذ المفروض انه تحقق بلا اختيار و الاتيان بالمفطر اذا كان بالاختيار يكون مفطرا مضافا الي النص الدال علي المدعي لاحظ محمد بن مسلم وزارة «1»

(2)

كما تدل عليه جملة من الروايات منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كل من دان اللّه عز و جل بعبادة يجهد فيها نفسه و لا امام له من اللّه فسعيه غير مقبول و هو ضال متحير و اللّه شانئ لأعماله الي ان قال: و ان مات علي هذه الحال مات ميتة كفر و نفاق و اعلم يا محمد ان أئمة الجور و اتباعهم لمعزولون عن دين اللّه قد ضلوا و أضلوا فاعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الربح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا علي شي ء ذلك هو الضلال البعيد «2».

و منها غيره من الروايات المذكورة في الباب 29 من أبواب مقدمة العبادات من الوسائل.

(3) بلا خلاف كما في بعض الكلمات و يمكن أن يستدل عليه بأن الصوم عبادة و لا بد من الاتيان به بنية القربة و لا تتحقق من المجنون أضعف الي ذلك ما ورد من النصوص الدالة علي أن العقل معيار التكليف و الاثابة و العقوبة.

فمن تلك النصوص ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما خلق اللّه العقل استنطقه ثم قال له: اقبل فأقبل ثم قال له ادبر فأدبر ثم قال: و عزتي

______________________________

(1) لاحظ ص: 66

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 158

و الخلو من الحيض و النفاس (1) فلا يصح من غير المؤمن و لا من المجنون و لا من الحائض و النفساء فاذا أسلم أو عقل اثناء النهار لم يجب عليه الامساك بقية النهار (2) و كذا اذا طهرت الحائض و النفساء (3).

______________________________

و جلالي ما خلقت خلقا هو احب إلي

منك و لا اكملتك الا فيمن احب أما اني اياك آمر و اياك أنهي و اياك اعاقب و اياك اثيب «1».

و منها: غيره من الروايات الواردة في الباب 3 من أبواب مقدمة العبادات من الوسائل.

(1) اجماعا قطعيا- كما في بعض الكلمات- و يدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن امرأة أصبحت صائمة فلما ارتفع النهار أو كان العشي حاضت أ تفطر؟ قال: نعم و ان كان وقت المغرب فلتفطر قال: و سألته عن امرأة رأت الطهر في أول النهار في شهر رمضان فتغتسل (لم تغتسل) و لم تطعم فما تصنع في ذلك اليوم؟ قال: تفطر ذلك اليوم فانما فطرها من الدم «2».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المرأة تلد بعد العصر أ تتم ذلك اليوم أم تفطر؟ قال: تفطر و تقضي ذلك اليوم «3».

(2) لعدم الدليل علي الوجوب نعم انما ثبت بالدليل في بعض الموارد و المقام ليس داخلا فيه.

(3) الكلام فيه هو الكلام في سابقه فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب مقدمة العبادات الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 26 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 159

نعم اذا استبصر المخالف أثناء النهار و لو بعد الزوال اتم صومه و أجزأه (1) و اذا حدث الكفر أو الخلاف أو الجنون أو الحيض أو النفاس قبل الغروب بطل الصوم (2).

______________________________

(1) الظاهر انه ناظر الي أن المخالف اذا استبصر جازت اعماله التي اتي بها الا الزكاة لجملة من النصوص منها ما

رواه بريد بن معاوية العجلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: كل عمل عمله و هو في حال نصبه و ضلالته ثم من اللّه عليه و عرفه الولاية فانه يوجر عليه الا الزكاة لأنه يضعها في غير مواضعها لأنها لأهل الولاية و أما الصلاة و الحج و الصيام فليس عليه قضاء «1».

و منها: ما رواه الفضلاء كلهم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنهما قالا في الرجل يكون في بعض هذه الاهواء الحرورية و المرجئة و العثمانية و القدرية ثم يتوب و يعرف هذا الامر و يحسن رأيه أ يعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج أو ليس عليه اعادة شي ء من ذلك؟ قال: ليس عليه اعادة شي ء من ذلك غير الزكاة و لا بد أن يؤديها لأنه وضع الزكاة في غير مواضعها و انما موضعها أهل الولاية «2».

و منها: ما رواه ابن اذينة قال: كتب إلي أبو عبد اللّه عليه السلام أن كل عمل عمله الناصب في حال ضلاله أو في حال نصبه ثم من اللّه عليه و عرفه هذا الامر فانه يوجر عليه و يكتب له الا الزكاة فانه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها و انما موضعها اهل الولاية فأما الصلاة و الصوم فليس عليه قضائهما «3».

(2) لارتباطية أجزاء الصوم و بعبارة اخري: الامساك من الفجر الي الليل عمل

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 160

و منها: عدم الاصباح جنبا أو علي حدث الحيض و النفاس كما تقدم (1) و منها أن لا يكون مسافرا (2).

______________________________

واحد و مع

فساد بعضه يفسد العمل كما هو ظاهر.

(1) و تقدم شرح كلامه فراجع.

(2) عن الجواهر «ان عليه الاجماع بقسميه و قد دلت جملة من الروايات علي عدم جواز الصوم في السفر علي الاطلاق الا بعض ما خرج بالدليل».

لاحظ ما رواه صفوان بن يحيي عن أبي الحسن عليه السلام انه سئل عن الرجل يسافر في شهر رمضان فيصوم قال: ليس من البر الصوم في السفر «1».

و ما رواه الصدوق قال: قال الصادق عليه السلام: ليس من البر الصيام (الصوم) في السفر «2».

و ما رواه معاوية بن عمار قال: سمعته يقول: اذا صام الرجل رمضان في السفر لم يجزه و عليه الاعادة «3».

و ما رواه عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: قوله عز و جل: «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» قال: ما أبينها من شهد فليصمه و من سافر فلا يصمه «4».

و ما رواه محمد بن حكيم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لو أن رجلا مات صائما في السفر ما صليت عليه «5».

و ما رواه سماعة قال: سألته عن الصيام في السفر قال: لا صيام في السفر قد صام

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) الوسائل الباب 2 من ابواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 8

(5) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 161

سفرا يوجب قصر الصلاة (1) مع العلم بالحكم في الصوم الواجب (2) الا في ثلاثة مواضع: احدها: الثلاثة أيام هي التي بعض العشرة التي تكون بدل هدي التمتع لمن عجز عنه (3) ثانيها: صوم الثمانية عشر

______________________________

ناس علي

عهد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فسماهم العصاة فلا صيام في السفر الا الثلاثة أيام التي قال اللّه عز و جل في الجمع «1».

و ما رواه معاوية بن وهب «2» و ما رواه سماعة «3».

و قد دلت النصوص الكثيرة علي عدم جواز الصوم في السفر في موارد خاصة كصوم شهر رمضان و قضائه و غيرهما و يكفي للمدعي بالنسبة الي شهر رمضان قوله تعالي: «فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَليٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّٰامٍ أُخَرَ» «4» فلا اشكال من حيث دلالة الادلة علي عدم جواز الصوم في السفر.

(1) للملازمة بين الامرين كما هي المستفاد من حديثي معاوية و سماعة «5» فلاحظ.

(2) و أما الجاهل به فسيتعرض الماتن لحكمه بعيد ذلك فانتظر.

(3) فان من لا يجد هدي التمتع و لا ثمنه صام بدله عشرة أيام ثلاثة في سفر الحج و سبعة اذا رجع الي أهله بلا خلاف و لا اشكال لاتفاق الكتاب و السنة عليه أما الكتاب فقوله تعالي: «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 134

(3) لاحظ ص: 134

(4) البقرة/ 184

(5) لاحظ ص: 134

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 162

______________________________

لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ» «1». و أما السنة فما رواه سماعة «2».

ان قلت: مقتضي حديث سماعة أن صوم ثلاثة أيام يجب أن يقع في الحج و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين أن يقع في السفر بلا قصد الاقامة و بين وقوعه في محل الاقامة و مقتضي ادلة عدم جواز الصوم في السفر عدم الفرق بين هذه الثلاثة و غيرها من الصيام و

حيث ان النسبة بين الدليلين العموم من وجه يقع التعارض بينهما فلا بد من العلاج.

قلت: اولا: لا يري العرف تعارضا بين الدليلين اذ دليل الثلاثة منصرف عن عن صورة قصد الاقامة فتكون مخصصا لدليل عدم الجواز.

و ثانيا: علي فرض التعارض يقدم دليل الثلاثة لكونه موافقا مع الكتاب مضافا الي أنه لا مجال لهذه المناقشة فانه استثني في نفس الرواية.

و بعبارة اخري: يستفاد منها ان الصوم في السفر معصية الا في هذه الثلاثة و مع قصد الاقامة لا عصيان فلا مجال للمعارضة بالتقريب المذكور.

اضف الي ذلك انه قد صرح في رواية رفاعة بن موسي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المتمتع لا يجد الهدي قال: يصوم قبل التروية و يوم التروية و يوم عرفة قلت: فانه قدم يوم التروية قال: يصوم ثلاثة ايام بعد التشريق قلت: لم يقم عليه جماله قال: يصوم يوم الحصبة و بعده يومين قال: قلت: و ما الحصبة؟ قال يوم نفره قلت: يصوم و هو مسافر؟ قال: نعم أ ليس هو يوم عرفة مسافرا انا أهل البيت نقول ذلك لقول اللّه عز و جل «فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ فِي الْحَجِّ» يقول في

______________________________

(1) البقرة/ 196.

(2) لاحظ ص: 160

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 163

يوما التي هي بدل البدنة كفارة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب (1).

______________________________

ذي الحجة «1» بأن يصوم و الحال انه مسافر.

(1) و يدل علي المدعي ما رواه ضريس الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس قال: عليه بدنة ينحرها يوم النحر فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في الطريق أو في أهله «2».

فان المستفاد من الحديث لا

سيما مع التخيير بين ايقاعها في مكة و ايقاعها في الطريق جواز ايقاعها في حال السفر و ان أبيت فلا أقل من الاطلاق فان قلنا بالتساقط بالتعارض بكون المرجع أصل البراءة و مقتضاه جواز ايقاعه في السفر و اللّه العالم.

و لسيدنا الاستاد كلام في المقام- علي ما في التقرير- و هو انه «علي فرض تسلم الاطلاق في حديث ضريس يكون مقدما علي اطلاق دليل المنع من الصوم في السفر بدعوي: ان اطلاق المخصص مقدم علي اطلاق العام و موضوع الحكم في الرواية خاص صيام ثمانية عشر يوما فاطلاقه يشمل صورة قصد الاقامة و عدمها فيقدم علي ذلك العام».

و الانصاف ان ما أفاده غير تام اذ ما افاده من تقدم اطلاق الخاص علي عموم العام و ان كان صحيحا لكن لا بد أن يكون الموضوع في دليل الخاص هو الموضوع في دليل العام مع قيد يوجب تضييقه كقوله: اكرم العالم و لا تكرم العالم الفاسق و في المقام ليس كذلك لان الموضوع في ذلك الدليل الصيام في السفر و الموضوع في هذا الدليل صيام ثمانية عشر بدلا عن النحر فلا يكون ما بين الموضوعين

______________________________

(1) الوسائل الباب 46 من أبواب الذبح الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 23 من أبواب احرام الحج و الوقوف بعرفة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 164

ثالثها: صوم النذر المشروط ايقاعه في السفر و لو مع الحضر (1).

[مسألة 57: الأقوي عدم جواز الصوم المندوب في السفر]

(مسألة 57): الاقوي عدم جواز الصوم المندوب في السفر (2).

______________________________

عموما و خصوصا مطلقين فلاحظ.

(1) هذا هو المعروف بين القوم و عن الجواهر: «عدم وجدان الخلاف فيه» و عن الحدائق: «الاتفاق عليه» و يدل عليه من النصوص ما رواه علي بن مهزيار «1».

و هذه الرواية واضحة الدلالة

علي المدعي و كونها مضمرة لا يوجب سقوطها عن الاعتبار اذ مضمرها مثل ابن مهزيار و هو من الاجلاء كما أن ذكر المرض مع السفر لا يوجب رفع اليد عن دلالة الرواية علي المدعي في المقام غاية الامر ان الرواية ناظرة الي الصوم المنذور في السفر كما أن جعل كفارة الحنث بالنحو المذكور و الحال ان كفارة حنث النذر ليست كذلك لا يوجب رفع اليد عن الرواية.

و بعبارة اخري: سقوط بعض الفقرات الواردة في الرواية لا يقتضي رفع اليد عن بقية فقراتها كما هو ظاهر.

(2) و يدل علي المدعي ما رواه أحمد بن محمد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصيام بمكة و المدينة و نحن في سفر قال: أ فريضة؟ فقلت: لا و لكنه تطوع كما يتطوع بالصلاة قال: فقال: تقول: اليوم و غدا؟ قلت: نعم فقال:

لا تصم «2».

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لم يكن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يصوم في السفر تطوعا و لا فريضة «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 119

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 165

الا ثلاثة أيام للحاجة في المدينة (1).

______________________________

و يدل عليه أيضا بالصراحة ما رواه عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقول: للّه علي أن أصوم شهرا أو أكثر من ذلك أو أقل فيعرض له أمر لا بد أن يسافر أ يصوم و هو مسافر؟ قال: اذا سافر فليفطر لأنه لا يحل له الصوم في السفر فريضة كان أو غيره و الصوم في السفر معصية «1»

مضافا الي بقية الروايات الدالة علي عدم جواز الصوم في السفر علي الاطلاق.

و في قبال هذه النصوص روايات ربما يتمسك بها علي الجواز منها: مرسل اسماعيل «2» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال و غيره و منها: ما أرسله الجمال «3» و هذه الرواية كسابقتها مرسلة لا اعتبار بها.

و منها ما رواه سليمان الجعفري قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: كان أبي عليه السلام يصوم يوم عرفة في اليوم الحار في الموقف و يأمر بظل مرتفع فيضرب له «4».

و هذه الرواية لا دلالة فيها علي المدعي اذ فعل الامام المنقول للراوي مجمل و لعله عليه السلام كان ينذر و قد تقدم جواز الصوم في السفر بالنذر.

(1) بلا خلاف- كما في بعض الكلمات- و يدل عليه ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام صمت أول يوم الاربعاء و تصلي ليلة الاربعاء عند اسطوانة أبي لبابة و هو اسطوانة التوبة التي كان ربط اليها نفسه حتي نزل عذره من السماء و تقعد عندها يوم الاربعاء ثم

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 8

(2) لاحظ ص: 8

(3) لاحظ ص: 7

(4) الوسائل الباب: 12 من ابواب من يصح منه الصوم الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 166

[مسألة 58: يصح الصوم من المسافر الجاهل بالحكم]

(مسألة 58): يصح الصوم من المسافر الجاهل بالحكم (1) و ان

______________________________

تأتي ليلة الخميس التي تليها ما يلي مقام النبي صلي اللّه عليه و آله ليلتك و يومك و تصوم يوم الخميس ثم تأتي الاسطوانة التي تلي مقام النبي صلي اللّه عليه و آله و مصلاه ليلة الجمعة فتصلي عندها ليلتك و يومك و تصوم يوم الجمعة

و ان استطعت أن لا تتكلم بشي ء في هذه الأيام الا ما لا بد لك منه و لا تخرج من المسجد الا لحاجة و لا تنام في ليل و لا نهار فافعل فان ذلك مما يعد فيه الفضل الحديث «1».

و مقتضي هذه الرواية اختصاص الثلاثة أيام بالاربعاء و الخميس و الجمعة و لا وجه للإطلاق مع أن عمومات المنع تقتضي عدم الجواز الا بمقدار قيام الدليل علي التخصيص فلاحظ.

(1) ادعي عليه الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه ابن أبي شعبة يعني عبيد اللّه بن علي الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

رجل صام في السفر فقال: ان كان بلغه أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي عن ذلك فعليه القضاء و ان لم يكن بلغه فلا شي ء عليه «2».

و منها: ما رواه عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من صام في السفر بجهالة لم يقضه «3».

و منها: ما رواه ليث المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سافر الرجل في شهر رمضان أفطر و ان صامه بجهالة لم يقضه «4».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 167

علم في الاثناء بطل (1) و لا يصح من الناسي (2).

[مسألة 59: يصح الصوم من المسافر الذي حكمه التمام]

(مسألة 59): يصح الصوم من المسافر الذي حكمه التمام كناوي الاقامة و المسافر سفر معصية و نحوهما (3).

[مسألة 60: لا يصح الصوم من المريض]

(مسألة 60): لا يصح الصوم من المريض (4).

______________________________

سألته عن رجل صام شهر رمضان في السفر فقال: ان كان لم يبلغه ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي عن ذلك فليس عليه القضاء و قد أجزأ عنه الصوم «1».

و حديث عبد الرحمن و ان كان واردا في خصوص صوم شهر رمضان و لكن في اطلاق البقية كفاية لا ثبات المدعي علي الاطلاق.

(1) لخروج المفروض عن تحت النصوص المشار اليها و مقتضي القاعدة الاولية البطلان و الخروج عن الاصل الاولي يحتاج الي دليل مخرج و لا دليل في مفروض الكلام.

(2) لعدم الدليل فان الدليل وارد في الجاهل.

(3) للملازمة الموجودة بين الامرين المستفادة من النص لاحظ حديثي معاوية و سماعة «2».

(4) ادعي عليه عدم الخلاف تارة و الاجماع اخري و تدل علي المدعي الاية الشريفة «3». كما انه تدل عليه جملة من النصوص:

منها: ما رواه سماعة قال: سألته ما حد المرض الذي يجب علي صاحبه فيه الافطار كما يجب عليه في السفر من كان مريضا أو علي سفر قال: هو مؤتمن عليه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 134

(3) لاحظ ص: 161

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 168

و منه الارمد (1) اذا كان يتضرر به (2).

______________________________

مفوض اليه فان وجد ضعفا فليفطر و ان وجد قوة فليصمه كان المرض ما كان «1»

و منها: ما رواه عمر بن اذينة قال: كتبت إلي أبي عبد اللّه عليه السلام أسأله ما حد المرض الذي يفطر فيه صاحبه و المرض الذي يدع صاحبه الصلاة من قيام؟ قال: بل الانسان علي نفسه بصيرة و قال:

ذلك اليه هو أعلم بنفسه «2».

و منها: ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يجد في رأسه وجعا من صداع شديد هل يجوز له الافطار؟ قال: اذا صدع صداعا شديدا و اذا حم حمي شديدة و اذا رمدت عيناه رمدا شديدا فقد حل له الافطار «3».

و منها: ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن حد ما يجب علي المريض ترك الصوم قال: كل شي ء من المرض أضربه الصوم فهو يسعه ترك الصوم «4».

(1) كما نص به في بعض الروايات لاحظ ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الصائم اذا خاف علي عينيه من الرمد أفطر «5».

(2) بلا اشكال فان المناسبة بين الحكم و الموضوع تقتضي ذلك و لا يبعد أن تكون الادلة منصرفة الي هذه الصورة اضف الي ذلك انه قد صرح به في جملة من النصوص.

لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ما حد المريض

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 9

(5) الوسائل الباب 19 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 169

لإيجابه شدته أو طول برأه أو شدة ألمه (1) كل ذلك بالمقدار المعتد به (2) و لا فرق بين حصول اليقين بذلك و الظن و الاحتمال الموجب لصدق الخوف (3).

______________________________

اذا نقه في الصيام فقال ذلك اليه هو أعلم بنفسه اذا قوي فليصم «1» و لاحظ حديثي سماعة و عمر بن اذينة «2».

(1) كل ذلك للإطلاق فانه

يصدق في جميع هذه الصور ان الصوم يضربه فلا يجوز.

(2) تارة يكون بمقدار يكون وجوده كعدمه و اخري يصدق عليه المرض أو اشتداده و لعل الوجه في كلام الماتن دعوي انصراف الادلة من هذه الصورة.

و الانصاف ان الجزم بالانصراف مشكل و مقتضي اطلاق الادلة عدم الفرق بين المعتد به و غيره.

و يمكن أن يكون الماتن ناظرا فيما أفاده الي ما رواه عمار «3» فان المستفاد من هذه الرواية ان وجع الرأس ان كان شديدا يوجب الافطار و كذلك الرمد و الحمي فلاحظ.

(3) كفاية صدق الخوف في جواز الافطار مستفاد من حديث حريز «4» و مع صراحة هذه الرواية في اثبات المراد لا مجال للقول بعدم كفاية الاحتمال أو اشتراط اليقين بالضرر أو الظن به كما هو ظاهر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 167 و 168

(3) لاحظ: ص 168

(4) لاحظ: ص 168

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 170

و كذا لا يصح من الصحيح اذا خاف حدوث المرض فضلا عما اذا علم ذلك (1) أما المريض الذي لا يتضرر من الصوم فيجب عليه و يصح منه (2).

[مسألة 61: لا يكفي الضعف في جواز الإفطار و لو كان مفرطا]

(مسألة 61): لا يكفي الضعف في جواز الافطار و لو كان مفرطا (3) الا أن يكون حرجا فيجوز الافطار و يجب القضاء بعد ذلك (4) و كذا اذا أدي الضعف الي العجز عن العمل اللازم للمعاش مع عدم التمكن من غيره أو كان العامل بحيث لا يتمكن من الاستمرار علي الصوم

______________________________

(1) كما يدل عليه حديث حريز الذي تقدم ذكره آنفا و من الظاهر انه لا فرق بين الرمد و غيره من الامراض فان المستفاد من هذا الحديث بحسب الظهور العرفي ان الخوف من

حدوث الرمد يوجب جواز الافطار و من الظاهر انه لا فرق بين الرمد و غيره من الامراض فان حكم الامثال واحد مضافا الي أن المستفاد من نصوص الباب عدم الفرق بين الحدوث و البقاء أو الشدة.

(2) اذ قد تقدم ان المرض الموضوع لجواز الافطار هو المرض الذي يضر بالصائم.

(3) لعدم صدق المرض علي الضعف و حديث سماعة «1» اخذ في موضوعه المرض و مع عدم صدق المرض يكون الموضوع منتفيا و بعبارة اخري:

تارة الصوم يضر بالمكلف و يضعفه و اخري لا يضر به لكن في أثر الصوم يستولي عليه الضعف فان كان من القسم الاول لا يجب عليه الصوم و ان كان من القسم الثاني يجب.

(4) اذ الحرج يرفع التكليف فلا يجب و اذا أفطر يجب القضاء علي مقتضي

______________________________

(1) لاحظ ص: 167

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 171

لغلبة العطش (1) و الاحوط فيهم الاقتصار في الاكل و الشرب علي مقدار الضرورة و الامساك عن الزائد (2).

[مسألة 62: إذا صام لاعتقاد عدم الضرر فبان الخلاف ففي صحة صومه اشكال]

(مسألة 62): اذا صام لاعتقاد عدم الضرر فبان الخلاف ففي صحة صومه اشكال (3).

______________________________

القاعدة المستفادة من وجوب قضاء شهر رمضان.

(1) الظاهر ان ما أفاده علي وجه الاطلاق غير تام اذ لا بد من كون الواجب المزاحم أهم في نظر الشارع من الصوم و بقانون تقديم الاهم يتقدم و يجوز الافطار

و بعبارة اخري: يقع ما فرضه في باب التزاحم و لا بد من وجود مرجح في تقديم احد الواجبين علي الاخر.

(2) لم يظهر لي وجه الاحتياط المذكور اذ المفروض انه ليس مكلفا بالصوم و وجوب الامساك لغير الصائم يحتاج الي دليل يدل عليه و أما حديث عمار «1» فان كان ناظرا الي عروض العطش للصائم فلا يشمل المقام.

الا أن يقال: لا

وجه لهذا التقييد بل بمقتضي اطلاقه يشمل غير ناوي الصوم أيضا و حيث انه لا فرق بين الماء و غيره من المفطرات فيجب الامساك عن كل مفطر الا بمقدار الضرورة و لكن الظاهر من الخبر ان السؤال عن الصائم و لذا صاحب الوسائل قدس سره جعل عنوان الباب «باب أن الصائم اذا خاف التلف من العطش جاز له الشرب الخ».

(3) الحق أن يفصل في المقام بأن يقال: ان كان المستند لعدم وجوب الصوم الادلة الدالة عليه من الاية و الرواية فالصوم باطل و الوجه فيه ان من يضر به الصوم بمقتضي الآية و الرواية خارج عن تحت موضوع الحكم و لا دليل علي صحة عمله بل

______________________________

(1) لاحظ: ص 110

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 172

و اذا صام باعتقاد الضرر أو خوفه بطل (1).

______________________________

مقتضي الاصل فقدان عمله للملاك و المصلحة.

و ان شئت قلت: في مفروض الكلام لا طريق الي كشف وجود الملاك في الفعل اذ المفروض انه لا أمر بالصوم و مع عدم الامر لا طريق الي كشف الملاك.

و أما ان كان الدليل قاعدة نفي الضرر و قلنا بحكومتها علي ادلة الاحكام و رفعها في موارد الضرر لكن المكلف اعتقد عدم الضرر و صام ففي هذا الفرض يكون صومه صحيحا لا لما أفاده سيدنا الاستاد من أن رفع الحكم في هذه الصورة ليس امتنانيا.

اذ تحقق الامتنان و عدمه لا يكون منوطا بنظر المكلف و ارادته بل منوط بنظر الشارع و المرجع اطلاق الدليل و عمومه و من الظاهر شموله للمقام فليس من هذه الجهة بل من جهة وجود الملاك فان رفع الحكم ان كان امتنانيا فلا بد من وجود المقتضي للحكم و مع عدمه لا معني للامتنان

فصحة الصوم لا جل وجود ملاكه.

لكن الاشكال كل الاشكال في أن مفاد قاعدة لا ضرر هو النهي كما اخترناه في بحث القاعدة لا النفي هذا اولا و ثانيا: كونها امتنانيا مورد الكلام و الاشكال فان المستفاد من الدليل علي المشهور نفي الاحكام الضررية و من الممكن ان الاحكام الضررية لا ملاك في متعلقاتها.

و صفوة القول انه لا دليل علي هذا المدعي فتأمل جيدا. و لا يخفي ان البحث عن مفاد القاعدة فرضي كما في كلام سيدنا الاستاد اذ المستفاد من الكتاب و السنة ان الموضوع للوجوب من لا يكون متضررا بالصوم فلا تصل النوبة الي البحث عن مفاد القاعدة.

(1) قد ظهر مما تقدم انه لا بد من التفصيل بأن نلتزم بالبطلان اذا كان المستند الاية و الرواية لعدم تمشي قصد القربة منه و أما ان كان المستند قاعدة لا ضرر يصح

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 173

الا اذا كان قد تمشي منه قصد القربة فانه لا يبعد الحكم بالصحة اذا بان عدم الضرر بعد ذلك (1).

[مسألة 63: قول الطبيب إذا كان يوجب الظن بالضرر أو خوفه وجب لأجله الإفطار]

(مسألة 63): قول الطبيب اذا كان يوجب الظن بالضرر أو خوفه وجب لأجله الافطار (2) و كذلك اذا كان حاذقا و ثقة (3) اذا لم يكن مطمئنا بخطاه (4) و لا يجوز الافطار بقوله في غير هاتين الصورتين (5) و اذا قال الطبيب لا ضرر في الصوم و كان المكلف خائفا وجب الافطار (6).

[مسألة 64: إذا برئ المريض قبل الزوال و لم يتناول المفطر و جدد النية لم يصح صومه]

(مسألة 64): اذا برئ المريض قبل الزوال و لم يتناول المفطر و جدد النية لم يصح صومه (7).

______________________________

لا مكان تمشي قصد القربة منه.

(1) لا اشكال في هذه الصورة اذ لا وجه للبطلان كما هو المفروض.

(2) لتحقق موضوع جواز الافطار بل وجوبه.

(3) أما في صورة كون شهادته علي الضرر حسيا فواضح فان مقتضي السيرة العقلائية حجية قول الثقة و أما علي تقدير كونه ناشئا عن الاجتهاد فلقيام السيرة علي الرجوع الي أهل الخبرة و العمل بقوله.

(4) اذ مع الاطمئنان بالخطإ لا يكون قوله حجة فان الامارات حجة ما دام الشك و الا فلا أثر لها.

(5) لعدم الدليل علي الجواز.

(6) اذ الخوف موضوع لجواز الافطار بل وجوبه.

(7) لعدم الدليل علي الصحة بل الدليل قائم علي البطلان اذ المفروض كونه

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 174

و ان لم يكن عاصيا بامساكه (1) و الاحوط استحبابا أن يمسك بقية النهار (2).

______________________________

مريضا و المريض ليس عليه الصوم. و ان شئت قلت: ان المستفاد من الادلة تقسيم المكلف الي الصحيح و المريض و الصحيح يجب عليه الصوم و المريض يجب عليه الافطار و المفروض في المقام كون المكلف مريضا.

و عن المدارك: «انه استدل علي وجوب تجديد النية و الاتيان بالصوم بفحوي ما دل علي صحة الصوم من المسافر اذ صار حاضرا قبل الزوال» «1».

و فيه: انه لا أولوية

و ملاكات الاحكام غير معلومة لنا و مقتضي الادلة كما ذكرنا عدم جعل الصوم بالنسبة اليه هذا كله في فرض كون الصوم مضرا بالمكلف و أما علي تقدير عدم كونه مضرا فالظاهر ان الوجه في الفساد من ناحية النية اذ المفروض ان المكلف لم ينو الصوم و انما جددها بعد البرء من المرض و الصوم عمل يحتاج الي النية من اول الشروع فيه و كفاية التجديد تحتاج الي الدليل.

هذا بمقتضي القاعدة الاولية لكن قد تقدم في بحث النية انه يمكن القول بجواز تجديد النية بمقتضي اطلاق بعض النصوص حتي بالنسبة الي صوم شهر رمضان الا أن يقوم اجماع تعبدي علي خلافه و ان شئت فراجع ما ذكرناه هناك.

(1) لعدم دليل علي حرمته.

(2) قال في الحدائق: «لو صح من مرضه قبل الزوال و لم يتناول شيئا وجب عليه الصوم و ان كان بعد الزوال أو كان تناول شيئا استحب له الامساك تأديبا علي المشهور» «2». انتهي موضع الحاجة من كلامه.

______________________________

(1) الحدائق ج 13 ص 172

(2) الحدائق ج 13 ص: 172

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 175

[مسألة 65: يصح الصوم من الصبي كغيره من العبادات]

(مسألة 65): يصح الصوم من الصبي كغيره من العبادات (1).

______________________________

و مورد كلام الماتن خارج عن مورد الشهرة و لا يبعد أن يكون وجه الاحتياط حسنه علي جميع الاحوال و من المحتمل كون الامساك في الصورة المفروضة واجبا تأدبا و لا اشكال في حسن الاحتياط بل استحبابه.

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي بأن الامر بالامر بشي ء أمر بذلك الشي ء كما حقق في الاصول و حيث ان الولي للصبي امر بأن يأمره بالصوم نفهم ان الصوم مشروع بالنسبة اليه.

لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: انا نأمر صبياننا

بالصيام اذا كانوا بني سبع سنين بما أطاقوا من صيام اليوم فان كان الي نصف النهار أو أكثر من ذلك أو أقل فاذا غلبهم العطش و الغرث أفطروا حتي يتعودوا الصوم و يطيقوه فمروا صبيانكم اذا كانوا بني تسع سنين بالصوم ما اطاقوا من صيام فاذا غلبهم العطش أفطروا «1».

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه سماعة قال: سألته عن الصبي متي يصوم؟ قال: اذا قوي علي الصيام «2».

فان المستفاد من هذه الرواية ان الصبي اذا قوي يكون الصوم مطلوبا منه فاذا قوي قبل البلوغ علي الصوم يكون مشروعا منه.

و يدل علي المدعي بالنسبة الي الصلاة ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه قال: انا نأمر صبياننا بالصلاة اذا كانوا بني خمس سنين فمروا صبيانكم بالصلاة اذا كانوا بني سبع سنين الحديث «3».

فاذا علمنا بصحة صومه و صلاته نعلم بصحة بقية عباداته أيضا. و بعبارة اخري:

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من ابواب من يصح منه الصوم الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب اعداد الفرائض الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 176

[مسألة 66: لا يجوز التطوع بالصوم لمن عليه صوم واجب من قضاء شهر رمضان]

(مسألة 66): لا يجوز التطوع بالصوم لمن عليه صوم واجب من قضاء شهر رمضان (1).

______________________________

يفهم العرف ان العبادة مشروعية بالنسبة اليه. و أفاد سيد المستمسك قدس سره في وجه المدعي: «ان اطلاقات ادلة العبادات تشمل الصبي كالبالغ و رفع القلم عن الصبي لما كان امتنانيا لا يصلح أن يرفع المشروعية بل خلاف الامتنان فتكون العبادة مشروعة بالنسبة اليه».

و يرد عليه ان التكليف اذا رفع عن الصبي كما هو المفروض فلا دليل علي بقاء المشروعية و ان شئت قلت: الموضوع قلم التكليف و حديث الرفع يرفعه فما

الدليل علي بقاء المشروعية؟

و ربما يستدل علي عدم مشروعية صوم الصبي بحديث الزهري «1» بتقريب ان صوم الصبي وقع في قبال الصوم الواجب و المندوب فليس مندوبا بل يكون تأديبا كما نص به في الحديث و هذا الحديث ضعيف سندا فان الزهري و هو محمد بن مسلم بن شهاب لم يوثق مضافا الي ضعف الرواية من ناحية غيره الواقع في السند فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها.

(1) و يدل عليه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن ركعتي الفجر قال قبل الفجر الي أن قال: أ تريد أن تقايس لو كان عليك من شهر رمضان أكنت تتطوع اذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة «2».

و يدل عليه أيضا ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل عليه من شهر رمضان طائفة أ يتطوع؟ فقال: لا حتي يقضي ما عليه من شهر رمضان «3».

______________________________

(1) الفروع من الكافي ج 4 ص 83 باب وجوه الصوم الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 177

أو غيره (1) و اذا نسي أن عليه صوما واجبا فصام تطوعا فذكر بعد الفراغ صح صومه (2) و الظاهر جواز التطوع لمن عليه صوم واجب استيجاري (3).

______________________________

و ما رواه أبو الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه عن رجل عليه من شهر رمضان أيام أ يتطوع؟ فقال: لا حتي يقضي ما عليه من شهر رمضان «1».

(1) لما رواه الحلبي و أبو الصباح الكناني جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه لا يجوز ان يتطوع الرجل بالصيام و عليه شي ء من الفرض «2».

و

لا وجه لحمل المطلق علي المقيد في المقام اذ المفروض ان كليهما مثبتان فلا تنافي بينهما و أيضا لا مفهوم للمقيد كي يقيد به المطلق فلاحظ.

(2) بدعوي انصراف دليل المنع عن هذه الصورة و انصرافه الي صورة تمكن المكلف عن الاتيان بالفرض و حيث ان الناسي لا يمكنه الاتيان بالفرض يجوز له الاتيان بالنفل.

و يمكن أن يرد علي هذه المقالة اولا بالنقض بما لو تذكر بعد الزوال فانه لا يمكنه الاتيان بالفرض فما وجه البطلان و الحال انهم قائلون به اذا تذكر في الاثناء و لذا قيد الماتن الصحة بأنه لو تذكر بعد الفراغ يصح صومه و الحال انه لا وجه لهذا التقييد.

و ثانيا: لا نري وجها للانصراف فان الموضوع من عليه الفرض و هذا يصدق حتي في حال النسيان.

(3) لانصراف دليل المنع فان الظاهر من قوله عليه السلام: «لا يجوز أن يتطوع الرجل بالصيام و عليه شي ء من الفرض» بما انه صوم و الواجب في الاجارة الوفاء

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 178

كما أنه يجوز ايجار نفسه للصوم عن غيره اذا كان عليه صوم واجب (1).

[مسألة 67: شرائط وجوب الصوم]

(مسألة 67): يشترط في وجوب الصوم البلوغ (2) و العقل (3) و الحضر (4) و عدم الاغماء (5) و عدم المرض و الخلو من الحيض

______________________________

بالعقد و تسليم مملوك الغير.

و للمناقشة فيما ذكر مجال اذ اي فرق بين المقام و الصوم الواجب بالنذر.

و بعبارة اخري: ان قلنا بأن الظاهر من الفرض الصوم المفروض بعنوانه الاولي أي الصوم الواجب في الشريعة بعنوانه الاولي فلا يشمل ما يكون واجبا بالنذر أو اليمين أو نحوهما و ان قلنا ان اطلاق دليل المنع يقتضي عموم الحكم

فلا وجه للتفصيل بين الصوم النذري و الاستيجاري فلاحظ.

(1) لعدم شمول دليل المنع للمقام فيجوز.

(2) ادعي عليه الاجماع و الانصاف ان اشتراط التكليف بالبلوغ أوضح من أن يخفي و لا يحتاج الي الاستدلال و اقامة البرهان.

و يدل عليه ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة قال: اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري عليه القلم و الجارية مثل ذلك ان أتي لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة و جري عليها القلم «1».

(3) ادعي عليه الاجماع و الكلام فيه هو الكلام في البلوغ بل أوضح و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم «2».

(4) تقدم الكلام فيه.

(5) الظاهر انه لم يرد دليل بالنسبة الي الاغماء و كونه كالجنون لا دليل عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 12

(2) لاحظ ص: 157

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 179

و النفاس (1).

______________________________

فعليه لا فرق بين النوم و الاغماء فاذا نوي الصيام بالليل ثم اغمي عليه الي الليلة الآتية يمكن الالتزام بصحة صومه.

و عن العلامة قدس سره «1»: الاستدلال علي عدم صحة صوم المغمي عليه بوجوه: الاول: ان الاغماء يوجب سقوط التكليف عنه وجوبا و ندبا فلا يصح منه الصوم مع سقوطه.

و فيه: انه لا ملازمة بين سقوط التكليف و عدم الصحة فان النائم غير مكلف قطعا مع ان صومه صحيح بالإجماع فاذا نوي الصوم قبل عروض الاغماء ثم اغمي عليه لا يكون مانع من صحة صومه.

الثاني: ان كل مفسد اذا وجد في جميعه يفسده اذا وجد في

بعضه كالحيض و الجنون.

و فيه: ان كون الاغماء في جميع اليوم مفسدا أول الكلام و الاشكال و لا نسلم كونه مفسدا.

الثالث: ان سقوط القضاء يستلزم سقوط الاداء و حيث ان القضاء عنه ساقط فالاداء كذلك.

و فيه ان هذه الملازمة ليست مسلمة بل يمكن الانفكاك بينهما و لا بد من ملاحظة الدليل علي القضاء فعلي فرض تماميته نلتزم به و الا فلا.

و لكن مع ذلك كله لا يمكن الالتزام بالصحة و قد تقدم في ذيل المسألة: 1 من فصل النية الاشكال في الصحة و تكلمنا هناك حول المسألة مبسوطا فراجع.

(1) تقدم الكلام في الثلاثة المذكورة.

______________________________

(1) الحدائق ج 13 ص: 167

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 180

[مسألة 68: لو صام الصبي تطوعا و بلغ في الاثناء و لو بعد الزوال لم يجب عليه الاتمام]

(مسألة 68): لو صام الصبي تطوعا و بلغ في الاثناء و لو بعد الزوال لم يجب عليه الاتمام (1) و الاحوط استحبابا الاتمام (2).

[مسألة 69: إذا سافر قبل الزوال و كان ناويا للسفر من الليل وجب عليه الافطار]

(مسألة 69): اذا سافر قبل الزوال و كان ناويا للسفر من الليل وجب عليه الافطار و الا وجب عليه الاتمام و القضاء علي الاحوط و ان كان السفر بعده وجب اتمام الصيام (3).

______________________________

(1) لعدم الدليل عليه اذ الصوم عبارة عن الامساك من الفجر الي الليل و المفروض ان البلوغ تحقق أثناء النهار و حيث انه لا دليل علي كون الباقي بحكم الصوم في تمام اليوم لا يمكن الحكم بكونه واجبا.

و بعبارة اخري: توجه التكليف بالصيام تكليفا الزاميا بعد البلوغ يحتاج الي دليل يدل علي تنزيل البعض منزلة الكل و المفروض انه لا دليل عليه فالنتيجة عدم الوجوب.

(2) لعله للخروج عن شبهة الخلاف و لا اشكال في حسن الاحتياط بل استحبابه

(3) مقتضي الاية الشريفة و هي قوله تعالي: «فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَليٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّٰامٍ أُخَرَ» «1» جواز الافطار للمسافر علي الاطلاق و أما النصوص الواردة في المقام فعلي طوائف:

الطائفة الاولي: ما يدل علي جواز الافطار للمسافر علي نحو الاطلاق و بلا قيد لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: ان الصلاة و الزكاة و الحج و الولاية ليس ينفع شي ء مكانها دون ادائها و ان الصوم اذا فاتك أو قصرت أو سافرت فيه أديت مكانه أياما غيرها و جزيت ذلك الذنب بصدقة و لا قضاء عليك «2» و غيره من الروايات الواردة في الباب 1 من أبواب من يصح منه

______________________________

(1) البقرة/ 182

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

مباني

منهاج الصالحين، ج 6، ص: 181

______________________________

الصوم من الوسائل.

و هذه الطائفة موافقة مع اطلاق الاية الكريمة و يؤيد هذه الطائفة ما دل من النصوص من الملازمة بين التقصير و الافطار لاحظ ما رواه معاوية بن وهب «1» و ما رواه سماعة «2».

الطائفة الثانية ما يدل علي ان الاعتبار بالزوال فان خرج قبله يفطر و ان خرج بعده بقي علي صومه و مقتضي اطلاقها عدم الفرق بين تبييت النية و عدمه و من هذه الطائفة ما رواه الحلبي «3».

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسافر في شهر رمضان يصوم او يفطر؟ قال: ان خرج قبل الزوال فليفطر و ان خرج بعد الزوال فليصم فقال: يعرف ذلك بقول علي عليه السلام: «اصوم و أفطر حتي اذا زالت الشمس عزم علي» يعني الصيام «4».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا خرج الرجل في شهر رمضان بعد الزوال اتم الصيام فاذا خرج قبل الزوال أفطر «5» و منها:

ما رواه محمد بن مسلم «6».

الطائفة الثالثة: ما يدل علي التفصيل بين تبييت النية و عدمه بلزوم الافطار في الاول و الصوم في الثاني و من هذه الطائفة ما رواه رفاعة قال: سألت أبا عبد اللّه

______________________________

(1) لاحظ ص: 134

(2) لاحظ ص: 134

(3) لاحظ ص: 135

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) لاحظ ص: 134

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 182

______________________________

عليه السلام عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان حين يصبح قال: يتم صومه (يومه) ذلك الحديث «1». و هذه الرواية ضعيفة بالوشاء.

و منها: ما رواه الجعفري قال: سألت أبا الحسن

الرضا عليه السلام عن الرجل ينوي السفر في شهر رمضان فيخرج من أهله بعد ما يصبح فقال: اذا أصبح في أهله فقد وجب عليه صيام ذلك اليوم الا أن يدلج دلجة «2». و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن أحمد بن اشيم.

و منها: ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن موسي عليه السلام في الرجل يسافر في شهر رمضان أ يفطر في منزله؟ قال: اذا حدث نفسه في الليل بالسفر أفطر اذا خرج من منزله و ان لم يحدث نفسه من الليلة ثم بدا له في السفر من يومه أتم صومه «3». و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن.

و ما ذكره سيدنا الاستاد «4» في تقريب تصحيح طريق الشيخ الي علي بن الحسن بن الفضال يتوقف علي كون أحمد بن عبدون ثقة و الحال ان الرجل لم يوثق.

و استدل سيدنا الاستاد «5» علي وثاقته بكونه من مشايخ النجاشي بتقريب:

ان المستفاد من كلام النجاشي انه لا يروي عن الضعفاء بلا واسطة «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) مستند العروة ج 1 من الصوم ص: 191

(5) معجم رجال الحديث ج 2 ص: 143

(6) نفس المصدر ج 1 ص: 51 في التوثيقات العامة

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 183

______________________________

و يرد عليه بأن المستفاد من كلامه انه لا يروي بلا واسطة عمن ضعف أو غمز فيه و أما من لا غمز فيه فلا يستفاد من كلامه انه لا يروي عنه بلا واسطة و من الظاهر ان من لا غمز فيه أعم من الموثق و حيث ان الرجل لم يوثق لا يكون حديثه

معتبرا.

و لتوضيح المدعي ننقل عبارة النجاشي كي يعلم صحة مقالتنا قال في ترجمة أحمد بن عبيد اللّه بن حسن الجوهري: «رأيت هذا الشيخ و كان صديقا لي و لوالدي و سمعت منه شيئا كثيرا و رأيت شيوخا يضعفونه فلم أرو عنه شيئا و تجنبته».

و المستفاد من هذه العبارة بحسب الفهم العرفي ان الذي يضعفه جماعة لا يكون مرويا عنه للنجاشي حيث فرع عدم روايته علي هذا العنوان فلا يدل هذه الجملة علي عدم روايته عن الذي ضعفه واحد أو اثنان فكيف بمن لم يرد فيه شي ء أو ورد الغمز و التوثيق.

و قال في ترجمة محمد بن عبد اللّه بن محمد بن عبيد اللّه بن بهلول … كان في أول أمره ثبتا ثم خلط و رأيت جل أصحابنا يغمزونه و يضعفونه رأيت هذا الشيخ و سمعت منه كثيرا ثم توقفت عن الرواية الا بواسطة بيني و بينه».

و هذه الجملة أيضا كسابقتها فانها تدل علي أنه لا يروي بلا واسطة عن شخص ضعفه كثيرون فتحصل أن ما أفاده سيدنا الاستاد في المقام ليس تاما.

و منها: ما رواه صفوان عن الرضا عليه السلام في حديث قال: لو أنه خرج من منزله يريد النهروان ذاهبا و جائيا لكان عليه أن ينوي من الليل سفرا و الإفطار فان هو أصبح و لم ينو السفر فبدا له من بعد أن أصبح في السفر قصر و لم يفطر يومه ذلك «1». و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 184

______________________________

و منها: ما رواه أبو بصير قال: اذا خرجت بعد طلوع الفجر و لم تنو السفر من الليل فأتم الصوم و

اعتد به من شهر رمضان «1». و هذه الرواية ضعيفة بالارسال أيضا.

و منها: ما رواه أيضا قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اذا أردت السفر في شهر رمضان فنويت الخروج من الليل فان خرجت قبل الفجر أو بعده فأنت مفطر و عليك قضاء ذلك اليوم «2» و هذه الرواية مرسلة أيضا.

الطائفة الرابعة: ما يدل علي أن الاعتبار في الافطار تحقق السفر خارجا قبل الفجر فلو سافر بعده يصوم مطلقا بلا فرق بين أقسامه منها: ما رواه سماعة قال:

سألته عن الرجل كيف يصنع اذا أراد السفر؟ قال: اذا طلع الفجر و لم يشخص فعليه صيام ذلك اليوم و ان خرج من أهله قبل طلوع الفجر فليفطر و لا صيام عليه «3».

و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن السندي.

و منها: ما رواه أيضا قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من أراد السفر في رمضان فطلع الفجر و هو في أهله فعليه صيام ذلك اليوم اذا سافر لا ينبغي له أن يفطر ذلك اليوم و ليس يفترق التقصير و الافطار اذا قصر فليفطر «4».

و هذه الرواية يناقض صدرها مع ذيلها فانه قد صرح في ذيلها بعدم الافتراق بين التقصير و الافطار و في صدرها قد حكم بأن من لم يسافر قبل الفجر لا يجوز له الافطار و من الظاهر ان مثله يقصر في صلاته.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) نفس المصدر الحديث: 13

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 185

______________________________

مضافا الي انها معارضة مع النصوص المفصلة بين السفر قبل الزوال و بعده و المرجح مع تلك النصوص لموافقتها مع اطلاق الكتاب.

اضف الي ذلك انه لم ينسب القول به الي احد من

الامامية- علي ما قيل- فهذه الطائفة لا اعتبار بها أيضا.

الطائفة الخامسة: ما يدل علي أنه اذا أصبح في بلده ثم خرج فان شاء صام و ان شاء افطر لاحظ ما رواه رفاعة بن موسي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يريد السفر في رمضان قال: اذا أصبح في بلده ثم خرج فان شاء صام و ان شاء أفطر «1».

و القول بالتخيير المستفاد من هذه الرواية لم ينسب الي احد من الامامية- علي ما قيل-.

مضافا الي معارضتها مع الطائفة الاولي و الترجيح مع تلك الطائفة لموافقتها مع اطلاق الكتابي فالنتيجة ان المرجع الوحيد هي الطائفة الثانية المفصلة بين السفر قبل الزوال و بعده ببطلان الصوم في الاول و صحته في الثاني.

و بعبارة اخري: يجب الافطار في الاول و يجب الصوم في الثاني اضف الي ذلك كله ان القول بلزوم تبييت النية موافق للعامة- علي حسب نقل صاحب الحدائق قدس سره- قال قدس سره في حدائقه «أما الجمهور فقد قال الشافعي:

اذا نوي المقيم الصوم قبل الفجر ثم خرج بعد الفجر مسافرا لم يفطر يومه و به قال أبو حنيفة و مالك و الأوزاعي و أبو ثور و اختاره النخعي و مكحول و الزهري» «2» انتهي.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) الحدائق ج 13 ص: 46

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 186

و اذا كان مسافرا فدخل بلده أو بلدا نوي فيه الاقامة فان كان قبل الزوال و لم يتناول المفطر وجب عليه الصيام و ان كان بعد الزوال أو تناول المفطر في السفر بقي علي الافطار (1).

______________________________

فتحصل من جميع ما ذكرنا ان الحق بحسب الصناعة ما اختاره المفيد قدس سره و ذهب اليه جماعة كثيرة- علي ما

نسب اليهم- و هو التفصيل بين السفر قبل الزوال و بعده.

(1) بلا خلاف ظاهر- كما في كلام بعض الاصحاب- و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه أحمد بن محمد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل قدم من سفر في شهر رمضان و لم يطعم شيئا قبل الزوال قال: يصوم «1».

و منها: ما رواه يونس في حديث قال في المسافر يدخل أهله و هو جنب قبل الزوال و لم يكن أكل فعليه أن يتم صومه و لا قضاء عليه يعني اذا كانت جنابته من احتلام «2».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سألته عن الرجل يقدم من سفر في شهر رمضان فقال: ان قدم قبل زوال الشمس فعليه صيام ذلك اليوم و يعتد به «3».

و ربما يقال: يظهر من جملة من النصوص انه ان قدم من سفره قبل الزوال فله الخيار في الصيام و الافطار و من تلك النصوص ما رواه سماعة قال: سألته عن الرجل كيف يصنع اذا أراد السفر الي أن قال: ان قدم بعد زوال الشمس أفطر و لا يأكل ظاهرا و ان قدم من سفره قبل زوال الشمس فعليه صيام ذلك اليوم ان

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 187

______________________________

شاء «1». و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن السندي.

و منها ما رواه رفاعة بن موسي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقبل في شهر رمضان من سفر حتي يري أنه سيدخل أهله ضحوة أو ارتفاع النهار قال: اذا طلع الفجر و هو خارج و لم يدخل فهو بالخيار

ان شاء صام و ان شاء افطر «2».

و الذي يظهر من هذه الرواية ان الخيار بين الصوم و الافطار قبل الدخول.

و بعبارة اخري: ما دام مسافرا و خارجا عن المحل له الخيار.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يقدم من سفر في شهر رمضان فيدخل أهله حين يصبح أو ارتفاع النهار قال: اذا طلع الفجر و هو خارج و لم يدخل أهله فهو بالخيار ان شاء صام و ان شاء أفطر «3».

و الظاهر من هذا الحديث هو الظاهر من سابقه اي الظاهر بل الصريح منه ان الشخص قبل دخوله له الخيار و بعبارة اخري: ما دام خارجا يكون له الخيار بين الامرين.

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: فاذا دخل أرضا قبل طلوع الفجر و هو يريد الاقامة بها فعليه صوم ذلك اليوم و ان دخل بعد طلوع الفجر فلا صيام عليه و ان شاء صام «4».

و هذه الرواية صريحة في الخيار بعد الدخول و لا مجال لحملها علي الخيار

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 188

نعم يستحب له الامساك الي الغروب (1).

[مسألة 70: الظاهر أن المناط في الشروع في السفر قبل الزوال و بعده]

(مسألة 70): الظاهر ان المناط في الشروع في السفر قبل الزوال و بعده و كذا في الرجوع منه هو البلد لا حد الترخص نعم لا يجوز الافطار للمسافر الا بعد الوصول الي حد الترخص (2) فلو

______________________________

قبل الدخول لكن لا يمكن الاعتماد عليها اذ علي ما في الحدائق «1» لم يلتزم بهذا القول احد حتي من العامة.

و لا يبعد انه لو كان الخيار حكما

شرعيا لكان ظاهرا و كيف يمكن ثبوت مثل هذا الحكم الذي هو مورد ابتلاء العام و مع ذلك لم يلتزم به احد لا من الخاصة و لا من العامة.

اضف الي ذلك انه معارض مع بقية النصوص فلا مجال للالتزام به.

(1) أما بالنسبة الي من دخل قبل الزوال مفطرا فقد دل علي استحباب الامساك ما رواه سماعة قال: سألته عن مسافر دخل أهله قبل زوال الشمس و قد أكل قال:

لا ينبغي له أن يأكل يومه ذلك شيئا و لا يواقع في شهر رمضان ان كان له اهل «2»

و لقائل أن يقول: ان المستفاد من هذا الحديث كراهة الأكل لا استحباب الامساك. و أما بالنسبة الي من دخل بعد الزوال فالظاهر انه لا دليل عليه و حديث سماعة «3» ضعيف سندا بعلي بن السندي مضافا الي أنه لا يستفاد منه استحباب الامساك بل يستفاد منه لزوم احترام الشهر و هذا أمر آخر.

(2) اذ المستفاد من أدلة حد الترخص كونها مقيدة لإطلاق أدلة أحكام المسافر

______________________________

(1) ج 13 ص: 399

(2) الوسائل الباب 7 من ابواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 186

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 189

أفطر قبله عالما بالحكم وجبت الكفارة (1).

[مسألة 71: يجوز السفر في شهر رمضان اختيارا و لو للفرار من الصوم]

(مسألة 71): يجوز السفر في شهر رمضان اختيارا و لو للفرار من الصوم (2).

______________________________

و بعبارة اخري: الميزان بحسب الادلة هو الخروج من البلد و الوصول اليه غاية الامر قد علم من دليل حد الترخص انه لا يجوز للمسافر أن يقصر صلاته قبل حد الترخص و بمقتضي الملازمة المستفادة من النص بين الاتمام و الصوم و القصر و الافطار لا يجوز للمسافر قبل وصوله الي حد الترخص الافطار كما لا يجوز له القصر.

(1) بمقتضي اطلاق

من أفطر عامدا تجب عليه الكفارة و قد تقدم في مبحث وجوب الكفارة انه اذا أفطر أحد صومه ثم سافر لا يسقط عنه الكفارة فالسفر اللاحق لا يقتضي سقوط الكفارة المترتبة علي الافطار العمدي.

(2) علي المشهور شهرة عظيمة كادت أن تكون اجماعا- كما في كلام بعض الأصحاب- و القاعدة الاولية تقتضي جوازه اذ المستفاد من الاية الشريفة «1»:

ان المكلف علي قسمين حاضر و مسافر و الحاضر يجب عليه الصوم و أما المسافر فلا.

و بعبارة اخري: يستفاد من الاية الكريمة اشتراط وجوب الصوم بالحضر و من الظاهر انه لا يجب ايجاد شرط الواجب.

و أما بحسب النصوص فيظهر من بعضها ان الصوم أفضل لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يدخل شهر رمضان و هو مقيم لا يريد براحا ثم يبدو له بعد ما يدخل شهر رمضان أن يسافر فسكت فسألته غير مرة فقال: يقيم أفضل الا أن تكون له حاجة لا بد له من الخروج فيها أو يتخوف علي

______________________________

(1) لاحظ ص: 180

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 190

______________________________

ما له «1».

و مثله في الدلالة علي كون الصوم أفضل ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له جعلت فداك يدخل علي شهر رمضان فاصوم بعضه فتحضرني نية زيارة قبر أبي عبد اللّه عليه السلام فازوره و افطر ذاهبا و جائيا أو اقيم حتي افطر و ازوره بعد ما افطر بيوم أو يومين؟ فقال له: أقم حتي تفطر فقلت له: جعلت فداك فهو أفضل؟ قال: نعم أما تقرأ في كتاب اللّه: «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» «2».

و يدل علي جوازه ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر

عليه السلام أنه سئل عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان و هو مقيم و قد مضي منه أيام فقال:

لا بأس بأن يسافر و يفطر و لا يصوم «3».

و تدل علي عدم الجواز جملة من الروايات: منها: ما رواه أبو بصير قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الخروج اذا دخل شهر رمضان فقال: لا الا فيما اخبرك به: خروج الي مكة أو غزو في سبيل اللّه أو مال تخاف هلاكه أو أخ تخاف هلاكه و انه ليس أخا من الأب و الام «4». و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني.

و منها: ما أرسله علي بن اسباط عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا دخل شهر رمضان فلله فيه شرط قال اللّه تعالي: «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» فليس للرجل اذا دخل شهر رمضان أن يخرج الا في حج أو في عمرة أو مال يخاف تلفه أو أخ

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 191

و لكنه مكروه (1) الا في حج أو عمرة أو غزو في سبيل اللّه أو مال

______________________________

يخاف هلاكه و ليس له أن يخرج في اتلاف مال أخيه فاذا مضت ليلة ثلاث و عشرين فليخرج حيث شاء «1». و المرسل لا اعتبار به.

و منها: ما رواه الحسين بن مختار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تخرج في رمضان الا للحج أو العمرة أو مال تخاف عليه الفوت أو لزرع يحين حصاده «2».

و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن السندي.

و منها: ما رواه في الخصال باسناده عن علي عليه السلام في حديث

الأربعمائة قال: ليس للعبد أن يخرج الي سفر اذا دخل شهر رمضان لقول اللّه عز و جل «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» «3».

و هذه الرواية ضعيفة سندا فالمتحصل انه لا دليل علي المنع بل الدليل قائم علي الجواز نعم مقتضي حديث الحلبي ان الا فضل ترك السفر.

(1) علي ما ذكرنا ظهر انه لا وجه للكراهة و أما علي مسلك سيدنا الاستاد فوجه ما أفاده الجمع بين النصوص بتقريب ان الدال علي الحرمة يحمل علي الكراهة بقرينة ما يدل علي الجواز.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان العرف يري التعارض بين الدليلين و لا مجال للجمع العرفي بين الطرفين و ربما يقال: لو اغمض النظر عن ضعف سند دليل المنع يكون الترجيح عند التعارض مع دليل الجواز لكونه موافقا للكتاب فان المستفاد من الكتاب الكريم كما قلنا جواز السفر.

الا أن يقال: ان المستفاد من الاية الشريفة ان المكلف في فرض كونه حاضرا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 192

يخاف تلفه أو انسان يخاف هلاكه أو يكون بعد مضي ثلاث و عشرين ليلة (1) و اذا كان علي المكلف صوم واجب معين جاز له السفر و إن فات الواجب و ان كان في السفر لم تجب عليه الاقامة لأدائه (2).

______________________________

يصوم و في فرض كونه مسافرا يفطر و ليست الاية متعرضة لحكم السفر و الحضر فلاحظ.

(1) بعد ما علم ان الروايات المشار اليها ضعاف لا يمكن الاعتماد عليها في الفتوي بالكراهة و عدمها في الموارد المذكورة و لا ادري كيف يجمع بين ما أفاده في المقام و بين عدم مستند له ظاهرا الا جملة من النصوص الضعيفة و

علي فرض تمامية حديث الخصال لا يتم الامر بالنسبة الي جميع ما افاده و اللّه العالم بحقايق الامور و علي اللّه التوكل و التكلان.

(2) تارة يبحث في المقام فيما هو مقتضي القاعدة الاولية مع قطع النظر عن النص الخاص و اخري يبحث فيما هو المستفاد من النص الخاص فيقع الكلام في موضعين.

أما الموضع الاول فنقول: لا اشكال في ان مقتضي القاعدة وجوب ترك السفر و اذا كان المكلف في السفر يقيم و ذلك لأن الواجب المطلق يجب بحكم العقل الاتيان به فاذا توقف علي مقدمة مقدورة للمكلف يجب الإتيان بها فلو نذر مثلا أن يصوم يوم الجمعة يجب عليه أن يصوم و لو بأن يقصد الإقامة في مكان و يأتي بالواجب و هذا لا اشكال فيه.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 192

و لا يبعد ان ما أفاده سيد العروة قدس سره من عدم جواز السفر و وجوب الاقامة ان كان مسافرا مبنيا علي ما ذكر.

و لا يقاس الصوم المعين بصوم رمضان اذ المستفاد من الادلة كتابا و سنة ان صوم

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 193

______________________________

رمضان واجب مشروط بكون المكلف حاضرا و من الظاهر ان شرط الوجوب لا يجب ايجاده.

و بعبارة واضحة ان وجوب صوم رمضان متوجه الي من يكون حاضرا فكما ان وجوب التمام متوجه الي الحاضر و لا يجب علي المكلف الحضور كي يتم كذلك لا يجب عليه الحضور كي يصوم و هذا ظاهر واضح و أما الصوم المعين فليس مشروطا بحضور المكلف بل واجب عليه مطلقا فيجب ايجاد مقدماته و من جملتها الحضور فيجب.

و صفوة

القول: انه فرق بين شرط الوجوب و شرط الواجب. هذا تمام الكلام بالنسبة الي الموضع الاول.

و أما الموضع الثاني فقول: ربما يقال: المستفاد من حديث زرارة قال:

قلت لأبي جعفر عليه السلام: ان أمي كانت جعلت عليها نذرا ان اللّه رد (ان يرد اللّه) عليها بعض ولدها من شي ء كانت تخاف عليه أن تصوم ذلك اليوم الذي يقدم فيه ما بقيت فخرجت معنا مسافرة الي مكة فأشكل علينا لمكان النذر أ تصوم أو تفطر؟

فقال: لا تصوم قد وضع اللّه عنها حقه و تصوم هي ما جعلت علي نفسها قلت: فما تري اذا هي رجعت الي المنزل أ تقضيه؟ قال: لا قلت: أ فنترك ذلك؟ قال: لا لأني اخاف أن تري في الذي نذرت فيه ما تكره «1»، انه لا فرق بين صوم رمضان و غيره من الواجب المعين من هذه الجهة فانه لا يبعد أن يستفاد من كلامه عليه السلام: «قد وضع اللّه عنها حقه و تصوم هي ما جعلت علي نفسها» انه كما أن صيام رمضان مشروط بعدم السفر كذلك صيام غير رمضان فيكون الحضر شرطا

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 194

[مسألة 72: يجوز للمسافر التملي من الطعام و الشراب و كذا الجماع في النهار علي كراهة في الجميع]

(مسألة 72): يجوز للمسافر التملي من الطعام و الشراب و كذا الجماع في النهار علي كراهة في الجميع (1).

______________________________

للوجوب علي الاطلاق.

و علي الجملة ان المستفاد من الحديث ان عدم السفر كما انه شرط في وجوب صوم رمضان كذلك شرط في وجوب بقية الصيام.

و لقائل أن يقول: المستفاد من كلامه عليه السلام ان السفر لا يجامع الصوم و أما أن الحضر شرط للوجوب فلا يظهر من كلامه أرواحنا له الفداء.

و بعبارة اخري: السؤال عن

الصوم في فرض تحقق السفر و جوابه عليه السلام راجع الي هذه الجهة اي لا يجتمع الصوم و السفر لكن الانصاف ان المستفاد بحسب الفهم العرفي جواز السفر فلاحظ.

و في المقام رواية اخري لعلي بن مهزيار قال: كتبت اليه يعني الي أبي الحسن عليه السلام: يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما من الجمعة دائما ما بقي فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحي أو أيام التشريق أو سفر أو مرض هل عليه صوم ذلك اليوم أو قضائه و كيف يصنع يا سيدي؟ فكتب اليه: قد وضع اللّه عنه الصيام في هذه الايام كلها و يصوم يوما بدل يوم ان شاء اللّه الحديث «1».

و لا يبعد أن يستفاد المدعي من هذه الرواية اذ الميزان باطلاق الجواب لا بخصوص السؤال فان مقتضي قوله عليه السلام: «قد وضع اللّه عنه الصيام في هذه الايام كلها» ان الحضر شرط لوجوب الصيام علي الاطلاق فاذا كان المكلف مسافرا لا يجب عليه الصوم و هذا هو المدعي.

(1) أما جواز التملي من الاكل و الشرب فلعدم دليل علي الحرمة و أما كراهة

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب النذر و العهد.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 195

______________________________

التملي فيمكن أن يستفاد من حديث: ابن سنان يعني عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسافر في شهر رمضان و معه جارية أ فله أن يصيب منها بالنهار؟ فقال: سبحان اللّه أما يعرف هذا حرمة شهر رمضان ان له في الليل سبحا طويلا قلت: أ ليس له أن يأكل و يشرب و يقصر؟ قال: ان اللّه تبارك و تعالي قد لرخص للمسافر في الافطار و التقصير رحمة و تخفيفا لموضع التعب

و النصب و وعث السفر و لم يرخص له في مجامعة النساء في السفر بالنهار في شهر رمضان و أوجب عليه قضاء الصيام و لم يوجب عليه قضاء تمام الصلاة اذا آب من سفره ثم قال:

و السنة لا تقاس و اني اذا سافرت في شهر رمضان ما آكل الا القوت و ما أشرب كل الري «1».

فان الظاهر من كلامه عليه السلام في ذيل الحديث: «و اني اذا سافرت» الي آخره ان التملي منهما مرجوح.

و أما الجماع فيستفاد من جملة من النصوص انه حرام لاحظ رواية ابن سنان المتقدمة آنفا و لاحظ ما رواه أيضا قال: سألته عن الرجل يأتي جاريته في شهر رمضان بالنهار في السفر فقال: ما عرف هذا حق شهر رمضان ان له في الليل سبحا طويلا «2».

و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا سافر الرجل في شهر رمضان فلا يقرب النساء بالنهار في شهر رمضان فان ذلك محرم عليه «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 196

______________________________

و ما رواه سماعة «1»:

و المستفاد من طائفة اخري الجواز لاحظ ما رواه عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسافر في شهر رمضان أله أن يصيب من النساء؟

قال: نعم «2».

و ما رواه سهل قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل أتي أهله في شهر رمضان و هو مسافر؟ قال: لا بأس «3».

و ما رواه عبد الملك بن عتبة الهاشمي قال: سألت أبا الحسن يعني موسي عليه السلام عن الرجل يجامع أهله في السفر و هو

في شهر رمضان؟ قال: لا بأس به «4».

و ما رواه أبو العباس عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسافر و معه جارية في شهر رمضان هل يقع عليها؟ قال: نعم «5».

و ما رواه داود بن الحصين قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسافر في شهر رمضان و معه جارية أيقع عليها؟ قال: نعم «6».

و ما رواه علي بن الحكم قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يجامع أهله في السفر في شهر رمضان؟ فقال: لا بأس به «7».

______________________________

(1) لاحظ ص: 188

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) نفس المصدر الحديث: 7

(7) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 197

و الاحوط استحبابا الترك (1) و لا سيما في الجماع (2).

[الفصل الخامس: ترخيص الافطار]

اشارة

الفصل الخامس: ترخيص الافطار: وردت الرخصة في افطار شهر رمضان لأشخاص منهم الشيخ و الشيخة و ذو العطاش اذا

______________________________

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقدم من سفر بعد العصر في شهر رمضان فيصيب امرأته حين طهرت من الحيض أ يواقعها؟

قال: لا بأس به «1».

و قد حملوا نصوص النهي علي الكراهة جمعا بين الطرفين لكن الظاهر ان هذا ليس جمعا عرفيا كيف و قد صرح في حديث ابن سنان بأن اللّه لم يرخص له في مجامعة النساء و في حديث ابن مسلم بعد نهيه بقوله عليه السلام: «فلا يقرب النساء بالنهار في شهر رمضان» أكد النهي بقوله عليه السلام: «فان ذلك محرم عليه».

فالتعارض قطعي فلا بد من العلاج و الترجيح مع دليل الجواز لموافقته

مع اطلاق الكتاب فان قوله تعالي: «نِسٰاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّٰي شِئْتُمْ «2» يقتضي الجواز علي الاطلاق كما ان الترجيح بالا حدثية مع دليل الجواز لاحظ ما رواه علي بن الحكم «3» فان السؤال فيه عن الامام أبي الحسن عليه السلام.

مضافا الي ان الجواز مسلم و ان كان حراما لم يكن بحيث يقع مورد البحث و القيل و القال و بعبارة اخري لو كان لبان و ظهر.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف و لا اشكال في حسن الاحتياط بل في استحبابه.

(2) قد ظهر الوجه فيه.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) البقرة/ 223

(3) لاحظ ص: 196

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 198

تعذر عليهم الصوم (1) و كذلك اذا كان حرجا و مشقة (2).

______________________________

(1) لا اشكال في عدم وجوب الصوم في فرض التعذر اذ كل تكليف مشروط بالقدرة و مرجع التعذر الي عدم القدرة و يدل علي المدعي قوله تعالي: «لٰا يُكَلِّفُ اللّٰهُ نَفْساً إِلّٰا وُسْعَهٰا» «1».

(2) و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الوجه الاول: الاية الكريمة «فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَليٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّٰامٍ أُخَرَ وَ عَلَي الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعٰامُ مِسْكِينٍ» «2».

بتقريب: ان المستفاد من الاية الشريفة تقسيم المكلفين الي ثلاثة أقسام الحاضرين الاصحاء و المسافرين و المرضي و الذين يطيقون الصوم و هم الذين يكون الصوم حرجا و مشقة بالنسبة اليهم فاوجب الصوم بالنسبة الي القسم الاول و أوجب الافطار و القضاء بالنسبة الي القسم الثاني و أوجب الفداء بالنسبة الي القسم الثالث فالقسم الثالث لا يجب عليه الا الفداء.

و بعبارة اخري: التكليف بالصوم اداءا و قضاء ساقط عنه.

الوجه الثاني: قاعدة نفي العسر و الحرج فانها ترفع التكليف الحرجي فمع وجود الحرج و المشقة

لا يجب الصيام كما هو مفاد القاعدة و أما القضاء فيحتاج وجوبه الي قيام دليل عليه بل علي تقدير استفادة عدم الوجوب من الكتاب كما مر ان وردت رواية دالة علي وجوب القضاء لا بد من ردها لمخالفتها مع الكتاب.

الوجه الثالث: النصوص الدالة علي عدم وجوب الصوم بالنسبة الي المذكورين و وجوب الفدية عليهم لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الشيخ الكبير و الذي به العطاش لا حرج عليهما أن يفطرا

______________________________

(1) البقرة/ 287

(2) البقرة/ 182

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 199

و لكن يجب عليهم حينئذ الفدية عن كل يوم بمد من الطعام (1).

______________________________

في شهر رمضان و يتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمد من طعام و لا قضاء عليهما و ان لم يقدرا فلا شي ء عليهما «1».

و ما رواه أيضا قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول و ذكر مثله الا أنه قال:

و يتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمدين من طعام «2».

و ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «وَ عَلَي الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعٰامُ مِسْكِينٍ» قال: الشيخ الكبير و الذي يأخذه العطاش و عن قوله عز و جل: «فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعٰامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً» قال: من مرض أو عطاش «3».

و ما رواه ابن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «وَ عَلَي الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعٰامُ مِسْكِينٍ». قال: الذين كانوا يطيقون الصوم و أصابهم كبر أو عطاش أو شبه ذلك فعليهم لكل يوم مد «4».

(1) يقع الكلام تارة في حكم المذكورين في المتن من حيث وجوب الفدية مع

فرض تعذر الصوم و اخري مع الاطاقه اي القدرة علي الصوم مع المشقة و الحرج فيقع البحث في موردين.

أما المورد الأول فالمشهور- علي ما نسب اليهم- ذهبوا الي وجوب الفدية لكن لا بد من ملاحظة الاية الشريفة و النصوص الواردة في المقام فنقول: المستفاد من الاية الشريفة ان من أطاق الصوم يسقط عنه الصوم و تجب عليه الفدية و أما العاجز عن الصوم اي غير القادر عليه فلا تعرض في الاية لحكمه من هذه الجهة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 200

______________________________

و أما النصوص فمنها: ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام ايما رجل كان كبيرا لا يستطيع الصيام أو مرض من رمضان الي رمضان ثم صح فانما عليه لكل يوم أفطر فيه فدية اطعام و هو مد لكل مسكين «1».

فان الرواية اما بالصراحة و اما بالاطلاق يشمل الشيخ الكبير لكن سندها مخدوش بالبطائني.

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الشيخ الكبير لا يقدر أن يصوم فقال: يصوم عنه بعض ولده قلت: فان لم يكن له ولد؟ قال:

فأدني قرابته قلت: فان لم يكن له قرابة؟ قال: يتصدق بمد في كل يوم فان لم يكن عنده شي ء فليس عليه «2».

و تقريب الاستدلال به علي المدعي هو التقريب و لكن سند الرواية مخدوش بيحيي بن المبارك.

و منها: ما رواه ابراهيم ابن أبي زياد الكرخي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل لا يستطيع القيام الي الخلا لضعفه و لا يمكنه الركوع و السجود فقال:

ليؤم

برأسه إيماء إلي أن قال: قلت: فالصيام قال: اذا كان في ذلك الحد فقد وضع اللّه عنه فان كانت له مقدرة فصدقة من طعام بدل كل يوم احب إلي و ان لم يكن له يسار ذلك فلا شي ء عليه «3».

و هذه الرواية ضعيفة بالطيالسي كما أن ابراهيم بن أبي زياد الكرخي لم يوثق فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 201

______________________________

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل كبير يضعف عن صوم شهر رمضان فقال: يتصدق بما يجزي عنه طعام مسكين لكل يوم «1».

و هذه الرواية لا دلالة فيها علي المدعي اذ الموضوع الوارد فيها الشيخ الكبير الذي يضعف عن الصوم و الضعيف ظاهر في القادر و كلامنا في العاجز عن الصوم.

و منها: ما أرسله العياشي عن رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله عز و جل: «وَ عَلَي الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعٰامُ مِسْكِينٍ» قال: المرأة تخاف علي ولدها و الشيخ الكبير «2» و المرسل لا اعتبار به مضافا الي المناقشة في دلالتها.

و منها: ما أرسله أيضا عن سماعة عن أبي بصير قال: سألته عن قول اللّه عز و جل: «وَ عَلَي الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعٰامُ مِسْكِينٍ» قال: هو الشيخ الكبير الذي لا يستطيع و المريض «3».

و المرسل لا اعتبار به و منها: ما أرسله ابن بكير «4» و المرسل لا اعتبار به.

و منها ما رواه عبد اللّه سنان قال: سألته عن رجل كبير ضعف عن صوم شهر رمضان قال: يتصدق كل يوم بما يجزي من طعام مسكين «5» و هذه

الرواية موضوعها الضعيف عن الصوم و كلا منافي العاجز عنه.

و منها: ما رواه عبد الملك بن عتبة الهاشمي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) لاحظ ص: 199

(5) الوسائل الباب 15 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 202

و الافضل كونها من الحنطة (1).

______________________________

عن الشيخ الكبير و العجوزة الكبيرة التي تضعف عن الصوم في شهر رمضان قال:

تصدق في كل يوم بمد حنطة «1».

و هذه الرواية ضعيفة بعبد الملك بن عتبة الهاشمي مضافا الي أن الواقع فيها الضعيف عن الصوم.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «2». و هذه الرواية تفسر المراد من الاية و قد تقدم ان الاية لا تشمل العاجز عن الصيام بل المستفاد من الاية حكم من يكون قادرا علي الصوم و لكن مع المشقة و الحرج. و بعبارة اخري: هذه الرواية ليست في مقام وجوب الفدية بل في مقام بيان مصاديق من يطيق الصوم.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم أيضا «3» و الظاهر ان هذه الرواية باطلاقها تشمل العاجز عن الصيام و لا دليل علي أن هذه الرواية عين تلك الروايه التي رواها ابن مسلم أيضا كي يقال: وردت في تفسير الاية فلا يستفاد منها الاطلاق فتحصل انه يجب علي العاجز الفدية.

و أما المورد الثاني فالمستفاد من النصوص المقدمة وجوب الفدية علي الشيخ الكبير الضعيف كما أن المستفاد من بعض تلك النصوص كحديث محمد بن مسلم «4» الاول وجوبها علي ذي العطاش.

(1) مقتضي الاية الشريفة و جملة من نصوص الباب كفاية مطلق الطعام و لكن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 198

(3) لاحظ ص: 199

(4)

لاحظ ص: 198

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 203

بل كونها مدين (1) بل هو أحوط استحبابا (2) و الظاهر عدم وجوب القضاء علي الشيخ و الشيخة اذا تمكنا من القضاء (3).

______________________________

قد ورد في حديث الهاشمي «1» لفظ الحنطة و مقتضي وجوب حمل المطلق علي المقيد ان الواجب خصوص الحنطة لكن قد ذكرنا ان الحديث ضعيف سندا بعبد الملك فلا مجال للتقييد كما أنه لا مجال للحكم الجزمي بافضلية الحنطة اذ قاعدة التسامح لا يستفاد منها الاستحباب نعم لا بأس بالالتزام بالاستحباب من باب كون الاحتياط مستحبا فلاحظ.

(1) كما في حديث ابن مسلم «2» المروي عن أبي عبد اللّه عليه السلام و أما حديثه الاخر «3» المروي عن أبي جعفر عليه السلام فالمذكور فيه المد و قد حمل الحديث الدال علي المدين علي الاستحباب بقرينة الحديث الاخر الدال علي كفاية مد واحد.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: انهما متعارضان و حيث ان الحديث الاول الدال علي كفاية مطلق المد موافق مع الاطلاق الكتابي يرجح علي معارضه فالنتيجة كفاية المد الواحد نعم حيث انه يحتمل وجوب المدين لا بأس بالالتزام باستحبابهما من باب حسن الاحتياط فلاحظ.

(2) قد ظهر وجهه.

(3) لما تقدم من أن المستفاد من الاية ان من يطيق الصوم مرفوع عنه الصوم و لا يجب عليه شي ء لا اداءا و لا قضاء فلا دليل علي وجوب القضاء بل الدليل قائم

______________________________

(1) لاحظ ص: 201

(2) لاحظ ص: 199

(3) لاحظ ص: 198

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 204

و الاحوط وجوبا لذي العطاش القضاء مع التمكن (1) و منهم الحامل المقرب التي يضربها الصوم (2).

______________________________

علي عدمه من الاية و الرواية أما الاية فلما ذكرنا من أن المستفاد منها ان هذا الصف الثالث

ليس عليه الا الفدية و أما الرواية فقد صرح في حديث ابن مسلم «1» بعدم وجوب القضاء علي الشيخ الكبير و علي الذي به العطاش.

(1) المستفاد من الاية الشريفة عدم وجوب القضاء علي من يطيق الصوم كما ان المستفاد من حديث ابن مسلم عدم وجوبه أيضا كما مر آنفا فلا وجه لوجوب الاحتياط نعم استحبابه علي القاعدة.

ان قلت: الذي ذكرت يتم بالنسبة الي من يطيق و أما بالنسبة الي العاجز عن الصوم فما الوجه في عدم وجوب القضاء عليه؟. قلت: يكفي دليلا علي عدم الوجوب اطلاق الرواية مضافا الي أنه لا مقتضي لوجوب القضاء.

و بعبارة اخري: لا يكون الصوم واجبا عليه كي يقال: فاتت عنه الفريضة و أيضا لا دليل علي وجوب القضاء عليه و مقتضي الاصل عدم الوجوب.

(2) بلا خلاف و لا اشكال- كما في كلام بعض الاصحاب- و عن الجواهر:

«ان عليه الاجماع بقسميه». و يدل علي المدعي ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الحامل المقرب و المرضع القليلة اللبن لا حرج عليهما أن تفطرا في شهر رمضان لأنهما لا تطيقان الصوم و عليهما أن تتصدق كل واحد منهما في كل يوم تفطر فيه بمد من طعام و عليهما قضاء كل يوم أفطرتا فيه تقضيانه بعد «2».

و دلالة الرواية علي المدعي ظاهرة فانه بمناسبة الحكم و الموضوع يفهم ان

______________________________

(1) لاحظ ص: 198

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 205

أو يضر حملها (1) و المرضعة القليلة اللبن اذا أضربها الصوم (2) أو أضر بالولد (3) و عليهما القضاء بعد ذلك (4) كما أن عليهما الفدية أيضا (5) فيما اذا كان

الضرر علي الحمل أو الولد (6).

______________________________

وجوب الصوم ساقط عن الحامل بلحاظ تضررها منه.

(1) لإطلاق النص.

(2) كما صرح بها في النص.

(3) للإطلاق.

(4) كما صرح به في النص المشار اليه و ربما يقال: بأنه يستفاد من حديث محمد بن جعفر قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام ان امرأتي جعلت علي نفسها صوم شهرين فوضعت ولدها و أدركها الحبل فلم تقو علي الصوم قال: فلنصدق مكان كل يوم بمد علي مسكين «1»، عدم وجوب القضاء علي الحامل.

بتقريب: ان الظاهر منه أن وظيفتها الفداء و لكن الرواية ضعيفة سندا بمحمد بن جعفر اذ لم يثبت وثاقة الرجل مضافا الي أن مورد الحديث لا يرتبط بالمقام فلاحظ.

(5) كما نص بها في الرواية.

(6) استدل الماتن علي ما ادعاه بوجهين: احدهما ان الامام عليه السلام قيد الحكم بوجوب التصدق بالحامل المقرب فيعلم ان هذا الحكم بلحاظ الترخيص في الافطار من ناحية تضرر الحمل بصوم الام و لو كان الحكم مطلقا لم يكن وجه لهذا التقييد.

و فيه: ان مناطات الاحكام غير واضحة لدنيا و الميزان ظهور كلام الامام عليه السلام و المفروض ان مقتضي اطلاق كلامه عدم الفرق من هذه الناحية.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 206

______________________________

ثانيهما: ان مقتضي الكتاب و السنة عدم وجوب التصدق علي المريض المفطر و مقتضي اطلاق الدليل عدم الفرق بين الحامل التي يضرها الصوم و غيرها من المرضي كما أن مقتضي اطلاق حديث ابن مسلم الوارد في المقام عدم الفرق بين كون الافطار لأجل الضرر المتوجه الي الام و بين توجهه الي الولد و حيث ان النسبة بين الدليلين العموم من وجه يتعارضان في مورد الاجتماع و يتساقطان و بعد التساقط لا دليل علي وجوب

التصدق.

و يمكن أن يقال: ان المفطر للصوم لا يكون مريضا علي الاطلاق و بعبارة اخري: يمكن أن يكون الشخص مريضا و لا يضر به الصوم و يمكن أن يضربه و مع ذلك لا يصدق عليه المريض كما لو أوجب ضعف مزاجه.

و علي الجملة الشخص الضعيف لا يكون مصداقا للمريض و هذا العرف ببابك فلا يكون المتضرر بالصوم من مصاديق المريض و عليه يكون الاطلاق محكما فلا وجه للقيد المذكور في المتن.

و صفوة القول: ان المتضرر بالصوم أعم من المريض و المفروض ان الصدقة قد وجبت علي المتضرر بالصوم في هذه الرواية و مقتضي اطلاقها عدم الفرق.

و ان شئت قلت: الصدقة وجبت في هذه الرواية من حيث الافطار بلحاظ الضرر فلا ينافي عدم الوجوب بلحاظ آخر.

و لقائل أن يقول: ليس في المقام عنوانان كي يقال: بأنه لا تنافي بين الدليلين بل عنوان واحد و هو التضرر فالتضرر موضوع لكلا الدليلين و قد فرض ان النسبة بينهما العموم من وجه فيتعارضان و يتساقطان بل حديث ابن مسلم بلحاظ كونه مباينا مع الكتاب بالتباين الجزئي يسقط عن الحجية.

أو يقال: ان الروايات الدالة علي عدم وجوب الصدقة موافقة مع الكتاب

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 207

و لا يجزي الاشباع عن المد في الفدية من غير فرق بين مواردها (1).

[مسألة 73: لا فرق في المرضعة بين أن يكون الولد لها و أن يكون لغيرها]

(مسألة 73): لا فرق في المرضعة بين أن يكون الولد لها و أن يكون لغيرها (2) و الاقوي الاقتصار علي صورة عدم التمكن من ارضاع غيرها للولد (3).

[الفصل السادس: ثبوت الهلال]

اشارة

الفصل السادس: ثبوت الهلال: يثبت الهلال بالعلم الحاصل

______________________________

و ترجح علي ما يدل علي وجوبها فالنتيجة عدم وجوب الصدقة.

و لكن لنا أن نقول: بأنه لا مجال للتعارض اذ لا تعارض بين ما يكون مقتضيا و ما لا اقتضاء له فان الاية الشريفة لا تدل علي عدم وجوب الصدقة و انما تدل علي تقسيم المكلف بثلاثة اقسام: الاصحاء الحاضرين و المرضي و المسافرين و من لا يطيق الصوم فيجب علي القسم الاول الصوم و علي القسم الثاني القضاء و علي القسم الثالث الفداء و لا تدل الاية علي عدم وجوب الفدية علي المرضي و المسافرين.

و يمكن أن يرد علي هذا البيان ان التقسيم قاطع للشركة فيفهم من الاية عدم وجوب الفداء الا علي القسم الثالث فلو دل دليل علي الوجوب يقع التعارض بينه و بين الاية فلاحظ.

(1) لعدم الدليل عليه فلاحظ.

(2) لا طلاق النص المشار اليه.

(3) و الوجه فيه ان الحكم بجواز الافطار قد علل في الرواية بعدم الاطاقة و من الظاهر ان هذا المفهوم لا يصدق مع وجود المندوحة. و بعبارة اخري: ان صدق عدم الطاقة يتوقف علي عدم طريق يجمع بين الرضاع و الصوم و أما مع وجود طريق الجمع بين الامرين فلا يصدق عنوان عدم الاطاقة فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 208

من الرؤية أو التواتر أو غيرهما (1) و بالاطمينان الحاصل من الشياع أو غيره (2) أو بمضي ثلاثين يوما من هلال شعبان فيثبت هلال شهر رمضان أو ثلاثين يوما من شهر رمضان فيثبت هلال شوال

(3) و بشهادة عدلين (4).

______________________________

(1) فانه حجة عقلية و اعتباره ذاتي غير قابل للجعل كما أنه ليس قابلا للرفع و لا فرق فيه من هذه الجهة بين منشأه فاذا حصل يكون حجة.

(2) فانه طريق عقلائي و حجة بلا فرق بين منشأه.

(3) كما هو ظاهر اذ معه لا يبقي شك في بقاء شعبان أو رمضان.

(4) قال الشيخ في الخلاف: «ثبوت الهلال بشهادة عدلين مجمع عليه» «1» و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان عليا عليه السلام كان يقول: لا اجيز في الهلال الا شهادة رجلين عدلين «2»

و منها: ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يجوز شهادة النساء في الهلال و لا يجوز إلا شهادة رجلين عدلين «3».

و منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال علي عليه السلام: لا تقبل شهادة النساء في روية الهلال إلا شهادة رجلين عدلين «4»

و منها: ما رواه داود بن الحصين عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث طويل قال: لا يجوز شهادة النساء في الفطر الا شهادة رجلين عدلين و لا بأس في الصوم

______________________________

(1) الخلاف ج 1 ص: 394

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 209

______________________________

بشهادة النساء و لو امرأة واحدة «1».

و منها: ما رواه احمد بن محمد بن عيسي في نوادره عن أبيه رفعه قال: قضي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بشهادة الواحد و اليمين في الدين و أما

الهلال فلا الا بشاهدي عدل «2».

و ربما يقال: بأنه تعارضها رواية أبي أيوب ابراهيم بن عثمان الخزاز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: كم يجزي في رؤية الهلال؟ فقال: ان شهر رمضان فريضة من فرائض اللّه فلا تؤدوا بالتظني و ليس رؤية الهلال أن يقوم عدة فيقول واحد: قد رأيته و يقول الآخرون: لم نره اذا رآه واحد رآه مأئة و اذا رآه مأئة رآه الف و لا يجزي في رؤية الهلال اذا لم يكن في السماء علة أقل من شهادة خمسين و اذا كانت في السماء علة قبلت شهادة رجلين يدخلان و يخرجان من مصر «3»

بتقريب: انه اذا لم تكن في السماء علة لا تكفي شهادة الاثنين و لا الاكثر فاذا لم تكن في السماء علة و شهد شاهدا عدل برؤية الهلال يقع التعارض بين الجانبين و مقتضي تلك النصوص ثبوته بشهادتهما و مقتضي هذه الرواية عدم ثبوته.

و لكن لا يبعد أن يقال: بأن هذه الرواية في مقام بيان أن الهلال لا يثبت بالظن فلا أثر لتعدد الشهود بل لا بد من حصول العلم.

و بعبارة اخري: لا يبعد أن يكون المستفاد من الرواية ان الهلال لا يثبت بالظن و علي هذا لا تكون هذه الرواية معارضة لتلك النصوص اذ مفاد تلك الروايات جعل شهادة العدلين منزلة العلم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 15

(2) نفس المصدر الحديث: 17

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 210

______________________________

لكن الانصاف ان الجزم بتمامية هذا البيان في غاية الاشكال فلا بد من علاج آخر و يمكننا أن نقول: بأن السيرة جارية علي ثبوت الهلال بشهادة عدلين في الاعصار و الامصار و لو لم يكن كافيا لذاع و

شاع حيث ان المسألة مورد الابتلاء العام و يؤيد المدعي دعوي الشيخ الاجماع عليه.

اضف الي ذلك انه لقائل أن يقول: المستفاد من الرواية رد شهادة الشهود فيما تكون ملازمة بين رؤية واحد و رؤية ألف و من الظاهر انه مع الملازمة المذكورة يحصل القطع بكون الشهادة خلاف الواقع و لا اشكال في عدم اعتبار الشهادة اذا فرض القطع بكونها مخالفة مع الواقع.

و يضاف الي ذلك كله التنافي بين فقرات الحديث اذ حكم عليه السلام بالملازمة اولا و أفاد بأنه لا يمكن أن يراه شخص و لا يراه آخر و أخيرا حكم بكفاية شهادة خمسين.

فالنتيجة: ان المرجع مفاد تلك النصوص و ان أبيت عن ذلك كله فنقول:

يسقط كل من الدليلين بالتعارض و المرجع بعد التساقط عموم حجية شهادة عدلين في الموضوعات.

و مما ذكرنا يظهر الجواب عن الاستدلال علي خلاف المدعي بما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا رأيتم الهلال فصوموا و اذا رأيتموه فأفطر و او ليس بالرأي و لا بالتظني و لكن بالرؤية (قال) و الرؤية ليس أن يقوم عشرة فينظروا فيقول واحد: هو ذا و ينظر تسعة فلا يرونه اذا رآه واحد رآه عشرة آلاف و اذا كانت علة فأتم شعبان ثلاثين «1».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 211

و في ثبوته بحكم الحاكم الذي لا يعلم خطأه و لا خطأ مستنده اشكال بل منع (1).

______________________________

(1) مقتضي القاعدة الاولية عدم ثبوت الهلال بحكم الحاكم اذ اعتبار حكمه أمر شرعي و لا بد من قيام دليل عليه و ما دام لم يقم عليه دليل لا يمكن الالتزام به بل مقتضي الاصل عدم اعتباره فان عدمه مقتضي الاستصحاب.

و ما

يمكن أن يكون وجها لاعتباره عدة روايات منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا شهد عند الامام شاهدان انهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوما أمر الامام بافطار ذلك اليوم اذا كانا شهدا قبل زوال الشمس و ان شهدا بعد زوال الشمس أمر الامام بافطار ذلك اليوم و أخر الصلاة الي الغد فصلي بهم «1».

و هذه الرواية لا تدل علي المدعي اذ المتبادر من لفظ الامام المفروض طاعته علي الانام روحي و ارواح العالمين له الفداء و لا يكون مرجع التقليد اماما.

مضافا الي أنه ليس في الرواية انه عليه السلام يحكم بالهلال بل المصرح به فيها انه عليه السلام يأمر و أمره واجب الاطاعة فانه مطاع في عرض النبي الاكرم صلي اللّه عليه و آله بل في عرض ذاته تبارك و تعالي فلا ترتبط الرواية بالمقام.

و منها: ما رواه اسحاق بن يعقوب قال: سألت محمد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل اشكلت علي فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان عليه السلام: أما ما سألت عنه ارشدك اللّه و ثبتك الي أن قال: و أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و أنا حجة

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 212

______________________________

اللّه الحديث «1».

بتقريب ان الهلال من الحوادث فيجب ارجاعه الي رواة الحديث. و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن محمد بن عصام و اسحاق بن يعقوب.

و منها ما رواه عمر بن حنظلة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحا كما الي السلطان و

الي القضاة أ يحل ذلك؟ قال: من تحاكم اليهم في حق أو باطل فانما تحاكم الي الطاغوت و ما يحكم له فانما يأخذ سحتا و ان كان حقا ثابتا له لأنه أخذه بحكم الطاغوت و ما امر اللّه أن يكفر به قال اللّه تعالي: «يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحٰاكَمُوا إِلَي الطّٰاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ» قلت: فكيف يصنعان قال: ينظران من كان منكم ممن قد روي حديثنا و نظر في حلالتا و حرامنا و عرف أحكامنا فليرضوا به حكما فاني قد جعلته عليكم حاكما فاذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فانما استخف بحكم اللّه و علينا رد و الراد علينا الراد علي اللّه و هو علي حد الشرك باللّه الحديث «2».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان اللّه تعالي جعل من يعرف الحلال و الحرام حاكما. و هذه الرواية ضعيفة بابن حنظلة.

و منها: ما رواه أبو خديجة سالم بن مكرم الجمال قال: قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: اياكم أن يحاكم بعضكم بعضا الي أهل الجور و لكن انظروا الي رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم فاني قد جعلته قاضيا فتحاكموا اليه «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب صفات القاضي الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 213

و لا يثبت بشهادة النساء (1).

______________________________

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان من يعلم شيئا من القضايا يكون قاضيا من قبل اللّه تعالي فيكون حكمه نافذا.

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي احمد بن عائذ بالحسن بن علي الوشاء بالاضافة الي الاشكال في أبي خديجة.

مضافا الي ان ذلك الرواية لا تدل

علي المدعي اذ مفادها اعتبار حكم قاضي التحكيم بين المترافعين و لا ترتبط باعتبار حكم الحاكم في الموضوعات كالهلال الذي هو محل الكلام في المقام فالمتحصل انه لا دليل علي اعتبار حكم الحاكم في الهلال فلاحظ.

(1) لجملة من النصوص: منها: ما رواه الحلبي «1» و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: لا تجوز شهادة النساء في الهلال «2» و منها: ما رواه حماد بن عثمان «3».

و منها: ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: صم لرؤية الهلال و أفطر لرويته فان شهد عندكم شاهدان مرضيان بأنهما رأياه فاقضه «4».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن اليوم الذي يقضي من شهر رمضان فقال: لا يقضه الا أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متي كان رأس الشهر الحديث «5» و منها: ما رواه عبيد اللّه بن

______________________________

(1) لاحظ ص: 208

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 208

(4) الوسائل الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 214

و لا بشهادة العدل الواحد (1).

______________________________

علي الحلبي «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان عليا عليه السلام كان يقول:

لا اجيز في رؤية الهلال الا شهادة رجلين عدلين «2».

و منها: ما رواه شعيب بن يعقوب عن جعفر عن أبيه عليه السلام ان عليا عليه السلام قال: لا اجيز في الطلاق و لا في الهلال إلا رجلين «3».

فان هذه النصوص تدل علي المدعي اما بالمنطوق و اما بالمفهوم. و أما حديث داود بن الحصين «4» فهو ضعيف

سندا بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن الفضال.

(1) لدلالة جملة من النصوص علي أنه لا يثبت الهلال الا بشهادة عدلين و من تلك النصوص ما رواه حماد بن عثمان «5».

و أما حديث محمد بن القيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: اذا رأيتم الهلال فأفطروا أو شهد عليه عدل من المسلمين الي أن قال:

و ان غم عليكم فعدوا ثلاثين ليلة ثم أفطروا «6» فغاية دلالته كفاية العدل الواحد بالاطلاق و لا اشكال في أن المطلق يقيد بالمقيد.

و بعبارة اخري: ان هذه الرواية لا تدل علي كفاية العدل الواحد بشرط

______________________________

(1) لاحظ ص: 208

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) لاحظ ص: 28

(5) لاحظ ص: 208

(6) الوسائل الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 215

______________________________

لا بل يدل علي كفاية العدل الواحد بالاطلاق اي أعم من أن يكون معه شاهد آخر أم لا.

و ان شئت قلت: المستفاد من الرواية كفاية الشاهد العادل و مقتضي الاطلاق كفاية شهادة عدل واحد و بمقتضي الدليل المقيد نقيد الاطلاق.

قال في الوسائل بعد نقل حديث محمد بن قيس: «اقول: العدل يطلق علي الواحد و الكثير كما نص عليه أهل اللغة فيحمل علي الاثنين فصاعدا» الي آخر كلامه «1».

نعم لو قلنا ان النكرة المنونة عبارة عن الواحد اي الفرد المردد المنتشر بين الافراد يقع التعارض بين هذه الرواية و بقية الروايات الدالة علي عدم ثبوت الهلال الا بعدلين.

و ان أبيت فغايته التعارض و التساقط و المرجع بعد التساقط عموم حجية شهادة عدلين في الموضوعات الا أن يقال: قول العدل الواحد كاف في الموضوعات

مضافا الي أنه يمكن أن يقال بأنه لا وجه للتساقط اذ ما يدل علي كفاية عدل واحد خاص و مورده ثبوت هلال شوال و تلك الروايات باطلاقها تفيد ان الهلال لا يثبت الا بعدلين و مقتضي قاعدة تخصيص العام بالخاص تقييد المطلقات بهذا المقيد.

و الذي يهون الخطب ان النسخ مختلفة ففي بعضها هكذا: «أو تشهد عليه بينة عدول من المسلمين» «2» و اذا دار الامر بين الزيادة و النقيصة يكون الترجيح مع الزيادة.

______________________________

(1) الوسائل ج 7 ص 208

(2) الاستبصار ج 2 ص: 64 حديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 216

و لو مع اليمين (1) و لا بقول المنجمين (2) و لا بتطوق الهلال (3).

______________________________

ان قلت: يقع التعارض أيضا بين هذه الروايه و بقية الروايات حيث ان المستفاد من هذه الرواية اشتراط كون الشاهد عدولا و الحال ان مفاد تلك الروايات كفاية شهادة عدلين فالتعارض بحاله.

قلت: الترجيح مع تلك النصوص اذ أقوال العامة مختلفة علي ما يظهر من كلام الشيخ في الخلاف «1» فتصل النوبة الي الترجيح بالاحدثية و الترجيح بها مع تلك النصوص اذ هذه الرواية رويت عن أبي جعفر عليه السلام و من جملة تلك الروايات ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام و اللّه العالم.

(1) لإطلاق الدليل الدال علي اشتراط عدلين و مقتضاه عدم كفاية شهادة عدل واحد و لو مع اليمين.

(2) اذ المستفاد من النصوص الواردة في المقام ان ثبوت الهلال يتوقف علي الرؤية أو شهادة عدلين فما دام لم يقم دليل علي ثبوته بأمر آخر يكون اطلاق دليل المنع محكما و لو لاه لكان للقول باعتبار قولهم مجال لأنهم من أهل الخبرة و الرجوع الي أهل الخبرة موافق للأصل الاولي

الا أن يقال: ان الروايات الواردة في موردهم تدل علي عدم اعتبار أقوالهم حتي بالنسبة الي ثبوت الهلال.

(3) ذهب الصدوق قدس سره- علي ما نسب اليه- ان تطوق الهلال امارة كونه لليلتين و الدليل عليه ما رواه مرازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا تطوق الهلال فهو لليلتين و اذا رأيت ظل رأسك فيه فهو لثلاث «2».

و الرواية معتبرة سندا و دلالتها علي المدعي تام فلا وجه لعدم الالتزام به و لكن الاحتياط طريق النجاة.

______________________________

(1) الخلاف ج 1 ص 394

(2) الوسائل الباب 9 من ابواب أحكام شهر رمضان الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 217

و لا بغيبوبته بعد الشفق ليدل علي أنه لليلة السابقة (1) و لا بشهادة العدلين اذا لم يشهدا بالرؤية (2) و لا يبعد ثبوته برؤيته قبل الزوال فيكون يوم الرؤية من الشهر اللاحق (3).

______________________________

(1) لعدم الدليل عليه الا حديث اسماعيل بن الحسن (بحر) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة و اذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين «1».

و الحديث ضعيف بجميع اسناده مضافا الي كونه معارضا بحديث أبي علي بن راشد قال: كتب إلي أبو الحسن العسكري عليه السلام كتابا و أرخه يوم الثلثا لليلة من شعبان و ذلك في سنة اثنين و ثلاثين و مأتين و كان يوم الاربعاء يوم شك فصام أهل بغداد يوم الخميس و أخبروني أنهم رأوا الهلال ليلة الخميس و لم يغب الا بعد الشفق بزمان طويل قال: فاعتقدت أن الصوم يوم الخميس و أن الشهر كان عندنا ببغداد يوم الاربعاء قال: فكتب إلي: زادك اللّه توفيقا فقد صمت بصيامنا قال: ثم لقيته بعد ذلك فسألته عما

كتبت به اليه فقال لي: أو لم أكتب إليك انما صمت الخميس و لا تصم الا للرؤية «2».

(2) اذ الشهادة لا تصدق فيما يكون الاخبار عن حدس. و بعبارة اخري: الدليل قائم علي اعتبار الشهادة و هي تتوقف علي الرؤية مضافا الي دلالة النص الخاص علي المدعي لاحظ ما رواه منصور «3».

(3) خلافا للمشهور و العمدة ملاحظة النصوص الواردة في المقام و من تلك

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 213

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 218

______________________________

النصوص ما رواه جراح المدائني قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من رأي هلال شوال بنهار في شهر رمضان فليتم صيامه (صومه) «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالقاسم بن سليمان بل و بغيره أيضا فلا تكون قابلة للاستدلال بها كي يقال: ان المستفاد منها ان رؤية الهلال في النهار لا تدل علي أن ذلك اليوم من الشهر الآتي.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: اذا رأيتم الهلال فأفطروا أو شهد عليه عدل «و اشهدوا عليه عدولا» من المسلمين و ان لم تروا الهلال الامن وسط النهار أو آخره فأتموا الصيام الي الليل و ان غم عليكم فعدوا ثلاثين ليلة (يوما) ثم أفطروا «2».

و هذه الرواية تدل علي أن الهلال اذا شوهد بعد الزوال لا يكون دليلا علي أن ذلك اليوم من الشهر الآتي اذ النهار يحسب من اول طلوع الشمس لا من طلوع الفجر.

و بعبارة اخري: قوله عليه السلام «وسط النهار» عبارة عن الزوال باعتبار ان النهار يحسب من أول طلوع الشمس الي غروبها فوسط النهار عبارة اخري عن زوال الشمس.

و منها: ما رواه اسحاق

بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن هلال رمضان يغم علينا في تسع و عشرين من شعبان فقال: لا تصمه الا أن تراه فان شهد أهل بلد آخر انهم رأوه فاقضه و اذا رأيته من وسط النهار فأتم صومه الي الليل «3»

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 219

[مسألة 74: لا تختص حجية البينة بالقيام عند الحاكم]

(مسألة 74): لا تختص حجية البينة بالقيام عند الحاكم بل كل من علم بشهادتهما عول عليها (1).

[مسألة 75: إذا رئي الهلال في بلد كفي في الثبوت في غيره مع اشتراكهما في الآفاق]

(مسألة 75): اذا رئي الهلال في بلد كفي في الثبوت في غيره مع اشتراكهما في الآفاق بحيث اذا رئي في بلد الرؤية رئي فيه بل الظاهر كفاية الرؤية في بلد ما في الثبوت لغيره من البلاد مطلقا

______________________________

و الكلام في هذه الرواية هو الكلام في سابقتها.

و منها ما رواه عبيد بن زرارة و عبد اللّه بن بكير قالا: قال أبو عبد اللّه عليه السلام اذا رؤي الهلال قبل الزوال فذلك اليوم من شوال و اذا رؤي بعد الزوال فذلك اليوم من شهر رمضان «1».

و منها: ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا رأوا الهلال قبل الزوال فهو لليلة الماضية و اذا رأوه بعد الزوال فهو لليلة المستقبلة «2».

و المستفاد من هذين الحديثين ان رؤية الهلال قبل الزوال تدل علي أن ذلك اليوم من الشهر الآتي و رؤيته بعد الزوال يدل علي أن ذلك اليوم من الشهر الماضي أي الحالي و حيث ان سند الحديثين معتبر لا مانع من العمل علي طبقهما و اللّه العالم.

(1) للإطلاق في جملة من النصوص لاحظ حديث حماد «3» فان المستفاد من هذه الرواية ثبوت الهلال بشهادة عدلين و مقتضي اطلاق الرواية اعتبارها علي الاطلاق.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 208

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 220

بيان ذلك ان البلدان الواقعة علي سطح الارض تنقسم الي قسمين:

احدهما: ما تتفق مشارقة و مغاربه أو تتقارب. ثانيهما: ما تختلف مشارقه و مغاربه اختلافا كبيرا أما القسم الاول: فقد اتفق علماء الامامية علي أن رؤية الهلال في بعض

هذه البلاد كافية لثبوته في غيرها فان عدم رؤيته فيه انما يستند لا محالة الي مانع يمنع من ذلك كالجبال أو الغابات أو الغيوم أو ما شاكل ذلك.

و أما القسم الثاني (ذات الآفاق المختلفة) فلم يقع التعرض لحكمه في كتب علمائنا المتقدمين نعم حكي القول باتحاد الافق عن الشيخ الطوسي في المبسوط فاذن المسألة مسكوت عنها في كلمات أكثر المتقدمين و انما صارت معركة للآراء بين علمائنا المتأخرين:

المعروف بينهم القول باعتبار اتحاد الافق و لكن قد خالفهم فيه جماعة من العلماء و المحققين فاختاروا القول بعدم اعتبار الاتحاد و قالوا: بكفاية الرؤية في بلد واحد لثبوته في غيره من البلدان و لو مع اختلاف الافق بينها. فقد نقل العلامة في التذكرة هذا القول عن بعض علمائنا و اختاره صريحا في المنتهي و احتمله الشهيد الاول في الدروس و اختاره صريحا المحدث الكاشاني في الوافي و صاحب الحدائق في حدائقه و مال اليه صاحب الجواهر في جواهره و النراقي في المستند و السيد أبو تراب الخوانساري في شرح نجاة العباد و السيد الحكيم في مستمسكه في الجملة.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 221

و هذا القول اي كفاية الرؤية في بلد ما لثبوت الهلال في بلد آخر و لو مع اختلاف افقهما هو الاظهر و يدلنا علي ذلك أمران:

الاول: ان الشهور القمرية انما تبدأ علي اساس وضع سير القمر و اتخاذه موضعا خاصا من الشمس في دورته الطبيعية و في نهاية الدورة يدخل تحت شعاع الشمس و في هذه الحالة (حالة المحاق) لا يمكن رؤيته في أية بقعة من بقاع الارض و بعد خروجه عن حالة المحاق و التمكن من رؤيته ينتهي شهر قمري و يبدأ شهر قمري

جديد.

و من الواضح أن خروج القمر من هذا الوضع هو بداية شهر قمري جديد لجميع بقاع الارض علي اختلاف مشارقها و مغاربها لا لبقعة دون اخري و ان كان القمر مرئيا في بعضها دون الاخر و ذلك لمانع خارجي كشعاع الشمس أو حيلولة بقاع الارض أو ما شاكل ذلك فانه لا يرتبط بعدم خروجه من المحاق ضرورة انه ليس لخروجه منه أفراد عديدة بل هو فرد واحد متحقق في الكون لا يعقل تعدده بتعدد البقاع و هذا بخلاف طلوع الشمس فانه يتعدد بتعدد البقاع المختلفة فيكون لكل بقعة طلوع خاص بها.

و علي ضوء هذا البيان فقد اتضح أن قياس هذه الظاهرة الكونية بمسألة طلوع الشمس و غروبها قياس مع الفارق و ذلك لان الارض بمقتضي كرويتها تكون بطبيعة الحال لكل بقعة منها مشرق خاص و مغرب كذلك فلا يمكن أن يكون للأرض كلها مشرق واحد و لا

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 222

مغرب كذلك و هذا بخلاف هذه الظاهرة الكونية أي خروج القمر عن منطقة شعاع الشمس فانه لعدم ارتباطه ببقاع الارض و عدم صلته بها لا يمكن أن يتعدد بتعددها.

و نتيجة ذلك: ان رؤية الهلال في بلد ما امارة قطعية علي خروج القمر عن الوضع المذكور الذي يتخذه من الشمس في نهاية دورته و بداية لشهر قمري جديد لأهل الارض جميعا لا لخصوص البلد الذي يري فيه و ما يتفق معه في الافق و من هنا يظهر: ان ذهاب المشهور الي اعتبار اتحاد البلدان في الافق مبني علي تخيل ارتباط خروج القمر عن تحت الشعاع ببقاع الارض كارتباط طلوع الشمس و غروبها الا أنه لا صلة كما عرفت لخروج القمر عنه ببقعة معينة دون اخري

فان حاله مع وجود الكرة الارضية و عدمها سواء.

الثاني: النصوص الدالة علي ذلك و نذكر جملة منها:

1- صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال. فيمن صام تسعة و عشرين قال: «ان كانت له بينة عادلة علي أهل مصر انهم صاموا ثلاثين علي رؤيته قضي يوما».

فان هذه الصحيحة باطلاقها تدلنا بوضوح علي أن الشهر اذا كان ثلاثين يوما في مصر كان كذلك في بقية الامصار بدون فرق بين كون هذه الامصار متفقة في آفاقها أو مختلفة اذ لو كان المراد من كلمة مصر فيها المصر المعهود المتفق مع بلد السائل في الافق لكان

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 223

علي الامام عليه السلام أن يبين ذلك فعدم بيانه مع كونه عليه السلام في مقام البيان كاشف عن الاطلاق.

2- صحيحة أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن اليوم الذي يقضي من شهر رمضان فقال: لا تقضه الا أن يثبت شاهدان عادلان من جميع أهل الصلاة متي كان رأس الشهر و قال: لا تصم ذلك اليوم الا أن يقضي جميع أهل الامصار فان فعلوا فصمه».

الشاهد في هذه الصحيحة جملتان: الاولي: قوله عليه السلام:

«لا تقضه الا أن يثبت شاهدان عادلان من جميع أهل الصلاة» الخ فانه يدل بوضوح علي أن رأس الشهر القمري واحد بالاضافة الي جميع أهل الصلاة علي اختلاف بلدانهم باختلاف آفاقها و لا يتعدد بتعددها.

الثانية: قوله عليه السلام: «لا تصم ذلك اليوم الا أن يقضي أهل الامصار» فانه كسابقه واضح الدلالة علي أن الشهر القمري لا يختلف باختلاف الامصار» في آفاقها فيكون واحدا بالاضافة الي جميع أهل البقاع و الامصار.

و ان شئت فقل: ان هذه الجملة تدل علي أن

رؤية الهلال في مصر كافية لثبوته في بقية الامصار من دون فرق في ذلك بين اتفاقها معه في الآفاق أو اختلافها فيها فيكون مرده الي أن الحكم المترتب علي ثبوت الهلال اي خروج القمر عن المحاق حكم لتمام أهل

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 224

الارض لا لبقعة خاصة.

3- صحيحة اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن هلال رمضان يغم علينا في تسع و عشرين من شعبان فقال: «و لا تصمه الا أن تراه فان شهد أهل بلد آخر أنهم رأوه فاقضه». فهذه الصحيحة ظاهرة الدلالة باطلاقها علي أن رؤية الهلال في بلد تكفي لثبوته في سائر البلدان بدون فرق بين كونها متحدة معه في الافق أو مختلفة و الا فلا بد من التقييد بمقتضي و رودها في مقام البيان.

4- صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن هلال رمضان يغم علينا في تسع و عشرين من شعبان فقال: لا تصم الا أن تراه فان شهد أهل بلد آخر فاقضه». فهذه الصحيحة كسابقتها في الدلالة علي ما ذكرناه.

و يشهد علي ذلك ما ورد في عدة روايات في كيفية صلاة عيدي الاضحي و الفطر و ما يقال فيها من التكبير من قوله عليه السلام في جملة تلك التكبيرات: «اسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا». فان الظاهر ان المشار اليه في قوله عليه السلام في هذا اليوم هو يوم معين خاص الذي جعله اللّه تعالي عيدا للمسلمين لا أنه كل يوم ينطبق عليه انه يوم فطر أو أضحي علي اختلاف الامصار في رؤية الهلال باختلاف آفاقها هذا من ناحية و من ناحية اخري انه تعالي جعل

هذا اليوم عيدا للمسلمين كلهم لا لخصوص أهل بلد تقام

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 225

فيه صلاة العيد.

فالنتيجة علي ضوئهما أن يوم العيد يوم واحد لجميع أهل البقاع و الامصار علي اختلافها في الآفاق و المطالع و يدل أيضا علي ما ذكرناه الاية الكريمة الظاهرة في أن ليلة القدر ليلة واحدة شخصية لجميع أهل الارض علي اختلاف بلدانهم في آفاقهم ضرورة ان القرآن نزل في ليلة واحدة و هذه الليلة الواحدة هي ليلة القدر و هي خير من ألف شهر و فيها يفرق كل أمر حكيم. و من المعلوم أن تفريق كل أمر حكيم فيها لا يخص بقعة معينة من بقاع الارض بل يعم أهل البقاع أجمع.

هذا من ناحية و من ناحية اخري قد ورد في عدة من الروايات ان في ليلة القدر يكتب المنايا و البلايا و الارزاق و فيها يفرق كل أمر حكيم و من الواضح ان كتابة الارزاق و البلايا و المنايا في هذه الليلة انما تكون لجميع أهل العالم لا لأهل بقعة خاصة فالنتيجة علي ضوئهما ان ليلة القدر ليلة واحدة لأهل الارض جميعا لا أن لكل بقعة ليلة خاصة.

هذا مضافا الي سكوت الروايات باجمعها عن اعتبار اتحاد الافق في هذه المسألة و لم يرد ذلك حتي في رواية ضعيفة و منه يظهر ان ذهاب المشهور الي ذلك ليس من جهة الروايات بل من جهة ما ذكرناه من قياس هذه المسألة بمسألة طلوع الشمس و غروبها و قد عرفت انه

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 226

قياس مع الفارق (1).

______________________________

(1) الماتن استدل علي مدعاه بتقريبين: التقريب الاول: ان الميزان في بداية الشهر القمري و حلوله خروج القمر عن حالة المحاق و بعد خروجه عن

هذه الحالة يتحقق الشهر الجديد و لا يفترق البلاد بالنسبة الي خروج القمر عن المحاق.

و بعبارة اخري ما دام القمر في المحاق لا يمكن رؤيته و بعد خروجه عن هذه الحال يكون قابلا للرؤية و بخروجه عن هذه الحالة يبدأ الشهر القمري و من الظاهر ان هذا أمر واقعي لا يفرق فيه بين اصقاع العالم فلا فرق بين البلاد و يكون جميعها متحده من هذه الجهة بلا فرق بين المتقاربين و المتباعدين و بلا فرق بين المتلازمين في امكان الرؤيه و غيرهما فلو رئي في بلد من اي صقع من بقاع الارض يكفي لجميعها و لو مع عدم امكان رؤيته لمانع خارجي كشعاع الشمس أو حيلولة بقاع الارض.

و المتحصل من كلامه انه لو رئي في موضع يكفي لبقية المواضع و لو مع القطع بعدم امكان رؤيته.

و لقائل أن يقول: ان المستفاد من الادلة ان الحكم بالصوم و الافطار قد رتب علي رؤية الهلال غاية الامر الرؤية طريق الي ثبوت الموضوع و ليست لها موضوعية في اثبات الحكم فلو فرض عدم امكان الرؤية لم يكن الموضوع متحققا.

و بعبارة اخري: الظاهر من الادلة ان الرؤية بنحو الطريقية امارة لكل صقع من بقاع الارض و مع عدم امكان الرؤية يكون موضوع الحكم منتفيا و مع انتفاء الموضوع لا يكون الحكم متحققا و الذي يدل علي هذه المقالة ان العرف يفهم من نصوص الباب امكان الرؤية في كل موضع بالنسبة الي اهله لا رؤيته علي الاطلاق و لذا يكون هذا القول قولا غير مشهور و يحتاج اثباته الي الاستدلال و اقامة البرهان

و ان شئت قلت: لا اشكال في حجيّة الظواهر و لا اشكال ظاهرا في أن قوله

مباني منهاج الصالحين،

ج 6، ص: 227

______________________________

عليه السلام: «افطر للرؤية و صم للرؤية» يستفاد منه ان ظهور الهلال و قابليته لرؤيته في البلد يحقق الشهر الجديد بالنسبة اليه و هكذا و العرف ببابك فبالتقريب الاول لا يمكن اثبات المدعي.

التقريب الثاني جملة من النصوص الواردة في المقام فانها تدل علي المدعي الاولي: ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال فيمن صام تسعة و عشرين قال: ان كانت له بينة عادلة علي أهل مصر أنهم صاموا ثلاثين علي رؤيته قضي يوما «1».

بتقريب: ان المستفاد من هذه الرواية انه لو ثبت بالرؤية كون الشهر ثلاثين يوما في بلد يكون كذلك في بقية البلاد و حيث ان الامام عليه السلام في مقام البيان و لم يقيد الموضوع بقيد و مقتضي اطلاق كلامه عليه السلام عدم الفرق بين البلد القريب و البعيد و أيضا مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين المتلازمين في الرؤية و غيرها يثبت المدعي.

و الانصاف يقضي بأن المدعي يستفاد من الرواية و بعبارة اخري: لا اشكال في اطلاق الرواية من هذه الجهة و مع تحقق الاطلاق لا بد من الالتزام بمقتضاه.

الثانية: ما رواه اسحاق بن عمار «2» و تقريب الاستدلال بهذه الرواية علي المدعي هو التقريب فانه عليه السلام في مقام البيان و مع ذلك لم يفرق بين المتلازمين و غيرهما و مقتضي اطلاق الحكم و عدم التفصيل ان الرؤية في صقع يكفي لبقية المواضع.

و لكن الانصاف ان الجزم بهذا الاطلاق مشكل اذ فرض في الرواية الغيم في

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 13

(2) لاحظ ص: 218

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 228

______________________________

السماء و يقول الراوي: «يغم علينا في تسع و عشرين من

شعبان» و يفهم من هذه الجملة ان الغيم مانع عن الاستهلال اي لو لا الغيم أمكن رؤيته علي تقدير وجوده و معه كيف يمكن الالتزام بالاطلاق الا أن يقال: ان المعيار الاطلاق في الجواب لا خصوص السؤال فالاطلاق متحقق.

الثالثة: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن هلال شهر رمضان يغم علينا في تسع و عشرين من شعبان قال: لا تصم الا أن تراه فان شهد أهل بلد آخر فاقضه «1». و التقريب هو التقريب و الاشكال هو الاشكال.

الرابعة: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن اليوم الذي يقضي من شهر رمضان فقال: لا تقضه الا أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متي كان رأس الشهر و قال: لا تصم ذلك اليوم الذي يقضي الا أن يقضي أهل الامصار فان فعلوا فصمه «2».

و استدل بجملتين من الرواية علي المدعي الجملة الاولي: قوله عليه السلام:

«الا أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متي كان رأس الشهر» فان هذه الجملة تدل علي أن رأس الشهر القمري واحد بالنسبة الي جميع أهل الصلاة علي اختلاف بلدانهم باختلاف آفاقها و لا يتعدد بتعددها.

و بعبارة اخري: المستفاد من هذه الجملة انه يكفي لإثبات كون اليوم الفلاني رأس الشهر قيام شاهدين عدلين عليه بلا فرق و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين كون شاهدين من هذه البلدة و تلك البقعة و ذلك المكان فلا فرق بين بقاع الارض من

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 12 من ابواب أحكام شهر رمضان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 229

______________________________

هذه الجهة

و هذا هو المدعي و فيه: ان المستفاد من هذه الجملة انه يكفي لإثبات الهلال شهادة شاهدين عدلين من كل فرقة من فرق المسلمين و لا يستفاد من هذه الجملة الا ما يستفاد من قوله عليه السلام «لا اجيز في الهلال الا شهادة رجلين عدلين» و قوله عليه السلام «و لا يجوز الا شهادة رجلين عدلين» فلا يرتبط مفاد هذه الجملة بكون رأس الشهر القمري واحدا بالنسبة الي جميع الامصار و يؤيد ما ذكرنا ان صاحب الوافي بعد نقل الرواية قال: «من جميع اهل الصلاة يعني اي مذهب كان من ملل اهل الإسلام و انما اعاد النهي عن القضاء لاستثناء أمر آخر منه» و لقد أجاد في ما أفاد.

الجملة الثانية: قوله عليه السلام: «و لا تصم ذلك اليوم الذي يقضي الا أن يقضي أهل الامصار فان فعلوا فصمه».

بتقريب: ان المستفاد من هذه الجملة ان جميع بقاع الارض مشتركة في أول الشهر و أول شهر هذه البقعة اول شهر بقية البقاع.

و يرد عليه: ان الحكم معلق علي قضاء أهل كل مصر و لم يعلق علي قضاء مصر علي الاطلاق. و بعبارة اخري: لو كان الامر كما يدعي كان اللازم كفاية ثبوت الهلال في مصر واحد.

و ان شئت قلت: المستفاد من الجملة ان الشرط الثبوت في جميع الامصار لا كفاية ثبوته في مصر من الامصار.

و بعبارة واضحة: ان المستفاد من هذه الرواية انه لو ثبت الهلال في كل مصر من الامصار يثبت أيضا في المصر الذي لم يثبت فيه بالرؤية أو بالشهادة و حيث ان دلالة هذه الرواية علي المدعي بالعموم الوضعي ترفع اليد عن اطلاق بقية الروايات التي تدل باطلاقها علي أن ثبوت الهلال في مصر

من الامصار يكفي للثبوت

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 230

______________________________

علي الاطلاق.

و يمكن أن يقال: ان المستفاد من ذيل الحديث بنحو الحصر أن قضاء جميع اهالي الامصار شرط لوجوب القضاء و مفهومه عدم كفاية قضاء أهل بعض الامصار دون بعض فمفهوم هذه الرواية أخص بالنسبة الي بقية الروايات اذ المستفاد من تلك المطلقات ان الرؤية في مصر من الامصار علي الاطلاق يكفي للثبوت لبقية الامصار بلا فرق بين كون البلد الذي رئي فيه واحدا أو متعددا و بلا فرق بين كون البلد المرئي متحدا في الافق مع البلد الذي لم ير فيه أو مختلفا فان تلك المطلقات لها الاطلاق من جميع هذه الجهات و مفهوم هذه الرواية اخص من تلك المطلقات لان منطوقها داخل في تلك المطلقات فان من جملة الفروض الرؤية في جميع الامصار فهذه الرواية تخصص تلك النصوص.

و علي فرض الاغماض عن البيان المذكور فلا أقل من التعارض و نتيجته التساقط و بعد سقوط طرفي المعارضة تصل النوبة الي الاخذ بالروايات الدالة بظواهرها علي أن الميزان بالرؤية في البلد فلاحظ ما ذكرناه و اغتنم و لعمري انه دقيق و بالتلقي بالقبول حقيق و نشكر المولي علي ما أنعم و هو العالم بالاشياء و عليه التوكل و التكلان.

فتحصل انه لا دليل علي كفاية الثبوت في صقع و بقعة من الارض للإثبات في جميع البقاع فلاحظ.

ثم ان سيدنا الاستاد أفاد بأن الشاهد علي المدعي ما ورد في خطبة صلاتي الفطر و الاضحي من قوله عليه السلام: «اسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا» «1» الي آخره.

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب صلاة العيدين الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 231

______________________________

بتقريب: ان هذا اليوم يوم مخصوص معين

الذي جعل عيدا للمسلمين لا كل يوم ينطبق عليه انه يوم فطر أو أضحي علي اختلاف الامصار في رؤية الهلال هذا من ناحية و من ناحية اخري ان اللّه تعالي جعل هذا اليوم عيدا لجميع المسلمين لا لأهل مصر دون آخر.

و يرد عليه اولا: كيف ينطبق ما أفاده علي البلدين اللذين لا اشتراك بينهما في اليوم و الليل فان الاشكال المذكور لا دافع له في مورد النقض.

و ثانيا: ان المشار اليه في كلامه عليه السلام الذي جعل عيدا عبارة عن اليوم الاول من شوال أو العاشر من ذي الحجة فان هذا المفهوم في كل مورد تحقق مصداقه و ينطبق علي مصداقه يكون عيدا بالنسبة الي مورده و هذا نظير ما وردت وظائف خاصة لليلة الجمعة أو يومها فان في كل مورد تحقق هذا المفهوم يترتب عليه حكمه و الا فلا.

ثم انه استدل علي مدعاه بقوله تعالي في سورة القدر: «إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ» بتقريب: ان القرآن نزل في ليلة واحدة شخصية و هذه الليلة ليلة واحدة هي ليلة القدر و هي خير من ألف شهر و فيها يفرق كل أمر حكيم و من المعلوم ان تفريق كل أمر حكيم فيها لا يختص ببقعة دون اخري بل يعم جميع بقاع الأرض و من ناحية اخري قد ورد في عدة روايات ان في ليلة القدر يكتب المنايا و البلايا و الارزاق و من الواضح ان كتابة البلايا و الارزاق و المنايا في هذه الليلة لجميع أهل الأرض لا لبعضهم دون بعض فالنتيجة: ان ليلة القدر ليلة واحدة لجميع أهل العالم.

و يرد عليه: ان نزول القرآن في ليلة القدر و بعبارة اخري: المستفاد من الاية الشريفة ان

القرآن الكريم نزل في ليلة القدر و ليس في الاية دليل علي كون ليلة القدر واحدة أو متعددة و كونها واحدة أول الدعوي.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 232

[الفصل السابع: أحكام قضاء شهر رمضان]

اشارة

الفصل السابع: أحكام قضاء شهر رمضان:

[مسألة 76: لا يجب قضاء ما فات زمان الصبا]

(مسألة 76): لا يجب قضاء ما فات زمان الصبا (1).

______________________________

و بعبارة واضحة يستفاد من قوله تعالي «إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ» ان القرآن نزل من قبله تعالي علي قلب الرسول المكرم صلي اللّه عليه و آله و سلم في ليلة القدر في المدينة أو مكة في أي مكان يفرض و لا اشكال في صدق هذا العنوان بالنسبة الي ذلك المكان و هذا نظير أن يقال: قتل علي عليه السلام في مسجد الكوفة ما بين الطلوعين و أي فرق ما بين المقامين و صفوة الكلام: ان صدق الجملة المذكورة بالنسبة الي موردها.

و أما كتابة البلايا و المنايا و الارزاق و تفريق كل أمر حكيم فيمكن تحققه في ليلة القدر بالنسبة الي من يكون هذا المفهوم متحققا بالنسبة اليه.

و ان شئت قلت: هذه الجملة لا تعرض فيها لإثبات كون تلك الليلة ليلة واحدة لجميع أهل العالم و لذا للمناقش أن يقول: كيف يتم الامر بالنسبة الي البلدين اللذين لا اشتراك بينهما في اليوم و الليلة.

ثم انه أيد كلامه بأنه لم يرد في رواية عن المعصومين عليهم السلام التعرض لوحدة الافق و اختلافه.

و فيه: انه لا ملزم لبيانه و انما رتبت الاحكام علي الموضوعات علي نحو القضية الحقيقية ففي كل مورد تحقق الموضوع يترتب عليه حكمه و الا فلا و اللّه العالم بحقائق الاشياء.

(1) اجماعا بل ضرورة كما في كلام بعض الاصحاب و الامر كما افيد فانه لا اشكال في عدم وجوب قضاء ما فات من المكلف قبل بلوغه و لا دليل عليه بل مقتضي اصل البراءة عدم وجوبه.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 233

أو الجنون (1) أو الاغماء (2).

______________________________

و يمكن الاستدلال علي

عدم الوجوب بتقريب آخر و هو ان المكلف في الاية الشريفة قسم باقسام ثلاثة: قسم يجب عليه الصوم و قسم يجب عليه الافطار و القضاء في وقت لا حق و قسم تجب عليه الفدية و لم يقم دليل علي وجوبه بالنسبة اليه فالامر واضح لا يحتاج الي تطويل الكلام.

(1) عن الروضة: الاجماع عليه و في كلام بعضهم بلا خلاف ظاهر و مقتضي اصل البراءة عدم الوجوب و يمكن الاستدلال علي المدعي بما استدل به علي عدم الوجوب حال الصبا فان التقسيم الوارد في الاية الشريفة لا يشمل المجنون و لم يقم دليل خاص أو عام علي وجوبه بالنسبة الي ما فات حال الجنون.

و ان شئت قلت: القضاء ليس بالامر الاول مضافا الي عدم تعلق الامر الادائي الي المجنون و الامر الجديد بالقضاء متعلقه الفوت و لم يفت من المجنون شي ء لا خطابا و لا ملاكا اما خطابا فظاهر و أما ملاكا فلا دليل علي وجود الملاك فيه بل الدليل علي عدمه فان المستفاد من النص ان ملاك التكليف العقل.

(2) لجملة من النصوص منها: ما رواه أيوب بن نوح قال: كتبت الي أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله عن المغمي عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته أم لا؟ فكتب عليه السلام: لا يقضي الصوم و لا يقضي الصلاة «1».

و منها: ما رواه علي بن محمد القاساني قال: كتبت اليه عليه السلام و أنا بالمدينة أسأله عن المغمي عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته؟ فكتب عليه السلام:

لا يقضي الصوم «2».

و منها: ما رواه علي بن مهزيار قال: سألته عن المغمي عليه يوما أو أكثر هل

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب من يصح منه

الصوم الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 234

______________________________

يقضي ما فاته من الصلاة أم لا؟ فكتب عليه السلام: لا يقضي الصوم و لا يقضي الصلاة «1».

و ربما يقال: بأن المغمي عليه من أقسام المريض و المريض يجب عليه القضاء لاحظ حديث الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام قال: فان صام في السفر أو في حال المرض فعليه القضاء فان اللّه عز و جل يقول: «فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَليٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّٰامٍ أُخَرَ» «2».

و فيه ان الاغماء عنوان في قبال المرض مضافا الي أنه لو سلم انه من مصاديقه لا نسلم وجوب القضاء لقيام الدليل الخاص علي عدم الوجوب بالنسبة اليه و يظهر مما ذكرنا انه لو قام الدليل علي وجوب قضاء الصلوات التي فاتت حال الاغماء لا يقتضي الوجوب في المقام لقيام الدليل علي عدم الوجوب. مضافا الي أنه لا دليل علي الملازمة بين الامرين.

و في المقام روايتان: إحداهما ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله عن المغمي عليه شهرا أو أربعين ليلة قال: فقال: ان شئت اخبرتك بما آمر به نفسي و ولدي أن تقضي كل ما فاتك «3».

ثانيتهما: ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يقضي المغمي عليه ما فاته «4»، تدلان بالاطلاق علي وجوب القضاء و الروايتان بعد الغض عن ضعف سنديهما و الالتزام بدلالتهما بالاطلاق علي المقام ترفع اليد عنهما

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 18

(2) الوسائل الباب 22 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 24 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث: 4

(4) نفس المصدر

الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 235

أو الكفر الاصلي (1).

______________________________

بالدليل المقيد الدال علي عدم وجوب قضاء الصوم علي المغمي عليه.

الا أن يقال: لا مجال للتقييد بل المقام من مورد التعارض اذ الدليل قد دل علي عدم وجوب القضاء بالنسبة الي الصلاة أيضا فالعمدة في الاشكال ضعف سند الروايتين.

و في المقام رواية رواها علي بن مهزيار أنه سأله يعني أبا الحسن عليه السلام عن هذه المسألة يعني مسألة المغمي عليه فقال: لا يقضي الصوم و لا الصلاة و كلما غلب اللّه عليه فاللّه أولي بالعذر «1» ربما يقال: بأن المستفاد منها التفصيل بين موارد الإغماء فان كان مستندا اليه تعالي لا يجب القضاء و ان كان مستندا الي نفسه يجب.

بتقريب: أن المستفاد من الرواية ان العلة المنحصرة لعدم الوجوب غلبة اللّه.

و فيه: ان غاية ما يمكن أن يقال: ان هذا الدليل لا يشمل المورد الذي يكون مستندا الي نفس المكلف لكن لا تدل علي ان العلة لعدم القضاء منحصرة بها.

و ان شئت قلت: المقدار المستفاد من هذه الرواية ان الاغماء المستند اليه تعالي يوجب عدم القضاء و هذا لا ينافي سقوطه بالاغماء المطلق المستفاد من غير هذه الرواية فلاحظ.

(1) اجماعا- كما في كلام بعضهم- و بلا خلاف و لا اشكال- كما في كلام بعض آخر- و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قوم أسلموا في شهر رمضان و قد مضي منه أيام هل عليهم أن يصوموا ما مضي منه أو يومهم الذي أسلموا فيه؟ فقال: ليس

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 236

______________________________

عليهم قضاء و لا يومهم الذي أسلموا فيه

الا ان يكونوا أسلموا قبل طلوع الفجر «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل أسلم في النصف من شهر رمضان ما عليه من صيامه؟ قال ليس عليه الا ما أسلم فيه «2».

و منها: ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السلام ان عليا عليه السلام كان يقول في رجل أسلم في نصف شهر رمضان: انه ليس عليه الا ما يستقبل «3».

و في قبال هذه النصوص ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أسلم بعد ما دخل (من) شهر رمضان أيام (ما) فقال: ليقض ما فاته «4».

فان هذه الرواية تدل علي وجوب قضاء ما فات من الصيام علي من أسلم و مقتضي اطلاقها عدم الفرق بين الإسلام المسبوق بالكفر الاصلي و المسبوق بالارتداد.

و جملة من الاصحاب حملوا حديث الحلبي علي الاستحباب أو اسلام المرتد و حيث انه لا اشكال عندهم في عدم وجوب القضاء بالنسبة الي ما فات حال الكفر الاصلي لا اشكال بالنسبة اليه.

و بعبارة اخري: لا مجال للأخذ باطلاق رواية الحلبي مضافا الي أن هذه الرواية ضعيفة بقاسم بن محمد الجوهري لعدم ثبوت وثاقته و مجرد كونه في اسناد كامل الزيارات لا أثر له كما مر منا مرارا و أما توثيق ابن داود اياه فلا يترتب عليه أثر اذ ابن داود بنفسه لم يوثق فان المنقول عن الشيخ الحر في تذكرة المتبحرين

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 237

و يجب قضاء ما فات في غير ذلك

من ارتداد (1) أو حيض (2).

______________________________

انه شهد في حقه بكونه صالحا و لم يقل: انه ثقة فانه لا يبعد أن يفهم من هذا الكلام ان الرجل بحسب الظاهر من الصلحاء و ليس هذا شهادة بالوثاقة.

و بعبارة اخري المصطلح عند الرجاليين في مقام توثيق شخص توثيقه بقولهم:

«فلان ثقة أو فوق الوثاقة» فالرجوع عن هذا التعبير بتعبير آخر كقولهم: «صالح أو دين» يكون أعم نعم اذا قالوا: «فلان عادل» تثبت الوثاقة هذا مضافا الي أن شهادة المتأخرين لا أثر لها و ابن داود الرجالي من المتأخرين فلاحظ.

(1) بلا خلاف- كما عن الذخيرة- و عن المدارك: انه قطعي و يمكن الاستدلال عليه باطلاق حديث الحلبي «1» بل لا يبعد الاستدلال عليه بما دل علي وجوب القضاء علي من أفطر متعمدا مثل حديث سماعة «2».

بتقريب: ان المرتد اذا أتي أهله متعمدا يكون داخلا تحت العنوان المأخوذ في موضوع الحكم في الرواية و يمكن الاستدلال علي المدعي بتقريب آخر و هو أن المستفاد من الادلة ان كل مكلف فات عنه الصوم يجب عليه القضاء فالتخصيص يتوقف علي قيام دليل يدل علي عدم الوجوب فوجوب القضاء أصل أولي بالنسبة الي كل من فات عنه الصوم لكن رواية الحلبي قد مر آنفا انها ضعيفة سندا فان قلنا بأن الروايات الدالة علي عدم الوجوب باطلاقها تشمل مطلق من أسلم بلا فرق بين الاصلي و المرتد لا يجب عليه القضاء و الا يجب علي طبق القاعدة الاولية المقتضية لوجوب القضاء علي كل احد الا من خرج بالدليل الا أن يقال: ان تلك الادلة تنصرف الي الإسلام المسبوق بالكفر الاصلي و المسألة ليست خالية عن الاشكال.

(2) بلا اشكال و تدل عليه جملة من النصوص منها:

ما رواه أبان بن تغلب عن

______________________________

(1) لاحظ ص: 236

(2) لاحظ ص: 129

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 238

أو نفاس (1) أو نوم (2) أو سكر (3) أو مرض (4) أو خلاف للحق (5).

______________________________

أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان السنة لا تقاس ألا تري أن المرأة تقضي صومها و لا تقضي صلاتها «1».

(1) لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المرأة تلد بعد العصر أ تتم ذلك اليوم أم تفطر؟ قال: تفطر و تقضي ذلك اليوم «2».

(2) فان النوم اذا صار سببا لبطلان الصوم لأجل عدم سبق النية فالقضاء، واجب بمقتضي وجوبه علي كل من فاته صوم شهر رمضان فالحكم بالقضاء علي طبق الاصل الاولي.

(3) الذي يختلج بالبال أن يكون السكر كالنوم فان كان مسبوقة بالنية لا يكون الصوم باطلا و انما يجب القضاء، فيما لم يكن مسبوقا بالنية و وجوب القضاء في فرض عدم سبق النية علي طبق القاعدة الاولية من وجوب القضاء علي كل من فاته الصوم و قد تقدم وجه الفرق بين النوم و بين الاغماء و السكر في المسألة: امن النية فراجع.

(4) كما هو ظاهر واضح فانه مقتضي نص الكتاب.

(5) كما هو مقتضي القاعدة الأولية المقتضية للقضاء علي كل من فات منه الصوم و يستفاد من حديث عمار الساباطي قال: قال سليمان بن خالد لأبي عبد اللّه عليه السلام و أنا جالس: اني منذ عرفت هذا الامر اصلي في كل يوم صلاتين اقضي ما فاتني قبل معرفتي قال: لا تفعل فان الحال التي كنت عليها أعظم من تركك من الصلاة «3»، عدم الوجوب لأجل العلة المذكورة فيه و لكن سند الحديث

______________________________

(1) الوسائل الباب 41 من

أبواب الحيض الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 26 من ابواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 31 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 239

نعم اذا صام المخالف علي وفق مذهبه لم يجب عليه القضاء (1).

[مسألة 77: إذا شك في أداء الصوم في اليوم الماضي بني علي الأداء]

(مسألة 77): اذا شك في أداء الصوم في اليوم الماضي بني علي الاداء (2).

______________________________

مخدوش لأجل جهالة الرجال المتخللين بين سعد و عمار علي ما في كلام سيدنا الاستاد «1».

(1) كما نص به في حديث بريد بن معاوية «2».

(2) يمكن الاستدلال علي المدعي بتقريبين: احدهما قاعدة الحيلولة المستفادة من حديث زرارة و الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: متي استيقنت أو شككت في وقت فريضة انك لم تصلها أو في وقت فوتها انك لم تصلها صليتها و ان شككت بعد ما خرج وقت الفوت و قد دخل حائل فلا اعادة عليك من شك حتي تستيقن فان استيقنت فعليك أن تصليها في أي حالة كنت «3» بدعوي عدم اختصاص الرواية بالصلاة.

و فيه: انه لا مقتضي في الرواية للعموم و هي تختص بالصلاة بلا اشكال.

ثانيهما: ان وجوب القضاء مترتب علي الفوت و الفوت أمر وجودي و استصحاب عدم الاتيان بالصوم لا يثبت عنوان الفوت الا علي القول بالاصل المثبت الذي لا نقول به.

و فيه: ان المستفاد من الشرع وجوب القضاء علي من لم يصم و مقتضي الاستصحاب عدم تحقق الصوم فموضوع الوجوب عدم الاتيان بالصوم. مضافا الي أن الفوت ليس أمرا وجوديا.

______________________________

(1) مستند العروة ج 2 من الصوم ص 163

(2) لاحظ ص: 159

(3) الوسائل الباب 60 من أبواب المواقيت الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 240

و اذا شك في عدد الفائت بني علي الاقل (1).

[مسألة 78: لا يجب الفور في القضاء]

(مسألة 78): لا يجب الفور في القضاء (2) و ان كان الاحوط استحبابا عدم تأخير قضاء شهر رمضان عن رمضان الثاني (3).

______________________________

فالنتيجة: ان مقتضي الاصل وجوبه و مما ذكرنا علم انه لا مجال لجريان اصالة البراءة عن وجوب القضاء لان

الاصل الجاري في السبب حاكم علي الاصل المسببي الا أن يقوم اجماع تعبدي كاشف علي عدم الوجوب.

(1) التقريب هو التقريب و الاشكال هو الاشكال.

(2) و هو المعروف- كما في كلام بعض الاصحاب- و تقتضيه القاعدة الاولية اذ الفورية تحتاج الي الدليل و قد ثبت في الاصول ان الامر لا يدل علي الفور مضافا الي دلالة النص علي المدعي.

لاحظ ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من أفطر شيئا من شهر رمضان في عذر فان قضاه متتابعا فهو (كان) أفضل و ان قضاه متفرقا فحسن «1».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كان علي الرجل شي ء من صوم شهر رمضان فليقضه في أي شهر شاء أياما متتابعة فان لم يستطع فليقضه كيف شاء و ليحص فان فرق فحسن فان تابع فحسن الحديث «2».

(3) في بعض الكلمات انه نسب الي المشهور عدم الجواز و لا بد من قيام دليل علي عدمه و الا فمقتضي القاعدة الاولية هو الجواز و ما قيل أو يمكن أن يقال في هذا المقام و جهان:

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 241

______________________________

الوجه الاول: انه بالتأخير تجب الفدية و وجوبها يدل علي عصيان المكلف بالتأخير و فيه: ان وجوبها أعم من المدعي و لذا نري ان مقتضي النصوص وجوبها علي من استمر به المرض الي رمضان الثاني.

الوجه الثاني: انه قد عبر في بعض النصوص عن التأخير بالتواني كحديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قال: سألتهما عن رجل مرض فلم يصم حتي أدركه

رمضان آخر فقالا: ان كان برأ ثم تواني قبل أن يدركه الرمضان الاخر صام الذي أدركه و تصدق عن كل يوم بمد من طعام علي مسكين و عليه قضاؤه و ان كان لم يزل مريضا حتي أدركه رمضان آخر صام الذي أدركه و تصدق عن الاول لكل يوم مد علي مسكين و ليس عليه قضائه «1».

و في بعض آخر بالتهاون كحديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اذا مرض الرجل من رمضان الي رمضان ثم صح فانما عليه لكل يوم أفطره فدية طعام و هو مد لكل مسكين قال: و كذلك أيضا في كفارة اليمين و كفارة الظهار مدا مدا و ان صح فيما بين الرمضانين فانما عليه أن يقضي الصيام فان تهاون به و قد صح فعليه الصدقة و الصيام جميعا لكل يوم مدا اذا فرغ من ذلك الرمضان «2» و لو لا وجوب الاتيان بالقضاء قبل رمضان الثاني لما صح مثل هذه التعبيرات.

و فيه: ان التواني أو التهاون عبارة اخري عن عدم الاتيان بالقضاء قبل رمضان الثاني بلا عذر و هذا لا يدل علي ترك الواجب فبهذا التقريب لا يثبت المدعي فلا دليل علي الوجوب.

مضافا الي ما عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل يكون مريضا

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 242

و ان فاتته أيام من شهر واحد لا يجب عليه التعيين و لا الترتيب و ان عين لم يتعين (1) و اذا كان عليه قضاء من رمضان سابق و من لا حق لم يجب التعيين و لا يجب الترتيب فيجوز قضاء اللاحق قبل السابق و

يجوز العكس (2).

______________________________

في شهر رمضان ثم يصح بعد ذلك فيؤخر القضاء سنة أو أقل من ذلك أو أكثر ما عليه في ذلك؟ قال: احب له تعجيل الصيام فان كان أخره فليس عليه شي ء «1»

فانه يدل بالصرحة علي عدم الوجوب نعم الاحتياط حسن و يمكن أن يكون الوجه في احتياط الماتن الخروج عن شبهة الخلاف.

(1) و السر فيه ان التعيين فرع التعين الواقعي و التميز في نفسه و المفروض انه لا تعين للأيام في الواقع بل الواجب علي المكلف قضاء عدة أيام من رمضان فاذا قضي يوما من تلك الايام سقط عن ذمته يوم منها و هكذا نعم اذا تميز المكلف به بخصوصية ممتازة عن بقية الافراد يجب في مقام الاداء قصد ذلك الفرد الخاص و الا فلا وجوب قضاء عدة أيام من شهر رمضان كوجوب اداء عدة دراهم في ذمة المكلف اذا ثبت اشتغال الذمة بكل فرد من تلك الدراهم بسبب خاص و أما الثابت في الذمة فلا امتياز بين افراد الثابت فيها و خصوصية السبب لا تقتضي خصوصية ممتازة في المسبب عن الافراد الاخر فلا موضوع للتعيين و الترتيب و ان عين لم يتعين.

(2) اذ قد مر انه لا دليل علي الوجوب و بعبارة اخري: لو لم نقل بوجوب المبادرة الي القضاء قبل مجي ء رمضان الثاني يكون صوم أيام من رمضانين كصوم أيام من رمضان واحد فعليه يجوز تقديم ايها شاء كما يجوز عدم قصد الخصوصية.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 243

الا انه اذا تضيق وقت اللاحق بمجي ء رمضان الثالث فالاحوط قضاء اللاحق (1) و ان نوي السابق حينئذ صح صومه و وجبت عليه الفدية (2).

[مسألة 79: لا ترتيب بين صوم القضاء و غيره من أقسام الصوم الواجب كالكفارة و النذر]

(مسألة 79): لا ترتيب بين

صوم القضاء و غيره من أقسام الصوم الواجب كالكفارة و النذر فله تقديم أيهما شاء (3).

[مسألة 80: إذا فاته أيام من شهر رمضان بمرض و مات قبل أن يبرأ لم يجب القضاء عنه]

(مسألة 80): اذا فاته أيام من شهر رمضان بمرض و مات قبل أن يبرأ لم يجب القضاء عنه (4) و كذا اذا فات بحيض أو نفاس ماتت

______________________________

(1) كما مر قريبا.

(2) أما صحة صومه فلأجل الاتيان بالمأمور به المقتضي للاجزاء و أما وجوب الفدية فلأجل أن الفدية مترتبة علي عدم الاتيان بالقضاء الي مجي ء رمضان اللاحق فاللاحق متميز بهذه الخصوصية فيتوقف سقوط الفدية علي قصد قضاء الصوم اللاحق كي يسقط كقصد اداء الدين الذي اخذ رهن بازائه فما دام لا يقصد بخصوصه لا تخرج العين المرهونة عن الرهن.

(3) لا طلاق الادلة المقتضي لعدم التقييد كما أن مقتضي اصالة البراءة عن القيد كذلك.

(4) لجملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن رجل أدركه رمضان و هو مريض فتوفي قبل أن يبرأ قال: ليس عليه شي ء و لكن يقضي عن الذي يبرأ ثم يموت قبل أن يقضي «1».

و منها ما رواه منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المريض

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 244

فيه أو بعد ما افطرت قبل مضي زمان يمكن القضاء فيه (1).

[مسألة 81: إذا فاته شهر رمضان أو بعضه بمرض و استمر به المرض إلي رمضان الثاني سقط قضائه]

(مسألة 81): اذا فاته شهر رمضان أو بعضه بمرض و استمر به المرض الي رمضان الثاني سقط قضائه و تصدق عن كل يوم (2).

______________________________

في شهر رمضان فلا يصح حتي يموت قال: لا يقضي عنه و الحائض تموت في شهر رمضان قال: لا يقضي عنها «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسافر في شهر رمضان فيموت قال: يقضي عنه و ان امرأة حاضت في شهر

رمضان فماتت لم يقض عنها و المريض في شهر رمضان لم يصح حتي مات لا يقضي عنه «2».

(1) لاحظ ما رواه سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل دخل عليه شهر رمضان و هو مريض لا يقدر علي الصيام فمات في شهر رمضان أو في شهر شوال قال: لا صيام عليه و لا يقضي عنه قلت: فامرأة نفساء دخل عليها شهر رمضان و لم تقدر علي الصوم فماتت في شهر رمضان أو في شوال فقال: لا يقضي عنها «3» و ما رواه منصور «4».

(2) لجملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم «5» و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يمرض فيدركه شهر رمضان و يخرج عنه و هو مريض و لا يصح حتي يدركه شهر رمضان آخر قال: يتصدق عن الاول و يصوم الثاني فان كان صح فيما بينهما و لم يصم حتي أدركه شهر

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 15

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) لاحظ ص: 243

(5) لاحظ ص: 241

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 245

______________________________

رمضان آخر صامهما جميعا و يتصدق عن الاول «1».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر قال: سألته عن رجل تتابع عليه رمضانان لم يصح فيهما ثم صح بعد ذلك كيف يصنع؟ قال: يصوم الاخير و يتصدق عن الاول بصدقة لكل يوم مد من طعام لكل مسكين «2».

و ربما يقال- كما عن ابن أبي عقيل و غيره-: انه يجب عليه القضاء دون- الكفارة و استدل بما رواه أبو الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل عليه من شهر

رمضان طائفة ثم أدركه شهر رمضان قابل قال: عليه أن يصوم و أن يطعم كل يوم مسكينا فان كان مريضا فيما بين ذلك حتي أدركه شهر رمضان قابل فليس عليه الا الصيام ان صح و ان تتابع المرض عليه فلم يصح فعليه أن يطعم لكل يوم مسكينا «3».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان الذي استمر به المرض الي رمضان ثان يجب عليه القضاء فقط فهذه الرواية تعارض تلك النصوص.

و هذه الرواية ضعيفة لاشتراك محمد بن فضيل بين الثقة و الضعيف فلا يمكن الاستدلال بها علي المدعي مضافا الي الاشكال في دلالتها اذ لا يبعد أن يكون المراد بقوله عليه السلام: «فان كان مريضا فيما بين ذلك» ان المرض لم يستمر به بل كان مريضا في بعض الايام دون بعض و المراد بالذيل التتابع و استمرار المرض الي مجي ء رمضان آخر فالرواية من ادلة القول المشهور لكن يشكل الجزم بهذا التقريب فالعمدة الاشكال في سند الرواية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من ابواب أحكام شهر رمضان الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 246

بمد (1).

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 246

______________________________

و نسب الي ابن الجنيد وجوب القضاء و الكفارة معا و يمكن الاستدلال عليه بما رواه سماعة قال: سألته عن رجل أدركه رمضان و عليه رمضان قبل ذلك لم يصمه فقال: يتصدق بدل كل يوم من الرمضان الذي كان عليه بمد من طعام و ليصم هذا الذي أدركه فاذا أفطر فليصم رمضان الذي كان عليه فاني كنت مريضا فمر علي ثلاث رمضانات لم

أصح فيهن ثم أدركت رمضانا آخر فتصدقت بدل كل يوم مما مضي بمد من طعام ثم عافاني اللّه تعالي و صمتهن «1».

فان مقتضي هذه الرواية وجوب الجمع بين الامرين. لكن لا يبعد ان يحمل علي الاستحباب بلحاظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

من أفطر شيئا من رمضان في عذر ثم أدرك رمضان آخر و هو مريض فليتصدق بمد لكل يوم فأما أنا فاني صمت و تصدقت «2».

فانه يفهم عرفا انه لا يجب الا الفدية و أما قضاء الصوم فلا يجب بل يستحب و لذا جمع عليه السلام بين الامرين.

(1) كما يستفاد من جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم «3» و احتاط السيد اليزدي قدس سره بالتصدق بمدين و نقل عن جملة من الاعيان تعينهما و الدليل عليه انه ذكر في بعض النسخ «مدين من طعام» في رواية سماعة و قال سيد المستمسك قدس سره: «ان هذه النسخة معارضة بما عن النسخ الصحيحة من أنه مد من طعام» انتهي. و علي فرض التعارض بين النسخ يكون المرجع بقية الروايات الدالة علي كفاية مد واحد.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 241

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 247

و لا يجزئ القضاء عن التصدق (1) أما اذا فاته بعذر غير المرض وجب القضاء (2).

______________________________

(1) لعدم الدليل علي الاجزاء.

(2) اذ يجب قضاء شهر رمضان و عدم الوجوب في مورد يحتاج الي قيام دليل عليه و المفروض عدمه في المقام فيجب القضاء علي طبق القاعدة الاولية.

و ربما يقال: بالحاق السفر بالمرض في سقوط القضاء مع الاستمرار و يمكن الاستدلال عليه بما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا

عليه السلام في حديث قال:

ان قال: فلم اذا مرض الرجل أو سافر في شهر رمضان فلم يخرج من سفره أو لم يقومن مرضه حتي يدخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء للأول و سقط القضاء و اذا افاق بينهما أو أقام و لم يقضه وجب عليه القضاء و الفداء؟ قيل لان ذلك الصوم انما وجب عليه في تلك السنة في هذا الشهر فأما الذي لم يفق فانه لما مر عليه السنة كلها و قد غلب اللّه عليه فلم يجعل له السبيل الي ادائها سقط عنه و كذلك كل ما غلب اللّه عليه مثل المغمي الذي يغمي عليه في يوم و ليلة فلا يجب عليه قضاء الصلوات كما قال الصادق عليه السلام: كلما غلب اللّه علي العبد فهو أعذر له لأنه دخل الشهر و هو مريض فلم يجب عليه الصوم في شهره و لا في سنته للمرض الذي كان فيه و وجب عليه الفداء لأنه بمنزلة من وجب عليه الصوم فلم يستطع أداه فوجب عليه الفداء كما قال اللّه تعالي: «فَصِيٰامُ شَهْرَيْنِ مُتَتٰابِعَيْنِ فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعٰامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً» و كما قال: «فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيٰامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ» فاقام الصدقة مقام الصيام اذا عسر عليه فان قال: فان لم يستطع اذا ذاك فهو الان يستطيع؟ قيل لأنه لما دخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء للماضي لأنه كان بمنزلة من وجب عليه صوم في كفارة فلم يستطعه فوجب عليه الفداء و اذا وجب عليه الفداء سقط الصوم و الصوم ساقط و الفداء لازم فان أفاق فيما بينهما و لم يصمه وجب عليه الفداء لتضييعه

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 248

و تجب الفدية أيضا علي

الاحوط (1) و كذا اذا كان سبب الفوت المرض و كان العذر في التأخير السفر و كذا العكس (2).

______________________________

و الصوم لاستطاعته «1».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق إلي الفضل فراجع.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه سماعة «2» فان مقتضي هذه الرواية وجوب التصدق علي من يصم و لم يقضه الي مجي ء رمضان آخر.

(2) و الوجه فيه ان الدليل علي سقوط القضاء مورده استمرار المرض و كون الافطار مستندا اليه ففي غير هذه الصورة يجب القضاء.

و في المقام اشكال و هو ان المستفاد من حديث ابن سنان «3» انه ان فات صوم رمضان لعذر و لم يقض لأجل المرض و استمراره الي رمضان آخر لا يجب القضاء بل الواجب الفداء فان العذر باطلاقه يشمل المرض و غيره من الاعذار و لا يختص بالمرض فمقتضي هذه الرواية عدم وجوب القضاء.

و يشكل بأن النسبة بين هذه الرواية و قوله تعالي: «فَمَنْ كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَليٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّٰامٍ أُخَرَ» «4» عموم من وجه اذ يفترق الاية عن الرواية في مورد لا يكون المفطر مريضا بين رمضانين و تفترق الرواية عن الاية فيما لا يكون الوجه للإفطار السفر و التعارض بين الطرفين فيمن أفطر لأجل السفر و لم يقض لأجل المرض.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 8

(2) لاحظ ص: 246

(3) لاحظ ص: 246

(4) البقرة/ 184

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 249

______________________________

و أجاب سيدنا الاستاد عن هذا الاشكال بجوابين: الاول: انه لا يري العرف بين الدليلين معارضة بل يري الرواية قرينة و حاكمة علي الاية و قال: «الدليل علي المدعي انه لو اجتمع بين الاية بأن يقال: «فَمَنْ

كٰانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً» الاية «و من كان معذورا فافطر» الحديث لا يبقي العرف متحيرا بل يجعل العرف وجوب القضاء مختصا بمعذور لم يستمر به المرض».

الثاني: ان النسبة بين الاية و الرواية و ان كان بالعموم من وجه لكن التعارض بالاطلاق و المتعارضان بالاطلاق في مورد التعارض في العموم من وجه يتساقطان و تصل النوبة الي الاصل و مقتضاه البراءة عن وجوب القضاء.

و يرد علي ما أفاده اولا: انه كيف لا يري معارضة بين الاية و الرواية و الحال ان ملاحظة المجموع تقتضي المناقضة في الكلام و لو فرض في كلام واحد يري العرف بين الصدر و الذيل التهافت و يظهر المدعي بالتصريح فانه اذا قال المولي:

«كل من أفطر في شهر رمضان لأجل السفر يجب عليه القضاء بلا فرق بين استمرار المرض به الي رمضان ثان و غيره و لا يجب القضاء علي من أفطر لعذر و استمر به العذر الي رمضان ثان بلا فرق بين كون العذر هو المرض أو غيره فلا يمكن الالتزام بما أفاده.

و يرد علي ما أفاده ثانيا انه صرح في موضع آخر بخلاف ما أفاده في المقام و هذا عين لفظ مقرر بحثه: «و قد حققنا في مبحث التعادل و الترجيح من علم الاصول انه اذا تعارض الخبر مع الكتاب معارضة العموم من وجه ترفع اليد عن الخبر و يؤخذ بعموم الكتاب أو باطلاقه» «1».

______________________________

(1) مصباح الفقاهة ج 1 ص: 514

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 250

[مسألة 82: إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لعذر أو عمد و أخر القضاء الي رمضان الثاني مع تمكنه منه عازما علي التأخير أو متسامحا و متهاونا]

(مسألة 82): اذا فاته شهر رمضان أو بعضه لعذر أو عمد و اخر القضاء الي رمضان الثاني مع تمكنه منه عازما علي التأخير أو متسامحا و متهاونا وجب القضاء و الفدية معا (1) و ان

كان عازما علي القضاء

______________________________

و الحق ما أفاده هناك اذا التعارض بالعموم من وجه غير قابل لان يجمع بين الطرفين و لذا يعبر عنه بالتباين الجزئي و حيث ان المخالف مع الكتاب غير معتبر يؤخذ به و ترفع اليد عن الخبر.

فالنتيجة: انه لو كان العذر للإفطار السفر و استمر المرض الي رمضان آخر يجب القضاء و الفداء أما القضاء فلدلالة الاية عليه و أما الفداء فلرواية سماعة «1».

نعم لو كان الافطار لعذر غير السفر و استمر المرض الي رمضان آخر امكن القول بعدم وجوب القضاء و وجوب الفداء لحديث ابن سنان «2».

(1) لجملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم «3» و منها ما رواه زرارة «4» و منها: ما رواه أبو بصير «5» و منها: ما رواه سماعة «6»

و في قبال هذه النصوص ما أرسله سعد بن سعد «7» و هذه المرسلة لا اعتبار بها لإرسالها فتبقي تلك النصوص خالية عن المعارض دالة علي المدعي مع صحة سند بعضها.

______________________________

(1) لاحظ ص: 246

(2) لاحظ ص: 246

(3) لاحظ ص: 241

(4) لاحظ ص: 244

(5) لاحظ ص: 241

(6) لاحظ ص: 246

(7) لاحظ ص: 241

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 251

قبل مجي ء رمضان الثاني فاتفق طروّ العذر وجب القضاء بل الفدية أيضا علي الاحوط ان لم يكن اقوي (1).

______________________________

(1) لاحظ حديث ابن مسلم «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان التأخير ان كان مستندا الي المرض لا يجب عليه القضاء بل تجب عليه الفدية و اما ان لم يكن كذلك يجب القضاء و الفداء و مقتضي اطلاق الرواية عدم الفرق بين كونه عازما علي القضاء و عدمه اذ التواني لا ينافي العزم علي الاتيان.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه

زرارة «2» فان مقتضي اطلاقه وجوب القضاء و الفداء علي الاطلاق.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه سماعة «3» فان مقتضي هذه الرواية ان من أفطر صيامه بأي عذر من الاعذار اذا لم يقضه قبل مجي ء رمضان الثاني يجب عليه القضاء و الفدية غاية الامر يقيد اطلاقها بمقدار ثبوت التقييد كما لو أفطر للمرض و استمر به الي رمضان آخر.

و ربما يقال: بأنه لو كان عازما علي القضاء و انما تركه لعذر لا تجب عليه الفدية و استدل علي المدعي بجملة من النصوص: الاول: حديث ابن مسلم «4» بتقريب: ان الحكم بالقضاء و الفداء رتب علي التواني فمع عدم التواني لا يجب الفداء.

و فيه انا ذكرنا ان التواني لا ينافي العزم علي الفعل مضافا الي أن الحديث لا- مفهوم له اذ قد ذكر المفهوم في كلامه عليه السلام بقوله عليه السلام: «و ان كان

______________________________

(1) لاحظ ص: 241

(2) لاحظ ص: 244

(3) لاحظ ص: 246

(4) لاحظ ص: 241

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 252

و لا فرق بين المرض و غيره من الاعذار (1) و يجب اذا كان الافطار عمدا مضافا الي الفدية كفارة الافطار (2).

[مسألة 83: إذا استمر المرض ثلاثة رمضانات وجبت الفدية مرة للأول و مرة للثاني]

(مسألة 83): اذا استمر المرض ثلاثة رمضانات وجبت الفدية مرة للأول و مرة للثاني و هكذا ان استمر الي أربعة رمضانات فتجب

______________________________

لم يزل مريضا» الي آخره.

و يكفي لإثبات المدعي اطلاق حديثي زرارة و سماعة «1» المشار اليهما قريبا.

الثاني حديث أبي بصير «2» بتقريب ان المستفاد منه ان الصوم و الفداء مترتبان علي التهاون و فيه: ان الخبر ضعيف بالبطائني فلا تصل النوبة الي ملاحظة مدلوله مضافا الي الخدشة في دلالته فان التهاون لا ينافي العزم علي الفعل.

الثالث: ما رواه الفضل بن شاذان «3»

فانه عليه السلام في ذيل الحديث قال: «فان أفاق فيما بينهما و لم يصمه وجب عليه الفداء لتضييعه و الصوم لاستطاعته».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي الفضل.

الرابع: ما أرسله العياشي عن أبي بصير فانه عليه السلام قال في ذيل الحديث:

«يقضي الصوم و يتصدق من أجل انه ضبع ذلك الصيام» «4» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال فالنتيجة ان الحق ما أفاده في المتن من وجوب القضاء و الفدية معا.

(1) كما هو مقتضي اطلاق حديث سماعة.

(2) كما مر في بحث الكفارة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 244 و 246

(2) لاحظ ص: 241

(3) لاحظ ص: 247

(4) الوسائل الباب 25 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 253

مرة ثالثة للثالث و هكذا لا تكرر للشهر الواحد و انما تجب لغيره أيضا (1).

[مسألة 84: يجوز إعطاء فدية أيام عديدة من شهر واحد و من شهور الي شخص واحد]

(مسألة 84): يجوز اعطاء فدية أيام عديدة من شهر واحد و من شهور الي شخص واحد (2).

[مسألة 85: لا يجب فدية العبد علي سيده و لا فدية الزوجة علي زوجها]

(مسألة 85): لا يجب فدية العبد علي سيده (3) و لا فدية الزوجة علي زوجها (4) و لا فدية العيال علي المعيل و لا فدية واجب النفقة

______________________________

(1) ما أفاده علي طبق القاعدة فان المستفاد من النصوص انه لو استمر به المرض الي مجي ء رمضان الآتي تجب الفدية ففي كل واحد من رمضانات صدق الموضوع يترتب عليه الحكم و الا فلا و تكرر الفدية بالنسبة الي رمضان واحد بلا دليل و صفوة القول: ان المناط في وجوب الفدية تأخير قضاء رمضان الي رمضان بعده و هذا العنوان لا يتكرر و ليس قابلا للتكرر.

(2) ما أفاده علي طبق القاعدة الاولية اذ بعد فرض كون المعطي اليه فقيرا يجوز اعطاء فدية أيام بل شهور اليه.

(3) لعدم الدليل عليه و مقتضي اصالة البراءة عدم الوجوب و ليس المقام داخلا في النفقة الواجبة عليه.

(4) بتقريب: انها ليست داخلة في النفقة الواجبة علي الزوج. و لكن لا يبعد أن يستفاد من قوله تعالي: «فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ» «1» و كذلك قوله تعالي: «وَ عٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» «2» و قوله تعالي: «فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ» «3» وجوبها عليه فان الامساك عنها ينافي

______________________________

(1) البقرة/ 229

(2) النساء/ 19

(3) البقرة/ 231

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 254

علي المنفق (1).

[مسألة 86: لا تجزي القيمة في الفدية بل لا بد من دفع العين]

(مسألة 86): لا تجزي القيمة في الفدية بل لا بد من دفع العين و هو الطعام و كذا الحكم في الكفارات (2).

[مسألة 87: يجوز الإفطار في الصوم المندوب الي الغروب]

(مسألة 87): يجوز الافطار في الصوم المندوب الي الغروب (3) و لا يجوز في قضاء صوم شهر رمضان بعد الزوال اذا كان القضاء عن نفسه (4).

______________________________

العشرة بالمعروف كما أنه ليس مصداقا للإمساك بالمعروف فلاحظ.

(1) و هذا ظاهر اذ دليل وجوب الانفاق لا يشمل مثل هذه الامور كما هو ظاهر.

(2) لعدم دليل علي الاجزاء و كفاية غير المأمور به عنه يحتاج الي قيام دليل عليه.

(3) كما هو مقتضي القاعدة الاولية بعد عدم الدليل علي حرمة الافطار مضافا الي النص الدال عليه.

لاحظ ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في الذي يقضي شهر رمضان انه بالخيار الي زوال الشمس فان كان تطوعا فانه الي الليل بالخيار «1».

و مثله غيره و أما حديث مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه ان عليه عليه السلام قال: الصائم تطوعا بالخيار ما بينه و بين نصف النهار فاذا انتصف النهار فقد وجب الصوم «2» فلا يترتب عليه الاثر لضعفه بمسعدة.

(4) عن المدارك: «انه مذهب الاصحاب لا أعلم فيه خلافا». و تدل علي المدعي

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 255

______________________________

جملة من النصوص منها ما رواه جميل «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صوم النافلة لك أن تفطر ما بينك و بين الليل متي ما شئت و صوم قضاء الفريضة لك أن تفطر الي زوال الشمس فاذا زالت الشمس

فليس لك أن تفطر «2».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الذي يقضي شهر رمضان هو بالخيار في الافطار ما بينه و بين أن تزول الشمس و في التطوع ما بينه و بين أن تغيب الشمس «3».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصبح و هو يريد الصيام ثم يبدو له فيفطر قال: هو بالخيار ما بينه و بين نصف النهار قلت:

هل يقضيه اذا أفطر قال: نعم لأنها حسنة أراد أن أن يعملها فليتمها قلت: فان رجلا أراد أن يصوم ارتفاع النهار أ يصوم؟ قال: نعم «4».

و أما حديث أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة تقضي شهر رمضان فيكرهها زوجها علي الافطار فقال: لا ينبغي له أن يكرهها بعد الزوال «5» فلا يكون ظاهرا في الكراهة كي يعارض دليل الحرمة بل المفهوم من لفظ «لا ينبغي» أعم من الحرمة و الكراهة فلا تعارض مضافا الي أن الحكم المذكور راجع الي الزوج فلا دلالة في الرواية علي الجواز بالنسبة الي الزوجة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 254

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 13

(5) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 256

______________________________

و في المقام روايتان في مقابل النصوص الدالة علي التفصيل بين ما قبل الزوال و ما بعده إحداهما ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت عن الرجل يقضي رمضان أ له أن يفطر بعد ما يصبح قبل الزوال اذا بدا له؟ فقال: اذا كان نوي ذلك من الليل و كان من قضاء رمضان فلا

يفطر و يتم صومه الحديث «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان المكلف اذا قصد الصوم من الليل لا يجوز له الافطار قبل الزوال.

و يعارضه في مورده ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من أصبح و هو يريد الصيام ثم بدا له أن يفطر فله أن يفطر ما بينه و بين نصف النهار ثم يقضي ذلك اليوم الحديث «2».

و الترجيح مع حديث ابن الحجاج للأحدثية لكن الجزم بالاحدثية محل الاشكال كما يظهر للمراجع و فتاوي العامة مختلفة ظاهرا و لا يبعد أن يكون خبر ابن الحجاج مخالفا معهم فيكون راجحا من هذه الناحية مضافا الي كون مفاده موافقا مع الاحتياط فعليه يشكل الالتزام بجواز الافطار فيما يكون ناويا للصوم من الليل الا أن يقوم اجماع تعبدي كاشف علي الجواز و اللّه العالم.

ثانيتهما: ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل صام قضاء من شهر رمضان فأتي النساء قال: عليه من الكفارة ما علي الذي أصاب في شهر رمضان لان ذلك اليوم عند اللّه من أيام رمضان «3».

فان المستفاد من هذه الرواية ان اليوم المقضي فيه صيام شهر رمضان من أيام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 257

بل تقدم أن عليه الكفارة (1) أما قبل الزوال فيجوز (2) و أما الواجب الموسع غير قضاء شهر رمضان فالظاهر جواز الافطار فيه مطلقا و ان كان الاحوط ترك الافطار بعد الزوال (3).

[مسألة 88: لا يلحق القاضي عن غيره بالقاضي عن نفسه]

(مسألة 88): لا يلحق القاضي عن غيره بالقاضي عن نفسه في

______________________________

رمضان فلا يجوز الافطار فيه حتي قبل الزوال و هذه الرواية ضعيفة بضعف

اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال.

(1) و قد مر الكلام هناك في شرح عبارة المتن.

(2) قد ظهر مما ذكرنا ان اطلاق الحكم محل الاشكال و الكلام.

(3) لا يبعد أن يستفاد التفصيل بين ما قبل الزوال و ما بعده من رواية سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله: الصائم بالخيار الي زوال الشمس قال: ان ذلك في الفريضة فأما النافلة فله أن يفطر أي وقت شاء الي غروب الشمس «1».

فان مقتضي هذه الرواية ان الصوم اذا كان فريضة لا يجوز افطاره بعد الزوال علي الاطلاق.

و سيدنا الاستاد أفاد في المقام «ان الرواية ضعيفة بمحمد بن سنان» و لكن للرواية طريق آخر و هو طريق الصدوق الي سماعة و طريقه اليه صحيح فالرواية تامة سندا و دلالة نعم لا يبعد أن يكون المنصرف اليه من الرواية ما يكون فريضة بعنوانه الاولي لا ما يكون فرضا بالعنوان الثانوي كالنذر و أمثاله و يؤيد المدعي ما رواه عبد اللّه بن سنان «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث: 8

(2) لاحظ ص: 255

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 258

الحرمة و الكفارة و ان كان الاحوط استحبابا الالحاق (1).

[مسألة 89: يجب علي ولي الميت و هو الولد الذكر الأكبر حال الموت أن يقضي ما فات أباه من الصوم لعذر إذا وجب عليه قضائه]

(مسألة 89): يجب علي ولي الميت و هو الولد الذكر الاكبر حال الموت أن يقضي ما فات أباه من الصوم لعذر اذا وجب عليه قضائه و الاحوط استحبابا الحاق الاكبر الذكر في جميع طبقات المواريث علي الترتيب في الارث بالابن و الاقوي عدمه و أما ما فات عمدا أو أتي به فاسدا ففي الحاقه بما فات عن عذر اشكال و ان كان أحوط لزوما بل الاحوط الحاق الام بالاب و ان كان الاقوي خلافه و

ان فاته ما لا يجب عليه قضائه كما لو مات في مرضه لم يجب القضاء و قد تقدم في كتاب الصلاة بعض المسائل المتعلقة بالمقام لان المقامين من باب واحد (2).

______________________________

(1) بتقريب: انه لا دليل علي الالحاق و لكن قد ظهر مما ذكرنا آنفا ان مقتضي حديث سماعة ان التفصيل حكم مطلق الصوم الواجب الا أن يقال: ان وجوب الصوم في المقام من باب العنوان الثانوي و تلك الرواية لا تشمل العناوين الثانوية. هذا فيما يكون واجبا عليه و أما اذا لم يكن واجبا عليه كالمتبرع فالامر أوضح فلاحظ.

(2) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول: انه يجب علي الولد الذكر الاكبر حال الموت أن يقضي ما فات أباه من الصوم لعذر اذا وجب عليه قضائه علي الاشهر بل المشهور شهرة عظيمة هكذا في كلام سيدنا الاستاد و استدل الماتن علي مدعاه بروايتين:

الاولي: ما رواه حفص البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام قال: يقضي عنه أولي الناس بميراثه قلت: فان كان أولي الناس

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 259

______________________________

به امرأة؟ فقال: لا الا الرجال «1».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية أن القاضي هو الاولي من جميع الناس بميراث الميت علي نحو الاطلاق و هذا المفهوم منحصر في الولد الذكر الاكبر باعتبار ان الحبوة له.

و بعبارة اخري: المستفاد من الحديث ان الاولي بالميراث بقول مطلق هو المكلف بالقضاء و الاولي بالارث علي الاطلاق هو الولد الذكر الأكبر اذ حظه أوفر من الكل.

و يرد عليه: ان المستفاد من الرواية ان المكلف بالقضاء الاولي بالارث و هذا يختلف باختلاف الوارث فربما يكون الاولي الاكبر من الذكور و ربما يكون غيره.

و بعبارة اخري:

اذا قلنا: بأن الاولي بالميت ارثأ و أوفر حظا هو المكلف بالقضاء فلا بد من الالتزام باختلاف الموضوع المأخوذ في الدليل.

و يؤيد المدعي- لو لم يدل عليه- سؤال الراوي الامام عليه السلام بأنه اذا كان الاولي به المرأة فأجاب عليه السلام بأنه لا بد من الرجال و لا يتعلق التكليف بالنساء فان الظاهر من الرواية تقريره عليه السلام للراوي في ان المكلف بالقضاء هو الاولي غاية الامر لا بد أن يكون رجلا و لو كان المراد من الاولي الاكبر من الذكور لم يكن قابلا لكونه امرأة فيعلم ان الاولوية لا تنحصر في فرد بل الاولي عنوان قد ينطبق علي الاكبر من الذكور و قد ينطبق علي غيره.

الثانية: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل سافر

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 260

______________________________

في شهر رمضان فأدركه الموت قبل أن يقضيه قال: يقضيه أفضل أهل بيته «1».

بتقريب ان الظاهر من الرواية ان الافضلية من حيث الإرث لا من الجهات الاخر كالعلم و التقي و الافضل من حيث الارث الاكبر من الذكور لكون نصيبه أوفر.

و فيه: اولا انه لا دليل علي كون الفضل باعتبار الارث. و ثانيا: ان الحكم تابع لموضوعه و أوفر حظا من الارث يختلف فلا وجه لاختصاصه بخصوص الاكبر من الذكور.

فالنتيجة ان وجوب القضاء علي خصوص الاكبر من الذكور دون غيره يشكل الالتزام به. و كيف كان فقد نسب الخلاف الي ابن أبي عقيل فأنكر وجوب القضاء و أوجب التصدق عن الميت و ما يمكن أن يستدل به علي هذا القول حديثان:

الاول: ما رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع عن أبي

جعفر الثاني قال قلت له:

رجل مات و عليه صوم يصام عنه أو يتصدق؟ قال: يتصدق عنه فانه أفضل «2» فان المستفاد من الحديث ان الصدقة عن الميت أفضل من أن يصام عنه.

و هذه الرواية مخدوشة سندا و دلالة أما سندا فلان الصدوق قدس سره رواها مرسلا بقوله: «روي» فانه قدس سره و ان كان طريقه الي ابن بزيع صحيحا لكن انما يتم فيما يسند الرواية الي من له اليه الطريق كأن يقول: «قال ابن بزيع» أو:

«روي ابن سنان» و أما قوله: «روي» - كما في المقام فلا يزيد عن الارسال.

و أما دلالة فلانه لم يفرض في الرواية ان القاضي عن الميت وليه أو ولده بل مورد السؤال مطلق و يمكن انطباقه علي الأجنبي فلا منافاة بين وجوب قضاء الصوم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) من لا يحضره الفقيه ج 3 ص 236 ح 1119

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 261

______________________________

عن الميت علي الولي و بين كون الصدقة عنه أفضل بالنسبة الي الاجنبي. و بعبارة اخري: يمكن أن يقال: بأن مفادها مطلق و الاطلاق يقيد بالنصوص الواردة في وجوب القضاء علي الولي.

الثاني: ما رواه أبو مريم الانصاري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا صام الرجل شيئا من شهر رمضان ثم لم يزل مريضا حتي مات فليس عليه شي ء (قضاء) و ان صح ثم مرض ثم مات و كان له مال تصدق عنه مكان كل يوم بمد و ان لم يكن له مال صام عنه وليه «1».

و المستفاد من هذه الرواية انه لو كان للميت مال يتصدق عنه و ان لم يكن له مال يقضي عنه وليه و حيث ان فرض أن لا يكون للميت مال فرض

نادر ملحق با- لعدم، لا يمكن تقييد المطلقات الدالة علي وجوب القضاء بهذه الرواية فيقع التعارض بين هذه الرواية و تلك المطلقات و حيث ان تلك المطلقات مخالفة مع العامة- حيث انهم قائلون بالتصدق- يكون الترجيح معها.

الا أن يقال: ان حديث أبي مريم أيضا مخالف اذ المستفاد منه وجوب الصوم مع عدم المال للميت فبعد التعارض يتساقط المتعارضان الا أن يقال: بكون الحكم معروفا بين الاصحاب بل عن جملة من الاساطين دعوي الاجماع عليه و لم يحك فيه الخلاف الا عن ابن أبي عقيل.

الفرع الثاني: ان الاحوط استحبابا الحاق الاكبر الذكر في جميع طبقات المواريث علي الترتيب في الارث بالابن و الاقوي عدمه أما وجه الاحتياط فللخروج عن شبهة الخلاف و أما أن الاقوي عدم اللحوق فلعدم الدليل علي الالحاق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 262

______________________________

الفرع الثالث: ان ما فاته عمدا أو أتي به فاسدا يشكل الحاقه بما فات عن عذر و ان كان أحوط لزوما. و ما قيل في هذا المقام أمران:

احدهما: ان بعض النصوص مورده الفوت عن عذر فلا يشمل مورد الفوت بلا عذر لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1». و فيه ان الامر و ان كان كذلك و لكن يكفي ما فيه الاطلاق لاحظ ما رواه حفص «2» فان الموضوع فيه:

«الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام» و مقتضي الاطلاق عدم الفرق و من ناحية اخري انه لا تنافي بين المثبتين.

ثانيهما: ان الاطلاق منصرف عن صورة الفوت عن غير عذر و الجواب:

ان الانصراف لا وجه له حتي لو فرض قلة أفراد الفوت عن غير عذر اذ المطلق لا ينصرف الي الفرد النادر

لا أنه ينصرف عنه مضافا الي أن قلة وجوده اول الكلام

الفرع الرابع: ان الاحوط الحاق الام بالاب و ان كان الاقوي عدم الالحاق و هذا الفرع مورد الخلاف و نسب الالحاق الي الاكثر تارة و الي المعظم اخري و اختاره السيد اليزدي قدس سره في عروته.

و الذي يمكن أن يقال في وجه الالحاق أمران: احدهما: ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل خروج شهر رمضان هل يقضي عنها؟ قال: أما الطمث و المرض فلا و أما السفر فنعم «3» و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل أن يخرج

______________________________

(1) لاحظ ص: 243

(2) لاحظ: ص 258

(3) الوسائل الباب 23 من ابواب أحكام شهر رمضان الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 263

______________________________

رمضان هل يقضي عنها؟ فقال: أما الطمث و المرض فلا و أما السفر فنعم «1» بتقريب: ان المستفاد من الحديثين ان ما فاتها بالسفر يجب قضائه.

و فيه: انه لا يستفاد منهما الا مشروعية القضاء عنها في مورد ما فات منها بالسفر و أما الزائد عن هذا المقدار فلا مضافا الي أن مورد الروايتين مطلق المرأة لا الام.

و يؤيد ما ذكرنا من أن المستفاد من الحديثين المشروعية ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان و ماتت في شوال فأوصتني أن أقضي عنها قال: هل برئت من مرضها؟ قلت: لا، ماتت فيه قال: لا يقضي عنها فان اللّه لم يجعله عليها قلت: فاني أشتهي أن

أقضي عنها و قد أوصتني بذلك قال: كيف تقضي عنها شيئا لم يجعله اللّه عليها فان اشتهيت أن تصوم لنفسك فصم «2» و أما النصوص الدالة علي وجوب القضاء علي الولي فموردها الرجل.

ثانيهما: قاعدة الاشتراك في التكليف فان هذه القاعدة تقتضي الحاق المرأة بالرجل و الام بالاب. و فيه: ان مقتضي قاعدة الاشتراك انه لو وجب شي ء علي الرجل أو حرم عليه يجب الاول و يحرم الثاني علي المرأة لا ما اذا كان الموضوع في تكليف الرجل فانه لا وجه للتسرية و لذا لا يتوهم احد انه لو قام دليل علي جواز الاقتداء بالرجل في الصلاة انه يجوز الاقتداء بالمرأة كذلك أو اذا قام دليل علي جواز تقليد الرجل و هكذا فالاقوي- كما في المتن- عدم الالحاق و الاحتياط يقتضيه.

الفرع الخامس: انه لو فاته ما لا يجب قضائه عليه لا يجب القضاء علي وليه أيضا

______________________________

(1) نفس المصدر: 16

(2) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 264

[مسألة 90: يجب التتابع في صوم الشهرين من كفارة الجمع و كفارة التخيير]

(مسألة 90): يجب التتابع في صوم الشهرين من كفارة الجمع و كفارة التخيير (1) و يكفي في حصوله صوم الشهر الاول و يوم من الشهر الثاني متتابعا (2).

______________________________

و هذا ظاهر اذ المفروض ان موضوع وجوب القضاء عنه عنوان: «ان عليه صلاة أو صيام» - كما في حديث حفص- و مع عدم الوجوب عليه لا موضوع للقضاء عنه.

و ان شئت قلت: ان القضاء عنه فرع وجوبه عليه و مع عدم الوجوب لا موضوع له و يدل علي المدعي من نصوص الباب ما رواه أبو بصير «1» فان المستفاد من كلامه عليه السلام بالصراحة ان ما لم يجب عليه ليس قابلا لان يقضي عنه فلاحظ

(1) قد مر الكلام في فصل

الكفارة و ذكرنا أنه من النصوص ما يدل علي وجوب التتابع و الكلام في المقام في أنه بما يحصل التتابع؟.

(2) لا اشكال في أن مقتضي النصوص الدالة علي وجوب التتابع عدم جواز التفريق بين أجزاء الشهرين بوجه و انما ترفع اليد عن القاعدة الاولية بالنص الخاص الوارد في المقام.

لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن قطع صوم كفارة اليمين و كفارة الظهار و كفارة القتل فقال: ان كان علي رجل صيام شهرين متتابعين و التتابع أن يصوم شهرا و يصوم من الاخر شيئا أو أياما منه فان عرض له شي ء يفطر منه أفطر ثم يقضي ما بقي عليه و ان صام شهرا ثم عرض له شي ء فأفطر قبل أن يصوم من الاخر شيئا فلم يتابع أعاد الصوم كله الحديث «2».

و هذه الرواية حاكمة علي نصوص وجوب التتابع في جميع اجزاء الشهرين فان قوله عليه السلام: «و التتابع» الي آخره تصرف في موضوع تلك الادلة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 263

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب بقية الصوم الواجب الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 265

[مسألة 91: كل ما يشترط فيه التتابع إذا أفطر لعذر اضطر إليه]

(مسألة 91): كل ما يشترط فيه التتابع اذا أفطر لعذر اضطر اليه بني علي ما مضي عند ارتفاعه و ان كان العذر بفعل المكلف اذا كان مضطرا اليه (1).

______________________________

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه سماعة بن مهران قال: سألته عن الرجل يكون عليه صوم شهرين متتابعين أ يفرق بين الايام فقال: اذا صام أكثر من شهر فوصله ثم عرض له أمر فأفطر فلا بأس فان كان أقل من شهر أو شهرا فعليه أن يعيد الصيام «1».

و ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

قطع صوم كفارة اليمين و كفارة الظهار و كفارة القتل (الدم) فقال: ان كان علي رجل صيام شهرين متتابعين فأفطر أو مرض في الشهر الاول فان عليه أن يعيد الصيام و ان صام الشهر الاول و صام من الشهر الثاني شيئا ثم عرض له ما له فيه عذر فان عليه أن يقضي «2».

فان المستفاد من هذه النصوص ان من عليه صوم شهرين متتابعين لو صام الشهر الاول و يوما من الشهر الثاني يجوز له بعد ذلك التفريق فلا وجه لما نسب الي بعض الاساطين من أن التفريق حرام اذ لا وجه للحرمة بعد قيام الدليل علي الجواز.

مضافا الي أن غاية ما في الباب وجوب الاستيناف و أما الاثم في التفريق فلا وجه له، و بعبارة اخري: المستفاد من نصوص التتابع اشتراطه لا وجوبه التكليفي.

(1) اجماعا ظاهرا في الشهرين- كما في كلام بعض الاصحاب- و يدل علي المدعي ما رواه رفاعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل عليه صيام شهرين متتابعين فصام شهرا و مرض قال: يبني عليه اللّه حبسه قلت: امرأة كان عليها صيام شهرين متتابعين فصامت و أفطرت أيام حيضها قال: تقضيها قلت: فانها قضتها ثم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 266

______________________________

يئست من المحيض قال: لا يعيدها أجزأها ذلك «1».

و بعموم العلة المذكورة في الرواية أي قوله عليه السلام: «يبني عليه اللّه حبسه» يتعدي الي كل عذر و يؤيد العموم السؤال عن الحيض و جوابه عليه السلام بعدم البأس و عدم وجوب الاعادة.

و يؤيد المدعي ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل كان عليه صيام شهرين متتابعين

فصام خمسة و عشرين يوما ثم مرض فاذا برأ يبني علي صومه أم يعيد صومه كله؟ قال بل يبني علي ما كان صام ثم قال: هذا مما غلب اللّه عليه و ليس علي ما غلب اللّه عز و جل عليه شي ء «2». و انما عبرنا بالتأييد لضعف الرواية بابني المرار و المبارك فانها لم يوثقا.

و ربما يقال: بأن حديث رفاعة يعارضه ما رواه جميل و محمد بن حمران عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل الحر يلزمه صوم شهرين متتابعين في ظهار فيصوم شهرا ثم يمرض قال: يستقبل فان زاد علي الشهر الاخر يوما أو يومين بني علي ما بقي «3».

فان المستفاد من هذه الرواية فساد التتابع بالافطار و لو لأجل المرض فيقع التعارض و لكن رواية جميل و ابن حمران في موردها معارضة بما رواه رفاعة أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المظاهر اذا صام شهرا ثم مرض اعتد بصيامه «4».

و بعد التعارض و التساقط يكون المرجع اطلاق الرواية الاولي لرفاعة. ان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 267

أما اذا لم يكن عن اضطرار وجب الاستيناف (1).

______________________________

قلت: رواية رفاعة معارضة بحديث الحلبي فان المستفاد منه انه لو صام شهرا ثم عرض له شي ء يفطر منه أن يصوم شهرا و يوما متتابعا فعليه الاعادة.

قلت: حديث الحلبي مطلق يشمل مطلق العذر أعم من الشرعي و غيره و رواية رفاعة تختص بالعذر الشرعي فبرواية رفاعة يقيد الحديث الحلبي فلا تعارض فالنتيجة ان الحكم عام لكل مورد لعموم العلة.

(1) الماتن فصل فيما يكون العذر بفعل المكلف بين كونه اضطراريا كما لو

اكره علي السفر أو اجبر عليه و بين كونه اختياريا كما لو سافر باختياره فبني علي تحقق التتابع بالافطار في الصورة الاولي و عدمه في الثانية و المسألة محل الخلاف فربما يقال: - كما عن الجواهر- ان المعذورية في الافطار تكفي في عدم قطع التتابع و ان كان سببه اختياريا كما لو سافر اختيارا فأفطر.

و ربما يقال: - كما عن المستند- انه يتوقف صدق العذر علي أن لا يكون من فعل المكلف دخل في تحقق الافطار فلو اضطر الي السفر فسافر و أفطر ينقطع التتابع اذ السفر السبب للإفطار فعل اختياري للمكلف فلا يترتب عليه حكم عدم القطع.

و لا يبعد أن يكون القول الفصل ما اختاره الماتن كما اختار قبله سيد العروة قدس سره و تقريب الاستدلال عليه ان المستفاد من التعليل الوارد في حديث رفاعة أي قوله عليه السلام: «اللّه حبسه» انه يشترط في عدم قطع الافطار أن يكون ناشيا عن اضطرار شرعي و أما اذا كان باختيار المكلف لا يصدق الاضطرار الشرعي.

و صفوة القول: ان المتبادر من الرواية صورة الاضطرار و ان أبيت فلا أقل من عدم تحقق الاطلاق فلا يمكن الالتزام بعدم القطع الا بهذا المقدار.

و ان شئت قلت: ان الدليل منصرف عن صورة كون السبب اختياريا و علي هذا الاساس قلنا: ان حديث رفع الاكراه و الاضطرار لا يشمل صورة الاكراء الحاصل

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 268

و من العذر ما اذا نسي النية الي ما بعد الزوال أو نسي فنوي صوما آخر و لم يتذكر الا بعد الزوال (1) و منه ما اذا نذر قبل تعلق الكفارة صوم كل خميس فان تخلله في الاثناء لا يضر في التتابع (2) بل يحسب

من الكفارة أيضا اذا تعلق النذر بصوم يوم الخميس علي الاطلاق (3).

______________________________

بالاختيار او الاضطرار كذلك و لذا لا يجوز للمكلف الذهاب إلي مجلس يعلم انه لو حضر هناك يكره علي المحرم الفلاني و مثل هذا الاكراه لا يكون عذرا و الا يمكن الوصول الي كثير من المحرمات الالهية بهذه الحيلة.

(1) و ربما يقال: بأن النسيان من الشيطان و ليس من فعله تعالي كما يدل عليه قوله تعالي: «فَأَنْسٰاهُ الشَّيْطٰانُ» «1».

و يرد عليه: اولا: انه قضية في واقعة خاصة و لا تدل الاية علي أن كل نسيان من الشيطان. و ثانيا: المقصود من قوله عليه السلام في الرواية «اللّه حبسه» انه ليس مأمورا من قبله تبارك و تعالي و من هذه الجهة لا فرق بين كون النسيان من فعل الشيطان و بين كونه من فعله تعالي و بعبارة اخري: ان المستفاد من الدليل ان الموضوع المأخوذ فيه المعذور شرعا.

(2) لصدق الحبس الوارد في حديث رفاعة و لا وجه للقول بانصراف الدليل الي عذر لا يعلم به و الا يلزم اخراج الحيص اذ بحسب المتعارف تعلم المرأة بعروضه.

(3) تارة يكون متعلق النذر الصوم بما هو و لا اطلاق في الصوم الذي تعلق به النذر ففي مثله لا يحسب من صوم الكفارة و لا يقطع التتابع لكونه من الاعذار الشرعية و اخري ينذر أن يصوم علي الاطلاق بحيث يشمل صوم الكفارة ففي مثل هذا الفرض لا ينقطع التتابع و يكون صومه مصداقا لصوم الكفارة و لا تنافي بينه

______________________________

(1) يوسف/ 43

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 269

و لا يجب عليه الانتقال الي غير الصوم من الخصال (1).

[مسألة 92: إذا نذر صوم شهرين متتابعين جري عليه الحكم المذكور إلا أن يقصد تتابع جميع أيامها]

(مسألة 92): اذا نذر صوم شهرين متتابعين جري عليه الحكم المذكور الا أن

يقصد تتابع جميع أيامها (2).

[مسألة 93: إذا وجب عليه صوم متتابع لا يجوز له أن يشرع فيه في زمان يعلم انه لا يسلم بتخلل عيد أو نحوه]

(مسألة 93): اذا وجب عليه صوم متتابع لا يجوز له أن يشرع فيه في زمان يعلم انه لا يسلم بتخلل عيد أو نحوه (3) الا في كفارة القتل في الحرم أو في الاشهر الحرم فانه يجب علي القاتل صوم شهرين من الاشهر الحرم (4).

______________________________

و بين النذر و لا يمكنه أن ينوي صوما آخر و الا ينقطع التتابع.

(1) أما في الصورة الاخيرة فظاهر اذ المفروض انه يمكن الاتيان بالمأمور به علي ما هو عليه فلا وجه للانتقال و أما في الصورة الاولي فلكونه محبوسا الهيا فلاحظ

(2) تارة يتعلق النذر بصوم شهرين متتابعين بالتتابع الشرعي و اخري يتعلق بما هو مفهوم عرفي أما علي الاول فالامر كما أفاده في المتن من أنه لو صام الشهر الاول و يوما من الشهر الثاني يحصل التتابع و لا يلزم التتابع بالنسبة الي بقية الايام و أما علي الثاني فلا بد من التتابع في كلا الشهرين.

(3) اذ المفروض انه يجب عليه التتابع و قد فرض انه لا يمكنه فلا يمكنه قصد الاتيان بما وجب عليه الا علي نحو التشريع.

(4) لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل قتل في الحرم؟ قال: عليه دية و ثلث و يصوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم قال: قلت:

هذا يدخل فيه العيد و أيام التشريق؟ فقال: يصومه فانه حقا لزمه «1».

و ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قتل رجلا خطأ

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب ديات النفس الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 270

و لا يضره تخلل العيد علي الاظهر (1) نعم اذا لم يعلم فلا بأس اذا كان غافلا فاتفق ذلك

(2) أما اذا كان شاكا فالظاهر البطلان (3) و يستثني من ذلك الثلاثة بدل الهدي (4).

______________________________

في اشهر الحرم فقال: عليه الدية و صوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم قلت:

ان هذا يدخل فيه العيد و أيام التشريق قال: يصومه فانه حقا لزمه «1».

(1) لاحظ حديثي زرارة «2» و حديثه الاخر قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل قتل رجلا في الحرم قال: عليه دية و ثلث و يصوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم و يعتق رقبة و يطعم ستين مسكينا قال: قلت: يدخل في هذا شي ء قال:

و ما يدخل؟ قلت: العيدان و أيام التشريق قال يصوم فانه حق لزمه «3».

و الظاهر من هذه الروايات وجوب الصوم علي القاتل متتابعا في هذه الاشهر أي لا يفطر يوم العيد لا أن الافطار في يوم العيد لا يضر بالتتابع.

(2) لاحظ حديثي رفاعة و سليمان «4» فان المستفاد منهما ان عدم التتابع لعذر شرعي لا يضربه و بعبارة اخري: عموم العلة يقتضي تسرية الحكم فلاحظ.

(3) لعدم المعذورية مع الشك و الالتفات و احتمال تصادف صومه مع المانع

(4) و هو المشهور فيما بينهم بل ادعي عليه الاجماع و يدل عليه ما رواه يحي الازرق عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل قدم يوم التروية متمتعا و ليس له هدي فصام يوم التروية و يوم عرفة قال: يصوم يوما آخر بعد أيام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 269

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب بقية الصوم الواجب الحديث: 2 و الفروع من الكافي ج 4 ص: 140 حديث 9

(4) لاحظ ص: 265 و 266

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 271

اذا شرع فيها يوم التروية و عرفة فان له أن يأتي بالثالث

بعد العيد بلا فصل (1) أو بعد أيام التشريق لمن كان بمني (2) أما اذا شرع يوم العرفة وجب الاستيناف (3).

[مسألة 94: إذا نذر أن يصوم شهرا أو أياما معدودة لم يجب التتابع إلا مع اشتراط التتابع أو الانصراف اليه]

(مسألة 94): اذا نذر أن يصوم شهرا أو أياما معدودة لم يجب التتابع الا مع اشتراط التتابع أو الانصراف اليه علي وجه يرجع

______________________________

التشريق «1».

و يؤيد المدعي ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام فيمن صام يوم التروية و يوم عرفة قال: يجزيه أن يصوم يوما آخر «2».

فيقيد اطلاق حديث حماد بن عيسي قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

قال علي عليه السلام: صيام ثلاثة أيام في الحج قبل التروية بيوم و يوم التروية و يوم عرفة فمن فاته ذلك فليتحسر ليلة الحصبة يعني ليلة النفر و يصبح صائما و يومين بعده و سبعة اذا رجع «3» فان المطلق قابل للتقييد.

(1) كما هو المستفاد من حديث الازرق.

(2) لحرمة صوم أيام التشريق علي من يكون بمني.

(3) اذ يجب التتابع في الثلاثة و انما لا نلتزم بالوجوب بمقدار دلالة النص و مقتضي النص الوارد في المقام أن يصوم يوم التروية و يوم عرفة و يؤخر اليوم الثالث الي ما بعد العيد أو الي ما بعد أيام التشريق و أما تأخير يومين فلا دليل علي جوازه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 52 من أبواب الذبح الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 53 من أبواب الذبح الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 272

الي التقييد (1).

[مسألة 95: إذا فاته الصوم المنذور المشروط فيه التتابع فالأحوط التتابع في قضائه]

(مسألة 95): اذا فاته الصوم المنذور المشروط فيه التتابع فالاحوط التتابع في قضائه (2).

[مسألة 96: الصوم من المستحبات المؤكدة]

(مسألة 96): الصوم من المستحبات المؤكدة (3) و قد ورد

______________________________

(1) لعدم الدليل علي الوجوب. و بعبارة اخري: لا وجه للتقييد إلا مع اشتراط التتابع أو انصراف اللفظ اليه.

(2) خروجا عن شبهة الخلاف و الا فلا وجه للتتابع في القضاء فان ما اشتهر بين القوم بوجوب قضاء ما فات كما فات علي نحو الاطلاق ليست رواية معتبرة و أما حديث زرارة قال: قلت له: رجل فاتته صلاة من صلاة السفر فذكرها في الحضر قال: يقضي ما فاته كما فاته ان كانت صلاة السفر أداها في الحضر مثلها و ان كانت صلاة الحضر فليقض في السفر صلاة الحضر كما فاتته «1».

فانما يدل علي أن قضاء الصلاة في القصر و الاتمام تابع للأداء و لا دلالة علي أزيد من هذا المقدار مضافا الي أن الرواية واردة في باب الصلاة و لا ترتبط بالصوم.

و أما ما ورد في وجوب قضاء الصوم النذري كحديث ابن مهزيار انه كتب اليه يسأله يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما بعينه فوقع ذلك اليوم علي أهله ما عليه من الكفارة؟ فكتب اليه: يصوم يوما بدل يوم و تحرير رقبة مؤمنة «2».

فانما يدل علي وجوب القضاء لا أزيد من هذا المقدار فلا وجه لوجوب التتابع في القضاء و اذا وصلت النوبة الي الشك فالمرجع أصل البراءة عن الاشتراط كما هو ظاهر.

(3) بلا اشكال لاحظ ما رواه اسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد اللّه عن آبائه

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب بقية الصوم الواجب الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 273

انه

جنة من النار (1) و زكاة الابدان (2) و به يدخل العبد الجنة (3) و ان نوم الصائم عبادة و نفسه و صمته تسبيح و عمله متقبل و دعائه مستجاب (4).

______________________________

عليهم السلام ان النبي صلي اللّه عليه و آله قال لأصحابه: ألا اخبركم بشي ء ان أنتم فعلتموه تباعد الشيطان عنكم كما يتباعد المشرق من المغرب؟ قالوا: بلي قال: الصوم يسود وجهه و الصدقه تكسر ظهره و الحب في اللّه و الموازرة علي العمل الصالح يقطع دابره و الاستغفار يقطع وتينه و لكل شي ء زكاة و زكاة الابدان الصيام «1».

و لاحظ ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السلام أن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: ان اللّه عز و جل و كل ملائكته بالدعاء للصائمين و قال:

أخبرني جبرئيل عن ربه انه قال: ما أمرت ملائكتي بالدعاء لأحد من خلقي الا استجبت لهم فيه «2».

(1) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: بني الإسلام علي خمسة أشياء: علي الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و الولاية و قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الصوم جنة من النار «3».

(2) لاحظ ما رواه اسماعيل بن أبي زياد «4».

(3) لاحظ ما رواه اسماعيل بن بشار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام قال أبي:

ان الرجل ليصوم يوما تطوعا يريد ما عند اللّه فيدخله اللّه به الجنة «5».

(4) لاحظ ما روي عن الصادق عليه السلام قال: نوم الصائم عبادة و صمته

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب الصوم المندوب الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 272

(5) الوسائل الباب 1 من أبواب الصوم المندوب

الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 274

و خلوق فمه عند اللّه أطيب من رائحة المسك (1) و تدعوا له الملائكة حتي يفطر (2) و له فرحتان فرحة عند الافطار و فرحة حين يلقي اللّه تعالي (3) و أفراده كثيرة و المؤكد منه صوم ثلاثة أيام من كل شهر و الافضل في كيفيتها أول خميس من الشهر و آخر خميس منه و أول

______________________________

تسبيح و عمله متقبل و دعائه مستجاب «1».

(1) لاحظ ما عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أوحي اللّه عز و جل الي موسي عليه السلام: ما يمنعك من مناجاتي؟ فقال: يا رب اجللك عن المناجاة لخلوف فم الصائم فاوحي اللّه عز و جل اليه يا موسي لخلوف فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك «2».

(2) لاحظ ما رواه أبو حمزة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ان الصائم منكم يرتع في رياض الجنة و تدعو له الملائكة حتي يفطر «3».

(3) لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: للصائم فرحتان: فرحة عند افطاره و فرحة عند لقاء اللّه «4».

و لاحظ ما رواه ابن عباس عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: قال اللّه عز و جل الي أن قال: و الصائم يفرح بفرحتين: حين يفطر فيطعم و يشرب و حين يلقاني فادخله الجنة «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 17

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 38

(4) نفس المصدر الحديث: 26

(5) نفس المصدر الحديث: 27

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 275

اربعاء من العشر الاواسط (1) و يوم الغدير فانه يعدل مأئة حجة و مأئة عمرة مبرورات متقبلات (2) و يوم مولد النبي صلي اللّه عليه

و آله (3).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صام رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حتي قيل: ما يفطر ثم أفطر حتي قيل: ما يصوم ثم صام صوم داود عليه السلام يوما و يوما لإثم قبض عليه السلام علي صيام ثلاثة أيام في الشهر و قال: يعدلن صوم الدهر (الشهر) و يذهبن بوحر الصدر و قال حماد:

الوحر الوسوسة قال حماد: فقلت: و أي الايام هي قال: أول خميس في الشهر و أول أربعاء بعد العشر منه و آخر خميس فيه فقلت: و كيف صارت هذه الايام التي تصام فقال: لان من قبلنا من الامم كانوا اذا نزل علي أحدهم العذاب نزل في هذه الايام فصام رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله هذه الايام لأنها الايام المخوفه «1»

(2) لاحظ ما رواه علي بن الحسين العبدي قال: سمعت أبا عبد اللّه الصادق عليه السلام يقول: صيام يوم غدير خم يعدل صيام عمر الدنيا لو عاش انسان ثم صام ما عمرت الدنيا لكان له ثواب ذلك و صيامه يعدل عند اللّه عز و جل في كل عام مأئة حجة و مأئة عمرة مبرورات متقبلات و هو عيد اللّه الاكبر الحديث «2».

(3) لاحظ ما رواه اسحاق بن عبد اللّه العلوي العريضي قال: ركب أبي و عمومتي الي أبي الحسن عليه السلام و قد اختلفوا في الايام التي تصام في السنة و هو مقيم بقرية قبل سيره الي سر من رأي فقال لهم: جئتم تسألوني عن الايام التي تصام في السنة؟ فقالوا: ما جئناك إلا لهذا فقال: اليوم السابع عشر من ربيع الاول و هو اليوم الذي ولد فيه رسول

اللّه صلي اللّه عليه و آله الحديث «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 19 من ابواب الصوم المندوب الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 276

و يوم بعثه (1) و يوم دحو الارض و هو الخامس و العشرون من ذي القعدة (2) و يوم عرفة لمن لا يضعفه عن الدعاء مع عدم الشك في الهلال (3) و يوم المباهلة و هو الرابع و العشرون من ذي الحجة (4).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الحسن بن راشد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و لا تدع صيام يوم سبعة و عشرين من رجب فانه هو اليوم الذي انزلت فيه النبوة علي محمد صلي اللّه عليه و آله و ثوابه مثل ستين شهرا لكم «1».

(2) لاحظ ما رواه الحسن بن علي الوشاء قال: كنت مع أبي و أنا غلام فتعشينا عند الرضا عليه السلام ليلة خمس و عشرين من ذي القعدة فقال: له: ليلة خمس و عشرين من ذي القعدة ولد فيها ابراهيم عليه السلام و ولد فيها عيسي بن مريم و فيها دحيت الارض من تحت الكعبة فمن صام ذلك اليوم كان كمن صام ستين شهرا «2».

(3) لاحظ ما رواه سدير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن صوم يوم عرفة فقلت: جعلت فداك انهم يزعمون انه يعدل صوم سنة فقال: كان أبي لا يصومه قلت:

و لم ذاك؟ جعلت فداك قال: ان يوم عرفة يوم دعاء و مسألة و أتخوف أن يضعفني عن الدعاء و أكره أن أصومه و أتخوف أن يكون يوم عرفة يوم أضحي و ليس بيوم صوم

«3».

(4) قال في الحدائق: «و علله العلامة في المنتهي بأنه يوم شريف قد أظهر اللّه فيه نبيا علي خصمه و حصل فيه من التنبيه علي قرب علي عليه السلام من ربه و اختصاصه

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 277

و تمام رجب (1) و تمام شعبان (2) و بعض كل منهما علي اختلاف الابعاض في مراتب الفضل (3).

______________________________

به و عظم منزلته و ثبوت ولايته و استجابة الدعاء به ما لم يحصل لغيره و ذلك من أعظم الكرامات الموجبة لاخبار اللّه تعالي ان نفسه نفس رسول اللّه فيستحب صومه شكرا لهذه النعم الجسيمة» «1».

(1) لاحظ ما رواه في كتاب مسار الشيعة قال: روي عن أمير المؤمنين عليه السلام انه كان يصوم رجبا و يقول: رجب شهري و شعبان شهر رسول اللّه و شهر رمضان شهر اللّه عز و جل «2».

و لاحظ ما رواه كثير النواء عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان نوحا ركب السفينة أول يوم من رجب فأمر عليه السلام من معه أن يصوموا (يصوم) ذلك اليوم و قال: من صام ذلك اليوم تباعدت عنه النار مسيرة سنة و من صام سبعة أيام اغلقت عنه أبواب النيران السبعة و من صام ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنان الثمانية و من صام خمسة عشر يوما اعطي مسألته و من زاد زاده اللّه عز و جل «3» و لاحظ ما رواه أبو سعيد الخدري «4».

(2) لاحظ ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام هل صام أحد من

آبائك شعبان قط؟ قال: خير آبائي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله «5».

(3) و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه كثير النواء «6»

______________________________

(1) الحدائق الناضرة ج 13 ص: 380

(2) الوسائل الباب 26 من ابواب الصوم المندوب الحديث: 16

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 9

(5) الوسائل الباب 28 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 1

(6) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 278

______________________________

و منها: ما رواه أبان بن عثمان نحوه الا أنه قال: و من صام عشرة أيام اعطي مسألته و من صام خمسة و عشرين يوما منه قيل له: استأنف العمل فقد غفر لك و من زاد زاده اللّه «1».

و منها: ما رواه سلام الخثعمي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام قال: من صام من رجب يوما واحدا من أو له أو وسطه أو آخره أوجب اللّه له الجنة و جعله معنا في درجتنا يوم القيامة و من صام يومين من رجب قيل له: استأنف العمل فقد غفر لك ما مضي و من صام ثلاثة أيام من رجب قيل له: قد غفر لك ما مضي و ما بقي فاشفع لمن شئت من مذنبي اخوانك و أهل معرفتك و من صام سبعة أيام من رجب اغلقت عنه أبواب النيران السبعة و من صام ثمانية أيام من رجب فتحت له أبواب الجنة الثمانية فيدخلها من أيها شاء «2».

و منها: ما رواه علي بن فضال عن أبي الحسن علي بن موسي الرضا عليه السلام قال: من صام اول يوم من رجب رغبة في ثواب اللّه عز و جل وجبت له الجنة و من صام يوما في وسطه شفع في مثل ربيعة

و مضر و من صام يوما في آخره جعله اللّه عز و جل من ملوك الجنة و شفعه في أبيه و أمه و ابنته و أخيه و اخته و عمه و عمته و خاله و خالته و معارفه و جيرانه و ان كان فيهم مستوجب النار «3».

و منها: ما رواه سالم قال: دخلت علي الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام في رجب و قد بقيت منه أيام فلما نظر إلي قال لي: يا سالم هل صمت في هذا الشهر

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 279

______________________________

شيئا؟ قلت: لا و اللّه يا بن رسول اللّه فقال لي: لقد فاتك من الثواب (الاجر) ما لا يعلم مبلغه الا اللّه عز و جل ان هذا شهر قد فضله اللّه و عظم حرمته و أوجب للصائم فيه كرامته قال: فقلت يا بن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فان صمت ما بقي شيئا هل أنال فوزا ببعض ثواب الصائمين فيه؟ فقال: يا سالم من صام يوما من آخر الشهر كان ذلك أمانا له من شدة سكرات الموت و أمانا له من هول المطلع و عذاب القبر و من صام يومين من آخر هذا الشهر كان له بذلك جواز علي الصراط و من صام ثلاثة أيام من آخر هذا الشهر أمن يوم الفزع الاكبر من أهواله و شدائده و اعطي براءة من النار «1».

و منها: ما ورد في الباب: 26 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 10 و 13 و 15 و 20 و 21 و 24 و 25 و 26.

و منها: ما رواه عبد

اللّه بن مرحوم الازدي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: من صام أول يوم من شعبان وجبت له الجنة البتة و من صام يومين نظر اللّه اليه في كل يوم و ليلة في دار الدنيا و دام نظره اليه في الجنة و من صام ثلاثة أيام زار اللّه في عرشه من جنته في كل يوم «2».

و منها: ما روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: من صام يوم الاثنين و الخميس من شعبان جعل اللّه تعالي له نصيبا و من صام يوم الاثنين و الخميس من شعبان قضي له عشرين حاجة من حوائج الدنيا و عشرين حاجة من حوائج الآخرة «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 26

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 280

و يوم النوروز (1) و أول يوم من محرم (2) و ثالثه (3) و سابعه (4) و كل خميس (5).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه المعلي بن خنيس عن الصادق عليه السلام في يوم النيروز قال: اذا كان يوم النيروز فاغتسل و البس أنظف ثيابك و تطيب باطيب طيبك و تكون ذلك اليوم صائما الحديث «1».

(2) لاحظ ما أرسله الصدوق قال: روي أن في أول يوم من المحرم دعا زكريا عليه السلام ربه عز و جل فمن صام ذلك اليوم استجاب اللّه له كما استجاب لزكريا عليه السلام «2».

و لاحظ ما رواه الريان بن شبيب قال: دخلت علي الرضا عليه السلام في أول يوم من المحرم فقال لي: أ صائم أنت يا بن شبيب؟ فقلت: لا، فقال: ان هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريا عليه السلام ربه فقال: «رَبِّ

هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعٰاءِ» فاستجاب اللّه له و أمر الملائكة فنادت زكريا و هو قائم يصلي في المحراب «أَنَّ اللّٰهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْييٰ» فمن صام هذا اليوم ثم دعا اللّه عز و جل استجاب اللّه له كما استجاب لزكريا عليه السلام الحديث «3».

(3) لاحظ ما عن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله: ان من صام اليوم الثالث من المحرم استجيبت دعوته «4».

(4) لم أظفر علي مأخذه و اللّه العالم.

(5) قال في الجواهر: «لأنه اليوم الذي تعرض فيه الاعمار» «5»

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب الصوم المندوب

(2) الوسائل الباب 25 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 25 من ابواب الصوم المندوب الحديث: 9

(5) جواهر الكلام ج 17 ص: 11 و الحدائق ج 13 ص: 377

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 281

و كل جمعة (1) اذا لم يصادفا عيدا (2).

[مسألة 97: يكره الصوم في موارد]

(مسألة 97): يكره الصوم في موارد: منها الصوم يوم عرفة لمن خاف أن يضعفه عن الدعاء و الصوم فيه مع الشك في الهلال بحيث يحتمل كونه عيد أضحي (3) و صوم الضيف نافلة بدون اذن مضيفه (4).

______________________________

و لاحظ ما رواه الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام قال: و أما الصوم الذي يكون صاحبه فيه بالخيار فصوم يوم الجمعة و الخميس الحديث «1».

(1) لاحظ ما رواه في عيون الاخبار الرضا عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من صام يوم الجمعة صبرا و احتسابا اعطي ثواب صيام عشرة أيام غر زهر لا تشاكل أيام الدنيا «2».

(2) كما هو ظاهر فان صوم يوم العيد حرام فلا يمكن أن يكون محبوبا.

(3) لاحظ ما رواه محمد بن

مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن صوم يوم عرفة فقال: من قوي عليه فحسن ان لم يمنعك من الدعاء فانه يوم دعاء و مسألة فصمه و ان خشيت أن تضعف عن ذلك فلا تصمه «3» و ما رواه سدير «4».

(4) لاحظ ما رواه الزهري عن علي بن الحسين عليهما السلام في حديث قال:

و أما صوم الاذن فان المرأة لا تصوم تطوعا الا باذن زوجها و العبد لا يصوم تطوعا الا باذن سيده و الضيف لا يصوم تطوعا الا باذن صاحبه و قال رسول اللّه صلي اللّه عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 23 من أبواب الصوم المندوب الحديث: 4

(4) لاحظ ص: 276

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 282

و الولد من غير اذن والده (1).

[مسألة 98: يحرم صوم العيدين و أيام التشريق]

(مسألة 98): يحرم صوم العيدين (2) و أيام التشريق لمن كان

______________________________

و آله: و من نزل علي قوم فلا يصومن تطوعا الا باذنهم «1».

و ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من فقه الضيف أن لا يصوم تطوعا الا باذن صاحبه الي أن قال:

و الا كان الضيف جاهلا الحديث «2».

و ما رواه حماد بن عمرو و أنس بن محمد عن أبيه جميعا عن الصادق عن آبائه عليهم السلام في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: يا علي لا نصوم المرأة تطوعا الا باذن زوجها و لا يصوم العبد تطوعا الا باذن مولاه و لا يصوم الضيف تطوعا الا باذن صاحبه «3».

(1) لاحظ ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه

السلام قال: و من بر الولد أن لا يصوم تطوعا و لا يحج تطوعا و لا يصلي تطوعا الا باذن أبويه و أمرهما «4»

(2) كما هو ظاهر واضح بل نقل عن المستند: «انه من الضروريات الدينية» و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام قال و أما الصوم الحرام فصوم يوم الفطر و يوم الاضحي و ثلاثة أيام من أيام التشريق و صوم يوم الشك امرنا به و نهينا عنه الي أن قال: و صوم الوصال حرام و صوم الصمت حرام و صوم نذر المعصية حرام و صوم الدهر حرام «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الصوم المحرم و المكروه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) الوسائل الباب 1 من أبواب الصوم المحرم و المكروه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 283

بمني (1).

______________________________

و منها: ما رواه سدير «1». و منها: ما رواه الصدوق في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله قال: يا علي صوم الفطر حرام و صوم يوم الاضحي حرام «2»

و منها: ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عليهم السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي عن صيام ستة أيام: يوم الفطر و يوم الشك و يوم النحر و أيام التشريق «3».

و منها: ما رواه القاسم الصيقل أنه كتب اليه يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما من الجمعة دائما ما بقي فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحي أو أيام التشريق الي أن قال: فكتب اليه: قد وضع اللّه عنك الصيام في هذه الايام كلها و تصوم يوما

بدل يوم «4». و منها غيرها المذكور في الوسائل في الباب 1 من أبواب الصوم المحرم و المكروه.

(1) و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه معاوية بن عمار قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صيام أيام التشريق فقال: أما بالأمصار فلا بأس به و أما بمني فلا «5».

و منها: ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: النحر بمني ثلاثة أيام فمن أراد الصوم لم يصم حتي تمضي الثلاثة الايام و النحر بالأمصار يوم فمن أراد أن يصوم صام من الغد «6».

______________________________

(1) لاحظ ص: 276

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الصوم المحرم و المكروه الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) الوسائل الباب 2 من أبواب الصوم المحرم و المكروه الحديث: 1

(6) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 284

ناسكا كان أم لا (1) و يوم الشك علي أنه من شهر رمضان (2) و نذر المعصية بأن ينذر الصوم علي تقدير فعل الحرام شكرا (3) اما زجرا فلا بأس به (4) و صوم الوصال (5) و لا بأس بتأخير الافطار و لو الي

______________________________

(1) لإطلاق النصوص.

(2) تقدم الكلام فيه في ذيل المسألة العاشرة من فصل النية.

(3) اذ الصوم من العبادات و يشترط فيه قصد القربة و الحال أنه كيف يمكن القرب بالصوم الذي يكون شكرا علي ارتكاب المحرم. و بعبارة اخري: لا معني لان يشكر المكلف له تعالي بلحاظ ارتكابه فعلا محرما و مبغوضا للمولي بل نفس هذا العمل نحو تجرئ علي المولي فلا ينعقد النذر المتعلق به اذ يشترط في متعلقه أن يكون راجحا.

أضف الي ما ذكر جملة من النصوص الدالة

علي المدعي منها: ما رواه الزهري عن علي بن الحسين عليهما السلام في حديث قال: و صوم نذر المعصية حرام «1».

و منها: ما في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: و صوم نذر المعصية حرام «2».

(4) لوجود المقتضي و عدم المانع.

(5) و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: لا وصال في صيام «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الصوم المحرم و المكروه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب الصوم المحرم و المكروه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 285

الليلة الثانية اذا لم يكن عن نية الصوم (1) و الاحوط اجتنابه (2) كما أن الاحوط عدم صوم الزوجة و المملوك تطوعا بدون اذن الزوج و السيد و ان كان الاقوي الجواز في الزوجة اذا لم يمنع عن حقه (3).

______________________________

(1) اذ المنهي عنه الامساك الصومي بحيث يكون الامساك الي الليلة الثانية مثلا مصداقا للمأمور به الشرعي و الا فمجرد الامساك لا يكون منهيا عنه كما هو ظاهر.

(2) قال في الحدائق: «و ان كان الاولي ترك ذلك لما يستفاد من ظاهر الاخبار بأن الوصال عبارة عن مجرد التأخير» «1».

(3) أما بالنسبة الي الصوم الزوجة بلا اذن زوجها فقال في الحدائق: «الظاهر انه لا خلاف في توقف صحة صومها علي اذن الزوج كما نقله في المعتبر فقال: انه موضع وفاق» «2» انتهي.

و النصوص الواردة في المقام مختلفة فمنها ما يدل علي توقف الصحة علي اذنه لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله: ليس للمرأة أن

تصوم تطوعا الا باذن زوجها «3» فان صريح الرواية انه ليس لها أن تصوم تطوعا الا باذن زوجها.

و منها: ما يدل علي الجواز بلا اذن لاحظ ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه قال: سألته عن المرأة تصوم تطوعا بغير اذن زوجها؟ قال: لا بأس «4».

و حيث ان أقوال العامة مختلفة في المقام- حسب ما يظهر من «الفقه علي المذاهب الاربعة» - فالترجيح مع الطائفة الثانية للأحدثية فالاقوي عدم الاشتراط

______________________________

(1) الحدائق ج 13 ص: 393

(2) نفس المصدر ص: 205

(3) الوسائل الباب 8 من ابواب الصوم المحرم و المكروه الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 286

و لا يترك الاحتياط بتركها الصوم اذ انهاها زوجها عنه (1) و الحمد للّه رب العالمين.

______________________________

لكن خروجا عن شبهة الخلاف تحتاط.

و أما بالنسبة الي صوم المملوك بدون اذن سيده فقد استدل علي المدعي بأنه مملوك للمولي لا يصح له التصرف في نفسه و لا يملك منافعه.

و فيه: ان ما ذكر لا يمكن أن يكون دليلا علي عدم الجواز و أي فرق بين الصوم و قراءة القرآن فهل يمكن أن يقال: انه لا تجوز له القراءة بلا اذن مولاه.

و ملخص الكلام: انه لو لم يتناف صومه مع حق المولي لم يكن مانع في حد نفسه عن الصحة و قد وردت في المقام جملة من النصوص منها: ما رواه الزهري «1» و منها: ما رواه حماد بن عمرو و انس بن محمد «2» و منها:

ما رواه هشام بن الحكم «3».

و دلالة بعضها علي الحرمة و ان كانت تامه لكن السند مخدوش فلا يكون قابلا للاعتماد فيكون الحكم- كما في المتن- مبنيا علي الاحتياط.

(1) لم يظهر لي وجه

وجوب الاحتياط اذ لا دليل علي مانعية نهية و انما الدليل قائم علي اشتراط اذنه لكن حيث انه معارض بما يدل علي عدم الاشتراط و قدمنا الثاني للأحدثية لا يبقي دليل علي الاشتراط.

______________________________

(1) لاحظ ص: 281

(2) لاحظ ص: 282

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب الصوم المحرم و المكروه الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 287

[الخاتمة في الاعتكاف]

اشارة

الخاتمة في الاعتكاف و فيه فصلان و هو اللبث في المسجد و الاحوط أن يكون بقصد فعل العبادة فيه من صلاة و دعاء و غيرهما و ان كان الاقوي عدم اعتباره (1).

______________________________

(1) وقع الكلام في أن الاعتكاف مجرد اللبث في المسجد لبثا عباديا اي يقصد به التقرب الي اللّه تعالي أو أن الاعتكاف عبارة عن اللبث في المسجد مقدمة لعبادة اخري من صلاة أو دعاء و الماتن اختار الاول بقوله: «و ان كان الاقوي».

و يمكن أن يستدل علي هذا القول بقوله تعالي: «وَ عَهِدْنٰا إِليٰ إِبْرٰاهِيمَ وَ إِسْمٰاعِيلَ أَنْ طَهِّرٰا بَيْتِيَ لِلطّٰائِفِينَ وَ الْعٰاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ» «1».

فان الظاهر من الاية جعل الاعتكاف في قبال الطواف و الصلاة فكأنه قال سبحانه:

«طَهِّرٰا بَيْتِيَ للعباد الذين ينقسمون الي الطائفين و العاكفين و المصلين» فتكفي الاية الشريفة وحدها للاستدلال بها علي المدعي الا أن يقال: انه ليست الاية الشريفة في مقام البيان من هذه الجهة و مع عدم البيان و عدم تحقق الاطلاق لا مجال للاستدلال

______________________________

(1) البقرة/ 125

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 288

و يصح في كل وقت يصح فيه الصوم (1) و الافضل شهر رمضان (2).

______________________________

علي المدعي بالآية الشريفة.

و يمكن الاستدلال علي المقصود بما رواه داود بن سرحان قال: كنت بالمدينة في شهر رمضان فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اني اريد أن

أعتكف فما ذا اقول و ما ذا افرض علي نفسي؟ فقال: لا تخرج من المسجد الا لحاجة لا بد منها و لا تقعد تحت ظلال حتي تعود الي مجلسك «1».

فان المستفاد من الرواية ان مجرد اللبث في المسجد بنفسه مصداق للاعتكاف فلاحظ.

(1) بلا اشكال ظاهر و لا خلاف- كما في كلام بعض الاصحاب- و لإطلاق الادلة بلا مقيد ظاهرا.

(2) استدل عليه بما رواه السكوني عن الصادق عن آبائه عليهم السلام قال:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اعتكاف عشر في رمضان تعدل حجتين و عمرتين «2». و هذه الرواية ضعيفة سندا.

و استدل عليه أيضا بما رواه أبو العباس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اعتكف رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في شهر رمضان في العشر الاول ثم اعتكف في الثانية في العشر الوسطي ثم اعتكف في الثالثة في العشر الاواخر ثم لم يزل صلي اللّه عليه و آله يعتكف في العشر الاواخر «3». و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي ابن الحصين بحكم بن مسكين.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من كتاب الاعتكاف الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 1 من كتاب الاعتكاف الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 289

و أفضله العشر الاواخر (1).

[فصل في شرائط الاعتكاف مضافا إلي العقل و الإيمان]
اشارة

(مسألة 1) يشترط في صحته مضافا الي العقل (2).

______________________________

(1) و استدل عليه بما رواه أبو العباس «1» بتقريب ان مواظبة النبي صلي اللّه عليه و آله تدل علي الافضلية مضافا الي أن نقل الامام عليه السلام مواظبته صلي اللّه عليه و آله يدل علي المدعي لكن قد مر قريبا ان الرواية ضعيفة.

و ربما يستدل علي المدعي بما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه

السلام قال: سئل عن الاعتكاف في رمضان في العشر الاواخر قال: ان عليا عليه السلام كان يقول: لا أري الاعتكاف الا في المسجد الحرام أو في مسجد الرسول صلي اللّه عليه و آله أو في مسجد جامع (جماعة) «2».

بتقريب: ان الامام عليه السلام قرر ما في ذهن السائل من افضلية العشر الاواخر من رمضان. و لكن الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن الفضال.

و في المقام رواية داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا اعتكاف الا في العشرين من شهر رمضان الحديث «3».

و لا بأس بسندها ظاهرا و لكن الاشكال في دلالتها علي المدعي حيث ان المذكور فيها ان الاعتكاف في عشرين من رمضان فينبغي الاتيان في رمضان أو في عشر آخره بعنوان الرجاء و اللّه العالم.

(2) اذ لا قصد بدون العقل و القصد لازم في العبادة اضف الي ما ذكر انه قد دل النص الخاص ان ميزان تعلق التكاليف و العقاب و الثواب العقل لاحظ ما رواه

______________________________

(1) لاحظ ص: 288

(2) الوسائل الباب 3 من كتاب الاعتكاف الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 1 من كتاب الاعتكاف الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 290

و الايمان (1) امور:

[الأول: نية القربة]
اشارة

الاول: نية القربة كما في غيره من العبادات (2) و تجب مقارنتها لأوله بمعني وجوب ايقاعه من أوله الي آخره عن النية (3) و حينئذ يشكل الاكتفاء بتبييت النية اذا قصد الشروع فيه في أول يوم (4) نعم لو قصد الشروع فيه وقت النية في أول الليل كفي (5).

______________________________

محمد بن مسلم «1».

(1) قد دلت جملة من النصوص «2» علي أنه يشترط في العبادة الايمان فلا يكون الاعتكاف صحيحا من غير المؤمن و بطريق

أولي لا يكون صحيحا من الكافر.

(2) للتسالم علي كونه من العبادات و عباديته من مرتكزات المتشرعة.

(3) كما هو ظاهر اذ يلزم الشروع في العبادة بقصد القربة.

(4) وجه الاشكال انه في حال النوم لا يكون ناويا فلا يكون اول زمان الاعتكاف مقارنا للنية. و لكن يمكن أن يقال: انه لا اشكال فيه اذ لا اشكال في أن المقدور بالواسطة مقدور فمن ينام في المسجد قاصدا للبقاء فيه يكون في المسجد حدوثا و بقاء اختياريا و المفروض انه قصد الاعتكاف قربة حين النوم و من ناحية اخري يكفي في النية و القربة الداعي بحيث لو سئل عنه لم يبق متحيرا.

و ان شئت قلت: لا دليل علي أزيد من هذا المقدار فيصح أن يقال: ان مكثه من أول الفجر في المسجد يكون للاعتكاف و يكون عن داع قربي الهي فلا اشكال فتأمل.

(5) قطعا اذ عليه تكون النية مقارنة مع أول جزء من الاعتكاف و من ناحية اخري

______________________________

(1) لاحظ ص: 157

(2) لاحظ الروايات في الوسائل الباب 29 من ابواب مقدمة العبادات و لاحظ: ص 157

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 291

[مسألة 2: لا يجوز العدول من اعتكاف الي آخر اتفقا في الوجوب و الندب أو اختلفا]

(مسألة 2): لا يجوز العدول من اعتكاف الي آخر اتفقا في الوجوب و الندب أو اختلفا و لا عن نيابة عن شخص الي نيابة عن شخص آخر و لا نيابة عن غيره الي نفسه و بالعكس (1).

[الثاني: الصوم]

الثاني: الصوم فلا يصح بدونه (2) فلو كان المكلف ممن لا يصح

______________________________

النوم في أثناء الاعتكاف لا يضر به فلا مجال للإشكال.

(1) اذ العدول علي خلاف الاصل الاولي فان المركب الاعتباري كل جزء منه مرتبط و مشروط ببقية الاجزاء فلو عدل في اليوم الثاني مثلا لا يقع ما يأتي به بعد العدول من الاعتكاف المعدول اليه اذ كل جزء من المعدول اليه مشروط بما وقع قبله بنفس العنوان و المفروض اتيانه بعنوان آخر.

و صفوة القول: ان العدول ليس أمرا علي طبق القاعدة بل علي خلافها فيحتاج الجواز الي قيام دليل عليه.

(2) عن الجواهر «عليه الاجماع بقسميه»: و تدل علي المدعي: جملة من النصوص: منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: لا اعتكاف الا بصوم «1».

و منها: ما رواه الصدوق في عيون الاخبار عن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام لا اعتكاف الا بالصوم «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا اعتكاف الا بصوم «3».

و منها: ما رواه أيضا قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام لا يكون الاعتكاف الا

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من كتاب الاعتكاف الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 292

منه الصوم لسفر أو غيره لم يصح منه الاعتكاف (1).

[لثالث: العدد]

الثالث: العدد فلا يصح أقل من ثلاثة أيام (2) و يصح الا زيد منها و ان كان يوما أو بعضه أو ليلة أو بعضها (3).

______________________________

بصيام «1».

و منها: ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا اعتكف العبد فليصم «2».

و منها: ما رواه

عبيد بن زرارة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام لا يكون الاعتكاف الا بصوم «3».

(1) خلافا لجملة من الاساطين حيث جوزوا الاعتكاف في السفر و التزموا بعدم بأس بالصوم في السفر لإطلاق دليل اعتكاف فيستفاد منه جواز الصوم.

و فيه: انه بعد قيام الدليل علي اشتراطه بالصوم لا بد من رفع اليد عن اطلاق دليله و ان شئت قلت: الدليل الدال علي اشتراطه بالصوم يقيد الاطلاق.

(2) عن الجواهر: «أن عليه الاجماع بقسميه» و يدل عليه من النصوص ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يكون الاعتكاف أقلّ من ثلاثة ايام الحديث «4» و يدل علي المدعي أيضا بعض النصوص.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 292

(3) قد استدل في المستمسك بحديث أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: من اعتكف ثلاثة أيام فهو يوم الرابع بالخيار ان شاء زاد ثلاثة أيام اخر و ان شاء خرج من المسجد فان أقام يومين بعد الثلاثة فلا يخرج من المسجد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) الوسائل الباب 4 من كتاب الاعتكاف الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 293

و يدخل فيه الليلتان المتوسطتان دون الاولي و الرابعة و ان جاز ادخالهما بالنية (1) فلو نذره كان أقلّ ما يمتثل به ثلاثة أيام (2) و لو نذره أقلّ لم ينعقد (3) و كذا لو نذره ثلاثة معينة فاتفق ان الثالث عيد لم ينعقد (4) و لو نذر

______________________________

حتي يتم ثلاثة أيام اخر «1».

بتقريب: ان المستفاد من مفهوم الشرطية الاخيرة

انه لو لم يتم يومين يجوز له أن يخرج فبالدلالة الالتزامية يدل الحديث علي جواز نية الاقل.

و فيه انه لا اشكال في أن المستفاد من مفهوم الرواية كما ذكر أي مقتضي المفهوم جواز الخروج قبل يومين و أما الدلالة الالتزامية فممنوعة اذ لا تلازم بين جواز رفع اليد في الاثناء و جواز نية الاقل من أول الامر و لذا يجوز رفع اليد عن النافلة في الاثناء و مع ذلك لا يجوز قصد اتيان الاقل من أول الامر كما لو قصد اتيانها ركعة و لكن يكفي للاستدلال ما يدل علي اشتراطه بالثلاثة لاحظ حديث أبي بصير «2».

فان المستفاد من هذا الخبر انه لا يجوز الاعتكاف في أقلّ من ثلاثة أيام و مقتضي الاطلاق المقامي ان الاكثر لا بأس به فلو نوي اعتكاف الاكثر من ثلاثة أيام يجوز و ان كان الازيد يوما أو بعضه أو ليلة أو بعضها.

(1) كما هو ظاهر اذ المفروض انه عمل واحد مستمر من أول شروعه الي انتهاء ثلاثة أيام فطبعا تكون الليلتان داخلتين فيه و أما الاولي و الرابعة فهما خارجتان الا أن تدخلا فيه بالنية.

(2) اذ الاقل من الثلاثة لا يكون مشروعا فلا يمكن أن يقع مصداقا للنذر.

(3) لأنه غير مشروع فلا ينعقد النذر المتعلق به.

(4) اذ النذر المتعلق بالحرام لا ينعقد.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 292

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 294

اعتكاف خمسة فان نواها بشرط لا من جهة الزيادة و النقصان بطل (1) و ان نواها بشرط لا من جهة الزيادة و لا بشرط من جهة النقصان وجب عليه اعتكاف ثلاثة أيام (2) و ان نواها بشرط لا من جهة النقيصة و لا بشرط من جهة الزيادة

ضم اليها السادس أفرد اليومين أو ضمهما الي الثلاثة (3).

______________________________

(1) فان مقتضي حديث أبي عبيدة «1» انه لو أضاف الي الثلاثة يومين يجب اتمام الثلاثة باليوم الثالث فاعتكاف خمسة أيام بلا زيادة لا يمكن أن يتعلق به النذر و عليه يكون باطلا.

و يمكن أن يقال: ان المستفاد من حديث أبي عبيدة انه لو نوي الاعتكاف الجديد بعد الاعتكاف الاول يكون بالخيار قبل يومين فلا يشمل الحديث ما لو قصد اعتكاف الخمسة من أول الامر و عليه لا وجه للبطلان في مفروض الكلام.

(2) اذ المفروض انه من طرف القلة لا بشرط و من ناحية اخري: ان اعتكاف الثلاثة راجح فينعقد النذر و يجب عليه الاعتكاف ثلاثة أيام.

(3) اذ مع فرض كونه لا بشرط من طرف الزيادة لا مانع من انعقاد النذر فلا بد من اتيان متعلقه. و قد ظهر الاشكال مما مر فان قلنا: ان الحديث ناظر الي الاعتكاف الثاني اي الجديد و لا يشمل الاعتكاف السابق- كما هو ليس ببعيد- فلا مانع من تعلق القصد باعتكاف خمسة أيام من أول الامر.

و أما الزيادة عليه بعد تمامه بيوم فلا وجه لها نعم يجوز قصد اعتكاف جديد بعد تمامية الاعتكاف الاول.

و صفوة القول: ان الاعتكاف لا يتحقق بأقل من ثلاثه أيام و أما الزائد عليها فلا

______________________________

(1) لاحظ ص: 292

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 295

[الرابع: أن يكون في أحد المساجد الأربعة]
اشارة

الرابع: أن يكون في أحد المساجد الاربعة: مسجد الحرام و مسجد المدينة و مسجد الكوفة و مسجد البصرة أو في المسجد الجامع في البلد (1) و الاحوط استحبابا مع الامكان الاقتصار علي الاربعة (2).

______________________________

مانع منه بمقتضي الاطلاق في بعض النصوص كما مر و أما المستفاد من حديث أبي عبيدة فهو ان الاعتكاف الجديد

يجوز رفع اليد عنه قبل تحقق يومين و اللّه العالم

(1) يستفاد جواز الاعتكاف في المسجد الجامع من حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا اعتكاف الا بصوم في مسجد الجامع الحديث «1»

كما أنه يستفاد من حديث الحلبي أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الاعتكاف قال: لا يصلح الاعتكاف الا في المسجد الحرام أو مسجد الرسول صلي اللّه عليه و آله أو مسجد الكوفة أو مسجد جماعة و تصوم ما دمت معتكفا «2»، عدم صلاحية الاعتكاف الا في المسجد الحرام و مسجد النبي صلي اللّه عليه و آله و مسجد الكوفة و المسجد الجامع.

و يستفاد من حديث داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان عليا عليه السلام كان يقول: لا أري الاعتكاف الا في المسجد الحرام و مسجد الرسول صلي اللّه عليه و آله أو مسجد جامع و لا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد الا لحاجة لا بد منها ثم لا يجلس حتي يرجع و المرأة مثل ذلك «3»، عدم جواز الاعتكاف الا في المسجد الحرام أو مسجد النبي صلي اللّه عليه و آله أو مسجد جامع فالنتيجة جواز الاعتكاف في المساجد الثلاثة و كل مسجد جامع.

(2) اذ قد نقل عن جماعة: انه لا يصلح الاعتكاف الا في أحد هذه المساجد

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من كتاب الاعتكاف الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 296

[مسألة 3: لو اعتكف في مسجد معين فاتفق مانع من البقاء فيه بطل]

(مسألة 3): لو اعتكف في مسجد معين فاتفق مانع من البقاء فيه بطل و لم يجز اللبث في مسجد آخر (1) و عليه قضائه علي الاحوط ان كان واجبا في مسجد آخر

أو في ذلك المسجد بعد ارتفاع

______________________________

الاربعة و المحكي عن المنتهي: انه المشهور و عن جماعة: دعوي الاجماع عليه فالاحتياط في محله اذا كان مسجد البصرة من مصاديق المسجد الجامع فان المستفاد من بعض النصوص انه يشترط في الاعتكاف أن يكون في المسجد الجامع أو في أحد المساجد الثلاثة.

الا أن يقال: يكفي للاستناد الشهرة و دعوي الاجماع. و أما حديث عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟ فقال: لا اعتكاف الا في مسجد جماعة قد صلي فيه امام عدل صلاة جماعة و لا بأس أن يعتكف في مسجد الكوفة و البصرة و مسجد المدينة و مسجد مكة «1» المشتمل علي ذكر المساجد الاربعة فسنده مخدوش أما في رواية الكليني فبسهل و أما في رواية الفقيه فبضعف اسناد الصدوق الي حسن بن محبوب بمحمد بن موسي المتوكل اذ لم ينقل توثيقه الا من العلامة قدس سره و ابن داود و هما من المتأخرين فلا يترتب أثر علي توثيقهما و أما بقية أحاديث الباب «2» فكلها مخدوشة أما الثالث و الرابع و الخامس و السادس فبضعف اسناد الشيخ الي علي الحسن بن الفضال و أما الحديث الثاني و التاسع و الحادي عشر و الثالث عشر و الرابع عشر فبالارسال مضافا الي أن الاطلاق قابل للتقييد.

(1) بتقريب: ان المستفاد من قوله عليه السلام: لا «اعتكاف الا بصوم في مسجد الجامع» وحدة المكان و بعبارة اخري: ارادة الجنس بعيد و لا أقلّ من عدم الاطلاق.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) لاحظ الوسائل الباب 3 من كتاب الاعتكاف

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 297

المانع (1).

[مسألة 4: يدخل في المسجد سطحه و سردابه كبيت الطشت في مسجد الكوفة]

(مسألة 4): يدخل في المسجد سطحه و

سردابه كبيت الطشت في مسجد الكوفة و كذا منبره و محرابه و الاضافات الملحقة به (2).

[مسألة 5: إذا قصد الاعتكاف في مكان خاص من المسجد لغي قصده]

(مسألة 5): اذا قصد الاعتكاف في مكان خاص من المسجد لغي قصده (3).

[الخامس: إذن من يعتبر اذنه في جوازه]

الخامس: اذن من يعتبر اذنه في جوازه كالسيد بالنسبة الي

______________________________

(1) يشكل ما أفاده بعدم دليل علي القضاء بل يمكن ان يقال: بعدم انعقاده من أول الامر لطرو العجز و صفوة القول: انه ان كان واجبا موسعا يجب عليه الاتيان به ثانيا بعد رفع المانع أو في مسجد آخر و ان كان مضيقا لا يجب قضائه الا من باب الاحتياط.

الا أن يقال: انه يمكن تصوير كونه موسعا اولا و عروض الضيق لكن الحكم بالقضاء يتوقف علي اقامة دليل علي وجوب قضاء كل واجب يفوت عن المكلف أو اقامة الدليل علي وجوب القضاء في المقام و كلا الامرين محل الاشكال و الكلام.

(2) فالاعتكاف في جميع هذه المذكورات صحيح لإطلاق الدليل فان مقتضاه جواز الاعتكاف في المسجد و مع صدق هذا العنوان يصح كما هو ظاهر.

(3) اذ الموضوع المأخوذ في الدليل محلا للاعتكاف عنوان المسجد الجامع و هذا العنوان يصدق علي كل جزء من أجزائه فقصد المعتكف خصوص مكان لغو صرف فلا يترتب عليه أثر الا أن يقال: المفروض تعلق القصد بما لا موضوعية له فما يكون مؤثرا لم يتحقق و ما تحقق لا أثر له لكن لا شبهة في تحقق قصد الاعتكاف في المسجد فيصح و اللّه العالم.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 298

مملوكه (1) و الزوج بالنسبة الي زوجته اذا كان منافيا لحقه (2) و الوالدين بالنسبة الي ولدهما اذا كان موجبا لإيذائهما شفقة عليه (3).

[السادس: استدامة اللبث في المسجد]
اشارة

السادس: استدامة اللبث في المسجد الذي شرع به فيه فاذا خرج لغير الاسباب المسوغة للخروج بطل (4) من غير فرق بين العالم

______________________________

(1) لو لم يكن اعتكاف العبد منافيا مع حق المولي لا يكون وجه لاشتراط صحة اعتكافه باذنه.

(2) كما هو ظاهر.

(3)

المقدار المستفاد من الكتاب و السنة ان الواجب علي الولد أن يعاشرهما معاشرة حسنة و يصاحبهما بالمعروف و أما الازيد عن هذا المقدار فلا دليل عليه و قد ذكرنا في الرسالة الخاصة باطاعة الوالدين انه لا دليل علي وجوب اطاعتهما فالحكم مبني علي الاحتياط.

(4) بلا خلاف فيه و لا اشكال- كما في كلام بعض الاصحاب- و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس للمعتكف أن يخرج من المسجد الا الي الجمعة أو جنازة أو غائط «1» و منها: ما رواه داود «2».

فان المستفاد من النص الحكم الوضعي أي الشرطية و الحمل علي الحكم التكليفي خلاف الظاهر و العرف ببابك.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من كتاب الاعتكاف الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 288

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 299

بالحكم و الجاهل (1) و لا يبعد البطلان في الخروج نسيانا أيضا (2 بخلاف ما اذا خرج عن اضطرار أو اكراه لحاجة لا بد له منها من بول أو غائط أو غسل جنابة أو استحاضة أو مس ميت (3) و ان كان السبب باختياره (4) و يجوز الخروج للجنائز لتشييعها و الصلاة عليها

______________________________

(1) اذ الحكم الوضعي لا يفرق فيه بين العلم و الجهل و حديث الرفع لا يرفع الجزئيه و الشرطية و المانعية و القاطعية فان هذه الامور لا تكون قابلة لان تنالها يد الجعل لا وضعا و لا رفعا نعم علي تقدير كون الجهل قصوريا يرتفع الحكم بدليل الرفع لكن يكون رفعا ظاهريا و حكومة في الظاهر.

(2) ما يمكن أن يقال في وجه الصحة أمران: احدهما انصراف دليل الاشتراط عن صورة النسيان. و فيه: انه لا وجه

للانصراف.

ثانيهما: ان حديث رفع النسيان يرفع الشرطية حال النسيان. و فيه: انه قد مر قريبا ان الشرطية كأخواتها لا تكون قابلة للوضع و الرفع نعم يمكن رفع الحكم التكليفي عن المركب حال النسيان لكن لا دليل علي تعلق أمر جديد بالمركب الفاقد للشرط فالحق ما أفاده في المتن من الحاق النسيان بالجهل.

(3) لاحظ حديث داود بن سرحان «1» فان المستفاد من هذا الحديث جواز الخروج لحاجة لا بد منها فلو اضطر الي الخروج أو اكره علي الخروج بحيث يصدق اللابدية أو خرج لحاجة لا بد منها لم يبطل بالخروج و في النفس شي ء و هو ان انطباق حديث ابن سرحان علي مورد الاكراه علي الخروج و نحوه مشكل الا أن يقال: انه يفهم عرفا من الرواية ان الميزان في الجواز اللابدية و هذا العنوان يصدق في مورد الاضطرار و الاكراه فلاحظ.

(4) تارة يوجد السبب لأجل الخروج و اخري لا يكون كذلك أما الصورة الثانية

______________________________

(1) لاحظ ص: 288

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 300

و دفنها و تغسيلها و تكفينها و لعيادة المريض (1) أما تشييع المؤمن و اقامة الشهادة و تحملها و غير ذلك من الامور الراجحة ففي جوازها اشكال (2) و الاظهر الجواز فيما اذا عد من الضرورات عرفا (3) و الاحوط استحبابا مراعاة أقرب الطرق (4) و لا تجوز زيادة المكث عن قدر الحاجة (5) و أما التشاغل علي وجه تنمحي به صورة الاعتكاف فهو مبطل (6).

______________________________

فكما في المتن لإطلاق الدليل و أما الصورة الاولي فيشكل الجزم بما أفاده لانصراف الدليل كما ذكرنا هذا الوجه في غير هذا المقام.

و ليعلم ان مقتضي حديث ابن سرحان عدم جواز الخروج الا لحاجة لا بد منها لكن يستفاد

من حديث عبد اللّه بن سنان «1» جواز خروجه للجمعة و الجنازة و الغائط فيخصص ذلك الاطلاق بهذه الامور فيجوز الخروج لأجلها من أجل النص الخاص فلاحظ. كما أن المستفاد من حديث الحلبي جواز الخروج لأجل الجنازة و عيادة المريض.

(1) قد ظهر الوجه في جواز الخروج لأجل الامور المذكورة.

(2) لعدم دليل علي الجواز.

(3) لحديثي الحلبي و ابن سرحان.

(4) بل الاحوط وجوبا ان لم نقل انه الاقوي اذ المستفاد من حديث ابن سرحان جواز الخروج بمقدار الضرورة و لذا لا تجوز زيادة المكث عن قدر الحاجة فمقتضي القاعدة الاقتصار علي مقدار الضرورة و عليه يجب اختيار أقرب الطرق.

(5) قد ظهر وجهه.

(6) لانتفاء الموضوع كما هو المفروض و ان شئت قلت: ان قوام الاعتكاف

______________________________

(1) لاحظ ص: 298

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 301

و ان كان عن إكراه أو اضطرار (1) و الاحوط وجوبا ترك الجلوس في الخارج (2).

______________________________

بصورته و مع انمحائه يبطل.

(1) اذ مع انتفاء الموضوع لا مجال للتفصيل بين الموارد كما هو ظاهر.

(2) فان مقتضي حديث داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: و لا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد الجامع الا لحاجة لا بد منها ثم لا يجلس حتي يرجع و المرأة مثل ذلك «1».

و حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد الا لحاجة لا بد منها ثم لا يجلس حتي يرجع و لا يخرج في شي ء الا لجنازة أو يعود مريضا و لا يجلس حتي يرجع قال: و اعتكاف المرأة مثل ذلك «2»، عدم جواز جلوس المعتكف.

لكن يمكن أن يقال: ان الظاهر من قوله عليه السلام في الحديثين: «ثم لا يجلس حتي

يرجع» عدم الجلوس بعد قضائه حاجته لمكان «ثم» نعم ذيل الحديث الثاني يقتضي المنع علي الاطلاق.

و لسيدنا الاستاد كلام في المقام و هو ان مقتضي تقييد القعود المنهي بكونه تحت الظلال في حديث داود «3» رفع اليد عن اطلاق حديث الحلبي اذ لو كان المنهي عنه مطلق الجلوس كان التقييد بكونه تحت الظلال لغوا فلا بد من رفع اليد عن الاطلاق مضافا الي أن عدم الجلوس عند عيادة المريض أمر خلاف المتعارف فترفع اليد عن الاطلاق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من كتاب الاعتكاف الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 288

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 302

و لو اضطر اليه اجتنب الظلال مع الامكان (1).

[مسألة 6: إذا أمكنه أن يغتسل في المسجد فالظاهر عدم جواز الخروج]

(مسألة 6): اذا أمكنه أن يغتسل في المسجد فالظاهر عدم جواز الخروج لأجله اذا كان الحدث لا يمنع من المكث في المسجد كمس الميت (2).

[فصل: الاعتكاف في نفسه مندوب و يجب بالعارض]
اشارة

فصل: الاعتكاف في نفسه مندوب (3) و يجب بالعارض من نذر

______________________________

و فيه: ان ما أفاده من اللغوية لو كان مقتضيا للمفهوم يلزم القول بالمفهوم في كل وصف بل في كل لقب و هو كما تري و قد اشتهر ان اثبات شي ء لا ينفي ما عداه و أيضا نفي شي ء لا يثبت ما عداه و التخصيص يمكن أن يكون بلحاظ اهمية المورد.

و أما كون عدم الجلوس خلاف المتعارف في عيادة المريض مثلا لا يقتضي رفع اليد عن دليل المنع الا أن يقال: بانصراف الدليل. و الانصاف ان اثباته مشكل مضافا الي أنه علي تقدير القول به يختص بمورده فلا مجال للقول بالجواز مطلقا.

(1) مقتضي القاعدة فساد الاعتكاف فان الاضطرار لا يرفع الحكم الوضعي نعم اذا وصل الي حد الالجاء و عدم الاختيار يمكن أن يقال بعدم كونه موجبا للبطلان بمقتضي حديث داود «1» حيث يسأل الراوي عن ما ذا يفرض علي نفسه و من الظاهر انه لا معني لفرض الامر غير الاختياري علي النفس و لكن يكفي للإطلاق ذيل حديث الحلبي «2» حيث قال: «و لا يجلس».

(2) لعدم صدق الحاجة التي لا بد منها من الخروج.

(3) للسبرة القطعية و يمكن أن يقال: ان كونه من المندوبات ضرورية و عن

______________________________

(1) لاحظ ص: 288

(2) لاحظ ص: 301

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 303

و شبهه فان كان واجبا معينا فلا اشكال في وجوبه قبل الشروع فضلا عما بعده (1) و ان كان واجبا مطلقا أو مندوبا فالاقوي عدم وجوبه بالشروع (2).

______________________________

الجواهر عليه اجماع المسلمين.

(1) كالعهد

و اليمين و الشرط في ضمن العقد فان المستحب يجب بعروض احد العناوين الواجبة عليه.

(2) ربما يقال بوجوبه بعد الشروع لقوله تعالي: «وَ لٰا تُبْطِلُوا أَعْمٰالَكُمْ» «1» بتقريب: ان المستفاد من الاية الشريفة حرمة ابطال العمل بعد الشروع فيه.

و يرد عليه انه لا اشكال في جواز رفع اليد عن الاعمال المستحبة بعد الشروع فيها فيلزم تخصيص الاكثر مضافا الي أنه لا يبعد أن يكون الظاهر من الاية الكريمة النهي عن ابطال العمل بعد تحققه نظير قوله تعالي: «لٰا تُبْطِلُوا صَدَقٰاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ الْأَذيٰ» «2» فيكون المراد من الابطال الحبط فلا تكون الاية مرتبطة بالمقام

و ربما يستدل علي المدعي بوجوب الكفارة بالجماع. و فيه: انه لا ملازمة بين الحرمة و وجوب الكفارة مضافا الي أن المستفاد من حديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا اعتكف يوما و لم يكن اشترط فله أن يخرج و يفسخ الاعتكاف و ان أقام يومين و لم يكن اشترط فليس له أن يفسخ (و يخرج) اعتكافه حتي تمضي ثلاثة أيام «3»، التفصيل.

فان المستفاد من الحديث حرمة القطع في اليوم الثالث و أما قبله فلا و مما

______________________________

(1) محمد/ 33

(2) البقرة/ 264

(3) الوسائل الباب 4 من كتاب الاعتكاف الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 304

و ان كان في الاول احوط استحبابا (1) نعم يجب بعد مضي يومين منه فيتعين اليوم الثالث (2) الا اذا اشترط حال النية الرجوع لعارض فاتفق حصوله بعد يومين فله الرجوع عنه حينئذ ان شاء (3) و لا عبرة بالشرط اذا لم يكن مقارنا للنية سواء كان قبلها أم بعد الشروع فيه (4).

______________________________

ذكرنا يظهر انه لا مجال لأصل البراءة اذ لا تصل النوبة الي الاصل

بعد وجود الرواية فلا مجال لان يقال: مقتضي اصالة البراءة عدم حرمة القطع علي الاطلاق فانقدح بما ذكر ان الحق ما في المتن من التفصيل.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف.

(2) كما هو المستفاد من حديث ابن مسلم.

(3) كما هو المستفاد من حديث ابن مسلم فان مقتضاه جواز رفع اليد مع الشرط في اليوم الثالث. و بعبارة اخري: المستفاد من الحديث المذكور التفصيل بين الشرط و عدمه بالنسبة الي اليوم الثالث.

و ان شئت قلت: ان فائدة الشرط تظهر في اليوم الثالث فلا مجال لما عن الشيخ في المبسوط من عدم الجواز في اليوم الثالث. و صفوة القول: ان المستفاد من الحديث المشار اليه جواز القطع في اليوم الاول و الثاني الا مع شرط الاستمرار و عدم جواز القطع في اليوم الثالث الا مع الشرط فلاحظ.

(4) كما هو الحال في الاشتراط في الاحرام فان وقته وقت نية الاحرام علي ما يستفاد من النصوص و من ناحية اخري المستفاد من الروايات اتحاد المقامين في كيفية الاشتراط لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

و ينبغي للمعتكف اذا اعتكف أن يشترط كما يشترط الذي يحرم «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من كتاب الاعتكاف الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 305

[مسألة 7: الظاهر أنه يجوز اشتراط الرجوع متي شاء]

(مسألة 7): الظاهر انه يجوز اشتراط الرجوع متي شاء و ان لم يكن عارض (1).

______________________________

و ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و اشترط علي ربك في اعتكافك كما تشترط في احرامك أن يحلك من اعتكافك عند عارض ان عرض لك من علة تنزل بك من أمر اللّه تعالي «1».

مضافا الي أن الاشتراط عبارة عن الارتباط فاذا لم

يكن مقارنا مع النية لا يصدق مفهوم الشرط و لذا نقول: ان الشرط الابتدائي لا يترتب عليه أثر لعدم صدق المفهوم. و صفوة الكلام: انه مع عدم التقارن لا يصدق عنوان الشرط فلا يتحقق موضوع جواز الفسخ فلاحظ.

(1) لإطلاق حديث ابن مسلم «2» و ربما يقال: باختصاص الجواز بصورة العذر و يمكن الاستدلال علي المدعي بحديثين: احدهما: ما رواه أبو بصير «3».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان الشرط في باب الاعتكاف كالشرط في باب الاحرام و حيث ان المحرم يشترط الاحلال مع العذر الشرعي ففي الاعتكاف كذلك. و فيه: انه لا يستفاد الالزام من الحديث فان غايته الاستحباب فان قوله عليه السلام: «ينبغي» لا يدل علي الالزام.

ثانيهما حديث عمر بن يزيد «4» و هذا الحديث ضعيف بضعف اسناد الشيخ الي علي ابن الحسن بن الفضال فالمرجع اطلاق حديث ابن مسلم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 303

(3) لاحظ ص: 304

(4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 306

[مسألة 8: إذا شرط الرجوع حال النية ثم بعد ذلك أسقط شرطه فالظاهر عدم سقوط حكمه]

(مسألة 8): اذا شرط الرجوع حال النية ثم بعد ذلك اسقط شرطه فالظاهر عدم سقوط حكمه (1).

[مسألة 9: إذا نذر الاعتكاف و شرط في نذره الرجوع فيه]

(مسألة 9): اذا نذر الاعتكاف و شرط في نذره الرجوع فيه ففي جواز الرجوع اذا لم يشترطه في نية الاعتكاف اشكال و الاظهر جوازه (2).

[مسألة 10: إذا جلس في المسجد علي فراش مغصوب لم يقدح ذلك في الاعتكاف]

(مسألة 10): اذا جلس في المسجد علي فراش مغصوب لم يقدح ذلك في الاعتكاف (3) و ان سبق شخص الي مكان فأزاله المعتكف من مكانه و جلس فيه ففي البطلان تأمل (4).

______________________________

(1) اذ لا دليل علي كونه قابلا للإسقاط و مقتضي اطلاق حديث ابن مسلم بقاء الخيار بعد الاسقاط و بعبارة اخري: سقوط الخيار في المقام ليس عليه دليل فلا وجه للسقوط بل الدليل قائم علي عدم السقوط فان اطلاق حديث ابن مسلم يقتضي بقاء الخيار حتي بعد الاسقاط و بعبارة اخري: كون الخيار حقيا لا دليل عليه فلاحظ.

(2) و الوجه فيه أنه يكفي قصد الاعتكاف المشروط اجمالا و ارتكازا و المفروض ان النذر تعلق بالاعتكاف الخاص. و بعبارة اخري: المعتكف بعد النذر انما يعتكف بعنوان الوفاء بالنذر فيقصد ما تعلق به النذر و المفروض ان متعلق نذره هو الاعتكاف الخاص اي المشروط.

(3) لعدم اتحاد موضوع الامر و النهي فان المأمور به الكون في المسجد و المفروض حصوله و المنهي عنه التصرف في المغصوب فيكون التصرف الغصبي كنظره الي الاجنبية فلا اتحاد بين متعلقي الامر و النهي.

(4) ناش من قصور دلالة النصوص الواردة في المقام فلا بد من ملاحظة تلك

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 307

______________________________

النصوص من حيث السند و الدلالة و من تلك النصوص مرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سوق المسلمين (القوم خ ل) كمسجدهم يعني اذا سيق الي السوق كان له مثل المسجد «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بالارسال و كون مرسلها ابن

أبي عمير لا يوجب اعتبارها أما من حيث الدلالة فأيضا قاصرة عن افادة المدعي اذ قد شبه السوق بالمسجد و لم يعلم ما يكون ثابتا في المسجد فلا بد من قيام دليل آخر.

و منها: مرسل محمد بن اسماعيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

تكون بمكة أو بالمدينة أو الحيرة أو المواضع التي يرجي فيه الفضل فربما خرج الرجل يتوضأ فيجي ء آخر فيصير مكانه فقال: من سبق الي موضوع فهو أحق به يومه و ليلته «2» و هذه الرواية أيضا مرسلة فلا اعتبار بها.

و منها: ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق الي مكان فهو أحق به الي الليل و كان لا يأخذ علي بيوت السوق كراء «3».

و هذه الرواية ضعيفة بطلحة اذ لم يوثق في الرجال نعم لا اشكال في كون السابق أحق و لا يجوز ازالته من مكانه لكن بقاء الحق بعد الازالة المحرمة بحيث يكون التصرف و الجلوس في ذلك المكان حراما اول الكلام و الاشكال و لا دليل عليه لكن لا اشكال في كونه خلاف الاحتياط و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب آداب التجارة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 56 من أبواب أحكام المساجد الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 308

[فصل: في أحكام الاعتكاف]
اشارة

فصل: في أحكام الاعتكاف.

[(مسألة 11: لا بد للمعتكف من ترك أمور]

(مسألة 11): لا بد للمعتكف من ترك أمور: منها: مباشرة النساء بالجماع (1) و الاحوط وجوبا الحاق اللمس و التقبيل بشهوة به (2)

______________________________

(1) ادعي عليه الاجماع بقسميه و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه الحسن بن الجهم عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن المعتكف يأتي أهله؟ فقال: لا يأتي امرأته ليلا و لا نهارا و هو معتكف «1».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن معتكف واقع أهله فقال (قال): هو بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان «2».

و أما حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اذا كان العشر الاواخر اعتكف في المسجد و ضربت له قبة من شعر و شمر الميزر و طوي فراشه و قال بعضهم: و اعتزل النساء فقال أبو عبد اللّه عليه السلام و أما اعتزال النساء فلا «3».

فلا يكون معارضا مع دليل المنع اذ لا يكون المراد من نفي الاعتزال نفي الجماع فانه صرح في الخبر بأنه طوي فراشه اذ يستفاد منه ترك الجماع مضافا الي أن مقتضي الجمع بين هذا الرواية و بقية النصوص حمل اعتزال النساء علي علي ترك مجالستهن و معاشرتهن فلاحظ.

(2) ان تم الاجماع التعبدي علي الحرمة فهو و الا ففي الالتزام بالحرمة اشكال

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من كتاب الاعتكاف الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 6 من كتاب الاعتكاف الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 5 من كتاب الاعتكاف الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 309

و لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة (1) و منها: الاستمناء علي الاحوط وجوبا (2).

______________________________

لعدم دليل عليه

و أما قوله تعالي: «وَ لٰا تُبَاشِرُوهُنَّ وَ أَنْتُمْ عٰاكِفُونَ فِي الْمَسٰاجِدِ» «1» فالمراد منه ظاهرا الجماع و الا لكان اللمس بغير شهوة و كذا مطلق المعاشرة معهن حراما و الحال انها لا تكون حراما جزما فيكون الحكم مبنيا علي الاحتياط.

(1) لقاعدة الاشتراك فان مقتضاها عدم الفرق بين الرجل و المرأة و بعبارة اخري:

يفهم عرفا بمقتضي قانون الاشتراك ان الاحكام المترتبة علي المعتكف ثابته للمعتكفة أيضا.

و قال سيدنا الاستاد يستفاد المدعي من حديث الحلبي «2» بتقريب: ان مقتضي تشبيه اعتكاف المرأة باعتكاف الرجل مساواتها في جميع الاحكام لكن يمكن ان يقال:

بعدم دلالة الرواية الا علي المساواة في الحكم المذكور فيها لا مطلقا و العرف ببابك.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه أبو ولاد الحناط قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة كان زوجها غائبا فقدم و هي معتكفة باذن زوجها فخرجت حين بلغها قدومه من المسجد الي بيتها فتهيأت لزوجها حتي واقعها فقال: ان كانت خرجت من المسجد قبل أن تقضي ثلاثة أيام و لم تكن اشترطت في اعتكافها فان عليها ما علي المظاهر «3».

فان الظاهر من الرواية ان الكفارة لأجل الجماع لا لأجل الخروج اذ الخروج لأجل حاجة لا بد منها جائز. و بعبارة اخري: الخروج لأجل الضرورات العرفية جائز.

(2) وجه الاحتياط ادعاء الاجماع عليه من الخلاف و خلو نصوص الباب عنه

______________________________

(1) البقرة/ 187

(2) لاحظ ص: 301

(3) الوسائل الباب 6 من كتاب الاعتكاف الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 310

و منها: شم الطيب و الريحان (1) مع التلذذ (2) و لا أثر له اذا كان

______________________________

و استدل سيدنا الاستاد علي المدعي بما رواه سماعة قال: سألته عن رجل لزق بأهله فأنزل قال: عليه

اطعام ستين مسكينا مد لكل مسكين «1».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان في كل مورد يكون الجماع فيه موجبا للكفارة فالاستمناء بمنزلته و بعبارة اخري: المستفاد من الرواية ان الحكم بالكفارة يختص بمورد يكون المقتضي لها موجودا فيه و المقتضي لها صوم رمضان و الاحرام و الاعتكاف.

و يرد عليه: ان كون الاعتكاف مقتضيا للكفارة مع الاستمناء اول الكلام. و بعبارة اخري: لا دليل علي التلازم في الكفارة بين الجماع و الانزال.

الا أن يقال: ان مقتضي اطلاق الرواية ثبوت الكفارة علي الاطلاق و ترفع اليد عن الاطلاق في مورد لا يكون مقتضيا للكفارة و أما مع وجود المقتضي كصوم شهر رمضان و الاحرام و الاعتكاف فيؤخذ باطلاقها فتأمل.

لكن يمكن أن يقال: ان وجوب الكفارة بنفسه لا يدل علي الحرمة مضافا الي أن الاخذ باطلاق الرواية و تقييده يوجب تخصيص الاكثر المستهجن فلاحظ.

(1) هذا هو المشهور فيما بينهم- كما في الحدائق- و يدل علي المدعي ما رواه أبو عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام قال: المعتكف لا يشم الطيب و لا يتلذذ بالريحان و لا يماري و لا يشتري و لا يبيع الحديث «2».

(2) لقوله عليه السلام: «و لا يتلذذ بالريحان» لكن مقتضي قوله عليه السلام و لا يشم الطيب هو الاطلاق و عدم القيد فمقتضي القاعدة التفصيل بين الطيب و الريحان.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 10 من كتاب الاعتكاف

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 311

فاقدا لحاسة الشم (1).

و منها: البيع و الشراء (2) بل مطلق التجارة علي الاحوط وجوبا (3) و لا بأس بالاشتغال بالامور الدنيوية من المباحات حتي الخياطة و النساجة و نحوهما (4) و ان كان

الاحوط استحبابا الاجتناب (5) و اذا اضطر الي البيع و الشراء لأجل الاكل أو الشرب مما تمس حاجة المعتكف به و لم يمكن التوكيل و لا النقل بغيرهما فعله (6).

و منها: المماراة في أمر ديني أو دنيوي (7) بداعي اثبات الغلبة

______________________________

(1) لانتفاء الموضوع.

(2) ادعي عليه: عدم الخلاف بل ادعي عليه الاجماع بقسميه و يدل علي المدعي من النصوص حديث أبي عبيدة المتقدم ذكره آنفا.

(3) بتقريب: ان المستفاد من النص مطلق التجارة. لكن الجزم به مشكل و مقتضي القاعدة الاولية هو الجواز و طريق الاحتياط ظاهر.

(4) لعدم دليل علي الحرمة و مقتضي الاصل الاولي الجواز كما هو ظاهر.

(5) خروجا عن شبهة الخلاف فانه نقل عن المنتهي حرمة الصنائع المشغلة عن العبادة كالخياطة و شبهها آلاما لا بد منه.

(6) اذا لاضطرار يرفع التكليف. لكن لا يخفي ان حديث الرفع يقتضي رفع الحكم التكليفي و لا يستفاد منه الحكم الوضعي اي الصحة عند الاضطرار كما هو المشهور بين الاصحاب.

(7) عن الجواهر عدم وجدان الخلاف فيها و يدل علي المدعي خبر أبي عبيدة المتقدم.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 312

و اظهار الفضيلة (1) لا بداعي اظهار الحق ورد الخصم عن الخطأ فانه من أفضل العبادات و المدار علي القصد (2).

[مسألة 12: الأحوط استحبابا للمعتكف الاجتناب عما يحرم علي المحرم]

(مسألة 12): الأحوط استحبابا للمعتكف الاجتناب عما يحرم علي المحرم (3) و ان كان الاقوي خلافه (4) و لا سيما في لبس المخيط و ازالة الشعر و أكل الصيد و عقد النكاح فان جميعها جائز له (5).

[مسألة 13: الظاهر أن المحرمات المذكورة مفسدة للاعتكاف من دون فرق بين وقوعها في الليل و النهار]

(مسألة 13). الظاهر ان المحرمات المذكورة مفسدة للاعتكاف من دون فرق بين وقوعها في الليل و النهار (6) و في حرمتها تكليفا اذا لم يكن واجبا معينا و لو لأجل انقضاء يومين منه اشكال (7)

______________________________

(1) كما هو معناها لغة و عرفا.

(2) هكذا نقل عن محكي المسالك.

(3) خروجا عن شبهة الخلاف و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(4) لعدم الدليل علي الحرمة و مقتضي الاصل هو الجواز.

(5) عن التذكرة: «انه ليس المراد بالاجتناب الوارد في كلام بعض العموم فانه لا يحرم عليه لبس المخيط و لا ازالة الشعر و لا أكل الصيد و لا عقد النكاح.

(6) لإطلاق الدليل بل صرح بالعموم بالنسبة الي بعض المنافيات لاحظ ما رواه الحسن بن الجهم «1».

(7) فان المنهي و ان كان ظاهرا في الحرمة التكليفية و لكن النهي المتعلق بشي ء في باب العبادات و المعاملات يحمل علي الارشاد الي الفساد فلو نهي عن الاكل و الشرب في الصلاة يستفاد منه فساد الصلاة بالاكل و الشرب كما أن المستفاد من

______________________________

(1) لاحظ ص: 308

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 313

______________________________

الامر في هذه الموارد الارشاد الي الجزئية أو الشرطية و عليه يكون الاتيان بما نهي عنه في الاعتكاف لا يكون حراما تكليفا بل يكون منافيا مع الاعتكاف و موجبا لفساده.

نعم في خصوص الجماع يمكن أن يقال: بكونه حراما تكليفا مضافا الي كونه مفسدا للاعتكاف لما رواه سماعة «1» فان مقتضي عموم التنزيل كونه حراما و مفسدا كما أن

الافطار في شهر رمضان كذلك اي يكون حراما و مفسدا.

اضف الي ذلك انه ادعي سيدنا الاستاد «انه لم يقع فيه خلاف من أحد و أن الجماع حرام و مبطل من غير فرق بين اليومين الاولين أو الاخير في الليل أو النهار داخل المسجد أو خارجه «2».

و في المقام اشكال تعرض له صاحب الحدائق «3» و هو أنه كيف يمكن الالتزام بوجوب الكفارة مع جواز الرجوع عن الاعتكاف في بعض الصور. و صفوة القول: ان القول بالحرمة التكليفية و وجوب الكفارة ينافي جواز الرجوع عن الاعتكاف في موارد جوازه.

نعم لو قلنا بوجوبه بعد الشروع فيه لكان لوجوب الكفارة و حرمة الجماع وجه الا أن يقال: انه يكفي قيام النص في المقام فان مقتضي حديث سماعة المتقدم «4» حرمة الجماع و ثبوت الكفارة علي الاطلاق الا أن يتحقق الفسخ

______________________________

(1) لاحظ ص: 308

(2) مستند العروة كتاب الصوم ج 2 ص 464

(3) الحدائق ج 13 ص: 496

(4) لاحظ ص: 308

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 314

و ان كان احوط وجوبا (1).

[مسألة 14: إذا صدر منه أحد المحرمات المذكورة سهوا]

(مسألة 14): اذا صدر منه أحد المحرمات المذكورة سهوا ففي عدم قدحه اشكال (2) و لا سيما في الجماع (3).

[مسألة 15: اذا أفسد اعتكافه باحد المفسدات]

(مسألة 15): اذا أفسد اعتكافه باحد المفسدات فان كان واجبا معينا وجب قضائه علي الاحوط (4) و ان كان غير معين وجب استئنافه (5) و كذا يجب القضاء اذا كان مندوبا و كان الافساد بعد يومين (6) أما

______________________________

قبل الجماع كما أن مقتضي حديث الحناط «1» وجوب الكفارة علي الاطلاق الا مع اشتراط الفسخ.

(1) قد قوي الماتن في شرحه علي العروة عدم الحرمة التكليفية في غير الجماع و في المقام احتاط وجوبا و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(2) اذ حديث الرفع يقتضي عدم الحرمة التكليفية و أما الحكم الوضعي فلا و قد مر ان مقتضي النهي الارشاد الي الفساد و دعوي انصراف ادلة المنع عن صورة السهو علي مدعيها فالحق عدم الفرق من حيث البطلان بين الصورتين.

(3) الظاهر انه لا وجه للفرق بين الجماع و غيره من الجهة المبحوث عنها.

(4) هذا مبني علي قيام دليل علي وجوب قضاء كل فائت و المفروض عدم قيامه.

و لا يخفي ان القول بالوجوب يختص بمورد لم يشترط الرجوع و الا لا يجب القضاء كما هو ظاهر.

(5) كما هو ظاهر اذ المفروض وجوبه و لم يأت به فلا بد من الاتيان به.

(6) كما هو ظاهر اذ بعد مضي يومين يجب كما تقدم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 359

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 315

اذا كان قبلهما فلا شي ء عليه (1) و لا يجب الفور في القضاء (2).

[مسألة 16 اذا باع أو اشتري في أيام الاعتكاف لم يبطل بيعه أو شرائه و ان بطل اعتكافه]

(مسألة 16) اذا باع أو اشتري في أيام الاعتكاف لم يبطل بيعه أو شرائه و ان بطل اعتكافه (3):

[مسألة 17: إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع و لو ليلا وجبت الكفارة]

(مسألة 17): اذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع و لو ليلا وجبت الكفارة (4) و الاقوي عدم وجوبها بالافساد بغير الجماع (5) و ان

______________________________

(1) لعدم المقتضي كما هو المفروض.

(2) لعدم الدليل عليه.

(3) اذ لا تنافي بين الحرمة التكليفية و الصحة الوضعية كما انه لا تنافي بين الصحة الوضعية لشي ء و كونه مفسدا لعمل آخر فان البيع أثناء الصلاة مفسد لها و مع ذلك يكون صحيحا فلاحظ.

(4) بلا خلاف و لا اشكال- كما في بعض الكلمات- و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها رواه عبد الاعلي بن أعين قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رحل وطئ امرأته و هو معتكف ليلا في شهر رمضان قال: عليه الكفارة: قال:

قلت: فان وطأها نهارا؟ قال: عليه كفارتان «1».

(5) لعدم الدليل عليه و لا وجه لإلحاق غير الجماع به في وجوب الكفارة ان قلت: يستفاد من حديث أبي ولاد «2» عموم الحكم بتقريب: ان الخروج عن المسجد عمدا و بلا عذر يوجب بطلان الاعتكاف.

و ان شئت قلت: ان المكث في خارج المسجد بغير ضرورة يبطل الاعتكاف فالكفارة للسابق علي الجماع اذ الجماع وقع في غير حال الاعتكاف قلت: علي فرض تمامية التقريب يختص بالحصة الخاصة و هو الخروج و المكث خارج المسجد

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من كتاب الاعتكاف الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 309

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 316

كان احوط استحبابا (1) و لا يبعد أن تكون كفارته مثل كفارة الظهار (2) و اذا كان الاعتكاف في شهر رمضان و أفسده بالجماع نهارا وجبت كفارتان احداهما لإفطار شهر رمضان و

الاخري لإفساد الاعتكاف و كذا اذا كان في قضاء شهر رمضان بعد الزوال و ان كان الاعتكاف المذكور منذورا وجبت كفارة ثالثة لمخالفة النذر و اذا كان الجماع لامرأته الصائمة في شهر رمضان و قد أكرهها وجبت كفارة رابعة عنها

______________________________

المتعقب بالجماع فلا دليل علي العموم.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف.

(2) النصوص الواردة في المقام مختلفة منها ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن المعتكف يجامع (أهله) قال: اذا فعل فعليه ما علي المظاهر «1».

فان مقتضي هذه الرواية ان كفارته كفارة الظهار فيجب الالتزام بالترتيب بين العتق و الصوم و الاطعام.

و منها: ما رواه الحناط «2» فان مقتضي هذه الرواية أيضا ان كفارته كفارة الظهار.

و منها: ما رواه سماعة «3» و مقتضي هذه الرواية ان كفارته كفارة شهر رمضان اي التخيير بين الامور الثلاثة.

و منها: ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن معتكف واقع أهله قال: عليه ما علي الذي أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا عتق

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من كتاب الاعتكاف الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 309

(3) لاحظ ص: 308

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 317

علي الاحوط (1).

______________________________

رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا «1».

و هذه الرواية كالرواية الثالثة في المفاد و تؤيدها فانها ضعيفة سندا بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن فالنصوص مختلفة في المفاد فتقع المعارضة بين الجانبين و حيث انه لا مرجح يتساقط فنلتزم بالتخيير بتقريبين:

احدهما: انه نشك في التخيير و التعيين و نرفع التقييد بالبراءة عن الترتيب فالنتيجة اطلاق عنان المعتكف و رخصته في مقام العمل بأي نحو شاء.

ثانيهما: الاخذ باطلاق حديث ابن أعين «2» فان مقتضي اطلاقه عدم التقييد

بشي ء لكن الحديث ضعيف سندا بمحمد بن سنان فالنتيجة هو التخيير صناعة و مقتضي الاحتياط الالتزام بالترتيب في مقام العمل فلاحظ.

(1) ما ذكره من التعدد مع تعدد المقتضي علي طبق القاعدة الاولية اذ لا وجه للتداخل و مقتضي الاصل عدمه فتجب الكفارة بتعدد موجبها مضافا الي النص الخاص الدال علي التعدد لاحظ حديث ابن أعين و حيث انه لا دليل علي وجوب الكفارة علي المكره لزوجته كما مر في بحث الكفارات بني وجوبها في المقام علي الاحتياط و اللّه العالم.

تم كتاب الاعتكاف في يوم الثلثاء الثامن من شهر رجب المرجب من سنة:

1407.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من كتاب الاعتكاف الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 315

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 318

[كتاب الزكاة]

اشارة

كتاب الزكاة و فيه مقاصد: و هي أحد الاركان التي بني عليها الإسلام (1) و وجوبها من ضروريات الدين (2) و منكرها مع العلم بها كافر (3) بل في جملة من الاخبار ان مانع الزكاة كافر (4).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه زرارة «1».

(2) فان الضروري الديني ما يكون واضحا عند المسلمين و من الظاهر ان وجوب الزكاة كذلك و ان شئت قلت: ان وجوب الزكاة عند اهل الإسلام في الجملة أمر غير قابل للإنكار.

(3) لأوله الي تكذيب النبي صلي اللّه عليه و آله و قد ذكرنا في بحث النجاسات ان مقتضي بعض النصوص ان الاعتقاد بخلاف ما ثبت شرعا يوجب الكفر راجع ما ذكرناه هناك.

(4) منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن و لا بمسلم و هو قول اللّه عز و جل: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صٰالِحاً

______________________________

(1) لاحظ ص: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 319

[المقصد الاول: شرائط وجوب الزكاة]

اشارة

المقصد الاول: شرائط وجوب الزكاة و هي أمور:

[الأول: البلوغ]

الاول: البلوغ (1).

______________________________

فِيمٰا تَرَكْتُ «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من منع قيراطا من الزكاة فليمت ان شاء يهوديا أو نصرانيا «2».

و منها: ما في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: يا علي كفر باللّه العظيم من هذه الامة عشرة و عد منهم مانع الزكاة ثم قال: يا علي ثمانية لا يقبل اللّه منهم الصلاة و عد منهم مانع الزكاة ثم قال: يا علي من منع قيراطا من زكاة ماله فليس بمؤمن و لا بمسلم و لا كرامة يا علي تارك الزكاة يسأل اللّه الرجعة الي الدنيا و ذلك قوله عز و جل: «حَتّٰي إِذٰا جٰاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قٰالَ رَبِّ ارْجِعُونِ» الاية «3».

(1) يقع الكلام تارة في النقدين و اخري في الغلات و المواشي أما اشتراط وجوب الزكاة في النقدين بالبلوغ فنقل عدم الخلاف فيه بل المحكي عن جماعة الاجماع عليه.

و يمكن أن يستدل علي المدعي بما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة قال: اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري عليه القلم و الجارية مثل ذلك ان أتي لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة و جري عليها القلم «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 4 من ابواب مقدمة العبادات الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 320

______________________________

فان مقتضي الشرطية المذكورة

في الرواية عدم جريان القلم علي الغلام قبل الاحتلام الذي يحصل البلوغ به و اختصاص الدليل بقلم التكليف لا وجه له بل مقتضي الاطلاق عدم جريان القلم عليه قبل البلوغ و تترتب علي ما ذكر امور كثيرة.

و صاحب الحدائق قدس سره استدل علي المدعي أيضا بحديث رفع القلم عن الصبي لاحظ ما أفاده في المقام «1».

و تدل علي المدعي أيضا عدة نصوص منها: ما رواه أبو بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ليس علي مال اليتيم زكاة و ان بلغ فليس عليه لما مضي زكاة و لا عليه فيما بقي حتي يدرك فاذا أدرك فانما عليه زكاة واحدة ثم كان عليه مثل ما علي غيره من الناس «2».

و منها: ما رواه محمد بن القاسم بن الفضيل قال: كتبت الي أبي الحسن الرضا عليه السلام أسأله عن الوصي أ يزكي زكاة الفطرة عن اليتامي اذا كان لهم مال؟ قال: فكتب عليه السلام: لا زكاة علي يتيم «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن مال اليتيم فقال: ليس فيه زكاة «4» الي غيرها من النصوص.

و أما الغلات و المواشي فنقل عن جملة من الاساطين وجوب الزكاة فيهما. و لا يخفي ان مقتضي حديث الرفع عدم الوجوب كما أن مقتضي اطلاق النصوص الواردة في المقام النافية للزكاة في مال اليتيم عدمها.

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص: 17

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 321

______________________________

و يدل علي عدم الوجوب في الغلات بالنصوصية ما رواه أبو بصير عن أبي

عبد اللّه عليه السلام انه سمعه يقول: ليس في مال اليتيم زكاة و ليس عليه صلاة و ليس علي جميع غلاته من نخل أو زرع أو غلة زكاة و ان بلغ اليتيم فلس عليه لما مضي زكاة و لا عليه لما يستقبل حتي يدرك فاذا أدرك كانت عليه زكاة واحدة و كان عليه مثل ما علي غيره من الناس «1». فانه قد صرح في هذه الرواية بعدم الوجوب في الغلات.

و لكن في المقام رواية تدل علي الوجوب بالنسبة إلي الغلات و هي ما رواه زرارة و محمد بن مسلم أنهما قالا: ليس علي مال اليتيم في الدين و المال الصامت شي ء فأما الغلات فعليها الصدقة واجبة «2».

فيقع التعارض بين الجانبين و ربما تحمل الرواية المعارضة علي الاستحباب بدعوي أن مقتضي الجمع العرفي بين هذا الحديث و الحديث الناص علي العدم حمل الوجوب علي الاستحباب.

قال في المستمسك: «و فيه انه يمكن حمله علي الاستحباب بقرينة موثق أبي بصير السابق حملا للظاهر علي الاظهر الي آخره «3».

و يرد عليه: ان المستفاد من الحديث المعارض الحكم الوضعي فان المذكور فيه «فأما الغلات فعليها الصدقة واجبة» فان الوجوب حمل علي نفس الصدقة لا علي اعطائها و لا معني لاستحباب الثبوت.

و بعبارة اخري: الاستحباب يتصور في فعل المكلف و أما الحكم الوضعي، فأمره دائر بين الوجود و العدم و لا يتصور فيه الاستحباب فلا بد من علاج التعارض

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) مستمسك العروة ج 9 ص: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 322

______________________________

و حيث ان الآيات القرآنية المتعرضة للزكاة ليست في مقام البيان بل في مقام اصل التشريع فلا يمكن ترجيح احد المتعارضين بموافقته مع الكتاب

لاحظ قوله تعالي:

«الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلٰاةَ وَ مِمّٰا رَزَقْنٰاهُمْ يُنْفِقُونَ» «1».

و قوله: «وَ أَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ» «2».

و قوله: «وَ أَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ» * «3».

و قوله: «وَ أَقٰامُوا الصَّلٰاةَ وَ آتَوُا الزَّكٰاةَ* «4».

و قوله: «وَ لٰا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمٰا آتٰاهُمُ اللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مٰا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيٰامَةِ» «5».

و قوله: «لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلٰاةَ وَ آتَيْتُمُ الزَّكٰاةَ وَ آمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ وَ أَقْرَضْتُمُ اللّٰهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئٰاتِكُمْ «6».

و قوله: «فَسَأَكْتُبُهٰا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكٰاةَ» «7».

و قوله: «الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلٰاةَ وَ مِمّٰا رَزَقْنٰاهُمْ يُنْفِقُونَ» «8».

و قوله: «فَإِنْ تٰابُوا وَ أَقٰامُوا الصَّلٰاةَ وَ آتَوُا الزَّكٰاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ» «9».

______________________________

(1) البقرة/ 2

(2) البقرة/ 43

(3) البقرة/ 82 و 109

(4) البقرة/ 276

(5) آل عمران/ 179

(6) المائدة/ 11

(7) الاعراف/ 155

(8) الانفال/ 3

(9) التوبة/ 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 323

______________________________

و قوله: «وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لٰا يُنْفِقُونَهٰا فِي سَبِيلِ اللّٰهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذٰابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْميٰ عَلَيْهٰا فِي نٰارِ جَهَنَّمَ فَتُكْويٰ بِهٰا جِبٰاهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هٰذٰا مٰا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مٰا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ» «1».

و قوله: «وَ يُقِيمُونَ الصَّلٰاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكٰاةَ» «2».

و قوله: «قُلْ لِعِبٰادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ يُنْفِقُوا مِمّٰا رَزَقْنٰاهُمْ سِرًّا وَ عَلٰانِيَةً» «3».

و قوله: «وَ آتِ ذَا الْقُرْبيٰ حَقَّهُ وَ الْمِسْكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ» «4».

و قوله: «وَ مٰا آتَيْتُمْ مِنْ زَكٰاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللّٰهِ فَأُولٰئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ» «5».

و قوله: «وَ أَوْصٰانِي بِالصَّلٰاةِ وَ الزَّكٰاةِ مٰا دُمْتُ حَيًّا» «6».

و قوله: «وَ كٰانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلٰاةِ وَ الزَّكٰاةِ» «7».

و قوله: «وَ أَوْحَيْنٰا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرٰاتِ وَ إِقٰامَ الصَّلٰاةِ وَ إِيتٰاءَ

الزَّكٰاةِ» «8».

و قوله: «الَّذِينَ إِنْ مَكَّنّٰاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقٰامُوا الصَّلٰاةَ وَ آتَوُا الزَّكٰاةَ» «9».

و قوله: «فَأَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ» * «10».

______________________________

(1) التوبة/ 35 و 36

(2) التوبة/ 71

(3) ابراهيم/ 31

(4) الاسراء/ 26 و الروم/ 38

(5) الروم/ 39

(6) مريم/ 31

(7) مريم/ 55

(8) الانبياء/ 72

(9) الحج/ 41

(10) الحج/ 78

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 324

______________________________

و قوله: «وَ الَّذِينَ هُمْ لِلزَّكٰاةِ فٰاعِلُونَ» «1».

و قوله: «رِجٰالٌ لٰا تُلْهِيهِمْ تِجٰارَةٌ وَ لٰا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّٰهِ وَ إِقٰامِ الصَّلٰاةِ وَ إِيتٰاءِ الزَّكٰاةِ» «2».

و قوله: «وَ أَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ» * «3».

و قوله: «الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلٰاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكٰاةَ» * «4».

و قوله: «الَّذِينَ لٰا يُؤْتُونَ الزَّكٰاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كٰافِرُونَ» «5».

و قوله: «وَ الَّذِينَ اسْتَجٰابُوا لِرَبِّهِمْ وَ أَقٰامُوا الصَّلٰاةَ وَ أَمْرُهُمْ شُوريٰ بَيْنَهُمْ وَ مِمّٰا رَزَقْنٰاهُمْ يُنْفِقُونَ» «6».

و قوله: «فَأَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ» * «7».

و قوله: «أَنْفِقُوا مِمّٰا رَزَقْنٰاكُمْ» «8».

و قوله: «وَ أَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ» * «9».

و قوله: «لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ «10».

______________________________

(1) المؤمنون/ 6

(2) النور/ 37

(3) النور/ 56

(4) لقمان/ 4

(5) فصلت/ 7

(6) الشوري/ 38

(7) المجادلة/ 13

(8) المنافقون/ 10

(9) المزمل/ 2

(10) المدثر/ 44

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 325

______________________________

و قوله: «فَلٰا صَدَّقَ وَ لٰا صَلّٰي» «1».

و قوله: «وَ يُقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ يُؤْتُوا الزَّكٰاةَ» «2».

فان شيئا من هذه الآيات لا يكون في مقام البيان كي يؤخذ باطلاقه مضافا الي أن كثيرا منها أو أكثرها متعرض لوجوب الزكاة و في مقام توجيه التكليف نحوها و من الظاهر ان التكليف ساقط عن غير البالغ فالنتيجة: ان دليل الوجوب لا يكون موافقا مع الكتاب كي يرجح علي دليل عدم الوجوب.

بل ربما يقال: بأن المستفاد من الكتاب اختصاص الزكاة بالبالغين قال اللّه تعالي:

«خُذْ

مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِهٰا وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلٰاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ «3» فان المستفاد من الاية الشريفة ان الصدقة توجب محو ذنوب من يؤخذ منه الزكاة و الذنب انما يتصور بالنسبة الي البالغ فالنتيجة انه لا مرجح من الكتاب.

و قال في الوسائل: «و يمكن حمل الوجوب في الحديث السابق علي النقية لموافقته لمذهب أكثر العامة و لرواية أبي المحسن (أبي الحسن) «4» السابقة» إلي آخر كلامه.

و قال في الحدائق: «الاظهر هو حمل الصحيحة المذكورة علي التقية فان الوجوب مذهب الجمهور كما نقله العلامة في المنتهي حيث قال: و اختلف علمائنا في وجوب الزكاة في غلات الاطفال و المجانين فأثبته شيخان و أتباعهما و به قال

______________________________

(1) القيامة/ 31

(2) البينة/ 5

(3) التوبة/ 103

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 326

______________________________

فقهاء الجمهور» «1» الي آخر كلامه.

فالمرجح الثاني و هو خلاف العامة مع الحديث الدال علي النفي و لو فرض عدم الترجيح لأحد الطرفين و قلنا: بأنهما يتساقطان فالمرجع حديث الرفع و اطلاقات نفي الزكاة و عدم وجوبها بالنسبة الي غير البالغ فالمتحصل انه يشترط في تعلق الزكاة البلوغ.

و لا يخفي ان ما ذكرنا انما يتم علي تقدير تمامية السند في كلا الحديثين و الحال انه ليس كذلك فان حديث أبي بصير المشار اليه ضعيف سندا بضعف اسناد الشيخ الي ابن الفضال و عليه يشكل رفع اليد عن الرواية الدالة علي الوجوب بالنسبة الي الغلات.

بقي شي ء و هو ان الوارد في النصوص الواردة في المقام لفظ اليتيم و اليتيم من لا أب له فبأي وجه يتعدي في نفي الزكاة عن غير البالغ

غير اليتيم فنقول:

يمكن الاستدلال علي التعدي بوجوه.

منها: الاجماع المدعي علي عدم الفصل بين اليتيم و غيره. و منها: ان المستفاد من حديث الرفع عدم التعلق قبل البلوغ بلا فرق بين الموردين.

و منها: اطلاق بعض نصوص الباب لاحظ ما رواه يونس بن يعقوب قال:

أرسلت الي أبي عبد اللّه عليه السلام ان لي أخوة صغارا فمتي تجب علي أموالهم الزكاة؟ قال: اذا وجب عليهم الصلاة وجب عليهم الزكاة قلت: فما لم تجب عليهم الصلاة؟ قال: اذا اتجر به فزكه «2» فان مقتضي اطلاق الحديث المذكور عدم الفرق.

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص: 19

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 327

[الثاني: العقل]

الثاني: العقل (1).

______________________________

و ما أفاده في مصباح الهدي في هذا المقام من أن سياق الخبر يدل علي كون الصغار ايتاما ليس علي ما ينبغي فانه لا دليل علي المدعي المذكور و لاحظ ما رواه محمد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن صبية صغار لهم مال بيد أبيهم أو أخيهم هل يجب علي مالهم زكاة؟ فقال: لا يجب في مالهم زكاة حتي يعمل به فاذا عمل به وجبت الزكاة فأما اذا كان موقوفا فلا زكاة عليه «1».

فانه قد صرح في هذا الخبر بنفي الزكاة مع فرض وجود الاب للصبية لكن الرواية ضعيفة سندا بمحمد بن الفضيل.

(1) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي أو استدل به وجوه: الوجه الاول:

انه لا فرق بين الطفل و المجنون فان مقتضي الاعتبار و الاستقراء اشتراكهما في الاحكام غالبا و عن الجواهر: «انه لا دليل علي هذه التسوية الا مصادرات لا ينبغي للفقيه الركون اليها».

الوجه الثاني:

حديث الرفع لاحظ ما رواه ابن ظبيان قال: اتي عمر بامرأة مجنونة قد زنت فأمر برجمها فقال علي عليه السلام: أما علمت ان القلم يرفع عن ثلاثة: عن الصبي حتي يحتلم و عن المجنون حتي يفيق و عن النائم حتي يستيقظ «2».

فان مقتضاه رفع القلم عن المجنون و لكن الرواية ضعيفة سندا و يمكن استفادة اشتراط العقل في توجه التكليف من جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم «3».

و يرد عليه ان ثبوت الزكاة في المال حكم وضعي لا ينافي عدم تعلق التكليف

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 11

(3) لاحظ: ص 157

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 328

______________________________

فلو تم اطلاق دليل التعلق يؤخذ به فتأمل.

الوجه الثالث: عدم تمامية الاطلاق في ادلة وجوب الزكاة فالقصور في المقتضي و مع عدم الدليل علي الوجوب يكون مقتضي الاصل هو العدم.

و ربما يقال: بأن الاطلاق و ان لم يتم في بعضها و لكن يكفي الاطلاق في البعض الاخر لاحظ ما رواه الخمسة عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام (في الشاة) في كل أربعين شاة شاة و ليس فيما دون الاربعين شي ء ثم ليس فيها شي ء حتي تبلغ عشرين و مأئة فاذا بلغت عشرين و مأئة ففيها مثل ذلك شاة واحدة فاذا زادت علي مأئة و عشرين ففيها شاتان و ليس فيها اكثر من شاتين حتي تبلغ مأتين فاذا بلغت المائتين ففيها مثل ذلك فاذا زادت علي المائتين شاة واحدة ففيها ثلاث شياة ثم ليس فيها شي ء أكثر من ذلك حتي تبلغ ثلاثمائة فاذا بلغت ثلاثمائة ففيها

مثل ذلك ثلاث شياة فاذا زادت واحدة ففيها أربع شياة حتي تبلغ أربعمائة فاذا تمت أربعمائة كان علي كل مأئة شاة و سقط الامر الاول و ليس علي ما دون المائة بعد ذلك شي ء و ليس في النيف شي ء و قالا: كل ما لم يحل عليه الحول عند ربه فلا شي ء عليه فاذا حال عليه الحول وجب عليه «1».

فانه يمكن أن يقال: بأن مقتضي هذه الرواية وجوبها بالنسبة الي كل احد و التخصيص يحتاج الي الدليل. الا أن يقال: ان هذه الرواية كغيرها ليست في مقام البيان من هذه الجهة.

الوجه الرابع: ما تقدم في اشتراط البلوغ من أن المستفاد من قوله تعالي:

«خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً» الاية «2» ان الزكاة تقتضي الطهارة و التزكية بالنسبة

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب زكاة الانعام الحديث: 1

(2) التوبة/ 103

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 329

[الثالث: الحرية]
اشارة

الثالث: الحرية (1).

______________________________

الي الاشخاص فلا تتصور في مورد عدم الذنب و حيث ان المجنون لا يكون مكلفا كي يتصور في حقه الذنب فلا موضوع للطهارة و التزكية بالزكاة.

الوجه الخامس: النص الخاص لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: امرأة من اهلنا مختلطة أ عليها زكاة؟ فقال: ان كان عمل به فعليها زكاة و ان لم يعمل به فلا «1».

فان مقتضي الشرطية انه مع عدم العمل و عدم التجارة لا زكاة في مال المجنون و اختصاص مورد الرواية بالمال الصامت فلا تعرض فيها للمواشي و الغلات لا دليل عليه بل المستفاد من الحديث بمقتضي الاطلاق مطلق المال بلا فرق.

و يؤيد المدعي عنوان صاحب الوسائل هذا الباب بباب عدم وجوب الزكاة في مال المجنون و استحبابها اذا اتجر به وليه و

الا لم تستحب.

و يؤيد المدعي ما رواه موسي بن بكر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن امرأة مصابة و لها مال في يد اخيها هل عليه زكاة؟ قال: ان كان أخوها يتجر به فعليه زكاة «2».

(1) أما علي القول بعدم ملكية العبد و انه لا يملك فلا موضوع لوجوب الزكاة بالنسبة اليه اذ من شرائط وجوبها الملكية و أما علي القول بصيرورته مالكا فيظهر من بعض الكلمات ان المشهور فيما بين القوم هو عدم الوجوب أيضا لجملة من النصوص.

منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس في مال

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 330

فلا تجب في مال من كان صبيا أو مجنونا أو عبدا في زمان التعلق أو في أثناء الحول اذا كان مما يعتبر فيه الحول بل لا بد من استئناف الحول من حين البلوغ و العقل و الحرية (1).

______________________________

المملوك شي ء و لو كان له ألف ألف و لو احتاج لم يعط من الزكاة شيئا «1».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما تقول في رجل يهب لعبده الف درهم أو أقل أو أكثر فيقول: حللني من ضربي اياك و من كل ما كان مني إليك و مما أخفتك و أرهبتك فيحلله و يجعله في حل رغبة فيما أعطاه ثم ان المولي بعد أصاب الدراهم التي كان أعطاها في موضع قد وضعها فيه العبد فأخذها المولي أ حلال هي له؟ قال: فقال: لا تحل له لأنه افتدي بها نفسه من

العبد مخافة العقوبة و القصاص يوم القيامة قال: قلت له: فعلي العبد أن يزكيها اذا حال عليها الحول؟ قال: لا الا أن يعمل له بها و لا يعطي العبد من الزكاة شيئا «2».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله رجل و أنا حاضر عن مال المملوك أ عليه زكاة؟ فقال: لا و لو كان له ألف ألف و لو احتاج لم يكن له من الزكاة شي ء «3».

و منها غيرها المذكور في الوسائل في الباب 4 من أبواب من تجب عليه الزكاة.

(1) يظهر من بعض الكلمات انه المشهور بين الاصحاب و في كلام بعض الاعاظم: انه نسب الي ظاهرهم قال: بل ادعي نفي الخلاف الظاهر فيه. و ما يمكن أن يستدل به علي المدعي امور:

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 1

(2) تهذيب الاحكام ج 8 ص: 225 حديث: 41

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 331

______________________________

الامر الاول: اصالة البراءة بتقريب: ان مقتضي الاصل عدم وجوبها عليه في الفرض المذكور. و فيه: انه انما يرجع الي الاصل اذا لم يكن و لم يتم علي أحد الطرفين دليل اجتهادي و الا فلا مجال للرجوع الي الاصل كما هو ظاهر.

الامر الثاني: حديث الرفع. و فيه: ان التمسك بالحديث في المقام لا وجه له اذ الكلام في وجوبها عليه بعد بلوغه و القلم غير مرفوع عن البالغ العاقل مضافا الي عدم تمامية التقريب بالنسبة الي الشرط الثالث اي الحرية.

الامر الثالث: انه يشترط التمكن من التصرف و الصبي

لا يتمكن من التصرف في ما له قبل البلوغ و كذلك المجنون فيشترط البلوغ و العقل في تمام الحول.

و فيه: ان امكان التصرف لا يستلزم التصرف مباشرة بل يكفي جوازه لمن يكون وكيلا أو وليا فتأمل. و يؤكد المدعي- ان لم يدل عليه- القول باستحباب الزكاة في مال الطفل. مضافا الي عدم تمامية هذا التقريب بالنسبة الي الشرط الثالث.

الامر الرابع: ما رواه أبو بصير «1» فان الظاهر من قوله عليه السلام:

«ان بلغ فليس عليه لما مضي زكاة» يدل علي أنه غير مكلف بالزكاة في الاموال التي ملكها قبل البلوغ مطلقا سواء مضي عليها أحوال عديدة أو بعض الحول.

و بعبارة اخري: يستفاد من الحديث ان اليتيم بعد بلوغه لا يؤخذ بالنسبة الي ما مضي عليه من الزمان بلا فرق بين مضي الحول أو بعضه.

و يرد عليه: ان سند الحديث مخدوش بضعف اسناد الشيخ الي ابن الفضال لكن للرواية سند آخر «2» و لا اشكال فيه فهذه الرواية بصدرها تدل علي المدعي

______________________________

(1) لاحظ ص: 321

(2) لاحظ ص: 320

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 332

______________________________

بالنسبة الي غير البالغ و أما ذيل الحديث فيمكن أن يكون المراد منه ان اليتيم بعد بلوغه اذا أدرك موضوع وجوب الزكاة تجب عليه و الا فلا فيكون الذيل مؤكدا للصدر.

و ان أبيت عن كون المراد منه ما ذكر نقول: ان اجمال الذيل لا يضر بظهور الصدر و هو كاف للاستدلال علي المدعي غاية الامر انما يكون دليلا بالنسبة الي البلوغ كما هو ظاهر.

الامر الخامس: ان ما دل من النصوص من انه لا زكاة في مال اليتيم ظاهر في أن مال اليتيم ليس موضوعا للزكاة و بعبارة اخري يستفاد منه ان موضوع الزكاة يشترط فيه

بلوغ من يملكه هذا من ناحية و من ناحية اخري يستفاد من دليل اعتبار حولان الحول علي ما هو الموضوع فالنتيجة انه لا بد من اعتبار حولان الحول في زمان بلوغ المالك.

و بهذا البيان يستدل علي المدعي بالنسبة الي مال العبد اذ قد دل النص علي أنه ليس في مال المملوك شي ء فالقيد قيد للموضوع بالتقريب المذكور. و لكن هذا البيان لا يتم بالنسبة الي مال المجنون اذا صار عاقلا و اذا تم فانما يتم بالنسبة الي غير البالغ و العبد.

لكن الانصاف ان الاستدلال المذكور من اصله غير تام فان المستفاد من دليل عدم الزكاة في مال اليتيم و كذا المستفاد من عدم الزكاة في مال العبد ان المال المضاف الي اليتيم أو العبد المعنون بهذه الاضافة لا يتعلق به الزكاة و هذا لا يقتضي الالتزام بحولان الحول في زمان البلوغ و الحرية بل يكفي تحقق هذا العنوان علي الاطلاق فلو بلغ اليتيم في أثناء الحول يتوجه اليه التكليف بعد تمامية الحول.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 333

______________________________

ان قلت: اذا كان كذلك يلزم اعتبار الاحوال الماضية التي بلغ بعدها اذ لو كان المراد من الحول ما يعم قبل البلوغ وجبت الزكاة لما مضي من الاحوال و التفكيك بين بعض المدة و تمامها بلا وجه.

قلت: اذا تم موضوع الوجوب و مع ذلك لم يتعلق لعدم البلوغ أو الحرية أو العقل كما لو حصل الدخول في الشهر الثاني عشر و لم يكن المالك بالغا فلا مقتضي للوجوب بعد ذلك.

و بعبارة اخري: المستفاد من دليل اشتراط حولان الحول ان التكليف يتوجه الي المالك بعد تحقق الحول فاذا لم يتوجه لعدم البلوغ فلا يتوجه بعد البلوغ الا أن يقوم دليل

آخر يدل علي وجوبه فلا مقتضي للوجوب بالنسبة الي الاحوال الماضية و أما اذا بلغ أثناء الحول يتم موضوع التكليف بتحقق البلوغ و علي هذا الاساس نقول: ان مقتضي حديث الرفع عدم ضمان الصبي لا في حال صباوته و لا بعد البلوغ فلو أتلف مال الغير لا يكون ضامنا حتي بعد البلوغ اذ بمقتضي حديث رفع القلم عنه لا يتحقق الضمان قبل البلوغ و بعد البلوغ لم يتحقق بالنسبة اليه موضوع للضمان فالنتيجة ان هذا الوجه غير تام.

اذا عرفت ما تقدم نقول: أما بالنسبة الي اليتيم فيمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه أبو بصير كما تقدم و أيضا يمكن الاستدلال بالوجه الثالث و هو اشتراط التمكن فانه يشترط أن يحول الحول علي المال و هو في يده و تصرفه و الحال ان غير البالغ لا يمكنه التصرف و كفاية تصرف الولي تحتاج الي الدليل و بهذا البيان يتم الاستدلال بالنسبة الي المجنون اذا صار عاقلا أثناء الحول و أما العبد فان قلنا بأنه ممنوع من التصرف يتم الاستدلال بالنسبة اليه أيضا و الا فيشكل الا مر فيه و اللّه العالم.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 334

[مسألة 1: لا فرق في الجنون المانع عن الزكاة بين الاطباقي و الادواري]

(مسألة 1): لا فرق في الجنون المانع عن الزكاة بين الاطباقي و الادواري (1).

[الرابع: الملك]

الرابع: الملك (2).

______________________________

(1) كما هو ظاهر فان المستفاد من الدليل عدم الزكاة في مال المجنون و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين اقسام الجنون.

(2) قال في الحدائق: «و عليه اتفاق العلماء- كما نقله في المعتبر» «1».

و قال في المستمسك: «و عن نهاية الاحكام و غيرها الاجماع عليه» «2». و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل ينسئ أو يعين فلا يزال ماله دينا كيف يصنع في زكاته؟ قال: يزكيه و لا يزكي ما عليه من الدين انما الزكاة علي صاحب المال «3».

و منها: ما رواه علي بن مهزيار قال: كتبت اليه أسأله عن رجل عليه مهر امرأته لا تطلبه منه اما لرفق بزوجها و اما حياء فمكث بذلك علي الرجل عمره و عمرها تجب عليه زكاة ذلك المهر أم لا؟ فكتب لا تجب عليه الزكاة الا في ماله «4».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يكون عليه الدين قال: يزكي ماله و لا يزكي ما عليه من الدين انما الزكاة علي صاحب المال «5».

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص: 30

(2) مستمسك العروة ج 9 ص: 11

(3) الوسائل الباب 9 من ابواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 335

زمان التعلق (1) أو في تمام الحول كما تقدم (2) فلا زكاة علي المال الموهوب و المقروض قبل قبضه و المال الموصي به قبل وفاة الموصي (3).

[الخامس: التمكن من التصرف]
اشارة

الخامس: التمكن من التصرف (4).

______________________________

و منها: ما رواه عن زرارة أبي جعفر عليه السلام

و ضريس عن أبي عبد اللّه عليه السلام انهما قالا: ايما رجل كان له مال موضوع حتي يحول عليه الحول فانه يزكيه و ان كان عليه من الدين مثله و أكثر منه فليزك ما في يده «1».

اضف الي ذلك ان عدم وجوب الزكاة في غير المملوك من الواضحات التي لا ريب فيها:

(1) اذ المفروض انها لا تتعلق بغير الملك كما تقدم.

(2) اذ دخول الحول علي موضوع الزكاة شرط في وجوبها و مع عدم الملك يكون الموضوع منتفيا.

(3) فان المال الموهوب لا يصير ملكا قبل القبض و اذا قلنا: ان القبض لا يكون شرطا للملك بل يكون شرطا للزوم الهبة أو قلنا بأن القبض شرط للملك و لكن بنحو الكشف الحقيقي تجب الزكاة علي المتهب لتحقق الشرط بل الامر كذلك حتي علي القول بالكشف الحكمي اذ بناء عليه يترتب عليه الآثار للملك السابق و من آثاره وجوب الزكاة علي الفرض و مثله المال المقروض كما أن المال الموصي به لا يصير ملكا للموصي له قبل وفاة الموصي.

(4) قال في الحدائق في هذا المقام: «و هو أيضا مما لا خلاف فيه فيما أعلم» الي آخر كلامه. و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه سدير الصير في قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما تقول في

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 336

______________________________

رجل كان له مال فانطلق به فدفنه في موضع فلما حال عليه الحول ذهب ليخرجه من موضعه فاحتفر الموضع الذي ظن أن المال فيه مدفون فلم يصبه فمكث بعد ذلك ثلاث سنين ثم انه احتفر الموضع الذي من جوانبه كله (كلها) فوقع

علي المال بعينه كيف يزكيه؟ قال: يزكيه لسنة واحدة لأنه كان غائبا عنه و ان كان احتبسه «1».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الرجل يكون له الولد فيغيب بعض ولده فلا يدري اين هو و مات الرجل كيف يصنع بميراث الغائب من أبيه؟ قال: يعزل حتي يجي ء قلت: فعلي ماله زكاة؟ قال: لا حتي يجي ء قلت: فاذا هو جاء أ يزكيه فقال: لا حتي يحول عليه الحول في يده «2».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: سألته عن رجل ورث مالا و الرجل غائب هل عليه زكاة؟ قال: لا حتي يقدم قلت: أ يزكيه حين يقدم؟

قال: لا حتي يحول عليه الحول و هو عنده «3».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا صدقة علي الدين و لا علي المال الغائب عنك حتي يقع في يديك «4».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن بكير عمن رواه (عن زرارة) عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في رجل ماله عنه غائب لا يقدر علي أخذه قال: فلا زكاة عليه حتي يخرج فاذا خرج زكاه لعام واحد فان كان يدعه متعمدا و هو يقدر علي أخذه فعليه الزكاة لكل ما مر به من السنين «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 337

و اعتباره علي نحو ما سبق (1) و المراد به القدرة علي التصرف فيه بالاتلاف و

نحوه (2).

______________________________

(1) أي ان كان مما يشترط فيه الحول لا بد من تمكنه عليه في تمام الحول كما يصرح به في روايتي اسحاق فلاحظ

(2) كما يستفاد من حديث سدير فانه يستفاد من هذا الحديث ان التمكن من التصرف الاعتباري لا يكفي بل يشترط في تعلق الزكاة التمكن من التصرف الخارجي في العين و حيث انه لا يمكنه التصرف في المدفون كما هو المفروض فلا تجب الزكاة اذا لم يمكن للمالك التصرف الخارجي في العين بل يشترط فيها التمكن الشرعي أيضا اذ المانع الشرعي كالعقلي.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 337

و بعبارة اخري: المستفاد من الادلة الواردة في المقام انه يشترط في وجوب الزكاة التمكن الخارجي من التصرف هذا من ناحية و من ناحية اخري التصرف الممنوع شرعا لا أثر له فيلزم أن يكون التصرف الخارجي في العين ممكنا خارجا و شرعا و يؤيد المدعي مرسل ابن بكر «1».

أضف الي ذلك ان المناسبة بين الحكم و الموضوع تقتضي ما ذكر فان المستفاد من دليل شرطية التمكن في وجوب الزكاة الارفاق من الشارع الاقدس بالنسبة الي المكلف فكيف يمكن أن يكون المكلف ممنوعا من التصرف و مع ذلك تكون الزكاة واجبة عليه.

بل يمكن أن يقال: بأن عدم الوجوب في مورد المنع الشرعي أولي من عدمه في مورد المنع العقلي و عدم الامكان الخارجي لان الامتناع الخارجي لا يرتبط بالشارع بما هو شارع و أما المنع الشرعي فهو منه بما هو كذلك فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 336

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 338

فلا زكاة في المسروق و المجحود (1) و المدفون في

مكان منسي (2) و المرهون و الموقوف (3).

______________________________

لكن حديث سدير الذي هو اساس الاستدلال ضعيف بسدير حيث انه لم يوثق و مجرد كونه في اسناد كامل الزيارات لا يفيد كما قررناه. و لكن لا يبعد امكان الاستدلال علي المدعي بما رواه اسحاق «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان شرط تعلق الزكاة كون العين في يد المالك و أيضا يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عبد اللّه بن سنان «2».

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه ابراهيم بن أبي محمود قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: الرجل يكون له الوديعة و الدين فلا يصل اليهما ثم يأخذ هما متي يجب عليه الزكاة؟ قال: اذا أخذهما ثم يحول عليه الحول يزكي «3».

الي غيرها من النصوص الواردة في الباب 5 و 6 و غيرهما من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه من الوسائل و مما يدل علي المدعي ما رواه زرارة و ضريس عن أبي جعفر عليه السلام و أبي عبد اللّه عليه السلام «4» فانه يستفاد من قوله عليه السلام: «في يده» انه يمكنه التصرف فيه.

(1) اذ لا يمكنه التصرف في المسروق كما ان الامر كذلك في المجحود.

(2) كما صرح به في حديث سدير.

(3) فان الراهن ممنوع عن التصرف في الرهن كما أنه ليس لأحد التصرف في الموقوف.

______________________________

(1) لاحظ ص: 336

(2) لاحظ ص: 336

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 335

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 339

و منذور التصدق به (1) و الغائب الذي لم يصل اليه و لا الي وكيله (2) و لا في الدين (3).

______________________________

(1) اذ يجب العمل

بالنذر و ان شئت فلت ان المستفاد من النصوص كما تقدم ان التمكن من التصرف شرط في وجوب الزكاة و حيث ان المنع الشرعي من التصرف كالمنع الخارجي لا يكون الشرط حاصلا فلا تجب.

هذا علي تقرير الالتزام بأن مقتضي النذر الوجوب التكليفي فقط و أما ان قلنا بأن مقتضي النذر تمليك الفعل للّه و يكون النذر المتعلق بالعين الخارجية موجبا لتعلق حق من قبله تعالي بالعين الخارجية فالامر أوضح و لكن اتمام المدعي مشكل اذ لا دليل علي تحقق حق وضعي له تعالي بالنذر فان النذر يوجب اشتغال الذمة بالفعل.

و ان شئت قلت: ان الواجبات الشرعية ديون للّه تعالي و الفرق بين النذر و غيره بأن بقية الواجبات ديون بلا توسيط ارادة المكلف و أما النذر فدين شرعي يتحقق باختيار المكلف، لا يوجب التفريق بين النذر و غيره و علي الجملة اثبات الملكية في النذر بحيث يثبت حق وضعي له تعالي في غاية الاشكال.

(2) كما صرح في بعض النصوص لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار «1».

(3) و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان «2»

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السلام: الدين عليه زكاة؟ قال: لا حتي يقبضه قلت: فاذا قبضه أ يزكيه؟ قال: لا حتي يحول عليه الحول في يده «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 336

(2) لاحظ ص: 336

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 340

و ان تمكن من استيفائه (1).

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: ليس في الدين زكاة؟

فقال: لا «1».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن الرجل يكون له الدين علي الناس تجب فيه الزكاة؟ قال: ليس عليه زكاة حتي يقبضه فاذا قبضه فعليه الزكاة و ان هو طال حبسه علي الناس حتي يمر لذلك سنون فليس عليه زكاة حتي يخرج فاذا هو خرج زكاه لعامه ذلك و ان هو كان يأخذ منه قليلا قليلا فليترك ما خرج منه أولا فأولا فان كان متاعه و دينه و ماله في تجارته التي يتقلب فيها يوما بيوم فيأخذ و يعطي و يبيع و يشتري فهو شبه العين في يده فعليه الزكاة و لا ينبغي له أن يغير ذلك اذا كان حال متاعه و ماله علي ما وصفت لك فيؤخر الزكاة «2».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

ليس علي الدين زكاة الا أن يشاء رب الدين أن يزكيه «3».

و منها: ما رواه أيضا عن أخيه قال: سألته عن الدين يكون علي القوم المياسير اذا شاء قبضه صاحبه هل عليه زكاة؟ قال: لا حتي يقبضه و يحول عليه الحول «4» و منها: ما رواه الفضلاء «5».

(1) وقع الكلام بين الاصحاب في وجوب الزكاة في الصورة المفروضة و عدمها و المسألة ذات قولين و منشأ الخلاف اختلاف النصوص الواردة في المقام فانه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 14

(4) نفس المصدر الحديث: 15

(5) الوسائل الباب 8 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 341

______________________________

يستفاد من بعض النصوص انه اذا أمكنه الاستيفاء و باختياره لم يستوف تجب فيه الزكاة و اللازم ملاحظة هذه الطائفة من النصوص و استفادة الحكم من المجموع

فنقول:

منها: ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس في الدين زكاة الا أن يكون صاحب الدين هو الذي يؤخره فاذا كان لا يقدر علي أخذه فليس عليه زكاة حتي يقبضه «1»، و هذه الرواية ضعيفة بابن مرار و لعله بغيره أيضا.

و منها: ما رواه عبد العزيز قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له الدين أ يزكيه؟ قال: كل دين يدعه هو اذا أراد أخذه فعليه زكاته و ما كان لا يقدر علي أخذه فليس عليه زكاة «2».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي ابن الفضال و منها: مرسل ابن بكير «3» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال مضافا الي ضعف اسناد الشيخ الي ابن الفضال.

و منها: ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام أ علي الدين زكاة؟ قال: لا الا أن تضر به فأما ان غاب عنك سنة أو أقل أو أكثر فلا تزكه الا في السنة التي يخرج فيها «4» و هذه الرواية ضعيفة بالطيالسي.

و منها: ما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل ينسئ أو يعير فلا يزال ماله دينا كيف يصنع في زكاته؟ قال: يزكيه الحديث «5»

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) لاحظ ص: 336

(4) الوسائل الباب 6 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 13

(5) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 342

[مسألة 2: لا تجب الزكاة في نماء الوقف اذا كان مجعولا علي نحو المصرف]

(مسألة 2): لا تجب الزكاة في نماء الوقف اذا كان مجعولا علي نحو المصرف (1) و

تجب اذا كان مجعولا علي نحو الملك من دون فرق بين العام و الخاص فاذا جعل بستانه وقفا علي أن يصرف نمائها علي ذريته أو علي علماء البلد لم تجب الزكاة فيه و اذا جعلها وقفا علي أن يكون نماؤها ملكا للأشخاص كالوقف علي الذرية مثلا و كانت حصة كل واحد تبلغ النصاب وجبت الزكاة علي كل واحد منهم و اذا جعلها وقفا علي أن يكون نماؤها ملكا للعنوان كالوقف علي الفقراء أو العلماء لم تجب الزكاة و ان بلغت حصة من يصل اليه النماء مقدار النصاب (2).

______________________________

و هذه الرواية تامة سندا لكن يعارضها ما رواه علي بن جعفر «1» و الترجيح مع حديث ابن جعفر بالاحدثية و علي فرض التعارض و عدم الترجيح و التساقط تصل النوبة الي المطلقات الدالة علي عدم الزكاة في الدين و اللّه العالم.

(1) لعدم تحقق الملك الذي هو الشرط في الوجوب فلا تجب.

(2) اذ في هذه الصورة يكون الشرط حاصلا فتجب و حيث ان المائز بين الوقف الخاص و العام بتحقق الملك قبل الاخذ في الوقف الخاص و عدم تحققه قبله في الوقف العام يفصل بين الموردين- كما في المتن-.

و بعبارة اخري: اذا قلنا: بأن الوقف العام تمليك للكلي فما دام لا يحصل القبض الخارجي لا تتحقق الملكية فالنتيجة التفصيل المذكور في المتن و لذا صرح بقوله:

«علي أن يكون ملكا للعنوان» اي لا يكون ملكا للأشخاص و ان قلنا: بأنه ملك

______________________________

(1) لاحظ ص: 340

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 343

[مسألة 3: إذا كانت الأعيان الزكوية مشتركة بين اثنين أو أكثر اعتبر في وجوب الزكاة علي بعضهم بلوغ حصته النصاب]

(مسألة 3): اذا كانت الاعيان الزكوية مشتركة بين اثنين أو أكثر اعتبر في وجوب الزكاة علي بعضهم بلوغ حصته النصاب و لا يكفي في الوجوب بلوغ المجموع النصاب (1).

______________________________

للأشخاص كالوقف

الخاص تجب فيه أيضا.

و لا يخفي ان عبارة المتن موهمة للتسوية بين الخاص و العام حيث قال: «من دون فرق بين العام و الخاص» و الامر سهل بعد وضوح المراد و العجب من سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام حيث قوي ما أفاده سيد العروة قدس سره و جعل ما أفاده مبنيا علي عدم الملكية في الوقف العام و اختاره و مع ذلك في هامش العروة أورد علي المتن و أفاد بأنها واجبة اذا كان علي نحو التمليك.

(1) كما هو ظاهر فان المجموع ليس مكلفا بتكليف واحد بل وجوب الزكاة متوجه الي كل من اجتمعت فيه الشرائط و عليه لا تجب اذ المفروض ان حصة كل واحد من المشتركين لم تصل الي الحد الذي يكون موضوعا للزكاة و هذا الحكم علي القاعدة.

مضافا الي أنه منصوص لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: ليس في النيف شي ء حتي تبلغ ما يجب فيه واحد و لا في الصدقة و الزكاة كسور و لا يكون شاة و نصف و لا بعير و نصف و لا خمسة دراهم و نصف و لا دينار و نصف و لكن يؤخذ الواحد و يطرح ما سوي ذلك حتي تبلغ ما يؤخذ منه واحد فيؤخذ من جميع ماله قال زرارة: قلت له: مأتي درهم بين خمس أناس أو عشرة حال عليها الحول و هي عندهم أ يجب عليهم زكاتها؟ قال: لا هي بمنزلة تلك يعني جوابه في الحرث ليس عليهم شي ء حتي يتم لكل انسان منهم مأتا درهم قلت: و كذلك في الشاة و الابل و البقر و الذهب و الفضة و جميع الاموال؟ قال: نعم «1».

______________________________

(1)

الوسائل الباب 5 من ابواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 344

[مسألة 4: ثبوت الخيار المشروط برد مثل الثمن مانع من التمكن من التصرف]

(مسألة 4) ثبوت الخيار المشروط برد مثل الثمن مانع من التمكن من التصرف بخلاف سائر الخيارات (1).

[مسألة 5: الإغماء و السكر حال التعلق أو في أثناء الحول لا يمنعان عن وجوب الزكاة]

(مسألة 5) الاغماء و السكر حال التعلق أو في أثناء الحول لا يمنعان عن وجوب الزكاة (2).

[مسألة 6: إذا عرض عدم التمكن من التصرف بعد تعلق الزكاة أو مضي الحول متمكنا فقد استقر الوجوب]

(مسألة 6): اذا عرض عدم التمكن من التصرف بعد تعلق الزكاة أو مضي الحول متمكنا فقد استقر الوجوب فيجب الاداء اذا تمكن بعد ذلك فان كان مقصرا كان ضامنا و الا فلا (3).

______________________________

(1) الوجه في التفصيل ان الخيار لا يكون مانعا من التصرف في العين و ان الملكية لمن عليه الخيار تحصل من زمان تحقق البيع و تحقيق المسألة موكول الي محله فعليه لا يكون ثبوت الخيار مانعا من ثبوت الزكاة نعم في خصوص الخيار المشروط برد الثمن يكون الخيار مانعا لأن من عليه الخيار لا يمكنه التصرف في العين و امكان التصرف شرط في وجوبها و الوجه فيه ان الشارط و لو بالارتكاز يشترط علي الطرف علي أن يبقي العين بحالها الي زمان رد الثمن.

و ان شئت قلت: البائع الذي يجعل لنفسه الخيار برد الثمن في مقام التحفظ علي العين و هذا هو الفارق بين هذا الخيار و بقية الخيارات.

(2) لإطلاق الادلة و عدم ما يوجب التقييد و قياسهما بالمجنون قياس مع الفارق فانه قد دل الدليل هناك علي العدم بخلاف المقام و مجرد كونهما في زماني السكر و الاغماء غير قابلين للتكليف لا يقتضي عدم التعلق و الا لكان النوم أيضا مانعا و صفوة القول: ان مقتضي الادلة ثبوتها في حقهما.

(3) كما هو ظاهر لتمامية الموضوع و علي فرض عدم التمكن اذا كان مقصرا يكون ضامنا لإتلافه مال الغير و علي فرض عدم التقصير فلا لعدم المقتضي للضمان.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 345

[مسألة 7: زكاة القرض علي المقترض بعد قبضه لا علي المقرض]

(مسألة 7): زكاة القرض علي المقترض بعد قبضه لا علي المقرض فلو اقترض نصابا من الاعيان الزكوية و بقي عنده سنة وجبت عليه الزكاة (1) و ان كان قد اشترط

في عقد القرض علي المقرض أن

______________________________

(1) ادعي عدم الخلاف فيه و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه زرارة قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل دفع الي رجل مالا قرضا علي من زكاته؟ علي المقرض أو علي المقترض؟ قال: لا بل زكاتها ان كانت موضوعة عنده حولا علي المقترض قال: قلت: فليس علي المقرض زكاتها؟ قال: لا يزكي المال من وجهين في عام واحد و ليس علي الدافع شي ء لأنه ليس في يده شي ء انما المال في يد الاخر فمن كان المال في يده زكاه قال: قلت: أ فيزكي مال غيره من ماله فقال: انه ماله ما دام في يده و ليس ذلك المال لأحد غيره ثم قال: يا زرارة أ رأيت وضيعة ذلك المال و ربحه لمن هو؟ و علي من؟ قلت: للمقترض قال: فله الفضل و عليه النقصان و له أن ينكح و يلبس منه و يأكل منه و لا ينبغي له أن يزكيه بل يزكيه فانه عليه «1».

و منها: ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل استقرض مالا فحال عليه الحول و هو عنده قال: ان كان الذي أقرضه يؤدي زكاته فلا زكاة عليه و ان كان لا يؤدي أدي المقترض «2».

و منها: ما رواه أبان بن عثمان عمن اخبره قال: سألت أحدهما عليهما السلام عن رجل عليه دين و في يده مال و في بدينه و المال لغيره هل عليه زكاة؟ فقال: اذا استقرض فحال عليه الحول فزكاته عليه اذا كان فيه فضل «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 1

(2) نفس

المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 346

يؤدي الزكاة عنه (1) نعم اذا أدي المقرض عنه صح و سقطت الزكاة عن المقترض (2) و يصح مع عدم الشرط أن يتبرع المقرض عنه باداء الزكاة كما يصح تبرع الاجنبي (3).

[مسألة 8: يستحب لولي الصبي و المجنون اخراج زكاة مال التجارة اذا اتجر بمالهما لهما]

(مسألة 8): يستحب لولي الصبي و المجنون اخراج زكاة مال التجارة اذا اتجر بمالهما لهما (4).

______________________________

و منها: ما رواه يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقرض المال للرجل السنة و السنتين و الثلاث أو ما شاء اللّه علي من الزكاة؟ علي المقرض أو علي المستقرض؟ فقال: علي المستقرض لان له نفعه و عليه زكاته «1».

و منها: ما رواه العلاء قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام الرجل يكون عنده المال قرضا فيحول عليه الحول عليه زكاة؟ فقال: نعم «2».

(1) اذ هذا الشرط لا يقتضي سقوط الخطاب بالنسبة الي المالك.

(2) كما دل عليه ما رواه منصور «3» و يمكن أن يقال: بأن الصحة علي القاعدة لأنه من مصاديق اداء الدين و يجوز اداء دين الغير.

و لقائل أن يقول: ان الزكاة من العبادات و النيابة في الواجب العبادي عن الحي يحتاج الي الدليل اللهم أن يناقش في كون الزكاة عبادة.

(3) لا يبعد أن يستفاد من حديث المنصور جواز النيابة في جميع فروعها بدعوي ان العرف يفهم ان اداء الغير جائز بلا خصوصية للمورد و ان قلنا بأن جواز التأدية علي طبق القاعدة و لا يحتاج الي دليل خاص فالامر أسهل.

(4) في هذه المسألة فرعان: احدهما: استحباب الزكاة في مال التجارة اذا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) لاحظ ص: 345

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 347

[مسألة 9: إذا علم البلوغ و التعلق و لم يعلم السابق منهما لم تجب الزكاة]

(مسألة 9): اذا علم البلوغ و التعلق و لم يعلم السابق منهما لم تجب الزكاة سواء علم تاريخ التعلق و جهل تاريخ البلوغ أم علم تاريخ البلوغ و جهل تاريخ التعلق أم جهل التاريخان (1) و كذا الحكم

______________________________

كانت التجارة للصبي. ثانيهما استحبابها: في مال

التجارة اذا كانت للمجنون أما استحبابها في الفرع الاول فقد ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه محمد ابن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: هل علي مال اليتيم زكاة؟ قال لا الا أن يتجر به أو تعمل به «1».

و يدل عليه أيضا ما رواه محمد بن الفضيل «2» و مقتضي ظاهر النص كما تري وجوب الزكاة و لكن ترفع اليد عنه بالتسالم و الاتفاق علي العدم.

و أما استحبابها في الفرع الثاني فقد ادعي عدم الخلاف فيه و يدل علي المدعي ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «3» و هذه الرواية و ان كانت ظاهرة في الوجوب لكن بالتسالم و الاتفاق علي العدم ترفع اليد عنها.

(1) حيث ان بناء الماتن في بحث تعاقب الحادثين علي جريان الاصل بلا فرق بين مجهول التاريخ و معلومه- و هو الحق عندنا- فكما أفاد في المتن يجري استصحاب عدم البلوغ الي زمان التعلق و مقتضي استصحاب عدم البلوغ عدم وجوب الزكاة و أما استصحاب عدم التعلق الي زمان البلوغ لا يحرز موضوع الوجوب الا علي القول بالمثبت و علي فرض الاغماض لا أثر له اذ بالتعارض يتساقط الاصلان و مقتضي البراءة عدم الوجوب و لا مجال للأخذ بعموم الدليل اذ بعد تخصيصه و اخراج غير البالغ يكون الاخذ به من الاخذ بالعام في الشبهة المصداقية الذي

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 327

(3) لاحظ ص: 329

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 348

في المجنون اذا كان جنونه سابقا و طرأ العقل (1) أما اذا كان عقله سابقا و طرأ الجنون وجبت الزكاة سواء علم تاريخ

التعلق و جهل تاريخ الجنون أو علم تاريخ الجنون و جهل تاريخ التعلق أو جهل التاريخان معا (2).

[مسألة 10: إذا استطاع بتمام النصاب أخرج الزكاة اذا كان تعلقها قبل تعلق الحج]

(مسألة 10): اذا استطاع بتمام النصاب أخرج الزكاة اذا كان تعلقها قبل تعلق الحج (3) و لم يجب الحج (4) و ان كان بعده وجب الحج و يجب عليه حينئذ حفظ استطاعته و لو بتبديل المال بغيره (5) نعم اذا لم يبدل حتي مضي عليه الحول وجبت الزكاة أيضا (6).

[المقصد الثاني: ما تجب فيه الزكاة]

اشارة

المقصد الثاني: ما تجب فيه الزكاة: تجب الزكاة في الانعام الثلاثة: الابل و البقر و الغنم و الغلات الاربعة: الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و في النقدين: الذهب و الفضة (7) و لا تجب فيما عدا

______________________________

لا نقول به فلاحظ.

(1) الكلام فيه هو الكلام.

(2) فانه ينعكس الامر اذ مقتضي استصحاب بقاء العقل الي زمان التعلق وجوبها.

(3) اذ المفروض تحقق الموضوع فيترتب عليه الحكم.

(4) لعدم المقتضي لوجوبه اذ فرض تعلق الزكاة و من الظاهر ان الاستطاعة لا تحصل بما يكون مملوكا للغير أو يكون متعلقا لحقه.

(5) لان موضوع الحج تحقق علي الفرض فيجب فان المستطيع يجب عليه حفظ استطاعته فيجب التبديل.

(6) لتمامية موضوعها فتجب.

(7) عن المستند: «انه من ضروريات الدين». و عن التذكرة: «انه مورد

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 349

ذلك نعم تستحب في غيرها من الحبوب التي تنبت في الارض كالسمسم و الارز و الدخن و الحمص و العدس و الماش و الذرة و غيرها (1).

______________________________

اجماع المسلمين» و عن الجواهر: «انه من ضروريات الفقه ان لم يكن من ضروريات الدين».

و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لما نزلت آية الزكاة: «خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِهٰا» في شهر رمضان فأمر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله مناديه فنادي في

الناس: ان اللّه تبارك و تعالي قد فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة ففرض اللّه عليكم من الذهب و الفضة و الابل و البقر و الغنم و من الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و نادي فيهم بذلك في شهر رمضان و عفي لهم عما سوي ذلك الحديث «1».

(1) ادعي عليه الاجماع و النصوص الواردة في المقام علي قسمين: احدهما ما يدل علي عدم الوجوب في غير التسعة ثانيهما: ما يدل علي الوجوب أما القسم الاول فهي جملة من النصوص: منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان «2».

و منها: ما رواه الفضلاء كلهم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا:

فرض اللّه عز و جل الزكاة مع الصلاة في الاموال و سنها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في تسعة أشياء و عفي (رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله) عما سواهن في الذهب و الفضة و الابل و البقر و الغنم و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و عفي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عما سوي ذلك «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه الحديث: 1

(2) مر آنفا

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 350

______________________________

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في حديث قال:

و الزكاة علي تسعه أشياء: علي الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الابل و البقر و الغنم و الذهب و الفضة «1».

و منها: ما رواه أبو سعيد القماط عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام

انه سئل عن الزكاة فقال: وضع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الزكاة علي تسعة و عفي عما سوي ذلك: الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الذهب و الفضة و البقر و الغنم و الابل فقال السائل: و الذرة فغضب عليه السلام ثم قال: كان و اللّه علي عهد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله السماسم و الذرة و الدخن و جميع ذلك فقال: انهم يقولون: انه لم يكن ذلك علي عهد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و انما وضع علي تسعة لما لم يكن بحضرته غير ذلك فغضب و قال: كذبوا فهل يكون العفو الا عن شي ء قد كان و لا و اللّه ما أعرف شيئا عليه الزكاة غير هذا فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر «2».

و منها: ما رواه أبو بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: وضع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الزكاة علي تسعة أشياء: الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الذهب و الفضة و الابل و البقر و الغنم و عفي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عما سوي ذلك «3».

و منها: ما رواه زرارة عن احدهما عليهما السلام قال: الزكاة علي تسعة أشياء:

علي الذهب و الفضة و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الابل و البقر و الغنم و عفي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عما سوي ذلك «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 351

______________________________

و منها: ما رواه الحسن ابن شهاب عن أبي عبد اللّه عليه

السلام قال: وضع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الزكاة علي تسعة أشياء و عفي عما سوي ذلك علي الذهب و الفضة و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الابل و البقر و الغنم «1».

و منها: ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الزكاة فقال: الزكاة علي تسعة أشياء: علي الذهب و الفضة و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الابل و البقر و الغنم و عفي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عما سوي ذلك «2».

و منها: ما رواه محمد (بن جعفر) الطيار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عما تجب فيه الزكاة فقال: في تسعة أشياء: الذهب و الفضة و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الابل و البقر و الغنم و عفي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عما سوي ذلك فقلت: أصحلك اللّه فان عندنا حبا كثيرا قال: فقال: و ما هو؟ قلت: الارز قال:

نعم ما أكثره فقلت: أ فيه الزكاة؟ فزبرني قال: ثم قال: أقول لك: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عفي عما سوي ذلك و تقول: ان عندنا حبا كثيرا أ فيه الزكاة «3».

و منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول:

وضع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الزكاة علي تسعة أشياء و عفي عما سوي ذلك:

علي الفضة و الذهب و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الابل و البقر و الغنم فقال له الطيار و أنا حاضر: ان عندنا حبا كثيرا يقال له: الارز فقال له

أبو عبد اللّه عليه السلام:

و عندنا حب كثير قال: فعليه شي ء؟ قال: لا قد أعلمتك أن رسول اللّه صلي اللّه عليه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 352

______________________________

و آله عفا عما سوي ذلك «1».

و منها: ما عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام ان الزكاة انما تجب جميعا في تسعة أشياء خصها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بفريضتها فيها و هي الذهب و الفضة و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الابل و البقر و الغنم و عفي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عما سوي ذلك «2».

و منها: ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الصدقة فيما هي؟ قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: في تسعة:

الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الذهب و الفضة و الابل و البقر و الغنم و عفي عما سوي ذلك «3».

و أما القسم الثاني فهي أيضا جملة من النصوص منها: ما رواه علي بن مهزيار في حديث ان أبا الحسن عليه السلام كتب الي عبد اللّه بن محمد: الزكاة علي كل ما كيل بالصاع قال: و كتب عبد اللّه و روي غير هذا الرجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سأله عن الحبوب فقال: و ما هي؟ فقال: السمسم و الارز و الدخن و كل هذا غلة كالحنطة و الشعير فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: في الحبوب كلها زكاة و روي أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: كل ما دخل القفيز فهو

يجري مجري الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب قال: فأخبرني جعلت فداك هل علي هذا الارز و ما أشبهه من الحبوب الحمس و العدس زكاة؟ فوقع عليه السلام: صدقوا الزكاة في كل شي ء كيل «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 16

(3) نفس المصدر الحديث: 17

(4) الوسائل الباب 9 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 353

______________________________

و منها: ما رواه أبو مريم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الحرث ما يزكي منه؟ فقال: البر و الشعير و الذرة و الارز و السلت و العدس كل هذا مما يزكي و قال: كل ما كيل بالصاع فبلغ الاوساق فعليه الزكاة «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن الحبوب ما يزكي منها؟ قال عليه السلام: البر و الشعير و الذرة و الدخن و الارز و السلت و العدس و السمسم كل هذا يزكي و أشباه «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام مثله و قال: ما كيل بالصاع فبلغ الاوساق فعليه الزكاة «3».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه مثله و قال: كل ما كيل بالصاع فبلغ الاوساق فعليه الزكاة و قال: جعل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم الصدقة في كل شي ء أنبتت الارض الا ما كان في الخضر و البقول و كل شي ء يفسد من يومه «4».

فتقع المعارضة بين الجانبين و ربما يقال: بأنه يحمل ما يدل علي الوجوب علي الاستحباب ببركة ما يدل علي عدمه و قد ذكرنا غير مرة أن مثل هذا الجمع ليس جمعا عرفيا.

قال في الحدائق: «و

الاصحاب قد جمعوا بين الاخبار بحمل هذه الاخبار الاخيرة علي الاستحباب كما هي قاعدهم و عادتهم في جميع الابواب و قد عرفت ما فيه في غير مقام و الاظهر عندي حمل هذه الاخبار الاخيرة علي التقية التي هي في اختلاف

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 354

______________________________

الاحكام الشرعية أصل كل بلية فان القول بوجوب الزكاة في هذه الاشياء مذهب الشافعي و أبي حنيفة و مالك و أبي يوسف و محمد كما نقله في المنتهي» «1» انتهي.

و يدل علي المدعي أي عدم الوجوب ما رواه علي بن مهزيار قال: قرأت في كتاب عبد اللّه بن محمد الي أبي الحسن عليه السلام جعلت فداك روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: وضع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم الزكاة علي تسعة أشياء: الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الذهب و الفضة و الغنم و البقر و الابل و عفي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم عما سوي ذلك فقال له القائل: عندنا شي ء كثير يكون أضعاف ذلك فقال: و ما هو؟ فقال له: الارز فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام اقول لك: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم وضع الزكاة علي تسعة أشياء و عفي عما سوي ذلك و تقول: عندنا ارز و عندنا ذرة و قد كانت الذرة علي عهد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فوقع عليه السلام: كذلك هو و الزكاة علي كل ما كيل بالصاع الحديث «2».

و لنا أن نقول: ان

حديث ابن مهزيار بنفسه دال علي استحباب الزكاة في غير التسعة و الدليل ما ذكره صاحب الوسائل في ذيل الحديث فانه قدس سره بعد نقل الحديث قال: «أقول: المراد انه تستحب الزكاة فيما عدا الغلات الاربع من الحبوب اذ لا تصريح فيه و لا فيما يأتي بالوجوب و قد ورد التصريع فيما مضي و يأتي بنفي الوجوب فتعين الاستحباب ذكر ذلك الشيخ و جماعة من الاصحاب و لو لا ذلك لزم التناقض في هذا التوقيع» انتهي.

و الامر كما أفاد و أن قوله عليه السلام في الجواب «كذلك هو و الزكاة علي

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص: 108

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 355

و لا تستحب في الخضروات مثل البقل و القثاء و البطيخ و الخيار و نحوها (1).

______________________________

كل ما كيل بالصاع» يدل علي استحباب الزكاة و الا فكيف يمكن الجمع بين كلاميه فيرفع التناقض و يجمع بين كلاميه بهذا النحو.

الا أن يقال: انه لا دليل عليه بل مقتضي التناقض بين كلاميه سقوطهما بالتعارض فلا طريق للجمع بين النصوص الا بحمل ما يدل علي الوجوب علي التقية فان المستفاد من الطائفة الاولي عدم الوجوب بل نص في بعض تلك النصوص علي عدمه كحديث ابن مهزيار فانه قد صرح فيه بعدم الوجوب في الارز كما ان المستفاد من حديثي الطيار و جميل «1» كذلك فلا مجال لان يقال: تقيد الطائفة الاولي بالثانية بل تتعارضان فلا بد من ترجيح احد الطرفين و حيث ان الطائفه الاولي خلاف العامة يؤخذ بها و ترجح علي الطائفة الثانية.

(1) و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه

محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن الخضر فيها زكاة و ان بيع (بيعت) بالمال العظيم فقال: لا حتي يحول عليه الحول «2».

و منها: ما رواه الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما في الخضر؟

قال: و ما هي؟ قلت: القضب و البطيخ و مثله من الخضر قال: ليس عليه شي ء الا أن يباع مثله بمال فيحول عليه الحول ففيه الصدقة و عن الغضاة من الفرسك و أشباهه فيه زكاة؟ قال: لا قلت: فثمنه؟ قال: ما حال عليه الحول من ثمنه فزكه «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر (أ) و أبي عبد اللّه عليهما السلام

______________________________

(1) لاحظ ص: 351

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 356

و تستحب أيضا في مال التجارة (1).

______________________________

في البستان يكون فيه الثمار ما لو بيع كان مالا هل فيه الصدقة؟ قال: لا «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و جعل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم الصدقة في كل شي ء انبتت الارض الا ما كان في الخضر و البقول و كل شي ء يفسد من يومه «2».

و منها: ما رواه محمد بن اسماعيل قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: ان لنا رطبة و ارزا فما الذي علينا فيهما؟ فقال عليه السلام: أما الرطبة فليس عليك فيها شي ء الحديث «3».

و منها: ما رواه عبد العزيز بن المهتدي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن القطن و الزعفران عليهما زكاة؟ قال: لا «4».

و منها: ما رواه سماعة عن أبي

عبد اللّه عليه السلام قال: ليس علي البقول و لا علي البطيخ و أشباهه زكاة الا ما اجتمع عندك من غلته فبقي عندك سنة «5».

و منها: غيرها مما ورد في الباب 11 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه من الوسائل.

(1) ادعي عليه الاجماع و تدل علي الوجوب جملة من النصوص منها: ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق قال سأله سعيد الاعرج و أنا أسمع فقال: انا نكبس الزيت و السمن نطلب به التجارة فربما مكث عندنا السنة و السنتين هل عليه زكاة؟ قال:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 357

______________________________

ان كنت تربح فيه شيئا أو تجد رأس مالك فعليك زكاته و ان كنت انما تربص به لأنك لا تجد الا وضيعة فليس عليك زكاة حتي يصير ذهبا أو فضة فاذا صار ذهبا أو فضة فزكه للسنة التي اتجرت فيها «1».

و منها: ما رواه أيضا قال: سأل سعيد الا عرج السمان أبا عبد اللّه و ذكر مثله الا أنه قال: السنتين و السنين ان كنت تربح منه أو يجي ء منه رأس ماله فعليك زكاته و قال في آخره فزكه للسنة التي يخرج فيها «2».

و منها ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري متاعا فكسد عليه متاعه و قد زكي ماله قبل أن يشتري المتاع متي يزكيه؟

فقال: ان كان أمسك متاعه يبتغي به رأس ماله فليس عليه زكاة و ان كان حبسه بعد ما يجد رأس ماله فعليه الزكاة بعد ما أمسكه بعد رأس المال قال و

سألته عن الرجل توضع عنده الاموال يعمل بها فقال: اذا حال عليه الحول فليزكها «3».

و منها ما رواه أبو الربيع الشامي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري متاعا فكسد عليه متاعه و قد كان زكي ماله قبل أن يشتري به هل عليه زكاة أو حتي يبيعه؟ فقال: ان كان أمسكه التماس الفضل علي رأس المال فعليه الزكاة «4».

و منها: ما رواه خالد بن الحجاج الكرخي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الزكاة فقال: ما كان من تجارة في يدك فيها فضل ليس يمنعك من بيعها الا لتزداد فضلا علي فضلك فزكه و ما كانت من تجارة في يدك فيها نقصان فذلك شي ء

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 358

______________________________

آخر «1».

و منها غيرها من الروايات الواردة في الباب 14 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه من الوسائل.

و تدل علي عدمها أيضا طائفة اخري من النصوص: منها: ما رواه زرارة قال:

كنت قاعدا عند أبي جعفر عليه السلام و ليس عنده غير ابنه جعفر عليه السلام فقال:

يا زرارة ان أبا ذر و عثمان تنازعا علي عهد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فقال عثمان: كل مال من ذهب أو فضة يدار به و يعمل به و يتجر به ففيه الزكاة اذا حال عليه الحول فقال أبو ذر أما ما يتجر به أو دير و عمل به فليس فيه زكاة انما الزكاة فيه اذا كان ركازا أو كنزا موضوعا فاذا حال عليه

الحول ففيه الزكاه فاختصما في ذلك الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم قال: فقال: القول ما قال أبو ذر فقال أبو عبد اللّه عليه السلام لأبيه: ما تريد الا أن يخرج مثل هذا فيكف الناس أن يعطوا فقرائهم و مساكينهم فقال أبوه: إليك عني لا اجد منها بدا «2».

و منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل كان له مال كثير فاشتري به متاعا ثم وضعه فقال: هذا متاع موضوع فاذا أحببت بعته فيرجع الي رأس مالي و أفضل منه هل عليه فيه صدقة و هو متاع؟ قال: لا حتي تبيعه قال: فهل يؤدي عنه ان باعه لما مضي اذا كان متاعا؟ قال: لا «3».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام انه قال: الزكاة علي المال الصامت الذي يحول عليه الحول و لم يحركه «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 14 من ابواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 359

______________________________

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السلام: الرجل يشتري الوضيعة يثبتها عنده لتزيد و هو يريد بيعها أعلي ثمنها زكاة؟ قال: حتي يبيعها قلت فان باعها أ يزكي ثمنها؟ قال: لا حتي يحول عليها الحول و هو في يده «1».

و منها غيرها المذكور في الوسائل في الباب 14 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه. و يدل علي عدمها أيضا ما يدل علي حصر الزكاة في التسعة المتقدمة و قد جمعوا بين المتعارضين بحمل ما يدل

علي الوجوب علي الاستحباب.

و صاحب الحدائق «2» استشكل في هذا الجمع بدعوي انه ليس عليه دليل و نفي البعد عن حمل الاخبار الدالة علي الوجوب علي التقية حيث ان الوجوب مذهب أبي حنيفة و الشافعي و أحمد

و استدل في مصباح الهدي «3» علي المدعي بأن أصل الرجحان اجماعي فيؤخذ به و ينفي الوجوب بالنصوص الدالة علي عدم الوجوب. و فيه انه ليس اجماعا تعبد يا كاشفا في قبال النصوص و النصوص الواردة في المقام متعارضة فلا بد من علاج التعارض.

و صاحب الوافي «4» مال الي حمل الاخبار الدالة علي الوجوب علي التقية و قال بعد نقل الاخبار: «بيان: في هذه الاخبار ما يشعر بأن الاخبار الاولة انما وردت للتقية الا ان صاحب التهذيبين و جماعة من الاصحاب حملوها علي الاستحباب».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الحدائق ج 12 ص: 149

(3) مصباح الهدي ج 9 ص: 338

(4) الوافي الجزء: 6 من ج 2 ص: 16 كتاب الزكاة

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 360

و في الخيل الاناث دون الذكور و دون الحمير و البغال (1).

[و الكلام في التسعة الأول يقع في مباحث]
اشارة

و الكلام في التسعة الاول يقع في مباحث:

[المبحث الأول: الأنعام الثلاثة و شرائط وجوبها- مضافا إلي الشرائط العامة المتقدمة أربعة]
اشارة

المبحث الاول:

الانعام الثلاثة و شرائط وجوبها- مضافا الي الشرائط العامة المتقدمة- أربعة

[الشرط الأول: النصاب]
اشارة

الشرط الاول: النصاب

[في الإبل اثني عشر نصابا]
اشارة

في الابل اثني عشر نصابا الاول: خمس و فيها شاة ثم عشر و فيها شاتان ثم خمس عشرة و فيها ثلاث شياه ثم عشرون و فيها اربع شياه ثم خمس و عشرون و فيها خمس شياه ثم ست

______________________________

(1) لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: هل في البغال شي ء؟ فقال: لا و قلت: فكيف صار علي الخيل و لم يصر علي البغال؟ فقال: لان البغال لا تلقح و الخيل الاناث ينتجن و ليس علي الخيل الذكور شي ء قال: قلت:

فما في الحمير؟ قال: ليس فيها شي ء قال: قلت: هل علي الفرس أو البعير يكون للرجل يركبهما شي ء؟ فقال: لا ليس علي ما يعلف شي ء انما الصدقة علي السائمة المرسلة في مرجها عامها الذي يقتنيها فيه الرجل فأما ما سوي ذلك فليس فيه شي ء «1».

و بهذه الرواية ترفع اليد عن اطلاق حديث محمد بن مسلم و زرارة عنهما عليهما السلام جميعا قالا: وضع أمير المؤمنين عليه السلام علي الخيل العتاق الراعية في كل عام دينارين و جعل علي البرازين دينارا «2».

و يقيد تلك الرواية بهذه الرواية و يفصل في الخيل بين الاناث و الذكور و ترفع اليد عن ظهور الحديث في الوجوب بالتسالم القطعي علي عدمه فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من ابواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 361

و عشرون و فيها بنت مخاض و هي الداخلة في السنة الثانية (1) ثم ست و ثلاثون و فيها بنت لبون و هي الداخلة في السنة الثالثة (2) ثم ست و أربعون و فيها حقة و هي الداخلة في السنة

الرابعة (3) ثم احدي و ستون و فيها جذعة و هي الداخلة في السنة الخامسة (4) ثم ست و سبعون و فيها بنتا لبون ثم احدي و تسعون و فيها حقتان ثم مأئة و احدي و عشرون و فيها في كل خمسين حقة و في كل أربعين بنت لبون (5).

______________________________

(1) قال في مجمع البحرين في مادة مخض: «و منه قيل للفصيل اذا استكمل الحول و دخل في الثانية ابن مخاض لأن امه لحقت بالمخض أي الحوامل و ان لم تكن حاملا».

(2) قال في مجمع البحرين في مادة «لبن»: «و ابن اللبون ولد الناقة استكمل السنة الثانية و دخل في الثالثة و الانثي بنت لبون سمي بذلك لان امه ولدت غيره فصار لها لبن و جمع الذكور كالأناث بنات لبون».

(3) قال في مجمع البحرين في مادة «حقق» «و الحق بالكسر ما كان من الابل ابن ثلاث سنين و دخل الرابعة و جمعها حقق مثل سدرة و سدر و الانثي حقة و هي دون الجذعة بسنة و سمي الحق حقا لاستحقاقه أن يحمل عليه و أن ينتفع به».

(4) كما صرح به في المجمع و تقدم كلامه آنفا.

(5) ادعي عليه اجماع الاصحاب بل ادعي اجماع المسلمين عليه و يدل علي المدعي ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ليس فيما دون الخمس من الابل شي ء فاذا كانت خمسا ففيها شاة الي عشرة فاذا كانت عشرا ففيها (فاذا بلغت عشرا ففيها) شاتان فاذا بلغت خمسة عشر ففيها ثلاث من الغنم فاذا بلغت عشرين ففيها أربع من الغنم فاذا بلغت خمسا و عشرين ففيها خمس من الغنم فاذا زادت

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 362

______________________________

واحدة ففيها ابنة مخاض الي

خمس و ثلاثين فان لم يكن عنده ابنة مخاض فابن لبون ذكر فان زادت علي خمس و ثلاثين بواحدة ففيها بنت لبون الي خمس و أربعين فان زادت واحدة ففيها حقة و انما سميت حقة لأنها استحقت أن يركب ظهرها الي ستين فان زادت واحدة ففيها جذعة الي خمس و سبعين فان زادت واحدة ففيها ابنتا لبون الي تسعين فان زادت واحدة فحقتان الي عشرين و مأئة فان زادت علي العشرين و المائة واحدة ففي كل خمسين حقة و كل أربعين ابنة لبون «1».

و لا ينافيه ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الزكاة فقال: ليس فيما دون الخمس من الابل شي ء فاذا كانت خمسا ففيها شاة الي عشر فاذا كانت عشرا ففيها شاتان الي خمس عشرة فاذا كانت خمس عشرة ففيها ثلاث من الغنم الي عشرين ففيها أربع من الغنم الي خمس و عشرين فاذا كانت خمسا و عشرين ففيها خمس من الغنم فان (فاذا) زادت واحدة ففيها ابنة مخاض الي خمس و ثلاثين فان لم يكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر فاذا زادت واحدة علي خمس و ثلاثين ففيها ابنة لبون انثي الي خمس و أربعين فاذا زادت واحدة ففيها حقة الي ستين فاذا زادت واحدة ففيها جذعة الي خمس و سبعين فاذا زادت واحدة ففيها بنتا لبون الي تسعين فاذا زادت ففيها حقتان الي عشرين و مائة فاذا كثرت الابل ففي كل خمسين حقة الحديث «2».

و ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: في خمس قلائص شاة و ليس فيما دون الخمس شي ء و في عشر شاتان و في خمس

عشرة ثلاث شياة و في عشرين أربع و في خمس و عشرين خمس و في ست و عشرين بنت مخاض

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 363

______________________________

الي خمس و ثلاثين.

و قال عبد الرحمن: هذا فرق بيننا و بين الناس فاذا زادت واحدة ففيها بنت لبون الي خمس و أربعين فاذا زادت واحدة ففيها حقة الي ستين فاذا زادت واحدة ففيها جذعة الي خمس و سبعين فاذا زادت واحدة ففيها بنت لبون الي تسعين فاذا كثرت الابل ففي كل خمسين حقة «1».

اذ يمكن الجمع بين النصوص بحمل الطائفة المطلقة علي الطائفة المقيدة و عن بعض: انه اسقط النصاب السادس و يمكن استناده الي حديث الفضلاء علي طبق نقل الكليني عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا في صدقة الابل: في كل خمس شاة الي أن تبلغ خمسا و عشرين فاذا بلغت ذلك ففيها ابنة مخاض ثم ليس فيها شي ء حتي تبلغ خمسا و ثلاثين فاذا بلغت خمسا و ثلاثين ففيها ابنة لبون ثم ليس فيها شي ء حتي تبلغ خمسا و اربعين فاذا بلغت خمسا و اربعين ففيها حقة طروقة الفحل ثم ليس فيها شي ء حتي تبلغ ستين فاذا بلغت ستين ففيها جذعة ثم ليس فيها شي ء حتي تبلغ خمسا و سبعين فاذا بلغت خمسا و سبعين ففيها ابنتا لبون ثم ليس فيها شي ء حتي تبلغ تسعين فاذا بلغت تسعين ففيها حقتان طروقتا الفحل ثم ليس فيها شي ء حتي تبلغ عشرين و مأئة فاذا بلغت عشرين و مأئة ففيها حقتان طروقتا الفحل فاذا زادت واحدة علي عشرين و مأئة ففي كل خمسين حقة

و في كل أربعين ابنة لبون ثم ترجع الابل علي أسنانها و ليس علي النيف شي ء و لا علي الكسور شي ء الحديث «2».

و لكن الحديث علي حسب نقل الصدوق يوافق مع غيره و لا تعارض قال في الوسائل و رواه الصدوق في معاني الاخبار عن أبيه عن سعد بن عبد اللّه عن ابراهيم بن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 364

فان كان العدد مطابقا للأربعين بحيث اذا حسب بالاربعين لم تكن زيادة و لا نقيصة عمل علي الاربعين كالمائة و الستين و اذا كان مطابقا للخمسين بالمعني المتقدم عمل علي خمسين كالمائة و الخمسين و ان كان مطابقا لكل منهما كالمائتين تخير المالك بين العد بالاربعين و الخمسين و ان كان مطابقا لهما معا كالمائتين و الستين عمل عليهما معا فيحسب خمسينين و أربع اربعينات و علي هذا لا عفو الا فيما دون العشرة (1).

______________________________

هاشم عن حماد بن عيسي مثله الا أنه قال- علي ما في بعض النسخ الصحيحة-:

فاذا بلغت خمسا و عشرين فاذا زادت واحدة ففيها بنت مخاض الي أن قال: فاذا بلغت خمسا و ثلاثين فان زادت واحدة ففيها ابنة لبون ثم قال: اذا بلغت خمسا و اربعين و زادت واحدة ففيها حقة ثم قال: فاذا بلغت ستين و زادت واحدة ففيهما جذعة ثم قال: فاذا بلغت خمسة و سبعين و زادت واحدة ففيها بنتا لبون ثم قال: اذا بلغت ستين و زادت واحدة ففيها حقتان و ذكر بقية الحديث مثله «1».

(1) قال في المستمسك في هذا المقام: «المحكي عن فوائد القواعد و مجمع البرهان و المدارك و غيرها: انه اذا تجاوز عدد الابل المائة و العشرين

تخير المالك بين الحساب بالاربعين و دفع بنت لبون عن كل أربعين و الحساب بالخمسين و دفع حقة عن كل خمسين من دون فرق بين استيفاء العدد بالاربعين فقط كالمائة و الستين المساوي لأربع أربعينات و بالخمسين فقط كالمائة و الخمسين المنقسم الي ثلاث خمسينات و بهما معا كالمائة و الاربعين المنقسم الي أربعين و خمسينين و بكل واحد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 365

______________________________

منهما كالمائتين المنقسم الي خمس اربعينات و أربع خمسينات.

و نسب ذلك الي كل من أطلق قوله: «اذا بلغت مأئة واحدي و عشرين ففي كل أربعين بنت لبون و في كل خمسين حقّة» الي أن قال: «و عن المحقق و الشهيد الثانيين وجوب الحساب بما يستوفي به العدد فيتعين الحساب بالاربعين في المائة و الستين و بالخمسين في المائة و الخمسين و بهما في المائة و السبعين و مع الاستيع اب بهما يتخير كما في المائتين و نسب ذلك الي المبسوط و الخلاف و الوسيلة و السرائر و التذكرة و غيرها» انتهي موضوع الحاجة من كلامه.

و لا يخفي ان الظاهر ان المراد من قولهم و مع الاستيعاب بهما هو الاستيعاب بكل منهما و كيف كان استدل للقول الثاني بأنه مراعاة لحق الفقراء.

و أورد فيه: بأنه اي دليل دل علي وجوب هذه الرعاية. و استدل علي القول الاول بأن المذكور في حديثي زرارة و الفضلاء «1»: «ففي كل خمسين حقة و في كل أربعين بنت لبون» بتقريب: انه لو كان الاستيعاب واجبا و كان الاقتصار علي العدد المستوعب لازما لتعين الاقتصار علي ذكر الاربعين فقط اذ المائة و الاحدي و العشرون علي هذا القول يتعين عدها بالاربعين فقط.

و أظهر من ذلك

الاقتصار علي الخمسين في حديثي عبد الرحمن و أبي بصير «2» اذ لا وجه له الا كونه احدي فردي التخيير. و اورد في هذا الاستدلال بأن ذكر الاربعين و الخمسين في الحديثين الاولين ليس حكما لخصوص المائة و الاحدي و العشرين كي يتم هذا الاستدلال المذكور و انما كان حكما لما زاد علي المائة و العشرين مطلقا و المائة و الاحدي و العشرون احد أفراده فلا ينافيه تعين حسابها

______________________________

(1) لاحظ ص: 361 و 363

(2) لاحظ ص: 362

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 366

______________________________

بالاربعين كما لا ينافيه تعين حساب المائة و الخمسين بالخمسين التي هي من أفراده.

ان قلت: ان المائة و الاحدي و العشرين مورد للحكم العام و لا يجوز تخصيص المورد. قلت: ان الواحدة فوق العشرين مأخوذة لا بشرط فيكون الموضوع كليا صادقا علي المرتبة المذكورة و غيرها من المراتب لا مأخوذة بشرط لا حتي يتم ما ذكر و الا، لم يكن الحكم عاما لها و لغيرها كما هو ظاهر.

و أما الاقتصار علي الخمسين في الحديثين الاخيرين فلا مجال للأخذ بظاهره المقتضي للتعين فانه خلاف النص و الفتوي فلا بد من التصرف فيه اما بالعمل علي التخيير أو بالحمل علي خصوص صورة توقف الاستيعاب علي العد بالخمسين.

و لا مجال لتوهم تعين الاول بدعوي: ان الحمل علي الثاني يوجب خروج المورد عن تحت الدليل فان هذا التوهم فاسد اذ قلنا ان موضوع الدليل كلي الزائد علي المائة و العشرين لا خصوص المائة و الاحدي و العشرين.

و استدل للقول بلزوم الاستيعاب بأن العد علي طبق ما لا يستوعب يلزم منه طرح دليل الاخر بلا مقتض ففي المائة و الاحدي و العشرين اذا عمل علي حساب خمسين يلزم منه

طرح ما دل علي وجوب بنت لبون في كل أربعين فان ذلك الدليل يقتضي أن يكون في العشرين الزائدة علي المائة منضمة الي عشرين من المائة بنت لبون و العمل بالخمسين يقتضي أن لا يكون فيها شي ء و تكون عفوا بخلاف ما لو عمل بالمستوعب فانه لا يلزم منه طرح دليل الاخر اذ لو عمل بالاربعين في المثال المذكور و قسم العدد المفروض الي ثلاث أربعينات و اعطي عنها ثلاث بنت لبون لم يبق مورد للخمسين فيجب الاستيعاب.

و يرد عليه: ان طرح الدليل فيما يكون موضوعه محققا و مع ذلك لا يعمل علي طبق دليله مثلا في المائة و الاربعين لو بني علي العد بالخمسين فقط بقي بعد عد

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 367

______________________________

خمسين أربعون فلو لم يدفع عنها بنت لبون يلزم طرح دليل وجوب بنت لبون في كل أربعين و أما في مثل المائة و الستين لا يلزم الاشكال المذكور اذ الزائد علي ثلاث خمسينات عشرة و هي ليست موضوعا للحكم.

و استدل للقول بوجوب الاستيعاب أيضا بأن حمل الواو علي التخيير خلاف الظاهر اذ لو كان التخيير مرادا لقيل. (في كل خمسين حقة أو في كل أربعين بنت لبون).

و اورد عليه: ان الحمل علي التخيير ليس من جهة حمل الواو عليه لان الواو في المقام معناه الجمع علي كل حال فان الاربعين فريضتها بنت لبون و الخمسين فريضتها حقة و انما الكلام في أن المالك هل يكون مخيرا بين الامرين علي الاطلاق أو أن الواجب عليه رعاية الاستيعاب.

و استدل عليه أيضا ان سكوت الامام عن التعرض لهذه الجهة و عدم بيان كيفية الحساب مع كونه في مقام البيان يقتضي ايكال ذلك الي حال العدد

المملوك نفسه فان النحو المذكور أقرب عرفا من الحمل علي ايكال الامر الي اختيار المكلف.

و لكن الانصاف ان الجزم به مشكل و ما ذهب اليه المشهور و هو القول الاول غير بعيد و مقتضي اصل البراءة عدم وجوب الاستيعاب. الا أن يقال: ان المجعول الاولي في لسان الدليل ليس هو الحكم التكليفي بل المجعول الاولي هو الحكم الوضعي و يترتب عليه الحكم التكليفي.

و بعبارة اخري: الحكم الاولي مجعول علي عدد الحيوان بلا توجيه خطاب الي المكلف فلا بد من ملاحظة ان المستفاد من الدليل ما هو؟ و حيث ان المجعول علي كل خمسين حقة و علي كل أربعين بنت لبون تكون النتيجة هو القول الثاني.

و ان شئت قلت: ان المستفاد من الدليل ابتداء و في اعتبار الشارع انه اذا تحقق

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 368

[مسألة 11: إذا لم يكن عنده بنت مخاض أجزأ عنها ابن لبون]

(مسألة 11): اذا لم يكن عنده بنت مخاض أجزأ عنها ابن لبون (1) و اذا لم يكن عنده تخير في شراء ايهما شاء (2).

[مسألة 12: في البقر نصابان]

(مسألة 12): في البقر نصابان (3) الاول: ثلاثون و فيها تبيع أو تبيعة (4).

______________________________

عدد الاربعين فحكمه كذا و اذا تحقق عدد الخمسين فحكمه كذا و في المائة و العشرين يصح أن يقال: ان المتحقق في الخارج ثلاث أربعينات فلا وجه لإلغاء العشرين و ملاحظة خمسينين فلاحظ.

(1) كما صرح به في حديثي زرارة و أبي بصير.

(2) بتقريب انه بعد الاشتراء يصدق انه واجد لابن لبون و ليس واجدا لبنت مخاض.

(3) ادعي عليه عدم خلاف ظاهر و يدل علي المدعي حديث الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا في البقر في كل ثلاثين بقرة تبيع حولي و ليس في أقل من ذلك شي ء و في أربعين بقرة مسنة و ليس فيما بين الثلاثين الي الاربعين شي ء حتي تبلغ أربعين فاذا بلغت أربعين ففيها بقرة مسنة و ليس فيما بين الاربعين الي الستين شي ء فاذا بلغت ستين ففيها تبيعان الي السبعين فاذا بلغت السبعين ففيها تبيع و مسنة الي الثمانين فاذا بلغت ثمانين ففي كل أربعين مسنة الي تسعين فاذا بلغت تسعين ففيها ثلاث تبايع حوليات فاذا بلغت عشرين و مأئة ففي كل أربعين مسنة ثم ترجع البقر علي أسنانها و ليس علي النيف شي ء و لا علي الكسور شي ء الحديث «1».

(4) الظاهر انه المشهور بين الاصحاب و عن ظاهر جماعة: «انه اجماعي».

و عن المنتهي: «انه لا خلاف في اجزاء التبيعة عن الثلاثين للأحاديث و لأنها

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب زكاة الانعام

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 369

______________________________

أفضل» و نقل

عن بعض: «انه يجب الاقتصار علي التبيع».

و يمكن أن يكون الوجه فيه الاقتصار عليه في الحديث المذكور المتقدم ذكره و الذي ذكر في تقريب القول الاول وجوه:

الوجه الاول: ان التبيعة أولي من التبيع لكونها أكثر نفعا بالدر و النسل و فيه ان الحكم الشرعي أمر تعبدي و لا بد فيه من الاقتصار علي مقدار دلالة الدليل.

الوجه الثاني: ان التبيع في اللغة عبارة عن ولد البقر يطلق علي الذكر و الانثي- كما يظهر من نهاية ابن اثير- و فيه: انه: و لو سلم ذلك لكن يدفع ارادة الاعم منه بالتوصيف بالحولي الذي يطلق علي المذكر و أن المؤنث منه الحولية.

الوجه الثالث: ما رواه المحقق في المعتبر حيث قال: و من طريق الاصحاب ما رواه زرارة و محمد بن مسلم و أبو بصير و الفضيل و بريد عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه (عليهما السلام) قالا في البقر في كل ثلاثين تبيع أو تبيعة و ليس في أقل من ذلك شي ء ثم ليس فيها شي ء حتي تبلغ أربعين ففيها مسنة ثم ليس فيها شي ء حتي تبلغ ستين ففيها تبيعان أو تبيعتان ثم في سبعين تبيع أو تبيعة و مسنة ثم في ثمانين مسنتان و في تسعين ثلاث تبايع «1».

فان المستفاد من هذه الرواية التخيير بين الذكر و الانثي. و يرد عليه: ان هذه الرواية لا اعتبار بها و قال في الحدائق بعد نقل الرواية عن المعتبر: «و هذ الرواية أيضا مثل الاولي التي نقلنا عنه في نصاب الابل لم يتعرض لها احد من المحدثين في كتب الاخبار و لا الاصحاب في كتب الاستدلال و هو عجيب في المقام سيما مع خلو

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص: 56

مباني

منهاج الصالحين، ج 6، ص: 370

______________________________

ما ذهبوا اليه في المسألة من الدليل و دلالة هذه الرواية عليه» انتهي.

الوجه الرابع: ما نقله الشيخ في الخلاف «1» من الحديث العامي الذي صرح فيه بالتخيير بين التبيع و التبيعة و قال في المسألة (16): «اذا بلغت البقر مأئة و عشرين كان فيها ثلاث مسنات أو أربع تبايع مخير في ذلك» الي أن قال:

«دليلنا اجماع الفرقة و الاخبار المروية في هذا المعني ان في كل ثلاثين تبيعا أو تبيعة و في كل أربعين مسنة». الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و من الظاهر انه لا يترتب علي مثل هذا الخبر أثر شرعي لعدم اعتباره بحسب الصناعة.

الوجه الخامس: ما رواه الا عمش قال عليه السلام: «و تجب علي البقر الزكاة اذا بلغت ثلاثين بقرة تبيعة حولية» «2».

و تقريب الاستدلال بالرواية جعل قوله عليه السلام: «بقرة تبيعة حولية» فاعلا لقوله: «تجب» فيتم الاستدلال بالرواية علي المدعي.

و يرد عليه ان قوله ذلك تميز لقوله: «ثلاثين» و الشاهد عليه انه عليه السلام فرع عليه بقوله: ذلك «فيكون فيها تبيع حولي» فالرواية دالة علي خلاف المدعي مضافا الي ضعفها سندا بضعف اسناد الصدوق الي الا عمش.

الوجه السادس: ان في حديث الفضلاء علي رواية الشيخ و الكليني قدس سرهما قال عليه السلام: «فاذا بلغت تسعين ففيها ثلاث تبايع حوليات» مع انه عليه السلام قال في المرتبة الاولي: «في كل ثلاثين بقرة تبيع حولي».

و عن الصحاح: «ان كل ذي حافر اول سنته حولي و الانثي حولية و الجمع

______________________________

(1) الخلاف ج 1 ص: 356

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 371

و هو ما دخل في السنة الثانية

(1) ثم أربعون و فيها مسنة (2) و هي الداخلة في السنة الثالثة (3).

______________________________

حوليات فوجوب ثلاث تبيعات في التسعين مع ذكر التبيع في ثلاثين يدل علي التخيير بينهما و قد اكنفي باحد فردي التخيير في الثلاثين و بالاخر في التسعين و لعل هذا المقدار كاف في الالتزام بالحكم الشرعي فتأمل.

(1) قال في المستمسك في هذا المقام في شرح قول السيد اليزدي قدس سره: «كما عن جماعة من العلماء بل نسب الي الاصحاب» «1» انتهي.

و يمكن الاستدلال بما في حديث الفضلاء «2» من قوله عليه السلام «تبيع حولي» بمعونة ما عن الصحاح: «ان التبيع ولد الحافر في السنة الاولي التي لا يكمل الا بالدخول في السنة الثانية» و لنا أن نقول: ان الواجب علينا اعطاء التبيع و صدق هذا العنوان قبل دخول الحيوان في السنة الثانية مشكوك فيه و بمقتضي الاستصحاب نحكم عليه بعدم الصدق فلا يجزئ.

و قد ذكرنا مرارا انه لا مانع من جريان الاستصحاب فيما يكون منشأ الشك الاشتباه في المفهوم و أما ما عن الجواهر من استدلاله علي المدعي بحديث ابن حمران الدال علي أن التبيع ما دخل في الثانية، ففيه: ان الحديث المذكور ليس في كتب الحديث.

(2) كما نص بها في حديث الفضلاء قال عليه السلام فيه: «فاذا بلغت أربعين ففيها بقرة مسنة «3».

(3) قال في المستمسك: «كما نسب الي العلماء و ذكره غير واحد مرسلين

______________________________

(1) مستمسك العروة ج 9 ص 72

(2) لاحظ ص: 368

(3) لاحظ ص: 368

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 372

و فيما زاد علي هذا الحساب (1) و يتعين العد بالمطابق الذي لا عفو فيه (2) فان طابق الثلاثين لا غير كالستين عد بها (3) و ان طابق الاربعين لا

غير كالثمانين عد بها (4) و ان طابقهما كالسبعين عد بهما معا (5) و ان طابق كلا منهما كالمائة و العشرين يتخير بين العد بالثلاثين و بالاربعين (6).

______________________________

له ارسال المسلمات من دون نقل خلاف و عن العلامة في المنتهي دعوي الاجماع علي أن المراد بالمسنة ما كمل له سنتان و دخلت في الثالثة.

و عن الازهري: «أن البقرة و الشاة يقع عليها اسم المسن و ليس معني أسنانها كبرها كالرجل المسن و لكن معناه طلوع سنها في السنة الثالثة». و لعل هذا المقدار كاف في اثبات المدعي مضافا الي الاستصحاب بالتقريب المتقدم ذكره.

و قال في الوسائل في ذيل حديث الفضلاء: «اقول: التبيع هو الذي دخل في الثانية و المسنة هي التي دخلت في الثالثة ذكر ذلك جماعة من العلماء» الي آخر كلامه.

(1) كما هو المستفاد من حديث الفضلاء.

(2) كما يدل عليه الحديث بوضوح فلاحظ.

(3) لاحظ قوله عليه السلام في الحديث: «فاذا بلغت ستين ففيها تبيعان».

(4) لاحظ قوله عليه السلام في الحديث «فاذا بلغت ثمانين ففي كل أربعين مسنة».

(5) لاحظ قوله عليه السلام في الحديث: «فاذا بلغت السبعين ففيها تبيع و مسنة».

(6) لاحظ قوله عليه السلام في الحديث: «فاذا بلغت عشرين و مأئة ففي كل أربعين مسنة». و الاقتصار علي ثلاث مسنات في الخبر كأنه لأجل كونها احد

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 373

و ما بين الاربعين و الستين عفو (1) و كذا ما دون الثلاثين (2) و ما زاد علي النصاب من الآحاد الي التسعة (3).

[مسألة 13: في الغنم خمسة نصب]

(مسألة 13): في الغنم خمسة نصب (4).

______________________________

فردي التخيير.

(1) كما صرح به في الخبر: «و ليس ما بين الثلاثين الي الاربعين شي ء».

(2) كما صرح به عليه السلام بقوله: «و ليس في أقل

من ذلك شي ء».

(3) و قد دل عليه قوله عليه السلام في الخبر «و ليس علي النيف شي ء» ثم اعلم ان مقتضي القاعدة عدم وجوب الزكاة علي الكسور لعدم صدق موضوع الوجوب مضافا الي أنه قد صرح به في الحديث بقوله عليه السلام: «و لا علي الكسور شي ء» فلاحظ.

(4) و هو المشهور فيما بين القوم بل ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام (في الشاة) في كل أربعين شاة شاة و ليس فيما دون الاربعين شي ء ثم ليس فيها شي ء حتي تبلغ عشرين و مأئة فاذا بلغت عشرين و مأئة ففيها مثل ذلك شاة واحدة فاذا زادت علي مأئة و عشرين ففيها شاتان و ليس فيها أكثر من شاتين حتي تبلغ مأتين فاذا بلغت المائتين ففيها مثل ذلك فاذا زادت علي المائتين شاة واحدة ففيها ثلاث شياة ثم ليس فيها شي ء أكثر من ذلك حتي تبلغ ثلاثمائة فاذا بلغت ثلاثمائة ففيها مثل ذلك ثلاث شياة فاذا زادت واحدة ففيها أربع شياة حتي تبلغ أربعمائة فاذا تمت أربعمائة كان علي كل مأئة شاة و سقط الامر الاول و ليس علي ما دون المائة بعد ذلك شي ء و ليس في النيف شي ء و قالا: ما لم يحل عليه الحول عند ربه فلا شي ء عليه فاذا حال عليه الحول وجب عليه «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 374

أربعون و فيها شاة (1) ثم مأئة واحدي و عشرون و فيها شاتان (2) ثم مائتان و واحدة و فيها ثلاث شياة (3) ثم ثلاثمائة و واحدة و فيها أربع شياة (4)

ثم أربعمائة ففي كل مأئة شاة (5) بالغا ما بلغ (6) و لا شي ء فيما نقص عن النصاب الاول (7) و لا فيما بين النصابين (8).

[مسألة 14: الجاموس و البقر جنس واحد]

(مسألة 14): الجاموس و البقر جنس واحد (9) و لا فرق في

______________________________

(1) كما دل عليه قوله عليه السلام في الرواية «في كل أربعين شاة شاة».

(2) لاحظ قوله عليه السلام في الحديث: «فاذا زادت علي مأئة و عشرين ففيها شاتان» الي آخره.

(3) كما دل عليه قوله عليه السلام: «فاذا زادت علي المائتين شاة واحدة ففيها ثلاث شياة».

(4) كما دل عليه قوله عليه السلام: «فاذا زادت واحدة ففيها أربع شياة».

(5) كما دل عليه قوله عليه السلام: «فاذا تمت أربعمائة كان علي كل مأئة شاة».

(6) كما هو مقتضي الاطلاق.

(7) كما دل عليه بالصراحة قوله عليه السلام: «و ليس فيما دون الاربعين شي ء».

(8) كما هو مقتضي الاصل بل صرح به في الحديث فلاحظ.

(9) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: في الجواميس شي ء؟ قال: مثل ما في البقر «1» اضف الي ذلك انه لو سلم صدق البقر علي الجاموس يكفي للمدعي اطلاق الدليل قال في المنجد «الجاموس ضرب من كبار البقر».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب زكاة الانعام

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 375

الابل بين العراب و البخاتي (1) و لا في الغنم بين المعز و الضأن (2) و لا بين الذكر و الانثي في الجميع (3).

[مسألة 15: المال المشترك اذا بلغ نصيب كل واحد منهم النصاب وجبت الزكاة علي كل منهم]

(مسألة 15): المال المشترك اذا بلغ نصيب كل واحد منهم النصاب وجبت الزكاة علي كل منهم (4) و ان بلغ نصيب بعضهم النصاب دون بعض وجبت علي من بلغ نصيبه دون شريكه (5) و ان لم يبلغ نصيب واحد منهم النصاب لم تجب الزكاة و ان بلغ المجموع النصاب (6).

______________________________

(1) فانهما قسمان من الابل و اطلاق دليل وجوب الزكاة يقتضي اثبات المدعي من عدم الفرق و صرح بهذا

في الوسائل مضافا الي حديث الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام في حديث قال: قلت. فما في البخت السائمة شي ء؟

قال: مثل ما في الابل العربية «1».

(2) للإطلاق فان لفظ الشاة يطلق علي جميع ما ذكر بلا فرق بين الذكر و الانثي.

(3) للإطلاق.

(4) كما هو مقتضي القاعدة الاولية لتحقق موضوع الوجوب كما هو المفروض.

(5) و هذا ظاهر واضح فان الحكم يترتب علي موضوعه فمع تحققه يترتب و مع عدمه فلا يترتب.

(6) عن الجواهر أن الاجماع بقسميه عليه و يدل علي المدعي ما رواه زرارة «2».

و يمكن أن يكون قوله عليه السلام في حديث محمد بن قيس: «و لا يجمع بين متفرق» «3» ناظرا الي ما ذكر و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب زكاة الانعام

(2) لاحظ ص: 343

(3) الوسائل الباب 11 من ابواب زكاة الانعام الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 376

[مسألة 16: إذا كان مال المالك الواحد متفرقا بعضه عن بعض]

(مسألة 16): اذا كان مال المالك الواحد متفرقا بعضه عن بعض فان كان المجموع يبلغ النصاب وجبت فيه الزكاة و لا يلاحظ كل واحد علي حدة (1).

[مسألة 17: الأحوط وجوبا في الشاة التي تجب في نصب الإبل و الغنم أن يكمل لها سنة و تدخل في الثانية ان كانت من الضأن]

(مسألة 17): الاحوط وجوبا في الشاة التي تجب في نصب الابل و الغنم أن يكمل لها سنة و تدخل في الثانية ان كانت من الضأن أو يكمل لها سنتان و تدخل في الثالثة ان كانت من المعز (2).

______________________________

(1) كما هو ظاهر فان موضوع الزكاة محرز علي الفرض فيترتب عليه الحكم.

(2) و هذا هو المشهور و ما قيل في تقريبه أو يمكن أن يقال وجوه: الوجه الاول اصالة الاشتغال بتقريب: ان الذمة مشغولة و الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة كذلك و هي لا تحصل الا بما ذكر.

و فيه: اولا: انه لا تصل النوبة الي الاصل العملي مع وجود الدليل الاجتهادي و مقتضي اطلاق النصوص كفاية ما يصدق عليه عنوان الشاة بلا قيد. و ثانيا: انه علي فرض وصول النوبة الي الاصل تكون اصالة البراءة محكمة لا اصالة الاشتغال كما هو المقرر.

الوجه الثاني ما رواه سويد بن غفلة قال: أتانا مصدق رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم و قال: نهينا أن نأخذ المراضع و امرنا أن تأخذ الجذع من الضأن و الثنيّ من الماعز «1» و فيه: انه لا اعتبار بهذا النبوي سندا كما هو ظاهر.

الوجه الثالث: ما عن الغوالي مرسلا عن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله انه أمر عامله أن يأخذ الجذع من الضأن و الثنيّ من المعز قال: و وجد ذلك في كتاب

______________________________

(1) الخلاف ج 1 ص: 34 مسألة: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 377

و يتخير المالك بين دفعها من النصاب و غيره (1) و

من بلد آخر (2) كما

______________________________

علي عليه السلام «1». و فيه انه لا اعتبار بالمرسلات.

الوجه الرابع: ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام السخل متي تجب فيه الصدقة؟ قال: اذا أجذع «2».

بتقريب: ان قوله عليه السلام «اذا اجذع» محمول علي المقام للإجماع علي عدم اعتبار ذلك في حول الزكاة فتكون الرواية ناظرة الي مقام الاداء.

و فيه: انه لا دليل علي هذه الدعوي مضافا الي أن لازمه وجوب الجذع علي الاطلاق لا التفصيل فالحق كفاية الشاة علي الاطلاق بمقتضي اطلاق النص نعم لا اشكال في أن الاحتياط حسن سيما مع ذهاب المشهور الي هذا القول و اللّه العالم.

(1) ادعي عليه الاجماع من جملة من الاساطين و عن الجواهر: «انه يمكن تحصيل الاجماع عليه» و يتعرض الماتن في المسألة (46) ان تعلق الزكاة بالعين لا يكون علي وجه الاشاعة و لا علي نحو الكلي في المعين و لا علي نحو حق الرهانة و لا علي نحو حق الجناية بل علي نحو آخر و هو الشركة في المالية و مقتضي الشركة في المالية جواز دفع القيمة بالنقد الرائج كما أنه لا اشكال في دفعها بالنقد بمقتضي الدليل الخاص و أما دفعها بالجنس الذي لا يكون جزءا من النصاب فيتوقف علي قيام دليل عليه فان تم اجماع تعبدي كاشف فهو و الا يشكل الامر.

(2) المدرك في كلا المقامين واحد فان قلنا مقتضي الاطلاق جواز الدفع من غير النصاب يجوز الدفع من بلد آخر و ان لم نقل فلا يجوز علي الاطلاق الا أن يقال:

ان الجواز يحتاج الي الدليل.

و بعبارة اخري: مقتضي القاعدة الاولية عدم الجواز لكن الاجماع قام علي الجواز

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 15 ص:

130

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 378

يجوز دفع القيمه من النقدين (1).

______________________________

بالنسبة الي ما في البلد و أما بالنسبة الي بلد آخر فلا دليل عليه فلا يجوز و عن الشيخ اعتبار كون المدفوع من البلد بتقريب: ان المكية و العربية و النبطية مختلفة، و فيه:

انه ربما يحصل الاتفاق مضافا الي أنه لا دليل علي اعتبار الصفات فلاحظ.

(1) أما في الغلات و النقدين فيظهر من بعض الكلمات انه مورد الاتفاق ظاهرا و نقل عن جملة من الاساطين دعوي الاجماع عليه و يدل علي المدعي ما رواه محمد بن خالد البرقي قال: كتبت إلي أبي جعفر الثاني: هل يجوز أن اخرج عما يجب في الحرث من الحنطة أو الشعير و ما يجب علي الذهب دراهم قيمته ما يسوي أم لا يجوز الا أن يخرج من كل شي ء ما فيه؟ فاجاب: أيما تيسر يخرج «1» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن خالد.

و من النصوص الواردة في المقام ما رواه علي بن جعفر عليه السلام قال: سألت أبا الحسن موسي عليه السلام عن الرجل يعطي عن زكاته عن الدراهم دنانير و عن الدنانير دراهم بالقيمة أ يحل ذلك؟ قال: لا بأس به «2».

و المستفاد من هذه الرواية جواز دفع زكاة الدينار بالدرهم و بالعكس و لا تدل علي أزيد من هذا المقدار و مما استدل به علي المدعي ما رواه يونس بن يعقوب قال: قلت: لأبي عبد اللّه عليه السلام عيال المسلمين اعطيهم من الزكاة فأشتري لهم منها ثيابا و طعاما و أري أن ذلك خير لهم قال: فقال: لا بأس «3».

بتقريب: ان قول السائل: «فأشتري» تفسير لقوله: «اعطيهم» فيكون المراد

من الاعطاء البناء عليه لا الاعطاء الخارجي فالرواية علي هذا التقدير تدل علي المقصود.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 379

______________________________

و يرد عليه اولا: ان الرواية مخدوشة من حيث السند و أفاد السيد الحكيم قدس سره في هذا المقام: «الظاهر اعتبار الرواية اذ ليس فيها من يتأمل فيه الا محمد بن الوليد و الظاهر انه البجلي الثقة بملاحظة طبقته و روايته عن يونس» «1».

و يرد عليه ان الراوي عن يونس مشترك بين البجلي الثقة و غيره فالرواية سندا مخدوشة. و أما من حيث الدلالة فالظاهر الاشتراء بالزكاة الثياب و الطعام فعلي هذا يجوز للمالك أن يعين الزكاة في النقد و يتصرف فيه تصرفا اعتباريا و الحال أن الظاهر ان الاصحاب لا يلتزمون بجواز ذلك.

و بعبارة اخري: جواب الامام عليه السلام اما اذن خاص للسائل و أما بيان حكم شرعي عام أما علي الاول فلا يترتب عليه أثر لأنه اذن خاص في مورد مخصوص و أما علي الثاني فلازمه جواز التصرف في الزكاة و اشتراء شي ء منها بلا مراجعة ولي الامر و هل يمكن الالتزام به.

و يمكن أن يستدل علي المدعي بما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال:

سألت أبا الحسن الاول عليه السلام عن دين لي علي قوم قد طال حبسه عندهم لا يقدرون علي قضائه و هم مستوجبون للزكاة هل لي أن أدعه فأحتسب به عليهم من الزكاة؟ قال: نعم «2».

فان مقتضي اطلاق هذه الرواية جواز الاحتساب بالنقدين هذا من ناحية و من ناحية اخري نقول: أي فرق بين هذا المورد و بقية الموارد. و بعبارة اخري: لقائل

أن يقول: ان العرف يفهم ان احتساب الزكاة لا يلزم أن يكون بعين الجنس الزكوي بل يجوز الاحتساب بالنقدين بلا فرق بين مورد الدين كما هو المفروض و غيره فتأمل.

______________________________

(1) المستمسك ج 9 ص 84

(2) الوسائل الباب 46 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 380

و ما بحكمهما من الاثمان كالأوراق النقدية (1) و ان كان دفع العين

______________________________

و أما في الانعام فمضافا الي ما عن الخلاف من جوازه مستدلا عليه باجماع الفرقه و أخبارهم ان الدليل لو كان النص الوارد في الدين يثبت المدعي في المقام أيضا بمقتضي الاطلاق فانه لم يفصل في الرواية في جواز الاحتساب بين أقسام الزكاة فلاحظ.

(1) عن الخلاف و الغنية: «الاجماع عليه». و يمكن الاستدلال علي المدعي بحديث ابن الحجاج المتقدم ذكره آنفا فان مقتضي اطلاق الخبر عدم الفرق و يؤيد المدعي- ان لم يدل عليه- ما يدل علي الجبر لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث زكاة الابل قال: و كل من وجبت عليه جذعة و لم تكن عنده و كانت عنده حقة دفعها و دفع معها شاتين أو عشرين درهما و من وجبت عليه حقة و لم تكن عنده و كانت عنده جذعة دفعها و أخذ من المصدق شاتين أو عشرين درهما و من وجبت عليه حقة و لم تكن عنده و كانت عنده ابنة لبون دفعها و دفع معها شاتين أو عشرين درهما و من وجبت عليه ابنة لبون و لم تكن عنده و كانت عنده حقة دفعها و اعطاه المصدق شاتين أو عشرين درهما و من وجبت عليه ابنة لبون و لم يكن عنده و كانت عنده ابنة مخاض

دفعها و أعطي معها شاتين أو عشرين درهما و من وجبت عليه ابنة مخاض و لم تكن عنده و كانت عنده ابنة لبون دفعها و أعطاه المصدق شاتين أو عشرين درهما و من وجبت عليه ابنة مخاض و لم تكن عنده و كان عنده ابن لبون ذكر فانه يقبل منه ابن لبون و ليس يدفع معه شيئا «1» و ما عن علي عليه السلام «2».

و أما خبر سعيد بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت: أ يشتري الرجل من الزكاة الثياب و السويق و الدقيق و البطيخ و العنب فيقسمه؟ قال: لا يعطيهم الا

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من ابواب زكاة الانعام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 381

أفضل و أحوط (1).

[مسألة 18: المدار علي القيمة وقت الدفع لا وقت الوجوب]

(مسألة 18): المدار علي القيمة وقت الدفع (2) لا وقت الوجوب (3) و في كون الاعتبار بقيمة بلد الدفع او بلد النصاب اشكال و الاحوط دفع أعلي القيمتين (4).

______________________________

الدراهم كما أمر اللّه «1» فهو ضعيف سندا.

(1) أما كونه أفضل فلان الاحتياط حسن بلا اشكال و أما كونه أحوط فللخروج عن شبهة الخلاف فانه نقل عن المدارك الاشكال في الجواز و عن الكافي: انه لا يجوز التبديل الا بالدراهم و الدنانير و اللّه العالم.

(2) كما هو الظاهر من النصوص فان المستفاد منها ان اختيار الدفع من حيث اداء العين و القيمة بيد المالك فيكون المدار علي قيمة العين وقت الدفع- كما في المتن- و عن العلامة في التذكرة: انه لو ضمن الزكاة بالتقويم كان المناط وقت الضمان لكن الاشكال في مشروعية الضمان المذكور.

(3) و تقريب اعتبار وقت الوجوب ان الواجب حين الوجوب ما جعل مالية للشاة و حيث

لم يتعين في الدليل تحمل القيمة علي ذلك الوقت بمقتضي الاطلاق المقامي و فيه ان الظاهر من الدليل بل المستفاد منه نصا ان الواجب الشاة فلا بد من رعاية قيمتها حين الدفع.

(4) الذي يختلج بالبال انه ان قلنا بجواز الدفع من بلد آخر يجوز الاخراج بلحاظ قيمة بلد الاخراج اذ هو مخير بين اداء الجنس و القيمة فنلاحظ القيمة بحسب ذلك البلد الذي فيه و الاحتياط طريق النجاة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 382

[مسألة 19: إذا كان مالكا للنصاب لا أزيد كأربعين شاة مثلا]

(مسألة 19). اذا كان مالكا للنصاب لا أزيد كأربعين شاة مثلا فحال عليه أحوال فان أخرج زكاته كل سنة من غيره تكررت لعدم نقصانه حينئذ عن النصاب (1) و لو أخرجها منه أو لم يخرج أصلا لم تجب الا زكاة سنة واحدة لنقصانه حينئذ عنه (2) و لو كان عنده أزيد من النصاب كأن كان عنده خمسون شاة و حال عليه أحوال لم يؤد زكاتها وجب عليه الزكاة بمقدار ما مضي من السنين الي أن ينقص عن النصاب (3).

[مسألة 20: إذا كان جميع النصاب من الإناث يجزي دفع الذكر عن الأنثي و بالعكس]

(مسألة 20): اذا كان جميع النصاب من الاناث يجزي دفع الذكر عن الانثي و بالعكس و اذا كان كله من الضأن يجزي دفع المعز عن الضأن و بالعكس (4) و كذا الحال في البقر و الجاموس و البخاتي (5).

[مسألة 21: لا فرق بين الصحيح و المريض و السليم و المعيب و الشاب و الهرم في العد من النصاب]

(مسألة 21): لا فرق بين الصحيح و المريض و السليم و المعيب و الشاب و الهرم في العد من النصاب (6) نعم اذا كانت كلها صحيحة لا يجوز دفع المريض و كذا اذا كانت كلها سليمة لا يجوز دفع المعيب

______________________________

(1) لكن مبدأ الحول الثاني من حين الدفع لأنه زمان ملك النصاب تاما أما قبله فانه يملكه ناقصا كما لو لم يدفع الي مدة فلاحظ.

(2) الامر كما أفاده و الوجه فيه ظاهر كما اشار اليه الماتن.

(3) كما هو ظاهر لوجود الموضوع فيترتب عليه الحكم.

(4) للإطلاق.

(5) كما مر.

(6) كما ادعي عليه الاجماع و مقتضي اطلاق دليل الوجوب كذلك أيضا.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 383

و اذا كانت كلها شابة لا يجوز دفع الهرم (1) و كذا اذا كان النصاب ملفقا من الصنفين علي الاحوط ان لم يكن أقوي (2) نعم اذا كانت كلها مريضة أو هرمة أو معيبة جاز الاخراج منها (3).

______________________________

(1) قال في الحدائق: «قد صرح الاصحاب بأنه لا تؤخذ المريضة من الصحاح و لا الهرمة و لا ذات العوار» الي أن قال: «و الحكم بعدم أخذ هذه مجمع عليه بينهم» «1» انتهي.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبٰاتِ مٰا كَسَبْتُمْ وَ مِمّٰا أَخْرَجْنٰا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ لٰا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَ لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلّٰا أَنْ تُغْمِضُوا» «2» فان اللّه تعالي نهي عن اعطاء ما يكون مرغوبا عنه.

و يدل

علي المدعي في الجملة ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث زكاة الابل قال: و لا تؤخذ هرمة و لا ذات عوار الا أن يشاء المصدق و يعد صغيرها و كبيرها «3».

و تمامية الاستدلال بالرواية علي المدعي تتوقف علي الجزم بعدم الفرق بين زكاة الابل و زكاة البقر و الغنم و أيضا تتوقف أن يصدق العوار علي المرض.

(2) لإطلاق حديث أبي بصير مضافا الي اطلاق الكتاب.

(3) اذ حق الفقراء متعلق بالعين الخارجية فلا وجه لوجوب الدفع من غيرها و حديث أبي بصير لا يستفاد منه أزيد من هذا المقدار كما أنه كذلك في المستفاد من الاية.

و صفوة القول: ان دائرة تعلق الحق هي العين الخارجية و مناسبة الحكم مع

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص: 65

(2) البقرة/ 267

(3) الوسائل الباب 10 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 384

[الشرط الثاني: السوم طول الحول]
اشارة

الشرط الثاني: السوم طول الحول (1) فاذا كانت معلوفة و لو في بعض الحول لم تجب الزكاة فيها (2) نعم في انقطاع السوم بعلف اليوم و اليومين و الثلاثة اشكال و الاحوط ان لم يكن أقوي عدم الانقطاع (3).

______________________________

الموضوع ان الالتزام بالدفع لا يكون لغير تلك المعين الخارجية فلاحظ.

(1) ادعي عليه الاجماع و تدل علي المدعي بالنسبة الي زكاة الابل ما رواه الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام في حديث زكاة الابل قال: و ليس علي العوامل شي ء انما ذلك علي السائمة الراعية «1».

و بالنسبة الي زكاة البقر ما روي عنهما عليهما السلام في حديث زكاة البقر قال:

ليس علي النيف شي ء و لا علي الكسور شي ء و لا علي العوامل شي ء و انما الصدقة (ذلك) علي

السائمة الراعية «2».

و بالنسبة الي الجميع ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: هل علي الفرس و البعير يكون للرجل يركبهما شي ء فقال: لا ليس علي ما يعلف شي ء انما الصدقة علي السائمة المرسلة في مرجها عامها الذي يقتنيها فيه الرجل فأما ما سوي ذلك فليس فيه شي ء «3».

(2) لانتفاء موضوع الحكم فان الحكم مترتب علي السوم بل صرح بعدم الزكاة في المعلوفة لاحظ ما رواه زرارة «4».

(3) ناش من الشك في صدق الموضوع و صفوة القول: ان تشخيص مفاهيم

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 385

[مسألة 22: لا فرق في منع العلف من وجوب الزكاة بين أن يكون بالاختيار و الاضطرار]

(مسألة 22): لا فرق في منع العلف من وجوب الزكاة بين أن يكون بالاختيار و الاضطرار (1) و ان تكون من مال المالك و غيره باذنه أولا (2) كما أن الظاهر انه لا فرق في السوم بين أن يكون من نبت مملوك أو مباح فان رعاها في الحشيش و الدغل الذي ينبت في الارض المملوك في أيام الربيع أو عند نضوب الماء وجبت فيها الزكاة (3).

______________________________

موضوعات الاحكام متخذة من العرف و العجب من صاحب الحدائق حيث انه أنكر الايكال الي العرف بتقريب: انه لا دليل عليه و لم يدل عليه خبر، فان ايكال المفاهيم الي العرف أمر واضح ظاهر يبتني عليه الاجتهاد فالميزان هو الصدق العرفي كما في بقية الموضوعات و لذا نسب الي المحقق و الشهيد الثانيين و الي أكثر المتأخرين و الي المشهور انه الميزان فان صدق العنوان عرفا بلا مسامحة يترتب عليه الحكم و مع الشك في الصدق العرفي يشكل.

و بعبارة واضحة: ان المستفاد من

النصوص ان الشرط هو السوم لا أن العلف مانع و قوله عليه السلام في حديث زرارة: «ليس علي ما يعلف شي ء» لا يستفاد منه المانعية اذ الجملة الواقعة بعده: «انما الصدقة» الخ تدل علي أن الميزان هو السوم و الاعتبار به. و صفوة الكلام: ان الميزان بالصدق العرفي و مع الشك في الصدق يكون مقتضي الاصل عدم الوجوب.

(1) للإطلاق و ان الميزان في عدم الوجوب كون الحيوان داخلا في عنوان المعلوفة.

(2) للإطلاق و ما عن بعض من أنه لو كان بغير اذن المالك تلحق بالسائمة بتقريب:

انه لا مؤنة علي المالك غير سديد فانه لا اعتبار بمثل هذه الوجوه كما هو ظاهر.

(3) لإطلاق السوم اذ في صدقه لا يفرق بين هذه الصور فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 386

نعم اذا كان المرعي مزروعا ففي صدق السوم اشكال و الاظهر عدم الصدق (1) و اذا جز العلف المباح فأطعمها اياه كانت معلوفة و لم تجب الزكاة (2).

[الشرط الثالث: أن لا تكون عوامل]

الشرط الثالث: أن لا تكون عوامل (3) و لو في بعض الحول (4) و الا لم تجب الزكاة فيها (5) و في قدح العمل يوما أو يومين أو ثلاثة

______________________________

(1) كما يظهر من الاصحاب و علي فرض الشك في الصدق لا تجب الزكاة أيضا فان عدم الوجوب مقتضي الاصل.

(2) اذ فرض انها معلوفة و المعلوفة لا تجب عليها الزكاة.

(3) عن الجواهر: انه لم أجد فيه خلافا و الاجماع قائم عليه بقسميه و عن غيره أيضا دعوي الاجماع عليه و يدل علي المدعي حديث الفضلاء «1» و ما رووه أيضا عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا: ليس علي العوامل من الابل و البقر شي ء انما الصدقات علي السائمة الراعية

الحديث «2».

و ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: ليس في شي ء من الحيوان زكاة غير هذه الاصناف الثلاثة: الابل و البقر و الغنم و كل شي ء من هذه الاصناف من الدواجن و العوامل فليس فيها شي ء الحديث «3».

(4) اذ يشترط في وجوب الزكاة عنوان السائمة الراعية كما في حديث الفضلاء «4».

(5) لعدم صدق موضوع الوجوب و قد دل بعض النصوص علي وجوب الزكاة في العوامل لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألته عن الابل تكون للجمال

______________________________

(1) لاحظ ص: 384

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 387

اشكال و الاحوط ان لم يكن أقوي عدم القدح كما تقدم في السوم (1).

[الشرط الرابع: أن يمضي عليها حول جامعة للشرائط]
اشارة

الشرط الرابع: أن يمضي عليها حول (2) جامعة للشرائط (3) و يكفي

______________________________

أو تكون في بعض الامصار أ تجري عليها الزكاة كما تجري علي السائمة في البرية؟

فقال: نعم «1» و ما رواه أيضا قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الابل العوامل عليها زكاة؟ فقال: نعم عليها زكاة «2».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 387

و قد حملهما بعض الاصحاب علي الاستحباب و حملهما صاحب الحدائق «3» علي التقية كما احتمل ذلك صاحب الوسائل و يمكن أن يقال: انه لو كانت واجبة في العوامل لما خفي علينا بحيث يكون مطرحا للبحث بل لو كان لبان فلاحظ.

(1) الكلام هو الكلام في السوم فلا وجه للإعادة.

(2) ادعي عليه الاجماع بقسميه و يدل عليه حديث الفضلاء كلهم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا:

ليس علي العوامل من الابل و البقر شي ء الي أن قال: و كل ما لم يحل عليه الحول عند ربه فلا شي ء عليه فيه فاذا حال عليه الحول وجب عليه «4».

(3) و في بعض الكلمات: «انه لا خلاف فيه» أما اعتبار النصاب في تمام الحول فيدل عليه قوله عليه السلام في حديث الفضلاء: «و كل ما لم يحل عليه الحول» الي آخره و أما السوم فقد دل عليه رواية زرارة «5».

و أما اعتبار عدم كونها عوامل طول الحول فيمكن أن يستدل عليه بما دل علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) الحدائق ج 12 ص: 82

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 1

(5) لاحظ ص: 384

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 388

فيه الدخول في الشهر الثاني عشر (1) و الاقوي استقرار الوجوب

______________________________

نفي الزكاة في العوامل فان المستفاد من هذا الدليل ان موضوع الزكاة مقيد بعدم كونه عاملا بل يستفاد من حديث الفضلاء «1» بوضوح التقابل بين السوم الذي يكون قيدا في الموضوع و كونه عاملا فلاحظ.

(1) ادعي عليه عدم الخلاف و الاجماع بقسميه و يدل علي المدعي ما رواه زرارة و محمد بن مسلم فان قوله عليه السلام: «اذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال عليه الحول «2» يدل علي المدعي.

ان قلت: هذه الرواية تعارض بقية النصوص الدالة علي اشتراط مضي الحول بتمامه في وجوب الزكاة. قلت: مقتضي الصناعة تقديم دليل الحاكم علي المحكوم فان العرف لا يري التعارض بين الدليل الحاكم الناظر الي التصرف في موضوع الدليل المحكوم و الدليل المحكوم و المقام كما تري كذلك.

مضافا الي دعوي التسالم عليه بين الاصحاب ان قلت: سؤال الراوي

عن التصرف في الدراهم فما وجه تسرية الحكم الي غير المورد من بقية الانواع الزكوية؟.

قلت: انه عليه السلام بين اولا حكم مطلق الزكاة بقوله «ايما رجل كان له مال فحال عليه الحول» و بعد سؤال الراوي عن جواز الفرار و التوسل بالحيلة الشرعية قال عليه السلام: «انه حين رأي هلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة» علي نحو الاطلاق.

و يدل علي المطلوب أيضا قوله عليه السلام بعد ذلك: «و لا يحل له منع مال غيره فيما قد حل عليه» فقوله عليه السلام بعد ذلك: «اذا دخل الشهر الثاني

______________________________

(1) لاحظ ص: 386

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 389

بذلك فلا يضر فقد بعض الشرائط قبل تمامه (1) نعم الشهر الثاني عشر محسوب من الحول الاول و ابتداء الحول الثاني بعد اتمامه (2).

[مسألة 23: إذا اختل بعض الشروط في أثناء الأحد عشر بطل الحول]

(مسألة 23): اذا اختل بعض الشروط في أثناء الاحد عشر بطل الحول كما اذا نقصت عن النصاب أو لم يتمكن من التصرف فيها أو بدلها بجنسها أو بغير جنسها (3).

______________________________

عشر فقد حال عليه الحول و وجبت عليه فيها الزكاة» يدل علي عموم الحكم و لا يختص بمورد خاص مضافا الي أن دعوي ان الذيل بنفسه ظاهر في العموم و الاطلاق قريبة فلاحظ.

(1) عملا بظاهر خبر زرارة بل بنصوصيته بالنسبة الي مورده و هو اشتراط الملك و بظهوره بالنسبة الي بقية الشروط و صفوة القول: ان المستفاد من الحديث انه بالدخول في الشهر الثاني عشر يتحقق حولان الحول عند الشارع و حيث ان الدليل الحاكم يقدم علي الدليل المحكوم يؤخذ بهذه الرواية.

(2) اذ الظاهر من الدليل الحاكم ان التصرف في الحولان لا في الحول فلا يعارض ما

دل علي أن الزكاة في كل سنة مرة فلاحظ.

(3) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فان مقتضي الشرطية انتفاء المشروط عند انتفاء الشرط مضافا الي دلالة النص عليه لاحظ ما رواه زرارة و ابن مسلم قلت له:

فان وهبه قبل حله بشهر أو بيوم قال: ليس عليه شي ء ابدا «1».

و مثله في الدلالة علي المدعي ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام:

رجل كانت عنده دراهم أشهرا فحولها دنانير فحال عليها منذ يوم ملكها دراهم حولا أ يزكيها؟ قال: لا ثم قال: أ رأيت لو أن رجلا دفع إليك مأئة بعير و أخذ منك مأتي

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 390

و لو كان زكويا (1) و لا فرق بين أن يكون التبديل بقصد الفرار من الزكاة و عدمه (2).

______________________________

بقرة فلبثت عنده أشهرا و لبثت عندك أشهرا فموتت عندك ابله و موتت عنده بقرك أ كنتما تزكيانها؟ فقلت: لا قال: كذلك الذهب و الفضة ثم قال: و ان حولت برا أو شعيرا ثم قلبته ذهبا أو فضة فليس عليك فيه شي ء الا أن يرجع ذلك الذهب أو تلك الفضة بعينها أو بعينه فان رجع ذلك فان عليك الزكاة لأنك قد ملكتها حولا قلت له فان لم يخرج ذلك الذهب من يدي يوما؟ قال: ان خلط بغيره فيها فلا بأس و لا شي ء فيما رجع إليك منه ثم قال: ان رجع إليك بأمره بعد اليأس منه فلا شي ء عليك فيه حولا «1».

فانه عليه السلام في مقام الجواب عن سؤال زرارة أجاب بنفي الزكاة لاختلال الموضوع بالتحويل.

و لاحظ ما رواه عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه

السلام: رجل فربما له من الزكاة فاشتري به أرضا أو دارا أ عليه شي ء فقال: لا و لو جعله حليا أو نقرا فلا شي ء عليه و ما منع نفسه من فضله أكثر مما منع من حق اللّه الذي يكون فيه «2».

و لاحظ ما يدل علي المطلوب أيضا في الباب 11 من أبواب زكاة الذهب و الفضة من الوسائل.

(1) للإطلاق بل صرح به في بعض النصوص لاحظ ما رواه زرارة «3».

(2) للإطلاق بل صرح بالجواز و لو مع قصد الفرار في جملة من النصوص

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 389

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 391

______________________________

لاحظ ما رواه عمر بن يزيد «1».

و ما رواه أبو الحسن يعني علي بن يقطين عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: لا تجب الزكاة فيما سبك قلت: فان كان سبكه فرارا من الزكاة؟ قال: ألا تري أن المنفعة قد ذهبت منه فلذلك لا يجب عليه الزكاة «2».

و ما رواه أيضا عن أبي الحسن عليه السلام قال: لا تجب الزكاة فيما سبك فرارا به من الزكاة ألا تري أن المنفعة قد ذهبت فلذلك لا تجب الزكاة «3».

و ما رواه هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: ان أخي يوسف ولي لهؤلاء القوم أعمالا أصاب فيها أموالا كثيرة و انه جعل ذلك المال حليا أراد أن يفر به من الزكاة أ عليه الزكاة؟ قال: ليس علي الحلي زكاة و ما أدخل علي نفسه من النقصان في وضعه و منعه نفسه فضله أكثر مما يخاف من الزكاة «4».

و ما رواه زرارة

قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أن أباك قال: من فربها من الزكاة فعليه أن يؤديها فقال: صدق أبي ان عليه ان يؤدي ما وجب عليه و ما لم يجب عليه فلا شي ء عليه منه ثم قال لي: أ رأيت لو أن رجلا اغمي عليه يوما ثم مات فذهب صلاته أ كان عليه و قد مات أن يؤديها؟ قلت: لا قال: الا أن يكون أفاق من يومه ثم قال لي: أ رأيت لو أن رجلا مرض في شهر رمضان ثم مات فيه أ كان يصام عنه قلت:

لا قال: و كذلك الرجل لا يؤدي عن ماله الا ما حل عليه «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 390

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 392

[مسألة 24: إذا حصل لمالك النصاب في أثناء الحول ملك جديد بنتاج أو شراء أو نحوهما]

(مسألة 24): اذا حصل لمالك النصاب في أثناء الحول ملك جديد بنتاج أو شراء أو نحوهما فاما أن يكون الجديد بمقدار العفو كما اذا كان عنده أربعون من الغنم و في أثناء الحول ولدت أربعين فلا شي ء عليه الا ما وجب في الاول و هو شاة في الفرض (1) و اما أن

______________________________

و في قبال هذا النصوص الدالة باطلاقها أو بنصوصيتها علي عدم الوجوب حديثان:

احدهما: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يجعل لأهله الحلي الي أن قال: قلت له: فان فربه من الزكاة فقال: ان كان فربه من الزكاة فعليه الزكاة و ان كان انما فعله ليتجمل به فليس عليه زكاة «1».

ثانيهما: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

الحلي فيه زكاة؟ قال: لا الا ما فربه من الزكاة «2» يدلان علي أنه لو كانت بقصد الفرار عن الزكاة تجب الزكاة.

و كلاهما ضعيفان سندا اذ اسناد الشيخ الي ابن الفضال ضعيف و حديث معاوية و ان كان نقل بسند آخر لكن فيه أيضا اشكال سندي اضف الي ذلك انه يمكن أن يقال: ان حديث زرارة «3» حاكم علي الحديثين بأن نقول: يستفاد منه ان المقصود من الفرار جعله حليا بعد الحول و قال صاحب الوسائل حمل الشيخ قدس سره ما دل علي الوجوب علي ما بعد الحول.

(1) كما هو ظاهر اذ لا مقتضي لشي ء زائد و عن بعض الاساطين ان وجوب الزكاة له وجه لتحقق موضوعها و بعبارة اخري: المفروض ان الاربعين شاة نصاب

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) لاحظ ص: 391

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 393

يكون نصابا مستقلا كما اذا كان عنده خمس من الابل فولدت في أثناء الحول خمسا اخري كان لكل منهما حول بانفراده و وجب عليه فريضة كل منهما عند انتهاء حوله (1) و كذلك الحكم علي الاحوط اذا كان نصابا مستقلا و مكملا للنصاب اللاحق كما اذا كان عنده عشرون من الابل و في أثناء حولها ولدت ستة (2) و أما اذا لم يكن

______________________________

مستقل تجب الزكاة فيه بلا فرق بين صورتي الانفراد و الاجتماع.

ان قلت: ان المراد من النص الدال علي وجوب شاة في كل اربعين النصاب المقيد و ليس فيه عموم بلحاظ الافراد و لذا لا تجب علي من ملك ثمانين شاة شاتان اجماعا.

قلت خصوص مورد المثال نلتزم بعدم الوجوب فيه ببركة الاجماع و أما بالنسبة الي بقية الموارد فلا وجه لعدم الوجوب اذا عرفت

ما تقدم نقول: الحق هو عدم الوجوب لاحظ حديث الفضلاء «1» فانه صرح فيه بأنه «ليس فيها شي ء حتي تبلغ عشرين و مأئة» الي آخره فالحق ما أفاده في المتن.

(1) و هذا ظاهر أيضا اذ المفروض ان كلا منهما موضوع مستقل لوجوب الزكاة و ترتب الحكم علي موضوعه قهري مضافا الي أنه ادعي عليه عدم الخلاف و الاجماع

(2) بتقريب: ان لكل نصاب فريضة و المفروض ان النصاب متعدد فلا بد من عد كل واحد بحياله و استقلاله و لذا نقول: اذا ملك عشرين من الابل في أول محرم و في أول رجب ملك سبعا فاذا جاء المحرم الثاني وجب عليه أربع شياة للعشرين فاذا جاء رجب الثاني يصدق انه ملك خمسا من الابل و قد حال عليه الحول عنده فتجب فيها شاة أيضا فالالتزام بعدم الوجوب الغاء للدليل بالنسبة الي النصاب

______________________________

(1) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 394

نصابا مستقلا و لكن كان مكملا للنصاب اللاحق كما اذا كان عنده ثلاثون من البقر و في أثناء الحول ولدت احدي عشرة وجب عند انتهاء الحول الاول استيناف حول جديد لهما معا (1).

______________________________

الجديد بلا وجه.

و بعبارة اخري: البناء علي عدم وجوب شي ء عليه في رجب لأن مبدأ حول الست و العشرين من أول المحرم الثاني فلا بد من انتظار المحرم الثالث كي تجب بنت مخاض رفع اليد عن دليل وجوب الزكاة بالنسبة الي النصاب الثاني.

(1) كما عليه جملة من الاساطين- علي ما نسب اليهم- بتقريب: انه تجب زكاة الاول عند تمام حوله لوجود المقتضي و عدم المانع و متي وجب اخراج زكاته منفردا امتنع اعتباره منضما الي غيره في ذلك الحول لقوله عليه السلام: «لا يزكي المال

من وجهين في عام واحد «1» و لظهور ادلة النصاب المتأخر في غير المفروض.

و بعبارة اخري: يجب اخراج زكاة النصاب الاول عند تمام حوله لوجود المقتضي و هو الدليل الدال عليه و انتفاء ما يقتضي خلاف ذلك الدليل و متي يجب اخراجها منفردا يمتنع اخراجها منضما الي جزئه في ذلك الحول للتصريح به في حديث زرارة «2» بالعدم و لقوله صلي اللّه عليه و آله! «لاثني في صدقة» «3» أضف الي ذلك ان عدم الوجوب ثانيا مقتضي الاصل.

و في المقام اشكال و هو ان تطبيق الدليل علي النصاب الاول ينافي تطبيقه علي النصاب الثاني و بعبارة اخري: بمقتضي عدم وجوب الزكاة مرتين في ملك واحد

______________________________

(1) لاحظ ص: 345

(2) لاحظ ص: 345

(3) الحدائق ج 12 ص: 78 نقلا عن النهاية لابن أثير

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 395

______________________________

في حول واحد يقع التنافي بين النصابين فمع عدم احراز المقتضي في كلا الطرفين يكون المقام داخلا في باب التعارض و علي تقدير احراز المقتضي في كلا الطرفين يدخل في باب التزاحم فعلي الاول يكون مقتضي القاعدة التخيير اذ بعد سقوط الدليل بالتعارض و القطع بعدم سقوط الزكاة بالكلية و اجراء البراءة عن التعيين تصل النوبة الي التخيير.

و علي الثاني لا بد من اعمال قواعد التزاحم و مجرد التقدم الزماني لا يكون مرجحا فما الحيلة؟.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان تحقق المعارضة أو المزاحمة يتوقف علي تباين الحول بالاضافة الي النصابين و المفروض في المقام عدمه.

و بعبارة اخري: تقديم النصاب الاول ليس من باب ترجيح التقدم الزماني في باب التزاحم بل لان النصاب الاول بعد حولان الحول يكون موضوعا لوجوب الزكاة.

و ان شئت قلت: ان كل حكم تابع لموضوعه

و ترتبه عليه قهري طبيعي و المفروض انه لا يتحقق للنصاب الثاني موضوعه الا بعد حولان الحول الثاني.

و بعبارة واضحة: النصاب الاول لا يمكن جعله موضوعا للزكاة ثانيا الا بعد حولان الحول الثاني و لا يمكن تعلق الزكاة ثانيا لان تعلق الزكاة بالنصاب الثاني يتوقف علي عدم تعلق الزكاة بالنصاب الاول و عدم تعلقها بالنصاب الاول يتوقف علي تعلقها بالنصاب الثاني و هذا دور مصرح.

ان قلت: هذا التقريب يجري بالنسبة الي النصاب الاول بالتقرير المذكور قلت: ليس الامر كذلك اذ تعلق الزكاة بالنصاب الاول يتوقف علي تحقق موضوعه و المفروض انه بعد حولان الحول الاول موضوعه متحقق فتجب الزكاة لوجود

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 396

[مسألة 25: ابتداء حول السخال من حين النتاج إذا كانت أمها سائمة]

(مسألة 25): ابتداء حول السخال من حين النتاج اذا كانت امها سائمة (1).

______________________________

المقتضي و عدم المانع فلاحظ.

(1) خلافا لجملة من الاساطين- علي ما نسب الهم- «1» بدعوي: ان المستفاد من الدليل أن الميزان في ابتداء الحول في السخال زمان الاستغناء عن الامهات بالرعي لعدم صدق السوم قبله فيعتبر حينئذ لا من حين النتاج.

و ذهب الي أن الميزان زمان النتاج، طائفة اخري من الاعلام بل ادعي انه المشهور بل ادعي أنه مورد الاجماع و يشهد للقول الثاني جملة من النصوص:

منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ليس في صغار الابل شي ء حتي يحول عليها الحول من يوم تنتج «2».

و منها: ما رواه أيضا عن احدهما عليه السلام في حديث قال: ما كان من هذه الاصناف الثلاثة الابل و البقر و الغنم فليس فيها شي ء حتي يحول عليها الحول منذ يوم ينتج «3».

و منها: رواية ثالثة لزرارة عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا فيها و

ما كان من هذه الاصناف الثلاثة: الابل و البقر و الغنم فليس فيها شي ء حتي يحول عليها الحول من يوم ينتج «4».

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه ابن أبي عمير قال: كان علي عليه السلام لا

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 15 ص: 92

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الاستبصار ج 2 ص: 20 حديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 397

و كذا اذا كانت معلوفة علي الاحوط ان لم يكن أقوي (1).

______________________________

يأخذ من صغار الابل شيئا حتي يحول عليها الحول الحديث «1».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ليس في صغار الابل و البقر و الغنم شي ء الا ما حال عليه الحول عند الرجل و ليس في اولادها شي ء حتي يحول عليها الحول «2». فان الظاهر منهما ان الميزان بزمان النتاج.

و يؤيد المدعي بل يدل عليه ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: السخل متي تجب فيه الصدقة؟ قال: اذا أجذع «3».

فان المصرح به في هذه الرواية ان زمان وجوب الزكاة في السخل زمان صدق الجذع عليه و قال في مجمع البحرين: «و في الحديث تكرر ذكر الجذع» الي أن قال: «و من البقر و المعز ما دخل في الثانية» فلاحظ.

و الظاهر انه لا معارضة بين هذه الروايات و نصوص اشتراط السوم في وجوب الزكاة اذا لنصوص الدالة علي أن المبدأ زمان النتاج مخصصة للنصوص الدالة علي اشتراط السوم مضافا الي أن الالتزام باشتراط السوم في السخال اسقط لعنوان النتاج المأخوذ في دليل وجوب الزكاة في السخال.

(1) لإطلاق دليل المخصص خلافا لما عن البيان حيث فصل- علي ما نسب اليه

في الجواهر- بين المرتضعة من السائمة و بين المرتضعة من المعلوفة بالالتزام بكون المبدأ من حين النتاج في الاولي و من حين السوم في الثانية بتقريب: «عدم زيادة الفرع علي الاصل و موافقته لمقتضي الحكمة في السوم و العلف».

و لا يخفي ما فيه اذ الاحكام الشرعية امور تعبدية و ليس لهذا التقريبات فيها

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 398

[المبحث الثاني: زكاة النقدين]
اشارة

المبحث الثاني: زكاة النقدين:

[مسألة 26: يشترط في زكاة النقدين مضافا إلي الشرائط العامة أمور]
اشارة

(مسألة 26): يشترط في زكاة النقدين مضافا الي الشرائط العامة امور:

[الأول: النصاب]

الاول: النصاب (1) و هو في الذهب عشرون دينارا (2).

______________________________

سبيل فالحق ما أفاده في المتن لإطلاق الدليل الدال علي أن الميزان زمان النتاج فلاحظ.

(1) بلا خلاف و لا اشكال- كما نقل عن غير واحد- بل نقل نفي الخلاف فيه بين المسلمين. مضافا الي النصوص الدالة علي المدعي.

(2) فلا تجب في أقل من هذا المقدار و ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه الحسين بن بشار قال: سألت أبا الحسن عليه السلام في كم وضع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الزكاة فقال: في كل مأتي درهم خمسة دراهم فان نقصت فلا زكاة فيها، و في الذهب ففي كل عشرين دينارا نصف دينار فان نقصت فلا زكاة فيها «1».

و تدل علي المدعي أيضا جملة من النصوص: منها: ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و من الذهب من كل عشرين دينارا نصف دينار و ان نقص فليس عليك شي ء «2».

و منها: ما رواه علي بن عقبة و عدة من أصحابنا عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا: ليس فيما دون العشرين مثقالا من الذهب شي ء فاذا كملت عشرين مثقالا ففيها نصف مثقال الي أربعة و عشرين فاذا أكملت أربعة و عشرين ففيها ثلاثة

______________________________

(1) الفروع من الكافي ج 3 ص 516 حديث: 6

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 399

______________________________

أخماس دينار الي ثمانية و عشرين فعلي هذا الحساب كلما زاد أربعة «1».

و منها: ما رواه يحيي بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

في عشرين دينارا نصف دينار «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أحدهما عليه السلام في حديث قال: ليس في الذهب زكاة حتي يبلغ عشرين مثقالا فاذا بلغ عشرين مثقالا ففيه نصف مثقال ثم علي حساب ذلك اذا زاد المال في كل أربعين دينارا دينار «3».

و نسب الي جملة من الاصحاب ان النصاب الاول في الذهب أربعون دينارا و فيها دينار و الدليل عليه ما رواه الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قال: في الذهب في كل أربعين مثقالا مثقال الي أن قال: و ليس في أقل من أربعين مثقالا شي ء «4».

و ما رواه زرارة قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل عنده مأئة درهم و تسعة و تسعون درهما و تسعة و ثلاثون دينارا أ يزكيها؟ فقال: لا ليس عليه شي ء من الزكاة في الدراهم و لا في الدنانير حتي يتم أربعون دينارا و الدراهم مأتي دراهم الحديث «5».

فيقع التعارض بين الطائفتين و لا بد من العلاج و حيث ان أكثر العامة قائلون بمقتضي الطائفة الاولي و ان النصاب الاول عشرون يكون الترجيح بالمخالفة معهم مع الطائفة الثانية لكن الاصحاب أعرضوا عن الطائفة الثانية و ذهبوا الي خلافها

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 13

(5) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 400

و فيه نصف دينار (1) و الدينار ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي (2).

______________________________

و التزموا بأن العشرين هو النصاب الاول.

(1) كما نص عليه في الروايات.

(2) الدينار عبارة عن مثقال شرعي و المثقال الشرعي عبارة عن ثلاثة المثقال الصيرفي أما انه مثقال شرعي فيستفاد من النص لاحظ ما رواه علي بن

عقبة «1».

فانه عبر في هذه الرواية تاره بالمثقال و اخري بالدينار فيكون المراد من الدينار هو المثقال الشرعي.

اضف الي ذلك ما عن الجواهر من دعوي عدم الخلاف فيه مضافا الي ما عن ابن الاثير حيث يستفاد من كلامه ان المثقال بماله من المعني الشرعي يطلق علي الدينار خاصة و سنتعرض لكلامه ان شاء اللّه تعالي فلاحظ.

و يضاف الي جميع ذلك ان صاحب العقد المنير السيد المازندراني قدس سره قال: «قد نقلنا فيما سبق تصريح جمع من الباحثين عن النقود بأن أهل مكة بصورة خاصة أو عامة أهل الحجاز- كما صرح به أيضا غير واحد منهم- كانوا يتعاملون في الجاهلية بدنانير قيصرية و دراهم كسروية الا انها تبر و كانوا يزنون الذهب بوزن يسمونه دينارا و يزنون الفضة بوزن يسمونه درهما فلما جاء الإسلام أقر النبي صلي اللّه عليه و آله ذلك و كذا من بعده من الخلفاء فالدينار و الدرهم و ان كانا اسمين لمضروبين من الذهب و الفضة كما سمعت سابقا من غير واحد من أهل اللغة الا انهما يطلقان علي وزن خاص أي مثقال من الذهب و درهم من الفضة و قد صرح البستاني في «دائرة المعارف» بأن الدينار اسم لمضروب مدور من الذهب و في الشريعة اسم لمثقال من ذلك المضروب» «2» الي آخر كلامه.

______________________________

(1) لاحظ ص: 398

(2) العقد المنير ج 1 ص: 259

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 401

و لا زكاة فيما دون العشرين (1) و لا فيما زاد عليها حتي يبلغ أربعة دنانير و هي ثلاثة مثاقيل صيرفية و فيها أيضا ربع عشرها (2) و هكذا كلما زاد أربعة دنانير وجب ربع عشرها (3) أما الفضة فنصابها مأتا درهم و فيها

خمسة دراهم (4) ثم أربعون درهما و فيها درهم واحد

______________________________

و أما ان المثقال الشرعي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي فقال في مجمع البحرين «و المثقال الشرعي علي ما هو المشهور المعول عليه» الي أن قال: «فالمثقال الشرعي يكون علي هذا الحساب عبارة عن الذهب الصنمي كما صرح به ابن الاثير حيث قال: المثقال يطلق في العرف علي الدينار خاصة و الذهب الصنمي عبارة عن ثلاثة ارباع المثقال الصيرفي عرف بذلك بالاعتبار الصحيح».

و قال في المستمسك: «و أما أن المثقال الشرعي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي فقد نسبه في المستند الي جماعة منهم صاحب الوافي و المحدث المجلسي قدس سره في رسالته في الاوزان نافيا عنه الشك و والده في حلية المتقين» الي آخر كلامه.

(1) كما صرح به في جملة من النصوص منها ما رواه حسين ابن بشار «1» مضافا الي أن عدم الوجوب مقتضي الاصل الاولي.

(2) كما دل عليه ما رواه ابن عقبة «2».

(3) كما يدل عليه حديث ابن عقبة.

(4) بلا خلاف و لا اشكال كما عن جماعة كثيرة و عن جماعة دعوي الاجماع عليه و عن آخرين دعوي اجماع المسلمين عليه و يدل عليه المدعي ما رواه الحسين بشار «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 398

(2) لاحظ ص: 398

(3) لاحظ ص: 398

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 402

و هكذا كلما زاد أربعون كان فيها درهم (1) و ما دون المائتين عفو (2).

______________________________

و يدل عليه أيضا جملة من النصوص منها: ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال: في كل مأتي درهم خمسة دراهم من الفضة و ان نقصت فليس عليك زكاة الحديث «1».

و منها: ما رواه الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام في

حديث قالا: في الورق في كل مأتين خمسة دراهم و لا في أقل من مأتي درهم شي ء و ليس في النيف شي ء حتي يتم أربعون فيكون فيه واحد «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: ليس في الفضة زكاة حتي تبلغ مأتي درهم فاذا بلغت مأتي درهم ففيها خمسة دراهم فاذا زادت فعلي حساب ذلك في كل أربعين درهما درهم و ليس في الكسور شي ء الحديث «3».

(1) بلا خلاف و لا اشكال- كما في بعض الكلمات- بل ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي بعض النصوص لاحظ ما رواه الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الذهب و الفضة ما أقل ما تكون فيه الزكاة؟ قال: مأتا درهم و عدلها من الذهب قال: و سألته عن النيف الخمسة و العشرة قال: ليس عليه شي ء حتي يبلغ أربعين فيعطي من كل أربعين درهما درهم الحديث «4».

(2) كما نص به في الروايات لاحظ ما رواه ابن بشار «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) نفس المصدر الحديث: 1

(5) لاحظ ص: 398

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 403

و كذا ما بين المائتين و الاربعين (1) و وزن عشرة دراهم خمسة مثاقيل صيرفية و ربع فالدرهم نصف مثقال صيرفي و ربع عشرة (2) و الضابط في زكاة النقدين من الذهب و الفضة ربع العشر (3) لكنه يزيد علي القدر الواجب قليلا في بعض الصور (4).

[الثاني: أن يكونا مسكوكين بسكة المعاملة]

الثاني: أن يكونا مسكوكين بسكة المعاملة (5) بسكة الإسلام أو

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الحلبي «1».

(2) قال السيد اليزدي قدس سره في عروته: «و الدرهم نصف المثقال الصيرفي

و ربع عشره». و قال سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام: «لا اشكال عندهم في أن الدرهم سبعة أعشار المثقال الشرعي و ان كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل شرعية كما نقله جماعة كثيرة و عن ظاهر الخلاف دعوي اجماع الامة عليه و عن رسالة المجلسي انه مما لا شك فيه و مما اتفقت عليه العامة و الخاصة فاذا كان المثقال الشرعي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي يكون الدرهم نصف المثقال الصيرفي و ربع عشره» «2».

الي آخر كلامه.

(3) كما هو المستفاد من النصوص المشار اليها.

(4) لعل الماتن ناظر الي صورة زيادته علي النصاب السابق و عدم بلوغه النصاب اللاحق و اللّه العالم.

(5) ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه علي بن يقطين عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: قلت له: انه يجتمع عندي الشي ء (الكثير قيمة) فيبقي نحوا من سنة أ نزكيه؟ فقال: لا كل ما لم يحل عليه الحول فليس عليك فيه زكاة و كل ما لم يكن

______________________________

(1) لاحظ ص: 2 4

(2) مستمسك العروة ج 9 ص: 120

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 404

الكفر بكتابة و بغيرها (1) بقيت السكة أو مسحت بالعارض (2) أما الممسوح

______________________________

ركازا فليس عليك فيه شي ء قال: قلت: و ما الركاز؟ قال: الصامت المنقوش ثم قال:

اذا أردت ذلك فاسبكه فانه ليس في سبائك الذهب و نقار الفضة شي ء من الزكاة «1».

و عن القاموس: «ان الصامت من المال الذهب و الفضة» و قال في مجمع البحرين:

«و في حديث الزكاة ليس في النقر زكاة يريد به ما ليس بمضروب من الذهب و الفضة».

و يؤيد المدعي ما رواه جميل عن بعض أصحابنا انه قال: ليس في التبر زكاة انما هي علي الدنانير و

الدراهم «2».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام انه قال: ليس في التبر زكاة انما هي علي الدنانير و الدراهم «3».

(1) لإطلاق الدليل.

(2) المستفاد من حديث ابن يقطين انه يشترط في موضوع الزكاة كون الدرهم و الدينار منقوشين و مع فرض المسح يشكل الجزم بتعلق الحكم الا أن يقال: ان المستفاد من ذيل الرواية ان المسح لا يوجب تغيير الموضوع اذ لو كان المسح يوجب ذلك لم يكن وجه لجعل الذهب سبيكة طريقا للفرار عن الزكاة بل كان مجرد المسح كافيا.

و لكن هذا التقريب غير تام اذ ليس المولي في مقام بيان جميع الطرق التي يمكن الفرار منها بل في مقام بيان أن موضوع الزكاة السكة و أما السبيكة فلا زكاة فيها و هذا لا ينافي مع اشتراط بقاء النقش في وجوب الزكاة.

و ربما يقال: ان المستفاد من حديث ابن يقطين ان الموضوع مطلق المسكوك

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 405

بالاصل فالاحوط وجوب الزكاة فيه اذا عومل به (1) و أما المسكوك الذي جرت المعاملة به ثم هجرت فالاحوط وجوب الزكاة فيه و ان كان الاظهر العدم (2) و اذا اتخذ للزينة فان كانت المعاملة به باقية وجبت فيه علي الاحوط و الا فالاظهر عدم الوجوب (3).

______________________________

و فيه أولا: ان لازمه جريان الحكم في الممسوح بالاصالة و الحال انه لا يمكن الالتزام به. و ثانيا: انه خلاف صريح خبر ابن يقطين و أما التمسك باستصحاب وجوب الزكاة ففيه اولا انه تعليقي و ثانيا: ان استصحاب الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل

الزائد فالجزم بالوجوب مشكل.

(1) قال السيد اليزدي قدس سره في عروته: «و أما اذا كانا ممسوحين فلا تجب فيهما» و الظاهر ان ما أفاده تام اذ المستفاد من حديث ابن يقطين انه يشترط في وجوب الزكاة كونهما منقوشين.

اضف الي ذلك انه نسب الي جملة من اعاظم الاصحاب عدم الوجوب بل ادعي عليه الاجماع.

(2) مقتضي اطلاق النصوص وجوب الزكاة حتي بعد الهجر و يستفاد من بعض النصوص كون الميزان تحقق المعاملة فلا تجب بعد الهجر لاحظ حديثي علي بن يقطين «1» لكن الحديثين ضعيفان سندا بابن مرار.

(3) لا وجه للتفصيل المذكور في المتن اذ قلنا ان حديثي علي بن يقطين ضعيفان سندا فالحق أن يقال: ان المتخذ للزينة تجب فيه الزكاة بلا فرق بين بقاء المعاملة به و عدمه اذ النصوص الدالة علي عدم الزكاة في الحلي ناظرة الي الذوات الخاصه لاحظ ما رواه يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

______________________________

(1) لاحظ ص: 391

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 406

______________________________

الحلي أ يزكي؟ فقال: اذا لا يبقي منه شي ء «1».

و ما رواه هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: ليس علي الحلي زكاة «2».

و ما رواه محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الحلي فيه زكاة؟ قال: لا «3».

و ما رواه رفاعة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام و سأله بعضهم عن الحلي فيه زكاة؟ فقال: لا و لو بلغ مأئة ألف «4».

و ما رواه محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الحلي فيه زكاة قال: لا «5» و غيرها مما ورد في الباب 9 من أبواب زكاة الذهب و

الفضة من الوسائل.

و بعبارة اخري: تلك النصوص ناظرة الي أن الحلي من الذهب و الفضة لا تجب فيه الزكاة و انما الزكاة تجب في الدراهم و الدنانير.

و ان شئت قلت: ان الحلي ليس داخلا في موضوع الزكاة. نعم لا يبعد أن يستفاد من رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يجعل لأهله الحلي من مأئة دينار و المأتي دينار و أراني قد قلت ثلاثمائة فعليه الزكاة؟

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 407

و لا تجب الزكاة في الحلي و السبائك و قطع الذهب و الفضة (1).

[الثالث: الحول]

الثالث: الحول (2).

______________________________

قال: ليس فيه زكاة الحديث «1» عدم الزكاة في الدينار اذا جعل حليا لكن الرواية من حيث السند مخدوش.

مضافا الي أن مقتضي اطلاق الرواية عدم الزكاة و ان كانت المعاملة باقية أضف الي ذلك كله انه لو سلم الاطلاق في نصوص الباب و سلمنا شمولها للدينار و الدرهم المأخوذين للحلي تقع المعارضة بينها و بين أخبار زكاة النقدين بالعموم من وجه و بعد التساقط يكون المرجع دليل وجوب الزكاة في الوزن الخاص من الذهب و الفضة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الذهب كم فيه من الزكاة؟ قال: اذا بلغ قيمته مأتي درهم فعليه الزكاة «2».

(1) كما هو مقتضي الاصل الاولي بعد عدم الدليل عليه لاحظ ما رواه علي بن يقطين «3».

(2) ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه علي بن يقطين «4» و يدل

عليه أيضا ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل كان عنده مأتا درهم غير درهم احد عشر شهرا ثم اصاب درهما بعد ذلك في الشهر الثاني عشر و كملت عنده مأتا درهم أ عليه زكاتها؟ قال: لا حتي يحول عليها الحول و هي مأتا درهم فان كانت مأئة و خمسين درهما فأصاب خمسين بعد أن مضي شهر فلا زكاة عليه حتي يحول علي المائتين الحول قلت له: فان كانت عنده مأتا درهم غير درهم فمضي عليها أيام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 403

(4) لاحظ ص: 403

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 408

علي نحو ما تقدم في الانعام (1) كما تقدم أيضا حكم اختلال بعض الشرائط و غير ذلك و المقامان من باب واحد (2).

[مسألة 27: لا فرق في الذهب و الفضة بين الجيد و الردي ء]

(مسألة 27). لا فرق في الذهب و الفضة بين الجيد و الردي ء (3) و لا يجوز الاعطاء من الردي ء اذا كان تمام النصاب من الجيد (4).

[مسألة 28: تجب الزكاة في الدراهم و الدنانير المغشوشة]

(مسألة 28): تجب الزكاة في الدراهم و الدنانير المغشوشة (5).

______________________________

قبل أن ينقضي الشهر ثم أصاب درهما فأتي علي الدراهم مع الدرهم حول أ عليه زكاة؟ قال: نعم و ان لم يمض عليها جميعا الحول فلا شي ء عليه الحديث «1».

(1) من كفاية الدخول في الشهر الثاني عشر و قد مر الكلام فيه في زكاة الانعام لاحظ ما رواه زرارة و محمد «2».

(2) كما تقدم فراجع.

(3) لإطلاق الدليل فلاحظ.

(4) قد تقدم الكلام من هذه الجهة في زكاة الانعام و قلنا ان المستفاد من الاية الشريفة «3» النهي عن دفع ما يكون مرغوبا عنه و يفهم من كلام الماتن جواز دفع الردي ء في صورة كون النصاب مركبا من الجيد و الردي ء و يشكل ما أفاده فان مقتضي النهي عدم الجواز حتي في هذه الصورة نعم يجوز التبعيض و لحاظ النسبة.

(5) لإطلاق دليل وجوب الزكاة فان مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين الخالص و المغشوش و الاشكال في الوجوب بعدم صدق الموضوع مع الغش مدفوع بأنه يصدق نعم لو لم يصدق لا تجب كما أنه لو شك في الصدق لا تجب كما هو المقرر

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 388

(3) لاحظ ص: 383

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 409

و ان يبلغ خالصهما النصاب (1) و اذا كان الغش كثيرا بحيث لم يصدق الذهب أو الفضة علي المغشوش ففي وجوب الزكاة فيه ان بلغ خالصه النصاب اشكال (2).

______________________________

من عدم الاخذ بالعموم في الشبهة المصداقية بل مقتضي الاستصحاب عدم

الصدق.

و أما خبر زيد الصائغ قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اني كنت في قرية من قري خراسان يقال لها بخاري فرأيت فيها دراهم تعمل ثلث فضة و ثلث مسا و ثلث رصاصا و كانت تجوز عندهم و كنت أعملها و انفقها قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:

لا بأس بذلك اذا كان تجوز عندهم فقلت: أ رأيت ان حال عليه الحول و هي عندي و فيها ما يجب علي فيه الزكاة ازكيها؟ قال: نعم انما هو مالك قلت: فان أخرجتها الي بلدة لا ينفق فيها مثلها فبقيت عندي حتي حال عليها الحول أزكيها؟ قال: ان كنت تعرف أن فيها من الفضة الخالصة ما يجب عليك فيه الزكاة فزك ما كان لك فيها من الفضة الخالصة من فضة ودع ما سوي ذلك من الخبيث قلت و ان كنت لا أعلم ما فيها من الفضة الخالصة الا اني أعلم ان فيها ما يجب فيه الزكاة؟ قال: فاسبكها حتي تخلص الفضة و يحترق الخبيث ثم تزكي ما خلص من الفضة لسنة واحدة «1» فهو ضعيف سندا لا يعتمد عليه.

(1) بدعوي صدق الموضوع و مع صدقه يشمله اطلاق الدليل لكن يرد عليه ان دليل نفي الزكاة في غير التسعة مقدم علي ذلك الاطلاق. و بعبارة اخري: يشترط في موضوع الزكاة تحقق النصاب من الذهب و الفضة و المفروض ان الخالص منهما غير بالغ للنصاب.

(2) لعدم صدق الموضوع فلا تجب الزكاة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 410

[مسألة 29: إذا شك في بلوغ النصاب فالظاهر عدم وجوب الزكاة]

(مسألة 29): اذا شك في بلوغ النصاب فالظاهر عدم وجوب الزكاة (1) و في وجوب الاختبار اشكال أظهره العدم و الاختبار

أحوط (2).

[مسألة 30: إذا كان عنده أموال زكوية من أجناس مختلفة اعتبر بلوغ النصاب في كل واحد منها]

(مسألة 30): اذا كان عنده أموال زكوية من أجناس مختلفة اعتبر بلوغ النصاب في كل واحد منها و لا يضم بعضها الي بعض فاذا كان عنده تسعة عشر دينارا و مأئة و تسعون درهما لم تجب الزكاة في أحدهما (3) و اذا كان من جنس واحد كما اذا كان عنده ليرة ذهب عثمانية و ليرة ذهب الانكليزية ضم بعضها الي بعض في بلوغ النصاب و كذا اذا كان عنده روبية انكليزية و قران ايراني (4).

______________________________

(1) لأصالة البراءة بل استصحاب عدم تحقق موضوع الوجوب و يكون الاستصحاب المزبور مقدما علي الاصل الحكمي فلا تصل النوبة اليه فلاحظ.

(2) لعدم وجوب الفحص في الشبهة الموضوعية و دعوي انه علم من مذاق الشرع وجوب الاختبار في أمثال المورد اذ ينجر عدم الاختبار الي المخالفة الكثيرة عهدتها علي مدعيها فان المورد كبقية الموارد من الشبهات الموضوعية فما دام لا يتحقق العلم التفصيلي أو الإجمالي و لا يكون التكليف الواقعي منجزا لا مانع من جريان الاصل.

(3) كما هو ظاهر اذ المركب من الموضوعين لا يكون موضوعا للحكم الشرعي.

(4) اذ المفروض تحقق الموضوع فان الموضوع للزكاة المقدار الخاص من الذهب المسكوك و المفروض تحققه و مقتضي اطلاق دليل الوجوب عدم الفرق بين مصاديقه فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 411

[المبحث الثالث: زكاة الغلات الأربع]
اشارة

المبحث الثالث: زكاة الغلات الاربع:

[مسألة 31: يشترط في وجوب الزكاة فيها أمران]

(مسألة 31): يشترط في وجوب الزكاة فيها أمران:

الاول: بلوغ النصاب (1).

______________________________

(1) قال في الحدائق «لا خلاف بين الاصحاب رضوان اللّه عليهم في اشتراط النصاب في زكاة الغلات». الي آخر كلامه و يدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما أنبتت الارض من الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب ما بلغ خمسة أوساق و الوسق ستون صاعا فذلك ثلاثمائة صاع ففيه العشر و ما كان منه يسقي بالرشا و الدوالي و النواضح ففيه نصف العشر و ما سقت السماء أو السيح أو كان بعلا ففيه العشر تاما و ليس فيما دون الثلاثمائة صاع شي ء و ليس فيما أنبتت الارض شي ء الا في هذه الاربعة أشياء «1»

و مثله غيره و المستفاد من هذه الطائفة ان النصاب في الغلات خمسة اوسق و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري يعارضها:

منها ما رواه عبيد اللّه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته في كم تجب الزكاة من الحنطة و الشعير و الزبيب و التمر؟ قال: في ستين صاعا «2» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي ابن الفضال.

و منها ما رواه أبو بصير يعني يحيي بن القاسم قال: قال (لي) أبو عبد اللّه:

لا تجب الصدقة الا في وسقتين و الوسق ستون صاعا «3». و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن السندي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب زكاة الغلات الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 10

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب زكاة الغلات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 412

و هو بوزن النجف في زماننا هذا ثمان وزنات و خمس حقق و نصف الا ثمانية و

خمسين مثقالا و ثلث مثقال و الوزنة أربع و عشرون حقة و الحقة ثلاث حقق اسلامبول و ثلث و بوزن الاسلامبول سبع و عشرون وزنة و عشر حقق و خمسة و ثلاثون مثقالا صيرفيا و الوزنة أربع و عشرون حقة و الحقة مائتان و ثمانون مثقالا صيرفيا و بوزن الكيلو يكون النصاب ثمانمائة و سبعة و أربعين كيلوا تقريبا.

______________________________

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي ابراهيم عليه السلام في حديث زكاة الحنطة و التمر قال: قلت: انما أسألك عما خرج منه قليلا كان أو كثيرا له حد يزكي ما خرج منه؟ فقال: زك ما خرج منه قليلا كان أو كثيرا من كل عشرة واحد و من كل عشرة نصف واحد قلت: فالحنطة و التمر سواء؟ قال: نعم «1» و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن سندي.

و منها: ما أرسله صفوان عن ابن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الزكاة في كم تجب في الحنطة و الشعير؟ فقال: في وسق «2» و المرسل لا اعتبار به.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يكون في الحب و لا في النخل و لا في العنب زكاة حتي تبلغ وسقين و الوسق ستون صاعا «3» و هذه الرواية ضعيفة سندا اذ لم يحرز كون كل واحد من رواته ثقة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 413

الثاني: الملك في وقت تعلق الوجوب (1) سواء كان بالزرع أم بالشراء أم بالارث أم بغيرها من أسباب الملك (2).

[مسألة 32: المشهور ان وقت تعلق الزكاة عند اشتداد الحب في الحنطة و الشعير]

(مسألة 32): المشهور ان وقت تعلق الزكاة عند اشتداد الحب في الحنطة و

الشعير و عند الاحمرار و الاصفرار في ثمر النخيل و عند انعقاده حصرما في ثمر الكرم لكن الظاهر ان وقته اذا صدق انه حنطة أو شعير أو تمر أو عنب (3).

______________________________

(1) كما تقدم.

(2) لإطلاق الدليل فان مقتضي إطلاقه عدم الفرق بين أقسام الملك.

(3) استدل علي القول المشهور بوجوه: الوجه الاول: الاجماع فانه ادعي عليه الاجماع. و فيه ان المنقول منه غير حجة و المحصل منه غير حاصل و علي فرض حصوله محتمل المدرك فلا يكون تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم.

الوجه الثاني: ما رواه سعد بن سعد الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في حديث قال: سألته عن الزكاة في الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب متي تجب علي صاحبها؟ قال: اذا ما صرم و اذا خرص «1» بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان الميزان بد و الصلاح و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن خالد.

الوجه الثالث: ما رواه سليمان يعني ابن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس في النخل صدقة حتي يبلغ خمسة أوساق و العنب مثل ذلك حتي يكون خمسة أوساق زبيبا «2».

و مثله ما رواه الحلبي قال: و قال في حديث آخر ليس في النخل صدقة حتي

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب زكاة الغلات الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب زكاة الغلات الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 414

______________________________

تبلغ خمسة أوساق و العنب مثل ذلك حتي يبلغ خمسة أوساق زبيبا و الوسق ستون صاعا الحديث «1».

بتقريب: ان المقدر بدلالة الاقتضاء ثمرة النخل و مقضي الاطلاق شمول الثمرة للبسر و فيه: ان الصدر لا اطلاق فيه من هذه الجهة اذ يحتمل أن يكون المقدر هو التمر و أما الذيل

فقد جعل الموضوع فيه العنب لا الحصرم.

الوجه الرابع: ما رواه سعد بن سعد الاشعري قال: سألت أبا الحسن عن أقل ما تجب فيه الزكاة من البر و الشعير و التمر و الزبيب فقال: خمسة أوساق بوسق النبي صلي اللّه عليه و آله فقلت: كم الوسق؟ قال: ستون صاعا قلت: و هل علي العنب زكاة أو انما تجب عليه اذا صيره زبيبا؟ قال: نعم اذا خرصه أخرج زكاته «2».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان تعلق وجوب الزكاة قبل صيرورة العنب زبيبا. و يرد عليه اولا أن الحديث ضعيف سندا بالبرقي. و ثانيا: علي فرض تسلم ما ذكر في التقريب يدل أن موضوع الوجوب هو العنب لا الحصرم فلاحظ.

الوجه الخامس: ما رواه أبو بصير «3». بتقريب: انه جعل في هذا الخبر موضوع الزكاة النخل و بدلالة الاقتضاء لا بد من التقدير أي ثمرة النخل و مقتضي الاطلاق شمول الحكم للبسر. و فيه أولا أن الحديث ضعيف سندا و ثانيا: يمكن تقدير التمر. و ثالثا: الرواية ناظرة الي بيان النصاب المعتبر في وجوب الزكاة و لا تكون ناظرة الي زمان تعلق الوجوب فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 412

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 415

______________________________

الوجه السادس: انه يصدق عنوان الحنطة و الشعير علي الحب عند اشتداده كما أنه يصدق التمر عند الاصفرار أو الاحمرار لنص أهل اللغة علي أن البسر نوع من التمر.

و فيه: انه لو تم الادعاء المذكور بالنسبة الي الحنطة و الشعير فقد اتفق القولان و أما بالنسبة الي صدق التمر علي البسر فيشكل فانه نقل عن المصباح دعوي الاجماع علي أن التمر اسم لليابس منه مضافا الي نص جماعة- علي ما

قيل- علي عدم صدق التمر علي البسر و لو سلم الادعاء المذكور في تقريب الاستدلال بالنسبة الي اللغة فهو مخالف مع العرف و العرف مقدم علي اللغة.

الوجه السابع: ان النبي صلي اللّه عليه و آله كان يبعث الخارص علي الناس فيكون دليلا علي تعلق الوجوب حال البسرية. و فيه: انه لم يثبت بعثه صلي اللّه عليه و آله الخارص قبل صدق عنوان التمر مضافا الي أنه يمكن أن يكون الخرص مختصا بما يبقي و يصير تمرا. و ان شئت قلت: الخرص لا يكون ناظرا الي تعيين زمان تعلق الوجوب.

الوجه الثامن: انه لو كان زمان صيرورة البسر تمرا و الحصرم زبيبا لأدي ذلك الي تضييع حق الفقراء لأنه يمكن أن يحتال المالك بجعل العنب و الرطب دبسا و خلا. و فيه: ان ضرر المالك بهذه الحيلة ربما يكون أكثر من ضرره باداء الزكاة مضافا الي أن هذا الوجه و أمثاله لا يكون مدارا للأحكام الشرعية كما هو ظاهر.

الوجه التاسع: ان المراد من الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب موادها فلا يدور الوجوب مدار صدق هذه العناوين. و فيه: انه خروج عن ظاهر الادلة بغير قرينة و وجه. فانقدح انه لا دليل علي مذهب المشهور.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 416

[مسألة 33: المدار في قدر النصاب هو اليابس من المذكورات]

(مسألة 33): المدار في قدر النصاب هو اليابس من المذكورات فاذا بلغ النصاب و هو عنب و لكنه اذا صار زبيبا نقص منه لم تجب

______________________________

و في قبال القول المشهور قول و هو أن المعيار في تعلق الوجوب صدق عنوان التمر أو الزبيب أو الحنطة أو الشعير و تظهر الثمرة بين القولين في تصرف المالك بعد بدو الصلاح و انعقاد الحب قبل البلوغ الي حد التسمية بتلك

الاسماء المذكورة فانه علي المشهور لا يجوز الا بعد الخرص و ضمان الزكاة لتحقق الوجوب و علي القول الاخر يجوز قبل تحقق تلك العناوين.

و أيضا تظهر الفائدة فيما اذا نقله المالك الي غيره قبل صدق تلك العناوين فانه علي القول المشهور تجب الزكاة علي الناقل اذ المفروض ان الزكاة تعلقت قبل النقل و علي القول الاخر تكون الزكاة واجبة علي من انتقل اليه لتحقق صدق العناوين المذكورة في ملكه فلاحظ.

اذا عرفت ذلك فاعلم ان ظواهر النصوص تقتضي صحة المذهب غير المشهور اذ من الظاهر انه لا يصدق شي ء من هذه العناوين بمجرد الاحمرار و الاصفرار و لا مجرد انعقاد الحب قبل اشتداده.

بقي شي ء و هو ان الظاهر من حديث سليمان «1» و كذا الظاهر من حديث الحلبي «2» ان موضوع الزكاة في ثمرة الكرم هو العنب و لا تنافي بين ما ذكر و ما ذكر في جملة من الروايات من الزبيب فان الوجوب متعلق بالعنب و لكن المناط وصول الزبيب الي مقدار خاص فلا تنافي بين الامرين و لذا تري الجمع بين العنوانين في كلا الحديثين فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 413

(2) لاحظ ص: 413

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 417

الزكاة (1).

[مسألة 34: وقت وجوب الإخراج حين تصفية الغلة و اجتذاذ التمر و اقتطاف الزبيب علي النحو المتعارف]

(مسألة 34): وقت وجوب الاخراج حين تصفية الغلة و اجتذاذ التمر و اقتطاف الزبيب علي النحو المتعارف (2) فاذا أخر المالك بغير عذر ضمن مع وجود المستحق (3) و لا يجوز للساعي المطالبة قبله (4) نعم يجوز الاخراج قبل ذلك بعد تعلق الوجوب (5) و يجب علي الساعي القبول (6).

______________________________

(1) ما أفاده تام بالنسبة الي العنب فان المستفاد من حديثي سليمان و الحلبي ان المناط في وجوب الزكاة في الكرم كون الزبيب خمسة أوسق و أما

بالنسبة الي بقية المذكورات فان تم اجماع تعبدي فهو و الا فيشكل الجزم بالمدعي بل مقتضي القاعدة تعلق الوجوب بالعناوين المذكورة في النصوص بلا اشتراط بلوغ اليابس منها حد النصاب فلاحظ.

(2) ادعي عليه الاتفاق و عدم الخلاف في عدم وجوب الاخراج في الحبوب الا بعد التصفية و في التمر الا بعد التشميس و الجفاف و يمكن أن يستدل علي مدعي الماتن انه يفهم من وجوب اعطاء الزكاة من الامور المذكورة ان زمان وجوبه هو المتعارف من التصفية و الاجتذاذ و اقتطاف الزبيب الا أن يقوم دليل آخر علي تعيين الوقت.

(3) لأنه حبس مال الغير بلا اذن شرعي و بلا اذن مالكي فيضمن.

(4) اذ لا وجه للجواز قبل تعلق الوجوب.

(5) فان جوازه علي طبق القاعدة الاولية اذ يجوز لكل فرد أن يفرغ عهدته و يؤدي مال الغير.

(6) لان الساعي وظيفته أخذ الزكاة فكل فرد ادي ما عليه يجب عليه القبول.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 418

[مسألة 35: لا تتكرر الزكاة في الغلات بتكرر السنين]

(مسألة 35): لا تتكرر الزكاة في الغلات بتكرر السنين فاذا اعطي زكاة الحنطة ثم بقيت العين عنده سنين لم يجب فيها شي ء و هكذا غيرها (1).

[مسألة 36: المقدار الواجب اخراجه في زكاة الغلات العشر]

(مسألة 36): المقدار الواجب اخراجه في زكاة الغلات العشر اذا سقي سيحا أو بماء السماء أو بمص عروقه من ماء الارض و نصف العشر اذا سقي بالدلاء و الماكينة و الناعور و نحو ذلك من العلاجات (2) و اذا سقي بالامرين فان كان أحدهما الغالب بحيث ينسب السقي اليه

______________________________

(1) نقل عليه دعوي الاجماع من جماعة كثيرة و عن بعض الاجلة اتفاق العامة و الخاصة عليه مضافا الي أن عدم الوجوب مقتضي الاصل و يضاف الي ذلك كله النص الخاص.

لاحظ ما رواه زرارة و عبيد بن زرارة جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

ايما رجل كان له حرث أو ثمرة فصدقها فليس عليه فيه شي ء و ان حال عليه الحول عنده الا أن يحول مالا فان فعل ذلك فحال عليه الحول عنده فعليه أن يزكيه و الا فلا شي ء عليه و ان ثبت ذلك ألف عام اذا كان بعينه فانما عليه فيها صدقة العشر فاذا أداها مرة واحدة فلا شي ء عليه فيها حتي يحوله مالا و يحول عليه الحول و هو عنده «1».

(2) ادعي عليه نفي الخلاف بين المسلمين و يدل علي المدعي بعض النصوص لاحظ ما رواه زرارة و بكير جميعا عن أبي جعفر عليه السلام قال في الزكاة ما كان يعالج بالرشا و الدوالي و النضح ففيه نصف العشر و ان كان تسقي من غير علاج

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب زكاة الغلات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 419

و لا يعتد بالاخر فالعمل علي الغالب (1)

و ان كانا بحيث يصدق الاشتراك عرفا و ان كان السقي باحدهما أكثر من الاخر يوزع الواجب فيعطي من نصفه العشر و من نصفه الاخر نصف العشر (2) و اذا شك في صدق

______________________________

بنهر أو عين أو بعل أو سماء ففيه العشر كاملا «1».

(1) عملا بالنصوص الواردة في المقام فان الحكم تابع لموضوعه ففي كل مورد صدق عنوان السقي بالدوالي مثلا يثبت نصف العشر و في كل مورد صدق عنوان السقي سيحا مثلا يترتب عليه وجوب تمام العشر.

(2) ادعي عليه الاجماع و استدل عليه بما رواه معاوية بن شريح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: فيما سقت السماء و الانهار أو كان بعلا فالعشر فأما ما سقت السواني و الدوالي فنصف العشر قلت له: فالارض تكون عندنا تسقي بالدوالي ثم يزيد الماء و تسقي سيحا فقال: ان ذا ليكون عندكم كذلك؟ قلت: نعم قال: النصف و النصف نصف بنصف العشر و نصف بالعشر فقلت: الارض تسقي بالدوالي ثم يزيد الماء (و) فتسقي السقية و السقيتين سيحا قال: و كم تسقي السقية و السقيتين سيحا؟ قلت: في ثلاثين ليلة أو أربعين ليلة و قد مكث قبل ذلك في الارض ستة أشهر سبعة أشهر قال: نصف العشر «2».

و هذه الرواية و ان كانت دالة علي المدعي و لكنها ضعيفة سندا بمعاوية بن شريح حيث انه لم يوثق و عمل المشهور به لا يجبر ضعفها كما هو المقرر فعليه لا يمكن الاستناد في هذا الحكم الي الحديث المذكور و أما الاجماع المدعي في المقام فان ثبت تحققه و كونه تعبديا كاشفا يكفي للاستناد لكن كيف يمكن اثباته و أما النصوص الاولية الدالة علي العشر و نصف العشر فلا

تشمل صورة الاشتراك.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب زكاة الغلات الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 6 من ابواب زكاة الغلات.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 420

الاشتراك و الغلبة كفي الاقل (1) و الاحوط استحبابا الاكثر (2).

[مسألة 37: المدار في التفصيل المتقدم علي الثمر لا علي الشجر]

(مسألة 37): المدار في التفصيل المتقدم علي الثمر لا علي الشجر فاذا كان الشجر حين غرسه يسقي بالدلاء فلما أثمر صار يسقي بالنوازير أو السيح عند زيادة الماء وجب فيه العشر و لو كان بالعكس وجب فيه نصف العشر (3).

[مسألة 38: الأمطار المعتادة في السنة لا تخرج ما يسقي بالدوالي عن حكمه]

(مسألة 38): الامطار المعتادة في السنة لا تخرج ما يسقي بالدوالي عن حكمه الا اذا كثرت بحيث يستغني عن الدوالي فيجب حينئذ العشر أو كانت بحيث توجب صدق الاشتراك في السقي فيجب التوزيع (4).

______________________________

و بعبارة اخري: صورة الاشتراك خارجة عن تحت كلا الدليلين فتصل النوبة الي الاصل و مقتضاه البراءة عن الزائد و القدر المعلوم وجوبه نصف العشر لكن مقتضي الاحتياط رعاية الاشتراك فلاحظ.

(1) لعدم تنجز الاكثر و مقتضي الاصل عدم وجوبه.

(2) فانه لا اشكال في حسن الاحتياط بل في استحبابه.

(3) فانه الظاهر من الدليل لاحظ ما عن أبي جعفر عليه السلام «1» قال عليه السلام في هذا الحديث: «ما كان يعالج بالرشا و الدوالي و النضح ففيه نصف العشر» فان مصداق الموصول هي الثمرة كما أن نصف العشر فيها كذلك فما أفاده في المتن تام.

(4) اذ المناط صدق الموضوع فاذا فرض عدم تأثير الأمطار في تغير الموضوع

______________________________

(1) لاحظ ص: 418

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 421

[مسألة 39: إذا أخرج شخص الماء بالدوالي عبثا أو لغرض فسقي به آخر زرعه فالظاهر وجوب العشر]

(مسألة 39): اذا أخرج شخص الماء بالدوالي عبثا أو لغرض فسقي به آخر زرعه فالظاهر وجوب العشر و كذا اذا أخرجه هو عبثا أو لغرض آخر ثم بدا له فسقي به زرعه و أما اذا أخرجه لزرع فبدا له فسقي به زرعا آخر أو زاد فسقي به غيره فالظاهر وجوب نصف العشر (1).

[مسألة 40: ما يأخذه السلطان باسم المقاسمة و هو الحصة من نفس الزرع لا يجب اخراج زكاته]

(مسألة 40): ما يأخذه السلطان باسم المقاسمة و هو الحصة من نفس الزرع لا يجب اخراج زكاته (2).

______________________________

كما هو المفروض فلا أثر لها. و صفوة القول: انه مع صدق الاشتراك يجب التوزيع علي مبني القوم و في صورة صدق واحد من العنوانين فقط يترتب عليه حكمه فلاحظ.

(1) بتقريب: ان المستفاد من النصوص ان المناط في العشر و نصفه تكلف الزارع للسقي و عدمه. لكن الجزم به مشكل و المرجع اطلاق الادلة و حكمة الاحكام لا تغير الظواهر فالحق خلافه.

(2) بلا خلاف و لا اشكال كما في بعض الكلمات و يدل عليه بعض النصوص لاحظ ما رواه أبو بصير و محمد بن مسلم جميعا عن أبي جعفر عليه السلام انهما قالا له: هذه الارض التي يزارع أهلها ما تري فيها؟ فقال: كل أرض دفعها إليك السلطان فما حرثته فعليك مما أخرج اللّه منها الذي قاطعك عليه و ليس علي جميع ما أخرج اللّه منها العشر انما عليك العشر فيما يحصل في يدك بعد مقاسمته لك «1».

مضافا إلي أنه يشترط في وجوب الزكاة الملكية و التمكن من التصرف و من الظاهر انه ليس للمالك التصرف في حصة السلطان فالنتيجة انه لا بد من كون الباقي بعد اخراج حصته بالغا حد النصاب و مع عدم بلوغ الباقي ذلك الحد لا يكون

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من

أبواب زكاة الغلات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 422

[مسألة 41: المشهور استثناء المؤن التي يحتاج اليها الزرع و الثمر]

(مسألة 41): المشهور استثناء المؤن التي يحتاج اليها الزرع و الثمر من اجرة الفلاح و الحارث و الساقي و العوامل التي يستأجرها للزرع و اجرة الارض و لو غصبا و نحو ذلك مما يحتاج اليه الزرع أو الثمر و منها ما يأخذه السلطان من النقد المضروب علي الزرع المسمي بالخراج و لكن الاحوط في الجميع عدم الاستثناء (1).

______________________________

موضوعا للزكاة.

(1) و القول المشهور مختار جملة من الاعاظم- علي ما نسب اليهم- و ما ذكر في مقام الاستدلال علي هذا القول وجوه: الوجه الاول: اصالة البراءة. و فيه انه لا مجال للأصل بعد اطلاق دليل العشر و نصفه. الوجه الثاني: قاعدة لا ضرر بتقريب ان اداء الزكاة ضرر علي المالك و فيه ان قاعدة لا ضرر لا تنفي الحكم الضرري فيما يكون مورده الضرر بحسب الدليل و لذا يجب الخمس و الزكاة و الكفارات و الحج و الجهاد فالمحكم اطلاق دليل النصف و العشر.

مضافا الي أن الاستدلال بقاعدة لا ضرر يتم علي مذهب القوم القائلين بأن مفادها نفي الحكم الضرري و أما علي المسلك المنصور من أن مفادها النهي فلا فلاحظ.

الوجه الثالث: قاعدة نفي الحرج. و فيه: اولا: ان الدليل اخص من المدعي و ثانيا ان مقتضي الحرج رفع الوجوب و عدم تعلقه بالاداء كبقية الحقوق المالية لا رفع الحكم الوضعي لكنه هل يمكن الالتزام بعدم وجوب اداء مملوك الغير استنادا الي الحرج

الوجه الرابع: ما ورد في استثناء حصة السلطان. و فيه: ان النص الوارد فيها يدل علي اخراج ما يكون ملكا للسلطان فلا جامع بين المقامين بل اذ افرضنا قيام

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 423

______________________________

دليل دال

علي استثناء كل ما يأخذه السلطان فلا وجه لتسرية الحكم الي المقام و القياس باطل.

الوجه الخامس: ما عن الفقه الرضوي: «و ليس في الحنطة و الشعير شي ء الي أن يبلغ خمسة اوسق الي أن قال: فاذا بلغ ذلك و حصل بغير خراج السلطان و معونة العمارة و القرية اخرج منه العشر «1». و فيه: ان الفقه الرضوي لا اعتبار به

الوجه السادس: قوله تعالي: وَ يَسْئَلُونَكَ مٰا ذٰا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ» «2» بتقريب: ان المراد بالعفو الزائد عن المئونة فيجوز استثناء المئونة. و يرد عليه اولا: ان الكلام في المقام في مؤنة الزرع و المستفاد من الاية مؤنة الشخص.

و ثانيا: ان المستفاد من الاية اتفاق جميع الزائد و الكلام في المقام في اخراج العشر أو نصفه.

و لأجل توضيح الحال نقول: نقل عن ابن عباس ان شأن نزول الاية الشريفة ان المسلمين بعد ما امروا بالانفاق لتقوية الإسلام و شوكته سألوا النبي الاكرم صلي اللّه عليه و آله و سلم عن مقدار الانفاق فنزلت الاية فلا ترتبط بالمقام.

الوجه السابع: قوله تعالي «خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ» «3» بتقريب:

ان العفو عبارة عن الزائد عن مقدار المئونة فلا يجب علي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم أن يأخذ الزائد علي هذا المقدار.

و فيه: ان المراد من الاية لو كان ما ذكر كان مقتضاه أخذ جميع الزائد و الحال

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 6 من أبواب زكاة الغلات الحديث: 1

(2) البقرة/ 219

(3) الاعراف/ 198

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 424

______________________________

ان الواجب هو العشر أو نصفه مضافا الي أن الظاهر من الاية علي المعني المذكور الزائد علي مؤنة الشخص و الكلام في المقام في الزائد علي مؤنة الزرع.

اضف الي ذلك ان

العفو كما يظهر من الكلمات قد يكون بمعني التسهيل و في المقام يمكن أن يكون بهذا المعني قال في تفسير الصافي «خذ العفو أي خذ ما عفا لك من أفعال الناس و اخلاقهم و ما تأتي منهم من غير كلفة و تسهل و لا تطلب ما يشق عليهم و لا تداقهم و اقبل الميسور منهم» «1» الي آخره. فلا ترتبط الاية بالمقام.

الوجه الثامن ما رواه زرارة و محمد بن مسلم و أبو بصير جميعا عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: لا يترك للحارس أجرا معلوما و يترك من النخل معا فارة و أم جعرور و يترك للحارس يكون في الحائط العذق و العذقان و الثلاثة لحفظه اياه «2» بتقريب انه استثني اجرة الحارس فالمئونة خارجة.

و يرد عليه اولا: انه لا يستفاد من الحديث ان المراد اجرة الحارس و الا كان المناسب أن يقول: «و يترك للمالك المقدار المساوي لما عينه للحارس» فيمكن أن يكون المذكور حقا وجوبيا أو استحبابيا. و ثانيا: سلمنا المدعي لكن أي دليل دل علي التعميم.

و بعبارة اخري: الكلام في مطلق المؤن و الرواية واردة في فرد منها و مثل الحديث المذكور تقريبا و اشكالا ما عن أبي عبد اللّه عليه السلام في زكاة التمر و الزبيب قال: يترك للحارس العذق و العذقان و الحارس يكون في النخل ينظره فيترك ذلك

______________________________

(1) الصافي ج 2 ص: 260

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب زكاة الغلات الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 425

نعم المؤن التي تتعلق بالزرع أو الثمر بعد تعلق الزكاة يمكن احتسابها علي الزكاة بالنسبة مع الاذن من الحاكم الشرعي (1).

[مسألة 42: يضم النخل بعض الي بعض]

(مسألة 42): يضم النخل بعض الي بعض و ان كانت

في أمكنة

______________________________

لعياله «1».

الوجه التاسع: ان المال مشترك بين المالك و مالك الزكاة و مقتضي الشركة أن تحسب المؤن علي مقتضاها فحساب المئونة بعد تعلق الزكاة علي خصوص المالك يتوقف علي دليل مفقود فاذا ثبت المدعي بعد تعلق الوجوب ثبت الحكم بالنسبة الي المؤن المتقدمة علي زمان الوجوب بعدم القول بالفصل.

و يرد عليه: ان عدم القول بالفصل غير القول بعدم الفصل فلا مانع من التفصيل.

مضافا الي الاشكال في اساس الاستدلال لان حصول النصاب المشترك بين المالك و الزكاة يتوقف علي صرف المؤن فمع صرفها و حصول النصاب في أو انه يتعلق به الزكاة و الوجوب بادائها و مع عدم صرف المئونة و عدم حصول النصاب لا موضوع للكلام و لا تجب الزكاة.

و بعبارة اخري: الشركة تتوقف علي صرف المئونة فرتبة الشركة متأخرة عن صرف المئونة فلا مجال لان يقال الشركة تقتضي التوزيع و ان شئت قلت: ان المدعي في المقام ملاحظة النصاب بعد استثناء المؤن و هذا لا يرتبط بأن الشركة تقتضي الاحتساب علي الزكاة بالنسبة.

(1) بدعوي ان الاحتساب بهذا النحو مقتضي الشركة و بعبارة اخري: المصارف المترتبة بعد تحقق النصاب لا بأس باحتسابها علي نحو الاشتراك كما في المتن اذ بعد تحقق النصاب يكون المال مشتركا بين المالك و الزكاة و مقتضي الشركة التوزيع.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 426

متباعدة و تفاوتت في الادراك بعد أن كانت الثمرتان لعام واحد و ان كان بينهما شهر أو أكثر و كذا الحكم في الزروع المتباعدة فليلحظ النصاب في المجموع فاذا بلغ المجموع النصاب وجبت الزكاة و ان لم يبلغه كل واحد منها (1) و أما اذا كان نخل يثمر في العام مرتين ففي الضم

فيه اشكال (2) و ان كان الضم أحوط وجوبا (3).

[مسألة 43: يجوز دفع القيمة عن الزكاة من النقدين و ما بحكمهما من الأثمان]

(مسألة 43): يجوز دفع القيمة عن الزكاة من النقدين و ما بحكمهما من الاثمان كالأوراق النقدية (4).

______________________________

(1) ادعي عليه اجماع المسلمين و الدليل عليه اطلاق نصوص وجوب الزكاة فان الميزان الوصول الي حد النصاب.

(2) بدعوي صدق التعدد و احتمال كونها في حكم ثمرة عامين. و فيه: ان مجرد الاحتمال لا أثر له و لا نري فارقا بينه و بين ما يكون بعض النخيل بعيدا عن البعض الاخر و لكن ثمرة الكل تصل الي حد النصاب و صفوة القول انه يصدق النصاب علي المجموع فتجب الزكاة بمقتضي اطلاق دليلها.

(3) بل الاقوي و اللّه العالم.

(4) قال في المستمسك: «أما في الغلات و النقدين فالظاهر الاتفاق عليه بل عن جماعة كثيرة نقل الاجماع صريحا أو ظاهرا عليه» الي أن قال: «و أما في الانعام ففي الخلاف جوازه أيضا مستدلا عليه باجماع الفرقة و اخبارهم و عن المحقق: منع الاجماع و عدم دلالة الاخبار علي موضع النزاع و عن المقنعة: لا يجوز اخراج القيمة في زكاة الانعام» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و من النصوص الواردة في المقام ما رواه محمد بن خالد البرقي «1» و هذه

______________________________

(1) لاحظ ص: 378

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 427

______________________________

الرواية ضعيفة بالبرقي. و منها: ما رواه يونس بن يعقوب «1» بتقريب: ان المستفاد من الرواية بحسب الظهور الشراء قبل الاعطاء فيكون الشراء بالزكاة.

و فيه: اولا: ان الرواية ليست ظاهرة في المدعي بل الظاهر منها ان الاشتراء بعد الاعطاء و كون «اشتري» بيانا للإعطاء لا دليل عليه و من الظاهر ان التصرف في الزكاة بعد الاعطاء باذن الفقير لا بأس به.

و ثانيا: سلمنا المدعي لكن لا

يدل علي المقصود اذ الملحوظ في الرواية جواز الاشتراء لهم لكونه أصلح بحالهم و أما المعطي اي شي ء فليس ملحوظا فمن الممكن ان المالك يأخذ الدرهم أو الدينار من العين التي تعلق بها الزكاة و يشتري للفقير شيئا فاي دلالة في هذه الرواية علي المدعي اضف الي ذلك كله ان الرواية مخدوشة سندا كما مر في المسألة: 17.

و منها: ما رواه علي بن جعفر «2» و هذه الرواية تامة سندا و أما من حيث الدلالة فانما تدل علي جواز اعطاء كل من الدينار و الدرهم بدلا عن الاخر فيختص بخصوص الدرهم و الدينار و لا يبعد أن يستفاد من الرواية جواز الاعطاء بمطلق الاثمان و لو كان الثمن من الاوراق النقدية فان قوله: «بالقيمة» يفهم منه ان الملاك احتساب ما عليه بالقيمة فلا فرق بين الاثمان سيما مع هجر المعاملة بالدينار و الدرهم كالعصور المتأخرة عن عصر الائمة عليهم السلام انما الكلام في اختصاص الحديث بزكاة النقدين فما وجه التسرية الي بقية الموارد اي الغلات و الانعام.

و يمكن أن يستدل علي عموم الحكم بالسيرة الجارية بين المتشرعة فانهم لا يفرقون

______________________________

(1) لاحظ ص: 378

(2) لاحظ ص: 378

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 428

[مسألة 44: إذا مات المالك بعد تعلق الوجوب وجب علي الوارث اخراج الزكاة]

(مسألة 44): اذا مات المالك بعد تعلق الوجوب وجب علي الوارث اخراج الزكاة (1) أما لو مات قبله و انتقل الي الوارث فان بلغ نصيب كل واحد النصاب وجبت علي كل واحد منهم زكاة نصيبه و ان بلغ نصيب بعضهم دون نصيب الاخر وجبت علي من بلغ نصيبه دون الاخر و ان لم يبلغ نصيب واحد منهم لم تجب علي واحد منهم (2) و كذا الحكم فيما اذا كان الانتقال بغير الارث كالشراء أو

الهبة (3).

[مسألة 45: إذا اختلفت أنواع الغلة الواحدة يجوز دفع الجيد عن الأجود]

(مسألة 45): اذا اختلفت أنواع الغلة الواحدة يجوز دفع الجيد عن الاجود (4).

______________________________

بين الموارد و لو لم يكن جائزا لبان و ظهر و مما يؤيد المدعي ما ورد من النصوص الدالة علي جواز احتساب الدين منها الوارد في الباب 49 من أبواب المستحقين من الوسائل و سيأتي ذكر بعضها في ذيل مسأله 75.

(1) اذ المفروض ان ما تركه مشترك بينه و بين حق الزكاة فلا ينتقل بتمامه الي الوارث فيجب عليه الاخراج.

(2) اذ المفروض تحقق موضوع الزكاة عنده فتجب عليه و أما من لم يتحقق عنده الموضوع فلا تجب كما هو ظاهر.

(3) كما هو ظاهر فان حكم الامثال واحد.

(4) و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان ما أفاده لا يتم الا علي القول بأن المجعول الفرد المردد اي الكلي في المعين اذ الكلي يصدق علي كل فرد من أفراده و أما علي القول بالاشاعة فيشكل اذ المفروض ان الفقير شريك مع المالك فلا بد

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 429

و الردي ء عن الردي ء (1) و في جواز دفع الردي ء عن الجيد اشكال و الاحوط وجوبا العدم (2).

[مسألة 46: الأقوي أن الزكاة حق متعلق بالعين]

(مسألة 46): الاقوي ان الزكاة حق متعلق بالعين (3) لا علي

______________________________

من رعاية حق الفقراء حتي بالنسبة الي الاجودية كما أن الامر كذلك لو قلنا بأن تعلق حق الزكاة كالشركة في المالية نظير ارث الزوجة من البناء حيث انها شريكة مع الورثة في المالية فقط فعلي كلا التقديرين يشكل.

الا أن يقال: انه فهمنا من كون الاختيار بيد المالك علي الاطلاق و لم يراع الشارع حق الفقير بالنسبة الي هذه الجهة و يدل علي المدعي ما عن أمير المؤمنين عليه السلام «1» فانه عليه السلام أمر مصدقه أن يأخذ من المال

ما يختاره المالك و لم يفصل فيفهم من اطلاق الرواية انه له أن يدفع الجيد عن الاجود فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر فانه لا وجه لوجوب دفع الجيد عن الردي ء.

(2) قد تقدم الكلام في هذه المسألة في زكاة الانعام و الغلات و قلنا: انه لا يجوز و اللّه العالم.

(3) هذا هو المشهور بين القوم بل عن المنتهي انه مذهب علمائنا أجمع و في مقابل هذا القول المشهور قول شاذ و هو انها متعلقة بالذمة لا غير و استدل علي المشهور بجملة من النصوص:

منها: ما رواه الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: في الصدقة فيما سقت السماء و الانهار اذا كانت سيحا أو كان بعلا العشر و ما سقت السواني و الدوالي بالغرب فنصف العشر «2». و منها: ما رواه زرارة و بكير «3» و منها: ما

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب زكاة الغلات الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 418

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 430

______________________________

رواه بريد بن معاوية «1».

و منها: ما يدل علي أن اللّه تعالي جعل للفقراء في مال الاغنياء نصيبا «2» و أورد سيد المستمسك قدس سره علي الاستدلال: بأنه يحتمل أن يكون المراد ما يعم جعل الحق و جعل العين فلا يدل علي الثاني و كذا موثق أبي المعزا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان اللّه تبارك و تعالي أشرك بين الاغنياء و الفقراء في الاموال فليس لهم أن يصرفوا الي غير شركائهم «3».

و فيه: ان مجرد الاحتمال لا يوجب رفع اليد عن الظهور كما هو ظاهر و الا لا يبقي مجال للعمل بالظواهر و الحال ان حجية الظواهر من الاصول الاولية.

و

منها: النصوص الدالة علي الاخراج و العزل «4» فان هذه النصوص تدل بالظهور العرفي علي أن المال مشترك بين المالك و الزكاة و هذا هو المدعي.

و منها: ما يدل علي عدم ضمان المالك اذا تلف المال بغير تفريط كمرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يكون له ابل أو بقر أو غنم أو متاع فيحول عليها الحول فتموت الابل و البقر و الغنم و يحترق المتاع قال ليس عليه شي ء «5».

فانه يستفاد من هذه الرواية ان الزكاة في العين و اذا كانت في الذمة لم يكن

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب الحديث: 9 و 10 و 3

(3) الوسائل الباب 2 من ابواب المستحقين الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 52 من أبواب المستحقين و سيأتي ذكر بعض الروايات في ذيل مسألة: 47

(5) الوسائل الباب 12 من ابواب زكاة الانعام الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 431

وجه الاشاعة (1).

______________________________

وجه للبراءة بل كان واجبا عليه ادائها: اضف الي ذلك ما أفاده في الجواهر «1» من أنه حكي الاتفاق علي تقدمها علي الدين اذ اقصرت التركه و كانت عين النصاب باقية.

(1) يمكن الاستدلال علي أن تعلقها بالعين بنحو الاشاعة ببعض النصوص الاول: ما يدل علي كون الزكاة العشر أو نصفه في زكاة الغلات فان الظاهر من العشر و نحوه هي الاشاعة و الكسر المشاع.

و أورد عليه سيد المستمسك قدس سره: «بأن التعبير بالكسر لم يقع في زكاة الانعام و النقدين و ما ورد في الانعام و النقدين ظاهر في خلاف الاشاعة و ارجاعه الي الاشاعة كي يطابق مع ما

ورد في الغلات ليس بأولي من العكس.

ان قلت: لا موجب لحمل احد الموردين علي الاخر بل يعمل بظاهر كل من الدليلين في مورده. قلت: التفكيك و ان كان مقتضي الصناعة الا انه خلاف المرتكز في أذهان المتشرعة و خلاف المستفاد من النصوص الدالة علي أن رسول اللّه عليه و آله وضع الزكاة علي تسعة اشياء لاحظ ما رواه ابن سنان «2» فان الظاهر من الرواية ان جعل الزكاة علي الاشياء المذكورة علي نسق واحد» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و يمكن أن يقال: ان الارتكاز المذكور حصل من استنباطات الاصحاب و ذهابهم الي أن تعلق الزكاة بهذه الاشياء علي نسق واحد و بعبارة اخري: هذا الارتكاز المذكور ليس في حد يكون قلا بلا للمنع عن العمل بظواهر الادلة و أما

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 15 ص: 139

(2) لاحظ ص: 349

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 432

______________________________

النص فالمستفاد منه ان الزكاة مجعولة علي الاشياء المذكورة و اما كونه ظاهرا في أن تعلقها بها علي نسق واحد فمحل تأمل و اشكال مضافا الي أن ظهوره في المدعي لا يقتضي رفع اليد عن ظهور دليل الاشاعة فان غاية ما في الباب أن يكون ذلك النص و أمثاله ظاهرة في أن تعلق الزكاة علي نحو واحد لكن ترفع اليد عن هذا الظهور بظهور دليل الاشاعة فيها.

و ان شئت قلت: ظهور دليل الاشاعة فيها أقوي من ظهور النص في التسوية.

ان قلت: ان كانت الشركة بنحو الاشاعة كان مقتضاها عدم جواز تأدية الزكاة من غير ما تعلقت به الزكاة و الحال انه يجوز. قلت: بعد ما استفيد من الدليل الجواز لا مجال لهذا الاشكال اذ الشارع يمكنه أن يتفضل علي المالك و يجوز له

ارفاقا.

ان قلت المستفاد من حديث بريد «1» ان تعلق الزكاة بالمال ليست علي نحو الاشاعة حتي في الغلات اذ الاشاعة تستلزم قسمة المال المشترك و الحال انه عليه السلام لم يأمر مصدقه بالقسمة بل أمره بخلافها.

قلت: يمكن أن يكون لطفا من الشارع الاقدس اذ القسمة في العين المشتركة حكم شرعي و ليست قاعدة عقلية غير قابلة للتخصيص و أما قوله عليه السلام «فان أكثره له» ظاهر- لو لم يكن صريحا- في الاشاعة. فالنتيجة: ان مقتضي العمل بجملة من النصوص ان الشركة بنحو الاشاعة بالنسبة الي الغلات و لم يتم دليل علي بطلان التفصيل بين الموارد.

و يمكن أن يرد علي هذا القول- كما أورد سيدنا الاستاد- «2» بأن النصوص الواردة في المقام علي طوائف: الطائفة الاولي: ما يدل علي أن الواجب هو

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 1

(2) مستند العروة كتاب الخمس ص: 288

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 433

______________________________

الكلي في المعين لاحظ ما عن أبي جعفر أبي عبد اللّه عليهما السلام «1».

الطائفة الثانية: ما يدل علي الاشاعة لاحظ النصوص الواردة في الغلات كقوله عليه السلام: «فيما سقته الماء العشر» و منها: ما هو صريح في الشركة في المالية كقوله عليه السلام: «في خمس من الابل شاة» حيث ان الشاة لا يتصور دخولها في الابل بنحو الاشاعة كما أنه لا يتصور كونها بنحو الكلي في المعين اذ الشاة ليست من أفراد الابل فينحصر كونها مجعولة بنحو الشركة في المالية.

و بعبارة اخري: المستفاد من ادلة الزكاة كون الفقير شريكا مع المالك انما الشك في أن هذه الشركة بأي نحو هذا من ناحية و من ناحية اخري النصوص الواردة الدالة علي وجوب الزكاة في الاجناس الزكوية

كما ذكرنا و من ناحية ثالثة المستفاد من قوله تعالي: «إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ» «2» الي آخر الاية جعل الزكاة علي الاجناس الزكوية علي نحو واحد فلا يمكن التفكيك بين تلك الاقسام و حيث ان الدليل علي كونها بنحو الشركة في المالية كقوله عليه السلام: «في خمس من الابل شاة» صريح يحمل ما ظاهره غيرها عليها و يلتزم بأن تعلق حق الفقير في تلك الانواع علي نحو الشركة في المالية في جميعها.

و يرد عليه اولا: ان المستفاد من الاية الشريفة ان الزكاة للفقير و غيره من الانواع المذكورة في الاية الشريفة علي نحو الاطلاق و أما تعلق الصدقة بالمال بأية كيفية و اي نحو فلا تكون الاية متعرضة لها. و بعبارة اخري: ليس المولي جل ذكره في مقام البيان من هذه الجهة و لا دليل علي ما ادعاه فلا يمكن الاستدلال بالآية علي المدعي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 373

(2) التوبة/ 60

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 434

______________________________

و ثانيا: انه لم يعلم تقريب كون بعض الادلة صريحا في مدلوله دون البعض الاخر بل الحق ان كل طائفة من الطوائف من النصوص المشار اليها ظاهرة في مدلولها الا أن يقال ان قوله عليه السلام في خمس من الابل شاة صريح في الشركة في المالية لكن نقول: لا وجه لتقديم بعض الادلة علي البعض الاخر.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم انه لا وجه لرفع اليد عن ظهور الدليل في الاشاعة بالنسبة الي الغلات و أما بالنسبة الي الانعام فأما بالنسبة الي الشاة فالمستفاد من جملة من النصوص ان الواجب فيها بنحو الكلي في المعين المعبر عنه بالفرد المردد لاحظ ما رواه الفضلاء «1».

و استشكل سيد المستمسك قدس سره علي الاستدلال بهذه الرواية و

أمثالها علي المدعي بأن الاستدلال علي المدعي انما يتم علي تقدير كون الظرف مستقرا و متعلقا بأفعال العموم من الكون و نحوه و الحال ان الظرف لغو و يكون متعلقا بفعل مقدر مثل «يجب» و الشاهد علي هذه الدعوي انه صرح في جملة من النصوص بالفعل المقدر كرواية زرارة «2» و رواية الفضلاء كلهم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا: فرض اللّه عز و جل الزكاة مع الصلاة في الاموال و سنها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في تسعة أشياء و عفي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عما سواهن:

في الذهب و الفضة و الابل و البقر و الغنم و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و عفي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عما سوي ذلك «3».

______________________________

(1) لاحظ: ص 373

(2) لاحظ ص: 353

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 435

______________________________

و رواية الفضلاء «1» و رواية اسحاق بن عمار «2» و ما رواه الحسين بن يسار (بشار) «3» و ما رواه المفضل بن عمر قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فسأله رجل في كم تجب الزكاة من المال؟ فقال له: الزكاة الظاهرة أم الباطنة تريد؟ فقال: اريدهما جميعا فقال: أما الظاهرة ففي كل ألف خمسة و عشرون درهما و أما الباطنة فلا تستأثر علي أخيك بما هو أحوج اليه منك «4».

و رواية حبيب الخثعمي أن أبا عبد اللّه جعفر بن محمد عليهما السلام سئل عن الخمسة في الزكاة من المائتين كيف صارت وزن سبعة و لم يكن هذا علي عهد رسول

اللّه صلي اللّه عليه و آله فقال: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله جعل في كل أربعين أوقية أوقية فاذا حسبت ذلك كان علي وزن سبعة و قد كانت وزن ستة كانت الدراهم خمسة دوانيق الحديث «5».

و رواية زرارة «6» و رواية محمد ابن جعفر الطيار «7» بتقريب: ان المستفاد من هذه النصوص ان المظروف في قوله «في أربعين شاة شاة» هو الوجوب لا الزكاة فيكون المقام نظير قولهم في القتل خطأ الدية.

و بعبارة اخري: لفظ الجار في المقام ليس للسببية كي يقال: بأنه خلاف الظاهر بل الظرف ظرف للحكم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 387

(2) لاحظ ص: 377

(3) لاحظ ص: 398

(4) الوسائل الباب 3 من ابواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 4 من أبواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 1

(6) لاحظ ص: 343

(7) لاحظ ص: 351

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 436

______________________________

و يرد عليه: انه لا دليل علي كون الظرف لغوا. و ان شئت قلت: مقتضي الظهور الاولي أن الظرف ظرف لنفس الزكاة اذا الظرف اذا كان خبرا أو حالا أو صفة أو صلة يكون متعلقا بالفعل العام اي الكائن و نحوه و رفع اليد عن الظهور يتوقف علي قيام دليل علي خلافه و هذه النصوص المشار اليها لا تنافي ذلك الظهور بوجه اذ لا منافاة بين جعل الزكاة بنحو الكلي في المعين كشاة في الاربعين و بين ايجابها علي المكلف. و بعبارة واضحة: لا تنافي بين كون المال الزكوي ظرفا للزكاة نفسها و ظرفا للحكم التكليفي.

ثم انه قدس سره أفاد: بأنه يعين ما أفاده ما في كثير من النصوص من التعبير بمثل قوله عليه السلام: «عليه فيه الزكاة» لاحظ ما رواه سماعة

«1» و مثله كثير.

بدعوي: ان المراد لو كان ان الزكاة في نفس المال لا معني ظاهر لقوله: «عليه» اي علي المالك فالمراد منه هو المراد من قولهم «عليه الدية».

و فيه: انه لا تنافي بين الامرين اذ لا اشكال في أن جعل الزكاة في مال احد بلا اختياره يكون عليه و ليس له كما أن ايجاب كل شي ء علي المكلف يكون عليه بل هذه الرواية بنفسها تدل علي أن الزكاة في المال فان المستفاد من الحديث ان الزكاة الواجبة في المال.

و ان أبيت عما ذكر و قلت: ان ظاهر الحديث و أمثاله ان الزكاة بنفسها علي المكلف فلا تكون متعلقة بالمال فنقول: هذا التقريب يهدم اساس البحث اذ الكلام في تعلق الزكاة بالمال بأي نحو.

______________________________

(1) لاحظ ص: 340

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 437

______________________________

و بعبارة اخري: تعلق الزكاة بالعين لا بالذمة أمر مفروغ عنه و أفاد سيد المستمسك قدس سره بنفسه في أول البحث في شرح قول سيد العروة قدس سره:

«كما هو المشهور بل عن المصابيح انه كاد أن يكون اجماعا و عن التذكره نسبته الي علمائنا و عن المنتهي: انه مذهب علمائنا أجمع و قيل متعلقة بالذمة لا غير و عن بعض ان القائل بذلك مجهول و عن آخر انه شاذ». انتهي.

و صفوة القول: انه لا اشكال عند الاصحاب في أن الزكاة متعلقة بالعين انما الكلام في أن تعلقها بأي نحو فعلي تقدير ظهور الرواية في أنها متعلقة بالذمة لا بد من رفع اليد عنه اضف الي ما تقدم انه يفهم من بعض ما ذكر في هذا الحديث أيضا ان الزكاة في المال لاحظ قوله عليه السلام: «فاذا هو خرج زكاه» فان هذه الجملة بالصراحة تدل

علي أن التزكية متعلقة بالعين فعلي تقدير تمامية الظهور المدعي ترفع اليد عنه بهذه الصراحة فلاحظ.

ثم انه قدس سره أورد علي القول بأن تعلق الزكاة بالمال من قبيل الكلي في المعين بوجوه من الاشكال: الاول: ان الظرفية تقتضي المباينة بين الظرف و المظروف فالالتزام بالظرفية ينافي ما هو قوام لها اذ الكلي ليس مباينا لأفراده.

و فيه: ان الظهور حجة و لا اشكال في أن الظاهر من قوله عليه السلام: «في أربعين شاة شاة» ان المجعول هو الكلي في المعين كما أن الظاهر من قوله: «بعتك صاعا من هذه الصبرة» كذلك.

مضافا الي أنه يمكن أن يقال: بأنه تكفي المغايرة المفهومية فان الكلي في المعين كصاع من الصبرة يغاير أفراد الصبرة مفهوما اذ لا اشكال في أن كل فرد منها لا يمكن أن ينطبق علي غيره و الحال ان الكلي بمفهومه قابل للانطباق علي الكل.

و ان شئت قلت: لا اشكال في أن الكلي في المعين ينتزع عن الافراد الخارجية

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 438

______________________________

و الحال انه ليس هي الافراد فكيف لا يكون مظروفا للأفراد.

الثاني: ان هذا الظهور علي تقدير تسليمه معارض بما ورد في كثير من النصوص المعبر فيها بحرف الاستعلاء بدل حرف الظرفية لاحظ ما رواه أبو بصير و الحسن بن شهاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: وضع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الزكاة علي تسعة أشياء و عفي عما سوي ذلك: علي الذهب و الفضة و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الابل و البقر و الغنم «1».

و ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في حديث قال: و الزكاة علي تسعة أشياء: علي الحنطة و الشعير

و التمر و الزبيب و الابل و البقر و الغنم و الذهب و الفضة «2» و ما رواه الفضلاء «3».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 438

و ما رواه رفاعة النخاس قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام فقال: اني رجل صائغ أعمل بيدي و انه يجتمع عندي الخمسة و العشرة ففيها زكاة؟ فقال: اذا اجتمع الحول فان عليها مأتا درهم فحال عليها الحول فان عليها الزكاة «4».

بتقريب: ان هذه النصوص ظاهرة في أن المجعول علي الاجناس الزكوية أمر خارج موضوع عليها كالضرائب المجعولة في هذه الازمنة علي الاملاك و في بعض النصوص جمع بين حرف الاستعلاء و الظرفية لاحظ ما رواه زرارة «5» فيجب حمل ما يدل علي أن الزكاة بنحو الكلي في المعين أو علي نحو الاشاعة

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 386

(4) الوسائل الباب 2 من ابواب زكاة الذهب و الفضة الحديث: 2

(5) لاحظ ص: 36

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 439

______________________________

علي هذه النصوص الظاهرة في أن المجعول أمر خارج عن العين موضوع عليها.

و فيه: انه لا تنافي بين الطائفتين من الاخبار اذ جعل الزكاة بنحو الاشاعة أو الكلي في المعين أو الشركة في المالية يصحح استعمال لفظ الاستعلاء عرفا.

و بعبارة اخري: يمكن تصوير الظرفية و مع ذلك يصح استعمال حرف الاستعلاء و لذا نري لو استقرض شخص من زيد عشرة توامين يصح أن يقال: ان زيدا مالك للعشرة في ذمة المديون و مع ذلك يصح أن يقال: علي

المديون هذا المقدار من الدين.

و صفوة القول: انه لا مجال لرفع اليد عن ظهور الدليل في الاشاعة أو الكلي في المعين باستعمال لفظ الاستعلاء في مورد آخر سيما مع الجمع بين الامرين في بعض النصوص كما سبق. و ان أبيت عما ذكر فلا أقل من التعارض و علي تقديره لا بد في الترجيح من مرجح و المرجح مع النصوص الدالة علي الظرفية و هو قوله تعالي: وَ فِي أَمْوٰالِهِمْ حَقٌّ لِلسّٰائِلِ وَ الْمَحْرُومِ «1» و قوله: «فِي أَمْوٰالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسّٰائِلِ وَ الْمَحْرُومِ» «2» فان الآيتين صريحتان في الظرفية فلاحظ و اغتنم.

لكن الروايات الواردة في تفسير الاية عن الائمة عليهم السلام تفسر الحق المعلوم الذي في الاموال بغير الزكاة فلاحظ النصوص المشار اليها في الباب 7 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه من الوسائل منها: ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في حديث: و لكن اللّه عز و جل فرض في أموال الاغنياء حقوقا غير الزكاة فقال عز و جل: «وَ الَّذِينَ فِي أَمْوٰالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسّٰائِلِ» فالحق المعلوم غير الزكاة الحديث «3».

______________________________

(1) الذاريات/ 19

(2) المعارج/ 23 و 24

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 440

______________________________

الثالث: انه لا يتم المدعي بالنسبة الي نصب الابل و البقر فان المجعول في خمس من الابل شاة و لا يتصور فيه الاشاعة و لا الكلي في المعين اذ الشاة ليست من جنس الابل ففي كل مورد لا يكون المجعول من أفراد الجنس الزكوي لا تتصور فيه الاشاعة كما لا يتصور فيه الكلي في المعين فلا بد

من رفع اليد عن ظهور جملة من النصوص في الكلي في المعين أو الاشاعة.

و فيه: ان المقرر في الاصول حجية الظواهر فظهور كل دليل حجة في مورده غاية الامر يلزم التفكيك بين الموارد في كيفية الجعل و قد مر انه لم يقم دليل معتبر علي كون المجعول في جميع الموارد علي نسق واحد ففي كل مورد يعمل علي طبق ما يدل الدليل فتكون النتيجة التفرقة بين الموارد في كيفية تعلق الزكاة و لا نري مانعا من هذا الالتزام.

اذا عرفت ما تقدم نقول: مقتضي ما ذكرنا أن نلتزم في زكاة الشاة ان تعلقها بالمال بنحو تعلق الكلي في المعين كما أن المستفاد من ادلة زكاة النقدين كذلك اذ المجعول حسب ما يستفاد عرفا من ادلتها اما الدينار و الدرهم و اما المثقال و علي كل تقدير ينطبق علي الكلي في المعين لاحظ احاديث الحسين و ابن أعين و علي ابن عقبة «1».

فان الدينار أو الدرهم أو المثقال ليست كسر مشاعا كالنصف و الثلث و أمثالهما بل العناوين المذكورة كعنوان صاع بالنسبة الي الصبرة فيكون المجعول في النقدين الكلي في المعين و أما المجعول في الغلات فعلي نحو الاشاعة. و أما المجعول في زكاة الابل و البقر فحيث انه لا يتصور فيها لا الكسر و لا الكلي- كما تقدم- فلا مناص عن الالتزام بأن المجعول فيهما بنحو الشركة في المالية.

______________________________

(1) لاحظ ص: 398- 399

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 441

و لا علي نحو الكلي في المعين (1) و لا علي نحو حق الرهانة (2) و لا علي نحو حق الجناية (3) بل علي نحو آخر و هو الشركة في المالية (4) و عليه فيجوز للمالك التصرف في المال

المتعلق به الزكاة في غير

______________________________

و ما أفاده صاحب الجواهر قدس سره من أن المجعول فيهما بنحو الاشاعة و المراد من قوله عليه السلام: «في الخمس من الابل شاة» هو الكسر المساوي قيمة مع قيمة شاة خروج عن الظهور بل عن الصراحة بغير دليل فلا مجال لان يصار اليه.

فالنتيجة: التفصيل بين الموارد و لكن الاشكال كل الاشكال عدم التزام احد ظاهرا بهذه المقالة و هذا يوجب أن يقع القائل بها موردا للإيراد من قبل ذوي المذاهب كلهم اذ القول بها خرق للإجماع المركب و هل يمكن القيام في قبال الاجماع؟

و اللّه الهادي الي سواء السبيل و عليه التوكل و التكلان و منه يطلب كل خير و هو عالم بحقايق الامور فانقدح مما ذكرنا أن ما أفاده بقوله: «لا علي وجه الاشاعة» ليس صحيحا علي الاطلاق بل علي وجه الاشاعة بالنسبة الي الغلات.

(1) قد ظهر مما تقدم انه علي نحو الكلي في المعين بالنسبة الي زكاة النقدين و زكاة الشاة.

(2) اذ المرتهن لا يكون شريكا مع الراهن في العين المرهونة و في باب الزكاة الفقير شريك مع المالك في المال.

(3) اذ المجني عليه لا يكون شريكا مع مالك الجاني في العبد و لا يكون مالكا لشي ء في ذمة المولي بل للمجني عليه حق الاستيفاء من رقبة العبد و لو ببيعه و أخذه حقه. و صفوة القول: ان العبد لا يخرج عن ملك مولاه بجنايته علي غيره فلاحظ.

(4) قد ظهر مما تقدم ان الامر كذلك بالنسبة الي زكاة الابل و البقر.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 442

مقدارها مشاعا أو غير مشاع (1) نعم لا يجوز له التصرف في تمام النصاب (2) فاذا باعه لم يصح البيع في حصة الزكاة

(3) الي أن يدفعها البائع فيصح بلا حاجة الي اجازة الحاكم أو يدفعها المشتري فيصح أيضا و يرجع بها علي البائع (4) و ان أجاز الحاكم البيع قبل دفع البائع

______________________________

(1) حيث ان الزكاة في الغلات متعلقة بالعين بنحو الاشاعة كما تقدم فلا يجوز التصرف في الجزء المعين منها علي مقتضي القاعدة الاولية من عدم جواز التصرف في الملك المشترك و لا يستفاد من نصوص جواز العزل جواز التصرف في العين قبله و انما الجائز خصوص العزل.

لاحظ ما رواه يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام زكاتي تحل علي في شهر أ يصلح لي أن أحبس منها شيئا مخافة أن يجيئني من يسألني «يكون عندي عدة»؟ فقال: اذا حال الحول فأخرجها من مالك لا تخلطها بشي ء ثم اعطها كيف شئت قال: قلت: فان أنا كتبتها و أثبتها يستقيم لي؟ قال: نعم لا يضرك «1».

(2) اذ جواز تصرف المالك في تمام العين ينافي تعلق حق الغير بها بأي نحو من انحاء التعلق.

(3) كما هو مقتضي القاعدة اذ المفروض أن تصرفه في تمام العين فضولي.

(4) كما دل عليه ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام رجل لم يزك ابله أو شاته عامين فباعها علي من اشتراها أن يزكيها لما مضي؟ قال: نعم تؤخذ منه زكاتها و بتبع بها البائع أو يؤدي زكاتها البائع «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 52 من أبواب المستحقين الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 443

أو المشتري صح البيع (1) و كان الثمن زكاة (2) فيرجع الحاكم به الي المشتري ان لم يدفعه الي البائع (3) و

الا فله الرجوع الي أيهما شاء (4).

[مسألة 47: لا يجوز التأخير في دفع الزكاة من دون عذر]

(مسألة 47): لا يجوز التأخير في دفع الزكاة من دون عذر فان أخره لطلب المستحق فتلف المال قبل الوصول اليه لم يضمن و ان أخره مع العلم بوجود المستحق ضمن نعم يجوز للمالك عزل الزكاة من العين أو من مال آخر مع عدم المستحق بل مع وجوده علي الاقوي فيتعين المعزول زكاة و يكون امانة في يده لا يضمنه الا مع التفريط أو مع التأخير مع وجود المستحق من دون غرض صحيح و في ثبوت الضمان معه كما اذا أخره لانتظار من يريد اعطائه أو للإيصال الي المستحق تدريجا في ضمن شهر أو شهرين أو ثلاثة اشكال و نماء الزكاة تابع لها في المصرف و لا يجوز للمالك ابدالها بعد

______________________________

(1) ما أفاده مبني علي أمرين: احدهما: جواز الفضولي و صحته مع الاجازة المتاخرة ثانيهما: ان الحاكم الشرعي له الولاية علي مثل هذه الامور.

(2) كما هو مقتضي صحة البيع بالاجازة.

(3) كما هو ظاهر اذ المفروض ان الثمن بالاجازة صار ملكا للفقير فلا بد أن يؤخذ منه.

(4) لتعاقب الايدي و لكن هذا انما يتم فيما يكون الثمن شخصيا و أما ان كان كليا فلا وجه لتشخصه باعطائه للبائع و بعبارة اخري: البائع اجنبي كبقية الاجانب فلا مناص عن الرجوع الي المشتري.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 444

العزل (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول: انه لا يجوز التأخير في دفع الزكاة من دون عذر و هذا علي طبق القاعدة الاولية من عدم جواز جس مال الغير و الحيلولة بين الشخص و ماله و يؤيد المدعي ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا أردت أن تعطي زكاتك

قبل حلها بشهر أو شهرين فلا بأس و ليس لك أن تؤخرها بعد حلها «1».

و يستفاد من بعض النصوص جواز التأخير علي الاطلاق لاحظ ما رواه حماد ابن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين و تأخيرها شهرين «2».

و يستفاد من حديث يونس «3» انه يجوز التأخير مع العزل بل يستفاد من الحديث كما في الجواهر «4» انه يكفي الاثبات و الكتابة و ببركة هذه الرواية يقيد ما يدل علي وجوب الدفع علي الاطلاق و ما يدل علي جواز التأخير كذلك فالنتيجة جواز التاخير في بعض الصور مع العزل و أما بلا عزل فلا يجوز التأخير في الدفع فما أفاده تام.

الفرع الثاني: انه لو أخره لطلب المستحق فتلف لم يضمن. و الوجه فيه انه لا مقتضي للضمان اذ المفروض انه لم يفرط و لم يرتكب خلاف الوظيفة و ان شئت قلت: ان يده امانة و ليس علي الامين الا اليمين.

الفرع الثالث: انه لو أخره مع العلم بوجود المستحق فتلف يكون ضامنا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 52 من أبواب المستحقين الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 49 من أبواب المستحقين الحديث: 11

(3) لاحظ ص: 442

(4) ج 15 ص: 460

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 445

______________________________

و الوجه فيه انه في الفرض المذكور تكون يده يد عدوان فالضمان علي القاعدة.

الفرع الرابع: انه يجوز له العزل من العين أو من مال آخر بل يجوز مجرد الاثبات و الكتابة كما مر فيكون المعزول زكاة أما جواز العزل من نفس العين فقد دل عليه النص و قد تقدم و أما من مال آخر فلما مر من عدم وجوب دفع الزكاة من العين الزكوية بل يجوز دفعها بالدراهم و الدنانير.

و يمكن

أن يقال: انه لا دليل علي كفاية العزل من غير العين و بعبارة اخري:

الدليل قائم علي جواز العزل ان كان من نفس العين الزكوية كما أنه قام الدليل علي اعطاء الزكاة من غير العين و أما جواز العزل من غير العين الزكوية فلا دليل عليه فلاحظ.

الفرع الخامس: ان المعزول في يده امانة لا يضمنها الا مع التفريط أو التأخير بلا غرض صحيح و هذا علي طبق القاعدة الاولية أما كون يده امانية فلا اشكال فيه و أما عدم الضمان فلان الامين لا يكون ضامنا علي ما هو المقرر.

الفرع السادس: انه لو أخر الدفع في صورة العزل لغرض صحيح كما لو أخر لإيصاله الي من ينتظره أو الايصال الي المستحق هل يكون ضامنا أم لا؟ الظاهر انه لا وجه للضمان لاحظ ما رواه يونس «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان التأخير في الدفع مع العزل و الغرض الصحيح جائز.

ان قلت: مقتضي اطلاق الرواية جواز التأخير و لو مع عدم الغرض الصحيح.

قلت: المناسبة بين الحكم و الموضوع تقتضي عدم الجواز الا في الصورة الخاصة مضافا الي أنه لا يبعد انه لا خلاف في عدم الجواز في غير هذه الصورة فاذا لم

______________________________

(1) لاحظ ص: 442

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 446

[مسألة 48: إذا باع الزرع أو الثمر و شك في أن البيع كان بعد تعلق الزكاة حتي تكون عليه أو قبله حتي تكون علي المشتري]

(مسألة 48): اذا باع الزرع أو الثمر و شك في أن البيع كان بعد تعلق الزكاة حتي تكون عليه أو قبله حتي تكون علي المشتري لم يجب عليه شي ء (1) حتي اذا علم زمان التعلق و شك في زمان البيع علي الاظهر (2) و ان كان الشاك هو المشتري فان علم بأداء البائع للزكاة علي تقدير كون البيع بعد التعلق لم يجب عليه اخراجها (3) و إلا

وجب عليه حتي اذا علم زمان التعلق و جهل زمان البيع فان الزكاة متعلقة

______________________________

يكن غرض صحيح في التأخير لا يجوز.

الفرع السابع: ان نماء الزكاة تابع لها في المصرف و هذا مقتضي القاعدة الاولية كما هو ظاهر.

الفرع الثامن: انه لا يجوز للمالك ابدالها بعد العزل و هذا أيضا مقتضي القاعدة اذ مع تعين المعزول في الزكاة لا يجوز التصرف فيه الا مع وجود دليل علي الجواز.

(1) اذ هو مقتضي الاصل الموضوعي كما أن مقتضي الاصل الحكمي البراءة عن الوجوب.

(2) لما قرر في محله من عدم الفرق بين معلوم التاريخ و مجهوله في المتعاقبين من الحادثين و ان الاستصحاب يجري في كليهما و بالتعارض يتساقط لكن علي هذا يشكل صحة البيع بعد التعارض فان مقتضي التعارض عدم صحة البيع بالنسبة الي مقدار الزكاة و بعبارة اخري: مع تعارض الاستصحابين يشكل الحكم بصحة البيع بالنسبة فلاحظ.

(3) كما هو ظاهر.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 447

بالعين علي ما تقدم (1).

[مسألة 49: يجوز للحاكم الشرعي و وكيله خرص ثمر النخل و الكرم و الزرع علي المالك]

(مسألة 49): يجوز للحاكم الشرعي و وكيله خرص ثمر النخل و الكرم و الزرع علي المالك و فائدته جواز الاعتماد عليه بلا حاجة الي الكيل و الوزن (2) و الظاهر جواز الخرص للمالك اما لكونه بنفسه

______________________________

(1) اذ بعد العلم بالتعلق يكون مقتضي الاستصحاب عدم اداء المالك فيجب الاداء و حمل فعلي البائع علي الصحة لا يثبت الاداء الا علي القول بكون اصالة الصحة مثبتة و لا نقول به.

و لقائل أن يقول: ان مقتضي امارية اليد علي الملكية الحكم بكون العين بتمامها للمالك فلا يجب الاداء علي المشتري و صفوة القول: انه لا تجب عليه الزكاة في صورة احتمال الاداء علي تقدير التعلق بالنسبة الي البائع فان اليد امارة لملكية ذي

اليد بالنسبة الي ما فيها.

(2) هذا أمر علي طبق القاعدة الاولية و لا يحتاج الي اقامة دليل خاص فان الخارص اذا كان من أهل الخبرة يكون خرصه طريقا الي العلم بالوزن فلا يحتاج الي الكيل و الوزن و ادعي عليه الاجماع و استدل عليه بجملة من النصوص:

منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل:

«يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبٰاتِ مٰا كَسَبْتُمْ وَ مِمّٰا أَخْرَجْنٰا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ لٰا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ» قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اذا أمر بالنخل أن يزكي يجي ء قوم بألوان من التمر و هو من اردي التمر يؤدونه من زكاتهم تمرا يقال له: الجعرور و المعافارة قليلة اللحي عظيمة النوي و كان بعضه يجي ء بها عن التمر الجيد فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا تخرصوا هاتين التمرتين و لا تجيئوا

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 448

من أهل الخبرة أو لرجوعه اليهم (1).

[المقصد الثالث: أصناف المستحقين و أوصافهم]

اشارة

المقصد الثالث:

اصناف المستحقين و أوصافهم

[و فيه مبحثان]
اشارة

و فيه مبحثان:

[المبحث الأول أصنافهم]
[الأول و الثاني الفقير و المسكين]
اشارة

المبحث الاول اصنافهم و هم ثمانية (2) الاول الفقير، الثاني المسكين (3).

______________________________

منهما بشي ء الحديث «1» و منها: ما رواه رفاعة «2»، بتقريب: انه يستفاد من هذه النصوص اعتبار الخرص.

(1) قد ظهر مما تقدم ان الجواز علي طبق القاعدة اذ الخرص طريق الي معرفة المقدار فيجوز اذا كان الخارص خبيرا فلاحظ.

(2) بنص قوله تعالي «إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ الْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقٰابِ وَ الْغٰارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ» «3» الاية و ادعي عليه اجماع المسلمين.

(3) قد وقع الخلاف في معني اللفظين و المستفاد من اللغة انهما اذا اجتمعا افترقا و اذا افترقا اجتمعا و يظهر من بعض النصوص انهما متغايران و المسكين أسوأ حالا من الفقير لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام انه سأله عن الفقير و المسكين فقال: الفقير الذي لا يسئل «4».

و ما رواه أبو بصير يعني ليث بن البختري قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

قول اللّه عز و جل: «إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ» قال الفقير الذي لا يسئل

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب زكاة الغلات الحديث: 1 و 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) التوبة/ 6

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 449

و كلاهما من لا يملك مؤنة سنته اللائقة بحاله له و لعياله (1).

______________________________

الناس و المسكين اجهد منه و البائس اجهدهم الحديث «1».

و حيث ان معيار جواز اخذ الزكاة مستفاد من النصوص فلا يترتب اثر عملي علي تحقيق المقام الا علي القول بوجوب البسط فالاولي صرف عنان الكلام الي بيان الحد المسوغ للأخذ و تحقيق موضوعه.

(1) هذا هو

المشهور و استدل عليه بما رواه ابو بصير قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: يأخذ الزكاة صاحب السبعمائة اذا لم يجد غيره قلت: فان صاحب السبعمائة تجب عليه الزكاة قال: زكاته صدقة علي عياله و لا يأخذها الا أن يكون اذا اعتمد علي السبعمائة انفذها في أقل من سنة فهذا يأخذها و لا تحل الزكاة لمن كان محترفا و عنده ما تجب فيه الزكاة ان يأخذ الزكاة «2».

بتقريب ان المستفاد من الرواية ان السبعمائة اذا لم تكن كافية لمؤنة سنته يجوز له اخذ الزكاة و الا فلا و يدل علي المدعي أيضا ما رواه علي بن اسماعيل الدغشي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن السائل و عنده قوت يوم أ يحل له أن يسأل و ان اعطي شيئا من قبل أن يسأل يحل له أن يقبله؟ قال: يأخذ و عنده قوت شهر ما يكفيه لسنته من الزكاة لأنها انما هي من سنة الي سنة «3».

و يدل عليه أيضا ما أرسله المفيد عن يونس بن عمار قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: تحرم الزكاة علي من عنده قوت السنة و يجب الفطرة علي من عنده قوت السنة و هي سنة مؤكدة علي من قبل الزكاة لفقره و فضيلة لمن قبل الفطرة لمسكنته دون السنة المؤكدة و الفريضة «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 450

______________________________

بتقريب ان المستفاد من الرواية مفهوما ان المكلف اذا لم يكن له قوت سنته يجوز له اخذ الزكاة و الوصف و ان لم يكن له المفهوم لكن حيث

انه عليه السلام في مقام التحديد فينعقد للكلام المفهوم فلاحظ.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه ابن ادريس في آخر السرائر نقلا من كتاب المشيخة للحسن بن محبوب عن أبي ايوب عن سماعة قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل تكون عنده العدة للحرب و هو محتاج أ يبيعها و ينفقها علي عياله أو يأخذ الصدقة؟ قال: يبيعها و ينفقها علي عياله «1».

بتقريب ان الرواية محمولة علي مورد يكون ثمن العدة كافيا لمؤنة سنته و ربما يقال بأن المراد من الفقير من لا يكون مالكا لواحد من النصب الزكوية و استدل علي المدعي بجملة من النصوص منها ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال لمعاذ حين بعثه الي اليمن أنك تأتي قوما اهل الكتاب فادعهم الي شهادة ان لا إله الا اللّه و أن محمدا رسول اللّه فان هم اطاعوا لذلك فاعلمهم ان اللّه قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من اغنيائهم فترد علي فقرائهم «2».

بدعوي ان المستفاد من الحديث ان من تجب عليه الزكاة يكون غنيا و من لا تجب عليه يكون فقيرا. و فيه ان الروايه عامية لا يعتمد عليها فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها مع ما في التقريب المذكور من الضعف فلاحظ.

و منها ما رواه زرارة و محمد بن مسلم قال زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) قال: لا تحل لمن كانت عنده أربعون درهما يحول عليها الحول عنده

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

(2) المغني ج 2 ص 662 و سنن ابن ماجة ج 1 ص 543

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 451

و الثاني أسوأ حالا من الاول (1) و الغني

بخلافهما فانه من يملك قوت سنته فعلا نقدا أو جنسا (2) و يتحقق ذلك بأن يكون له مال يقوم ربحه

______________________________

أن يأخذها و أن أخذها اخذها حراما «1».

و نقل عن الأردبيلي الاستدلال بها علي المدعي. و فيه ان النصاب الاول في الدرهم مأتا درهم فلا ترتبط الرواية بالمدعي مضافا الي أن مقتضي الصناعة أن تحمل علي صورة عدم الحاجة جمعا بين الادلة اذ بعد ما علم من بعض النصوص ان من له مؤنة سنته لا يجوز له اخذ الزكاة يفهم من هذه الرواية ان عدم جواز الاخذ لأجل انتفاء موضوع جوازه مضافا الي ضعف سند الرواية بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن الفضال.

و ربما يستدل علي المدعي بذيل حديث أبي بصير «2» بتقريب ان المستفاد من الحديث ان من يكون مالكا لأحد النصب الزكوية لا يجوز له اخذ الزكاة و فيه ان المأخوذ في الموضوع مركب من امرين: احدهما كونه ذا حرفة ثانيهما كونه واجدا لما تجب فيه الزكاة فكيف يكون دليلا علي المدعي مضافا الي أنه اورد في الاستدلال بأن الظاهر ان المراد بالحرفة التكسب و التجارة و المراد بما يجب هو رأس ماله بأن يكون رأس ماله الذي يكتسب به بمقدار نصاب احد النقدين فلا ترتبط بالمقام.

(1) كما نص به في حديثي ابن مسلم و أبي بصير «3».

(2) بلا اشكال كما في بعض الكلمات بالاضافة الي أنه لا يصدق علي مثله في العرف عنوان الفقير اضف الي ذلك ما رواه سماعة قال سألت أبا عبد اللّه عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 449

(3) لاحظ ص: 448 و 449

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 452

بمئونته و مؤنة عياله

(1) أو قوة بأن يكون له حرفة أو صنعة يحصل منها مقدار المئونة (2) و اذا كان قادرا علي الاكتساب و تركه تكاسلا فالظاهر

______________________________

السلام عن الزكاة هل تصلح لصاحب الدار و الخادم؟ فقال: نعم الا ان يكون داره دار غلة فخرج له من غلتها دراهم ما يكفيه لنفسه و لعياله فان لم يكن الغلة تكفيه لنفسه و لعياله في طعامهم و كسوتهم و حاجتهم من غير اسراف فقد حلت له الزكاة فان كانت غلتها تكفيهم فلا «1».

(1) بلا اشكال و لا خلاف كما في بعض الكلمات و يدل علي المدعي بوضوح ما رواه سماعة «2» عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قد تحل الزكاة لصاحب السبعمائة و تحرم علي صاحب الخمسين درهما فقلت له: و كيف يكون هذا؟ قال:

اذا كان صاحب السبعمائة له عيال كثير فلو قسمها بينهم لم تكفه فليعف عنها نفسه و ليأخذها لعياله و اما صاحب الخمسين فانه يحرم عليه اذا كان وحده و هو محترف يعمل بها و هو يصيب منها ما يكفيه ان شاء اللّه.

(2) عن الجواهر يمكن تحصيل الاجماع عليه و يدل علي المدعي ما رواه زرارة بن اعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: ان الصدقة لا تحل لمحترف و لا لذي مرة سوي قوي فتنزهوا عنها «3».

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لا تحل الصدقة لغني و لا لذي مرة سوي و لا لمحترف و لا لقوي قلنا بما معني هذا؟ قال: لا يحل له أن يأخذها و هو يقدر علي أن يكف

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب

المستحقين الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب المستحقين الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 453

عدم جواز اخذه (1).

______________________________

نفسه عنها «1»

و اما ما أرسله الصدوق عن الصادق عليه السلام أنه قال: قد قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ان الصدقة لا تحل لغني و لم يقل و لا لذي مرة سوي «2» فلا اعتبار به لإرساله فلا تصل النوبة الي ملاحظة مقدار دلالته.

(1) ذهب جملة من الاصحاب الي الجواز علي ما نسب اليهم و ما قيل في وجه الجواز أمور: الاول قوله عليه السلام في ذيل حديث زرارة «3» فتنزهوا عنها بتقريب ان التنزه يدل علي الكراهة و فيه اولا ان صيغة الامر ظاهرة في الوجوب فالتنزه عنها واجب و ثانيا انه كيف يمكن الالتزام بالكراهة بهذا التقريب مع اقترانه بقوله لا تحل لمحترف.

الثاني ما رواه معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: يروون عن النبي صلي اللّه عليه و آله ان الصدقة لا تحل لغني و لا لذي مرة سوي فقال ابو عبد اللّه عليه السلام: لا تصلح لغني «4».

بتقريب ان المستفاد من هذه الرواية ان المانع من اخذ الزكاة هو الغني فيقع التعارض بين هذه الرواية و بقية الروايات و يمكن رفع التعارض بما رواه زرارة «5» فان المستفاد من هذه الرواية ان الملاك هو الغني و كل واحد من المذكورين غني فلا يبقي تعارض في البين.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) لاحظ ص: 452

(4) الوسائل الباب 8 من ابواب المستحقين الحديث: 3

(5) لاحظ ص: 452

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 454

نعم اذا خرج وقت التكسب جاز

له الاخذ (1).

[مسألة 50: إذا كان له رأس مال لا يكفي ربحه لمؤنة السنة]

(مسألة 50): اذا كان له رأس مال لا يكفي ربحه لمؤنة السنة جاز له اخذ الزكاة و كذا اذا كان صاحب صنعة تقوم آلاتها بمئونته أو صاحب ضيعة أو دار أو خان أو نحوها تقوم قيمتها بمئونته و لكن لا يكفيه الحاصل منها فان له ابقاؤها و أخذ المئونة من الزكاة (2).

______________________________

و فيه ان المستفاد من الحديث انه لا يجوز للغني و لا لمحترف و لا لقوي و لا- يستفاد منه ان المحترف غني مضافا الي الاشكال في هذه الرواية اذ من الممكن أن يكون الراوي عن حماد محمد بن عيسي العبيدي فلا بد من تحقيق هذه الجهة فالنتيجة هو التعارض بين النصوص و الترجيح بموافقة الكتاب مع حديث معاوية فلا يجوز للغني أن يأخذ و أما غيره فيجوز له الاخذ لكن لازم هذه المقالة أن يكون جائزا لمن يكون له حرفة و يكون مشتغلا بالعمل بالفعل و تحصل مؤنته كل يوم و هل يمكن الالتزام به الا أن يقال: انه لا يصدق علي مثله الفقير.

الثالث: الاجماع علي الجواز بالنسبة الي من اعرض عن حرفته و شغله و فيه انه يمكن أن يكون مدركيا مضافا الي خلاف جملة من الاعاظم.

الرابع دعوي السيرة علي اعطاء الزكاة لمثله. و فيه ان احراز السيرة بحيث تكون كاشفة عن الحكم الشرعي مشكل.

(1) لتحقق الموضوع فيترتب عليه الحكم.

(2) استدل علي المدعي بجملة من النصوص منها ما رواه معاوية بن وهب قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له ثلاثمائة درهم أو أربعمائة درهم و له عيال و هو يحترف فلا يصيب نفقته فيها أ يكب فيأكلها و لا يأخذ الزكاه أو يأخذ الزكاة؟ قال: لا

بل ينظر الي فضلها فيقوت بها نفسه و من وسعه ذلك من عياله و يأخذ

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 455

______________________________

البقية من الزكاة و يتصرف بهذه لا ينفقها «1».

بتقريب انه عليه السلام لم يفصل بين كون رأس المال وافيا بمئونته و عدمه فبمقتضي هذه الرواية يجوز اخذ الزكاه و لو مع وفاء رأس المال بمئونة سنته و الظاهر ان الاستدلال علي المدعي بالتقريب المذكور تام فان المستفاد من قول السائل:

«لا يصيب نفقته فيها» ان نفقته لا تحصل من حرفته و بعبارة اخري: الربح الحاصل له من رأس ماله لا يفي بمئونته فاجاب عليه السلام بجواز اخذه للزكاة بلا تفصيل و مقتضاه الجواز حتي مع وفاء نفس رأس المال بالمئونة و هذا هو المدعي فلاحظ.

و قريب منها ما رواه هارون ابن حمزة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام يروي عن النبي صلي اللّه عليه و آله أنه قال: لا تحل الصدقة لغني و لا لذي مرة سوي فقال:

لا تصلح لغني فقلت له: الرجل يكون له ثلاثمائة درهم في بضاعة و له عيال فان أقبل عليها أكلها عياله و لم يكتفوا بربحها قال فلينظر ما يفضل منها فليأكله هو و من يسعه ذلك و ليأخذ لمن لم يسعه من عياله «2».

و هذه الرواية ضعيفة بابن اسحاق حيث انه لم يوثقه من المتقدمين احد مضافا الي ضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال و استدل علي المدعي بما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل له ثمانمائة درهم و هو رجل خفاف و له عيال كثير أله أن يأخذ من الزكاة؟ فقال: يا ابا محمد أ يربح في دراهمه ما يقوت

به عياله و يفضل؟ قال: نعم قال: كم يفضل؟ قال لا أدري قال ان كان يفضل عن القوت مقدار نصف القوت فلا يأخذ الزكاة و ان كان أقل من نصف القوت اخذ الزكاة قال: قلت فعليه في ماله زكاة تلزمه؟ قال بلي قال: قلت

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 456

______________________________

كيف يصنع؟ قال يوسع بها علي عياله في طعامهم و كسوتهم و يبقي منها شيئا يناوله غيرهم و ما أخذ من الزكاة فضه علي عياله حتي يلحقهم بالناس «1».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي أبي بصير علي ما في رجال الحاجياني و للرواية سند آخر رواها الكليني رحمه اللّه و ذلك السند ضعيف ببكر بن صالح و غيره مضافا الي أن مدلول الرواية معارض بحديث سماعة «2» فلاحظ.

و استدل علي المدعي بما رواه عبد العزيز قال: دخلت انا و ابو بصير علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال له أبو بصير: ان لنا صديقا (الي أن قال) و له دار تسوي اربعة آلاف درهم و له جارية و له غلام يستقي علي الجمل كل يوم ما بين الدرهمين الي الاربعة سوي علف الجمل و له عيال أله أن يأخذ من الزكاة؟ قال نعم قال: و له هذه العروض؟ فقال: يا با محمد فتأمرني أن آمره ببيع داره و هي عزه و مسقط رأسه أو يبيع خادمه الذي يقيه الحر و البرد و يصون وجهه و وجه عياله؟ أو آمره أن يبيع غلامه و جمله و هو معيشته و قوته؟ بل يأخذ الزكاة فهي له حلال و لا

يبيع داره و لا غلامه و لا جمله «3» و هذه الرواية ضعيفة باسماعيل حيث انه لم يوثق.

و استدل أيضا بما رواه سماعة «4» بتقريب ان المستفاد من الرواية جواز اخذ الزكاة لصاحب الدار التي لا تفي غلتها بالمئونة و ان كانت وحدها كافية و الظاهر انه لا بأس بهذا التقريب فان الظاهر من دار الغلة ما يقابل دار السكني و مقتضي الاطلاق عدم وجوب بيعها او تبديلها و جواز اخذ الزكاة و هذا هو المطلوب

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 452

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 451

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 457

[مسألة 51: دار السكني و الخادم و فرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله و لو لكونه من أهل الشرف لا تمنع من أخذ الزكاة]

(مسألة 51) دار السكني و الخادم و فرس الركوب المحتاج اليها بحسب حاله و لو لكونه من أهل الشرف لا تمنع من اخذ الزكاة (1) و كذا ما يحتاج اليه من الثياب و الالبسة الصيفية و الشتوية و الكتب العلمية و اثاث البيت من الظروف و الفرش و الاواني و سائر ما يحتاج

______________________________

فلاحظ.

و ربما يستدل علي عدم الجواز بما رواه ابو بصير «1» و بما رواه سماعة «2» بتقريب: ان المستفاد من الحديثين ان صاحب السبعمائة لا يجوز له اخذ الزكاة بل يجب عليه انفاذها و انفاقها في مصارفه و مؤنته لكن الظاهر من الحديثين عدم كون السبعمائة مال التجارة و رأس المال و لذا قوبل صاحب السبعمائة بالمحترف فلا ترتبط الروايتان بالمقام و اللّه العالم فتحصل من جميع ما تقدم ان ما افاده في المتن من جواز أخذ الزكاة للمذكورين مستفاد من نصوص المقام.

(1) عن الجواهر بلا خلاف اجده فيه بل يمكن تحصيل الاجماع عليه و يدل علي المدعي

من النصوص ما رواه عمر بن اذينة عن غير واحد عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام انهما سئلا عن الرجل له دار و خادم أو عبد أ يقبل الزكاة قالا: نعم ان الدار و الخادم ليسا بمال «3» و منها ما رواه عبد العزيز «4» و منها ما رواه سماعة «5».

______________________________

(1) لاحظ: ص 449

(2) لاحظ: ص 452

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 2

(4) لاحظ: ص 456

(5) لاحظ: ص 452

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 458

اليه (1) نعم اذا كان عنده من المذكورات اكثر من مقدار الحاجة و كانت كافية في مؤنته لم يجز له الاخذ بل اذا كان له دار تندفع حاجته باقل منها قيمة و كان التفاوت بينهما يكفيه لمؤنته لم يجز له الاخذ من الزكاة علي الاحوط وجوبا ان لم يكن اقوي و كذا الحكم في الفرس و العبد و الجارية و غيرها من اعيان المئونة اذا كانت عنده و كان يكفي الاقل منه (2).

[مسألة 52: إذا كان قادرا علي التكسب لكنه ينافي شأنه جاز له الأخذ]

(مسألة 52): اذا كان قادرا علي التكسب لكنه ينافي شأنه جاز له الاخذ (3).

______________________________

(1) فان المذكورات كلها داخلة في المئونة و محتاج اليها.

(2) اذ لا دليل علي الاستثناء و المفروض انه واجد لما يكفي لمؤنته فلا يجوز له اخذ الزكاة و اللّه العالم.

(3) فانه يستفاد من نصوص الاستثناء ان الشارع لا يرضي بهوان المؤمن و لذا لا يري الخادم و الدار و امثالهما مالا لاحظ احاديث ابن اذينة «1» و عبد العزيز «2» و ما رواه سعيد بن يسار قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: تحل الزكاة لصاحب الدار و الخادم لان أبا عبد اللّه عليه السلام لم يكن يري الدار

و الخادم شيئا «3» و ما رواه ابن جعفر في كتابه عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الزكاة أ يعطاها من له الدابة قال: نعم و من له الدار و العبد قال:

الدار ليس يعدها مال «4».

______________________________

(1) لاحظ: ص 457

(2) لاحظ: ص 456

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 459

و كذا اذا كان قادرا علي الصنعة لكنه كان فاقدا لآلاتها (1).

[مسألة 53: إذا كان قادرا علي تعلم صنعة أو حرفة لم يجز له أخذ الزكاة]

(مسألة 53): اذا كان قادرا علي تعلم صنعة أو حرفة لم يجز له أخذ الزكاة (2) الا اذا خرج وقت التعلم فيجوز (3) و لا يكفي في صدق الغني القدرة علي التعلم في الوقت اللاحق اذا كان الوقت بعيدا (4) بل اذا كان الوقت قريبا مثل يوم أو يومين أو نحو ذلك جاز له الاخذ ما لم يتعلم (5).

[مسألة 54: طالب العلم الذي لا يملك فعلا ما يكفيه يجوز له أخذ الزكاة إذا كان طلب العلم واجبا عليه]

(مسألة 54): طالب العلم الذي لا يملك فعلا ما يكفيه يجوز له أخذ الزكاة اذا كان طلب العلم واجبا عليه (6) و الا فان كان قادرا

______________________________

(1) اذ مع فقد الالات يكون فقيرا فيترتب عليه حكمه اي جواز اخذ الزكاة فلاحظ.

(2) بدعوي انه لا يصدق عليه عنوان الفقير و الانصاف ان الجزم به مشكل و لعل وجه الاشكال المذكور في كلام سيد العروة قدس ما ذكرناه فانه قدس سره بني عدم الجواز علي الاحتياط و قياس المقام علي من يقدر علي التكسب فعلا مع الفارق اذ مع القدرة الفعلية يمكن أن يقال بأنه لا يصدق عليه الفقير.

مضافا الي أنه يمكن القول بأن المستفاد من النصوص عدم جواز اخذه للزكاة كما أن المشتغل بالفعل بحرفة لا يجوز له. و صفوة القول ان قياس المقام بذلك الباب مشكل مضافا الي ما مر من التعارض بين النصوص فراجع.

(3) بلا اشكال لصدق موضوع الجواز عليه فانه فقير بالفعل.

(4) كما هو ظاهر فان مثله فقير قبل التعلم فيجوز له الاخذ.

(5) لصدق الموضوع فيترتب عليه حكمه و هو جواز الاخذ.

(6) اما مع الوجوب الشرعي لا يمكنه التكسب فيجوز له الاخذ لعدم قدرته

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 460

علي الاكتساب و كان يليق بشأنه لم يجز له اخذ الزكاة (1) و ان لم يكن قادرا

علي الاكتساب لفقد رأس المال أو غيره من المعدات للكسب أو كان لا يليق بشأنه كما هو الغالب في هذا الزمان جاز له الاخذ (2) هذا بالنسبة الي سهم الفقراء و أما من سهم سبيل اللّه تعالي فيجوز له الاخذ منه اذا كان يترتب علي اشتغاله مصلحة محبوبة للّه تعالي (3) و ان لم يكن المشتغل ناويا للقربة (4) نعم اذا كان ناويا للحرام كالرئاسة المحرمة لم يجز له الاخذ (5).

[مسألة 55: المدعي للفقر إن علم صدقه أو كذبه عومل به]

(مسألة 55): المدعي للفقر إن علم صدقه أو كذبه عومل به (6).

______________________________

علي الكسب و لا تكفي القدرة العقلية عليه و بعبارة اخري ان القائم بهذه الوظيفة الشرعية لا يقدر علي الكسب و لا يكون غنيا فيجوز له الاخذ و ان شئت قلت: المراد من القدرة في المقام ما يعم الشرعية و لذا لو كان قادرا علي التعيش بالمال الحرام و لا يمكنه التعيش بالحلال يجوز له الاخذ بلا اشكال.

(1) اذ المفروض انه قادر علي الاكتساب و لا ينافي شأنه كما انه لا يجب اشتغاله بالتحصيل فلا يجوز له الاخذ.

(2) كما هو ظاهر.

(3) اذ يصدق عنوان سبيل اللّه فيجوز له الاخذ بهذا العنوان.

(4) لإطلاق دليل جواز صرفها في سبيل اللّه و المفروض ان هذا العنوان صادق علي تحصيله.

(5) اذ هو يعلم انه ليس في سبيل اللّه بل داخل في سبيل الشيطان فلا يجوز له الاخذ.

(6) كما هو ظاهر واضح.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 461

و ان جهل ذلك جاز اعطاؤه (1).

______________________________

(1) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجوه الوجه الاول اصالة الصحة الجارية في فعل المسلم. و فيه ان اصالة الصحة بهذا المعني لا يترتب عليها الآثار الشرعية و لذا لو تردد قول احد بين

السلام و السب لا يجب رده بالسلام مع ان مقتضي اصالة الصحة في فعله عدم اقدامه علي السب.

الوجه الثاني ان مقتضي الاصل في كل مسلم كونه عادلا. و فيه اولا ان هذا الدليل اخص من المدعي اذ يمكن العلم بعدم كونه عادلا و لكن نحتمل صدقه في ادعائه الفقر و ثانيا ان مقتضي الاصل عدم العدالة فان العدالة اذا كانت عبارة عن الملكة النفسانية فالاصل عدمها في المدعي للفقر و ان كانت عبارة عن العمل علي طبق الوظيفة من الاتيان بالواجب و ترك الحرام فمقتضي الاصل عدم اتيان المدعي بواجبه بل مقتضي الاصل عدم صدقه في هذه الدعوي أي دعوي الفقر.

الوجه الثالث ان طلب البينة علي صدق دعواه اذلال بالنسبة اليه و لا يجوز اذلال المؤمن و فيه انه ليس امرا كليا اذ يمكن طلب البينة منه بنحو لا يكون إذلالا بل يمكن تحقيق حاله من غيره و ثانيا اذا كان الامر كذلك لا يطالب بالبينة و لكن لا يعطي من الزكاة و محصل الكلام ان حرمة الإذلال لا توجب التصرف في الزكاة و دفعها الي غير أهلها هذا بالنسبة الي البينة و اما اليمين فعلي فرض تحققه فأي دليل علي اعتباره و بعبارة اخري ان اثبات المدعي باليمين يحتاج الي الدليل.

الوجه الرابع: ان المورد من موارد الدعوي بلا معارض فيترتب عليها الاثر و فيه انه علي هذا لو ادعي دينا علي احد و المدعي عليه يحتمل صدقه فهل يحكم بصدقه او لو ادعي عدالته او اجتهاده بغير معارض فهل يجوز للغير ان يقتدي به في الصلاة أو يقلده في اعماله مضافا الي انه اي دليل دل علي قبول ادعاء من يدعي أمرا و لا

يكون له معارض في دعواه.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 462

______________________________

الوجه الخامس ان اقامة البينة مشكلة فلا تجب كما ان الامر كذلك في مسألة تصديق المرأة في ادعائها الخلو عن الزوج و العدة علي ما هو المستفاد من جملة من النصوص منها ما رواه ميسر قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ألقي المرأة بالفلاة التي ليس فيها احد فالقول لها لك زوج؟ فتقول لا فاتزوجها؟ قال: نعم هي المصدقة علي نفسها «1» و غيره من النصوص الواردة في الباب 10 من أبواب المتعة من الوسائل فراجع.

و فيه ان كون اقامة البينة مشكلة لا يوجب حجية الدعوي كما هو ظاهر و قياس المقام علي ذلك الباب المشار اليه في غير محله فان النصوص الواردة في ذلك الباب تقتضي اعتبار قولها بل المستفاد من تلك النصوص عدم وجوب السؤال بل كونه مرجوحا و يمكن ان الشارع الاقدس لمصلحة سهل امر النكاح و الحديث الخامس من الباب المشار اليه و هو حديث محمد بن عبد اللّه الاشعري ضعيف سندا بهيثم بن مسروق بل بغيره أيضا فلا مجال للاستفادة الكلية بالنسبة الي جميع الموارد فلاحظ.

الوجه السادس: ان اقامة البينة للمدعي حرجية فلا تجب عليه اقامتها. و فيه ان اقامة البينة ليست واجبة كي يرتفع وجوبها بالحرج مضافا الي أن عدم وجوب الاقامة بالنسبة اليه لا يقتضي صرف الزكاة و دفعها مع عدم مجوز شرعي كما هو ظاهر أضف الي ذلك ان اثبات المدعي لا ينحصر باقامة البينة في جميع الموارد.

الوجه السابع: ان حكم المقام يستفاد من النصوص الواردة في بيع هدايا الكعبة المعظمة منها ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال

______________________________

(1) الوسائل الباب

10 من أبواب المتعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 463

______________________________

سألته عن رجل جعل جاريته هديا للكعبة فقال: مر مناديا يقوم علي الحجر فينادي الا من قصرت به نفقته أو قطع به أو نفد متاعه فليأت فلان بن فلان و مره ان يعطي اولا فاولا حتي ينفد ثمن الجارية «1» و غيره من النصوص الواردة في الباب 22 من ابواب مقدمات الطواف و ما يتبعها من الوسائل فانها تدل علي جواز اعطاء ثمن الهدايا لمن يدعي الاحتياج. و فيه انه حكم خاص وارد في مورد مخصوص و لا وجه للقياس فلاحظ.

الوجه الثامن ما رواه عبد الرحمن العرزمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: جاء رجل الي الحسن و الحسين عليهما السلام و هما جالسان علي الصفا فسألهما فقالا:

ان الصدقة لا تحل الا في دين موجع أو غرم مفظع أو فقر مدقع ففيك شي ء من هذا؟ قال نعم فاعطياه «2» و فيه ان السند ضعيف بالارسال و غيره.

الوجه التاسع ما رواه عامر بن خزاعة قال: جاء رجل الي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال له: يا أبا عبد اللّه قرض الي ميسرة فقال له ابو عبد اللّه عليه السلام الي غلة تدرك فقال الرجل لا و اللّه قال فالي تجارة تؤب قال لا و اللّه قال فالي عقدة تباع فقال لا و اللّه فقال أبو عبد اللّه عليه السلام فأنت ممن جعل اللّه له في أموالنا حقا ثم دعا بكيس فيه دراهم فادخل يده فيه فناوله قبضة ثم قال له اتق اللّه و لا تسرف و لا تفتر و لكن بين ذلك قواما ان التبذير من الاسراف قال اللّه عز و جل و لا تبذر

تبذيرا «3».

و هذه الرواية ضعيفة بعامر و للرواية سند آخر فيه سعدان بن مسلم و الرجل لم يوثق.

الوجه العاشر السيرة الجارية بين المتشرعة و فيه ان جريان السيرة مع الالتفات و عدم الوثوق بقول المدعي اول الكلام و لا يمكن اثباتها في غير مورد الوثوق

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 464

الا اذا علم غنائه سابقا فلا بد في جواز الاعطاء حينئذ من الوثوق بفره (1).

[مسألة 56: إذا كان له دين علي الفقير جاز احتسابه من الزكاة]

(مسألة 56): اذا كان له دين علي الفقير جاز احتسابه من الزكاة (2) حيا كان (3).

______________________________

بقول المدعي.

الوجه الحادي عشر ان مقتضي الاستصحاب عدم كونه غنيا فان كل احد و كل انسان قبل وجوده و تولده من امه لا يكون واجدا لشي ء و لا يكون مالكا لمؤنته فاذا شك في بقائه علي ما كان بعد وجوده و تولده، و عدمه يكون مقتضي الاستصحاب بقائه علي ما كان.

و هذا الوجه لا بأس به الا أن يقع مورد الاستصحاب طرفا للعلم الإجمالي اذ مع العلم الإجمالي بكون بعض الاطراف غنيا يسقط الاصول باجمعها علي ما هو المشهور بين القوم بلحاظ المعارضة و لو لا هذه الجهة يكون الوجه المذكور حسنا و اظن- و ان كان الظن لا يغني من الحق شيئا- ان مستند الماتن فيما افاد هذا الوجه الاخير و اللّه العالم.

(1) لسقوط استصحاب الفقر في هذه الصورة نعم مع الوثوق بفقره و لو من ناحية ادعائه يجوز اذ الوثوق حجة عقلائيه و لنا ان نقول بأن المدعي اذا كان ثقة يجوز ترتيب الاثر علي

قوله لحجية قول الثقة في الموضوعات كما ان قوله و روايته حجة في الاحكام فلاحظ.

(2) بلا خلاف ظاهر كما في بعض الكلمات.

(3) يدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت ابا الحسن الاول عليه السلام عن دين لي علي قوم قد طال حبسه عندهم لا يقدرون علي قضائه و هم مستوجبون للزكاة هل لي أن أدعه فأحتسب به عليهم من

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 465

أم ميتا (1) نعم يشترط في الميت أن لا يكون له تركة تفي بدينه و الا

______________________________

الزكاة قال: نعم «1».

و منها ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الرجل يكون له الدين علي رجل فقير يريد أن يعطيه من الزكاة فقال: ان كان الفقير عنده وفاء بما كان عليه من دين من عرض من دار أو متاع من متاع البيت أو يعالج عملا يتقلب فيها بوجهه فهو يرجو أن يأخذ منه مال عنده من دينه فلا بأس أن يقاصه بما اراد أن يعطيه من الزكاة أو يحتسب بها فان لم يكن عند الفقير وفاء و لا يرجو أن يأخذ منه شيئا فيعطيه من زكاته و لا يقاصه شي من الزكاة «2».

و منها ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) ان عثمان بن عمران قال له: اني رجل موسر و يجيئني الرجل و يسألني الشي ء و ليس هو ابان زكاتي فقال له ابو عبد اللّه عليه السلام: القرض عندنا بثمانية عشر و الصدقة بعشرة و ما ذا عليك اذا كنت كما تقول موسرا أعطيته فاذا كان ابان زكاتك احتسبت بها من الزكاة يا عثمان لا

ترده فان رده عند اللّه عظيم «3».

(1) و يشهد له طائفة من النصوص منها: ما رواه يونس بن عمار قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول قرض المؤمن غنيمة و تعجيل أجر (خير) ان أيسر قضاك و ان مات قبل ذلك احتسبت به من الزكاة «4».

و منها ما رواه ابراهيم بن السندي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قرض المؤمن غنيمة و تعجيل خير ان أيسر أدي و ان مات احتسب من زكاته «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 46 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 41 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 466

لم يجز (1) الا اذا تلف المال علي نحو لا يكون مضمونا (2) و اذا امتنع الورثة من الوفاء ففي جواز الاحتساب اشكال (3) و ان كان أظهر (4).

______________________________

و منها ما رواه هيثم الصير في و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام: القرض الواحد بثمانية عشر و ان مات احتسب بها من الزكاة «1».

(1) و يشهد للمدعي ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام رجل حلت عليه الزكاة و مات ابوه و عليه دين أ يؤدي زكاته في دين ابيه و للابن مال كثير؟

فقال: ان كان ابوه أورثه مالا ثم ظهر عليه دين لم يعلم به يومئذ فيقضيه عنه قضاه من جميع الميراث و لم يقضه من زكاته و ان لم يكن أورثه مالا لم يكن أحد احق بزكاته من دين ابيه فاذا اداها في دين أبيه علي هذه الحال أجزأت عنه «2».

ان قلت مورد الرواية القضاء عن الميت بالزكاة و

الكلام في المقام في احتساب الدين علي الميت زكاة قلت ان العرف يفهم ان كلا المقامين من باب واحد و لذا لا مجال للأخذ باطلاق دليل جواز الاحتساب و الالتزام بالجواز حتي مع وفاء التركة بالدين اذ مع وجود المقيد لا يبقي مجال للأخذ باطلاق المطلق.

(2) اذ مع التلف ينقضي موضوع الوفاء عن التركة فيجوز احتساب الدين من الزكاة عملا بالنصوص المشار اليها الدالة علي الجواز.

(3) منشأ الاشكال اطلاق حديث زرارة فان مقتضي اطلاقه عدم الجواز مع وفاء التركة بالدين.

(4) بتقريب ان اطلاق الرواية منصرف الي صورة امكان اداء الدين من التركة و بتعبير آخر ان الرواية المفصلة منصرفة عن صورة عدم امكان الوفاء من التركة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 467

و كذا اذا غصب التركة غاصب لا يمكن أخذها منه أو أتلفها متلف لا يمكن استيفاء بدلها منه (1).

[مسألة 57: لا يجب إعلام الفقير بأن المدفوع إليه زكاة]

(مسألة 57): لا يجب اعلام الفقير بأن المدفوع اليه زكاة (2) بل يجوز الاعطاء علي نحو يتخيل الفقير انه هدية (3) و يجوز صرفها

______________________________

(1) الكلام هو الكلام اشكالا و جوابا فلاحظ.

(2) نقل عن غير واحد دعوي الاجماع عليه و يدل علي المدعي ما رواه أبو بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: الرجل من اصحابنا يستحيي أن يأخذ من الزكاة فأعطيه من الزكاة و لا اسمي له أنها من الزكاة فقال اعطه و لا تسم له و لا تذل المؤمن «1»

و لا يعارضه ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام الرجل يكون محتاجا فيبعث اليه بالصدقة فلا يقبلها علي وجه الصدقة يأخذه من ذلك زمام و استحياء و انقباض

فنعطيها اياه علي غير ذلك الوجه و هي منا صدقه فقال: لا اذا كانت زكاة فله أن يقبلها و ان لم يقبلها علي وجه الزكاة فلا تعطها اياه الحديث «2»

اذ لا يبعد أن يكون المراد من هذه الرواية انه يلزم قصد اخذ الزكاة و لو اجمالا بحيث لا يكفي قصد غيرها حين الاخذ و بعبارة اخري ان المستفاد من الرواية انه لا يكفي اخذها مقيدا بغير الزكاة و هذا المقدار لا يقتضي وجوب الاعلام بها.

(3) ان كان قبوله بعنوان الهدية بحيث يتعلق القبول بعنوان الهدية يشكل لما تقدم من رواية ابن مسلم نعم اذا كان من باب الخطاء في التطبيق فلا بأس به بأن يقبل ما اعطي و يتصور و يتخيل انه هدية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 58 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 58 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 468

في مصلحة الفقير كما اذا قدم تمر الصدقة فأكله (1).

[مسألة 58: إذا دفع الزكاة باعتقاد الفقر فبان كون المدفوع اليه غنيا]

(مسألة 58): اذا دفع الزكاة باعتقاد الفقر فبان كون المدفوع اليه غنيا فان كانت متعينة بالعزل وجب عليه استرجاعها و صرفها في مصرفها اذا كانت عينها باقية (2) و ان كانت تالفة فان كان الدفع اعتمادا علي حجة فليس عليه ضمانها (3) و الا ضمنها (4) و يجوز له أن يرجع الي القابض (5) اذا كان يعلم ان ما قبضه زكاة و ان لم يعلم بحرمتها علي الغني و الا فليس للدافع الرجوع اليه (6) و كذا الحكم اذا تبين كون المدفوع

______________________________

(1) قال في الجواهر «و كيف كان فلا يجب اعلام الفقير ان المدفوع اليه زكاة لإطلاق الادلة فلو كان ممن يترفع عنها و يدخله حياء منها و هو مستحق

جاز صرفها اليه علي وجه الصلة ظاهرا و الزكاة واقعا» الخ «1». و الظاهر ان الوجه فيه ان الزكاة يجب أن تصرف في الاصناف الثمانية فيجوز صرفها في مصلحة الفقير كما في المتن و اللّه العالم.

(2) اذ بالعزل صار متعينا في الزكاة و المكلف بالاداء هو المعطي فيجب عليه استرجاعه و ايصاله الي أهله.

(3) لان يده يد امانة و ليس علي الامين الا اليمين و المفروض انه لم يفرط.

(4) لقاعدة اليد الحاكمة بالضمان.

(5) لتعاقب الايدي علي مال الغير فكل من وضع يده عليه يكون ضامنا و أيضا يقتضي ضمان القابض قاعدة الاتلاف ان كان المتلف هو.

(6) لقاعدة الغرور و لكن القابض ضامن في هذه الصورة أيضا اذ المفروض ان المال تعين في الزكاتية فيد القابض يد ضمان فيكون ضامنا غاية الامر له أن يرجع

______________________________

(1) الجواهر ج 15 ص 324

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 469

اليه ليس مصرفا للزكاة من غير جهة الغني مثل أن يكون ممن تجب نفقته أو هاشميا اذا كان الدافع غير هاشمي أو غير ذلك (1)

[الثالث العاملون عليها]

الثالث العاملون عليها و هم المنصوبون لأخذ الزكاة و ضبطها و حسابها و ايصالها الي الامام أو نائبه (2).

______________________________

الي الدافع اذا كان عنوان الغرور صادقا كما انه لو كان مغرورا من قبل شخص ثالث فله الرجوع اليه و صفوة القول ان القابض ضامن بلا كلام غاية الامر اذا كان مغرورا يكون له الرجوع الي من غره لقاعدة الغرور فلاحظ.

(1) الكلام فيه هو الكلام فلا وجه للإعادة.

(2) قال في الجواهر «الصنف الثالث من مستحقي الزكاة كتابا و سنة و اجماعا بقسميه العاملون عليها و هم عمال الصدقات الساعون في تحصينها و تحصيلها بجباية و ولاية علي الجباة و

غيرهم من اصناف السعاة «1».

و يدل علي المدعي ما رواه زرارة و محمد بن مسلم أنهما قالا لأبي عبد اللّه عليه السلام: أ رأيت قول اللّه تبارك و تعالي «إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ الْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقٰابِ وَ الْغٰارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللّٰهِ» أكل هؤلاء يعطي و ان كان لا يعرف؟ فقال: ان الامام يعطي هؤلاء جميعا لأنهم يقرون له بالطاعة، قال زرارة قلت: فان كانوا لا يعرفون؟ فقال يا زرارة لو كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف لم يوجد لها موضع و انما يعطي من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه، فأما اليوم فلا تعطها انت و اصحابك الا من يعرف، فمن وجدت من هؤلاء المسلمين عارفا فأعطه دون الناس، ثم قال: سهم الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ و سهم الرقاب عام و الباقي خاص، قال: قلت: فان لم يوجدوا

______________________________

(1) الجواهر ج 15 ص 333

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 470

أو الي مستحقها (1).

______________________________

قال: لا يكون فريضة فرضها اللّه عز و جل و لا يوجد لها أهل، قال: قلت: فان لم تسعهم الصدقات؟ فقال: ان اللّه فرض للفقراء في مال الاغنياء ما يسعهم و لو علم أن ذلك لا يسعهم لزادهم انهم لم يؤتوا من قبل فريضة اللّه عز و جل و لكن اوتوا من منع من منعهم حقهم لا مما فرض اللّه لهم فلو ان الناس أدوا حقوقهم لكانوا عائشين بخير «1».

و يدل عليه ما رواه عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان اناسا من بني هاشم أتوا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فسألوه أن يستعملهم

علي صدقات المواشي و قالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعل اللّه عز و جل للعاملين عليها فنحن اولي به فقال: رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بابني عبد المطلب (هاشم) ان الصدقة لا تحل لي و لا لكم و لكني قد وعدت الشفاعة (الي أن قال) أ تروني مؤثرا عليكم غيركم «2».

(1) لدخوله تحت اطلاق الادلة من الاية و النصوص فان العامل بماله من المفهوم يشمل المذكورين في المتن حتي القسم الاخير و عن الجواهر انه استشكل فيه لما ارسله القمي في تفسيره فقال: فسر العالم عليه السلام الفقراء هم الذين لا يسألون و عليهم مؤنات من عيالهم و الدليل علي أنهم هم الذين لا يسألون قول اللّه تعالي «لِلْفُقَرٰاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللّٰهِ لٰا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجٰاهِلُ أَغْنِيٰاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمٰاهُمْ لٰا يَسْئَلُونَ النّٰاسَ إِلْحٰافاً» و المساكين هم أهل الزمانات و قد دخل فيهم الرجال و النساء و الصبيان و الْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا هم السعاة و الجباة في اخذها و جمعها و حفظها حتي يؤدوها الي من يقسمها، وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ قال: هم قوم وحدوا اللّه و خلعوا عبادة من دون اللّه و لم يدخل المعرفة قلوبهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 471

[الرابع: الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ]

الرابع: الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ، و هم المسلمون الذين يضعف اعتقادهم بالمعارف الدينية فيعطون من الزكاة ليحسن اسلامهم و يثبتوا علي دينهم (1).

______________________________

أن محمدا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يتألفهم و يعلمهم و يعرفهم كيما يعرفوا، فجعل لهم نصيبا

في الصدقات لكي يعرفوا و يرغبوا وَ فِي الرِّقٰابِ قوم لزمتهم كفارات في قتل الخطاء و في الظهار و في الايمان و في قتل الصيد في الحرم و ليس عندهم ما يكفرون و هم مؤمنون فجعل اللّه لهم منها في الصدقات ليكفر عنهم وَ الْغٰارِمِينَ قوم قد وقعت عليهم ديون أنفقوها في طاعة اللّه من غير اسراف فيجب علي الامام أن يقضي عنهم و يفكهم من مال الصدقات. وَ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ قوم يخرجون في الجهاد و ليس عندهم ما يتقوون به أو قوم من المؤمنين ليس عندهم ما يحجون به أو في جميع سبل الخير فعلي الإمام أن يعطيهم من مال الصدقات حتي يقووا علي الحج و الجهاد، و ابن السبيل ابناء الطريق الذين يكونون في الاسفار في طاعة اللّه فيقطع عليهم و يذهب ما لهم فعلي الامام أن يردهم الي أوطانهم من مال الصدقات «1».

و من الظاهر انه لا مجال لرفع اليد عن اطلاق الادلة آية و رواية بالمرسل المذكور.

(1) قد اختلفت كلمات القوم في المراد من هذه الكلمة و من الاقوال المذكورة في المقام ما اختاره صاحب الحدائق قال قدس سره في جملة كلام له في هذا المقام: و هذه الاخبار كلها كما تري ظاهرة في أن الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ قوم مسلمون قد اقروا بالاسلام و دخلو فيه لكنه لم يستقر في قلوبهم و لم يثبت ثبوتا راسخا فامر اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 472

______________________________

تعالي نبيه بتألفهم بالمال لكي تقوي عزائمهم و تشتد قلوبهم علي البقاء علي هذا الدين فالتأليف انما هو لأجل البقاء علي الدين و الثبات عليه لا لما زعموه رضوان اللّه

عليهم من الجهاد كفارا كانوا أو مسلمين و انهم يتألفون بهذا السهم لأجل الجهاد «1». انتهي كلامه رفع مقامه.

و يمكن ان يستدل علي هذا القول بما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول اللّه عز و جل: «وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ» قال: هم قوم وحدوا اللّه عز و جل و خلفوا عبادة من يعبد من دون اللّه و شهدوا أن لا إله الا اللّه و أن محمدا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و هم في ذلك شكاك في بعض ما جاء به محمد صلي اللّه عليه و آله فأمر اللّه عز و جل نبيه صلي اللّه عليه و آله أن يتألفهم بالمال و العطاء لكي يحسن اسلامهم و يثبتوا علي دينهم الذي دخلوا فيه و أقروا به «2».

و يدل عليه أيضا مرسل يونس عن أبي جعفر عليه السلام قال: الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ قوم وحدوا اللّه و خلعوا عبادة [من يعبد] من دون اللّه و لم تدخل المعرفة قلوبهم ان محمدا رسول اللّه و كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يتألفهم و يعرفهم لكيما يعرفوا و يعلمهم «3» و يدل عليه أيضا ما أرسله القمي «4».

و أورد صاحب الجواهر علي ما نقل عنه «5» علي هذا القول بايرادات:

الاول: منافاته لإطلاق الاية. و فيه ان تقييد الاطلاق الكتابي بالخبر الواحد ليس

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص: 177

(2) الفروع من الكافي ج 2 ص 411 حديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 470

(5) مستمسك العروة ج 9 ص 248

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 473

______________________________

عزيزا.

الثاني: انه مخالف للإجماع. و فيه انه قد مر ان الاقوال مختلفة فتنافي الاجماع علي قول واحد. و ان

كان مرجع كلامه الي سقوط النصوص المذكورة عن الحجية باعراضهم ففيه انه ان ثبت اعراضهم فنقول: قد مر منا مرارا ان الاعراض عن الرواية المعتبرة لا يوجب سقوطها عن الاعتبار و في النصوص المشار اليها ما يكون معتبرا من حيث السند فلاحظ.

الثالث: ان بعض النصوص ظاهر في أن المراد بالمؤلفة قلوبهم غير المسلم.

و فيه: انه ليس عليه دليل معتبر.

الرابع: ما أرسله في الدعائم عن أبي جعفر بن علي عليهما السلام انه قال في قول اللّه عز و جل: «وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ» قال: هم قوم يتألفون علي الإسلام من رؤساء القبائل كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يعطيهم يتألفهم و يكون ذلك في كل زمان اذا احتاج الي ذلك الامام فعله «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان المراد بهم الكفار. و فيه: ان المرسل لا اعتبار به مضافا الي النقاش في دلالته فان غايتها شمول الحكم للكفار و لا بد من رفع اليد عن العموم بالمخصص.

الخامس: المرسل المروي عن حاشية الارشاد- علي ما نقل عنها- بهذا اللفظ:

«المروي انهم قوم كفار» و فيه ان المرسل لا يكون حجة.

السادس: ما عن أبي عبد اللّه عليه السلام «2» بتقريب: ان المذكور في الرواية ان سهم الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ و سهم الرقاب عام فلا يختص بالمسلمين.

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب المستحقين الحديث: 11

(2) لاحظ ص: 469

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 474

أو الكفار الذين يوجب اعطائهم الزكاة ميلهم الي الإسلام أو معاونة المسلمين في الدفاع أو الجهاد مع الكفار (1).

[الخامس: الرقاب]

الخامس: الرقاب و هم العبيد المكاتبون العاجزون عن اداء مال الكتابة (2).

______________________________

و فيه: انه يظهر من الرواية اختصاصه بالمسلمين لاحظ قوله عليه السلام:

«ان الامام يعطي هؤلاء جميعا لأنهم

يقرون له بالطاعة» و من الظاهر ان الكافر لا يقر بالطاعة لإمام المسلمين فهذه الجملة تدل علي المدعي كما أن قوله عليه السلام:

«و انما يعطي من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه» يدل أن اعطاء الزكاة ليثبت المعطي اليه علي الدين ففرض دخوله في الدين. و عليه لا يجوز اعطائها لغير المسلم فهذه الرواية علي خلاف مدعي الخصم أدل.

و أما قوله عليه السلام «سهم المؤلفة و سهم الرقاب عام» فيمكن أن يكون جواز صرفه في العارف و غير العارف لا جواز صرفه في غير المسلم. و ان أبيت عما ذكر فغايته الدلالة علي المدعي بالاطلاق و المطلق يقيد بالمقيد و قد تقدم ان المستفاد من حديث زرارة «1» اختصاصه بالمسلم.

(1) قد علم مما ذكرنا ان ما أفاده مشكل.

(2) عن الجواهر: انه عليه الاجماع بقسميه و يمكن الاستدلال علي المدعي باطلاق الاية فان مقتضاه جواز صرف الزكاة في المقام و يؤيد المدعي ما أرسله الصدوق عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل الصادق عليه السلام عن مكاتب عجز عن مكاتبته و قد أدي بعضها قال: يؤدي عنه من مال الصدقة ان اللّه عز و جل يقول في كتابه وَ فِي الرِّقٰابِ «2».

______________________________

(1) لاحظ ص: 472

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب المستحقين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 475

مطلقة أو مشروطة (1) فيعطون من الزكاة ليؤدوا ما عليهم من المال (2) و العبيد الذين هم تحت شدة فيشترون و يعتقون (3) بل مطلق عتق العبد اذا لم يوجد المستحق للزكاة (4).

______________________________

(1) ادعي عليه عدم الخلاف و يقتضيه اطلاق المرسل.

(2) لم يظهر وجه هذا القيد فان المستفاد من الكتاب و السنة ان الرقاب من الاصناف و

لا يستفاد منها اشتراط اعطائهم ان لم يستفد خلافه.

(3) ادعي عليه الاجماع جملة من الاساطين- علي ما نسب اليهم- و يمكن الاستدلال عليه بما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يجتمع عنده من الزكاة الخمس مأئة و الستمائة يشتري بها نسمة و يعتقها فقال: اذا يظلم قوما آخرين حقوقهم ثم مكث مليا ثم قال الا أن يكون عبدا مسلما في ضرورة فيشتريه و يعتقه «1».

فان الظاهر من الرواية بملاحظة وجود الرقاب في الاية الشريفة ان السؤال عن الاشتراء عن سهم الرقاب فيدل الخبر علي الجواز في صورة الضرورة و الشدة فلاحظ.

(4) عن المعتبر نسبته الي اطباق المحققين و يدل علي المدعي ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أخرج زكاة ماله الف درهم فلم يجد موضعا يدفع ذلك اليه فنظر الي مملوك يباع فيمن يريده فاشتراه بتلك الالف الدراهم التي أخرجها من زكاته فأعتقه هل يجوز له ذلك؟ قال: نعم لا بأس بذلك الحديث «2».

فما أفاده في المتن تام بلحاظ هذه الرواية. و حيث ان الظاهر انه ليس هذه

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من ابواب المستحقين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2 و الفروع من الكافي ج 3 ص: 557 حديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 476

[السادس: الغارمون]

السادس: الغارمون و هم: الذين ركبتهم الديون و عجزوا عن ادائها (1) و ان كانوا مالكين قوت سنتهم (2) بشرط أن لا يكون الدين

______________________________

المسألة في هذه الازمنة موردا للابتلاء لا نطيل الكلام فيها و لذا لم نتعرض لضعف المرسل و أيضا لم نتعرض للإشكال المتوجه الي حديث أبي بصير من حيث السند فان من جملة

رواته عمروا و عبر عن الحديث صاحب الحدائق قدس سره بالرواية و قال: و هذه الرواية رواها الشيخ في التهذيب من الكافي عن عمرو بن أبي نصر و الناظر فيها ينظمها في الصحيح و هو تصحيف منه قدس سره و سهو واقع في عبارته و انما هو عن عمرو عن أبي بصير «1» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

(1) بلا خلاف فيه و لا اشكال- كما في بعض الكلمات- و يدل علي المدعي ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل حلت عليه الزكاة و مات أبوه و عليه دين أ يؤدي زكاته في دين أبيه و للابن مال كثير؟ فقال ان كان أبوه أورثه مالا ثم ظهر عليه دين لم يعلم به يومئذ فيقضيه عنه قضاه من جميع الميراث و لم يقضه من زكاته و ان لم يكن أورثه مالا لم يكن أحد أحق بزكاته من دين أبيه فاذا أداها في دين أبيه علي هذه الحال أجزأت عنه «2».

و هذه الرواية و ان كان موردها الميت و لكن لا يبعد ان العرف يفهم منه الاطلاق و عدم الفرق بينه و بين الحي و يمكن الاستدلال علي المدعي بالآية الشريفة «3»

فانه صرح فيها بهذا الصنف و جعل الغارم احد الاصناف غاية الامر نرفع اليد عن اطلاق الاية بمقدار دلالة الدليل علي التخصيص.

(2) لإطلاق الاية ان قلت: ادعي الاجماع علي أنه لا يجوز اعطاء سهم الغارمين

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص: 182

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب المستحقين الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 448

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 477

مصروفا في المعصية (1) و لو كان علي الغارم دين لمن عليه الزكاة

______________________________

لغير الفقير و من يكون واجدا

لمؤنة سنته لا يكون فقيرا قلت: اداء الدين من جملة المئونة و المفروض عدم تمكنه من الاداء و مما ذكر ظهر اندفاع ما يمكن أن يقال:

انه قد ورد النص الدال علي عدم حلية الصدقة لغني لاحظ ما رواه زرارة «1».

(1) عن الخلاف و المنتهي و التذكرة دعوي الاجماع عليه و عن الجواهر:

لا اجد فيه خلافا. و فيه: انه ان تم اجماع تعبدي فهو و الا كيف يمكن الاعتماد عليه في الفتوي و الانصاف ان تحصيل الاجماع التعبدي في المقام مشكل مع وجود النص و احتمال كونه مدركا لإجماعهم فلاحظ.

و يدل علي المدعي ما أرسله القمي «2» و المرسل لا اعتبار به و عمل المشهور به علي فرض تماميته غير جابر كما مر مرارا مضافا الي أن جواز الأداء قيد بانفاق الدين في طاعة اللّه فلا يكفي مجرد عدم صرفه في المعصيه.

و يدل علي المدعي من النصوص منها ما رواه محمد بن سليمان عن رجل من أهل الجزيرة يكني أبا محمد قال: سأل الرضا عليه السلام رجل و أنا اسمع فقال له:

جعلت فداك ان اللّه عز و جل يقول: «وَ إِنْ كٰانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِليٰ مَيْسَرَةٍ» أخبرني عن هذه النظرة التي ذكر اللّه عز و جل في كتابه لها حد يعرف اذا صار هذا المعسر اليه لا بد له من أن ينتظر و قد أخذ مال هذا الرجل و أنفقه علي عياله و ليس له غلة ينتظر ادراكها و لا دين ينتظر محله و لا مال غائب ينتظر قدومه قال: نعم ينتظر بقدر ما ينتهي خبره الي الامام فيقضي عنه ما عليه من الدين من سهم الغارمين اذا كان أنفقه في طاعة اللّه عز و

جل فان كان أنفقه في معصية اللّه عز و جل فلا شي ء له علي الامام قلت: فما لهذا الرجل الذي ائتمنه و هو لا يعلم فيما أنفقه؟ في طاعة اللّه أم في

______________________________

(1) لاحظ ص: 452

(2) لاحظ ص: 470

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 478

______________________________

معصيته؟ قال: يسعي له في ماله فيرده عليه و هو صاغر «1».

و لا يخفي ان المرسل لا اعتبار به مضافا الي عدم احراز وثاقة محمد بن سليمان

و منها: ما رواه صباح بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ايما مؤمن أو مسلم مات و ترك دينا لم يكن في فساد و لا اسراف فعلي الامام أن يقضيه فان لم يقضه فعليه اثم ذلك ان اللّه تبارك و تعالي يقول:

«إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ» الاية فهو من الغارمين و له سهم عند الامام فان حبسه فاثمه عليه «2» و هذه الرواية ضعيفة بابن سيابة.

و منها: ما رواه الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يقول: يعطي المستدينون من الصدقة و الزكاة دينهم كله ما بلغ اذا استدانوا في غير سرف الحديث «3».

و الظاهر ان الرواية تامة سندا و أما من حيث الدلالة فلا يبعد أن تدل علي اشتراط عدم الانفاق في المعصية اذ الاسراف حرام فمع عدم الاسراف يجوز الاداء و بعبارة اخري: الاسراف عبارة عن الصرف في المعصية.

و يؤيد المدعي ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل عارف فاضل توفي و ترك عليه دينا قد ابتلي به لم يكن بمفسد و لا بمسرف و لا معروف بالمسألة هل يقضي

عنه من الزكاة الالف و الالفان؟ قال:

نعم «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الدين و القرض الحديث: 3

(2) الاصول من الكافي ج 1 ص: 407 حديث: 7

(3) الوسائل الباب 48 من أبواب المستحقين الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 46 من أبواب المستحقين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 479

جاز له احتسابه عليه زكاة (1) بل يجوز أن يحتسب ما عنده من الزكاة للمدين فيكون له ثم يأخذه وفاء عما عليه من الدين (2) و لو كان

______________________________

و صفوة القول: ان النصوص و ان كان بعضها مطلقا و لكن بمقتضي حمل المطلق علي المقيد نقيد مطلقها بمقيدها و تكون النتيجة جواز اداء دين الغارم بشرط عدم صرفه في المعصية و لو مع كونه واجدا لمؤنة سنته.

(1) لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن الاول عليه السلام عن دين لي علي قوم قد طال حبسه عندهم لا يقدرون علي قضائه و هم مستوجبون للزكاة هل لي أن أدعه فأحتسب به عليهم من الزكاة؟ قال: نعم «1».

(2) لاحظ ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون له الدين علي رجل فقير يريد أن يعطيه من الزكاة فقال: ان كان الفقير عنده وفاء بما كان عليه من دين من عرض من دار أو متاع من متاع البيت أو يعالج عملا يتقلب فيها بوجهه فهو يرجو أن يأخذ منه ماله عنده من دينه فلا بأس أن يقاص بما أراد أن يعطيه من الزكاة أو يحتسب بها فان لم يكن عند الفقير وفاء و لا يرجو أن يأخذ منه شيئا فيعطيه من زكاته و لا يقاصه شي ء من الزكاة «2».

فانه لا يبعد أن

يكون المراد من المقاصة أن يحتسب ما عنده من الزكاة للمديون ثم يأخذه وفاء عما عليه من الدين و عن الشهيدين و غيرهما تفسير المقاصة بما ذكر.

و في المقام شبهة و هي ان المستفاد من الحديث التفصيل بين رجاء الوفاء عن الفقير و عدمه فلا تجوز المقاصة في الصورة الاولي و جوازها في الثانية فلا وجه لإطلاق الحكم الا أن يتم الامر بالإجماع و التسالم فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 480

الدين لغير من عليه الزكاة يجوز له وفاؤه عنه بما عنده منها (1) و لو بدون اطلاع الغارم (2) و لو كال الغارم ممن تجب نفقته علي من عليه الزكاة جاز له اعطائه لوفاء دينه أو الوفاء عنه (3) و ان لم يجز اعطائه لنفقته (4).

______________________________

(1) و يدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه عبد الرحمن «1» و مورد الرواية و ان كان الميت لكن بحسب الفهم العرفي لا فرق بين الميت و الحي من هذه الجهة.

(2) لاحظ رواية عبد الرحمن فان موردها فوت المدين فلا يمكن اعلامه و يمكن أن يستفاد المدعي من حديث آخر لعبد الرحمن «2» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية جواز الاحتساب و لو مع عدم اطلاع المدين فيفهم انه لا يشترط في افراغ ذمة المدين اطلاعه و يؤيد المدعي جملة من المرسلات منها مرسلة القمي «3» و منها: مرسلة محمد بن سليمان «4» و منها مرسلة العباس «5».

(3) كما يدل عليه ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل علي أبيه دين و لأبيه مؤنة أ يعطي أباه من زكاته يقضي دينه؟ قال: نعم و

من أحق من أبيه؟ «6».

(4) كما هو المستفاد من النص و نتعرض له ان شاء اللّه تعالي عند تعرض الماتن

______________________________

(1) لاحظ ص: 478

(2) لاحظ ص: 479

(3) لاحظ ص: 470

(4) لاحظ ص: 477

(5) الوسائل الباب 9 من أبواب الدين و القرض الحديث: 4

(6) الوسائل الباب 18 من أبواب المستحقين الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 481

[السابع: سبيل اللّه تعالي]

السابع: سبيل اللّه تعالي و هو جميع سبل الخير كبناء القناطر و المدارس و المساجد و اصلاح ذات البين و رفع الفساد و الاعانة علي الطاعات (1) و الظاهر جواز دفع هذا السهم في كل طاعة مع عدم تمكن

______________________________

لعدم جواز اعطاء الزكاة لمن تجب نفقته علي المالك فانتظر.

(1) ادعي عليه الاجماع و مقتضي الاية الشريفة «1» كذلك و يؤيد المدعي مرسل القمي «2» فانه صرح فيه بأن المراد من سبيل اللّه جميع سبل الخير.

و عن بعض الاساطين انه يجب صرفه في الجهاد بشهادة حديث يونس بن يعقوب ان رجلا كان بهمدان ذكر ان أباه مات و كان لا يعرف هذا الامر فأوصي بوصية عند الموت و أوصي أن يعطي شي ء في سبيل اللّه فسئل عنه أبو عبد اللّه عليه السلام كيف نفعل و أخبرناه انه كان لا يعرف هذا الامر فقال: لو ان رجلا أوصي إلي أن أضع في يهودي أو نصراني لوضعته فيهما ان اللّه تعالي يقول: «فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ فَإِنَّمٰا إِثْمُهُ عَلَي الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ» فانظروا الي من يخرج الي هذا الامر (الوجه خ ل) يعني بعض الثغور فابعثوا به اليه «3».

و هذه الرواية ضعيفة بسهل بن زياد. اضف الي ذلك ان المستفاد من حديث الحسن بن راشد قال: سألت أبا الحسن العسكري عليه السلام (بالمدينة خ)

عن رجل أوصي بمال (له) في سبيل اللّه قال: سبيل اللّه شيعتنا «4»، ان سبيل اللّه هم الشيعة و ان ما يكون راجعا الي سبيل اللّه يجب صرفه في شيعة آل محمد صلي اللّه عليه و آله.

______________________________

(1) لاحظ ص: 448

(2) لاحظ ص: 470

(3) الوسائل الباب 33 من ابواب أحكام الوصايا الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 482

المدفوع اليه من فعلها بدونه بل مع تمكنه اذا لم يكن مقدما عليه الا به (1).

[الثامن: ابن السبيل]
اشارة

الثامن: ابن السبيل الذي نفدت نفقته بحيث لا يقدر علي الذهاب الي بلده فيدفع له ما يكفيه لذلك (2) بشرط أن لا يكون سفره في

______________________________

كما ان المستفاد من حديث الحسين بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ان رجلا أوصي إلي بمال في السبيل فقال: اصرفه في الحج قلت: أوصي إلي في السبيل فقال: اصرفه في الحج فاني لا اعلم سبيلا من سبله أفضل من الحج «1»، ان ما يرجع الي سبيل اللّه يصرف في مطلق الخيرات و الارجح صرفه في الحج فلاحظ.

(1) لإطلاق الاية الشريفة و ربما يقال: باشتراط الفقر في مصرف هذا السهم لقوله صلي اللّه عليه و آله «لا تحل لغني» «2» و لكن الاقوي- كما في المتن- و الوجه فيه ان الظاهر من قوله صلي اللّه عليه و آله ان المصرف اذا كان شخص بما هو فلا بد أن يكون فقيرا و أما اذا كان المصرف جهة كسبيل اللّه فلا يشترط فيه ذلك و لذا لا مجال لان يقال: انه لا يجوز للأغنياء الانتفاع من القناطر و الخانات و غيرها مما صرف فيه سهم سبيل اللّه و هل يمكن أن يستشكل فيه أدني

فاضل فضلا عن فقيه.

ان قلت: الدليل منصرف عن الغني قلت: علي فرض صحته يكون الانصراف بدويا يزول بأدني تأمل، فتحصل انه يجوز اعطائه للغني اذا كان في سبيل اللّه بشرط عدم تمكنه من الاقدام بذلك العمل بدون أخذ الزكاة أو عدم اقدامه الا في صورة اخذها.

(2) بلا خلاف و لا اشكال- كما في كلام بعض الاصحاب- و يدل علي المدعي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 252

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 483

معصية (1) بل عدم تمكنه من الاستدانة أو بيع ماله الذي هو في بلده علي الاحوط وجوبا (2).

[مسألة 59: إذا اعتقد وجوب الزكاة فأعطاها ثم بان العدم]

(مسألة 59): اذا اعتقد وجوب الزكاة فأعطاها ثم بان العدم جاز له استرجاعها (3) و ان كانت تالفة استرجع البدل اذا كان الفقير

______________________________

قوله تعالي: «وَ ابْنَ السَّبِيلِ» «1» و يدل عليه من النصوص ما أرسله القمي «2».

(1) نقل عن غير واحد: انه لا خلاف فيه و هو العمدة و أما المرسل المتقدم ذكره فيستفاد منه انه يشترط فيه أن يكون سفرا في الطاعة و قال صاحب الحدائق في هذا المقام: «لم أر من قال بمضمون الرواية الا ابن الجنيد علي ما نقل عنه «3» الي آخر كلامه.

(2) يظهر من بعض الكلمات ان الاشتراط بالشرطين المذكورين في المتن هو المشهور بين الاصحاب. و الانصاف ان الاحتياط المذكور في محله فان صدق ابن السبيل علي من يقدر من الاستدانة بلا حرج و محذور أو علي من يقدر علي بيع مملوكه كذلك مشكل. و ان شئت قلت: ان الجزم باطلاق الاية الشريفة و شمولها للمتمكن علي أحد الوجهين مورد الاشكال و يؤيد الاشتراط المرسل المتقدم ذكره فان المذكور فيه المنقطع عليه اذ لا يبعد أن يكون الانقطاع عبارة عن

عدم التمكن من السير.

(3) بلا اشكال اذ الدفع بعنوان الزكاة و الحال انه لا واقع لها فالمدفوع باق علي ملك الدافع فله استرجاعه.

______________________________

(1) التوبة/ 6

(2) لاحظ ص: 470

(3) الحدائق ج 12 ص: 203

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 484

عالما بالحال (1) و الا لم يجز الاسترجاع (2).

[مسألة 60: إذا نذر أن يعطي زكاته فقيرا معينا انعقد نذره]

(مسألة 60): اذا نذر أن يعطي زكاته فقيرا معينا انعقد نذره (3) فان سها فاعطاها فقيرا آخر أجزأ (4) و لا يجوز استردادها و ان كانت العين باقية (5) و اذا أعطاها غيره متعمدا فالظاهر الاجزاء أيضا (6).

______________________________

(1) اذ مع علمه بالحال لا يكون مغرورا من قبل الدافع فلا يجوز له التصرف في المال و تكون يده يد ضمان.

(2) لقاعدة الغرور فان المغرور يرجع الي من غره لكن هذا البيان يتم بالنسبة الي مورد صدق عنوان الغرور و أما في غيره فلا يتم الا أن يقال: ان القصور في المقتضي للضمان في الصورة المفروضة بأن يقال: لا دليل علي ترتب الضمان علي اتلاف مال الغير في مورد تسليط المالك المتلف علي ماله و تمليكه اياه و لو من باب الخطاء في التطبيق و اللّه العالم.

(3) اذ المفروض ان مناط الانعقاد موجود فينعقد.

(4) اذ المفروض ان المدفوع اليه مورد و لا وجه لعدم الاجزاء و بعبارة اخري:

بعد انطباق المأمور به علي المأتي به يكون الاجزاء عقليا كما حقق في محله.

(5) اذ بعد صيرورتها ملكا له لا وجه للاسترجاع بلا فرق بين بقاء العين و عدمه فلاحظ.

(6) لان الامر بالشي ء لا يقتضي النهي عن ضده فيكون المأتي به فردا للمأمور به و لا ينافي عصيان الدافع فان الدافع اطاع الامر الزكاتي و عصي الامر النذري و ليس متعلق الامر و النهي

واحدا كي يقال: ان الموجود الواحد لا يعقل أن يكون محبوبا و مبغوضا لاستحالة اجماع الضدين.

و أفاد سيد المستمسك في المقام «بأن مرجع نذره الي أن يخرج زكاته في

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 485

______________________________

غير مورد النذر و بعبارة اخري: يرجع نذره الي عدم افراغ ذمته الا بهذا المصداق» «1».

و يرد عليه: ان ما أفاده يرجع الي أن نذر الناذر ينحل الي نذرين و عقدين احدهما الايجابي و الاخر العقد السلبي و بعبارة واضحة: نذر نذرين احدهما اعطاء الزكاة و دفعه الي زيد مثلا ثانيهما: عدم اعطائها و عدم دفعها الي غيره فنقول: أولا:

لا يكون النذر المذكور منحلا بنذرين و الا يلزم تكرر الكفارة و هل يلتزم به هو قدس سره؟ كلا ثم كلا.

و ثانيا يشترط في متعلق النذر الرجحان و عدم دفع الزكاة لغير زيد ليس امرا راجحا شرعا فكيف ينعقد النذر فالعمدة الاشكال من ناحية ان الامر بالشي ء هل يقضي النهي عن الضد أم لا و المحقق في محله عدم اقتضائه.

و يمكن أن يرد عليه بأنه علي ما رامه يكون مقتضي القاعدة عدم الاجزاء حتي في صورة السهو و الاشتباه فان السهو لا يغير الواقع عما هو عليه.

و لكن يمكن رده بأنه في صورة السهو لا يكون الامر النذري متوجها كي يكون مانعا عن تحقق قصد القربة فلا بد من التفصيل بأن يقال: اذا كان الاشتباه موجبا لعدم توجه النهي كما لو نسي نذره يكون مجزيا لوجود المقتضي و عدم المانع و أما ان كان الحكم الواقعي موجودا و لو مع عذر الناذر عن المخالفة كما لو احتمل انه ناذر بهذا النحو لا يكون مجزيا اذ مع الاحتمال يكون الحكم الواقعي فعليا و مانعا

عن صحة الفعل علي ما رامه و أما الاشكال في الاجزاء من ناحية ان النذر يوجب قصور السلطنة لان مفاد النذر ثبوت حق له تعالي فيشكل الاجزاء حتي في صورة السهو غاية الامر لا اثم فيه لحديث الرفع فمدفوع بأنه لا دليل علي أن

______________________________

(1) المستمسك ج 9 ص: 272

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 486

و لكن كان آثما بمخالفة نذره و وجبت عليه الكفارة (1).

[المبحث الثاني أوصاف المستحقين]
اشارة

المبحث الثاني أوصاف المستحقين: و هي أمور:

[الأول: الإيمان]
اشارة

الاول: الايمان فلا يعطي الكافر و كذا المخالف من سهم الفقراء (2).

______________________________

النذر يوجب حقا له تعالي بحيث يؤثر في الاثر الوضعي و لتحقيق هذه الجهة مقام آخر فالحق ما أفاده في المتن.

(1) كما هو ظاهر اذ المفروض انه خالف النذر فتجب عليه كفارة حنثه.

(2) عن الجواهر بلا خلاف اجده فيه بيننا بل الاجماع بقسميه عليه بل المحكي منه متواتر كالنصوص خصوصا في المخالفين و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه بريد بن معاوية العجلي «1».

و منها: ما رواه الفضلاء كلهم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام انهما قالا في الرجل يكون في بعض هذه الاهواء الحرورية و المرجئة و العثمانية و القدرية ثم يتوب و يعرف هذا الامر و بحسن رأيه أ يعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج أو ليس عليه اعادة شي ء من ذلك؟ قال: ليس عليه اعادة شي ء من ذلك غير الزكاة و لا بد أن يؤديها لأنه وضع الزكاة في غير موضعها و انما موضعها اهل الولاية «2».

و منها: ما رواه عمر ابن اذينة قال: كتب إلي أبو عبد اللّه عليه السلام ان كل عمل عمله الناصب في حال ضلاله أو حال نصبه ثم من اللّه عليه و عرفه هذا الامر فانه يوجر عليه و يكتب له الا الزكاة فانه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها و انما موضعها اهل الولاية فأما الصلاة و الصوم فليس عليه قضائهما «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 159

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب المستحقين الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 487

و تعطي اطفال المؤمنين (1).

______________________________

و منها: ما رواه

اسماعيل بن سعد الاشعري عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الزكاة هل توضع فيمن لا يعرف؟ قال: لا و لا زكاة الفطرة «1».

و منها: ما رواه علي بن بلال قال: كتبت اليه أسأله هل يجوز أن أدفع زكاة المال و الصدقة الي محتاج غير أصحابي؟ فكتب: لا تعطي الصدقة و الزكاة الا لأصحابك «2».

(1) لجملة من النصوص منها: ما رواه أبو بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يموت و يترك العيال أ يعطون من الزكاة؟ قال: نعم حتي ينشأ و او يبلغوا و يسألوا من أين كانوا يعيشون اذا قطع ذلك عنهم فقلت: انهم لا يعرفون؟

قال: يحفظ فيهم ميتهم و يحبب اليهم دين أبيهم فلا يلبثون أن يهتموا بدين أبيهم فاذا بلغوا و عدلوا الي غير كم فلا تعطوهم «3».

و منها: ما رواه أبو خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ذرية الرجل المسلم اذا مات يعطون من الزكاة و الفطرة كما كان يعطي أبوهم حتي يبلغوا فاذا بلغوا و عرفوا ما كان أبوهم يعرف اعطوا و ان نصبوا لم يعطوا «4».

و منها: ما رواه يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: عيال المسلمين اعطيهم من الزكاة فأشتري لهم منها ثيابا و طعاما و أري أن ذلك خير لهم؟

قال: فقال لا بأس «5».

و منها: ما رواه عبد الرحمن ابن الحجاج قال قلت لأبي الحسن عليه السلام:

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب المستحقين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب المستحقين الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 488

و مجانينهم (1) فان كان بنحو التمليك وجب قبول

وليهم (2) و ان كان بنحو الصرف مباشرة أو بتوسط أمين فلا يحتاج الي قبول الولي (3) و ان كان أحوط استحبابا (4).

[مسألة 61: إذا أعطي المخالف زكاته أهل نحلته ثم استبصر]

(مسألة 61): اذا اعطي المخالف زكاته أهل نحلته ثم استبصر

______________________________

رجل مسلم مملوك و مولاه رجل مسلم و له مال (ماله) يزكيه و للمملوك ولد صغير حرا يجزي مولاه أن يعطي ابن عبده من الزكاة؟ فقال: لا بأس به «1».

(1) بلا خلاف ظاهر- كما في كلام بعض الاساطين- و عن المستند انه ان ثبت اجماع فهو و الا فمحل نظر. لكن الظاهر انه لا وجه للتأمل اذ المفروض ان المانع الخروج عن الولاية و الدخول في صفوف الاجانب و مجنون الشيعة ليس كذلك و يمكن أن يستفاد من جواز اعطائها لأطفال المؤمنين فان المناط واحد و مجنون الشيعة كصغيره من حيث القصور.

(2) اذ التمليك يحتاج الي التملك و المفروض ان الصغير و المجنون لا يكونان اهلا للقبول فلا بد من أن يكون المتصدي الولي عليهما فلاحظ.

(3) لعدم ما يقتضي وجوب قبوله انما الكلام في جواز الصرف بلا تمليك و الظاهر جوازه لعدم دليل علي وجوب التمليك و بعبارة اخري: المستفاد من دليل الزكاة انها راجعة الي اصحابها و يجب ايصالها اليهم و مقتضي الاطلاق جواز التمليك و الصرف و يؤيد المدعي ما دل علي جواز احتساب الدين علي الميت و الحي من الزكاة.

(4) خروجا عن شبهة الخلاف مضافا الي أن الاحتياط حسن بل مستحب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 45 من أبواب المستحقين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 489

أعادها (1) و ان كان قد أعطاها المؤمن أجزأ (2).

[الثاني أن لا يكون من أهل المعاصي]

الثاني أن لا يكون من أهل المعاصي بحيث يصرف الزكاة في المعاصي و يكون الدفع اليه اعانة علي الاثم (3).

______________________________

(1) نقل عن الجواهر: انه لا خلاف فيه. و قيل: انه اجماعي و يدل علي المدعي حديثا بريد و الفضلاء «1»

(2)

اذ يستفاد من التعليل ان المناط في عدم قبولها وضعها في غير موضعها فلو وضعها في موضعها يجزي.

(3) بتقريب: ان الاعانة حرام و لكن الاشكال في تحقق الاعانة و صدقها بهذا المقدار. مضافا الي عدم تمامية الدليل علي حرمة الاعانة علي الاثم و انما الدليل قائم علي حرمة التعاون عليه لقوله تعالي: «وَ لٰا تَعٰاوَنُوا عَلَي الْإِثْمِ وَ الْعُدْوٰانِ» «2»

و مما ذكر يعلم انه لا مجال للاستدلال علي المدعي بحرمة الاغراء بالقبيح لعدم صدق الاغراء بهذا المقدار من دون قصد الي تحقق الحرام و عدم تحريض علي المعصية فاتمام المسأله بالدليل مشكل نعم لو فرض ان عدم الدفع اليه يوجب عدم تحقق الحرام في الخارج و بعبارة اخري: يصير المالك بتركه حائلا بين المكلف و الحرام و قلنا يجب النهي عن المنكر و لو بالحيلولة بين المكلف و الحرام يجب أن لا يدفع فلاحظ.

و نسب الي جملة من الاعيان اعتبار العدالة في مستحق الزكاة و ذكر في مقام الاستدلال علي المدعي امور:

منها: الاجماع. و فيه: ان الاجماع علي فرض تحققه محتمل المدرك فلا يكون تعبديا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 159 و 486

(2) المائدة/ 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 490

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 490

______________________________

و منها: قاعدة الاشتغال. و فيه: انه لا مجال القاعدة مع اطلاق الكتاب و السنة

و منها: ان الفاسق ليس مؤمنا و الزكاة موردها المؤمن. و فيه: انه ليس الامر كذلك و المؤمن اعم من العادل مضافا ان مصرف الزكاة اهل الولاية و هذا المفهوم اعم من العادل. اضف الي ما ذكر ان هذا الاشتراط مقطوع

الخلاف و خلاف السيرة القطعية.

و منها: ان الركون الي الظالم حرام و هذا ركون اليه. و فيه: انه ليس المورد مصداقا للركون المنهي عنه كما هو ظاهر.

و قيل يعتبر في جواز الاعطاء اجتناب الكبائر كشرب الخمر و الزنا و لا بد من ملاحظة النصوص الواردة في المقام كي نري انه هل يكون فيها ما يقيد به اطلاق ادلة الجواز أم لا؟ فنقول:

منها ما رواه أبو خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تعط من الزكاة أحدا ممن تعول و قال: اذا كان لرجل خمسمائة درهم و كان عياله كثيرا قال: ليس عليه زكاة ينفقها علي عياله يزيدها في نفقتهم و في كسوتهم و في طعام لم يكونوا يطعمونه و ان لم يكن له عيال و كان وحده فليقسمها في قوم ليس بهم بأس اعفاء عن المسألة لا يسألون أحدا شيئا و قال: لا تعطين قرابتك الزكاة كلها و لكن اعطهم بعضا و اقسم بعضها في سائر المسلمين و قال: الزكاة تحل لصاحب الدار و الخادم و من كان له خمسائة درهم بعد أن يكون له عيال و يجعل زكاة الخمس مأئة زيادة في نفقة عياله يوسع عليهم «1».

فان المستفاد من هذه الرواية انه يشترط في المستحق عدم البأس به فلا يجوز

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب المستحقين الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 491

و الاحوط عدم اعطاء الزكاة لتارك الصلاة أو شارب الخمر أو المتجاهر بالفسق (1).

______________________________

بالنسبة الي شارب الخمر أو تارك الصلاة بل لا يبعد أن يستفاد من الرواية اشتراط العدالة.

لكن لا يمكن الالتزام به للقطع بالخلاف كما أن السيرة قائمة عليه اضف الي ذلك ان الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي

علي بن الحسن بن الفضال مع النقاش في أبي خديجة حيث ان الشيخ قدس سره ضعفه فيكون معارضا مع التوثيق الوارد بالنسبة الي الرجل.

و منها: ما رواه داود الصرمي قال: سألته عن شارب الخمر يعطي من الزكاة شيئا؟ قال: لا «1» فان المستفاد من هذه الرواية عدم جواز اعطاء الزكاة شارب الخمر و الرواية ضعيفة بالصرمي.

و منها: ما رواه بشر بن بشار قال: قلت للرجل يعني أبا الحسن عليه السلام:

ما حد المؤمن الذي يعطي من الزكاة؟ قال: يعطي المؤمن ثلاثة آلاف ثم قال:

أو عشرة آلاف و يعطي الفاجر بقدر لان المؤمن ينفقها في طاعة اللّه و الفاجر في معصية اللّه «2».

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال مضافا الي أن المستفاد منها التفصيل بين المؤمن و الفاجر في المقدار فالنتيجة: انه لا وجه لما افيد في المقام من القيود و المرجع اطلاق الادلة كتابا و سنة.

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط بل استحبابه و أما وجوبه فلا أري وجها له و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب المستحقين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 492

[الثالث: أن لا يكون ممن تجب نفقته علي المعطي كالأبوين و إن علوا و الأولاد و إن سفلوا]
اشارة

الثالث: أن لا يكون ممن تجب نفقته علي المعطي كالأبوين و ان علوا و الاولاد و ان سفلوا من الذكور أو الاناث و الزوجة الدائمة اذا لم تسقط نفقتها و المملوك فلا يجوز اعطائهم منها للإنفاق (1).

______________________________

(1) اجماعا كما نقل عن غير واحد و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: خمسة لا يعطون من الزكاة شيئا: الاب و الام و الولد و المملوك و المرأة و ذلك انهم عياله لازمون له «1».

و منها: ما

رواه اسحاق بن عمار عن أبي الحسن موسي عليه السلام في حديث قال: قلت: فمن ذا الذي يلزمني من ذوي قرابتي حتي لا أحتسب الزكاة عليهم؟

فقال: أبوك و امك قلت: أبي و أمي قال: الوالدان و الوالد «2».

و منها: ما رواه زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: في الزكاة يعطي منها الاخ و الاخت و العم و العمة و الخال و الخالة و لا يعطي الجد و لا الجدة «3».

و منها: ما رواه أبو طالب عبد اللّه بن الصلت عن عدة من أصحابنا يرفعونه الي أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: خمسة لا يعطون من الزكاة: الولد و الوالدان و المرأة و المملوك لأنه يجبر علي النفقة عليهم «4».

و يظهر من بعض النصوص ما يعارض دليل المنع لاحظ مكاتبة عمران بن اسماعيل بن عمران القمي قال: كتبت الي أبي الحسن الثالث عليه السلام ان لي ولدا رجالا و نساء أ فيجوز أن اعطيهم من الزكاة شيئا؟ فكتب عليه السلام: ان

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب المستحقين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 493

و يجوز اعطائهم منها لحاجة لا تجب عليه كما اذا كان للوالد أو للولد زوجة أو مملوك أو كان عليه دين يجب وفائه أو عمل يجب ادائه باجارة و كان موقوفا علي المال (1) و أما إعطائهم للتوسعة زائدا علي اللازمة

______________________________

ذلك جائز لك «1». و هذه الرواية ضعيفة بعمران.

و لاحظ مرسل محمد بن احمد عن بعض اصحابنا عن محمد بن جزك قال:

سألت الصادق عليه السلام: أدفع عشر مالي الي ولد ابنتي؟ قال: نعم لا بأس «2».

و المرسل

لا اعتبار به.

(1) لإطلاق دليل جواز الاعطاء و اختصاص دليل المنع بغير ذلك بتقريب: ان المستفاد من التعليل عدم جواز دفع الزكاة لأجل ما يلزم علي المالك و أما غيره كما هو المفروض فلا دلالة فيه و لرواية اخري لعبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون أبوه أو عمه أو أخوه يكفيه مؤنته أ يأخذ من الزكاة فيوسع به ان كانوا لا يوسعون عليه في كل ما يحتاج اليه؟ فقال:

لا بأس «3».

فان المستفاد من هذه الرواية جواز اخذ الزكاة للتوسعة. و يمكن أن يناقش في الاطلاق بأنه يقيد بالمقيد و اللازم مراعاة دليل التقييد توسعة و تضييقا و مقتضي اطلاق دليل المنع عدم الجواز مطلقا. و بعبارة اخري: قد علل عدم الجواز بهذه العلة المذكورة في الرواية و المفروض ان العلة باقية بحالها و أما حديث ابن الحجاج الثاني فهو ناظر الي جواز اخذ الزكاة من غير باذل النفقة و كلامنا في جواز اعطاء الزكاة و دفعها الي من تكون نفقته واجبة بالنسبة الي الدافع المالك و علي فرض

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب المستحقين الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 11 من ابواب المستحقين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 494

فالاحوط ان لم يكن أقوي عدم جوازه اذا كان عنده ما يوسع به عليهم (1).

______________________________

الاطلاق و شمول الدليل لمن يكون واجبا عليه النفقة يقيد بالنصوص المتقدمة فان المستفاد من تلك الروايات عدم جواز اعطاء الزكاة لواجب النفقة علي الاطلاق و اطلاق المقيد مقدم علي اطلاق المطلق فلاحظ.

(1) لم يظهر وجه التفصيل المذكور اذ المانع ان كان وجوب الانفاق عليهم فهو أمر مشترك بين كونه

قادرا علي التوسعة و عدمه و ان كان وجه المنع عدم وجوب الانفاق للتوسعة فهو أيضا مشترك فلا وجه للتفصيل و لا يبعد أن يقال: بالمنع علي الاطلاق لإطلاق دليل المنع.

و ربما يقال: ان المستفاد: من بعض النصوص جواز التوسعة لاحظ ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون له ألف درهم يعمل بها و قد وجب عليه فيها الزكاة و يكون فضله الذي يكسب بماله كفاف عياله لطعامهم و كسوتهم و لا يسعه لا دمهم و انما هو ما يقوتهم في الطعام و الكسوة قال: فلينظر الي زكاة ماله ذلك فليخرج منها شيئا قل أو كثر فيعطيه بعض من تحل له الزكاة و ليعد بما بقي من الزكاة علي عياله فليشتر بذلك ادامهم و ما يصلحهم من طعامهم في غير اسراف و لا يأكل هو منه فانه رب فقير أسرف من غني فقلت: كيف يكون الفقير أسرف من الغني؟ فقال: ان الغني ينفق مما أوتي و الفقير ينفق من غير ما أوتي «1».

و ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل له ثمانمائة درهم و لابن له مأتا درهم و له عشر من العيال و هو يقوتهم فيها قوتا شديدا و ليس له حرفة بيده انما يستبضعها فتغيب عنه الاشهر ثم يأكل من فضلها أ تري له اذا حضرت الزكاة أن يخرجها من ماله فيعود بها علي عياله يتسع عليهم بها النفقة؟ قال: نعم

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب المستحقين الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 495

[مسألة 62: يجوز لمن وجبت نفقته علي غيره أن يأخذ الزكاة من غير من تجب عليه اذا لم يكن قادرا علي الانفاق]

(مسألة 62): يجوز لمن وجبت نفقته علي غيره أن يأخذ الزكاة من غير من تجب عليه

اذا لم يكن قادرا علي الانفاق أو لم يكن باذلا (1) بل و كذا اذا كان باذلا مع المنة غير القابلة للتحمل عادة (2) و الاقوي عدم وجوب الانفاق عليه مع بذل الزكاة (3) و لا يجوز للزوجة

______________________________

و لكن يخرج منها الشي ء الدرهم «1».

و لا يبعد أن يكون المراد من الزكاة في هذين الحديثين و أمثالهما زكاة مال التجارة فلا ترتبط بالمقام نعم يظهر من خير اسحاق بن عمار «2» جواز اعطاء الزكاة للأب لقضاء دينه فلاحظ.

(1) اذ مع عدم امكان الانفاق علي من يجب عليه أو مع عدم انفاقه يكون واجب النفقة فقيرا فيجوز له أخذ الزكاة و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عبد الرحمن «3» فان دلالة الحديث علي المقام بالاولوية.

(2) اذ حرمة أخذها في الصورة المفروضة حرجية و التكليف الحرجي مرفوع في الشريعة.

(3) بتقريب: ان وجوب الانفاق يتوقف علي فقره و احتياجه و مع بذل الزكاة و دفعها اليه لا يكون محتاجا. ان قلت: جواز دفع الزكاة اليه يتوقف علي عدم انفاق من تجب عليه نفقته فيتوقف كل من الجانبين علي الجانب الاخر و هذا دور قلت: المفروض كون المورد فقيرا و موردا لصرف الزكاة فيه فيجوز له اخذ الزكاة.

و بعبارة اخري: جواز اعطائه من الزكاة يتوقف علي فقره و المفروض فقره فلا يكون التوقف من الطرفين كي يلزم الدور. و بعبارة واضحة: جواز دفع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 480

(3) لاحظ ص: 493

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 496

أن تأخذ من الزكاة مع بذل الزوج للنفقة (1) بل مع امكان اجباره اذا كان ممتنعا (2).

[مسألة 63: يجوز دفع الزكاة إلي الزوجة المتمتع بها]

(مسألة 63): يجوز دفع الزكاة الي الزوجة المتمتع بها سواء كان الدافع الزوج أو غيره

و كذا الدائمة اذا سقطت نفقتها بالشرط و نحوه (3) أما اذا كان بالنشوز ففيه اشكال و الاظهر العدم (4).

[مسألة 64: يجوز للزوجة دفع زكاتها الي الزوج]

(مسألة 64): يجوز للزوجة دفع زكاتها الي الزوج و لو كان للإنفاق عليها (5).

[مسألة 65: إذا عال بأحد تبرعا جاز للمعيل و لغيره دفع الزكاة إليه]

(مسألة 65): اذا عال بأحد تبرعا جاز للمعيل و لغيره دفع

______________________________

الزكاة يتوقف علي فقره و وجوب الانفاق يتوقف علي عدم اعطائه الزكاة فلاحظ.

(1) اذ المفروض انها لا تكون محتاجة مع بذل الزوج نفقتها.

(2) اذ مع امكان الاجبار يكون كالدائن الذي يمتنع المديون من اداء دينه و يمكن اجباره علي الاداء بلا محذور و ان شئت قلت: انها تكون غنية بالقوة كالمحترف الذي يمكنه تحصيل معاشه فلاحظ.

(3) اذ المفروض ان المقتضي للجواز و هو الفقر مع بقية الشرائط موجود و لا مانع اذ ليس المورد من موارد واجب النفقة فان الانقطاع لا يقتضي وجوب الانفاق كما ان الدائمة الساقط وجوب نفقتها بالشرط أو غيره مثله في هذه الجهة.

(4) لأنها يمكنها تحصيل مؤنتها بالرجوع فترجع فتأمل.

(5) لوجود المقتضي و عدم المانع.

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 497

الزكاة اليه (1) من غير فرق بين القريب و الاجنبي (2).

[مسألة 66: يجوز لمن وجب الإنفاق عليه أن يعطي زكاته لمن تجب عليه نفقته إذا كان عاجزا عن الإنفاق عليه]

(مسألة 66): يجوز لمن وجب الانفاق عليه أن يعطي زكاته لمن تجب عليه نفقته اذا كان عاجزا عن الانفاق عليه (3) و ان كان الاحوط استحبابا الترك (4).

[الرابع: أن لا يكون هاشميا إذا كانت الزكاة من غير هاشمي]
اشارة

الرابع: أن لا يكون هاشميا اذا كانت الزكاة من غير هاشمي (5).

______________________________

(1) لوجود المقتضي و عدم المانع و أما رواية أبي خديجه «1» فلا اعتبار بها سندا.

(2) لعدم الدليل علي التفرقة فلاحظ.

(3) لعدم دليل علي المنع.

(4) يمكن أن يكون الوجه الخروج عن شبهة الخلاف و علي فرض احتمال عدم الجواز لا اشكال في حسن الاحتياط بل في استحبابه بناء علي أن مقتضي الجمع بين اخبار الاحتياط و البراءة استحباب الاحتياط.

(5) قال في الجواهر- علي ما نقل عنه-: «بلا خلاف اجده فيه بين المؤمنين بل و بين المسلمين بل الاجماع بقسميه عليه بل المحكي منه متواتر كالنصوص التي اعترف غير واحد انها كذلك» و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم و أبو بصير و زرارة كلهم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ان الصدقة أوساخ أيدي الناس و ان اللّه قد حرم علي منها و من غيرها ما قد حرمه و ان الصدقة لا تحل

______________________________

(1) لاحظ ص: 490

(2) لاحظ ص: 470

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 498

و لا فرق بين سهم الفقراء و غيره من سائر السهام (1) حتي سهم العاملين و سبيل اللّه (2) نعم لا بأس بتصرفهم في الاوقاف العامة اذا كانت من الزكاة مثل المساجد و منازل الزوار و المدارس و الكتب و نحوها (3).

______________________________

لبني

عبد المطلب الحديث «1».

و منها: ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تحل الصدقة لولد العباس و لا لنظرائهم من بني هاشم «2».

و منها: ما رواه ابراهيم الاوسي عن الرضا عليه السلام في حديث ان رجلا قال لأبيه: أ ليس الصدقة محرمة عليكم فقال: بلي «3».

و منها: ما رواه الفضل بن الحسن الطبرسي في صحيفة الرضا عليه السلام باسناده قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: انا اهل بيت لا تحل لنا الصدقة الحديث «4» و منها غيرها.

(1) للإطلاق الموجود في النصوص الواردة في المقام.

(2) لاحظ حديث العيص «5».

(3) بلا اشكال كغيرهم من بقية الناس و السر فيه ان دليل المنع لا يشمل مثل هذه الامور فان صرف الزكاة في المسجد لا يكون صرفا في الهاشمي بل صرف في سبيل اللّه و المسجد و كذا الموقوف العام لعموم الناس. اضف الي ذلك ان السيرة جارية علي هذه الانتفاعات من هذه المذكورات بلا نكير.

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب المستحقين الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) لاحظ ص: 490

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 499

[مسألة 67: يجوز للهاشمي أن يأخذ زكاة الهاشمي]

(مسألة 67): يجوز للهاشمي أن يأخذ زكاة الهاشمي (1) من دون فرق بين السهام أيضا (2) كما يجوز له أخذ زكاة غير الهاشمي مع الاضطرار (3) و في تحديد الاضطرار اشكال و قد ذكر جماعة من العلماء ان المسوغ عدم التمكن من الخمس بمقدار الكفاية و هو أيضا مشكل و الاحوط تحديده بعدم كفاية الخمس و سائر الوجوه يوما

______________________________

و يمكن الاستدلال علي المدعي بالنص الخاص لاحظ رواية عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد

اللّه عليه السلام انه قال: لو حرمت علينا الصدقة لم يحل لنا أن نخرج الي مكة لان كل ماء بين مكة و المدينة فهو صدقة «1».

(1) اجماعا بقسميه- كما عن الجواهر- و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان فاطمة عليها السلام جعلت صدقاتها لبني هاشم و بني عبد المطلب «2».

و منها: ما رواه القاسم بن سليمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان صدقات رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و صدقات علي بن ابي طالب عليه السلام تحل لبني هاشم «3» و منها غيرهما المذكور في الوسائل في الباب 32 من أبواب المستحقين.

(2) للإطلاق المنعقد في جملة من النصوص فلاحظ.

(3) ادعي عليه الاجماع و تدل علي المدعي رواية زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: انه لو كان العدل ما احتاج هاشمي و لا مطلبي الي صدقة ان اللّه جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم ثم قال: ان الرجل اذا لم يجد شيئا حلت له الميتة

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب المستحقين الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 32 من أبواب المستحقين الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 500

فيوما مع الامكان (1).

[مسألة 68: الهاشمي هو المنتسب شرعا إلي هاشم بالأب دون الأم]

(مسألة 68): الهاشمي هو المنتسب شرعا الي هاشم بالاب دون الام (2) و أما اذا كان منتسبا اليه بالزنا فيشكل اعطاؤه من زكاة

______________________________

و الصدقة لا تحل لأحد منهم الا أن لا يجد شيئا و يكون ممن يحل له الميتة «1».

(1) ما ذكر في كلمات الاصحاب في مقام بيان التحديد لا دليل عليه و تحقق الاجماع التعبدي علي أن الحد عدم كفاية الخمس

في غاية الاشكال فلا بد من الاقتصار علي ما يستفاد من رواية زرارة و المستفاد منها ان الصدقة للهاشمي بحكم أكل الميتة فلا بد من الاقتصار علي أقل ما يمكن فما أفاده في المتن صحيح بل القاعدة تقتضي أن يقتصر علي أقل ما يمكن و لكن الاشكال كل الاشكال في مدرك اصل الحكم فان رواية زرارة المشار اليها ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن الفضال و الظاهر انه لا مدرك لهذا الحكم الا هذه الرواية فلا دليل علي الجواز حتي مع الضرورة.

(2) هذا هو المشهور بين القوم و نسب الخلاف الي المرتضي قدس سره بتقريب:

ان المنتسب بالام يطلق عليه الولد و الابن. و الكلام ليس في صدق عنوان الولد و الابن علي المنتسب بالام اذ لا شك في الصدق و لذا يصدق علي أولاد فاطمة عليها السلام انهم أولاد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله.

و يدل علي المدعي انه يترتب أحكام الاولاد علي أولاد البنت بل الكلام في أن موضوع الزكاة الوارد في النصوص هل يصدق علي من انتسب الي الهاشم بالام أم لا؟ و هذا هو العمده فنقول: الوارد في النصوص الدالة علي عدم الجواز عنوان ولد عبد المطلب أو ولد عباس أو بنو هاشم أو بنو عبد المطلب أو الهاشمي

______________________________

(1) الوسائل الباب 33 من أبواب المستحقين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 501

غير الهاشمي و كذا الخمس (1).

[مسألة 69: المحرم من صدقات غير الهاشمي علي الهاشمي هو زكاة المال و زكاة الفطرة]

(مسألة 69): المحرم من صدقات غير الهاشمي علي الهاشمي هو زكاة المال و زكاة الفطرة أما الصدقات المندوبة فليست محرمة بل كذا الصدقات الواجبة كالكفارات ورد المظالم و مجهول المالك و اللقطة و منذور الصدقة و الموصي به للفقراء (2).

______________________________

و هذه

العناوين تصدق علي المنتسب الي عبد المطلب أو عباس أو هاشم بالاب لا بالام و علي فرض الشك في الصدق يكون مقتضي الاصل عدم الصدق.

اضف الي ذلك انه لو كان الانتساب بالام كافيا في صدق الموضوع و حرمة الصدقة يلزم أن تكون الزكاة حراما لأكثر الناس اذ قلما ينفق ان شخصا لا يصل نسبه من قبل امه الي هاشم فانه يكفي لصدق الانتساب وجود امرأة هاشمية في سلسلة نسبه و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟

اضف الي ذلك كله السيرة الجارية علي اعطاء الزكاة المنتسب بالام الي هاشم من غير نكير و يؤيد المدعي مرسل حماد عن العبد الصالح عليه السلام في حديث طويل قال: و من كانت امه من بني هاشم و أبوه من سائر قريش فان الصدقات تحل له و ليس له من الخمس شي ء فان اللّه يقول: ادْعُوهُمْ لِآبٰائِهِمْ «1».

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط لكن مقتضي الصناعة ان ولد الزنا يترتب عليه جميع الاحكام الا ما خرج بالدليل كالإرث مثلا فالمتولد من الهاشمي بالزنا هاشمي يترتب جميع الاحكام المترتب علي الهاشمي عليه و أما كون الولد للفراش فهو حكم لمورد الشك و أما مع العلم فلا مجال للتمسك بقاعدة الفراش كما هو ظاهر.

(2) قال في الحدائق: «ظاهر كلام جملة من الاصحاب الاتفاق علي جواز

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب المستحقين

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 502

______________________________

اخذ الهاشمي الصدقة المندوبة و نقل عن العلامة في المنتهي انه نسبه الي علمائنا و أكثر العامة» «1» الي آخره و استدل علي المدعي بجملة من النصوص منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «2».

بتقريب: ان المستفاد من هذه الرواية ان الصدقة المحرمة هي الصدقة الواجبة فالصدقة المندوبة

لا تحرم. و لكن المستفاد من الرواية ان الصدقة علي اطلاقها لا تحرم علي الهاشمي. و بعبارة اخري: المقدار المستفاد من الرواية ان الموقوفات العامة لا تحرم علي الهاشمي و أما الزائد علي هذا المقدار فلا يستفاد من الحديث.

و مقتضي جملة من النصوص حرمة الصدقة علي الاطلاق لاحظ ما رواه عيص «3».

فان هذا الاطلاق محكم الا أن يقوم دليل علي الجواز في مورد. و منها: ما رواه محمد بن مسلم و أبو بصير و زرارة «4».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان الصدقة المحرمة ما يكون من أوساخ الناس و ما يكون كذلك منحصر في زكاة المال الواجبة. و فيه: انه لا دليل علي الاختصاص و مقتضي اطلاق كلامه عليه السلام ان الصدقة اوساخ ايدي الناس علي الاطلاق.

و منها: ما رواه جعفر بن ابراهيم الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قلت له: أ تحل الصدقة لبني هاشم؟ فقال: انما (تلك) الصدقة الواجبة علي الناس لا تحل لنا فأما غير ذلك فليس به بأس و لو كان كذلك ما استطاعوا أن

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص: 217

(2) لاحظ: ص 499

(3) لاحظ ص: 470

(4) لاحظ ص: 497

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 503

[مسألة 70: يثبت كونه هاشميا بالعلم و البينة و بالشياع الموجب للاطمينان]

(مسألة 70) يثبت كونه هاشميا بالعلم (1) و البينة (2) و بالشياع الموجب للاطمينان (3).

______________________________

يخرجوا الي مكة هذه المياه عامتها صدقة «1». و هذه الرواية تامة من حيث الدلالة علي المدعي لكنها ضعيفة سندا بجعفر بن ابراهيم.

و منها: ما رواه أبو اسامة زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الصدقة التي حرمت عليهم فقال: هي الزكاة المفروضة و لم يحرم علينا صدقة بعضنا علي بعض «2» بتقريب: ان المستفاد منه ان المحرم

الزكاة المفروضة و فيه: ان الرواية ضعيفة بمفضل بن صالح.

و منها: ما رواه اسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصدقة التي حرمت علي بني هاشم ما هي؟ فقال: هي الزكاة قلت:

فتحل صدقة بعضهم علي بعض؟ قال: نعم «3». و التقريب هو التقريب لكن الرواية ضعيفة باسماعيل بن الفضل الهاشمي.

و مما ذكرنا ظهر الحال في الصدقات الواجبة فان ثبت اجماع تعبدي كاشف عن الجواز فهو و الا يشكل الالتزام به الا أن يقال: ان السيرة جارية علي دفع غير زكاة المال و زكاة الفطرة الي السيد لكن هل يمكن اثبات جريان السيرة المدعاة الي زمان المعصومين عليهم السلام و اللّه العالم بحقائق الاشياء.

(1) فان العلم حجة بالذات و بلا توقف علي الجعل.

(2) اذ لا اشكال في حجية البينة في الموضوعات.

(3) لان الاطمينان حجة عقلائية ممضاة من قبل الشارع الاقدس.

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من ابواب المستحقين الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 32 من أبواب المستحقين الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 504

و لا يكفي مجرد الدعوي (1) و في براءة ذمة المالك اذا دفع الزكاة اليه حينئذ اشكال و الاظهر عدم البراءة (2).

[فصل في بقية أحكام الزكاة]
اشارة

فصل في بقية أحكام الزكاة.

[مسألة 71: لا يجب البسط علي الأصناف الثمانية علي الاقوي]

(مسألة 71): لا يجب البسط علي الاصناف الثمانية علي الاقوي و لا علي أفراد صنف واحد و لا مراعاة أقلّ الجمع فيجوز اعطائها لشخص واحد من صنف واحد (3).

______________________________

(1) لعدم دليل علي الكفاية نعم لو كان ثقة لا يبعد أن يقال: باعتبار ادعائه من باب حجية قول الثقة في الموضوعات لكن يمكن أن يرد علي هذا التقريب بأن دليل الاعتبار السيرة العقلائية و تحقق السيرة بالنسبة الي مورد يكون قوله راجعا الي جلب نفع الي نفسه أو دفع ضرر عنها أول الاشكال و الكلام.

(2) لا أري وجها للإشكال اذ مقتضي الاصل عدم كونه هاشميا و المفروض جواز اعطاء الزكاة لغير الهاشمي.

(3) قال في الحدائق: «الظاهر انه لا خلاف بين الاصحاب في عدم وجوب البسط علي الاصناف و انه يجوز تخصيص جماعة من كل صنف أو صنف واحد بل شخص واحد من بعض الاصناف» «1» الي آخر كلامه. و عن المدارك: «انه لا اشكال فيه لأنه موضع نص و وفاق» و عن التذكرة: «انه مذهب علمائنا اجمع».

و عن الجواهر: «الاجماع بقسميه عليه».

و يمكن الاستدلال علي المدعي باطلاق الكتاب «2» فان اللام في الاية الشريفة للمصرف و ليست للملك و الشاهد علي المدعي عطف الرقاب و سبيل اللّه

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص: 224

(2) لاحظ ص: 448

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 505

______________________________

و ابن السبيل المجرورة بحرف الظرفية لامتناع تقديم (اللام) و كون الصرف علي وجه التوزيع خلاف الاطلاق مضافا الي أنه علي فرض تسلم ظهور الاية ترفع اليد عنه بالنصوص الواردة في المقام التي نذكرها الان إن شاء اللّه تعالي فنقول:

تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه أحمد بن أبي حمزة قال:

قلت لأبي الحسن عليه السلام: رجل من مواليك له قرابة كلهم يقول بك و له زكاة أ يجوز له أن يعطيهم جميع زكاته؟

قال: نعم «1».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال:

قلت له: لي قرابة اتفق علي بعضهم و افضل بعضهم علي بعض فيأتيني ابان الزكاة أ فأعطيهم منها؟ قال: مستحقون لها؟ قلت: نعم قال: هم أفضل من غيرهم أعطهم الحديث «2». و منها: ما رواه زرارة «3».

و منها: ما رواه عبد الكريم بن عتبة الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه قال لعمرو بن عبيد في احتجاجه عليه: ما تقول في الصدقة؟ فقرأ عليه الاية «إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ الْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا» الي آخر الاية قال:

نعم فكيف تقسمها؟ قال: اقسمها علي ثمانية أجزاء فاعطي كل جزء من الثمانية جزء قال: و ان كان صنف منهم عشرة آلاف و صنف منهم رجلا واحدا أو رجلين أو ثلاثة جعلت لهذا الواحد ما جعلت للعشرة آلاف؟ قال: نعم قال: و تجمع صدقات أهل الحضر و أهل البوادي فتجعلهم فيها سواء؟ قال: نعم قال: فقد خالفت

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من ابواب المستحقين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ: ص 466

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 506

[مسألة 72: يجوز نقل الزكاة من بلد الي غيره]

(مسألة 72): يجوز نقل الزكاة من بلد الي غيره (1).

______________________________

رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في كل ما قلت في سيرته كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يقسم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي و صدقة أهل الحضر في أهل الحضر و لا يقسمها (يقسمه) بينهم بالسوية و انما يقسمها (يقسمه) علي قدر ما يحضرها منهم و ما يري

(و) ليس عليه في ذلك شي ء موقت موظف و انما يصنع ذلك بما يري علي قدر من يحضرها منهم «1».

و منها: ما رواه علي بن يقطين أنه قال لأبي الحسن الاول عليه السلام: يكون عندي المال من الزكاة فأحج به موالي و أ فاربي؟ قال: نعم لا بأس «2».

و أما خبر حفص بن غياث قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول و سئل عن «قسم» بيت المال فقال: أهل الإسلام هم ابناء الإسلام اسوي بينهم في العطاء و فضائلهم بينهم و بين اللّه اجعلهم كبني رجل واحد لا يفضل أحد منهم لفضله و صلاحه في الميراث علي آخر ضعيف منقوص قال: و هذا هو فعل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في بدو أمره و قد قال غيرنا: اقدمهم في العطاء بما قد فضلهم اللّه بسوابقهم في الإسلام اذا كان بالاسلام قد أصابوا ذلك فانزلهم علي مواريث ذوي الارحام بعضهم أقرب من بعض و أوفر نصيبا لقربه من الميت و انما ورثوا برحمهم و كذلك كان عمر يفعله «3». فعلي فرض دلالته علي خلاف المدعي لا يترتب عليه أثر لضعف سنده بعلي بن محمد القاساني.

(1) كما في حديث هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يعطي الزكاة يقسمها أله أن يخرج الشي ء منها من البلدة التي هو فيها (بها) الي

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من ابواب المستحقين الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 42 من ابواب المستحقين الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 39 من أبواب جهاد العدو الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 507

______________________________

غيرها؟ فقال: لا بأس به «1»

و في حديث أحمد بن أبي حمزة قال: سألت أبا الحسن الثالث عليه السلام عن

الرجل يخرج زكاته من بلد الي بلد آخر و يصرفها في اخوانه فهل يجوز ذلك؟ قال: نعم «2».

و ربما يقال: بعدم جواز النقل مع وجود المستحق في البلد. و في الحدائق:

«انه المشهور و اسنده في التذكرة الي علمائنا اجمع «3» و استدل علي هذا القول بوجوه:

الاول: الاجماع و فيه: انه كيف يمكن دعوي الاجماع مع ذهاب جماعة كثيره علي ما نسب اليهم الي القول الاول منهم الشيخان و الحلبي و ابنا زهرة و حمزة و العلامة و الشهيد الاول بل علي ما في كلام بعض الاصحاب ان القول الاول منسوب الي أكثر المتأخرين.

الثاني: ان في النقل خطر التلف. و فيه: انه اخص من المدعي مضافا الي أن الخطر يجبر بالضمان.

الثالث: ان النقل مناف مع الفورية. و فيه: مضافا الي أنه اخص من المدعي ان وجوب الفورية أول الكلام فان النص قائم علي جواز النقل.

الرابع: ان مقتضي حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تحل صدقه المهاجرين للأعراب و لا صدقة الاعراب في المهاجرين «4»، حرمة

______________________________

(1) الوسائل الباب 37 من أبواب المستحقين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الحدائق ج 12 ص: 239

(4) الوسائل الباب 38 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 508

لكن اذا كان المستحق موجودا في البلد كانت مؤنة النقل عليه (1) و ان تلفت بالنقل يضمن (2) و لا ضمان مع التلف بغير تفريط اذ لم يكن في البلد مستحق (3) كما لا ضمان اذا و كله الفقيه في قبضها عنه فقبضها

______________________________

صدقة المهاجرين علي الاعراب و صدقة الاعراب علي المهاجرين كما أن مقتضي حديث عبد الكريم بن عتبة الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يقسم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي و صدقة أهل الحضر في أهل الحضر الحديث «1»، حرمة صدقة أهل البوادي علي أهل الحضر و حرمة صدقة أهل الحضر علي أهل البوادي.

و فيه: اولا: ان هذا اخص من المدعي اذ يمكن ان ينقل و يدفع الي من يجب دفعه اليه. و بعبارة اخري: لا تنافي بين الامرين و ثانيا: انه لا اشكال في عدم وجوب رعاية المقدار المذكور في الحديثين.

الخامس: ان مقتضي بعض النصوص الضمان بالنقل مع وجود المستحق في البلد لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل بعث بزكاة ماله لتقسم فضاعت هل عليه ضمانها حتي تقسم؟ فقال: اذا وجد لها موضعا فلم يدفعها اليه فهو لها ضامن حتي يدفعها و ان لم يجد لها من يدفعها اليه فبعث بها الي أهلها فليس عليه ضمان لأنها قد خرجت من يده و كذلك الوصي الذي يوصي اليه يكون ضامنا لما دفع اليه اذا وجد ربه الذي أمر بدفعه فان لم يجد فليس عليه ضمان «2». و فيه: ان الضمان لا يستلزم حرمة النقل.

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية اذ لا وجه لاحتسابها علي الزكاة.

(2) كما نص به في حديث ابن مسلم المتقدم ذكره آنفا.

(3) اذ لا مقتضي للضمان و ليس علي الامين الا اليمين مضافا الي النص الخاص

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 39 من أبواب المستحقين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 509

ثم نقلها بأمره (1) و اجرة النقل حينئذ علي الزكاة (2).

[مسألة 73: إذا كان له مال في غير بلد الزكاة جاز دفعه زكاة عما عليه في بلده]

(مسألة 73): اذا كان له مال في غير بلد الزكاة جاز دفعه زكاة عما عليه في

بلده و لو مع وجود المستحق فيه (3) و كذا اذا كان له دين في ذمة شخص في بلد آخر جاز احتسابه عليه من الزكاة اذا كان فقيرا و لا اشكال في شي ء من ذلك (4).

[مسألة 74: إذا قبض الحاكم الشرعي الزكاة بعنوان الولاية العامة برئت ذمة المالك]

(مسألة 74): اذا قبض الحاكم الشرعي الزكاة بعنوان الولاية العامة برئت ذمة المالك (5) و ان تلف بعد ذلك بتفريط أو بدونه أو دفعها الي غير المستحق (6).

______________________________

لاحظ حديث ابن مسلم المتقدم ذكره.

(1) اذ قبضه باذن الفقيه بالوكالة كقبض الفقير و بعبارة اخري بقبض ولي الفقير أي الحاكم الشرعي تبر أذمة المالك و يخرج عن المسئولية غاية الامر اذا فرط يكون ضامنا و الا فلا فلاحظ.

(2) اذ لا وجه لكونها علي المالك.

(3) لإطلاق الادلة فان مقتضي اطلاق اداء الزكاة من غيرها جوازه في مفروض المسألة و يمكن أن يقال: بأنه لا يصدق عليه النقل و علي فرض صدقه قد مر قريبا انه لا دليل علي حرمة النقل.

(4) قد تقدم في المسألة (56) انه يجوز احتساب الدين من الزكاة و المقام من مصاديق ذلك الكلي فلاحظ.

(5) بتقريب: ان قبضه قبض المستحق لأنه ولي الفقير.

(6) اذ بعد قبض الحاكم الشرعي تحقق ما هي وظيفة المالك و لا مقتضي بعد

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 510

[مسألة 75: لا يجوز تقديم الزكاة قبل تعلق الوجوب]

(مسألة 75): لا يجوز تقديم الزكاة قبل تعلق الوجوب (1).

______________________________

قبضه لضمان المالك و ان شئت قلت: قبض الحاكم كقبض المستحق و هل يتوهم ضمان علي المالك بعد قبض المستحق.

(1) قال في الحدائق: «المشهور بين الاصحاب رضوان اللّه عليهم انه لا يجوز تعجيل الزكاة قبل وقتها» الي أن قال «و نقل عن ظاهر ابن أبي عقيل و سلار جواز التعجيل» «1» الي آخر كلامه.

و قول المشهور مقتضي القاعدة الاولية فان الاتيان بالعمل قبل تعلق الوجوب به و قبل وقته لا يكون مصداقا للمأمور به و لا يكون مجزيا. اضف الي ذلك النص الخاص الدال علي المنع لاحظ ما رواه محمد الحلبي قال: سألت أبا

عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يفيد المال قال: لا يزكيه حتي يحول عليه الحول «2».

و ما رواه عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يكون عنده المال أ يزكيه اذا مضي نصف السنة؟ فقال: لا و لكن حتي يحول عليه الحول و يحل عليه انه ليس لأحد أن يصلي صلاة الا لوقتها و كذلك الزكاة و لا يصوم أحد شهر رمضان الا في شهره الا قضاء و كل فريضة انما تؤدي اذا حلت «3».

و ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أ يزكي الرجل ماله اذا مضي ثلث السنة؟ قال: لا أ يصلي الاولي قبل الزوال؟ «4».

و يمكن الاستدلال علي القول الاخر بجملة من النصوص: منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل تحل عليه الزكاة

______________________________

(1) الحدائق ج 12 ص 232

(2) الوسائل الباب 51 من أبواب المستحقين الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 511

______________________________

في شهر رمضان فيؤخرها الي المحرم قال: لا بأس قال: قلت: فانها لا تحل عليه الا في المحرم فيجعلها في شهر رمضان قال: لا بأس «1».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سأله عن رجل حال عليه الحول و حل الشهر الذي كان يزكي فيه و قد أتي لنصف ماله سنة و لنصف الاخر ستة أشهر قال: يزكي الذي مرت عليه سنة و يدع الاخر حتي تمر عليه سنة قلت: فانه اشتهي أن يزكي ذلك قال: ما أحسن ذلك «2».

و منها: ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين و تأخيرها شهرين «3».

فيقع التعارض بين الجانبين و يمكن أن يقال ان النصوص الدالة علي القول الثاني متعارضة بنفسها فان المستفاد من حديث أبي بصير جواز التقديم قبل ستة أشهر و المستفاد من حديث معاوية بن عمار جواز تقديمها قبل أربعة أشهر و المستفاد من حديث حماد عدم الجواز الا مقدار شهرين فتلك النصوص بالتعارض تتساقط و تبقي النصوص الدالة علي عدم الجواز سالمة عن المعارض.

و أفاد في الحدائق: ان الطائفة الثانية تحمل علي التقية لكونها موافقة مع قول أبي حنيفة و الشافعي و أحمد. و لكن يشكل بأن ترجيح احد الطرفين يتوقف علي عدم امكان الجمع العرفي و حيث ان النصوص الدالة علي الجواز مقيدة يمكن تخصيص النصوص المانعة بها الا أن يقال: النصوص متعارضة بحسب الفهم العرفي فان

______________________________

(1) الوسائل الباب 49 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 512

نعم يجوز أن يعطي الفقير قرضا قبل وقت الوجوب فاذا جاء الوقت احتسبه زكاة (1) بشرط بقائه علي صفة الاستحقاق (2) كما يجوز له أن لا يحتسبه زكاة بل يدفعها الي غيره و يبقي ما في ذمة الفقير قرضا (3) و اذا أعطاه قرضا فزاد عند المقترض زياده متصلة أو منفصلة فهي له لا للمالك و كذلك النقص عليه اذا نقص (4).

______________________________

المستفاد من طائفة منها انه لا يجوز الدفع الا بعد حلول الحول و المستفاد من الطائفة الاخري جواز التعجيل و الظاهر ان الترجيح مع ما دل علي عدم جواز التقديم فانا بنينا في بحث التعادل و الترجيح ان الترجيح فيما يكون مخالفا لأخبار العامة بمقتضي حديث عبد الرحمن

بن أبي عبد اللّه قال: قال الصادق عليه السلام: اذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما علي كتاب اللّه فما وافق كتاب اللّه فخذوه و ما خالف كتاب اللّه فردوه فان لم تجدوهما في كتاب اللّه فاعرضوهما علي أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه و ما خالف أخبارهم فخذوه «1» و المستفاد من كلام صاحب الحدائق قدس سره انه روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله ترخيص تعجيل الصدقة فالرواية المانعة فيها الترجيح فلاحظ.

(1) قد تقدم في الفرع (56) جواز احتساب الدين زكاة.

(2) اذ مع عدم بقائه علي صفة الاستحقاق لا يكون الموضوع باقيا و مع عدم بقائه لا يترتب عليه الحكم.

(3) لان المالك مختار و لا دليل علي وجوب الاحتساب.

(4) اذ الزيادة و النقيصة تابعتان للعين و المفروض ان العين مملوكة للمقترض فتكونان له و عليه.

كتاب ناقص است درصدها فرضي است

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب صفات القاضي الحديث: 29

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 529

كتاب ناقص است درصدها فرضي است

[فصل في زكاة الفطرة]

[مسائل]
اشارة

فلا تجب علي الصبي و المملوك و المجنون، و الفقير الذي لا يملك قوت سنة فعلا اوقوة، كما تقدم في زكاة الاموال، و في اشتراط الوجوب بعدم الاغماء اشكال و الاحوط عدم الاشتراط (1)، و يعتبر اجتماع الشرائط آنا ما قبل الغروب ليلة العيد الي أن يتحقق الغروب فاذا فقد بعضها قبل الغروب بلحظة، أو مقارنا للغروب لم تجب و كذا اذا كانت مفقودة فاجتمعت بعد الغروب (2) و ان كان يستحب

______________________________

مضافا الي انه قدس سره «1» عد الرجل في أصحاب الهادي عليه السلام قائلا: محمد بن عيسي بن عبيد اليقطيني يونسي ضعيف أضف الي ذلك كله انه ليس دأب الشيخ في توثيقه و

تضعيفه بيان العلة فالنتيجة ان الرواية مخدوشة مضافا الي الاجماع المدعي بقسميه في المقام.

(1) لو قام اجماع تعبدي علي عدم الوجوب بالنسبة الي من اغمي عليه عند الهلال فهو و الا فيشكل اذ لا دليل لفظي يقتضي اشتراط وجوبها بعدم الاغماء عند الهلال فعليه نقول لو استمر الاغماء به من اول وقت الوجوب الي آخره لا تكون واجبة عليه لعدم الدليل علي الوجوب اذ المفروض انه لا مجال للتكليف حال الاغماء و أما وجوب القضاء عليه بعد مضي الوقت فلا دليل عليه اذ وجوب القضاء بامر جديد لا بالامر الاول و لا دليل علي وجوب القضاء و أما لو كان الاغماء في اول الوقت ثم ارتفع فيمكن القول بوجوبها عليه فالحق هو التفصيل المذكور.

(2) ان قام اجماع تعبدي علي ما ذكر فهو و الا فيشكل اتمام المدعي بالدليل اذ النص الوارد في المقام روايتان: الاولي ما رواه معاوية عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المولود يولد ليلة الفطر و اليهودي و النصراني يسلم ليلة الفطر قال: ليس عليهم

______________________________

(1) معجم رجال الحديث ج 17 ص: 114

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 530

اخراجها اذا اجتمعت بعد الغروب الي ما قبل الزوال يوم العيد (1).

______________________________

فطرة، و ليس الفطرة الا علي من أدرك الشهر «1».

و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن أبي حمزة و بضعف اسناد الصدوق الي الرجل و لا يخفي ان المذكور في الفقيه (علي بن أبي حمزة) فنسخة الوسائل غلط.

الثانية: ما رواه معاوية بن عمار أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن مولود ولد ليلة الفطر عليه فطرة؟ قال: لا قد خرج الشهر و سألته عن يهودي أسلم ليلة الفطر عليه فطرة؟ قال: لا

«2».

و هذه الرواية تدل علي أن المولود لو لم يدرك شهر رمضان لا تجب عليه الفطرة و كذلك تدل علي أن الكافر اذا أسلم بعد دخول ليلة الفطر لا تجب عليه الفطرة فالرواية انما تدل علي اشتراط ادراك شهر رمضان بالنسبة الي اصل الوجود و بالنسبة الي الإسلام و اما بالنسبة الي بقية الشرائط فلا تدل الرواية عليها فلا بد من تحقق اجماع تعبدي و عن الجواهر ان عليه الاجماع بقسميه.

(1) في المقام روايتان: الاولي ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عما يجب علي الرجل في أهله من صدقة الفطرة، قال: تصدق عن جميع من تعول من حر أو عبد أو صغير أو كبير من أدرك منهم الصلاة «3».

فان المستفاد من هذه الرواية وجوب اخراج الفطرة عن كل فرد من أفراد العائلة بشرط ادراك صلاة العيد و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي ابن مسلم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب زكاة الفطرة الحديث: 1 و من لا يحضره الفقيه ج 2 ص 116 ح 500

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 531

و في صورة مقارنة اجتماعها للغروب اشكال فاللازم الاحتياط (1).

[مسألة 86: يستحب للفقير إخراجها أيضا]

(مسألة 86): يستحب للفقير اخراجها أيضا (2) و اذا لم يكن عنده الا صاع تصدق به علي بعض عياله، ثم هو علي آخر يديرونها

______________________________

الثانية: مرسل الشيخ، قال: و قد روي أنه ان ولد له قبل الزوال يخرج عنه الفطرة و كذلك من أسلم قبل الزوال «1».

بتقريب ان المستفاد من الخبر ان المولود اذا ولد قبل الزوال تجب عليها الفطرة و كذلك الكافر اذا أسلم قبل الزوال

من يوم العيد و من الظاهر ان المرسل لا اعتبار به فلا دليل علي الاستحباب.

(1) اذ المستفاد من حديث معاوية بن عمار «2» اشتراط ادراك الشهر فاجتماع الشرائط مقارنا للغروب لا اثر له.

(2) عن الجواهر: «ان عليه الاجماع بقسميه» و استدل علي المدعي. بما رواه الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أعلي من قبل الزكاة زكاة؟

فقال: أما من قبل زكاة المال فان عليه زكاة الفطرة، و ليس عليه لما قبله زكاة، و ليس علي من يقبل الفطرة فطرة «3».

و ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الفقير الذي يتصدق عليه هل عليه صدقة الفطرة؟ فقال: نعم يعطي مما يتصدق به عليه «4».

بتقريب: ان مقتضي النصوص الدالة علي عدم الوجوب حمل معارضها علي الاستحباب و قد تقدم ان الحديثين مخدوشان سندا مضافا الي أنه لو سلم المعارضة يكون

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 530

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 10

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 532

بينهم (1) و الاحوط عند انتهاء الدور التصدق علي الاجنبي (2) كما أن

______________________________

الترجيح مع النصوص الدالة علي عدم الوجوب حيث ان العامة علي ما في «الفقه علي المذاهب الخمسة» لمغنية ذهبوا الي عدم اشتراط الغني في وجوب زكاة الفطرة «1».

و لما انجر الكلام الي هنا ينبغي التعرض لنكتة و هي: ان المستفاد من حديث عبد الرحمن ابن أبي عبد اللّه قال: قال الصادق عليه السلام: اذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما علي كتاب اللّه، فما وافق كتاب اللّه فخذوه، و ما خالف كتاب اللّه فردوه فان لم

تجد و هما في كتاب اللّه فاعرضوهما علي أخبار العامة، فما وافق أخبارهم فذروه، و ما خالف أخبارهم فخذوه. «2»، ان المرجح كون الرواية مخالفة مع حديث العامة، فمجرد المخالفة مع اقوالهم لا اثر له.

و الوجه في هذه الدعوي ان النصوص الدالة علي الترجيح بالمخالفة مع القوم كلها ضعيفة الا هذه الرواية و الميزان في هذا الحديث كما تري كون الرواية مخالفة مع اخبارهم لا أقوالهم الا أن يقال ان العرف يفهم و لو بمناسبة الحكم مع الموضوع ان الميزان في الترجيح بالمخالفة معهم و بعبارة اخري المدار صدق التقية بلا فرق بين الموارد فلاحظ.

(1) لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل لا يكون عنده شي ء من الفطرة الا ما يؤدي عن نفسه وحدها، أ يعطيه غريبا (عنها) أو يأكل هو و عياله؟ قال: يعطي بعض عياله ثم يعطي الاخر عن نفسه يترددونها فتكون عنهم جميعا فطرة واحده «3».

(2) بتقريب ان الظاهر من كون الفطرة الواحدة فطرة عن الجميع المصرح

______________________________

(1) الفقه علي المذاهب الخمسة ص: 215- 216

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب صفات القاضي الحديث: 29

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 533

الاحوط اذا كان فيهم صغير أو مجنون أن يأخذه الولي لنفسه و يؤدي عنه (1).

[مسألة 87: إذا أسلم الكافر بعد الهلال سقطت الزكاة عنه]

(مسألة 87): اذا اسلم الكافر بعد الهلال سقطت الزكاة عنه (2).

______________________________

به في الموثقة خروجها عنهم جميعا الي غيرهم اذ لو رجعت الي احدهم لم يصدق كونها فطرة واحدة عن الجميع و قد صرح عليه السلام في آخر الرواية «فتكون عنهم جميعا فطرة واحدة». و يرد عليه انه مصادرة بالمطلوب و لا يتوقف ما قاله

عليه السلام علي اخراجها بل يصدق علي الترديد بدون الاخراج عنهم.

(1) اذ لو قبل الولي الفطرة للصغير يشكل التصرف فيها بعد صيرورتها ملكا له و بعبارة اخري اذا صارت ملكا للصغير يتوقف التصرف فيها علي الاذن الشرعي و كون التصرف علي طبق صلاح الصغير.

(2) كما يدل عليه ما رواه معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن مولود ولد ليلة الفطر عليه فطرة؟ قال: لا قد خرج الشهر، و سألته عن يهودي أسلم ليلة الفطر عليه فطرة؟ قال: لا «1» فان هذه الرواية تدل بالصراحة علي المدعي.

و لما انجر الكلام الي هنا لا بأس أن نتكلم في أن الكافر مكلف بالفروع كما يكون مكلفا بالاصول أم لا. فنقول ما يمكن أن يكون مدركا لكونه مكلفا بالفروع امور.

الامر الأول: الاجماع. و فيه ان المسألة خلافية مضافا الي أنه يمكن أن يكون مدركيا فلا يترتب عليه اثر.

الامر الثاني: قوله تعالي حكاية عن الكفار: «قٰالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 534

______________________________

وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَ كُنّٰا نَخُوضُ مَعَ الْخٰائِضِينَ. وَ كُنّٰا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ» «1».

بتقريب ان مورد الآيات الكفار لإنكارهم المعاد و مع ذلك يكون عذابهم لترك الصلاة و الزكاة فيستفاد من هذه الآيات الشريفة كون الكفار مكلفين بالفروع.

و اجاب عن هذا الاستدلال سيدنا الاستاد بأن المراد عدم كونهم من المصلين و المزكين عدم كونهم مسلمين فلا دلالة علي المدعي «2».

و يرد عليه ان ما افاده خلاف الظاهر، و الظواهر حجة ما دام لم يقم دليل علي خلافها.

الامر الثالث: قوله تعالي: «قُلْ إِنَّمٰا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحيٰ إِلَيَّ أَنَّمٰا إِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وٰاحِدٌ

فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَ اسْتَغْفِرُوهُ وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ. الَّذِينَ لٰا يُؤْتُونَ الزَّكٰاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كٰافِرُونَ» «3».

فان المستفاد من الاية الشريفة ان الزكاة واجبة علي المشركين و أورد في الاستدلال بالآية سيدنا الاستاد بأن المراد عدم كونهم مسلمين. و يرد عليه ان الاية باعترافه تدل بالصراحة علي ان الويل لهم لأجل عدم دفعهم الزكاة فلا يمكن رفع اليد عن الاية الا مع قيام دليل قطعي علي الخلاف.

الامر الرابع: الآيات و الروايات المطلقة التي باطلاقها تشمل الكافر، و من تلك الآيات: قوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» «4».

______________________________

(1) المدثر/ 43- 46

(2) فقه العترة في احكام الفطرة ص: 64

(3) فصلت/ 6 و 7

(4) البقرة/ 21

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 535

______________________________

و منها قوله تعالي: «حٰافِظُوا عَلَي الصَّلَوٰاتِ وَ الصَّلٰاةِ الْوُسْطيٰ وَ قُومُوا لِلّٰهِ قٰانِتِينَ» «1».

و منها قوله تعالي: «قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَ ادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمٰا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ يٰا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لٰا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لٰا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» «2».

الي غيرها من الأوامر و النواهي الواردة علي نحو الاطلاق أو العموم في الكتاب و السنة و هي كثيرة جدا و أجاب سيدنا الاستاد عن هذه الاطلاقات بأنها تحمل علي خصوص المؤمنين بقرينة جملة من الآيات التي تختص بهم و كذلك النصوص المختصة بعنوان المسلم أو المؤمن فبهذه المقيدات تقيد تلك الادلة العامة.

و يرد عليه انه قد ثبت في الاصول انه لا تنافي بين المثبتين و من ناحية اخري اللقب و الوصف لا مفهوم لهما، فأي تعارض بين الطرفين كي يحمل المطلق علي المقيد

ثم ان سيدنا الاستاد استدل علي عدم كونهم مكلفين بالفروع بدليلين آخرين.

احدهما: ان سيرة النّبيّ صلي اللّه عليه و آله و الوصي عليه السلام كانت جارية علي عدم امر الكفار بالفروع بل كانا يقرانهم علي دينهم مع الجزية. و هذا يدل علي عدم كونهم مكلفين بالفروع.

و فيه انه يمكن أن يكون الوجه فيما افيد ان المصلحة الالهية كانت تقتضي ان يقتصر معهم علي هذا المقدار، و بعبارة اخري ربما تقتضي المصلحة المداراة و لذا كان النبي صلي اللّه عليه و آله يكتفي مع الكفار باخذ الجزية منهم. و علي الجملة

______________________________

(1) البقرة/ 238

(2) الاعراف/ 29 و 30

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 536

______________________________

لا يفهم مما افاده عدم كون الكفار مكلفين بالفروع، مضافا الي أنه لا اشكال في أنهم كانوا مكلفين بالاصول و مع ذلك كان يكتفي باخذ الجزية منهم، فعدم التعرض لغير الجزية و الاكتفاء بها لا يقتضي عدم وجوب الزائد.

ثانيهما: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أخبرني عن معرفة الامام منكم واجبة علي جميع الخلق؟ فقال: ان اللّه عز و جل بعث محمدا صلي اللّه عليه و آله الي الناس أجمعين رسولا و حجة للّه علي جميع خلقه في أرضه، فمن آمن باللّه و بمحمد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و اتبعه و صدقه فان معرفة الامام منا واجبة عليه و من لم يؤمن باللّه و برسوله و لم يتبعه و لم يصدقه و يعرف حقهما فكيف يجب عليه معرفة الامام و هو لا يؤمن باللّه و رسوله و يعرف حقهما؟ قال: قلت: فما تقول فيمن يؤمن باللّه و رسوله و يصدق رسوله في جميع ما أنزل اللّه يجب علي اولئك

حق معرفتكم؟ قال: نعم أ ليس هؤلاء يعرفون فلانا و فلانا؟ قلت: بلي، قال: أ تري أن اللّه هو الذي أوقع في قلوبهم معرفة هؤلاء؟ و اللّه ما أوقع ذلك في قلوبهم الا الشيطان لا و اللّه ما الهم المؤمنين حقنا الا اللّه عز و جل «1».

بتقريب ان المستفاد من الرواية ان الامر بالمعرفة متأخر رتبة عن معرفة اللّه و رسوله و الامر بمعرفة الامام مشروط بكون الشخص مسلما و معرفة الامام من فروع الدين و أعظمها فاذا لم تكن معرفة الامام واجبة قبل الإسلام مع كونها أعظم الفروع فبالطريق الاولي عدم وجوب بقية الفروع قبل تحقق الإسلام.

و يرد عليه اولا: ان المستفاد من الرواية ان اتباع النبي صلي اللّه عليه و آله مشروط في وجوب معرفة الامام و الحال انه مقطوع الخلاف. و ثانيا: يمكن أن

______________________________

(1) الاصول من الكافي ج 1 كتاب الحجة باب معرفة الامام و الرد اليه الصفحة: 180 حديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 537

و لا تسقط عن المخالف اذا استبصر (1) و تجب فيها النية علي النهج المعتبر في العبادات (2).

______________________________

تكون ولاية الامام بلحاظ كونها في أعلي درجة الاعتبار تكون مشروطة بالاسلام اي قبل الإسلام لا يكون قابلا لتوجه خطاب التكليف بالولاية اليه.

و بعبارة واضحة يمكن ان يقال: ان المكلف قبل معرفة اللّه و رسوله لا يكون لايقا لان يتوجه اليه التكليف بالولاية. و أما بقية الفروع فليست كذلك و صفوة القول: ان ما افاده لا يقتضي رفع اليد عن العمومات الدالة علي كون الكافر مكلفا بالفروع مضافا الي ما دل عليه خصوصا.

(1) أما في صورة عدم الاداء فظاهر و أما في صورة الاداء فلما مر في زكاة المال من

أن النصوص قد دلت علي عدم الاجزاء لأنه وضعها في غير موضعها و انما موضعها أهل الولاية فراجع.

(2) استدل علي كونها عبادة بوجوه الوجه الاول: الاجماع القطعي علي كونها كذلك. الوجه الثاني: كونها قربية في أذهان المتشرعة. الوجه الثالث: كونها صدقة و قد اخذت العبادية و القربية في مفهوم الصدقة.

قال الراغب في المفردات: «و الصدقة ما يخرجه الانسان من ماله علي وجه القربة كالزكاة» و قال الطريحي قدس سره في مجمع البحرين: «و الصدقة ما اعطي الغير به متبرعا بقصد القربة غير هدية فتدخل فيها الزكاة و المنذورات و الكفارة و امثالها». و الدليل علي كونها صدقة جملة من الروايات. منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عما يجب علي الرجل في أهله من صدقة الفطرة، قال: تصدق عن جميع من تعول الحديث «1».

و منها ما رواه اسحاق بن المبارك قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن صدقة

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 538

______________________________

الفطرة أ هي مما قال اللّه: أَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ*؟ فقال: نعم الحديث «1».

و منها ما رواه ابراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن صدقة الفطرة أ واجبة هي بمنزلة الزكاة؟ فقال: هي مما قال اللّه: أَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ* هي واجبة «2».

الوجه الرابع: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: بني الإسلام علي خمسة أشياء علي الصلاة، و الزكاة، و الحج و الصوم، و الولاية. الحديث «3».

بتقريب ان المستفاد من هذه الرواية عبادية الزكاة لا سيما مع ضم ما ورد عن ابن العرزمي عن أبيه عن الصادق عليه

السلام قال: أثافي الإسلام ثلاثة: الصلاة، و الزكاة، و الولاية، لا تصح واحدة منها الا بصاحبتها «4».

فان المستفاد من الرواية ان اساس الإسلام ثلاثة لا يصح واحدة منها الا بالباقي.

بتقريب ان المستفاد من قوله عليه السلام «لا تصح» عبادية الزكاة كالصلاة و لا يخفي انه لا يستفاد المدعي من الرواية و لو مع ضم الثانية مضافا الي ما في سندها.

الوجه الخامس: اقتران الزكاة بالصلاة في كثير من الآيات و هذا يدل علي كونها عبادية كالصلاة. و عهدة هذه الدعوي علي مدعيها.

الوجه السادس: اخذ اللّه الصدقة و هذا يدل علي نسبتها اليه تعالي و الدليل علي أنه تعالي يأخذها من الكتاب قوله تعالي: «أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبٰادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقٰاتِ «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 10

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) التوبة/ 104

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 539

[مسألة 88: يجب علي من جمع الشرائط أن يخرجها عن نفسه و عن كل من يعول به واجب النفقة كان أم غيره قريبا أم بعيدا]

(مسألة 88): يجب علي من جمع الشرائط أن يخرجها عن نفسه و عن كل من يعول به واجب النفقة كان أم غيره قريبا أم بعيدا مسلما أو كافرا صغيرا أم كبيرا (1).

______________________________

و من السنة عدة روايات منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام ما من شي ء الا و كل به ملك الا الصدقة فانها تقع في يد اللّه تعالي «1».

و منها: ما رواه سالم بن أبي حفصة «2».

فان المستفاد من الاية و الروايتين ان اللّه تعالي بنفسه يأخذ الصدقات و يتقبلها و عليه نسأل انه لو لم يقصد بها القربة هل يقبلها و يأخذها أم لا؟ أما علي الاول فكيف يأخذها مع عدم قصد القربة و

علي الثاني يثبت المدعي.

و لقائل أن يقول: انه لا تنافي بين قبوله و عدم قصد المعطي اذ لا اشكال في كون الصدقة محبوبة له تعالي كما أن جميع الواجبات و المستحبات التوصلية محبوبة له تعالي فاذا كان تحقق المحبوب له تعالي ملازما مع القربة يلزم أن لا يوجد واجب أو مستحب الا علي نحو القربة و هو كما تري.

(1) بلا خلاف و لا اشكال- كما في كلام بعض الاصحاب- و نقل الاجماع عليه عن غير واحد و عن الجواهر: انه عليه الاجماع بقسميه و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون عنده الضعيف من اخوانه فيحضر يوم الفطرة يؤدي عنه الفطرة؟ فقال: نعم الفطرة واجبة علي كل من يعول من ذكر او انثي صغير أو كبير حر أو مملوك «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب الصدقة الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب الصدقة الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 540

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال: سألته عما يجب علي الرجل في أهله من صدقة الفطرة قال: تصدق عن جميع من تعول من حر أو عبد أو صغير أو كبير من أدرك منهم الصلاة «1».

و منها ما رواه الصدوق مرسلا قال: و قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة العيد يوم الفطر: أدوا فطرتكم فانها سنة نبيكم و فريضة واجبة من ربكم فليؤدها كل امرئ منكم عن عياله كلهم ذكرهم و انثاهم و صغيرهم و كبيرهم و حرهم و مملوكهم عن كل انسان منهم صاعا

من تمر أو صاعا من بر أو صاعا من شعير «2».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل من ضممت الي عيالك من حر أو مملوك فعليك أن تؤدي الفطرة عنه الحديث «3».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صدقة الفطرة علي كل رأس من أهلك الصغير و الكبير و الحر و المملوك و الغني و الفقير الحديث «4».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن صدقة الفطرة قال: عن كل رأس من أهلك الصغير منهم و الكبير و الحر و المملوك و الغني و الفقير كل من ضممت إليك عن كل انسان صاع من حنطة أو صاع من شعير أو تمر أو زبيب «5».

و منها: ما رواه حماد بن عيسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يؤدي الرجل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) نفس المصدر الحديث: 10

(5) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 541

بل الظاهر الاكتفاء بكونه منضمنا الي عياله و لو في وقت يسير كالضيف اذا نزل عليه قبل الهلال و بقي عنده ليلة العيد (1) و ان لم يأكل عنده (2) أما اذا دعا شخصا الي الافطار ليلة العيد لم يكن من العيال و لم تجب فطرته علي من دعاه (3).

______________________________

زكاة الفطرة عن مكاتبه و رقيق امرأته و عبده النصراني و المجوسي و ما أغلق عليه بابه «1».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن فطرة شهر رمضان علي كل انسان

هي أو علي من صام و عرف الصلاة؟ قال: هي علي كل كبير أو صغير ممن تعول «2».

فان مقتضي اطلاق هذه النصوص وجوب اداء الفطرة عن كل من يكون داخلا في العائلة و يصدق عليه هذا العنوان و التقييد يحتاج الي الدليل.

(1) اذ مع صدق العيال عليه تشمله النصوص الدالة علي وجوب فطرة العيال علي المعيل مضافا الي النص الوارد في المقام لاحظ ما رواه عمر بن يزيد «3».

فان المستفاد من الحديث ان فطرة الضيف واجبة علي المضيف بلحاظ كونه محسوبا من عياله و لو في مدة يسيرة و لكن الظاهر كفاية صدق العيلولة وقت وجوب الفطرة فلا وجه لاشتراط نزول الضيف قبل الهلال بل المناط زمان وجوب الفطرة نعم الموضوع المترتب عليه الحكم في الرواية نزول الضيف قبل يوم العيد.

(2) اذ صدق عنوان الضيف و العيلولة لا يتوقف علي الاكل.

(3) مما ذكرنا علم ان الميزان صدق العيلولة في زمان تعلق الوجوب فحال

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 14

(3) لاحظ: ص 539

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 542

[مسألة 89: إذا بذل لغيره مالا يكفيه في نفقته لم يكتف ذلك في صدق كونه عياله]

(مسألة 89): اذا بذل لغيره مالا يكفيه في نفقته لم يكتف ذلك في صدق كونه عياله فيعتبر في العيال نوع من التابعية (1).

[مسألة 90: من وجبت فطرته علي غيره سقطت عنه]

(مسألة 90): من وجبت فطرته علي غيره سقطت عنه (2) و ان كان الاحوط استحبابا عدم السقوط اذا لم يخرجها من وجبت عليه

______________________________

الضيف كحال سائر العيال سواء حضر قبل الغروب أو عنده أو بعده و الظاهر ان مجرد الدعوة لا يقتضي الصدق فلاحظ.

(1) و علي الجملة يشترط في وجوب الفطرة صدق عنوان العيلولة و التبعية و بدون صدق هذا العنوان لا يترتب الحكم.

(2) لظاهر جملة من النصوص لاحظ حديث عمر بن يزيد «1» فان صريح الرواية ان الفطرة واجبة علي المعيل و من الظاهر انه ليس علي الشخص الا فطرة واحدة فلا تجب علي المعال.

ايقاظ: و هو ان ما ذكر انما يتم علي القول بأن الفطرة ثابتة في الذمة و بادائها تسقط عنها و بعبارة اخري: لا بد من الالتزام بأنه مضافا الي الحكم التكليفي هناك حكم وضعي و هو اشتغال الذمة بها و أما علي القول بأن وجوب الفطرة مجرد تكليف محض- كما عليه سيدنا الاستاد- فلا بد من التفصيل بين الموارد ففي كل مورد يتحقق الحكم التكليفي بالنسبة الي المعيل و يتوجه اليه وجوب الاداء تسقط عن المعال و أما اذا لم يتعلق التكليف به كصورة النسيان يشكل الحكم بسقوط الفطرة عن المعال اذ مقتضي ادلة وجوبها ان المعال بنفسه تجب عليه و قد خرج من تلك الادلة صورة وجوبها علي المعيل و أما في غير تلك الصورة كالنسيان و الجهل المركب فالاطلاقات محكمة فلا تغفل.

______________________________

(1) لاحظ: ص 539

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 543

عصيانا أو نسيانا (1) و اذا كان

المعيل فقيرا وجبت علي العيال اذا اجتمعت شرائط الوجوب (2).

[مسألة 91: إذا ولد له قبل الغروب أو ملك مملوكا أو تزوج امرأة]

(مسألة 91): اذا ولد له قبل الغروب أو ملك مملوكا أو تزوج امرأة فان كانوا عيالا وجبت عليه فطرتهم و الا فعلي من عال بهم و اذا لم يعل بهم أحد وجبت فطرة الزوجة علي نفسها اذا جمعت

______________________________

(1) خروجا عن شبهة الخلاف فانه نقل عن بعض وجوبها علي المعال في فرض عدم اداء المعيل. و ما يمكن أن يقال في وجهه أمران:

أحدهما: ان وجوبها متوجه الي المعال و ذمته مشغولة بها غاية الامر قد امر المعيل بافراغ ذمته فعلي تقدير العصيان أو النسيان يجب ادائها علي المعال. و هذا لا دليل عليه بل الدليل علي خلافه فان مقتضي ظهور حديث عمر بن يزيد «1» بل نصه ان وجوبها علي المعيل.

ثانيهما: ان التكليف بالاداء متوجه الي المعيل و المعال بنحو الوجوب الكفائي فلو عصي أحدهما يجب و يتعين علي الاخر و هذا الوجه أيضا فاسد اذ الظاهر من الحديث تعين الوجوب علي المعيل فالحق ما أفاده في المتن من عدم الوجوب علي المعال و لو مع عدم الاتيان بها من قبل المعيل و مقتضي ما تقدم منا التفصيل بين صورة العصيان و النسيان.

(2) لما تقدم في صورة النسيان فان المعيار في سقوط الوجوب توجه التكليف بها الي المعيل و المفروض في المقام عدم توجهه لمكان الفقر بل المقام أوضح لأنه علي القول بالحكم الوضعي و اشتغال الذمة بها في صورة النسيان لا مجال له في المقام لان الفقير لا تجب عليه الفطرة فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 539

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 544

الشرائط و لم تجب علي المولود و المملوك (1).

[مسألة 92: إذا كان شخص عيالا لاثنين وجبت فطرته عليهما علي نحو التوزيع]

(مسألة 92): اذا كان شخص عيالا لاثنين وجبت فطرته عليهما علي نحو التوزيع (2) و مع فقر

أحدهما تسقط عنه و الا ظهر عدم سقوط

______________________________

(1) ما أفاده في هذا الفرع علي طبق القاعدة و من متفرعات ما تقدم.

(2) بتقريب: انه مقتضي اطلاق دليل وجوب فطرة العيال علي من يعول فان اطلاقه يشمل صورة التعدد كما يشمل صورة الوحدة. لكن الانصاف ان نصوص وجوب الفطرة علي المعيل لا يشمل صورة تعدده فان قوله عليه السلام في حديث ابن مسلم «تصدق عن جميع من تعول» لا يشمل الا الشخص الواحد المعيل و العرف ببابك و كذلك بقية نصوص الباب.

و أما حديث محمد بن القاسم بن الفضيل انه كتب الي أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله عن المملوك يموت عنه مولاه و هو عنه غائب في بلدة اخري و في يده مال لمولاه و يحضر الفطرة أ يزكي عن نفسه من مال مولاه و قد صار لليتامي؟ قال:

نعم «1» فضعيف سندا.

أما علي رواية الصدوق فلضعف اسناده الي محمد بن القاسم و أما علي رواية الكليني فلانه قدس سره يروي عن محمد بن الحسين و أفاد سيدنا الاستاد ان الكليني لا يمكن أن يروي عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب بلا واسطة اذ لم يدركه فالرواية مرسلة اذ الواسطة مجهولة فالرواية ساقطة عن الاعتبار بكلا طريقيه فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها.

و يؤيد ذكرنا ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت: عبد بين قوم عليهم فيه زكاة الفطرة؟ قال: اذا كان لكل انسان رأس فعليه أن يؤدي عنه

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 3 و الفروع من الكافي ج 4 ص 172 حديث 13

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 545

حصة الاخر (1) و مع فقرهما تسقط عنهما فتجب علي

العيال ان جمع الشرائط (2).

[مسألة 93: الضابط في جنس الفطرة أن يكون قوتا في الجملة]

(مسألة 93): الضابط في جنس الفطرة أن يكون قوتا في الجملة كالحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الارز و الذرة و الاقط و اللبن و نحوها (3).

______________________________

فطرته و اذا كان عدة العبيد و عدة الموالي سواء و كانوا جميعا فيهم سواء أدوا زكاتهم لكل واحد منهم علي قدر حصته و ان كان لكل انسان منهم أقل من رأس فلا شي ء عليهم «1».

(1) و هذا أشكل من أصل التوزيع اذ معناه انه يجب دفع مقدار من الفطرة كالنصف و الثلث و الانصاف ان الادلة لا تساعده و اللّه العالم.

(2) كما هو ظاهر فانه مقتضي أدلة وجوب الفطرة علي كل مكلف فاذا لم يرد مخصص تجب بمقتضي اطلاقات الادلة فلاحظ.

(3) المستفاد من جملة من النصوص انه يشترط في الفطرة أن تكون قوتا في الجملة لاحظ ما رواه زرارة و ابن مسكان جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

الفطرة علي كل قوم مما يغذون عيالهم من لبن أو زبيب أو غيره «2».

و المستفاد من هذه الرواية ان المعيار في جنس الفطرة علي كل قوم ما يغذون به عيالهم و في قبالها جملة من النصوص ذكرت فيها أشياء خاصة فمنها ما ذكرت فيه الحنطة و التمر و الزبيب لاحظ ما رواه صفوان الجمال قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفطرة فقال: عن الصغير و الكبير و الحر و العبد عن كل انسان منهم صاع

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب زكاة الفطرة

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 546

______________________________

من حنطة أو صاع من تمر أو صاع من زبيب «1».

و منها: ما ذكرت فيه

الشعير و التمر و الزبيب لاحظ ما رواه معاوية بن وهب قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في الفطرة: جرت السنه بصاع من تمر أو صاع من زبيب أو صاع من شعير فلما كان زمن عثمان و كثرت الحنطة قومه الناس فقال:

نصف صاع من بر بصاع من شعير «2».

و منها: ما ذكرت فيه الحنطة و الشعير و الزبيب و التمر لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صدقة الفطرة علي كل رأس من أهلك الي أن قال عن كل انسان نصف صاع من حنطة أو شعير أو صاع من تمر أو زبيب لفقراء المسلمين الحديث «3».

و منها: ما ذكر فيه الحنطة و الشعير لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: الصدقة لمن لا يجد الحنطة و الشعير يجزي عنه القمح و العدس (و السلت) و الذرة نصف صاع من ذلك كله أو صاع من تمر أو زبيب «4» الي غيرها من النصوص الواردة في هذا المقام.

و منها: ما ذكر فيه الاقط لأصحاب الابل و البقر و الغنم لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يعطي أصحاب الابل و الغنم و البقر في الفطرة من الاقط صاعا «5». و سيدنا الاستاد جمع بين الجانبين بحمل الطائفة

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب زكاة الفطرة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) نفس المصدر الحديث: 13

(5) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 547

______________________________

الثانية علي الاولي و قال: «الميزان هو القوت» «1».

و الذي يختلج بالبال أن يقال: انه لا تنافي بين

الجانبين كي نحتاج الي الجمع لا من باب عدم المفهوم للطائفة الثانية فان التحديد يقتضي المفهوم بل مقتضي الاطلاق عدم كفاية شي ء آخر غير ما ذكر فانه قد حقق في محله ان اطلاق الامر يقتضي لزوم الاتيان بما تعلق به و عدم اجزاء غيره بل نقول: ان ظاهر كل من الطرفين و ان كان يقتضي عدم اجزاء شي ء آخر لكن ترفع اليد عن ظاهر كل منهما بصريح الاخر.

و ان شئت قلت: كل من الطرفين في عقده السلبي يخصص بالعقد الايجابي في الطرف الاخر فيمكن الجمع بين الطرفين بهذا النحو الذي ذكرناه. و استدل علي مدعاه سيدنا الاستاد بعدة امور: الاول: انه قد ذكر اللبن في الطائفة الاولي فيعلم انه لا ينحصر الواجب في المذكورات في الطائفة الثانية. و فيه: انه علي ما ذكرنا موضوع الواجب احد الامرين فما ذكر في الطائفة الثانية يكفي و لو لم يكن غذاء بخلاف ما ذكر في الطائفة الاولي كاللبن كما أن الزبيب يمكن أن يصدق عليه كلا العنوانين و تظهر النتيجة فيما لا يكون غذاء اذ يكفي في اداء الواجب للنص عليه بما هو لا بما أنه غذاء.

الثاني: عدم ذكر الخمسة: الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الاقط في رواية واحدة بل ذكرت في روايات متعددة فيدل علي أن ذكرها من باب المثال لا لخصوصية فيها. و فيه: انه لا دليل علي هذه الدعوي و لا بد من اقامة شاهد عليها.

الثالث: انه قد ذكر لفظ الصاع في روايات متعددة منها ما رواه عبد اللّه بن

______________________________

(1) فقه العترة ص: 196- 198

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 548

______________________________

المغيرة عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في الفطرة قال: تعطي من الحنطة

صاع و من الشعير صاع و من الاقط صاع «1» فيظهر انها ليست في مقام بيان جنس الفطرة بل في مقام بيان مقدارها في قبال العامة. و فيه: انه لا دليل علي هذا الادعاء و لا تنافي بين بيان الامرين معا كما هو ظاهر الادلة.

الرابع: انه قد ذكر الاقط فقط لأصحاب الابل و البقر و الغنم و الحال انه نقطع بعدم وجوبه عليهم فقط بحيث لا يجوز لهم اعطاء غيره. و فيه: ان ما ذكر لا يكون مقتضيا لرفع اليد عن ظواهر الطائفة الثانية و انما يقتضي الالتزام بكفاية ما يكون قوتا غالبيا فالنتيجة انه لا مقتضي لحمل أحد الدليلين علي الاخر بل القاعدة تقتضي الالتزام بكفاية احد الامرين.

الخامس: انه لو أغمضنا النظر عن جميع ذلك نقول: ان ذكر الطائفة الاولي للأجناس المذكورة فيها لم يعلم انه لخصوصية في تلك الاجناس حتي لا يجوز غيرها أم أن ذكرها علي سبيل المثال بعد ثبوت أصل الجواز في القوت بدلالة الطائفة الثانية فالمرجع عند الشك اصالة البراءة عن الخصوصية الي آخر كلامه «2».

و فيه: ان مقتضي ما ذكرنا رفع اليد عن مفهوم كل من الجانبين بمنطوق الاخر و لا وجه لرفع اليد عن الخصوصية المذكورة في الدليل و النتيجة انه يكفي أحد الامرين من القوت الغالب و تلك الامور الخاصة. و لا يخفي علي الفطن العارف ان اصالة البراءة عن الخصوصية المذكورة في كلام سيدنا الاستاد لا تقتضي الاجزاء فان مقتضي البراءة عدم وجوب الخصوصية و كفاية القوت الغالب و لكن ندعي كفاية احد الامرين و النتيجة تظهر فيما لا يكون احد الامور الخاصة قوتا فانه علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 3

(2) فقه

العترة في زكاة الفطرة ص 198

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 549

و الاحوط الاقتصار علي الاربعة الاولي اذا كانت من القوت الغالب (1) و الافضل اخراج التمر (2) ثم الزبيب (3).

______________________________

ما ذكرنا يكفي و علي ما رامه لا يكفي فلاحظ.

(1) للاتفاق عليها.

(2) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث في صدقة الفطرة قال و قال: التمر أحب ذلك إلي يعني الحنطة و الشعير و الزبيب «1».

و لاحظ ما رواه اسحاق بن المبارك عن أبي ابراهيم عليه السلام في حديث في الفطرة قال: صدقة التمر احب إلي لأن ابي كان يتصدق بالتمر ثم قال: و لا بأس بأن يجعلها فضة و التمر أحب إلي «2».

و مثلهما خبر منصور عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن صدقة الفطرة قال: صاع من تمر الي ان قال: و التمر احب إلي «3».

و مثلها خبر اسحاق بن عمار قال: سألت ابا الحسن عليه السلام عن صدقة الفطرة قال التمر افضل «4».

(3) لاحظ حديث هشام بن الحكم عن الصادق عليه السلام انه قال: التمر في الفطرة أفضل من غيره لأنه أسرع منفعة و ذلك انه اذا وقع في يد صاحبه أكل منه قال: و نزلت الزكاة و ليس للناس أموال و انما كانت الفطرة «5».

فان العلة المذكورة مشتركة بين التمر و الزبيب لكن التمر من حيث ذكره في نصوص عديدة و في هذه الرواية أيضا يعلم كونه أفضل حتي من الزبيب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 550

و الاحوط أن يكون صحيحا

(1) و يجزي دفع القيمة من النقدين (2) و ما بحكمهما من الاثمان (3).

______________________________

(1) خروجا عن شبهة الخلاف و الذي تقتضيه القاعدة عدم الاشتراط مع صدق الاسم فان مقتضي اطلاق الدليل عدم الفرق.

(2) لجملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع قال:

بعثت الي أبي الحسن الرضا عليه السلام بدراهم لي و لغيري و كتبت اليه اخبره، أنها من فطرة العيال فكتب بخطه: قبضت «1».

و منها: ما رواه أبو علي بن راشد قال: سألته عن الفطرة لمن هي؟ قال:

للإمام قلت له: فاخبر أصحابي؟ قال: نعم من اردت أن تطهره منهم و قال: لا بأس بأن تعطي و تحمل ثمن ذلك ورقا «2».

و منها: ما رواه أيوب بن نوح قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام ان قوما سألوني (يسألوني) عن الفطرة و يسألوني أن يحملوا قيمتها إليك و قد بعثت إليك هذا الرجل عام أول و سألني أن أسألك فأنسيت ذلك و قد بعثت إليك العام عن كل رأس من عياله (لي) بدرهم علي قيمة تسعة أرطال بدرهم فرأيك جعلني اللّه فداك في ذلك فكتب عليه السلام: الفطرة قد كثر السؤال عنها و أنا اكره كل ما ادي الي الشهرة فاقطعوا ذكر ذلك و اقبض ممن دفع لها و أمسك عمن لم يدفع «3» و منها غيرها المذكور في الوسائل في الباب 9 من أبواب زكاة الفطرة و سيمر عليك بعضها.

(3) لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار الصيرفي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 551

و المدار قيمة وقت الاداء لا الوجوب

(1).

______________________________

جعلت فداك ما نقول في الفطرة يجوز أن أؤديها فضة بقيمة هذه الاشياء التي سميتها؟

قال: نعم ان ذلك أنفع له يشتري ما يريد «1».

فان هذه الرواية بلحاظ العلة المنصوصة فيها واضحة الدلالة علي المدعي لكنها مخدوشة سندا باليونسي و يدل علي المدعي بوضوح أيضا ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالقيمة في الفطرة «2» لكن السند مخدوش بثعلبة بن ميمون.

و يؤيد المدعي بل يدل عليه ما رواه عمر بن يزيد في حديث قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام تعطي الفطرة دقيقا مكان الحنطة؟ قال: لا بأس يكون اجر طحنه بقدر ما بين الحنطة و الدقيق قال: و سألته يعطي الرجل الفطرة دراهم ثمن التمر و الحنطة يكون أنفع لأهل بيت المؤمن قال: لا بأس «3».

و يمكن الاستدلال بالسيرة الجارية بين المتشرعة من غير نكير و قد مر نظير ذلك في زكاة الاموال و قلنا انه لو لم يكن جائزا لشاع و ذاع و اللّه العالم.

(1) فان الظاهر من نصوص القيمة ذلك فانه المنصرف اليه مضافا الي انه يمكن ان يقال بأن الواجب علي المكلف اعطاء الحنطة مثلا و انما يكتفي الشارع بأداء القيمة أي قيمة الجنس الواجب ادائه فلا بد من لحاظ قيمة وقت الاداء اذ ذلك الزمان زمان أداء الواجب.

أما مرسلة المفيد قال و سئل عن مقدار القيمة فقال: درهم في الغلاء و الرخص

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 552

و بلد الاخراج لا بلد المكلف (1).

[مسألة 94: المقدار الواجب صاع]

(مسألة 94): المقدار الواجب صاع (2) و هو ستمائة و أربعة

______________________________

قال: و روي أن أقل القيمة في الرخص

ثلثا درهم «1»، الذي عين فيها القيمة فلا اعتبار بها لإرسالها.

و أما حديث اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال لا بأس أن يعطيه قيمتها درهما «2»، فضعيف باحمد بن هلال مضافا الي أنه لا يدل علي المقدار بل المستفاد منه انه يجوز اعطاء الدرهم و لا يلزم دفع عين الجنس.

(1) فانه المنصرف اليه من نصوص القيمة مضافا الي أنه لا يبعد أن يكون المدعي مقتضي القاعدة الاولية فان الواجب علي المكلف العين و الجنس و تكون القيمة بدلا عن العين و المفروض ان أداء العوض في هذا المكان فيكون المعيار قيمة بلد الاداء و يؤيد المدعي حديث المروزي قال: سمعته يقول: ان لم تجد من تضع الفطرة فيه فاعز لها تلك الساعة قبل الصلاة و الصدقة بصاع من تمر او قيمته في تلك البلاد دراهم «3».

(2) لجملة من النصوص منها ما رواه سعد بن سعد الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الفطرة كم يدفع عن كل رأس من الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب؟ قال: صاع بصاع النبي صلي اللّه عليه و آله «4» و منها: ما رواه معاوية بن عمار و منها: ما رواه عبد اللّه بن المغيرة «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 14

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 1

(5) لاحظ ص: 548 و 546

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 553

عشر مثقالا صيرفيا و ربع مثقال و بحسب حقة النجف يكون نصف

______________________________

و منها: ما رواه جعفر بن معروف قال: كتبت الي أبي بكر الرازي في زكاة الفطرة و سألناه أن يكتب في ذلك الي مولانا يعني

علي بن محمد عليه السلام فكتب ان ذلك قد خرج لعلي بن مهزيار انه يخرج من كل شي ء التمر و البر و غيره صاع و ليس عندنا بعد جوابه عليا (علينا) في ذلك اختلاف «1».

و منها ما رواه ياسر القمي عن ابي الحسن الرضا عليه السلام قال: الفطرة صاع من حنطة و صاع من شعير و صاع من تمر و صاع من زبيب و انما خفف الحنطة معاوية «2».

و منها: ما رواه محمد بن عيسي قال: كتب اليه ابراهيم بن عقبة يسأله عن الفطرة كم هي برطل بغداد عن كل رأس و هل يجوز اعطائها غير مؤمن؟ فكتب اليه: عليك أن تخرج عن نفسك صاعا بصاع النبي صلي اللّه عليه و آله و عن عيالك أيضا و لا ينبغي أن تعطي زكاتك الا مؤمنا «3».

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتابه الي المأمون قال: زكاة الفطرة فريضة علي كل رأس صغير أو كبير حر أو عبد ذكر أو انثي من الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب صاع و هو اربعة أمداد «4».

و منها: ما رواه الاعمش «5» و منها: ما رواه معاوية بن وهب «6».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 6، ص: 553

______________________________

(1) المصدر السابق الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 6 من ابواب زكاة الفطرة الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 18

(5) نفس المصدر الحديث: 20

(6) لاحظ ص: 546

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 554

حقة و نصف وقية و واحدا و ثلاثين مثقالا الا مقدار حمصتين و ان دفع ثلثي حقة

زاد مقدار مثاقيل و بحسب حقة الاسلامبول حقتان و ثلاثة أرباع الوقية و مثقالان الا ربع مثقال و بحسب المن الشاهي و هو ألف و مائتان و ثمانون مثقالا نصف من الا خمسة و عشرين مثقالا و ثلاثة أرباع المثقال و مقدار الصاع بحسب الكيلو ثلاث كيلوات تقريبا و لا يجزي ما دون الصاع من الجيد (1) و ان كانت قيمته تساوي قيمة صاع من غير الجيد (2) كما لا يجزي الصاع الملفق من جنسين (3).

______________________________

و في قبال هذه النصوص طائفة اخري من الروايات تعارضها لاحظ ما رواه الحلبي قال: سالت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صدقة الفطرة فقال: علي كل من يعول الرجل علي الحر و العبد و الصغير و الكبير صاع من تمر أو نصف صاع من برّ و الصاع أربعة أمداد «1».

و ما رواه منصور «2» و حيث ان الطائفة الثانية توافق التقية كما يظهر من حديث معاوية بن وهب «3» و غيره يكون الترجيح مع الطائفة الاولي فالمقدار هو الصاع.

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فان ما دون الصاع ليس مصداقا للمأمور به فالاجزاء يحتاج الي قيام دليل عليه.

(2) اذ لا يكون مصداقا للمأمور به و ان كانت بحسب القيمة متساوية.

(3) الكلام هو الكلام فان الملفق ليس مصداقا لأحد الافراد التخييرية بل

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 12

(2) نفس المصدر الحديث: 15

(3) لاحظ ص: 546

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 555

و لا يشترط اتحاد ما يخرجه عن نفسه مع ما يخرجه عن عياله و لا اتحاد ما يخرجه عن بعضهم مع ما يخرجه عن البعض الاخر (1).

[فصل: وقت إخراجها ليلة الفطر]
اشارة

فصل: وقت اخراجها ليلة الفطر (2).

______________________________

شي ء آخر فلا دليل علي كونه

مجزيا.

(1) لعدم الدليل عليه بل مقتضي الاطلاق اللفظي و الاصل العلمي عدم الاشتراط فلاحظ.

(2) لا اشكال في أنه لا يجوز تقديم الواجب علي وقت الوجوب الا مع قيام دليل علي جواز التقديم فما أفاده في المقام من أن وقت اخراجها ليلة الفطر من باب ان ليلة العيد زمان تعلق الوجوب أو أن في المقام دليلا علي جواز اخراجها ليلا و ان لم يكن الليل زمان تعلق الوجوب فيقع الكلام في مقامين: المقام الاول في أن الليل زمان تعلق الوجوب أم لا؟ المقام الثاني في أنه هل يجوز تقديم اخراجها و لو لم يكن الليل زمان تعلق الوجوب فنقول:

أما المقام الاول فالمشهور- كما يظهر من كلامهم- ان أول وقته غروب الشمس و رؤية الهلال و في قبال هذا القول قول بأن وقته طلوع فجر يوم العيد أما القول الاول فقد استدل عليه بروايتين الاولي ما رواه معاوية بن عمار «1».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان المعيار في وجوب الفطرة ادراك غروب ليلة الفطر و لذا لا يجب علي من لم يدرك ذلك الزمان و فيه ان المستفاد من الرواية ان من لا يدرك شهر رمضان بالوجود الحقيقي كالمولود ليلة الفطر أو من لم يدرك الشهر مسلما و اسلامه كان بعد دخول الليل لا تكون الفطرة واجبة عليه و لا دلالة في الرواية علي مبدأ زمان تعلق الوجوب.

______________________________

(1) لاحظ: ص 524

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 556

______________________________

الثانية ما رواه أيضا «1» و التقريب هو التقريب و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها فالنتيجة انه لا دليل علي مدعي المشهور و استدل علي القول الاخر بحديث العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه

السلام عن الفطرة متي هي؟ فقال: قبل الصلاة يوم الفطر قلت: فان بقي منه شي ء بعد الصلاة؟ قال: لا بأس نحن نعطي عيالنا منه ثم يبقي فنقسمه «2».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان زمان الفطرة قبل صلاة العيد فزمان تعلق الوجوب يوم العيد بعد طلوع الفجر و اورد علي الاستدلال بالرواية سيدنا الاستاد بايرادين: احدهما: ان المذكور في الرواية لفظ اليوم و اليوم مبدأه طلوع الشمس و ما بين الطلوعين اما جزء من الليل و اما لا يكون جزءا من الليل و لا من النهار.

ثانيهما: ان الرواية تبين وقت الاداء و لا تعرض فيها لزمان تعلق الوجوب.

و يرد علي ايراده الاول ان ما بين الطلوعين من اليوم و اليوم بحسب العرف و اللغة يحسب من أول طلوع الفجر. و علي ايراده الثاني ان الظاهر من الرواية السؤال عن وقت تعلق الوجوب كما لو قيل صلاة الظهر متي هي؟ أي متي يتعلق الوجوب بادائها و لذا يمكن الاستدلال برواية العيص علي القول الاخر فان المستفاد منها انها قبل صلاة العيد يوم الفطر و حيث ان صلاة العيد وقتها من أول طلوع الشمس فوقت وجوب الفطرة من طلوع الفجر اذ مقتضي الاطلاق انه بطلوع الفجر يتحقق الوجوب و مقتضي الاصل العملي أي الاستصحاب عدم تعلق الوجوب قبل طلوع الفجر.

و أما المقام الثاني فالحق جواز اخراجها ليلة العيد بل يجوز من أول يوم

______________________________

(1) لاحظ: ص 530

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 557

و الاحوط اخراجها أو عزلها قبل صلاة العيد (1).

______________________________

يدخل من شهر رمضان و الدليل عليه ما رواه الفضلاء كلهم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام انهما

قالا: علي الرجل أن يعطي عن كل من يعول من حر و عبد و صغير و كبير يعطي يوم الفطر قبل الصلاة فهو أفضل و هو في سعة أن يعطيها من أول يوم يدخل من شهر رمضان الي آخره الحديث «1».

(1) المشهور فيما بين الاصحاب ان آخر وقتها قبل صلاة العيد لمن يصلي صلاة العيد و زال العيد لمن لا يصلي صلاته فالكلام يقع في موضعين: الموضع الاول بالنسبة الي من يصلي الموضع الثاني بالنسبة الي من لا يصلي أما الموضع الاول فقد ادعي عليه الاجماع و عن العلامة انه لا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد اختيارا.

و استدل علي المدعي بما رواه اسحاق بن عمار و غيره قال: سألته عن الفطرة فقال: اذا عزلتها فلا يضرك متي أعطيتها قبل الصلاة أو بعد الصلاة «2» بتقريب:

ان مفهوم الشرطية يقتضي انه مع عدم العزل لا بد من اعطائها قبل صلاة العيد.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بطائفة اخري من النصوص منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و اعطاء الفطرة قبل الصلاة أفضل و بعد الصلاة صدقة «3».

و منها: ما رواه ابراهيم بن منصور (ميمون) قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

الفطرة ان أعطيت قبل أن تخرج الي العيد فهي فطرة و ان كانت بعد ما يخرج الي العيد فهي صدقه «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 558

______________________________

و منها: ما رواه ابن طاوس في كتاب الاقبال قال: روينا بإسنادنا

الي أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ينبغي أن يؤدي الفطرة قبل أن يخرج الناس الي الجبانة فان أداها بعد ما يرجع فانما هو صدقة و ليس هو فطرة «1». و منها: ما رواه سالم بن مكرم الجمال «2».

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه العيص «3» فان صريح الرواية ان وقتها قبل الصلاة و اذا وصلت النوبة الي الشك فلا مجال لاستصحاب بقاء الوجوب اذ الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض بعدم جعل الزائد. ان قلت: ان مقتضي البراءة عن الاشتراط عدم تضيقه. قلت: لا مجال لهذا التقريب اذ لا اشكال في أصل التوقيت انما الشك في سعة الوقت و عدمها و لا يمكن اثبات السعة بالاصل الا علي القول بالمثبت فلو سقط الاستصحاب بالمعارضة تصل النوبة الي البراءة عن أصل الوجوب اذ بعد مضي الوقت الذي يمكن أن يكون ظرفا للواجب نشك في اصل الوجوب و مقتضي حديث الرفع عدم الوجوب.

و ان شئت قلت: البراءة عن الجزئية و الشرطية في مورد العلم باصل التكليف و الشك في خصوصيات المأمور به و أما لو كان الشك في أصل التكليف لم يكن مجال الا للبراءة عنه و لذا لا يصح أن يقال لو شككنا في أن وجوب صلاة الجمعة مثلا يختص بزمان الحضور أو يعم زمان الغيبة تجري البراءة عن قيدية الحضور. و صفوة القول: ان مرجع هذا الاصل الي اصالة عدم التقييد الواجب و لا يترتب علي هذا الاصل اطلاق المأمور به فلا تغفل.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) لاحظ ص: 556

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 559

______________________________

و لكن في المقام رواية يستفاد منها ان الفطرة لو لم تعزل تبقي ثابتة في

الذمة و يكون المكلف مشغول الذمة بها حتي يؤديها و هي ما رواه زرارة بن أعين عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أخرج فطرته فعزلها حتي يجد لها أهلا فقال: اذا أخرجها من ضمانه فقد برء و الا فهو ضامن لها حتي يؤديها الي أربابها «1».

فان الظاهر من هذه الرواية ان الفطرة ثابتة في الذمة و المكلف اذا لم يعزلها تكون الذمة مشغولة بها الي أن يؤديها فيمكن أن يقال: ان صلي صلاة العيد يكون وقت ادائها بالنسبة اليه قبل الصلاة و لكن يجب ادائها بعد الصلاة أيضا اذا لم يؤد قبلها أو لم يعزلها فلا يبعد أن يقال: بأن ادائها بعد الصلاة لا يكون اداءا للفطرة بل اما صدقة- كما في حديث ابن سنان- «2» و اما قضاء لكن لا دليل علي كونه قضاء و مقتضي الاحتياط انه لو أدائها بعد الصلاة لا يقصد الخصوصية بل يقصد القربة المطلقة.

و ربما يقال بجواز تأخير اداه الفطرة عن الصلاة بالنسبة الي من يصلي صلاة العيد و يمكن الاستدلال علي المدعي بحديثين: أحدهما: ما رواه العيص «3» بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان التأخير لا بأس به و هو عليه السلام كان يؤخره الي بعد الصلاة. و فيه: ان المراد من الرواية يمكن أن يكون مثل ما فهمه صاحب الوسائل قدس سره و هو ان المراد باعطاء العيال بمنزل الفطرة و اعطائها العيال بنحو الامانة الي زمان الرجوع عن الصلاة فالمراد بالرواية العزل و يدل علي المدعي بوضوح قوله عليه السلام: «ثم يبقي» اذ لو لا العزل لا معني البقاء كما هو ظاهر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من ابواب زكاة الفطرة الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 557

(3)

لاحظ ص: 556

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 560

و ان لم يصلها امتد الوقت الي الزوال (1).

______________________________

و ان أبيت عما ذكر فلا أقل من كون الرواية مجملة من هذه الجهة فلا تكون قابلة للاستدلال ثانيهما: ما رواه ابن سنان «1» بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان التقديم أفضل فتأخيرها جائز و فيه: ان التقسيم قاطع للشركة فانه عليه السلام فصل بين الاعطاء قبل الصلاة و بعدها بكون ما يعطي قبل الصلاة فطرة و ما يعطي بعدها صدقة فالرواية تدل بوضوح علي عدم كونها فطرة اذا دفع بعد الصلاة و لا يبعد أن يكون المراد بالافضل بالنسبة الي تقديمها كما يدل علي هذا المعني ما رواه الفضلاء «2».

(1) هذا هو الموضع الثاني فالمشهور امتداد وقت الفطرة الي الظهر و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه أبو الحسن الاحمسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان الفطرة عن كل حر و مملوك فان لم تفعل خفت عليك الفوت قلت: و ما الفوت؟ قال: الموت قلت: أقبل الصلاة أو بعدها؟ قال: ان أخرجتها قبل الظهر فهي فطرة و ان أخرجتها بعد الظهر فهي صدقة و لا يجزيك قلت فاصلي الفجر و اعزلها فيمكث يوما أو بعض يوم آخر ثم اتصدق بها؟ قال: لا بأس هي فطرة اذا أخرجتها قبل الصلاة قال: و قال: هي واجبة علي كل مسلم محتاج أو موسر يقدر علي فطرة «3».

فان المستفاد من الرواية ان اخراجها قبل الزوال فطرة و بعده صدقة. و هذه الرواية ضعيفة بعبد اللّه بن حماد الانصاري حيث انه لم يوثق و كونه في اسناد كامل الزيارات لا أثر له كما ان تعبير النجاشي عنه بكونه من شيوخ أصحابنا لا

يترتب

______________________________

(1) لاحظ ص: 557

(2) لاحظ ص: 557

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 561

و اذا عزلها جاز له التأخير في الدفع اذا كان التأخير لغرض عقلائي كما مر في زكاة الاموال (1) فان لم يدفع و لم يعزل حتي زالت الشمس

______________________________

عليه أثر فالرواية ساقطة به بل و بغيره لكن المستفاد من كلام القوم ان المدعي اجماعي فيما بينهم.

و قال سيدنا الاستاد- في هذا المقام-: «لم يستشكل أحد في جواز تأخيرها الي الزوال بالنسبة الي من لم يصل صلاة العيد و انما الكلام بالنسبة الي ما بعده فعليه لا ريب في امتداد الوقت الي الزوال و أما بعده الي الغروب فعلي القول بجريان الاستصحاب في الحكم الكلي يمكن احراز بقاء الوجوب الي الغروب لكن قد تقرر في الاصول عدم جريانه و كونه معارضا باستصحاب العدم أي عدم جعل الزائد و بعد تعارض الاصلين و تساقطهما تصل النوبة الي البراءة عن وجوبها».

لكن تقدم منا ان مقتضي حديث زرارة «1» اشتغال الذمة بها و لا تبرأ الا بادائها فلو تحقق اجماع تعبدي علي انقضاء وقتها بالزوال لا يجوز قصدها بعنوان الاداء و ان لم يقم اجماع عليه يجوز ادائها بعنوان الفطرة بمقتضي اطلاق الرواية و لا ينافي وجوب التأدية قبل الزوال اذ يمكن أن يكون من قبيل تعدد المطلوب لكن مقتضي الاحتياط أن لا يقصد بها الاداء و القضاء.

(1) لم اعرف وجها للجواز فان جواز التأخير يحتاج الي قيام دليل عليه و قياس المقام بباب زكاة الاموال علي خلاف القاعدة و الدليل القائم هناك يختص بمورده و الاستدلال علي المدعي بحديث اسحاق «2» و فيه قوله عليه السلام «اذا عزلتها فلا

يضرك متي أعطيتها قبل الصلاة أو بعد الصلاة» لا مجال له فان المستفاد من الحديث جواز التأخير الي ما بعد الصلاة لا التأخير علي الاطلاق و العرف ببابك

______________________________

(1) لاحظ ص: 559

(2) لاحظ ص: 557

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 562

فالاحوط لزوما الاتيان بها بقصد القربة المطلقة (1).

[مسألة 95: الظاهر جواز تقديمها في شهر رمضان]

(مسألة 95): الظاهر جواز تقديمها في شهر رمضان (2) و ان كان الاحوط التقديم بعنوان القرض (3).

[مسألة 96: يجوز عزلها في مال مخصوص من تلك الاجناس]

(مسألة 96): يجوز عزلها في مال مخصوص من تلك الاجناس (4) أو من النقود بقيمتها (5) و الظاهر عدم جواز عزلها في ماله علي نحو الاشاعة و كذا عزلها في المال المشترك بينه و بين غيره علي نحو

______________________________

فان المستفاد من الحديث بحسب الفهم العرفي انه يجوز التأخير الي ما بعد الصلاة.

(1) ما أفاده متين من حيث الاحتياط لكن قد ظهر مما ذكرنا ان مقتضي الصناعة بقائها بعنوان الفطرة في الذمة فلاحظ.

(2) كما مر قريبا فراجع.

(3) لذهاب جملة من الاعاظم- علي ما نقل عنهم- الي الجزم بعدم جواز التقديم بل نسب الي المشهور فالاحتياط في محله.

(4) لاحظ ما رواه العيص «1» فانه يستفاد من هذه الرواية كما ذكرنا سابقا جواز العزل و قلنا ان المستفاد من الحديث كما فهم صاحب الوسائل ان المراد من اعطائه عياله عزل الفطرة و جعلها امانة عند العيال و يمكن الاستدلال علي المدعي بحديثي زرارة و اسحاق «2» فان المستفاد من الحديثين جواز العزل و يؤيد المدعي بغير ما ذكر من بعض النصوص و بجواز عزل زكاة المال كما تقدم في محلها.

(5) فان النقد يجوز دفعها فطرة فيكون النقد كالجنس فطرة و مقتضي اطلاق

______________________________

(1) لاحظ ص: 556

(2) لاحظ ص: 559 و 557

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 563

الاشاعة علي الاحوط وجوبا (1).

[مسألة 97: إذا عزلها تعينت فلا يجوز تبديلها]

(مسألة 97): اذا عزلها تعينت فلا يجوز تبديلها (2) و ان أخر دفعها ضمنها اذا تلفت مع امكان الدفع الي المستحق علي ما مر في زكاة المال (3).

[مسألة 98: يجوز نقلها إلي غير بلد التكليف مع عدم المستحق]

(مسألة 98): يجوز نقلها الي غير بلد التكليف مع عدم المستحق (4) أما مع وجوده فالاحوط وجوبا تركه (5).

______________________________

جواز عزل الفطرة عدم الفرق.

(1) اذ العزل ينافي الاشتراك مضافا الي أنه لو كان العزل مع الاشتراك جائزا لجاز عزلها بنحو الاشاعة في جميع المال و هو بعيد عن النظر و غير معروف نعم الظاهر انه يجوز عزلها مع زيادة فتكون الزيادة للفقير اذ يصدق بهذا النحو و لا يبعد أن تكون السيرة جارية عليه مضافا الي أن العزل بمقدار مساو لعله متعذر فتأمل.

(2) اذ الظاهر من النصوص تعينها في المعزول و لا ولاية للمالك علي التصرف فيها بعد أن صار المعزول للمستحق فعدم الجواز علي القاعدة و جواز التصرف يحتاج الي الدليل فلاحظ.

(3) لكون اليد في مفروض الكلام يد عدوان فالضمان علي القاعدة.

(4) اذ مع عدم المستحق لا طريق الي الايصال الي الاهل الا النقل فيجوز.

(5) المعروف عندهم- علي ما يظهر من بعض الكلمات- جواز النقل و لو مع وجود المستحق في البلد و استدل عليه بكون المالك له الولاية فيمكنه النقل مطلقا و ما يدل علي المنع يحمل علي كون عدمه أفضل فلا يكون مانع من النقل و استدل علي عدم الجواز بحديثين أحدهما: ما رواه الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان جدي عليه السلام يعطي فطرته الضعفة (الضعفاء) و من لا يجد و من

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 564

و اذا سافر عن بلد التكليف الي غيره جاز دفعها في البلد الاخر (1).

[فصل: مصرفها مصرف الزكاة من الاصناف الثمانية علي الشرائط المتقدمة]
اشارة

فصل: مصرفها مصرف الزكاة من الاصناف الثمانية علي الشرائط المتقدمة (2).

______________________________

لا يتولي قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السلام: هي لأهلها الا أن لا تجدهم فان لم تجدهم

فلمن لا ينصب و لا تنقل من ارض الي ارض و قال: الامام يضعها حيث يشاء و يضع فيه ما رأي «1» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن الفضال.

ثانيهما: ما رواه محمد بن عيسي عن علي بن بلال و اراني قد سمعته من علي بن بلال قال: كتبت اليه: هل يجوز أن يكون الرجل في بلدة و رجل آخر من اخوانه في بلدة اخري يحتاج أن يوجه له فطرة أم لا؟ فكتب: تقسم الفطرة علي من حضر و لا يوجه ذلك الي بلدة اخري و ان لم يجد موافقا «2».

و هذه الرواية في سندها محمد بن عيسي فمقتضي الاحتياط عدم النقل مع وجود المستحق و يمكن أن يقال: ان عدم الجواز مقتضي القاعدة اذ لا وجه للتأخير مع وجود المستحق و ايصال المال الي من هو له.

(1) لعدم قيام دليل علي وجوب صرفها في بلده و دليل عدم جواز النقل لا يشمل المقام كما هو ظاهر.

(2) ادعي عليه الشهرة تارة و الاجماع اخري و انه مقطوع به في كلامهم ثالثة و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي: «إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ الْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقٰابِ وَ الْغٰارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ» «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) التوبة/ 6

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 565

______________________________

فان المستفاد من الاية ان الصدقات للمذكورين و حيث ان الفطرة زكاة و صدقة يشملها عموم الاية. و يمكن الاستدلال أيضا بقوله تعالي «خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً» «1» الاية بتقريب: ان مقتضي حديث عبد اللّه بن سنان قال: قال

أبو عبد اللّه عليه السلام لما نزلت آية الزكاة «خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِهٰا» في شهر رمضان فأمر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله مناديه فنادي في الناس ان اللّه تبارك و تعالي قد فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة الي أن قال: ثم لم يتعرض لشي ء من أموالهم حتي حال عليهم الحول من قابل فصاموا و أفطروا فأمر صلي اللّه عليه و آله مناديه فنادي في المسلمين: ايها المسلمون زكوا أموالكم تقبل صلاتكم قال: ثم وجه عمال الصدقة و عمال الطسوق «2» ان بعد نزول هذه الاية أعلن الرسول الاكرم وجوب الزكاة.

و من ناحية اخري ان مقتضي حديث هشام ابن الحكم عن الصادق عليه السلام في حديث قال: نزلت الزكاة و ليس للناس أموال و انما كانت الفطرة «3»، ان الزكاة نزلت و ليس للناس أموال و انما كانت الفطرة فيستفاد ان الفطرة من مصاديق الزكاة و مصرفها ذلك المصرف.

و في المقام رواية رواها الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث: ان زكاة الفطرة للفقراء و المساكين «4»، تدل علي أن الفطرة للمساكين و الفقراء فيقع التعارض بين هذه الرواية و تلك الرواية اذ مقتضي تلك الرواية ان مصرفها الاصناف

______________________________

(1) التوبة/ 105

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب ما تجب فيه الزكاة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 14 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 566

[مسألة 99: تحرم فطرة غير الهاشمي علي الهاشمي]

(مسألة 99): تحرم فطرة غير الهاشمي علي الهاشمي (1) و تحل فطرة الهاشمي علي الهاشمي (2) و غيره (3) و العبرة علي المعيل دون العيال فلو كان العيال هاشميا دون المعيل

لم تحل فطرته علي الهاشمي و اذا كان المعيل هاشميا و العيال غير هاشمي حلت فطرته علي الهاشمي (4).

______________________________

الثمانية المذكورة في الاية و مقتضي هذه الرواية اختصاص الفطرة بالفقير و المسكين و الترجيح مع تلك الرواية لكونها موافقة مع الكتاب.

(1) لاحظ ما رواه عيص بن القاسم «1».

(2) لاحظ ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الصدقة تحل لبني هاشم فقال: لا و لكن صدقات بعضهم علي بعض تحل لهم فقلت: جعلت فداك اذا خرجت الي مكة كيف تصنع بهذه المياه المتصلة بين مكة و المدينة و عامتها صدقة؟ قال: سم فيها شيئا قلت: عين ابن بزيع و غيره قال:

و هذه لهم «2».

(3) بمقتضي الاطلاق و عدم المخصص.

(4) فانه الظاهر من الدليل فان الصدقة لو اضيفت الي احد كما لو قيل صدقة زيد يفهم من العبارة ان الصدقة اضيفت الي فاعلها و معطيها و حيث ان الذي يجب عليه أن يدفع الفطرة عن المعال هو المعيل فيكون هو المعيار. و ان شئت قلت: المعال مورد الصدقة كالمال في زكاة الاموال. و صفوة القول: ان الظاهر من الاضافة اضافة الصدقة الي من تصدر عنه و يعطي لا من يتصدق عنه و يعطي عنه فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 470

(2) الوسائل الباب 32 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 567

[مسألة 100: يجوز إعطائها الي المستضعف من أهل الخلاف عند عدم القدرة علي المؤمن]

(مسألة 100): يجوز اعطائها الي المستضعف من أهل الخلاف عند عدم القدرة علي المؤمن (1).

______________________________

(1) النصوص الواردة في المقام علي طوائف: الطائفة الاولي: ما يدل باطلاقه علي عدم جواز اعطاء الزكاة غير المؤمن لاحظ ما رواه علي بن بلال «1» فان مقتضي هذه الرواية عدم الجواز مطلقا.

الطائفة الثانية:

ما يدل علي عدم جواز دفع زكاة الفطرة الي غير المؤمن لاحظ ما رواه اسماعيل بن سعد «2».

الطائفة الثالثة: ما يدل علي جواز اعطاء غير المؤمن زكاة الفطرة لاحظ ما رواه علي بن يقطين أنه سأل أبا الحسن الاول عليه السلام عن زكاة الفطرة أ يصلح أن تعطي الجيران و الظئورة ممن لا يعرف و لا ينصب؟ فقال: لا بأس بذلك اذا كان محتاجا «3».

و أما ما رواه مالك الجهني قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن زكاة الفطرة فقال: تعطيها المسلمين فان لم تجد مسلما فمستضعفا و اعط ذا قرابتك منها ان شئت «4» و ما رواه الفضيل «5» فهما ضعيفان أما الاول فبالجهني و أما الثاني فبضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن الفضال فيقع التعارض بين ما يدل علي جواز اعطاء الفطرة غير المؤمن و ما يدل علي عدم الجواز فلا بد من العلاج.

و يمكن أن يقال: ان الدال علي الجواز موافق لعموم الكتاب و هو قوله تعالي:

______________________________

(1) لاحظ ص: 478

(2) لاحظ ص: 487

(3) الوسائل الباب 15 من ابواب زكاة الفطرة الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 1

(5) لاحظ ص: 563

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 568

[مسألة 101: يجوز للمالك دفعها إلي الفقراء بنفسه]

(مسألة 101): يجوز للمالك دفعها الي الفقراء بنفسه (1) و الاحوط و الافضل دفعها الي الفقيه (2).

[مسألة 102: الأحوط وجوبا أن لا يدفع للفقير أقل من صاع]

(مسألة 102): الاحوط وجوبا أن لا يدفع للفقير أقل من صاع (3).

______________________________

إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ» «1» كما أنه يمكن أن يقال: انه لو قلنا بالتساقط بعد التعارض تصل النوبة الي الاخذ بعموم الكتاب و مقتضي الاحتياط رعاية ما افيد في المتن باعطائها المستضعف من أهل الخلاف مع عدم القدرة علي المؤمن.

(1) مر الكلام من هذه الجهة في المسألة (80) في فصل بقية أحكام الزكاة مضافا إلي النصوص الواردة في أبواب زكاة الفطرة فانه يستفاد من نصوص كثيرة جواز تولي المكلف دفع زكاته و لا دليل علي وجوب دفعها الي الفقيه و ربما يستدل علي وجوب دفعها الي الفقيه بما رواه أبو علي بن راشد «2».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان أمر الفطرة راجع الي الامام عليه السلام فيجب ايصالها اليه أو الي نائبه الخاص أو العام و هذا هو المدعي. و فيه اولا: ان الرواية ضعيفة بأبي العباس الكوفي حيث انه لم يوثق. و ثانيا: ان المستفاد من الرواية ان اختيار الفطرة بيد الامام عليه السلام و يجوز ايصالها اليه و لا ينافي جواز تولي المالك بنفسه بمقتضي النصوص الكثيرة المشار اليها فلاحظ.

(2) أما كون الدفع اليه احوط فلا كلام فيه و أما كونه أفضل فلم يعرف وجهه و قد تقدم الكلام من هذه الجهة و بيان ما يمكن أن يكون وجها للأفضلية و الاشكال فيه في زكاة المال فراجع.

(3) المشهور فيما بين القوم المنع و عن المختلف نسبته الي علمائنا و استدل

______________________________

(1) التوبة/ 60

(2) لاحظ ص: 55

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 569

الا اذا اجتمع جماعة لا تسعهم (1)

و يجوز أن يعطي الواحد أصواعا (2).

______________________________

بما أرسله اسحاق بن المبارك عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تعط أحدا أقلّ من رأس «1».

و ما أرسله الصدوق قال و في خبر آخر قال: لا بأس أن تدفع عن نفسك و عمن تعول الي واحد و لا يجوز أن تدفع ما يلزم واحد الي نفسين «2» و لا اعتبار بهما لإرسالهما.

و ربما يقال: ان ما رواه اسحاق ابن المبارك قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن صدقة الفطرة يعطيها رجلا واحدا أو اثنين؟ قال: يفرقها أحب إلي قلت: اعطي الرجل الواحد ثلاثة أصوع و أربعة اصبع؟ قال: نعم «3»، يدل علي خلاف المدعي و لكن هذه الرواية علي تقدير دلالتها علي خلاف المدعي لا يترتب عليها أثر لضعفها باسحاق بن المبارك.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان الحق جواز اعطاء الاقل من صاع الي واحد لإطلاق الادلة لاحظ ما رواه الحلبي «4» فان المستفاد من هذه الرواية وجوب اعطاء صاع من زبيب لفقراء المسلمين و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين أقسام الاعطاء.

(1) لا وجه لهذا الاستثناء فان مفاد المرسلين المنع علي الاطلاق فاما لا يجوز مطلقا و اما يجوز كذلك فلاحظ.

(2) لإطلاق الادلة مضافا الي النصوص الخاصه لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس أن يعطي الرجل عن رأسين ثلاثة

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من ابواب زكاة الفطرة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) لاحظ ص: 546

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 570

[مسألة 103: يستحب تقديم الأرحام ثم الجيران]

(مسألة 103): يستحب تقديم الارحام (1) ثم الجيران (2) و ينبغي الترجيح بالعلم و الدين و الفضل (3) و اللّه سبحانه أعلم و

الحمد للّه رب

______________________________

و أربعة يعني الفطرة «1».

و ما رواه علي بن بلال قال كتبت الي الطيب العسكري عليه السلام هل يجوز أن يعطي الفطرة عن عيال الرجل و هم عشرة أقل أو أكثر رجلا محتاجا موافقا؟

فكتب عليه السلام: نعم افعل ذلك (نعم ذلك أفضل) «2». و ما رواه اسحاق بن عمار انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفطرة يعطيها رجلا واحدا مسلما؟

قال: لا بأس به «3».

(1) لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار «4» و هذه الرواية واضحة الدلالة علي المدعي لكن من حيث السند مخدوش كما ذكرنا وجه الاشكال في زكاة المال.

و لاحظ ما رواه السكوني و مرسلة الصدوق «5» و كلاهما ضعيفان سندا.

(2) لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الفطرة فقال: الجيران أحق بها الحديث «6» و لا يخفي عليك ان هذه الرواية في خصوص زكاة الفطرة و تلك الرواية واردة في مطلق الزكاة و مقتضي القاعدة تقييد ذلك الاطلاق بهذا المقيد فتكون النتيجة التفصيل بين زكاة المال و زكاة الابدان بتقديم الارحام في الاولي و تقديم الجيران في الثانية فلاحظ.

(3) لاحظ ما رواه ابن عجلان قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: اني ربما

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) لاحظ ص: 505

(5) الوسائل الباب 20 من أبواب الصدقة الحديث: 1 و 4

(6) الوسائل الباب 9 من أبواب زكاة الفطرة الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 571

العالمين.

______________________________

قسمت الشي ء بين أصحابي أصلهم به فكيف اعطيهم؟ قال: أعطهم علي الهجرة في الدين و الفقه و العقل «1». و الحمد للّه أولا و آخرا و ظاهرا و

باطنا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من ابواب المستحقين الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 6، ص: 572

استدراك

في الصفحة 504 في ذيل قول الماتن في المسألة 70 «و لا يكفي مجرد الدعوي» كتبنا: «لعدم دليل علي الكفاية..» الخ و نستدرك هنا ما فاتنا هناك و هو ان دعواه السياده في المقام لا تكون جلبا لنفع و لا دفعا لضرر بل تكون دعواه دفعا لنفع و في ذيل قوله في تلك المسألة «اشكال» كتبنا: لا أري وجها للإشكال و نستدرك أيضا ما فاتنا هناك و هو ان الظاهر ان الوجه اقراره بعدم سيادته و الاقرار علي النفس جائز الا ان يقال ان الاقرار انما يمنع من العمل بالحجة من امارة او اصل بالاضافة الي الاحكام التي تكون للمقر لا بالاضافة الي المالك و افراغ ذمته بذلك فلاحظ و تأمل.

الجزء السابع

[كتاب الخمس]

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

كتاب الخمس

و فيه مبحثان:

[المبحث الأول فيما يجب فيه]

اشارة

المبحث الاول فيما يجب فيه و هي امور:

[الأول: الغنائم المنقولة المأخوذة بالقتال من الكفار الذين يحل قتالهم]
اشارة

الاول: الغنائم المنقولة المأخوذة بالقتال من الكفار الذين يحل قتالهم، و خمسها للإمام عليه السلام، اذا كان القتال باذنه (1).

______________________________

(1) قال في مصباح الفقيه: و هذا القسم علي اجماله هو القدر المتيقن مما يفهم حكمه بنص الكتاب «وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 4

بل الحكم كذلك اذا لم يكن باذنه (1)

______________________________

الْقُرْبيٰ وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّٰهِ وَ مٰا أَنْزَلْنٰا عَليٰ عَبْدِنٰا يَوْمَ الْفُرْقٰانِ يَوْمَ الْتَقَي الْجَمْعٰانِ وَ اللّٰهُ عَليٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ» «1» الي آخر كلامه زيد في علو مقامه.

و قال سيد المستمسك (قدس سره) في هذا المقام: «باجماع المسلمين كما عن المدارك و الذخيرة و المستند و غيرها، و يقتضيه الكتاب و السنة» الي آخر كلامه زيد في علو مقامه.

و يدل علي المدعي من النصوص ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: كل شي ء قوتل عليه علي شهادة أن لا إله الا اللّه، و ان محمدا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فان لنا خمسه و لا يحل لأحد ان يشتري من الخمس شيئا حتي يصل إلينا حقنا «2» و غيره مما ورد في الباب: 1 من أبواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(1) يظهر من بعض كلمات الاصحاب: ان المشهور فيما بين القوم ان ما يغنمه الغانمون بغير اذن الامام عليه السلام فهو للإمام عليه السلام. و عن الحلي الاجماع عليه، و عن المنتهي: كل من غزا بغير اذن الامام عليه السلام اذا غنم كانت غنيمته للإمام عليه السلام عندنا، الي غيرها

من كلماتهم في هذا المقام و النص الدال علي هذا المدعي ما أرسله العباس الوراق، عن رجل سماه. عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا غزا قوم بغير اذن الامام فغنموا كانت الغنيمة كلها للإمام، و اذا غزوا بأمر الامام فغنموا كان للإمام الخمس «3».

______________________________

(1) الانفال/ 41.

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 5.

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب الانفال الحديث: 16.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 5

سواء كان القتال بنحو الغزو للدعاء الي الإسلام أم لغيره، أو كان دفاعا لهم عند هجومهم علي المسلمين (1).

______________________________

و هذه الرواية مرسلة فلا اعتبار بها و عمل المشهور بها علي فرض احرازه و تحققه لا يجبر ضعف المرسل كما ذكرناه مرارا.

و ربما يقال ان حديث معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام السرية يبعثها الامام فيصيبون غنائم كيف يقسم؟ قال: ان قاتلوا عليها مع امير أمره الامام عليهم اخرج منها الخمس للّه و للرسول، و قسم بينهم ثلاثة اخماس و ان لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كل ما غنموا للإمام يجعله حيث احب «1» بمفهومه يدل علي المدعي.

لكن المستفاد من هذا الحديث التفصيل بين ما يؤخذ بالقتال و غيره، فان كان بالقتال فخمسه للإمام عليه السلام و ان كان بغير القتال، فهو للإمام عليه السلام و لم يستفد من الرواية التفصيل بين الاذن و عدمه، و اطلاق الاية يقتضي عدم الفرق بين الاذن و عدمه.

و يمكن استفادة المدعي من حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم و يكون معهم فيصيب غنيمة قال يؤدي خمسا و يطيب له «2».

فانه فرض ان الرجل في

لواء المخالفين و يصيب غنيمة، و من الظاهر ان اصابة الغنيمة في هذا الفرض بدون اذن الامام عليه السلام.

(1) كل ذلك لإطلاق الاية، و الرواية لاحظ خبر الحلبي المتقدم ذكره.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3.

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 8.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 6

[مسألة 1: ما يؤخذ منهم بغير القتال من غيلة، أو سرقة، أو ربا، أو دعوي باطلة، فليس فيه خمس الغنيمة]

(مسألة 1): ما يؤخذ منهم بغير القتال من غيلة، أو سرقة، أو ربا، أو دعوي باطلة، فليس فيه خمس الغنيمة بل خمس الفائدة، كما سيأتي، ان شاء اللّه تعالي (1).

[مسألة 2: لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنيمة بلوغها عشرين دينارا علي الأصحّ]

(مسألة 2): لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنيمة بلوغها عشرين دينارا علي الأصحّ (2) نعم يعتبر أن لا تكون غصبا، من مسلم أو غيره، ممن هو محترم المال، و الا وجب ردها علي مالكها (3، أما اذا كان في أيديهم مال للحربي بطريق الغصب، أو الامانة، أو نحوهما جري عليه حكم مالهم (4).

[مسألة 3: يجوز أخذ مال الناصب أينما وجد]

(مسألة 3): يجوز أخذ مال الناصب أينما وجد، و الاحوط وجوبا وجوب الخمس فيه من باب الغنيمة لا من باب الفائدة (5).

______________________________

(1) لعدم المقتضي، فان مقتضي اطلاقات ادلة الخمس من الكتاب و السنة ثبوت الخمس في كل فائدة و بدليل خاص ثبت ان الخمس بعد المئونة.

(2) لعدم دليل علي هذا الاعتبار، و عن الجواهر انه لا اعرف خلافا في عدم الاعتبار سوي ما يحكي عن ظاهر المفيد (قدس سره) و هو ضعيف لا نعرف له موافقا و لا دليلا، و كيف كان المحكم اطلاق الادلة و هو يقتضي عدم الاعتبار، فلاحظ.

(3) لاحترام مال المسلم و من بحكمه فلا وجه لتملكه و ربما يقال بأنه يجوز تملكه و يغرم الامام عليه السلام لا ربابه و تفصيل الكلام موكول الي كتاب الجهاد.

(4) لإطلاق الدليل.

(5) أما جواز اخذ ماله فمضافا الي الشهرة و اسناده الي الطائفة المحقة خلفا عن سلف يدل عليه بعض النصوص، كقوله عليه السلام: خذ مال الناصب حيثما

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 7

______________________________

وجدته و ادفع إلينا الخمس «1».

و أما كون الخمس فيه من باب الغنيمة فلظاهر الدليل، فان الظاهر ان الخمس يتعلق بتمامه بلا اخراج المئونة، و الدليل الدال علي كون الخمس بعد المئونة ظاهر في الفوائد العائدة بالاكتساب و الاتجار و الاتهاب و نحوها، و أما ما عدا ذلك كغنائم

دار الحرب و المعدن و المال المأخوذ من الناصب و امثالها مما ثبت فيها الخمس بادلتها فالمتبع اطلاق تلك الأدلة.

مضافا الي أنه لو قيدت تلك الادلة بهذا القيد و يختص الخمس فيها بما بعد المئونة لم يبق لتلك الموضوعات خصوصية و الحال ان الظاهر من الادلة الواردة فيها ان كل واحد منها موضوع لوجوب الخمس بنفسه.

و ان شئت قلت: انه لو اشترط فيها استثناء مؤنة السنة، كان ذكر كل واحد منها لغوا، فلاحظ.

و استدل سيدنا الاستاد «2» علي المدعي، بتقريب آخر، و هو ان نفس الشك يكفي للالتزام لوجوب الخمس ابتداء اي لو شك في أن دليل اختصاص وجوب الخمس بما بعد المئونة هل يشمل امثال المقام أم لا يلزم الالتزام بعدم الشمول، و ذلك لان الخمس يثبت في العين منذ التسلط عليها، غاية الامر الشارع المقدس اذن في عدم الاخراج و التصرف فيها الي آخر السنة. فلو شك في شمول الدليل لا يجوز التصرف اذ لا يجوز التصرف في مال الغير الا مع الاذن، و المفروض ان الاذن محل الشك.

و يرد عليه اولا انه ان تم اطلاق دليل الاستثناء فلا يبقي شك و ان لم يتم

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث 6 و 7

(2) مستند العروة: كتاب الخمس ص: 27

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 8

[الثاني: المعدن]
اشارة

الثاني: المعدن (1).

كالذهب، و الفضة، و الرصاص، و النحاس، و العقيق، و الفيروزج، و الياقوت، و الكحل، و الملح، و القير، و النفط، و الكبريت، و نحوها، و الاحوط الحاق مثل الجص، و النورة، و حجر الرحي، و طين الغسل و نحوها مما يصدق عليه اسم الارض، و كان له خصوصية في الانتفاع به،

و ان كان الاظهر وجوب الخمس

______________________________

فالمحكم اطلاق دليل الوجوب كما مر فلا مجال لهذا التقريب علي كلا التقديرين و ثانيا: تعلق الخمس بالفاضل و ان كان من اول الامر لكن انما يتعلق بما يفضل، فيجوز التصرف في العين بانواع التصرفات الي آخر السنة.

و بعبارة اخري: الخمس يتعلق بالحصة الخاصة و هو الفاضل لا مطلقا فلا مجال للبيان المذكور، و عليه تكون نتيجة الشك ان الخمس هل يتعلق بالعين جميعها أو يتعلق بما يفضل و المتيقن هو الثاني فلا مجال للقول بحرمة التصرف في العين فلاحظ.

(1) ادعي عليه الاجماع من جملة من الاعاظم مضافا الي كون وجوب الخمس في المعدن من الامور المغروسة في اذهان المتشرعة، و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي (في حديث) قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكنز كم فيه؟ قال: الخمس، و عن المعادن كم فيها؟ قال: الخمس و عن الرصاص و الصفر و الحديد و ما كان من المعادن كم فيها؟ قال: يؤخذ منها كما يؤخذ من معادن الذهب و الفضة «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 9

فيها من جهة الفائدة (1) و لا فرق في المعدن بين أن يكون في أرض مباحة، أو مملوكة (2).

[مسألة 4: يشترط في وجوب الخمس في المعدن النصاب، و هو قيمة عشرين دينارا]

(مسألة 4): يشترط في وجوب الخمس في المعدن النصاب، و هو قيمة عشرين دينارا (ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي من الذهب المسكوك) (3) سواء كان المعدن ذهبا، أم فضة، أو غيرهما (4).

______________________________

(1) الميزان صدق عنوان المعدن الذي وقع في النصوص، ففي كل مورد علم صدق هذا العنوان يترتب عليه الحكم و اذا شك في الصدق يكون المرجع اصالة عدم الصدق

بناء علي ما بنينا عليه من جريان الاستصحاب في الشبهة المفهومية مضافا الي اصالة البراءة عن الوجوب.

(2) لإطلاق الدليل و عدم ما قيد به، فلاحظ.

(3) لحديث البزنطي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عما اخرج المعدن من قليل أو كثير هل فيه شي ء؟ قال: ليس فيه شي ء حتي يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا «1».

و لا يعارضه ما رواه محمد بن علي بن أبي عبد اللّه عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عما يخرج من البحر من اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد و عن معادن الذهب و الفضة هل فيها زكاة؟ فقال: اذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس «2»، لعدم ثبوت وثاقة الراوي عن الامام عليه السلام.

(4) فان سؤال الراوي مطلق يشمل كلما يصدق عليه المعدن، فلا يختص بقسم خاص منه، فيكون المراد من جوابه عليه السلام «في مثله الزكاة» المالية اي اذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 3 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 10

و الاحوط- ان لم يكن أقوي- كفاية بلوغ المقدار المذكور و لو قبل استثناء مؤنة الاخراج و التصفية (1)، فاذا بلغ ذلك أخرج الخمس من الباقي بعد استثناء المئونة (2).

______________________________

بلغ مالية ما فيها الزكاة هذا المقدار و حيث انها مختلفة عينها عليه السلام بعشرين دينارا.

(1) وقع الكلام بين القوم في أن اعتبار هذا النصاب قبل استثناء المئونة أو بعده و الثاني هو المشهور بينهم، بل ادعي عليه نفي الخلاف و صاحب المدارك (قدس سره) ذهب الي الاول لإطلاق الدليل فان مقتضي حديث البزنطي «1» كفاية بلوغه هذا النصاب و لو قبل الاستثناء فلا

وجه للتقييد.

فالنتيجة ان المعدن البالغ هذا المقدار و لو قبل اخراج المئونة يتعلق به الخمس بمقتضي هذه الرواية، لكن يجب تخميس ما يصفو للمخرج بعد اخراج المئونة، و لا تنافي بين الامرين.

(2) كما ادعي عليه الاجماع، و الظاهر انه لا اشكال بينهم فيه و يمكن ان يستدل عليه بما رواه زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن المعادن ما فيها؟ فقال: كل ما كان ركازا ففيه الخمس و قال: ما عالجته بمالك ففيه ما اخرج اللّه سبحانه منه من حجارته مصفي الخمس «2» فان المستفاد من هذا الخبر ان الخمس بعد التصفية.

ثم انه وقع الكلام بين الاصحاب في أن وقت تعلق الخمس قبل التصفية أو بعدها، و له ثمرة مهمة عملية اذ لو قلنا ان وقت تعلق الوجوب بعد التصفية، يمكن

______________________________

(1) لاحظ ص: 9

(2) الوسائل الباب 3 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 11

______________________________

عدم تعلق الخمس بالمعدن في بعض التقادير كما لو اخرج احد معدنا و قبل التصفية، نقله الي غيره ببيع أو غيره من أسباب النقل، فلا وجه لتعلق الخمس لا بالمخرج و لا بالمشتري، اما المخرج فلان المفروض انه اخرجه من ملكه قبل التصفية و اما المشتري فلانه ليس مخرجا للمعدن، بل انتقل اليه بالبيع.

و قال المحقق الهمداني (قدس سره) في هذا المقام: «و في الكتاب المنسوب الي شيخنا المرتضي (قدس سره) و الظاهر ان اول وقته بعد التصفية فيما يحتاج اليها لظاهر صحيحة زرارة» «1».

و نقل إيضا عن صاحب الجواهر (قدس سره) قوله ما مضمونه ان ذيل صحيحة زرارة ظاهر في تعلق الخمس بعد التصفية و ظهور الجوهر، و يمكن أن يقال:

انه يفهم من

الحديث ان المراد من كلامه عليه السلام ان متعلق الخمس ما يصفو له بعد وضع مقدار ما صرفه فيه من ماله لا أن اول تعلقه بعد التصفية.

و بعبارة اخري: المستفاد من الرواية ان الخمس يتعلق بالمعدن بعد الاخراج بما يصفو للمخرج فالمراد من التصفية اخراج المئونة لا تصفية الجوهر فلاحظ.

لكن الانصاف، يقتضي أن يقال: ان المستفاد من الحديث ان الخمس فيما يخرج بعد تصفيته، فان كلمة مصفي في كلامه عليه السلام ظاهرة في كونها حالا من حجارته، فيجب في الحجارة في حال كونها مصفاة، فان لم يقم اجماع تعبدي علي خلاف ما يستفاد من الرواية نلتزم بمفادها و طريق الاحتياط ظاهر.

و مع ذلك كله في النفس شي ء و هو انه يمكن أن يكون المراد من التصفية ما يصفو و يبقي و يربح و القرينة عليه قوله عليه السلام «ما عالجته بمالك» فانه يحتمل قويا بل لا يبعد دعوي الظهور ان المراد من كلامه عليه السلام انما أخرج اللّه سبحانه

______________________________

(1) مصباح الفقيه ص: 113

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 12

______________________________

بعد تصفيته مما عولج في خروجه يكون متعلقا للخمس فيكون دالا علي وجوب الخمس قبل تصفية الجوهر فعلي هذا يمكن أن يقال- كما في كلام المحقق الهمداني قدس سره- ان الرواية مجملة ان لم تكن ظاهرة في الاحتمال الاخير فعلي تقدير كون الرواية ظاهرة في الاحتمال الاخير تكون دليلا علي تعلق الوجوب بعد الاخراج قبل التصفية كما انها تكون دليلا علي كون الخمس بعد مؤنة التصفية فالمخرج يجب عليه الخمس لكن بعد اخراج المئونة و يمكن الاستدلال علي استثناء المئونة بحديث، محمد بن الحسن الاشعري قال: كتب بعض أصحابنا الي أبي جعفر الثاني عليه السلام أخبرني عن الخمس

أعلي جميع ما يستفيد الرجل من قليل و كثير من جميع الضروب و علي الصناع؟ و كيف ذلك؟ فكتب بخطه الخمس بعد المئونة «1»، فان الظاهر من الحديث اما خصوص مؤنة التحصيل، أو مطلق المئونة، و علي كلا التقديرين يثبت المدعي مضافا الي الاجماع المدعي في المقام.

ايقاظ: ربما يقال بأن اخراج المئونة في المقام و اشباهه المقصود منه اعم من مؤنته و مؤنة السنة، فلا يجب الخمس في المعدن مثلا أو الكنز الا بعد اخراج مؤنة السنة بمقتضي اطلاق دليل ان الخمس بعد المئونة.

و لكن هذا التوهم فاسد، اذ لو كان صحيحا لم يكن وجه لجعل الخمس علي المذكورات بالخصوص في الشريعة لان جعل الخمس علي الارباح و الفوائد باطلاقه كان شاملا لجميع موارده من المذكورات و غيرها فيعلم ان للمذكورات خصوصيته و مقتضي لحاظ ادلة المذكورات و دليل الارباح و اخراج المئونة، أنه لو وجد معدن واجدا لشرائط الخمس يجب تخميسه، ثم انه بعد الاخراج اذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 13

[مسألة 5: يعتبر في بلوغ النصاب وحدة الإخراج عرفا]

(مسألة 5): يعتبر في بلوغ النصاب وحدة الاخراج عرفا، فاذا أخرجه دفعات لم يكف بلوغ المجموع النصاب (1). نعم ان أعرض في الاثناء ثم رجع علي نحو لم يتعدد الاخراج عرفا كفي بلوغ المجموع النصاب (2).

[مسألة 6: إذا اشترك جماعة كفي بلوغ مجموع الحصص]

(مسألة 6): اذا اشترك جماعة كفي بلوغ مجموع الحصص

______________________________

زاد عن مؤنة السنة يجب تخميسه ثانيا: فان التخميس الاول بعنوان المعدن و الثاني بعنوان الاسترباح، و اما ان لم يزد فلا شي ء عليه من الجهة الثانية، فلاحظ.

(1) الاحكام الشرعية تابعة لموضوعاتها فلا بد من تحقق الموضوع في نظر العرف كي يترتب عليه حكمه، و حيث ان النصاب معتبر في تعلق الخمس، فما دام لا يكون المقدار المخرج بحد النصاب لا يكون موضوعا للوجوب، فالنتيجة انه لو لم يكن بحد النصاب لا وجه للتعلق و ان بلغ مجموع الدفعات.

و يظهر المدعي من ملاحظة نظائر المقام مثلا لو قال المولي يحرم عليك اشتراء من من الحنطة، فلو اشتري العبد نصف المن دفعة و النصف دفعة اخري فهل يمكن أن يقال انه فعل المحرم؟ و صفوة القول ان المستفاد من حديث ابن أبي نصر، ان الموضوع للخمس الخارج من المعدن البالغ مقدارا خاصا، و المفروض ان الخارج في كل دفعة غير الخارج في دفعة اخري.

و بعبارة اخري: ان الخارج في كل دفعة لا يصدق عليه العنوان المقوم للموضوع فلا مقتضي لثبوت الخمس فيه.

(2) قد ظهر مما ذكرنا ان الاعراض و عدمه ليس دخيلا في الثبوت و عدمه بل العمدة صدق الوحدة العرفية في مقابل الدقة العقلية، فكلما صدق عرفا انه

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 14

النصاب (1).

[مسألة 7: المعدن في الأرض المملوكة]

(مسألة 7): المعدن في الارض المملوكة، اذا كان من توابعها ملك لمالكها (2) و ان أخرجه غيره بدون اذنه فهو لمالك الارض و عليه

______________________________

اخراج واحد يترتب عليه الحكم، و اللّه ولي التوفيق.

(1) لإطلاق حديث ابن أبي نصر «1» فان المذكور في هذا الحديث «عنوان ما أخرج المعدن»، فكلما صدق هذا العنوان يترتب عليه

الحكم، و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين كون المخرج واحدا أو متعددا، بل المستفاد من الرواية ان تمام الموضوع ما أخرجه المعدن فلو صدق هذا العنوان بنفسه و طبعه بلا دخالة شخص ثم تملكه أحد يجب عليه الخمس و صفوة القول ان الخمس متعلق بما أخرجه المعدن فلاحظ.

(2) ما أفاده بالقيد المذكور في العبارة هو الصحيح، فان مجرد ملك الارض لا يقتضي ملكها الي قعرها بل بحكم السيرة و العقلاء المالك للأرض يملك ما يكون تابعا لها في أنظار أهل العرف.

ان قلت: احياء الارض مملك لها بلا اشكال و من ناحية اخري اخراج المعدن نوع احياء للأرض فيكون للمخرج.

قلت: الاحياء و ان كان مملكا لكن يختص بما يكون واقعا في الارض غير المملوكة الا أن يقال بأن المالك للأرض مالك الي قعرها بحكم العقلاء و أهل العرف، و لذا أفتي السيد اليزدي (قدس سره) بكون المخرج ملك لمالك الارض بلا تقييده بهذا القيد الذي ذكر في عبارة سيدنا الاستاد، و عن الجواهر عدم وجدان الخلاف فيه، و عن المدارك و غير واحد التصريح به.

______________________________

(1) لاحظ ص: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 15

الخمس (1) و اذا كان في الارض المفتوحة عنوة التي هي ملك المسلمين ملكه المخرج (2) اذا أخرجه باذن ولي المسلمين علي الاحوط وجوبا

______________________________

(1) فان الخمس علي المالك و المفروض انه ملك لمالك الارض.

(2) ربما يقال: كما في كلام سيدنا الاستاد علي ما في التقرير انه لا مقتضي لملكية باطن الارض في الاراضي المفتوحة عنوة التي هي ملك للمسلمين، اذ الدليل علي التبعية هي السيرة العقلائية، و هي تختص بالاملاك الشخصية، فالجواز علي طبق القاعدة الاولية.

و يمكن أن يقال: انه لا فرق في المرتكزات

العقلائية بين الموارد من هذه الجهة، فان العقلاء بحسب ارتكازهم يرون المالك لظاهر الارض مالكا لباطنها، و الظاهر ان هذا الارتكاز غير قابل للإنكار فالجواز يحتاج الي الدليل.

فان ثبت جريان السيرة علي الاخذ و الاخراج من الاراضي المفتوحة عنوة بلا نكير يمكن القول بالجواز، و عن مفتاح الكرامة انه اتفقت كلمة الفريقين علي أنها تملك بالاحياء، و اما خلو أخبار الباب عن التعرض للمنع، فلا تدل علي المدعي لأنها ليست في مقام بيان هذه الجهة.

و أما ما في كلام سيدنا الاستاذ من لزوم حمل المطلقات علي الفرد النادر و هو الخارج عن الملك الشخصي و هذا بنفسه دليل علي الاطلاق، اذ أكثر الاستخراجات من الصحاري و البراري فغير تام لان المحذور يختص بالارض المفتوحة عنوة لأنها ملك للمسلمين، و أما ما يكون ملكا للإمام عليه السلام فليس فيه هذا المحذور اذ من الظاهر جواز احياء الارض المملوكة للإمام عليه السلام و تصير ملكا للمحيي، و هذا نحو من الاحياء فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 16

و فيه الخمس (1) و ما كان في الارض الموات حال الفتح يملكه المخرج و فيه الخمس (2).

[مسألة 8: إذا شك في بلوغ النصاب فالأحوط استحبابا الاختبار مع الإمكان]

(مسألة 8) اذا شك في بلوغ النصاب فالأحوط استحبابا الاختبار مع الامكان (3).

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون الوجه في هذا التقييد انه القدر المتيقن بأن يقال لم يحرز جريان السيرة علي الاخذ بلا اذن، فليزم الاقتصار عليه.

(2) بمقتضي جواز الاحياء و انه يوجب الملكية و معه يكون تعلق الخمس و وجوبه علي المخرج علي طبق القاعدة.

(3) الذي يختلج بالبال، انه مع بلوغ النصاب واقعا يكون الخمس متعلقا و من ناحية اخري لو قلنا بأن الاحتياط مستحب في الشبهات الموضوعية بمقتضي الجمع بين اخبار

البراءة و الاحتياط، يترتب عليه حسن الاحتياط، لكن هذا التقريب يقتضي حسن التخميس لا الاختبار فان الاختبار طريق لمعرفة الموضوع.

و ربما يقال: ان اهتمام الشارع بادراك الواقع في امثال المقام يوجب لزوم الاحتياط بالاختبار، و فيه: انه يتوقف علي قيام الدليل عليه و ليس فليس.

و ربما يقال: بأن العلم الإجمالي بالوقوع في الخلاف يقتضي الاحتياط و عدم اجراء الاصل، و فيه: انه لو علم المكلف ان بعض الموارد التي يجري فيها الاصل خلاف الواقع لا يجوز له اجراء الاصل، و أما مجرد العلم بوقوع الخلاف في موارد الاصل فلا يقتضي وجوب الاحتياط، و إلا يلزم عدم جريان جميع الاصول للعلم الإجمالي بأن بعض هذه الموارد خلاف الواقع، و ملخص الكلام انه مع العلم بالخلاف يكون العلم الإجمالي منجزا و مانعا عن جريان الاصل و إلا فلا.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 17

و مع عدمه لا يجب عليه شي ء (1) و كذا اذا اختبره فلم يتبين له شي ء (2).

[الثالث: الكنز]
اشارة

الثالث: الكنز (3).

______________________________

و بعبارة واضحة: العلم الإجمالي بمخالفة جملة من موارد الاصول مع الواقع لا يمنع عن جريان الاصل، فان العلم التفصيلي بمخالفة الاصل الذي يجريه غير العالم لا يمنع عن جريان الاصل بالنسبة الي نفسه و كذلك العلم الإجمالي بالخلاف بهذا النحو لا يضركما هو ظاهر.

(1) لعدم المقتضي للوجوب، و مقتضي الاصل الموضوعي اي الاستصحاب عدم وصوله الي حد النصاب، كما ان مقتضي الاصل الحكمي أي البراءة عدم الوجوب.

(2) لعين التقريب فلاحظ.

(3) نقل عليه الاجماع عن غير واحد، و الظاهر انه لا خلاف بينهم في اصل الحكم و تدل عليه جملة من النصوص:

منها: ما رواه الحلبي انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكنز كم فيه؟

فقال:

الخمس «1» و غيره مما ورد في الباب: 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

و من النصوص الدالة علي المدعي ما رواه زرارة «2».

فان السؤال و ان كان عن المعدن لكن الجواب عن حكم كل ما يصدق عليه عنوان الركاز الصادق علي الثابت في الارض معدنا كان أو غيره، و من مصاديقه الكنز و صفوة القول انه لا اشكال و لا كلام في اصل الحكم، انما الكلام في بعض

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 1.

(2) لاحظ ص: 10.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 18

و هو المال المذخور في موضع (1) ارضا كان، أم جدارا أم غيرهما (2) فانه لواجده و عليه الخمس (3)، هذا فيما اذا كان المال

______________________________

الخصوصيات.

(1) وقع الكلام بين القوم في أن صدق الكنز متقوم بكونه مذخورا من قبل انسان أو لا يكون مقيدا بهذا القيد، يظهر من مجمع البحرين قوام صدق هذا المفهوم بالقصد، كما انه لو شك في سعة المفهوم و ضيقه يكون مقتضي الاصل اي استصحاب العدم الازلي عدم صدقه فانا ذكرنا مرارا انه لا مانع من جريان الاستصحاب في الشبهات المفهومية و قلنا انه يصح ان يقال ان الامر الفلاني قبل وجوده لم يكن العنوان الكذائي صادقا عليه عرفا و الان كما كان و لا اشكال في هذا الاستصحاب اذ جميع اركانه تامة فعلية، و مع الشك في الصدق يشكل ترتيب الاثر عليه.

لكن يمكن ان يقال: ان الذي يهون الامر انه يصدق عليه الركاز بلا اشكال فيشمله ما رواه زرارة «1».

(2) الظاهر ان صدق الكنز لا يتوقف علي كون الشي ء مدفونا تحت الارض، بل يصدق علي المذخور في الجدار أيضا، و الميزان الكلي

الصدق العرفي و قد تقدم آنفا حكم مورد الشك كما انه ذكرنا انه يكفي في ترتيب الاثر صدق عنوان الركاز.

(3) كما هو أوضح من ان يخفي، اذ الظاهر من النصوص ان الكنز لواجده و يجب عليه خمسه، مضافا الي القطع الخارجي الحاصل من الاخبار و الآثار و السيرة القطعية بلا نكير.

______________________________

(1) لاحظ ص: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 19

المدخر ذهبا أو فضة مسكوكين (1) و أما في غيرهما فوجوب الخمس من جهة الكنز اشكال و الوجوب أحوط (2) و يعتبر في جواز تملك الكنز أن لا يعلم انه لمسلم سواء وجده في دار الحرب أم في دار الإسلام، مواتا كان حال الفتح أم عامرة، أم في خربة باد أهلها، سواء كان عليه أثر الإسلام أم لم يكن (3).

______________________________

(1) لا اشكال في أن صدق الكنز لا يتوقف علي كون المذخور خصوص الدينار و الدرهم، و لكن هل قام دليل علي تخصيص وجوب الخمس بالدرهم و الدينار أم لا؟

ربما يقال بأن مقتضي صدق الكنز علي كل مال مذخور و إن كان وجوب الخمس بلا تقييد، لكن النص الخاص قد دل علي الاختصاص و هو ما رواه أحمد بن محمد ابن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عما يجب فيه الخمس من الكنز، فقال: ما يجب الزكاة في مثله ففيه الخمس «1».

بدعوي ان الظاهر من سؤال الراوي هو الجنس لا المقدار فالجواب يحمل علي مورد السؤال فيكون التماثل في الجنس اي الدينار و الدرهم.

و يرد عليه: ان الرواية علي خلاف مقصوده أدل و ظاهرة في المقدار اذ لو كان المراد التماثل في الجنس لم يكن وجه للإتيان بكلمة مثله بل كان المناسب أن يقول

عليه السلام في الجواب ما يجب فيه الزكاة ففيه الخمس فلفظ مثله يستفاد منه المقدار، فالنتيجه ان المال المذخور الصادق عليه عنوان الكنز متعلق لوجوب الخمس بلا تقيد بقيد.

(2) قد ظهر مما ذكرنا انه الاظهر.

(3) استدل عليه بأنه اذا كان لمسلم لا يجوز التصرف فيه لعدم جواز التصرف

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 20

______________________________

في مال من يكون محترم المال و لا يجوز تملكه بلا اشكال لاحظ ما رواه سماعة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم قال: من كانت عنده امانته فليؤدها الي من ائتمنه عليها فانه لا يحل دم امرء مسلم و لا ماله الا بطيبة نفس منه «1».

و لاحظ التوقيع المبارك: كان فيما ورد علي الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري قدس اللّه روحه في جواب مسائلي الي صاحب الدار عليه السلام و اما ما سألت عنه من امر من يستحل ما في يده من أموالنا و يتصرف فيه تصرفه في ماله من غير امرنا فمن فعل ذلك فهو ملعون و نحن خصماؤه، فقد قال النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم: المستحل من عترتي ما حرم اللّه ملعون علي لساني و لسان كل نبي مجاب، فمن ظلمنا كان من جملة الظالمين لنا و كانت لعنة اللّه عليه بقوله عز و جل: الا لعنة اللّه علي الظالمين (الي ان قال:) و اما ما سألت عنه من امر الضياع التي لناحيتنا هل يجوز القيام بعمارتها و اداء الخراج منها و صرف ما يفضل من دخلها الي الناحية احتسابا للأجر و تقربا

إليكم فلا يحل لأحد أن يتصرف في مال غيره بغير اذنه، فكيف يحل ذلك في مالنا؟ انه من فعل شيئا من ذلك لغير امرنا فقد استحل منا ما حرم عليه، و من اكل من مالنا شيئا فانما يأكل في بطنه نارا و سيصلي سعيرا «2».

و فيه: انه اذا ثبت الاطلاق في ادلة كون الكنز للواجد و عليه الخمس فمقتضاه عدم الفرق بين الموارد، و ليس عموم عدم جواز تملك مال الغير من العمومات العقلية غير القابلة للتخصيص، فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب مكان المصلي الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 3 من ابواب الانفال الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 21

______________________________

ان قلت: بين الدليلين عموم من وجه، فما الوجه في تقديم دليل جواز تملك الكنز علي دليل حرمة التصرف؟.

قلت: الميزان الكلي انه لا تعارض بين العناوين الاولية و الثانوية و عنوان الكنز عنوان ثانوي فلا تعارض، و ان ابيت عما ذكرنا و قلت انه لا وجه لتقديم احد الدليلين علي الاخر، و كل واحد من العنوانين ثانوي، نقول سلمنا التعارض بين الحديثين لكن الترجيح مع رواية تعلق الخمس، و دخول الكنز في ملك الواجد للأحدثية لاحظ ما رواه ابن أبي نصر «1» و ما صدر عن الناحية المقدسة مخدوش سندا.

بل يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه زرارة «2» فان هذه الرواية بالعموم الوضعي يدل علي ثبوت الخمس في كل ركاز، و لا اشكال في أن الكنز من مصاديق الركاز كما انه لا اشكال في دلالة الرواية علي كون الركاز ملكا لواجده.

و بعبارة اخري: تدل الرواية علي صيرورة الركاز ملكا لواجده و علي أن فيه الخمس، و حيث ان العموم في الحديث وضعي يقدم علي معارضه الاطلاقي

فلا تصل النوبة الي الترجيح السندي، فلاحظ فعليه لا بد في تخصيص اطلاق وجوب الخمس و تحقق الملكية من وجود دليل قابل لان يخصص الاطلاق، فلا بد من ملاحظة النصوص.

و ربما يقال: ان المستفاد من حديث اسحاق بن عمار- قال: سألت ابا ابراهيم عليه السلام عن رجل نزل في بعض بيوت مكة فوجد فيه نحوا من سبعين درهما

______________________________

(1) لاحظ ص: 19

(2) لاحظ ص: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 22

______________________________

مدفونة، فلم تزل معه و لم يذكرها حتي قدم الكوفة كيف يصنع؟ قال: يسأل عنها أهل المنزل لعلهم يعرفونها قلت: فان لم يعرفوها؟ قال: يتصدق بها «1» انه لا يجري حكم الكنز علي مال الغير، بل لا بد من التعريف ثم التصدق به.

و لكن يمكن أن يقال: بأنه اخص من المدعي، فانه حكم خاص وارد في مورد خاص و لا يمكن استفادة الكلية من هذه الرواية و مورد الرواية ان المال وجد في منزل مسكون لأهله، و يؤيد ما ذكرنا ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الدار يوجد فيها الورق فقال: ان كانت معمورة فيها اهلها فهي لهم، و ان كانت خربة قد جلا عنها اهلها فالذي وجد المال أحق به «2» و ما رواه أيضا. عن احدهما عليهما السلام في حديث قال: و سألته عن الورق يوجد في دار فقال: ان كانت معمورة فهي لأهلها، فان كانت خربة فانت احق بما وجدت «3». بل حديثان دليلان علي المدعي في الجملة، فان مقتضي اطلاقهما عدم الفرق بين كون ما وجده كنزا و غيره.

الا ان يقال: ان الظاهر من الخبرين ان مورد السؤال فيهما اللقطة و لا يشمل الكنز، و بعبارة

اخري: مورد الروايتين المال الضائع، مضافا الي حديث محمد ابن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضي علي عليه السلام في رجل وجد ورقا في خربة ان يعرفها، فان وجد من يعرفها و الا تمتع بها «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب اللقطة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 5 من ابواب اللقطة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 23

______________________________

فان المستفاد من هذه الرواية وجوب التعريف اولا ثم جواز التمتع به و علي الجملة انه يستفاد من جملة من نصوص الكنز، انه يصير ملكا لواجده، منها ما رواه عمار بن مروان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: فيما يخرج من المعادن و البحر و الغنيمة و الحلال المختلط بالحرام اذا لم يعرف صاحبه و الكنوز الخمس «1».

فان المستفاد من هذا الحديث، ان الكنز كالمعدن يصير ملكا لو اجده و سند لرواية تام علي حسب ما افاده سيدنا الاستاد لأنه قال ان عمار المذكور في السند مشترك بين اليشكري الثقة الذي هو معروف و له كتاب و الراوي عنه محمد بن سنان غالبا و الحسن بن محبوب احيانا و بين الكلبي الذي هو مجهول كما انه غير معروف و يروي عنه الحسن بن محبوب بواسطة أبي أيوب «2» الي آخر كلامه لكن محمد بن عيسي واقع في السند. الا أن يقال: يكفي للاستدلال علي المدعي حديث زرارة «3» و سنده تام.

و مقتضي الاطلاق: عدم الفرق بين كونه مملوكا و غير مملوك و بين كون مالكه معلوما او مجهولا و بين كونه محترم المال و غيره. اللهم الا أن يقال بانصراف الدليل عن مورد كون الكنز ملكا لمحترم

المال مسلما كان أو ذميا.

ثم انه لم يظهر وجه تخصيص الماتن، المنع بخصوص المسلم، فان الدليل لو لم يشمل مورد كون الكنز لمحترم المالك لم يكن فرق بين المسلم

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 6

(2) مستند العروة كتاب الخمس ص: 73

(3) لاحظ ص: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 24

و يشترط في وجوب الخمس فيه بلوغ النصاب (1) و هو أقلّ نصابي الذهب و الفضة مالية في وجوب الزكاة (2) و لا فرق بين الاخراج دفعة و دفعات (3) و يحري هنا أيضا استثناء المئونة، و حكم بلوغ النصاب قبل استثنائها و حكم اشتراك جماعة فيه اذا بلغ المجموع النصاب كما تقدم في المعدن (4) و ان علم انه لمسلم، فان كان موجودا

______________________________

و الذمي و علي الجملة: الذي يختلج بالبال ان مقتضي ادلة الكنز صيرورته ملكا لواجده و ثبوت الخمس فيه و التخصيص يحتاج الي الدليل، فان قلنا بعدم شمول دليل لما يكون ملكا لمحترم المال، فلا يجري حكمه علي مملوك محترم.

(1) نقل عليه الاجماع عن جملة من الاعيان، و يدل عليه ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر «1».

(2) فان الميزان المستفاد من هذه الرواية في وجوب الخمس وصول الكنز الي مقدار متعلق للزكاة، و من الظاهر انه يصدق علي الاقل فلاحظ.

(3) لان الموضوع لوجوب الخمس في الكنز وجدانه و تملكه، و ليس للإخراج و عدمه دخل في الحكم، بل تمام الموضوع هو الوجدان، فلا فرق بين الاخراج دفعة أو دفعات، لاحظ ما رواه الحلبي انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكنز كم فيه؟ فقال: الخمس، الحديث «2».

(4) لوحدة الدليل و التقريب، فان مقتضي قوله عليه السلام

في حديث زرارة «3» ان متعلق الخمس هو المصفي من الركاز.

______________________________

(1) لاحظ ص: 19

(2) الوسائل الباب 5 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 25

و عرفه دفعه اليه (1)، و ان جهله وجب عليه التعريف علي الاحوط فان لم يعرف المالك أو كان المال مما لا يمكن تعريفه تصدق به عنه علي الاحوط وجوبا (2) و اذا كان المسلم قديما فالاظهر ان الواجد

______________________________

كما انه يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه، محمد بن الحسن الاشعري «1» فان مقتضي هذه الرواية ان الخمس بعد المئونة، كما ان مقتضي حديث احمد بن محمد بن أبي نصر «2» ان الكنز اذا كان مقدرا بهذا المقدار المذكور يجب فيه الخمس، و لا وجه للحاظ اخراج المئونة.

و بعبارة اخري: اذا كان مقدرا بهذا المقدار و لو قبل اخراج المئونة، يجب فيه الخمس، كما انه لا فرق بين أن يكون المخرج واحدا أو متعددا فان الموضوع اخراج الركاز و الكنز.

(1) قد مر الكلام حول هذا الفرع.

(2) مما ذكرنا يظهر الاشكال في جميع ما افاده، اذ قلنا بأن مقتضي الاطلاق ترتب حكم الكنز علي ما أخرجه في جميع هذه الموارد. نعم علي فرض انصراف نصوص الكنز عن مورد يكون مملوكا للمسلم أو الذمي يجب ايصاله الي مالكه باي نحو ممكن، و الا يجب أن يتصدق به عنه اذ المفروض انه مال محترم و لا يشمله دليل الكنز و حكم مجهول المالك التصدق به عن مالكه علي ما هو المشهور عند القوم.

و لا يخفي: ان ما أفاده ليس موافقا للاحتياط التام، اذ علي تقدير ترتب حكم الكنز كيف يجوز دفعه الي المالك؟ نعم اذا كان مستحقا

لأخذ الخمس يكون

______________________________

(1) لاحظ ص: 12

(2) لاحظ ص: 19

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 26

يملكه، و فيه الخمس (1) و الاحوط استحبابا اجراء حكم ميراث من لا وارث له عليه (2).

[مسألة 9: إذا وجد الكنز في الأرض المملوكة له]

(مسألة 9): اذا وجد الكنز في الارض المملوكة له، فان ملكها بالاحياء كان الكنز له، و عليه الخمس (3) الا أن يعلم انه لمسلم

______________________________

الدفع اليه موافقا للاحتياط.

(1) بتقريب ان المالك قد مات و لا وارث له فيكون ملكا للواجد و يجب فيه الخمس و بعبارة اخري يشمله دليل كون الكنز للواجد و عليه تخميسه. و فيه: ان الامام عليه السلام وارث لمن لا وارث له فيكون الكنز ملكا له فكيف يملكه الواجد و الذي يختلج بالبال أن يقال: انه لو قلنا بان دليل الكنز منصرف عن مورد يكون مملوكا للغير كما هو المدعي، فلا يجوز تملك الكنز فيما يكون ملكا للإمام عليه السلام كما لو فرض ان الكنز من السهم المبارك، اذ المفروض عدم شمول دليله لما يكون ملكا للغير، و لا دليل علي جواز تملك ملك الامام عليه السلام لكل احد و لذا لا يجوز التصرف في السهم المبارك لكل شخص كما هو ظاهر و ان لم نقل بالانصراف المدعي فلا وجه لهذا التفصيل.

(2) فيكون ملكا للإمام عليه السلام و عليه كيف يكون ما ذكره موافقا للاحتياط و الحال ان حكم مال الامام صرفه في مورد رضاه و لا يشترط فيه شرط و من ناحية اخري: ان الخمس ينصف بين السادات و الامام عليه السلام فكيف يحصل الاحتياط بما ذكر و اللّه العالم.

(3) بمقتضي ادلة وجوب الخمس في الكنز «1» منها ما روي محمد بن أبي عمير ان الخمس علي خمسة اشياء: الكنوز و

المعادن و الغوص و الغنيمة و نسي

______________________________

(1) لاحظ ص: 10 و 17 و 24

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 27

موجود، أو قديم فتجري عليه الاحكام المتقدمة و ان ملكها بالشراء و نحوه فالاحوط أن يعرفها المالك السابق واحدا أم متعددا فان عرفه دفعه اليه و الا عرفه السابق مع العلم بوجوده في ملكه و هكذا فان لم يعرفه الجميع فهو لواجده اذا لم يعلم أيضا انه لمسلم موجود أو قديم و إلا جرت عليه الاحكام المتقدمة (1).

______________________________

ابن أبي عمير الخامسة «1».

و منها ما روي حماد بن عيسي عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح عليه السلام قال: الخمس من خمسة اشياء: من الغنائم و الغوص و من الكنوز و من المعادن و الملاحة. الحديث 2 الدالة علي امرين احدهما صيرورة الكنز للواجد ثانيهما ان فيه الخمس.

و بعبارة اخري: لا اشكال في أنه يستفاد من روايات وجوب الخمس في الكنزان الواجد له ما زاد علي الخمس مضافا الي أنه لا ريب في أن الواجد يملك الكنز كما يملك المعدن.

(1) في المقام تتصور فروع:

الفرع الاول: انه يعلم ان المال الذي وجده تحت الارض ليس لمسلم و ليس لمحترم المال كالذمي، فهذا لا اشكال في جواز أخذه و دليل وجوب الخمس يقتضي صيرورته للواجد بلا دليل معارض، اذ المفروض ان مال الحربي لا حرمة له.

الفرع الثاني: أن يشك في كون المال لمن يكون لمحترم المال أو لا؟ ربما يقال: بأنه لا يجوز تملكه بل هو داخل في عنوان اللقطة، و ما يمكن أن يقال في وجه هذا القول أو قيل امور: منها ان الاصل عدم جواز تملكه من غير تعريف،

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 2 من ابواب ما يجب

فيه الخمس الحديث: 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 28

______________________________

حيث ان الملكية أمر حادث يحتاج ثبوته الي الدليل، و مقتضي الاصل عدمه.

و يرد عليه ان دليل وجوب الخمس دليل جواز التملك، اذ قد ذكرنا ان ذلك الدليل يدل علي أمرين، مضافا الي أن دليل اللقطة لا يشمل المقام، فان دليل اللقطة ناظر الي الضالة، و من الظاهر ان هذا العنوان لا يصدق علي الكنز، أضف الي ذلك ان المفروض في المقام الشك في كونه لمحترم المال.

ان قلت: ان المال المذخور تحت الارض مما جرت عليه اليد، و معلوم ان له مالكا و من ناحية اخري قد دل ما رواه محمد بن جعفر الاسدي «1» انه لا يجوز لأحد أن يتصرف في ملك غيره بغير اذنه فبمقتضي هذه الرواية لا يجوز تملك مال الغير الا بمجوز و المفروض ان المجوز غير محرز.

قلت: أولا ان الرواية ضعيفة سندا، فيمكن احراز عدم كونه للمسلم أو من هو في حكمه بالاصل، اذ مقتضي الاصل عدم دخوله في ملك من يكون ماله محترما.

و ربما يقال: ان الاصل الاولي حرمة التصرف في مال الغير الا أن يثبت الجواز، و بعبارة اخري ان اصالة الاحترام من غير اناطة بالاسلام هي المعول عليها في كافة الاموال بالسيرة العقلائية و حكومة العقل القاضي بقبح الظلم الا اذا ثبت الغائه، و يؤيد المدعي التوقيع الشريف «2» و لذا لا شك في أنه لو رأينا شخصا مجهول الحال في بادية و شككنا في كونه حربيا أو مسلما أو ذميا لا يجوز لنا أخذ ماله باصالة عدم كونه محترم المال، فالنتيجة ان جواز التصرف في مال أحد يحتاج الي دليل يدل علي الجواز.

و يمكن أن يقال:

في رد هذا الاستدلال بأن العقل ليس له تشخيص الحكم

______________________________

(1) لاحظ ص: 20

(2) لاحظ ص: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 29

______________________________

الشرعي، و اذا فرض ان العقل شخص ان الموضوع الفلاني ظلم لا يمكن قيام دليل شرعي علي جوازه و لذا لا يمكن أن يقوم دليل علي عدم حرمة الظلم، و العمدة ان تشخيص المصداق ليس بيد العقل و أما التوقيع فقد مر انه ضعيف سندا.

و أما السيرة فيمكن أن يقال: انها مردوعة بما رواه سماعة «1» فانه لو كان مال غير المسلم محترما لم يكن وجه للتخصيص، الا أن يقال ان هذا البيان يتوقف علي القول بمفهوم الوصف الذي لا نقول به، لكن يكفي لنا النقاش في كون السيرة المذكورة ممضاة عند الشارع، و ان الاصل عدم الامضاء.

و ثانيا قد قلنا بأن دليل ملكية الكنز للواجد يدل علي أن وجدان الكنز بنفسه من المملكات، غاية الامر لا نلتزم بالجواز حتي بالنسبة الي مورد نعلم كونه ملكا لمحترم المال، و أما مع الشك كما هو المفروض فلا مانع من الاخذ بدليل الكنز.

و بعبارة اخري: ان غاية ما في الباب انصراف الدليل عن مورد نعلم بكون المدفون ملكا لمسلم أو لذمي و أما الزائد عن هذا المقدار فلا.

الفرع الثالث: أن يعلم أن المدفون لمسلم موجود أو قديم فتجري عليه الاحكام المتقدمة المذكورة في المسألة الثامنة مع ما فيها من الكلام فراجع.

الفرع الرابع: انه لو ملك أرضا بالشراء و نحوه و وجد فيها الكنز فالاحوط أن يعرفه المالك السابق واحدا كان أم متعددا، فان عرفه دفعه اليه و الا عرفه السابق مع العلم بكونه في ملكه و هكذا، فان لم يعرفه الجميع فهو لواجده بشرط عدم العلم بكونه

لمسلم جديد أو قديم و الا تجري عليه الاحكام المذكورة في المسألة الثامنة بتقريب ان اليد امارة الملكية فلا بد من مراجعة ذي اليد السابقة و الا سبق

______________________________

(1) لاحظ ص: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 30

و كذا اذا وجده في ملك غيره، اذا كان تحت يده باجارة و نحوها فانه يعرفه المالك، فان عرفه دفعه اليه، و الا فالاحوط- وجوبا- أن يعرفه السابق، مع العلم بوجوده في ملكه، و هكذا فان لم يعرفه الجميع فهو لواجده، الا أن يعلم انه لمسلم موجود أو قديم، فيجري عليه ما تقدم (1).

[مسألة 10: إذا اشتري دابة فوجد في جوفها مالا عرفه البائع]

(مسألة 10): اذا اشتري دابة فوجد في جوفها مالا عرفه البائع فان لم يعرفه كان له (2).

______________________________

علي الترتيب المذكور اذ اليد اللاحقة تبطل امارية السابقة فان لم يعرفه الجميع يكون للواجد بمقتضي دليل كون الكنز ملكا لواجده بشرط عدم كونه معلوم المالك و الا تجري عليه الاحكام المذكورة في المسألة الثامنة في المتن بالتقريب المتقدم.

و فيه: ان مقتضي امارية اليد علي الملكية، الدفع الي ذيها بلا تعريف و لا ادعاء اذ مقتضي الحكم الشرعي ان المال الموجود تحت اليد ملك لذيها، و لا يحتاج اثبات الملكية الي دليل، بل يكفي للإثبات نفس اليد.

و لكن يمكن أن يقال: ان الدليل علي المدعي ما رواه اسحاق بن عمار «1» فان مقتضي هذه الرواية، وجوب تعريف الدراهم أولا لصاحب المنزل ثم التصدق بها، فلا يبقي اشكال و يتم المدعي أي يجب أولا تعريفه لصاحب المنزل ثم التصدق به ان كان مملوكا لمحترم المال و الا يكون للواجد و يجب عليه الخمس.

(1) قد ظهر مما ذكرنا تقريب الاستدلال علي المدعي فلاحظ.

(2) ادعي عليه عدم الخلاف، و يدل علي المدعي ما

رواه عبد اللّه بن جعفر قال:

______________________________

(1) لاحظ ص: 21

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 31

و كذا الحكم في الحيوان غير الدابة مما كان تحت يد البائع (1)، و أما اذا اشتري سمكة و وجد في جوفها مالا فهو له، من دون تعريف (2).

______________________________

كتبت الي الرجل عليه السلام أسأله عن رجل اشتري جزورا أو بقرة للأضاحي، فلما ذبحها وجد في جوفها صرة فيها دراهم أو دنانير أو جوهرة لمن يكون ذلك؟

فوقع عليه السلام: عرفها البائع فان لم يكن يعرفها فالشي ء لك رزقك اللّه اياه «1» و ما رواه أيضا قال: سألته عليه السلام في كتاب عن رجل اشتري جزورا أو بقرة أو شاة أو غيرها للأضاحي أو غيرها، فلما ذبحها وجد في جوفها صرة فيها دراهم أو دنانير أو جواهر أو غير ذلك من المنافع لمن يكون ذلك؟ و كيف يعمل به؟

فوقع عليه السلام: عرفها البائع فان لم يعرفها فالشي ء لك رزقك اللّه اياه «2».

فان مقتضي الحديثين ان ما وجد في جوف الدابة يجب تعريفه للبائع فان لم يعرف البائع يكون للمشتري، و مقتضي اطلاق الروايتين انه له، و لو مع العلم بكونه لمسلم محترم المال فلا يجب التعريف ثم التصدق.

و صفوة القول ان المستفاد من النص بحسب الفهم العرفي انه مع احتمال كونه للبائع يجب تعريفه اياه، و اما مع العلم بعدم كونه له فلا يجب التعريف بل يكون للمشتري و مقتضي الاطلاق شمول الحكم لمورد يعلم بكونه لمالك محترم.

(1) الامر كما افاده فان مقتضي اطلاق الحديث الثاني عدم الفرق بين الدابة و غيرها.

(2) بتقريب ان ما في جوف السمكة اما من مكونات البحر و غير داخل في ملك أحد و أما لا يكون كذلك و

يكون مملوكا لأحد، أما علي الاول فلا يكون

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب اللقطة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 32

و لا يجب في جميع ذلك الخمس بعنوان الكنز (1)، بل يجري عليه حكم الفائدة و الربح (2).

[الرابع: ما أخرج من البحر بالغوص من الجوهر و غيره]
اشارة

الرابع: ما اخرج من البحر بالغوص من الجوهر و غيره (3).

______________________________

للبائع قطعا، لأنه حاز سمكة و لم يقصد حيازة ما في جوفها كي يصدق عليه قاعدة من حاز ملك، فلا وجه لتعريف المالك فيجوز أخذه بلا تعريف بمقتضي اطلاق النص، و أما علي الثاني فلان كونه للبائع بعيد جدا و لا يحتمل احتمالا عقلائيا اذ المفروض ان البائع يصيد السمكة من البحار و الشطوط، و لا يربي السمكة في ملكه الشخصي كي يحتمل كون ما في جوفها له، فلا يجب التعريف علي كلا التقديرين.

و يرد عليه: بأنه ان قلنا يأن مورد الرواية لا يشمل المقام، اذ موردها الحيوان الذي يذبح، و السمكة لا تذبح فان احتمل كونه للبائع يجب دفعه اليه لكونه له بمقتضي قاعدة اليد، و ان لم يحتمل كونه له فان علم بكونه ملكا لمحترم المال يجب الفحص عنه ثم التصدق به عنه، و ان لم يعلم أو علم عدمه لمالك محترم المال يجوز تملكه لأصالة عدم كونه لمالك محترم المال. و ان قلنا: بأن العرف يفهم من الرواية الكبري الكلية و عموم الحكم لكل حيوان بلا فرق بين أنواعه كما هو ليس ببعيد فالميزان في وجوب التعريف للبائع و عدمه احتمال كونه له فلو احتملنا كونه له و لو من باب احتمال قصده حيازة السمكة مع ما في بطنها يجب اعلامه و الا يكون للمشتري، و اللّه العالم.

(1) لعدم الدليل

عليه، و لا نص في المقام فان تم الاجماع التعبدي الكاشف عليه، فهو و الا فلا يجب.

(2) بناء علي وجوب الخمس في مطلق الفائدة و عدم اختصاصه بارباح التجارة و تحقيق هذه الجهة موكول الي تلك المسألة، فانتظر.

(3) بلا خلاف بين الاصحاب كما في الحدائق، و العمدة النصوص الواردة

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 33

______________________________

في المقام، منها ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن العنبر و غوص اللؤلؤ فقال: عليه الخمس (الحديث) «1» و هذه الرواية تختص بالعنبر و اللؤلؤ فلا تستفاد منها كلية الحكم.

و منها ما رواه الصدوق مرسلا قال: سئل أبو الحسن موسي بن جعفر عليه السلام عما يخرج من البحر من اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد و عن معادن الذهب و الفضة هل فيها زكاة؟ فقال: اذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس «2» و هذه الرواية لإرسالها لا اعتبار بها.

و منها: ما رواه محمد بن علي بن أبي عبد اللّه «3» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن علي بن أبي عبد اللّه.

و منها: ما رواه ابن أبي عمير، عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الخمس علي خمسة اشياء: علي الكنوز و المعادن و الغوص و الغنيمة و نسي ابن أبي عمير الخامس «4» و هذه الرواية مرسلة.

و ما افاده سيدنا الاستاد «5» في المقام من أن لفظ غير واحد ظاهر في كونهم رجالا مشهورين بحيث يستغني عن ذكرهم لا دليل عليه، مضافا الي أن مجرد شهرة الراوي لا تستلزم وثاقته، فان أبا هريرة من المشاهير مع كونه من الكذابين ان لم يكن رأسهم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 1

(2) نفس

المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 9

(4) الوسائل الباب 3 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 7

(5) مستند العروة كتاب الخمس ص: 110

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 34

______________________________

و منها ما رواه عمار بن مروان «1» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن عيسي لاحتمال كونه العبيدي و منها ما رواه حماد بن عيسي «2» قال: رواه لي بعض اصحابنا ذكره عن العبد الصالح أبي الحسن الاول عليه السلام قال: الخمس من خمسة اشياء: من الغنائم و من الغوص و الكنوز و من المعادن و الملاحة «3» و هذه الرواية لإرسالها لا اعتبار بها، مضافا الي ضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن.

و منها ما رواه احمد بن محمد قال: حدثنا بعض اصحابنا رفع الحديث قال:

الخمس من خمسة اشياء: من الكنوز و المعادن و الغوص و المغنم الذي يقاتل عليه، و لم يحفظ الخامس، الحديث «4» و هذه الرواية لا اعتبار بها من جهة ارسالها و رفعها.

و منها: ما رواه في (رسالة المحكم و المتشابه) نقلا من تفسير النعماني باسناده عن علي عليه السلام قال: و اما ما جاء في القرآن من ذكر معايش الخلق و أسبابها فقد اعلمنا سبحانه ذلك من خمسة أوجه: وجه الامارة، و وجه العمارة، و وجه الاجارة، و وجه التجارة و وجه الصدقات، فاما وجه الامارة، فقوله: «و اعلموا انما غنمتم من شي ء فان للّه خمسه و للرسول و لذي القربي و اليتامي و المساكين» فجعل للّه خمس الغنائم، و الخمس يخرج من اربعة وجوه من الغنائم التي يصيبها المسلمون من المشركين، و من المعادن، و من الكنوز، و من الغوص «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 23

(2) لاحظ ص: 27

(3) الوسائل الباب 2 من

ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 9

(4) الوسائل الباب 2 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 11

(5) الوسائل الباب 2 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 35

لا مثل السمك و نحوه من الحيوان (1).

[مسألة 11: الأحوط وجوب الخمس فيه و ان لم تبلغ قيمته دينارا]

(مسألة 11): الاحوط وجوب الخمس فيه و ان لم تبلغ قيمته دينارا (2).

[مسألة 12: إذا اخرج بآلة من دون غوص]

(مسألة 12): اذا اخرج بآلة من دون غوص فالاحوط- وجوبا- جريان حكم الغوص عليه (3).

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد صاحب الرسالة الي علي عليه السلام و حيث انه لا دليل معتبر علي وجوب الخمس في الغوص علي الاطلاق يشكل الالتزام بوجوبه فيه مطلقا، الا ان يتم المدعي بالإجماع التعبدي الكاشف، فلاحظ.

(1) بلا اشكال، فان المتبادر من نصوص الباب غير الحيوان مضافا الي أن عدم وجوب الخمس في الحيوان المصاد من الماء أوضح من أن يخفي.

(2) يستفاد من حديث محمد بن علي بن أبي عبد اللّه «1» اشتراط وجوب الخمس فيما يخرج من البحر من المذكورات في الرواية بالنصاب، و لكن الرواية ضعيفة كما مر، فلا وجه للاشتراط المذكور، ففي كل مورد تم الدليل علي وجوب الخمس فيه كالعنبر لا وجه لهذا التقييد فيه.

(3) الوجه في عموم الحكم، انه قد ترتب في بعض النصوص وجوب الخمس علي عنوان الغوص كمرسل ابن أبي عمير «2» و في بعضها الاخر اخذ العنوان في الموضوع الاخراج لاحظ ما رواه عمار بن مروان «3» و حيث انه لا تنافي بين العنوانين لا وجه لتقييد احدهما بالاخر، بل نأخذ بكلا الدليلين و نلتزم بعموم

______________________________

(1) لاحظ ص: 9

(2) لاحظ ص: 33

(3) لاحظ ص: 23

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 36

[مسألة 13: الظاهر أن الأنهار العظيمة حكمها حكم البحر بالنسبة إلي ما يخرج منها بالغوص]

(مسألة 13): الظاهر ان الانهار العظيمة حكمها حكم البحر بالنسبة الي ما يخرج منها بالغوص (1).

[مسألة 14: لا إشكال في وجوب الخمس في العنبران أخرج بالغوص]

(مسألة 14): لا اشكال في وجوب الخمس في العنبران اخرج بالغوص و الاحوط وجوبه فيه ان اخذ من وجه الماء أو الساحل (2).

[الخامس: الأرض التي اشتراها الذمي من المسلم]
اشارة

الخامس: الارض التي اشتراها الذمي من المسلم فانه يجب فيها الخمس علي الاقوي (3) و لا فرق بين الارض الخالية و ارض الزرع،

______________________________

الحكم لكلا العنوانين، و لكن عمدة الاشكال في اسناد نصوص الباب كما مر، نعم الالتزام بالعموم في العنبر علي القاعدة لاحظ ما رواه الحلبي «1» فان المأخوذ في هذا الحديث عنوان العنبر و مقتضي اطلاقه ثبوت الحكم و وجوب الخمس فيه علي الاطلاق.

(1) للإطلاق في بعض النصوص فان الغوص باطلاقه يشمل كلا الفردين كما ان عنوان الاخراج كذلك، و اما ذكر خصوص البحر في بعض النصوص لا يقتضي تقييد المطلق كما هو ظاهر.

(2) فان المأخوذ في بعض النصوص العنبر و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين مصاديق اخذه بالغوص أو بغيره كما ان عنوان الاخراج يشمل مالا يكون بالغوص، و اللّه العالم.

(3) و الدليل عليه: ما رواه أبو عبيدة الحذاء قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: أيما ذمي اشتري من مسلم أرضا فان عليه الخمس «2» و يدل عليه أيضا ما ارسله المفيد (قدس سره) في (المقنعة) عن الصادق عليه السلام قال: الذمي

______________________________

(1) لاحظ ص: 33

(2) الوسائل الباب 9 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 37

و ارض الدار، و غيرها. و لا يختص الحكم بصورة وقوع البيع علي الارض، بل اذا وقع علي مثل الدار او الحمام، او الدكان وجب الخمس في الارض (1) كما انه لا يختص الحكم بالشراء بل يجري في سائر المعاوضات أو الانتقال المجاني (2).

[مسألة 15: اذا اشتري الأرض ثم أسلم لم يسقط الخمس]

(مسألة 15): اذا اشتري الارض ثم اسلم لم يسقط الخمس (3) و كذا

______________________________

اذا اشتري من المسلم الارض فعليه فيها الخمس «1».

(1) بدعوي ان المرجع اطلاق الدليل و مقتضاه

العموم و عدم الفرق. و لكن الانصاف ان الجزم بالاطلاق مشكل، فان المتبادر من الارض هي الخالية عن البناء، و الاشجار، و ان ابيت فلا أقلّ من عدم الجزم بالاطلاق، و مقتضي الاصل عدمه.

(2) بدعوي ان العرف يفهم عدم خصوصية في البيع و الشراء، فيعم الحكم لكل انتقال و يرد عليه ان ملاك الاحكام مجهول عندنا و لا وجه للحكم بالتعميم بعد اختصاص الدليل بخصوص الاشتراء فالحق هو الاختصاص بخصوص الاشتراء كما ورد في النص و الحكم بالعموم مبني علي الاحتياط.

(3) لعدم دليل علي السقوط و مقتضي اطلاق الدليل بقاء الوجوب بحاله كما ان مقتضي الاستصحاب كذلك. لكن الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باصالة عدم الجعل الزائد فالدليل علي عدم السقوط اطلاق النص، و اما حديث الجب «الإسلام يجب ما قبله و التوبة تجب ما قبلها من الكفر و المعاصي و الذنوب» «2» فغير معتبر سندا فاطلاق دليل الوجوب يقتضي عدم السقوط و لا دليل علي السقوط كي يقيد به اطلاق الدليل الاول.

______________________________

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(1) مجمع البحرين: مادة جيب

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 38

اذا باعها من مسلم، فاذا اشتراها منه- ثانيا- وجب خمس آخر (1) فان كان الخمس الاول دفعه من العين كان الخمس الثاني خمس الاربعة اخماس الباقية (2) و ان كان دفعه من غير العين كان الخمس الثاني خمس تمام العين (3) نعم اذا كان المشتري من الشيعة جاز له التصرف فيها، من دون اخراج الخمس (4).

[مسألة 16: يتعلق الخمس برقبه الأرض المشتراة]

(مسألة 16): يتعلق الخمس برقبه الارض المشتراة (5) و يتخير الذمي بين دفع خمس العين و دفع قيمته، فلو دفع احدهما وجب القبول (6 و اذا كانت الارض مشغولة بشجرة او بناء، فان

اشتراها علي أن تبقي مشغولة بما فيها باجرة أو مجانا قوم خمسها كذلك و ان اشتراها علي أن يقلع ما فيها قوم أيضا كذلك (7).

______________________________

(1) لتعدد الموضوع فيترتب علي كل موضوع حكمه و لا وجه للتداخل.

(2) كما هو ظاهر، اذ المفروض انه لم يبق في ملكه الا هذا المقدار.

(3) اذ المفروض ان تمام العين دخل في ملكه، فيجب خمس تمامها فلاحظ.

(4) بتقريب ان المستفاد من اخبار التحليل ان الامام عليه السلام حلل للشيعة ما يصل اليهم من الخمس و بعبارة اخري: ان ما يصل الي الشيعة من الاموال اذا كان فيه الخمس يكون حلالا لهم و ما نحن فيه من مصاديق تلك الكبري الكلية، و تحقيق هذه الجهة موكول الي البحث في ذلك الفرع، فانتظر.

(5) الذي يستفاد من حديث أبي عبيدة وجوب الخمس علي الذمي و اما تعلقه علي رقبة الارض المشتراة فلا يبعد أن يستفاد عرفا انه من رقبة الارض.

(6) نتعرض لدليل التخيير في ذيل مسألة (69) إن شاء اللّه تعالي فانتظر.

(7) ما افاده علي طبق القاعدة الاولية فان الواجب دفعه علي الذمي خمس الارض

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 39

[مسألة 17: إذا اشتري الذمي الأرض، و شرط علي المسلم البائع أن يكون الخمس عليه]

(مسألة 17): اذا اشتري الذمي الارض، و شرط علي المسلم البائع أن يكون الخمس عليه، أو أن لا يكون فيها الخمس بطل الشرط (1) و ان اشترط أن يدفع الخمس عنه صح الشرط (2) و لكن لا يسقط الخمس الا بالدفع (3).

[السادس: المال المخلوط بالحرام، إذا لم يتميز و لم يعرف مقداره و لا صاحبه]
اشارة

السادس: المال المخلوط بالحرام، اذا لم يتميز و لم يعرف مقداره و لا صاحبه (4).

______________________________

المشتراة فيختلف قيمته بحسب اختلاف الصور المتصورة.

(1) لكونه مخالفا للشرع اذ المستفاد من الدليل الشرعي ان الخمس ثابت علي الذمي فلا يجوز اشتراط كونه ثابتا علي البائع، كما انه لا يجوز اشتراط عدم ثبوته.

(2) اما اذا رجع الشرط الي توكيل البائع في الاداء عنه فواضح، اذ لا مانع من توكيل الغير في الاداء، و اما اذا لم يكن كذلك بأن يكون مرجع الاشتراط الي اداء البائع مستقلا فلا مانع فيه أيضا اذ لا مانع في اداء ما علي الغير و لذا يجوز للمكلف أن يؤدي دين غيره.

(3) اذ لا مقتضي للسقوط كما هو ظاهر.

(4) علي المشهور كما في كلام بعض الاصحاب و قد ذكرت جملة من النصوص في مقام الاستدلال علي المدعي الاول: ما رواه عمار بن مروان «1» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن عيسي، لاحتمال كونه العبيدي.

الثاني: ما رواه حسن بن زياد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان رجلا

______________________________

(1) لاحظ ص: 23

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 40

______________________________

أتي امير المؤمنين عليه السلام فقال؟ يا امير المؤمنين اني اصبت مالا لا اعرف حلاله من حرامه، فقال له: اخرج الخمس من ذلك المال، فان اللّه عز و جل قد رضي من ذلك المال بالخمس و اجتنب ما كان صاحبه يعلم «1» و هذه الرواية ضعيفة بحكم ابن بهلول.

الثالث:

ما رواه عمار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن عمل السلطان يخرج فيه الرجل قال: لا الا أن لا يقدر علي شي ء يأكل و لا يشرب و لا يقدر علي حيلة، فان فعل فصار في يده شي ء فليبعث بخمسه الي أهل البيت «2».

و هذه الرواية و ان كانت تامة سندا و لكن في دلالتها علي المدعي اشكال، اذ لم يفرض كون بعض المأخوذ من السلطان حراما، بل يمكن كون جميعه حلالا و الامر بالتخميس من باب حرمة نفس العمل و انه لا بأس به عند الضرورة، لكن يجب اعطاء خمس المأخوذ من السلطان كفارة للدخول في حوزته فلا ترتبط الرواية بالمقام.

الرابع: ما ارسله الصدوق (قدس سره) قال: جاء رجل الي امير المؤمنين عليه السلام فقال: يا امير المؤمنين اصبت ما لا اغمضت فيه، أ فلي توبة؟ قال:

ايتني خمسه فاتاه بخمسه فقال: هو لك ان الرجل اذا تاب تاب ماله معه «3» و هذه الرواية لإرسالها لا اعتبار بها.

الخامس: ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اتي رجل امير المؤمنين عليه السلام فقال: اني كسبت مالا اغمضت في مطالبه حلالا و حراما،

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 41

فانه يحل باخراج خمسه (1).

______________________________

و قد اردت التوبة و لا ادري الحلال منه و الحرام و قد اختلط علي، فقال امير المؤمنين عليه السلام: تصدق بخمس مالك فان اللّه (قد) رضي من الاشياء بالخمس و سائر المال لك حلال «1».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي السكوني بالنوفلي، فالنتيجة عدم دليل معتبر علي المدعي،

و عليه لا بد من أن يعامل معه معاملة المجهول المالك، و علي هذا الاساس يكون البحث في الفروع الآتية المذكورة في المتن علي مبني القوم، و اما علي فرض الاشكال في نصوص المقام فمقتضي القاعدة المعاملة معه معاملة المجهول مالكه.

(1) علي ما هو المستفاد من نصوص المقام علي مبني القوم، و علي ما تقدم يكون طريق تحليله التصدق بالمقدار المملوك للغير علي ما هو المعروف. ان قلت:

الاخبار الواردة في التصدق موردها الاعيان المتميزة فما الحيلة؟ قلت: لا يبعد أن يقال ان العرف يفهم ان حكم مجهول المالك هو التصدق بلا فرق بين مصاديقه، مضافا الي أن الامر دائر بين التصدق و التملك و ابقائه بحاله و حيث لا وجه للثاني و الثالث فالمتيقن هو الاول، و في مفروض المقام يقتصر علي المقدار المعلوم اذ الزائد عليه منفي بالاصل.

لكن هذا انما يتم فيما يكون العين تحت يده كي يحكم بكونها له الا المقدار الذي يعلم بخروجه عن ملكه فلو علم بأن درهمين من العشرة دراهم التي تكون تحت يده للغير و لا يعلم بالزائد لم يكن مانع من التمسك بقاعدة اليد بالنسبة الي غير المقدار المعلوم، و النتيجة ان المقدار الخارج عن ملكه شرعا ديناران و اما الزائد فلا.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 42

______________________________

و لا يخفي: انه لا مقتضي لحصول الشركة، اذ الشركة تحصل باحد نحوين:

احدهما: عقد الاشتراط كما لو كان لأحدهما عشرون دينارا و للاخر عشرة دنانير فتعاقدا علي الشركة فتكون النتيجة ان كل دينار يكون مشتركا بينهما، بالثلثين و الثلث.

ثانيهما: أن يختلط المالان و لو بغير الاختيار كما لو اختلط احد السمنين بالاخر و لكن يختص بمورد يعد المالان

شيئا واحدا و لا يكون تمييز بينهما و مع انتفاء هذين الامرين لا وجه للشركة، و عليه فباي وجه يميز بين المالين و يعين مالكه كي يترتب علي كل واحد حكمه؟.

و يمكن أن يقال: انه يستفاد من بعض النصوص ان الوظيفة في أمثال المقام الرجوع الي القرعة لاحظ ما رواه منصور بن حازم قال: سأل بعض اصحابنا أبا عبد اللّه عليه السلام عن مسألة فقال: هذه تخرج في القرعة ثم قال: فاي قضية أعدل من القرعة اذا فوضوا امرهم الي اللّه عز و جل أ ليس اللّه يقول: «فَسٰاهَمَ فَكٰانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ» «1». فان المستفاد من هذا الحديث ان المرجع في مثل هذه الموارد هي القرعة.

و لاحظ ما رواه جميل، قال: قال الطيار لزرارة: ما تقول في المساهمة أ ليس حقا؟ فقال زرارة: بلي هي حق، فقال الطيار: أ ليس قد ورد انه يخرج سهم المحق؟ قال: بلي قال: فتعال حتي ادعي انا و انت شيئا ثم نساهم عليه و ننظر هكذا هو؟ فقال له زرارة: انما جاء الحديث بأنه ليس من قوم فوضوا امرهم الي اللّه ثم اقترعوا الا خرج سهم المحق فاما علي التجارب فلم يوضع علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من ابواب كيفية الحكم الحديث: 17

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 43

______________________________

التجارب فقال الطيار: أ رأيت ان كانا جميعا مدعيين ادعيا ما ليس لهما من اين يخرج سهم احدهما؟ فقال زرارة: اذا كان كذلك جعل معه سهم مبيح فان كانا ادعيا ما ليس لهما خرج سهم المبيح «1».

و مما ذكرنا علم حكم صورة ما لا تكون العين تحت اليد، فان في هذه الصورة يحكم بكل مقدار معلوم لمالكه و اما المقدار المشكوك فيه فيرجع

فيه الي القرعة.

و ربما يقال: ان الوظيفة في امثال المقام التنصيف و الدليل عليه ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام، ان امير المؤمنين عليه السلام اختصم اليه رجلان في دابة و كلاهما اقاما البينة انه انتجها، فقضي بها للذي في يده، و قال: لو لم تكن في يده جعلتها بينهما نصفين «2» فان مقتضي هذه الرواية ان الوظيفة التنصيف.

و لكن الرواية معارضة بما رواه سماعة قال: ان رجلين اختصما الي علي عليه السلام في دابة، فزعم كل واحد منهما انها نتجت علي مذوده، و اقام كل واحد منهما بينة سواء في العدد فاقرع بينهما سهمين فعلم السهمين كل واحد منهما بعلامة، ثم قال: «اللهم رب السماوات السبع، و رب الارضين السبع و رب العرش العظيم عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم ايهما كان صاحب الدابة و هو اولي بها فأسألك أن يقرع و يخرج سهمه» فخرج سهم احدهما فقضي له بها «3» و حيث لا مرجح لأحدهما علي الاخر يتساقطان و بعد التساقط يكون المرجع حديثي منصور ابن حازم و جميل «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب كيفية الحكم الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 12

(4) لاحظ ص: 42

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 44

و الاحوط صرفه بقصد الاعم من المظالم و الخمس (1) فان علم المقدار و لم يعلم المالك تصدق به عنه سواء كان الحرام بمقدار الخمس أم كان أقلّ منه، أم كان اكثر منه (2) و الاحوط- وجوبا- أن يكون باذن الحاكم الشرعي (3).

______________________________

هذا كله: علي تقدير عدم الولاية للمالك في التصدق عن المالك المجهول و أما علي تقدير الالتزام بكونه ذا ولاية في التعيين

كما هو ليس ببعيد فلا مجال لما ذكر اذ مع الولاية يكون الامر بيدا لولي، هذا بحسب مذهب القوم و لا يبعد أن يكون حكم المجهول مالكه التخميس و سيجي ء الكلام حول هذه الجهة في المكاسب المحرمة إن شاء اللّه تعالي، فانتظر.

(1) لاحتمال وجوب اخراج الخمس بعنوان التصدق، لاحظ ما رواه السكوني «1».

(2) بدعوي ان المستفاد من دليل وجوب الخمس مورد الجهل بالمقدار الحلال و الحرام، و لا يشمل الدليل مورد العلم بكون الحرام أزيد من الخمس خصوصا مع تعمد الخلط بداعي أكل مال الغير بهذه الحيلة كما انه لا يحتمل وجوب التخميس علي من يعلم بوجود دينارين من مال الغير في ضمن عشرة دنانير من مال نفسه، فالدليل مختص بصورة الجهل بالمقدار ففي الصورة المفروضة في المتن يجب التصدق، و حيث ان الولاية بيد المالك فلا يجب تمييز مال الغير اولا ثم التصدق به.

(3) بدعوي انه لا يجوز التصرف في مال الغير و المقدار المتيقن من الجواز

______________________________

(1) لاحظ ص: 40

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 45

و ان علم المالك و جهل المقدار تراضيا بالصلح (1) و ان لم يرض المالك بالصلح جاز الاقتصار علي دفع الاقل اليه ان رضي بالتعيين (2).

______________________________

ما يكون باذن الحاكم الشرعي، مضافا الي أن المستفاد من حديث داود بن أبي يزيد- عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رجل: اني قد اصبت مالا و اني قد خفت فيه علي نفسي و لو اصبت صاحبه دفعته اليه و تخلصت منه، قال: فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: و اللّه ان لو اصبته كنت تدفعه اليه؟ قال: اي و اللّه قال:

فانا و اللّه ما له صاحب غيري قال: فاستحلفه أن يدفعه

الي من يأمره قال: فحلف فقال: فاذهب فاقسمه في اخوانك و لك الامن مما خفت منه قال: فقسمته بين اخواني «1»، ان صاحب الاختيار و مرجع الامر في مجهول المالك الامام عليه السلام فمع غيبته يكون المرجع نائبه العام.

و تقريب الاستدلال بالرواية علي المدعي انه عليه السلام قال أنا صاحبه و ليس المراد انه ملكه بل المقصود انه لا بد أن يراجع اليه و لو كان ملكه لم يكن وجه لأمره عليه السلام بالتقسيم بين اخوانه.

و يرد علي ما افيد اما في التقريب الاول فبأن مقتضي دليل التصدق كفايته و عدم توقفه علي الاذن و لا مانع من الاطلاق بعد انعقاد اصالته، و اما الاستدلال بالرواية: ففيه اولا ان السند مخدوش باشتراك موسي بن عمر بين الموثق و غيره و مجرد كون الراوي في اسناد كامل الزيارة لا اثر له، فالسند غير تام فلا تصل النوبة الي ملاحظة الدلالة مع ان تقريب المدعي غير تام، فلاحظ.

(1) اذ به يتم الامر و لا يبقي اشكال.

(2) اذا كان المال تحت اليد كما مر الكلام حوله قريبا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب اللقطة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 46

و الا تعين الرجوع الي الحاكم الشرعي في حسم الدعوي و حينئذ ان رضي بالتعيين فهو، و الا اجبره الحاكم عليه (1) و ان علم المالك و المقدار وجب دفعه اليه، و يكون التعيين بالتراضي بينهما (2).

[مسألة 18: إذا علم قدر المال الحرام و لم يعلم صاحبه بعينه]

(مسألة 18): اذا علم قدر المال الحرام و لم يعلم صاحبه بعينه، بل علمه في عدد محصور، فالاحوط التخلص من الجميع باسترضائهم فان لم يمكن ففي المسألة وجوه، اقربها العمل بالقرعة في تعيين المالك. و كذا الحكم اذا لم يعلم قدر المال،

و علم صاحبه في عدد محصور (3).

______________________________

(1) لان الحاكم المرجع في المرافعات و هو ولي الممتنع، و لقائل ان يقول انه لا وجه للإجبار بل مقتضي القاعدة التوسل الي القرعة، لاحظ حديثي منصور و جميل «1».

(2) اذ المفروض ان المال مقداره لزيد و مقداره لبكر فلا بد من التعيين بالتراضي و الا فالظاهر انه يعين بالقرعة، و اللّه العالم.

(3) بتقريب ان دليل القرعه لا يشمل المقام اذ موضوعه المشكل و في المقام لا اشكال لان ارضاء الجميع وظيفة المكلف.

لا يقال: ان ارضاء الجميع يوجب الضرر و دليل لا ضرر ينفيه. فانه يقال:

المستفاد من دليل لا ضرر أن الشارع الاقدس لا يأمر بالضرر و من الواضح ان الحكم الشرعي غير ضرري، و انما الضرر ناش عن جهل المكلف بالمالك، فلا يرتبط بالشارع، هذا ملخص تقريب الاستدلال علي المدعي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 42

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 47

[مسألة 19: إذا كان في ذمته مال حرام فلا محل للخمس]

(مسألة 19: إذا كان في ذمته مال حرام فلا محل للخمس (1) فان علم جنسه و مقداره، فان عرف صاحبه رده اليه (2) و ان لم يعرفه، فان كان في عدد محصور، فالاحوط وجوبا استرضاء الجميع (3)، و ان لم يمكن عمل بالقرعة (4) و ان كان في عدد غير محصور تصدق به عنه (5) و الاحوط- وجوبا- أن يكون بأذن الحاكم الشرعي (6).

______________________________

و فيه: انه لا اشكال في وجوب الاحتياط شرعا و قد اعترف الماتن بأن أخبار الاحتياط محمولة علي موارد الشبهات الحكمية قبل الفحص و مواد العلم الإجمالي فالضرر من ناحية الشارع لا من ناحية الجهل، مضافا الي ان حديثي منصور و جميل «1» يقضيان الرجوع الي القرعة و لم يؤخذ في موضوعهما عنوان المشكل كي يقال انه

لا اشكال مع امكان الاحتياط.

اضف الي ذلك ان هذا العنوان لعله لم يرد في رواية معتبرة فلا مجال لهذا التقريب، فالحق انه في مثل الفرض يرجع الي القرعة علي الاطلاق و لا وجه للتفصيل.

(1) كما هو ظاهر اذ موضوعه الاختلاط الذي لا يتحقق الا في العين الخارجية.

(2) لوجوب رد المال الي مالكه.

(3) قد تقدم تقريبه و الرد عليه فلا نعيد.

(4) كما تقدم.

(5) كما هو الميزان في مجهول المالك علي ما هو المقرر عندهم.

(6) قد تقدم تقريب الاستدلال عليه مع ما فيه من الاشكال، فراجع «2».

______________________________

(1) لاحظ ص: 42

(2) لاحظ ص: 43

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 48

و ان علم جنسه و جهل مقداره جاز له في ابراء ذمته الاقتصار علي الاقل (1) فان عرف المالك رده اليه (2) و الا فان كان في عدد محصور فالاحوط- وجوبا- استرضاء الجميع، فان لم يمكن رجع الي القرعة، و الا تصدق به عن المالك، و الاحوط- وجوبا- أن يكون بأذن الحاكم (3)، و ان لم يعرف جنسه و كان قيميا و كانت قيمته في الذمة فالحكم كما لو عرف جنسه (4) و ان لم يعرف جنسه و كان مثليا، فان أمكن المصالحة مع المالك تعين ذلك و الا فلا يبعد العمل بالقرعة بين الاجناس (5).

______________________________

(1) لجريان الاصل فيما زاد علي المقدار المعلوم.

(2) كما هو ظاهر.

(3) علي ما تقدم استدلا لا و اشكالا فراجع.

(4) اذ لا فرق بين الموردين من حيث الحكم.

(5) بتقريب انه مع امكان المصالحة لا تصل النوبة الي القرعة لأنها لكل امر مشكل، و مع امكان الصلح لا اشكال فلا موضوع للقرعة.

و يرد عليه: اولا ما تقدم منا من أن حديثي منصور و جميل «1» لم يؤخذ

في موضوعيهما عنوان المشكل و قلنا لعله لا يكون في روايات القرعة حديث معتبر يكون عنوان المشكل مأخوذا في موضوعه و ثانيا علي الاساس الذي سلك الماتن لا بد من أن يلتزم بوجوب رد جميع الاجناس المحتمله و لا تصل النوبة الي القرعة، فان العلم الإجمالي ينجز الاطراف و مع امكان الامتثال ورد المال بهذا

______________________________

(1) لاحظ ص: 42

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 49

[مسألة 20: إذا تبين المالك بعد دفع الخمس فالظاهر عدم الضمان له]

(مسألة 20): اذا تبين المالك بعد دفع الخمس فالظاهر عدم الضمان له (1).

[مسألة 21: إذا علم بعد دفع الخمس ان الحرام اكثر من الخمس وجب عليه دفع الزائد أيضا]

(مسألة 21): اذا علم بعد دفع الخمس ان الحرام اكثر من الخمس وجب عليه دفع الزائد أيضا (2)، و اذا علم انه انقص لم يجز له استرداد الزائد علي مقدار الحرام (3).

______________________________

النحو من الاحتياط لا تصل النوبة الي القرعة فالإيراد وارد عليه نقضا و حلا، و الحق ما قلناه من التوسل الي قانون القرعة، فلاحظ.

(1) اذ المستفاد من نصوص الخمس ان الباقي بعد اداء الخمس يكون ملكا للمكلف فلا وجه للضمان بعده لاحظ ما رواه السكوني «1» فان المصرح به في هذه الرواية ان سائر المال له حلال، هذا علي القول بالخمس كما هو المشهور و اما علي القول بالتصدق فالظاهر ان الامر كذلك أيضا لان الظاهر من دليل التصدق انه مصداق للإيصال الي المالك بحكم الشارع.

(2) بتقريب ان دليل التخميس منصرف عن المورد، فلا يحل الباقي بالتخميس و لكن يرد عليه: انه مع فرض الانصراف لا وجه لتحليل المال باداء الزائد اذ المفروض ان المال مختلط بالحرام، فلا بد من الاحتياط أو تعيين مال الغير بالقرعة.

و لكن يمكن ان يقال: بعدم وجه للانصراف و بمقتضي الاطلاق لا فرق بين الموارد و علي فرض الانصراف يكون المال بعد التخميس موضوع آخر للتخميس اي يكون المال مصداقا للمختلط فيجب الخمس، فلاحظ.

(3) فان مقتضي اطلاق النصوص انه لا يرجع ما دفعه بعنوان الخمس.

______________________________

(1) لاحظ ص: 40

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 50

[مسألة 22: إذا كان الحرام المختلط من الخمس، أو الزكاة أو الوقف العام، أو الخاص لا يحل المال المختلط به باخراج الخمس]

(مسألة 22): اذا كان الحرام المختلط من الخمس، أو الزكاة أو الوقف العام، أو الخاص لا يحل المال المختلط به باخراج الخمس، بل يجري عليه حكم معلوم المالك فيراجع ولي الخمس أو الزكاة، أو الوقف علي احد الوجوه السابقة (1).

[مسألة 23: إذا كان الحلال الذي اختلط به الحرام قد تعلق به الخمس]

(مسألة 23): اذا كان الحلال الذي اختلط به الحرام قد تعلق به الخمس، قيل: وجب عليه بعد اخراج خمس التحليل خمس الباقي فاذا كان عنده خمسة و سبعون دينارا وجب تخميسه ثم تخميس الباقي فيبقي له من مجموع المال ثمانية و اربعون دينارا، و لكن الظاهر كفاية استثناء خمس المال الحلال المتيقن اولا، ثم تخميس

______________________________

و بعبارة اخري: ما دفعه بهذا العنوان صار ملكا لأهل الخمس و لا دليل علي زوال تلك الملكية بعد انكشاف الواقع فلاحظ.

هذا علي القول بوجوب الخمس و اما علي القول بوجوب التصدق فلو انكشف كونه اكثر يجب دفع الزائد كما هو ظاهر لتحقق الموضوع الموجب لترتب الحكم عليه، و اما لو علم انه أنقص يجوز استرداد الزائد ان دفعه بالعنوان التقديري، و علي فرض كون الواجب هذا المقدار فانه بعد كشف الخلاف لا مانع من الاسترداد اذ تحقق المعلق يتوقف علي تحقق المعلق عليه، و المفروض انه لا تحقق له فالزائد باق في ملك الدافع، فجواز الاسترداد علي طيق القاعدة الاولية.

(1) اذا قد مر انه لا يجري حكم الخمس فيما يكون المالك معلوما و في فروض المسألة المالك هو العنوان فلا بد من مراجعة الولي من الحاكم أو المتولي، فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 51

الباقي فاذا فرضنا في المثال ان خمسين دينارا من المال المخلوط حلال جزما، و قد تعلق به الخمس و مقدار الحرام مردد بين أن يكون أقلّ من

الخمس أو اكثر منه، فيجزيه أن يستثني عشرة دنانير خمس الخمسين، ثم يخمس الباقي فيبقي له اثنان و خمسون دينارا (1).

______________________________

(1) ربما يقال بأنه يكفي تخميس المال من أجل الاختلاط و لا يجب تخميس آخر و الدليل عليه ما رواه السكوني «1» بتقريب انه صرح في الرواية بأن سائر المال لك حلال، و يرد عليه ان الحكم بحلية سائر المال بلحاظ الاختلاط لا باعتبار آخر و العرف ببابك، فلا اشكال في وجوب التخميس ثانيا، انما الكلام في انه يخمس للاختلاط أولا ثم يخمس الباقي كما عليه سيد العروة (قدس سره) أو يخمس علي الترتيب المذكور في المتن.

أفاد الماتن في مقام الاستدلال علي مدعاه بأن المستفاد من دليل الخمس لأجل التحليل خاص بالمال المخلوط بالحرام، فموضوع الحكم ما يكون مخلوطا من هذين القسمين و أما المشتمل علي قسم ثالث فلا يشمله الدليل فلا بد من اخراج الخمس بعنوان الارباح ثم تخميس الباقي بعنوان التحليل و بين القولين فرق ظاهر كما بين في المتن.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان كان دليل تخميس المال المختلط مطلقا يشمل المقام فلا بد من تخميسه من تلك الحيثية اولا و ان لم يكن له اطلاق كما عليه الماتن فلا بد من تميز مال الغير عن مال نفسه بالقرعة، و بعد تشخيص مال نفسه يخمسه من باب وجوب خمس الارباح.

______________________________

(1) لاحظ ص: 40

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 52

[مسألة 24: إذا تصرف في المال المختلط بالحرام قبل اخراج خمسه بالاتلاف لم يسقط الخمس]

(مسألة 24): اذا تصرف في المال المختلط بالحرام قبل اخراج خمسه بالاتلاف لم يسقط الخمس، بل يكون في ذمته و حينئذ ان عرف قدره دفعه الي مستحقه و ان تردد بين الاقل و الاكثر جاز له الاقتصار علي الاقل و الاحوط دفع الاكثر

(1).

[السابع: ما يفضل عن مؤنة سنته له و لعياله]
اشارة

السابع: ما يفضل عن مؤنة سنته له و لعياله من فوائد الصناعات و الزراعات و التجارات و الاجارات و حيازة المباحات (2).

______________________________

و بعبارة واضحة: علي تقدير عدم شمول ذلك الدليل للمقام كيف يمكن للمالك التصرف في العين مع كونها مخلوطة بالحرام؟ و لا يبعد أن يقال: النص الدال علي وجوب الخمس مطلق من هذه الجهة فلاحظ.

(1) ان قلنا بأن الخمس المتعلق بالمخلوط كبقية اقسامه ملك للسادة و الامام عليه السلام يجب دفعه اليهما بدفع بدله بعد اتلافه، و ان لم نقل بهذه المقاله بل قلنا بأن التخميس طريق شرعي لتحليل المال المخلوط و يكون المال المخلوط مع مال المالك باقيا علي ملك مالكه فلا بد من المعاملة معه معاملة مجهول المالك، و حيث ان الماتن يري ان تعلق الخمس في المقام كبقية أقسامه افاد بأن الواجب عليه أن يدفع المقدار المعلوم الي المستحق و مقتضي الاحتياط دفع الاكثر و لا اشكال في أن مقتضي الاحتياط كذلك، فلاحظ.

(2) ادعيت عليه شهرة عظيمة و نقل عن بعض الاعيان انه اجماعي و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه الاشعري «1» و منها ما رواه شجاع النيسابوري انه سأل أبا الحسن الثالث عليه السلام عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مأئة كرما يزكي فأخذ منه العشر عشرة اكرار و ذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون

______________________________

(1) لاحظ ص: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 53

______________________________

كرا و بقي في يده ستون كرا ما الذي يجب لك من ذلك؟ و هل يجب لأصحابه من ذلك عليه شي ء؟ فوقع: لي منه الخمس مما يفضل من مؤنته «1».

و منها: ما رواه علي بن مهزيار قال: قال لي أبو علي بن

راشد قلت له: أمرتني بالقيام بامرك و اخذ حقك فاعلمت مواليك بذلك فقال لي بعضهم: و اي شي ء حقه فلم ادر ما اجيبه؟ فقال: يجب عليم الخمس، فقلت: ففي اي شي ء؟ فقال: في امتعتهم و صنائعهم (ضياعهم) قلت: و التاجر عليه و الصانع بيده؟ فقال: اذا امكنهم بعد مؤنتهم «2».

و منها: مكاتبة ابراهيم بن محمد الهمداني اقرأني علي كتاب ابيك فيما اوجبه علي اصحاب الضياع انه أوجب عليهم نصف السدس بعد المئونة، و انه ليس علي من لم يقم ضيعته بمئونته نصف السدس و لا غير ذلك، فاختلف من قبلنا في ذلك فقالوا: يجب علي الضياع الخمس بعد المئونة مؤنة الضيعة و خراجها لا مؤنة الرجل و عياله، فكتب، و قرأه علي بن مهزيار: عليه الخمس بعد مؤنته و مؤنة عياله و بعد خراج السلطان «3».

و منها: ما رواه علي بن مهزيار قال: كتب اليه أبو جعفر عليه السلام: و قرأت انا كتابه اليه في طريق مكة قال: ان الذي أوجبت في سنتي هذه و هذه سنة عشرين و مأتين فقط لمعني من المعاني اكره تفسير المعني كله خوفا من الانتشار، و سأفسر لك بعضه ان شاء اللّه ان موالي اسأل اللّه صلاحهم أو بعضهم قصروا فيما يجب عليهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 54

______________________________

فعلمت ذلك فاحببت ان اطهرهم و ازكيهم بما فعلت من امر الخمس في عامي هذا، قال اللّه تعالي: «خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِهٰا وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلٰاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَ اللّٰهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ* أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ هُوَ

يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبٰادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقٰاتِ وَ أَنَّ اللّٰهَ هُوَ التَّوّٰابُ الرَّحِيمُ* وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَي اللّٰهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ سَتُرَدُّونَ إِليٰ عٰالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهٰادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمٰا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» و لم أوجب عليهم ذلك في كل عام و لا أوجب عليهم الا الزكاة التي فرضها اللّه عليهم و انما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب و الفضة التي قد حال عليهما الحول، و لم أوجب ذلك عليهم في متاع و لا آنية و لا دواب و لا خدم و لا ربح ربحه في تجارة و لا ضيعة الا في ضيعة سأفسر لك امرها تخفيفا مني عن موالي و منا مني عليهم لما يغتال السلطان من أموالهم و لما ينوبهم في ذاتهم، فاما الغنائم و الفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام قال اللّه تعالي: «وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّٰهِ وَ مٰا أَنْزَلْنٰا عَليٰ عَبْدِنٰا يَوْمَ الْفُرْقٰانِ يَوْمَ الْتَقَي الْجَمْعٰانِ وَ اللّٰهُ عَليٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ» فالغنائم و الفوائد يرحمك اللّه فهي الغنيمة يغنمها المرء، و الفائدة يفيدها، و الجائزة من الانسان للإنسان التي لها خطر، و الميراث الذي لا يحتسب من غير اب و لا ابن، و مثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله، و مثل مال يؤخذ و لا يعرف له صاحب و ما صار الي موالي من اموال الخرمية الفسقة فقد علمت ان اموالا عظاما صارت الي قوم من موالي، فمن كان عنده شي ء من ذلك فليوصله الي وكيلي، و من كان نائيا بعيد الشقة فليتعمد لإيصاله و

لو بعد حين، فان نية المؤمن خير من عمله، فاما الذي أوجب من الضياع و الغلات في كل عام فهو نصف السدس ممن كانت ضيعته تقوم بمئونته، و من كانت ضيعته لا تقوم بمئونته فليس عليه نصف سدس و لا غير

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 55

______________________________

ذلك «1» الي غيرها من النصوص الدالة علي وجوب الخمس.

و في قبال هذه النصوص روايات تدل علي تحليل الخمس للشيعة منها: ما رواه أبو بصير و زرارة و محمد بن مسلم كلهم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: هلك الناس في بطونهم و فروجهم لأنهم لم يؤد والينا حقنا الا و ان شيعتنا من ذلك و آبائهم في حل «2».

و منها: ما رواه ضريس الكناسي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: أ تدري من أين دخل علي الناس الزنا؟ فقلت: لا ادري، فقال: من قبل خمسنا اهل البيت الا لشيعتنا الاطيبين فانه محلل لهم و لميلادهم «3».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام انه قال: ان أمير المؤمنين عليه السلام حللهم من الخمس يعني الشيعة ليطيب مولدهم «4».

و لا يخفي: ان مجرد ثبوت الخمس وضعا لا ينافي التحليل كما هو ظاهر كما ان وجوب اداء الخمس علي الاطلاق لا ينافي عدم وجوبه علي الشيعة لجواز التخصيص، لكن المستفاد من حديث علي بن مهزيار «5» ان الخمس واجب علي الشيعة في كل سنة و في كل عام في الغنائم و الفوائد و لاحظ، ما رواه علي بن مهزيار أيضا «6» فان المستفاد من هذا الحديث انه يجب علي الشيعة الخمس

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب ما يجب فيه

الخمس الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 4 من ابواب الانفال الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 15

(5) لاحظ ص: 53

(6) لاحظ ص: 53

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 56

بل الاحوط الاقوي تعلقه بكل فائدة مملوكة له كالهبة و الهدية، و الجائزة (1) و المال الموصي به و نماء الوقف الخاص أو العام،

______________________________

بعد المئونة و لاحظ، ما رواه حفص بن البختري «1» فان هذا الحديث يستفاد منه انه يجب علي الشيعة دفع خمس ما يأخذه من الناصب.

و علي تقدير المعارضة يكون الترجيح مع دليل الوجوب اولا لموافقته مع الكتاب قال اللّه تعالي: وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ «2» فان مقتضي اطلاق الاية الكريمة وجوب الخمس في كل فائدة، ثانيا لمخالفة دليل الوجوب مع العامة حيث انهم لا يقولون بوجوب الخمس في الارباح، ثالثا للأحدثية فان ما يدل علي الوجوب أحدث بالنسبة الي ما يدل علي التحليل.

اضف الي ذلك انه يمكن أن يقال: ان عدم وجوب اداء الخمس و تحليله للشيعة ينافي ملاك جعله اذ جعله علي ما يظهر من النص في مقابل الزكاة فان الزكاة لغير السادة من الفقراء، و اما الخمس فقد جعل لفقراء السادة فلو لم يكن واجبا علي الشيعة ادائه و الحال ان العامة لا يؤدون لعدم اعتقادهم بوجوبه، فمن اين يعيش فقراء السادات؟.

و يضاف الي ذلك كله ان السيرة جارية علي أخذه بين علماء الامامية، و لو لم يكن واجبا و كان حلالا لشاع و ذاع فالمتحصل من البحث ان الحق وجوب الخمس، و اللّه العالم.

(1) فان الهبة داخلة في اطلاق الاية الشريفة اذ عنوان

«ما غنمتم» يشمله

______________________________

(1) لاحظ ص: 6

(2) الانفال/ 41

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 57

______________________________

و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص منها ما رواه، علي بن مهزيار «1» فان قوله عليه السلام و الجائزة من الانسان للإنسان التي لها خطر يشمل الهبة.

لكن يمكن أن يقال: بأن التقييد بكونها خطيرا يدل بالمفهوم علي أن مالا يكون كذلك ليس فيه الخمس، لا من باب مفهوم الوصف حتي يقال. ان الوصف لا مفهوم له بل من باب مفهوم التحديد، فان الظاهر انه عليه السلام في مقام التحديد.

و منها: ما رواه سماعة قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الخمس فقال في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير «2» فان قوله عليه السلام «في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير» يشمل الهبة و غيرها، و منها ما رواه الاشعري «3» فان المكاتب، سئل عن جميع ما يستفيد الرجل من قليل و كثير من جميع الضروب فأجاب عليه السلام بخطه «الخمس بعد المئونة».

و يمكن أن يقال: بأن هذه الرواية أقوي ظهورا في وجوب الخمس حتي في الهدية التي لا تكون خطيرة من تلك الرواية التي تدل علي عدم الوجوب بالمفهوم، و علي تقدير التعارض يكون المرجع اطلاق الكتاب، و لكن علي القول بالمفهوم لا تعارض اذ لا تعارض بين العام و الخاص و الدال علي عدم الوجوب في الهبة اليسيرة بالمفهوم أخص من ذلك العام فيخصصه، فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 53

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 58

و الميراث الذي لا يحتسب (1)، و الظاهر عدم وجوبه في المهر و في عوض الخلع (2).

______________________________

و منها: ما

رواه محمد بن ادريس (في آخر السرائر) نقلا من كتاب محمد ابن علي بن محبوب عن أحمد بن هلال، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كتبت اليه في الرجل يهدي اليه مولاه و المنقطع اليه هدية تبلغ ألفي درهم أو أقلّ أو اكثر هل عليه فيها الخمس؟

فكتب عليه السلام الخمس في ذلك، و عن الرجل يكون في داره البستان فيه الفاكهة يأكله العيال انما يبيع منه الشي ء بمائة درهم أو خمسين درهما هل عليه الخمس؟ فكتب أما ما أكل فلا و أما البيع فنعم هو كسائر الضياع «1».

(1) اذ الميزان في ثبوت الخمس و وجوبه صدق الفائدة و لا اشكال في صدق هذا العنوان علي الموصي به، و علي نماء الوقف خاصا كان أو عاما كما أنه يصدق علي الميراث غاية الامر قام الدليل علي عدم وجوب الخمس في المحتسب منه فيبقي غيره تحت دليل الوجوب، لاحظ ما رواه علي بن مهزيار «2» فانه قد صرح بالوجوب في الميراث غير المحتسب.

(2) استدل سيدنا الاستاد علي عدم الوجوب في الموردين المذكورين بانه لا يصدق عنوان الفائدة علي المهر و عوض الخلع، اذ المهر بدل عن البضع فان المرأة تبذل نفسها بالمهر فلا تحصل لها فائدة كما ان المرء يبدل سلطنته علي زوجته باخذ عوض الخلع.

و يرد عليه: ان صدق عنوان الفائدة علي الموردين المذكورين يساعده

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 10

(2) لاحظ ص: 53

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 59

[(مسألة 25: الأحوط- إن لم يكن أقوي- إخراج خمس ما زاد عن مؤنته مما ملكه بالخمس، أو الزكاة، أو الكفارات، أو رد المظالم، أو نحوها]

(مسألة 25): الاحوط- ان لم يكن اقوي- اخراج خمس ما زاد عن مؤنته مما ملكه بالخمس، أو الزكاة، أو الكفارات،

أو رد المظالم، أو نحوها (1).

[مسألة 26: إذا كان عنده من الأعيان التي لم يتعلق بها الخمس أو تعلق بها، و قد أداه فنمت، و زادت زيادة منفصلة]

(مسألة 26): اذا كان عنده من الاعيان التي لم يتعلق بها الخمس أو تعلق بها، و قد أداه فنمت، و زادت زيادة منفصلة، كالولد، و الثمر و اللبن، و الصوف، و نحوها، فما كان منفصلا، أو بحكم المنفصل- عرفا- فالظاهر وجوب الخمس في الزيادة (2) بل الظاهر وجوبه في الزيادة المتصلة أيضا، كنمو الشجر و سمن الشاة اذا كانت للزيادة مالية عرفا (3) و اما اذا ارتفعت قيمتها السوقية- بلا زيادة عينية-

______________________________

الفهم العرفي، نعم لا يبعد جريان السيرة علي عدم دفع الخمس عن المهر و أما الالتزام بعدم الوجوب في عوض الخلع فيتوقف علي قيام اجماع تعبدي علي العدم، فلاحظ.

(1) لصدق الفائدة علي المذكورات و بعد تحقق الموضوع يترتب الحكم عليه طبعا، و أما ما روي ابن عبد ربه قال: سرح الرضا عليه السلام بصلة الي أبي فكتب اليه أبي هل علي فيما سرحت إلي خمس؟ فكتب اليه لا خمس عليك فيما سرح به صاحب الخمس «1» - فهر غير تام سندا فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالته فلاحظ.

(2) لصدق الفائدة عليها و المفروض انها موضوع وجوب الخمس فيجب.

(3) لعين الملاك فانه تصدق عليها الفائدة فيجب الخمس في تلك الزياده

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 60

فان كان الاصل قد اشتراه و أعده للتجارة وجب الخمس في الارتفاع المذكور (1) و ان لم يكن قد اشتراه لم يجب الخمس في الارتفاع (2).

______________________________

و ربما يقال: بأن النماء المتصل إن كان مثل المنفصل كالصوف و الثمرة فلا اشكال و الا يشكل صدق الفائدة كالسمن، و كيف كان علي القول بتعلق الخمس بالقسم

الثاني من النماء المتصل لا بد من الالتزام بالشركة في المالية اي صاحب الخمس شريك مع المالك في مالية العين.

(1) بتقريب انه يصدق انه ربح هذا المقدار و بعبارة اخري: المقصود في التجارة تحصيل الربح و ازدياد المال بلا خصوصية للأشخاص و لا اشكال في في أنه يصدق هذا العنوان في فرض ارتفاع القيمة و لو مع عدم البيع فيقال فلان ربح هذا المقدار فيجب خمس مقدار الزيادة و النتيجة الشركة في المالية.

(2) بتقريب ان المالية امر اعتباري و لم يزد في ماله شي ء خارجي فلا وجه لتعلق الخمس.

و يمكن ان يقال: انه لو اعده للتجارة و زادت ماليته فلما ذا لا يتعلق به الخمس و ما الفرق بين هذه الصورة و الفرع السابق؟ حيث أفتي بوجوب الخمس في الزيادة فيما يكون معدا للتجارة. الا أن يقال: ان الفارق الدليل الدال علي عدم وجوب الخمس في الارث و المفروض في المقام ان نفس الارث اعدت للتجارة فدليل عدم وجوب الخمس في الارث يقتضي عدم تعلقه به، لكن المفروض في جميع الاقسام العين التي لا يتعلق بها الخمس، فلو فرض انه اشتري فرشا و استفاد منه و صار مؤنة له ثم جعله مال التجارة و زادت قيمته لا يجب فيه الخمس كما لا يجب في الارث، نعم لو باعه يجب في المقدار الزائد.

الا ان يقال: ان كلام الماتن لا يشمل هذه الصورة و هو ناظر الي صورة اشتراء شي ء للتجارة، و كيف كان الذي يختلج بالبال أن يقال: اذا اشتري شيئا

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 61

و اذا باعه بالسعر الزائد لم يحب فيه الخمس في الزائد من الثمن كما اذا ورث من أبيه بستانا قيمته مأئة

دينار فزادت قيمته و باعه بمأتي دينار لم يجب الخمس في المائة الزائدة و ان كان قد اشتراه بمائة و لم يعده للتجارة فزادت قيمته و بلغت مائتي دينار لم يجب الخمس في زيادة القيمة (1) نعم اذا باعه بالمائتين وجب الخمس في المائة الزائدة و تكون من أرباح سنة البيع (2).

______________________________

بمال لا خمس فيه للتجارة يجب الخمس في زيادة القيمة و لا فرق بين صورتي البيع و عدمه كما في المتن، و الوجه فيه ان الملحوظ بالنسبة الي التاجر مقدار المالية و لا خصوصية للعين في نظره.

و اما لو جعل العين الموروثة مال التجارة كالحنطة الموروثة من أبيه فيفرق بين صورتي البيع و عدمه فانه لو لم تبع لا يتعلق بها الخمس لان الارث لا خمس فيه و اما ان باعها يجب الخمس في الزيادة لصدق الربح، و اما لو ملك شيئا بالاشتراء أو الحيازة أو غيرهما و لم يعده للتجارة فلا يتعلق به الخمس الا بعد البيع مع فرض زيادة القيمة اذ قبل البيع لا مقتضي للخمس و اما بعد البيع فلتحقق الربح الزائد.

(1) اذ المفروض ان المالية أمر اعتباري و العين الخارجية بحالها و بعبارة اخري:

لا يصدق الحصول علي فائدة جديدة و لذا لو لم يبع لا يجب الخمس و كذا لو بيع، و لكن يشكل بأنه لو باعه يصدق انه زاد في ماله فما دام لم يبع لا يجب اذ المفروض عدم تعلق الخمس بالعين لأجل كونه موروثا أو لغيره و اما بعد البيع فلا وجه لعدم تعلقه به اذ المفروض انه ربح و لا يشمله دليل عدم وجوب الخمس في الارث.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات

قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 7، ص: 61

(2) بدعوي انه يصدق انه ربح في هذه المعاملة هذا المقدار فيجب الخمس

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 62

فاقسام ما زاد قيمته:

الاول: ما يجب فيه الخمس في الزيادة، و ان لم يبعه، و هو ما اشتراه للتجارة.

الثاني: ما لا يجب فيه الخمس في الزيادة، و ان باعه بالزيادة و هو ما ملكه بالارث و نحوه، مما لم يتعلق به الخمس بماله من المالية، و ان اعده للتجارة (1).

الثالث: ما لا يجب فيه الخمس في الزيادة، الا اذا باعه، و هو ما ملكه بالشراء، أو الهبة، و الحيازة و نحو ذلك، بقصد الاقتناء لا التجارة (2).

[مسألة 27: الذين يملكون الغنم يجب عليهم- في آخر السنة- اخراج خمس الباقي، بعد مؤنتهم]

(مسألة 27): الذين يملكون الغنم يجب عليهم- في آخر السنة- اخراج خمس الباقي، بعد مؤنتهم من نماء الغنم من الصوف، و السمن، و اللبن و السخال المتولدة منها، و اذا بيع شي ء من ذلك- في أثناء السنة- و بقي شي ء من ثمنه وجب اخراج خمسه أيضا، و كذلك الحكم في سائر الحيوانات، فانه يجب تخميس ما يتولد منها، اذا كان باقيا في آخر السنة بنفسه أو ثمنه (3).

______________________________

في الربح.

(1) بتقريب ان الارث لا يتعلق به الخمس فما دام كونه ارثا لا يجب فيه.

(2) بتقريب انه لا اشكال في حصول الربح غاية الامر قبل البيع لا يجب الخمس اذ المفروض ان العين لا يتعلق بها و اما بعد البيع فالتعلق علي القاعدة.

(3) ما افاده ظاهر واضح، فان كل فائدة زائدة علي مؤنة السنة يجب فيه الخمس

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 63

[مسألة 28: إذا عمر بستانا و غرس فيه نخلا و شجرا للانتفاع بثمره لم يجب اخراج خمسه]

(مسألة 28): اذا عمر بستانا و غرس فيه نخلا و شجرا للانتفاع بثمره لم يجب اخراج خمسه اذا صرف عليه مالا لم يتعلق به الخمس كالموروث أو مالا قد اخرج خمسه كأرباح السنة السابقة، أو مالا فيه الخمس، كأرباح السنة السابقة و لم يخرج خمسه (1). نعم يجب عليه اخراج خمس المال نفسه (2). و أما اذا صرف عليه من ربح السنة- قبل تمام السنة- وجب اخراج خمس نفس تعمير البستان، بعد استثناء مؤنة السنة (3)، و وجب أيضا الخمس في نمائه المنفصل، أو ما بحكمه من الثمر، و السعف، و الاغصان اليابسة المعدة للقطع، بل في نمائه المتصل أيضا علي ما عرفت (4)، و كذا يجب تخميس الشجر الذي يغرسه جديدا في السنة الثانية و ان كان أصله من الشجر المخمس ثمنه مثل: (التال)

الذي ينبت فيقلعه و يغرسه (5)، و كذا اذا انبت جديدا لا بفعله، كالفسيل و غيره، اذا كان له مالية.

و بالجملة كل ما يحدث جديدا من الاموال التي تدخل في ملكه يجب

______________________________

و ما ذكر في هذه المسألة بعض مصاديق الكبري الكلية، فلاحظ.

(1) اذ المفروض انه لم يربح ربحا جديدا كي يتعلق به الخمس.

(2) اذ فرض انه ربح السنة السابقة و انه زاد فيجب فيه الخمس.

(3) لأنه ربح جديد و لم يصرف في المئونة فيجب فيه الخمس.

(4) و قد مر الكلام في تقريب الاستدلال عليه فلا وجه للإعادة.

(5) لأنه ربح جديد فيجب فيه الخمس و كون اصله من المخمس لا ينافي صدق الفائدة الجديدة عليه.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 64

اخراج خمسه في آخر سنته، بعد استثناء مؤنة سنته، و لا يجب الخمس في ارتفاع القيمة في هذه الصورة (1). نعم اذا باعه باكثر مما صرفه عليه من ثمن الفسيل و اجرة الفلاح، و غير ذلك وجب الخمس في الزائد، و يكون الزائد من ارباح سنة البيع (2)، و اما اذا كان تعميره بقصد التجارة بنفس البستان وجب الخمس في ارتفاع القيمة الحاصل في آخر السنة و ان لم يبعه كما عرفت (3).

[مسألة 29: اذا اشتري عينا للتكسب بها فزادت قيمتها في اثناء السنة، و لم يبعها غفلة، أو طلبا للزيادة، أو لغرض آخر ثم رجعت قيمتها في رأس السنة الي رأس مالها]

(مسألة 29): اذا اشتري عينا للتكسب بها فزادت قيمتها في اثناء السنة، و لم يبعها غفلة، أو طلبا للزيادة، أو لغرض آخر ثم رجعت قيمتها في رأس السنة الي رأس مالها فليس عليه خمس تلك الزيادة نعم اذا بقيت الزيادة الي آخر السنة، و لم يبعها من دون عذر و بعدها نقصت قيمتها فهو ضامن للخمس (4).

[مسألة 30: المئونة المستثناة من الأرباح]

(مسألة 30): المئونة المستثناة من الارباح، و التي لا يجب

______________________________

(1) الكلام فيه هو الكلام، فان الميزان في وجوب الخمس صدق الربح الجديد.

(2) لصدق الربح و انه في هذه المعاملة هذا المقدار.

(3) و التقريب هو التقريب فراجع.

(4) وجه التفريق بين الصورتين ان التأخير في الصورة الاولي باذن الشارع الاقدس، و لا يجب اخراج الخمس قبل مضي السنة فلا مقتضي للضمان، و اما بعد مضي السنة و استقرار الوجوب لو لم يخرج الخمس، يكون ضامنا اذ ليس له الولاية علي التأخير فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 65

فيها الخمس فيها أمران: مؤنة تحصيل الربح (1) و مؤنة سنته (2) و المراد من مؤنة التحصيل كل مال يصرفه الانسان في سبيل الحصول علي الربح، كأجرة الحمال، و الدلال و الكاتب، و الحارس، و الدكان، و ضرائب السلطان، و غير ذلك فان جميع هذه الامور تخرج من الربح، ثم يخمس الباقي. و من هذا القبيل ما ينقص من ماله في

______________________________

(1) الظاهر انه لا اشكال في مؤنة تحصيل الربح اذ لا يصدق الربح الا بعد استثناء ما صرف في تحصيله، مضافا الي جملة من النصوص «1» الدالة علي عدم تعلق الخمس الا بما زاد عن المئونة، لكن الحديث الاول مخدوش سندا بالاشعري، و الحديث الثاني بالنيسابوري، و الحديث الثالث يستفاد منه وجوب الخمس بعد

مؤنة الشخص، و المستفاد من الحديث الرابع، استثناء خصوص خراج السلطان.

فيشكل استثناء مؤنة تحصيل الربح علي الاطلاق، الا ان يقال، ان موضوع وجوب الخمس علي ما يظهر من النصوص الفائدة و الربح و الغنيمة و من الظاهر، انه لا يصدق الربح الا بعد اخراج مؤنة تحصيله كما هو ظاهر مضافا الي انه لا اشكال فيه و لا خلاف علي ما يظهر من كلام بعض الاصحاب.

اضف الي ذلك: انه لو قيل بالوجوب علي الاطلاق يلزم وجوبه حتي علي تقدير عدم الربح، بل يجب حتي في الصورة الخسارة و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟

الا أن يقال بأنه: نلتزم بعدم تعلق الخمس في هذه الموردين، و أما في غيرهما فلا مانع من الالتزام بتعلقه.

(2) بلا اشكال فتوي و نصا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 12 و 52 و 53

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 66

سبيل الحصول علي الربح كالمصانع، و السيارات، و آلات الصناعة، و الخياطة، و الزراعة، و غير ذلك فان ما يرد علي هذه من النقص باستعمالها أثناء السنة يتدارك من الربح، مثلا اذا اشتري سيارة بالفي دينار و آجرها سنة باربعمائة دينار، و كانت قيمة السيارة نهاية السنة من جهة الاستعمال الفا و ثمانمائة دينار لم يجب الخمس الا في المائتين و المائتان الباقيتان من المئونة (1) و المراد من مؤنة السنة التي يجب الخمس في الزائد عليها كل ما يصرفه في سنته، في معاش نفسه و عياله علي النحو اللائق بحاله، أم في صدقاته و زياراته، و هداياه و جوائزه المناسبة له، أم في ضيافه أضيافه، أم وفاء بالحقوق اللازمة له بنذر أو كفارة، أو اداء دين أو أرش جناية أو غرامة ما أتلفه عمدا أو خطأ، أو

فيما يحتاج اليه من دابة و جارية، و كتب و أثاث، أو في تزويج اولاده و ختانهم و غير ذلك، فالمئونة كل مصرف متعارف له سواء أ كان الصرف فيه، علي نحو الوجوب، أم الاستحباب أم الاباحة، أم الكراهة (2) نعم لا بد في المئونة المستثناة من الصرف فعلا فإذا قتر علي نفسه لم يحسب له، كما انه اذا تبرع متبرع له بنفقته أو بعضها لا يستثني له مقدار التبرع من ارباحه بل

______________________________

(1) كما هو ظاهر فان المذكورات كلها مؤنة التحصيل.

(2) فان المئونة ما يحتاج اليها في الامور الدنيوية و الاخروية.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 67

يحسب ذلك من الربح الذي لم يصرف في المئونة (1)، و أيضا لا بد أن يكون الصرف علي النحو المتعارف، فان زاد عليه وجب خمس التفاوت (2)، و اذا كان المصرف سفها و تبذيرا لا يستثني المقدار المصروف، بل يجب فيه الخمس (3)، و الظاهر ان المصرف اذا كان راجحا شرعا لم يجب فيه الخمس و ان كان غير متعارف من مثل المالك مثل عمارة المساجد، و الانفاق علي الضيوف ممن هو قليل الربح (4).

______________________________

(1) بتقريب انه الظاهر من الادلة، و يمكن تقريب الاستدلال علي المدعي بأن الظاهر من لفظ (بعد المئونة) الواقع في النصوص هو الزمان اي وجوب الخمس انما يتعلق و يتحقق في الزمان الواقع بعد المئونة و ان شئت قلت البعد الزماني لا يتصور الا بصرف المئونة.

و بعبارة اخري: البعدية الزمانية تلازم فعلية المئونة و صرفها، الا ان يقال ان الظاهر من الجمله في امثال المقام البعدية الرتبية كقوله تعالي «مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ» * «1» و لا تنافي بين الالتزام بالبعدية الرتبية و الالتزام باشتراط الفعلية فان

الظاهر من المئونة ما يصرف و الخمس يتعلق بالزائد علي ما يصرف.

(2) بتقريب ان المئونة ما يلزم للإنسان و ما لا يكون متعارفا لا يكون مؤنة.

و بعبارة اخري: المئونة ما يحتاج اليها الشخص و لا يحتاج الي أمر غير متعارف كما هو ظاهر.

(3) كما هو ظاهر فان الامر السفهي لا يكون محتاجا اليه بل اللازم خلافه.

(4) اذ الامور الخيرية التي يمكن التقرب بها من اللّه تعالي يحتاج اليها كل

______________________________

(1) النساء/ 11

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 68

[مسألة 31: رأس سنة المئونة وقت ظهور الربح]

(مسألة 31): رأس سنة المئونة وقت ظهور الربح (1) و من الجائز

______________________________

مكلف فلا معني للتقدير فيها، فكما انه لا معني لان يقال هذا المقدار من الصلاة و الصوم محتاج اليه لا أزيد من ذلك كذلك في بقية الامور القابلة للقرب، و صفوة القول ان المكلف محتاج الي الوسائل القربية فاي مقدار فرض منها لا يكون خارجا عن شأنه بل مطابق لشأنه، و اللّه العالم.

(1) وقع الكلام بين الاعلام في أن مبدء السنة حين حصول الربح او المبدأ حين الشروع في الاكتساب بالنسبة الي الكاسب و ظهور الربح بالنسبة الي غيره الذي يحصل له ربح اتفاقا، اختار الماتن القول الاول بتقريب ان المشتق و ما في حكمه من الجوامد ظاهر في الفعلية، و الوارد في النصوص عنوان المئونة، و المفروض ان موضوع الخمس تحقق الربح، فكل شي ء صدق عليه عنوان المئونة الفعلية بعد ظهور الربح يكون داخلا في النصوص المشار اليها، و أما ما يكون مؤنة لما قبل ظهور الربح فلا، و علي فرض الشك يكون الامر كذلك اذ في المخصص المنفصل المجمل يقتصر علي القدر المعلوم، و المقدار المعلوم من دليل الاستثناء ما يكون مؤنة بعد ظهور الربح.

و يمكن

ان يقال: ان التعارف الخارجي في الكاسب و التاجر و الصانع جعل مبدء السنة الشروع في العمل و هو الظاهر من حديثي علي بن مهزيار و الهمداني «1» فان الظاهر من المئونة، مؤنة السنة و مع لحاظ التعارف الخارجي يفهم العرف ان المبدأ هو الشروع في العمل.

و اما حديث ابن أبي نصر- قال كتبت الي أبي جعفر عليه السلام: الخمس اخرجه قبل المئونة أو بعد المئونة؟ فكتب بعد المئونة «2» فهو مطلق يشمل

______________________________

(1) لاحظ ص: 53

(2) الوسائل الباب 12 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 69

ان يجعل الانسان لنفسه رأس سنة فيحسب مجموع وارداته في آخر السنة و ان كانت من انواع مختلفة، كالتجارة، و الاجارة، و الزراعة، و غيرها. و يخمس ما زاد علي مؤنته، كما يجوز له ان يجعل لكل نوع بخصوصه رأس سنة، فيخمس ما زاد عن مؤنته في اخر تلك السنة (1).

______________________________

الكاسب و غيره فبالنسبة الي التاجر و الكاسب يحمل علي ما هو المتعارف و أما بالنسبة الي من يربح اتفاقا فيحمل علي المئونة بعد ظهور الربح.

ان قلت: يلزم التفكيك في مبدأ عام الربح. قلت: لم يرد في الدليل هذا العنوان، و انما الوارد فيه عنوان المئونة و المراد منها مؤنة السنة و تختلف هذا العنوان باختلاف المورد فبالنسبة الي التاجر و الصانع يصح جعل سنة الربح من اول الشروع في العمل و اما بالنسبة الي من يحصل له الربح اتفاقا، فلا يصدق الا بعد ظهور الربح.

و لا يخفي: ان المتعارف الخارجي بالنسبة الي غير الكاسب جعل مبدء السنة بعد ظهور الربح في العام الاول و اما في الاعوام الآتية فيحاسبون حسابهم و يجعلون مبدأ

السنة بحساب مبدء السنة الاولي، مثلا لو حاسب حساب خمسه اول المحرم يكون مبدأ سنة اوله في كل عام.

(1) ذهب سيدنا الاستاد الي جواز كلا القسمين و عدم تعين احدهما، بتقريب ان المستفاد من دليل الخمس ان كل ربح يتعلق به الخمس غاية الامر الشارع الاقدس أرفق و اجاز في التأخير فكل ما يبقي من الربح يجب فيه الخمس.

و بعبارة اخري: وجوب الخمس متعلق بما زاد عن المقدار المصروف في

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 70

______________________________

المئونة فكل ربح بنفسه له سنة و موضوع للخمس فيجوز جعل رأس سنة لكل ربح كما انه يجوز جعل رأس السنة للمجموع من حيث المجموع اذ لا اشكال في تعلق الخمس بكل ربح و لا اشكال في جواز تخميس كل ربح فورا و قبل مضي السنة و لا دليل علي تعين القسم الثاني، و قوله عليه السلام في حديث علي مهزيار «1» «فاما الغنائم و الفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام»، لا يدل علي لزوم احتساب الكل موضوعا واحدا و اعتبار الحول للمجموع من حيث المجموع فان الحديث ناظر الي التفرقة بين الغنائم و غيرها حيث انه عليه السلام اكتفي بنصف السدس في سنته، فاما الغنائم فيجب فيها الخمس في كل عام فلا نظر الي جعل الكل ملحوظا و اعتبار الحول له، فلا يستفاد المدعي من الحديث.

فالنتيجة جواز كل واحد من الطريقين، هذا ملخص ما أفاده حسب تقرير مفرر بحثه «2».

و يرد عليه: انه كيف يمكن الالتزام بوجوب الخمس في كل ربح مع الالتزام بأن متعلق الخمس ما زاد عن المقدار المصروف.

و بعبارة اخري: تارة نقول بأن الخمس متعلق بكل ربح بلا تقيده بقيد غاية الامر لا يجب الا في

المقدار الزائد و علي هذا التقدير لا مانع من الالتزام بتعلقه بكل ربح و اخري نقول بأن متعلق الخمس من اول الامر المقدار الزائد فكل مقدار يصرف في علم اللّه يكون خارجا عن موضوع الخمس و علي هذا التقدير كيف يمكن الالتزام بتعلق الخمس بتمام الربح و تخميسه قبل مضي سنته، فلا مورد للتخيير بل لا بد من اختيار احد الوجهين، و الظاهر ان الوجه الثاني هو الصحيح.

______________________________

(1) لاحظ ص: 53

(2) مستند العروة كتاب الخمس ص: 239

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 71

[مسألة 32: إن من كان بحاجة إلي رأس مال، لإعاشة نفسه و عياله فحصل علي مال لا يزيد علي مؤنة سنته، بحيث لو صرفه فيها لم يزد عليها]

(مسألة 32): ان من كان بحاجة الي رأس مال، لإعاشة نفسه و عياله فحصل علي مال لا يزيد علي مؤنة سنته، بحيث لو صرفه فيها لم يزد عليها، فالظاهر أنه من المئونة، فيجوز اتخاذه رأس مال، و الا تجاربه لإعاشة نفسه و عائلته من ارباحها (1) فان زاد الربح علي

______________________________

و يمكن الاستدلال عليه بقيام السيرة عليه و بالتعارف الخارجي و لا يبعد أن يستفاد المدعي من بعض النصوص لاحظ ما رواه ابن مهزيار «1» فانه عليه السلام قال في ذيل الحديث «اذا امكنهم بعد مؤنتهم» و المفروض ان المراد بالمئونة مؤنة السنة فلو فرض ان شخصا له انواع من الامتعة و له صنائع و ضياع يكون مصداقا لكلامه عليه السلام فيحسب مجموع ارباحه طول السنة، فاذا امكنه الاداء بعد استثناء المئونة يجب عليه و إلا فلا.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بحديث علي بن مهزيار «2» فانه يستقاد من الحديث وجوب التخميس كل عام لا كل يوم و ساعة، فلاحظ.

اضف الي ذلك: انه لو كان الواجب جعل السنة لكل فائدة يلزم الحرج بلا اشكال، و صفوة القول ان التخيير لا يمكن، فلا بد من

تعين احد الامرين و جعل السنة لكل ربح مضافا الي كونه خلاف ظاهر الادلة كما مر يستلزم الحرج الشديد المنافي لكون الشريعة سهلة سمحة و اللّه العالم.

(1) فصل الماتن بين رأس المال الذي يعادل مؤنة السنة و بين الزائد علي هذا المقدار بأن اختار عدم الخمس في خصوص الاول بدعوي ان المال المصروف في المئونة لا خمس فيه و لا فرق في الصرف بين صرف نفس المال و بين ما يشتري

______________________________

(1) لاحظ ص: 53

(2) لاحظ ص: 53

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 72

المئونة خمس الزائد (1) و ان لم يزد عليها لم يجب عليه شي ء (2) و ان كان قد حصل علي ما يزيد علي مؤنة سنته جاز له أن يتخذ مقدار مؤنته من ذلك المال رأس مال له، يتجر به لإعاشة نفسه و عائلته، و لا يجب الخمس في ذلك المقدار حينئذ، و انما يجب في الباقي و فيما يزيد علي مؤنته من ارباح ذلك المال (3) و أما من لم يكن بحاجة الي اتخاذ

______________________________

به شي ء يصرف في المئونة و يمكن أن يقال بأنه لو صرفه في المئونة لا يجب الخمس لانتفاء موضوعه اذ المفروض عد الزيادة علي المئونة و أما لو جعلها رأس المال يصح أن يقال انه ربح كذا مقدار و بقي الربح الي آخر السنة و لم يصرف في المئونة.

و ان شئت قلت ما معني الحاجة الي رأس المال؟ فان كان المراد انه بحاجة في هذه السنة الي رأس المال فليس الامر كذلك لأنه يمكنه أن يصرفه في هذه السنة في مصارفه و لا حاجة الي رأس المال و ان كان المراد أنّه بحاجة الي جعله رأس المال بالنسبة الي السنوات الآتية

ففيه ان المستثني من وجوب الخمس مؤنة سنة الربح لا غيرها فالنتيجة وجوب الخمس مطلقا. ان قلت: يمكن ان يفرض الاحتياج الفعلي بحيث لو لم يجعله رأس المال و لم يشتغل بالكسب يهان عند الناس فالاحتياج فعلي. قلت: علي هذا لا وجه للتفصيل المذكور في المتن لان الميزان تحقق الضرورة و حفظ النفس عن السقوط عند الناس فلا يبعد أن يفصل في المقام بهذا النحو و اللّه العالم.

(1) اذ المفروض كونه زائدا علي مقدار المئونة فيجب فيه الخمس.

(2) لانتفاء موضوعه علي الفرض.

(3) قد علم الوجه فيه و توجه الاشكال عليه.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 73

رأس مال للتجارة، لإعاشة نفسه و عياله كمن كان عنده رأس مال بمقدار الكفاية، أو لم يكن محتاجا في اعاشته و عائلته الي التجارة لم يجز له أن يتخذ من أرباحه رأس مال للتجارة من دون تخميس، بل يجب عليه اخراج خمسه أولا ثم اتخاذه رأس مال له (1) و في حكم رأس المال ما يحتاجه الصانع من آلات الصناعة، و الزارع من آلات الزراعة (2) فقد يجب اخراج خمس ثمنها و قد لا يجب، فان وجب اخراج خمس ثمنها و نقصت آخر السنة تلاحظ القيمة آخر السنة (3).

[مسألة 33: إذا نقص رأس ماله- اثناء السنة- جاز تكميله بجبره من أرباح سنته]

(مسألة 33): اذا نقص رأس ماله- اثناء السنة- جاز تكميله بجبره من ارباح سنته (4) و لا يجوز جبره بارباح السنين الآتية، و كذلك الحال في النقص الوارد علي المصانع و السيارات، و آلات الصنائع، و غير ذلك مما يستعمل في سبيل تحصيل الربح، فان النقص الوارد عليها يجبر من ربح السنة، و لا يجبر من أرباح السنين الآتية (5).

______________________________

(1) لعدم صدق المئونة عليه فيجب فيه الخمس.

(2) الكلام فيه هو الكلام.

(3) اذ

المفروض ان الثمن لم يخمس و الحال انه موضوع الخمس فلا بد من ملاحظة القيمة و الظاهر لزوم تقويمها غير ناقصة اذ المفروض عدم كونها من المئونة فاستعمالها لا يكون محتاجا اليه فلاحظ.

(4) اذ لا يصدق الربح الا علي المقدار الباقي بعد الجبر و هذا من فروع الاصل المتقدم الذي قد مر الاشكال فيه.

(5) لعدم الدليل علي الجواز و بعبارة اخري كل ربح موضوع للخمس

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 74

[مسألة 34: لا فرق في مؤنة السنة بين ما يصرف عينه، مثل المأكول و المشروب، و ما ينتفع به- مع بقاء عينه]

(مسألة 34): لا فرق في مؤنة السنة بين ما يصرف عينه، مثل المأكول و المشروب، و ما ينتفع به- مع بقاء عينه- مثل الدار، و الفرش و الاواني و نحوها من الالات المحتاج اليها، فيجوز استثناؤها اذا اشتراها من الربح، و ان بقيت للسنين الآتية (1) نعم اذا كان عنده شي ء منها، قبل الاكتساب لا يجوز استثناء قيمته، بل حاله حال من لم يكن محتاجا اليها (2).

[مسألة 35: يجوز إخراج المئونة من الربح]

(مسألة 35): يجوز اخراج المئونة من الربح، و ان كان له مال غير مال التجارة، فلا يجب اخراجها من ذلك المال. و لا التوزيع عليهما (3).

______________________________

و المفروض تحققه بهذا المقدار في السنة الفلانية و لا دليل علي جبران خسران غيرها بربحها فلاحظ.

(1) اذ الميزان صدق عنوان المئونة و بعد تحقق هذا العنوان يخرج عن تحت دليل الخمس و لا مقتضي لدخوله تحته بعد ذلك و بعبارة اخري كل ربح فيه الخمس الا ما صرف في المئونة و المفروض انه عنون بهذا العنوان و الشي ء لا ينقلب عما هو عليه و ان شئت قلت هذا الربح حين حدوثه لم يشمله دليل الوجوب و بقاء لا يكون فردا آخر للربح كي يشمله الدليل فالحق كما افاده.

(2) اذ المفروض ان الميزان بما يكون مؤنة بعد الاكتساب و لذا يكون لكل سنة حساب خاص بها فلاحظ. و علي الجملة لا بد أن يصرف الربح في المئونة في سنة الربح فلو لم يصرف فيها يتعلق به الخمس.

(3) ربما يقال كما عن الأردبيلي قدس سره انه يختص الجواز بصورة الاحتياج

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 75

[مسألة 36: إذا زاد ما اشتراه للمئونة]

(مسألة 36): اذا زاد ما اشتراه للمئونة من الحنطة، و الشعير، و السمن، و السكر و غيرها وجب عليه اخراج خمسه (1) اما المؤن التي يحتاج اليها- مع بقاء عينها اذا استغني عنها- فالظاهر عدم وجوب الخمس فيها، سواء كان الاستغناء عنها بعد السنة كما في حلي النساء الذي يستغني عنه في عصر الشيب، أم كان الاستغناء عنها في أثناء السنة، بلا فرق بين ما كانت مما يتعارف اعدادها للسنين الآتية، كالثياب الصيفية و الشتائية عند انتهاء الصيف أو الشتاء في أثناء السنة،

______________________________

فلا يجوز في غيره

و ذكرت في وجه هذا المدعي امور:

الاول: ان دليل الخمس بعد المئونة سنده ضعيف و علي تقدير تماميته منصرف الي مورد الاحتياج و الاجماع و نفي الضرر يختصان بصورة الاحتياج.

الثاني: انه مقتضي الاحتياط.

الثالث: انه يلزم عدم وجوب الخمس في موارد كثيرة و هذا ينافي تشريع الخمس. و يرد علي الوجه الاول انه لا يكون ضعيفا سندا كما أن الانصراف الي صورة الاحتياج بمعني عدم وجود مال آخر لا نصدقه بل مقتضي الاطلاق عدم الفرق و عموم الحكم لمورد يمكن الصرف من مال آخر. و يرد علي الوجه الثاني أن الاحتياط غير واجب غاية الامر كونه راجحا. و يرد علي الوجه الثالث انه لا محذور فيه و ملاكات الاحكام و جعلها علي طبقها بيد الشارع الاقدس و الميزان دلالة الادلة و مقتضاها الاطلاق و اما التوزيع فلا وجه له إلا رعاية قاعدة العدل و الانصاف و لا يرجع هذا التقريب الي محصل صحيح في المقام اذ مقتضي اطلاق الدليل هو الجواز كما افاده الماتن.

(1) اذ المفروض ان الزائد لا يكون مصداقا للمئونة فيجب فيه الخمس.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 76

و ما لم تكن كذلك (1).

[مسألة 37: إذا كانت الأعيان المصروفة في مؤنة السنة قد اشتراها من ماله المخمس فزادت قيمتها حين الاستهلاك في أثناء السنة]

(مسألة 37): اذا كانت الاعيان المصروفة في مؤنة السنة قد اشتراها من ماله المخمس فزادت قيمتها حين الاستهلاك في أثناء السنة لم يجز له استثناء قيمة زمان الاستهلاك بل يستثني قيمة الشراء (2).

______________________________

(1) اذ بعد تعنونه بعنوان المئونة خرج عن تحت دليل وجوب الخمس و بقاء لا يكون ربحا جديدا و قد تقدم الكلام حول هذه المسألة قريبا.

(2) بتقريب: ان المحتاج اليه كانت قيمته أقلّ فلا وجه لملاحظة الزيادة مع عدم دخلها في الاحتياج و في المقام شبهة و هي: انه

تارة يصرف الانسان مصارفه عن ربح السنة مع كونه واجدا لغيره و اخري يصرف من المال الذي لا خمس فيه أما في الصورة الاولي فلما مر من أن الخمس بعد المئونة فيجوز الصرف من ارباح السنة. و أما في الصورة الثانية فما الوجه في الاحتساب و استثناء المقدار من ارباح السنة.

و بعبارة اخري: المئونة ما يحتاج اليد و المفروض انه رفع حوائجه أو مقدارا منه من ذلك المال الذي أدي خمسه و أما جبران ذلك المقدار و أخذه من ربح السنة فلا وجه له ظاهرا لأنه لا يعد من حوائجه و صفوة القول: ان متعلق الخمس ما زاد علي المقدار المصروف في المئونة و المفروض انه صرف مؤنته من غير الربح و جبران المقدار المصروف ليس من مؤنته فما الوجه في الجبران؟.

الا أن يقال: ان السيرة جارية و العادة قاضية علي صرف المؤن المحتاج اليها من الارباح اما من عين الربح أو من مماثله من دين أو مال مخمس أو مالا خمس فيه بحيث يتحفظ علي رأس المال و يصرف من الارباح عينا أو مثلا فلا ربح.

مضافا الي انه لا يبعد أن يفهم العرف من قولهم عليهم السلام: «الخمس بعد المئونة» ان المقدار المصروف في المئونة خارج عن موضوع الخمس فكل مقدار

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 77

[مسألة 38: ما يدخره من المؤن كالحنطة و الدهن و نحو ذلك إذا بقي منه شي ء إلي السنة الثانية و كان أصله مخمسا لا يجب فيه الخمس لو زادت قيمته]

(مسألة 38): ما يدخره من المؤن كالحنطة و الدهن و نحو ذلك اذا بقي منه شي ء الي السنة الثانية و كان أصله مخمسا لا يجب فيه الخمس لو زادت قيمته (1) كما انه لو نقصت قيمته لا يجبر النقص من الربح (2).

[مسألة 39: إذا اشتري بعين الربح شيئا فتبين الاستغناء عنه وجب إخراج خمسه]

(مسألة 39): اذا اشتري بعين الربح شيئا فتبين الاستغناء عنه وجب اخراج خمسه (3) و الاحوط استحبابا مع نزول قيمته عن رأس المال مراعاة رأس المال (4) و كذا اذا اشتراه عالما بعدم الاحتياج اليه كبعض الفرش الزائدة و الجواهر المدخرة لوقت الحاجة في السنين اللاحقة و البساتين و الدور التي يقصد الاستفادة ببنائهما فانه لا يراعي في الخمس رأس مالها بل قيمتها و ان كانت أقلّ منه (5) و كذا اذا اشتري الاعيان المذكورة بالذمة ثم و في من الربح لم يلزمه الاخمس قيمة العين

______________________________

صرفه في مؤنته يجوز له اخراجه و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين أن يصرف من عين الربح أو من محل آخر بحيث يصدق ان هذا المقدار صرف في مؤنته.

(1) لعدم حدوث ربح جديد و الزيادة في المالية أمر اعتباري و قد مر الكلام حول هذه المسألة في مسألة زيادة القيمة.

(2) لعدم المقتضي للجبران فانه ليس من حوائجه و مؤن سنته فلاحظ.

(3) اذ المفروض كونه زائدا علي المئونة فيجب فيه الخمس و المفروض ان المكلف يجوز له التصرف في الربح قبل مضي السنة.

(4) لا اشكال في حسن الاحتياط.

(5) اذ المفروض جواز معاملته و تصرفه في الربح فالخمس متعلق بالعين و الميزان

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 78

آخر السنة (1) و ان كان الاحوط استحبابا في الجميع ملاحظة الثمن (2).

[مسألة 40: من جملة المؤن مصارف الحج واجبا كان أو مستحبا]

(مسألة 40): من جملة المؤن مصارف الحج واجبا كان أو مستحبا (3) و اذا استطاع في اثناء السنة من الربح و لم يحج و لو عصيانا وجب خمس ذلك المقدار من الربح و لم يستثن له (4) و اذا حصلت الاستطاعة من أرباح سنين متعددة وجب خمس الربح الحاصل في السنين الماضية (5)

فان بقيت الاستطاعة بعد اخراج الخمس وجب الحج و الا فلا (6) أما الربح المتمم للاستطاعة في سنة الحج فلا خمس

______________________________

بالقيمة الفعلية.

(1) الكلام فيه هو الكلام فانه يجوز له الوفاء فيكون متعلق الخمس العين المشتراة و لقائل أن يقول: انه مع العلم بعدم الاحتياج كيف يتصرف في متعلق الخمس و يجاب عن الاشكال بأن الربح بتمامه ليس متعلقا للخمس و من ناحية اخري انه يجوز للمالك التأخير في الاداء و التصرف في الربح قبل مضي السنة فلا اشكال.

(2) فانه لا اشكال في حسنه اذ يحتمل لزوم رعاية جانب الخمس و اللّه العالم.

(3) بلا اشكال فان مصارفه من المئونة أما في الواجب فواضح غايته و أما في المستحب منه فلانه قد مر ان كل شخص محتاج الي الوسائل الاخروية بلا فرق بين الافراد و قلنا: انه لا مجال للتفريق بين الشأنية و عدمها فراجع.

(4) اذ المفروض انه لم يصرف في المئونة و الميزان بالصرف الفعلي.

(5) لعين الملاك فان موضوع الوجوب قد تحقق علي الفرض و لم يصرف في المئونة.

(6) كما هو ظاهر.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 79

فيه (1) نعم اذا لم يحج و لو عصيانا وجب اخراج خمسه (2).

[مسألة 41: إذا حصل لديه أرباح تدريجية]

(مسألة 41): اذا حصل لديه أرباح تدريجية فاشتري في السنة الاولي عرصة لبناء دار و في الثانية خشبا و حديدا و في الثالثة آجرا مثلا و هكذا لا يكون ما اشتراه من المؤن المستثناة لتلك السنة لأنه مؤنة للسنين الآتية التي يحصل فيها السكني فعليه خمس تلك الاعيان (3).

[مسألة 42: إذا آجر نفسه سنين كانت الاجرة الواقعة بإزاء عمله في سنة الاجارة من أرباحها]

(مسألة 42): اذا آجر نفسه سنين كانت الاجرة الواقعة بازاء عمله في سنة الاجارة من أرباحها و ما يقع بازاء العمل في السنين الآتية من أرباح تلك السنين و أما اذا باع ثمرة بستانه سنين كان الثمن بتمامه من أرباح سنة البيع و وجب فيه الخمس بعد المئونة و بعد استثناء ما يجبر به النقص الوارد علي البستان من جهة كونه مسلوب المنفعة في المدة الباقية بعد انتهاء السنة مثلا: اذا كان له بستان يسوي ألف دينار فباع ثمرته عشر سنين بأربعمائة دينار و صرف منها في مؤنته مأئة دينار فكان الباقي له عند انتهاء السنة ثلاثمائة دينار لم يجب الخمس في تمامه بل لا بد من استثناء مقدار يجبر به النقص الوارد علي البستان

______________________________

(1) لفرض صرفه في المئونة.

(2) قد ظهر الوجه فيه.

(3) الظاهر ان الامر كما أفاده اذ المفروض ان ما يكون مصداقا للمئونة دار السكني و الامور المذكورة مقدمات لتحققها فحصول الربح مسلم و لم يصرف في مؤنة سنة الربح فيجب فيه الخمس.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 80

من جهة كونه مسلوب المنفعة تسع سنين (1) فاذا فرضنا أنه لا يسوي كذلك بأزيد من ثمانمائة دينار لم يجب الخمس الا في مأئة دينار فقط (2) و بذلك يظهر الحال فيما اذا آجر داره مثلا سنين متعددة.

[مسألة 43: إذا دفع من السهمين أو أحدهما ثم بعد تمام الحول حسب موجوداته ليخرج خمسها]

(مسألة 43): اذا دفع من السهمين أو أحدهما ثم بعد تمام الحول حسب موجوداته ليخرج خمسها فان كان ما دفعه من أرباح هذه السنة حسب المدفوع من الارباح و وجب اخراج خمس الجميع (3).

[مسألة 44: أداء الدين من المئونة]

(مسألة 44): اداء الدين من المئونة سواء أ كانت الاستدانة في سنة الربح أم فيما قبلها تمكن من ادائه قبل ذلك أم لا (4) نعم اذا

______________________________

(1) لم يظهر لي وجه الفرق بين الاجارة و البيع فان الميزان بحصول الربح فلو حصل جميع الربح في السنة الاولي يكون الحاصل متعلقا للخمس. و يمكن أن يكون وجه الفرق بين المقامين ان أخذ المال في مقابل الدين لا يكون مصداقا للربح و حيث ان المؤجر و ان كان آخذا لإجارة الاعمال المعلقة بالسنين الآتية في هذه السنة لكن المفروض انه مدين فلا يصدق نه رابح و لذا لو استدان احد مقدارا طائلا من المال لا يجب عليه الخمس لان الدين ليس ربحا بخلاف البيع اذ المفروض ان البائع للثمرة ليس مديونا بل حصل له ما باعه.

(2) اذ المفروض ان موضوع الخمس الربح و الربح بعد جبران الخسران لا يكون أزيد من هذا المقدار و مما ذكرنا يظهر الحال في اجارة الاعيان فان الكلام فيها هو الكلام فلاحظ.

(3) اذ لو كان المدفوع من الارباح لا بد من ملاحظته مع بقية أرباح سنته فمع تحقق الموضوع و شرائطة يجب تخميس المجموع.

(4) بلا اشكال فان ادائه من أظهر انواع المئونة بلا فرق بين أقسام الديون.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 81

لم يؤد دينه الي ان انقضت السنة وجب الخمس من دون استثناء مقدار وفاء الدين (1) الا أن يكون لمؤنة السنة (2) و بعد ظهور الربح فاستثناء مقداره

من ربحه لا يخلو من وجه (3) و لا فرق فيما ذكرنا بين الدين العرفي و الشرعي كالخمس و الزكاة و النذر و الكفارات و كذا في مثل اروش الجنايات و قيم المتلفات و شروط المعاملات فانه ان اداها من الربح في سنة الربح لم يجب الخمس فيه و ان كان حدوثها في السنة السابقة (4) و الا وجب الخمس و ان كان عاصيا بعدم ادائها (5).

[مسألة 45: إذا اشتري ما ليس من المئونة بالذمة أو استدان شيئا لإضافته الي رأس ماله و نحو ذلك]

(مسألة 45): اذا اشتري ما ليس من المئونة بالذمة أو استدان شيئا لإضافته الي رأس ماله و نحو ذلك مما يكون بدل دينه موجودا و لم يكن من المئونة لم يجز له اداء دينه من أرباح سنته بل يجب

______________________________

(1) اذ المفروض ان الخارج ما يكون مؤنة بالفعل و المفروض عدم اداء الدين فلا يجب.

(2) اذ يمكن أن يقال: انه لا يصدق الربح مع الدين لأجل المئونة مضافا انه قد مر أن المقدار المصروف في المئونة خارج عن موضوع وجوب الخمس.

(3) هذا مبني علي مذهبه من جعل مبدأ السنة ظهور الربح و قد مر ما فيه و لا اشكال في أن المتعارف الخارجي بين الناس ليس كذلك فان كل كاسب و صانع و تاجر يحاسب حساب خمسه في أول كل سنة و لا يلاحظ ظهور الربح.

(4) اذ الميزان ما يحتاج اليه و كونه من المئونة و لا فرق فيه بين الاقسام المذكورة.

(5) اذ المفروض عدم تحقق الخارجي فلا أثر له.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 82

عليه التخميس و اداء الدين من المال المخمس أو من مال آخر لم يتعلق به الخمس (1).

[مسألة 46: إذا اتجر برأس ماله مرارا متعددة في السنة فخسر في بعض تلك المعاملات في وقت و ربح في الآخر]

(مسألة 46): اذا اتجر برأس ماله مرارا متعددة في السنة فخسر في بعض تلك المعاملات في وقت و ربح في الاخر فان كان الخسران بعد الربح أو مقارنا له يجبر الخسران بالربح فان تساوي الخسران و الربح فلا خمس (2) و ان زاد الربح وجب الخمس في الزيادة (3) و ان زاد الخسران علي الربح فلا خمس عليه و صار رأس ماله في السنة اللاحقة أقل مما كان في السنة السابقة و أما اذا كان الربح بعد الخسران فالاحوط ان لم يكن اقوي عدم الجبر

(4) و يجري الحكم المذكور فيما اذا وزع رأس ماله علي تجارات متعددة كما اذا اشتري ببعضه حنطة و ببعضه سمنا فخسر في أحدهما و ربح في الاخر و كذا الحكم فيما اذا تلف بعض رأس المال او صرفه في نفقاته بل

______________________________

(1) لعدم المقتضي للجواز اذ المفروض ان ما اشتراه لا يكون من المئونة فلا وجه لحسابه منها.

(2) لعدم صدق الربح مع الخسران فلا يتحقق موضوع وجوب الخمس.

(3) كما هو ظاهر لتحقق موضوع الوجوب علي الفرض.

(4) الظاهر ان الوجه فيه انه يري مبدأ السنة حين ظهور الربح فالخسارة الواقعة قبل ظهوره لا تجبر به و الكلام مبني علي تلك المسألة و قد تقدم ان الاظهر خلاف ما بني عليه فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 83

اذا أنفق من ماله غير مال التجارة في مؤنته بعد حصول الربح جاز له أن يجبر ذلك من ربحه و ليس عليه خمس ما يساوي المؤن التي صرفها و انما عليه خمس الزائد لا غير و كذلك حال أهل المواشي فانه اذا باع بعضها لمؤنته أو مات بعضها أو سرق فانه يجبر جميع ذلك بالنتاج الحاصل له قبل ذلك ففي آخر السنة يجبر النقص الوارد علي الامهات بقيمة السخال المتولدة فانه يضم السخال الي أرباحه في تلك السنة من الصوف و السمن و اللبن و غير ذلك فيجبر النقص و يخمس ما زاد علي الجبر فاذا لم يحصل الجبر الا بقيمة جميع السخال مع أرباحه الاخري لم يكن عليه خمس في تلك السنة (1).

[مسألة 47: إذا كان له نوعان من التكسب كالتجارة و الزراعة فربح في احدهما و خسر في الآخر]

(مسألة 47): اذا كان له نوعان من التكسب كالتجارة و الزراعة فربح في احدهما و خسر في الاخر ففي جبر الخسارة بالربح اشكال و الاحوط عدم الجبر

(2).

[مسألة 48: إذا تلف بعض أمواله مما ليس من مال التكسب]

(مسألة 48): اذا تلف بعض أمواله مما ليس من مال التكسب

______________________________

(1) لوحدة الملاك و الميزان الكلي صدق الربح و عدم الصرف في المئونة ففي كل مورد تحقق مصداق هذه الكبري الكلية يترتب عليه وجوب الخمس فلاحظ.

(2) وجه الاشكال انه مع تعدد العنوان يكون لكل واحد من العنوانين حساب خاص و سنة مستقلة و لكن الظاهر انه لا وجه للإشكال لان الميزان بتحقق الربح و عدمه و لا فرق بين الموارد من هذه الجهة فان كان رابحا في آخر السنة يجب و الا فلا.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 84

و لا من مؤنته ففي الجبر حينئذ اشكال و الاظهر عدم الجبر (1).

[مسألة 49: إذا انهدمت دار سكناه أو تلف بعض أمواله مما هو من مؤنته]

(مسألة 49): اذا انهدمت دار سكناه أو تلف بعض أمواله مما هو من مؤنته كأثاث بيته أو لباسه أو سيارته التي يحتاج اليها و نحو ذلك ففي الجبر من الربح اشكال و الاظهر عدم الجبر (2) نعم يجوز له تعمير داره و شراء مثل ما تلف من المؤن أثناء سنة الربح و يكون ذلك من التصرف في المئونة المستثناة من الخمس (3).

[مسألة 50: يحرم الاتجار بالعين بعد انتهاء السنة قبل دفع الخمس]

(مسألة 50): يحرم الاتجار بالعين بعد انتهاء السنة قبل دفع الخمس (4) و اذا اتجر بها فالظاهر الصحة اذا كان طرف المعاملة مؤمنا و ينتقل الخمس الي البدل (5).

[مسألة 51: إذا أتلف المالك أو غيره المال ضمن المتلف]

(مسألة 51): اذا أتلف المالك أو غيره المال ضمن المتلف

______________________________

(1) اذ المفروض ان التلف ليس من مال التجارة فيصدق عنوان الربح في التجارة و ان كان خاسرا من ناحية اخري و لا وجه للجبران.

(2) لما تقدم آنفا.

(3) لأنه من مؤنته.

(4) اذ لا وجه للتصرف في المال المشترك بلا دليل مجوز.

(5) استدل علي مدعاه بحديثين احدهما ما رواه أبو خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال، قال رجل و أنا حاضر: حلل لي الفروج ففزع أبو عبد اللّه عليه السلام فقال له رجل: ليس يسألك أن يعترض الطريق انما يسألك خادما يشتريها أو امرأة يتزوجها أو ميراثا يصيبه أو تجارة أو شيئا اعطيه فقال: هذا لشيعتنا حلال الشاهد منهم و الغائب و الميت منهم و الحي و ما يولد منهم الي يوم القيامة فهو

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 85

الخمس (1) و رجع عليه الحاكم (2) و كذا الحكم اذا دفعه المالك الي غيره وفاء لدين أو هبة أو عوضا لمعاملة فانه ضامن للخمس و يرجع الحاكم عليه و لا يجوز الرجوع علي من انتقل اليه المال اذا كان مؤمنا (3) و اذا كان ريحه حبا فبذره فصار زرعا وجب خمس الحب

______________________________

لهم حلال أما و اللّه لا يحل الا لمن أحللنا له و لا و اللّه ما أعطينا احدا ذمة و ما عندنا لأحد عهد (هوادة) و لا لأحد عندنا ميثاق «1».

ثانيهما: ما رواه يونس بن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فدخل عليه

رجل من القماطين فقال: جعلت فداك تقع في ايدينا الاموال و الارباح و تجارات نعلم ان حقك فيها ثابت و انا عن ذلك مقصرون فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ما أنصفناكم ان كلفناكم ذلك اليوم «2».

بتقريب: ان المستفاد من الحديثين ان الواصل الي أيدي الشيعة اذا كان فيه الخمس يحل لهم و مقتضي اطلاق الحديثين عدم الفرق بين كون المأخوذ منه شيعيا أو غير شيعي فالحكم عام. و لكن الاشكال في الحديثين من حيث السند فان الحديث الاول مخدوش بأبي خديجة و الحديث الثاني مخدوش بمحمد بن سنان في بعض اسناده و بحكم بن مسكين في بعضها الاخر فتكون المعاملة بالنسبة الي مقدار الخمس فضوليا فلاحظ و يتعرض الماتن لهذه الجهة في مسألة: 71 مبسوطا فانتظر.

(1) لقاعدة من أتلف.

(2) لان الحاكم ولي الخمس و أمره راجع اليه.

(3) بدعوي انهم عليهم السلام اباحوا لشيعتهم و قد مر الكلام في المسألة السابقه

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الانفال الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 86

لا خمس الزرع و اذا كان بيضا فصار دجاجا وجب عليه خمس البيض لا خمس الدجاج و اذا كان ربحه أغصانا فغرسها فصارت شجرا وجب عليه خمس الشجر لا خمس الغصن فالتحول اذا كان من قبيل التولد وجب خمس الاول و اذا كان من قبيل النمو وجب خمس الثاني (1).

[مسألة 52: إذا حسب ربحه فدفع خمسه ثم انكشف أن ما دفعه كان أكثر مما وجب عليه]

(مسألة 52): اذا حسب ربحه فدفع خمسه ثم انكشف ان ما دفعه كان أكثر مما وجب عليه لم يجز له احتساب الزائد مما يجب عليه في السنة التالية (2) نعم يجوز له أن يرجع به علي الفقير مع بقاء عينه (3) و كذا مع تلفها اذا كان عالما

بالحال (4).

______________________________

حول هذه الجهة و يقع البحث فبها مبسوطا تبعا للماتن في مسألة: 71.

(1) لم يظهر لي وجه التفصيل و الذي يختلج بالبال عاجلا عدم الفرق و علي جميع التقادير يتعلق الخمس بالصورة المتحققة ثانيا اذ المفروض ان الخمس في العين فمقتضي القاعدة ثبوته في المتحول اليه فلاحظ.

(2) لعدم دليل علي الجواز و مقتضي القاعدة الاولية عدمه اذ المفروض ان تعلق الخمس وضعا و تكليفا متأخر و الامتثال متأخر رتبة عن التكليف فلا يكون ما صدر عنه سابقا مصداقا للمأمور به و المفروض انه لا دليل علي الكفاية.

(3) اذ مع بقائها تكون العين باقية في ملك مالكها و لم تنتقل الي الفقير فيجوز له الرجوع بالزائد.

(4) اذ مع علمه بالحال لا يجوز له التصرف فيما دفع اليه اذ المعطي دفعه بعنوان الخمس و الحال انه لا واقع له علي الفرض و أما اذا كان جاهلا فالظاهر ان وجه عدم ضمانه انه صار مغرورا من قبل الدافع لكن هل يصدق الغرور مع

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 87

[مسألة 53: إذا جاء رأس الحول و كان ناتج بعض الزرع حاصلا دون بعض]

(مسألة 53): اذا جاء رأس الحول و كان ناتج بعض الزرع حاصلا دون بعض فما حصلت نتيجته يكون من ربح سنته و يخمس بعد اخراج المؤن و ما لم تحصل نتيجته يكون من أرباح السنة اللاحقة نعم اذا كان له أصل موجود له قيمة أخرج خمسه في آخر السنة و الفرع يكون من أرباح السنة اللاحقة مثلا في رأس السنة كان بعض الزرع له سنبل و بعضه قصيل لا سنبل له وجب اخراج خمس الجميع و اذا ظهر السنبل في السنة الثانية كان من أرباحها لا من أرباح السنة السابقة (1).

[مسألة 54: إذا كان الغوص و إخراج المعدن مكسبا كفاه اخراج خمسهما]

(مسألة 54): اذا كان الغوص و اخراج المعدن مكسبا كفاه اخراج خمسهما و لا يجب عليه اخراج خمس آخر من باب أرباح المكاسب (2).

______________________________

جهل الدافع و مع عدم صدق الغرور لا وجه لعدم الضمان اذ المفروض ان المال باق في ملك مالكه فمقتضي القاعدة ضمان الاخذ حتي في صورة الجهل الا فيما يصدق عنوان الغرور.

(1) الوجه فيما أفاده ان الحكم تابع للموضوع فكل موضوع يتحقق في الخارج مع قيوده يترتب عليه حكمه فالنتيجة ما أفاده من التفصيل و صفوة القول: ان ربح كل سنة يحسب من تلك السنة و هذا ظاهر فلاحظ.

(2) استدل علي المدعي بوجوه: الوجه الاول ان الظاهر من الادلة الواردة في العناوين الخاصة عدم وجوب خمس آخر فيها فلا يجب في المعدن و الغوص الا خمس واحد لاحظ الروايات في الباب 3 و 7 من أبواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل و تقدم بعضها في مبحث المعدن و الغوص.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 88

______________________________

و فيه: ان المستفاد من تلك الادلة تعلق الخمس بتلك العناوين و لا تعرض فيها من جهة

أخري و بعبارة اخري: اطلاق تلك الادلة مسوق لبيان أحكام العناوين بما هي لا من الجهات الاخر فلا مجال لان يقال: ان الظاهر من تلك الادلة ان الواجب ادائه خمس المال بذلك العنوان و الباقي ملك للدافع و هذا ينافي مع وجوب خمس آخر بعنوان ربح الكسب.

و بكلمة واضحة: الحق ان خمس الارباح يتعلق حين حدوث الربح غاية الامر بشرط عدم صرفه في مؤنة السنة و الحال ان الظاهر من ادلة خمس الغوص مثلا ان الباقي ملك للغواص. و صفوة القول: انه لا تنافي بين الدليلين فان مدلول احدهما غير مدلول الاخر فلا وجه لرفع اليد عن عن احدهما بل مقتضي القاعدة الاخذ بكلا الدليلين.

الوجه الثاني: ان المستفاد من دليل خمس الارباح ان موضوع الخمس الفائدة لا غير لاحظ ما رواه سماعة قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الخمس فقال: في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان الخمس انما يتعلق بالفائدة بما هي فائدة فما يخرج بالغوص مثلا بلحاظ كونه احد مصاديق الفائدة فليس فيه الاخمس واحد.

و فيه: ان غاية ما في الباب أن يستفاد من حديث سماعة عدم الوجوب بعنوان آخر من باب كونه عليه السلام في مقام التحديد لكن مقتضي الصناعة رفع اليد عن هذا الظهور بصراحة ادلة تلك العناوين في وجوبه بتلك العناوين.

الوجه الثالث: ما ذكره في تحف العقول عن الرضا عليه السلام في كتابه

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 89

______________________________

الي المأموم قال: و الخمس من جميع المال مرة واحدة «1» فان مقتضي هذه الرواية عدم وجوب الخمس في المال إلا مرة واحدة.

و فيه: ان السند ضعيف بالارسال.

الوجه الرابع: ما روي عنهم عليهم السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي أن يحلف الناس علي صدقاتهم و قال: هم فيها مأمونون و نهي أن تثني عليهم في عام مرتين و لا يؤخذ بها في كل عام إلا مرة واحدة «2».

بدعوي شمول الصدقة للخمس. و فيه: اولا ان السند ضعيف و ثانيا: ان الحديث لا يرتبط بالخمس- كما هو ظاهر- و لا دليل علي العموم.

الوجه الخامس: انه اذا لم يكن الغوص مكسبا له و غاص و من باب الاتفاق اخرج لؤلؤة يلزم أن يقال: بوجوب الخمس متعددا في حقه و الحال انه مقطوع الخلاف فاذا لم نقل بوجوب التعدد فيه ففي غيره يكون الامر كذلك لعدم الفرق.

و فيه: انه علي تقدير القطع بعدم التعدد فيما لا يكون مكسبا له يتوقف الجزم بالعدم علي الاطلاق علي القطع بعدم الفرق بين هذا المورد و بقية الموارد و كيف يمكن اثبات هذا المدعي مضافا الي أنه كيف يمكن القطع بعدم الخمسين بالنسبة الي من لا يكون الغوص مكسبا له بل نقول يجب الخمسان حتي بالنسبة اليه.

و صفوة القول: ان مقتضي القاعدة و الصناعة الالتزام بالخمسين و لو فرض القطع بعدمهما بالنسبة الي من لا يكون الغوص مكسبا له فلا وجه لقياس بقية الموارد عليه و الضرورات تقدر بقدرها فعلي هذا لو تم المدعي بالإجماع و التسالم القطعي فهو و إلا فلا يمكن الالتزام بعدم الوجوب و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب: 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 13

(2) مستدرك الوسائل الباب 12 من أبواب زكاة الانعام الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 90

[مسألة 55: المرأة التي تكتسب يجب عليها الخمس إذا عال بها الزوج]

(مسألة 55): المرأة التي تكتسب

يجب عليها الخمس اذا عال بها الزوج و كذا اذا لم يعل بها الزوج و زادت فوائدها علي مؤنتها بل و كذا الحكم اذا لم تكتسب و كانت لها فوائد من زوجها أو غيره فانه يجب عليها في آخر السنة اخراج خمس الزائد كغيرها من الرجال و بالجملة يجب علي كل مكلف أن يلاحظ ما زاد عنده في آخر السنة من أرباح مكاسبه و غيرها قليلا كان أم كثيرا و يخرج خمسه كاسبا كان أم غير كاسب (1).

[مسألة 56: الظاهر اشتراط البلوغ و العقل في ثبوت الخمس في جميع ما يتعلق به الخمس]

(مسألة 56): الظاهر اشتراط البلوغ و العقل في ثبوت الخمس في جميع ما يتعلق به الخمس من أرباح المكاسب و الكنز و الغوص و المعدن و الحلال المختلط بالحرام و الارض التي يشتريها الذمي من المسلم فلا يجب الخمس في مال الصبي و المجنون علي الولي و لا عليهما بعد البلوغ و الافاقة (2).

______________________________

(1) لتحقق الموضوع و مع تحققه يترتب عليه الحكم فان كل ربح و فائدة يجب فيه الخمس و المفروض في حقها انها تكتسب و لها فوائد و لا وجه لاستثناء المئونة اذ الميزان في اخراج المئونة ما يكون مؤنة بالفعل نعم لو صرفت في حوائجها من كسبها و امتنعت من صرف مال زوجها و كان مناسبا لشأنها لا يجب عليها و ملخص الكلام ان الميزان في الوجوب تحقق الموضوع و الا فلا يجب و هذا ظاهر.

(2) أما بالنسبة الي البلوغ فالحق ما افاده فان مقتضي رفع القلم عن غير البالغ علي الاطلاق عدم الفرق بين التكليف و الوضع لاحظ ما رواه عمار الساباطي عن عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة قال: اذا

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص:

91

______________________________

أتي عليه ثلاث عشرة سنة فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري عليه القلم و الجارية مثل ذلك ان أتي لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة و جري عليها القلم «1».

فان مقتضي مفهوم الشرطية عدم وضع القلم علي غير البالغ و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين التكليف و الوضع و أما بالنسبة الي غير العاقل فالجزم بالحكم مشكل فان مقتضي جملة من الروايات ان التكليف موقوف علي العقل لاحظ الروايات في الباب 3 من أبواب مقدمة العبادات من الوسائل و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما خلق اللّه العقل استنطقه ثم قال له: اقبل فأقبل ثم قال له: ادبر فادبر ثم قال: و عزتي و جلالي ما خلقت خلقا هو احب إلي منك و لا أكملتك الا فيمن احب أما اني اياك آمر و اياك أنهي و اياك اعاقب و اياك اثيب «2».

و لكن المستفاد من هذه النصوص ان من لا يكون عاقلا لا يكون مكلفا و عدم التكليف لا ينافي الوضع، كما هو ظاهر نعم مقتضي حديث ابن ظبيان قال: اتي عمر بامرأة مجنونة قد زنت فأمر برجمها فقال علي عليه السلام: أما علمت ان القلم يرفع عن ثلاثة: عن الصبي حتي يحتلم و عن المجنون حتي يفيق و عن النائم حتي يستيقظ «3»، رفع القلم عن المجنون علي الاطلاق.

لكن الرواية مخدوشة سندا فعليه لا بد من التفصيل بين البلوغ و العقل في المقام

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة

العبادات الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 92

[مسألة 57: إذا اشتري من أرباح سنته ما لم يكن من المئونة فارتفعت قيمته كان اللازم إخراج خمسه عينا أو قيمة]

(مسألة 57): اذا اشتري من أرباح سنته ما لم يكن من المئونة فارتفعت قيمته كان اللازم اخراج خمسه عينا أو قيمة فان المال حينئذ بنفسه من الارباح (1) و أما اذا اشتري شيئا بعد انتهاء سنته و وجوب الخمس في ثمنه فان كانت المعاملة شخصية وجب تخميس ذلك المال أيضا عينا أو قيمة (2) و اما اذا كان اشتراه في الذمة- كما هو الغالب- و كان الوفاء به من الربح غير المخمس فلا يجب عليه إلا دفع خمس الثمن الذي اشتراه به (3) و لا يجب الخمس في ارتفاع قيمته

______________________________

فلا يجب علي غير البالغ بمقتضي رفع القلم عنه و عليه لا يجب علي وليه اخراج الخمس من ماله لعدم ثبوته في ماله كما أنه لا يجب عليه بعد البلوغ بالنسبة الي الربح الحاصل له قبل بلوغه اذ الربح الحاصل له قبل بلوغه لم يشمله الدليل حين حدوثه و بعد بلوغه لا يكون ربحا جديدا، و ان شئت قلت: ان مقتضي مجموع الادلة استثناء ارباح غير البالغ و أما بالنسبة الي غير العاقل فلا دليل علي الاستثناء الا أن يقال: ان المستفاد من حديث ابن مسلم رفع القلم علي الاطلاق فتأمل.

(1) الامر كما أفاده فان متعلق الخمس نفس العين فلا بد من ملاحظتها.

(2) حيث ان الماتن يري ان مقتضي اخبار التحليل صحة المعاملة و تعلق الخمس بالبدل و عليه لا بد من اخراج الخمس من نفس العين و أما علي المسلك الاخر تكون المعاملة بالنسبة الي مقدار الخمس فضوليا و تحتاج صحته الي اجازة الحاكم علي القول بصحة الفضولي مع اجازة من بيده الامر.

(3) حيث يري ان مقتضي

أخبار التحليل حلية التصرف و قد تعرض لمدعاه في (مسألة): 71 و نتعرض ان شاء اللّه لما يقتضيه الدليل هناك و أما علي المسلك الاخر فدفع الثمن الي البائع علي خلاف القاعدة فلا بد من علاجه اذ علي مقتضي المسلك

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 93

ما لم يبعه (1) و اذا علم أنه أدي الثمن من ربح لم يخمسه و لكنه شك في أنه كان أثناء السنة ليجب الخمس في ارتفاع القيمة أيضا أو كان بعد انتهائها لئلا يجب الخمس الا بمقدار الثمن فقط فالاحوط المصالحة مع الحاكم الشرعي (2).

______________________________

الاخر لا ينتقل الخمس الي ملك البائع فالمشتري مديون بالنسبة اليه.

(1) كما تقدم الكلام من هذه الجهة من أن ارتفاع القيمة في غير مال التجارة لا يوجب وجوب الخمس الا بعد البيع حيث انه لا يتحقق موضوع الوجوب الا بعده.

(2) لا اشكال في حسن الاحتياط و لكن يمكن أن يقال: ان مقتضي الصناعة كفاية دفع الاقل اذ مرجع الشك في الصورة المفروضة دوران الامر بين الاقل و الاكثر و مقتضي البراءة عن الزائد كفاية دفع الاقل.

ان قلت: يعلم اجمالا بأن الخمس اما متعلق بالعين و اما متعلق بالثمن و العلم الإجمالي منجز فلا بد من العلم بالبراءة. قلت: علي فرض تعلقه بالعين يكون المكلف مخيرا بين ادائه من نفس العين و بين ادائه بذلك المقدار فالذي علم بوجوبه و ثبوته هو الجامع فلا يكون متعلق العلم الإجمالي أمرين متباينين بل الجامع معلوم و الاصل يقتضي البراءة عن الزائد الا أن يقال بأن الامر دائر بين تعلق الخمس بالعين و تعلقه بالثمن و من الواضح انهما متباينان فيجب الاحتياط و مجرد جواز دفع القيمة عن العين لا يدخل

المقام في الاقل و الاكثر فلا مناص من الاحتياط و جواز المصالحة مع الحاكم بحيث لا يعمل علي طبق الاحتياط التام مشكل اذ مقتضي الاستصحاب عدم وصول الحق الي ذيه و لا يبعد أن يقال: ان المقام داخل في الموارد التي تتميز بالقرعة و اللّه العالم.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 94

[مسألة 58: إذا كان الشخص لا يحاسب نفسه مدة من السنين و قد ربح فيها و استفاد أموالا]

(مسألة 58): اذا كان الشخص لا يحاسب نفسه مدة من السنين و قد ربح فيها و استفاد أموالا و اشتري منها أعيانا و اثاثا و عمر ديارا ثم التفت الي ما يجب عليه من اخراج الخمس من هذه الفوائد فالواجب عليه اخراج الخمس من كل ما اشتراه أو عمره أو غرسه مما لم يكن معدودا من المئونة مثل الدار التي لم يتخذها دار سكني و الاثاث الذي لا يحتاج اليه أمثاله و كذا الحيوان و الغرس و غيرها علي تفصيل مر في المسألة السابقة (1) أما ما يكون معدودا من المئونة مثل دار السكني و الفراش و الاواني اللازمة له و نحوها فان كان قد اشتراه من ربح السنة التي قد اشتراه فيها لم يجب اخراج الخمس منه (2) و ان كان قد اشتراه من السنة السابقة بأن كان لم يربح في سنة الشراء أو كان ربحه لا يزيد علي مصارفه اليومية وجب عليه اخراج خمسه علي التفصيل المتقدم (3) و ان كان ربحه يزيد علي مصارفه اليومية لكن الزيادة أقلّ من الثمن الذي اشتراه به وجب عليه اخراج خمس مقدار

______________________________

(1) اذ المفروض ان تلك الاعيان لا تكون من المئونة فيجب الخمس فيها غاية الامر بناء علي مسلك الماتن يتعلق الخمس بنفس الاعيان المشتراة و أما علي مسلكنا يتعلق الخمس بنفس الارباح و تكون

المعاملة معها فضولية.

(2) اذ لا خمس في المئونة.

(3) هذا يتم علي مسلك الماتن حيث يري صحة المعاملة بالمال الذي لم يخمس و أما علي المسلك الاخر فالخمس ثابت في الثمن و تكون المعاملة فضولية ان كان الاشتراء بالثمن الشخصي فلا بد من علاجها كبقية العقود الفضولية.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 95

التفاوت مثلا اذا عمر دارا لسكناه بألف دينار و كان ربحه في سنة التعمير يزيد علي مصارفه اليومية بمقدار مائتي دينار وجب اخراج خمس ثمانمائة دنانير و كذا اذا اشتري اثاثا بمائة دينار و كان قد ربح زائدا علي مصارفه اليومية عشرة دنانير في تلك السنة و الاثاث الذي اشتراه محتاج اليه وجب تخميس تسعين دينارا (1) و اذا لم يعلم ان الاعيان التي اشتراها و كان يحتاج اليها يساوي ثمنها ربحه في سنة الشراء أو أقل منه أوانه لم يربح في سنة الشراء زائدا علي مصارفه اليومية فالاحوط المصالحة مع الحاكم الشرعي (2) و اذا علم انه لم يربح في بعض السنين بمقدار مصارفه و أنه كان يصرف من أرباح سنته السابقة

______________________________

(1) كما هو ظاهر اذ الحكم تابع لموضوعه و تحقق الموضوع بهذا المقدار كما فرض.

(2) الذي يختلج بالبال أن يقال: مقتضي ادلة وجوب الخمس ثبوته في كل فائدة و انما خصص دليل الوجوب بالمقدار الذي يصرف في المئونة فموضوع الحكم بعد التخصيص يعنون بهذا العنوان و تكون النتيجة ان الفائدة التي لم تصرف في المئونة يجب الخمس فيها و حيث ان مقتضي الاصل عند الشك عدم صرفه في المئونة يحكم عليه بالوجوب نعم في بعض النصوص اخذ في الموضوع عنوان ما يفضل لاحظ حديث ابن شجاع النيسابوري أنه سأل أبا الحسن الثالث عليه

السلام عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مأئة كرما يزكي فأخذ منه العشر عشرة أكرار و ذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرا و بقي في يده ستون كرا ما الذي يجب لك من ذلك؟ و هل يجب لأصحابه من ذلك عليه شي ء فوقع: لي

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 96

وجب اخراج خمس مصارفه التي صرفها من أرباح السنة السابقة (1).

[مسألة 59: قد عرفت أن رأس السنة أول ظهور الربح]

(مسألة 59): قد عرفت ان رأس السنة أول ظهور الربح لكن اذا أراد المكلف تغيير رأس سنته أمكنه ذلك بدفع خمس ما ربحه أثناء السنة و استئناف رأس سنة للأرباح الآتية (2) و يجوز جعل السنة عربية و رومية و فارسية و غيرها (3).

______________________________

منه الخمس مما يفضل من مؤنته «1» و لكن السند ضعيف فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر اذ فرض تحقق موضوع الوجوب فيجب.

(2) اذ لا دليل علي وجوب الابقاء و عدم التغيير و بعبارة اخري: جواز التغيير علي طبق القاعدة الاولية.

(3) يمكن أن يكون الوجه للجواز اطلاق الدليل فان المستفاد من دليل كون الخمس بعد المئونة ان الميزان في الوجوب بقاء الربح طول السنة و عدم صرفه في المئونة و مقتضي الاطلاق عدم الحصر. و لقائل أن يقول: المتبادر من الادلة السنة القمرية فانها محور الاستعمالات عند المتشرعة.

اضف الي ذلك ان مرجع ما ذكر التخيير بين الاقل و الاكثر و هل يمكن الالتزام به اذ بعد تمامية السنة القمرية هل يجب الخمس أم لا؟ و بعبارة أخري:

ما هو المقصود من قولهم عليهم السلام «الخمس بعد المئونة»؟ فان مرادهم عليهم السلام من السنة، القمرية أو غيرها و علي تقدير عدم بناء المكلف علي أداء الخمس و عدم احتسابه و لحاظه سنة الربح و ابتدائها

و انتهائها هل يتعلق الخمس بما زاد أم لا؟ لا سبيل الي الثاني فلا بد من بيان ما هو المراد من كلامهم و لحاظ ما يكون

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 97

[مسألة 60: يجب علي كل مكلف في آخر السنة أن يخرج خمس ما زاد من أرباحه]

(مسألة 60): يجب علي كل مكلف في آخر السنة أن يخرج خمس ما زاد من أرباحه عن مؤنته مما ادخره في بيته لذلك من الارز و الدقيق و الحنطة و الشعير و السكر و الشاي و النفط و الحطب و الفحم و السمن و الحلوي و غير ذلك من أمتعة البيت مما أعد للمئونة فيخرج خمس ما زاد من ذلك (1) نعم اذا كان عليه دين استدانه لمؤنة السنة و كان مساويا للزائد لم يجب الخمس في الزائد و كذا اذا كان أكثر (2) أما اذا كان الدين أقلّ أخرج خمس مقدار التفاوت لا غير (3) و اذا بقيت الاعيان المذكورة الي السنة الآتية فوفي الدين في أثنائها صارت معدودة من أرباح السنة الثانية فلا يجب الخمس الا علي ما يزيد منها علي مؤنة تلك السنة (4) و كذا الحكم اذا اشتري أعيانا لغير المئونة

______________________________

موضوعا للوجوب في اعتبار الشارع.

و بعبارة واضحة: المستفاد من كلام الشارع و من قوله «الخمس بعد المئونة» ان كان مؤنة السنة القمرية فلا مجال للمكلف أن يحتسب بلحاظ السنة الشمسية و ان كان المراد الشمسية فكذلك أيضا و حيث ان محور استعمالات الشارع السنة القمرية يتعين مبدأ السنة القمرية و هذا ما يختلج بالبال عاجلا و اللّه العالم.

(1) بلا خلاف ظاهر كما في كلام بعض الاصحاب و الوجه عدم كونه من المئونة فيجب فيه الخمس.

(2) لعدم صدق الربح و

الزيادة في مفروض الكلام.

(3) كما هو ظاهر فانه يجب بهذا المقدار.

(4) كما هو ظاهر اذ المفروض ان اداء الدين تحقق في السنة الآتية فتكون

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 98

كبستان و كان عليه دين للمئونة يساويها فلا يجب اخراج خمسها (1) فاذا و في الدين في السنة الثانية كانت معدودة من أرباحها و وجب اخراج خمسها آخر السنة (2) و اذا اشتري بستانا مثلا بثمن في الذمة مؤجلا فجاء رأس السنة لم يجب اخراج خمس البستان (3) فاذا و في تمام الثمن في السنة الثانية كانت أرباح البستان من أرباح السنة الثانية و وجب اخراج خمسها فاذا و في نصف الثمن في السنة الثانية كان نصف البستان من أرباح تلك السنة و وجب اخراج خمس النصف فاذا و في ربع الثمن في السنة الثانية كان ربعها من أرباح تلك السنة و هكذا كلما و في جزءا من الثمن كان ما يقابله من البستان من أرباح

______________________________

تلك الاعيان من أرباح تلك السنة.

(1) تارة يشتري البستان مثلا بما استدانه و اخري يشتري بما ربحه بسبب من أسبابه أما علي الاول فما أفاده من عدم وجوب الخمس في الاعيان علي القاعدة اذ المفروض انه لم يربح و أما علي الثاني فلقائل أن يقول ان البستان من مصاديق الربح و المفروض انه لم يصرف في المئونة فيجب فيه الخمس الا أن يقال: ان مقتضي قولهم عليهم السلام: «ان الخمس بعد المئونة» عدم الخمس فيما لا يزيد عن المئونة. و بعبارة اخري: ان الخمس لا يتعلق الا بما زاد عن المئونة فمقدار المئونة خارج عن محور الوجوب فلاحظ.

(2) كما هو ظاهر فان الموضوع للوجوب يتحقق في السنة الثانية كما فرض في كلام

الماتن.

(3) لعدم تحقق الربح مع وجود الدين.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 99

تلك السنة (1) هذا اذا كان البستان موجودا أما اذا تلف فلا خمس فيه (2) و كذا اذا ربح في سنة مائة دينار مثلا فلم يدفع منها عشرين دينارا حتي جاءت السنة الثانية فدفع من أرباحها عشرين دينارا وجب عليه خمس العشرين دينارا التي هي الخمس مع بقائها (3) لا مع تلفها (4) و اذا فرض انه اشتري دارا للسكني فسكنها ثم و في في السنة الثانية ثمنها لم يجب عليه خمس الدار (5) و كذا اذا و في في السنة الثانية بعض أجزاء الثمن لم يجب الخمس في الحصة من الدار (6) و يجري هذا الحكم في كل ما اشتري من المؤن بالدين (7).

[مسألة 61: إذا نذر أن يصرف نصف أرباحه السنوية مثلا في وجه من وجوه البر وجب عليه الوفاء بنذره]

(مسألة 61): اذا نذر أن يصرف نصف أرباحه السنوية مثلا في وجه من وجوه البر وجب عليه الوفاء بنذره (8) فان صرف المنذور

______________________________

(1) ظهر الوجه فيما أفاده مما ذكرناه فلاحظ.

(2) لعدم وجود الموضوع.

(3) اذ المفروض ان العشرين التي و في بها دينه من أرباحه و يجب فيه الخمس و حيث ان الماتن يري انه لو تصرف المكلف في متعلق الخمس يمضي ذلك التصرف و ينتقل الخمس الي بدله أفاد بوجوب الخمس في تلك العشرين.

(4) اذ مع تلفها لا موضوع للوجوب و يكون المكلف مديونا بهذا المقدار و اداء الدين من المئونة فالعشرون التي دفعها بعنوان الخمس من مؤنته.

(5) اذ المفروض ان الدار من مؤنته و لا خمس في المئونة.

(6) لعين الملاك.

(7) قد ظهر الوجه فيه.

(8) لوجوب الوفاء بالنذر اذا كان متعلقه راجحا كما هو المفروض.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 100

في الجهة المنذور لها قبل انتهاء السنة لم يجب عليه

تخميس ما صرفه (1) و ان لم يصرفه حتي انتهت السنة وجب عليه اخراج خمسه كما يجب عليه اخراج خمس النصف الاخري من أرباحه بعد اكمال مؤنته (2).

[مسألة 62: إذا كان رأس ماله مائة دينار فاستأجر دكانا بعشرة دنانير]

(مسألة 62): اذا كان رأس ماله مائة دينار فاستأجر دكانا بعشرة دنانير و اشتري آلات للدكان بعشرة و في آخر السنة وجد ماله بلغ مائة كان عليه خمس الالات فقط و لا يجب اخراج خمس اجرة الدكان لأنها من مؤنة التجارة و كذا اجرة الحارس و الحمال و الضرائب التي يدفعها الي السلطان و السرقفلية فان هذه المؤن مستثناة من الربح و الخمس انما يجب فيما زاد عليها كما عرفت (3) نعم اذا كانت السرقفلية التي دفعها الي المالك أو غيره أوجبت له حقا في أخذها من غيره وجب تقويم ذلك الحق في آخر السنة و اخراج خمسه فربما تزيد قيمته علي مقدار ما دفعه من السرقفلية و ربما ينقص و ربما

______________________________

(1) لعدم بقاء الموضوع و الوفاء بالنذر من مؤنته.

(2) كما هو ظاهر لتحقق الموضوع.

(3) و ملخص الكلام: ان ما يرجع الي رأسه ماله كالآلات التي اشتريها للدكان يجب فيه الخمس و ما يكون مؤنة للتجارة لا يجب فيه الخمس و لقائل أن يقول:

انه ما المراد من الالات و ما الفرق بين تلك الالات و السرقفلية مثلا فان كليهما من مؤنة التجارة اذ المفروض ان تلك الالات تتوقف عليها التجارة.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 101

تساوي (1).

[مسألة 63: إذا حل رأس الحول فلم يدفع خمس الربح ثم دفعه تدريجا من السنة الثانية]

(مسألة 63): اذا حل رأس الحول فلم يدفع خمس الربح ثم دفعه تدريجا من السنة الثانية لم يحسب ما يدفعه من المؤن بل يجب فيه الخمس (2) و كذا لو صالحه علي مبلغ في الذمة فان وفائه من أرباح السنة الثانية لا يكون من المؤن بل يجب فيه الخمس اذا كان مال المصالحة عوضا عن خمس عين موجودة (3) و اذا كان عوضا عن خمس

______________________________

(1) اذ يصدق الربح علي

ذلك الحق و المفروض انه لم يصرف في المئونة فيجب الخمس فيه و الظاهر من كلامه انه لو دفع السرقفلية من المال الذي لا خمس فيه لا يجب الخمس في ذلك الحق و الحال ان مقتضي القاعدة تعلق الخمس به اذا كان أزيد من المقدار المدفوع اذ قد مر منه ان الزيادة المالية في مال التجارة يتعلق بها الخمس الا أن يقال: ان الماتن غير متعرض لهذا الفرض.

و يختلج بالبال اشكال آخر في المقام و هو انه اذا فرض ان السرقفلية من مؤنة التجارة و لا يجب فيه الخمس فبأي ملاك يتعلق الخمس بالحق الثابت الحادث للمالك اذ المفروض ان المال الذي دفعه بهذا العنوان صار مصداقا للمئونة و لا خمس فيها الا أن يقال: ان الحق المزبور يصدق عليه عنوان الربح فيجب فيه الخمس.

(2) كما هو ظاهر اذ لا وجه له فان المفروض انه يجب عليه الاداء و لم يؤد و المدفوع من ربح السنة الآتية من أرباح تلك السنة و لها حساب بحبالها و ينوط تعلق الخمس به و عدمه بعدم صرفه في مؤنة تلك السنة و صرفه.

(3) الكلام فيه هو الكلام.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 102

عين أو أعيان تالفة فوفائه يحسب من المؤن و لا خمس فيه (1).

[مسألة 64: إذا حل رأس السنة فوجد بعض أرباحه أو كلها دينا في ذمة الناس]

(مسألة 64): اذا حل رأس السنة فوجد بعض أرباحه أو كلها دينا في ذمة الناس فان أمكن استيفائه وجب دفع خمسه (2) و ان لم يمكن تخير بين أن ينتظر استيفائه في السنة اللاحقة فاذا استوفاه أخرج خمسه و كان من أرباح السنة السابقة لا من أرباح سنة الاستيفاء (3) و بين أن يقدر مالية الديون فيدفع خمسها (4) فاذا استوفاها في السنة الآتية

كان الزائد علي ما قدر من أرباح سنة الاستيفاء (5).

[مسألة 65: يتعلق الخمس بالربح بمجرد حصوله]

(مسألة 65): يتعلق الخمس بالربح بمجرد حصوله (6) و ان

______________________________

(1) اذ المفروض انه مديون و اداء الدين من المئونة.

(2) لتحقق الموضوع و ترتب الحكم علي الموضوع قهري.

(3) لم يظهر لي وجهه و الذي يختلج بالبال أن يقال انه من أرباح تلك السنة اللاحقة الا أن يقال: انه لا تنافي بين كونه من ارباح السنة السابقة و عدم وجوب الخمس فيه لعدم حصوله في يده.

(4) اذا لم يمكن استيفائه فلا يجب عليه التخميس و مع عدم الوجوب كيف يخمس و ان شئت قلت: الامتثال فرع وجود الامر و المفروض عدمه الا أن يقال:

لا اشكال في أن ادائه محبوب للشارع فيه فيجوز له الدفع بهذا العنوان و اللّه العالم.

(5) لم يظهر لي وجه الفرق بين الموردين بجعل احدهما من أرباح السنة السابقة و الاخر من أرباح سنة الاستيفاء و الحال انه لا فرق بينهما و اللّه العالم.

(6) كما هو ظاهر ادلته من الكتاب و السنة و انما المقيد النصوص الدالة علي أن الخمس بعد المئونة و قد مر ان المراد من البعدية هي الرتبية لا الزمانية.

و ربما يقال- كما في كلام سيدنا الاستاد علي ما في التقرير-: «يدل علي

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 103

______________________________

المدعي انه لو كان المراد البعدية الزمانية كان اتلاف المال جائزا قبل تمام السنة و لو في المصارف التي لا تكون لايقا بشأن المكلف اذ لا يجب حفظ القدرة و مع صرف المال لا تبقي القدرة».

و لعله مما لا يمكن الالتزام به فالحق ان التعلق من اول الامر غاية الامر مشروطا بعدم الصرف في المئونة و قال سيدنا الاستاد في هذا المقام: «ان الاستثناء

راجع الي مؤنة الاسترباح و أما بالنسبة الي مؤنة السنة فثبوت الخمس بحاله و انما التقييد راجع الي الحكم التكليفي اي لا يجب الاداء الا بعد المئونة» «1».

و استدل علي مدعاه بحديثين احدهما ما رواه علي بن مهزيار قال: قال لي أبو علي بن راشد قلت له: أمر تني بالقيام بأمرك و أخذ حقك فاعلمت مواليك بذلك فقال لي بعضهم: و اي شي ء حقه فلم أدر ما اجيبه؟ فقال: يجب عليهم الخمس فقلت: ففي أي شي ء فقال أمتعتهم و صنائعهم (ضياعهم) قلت: و التاجر عليه و الصانع بيده؟ فقال: اذا أمكنهم بعد مؤنتهم «2».

ثانيهما: ما رواه أيضا قال: كتب اليه ابراهيم بن محمد الهمداني أقرأني علي كتاب أبيك فيما أوجبه علي أصحاب الضياع انه أوجب عليهم نصف السدس بعد المئونة و أنه ليس علي من لم يقم ضيعته بمئونته نصف السدس و لا غير ذلك فاختلف من قبلنا في ذلك فقالوا: يجب علي الضياع الخمس بعد المئونة مؤنة الضيعة و خراجها لا مؤنة الرجل و عياله فكتب و قرأه علي بن مهزيار: عليه الخمس بعد مؤنته و مؤنة عياله و بعد خراج السلطان «3».

______________________________

(1) مستند العروة كتاب الخمس ص: 271

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 104

جاز تأخير الدفع الي آخر السنة احتياطا للمئونة (1).

______________________________

بتقريب: ان المذكور في الحديث الاول وجوب الخمس و المذكور في الثاني «عليه الخمس بعد مؤنته» و كلا التعبيرين ظاهر ان في الوجوب التكليفي و أما الوضعي فهو بحاله. و يرد عليه أولا: انه يكفي للمدعي ما دل علي أن الخمس بعد المئونة لاحظ ما رواه الاشعري «1»

فان هذه الرواية تدل باطلاقها علي أن الخمس علي الاطلاق بعد المئونة و الحديثان المذكوران لا يقيدان اطلاق هذه الرواية اذ لا مقتضي للتقييد و لا تنافي بين الموردين. و ثانيا: ان الحكم التكليفي لا يعقل أن يتعلق بالاعيان الخارجية كما هو ظاهر و المذكور في الحديث الاول لعلي بن مهزيار قوله عليه السلام: «يجب عليهم الخمس» و الخمس لا يمكن أن يكون واجبا بعنوان التكليف و أما بعنوان الوضع فلا اشكال فيه و الوجوب عبارة عن الثبوت و الثبوت يناسب الوضع و أوضح من الحديث الاول لعلي بن مهزيار حديثه الثاني فان السائل يسأل و يقول: «فاختلف من قبلنا في ذلك فقالوا: يجب علي الضياع الخمس بعد المئونة» و من الظاهر ان وجوب الخمس علي الضياع بنحو الوضع و الامام عليه السلام في مقام جواب هذا السؤال يقول: «عليه الخمس» فيكون المراد من كلامه عليه السلام الحكم الوضعي.

فالنتيجة: ان المستفاد من الادلة ان الوجوب ثابت من الاول غاية الامر بشرط عدم صرف المال في المئونة فما يصرف فيها غير متعلق للخمس.

(1) مقتضي القاعدة الاولية عدم الجواز الا مع قيام حجة علي صرفه في المئونة و أما مع العلم بالعدم أو الشك فلا يجوز اذ لا يحل حبس مال الغير بل يجب ايصاله الي مالكه فعلي تقدير العلم بعدم الصرف يعلم بتحقق الموضوع و تحقق

______________________________

(1) لاحظ ص: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 105

______________________________

شرطه و أما مع الشك في الصرف فيمكن احراز عدمه باصالة العدم فلا بد في الحكم بجواز التأخير من اقامة دليل و قد ذكرت وجوه للاستدلال علي الجواز:

الوجه الاول: الاجماع. و فيه ما فيه من منقوله و محصله.

الوجه الثاني: دعوي السيرة علي التأخير

بلا نكير و هذه السيرة متصلة بزمن المعصوم عليه السلام اذ لو لم يكن التأخير جائزا لشاع و ذاع.

الوجه الثالث: ما رواه ابن مهزيار «1» فان قوله عليه السلام فيه: «فأما الغنائم و الفوائد واجبة عليهم في كل عام» يدل علي وجوب التخميس في كل عام مرة واحدة لا مرات فيجوز التأخير.

و فيه: ان المستفاد من الحديث ان الفائدة في كل سنة موضوع لوجوب الخمس و لا يستفاد من الحديث تعيين زمان الوجوب. و بعبارة اخري: ليست الرواية في مقام البيان من هذه الجهة بل في مقام بيان تعلق الخمس بالفائدة في كل سنة فلا ترتبط الرواية بالمقام.

الوجه الرابع: ما رواه ابن ابي نصر قال: كتبت الي أبي جعفر عليه السلام الخمس اخرجه قبل المئونة أو بعد المئونة؟ فكتب بعد المئونة «2».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان زمان اخراج الخمس بعد المئونة علي الاطلاق فلا بد من انتظار آخر السنة في تعلق الوجوب و قبله لا يلزم الاخراج بل يجوز التأخير.

الوجه الخامس: ما أفاده سيدنا الاستاد و هو انه لا اشكال في جواز صرف الربح في مؤنة السنة و هذا الجواز غير مقيد بالصرف بل يجوز حتي مع العلم

______________________________

(1) لاحظ ص: 53

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 106

فاذا أتلفه ضمن الخمس (1) و كذا اذا أسرف في صرفه (2) أو وهبه أو اشتري أو باع علي نحو المحاباة اذا كانت الهبة أو الشراء أو البيع غير لائقة بشأنه (3) و اذا علم انه ليس مؤنة في باقي السنة فالاحوط استحبابا أن يبادر الي دفع الخمس و لا يؤخره الي نهاية السنة (4).

______________________________

بعدم الصرف و مع

جواز الصرف كيف يمكن وجوب الاداء و يكون مرجعه الي التهافت فيجوز التأخير حتي مع العلم بعدم الصرف فكيف بصورة احتماله.

و فيه: انا سلمنا جواز الصرف حتي مع العلم بعدم الصرف و لكن هذا الجواز لا ينافي وجوب الاداء مع العلم بعدم الصرف و نظيره انه يمكن للمولي أن يجوز صرف الماء في رفع العطش طول اليوم و لكن يأمره في صورة عدم الصرف في رفع العطش بدفعه الي الغير و لا تنافي بين الحكمين مضافا الي أنه لو فرض التنافي بين الامرين كيف يجوز الاخراج قبل اتمام السنة فان الامتثال فرع وجود الامر و المفروض انه لا وجوب أثناء السنة فالحق أن يقال: انه يجوز للمكلف الصرف و في فرض عدمه يجب علي نحو الواجب الموسع أي يجب عليه أن يدفع الزائد من أول ظهور الربح الي آخر سنته فافهم و اغتنم.

(1) اذ المفروض انه مال الغير و اتلاف مال الغير يوجب الضمان.

(2) لعين الملاك.

(3) مقتضي القاعدة فساد العقد الواقع عليه لأنه تصرف في ملك الغير فيحتاج صحته الي اجازة من بيده الامر و لكن الظاهر ان الماتن يري ان التصرفات الواردة في الخمس نافذة بمقتضي اخبار التحليل غاية الامر لا يسقط وجوب الخمس عن المالك فلاحظ.

(4) خروجا عن شبهة الخلاف و لا اشكال في حسنه مع احتمال الوجوب.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 107

[مسألة 66: إذا مات المكتسب أثناء السنة بعد حصول الربح فالمستثني هو المئونة إلي حين الموت لإتمام السنة]

(مسألة 66): اذا مات المكتسب أثناء السنة بعد حصول الربح فالمستثني هو المئونة الي حين الموت لا تمام السنة (1).

[مسألة 67: إذا علم الوارث أن مورثه لم يؤد خمس ما تركه وجب عليه أدائه علي الأحوط]

(مسألة 67): اذا علم الوارث أن مورثه لم يؤد خمس ما تركه وجب عليه أدائه علي الاحوط (2) و اذا علم أنه أتلف مالا قد تعلق به الخمس وجب اخراج خمسه من تركته كغيره من الديون (3).

[مسألة 68: إذا اعتقد أنه ربح فدفع الخمس فتبين عدمه]

(مسألة 68): اذا اعتقد أنه ربح فدفع الخمس فتبين عدمه انكشف انه لم يكن خمسه في ماله فيرجع علي المعطي له مع بقاء عينه (4) و كذا مع تلفها اذا كان عالما بالحال (5) و أما اذا ربح في أول السنة

______________________________

(1) كما هو ظاهر اذ مع عدم بقائه لا موضوع لاعتبار المئونة له.

(2) الظاهر ان الوجه في جعله الحكم مبنيا علي الاحتياط ذهابه الي أن المستفاد من ادلة التحليل عدم وجوب الخمس علي من انتقل اليه فالملزم بالاداء هو الذي يثبت الخمس في ماله و أما من انتقل اليه المال فلا و ما أفاده في مسألة 71: مبني علي ما ذكر.

(3) اذ ذمته مشغولة بالخمس و مديون به و الارث بعد الدين بمقتضي الكتاب و السنة.

(4) كما هو ظاهر اذ بعد انكشاف الخلاف يكشف ان ما دفعه لم يقع مصداقا للخمس و يكون باقيا في ملك مالكه فمع بقائه له أن يسترده و يجب علي الطرف أن يرده.

(5) اذ مع العلم بالحال لا يجوز له الاخذ و التصرف فيه فيكون ضامنا بمقتضي قاعدة الضمان و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان الامر كذلك و لو مع جهل الطرف

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 108

فدفع الخمس باعتقاد عدم حصول مؤنة زائدة فتبين عدم كفاية الربح لتجدد مؤنة لم تكن محتسبة لم يجز له الرجوع الي المعطي له حتي مع بقاء عينه فضلا عما اذا تلفت (1).

[مسألة 69: الخمس بجميع أقسامه و إن كان يتعلق بالعين]

(مسألة 69): الخمس بجميع أقسامه و ان كان يتعلق بالعين (2).

______________________________

اذ المفروض انه تصرف في المال بلا اذن من مالكه و المفروض عدم صدق الغرور كي يمنع عن الضمان و اللّه العالم.

(1) بتقريب: ان ما دفعه صار مصداقا للخمس و صار

ملكا للأخذ فلا وجه للرجوع حتي مع بقاء العين و لقائل أن يقول: ان الخمس بعد المئونة اي الخمس يتعلق بما لا يصرف في المئونة الي آخر السنة فاذا تبين احتياج المكلف ينكشف عدم التعلق و مع فرض عدم التعلق يكون باقيا في ملك مالكه و يجوز له الاسترجاع.

و يمكن أن يكون الماتن ناظرا الي أن تعلق الخمس بالربح غير مشروط بعدم الصرف و انما المقيد الوجوب التكليفي فان دفعه صدر من أهله و وقع في محله فلا يجوز الاسترجاع. لكن يرد عليه: اولا: ان المستفاد من حديث الاشعري «1» كما مر آنفا ان تعلق الخمس كوجوبه مختص بالزائد عن المئونة. و ثانيا انه كيف يتحقق الامتثال مع فرض عدم وجود الامر و المفروض ان الوجوب التكليفي مقيد في نظر الماتن الا أن يقال بالوجوب الموسع.

(2) بلا خلاف ظاهر كما في بعض الكلمات و عن الرسالة المنسوبة الي الشيخ الاعظم «ان المظنون عدم الخلاف» و يدل عليه قوله تعالي: «فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ» «2» فان الظاهر بل الصريح منه ان الخمس في العين كما ان المستفاد من النصوص

______________________________

(1) لاحظ ص ص: 12

(2) الانفال/ 41

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 109

الا ان المالك يتخير بين دفع العين و دفع قيمتها (1).

______________________________

كذلك لاحظ حديث الاشعري «1» فان الظاهر من قوله عليه السلام «الخمس علي جميع ما يستفيد» تعلقه بالعين كما أن الظاهر من قوله «ما الذي يجب لك من ذلك» «2» الوارد في حديث ابن شجاع النيسابوري كذلك و قس عليهما بقية النصوص الدالة علي المدعي.

(1) ما يمكن أن يقال في وجهه امور: الاول الاستصحاب فانه لا اشكال في جواز التصرف و التبديل قبل تمام السنة و مقتضي الاستصحاب

بقاء الجواز بعد انتهائها. و فيه: انه من مصاديق استصحاب الحكم الكلي و قد ذكرنا مرارا انه معارض باستصحاب عدم جعل الزائد.

الثاني: ما رواه البرقي قال: كتبت الي أبي جعفر الثاني عليه السلام: هل يجوز أن اخرج عما يجب في الحرث من الحنطة و الشعير و ما يجب علي الذهب دراهم قيمة ما يسوي أم لا يجوز الا أن يخرج عن كل شي ء ما فيه؟ فاجاب عليه السلام:

ايما تيسر يخرج «3».

بتقريب: ان مقتضي اطلاق قوله «ما يجب علي الذهب» عدم الفرق بين الزكاة و الخمس فهذه الرواية تدل علي الجواز في المقام بالاطلاق. و فيه: انه علي فرض تمامية التقريب يشكل حيث ان السند مخدوش بالبرقي.

الثالث: السيرة العملية الجارية بلا نكير من احد و لو لم يكن التبديل جائزا لشاع و ذاع مضافا الي أن أداءه بالقيمة أنفع بحال أصحابه بحسب الغالب و ان

______________________________

(1) لاحظ ص: 12

(2) لاحظ ص: 95

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب زكاة الغلات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 110

و لا يجوز له التصرف في العين بعد انتهاء السنة قبل ادائه (1) بل الاحوط وجوبا عدم التصرف في بعضها أيضا و ان كان مقدار الخمس باقيا في البقية (2).

______________________________

وجوب ادائه من عينه حرج نوعي و ينافي كون الشريعة سهلة سمحة فالعمدة في مقام الاستدلال علي المدعي الوجه الاخير و هي السيرة.

(1) اذ لا يجوز التصرف في متعلق حق الغير فلا يجوز التصرف في الكل.

(2) الظاهر ان مراده من التصرف في البعض التصرف الخارجي لا الاعتباري اذ لا مانع من التصرف الاعتباري بأن يبيع ما ملكه من المجموع و الوجه في عدم الجوار ان الشركة مع أصحاب الخمس ليس بنحو الكلي في

المعين كي يجوز للمالك التصرف في العين ما دام بقاء الكلي.

و حيث انجر الكلام الي هنا لا بد من ملاحظة ان الشركة مع أصحاب الخمس بأي نحو و ما هو المستفاد من الادلة فنقول: المستفاد من الادلة ان شركة أصحاب الخمس مع المالك علي نحو الاشاعة لاحظ ما رواه سماعة «1».

و لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

ليس الخمس الا في الغنائم خاصة «2».

و لاحظ ما رواه الحلبي في حديث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكنز كم فيه؟ قال: الخمس و عن المعادن كم فيها؟ قال: الخمس و عن الرصاص و الصفر و الحديد و ما كان من المعادن كم فيها؟ قال: يؤخذ منها كما يؤخذ من

______________________________

(1) لاحظ ص: 88

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 111

و اذا ضمنه في ذمته باذن الحاكم الشرعي صح و يسقط الحق من العين فيجوز التصرف فيها (1).

[مسألة 70: لا بأس بالشركة مع من لا يخمس اما لاعتقاده لتقصير أو قصور بعدم وجوبه أو لعصيانه]

(مسألة 70): لا بأس بالشركة مع من لا يخمس اما لاعتقاده لتقصير أو قصور بعدم وجوبه أو لعصيانه و عدم مبالاته بأمر الدين

______________________________

معادن الذهب و الفضة «1».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن المعادن ما فيها؟

فقال: كل ما كان ركازا ففيه الخمس و قال: ما عالجته بمالك ففيه ما اخرج اللّه سبحانه منه من حجارته مصفي الخمس «2».

و ما رواه عبيد اللّه بن علي الحلبي أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكنز كم فيه فقال: الخمس الحديث «3».

و ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:

سألته عما

يجب فيه الخمس من الكنز فقال: ما يجب الزكاة في مثله ففيه الخمس «4».

و غيرها من النصوص بالاضافة الي أن المستفاد من الاية الشريفة كذلك فأصحاب الخمس مشتركون مع المالك بهذا المقدار في الربح و من الظاهر انه لا يجوز التصرف في المال المشترك بلا اذن من الشريك.

(1) لا يبعد أن يكون مراده المصالحة مع الحاكم بهذا النحو فيما يري الحاكم فيها المصلحة و الا فمجرد اذن الحاكم لا دليل علي كونه مجوزا للنقل الي الذمة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 112

و لا يلحقه وزر من قبل شريكه و يجزيه أن يخرج خمسه من حقه في الربح (1).

[مسألة 71: يحرم الاتجار بالعين بعد انتهاء السنة قبل دفع الخمس]

(مسألة 71): يحرم الاتجار بالعين بعد انتهاء السنة قبل دفع الخمس (2) لكنه اذا أتجر بها عصيانا أو لغير ذلك فالظاهر صحة المعاملة اذا كان طرفها مؤمنا و ينتقل الخمس الي البدل كما أنه اذا وهبها لمؤمن صحت الهبة و ينتقل الخمس الي ذمة الواهب و علي الجملة كل ما ينتقل الي المؤمن ممن لا يخمس أمواله لأحد الوجوه المتقدمة بمعاملة أو مجانا يملكه فيجوز له التصرف فيه و قد أحل الائمة سلام اللّه عليهم ذلك لشيعتهم تفضلا منهم عليهم و كذلك يجوز التصرف للمؤمن في أموال هؤلاء فيما اذا أباحوها لهم من دون تمليك ففي جميع ذلك يكون المهنأ للمؤمن و الوزر علي مانع الخمس اذا كان مقصرا (3).

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون ناظرا الي أن الجواز مقتضي ادلة التحليل فان الماتن يري ان أخبار التحليل ناظرة

الي جواز التصرف فيما يصل الي المكلف من ناحية الغير الذي لا يؤدي الخمس فلا يحرم التصرف و أما اذا لم نقل بمقالته يشكل الحكم بجواز الشركة في المقام اذ المفروض ان الشريك لا يؤدي الخمس فيكون التصرف في مال الغير حراما و كيف يمكن الالتزام بالصحة.

(2) اذ لا يجوز و لا يصح التصرف في مال الغير بلا اذنه فلو أتجر بالعين قبل دفع الخمس يكون حراما.

(3) بتقريب: ان المستفاد من ادلة التحليل جواز التصرف في متعلق الخمس

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 113

______________________________

اذا كان المنتقل اليه مؤمنا و يكون المنتقل منه غير معتقد بوجوب الخمس أو عاصيا و غير مبال بأمر الدين و الماتن جمع بين هذه الاخبار و أخبار وجوب الخمس بهذا النحو و استشهد لدعواه بروايتين: إحداهما ما رواه يونس بن يعقوب «1» و هذه الرواية ضعيفة باحد سنديها بمحمد بن سنان و بالاخر بحكم بن مسكين فانهما ضعيفان و مجرد وقوع الراوي في أسناد كامل الزيارات أو تفسير القمي لا يفيد وثاقته و ثانيتهما: ما رواه أبو خديجة «2».

و هذه الرواية أيضا ضعيفة بأبي خديجة و الوشاء مضافا الي أن المستفاد من الحديثين ان الامام عليه السلام حلل حقه للشيعة فيكون المنتقل الي الشيعة عين حقه لا بد له و عليه لا وجه لانتقال الخمس الي البدل أو الذمة- كما عليه سيدنا الاستاد- و لولاه لم يكن التحليل في محله فان التحليل يصح مع كون متعلقه ملكا للمحلل بالاضافة الي جميع ذلك ان مقتضي اطلاق الرواية عدم الفرق بين كون من يجب عليه الخمس غير معتقد به أو عاصيا و بين كون عدم ادائه ناشيا عن عذر فلا وجه لتخصيص التحليل علي

ما رامه بخصوص المقصر في الاداء بل مقتضي اطلاق الحديثين اعم من ذلك.

و يضاف الي جميع ذلك كله انا لو اغمضنا النظر عن ضعف الحديثين لم تكن النتيجة ما أفاده سيدنا الاستاد اذ قد ثبت في الاصول انه لا تنافي بين المثبتين و المقام كذلك فان الحديثين يد لان علي تحليل الخمس للشيعة ممن انتقل اليه و أخبار التحليل يدل علي عدم وجوب الخمس علي الاطلاق و ان الخمس حلال للشيعة و من الظاهر انه لا تنافي بين الامرين و قد ذكرنا في أول البحث عن وجوب

______________________________

(1) لاحظ ص: 85

(2) لاحظ ص: 84

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 114

[المبحث الثاني: مستحق الخمس و مصرفه]

اشارة

المبحث الثاني: مستحق الخمس و مصرفه

[مسألة 72: يقسم الخمس في زماننا- زمان الغيبة- نصفين]

(مسألة 72): يقسم الخمس في زماننا- زمان الغيبة- نصفين نصف لإمام العصر الحجة المنتظر عجل اللّه تعالي فرجه و جعل أرواحنا

______________________________

الخمس في الفاضل عن المئونة ان النصوص الواردة عنهم عليهم السلام متعارضة اذ بعضها يدل علي الوجوب و بعضها يدل علي التحليل و عدم الوجوب و رجحنا الدال علي الوجوب بموافقته مع الكتاب «1» و مخالفته مع العامة و كونه أحدث فراجع.

ان قلت: لا يستفاد الوجوب من الاية الشريفة بل المستفاد منها مجرد الوضع قلت: يكفي للترجيح الوجهين الاخرين مضافا الي أنه مع عدم المرجح تصل النوبة الي التعارض و النتيجة التساقط و بعده المرجع الاية الشريفة الدالة علي الوضع اذ مع ثبوت الخمس وضعا يجب الاداء تكليفا بمقتضي قاعدة وجوب ايصال كل مال الي مالكه فلاحظ.

بقي شي ء و هو انه كيف يمكن الجمع بين حرمة الاتجار و صحته اذ المراد من الحرمة ان كانت تكليفية فكيف يمكن الالتزام بالحرمة تكليفا مع عدم لحاظ التصرف الخارجي و بعبارة اخري: هل يمكن الالتزام بأن ايقاع العقد علي مال الغير حرام تكليفا؟ و ان كان المراد بالحرمة وضعية فكيف يمكن الجمع بين الحرمة بهذا المعني و الصحة و بعبارة واضحة مجرد ايقاع المعاملة لا يكون حراما تكليفا و انما الحرام التكليفي التصرف الخارجي فكيف يصح أن يقال: يحرم الاتجار و يصح فالحق ان يقال: يجوز التصرف تكليفا و وضعا كما هو ظاهر نعم يحرم التصرف الخارجي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 108

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 115

فداه (1) و نصف لبني هاشم: ايتامهم و مساكينهم و ابناء سبيلهم (2) و يشترط في هذه الاصناف جميعا الايمان (3).

______________________________

(1) فان ما كان له تعالي فلرسوله و

ما كان للرسول صلي اللّه عليه و آله للإمام عليه السلام و بالنتيجة للإمام ثلاثة أسهم من الخمس و يدل عليه ما عن الرضا عليه السلام قال: سئل عن قول اللّه عز و جل: «وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ» فقيل له: فما كان للّه فلمن هو؟ فقال: لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و ما كان لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فهو للإمام الحديث «1».

(2) كما نص عليه في الكتاب الكريم فان المستفاد من الاية الشريفة نصا تقسيم الخمس الي ستة أقسام: قسم له تعالي و قسم للرسول صلي اللّه عليه و آله و قسم لذوي القربي و قسم للمساكين و قسم لأبناء السبيل و قسم للأيتام.

(3) ما يمكن أن يقال أو قيل في مقام الاستدلال علي المدعي وجوه: الوجه الاول: ان مقتضي قاعدة الاشتغال الاحتياط فانه لا يحصل العلم بالفراغ الا مع رعاية الايمان في المعطي اليه.

و فيه: ان اطلاق الدليل ان تم لا تصل النوبة الي الاخذ بالاصل العملي و علي فرض عدم تمامية الاطلاق و العموم تصل النوبة الي اصالة البراءة لا الاشتغال.

الوجه الثاني: ان جعل الخمس لأجل كرامة السادات و لا كرامة لغير المؤمن المعاد للّه و لرسوله صلي اللّه عليه و آله و فيه: ان المقتضي للتكريم موجود في غير المؤمن و هو انتسابه الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله. و بعبارة اخري: التكريم لأجل الانتساب الي النبي الاكرم و هذا مشترك بين المؤمن و غيره مضافا الي أن المرجع اطلاق الدليل أو عمومه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب قسمة الخمس الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7،

ص: 116

______________________________

الوجه الثالث: ان الايمان شرط في مستحق الزكاة اجماعا و نصوصا و الخمس مثل الزكاة في الاحكام. و فيه: انه لا دليل علي تماثلهما في جميع الجهات.

الوجه الرابع: ما رواه ابراهيم الاوسي عن الرضا عليه السلام قال: سمعت أبي يقول: كنت عند أبي يوما فأتاه رجل قال: اني من أهل الري ولي زكاة فالي من أدفعها؟ فقال: إلينا فقال: أ ليس الصدقة محرمة عليكم؟ فقال: بلي اذا دفعتها الي شيعتنا فقد دفعتها إلينا فقال: اني لا أعرف لها أحدا فقال: فانتظر بها سنة قال:

فان لم اصب لها أحدا قال: انتظر بها سنتين حتي بلغ أربع سنين ثم قال له:

ان لم تصب لها أحدا فصرها صررا و اطرحها في البحر فان اللّه عز و جل حرم أموالنا و أموال شيعتنا علي عدونا «1».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية حرمة أموال الشيعة علي أعدائهم. و فيه:

ان الرواية ضعيفة سندا مضافا الي الاشكال الدلالي فلاحظ.

الوجه الخامس: ما رواه يونس (يوسف) بن يعقوب قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: اعطي هؤلاء الذين يزعمون ان أباك حي من الزكاة شيئا؟ قال:

لا تعطهم فانهم كفار مشركون زنادقة «2».

بتقريب ان عموم العلة يقتضي عدم جواز اعطائهم من الخمس أيضا. و فيه انه لو سلمنا تمامية الدلالة لم يمكننا الاخذ بالرواية لضعفها سندا.

الوجه السادس: ما رواه يعقوب بن شعيب الحداد عن العبد الصالح عليه السلام قال: قلت له: الرجل منا يكون في أرض منقطعة كيف يصنع بزكاة ماله؟

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 117

______________________________

قال: يضعها في إخوانه و أهل ولايته قلت: فان لم يحضره منهم

فيها أحد؟ قال:

يبعث بها اليهم قلت: فان لم يجد من يحملها اليهم؟ قال: يدفعها الي من لا ينصب قلت: فغيرهم؟ قال: ما لغيرهم الا الحجر «1». بتقريب: ان المستفاد من الحديث انه ليس لغير المؤمن الا الحجر. و فيه: ان السند ضعيف فلا اعتبار بالدلالة.

الوجه السابع: انه يستفاد من جملة من النصوص ان الخمس بدل عن الزكاة لاحظ ما رواه سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: نحن و اللّه الذين عني اللّه بذي القربي و الذين قرنهم اللّه بنفسه و بنبيه فقال: «مٰا أَفٰاءَ اللّٰهُ عَليٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُريٰ فَلِلّٰهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ» من خاصته و لم يجعل لنا سهما في الصدقة أكرم (اللّه) نبيه و أكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس «2».

و ما رواه أيضا قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام و ذكر خطبة طويلة يقول فيها: نحن و اللّه عني (اللّه) بذي القربي الذين قرننا اللّه بنفسه و برسوله فقال:

«فَلِلّٰهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ» فينا خاصة الي أن قال: و لم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيبا أكرم اللّه رسوله و أكرمنا أهل البيت أن يطعمنا من أوساخ الناس فكذبوا اللّه و كذبوا رسوله و جحدوا كتاب اللّه الناطق بحقنا و منعونا فرضا فرضه اللّه لنا الحديث «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب قسمة الخمس الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 118

______________________________

و ما رواه حماد بن عيسي عن بعض أصحابنا و ما رواه الريان «1» و حيث انه يشترط

في مستحق الزكاة الايمان فيشترط في مستحق الخمس أيضا. و بعبارة اخري: يستفاد من هذه النصوص ان الخمس بدل عن الزكاة و حيث ان الايمان معتبر في مستحق الزكاة فهو معتبر في مستحق الخمس.

و ببيان آخر ان السيد لو لم يكن سيدا كان مستحقا للزكاة و لأجل سيادته يكون مستحقا للخمس. و فيه: انه لا يتم هذا الوجه للاستدلال اذ يمكن أن يكون الخمس بدلا عن الزكاة و مع ذلك يكون احد الموردين مغايرا مع الاخر في بعض الاحكام كما هو كذلك.

الوجه الثامن: انه يستفاد من جملة من النصوص ان اللّه شرك الفقراء في اموال الاغنياء لاحظ النصوص في الباب 1 من أبواب ما تجب فيه الزكاة من الوسائل منها: ما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: ان اللّه عز و جل فرض للفقراء في أموال الاغنياء ما يسعهم و لو علم ان ذلك لا يسعهم لزادهم انهم لم يؤتوا من قبل فريضة اللّه عز و جل و لكن اوتوا من منع من منعهم حقهم لا مما فرض اللّه لهم و لو أن الناس أدوا حقوقهم لكانوا عائشين بخير «2».

و لا اشكال في أن السيد لا يكون خارجا عن هذه العناية الالهية فجعل الزكاة لغير السادة و الخمس لهم فالخمس بدل عن الزكاة و هذا الشرط معتبر في الزكاة ففي الخمس كذلك و قد ظهر الجواب عن التقريب عن قريب فلاحظ. الوجه التاسع: الاجماع فان تم فهو و الا فللمناقشة في الدعوي مجال و طريق الاحتياط

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8 و 10

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب ما يجب فيه الزكاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7،

ص: 119

كما يعتبر الفقر في الايتام (1).

______________________________

ظاهر و اللّه العالم.

(1) قد ذكرت في مقام الاستدلال علي المدعي وجوه الوجه الاول: ان جعل الخمس لأهله لأجل سد الخلة فلا يستحقه من لا يكون محتاجا. و فيه: انه و ان كان مقتضي تناسب الحكم و الموضوع لكن هذا المقدار لا يكفي في رفع اليد عن عموم الاية و بقية الادلة فان العموم أو الاطلاق يقتضي التعميم.

الوجه الثاني: انه لو كان له الاب لم يكن مستحقا للخمس فان كان له المال فالامر كذلك بل المقام أولي لان المال أنفع من الاب بحاله من الجهة المبحوث عنها و فيه: انه كسابقه في عدم كونه قابلا للاستدلال به علي المدعي. و بعبارة اخري: هذا الوجه اعتباري و ليس دليلا.

الوجه الثالث: مرفوع حماد بن عيسي عن عبد الصالح عليه السلام في حديث طويل قال: و له يعني للإمام نصف الخمس كملا و نصف الخمس الباقي بين أهل بيته فسهم ليتاماهم و سهم لمساكينهم و سهم لأبناء سبيلهم يقسم بينهم علي الكتاب و السنة ما يستغنون به في سنتهم فان فضل عنهم شي ء فهو للو إلي فان عجز أو نقص عن استغنائهم كان علي الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به و انما صار عليه أن يمونهم لان له ما فضل عنهم «1».

و مثله مرسل احمد عن بعض أصحابنا رفع الحديث الي أن قال: فالنصف له يعني نصف الخمس للإمام خاصة و النصف لليتامي و المساكين و أبناء السبيل من من آل محمد الذين لا تحل لهم الصدقة و الزكاة عوضهم اللّه مكان ذلك بالخمس فهو يعطيهم علي قدر كفايتهم فان فضل شي ء فهو له و ان نقص عنهم و

لم يكفهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب قسمة الخمس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 120

______________________________

أتمه لهم من عنده كما صار له الفضل كذلك يلزمه النقصان «1».

فان المستفاد من الخبرين ان الفقر معتبر في اليتيم و ليس مطلق اليتيم داخلا في الموضوع. و فيه: اولا: انهما ضعيفان سندا و ثانيا: يعارضان ما رواه الريان ابن الصلت عن الرضا عليه السلام في حديث طويل قال: و أما الثامنة فقول اللّه عز و جل: «وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ» فقرن سهم ذي القربي مع سهمه و سهم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الي أن قال:

فبدأ بنفسه ثم برسوله ثم بذي القربي فكل ما كان من الفي ء و الغنيمة و غير ذلك مما رضيه لنفسه فرضيه لهم الي أن قال: و أما قوله «وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ» فان اليتيم اذا انقطع يتمه خرج من الغنائم و لم يكن له فيها (منها) نصيب و كذلك المسكين اذا انقطعت مسكنته لم يكن له نصيب من الغنم و لا يحل له أخذه و سهم ذي القربي قائم الي يوم القيامة فيهم للغني و الفقير الحديث «2».

و الترجيح مع الثاني للموافقة مع الكتاب و الاحدثية فان تم اجماع تعبدي كاشف فهو و الا يكون الاشتراط مبنيا علي الاحتياط. و ربما يقال في مقام الاستدلال علي عدم الاشتراط: بأنه لو اعتبر فيه الفقر لم يكن وجه لذكره في قبال المساكين و فيه: انه لا يدل ما ذكر علي المدعي اذ يمكن أن الوجه فيه زيادة العناية بالنسبة الي اليتيم و لا جلها ذكر ثانيا مع كونه داخلا في عموم المساكين كما أن

الامر كذلك في قوله تعالي: «حٰافِظُوا عَلَي الصَّلَوٰاتِ وَ الصَّلٰاةِ الْوُسْطيٰ» «3» فان الصلاة الوسطي داخلة في عموم الصلوات.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب قسمة الخمس الحديث: 10

(3) البقره/ 238

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 121

و يكفي في ابن السبيل الفقر في بلد التسليم و لو كان غنيا في بلده (1) اذا لم يتمكن من السفر بقرض و نحوه علي ما عرفت في الزكاة (2) و الاحوط وجوبا اعتبار أن لا يكون سفره معصية (3) و لا يعطي أكثر من قدر ما يوصله الي بلده (4) و الاظهر عدم اعتبار العدالة في جميعهم (5).

______________________________

(1) فلا يضر غناء في بلده لإطلاق الدليل فانه يطلق عليه هذا العنوان.

(2) كما ان الامر كذلك في الزكاة و الدليل ان اطلاق ابن السبيل علي القادر علي الاستدانة و نحوها، ممنوع و بعبارة اخري: اشرب في معناه من لا يقدر الوصول الي بلده و ان ابيت عن ذلك فلا أقلّ من الشك و عدم الجزم بالاطلاق.

(3) ان المراد من هذا الشرط أن لا يكون سفره الي المكان الذي صار ابن السبيل فيه معصية و الحق عدم وجه لهذا الشرط فان اطلاق الدليل يقتضي عدم التقييد و لا مجال لان يقال: بأن الوجه في الاحتياط انه اذا كان السفر معصية يكون دفع الخمس اليه اعانة علي الاثم فان سفره الي المكان الفلاني سفر معصية و المفروض في الكلام ان دفع الخمس لرجوعه الي بلده مضافا الي أن الاعانة علي الاثم حرمتها اول الكلام و الاشكال و الحرام التعاون عليه.

(4) اذ المستفاد من الدليل ان الشارع جوز الدفع لرفع حاجته و من الظاهر ان الزائد لا يكون مورد حاجته في

الرجوع و ان شئت قلت: التناسب بين الحكم و الموضوع يقتضي الشرط المذكور فتأمل.

(5) لعدم الدليل عليه و خلاف العموم و الاطلاق المنعقدين في الكتاب و السنة بل يمكن أن يقال: ان هذا الاشتراط ينافي حكمة التشريع فان العادل أقلّ قليل فيلزم أن يبقي الفساق من سادات المساكين و ابناء السبيل بلا مؤنة و هو كما تري.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 122

[مسألة 73: الأحوط إن لم يكن أقوي أن لا يعطي الفقير أكثر من مؤنة سنته]

(مسألة 73): الاحوط ان لم يكن أقوي أن لا يعطي الفقير أكثر من مؤنة سنته (1) و يجوز البسط و الاقتصار علي اعطاء صنف واحد

______________________________

(1) ما يمكن أن يقال في المقام للاستدلال علي المدعي وجوه: الوجه الأول ما أفاده سيدنا الاستاد و هو: «ان الفقر معتبر في المدفوع اليه و حيث انه يكون واجدا لمؤنة سنته لا يكون فقيرا فلا يجوز دفع الخمس اليه أكثر من هذا المقدار اذ بالاعطاء يصير غنيا و يخرج عن عنوان الفقير فلا يجوز».

و يرد عليه: ان ملكيته لمقدار المئونة مع الزيادة في زمان واحد فيصح أن يقال: ان هذا المقدار اعطي للفلان الذي كان فقيرا و الان يكون غنيا و لا دليل علي عدم جواز اعطائه أكثر من مؤنة سنته. و ان شئت قلت: ما دام لم يحصل التملك لا يكون غنيّا و بعد التملك لا يدفع اليه و بعبارة اخري: يصح أن يقال:

ان زيدا الفقير اعطي هذا المقدار من الخمس فهذا الوجه غير تام.

الوجه الثاني: ما أفاده سيد المستمسك قدس سره و هو: «ان الدليل في المقام يدل باطلاقه علي جواز دفع الاكثر فلا بد من الاقتصار علي المقدار المعلوم جوازه و هو هذا المقدار». و فيه: ان الجواز علي القاعدة فان السيد الفقير مصداق للكلي

الجامع المالك للخمس و تطبيق الكلي علي الفرد علي طبق القاعدة الاولية و عدم الجواز يحتاج الي الدليل.

الوجه الثالث: مرسلا حماد و أحمد «1» فان المستفاد من الخبرين ان اعطائهم بمقدار استغنائهم في سنتهم فلا يجوز الازيد. و فيه: ان الخبرين ضعيفان سندا فلا يكونان قابلين للاستدلال بهما و عليه ان تم اجماع تعبدي كاشف علي المدعي فهو و إلا يشكل الجزم بعدم الجواز.

______________________________

(1) لاحظ ص: 119

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 123

بل يجوز الاقتصار علي اعطاء واحد من صنف (1).

______________________________

(1) الظاهر من الاية الشريفة ان الخمس ملك لأصحابه بمقتضي لام الملك فيلزم أن يكون كل خمس و لو كان درهما واحدا مملوكا لكل واحد من المساكين من السادات و لكل واحد من الايتام الفقراء من السادات و ابن السبيل السيد و لا يمكن الالتزام به اذ كيف يمكن أن يحكم الشارع الاقدس بمملوكية درهم واحد لزيد ساكن في بلدة خراسان مثلا و لكل واحد من المساكين الايتام الموجودين في العالم و هل يمكن امتثال مثل هذا التكليف؟ فهذا الاحتمال مقطوع العدم فلا يمكن الجمع بين صدر الاية و ذيلها فيدور الامر بين رفع اليد عن ظهور اللام في الملكية و ابقاء الجمع المحلي بحاله و الالتزام بأن اللام لبيان المصرف و بين ابقاء اللام علي ظهورها و رفع اليد عن ظهور الجمع في الافراد و الالتزام بأن المراد من ذيل الاية الانواع الثلاثة لا أفرادها أو الجامع بين هذه الاصناف فطبعا بعد التعارض تصبح الاية مجملة و غير قابلة للاستناد.

أو نقول: حيث ان ظهور الذيل في الافراد ظهور وضعي و ظهور اللام في الملكية اطلاقي يقدم الظهور الوضعي علي الاطلاقي. و يرد علي هذا التقريب

ان المذكورين في الاية ان كانوا مصارف للخمس يلزم جواز صرف الخمس بتمامه في الطوائف الثلاث أي الفقير و اليتامي و ابناء السبيل و الحال انه لا اشكال في أن سهم اللّه و الرسول و الامام ملك للإمام و لا يجوز التصرف فيه الا مع العلم برضاه فاذا ثبت كون نصف الخمس ملكا للإمام عليه السلام فالسهام الباقية مملوكة لأصحابها علي ذلك النحو فان وحدة السياق تقتضي ذلك.

و بعبارة اخري: اللام في الاية المباركة للملك بلا اشكال بالنسبة الي سهم الامام عليه السلام و مقتضي العطف ان الامر كذلك بالنسبة الي الطوائف الثلاث الاخيرة و حيث انه لا يمكن الالتزام بالملكية لجميع الافراد من كل طائفه نفهم

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 124

______________________________

ان المراد بالمساكين و الايتام الجامع لا الاشخاص.

و يؤيد هذه الدعوي قوله: «وَ ابْنَ السَّبِيلِ» حيث ذكره بعنوان الجنس و الحال انه لا فرق بين ابن السبيل و غيره ظاهرا فتأمل. فالنتيجة: ان المستفاد من الاية ان الخمس ملك لأصحابه علي نحو الاشاعة كما هو الظاهر من الاية الشريفة هذا بالنسبة الي الاية المباركة و أما النصوص فيستفاد من جملة منها ان الخمس مملوك لأصحابه علي نحو الاشاعة.

لاحظ ما رواه أبو بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما أيسر ما يدخل العبد النار؟ قال: من أكل من مال اليتيم درهما و نحن اليتيم «1».

و ما روي عن الصادق عليه السلام قال: ان اللّه لا إله الا هو لما حرم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس فالصدقة علينا حرام و الخمس لنا فريضة و الكرامة لنا حلال «2».

و ما رواه عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: اني لأخذ من

أحدكم الدرهم و اني لمن أكثر أهل المدينة مالا ما اريد بذلك الا أن تطهروا «3».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 7، ص: 124

و ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: من اشتري شيئا من الخمس لم يعذره اللّه اشتري ما لا يحل له «4».

و ما رواه عمران بن موسي عن موسي بن جعفر عليه السلام قال: قرأت عليه آية الخمس فقال: ما كان للّه فهو لرسوله و ما كان لرسوله فهو لنا ثم قال: و اللّه لقد يسر اللّه علي المؤمنين أرزاقهم بخمسة دراهم جعلوا لربهم واحدا و أكلوا أربعة احلاء ثم

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 125

______________________________

قال: هذا من حديثنا صعب مستصعب لا يعمل به و لا يصبر عليه إلا ممتحن قلبه للإيمان «1».

و ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: كل شي ء قوتل عليه علي شهادة أن لا إله الا اللّه و ان محمدا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فان لنا خمسه و لا يحل لأحد أن يشتري من الخمس شيئا حتي يصل إلينا حقنا «2».

و ما رواه في رسالة المحكم و المتشابه نقلا من تفسير النعماني باسناده عن علي عليه السلام قال: و أما ما جاء في القرآن من ذكر معايش الخلق و أسبابها فقد أعلمنا سبحانه ذلك من خمسة أوجه: وجه الامارة و وجه العمارة و وجه الاجارة و وجه التجارة و

وجه الصدقات فأما وجه الامارة فقوله: «وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ «وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ» فجعل للّه خمس الغنائم الحديث «3».

و ما رواه ابن شجاع و ما رواه علي بن مهزيار «4».

و ما رواه حماد بن عيسي «5». فيدور الامر بين أن يكون مملو كالطوائف الثلاث لكل طائفة السدس و بين أن يكون المالك الجامع بين الطوائف و أما احتمال كونه مملوكا لكل واحد من أفراد كل طائفة من الطوائف الثلاث فهو مقطوع العدم كما تقدم فالحق هو الثاني.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 12

(4) لاحظ ص: 95 و 103

(5) الوسائل الباب 1 من أبواب قسمة الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 126

[مسألة 74: المراد من بني هاشم من انتسب اليه بالأب]

(مسألة 74): المراد من بني هاشم من انتسب اليه بالاب أما اذا كان بالام فلا يحل له الخمس و تحل له الزكاة (1).

______________________________

أو لا لو قلنا: باشتراكه بين الطوائف الثلاث يلزم تعطيل حصة ابن السبيل في كثير من الموارد لقلة وجوده و هو كما تري. ثانيا: ان السيرة الجارية بين المتشرعة في جميع الاعصار و الامصار علي عدم الالتزام بالبسط و الاكتفاء بتخصيصه بطائفة واحدة بلا نكير و انه لو كان البسط واجبا لكان أمرا ظاهرا واضحا و الحال انه ليس كذلك بل خلافه مورد السيرة كما ذكرنا.

ثالثا: اذا وصلت النوبة الي الشك فمقتضي اصالة البراءة عدم وجوب البسط بل ايصاله الي طائفة خاصة يكفي في مقام الامتثال. فتحصل مما ذكرنا انه لا يجب البسط كما انه لا يجب الاستيعاب بل يكفي دفع جميع الخمس الي فرد من أفراد كل

طائفة من الطوائف الثلاث الا أن يقال: ان الشك في كفاية الدفع الي الجامع المنطبق علي احدي الطوائف ناش عن انطباق موضوع الحكم علي هذه الطائفة.

و بعبارة اخري: نشك في كون المالك هو الجامع أو النوع الخاص و مقتضي الاصل عدم كون الجامع مالكا و لا يعارضه عدم كون النوع الخاص مالكا إذ به لا يثبت كون الجامع مالكا و من ناحية اخري يجب ايصال المال الي مالكه فلا يحرز الايصال الا بالبسط فلاحظ.

(1) و هذا هو المشهور عند القوم بل نسب الي عامة الأصحاب عدا المرتضي و في النسبة اشكال و استدل علي المدعي بوجوه: الوجه الأول: مرسل حماد «1» فانه يدل بالصراحة ان الانتساب من طرف الام لا يكفي اذ صرح فيه «و من كانت امه من بني هاشم و أبوه من ساير قريش فان الصدقات تحل له و ليس له من الخمس شي ء» و من الظاهر ان من تحل له الصدقة يحرم عليه الخمس و هذه الرواية لا قصور

______________________________

(1) عين المصدر

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 127

______________________________

في دلالتها علي المدعي لكن لا اعتبار بسندها لأجل الارسال و سندها الاخر ضعيف أيضا.

الوجه الثاني: ان المستفاد من بعض النصوص ان العنوان المأخوذ في موضوع حرمة الصدقة عنوان الهاشمي أو بني هاشم لاحظ ما رواه عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان اناسا من بني هاشم أتوا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فسألوه أن يستعملهم علي صدقات المواشي و قالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعل اللّه عز و جل للعاملين عليها فنحن أولي به فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله:

يا بني عبد المطلب (هاشم) ان الصدقة لا

تحل لي و لا لكم و لكني قد وعدت الشفاعة الي أن قال: أ تروني مؤثرا عليكم غيركم «1».

و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم و أبو بصير و زرارة كلهم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ان الصدقة أوساخ أيدي الناس و ان اللّه قد حرم علي منها و من غيرها ما قد حرمه و ان الصدقة لا تحل لبني عبد المطلب الحديث «2».

و لاحظ ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تحل الصدقة لولد العباس و لا لنظائرهم من بني هاشم «3».

و لاحظ ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: انه لو كان العدل ما احتاج هاشمي و لا مطلبي الي صدقة ان اللّه جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم ثم قال: ان الرجل اذا لم يجد شيئا حلت له الميتة و الصدقة لا تحل لأحد

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 128

______________________________

منهم الا أن لا يجد شيئا و يكون ممن يحل له الميتة «1».

فان المستفاد من هذه النصوص ان من تحرم عليه الزكاة و يجوز له الخمس عنوان الهاشمي أو عنوان بني هاشم و حيث ان هذا العنوان لا ينطبق علي من يكون منسوبا الي هاشم بالام فلا يكون الانتساب بالأم كافيا في جواز الخمس و علي تقدير الشك في الصدق يكفي نفس الشك لعدم الجواز اذ لا يجوز الأخذ بالعام في الشبهة المصداقية بل مقتضي جريان الاستصحاب في الشبهة

المفهومية احراز عدم الانتساب و لا تنافي بين عدم صدق هذا العنوان و صدق الولد و البنت و الابن فمن يكون منسوبا الي هاشم من قبل الام لا يصدق عليه الهاشمي و ان كان يصدق عليه ابن هاشم و لذا يصدق علي أولاد فاطمة عليها السلام ابناء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله.

الوجه الثالث: انه لو لا الاختصاص المذكور لقل وجود غير هاشمي بين الناس اذ قلما يوجد شخص لا تكون احدي جداته هاشمية فلو تزوجت هاشمية بغير هاشمي يكون جميع نسلها من بني هاشم و يكون أخذ الزكاة حراما عليه و جاز أخذ الخمس له و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟ كلا بل يمكن القطع بخلافه و نعم ما قال سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام فانه قدس سره قال في جملة كلام له:

«بل الظاهر بعد التأمل ان الحكم بعدم جواز أخذ المنتسب بالام الي هاشم الخمس أوضح من أن يحتج عليه بالمرسل أو غيره من الادلة و لا يظن من السيد المرتضي و من نظرائه من علماء الامامية أن يرضي بنسبة القول بجواز أخذ الخمس للزبيريين و أمثالهم من العشائر و القبائل الذين احدي جداتهم من بني هاشم و بحرمة الصدقة عليهم و بصحة كون الامام الصادق و من بعده من الائمة عليهم السلام و أولادهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 33 من أبواب المستحقين للزكاة

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 129

و لا فرق في الهاشمي بين العلوي و العقيلي و العباسي (1).

______________________________

تميميين لكون جدتهم أم فروة» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

(1) لان الموضوع- علي ما يظهر من النصوص- هو الهاشمي و بنو هاشم لاحظ ما رواه ابن سنان «1» فان المستفاد من

الحديث ان الموضوع من يكون من بني هاشم بل صرح في الحديث بحرمة الزكاة علي ولد عباس و من الظاهر أن من تكون الزكاة محرمة عليه يكون اخذ الخمس حلالا له.

و يظهر من بعض النصوص خلاف المدعي لاحظ مرسل أحمد بن محمد عن بعض اصحابنا رفع الحديث قال: الخمس من خمسة أشياء الي أن قال: فأما الخمس فيقسم علي ستة أسهم: سهم للّه و سهم للرسول صلي اللّه عليه و آله و سهم لذوي القربي و سهم لليتامي و سهم للمساكين و سهم لأبناء السبيل فالذي للّه فلرسول اللّه فرسول اللّه أحق به فهو له خاصة و الذي للرسول هو لذي القربي و الحجة في زمانه فالنصف له خاصة و النصف لليتامي و المساكين و أبناء السبيل من آل محمد عليهم السلام الذين لا تحل لهم الصدقة و لا الزكاة عوضهم اللّه مكان ذلك بالخمس الحديث «2».

فان المستفاد من الحديث ان الموضوع عنوان آل محمد صلي اللّه عليه و آله و الرواية ضعيفة سندا فلا اعتبار بها و لاحظ مرسل حماد «3» فان المستفاد من الرواية ان الموضوع عنوان أهل بيت محمد صلي اللّه عليه و آله حيث قال فيها:

«و نصف الخمس الباقي بين أهل بيته» و الرواية ضعيفة بالارسال مضافا الي أن المستفاد من الخبر ان الموضوع بنو عبد المطلب حيث قال فيه: «و هؤلاء الذين جعل

______________________________

(1) لاحظ ص: 127

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب قسمة الخمس الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 130

و ان كان الاولي تقديم العلوي بل الفاطمي (1).

[مسألة 75: لا يصدق من ادعي النسب إلا بالبينة]

(مسألة 75): لا يصدق من ادعي النسب (2) الا بالبينة (3) و يكفي

______________________________

اللّه لهم الخمس هم قرابة النبي

صلي اللّه عليه و آله الذين ذكرهم اللّه فقال:

«وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» و هم بنو عبد المطلب» فلا دلالة في الرواية علي المدعي.

و أما حديث سليم بن قيس «1» فلا دلالة فيه علي المدعي اذ المستفاد من الرواية ان المراد بذي القربي هم الائمة عليهم السلام و لا تنافي بين هذا المعني و كون بني هاشم موضوعا للخمس مضافا الي أن أهل البيت لا يشمل غيرهم عليهم السلام فلا يجوز الخمس حتي للهاشمي و هو كما تري و يضاف الي جميع ذلك ان السند مخدوش بسليم حيث انه لم يوثق و قول البرقي في حقه ان كان دالا علي الوثاقة لا يفيد لكون البرقي بنفسه محل الكلام و الاشكال.

(1) فان التقديم بهذا العنوان نحو تكريم لعلي عليه السلام و لفاطمة الصديقة عليها السلام و من الظاهر ان تكريمهما عليهما السلام و ابراز الولاء بالنسبة اليهما أمر محبوب.

(2) لعدم دليل علي اعتبار دعواه فان هذه الدعوي كبقية الدعاوي تحتاج الي الاثبات و لا يقاس هذا المورد علي دعوي الفقر اذا لفقر مطابق للأصل فان الغناء أمر حادث يحكم بعدمه بالاستصحاب و أما المقام فمقتضي الاستصحاب عدم انتسابه الي هاشم و استصحاب عدم الانتساب الي غير هاشم لا يفيد الا علي القول بالمثبت مضافا الي أنه يعارضه اصل عدم الانتساب الي هاشم.

(3) فانها حجة و يثبت بها المدعي و في المقام رواية رواها يونس بن عبد الرحمن

______________________________

(1) لاحظ ص: 117

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 131

في الثبوت الشياع و الاشتهار في بلده (1) كما يكفي كل ما يوجب الوثوق و الاطمئنان به (2).

[مسألة 76: لا يجوز إعطاء الخمس لمن تجب نفقته علي المعطي علي الأحوط]

(مسألة 76): لا يجوز اعطاء الخمس لمن تجب نفقته علي المعطي علي الاحوط (3) نعم

اذا كانت عليه نفقة غير لازمة للمعطي

______________________________

عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن البينة اذا اقيمت علي الحق أ يحل للقاضي أن يقضي بقول البينة؟ فقال خمسة أشياء يجب علي الناس الاخذ فيها بظاهر الحكم: الولايات و المناكح و الذبائح و الشهادات و الانساب فاذا كان ظاهر الرجل ظاهرا مأمونا جازت شهادته و لا يسأل عن باطنه «1»، ربما يستدل بها علي المدعي لكنها مرسلة فلا اعتبار بها.

(1) في كفاية مجرد الاشتهار و الشياع في البلد اشكال ما دام لا يحصل الوثوق بالانتساب و تحقق السيرة الخارجية العقلائية بترتيب الآثار علي الشهرة الخارجية الممضاة عند الشارع أول الكلام و الاشكال.

(2) لان الاطمينان حجة عقلائية ممضاة شرعا بلا كلام.

(3) لما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: خمسة لا يعطون من الزكاة شيئا: الاب و الام و الولد و المملوك و المرأة و ذلك انهم عياله لازمون له «2».

فان هذه الرواية و ان كانت واردة في الزكاة لكن حيث ان الخمس بدل عن الزكاة فيجري فيه ما يجري فيها من الاحكام و الانصاف ان الجزم بالتلازم مشكل لعدم الدليل علي التلازم و المستفاد من النصوص و الفتوي ان الخمس جعل للهاشمي

______________________________

(1) فقيه ج 3 ص: 9 حديث: 1

(2) الوسائل الباب 13 من ابواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 132

جاز ذلك (1).

[مسألة 77: يجوز استقلال المالك في توزيع النصف المذكور]

(مسألة 77): يجوز استقلال المالك في توزيع النصف المذكور (2) و الاحوط استحبابا الدفع الي الحاكم الشرعي أو استئذانه في الدفع الي المستحق (3).

______________________________

لحرمة الزكاة عليه فان الزكاة وسخ و لا يليق بالهاشمي أن يأكل أو ساخ الناس فجعل له الخمس كرامة

للنبي صلي اللّه عليه و آله و لا يستفاد من هذا البيان تلازم المقامين في الاحكام و لذا نري تغاير الموردين في كثير من الاحكام بحيث يمكن أن يقال: انه يلزم تخصيص الاكثر و لا يبعد ان ما أفاده سيد العروة في المقام من بناء الحكم علي الاشكال و عدم الجزم ناشئ من ذلك فلاحظ.

(1) قد ذكرنا في كتاب الزكاة انه لم يظهر لنا وجه الفرق و التفصيل فان علة المنع المستفادة من الحديث مشتركة، و بعبارة اخري: علة المنع كونهم لازمون له و لزومهم له و كونهم عياله علي حاله فما وجه التفريق نعم قد ورد النص الخاص علي جواز اداء دين الاب من الزكاة لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل علي أبيه دين و لأبيه مؤنة أ يعطي أباه من زكاته يقضي دينه؟ قال: نعم و من أحق من أبيه «1»؟.

(2) مقتضي القاعدة الاولية عدم جواز الاستقلال لان تعلق الخمس علي نحو الاشاعة كما تقدم و تقسيم المال المشترك لا بد أن يكون بأذن الشريك أو باذن من بيده الامر و حيث ان ولي الامر في زمن الغيبة الحاكم الشرعي الجامع للشرائط فلا بد أن يكون باذنه الا أن يقوم دليل علي جواز الاستقلال.

(3) قد ظهر مما ذكرناه انه الاظهر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 133

[مسألة 78: النصف الراجع للإمام عليه و علي آبائه أفضل الصلاة و السلام يرجع فيه في زمان الغيبة إلي نائبه]

(مسألة 78): النصف الراجع للإمام عليه و علي آبائه أفضل الصلاة و السلام يرجع فيه في زمان الغيبة الي نائبه و هو الفقيه المأمون العارف بمصارفه اما بالدفع اليه أو الاستئذان منه (1) و مصرفه ما يوثق برضاه عليه السلام

بصرفه فيه كدفع ضرورات المؤمنين من السادات زادهم اللّه تعالي شرفا و غيرهم و الاحوط استحبابا نية التصدق به عنه عليه السلام و اللازم مراعاة الاهم فالاهم و من أهم مصارفه في هذا الزمان الذي قل فيه المرشدون و المسترشدون اقامة دعائم الدين و رفع أعلامه و ترويج الشرع المقدس و نشر قواعده و أحكامه و مؤنة أهل العلم الذين يصرفون أوقاتهم في تحصيل العلوم الدينية الباذلون أنفسهم في تعليم الجاهلين و ارشاد الضالين و نصح المؤمنين و وعظهم و اصلاح ذات بينهم و نحو ذلك مما يرجع الي اصلاح دينهم و تكميل نفوسهم و علو درجاتهم عند ربهم تعالي شأنه و تقدست اسمائه (2).

______________________________

(1) فان المفروض انه ملكه و يلزم ارجاع أمره اليه و حيث انه لا يمكن الوصول اليه فلا بد من مراجعة الحاكم الشرعي اي النائب العام المرجع في الامور.

(2) ربما يقال: ان مصرفه مصرف المجهول المالك فان المستفاد من حديث يونس بن عبد الرحمن قال: سئل أبو الحسن الرضا عليه السلام و أنا حاضر الي أن قال: فقال: رفيق كان لنا بمكة فرحل منها الي منزله و رحلنا الي منازلنا فلما أن صرنا في الطريق أصبنا بعض متاعه معنا فاي شي ء نصنع به؟ قال: تحملون حتي تحملوه الي الكوفة قال: لسنا نعرفه و لا نعرف بلده و لا نعرف كيف نصنع؟ قال:

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 134

و الاحوط لزوما مراجعة المرجع الاعلم المطلع علي الجهات العامة (1).

[مسألة 79: يجوز نقل الخمس من بلده إلي غيره مع عدم وجود المستحق]

(مسألة 79): يجوز نقل الخمس من بلده الي غيره مع عدم وجود المستحق (2) بل مع وجوده اذا لم يكن النقل تساهلا و تسامحا في اداء

______________________________

اذا كان كذا فبعه و تصدق بثمنه الحديث «1»،

ان المال الذي لا يمكن ايصاله الي مالكه حكمه حكم المجهول مالكه اذا السائل في الخبر يعرف الرفيق لكن لا يعرف بلده و لا يدري أين هو و عليه يجب التصدق بسهم الامام عليه السلام لهذه الرواية و عن الجواهر تقوية هذا القول.

و يرد عليه- مضافا الي النقاش في سند الرواية بلحاظ العبيدي- ان ايصال المال الي مورد يكون المالك راضيا به نحو ايصال اليه فلا يشمله دليل التصدق مثلا لو علمنا ان العباء الفلاني لزيد و لا يمكننا الوصول اليه لكن نعلم بأنه يرضي أن يلبسه أخوه و يستفيد منه لا يجوز التصدق به.

و بعبارة اخري: التصدق بعد عدم امكان الايصال و هذا نحو من الايصال فلا بد من صرف سهمه المبارك في موارد رضاه و عليه لو علم المالك بأنه عليه السلام يرضي بصرفه في المصرف الكذائي و لا يحتمل دخل اذن المرجع المجتهد جاز له القيام به بنفسه بلا اذن من الحاكم لكن هل يمكن حصول مثل هذا الوثوق.

(1) من باب ان التصرف محصور في دائرة العلم بالرضا فلو احتمل عدم رضاه الا مع اذن الاعلم يجب استيذانه و اللّه العالم.

(2) يتصور نقل الخمس علي نحوين: احدهما أن يفرزه بأذن الحاكم ثم ينقل ما يفرزه. ثانيهما: أن ينقل مجموع المال الذي فيه الخمس و علي كلا التقديرين يجوز مع عدم المستحق في البلد بل النقل راجح بل واجب في الجملة لوجوب

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب اللقطة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 135

الخمس (1) نعم يجوز دفعه في البلد الي وكيل الفقير و ان كان هو في البلد الاخر (2) كما يجوز دفعه الي وكيل الحاكم الشرعي (3) و كذا اذا

و كل الحاكم الشرعي المالك فيقبضه بالوكالة عنه ثم ينقله اليه (4).

[مسألة 80: إذا كان المال الذي فيه الخمس في غير بلد المالك فاللازم عدم التساهل و التسامح في أداء الخمس]

(مسألة 80): اذا كان المال الذي فيه الخمس في غير بلد المالك فاللازم عدم التساهل و التسامح في اداء الخمس (5) و الاحوط تحري أقرب الازمنة في الدفع سواء أ كان بلد المالك أم المال أم غيرهما (6).

[مسألة 81: في صحة عزل الخمس بحيث يتعين في مال مخصوص إشكال]

(مسألة 81): في صحة عزل الخمس بحيث يتعين في مال مخصوص اشكال (7) و عليه فاذا نقله الي بلد لعدم وجود المستحق فتلف

______________________________

ايصال كل مال الي صاحبه.

(1) الجزم بالجواز علي الاطلاق مشكل فان النقل اذا كان مستلزما للتأخير اشكل الحكم بالجواز و لا مجال للتمسك في الجواز بالاصل اذا بقاء مال الغير و حبسه حرام فيجب ايصاله الي من في البلد اذا كان في النقل تأخير.

(2) هذا علي طبق القاعدة الاولية فان يد الوكيل يد الموكل فايصاله اليه ايصال الي مصداق الكلي المالك.

(3) بعين الملاك اذ المفروض ولاية الحاكم و يد وكيله يده.

(4) كما هو ظاهر فانه بعد كونه وكيلا عن الحاكم يكون كغيره من الوكلاء فيجري عليه ما يجري عليهم كما يجري له ما يجري لهم من الاحكام.

(5) لوجوب اداء الخمس و ايصال مال الغير الي مالكه فلا يجوز التساهل.

(6) بل الاظهر فانه لا دليل علي جواز التأخير.

(7) لعدم الدليل علي صحة العزل.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 136

بلا تفريط يشكل فراغ ذمة المالك (1) نعم اذا قبضه وكالة عن المستحق أو عن الحاكم فرغت ذمته (2) و لو نقله باذن موكله فتلف من غير تفريط لم يضمن (3).

[مسألة 82: إذا كان له دين في ذمة المستحق ففي جواز احتسابه عليه من الخمس إشكال]

(مسألة 82): اذا كان له دين في ذمة المستحق ففي جواز احتسابه عليه من الخمس اشكال (4) فالاحوط وجوبا الاستئذان من الحاكم الشرعي في الاحتساب المذكور (5).

______________________________

(1) لعدم تعين الخمس فيما أفرزه علي الفرض فان كان المنقول المال المشترك يتوجه الضرر بالنسبة و ان كانت الذمة مشغولة بالخمس تكون باقية باشتغالها لعدم المقتضي لبراءتها.

(2) اذ فرض دفع الخمس الي من يكون أهلا له فلا وجه لاشتغال الذمة.

(3) لكون يده يدا امانية فلا ضمان إلا مع التفريط.

(4)

اذ لا دليل عليه و بعبارة اخري: الخمس متعلق بالعين و اكتفاء ادائه من غيرها يتوقف علي قيام دليل عليه و حيث لم يقم عليه دليل في المقام فلا يجوز.

(5) فيجوز باذن الحاكم الشرعي بتقريب: ان المرجع في الامور الحسبية هو الحاكم و للنقاش فيما افيد مجال اذ ولاية الحاكم بهذا المقدار اول الكلام و الاشكال الا أن يرجع الامر الي التصالح حيث ان الحاكم ولي مالك الخمس و هو الكلي الجامع و المفروض ان فرد ذلك الجامع مشغولة ذمته فيجوز المصالحة مع ولي الامر بالنحو المذكور فلاحظ. و الحمد للّه اولا و آخرا و الصلاة و السلام علي محمد و آله الطاهرين و اللعن علي أعدائهم الي يوم الدين.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 137

[كتاب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر]

اشارة

كتاب الامر بالمعروف و النهي عن المنكر من اعظم الواجبات الدينيه الامر بالمعروف و النهي عن المنكر (1) قال اللّه تعالي: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَي الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «1».

و قال النبي صلي اللّه عليه و آله: كيف بكم اذا فسدت نساؤكم، و فسق شبابكم و لم تأمروا بالمعروف، و لم تنهوا عن المنكر؟ فقيل له: و يكون ذلك يا رسول اللّه؟ قال صلي اللّه عليه و آله، كيف بكم اذا امرتم بالمنكر و نهيتم عن المعروف؟ فقيل له: يا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و يكون ذلك؟ فقال: نعم و شر من ذلك، كيف بكم اذا رأيتم المعروف منكرا و المنكر معروفا «2».

______________________________

(1) بلا اشكال اذ بهما تقام الفرائض و تجتنب المحرمات و بعبارة اخري ان

______________________________

(1) آل عمران/ 104

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب الامر بالمعروف و

النهي عن المنكر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 138

و قد ورد عنهم- عليهم السلام- ان بالامر بالمعروف تقام الفرائض و تأمن المذاهب، و تحل المكاسب، و تمنع المظالم، و تعمر الارض و ينتصف للمظلوم من الظالم، و لا يزال الناس بخير ما امروا بالمعروف، و نهوا عن المنكر، و تعاونوا علي البر، فاذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات و سلط بعضهم علي بعض، و لم يكن لهم ناصر في الارض و لا في السماء «1».

[مسائل]

[مسألة 1: يجب الأمر بالمعروف الواجب و النهي عن المنكر]

(مسألة 1): يجب الامر بالمعروف الواجب و النهي عن المنكر (1).

______________________________

وجوب الامر بالمعروف و النهي عن المنكر يقتضي ثبوت ولاية كل واحد من آحاد المكلفين علي الاخر بدعوتهم الي المعروف و نهيهم عن المنكر مضافا الي ذكرهما في الكتاب مكررا بالاضافة الي ذكرهما في النصوص العديدة التي يمكن أن يقال بتواترها كما يتضح الامر لمن يراجعها و سيمر عليك جملة منها أثناء البحث إن شاء اللّه تعالي.

(1) اجماعا من المسلمين بقسميه عليه كما في الجواهر، و استدل علي المدعي بعدة آيات منها قوله تعالي: «وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَي الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» «2» فان المستفاد من الاية الشريفة وجوب قيام امة بالامر بالمعروف و النهي عن المنكر.

و بعبارة اخري قد امر الشارع بالامر بالمعروف و النهي عن المنكر و الامر ظاهر في الوجوب.

و منها قوله تعالي: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنّٰاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقٰامُوا الصَّلٰاةَ وَ آتَوُا الزَّكٰاةَ

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6 و 18

(2) آل عمران: 104

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 139

______________________________

وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لِلّٰهِ عٰاقِبَةُ الْأُمُورِ «1» فان المستفاد من الاية تقرير الشارع المقدس

الامر بالمعروف و النهي عن المنكر.

و بعبارة اخري ليس لأحد حق لأن يأمر غيره بشي ء أو ينهاه عن شي ء الا مع الولاية الشرعية و السلطنة من قبل الشارع و هذا المعني يستفاد من الاية الشريفة.

و لكن هذا التقريب لا يقتضي وجوب الامر بالمعروف و النهي عن المنكر بل غايته جوازهما او رجحانهما و اما الالزام فلا، و ربما يقال في مقام التقريب بأن اللّه تبارك تعالي، وعد أن ينصر الذين يدافعون عن دينه ثم وصفهم بانهم يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر فدلالة الاية علي الوجوب ظاهرة، و فيه ان التقريب المذكور لا يستفاد منه الا رجحان الامر بالمعروف و النهي عن المنكر.

و منها قوله تعالي كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّٰاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ تُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ الآية «2». بتقريب ان المستفاد من الاية الشريفة ان علة كون المسلمين خير امة قيامهم بالامر بالمعروف و النهي عن المنكر فلو تركوهما لم يكونوا خير امة و لم يكونوا مؤمنين باللّه.

و فيه انه لا يستفاد من الاية ان من آثار تركهما عدم الايمان باللّه. و علي فرض دلالتها لا يمكن الالتزام به اذ لا اشكال في أن ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لا يكون مساوقا لعدم الايمان باللّه، فدلالة الاية علي المدعي ليست واضحة.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة كثيرة من النصوص: منها ما رواه مسعدة بن صدقه عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله:

______________________________

(1) الحج/ 41

(2) آل عمران/ 110

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 140

وجوبا كفائيا (1) اذا لم يقم به واحد أثم الجميع و استحقوا العقاب.

______________________________

كيف بكم اذا فسدت نساؤكم، و فسق شبابكم و

لم تأمروا بالمعروف، و لم تنهوا عن المنكر؟ فقيل له: و يكون ذلك يا رسول اللّه؟ فقال: نعم و شر من ذلك، كيف بكم اذا أمرتم بالمنكر و نهيتم عن المعروف؟ فقيل له يا رسول اللّه و يكون ذلك؟

قال: نعم و شر من ذلك كيف بكم اذا رأيتم المعروف منكرا و المنكر معروفا «1».

و منها غيره مما ورد في الباب: 1 من أبواب الأمر و النهي من الوسائل فان المستفاد من بعض هذه الروايات الواردة في هذا الباب و طائفة اخري مما وردت في ابواب اخر وجوبهما و يمكن الاستدلال علي المدعي بالإجماع.

قال في الجواهر الامر بالمعروف و النهي عن المنكر واجبان، اجماعا من المسلمين بقسميه عليه. و لكن هل يمكن تحصيل الاجماع التعبدي الكاشف عن رأي المعصوم مع وجود الآيات و النصوص المشار اليها.

الا ان يقال ان وجوبهما في الجملة من واضحات الفقه ان لم يكن من ضروريات الدين.

(1) المسألة مورد الخلاف بين الاصحاب فذهب الي كل من القولين جملة من الاساطين، و الظاهر ان الحق ما ذهب اليه الماتن للآية الشريفة «وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَي الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» «2». فان المستفاد منها بالصراحة ان وجوبهما متوجه الي بعض المكلفين و بعبارة اخري المستفاد من الاية المباركة بمقتضي التبعيض المستفاد من الجار الوجوب الكفائي.

و يؤيد المدعي ما رواه مسعدة بن صدقه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب الامر و النهي الحديث: 12

(2) آل عمران/ 104

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 141

______________________________

يقول و سئل عن الامر بالمعروف و النهي عن المنكر أو اجب هو علي الامة جميعا؟

فقال: لا،

فقيل له: و لم؟ قال: انما هو علي القوي المطاع العالم بالمعروف من المنكر، لا علي الضعيف الذي لا يهتدي سبيلا الي أي من أي يقول من الحق الي الباطل و الدليل علي ذلك كتاب اللّه عز و جل قوله: «وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَي الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ» فهذا خاص غير عام كما قال اللّه عز و جل «وَ مِنْ قَوْمِ مُوسيٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ» و لم يقل علي امة موسي و لا علي كل قومه و هم يومئذ امم مختلفة و الامة واحد فصاعدا كما قال اللّه عز و جل:

«إِنَّ إِبْرٰاهِيمَ كٰانَ أُمَّةً قٰانِتاً لِلّٰهِ» يقول: مطيعا للّه عز و جل و ليس علي من يعلم ذلك في هذه الهدنة من حرج اذا كان لا قوة له و لا عدد و لا طاعة، قال مسعدة: و سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: و سئل عن الحديث الذي جاء عن النبي صلي اللّه عليه و آله ان أفضل الجهاد كلمة عدل عند امام جائر ما معناه قال: هذا علي أن يأمره بعد معرفته، و هو مع ذلك يقبل منه و الا فلا «1».

فان الامام عليه السلام استدل علي عدم الوجوب العيني بالآية الشريفة فلا مجال للقول بالوجوب العيني.

بتقريب ان المستفاد من جملة من النصوص منها ما عن محمد بن عرفة قال:

سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول لتأمرن بالمعروف، و لتنهن عن المنكر، أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم «2».

و بالاسناد عن الرضا عليه السلام انه سمعه يقول كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب الامر

و النهي الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب الامر و النهي الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 142

______________________________

يقول اذا امتي تواكلت «تواكلوا خ ل» الامر بالمعروف و النهي عن المنكر، فليأذنوا بوقاع من اللّه «1».

و منها عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: يكون في آخر الزمان قوم ينبع «يتبع خ ل» فيهم قوم مراءون «الي أن قال:» و لو اضرت الصلاة بسائر ما يعملون بأموالهم و أبدانهم لرفضوها كما رفضوا اسمي الفرائض و أشرفها، ان الامر بالمعروف و النهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، هنالك يتم غضب اللّه عز و جل عليهم فيعمهم بعقابه فيهلك الابرار في دار الاشرار، و الصغار في دار الكبار، ان الامر بالمعروف و النهي عن المنكر سبيل الانبياء، و منهاج الصلحاء، فريضة عظيمه بها تقام الفرائض، و تأمن المذاهب، و تحل المكاسب، و ترد المظالم، و تعمر الارض، و ينتصف من الاعداء، و يستقيم الأمر الحديث «2».

و منها ما عن حسن قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام فحمد اللّه و اثني عليه ثم قال: أما بعد فانه انما هلك من كان قبلكم حيثما عملوا من المعاصي و لم ينههم الربانيون و الاحبار عن ذلك، و انهم لما تمادوا في المعاصي و لم ينههم الربانيون و الاحبار عن ذلك نزلت بهم العقوبات، فامروا بالمعروف و نهوا «انهوا» عن المنكر، و اعلموا ان الامر بالمعروف و النهي عن المنكر لن يقربا اجلا و لن يقطعا رزقا الحديث «3».

و منها ما رواه عبد اللّه بن محمد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان رجلا من خثعم جاء الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقال: يا رسول

اللّه اخبرني ما أفضل الإسلام؟

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 143

______________________________

قال: الايمان باللّه، قال ثم ما ذا قال: صلة الرحم، قال: ثم ما ذا، قال: الامر بالمعروف و النهي عن المنكر، قال: فقال الرجل: فاخبرني أي الاعمال أبغض الي اللّه، قال: الشرك باللّه، قال: ثم ما ذا؟ قال: ثم قطعية الرحم، قال: ثم ما ذا؟ قال:

الامر بالمنكر و النهي عن المعروف «1». و منها: ما رواه مسعدة بن صدقة «2».

و منها ما رواه الأعمش، عن جعفر بن محمد عليهما السلام (في حديث شرايع الدين) قال: و الامر بالمعروف و النهي عن المنكر واجبان علي من أمكنه ذلك، و لم يخف علي نفسه و لا علي اصحابه «3».

و منها ما رواه المسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم ان اللّه يبغض المؤمن الضعيف الذي لا زبر له، و قال: هو الذي لا ينهي عن المنكر «4».

و منها ما رواه بكر بن محمد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: ايها الناس مروا بالمعروف و انهوا عن المنكر، فان الامر بالمعروف و النهي عن المنكر لم يقربا اجلا و لم يباعد ارزقا الحديث «5».

و منها ما رواه عيسي العلوي، عن الحسن، عن ابيه، عن جده قال: كان يقال:

لا يحل لعين مؤمنة تري اللّه يعصي فتطرف حتي تغيره «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) لاحظ ص: 139

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب الامر و النهي الحديث: 22

(4) نفس المصدر الحديث: 23

(5) نفس المصدر الحديث: 24

(6) نفس المصدر الحديث: 52

مباني منهاج الصالحين، ج 7،

ص: 144

______________________________

و منها ما روي عن الامام الحسن بن علي العسكري عليه السلام في تفسيره عن آبائه، عن النبي صلي اللّه عليه و آله في حديث قال: لقد أوحي اللّه الي جبرئيل و أمره أن يخسف ببلد يشتمل علي الكفار و الفجار، فقال جبرئيل: يا رب أخسف بهم الا بفلان الزاهد ليعرف ما ذا يأمره اللّه فيه، فقال: اخسف بفلان قبلهم، فسأل ربه فقال: يا رب عرفني لم ذلك و هو زاهد عابد، قال: مكنت له و أقدرته فهو لا يأمر بالمعروف، و لا ينهي عن المنكر، و كان يتوفر علي حبهم في غضبي، فقالوا:

يا رسول اللّه فكيف بنا و نحن لا نقدر علي انكار ما نشاهده من منكر؟ فقال رسول صلي اللّه عليه و آله: لتأمرن بالمعروف، و لتنهن عن المنكر، أو ليعمنكم عذاب اللّه، ثم قال من رأي منكم منكرا فلينكر بيده ان استطاع، فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه فحسبه ان يعلم اللّه من قلبه انه لذلك كاره «1».

و منها ما رواه الحسن بن محمد الديلمي في (الارشاد) عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: قيل له: لا نأمر بالمعروف حتي نعمل به كله و لا ننهي عن المنكر حتي ننتهي عنه كله؟ فقال: لا بل مروا بالمعروف و ان لم تعملوا به كله و انهوا عن المنكر و ان لم تنتهوا عنه كله «2».

انهما واجبان علي جميع المكلفين فانه ترفع اليد عن هذه النصوص بمقتضي الاية الشريفة مضافا الي ضعف أسناد هذه الروايات فلا اثر لها.

اضف الي ذلك ان مقتضي السيرة الجارية بين المتشرعة عدم وجوبهما الا علي وجه الكفايه فانا نشاهد انه لو قام بعض للإتيان

بهما لا يقوم الآخرون و يرون

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الامر و النهي الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 10 من ابواب الامر و النهي الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 145

ان قام به واحد سقط عن غيره، و اذا لم يقم به واحد اثم الجميع و استحقوا العقاب (1).

[مسألة 2: إذا كان المعروف مستحبا كان الأمر به مستحبا]

(مسألة 2): اذا كان المعروف مستحبا كان الامر به مستحبا (2).

______________________________

ان التكليف ساقط عنهم و هذه آية ان وجوبهما علي نحو الكفاية.

(1) فانه مقتضي الوجوب الكفائي و في المقام شبهة و هي ان التكليف لو لم يكن متوجها الي الجميع فالي من يكون متوجها؟ اذ لا اشكال في عدم توجهه الي شخص.

ان قلت انما يتوجه الي كل شخص عند عدم قيام الاخرين به. قلت يلزم الوجوب العيني عند ترك الكل فيلزم الخلف و الحل ان المكلف هو الجامع و لا اشكال في أن الجامع ينطبق علي مصداقه و فرده.

و صفوة القول ان مقتضي التحقيق ان الوجوب الكفائي ما يكون متعلقا بالجامع بين المكلفين كما ان المأمور به هو الجامع في الوجوب التخييري بين مصاديق المكلف به و قد ذكرنا في بحث الاصول ما ينفع في المقام فلاحظ.

(2) بتقريب انه لا اشكال في كون المستحب داخلا في المعروف فيشمله المدح الوارد في الكتاب و السنة علي الامر بالمعروف و النهي عن المنكر، لكن لا اشكال في استحباب الامر به اذ كيف يمكن أن نفس العمل يكون مستحبا و الامر به يكون واجبا.

و ان شئت قلت ان الامر بالمعروف مقدمة لتحققه و المفروض انه لا الزام بالنسبة الي تحققه و حصوله فكيف يمكن ان تكون مقدمته واجبة اضف الي ذلك:

ان الامر بالامر بشي ء امر بذلك الشي ء كما قرر

في الاصول، فيلزم أن يكون المستحب واجبا فيلزم الخلف.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 146

فاذا امر به كان مستحقا للثواب، و ان لم يأمر به لم يكن عليه اثم و لا عقاب (1) يشترط في وجوب الامر بالمعروف الواجب و النهي عن المنكر امور:

الاول: معرفة المعروف و المنكر و لو اجمالا، فلا يجبان علي الجاهل بالمعروف و المنكر (2).

______________________________

(1) كما هو مقتضي كونه مستحبا فان المستحب اذا تحقق في الخارج بقصد القربه يثاب عليه و اذا لم يتحقق لا يعاقب علي تركه و لا بد من تقييد كلام الماتن بهذا القيد.

(2) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي او استدل به امور الاول: نفي الخلاف فيه و فيه اولا: ان المسألة خلافية كما يظهر لمن يراجع كلمات الاصحاب في هذا المقام.

و ثانيا: ان عدم الخلاف ان لم يرجع إلي الاجماع فلا اثر له و ان رجع اليه فلا يكون حجة لاحتمال استناد المجمعين الي بعض الوجوه المذكوره في المقام.

الثاني ما رواه المسعدة بن صدقه «1». فان المستفاد من هذه الرواية ان وجوبهما مشروط بالعلم بالمعروف و المنكر.

و فيه: ان الرواية ضعيفة سندا بمسعدة لعدم ثبوت وثاقته و مجرد كونه في اسناد كامل الزيارات لا اثر له.

الثالث، انه مع الشك في حرمة ما يفعله الغير أو وجوبه نشك في وجوب الامر النهي و مقتضي اصاله البراءة عدم وجوبه و فيه: انه لا مجال لأصالة البراءة في الشبهة الحكمية بل ثبت بالدليل المعتبر وجوب التعلم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 140

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 147

الثاني: احتمال أتمار المامور بالمعروف بالامر، و انتهاء المنهي عن المنكر بالنهي، فاذا لم يحتمل ذلك، و علم ان الشخص الفاعل لا يبالي بالامر أو النهي،

و لا يكترث بهما لا يجب عليه شي ء (1).

______________________________

فالحق ان يقال: ان مقتضي وجوب الامر بالمعروف و النهي عن المنكر وجوبهما و لا وجه لاشتراط العلم و المعرفة.

(1) ادعي عدم الخلاف في عدم الوجوب مع عدم التأثير بل ادعي عليه الاجماع و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص:

منها ما رواه المسعدة بن صدقه «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان الوجوب يختص بمورد القبول و لا ريب في وفاء الحديث بالمدعي و لكن الاشكال في سنده كما مر.

و منها ما رواه يحيي الطويل صاحب المقري «المصري» قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: انما يؤمر بالمعروف و ينهي عن المنكر مؤمن فيتعظ، أو جاهل فيتعلم فأما صاحب سوط أو سيف فلا- «2» و هذه الرواية مخدوشة بيحيي فانه لم يثبت وثاقته.

و منها ما رواه داود الرقي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قيل له: و كيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض لما لا يطيق «3» و هذه الرواية ضعيفة بداود الرقي.

و منها ما رواه الحارث بن المغيرة أن أبا عبد اللّه عليه السلام قال له: لأحملن

______________________________

(1) لاحظ ص: 140

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب الامر و النهي الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب الامر و النهي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 148

الثالث: أن يكون الفاعل، مصرا علي ترك المعروف، و ارتكاب المنكر (1) فاذا كانت امارة علي الاقلاع، و ترك الاصرار لم يجب

______________________________

ذنوب سفهائكم الي علمائكم الي أن قال: ما يمنعكم اذا بلغكم عن الرجل منكم ما تكرهون و ما يدخل علينا به الاذي ان تأتوه فتؤنبوه و تعذلوه و تقولوا له قولا بليغا، قلت جعلت

فداك اذا لا يقبلون منا، قال: اهجروهم و اجتنبوا مجالسهم «1».

و هذه الرواية ضعيفة بسهل، و للرواية سند آخر و ذلك السند أيضا فيه اشكال فلاحظ.

و منها ما رواه ابان بن تغلب، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان المسيح عليه السلام يقول: ان التارك شفاء المجروح من جرحه شريك جارحه لا محالة الي أن قال فكذلك لا تحدثوا بالحكمة غير اهلها فتجهلوا، و لا تمنعوها اهلها فتأثموا، و ليكن احدكم بمنزلة الطبيب المداوي ان رأي موضعا لدوائه و الا أمسك «2» و هذه الرواية ضعيفة بسهل بن زياد.

فالنتيجة ان الجزم بالاشتراط مشكل، و علي الاشتراط لو شك في التأثير و عدمه بكون مقتضي البراءة عدم الوجوب كما هو المقرر في الشبهة الموضوعية فلا اثر لمجرد احتمال التأثير كما في المتن بل الوجوب يتوقف علي العلم بالتأثير أو العلمي.

و ربما يقال: ان مقتضي القاعده الاولية الوجوب مطلقا و انما دل الدليل علي عدم الوجوب في مورد عدم احتمال التأثير فيتم ما افاده في المتن.

(1) ادعي عدم الخلاف فيه مع القطع بعدم الامر، و قال في الجواهر «بل هما محرمان في هذه الصورة» و لا وجه للحرمة الا أن يعرضه عنوان محرم، و كيف

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب الامر و النهي الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب الامر و النهي الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 149

شي ء (1)، بل لا يبعد عدم الوجوب بمجرد احتمال ذلك، فمن ترك واجبا، أو فعل حراما و لم يعلم انه مصر، علي ترك الواجب، أو فعل الحرام ثانيا، أو انه منصرف عن ذلك أو نادم عليه لم يجب عليه شي، هذا بالنسبة الي من ترك المعروف، أو

ارتكب المنكر خارجا (2) و أما من يريد ترك المعروف أو ارتكاب المنكر فيجب امره بالمعروف و نهيه عن المنكر، و ان لم يكن قاصدا الا المخالفة مرة واحدة (3).

الرابع: أن يكون المعروف و المنكر منجزا في حق الفاعل،

______________________________

كان الحق عدم الوجوب مع عدم الموضوع و بعبارة اخري كل حكم تابع لموضوعه و مع فرض عدم فعل المنكر و ترك الواجب لا موضوع لوجوبهما.

(1) ربما يقال- كما في الجواهر- بأن الامارة اذا كانت ظنية يجب لإطلاق الدليل و استصحاب الوجوب.

و فيه ان المفروض ان الشبهة مصداقية و فيها لا مجال للأخذ بالاطلاق كما حقق في الاصول، و اما الاستصحاب فأيضا لا مجال له اذ مع احراز الموضوع لا يحتاج الي الاصل العملي، و يكفي الدليل الاجتهادي و مع عدم احرازه لا تكون اركان الاستصحاب تامة، فان الاستصحاب يتقوم ببقاء الموضوع.

و صفوة القول: انه مع الشك لا مجال لهما بل مقتضي القاعدة عدم الوجوب للبراءة الجارية في الشبهات الموضوعية.

(2) قد ظهر مما تقدم ان مقتضي القاعدة عدم الوجوب.

(3) لتمامية موضوعهما فيجب الامر و النهي.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 150

فان كان معذورا في فعله المنكر، أو تركه المعروف، لاعتماد ان ما فعله مباح و ليس بحرام، أو أن ما تركه ليس بواجب، و كان معذورا في ذلك للاشتباه في الموضوع، أو الحكم اجتهادا، أو تقليدا لم يجب شي ء (1).

الخامس: ان لا يلزم من الامر بالمعروف و النهي عن المنكر ضرر في النفس، أو في العرض، أو في المال، علي الامر، أو علي غيره من المسلمين، فاذا لزم الضرر عليه، أو علي غيره من المسلمين لم يجب شي ء (2).

______________________________

(1) لعدم الموضوع فلا مجال لهما و لوجوبهما فان الاحكام

تابعة لموضوعاتها.

(2) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي أو استدل وجوه: الوجه الاول. عدم الخلاف فيه كما في الجواهر.

و فيه ان غايته الاجماع و حيث انه محتمل المدرك مع الوجوه المذكورة في المقام لا يكون تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم.

الوجه الثاني: قاعدة نفي الضرر و هذا الوجه انما يتم علي مسلك المشهور و اما علي مسلك شيخ الشريعة الذي سلكناه فلا. و التفصيل موكول الي مجال آخر و من أراد التفصيل فليراجع رسالة قاعدة لا ضرر. فانا ذكرنا في تلك الرسالة ما خلج ببالنا القاصر.

الوجه الثالث: سهولة الملة و سماحتها و عدم الحرج في الدين. و هذا الوجه انما يتم في فرض كون تحمل الضرر المترتب علي الامر أو النهي حرجيا فالدليل اخص من المدعي.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 151

و الظاهر انه لا فرق بين العلم بلزوم الضرر و الظن به و الاحتمال المعتد به عند العقلاء الموجب لصدق الخوف (1) هذا اذا لم يحرز

______________________________

الوجه الرابع: ما رواه الاعمش «1»، و هذه الرواية ضعيفة سندا مضافا الي عدم وفائها باثبات المدعي علي الاطلاق، بل تدل علي المقصود في الجملة، اذ لا تعرض فيها لتوجه الضرر الي احد المسلمين فلاحظ.

الوجه الخامس: ما رواه مفضل بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال لي: يا مفضل من تعرض لسلطان جائر فاصابته بلية لم يوجر عليها، و لم يرزق الصبر عليها «2».

و هذه الرواية ضعيفة بكلا سنديها فلا دليل علي كون الضرر مقتضيا لارتفاع الوجوب بل يستفاد من بعض النصوص ضده لاحظ ما رواه بشر بن عبد اللّه عن أبي عصمة قاضي مرو، عن أبي جعفر عليه السلام قال: يكون في آخر الزمان قوم ينبع

فيهم قوم مراءون فينقرون «ينفرون» و ينسكون حدثاء سفهاء لا يوجبون أمرا بمعروف و لا نهيا عن منكر الا اذا آمنوا الضرر، يطلبون لا نفسهم الرخص و المعاذير الي أن قال: هنا لك يتم غضب اللّه عليهم فيعمهم بعقابه الحديث «3».

(1) لا اشكال في اعتبار العلم لكونه حجة بحكم العقل، و أيضا لا اشكال في اعتبار الظن الاطميناني لكونه حجة عقلائية.

و اما مجرد الظن أو الاحتمال المعتد به عند العقلاء الموجب للخوف فلا بد في اعتبارهما من قيام دليل عليه.

و يمكن أن يقال انهما حجة عقلائية في مثل هذه الموارد و الشارع الاقدس

______________________________

(1) لاحظ ص: 143

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب الامر و النهي الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 152

تأثير الامر أو النهي و أما اذا أحرز ذلك فلا بد من رعاية الاهمية، فقد يجب الامر بالمعروف و النهي عن المنكر مع العلم بترتب الضرر أيضا، فضلا عن الظن به أو احتماله (1).

[مسألة 3: لا يختص وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر يصنف من الناس دون صنف]

(مسألة 3): لا يختص وجوب الامر بالمعروف و النهي عن المنكر يصنف من الناس دون صنف، بل يجب عند اجتماع الشرائط المذكورة علي العلماء و غيرهم، و العدول و الفساق و السلطان و الرعية، و الاغنياء و الفقراء (2).

______________________________

لم يردع عن العمل بهما فيكونان حجة فلاحظ.

(1) لا اشكال عندهم في أن الضرر يوجب رفع الحكم التكليفي، فلا مجال لرعاية الاهمية و عدمها و بعبارة اخري: الضرر علي مسلك القوم رافع للحكم الالزامي فعليه يكون الماتن ناظرا الي مورد علم من الشارع عدم رعاية الضرر المتوجه فلا بد من رعاية ما هو الاقوي ملاكا في نظره.

(2) نقل عن بعض العلماء ان الامر بالمعروف و النهي عن المنكر يشترط

فيه أن يكون الامر عدلا و استدل علي المدعي بامور:

الاول: قوله تعالي أَ تَأْمُرُونَ النّٰاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتٰابَ أَ فَلٰا تَعْقِلُونَ «1».

بتقريب ان اللوم متوجه الي من يأمر و الحال انه تارك للوظيفة و فيه انه لا يبعد أن يكون اللوم متوجها الي ترك الوظيفة لا الي الامر بالمعروف و بعبارة اخري يلام الناس لنفسه لانحرافه عن الجادة.

______________________________

(1) البقرة: 44

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 153

______________________________

الثاني: قوله تعالي يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مٰا لٰا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّٰهِ أَنْ تَقُولُوا مٰا لٰا تَفْعَلُونَ «1» و التقريب ظاهر.

و فيه: انه يمكن أن يكون اللوم متوجها الي القول الذي لا عمل معه، اذ لا يحسن أن يقول الانسان و يعد وعدا لا يعمل به، مضافا الي أنه لا اشكال في عدم اختصاص وجوب الامر بالمعروف و النهي عن المنكر بخصوص العادل.

الثالث: ما رواه ابن فتال عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: انما يأمر بالمعروف و ينهي عن المنكر من كانت فيه ثلاث خصال: عالم بما يأمر به تارك لما ينهي عنه عادل فيما يأمر، عادل فيما ينهي، رفيق فيما يأمر، رفيق فيما ينهي … «2»

و الرواية ضعيفة سندا.

و منها ما رواه محمد بن أبي عمير رفعه الي أبي عبد اللّه عليه السلام قال: انما يأمر بالمعروف و ينهي عن المنكر من كانت فيه ثلاث خصال: عامل (عالم خ ل) بما يأمر به، تارك لما ينهي عنه، عادل فيما يأمر، عادل فيما ينهي، رفيق فيما يأمر، رفيق فيما ينهي «3» و الرواية ضعيفة بالرفع.

الرابع: عن نهج البلاغة، قال و قال عليه السلام: و أمروا بالمعروف و أتمروا به، و انهوا

عن المنكر و تناهوا عنه، و انما امرنا بالنهي بعد التناهي «4» و السند ضعيف بالارسال.

الخامس: ان الهداية فرع الاهتداء و فيه ان الوجه المذكور ذوقي لا برهاني

______________________________

(1) الصف: 2 و 3

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب الامر و النهي الحديث: 10

(3) الوسائل الباب 10 من ابواب الامر و النهي الحديث: 3

(4) عين المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 154

و قد تقدم انه ان قام به واحد سقط الوجوب عن غيره، و ان لم يقم به احد اثم الجميع، و استحقوا العقاب (1).

للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مراتب:

الاول: الانكار بالقلب، بمعني اظهار كراهة المنكر، أو ترك المعروف (2).

______________________________

فالنتيجه انه لا وجه لهذا الاشتراط بل الحكم عام.

(1) و تقدم شرح المتن فراجع.

(2) ربما يستدل علي وجوب المرتبة الاولي بعد الخلاف تارة و بجملة من النصوص اخري اما عدم الخلاف فغايته رجوعه الي الاجماع و حيث انه يحتمل استناده الي النصوص المشار اليها لا يكون اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم.

و أما النصوص فلا بد من ملاحظة اسنادها اولا و لحاظ دلالتها ثانيا: فمن تلك النصوص ما رواه جابر، عن أبي جعفر عليه السلام (في حديث) قال: فانكروا بقلوبكم، و الفظوا بألسنتكم، و صكوا بها جباههم، و لا تخافوا في اللّه لومة لائم، فان اتعظوا و الي الحق رجعوا فلا سبيل عليهم إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَي الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النّٰاسَ وَ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولٰئِكَ لَهُمْ عَذٰابٌ أَلِيمٌ هنالك فجاهدوهم بابدانكم و ابغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطانا، و لا باغين مالا و لا مرتدين بالظلم ظفرا حتي يفيئوا إِليٰ أَمْرِ اللّٰهِ و يمضوا علي طاعته «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا بالارسال و غيره.

و منها

ما ارسله الشيخ الطوسي قدس سره قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:

من ترك انكار المنكر بقلبه و لسانه «و يده خ» فهو ميت بين الاحياء في كلام هذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب الامر و النهي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 155

______________________________

ختامه «1». و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها ما رواه الرضي: و قد قال عليه السلام في كلام له يجري هذا المجري:

فمنهم المنكر للمنكر بقلبه و لسانه و يده فذلك المستكمل خصال الخير، و منهم المنكر بلسانه و قلبه التارك بيده فذلك مستمسك بخصلتين من خصال الخير و مضيع خصلة، و منهم المنكر بقلبه و التارك بيده و لسانه فذلك الذي ضيع اشرف الخصلتين من الثلاث تمسك بواحدة، و منهم تارك لإنكار المنكر بلسانه و قلبه و يده فذلك ميت الاحياء و ما اعمال البر كلها و الجهاد في سبيل اللّه عند الامر بالمعروف و النهي عن المنكر الا كنقية في بحر لجي، و ان الامر بالمعروف و النهي عن المنكر لا يقربان من اجل و لا ينقصان من رزق، و افضل من ذلك كلمة عدل عند امام جائر «2» و هذه الرواية ضعيفة سندا بالارسال.

و منها ما رواه أبو جحيفة قال: سمعت: أمير المؤمنين عليه السلام يقول ان اول ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بايديكم، ثم بألسنتكم، ثم بقلوبكم، فمن لم يعرف بقلبه معروفا و لم ينكر منكرا قلب فجعل اعلاه اسفله. «3» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها ما عن العسكري عليه السلام «4» و الرواية ضعيفة بعدم ثبوت نسبة التفسير المزبور اليه عليه السلام.

و منها ما رواه يحيي الطويل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: حسب المؤمن

______________________________

(1) نفس

المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) لاحظ ص: 144

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 156

اما باظهار الانزعاج من الفاعل أو الاعراض و الصد عنه، أو ترك الكلام معه، أو نحو ذلك من فعل أو ترك يدل علي كراهة ما وقع منه (1).

الثانية: الانكار باللسان و القول، بأن يعظه، و ينصحه، و يذكر له ما أعد اللّه سبحانه للعاصين من العقاب الاليم و العذاب في الجحيم، أو يذكر له ما أعده اللّه تعالي للمطيعين من الثواب الجسيم و الفوز في جنات النعيم (2).

الثالثة: الانكار باليد بالضرب المؤلم الرادع عن المعصية،

______________________________

غيرا اذا رأي منكرا أن يعلم اللّه عز و جل من قلبه انكاره … و رواه الشيخ باسناده عن علي بن ابراهيم بالاسناد الا انه قال: حسب المؤمن عزا اذا رأي منكرا أن يعلم اللّه من نيته انه له كاره «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالطويل مضافا الي انه لا يستفاد من جميع هذه الروايات الترتيب و لا تنافي بين وجوب كلا الامرين معا بل الانكار القلبي لا يرتبط بالامر بالمعروف و النهي عن المنكر.

(1) الظاهر انه لا دليل عليه بل الدليل قائم علي وجوب الامر بالمعروف و النهي عن المنكر و اظهار الانزعاج و نحوه لا يكون مصداقا لعنواني الامر بالمعروف و النهي عن المنكر.

(2) الظاهر انه لا دليل علي وجوب النصح و نحوه بل الدليل قائم علي وجوب الامر و النهي و هذان العنوانان مفهومان عرفيان لا اجمال فيهما و لا ينطبقان علي الوعظ و النصيحة فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب الامر و النهي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 157

و لكل واحدة من هذه المراتب مراتب اخف و اشد، و

المشهور الترتيب بين هذه المراتب، فان كان اظهار الانكار القلبي كافيا في الزجر اقتصر عليه، و الا انكر باللسان، فان لم يكف ذلك انكره بيده (1) و لكن الظاهر ان القسمين الاولين في مرتبة واحدة فيختار الامر أو الناهي ما يحتمل التأثير منهما (2)، و قد يلزمه الجمع بينهما (3).

______________________________

(1) ان تم اجماعا فهو و الا فيشكل الحكم بالجواز مع عدم جوازه علي طبق القواعد الاولية الا في مورد قيام الدليل علي الجواز.

و صفوة القول ان المستفاد من الدليل اللفظي وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و هذا المقدار لا يكفي لجواز الضرب، بل لا يقتضي جواز الشتم و السب.

و ان شئت قلت لا دليل علي منع حصول المنكر في الخارج كي يقتضي جواز مقدماته علي الاطلاق، بل الدليل انما دل علي الامر و النهي فلا بد من الاقتصار عليهما و الزائد عنهما يحتاج الي الدليل و لم نجده فلا بد من اتمام المدعي بالإجماع و التسالم بين الاصحاب ان تما و ما أفاده في الجواهر من أن المستفاد من الادلة ان المراد بالامر بالمعروف و النهي عن المنكر الحمل علي ذلك بايجاد المعروف و التجنب عن المنكر لا مجرد القول «1» الي آخر كلامه زبد في علو مقامه دعوي بلا دليل و اللّه العالم.

(2) قد تقدم عدم دليل علي الترتيب كما أنه قد تقدم عدم قيام دليل علي وجوب المرتبة الاولي.

(3) الظاهر انه لا دليل الا علي وجوب الأمر و النهي كما تقدم.

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 21 ص 381.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 158

و أما القسم الثالث فهو مترتب علي عدم تأثير الاولين (1)، و الاحوط في هذا القسم الترتيب بين مراتبه فلا

ينتقل الي الاشد، الا اذا لم يكف الاخف (2).

[مسألة 4: إذا لم تكف المراتب المذكورة في ردع الفاعل]

(مسألة 4): اذا لم تكف المراتب المذكورة في ردع الفاعل ففي جواز الانتقال الي الجرح و القتل و جهان، بل قولان أقواهما العدم، و كذا اذا توقف علي كسر عضو من يد أو رجل أو غيرهما، أو اعابة عضو كشلل أو اعوجاج أو نحوهما، فان الاقوي عدم جواز ذلك (3) و اذا أدي الضرب الي ذلك- خطأ أو عمدا- فالاقوي ضمان

______________________________

(1) قد تقدم عدم الدليل عليه.

(2) لو التزمنا بتمامية المدعي و وصول النوبة الي المرتبة الثالثة فلا اشكال في الترتيب بين مراتبها اذ القاعدة الاولية تقتضي عدم الجواز فاثبات الجواز بمعني الاعم يتوقف علي الدليل.

(3) نسب الجواز بل الوجوب الي السيد و الشيخ في التبيان و الحلي و العجلي و الفاضل و يحيي بن سعيد و الشهيد في النكت، و نسب عدم الجواز الي الشيخ و الديلمي و القاضي و فخر الإسلام و الشهيد و المقداد و الكركي.

أما وجه الجواز فلان الشارع الاقدس أنما امر بالامر بالمعروف و النهي عن المنكر للتحفظ علي احكامه فيحب القيام بهذه المهمة باي نحو و باي سبب.

و أما وجه عدم الجواز: فلقصور الدليل عن اثبات هذه الدعوي كما تقدم و انما يجب الامر و النهي، هذا من ناحية و من ناحية اخري لا يجوز جرح الغير و لا قتله فيكون التعرض بالنحو المذكور حراما و هذا هو الاقوي و قس علي الجرح القتل و الكسر و الاعابة.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 159

الامر و الناهي لذلك، فتجري عليه أحكام الجناية العمدية، ان كان عمدا، و الخطائية ان كان خطأ (1) نعم يجوز للإمام و نائبه ذلك اذا كان يترتب علي معصية

الفاعل مفسدة اهم من جرحه أو قتله (2) و حينئذ لا ضمان عليه (3).

[مسألة 5: يتأكد وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر في حق المكلف بالنسبة إلي اهله]

(مسألة 5): يتأكد وجوب الامر بالمعروف و النهي عن المنكر في حق المكلف بالنسبة الي اهله (4)، فيجب عليه اذا رأي منهم التهاون في الواجبات، كالصلاة و اجزائها و شرائطها، بأن لا يأتوا بها علي وجهها، لعدم صحة القراءة و الاذكار الواجبة، أولا يتوضأ و اوضوءا

______________________________

(1) بمقتضي ما دل علي الضمان الثابت في محله.

(2) الظاهر انه ناظر الي مورد التزاحم و تقديم الاهم و عليه لا وجه للاختصاص بالامام و نائبه بل يجري هذا الترتيب بالنسبة الي كل مكلف فلاحظ.

(3) لعدم الدليل عليه و اختصاص دليل الضمان بغير هذا المورد و بعبارة اخري: لا حرمة للمقتول و المجروح في الفرض فلا ضمان. و ان شئت قلت انه مهدور الدم أو الجرح أو الاعابة فلا موضوع للضمان.

(4) كما هو مقتضي المناسبة بين الحكم و الموضوع، و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ نٰاراً وَقُودُهَا النّٰاسُ وَ الْحِجٰارَةُ عَلَيْهٰا مَلٰائِكَةٌ غِلٰاظٌ شِدٰادٌ لٰا يَعْصُونَ اللّٰهَ مٰا أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ مٰا يُؤْمَرُونَ «1».

فان ذكر الاهل في سياق النفس في الكتاب الكريم مع شمول الدليل العام اياه يدل علي العناية الخاصة و تاكد الحكم بالنسبة اليه فكأن الاهل نفس الشخص.

______________________________

(1) التحريم/ 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 160

صحيحا، أو لا يطهروا أبدانهم و لباسهم من النجاسة علي الوجه الصحيح امرهم بالمعروف علي الترتيب المتقدم، حتي يأتوا بها علي وجهها، و كذا الحال في بقية الواجبات، و كذا اذا رأي منهم التهاون في المحرمات كالغيبة و النميمة، و العدوان من بعضهم علي بعض أو علي غيرهم، أو غير ذلك

من المحرمات، فانه يجب أن ينهاهم عن المنكر حتي ينتهوا عن المعصية (1).

______________________________

(1) الزائد علي الامر و النهي لا دليل عليه كما تقدم بل يستفاد من بعض النصوص خلاف المدعي. و منها ما رواه عبد الأعلي مولي آل سام، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لما نزلت هذه الاية: (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ نٰاراً) جلس رجل من المسلمين يبكي، و قال انا عجزت عن نفسي، كلفت اهلي، فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك و تنهاهم عما تنهي عنه نفسك «1».

و منها ما رواه أبو بصير في قول اللّه عز و جل: قوا انفسكم و اهليكم نارا قلت:

كيف اقيهم؟ قال: تأمرهم بما امر اللّه و تنهاهم عما نهاهم اللّه، فان اطاعوك كنت قد وقيتهم، و ان عصوك كنت قد قضيت ما عليك «2».

و منها عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل قوا انفسكم و اهليكم نارا كيف نقي اهلنا؟ قال تأمرونهم و تنهونهم «3».

فان المستفاد من هذه النصوص ان الواجب بالنسبة الي الاهل أمرهم بالمعروف

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الامر و النهي الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 161

[مسألة 6: إذا صدرت المعصية من شخص من باب الاتفاق]

(مسألة 6): اذا صدرت المعصية من شخص من باب الاتفاق، و علم انه غير مصر عليها لكنه لم يتب منها وجب أمره بالتوبة، فانها من الواجب، و تركها كبيرة موبقة، هذا مع التفات الفاعل اليها (1)، اما مع الغفلة ففي وجوب امره بها اشكال (2)، و الاحوط- استحبابا- ذلك (3).

فائدة: قال بعض الاكابر ان من أعظم

افراد الامر بالمعروف و النهي عن المنكر و اعلاها و اتقنها و أشدها، خصوصا بالنسبة الي رؤساء الدين أن يلبس رداء المعروف واجبه و مندوبه، و ينزع رداء المنكر محرمه و مكروهه، و يستكمل نفسه بالاخلاق الكريمة،

______________________________

و نهيهم عن المنكر لا الزائد عليهما و يمكن الاستدلال علي المدعي أيضا بسيرة المتشرعة فان المتشرعة بما هم كذلك يكتفون في الامر و النهي بالنسبة الي الاهل بأمرهم بالمعروف و نهيهم عن المنكر و لا يلتزمون بأزيد من هذا المقدار فلا يجب الردع الخارجي و ان كان الظاهر من الاية وجوب الردع الخارجي بأي نحو كان و لعل المراد من المتن ما ذكرنا فلا يرد عليه الايراد بما ذكر و اللّه العالم.

(1) قد ذكرنا في رسالة التوبه ان الامر بالتوبة ارشادي و ليس مولويا، و علي القول بالمولوية يلزم التسلسل لو لم يتب العاصي من معصيته اذ لو لم يتب يتحقق عصيان آخر و التوبة منه و هكذا و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم.

(2) منشأ الاشكال عدم الدليل علي وجوب تنبيه الغافل.

(3) لا اشكال في حسن الاحتياط.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 162

و ينزهها عن الاخلاق الذميمة، فان ذلك منه سبب تام لفعل الناس المعروف، و نزعهم المنكر خصوصا اذا أكمل ذلك بالمواعظ الحسنة المرغبة و المرهبة فان لكل مقام مقالا و لكل داء دواء، و طب النفوس و العقول أشد من طب الابدان بمراتب كثيرة، و حينئذ يكون قد جاء بأعلي أفراد الامر بالمعروف و النهي عن المنكر (1).

[ختام و فيه مطلبان]

اشارة

ختام و فيه مطلبان:

[المطلب الاول: في ذكر أمور هي من المعروف]

المطلب الاول: في ذكر امور هي من المعروف.

منها: الاعتصام باللّه تعالي، قال اللّه تعالي «وَ مَنْ يَعْتَصِمْ بِاللّٰهِ فَقَدْ هُدِيَ إِليٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ» (2). و قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

أوحي اللّه عز و جل الي داود ما اعتصم بي عبد من عبادي، دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيته، ثم تكيده السماوات و الارض و من فيهن الا جعلت له المخرج من بينهن» (3).

و منها التوكل علي اللّه سبحانه، الرءوف الرحيم بخلقه العالم بمصالحه و القادر علي قضاء حوائجهم و اذا لم يتوكل عليه تعالي

______________________________

(1) لا يبعد ان يكون المراد ببعض الاكابر صاحب الجواهر قدس لاحظ كلامه في هذا المقام «1».

(2) آل عمران/ 101.

(3) الوسائل الباب 10 من ابواب جهاد النفس الحديث: 2.

______________________________

(1) الجواهر ج 21 ص: 382

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 163

فعلي من يتوكل أعلي نفسه، أم علي غيره مع عجزه و جهله؟ قال اللّه تعالي: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَي اللّٰهِ فَهُوَ حَسْبُهُ (1 و قال أبو عبد اللّه (ع) ان الغني و العز يجولان، فاذا ظفرا بموضع من التوكل أو طنا (2).

و منها: حسن الظن باللّه تعالي، قال أمير المؤمنين عليه السلام فيما قال: و الذي لا إله الا هو لا يحسن ظن عبد مؤمن باللّه الا كان اللّه عند ظن عبده المؤمن، لان اللّه كريم بيده الخير يستحيي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن، ثم يخلف ظنه و رجاءه، فأحسنوا باللّه الظن و ارغبوا اليه (3).

و منها: الصبر عند البلاء، و الصبر عن محارم اللّه قال اللّه تعالي:

إِنَّمٰا يُوَفَّي الصّٰابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسٰابٍ (4)، و قال رسول اللّه (ص) في حديث فاصبر فان في

الصبر علي ما تكره خيرا كثيرا، و اعلم ان النصر مع الصبر، و ان الفرج مع الكرب، فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا (5). و قال امير المؤمنين (ع): لا يعدم الصبر الظفر، و ان طال به الزمان (6، و قال (ع): الصبر صبران: صبر عند المصيبة حسن

______________________________

(1) الطلاق/ 3.

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب جهاد النفس الحديث: 2.

(3) الوسائل الباب 16 من أبواب جهاد النفس الحديث: 3.

(4) الزمر/ 10.

(5) الوسائل الباب 25 من أبواب جهاد النفس الحديث: 4.

(6) الوسائل الباب 25 من أبواب جهاد النفس الحديث: 6.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 164

جميل، و احسن من ذلك الصبر عند ما حرم اللّه تعالي عليك (1).

و منها العفة، قال أبو جعفر (ع) ما عبادة افضل عند اللّه من عفة بطن و فرج (2) و قال أبو عبد اللّه عليه السلام: انما شيعة جعفر عليه السلام من عف بطنه و فرجه، و اشتد جهاده، و عمل لخالقه، و رجا ثوابه، و خاف عقابه، فاذا رأيت اولئك فاولئك شيعة جعفر عليه السلام (3).

و منها: الحلم قال رسول اللّه (ص): ما أعز اللّه يجهل قط، و لا اذل بحلم قط (4) و قال أمير المؤمنين عليه السلام: اول عوض الحليم من حلمه ان الناس انصاره علي الجاهل (5)، و قال الرضا عليه السلام:

لا يكون الرجل عابدا حتي يكون حليما (6).

و منها: التواضع: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من تواضع للّه رفعه اللّه و من تكبر خفضه اللّه، و من اقتصد في معيشته رزقه اللّه، و من بذر حرمه اللّه، و من اكثر ذكر الموت احبه اللّه تعالي (7).

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب جهاد

النفس الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب جهاد النفس الحديث: 1.

(3) الوسائل الباب 22 من أبواب جهاد النفس الحديث: 13.

(4) الوسائل الباب 26 من أبواب جهاد النفس الحديث: 6.

(5) الوسائل الباب 26 من أبواب جهاد النفس الحديث: 13.

(6) عين المصدر ح 1.

(7) الوسائل الباب 31 من أبواب جهاد النفس الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 165

و منها: انصاف الناس، و لو من النفس قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله سيد الاعمال انصاف الناس من نفسك، و مواساة الاخ في اللّه تعالي علي كل حال (1).

و منها: اشتغال الانسان بعيبه عن عيوب الناس، قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله طوبي لمن شغله خوف اللّه عز و جل عن خوف الناس، طوبي لمن شغله عيبه عن عيوب المؤمنين (2)، و قال صلي اللّه عليه و آله: ان اسرع الخير ثوابا البر، و ان اسرع الشر عقابا البغي، و كفي بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمي عنه من نفسه، و ان بعير الناس بما لا يستطيع تركه، و أن يؤذي جليسه بما لا يعنيه (3).

و منها: اصلاح النفس عند ميلها الي الشر، قال أمير المؤمنين عليه السلام: من اصلح سريرته أصلح اللّه تعالي علانيته، و من عمل لدينه كفاه اللّه دنياه، و من أحسن فيما بينه و بين اللّه اصلح اللّه ما بينه و بين الناس (4).

و منها: الزهد في الدنيا و ترك الرغبة فيها، قال أبو عبد اللّه عليه السلام. من زهد في الدنيا اثبت اللّه الحكمة في قلبه، و أنطق بها

______________________________

(1) الوسائل الباب 34 من أبواب جهاد النفس الحديث: 2.

(2) الوسائل الباب 36 من أبواب جهاد النفس الحديث: 2.

(3)

الوسائل الباب 36 من أبواب جهاد النفس الحديث: 11.

(4) الوسائل الباب 39 من أبواب جهاد النفس الحديث: 3 و 6 و 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 166

لسانه، و بصره عيوب الدنيا داءها و دواءها، و أخرجه منها سالما الي دار السلام، (1) و قال رجل قلت لأبي عبد اللّه (ع) اني لا ألقاك الا في السنين فاوصني بشي ء حتي آخذ به، فقال عليه السلام اوصيك بتقوي اللّه، و الورع و الاجتهاد، و اياك أن تطمع الي من فوقك، و كفي بما قال عز و جل لرسول اللّه (ص) و لا تمدن عينيك الي ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا و قال تعالي و لا تعجبك اموالهم و لا اولادهم فان خفت ذلك فاذكر عيش رسول اللّه (ص) فانما كان قوته من الشعير و حلواه من التمر و وقوده من السعف اذا وجده و اذا اصبت بمصيبة في نفسك أو مالك أو ولدك فاذكر مصابك برسول اللّه (ص) فان الخلائق لم يصابوا بمثله قط (2).

[المطلب الثاني: في ذكر بعض الأمور التي هي من المنكر]

المطلب الثاني: في ذكر بعض الامور التي هي من المنكر.

منها: الغضب قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الغضب يفسد الايمان كما يفسد الخل العسل (3) و قال أبو عبد اللّه: الغضب مفتاح كل شر (4). و قال أبو جعفر عليه السلام ان الرجل ليغضب فما يرضي أبدا حتي يدخل النار، فايما رجل غضب علي قومه و هو قائم فليجلس

______________________________

(1) الوسائل الباب 62 من أبواب جهاد النفس الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 62 من أبواب جهاد النفس الحديث: 10.

(3) الوسائل الباب 53 من أبواب جهاد النفس الحديث: 2.

(4) عين المصدر الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 167

من فوره ذلك،

فانه سيذهب عنه رجس الشيطان، و ايما رجل غضب علي ذي رحم فليدن منه فليمسه، فان الرحم اذا مست سكنت (1).

و منها: الحسد، قال أبو جعفر و أبو عبد اللّه عليهما السلام: ان الحسد ليأكل الايمان كما تأكل النار الحطب (2) و قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ذات يوم لأصحابه: انه قد دب إليكم داء الامم ممن قبلكم، و هو الحسد ليس بحالق الشعر، و لكنه حالق الدين، و ينجي فيه ان يكف الانسان يده، و يخزن لسانه، و لا يكون ذا غمز علي اخيه المؤمن (3).

و منها: الظلم، قال أبو عبد اللّه: من ظلم مظلمة اخذ بها في نفسه أو في ماله او في ولده (4) و قال عليه السلام: ما ظفر بخير من ظفر بالظلم، أما ان المظلوم يأخذ من دين الظالم اكثر مما يأخذ الظالم من حال المظلوم (5).

و منها: كون الانسان ممن يتقي شره، قال رسول اللّه صلي اللّه

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 4.

(2) الوسائل الباب 55 من أبواب جهاد النفس الحديث: 1 و 2.

(3) عين المصدر الحديث: 15.

(4) الوسائل الباب 77 من أبواب جهاد النفس الحديث: 4.

(5) الوسائل الباب 77 من أبواب جهاد النفس الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 168

عليه و آله: شر الناس عند اللّه يوم القيامه الذين يكرمون اتقاء شرهم (1) و قال ابو عبد اللّه عليه السلام: و من خاف الناس لسانه فهو في النار (2) و قال عليه السلام ان ابغض خلق اللّه عبد اتقي الناس لسانه (3)، و لنكتف بهذا المقدار و الحمد للّه اولا و آخرا و هو حسبنا و نعم الوكيل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 70 من أبواب جهاد النفس الحديث: 8.

(2)

عين المصدر الحديث: 9.

(3) عين المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 169

[كتاب التجارة]

اشارة

كتاب التجارة و فيه مقدمة و فصول

[مقدمة]

اشارة

مقدمة: التجارة في الجملة من المستحبات الاكيدة في نفسها (1) و قد تستحب لغيرها و قد تجب كذلك اذا كانت

______________________________

(1) لجملة من النصوص الدالة علي المدعي منها: ما رواه جميل بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «رَبَّنٰا آتِنٰا فِي الدُّنْيٰا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً» قال: رضوان اللّه و الجنة في الآخرة و السعة في الرزق و المعاش و حسن الخلق في الدنيا «1».

و منها: ما رواه المعلي بن خنيس قال: رآني أبو عبد اللّه عليه السلام و قد تأخرت عن السوق فقال: اغد الي عزك «2».

و منها: ما رواه روح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تسعة أعشار الرزق في التجارة «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب مقدمات التجارة الحديث: 1.

(2) نفس المصدر الحديث: 2.

(3) نفس المصدر الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 170

مقدمة لواجب أو مستحب (1) و قد تكره لنفسها (2) أو لغيرها (3) و قد تحرم كذلك (4) و المحرم منها أصناف

[و هنا مسائل]
اشارة

و هنا مسائل:

[مسألة 1: تحرم و لا تصح التجارة بالخمر]

(مسألة 1): تحرم و لا تصح التجارة بالخمر (5).

______________________________

و منها: ما رواه عبد المؤمن الانصاري عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: البركة عشرة اجزاء تسعة أعشارها في التجارة و العشر الباقي في الجلود «1».

و منها: ما رواه زيد بن علي عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: تسعة أعشار الرزق في التجارة و الجزء الباقي في السابيا يعني الغنم «2» و منها غيرها المذكور في الوسائل في الباب: 1 من أبواب مقدمات التجارة.

(1) ما أفاده يتوقف علي كون المقدمة محكومة بحكم ذيها و هو محل الكلام و الاشكال مضافا الي أن الوجوب بعنوان المقدمة للواجب أو المستحب لا يكون داخلا في المقسم و بعبارة اخري: الكلام في المقام في بيان حكم التجارة بما هي كذلك الا أن يراد من المقسم الاعم من العنوان الاولي و الثانوي و الامر سهل.

(2) كبيع الاكفان.

(3) قد مر الاشكال في السراية فلاحظ.

(4) لا اشكال في حرمة جملة من التجارات منها بيع الخمر و أما حرمتها بعنوان المقدمة فالاشكال فيها هو الاشكال.

(5) تعرض الماتن للحرمة التكليفية و الوضعية كليهما و الظاهر ان المشهور عند

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 171

______________________________

الاصحاب كذلك و يدل علي المدعي بالنسبة الي الحرمة التكليفية جملة من النصوص منها: ما رواه زيد بن علي عن آبائه عليهم السلام قال: لعن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الخمر و عاصرها و معتصرها و بايعها و مشتريها و ساقيها و آكل ثمنها و شاربها و حاملها و المحمولة اليه «1».

و منها: ما رواه جابر عن

أبي جعفر عليه السلام قال: لعن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في الخمر عشرة: غارسها و حارسها و عاصرها و شاربها و ساقيها و حاملها و المحمولة اليه و بايعها و مشتريها و آكل ثمنها «2».

و منها: ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عليهم السلام في حديث المناهي ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي أن يشتري الخمر و أن يسقي الخمر و قال: لعن اللّه الخمر و غارسها و عاصرها و شاربها و ساقيها و بايعها و مشتريها و آكل ثمنها و حاملها و المحمولة اليه «3».

و لا يبعد أن تكون الرواية الاولي معتبرة من حيث السند فان رجالها موثقون الا زيد بن علي فانه لم يوثق صريحا- علي ما يستفاد من كلام صاحب الوسائل في رجاله- و لكن الظاهر انه لا اشكال في وثاقة الرجل راجع كلام سيدنا الاستاد في رجاله.

و أما الحرمة الوضعية فمضافا الي كونها من الواضحات تدل عليها طائفة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل ترك

______________________________

(1) الوسائل الباب 55 من أبواب ما يكتسب الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 172

و باقي المسكرات (1).

______________________________

غلاما له في كرم له يبيعه عنبا أو عصيرا فانطلق الغلام فعصر خمرا ثم باعه قال:

لا يصلح ثمنه ثم قال: ان رجلا من ثقيف اهدي الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله روايتين من خمر فأمر بهما رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فاهريقتا و قال: ان الذي حرم شربها حرم ثمنها ثم قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان أفضل

خصال هذه التي باعها الغلام أن يتصدق بثمنها «1». مضافا الي ان المدعي يستفاد من النصوص المتقدمة فان حرمة أكل الثمن تستلزم الحرمة الوضعية فلاحظ.

(1) المسكر اذا لم يكن مصداقا للخمر اما يكون مائعا و اما يكون جامدا اما المسكر المائع فتدل علي كونه محكوما بكونه خمرا في نظر الشارع في جميع الاحكام جملة من النصوص: منها: ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: ان اللّه عز و جل لم يحرم الخمر لاسمها و لكن حرمها لعاقبتها فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر «2».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: ان اللّه عز و جل لم يحرم الخمر لاسمها و لكن حرمها لعاقبتها فما فعل فعل الخمر فهو خمر «3».

و منها: ما رواه بعض أصحابنا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام لم حرم اللّه الخمر؟ فقال: حرمها لفعلها و فسادها «4».

فان المستفاد من هذه النصوص ان كل مسكر مائع محكوم بالخمرية في حكم الشارع فيترتب عليه جميع ما يترتب علي الخمر من الاحكام الا أن يقوم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 173

و الميتة (1).

______________________________

دليل علي الخلاف. و أما المسكر الجامد فربما يقال: بأنه محكوم بالخمرية بتقريب: ان المستفاد من أهل اللغة ان الخمر ما يخامر العقل فكل مسكر خمر وضعا.

و فيه: ان كلام اللغوي علي تقدير اعتباره لا يكون معتبرا في المقام للخلاف الواقع بينهم لاحظ ما نقل عن تاج العروس في المقام فان المستفاد من كلامه ان الخمر لا يصدق علي المسكر الجامد.

و

ربما يستدل علي المدعي بما رواه عطاء بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: كل مسكر حرام و كل مسكر خمر «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان كل مسكر خمر فيترتب علي كل مسكر جامدا كان او مائعا ما يترتب علي الخمر و فيه: ان السند مخدوش و لو كانت الدلالة تامة.

اذا عرفت ما تقدم فالحق أن يستدل علي المدعي بما تقدم من النصوص الدالة علي كون المسكر في حكم الخمر فان هذه النصوص باطلاقها كفاية لإثبات المدعي.

فائدة لا يبعد أن يقال: بأن الخمر الموضوع للأحكام الشرعية منصرف الي ما يكون معدا للشرب و الاسكار و يكون منصرفا عما لا يكون كذلك كالا لكل فانه لا يكون معدا للشرب و الاسكار بل معد للتداوي و ازالة المكروبات الفاسدة و لكن مع ذلك لا يمكن الالتزام بطهارته و حلية بيعه وضعا و تكليفا اذ يكفي في كونه كالخمر في الاحكام المترتبة عليه، دليل التنزيل الا أن يقال: بأن دليل التنزيل أيضا منصرف عنه فتأمل.

(1) استدل علي المدعي بوجوه: الوجه الاول الاجماع و فيه ان المنقول منه غير حجة و المحصل منه علي فرض تحققه محتمل المدرك فلا أثر له. الوجه الثاني: ان

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 174

______________________________

الانتفاع بالميتة حرام فاذا كان الانتفاع بها حراما كان أكل المال بإذائها أكلا بالباطل.

و فيه: أولا: ان حرمة الانتفاع بها علي الاطلاق محل الكلام. و ثانيا: ان المراد بالباطل الاسباب الباطلة. و ان شئت قلت: لا دليل علي اعتبار المالية في المبيع.

و ثالثا: لو سلمنا المدعي لا يكون دليلا علي الحرمة التكليفية

بل غاية ما يترتب عليه الحرمة الوضعية.

و أما النبوي الدال علي أن اللّه تعالي اذ احرم علي قوم أكل شي ء حرم عليهم ثمنه «1» فلا اعتبار بسنده مضافا الي أن مدلوله متروك عند الخاصة و العامة ضرورة عدم التلازم بين حرمة الاكل و فساد البيع فلاحظ.

الوجه الثالث: الروايات العامة الدالة علي حرمة بيعها. و فيه: انه لا اعتبار بأسناد تلك الاخبار. و المراد بتلك الروايات التي أشرنا اليها رواية تحف العقول «2» و رواية فقه الرضا «3» و رواية دعائم الإسلام «4».

و هذه الروايات كلها ضعيفة سندا أما حديث تحف العقول فاما نقل مرسلا فالمرسل لا اعتبار به كما هو ظاهر و اما نقل مسندا و السند مخدوش كما يظهر لمن يراجعه و أما حديث فقه الرضا ففيه ان كون الكتاب له عليه السلام أول الكلام و الاشكال و لا دليل عليه و أما حديث دعائم الإسلام فلا اعتبار به للإرسال و قد مر منا مرارا ان عمل المشهور برواية ضعيفة لا يوجب اعتبارها فعلي فرض تسلم عمل المشهور بهذه الرواية لا أثر له فلاحظ.

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 6 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(3) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 175

______________________________

الوجه الرابع: انه لا اشكال في نجاسة ميتة ماله نفس سائلة و بيع النجس حرام. و فيه: اولا انه لا دليل معتبر علي حرمة بيع النجس. و ثانيا: ان الكلام في بيع الميتة و النجاسة مختصة بما له نفس سائلة فالدليل اخص من المدعي.

الوجه الخامس: عدة نصوص خاصة و انها

تدل علي المنع عن البيع:

منها: ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: السحت ثمن الميتة و ثمن الكلب و ثمن الخمر و مهر البغي و الرشوة في الحكم و أجر الكاهن «1» و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي و الرواية لها سند آخر لا يبعد اعتباره ان لم نناقش في السكوني لكن العمدة عدم دلالتها علي الحرمة التكليفية بل غاية دلالتها الحرمة الوضعية.

و منها: ما أرسله الصدوق قال: قال عليه السلام: أجر الزانية سحت و ثمن الكلب الذي ليس بكلب الصيد سحت و ثمن الخمر سحت و أجر الكاهن سحت و ثمن الميتة سحت فأما الرشا في الحكم فهو الكفر باللّه العظيم «2». و المرسل لا اعتبار به.

و منها: ما رواه حماد بن عمرو و انس بن محمد عن أبيه جميعا عن جعفر بن محمد عن آبائه في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: يا علي من السحت ثمن الميتة و ثمن الكلب و ثمن الخمر و مهر الزانية و الرشوة في الحكم و أجر الكاهن «3». و هذه الرواية ضعيفة بحماد و انس.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن الماشية تكون للرجل فيموت بعضها يصلح له بيع جلودها و دباغها

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 176

______________________________

و لبسها؟ قال: لا و لو لبسها فلا يصل فيها «1». و هذه الرواية ضعيفة بعبد اللّه بن الحسن.

و منها: ما رواه في الجعفريات عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: من السحت ثمن الميتة

«2». و هذه الرواية ضعيفة بموسي بن اسماعيل.

و منها: ما رواه ابن ادريس في آخر السرائر نقلا من جامع البزنطي صاحب الرضا عليه السلام قال: سألته عن الرجل تكون له الغنم يقطع من ألياتها و هي أحياء أ يصلح له أن ينتفع بما قطع؟ قال: نعم يذيبها و يسرج بها و لا يأكلها و لا يبيعها «3».

و هذه الرواية لا بأس بها ان لم يناقش في سندها و لكن علي فرض تمامية الاستدلال انما تم بالنسبة الي الحرمة الوضعية فان النهي في أبواب المعاملات ظاهر في الارشاد الي الفساد و مقتضي الاصل الاولي هو الجواز التكليفي فلاحظ.

و يستفاد الجواز وضعا من حديث الصيقل و ولده قال: كتبوا الي الرجل جعلنا اللّه فداك انا قوم نعمل السيوف ليست لنا معيشة و لا تجارة غيرها و نحن مضطرون اليها و انما علاجنا جلود الميتة و البغال و الحمير الاهلية لا يجوز في أعمالنا غيرها فيحل لنا عملها و شرائها و بيعها و مسها بايدينا و ثيابنا و نحن نصلي في ثيابنا و نحن محتاجون الي جوابك في هذه المسألة يا سيدنا لضرورتنا؟ فكتب: اجعل ثوبا للصلاة و كتب اليه: جعلت فداك و قوائم السيوف التي تسمي السفن نتخذها من

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 17

(2) مستدرك الوسائل الباب 5 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 6 أبواب ما يكتسب به الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 177

و الكلب (1).

______________________________

جلود السمك فهل يجوز لي العمل بها و لسنا نأكل لحومها؟ فكتب عليه السلام: لا بأس به «1» و هذه الرواية ضعيفة به.

الوجه السادس: ما ورد في حكم ما لو اشتبه المذكي بالميتة فانه يستفاد من من جملة

من النصوص انه يجوز بيعه ممن يستحل الميتة و يجوز أكل ثمنه لاحظ ما رواه الحلبي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اذا اختلط الذكي و الميتة باعه ممن يستحل الميتة و أكل ثمنه «2».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل كان له غنم و بقر و كان يدرك الذكي منها فيعزله و يعزل الميتة ثم ان الميتة و الذكي اختلطا كيف يصنع به؟ قال: يبيعه ممن يستحل الميتة و يأكل ثمنه فانه لا بأس «3».

و تقريب الاستدلال بهذه الطائفة علي المدعي انه لو كان بيع الميتة جائزا لم يكن وجه لتخصيص الحكم بالمستحل بل كان جائزا علي الاطلاق. و ربما يتوهم ان جواز بيعه ممن يستحل يستلزم الجواز مطلقا. و فيه: ان الجزم بالعموم و الاطلاق في غاية الاشكال و لا وجه له بل كما قلنا هذه الطائفة دليل علي المنع فالنتيجة: ان بيع الميتة لا يجوز وضعا و أما تكليفا فلم يقم عليه دليل.

(1) قد دلت جملة من الروايات علي حرمة بيع الكلب وضعا منها ما رواه السكوني «4»، و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ثمن الخمر و مهر البغي و ثمن الكلب

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 7 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 175

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 178

______________________________

الذي لا يصطاد من السحت «1». و منها: ما أرسله الصدوق «2». و منها ما رواه حماد بن عمرو و انس «3».

و منها:

ما رواه ابو عبد اللّه العامري قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ثمن الكلب الذي لا يصيد فقال: سحت و أما الصيود فلا بأس «4».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 7، ص: 178

و منها: ما رواه الحسن بن علي القاساني عن الرضا عليه السلام في حديث قال: و ثمن الكلب سحت «5».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم و عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ثمن الكلب الذي لا يصيد سحت ثم قال: و لا بأس بثمن الهر «6».

و منها: ما رواه جراح المدائني قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من أكل السحت ثمن الخمر و نهي عن ثمن الكلب «7».

و منها ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ثمن كلب الصيد قال: لا بأس بثمنه و الاخر لا يحل ثمنه «8».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث ان رسول اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 7

(2) لاحظ ص: 175

(3) لاحظ ص: 175

(4) الوسائل الباب 14 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 2

(6) نفس المصدر الحديث: 3

(7) نفس المصدر الحديث: 4

(8) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 179

______________________________

صلي اللّه عليه و آله قال: ثمن الخمر و مهر البغي و ثمن الكلب الذي لا يصطاد من السحت «1».

و منها: ما رواه الوليد العماري قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ثمن الكلب الذي لا يصيد فقال: سحت و

أما الصيود فلا بأس «2».

و منها: ما رواه الحسن بن علي الوشاء عن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول: ثمن الكلب سحت و السحت في النار «3».

و منها: ما رواه ابراهيم بن أبي البلاد قال: قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام: جعلت فداك ان رجلا من مواليك عنده جواز مغنيات قيمتهن أربعة عشر ألف دينار و قد جعل لك ثلثها. فقال: لا حاجة لي فيها ان ثمن الكلب و المغنية سحت «4».

و منها: ما رواه الحسن بن علي الوشاء قال: سئل أبو الحسن الرضا عليه السلام عن شراء المغنية قال: قد تكون للرجل الجارية تلهيه و ما ثمنها الا ثمن كلب و ثمن الكلب سحت و السحت في النار «5».

و مقتضي اطلاق النصوص عدم الفرق بين أقسام الكلب في عدم جواز بيعه الا كلب الصيد الذي يقع فيه الكلام فيما بعد ان شاء اللّه تعالي. و قد وقع الكلام بين القوم في جواز بيع الكلاب الثلاثة: الماشية و الزرع و الحائط و قد استدل علي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) الوسائل الباب 16 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 180

______________________________

الجواز بوجوه:

الوجه الاول: الاجماع. و فيه: انه علي تقدير تحققه لا يترتب عليه أثر لاحتمال استناد المجمعين الي الوجوه المذكورة في كلام الاصحاب.

الوجه الثاني: ان ثبوت الدية يدل علي جواز المعاوضة عليها و قد ثبت الدية بالنسبة الي الانواع الثلاثة. و فيه: ان ثبوت الدية لا يدل علي الملكية فضلا عن جواز البيع و لذا نري ان الدية ثابتة بالنسبة الي الحر مع عدم كونه مملوكا و عدم جواز بيعه.

الوجه

الثالث: انه لا اشكال في جواز اجارتها لحفظ الماشية و الحائط و الزرع و جواز الاجارة يستلزم جواز البيع. و فيه: انه لا ملازمة بين الامرين و لذا نري انه يجوز اجارة الحر و مع ذلك لا يجوز بيعه فان الاحكام الشرعية أمور تعبدية تابعة للدليل فلاحظ.

الوجه الرابع: انه يجوز بيع كلب الصيد فيجوز بيع الثلاثة لوحدة الملاك فان الوجه في جواز بيع كلب الصيد وجود فائدة فيه. و بعبارة اخري: انه يجوز الانتفاع به و هذا الملاك موجود في الثلاثة كما هو ظاهر. و فيه: انه قياس و القياس باطل في الشريعة المقدسة و اللازم متابعة الدليل. و ان شئت قلت: لا مجال لهذه التقاريب في الامور التعبدية التي لا سبيل لنا الي ادراك ما فيها من المصالح و الملاكات و أن الواجب اتباع الدليل و المفروض أن الدليل قائم علي الحرمة.

الوجه الخامس: ان مقتضي الجمع بين النصوص المانعة و خبر تحف العقول جواز بيع الاقسام الثلاثة. و فيه: ان خبر تحف العقول لا اعتبار به سندا فلا مجال لملاحظة مدلوله و الجمع بينه و بين دليل الحرمة.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 181

غير الصيود (1).

______________________________

الوجه السادس: ما أرسله في المبسوط قال: يجوز بيع كلب الصيد و روي أن كلب الماشية و الحائط مثل ذلك «1». و فيه ان المرسل لا اعتبار به و عمل المشهور علي فرض تحققه لا يوجب اعتباره كما هو المقرر فالنتيجة حرمة بيع الثلاثة وضعا و لكن لا دليل علي الحرمة التكليفية.

(1) بدعوي: ان المستفاد من النصوص جواز بيعه و ما يمكن أن يستفاد المدعي منه عدة روايات: منها: ما رواه أبو بصير «2» و هذه الرواية علي فرض تمامية

دلالتها علي المدعي ضعيفة سندا بالبطائني.

و منها: ما أرسله الصدوق «3» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها: ما رواه أبو عبد اللّه العامري «4» و هذه الرواية ضعيفة بقاسم بن الوليد.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم و عبد الرحمن «5» و تقريب الاستدلال بهذه الرواية علي المدعي بالمفهوم. و فيه: ان الوصف لا مفهوم له كما قرر في محله.

و منها: ما رواه أبو بصير «6» و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني و قد نقلها الصدوق بسنده الي أبي بصير و سنده اليه ضعيف و منها: ما رواه أيضا «7»

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 9

(2) لاحظ ص: 177

(3) لاحظ ص: 175

(4) لاحظ ص: 178

(5) لاحظ ص: 178

(6) لاحظ ص: 178

(7) لاحظ ص: 178

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 182

و الخنزير (1).

______________________________

و السند ضعيف بالبطائني. و منها: ما أرسله الشيخ في المبسوط «1» و المرسل لا اعتبار به.

و منها: ما رواه ليث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكلب الصيود يباع؟ فقال: نعم و يؤكل ثمنه «2».

و هذه الرواية ضعيفة بأبي جميلة مفضل بن صالح فالنتيجة انه لا دليل معتبر علي الاستثناء فاذا لم يتم الدليل عليه يشكل الجزم بالجواز فان بعض النصوص باطلاقه شامل للصيود من الكلاب لاحظ ما رواه ابراهيم «3».

هذا كله بالنسبة الي الجهة الوضعية و أما الحرمة التكليفية فلا دليل عليها الا أن يتم المدعي بالتسالم و الاتفاق فلاحظ.

(1) قال سيدنا الاستاد- علي ما في التقرير- «المشهور بل المجمع عليه بين الخاصة و العامة هو عدم جواز بيعه» «4». انتهي.

و في المقام نصوص يمكن التمسك بها علي المدعي منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي

بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجلين نصرانيين باع أحدهما خمرا أو خنزيرا الي اجل فأسلما قيل أن يقبضا الثمن هل يحل له ثمنه بعد الإسلام؟ قال: انما له الثمن فلا بأس أن يأخذه «5».

فان المستفاد من هذا الحديث أمران: احدهما جواز بيع الخنزير من النصراني ثانيهما: عدم جواز بيعه من المسلم فان مقتضي مفهوم الحصر انه لا يجوز بعد

______________________________

(1) لاحظ ص: 181

(2) الوسائل الباب 45 من أبواب الصيد الحديث: 4

(3) لاحظ ص ص: 179

(4) مصباح الفقاهة ج 1 ص: 79

(5) الوسائل الباب 61 من أبواب ما يكتسب به

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 183

______________________________

الإسلام الا أخذ الثمن و لكن لا يستفاد من الحديث أزيد من الحكم الوضعي، نعم يمكن الاستدلال علي الحرمة التكليفية بما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل كان له علي رجل دراهم فباع خمرا و خنازير و هو ينظر فقضاه فقال: لا بأس به أما للمقتضي فحلال و أما للبائع فحرام «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان بيع الخنزير حرام تكليفا.

و منها: ما رواه معاوية بن سعيد عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن نصراني أسلم و عنده خمر و خنازير و عليه دين هل يبيع خمره و خنازيره و يقضي دينه؟

قال: لا «2». و هذه الرواية ضعيفة بمعاوية و غيره و قد نقلت الرواية في نفس الباب مرسلة و لا اعتبار بالمرسلات.

و منها: ما رواه يونس في مجوسي باع خمرا أو خنازير الي اجل مسمي ثم أسلم قبل أن يحل المال قال: له دراهمه و قال: أسلم رجل و له خمر أو خنازير ثم مات و هي في ملكه و عليه دين قال: يبيع

ديانه أو ولي له غير مسلم خمره و خنازيره و يقضي دينه و ليس له أن يبيعه و هو حي و لا يمسكه «3»، و هذه الرواية ضعيفة بابن مرار.

و منها: ما عن الجعفريات عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: من السحت، ثمن الميتة الي أن قال: و ثمن الخنزير «4». و هذه الرواية ضعيفة بموسي بن اسماعيل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 60 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 57 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) مستدرك الوسائل الباب 5 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 184

______________________________

و منها: ما أرسله في دعائم الإسلام عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن آبائه عليهم السلام: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي عن بيع الاحرار و عن بيع الميتة و الخنزير و الاصنام و عن عسب الفحل و عن ثمن الخمر و عن بيع العذرة و قال:

هي ميتة «1». و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها: النصوص العامة الدالة علي حرمة جملة من المكاسب و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري من النصوص تدل علي جواز بيعه وضعا منها: ما رواه منصور قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام، لي علي رجل ذمي دراهم فيبيع الخمر و الخنزير و أنا حاضر فيحل لي أخذها؟ فقال: انما لك عليه دراهم فقضاك دراهمك «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «3». و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يكون لي عليه الدراهم فيبيع بها خمرا و خنزيرا ثم يقضي منها قال: لا بأس أو قال: خذها «4».

و منها: ما رواه

محمد بن يحيي الخثعمي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون لنا عليه الدين فيبيع الخمر و الخنازير فيقضينا فقال: فلا بأس به ليس عليك من ذلك شي ء «5».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له علي الرجل مال فيبيع بين يديه خمرا و خنازير يأخذ ثمنه قال: لا بأس «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 60 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 185

و لا فرق في الحرمة بين بيعها و شرائها و جعلها اجرة في الاجارة و عوضا عن العمل في الجعالة و مهرا في النكاح و عوضا في الطلاق الخلعي (1) و أما سائر الاعيان النجسة فالظاهر جواز بيعها

______________________________

فيقع التعارض بين الطرفين و لا بد من الجمع فنقول: اذا قلنا بتمامية انقلاب النسبة فيمكن الجمع بينهما بأن نقول يخصص دليل المنع بما يدل علي الجواز بالنسبة الي الذمي و بعد التخصيص تصير نسبة دليل المنع الي دليل الجواز نسبة الخاص الي العام فيخصص دليل العموم به و ان لم نقل بالانقلاب- كما لا نقول- فلا بد من علاج التعارض بترجيح احداهما علي الاخري و حيث ان العامة مجمعون علي الحرمة فعن «الفقه علي المذاهب الاربعة» «1» اجماعهم علي بطلان بيع الخنزير و عن شرح فتح القدير: ان بيع الخنزير فاسد فالترجيح مع دليل الجواز.

لكن هل يمكن الالتزام به مع كون المشهور هي الحرمة مضافا الي نقل الاتفاق عليها عن الخاصة و العامة؟ كلا ثم كلا. و لنا أن نقول:

لا مجال للمعارضة فلا تصل النوبة الي هذا التقريب و ذلك لان المستفاد من حديث ابن جعفر «2» التفصيل بين كون البائع مسلما و بين كونه نصرانيا بالحكم بالجواز في الثاني و عدمه في الاول فهذه الرواية بلا التزام بالانقلاب يكون أخص مما يدل علي الجواز علي الاطلاق فالنتيجة الحكم بالجواز بالنسبة الي النصراني و بعدمه بالنسبة الي المسلم فلاحظ.

(1) الذي يختلج ببالي القاصر أنه يستفاد من دليل المنع بمناسبة الحكم و الموضوع اطلاق الحكم و عدم الفرق و لكن هل يمكن الجزم به بهذا التقريب أو أن الاحكام الشرعية امور تعبدية لا تنال ملاكاتها عقولنا و ادراكاتتا فاللازم الاقتصار

______________________________

(1) مصباح الفقاهة ج 1 ص: 79

(2) لاحظ ص: 182

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 186

اذا كانت لها منافع محللة مقصودة كبيع العذرة للتسميد و الدم للتزريق و كذلك تجوز هبتها و الاتجار بها بسائر أنحاء المعاوضات (1).

______________________________

علي مورد قيام الدليل علي الحرمة و في غيره يعمل علي طبق القواعد الاولية فلاحظ.

(1) يقع الكلام في موضعين: احدهما: فيما هو مقتضي القاعدة الأولية المستفادة من الادلة العامة. ثانيهما: فيما هو مقتضي النصوص الخاصة أما الموضع الأول فنقول لو لا النص الخاص يكون مقتضي القاعدة الاولية جواز بيع العين النجسة تكليفا و وضعا فان مقتضي البراءة عن الحرمة جوازه تكليفا كما ان مقتضي صحة البيع و التجارة جوازه وضعا اذ قد مر ان الروايات العامة من أحاديث تحف العقول و الجعفريات وفقه الرضا ضعيفة سندا فلا يترتب عليها اثر.

و هل يشترط جواز بيعها بكونها ذا فائدة مقصودة محللة كما هو الظاهر من المتن أم لا يشترط به؟ الظاهر هو الثاني اذ لا دليل علي هذا الشرط كما سيتضح ان

شاء اللّه تعالي في بيان شرائط العوضين. ان قلت: اذا لم تكن العين ذا منفعة مقصودة يكون البيع بيعا سفهيا. قلت: يرد عليه اولا: ان عدم قائدة مقصودة لا يستلزم كون البيع سفهيا بل يكون أعم منه اذ يمكن فرض غرض شخصي في الاشتراء بحيث يخرج عن العنوان السفهي.

و ثانيا: لا دليل علي بطلان البيع السفهي بل الدليل قائم علي بطلان بيع السفيه. و ان شئت قلت: بيع السفيه في الجملة باطل و ان كان عقلائيا و بيع الرشيد صحيح و ان كان سفهائيا و ليكن هذا ببالك لعله ينفعك فيما يأتي و قد مر ان ما اشتهر بين القوم من حديث «ان اللّه اذا حرم شيئا حرم ثمنه» مخدوش سندا و دلالة.

و أما الموضع الثاني فلا بد من وقوع الكلام في كل واحدة من تلك الاعيان و ملاحظة انه هل ورد فيها دليل يدل علي المنع أم لا؟ فنقول: يقع الكلام في فروع:

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 187

______________________________

الفرع الاول: انه هل يحرم و يفسد بيع البول أم لا؟ ما يمكن أن يقال في هذا المقام أو قيل وجوه:

الوجه الأول: الاجماع. و فيه: انه علي تقدير تحصيله يكون محتمل المدرك اذ من الممكن انهم استندوا في هذه المقالة الي بعض الوجوه كالروايات العامة الدالة علي حرمة بيع النجس فلا يكون اجماعا تعبديا.

الوجه الثاني: النصوص الدالة علي حرمة بيع النجس كحديث تحف العقول و فيه: انه قد مر انه ضعيف سندا فلا يترتب عليه أثر.

الوجه الثالث: انه ليس للبول منفعة محللة فلا يجوز بيعه. و فيه: أولا: انه يمكن فرض منفعة محللة للبول النجس. و ثانيا: انه لا يشترط في المبيع أن يكون ذا منفعة محللة

كما مر. ان قلت: اذا لم يكن ذا منفعة محللة يكون بيعه أكلا للمال بالباطل و قد نهي عنه في الكتاب العزيز قلت المستفاد من الاية الشريفة و هي قوله تعالي: «لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ» «1» النهي عن التجارة بالاسباب الفاسدة. و بعبارة اخري: الباء للسببية لا للمقابلة فلاحظ.

الفرع الثاني: انه هل يجوز بيع العذرة أم لا؟ و لا يخفي انه لا مجال للاستدلال علي عدم الجواز بالروايات العامة و القواعد الكلية التي ادعي استفادتها من الكتاب و السنة اذ مر ان تلك النصوص ضعيفة سندا كما أنه قد مر الاشكال في استفادة القواعد الكلية فلا بد من ملاحظة انه هل قام دليل خاص علي المنع أم لا؟

فنقول: ادعي الاجماع علي عدم الجواز. و لا يمكن الجزم بكونه تعبديا بعد احتمال استناد الجمعين الي تلك الادلة العامة أو الي النصوص الخاصة الواردة في المقام.

______________________________

(1) النساء/ 33

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 188

______________________________

و قد وردت جملة من النصوص منها: ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال ثمن العذرة من السحت «1».

و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن مسكين أو سكن. و منها: ما رواه سماعة بن مهران قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا حاضر فقال: اني رجل أبيع العذرة فما تقول؟ قال: حرام بيعها و ثمنها و قال: لا بأس ببيع العذرة «2».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بمسمع ابن أبي مسمع ان كان هو الراوي عن سماعة و بأبي مسمع ان كان الراوي عنه أبو مسمع. و منها: ما أرسله في الدعائم «3» و المرسل لا اعتبار به فلا دليل علي حرمة

بيع العذرة لا وضعا و لا تكليفا.

و لو اغمض عن ضعف سند الرواية و قلنا باعتبار خبر سماعة نقول: يقع التعارض بين صدره و ذيله و يصير مجملا فلا يترتب عليه أثر و لو اغمض عن هذه الجهة أيضا نقول: بعد التعارض لا بد من الترجيع بالمرجح و الترجيح مع دليل الجواز اولا بموافقة الكتاب و ثانيا بمخالفة العامة و يستفاد من بعض الكلمات ان العامة باجمعهم قائلون بالحرمة «4».

الفرع الثالث: انه هل يجوز بيع الدم؟ قال الشيخ الانصاري قدس سره: «يحرم المعاوضة علي الدم بلا خلاف». و قال سيدنا الاستاد: «المشهور بين أصحابنا شهرة عظيمة حرمة بيع الدم الجنس» «5» الي آخر كلامه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 184

(4) مصباح الفقاهة ج 1 ص: 50

(5) نفس المصدر ص: 53

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 189

______________________________

و لا يخفي انه لا يمكن الاستدلال علي الحرمة أو البطلان بالوجوه العامة لما مر كما أنه لا يترتب أثر علي عدم الخلاف أو الاجماع لاحتمال كون الاجماع مدركيا فلا بد من التماس دليل معتبر دال علي المدعي و قد دل علي حرمة بيع الدم ما رفعه أبو يحيي الواسطي قال: مر أمير المؤمنين عليه السلام بالقصابين فنهاهم عن بيع سبعة أشياء من الشاة نهاهم عن بيع الدم و الغدد الحديث «1» و المرفوعة لا اعتبار بها.

الفرع الرابع: في جواز بيع العبد الكافر و عدمه فنقول: أما الكافر الاصلي و المرتد الملي فلا وجه لعدم جواز بيعه الا كونه نجسا بناء علي حرمة بيع النجس.

و فيه: انه لا دليل علي مانعية النجاسة عن البيع مضافا الي أن نجاسة الكافر اول

الكلام كما مر في بحث النجاسات و أما المرتد الفطري فيمكن أن يقال في وجه عدم جواز بيعه انه في معرض القتل فلا مالية له. و فيه: انه يمكن عتقه فلا يكون داخلا تحت عنوان ما لا مالية له مضافا الي أن اشتراط كون المبيع ذا مالية اول الكلام و الاشكال.

الفرع الخامس: انه هل يجوز بيع الفقاع أم لا؟ الحق هو الثاني لأنه في حكم الخمر بمقتضي جملة من النصوص لاحظ ما رواه الوشاء قال كتبت اليه يعني الرضا عليه السلام أسأله عن الفقاع: فكتب حرام و هو خمر الحديث «2».

و ما رواه ابن فضال قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الفقاع فقال: هو الخمر و فيه حد شارب الخمر «3».

و غيرهما مما ورد في الباب: 27 و 28 من أبواب الاشربة المحرمة من الوسائل

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 27 من أبواب الاشربة المحرمة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 190

[مسألة 2: الأعيان النجسة التي لا يجوز بيعها و لا المعاوضة عليها لا يبعد ثبوت حق الاختصاص لصاحبها فيها]

(مسألة 2): الاعيان النجسة التي لا يجوز بيعها و لا المعاوضة عليها لا يبعد ثبوت حق الاختصاص لصاحبها فيها (1).

______________________________

فان المستفاد من هذه النصوص ان الفقاع خمر و اطلاق التنزيل يقتضي كون المنزل في حكم المنزل عليه في جميع الاحكام و الآثار و حيث انه قد مر حرمة بيع الخمر تكليفا و وضعا فالفقاع كذلك.

الفرع السادس: انه هل يجوز بيع المني الواقع في خارج الرحم أم لا؟

الظاهر انه لا مانع منه اذ لا مجال للأخذ بالروايات العامة الدالة علي حرمة بيع النجس كما انه لا مجال لبقية الوجوه المتوهمة كما مر هذا من ناحية و من ناحية اخري ان العمومات

الاولية تقتضي الجواز وضعا كما أن مقتضي البراءة جوازه تكليفا فلاحظ هذا حكم المني بعد وقوعه خارج الرحم و أما حكم بيعه قبل خروجه من محله و كذلك حكم الخارج و وقوعه في الرحم فخارج عما نحن بصدده فان المقام مقام البحث عن حكم الاعيان النجسة من حيث الحرمة التكليفية و الوضعية.

و المفروض ان المني قبل وقوعه خارج الرحم لا يكون نجسا بناء علي عدم نجاسة الداخل مضافا الي أنه بعد خروجه من مركزه و وقوعه في الرحم يكون تابعا للأنثي و مملوكا لمالكها فلا مجال لبيعه بالنسبة الي مالك الفحل.

(1) كما أنه لا يبعد أن يكون الوجه في هذا الاختصاص السيرة العقلائية و الشرعية فان الخل اذا صار خمرا يكون مختصا بالمالك كما انه لو مات الحيوان المملوك فان ميتته مختصة بالمالك و هكذا بل لا يبعد ثبوت السيرة حتي فيما لا يكون ملك سابق كما لو حاز شخص ميتة فانها مختصة بالحائز و قد ذكرت في مقام الاستدلال علي المدعي وجوه:

الوجه الاول: ان حق الاختصاص غير الملك فاذا زالت الملكية يبقي ذلك الحق بحاله. و فيه: انه لا دليل عليه بل مقتضي الاصل عدمه فان مقتضي

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 191

______________________________

استصحاب عدم حدوثه في وعاء الشرع عدمه. مضافا الي أنه لا يختص بمورد تحقق الملك كما مر.

الوجه الثاني: ان حق الاختصاص مرتبة ضعيفة من الملكية فاذا زالت المرتبة الشديدة تبقي المرتبة الضعيفة كالألوان. و فيه: ان الملكية أمر اعتباري قائمة بالاعتبار و مع زول الاعتبار لا مجال لبقائها و لو ببعض مراتبها. و ان شئت قلت:

اعتبار كل مرتبة يغاير اعتبار مرتبة اخري و بعد زوال الاعتبار الاول يتوقف الحكم بوجود مرتبة اخري علي

وصول دليل يدل عليها. و صفوة القول: ان الحق و ان كان مرتبة من الملكية و لكن يتوقف كل منهما علي اعتبار متعلق به.

الوجه الثالث: انه قد دل الدليل علي حرمة التصرف في مال الغير لاحظ ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: من كانت عنده امانته فليؤدها الي من ائتمنه عليها فانه لا يحل دم امرؤ مسلم و لا ماله الا بطيبة نفس منه «1».

و بعد زوال الملكية لو شك في زوال ذلك يكون مقتضي الاستصحاب بقائه.

و فيه: ان الاستصحاب في الحكم الكلي معارض بعدم الجعل الزائد فلا مجال له مضافا الي أن ذلك الحكم متقوم ببقاء المالية و مع زوالها لا مجال لبقاء ذلك الحكم فكيف مع زوال اصل الملكية كما هو المفروض.

الرابع: انه اشتهر في الالسن ان «من حاز ملك». و فيه: اولا: انه لا سند له. و ثانيا: لا يرتبط بالمقام فان المفروض زوال الملكية.

الخامس: قاعدة السبق المستفادة من النص لاحظ ما روي عنه صلي اللّه عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 192

فلو صار خله خمرا أو دابته ميتة أو اصطاد كلبا غير كلب الصيد لا يجوز أخذ شي ء من ذلك قهرا عليه و كذا الحكم في بقية الموارد (1) و تجوز المعاوضة علي الحق المذكور فيبذل له مال في مقابله و يحل ذلك المال له بمعني انه يبذل لمن في يده العين النجسة كالميتة مثلا مالا ليرفع يده عنها و يوكل أمرها الي الباذل (2).

[مسألة 3: الظاهر أن الميتة الطاهرة كميتة السمك و الجراد لا يجوز بيعها و المعاوضة عليها]

(مسألة 3): الظاهر ان الميتة الطاهرة كميتة السمك و الجراد لا يجوز بيعها (3)

و المعاوضة عليها و ان كانت لها منفعة محللة معتد بها

______________________________

و آله: من سبق الي ما لا يسبقه اليه المسلم فهو احق به «1».

و فيه: اولا ان الحديث ضعيف سندا و ثانيا: ان الحديث ناظر الي اثبات الحق للسابق فانه من سبق الي شي ء لم يسبقه اليه أحد يكون السابق أحق بذلك الشي ء فالرواية تدل علي حدوث الحق للسابق و الكلام في المقام في اثبات بقاء الحق بعد سقوط المملوك عن الملكية فالنتيجة ان الدليل السيرة الممضاة عند الشارع الاقدس فلاحظ.

(1) اذ بعد فرض حق الاختصاص لا يجوز مزاحمة ذي الحق كما هو ظاهر.

(2) باجارة أو مصالحة و أما لو لم يتعنون بأحد العناوين فيشكل الجزم بالصحة الاعلي القول بأن عموم وجوب الوفاء بالعقد يقتضي الصحة أو الالتزام بكون التجارة أعم من البيع و يشكل بأن وجوب الوفاء دليل اللزوم و لا يبعد أن تكون التجارة عبارة اخري عن البيع فيشترط فيها ما يشترط فيه.

(3) فان مقتضي اطلاق حديث الحلبي «2» حرمة بيع الميتة علي الاطلاق

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب احياء الموات الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 177

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 193

عند العرف بحيث يصح عندهم بذل المال بازائها (1) نعم يجوز بذل المال بازاء رفع اليد عنها كالأعيان النجسة (2).

[مسألة 4: يجوز بيع ما لا تحله الحياة من أجزاء الميتة إذا كانت له منفعة محللة معتد بها]

(مسألة 4): يجوز بيع مالا تحله الحياة من أجزاء الميتة اذا كانت له منفعة محللة معتد بها (3).

[مسألة 5: يجوز الانتفاع بالأعيان النجسة في غير الجهة المحرمة]

(مسألة 5): يجوز الانتفاع بالاعيان النجسة في غير الجهة المحرمة مثل التسميد بالعذرات و الاشعال و الطلي بدهن الميتة النجسة و الصبغ بالدم و غير ذلك (4).

[مسألة 6: يجوز بيع الأرواث الطاهرة إذا كانت لها منفعة محللة يعتد بها]

(مسألة 6): يجوز بيع الارواث الطاهرة (5) اذا كانت لها منفعة محللة يعتد بها كما هي كذلك اليوم (6).

______________________________

و لا مقيد له فالحق عدم الجواز وضعا و أما من حيث التكليف فمقتضي البراءة هو الجواز.

(1) قد مر الاشكال في العموم فان الدليل قائم علي حرمة البيع و أما غيره من المعاوضات فلا دليل علي حرمته و الجزم بعدم الفرق بين البيع و غيره مشكل.

(2) كما مر أن حق الاختصاص يجوز المعاوضة عليه.

(3) اذ المفروض انها طاهرة و ان شئت قلت: ان الشارع الاقدس لم يعتبرها ميتة فلا يشملها حكمها مضافا الي قصور دليل المنع لشمولها فلاحظ.

(4) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فان الحرمة تحتاج الي الدليل و الا فالاصل الاولي يقتضي الجواز كما هو المقرر.

(5) كما هو مقتضي ادلة الجواز الوضعي.

(6) بل مع عدم المنفعة المحللة فانه لا دليل لهذا الاشتراط.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 194

و كذلك الابوال الطاهرة (1).

[مسألة 7: الأعيان المتنجسة كالدبس و العسل و الدهن و السكنجبين و غيرها إذا لاقت النجاسة يجوز بيعها و المعاوضة عليها]

(مسألة 7): الاعيان المتنجسة كالدبس و العسل و الدهن و السكنجبين و غيرها اذا لاقت النجاسة يجوز بيعها و المعاوضة عليها ان كانت لها منفعة محللة معتد بها عند العرف (2) و يجب اعلام المشتري بنجاستها (3) و لو لم تكن لها منفعة كذلك لا يجوز بيعها و لا المعاوضة

______________________________

(1) بل و الابوال النجسة كما مر لعدم الدليل علي المنع.

(2) لعدم دليل علي المنع و مقتضي الادلة جوازه و صحته.

(3) يمكن أن يستدل عليه بما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفارة تقع في السمن أو في الزيت فتموت فيه فقال: ان كان جامدا فتطرحها و ما حولها و يؤكل ما بقي و ان كان ذائبا فاسرج به و اعلمهم

اذا بعته «1».

و بما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له جرذ مات في سمن أو زيت أو عسل فقال: أما السمن و العسل فيؤخذ الجرز و ما حوله و أما الزيت فتستصبح به و قال: في بيع ذلك الزيت تبيعه و تبينه لمن اشتراه ليستصبح به «2».

و بما رواه معاوية بن وهب و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام في جرذ مات في زيت ما تقول في بيع ذلك؟ فقال: بعه و بينه لمن اشتراه ليستصبح به «3».

فانه لا يبعد أن يستفاد من هذه النصوص وجوب الاعلام نفسيا و حيث ان العرف يفهم عدم الفرق بين الدهن و غيره يجب الاعلام في جميع الموارد.

______________________________

(1) الوسائل الباب: 6 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 3

(2) التهذيب ج 9 ص: 85 حديث 940

(3) الوسائل الباب 6 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 195

عليها علي الاحوط (1) و الظاهر بقائها علي الملكية لمالكها (2) و يجوز أخذ شي ء بازاء رفع اليد عنها (3).

[مسألة 8: تحرم و لا تصح التجارة بما يكون آلة للحرام]

(مسألة 8): تحرم و لا تصح التجارة بما يكون آلة للحرام بحيث يكون المقصود منه غالبا الحرام (4) كالمزامير (5).

______________________________

(1) الحكم بعدم الجواز مبني علي الاحتياط و الا فلا مانع من البيع لا وضعا و لا تكليفا.

(2) لعدم دليل علي انتفاء الملكية.

(3) فان جواز رفع اليد علي القاعدة كما ان أخذ شي ء في قباله كذلك فلاحظ.

(4) ان قام اجماع تعبدي كاشف علي المدعي فهو و الا فللنقاش فيما ذكر مجال واسع بعد اقتضاء ادلة صحة البيع جواز بيعها وضعا و اقتضاء البراءة جواز بيعها تكليفا فلا بد من قيام دليل في كل

مورد علي المدعي.

(5) ينبغي أن يقع الكلام في حكم الانتفاع من الملاهي اولا و ثانيا في حكم بيعها و شرائها فالكلام يقع في موضعين أما الموضع الاول فنقول: ما يمكن أن يستدل به علي الحرمة جملة من النصوص منها: ما رواه اسحاق بن جرير قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ان شيطانا يقال له القفندر اذا ضرب في منزل الرجل أربعين صباحا بالبربط و دخل الرجال وضع ذلك الشيطان كل عضو منه علي مثله من صاحب البيت ثم ينفخ فيه نفخة فلا يغار بعدها حتي تؤتي نسائه فلا يغار «1». و هذه الرواية لا تدل علي الحرمة بل تدل علي الاثر الوضعي المترتب علي استماع البربط.

______________________________

(1) الوسائل الباب 100 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 196

______________________________

و منها: ما رواه أبو داود المسترق قال: من ضرب في بيته بربط أربعين يوما سلط اللّه عليهم شيطانا يقال له القفندر فلا يبقي عضو من أعضائه إلا قعد عليه فاذا كان كذلك نزع منه الحياء و لم يبال ما قال و لا ما قيل فيه «1». و هذه الرواية ضعيفة بسهل بل و بغيره مضافا الي الاشكال في الدلالة.

و منها: ما رواه كليب الصيداوي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

ضرب العيدان ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الخضرة «2» و هذه الرواية ضعيفة بسهل و بغيره مضافا الي الاشكال الدلالي.

و منها: ما رواه موسي بن حبيب عن علي بن الحسين عليهما السلام قال:

لا يقدس اللّه امة فيها بربط يقعقع و ناية (فاية) تفجع «3» و هذه الرواية ضعيفة بسهل و بغيره مضافا الي الاشكال في الدلالة.

و منها: ما رواه سماعة

قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام لما مات آدم شمت به ابليس و قابيل فاجتمعا في الارض فجعل ابليس و قابيل المعازف و الملاهي شماتة بآدم عليه السلام فكل ما كان في الارض من هذا الضرب الذي يتلذذ به الناس فانما هو من ذلك «4». و هذه الرواية ضعيفة بسهل و بغيره مضافا الي الاشكال الدلالي.

و منها: ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: انهاكم عن الزفن و المزمار و عن الكوبات و الكبرات «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 197

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي بل و بغيره.

و منها: ما رواه عمران الزعفراني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من أنعم اللّه عليه بنعمة فجاء عند تلك النعمة بمزمار فقد كفرها الحديث «1» و هذه الرواية ضعيفة بسلمة و غيره مضافا الي الاشكال في الدلالة.

و منها: ما رواه محمد عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: يا علي ثلاثة يقسين القلب: استماع اللهو و طلب الصيد و اتيان باب السلطان «2». و هذه الرواية ضعيفة بأنس بن محمد و غيره مضافا الي الاشكال الدلالي.

و منها: ما أرسله في المقنع قال: و اجتنب الملاهي و اللعب بالخواتيم و الاربعة عشر و كل قمار فان الصادقين عليهم السلام نهوا عن ذلك «3» و المرسل لا اعتبار به.

و منها: ما رواه احمد بن عامر الطائي عن أبيه عن الرضا عليه السلام في حديث

الشامي انه سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن معني هدير الحمام الراعية «عبية» قال: تدعوا علي أهل المعازف و المزامير و العيدان «4» و هذه الرواية ضعيفة بأحمد بن عامر و غيره مضافا الي الاشكال الدلالي.

و منها: ما رفعه السياري عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن السفلة فقال:

من يشرب الخمر و يضرب بالطنبور «5» و المرفوعة لا اعتبار بها.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 10

(5) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 198

______________________________

و منها: ما رواه نوف عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث قال: يا نوف اياك أن تكون عشارا أو شاعرا أو شرطيا أو عريفا أو صاحب عرطبة و هي الطنبور أو صاحب كوبة و هو الطبل فان نبي اللّه خرج ذات ليلة فنظر الي السماء فقال:

أما انها الساعة التي لا ترد فيها دعوة الا دعوة عريف أو دعوة شاعر أو دعوة عاشر أو شرطي أو صاحب عرطبة أو صاحب كوبة «1». و هذه الرواية ضعيفة بنوف و غيره.

و منها: ما رواه و رام بن أبي فراس في كتابه قال: قال عليه السلام: لا تدخل الملائكة بيتا فيه خمر أو دف أو طنبور أو نرد و لا تستجاب دعائهم و ترفع عنهم البركة «2». و هذه الرواية ضعيفة بورام مضافا الي الاشكال الدلالي.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن علي عن علي بن موسي عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: كل ما الهي عن ذكر اللّه فهو من الميسر «3». و هذه الرواية ضعيفة سندا بجعفر بن محمد بن عيسي مضافا الي أن المستفاد منها ان كل ما

الهي عن ذكره تعالي حرام و هل يمكن الالتزام بهذا الكلي؟.

و ربما يقال: انه يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن الغناء هل يصلح في الفطر و الاضحي و الفرح قال: لا بأس به ما لم يزمر به «4».

فان المستفاد من هذه الرواية حرمة النفخ في المزمار فيكون الحديث دليلا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) نفس المصدر الحديث: 13

(3) نفس المصدر الحديث: 15

(4) الوسائل الباب 15 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 199

______________________________

علي حرمة استعمال المزمار. و فيه: اولا: ان الحكم مخصوص بالمزمار و لا يشمل غيره من استعمال آلات اللهو. و ثانيا علي فرض الالتزام به يختص بما يزمر بالغناء فالنتيجة: ان المستفاد من الحديث حرمة الفرد الخاص من الغناء و هو الغناء في المزمار و أما في غيره فلا يدل الحديث علي حرمته فلم يقم دليل علي حرمة استعمال آلات اللهو. و لكن الظاهر ان استعمال آلات اللهو كالمزامير و البرابط و نحوهما من المحرمات القطعية بحيث لا يكون قابلا للنقاش قال في الجواهر: «لا خلاف أيضا في أن العود و الصنج و غير ذلك من آلات اللهو حرام بمعني انه يفسق فاعله و مستمعه بل الاجماع بقسميه عليه» «1» و قال سيدنا الاستاد: علي ما في التقرير لا خلاف بين المسلمين قاطبة في حرمة اللهو في الجملة بل هي من ضروريات الإسلام «الي أن قال في بيان حرمة بعض الاقسام: بل حرمة هذا القسم من ضروريات الدين بحيث يعد منكرها خارجا عن زمرة المسلمين» «2» هذا تمام الكلام في الموضع الاول و أما الموضع الثاني فنفرض حرمة استعمال تلك الالات و

لكن لا وجه للالتزام بالحرمة الوضعية بعد اقتضاء ادلة الصحة بعمومها أو اطلاقها صحة بيعها كما أنه لا وجه للحرمة التكليفية غير توهم ان بيعها اعانة علي الاثم و هي حرام.

و فيه: ان الاعانة تتحقق بتسليمها خارجا و الكلام في بيعها مضافا الي أنه يمكن أن يفرض ان المشتري لا يستعملها و يضاف الي ما ذكر ان حرمة الاعانة علي الاثم أول الكلام و الاشكال لعدم الدليل عليها.

و أما ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال: ان اللّه تعالي بعثني هدي و رحمة

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 41 ص: 51

(2) مصباح الفقاهة ج 1 ص 420- 422

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 200

و الاصنام و الصلبان (1) و الطبول (2).

______________________________

للعالمين و أمرني أن امحو المزامير و المعازف و الاوتار و الاوثان و أمور الجاهلية الي أن قال: ان آلات المزامير شرائها و بيعها و ثمنها و التجارة بها حرام الخبر «1»، فلا اعتبار به لإرساله.

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي مضافا الي الاجماع المدعي بما رواه علي ابن ابراهيم في تفسيره عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالي:

«إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصٰابُ وَ الْأَزْلٰامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» قال: أما الخمر فكل مسكر من الشراب الي أن قال: و أما الميسر فالنرد و الشطرنج و كل قمار ميسر و أما الانصاب فالاوثان التي كانت تعبدها المشركون و أما الازلام فالاقداح التي كانت تستقسم بها المشركون من العرب في الجاهلية كل هذا بيعه و شرائه و الانتفاع بشي ء من هذا حرام من اللّه محرم و هو رجس من عمل الشيطان و قرن اللّه الخمر و الميسر مع الاوثان

«2».

و الرواية معتبرة و لا اشكال فيها من ناحية أبي الجارود فان المفيد وثقه مضافا الي توثيق القمي اياه بتوثيقه العام و علي هذا الاساس بني سيدنا الاستاد علي وثاقة الرجل في رجاله. لكن هل يمكن الالتزام بالحرمة الوضعية؟ أو أن المستفاد من هذه الرواية الحرمة التكليفية فقط الا أن يقال: ان النهي في باب المعاملات ارشاد الي فسادها و اللّه العالم.

(2) الطبول من آلات اللهو و قد مر الكلام فيها فلا وجه للإعادة.

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 79 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 16

(2) الوسائل الباب 102 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 12 و تفسير القمي ج 1 ص: 180 و 181

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 201

و آلات القمار (1) كالشطرنج (2) و نحوه (3) و لا اشكال في أن منها الصفحات الغنائيه (الاسطوانات) لصندوق حبس الصوت و كذلك الاشرطة المسجل عليها الغناء (4) و أما الصندوق نفسه فهو كالراديو من الالات المشتركة فيجوز بيعهما كما يجوز أن يستمع منهما الاخبار

______________________________

(1) يستفاد المدعي من حديث أبي الجارود المتقدم «1».

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: بيع الشطرنج حرام و أكل ثمنه سحت و اتخاذها كفر و اللعب بها شرك و السلام علي اللاهي بها معصية و كبيرة موبقة و الخائض فيها يده كالخائض يده في لحم الخنزير لا صلاة له حتي يغسل يده كما يغسلها من مس لحم الخنزير و الناظر اليها كالناظر في فرج امه و اللاهي بها و الناظر اليها في حال ما يلهي بها و السلام علي اللاهي بها في حالته تلك في الاثم سواء و من جلس علي اللعب بها فقد تبوء مقعده

من النار و كان عيشه ذلك حسرة عليه في القيامة و اياك و مجالسة اللاهي و المغرور بلعبها من المجالس التي باء أهلها بسخط من اللّه يتوقعونه في كل ساعة فيعمك معهم «2». فان المستفاد من هذه الرواية حرمة بيع آلة الشطرنج تكليفا و وضعا مضافا الي ما مر فلاحظ.

(3) الشطرنج قد ورد فيه النص الخاص و أما آلة القمار علي نحو الاطلاق فالدليل علي حرمة بيعها تكليفا حديث أبي الجارود و قلنا ان استفادة الحكم الوضعي منه محل الاشكال الا أن يقوم اجماع تعبدي علي المدعي أو يقال ان النهي في المعاملات ارشاد الي الفساد.

(4) انما الاشكال في دليل المنع كما مر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 200

(2) الوسائل الباب 103 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 202

و القرآن و التعزية و نحوها مما يباع استماعه (1) أما التلفزيون فان عد عرفا من آلات اللهو فلا يجوز بيعه (2) و لا استعماله (3) و أما النظر اليه فلا بأس بها اذا كان لا يثير شهوة بل كانت فيها فائدة علمية أو ترويح للنفس (4) و اذا اتفق أن صارت فوائده المحللة المذكورة كثيرة الوقوع بحيث لم يعد من آلات اللهو عرفا جاز بيعه و استعماله و يكون كالراديو (5) و تختص الحرمة حينئذ باستعماله في جهات اللهو المثيرة للشهوات الشيطانية (6) و أما المسجلات فلا بأس ببيعها و استعمالها (7).

[مسألة 9: كما يحرم بيع الالات المذكورة يحرم عملها (8)، و أخذ الأجرة عليها]

(مسألة 9): كما يحرم بيع الالات المذكورة يحرم عملها (8، و اخذ الاجرة عليها (9) بل يجب اعدامها علي الاحوط و لو بتغيير

______________________________

(1) لوجود المقتضي و عدم المانع.

(2) قد مر الاشكال في الكبري فلاحظ.

(3) لم بظهر لي وجه المنع عن الاستعمال ان

كان حلالا و بعبارة اخري: اي دليل علي حرمة استعمال آلة اللهو في الامر المباح.

(4) الظاهر ان اثبات حرمة اثارة الشهوة في غاية الاشكال و اللّه العالم.

(5) ما أفاده ظاهر واضح لا يحتاج الي شرح و بسط.

(6) علي اشكال كما مر و أيضا مر انه لا دليل علي حرمة اثارة الشهوة.

(7) لعدم ما يقتضي المنع و مقتضي القاعدة الاولية الجواز تكليفا و وضعا.

(8) و لقائل ان يقول ما الدليل علي حرمة عملها و اي ملازمة بين الامرين.

(9) اذ بعد فرض كون العمل محرما لا يكون اخذ الاجرة عليه صحيحا شرعا إلا ان يقال لا ملازمة بين حرمة العمل و فساد الاجارة.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 203

هيئتها (1)، و يجوز بيع مادتها من الخشب و النحاس و الحديد بعد تغيير هيئتها بل قبله (2) لكن لا يجوز دفعها الي المشتري الا مع الوثوق بأن المشتري بغيرها (3) اما مع عدم الوثوق بذلك، فالظاهر جواز البيع و ان اثم بترك التغيير مع انحصار الفائدة في الحرام (4) اما اذا كان لها فائدة و لو قليلة لم يجب تغييرها (5).

[مسألة 10: تحرم و لا تصح المعاملة بالدراهم الخارجة عن السكة المعمولة لأجل غش الناس]

(مسألة 10): تحرم و لا تصح المعاملة بالدراهم الخارجة عن السكة المعمولة لأجل غش الناس، فلا يجوز جعلها عوضا أو معوضا عنه في المعاملة مع جهل من تدفع اليه، اما مع علمه ففيه اشكال و الاظهر الجواز بل الظاهر جواز دفع الظالم بها من دون اعلامه بأنها مغشوشة

______________________________

ان قلت: في فرض الحرمة التكليفية لا احترام له فلا مجال لأخذ الاجرة عليه قلت: انه لا تلازم بين الحرمة التكليفية و عدم جواز الاجارة عليه غاية الامر لا يكون الاجير موظفا بالاداء. و لا يخفي ان هذا مخالف للذوق الفقهي

فلاحظ.

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط و لكن الجزم بالوجوب في غاية الأشكال.

(2) لعدم ما يقتضي المنع.

(3) و فيه ان ما افاده انما يتم لو قلنا بأن التغيير واجب و قد مر الاشكال في وجوبه.

(4) اذ لا يرتبط احد الامرين بالاخر فان مقتضي دليل صحة البيع صحته و مقتضي وجوب التغيير حرمة الدفع علي ما رامه الماتن.

(5) بل قد مر الاشكال في الوجوب مع الانحصار.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 204

و في وجوب كسرها اشكال و الاظهر عدمه (1).

______________________________

(1) يقع الكلام في مقامات: المقام الاول: في حرمة الغش تكليفا، فنقول قال الشيخ قدس سره الغش حرام بلا خلاف و قال سيدنا الاستاذ- علي ما في التقرير-:

لا شبهة في حرمة غش المسلم في الجملة بلا خلاف بين الشيعة و اهل السنة «1» و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس منا من غشنا «2».

و منها ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لرجل يبيع التمر: يا فلان أما علمت انه ليس من المسلمين من غشهم «3».

و منها ما رواه هشام بن الحكم، قال: كنت ابيع السابري في الظلال فمر بي أبو الحسن الاول موسي عليه السلام راكبا فقال لي: يا هشام، ان البيع في الظلال غش، و الغش لا يحل «4».

و منها ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: دخل عليه رجل يبيع الدقيق فقال: اياك و الغش فانه من غش غش في ماله، فان لم يكن له مال غش في أهله «5».

و منها ما رواه سعد الاسكاف عن أبي جعفر عليه السلام

قال: مر النبي صلي

______________________________

(1) مصباح الفقاهة ج 1 ص 298

(2) الوسائل الباب 86 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 205

______________________________

اللّه عليه و آله في سوق المدينة بطعام، فقال لصاحبه ما أري طعامك الا طيبا و سأله عن سعره فأوحي اللّه عز و جل اليه ان يدس «يدير- يب» يده في الطعام ففعل فأخرج طعاما رديا، فقال لصاحبه: ما أراك و قد جمعت خيانة و غشا للمسلمين «1».

و منها ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام (في حديث المناهي) عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله انه قال: و من غش مسلما في شراء أو بيع فليس منا و يحشر يوم القيامة مع اليهود لأنهم اغش الخلق للمسلمين قال: و قال عليه السلام: ليس منا من غش مسلما و قال: و من بات و في قلبه غش لأخيه المسلم بات في سخط اللّه و أصبح كذلك حتي يتوب «2».

و منها ما عن عقاب الاعمال عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال في حديث:

و من غش مسلما في بيع أو في شراء فليس منا و يحشر مع اليهود يوم القيامة لأنه من غش الناس فليس بمسلم، و من لطم خد مسلم لطمة بدد اللّه عظامه يوم القيامة ثم سلط اللّه عليه النار و حشر مغلولا حتي يدخل النار و من بات و في قلبه غش لأخيه المسلم بات في سخط اللّه، و أصبح كذلك و هو في سخط اللّه حتي يتوب و يراجع «أو يرجع» و ان مات كذلك مات علي

غير دين الإسلام ثم قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ألا و من غشنا فليس منا قالها ثلاث مرات و من غش أخاه المسلم نزع اللّه بركة رزقه و أفسد عليه معيشته، و وكله الي نفسه و من سمع فاحشة فأفشاها فهو كمن أتاها و من سمع خيرا فأفشاه فهو كمن عمله «3».

و منها ما روي عن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 10

(3) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 206

______________________________

عليه و آله: ليس منا من غش مسلما أو ضره أو ماكره «1» فلا اشكال في حرمة الغش تكليفا في الجملة.

و لا يخفي ان مقتضي الحديث الثالث من الباب حرمة الغش علي الاطلاق و لا يختص بخصوص غش المسلم، و اختصاص الحكم في بعض الروايات بخصوص المسلم لا ينافي ما دل عليه مطلقا كما هو ظاهر عند من له خبرة بالصناعة.

ايقاظ: ان مقتضي الاطلاق في بعض النصوص حرمة الغش علي الاطلاق، لكن لا يمكن الالتزام به فانه لا اشكال في عدم حرمة تزيين البيت العقيق بحيث يري جديدة و امثاله بل يمكن ان يقال انه لا يصدق عنوان الغش في مثل ذلك هذا هو المقام الاول. المقام الثاني: في جواز بيع الدراهم المغشوشة وضعا، فنقول تارة يكون الدرهم المغشوش رايجا بحيث لا يفرق عند العرف بين المغشوش و غيره.

و بعبارة اخري حتي مع العلم به يأخذونه و يعاملون معه مثل ما يعاملون مع الصحيح و اخري لا يكون كذلك. أما في الصورة الاولي فلا مانع من بيعه لا تكليفا و لا وضعا لان المفروض انه لا نقص فيه من

حيث اعتبار من بيده الامر و هو السلطان و ان شئت قلت علي هذا الفرض يكون الدرهم المغشوش احد مصاديق الدرهم بلا فرق فلا موضوع للغش كي يشمله دليل المنع.

و أما في الصورة الثانية فتارة يكون كلا الطرفين عالمين بالحال و اخري يكون كلاهما جاهلين. و ثالثة يكون المشتري عالما و البائع جاهلا و رابعة يكون علي عكس الصورة الثالثه.

اما الصورة الاولي فالظاهر انه لا مانع من صحة البيع كما انه لا وجه للحرمة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 207

______________________________

اذ لا موضوع للغش مع علم الطرفين و أما الصورة الثانية: فلا موضوع للغش كما هو ظاهر، و أما صحته وضعا فتتوقف علي عدم كون الرواج من قبيل الصور النوعية العرفية.

توضيح ما ذكر: ان القيد المأخوذ في المبيع تارة يكون من قبيل الصورة النوعية العرفية و اخري يكون من قبيل الجهات الكمالية و لا اشكال ان التخلف في القسم الاول يوجب البطلان، و في الثانية يوجب الخيار فلو باع الحيوان الخارجي بعنوان كونه حمارا فبان كونه بقرا يكون البيع باطلا اذ البيع يقع علي الصورة النوعية و لا يقع علي الجنس فلو باع جسما بعنوان كونه غنما فبان كونه حديدا فلا مجال لان يقال البيع صحيح غاية الامر يثبت الخيار بل البيع باطل. و أما لو باع عبدا بعنوان كونه كاتبا فبان خلافه يكون البيع صحيحا مع ثبوت الخيار، فعلي هذا يكون البيع باطلا اذا كان الرواج صورة نوعية للدراهم و ان لم يكن كذلك يكون البيع صحيحا.

و اما الصورة الثالثة: فلا اشكال في عدم صدق الغش اذا المفروض علم المشتري بالحال و من ناحية اخري فرض جهل البائع و أما الصحة و

الفساد فيدوران مدار ما تقدم.

و أما الصورة الرابعة: فعلي تقدير كون الرواج صورة نوعية عرفية يكون البيع باطلا اذ المفروض ان العقد يقع علي الرائج و الحال ان مورده المغشوش فلا يكون البيع صحيحا و أما علي تقدير كون الرواج صفة كمال في المبيع يكون البيع صحيحا، غاية الأمر يكون للمشتري خيار تخلف الوصف، هذا بالنسبة الي القواعد الاولية، و أما بالنسبة الي النصوص الخاصة فقد وردت في المقام روايات:

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 208

______________________________

منها ما رواه موسي بن بكر: قال كنا عند أبي الحسن عليه السلام و اذا دنانير مصبوبة بين يديه فنظر الي دينار فاخذه بيده ثم قطعه بنصفين، ثم قال لي: القه في البالوعة حتي لا يباع شي ء فيه غش «1» و هذه الرواية ضعيفة بموسي بن بكر.

و منها ما رواه الجعفي قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فالقي بين يديه دراهم، فالقي إلي درهما منها، فقال: ايش هذا؟ فقلت: ستوق، فقال و ما الستوق؟

فقال طبقتين فضة و طبقة من نحاس و طبقة من فضة فقال: اكسرها فانه لا يحل بيع هذا و لا انفاقه «2» و هذه الرواية ضعيفة بالصيرفي.

و منها ما رواه ابن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يعمل الدراهم يحمل عليها النحاس أو غيره، ثم يبيعها، قال: اذا بين «الناس خ ل» ذلك فلا بأس «3».

و هذه الرواية ضعيفة بكون الراوي عنه عليه السلام مرددا بين ابن مسلم و غيره الا أن يقال: ان المستفاد من قول ابن رئاب «لا اعلمه الا عن فلان» ان متعلق علمي فلان فلا وجه للإشكال. و عليه يكون مقتضي هذه الرواية ان صحة البيع تتوقف علي الاعلام

اللهم الا أن يرجع هذه الجملة الي الحدس فيشكل.

المقام الثالث: في جواز دفعه الي الظالم و وجوب كسره. فنقول: الظاهر جواز دفعه الي الظالم، اذ بهذا الطريق يتخلص من شره و لا مجال لان يقال انه لا يجوز الغش اذ لا اشكال في أنه يجوز دفع الظلم عن النفس و المال و العرض بغش الظالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 86 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب الصرف الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 2 و التهذيب ج 7 ص 109 الحديث: 73

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 209

[مسألة 11: يجوز بيع السباع، كالهر و الأسد و الذئب و نحوها، إذا كانت لها منفعة محللة معتد بها]

(مسألة 11): يجوز بيع السباع، كالهر و الاسد و الذئب و نحوها، اذا كانت لها منفعة محللة معتد بها، و كذا يجوز بيع الحشرات و المسوخات اذا كانت كذلك- كالعلق الذي يمص الدم و دود القز و نحل العسل و الفيل (1) أما اذا لم تكن لها منفعة- كذلك- فلا يجوز بيعها، و لا يصح علي الاحوط (2).

[مسألة 12: المراد بالمنفعة المحللة المجوزة للبيع الفائدة المحللة المحتاج اليها حاجة كثيرة غالبا]

(مسألة 12): المراد بالمنفعة المحللة المجوزة للبيع الفائدة المحللة المحتاج اليها حاجة كثيرة غالبا الباعثة علي تنافس العقلاء علي اقتناء العين، سواء أ كانت الحاجة اليها في حال الاختيار أم في

______________________________

و ان شئت قلت ان دليل حرمة الغش منصرف عن مثل المورد و لك أن تقول ان المتبادر من الغش المنهي عنه و لو بمناسبة الحكم و الموضوع انه لا يجوز الاضرار و دفع المغشوش الي الظالم دفع للضرر فلاحظ.

و أما وجوب كسره فلا دليل عليه فان النصوص الدالة علي وجوب الكسر لا تكون معتبرة، مضافا الي الاشكال في دلالتها علي المدعي فان المستفاد منها كسرها كي لا تباع فلا دليل علي الوجوب و مقتضي القاعدة الاولية عدمه كما هو ظاهر.

(1) لوجود المقتضي و هي ادلة صحة البيع و عدم المانع كما ان مقتضي ادلة البراءة جوازه تكليفا و يدل علي المدعي في الجمله ما رواه عيص بن القاسم قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفهود و سباع الطير هل يلتمس التجارة فيها؟

قال: نعم «1».

(2) بتقريب انه يشترط في المبيع أن يكون ذا منفعة أو بتقريب ان البيع لا بد

______________________________

(1) الوسائل الباب 37 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 210

حال الاضطرار كالأدوية و العقاقير المحتاج اليها للتداوي (1).

[مسألة 13: المشهور المنع عن بيع أواني الذهب و الفضة]

(مسألة 13): المشهور المنع عن بيع او اني الذهب و الفضة للتزئين أو لمجرد الاقتناء و الاقوي الجواز (2).

______________________________

أن لا يكون سفهائيا و كلا التقريبين فاسد ان فالحكم مبني علي الاحتياط كما في المتن.

(1) ما افاده ظاهر واضح و لا يحتاج الي شرح و بسط.

(2) اذ مع البناء علي جواز التزيين بها او اقتنائها لا مقتضي للمنع عن بيعها.

و الظاهر انه

لم يرد نهي عن التزيين بها و عن الاقتناء بها بل الحرام استعمالها في الاكل و الشرب لاحظ النصوص الواردة فيها:

منها ما رواه سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا ينبغي الشرب في آنية الذهب و الفضة «1».

و منها ما رواه يوسف قال: كنت مع أبي عبد اللّه عليه السلام في الحجر فاستسقي ماء فأتي بقدح من صفر، فقال رجل: ان عباد بن كثير يكره الشرب في الصفر فقال لا بأس، و قال عليه السلام للرجل: ألا سألته أذهب هو أم فضة «2».

و منها غيرهما المذكور في الباب 65 من أبواب النجاسات من الوسائل و ما يمكن ان يستدل به علي حرمة ما يتعلق بها علي الاطلاق من حديث موسي بن بكر عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال: آنية الذهب و الفضة متاع الذين لا يوقنون «3» الدال علي أن اناء الذهب و الفضة متاع الذين لا يوقنون ضعيف سندا بموسي بن

______________________________

(1) الوسائل الباب 65 من أبواب النجاسات الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 211

[مسألة 14: يحرم و لا يصح بيع المصحف الشريف علي الكافر علي الأحوط]

(مسألة 14): يحرم و لا يصح بيع المصحف الشريف علي الكافر علي الاحوط (1).

______________________________

بكر، كما ان ما ذكره في المستدرك «1» ضعيف بالارسال. هذا أولا و ثانيا فرضنا حرمة التزيين بها و اقتنائها لكن اي دليل دل علي حرمة بيعها و فسادها و أما ما ورد في حرمة بيع الخشب ممن يعمل صليبا «2» يختص بمورده، و لهذا وقع الكلام بينهم في جواز بيع العنب ممن يعمله خمرا بل قد ورد النص الدال علي انه عليه السلام كان يبيع تمره ممن يعلم انه يصنعه خمرا. و تفصيل

الكلام موكول الي تلك المسألة.

و الحاصل انه لا دليل علي حرمة بيع ما لا يترتب عليه الفائدة المحرمة و وجوب جسم مادة الفساد علي فرض تمامية دليله لا يستلزم فساد البيع كما هو ظاهر اذ لا منافاة بين الامرين فالنتيجه ان بيع آنية الذهب و الفضة للتزئين أو الاقتناء جائز تكليفا و صحيح وضعا.

(1) وقع الكلام بينهم في حرمة بيع المصحف من الكافر و عدمها و لا يخفي ان انعقاد هذا البحث بعد الفراغ من جواز بيعه من المسلم اذ لو قلنا بحرمته فتكون حرمة بيعه من الكافر بالاولوية القطعية فنقول:

يقع الكلام في مقامين: احدهما في الحكم التكليفي. ثانيهما في الحكم الوضعي.

أما المقام الأول: فما يمكن أن يقال في مقام الاستدلال علي الحرمة وجوه:

الوجه الاول: ان بيع المصحف من الكافر يوجب هتكه، و هتك المصحف حرام بلا اشكال.

______________________________

(1) المستدرك الباب 42 من أبواب النجاسات الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 41 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 212

______________________________

و فيه ان بين الامرين عموما من وجه فانه يمكن ان يباع من كافر مؤدب بحيث يحترم المصحف ازيد من المسلم فهذا الوجه ليس تحته شي ء و علي الجملة لا اشكال في أن مجرد بيع المصحف من الكافر من حيث هو لا يكون هتكا للمصحف فهذا الوجه غير تام.

الوجه الثاني: ان بيعه منه يستلزم تنجسه و تنجيس المصحف حرام. و فيه اولا لا ملازمة بين البيع و تنجسه بل يمكن أن يفرض أن يباع مع القطع بعدم تنجسه أو الشك فيه.

و ثانيا: ان النهي متوجه الي الكافر بأن لا ينجس المصحف علي القول بكونه مكلفا بالفروع و لا يرتبط بالبايع الا من ناحية

الاعانة علي الاثم و حرمة الاعانة عليه اول الكلام و الاشكال.

الوجه الثالث: ان المشهور فيما بين القوم عدم الجواز و فيه ان الشهرة لا تكون من الادلة الشرعية اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان الحق جوازه تكليفا اذ عدمه يحتاج الي الدليل و حيث انه لا دليل علي الحرمة فيكون جائزا.

و اما المقام الثاني: فنقول: قد استدل علي الحرمة الوضعية و الفساد بان الكافر لا يملك المسلم، فلا يملك المصحف بالاولوية و فيه اولا لا دليل علي اصل المدعي و لذا ذهب الفقهاء الي وجوب بيع العبد المسلم اذا كان ملكا للكافر و الحال ان البيع يتوقف علي كون المبيع ملكا للبائع و بعبارة اخري مع فرض عدم كونه ملكا لا موضوع للبيع.

و ثانيا لا اولوية فان الاحكام الشرعية امور تعبدية و ملاكاتها مجهولة عندنا، مضافا الي أنه يمكن أن يقال في كون المسلم ملكا للكافر ذلا و حقارة بالنسبة الي المسلم و أما في المقام فلا يكون كذلك اذ ربما يحترم الكافر المصحف أزيد من المسلم

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 213

و كذا يحرم تمكينه منه الا اذا كان تمكينه لإرشاده و هدايته فلا باس به حينئذ (1)، و الاحوط استحبابا الاجتناب عن بيعه علي المسلم، فاذا اريد المعاوضة عليه فلتجعل المعاوضة علي الغلاف و نحوه، او تكون المعاوضة بنحو الهبة المشروطة بعوض (2).

______________________________

فلا يكون استخفافا بالنسبة الي الكتاب الالهي.

و أما النبوي الوارد «الإسلام يعلو و لا يعلي عليه» «1» مضافا الي كونه ضعيفا سندا للإرسال لا يدل علي المدعي اذ لا يبعد أن يكون المراد ان الإسلام ببراهينه يعلو علي غيره من الاديان. فالحكم بالفساد و أيضا الحكم بالحرمة تكليفا مبني علي الاحتياط.

(1) لو

لا عروض عنوان الثانوي لا مقتضي للحرمة و لا وجه للحكم بحرمة التمكين اذ لا دليل عليها ظاهرا.

(2) قد دلت جملة من النصوص علي حرمة بيع المصحف:

منها ما رواه عبد الرحمن بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: ان المصاحف لن تشتري، فاذا اشتريت فقل: انما اشتري منك الورق و ما فيه من الاديم «ادم خ ل» و حليته و ما فيه من عمل يدك بكذا و كذا «2».

و هذه الرواية ضعيفة بعبد الرحمن.

و منها ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن بيع المصاحف و شرائها، فقال: لا تشتر كتاب اللّه، و لكن اشتر الحديد و الورق و الدفتين، و قل:

اشتري منك هذا بكذا و كذا «3». و هذه الرواية لا بأس بسندها و مثلها في

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب موانع الارث الحديث: 11

(2) الوسائل الباب 31 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 214

______________________________

الدلالة علي المنع جملة اخري من النصوص.

منها ما رواه عثمان بن عيسي: قال سألته عن بيع المصاحف و شرائها فقال:

لا تشتر كلام اللّه، و لكن اشتر الحديد و الجلود و الدفتر و قل: اشتري هذا منك بكذا و كذا «1».

و منها ما رواه سماعه «2». و في قبال هذه النصوص طائفة اخري تدل علي الجواز منها ما عن أبي بصير قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن بيع المصاحف و شرائها، فقال: انما كان يوضع عند القامة و المنبر قال: كان بين الحائط و المنبر قيد ممر شاة و رجل و هو منحرف فكان الرجل يأتي فيكتب البقرة و يجي ء آخر فيكتب

السورة كذلك كانوا ثم انهم اشتروا بعد ذلك، فقلت فما تري في ذلك؟ فقال اشتريه احب إلي من أبيعه «3».

و منها ما عن روح بن عبد الرحيم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن شراء المصاحف و بيعها، فقال: انما كان يوضع الورق عند المنبر، و كان ما بين المنبر و الحائط قدر ما تمر الشاة او رجل منحرف، قال: فكان الرجل يأتي فيكتب من ذلك، ثم انهم اشتروا بعد، قلت فما تري في ذلك؟ فقال لي: اشتري احب الي من أن ابيعه، قلت: فما تري ان اعطي علي كتابته اجرا؟ قال: لا بأس و لكن هكذا كانوا يصنعون «4».

و منها ما رواه عنبسة الوراق قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام فقلت انا رجل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 215

و اما الكتب المشتملة علي الآيات و الادعية و اسماء اللّه تعالي، فالظاهر جواز بيعها علي الكافر، فضلا عن المسلم، و كذا كتب الاخبار عن المعصومين عليهم السلام كما يجوز تمكينه منها (1).

[مسألة 15: يحرم بيع العنب أو التمر ليعمل خمرا]

(مسألة 15): يحرم بيع العنب أو التمر ليعمل خمرا (2)،

______________________________

ابيع المصاحف، فان نهيتني لم ابعها، فقال: أ لست تشتري ورقا و تكتب فيه؟

قلت بلي و أعالجها قال: لا بأس بها «1».

فلا بد من العلاج. فان قلنا ان الجمع بينهما يقضي حمل دليل الحرمة علي الكراهة فهو و الا فلا بد من رفع اليد عن دليل المنع اذ لا اشكال في جواز بيع المصحف تكليفا و وضعا و لا مجال للإشكال فيه فلاحظ. نعم لا بأس بالالتزام بالاستحباب من باب الاحتياط بناء علي أن المستفاد من

اخبار الاحتياط استحبابه في موارد الشك في الحكم.

(1) لوجود المقتضي و عدم المانع فانه لا دليل علي حرمة بيعها كما انه لا دليل علي حرمة تمكين الكافر منها كما في المتن و اللّه العالم.

(2) اراد من الحرمة التكليفية بقرينة حكمه بصحة البيع بعد ذلك و الحكم بالحرمة يتوقف علي قيام دليل عليه فيقع الكلام في مقامين:

احدهما في بيان الحكم التكليفي ثانيهما في بيان الحكم الوضعي أما المقام الاول فنقول ما يمكن أن يستدل به علي المدعي و جهان احدهما ما يدل علي حرمة بيع الخشب ممن يصنعه صليبا أو صنما لاحظ ما رواه ابن اذينة قال: كتبت الي أبي عبد اللّه عليه السلام أسأله عن رجل له خشب فباعه ممن يتخذه برابط فقال لا بأس به، و عن رجل له خشب فباعه ممن يتخذه صلبانا، قال: لا «2».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 41 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 216

______________________________

و منها ما رواه عمرو بن حريث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التوت ابيعه يصنع للصليب و الصنم قال: لا «1».

و فيه ان المنهي عنه في الحديثين المنع عن بيع الخشب ممن يصنعه صنما أو صليبا و لا تنافي بين الامرين اذ لا ملازمة بين حرمة بيع الخشب في مفروض الحديثين و جواز بيع العنب ممن يعلم انه يصنعه خمرا او بداعي انه يصنعه هذا اولا، و ثانيا انه ذكر في الحديث الاول حرمة بيع الخشب ممن يصنعه برابط فليس حكم جميع المحرمات واحدا من هذه الجهة و ثالثا ان المستفاد من الحديثين المنع الوضعي و الكلام في المقام المنع التكليفي.

و رابعا قد دلت جملة من

النصوص علي جواز بيع العنب و العصير ممن يعلم انه يجعله خمرا و منها ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن بيع عصير العنب ممن يجعله حراما، فقال لا بأس به تبيعه حلالا ليجعله حراما فأبعده اللّه و أسحقه «2».

و منها ما رواه عمر بن أذينة قال: كتبت الي أبي عبد اللّه عليه السلام أسأله عن رجل له كرم أ يبيع العنب و التمر ممن يعلم انه يجعله خمرا او سكرا؟ فقال: انما باعه حلالا في الابان الذي يحل شر به أو أكله فلا بأس ببيعه «3».

و منها ما رواه ابو كهمس قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام عن العصير فقال لي كرم و انا أعصره كل سنة و اجعله في الدنان و ابيعه قبل أن يغلي، قال: لا بأس به، و ان غلا فلا يحل بيعه، ثم قال: هو ذا نحن نبيع تمرنا ممن نعلم انه يصنعه

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 59 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 4

(3) عين المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 217

______________________________

خمرا «1».

و منها ما رواه أبو المعزاء قال سأل يعقوب الاحمر أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا حاضر فقال: انه كان لي اخ و هلك و ترك في حجري يتيما، و لي اخ يلي ضيعة لنا و هو يبيع العصير ممن يصنعه خمرا و يؤاجر الأرض بالطعام (الي ان قال:) فقال: أما بيع العصير ممن يصنعه خمرا فلا بأس خذ نصيب اليتيم منه «2».

و منها ما رواه رفاعة بن موسي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام و انا حاضر عن بيع العصير ممن يخمره، قال: حلال، أ

لسنا نبيع تمرنا ممن يجعله شرابا خبيثا؟ «3».

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن بيع العصير ممن يصنعه خمرا، فقال: بعه ممن يطبخه او يصنعه خلا احب إلي و لا اري بالاول بأسا «4».

و منها ما رواه يزيد بن خليفة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله رجل و انا حاضر قال: ان لي الكرم، قال: تبيعه عنبا، قال: فانه يشتريه من يجعله خمرا قال: فبعه اذا عصيرا، قال: فانه يشتريه مني عصيرا فيجعله خمرا في قربتي قال:

بعته حلالا فتجعله حراما فابعده اللّه، ثم سكت هنيهة ثم قال: لا تذرن ثمنه عليه حتي يصير خمرا فتكون تأخذ ثمن الخمر «5».

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 6

(2) عين المصدر الحديث: 7

(3) عين المصدر الحديث: 8

(4) عين المصدر الحديث: 9

(5) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 218

______________________________

ثانيهما: ان بيع العنب بهذا الداعي اعانة، علي الاثم، و الاعانة عليه حرام و استدل علي حرمتها بامور: الاول قوله تعالي وَ لٰا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَ تَعٰاوَنُوا عَلَي الْبِرِّ وَ التَّقْويٰ وَ لٰا تَعٰاوَنُوا عَلَي الْإِثْمِ وَ الْعُدْوٰانِ «1» فان مقتضي الاية حرمة التعاون علي الحرام.

و فيه ان التعاون غير الاعانة فان التعاون اجتماع عدة من الاشخاص لا يجاد امر في الخارج مستند اليهم. و أما في مورد الاعانة الفعل يصدر من المعان و الاعانة تصدر من المعين فلا تدل الاية علي المدعي.

الامر الثاني: دعوي الاجماع علي حرمتها و فيه ان الاجماع المنقول لا يكون حجة و المحصل منه علي فرض تحققه محتمل المدرك، لاحتمال كون مدرك المجمعين بعض الوجوه المذكورة فلا يكون تعبديا فلا

يكون حجة.

الأمر الثالث: ان ترك الاعانة دفع للمنكر و دفع المنكر واجب كرفعه. و فيه اولا علي فرض تمامية المدعي يختص بمورد يعلم المعين بعدم وقوع الاثم بتركه الاعانة و أما لو علم بتحققه علي كل تقدير فلا مجال لهذا التقريب اذ المفروض انه لا يرفع بتركه، و كذلك لو شك في ذلك و ان شئت قلت: عدم الاعانة لا يستلزم عدم تحقق الحرام في الخارج. و ثانيا: لا دليل علي وجوب دفع المنكر الا في موارد خاصة كقتل النفس او هتك بعض الاعراض و امثالهما و اما وجوب دفع كل حرام فلا دليل عليه. و النهي عن المنكر و ان كان واجبا مع اجتماع شرائطه لكن وجوبه لا يستلزم وجوب دفعه كما هو ظاهر فان كل واحد من الامرين يغاير الاخر موضوعا فلا وجه لقياس احد الامرين علي الاخر و لكن هل يمكن للفقيه أن يفتي بجواز

______________________________

(1) المائدة: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 219

______________________________

بيع العنب بداعي أن يجعل خمرا و اللّه العالم بحقائق الاشياء.

و أما المقام الثاني: فقد ذكرت في مقام الاستدلال علي الفساد وجوه:

الوجه الاول: ان بيع العنب لأن يجعل خمرا او الخشب لان يجعل آلة للهو اعانة علي الاثم و الاعانة علي الاثم حرام و بعد فرض حرمة البيع يكون فاسدا.

و فيه اولا: ان الاعانة علي الاثم لا دليل علي حرمتها كما تقدم.

و ثانيا: علي فرض حرمتها و الالتزام بحرمة البيع لكونها اعانة علي الاثم لا يستلزم الفساد اذ النهي التكليفي و الحرمة التكليفية لا يقتضيان الفساد كما هو ظاهر و ان شئت قلت لا تلازم بين الحرمة و الفساد.

و ثالثا: علي فرض التنزل انما يكون مقتضيا للفساد فيما يتعلق النهي بعنوان

المعاملة كما لو نهي عن عنوان البيع كما في قوله تعالي في سورة الجمعة و ذروا البيع و أما اذا تعلق النهي بعنوان خارج كما هو كذلك في النهي عن الاعانة فلا يكون دليلا علي الفساد.

و رابعا: الاعانة تتحقق بالتسليم الخارجي لا بنفس البيع الذي هو عبارة عن الامر الاعتباري.

الوجه الثاني: ان قوله تعالي: لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ «1» يقتضي الفساد فان المستفاد من الاية فساد الاكل في مقابل الباطل.

و فيه: اولا ان المراد بالآية النهي عن الاكل بالاسباب الفاسدة و ليس الحرف الجار للمقابلة بل الباء للسببية. و ثانيا: ان الشرط لا يقسط عليه الثمن فلا موضع لهذا الاستدلال.

______________________________

(1) النساء/ 29

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 220

او الخشب- مثلا- ليعمل صنما (1).

______________________________

الوجه الثالث: الاجماع و فيه علي فرض تحققه محتمل المدرك ان لم يكن مقطوعه.

الوجه الرابع: شمول ادلة النهي عن المنكر للمقام، بتقريب ان النهي لرفع المنكر اذا كان واجبا فدفع المنكر واجب بالاولوية. و فيه اولا ان ادلة النهي عن المنكر لا تشمل المقام اذ لا اولوية بل الاولوية علي العكس، فانه لو كان الدفع واجبا لكان الرفع واجبا بالاولوية. و ثانيا ان النهي التكليفي لا يقتضي الفساد و علي فرض اقتضائه يختص بما يكون النهي متعلقا بنفس عنوان المعاملة و في المقام النهي متعلق بعنوان آخر كما هو ظاهر.

الوجه الخامس: ما ورد من النهي عن اجارة السفن و المساكن للمحرمات لاحظ ما رواه صابر قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يؤاجر بيته فيباع فيه (فيها خ ل) الخمر قال: حرام اجره «1». بتقريب اتحاد الحكم بين الاجارة و البيع.

و فيه اولا: انه لا

وجه لقياس البيع علي الاجارة. و ثانيا: ان الحديث معارض بما رواه ابن اذينة: قال كتبت الي أبي عبد اللّه عليه السلام أسأله عن الرجل يؤاجر سفينته و دابته ممن يعمل فيها او عليها الخمر و الخنازير، قال لا بأس «2».

و يضاف الي ما ذكرنا كله ان الحديث ضعيف بصابر أو جابر فتحصل انه لا دليل علي الحرمة و لو مع اشتراط الحرام.

(1) قد دل النص الخاص «3» علي حرمة بيع الخشب ممن يتخذه صلبانا،

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 215 و 216

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 221

او آلة لهو، او نحو ذلك (1) سواء أ كان تواطؤهما علي ذلك في ضمن العقد أم في خارجه (2) و اذا باع و اشترط الحرام صح البيع (3) و فسد الشرط (4).

______________________________

لكن لو قلنا بأن النهي في ابواب المعاملات يدل علي الفساد لا علي الحرمة لا مجال للاستدلال بالحديثين علي الحرمة التكليفية.

و لنا أن نقول بأن المستفاد من الحديثين بحسب الفهم العرفي كلا الامرين من الحرمة التكليفية و الفساد الوضعي اذ هو مقتضي الاطلاق المقامي. و بعبارة اخري كما يستفاد من قوله عليه السلام «لا بأس» تكليفا و وضعا بعد السؤال عن البيع ممن يتخذه برابط كذلك يفهم النهي بالنسبة الي كلا الامرين بعد السؤال عن البيع ممن يتخذه صلبانا أو صنما. و ان شئت قلت التقسيم قاطع للشركة فلا اشتراك بين الموردين لا في الحكم التكليفي و لا في الحكم الوضعي و علي الجملة يفهم من الحديث التفريق بين حكم البربط و الصلبان فلاحظ.

(1) قد دلت رواية ابن اذينة علي جواز البيع ممن يتخذ الخشب

برابط لكن المذكور في الرواية البيع ممن يعلم انه يجعله برابط، و الكلام في المقام في البيع بداعي ارتكاب المحرم و لو لا قيام الدليل علي الحرمة التكليفية يشكل الجزم بالحرمة.

(2) لوحدة الملاك و عدم فرق بين الصورتين موضوعا و حكما.

(3) لوجود المقتضي و عدم المانع، و لكن لا يمكن الالتزام بالصحة في بيع الخشب ليعمل صنما لحديث ابن اذينة المتقدم ذكره، اذ لا فرق في نظر العرف بين الصنم و الصلبان، نعم بالنسبة الي غيره كبيع العنب ليعمل خمرا الحق كما افاده في المتن، الا أن يقال ان المستفاد من الحديث المنع عن البيع في صورة العلم باتخاذ المشتري اياه صلبانا فلا يشمل صورة الاشتراط فلا وجه للفساد.

(4) اذ الشرط اذا كان فعلا محرما لا يصح فان الشرط قبل ملاحظة دليل نفوذه

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 222

و كذا تحرم (1)، و لا تصح اجارة المساكن ليباع فيها الخمر او يحرز فيها، أو يعمل فيها شي ء من المحرمات (2)،

______________________________

لا بدان يكون أمرا جائزا كي يجب بدليل وجوب الوفاء به، و يجي ء في محله ان الشرط الفاسد لا يفسد العقد فانتظر.

(1) قال سيدنا الاستاد علي ما في التقرير «1» «ان متعلق الاجارة اذا كان عملا محرما تكون الاجارة محرمة تكليفا بلا خلاف بين الشيعة و السنة الا ما ينسب الي أبي حنيفة» فان تم اجماع تعبدي علي المدعي فهو و الا يشكل الجزم بالحرمة التكليفية و دعوي ان ادلة المحرمات بنفسها تقتضي حرمتها بتقريب ان الادلة الناهية تقتضي الانزجار عنها عهدتها علي مدعيها.

و أما الوجوه المتقدمه للاستدلال علي حرمة البيع فقد ظهر ما فيها من الاشكال و لا وجه للإعادة و مع عدم دليل علي المنع

يكون مقتضي الاصل الجواز كما هو ظاهر.

(2) بتقريب: ان الأمر بالانزجار عن الاجارة ينافي الامر بالوفاء اللازم لصحتها و فيه اولا: لا دليل علي زجر المولي عن الاجارة و ثانيا: ان النهي التكليفي لا يستلزم الفساد الوضعي. و ثالثا: ان المستفاد من دليل وجوب الوفاء عدم حق الفسخ، و لا تنافي بين الأمرين، و ان شئت قلت اذا آجر داره للعمل الحرام لا يقتضي وجوب الوفاء ارتكاب ذلك المحرم، فاين التنافي بين الموردين الا ان يقال اذا كان العمل محرما شرعا لا يكون محترما عند الشارع و لا يعتبره الشارع مملوكا لأحد و مع عدم امكان كونه مملوكا كيف يمكن تمليكه من الغير بالاجارة.

و في المقام اشكال و هو انه أي دليل دل علي اشتراط الاجارة بكون متعلقها

______________________________

(1) مصباح الفقاهة ج 1 ص: 164

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 223

و كذا تحرم و لا تصح اجارة السفن أو الدواب أو غيرها لحمل الخمر و الثمن و الاجرة في ذلك محرمان (1) و أما بيع العنب ممن يعلم انه يعمله خمرا، أو اجارة المسكن ممن يعلم انه يحرز فيه الخمر، أو يعمل فيه شيئا من المحرمات، من دون تواطئهما علي ذلك في عقد البيع أو الاجارة أو قبله، فقيل انه حرام و هو أحوط (2)، و الاظهر الجواز (3).

[مسألة 16: يحرم تصوير ذوات الأرواح]

(مسألة 16): يحرم تصوير ذوات الارواح (4).

______________________________

ما لا غاية ما في الباب انه في صورة كون متعلقها حراما لا يكون الاجير موظفا بالوفاء و لكن الاشكال المذكور يقرع الاسماع و بعيد عن ذوق الفقاهة.

(1) الكلام فيه هو الكلام و لا وجه للإعادة.

(2) لا اشكال في كونه احوط كما لا اشكال في حسن الاحتياط عقلا بل لا اشكال في

استحبابه شرعا.

(3) لوجود المقتضي و عدم المانع مضافا الي أن جملة من النصوص دالة علي جواز بيع العنب ممن يعلم انه يجعله خمرا و قد مرت الاشارة اليها كما ان رواية ابن اذينة دالة علي جواز الاجارة و قد مرت الاشارة اليها أيضا.

(4) قال سيدنا الاستاد علي ما في التقرير: «لا خلاف بين الشيعة و السنة في حرمة التصوير في الجملة» «1» الي آخر كلامه، و العمدة ملاحظه النصوص الواردة في المقام و مقدار دلالتها فمن تلك النصوص ما رواه أبو بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام انا نبسط عندنا الوسائد فيها التماثيل و نفترشها، فقال: لا بأس بما يبسط منها و يفترش و يوطأ انما يكره منها ما نصب علي الحائط و السرير «2»

______________________________

(1) مصباح الفقاهة ج 1 ص 220

(2) الوسائل الباب 94 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 224

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني.

و منها ما رواه حسين بن زيد عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام في حديث المناهي قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم عن التصاوير و قال: من صور صورة كلفه اللّه تعالي يوم القيامة ان ينفخ فيها و ليس بنافخ، و نهي ان يحرق شي ء من الحيوان بالنار، و نهي عن التختم بخاتم صفر او حديد، و نهي ان ينقش شي ء من الحيوان علي الخاتم «1» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي شعيب.

و منها ما رواه محمد بن مروان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول ثلاثة يعذبون يوم القيامة من صور صورة من الحيوان يعذب حتي ينفخ فيها و ليس بنافخ فيها، الحديث «2»

و هذه الرواية ضعيفة بالميثمي.

و منها ما رواه ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله من صور صورة عذب و كلف ان ينفخ فيها و ليس بفاعل، الحديث «3» و هذه الرواية ضعيفة بعكرمة و غيره.

و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي عليه و آله: أتاني جبرئيل قال: يا محمدان ربك يقرئك السلام و ينهي عن تزويق البيوت، قال أبو بصير، فقلت، و ما تزويق البيوت؟ فقال تصاوير التماثيل «4».

و هذه الرواية لها سندان و كلاهما مخدوشان ففي الاول منهما الجوهري

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب أحكام المساكن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 225

______________________________

و البطائني. و في الثاني البرقي.

و منها ما رواه ابن أبي عمير مرسلا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من مثل تمثالا كلف يوم القيامه ان ينفخ فيه الروح «1» و المرسل لا اعتبار به.

و منها ما رواه حسين بن منذر قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ثلاثه يعذبون يوم القيامة رجل كذب في رؤياه، يكلف ان يعقد بين شعيرتين و ليس بعاقد بينهما و رجل صور تماثيل يكلف ان ينفخ فيها و ليس بنافخ «2» و حسين بن منذر لم يوثق.

و منها ما رواه ابن قداح عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام بعثني رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في هدم القبور و كسر الصور «3» و للرواية سندان و كلاهما مخدوشان، ففي الاول سهل و غيره و في الثاني الاشعري و غيره.

و منها ما

رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام بعثني رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم الي المدينة فقال لا تدع صورة الا محوتها، و لا قبرا الا سويته، و لا كلبا الا قتلته «4» و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي بل و بغيره.

و منها ما رواه الاصبغ بن نباتة عن امير المؤمنين عليه السلام قال: من جدد قبرا او مثل مثالا فقد خرج من الإسلام «5» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) عين المصدر الحديث: 5

(3) عين المصدر الحديث: 7

(4) عين المصدر الحديث: 8

(5) عين المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 226

من الانسان و الحيوان (1) سواء أ كانت مجسمة أم لم تكن (2)،

______________________________

سنان.

و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام: قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اتاني جبرئيل فقال: يا محمد ان ربك ينهي عن التماثيل «1» و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني.

و منها ما رواه سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه السلام قال: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ هم المصورون، يكلفون يوم القيامة ان ينفخوا فيها الروح «2» و هذه الرواية ضعيفة بأبي جميلة.

و منها ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن تماثيل الشجر و الشمس و القمر، فقال لا بأس ما لم يكن شيئا من الحيوان «3» و هذه الرواية لا بأس بسندها و تدل علي الحكم بالنسبة الي التماثيل الحيوانية.

(1) كما هو المستفاد من حديث محمد بن مسلم المتقدم ذكره آنفا، و يدل علي المدعي بالنسبة الي الانسان ما رواه أبو العباس، عن أبي

عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل: (يَعْمَلُونَ لَهُ مٰا يَشٰاءُ مِنْ مَحٰارِيبَ وَ تَمٰاثِيلَ) فقال: و اللّه ما هي تماثيل الرجال و النساء و لكنها الشجر و شبهه «4».

(2) فان التعميم مقتضي الاطلاق اذ التمثال اعم من المجسم و ربما يقال ان الحرمة مختصة بالاول و استدل علي المدعي بوجوه:

الوجه الاول النصوص الدالة علي أن المصور يؤمر بنفخ الروح في الصورة

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 11

(2) عين المصدر الحديث: 12

(3) الوسائل الباب 94 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 3

(4) عين المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 227

______________________________

و النفخ يتوقف علي كون الصورة مجسمة:

منها ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام في حديث المناهي قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم عن التصاوير و قال: من صور صورة كلفه اللّه تعالي يوم القيامة ان ينفخ فيها و ليس بنافخ الحديث «1».

و منها ما رواه محمد بن مروان، عن أبي عبد اللّه قال: سمعته يقول: ثلاثة يعذبون يوم القيامة، من صور صورة من الحيوان يعذب حتي ينفخ فيها و ليس بنافخ فيها الحديث «2».

و منها ما رواه ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: من صور صورة عذب و كلف ان ينفخ فيها و ليس بفاعل الحديث «3».

و فيه ان هذه النصوص كلها ضعيفة. و ثانيا: انه يمكن تصوير النفخ بلحاظ اللون، فان اللون جسم و قابل لان ينفخ فيه الروح، فلا تختص النصوص المشار اليها بالمجسمة.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛

ج 7، ص: 227

و ثالثا: يكفي لعموم الحكم غيرها من نصوص الباب. لاحظ ما رواه محمد ابن مسلم قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام، عن تماثيل الشجر و الشمس و القمر، فقال لا بأس ما لم يكن شيئا من الحيوان «4».

فان المستفاد من هذه الرواية ان المنهي عنه مطلق التمثال و قد حقق في محله انه لا تنافي بين الاثباتين.

______________________________

(1) الوسائل الباب 94 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 94 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 7

(3) عين المصدر الحديث: 9

(4) الوسائل الباب 94 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 228

______________________________

الوجه الثاني: انه يستفاد من بعض النصوص عدم الباس اذا غيرت رءوسها لاحظ ما رواه زرارة بن اعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا بأس بأن يكون التماثيل في البيوت اذا غيرت رءوسها منها و ترك ما سوي ذلك «1».

و يستفاد من بعضها عدم البأس اذا قطع الرأس. لاحظ ما رواه علي بن جعفر، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الدار و الحجرة فيها التماثيل أ يصلي فيها فقال: لا تصل فيها و فيها شي يستقبلك الا ان لا تجد بدا فتقطع رءوسها و الا فلا تصل فيها «2».

و بعضها يدل علي كسر الرأس لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن مسجد يكون فيه تصاوير و تماثيل يصلي فيه؟

فقال: تكسر رءوس التماثيل و تلطخ رءوس التصاوير و يصلي فيه و لا بأس الحديث «3».

فبهذه النصوص يستدل علي المدعي. و فيه اولا: ان الدال علي المدعي في هذه النصوص ما يشتمل علي الكسر و تلك الرواية

ضعيفة سندا بعبد اللّه بن حسن و أما التغيير و القطع فلا يتنافيان مع كون الصورة نقشا.

و ثانيا ان هذه النصوص ترتبط بالصلاة في المكان الذي تكون فيه الصورة و الكلام في المقام في ايجاد الصورة. و ثالثا: يكفي لإثبات المدعي غيرها من النصوص الدال بالاطلاق علي المدعي لعدم التنافي بين المطلق و المقيد في المثبتين.

الوجه الثالث: انه قوبل بين النقش و الصورة في خبر المناهي قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم عن التصاوير و قال: من صور صورة كلفه

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب أحكام المساكن الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 32 من أبواب مكان المصلي الحديث: 5

(3) عين المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 229

و يحرم اخذ الاجرة عليه (1) أما تصوير غير ذوات الارواح كالشجر

______________________________

اللّه تعالي يوم القيامة ان ينفخ فيها و ليس بنافخ، و نهي ان يحرق شي ء من الحيوان بالنار، و نهي عن التختم بخاتم صفر او حديد، و نهي ان ينقش شي ء من الحيوان علي الخاتم «1» فيفهم ان المنهي عنه الصورة المجسمة و أما النقش فلا بأس به.

و فيه: ان الحديث ضعيف كما مر، مضافا الي ما عن بعض الاساطين من ان ما اشتمل علي النقش خبر آخر و لم يكن مقابلا للصورة في كلام النبي صلي اللّه عليه و آله و انما الصادق عليه السلام قد جمع بين كلامين للنبي في خبر واحد فلاحظ.

(1) بتقريب ان الفعل الحرام لا مالية له شرعا، فلا يبذل بازائه شي ء و يرد عليه:

بأنه ما الدليل علي اشتراط صحة الاجارة بكون متعلقها مالا شرعا كما تقدم و ربما يقال بأن الحرمة التكليفية تمنع عن صحة الاجارة، فان

المنهي عنه شرعا كالممتنع عقلا، و من الظاهر انه لا تصح الاجارة علي ما لا يكون مقدورا للأجير.

و فيه انه لم يرد دليل من الكتاب أو السنة يدل علي المدعي و ان المنهي عنه شرعا كغير المقدور و لا اشكال في أن العمل الحرام مقدور للمكلف.

و يمكن ان يستدل علي المدعي بأنه كيف يمكن الالتزام بصحة الاجارة و وجوب الوفاء بها مع كون العمل حراما فان مرجعه الي الجمع بين المتنافيين و يمكن أن يقال. بأنه لا تنافي بين الامرين اذ الامر بالوفاء ليس تكليفا بل ارشاد الي اللزوم فلا تنافي بين الحكم باللزوم و النهي عن العمل لكن مع ذلك كله هل يمكن للفقيه الالتزام بالصحة و كيف كان الظاهر ان المتسالم عليه بين القوم فساد الاجارة في أمثال المقام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 94 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 230

و غيره فلا بأس به (1) و يجوز أخذ الاجرة عليه (2) كما لا بأس بالتصوير الفوتغرافي المتعارف في عصرنا (3) و مثله تصوير بعض الصورة كالرأس و الرجل و نحوهما مما لا يعد تصويرا للصورة الناقصة (4) أما اذا كان

______________________________

(1) كما صرح به في حديث ابن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن تماثيل الشجر و الشمس و القمر فقال: لا بأس ما لم يكن شيئا من الحيوان «1».

(2) لوجود المقتضي و عدم المانع و بعبارة اخري: مقتضي اطلاق دليل جواز الاجارة و التجارة عن تراض جوازه و لم يقم دليل يخصص العموم.

(3) بتقريب: ان التصوير الفوتغرافي المتعارف ليس احداثا للصورة بل إبقاء لها و من ناحية اخري ان الاوامر و النواهي ظاهرة في البعث نحو احداث

المتعلق و في الزجر عنه فاذا كان التصوير إبقاء للصورة الحاصلة لا يكون متعلقا للنهي.

بل يمكن أن يقال: انه مع الشك في كونها احداثا أو إبقاء يكون جائزا لعدم توجه التكليف مع الشك و يكون مقتضي البراءة هو الجواز. و صفوة القول: ان التصوير المتعارف ابقاء للصورة فان الانسان اذا وقف في مقابل المكينة العكاسة كان حائلا بينها و بين النور فيقع ظله علي المكينة و يثبت فيها لأجل الدواء.

و يمكن أن يقال: بأن الاحكام الشرعية مترتبة علي الموضوعات العرفية و لا مدخل للدقة العقلية فيها فاذا صدق التصوير علي المتداول الخارجي يشمله دليل الحرمة و لا ينقض بالنظر في المرآة اذ لا يصدق عليه التصوير مضافا الي أن حليته من الواضحات فلا وجه للقياس.

(4) لعدم صدق موضوع الحرام علي الناقص فلا يحرم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 231

كذلك مثل تصوير شخص مقطوع الرأس ففيه اشكال (1) أما لو كان تصويرا علي هيئة خاصة مثل تصويره جالسا أو واضعا يديه الي خلفه أو نحو ذلك مما يعد تصويرا تاما فالظاهر هو الحرمة (2) بل الامر كذلك فيما اذا كانت الصورة ناقصة و لكن النقص لا يكون دخيلا في الحياة كتصوير انسان مقطوع اليد أو الرجل (3) و يجوز علي كراهية اقتناء الصور (4).

______________________________

(1) منشأ الاشكال امكان: انه يصدق عليه التصوير غاية الامر يكون تصويرا للصورة الناقصة و مقتضي اطلاق دليل الحرمة عدم الفرق بين الصورة التامة و الناقصة فتأمل.

(2) لا طلاق دليل الحرمة.

(3) لعين الملاك.

(4) ربما يقال: بأن اقتنائها حرام و ما يمكن أن يقال في مقام الاستدلال عليها وجوه: الوجه الاول: ان الايجاد و الوجود أمر واحد فاذا حرم الايجاد حرم

الوجود فاقتناؤه حرام.

و فيه: انه لا اشكال في حرمة الايجاد و ذلك الوجود الملازم للإيجاد كما قال المستدل لكن الكلام في ابقاء ذلك الوجود و لا ملازمة بين حرمة الاحداث و الابقاء بل يمكن أن يكون الايجاد حراما و الابقاء واجبا كما في ولد الزنا فان ايجاده حرام بالزنا و لكن بعد تكونه يحرم قتله و يجب ابقائه. مضافا الي أنه لو تم الاستدلال فانما يتم بالنسبة الي الفاعل الموجد و الكلام في المقام في مطلق الاقتناء و لو لغير الموجد فلاحظ.

الوجه الثاني: ان المستفاد من حديث تحف العقول «1» ان كل محرم

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 232

______________________________

لا يكون فيه الا الفساد محضا يحرم جميع التقلب فيه فلا يجوز امساك الصورة لان فعلها حرام. و فيه: ان الحديث ضعيف سندا و ثانيا: ان التصوير ليس مما فيه الفساد المحض.

الوجه الثالث ما دل من النصوص علي أمره صلي اللّه عليه و آله عليا بمحو كل صورة «1». و فيه ان سند تلك الروايات ضعيفة و ثانيا: انه يحتمل أن يكون أمره صلي اللّه عليه و آله في تلك القضية الشخصية لجهة خاصة و لا يستفاد منها الحكم الكلي فلاحظ.

الوجه الرابع: ما دل علي حرمة اللعب بالتماثيل لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر أنه سأل أباه عن التماثيل فقال: لا يصلح أن يلعب بها «2».

و ما رواه مثني رفعه قال: التماثيل لا يصلح أن يلعب بها «3». و فيه:

اولا ان عدم الصلاحية أعم من الحرمة. و ثانيا: ان حرمة اللعب لا تستلزم حرمة الاقتناء و الامساك.

الوجه الخامس: ما رواه أبو العباس «4»

بتقريب: ان المستفاد من الرواية انكار ما فعل من التماثيل فيكون اقتناء الصورة و امساكها حراما. و فيه:

ان المستفاد من الحديث انكار أن يكون المعمول لسليمان صور ذوات الارواح و انه لا يناسب تصوير ذوات الروح لمن يكون شاغلا لمقام النبوة الالهية فلا دلالة في الرواية علي حرمة العمل فكيف بدلالتها علي حرمة الاقتناء. و ان شئت قلت:

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب أحكام المساكن

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب أحكام المساكن الحديث: 15

(3) نفس المصدر الحديث: 16

(4) لاحظ ص: 226

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 233

______________________________

ان الرواية اجنبية عن المقام.

الوجه السادس: ما دل علي أن عليا عليه السلام يكره الصورة في البيوتات لاحظ ما رواه حاتم بن اسماعيل عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يكره الصورة في البيوت «1» بضميمة ما دل علي أن عليا عليه السلام لم يكن يكره الحلال لاحظ ما رواه سيف التمار قال: قلت لأبي بصير احب أن تسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل استبدل قوصرتين فيهما الي أن قال الامام عليه السلام: «و لم يكن علي عليه السلام يكره الحلال «2».

و فيه: ان الكراهة لا تدل علي الحرمة و علي عليه السلام كان لا يكره الحلال المتساوي الطرفين لا أنه لم يكن يكره المباح بالمعني الاعم مضافا الي أن الحديث الدال علي الكراهة ضعيف سندا بحاتم.

الوجه السابع: ما رواه زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا بأس بأن يكون التماثيل في البيوت اذا غيرت رءوسها منها و ترك ما سوي ذلك «3».

فان هذه الرواية بمفهومها تدل علي البأس. و بعبارة اخري: اذا غير رأس الصورة فلا بأس و الا ففيه بأس. و

يرد عليه انه لا بد من حمل الرواية علي الكراهة بقرينة ما يدل علي الجواز لاحظ ما رواه الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

ربما قمت فاصلي و بين يدي الوسادة و فيها تماثيل طير فجعلت عليها ثوبا «4» فانه عليه السلام يصرح بوجود التماثيل في الوسادة بين يديه فجعل عليها ثوبا.

______________________________

(1) المصدر السابق الحديث: 14

(2) الوسائل الباب 15 من ابواب الربا الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 4 من ابواب أحكام المساكن الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 32 من أبواب مكان المصلي الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 234

و بيعها (1) و ان كانت مجسمة و ذوات أرواح (2).

______________________________

الوجه الثامن: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ربما قمت اصلي و بين يدي و سادة فيها تماثيل طائر فجعلت عليه ثوبا و قال: و قد اهديت إلي طنفسه من الشام عليها تماثيل طائر فأمرت به فغير رأسه فجعل كهيئة الشجر الحديث «1».

بتقريب: ان أمره عليه السلام بالتغيير يدل علي حرمة الابقاء. و فيه: ان فعله عليه السلام لا يدل علي أن الابقاء حرام بل أعم منه مضافا الي أنه صرح في نفس الحديث بأنه جعل الثوب علي التماثيل و لم يغيرها.

الوجه التاسع: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن تماثيل الشجر و الشمس و القمر فقال: «لا بأس ما لم يكن شيئا من الحيوان «2» فان المستفاد من الرواية النهي عن التماثيل التي تكون ذوات الارواح. و فيه ان غاية ما يستفاد من الرواية حرمة الابقاء و دلالة الرواية عليها تكون بالاطلاق لكن تقيد بما دل علي الجواز لاحظ ما رواه الحلبي «3» و غيره مما ورد

في الوسائل في الباب 32 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1 و 4 و 8 و 10 و 11.

(1) لم يقم دليل علي كراهة البيع فيجوز بيعها بلا كراهة تكليفا كما يصح وضعا لعدم دليل علي المنع فمقتضي الاصل الاولي الجواز تكليفا و وضعا الا أن يقال:

ان مقتضي اطلاق النهي عن التماثيل حرمة بيعها و لكن حيث علم من الخارج جواز بيعها نلتزم بالكراهة فلاحظ.

(2) لعدم دليل يقتضي التقييد فيجوز البيع و الاقتناء و لو كانت مجسمة و ذات روح.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب أحكام المساكن الحديث: 7.

(2) الوسائل الباب 94 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 3.

(3) لاحظ ص 233:

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 235

[مسألة 17: الغناء حرام إذا وقع علي وجه اللهو و الباطل]

(مسألة 17): الغناء حرام اذا وقع علي وجه اللهو و الباطل، بمعني أن تكون الكيفية كيفية لهوية، و العبرة في ذلك بالصدق العرفي و كذا استماعه و لا فرق في حرمته بين وقوعه في قراءة و دعاء و رثاء و غيرها، و يستثني منه الحداء و غناء النساء في الاعراس اذا لم يضم اليه محرم آخر من الضرب بالطبل و التكلم بالباطل، و دخول الرجال علي النساء، و سماع اصواتهن علي نحو يوجب تهييج الشهوة، و الاحرم ذلك (1).

______________________________

(1) قال سيدنا الاستاد لا خلاف في حرمة الغناء في الجملة بين الشيعة «1» و يقع الكلام حول هذه المسألة في عدة مواضع:

الموضع الاول: في الادلة الدالة علي حرمته فنقول ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجوه:

الوجه الاول: الاجماع و فيه انه علي تقدير تحققه و حصوله محتمل المدرك فلا يكون تعبد يا كاشفا.

الوجه الثاني: جملة من الآيات الشريفة. منها: قوله تعالي: ( … وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) «2»

بتقريب انه قد فسر في بعض النصوص قول الزور بالغناء.

لاحظ ما رواه زيد الشحام قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قوله عز و جل:

«وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ» قال: قول الزور الغناء «3». و هذه الرواية ضعيفة بدرست.

______________________________

(1) مصباح الفقاهة ج 1 ص: 304

(2) الحج/ 31

(3) الوسائل الباب 99 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 236

______________________________

و لاحظ ما ارسله ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه تعالي:

«وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ» قال: قول الزور الغناء «1». و المرسل لا اعتبار به.

و لاحظ ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عز و جل «فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثٰانِ وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ» قال: الغناء «2» و هذه الرواية ضعيفة بسهل.

و لاحظ ما رواه هشام عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله تعالي: «فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثٰانِ وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ» قال: الرجس من الاوثان الشطرنج، و قول الزور الغناء «3». و الظاهر ان هذه الرواية تامة سندا و كافية للاستدلال بها علي المدعي، مضافا الي بقية الروايات الواردة في المقام.

و لاحظ ما رواه حماد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن قول الزور قال: منه قول الرجل للذي يغني: احسنت «4».

و من تلك الآيات قوله تعالي: «وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللّٰهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَهٰا هُزُواً أُولٰئِكَ لَهُمْ عَذٰابٌ مُهِينٌ» «5».

فانه فسر لهو الحديث في بعض النصوص بالغناء. لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول الغناء مما وعد اللّه عليه النار، و تلا هذه

الاية: «وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللّٰهِ بِغَيْرِ

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 26

(4) نفس المصدر الحديث: 21

(5) لقمان/ 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 237

______________________________

عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَهٰا هُزُواً أُولٰئِكَ لَهُمْ عَذٰابٌ مُهِينٌ» «1».

و لاحظ ما رواه مهران بن محمد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول الغناء مما قال اللّه عز و جل: «وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللّٰهِ» «2» و الحديثان مخدوشان سندا.

و من تلك الآيات قوله تعالي: «وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ» «3».

بضميمة ما في تفسير القمي: قال الصادق عليه السلام: لما خلق اللّه الجنة قال لها تكلمي فقالت: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ» الي أن قال: «وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ» يعني الغناء و الملاهي الخ «4». من تطبيق الاية علي الغناء.

و من تلك الآيات قوله تعالي (وَ الَّذِينَ لٰا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَ إِذٰا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرٰاماً) «5». فان الزور قد فسر في تفسير القمي بالغناء لاحظ ما رواه أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام الي أن قال: «وَ الَّذِينَ لٰا يَشْهَدُونَ الزُّورَ» قال: الغناء، و مجالس اللهو «6».

مضافا الي جملة من الروايات التي فسرت الاية بالغناء. لاحظ ما رواه أبو الصباح عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله عز و جل: «لٰا يَشْهَدُونَ الزُّورَ» قال:

الغناء «7».

______________________________

(1) الوسائل الباب 99 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) المؤمنون/ 3

(4) تفسير القمي ج 2 ص 88

(5) الفرقان/ 72

(6) تفسير القمي ج 2 ص: 117

(7) الوسائل الباب 99 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص:

238

______________________________

و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم و أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «وَ الَّذِينَ لٰا يَشْهَدُونَ الزُّورَ» قال: «هوخ» الغناء «1».

الوجه الثالث: النصوص الواردة في المقام بالسنة مختلفة. منها ما رواه زيد الشحام قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: بيت الغناء لا تؤمن فيه الفجيعة، و لا تجاب فيه الدعوة، و لا يدخله الملك «2». و منها ما رواه معمر بن خلاد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: خرجت و أنا أريد داود بن عيسي بن علي و كان ينزل بئر ميمون و علي ثوبان غليظان، فلقيت امرأة عجوزا و معها جاريتان، فقلت: يا عجوز أتباع هاتان الجاريتان؟ فقالت: نعم و لكن لا يشتريهما مثلك، قلت: و لم؟ قالت: لأن احداهما مغنية و الأخري زامرة الحديث «3».

و منها ما رواه أبو أسامة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الغناء غش النفاق «4».

و لاحظ ما رواه ابراهيم بن محمد المدني عمن ذكره، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الغناء و أنا حاضر، فقال: لا تدخلوا بيوتا اللّه معرض عن أهلها «5».

و لاحظ ما رواه يونس قال: سألت الخراساني عليه السلام عن الغناء و قلت:

ان العباسي ذكر عنك انك ترخص في الغناء فقال: كذب الزنديق ما هكذا قلت له،

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 10

(5) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 239

______________________________

سألني عن الغناء، فقلت ان رجلا أتي أبا جعفر عليه السلام فسأله عن الغناء، فقال:

يا فلان اذا ميز اللّه بين الحق و الباطل فأين يكون الغناء؟ قال:

مع الباطل، فقال:

قد حكمت «1».

و لاحظ ما رواه عبد الاعلي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الغناء و قلت انهم يزعمون أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله رخص في أن يقال، جئناكم جئناكم حيونا حيونا نحيكم، فقال: كذبوا ان اللّه عز و جل يقول: «وَ مٰا خَلَقْنَا السَّمٰاءَ وَ الْأَرْضَ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا لٰاعِبِينَ، لَوْ أَرَدْنٰا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا إِنْ كُنّٰا فٰاعِلِينَ* بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَي الْبٰاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذٰا هُوَ زٰاهِقٌ وَ لَكُمُ الْوَيْلُ مِمّٰا تَصِفُونَ» ثم قال: ويل لفلان مما يصف رجل لم يحضر المجلس «2».

و لاحظ ما رواه الحسن بن هارون قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول الغناء مجلس لا ينظر اللّه الي أهله، و هو مما قال اللّه عز و جل: «وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللّٰهِ «3».

و لاحظ ما رواه محمد بن ابي عباد و كان مستهترا بالسماع و يشرب النبيذ قال:

سألت الرضا عليه السلام عن السماع فقال: لأهل الحجاز (العراق خ ل) فيه رأي و هو في حيز الباطل و اللهو، أما سمعت اللّه عز و جل يقول: و اذا مروا باللغو مروا كراما «4».

و لاحظ ما رواه في المقنع قال الصادق عليه السلام شر الاصوات الغناء «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 15

(3) نفس المصدر الحديث: 16

(4) نفس المصدر الحديث: 19

(5) نفس المصدر الحديث: 22

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 240

______________________________

و لاحظ ما رواه الحسن بن هارون قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: الغناء يورث النفاق، و يعقب الفقر «1».

و لاحظ ما رواه محمد بن عمرو بن حزم في حديث قال: دخلت

علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال: الغناء اجتنبوا الغناء اجتنبوا قول الزور، فما زال يقول:

اجتنبوا الغناء اجتنبوا، فضاق بي المجلس و علمت أنه يعنيني «2».

و لاحظ ما رواه عبد اللّه بن عباس عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في حديث قال ان من أشراط الساعة اضاعة الصلوات، و اتباع الشهوات، و الميل الي الأهواء «الي أن قال:» فعندها يكون أقوام يتعلمون القرآن لغير اللّه، و يتخذونه مزامير و يكون أقوام يتفقهون لغير اللّه، و تكثر اولاد الزنا و يتغنون بالقرآن «الي أن قال:» و يستحسنون الكوبة و المعازف و ينكرون الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر «الي أن قال:» فأولئك يدعون في ملكوت السماوات الأرجاس الانجاس «3».

و لاحظ ما رواه العياشي في تفسيره عن جابر بن عبد اللّه عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: كان ابليس أول من تغني و أول من ناح لما اكل آدم من الشجرة تغني فلما هبطت حوا الي الأرض ناح لذكره ما في الجنة «4».

و لاحظ ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يتعمد الغناء يجلس اليه. قال: لا «5». فقد تحصل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 23

(2) نفس المصدر الحديث: 24

(3) نفس المصدر الحديث: 27

(4) نفس المصدر الحديث: 28

(5) نفس المصدر الحديث: 32

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 241

______________________________

مما تقدم انه لا اشكال في استفادة حرمة الغناء في الجملة من الادلة و لا مجال لإنكارها.

الموضع الثاني: في بيان موضوعه و اختلفت فيه اقوال اهل اللغة كما ان كلمات الاصحاب حوله كذلك، فعن لسان العرب، كل من رفع صوته و ولاه فصوته عند العرب غناء و عنه

أيضا: الغناء من الصوت ما طرب به. و عن مجمع البحرين الغناء ككساء الصوت المشتمل علي الترجيع المطرب أو ما يسمي في العرف غناء و ان لم يطرب الخ. و عن المنجد الغناء من الصوت ما طرب به. و عن الصحاح الغناء من السماع و عن المصباح انه مد الصوت المشتمل علي الترجيع المطرب.

و قال النراقي قدس سره في المجلد الثاني من المستند «ان كلمات العلماء من اللغويين و الادباء و الفقهاء مختلفة في تفسير الغناء ففسره بعضهم بالصوت المطرب و الاخر بالصوت المشتمل علي الترجيع و ثالث بالصوت المشتمل علي الترجيع و الاطراب معا و رابع بالترجيع و خامس بالتطريب و سادس بالترجيع مع التطريب و سابع برفع الصوت مع الترجيع و ثامن بمد الصوت و تاسع بمده مع احد الوصفين او كليهما و عاشر بتحسين الصوت و حادي عشر بمد الصوت و موالاته و ثاني عشر و هو الغزالي بالصوت الموزون المفهم المحرك للقلب» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و مع هذا الاختلاف كيف يمكن الجزم باحد هذه الاقوال و مقتضي القاعدة الاقتصار بما يكون متيقنا و المتيقن ما يكون جامعا لجميع الاقوال مع انضمام أن يكون بنحو خاص و لحن مخصوص بارباب الملاهي و يكون علي نحو يصدق عليه عند الفرس (عنوان خوانندگي) و يكون المادة لهويا. و علي الجملة لا بد في الجزم بالحرمة اجتماع جميع القيود المحتملة اذ مع الشك في تحقق الموضوع يجري الاصل النافي في الموضوع و الحكم. اما الاول فان مقتضي الاصل عدم

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 242

______________________________

كون المفهوم صادقا علي المشكوك فيه. و أما الثاني فلان مقتضي اصالة البراءة هو الجواز، لكن مقتضي الورع هو الاحتياط التام.

الموضع

الثالث: في ان الغناء بنفسه حرام و لا يتوقف حرمته علي انضمام غيره من المحرمات كدخول الرجال علي النساء و تكلمهن بالاباطيل و لعبهن بالملاهي علي اقسامها مثل ما كان متعارفا في زمن بني امية و بني العباس خلافا لما عن الكاشاني من أن الغناء بما هو لا حرمة فيه فلا يحرم استماع الغناء اذا كان متضمنا لذكر الجنة و النار و التشويق الي دار القرار و الترغيب الي اللّه و الي اطاعته. و استدل علي المدعي الكاشاني بوجوه:

الوجه الاول: ما ارسله الصدوق قال: سأل رجل علي بن الحسين عليهما السلام عن شراء جارية لها صوت، فقال: ما عليك لو اشتريتها فذكرتك الجنة، يعني بقراءة القرآن و الزهد و الفضائل التي ليست بغناء فأما الغناء فمحظور «1».

بتقريب ان المستفاد من الحديث ان الغناء المذكر للجنة لا بأس به و لذا يجوز بيع الجارية التي تذكر الجنة بغنائها مع أن ثمن المغنية كثمن الكلب سحت، بمقتضي بعض النصوص لاحظ ما رواه ابراهيم بن أبي البلاد قال: قلت لأبي الحسن الاول عليه السلام: جعلت فداك ان رجلا من مواليك عنده جوار مغنيات قيمتهن اربعة عشر ألف دينار، و قد جعل لك ثلثها، فقال: لا حاجة لي فيها، ان ثمن الكلب و المغنية سحت «2».

و فيه اولا: الحديث مرسل و لا اعتبار بالمرسلات و ثانيا: لا يرتبط الحديث بما نحن بصدده و ليست فيه دلالة علي مدعاه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 243

______________________________

الوجه الثاني: حديثا أبي بصير قال في الاول: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن كسب المغنيات، فقال: التي يدخل عليها الرجال حرام،

و التي تدعي الي الاعراس ليس به بأس به، و هو قول اللّه عز و جل: وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللّٰهِ «1».

و قال في الثاني: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: أجر المغنية التي تزف العرائس ليس به بأس، و ليس بالتي يدخل عليها الرجال «2».

بتقريب ان المستفاد من الحديثين انه لا مانع من الغناء في زف العرائس و يرد عليه ان غاية ما يمكن أن يستفاد من الحديثين جواز الغناء في زف العرائس مع اشتراط عدم دخول الاجانب علي النساء و لا تعرض في الحديثين لحكم الغناء في غير زف العرائس.

الوجه الثالث: النصوص الدالة علي استحباب قراءة القرآن بصوت حسن:

لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اقرءوا القرآن بألحان العرب و أصواتها، و اياكم و لحون أهل الفسق و أهل الكبائر، فانه سيجي ء من بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء و النوح و الرهبانية، لا يجوز تراقيهم، قلوبهم مقلوبة، و قلوب من يعجبه شأنهم «3».

و لاحظ ما رواه علي بن محمد النوفلي عن أبي الحسن عليه السلام قال: ذكرت الصوت عنده فقال: ان علي بن الحسين عليه السلام كان يقرأ فربما مر به المار

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من ابواب ما يكتسب به باب تحريم كسب المغنية الخ الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 24 من ابواب قراءة القرآن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 244

______________________________

فصعق من حسن صوته الحديث «1».

و لاحظ ما رواه أيضا عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال النبي صلي اللّه عليه و

آله: لكل شي ء حلية و حلية القرآن الصوت الحسن «2».

و لاحظ ما رواه علي بن عقبة عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام أحسن الناس صوتا بالقرآن، و كان السقاءون يمرون فيقفون ببابه يستمعون قراءته «3». و لاحظ ما رواه أبو بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: اذا قرأت القرآن فرفعت به صوتي جاءني الشيطان فقال: انما ترائي بهذا أهلك و الناس، فقال: يا أبا محمد اقرأ قراءة ما بين القراءتين تسمع أهلك، و رجع بالقرآن صوتك، فان اللّه عز و جل يجب الصوت الحسن يرجع فيه ترجيعا «4».

و لاحظ ما رواه عبد اللّه التميمي عن الرضا عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: حسنوا القرآن بأصواتكم فان الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا «5».

و لاحظ ما رواه دارم بن قبيصة عن الرضا عن آبائه عليهم السلام مثله و زاد:

و قرأ يزيد في الخلق ما يشاء «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 6

(6) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 245

______________________________

بتقريب ان المستفاد من هذه النصوص جواز الغناء في القرآن بل يستفاد استحباب الغناء في القرآن فلا يحرم الغناء الا مع انضمام محرم آخر عليه.

و يرد عليه اولا: ان هذه النصوص كلها ضعيفة سندا كما يظهر لمن يراجع اسنادها. و ثانيا: المستفاد من هذه النصوص استحباب القراءة بصوت حسن و لم يذكر فيها الغناء فيقع التعارض بين هذه النصوص و النصوص الدالة علي حرمة الغناء علي الاطلاق بالعموم من وجه و الترجيح مع دليل المنع لان العامة قائلون

بالجواز مضافا الي انه قد صرح في الحديث الاول من الباب بعدم جواز قراءة القرآن بألحان اهل الفسوق و الكبائر و من الظاهر ان الغناء لحن اهل الفسق و الكبائر.

و لا يخفي ان سيدنا الاستاد قد رجح «1» دليل المنع علي دليل الجواز بلحاظ مخالفة دليل المنع مع العامة مع انه قائل بتساقط الدليلين فيما يكون التعارض بين الطرفين بالعموم من وجه و يكون العموم بالاطلاق لا بالوضع و المقام كذلك.

الوجه الرابع: ما رواه في قرب الاسناد عن علي بن جعفر عن أخيه قال:

سألته عن الغناء هل يصلح في الفطر و الاضحي و الفرح، قال: لا بأس به ما لم يعص به. و رواه علي بن جعفر في كتابه الا انه قال: ما لم يؤمر به «2». و نقل من بحار الأنوار ج 10 ص 271 (ما لم يزمر به).

بتقريب ان المستفاد من الرواية انه لا باس بالغناء ما دام لا ينضم اليه محرم او ما دام لم يزمر به اي لا ينفخ في المزمار و قال سيدنا الاستاد ان المراد من قوله ما لم يزمر به ان الصوت اللهوي المزماري حرام و لا يكون المراد من الحديث ان

______________________________

(1) مصباح الفقاهة ج 1 ص: 308

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 246

______________________________

الغناء في المزمار حرام فان المناسب في التعبيران يقال ما لم يكن في المزمار و ما افاده غير تام فان المفهوم من الجملة. بحسب الفهم العرفي انه لا يتحقق الغناء الا في المزمار و لكن مع ذلك لا يكون دليلا علي مدعي الكاشاني لان المستفاد من الخبر ان الغناء جائز في الفطر و الاضحي و لا

يرتبط بما ادعاه الكاشاني.

الموضع الرابع: هل يجوز الغناء في سوق الابل المسمي بالحداء أم لا ربما يقال بالجواز لعدة نصوص نبوية منقولة عن طرق العامة «1». و حيث انها ضعيفة سندا لا يعتد بها و مقتضي اطلاق ادلة الحرمة حرمته.

الموضع الخامس: هل يجوز الغناء في رثاء الحسين عليه السلام أم لا الحق هو الثاني لان المرجع اطلاق دليل الحرمة و مقتضاه حرمته حتي في رثاء الحسين عليه السلام نعم يمكن أن يقال ان رثاء الحسين عليه السلام خارج عن موضوع الغناء فان المتعارف من الرثاء لا يكون داخلا في موضوع الغناء لعدم المادة لهويا كما ان المتعارف انه لا يقرء الرثاء علي الكيفية اللهوية الغنائية، لكن لو صدق عليه يحرم.

و النصوص الواردة في استحباب الرثاء علي تمامية اطلاقها و شمولها للرثاء الذي يصدق عليه الغناء تعارضها نصوص حرمة الغناء و بعد التعارض يقدم دليل المنع لمخالفتها مع العامة، و يرد علي سيدنا الاستاد انه علي طبق مسلكه يلزم عليه ان يلتزم بالجواز في المقام لان مسلكه في باب التعارض بالعموم من وجه ان كان التعارض بالاطلاق التساقط و عليه تصل النوبة بعده الي اصالة البراءة فلاحظ.

الموضع السادس: هل يجوز الغناء في زف العرائس الحق هو الجواز اذا

______________________________

(1) محاضرات في الفقه الجعفري للسيد الشاهرودي قدس سره ج 1 ص 241- 242

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 247

______________________________

لم ينضم اليه محرم من المحرمات الالهية و الدليل عليه حديثا أبي بصير «1» بل الحق جوازه في الاضحي و الفطر و الفرح لاحظ ما رواه ابن جعفر «2».

الموضع السابع: هل يجوز الغناء في القرآن أم لا الحق هو الثاني لإطلاق دليل الحرمة هذا علي فرض صدق العنوان علي قراءة القرآن

و أما علي تقدير عدم الصدق فخروجها بالتخصص لا بالتخصيص. و أما النصوص الدالة علي استحباب قراءة القرآن بالصوت الحسن فقد مرانها ضعيفة سندا «3» و علي تقدير الغمض عن اسنادها و الالتزام باطلاقها تعارض ادلة الحرمة و في مورد التصادق لا بد من اعمال قانون التعارض و مقتضاه الاخذ بدليل المنع لكون اخبار الجواز موافقة مع العامة و اخبار المنع مخالفة لهم و الترجيح مع المخالف.

الموضع الثامن: هل يجوز تعليمه و تعلمه أم لا الحق هو التفصيل بتقريب انه لو كان التعليم و التعلم باعماله و ايجاده يكون حراما لدليل المنع و اما اذا لم يكن كذلك فلا مانع منهما في حد نفسهما.

الموضع التاسع: هل يحرم استماعه أم لا؟ الحق هو الاول فان اطلاق دليل المنع يقتضي حرمة استماع الغناء كما ان التغني بنفسه حرام لاحظ ما رواه هشام «4». فانه امر بالاجتناب و الامر يقتضي الوجوب مضافا الي ورود النص الدال علي حرمته، لاحظ ما رواه علي بن جعفر «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 243

(2) لاحظ ص: 245

(3) لاحظ ص: 245

(4) لاحظ ص: 236

(5) لاحظ ص: 240

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 248

[مسألة 18: معونة الظالمين في ظلمهم، بل في كل محرم حرام]

(مسألة 18): معونة الظالمين في ظلمهم، بل في كل محرم حرام، اما معونتهم في غير المحرمات من المباحات و الطاعات فلا بأس بها، الا أن يعد ذلك من اعوانهم و المنسوبين اليهم فتحرم (1).

______________________________

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه مسعدة بن زياد قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فقال له رجل: بأبي أنت و أمي اني أدخل كنيفا ولي جيران و عندهم جوار يتغنين و يضربن بالعود (و) فربما أطلت الجلوس استماعا مني لهن، فقال عليه السلام: لا تفعل، فقال

الرجل: و اللّه ما أتيتهن انما هو سماع أسمعه بأذني، فقال عليه السلام: باللّه أنت أما سمعت اللّه يقول: إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤٰادَ كُلُّ أُولٰئِكَ كٰانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا، فقال: بلي و اللّه كأني لم أسمع بهذه الاية من كتاب اللّه من عربي و لا عجمي، لا جرم اني لا أعود ان شاء اللّه، و اني استغفر اللّه، فقال له: قم فاغتسل وصل ما بدا لك، فانك كنت مقيما علي أمر عظيم ما كان أسوأ حالك لومت علي ذلك، احمد اللّه و سله التوبة من كل ما يكره، فانه لا يكره الا كل قبيح، و القبيح دعه لأهله فان لكل أهلا «1».

فان هذه الرواية تدل بوضوح علي حرمة استماع الغناء بل تدل علي شدة حرمته لكن المذكور في الرواية التغني مع الضرب بالعود فلاحظ.

(1) تعرض الماتن في هذه المسألة لعدة فروع:

الفرع الاول: تحرم معونة الظالمين في ظلمهم بلا خلاف بين المسلمين كما في كلام سيدنا الاستاد علي ما في التقرير و ذكر الماتن في تقريب حرمتها وجوها:

الوجه الاول: العقل و يمكن تقريب الاستدلال بأن العقل يحكم بقبح اعانتهم في ظلمهم و بمقتضي قانون الملازمة بين الحكم العقلي و الشرعي يحكم بحرمتها شرعا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من ابواب الاغسال المسنونة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 249

______________________________

و يرد علي هذا التقريب انه لا سبيل للعقل الي درك ملاكات الاحكام الشرعية و بعبارة اخري ان العقل لا يحيط بجميع الجهات فلا يمكن كشف الحكم الشرعي من ناحية الادراك العقلي.

الوجه الثاني: الاجماع و فيه انه يحتمل استناد المجمعين الي الوجوه المذكورة فلا يكون اجماعهم تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السلام.

الوجه الثالث: قوله تعالي: «وَ لٰا تَرْكَنُوا

إِلَي الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّٰارُ وَ مٰا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللّٰهِ مِنْ أَوْلِيٰاءَ ثُمَّ لٰا تُنْصَرُونَ» «1» بتقريب ان الركون المحرم الميل اليهم فتدل الاية علي حرمة اعانتهم بطريق اولي. و فيه انه لا اولوية اذ الميل اليهم ان كان المراد منه الميل النفساني الخارج عن تحت الاختيار فهو لا يعقل أن ينهي عنه اذ الاختيار من الشرائط العامة للتكليف و ان كان المراد منه الميل الخارجي فمن الظاهر ان النهي عنه لا يدل علي النهي عن اعانتهم في ظلمهم بالاولوية اذ المفسدة المترتبة علي الميل الخارجي و مصاحبتهم اشد من اعانتهم في ظلمهم في بعض الموارد و بعبارة اخري يمكن ان لا يميل الشخص الي الظالم و لكن لأجل غرض يعينه في ظلمه.

الوجه الرابع: النصوص الكثيرة الدالة علي المدعي «2». و الانصاف انه يتم المدعي بهذه النصوص لاحظ ما رواه مالك بن عطية عن أبي حمزة عن علي بن الحسين عليهما السلام في حديث قال: إياكم و صحبة العاصين و معونة الظالمين «3». فان هذه الرواية تدل علي حرمة معونة الظالم في ظلمه بلا

______________________________

(1) هود: 113

(2) الوسائل الباب 42 من أبواب ما يكتسب به

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 250

______________________________

اشكال و سند الرواية تام من حيث الاعتبار.

الفرع الثاني: انه تحرم معونة الظالم في كل محرم و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه مالك «1» فان مقتضي اطلاقه حرمة الاعانة فيما يرتكبه حراما فاذا لم نلتزم بحرمة الاعانة علي الاثم علي نحو الاطلاق و قلنا انه لا دليل عليه نلتزم بحرمتها في المقام لكن بشرط صدق عنوان معونة الظالم.

الفرع الثالث: انه تجوز معونتهم في الامور المباحة اذا لم يعد المعين من اعوانه

و المنسوبين اليه و يمكن الاستدلال علي الحرمة بجملة من النصوص منها ما رواه ابن عطية «2» اذ مقتضي الاطلاق حرمة اعانته و لو في المباح و العجب من سيدنا الاستاد حيث يدعي ان المستفاد من الحديث حرمة اعانتهم فيما يتعلق بظلمهم و مع ذلك ذهب الي حرمة اعانتهم في المحرم و لو لم يكن ظلما لان المستفاد من الرواية اذا كان الحرمة في مورد الظلم فبأي دليل التزم بحرمة اعانتهم في المحرم الذي لا يكون ظلما مع انه لا يري الاعانة علي الاثم حراما و علي الجملة الظاهر انه لا مانع من الاطلاق.

و منها ما رواه يونس قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: لا تعنهم علي بناء مسجد «3». فان اعانتهم حتي في بناء المسجد حرام و لكن الظاهر انه لا يمكن الالتزام بالحرمة بهذا المقدار فانه خلاف السيرة الخارجية فعلي فرض تمامية الاطلاق في بعض النصوص كرواية أبي حمزة لا بد من رفع اليد عنها بالسيرة فتأمل.

______________________________

(1) لاحظ ص: 249

(2) لاحظ ص: 249

(3) الوسائل الباب 42 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 251

______________________________

الفرع الرابع: انه يحرم ان يعمل عملا يعد من اعوانهم و المنسوبين اليهم و يمكن الاستدلال علي المدعي بحديث أبي حمزة فان المستفاد من الحديث حرمة اعانة الظالمين و لا اشكال في أن كون الشخص بحيث يعد من أعوانهم و المنسوبين اليهم من أظهر مصاديق الاعانة التي نهي عنها و يدل علي المدعي أيضا جملة من الروايات لاحظ ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: العامل بالظلم و المعين له و الراضي به شركاء ثلاثتهم «1».

و لاحظ ما رواه

محمد ابن عذافر عن أبيه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

يا عذافر نبئت أنك تعامل أبا أيوب و الربيع فما حالك اذا نودي بك في أعوان الظلمة؟ قال: فوجم أبي فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام لما رأي ما أصابه: أي عذافر انما خوفتك بما خوفني اللّه عز و جل به، قال محمد: فقدم أبي فما زال مغموما مكروبا حتي مات «2».

و لاحظ ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن أعمالهم فقال:

لي يا أبا محمد لا و لا مدة قلم ان احدهم (كم يب) لا يصيب من دنياهم شيئا الا أصابوا من دينه مثله أو حتي يصيبوا من دينه مثله- الوهم من ابن أبي عمير «3».

و لاحظ ما رواه ابن أبي يعفور قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام اذ دخل «فدخل خ ل» عليه رجل من أصحابنا فقال له: جعلت فداك «اصلحك اللّه خ ل» انه ربما أصاب الرجل منا الضيق أو الشدة فيدعي الي البناء يبنيه أو النهر

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 252

______________________________

يكريه، أو المسناة يصلحها، فما تقول في ذلك؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ما أحب أني عقدت لهم عقدة، او وكيت لهم وكاء، و ان لي ما بين لابتيها لا و لا مدة قلم ان أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من نار حتي يحكم اللّه بين العباد «1».

و لاحظ ما رواه ابن بنت الوليد بن صبيح الكاهلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من سود اسمه في ديوان ولد سابع حشره اللّه يوم

القيامة خنزيرا «2».

و لاحظ ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عليهم السلام عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في حديث المناهي قال: ألا و من علق سوطا بين يدي سلطان جعل اللّه ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من النار طوله سبعون ذراعا، يسلطه اللّه عليه في نار جهنم و بئس المصير «3».

و لاحظ ما رواه السكوني عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام قال:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا كان يوم القيامة نادي مناد أين أعوان الظلمة و من لاق لهم دواتا، أو ربط كيسا، أو مدلهم مدة قلم، فاحشروهم معهم «4».

و لاحظ ما روي بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ما اقترب عبد من سلطان جائر الا تباعد من اللّه، و لأكثر ماله الا اشتد حسابه، و لا كثر تبعه إلا كثرت شياطينه «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 11

(5) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 253

[مسألة 19: اللعب بآلات القمار كالشطرنج، و الدوملة، و الطاولي، و غيرها مما اعد لذلك حرام مع الرهن]

(مسألة 19): اللعب بآلات القمار كالشطرنج، و الدوملة، و الطاولي، و غيرها مما اعد لذلك حرام مع الرهن، و يحرم أخذ الرهن- أيضا- و لا يملكه الغالب و يحرم اللعب بها اذا لم يكن رهن أيضا، و يحرم اللعب بغيرها مع الرهن، كالمراهنة علي حمل الحجر الثقيل، أو علي المصارعة، أو علي الطفرة أو نحو ذلك، و يحرم أخذ الرهن، و أما اذا لم يكن رهن فالاظهر الجواز (1).

______________________________

و أيضا روي بهذا الاسناد قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اياكم و أبواب السلطان و حواشيها فان أقربكم من

أبواب السلطان و حواشيها أبعدكم من اللّه عز و جل، و من آثر السلطان علي اللّه أذهب اللّه عنه الورع و جعله حيرانا «1». و غيرها من الروايات.

و صفوة القول انه لا اشكال في أن المستفاد من الروايات الكثيرة حرمة كون الشخص في عداد اعوانهم و المنسوبين اليهم اعاذنا اللّه من الزلل.

(1) في هذه المسألة فروع:

الفرع الاول: انه يحرم اللعب بآلات المعدة للقمار كالشطرنج تكليفا اذا كان اللعب مع الرهن و لا اشكال في حرمته و وضوح الحكم بحد ادعي انه ضروريات الإسلام و يدل علي المدعي من الكتاب قوله تعالي في سورة المائدة آية 90 (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصٰابُ وَ الْأَزْلٰامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.

و تدل علي المدعي أيضا جملة من النصوص منها ما رواه أبو الجارود عن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 254

______________________________

أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالي «إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصٰابُ وَ الْأَزْلٰامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» قال: اما الخمر فكل مسكر من الشراب «الي ان قال:» و اما الميسر فالنرد و الشطرنج، و كل قمار ميسر، و اما الانصاب فالاوثان التي كانت تعبدها المشركون، و اما الازلام فالأقداح التي كانت تستقسم بها المشركون من العرب في الجاهلية، كل هذا بيعه و شرائه و الانتفاع بشي ء من هذا حرام من اللّه محرم و هو رجس من عمل الشيطان، و قرن اللّه الخمر و الميسر مع الاوثان «1».

الفرع الثاني: ان الرهن لا يملك و بعبارة أخري لا تحصل الملكية بالقمار المشار اليه في الفرع الاول و ان شئت قلت انه حرام تكليفا و وضعا و

يدل علي المدعي من الكتاب قوله تعالي (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ مِنْكُمْ) «2».

فان اكل مال الغير بالقمار ليس بسبب تجارة عن تراض فلا تحصل الملكية الا أن يقال ان الحرمة التكليفية لا تستلزم الحرمة الوضعية و كون القمار من الاسباب الباطلة اول الكلام و الاشكال لكن لا مجال لهذه المناقشة فان بطلان القمار و فساده من ضروريات المذهب و ليس لأحد النقاش فيه بل تقدم انه من ضروريات الإسلام.

مضافا الي انه لا يصدق عنوان التجارة علي المراهنة فتدخل تحت عنوان الباطل الذي لا يحل اكل المال به، اضف الي ذلك ما رواه زياد بن عيسي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قوله «قول اللّه خ ل» عز و جل: «وَ لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ» فقال: كانت قريش يقامر الرجل بأهله و ماله فنهاهم اللّه عز و جل

______________________________

(1) الوسائل الباب 102 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 12

(2) النساء/ 29

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 255

______________________________

عن ذلك «1» فانه يدل بوضوح علي أن شأن نزول الآية الشريفة اي قوله تعالي «لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ» الكسب بالقمار فلاحظ.

الفرع الثالث: انه يحرم اللعب بالآلات المعدة و لو مع عدم الرهن و قد نقل عن المستند عدم الخلاف في حرمته و يكفي لإثبات المدعي اطلاق قوله تعالي «إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصٰابُ وَ الْأَزْلٰامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» اذ الميسر عبارة عن القمار لكن يشكل بأن صدق الميسر علي اللعب بلا رهن اول الكلام و الاشكال فمع عدم الصدق او الشك فيه لا مجال للأخذ بالاطلاق كما هو ظاهر و ربما

يستدل علي المدعي بالنصوص الدالة علي حرمة اللعب بالشطرنج و النرد «2».

بتقريب ان اللعب بهما يصدق و لو مع عدم الرهن و يرد عليه ان هذا التقريب يقتضي حرمة اللعب بالشطرنج و النرد و الكلام في اللعب بمطلق ما اعد للقمار.

نعم يستفاد من حديث أبي جارود ان كل قمار ميسر «3» لكن السند ضعيف للإرسال. لكن يكفي لإثبات المدعي ما رواه معمر بن خلاد عن أبي الحسن عليه السلام قال: النرد و الشطرنج و الاربعة عشر بمنزلة واحدة و كل ما قومر عليه فهو ميسر «4».

فهذه الرواية تدل علي حرمة اللعب بالآلات المعدة له و لو مع عدم الرهن الا أن يقال ان الموضوع المأخوذ في الرواية عنوان ما قومر عليه و صدق عنوان القمار علي اللعب بدون الرهن اول الكلام و الاشكال. فان المستفاد من كلام أهل اللغة

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) الوسائل الباب: 102 و 104 من أبواب ما يكتسب به

(3) لاحظ ص: 257

(4) الوسائل الباب 104 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 256

______________________________

ان القمار عبارة عن المراهنة فعن القاموس و لسان العرب تقمره راهنه فغلبه و قال في مجمع البحرين و تقامروا لعبوا بالقمار و اللعب بالآلات المعدة له علي اختلاف انواعها نحو الشطرنج و النرد و غير ذلك و اصل القمار الرهن علي اللعب بالشي ء من هذه الاشياء، فعليه يشكل الجزم بالحرمة و اللّه العالم.

الفرع الرابع اللعب بالآلات غير المعدة مع الرهن و هل يكون حراما و ما يمكن أن يقال في تقريب الحرمة او قيل وجوه:

الوجه الاول: الاجماع و فيه انه محتمل المدرك فلا يكون تعبديا كاشفا.

الوجه الثاني: صدق

عنوان القمار عليه بدعوي ان القمار فسر بالرهن علي اللعب باي شي ء و تفسيره باللعب بالآلات المعدة للقمار دور ظاهر و فيه انه لا دور اذ لو تبادر من هذا اللفظ اللعب مع الرهن بالآلات المعدة و بعبارة اخري لو تبادر من هذا اللفظ اللعب بالشطرنج او النرد و امثالهما مع الرهن و لم يكن حمله علي غيره صحيحا يختص صدق العنوان بهذا المعنون الخاص و لا يتعدي عنه و في مقام التفسير يرجع الي ما هو مركوز في الذهن.

و ان شئت قلت: الفرق بين المعرف بالفتح و المعرف بالكسر بالاجمال و التفصيل فلا دور و لذا عرفه في مجمع البحرين باللعب بالآلات المعدة له و التزم بعدم الحرمة تكليفا صاحب الجواهر علي ما نقل عنه و لتوضيح المدعي نقول لو كان صدق العنوان مختصا بهذا اللعب الخاص فباي نحو يمكن تعريفه و بكلمة اخري انا لم نحرز صحة اطلاق العنوان علي غير الواجد لهذه الخصوصية و مع الشك في الصدق لا مجال للأخذ بالاطلاق فالنتيجة ان اثبات حرمة اللعب بالآلات التي لا تكون معدة للقمار مع الرهن محل الاشكال.

و قال سيدنا الاستاد ان لفظ القمار يرادف كلمة (برد و باخت) في اللغة الفارسية

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 257

______________________________

و يرد عليه انه علي هذا يلزم أن يكون اللعب حراما اذا كان فيه مغالبة و هل يمكن الالتزام به؟ و صفوة القول انه لو شك في الصدق لا يمكن الأخذ باطلاق الدليل كما هو المقرر بل لنا احراز عدم الموضوع بالاصل لأنا قلنا مرارا لا نري مانعا من جريان الاصل في الشبهة المفهومية و كلمات اهل اللغة عند التعارض تتساقط.

الوجه الثالث: ما دل من النصوص علي

حرمة الرهان في غير الموارد المنصوصة لاحظ ما رواه ابن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: لا بأس بشهادة الذي يلعب بالحمام و لا بأس بشهادة المراهن عليه، فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قد اجري الخيل و سابق و كان يقول: ان الملائكة تحضر الرهان في الخف و الحافر و الريش و ما سوي ذلك فهو قمار حرام «1».

و لاحظ ما رواه الصدوق مرسلا قال: قال الصادق عليه السلام: ان الملائكة لتنفر عند الرهان، و تلعن صاحبه ما خلا الحافر و الخف و الريش و النصل، و قد سابق رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اسامة بن زيد و أجري الخيل «2».

و لاحظ ما رواه زيد النرسي في أصله: عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: «اياكم و مجالسة اللعان، فان الملائكة لتنفر عند اللعان، و كذلك تنفر عند الرهان، و اياكم و الرهان الا رهان الخف و الحافر و الريش، فانه تحضره الملائكة» الخبر «3». و هذه الروايات كلها ضعيفة سندا، اما الاولي فبابن سيابة و أما الثانية فبالارسال و اما الثالثة فبالنرسي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من كتاب السبق و الرماية الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 1 من كتاب السبق و الرماية الحديث: 6

(3) مستدرك الوسائل الباب 3 من كتاب السبق و الرماية الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 258

______________________________

الوجه الرابع: ما رواه ياسر الخادم عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الميسر قال: النعل من كل شي ء قال: و النعل ما يخرج بين المتراهنين من الدراهم «1» و هذه الرواية ضعيفة بياسر.

الوجه الخامس: ما رواه معمر «2». بدعوي أن المستفاد من هذه الرواية ان

كل ما قومر عليه فهو مصداق للميسر و حيث ان المفروض في كلامنا من مصاديق القمار فيكون مشمولا للرواية و فيه ان كون المراهنة في اللعب بغير آلات القمار من مصاديقه اول الاشكال كما مر.

الوجه السادس: ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما انزل اللّه علي رسوله صلي اللّه عليه و آله «إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصٰابُ وَ الْأَزْلٰامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ» قيل: يا رسول اللّه ما الميسر؟ فقال: كل ما تقومر به حتي الكعاب و الجوز قيل: فما الانصاب؟ قال: ما ذبحوا لآلهتهم قيل: فما الأزلام؟

قال: قداحهم التي يستقسمون بها «3». و هذه الرواية ضعيفة بعمرو بن شمر.

الوجه السابع: ما رواه عبد الحميد بن سعيد قال: بعث أبو الحسن عليه السلام غلاما يشتري له بيضا فاخذ الغلام بيضة أو بيضتين فقامر بها فلما أتي به أكله، فقال له مولي له ان فيه من القمار قال: فدعا بطشت فتقيأ فقاءه «4». بتقريب ان المستفاد من الرواية ان اللعب بغير الالات المعدة مع الرهن مصداق للقمار و فيه ان السند ضعيف بعبد الحميد بن سعيد.

______________________________

(1) الوسائل الباب 104 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 9

(2) لاحظ ص: 255

(3) الوسائل الباب 35 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 259

______________________________

الفرع الخامس: انه لو التزمنا بحلية اللعب بالآلات غير المعدة مع الرهن تكليفا فهل يحل الرهن أم لا؟ ربما يقال بأن المستفاد من قوله (الا أن تكون تجارة عن تراض) ان اكل المال و تملكه جائز اذا كان مصداقا للتجارة فعلي تقدير عدم صدق القمار عليه يكون من مصاديق التجارة فيحل اكل المال به

و لكن هل يمكن الالتزام به و هل يمكن للفقيه أن يفتي بجوازه؟

ربما يقال انه يدل علي حرمة المغالبة و المراهنة وضعا مضافا الي أنه يمكن ان تكون التجارة عبارة عن البيع و لا تصدق علي كل عقد فلا اطلاق في الاية يشمل المقام ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضي أمير المؤمنين عليه السلام في رجل أكل و أصحاب له شاة فقال: ان أكلتموها فهي لكم و ان لم تأكلوها فعليكم كذا و كذا، فقضي فيه: ان ذلك باطل لا شي ء في المؤاكلة من الطعام ما قل منه أو كثر، و منع عن أمة فيه «لا عن الغرامة ظ» «1».

بتقريب ان المستفاد من الرواية جواز المراهنة تكليفا اذا لم تكن بالآلات المعدة و حرمتها وضعا حيث حكم عليه السلام بعدم الغرامة.

و فيه ان هذا ينحل الي امرين احدهما الا باحة المشروطة اي اباحة الاكل علي تقديرا كل الشاة بتمامها ثانيهما التغريم و جعل عوض خاص علي تقدير عدم اكلها كذلك و الامام عليه السلام حكم بالبطلان علي النحو الخاص و لم ينف الغرامة الواقعية فليس في المواكلة مراهنة و مغالبة و ان شئت قلت مرجع المواكلة المذكورة الي ايقاع من طرف المالك ينحل الي اباحة مشروطة و تغريم بغرامة معينة علي تقدير خاص.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من الجعالة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 260

[مسألة 20: عمل السحر حرام]

(مسألة 20): عمل السحر حرام (1).

______________________________

و لكن الانصاف انه يصدق علي المؤاكلة المذكورة و امثالها عنوان المغالبة و المراهنة كما انه يظهر من الرواية فسادها وضعا و هذه الرواية رويت بطريقين اذ الشيخ قدس سره روي الحديث باسناده عن أحمد بن محمد بن عيسي

عن يوسف ابن عقيل فعلي تقدير الخدشة في الطريق الذي ذكره صاحب الكافي قدس سره بواسطة محمد بن عيسي لا يكون اشكال في طريق الشيخ فلاحظ.

و يمكن ان يقال ان مقتضي فساد المعاملة و اكل المال بغير التجارة المستفاد من قوله تعالي (لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ) بطلان المراهنة و المغالبة بالعوض اذ لا يصدق علي المراهنة عنوان التجارة فيكون محكوما بالفساد بمقتضي الاية الشريفة فتأمل.

(1) قال سيدنا الاستاد: «لا خلاف في حرمة السحر في الجملة بل هي من ضروريات الدين و مما قام عليه اجماع المسلمين «1». و تدل علي حرمته جملة كثيرة من الروايات: لاحظ ما رواه أبو خالد الكابلي قال: سمعت زين العابدين عليه السلام يقول: الذنوب التي تغير النعم البغي علي الناس «الي أن قال:» و الذنوب التي تظلم الهواء السحر و الكهانة و الايمان بالنجوم، و التكذيب بالقدر و عقوق الوالدين الحديث «2».

و لاحظ ما رواه محمد بن الحسين الرضي الموسوي في (نهج البلاغة) قال:

قال أمير المؤمنين عليه السلام لبعض أصحابه لما عزم علي المسير الي الخوارج فقال له: يا أمير المؤمنين ان سرت في هذا الوقت خشيت أن لا تظفر بمرادك من

______________________________

(1) مصباح الفقاهة ج 1 ص 283

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب آداب السفر الي الحج و غيره الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 261

______________________________

طريق علم النجوم فقال عليه السلام: أ تزعم أنك تهدي الي الساعة التي من سار فيها انصرف عنه السوء و تخوف الساعة التي من سار فيها حاق به الضر، فمن صدقك بهذا فقد كذب القرآن، و استغني عن الاستعانة باللّه في نيل المحبوب و دفع المكروه و ينبغي

في قولك للعامل بأمرك أن يوليك الحمد دون ربه، لأنك بزعمك أنت هديته الي الساعة التي نال فيها النفع و أمن الضر. ثم أقبل عليه السلام علي الناس فقال: أيها الناس اياكم و تعلم النجوم الا ما يهتدي به في بر أو بحر، فانها تدعو الي الكهانة و الكاهن كالساحر، و الساحر كالكافر و الكافر في النار، سيروا علي اسم اللّه «1».

و لاحظ ما رواه نصر بن قابوس قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

المنجم ملعون، و الكاهن ملعون، و الساحر ملعون و المغنية ملعونة و من آواها ملعون و آكل كسبها ملعون «2».

و لاحظ مرسل الصدوق قال عليه السلام: المنجم كالكاهن، و الكاهن كالساحر و الساحر كالكافر و الكافر في النار «3».

و لاحظ الباب 25 من أبواب ما يكتسب به من الوسائل و لاحظ الباب 22 من هذه الابواب من كتاب مستدرك الوسائل و لاحظ أيضا الباب 1 من ابواب بقية الحدود و التعزيرات من المستدرك.

بل يدل علي كونه من الكبائر ما رواه عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني قال:

حدثني أبو جعفر الثاني عليه السلام قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبي موسي

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من ابواب آداب السفر الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 24 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 24 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 262

و كذا تعليمه و تعلمه (1).

______________________________

ابن جعفر عليه السلام يقول: دخل عمرو بن عبيد علي أبي عبد اللّه عليه السلام فلما سلم و جلس تلا هذه الاية «الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبٰائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَوٰاحِشَ» ثم أمسك فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام ما أسكتك؟ قال: أحب أن أعرف

الكبائر من كتاب اللّه عز و جل، فقال: نعم يا عمرو أكبر الكبائر الاشراك باللّه يقول اللّه: «مَنْ يُشْرِكْ بِاللّٰهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّٰهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» الي أن قال: و السحر لأن اللّه عز و جل يقول: «وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرٰاهُ مٰا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلٰاقٍ» الحديث «1».

و لاحظ ما رواه زيد بن علي عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: سئل رسول صلي اللّه عليه و آله عن الساحر، فقال: اذا جاء رجلان عدلان فيشهد ان عليه فقد حل دمه «2».

(1) يمكن أن يستدل علي المدعي بجملة من النصوص منها ما رواه اسحاق ابن عمار عن جعفر عن أبيه أن عليا كان يقول: من تعلم شيئا من السحر كان آخر عهده بربه وحده القتل الا أن يتوب الحديث «3». و هذه الرواية ضعيفة بغياث ابن كلوب و بالخشاب فانهما لم يوثقا مضافا الي أن المستفاد من الحديث حرمة التعلم فقط.

و منها ما رواه ابو البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا قال: من تعلم شيئا من السحر قليلا أو كثيرا فقد كفر و كان آخر عهده بربه وحده أن يقتل الا أن يتوب «4». و هذه الرواية ضعيفة بأبي البختري مضافا الي أن المستفاد منها

______________________________

(1) الوسائل الباب 46 من أبواب جهاد النفس و ما يناسبه الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 51 من أبواب الشهادات الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب بقية الحدود الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 25 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 263

و التكسب به (1) و المراد منه ما يوجب الوقوع في الوهم بالغلبة علي

______________________________

خصوص حرمة التعلم.

و منها ما روي عن العسكري عن آبائه

عليهم السلام في حديث قال في قوله عز و جل: «وَ مٰا أُنْزِلَ عَلَي الْمَلَكَيْنِ بِبٰابِلَ هٰارُوتَ وَ مٰارُوتَ» قال: كان بعد نوح عليه السلام قد كثرت السحرة المموهون، فبعث اللّه عز و جل ملكين الي نبي ذلك الزمان يذكر ما يسحر به السحرة و ذكر ما يبطل به سحرهم و يرد به كيدهم فتلقاه النبي عن الملكين و أداه الي عباد اللّه بأمر اللّه عز و جل، و أمرهم أن يقفوا به علي السحر و أن يبطلوه، و نهاهم أن يسحروا به الناس و هذا كما يدل علي السم ما هو و علي ما يدفع به غائلة السم «الي أن قال:» و ما يعلمان من أحد ذلك السحر و ابطاله حتي يقولا للمتعلم انما نحن فتنة و امتحان للعباد ليطيعوا اللّه فيما يتعلمون من هذا و يبطلوا به كيد السحرة و لا يسحروهم فلا تكفر باستعمال هذا السحر و طلب الاضرار به، و دعاء الناس الي أن يعتقدوا أنك به تحيي و تميت و تفعل ما لا يقدر عليه الا اللّه عز و جل، فان ذلك كفر «الي أن قال:» و يتعلمون ما يضرهم و لا ينفعهم لأنهم اذا تعلموا ذلك السحر ليسحروا به و يضروا به فقد تعلموا ما يضرهم في دينهم و لا ينفعهم فيه الحديث «1».

و الرواية ضعيفة سندا و حيث ان الروايات ضعيفة سندا و لا تكون بحد التواتر يشكل اثبات المدعي بها الا أن يتم الامر بالإجماع ان تم اجماع تعبدي كاشف.

(1) اذ بعد فرض كونه حراما لا يمكن اخذ الأجرة عليه لأنه لا مالية له عند الشارع و لا يكون قابلا لأن يقابل بالمال و ربما يقال بأن

الحرمة التكليفية تنافي وجوب الوفاء بالعقد و قد تعرضنا في بعض المباحث انه يمكن أن يقال بأن الحرمة التكليفية

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 264

البصر أو السمع أو غيرهما (1).

______________________________

لا تنافي الصحة وضعا و أيضا ذكرنا ان وجوب الوفاء بالعقد ليس حكما تكليفيا بل ارشاد الي اللزوم.

و يؤيد المدعي ما روي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال من السحت: ثمن الميتة، و ثمن اللقاح الي أن قال: و أجر القاضي و اجر الساحر الحديث «1».

(1) لا يبعد ان ما افاده في تعريفه هو الذي يستفاد من كلمات اللغويين بل يمكن أن يستفاد المدعي من القرآن العظيم في سورة طه «قٰالُوا إِنْ هٰذٰانِ لَسٰاحِرٰانِ يُرِيدٰانِ أَنْ يُخْرِجٰاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمٰا وَ يَذْهَبٰا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْليٰ- فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَ قَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْليٰ- قٰالُوا يٰا مُوسيٰ إِمّٰا أَنْ تُلْقِيَ وَ إِمّٰا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقيٰ- قٰالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذٰا حِبٰالُهُمْ وَ عِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهٰا تَسْعيٰ- فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسيٰ- قُلْنٰا لٰا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْليٰ. وَ أَلْقِ مٰا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مٰا صَنَعُوا إِنَّمٰا صَنَعُوا كَيْدُ سٰاحِرٍ وَ لٰا يُفْلِحُ السّٰاحِرُ حَيْثُ أَتيٰ- فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قٰالُوا آمَنّٰا بِرَبِّ هٰارُونَ وَ مُوسيٰ- قٰالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلٰافٍ وَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَ لَتَعْلَمُنَّ أَيُّنٰا أَشَدُّ عَذٰاباً وَ أَبْقيٰ» «2».

فان المستفاد من الآيات الشريفة ان السحر كيد و خدعة و لا واقع

له و لذا قالوا ان هذان لساحران اي ليس فيهما حقيقة و واقعية و يؤيده قوله تعالي بعد، فأجمعوا كيدكم اي أجمعوا خدعكم و اصرح منه في الدلالة قوله تعالي: يخيل اليه من سحرهم انها تسعي و يؤكده قوله تعالي: إِنَّمٰا صَنَعُوا كَيْدُ سٰاحِرٍ.

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 5 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) طه الآيات: 63- 71

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 265

و في كون تسخير الجن أو الملائكة أو الانسان من السحر اشكال (1) و الاظهر تحريم ما كان مضرا بمن يحرم الاضرار به دون غيره (2).

[مسألة 21: القيافة حرام]

(مسألة 21): القيافة حرام. و هي: الحاق الناس بعضهم ببعض استنادا الي علامات خاصة علي خلاف الموازين الشرعية في الالحاق (3).

______________________________

قال الراغب في المفردات: الكيد ضرب من الاحتيال فالمستفاد من الكتاب و كلمات اهل اللغة و كلام جملة من الفقهاء ان السحر صرف الشي ء عن وجهه و بعبارة أخري المستفاد منها ان السحر امر لا واقع له.

ان قلت: كيف لا واقع له و الحال انه لا شبهة في تأثير السحر في النفوس و الابدان فانه ربما يوجب جنون شخص و مرض آخر و هكذا، قلت: لا تنافي بين الامرين فانه يمكن أن يكون السحر مجرد خدعة و تخييل و لكن ذلك الامر الخيالي الوهمي يؤثر في البدن أو النفس فلا تغفل.

(1) بل لا ربط بين الامرين فان التسخير امر واقعي نعم ربما يكون مقدمة السحر و الا فنفس التسخير لا يكون مصداقا للسحر و مع الشك لا يشمله حكمه لعدم جواز التمسك بالدليل مع الشبهة في المصداق بل مقتضي استصحاب الحالة السابقة عدم دخوله تحت عنوانه علي ما بنينا عليه من جريان الاستصحاب في الشبهات المفهومية.

(2)

القضية بشرط المحمول ضرورية فان التسخير اذا كان موجبا لإيذاء المسخر و فرض كون ايذائه حراما فلا اشكال في حرمته و اما التسخير بما هو تسخير فلا دليل علي حرمته فلاحظ.

(3) ينبغي أن يبحث في مواضع:

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 266

______________________________

الموضع الاول: هل يجوز الحاق بعض الناس بالبعض علي خلاف الموازين الشرعية. الحق أن يقال ان القائف اذا حصل له العلم يجوز له الالحاق بل يجوز حتي مع حصول الاطمئنان لأن العلم حجة ذاتية و الاطمئنان حجة عقلائية فلا مانع من الالحاق.

الموضع الثاني: هل يجوز ترتيب الاثر علي قوله لغيره؟ الذي يختلج بالبال أن يقال ان علم القيافة اذا كانت من العلوم المتداولة و لها اساس كبقية الصناعات و العلوم فمقتضي كون وظيفة العامي و الجاهل الرجوع الي اهل الخبرة جواز رجوعه اليه كبقية الموارد، فان قول اهل الخبرة حجة في الموضوعات و اما اذا لم يكن كذلك فلا يجوز الاسناد الي قوله و ترتيب الاثر عليه للمنع عن العمل بغير علم و لزوم مراعاة الامارات الشرعية كقاعدة الفراش و امثالها. نعم إذا حصل من قول القائف العلم بما أخبر به يجوز العمل علي طبق العلم لكونه حجة ذاتا كما هو ظاهر و يلحق بالعلم الاطمئنان.

الموضع الثالث: البحث في المستفاد من النص الخاص الوارد في المقام و النص الوارد في المقام روايتان.

الاولي: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من تكهن أو تكهن له فقد برئ من دين محمد صلي اللّه عليه و آله، قال: قلت: فالقيافة «فالقافه خ ل» قال: ما أحب أن تأتيهم، و قيل: ما يقولون شيئا الا كان قريبا مما يقولون. فقال: القيافة فضلة من النبوة ذهبت

في الناس حين بعث النبي صلي اللّه عليه و آله «1» و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني.

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 267

______________________________

و الثانية: ما رواه زكريا بن يحيي قال: سمعت علي بن جعفر يحدث الحسن ابن الحسين بن علي بن الحسين فقال: و اللّه لقد نصر اللّه أبا الحسن الرضا عليه السلام، فقال له الحسن: اي و اللّه جعلت فداك لقد بغي عليه اخوته. فقال له علي بن جعفر: اي و اللّه و نحن عمومته بغينا عليه، فقال له الحسن: جعلت فداك كيف صنعتم فاني لم أحضركم؟ قال: قال له اخوته و نحن أيضا: ما كان فينا امام قط حائل اللون فقال لهم الرضا عليه السلام: هو ابني قالوا: فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم قد قضي بالقافة فبيننا و بينك القافة، قال: ابعثوا أنتم اليهم فاما أنا فلا و لا تعلموهم لما دعوتموهم و لتكونوا في بيوتكم، فلما جاؤوا أقعدونا في البستان و اصطف عمومته و اخوته و أخواته و أخذوا الرضا عليه السلام و ألبسوه جبة صوف و قلنسوة منها و وضعوا علي عنقه مسحاة و قالوا له: ادخل البستان كأنك تعمل فيه، ثم جاؤوا بأبي جعفر عليه السلام فقالوا: الحقوا هذا الغلام بأبيه، فقالوا:

ليس له هاهنا أب و لكن هذا عم أبيه و هذا عم أبيه و هذا عمه و هذه عمته و ان يكن له هاهنا أب فهو صاحب البستان، فان قدميه و قدميه واحدة فلما رجع أبو الحسن عليه السلام قالوا: هذا أبوه. قال علي بن جعفر: فقمت فمصصت ريق أبي جعفر عليه السلام ثم قلت له:

أشهد أنك امامي عند اللّه فبكي الرضا عليه السلام ثم قال:

يا عم أ لم تسمع أبي و هو يقول: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: بأبي ابن خيرة الاماء ابن النوبية الطيبة الفم، المنتجبة الرحم، و يلهم لعن اللّه الأعيبس و ذريته صاحب الفتنة و يقتلهم سنين و شهورا و اياما، يسومهم خسفا و يسقيهم كأسا مصبرة و هو الطريد الشريد الموتور بأبيه وجده، صاحب الغيبة يقال مات أو هلك، أي واد سلك؟ أ فيكون هذا ا عم إلا مني، فقلت: صدقت جعلت فداك «1». و هذه الرواية

______________________________

(1) اصول الكافي ج 1 باب الاشارة و النص علي أبي جعفر الثاني عليه السلام ص 322 الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 268

[مسألة 22: الشعبذة و هي: إراءة غير الواقع واقعا بسبب الحركة السريعة الخارجة عن العادة حرام]

(مسألة 22): الشعبذة و هي: اراءة غير الواقع واقعا بسبب الحركة السريعة الخارجة عن العادة حرام، اذا ترتب عليها عنوان محرم كالإضرار بمؤمن و نحوه (1).

[مسألة 23: الكهانة حرام]

(مسألة 23): الكهانة حرام. و هي الاخبار عن المغيبات بزعم انه يخيره بها بعض الجان أما اذا كان اعتمادا علي بعض الامارات الخفية فالظاهر انه لا بأس به اذا اعتقد صحته أو اطمأن به (2).

______________________________

ضعيفة بزكريا فلا بد من العمل علي طبق القواعد الاولية و اللّه العالم.

(1) الحق ان يقال ان الشعبذة إن كان قسم من اقسام السحر و تكون مثله كما يظهر من كلمات اصحاب اللغة يترتب عليها حكمه بلا فرق و ان كانت غيره كما يظهر من كلام سيدنا الاستاد بأن تكون امرا واقعيا غاية الأمر يتحقق ذلك الامر الواقعي بالسرعة بحيث يوجب تعجب الناظر لا تكون حراما و لا تترتب عليها احكامه و مع الشك يكون موردا للأصل و مقتضاه الجواز. نعم لا اشكال في حرمة الاضرار بالغير كما انه لا اشكال في تحقق الحرام اذا انطبق عليها عنوان من المحرمات الشرعية.

(2) تعرض الماتن اولا لحكم الكهانة و ثانيا لبيان موضوعها و المناسبة تقتضي العكس فنقول يقع الكلام تارة في بيان الكهانة و اخري في بيان حكمها شرعا.

اما المقام الاول فقال الراغب في مفرداته: الكاهن هو الذي يخبر بالاخبار الماضية الخفية بضرب من الظن و العراف الذي يخبر بالاخبار المستقبلة علي نحو ذلك الي آخر كلامه و عن تاج العروس كهن له قضي بالغيب و في التوشيع الكهانة بالفتح و يجوز بالكسر ادعاء علم الغيب» و عن مجمع البحرين «الكهانة كانت في العرب قبل البعث فلما بعث النبي صلي اللّه عليه و آله حرست السماء بطلت

مباني

منهاج الصالحين، ج 7، ص: 269

______________________________

الكهانة و عمل الكهانة قريب من السحر أو أخص منه.

و أما المقام الثاني فتارة يبحث عن حكمها بحسب القواعد الاولية و أخري بحسب النصوص الواردة في المقام. أما حكمها بحسب القاعدة الاولية فان كان اخباره عن شي ء مستندا الي القطع أو الاطمئنان فيجوز و الا فلا يجوز لحرمة الاخبار عن شي ء مع عدم قيام حجة. و أما بحسب النصوص فقد وردت في المقام روايات، فمن تلك الروايات ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عليهم السلام في حديث المناهي ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم نهي عن اتيان العراف، و قال: من أتاه و صدقه فقد برئ مما أنزل اللّه عز و جل علي محمد صلي اللّه عليه و آله «1». و هذه الرواية ضعيفة بشعيب.

و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام «2». و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني.

و منها ما رواه الهيثم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان عندنا بالجزيرة رجلا ربما أخبر من يأتيه يسأله عن الشي ء يسرق أو شبه ذلك فنسأله، فقال: قال رسول اللّه صلي اللّه و آله و سلم: من مشي الي ساحر أو كاهن أو كذاب يصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل اللّه من كتاب «3». و هذه الرواية لا ترتبط بالمقام اذ لا يستفاد منها حكم الكهانة بل في مقام بيان تصديق هؤلاء الاشخاص بلا حجة.

و منها ما رواه أبو سعيد هاشم عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام قال: أربعة

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 266

(3) الوسائل الباب 26 من أبواب ما يكتسب

به الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 270

______________________________

لا يدخلون الجنة: الكاهن، و المنافق، و مد من الخمر، و القتات و هو النمام «1» و هذه الرواية ضعيفة بأبي سعيد.

و منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: السحت ثمن الميتة و ثمن الكلب و ثمن الخمر، و مهر البغي، و الرشوة في الحكم، و أجر الكاهن «2».

و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي بل و بغيره. و لها سند آخر لكن في دلالة الرواية علي المدعي اشكال فان المستفاد من الحديث حرمة أجر الكاهن و لا تنافي بين حلية فعل و حرمة اجرته.

و منها خبر الاحتجاج في ضمن سؤالات الزنديق الذي سأل أبا عبد اللّه الصادق عليه السلام عن مسائل كثيرة، و كان اول سؤاله أنه قال: كيف يعبد اللّه الخلق و لم يروه؟ قال: رأته القلوب لنور الايمان الي أن قال الزنديق: فمن أين اصل الكهانة و من أين يخبر الناس بما يحدث؟ قال: ان الكهانة كانت في الجاهلية في كل حين فترة من الرسل، كان الكاهن بمنزلة الحاكم يحتكمون اليه فيما يشتبه عليهم من الأمور بينهم، فيخبرهم عن اشياء تحدث، و ذلك من وجوه شتي، فراسة العين، و ذكاء القلب و وسوسة النفس و فتنة الروح، مع قذف في قلبه، لان ما يحدث في الأرض من الحوادث الظاهرة فذلك يعلم الشيطان و يؤديه الي الكاهن، و يخبره بما يحدث في المنازل و الاطراف، و أما أخبار السماء فان الشياطين كانت تقعد مقاعد استراق السمع اذ ذاك، و هي لا تحجب، و لا ترجم بالنجوم، و انما منعت من استراق السمع لئلا يقع في الأرض سبب تشاكل الوحي من خبر السماء فيلبس علي

أهل الأرض ما جاءهم عن اللّه، لإثبات الحجة، و نفي الشبهة، و كان الشيطان

______________________________

(1) الوسائل الباب 164 من العشرة الحديث: 11

(2) الوسائل الباب 5 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 271

[مسألة 24: النجش حرام]

(مسألة 24): النجش حرام (1) و هو: أن يزيد الرجل في ثمن

______________________________

يسترق الكلمة الواحدة من خبر السماء بما يحدث من اللّه في خلقه فيختطفها، ثم يهبط بها الي الأرض، فيقذفها الي الكاهن، فاذا قد زاد كلمات من عنده، فيخلط الحق بالباطل، فما اصاب الكاهن من خبر مما كان يخبر به فهو ما اداه اليه الشيطان كما سمعه، و ما أخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه، فمنذ منعت الشياطين عن استراق السمع انقطعت الكهانة، و اليوم انما تؤدي الشياطين الي كهانها أخبار الناس بما يتحدثون به و ما يحدثونه و الشياطين تؤدي الي الشياطين ما يحدث في البعد من الحوادث، من سارق سرق و من قاتل قتل، و من غائب غاب، و هم بمنزلة الناس أيضا صدوق و كذوب الحديث «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال و منها جملة من الروايات الواردة في المستدرك (الطبعة القديمة) ج 2 ص 434- 435 الباب 23 من أبواب ما يكتسب به و كلها ضعيفة و حيث ان الروايات ضعيفة لا بد من العمل علي طبق القواعد الاولية و اللّه العالم بحقائق الاشياء.

(1) ادعي عدم الخلاف بين الخاصة و العامة علي حرمته و تدل علي حرمته جملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: الواشمة و المتوشمة و الناجش و المنجوش ملعونون علي لسان

محمد صلي اللّه عليه و آله و سلم «2». و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن سنان.

و منها ما رواه القاسم بن السلام باسناد متصل الي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم أنه قال: لا تناجشوا و لا تدابروا: معناه أن يزيد الرجل في ثمن السلعة و هو

______________________________

(1) الاحتجاج الطبع الحجري المطبوع في المطبعة المرتضوية في النجف الاشرف ص 185

(2) الوسائل الباب 49 من أبواب آداب التجارة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 272

السلعة، و هو لا يريد شراءها، بل لان يسمعه غيره فيزيد لزيادته (1) سواء أ كان ذلك عن مواطاة مع البائع أم لا (2).

[مسألة 25: التنجيم حرام]

(مسألة 25): التنجيم حرام. و هو: الاخبار عن الحوادث، مثل الرخص و الغلاء و الحر و البرد و نحوها استنادا الي الحركة الفلكية و الطوارئ الطارئة علي الكواكب، من الاتصال بينها، أو

______________________________

لا يريد شراءها ليسمعه غيره فيزيد بزيادته، و الناجش خائن، و التدابر الهجران «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالقاسم بن سلام و بغيره.

و منها ما ارسل عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال لا يبيع احدكم علي بيع بعض و لا يخطب علي خطبته الخبر و عنه صلي اللّه عليه و آله، أنه نهي عن النجش «2».

و لا اعتبار بالمرسلات فلا بد من تحقق حرمته من تعنونه بعنوان آخر من العناوين المحرمة كالغش و الكذب و الا يشكل الالتزام بالحرمة لعدم تمامية الروايات سندا و أما عدم الخلاف فغايته رجوعه الي الاجماع و الحال ان الاجماع المنقول لا يكون حجة و المحصل علي فرض تحققه محتمل المدرك.

و ربما يقال بأن النجش حرام للإضرار بالغير و فيه ان الغير قد فرض اقدامه لأجل النجش و تضرره

انما يكون ناشيا عن اقدامه علي المعاملة الضررية و ان كان الموجب للأقدام النجش فلاحظ.

(1) و هو المستفاد من كلمات اللغويين.

(2) فان مقتضي كلمات أهل اللغة تحققه بكلا القسمين فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) مستدرك الوسائل الباب 35 من أبواب آداب التجارة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 273

الانفصال، أو الاقتران، أو نحو ذلك، باعتقاد تأثيرها في الحادث، علي وجه ينافي الاعتقاد بالدين (1).

[مسألة 26: الغش حرام]

(مسألة 26): الغش حرام (2). قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله:

«من غش أخاه المسلم نزع اللّه بركة رزقه، و سد عليه معيشته و وكله الي نفسه» و يكون الغش باخفاء الادني في الاعلي، كمزج الجيد بالردي ء و باخفاء غير المراد بالمراد، كمزج الماء باللبن و باظهار الصفة الجيدة مع أنها مفقودة واقعا، مثل رش الماء علي بعض الخضروات ليتوهم أنها جديدة، و باظهار الشي ء علي خلاف جنسه، مثل طلي الحديد بماء الفضة أو الذهب ليتوهم أنه فضة أو ذهب و قد يكون بترك الاعلام مع ظهور العيب و عدم خفائه، كما اذا احرز البائع اعتماد المشتري عليه في عدم اعلامه بالعيب فاعتقد انه صحيح و لم ينظر في المبيع ليظهر له عيبه، فان عدم اعلام البائع بالعيب- مع

______________________________

(1) حرمة التنجيم بالمعني المذكور في المتن من الواضحات بل لا يبعد ان يوجب الاعتقاد المذكور الكفر فضلا عن الفسق و حيث ان الماتن لم يتعرض لهذا الفرع مفصلا نكتفي بهذا المقدار و اللّه العالم بحقائق الأمور.

(2) ادعي علي حرمته في الجملة عدم الخلاف بين الخاصة و العامة و تدل علي حرمته جملة من النصوص منها ما أورده الماتن في الفرع المذكور «1» و في المعتبر منها كفاية لإثبات المدعي.

______________________________

(1) الوسائل الباب

86 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 11 و غيره من الأحاديث الواردة في الباب المذكور.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 274

اعتماد المشتري عليه- غش للمشتري (1).

[مسألة 27: الغش و إن حرم لا يفسد المعاملة به]

(مسألة 27): الغش و ان حرم لا يفسد المعاملة به، لكن يثبت الخيار للمغشوش (2) الا في بيع المطلي بماء الذهب أو الفضة، فانه يبطل فيه البيع، و يحرم الثمن علي البائع، و كذا أمثاله مما كان الغش فيه موجبا لاختلاف الجنس (3).

______________________________

(1) الغش من مفاهيم العرفية و يرادفه في لغة الفرس كلمة (گول زدن) و يتوقف تحققه علي علم الغاش و جهل المغشوش و مقتضي اطلاق دليل الحرمة عدم الفرق بين مصاديقه و أسبابه في تحقق الحرمة، نعم فيما لا يصدق هذا العنوان لا يكون حراما و ان كان المبيع مركبا من الجيد و الردي ء و يدل علي جوازه ما رواه محمد ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه سئل عن الطعام يخلط بعضه ببعض و بعضه أجود من بعض؟ قال: اذا رئيا جميعا فلا بأس ما لم يغط الجيد الردي ء «1».

(2) لعدم موجب للفساد نعم يثبت الخيار للمغشوش بلحاظ اشتراط الخيار الارتكازي عند تخلف الوصف.

(3) لتخلف الصورة النوعية فان الثمن يقع في مقابل الصورة النوعية العرفية و مع تخلفها تكون المعاملة فاسدة و لتوضيح المقام نقول تارة يكون التخلف في الوصف كالكتابة فان تخلفها لا يوجب الفساد لان البيع وقع علي العبد و اشترط في ضمن العقد كونه كاتبا فلا مقتضي للفساد عند التخلف بل الثابت خيار تخلف الوصف و اما لو تخلفت الصورة النوعية يكون العقد باطلا من اصله لان ايقاع العقد معلق علي الصورة النوعية.

______________________________

(1) الكافي ج 5 كتاب المعيشة باب الرجل يكون عنده ألوان من

الطعام فيخلط بعضها ببعض ص 183 الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 275

[مسألة 28: لا تصح الإجارة علي العبادات التي لا تشرع إلا أن يفعلها الأجير عن نفسه مجانا]

(مسألة 28): لا تصح الاجارة علي العبادات التي لا تشرع الا أن يفعلها الاجير عن نفسه مجانا، واجبة كانت أو مستحبة، عينية كانت أو كفائية، فلو استأجر شخصا علي فعل الفرائض اليومية أو نوافلها، أو صوم شهر رمضان، أو حج الإسلام أو تغسيل الاموات، أو تكفينهم أو الصلاة عليهم، أو غير ذلك من العبادات الواجبة أو المستحبة لم تصح الاجارة، اذا كان المقصود ان يفعلها الاجير عن نفسه (1).

______________________________

و ان شئت قلت: اذا باع الفرس الخارجي يكون العقد واقعا علي هذا العنوان لا علي الجسم بشرط كونه فرسا بل معلق علي كونه فرسا و مع عدم المعلق عليه لا مجال لتحقق المعلق فلاحظ.

(1) بعد فرض ان المقرر من قبل الشارع اتيان العمل مجانا لا يعقل وقوع الاجارة عليه صحيحا اذ علي هذا المبني يشترط في صحة العمل الاتيان به مجانا فلا يمكن للأجير تسليم مورد الاجارة لعدم قدرته عليه و الا يلزم الجمع بين المتناقضين نعم العمدة الاشكال في تمامية الدليل علي هذه الدعوي و الظاهر ان دليله منحصر في الاجماع و التسالم و أما بقية الوجوه فلا تكون صالحة للاستدلال بها و قد ذكر في كلام القوم وجوه:

منها: أنه أكل للمال بالباطل لعدم عود نفع الي المستأجر و فيه اولا ان الجار في الاية الشريفة للسببية لا المقابلة و من الظاهر ان الاجارة من الاسباب الشرعية الصحيحة و ثانيا يمكن أن يتصور عود نفع من عمل الأجير الي المستأجر فلاحظ.

و منها انه مخالف للإخلاص و فيه اولا انه أخص من المدعي اذ لا يتم هذا الدليل الا بالنسبة الي العمل العبادي

و اما في الواجب التوصلي او المستحب كذلك لا يتم، و ثانيا لا منافاة بين الأمرين فان الاجير يأتي بالعمل تقربا الي اللّه بداعي أخذ

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 276

______________________________

الأجرة مضافا الي ان استحقاق الاجير للأجرة يتحقق بالاجارة فالعمل الخارجي ليس لأجل الاستحقاق بل لأجل امره تعالي بالوفاء بما عقد عليه و ان شئت قلت: الداعي علي الداعي لا يوجب انتفاء التقرب و الا يلزم بطلان عمل جميع المكلفين الا الأوحدي كمولي الموحدين عليه السلام لان عمل غير الأوحدي اما ناش من الخوف عن النار و العذاب و اما من الطمع في الجنة و النعيم و اما ناش من كلا الأمرين فلا اشكال من هذه الجهة أيضا.

و منها ان الوجوب يوجب كون العمل ملكا له تعالي فلا يجوز للعبد تمليكه بالاجارة، و فيه انه ما المراد من الملكية فان المراد من الملكية ان كان الملكية الحقيقية المقابلة للاعتبارية فجميع الموجودات مملوكة له تعالي و لا تنافي الاجارة.

و ان كان المراد من الملكية انه واجب ففيه انه عين المدعي و مصادرة بالمطلوب و ان كان المراد من الملكية الملكية الاعتبارية ففساده واضح اذ لا دليل علي كونه تعالي مالكا للعمل الواجب بالملكية الاعتبارية مضافا الي ذلك كله ان هذا الدليل يختص بالواجب و لا يجري في المستحب.

و منها: ان الوجوب يوجب سلب قدرة المكلف و لا بد في متعلق الاجارة كونه مقدورا للأجير. و فيه انه لو كان العمل حراما لا تمكن اجارته لعدم امكان التسليم شرعا و اما الوجوب فلا يمنع عن صحة الاجارة و بعبارة اخري: هذه الدعوي بلا دليل اي لا دليل علي كون الوجوب مانعا عن الصحة و الذي يشترط في مورد

الاجارة ان يكون الاجير قادرا علي التسليم و من الظاهر انه يمكنه مع الوجوب و لذا نري انه لا مانع من وقوع الواجب موردا للشرط و الحال أن القدرة شرط في صحة الشرط مضافا الي أن هذا الدليل أيضا يختص بالواجب و لا يعم المستحب.

و منها: ان الوجوب يوجب اسقاط مالية الواجب و لذا يجوز اجباره علي الاتيان به. و فيه اولا، انه لا دليل علي اشتراط المالية في مورد الاجارة و غاية

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 277

نعم لو استأجره علي أن ينوب عن غيره في عبادة من صلاة أو غيرها اذا كان مما تشرع فيه النيابة جاز (1) و كذا لو استأجره علي الواجب- غير العبادي- كوصف الدواء للمريض أو العلاج له، أو نحو ذلك فانه يصح (2) و كذا لو استأجره لفعل الواجبات التي يتوقف عليها النظام، كتعليم بعض علوم الزراعة و الصناعة و الطب (3) و لو استأجره لتعليم الحلال و الحرام فيما هو محل الابتلاء فالاحوط بل الاظهر البطلان و حرمة الاجرة (4) و في عموم الحكم لما لا يكون محلا للابتلاء اشكال، و الاظهر الجواز و الصحة (5).

______________________________

ما يترتب علي عدم المالية في مورد الاجارة أن تكون المعاملة سفهية و لا دليل علي بطلان العقد السفهي بل الدليل قائم علي بطلان معاملة السفيه، و ثانيا. انه فرق بين اجبار الاجير بالعمل من حيث كونه واجبا و بين اجباره من حيث كونه مورد الاجارة فان الاول ناش من وجوب الامر بالمعروف و الثاني ناش من الحق الناشي عن تملك عمله بالاجارة و كم فرق بين المقامين. و ثالثا ان هذا الدليل أيضا يختص بالواجب فلاحظ فالنتيجة انه لا دليل علي المدعي

الا الاجماع.

(1) اذ فرض جواز النيابة و لا تكون النيابة واجبة و لا تكون مقيدة بالقيد المانع عن صحة الاجارة فلا مانع من صحتها كما هو ظاهر.

(2) لوجود المقتضي و عدم المانع و لعله نتكلم في هذه المواضيع في بحث الاجارة إن شاء اللّه بما ينفع للمقام فانتظر.

(3) الكلام فيه هو الكلام.

(4) للإجماع و التسالم عليه.

(5) لعدم تمامية الاجماع في المقام فيجوز.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 278

[مسألة 29: يحرم النوح بالباطل، يعني الكذب]

(مسألة 29): يحرم النوح بالباطل، يعني الكذب، و لا بأس بالنوح بالحق (1).

______________________________

(1) قد وردت جملة من الروايات في بيان حكم النياحة و حكم كسب النائحة:

منها ما رواه عذافر قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام و سئل عن كسب النائحة فقال: تستحله بضرب احدي يديها علي الأخري «1». و هذه الرواية ضعيفة بعذافر.

و منها ما رواه الزعفراني عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: من أنعم اللّه عليه بنعمة فجاء عند تلك النعمة بمزمار فقد كفرها، و من اصيب بمصيبة فجاء عند تلك المصيبة بنائحة فقد كفرها «2». و هذه الرواية ضعيفة بسلمة.

و منها رواية خديجة بنت عمر بن علي بن الحسين عليهما السلام في حديث قال: سمعت عمي محمد بن علي عليهما السلام يقول: انما تحتاج المرأة الي النوح لتسيل دمعتها و لا ينبغي لها أن تقول هجرا، فاذا جاء الليل فلا تؤذي الملائكة بالنوح «3». و هذه الرواية مرسلة و لا اعتبار بالمرسلات.

و منها ما رواه سماعة قال: سألته عن كسب المغنية و النائحة فكرهه «4».

و المستفاد من هذه الرواية أن كسب النائحة مكروه و الكراهة لا تدل علي الفساد و لا علي الحرمة.

و منها ما رواه الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن

آبائه عن النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم في حديث المناهي أنه نهي عن الرنة عند المصيبة و نهي عن النياحة

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 279

______________________________

و الاستماع اليها و نهي عن تصفيق الوجه «1». و هذه الرواية ضعيفة بشعيب.

و منها ما رواه الحسين بن زيد بن علي عن جعفر عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: أربعة لا تزال في أمتي الي يوم القيامة الفخر بالاحساب، و الطعن في الأنساب، و الاستسقاء بالنجوم، و النياحة، و ان النائحة اذا لم تتب قبل موتها تقوم يوم القيامة و عليها سربال من قطران و درع من حرب «2» و هذه الرواية ضعيفة بسليمان.

و منها ما رواه علي بن جعفر في كتابه، عن أخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال سألته عن النوح علي الميت أ يصلح؟ قال: يكره «3» و هذه الرواية تدل علي كراهة النياحة و الكراهة لا تدل علي الحرمة.

و منها ما رواه علي بن جعفر أيضا عن أخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال:

سألته عن النوح فكرهه «4». و هذه الرواية ضعيفة بعبد اللّه بن الحسن مضافا الي عدم دلالتها علي الحرمة كما مر آنفا.

و منها عدة نصوص اخر لاحظ ما رواه في دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عليهما السلام انه قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ثلاث من أعمال الجاهلية لا يزال فيها الناس حتي تقوم الساعة: الاستسقاء بالانواء، و الطعن في الانساب، و النياحة

علي الموتي «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 13

(4) نفس المصدر الحديث: 14

(5) مستدرك الوسائل الباب 15 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 280

______________________________

و لاحظ ما روي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام، أنه كتب الي رفاعة بن شداد قاضيه علي الاهواز: و اياك و النوح علي الموتي، ببلد يكون لك به سلطان «1»،

و لاحظ ما روي عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أنه قال: «صوتان ملعونان يبغضهما اللّه: اعوال عند مصيبة، و صوت عند نعمة» يعني النوح و الغناء «2».

و لاحظ ما رواه جابر- في حديث وفاة ابراهيم بن النبي صلي اللّه عليه و آله- أنه قال: فقال عبد الرحمن. أ تبكي يا رسول اللّه، أ و لم تنه عن البكاء؟ قال: (لا و لكن نهيت عن النوح) الخبر «3».

و لاحظ ما رواه القطب الراوندي في لب اللباب: و لعن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أربعة: امرأة تخون زوجها في ماله أو في نفسها، و النائحة، و العاصية لزوجها، و العاق «4». و هذه الروايات كلها ضعيفة.

و منها طائفة اخري من الروايات. و من تلك الروايات ما رواه يونس بن يعقوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال لي أبي: يا جعفر أوقف لي من مالي كذا و كذا لنوادب تندبني عشر سنين بمني أيام مني «5».

و منها ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: مات الوليد بن المغيرة فقالت أم سلمة للنبي صلي اللّه عليه و آله: ان آل المغيرة قد أقاموا مناحة فأذهب اليهم، فأذن لها فلبست ثيابها و تهيأت و كانت من

حسنها كأنها جان، و كانت

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) الوسائل الباب 17 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 281

______________________________

اذا قامت فأرخت شعرها جلل جسدها و عقدت بطرفيه خلخالها، فندبت ابن عمها بين يدي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فقالت:

أنعي الوليد بن الوليد أبا الوليد فتي العشيرة

حامي الحقيقة ماجد يسمو الي طلب الوتيرة

قد كان غيثا في السنين و جعفرا غدقا و ميرة

فما عاب رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم ذلك و لا قال شيئا «1».

و منها ما رواه حنان بن سدير قال: كانت امرأة معنا في الحي و لها جارية نائحة فجاءت الي أبي فقالت: يا عم أنت تعلم أن معيشتي من اللّه ثم من هذه الجارية، فأحب أن تسأل أبا عبد اللّه عن ذلك فان كان حلالا و الا بعتها و أكلت من ثمنها حتي يأتي اللّه بالفرج، فقال لها أبي: و اللّه أني لأعظم أبا عبد اللّه عليه السلام أن اسأله عن هذه المسألة، قال: فلما قدمنا عليه أخبرته أنا بذلك، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:

تشارط؟ فقلت: و اللّه ما أدري تشارط أم لا. فقال: قل لها لا تشارط و تقبل ما اعطيت «2».

و منها ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا بأس بأجر النائحة التي تنوح علي الميت «3».

و منها ما رواه الصدوق قال: قال عليه السلام: لا بأس بكسب النائحة اذا قالت صدقا «4».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

مباني منهاج الصالحين؛ ج 7، ص: 281

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 282

[مسألة 30: يحرم هجاء المؤمن]

(مسألة 30): يحرم هجاء المؤمن (1) و يجوز هجاء المخالف (2).

______________________________

و هذه الطائفة يدل علي جواز النياحة بعضها و بعضها يدل علي جواز كسبها، و عليه يكون مقتضي الصناعة جوازها. غاية الامر يكون الاكتساب بالنياحة مرجوحا.

و لكن اذا تعنونت بعنوان محرم كالكذب يصير حراما و ان شئت قلت النياحة من حيث هي جائزة بمقتضي الاصل الاولي و النصوص و محرمة بالعنوان العارضي الطاري عليها فلاحظ.

(1) الهجاء كما يظهر من مجمع البحرين عبارة عن ذكر معايب الغير و ذمه به و عن القاموس و المصباح و تاج العروس الهجاء ككساء الشتم بالشعر و تعداد المعايب فيه و عن الليث هو الوقيعة بالاشعار و عن الصحاح الهجاء خلاف المدح و المتحصل من كلمات أهل اللغة ان الهجاء عبارة عن الوقيعة و الهتك و الذم و عن بعض الاساطين الاستدلال علي حرمته بالادلة الأربعة و الظاهر ان حرمته مورد اتفاق الاصحاب و يمكن الاستدلال عليها بقوله تعالي «وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ» «1».

فان الهمز و اللمز الوقيعة في الغير و هتكه فتصدق علي الهجاء.

و تدل علي حرمته جملة من النصوص و هي كثيرة منها ما رواه حماد بن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: قال اللّه عز و جل: من أهان لي وليا فقد أرصد لمحاربتي الحديث «2». و لاحظ الباب 147 و 148 من أبواب أحكام العشرة من الوسائل.

(2) فان المخالف لا يكون مؤمنا و لا يكون من أولياء

اللّه بل المخالف من اعدائه تعالي كما تعرضنا لدليله في بعض المباحث.

______________________________

(1) الهمزة/ 1

(2) الوسائل الباب 146 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 3 و غيره من الأحاديث الواردة في الباب المذكور و الباب 147 و 148 من تلك الابواب

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 283

______________________________

و يدل علي الجواز جملة كثيرة من النصوص منها ما يدل علي وجوب البراءة من أهل البدع و سبهم و تحذير الناس منهم. لاحظ ما رواه داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: اذا رأيتم أهل الريب و البدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم، و أكثروا من سبهم و القول فيهم و الوقيعة، و باهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام «و يحذرهم الناس» و لا يتعلمون من بدعهم يكتب اللّه لكم بذلك الحسنات، و يرفع لكم به الدرجات في الآخرة «1».

و منها ما يدل علي كفر المخالفين. لاحظ ما رواه المفضل بن عمر قال: دخلت علي أبي الحسن موسي بن جعفر عليهما السلام و علي ابنه في حجره و هو يقبله يمص لسانه و يضعه علي عاتقه و يضمه اليه و يقول: بأبي أنت ما أطيب ريحك و أطهر خلقك. و أبين فضلك، الي أن قال: قلت: هو صاحب هذا الامر من بعدك؟

قال: نعم من أطاعه رشد و من عصاه كفر «2».

و لاحظ ما رواه أبو حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: منا الامام المفروض طاعته، من جحده مات يهوديا أو نصرانيا الحديث «3».

و لاحظ ما رواه المفضل بن عمر أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ان اللّه جعل

عليا علما بينه و بين خلقه، ليس بينه و بينهم علم غيره، فمن تبعه كان مؤمنا، من جحده كان كافرا، و من شك فيه كان مشركا «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من ابواب الامر بالمعروف الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 10 من ابواب حد المرتد الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) عين المصدر الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 284

و كذا الفاسق المبتدع لئلا يؤخذ ببدعته (1).

[مسألة 31: يحرم الفحش من القول]

(مسألة 31): يحرم الفحش من القول، و منه ما يستقبح التصريح به اذا كان في الكلام مع الناس (2).

______________________________

مضافا الي ما ذكر انه لا اشكال في أن التابعين لأعداء آل محمد عليهم السلام سيما المؤسسين للظلم عليهم و غصب حقوقهم و لا سيما الاول و الثاني لا حرمة لهم عند اللّه فيجوز هتكهم و ذمهم و الوقيعة فيهم فان المناسبة بين الحكم و الموضوع تقتضي أن يكونوا مهتوكين و لا تكون لهم مكانة عند الاجتماع.

(1) الذي ذكر في كلام الماتن من الوجه يستفاد من بعض النصوص و قد أشرنا اليه فلاحظ.

(2) يظهر من اللغة أن الفحش التكلم بالقبيح و اثبات حرمته بما هو مشكل فانه لا دليل علي حرمة التكلم بما يكون قبيحا كالتصريح بما يستقبح ذكره نعم اذا صدق عليه عنوان محرم يحرم و لكنه خلاف الفرض فلاحظ. لكن تدل جملة من الروايات علي كون الفحش مذموما. و قد عقد صاحب الوسائل بابا و سماه بباب تحريم الفحش و وجوب حفظ اللسان «1».

و لا يبعد أن مفهوم الفحش أعم من السب، فاذا صدق عنوان السب و اجتمع العنوانان يكون حراما بعنوانين علي القول بكون الفحش حراما و السب كما يظهر من بعض القول الموجب للإهانة و الازراء علي المسبوب

و التنقيص و المحكم هو العرف و اما الفحش فهو اعم اذ الفحش يوجب وهن الفاحش و لا يلزم أن يكون هتكا لأحد فان ذكر ما يستقبح ذكره صريحا و علانية من مصاديق الفحش و لا يكون سبا ما دام لا يكون الفاحش طاعنا في شخص و في مقام اهانته.

______________________________

(1) الوسائل الباب 71 من ابواب جهاد النفس و ما يناسبه

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 285

غير الزوجة، اما معها فلا بأس به (1).

[مسألة 32: تحرم الرشوة علي القضاء بالحق أو الباطل]

(مسألة 32): تحرم الرشوة علي القضاء بالحق او الباطل (2).

______________________________

و صفوة القول ان مجرد ذكر القبيح لا يكون سبا بلا اشكال و لا كلام. ان قلت:

ان المستفاد من حديث ابي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) قال:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: ان من أشر عباد اللّه من تكره مجالسته لفحشه «1». ان الفاحش من أشر الناس فكيف لا يكون دليلا علي حرمة الفحش.

قلت: لا يدل الحديث علي كون الفاحش كذلك علي الاطلاق بل الحديث دليلا علي كون الفاحش الخاص كذلك و هو الذي يكره مجالسته لفحشه و الخاص لا يكون دليلا علي العام مضافا الي أنه لا يبعد أن يقال ان اللسان لسان الكراهة بحسب الفهم العرفي أضف الي ذلك أنه لا اشكال في عدم حرمة التكلم بما يستقبح ذكره في الجملة فلاحظ.

(1) لم يظهر وجه الاستثناء فان الفحش اذا كان حراما يكون كذلك مطلقا و الا فلا يكون حراما كذلك و اللّه العالم.

(2) لجملة من النصوص. لاحظ ما رواه عمار بن مروان قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الغلول فقال: كل شي ء غل من الامام فهو سحت، و أكل مال اليتيم و شبهه

سحت، و السحت أنواع كثيرة منها أجور الفواجر، و ثمن الخمر و النبيذ و المسكر و الربا بعد البينة، فاما الرشا في الحكم فان ذلك الكفر باللّه العظيم جل اسمه و برسوله صلي اللّه عليه و آله و سلم «2».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 286

______________________________

و لاحظ ما رواه سماعة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام السحت أنواع كثيرة منها كسب الحجام اذا شارط، و أجر الزانية و ثمن الخمر و أما الرشا في الحكم فهو الكفر باللّه العظيم «1».

و لاحظ ما رواه يزيد بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن السحت فقال: الرشا في الحكم «2».

و لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: السحت ثمن الميتة و ثمن الكلب و ثمن الخمر، و مهر البغي، و الرشوة في الحكم، و أجر الكاهن «3».

و لاحظ ما رواه الصدوق مرسلا قال: قال عليه السلام: أجرا لزانية سحت و ثمن الكلب الذي ليس بكلب الصيد سحت، و ثمن الخمر سحت، و أجر الكاهن سحت، و ثمن الميتة سحت، فأما الرشا في الحكم فهو الكفر باللّه العظيم «4».

و لاحظ ما روي عن جعفر بن محمد عن آبائه في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: يا علي من السحت ثمن الميتة و ثمن الكلب، و ثمن الخمر و مهر الزانية، و الرشوة في الحكم، و اجر الكاهن «5».

و لاحظ ما رواه الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: أيما وال احتجب من حوائج الناس احتجب اللّه عنه يوم القيامة و عن حوائجه،

و ان أخذ هدية كان غلولا، و ان أخذ الرشوة فهو مشرك «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 8

(5) نفس المصدر الحديث: 9

(6) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 287

و أما الرشوة علي استنقاذ الحق من الظالم فجائزة (1).

______________________________

و لاحظ ما رواه عمار بن مروان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: كل شي ء غل من الامام فهو سحت، و السحت أنواع كثيرة منها ما أصيب من أعمال الولاة الظلمة و منها أجور القضاة و أجور الفواجر و ثمن الخمر و النبيذ المسكر، و الربا بعد البينة، فأما الرشا يا عمار في الاحكام فان ذلك الكفر باللّه العظيم و برسوله صلي اللّه عليه و آله و سلم «1».

و لاحظ ما رواه الطبرسي في مجمع البيان قال: روي عن النبي صلي اللّه عليه عليه و آله أن السحت هو الرشوة في الحكم و هو المروي عن علي «2».

و لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أن السحت أنواع كثيرة، فأما الرشا في الحكم فهو الكفر باللّه «3».

و مقتضي اطلاق هذه النصوص عدم الفرق بين اخذها للحكم بالحق و بين اخذها للحكم بالباطل لكن تمامية الاطلاق تتوقف علي عدم اختصاص مفهوم الرشوة بما يكون في قبال ابطال حق و احقاق باطل و الحال انه يستفاد من جملة من كلمات اهل اللغة اختصاصها بما ذكر فلا تشمل ما يكون في قبال احقاق الحق و عليه يشكل الجزم بالاطلاق اذ المفروض انه لا اطلاق في المفهوم و علي فرض الشك في المفهوم يكون مقتضي عدم عمومية مفهومها عدم الاطلاق كما أن مقتضي اصالة البراءة جوازها

تكليفا و مقتضي اطلاق صحة العقد صحتها وضعا.

(1) لعدم دليل علي المنع.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) نفس المصدر الحديث: 15

(3) نفس المصدر الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 288

و ان حرم علي الظالم أخذها (1).

[مسألة 33: يحرم حفظ كتب الضلال مع احتمال ترتب الضلال لنفسه أو لغيره]

(مسألة 33): يحرم حفظ كتب الضلال مع احتمال ترتب الضلال لنفسه أو لغيره (2).

______________________________

(1) لعدم طيب نفس المالك و اما لو فرض الطيب فاثبات الحرمة يحتاج الي الدليل.

(2) قال في الحدائق في هذا المقام: «ظاهر المنتهي انه اجماع و لم أقف في النصوص علي ما يتعلق بهذا الباب» انتهي «1». و قد ذكر سيدنا الاستاد وجوها للاستدلال بها علي المدعي مع ما فيها من الايراد. الوجه الاول: حكم العقل بوجوب قطع مادة الفساد.

و أورد في هذا الوجه بأن المدرك ان كان حسن العدل و قبح الظلم بدعوي ان قطع مادة الفساد حسن و حفظها ظلم و هتك للشارع فيرد عليه أنه لا دليل علي وجوب دفع الظلم في جميع الموارد و الا فوجب علي اللّه و علي الانبياء و علي الأوصياء دفع الظلم تكوينا مع انه تعالي هو الذي أقدر الانسان علي فعل الخير و الشر و هداه السبيل اما شاكرا و اما كفورا. و ان كان المدرك وجوب الاطاعة و حرمة المعصية لا مره تعالي بقلع مادة الفساد فلا دليل علي وجوب قلع مادة الفساد علي الاطلاق نعم قد قام الدليل بالنسبة الي بعض موارد الفساد كوجوب قلع الهياكل العبادية و كسر الاصنام. نعم اذا كان الفساد موجبا لوهن الحق و سد بابه و احياء الباطل وجب دفعه لأهمية حفظ الحق و هذا وجوب شرعي لا يرتبط بحكم العقل.

الوجه الثاني: قوله تعالي: (وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ

لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللّٰهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَهٰا هُزُواً أُولٰئِكَ لَهُمْ عَذٰابٌ مُهِينٌ) «2» بتقريب انه قيل

______________________________

(1) الحدائق ج 18 ص: 141

(2) لقمان/ 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 289

______________________________

في تفسير الاية انه يشتري كتابا فيه لهو الحديث فتشمل حفظ كتب الضلال.

و أورد عليه اولا، ان حفظ كتب الضلال لا يرتبط بالاشتراء للإضلال غاية الأمر احتمال ترتب الضلال علي الحفظ و حرمة الحفظ تحتاج الي الدليل و ثانيا: ان الاية تدل علي حرمة الاشتراء علي التفسير المذكور و لا تدل علي حرمة الحفظ كما ان الزنا حرام و لكن حفظ ولد الزنا لا يحرم و كما أن التصوير حرام و اما اقتناء الصورة فليس حراما و ثالثا: انه قيل ان الاية واردة في النضر بن الحارث بن كلدة فانه كان يشتري كتبا فيها احاديث الفرس من حديث رستم و اسفنديار و كان يلهي الناس و يمنعهم عن سماع القرآن و تدبر ما فيه. و رابعا: ان الاشتراء عبارة عن التعاطي و هو كناية عن التحدث بالباطل لا ضلال الناس و لا اشكال في حرمة الاضلال و في المقام الكلام في حفظ كتب الضلال.

الوجه الثالث: قوله تعالي (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثٰانِ وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) «1». و أورد فيه ان قول الزور قد فسر تارة بالكذب و اخري بالغناء و لا ترتبط الاية بما نحن بصدده من حرمة حفظ كتب الضلال. ان قلت: ان الاية تدل علي وجوب اعدام كتب الضلال لأنها مشتملة علي أظهر مصاديق الكذب. قلت:

لا دليل علي اعدام الأقوال الكاذبة و الا يلزم اعدام كثير من كتب التواريخ المشتملة علي الأخبار الكاذبة.

الوجه الرابع: حديث تحف العقول «2». فان جملة من فقراتها تدل علي المدعي.

و أورد فيه بضعف سند الحديث.

الوجه الخامس: ما رواه عبد الملك بن أعين قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

______________________________

(1) الحج/ 30

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 290

فلو أمن ذلك (1). أو كانت هناك مصلحة أهم جاز (2) و كذا يحرم بيعها و نشرها و منها: الكتب الرائجة من التوراة و الانجيل و غيرها هذا مع احتمال التضليل بها (3).

______________________________

اني قد ابتليت بهذا العلم فاريد الحاجة، فاذا نظرت الي الطالع و رأيت الطالع الشر جلست و لم أذهب فيها، و اذا رأيت طالع الخير ذهبت في الحاجة، فقال لي تقضي؟ قلت: نعم، قال: احرق كتبك «1».

فان مقتضي هذه الرواية وجوب الاحراق فلا يجوز الحفظ. و أورد فيه:

بأن التقسيم قاطع للشركة، فان المستفاد من الرواية جواز حفظها مع عدم الحكم و الكلام في المقام في مجرد الحفظ.

الوجه السادس: الاجماع و أورد فيه اولا: بعدم تحققه و ثانيا: بأنه علي فرض تحققه لا يكون اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم. اذا عرفت ما تقدم فلا بد من اتمام المدعي بالتسالم بين الأصحاب مضافا الي أنه يمكن أن يستفاد المدعي من دليل وجوب اعدام هياكل العبادة و كسر الاصنام بتقريب وحدة الملاك بالاضافة الي أهمية الأمر فان اهم الأمور الاعتقادات و الأحكام الشرعية فكيف لا يجب الاحتياط فيها و ان المعروف عند الاصحاب وجوب الاحتياط في النفوس و الأعراض و الأموال و الحال انه لا اشكال في ان التحفظ علي الأحكام الشرعية أولي و أشد. هذا كله مع احتمال ترتب الفساد و اما مع عدم احتماله فلا وجه لحرمة الحفظ.

(1) و قد تقدم الكلام عليه.

(2) اذ يدخل في باب

التزاحم فلا بد من اعمال قواعد ذلك الباب.

(3) الظاهر من كلامه انه ناظر الي الحرمة التكليفية و من الظاهر ان الحرام

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب آداب السفر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 291

[مسألة 34: يحرم لبس الرجل الذهب حتي التختم به و نحوه]

(مسألة 34): يحرم لبس الرجل الذهب حتي التختم به و نحوه.

و أما التزيين به من غير لبس كتلبيس مقدم الاسنان به فالظاهر جوازه (1).

[مسألة 35: يحرم الكذب]

(مسألة 35): يحرم الكذب (2) و هو: الاخبار بما ليس بواقع (3) و لا فرق في الحرمة بين ما يكون في مقام الجد و ما يكون في مقام الهزل (4)،

______________________________

تسليم كتاب الضلال الي الغير و اما مجرد ايقاع البيع عليه فلا وجه لحرمته تكليفا نعم لا يبعد انه يكون حراما وضعا اذ مع وجوب اعدامه و حرمة حفظه و تسليمه الي المشتري كيف يمكن ان يصح بيعه فلاحظ.

(1) تعرض الماتن لهذه المسألة في مسألة 31 من مسائل شرائط لباس المصلي و قد شرحنا كلامه هناك فراجع.

(2) قال الشيخ: «الكذب حرام بضرورة العقول و الأديان و تدل عليه الادلة الأربعة» انتهي. و تدل علي المدعي جملة كثيرة من النصوص. لاحظ الباب 138 من أبواب أحكام العشرة من كتاب وسائل الشيعة و لاحظ أيضا الباب 120 من هذه الابواب من كتاب مستدرك الوسائل.

و لاحظ ما روي عن الرضا عليه السلام في كتابه الي المأمون قال: الايمان هو اداء الأمانة و اجتناب جميع الكبائر، و هو معرفة بالقلب، و اقرار باللسان، و عمل بالاركان «الي أن قال:» و اجتناب الكبائر و هي قتل النفس التي حرم اللّه تعالي، و الزنا، الي أن قال: و الكذب. الحديث «1».

(3) قال في مجمع البحرين: «و الكذب هو الاخبار عن الشي ء بخلاف ما هو فيه سواء العمد و الخطاء اذ لا واسطة بين الصدق و الكذب علي المشهور».

(4) لإطلاق النصوص الدالة علي حرمة الكذب. فان مقتضي اطلاق تلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 46 من ابواب جهاد النفس الحديث: 33

مباني منهاج

الصالحين، ج 7، ص: 292

______________________________

النصوص عدم الفرق و تؤيد المدعي جملة من النصوص لاحظ ما روي عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول لولده: اتقوا الكذب الصغير منه و الكبير في كل جد و هزل، فان الرجل اذا كذب في الصغير اجترء علي الكبير أما علمتم أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ما يزال العبد يصدق حتي يكتبه اللّه صديقا، و ما يزال العبد يكذب حتي يكتبه اللّه كذابا «1».

و لاحظ ما رواه الاصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يجد عبد طعم الايمان حتي يترك الكذب هزله و جده «2».

و لاحظ ما رواه الحارث الأعور عن علي عليه السلام قال: لا يصلح من الكذب جد و لا هزل، و لا أن يعد أحدكم صبيه ثم لا يفي له ان الكذب يهدي الي الفجور و الفجور يهدي الي النار، و ما يزال احدكم يكذب حتي يقال كذب و فجر و ما يزال أحدكم يكذب حتي لا تبقي موضع ابرة صدق فيسمي عند اللّه كذابا «3».

و لاحظ ما رواه أبو ذر عن النبي صلي اللّه عليه و آله في وصية له قال: يا أبا ذر من ملك ما بين فخذيه و ما بين لحييه دخل الجنة، قلت: و انا لنؤاخذ بما تنتطق به ألسنتنا؟ فقال: و هل يكب الناس علي مناخرهم في النار الا حصائد ألسنتهم؟ انك لا يزال سالما ما سكت فاذا تكلمت كتب لك أو عليك، يا أبا ذر ان الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان اللّه عز و جل فيكتب له بها رضوانه يوم القيامة، و ان الرجل ليتكلم بالكلمة في المجلس ليضحكهم

بها فيهوي بها في جهنم ما بين السماء و الأرض، يا ابا ذر ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له

______________________________

(1) الوسائل الباب 140 من ابواب أحكام العشرة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 293

نعم اذا تكلم بصورة الخبر- هزلا- بلا قصد الحكاية و الاخبار فلا بأس به (1) و مثله التورية بأن يقصد من الكلام معني له واقع، و لكنه خلاف الظاهر (2).

______________________________

ويل له ويل له، يا أبا ذر من صمت نجي، فعليك بالصمت، و لا تخرجن من فيك كذبة ابدا، قلت يا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فما توبة الرجل الذي يكذب متعمدا؟

قال: الاستغفار و صلوات الخمس تغسل ذلك «1». و صفوة القول ان المستفاد من الادلة حرمة الأخبار كاذبا بلا فرق بين انواعه و مصاديقه.

(1) توضيح المقام، انا قد ذكرنا في مباحث الألفاظ ان الهيئة في الجمل الاخبارية وضعت لإبراز ان المتكلم في مقام الأخبار و في مقام ابراز الحكاية بخلاف الهيئة في الجمل الانشائية، مثلا هيئة صيغة افعل وضعت لأن المتكلم في مقام ابراز اعتبار اللابدية في ذمة المكلف، و ما ذكر في الأخبار و الانشاء جامع بين جميع الأقسام و اللفظ في جميع الاقسام مستعمل في معناه الحقيقي و انما الاختلاف في الدواعي ففي الأخبار ربما يكون الداعي الحكاية و الاخبار عما في الواقع و في هذه الصورة اذا كانت الجملة مخالفة للواقع يلزم الكذب و الا فلا و لذا لو قال زيد: فلان كثير الرماد و داعيه من هذا الكلام الاخبار عن سخائه و فرض انه لا يكون عنده رماد بالكلية لا يكون المخبر كاذبا نعم اذا كان

بخيلا يكون كلامه كذبا.

(2) اذ التورية ليست من مصاديق الكذب بل من مصاديق التكلم بما هو خلاف الظاهر و بعبارة أخري الموري يوري مقصده عن السامع فالتورية ما يكون ظاهره مخالفا لمراد المتكلم ففرق بين الكذب و التورية بحسب الموضوع، فان الكذب يكون باعتبار مخالفة الحكاية للواقع فلا مخالفة في ظاهر الكلام بل المخالفة في

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 294

______________________________

عدم تطابق الحكاية مع الواقع و اما التورية فهي مخالفة ظاهر الكلام مع مقصود المتكلم و علي هذا لا يحتاج جواز التورية الي دليل لأن المحرم هو الكذب و التورية لا تكون كذبا بل صدقا و لذا قيل انه لا يجوز الكذب و لا يضطر اليه مع امكان التورية.

و قد دلت جملة من النصوص علي جواز التورية لاحظ ما رواه في آخر السرائر نقلا من كتاب عبد اللّه بن بكير بن أعين عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يستأذن عليه فيقول للجارية: قولي ليس هو هاهنا، قال: لا بأس ليس بكذب «1».

و لاحظ كتاب الخلاف للطوسي ره ج 2 ص 245 مسألة 60 دليلنا علي جوازها قوله تعالي في قصة ابراهيم عليه السلام «قٰالُوا أَ أَنْتَ فَعَلْتَ هٰذٰا بِآلِهَتِنٰا يٰا إِبْرٰاهِيمُ قٰالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هٰذٰا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كٰانُوا يَنْطِقُونَ» فأضاف كسر الاصنام الي الصنم الأكبر و انما قال هذا علي تأويل صحيح بأن قال ان كانوا ينطقون فقد فعله كبيرهم فاذا لم ينطقوا فاعلموا انهم (انه) ما فعلوا (فعله) تنبيها علي أن (انه) من لا ينطق و لا يفعل لا يستحق العبادة و الالهية و خرج الكلام مخرجا ظاهره بخلافه و قال في قصة أيوب عليه السلام «وَ خُذْ

بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لٰا تَحْنَثْ» فجعل اللّه لأيوب مخرجا مما حلف (كان) عليه و روي سويد بن حنظلة قال: خرجنا و معنا وايل بن حجر نريد النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم فاخذه اعداء له و تحرج القوم أن يحلفوا فحلفت باللّه انه أخي فخلي عنه العدو فذكرت ذلك للنبي صلي اللّه عليه و آله و سلم فقال: صدقت المسلم أخو المسلم. فالنبي أجاز ما فعل سويد و بين له صواب قوله فيما احتال به ليكون صادقا في يمينه فدل علي ما قلناه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 141 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 295

______________________________

و لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: و لقد قال ابراهيم عليه السلام: اني سقيم و اللّه ما كان سقيما و ما كذب، و لقد قال ابراهيم عليه السلام: بل فعله كبيرهم، و ما فعله كبيرهم، و ما كذب، و لقد قال يوسف عليه السلام: أيتها العير انكم لسارقون، و اللّه ما كانوا سرقوا و ما كذب «1».

و لاحظ ما رواه الصيقل، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: انا قد روينا عن أبي جعفر عليه السلام في قول يوسف «أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسٰارِقُونَ» فقال:

و اللّه ما سرقوا و ما كذب، و قال ابراهيم: «بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم ان كانوا ينطقون» فقال: و اللّه ما فعلوا، و ما كذب، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ما عندكم فيها يا صيقل؟ قلت: ما عندنا فيها الا التسليم، قال: فقال: ان اللّه أحب اثنين و أبغض اثنين أحب الخطر فيما بين الصفين و أحب الكذب في الاصلاح، و أبغض

الخطر في الطرقات، و أبغض الكذب في غير الاصلاح ان ابراهيم عليه السلام انما قال: «بل فعله كبيرهم هذا» ارادة الاصلاح، و دلالة علي أنهم لا يفعلون، و قال يوسف عليه السلام، ارادة الاصلاح «2».

و لاحظ ما روي عن الصادق عليه السلام انه سئل عنه عليه السلام عن قول اللّه عز و جل في قصة ابراهيم عليه السلام (قٰالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هٰذٰا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كٰانُوا يَنْطِقُونَ) قال: ما فعله كبيرهم و ما كذب ابراهيم عليه السلام قيل و كيف ذلك فقال:

انما قال ابراهيم فاسألوهم ان كانوا ينطقون فان نطقوا فكبيرهم فعل و ان لم ينطقوا فكبيرهم لم يفعل شيئا فما نطقوا و ما كذب ابراهيم عليه السلام. فسئل عن قوله في صورة يوسف (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسٰارِقُونَ) قال: انهم سرقوا يوسف من أبيه

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 122 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 141 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 296

______________________________

ألا تري أنه قال لهم حين قالوا ما ذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك و لم يقل سرقتم صواع الملك انما سرقوا يوسف من أبيه فسئل عن قول ابراهيم (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقٰالَ إِنِّي سَقِيمٌ) قال: ما كان ابراهيم سقيما و ما كذب انما عني سقيما في دينه اي مرتادا «1».

و في المقام كلام و هو انه لا بد من حمل قول ابراهيم عليه السلام حيث قال:

(إِنِّي سَقِيمٌ) و حيث قال: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) و كذا قول يوسف عليه السلام (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسٰارِقُونَ) علي الكذب الجائز للضرورة اما كذب قوله اني سقيم و كذا قول يوسف انكم لسارقون فظاهر اذ أخبر عن كونه سقيما و الحال

أنه لم يكن كذلك و كذلك يوسف أخبر عن كونهم سارقين و الحال انهم لم يكونوا كذلك و أما قول ابراهيم بل فعله كبيرهم الخ اما مركب من قضية حملية و هي قوله بل فعله، كبيرهم و من قضية شرطية و هي قوله فاسألوهم ان كانوا ينطقون و اما مرجع قوله الي قضية شرطية بأن يكون المقدم قوله بل فعله كبيرهم و التالي قوله ان كانوا ينطقون و علي كلا التقديرين يلزم الكذب أما علي الاول فظاهر اذ كون القضية حملية فرضا مخالفة للواقع و أما علي الثاني فلأن صدق القضية الشرطية بصدق التلازم و كذبها بعدم التلازم و حيث انه لا ملازمة بين النطق و الكسر تكون القضية كاذبة.

و تصدي سيدنا الاستاد لإثبات عدم اخبار ابراهيم عليه السلام في قوله (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) كذبا بتقريب ان المستفاد من الشرطية تعليق الدعوي و الاخبار علي النطق و حيث ان النطق محال فلا يبقي مجال للدعوي توضيح المدعي ان القضية الشرطية في الاخبار كالقضية الشرطية في الانشاء فلو قال المولي ان جاء زيد فاكرمه يكون

______________________________

(1) الاحتجاج المطبوع في المطبعة المرتضوية في النجف الاشرف احتجاجات الصادق عليه السلام ص 194

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 297

______________________________

الشرط راجعا الي الايجاب لا الي الانشاء اذ لا اشكال في تحقق الانشاء و لا يعقل كونه معلقا مع فرض تحققه كما ان القيد لا يرجع الي المادة كي يكون مفاد القضية وجوب الاكرام عند المجي ء.

و بعبارة اخري لا يرجع الي الواجب المعلق بل القيد و الشرط راجع الي الايجاب و الحكم فالحكم بوجوب الاكرام معلق و مقيد بتحقق المجي ء اذا عرفت ذلك فاعلم ان الشرطية في الاخبار أيضا كذلك فلو قال المتكلم

اذا طلعت الشمس فالنهار موجود لا يكون القيد راجعا الي الألفاظ المظهرة للدعوي اذ لا اشكال في تحققها و لا مجال للتعليق فيها كما أنه لا يرجع الي متعلق الخبر اذ انه خلاف الظاهر فالقيد راجع الي الدعوي اي الدعوي معلقة علي طلوع الشمس و مع عدم الطلوع لا وجود للدعوي و في المقام نقول دعوي ابراهيم عليه السلام معلقة علي النطق و حيث ان النطق محال فلا دعوي لإبراهيم عليه السلام.

و ما افاده مع كونه دقيقا غير تام و لا يرجع الي محصل صحيح فانا نسأل انه هل فرق بين الدعوي و الاخبار و هل تغيير العبارات يغير الواقع علي ما هو عليه فان القائل لو قال ان كانت الشمس طالعة فالنهار موجود هل يكون اخباره معلقا أو لا يكون معلقا بل منجزا أو لا يكون له اخبار اصلا لا معلقا و لا منجزا لا سبيل الي الثالث كما أنه لا مجال للأول فالحق هو الوسط.

و بعبارة اخري هذا القائل اما يخبر عن شي ء و اما لا يخبر و علي الاول اما اخباره معلق و اما لا تعليق فيه، لا مجال للقول بانه لا اخبار له باتا كما هو ظاهر كما انه لا اشكال في ان اخباره غير معلق فكما لا تعليق في اصل الانشاء كذلك لا تعليق في أصل الاخبار بل التعليق في متعلق الاخبار كما أن هناك التعليق في متعلق الانشاء و عليه لا مجال لإنكار تحقق الاخبار و لا مورد لأن يقال اصل الاخبار معلق.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 298

كما انه يجوز الكذب لدفع الضرر عن نفسه (1).

______________________________

و ان شئت فراجع العرف كي يتضح لك الأمر و بعبارة واضحة البحث في

المقام عن الظهور و ليس البحث عقليا بل بحث عرفي ظهوري و لا اشكال في ظهور الكلام في هذه الموارد في الأخبار و التقييد راجع الي متعلق الخبر و لم ترد آية أو رواية علي لزوم كون الانشاء و الاخبار متحدين من هذه الجهة فالاولي ايكال الأمر الي ابراهيم و يوسف عليهما السلام فانهما كانا أعرف بوظيفتهما و علي تقدير كونهما كاذبين في الأقوال المذكورة لا ينقص من مقامهما شي ء فان المنافي للعصمة ارتكاب الحرام و اما ارتكاب ما جعله الشارع حلالا فلا اشكال فيه فلاحظ.

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي «لٰا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكٰافِرِينَ أَوْلِيٰاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّٰهِ فِي شَيْ ءٍ إِلّٰا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقٰاةً وَ يُحَذِّرُكُمُ اللّٰهُ نَفْسَهُ وَ إِلَي اللّٰهِ الْمَصِيرُ» «1».

و بقوله تعالي «مَنْ كَفَرَ بِاللّٰهِ مِنْ بَعْدِ إِيمٰانِهِ إِلّٰا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ وَ لٰكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللّٰهِ وَ لَهُمْ عَذٰابٌ عَظِيمٌ» «2».

فان المستفاد من الآيتين الشريفتين جواز التقية لدفع الضرر عن النفس حتي في اظهار البراءة عن اللّه و الكفر به اذا كان القلب مطمئنا بالايمان و قد وردت في ذيل الاية الشريفة عدة نصوص «3». فلا اشكال في المدعي.

الا أن يقال ان مورد الآيتين التقية من الكفار و الاكراه فلا يمكن استفادة الحكم علي الاطلاق لكن تكفي لإثبات المدعي النصوص الواردة الدالة علي جواز الحلف

______________________________

(1) آل عمران/ 28

(2) النحل/ 106

(3) تفسير البرهان ج 2 ص 386- 385

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 299

أو عن المؤمن (1) بل يجوز الحلف كاذبا حينئذ (2) و يجوز الكذب أيضا للإصلاح بين المؤمنين (3).

______________________________

لدفع الضرر عن النفس او

المال. لاحظ ما رواه أبو صباح قال: و اللّه لقد قال لي جعفر بن محمد: ان اللّه علم نبيه التنزيل و التأويل فعلمه رسول اللّه عليا عليه السلام قال و علمنا و اللّه ثم قال: ما صنعتم من شي ء أو حلفتم عليه من يمين في تقية فانتم منه في سعة «1» و غيره مما ورد في الباب 12 من أبواب الايمان من الوسائل. فانه لو جاز الحلف كاذبا يجوز الكذب بلا حلف بالاولوية.

(1) لاحظ ما رواه الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في حديث قال:

سألته عن رجل أحلفه السلطان بالطلاق أو غير ذلك فحلف قال: لا جناح عليه و عن رجل يخاف علي ماله من السلطان فيحلفه لينجو به منه. قال: لا جناح عليه، و سألته هل يحلف الرجل علي مال أخيه. كما يحلف علي ماله؟ قال: نعم «2».

(2) للنصوص المشار اليها آنفا فلاحظ.

(3) قال سيدنا الأستاد «يمكن الاستدلال علي المدعي بالكتاب و السنة أما الكتاب فقوله تعالي «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» «3». فان مقتضي الاطلاق محبوبية الاصلاح و لو بالكذب فيقع التعارض بين الاية و دليل حرمة الكذب و بعد التساقط يرجع الي البراءة».

و هذا التقريب لا بأس به من حيث الصناعة لكن لازمه جواز جميع المحرمات الالهية اذا كانت مصداقا للإصلاح مثلا اذا توقف اصلاح ذات البين علي النظر الي

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب الايمان الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الحجرات/ 10

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 300

و الاحوط- استحبابا- الاقتصار فيهما علي صورة عدم امكان التورية (1).

______________________________

ما يحرم النظر اليه أو أعظم من النظر هل يلتزم سيدنا الاستاد بالجواز؟ و لا أظن أن

يلتزم به و ان كان الظن لا يغني عن الحق شيئا، مضافا الي أن الرواية المعارضة مع الاية و المبانية معها و لو بالتباين الجزئي تضرب علي الجدار و لا تكون حجة.

و الذي يختلج بالبال ان العرف لا يري بين هذا الدليل و ادلة المحرمات معارضة بل يقدم تلك الادلة و يفهم من دليل محبوبية الاصلاح انه محبوب بطريق شرعي و اما السنة فتدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما روي عن جعفر بن محمد عن آبائه في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: يا علي ان اللّه أحب الكذب في الصلاح و أبغض الصدق في الفساد «الي أن قال:» يا علي ثلاث يحسن فيهن الكذب المكيدة في الحرب، و عدتك زوجتك، و الاصلاح بين الناس «1».

و لاحظ ما روي المحاربي عن جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم قال: ثلاثة يحسن فيهن الكذب: المكيدة في الحرب، و عدتك زوجتك و الاصلاح بين الناس، و ثلاثة يقبح فيهن الصدق: النميمة، و اخبارك الرجل عن أهله بما يكرهه، و تكذيبك الرجل عن الخبر قال: و ثلاثة مجالستهم تميت القلب: مجالسة الأنذال و الحديث مع النساء و مجالسة الاغنياء «2».

و هذه الروايات كلها ضعيفة سندا، فان تم اجماع تعبدي كاشف فهو و الا فيشكل الجزم بالحكم.

(1) وقع الكلام بين الأصحاب بأن جواز الكذب لأجل دفع الضرر هل يتوقف

______________________________

(1) الوسائل الباب 141 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 301

______________________________

علي عدم امكان التورية أو يجوز علي الاطلاق فنقول مقتضي اطلاق النصوص عدم الاشتراط و الجواز حتي مع امكان

التورية «1». و لكن في مقابل هذه النصوص ورد بعض الروايات يعارض تلك المطلقات لاحظ ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا حلف الرجل تقية لم يضره اذا هو اكره و اضطر اليه. و قال:

ليس شي ء مما حرم اللّه، الا و قد أحله لمن اضطر اليه «2».

فان مقتضي الشرطية جواز الحلف كذبا عند الضرورة و عدم جوازه عند عدمها و مع امكان التورية لا ضرورة فيقع التعارض بين مفهوم هذه الرواية و تلك الروايات بالعموم من وجه و في مورد الاجتماع يتساقطان و المرجع اطلاق دليل حرمة الكذب و رواية سماعة ضعيفة بالارسال، و لكن في المقام رواية اخري سندها تام لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: انا نمر علي هؤلاء القوم فيستحلفونا علي أموالنا و قد أدينا زكاتها، فقال: يا زرارة اذا خفت فاحلف لهم ما شاءوا. قلت: جعلت فداك بالطلاق و العتاق؟ قال: بما شاءوا «3».

و مفادها مفاد رواية سماعة علي ما ادعي في بعض الكلمات لكن التدبر في الحديث يعطي ان المستفاد منه انه يجوز الحلف كاذبا مع الخوف و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين صورتي امكان التورية و عدم امكانها و بعبارة اخري الموضوع في حديث زرارة لجواز الكذب هو الخوف و لم يقيد الحكم فيه بصورة الضرورة و من الظاهر ان المراد بالخوف، الخوف من الظالم و لا اشكال في تحققه حتي مع امكان التورية و عليه لا يكون الجواز مقيدا بصورة عدم امكان التورية و التقييد استحبابي

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من كتاب الايمان و لاحظ ص 299

(2) نفس المصدر الحديث: 18

(3) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص:

302

و أما الكذب في الوعد، بأن يخلف في وعده فالظاهر جوازه (1).

______________________________

و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(1) يستفاد من عدة روايات رجحان الوفاء بالوعد. لاحظ الباب 109 من أبواب أحكام العشرة من كتاب الوسائل منها: ما رواه شعيب العقرقوفي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من كان يؤمن باللّه و اليوم الاخر فليف اذ اوعد «1».

و لاحظ ما رواه علي بن عقبة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المؤمن أخو المؤمن عينه و دليله، لا يخونه و لا يظلمه و لا يغشه و لا يعده عدة فيخلفه «2».

و لاحظ ما رواه الحارث الأعور عن علي عليه السلام قال: لا يصلح من الكذب جد و لا هزل، و لا أن يعد أحدكم صبيه ثم لا يفي له ان الكذب يهدي الي الفجور و الفجور يهدي الي النار، و ما يزال أحدكم يكذب حتي يقال كذب و فجر و ما يزال أحدكم يكذب حتي لا تبقي موضع ابرة صدق فيسمي عند اللّه كذابا «3».

و لاحظ ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال: من عامل الناس فلم يظلمهم و حدثهم فلم يكذبهم، و وعدهم فلم يخلفهم كان ممن حرمت غيبته و كملت مروته و ظهر عدله و وجبت اخوته «4».

بل المستفاد من جملة منها وجوب الوفاء به لاحظ ما رواه هشام بن سالم قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: عدة المؤمن أخاه نذر لا كفارة له، فمن أخلف فيخلف اللّه بدأ، و لمقته تعرض و ذلك قوله: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مٰا لٰا

______________________________

(1) الوسائل الباب 109 من أبواب أحكام

العشرة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 122 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 140 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 152 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 303

علي كراهة شديدة (1). نعم لو كان حال الوعد بانيا علي الخلف فالظاهر حرمته (2) و الاحوط- لزوما- الاجتناب عن وعد أهله بشي ء و هو لا يريد أن يفعله (3).

______________________________

تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّٰهِ أَنْ تَقُولُوا مٰا لٰا تَفْعَلُونَ «1».

فان المستفاد من هذه الرواية بوضوح وجوب العمل بالوعد و ان العمل به كالعمل و الوفاء بالنذر غير أن خلف الوعد لا كفارة فيه بخلاف حنث النذر حيث تثبت فيه الكفارة و السر في عدم الفتوي بالوجوب السيرة الخارجية الجارية علي عدم العمل بالوعد حتي من الأتقياء مع عدم رمي المخلف بالفسق حتي من المتشرعة و هذا يكشف عن عدم الوجوب و ان شئت قلت: ان كان العمل بالوعد واجبا كالنذر مثلا لم يكن مورد التأمل و لذاع و شاع و لم يكن مجال للبحث و لا يتوهم من كلامنا انا ندعي أن السيرة جارية علي خلف الوعد بل المراد ان المتشرعة لا يلتزمون بالعمل بالوعد بلا نكير من أحد فلاحظ. فالحق أن خلف الوعد لا يكون معصية كما في المتن.

(1) الاولي في التعبير أن يقال العمل بالوعد مستحب مؤكد و السر فيه ان المستفاد من جملة من النصوص وجوب الوفاء به و حيث انه لا يمكن الالتزام بالوجوب نلتزم باستحبابه المؤكد فلا مجال للالتزام بالكراهة اذ المستحب له حكم واحد و لا ينحل الي حكمين.

(2) اذ يدخل تحت عنوان الكذب في الاخبار فيحرم.

(3) يستفاد من بعض النصوص جواز الكذب في الوعد

بالنسبة الي الزوجة و الأهل لاحظ حديث أنس و حماد «2». و لاحظ ما رواه عيسي بن حسان قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 109 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 300

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 304

[مسألة 36: تحرم الولاية من قبل السلطان الجائر إلا مع القيام بمصالح المؤمنين]

(مسألة 36): تحرم الولاية من قبل السلطان الجائر (1) الا مع القيام بمصالح المؤمنين (2).

______________________________

سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: كل كذب مسئول عنه صاحبه يوما الا كذبا في ثلاثة: رجل كائد في حربه فهو موضوع عنه، أو رجل أصلح بين اثنين يلقي هذا بغير ما يلقي به هذا يريد بذلك الاصلاح ما بينهما أو رجل وعد أهله شيئا و هو لا يريد أن يتم لهم «1». لكن الحديثين ضعيفان سندا فلا وجه للحكم بالجواز و اللّه العالم.

(1) قال سيدنا الاستاد «الظاهر انه لا خلاف بين الأصحاب في حرمة الولاية من قبل الجائر في الجملة» انتهي موضع الحاجة من كلامه. و تدل علي المدعي جملة من النصوص. لاحظ الباب 45 من أبواب ما يكتسب به من كتاب وسائل الشيعة و لاحظ ما رواه مهران بن محمد بن أبي نصر «بصير» عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: ما من جبار الا و معه مؤمن يدفع اللّه عز و جل به عن المؤمنين، و هو أقلهم حظا في الآخرة، يعني أقل المؤمنين حظا بصحبة الجبار «2».

و لاحظ أيضا الباب 42 من أبواب ما يكتسب به من الوسائل و لاحظ الباب 38 من هذه الابواب من كتاب مستدرك الوسائل.

(2) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي او استدل وجوه:

الوجه الاول: ان المقام يدخل في كبري باب التزاحم فان الولاية من قبل الظالم و ان كانت حراما لكن اذا

تعنونت بعنوان راجح كما هو المفروض ترتفع حرمتها.

و يرد عليه أن الميزان في ذلك الباب رجحان أحد الملاكين علي الاخر فلا بد

______________________________

(1) الوسائل الباب 141 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 305

______________________________

من ملاحظة هذه الجهة و عليه لا يمكن الالتزام بالجواز بمجرد تعنون الموضوع بعنوان حسن و ان شئت قلت لا اشكال في عدم مقاومة ملاك العمل المستحب لملاك المحرم فالنتيجة أن الدليل أخص من المدعي.

الوجه الثاني: الاجماع و فيه أنه علي تقدير حصوله كما هو لا يبعد لا يكون تعبديا كاشفا فلا اثر له.

الوجه الثالث: قوله تعالي «قٰالَ اجْعَلْنِي عَليٰ خَزٰائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ» «1». فان مثل يوسف عليه السلام لا يسئل الامر الحرام. و فيه أن يوسف له شأنية التصدي لأمر الأمة و بعبارة واضحة أن يوسف نبي من انبياء اللّه العظام و له التصدي للأمور فهو الحاكم الواقعي و ان لم يكن في الظاهر كذلك فلاحظ.

الوجه الرابع: الاخبار الواردة في المقام. لاحظ الباب 46 من أبواب ما يكتسب به من كتاب وسائل الشيعة و لاحظ ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام في حديث المناهي قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من تولي عرافة قوم اتي به يوم القيامة و يداه مغلولتان الي عنقه، فان قام فيهم بأمر اللّه عز و جل أطلقه اللّه، و ان كان ظالما هوي به في نار جهنم و بئس المصير «2».

و لاحظ ما رواه في عقاب الاعمال عن النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم في حديث قال: من أكرم أخاه فانما يكرم

اللّه عز و جل، فما ظنكم بمن يكرم اللّه عز و جل أن يفعل به و من تولي عرافة قوم «و لم يحسن فيهم» حبس علي شفير جهنم بكل يوم ألف سنة، و حشر و يده مغلولة الي عنقه، فان كان قام فيهم بأمر اللّه أطلقها اللّه

______________________________

(1) يوسف/ 55

(2) الوسائل الباب 45 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 306

و عدم ارتكاب ما يخالف الشرع المبين (1) و يجوز- أيضا- مع الاكراه من الجائر بأن يأمره بالولاية، و يتوعده علي تركها، بما يوجب الضرر بدنيا أو ماليا عليه، أو علي من يتعلق به، بحيث يكون الاضرار بذلك الشخص اضرارا بالمكره عرفا، كالإضرار بأبيه أو بأخيه أو ولده أو نحوهم ممن يهمه أمرهم (2).

______________________________

و ان كان ظالما هوي به في نار جهنم سبعين خريفا «1».

و لاحظ ما رواه محمد بن ادريس في (آخر السرائر) نقلا من كتاب مسائل الرجال عن أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام ان محمد بن علي بن عيسي كتب اليه يسأله عن العمل لبني لعباس و أخذ ما يتمكن من أموالهم هل فيه رخصة فقال: ما كان المدخل فيه بالجبر و القهر فاللّه قابل العذر، و ما خلا ذلك فمكروه و لا محالة قليله خير من كثيره و ما يكفر به ما يلزمه فيه من يرزقه يسبب و علي يديه ما يسرك فينا و في موالينا، قال: فكتبت اليه في جواب ذلك اعلمه ان مذهبي في الدخول في أمرهم وجود السبيل الي ادخال المكروه علي عدوه، و انبساط اليد في التشفي منهم بشي ء أتقرب به اليهم. فأجاب: من فعل ذلك فليس مدخله في العمل حراما بل أجرا

و ثوابا «2».

(1) اذا كان ارتكاب الحرام ملازما عاديا مع الولاية، يكون مقتضي اطلاق النصوص جوازها علي الاطلاق فلاحظ.

(2) لا اشكال عندهم في أن الاكراه يوجب ارتفاع الحرام عنده و المقام من صغريات تلك الكبري و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي «3». فان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) لاحظ ص: 289

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 307

______________________________

المستفاد من الاية الشريفة أن الكفر باللّه جائز مع الاكراه فكيف ببقية المنكرات.

و يمكن الاستدلال علي المدعي أيضا بجملة من النصوص الدالة علي جواز الشرك باللّه و سب أمير المؤمنين عليه السلام، لاحظ ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف أسروا الايمان و أظهروا الشرك، فآتاهم اللّه أجرهم مرتين «1».

و لاحظ ما رواه مسعدة بن صدقة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان الناس يروون أن عليا قال علي منبر الكوفة: أيها الناس انكم ستدعون الي سبي فسبوني، ثم تدعون الي البراءة مني فلا تبرءوا مني، فقال: ما أكثر ما يكذب الناس علي علي عليه السلام، ثم قال: انما قال: انكم ستدعون الي سبي فسبوني ثم تدعون الي البراءة مني و اني لعلي دين محمد صلي اللّه عليه و آله و سلم و لم يقل: و لا تبرّءوا مني، فقال له السائل: أ رأيت ان اختار القتل دون البراءة فقال: و اللّه ما ذلك عليه، و ماله الا ما مضي عليه عمار بن ياسر حيث أكرهه أهل مكة وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ، فأنزل اللّه عز و جل فيه: «إِلّٰا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ» فقال له النبي صلي اللّه عليه و آله

و سلم عندها: يا عمار ان عادوا فعد فقد أنزل اللّه عذرك، و أمرك أن تعود ان عادوا «2».

و لاحظ ما رواه محمد بن مروان قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: ما منع ميثم رحمه اللّه من التقية؟ فو اللّه لقد علم ان هذه الاية نزلت في عمار و اصحابه إِلّٰا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب الامر و النهي الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 308

______________________________

و لاحظ ما رواه عبد اللّه بن عطا قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجلان من أهل الكوفة اخذا فقيل لهما: ابريا عن أمير المؤمنين عليه السلام فبرئ واحد منهما: و أبي الاخر، فخلي سبيل الذي برئ و قتل الاخر، فقال: أما الذي برئ فرجل فقيه في دينه و أما الذي لم يبرء فرجل تعجل الي الجنة «1».

و لاحظ ما رواه محمد بن مروان عن أبي عبد اللّه عليه السلام أن رجلا أتي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم فقال: أوصني فقال: لٰا تُشْرِكْ بِاللّٰهِ شيئا و أن احرقت بالنار و عذبت الا و قلبك مطمئن بالايمان و والديك فاطعهما الحديث «2».

و لاحظ ما رواه بكر بن محمد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان التقية ترس المؤمن، و لا ايمان لمن لا تقية له، فقلت له: جعلت فداك قول اللّه تبارك و تعالي:

«إِلّٰا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ» قال: و هل التقية الا هذا «3».

و لاحظ ما رواه محمد بن ميمون عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ستدعون

الي سبي فسبوني و تدعون الي البراءة مني فمدوا الرقاب فاني علي الفطرة «4».

و لاحظ ما رواه أخو دعبل بن علي الخزاعي عن علي بن موسي الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السلام أنه قال: انكم ستعرضون علي سبي، فان خفتم علي أنفسكم فسبوني، ألا و انكم ستعرضون علي البراءة مني فلا تفعلوا فاني علي الفطرة «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) عين المصدر الحديث: 8

(5) عين المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 309

______________________________

و لاحظ ما في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: أما أنه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم، مندحق البطن، يأكل ما يجد و يطلب مالا يجد، فاقتلوه و لن تقتلوه، ألا و انه سيأمركم بسبي و البراءة مني فأما السب فسبوني فانه لي زكاة و لكم نجاة، و اما البراءة فلا تبرءوا «تتبروا» مني فاني ولدت علي الفطرة و سبقت الي الايمان و الهجرة «1».

و لاحظ ما رواه الطبرسي في الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في احتجاجه علي بعض اليونان قال: و آمرك أن تصون دينك، و علمنا الذي أودعناك، فلا تبد علومنا لمن يقابلها بالعناد و لا تفش سرنا الي من يشنع علينا و آمرك أن تستعمل التقية في دينك فان اللّه يقول: «لٰا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكٰافِرِينَ أَوْلِيٰاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّٰهِ فِي شَيْ ءٍ إِلّٰا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقٰاةً» و قد اذنت لكم في تفضيل أعدائنا ان ألجأك الخوف اليه و في اظهار البراءة ان حملك الوجل عليه و في ترك الصلوات المكتوبات ان خشيت علي حشاشة

نفسك الآفات و العاهات فان تفضيلك أعدائنا عند خوفك لا ينفعهم و لا يضرنا، و ان اظهارك براءتك منا عند تقيتك لا يقدح فينا و لا ينقصنا و لئن تبرأ منا ساعة بلسانك و أنت موال لنا بجنانك لتبقي علي نفسك روحها التي بها قوامها، و مالها الذي به قيامها، و جاهها الذي به تمسكها، و تصون من عرف بذلك أولياءنا و اخواننا، فان ذلك افضل من أن تتعرض للهلاك، و تنقطع به عن محمل في الدين و صلاح اخوانك المؤمنين، و اياك ثم اياك أن تترك التقية التي أمرتك بها فانك شائط بدمك و دماء اخوانك معرض لنعمتك و نعمتهم للزوال، مذل لهم في أعداء دين اللّه، و قد أمرك اللّه باعزازهم، فانك ان خالفت وصيتي كان ضررك علي إخوانك و نفسك أشد من ضرر الناصب لنا الكافر

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 310

______________________________

بنا «1».

و لاحظ ما رواه أبو بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) انه قيل له: مد الرقاب أحب إليك أم البراءة من علي؟ فقال: الرخصة أحب إلي أما سمعت قول اللّه عز و جل في عمار: إِلّٰا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ «2».

و لاحظ ما رواه عبد اللّه بن عجلان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته فقلت له: ان الضحاك قد ظهر بالكوفة و يوشك أن ندعي الي البراءة من علي فكيف نصنع؟ قال: فابرأ منه، قلت: أيهما أحب إليك؟ قال: أن تمضوا علي ما مضي عليه عمار بن ياسر، اخذ بمكة فقالوا له: ابرء من رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فبرأ منه فأنزل اللّه عز و جل عذره:

إِلّٰا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ «3».

و لاحظ ما رواه عبد اللّه بن يحيي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه ذكر أصحاب الكهف فقال: لو كلفكم قومكم ما كلفهم قومهم، فقيل له: و ما كلفهم قومهم؟

فقال كلفوهم الشرك باللّه العظيم، فاظهروا لهم الشرك، و أسروا الايمان حتي جاءهم الفرج «4».

و لاحظ ما رواه درست عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ما بلغت تقية أحد ما بلغت تقية أصحاب الكهف، انهم كانوا يشدون الزنانير، و يشهدون الاعياد فاتاهم اللّه أجرهم مرتين «5».

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 13

(4) نفس المصدر الحديث: 14

(5) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 311

______________________________

و لاحظ ما رواه الكاهلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان أصحاب الكهف أسروا الايمان و أظهروا الكفر، و كانوا علي اجهار الكفر أعظم أجرا منهم علي اسرار الايمان «1».

و لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث).

أن جبرئيل نزل علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فقال: يا محمد ان ربك يقرؤك السلام، و يقول لك: ان أصحاب الكهف أسروا الايمان و أظهروا الشرك فآتاهم اللّه أجرهم مرتين، و ان أبا طالب أسر الايمان و أظهر الشرك فاتاه اللّه أجره مرتين و ما خرج من الدنيا حتي أتته البشارة من اللّه بالجنة «2».

و لاحظ ما رواه المرتضي في رسالة (المحكم و المتشابه) نقلا من تفسير النعماني عن علي عليه السلام قال: و أما الرخصة التي صاحبها فيها بالخيار فان اللّه نهي المؤمن أن يتخذ الكافر وليا، ثم من عليه باطلاق الرخصة له عند التقية

في الظاهر «الي أن قال»: قال اللّه تعالي: «لٰا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكٰافِرِينَ أَوْلِيٰاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّٰهِ فِي شَيْ ءٍ إِلّٰا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقٰاةً وَ يُحَذِّرُكُمُ اللّٰهُ نَفْسَهُ، فهذه رحمة تفضل اللّه بها علي المؤمنين رحمة لهم ليستعملوها عند التقية في الظاهر، و قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: ان اللّه يحب ان يؤخذ برخصه كما يجب أن يؤخذ بعزائمه «3».

و لاحظ ما رواه المفيد (ره) في الارشاد قال: استفاض عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ستعرضون من بعدي علي سبي فسبوني، فمن عرض عليه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 16

(2) نفس المصدر الحديث: 17

(3) نفس المصدر الحديث: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 312

______________________________

البراءة مني فليمدد عنقه، فان برئ مني فلا دنيا له و لا آخرة «1».

فاذا كان الاكراه موجبا لارتفاع الحرمة عن الشرك و سب مثل علي عليه السلام روحي فداه الذي يكون بعد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم افضل الخلائق من الأولين و الاخرين فلا اشكال في كونه موجبا لجواز بقية المحرمات عند الاكراه و يمكن الاستدلال أيضا علي المدعي بما دل علي رفع ما استكرهوا عليه لاحظ ما رواه صفوان بن يحيي و أحمد بن محمد بن أبي نصر جميعا عن أبي الحسن عليه السلام في الرجل يستكره علي اليمين فيحلف بالطلاق و العتاق و صدقة ما يملك أ يلزمه ذلك؟ فقال: لا، قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و سلم: وضع عن أمتي ما اكرهوا عليه و ما لم يطيقوا و ما أخطئوا «2».

فان مقتضي هذه الرواية ان الاكراه يقتضي رفع الحرمة مما استكره عليه المكلف و ربما

يستدل علي المدعي بالروايات الواردة في باب الولاية اكراها و قد عقد صاحب الوسائل لها بابا مخصوصا و إليك تلك الطائفة:

الاولي ما رواه الأنباري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: كتبت اليه أربع عشرة سنة أستأذنه في عمل السلطان، فلما كان في آخر كتاب كتبته اليه أذكر أني أخاف علي خيط عنقي، و أن السلطان يقول لي انك رافضي، و لسنا نشك في أنك تركت العمل للسلطان للرفض فكتب إلي ابو الحسن عليه السلام: فهمت كتابك «كتبك خ ل» و ما ذكرت من الخوف علي نفسك، فان كنت تعلم أنك اذا وليت عملت في عملك بما أمر به رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم ثم تصير أعوانك

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 21

(2) الوسائل الباب 12 من كتاب الايمان الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 313

______________________________

و كتابك أهل ملتك و اذا صار إليك شي ء واسيت به فقراء المؤمنين حتي تكون واحدا منهم كان ذا بذا و الا فلا «1». و هذه الرواية ضعيفة بالانباري.

و الثانية ما رواه الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل مسلم و هو في ديوان هؤلاء و هو يحب آل محمد صلي اللّه عليه و آله و سلم و يخرج مع هؤلاء في بعثهم فيقتل تحت رأيتهم قال: يبعثه اللّه علي نيته قال: و سألته عن رجل مسكين خدمهم رجاء ان يصيب معهم شيئا فيعينه اللّه به فمات في بعثهم، قال: هو بمنزلة الأجير إنه انما يعطي اللّه العباد علي نياتهم «2». و هذه الرواية لا تدل علي المدعي.

و الثالثة ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام سئل عن أعمال السلطان يخرج فيه الرجل

قال: لا الا ان لا يقدر علي شي ء يأكل و لا يشرب و لا يقدر علي حيلة، فان فعل فصار في يده شي ء فليبعث بخمسه الي أهل البيت «3». و هذه الرواية لا تدل علي المدعي.

و الرابعة: ما ارسله الحسن بن موسي قال: روي أصحابنا عن الرضا عليه السلام أنه قال رجل: أصلحك اللّه كيف صرت الي ما صرت اليه من المأمون؟ فكأنه أنكر ذلك عليه، فقال له ابو الحسن الرضا عليه السلام: يا هذا أيما أفضل النبي أو الوصي؟

فقال: لا بل النبي فقال: أيهما أفضل مسلم أو مشرك؟ فقال: لا بل مسلم قال: فان العزيز عزيز مصر كان مشركا و كان يوسف عليه السلام نبيا، و ان المأمون مسلم و أنا وصي، و يوسف سئل العزيز أن يوليه حين قال: اجْعَلْنِي عَليٰ خَزٰائِنِ الْأَرْضِ

______________________________

(1) الوسائل الباب 48 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) عين المصدر الحديث: 2

(3) عين المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 314

______________________________

اني حفيظ عليم، و أنا اجبرت علي ذلك الحديث «1». و الرواية ضعيفة سندا مضافا الي عدم الدلالة علي المدعي.

و الخامسة: ما رواه الريان بن الصلت قال: دخلت علي علي بن موسي الرضا عليه السلام فقلت له: يا بن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله، ان الناس يقولون:

انك قبلت ولاية العهد مع اظهارك الزهد في الدنيا، فقال عليه السلام: قد علم اللّه كراهتي لذلك، فلما خيرت بين قبول ذلك و بين القتل اخترت القبول علي القتل، ويحهم أما علموا أن يوسف عليه السلام كان نبيا رسولا فلما دفعته الضرورة الي تولي خزائن العزيز قال له: اجْعَلْنِي عَليٰ خَزٰائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ، و دفعتني الضرورة الي قبول

ذلك علي اكراه و اجبار بعد الاشراف علي الهلاك علي أني ما دخلت في هذا الأمر الا دخول خارج منه، فالي اللّه المشتكي و هو المستعان «2».

و هذه الرواية تدل علي جواز قبول الولاية حفظا للنفس.

و السادسة: ما رواه أبو الصلت الهروي قال: ان المأمون قال للرضا عليه السلام يا بن رسول اللّه قد عرفت فضلك و علمك و زهدك و ورعك و عبادتك، و أراك أحق بالخلافة مني، فقال الرضا عليه السلام: بالعبودية للّه عز و جل أفتخر، و بالزهد في الدنيا أرجو لنجاة من شر الدنيا، و بالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم، و بالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند اللّه عز و جل، فقال له المأمون. فاني قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة و أجعلها لك و أبايعك فقال له الرضا عليه السلام: ان كانت هذه الخلافة لك و جعلها اللّه لك فلا يجوزان تخلع لباسا ألبسك اللّه، و تجعله لغيرك، و ان كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك،

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 315

______________________________

فقال له المأمون: يا بن رسول اللّه لا بد لك من قبول هذا الأمر، فقال: لست أفعل ذلك طائعا أبدا، فما زال يجهد به أياما حتي يئس من قبوله، فقال له: ان لم تقبل الخلافة و لم تحب مبايعتي لك فكن ولي عهدي لتكون لك الخلافة بعدي، فقال الرضا عليه السلام: و اللّه لقد حدثني أبي عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام، عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم أني أخرج من الدنيا قبلك مقتولا بالسم مظلوما، تبكي علي

ملائكة السماء و الأرض، و أدفن في أرض غربة الي جنب هارون الرشيد، فبكي المأمون و قال له: يا بن رسول اللّه و من الذي يقتلك أو يقدر علي الإساءة إليك و أنا حي؟ فقال الرضا عليه السلام: أما اني لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلت، فقال المأمون: يا بن رسول اللّه انما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك و دفع هذا الأمر عنك ليقول الناس: انك زاهد في الدنيا، فقال له الرضا عليه السلام: و اللّه ما كذبت منذ خلقني اللّه عز و جل، و ما زهدت في الدنيا للدنيا، و اني لأعلم ما تريد، فقال المأمون: و ما أريد؟ قال الأمان علي الصدق، قال: لك الأمان قال: تريد أن يقول الناس: ان علي بن موسي الرضا لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه، أما ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة؟ قال: فغضب المأمون، ثم قال: انك تتلقاني أبدا بما أكرهه، و قد أمنت سطوتي، فباللّه اقسم لئن قبلت ولاية العهد و الا أجبرتك علي ذلك، فان فعلت و الا ضربت عنقك، فقال الرضا عليه السلام: قد نهاني اللّه أن القي بيدي الي التهلكة، فان كان الأمر علي هذا فافعل ما بدا لك، و انما أقبل ذلك علي أن لا أولي أحدا، و لا أعزل أحدا، و لا أنقض رسما و لا سنة، و اكون في الأمر من بعيد مشيرا فرضي بذلك منه و جعله ولي عهده علي كراهية منه عليه السلام لذلك «1». و هذه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 316

[مسألة 37: ما يأخذه السلطان المخالف المدعي للخلافة العامة من الضرائب المجعولة علي الأراضي و الاشجار و النخيل يجوز شراؤه و أخذه منه مجانا]

(مسألة 37): ما يأخذه السلطان المخالف المدعي للخلافة العامة من الضرائب المجعولة علي الاراضي

و الاشجار و النخيل يجوز شراؤه و أخذه منه مجانا، بلا فرق بين الخراج، و هو: ضريبة النقد و المقاسمة، و هي: ضريبة السهم من النصف و العشر و نحوهما،

______________________________

الرواية ضعيفة سندا مضافا الي عدم الدلالة علي المدعي اذ الكلام في جواز الولاية من قبل الجائر مع الاكراه علي الاطلاق و الرواية لا تدل علي الاطلاق السابعة ما رواه محمد بن عرفة قال: قلت للرضا عليه السلام: يا بن رسول اللّه ما حملك علي الدخول في ولاية العهد؟ قال: ما حمل جدي أمير المؤمنين عليه السلام علي الدخول في الشوري «1». و الرواية ضعيفة سندا مضافا الي عدم الدلالة علي المدعي.

و الثامنة: ما رواه محمد بن زيد الرزامي عن الرضا عليه السلام ان رجلا من الخوارج قال له: أخبرني عن دخولك لهذا الطاغية فيما دخلت له و هم عندك كفار، و أنت ابن رسول اللّه، فما حملك علي هذا؟ فقال له أبو الحسن عليه السلام أ رأيتك هؤلاء أكفر عندك أم عزيز مصر و أهل مملكته؟ أ ليس هؤلاء علي حال يزعمون أنهم موحدون و أولئك لم يوحدوا اللّه و لم يعرفوه؟ و يوسف بن يعقوب نبي ابن نبي، ابن نبي، فسأل العزيز و هو كافر فقال: «اجْعَلْنِي عَليٰ خَزٰائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ» و كان يجلس مجلس الفراعنة، و انما أنا رجل من ولد رسول اللّه أجبرني علي هذا الأمر و أكرهني عليه ما الذي أنكرت و نقمت علي؟ فقال: لا عتب عليك أشهد أنك ابن رسول اللّه و أنك صادق «2».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) عين المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 317

و كذا المأخوذ بعنوان الزكاة (1).

______________________________

و الرواية ضعيفة سندا مضافا

الي انه ربما يقال بعدم دلالتها علي المدعي فتأمل.

و ملخص القول ان هذه النصوص اما مخدوشة سندا أو دلالة أو سندا و دلالة فلا يترتب عليها شي ء.

(1) قال سيدنا الأستاد المشهور بل المجمع عليه بين الأصحاب هو الجواز و المخالف الفاضل القطيفي و المحقق الأردبيلي قدس سرهما انتهي. و يمكن الاستدلال علي الجواز بوجوه:

الوجه الاول: ما دل من النصوص علي جواز اخذ جوائز السلطان «1». فان مقتضي هذه النصوص حلية ما يؤخذ من الجائر و لو كان المأخوذ من الزكاة و المقاسمة و الخراج.

الوجه الثاني: النصوص الخاصة الدالة علي المطلوب منها: ما رواه الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل منا يشتري من السلطان من ابل الصدقة و غنم الصدقة و هو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم، قال: فقال:

ما الابل الا مثل الحنطة و الشعير لا بأس به حتي تعرف الحرام بعينه، قيل له: فما تري في مصدق- يجيئنا فيأخذ منا صدقات أغنامنا فنقول بعناها فيبيعناها، فما تقول في شرائها منه؟ فقال: ان كان قد أخذها و عزلها فلا بأس، قيل له: فما تري في الحنطة و الشعير- يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظنا، و يأخذ حظه فيعز له بكيل فما تري في شراء ذلك الطعام منه؟ فقال: ان كان قبضه بكيل و أنتم حضور ذلك فلا بأس بشرائه منه من غير كيل «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 و 52 و 53 من أبواب ما يكتسب به

(2) الوسائل الباب 52 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 318

______________________________

و قد استدل علي المدعي بثلاث فقرات من هذه الرواية الفقره الاولي: ان السائل فرض جواز الاخذ أمرا

مفروغا عنه و انما يسئل عن مورد أخذ الجائر أزيد من المقدار المقرر الشرعي و الامام روحي فداه يجيب بأنه يجوز الاخذ الا ما كان معلوم الحرمة و ربما يقال كما عن المحقق الأردبيلي قدس سره انه لا يستفاد من الرواية الجواز صراحة نعم ظاهر الرواية جواز الاشتراء لكن لا يمكن رفع اليد عن حكم العقل بقبح التصرف في مال الغير و كذلك حكم الشرع بحرمة التصرف في أموال الناس بالظهور فقط و المفروض أن ما يأخذ الجائر بعنوان الصدقة غصب اذ لا حق له.

و فيه ان الجواز مقتضي صراحة الرواية فان الضمير في قوله عليه السلام لا بأس به يرجع الي المأخوذ صدقة مضافا الي أنه يكفي الظهور فان الدليل الدال علي حرمة التصرف في مال الغير قابل للتخصيص فيخصص بدليل المجوز كحديث الحذاء.

الفقرة الثانية: ان السائل يحتمل عدم جواز اشتراء صدقات نفسه عن الجائر و لذا يسئل الامام عنه و الامام عليه السلام يجيب عنه بالجواز و لعل تعليق الجواز علي الاخذ و العزل من باب أنه لا يتشخص المال في الصدقة الا بعزل الجائر.

الفقرة الثالثة: ان السائل يحتمل عدم كفاية العزل السابق و يجيب الامام عليه السلام بالكفاية و ان الكيل طريق الي معرفة المقدار و قد عرف بالكيل السابق.

ان قلت: الرواية واردة في الصدقة فلا تكون دليلا علي المدعي بالنسبة الي الخراج و المقاسمة. قلت: اولا التقابل بين المصدق و القاسم يدل علي العموم فيستفاد الحكم بالنسبة الي الزكاة من لفظ المصدق و بالنسبة الي غيرها من لفظ القاسم و ثانيا اطلاق القاسم يقتضي عدم الفرق بين الأقسام الثلاثة مضافا الي امكان دعوي

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 319

و الظاهر براءة ذمة

المالك بالدفع اليه (1)،

______________________________

عدم الفصل بمقتضي الفهم العرفي و بحسب السؤال.

و منها ما رواه زرارة قال: اشتري ضريس بن عبد الملك و أخوه من هبيرة ارزا بثلاثمائة ألف. قال: فقلت له: و ويلك أو ويحك انظر الي خمس هذا المال، فابعث به اليه، و احتبس الباقي فأبي علي قال: فأدي المال و قدم هؤلاء، فذهب أمر بني أمية قال: فقلت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السلام فقال مبادرا للجواب: هو له هو له، فقلت له: انه قد أداها فعض علي اصبعه «1».

بتقريب ان الظاهر من الرواية جواز اشتراء الحقوق المذكورة من الجائر و بعبارة أخري حيث فرض كون طرف المعاملة ظالما يعلم أن المراد من العامل من يكون عاملا للظالم الجائر و ظلمه يتصور في اخذه الخراج و المقاسمة و الصدقة فتدل الرواية علي المدعي من جواز اخذ هذه الحقوق من الظالم.

و منها ما رواه الحضرمي قال: دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام و عنده اسماعيل ابنه فقال: ما يمنع ابن أبي السمال «السماك خ ل الشمال» أن يخرج شباب الشيعة فيكفونه ما يكفيه الناس، و يعطيهم ما يعطي الناس؟ ثم قال لي:

لم تركت عطائك قال: مخافة علي ديني قال: ما منع ابن أبي السمال «السماك خ ل الشمال» أن يبعث إليك بعطائك؟ أما علم أن لك في بيت المال نصيبا «2».

بتقريب أن الظاهر جواز الأخذ من الظالم من هذه الحقوق فلاحظ.

(1) لجملة من النصوص «3». و يعارضها ما رواه أبو أسامة زيد الشحام قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: جعلت فداك ان هؤلاء المصدقين يأتونا و يأخذوا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 51 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 6

(3) لاحظ

الوسائل الباب 20 من أبواب المستحقين للزكاة

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 320

بل الظاهر انه لو لم تأخذه الحكومة و حولت شخصا علي المالك في أخذه منه جاز للمحول أخذه و برئت ذمة المحول عليه (1) و في جريان الحكم المذكور فيما يأخذه السلطان المسلم المؤالف أو المخالف الذي لا يدعي الخلافة العامة أو الكافر اشكال (2).

[مسألة 38: اذا دفع إنسان مالا له إلي آخر ليصرفه في طائفة]

(مسألة 38): اذا دفع انسان مالا له الي آخر ليصرفه في طائفة

______________________________

منا الصدقة فنعطيهم اياها أ تجزي عنا؟ فقال: لا انما هؤلاء قوم غصبوكم أو قال:

ظلموكم أموالكم و انما الصدقة لأهلها «1».

لكن في سند الرواية اشكالا و هو أن طريق الشيخ الي حماد بن عيسي ضعيف و من الممكن ان حماد الواقع في السند حماد بن عيسي و اما الجمع بين المتعارضين بحمل هذه الرواية علي الاستحباب كما عن الشيخ الطوسي فكما تري و اما الترجيح، من حيث المخالفة مع العامة ففي خبر الشحام و للرواية سند آخر لا بأس به ظاهرا فيشكل الحكم فان قلنا بأن مقتضي الجمع العرفي حمل المعارض علي الاستحباب فهو و الا فلا بد من الاحتياط و اللّه العالم.

(1) أما براءة ذمة الدافع فبمقتضي النصوص المشار اليها و أما جواز أخذ المحول فلجواز اخذ الحقوق المذكورة من الجائر بعد أخذها ممن يكون عليه.

و بعبارة اخري: الذي يأخذه الجائر يتعين في الحق الشرعي و يجوز أخذه منه فلا فرق بين مصاديقه فتأمل.

(2) لعدم الدليل عليه و مقتضي القاعدة الاقتصار علي مورد قيام الدليل فيه و هو من يدعي الخلافة فلاحظ. و بعبارة اخري: الاجزاء علي خلاف القاعدة و يحتاج الي الدليل ففي كل مورد قام الدليل عليه يؤخذ به و الا فلا.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث:

6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 321

من الناس و كان المدفوع اليه منهم فان فهم من الدافع الاذن في الاخذ من ذلك المال جاز له أن يأخذ منه مثل أحدهم أو أكثر علي حسب الاذن و ان لم يفهم الاذن لم يجز الاخذ منه أصلا و ان دفع له شيئا مما له مصرف خاص كالزكاة ليصرفه في مصارفه فله أن يأخذ منه بمقدار ما يعطيه لغيره اذا كان هو أيضا من مصارفه و لا يتوقف الجواز فيه علي احراز الاذن من الدافع (1).

______________________________

(1) الوجه في التفريق و التفصيل ان جواز الاخذ في القسم الاول موقوف علي الاذن المالكي فلو لم يحرز اذن المالك صراحة أو ظهورا يشكل الاخذ بل يحرم لعدم احراز الاذن و أما في القسم الثاني فيتوقف الجواز علي الاذن الشرعي اذ علق الاذن علي كون الموضوع مصرفا شرعيا و المفروض ان المدفوع اليه من مصاديق المصرف فيجوز له الاخذ هذا بحسب القاعدة الاولية و في المقام عدة نصوص.

منها: ما رواه سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام الرجل يعطي الزكاة فيقسمها في أصحابه أ يأخذ منها شيئا قال: نعم «1» و مقتضي هذه الرواية هو الجواز لكن موردها خصوص الزكاة.

و منها: ما رواه الحسين بن عثمان عن أبي ابراهيم عليه السلام في رجل اعطي ما لا يفرقه فيمن يحل له أله أن يأخذ منه شيئا لنفسه و ان لم يسم له؟ قال: يأخذ منه لنفسه مثل ما يعطي غيره «2» و هذه الرواية تدل علي الجواز مطلقا.

و منها: ما رواه ابن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يعطي الرجل الدراهم يقسمها و يضعها مواضعها و هو ممن

تحل له الصدقة قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

(2) عين المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 322

[مسألة 39: جوائز الظالم حلال و إن علم إجمالا أن في ماله حرام]

(مسألة 39): جوائز الظالم حلال و ان علم اجمالا أن في ماله حرام (1).

______________________________

لا بأس أن يأخذ لنفسه كما يعطي غيره قال: و لا يجوز له أن يأخذ اذا أمره أن يضعها في مواضع مسماة الا باذنه «1». و هذه الرواية مخدوشة سندا باليونسي.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أعطاه رجل مالا ليقسمه في المساكين و له عيال محتاجون أ يعطيهم منه من غير أن يستأذن (يستأمر) صاحبه؟. قال: نعم «2». و هذه الرواية تدل علي الجواز علي الاطلاق لكن موردها دفع المال للصرف في المساكين. و بعبارة اخري: فرض ان المال دفع ليصرف و يعطي لطائفة من الناس و هم المساكين و يعارضها في موردها رواية اخري له قال: سألته عن رجل أعطاه رجل مالا ليقسمه في محاويج أو في مساكين و هو محتاج أ يأخذ منه لنفسه و لا يعلمه؟ قال: لا يأخذ منه شيئا حتي يأذن له صاحبه «3».

و بعد التعارض تصل النوبة الي القاعدة الاولية و مقتضاها عدم الجواز الا مع قيام قرينة علي شمول الاذن للمدفوع اليه و أما بالنسبة الي القسم الثاني المذكور في المتن فمضافا الي أن الجواز مقتضي القاعدة يدل عليه حديث ابن عثمان و يؤيد المدعي حديث ابن يسار.

(1) تارة لا يعلم المدفوع اليه بوجود الحرام في أموال الجائر و أخري يعلم بوجوده في أمواله أما في الصورة الاولي فيجوز الاخذ منه بأي سبب شرعي و يمكن الاستدلال علي المدعي بالنصوص الواردة في

المقام منها: ما رواه أبو ولاد قال:

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 84 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 2

(3) عين المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 323

______________________________

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما تري في رجل يلي أعمال السلطان ليس له مكسب الا من اعمالهم و أنا امر به فانزل عليه فيضيفني و يحسن إلي و ربما أمر لي بالدرهم و الكسوة و قد ضاق صدري من ذلك فقال لي: كل و خذ منه فلك المهنا (الحظ) و عليه الوزر «1».

و منها: ما رواه أبو المعز قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده فقال: أصلحك اللّه امر بالعامل فيجيزني بالدرهم آخذها؟ قال: نعم قلت:

و احج بها؟ قال: نعم «2».

و منها: ما رواه محمد بن هشام أو غيره قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

امر بالعامل فيصلني بالصلة اقبلها؟ قال: نعم قلت: و احج معها؟ قال: نعم و حج منها «3».

و منها: ما رواه يحيي بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه ان الحسن و الحسين عليهما السلام كانا يقبلان جوائز معاوية «4».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم و زرارة قالا: سمعناه يقول: جوائز العمال ليس بها بأس «5».

و منها: ما رواه أبو بكر الحضرمي قال: دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام و عنده اسماعيل ابنه فقال: ما يمنع ابن أبي السمال (السماك خ ل الشمال) أن يخرج شباب الشيعة فيكفونه ما يكفيه الناس و يعطيهم ما يعطي الناس؟ ثم قال لي:

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) عين المصدر الحديث: 2

(3) عين المصدر الحديث: 3

(4) عين المصدر الحديث:

4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 324

______________________________

لم تركت عطائك؟ قال: مخافة علي ديني قال: ما منع ابن أبي السمال «السماك الشمال خ ل» أن يبعث إليك بعطائك؟ أما علم ان لك في بيت المال نصيبا «1».

و منها: ما رواه داود بن رزين قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: اني اخالط السلطان فتكون عندي الجارية فيأخذونها أو الدابة الفارهة فيبعثون فيأخذونها ثم يقع لهم عندي المال فلي أن آخذه؟ قال: خذ مثل ذلك و لا تزد عليه «2».

و منها: ما رواه يونس بن يعقوب عن عمر أخي عذافر قال: دفع إلي انسان ستمائة درهم أو سبعمائة درهم لأبي عبد اللّه عليه السلام فكانت في جوالقي فلما انتهيت الي الحفيرة شق جوالقي و ذهب بجميع ما فيه و رافقت عامل المدنية بها فقال: انت الذي شق جوالقك فذهب بمتاعك؟ فقلت: نعم قال: اذا قدمنا المدينة فأتنا حتي نعوضك قال: فلما انتهيت الي المدينة دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال: يا عمر شقت زاملتك و ذهب بمتاعك؟ فقلت: نعم فقال: ما أعطاك خير مما أخذ منك الي أن قال: فائت عامل المدينة فتنجز ما وعدك فانما هو شي ء دعاك اللّه إليك لم تطلبه منه «3».

و منها ما رواه محمد بن قيس بن رمانة قال: دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام فذكرت له بعض حالي فقال يا جارية هاتي ذلك الكيس هذه أربعمائة دينار وصلني بها أبو جعفر فخدها و تفرح بها الحديث «4».

و منها: ما رواه الفضل بن الربيع عن أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) نفس المصدر الحديث:

9

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 325

______________________________

في حديث ان الرشيد بعث اليه بخلع و حملان و مال فقال: لا حاجة لي بالخلع و الحملان و المال اذا كان فيه حقوق الامة فقلت: ناشدتك باللّه أن لا ترده فيغتاظ قال: اعمل به ما احببت «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه الفضل عن أبيه في حديث ان الرشيد أمر باحضار موسي ابن جعفر عليه السلام يوما فأكرمه و أتي به بحقة الغالية ففتحها بيده فغلفه بيده ثم أمر أن يحمل بين يديه خلع و بدرتان دنانير فقال موسي بن جعفر عليه السلام:

و اللّه لو لا أني أري من ازوجه بها من عزاب بني أبي طالب لئلا ينقطع نسله ما قبلتها أبدا «2».

و منها: ما رواه سفيان بن نزار في حديث ان المأمون حكي عن الرشيد أن موسي بن جعفر عليه السلام دخل عليه يوما فأكرمه ثم ذكر انه أرسل اليه مائتي دينار «3».

و منها ما رواه الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام ان الحسن و الحسين عليهما السلام كان يغمزان معاوية و يقعان فيه و يقبلان جوائزه «4».

و منها: ما رواه في الاحتجاج عن الحسين عليه السلام انه كتب كتابا الي معاوية و ذكر الكتاب و فيه تفريع عظيم و توبيخ بليغ فما كتب اليه معاوية بشي ء يسوؤه و كان يبعث اليه في كل سنة الف ألف درهم سوي عروض و هدايا من كل ضرب «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 12

(4) نفس المصدر الحديث: 13

(5) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 326

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن عيسي عن أبي جعفر عليه السلام قال:

لا بأس بجوائز السلطان «1».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال لي أبو الحسن موسي عليه السلام مالك لا تدخل مع علي في شراء الطعام اني اظنك ضيقا قال: قلت: نعم فان شئت وسعت علي قال: اشتره «2».

و منها: ما رواه زرارة قال: اشتري ضريس بن عبد الملك و أخوه من هبيرة ارزا بثلاثمائة ألف قال: فقلت له: ويلك أو ويحك انظر الي خمس هذا المال فابعث به اليه و احتبس الباقي فأبي علي قال: فأدي المال و قدم هؤلاء فذهب أمر بني امية قال: فقلت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السلام فقال مبادرا للجواب: هو له هو له فقلت له: انه قد اداها فعض علي اصبعه «3».

و منها: ما رواه محمد بن أبي حمزة عن رجل قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اشتري الطعام فيجيئني من يتظلم و يقول: ظلمني فقال: اشتره «4».

و منها: ما رواه معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اشتري من العامل الشي ء و أنا اعلم انه يظلم فقال اشتر منه «5».

و منها: ما رواه أبو عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل منا يشتري من السلطان من ابل الصدقه و غنم الصدقة و هو يعلم انهم يأخذون منهم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 16

(2) الوسائل الباب 52 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 327

______________________________

أكثر من الحق الذي يجب عليهم قال: فقال: ما الابل الا مثل الحنطة و الشعير و غير ذلك لا بأس به حتي تعرف الحرام بعينه قيل له: فما تري في مصدق

يجيئنا فيأخذ منا صدقات أغنامنا فنقول: بعناها فيبيعنا فما تقول في شرائها منه؟ فقال: ان كان قد أخذها و عزلها فلا بأس قيل له: فما تري في الحنطة و الشعير يحيئنا القاسم فيقسم لنا حظنا و يأخذ حنطته فيعزله بكيل فما تري في شراء ذلك الطعام منه فقال: ان كان قبضه بكيل و أنتم حضور ذلك فلا بأس بشرائه منه من غير كيل «1».

و منها: ما رواه محمد بن عيسي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن شراء الخيانة و السرقة قال: اذا عرفت ذلك فلا تشتره الا من العمال «2».

و منها: ما رواه جميل بن صالح قال: أرادوا بيع تمر عين ابن أبي زياد فأردت أن أشتريه فقلت حتي استأذن أبا عبد اللّه عليه السلام فأمرت مصادفا فسأله فقال له:

قل له: فليشتره فانه ان لم يشتره اشتراه غيره «3».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألته عن الرجل يشتري من العامل و هو يظلم قال: يشتري منه ما لم يعلم انه ظلم فيه أحدا «4».

و منها: ما رواه عبد الرحمن ابن أبي عبد اللّه قال: سألته عن الرجل أ يشتري من العامل و هو يظلم؟ فقال: يشتري منه «5».

و ربما يقال: انه لا يجوز أخذ الجوائز من الظالم الا مع العلم بأن له مالا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 53 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 328

و كذا كل ما كان في يده يجوز اخذه منه و تملكه و التصرف فيه باذنه (1).

______________________________

حلالا كي يحتمل ان المأخوذ منه و استدل عليه بما رواه الحميري

أنه كتب الي صاحب الزمان عليه السلام يسأل عن الرجل من وكلاء الوقف مستحل لما في يده لا يرع عن أخذ ماله ربما نزلت في قريته و هو فيها أو أدخل منزله و قد حضر طعامه فيدعوني اليه فان لم آكل طعامه عاداني عليه فهل يجوز لي أن آكل من طعامه و اتصدق بصدقة و كم مقدار الصدقة؟ و ان أهدي هذا الوكيل هدية الي رجل آخر فيدعوني الي أن انال منها و أنا أعلم ان الوكيل لا يتورع عن أخذ ما في يده فهل علي فيه شي ء ان أنا نلت منها؟ الجواب: ان كان لهذا الرجل مال أو معاش غير ما في يده فكل طعامه و اقبل بره و الا فلا «1».

و هذه الرواية مرسلة فلا اعتبار بها. و اما الصورة الثانية و هي صورة العلم بوجود الحرام في أموال الظالم و لكن لا يعلم بوجود الحرام في المدفوع فان لم يكن جميع الاطراف محل الابتلاء يجوز الاخذ للنصوص المشار اليها بل صرح في بعض النصوص بجواز الاشتراء من الظالم ما لم يعلم بوجود الحرام لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار «2» بل القاعدة تقتضي الجواز و هي قاعدة اليد بتقريب: ان المدفوع ان كان من الحقوق الشرعية يجوز أخذه منه بمقتضي الروايات و ان لم يكن منها فهو له بمقتضي قاعدة اليد و حيث انه ليس جميع الاطراف محل الابتلاء كما هو المفروض لا تعارض في جريان القاعدة بالنسبة الي بعض الاطراف و هو المدفوع اليه.

(1) لقاعدة اليد بل يمكن الاستدلال عليه بالنصوص المشار اليها فانه يستفاد من هذه النصوص انه يجوز الاخذ من الظالم ما دام لا يعلم بوجود الحرام فيه

______________________________

(1) الوسائل

الباب 51 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 15

(2) لاحظ ص: 327

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 329

الا أن يعلم انه غصب فلو اخذ منه حينئذ وجب رده الي مالكه ان عرف بعينه (1) فان جهل و تردد بين جماعة محصورة فان أمكن استرضائهم وجب (2).

______________________________

فالنتيجة اطلاق الجواز كما في المتن.

(1) بلا اشكال و لا كلام فانه لا ريب في وجوب رد المال الي مالكه و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي: «إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا … «1».

(2) مقتضي اطلاق كلام الماتن انه مع امكان استرضاء الجميع يجب بأي نحو كان إلا مع استلزام تحصيل الرضا الضرر أو الحرج النافين للحكم الضرري و الحرجي كما هو المقرر في محله و لم يظهر وجه ما أفاده اذ الواجب علي الاخذ ايصال المال الي مالكه و المفروض انه لا يمكنه فلا بد من اعمال القواعد و لا يبعد جواز تعيين المالك بالقرعة لاحظ ما رواه جميل قال: قال الطيار لزرارة: ما تقول في المساهمة أ ليس حقا؟ فقال زرارة: بلي هي حق فقال الطيار: أ ليس قد ورد انه يخرج سهم المحق؟ قال: بلي. قال: فتعال حتي ادعي انا و انت شيئا ثم نساهم عليه و ننظر هكذا هو؟ فقال له زرارة: انما جاء الحديث بأنه ليس من قوم فوضوا أمرهم الي اللّه ثم اقترعوا إلا خرج سهم المحق فاما علي التجارب فلم يوضع علي التجارب فقال الطيار: أ رأيت ان كانا جميعا مدعيين ادعيا ما ليس لهما من أين يخرج سهم أحدهما؟ فقال زرارة: اذا كان كذلك جعل معه سهم مبيح فان كانا ادعيا ما ليس لهما خرج سهم المبيح «2».

و ما رواه

منصور بن حازم قال: سأل بعض أصحابنا أبا عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) النساء/ 58

(2) الوسائل 13 من أبواب كيفية الحكم و أحكام الدعوي الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 330

و الا رجع في تعيين مالكه الي القرعة (1) و ان تردد بين جماعة غير محصورة تصدق به عن مالكه مع الاذن من الحاكم الشرعي علي الاحوط ان كان يائسا عن معرفته و الا وجب الفحص عنه و ايصاله اليه (2).

______________________________

عن مسألة فقال: هذه تخرج في القرعة ثم قال: فأي قضية أعدل من القرعة اذا فوضوا أمرهم الي اللّه عز و جل أ ليس اللّه يقول: فَسٰاهَمَ فَكٰانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ «1» فان المستفاد من الحديثين انه لو دار أمر مال بين شخصين أو أشخاص يحرز المالك بالقرعة.

(1) كما هو المستفاد من النص.

(2) تعرض الماتن في هذا المتن لفروع ثلاثة: الاول: انه لو لم يكن من بيده المال آيسا عن المالك يجب عليه الفحص و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي: «إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا» «2» فان مقتضي الاطلاق وجوب الايصال بلا فرق بين كون الامانة مالكية أو شرعية كاللقطة و مجهولة المالك و السرقة و الخيانة غاية الامر يقيد وجوب الايصال بصورة امكانه اذ كل تكليف مشروط بالقدرة فان علم بعدم القدرة علي الايصال لا يجب كما انه لو علم بامكان الايصال يجب و أما لو شك في القدرة فما هي الوظيفة؟

ربما يقال: ان السيرة العقلائية تقتضي وجوب الفحص فانهم في مواقع الشك في القدرة يقدمون علي العمل الا في صورة اليأس و بعبارة اخري: بمجرد الشك في التكليف من ناحية الشك في القدرة لا يقفون بل مع احتمال القدرة يقدمون. و

يمكن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 17

(2) النساء/ 58

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 331

______________________________

أن يقال: ان الوجه في عمل العقلاء به عدم مؤمن و حجة في مقابل الموالي فمع وجود القدرة و تحقق التكليف لا عذر لهم و أما في الشريعة المقدسة فحيث جعل اصالة البراءة عن التكليف عند الشك فيمكن للمكلف أن يحتج به و يجعل الاصل عذرا لعدم القيام فالقياس مع الفارق و عليه يكون الوجوب المستفاد من الاية مختصا بصورة العلم بامكان الايصال و يقع التعارض بين مفاد الاية و ما دل من النصوص علي وجوب التصدق بالعموم من وجه فان ما به الافتراق من ناحية اخبار التصدق صورة اليأس عن الايصال و ما به الافتراق من ناحية الاية غير مجهول المالك من بقية الامانات.

و فيه: مع امكان الايصال تتحقق المعارضة لكن الاية تقدم علي تلك الادلة بوجهين: احدهما: ان العموم الوضعي يقدم علي العموم الاطلاقي و عموم الاية وضعي فان الجمع المحلي عمومه وضعي. ثانيهما: ان الرواية المتعارضة مع الكتاب تضرب عرض الجدار مضافا الي أن وجوب الفحص و الطلب يستفاد من جملة من النصوص فعلي فرض وجود الاطلاق في ادلة التصدق لا تبقي تلك الادلة بحالها بل تقيد بما يدل علي وجوب الفحص.

و من النصوص التي تدل علي وجوب الطلب ما دام لا يحصل اليأس ما رواه معاوية بن وهب قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل كان له علي رجل حق ففقد و لا يدري أحي هو أم ميت و لا يعرف له وارث و لا نسب و لا بلد قال: اطلبه قال:

ان ذلك قد طال فاصدق به؟ قال: اطلبه «1».

و يدل علي وجوب الفحص عن المالك ما رواه

يونس بن عبد الرحمن قال:

سئل أبو الحسن الرضا عليه السلام و أنا حاضر الي أن قال: فقال: رفيق كان لنا

______________________________

(1) تهذيب الاحكام ج 8 ص: 188 حديث: 21

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 332

______________________________

بمكة فرحل منها الي منزله و رحلنا الي منازلنا فلما أن صرنا في الطريق أصبنا بعض متاعه معنا فأي شي ء نصنع به؟ قال تحملونه حتي تحملوه الي الكوفة قال: لسنا نعرفه و لا نعرف بلده و لا نعرف كيف نصنع؟ قال: اذا كان كذا فبعه و تصدق بشي ء قال له: علي من جعلت فداك؟ قال: علي اهل الولاية «1». و هذه الرواية ضعيفة بالعبيدي.

و مما يمكن أن يستدل به علي المدعي ما رواه حفص بن غياث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل من المسلمين أو دعه رجل من اللصوص دراهم أو متاعا و اللص مسلم هل يرد عليه؟ فقال: لا يرده فان أمكنه أن يرده علي أصحابه فعل و الا كان في يده بمنزلة اللقطة يصيبها فيعرفها حولا فان أصاب صاحبها ردها عليه و الا تصدق بها فان جاء طالبها بعد ذلك خيره بين الاجر و الغرم فان اختار الاجر فله الاجر و ان اختار الغرم غرم له و كان الاجر له «2». و هذه الرواية ضعيفة سندا.

و قد وردت عدة روايات في بيان حكم ميراث المفقود يستفاد من بعض تلك الروايات وجوب الفحص عن الوارث لاحظ ما رواه هشام بن سالم قال: سأل خطاب الاعور أبا ابراهيم عليه السلام و أنا جالس فقال: انه كان عند أبي أجير يعمل عنده بالاجر ففقدناه و بقي له من أجره شي ء فلا نعرف له وارثا قال: فاطلبوه قال: فقد طلبناه فلم نجده

قال: فقال: مساكين و حرك يديه قال: فأعاد عليه قال:

اطلب و اجهد فان قدرت عليه و الا هو كسبيل مالك حتي يجي ء له طالب و ان حدث بك حدث فأوص به ان جاء له طالب أن يدفع اليه «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب اللقطة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب اللقطة

(3) تهذيب الاحكام ج 9 ص 389 حديث 1387

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 333

______________________________

و لكن لا يمكن استفادة حكم المقام من تلك النصوص مضافا الي التعارض الواقع في تلك الروايات كما ان الروايات الواردة في حكم اللقطة لا يستفاد منها حكم المقام و لكن يكفي لوجوب الفحص دليلا الاية الشريفة مضافا الي بعض النصوص و قد اشرنا اليه.

الفرع الثاني: انه يجب التصدق مع اليأس عن معرفة المالك و قد وقع الكلام بين القوم في حكم مجهول المالك و ذكرت في هذا المقام وجوه:

الوجه الاول: انه يجب التصدق و يمكن أن يستدل علي المدعي بجملة من النصوص منها: ما رواه علي بن أبي حمزة قال: كان لي صديق من كتاب بني امية فقال لي: استأذن لي علي أبي عبد اللّه عليه السلام فاستأذنت له «عليه» فأذن له فلما أن دخل سلم و جلس ثم قال: جعلت فداك اني كنت في ديوان هؤلاء القوم فأصبت من دنياهم مالا كثيرا و أغمضت في مطالبه فقال أبو عبد اللّه عليه السلام:

لو لا ان بني امية وجدوا لهم من يكتب و يجبي لهم الفي ء و يقاتل عنهم و يشهد جماعتهم لما سلبونا حقنا و لو تركهم الناس و ما في ايديهم ما وجدوا شيئا الا ما وقع في ايديهم قال: فقال الفتي: جعلت فداك فهل لي مخرج منه؟

قال: ان قلت لك تفعل؟ قال: أفعل قال له فاخرج من جميع ما كسبت «اكتسبت» في ديوانهم فمن عرفت منهم رددت عليه ماله و من لم تعرف تصدقت به الحديث «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا.

و منها: ما رواه أبو أيوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل أمر غلامه ان يبيع كرمه عصيرا فباعه خمرا ثم أتاه بثمنه فقال: ان أحب الاشياء إلي أن

______________________________

(1) الوسائل الباب 47 من أبواب ما يكتسب به

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 334

______________________________

يتصدق بثمنه «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا.

و منها: ما رواه علي بن ميمون الصائغ قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عما يكنس من التراب فابيعه فما أصنع به؟ قال: تصدق به فاما لك و اما لأهله قال قلت فان فيه ذهبا و فضة و حديدا فبأي شي ء ابيعه؟ قال: بعه بطعام قلت: فان كان لي قرابة محتاج أعطيه منه؟ قال: نعم «2». و هذه الرواية ضعيفة سندا.

و منها: ما رواه علي الصائغ قال: سألته عن تراب الصواغين و انا نبيعه قال:

أما تستطيع أن تستحله من صاحبه؟ قال: قلت: لا اذا أخبرته اتهمني قال: بعه قلت بأي شي ء نبيعه؟ قال: بطعام قلت: فأي شي ء أصنع به؟ قال: تصدق به إما لك و اما لأهله «لأهلك خ ل» قلت: ان كان ذا قرابة محتاجا أصله؟ قال:

نعم «3». و هذه الرواية ضعيفة سندا.

و منها: ما رواه أبو علي بن راشد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام قلت:

جعلت فداك اشتريت ارضا الي جنب ضيعتي بالفي درهم فلما وفيت المال خبرت ان الارض وقف فقال: لا يجوز شراء الوقف و لا تدخل الغلة في مالك و ادفعها الي من وقفت عليه

قلت: لا أعرف لها ربا قال «تصدق بغلتها» «4» و السند ضعيف و منها: ما رواه حفص «5» و هذه الرواية ضعيفة سندا. و منها ما رواه يونس «6» و السند ضعيف.

______________________________

(1) الوسائل الباب 55 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب الصرف الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 17 من أبواب عقد البيع و شروطه

(5) لاحظ ص: 332

(6) لاحظ ص: 331

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 335

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل ترك غلاما له في كرم له يبيعه عنبا أو عصيرا فانطلق الغلام فعصر خمرا ثم باعه قال: لا يصلح ثمنه ثم قال: ان رجلا من ثقيف اهدي الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله راويتين من خمر فأمر بهما رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فاهريقتا و قال: ان الذي حرم شربها حرم ثمنها ثم قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان أفضل خصال هذه التي باعها الغلام أن يتصدق بثمنها «1». و هذه الرواية تامة سندا و لكن لا يستفاد منها وجوب التصدق بل المستفاد منها ان الافضل التصدق.

الوجه الثاني ان حكمه وجوب الخمس فيه و انه ملك لمن وضع يده عليه و الدليل عليه ما رواه علي بن مهزيار عن أبي جعفر عليه السلام و الشاهد في الرواية قوله عليه السلام في عداد ما يجب فيه الخمس «و مثل مال يؤخذ و لا يعرف له صاحب «2».

و أورد علي هذا الوجه سيدنا الاستاد «3» أولا بأن الرواية ناظرة الي وجوب الخمس في موارده علي نحو القضية الحقيقية و لا يكون الرواية في مقام

بيان جواز التملك. و بعبارة اخري: الرواية تدل علي وجوب الخمس في موارد حصول الملكية بأسبابها و لا تكون في مقام بيان ذكر السبب فلا بد من اتمام الموضوع بدليل خارجي لا بهذه الرواية و ثانيا بأن دلالة الرواية علي المدعي علي فرض تماميتها بالظهور لا بالصراحة و حيث ان المستفاد من اخبار التصدق وجوبه يقيد هذه الرواية بتلك الاخبار و يختص مورد الخمس بعد التقييد باللقطة هذا ملخص كلامه.

و يرد علي الاشكال الاول في كلامه انه لا اشكال بحسب الفهم العرفي ان المستفاد

______________________________

(1) الوسائل الباب 55 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 5

(3) مصباح الفقاهة ج 1 ص: 519

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 336

______________________________

من حديث ابن مهزيار صيرورة المال الذي لا يكون مالكه معلوما للأخذ. و بعبارة اخري. لا اشكال في أن العرف يفهم من الحديث ان المال المأخوذ الذي يكون مالكه مجهولا من الغنائم و الفوائد التي يجب فيها الخمس و العرف ببابك و أما الاشكال الثاني المذكور في كلامه فيرده انه لا تنافي بين هذا الحديث و حديث ابن مسلم الدال علي أن الافضل التصدق.

و ان شئت قلت: ان المستفاد من حديث ابن مهزيار صيرورة المأخوذ ملكا للأخذ غاية الامر يجب فيه الخمس و حيث ان الخمس بعد المئونة فلا يتعلق به الخمس اذا صرف في المئونة و بمقتضي حديث ابن مسلم أفضل مصارفه الصدقة فلا تنافي بين الحديثين بوجه و اللّه العالم و علي فرض التعارض يكون الترجيح من حيث الاحدثية مع حديث ابن مهزيار.

و في المقام رواية رواها اسحاق بن عمار عن عبد صالح عليه السلام قال: سألته عن

رجل في يده دار ليست له و لم تزل في يده و يد آبائه من قبله قد أعلمه من مضي من آبائه انها ليست لهم و لا يدري لمن هي فيبيعها و يأخذ ثمنها؟ قال: ما احب أن يبيع ما ليس له قلت: فانه ليس يعرف صاحبها و لا يدري لمن هي و لا اظنه يجي ء لها رب ابدا قال: ما احب أن يبيع ما ليس له قلت: فيبيع سكناها أو مكانها في يده فيقول: ابيعك سكناي و تكون في يدك كما هي في يدي قال: نعم يبيعها علي هذا «1».

ربما يستفاد منها التنافي مع ما في حديث ابن مهزيار و لكن علي فرض التعارض يكون الترجيح مع حديث ابن مهزيار لكونه أحدث و الحديث ينسخ كما ينسخ القران. ثم ان حديث ابن مهزيار يعارض بالاطلاق عموم الاية الشريفة الآمرة برد

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 337

______________________________

الامانات الي أهلها و النسبة بينهما العموم من وجه فان الاية الشريفة شاملة لجميع الامانات و تختص بمورد امكان الايصال و الرواية تختص بمجهول المالك و تعم مورد امكان الايصال و غيره فيقع التعارض بين الطرفين في مجهول المالك الممكن ايصاله الي مالكه فتقيد الرواية بالآية لوجهين المتقدمين من أقوائية العموم عن الاطلاق و ان المعارض مع الكتاب يضرب علي الجدار.

الوجه الثالث: ان حكم مجهول المالك العمل فيه و اخراجه صدقة قليلا قليلا و الدليل عليه ما رواه نصر بن حبيب قال: كتبت الي عبد صالح عليه السلام لقد وقعت عندي مأتا درهم و أربعة دراهم و أنا صاحب فندق و مات صاحبها و لم أعرف له ورثة فرأيك

في اعلامي حالها و ما أصنع بها فقد ضقت بها ذرعا فكتب اعمل فيها و اخرجها صدقة قليلا قليلا حتي يخرج «1».

و الحديث ضعيف سندا مضافا الي أنه يمكن أن يكون المال في مورد الرواية للإمام من باب انه عليه السلام وارث من لا وارث له فلا ترتبط بالمقام.

الوجه الرابع: وجوب حفظه و الايصاء به عند الوفاة علي ما في كلام سيدنا الاستاد «2» و استدل بما رواه هشام بن سالم قال: سأل حفص الاعور أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده جالس قال: انه كان لأبي اجير كان يقوم في رحاه و له عندنا دراهم و ليس له وارث فقال أبو عبد اللّه عليه السلام تدفع الي المساكين ثم قال:

رأيك فيها ثم أعاد عليه المسألة فقال له مثل ذلك فأعاد عليه المسألة ثالثة فقال أبو عبد اللّه: تطلب وارثا فان وجدت وارثا و الا فهو كسبيل مالك ثم قال: ما عسي أن يصنع بها ثم قال: توصي بها فان جاء طالبها و الا فهي كسبيل مالك «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب ميراث الخنثي و ما أشبهه الحديث: 3

(2) مصباح الفقاهة ج 1 ص: 521

(3) الوسائل الباب 22 من أبواب الدين و القرض الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 338

______________________________

و أورد سيدنا الاستاد في الاستدلال بالرواية انها واردة في الحق الكلي و الكلام في المقام في العين الشخصية و أورد أيضا بأنها واردة في قضية شخصية فلا يستفاد منها العموم و يرد علي الايراد الاول ان الرواية صريحة في أن موردها العين الخارجية و هي الدراهم و ان أبيت عن الصراحة فلا أقلّ من الظهور و أما الايراد الثاني فيرده ان العرف يفهم

من الرواية انه عليه السلام في مقام بيان حكم مجهول المالك.

نعم يمكن أن يقال: ان هذه الرواية موردها معلوم المالك و كلامنا في مجهول المالك كما انه يمكن أن يقال: ان الرواية ناظرة الي مورد عدم وجود الوارث فيكون المال ملكا للإمام عليه السلام فهذه الرواية كرواية اخري لهشام بن سالم قال: سأل حفص الاعور أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا حاضر فقال: كان لأبي أجير و كان له عنده شي ء فهلك الاجير فلم يدع وارثا و لا قرابة و قد ضقت بذلك كيف أصنع؟ قال: رأيك المساكين رأيك المساكين فقلت: اني ضقت بذلك زرعا قال: هو كسبيل مالك فان جاء طالب اعطيته «1» فلا تعارض بين هذه الطائفة و حديث ابن مهزيار.

الوجه الخامس: ان مجهول المالك ملك و للإمام عليه السلام و الدليل عليه ما رواه داود بن ابي يزيد عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رجل: اني قد اصبت مالا و اني قد خفت فيه علي نفسي اصبت صاحبه دفعته اليه و تخلصت منه قال: فقال له ابو عبد اللّه عليه السلام: و اللّه لو اصبته كنت تدفعه اليه؟ قال: اي و اللّه قال: فأنا و اللّه ماله صاحب غيري قال: فاستحلفه ان يدفعه الي من يأمره قال: فحلف فقال:

فاذهب فاقسمه في اخوانك و لك الا من مما خفت منه قال: فقسمته بين اخواني «2».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 7، ص: 338

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب ميراث الخنثي و ما يشبهه الحديث: 10

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب اللقطة الحديث: 1

مباني منهاج

الصالحين، ج 7، ص: 339

[مسألة 40: يكره بيع الصرف و بيع الأكفان و بيع الطعام و بيع العبيد]

(مسألة 40): يكره بيع الصرف و بيع الاكفان و بيع الطعام و بيع العبيد كما يكره أن يكون الانسان جزارا أو حجاما (1) و لا سيما

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة سندا مضافا الي انه يمكن ان يكون المال في تلك الواقعة فقد من الامام روحي له الفداء.

الوجه السادس: وجوب دفعه الي الحاكم الشرعي بتقريب: انه ولي الغائب فلا بد من الدفع اليه. و فيه: انه لا دليل علي ولايته و انما ولايته من باب الحسبة و قد علم الوظيفة من الشرع بالنسبة الي مجهول المالك فلا وجه لدفعه اليه ان قلت: يجب الدفع اليه اما من حيث ولايته و اما من حيث كونه اعرف بمصرفه قلت:

اما ولايته فلا دليل عليها و اما كونه اعرف من حيث الحكم فنعم لكن بعد الرجوع اليه و معرفة الحكم فلا فرق بينه و بين مقلده فانهما كليهما عارفان بالحكم غاية الامر احدهما بالاجتهاد و الاخر بالتقليد و اما بالنسبة الي الموضوع فلا دليل علي كونه اعرف مضافا الي انه لو قلنا ان حكمه وجوب الخمس يكون كبقية افراد ما يجب فيه الخمس و لا يجب دفع الخمس الي الحاكم بل المعتبر بالنسبة الي السهم المبارك اذنه فلاحظ.

الفرع الثالث: انه يجب ان يكون التصدق باذن الحاكم الشرعي و الظاهر انه لا دليل عليه و مقتضي الاطلاق و الاصل العملي عدم الوجوب فلاحظ.

(1) لجملة من النصوص منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: دخلت علي ابي عبد اللّه عليه السلام فخبرته انه ولد لي غلام قال: أ لا سميته محمدا؟ قلت قد فعلت قال:

فلا تضرب محمد اولا تشتمه جعله اللّه قرة عين لك في حياتك و خلف صدق

بعدك قلت: جعلت فداك في اي الاعمال اضعه؟ قال: اذا عدلته (عزلته) عن خمسة اشياء فضعه حيث شئت لا تسلمه صيرفيا فان الصيرفي لا يسلم من الربا و لا تسلمه بياع اكفان فان صاحب الاكفان يسره الوباء اذا كان و لا تسلمه بياع طعام فانه لا يسلم

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 340

مع الشرط بأن يشترط اجرة (1) و يكره أيضا التكسب بضراب الفحل

______________________________

من الاحتكار و لا تسلمه جزارا فان الجزار تسلب منه الرحمة و لا تسلمه نخاسا فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: شر الناس من باع الناس «1».

و منها: ما رواه طلحة بن زيد عن ابي عبد اللّه جعفر بن محمد عليهما السلام قال: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم قال: اني اعطيت خالتي غلاما و نهيتها ان تجعله قصابا او حجاما او صائغا «2».

و منها غيرهما من الروايات الواردة في الباب 21 من أبواب ما يكتسب به من الوسائل.

(1) لجملة من الروايات منها: ما رواه سماعة قال: قال ابو عبد اللّه عليه السلام:

السحت انواع كثيرة منها كسب الحجام اذا شارط الحديث «3».

و منها: ما رواه ابو بصير يعني المرادي عن ابي جعفر عليه السلام قال: سألته عن كسب الحجام فقال: لا بأس به اذا لم يشارط «4».

و منها: ما رواه زرارة قال: سألت ابا جعفر عليه السلام عن الحجام فقال:

مكروه له ان يشارط و لا بأس عليك ان تشارطه و تماكسه و انما يكره و لا بأس عليك «5».

و لا يبعد ان يكون مقتضي الجمع بين النصوص انه مكروه مع الشرط و اما مع عدم الشرط فلا كراهة فيه فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب ما

يكتسب به الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 9 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 341

بأن يوجره لذلك أو بغير اجارة بقصد العوض (1) أما لو كان بقصد المجانية فلا يأس بما يعطي بعنوان الهدية (2).

[مسألة 41: لا يجوز بيع أوراق اليانصيب]

(مسألة 41): لا يجوز بيع أوراق اليانصيب فاذا كان الاعطاء بقصد البدلية من المائة المحتملة فالمعاملة باطلة (3) و أما اذا كان الاعطاء مجانا و بقصد الاشتراك في مشروع خيري فلا بأس به (4) و علي

______________________________

(1) لاحظ ما ارسله الصدوق قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم عن عسيب الفحل و هو اجر الضراب «1».

و المستفاد من حديث حنان بن سدير قال: دخلنا علي ابي عبد اللّه عليه السلام و معنا فرقد الحجام الي ان قال: فقال له: جعلني اللّه فداك ان لي تيسا اكريه فما تقول في كسبه؟ قال: كل كسبه فانه لك حلال و الناس يكرهونه قال حنان:

قلت لأي شي ء يكرهونه و هو حلال؟ قال: لتعيير الناس بعضهم بعضا «2».

و من حديث معاوية بن عمار عن ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

قلت له: اجر التيوس قال: ان كانت العرب لتعايره به و لا بأس «3»، عدم الكراهة و المستفاد من المرسل مرجوحية اخذ الاجرة لا المعاملة عليه.

(2) لعدم دليل علي الكراهة في هذه الصورة و بعبارة اخري: المنهي عنه الاخذ بعنوان الاجر و اما الهبة فلا.

(3) للغرر و الجهل و احتمال عدم ما قصد كونه مبيعا.

(4) لعدم ما يقتضي المنع و الشركة جائزة بلا كلام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب

ما يكتسب به الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 342

كلا التقديرين فالمال المعطي لمن أصابت القرعة باسمه اذا كان المتصدي لها شركة غير أهلية من المال المجهول مالكه (1) و لا بد من مراجعة الحاكم الشرعي (2).

[مسألة 42: يجوز إعطاء الدم إلي المرضي المحتاجين إليه]

(مسألة 42): يجوز اعطاء الدم الي المرضي المحتاجين اليه (3) كما يجوز اخذ العوض في مقابله علي ما تقدم (4) و يحرم حلق اللحية علي الاحوط (5).

______________________________

(1) اذ الماتن يري ان الحكومة غير مالكة فالمال المأخوذ من مصاديق مجهول المالك.

(2) قد مر الكلام قريبا من هذه الجهة فراجع.

(3) فان جوازه علي طبق القاعدة ما لم يعرض عليه عنوان محرم.

(4) قد مر انه لا دليل علي حرمة بيع الدم فراجع.

(5) قال سيدنا الاستاد: «المشهور بل المجمع عليه بين الشيعة و السنة هو حرمة حلق اللحية» «1» انتهي. و ما يمكن ان يستدل به علي المدعي او استدل وجوه:

الوجه الاول قوله تعالي: «وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّٰهِ» «2».

بتقريب: ان التغيير بأمر الشيطان حرام و حلق اللحية تغيير في خلق اللّه فيحرم و فيه: ان المراد من الاية غير واضح و المروي عن الباقر و الصادق عليهما السلام «3» ان المراد منه تغيير دين اللّه. و ان شئت قلت: لا اشكال في حرمة تغيير مخلوق اللّه سبحانه في الجملة و لكن ليس حلق اللحية منه و اما التغيير علي نحو الاطلاق فغير

______________________________

(1) مصباح الفقاهة ج 1 ص: 257

(2) النساء/ 118

(3) راجع التبيان للطوسي ج 3 ص: 334

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 343

______________________________

حرام قطعا و الا يلزم حرمة قطع الاخشاب و جري الانهار و امثالهما و هو كما تري.

الوجه الثاني: جملة من النصوص الدالة

علي اعفاء اللحي منها: مرسل الصدوق قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: حفوا الشوارب و اعفوا اللحي و لا تشبهوا باليهود «1».

و منها مرسله الاخري قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ان المجوس جزوا لحاهم و وفروا شواربهم و انا نحن نجز الشوارب و نعفي اللحي و هي الفطرة «2».

و منها: ما رواه علي بن غراب عن جعفر بن محمد عن ابيه عن جده عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حفوا الشوارب و اعفوا اللحي و لا تشبهوا بالمجوس «3». و منها ما رواه علي بن ابراهيم في تفسيره «4».

و هذه النصوص كلها ضعيفة سندا.

الوجه الثالث: ما عن رسول اللّه صلي اللّه عليه قال: حلق اللحية من المثلة و من مثل فعليه لعنة اللّه «5».

بتقريب: ان الرواية تدل علي أن حلق اللحية من أفراد المثلة و عليه لعنة اللّه و فيه اولا: ان السند ضعيف بموسي. و ثانيا: ان التمثيل هو التنكيل بالغير بقصد الاهانة فالخبر يدل علي ان ازالة لحية الغير بقصد اهانته من افراد المثلة فلا تربط

______________________________

(1) الوسائل الباب 67 من ابواب آداب الحمام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) مستدرك الوسائل الباب 40 من أبواب آداب الحمام الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 344

______________________________

الرواية بما نحن فيه الا ان يقال: ان المثلة حرام و بمقتضي الرواية يكون الحلق من افرادها حكومة فلاحظ.

الوجه الرابع: ما رواه جابر عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ليس منا من سلق و لا خرق و لا حلق «1» و السند ضعيف الوجه الخامس: ما نقل

عن الكازروني في المنتقي «2» و السند ضعيف.

الوجه السادس: ما رواه اسماعيل بن مسلم عن الصادق عليه السلام قال: انه اوحي اللّه الي نبي من انبيائه قل للمؤمنين: لا تلبسوا لباس اعدائي و لا تطعموا مطاعم اعدائي و لا تسلكوا مسالك اعدائي فتكونوا اعدائي كما هم اعدائي «3».

بتقريب: ان حلق اللحية من مسالك الاعداء فيحرم بمقتضي حرمة سلوك مسالكهم. و فيه: ان السند ضعيف مضافا الي ان الظاهر من الخبر ان المنهي عنه اخذ مسلكهم زيا و شعارا فلا يصدق علي مجرد مماثلة عملهم لعملهم.

الوجه السابع: ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله: «غيروا الشيب و لا تشبهوا باليهود و النصاري «4» بتقريب: ان النبي صلي اللّه عليه و آله نهي عن مشابهة اليهود و حلق اللحية من مصاديق المنهي عنه. و فيه: انه علي تقدير شمول الحديث لما نحن فيه لا اثر له لأنهما ضعيفان سندا.

الوجه الثامن: ما رواه احمد بن محمد بن ابي نصر البزنطي صاحب الرضا عليه السلام قال: و سألته عن الرجل هل يصلح له ان يأخذ من لحيته؟ قال: اما

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر

(3) الوسائل الباب 19 من أبواب لباس المصلي الحديث: 8

(4) الوسائل الباب 41 من أبواب آداب الحمام الحديث: 8 و 9

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 345

و يحرم أخذ الاجرة عليه كذلك (1) الا اذا كان ترك الحلق يوجب سخرية و مهانة شديدة لا تتحمل عند العقلاء فيجوز حينئذ (2).

[آداب التجارة]
اشارة

آداب التجارة:

[مسألة 43: يستحب التفقه فيها ليعرف صحيح البيع و فاسده و يسلم من الربا]

(مسألة 43): يستحب التفقه فيها ليعرف صحيح البيع و فاسده و يسلم من الربا (3).

______________________________

من عارضيه فلا بأس و اما من مقدمها فلا «1» و مقتضي التفصيل فيه حرمة الاخذ من المقدم و اما الاخذ من العارض فلا بأس.

الوجه التاسع: الاجماعات المنقولة و الشهرة المحققة بين العامة و الخاصة الوجه العاشر: الارتكاز المتشرعي فانهم بما هم كذلك يرون ان هذا العمل حراما و اللّه العالم بحقايق الأحكام.

(1) فان الحرام لا يقابل بالاجر و اجره سحت فتأمل.

(2) اذا قلنا بالحرمة لا يمكن رفع اليد عنها بمجرد تحقق السخرية و الاهانة نعم اذا وصل الي حد الحرج الشخصي يمكن القول بالجواز من باب ارتفاع الالزامات الشرعية بالحرج فلاحظ.

(3) لاحظ ما رواه الاصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول علي المنبر: يا معشر التجار الفقه ثم المتجر الفقه ثم المتجر الفقه ثم المتجر و اللّه للربا في هذه الامة اخفي من دبيب النمل علي الصفا شوبوا أيمانكم بالصدق التاجر فاجر و الفاجر في النار الا من أخذ الحق و أعطي الحق «2».

و ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 63 من أبواب آداب الحمام الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب آداب التجارة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 346

و مع الشك في الصحة و الفساد لا يجوز له ترتيب آثار الصحة بل يتعين عليه الاحتياط (1) و يستحب ان يساوي بين المبتاعين فلا يفرق بين المماكس و غيره بزيادة السعر في الاول او بنقصه (2) أما لو فرق بينهم لمرجحات شرعية كالعلم و التقوي و نحوهما فالظاهر أنه لا بأس به

(3).

______________________________

السلام من اتجر بغير علم ارتطم في الربا ثم ارتطم «1».

و ما رواه الصدوق قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: لا يقعدن في السوق الا من يعقل الشراء و البيع «2».

و ما رواه المفيد قال: قال الصادق عليه السلام: من أراد التجارة فليتفقه في دينه ليعلم بذلك ما يحل له مما يحرم عليه و من لم يتفقه في دينه ثم اتجر تورط الشبهات «3».

(1) فان مقتضي الاصل الاولي هو الفساد فمع الشك في الصحة لا بد من الاحتياط.

(2) لخبر عامر بن جذاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في رجل عنده متاع فسعره سعرا معلوما فمن سكت عنه ممن يشتري منه باعه بذلك السعر و من ماكسه و أبي أن يبتاع منه زاده قال: لو كان يزيد الرجلين و الثلاثة لم يكن بذلك بأس فأما ان يفعله بمن أبي عليه و كايسه و يمنعه ممن لم يفعل ذلك فلا يعجبني الا أن يبيعه بيعا واحدا «4».

(3) لعدم شمول الدليل لمثل الفرض فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الفروع من الكافي ج 5 ص 152 حديث 10

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 347

و يستحب أن يقيل النادم (1) و يشهد الشهادتين عند العقد (2) و يكبر اللّه تعالي عنده (3) و يأخذ الناقص و يعطي الراجح (4).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الجعفري عن بعض أهل بيته قال: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لم يأذن لحكيم بن حزام بالتجارة حتي ضمن له اقالة النادم و انظار المعسر و أخذ الحق وافيا و غير واف «1».

و ما رواه أبو حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال

أيما عبد أقال مسلما في بيع أقاله اللّه تعالي عثرته يوم القيامة «2».

(2) لاحظ ما رواه حنان عن أبيه قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: يا أبا الفضل أ ما لك مكان تقعد فيه فتعامل الناس؟ قال: قلت: بلي قال: ما من رجل مؤمن يروح او يغدو الي مجلسه او سوقه فيقول: حين يقع رجله في السوق اللهم اني اسألك من خيرها و خير اهلها الا وكل اللّه عز و جل به من يحفظه و بحفظ عليه حتي يرجع الي منزله فيقول له: قد اجرت من شرها و شر اهلها بذلك هذا باذن اللّه عز و جل و قد رزقت خيرها و خير اهلها في يومك هذا فاذا جلس مجلسه قال:

حين يجلس: «اشهد ان لا إله الا اللّه وحده لا شريك له و اشهد ان محمدا عبده و رسوله» الحديث «3». و لكن الرواية لا تدل علي المدعي.

(3) لاحظ ما رواه حريز عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا اشتريت شيئا من متاع او غيره فكبر الحديث «4».

(4) يدل علي استحباب اعطاء الزيادة جملة من النصوص منها ما رواه السكوني عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: مر أمير المؤمنين عليه السلام علي جارية قد اشترت

______________________________

(1) الفروع من الكافي ج 5 ص 151 حديث 4

(2) الفروع من الكافي ج 5 ص 153 حديث 16

(3) الفروع من الكافي ج 5 ص 155 باب من ذكر اللّه تعالي في السوق حديث 1

(4) الفروع من الكافي ج 5 ص 156 حديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 348

[مسألة 44: يكره مدح البائع سلعته و ذم المشتري لها]

(مسألة 44): يكره مدح البائع سلعته و ذم المشتري لها (1).

______________________________

لحما من قصاب و هي تقول: زدني فقال له

امير المؤمنين عليه السلام زدها فانه اعظم للبركة «1».

و منها: ما رواه ابن ابي عمير عن غير واحد عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا يكون الوفاء حتي يرجح «2».

و منها: ما رواه حماد بن بشير عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يكون الوفاء حتي يميل الميزان «3». و منها: مرسل الكليني قال: و في خبر آخر: لا يكون الوفاء حتي يرجح «4».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: قال من اخذ الميزان بيده فنوي ان يأخذ لنفسه وافيا لم يأخذه الا راجحا و من اعطي فنوي ان يعطي سواء لم يعط الا ناقصا «5».

و الظاهر انه لا يستفاد من هذه الروايات الا استحباب اعطاء الزائد و اما استحباب اخذ الناقص فلا يستفاد منها نعم لا يبعد أن يستفاد المدعي من حديث اسحاق بن عمار فان المستفاد منه ان الراجح اخذ الناقص مضافا الي ان مناسبة الحكم و الموضوع مقتضية لذلك فلاحظ.

(1) لاحظ ما رواه السكوني عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: من باع و اشتري فليحفظ خمس خصال و الا فلا يشترين و لا يبيعن: الربا و الحلف و كتمان العيب و الحمد اذا باع و الذم اذا اشتري «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب آداب التجارة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

(6) الفروع من الكافي ج 5 ص 150 حديث 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 349

و كتمان العيب اذا لم يؤد الي غش (1) و الاحرم كما تقدم (2) و الحلف علي البيع (3) و البيع في

المكان المظلم الذي يستر فيه العيب (4) بل كل ما كان كذلك (5).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه السكوني.

(2) و تقدم الكلام عليه فراجع.

(3) لاحظ ما رواه السكوني و ما رواه ابو حمزة رفعه قال: قام امير المؤمنين عليه السلام علي دار ابن ابي معيط و كان تقام فيها الابل فقال: يا معاشر السماسرة اقلوا الأيمان فانها منفقة للسلعة ممحقة للربح «1».

و ما رواه درست بن ابي منصور عن ابي الحسن موسي عليه السلام قال: ثلاثة لا ينظر اللّه اليهم: احدهم رجل اتخذ اللّه بضاعة لا يشتري الا بيمين و لا يبيع الا بيمين «2».

و ما رواه ابو اسماعيل رفعه عن امير المؤمنين عليه السلام انه كان يقول: اياكم و الحلف فانه ينفق السلعة و يمحق البركة «3» و غيرها من الروايات المذكورة في الباب 25 من ابواب آداب التجارة من الوسائل.

(4) لاحظ ما رواه هشام بن الحكم قال: كنت ابيع السابري في الظلال فمر بي ابو الحسن الاول عليه السلام راكبا فقال لي يا هشام ان البيع في الظلال غش و الغش لا يحل «4».

(5) لا يبعد ان يستفاد المدعي من حديث هشام فان المستفاد منه ان ما يوجب ستر

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من ابواب آداب التجارة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 85 من أبواب آداب التجارة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 350

و الربح علي المؤمن زائدا علي مقدار الحاجة (1) و علي الموعود بالاحسان (2) و السوم ما بين طلوع الفجر و طلوع الشمس (3) و أن يدخل السوق قبل غيره (4) و مبايعة الادنين (5).

______________________________

العيب مرجوح شرعا.

(1) لاحظ ما روي عن ابي عبد اللّه عليه السلام

قال: ربح المؤمن علي المؤمن ربا الا ان يشتري بأكثر من مأئة درهم فاربح عليه قوت يومك او يشتريه للتجارة فاربحوا عليهم و ارفقوا بهم «1».

(2) لاحظ ما رواه عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: اذا قال الرجل للرجل: هلم احسن بيعك يحرم عليه الربح «2».

(3) لاحظ ما رواه علي بن اسباط رفعه قال نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن السوم ما بين طلوع الفجر الي طلوع الشمس «3».

(4) لاحظ ما رواه جابر الجعفي عن ابي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام عن آبائه قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لجبرئيل: اي البقاع احب الي اللّه تعالي؟ قال: المساجد و احب اهلها الي اللّه اولهم دخولا اليها و آخرهم خروجا منها قال: فاي البقاع ابغض الي اللّه تعالي؟ قال: الاسواق و ابغض اهلها اليه اولهم دخولا اليها و آخرهم خروجا منها «4».

(5) لاحظ مرسل الصدوق قال: و قال عليه السلام: اياك و مخالطة السفلة فان

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب آداب التجارة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب آداب التجارة الحديث: 1

(3) الفروع من الكافي ج 5 ص 152 حديث 12

(4) الوسائل الباب 60 من ابواب آداب التجارة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 351

و ذي العاهات و النقص في أبدانهم (1) و المحارفين (2) و طلب تنقيص الثمن بعد العقد (3) و الزيادة وقت النداء لطلب الزيادة أما الزيادة بعد سكوت المنادي فلا بأس بها (4) و التعرض للكيل أو الوزن أو العد أو المساحة

______________________________

السفلة لا يؤل الي خير «1».

(1) لاحظ ما رواه ميسر بن عبد العزيز قال: قال ابو عبد اللّه عليه

السلام: لا تعامل ذا عاهة فانهم اظلم شي ء «2». و ما رواه أيضا «3».

(2) لاحظ ما رواه الوليد بن صبيح قال: قال لي: ابو عبد اللّه عليه السلام:

لا تشتر من محارف فان صفقته لا بركة فيها «4».

و ما رواه أيضا قال: قال الصادق عليه السلام: لا تشتر لي من محارف شيئا فان خلطته لا بركة فيها «5». و غيرهما من الروايات المذكورة في الباب 21 من ابواب آداب التجارة من الوسائل.

(3) لاحظ ما رواه ابراهيم الكرخي (الكلابي خ ل) قال: اشتريت لأبي عبد اللّه عليه السلام جارية فلما ذهبت انقدهم قلت: أستحطهم قال: «ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي عن الاستحطاط بعد الضمنة «6» و غيره مما ورد في الباب 44 من أبواب آداب التجارة من الوسائل.

(4) لاحظ ما رواه امية بن عمرو عن الشعيري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب آداب التجارة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 22 من أبواب آداب التجارة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 21 من أبواب آداب التجارة الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 3

(6) الوسائل الباب 44 من أبواب آداب التجارة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 352

اذا لم يحسنه حذرا من الخطأ (1) و الدخول في سوم المؤمن (2) بل الاحوط تركه (3) و المراد به الزيادة في الثمن الذي بذله المشتري أو بذل مبيع له غير ما بذله البائع مع رجاء تمامية المعاملة بينهما (4) فلو انصرف احدهما عنها أو علم بعدم تماميتها بينهما فلا كراهة (5) و كذا لو كان البيع مبنيا علي المزايدة (6) و أن يتوكل بعض أهل البلدان

______________________________

كان أمير المؤمنين يقول: اذا نادي

المنادي فليس لك ان تزيد و انما يحرم الزيادة النداء (تسمع به) و يحلها السكوت «1».

(1) لاحظ ما رواه مثني الحناط عن بعض اصحابنا عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: رجل من نيته الوفاء و هو اذا كال لم يحسن ان يكيل قال: فما يقول الذي حوله؟ قلت: يقولون لا يوفي قال هذا «هويه» ممن لا ينبغي له ان يكيل «2».

(2) لما في حديث المناهي قال: و نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن يدخل الرجل في سوم أخيه المسلم «3».

(3) فانه نهي عنه صريحا و لعله للخروج عن شبهة الخلاف.

(4) كما هو مقتضي الاطلاق فانه يستفاد من اللغة صدق العنوان في كلا الموردين فيعمهما الحكم بمقتضي الاطلاق.

(5) لعدم موضوع الكراهة.

(6) لخروجه عن موضوع النهي فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 49 من أبواب آداب التجارة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب آداب التجارة

(3) الوسائل الباب 49 من أبواب آداب التجارة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 353

لمن هو غريب عنه (1) بل الاحوط استحبابا تركه (2) و تلقي الركبان الذين يجلبون السلعة (3).

______________________________

(1) قال في الحدائق: «و منها أن لا يتوكل حاضر لباد و المراد بالبادي الغريب الجالب للبلد أعم من أن يكون من البادية أو قرويا و معناه أن يحمل البدوي أو القروي متاعه الي بلد فيأتيه البلدي و يقول له: انا ابيعه لك باعلي ما تبيعه قبل أن يعرفه السعر و يقول: أنا ابيع لك و اكون سمسارا كذا ذكره في المسالك و قد اختلف الاصحاب في ذلك تحريما و كراهة فذهب الشيخ في النهاية الي الثاني و هو قول العلامة في المختلف و اختيار المحقق في الشرائع و

الشهيد في الدروس و في المبسوط و الخلاف الي الاول» «1» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه عروة بن عبد اللّه عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في حديث: لا يبع حاضر لباد و المسلمون يرزق اللّه بعضهم من بعض «2».

و منها: ما رواه جابر قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا يبع حاضر لباد دعوا الناس يرزق اللّه بعضهم من بعض «3».

(2) خروجا عن شبهة الخلاف.

(3) لجملة من النصوص منها: ما رواه عروة بن عبد اللّه عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لا يتلقي (يلتقي خ ل) احدكم تجارة خارجا من المصر الحديث «4».

______________________________

(1) الحدائق ج 18 ص 52

(2) الوسائل الباب 37 من أبواب آداب التجارة الحديث: 1

(3) عين المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 36 من أبواب آداب التجارة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 354

وحده الي ما دون أربع فراسخ (1) فلو بلغ أربعة فلا كراهة (2) و كذا لو اتفق ذلك بلا قصد (3) و الظاهر عموم الحكم لغير البيع من المعاملة كالصلح و الاجارة و نحوهما (4).

[مسألة 45: يحرم الاحتكار]

(مسألة 45): يحرم الاحتكار (5).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه منهال القصاب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا تلق فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي عن التلقي قال: و ما حد التلقي؟ قال: ما دون غدوة أو روحة قلت: و كم الغدوة و الروحة؟ قال: أربعة فراسخ قال ابن أبي عمير:

و ما فوق ذلك فليس بتلق «1».

(2) كما هو المستفاد من رواية

القصاب.

(3) لخروجه عن مورد النص.

(4) لإطلاق النصوص و لا يخفي ان النصوص الواردة في المقام كلها ضعيفة سندا فلا وجه للالتزام بالحرمة- كما عن المبسوط و الخلاف- كما انه لا وجه للالتزام بالكراهة- كما عن النهاية- و التمسك باخبار من بلغ مشكل او لا بعدم تمامية دلالتها علي المدعي و ثانيا: علي فرض تماميتها لا تستفاد منها الكراهة.

(5) قال في الحدائق: «و قد اختلف الاصحاب أيضا في كراهته و تحريمه فنقل في المختلف عن الصدوق في الهداية القول بالتحريم قال: و به قال ابن براج و الظاهر من كلام ابن ادريس و اختاره في المسالك و قال العلامة في المنتهي و الشيخ في المبسوط و المفيد في المقنعة انه مكروه» «2» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و العمدة النصوص الواردة في المقام فنقول: منها: ما رواه السكوني عن أبي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) الحدائق ج 18 ص 58

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 355

______________________________

عبد اللّه عليه السلام قال: الحكرة في الخصب أربعون يوما و في الشدة و البلاء ثلاثة أيام فما زاد علي الأربعين يوما في الخصب فصاحبه ملعون و ما زاد علي ثلاثة ايام في العسرة فصاحبه ملعون «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا.

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يحتكر الطعام و يتربص به هل يصلح ذلك؟ قال: ان كان الطعام كثيرا يسع الناس فلا بأس به و ان كان الطعام قليلا لا يسع الناس فانه يكره أن يحتكر الطعام و يترك الناس ليس لهم طعام «2» و هذه الرواية تامة سندا لكن لا تدل علي الحرمة بل تدل علي الكراهة و الكراهة أعم من

الحرمة.

و منها: ما رواه ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الجالب مرزوق و المحتكر ملعون «3». و هذه الرواية ضعيفة سندا.

و منها: ما رواه غياث عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس الحكرة الا في الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و السمن «4». و هذه الرواية لا تعرض فيها لحكم الحكرة بل ناظرة الي ما فيه الحكرة.

و منها: ما رواه أبو مريم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: ايما رجل اشتري طعاما فكبسه أربعين صباحا يريد به غلاء المسلمين ثم باعه فتصدق بثمنه لم يكن كفارة لما صنع «5» و هذه الرواية

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب آداب التجارة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 356

______________________________

ضعيفة سندا.

و منها: ما رواه ابو البختري عن جعفر بن محمد عن ابيه ان عليا عليه السلام كان ينهي عن الحكرة في الامصار فقال: ليس الحكرة الا في الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و السمن «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا.

و منها: مرسل الصدوق قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: لا يحتكر الطعام الا خاطئ «2».

و منها: مرسله الاخر قال: و نهي امير المؤمنين عن الحكرة في الأمصار «3» و المرسلان ضعيفان كما هو ظاهر.

و منها: ما رواه السكوني عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم قال: الحكرة في ستة اشياء: في الحنطة

و الشعير و التمر و الزيت و السمن و الزبيب «4» و هذه الرواية ضعيفة سندا مضافا الي عدم دلالتها علي المدعي.

و منها: ما رواه ورام بن ابي فراس في كتابه عن النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم عن جبرئيل عليه السلام قال: اطلعت في النار فرأيت واديا في جهنم يغلي فقلت: يا مالك لمن هذا؟ فقال: لثلاثة: المحتكرين و المدمنين الخمر و القوادين «5». و هذه الرواية ضعيفة سندا.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 10

(5) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 357

______________________________

و منها: ما رواه اسماعيل بن ابي زياد عن ابي عبد اللّه عن ابيه عليهما السلام قال:

لا يحتكر الا خاطئ «1». و هذه الرواية لا تدل علي الحرمة و غاية دلالتها المرجوحية مضافا الي ما في سندها من الاشكال.

و منها: ما رواه في نهج البلاغة عن امير المؤمنين عليه السلام في كتابه الي مالك الاشتر قال: فامنع من الاحتكار فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله منع منه و ليكن البيع بيعا سمحا بموازين عدل واسعا لا يجحف بالفريقين من البائع و المبتاع فمن قارف حكرة بعد نهيك اياه فنكل و عاقب في غير اسراف «2». و هذه الرواية مرسلة مضافا الي انها تدل علي المنع عن الاحتكار مطلقا اضف الي ذلك انه يستفاد منها انه لا بد في البيع علي الاطلاق من السماحة.

و منها ما رواه الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الحكرة فقال: انما الحكرة ان تشتري طعاما و ليس في المصر غيره فتحتكره فان كان في المصر طعام او متاع «يباع»

غيره فلا بأس ان تلتمس بساحتك الفضل «3».

و هذه الرواية لا تدل علي حكم الاحتكار بل تبين موضوعه فلاحظ. و مثله: ما رواه حماد «4».

و الكلام فيه هو الكلام و يستفاد من ذيل الرواية اثبات البأس في امساك الزيت او الزبيب اذا لم يكن عند غير من امسكه حيث قال: و سألته عن الزيت «الزبيب» فقال: اذا كان عند غيرك فلا بأس بامساكه.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) نفس المصدر الحديث: 13

(3) الوسائل الباب 28 من ابواب آداب التجارة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 358

و هو حبس السلعة و الامتناع من بيعها لانتظار زيادة القيمة مع حاجة المسلمين اليها و عدم وجود الباذل لها (1) و الظاهر اختصاص الحكم

______________________________

و منها ما رواه سالم الحناط قال: قال لي ابو عبد اللّه عليه السلام: ما عملك؟

قلت: حناط و ربما قدمت علي نفاق و ربما قدمت علي كساد فحبست قال: فما يقول من قبلك فيه؟ قلت: يقولون محتكر فقال: يبيعه احد غيرك؟ قلت: ما ابيع انا من الف جزء جزءا قال: لا بأس انما كان ذلك رجل من قريش يقال له حكيم بن حزام و كان اذا دخل الطعام المدينة اشتراه كله فمر عليه النّبيّ صلي اللّه عليه و آله فقال: يا حكيم بن حزام اياك ان تحتكر «1» و هذه الرواية لا بأس بسندها و يستفاد منها حرمة الاحتكار في الجملة.

(1) قال الشيخ الاعظم قدس سره «احتكار الطعام و هو كما في الصحاح و عن المصباح جمع الطعام و حبسه يتربص به الغلاء». و قال في الحدائق «2»:

«الاحتكار و هو افتعال من الحكرة بالضم و هو جمع الطعام و حبسه يتربص به الغلاء»

و قال في مجمع البحرين «و هو ان يشتريه و يحبسه ارادة الغلاء» فعلي هذا يكون نظر الماتن في القيود المذكورة الي انا نعلم عدم حرمة الاحتكار الا مع الاحتياج و عدم باذل و الظاهر ان ما افاده تام اذ من الظاهر ان مجرد الاحتكار لا يكون حراما قطعا و يدل علي المدعي ما رواه الحلبي «3» و لاحظ ما رواه أيضا «4» و يستفاد من هذه الرواية اختصاص الحكرة المحرمة بالاشتراء و لكن هل يمكن الالتزام به.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) ج 18 ص 58

(3) لاحظ ص: 355

(4) لاحظ ص: 357

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 359

بالحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و السمن و الزيت لا غير (1) و ان كان الاحوط استحبابا الحاق الملح بها (2) بل كل ما يحتاج اليه عامة المسلمين من الملابس و المساكن و المراكب و غيرها (3) و يجبر المحتكر علي البيع في الاحتكار المحرم من دون أن يعين له السعر (4).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه غياث «1» و لاحظ حديثي ابي البختري و السكوني «2».

(2) قال في الحدائق: «و أما الملح فنقله في النهاية و الشرائع قولا في المسألة و قد عرفت انه قول الشيخ في المبسوط قال في المسالك: هذا القول قوي». انتهي كلامه و لا اشكال في حسن الاحتياط و الخروج عن الخلاف.

(3) مقتضي بعض الروايات عموم الحكم لاحظ ما عن نهج البلاغة و التناسب بين الحكم و الموضوع يقتضي مرجوحيته و لا اشكال في حسن الاحتياط اخوك دينك فاحتط لدينك.

(4) يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه حذيفة بن منصور عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: نفد الطعام علي عهد رسول اللّه صلي اللّه

عليه و آله و سلم فأتاه المسلمون فقالوا يا رسول اللّه قد نفد الطعام و لم يبق منه شي ء الا عند فلان فمره ببيعه قال: فحمد اللّه و اثني عليه ثم قال: يا فلان ان المسلمين ذكروا ان الطعام قد نفد الا شي ء (شيئا خ ل) عندك فاخرجه و بعه كيف شئت و لا تحبسه «3».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بمحمد بن سنان مضافا الي الاشكال في دلالتها اذ يمكن ان يكون امره صلي اللّه عليه و آله من باب الامر بالمعروف كما انه يمكن ان يكون ناشيا من ولايته علي الناس.

______________________________

(1) لاحظ ص: 355

(2) لاحظ ص: 356

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب آداب التجارة

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 360

نعم اذا كان السعر الذي اختاره مجحفا بالعامة اجبر علي الاقل منه (1).

______________________________

و يمكن الاستدلال عليه بما رواه غياث بن ابراهيم عن جعفر بن محمد عن ابيه عليهما السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله مربا لمحتكرين فأمر بحكرتهم ان تخرج الي بطون الاسواق و حيث تنظر الابصار اليها فقيل لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: لو قومت عليهم فغضب «رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله» حتي عرف الغضب في وجهه فقال: انا اقوم عليهم؟ انما السعر الي اللّه يرفعه اذا شاء و يخفضه اذا شاء «1».

و الكلام فيه هو الكلام و لكن قال في الحدائق: «لا خلاف بين الاصحاب في ان الامام يجبر المحتكرين علي البيع. و لا يخفي ان الاجبار علي البيع خلاف القاعدة الاولية و خلاف حرمة الاكل بالباطل فانه لا يتحقق التجارة عن تراض بالاجبار و خلاف قاعدة «الناس مسلطون علي اموالهم» «2» و هل يمكن

الالتزام بجواز الاجبار بمجرد عدم الخلاف الا ان يتم المدعي بالتسالم فلاحظ.

(1) قال في الحدائق: «قال في المسالك- بعد اختيار قول المشهور و هو انه لا يسعر عليه-: و هو اظهر الا مع الاجحاف فيؤمر بالنزول عنه الي حد ينفي الاجحاف و الا لا نتفت فائدة الاجبار اذ لا يجوز ان يطلب في ماله ما لا يقدر علي بذله او يضر بحال الناس و الغرض دفع الضرر». انتهي و المستفاد من حديث غياث «3» عدم جواز التسعير.

و ربما يتمسك بقاعدة الاضرار بتقريب: ان الاجحاف يوجب الضرر. و يرد عليه اولا: انه معارض بالضرر الوارد علي البائع فان سلب اختياره عن بيع ماله

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من ابواب آداب التجارة الحديث: 1

(2) بحار الأنوار ج 2 ص 272

(3) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 361

[الفصل الأول شروط العقد]

اشارة

الفصل الاول شروط العقد البيع هو: نقل المال بعوض بما أن العوض مال لا لخصوصية فيه و الاشتراء هو اعطاء الثمن بازاء ما له غرض فيه بخصوصه في شخص المعاملة فمن يبيع السكر مثلا يريد حفظ مالية ماله في الثمن لكن المشتري انما يطلب السكر لحاجته فيه فاذا كان الغرض لكلا المتعاملين أمرا واحدا كمبادلة كتاب بكتاب مثلا لم يكن هذا بيعا بل هو معاملة مستقلة (1).

______________________________

حسب ما يريد ضرر عليه. و ثانيا ان دليل لا ضرر لا يثبت جواز التسعير فان مفاده النفي لا الاثبات. و لا يخفي ان التمسك بقاعدة لا ضرر مبني علي المشهور في مفاد القاعدة و اما علي مسلك شيخ الشريعة الذي سلكناه فلا مجال للاستدلال بها علي المدعي و ربما يقال: في دفع الاشكال بأن الامر بالتنزيل من دون تسعير و يرد عليه بأنه كما

لا يجوز التسعير لا يجوز التنزيل بلا فرق فلاحظ.

(1) يظهر من كلام الماتن امور: الاول: اعتبار المالية في المبيع حيث قال في تعريف البيع «نقل المال» و الحال انه لا يعتبر في المبيع المالية و لذا يصدق البيع علي بيع مقدار من التراب الذي لا مالية له و العرف ببابك.

الثاني: ان ما افاده يشمل نقل المنفعة و الحال انه يعتبر في صدق البيع ان يتعلق بالعين. و بعبارة اخري: لا يصدق البيع علي نقل المنفعة.

الثالث: انه عرف البيع بالنقل بعوض بما ان العوض مال لا لخصوصية فيه.

و الحال انه يمكن ان يقال: ان البيع عبارة عن تمليك عين بعوض بلا تقييد بهذا القيد نعم الغالب في البيع النظر الي تحصيل المال بلا خصوصية لكن لو فرض

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 362

[مسألة 1: يعتبر في البيع الإيجاب و القبول]

(مسألة 1): يعتبر في البيع الايجاب و القبول (1) و يقع بكل لفظ دال علي المقصود و ان لم يكن صريحا فيه (2) مثل بعت (3).

______________________________

ان زيدا يحتاج الي كتاب فلاني و بكر يحتاج الي الحنطة فباع و ملك مقدارا من الحنطة بذلك الكتاب يصدق عليه انه باع الحنطة بالكتاب و كيف يمكن الالتزام بكونه معاملة مستقلة و الحال انه يصدق عليه تعريف البيع نعم لو بادل ماله بمال آخر بحيث يكون متعلق الانشاء المبادلة بين شيئين لا يصدق عليه البيع و لا عنوان آخر من عناوين المعاملات بل يكون معاملة مستقلة و اما لو هلك عينا بعوض كذائي يصدق عليه البيع.

و صفوة القول: ان البيع عبارة عن تمليك العين بعوض و الاشتراء عبارة عن قبوله و تملك تلك العين المباعة بذلك العوض و عليه لا يفرق بين الموارد و لا تصل النوبة الي

البحث في ان ما وقع بيع او معاملة مستقلة اذ لو ملك احد المتعاملين ماله من الاخر بعوض و تملك الاخر كذلك يصدق عليه البيع بلا فرق بين كون كلا العوضين من الأعيان او من الاثمان او بالاختلاف فان الميزان في صدق البيع تحقق ما ذكر فلاحظ.

(1) بلا اشكال لان البيع من العقود و كل عقد يتوقف علي الايجاب و القبول و ليس البيع من الإيقاعات.

(2) و الوجه فيه: انه لا دليل علي اشتراط وقوعه بنحو خاص غاية ما في الباب لزوم كونه باللفظ فيكفي كل لفظ دال عليه. و بعبارة اخري: لا بد من تحقق عنوان البيع كي يترتب عليه الاحكام الشرعية فلا فرق في تحقق المقصود بين الالفاظ الدالة عليه. و ان شئت قلت: المعتبر صدق هذا العنوان عرفا و عند العقلاء و الزائد عليه لا دليل عليه و مدفوع بالاطلاق.

(3) بلا اشكال و لا كلام و عليه السيرة و لا ينافي كون لفظ البيع من الاضداد

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 363

و ملكت (1) و بادلت و نحوها في الايجاب (2) و مثل قبلت و رضيت و تملكت و اشتريت و نحوها في القبول (3) و لا يشترط فيه العربية (4).

______________________________

و حقيقة في الشراء أيضا فانه لا شبهة في أن المنصرف اليه منه الايجاب و ارادة القبول منه تحتاج الي القرينة الصارفة.

(1) فان التمليك و ان كان مشتركا بين البيع و الهبة و لكن التمليك بالعوض هو البيع كما هو ظاهر.

(2) قال السيد في حاشيته: «البيع ليس مبادلة بل تمليك عين بعوض» الي أن قال: «و لذا يشكل ايجابه بقوله بادلنا أو تبادلنا أو عاملنا أو تعاملنا». و الحق ما أفاده قدس سره

فان البيع ليس عبارة عن المبادلة. و ان شئت قلت: المبادلة قائم بالطرفين و البيع أمر قائم بشخص البائع نعم لو أراد من قوله بادلت التمليك بالعوض و كان هذا الاستعمال صحيحا و يصدق عليه البيع لا يكون مانع من صحته و لا يبعد أن يكون كذلك عرفا.

(3) بلا اشكال و لا كلام اذ لا وجه للمنع غاية ما في الباب في مورد الاشتراك يعين المراد بالقرينة فما أفاده تام.

(4) ذكرت في تقريب اشتراطها وجوه: الاول: التأسي بالنبي صلي اللّه عليه و آله فانه كان ينشئ العقود و الايقاعات بالعربي و فعله حجة كقوله و تقريره. و فيه:

انه لا دليل علي وجوب التأسي به علي الاطلاق نعم لو علم ان فعله بعنوان التشريع و المولوية يجب الاقتداء لكن لا دليل علي أن فعله بهذا العنوان في المقام و بعبارة اخري: لا دليل علي أن فعله ناش من اللزوم و الاشتراط بل يمكن أن يقال: ان العربية لو كانت شرطا و واجبا لبان و ظهر و كيف يمكن أن يبقي مثل هذا الحكم مجهولا مع كونه عام البلوي و مورد ابتلاء أكثر الناس في كل يوم و ليلة في كل مدينة و قرية.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 364

______________________________

الثاني: ان عدم صحة الانشاء بالعربي غير الماضي يستلزم عدم جوازه بغير العربي بالاولوية و فيه: اولا لا اولوية و لا ارتباط بين المقامين و ثانيا: ان عدم جواز الانشاء بغير الماضي اول الكلام و الاشكال و يدل علي جوازه بغير الماضي ما ورد في بعض النصوص حين يسأل الامام بقوله: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام الرجل يريد ان يبيع بيعا فيقول: ابيعك بده دوازده فقال: لا بأس

الخ «1».

الثالث: ان مفهوم العقد لا يتحقق في الخارج الا بالانشاء بالالفاظ العربية.

و فساد هذا الوجه اوضح من ان يخفي اذ مرجع هذه الدعوي الي انكار العقود غير العربية بأقسامها في جميع العالم و هذه الدعوي في غاية الفساد. و علي الجملة الانشاء عبارة عن ابراز ما في النفس بمبرز بلا اشتراطه بشي ء فكل مبرز لما في النفس إنشاء اعم من أن يكون بالعربي او بغير العربي بل اعم من ان يكون ملحونا او غير ملحون و الميزان الكلي صدق عنوان ذلك العقد علي ما تحقق في الخارج و صفوة القول: ان المرجع اطلاق ادلة صحة العقود او عمومها فما دام لم يرد مقيد في مورد نأخذ بالاطلاق و نحكم بالصحة و هذا هو الميزان الكلي.

و قال سيدنا الاستاد في هذا المقام: «لا بد من التفصيل بين كون الملحون غلطا كلفظ بغت بدل بعت و ما لم يكن غلطا فنلتزم بعدم الصحة في الاول و بالصحة في الثاني» «2».

و فيه: انه ما الفرق بين المقامين اذ يرد عليه اولا: ان الملحون كيف يجتمع مع عدم كونه غلطا و الحال انه لا واسطة بين الغلط و الصحيح. و ثانيا: ان الغلط بأي وجه لا يكون مصداقا للعقد و ان شئت قلت: الميزان في الصحة صدق عنوان

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من ابواب أحكام العقود الحديث: 3

(2) مصباح الفقاهة ج 3 ص: 38

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 365

كما لا يقدح فيه اللحن في المادة أو الهيئة (1) و يجوز إنشاء الايجاب بمثل اشتريت (2) و ابتعت (3) و تملكت (4) و إنشاء القبول بمثل شريت

______________________________

العقد علي ما تحقق في الخارج فلو انشأ البيع بلفظ النكاح و صدق عليه

البيع يشمله دليل الصحة الا ان يقال: بأنه لا يصدق العقد علي العقد الغلط و هل يمكن الالتزام به و علي ضوء ما ذكرنا نقول: لو لا قيام اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم علي اشتراط العربية في العقد يكون مقتضي القاعدة هو الجواز و لذا نلتزم بصحة العقد بغير العربية حتي في النكاح اذ الميزان صدق العنوان و لا شبهة في صدقه علي العقد الفارسي او التركي او غيرهما من اللغات نعم الاحتياط حسن في جميع الموارد.

(1) قد ظهر وجه ما افاده مما تقدم آنفا فلا نعيد.

(2) قال الراغب في المفردات و يجوز الشراء و الاشتراء في كل ما يحصل به شي ء و الظاهر ان استعمال اشتريت في القرآن في البيع كثير «وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ «1» «اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ» «2» فلا اشكال في الجواز.

(3) ربما يقال: بأن لفظ ابتعت لا يمكن ان ينشأ به البيع اذ فيه اشرب معني المطاوعة فلا بد من ان يستعمل في مقام القبول. و فيه: اولا ينقض بالايجاب بلفظ اتجر فان الاتجار يصدق علي فعل البائع و ثانيا: بالحل و هو ان المطاوعة صادقة اذ المراد منها مطاوعة الذات للمبدإ سواء كان المبدأ صادرا من الذات كالاتجار و الاكتساب و الاحتطاب أم كان صادرا من شخص آخر.

(4) البيع تمليك للمبيع و تملك للثمن فلا يكون البيع تمليكا ابتداء نعم لو

______________________________

(1) لقمان/ 6

(2) البقرة/ 90

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 366

و بعت و ملكت (1).

[مسألة 2: اذا قال: بعني فرسك بهذا الدينار]

(مسألة 2): اذا قال: بعني فرسك بهذا الدينار فقال المخاطب بعتك فرسي بهذا الدينار ففي صحته و ترتب الاثر عليه بلا أن ينضم اليه إنشاء القبول من الامر اشكال و كذلك الحكم

في الولي علي الطرفين أو الوكيل عنهما فانه لا يكتفي فيه بالايجاب بدون القبول (2).

[مسألة 3: يعتبر في تحقق العقد الموالاة بين الإيجاب و القبول]

(مسألة 3): يعتبر في تحقق العقد الموالاة بين الايجاب و القبول فلو قال البائع بعت فلم يبادر المشتري الي القبول حتي انصرف البائع عن البيع لم يتحقق العقد و لم يترتب عليه الاثر أما اذا لم ينصرف و كان ينتظر القبول حتي قبل صح (3).

______________________________

قلنا بجواز إنشاء البيع بكل مبرز لا مانع من إنشائه بهذا اللفظ أيضا و يكون المراد منه في مقام الانشاء التمليك في الرتبة الاولي و التملك في الرتبة الثانية فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر و لا اشكال في جواز إنشاء القبول بكل واحد من الثلاثة اما بالاول و الاخير فظاهر و اما بالوسط فلان البيع من الفاظ الاضداد.

(2) وجه الاشكال ظاهر اذ العقد مركب من الايجاب و القبول و المفروض عدم تحقق القبول و انما الصادر عن المشتري مجرد الاستدعاء نعم لو قدم القبول علي الايجاب يكون موردا لكلام الاصحاب و انه جائز اولا.

(3) الماتن و ان صرح باشتراط الموالاة و لكن في الحقيقة انكر اشتراطها بل المقدار اللازم تحقق القبول قبل انصراف الموجب عن ايجابه و اشتراطه من الواضحات اذ لو لم يقبل حتي رجع الموجب عن ايجابه لا يتحقق العقد و لا مجال للصحة و علي الجملة ان الماتن ليس قائلا باشتراط الموالاة.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 367

______________________________

و الذي يمكن ان يقال في تقريب اشتراطها او قيل وجوه: الوجه الاول:

ما عن الشهيد قدس سره و هو ان كل امرين او امور يجمعها عنوان واحد كالصلاة و الاذان و امثالهما يعتبر في تحقق ذلك العنوان و صدقه علي الخارج عدم الفصل بين تلك الامور بحيث تنعدم

الصورة و من هذا القبيل العقد فانه لو فصل بين ايجابه و قبوله بحيث انتفت الموالاة لا يصدق عليهما عنوان العقد. و بعبارة اخري: الامر المتدرج الذي له صورة اتصالية في العرف اذا انفصلت بين اجزائه بحيث لا يصدق عليه ذلك العنوان لا يترتب عليه الاثر الشرعي المترقب منه و العقد من هذا القبيل فانه لا بد من عدم الفصل بين ايجابه و قبوله و الا لا يصدق عليه العقد.

و فيه اولا: ان العقد عبارة عن الالتزام النفساني فانه اذا ارتبط احد الالتزامين بالاخر و ابرز بمبرز يصدق عليه العقد فلا يرتبط بعالم اللفظ. و ثانيا نفرض ان العقد عبارة عن الايجاب و القبول لكن لا يلزم في صدق العنوان في كل مورد تحقق الموالاة بين اجزاء ذلك المركب و لذا نري انه يصدق قراءة القرآن و ختمه علي من قرأ منه في كل شهر مقدارا بحيث يختمه في طول سنة و يترتب عليه الاثر الشرعي و ليكن المقام من هذا القبيل. و ثالثا نفرض عدم صدق العقد عليه لكن يكفي صدق عنوان البيع و التجارة عليه.

الوجه الثاني: ما عن المحقق النائيني قدس سره و هو ان العقد المعاوضي خلع و لبس فيلزم اللبس عند الخلع و الا يلزم الاضافة بلا محل. و فيه: اولا: ان هذا الاشكال سار في الفصل القصير فان حكم الامثال واحد. و ثانيا: ان الخلع من قبل الموجب و ان كان متحققا لكن اللبس من قبله أيضا متحقق فان البائع يجعل ماله للمشتري و يجعل ملك المشتري لنفسه. و بعبارة اخري: يخلع الملك عن نفسه و يجعل ذلك الملك للمشتري فالخلع و اللبس من قبل البائع في زمان واحد كما

مباني

منهاج الصالحين، ج 7، ص: 368

كما أنه لا يعتبر وحدة المجلس (1) فلو راجعا بالتلفون فأوقع أحدهما الايجاب و قبل الاخر صح (2) أما المراجعة في المكاتبة ففيها اشكال و الاظهر الصحة ان لم ينصرف البائع و كان ينتظر القبول (3).

______________________________

انه كذلك من قبل المشتري كما ان الامر كذلك بالنسبة الي العقلاء و الشارع.

الوجه الثالث: ما افاده المحقق الايرواني قدس سره و هو انه مع عدم الموالاة اما يطابق القبول مع الايجاب و اما لا يطابق اما علي الأول فيلزم تحقق الانتقال من حين الايجاب فيكون القبول مثل الاجازة في البيع الفضولي علي الكشف و اما علي الثاني فيلزم عدم التطابق بين الايجاب و القبول و الحال انه يشترط. و فيه: اولا ان هذا الاشكال جار في الفصل القصير فان حكم الامثال واحد. و ثانيا: لا يلزم التطابق بين الايجاب و القبول بهذا المعني فان البائع يجعل ملكه للمشتري في مقابل الثمن من زمان الايجاب و المشتري يقبل من زمان القبول و الاثر الشرعي و العقلائي مترتب علي العقد من زمان القبول.

فتحصل انه لا دليل علي اشتراط الموالاة و علي فرض دعوي الاجماع و فرض حصوله يرد باحتمال كونه مدركيا و صفوة القول: ان الميزان صدق العنوان في ترتب الاثر الشرعي و الذي يدل علي عدم اعتبارها ان السيرة جارية علي ارسال الهدية من البلاد النائية و ربما يكون الفصل الزمني بين ايجابها و قبولها شهر او شهور و هل يمكن الالتزام بعدم الصحة؟.

(1) لعدم الدليل عليه.

(2) لا يبعد ان المراجعة بالتليفون تعد مجلسا واحدا و لا يبعد ان نلتزم بتحقق خيار المجلس ما دام لا يقطع الارتباط بالتلفون.

(3) اما وجه الاشكال فلانه ربما يقال بعدم

صدق العقد و اما الجزم بالصحة

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 369

[مسألة 4: الظاهر اعتبار التطابق بين الايجاب و القبول في الثمن و المثمن و سائر التوابع]

(مسألة 4): الظاهر اعتبار التطابق بين الايجاب و القبول في الثمن و المثمن و سائر التوابع (1) فلو قال: بعتك هذا الفرس بدرهم بشرط أن تخيط قميصي فقال المشتري اشتريت هذا الحمار بدرهم أو هذا الفرس بدينار أو بشرط أن اخيط عباءك أو بلا شرط شي ء أو بشرط أن تخيط ثوبي أو اشتريت نصفه بنصف دينار أو نحو ذلك من أنحاء الاختلاف لم يصح العقد (2) نعم لو قال: بعتك هذا الفرس بدينار فقال اشتريت كل نصف منه بنصف دينار صح و كذا في غيره

______________________________

فلعدم الدليل علي البطلان و الميزان صدق العنوان نعم اذا وصلت النوبة الي الشك في الصدق العرفي لا يمكن الحكم بالصحة بل لا بد من الحكم بالبطلان لاستصحاب عدم الصدق علي ما هو المقرر عندنا من جريان الاستصحاب في الشبهة المفهومية فلاحظ.

(1) بلا اشكال فانه لو لم يكن التطابق بين الثمن و المثمن لا يكون العقد متحققا بل يكون الايجاب اجنبيا عن القبول بل لا يصح اطلاق القبول علي مثله اذ القبول اشرب فيه المطاوعة و هي منتفية علي الفرض و قس عليه سائر التوابع.

(2) كل ذلك لعدم التطابق و قلنا ان التطابق مقوم لتحقق العقد فانه لو قال بعتك هذا الكتاب بدرهم بشرط ان تخيط ثوبي مرجعه تعليق البيع علي التزام الطرف بخياطة الثوب فلو قال المشتري قبلت بلا شرط لا يتحقق التطابق فلا يصح العقد كما انه لو قال البائع بعتك هذا الكتاب بدرهم مع الخيار الي يومين فقال المشتري قبلت بلا خيار لا يتحقق العقد اذ البيع مع الخيار معلق علي التزام المشتري بالخيار فالقبول بلا التزام

بالخيار لا يكون قبولا لإيجاب البائع فلا يتحقق العقد.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 370

مما كان الاختلاف فيه بالاجمال و التفصيل (1).

[مسألة 5: إذا تعذر اللفظ لخرس و نحوه قامت الإشارة مقامه]

(مسألة 5): اذا تعذر اللفظ لخرس و نحوه قامت الاشارة مقامه (2) و ان تمكن من التوكيل (3) و كذا الكتابة مع العجز عن الاشارة (4) أما مع القدرة عليها ففي تقديم الاشارة أو الكتابة و جهان بل قولان (5) و الاظهر الجواز بكل منهما (6) بل يحتمل ذلك حتي مع التمكن من اللفظ (7).

______________________________

(1) و الوجه فيه ان التطابق حاصل علي الفرض و الفرق بالاجمال و التفصيل غير المضر كما في المتن.

(2) لصدق عنوان الموضوع علي اشارته المبرزة لما في نفسه و صدق انه باع مثلا علي اشارته المفهمة و لا دليل علي اعتبار ازيد من هذا المقدار.

(3) اذ لا مدخلية للفظ الا في الموارد التي يكون اللفظ بما هو مطلوب كالقراءة في الصلاة مثلا.

(4) لصدق العنوان عليها.

(5) ربما يقال: ان الاشارة تتقدم علي غيرها لكونها اصرح و ربما يقال: الكتابة تتقدم لكونها اضبط و لكن هذه الوجوه استحسانية و ليس علي اثبات المدعي دليل فالمرجع اطلاق ادلة العقود و الايقاعات.

(6) كما ظهر وجهه فان الميزان صدق العنوان الذي اخذ في موضوع الحكم الشرعي و المفروض صدقه.

(7) لكون المعاطاة صحيحة علي طبق القاعدة كما تعرض لها الماتن في الفرع الآتي و عليه يكفي الاشارة او الكتابة و لو مع امكان التلفظ نعم اذا قام الدليل علي لزوم اللفظ في مورد نلتزم به.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 371

[مسألة 6: الظاهر وقوع البيع بالمعاطاة]

(مسألة 6): الظاهر وقوع البيع بالمعاطاة بأن ينشئ البائع البيع باعطائه المبيع الي المشتري و ينشئ المشتري القبول باعطاء الثمن الي البائع (1).

______________________________

(1) ينبغي ان يقع البحث في مقامين: احدهما: ان البيع المعاطاتي يفيد الملك ثانيهما: ان البيع المعاطاتي لازم كالبيع اللفظي الا في مورد ثبوت الخيار

بسببه و دليله فنقول: أما المقام الاول فقد اختلفوا في حكم المعاطاة و الآراء فيها متعددة و حيث ان الحق عندنا انها تفيد الملك كالبيع اللفظي نتعرض لما يمكن الاستدلال به علي المدعي و اذا ثبت المدعي بالدليل يظهر بطلان بقية الاقوال و الآراء و لا ضرورة في تعرض الاقوال و الآراء و ما استدل به علي المدعي أو يمكن الاستدلال به عليه وجوه.

الوجه الاول: السيرة القطعية من العقلاء و من المتشرعة علي ترتيب أثر الملكية علي الحاصل بالمعاطاة و هذه السيرة متصلة بزمان المعصوم عليه السلام و لم يردع عنها و لا مجال لان يقال هذا السيرة كبقية السيرات الناشئة عن عدم المبالات بالدين فان هذه السيرة جارية بين جميع عقلاء العالم و المتدينين و لو كانت مردوعة من قبل الشارع لشاع و ذاع لكثرة الابتلاء بموردها في جميع الامصار و جميع البلدان و مورد ابتلاء أكثر الناس.

ان قلت: ان الاجماع قام علي عدم افادة المعاطاة الملكية. قلت: لم يقم و لم يحصل اجماع تعبدي عليه غاية ما في الباب نقل الاجماع عليه و قد حقق في محله انه لا اعتبار بالإجماع المنقول. و قال سيدنا الاستاد: «ان الشك في الرد يدفع بالاصل» «1». و يرد عليه: ان مجرد عدم الردع لا يترتب عليه الاثر و اثبات الامضاء بالاصل يتوقف علي القول بالمثبت الذي لا نقول به.

______________________________

(1) مصباح الفقاهة ج 2 ص 93

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 372

______________________________

الوجه الثاني قوله تعالي: قٰالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبٰا وَ أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبٰا «1». بتقريب: ان المستفاد من لفظ احل الاحلال في المحل و الاقرار في المقر فالبيع في حكم الشارع الاقدس واقع في

محله و مقره بخلاف الربا فانه حرام و في وعاء الشرع لا محل له و التحريم الشرعي يمنع عنه و يمكنك أن تقول: ان المستفاد من قوله: «احل اللّه البيع» كلا الامرين من الوضع و التكليف و لا يلزم استعمال اللفظ في الاكثر بل استعمل اللفظ في الجامع فلا حريم للبيع لا وضعا و لا تكليفا بخلاف الربا فانه محرم وضعا و تكليفا.

و ان أبيت عما ذكر فلا اشكال في ان المستفاد من الجملة الاولي الحلية الوضعية و من الثانية الحرمة الوضعية اذ من الظاهر ان الحلية التكليفية من دون الجواز الوضعي لا اثر لها و الشارع الاقدس في مقام بيان ما هو حلال بنظره في المعاملات الواقعة في الخارج مضافا الي ان الحلية التكليفية امر ظاهر واضح فالنتيجة ان الاية الشريفة تدل علي ان المعاطاة تفيد الملكية اذ لا اشكال في انها من مصاديق البيع خارجا فان البيع تمليك العين بالعوض فالمعاطاة بيع و البيع حلال فالمعاطاة كذلك. و ان شئت قلت: ان الاية الشريفة كما تدل علي المقصود في البيع اللفظي كذلك تدل علي المدعي في البيع المعاطاتي فلاحظ.

الوجه الثالث: قوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ مِنْكُمْ» «2». فان المستفاد من الاية حصر سبب أكل المال و تملكه في التجارة عن تراض بلا فرق بين ان يكون الاستثناء متصلا او منقطعا اما علي الاول فظاهر فان المستفاد منها عدم التمليك بجميع

______________________________

(1) البقرة/ 274

(2) النساء/ 29

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 373

______________________________

الاسباب لكونها باطلة الا التجارة عن تراض و اما علي الثاني فربما يقال: ان الاية تفيد حكم السبب الباطل و تفيد صحة التملك

بالتجارة عن تراض و لا تفيد الحصر لكن لنا ان نقول: ان الاية في مقام بيان السبب الباطل و السبب الصحيح و مقتضي كون المولي في مقام البيان حصر الصحيح في التجارة عن تراض.

و ان شئت قلت: انه لا اشكال في ان العرف يفهم من الاية حصر السبب الصحيح في التجارة عن تراض. و كيف كان لا اشكال في ان المستفاد من الاية صحة التجارة عن تراض و حيث ان المعاطاة مصداق لها تشملها الاية و بها يثبت المدعي.

و ربما يقال: ان المستفاد من حديث خالد بن الحجاج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يجي ء فيقول: اشتر هذا الثوب و اربحك كذا و كذا قال: أ ليس ان شاء ترك و ان شاء اخذ؟ قلت: بلي قال: لا بأس به انما يحل الكلام و يحرم الكلام «1» انه يتقوم صحة البيع باللفظ و هذه الرواية ضعيفة سندا فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها مضافا الي انه كيف يمكن رفع اليد عن السيرة بهذه الرواية.

و ربما يستدل بجملة من الروايات علي لزوم اللفظ في صحة البيع فمن تلك الروايات ما رواه عبد الرحمن بن سيابة عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: ان المصاحف لن تشتري فاذا اشتريت فقل: انما اشتري منك الورق و ما فيه من الاديم «ادم خ ل» و حليته و ما فيه من عمل يدك بكذا و كذا «2».

و منها: ما رواه سماعة عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن بيع المصاحف

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب أحكام العقود الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 31 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 374

______________________________

و

شرائها فقال: لا تشتر كتاب اللّه و لكن اشتر الحديد و الورق و الدفتين و قل اشتري منك هذا بكذا و كذا «1». و منها جملة اخري من النصوص الواردة في بيان كيفية بيع المصحف و قد مر بعضها في المسألة 14 من المكاسب المحرمة.

و مما يدل علي لزوم اللفظ ما رواه حنان بن سدير قال: كنت عند ابي عبد اللّه عليه السلام فقال له جعفر بن حنان ما تقول في العينة في رجل يبايع رجلا فيقول:

ابايعك بده دوازده و بده يازده فقال ابو عبد اللّه عليه السلام: هذا فاسد و لكن يقول:

اربح عليك في جميع الدراهم كذا و كذا و يساومه علي هذا فليس به بأس و قال:

اساومه و ليس عندي متاع قال: لا بأس «2».

و منه: ما رواه العلاء قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام الرجل يبيع البيع فيقول: ابيعك بده دوازده او ده يازده فقال: لا بأس انما هذه المراوضة فاذا جمع البيع جعله جملة واحدة «3».

و منه: ما رواه سماعة «4» و منه: ما رواه بريد بن معاوية «5».

بتقريب: ان المستفاد من هذه النصوص لزوم اللفظ في إنشاء البيع و فيه:

ان غاية ما يستفاد منها ان إنشاء البيع في هذه الموارد باللفظ و لكن هل تدل هذه النصوص علي لزوم اللفظ في مقام الانشاء مضافا الي انه هل يمكن رفع اليد عن السيرة الجارية بمثل هذه النصوص فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب أحكام العقود الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب بيع الثمار الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 19 من ابواب عقد البيع و شروطه

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 375

______________________________

و اما المقام

الثاني فما يمكن ان يستدل به علي لزوم المعاطاة أو استدل به وجوه:

الوجه الاول: استصحاب الملكية بعد الفسخ و الظاهران الاستصحاب المشار اليه شخصي اذا لشك في بقاء الملكية الحاصلة و ليس منشأ الشك في البقاء تردد الفرد الحادث بين الطويل و القصير كما في مورد تردد الحيوان الحادث بين البق و الفيل بل الشك من ناحية ان شخص الحادث هل هو باق بعد الفسخ أم لا؟.

و اركان الاستصحاب و ان كانت تامة لكن لا يجري لكونه معارضا باستصحاب عدم الجعل الزائد.

و بعبارة اخري: الاستصحاب في الحكم الكلي غير جار و لنا أن نقول: هذا الاشكال غير وارد في المقام اذ التعارض بين الاستصحابين فيما يكون الشك في سعة دائرة الجعل و المجعول كما في وجوب صلاة الجمعة فانا لو شككنا انها واجبة في زمان الغيبة كما هي واجبة في زمان الحضور او وجوبها مختص بزمان الحضور يقع التعارض بين الاصلين فان مقتضي استصحاب بقاء الوجوب وجوبها في زمان الغيبة و مقتضي استصحاب عدم جعل الوجوب أزيد من زمان الحضور عدم وجوبها في زمانها و بعد التعارض تصل النوبة الي البراءة عن الوجوب و أما في المقام فلا اشكال في تحقق الملكية المستمرة غاية الامر نحتمل ان الفسخ يرفعها كالطلاق بالنسبة الي الزوجية فان العلقة الزوجية تتحقق بالنكاح مستمرة غاية الامر الطلاق يرفع الزوجية فافهم و اغتنم.

الوجه الثاني قوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ مِنْكُمْ» «1» بتقريب: ان المستفاد من الاية الشريفة حصر سبب التملك الجائز في التجارة عن تراض و من الظاهر ان الفسخ

______________________________

(1) النساء/ 29

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 376

______________________________

من جانب واحد

لا يكون مصداقا للتجارة عن تراض فجواز التملك بالفسخ يحتاج الي الدليل. و بعبارة واضحة: ان تملك مال الغير بالفسخ و اعمال الخيار ليس مصداقا للتجارة فلا يكون جائزا بمقتضي الاية فالمعاطاة لازمة.

الوجه الثالث: قوله تعالي: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ «1» فان المستفاد من الاية ان الوفاء بالعقد و اتمامه واجب و حيث ان الفسخ بما هو ليس حراما تكليفا يستفاد من الاية انه لا اثر للفسخ اذ العقد بعد تحققه لا ينفسخ و من ناحية اخري ان المعاطاة مصداق للعقد فيجب اتمامها و يحرم فسخها فالنتيجة انها لازمة و لا سبيل للفسخ اليها و هذا هو المطلوب.

الوجه الرابع: ان المستفاد من جملة من النصوص وجوب الوفاء بالشرط لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: من اشترط شرطا مخالفا لكتاب اللّه فلا يجوز له و لا يجوز علي الذي اشترط عليه و المسلمون عند شروطهم مما وافق كتاب اللّه عز و جل «2».

و منها: ما رواه أيضا عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: المسلمون عند شروطهم الاكل شرط خالف كتاب اللّه عز و جل فلا يجوز «3».

و منها: ما رواه ابن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الشرط في الاماء لا تباع و لا توهب قال: يجوز ذلك غير الميراث فانها تورث لان كل شرط خالف الكتاب باطل «4».

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجلين اشتركا في مال

______________________________

(1) المائدة/ 1

(2) الوسائل الباب 6 من ابواب الخيار الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 377

______________________________

و ربحا فيه ربحا و كان المال دينا

عليهما فقال: أحدهما لصاحبه: أعطني رأس المال و الربح لك و ما توي فعليك فقال: لا بأس به اذا اشترط عليه و ان كان شرطا يخالف كتاب اللّه عز و جل فهو رد الي كتاب اللّه عز و جل الحديث «1».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليه السلام ان علي بن أبي طالب عليه السلام كان يقول: من شرط لامرأته شرطا فليف لها به فان المسلمين عند شروطهم الا شرطا حرم حلالا أو احل حراما «2».

بتقريب ان الشرط عبارة عن الالتزام و حيث انه لا فرق بين أن يكون الالتزام مبرزا باللفظ و بين أن يكون مبرزا بالفعل يكون المعاطاة من مصاديق الكبري فيجب الوفاء بالالتزام الملكي و لا يجوز الفسخ.

و فيه: ان الشرط عبارة عن الارتباط بين أمرين و الالتزام الابتدائي ليس من مصاديق الشرط فلا يشمله دليل وجوب الوفاء بالشرط.

الوجه الخامس: ما رواه سماعة عن ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: من كانت عنده امانته فليؤدها الي من ائتمنه عليها فانه لا يحل دم امرؤ مسلم و لا ماله الا بطيبة نفس منه «3».

بتقريب ان مقتضي الاطلاق عدم جواز التصرف في مال الغير وضعا و تكليفا فلا يجوز التصرف في ماله لا التصرف الخارجي و لا الاعتباري و بعد هذا التقريب لا مجال لان يقال انه بعد الفسخ يشك في كون المال مالا للغير اذ يمكن انتقاله الي الفاسخ اذ مع فساد اعمال الفسخ لا مجال لاحتمال انتقال متعلقه الي الفاسخ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

مباني

منهاج الصالحين، ج 7، ص: 378

و لا فرق في صحتها بين المال الخطير و الحقير (1) و قد تحصل باعطاء البائع

______________________________

و لكن يرد علي الاستدلال ان الظاهر من الجملة التصرف الخارجي لا الاعتباري و يؤيد المدعي انه لا يجوز تملك مال الغير الا بطيب نفسه بل التملك يحتاج الي تحقق احد أسبابه من الصلح أو الهبة و نحوهما.

الوجه السادس: دليل خيار المجلس لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله البيعان بالخيار حتي يفترقا الحديث «1» و غيره من الروايات الواردة في الباب 1 من ابواب الخيار من الوسائل.

فان المستفاد منه انه بعد الافتراق يتحقق اللزوم و حيث ان المعاطاة من مصاديق البيع تلزم بالافتراق. و لكن يمكن أن يرد في التقريب بأن المستفاد من هذه الروايات ان خيار المجلس يزول بالافتراق و لا تدل تلك الاخبار علي اللزوم علي الاطلاق فكما ان المستفاد من دليل خيار الحيوان بقائه الي ثلاثة أيام كذلك المستفاد من دليل خيار المجلس بقائه ببقاء المجلس و زواله بزواله و فيه انه صرح في بعض النصوص بأنه «فاذا افترقا وجب البيع» «2» فالنتيجة ان مقتضي جملة من الادلة لزوم المعاطاة. ان قلت: قام الاجماع علي عدم كونها لازمة قلت: المحصل منه الكاشف عن رأي المعصوم غير موجود و المنقول منه ليس حجة فلا معارض للوجوه الدالة علي المدعي.

(1) فان مقتضي اطلاق الادلة المستدل بها علي إفادة المعاطاة الملكية و صحتها و انها كالبيع اللفظي عدم الفرق بين الحقير و الخطير كما أن مقتضي ادلة اللزوم اطلاقا أو عموما كذلك فلا وجه للتفريق. ان قلت: السيرة جارية علي عدم

______________________________

(1)

الوسائل الباب 1 من ابواب الخيار الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 379

المبيع و أخذ المشتري بلا اعطاء منه كما لو كان الثمن كليا في الذمة أو باعطاء المشتري الثمن و أخذ البائع له بلا اعطاء منه كما لو كان المثمن كليا في الذمة (1).

______________________________

الاكتفاء بالمعاطاة في الاموال الخطيرة و انما يكتفي العقلاء بها في الاموال الحقيرة قلت: اولا لا نسلم السيرة المدعاة و هذا سوق التجار و الكسبة. و ثانيا: علي فرض تمامية السيرة لا تكون هذه السيرة مقيدة للإطلاقات أو مخمصة للعموم اذ لم يعلم وجهها.

(1) فيكون الاعطاء ايجابا و الاخذ قبولا و يتحقق العقد بهذا الاعطاء و الاخذ و قد ينعكس بأن يعطي المشتري الثمن و يأخذه البائع. ان قلت: يلزم تقديم القبول علي الايجاب قلت: يمكن الجواب عن هذا الاشكال بوجوه:

الاول: أنه لا دليل علي توقف العقد علي الايجاب و القبول بل يمكن تحققه من ايجابين مرتبطين و ان شئت قلت: ان البيع يتحقق و يتركب من الامرين: أحدهما تمليك البائع ماله بالثمن. ثانيهما: تملك المشتري مال البائع بازاء الثمن فانه يتركب الامران و يتحقق العقد فلا مانع من تقدم الاشتراء علي البيع. و صفوة القول: عدم توقف العقد علي القبول بمعني المطاوعة.

الثاني: سلمنا توقف العقد علي القبول و المطاوعة لكن مع ذلك نقول:

بأنه لا يلزم تأخره عن الايجاب اذ تارة تكون مطاوعة للإيجاب و في هذا الفرض لا يعقل تحقق المطاوعة قبله فان الانكسار لا يتحقق قبل الكسر و محال و اخري يكون المراد من المطاوعة مطاوعة اسم المصدر فانه بهذا المعني يمكن تحققها قبل الايجاب فان المشتري قبل ايجاب البائع يرضي بالمبادلة و يتملك العين

بالثمن و يأخذ فان المطاوعة الاخذ و القبول و المشتري أخذ و قبل فيصح العقد و يتحقق مع تقديم القبول.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 380

______________________________

الثالث: النصوص الخاصة الواردة في مواردها لاحظ ما رواه سماعة قال:

سألته عن بيع الثمرة هل يصلح شرائها قبل أن يخرج طلعها؟ فقال: لا الا أن يشتري معها شيئا من غيرها رطبة أو بقلا فيقول: اشتري منك هذه الرطبة و هذا النخل و هذا الشجر بكذا و كذا فان لم تخرج الثمرة كان رأس المال المشتري في الرطبة و البقل الحديث «1».

و لاحظ الروايات الواردة في الباب 18 من أبواب المتعة من الوسائل منها:

ما رواه أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: كيف اقول لها اذا خلوت بها؟ قال: تقول: أتزوجك متعة علي كتاب اللّه و بسنة نبيه لا وارثة و لا موروثة كذا و كذا يوما و ان شئت كذا و كذا سنة بكذا و كذا درهما و تسمي من الاجر «من الاجل يب» ما تراضيتما عليه قليلا كان أو كثيرا فاذا قالت: نعم فقد رضيت و هي امرأتك و أنت أولي الناس بها الحديث «2».

و منها: ما رواه ثعلبة قال: تقول: أتزوجك متعة علي كتاب اللّه و سنة نبيه نكاحا غير سفاح و علي أن لا ترثيني و لا أرثك كذا و كذا يوما بكذا و كذا درهما و علي أن عليك العدة «3».

و منها: ما رواه هشام بن سالم قال: قلت: كيف يتزوج المتعة؟ قال يقول:

أتزوجك كذا و كذا يوما بكذا و كذا درهما فاذا مضت تلك الايام كان طلاقها في شرطها و لا عدة لها عليك «4». و لاحظ الروايات الواردة في الباب 2 من

أبواب المهور من مستدرك الوسائل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب بيع الثمار الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 18 من ابواب المتعة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 381

[مسألة 7: الظاهر أنه يعتبر في صحة البيع المعاطاتي جميع ما يعتبر في البيع العقدي]

(مسألة 7): الظاهر انه يعتبر في صحة البيع المعاطاتي جميع ما يعتبر في البيع العقدي من شرائط العقد و العوضين و المتعاقدين (1) كما ان الظاهر ثبوت الخيارات الآتية ان شاء اللّه تعالي علي نحو ثبوتها في البيع العقدي (2).

[مسألة 8: الظاهر جريان المعاطاة في غير البيع من سائر المعاملات بل الايقاعات]

(مسألة 8): الظاهر جريان المعاطاة في غير البيع من سائر المعاملات بل الايقاعات (3).

______________________________

بقي شي ء و هو: ان المعاطاة من باب المفاعلة التي تقوم بطرفين فلا تتحقق و لا تصدق علي الاعطاء من طرف و الاخذ من طرف آخر بل لا بد من الاعطاء من الطرفين و الاخذ كذلك. و الجواب عن هذه الشبهة ان لفظ المعاطاة بما لها من المعني لم يرد في آية أو رواية و المراد بها في كلام الاصحاب العقد الفعلي في قبال اللفظي و لذا لا يلزم تحقق هذا المفهوم بل اللازم تحقق عنوان العقد و البيع و التجارة و هذه العناوين تحصل بالاعطاء من جانب و الاخذ من جانب آخر.

(1) ما أفاده ظاهر فانا بنينا علي ان المعاطاة من مصاديق البيع و العقد فكل شرط او قيد ثبت اعتباره بالدليل اطلاقا او عموما في البيع يعتبر وجوده في المعاطاة كما يعتبر اعتباره في العقد اللفظي الا ان يقوم دليل دال علي خصوص شرط في خصوص عقد خاص.

(2) الامر كما افاده فان مقتضي الاطلاق و العموم عدم الفرق بين مصاديق البيع فقوله عليه السلام: «البيعان بالخيار» يثبت الخيار للمتبايعين ما دام بقاء المجلس بلا فرق بين العقد اللفظي و الفعلي.

(3) اذ قلنا انه لا فرق بين اللفظ و الفعل من حيث تحقق الابراز بكل منهما و الميزان الكلي في كل عقد و ايقاع ان يعتبر و يبرز اعتباره النفساني بمبرز

خارجي

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 382

الا في موارد خاصة كالنكاح (1) و الطلاق (2) و العتق و التحليل (3) و النذر و اليمين (4) و الظاهر جريانها في الرهن و الوقف (5).

______________________________

بلا فرق بين المبرز القولي و الفعلي و عليه القاعدة الاولية تقتضي جريان المعاطاة في كل عقد و ايقاع الا في مورد يقوم دليل علي لزوم كون المبرز مطلق اللفظ او اللفظ الخاص.

(1) بدعوي قيام الاجماع علي اشتراط إنشائه باللفظ و لا يبعد ان يستفاد الاشتراط من النصوص الواردة في إنشاء النكاح المنقطع و المتعة و تحقيق الحال موكول الي محله.

(2) فان الدليل قد دل علي لزوم وقوعه باللفظ المخصوص.

(3) اما التحليل فلاشتراط اللفظ الخاص فيه كما في كلام بعضهم قال في الجواهر: «اما الصيغة فلا خلاف في اعتبارها فيه بل الاجماع بقسميه عليه» «1» الي آخر كلامه. و اما العتق فقال في الجواهر: «اما العتق فعبارته الصريحة التحرير بأن يقول: انت او هو او فلان او نحو ذلك حرّ فإنه لا خلاف نصا و فتوي في حصول التحرير به» «2» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

(4) لعدم موضوعهما بدون اللفظ اما اليمين فظاهر و اما النذر فلان المستفاد من دليله تحققه باللفظ فلاحظ.

(5) ربما يقال بعدم جريانها في الرهن و الوقف أما في الاول فلان المعاطاة جائزة و الجواز ينافي الاستيثاق و اما الوقف فحيث انه أمر قربي و الامر القربي لا رجوع فيه فلا يمكن تحققه بالمعاطاة التي تكون جائزة. و فيه: ان المعاطاة لازمة مضافا الي أن كون الوقف أمرا قربيا أول الكلام و الاشكال فالنتيجة ان المعاطاة

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 30 ص 298

(2) جواهر الكلام ج 34 ص 95

مباني

منهاج الصالحين، ج 7، ص: 383

[مسألة 9: في قبول البيع المعاطاتي للشرط سواء أ كان شرط خيار في مدة معينة أم شرط فعل أم غيرهما إشكال]

(مسألة 9): في قبول البيع المعاطاتي للشرط سواء أ كان شرط خيار في مدة معينة أم شرط فعل أم غيرهما اشكال و ان كان القبول لا يخلو من وجه فلو أعطي كل منهما ماله الي الاخر قاصدين البيع و قال احدهما في حال التعاطي: جعلت لي الخيار الي سنة مثلا و قيل الاخر صح شرط الخيار و كان البيع خياريا (1).

[مسألة 10: لا يجوز تعليق البيع علي أمر غير حاصل حين العقد]

(مسألة 10): لا يجوز تعليق البيع علي أمر غير حاصل حين العقد سواء أعلم حصوله بعد ذلك كما اذا قال: بعتك اذا هل الهلال أم جهل حصوله كما لو قال: بعتك اذا ولد لي ولد ذكر و لا علي أمر مجهول الحصول حال العقد كما اذا قال: بعتك ان كان اليوم يوم الجمعة مع جهله بذلك أما مع علمه بذلك فالوجه الجواز (2).

______________________________

تجري في جميع العقود و الايقاعات الا في موارد خاصة فلاحظ.

(1) لم يظهر لي وجه الاشكال الا من ناحية قصور المعاطاة عن إفادة الالتزام الشرطي و الالتزام بالخيار و من الظاهر انه لا وجه للإشكال من هذه الناحية فان المقاولة قبل العقد تكون قرينة علي العقد الواقع علي النحو الكذائي و الشرط الذي بني عليه كما أنه يمكن اقتران المعاطاة باللفظ الدال علي الشرط المقصود كما في عبارة الماتن فالحق قابليتها لقبول الشرط و شرط الخيار فلاحظ.

(2) ذكرت للمنع عن التعليق وجوه: الوجه الاول: الإجماع. و فيه: انه يمكن أن يكون الاجماع مستندا الي الوجوه المذكورة في المقام فلا يكون حجة الوجه الثاني: ان التعليق في العقد غير معقول فلا يوجد عقد تعليقي في الخارج.

و فيه: ان المحال التعليق في الانشاء اذ لا يمكن الانشاء معلقا فان مرجعه الي التناقض

مباني منهاج الصالحين،

ج 7، ص: 384

______________________________

و أما التعليق في المنشأ فهو أمر ممكن و واقع فان الوصية إنشاء للملكية لما بعد الموت فالانشاء فعلي و المنشأ معلق علي الوفاة نظير الواجب المشروط فان في كل واجب مشروط يكون إنشاء الوجوب من قبل المولي فعليا لكن الوجوب معلق علي الشرط فلا استحالة في نفس التعليق فلا يصح أن يقال: ان التعليق لا يوجد في الخارج بل يوجد.

الوجه الثالث: ان وجوب الوفاء متعلق بالعقد الفعلي و بعبارة اخري: وجوب الوفاء لا ينفك عن العقد زمانا فلا بد من تحقق العقد التنجيزي و الا يلزم التخلف.

و يرد عليه اولا: ان وجوب الوفاء ليس حكما تكليفيا بل الامر بالوفاء ارشاد الي اللزوم و اللزوم غير منفك عن العقد مطلقا بلا فرق بين كونه منجزا و كونه معلقا فان العقد في المعلق متحقق بالفعل و لا يجوز نقضه و فسخه. و ثانيا سلمنا كونه وجوبا تكليفيا لكن نقول يكون وجوب الوفاء تابعا للعقد فان كان منجزا يترتب عليه بالفعل و ان كان معلقا يترتب عليه عند حصول المعلق عليه. و ثالثا: هذا الاشكال انما يلزم لو كان المعلق عليه امرا استقباليا و اما اذا كان أمرا حاليا كما لو قال بعتك ان قدم زيد من السفر فلا يتوجه اشكال التخلف. و رابعا: ان هذا الاشكال لا يتوجه بالنسبة الي العقود التي يتأخر عنها مقتضاها بحسب طبعها كالوصية و التدبير و أمثالهما.

الوجه الرابع: ان اسباب العقود و الايقاعات توقيفية فلا بد من الاقتصار فيه علي المقدار المعلوم كونه صحيحا و هو ما يكون خاليا عن التعليق. و فيه: ان الميزان باطلاق الدليل و عمومه فان دليل الصحة اذا كان مطلقا أو عاما يؤخذ باطلاقه

أو عمومه و يحكم بصحة العقد المعلق و ان لم يكن مطلقا أو عاما كما لو كان الدليل مهملا لا مجال للأخذ بالاطلاق لعدمه فرضا.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 385

[مسألة 11: إذا قبض المشتري ما اشتراه بالعقد الفاسد]

(مسألة 11): اذا قبض المشتري ما اشتراه بالعقد الفاسد فان علم برضا البائع بالتصرف فيه حتي مع فساد العقد جاز له التصرف فيه (1).

______________________________

الوجه الخامس: ان ادلة صحة العقود منصرفة الي المتعارف منها و المتعارف من العقود ما يكون منجزا. و فيه: اولا: انه لا وجه للانصراف. و ثانيا: ان عدم تعارف التعليق في العقود اول الكلام فالنتيجة: انه لا دليل علي بطلان التعليق في العقود فعلي هذا ما أفاده في المتن من الفساد في بعض صور التعليق مبني علي الاحتياط نعم لا يبعد ان يقال: بأن الفقيه يطمأن ببطلان التعليق في الجملة فلو باع زيد داره في شهر رجب معلقا علي هلال رمضان بأن يحصل الانتقال من ذلك الوقت يبطل اما علي تقدير عدم صدق البيع عليه- كما هو ليس ببعيد- فالبطلان واضح و اما علي تقدير الصدق فبطلانه من باب التعليق و صفوة القول: ان بطلان التعليق في الجملة مما لا اشكال فيه.

(1) اذ يجوز التصرف في مال الغير برضاه و طيب نفسه فما أفاده من الجواز علي طبق القاعدة و بعبارة اخري: المستفاد من قوله: «لا يحل دم امرؤ مسلم و لا ماله الا بطيبة نفس منه «1»» و كذا الاجماع علي ان المالك اذا رضي بالتصرف في ماله بما أنه ماله جواز التصرف بهذا النحو و الا فلا يجوز و لذا اذا اعتقد احد ان الطعام الفلاني ملك لزيد و الحال انه في الواقع ملكه فأجاز في أكله لثالث و حلله

و ذلك الثالث يعلم بأنه ملك للمجيز و ليس ملكا لزيد لا يجوز له الاكل اذ المفروض ان المالك لم يأذن في التصرف بما أنه ماله بل اذن له بعنوان انه لزيد و علي هذا نقول لا يجوز للأخذ التصرف في المأخوذ بالعقد الفاسد الا مع الاذن الثانوي و أما الاذن المترتب علي العقد فلا اثر له لأنه ملكه من الاخر و يأذن ان يتصرف فيه بعنوان انه ملكه اي ملك الاخذ و ماله. و صفوة القول: انه لم يثبت

______________________________

(1) لاحظ ص: 377

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 386

و إلا وجب عليه رده الي البائع (1).

______________________________

من الشرع جواز التصرف في مال الغير اذا كان من هذا القبيل فلاحظ.

(1) ما يمكن أن يستدل به علي وجوب الرد وجوه: الوجه الاول: ما رواه سماعة «1» بتقريب: ان المستفاد من الحديث حرمة جميع الافعال المتعلقة به التي منها كونها في يده و امساكه فلا يجوز الامساك بل يجب الرد. و يمكن الايراد في الاستدلال بأن الحلية و الحرمة لا يتعلقان بالمال فلا بد من تقدير فعل فيكون الحرام ذلك الفعل كالتصرف فيحرم التصرف في مال الغير لكن مجرد الامساك ليس تصرفا في مال الغير كي يقال: انه حرام نعم امساك مال الغير و الامتناع عن الدفع حرام بلا اشكال و أما الامساك المجامع مع التخلية بين المال و مالكه فلا يكون حراما و ان شئت قلت: الامساك بما هو كالنظر اليه فهل يكون النظر الي مال الغير حراما. و صفوة القول: ان الامساك بما هو لا يكون مصداقا للتصرف.

الوجه الثاني: النبوي المعروف و هو قوله صلي اللّه عليه و آله «علي اليد ما أخذت حتي تؤدي» «2».

و تقريب المدعي

بالحديث بوجهين: احدهما: ان الحديث و ان لم يكن متعرضا للحكم التكليفي و لكن الحكم الوضعي المستفاد من الرواية ملازم للحكم التكليفي فيجب رد العين مع بقائها ورد مثلها أو قيمتها مع تلفها و الا فأي أثر يترتب علي الوضع بلا ترتب الحكم التكليفي عليه. و اورد عليه بأن الملازمة و ان كانت تامة و لكن التخلية تكفي و أما الرد فلا دليل عليه لا شرعا و لا عقلا.

ثانيهما: ان حديث علي اليد ان لم يكن مختصا ببيان الحكم التكليفي فلا أقلّ من

______________________________

(1) لاحظ ص: 377

(2) نقل عن سنن البيهقي ج 9 كتاب العارية ص 90 و كنز العمال ج 5 ص 257 و مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب الغصب الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 387

______________________________

كونه دالا علي كلا الحكمين من الوضع و التكليف فيدل علي وجوب الرد مع بقاء العين و دفع البدل مع التلف. و اورد فيه بأن ارادة الحكم التكليفي من حديث علي اليد يحتاج الي التقدير و ارادة الحكم الوضعي منه لا تحتاج الي التقدير و لا يعقل الجمع بين التقدير و عدمه مضافا الي أن الحديث ضعيف سندا.

الوجه الثالث: انه يستفاد من بعض النصوص وجوب رد مال الغير الي صاحبه لاحظ ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل يصيد الطير الذي يسوي دراهم كثيرة و هو مستوي الجناحين و هو يعرف صاحبه أ يحل له امساكه؟ فقال: اذا عرف صاحبه رده عليه و ان لم يكن يعرفه و ملك جناحه فهو له و ان جاءك طالب لا تتهمه رده عليه «1».

و ما رواه حفص بن غياث قال: سألت

ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل من المسلمين اودعه رجل من اللصوص دراهم او متاعا و اللص مسلم هل يرد عليه؟

فقال: لا يرده فان امكنه ان يرده علي اصحابه فعمل و الا كان في يده بمنزلة اللقطة يصيبها فيعرفها حولا فان اصاب صاحبها ردها عليه و الا تصدق بها فان جاء طالبها بعد ذلك خيره بين الاجر و الغرم فان اختار الاجر فله الاجر و ان اختار الغرم غرم له و كان الاجر له «2». و غيرهما من النصوص الدالة علي المدعي.

الوجه الرابع: قوله تعالي: «إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا» «3» فان الاية الشريفة تدل علي وجوب رد اموال الغير الي ملاكها فلا اشكال في وجوب الرد.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب اللقطة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب اللقطة الحديث: 1

(3) النساء/ 58

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 388

و اذا تلف و لو من دون تفريط وجب عليه رد مثله ان كان مثليا و قيمته ان كان قيميا و كذا الحكم في الثمن اذا قبضه بالبيع الفاسد (1).

______________________________

(1) يقع الكلام في مقامين: احدهما: في تحقق الضمان في صورة التلف و دليله ثانيهما في ان التالف اذا كان مثليا يتحقق ضمانه بالمثل و ان كان قيميا يتحقق ضمانه بالقيمة فنقول: أما المقام الاول فما يمكن أن يستدل به علي الضمان في المقبوض بالعقد الفاسد أو استدل وجوه:

الوجه الاول: النبوي المعروف «علي اليد ما أخذت» و يرد علي الاستدلال بالرواية انها ضعيفة سندا و عمل المشهور بها علي تقدير تحققه لا أثر له لعدم انجبار الرواية الضعيفة بعملهم.

الوجه الثاني: الروايات الدالة علي أن الامة المبتاعة اذا وجدت مسروقة بعد أن أولدها المشتري

اخذها صاحبها و أخذ المشتري ولده بالقيمة «1».

بتقريب: ان ضمان الولد بالقيمة مع كون الولد نماء لم يستوفه يستلزم ضمان الاصل بالاولوية. و يرد علي الاستدلال ان المفروض في مورد الروايات كون البائع غاصبا و لا اشكال في الضمان في هذا الفرض انما الكلام في وجه الضمان في المقام حيث ان البائع نفس المالك فلا وجه لقياس المقام علي ذلك الباب فلاحظ.

الوجه الثالث: ما رواه سماعة «2» فان مقتضي هذه الرواية عدم حلية مال احد لغيره الا بطيب نفسه. و فيه: ان الحرمة لا تتعلق بالاعيان فلا بد من تقدير فعل حتي يصح و حيث ان الاطلاق يقتضي عدم التقييد يكون المقدر مطلق فعل المكلف فيكون مفاد الرواية حرمة التصرف في مال الغير و لا يستفاد من حرمة التصرف الضمان

______________________________

(1) الوسائل الباب 88 من أبواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 2 و 3 و 5

(2) لاحظ ص: 377

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 389

______________________________

الذي يكون من الاحكام الوضعية.

الوجه الرابع: ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: سباب المؤمن فسوق و قتاله كفر و اكل لحمه معصية و حرمة ماله كحرمة دمه «1».

فان المستفاد من هذا الحديث و نحوه ان مال المؤمن كدمه فكما أن اراقة دمه يوجب الضمان كذلك اتلاف ماله و انه لا يذهب هدرا. و فيه: ان الكلام في التلف لا الاتلاف مضافا الي ان وحدة السياق تقتضي أن يكون المراد الحرمة التكليفية فكما أن سبابه و قتاله و أكل لحمه معصية كذلك التصرف في ماله بل لا يبعد أن يقال: ان الظاهر من لفظ الحرمة الحرمة التكليفية لا الحرمة بمعني الاحترام أي

كما ان دمه حرام أن يراق كذلك لا يجوز اتلاف ماله فلا ترتبط الرواية بباب الضمان.

الوجه الخامس: النصوص الدالة علي عدم ذهاب حق احد لاحظ ما رواه الحلبي و محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته هل تجوز شهادة أهل ملة من غير أهل ملتهم قال: نعم اذا لم يوجد من أهل ملتهم جازت شهادة غيرهم انه لا يصلح ذهاب حق أحد «2».

و ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شهادة أهل الملة قال:

فقال: لا تجوز الا علي أهل ملتهم فان لم تجد غيرهم جازت شهادتهم علي الوصية لأنه لا يصلح ذهاب حق أحد «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 158 من ابواب العشرة الحديث: 3

(2) الفروع من الكافي ج 7 ص 4 باب الاشهاد علي الوصية الحديث: 2

(3) نفس المصدر ص 398 حديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 390

______________________________

و ما رواه ضريس الكناسي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن شهادة أهل الملل هل تجوز علي رجل من غير أهل ملتهم؟ فقال: لا الا ان لا يوجد في تلك الحال غيرهم فان لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم في الوصية لأنه لا يصلح ذهاب حق امرء مسلم و لا تبطل وصيته «1».

فانها تشمل المقام و يرد عليه اولا: ان الاستدلال بهذه الروايات علي المدعي يتوقف علي كون المراد بالحق المال و بعدم ذهابه الضمان و الحال ان النصوص ناظرة الي ان حق الوصية لا يذهب بعدم شاهد من اهل ملته و ثانيا: ان المستفاد منها انه لا يصلح ذهاب حق احد و من الظاهر ان الحكم لا يثبت موضوع نفسه.

و بعبارة اخري: ثبوت الحق و هو الضمان اول الكلام و

الاشكال. و ثالثا: ان الكلام في التلف و غاية ما يستفاد من الروايات المشار اليها تحقق الضمان بالاتلاف.

الوجه السادس: قاعدة لا ضرر «2» بتقريب: ان المستفاد من القاعدة نفي الضرر في الشريعة المقدسة و حيث ان عدم الضمان ضرر بالنسبة الي من تلف ماله عند الغير يحكم بضمان صاحب اليد. و فيه اولا: يتوقف علي ان تكون القاعدة نافية و حاكمة علي ادلة الأحكام كما هو المشهور و اما علي مسلك شيخ الشريعة فلا حيث ان مفادها علي ذلك المسلك النهي عن الاضرار فلا ترتبط بالمقام.

و ثانيا: مقتضي القاعدة نفي الحكم الضرري. و بعبارة اخري: يستفاد من القاعدة ان الشارع لم يجعل الحكم الضرري في الشريعة المقدسة و اما اذا كان الضرر ناشئا عن عدم جعل الشارع فلا تفي القاعدة بنفيه كما في المقام حيث

______________________________

(1) نفس المصدر ص 399 حديث: 7

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب احياء الموات.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 391

______________________________

ان الضرر ناش من عدم جعل الضمان. و ان شئت قلت: ان القاعدة تنفي و لا تثبت. و ثالثا الضمان بالبدل الواقعي ربما يكون ضررا بالنسبة الي المشتري اذ ربما يشتري شيئا بدرهم و الحال انه يسوي دينارا فالحكم بالضمان الواقعي ضرر علي المشتري فيتعارض الضرران. و بعبارة اخري: المشتري لم يقدم علي الضمان ازيد من هذا المقدار فالحكم بضمانه اكثر من المسمي ضرر عليه.

الوجه السابع: قاعدة الاقدام بتقريب: ان كل طرف من طرفي المعاملة اقدم علي الضمان. و بعبارة اخري: القابض يقدم و يدخل بكون المال مضمونا عليه بالمسمّي فاذا لم يسلم له المسمي يرجع الي المثل او القيمة. و قد اوردت في هذا التقريب ايرادات:

منها: انه ربما يحصل الاقدام و لا

ضمان كما لو تلف المبيع قبل القبض و الظاهر ان هذا الايراد غير وارد اذ المشتري اقدم في البيع الصحيح علي ضمان المبيع بالمسمي لكن بمقتضي دليل «كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه» نلتزم بانفساخ العقد عند التلف فلا يبقي موضوع للضمان كما انه يمكن ان يقال:

- كما قيل- ان عدم الضمان بلحاظ الاشتراط الضمني و هو ضمان البائع لو تلف المبيع قبل القبض بل يمكن ان يقال: انه لا مقتضي للضمان قبل القبض بدعوي ان المرتكز في اذهان العقلاء ان الضمان مشروط بالقبض و الا فلا ضمان علي المشتري.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 7، ص: 391

و منها: انه ربما لا يكون الاقدام محققا و مع ذلك يتحقق الضمان كما لو شرط المشتري في ضمن العقد الفاسد ضمان المبيع علي البائع. و فيه: ان الاقدام بالضمان حاصل غاية الامر قد شرط في ضمن العقد شرطا فاسدا فلا يكون الضمان بلا اقدام بل تحقق الضمان بالاقدام.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 392

______________________________

و منها: انه لو باع بلا ثمن او آجر بلا اجرة لا يكون اقدام و مع ذلك يتحقق الضمان. و فيه: ان البيع بلا ثمن لا يكون بيعا بل يكون تمليكا مجانيا كما ان الاجارة بلا اجرة لا تكون اجارة بل تمليك للمنفعة مجانا فلا موجب للضمان.

و منها: انه اقدم علي الضمان الخاص لا ضمان المثل و القيمة. و عن المحقق الخراساني الجواب عن هذا الايراد بأنهما اقدما علي اصل الضمان في ضمن الضمان الخاص و الشارع الاقدس امضي الضمان و لم يمض الخصوصية و هذا

الجواب غير تام اذهما لم يقدما علي امرين بل أقدما علي امر خاص و المفروض انه لم يمض من قبل الشارع.

و هذا الايراد متين اذا عرفت ما تقدم نقول: الذي يختلج بالبال ان يقال:

منشأ الضمان بمقتضي السيرة و الارتكاز المتشرعي هو وضع اليد علي مال الغير بلا مجوز و حيث ان وضع اليد في المقام بغير مجوز شرعي فيوجب الضمان. ان قلت: علي هذا يلزم الضمان في المأخوذ بالعقد الفاسد حتي فيما لا يكون صحيحه موجبا للضمان كالهبة الفاسدة قلت: وجه عدم الضمان هناك القصور في المقتضي فان حديث علي اليد لكون سنده ضعيفا غير قابل للاستناد اليه و السيرة انما يقتصر عليها بمقدار احرازها و حيث لم تحرز هناك لا نلتزم بالضمان و اللّه العالم بالاحكام و عليه التكلان.

و اما المقام الثاني فما يمكن ان يستدل به علي المدعي او استدل أيضا وجوه:

الوجه الاول حديث علي اليد «1» و اورد في هذا الوجه بايرادين.

احدهما: الاشكال في سند الحديث بأنه لا اعتبار به و عمل المشهور به علي فرض تحققه لا يكون جابرا ثانيهما: ان مفاد الحديث لا ينطبق علي ما ذهب اليه المشهور

______________________________

(1) لاحظ ص: 386

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 393

______________________________

فان المشهور قائلون بضمان المثل في المثلي و في القيمي بالقيمة من اول الامر و المستفاد من الحديث ان العين بنفسها في العهدة غاية الامر مع تعذر ادائها تصل النوبة الي المثل و مع تعذره تصل النوبة الي القيمة.

و يمكن ان يقال: ان المستفاد من الحديث اثبات اصل الضمان و لا تعرض فيه للمثل او القيمة بأن نقول: يستفاد من الرواية ان العين المأخوذة مضمونة الي زمان ادائها الي اهلها و اما اذا تلفت

فبأي شي ء يتحقق الضمان فالحديث ساكت عن هذه الجهة و كيف كان بعد سقوط الحديث سندا لا وجه للبحث في مفاده.

الوجه الثاني قوله صلي اللّه عليه و آله: «ان حرمة ماله كحرمة دمه» لاحظ ما رواه ابو بصير «1». و فيه انه قد تقدم ان المستفاد من الحديث بقرينة وحدة السياق حرمة ماله تكليفا و عدم جواز التصرف فيه فلا تعرض فيه للجهة الوضعية و علي فرض كونه متعرضا للجهة الوضعية انما يكون متعرضا لأصل الضمان و اما دلالته علي ضمان المثلي بالمثل و القيمي بالقيمة فلا.

الوجه الثالث: النصوص الدالة علي ان الامة اذا وجدت مسروقة بعد ان اولدها المشتري اخذها صاحبها و اخذ المشتري ولده بالقيمة «2».

و فيه انه لا يستفاد من هذه النصوص ان الضمان في المثلي بالمثل بل لا تدل علي كون ضمان القيمي بالقيمة علي نحو الإطلاق نعم لا تخلو عن اشعار بالنسبة الي ضمان القيمي بالقيمة.

الوجه الرابع: الاجماع علي المدعي. و فيه: انه علي تقدير الاجماع يحتمل استناد المجمعين الي الوجوه المذكورة في المقام فلا يكون اجماعا تعبديا كاشفا

______________________________

(1) لاحظ ص: 389

(2) الوسائل الباب 88 من ابواب نكاح العبيد و الاماء

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 394

______________________________

عن رأي المعصوم.

الوجه الخامس: قوله تعالي: «فَمَنِ اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ» «1» بتقريب: ان المستفاد من الاية ان المماثلة معتبرة فيما يعتدي به علي المعتدي فان كان مثليا لا بد من المثلية و ان كان قيميا فلا بد من القيمة.

و افاد سيدنا الاستاد بأن الاستدلال بالآية علي المدعي يتوقف علي امور ثلاثة:

الاول ان يكون لفظ «ما» في الاية الشريفة موصولة لا مصدرية. الثاني: ان يكون المراد من الموصول الشي ء المعتدي به

بأن يكون المعني «فاعتدوا عليه بمثل الشي ء الذي اعتدي به عليكم». الثالث: ان يكون المراد بالمثل الوارد في الاية المثل في المثلي و القيمة في القيمي و المقدمات الثلاث كلها مخدوشة.

اما الامر الاول فيمكن ان يكون لفظ (ما) مصدرا لا موصولا فيكون المراد ان الاعتداء الفعلي مثل فعله الاعتدائي اي اذا كان اعتدائه الضرب فاضربه و ان كان شتما فاشتمه فلا يرتبط بالمقام بالكلية.

و اما الامر الثاني فيرد فيه: انه لا دليل علي كون المراد بالموصول العين الخارجية بل يمكن ان يكون المراد به الفعل اي ان كان ضربا فاضربه و يمكن ان يكون المراد اعم من الفعل فتدل الاية علي جواز الضرب بالضرب و الشتم بالشتم و اتلاف المال باتلاف المال فلا يستفاد من الاية المدعي بل لا يستفاد من الاية جواز التملك لان المستفاد منها- علي ما فرض- جواز الاعتداء بالمثل فيجوز الاتلاف لا التملك.

و اما الامر الثالث فالمستفاد من الاية علي فرض التنزل وجوب المثل مطلقا او وجوب المثل في المثلي و القيمة في القيمي.

فتحصل انه لو تمت المقدمات الثلاث لا تترتب عليها النتيجة اذ المستفاد من

______________________________

(1) البقرة/ 194

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 395

______________________________

قوله تعالي «فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ» جواز الاعتداء و لا يستفاد من هذه الجملة الحكم الوضعي و هو الضمان بل المستفاد منه الحكم التكليفي.

الوجه السادس: أن يقال: مقتضي السيرة و الارتكاز العقلائي انه لو وضع أحد يده علي مال الغير بلا اذن من مالكه تكون العين مضمونة و يجب علي الواضع ردها الي مالكها و ما دام لم يسلمها الي مالكها لا يخرج عن ضمانها فاذا تلفت العين تصل النوبة الي مثلها ان كان لها المثل من

حيث ان المثل أقرب الي التالف و ان لم يكن له المثل تصل النوبة الي القيمة و لذا لو تلفت و بعد التلف عادت بدعاء ولي من أولياء اللّه يجوز للضامن ردها بل يجب عليه و ليس للمضمون له الامتناع عن القبول كما أنه لو أمكنه رد مثلها يجوز ردها و ليس للطرف الامتناع. و مما يتفرع علي ما ذكرنا انه لو لا النص الخاص يكون الميزان في القيمي بقيمة يوم الاداء و السر في جميع ما ذكر ان العين بنفسها مضمونة غاية الامر في مقام الاداء تصل النوبة الي المثلي أو القيمي من باب الاقربية الي التالف.

و العجب مما أفاده سيدنا الاستاد في هذا المقام- علي ما في تقرير مقرر بحثه- حيث قال: «ان العقلاء متفقون علي ان الانسان اذا أخذ مال غيره و وضع يده عليه بغير سبب شرعي ضمنه بجميع خصوصياته الشخصية و المالية و النوعية و انه لا يخرج عن عهدته الابرد عينه علي مالكه و اذا تلفت العين وجب علي الضامن رد ما هو اقرب اليها لان تلفها لا يسقط الضمان عنه جزما و من الواضح ان الاقرب الي العين التالفة انما هو المثل في المثلي و القيمة في القيمي و علي هذا فلا يكتفي برد احدهما في موضع الاخر الا برضي المالك و هذا واضح لا شك فيه» «1» انتهي.

______________________________

(1) مصباح الفقاهة ج 3 ص 150

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 396

و لا فرق في جميع ذلك بين العلم بالحكم و الجهل به (1) و لو باع أحدهما ما قبضه كان البيع فضوليا تتوقف صحته علي اجازة المالك و سيأتي الكلام فيه ان شاء اللّه تعالي (2).

[الفصل الثاني: شروط المتعاقدين]

اشارة

الفصل الثاني: شروط

المتعاقدين

[الأول: البلوغ]

(مسألة 1): يشترط في كل من المتعاقدين امور: الاول: البلوغ فلا يصح عقد الصبي في ماله (3).

______________________________

فان كون المثل اقرب الي التالف لا فرق فيه بين المثلي و القيمي و انما يكتفي في القيمي بالقيمة بلحاظ عدم امكان المثل لا ان الاقرب اليه القيمة هذا بحسب القاعدة الاولية و اما بحسب النص الخاص فقد استفيد من حديث أبي ولاد «1» ان الميزان في الضمان في القيمي بقيمة يوم الغصب و قد تعرضنا لمفاد الحديث في كتاب الاجارة و الماتن لم يتعرض لهذه الجهة في المقام.

(1) اذ لا فرق في الحكم الوضعي بين العالم و الجاهل و الميزان في الضمان وضع اليد علي مال الغير و المفروض تحققه.

(2) و نتعرض لما يصل اليه نظرنا القاصر ان شاء اللّه تعالي.

(3) ما يمكن ان يستدل به في المقام أو استدل امور الاول: الاجماع. و حاله في الاشكال ظاهر اذ لا يمكن تحصيل اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم.

الثاني: قوله تعالي: «وَ ابْتَلُوا الْيَتٰاميٰ حَتّٰي إِذٰا بَلَغُوا النِّكٰاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب الاجارة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 397

______________________________

رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوٰالَهُمْ «1»، بتقريب: ان المستفاد من الاية انه يشترط في جواز دفع ماله اليه بلوغه و رشده فما دام لم يبلغ و لم يرشد لا يجوز امره و لا ينفذ فعله فلا تكون معاملاته صحيحة. و فيه: ان المستفاد من الاية الشريفة عدم جواز الدفع اليه قبل البلوغ و الرشد و هذا لا يدل علي بطلان معاملاته.

الثالث: النصوص منها: ما رواه حمران قال: سألت أبا جعفر عليه السلام قلت له: متي يجب علي الغلام أن يؤخذ بالحدود التامة و يقام عليه و

يؤخذ بها؟

قال: اذا خرج عنه اليتم و أدرك قلت فلذلك حد يعرف به؟ فقال: اذا احتلم أو بلغ خمس عشرة سنة أو أشعر أو انبت قبل ذلك اقيمت عليه الحدود التامة و اخذ بها و اخذت له قلت: فالجارية متي تجب عليها الحدود التامة و تؤخذ بها و يؤخذ لها؟. قال: ان الجارية ليست مثل الغلام ان الجارية اذا تزوجت و دخل بها و لها تسع سنين ذهب عنها اليتم و دفع اليها مالها و جاز أمرها في الشراء و البيع و اقيمت عليها الحدود التامة و اخذ لها و بها قال: و الغلام لا يجوز أمره في الشراء و البيع و لا يخرج من اليتم حتي يبلغ خمس عشرة سنة أو يحتلم أو يشعر أو ينبت قبل ذلك «2».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية انه لا يجوز أمر الصبي قبل البلوغ. و فيه:

ان الرواية ضعيفة سندا.

و منها: ما أرسله الصدوق قال و قد روي عن الصادق عليه السلام انه سئل عن قول اللّه عز و جل «فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوٰالَهُمْ» قال: ايناس الرشد حفظ المال «3» و المرسل لا اعتبار به.

______________________________

(1) النساء/ 6

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 2 من أحكام الحجر الحديث: 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 398

______________________________

و منها: ما أرسله الصدوق أيضا قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا بلغت الجارية تسع سنين دفع اليها مالها و جاز أمرها في مالها و اقيمت الحدود التامة لها و عليها «1» و المرسل لا اعتبار به.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا بلغ أشده ثلاث عشرة

سنة و دخل في الأربع عشرة وجب عليه ما وجب علي المحتلمين احتلم أو لم يحتلم و كتب عليه السيئات و كتبت له الحسنات و جاز له كل شي ء الا أن يكون ضعيفا أو سفيها «2». و هذه الرواية ضعيفة سندا بالوشاء.

و منها: ما رواه ابو الحسين الخادم بياع اللؤلؤ عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله ابي و انا حاضر عن اليتيم متي يجوز امره؟ قال: حتي يبلغ اشده قال:

و ما اشده قال: احتلامه قال: قلت: قد يكون الغلام ابن ثمان عشرة سنة او أقلّ او اكثر و لم يحتلم قال: اذا بلغ و كتب عليه الشي ء (و نبت عليه الشعر ظ) جاز عليه امره الا ان يكون سفيها او ضعيفا «3».

و هذه الرواية تامة سندا فان ابا الحسين كنية آدم بن المتوكل و هو موثق فلا اشكال في السند و يستفاد منها المدعي اذ المستفاد منها ان اليتيم لا يجوز امره الا بعد البلوغ و الرشد و في المراجعة الاخيرة تبين عدم تمامية السند. و يدل علي المدعي ما رواه عبد اللّه بن سنان عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله ابي و انا حاضر عن قول اللّه عز و جل «حَتّٰي إِذٰا بَلَغَ أَشُدَّهُ» قال: الاحتلام قال: فقال:

يحتلم في ست عشرة و سبع عشرة سنة و نحوها فقال: لا اذا أتت عليه ثلاث عشرة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب أحكام الوصايا الحديث: 11

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب أحكام الحجر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 399

و ان كان مميزا اذا لم يكن باذن الولي بل و ان كان باذنه اذا كان الصبي مستقلا في التصرف

(1) و أما اذا كان المعاملة من الولي و كان الصبي و كيلا عنه في إنشاء الصيغة فالصحة لا تخلو من وجه وجيه (2).

______________________________

سنة كتبت له الحسنات و كتبت عليه السيئات و جاز أمره الا أن يكون سفيها أو ضعيفا فقال: و ما السفيه؟ فقال: الذي يشتري الدرهم بأضعافه قال: و ما الضعيف؟ قال:

الابله «1» و الرواية ضعيفة سندا و منها: ما رواه ابن مسلم الذي يأتي قريبا.

(1) فان مقتضي اطلاق دليل المنع عدم الفرق بين المميز و غيره و ان شئت قلت:

المستفاد من النص ان الميزان في الاعتبار هو البلوغ و مع عدمه لا يكون الصادر منه صحيحا فلاحظ.

(2) بتقريب: انه لا دليل علي المنع و لنا أن نقول: مقتضي اطلاق قوله عليه السلام في حديث ابن سنان: «جاز عليه أمره» ان غير البالغ لا يجوز أمره بلا فرق بين الموارد اذ لا دليل علي كون المراد من الامر استقلاله فلا يشمل مورد الوكالة في اجراء الصيغة. و بعبارة اخري: ان المستفاد من الحديث ان غير البالغ لا يكون مستقلا بالامر فلا يكون التصدي لإجراء الصيغة مصداقا للدليل. و يرد عليه: انه لا دليل علي التقييد و مقتضي الاطلاق عدم نفوذ امره لا مستقلا و لا غير مستقل.

و أفاد سيدنا الاستاد انه يدل علي المدعي استثناء السفيه اذ لا شبهة في صحة عقد السفيه اذا كان بعنوان الوكالة في اجراء الصيغة. و فيه: علي فرض تمامية المدعي نقول: لا بد من اقامة الدليل هناك من اجماع أو غيره. و صفوة القول:

ان مقتضي الصناعة عدم نفوذ ما يصدر عن غير البالغ بمقتضي هذه الرواية.

و يمكن الاستدلال علي المدعي أيضا بما رواه محمد بن مسلم عن

أبي عبد اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من أبواب أحكام الوصايا الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 400

______________________________

عليه السلام قال: عمد الصبي و خطاه واحد «1». فان مقتضي هذه الرواية ان عمد الصبي بمنزلة الخطأ فكما انه لا يترتب الاثر علي العقد الصادر عن الخطأ كذلك لا يترتب علي عمده.

و قال سيدنا الاستاد: انه لا يمكن ان يراد الاطلاق من هذه الرواية بل لا بد من كونها ناظرة الي حكم الدية و ذلك لوجود المانع اولا و عدم المقتضي ثانيا أما وجود المانع فلكونه مخالفا لضرورة المذهب اذ لازم هذا القول ان الصبي اذا اخل عمدا في صلاته زيادة أو نقيصة بنحو لا يكون مضرا في حال الخطأ تكون صلاته صحيحة فلو تكلم مثلا في صلاته عمدا أو صلي مع البدن النجس و هكذا تكون صلاته صحيحة و أيضا لو افطر عمدا يكون صومه صحيحا و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟ بل يلزم الالتزام ببطلان صلاته مطلقا لان الصلاة الصادرة عن الشخص بغير الاختيار بصورة الخطأ باطلة فلزوم هذا المحذور يمنع عن الالتزام بالاطلاق.

و يرد عليه: ان الالتزام بالاطلاق يتوقف علي عدم قيام دليل علي التقييد و المفروض قيام الضرورة- بحسب دعواه- علي خلاف الاطلاق فيقيد الاطلاق بهذا المقدار و تقييد المطلق ليس عزيزا.

و أما عدم المقتضي فلان تنزيل العمد منزلة الخطأ يتوقف علي ان يكون لكل من العمد و الخطأ اثر بالنسبة الي الفاعل كي يصح التنزيل و الحال انه لا مصداق لهذه الكبري في المقام الا الجنايات حيث ان حكم جناية العمد تغاير حكم جناية الخطأ و بمقتضي النص تكون الجناية العمدية الصادرة عن الصبي كالجناية الخطائية و اما الانشاء الصادر عن الخطاء فلا

حكم له شرعا بل الحكم يترتب علي الانشاء

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب العاقلة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 401

و كذا اذا كان تصرفه في غير ماله باذن المالك و ان لم يكن باذن الولي (1).

______________________________

الارادي.

و يرد عليه: ان هذا الاشتراط لا دليل عليه فان المستفاد من الرواية ان ما يصدر عن الصبي يحسب في وعاء الشرع بحكم الخطاء فان كان للخطاء حكم يترتب ذلك الحكم علي فعله العمدي و ان لم يكن محكوما بحكم تكون نتيجة التنزيل عدم ترتب اثر علي فعله العمدي فلاحظ.

(1) بتقريب: انه لا دليل علي المنع و الادلة الاولية تقتضي الصحة. و فيه:

انه يمكن الاستدلال علي المنع بوجهين: الاول: اطلاق حديث ابن سنان «1» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية انه لا يجوز امره الا بعد البلوغ و اما قبل تحقق بلوغه فلا يجوز امره فلا تجوز وكالته و لا يجوز عقده و لا ايقاعه و تخصيص الرواية بالتصرف في ماله بلا وجه و قد مر ضعف الحديث سندا.

الثاني: اطلاق حديث ابن مسلم «2» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية كما تقدم ان عمد الصبي خطأ فلا يترتب علي عمده اثر. بقي شي ء و هو انه ربما يقال:

بأن السيرة جارية علي ترتيب الاثر علي معاملات الصبي في المحقرات كالخبز و نحوه. و فيه: ان السيرة العقلائية و ان كانت جارية و غير قابلة للإنكار لكنها مردوعة بالنصوص المتقدمة و أما سيرة المتشرعة فعلي فرض تسلمها يمكن أن يكون الوجه فيها ان الصبي يكون كالواسطة بين البائع و المشتري لا أن يكون الصبي مستقلا في المعاملة كما انها يمكن أن تكون بلحاظ العلم بالرضا بالتصرف. و الانصاف ان الاعتماد علي السيرة في

غير محله اذ نري عدم مبالاة الناس في كثير من الامور.

اضف الي ذلك ان السيرة المدعاة يمكن ان المنشأ فيها فتاوي الاصحاب.

______________________________

(1) لاحظ ص: 398

(2) لاحظ ص: 400

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 402

[الثاني: العقل]

الثاني: العقل فلا يصح عقد المجنون و ان كان قاصدا إنشاء البيع (1).

[الثالث: الاختيار]
اشارة

الثالث: الاختيار فلا يصح بيع المكره (2).

______________________________

و اما حديث عبيد بن زرارة قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن شهادة الصبي و المملوك فقال: علي قدرها يوم اشهد تجوز في الامر الدون و لا تجوز في الامر الكبير «1» فلا يمكن ان يكون مدركا للمقام اذ مورده الشهادة في المحقرات فلا وجه لقياس المقام علي ذلك الباب.

(1) قال في الجواهر في هذا المقام «لا اجد فيه خلافا بل الاجماع بقسميه عليه بل الضرورة من المذهب بل الدين لا لعدم القصد فانه قد يفرض في بعض افراد الجنون بل لعدم اعتبار قصده و كونه لفظه كلفظ النائم بل اصوات البهائم» «2» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

(2) ما يمكن ان يستدل به علي المدعي او استدل به وجوه: الأول: الاجماع.

و فيه: انه لا يمكن الاستناد الي الاجماع اذ يمكن ان يكون مستندا الي الوجوه المذكورة في المقام.

الوجه الثاني: النصوص الدالة علي حرمة التصرف في مال الغير منها ما رواه سماعة عن ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: من كانت عنده امانته فليؤدها الي من ائتمنه عليها فانه لا يحل دم امرء مسلم و لا ماله الا بطيبة نفس منه «3».

بتقريب: انه لو كان بيع المكره صحيحا لكان التصرف جائزا للمشتري.

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب الشهادات الحديث: 5

(2) جواهر الكلام ج 22 ص 265

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 403

______________________________

و فيه: ان البيع لو كان جائزا لا يبقي المال في ملك البائع بل

ينتقل الي ملك المشتري و اما التصرف الاعتباري و هو البيع فهو صادر عن نفس المالك لا عن المشتري. الا ان يقال: ان البيع و ان كان فعل البائع لكن تملك المبيع فعل المشتري. هذا اولا و ثانيا ان دليل عدم الحل يختص بالتصرفات الخارجية و لا يشمل التصرف الاعتباري.

الوجه الثالث: قوله تعالي: «لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ» «1» فان المستفاد من الاية انه لا يصح تملك مال الغير الا بالتجارة عن تراض فاذا كانت التجارة عن اكراه لا تصح. و بعبارة اخري:

المستفاد من الاية حصر سبب الاكل في التجارة عن تراض فالتجارة الا كراهية فاسدة بحكم الكتاب.

الوجه الرابع: النصوص الدالة علي فساد طلاق المكره و عتقه لاحظ ما رواه زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال: سألته عن طلاق المكره و عتقه فقال: ليس طلاقه بطلاق و لا عتقه بعتق فقلت: اني رجل تاجر امر بالعشار و معي مال فقال:

غيبه ما استطعت وضعه مواضعه فقلت: فان حلفني بالطلاق و العتاق فقال: احلف له ثم اخذ تمرة فحفر بها من زبد كان قد امه فقال: ما ابالي حلفت لهم بالطلاق و العتاق او آكلها «2».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: لو ان رجلا مسلما مر بقوم ليسوا بسلطان فقهروه حتي يتخوف علي نفسه ان يعتق او

______________________________

(1) النساء/ 29

(2) الوسائل الباب 37 ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 404

______________________________

يطلق ففعل لم يكن عليه شي ء «1».

و ما رواه اسماعيل الجعفي في حديث انه قال لأبي جعفر عليه السلام: امر بالعشار فيحلفني بالطلاق و العتاق قال: احلف

له «2». و ما رواه يحيي بن عبد اللّه بن الحسن عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: لا يجوز طلاق في استكراه و لا تجوز يمين في قطيعة رحم الي ان قال: و انما الطلاق ما اريد به الطلاق من غير استكراه و لا اضرار الحديث «3».

بتقريب: عدم الفصل بين طلاقه و عتقه و بين بقية عقوده و ايقاعاته.

الوجه الخامس: النصوص الدالة علي رفع الاكراه في الشريعة المقدسة لاحظ ما رواه حريز عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله وضع عن امتي تسعة اشياء: السهو و النسيان و ما اكرهوا عليه و ما لا يعلمون و ما لا يطيقون و ما اضطروا عليه و الطيرة و الحسد و التفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق الانسان بشفة «4».

بتقريب: ان مقتضي اطلاق الحديث عدم اختصاص المرفوع بالحكم التكليفي كما انه لا يختص الدليل بمتعلقات الاحكام بل يعم الموضوع فكما ان مقتضي الحديث انه لو اكره المكلف علي شرب الخمر يجوز له الشرب كذلك مقتضاه انه لو اكره علي الطلاق او البيع لا يترتب الفراق علي طلاقه و لا يترتب الانتقال علي بيعه فالنتيجة ان بيعه فاسد.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 405

و هو من يأمره غيره بالبيع المكروه له علي نحو يخاف من الاضرار به لو خالفه بحيث يكون وقوع البيع منه من باب ارتكاب أقل المكروهين (1).

______________________________

مضافا الي ان الامام عليه السلام في بعض الموارد حكم ببطلان بعض الامور الوضعية و استشهد

بقول رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لاحظ ما رواه الحلبي عن ابي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرجل يستكره علي اليمين فيحلف بالطلاق و العتاق و صدقة ما يملك أ يلزمه ذلك؟ فقال: لا ثم قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: وضع عن امتي ما اكرهوا عليه و ما لم يطيقو او ما أخطئوا «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ببركة تطبيقه عليه السلام الكبري الكلية علي المورد ان حديث الرفع لا يختص بالتكاليف فقط فلا تغفل.

(1) لا يخفي انه تارة يكون الشي ء مكروها من حيث الطبع كأكل المرو وضع اليد علي النار و امثالهما و اخري يكون الكراهة ناشيا عن الشرع او العقل فان الانسان لا يكره كثيرا من المحرمات بل يشتاق اليها و يميل و لكن يتركها و يكرهها بلحاظ الشرع فالمراد الجامع لا خصوص المكروه الطبعي و يترتب علي ذلك ان اختيار المكره عند الاكراه لا يلزم ان يكون من باب اختيار أقلّ المكروهين فانه ربما لا يكون المكره بالفتح كارها لما يختاره بل الاكراه متقوم بصدق ان الاقدام بلحاظ دفع الضرر عن ناحية المكره بالكسر فتحقق الاكراه يتوقف علي امور.

الاول: ان يكون الفعل بتوعيد الغير فان لم يكن توعيد بل ارتكاب العمل بلحاظ ترضية خاطر الغير بلا توعيد منه لا يكون اكراها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الايمان الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 406

و لو لم يكن البيع مكروها و قد أمره الظالم بالبيع فباع صح (1) و كذا لو أمره بشي ء غير البيع و كان ذلك الشي ء موقوفا علي البيع المكروه فباع فانه يصح كما اذا أمره بدفع مقدار من المال و لم يمكنه

الا ببيع

______________________________

الثاني: انه يشترط في تحققه التوعيد فان الغير اذا وعده علي ارتكاب ذلك العمل بأن قال له: اذا ارتكبت ذلك العمل جعلتك صاحب المنصب الفلاني لا يكون هذا اكراها.

الثالث: أن يكون الاكراه متوجها بنفس العمل و أما ان لم يكن كذلك مثلا لو أكره المكره علي مقدار من المال و المكره بالفتح باع داره لأداء هذا المقدار لا يكون مكرها في بيع الدار بل انما يصدق الاكراه علي بيع الدار فيما توجه الاكراه الي بيعها.

ثم انه هل يشترط في صدق الاكراه عدم كون الضرر المتوعد عليه حقا فلو أوعده بمطالبة دين عليه أو بقصاص ثابت عليه لا يصدق عليه الاكراه؟ أفاد سيدنا الاستاد بأنه مشروط به و استدل عليه بوجهين: احدهما: انصراف دليل حديث رفع الاكراه عن المورد المذكور. ثانيهما: ان شمول الحديث خلاف الامتنان.

و الظاهر عدم تمامية الوجه الثاني فان رفع الحكم تكليفا و وضعا عن مورد الاكراه منة بالنسبة الي المكره بالفتح و اما الوجه الاول فلا يبعد تمامية الانصراف اذ لو كان المكره بالفتح مستحقا للقصاص من زيد فاكره علي شرب الخمر بأن اوعده بالقصاص منه هل يمكن الالتزام بحلية الشرب و الحال ان القصاص حق؟.

الانصاف ان الالتزام بارتفاع حرمة الشرب مشكل فلاحظ.

(1) فان البيع في مفروض الكلام لم يصدر عن اكراه بل عن اختيار. و ان شئت قلت: ان البيع لم يصدر عن خوف و لم يقع لدفع الضرر.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 407

داره فباعها فانه يصح بيعها (1).

[مسألة 2: إذا أكره أحد الشخصين علي بيع داره]

(مسألة 2): اذا اكره احد الشخصين علي بيع داره كما لو قال الظالم فليبع زيد أو عمرو داره فباع احدهما داره بطل البيع الا اذا علم اقدام الاخر علي البيع (2).

[مسألة 3: لو أكره علي بيع داره أو فرسه فباع أحدهما بطل]

(مسألة 3): لو اكره علي بيع داره أو فرسه فباع أحدهما بطل (3) و لو باع الاخر بعد ذلك صح (4) و لو باعهما دفعة بطل فيهما جميعا (5).

______________________________

(1) قد مر بيان المدعي و تقريب دليله آنفا.

(2) فان الميزان في شمول حديث الرفع صدق الاكراه فان علم بأن الاخر يبيع لا يصدق الاكراه بالنسبة الي العالم يبيع الاخر فلو باع مع هذا الفرض يكون بيعه صحيحا و اما اذا لم يكن كذلك فباع لأجل الخوف عن الضرر المتوعد عليه يكون بيعه باطلا.

(3) لصدق انه مكره عليه فيبطل و ان شئت قلت: انه بعد الاكراه علي الجامع مضطر الي بيع احد الامرين اذا لكلي لا يتحقق في الخارج الا في ضمن الفرد و الشخص و الاضطرار الناشي عن الاكراه رافع للتكليف فلا اشكال. و بعبارة اخري: نقول: يصدق علي بيع الفرد الاول انه مكره عليه فيشمله دليل الرفع و علي فرض التنزل يشمله دليل رفع الاضطرار.

(4) لعدم كونه مكرها عليه.

(5) لأنه مكره في بيع احدهما و لا يكون مورد الاكراه عن غيره متميزا كي يقال: الفرد المكره عليه باطل و الاخر صحيح فاما يكون كلاهما صحيحا و اما يكون كلاهما باطلا و اما يكون احدهما صحيحا و الاخر باطلا لا سبيل الي الاول لحديث الرفع و لا سبيل الي الثالث لعدم مرجح في احد الطرفين فيبقي الثاني.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 408

[مسألة 4: لو أكرهه علي بيع دابته فباعها مع ولدها بطل بيع الدابة]

(مسألة 4): لو أكرهه علي بيع دابته فباعها مع ولدها بطل بيع الدابة و صح بيع الولد (1).

[مسألة 5: لا يعتبر في صدق الاكراه عدم امكان التفصي بالتورية]

(مسألة 5): لا يعتبر في صدق الاكراه عدم امكان التفصي بالتورية فلو اكرهه علي بيع داره فباعها مع قدرته علي التورية لم يصح البيع (2).

[مسألة 6: المراد من الضرر الذي يخافه علي تقدير عدم الإتيان بما أكره عليه ما يعم الضرر الواقع علي نفسه و ماله و شأنه]

(مسألة 6): المراد من الضرر الذي يخافه علي تقدير عدم الاتيان بما اكره عليه ما يعم الضرر الواقع علي نفسه و ماله و شأنه و علي بعض من يتعلق به ممن يهمه أمره فلو لم يكن كذلك فلا اكراه فلو باع حينئذ صح البيع (3).

______________________________

و يمكن تقريب الاستدلال بنحو آخر و هو ان بيع كليهما معا مصداق للإكراه فانه كما يكون بيع احدهما مصداقا للإكراه يكون بيعهما معا كذلك فيكون مشمولا لدليل الفساد.

(1) الوجه فيه ظاهر فان بيع دابته مورد الاكراه فيبطل و أما بيع ولدها فلا يكون موردا للإكراه فلا وجه لبطلان بيعه.

(2) الظاهر انه لا يمكن المساعدة عليه اذ مع امكان التورية و عدم قصد التمليك و البيع كيف يصدق عنوان الاكراه. و بعبارة اخري: كيف يصدق عنوان الاكراه مع طريق الفرار عن شر المكره و ما أفاده في المقام ينافي مع تقرير بحثه حسب ما كتبه المقرر.

(3) الميزان في صدق الاكراه التوعيد علي أمر يكون ضررا بالنسبة الي المكره بالفتح و يهمه و يكرهه بحيث يقدم علي مورد الاكراه من باب اختيار أقلّ المحذورين و أما ان لم يكن كذلك بأن لا يكون ضررا بالنسبة اليه أو يكون و لكن لا يهمه و لا يكرهه

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 409

[الرابع: من شرائط المتعاقدين القدرة علي التصرف]
اشارة

البيع الفضولي الرابع: من شرائط المتعاقدين القدرة علي التصرف لكونه مالكا أو وكيلا عنه أو مأذونا منه أو وليا عليه (1).

______________________________

فلا يصدق الاكراه و علي هذا يمكن أن يكن التوعيد بالنسبة الي نفسه او احد متعلقيه و لا يصدق الاكراه كما لو لم يهمه و لا يكرهه و يمكن ان يكون التوعيد و الاضرار الي واحد بعيد عنه و مع ذلك يصدق

الاكراه كما لو كان المتوعد عليه يهمه بل لا يبعد ان يصدق الاكراه بالتوعيد علي امر غير ضرري بالنسبة الي فرد كما لو اوعده علي ترفيع مرتبة احد اقربائه و الحال ان المكره بالفتح يكرهه فيرجح البيع علي ترفيع درجة ذلك القريب اذ يصدق انه اكره عليه.

الا ان يقال: ان دليل رفع الاكراه منصرف عن صورة التوعيد علي الامر الجائز بالجواز بالمعني الاعم فلا يشمل التوعيد علي الواجب او المستحب او المكروه او المباح بل ينحصر في التوعيد علي الحرام فلاحظ.

(1) قال الشيخ الاعظم قدس سره: «و من شروط المتعاقدين ان يكونا مالكين او مأذونين من المالك» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه. و الظاهر من هذه الجملة ان المدعي من الواضحات التي لا مجال للبحث فيها و الاستدلال لها.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص منها: ما رواه سليمان بن ابن صالح عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم عن سلف و بيع و عن بيعين في بيع و عن بيع ما ليس عندك و عن ربح ما لم يضمن «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب أحكام العقود الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 410

فلو لم يكن العاقد قادرا علي التصرف لم يصح البيع (1) بل توقفت

______________________________

و منها: ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عليه السلام عن آبائه في مناهي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم قال: و نهي عن بيع ما ليس عندك و نهي عن بيع و سلف «1».

و منها: ما رواه محمد بن القاسم بن الفضيل قال: سألت ابا الحسن الاول عليه السلام عن رجل اشتري

من امرأة من آل فلان بعض قطائعهم و كتب عليها كتابا بأنها قد قبضت المال و لم يقبضه فيعطيها المال أم يمنعها؟ قال: قل (فليقل خ ل) له ليمنعها اشد المنع فانها باعته ما لم تملكه «2».

و منها: ما رواه الحميري انه كتب الي صاحب الزمان عليه السلام: ان بعض اصحابنا له ضيعة جديدة بجنب ضيعة خراب للسلطان فيها حصة و اكرته ربما زرعوا في حدودها و تؤذيهم عمال السلطان و تتعرض في الكل من غلات ضيعة و ليس لها قيمة لخرابها و انما هي بائرة منذ عشرين سنة و هو يتجرح من شرائها لأنه يقال: ان هذه الحصة من هذه الضيعة كانت قبضت من الوقف قديما للسلطان فان جاز شرائها من السلطان كان ذلك صونا (صوابا خ ل) و صلاحا له و عمارة لضيعته و انه يزرع هذه الحصة من القرية البائرة يفضل ماء ضيعته العامرة و ينحسم عن طمع اولياء السلطان و ان لم يجز ذلك عمل بما تأمره به ان شاء اللّه فأجابه:

الضيعة لا يجوز ابتياعها الا من مالكها او بأمره أو رضي منه «3».

فلا يجوز بيع غير المملوك بل لا بد في البائع اما كونه مالكا او وكيلا عنه او مأذونا منه او وليا عليه كما في المتن.

(1) اذ المفروض صدوره عن غير اهله فيكون باطلا.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 411

صحته علي اجازة القادر علي ذلك التصرف مالكا كان أو وكيلا عنه أو مأذونا منه أو وليا عليه فان أجاز صح و ان رد بطل و هذا هو المسمي بعقد الفضولي (1).

______________________________

(1)

وقع الكلام بين القوم في صحة العقد الفضولي بالاجازة و ما يمكن أن يستدل به أو استدل علي الصحة وجوه:

الوجه الاول قوله تعالي: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» «1» بتقريب: ان الخطاب متوجه الي الملاك فاذا صار العقد الفضولي ملحوقا بالاجازة من المالك يصير عقدا له و منتسبا اليه و بعد الانتساب يشمله عموم الدليل. و ان شئت قلت: الامور التكوينية كالأكل و الشرب و القيام و القعود لا تكون قابلة للانتساب الي غير فاعلها و أما الامور الاعتبارية كالبيع و الاجارة و نحوها قابلة للانتساب الي الغير اما بالوكالة السابقة و اما بالاجازة اللاحقة.

و يرد علي هذا الاستدلال اولا ان قوله تعالي: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» لا يتكفل لبيان صحة العقد بل المستفاد منه هو لزومه بعد فرض صحته. توضيح المدعي: ان الاية الشريفة امر فيها بالوفاء بالعقد و الوفاء عبارة عن الاتمام فان الدرهم الوافي عبارة عن الدرهم التام فالايفاء اتمام للعقد و عدم فسخه و هدمه و من الظاهر ان فسخ العقد بأن يقول البائع مثلا: «فسخت البيع» ليس محرما فيكون الامر بالوفاء ارشادا الي اللزوم اي ان الفسخ لا يؤثر و العقد لا ينهدم بالفسخ فالاية متعرضة للزوم العقد.

اذا عرفت هذا نقول: لا اشكال في ان الاهمال غير معقول في معقول في الواقع و عليه العقد الذي حكم عليه باللزوم اما خصوص العقد الباطل و اما الجامع بين الباطل و الصحيح و اما خصوص العقد الصحيح اما الاحتمال الاول فغير معقول فانه كيف

______________________________

(1) المائدة/ 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 412

______________________________

يمكن ان يحكم الشارع بلزوم العقد الذي يكون باطلا كما ان الاحتمال الثاني كذلك اذ لا يمكن الحكم بلزوم العقد الباطل فينحصر الامر في الاحتمال الثالث فالنتيجة

ان الاية لا تتعرض للصحة بل متعرضة للزوم العقد.

و بعبارة واضحة ان الاية ناظرة الي مرحلة متأخرة عن الصحة و لا تعرض لها لنفس الصحة. ان قلت: نستفيد الصحة من اللزوم بالملازمة قلت: ما افيد يمكن اتمامه في القضية الخارجية بأن يشير المولي الي عقود خارجية و يحكم بلزومها فانه بمقتضي دليل الاقتضاء نحكم بصحتها و أما اذا كانت القضية حقيقية فلا مجال لهذا البيان اذا الحكم في القضية الحقيقية علي نحو قضية الشرطية و التالي يترتب علي المقدم بعد فرض وجوده و ان شئت قلت: الحكم غير متعرض لموضوع نفسه فالاية الشريفة في قوة قول القائل «اذا وجد عقد صحيح في الخارج اوف به».

هذا اولا و ثانيا: كيف يمكن تصحيح العقد الفاسد بالاجازة اللاحقة و الحال ان الشي ء لا ينقلب عما هو عليه مثلا العقد الغرري اذا صار غير غرري بقاء هل يمكن الحكم بصحته؟ كلا. و المقام كذلك فان المستفاد من الدليل بطلان بيع غير المالك. و بعبارة اخري: قد علم من الدليل بطلان العقد الصادر عن غير المالك و العقد الصادر عن غير المالك لا ينقلب عما هو عليه و مقتضي دليل بطلان العقد الغرري فساده و لو مع ارتفاع الغرر بقاء كذلك مقتضي دليل بطلان عقد غير المالك عدم صحته باجازة المالك.

و ببيان آخر: ان العقد الصادر عن غير المالك لا يزول عنه هذا العنوان حتي بعد الاجازة و بالاجازة لا يصدق عليه انه صادر عن المالك بل غايته صدق انه مرضي للمالك و مجاز من قبله و يمكن ان يقال: انه لا يصدق انه باع داره بل يصدق انه رضي

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 413

______________________________

بالبيع الواقع سابقا فالبيع الذي وقع

فضوليا كان فاقدا لشرط الصحة و الانتساب بعد الاجازة لا يوجب صدق حدوث بيع آخر.

و صفوة القول: ان البيع الصادر الفاقد للشرط باق بحاله و هو محكوم بالبطلان و ما حكم عليه بالبطلان لا يحكم عليه بالصحة و الا يلزم صحة الفاقد لبقية الشرائط بعد تماميتها و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟. اضف الي ذلك ان صحة الانتساب بالاجازة محل الكلام و الاشكال فان البيع عبارة عن الاعتبار النفساني و ابرازه بمبرز لفظي او فعلي و لا اشكال في ان الاعتبار النفساني امر تكويني كما ان الابراز باللفظ او الفعل امر تكويني أيضا و الامر الاعتباري متعلق بذلك الاعتبار النفساني و اما نفس الاعتبار فهو تكويني بلا اشكال و عليه كيف يكون قابلا للانتساب الي المجيز بالاجازة و اما صحة العقد بالوكالة او الاذن فبالسيرة و الادلة الاخر فلا مجال لقياس احد المقامين علي الاخر فلاحظ.

الوجه الثاني: قوله تعالي: «أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ» «1» بتقريب: ان الاجازة اللاحقة يوجب نسبة البيع السابق الي المجيز و بعد الانتساب يكون بيعا للمالك و مقتضي حلية البيع صحته بعد الانتساب.

و يرد علي الاستدلال ما اورد في سابقه طابق النعل بالنعل فلا نعيد.

الوجه الثالث، قوله تعالي: «إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ» «2» فان التجارة السابقة تصير تجارة عن تراض للمالك بالاجازة اللاحقة فيترتب عليها الاثر المرغوب فيه. و الاشكال هو الاشكال فلاحظ.

______________________________

(1) البقرة/ 275

(2) النساء/ 29

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 414

______________________________

الوجه الرابع: حديث عروة البارقي قال: قدم جلب فأعطاني النبي صلي اللّه عليه و آله دينارا فقال: اشتر بها شاة فاشتريت شاتين بدينار فلحقني رجل فبعت احدهما منه بدينار ثم اتيت النبي صلي اللّه عليه و آله بشاة و

دينار فرده علي و قال: بارك اللّه لك في صفقة يمينك الحديث «1».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية انه لم يكن وكيلا عن النبي صلي اللّه عليه و آله الا في شراء شاة فكان شرائه اولا ثم بيعه ثانيا فضوليا و امضي النبي صلي اللّه عليه و آله ما صنعه بقوله: «بارك اللّه» الي آخره فيصح العقد الفضولي بالاجازة.

و فيه: ان الرواية ضعيفة سندا و لا جابر لها مضافا الي الاشكال في دلالتها من جهات منها احتمال انه كان مأذونا من النبي صلي اللّه عليه و آله و وكيلا مفوضا فلا يكون فضوليا.

الوجه الخامس: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن مملوك تزوج بغير اذن سيده فقال: ذاك الي سيده ان شاء أجازه و ان شاء فرق بينهما قلت:

أصلحك اللّه ان الحكم بن عيينة و ابراهيم النخعي و أصحابهما يقولون: ان أصل النكاح فاسد و لا تحل اجازة السيد له فقال أبو جعفر عليه السلام: انه لم يعص اللّه و انما عصي سيده فاذا أجازه فهو له جائز «2».

بتقريب: ان المستفاد من عموم التعليل ان لحوق اجازة من بيده الامر يصحح العقد السابق. و يرد عليه اولا ان الاجازة المتأخرة من المالك اذا كانت مقتضية لاستناد العقد السابق اليه و يصير العقد السابق عقدا له بالفعل فلا نحتاج الي الاستدلال

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 18 من أبواب عقد البيع و شروطه

(2) الوسائل الباب 24 من أبواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 415

______________________________

بالرواية و اما اذا لا توجب الاستناد فلا مجال للاستدلال بها اذ المفروض في مورد الرواية استناد العقد الي من يكون العقد له فان العبد هو الزوج

و هو احد ركني العقد في النكاح و المفروض انتساب العقد اليه غاية الامر نقصان العقد بلحاظ عدم مقارنته لإذن المولي و في الفضولي العقد صادر من غير المالك فكيف يمكن الاستدلال بالرواية لصحته.

و بعبارة اخري: من عموم التعليل نتعدي الي كل مورد يكون العقد صادرا ممن له العقد و يكون مشروطا باذن الغير كنكاح بنت الاخ بدون اذن العمة و كنكاح بنت الاخت بلا اذن الخالة و أما في باب الفضولي فلا مجال للاستدلال بالرواية لخروجه عن موردها.

و ثانيا: يشكل التعدي بعموم التعليل الي غير مورد العبد اذ المستفاد من عموم التعليل كبري كلية و هي ان العبد اذا أوقع ايقاعا بلا اذن مولاه او عقد عقدا كذلك ثم لحقته الاجازة، يصح ذلك العقد و اما التعدي الي غير العبد فبأي وجه.

و ببيان واضح: لا بد في التعميم من التحفظ علي وحدة الموضوع مثلا لو قال المولي لا تأكل الرمان لأنه هامض يتعدي الي كل مأكول هامض و لكن لا يتعدي الي مشروب هامض فلا بد من أن يكون التعدي في مورده.

لكن الظاهر عدم تمامية الاشكال اذ كما يفهم من قول المولي لا تأكل الرمان لأنه هامض ان الرمان لا موضوعية له بل الميزان بأكل الهامض يفهم في المقام ان العبد لا خصوصية له بل المعيار في الصحة لحوق الاجازه ممن بيده الامر فيصح عقد بنت الاخ علي عمتها بلا اذنها السابق و باجازتها اللاحقة.

و بعبارة اخري: ان المستفاد من الرواية ان الميزان في امكان الصحة عدم عصيان اللّه ففي كل مورد يكون المنشأ للبطلان معصية اللّه لا يصح العقد و لو مع اجتماع الشرائط

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 416

______________________________

و ارتفاع الموانع كما لو

صار البيع الغرري غير غرري بعد تحقق العقد و أما المانع عن الصحة ان كانت معصية الخلق يمكن تصحيح العقد بالاجازة اللاحقة ممن يكون الامر بيده و علي هذا يمكن الالتزام بصحة الفضولي بالاجازة بهذه الرواية بأن نقول:

وجه فساد بيع الفضولي عدم الاذن من المالك و هذا عصيان خلقي فاذا أجاز جاز.

ان قلت: ان كان العقد ينتسب اليه بالاجازة فلا نحتاج الي الاستدلال بالرواية بل يكفي الادلة الاولية المقتضية للصحة و ان لم ينتسب اليه بالاجازة فلا يمكن الاستدلال بالرواية اذ مورد الرواية فرض انتساب العقد الي من يكون له كما مر من ان الركن في عقد النكاح الزوجان. قلت: مقتضي دليل اشتراط كون البائع مالكا للمبيع عدم تأثير الانتساب بالاجازة و ان شئت قلت: الاجازة المتأخرة تقتضي تعنون العقد الفضولي بكونه مرضيا للمالك. و ببيان آخر: المجيز يرضي بما وقع لا انه يبيع و صفوة القول: ان البيع الفضولي لا يخرج عن هذا العنوان و المفروض ان دليل المنع يقتضي بطلانه علي الاطلاق لكن ببركة الرواية نحكم بالصحة مع الاجازة اذ نقصانه خلقي لا خالقي و لا وجه لاختصاص التعليل بمورد يكون الانتساب الي من له العقد مفروغا عنه فان الميزان المستفاد من الحديث عدم كونه معصية له تعالي.

الوجه السادس: اخبار التحليل كرواية ابي بصير و زرارة و محمد بن مسلم كلهم عن ابي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام هلك الناس في بطونهم و فروجهم لأنهم لم يؤدوا إلينا حقنا الا و ان شيعتنا من ذلك و آبائهم في حل «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الانفال الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 417

______________________________

و رواية علي

بن مهزيار قال: قرأت في كتاب لأبي جعفر عليه السلام من رجل يسأله أن يجعله في حل من مأكله و مشربه من الخمس فكتب بخطه: من أعوزه شي ء من حقي فهو في حل «1» و غيرهما من الروايات الواردة في الباب 4 من ابواب الانفال من الوسائل.

بتقريب: ان المستفاد من هذه الاخبار ان ما يصل الي الشيعة من حقوق الائمة عليهم السلام من ايدي المخالفين بالبيع و نحوه من النواقل مورد اجازتهم و امضائهم عليهم السلام فيكون بيع الفضولي صحيحا باجازة المالك.

و فيه: ان هذه الاخبار علي قسمين: احدهما: ما يدل علي حلية الخمس للشيعة و عدم وجوبه عليهم لاحظ ما عن أمير المؤمنين عليه السلام «2» فان المستفاد من هذه الرواية ان امير المؤمنين روحي فداه من علي شيعته و جعلهم في حل بالنسبة الي حقهم. و بعبارة اخري: لا يجب الخمس علي الشيعة و لاحظ بقية روايات الباب 4 من ابواب الانفال من الوسائل الدالة علي هذا المعني و هذا القسم من تلك النصوص يعارضها ما يدل علي وجوب الخمس و الترجيح مع الدال علي الوجوب لكون عدم الوجوب مسلك العامة و أيضا تقدم تلك النصوص بالاحدثية كما ذكرنا في بحث الخمس و علي فرض التعارض تصل النوبة الي عموم الفوق و المرجع اطلاق قوله تعالي: «وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ» الاية «3» مضافا الي عدم دلالة هذا القسم علي المدعي و لا تربط هذه الرواية بمسألة الفضولي.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 416

(3) الانفال/ 43

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 418

______________________________

ثانيهما ما يدل علي حلية ما يصل الي الشيعة من المخالفين او من غير المخالفين لاحظ ما رواه يونس بن يعقوب قال: كنت

عند ابي عبد اللّه عليه السلام فدخل عليه رجل من القماطين فقال: جعلت فداك تقع في ايدينا الاموال و الارباح و تجارات نعلم ان حقك فيها ثابت و انا عن ذلك مقصرون فقال ابو عبد اللّه عليه السلام: ما أنصفناكم ان كلفناكم ذلك اليوم «1».

فان هذا القسم من النصوص يدل علي حلية ما يصل من حقهم الي الشيعة من ذلك و لا يرتبط هذا القسم أيضا بمسألة الفضولي بل فرض ان حقهم وصل الي الشيعة و الامام روحي فداه رخص في التصرف فلا يرتبط بالمدعي.

الوجه السابع: النص الدال علي صحة نكاح الفضولي بالاجازة اللاحقة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام انه سأله عن رجل زوجته امه و هو غائب قال: النكاح جائز ان شاء المتزوج قبل و ان شاء ترك فان ترك المتزوج تزويجه فالمهر لازم لأمه «2».

و لاحظ ما رواه ابو عبيدة قال: سألت ابا جعفر عليه السلام عن غلام و جارية زوجهما و ليان لهما و هما غير مدركين قال: فقال: النكاح جائز ايهما ادرك كان له الخيار فان ماتا قبل ان يدركا فلا ميراث بينهما و لا مهر الا ان يكونا قد ادركا و رضيا قلت: فان ادرك احدهما قبل الاخر قال: يجوز ذلك عليه ان هو رضي قلت:

فان كان الرجل الذي ادرك قبل الجارية و رضي النكاح ثم مات قبل ان تدرك الجارية أ ترثه؟ قال: نعم يعزل ميراثها منه حتي تدرك و تحلف باللّه ما دعاها الي اخذ الميراث الارضاها بالتزويج ثم يدفع اليها الميراث و نصف المهر قلت: فان ماتت

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الانفال الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب عقد

النكاح الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 419

______________________________

الجارية و لم تكن ادركت أ يرثها الزوج المدرك؟ قال: لا لأن لها الخيار اذا ادركت قلت: فان كان ابوها هو الذي زوجها قبل ان تدرك قال: يجوز عليها تزويج الأب و يجوز علي الغلام و المهر علي الاب للجارية «1».

بتقريب: ان النكاح مع كونه اهم لان الولد منه اذا جاز الفضولي فيه و صح مع الاجازة اللاحقة فبطريق اولي يصح البيع الفضولي بالاجازة. و فيه: انه لا اشكال في ان النكاح اهم من البيع لكن الاولوية المدعاة ممنوعة اذ كونه اهم يقتضي ان لا يتضيق في اسبابه و تتسع دائرتها كي ينسد باب الزنا و الفجور فلا يمكن الحكم بالاولوية.

الوجه الثامن: ما رواه الحلبي قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري ثوبا و لم يشترط علي صاحبه شيئا فكرهه ثم رده علي صاحبه فأبي ان يقيله (يقبله) الا بوضعية قال: لا يصلح له ان يأخذه بوضيعة فان جهل فأخذه فباعه بأكثر من ثمنه رد علي صاحبه الأول ما زاد «2».

بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان الاقالة بالوضيعة باطلة فالبيع الواقع بعد الاقالة فضولي و صحيح. و يرد عليه انه لم يفرض في الرواية ان المشتري اجاز البيع كي يكون داخلا في الفضولي. مضافا انه لو كان داخلا في البيع الفضولي يكون تمام الثمن ملكا للمشتري فعلي البائع ان يدفعه اليه و يأخذ ما اعطاه عند الاقالة فلا يرتبط المقام بالفضولي و لذا نقول: حكم وارد في مورد خاص لا نعرف وجهه و يمكن ان يكون الوجه فيه ان المال باق في ملك المشتري لكن حيث ان المشتري اراد رد العين و رضي بالوضيعة يكون

راضيا ببيع ماله فيكون

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب ميراث الازواج الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب أحكام العقود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 420

______________________________

البيع برضي المالك و لا يكون فضوليا و علي اي حال لا يمكن الاستدلال بالرواية علي المدعي.

الوجه التاسع: ما رواه عبد الرحمن بن ابي عبد اللّه قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن السمسار أ يشتري بالاجر فيدفع اليه الورق و يشترط عليه انك تأتي بما تشتري فما شئت اخذته و ما شئت تركته فيذهب فيشتري ثم يأتي بالمتاع فيقول:

خذ ما رضيت ودع ما كرهت قال: لا بأس «1».

بتقريب: انه يحتمل ان يكون دفع الورق بعنوان التوكيل في الاشتراء غاية الامر يأمره بجعل الخيار كي يكون في سعة في القبول و الرد و يحتمل ان يكون من باب الفضولي فاذا اراد يجيز و اذا لم يرض يرد فيدل الحديث علي صحة بيع الفضولي بالاجازة و يحتمل ان يدفع المال الي السمسار بعنوان القرض كي يشتري المتاع لنفسه ثم انه يشتري منه ما يريد و يرد مالا يريد و حيث ان الامام عليه السلام لم يفصل و حكم بالصحة علي الاطلاق يستفاد منه صحة الفضولي بالاجازة.

و فيه: ان الظاهر من الحديث بقرينة المتعارف الخارجي هو التوكيل فيكون الحديث اجنبيا عن مسألة الفضولي.

الوجه العاشر: ما رواه ابن أشيم عن ابي جعفر عليه السلام عن عبد لقوم مأذون له في التجارة دفع اليه رجل الف درهم فقال: اشتر بها نسمة و اعتقها عني و حج عني بالباقي ثم مات صاحب الالف فانطلق العبد فاشتري اباه فأعتقه عن الميت و دفع اليه الباقي يحج عن الميت فحج عنه و بلغ ذلك موالي

ابيه و مواليه و ورثة الميت جميعا فاختصموا جميعا في الالف فقال موالي العبد (موالي عتق العبد خ ل) المعتق انما اشتريت اباك بمالنا و قال الورثة: انما اشتريت اباك بمالنا و قال موالي

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب أحكام العقود الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 421

______________________________

العبد: انما اشتريت اباك بمالنا فقال ابو جعفر عليه السلام: اما الحجة فقد مضت بما فيها لا ترد و اما المعتق فهو رد في الرق لموالي ابيه و اي الفريقين بعد اقاموا البينة علي انه اشتري اباه من اموالهم كان له رقا «1».

و تقريب الاستدلال بالرواية ان الشراء ان كان بمال مالك العبد المعتق بالفتح فالشراء باطل بالقطع لأنه اشتري بمال مالكه و ان كان بمال مالك العبد المأذون فالبيع صحيح و لكنه خارج عن الفضولي و ان كان بمال الميت فالبيع يكون فضوليا اذ المفروض انه وقع بعد موته بدون اذن الورثة و المفروض انهم اجازوه بعد تحققه و الدليل عليه مطالبتهم العبد و الامام عليه السلام حكم بأنهم اذا اقاموا البينة علي انه اشتري العبد بمالهم يكون رقا لهم فيعلم منه ان البيع يصح بالاجازة.

و فيه: ان الرواية ضعيفة بابن اشيم فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها.

الوجه الحادي عشر: النصوص الواردة في اتجار غير الولي بمال اليتيم لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن ابي عبد اللّه عليه السلام في مال اليتيم قال: العامل به ضامن و لليتيم الربح اذا لم يكن للعامل مال و قال: ان عطب اداه «2».

و ما رواه ربعي ابن عبد اللّه عن ابي عبد اللّه قال: في رجل عنده مال اليتيم فقال: ان كان محتاجا و ليس له مال فلا يمس

ماله و ان هو اتجر به فالربح لليتيم و هو ضامن «3» و ما رواه زرارة و محمد بن مسلم «4».

فان هذه النصوص تدل علي صحة الاتجار بمال اليتيم فنقول: اذا كانت الصحة

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب بيع الحيوان

(2) الوسائل الباب 75 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 422

______________________________

مع اجازة الولي يدخل في بيع الفضولي فيكون دليلا علي المدعي و اذا كانت الصحة غير متوقفة علي اجازة الولي يكون المقام اولي بالصحة اذ الصحة بلا اجازة من بيده الامر تقتضي الصحة مع اجازة من بيده الامر.

و فيه: انه لم يفرض في هذه النصوص الاجازة من الولي فلا ترتبط بالمقام كما انه لو كان من باب صحة العقد الفضولي بلا اجازة او مع الاجازة لكان مقتضاه ان تكون الخسارة علي اليتيم كما ان له الربح و الحال ان المستفاد منها ليس كذلك فعليه يكون حكم خاص وارد في مورد مخصوص و لا مجال لاستفادة حكم المقام منه فلاحظ.

الوجه الثاني عشر: الاخبار الدالة علي انه لو دفع رجل مالا الي رجل ليشتري ضربا من المتاع مضاربة فاشتري غير الذي اذن له المالك تكون الخسارة علي العامل و يكون الربح بينهما «1».

بتقريب: ان المفروض في هذه النصوص ان العامل تصرف في المال بطريق غير مأذون من قبل المالك فلو قلنا بأن الصحة تتوقف علي اجازة المالك يدخل في بيع الفضولي و يصح بالاجازة اللاحقة فان قلنا بأن العرف يفهم عدم الفرق بين الموارد تكون هذه النصوص بحسب الفهم العرفي دليلا علي المدعي و ان قلنا بأنه لا دليل علي التعميم و لا بد من

الاقتصار علي موردها تكون النصوص المشار اليها مؤيدة للمدعي كما أنه لو قلنا بأن الصحة لا تتوقف علي الاجازة تصير النصوص مؤيدة اذ المفروض ان البيع وقع بلا اذن من المالك و مع ذلك حكم عليه شرعا بالصحة فيكون نظير المقام.

و فيه: انه لا وجه للقول بأن الصحة تتوقف علي الاجازة اذ لا دليل عليه فلا يكون

______________________________

(1) الوسائل الباب 52 من أبواب المضاربة

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 423

______________________________

الحكم بالصحة من باب صحة البيع الفضولي. مضافا الي انه لو كان من ذلك الباب لما كان وجه لكون الربح بينهما بل الربح كله للمالك و حيث ان العامل خالف المالك و خان لا يكون لعمله احترام كي يتوهم انه يستحق الاجرة فالحكم بالصحة حكم تعبدي وارد في مورد خاص و لا يكون مؤيدا للمقام اذ لا ارتباط بين المقامين.

الوجه الثالث عشر: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال:

قضي في وليدة باعها ابن سيدها و أبوه غائب فاشتراها رجل فولدت منه غلاما ثم قدم سيدها الاول فخاصم سيدها الاخير فقال: هذه وليدتي باعها ابني بغير اذني فقال: خذ وليدتك و ابنها فناشده المشتري فقال: خذ ابنه يعني الذي باع الوليدة حتي ينفذ لك ما باعك فلما أخذ البيع الابن قال أبوه أرسل ابني فقال: لا ارسل ابنك حتي ترسل ابني فلما رأي ذلك سيد الوليدة الاول أجاز بيع ابنه «1».

فان المستفاد من الرواية ان بيع الوليدة كان فضوليا لكن يصح باجازة المالك و بعبارة اخري: قوله عليه السلام: «حتي ينفذ لك ما باعك» دليل علي صحة البيع بالاجازة مضافا الي ذيل الحديث الدال علي اجازة المالك البيع لاستخلاص ولده و علي الجملة لا اشكال

في دلالة الحديث علي صحة بيع الفضولي.

و ربما يقال: لا مجال للاستدلال بهذا الحديث لأنه غير معمول به في مورده فكيف ببقية الموارد و ذلك لان اجازته كان بعد الرد و الاجازة بعد الرد لا اثر لها اجماعا و الدليل علي كون اجازته مسبوقة بالرد أخذه الوليدة و حكمه عليه السلام بالرد و منا شدة المشتري اذ لو لا الرد لم يكن وجه للتوسل و المناشدة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 88 من أبواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 424

______________________________

و فيه: اولا: لا دليل في الرواية علي الرد فان الرد أمر إنشائي و لا بد من إنشائه و مجرد أخذ الوليدة لا يتحقق به الرد فان أخذ الوليدة قبل الاجازة علي طبق القاعدة لأنها ملكه هذا اولا.

و ثانيا: لا دليل علي عدم تأثير الاجازة بعد الرد و الاجماع المدعي ليس اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم و علي فرض تماميته القدر المتيقن منه هو الرد القولي فالانصاف ان هذه الرواية تدل علي المدعي و لا اشكال في دلالتها كما أنه لا اشكال في سندها و هذه الرواية تخصص دليل المنع فان المنع عن بيع ما لا يملك باطلاقه يقتضي فساد بيع الفضولي و لو مع الاجازة اللاحقة كما ان مقتضي فساد تملك مال الغير بغير تجارة عن تراض فساده و لو مع الاجازة اللاحقة لكن يقيد الاطلاقات كتابا و سنة بهذا الحديث الشريف فان نسبة هذه الرواية الي الاطلاقات نسبة الخاص الي العام و المقيد الي المطلق اذ موردها خصوص البيع مع لحوق الاجازة من المالك.

ثم انه لا بد من التعرض للوجوه التي يمكن الاستدلال بها علي بطلان الفضولي و لو مع الاجازة

فنقول: من تلك الوجوه ما رواه محمد بن القاسم «1» بتقريب:

ان الامام عليه السلام منع عن دفع المال الي البائع معللا بأنه باع مالا يملكه فالنتيجة ان البيع الفضولي باطل. و فيه: اولا: ان الرواية ضعيفة بالبرقي فلا تصل النوبة الي ملاحظة الدلالة. و ثانيا: ان البائع حيث ان المفروض عدم كونه مالكا لا وجه لدفع المال اليه فعدم دفع المال اليه أعم من فساد البيع و صحته.

و منها: ما رواه الحميري «2» بتقريب: ان المستفاد من الرواية ان البيع

______________________________

(1) لاحظ ص: 410

(2) لاحظ ص: 410

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 425

______________________________

يشترط فيه اما أن يكون مباشره هو المالك أو يكون بأمره أو برضي منه فلا يصح بيع الفضولي. و فيه: السند مخدوش بالارسال فلا تصل النوبة الي مرحلة الدلالة.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال:

سأله رجل من اهل النيل عن ارض اشتراها بفم النيل و اهل الأرض يقولون: هي ارضهم و اهل الأسنان يقولون: هي من ارضنا فقال: لا تشترها الا برضا اهلها «1».

بتقريب ان المستفاد من الحديث انه يشترط في صحة البيع ان يكون برضي مالكه فلا يصح بيع الفضولي لعدم كونه مقرونا برضا المالك. و فيه: ان حديث محمد بن قيس يقيد اطلاق هذه الرواية و لا مانع عن التقييد فان مقتضي حديث محمد بن قيس كفاية الاجازة اللاحقة بنص الامام عليه السلام حيث قال عليه السلام: «خذ ابنه حتي ينفذه». فلاحظ.

و منها الاجماع نسب الي الشيخ الطوسي ادعائه. و فيه: ان المحصل منه غير حاصل و المنقول منه لا يكون حجة سيما مع القطع بفساده فانه نقل عن الشيخ قدس سره دعوي الاجماع علي

الصحة في كتاب النهاية الذي قيل: انه آخر كتبه.

و منها: ما دل من العقل و النقل علي حرمة التصرف في مال الغير بدون اذنه و حرمة التصرف تستلزم فساد المعاملة. و فيه: انه لا نسلم حرمة التصرف الاعتباري في مال الغير فان الحرام التصرف الخارجي و اما مجرد الانشاء و تمليك مال الغير فكونه حراما اول الكلام بل لا اشكال في عدم حرمته تكليفا مضافا الي ان حرمة المعاملة تكليفا لا تستلزم الفساد.

و منها: ان القدرة علي التسليم شرط في صحة البيع. و فيه: انه يكفي في الصحة قدرة المالك علي التسليم و لذا لا يشترط في صحة بيع الوكيل قدرته علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 426

و المشهور ان الاجازة بعد الرد لا أثر لها و لكنه لا يخلو عن اشكال بل لا يبعد نفوذها (1).

______________________________

التسليم بل يكفي قدرة الموكل عليه.

و منها: ان الفضولي غير قاصد لمدلول اللفظ فيكون كالهاذل فلا اثر لإنشائه.

و فيه: انه ليس الامر كذلك بل الفضولي كالمالك يقصد التمليك و التملك غاية الامر يرتكب فعل المالك غصبا عصيانا او عن عذر.

(1) ذكرت في مقام الاستدلال علي المدعي وجوه الاول: الاجماع علي عدم صحة الاجازة بعد الرد. و فيه: انه علي فرض تحققه محتمل المدرك فلا يكون اجماعا تعبديا كاشفا.

الثاني: ان العقد ارتباط بين الطرفين فلا بد من بقاء الالتزام من كل الطرفين حين التزام الاخر كي يرتبط احدهما بالاخر و حيث ان المالك احد طرفي العقد فلا بد من بقاء التزامه الي حين الاجازة.

و فيه: ان طرف العقد الفضولي غير المالك و الكلام في رد المالك مضافا الي الاشكال في

اصل الدعوي فان القابل بعد ايجاب الموجب لورد الايجاب ثم قبل بحيث لا يضر بالموالاة المعتبرة علي تقدير القول بها يصح و لا يكون الرد السابق موجبا لبطلان قبوله.

الثالث: انه يوجد بعد العقد الفضولي شأنية المبادلة و قابلية النقل و الانتقال في المال و المالك يمكنه سلب هذه القابلية بمقتضي عموم تسلط الناس علي اموالهم و فيه: انه لا يوجد في المال بعد العقد الفضولي شي ء كي يسقط بالرد.

الرابع: ان الاجازة بعد الرد كالرد بعد الاجازة فكما انه لا اثر للثاني كذلك لا يكون اثر للأول. و فيه: ان القياس مع الفارق فان الرد بعد الاجازة تصرف

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 427

و أما الرد بعد الاجازة فلا أثر له جزما (1).

[مسألة 7: لو منع المالك من بيع ماله فباعه الفضولي]

(مسألة 7): لو منع المالك من بيع ماله فباعه الفضولي فان

______________________________

في مال الغير اذ بالاجازة ينتقل المال الي الطرف فلا وجه لكون الرد مؤثرا و اما الاجازة بعد الرد فهو تصرف في مال نفسه فعلي تقدير تمامية صحة الفضولي بالاجازة يتم الامر بها و ان كانت مسبوقة بالرد.

فانقدح انه لا دليل علي بطلان الاجازة بعد الرد نعم لو قلنا بأنه لا يمكن تصحيح الفضولي بالاجازة علي القاعدة بل يتوقف علي النص الخاص يشكل الامر فانا تمسكنا لصحة بيع الفضولي بالاجازة بحديث بيع الوليدة «1» فان قلنا: ان المستفاد منه ان اجازة مالك الوليدة كانت بعد الرد- كما هو ليس ببعيد- نلتزم بصحة الاجازة بعد الرد و اما ان لم نقل بذلك يشكل الحكم و الجزم به.

و يمكن اثبات المدعي بتقريبين: احدهما: ان مخاصمة المالك دالة علي رده لبيع الوليدة فان العرف يفهم منها الرد فاجازته كانت بعد رده. ثانيهما: انه عليه السلام لم يفصل

بين كون الاجازة قبل الرد و بعده بل قال عليه السلام: «خذ ابنه حتي ينفذ» و لم يفصل و مقتضي الاطلاق و عدم التفصيل عدم الفرق و عموم الحكم فلاحظ. مضافا الي امكان الاستدلال علي المدعي بحديث زرارة «2» فان المستفاد منه تأثير الاجازة و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين كونها قبل الرد و بعده.

(1) اذ بالاجازة يتحقق العقد و ينتقل كل من العوضين الي الاخر فلا اثر للرد بعدها لأنه تصرف في مال الغير. و ان شئت قلت: انه لا دليل علي كون الرد موجبا لانتقال مال احد الي الاخر كما انه لا دليل علي ان الرد موجب لانفساخ العقد.

______________________________

(1) لاحظ ص: 423

(2) لاحظ ص: 414

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 428

أجازه المالك صح و لا أثر للمنع السابق في البطلان (1).

______________________________

(1) يقع الكلام تارة في المقتضي للصحة مع النهي السابق و اخري في المانع مع وجود المقتضي فيقع الكلام في مقامين اما المقام الاول فيمكن تقريب المدعي بوجهين: احدهما: شمول العمومات و الاطلاقات للمورد فانه علي فرض تمامية الاطلاقات و امكان الاستناد اليها لصحة الفضولي بالاجازة يمكن التمسك بها و لو مع النهي السابق اذ المفروض تحقق الاستناد بالاجازة فالبيع بيع المالك بعد الاجازة و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين سبق النهي و عدمه لكن قد تقدم انه لا يمكن التمسك بالاطلاقات لإثبات المدعي.

ثانيهما: عموم التعليل الوارد في حديث زرارة «1» فان المفروض في مورد الرواية و ان كان عدم اذن السيد لا نهيه عن النكاح و لكن عموم العلة يقتضي عموم الحكم و لو مع النهي السابق. و بعبارة اخري: المستفاد من الرواية ان الميزان في الصحة عدم تحقق معصية اللّه و العلة

تعمم.

و أما حديث محمد بن قيس فلا يمكن الاستناد اليه للمدعي اذ المفروض فيه عدم الاذن حيث قال: «باعها بغير اذني» و لم يفرض النهي عن البيع و أما المقام الثاني فما يمكن أن يقال في وجه المنع ان الكراهة الباطنية تكفي في عدم تأثير الاجازة كما أن الاجازة بعد الرد لا تؤثر. و بعبارة اخري: النهي السابق ناش عن الكراهة و تلك الكراهة باقية بعد عقد الفضولي و هي تكفي للرد فلا أثر للإجازة بعده.

و فيه: انه قد مر انه لا دليل علي المدعي و ان الاجازة بعد الرد تؤثر مضافا الي أن كفاية الكراهة في تحقق الرد بها محل الاشكال فان الرد بنفسه أمر إنشائي فلا يتحقق بمجرد الكراهة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 414

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 429

[مسألة 8: إذا علم من حال المالك انه يرضي بالبيع فباعه]

(مسألة 8): اذا علم من حال المالك انه يرضي بالبيع فباعه لم يصح و توقف علي الاجازة (1).

______________________________

(1) تارة يتكلم فيما هو مقتضي القاعدة الاولية و اخري في مقتضي النص الخاص أما الكلام في الناحية الاولي فيمكن أن يقال: ان المستفاد من الادلة انه لا يجوز التصرف في مال احد بالتصرف الاعتباري الا مع الولاية أو الوكالة أو الاذن و مجرد الرضا الباطني لا أثر له فلا بد من استناد العقد الي المالك و مجرد الرضا لا يوجب الاستناد.

و اما الكلام في الناحية الثانية فربما يستدل علي كفاية الرضا الباطني بما رواه ابن مسلم «1» بتقريب: ان المستفاد من الرواية جواز اشتراء مال الغير برضاه فيكفي الرضا الباطني في بيع مال الغير. و اورد في هذا الاستدلال بأن لسان الرواية النفي لا الاثبات اي المستفاد من الرواية انه لا يصح الاشتراء الا برضا المالك و لا

يستفاد منها كفاية الرضا. و بعبارة اخري: الذي يستفاد من الحديث لزوم رضا المالك فلا ينافي اشتراط امر آخر فعليه لو باع الفضولي مال الغير مع كونه راضيا بالبيع لا يصح الا بالاجازة.

و لقائل ان يقول: ان مقتضي جواز تملك مال الغير بالتجارة عن تراص صحة بيع مال الغير اذا كان راضيا فان مقتضي اطلاق الاية كفاية التجارة مقرونة برضا المالك فيكفي رضا المالك و لو كان البائع غيره ان قلت: يقع التعارض بين هذا الدليل و ما يدل علي فساد بيع مال الغير قلت: التعارض بين الدليلين بالعموم من وجه فان مقتضي الاية صحة التجارة عن تراض و لو كان البائع غير المالك و مقتضي ذلك الدليل فساد بيع غير المالك و لو مع رضا المالك و ما به الافتراق من هذا الطرف بيع غير المالك مع عدم رضا المالك و ما به الافتراق من ذلك الطرف

______________________________

(1) لاحظ ص: 425

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 430

[مسألة 9: إذا باع الفضولي مال غيره عن نفسه لاعتقاده أنه مالك أو لبنائه علي ذلك]

(مسألة 9): اذا باع الفضولي مال غيره عن نفسه لاعتقاده انه مالك أو لبنائه علي ذلك كما في الغاصب فأجازه المالك صح و يرجع الثمن الي المالك (1).

[مسألة 10: لا يكفي في تحقق الإجازة الرضا الباطني]

(مسألة 10): لا يكفي في تحقق الاجازة الرضا الباطني بل

______________________________

بيع المالك عن تراض و ما به الاجتماع بيع غير المالك مع رضاه و الاية تقدم اذ ما خالف الكتاب مطروح.

لكن يشكل الالتزام بهذه المقالة فان المستفاد من الاية الشريفة- و لو من باب الانصراف- خصوص التجارة الصادرة عن المالك سيما مع ملاحظة قوله تعالي: «عَنْ تَرٰاضٍ» فان الظاهر ان الجار للنشو فيلزم ان تكون التجارة ناشئة عن الرضا لا مقارنة معه الا ان يقال: لا دليل علي هذه الدعوي بل يكفي في الصدق مجرد رضا المالك.

قال في مجمع البيان في تفسير قوله تعالي: «عَنْ تَرٰاضٍ» اي يرضي كل واحد منكما بذلك و العمدة في الاشكال الانصراف فلاحظ.

(1) بتقريب: ان الفضولي انشأ مفهوم البيع و هو التمليك لا مجانا و قصد نفسه لغو فاذا اجازه المالك يصح البيع و يدخل الثمن في كيس المالك. و يرد عليه:

انه لو قصد الفضولي دخول المبيع في ملك المشتري و دخول الثمن في ملكه فاما نقول: بأنه مناف لحقيقة المعاوضة و انها متقومة بدخول كل من العوضين في ملك المالك الاخر و اما نقول بأنه لا ينافي فعلي الاول لا بد من دخول الثمن في ملك المالك و لا يمكن دخوله في ملك الفضولي- كما عليه العلامة قدس سره- فلا يكون هذا البيع قابلا للإجازة اذ لو أجاز ما أنشأه الفضولي لا يصح لما ذكر و لو أجاز علي أن يدخل الثمن في ملكه فلا يمكن لان المفروض ان إنشاء الفضولي لم

يكن كذلك و أما علي الثاني فلا وجه لرجوع الثمن الي المالك فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 431

لا بد من الدلالة عليه بالقول مثل رضيت و أجزت و نحوهما أو بالفعل مثل أخذ الثمن أو بيعه أو الاذن في بيعه أو اجازة العقد الواقع عليه أو نحو ذلك (1).

______________________________

(1) اذا قلنا ان المقتضي لصحة الفضولي بالاجازة تحقق الانتساب و صيرورة العقد الفضولي عقدا للمالك بالاجازة فلا مجال للاكتفاء بالرضا الباطني اذ بالرضا لا يتحقق الانتساب كما ان الملاك لو كان عموم العلة الواردة في نكاح العبد بلا اذن المولي أو حديث محمد بن قيس الوارد في بيع الوليدة بلا اذن مولاها يلزم تحقق الاجازة بمبرز فان الوارد في احدهما عنوان الاجازة بقوله عليه السلام «فاذا أجازه جاز» و عنوان الاجازة لا يتحقق بمجرد الرضا و الوارد في الاخر عنوان الانفاذ بقوله عليه السلام «خذ ابنه حتي ينفذ» و الانفاذ كالإجازة لا يتحقق بالرضا الباطني فقط فعلي جميع التقادير يلزم الابراز غاية الامر لا يشترط فيه خصوص اللفظ بل يتحقق بكل مبرز.

و ربما يقال: انه يستفاد من جملة من النصوص كفاية الرضا الباطني منها:

ما ورد في سكوت البكر من ان سكوتها اذنها «1».

و فيه: ان سكوتها اقرار عرفي اذ لا يكون في الرد و الانكار ما يوجب الخجل فسكوتها اقرارها مضافا الي ان الشارع الاقدس جعل سكوتها اقرارها فلا وجه لسراية الحكم الي بقية الموارد و لذا لا مجال للاستدلال بهذه النصوص علي كفاية سكوت المالك و عدم رده في جواز بيع داره بعد السؤال عنه. و بعبارة اخري:

حكم خاص وارد في مورد مخصوص.

و منها: ما ورد في ان السكري اذا زوجت نفسها في حال السكر

و بعد الافاقة

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب عقد النكاح و أولياء العقد

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 432

______________________________

اذا اقامت معه يكون النكاح صحيحا «1».

و فيه اولا: يمكن ان يقال بأن الاقامة بعد الافاقة نحو من المبرز و يكفي في المبرز كل امر يكون كاشفا في نظر العرف. و ثانيا: انه حكم خاص وارد في ذلك المورد كما قلنا ان الامر كذلك في سكوت البكر. و ثالثا: ان العقد في مورد السكري منسوب الي من يكون ركنا و لا يكون داخلا في الفضولي فلا يرتبط احد المقامين بالاخر.

و منها: ما ورد في ان سكوت المولي كاف في اجازة نكاح العبيد «2».

و فيه: اولا: ان السكوت بنفسه يكون مصداقا للإذن احيانا و ثانيا: انه حكم خاص في مورده كما مر و ثالثا: انه خارج عن مورد الفضولي فان العبد ركن في نكاحه غاية الامر يشترط في صحته اذن مولاه.

و منها: ما ورد في سقوط الخيار ببعض الافعال و انها رضي من ذي الخيار لاحظ ما رواه علي بن رئاب عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: الشرط في الحيوان ثلاثة ايام للمشتري اشترط أم لم يشترط فان احدث المشتري فيما اشتري حدثا قبل الثلاثة الايام فذلك رضا منه فلا شرط الحديث «3» و غيره مما ورد في الباب 4 من ابواب الخيار من الوسائل.

و فيه: ان المستفاد من النص ان الفعل الكذائي رضا منه اي يكون كاشفا عن الرضا اذ من الواضح ان الفعل لا يكون مصداقا للرضا بل مباين معه مضافا الي ان قياس الاجازة باسقاط الخيار لا وجه له و لا ربط بين الموردين فالنتيجة انه يلزم

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب عقد النكاح و

اولياء العقد

(2) الوسائل الباب 26 من أبواب نكاح العبيد و الاماء

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب الخيار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 433

[مسألة 11: الظاهر أن الإجازة كاشفة عن صحة العقد من حين وقوعه كشفا حكميا]

(مسألة 11): الظاهر ان الاجازة كاشفة عن صحة العقد من حين وقوعه كشفا حكميا (1).

______________________________

في تحقق الاجازة من مبرز.

(1) قد وقع الكلام بين الاعلام في أن الاجازة المتأخرة كاشفة كشفا حقيقيا عن صحة العقد السابق أو يكون كاشفا كشفا حكميا أو انقلابيا أو تكون ناقلة؟

ربما يقال: بأن الاجازة المتأخرة امارة صحة العقد السابق فلا تكون مؤثرة في شي ء و هذا أمر ممكن ثبوتا، لكن لا دليل عليه فان المستفاد من الادلة عموما و خصوصا ان الاجازة المتأخرة مؤثرة في صحة العقد.

و ربما يقال: ان الاجازة و ان كانت مؤثرة لكن فرق بين الشروط العقلية و الشرعية فان الشرط الشرعي يجوز أن يكون مقدما أو مؤخرا و مع ذلك يكون مؤثرا بخلاف الشروط العقلية حيث يلزم التقارن بينها و بين المشروط و في مقام اثبات المدعي مثل بغسل المستحاضة فان غسلها بعد العشاء يؤثر في صحة صوم اليوم الماضي.

و فيه: انه لا فرق بين الشرط الشرعي و العقلي من هذه الجهة. و بعبارة اخري:

لا يعقل أن يؤثر المعدوم في الموجود نعم يمكن تصور الشرطية بنحو المقارنة بأن يكون الشرط تعقب العقد بالاجازة فان عنوان التعقب أمر فعلي و مقارن مع العقد لكن يحتاج اثباته الي دليل مفقود في المقام.

و ربما يقال- في مقام تقريب الكشف-: ان السبب التام للملك هو العقد لعموم قوله تعالي: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» «1» و بالاجازة ينكشف تمامية العقد.

و فيه ان العقد لو كان تمام السبب فلا احتياج الي الاجازة مضافا الي أن العقد ما دام

______________________________

(1) المائدة/ 2

مباني منهاج

الصالحين، ج 7، ص: 434

______________________________

لا يكون منتسبا الي المالك لا أثر له.

اذا عرفت ما تقدم نقول: ان الاجازة من الامور التعليقية و لذا يجوز تعلقها بالامر المتقدم كما يجوز تعلقها بالامر المقارن و بالامر المتأخر و المفروض ان الاجازة تتعلق بما يكون صادرا عن الفضولي و الاصيل و الملكية الحاصلة بفعلهما هي الملكية المطلقة اي من زمان العقد اذ الإهمال غير معقول في الواقع فيلزم اما التقييد و اما الاطلاق.

و في المقام اشكال عن الشيخ الاعظم قدس سره و هو: ان مضمون البيع ليس الا إنشاء طبيعي المبادلة بين المالين لا المبادلة المقيدة بزمان خاص و الا لزم القول بثبوت الملكية من زمان الايجاب فيما يكون القبول متأخرا لان القبول رضا بالايجاب السابق نعم بما ان الانشاء أمر زماني لا بد من وقوعه في الزمان فلا تقيد بالزمان.

و مما تقدم علم ما في هذه الدعوي اذ بعد محالية الاهمال يلزم احد الامرين من التقييد أو الاطلاق فلا اشكال في تحقق الملكية من زمان العقد و الاجازة تتعلق بما تحقق و النتيجة الكشف الانقلابي و ليس المراد بالكشف الانقلابي ان العقد ينقلب عن عدم الجواز الي الجواز كي يقال: انه أمر غير معقول اذ الشي ء لا ينقلب عما هو عليه بل المراد من الانقلاب اعتبار الملكية في الفاصل بين العقد و الاجازة للمالك و اعتبارها بعدها في ذلك الفصل للمشتري.

و أما النقض بالقبول فقد أجاب عنه سيدنا الاستاد بأن الايجاب معلق علي القبول دائما فلا أثر له قبل القبول فالنقض غير وارد اذ فرق بين القبول و الاجازة فان العقد الفضولي غير معلق علي الاجازة.

و الذي يخطر ببالي القاصر عدم تمامية ما أفاده فان البيع تمليك للمبيع

في مقابل الثمن و القبول يتعلق بهذا التمليك و لا يعقل أن يكون الايجاب معلقا علي

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 435

______________________________

القبول اذ القبول تحققه يتوقف علي الايجاب. و بعبارة اخري: تعنون القبول بهذا العنوان يتوقف علي تحقق الايجاب فلو توقف الايجاب علي القبول يدور فالحق ان الايجاب لا يتوقف و لا يعلق علي القبول بل الايجاب و هو التمليك يتحقق و لو مع عدم تحقق القبول غاية الامر لا يترتب علي الايجاب وحده أثر و انما الاثر يترتب علي العقد المركب من الايجاب و القبول.

و لكن مع ذلك لا يكون النقض واردا لان السيرة الجارية بين العقلاء في باب البيع و بقية العقود الالتزام بتحقق الاثر بعد تمامية العقد فنقول: الموجب يعتبر الملكية من حين الايجاب و القبول المتأخر يتعلق بالايجاب المتقدم علي النحو المذكور و لكن الاثر العقلائي و الشرعي لا يترتب الا من حين تمامية العقد. و ان شئت قلت: المستفاد من الادلة كذلك فهذا الاشكال غير وارد علي القول بالكشف الانقلابي.

ان قلت: ان العقد قبل الاجازة لا يكون متعلق الامضاء الشرعي و الاعتبار الشرعي يتعلق به بعد الاجازة و الانتساب فلا بد من تحقق الملكية بعد الاجازة فلا مجال للقول بالكشف الانقلابي. قلت: ان الاعتبار الشرعي و ان كان بعد الاجازة لكن متعلق الاعتبار متقدم زمانا.

و لتوضيح المدعي نقول: تارة يكون زمان الاعتبار و المعتبر فعليا كما لو باع زيد داره من بكر فان زمان الاعتبار و الملكية واحد و اخري يكون الاعتبار فعليا و المعتبر متأخرا كما في الوصية فان اعتبار الملكية من الموصي فعلي لكن الملكية لا تحصل الا بعد موت الموصي نظير الوجوب المشروط و ثالثة يكون الاعتبار فعليا

و زمان المعتبر متقدم فانه أمر ممكن و لذا لا مانع من ان يبيع المالك ماله من قبل مدة او من بعد مدة و انما الأشكال في عدم الدليل علي صحته و كونه مخالفا للسيرة فاذا كان جائزا ثبوتا فتلتزم في باب الفضولي بأن الاجازة توجب الانقلاب و يدل علي

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 436

______________________________

ما ذكرنا ما رواه ابو عبيدة «1» فان المستفاد من الرواية ان الاجازة كاشفة عن ثبوت الزوجية من حين العقد و اما لو كانت الاجازة ناقلة فلا يكون معقولا بعد موت احد الزوجين.

كما انه يدل علي المدعي حديث محمد بن قيس «2» فانه لو كانت الاجازة ناقلة كان و طي المشتري للوليدة قبل الاجازة وطيا لمملوكة الغير فيجب عليه مهر المثل و الحال ان الامام عليه السلام لم يتعرض لهذه الجهة بل الظاهر من قوله عليه السلام «حتي ينفذ» هو الكشف فان الظاهر من هذا القول انفاذ ما ارتكبه الفضولي.

ان قلت: ان العبرة في الانفاذ بزمان المعتبر لا بزمان الاعتبار و لذا لا يمكن الالتزام بتعلق الوجوب و الحرمة بالخروج عن الدار المغصوبة. و بعبارة اخري لا يمكن ان يقال: بأن الخروج قبل الدخول حرام و بعد الدخول واجب فان الفعل الواحد لا يمكن ان يتعلق به حكمان في الزمان الواحد و لو كان زمان الاعتبار مختلفا و عليه لا يمكن الالتزام بكون العين في زمان العقد للمالك و للمشتري و ان كان زمان اعتبار احدهما مغايرا لزمان الاعتبار الاخر.

قلت: فرق بين الاحكام التكليفية و الوضعية فان الحكم التكليفي ناش عن المصلحة في المتعلق فيكون الفعل محبوبا و النهي تابع للمفسدة الموجودة في المتعلق فيكون الفعل مبغوضا و لا يعقل أن

يكون الفعل الواحد في زمان واحد محبوبا و مبغوضا و أما الاحكام الوضعية فالمصلحة في الاعتبار و مع تعدد زمان الاعتبار لا مانع منه فلا مانع من اعتبار ملكية الدار في زمان العقد و بعده لمالكها و بعد الاجازة يعتبر ملكيتها في ذلك الزمان للمشتري و بعبارة اخري لا يلزم التضاد.

______________________________

(1) لاحظ ص: 418

(2) لاحظ ص: 423

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 437

فنماء الثمن من حين العقد الي حين الاجازة ملك مالك المبيع و نماء المبيع ملك للمشتري (1).

______________________________

و ان شئت قلت: لا نري محذورا عن الاعتبارين في الاحكام الوضعية من التضاد و غيره فيعتبر في يوم السبت مثلا ملكية شي ء لزيد يوم الاحد و يوم الاثنين يعتبر ملكية ذلك الشي ء في ذلك اليوم لغيره.

ان قلت: ان الاعتبارات الشرعية ازلية أو من أول الشريعة المقدسة فيلزم اعتبار المبيع مثلا للمالك و للمشتري في زمان واحد في أول الشريعة. و بعبارة اخري:

ما ذكرت انما يتم في القضايا الخارجية فانه ينفصل احد الاعتبارين عن الاعتبار الاخر و أما في القضايا الحقيقية كالأحكام الشرعية فالاعتبارات في زمان واحد فلا يتم ما ذكرت في دفع الاشكال.

قلت: الاحكام الشرعية و ان كانت من قبيل القضايا الحقيقة لكن الاحكام المجعولة الشرعية مجعولة علي موضوعاتها و ما دام لم يتحقق الموضوع في الخارج لا يترتب عليه الحكم و المفروض ان اعتبار الملكية للمشتري في الفضولي بعد اجازة المالك فلا يكون زمان الاعتبارين متحدا. و بعبارة واضحة مرجع القضية الحقيقية الي القضية الشرطية و ما دام لا يكون الشرط موجودا في الخارج لا يوجد المشروط.

(1) ما أفاده من آثار الكشف فان النماء تابع للأصل فاذا كانت الدابة مملوكة للمشتري بالاجازة يكون ولدها له أيضا

و هكذا الامر في جانب الثمن و يترتب علي ما ذكر كثير من الآثار مثلا لو تزوج رجل امرأة فضولا و قبل الاجازة وطئها يكون وطيها داخلا في الزنا و يوجب الحد و أما لو لم يحد و اجيز العقد لا يحد لأنه بعد الاجازة يعتبر ذلك الوطء وطئا للزوجة.

و سيدنا الاستاد فرق بين الحد و التعزير و قال: أما الحد فيسقط بالاجازة» بالتقريب الذي ذكرنا «و أما التعزير فلا يسقط لان الحرمة لا تتبدل بالاباحة بالاجازة

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 438

[مسألة 12: لو باع باعتقاد كونه وليا أو وكيلا فتبين خلافه]

(مسألة 12): لو باع باعتقاد كونه وليا أو وكيلا فتبين خلافه فان أجازه المالك صح و ان رد بطل (1) و لو باع باعتقاد كونه أجنبيا فتبين كونه وليا أو وكيلا صح و لم يحتج الي الاجازة (2) و لو تبين كونه مالكا ففي صحة البيع من دون حاجة الي اجازته اشكال و الاظهر هو الصحة (3).

[مسألة 13: لو باع مال غيره فضولا ثم ملكه قبل إجازة المالك]

(مسألة 13): لو باع مال غيره فضولا ثم ملكه قبل اجازة المالك ففي صحته بلا حاجة الي الاجازة أو توقفه علي الاجازة أو بطلانه رأسا وجوه اقواها أوسطها (4).

______________________________

كما ان المبغوضية لا تتبدل بعدمها بالاجازة فلا بد من التعزير». و الظاهر ان ما افاده تام فان الفعل الواحد كما سبق لا يعقل ان يكون مبغوضا و حراما و في ذلك الوقت يكون حلالا.

(1) و الوجه فيه ظاهر اذ الاعتقاد لا يغير الواقع فان العقد المفروض فضولي فيحتاج الي الاجازة.

(2) اذ العقد صدر من أهله و وقع في محله فلا وجه لعدم الصحة.

(3) يشكل الالتزام بالصحة اذ المستفاد من دليل التجارة عن تراض اشتراط الرضا بما انه مالك و بعبارة اخري: لا بد في صحة التجارة تحققها عن المالك بما هو مالك و المفروض انتفاء هذه الحيثية و لذا لو قدم احد طعامه للغير و اباح له الاكل و يعتقد ان الطعام لغيره لا يجوز الاكل اذ المفروض عدم رضا المالك بالتصرف نعم يمكن ان يقال: انه لو رضي بعد الالتفات و الاجازة يصح ببركة عموم التعليل الوارد في نكاح العبد بدون اجازة المولي.

(4) ربما يقال بالصحة و لو مع عدم الاجازة بتقريب: ان العقد بقاء عقد

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 439

______________________________

للمالك فيصح. و لكن يرد عليه: ان العقد

حين صدوره لم يكن عقدا للمالك و المفروض انه لم يحدث بعد العقد ما يوجب نسبته اليه فلا وجه للصحة و انما الكلام فيما يلحقه الاجازة.

و قد ذكرت للمنع وجوه: الاول: ان الفضولي قصد البيع للمالك و المفروض ان المالك لم يجز البيع فكيف يصح؟ و بعبارة اخري: البيع وقع للمالك الاصيل و الكلام في وقوعه بالاجازة للفضولي. و اجيب: بأن البيع متقوم بالمالين لا بالمالكين و قصد وقوع البيع للمالك لغو كما ان قصده لغيره كذلك. و هذا الجواب مخدوش اذ البيع تمليك و تملك و يتقوم التمليك و التملك بالطرفين و المفروض ان الفضولي تملك الثمن للمالك و ملك المبيع من المشتري فكيف يصح بالاجازة. و ان شئت قلت: ما وقع لم يجز و ما اجيز لم يقع.

الثاني: انه يعتبر في البائع امور ثلاثة: كونه مالكا، كونه راضيا، كونه قادرا علي التسليم و الفضولي فاقد لهذه الامور. و اجيب بأن البيع يستند الي المالك بالاجازة و حين الاجازة يكون المجيز واجدا لجميع الامور المذكورة.

و يرد عليه: ان العقد انتسب الي الفضولي من حين العقد و تحصيل الحاصل محال. الا ان يقال: بالاجازة ينتسب العقد اليه بما انه مالك. مضافا الي ان الاجازة اللاحقة تقتضي صدق عنوان الرضا بما تحقق و اما الانتساب بحيث يصدق ان المجيز باع فلا.

الثالث: انه لا بد من تعلق الاجازة بما وقع و الامر ليس كذلك في المقام فان المبيع يدخل في ملك البائع الفضولي من حين اشترائه من المالك و الاجازة تصحح العقد من ذلك الحين. و بتقريب آخر: ان المبيع يدخل بالبيع الفضولي في ملك الاصيل من ذلك الحين و الحال ان المبيع بعد ذلك العقد يدخل

في ملك

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 440

______________________________

الفضولي بالعقد مع المالك و ما دام لا يدخل في ملكه لا مجال لان يدخل في ملك الاصيل فالنتيجة: ان ما وقع لم يجز و ما اجيز لم يقع و لذا نلتزم بان المالك في مقام الاجازة لو اجاز العقد الفضولي من زمان متأخر لا يصح.

الرابع: انه علي الكشف يلزم أن يكون المال ملكا لمالكين في زمان العقد احدهما: المالك الاصلي و ثانيهما: المشتري. و بعبارة اخري: المشتري يتلقي الملك من المجيز و المجيز يتلقي الملك من المالك الاصلي فيتوقف ملكيته علي ملكية المالك الاصلي و الحال ان ملكيته تنفي مالكية المشتري فيلزم من وجود الشي ء عدمه.

و اجيب عن هذا الاشكال بأنه انما يلزم لو قلنا بتحقق الملكية بالاجازة من حين العقد و أما لو قلنا بكونه مالكا من حين بيع الاصيل فلا يلزم هذا الاشكال.

الخامس: ان العقد الثاني واقع علي ملك المشتري علي الكشف فيتوقف علي أجازته و الحال ان اجازته تتوقف علي صحة العقد الثاني اذ لو لم يكن العقد الثاني تاما لا يتم ملكية المشتري فان المفروض ان عقده وقع مع الفضولي فالاشكال من جهة لزوم الدور. و اجيب: بأن هذا المحذور انما يلزم علي تقدير الالتزام بتحقق الملكية من حين العقد و أما لو قلنا بتحققها من حين الاجازة لا يلزم هذا الاشكال فلاحظ.

السادس: ان بيع المالك الاصلي رد للبيع الفضولي فلا أثر للإجازة بعده.

و فيه: اولا: ان البيع ليس ردا بل معدم لموضوع الاجازة بالنسبة الي البائع و الكلام في اجازة الفضولي. و ثانيا: انه لا دليل علي ابطال الرد للإجازة الواقعة بعده. و ثالثا: ان الرد علي فرض كونه مانعا عن الاجازة انما

يكون بالنسبة الي الراد لا بالنسبة الي شخص آخر.

السابع النصوص الدالة علي عدم جواز بيع ما ليس عنده لاحظ ما رواه سليمان

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 441

______________________________

ابن صالح «1» و ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يجيئني يطلب المتاع فاقا و له علي الربح ثم اشتريه فأبيعه منه فقال:

أ ليس ان شاء أخذ و ان شاء ترك؟ قلت: بلي قال: فلا بأس قلت: فان من عندنا يفسده قال: و لم؟ قلت: قد باع ما ليس عنده؟ قال: فما يقول في السلم قد باع صاحبه ما ليس عنده قلت: بلي قال: فانما صلح من اجل انهم يسمونه سلما ان ابي كان يقول: لا بأس ببيع كل متاع كنت تجده في الوقت الذي بعته فيه «2».

و ما رواه محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل اتاه رجل فقال: ابتع لي متاعا لعلي اشتريه منك بنقد او نسية فابتاعه الرجل من اجله، قال: ليس به بأس انما يشتريه منه بعد ما يملكه «3».

و ما رواه منصور بن حازم ابي عبد اللّه عليه السلام في رجل امر رجلا يشتري له متاعا فيشتريه منه قال: لا بأس بذلك انما البيع بعد ما يشتريه «4».

فان مقتضي هذه النصوص فساد البيع حتي بعد الاجازة و هل يمكن تصحيحه بعموم التعليل الوارد في تزويج العبد بلا اذن مولاه؟ الظاهر انه لا يمكن لان العقد حين وقوعه فضولا كان امره بيد المالك الاصلي و المفروض انه لم يجزه بل اجازه المالك الثاني مضافا الي ان الاجازة الصادرة من المولي في تزويج العبد تؤثر في تحقق التزويج من حين تحققه و في

المقام لا يمكن الالتزام به بل لا بد من الالتزام بالصحة من تحقق الملكية للفضولي بالاشتراء من المالك فلا يكون المقام من

______________________________

(1) لاحظ ص: 409

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب أحكام العقود الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب أحكام العقود الحديث: 8

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 442

[مسألة 14: لو باع مال غيره فضولا فباعه المالك من شخص آخر]

(مسألة 14): لو باع مال غيره فضولا فباعه المالك من شخص آخر صح بيع المالك و يصح بيع الفضولي أيضا ان أجازه المشتري (1).

[مسألة 15: إذا باع الفضولي مال غيره و لم تتحقق الإجازة من المالك]

(مسألة 15): اذا باع الفضولي مال غيره و لم تتحقق الاجازة من المالك فان كانت العين في يد المالك فلا اشكال و ان كانت في يد البائع جاز للمالك الرجوع بها عليه و ان كان البائع قد دفعها الي المشتري جاز له الرجوع علي البائع و علي المشتري و ان كانت تالفة رجع علي البائع ان لم يدفعها الي المشتري أو علي أحدهما ان دفعها اليه بمثلها ان كانت مثلية و بقيمتها ان كانت قيمية (2).

______________________________

مصاديق تلك الكبري و بهذا البيان يعلم انه لا يمكن تصحيحه بحديث الوليدة لعين البيان فلاحظ.

(1) أما صحة بيع المالك فالوجه فيها ظاهر فان البيع صدر من أهله و وقع في محله و أما صحة بيع الفضولي مع اجازة المشتري فعلي القول بالنقل، فالوجه فيها انه يصح بيع الفضولي بالاجازة كما مر و المقام من مصاديق تلك الكبري و لا محذور في الالتزام بالصحة و أما علي القول بالكشف فيشكل الالتزام بالصحة اذ المفروض ان الاجازة تكشف عن الصحة من حين العقد الفضولي و المفروض ان ذلك الحين يكون ملكا للمالك الاصلي و لا موجب لاعتبار الملكية في ذلك الزمان لغيره و الالتزام بالملكية من الزمان المتأخر لا دليل عليه اذ الاجازة لا بد من تعلقها بما وقع و الحال ان ما وقع فضولا غير قابل للإجازة فلاحظ.

(2) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول انه لو باع الفضولي مال الغير و لم تتحقق الاجازة و كان المال في يد مالكه فلا اشكال و الامر كما افاده

فانه لا يترتب علي بيع الفضولي اثر.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 443

______________________________

الفرع الثاني: ان المال ان كان في يد الفضولي جاز للمالك الرجوع عليه فان لكل مالك اخذ مملوكه ممن كان ماله عنده اعم من ان يكون غاصبا او غير غاصب.

و ان شئت قلت: لا اشكال في ان وضع اليد علي مال الغير بغير حق يقتضي الضمان بمقتضي السيرة العقلائية، و عليه يمكن للمالك ان يراجع كل فرد وضع يده علي ماله و الزامه بايصاله اليه.

الفرع الثالث: انه لو دفع المال الي المشتري كان للمالك الرجوع علي كل واحد منهما كما مر آنفا.

الفرع الرابع: انه ان كان المال تالفا فللمالك ان يرجع علي كل منهما ان كان دفع المال الي المشتري فيأخذ المثل ان كان التالف مثليا و القيمة ان كان قيميا و ما يمكن ان يستدل به علي المدعي وجوه:

الوجه الاول: حديث «علي اليد ما اخذت حتي تؤديه» «1». و يرد علي الاستدلال بهذا الحديث اولا انه لا اعتبار بسنده فلا تصل النوبة الي دلالته فانه نبوي غير معتبر. و ثانيا: لا يبعد ان يكون المراد بالحديث ان المال ما دام في يد الغير و لم يصل الي مالكه يكون مضمونا علي الاخذ و اما ضمانه بأي شي ء فلا تعرض في الحديث كما انه يمكن ان يقال: ان الحديث في مقام بيان الحكم التكليفي و هو انه ما دام المال لا يصل الي مالكه يكون علي الاخذ ايصاله اليه فلا تعرض للضمان فضلا عن كيفيته. و ربما يقال: ان المستفاد من الحديث انه يجب اداء نفس المال ما دام موجودا و مع تعذره تصل النوبة الي مثله و علي فرض تعذره تصل النوبة الي

قيمته فلا ينطبق علي ما هو المشهور عند القوم من وجوب المثل في المثلي و القيمة في القيمي.

الوجه الثاني: ما دل من النص علي ان «حرمة مال المسلم كحرمة دمه» ففي

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب الغصب الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 444

______________________________

حديث ابي بصير عن ابي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: سباب المؤمن فسوق و قتاله كفروا كل لحمه معصية للّه و حرمة ماله كحرمة دمه «1» فكما ان دم المسلم لا يذهب هدرا كذلك مال المسلم لا يذهب هدرا.

و فيه: اولا ان المستفاد من هذه النصوص الحكم التكليفي اي كما ان سبابه حرام كذلك التصرف في ماله و بعبارة اخري: لا يستفاد من هذه الطائفة الا الحكم التكليفي بلحاظ السياق. و ثانيا: انه علي فرض تسليم الدلالة يختص هذا الدليل بصورة الاتلاف و اما صورة التلف فلا يتوهم ان تلف مال احد بتلف سماوي يوجب ضمان الغير. و ثالثا انه علي فرض الدلالة علي المدعي تدل علي اصل الضمان و اما كيفيته فلا تدل هذه النصوص عليها.

الوجه الثالث: ما دل من النص علي عدم حل مال المسلم الا بطيب نفسه «2».

و فيه: ان المستفاد من هذه الطائفة الحكم التكليفي و اما الضمان فلا و علي تقدير التسليم لا دلالة علي كيفيتها.

الوجه الرابع: النصوص الدالة علي ان الامة المبتاعة اذا اولدها المشتري فوجدت مسروقة يأخذها صاحبها و يأخذ قيمة الولد من المشتري «3». و فيه انه لا يستفاد من هذه النصوص ما هو المشهور بين القوم من ضمان المثل في المثلي و القيمة في القيمي.

الوجه الخامس: قوله تعالي: «فَمَنِ اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا

اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ» «4» و الاستدلال بالآية علي المدعي يتوقف علي امور ثلاثة: الاول:

______________________________

(1) الوسائل الباب 152 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 12

(2) لاحظ ص: 402

(3) الوافي ج 3 ص 101 الجزء العاشر الباب 118

(4) البقرة/ 194

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 445

______________________________

ان يكون المراد بلفظ «ما» الموصول و اما اذا كان مصدريا فلا يرتبط بالمقام.

و بعبارة اخري: يمكن ان تكون الاية ناظرة الي الاعتداء الفعلي اي يكون المراد من الاية ان مَنِ اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ الفعل الذي اعتدي به عليكم فلا يرتبط بالضمان بل غايته جواز الاتلاف. و بعبارة ثالثة: الاتلاف مقابل الاتلاف و اما الضمان فلا يستفاد من الاية.

الثاني: ان يكون المراد بالموصول المعتدي به و يكون المراد به الاعيان الخارجية و لا دليل عليه بل يمكن ان يكون المراد به الفعل اي ان كان الاعتداء عليه بالضرب فاضرب و ان كان بالشتم فاشتم و ان كان بالاخذ فخذ و اما الضمان فلا يستفاد من الاية.

الثالث: أن يكون المراد من المثل المثل في المثلي و القيمة في القيمي و لا يستفاد هذا من الاية الشريفة فانه لا دليل علي هذه الدعوي و علي جميع التقادير لا دلالة في الاية علي الضمان كما هو المدعي. و يضاف الي ما تقدم انه علي فرض تسلم الدعوي تكون الاية دالة علي ضمان المثل في جميع الموارد فيجب المثل مطلقا في المثلي و القيمي فلا تنطبق الاية علي المدعي فان المدعي ضمان القيمي بالقيمة ابتداء و الحال انه لا يستفاد من الاية.

اضف الي ذلك كله ان غاية ما يستفاد من الاية الضمان في صورة الاتلاف و أما مع التلف السماوي فلا دلالة في الاية علي الضمان فلاحظ.

الوجه

السادس: الاجماع بتقريب: ان الاجماع قائم علي ضمان المثل بالمثلي و القيمي بالقيمة. و فيه: انه كيف يمكن تحصيل اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم عليه السلام.

الوجه السابع: السيرة العقلائية فانها تقتضي ضمان العين بجميع خصوصيتها

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 446

______________________________

و مع تعذرها تصل النوبة الي المثل و مع تعذره تصل النوبة الي القيمة. و ان شئت قلت: ان مقتضي القاعدة بحكم السيرة كون العين بنفسها في عهدة الضامن و انما تصل النوبة الي المثل و القيمة من باب البدلية و اللابدية و تكون القيمة في طول المثل فلا ينطبق علي المدعي أيضا و يترتب علي ما ذكرنا ان الميزان بقيمة يوم الاداء غاية الامر ترفع اليد عن القاعدة الاولية بالنص الخاص اعني حديث أبي ولاد قال: اكثريت بغلا الي قصر بني هبيرة ذاهبا و جائيا بكذا و كذا و خرجت في طلب غريم لي فلما صرت الي قرب قنطرة الكوفة خبرت ان صاحبي توجه الي النيل فتوجهت نحو النيل فلما أتيت النيل خبرت انه توجه الي بغداد فاتبعته فظفرت به و فرغت فيما بيني و بينه و رجعت الي الكوفة و كان ذهابي و مجيئي خمسة عشر يوما فاخبرت صاحب البغل بعذري و أردت ان اتحلل منه فيما صنعت و ارضيه فبذلت له خمسة عشر درهما فأبي أن يقبل فتراضينا بأبي حنيفة و اخبرته بالقصة و أخبره الرجل فقال لي: ما صنعت بالبغل فقلت: قد رجعته سليما قال: نعم بعد خمسة عشر يوما قال: فما تريد من الرجل؟ قال: اريد كري بغلي فقد حبسه علي خمسة عشر يوما فقال: اني ما أري لك حقا لأنه اكتراه الي قصر بني هبيرة فخالف فركبه الي النيل

و الي بغداد فضمن قيمة البغل و سقط الكري فلما رد البغل سليما و قبضته لم يلزمه الكري قال: فخرجنا من عنده و جعل صاحب البغل يسترجع فرحمته مما أفتي به أبو حنيفة و اعطيته شيئا و تحللت منه و حججت تلك السنة فأخبرت ابا عبد اللّه عليه السلام بما افتي به ابو حنيفة فقال: في مثل هذا القضاء و شبهه تحبس السماء مائها و تمنع الارض بركنها قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: فما تري انت؟ قال: اري له عليك مثل كري البغل ذاهبا من الكوفة الي النيل و مثل كري البغل من النيل الي بغداد و مثل كري البغل من بغداد الي الكوفة و توفيه اياه قال: قلت جعلت فداك قد علفته

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 447

[مسألة 16: المنافع المستوفاة مضمونة]

(مسألة 16): المنافع المستوفاة مضمونة، و للمالك الرجوع بها علي من استوفاه (1).

______________________________

بدراهم فلي عليه علفه؟ قال: لا لأنك غاصب فقلت أ رأيت لو عطب البغل او انفق أ ليس كان يلزمني؟ قال: نعم قيمة بغل يوم خالفته قلت فان اصاب البغل كسر او دبر او عقر فقال: عليك قيمة ما بين الصحة و العيب يوم ترده عليه الحديث «1». فان مقتضاه وجوب اداء قيمة يوم الغصب في القيميات و اللّه العالم بحقايق الاشياء.

(1) ما يمكن ان يقال في وجه الضمان امور:

الأول: حديث علي اليد، فان اطلاقه يشمل المنافع المستوفاة و قد مر الاشكال في سند الحديث، فلا تصل النوبة الي ملاحظة الدلالة.

الثاني: قوله عليه السلام حرمة مال المؤمن كحرمة دمه، بتقريب انه كما يشمل الأعيان كذلك يشمل المنافع المستوفاة و قد مر ان المستفاد منه ليس الا الحكم التكليفي.

الثالث: ما دل علي عدم حلية

مال أحد الا باذنه و لا اشكال في صدق المال علي المنافع. و فيه: انه قد مر ان المستفاد من تلك الطائفة مجرد الحكم التكليفي و اما الوضعي فلا.

الرابع: قاعدة نفي الضرر، فان استيفاء المنفعة و عدم الجبران بالغرامة ضرر علي المالك و الضرر منفي في الشريعة. و فيه أولا انما يتم علي المذهب المشهور في مفاد القاعدة و اما علي مسلك شيخ الشريعة فلا. و ثانيا: ان القاعدة تنفي و لا تثبت.

و ثالثا: ان اثبات الضمان علي المستوفي ضرر عليه فلا وجه لترجيح احد الضررين علي الاخر. و بعبارة اخري: عدم الحكم بالضمان ضرر علي المالك

______________________________

(1) تهذيب الاحكام ج 7 ص 215 حديث: 25

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 448

______________________________

و الحكم به ضرر علي المستوفي و لا مرجح.

و رابعا: ان المنافع تنعدم و تنصرم بنفسها أعم من الاستيفاء و عدمه فعدم الحكم بالضمان ليس ضررا بل من قبيل عدم النفع.

الخامس: السيرة العقلائية علي عدم هدر أموال الناس فالمستوفي للمنافع ضامن للبدل بمقتضي السيرة و بمقتضي قاعدة من اتلف مال الغير فهو له ضامن، فان هذه القاعدة متصيدة من النصوص الواردة في الموارد المختلفة: لاحظ ما رواه أبان بن عثمان «1».

و لاحظ الباب 7 من أبواب أحكام الرهن من الوسائل و رواية الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن القصار يفسد، فقال: كل اجير يعطي الاجرة علي ان يصلح فيفسد فهو ضامن «2».

و رواية الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يضمن القصار و الصائغ احتياطا للناس، و كان أبي يتطول عليه اذا كان مأمونا «3».

و ما رواه السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان

أمير المؤمنين عليه السلام يضمن الصباغ و القصار و الصائغ احتياطا علي أمتعة الناس و كان لا يضمن من الغرق و الحرق و الشي ء الغالب- الحديث «4».

و ما رواه اسماعيل بن أبي الصباح، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أحكام الرهن الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 29 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 449

______________________________

عن الثوب أدفعه الي القصار فيخرقه، قال: اغرمه فانك انما دفعته اليه ليصلحه و لم تدفع اليه ليفسده «1».

و رواية السكوني، عن ابي عبد اللّه عليه السلام ان امير المؤمنين عليه السلام رفع اليه رجل استأجر رجلا يصلح بابه، فضرب المسمار فانصدع الباب فضمنه امير المؤمنين عليه السلام «2».

و رواية ابي بصير، عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: كان علي عليه السلام يضمن القصار و الصائغ يحتاط به علي اموال الناس، و كان ابو جعفر عليه السلام يتفضل عليه اذا كان مأمونا «3».

و ما رواه الحلبي، عن ابي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يعطي الثوب ليصبغه فيفسده، فقال: كل عامل اعطيته اجرا علي ان يصلح فافسد فهو ضامن «4».

و ما في كتاب (المقنع) قال: كان امير المؤمنين عليه السلام يضمن القصار و الصائغ، و كل من اخذ شيئا ليصلحه فافسده «5».

و ما رواه وهب عن جعفر، عن ابيه عليهما السلام ان عليا عليه السلام كان يقول: من استعار عبدا مملوكا لقوم فعيب فهو ضامن، و قال: من استعار حرا صغيرا فعيب فهو ضامن «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 10

(3) نفس المصدر الحديث: 12

(4) نفس المصدر الحديث: 19

(5) نفس المصدر الحديث:

22

(6) الوسائل الباب 1 من أحكام العارية الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 450

______________________________

فانه يستفاد من هذه الموارد ان اتلاف مال الغير يوجب الضمان شرعا و عن بعض انه التزم بعدم ضمان المنافع المستوفاة، و استدل بقوله صلي اللّه عليه و آله و سلم الخراج بالضمان «1» و الحديث ضعيف سندا مضافا الي انه يمكن ان يكون المراد بالخراج اجرة الاراضي الخراجية، فالمقصود من الحديث ان تلك الاراضي مضمونة بحسب التقبيل و الاجارة و أيضا استدل علي مذهبه بجملة من النصوص:

منها ما رواه معاوية بن ميسرة قال سمعت ابا الجارود يسأل ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باع دارا له من رجل و كان بينه و بين الرجل الذي اشتري منه الدار حاصر فشرط انك ان اتيتني بمالي ما بين ثلث سنين فالدار دارك فاتاه بماله قال له شرطه قال ابو الجارود فان ذلك الرجل قد اصاب في ذلك المال في ثلاث سنين قال هو ماله و قال ابو عبد اللّه عليه السلام أ رأيت لو ان الدار احترقت من مال من كانت تكون الدار دار المشتري «2».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السلام الرجل يرتهن الرهن الغلام او الدار فيصيبه الآفة علي من يكون؟ قال: علي مولاه ثم قال: أ رأيت لو قتل قتيلا علي من كان يكون؟ قلت: هو في عنق العبد، قال أ لا تري فلم يذهب مال هذا ثم قال: أ رأيت لو كان ثمنه مائة دينار فزاد و بلغ مأتي دينار لمن كان يكون؟ قلت لمولاه قال: و كذلك يكون عليه ما يكون له «3».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: حدثني

من سمع ابا عبد اللّه عليه السلام و سأله رجل و انا عنده، فقال: رجل مسلم احتاج الي بيع داره فجاء الي اخيه،

______________________________

(1) السنن للبيهقي ج 5

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الخيار الحديث: 3

(3) الوافي ج 10 في رهن الغلام ص 116

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 451

و كذا الزيادات العينية مثل اللبن و الصوف و الشعر و السرجين و نحوها، مما كان له مالية، فانها مضمونة علي من استولي عليها كالعين (1)، اما المنافع غير المستوفاه ففي ضمانها اشكال، و الضمان اظهر (2).

______________________________

فقال: ابيعك داري هذه، و تكون لك احب إلي من ان تكون لغيرك علي ان تشترط لي ان انا جئتك بثمنها الي سنة ان ترد علي، فقال: لا بأس بهذا ان جاء بثمنها الي سنة ردها عليه، قلت: فانها كانت فيها غلة كثيرة فأخذ الغلة لمن تكون الغلة؟

فقال: الغلة للمشتري، الا تري انه لو احترقت لكانت من ماله «1».

بتقريب ان المستفاد من هذه النصوص انه لو كانت العين في ضمان شخص تكون منافعها له و فيه: ان المستفاد من هذه النصوص ان المنافع تابعة للعين في المملوكية اي ان كانت عين مملوكة لشخص يكون منافعها مملوكة له أيضا و لا يرتبط بالمقام.

(1) بعين البيان الجاري في العين و بذلك التقريب.

(2) ما يمكن ان يستدل به علي الضمان في المقام وجوه:

الوجه الاول: حديث علي اليد بتقريب انه يشمل المنافع غير المستوفاة فان المنافع تابعة للعين و بتبع العين تكون مأخوذة و فيه: ان الحديث ضعيف سندا فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالته.

الوجه الثاني: قوله عليه السلام فلا يحل لأحد ان يتصرف في مال غيره بغير اذنه «2» و فيه: انه ضعيف سندا مضافا

الي انه ناظر الي الحكم التكليفي و لا تعرض للضمان فيه.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 7، ص: 451

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الخيار الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب الانفال الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 452

______________________________

الوجه الثالث: قوله عليه السلام حرمة مال المسلم كحرمة دمه «1» و قد تقدم ان المستفاد من هذه الاخبار الحكم التكليفي.

الوجه الرابع: ما دل علي عدم حلية مال احد الا بطيب نفسه لاحظ ما عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم قال: من كانت عنده امانته فليؤدها الي من ائتمنه عليها فانه لا يحل دم امرء مسلم و لا ماله الا بطيبة نفس منه «2».

و ما روي عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم انه قال في خطبة الوداع:

ايها الناس إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ و لا يحل لمؤمن مال اخيه الا عن طيب نفس منه «3» و الكلام فيه هو الكلام فان المستفاد منه الحكم التكليفي.

الوجه الخامس: قاعدة نفي الضرر و قد تقدم الكلام حول الاستدلال بها و قلنا ان لسانها النفي لا الاثبات مضافا الي أن الضمان ضرر علي الضامن و لا ترجيح لأحد الطرفين علي الاخر.

الوجه السادس: قاعدة الاتلاف المتصيدة من الموارد الخاصة و أفاد سيدنا الاستاد في هذا المقام «4» «بأن التقويت لا يصدق علي فوت المنافع غير المستوفاة الا اذا استند الفوت الي القابض و أما اذا لم يصدق كما لو لم يستفد المالك باختياره مع امكانه فلا يصدق عنوان التفويت عليه فلا يشمله دليل من اتلف» و هذا التقريب لا

بأس به لكن لازمه عدم الالتزام بالضمان في مورد الغصب مع امكان الاستيفاء للمالك.

الوجه السابع: الاجماع، و فيه انه كيف يمكن تحصيل الاجماع التعبدي

______________________________

(1) الوسائل الباب 152 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 12 و الباب 158 من تلك الابواب الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) مصباح الفقاهة ج 3 ص: 143

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 453

______________________________

الكاشف عن رأي المعصوم عليه السلام.

الوجه الثامن: السيرة العقلائية الجارية علي الضمان فان وضع اليد علي مال الغير بلا اذنه يقتضي ضمانه بجميع خصوصياته فلا فرق في تحقق الضمان بين المنافع المستوفاة و غيرها.

و ربما يستدل علي عدم الضمان بالنصوص الواردة في الامة المسروقة المبيعة منها: ما رواه جميل بن دراج عن بعض اصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري جارية فاولدها فوجدت مسروقة، قال يأخذ الجارية صاحبها و يأخذ الرجل ولده بقيمته «1».

و منها: ما رواه زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام الرجل يشتري الجارية من السوق فيولدها ثم يجي ء رجل فيقيم البينة علي أنها جاريته و لم يبع و لم يهب قال: فقال ترد اليه جاريته و يعوضه مما انتفع قال: كان معناه قيمة الولد «2».

و منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يشتري الجارية من السوق فيولدها ثم يجي ء مستحق الجارية فقال: يأخذ الجارية المستحق و يدفع اليه المبتاع قيمة الولد و يرجع علي من باعه بثمن الجارية و قيمة الولد التي اخذت منه «3».

و منها: ما رواه زرارة قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام رجل اشتري جارية من سوق المسلمين فخرج بها الي ارضه فولدت

منه اولادا ثم اتاها من يزعم انها له و اقام علي ذلك البينة قال يقبض ولده و يدفع اليه الجارية و يعوضه في قيمة ما اصاب

______________________________

(1) الوافي ج 10 الباب 118 ص 101

(2) نفس المصدر

(3) نفس المصدر

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 454

[مسألة 17: المثلي ما يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها الرغبات، و القيمي: ما لا يكون كذلك]

(مسألة 17): المثلي ما يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها الرغبات، و القيمي: ما لا يكون كذلك، فالالات و الظروف و الاقمشة المعمولة في المعامل في هذا الزمان من المثلي، و الجواهر الاصلية من الياقوت و الزمرد و الالماس و الفيروزج و نحوها من القيمي (1).

[مسألة 18: الظاهر أن المدار في القيمة المضمون بها القيمي قيمة زمان القبض لا زمان التلف، و لا زمان الاداء]

(مسألة 18): الظاهر ان المدار في القيمة المضمون بها القيمي قيمة زمان القبض لا زمان التلف، و لا زمان الاداء (2).

______________________________

من لبنها و خدمتها «1».

و بما ورد في حكم بيع وليدة الغير «2» بتقريب ان الامام عليه السلام لم يتعرض لحكم المنافع غير المستوفاة فيعلم انها لا توجب الضمان.

و الانصاف: انه لا بأس بهذا الاستدلال فان التعرض لضمان المنافع المستوفاة و عدم التعرض لغيرها يدل علي التفصيل و التفريق لكن موردها جهل القابض بكون المبيع غصبا فلا يشمل مورد العلم بالغصبية و عليه لا بد من التفصيل بين صورتي العلم و الجهل.

(1) لم يرد هذا العنوان في الادلة الشرعية كي يبحث عنه بل قلنا: ان مقتضي القاعدة الاولية ضمان التالف بنفسه و يجب رده و مع تعذره تصل النوبة الي مثله من حيث انه اقرب اليه و المثل مفهوم عرفي واضح لدي الكل و قد تقدم انه لا فرق بين المثلي و القيمي من هذه الجهة فان مثل التالف اقرب اليه من القيمة مطلقا فمع امكانه تصل النوبة اليه بعد تعذر رد العين و مع تعذره تصل النوبة الي القيمة فلاحظ.

(2) الاقوال مختلفة في المقام. فمن تلك الاقوال: ان المناط قيمة يوم التلف

______________________________

(1) نفس المصدر

(2) لاحظ ص: 423

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 455

______________________________

و الدليل عليه ان يوم التلف يوم الانتقال الي القيمة فلا بد من ملاحظته.

و فيه:

انه لا اشكال في أن التكليف مشروط بالقدرة و مع تلف العين لا يكلف بادائها لعدم امكانه، و لكن هذا لا يقتضي الانتقال الي قيمة ذلك اليوم بل يمكن اعتبار اشتغال الذمة بنفس العين أو بمثلها أو بالقيمة علي اختلاف الاقوال فيها بحسب ما يفهم من الدليل فلا مانع من اعتبار اشتغال الذمة بنفس العين و يترتب عليه وجوب اداء قيمة زمان الاداء.

و من تلك الاقوال: وجوب رد علي القيم من زمان الغصب الي يوم الاداء و قد قرب المدعي بوجوه الوجه الاول: ان الضمان لا يختص بوقت دون آخر ففي كل يوم ارتفعت القيمة تكون الذمة مشغولة بها و النتيجة اعتبار اعلي القيم من زمان الغصب الي زمان الاداء.

و فيه: ان العين قبل تلفها مضمونة بنفسها فلا وجه لاعتبار قيمتها قبل تلفها كما انه لو قلنا بأنها بعد التلف في الذمة لم يكن وجه لاعتبار القيمة بعد التلف أيضا.

الوجه الثاني: ان المستفاد من حديث أبي ولاد الحناط «1» ان المغصوب مضمون علي الغاصب من يوم الغصب و كل يوم يصدق عليه هذا العنوان فان رد نفس العين فهو و إلا فإن رد اعلي القيم فقد رد قيمة يوم المخالفة بقول مطلق لدخول السفلي في العليا، ضرورة عدم وجوب اداء قيمة كل يوم و لورد القيمة النازلة لم يرد القيمة بقول مطلق فلا بد من دفع اعلي القيم من يوم الغصب الي يوم الاداء.

و فيه: انه مع بقاء العين لا موضوع لدفع القيمة و أما مع تلف العين فالمستفاد من الحديث وجوب اداء قيمة يوم الغصب و الدليل علي المدعي قوله عليه السلام «و لو شهد شاهد ان علي قيمة يوم الاكتراء» فان يوم الاكتراء

هو يوم الغصب اذ

______________________________

(1) لاحظ ص: 446

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 456

______________________________

الاكتراء في الاسفار القريبة في نفس يوم السفر لا من القبل بأيام، هذا بالنظر الي الرواية و أما مع قطع النظر عنها فان قلنا ببقاء العين في الذمة بعد تلفها فلا تصل النوبة الي الانتقال الي القيمة و ان قلنا بانتقالها الي القيمة تشتغل الذمة بفرد من أفراد القيمة فلا وجه لتغيرها فلا مجال للقول بوجوب اداء اعلي القيم.

الوجه الثالث: ان الغاصب بمجرد وضع يده علي العين المغصوبة تشتغل ذمته فان ادي العين أو اعلي القيم تبرأ ذمته يقينا و الا يشك في البراءة و الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة كذلك.

و فيه: انه علي تقدير بقاء العين يجب ادائها و لا تصل النوبة الي القيمة و بعد تلفها و القول بالانتقال الي القيمة تشتغل الذمة بقيمة العين في ذلك الحين فلا وجه لملاحظة اعلي القيم هذا بحسب مقتضي القاعدة و أما بحسب الرواية الخاصة فيلزم رعاية قيمة يوم الغصب مضافا الي انه قد قرر في محله ان مقتضي دوران الامر بين الاقل و الاكثر سيما في غير الارتباطي اجراء الاصل من الاكثر.

الوجه الرابع: ان مقتضي الاستصحاب بقاء الاشتغال الي زمان اداء اعلي القيم.

و فيه: ان مقتضي الاستصحاب عدم الاشتغال الا بالاقل، مضافا الي ان الاصل العملي لا مجال له مع النص الخاص و مقتضاه رعاية قيمة يوم الغصب.

الوجه الخامس: ان مقتضي قاعدة لا ضرر وجوب اداء الاعلي و الا يتضرر المالك و فيه: ان ضرر المالك معارض بضرر الضامن، و الغاصب يؤخذ باشق الاحوال لا أصل له، مضافا الي أن كل ضامن ليس غاصبا و ثانيا: ان الحديث يتكفل للنفي لا الاثبات. و ثالثا: لا

مجال للأخذ بالقاعدة مع النص الخاص. و رابعا: ان الاستدلال يتم علي المسلك المشهور في مفاد القاعدة و اما علي مسلك شيخ الشريعة فلا.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 457

______________________________

الوجه السادس: ان الغاصب ازال يد المالك عن العين في جميع الازمنة و منها زمان علو القيمة فان رد العين فقد خرج من الضمان و أما مع تلف العين فلا يخرج عن الضمان الا بدفع أعلي القيم، اذ المفروض انه حال بين المالك و ماله و لذا يجب بدل الحيلولة.

و فيه: ان قياس المقام بذلك الباب مع الفارق فان بدل الحيلولة مع بقاء العين فانها تجب بلحاظ الحيلولة بين المال و مالكه و أما مع التلف فبمقتضي القاعدة الاولية نلتزم بوجوب القيمة وقت الاداء و بلحاظ النص الخاص نلتزم بوجوب اداء قيمة يوم الغصب.

الوجه السابع: قوله تعالي «فَمَنِ اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ» «1» بتقريب ان المستفاد منه ان الاعتداء بمقدار الاعتداء و مع علو القيمة يصدق انه اعتدي بهذا المقدار فيجوز اخذ الاعلي.

و فيه: ان دلالة الاية الكريمة علي الحكم الوضعي محل الكلام و الاشكال كما مر سابقا و ثانيا انه لا تصل النوبة الي اشتغال الذمة قبل التلف و أما بعد التلف فبمقتضي النص الخاص يلزم ملاحظة يوم الغصب فلا تصل النوبة الي الاستدلال بالآية.

الوجه الثامن: ان المفروض كون اليد يد ضمان في جميع الازمنة و من جملة تلك الازمنة زمان علو القيمة فلا بد من رعاية الاعلي.

و فيه: انه مع بقاء العين لا ضمان للقيمة و الا يلزم الجمع بين العوض و المعوض، مضافا الي انه خلاف الاجماع و التسالم و ان كان المراد وجوب مراعاة الاعلي بعد التلف فهو عين

المدعي، مضافا الي أنه خلاف النص الخاص.

______________________________

(1) البقرة/ 194

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 458

______________________________

و من تلك الاقوال: ان المناط بيوم الاداء بتقريب ان العين باقية في العهدة حتي بعد التلف غاية الامر من باب عدم امكان ردها و مثلها تصل النوبة الي القيمة فالميزان بقيمة وقت الاداء.

و فيه: ان الامر و ان كان كذلك لكن هذا حسب القاعدة الاولية و مع قطع النظر عن النص الخاص و أما معه فلا بد من متابعته.

و من تلك الاقوال: ان العبرة باعلي القيم من يوم القبض الي يوم التلف بتقريب ان العين ما دامت باقية تكون مضمونة فمراتب القيمة المختلفة تثبت في عهدة الضامن و أما اذا تلفت تستقر القيمة فلا اثر لاختلافها بعده.

و فيه: ان العين ما دامت باقية لا تصل النوبة الي القيمة و بعد تلفها تكون باقية في العهدة فيكون الميزان بقيمة يوم الاداء هذا بحسب القاعدة و أما مع النص الخاص فلا بد من ملاحظته و استفادة المراد منه.

و من تلك الاقوال: ان العبرة بأعلي القيم من يوم التلف الي يوم الاداء بتقريب ان الانتقال الي القيمة يوم التلف فمراتب الاختلاف مضمونة و السفلي في العليا محفوظة.

و فيه: انه بعد التلف اذا كانت العين باقية في العهدة فالميزان بقيمة يوم الاداء كما مر و ان كانت متبدلة بالقيمة فالميزان بذلك المتبدل اليه فلا يتم ما افيد.

و من تلك الاقوال: ان الميزان بقيمة يوم الغصب لرواية أبي ولاد «1» و محل الشاهد في الرواية قوله عليه السلام «نعم قيمة بغل يوم خالفته» و في المراد من هذه الجملة احتمالات:

الاول: ان يكون لفظ القيمة مضافا الي البغل و لفظ البغل مضافا الي اليوم بتتابع

______________________________

(1) لاحظ ص:

446

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 459

______________________________

الاضافات و يكون المستفاد من الجملة ان المناط قيمة يوم الغصب.

و فيه: ان تتابع الاضافات و ان كان جائزا كقول الشاعر: «و ليس قرب قبر حرب قبر» لكن في المقام يشكل الالتزام به لوجهين احدهما: ان لفظ البغل في بعض النسخ مع حرف التعريف و المعرف باللام لا يضاف ثانيهما: ان اسماء الذوات لا تضاف الي الزمان و لا تقيد به.

الثاني: ان لفظ القيمة يضاف الي البغل اولا ثم تضاف الي اليوم و النتيجة تلك النتيجة و هذا الاحتمال و ان كان مصونا من الاشكالين لكن هذا الاستعمال غير معهود.

الثالث: ان يضاف اولا لفظ القيمة الي لفظ البغل و ثانيا يضاف المجموع الي اليوم و مثل هذا الاستعمال صحيح كقولهم ماء رمان زيد و ماء ورد بكر و تكون النتيجة تلك النتيجة لكن قد مر ان لفظ البغل معرف في بعض النسخ و المعرف لا يضاف.

الرابع أن يكون الظرف اي اليوم متعلقا بقوله عليه السلام نعم اي يلزمك يوم المخالفة قيمة البغل فيكون المراد ان يوم المخالفة يوم الضمان و لا تعرض لمقدار القيمة و في هذا الاحتمال اشكالان احدهما: ان لازمه تحقق الضمان بالقيمة قبل التلف و الحال انه لا قائل به و ما دامت العين موجودة تكون مضمونة بنفسها.

ثانيهما: ان تحقق الضمان يوم الغصب امر ظاهر لا يحتاج الي البيان الا أن يقال ان اصل الضمان يوم الغصب امر ظاهر لكن الضمان بالقيمة غير ظاهر بل خلاف الواقع فلا بد من طرح الاشكال بنحو آخر بأن يقال: ان كان المراد الضمان بالقيمة علي كل حال فهو خلاف الاجماع و التسالم و ان كان المراد اصل الضمان فهو امر

واضح مضافا الي أنه لا وجه لذكر القيمة فهذا الاحتمال ساقط.

الخامس: أن يكون اليوم ظرفا للقيمة بلا اضافة و يؤيد هذا الاحتمال كون

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 460

______________________________

لفظ البغل معرفا في بعض النسخ و غير قابل للإضافة كما مر، و أيضا يؤيده كون القيمة اقرب الي لفظ اليوم من لفظ نعم و الاقرب يمنع الا بعد فيكون الظرف متعلقا بلفظ القيمة و يكون المستفاد من الجملة ان الواجب قيمة يوم الغصب و قد ذكرت في المقام وجوه من الاشكال:

الوجه الاول: انه لو كان المناط قيمة يوم المخالفة فلا وجه لتعرضه عليه السلام ليوم الاكتراء بقوله عليه السلام «أو يأتي صاحب البغل» فلا خصوصية ليوم الغصب.

و الجواب: انه لا يبعد أن يكون الوجه فيه ان يوم الاكتراء هو يوم الغصب اذ الاكتراء في الاسفار القريبة يكون في يوم السفر بخلاف الاسفار البعيدة فان يوم الاكتراء قبل يوم السفر بايام و قصر ابن هبيرة قريب من الكوفة فيوم الاكتراء هو يوم السفر كما ان يوم الغصب نفس ذلك اليوم كما هو المستفاد من الحديث.

الوجه الثاني: انه قال ابو ولاد «قلت فان اصاب البغل كسر أو دبر أو غمز فقال عليه السلام عليك قيمة ما بين الصحة و العيب يوم ترده عليه» حيث ان الظاهر من هذه الجملة المباركة هو ان الضمان بقيمة يوم الرد لان الظرف متعلق بلفظ «عليك» فتكون هذه الجملة منافية لما قبلها حيث قلنا ان المستفاد من الجملة السابقة ان الميزان بقيمة يوم الغصب.

و اورد عليه: بأن اللازم علي هذا أن يكون استقرار الضمان حين الرد و الحال انه واضح البطلان لان ضمان المغصوب يستقر علي الغاصب من زمان الغصب.

و اورد عليه أيضا: بأنه

علي هذا التقريب تكون الرواية متعرضة لمقدار التفاوت و انه يجب اداء ما به التفاوت في يوم الرد من غير تعرض لبيان هذا التفاوت و انه هل يلاحظ من يوم الغصب أم يلاحظ من يوم التلف أم يلاحظ من يوم الرد فتكون

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 461

______________________________

الجملة السابقة الدالة علي كون الميزان بيوم الغصب قرينة علي المراد من هذه الجملة.

و قيل: ان الظرف في الجملة المذكورة متعلق بلفظ القيمة فيكون المراد ان مجرد رد العين لا اثر له بل لا بد من رد ما به التفاوت بين الصحيح و المعيب.

و عن الشيخ قدس سره الايراد فيه بأن الظرف متعلق بعليك لا قيد للقيمة اذ لا عبرة في ارش العيب بيوم الرد اجماعا لان النقص الحادث تابع في تعيين قيمته لأصل العين.

و اورد عليه سيدنا الاستاد بأن الاجماع علي التبعية لا يدفع هذا الاحتمال فانه لو تحقق ان الميزان في تعيين الارش بيوم الرد يكشف ان الميزان في اصل ضمان العين بيوم الرد فان الاجماع قائم علي اتحاد زمانيهما، و أفاد بأن الحق في الجواب ان يقال انه لا ملزم لهذا الوجه و لا دليل عليه بل الجملة السابقة الدالة علي أن الميزان بيوم الغصب يدل علي بطلان هذا الاحتمال.

و ان ابيت عما ذكر نقول ان مقتضي القاعدة العربية أن يكون الظرف متعلقا بلفظ العيب لاقتران احدهما بالاخر فيكون المراد من الجملة ان العيب الموجود في زمان الرد مضمون و لا تعرض في هذه الجملة ليوم الغصب و لا ليوم التلف و لا ليوم الاداء.

و عن الشيخ الاعظم قدس سره انه ضعف هذا الاحتمال بأن العيب اذا نقص أو المعيب اذا صح لا يسقط الضمان بمقتضي

الفتوي فلا عبرة بالعيب يوم الرد، بل العبرة بالعيب الحادث.

و اورد عليه سيدنا الاستاد بأن نسبة هذا الي الفتوي غير سديد اذ الفتاوي في المقام مختلفة فانه قيل بالسقوط مطلقا و بعدمه كذلك و قول بالتفصيل بين الوصف القابل للزيادة و النقيصة كالسمن و بين ما لم يكن كذلك كوصف الصحة فاذا زال

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 462

______________________________

السمن حكم بالضمان بخلاف ما اذا حدثت نقطة في عين الدابة ثم ارتفعت فان ذلك لا يوجب الضمان فلا مجال للنسبة المذكورة.

مضافا الي أن مقتضي حديث علي اليد و مقتضي السيرة العقلائية انه يكفي في ارتفاع الضمان رد المغصوب الي مالكه صحيحا فالعيب الحادث المرتفع حين الرد لا يوجب الضمان كما ان نقصه يقتضي الارتفاع بذلك المقدار المرتفع.

الوجه الثالث: من وجوه الايراد علي الاستدلال بالحديث علي المدعي ان أبا ولاد سئل الامام عليه السلام عن الذي يعرف القيمة فاجاب عليه السلام «انت و هو، فاما يحلف هو علي القيمة فيلزمك، فان رد اليمين عليك فحلفت علي القيمة لزمه ذلك، أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون ان قيمة البغل حين اكتري كذا و كذا فيلزمك» و هذا يدل علي أن الميزان بيوم التلف لا يوم الغصب بتقريب ان البينة علي المدعي و اليمين علي المنكر فلا مجال لاجتماع كلا الامرين بالنسبة الي شخص واحد فلا بد من التفصيل بأن نقول تارة هما متفقان علي القيمة السابقة علي يوم التلف و اخري غير متفقين ففي الصورة الاولي اذا ادعي الغاصب تنزل القيمة عن قيمة يوم التلف يكون وظيفته البينة لان الحلف وظيفة المنكر.

و بعبارة اخري: مع الاتفاق علي القيمة السابقة يكون الغاصب المدعي للنقصان مدعيا و عليه اقامة البينة و

أما لو لم يتفقا بل اختلفا في اصل القيمة زيادة و نقيصة يكون الغاصب منكرا للزيادة و المالك مدعيا لها فالحلف علي الغاصب فاذا جعلنا العبرة بيوم التلف أمكن دفع الاشكال بهذا النحو المذكور.

و أما اذا قلنا بان المناط يوم المخالفة فلا بد في دفع الاشكال من الالتزام باتفاقهما علي القيمة في اليوم السابق علي يوم المخالفة أو علي الاتفاق علي القيمة في اليوم المتأخر عن يوم المخالفة كي يتم الامر و ينطبق ما في الحديث

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 463

[مسألة 19: إذا لم يمض المالك المعاملة الفضولية فعلي البائع الفضولي أن يرد الثمن المسمي الي المشتري]

(مسألة 19): اذا لم يمض المالك المعاملة الفضولية فعلي البائع الفضولي أن يرد الثمن المسمي الي المشتري (1).

______________________________

من اجتماع اقامة البينة و الحلف بالنسبة الي شخص واحد و هذا بعيد عن مفاد الرواية فالنتيجة ان المناط قيمة يوم التلف.

و اورد عليه سيدنا الاستاد: بأن جعل المناط قيمة يوم التلف ثم حمل صورة اقامة البينة علي فرض و صورة الحلف علي فرض آخر خلاف الظاهر من الحديث فان الظاهر منه اجتماع الامرين في صورة واحدة.

فالحق في مقام دفع الاشكال أن يقال: ان قانون ان البينة علي المدعي و اليمين علي من انكر ليس قانونا عقليا كي لا يكون قابلا للتخصيص بل قانون شرعي قابل للتخصيص و المقام من موارد الاستثناء و لا مانع عقلا ان الشارع الاقدس رعاية لحال المالك و ارغاما لأنف الغاصب يجعل كلا الامرين في عرض واحد في اختيار المالك.

و بعبارة اخري: نبقي الحديث علي ظاهره بلا تصرف فيه و نلتزم بعدم اشكال.

و ربما يقال: كما عن المحقق الايرواني ان قانون اقامة البينة و الحلف يجري في المخاصمات و في مورد الرواية لم تفرض مخاصمة كي يتوجه الاشكال المذكور بل ارجاع الي

امر عادي جار بين الطرفين فان السائل يسئل من يعرف القيمة فاجاب عليه السلام هذا أمر بينكما فاما هو يحلف و تذعن و اما ان تحلف و هو يذعن فلم يفرض مخاصمة شرعية كي تصل النوبة الي اقامة البينة أو الحلف.

و لا يبعد ان ما افاده خلاف الظاهر فان الامام عليه السلام وظيفته بيان الحكم الشرعي و حمل كلامه علي الموضوع العادي خلاف الظاهر و اللّه العالم.

(1) اذ المفروض ان المعاملة باطلة لعدم تحقق الاجازة و الثمن ملك للمشتري فلا بد من رده اليه و هذا ظاهر و ربما يقال: انه لا يجب عليه رده بل الواجب التخلية

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 464

فاذا رجع المالك علي المشتري ببدل العين من المثل أو القيمة فليس للمشتري الرجوع علي البائع في مقدار الثمن المسمي (1) و يرجع في الزائد عليه اذا كان مغرورا (2).

______________________________

بين المال و مالكه بدعوي انه لا دليل علي وجوب الرد، بتقريب ان مجرد الامساك لا يكون تصرفا في العين كي يكون حراما و لذا لو أطارت الريح ثوب زيد الي دار جاره لا يكون بقائه في دار زيد تصرفا في الثوب فلا يكون حراما فلا يجب رد المقبوض بالعقد الفاسد الي مالكه فورا.

و الذي يختلج بالبال: أن يقال ان القابض قبض مال الغير بلا حق فلا يقاس بمورد اطارة الريح فان اطارة الريح امر خارج عن الاختيار. و أما في المقام فان المفروض انه بالاختيار قبض مال الغير فبمقتضي السيرة العقلائية لا بد من رده الي مالكه.

و أما الاستدلال علي وجوب الرد بعدم جواز التصرف في مال الغير فغير صحيح لان مجرد الامساك لا يكون تصرفا كما ان الاستدلال علي المدعي بقوله لا

يحل مال امرء مسلم الا عن طيب نفسه غير سديد لان الحلية و الحرمة لا يتعلقان بالاعيان الا مع تقدير فعل فيكون معناه عدم جواز التصرف فيه، و المفروض ان مجرد الامساك ليس تصرفا. و أما الاستدلال بقوله صلي اللّه عليه و آله «علي اليد ما اخذت حتي تؤديه» «1» ففيه ان السند ضعيف فلا تصل النوبة الي ملاحظة الدلالة، فلاحظ.

(1) اذ المفروض ان البائع الفضولي رد الثمن المسمي الي المشتري. و ان شئت قلت: ان المشتري قد التزم بالضمان بهذا المقدار و وضع يده علي مال الغير و قد فرض ان الثمن رد اليه فليس له الرجوع الي البائع في مقدار الثمن المسمي.

(2) تارة يكون المشتري مغرورا من قبل البائع، و اخري لا يكون مغرورا اما

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب الغصب الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 465

______________________________

في صورة عدم كونه مغرورا فلا موجب لرجوعه اليه اذ باختياره وضع يده علي مال الغير بلا وجه شرعي فيكون ضامنا علي طبق القاعدة فلا بد من خروجه من الضمان.

و اما اذا كان مغرورا فما يمكن أن يذكر في وجه رجوعه الي البائع امور:

الأول: قاعدة نفي الضرر بتقريب ان الضرر منهي في الشريعة المقدسة و المفروض ان المشتري وقع في الضرر من ناحية البائع فله الرجوع علي طبق قاعدة نفي الضرر. و فيه: اولا ان قاعدة الضرر نافية لا مثبتة. و ثانيا: ان الضرر المتوجه الي المشتري معارض بالضرر المتوجه الي البائع و نسبة القاعدة الي كليهما نسبة واحدة فلا وجه للترجيح. و ثالثا: ان المستفاد من القاعدة النهي لا النفي.

الثاني: قاعدة التسبيب بتقريب ان البائع سبب للضمان و السبب اقوي من المباشر.

و فيه: ان

هذه القاعدة ليست تحت دليل شرعي بل في ظرف الصدق يدخل تحت قاعدة الاتلاف كما لو فتح باب قفس الطير فطار الحيوان فانه يصدق علي الفاتح انه اتلف الحيوان ففي كل مورد صدق عنوان الموضوع علي السبب يترتب عليه حكمه و الا فلا و من الظاهر انه لا يصدق في المقام ان البائع اتلف العين.

الثالث: قاعدة الغرور فان المعروف عند القوم ان المغرور يرجع الي من غره، و ربما يدعي ان مفاد هذه القاعدة يستفاد من جملة من النصوص:

منها ما ورد في شهادة الزور لاحظ ما رواه جميل بن دراج، عمن اخبره، عن احدهما عليهما السلام قال في الشهود اذا رجعوا عن شهادتهم و قد قضي علي الرجل: ضمنوا ما شهدوا به و غرموا، و ان لم يكن قضي طرحت شهادتهم و لم يغرموا الشهود شيئا «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب الشهادات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 466

______________________________

و منها ما رواه محمد بن مسلم، عن ابي عبد اللّه عليه السلام في شاهد الزور ما توبته؟ قال: يؤدي من المال الذي شهد عليه بقدر ما ذهب من ماله ان كان النصف او الثلث ان كان شهد هذا و آخر معه «1».

و منها ما رواه ابن محبوب عن بعض اصحابه عن ابي عبد اللّه عليه السلام في اربعة شهدوا علي رجل محصن بالزنا ثم رجع احدهم بعد ما قتل الرجل قال: ان قال الرابع [الراجع]، او همت ضرب الحد و اغرم الدية و ان قال: تعمدت قتل «2».

و منها ما رواه ابراهيم بن عبد الحميد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في شاهدين شهدا علي امرأة بأن زوجها طلقها، فتزوجت، ثم جاء زوجها فأنكر الطلاق،

قال:

يضربان الحد و يضمنان الصداق للزوج ثم تعتد، ثم ترجع الي زوجها الأول «3».

فان المستفاد منها ان شاهد الزور يغرم. و فيه انه حكم وارد في مورد خاص و لا وجه للتعدي عن مورده الي غيره.

و منها: النصوص الواردة في التدليس في باب النكاح و من تلك النصوص ما رواه الوليد بن صبيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل تزوج امرأة حرة فوجدها امة قد دلست نفسها له قال: ان كان الذي زوجها اياه من غير مواليها فالنكاح فاسد. قلت: فكيف يصنع بالمهر الذي اخذت منه؟ قال: ان وجد مما اعطاها شيئا فليأخذه، و ان لم يجد شيئا فلا شي ء له و ان كان زوجها اياه ولي لها ارتجع علي وليها بما اخذت منه لمواليها عليه عشر ثمنها ان كانت بكرا، و ان كانت غير

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الشهادات الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب الشهادات الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب الشهادات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 467

______________________________

بكر فنصف عشر قيمتها بما استحل من فرجها، قال: و تعتد منه عدة الامة قلت:

فان جاءت منه بولد؟ قال: اولادها منه احرار اذا كان النكاح بغير اذن الموالي «1».

و هذه الرواية واردة في مورد خاص و لا يستفاد منها الحكم الكلي و لا مجال لاستفادة المدعي من كلمة «اخذت منه» اذ ما دام لم يؤخذ لا وجه للرجوع فعنوان الاخذ موضوع لجواز الرجوع و ملخص الكلام: ان الرواية لا تدل علي الكبري الكلية.

و منها: ما رواه اسماعيل بن جابر قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نظر الي امرأة فاعجبته فسأل عنها فقيل: هي ابنة فلان، فاتي أباها

فقال، زوجني ابنتك، فزوجه غيرها فولدت منه فعلم بها بعد انها غير ابنته، و انها امة، قال: ترد الوليدة علي مواليها و الولد للرجل و علي الذي زوجه قيمة ثمن الولد يعطيه موالي الوليدة كما غر الرجل و خدعه «2».

بتقريب ان المستفاد من الرواية أن التغرير و الخدعة يوجبان الضمان و الحديث ضعيف سندا، مضافا الي أنه لا يستفاد منه المدعي بل المستفاد منه حكم خاص في مورده لكن الانصاف: انه لا يبعد استفادة الكلية من الحديث فالعمدة الاشكال في السند.

و منها: ما رواه رفاعة بن موسي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام «الي أن قال:» و سألته عن البرصاء فقال: قضي امير المؤمنين عليه السلام في امرأة زوجها وليها و هي برصاء ان لها المهر بما استحل من فرجها، و ان المهر علي الذي زوجها، و انما صار عليه المهر لأنه دلسها و لو ان رجلا تزوج امرأة و زوجه اياها رجل

______________________________

(1) الوسائل الباب 67 من أبواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب العيوب و التدليس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 468

و اذا رجع المالك علي البائع رجع البائع علي المشتري بمقدار الثمن المسمي اذا لم يكن قد قبض الثمن (1) و لا يرجع في الزائد عليه اذا كان غارا (2) و اذا رجع المالك علي المشتري ببدل نماء العين من الصوف و اللبن و نحوهما، أو بدل المنافع المستوفاة أو غير ذلك، فان كان المشتري مغرورا من قبل البائع، بأن كان جاهلا بأن البائع، فضولي، و كان البائع عالما فأخبره البائع بأنه مالك، أو ظهر له منه انه مالك رجع المشتري علي البائع بجميع الخسارات التي

خسرها

______________________________

لا يعرف دخيلة امرها لم يكن عليه شي ء و كان المهر يأخذه منها «1».

بتقريب انه يستفاد من عموم التعليل ان الغار ضامن و فيه: اولا ان اعتبار الحديث سندا اول الكلام فان في احد سنديه سهلا و أما السند الاخر ففيه ما فيه من الاشكال.

و أما من حيث الدلالة فغايته اثبات وجوب اداء الثمن علي كل غار، و اما ضمان الغار علي نحو الاطلاق فلا يستفاد من الرواية و ان ابيت عما ذكر نقول المستفاد من الرواية ان المدلس ضامن و ليس كل غار مدلسا. و أما الاستدلال علي المدعي بالإجماع فمشكل لان الاجماع علي فرض تحصيله ليس اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السلام نعم لا يبعد اثبات المدعي بالسيرة العقلائية الممضاة عند الشارع و اللّه العالم.

(1) قد ظهر وجهه مما تقدم فان المشتري أقدم علي الضمان بهذا المقدار و وضع يده علي مال الغير فبمقدار الثمن المسمي ضامن فللبائع أن يرجع اليه بهذا المقدار.

(2) اذ مع كونه غارا يكون قرار الضمان عليه فلا مجال له أن يرجع علي المشتري مع ان المشتري اذا رجع المالك عليه يرجع عليه كما مر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 469

للمالك (1)، و ان لم يكن مغرورا من البائع، كما اذا كان عالما بالحال، أو كان البائع أيضا جاهلا لم يرجع عليه بشي ء من الخسارات المذكورة (2) و اذا رجع المالك علي البائع ببدل النماءات، فان كان المشتري مغرورا من قبل البائع لم يرجع البائع علي المشتري (3) و ان لم يكن مغرورا من قبل البائع رجع البائع عليه في الخسارة التي خسرها للمالك (4) و كذا الحال

في جميع الموارد التي تعاقبت فيها الايدي العادية علي مال مالك فانه ان رجع المالك علي السابق رجع السابق علي اللاحق ان لم يكن مغرورا منه، و الا لم يرجع علي اللاحق، و ان رجع المالك علي اللاحق لم يرجع الي السابق، الا مع كونه مغرورا منه (5).

______________________________

(1) فان المغرور بمقتضي السيرة العقلائية يرجع الي الغار فكل خسارة تتوجه اليه من قبل غروره من ناحية الغار له أن يرجع الي من غره و خدعه.

(2) اذ مع عدم تحقق الغرور لا وجه لرجوعه الي البائع اذ المفروض ان قرار الضمان عليه.

(3) اذ لا مجال لرجوعه عليه مع فرض كونه غارا اياه.

(4) اذ قرار الضمان علي المشتري.

(5) و في المقام اشكالان احدهما، ان في تعاقب الايدي كيف يصح اشتغال ذمم متعددة مع فرض كون المال واحدا و يدل الواحد واحد.

ثانيهما: انه ما الوجه في أنه لو رجع المالك الي السابق يكون له الرجوع علي اللاحق، و أما اذا رجع المالك علي اللاحق لا يكون له الرجوع علي السابق الا في صورة الغرور فان المغرور يرجع علي الغار و الغار لا يرجع علي المغرور فيقع الكلام في موضعين:

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 470

______________________________

أما الموضع الاول: فنقول يمكن أن يقال ان الضامن في باب تعاقب الايدي هو الكلي الجامع بين الأفراد نظير الوجوب الكفائي فكما ان المكلف الجامع بين الافراد و ليس التكليف متوجها الي كل واحد كذلك الضامن في باب تعاقب الايدي هو الجامع فنعبر عنه بالضمان الكفائي و لا نري فيه اشكالا.

و أما الموضع الثاني: و هو الاشكال في وجه رجوع السابق الي اللاحق حتي في صورة التلف لا الاتلاف و عدم رجوع اللاحق الي السابق مع

وضع كل واحد من السابق و اللاحق يده علي العين و تحقق سبب الضمان بالنسبة الي كل واحد منهما فنقول قد ذكر في وجه الفرق امور:

الاول: ما عن السيد اليزدي قدس سره و حاصله انه لا فرق بين الاتلاف و التلف اذ كما في فرض الاتلاف صار اللاحق سببا لتبدل الضمان بالبدل اذ لو لم يتلف المال و ارجعه الي مالكه لم يتحقق الضمان بالنسبة الي السابق كذلك التلف فانه لو لم يحبس المال و ارجعه الي المالك لم يحدث الضمان بالبدل بواسطة التلف و حيث ان الاتلاف يوجب جواز الرجوع كذلك التلف يوجبه.

و اورد فيه اولا بأن جواز الرجوع في صورة الاتلاف اول الكلام لان موجب الضمان حاصل بالنسبة الي السابق و هو وضع اليد علي مال الغير فالضمان حاصل بالنسبة الي كليهما غاية ما في الباب ان اللاحق باتلافه اوجب الضمان و كون التسبيب موجبا للضمان اول الكلام و الاشكال.

و ثانيا: فرضنا تمامية المدعي في صورة الاتلاف لكن لا وجه لقياس التلف علي الاتلاف فان السابق في صورة الاتلاف له أن يقول لمن بعده لما ذا اتلفت المال و صرت سببا للضمان و أما في صورة التلف فلم يصدر من اللاحق فعل اختياري كي يعترض عليه و مجرد وضع اليد أمر مشترك بينهما كما ان الحبس عن المالك

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 471

______________________________

و عدم ايصاله اليه مشترك فيه فلا ترجيح.

الثاني: ما عن الشيخ الاعظم قدس سره و حاصله الفرق بين الضامن الاول و غيره من حيث ان الضامن الاول بوضع يده علي المال تنتقل الي ذمته العين بالقاء الخصوصيات الشخصية فهو ضامن للعين وحدها و اما الضامن الثاني فهو ضامن للعين التي لها

بدل فاذا رجع المالك الي الاول و اخذ منه بدل ماله سقط احد الفردين نظير سقوط الوجوب التخييري بعد الاتيان باحد فرديه.

و بعبارة اخري: تسقط العين عن ذمة اللاحق اذ المفروض وصول ماله اليه فلا مجال لبقاء الضمان لكن يبقي بدله في ذمته و يصير مملوكا للسابق فيكون للسابق الرجوع علي اللاحق لكن بعد رجوع المالك اليه و دفعه المال الي صاحبه.

و يرد عليه: اولا ان العين قبل التلف لا تعنون بكونها ذات بدل فلا مجال لهذا التقريب، و ان شئت قلت قبل التلف تكون نسبة العين الي الجميع علي حد سواء.

و ثانيا: ان لازم ما ذكر أن يكون الضامن اللاحق ضامنا للمالك باحد امرين من العين و البدل لا ضامنا للضامن الاول فان العين في ذمة الضامن الاول ملك للمالك فبدلها أيضا ملك له لا للضامن الاول و ثالثا: انه علي هذا لو فرض رجوع العين الي السابق و تلفت في يده يجوز رجوع السابق أيضا الي اللاحق و الحال ان الامر بالعكس.

ان قلت: في هذا الفرض يلزم أن يكون السابق لاحقا و اللاحق سابقا فلا يتوجه الاشكال قلت، اليد الثانية لا توجب الضمان اذا المفروض ان ضمانها باقية بحاله و لم يرتفع بعد و رابعا: ان لازم ما ذكر جواز رجوع السابق الي اللاحق قبل دفع البدل الي المالك و هو كما تري.

الثالث: ما افاده سيدنا الاستاد و هو ان الضمان كفائي فاذا دفع السابق البدل الي المالك، يملك التالف بالمعاوضة القهرية بالسيرة العقلائية و الشاهد لها امران

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 472

و كذا الحكم في المال غير المملوك كالزكاة المعزولة، و مال الوقف المجعول مصرفا في جهة معينة أو غير معينة، أو

في مصلحة شخص أو اشخاص فان الولي يرجع علي ذي اليد عليه مع وجوده، و مع تلفه علي النهج المذكور (1).

[مسألة 20: لو باع إنسان ملكه و ملك غيره صفقة واحدة]

(مسألة 20): لو باع انسان ملكه و ملك غيره صفقة واحدة

______________________________

احدهما: انه اذا فرضنا ان احدا أتلف مال الغير كما اذا قتل فرس الغير فادي الي المالك القيمة و خرج من الضمان لا يبقي للمالك حق بالنسبة الي مذبوح الحيوان بل يكون في حكم العقلاء ملكا للضامن بعد خروجه عن الضمان.

ثانيهما: انه اذا غصب شخص مال غيره و غصبه ثالث من الغاصب و القاه في البحر و الغاصب دفع مثل المغصوب أو قيمته الي المالك يكون ما القي في البحر ملكا للغاصب الاول في حكم العقلاء فالسابق بدفعه العوض الي المالك يملك التالف و لا مانع من اعتبار ملكيته بالنسبة الي التالف مع عدم اللغوية و وجود المصلحة في اعتبار الملكية.

فعلي هذا الاساس نقول السابق له حق الرجوع الي اللاحق لوقوع مملوكه في يده فضمانه بالنسبة الي السابق علي طبق القاعدة و أما اللاحق فلا مقتضي لرجوعه الي السابق اذ السابق لم يضع يده علي ماله و أما اللاحق فقد وضع يده علي مملوك السابق، فانقدح بما ذكر وجه التفريق بين السابق و اللاحق، فلاحظ.

(1) فان حكم الامثال واحد و لا فرق فيما ذكر بين الموارد غاية الامر في الملك الشخصي المالك يرجع الي من وضع يده علي المال و في مثل المال الموقوف و الزكاة و امثالهما يكون الامر راجعا الي المتولي أو الحاكم.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 473

صح البيع فيما يملك (1).

______________________________

(1) ادعي الاجماع علي صحة البيع بالنسبة الي مملوكه و لو مع عدم اجازة المالك الاخر أو الالتزام بفساد الفضولي و

قد ذكر في وجه عدم الصحة امران احدهما: ان ما قصد لم يقع و ما وقع لم يقصد، لان البائع قصد بيع المجموع.

و اجيب عن هذا الاشكال بأن البيع و ان كان واحدا صورة و لكن بحسب التحليل ينحل الي بيوع متعددة و يمكن أن يقال: انه علي هذا الاساس يلزم تحقق الخيار بعدد البيوع الواقعة و بعبارة اخري: لو باع زيد داره من عمر و صدرت منه بيوع عديدة و بعدد كل واحد من هذه البيوع يثبت خيار المجلس فلكل واحد من الطرفين اعمال الخيار بالنسبة الي بعض هذه البيوع و ابقائه بالنسبة الي البعض الاخر، و هل يمكن الالتزام به؟ مضافا الي أن مرجع ما ذكر الي تحقق بيوع عديدة الي ما شاء اللّه سيما مع الالتزام باستحالة الجزء الذي لا يتجزأ.

ثانيهما: انه مستلزم للجهل بما يقع من الثمن في مقابل ماله و هو يوجب الفساد و فيه اولا: ان هذا الاشكال غير وارد في مورد يكون ما يقع في مقابله معلوما و ثانيا:

مجرد الجهل لا يوجب الفساد الا مع استلزامه الغرر و أما مع عدم الغرر فلا وجه لكون الجهل موجبا للبطلان خصوصا مع قيام الاجماع علي الصحة علي ما ادعي هذا بحسب القاعدة.

و في المقام رواية لا يبعد أن يستفاد منها جواز البيع بالنسبة الي ما يملك كما هو المدعي لاحظ ما رواه الصفار انه كتب الي أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام في رجل له قطاع ارضين (الارض) فيحضره الخروج الي مكة و القرية علي مراحل من منزله و لم يكن له من المقام ما يأتي بحدود أرضه و عرف حدود القرية الاربعة فقال للشهود: اشهدوا أني قد

بعت فلانا يعني المشتري جميع القرية التي حد منها كذا و الثاني و الثالث و الرابع و انما له في هذه القرية قطاع

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 474

و توقفت صحة بيع غيره علي اجازة المالك، فان اجازه صح، و الا فلا (1) و حينئذ يكون للمشتري خيار تبعض الصفقة، فله فسخ البيع بالاضافة الي ما يملكه البائع (2).

[مسألة 21: طريق معرفة حصة كل واحد منهما من الثمن]

(مسألة 21): طريق معرفة حصة كل واحد منهما من الثمن: أن يقوم كل من المالين بقيمته السوقية، فيرجع المشتري بحصته من الثمن نسبتها الي الثمن نسبة قيمة مال غير البائع الي مجموع القيمتين، فاذا كان قيمة ماله عشرة و قيمة مال غيره خمسة، و الثمن ثلاثة يرجع المشتري بواحد الذي هو ثلث الثمن، و يبقي للبائع اثنان، و هما

______________________________

ارضين فهل يصلح للمشتري ذلك و انما له بعض هذه القرية و قد أقر له بكلها فوقع عليه السّلام: لا يجوز بيع ما ليس يملك و قد وجب الشراء من البائع علي ما يملك «1» فانه عليه السّلام وقع لا يجوز بيع ما ليس يملك و قد وجب الشراء من المالك علي ما يملك و مع هذه الرواية لا يبقي مجال للإشكال فلاحظ. بقي شي ء: و هو انه لو قلنا بعدم صحة البيع في المقدار المملوك و قطعنا النظر عن النص الخاص فهل يفرق بين صورة الاجازة و بين صورة عدمها بالالتزام بالصحة في الاولي و عدمها في الثانية؟ الذي يختلج بالبال أن يقال لا فرق بين الصورتين اذ علي تقدير القول بالبطلان يقع العقد باطلا و لا موجب لصحته بعده. و بعبارة واضحة: انه لو قلنا بأن مقضي تبعية العقود للقصود بطلان البيع بالنسبة الي مقدار المملوك يقع

البيع فاسدا و لا مصحح له بعده.

(1) علي ما هو المقرر من صحة الفضولي بالاجازة.

(2) بمقتضي الشرط الاتكازي الضمني فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب عقد البيع و شروطه

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 475

ثلثا الثمن، هذا اذا لم يكن للاجتماع دخل في زيادة القيمة و نقصها أما لو كان الامر كذلك وجب تقويم كل منهما في حال الانضمام الي الاخر، ثم تنسب قيمة كل واحد منهما الي مجموع القيمتين، فيؤخذ من الثمن بتلك النسبة، مثلا اذا باع الجارية و ابنتها بخمسة، و كانت قيمة الجارية في حال الانفراد ستة، و في حال الانضمام أربعة، و قيمة ابنتها بالعكس فمجموع القيمتين عشرة، فان كانت الجارية لغير البائع رجع المشتري بخمسين، و هما اثنان من الثمن، و بقي للبائع ثلاثة أخماس، و ان كانت البنت لغير البائع رجع المشتري بثلاثة أخماس الثمن، و هو ثلاثة و بقي للبائع اثنان (1).

[مسألة 22: إذا كانت الدار مشتركة بين شخصين علي السوية فباع أحدهما نصف الدار]

(مسألة 22): اذا كانت الدار مشتركة بين شخصين علي السوية فباع أحدهما نصف الدار، فان قامت القرينة علي أن المراد نصف نفسه، أو نصف غيره، أو نصف في النصفين عمل علي القرينة، و ان لم تقم القرينة علي الشي ء حمل علي نصف نفسه لا غير (2).

______________________________

(1) الظاهر ان ما أفاده تام و لا ينتقض القاعدة في فرد من افرادها. و صفوة القول: ان وصف الانضمام ربما لا يوجب تغيرا في قيمة الحصة و اخري يوجب فالطريق الأول المذكور في المتن للصورة الاولي و الثاني للثانية.

و يمكن أن يقال: ان الطريق الثاني يوجب معرفة الحصة في كل مورد بخلاف الطريق الأول فلنا أن نقول طريق المعرفة علي نحو الكبري الكلية السارية في جميع الموارد هو الطريق الثاني فلاحظ.

(2)

يتصور ذلك علي صور ثلاث: لأنه تارة يقصد نصفه المختص به أو حصة

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 476

______________________________

غيره أو بيع نصف المجموع و هذا لا كلام فيه و اخري يقصد بيع النصف بما له من المفهوم عرفا فيقع الكلام في أن المفهوم منه نصفه المختص أو المشترك بعد الفراغ عن عدم ظهور اللفظ في بيع نصف شريكه و ثالثة: لا يعلم انه قصد ايا منهما من الصورة الاولي و الثانية و الظاهر جريان البحث في هذه الصورة أيضا لأن الظهور العرفي حجة ما دام لم يقم قرينة علي خلافه فلا ينحصر البحث بالتقدير الثاني.

اذا عرفت ما تقدم نقول: لو قلنا بأن لفظ النصف ظاهر في النصف المشاع بين الشريكين فربما يقال هذا الظهور يعارضه ان الانشاء ظاهر في الانشاء عن نفسه كما أن التصرف ظاهر في التصرف ظاهر في مال نفسه فيقع التعارض بين ذلك الظهور و هذين الظهورين.

و اجيب عن هذه المعارضة بأنه لو سلمنا ظهور النصف في المشاع بين الطرفين لا يعارضه الظهوران الآخران أما ظهور الانشاء في الانشاء من قبل نفسه فهو ممنوع فيما يكون المال معينا في الخارج. نعم اذا كان الثمن أو المثمن كليا كان هذا الظهور ثابتا فلو قال البائع بعتك هذا بدينار و قال المشتري قبلت، و بعد ذلك ادعي انه قبل من قبل الغير لا يسمع قوله لأن إنشائه ظاهر في الانشاء عن نفسه و أما في المعين فلا مجال لهذا الظهور و لا موضوع له.

و أما ظهور التصرف في مال نفسه لا مال الغير فمسلم لكن هذا الظهور لا يقاوم ظهور المتعلق في الاشاعة فعلي هذا الاساس يكون البيع واقعا علي النصف المشاع بين الطرفين، لكن

الاشكال في أصل المبني و هو ظهور لفظ النصف في النصف المشاع بين الطرفين و لا وجه له لا من ناحية الوضع و لا من ناحية الانصراف.

نعم لا اشكال في انصراف النصف الي المشاع لأن ارادة النصف المعين كالواقع في الغرب أو الشرق يحتاج الي مؤنة زائدة و مقتضي الاطلاق و عدم قيام قرينة

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 477

[مسألة 23: يجوز للأب و الجد للأب و إن علا التصرف في مال الصغير بالبيع و الشراء]

(مسألة 23): يجوز للأب و الجد للأب و ان علا التصرف في مال الصغير بالبيع و الشراء (1)،

______________________________

الانصراف الي المشاع بلا تقيده بأي قيد و اما كونه مملوكا لشخص أو شخصين فهو خارج عن تحت المفهوم كبقية الخصوصيات فعلي هذا يمكن الأخذ بظهور التصرف في مال نفسه اذ المتعلق مجمل و يرتفع اجماله بظهور التصرف في مال النفس نظير قوله بعتك غانما و يكون الغانم مشتركا بين عبده و عبد غيره فان ظهور التصرف يرفع اجمال المتعلق و نلتزم بأن المبيع عبده لا عبد غيره فعلي هذا لو باع نصف الدار يحمل قوله علي بيع نصفه المختص به لظهور البيع في التصرف في مال نفسه الرافع لا جمال لفظ النصف المتعلق لبيعه.

(1) قال الشيخ الاعظم (قدس سره): «يجوز للأب و الجد ان يتصرفا في مال الطفل بالبيع و الشراء و يدل عليه قبل الاجماع الاخبار المستفيضة المصرحة في موارد كثيرة» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و عن الجواهر: «دعوي الاجماع عليه بقسميه، و عن غير واحد من الكتب دعوي الاجماع عليه، فنقول ما يمكن أن يذكر في مستند الحكم وجوه:

الوجه الأول: الاجماع، و فيه: ان الاجماع المنقول لا يكون حجة و المحصل منه علي فرض تحققه محتمل المدرك فلا يكون اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي

المعصوم.

الوجه الثاني: الاخبار و هي علي طوائف: الطائفة الاولي ما يدل علي أن الولد و ماله لوالده منها ما رواه سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

الرجل يحج من مال ابنه و هو صغير؟ قال: نعم يحج منه حجة الإسلام، قلت:

و ينفق منه؟ قال: نعم، ثم قال: ان مال الولد لوالده، ان رجلا اختصم هو و والده الي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم، فقضي ان المال و الولد للوالد «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 36 من ابواب وجوب الحج و شرائطه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 478

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يحتاج الي مال ابنه، قال: يأكل منه ما شاء من غير سرف، و قال: في كتاب علي عليه السّلام ان الولد لا يأخذ من مال والده شيئا الا باذنه و الوالد يأخذ من مال ابنه ما شاء و له أن يقع علي جارية ابنه اذا لم يكن الابن وقع عليها، و ذكر أن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم قال لرجل انت و مالك لأبيك «1».

و منها: ما رواه ابو حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السّلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم قال لرجل: انت و مالك لأبيك، ثم قال ابو جعفر عليه السّلام: ما احب «لا تحب خ ل» ان يأخذ من مال ابنه الا ما احتاج اليه مما لا بد منه ان اللّه لٰا يُحِبُّ الْفَسٰادَ «2».

و منها: ما رواه سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أ يحج الرجل من مال ابنه و

هو صغير؟ قال: نعم، قلت: يحج حجة الإسلام و ينفق منه؟

قال: نعم بالمعروف، ثم قال: نعم يحج منه و ينفق منه ان مال الولد للوالد، و ليس للولد ان يأخذ من مال والده الا باذنه «3».

و منها: ما رواه محمد بن سنان، ان الرضا عليه السّلام كتب اليه فيما كتب من جواب مسائله: و علة تحليل مال الولد لوالده بغير اذنه و ليس ذلك للولد لان الولد موهوب للوالد في قوله عز و جل «يَهَبُ لِمَنْ يَشٰاءُ إِنٰاثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشٰاءُ الذُّكُورَ» مع انه المأخوذ بمئونته صغيرا و كبيرا، و المنسوب اليه و المدعو له لقوله عز و جل «ادْعُوهُمْ لِآبٰائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللّٰهِ» و لقول النّبيّ صلي اللّه عليه و آله

______________________________

(1) الوسائل الباب 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 479

______________________________

و سلم: «انت و مالك لأبيك» و ليس للوالدة مثل ذلك، لا تأخذ من ماله شيئا الا باذنه أو باذن الأب و لان الوالد مأخوذ بنفقة الولد، و لا تؤخذ المرأة بنفقة ولدها «1».

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال: اني لذات يوم عند زياد بن عبد اللّه اذا جاء رجل يستعدي علي ابيه فقال: اصلح اللّه الامير ان ابي زوج ابنتي بغير اذني. فقال زياد لجلسائه الذين عنده: ما تقولون فيما يقول هذا الرجل؟ فقالوا: نكاحه باطل، قال: ثم اقبل علي فقال: ما تقول يا ابا عبد اللّه فلما سألني اقبلت علي الذين اجابوه، فقلت لهم: أ ليس فيما تروون انتم عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم

ان رجلا جاء يستعديه علي ابيه في مثل هذا، فقال له رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: انت و مالك لأبيك؟ قالوا: بلي، فقلت لهم: فكيف يكون هذا و هو و ماله لأبيه و لا يجوز نكاحه؟ قال: فأخذ بقولهم و ترك قولي «2».

و تقريب الاستدلال بهذه الطائفة نحو ان احدهما: ان المستفاد منها ان مال الولد ملك لوالده و لا اشكال في جواز تصرف الانسان في مملوكه و الناس مسلطون علي اموالهم.

ثانيهما: أن تكون هذه الطائفة حاكمة علي ادلة عدم جواز التصرف في مال الغير و نتيجة الحكومة في المقام التوسعة، و علي كلا التقديرين يجوز للوالد ان يتصرف في مال ولده.

و يرد عليه اولا: ان المستفاد من جملة من هذه النصوص جواز التصرف في مال الولد و لو كان بالغا رشيدا و لا يلتزم المدعي بهذا للازم. و بعبارة اخري: الكلام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب عقد النكاح الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 480

______________________________

في ولاية الأب و الجد في مال الصغير.

و ثانيا: ان المستفاد من هذه النصوص جواز التصرف في مال الولد لنفسه كيف اراد و الكلام في المقام في جواز التصرف الاعتباري في مال الصغير لأجله و له.

و ثالثا: يلزم الالتزام بجواز تعدد المالك مع كون المملوك واحدا علي التقريب الاول، و هذا و ان لم يكن محالا عقليا لكن لا يكون معهودا.

و رابعا: المستفاد من هذه الطائفة ان الولد مملوك لوالده و هذا خلاف ضرورة الفقه بل خلاف ضرورة المذهب بل خلاف ضرورة الإسلام.

و خامسا: ليس في النصوص المشار اليها ذكر من الجد الا ان يقال ان الاب و الوالد يطلقان علي الجد

و الابن و الولد يطلقان علي الحفيد و سادسا: انه تعارضها طائفة اخري من النصوص لاحظ ما رواه ابن سنان قال: سألته يعني ابا عبد اللّه عليه السّلام ما ذا يحل للوالد من مال ولده؟ قال: اما اذا انفق عليه ولده باحسن النفقة فليس له ان يأخذ من ماله شيئا، و ان كان لوالده جارية للولد فيها نصيب فليس له ان يطأها الا ان يقومها قيمة تصير لولده قيمتها عليه قال: و يعلن ذلك، قال: و سألته عن الوالد أ يرزأ من مال ولده شيئا؟ قال: نعم و لا يرزأ الولد من مال والده شيئا الا بإذنه، فان كان للرجل ولد صغار لهم جارية فاحب أن يقتضيها فليقومها علي نفسه قيمة، ثم ليصنع بها ما شاء ان شاء وطأ و ان شاء باع «1».

و منها: ما رواه علي بن جعفر، عن ابي ابراهيم عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يأكل من مال ولده؟ قال: لا الا أن يضطر اليه فيأكل منه بالمعروف و لا يصلح للولد أن يأخذ من مال والده شيئا الا باذن والده «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 78 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 481

______________________________

و منها: ما رواه حسين بن أبي العلاء قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام ما يحل للرجل من مال ولده؟ قال: قوته «قوت خ» بغير سرف اذا اضطر اليه، قال:

فقلت له: فقول رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم للرجل الذي اتاه فقدم اباه فقال له: انت و مالك لأبيك، فقال: انما جاء بابيه الي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم فقال: يا رسول اللّه هذا

أبي و قد ظلمني ميراثي عن أمي فاخبره الاب انه قد انفقه عليه و علي نفسه، و قال: انت و مالك لأبيك، و لم يكن عند الرجل شي ء أو كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم يحبس الاب للابن «1»؟.

فانه يستفاد من هذه النصوص ان مال الابن لا يكون مملوكا للأب و الا كيف يمكن أن يكون تصرفه في مملوكه مشروطا بالاحتياج و الاضطرار و سابعا: ان جواز تصرف الاب في مال الابن كيف ما يشاء باطل قطعا و لا اشكال في عدمه فلاحظ.

الطائفة الثانية: ما يدل علي جواز تقويم الاب جارية الابن أو البنت و وطئها اذا لم يكن الابن وطأها و من تلك الطائفة ما رواه ابن سنان «2».

و منها: ما رواه حسن بن محبوب قال: كتبت الي أبي الحسن الرضا عليه السّلام اني كنت وهبت لابنة لي جارية حيث زوجتها فلم تزل عندها و في بيت زوجها حتي مات زوجها، فرجعت إلي هي و الجارية أ فيحل لي أن اطأ الجارية؟ قال: قومها قيمة عادلة و اشهد علي ذلك ثم ان شئت فطأها «3».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار. عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الوالد يحل له من مال ولده اذ احتاج اليه؟ قال: نعم، و ان كان له جارية

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) لاحظ ص: 480

(3) الوسائل الباب 79 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 482

______________________________

فاراد أن ينكحها قومها علي نفسه و يعلن ذلك قال: و ان كان للرجل جارية فابوه أملك بها ان يقع عليها ما لم يمسها الابن «1».

بتقريب ان المستفاد من هذه النصوص جواز بيع

جارية الابن، فاذا جاز بيع الجارية يجوز بيع غيرها من الاموال بالاولوية.

و فيه: اولا لا ذكر للجد في هذه الروايات، و الكلام في ولاية الاب و الجد، فتأمل و ثانيا: مقتضي هذه النصوص عدم الفرق بين الصغير و الكبير و الكلام في المقام في التصرف في مال الصغير و ثالثا: ان المستفاد من هذه الطائفة جواز تصرفه في ماله لأجل نفسه لا المعاملة لأجل الابن فعلي تقدير القول به يختص الحكم بمورده.

و رابعا: لا مجال لتقريب الاولوية اذ يمكن ان الشارع الاقدس سهل الامر فيما يرجع الي النكاح لينسد باب الفساد فلا وجه لقياس الموارد الاخر عليه.

الطائفة الثالثة: ما يدل علي ان الاب يجوز له نكاح ابنه و بنته:

منها: ما رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الصبية يزوجها ابوها ثم يموت و هي صغيرة فتكبر قبل أن يدخل بها زوجها يجوز عليها التزويج أو الامر اليها؟ قال: يجوز عليها تزويج ابيها «2».

و منها: ما رواه ابن الصلت قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الجارية الصغيرة يزوجها أبوها لها امر اذا بلغت؟ قال: لا ليس لها مع ابيها امر قال:

و سألته عن البكر اذا بلغت مبلغ النساء أ لها مع ابيها امر؟ قال: ليس لها مع ابيها امر ما لم تكبر «تثيب خ ل» «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 483

______________________________

و منها: ما رواه الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: اذا زوج الرجل ابنه فذاك الي ابنه «ابيه خ ل» و

اذا زوج الابنة جاز «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الصبي يزوج الصبية، قال: ان كان ابواهما اللذان زوجاهما فنعم جائز، و لكن لهما الخيار اذا ادركا فان رضيا بعد ذلك فان المهر علي الاب قلت له: فهل يجوز طلاق الاب علي ابنه في صغره؟ قال: لا «2».

بتقريب ان المستفاد من هذه الطائفة ان الاب له الولاية علي تزويج ابنه و بنته فاذا ثبت الولاية في النكاح يثبت في البيع بالاولوية و فيه: منع الاولوية كما تقدم.

الطائفة الرابعة: ما يدل علي جواز وصية الاب بمال الولد بأن يضارب فيه، و الحديث الوارد في الباب حديثان الاول: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انه سئل عن رجل أوصي الي رجل بولده و بمال لهم و اذن له عند الوصية أن يعمل بالمال، و أن يكون الربح بينه و بينهم، فقال: لا بأس به من اجل ان اباه قد اذن له في ذلك و هو حي «3».

الثاني: ما رواه خالد «ابن بكير خ» الطويل قال: دعاني ابي حين حضرته الوفاة فقال: يا بني اقبض مال اخوتك الصغار و اعمل به، و خذ نصف الربح و اعطهم النصف، و ليس عليك ضمان، فقدمتني أم ولد أبي بعد وفاة أبي الي ابن ليلي، فقالت: ان هذا يأكل أموال ولدي، قال: فاقتصصت عليه ما أمرني به ابي، فقال لي ابن ابي ليلي ان كان ابوك امرك بالباطل لم اجزه، ثم اشهد علي ابن ابي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) الوسائل الباب 92 من ابواب الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 484

______________________________

ليلي ان انا

حركته فأنا له ضامن، فدخلت علي ابي عبد اللّه عليه السلام فقصصت عليه قصتي، ثم قلت له: ما تري؟ فقال: اما قول ابن ابي ليلي فلا استطيع رده، و اما فيما بينك و بين اللّه عز و جل فليس عليك ضمان «1».

و يستفاد من الحديث الاول جواز التصرف علي الاطلاق لقوله عليه السّلام «لا بأس به من اجل ان اباه قد اذن له في ذلك و هو حي»، فانه يستفاد من هذه الجملة ان تصرف الاب نافذ في مال الولد.

و لكن الاشكال من حيث السند، فان الحديث ضعيف بحسن بن علي بن يوسف او يونس، و الحديث الثاني ضعيف بخالد فالنتيجه انه لا يمكن اثبات المدعي بهذا الوجه.

الطائفة الخامسة: النصوص الواردة في بعض الموارد كالنصوص الواردة في الوصية بمال الصبي و جعله قيما عليه لاحظ ما رواه ابن رئاب قال: سألت ابا الحسن موسي عليه السّلام عن رجل بيني و بينه قرابة مات و ترك اولاد اصغارا، و ترك مماليك غلمانا و جواري و لم يوص فما تري فيمن يشتري منهم الجارية فيتخذها أم ولد؟ و ما تري في بيعهم؟ قال: فقال: ان كان لهم ولي يقوم بامرهم باع عليهم و نظر لهم و كان مأجورا فيهم، قلت: ما تري فيمن يشتري منهم الجارية فيتخذها أم ولد؟ فقال: لا بأس بذلك اذا باع عليهم القيم لهم الناظر فيما يصلحهم، فليس لهم ان يرجعوا فيما صنع القيم لهم الناظر فيما يصلحهم «2».

فانه يستفاد من هذه الرواية ان الأب اذا اوصي الي احد في مال ولده ينفذ و يكون الوصي مقدما علي غيره فاذا كانت وصيته نافذة بعد وفاته يكون تصرفه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب

15 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 485

______________________________

حال حياته اولي بالنفوذ و الجواز فلاحظ.

و ما رواه اسماعيل بن سعد الاشعري قال: سألت الرضا عليه السّلام عن رجل مات بغير وصية و ترك اولاد اذكر انا غلمانا صغارا و ترك جواري و مماليك هل يستقيم ان تباع الجواري؟ قال نعم، و عن الرجل يموت بغير وصية و له ولد صغار و كبار أ يحل شراء شي ء من خدمه و متاعه من غير ان يتولي القاضي بيع ذلك، فان تولاه قاض قد تراضوا به و لم يستعمله الخليفة أ يطيب الشراء منه أم لا؟ فقال: اذا كان الاكابر من ولده معه في البيع فلا بأس اذا رضي الورثة بالبيع، و قام عدل في ذلك «1».

و ما رواه محمد بن اسماعيل بزيع قال: مات رجل من اصحابنا و لم يوص فرفع امره الي قاضي الكوفة فصير عبد الحميد القيم بماله، و كان الرجل خلف ورثة صغارا و متاعا و جواري، فباع عبد الحميد المتاع، فلما اراد بيع الجواري ضعف قلبه عن بيعهن اذ لم يكن الميت صير اليه وصيته، و كان قيامه فيها بأمر القاضي لأنهن فروج، قال: فذكرت ذلك لأبي جعفر عليه السّلام و قلت له: يموت الرجل من اصحابنا و لا يوصي الي احد، و يخلف جواري فيقيم القاضي رجلا منا فيبيعهن، او قال: يقوم بذلك رجل منا فيضعف قلبه لأنهن فروج، فما تري في ذلك؟ قال: فقال: اذا كان القيم به مثلك «او: يب» و مثل عبد الحميد فلا بأس «2».

و تقريب الاستدلال هو التقريب و الانصاف انه لا قصور في دلالة هذه الطائفة علي المدعي اذ كيف يمكن

ان يقال انه يجوز جعل القيم بعد الوفاة و يجوز تصرف الوصي من قبله و لا يجوز تصرفه حال حياته مضافا الي انه لا يبعد ان يقال: ان

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 486

______________________________

ولاية الأب و الجد علي مال الصغير مما لا اشكال فيها عند القوم.

و بعبارة اخري: الجواز متسالم عليه عند الأصحاب، اضف الي ذلك السيرة الجارية بين العقلاء علي تصرف الأب في مال ولده الصغير و هذه السيرة مستمرة الي زمان المعصوم عليه السّلام و لم يردع عنها الشارع الاقدس، اذ علي فرض ردعه كان مبانا و ظاهرا فتكون ممضاة.

ان قلت: السيرة المدعاة مردوعة بقوله تعالي: «لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ» الاية «1» و بما دل علي عدم جواز بيع مال الغير «2»، فان مقتضي الاية بطلان كل معاملة الا ما يكون مع المالك فتجارة الأب في مال الولد غير صحيحة كما ان مقتضي اطلاق عدم جواز بيع مال الغير عدم جواز بيع الأب مال الابن.

قلت: بعد فرض استقرار السيرة العقلائية علي جواز تصرف الأب في مال الابن لا يري العرف بيع الأب مال الابن تجارة عن غير تراض كما انهم لا يرون بيعه بيع مال الغير. و نظير المقام ما ذكرناه في الادلة الناهية عن العمل بغير العلم كقوله:

«لٰا تَقْفُ مٰا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ» «3» و «إِنَّ الظَّنَّ لٰا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً» * «4» و أمثالهما حيث ان هذه العمومات لا تكون رادعة عن العمل بقول الثقة المعمول به عند العقلاء بتقريب انهم يراه من انهاء الطرق العلمية، و ان ابيت عما ذكرنا نقول: لا اشكال في أن

الشارع الأقدس لم يردع عن السيرة مع كونها بمنظره و مسمعه. و بعبارة واضحة: لو كان تصرف الأب في مال الابن حراما لظهر و بان و شاع و ذاع فلاحظ.

______________________________

(1) النساء/ 34

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب عقد البيع الحديث: 2

(3) الاسراء/ 36

(4) يونس/ 36

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 487

و الاجارة و غيرها (1) و كل منهما مستقل في الولاية، فلا يعتبر الاذن من الاخر (2)،

______________________________

(1) لاشتراك الكل في وجوه الاستدلال، فلاحظ.

(2) عمدة الدليل علي ولاية الجد الاجماع و التسالم و لم يقيد الأصحاب ولاية الجد باذن الأب فلا اشتراط بالنسبة الي الجد و أما الأب فلا اشكال في عدم اشتراط ولايته باذن الجد.

و ربما يقال: يمكن أن يستفاد المدعي بالنسبة الي الجد من بعض النصوص الواردة في النكاح عند المزاحمة بين الجد و الأب:

منهما: ما رواه محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السّلام قال: اذا زوج الرجل ابنة ابنه فهو جائز علي ابنه، و لابنه أيضا أن يزوجها، فقلت: فان هوي أبوها رجلا وجدها رجلا فقال: الجد أولي بنكاحها «1».

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الجارية يريد أبوها أن يزوجها من رجل و يريد جدها أن يزوجها من رجل آخر فقال: الجد أولي بذلك ما لم يكن مضارا ان لم يكن الأب زوجها قبله، و يجوز عليها تزويج الأب و الجد «2».

و منها: ما رواه هشام بن سالم و محمد بن حكيم، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا زوج الأب و الجد كان التزويج للأول، فان كانا جميعا في حال واحدة فالجد أولي «3».

و منها: ما رواه فضل بن عبد الملك، عن أبي عبد

اللّه عليه السّلام قال: ان

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 488

______________________________

الجد اذا زوج ابنة ابنه و كان أبوها حيا و كان الجد مرضيا جاز، قلنا: فان هوي أبو الجارية هوي، و هوي الجد هوي و هما سواء في العدل و الرضا، قال: احب إلي أن ترضي بقول الجد «1».

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اذا زوج الرجل ابنة ابنه فهو جائز علي ابنه، قال: و لابنه أيضا ان يزوجها، فان هوي أبوها رجلا وجدها رجلا فالجد أولي بنكاحها «2».

و منها: ما رواه علي بن جعفر، عن أخيه موسي بن جعفر عليه السّلام قال:

سألته عن رجل أتاه رجلان يخطبان ابنته فهوي أن يزوج أحدهما و هوي أبوه الاخر أيهما أحق أن ينكح؟ قال: الذي هوي الجد أحق بالجارية لأنها و أباها للجد «3».

بتقريب انه يستفاد حكم المقام بالاولوية لان النكاح اهم فاذا قدم فعل الجد في ذلك الباب مع كونه اهم ففي غيره بطريق أولي و لا يبعد تمامية التقريب و لا يتوجه عليه ما قد مر منا من الاشكال في الاولوية اذ قد فرض في هذه النصوص ان كل واحد من الأب و الجد يريد خلاف ما اراده الاخر و مع ذلك حكم الشارع بتقديم الجد.

الا ان يقال: يمكن ان تقديم قول الجد بلحاظ تسهيل الأمر في النكاح كي لا يبقي معطلا عند المعارضة فلا بد من تقديم أحد الطرفين و رجح الشارع طرف الجد و لكن في غير النكاح يمكن أن تكون نتيجة المعارضة سقوط كلا الطرفين

و عدم ترجيح أحدهما علي الاخر فلا مجال لتقريب الاولوية، فلاحظ.

و لكن الانصاف ان الجزم بولاية الجد مع وجود الأب بحيث يكون لكل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 489

كما لا تعتبر العدالة في ولايتهما (1)،

______________________________

منهما علي نحو الاستقلال مشكل، قال في الحدائق «1» «المفهوم من كلام الأصحاب ان الولاية علي الصغير للأب ثم الجد له و ان علا علي الترتيب الأقرب فالأقرب للميت فان عدم الجميع فالوصي من جهة الأب ثم الوصي من جهة الجد علي الترتيب المتقدم ثم مع عدم جميع هؤلاء فالحاكم الشرعي»، الي آخر كلامه رفع في الفردوس مقامه.

كما ان التعدي من أب الأب الي جد الأب و ان علا محل الاشكال، قال في الجواهر «2» «و كيف كان ففي تعدي الحكم الي أب الجد و جد الجد و ان علا مع الأب نظر»، الي آخر كلامه رفع في الجنان مقامه.

(1) ما يمكن أن يذكر في مستند القول باشتراط العدالة وجوه: الوجه الأول:

الأصل، بتقريب ان مقتضي الاستصحاب عدم اعتبار الشارع الأقدس الأب وليا علي الطفل كما ان مقتضاه عدم تحقق النقل و الانتقال بمعاملة الأب.

و فيه: ان الأصل المذكور لا اشكال في تمامية أركانه لكن انما يتم لو لم يقم دليل علي تحقق ولايته و المفروض ان السيرة جارية علي ولاية الأب بلا تقيد بهذا القيد، و المدعي امضاء هذه السيرة.

الوجه الثاني: ان ولاية الفاسق ولاية علي من لا يقدر الدفاع عن نفسه، فيستحيل علي الشارع الحكيم أن يجعل الفاسق امينا يقبل اقراره و يجوز تصرفه و عقده. و يمكن أن يجاب عن هذا الاشكال أولا ان الفسق لا ينافي الامانة

اذ ربما يكون فاسقا و لا يكون خائنا في أموال الناس و اعراضهم.

و ثانيا: لا يستلزم الولاية وضع المال تحت يده بل يمكن جعل المال تحت

______________________________

(1) ج 18 ص: 322

(2) ج 26 ص: 102

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 490

______________________________

يد امين و يكون تصرف الأب نافذا. و ثالثا: انه متي ظهرت منه الخيانة يعز له الحاكم. و بعبارة اخري: يجعل عليه مراقبا و ناظرا بحيث يكون تصرفه منوطا بنظر ذلك الناظر و متي ظهرت خيانته عزله.

و لكن يمكن أن يقال: انه لا مجال للعزل اذ مع فرض الخيانة ان كانت ولايته باقية شرعا فلا مجال للحاكم أن يعزله و ان لم تكن باقية فلا موضوع للعزل و لا مجال له علي كلا التقديرين.

و رابعا: ان مناطات الأحكام ليست مكشوفة عندنا فاذا قام الدليل علي ولايته نلتزم بها و الا فلا، و صفوة القول ان العمدة قيام الدليل علي الولاية و مقدار دلالته فلاحظ.

الوجه الثالث: قوله تعالي «وَ لٰا تَرْكَنُوا إِلَي الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّٰارُ وَ مٰا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللّٰهِ مِنْ أَوْلِيٰاءَ ثُمَّ لٰا تُنْصَرُونَ» «1» بتقريب ان الفاسق ظالم و الحكم بنفوذ أمره و تصرفه ركون اليه فلا يجوز.

و فيه: اولا انه لا يبعد أن يتبادر من لفظ الاية ولاة الجور كخلفاء بني امية و بني العباس. و ثانيا: ان الحكم بنفوذ المعاملة لو كان ركونا لكانت جملة من المعاملات باطلة لكونها صادرة عن الفساق بل أكثر المعاملات كذلك بل كثير من المعاملات مع الكفار.

ان قلت: مجرد نفوذ المعاملة لا يكون ركونا و لكن وضع المال تحت يده ركون اليه. قلت: جواز المعاملة لا يستلزم وضع المال تحت يده كما تقدم بل يمكن الحكم بنفوذ

معاملته و الحال ان المال خارج عن اختياره. و ثالثا: سلمنا كون البناء علي نفوذ معاملاته ركونا اليه لكن المفروض قيام الدليل علي أن الشارع

______________________________

(1) هود/ 113

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 491

و لا أن تكون مصلحة في تصرفهما (1)،

______________________________

الأقدس جعل تصرفه في مال الصغير نافذا و الشارع عالم بملاكات احكامه و مصالحها.

و بعبارة اخري: الركون اليه بأمر الشارع حسب الدليل فلا مجال للإيراد.

الوجه الرابع: قوله تعالي «إِنْ جٰاءَكُمْ فٰاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهٰالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَليٰ مٰا فَعَلْتُمْ نٰادِمِينَ» «1» بتقريب ان مقتضي الاية الشريفة عدم تصديق الفاسق في اخباراته فاخباره بالتصرف الفلاني لا يسمع منه. و فيه اولا النقض بجملة من الموارد التي يقبل فيها قول الفاسق، منها: قول ذي اليد. و ثانيا: عدم قبول قوله لا يستلزم عدم نفوذ تصرفه فلو علمنا بتصرفه نحكم بنفوذه و الا فلا. مضافا الي قاعدة من ملك فان مقتضاها قبول قول من يكون مالكا لشي ء بالنسبة اليه فلاحظ.

و يمكن الاستدلال علي عدم الاشتراط بدليلين: احدهما: ان مقتضي الاصل عدم الردع عن السيرة. و فيه: ان مجرد عدم الردع لا يكون دليلا علي الامضاء بل لا بد من التماس دليل يدل علي الامضاء. و بعبارة اخري: الامضاء بنفسه فعل خارجي لا يترتب علي اصالة عدم الردع الا علي القول بالمثبت الذي لا نقول به.

ثانيهما: عدم اشتراط العدالة في باب نكاح الصغيرة فبالاولوية يستفاد حكم الشارع فيما نحن فيه. و فيه: انه قد مر عدم تمامية الاولوية بل الاولوية في هذا الطرف. و بعبارة واضحة: التسهيل في باب النكاح لا يستلزم التسهيل في باب البيع فلاحظ.

(1) ما يمكن ان يذكر في مستند الاشتراط وجوه: الوجه الأول: الاجماع.

و فيه:

انه لا جزم بكونه تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السّلام.

الوجه الثاني: الأصل فان مقتضاه عدم جعل الولاية له مع عدم المصلحة.

و بعبارة اخري: لو لم يكن لنا اطلاق يقتضي عدم الاشتراط و تصل النوبة الي الأصل

______________________________

(1) الحجرات/ 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 492

______________________________

يكون مقتضاه الاشتراط، و هذا الوجه حسن لو لم يثبت تحقق السيرة علي التصرف و لو مع عدم المصلحة.

الوجه الثالث: قوله تعالي «وَ لٰا تَقْرَبُوا مٰالَ الْيَتِيمِ إِلّٰا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتّٰي يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَ أَوْفُوا الْكَيْلَ وَ الْمِيزٰانَ بِالْقِسْطِ» «1» بتقريب ان مقتضي الاية الكريمة عدم جواز التصرف في مال الصغير الذي لا اب له الا مع وجود المصلحة و يتم في الأب بعدم القول بالفصل. و اورد علي التقريب بايرادات:

منها: ان صدق عنوان اليتم علي من يكون ذا جد محل الاشكال و الكلام.

و فيه: انه لا يبعد ان يقال بأنه لا وجه للإشكال اذ يصدق عليه عنوان اليتيم.

و منها: ان المراد بالاحسن في الاية الشريفة مجرد الحسن لا عنوان افعل التفضيل و العمل الذي لا يكون فيه مفسدة يكون حسنا و فيه: ان صدق عنوان الحسن علي ما لا تكون فيه مفسدة و لو لم يكن ذا مصلحة اول الكلام و الاشكال.

و منها: ان الاية منصرفة عن الجد و متوجه الي الاجانب و فيه: انه علي فرض الانصراف يكون بدويا يزول بالتأمل.

و منها: ان عدم الفصل غير محرز و علي تقدير احرازه لا يكون تحته شي ء و غايته أن يرجع الي الاجماع و بعد فرض احتمال كونه مدركيا لا يترتب عليه اثر و الانصاف ان هذا الايراد في محله، فالعمدة هو الاصل ان لم تكن السيرة قائمة علي خلاف مقتضاه.

بقي

الكلام: في المراد من لفظ الاحسن، و قد ذكرت فيه احتمالات: الاحتمال الاول: أن يراد به التفضيل علي الاطلاق من الترك و من غيره اي التصرفات الاخر و لازمه عدم جواز التصرف الا فيما يصدق عنوان التفضيل علي الاطلاق.

______________________________

(1) الانعام/ 152

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 493

______________________________

و عن الشيخ قدس سره اختيار هذا الاحتمال، بتقريب ان الظاهر من هذا اللفظ التفضيل و حذف المتعلق يفيد العموم.

و قد اورد فيه بايرادات: الايراد الاول: ان استعمال هذا اللفظ في غير التفضيل كثير و المؤيد لعدم ارادة التفضيل منه في الاية الكريمة عدم ذكر (من) و عدم اضافته و فيه: ان استعماله في غير التفضيل مع القرينة لا يقتضي رفع اليد عن ظهوره في التفضيل مع عدم القرينة علي الخلاف كما ان عدم ذكر (من) و عدم اضافته لا يقتضي رفع اليد عن الظهور المدعي بل كما قد مر ان حذف المتعلق يفيد العموم.

الايراد الثاني: انه يلزم عدم الاقدام في مورد يكون جملة من التصرفات متساوية في مقدار المصلحة و لا يكون ترجيح بينها، هذا لو قلنا بلزوم التفضيل علي الاطلاق و ان قلنا بكفاية المصلحة في الجملة يكون لازمه جواز التصرف الذي يكون اصلح من غيره و ان كان هناك تصرف احسن من هذا التصرف.

و فيه: ان المراد كما قلنا التفضيل علي الاطلاق و في مورد تساوي جملة من التصرفات في المصلحة نلتزم بأن الجامع بينها احسن و لازمه التخيير.

الايراد الثالث: انه لو فرض ان التصرف الفلاني ذو مصلحة و أما غيره من التصرفات فلا يكون فيه مصلحة يلزم عدم جواز التصرف اذ لا يصدق عنوان التفضيل فان وجود القدر المشترك شرط في تحقق هذا العنوان.

و فيه: ان

الجواز في هذا الفرض بالاولوية اذ مع وجود المصلحة في بقية التصرفات اذا كان التصرف جائزا ففي غيره يجوز بالاولوية.

و بعبارة اخري: جواز التصرف في الصورة المفروضة ليس بالدلالة اللفظية بل بالاولوية.

الاحتمال الثاني: أن يكون المراد من الاحسن ما يكون حسنا و لازمه جواز

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 494

______________________________

التصرف الذي يكون حسنا و ان كان التصرف الاخر احسن منه لصدق العنوان و يرد عليه: ان حمل صيغة التفضيل عليه بلا شاهد مع كون ظاهره التفضيل كما مر.

الاحتمال الثالث: أن يكون المراد به ما لا يكون فيه مفسدة و ان لم يكن فيه مصلحة و لازمه جواز التصرف اذا لم يكن فيه مفسدة مع كون التصرف الاخر أصلح و هذا الاحتمال لا يعتد به و لا يحمل عليه اللفظ لعدم الدليل عليه و ظهور اللفظ في خلافه.

الاحتمال الرابع: أن يكون المراد به الاحسن من الترك و ان كان التصرف الاخر أصلح و لازمه جواز التصرف بمجرد كونه احسن من تركه و ان كان التصرف الاخر احسن.

و يرد عليه: انه لا دليل عليه بل الدليل علي خلافه و هو ان اللفظ ظاهر في الاحسن علي الاطلاق.

الاحتمال الخامس: أن يكون المراد به الاحسن من بقية التصرفات و لازمه جواز التصرف فيما يكون احسن من غيره من التصرفات و ان كان تركه احسن.

و يرد عليه: انه مخالف للإطلاق اي ظهور اللفظ في التفضيل علي الاطلاق فتحصل ان مقتضي الاية اشتراط التصرف بكونه احسن علي الاطلاق هذا بحسب ما يستفاد من الاية الشريفة و أما بحسب النص الوارد في المقام فهنا حديثان:

احدهما: ما رواه علي بن المغيرة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ان لي ابنة اخ يتيمة فربما

اهدي لها الشي ء فآكل منه ثم اطعمها بعد ذلك الشي ء من مالي فاقول: يا رب هذا بذا فقال: لا بأس «1».

و المستفاد من هذه الرواية ظاهرا جواز التصرف في مال اليتيم بالمعاوضة

______________________________

(1) الوسائل الباب 71 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 495

______________________________

العادلة، و لكن السند ضعيف بذبيان.

ثانيهما: ما رواه الكاهلي قال: قيل لأبي عبد اللّه عليه السّلام انا ندخل علي اخ لنا في بيت ايتام و معه خادم لهم فنقعد علي بساطهم و نشرب من مائهم و يخدمنا خادمهم و ربما طعمنا فيه الطعام من عند صاحبنا و فيه من طعامهم، فما تري في ذلك؟ فقال:

ان كان في دخولكم عليهم منفعة لهم فلا بأس، و ان كان فيه ضرر فلا، و قال عليه السّلام «بل الانسان علي نفسه بصيرة» فانتم لا يخفي عليكم و قد قال اللّه عز و جل:

وَ اللّٰهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ «1».

و لا يبعد اعتبار السند فيه: فان النجاشي و العلامة و الكشي قدس اللّه اسرارهم قالوا في حق الكاهلي كان وجها عند أبي الحسن عليه السّلام و وصي به علي بن يقطين فقال اضمن لي الكاهلي و عياله اضمن لك الجنة لكن الانصاف: ان اثبات الوثاقة للرجل مشكل و لا دليل علي أن عنايتهم أرواحنا فداهم تختص بالعدول، و أما من حيث الدلالة فالظاهر منها كفاية عدم المفسدة فان ذيل الخبر يدل علي هذا المعني و يفسر الصدر و لكن عمدة الاشكال في السند.

مضافا الي أنه يمكن أن يقال: ان الرواية مخالفة للآية حيث دلت علي اشتراط جواز التصرف بكونه احسن و الحال ان الحديث يدل علي جواز التصرف بمجرد عدم المفسدة فيه فكيف يمكن

الاخذ و الحال ان المخالف للكتاب زخرف فلاحظ.

فالنتيجة ان التصرف مشروط بكونه احسن علي الاطلاق فيشترط هذا الشرط بالنسبة الي الجد مع فقد الاب و أما بالنسبة الي الاب فان تم اجماع تعبدي علي كون ولاية الاب كولاية الجد نلتزم بهذا الاشتراط بالنسبة اليه أيضا كما أن مقتضي الاصل عدم تحقق الولاية الا في المقدار المتيقن، هذا كله مع قطع النظر عن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 496

______________________________

السيرة و أما بلحاظها فلا بد من ملاحظتها سعة و ضيقا فان تحقق استقرارها علي التصرف بلا رعاية الشرط المذكور نلتزم بالجواز.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بحديثين: احدهما: ما رواه اسحاق بن عمار قال: دخلت علي ابي عبد اللّه عليه السّلام فخبرته انه ولد لي غلام، قال: أ لا سميته محمدا؟ قلت: قد فعلت قال: فلا تضرب محمدا و لا تشتمه جعله اللّه قرة عين لك في حياتك و خلف صدق بعدك، قلت: جعلت فداك في أي الاعمال اضعه؟ قال اذا عدلته (عزلته) عن خمسة اشياء فضعه حيث شئت: لا تسلمه صيرفيا فان الصيرفي لا يسلم من الربا، و لا تسلمه بياع اكفان فان صاحب الاكفان يسره الوباء اذا كان، و لا تسلمه بياع طعام فانه لا يسلم من الاحتكار، و لا تسلمه جزارا فان الجزار تسلب منه الرحمة و لا تسلمه نخاسا فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم قال: شر الناس من باع الناس «1».

ثانيهما: ما رواه ابراهيم بن عبد الحميد عن ابي الحسن «موسي بن جعفر» عليه السّلام قال: جاء رجل الي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم فقال: يا رسول اللّه قد علمت ابني هذا الكتابة

ففي اي شي ء اسلمه؟ فقال: اسلمه للّه ابوك و لا تسلمه في خمس: لا تسلمه سباء و لا صائغا و لا قصابا و لا حناطا و لا نخاسا قال: فقال: يا رسول اللّه ما السباء؟ قال: الذي يبيع الاكفان و يتمني موت امتي و للمولود من امتي احب إلي مما طلعت عليه الشمس، و أما الصائغ فإنه يعالج زين غني امتي، و اما القصاب فانه يذبح حتي تذهب الرحمة من قلبه، و اما الحناط فانه يحتكر الطعام علي امتي، و لئن يلقي اللّه العبد سارقا احب إلي من ان يلقاه قد احتكر الطعام اربعين يوما، و اما النخاس فانه اتاني جبرئيل فقال: يا محمد ان شرار امتك

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 497

بل يكفي عدم المفسدة (1)، الا أن يكون التصرف تفريطا منهما في مصلحة الصغير، كما لو اضطر الولي الي بيع مال الصغير، و أمكن

______________________________

الذين يبيعون الناس «1».

و الظاهر ان الحديث الثاني صحيح سندا و يستفاد من الحديثين ان الاب له أن يتصرف في نفس الصغير و تقريب الاستدلال بالحديث علي المدعي انه لو جاز التصرف في نفس الصغير جاز في ماله بالاولوية و مقتضي اطلاق الرواية جواز تسليمه و التصرف في نفسه علي الاطلاق.

و يرد عليه اولا: انه يمكن أن يقال ان النبي صلي اللّه عليه و آله في مقام نهيه عن عدة امور و لا يكون في مقام بيان شرائط التسليم، فتأمل و ثانيا: سلمنا الاطلاق لكن الاولوية محل الكلام و الاشكال و ثالثا: علي فرض الاطلاق و تسلم الاولوية تكون الرواية معارضة للآية فلا تكون حجة لكن الاية لا تشمل الاب اذ

الموضوع المذكور فيها عنوان اليتيم و اليتيم من لا أب له.

(1) للنص المتقدم اي حديث الكاهلي، بتقريب: ان المستفاد من الحديث المشار اليه جواز التصرف في مال اليتيم و الصغير في صورة عدم الضرر بالنسبة الي الاجانب فيدل علي الجواز بالنسبة الي الاب و الجد بالاولوية و قد مر ان الحديث ضعيف سندا و يمكن ان يكون الوجه فيه دعوي السيرة و هل يمكن اثبات هذه الدعوي و قد مر ان المستفاد من الاية الشريفة عدم جواز التصرف في مال اليتيم الا بالتي هي احسن مطلقا لكن قد مر ان الاية لا تشمل الاب و لا يبعد جريان السيرة فيما لا تكون مفسدة فما افاده في المتن من كفاية عدم المفسدة لجواز تصرفهما تام و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 498

بيعه بأكثر من قيمة المثل، فلا يجوز البيع بقيمة المثل، و كذا لو دار الامر بين بيعه بزيادة درهم عن قيمة المثل، و زيادة درهمين، لاختلاف الاماكن أو الدلالين، أو نحو ذلك لم يجز البيع بالاقل، و ان كان فيه مصلحة اذا عد ذلك مساهلة عرفا في مال الصغير (1) و المدار في كون التصرف مشتملا علي المصلحة أو عدم المفسدة علي كونه كذلك في نظر العقلاء لا بالنظر الي علم الغيب، فلو تصرف الولي باعتقاد المصلحة فتبين انه ليس كذلك في نظر العقلاء بطل التصرف و لو تبين انه ليس كذلك بالنظر الي علم الغيب صح، اذا كان فيه مصلحة بنظر العقلاء (2).

[مسألة 24: يجوز للأب و الجد التصرف في نفس الصغير باجارته لعمل ما أو جعله عاملا في المعامل]

(مسألة 24): يجوز للأب و الجد التصرف في نفس الصغير باجارته لعمل ما أو جعله عاملا في المعامل (3).

______________________________

(1) فعدم

الجواز من باب كون التصرف المفروض تفريطا و مساهلة في امر الصغير و لا يجوز المساهلة، و ان شئت قلت ان هذا نحو اتلاف لمال الصغير و لا يجوز اتلاف ماله.

(2) كما هو ظاهر فان مدار الامور علي ما هو المتداول و علي حسب الفهم العرفي و العقلائي لا علي الواقعيات المستورة عنا فلا مجال لتعلق التكليف بذلك الاعتبار و ما أفاده تام لا اشكال فيه.

(3) الظاهر ان المسألة مورد التسالم بين القوم كما ان الظاهر استقرار السيرة عليه بين العقلاء و انها مستمرة و متصلة بزمنهم عليهم السّلام و لم يردع عنها.

مضافا الي أن التناسب بين الموضوع و الحكم يقتضي ذلك فان الطفل و لو كان

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 499

و كذلك في سائر شئونه (1) مثل تزويجه (2) نعم ليس لهما طلاق زوجته (3).

______________________________

مميزا لا يقدر ان يتصرف في شئونه لحجره شرعا فلا بد له من قيم يقوم بشئونه و هو الاب و الجد.

و يدل علي المدعي ما رواه ابراهيم بن عبد الحميد «1».

(1) لوحدة الملاك و حكم الامثال واحد.

(2) بلا اشكال و كلام نصا و فتوي و قد تقدمت الاشارة الي تلك النصوص كما مر انه ربما يقال بأن تلك النصوص تدل علي الولاية في غير النكاح بالاولوية و قلنا ان الجزم بالاولوية مشكل اذ يمكن ان الحكمة تقتضي تسهيل الامر في امر النكاح لسد باب الزنا بخلاف غيره.

(3) قال في الجواهر في هذا المقام: «بلا خلاف فيه منا بل الاجماع بقسميه عليه للنبوي المقبول الطلاق بيد من اخذ بالساق» «2» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه. و من الظاهر ان الولاية تحتاج الي الدليل و الا فمقتضي الاصل الاولي عدم

الولاية.

و يدل علي المدعي ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في الصبي يتزوج الصبية يتوارثان؟ فقال: اذا كان ابواهما اللذان زوجاهما فنعم، قلت:

فهل يجوز طلاق الاب؟ قال: لا «3».

و يدل علي المدعي أيضا حديثان الاول: ما رواه الفضل بن عبد الملك قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يزوج ابنه و هو صغير، قال: لا بأس، قلت: يجوز طلاق الاب؟ قال: لا الحديث «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 496

(2) ج 32 ص: 5

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 33 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 500

و هل لهما فسخ نكاحه عند حصول المسوغ للفسخ و هبة المدة في عقد المتعة و جهان و الثبوت أقرب (1).

______________________________

الثاني: ما رواه عبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الصبي يزوج الصبية هل يتوارثان؟ قال: ان كان ابواهما هما اللذان زوجاهما فنعم، قلنا: يجوز طلاق الاب؟ قال: لا «1».

(1) لا يبعد ان الوجه في كون الجواز اقرب ان مقتضي ولاية الاب و الجد علي الصغير و شئونه ثبوت الولاية لهما علي الفسخ و المخرج بحسب الدليل هو الطلاق و الفسخ ليس طلاقا كما هو ظاهر.

مضافا الي النص الخاص الدال علي أنه في مقابل الطلاق و ليس من اقسامه لاحظ ما رواه أبو عبيدة، عن أبي جعفر عليه السّلام قال في رجل تزوج امرأة من وليها فوجد بها عيبا بعد ما دخل بها، قال: فقال: اذا دلست العفلاء و البرصاء و المجنونة و المفضاة و من كان بها زمانة ظاهرة فانها ترد علي اهلها من غير طلاق،

و يأخذ الزوج المهر من وليها الذي كان دلسها، فان لم يكن وليها علم بشي ء من ذلك فلا شي ء عليه و ترد علي اهلها، قال: و ان اصاب الزوج شيئا مما اخذت منه فهو له، و ان لم يصب شيئا فلا شي ء له قال: و تعتد منه عدة المطلقة ان كان دخل بها، و ان لم يكن دخل بها فلا عدة عليها و لا مهر لها «2».

و ان شئت قلت: ان الصغير لا يمكنه شرعا القيام بشئونه و منها الفسخ فلا بد اما من التعطيل حتي يكبر و يبلغ و اما من جعل ولي عليه فلأجل عدم التعطيل تصل النوبة الي الولي و هو الاب و الجد.

و لكن للمناقشة و التأمل مجال اذ الولاية علي الغير علي خلاف الاصل الاولي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 501

[مسألة 25: إذا أوصي الأب أو الجد إلي شخص بالولاية بعد موته علي القاصرين نفذت الوصية]

(مسألة 25): اذا أوصي الاب أو الجد الي شخص بالولاية بعد موته علي القاصرين نفذت الوصية، و صار الموصي اليه وليا عليهم بمنزلة الموصي تنفذ تصرفاته (1)،

______________________________

فاثبات الولاية يتوقف علي قيام دليل في كل مورد و اللّه العالم.

(1) ادعي عليه عدم الخلاف و ادعي في الجواهر الاجماع بقسميه عليه. و يمكن الاستدلال عليه بجملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انه سئل عن رجل اوصي الي رجل بولده و بمال لهم و اذن له عند الوصية أن يعمل بالمال، و أن يكون الربح بينه و بينهم، فقال: لا بأس به من اجل ان اباه قد اذن له في ذلك و هو حي «1».

فانه يستفاد من هذه الرواية جواز

وصية الاب في التجارة بمال الصغير و الرواية ضعيفة بابن يوسف أو ابن يونس.

و منها: ما رواه خالد «ابن بكير خ» الطويل قال: دعاني أبي حين حضرته الوفاة فقال: يا بني اقبض مال اخوتك الصغار و اعمل به، و خذ نصف الربح و اعطهم النصف، و ليس عليك ضمان، فقد متني أم ولد أبي بعد وفاة ابي الي ابن ابي ليلي، فقالت: ان هذا يأكل اموال ولدي، قال: فاقتصصت عليه ما امرني به أبي فقال ابن أبي ليلي ان كان ابوك امرك بالباطل لم اجزه، ثم اشهد علي ابن أبي ليلي ان انا حركته فانا له ضامن، فدخلت علي أبي عبد اللّه عليه السّلام فقصصت عليه قصتي، ثم قلت له: ما تري؟ فقال: اما قول ابن ابي ليلي فلا استطيع رده، و اما فيما بينك و بين اللّه عز و جل فليس عليك ضمان «2». و التقريب هو التقريب و الرواية ضعيفة بخالد.

______________________________

(1) الوسائل الباب 92 ابواب الوصايا الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 502

______________________________

و منها: ما رواه سعد بن اسماعيل، عن ابيه، قال: سألت الرضا عليه السّلام عن وصي ايتام يدرك ايتامه فيعرض عليهم ان يأخذوا الذي لهم فيأبون عليه كيف يصنع؟ قال: يرد عليهم و يكرههم عليه «علي ذلك. يب» «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان جواز الوصية في اموال الصغير من قبل الولي امر مفروغ عنه.

و منها: حديثان آخران احدهما: ما رواه اسماعيل بن سعد الاشعري قال:

سألت الرضا عليه السّلام عن رجل مات بغير وصية و ترك اولادا ذكرانا غلمانا صغارا و ترك جواري و مماليك هل يستقيم ان تباع الجواري؟ قال: نعم، و عن الرجل يموت بغير

وصية و له ولد صغار و كبار أ يحل شراء شي ء من خدمه و متاعه من غير ان يتولي القاضي بيع ذلك، فان تولاه قاض قد تراضوا به و لم يستعمله الخليفة أ يطيب الشراء منه أم لا؟ فقال: اذا كان الاكابر من ولده معه في البيع فلا بأس اذا رضي الورثة بالبيع و قام عدل في ذلك «2».

ثانيهما: ما رواه محمد بن اسماعيل بزيع قال: مات رجل من اصحابنا و لم يوص فرفع امره الي قاضي الكوفة فصير عبد الحميد القيم بماله، و كان الرجل خلف ورثة صغارا و متاعا و جواري، فباع عبد الحميد المتاع، فلما اراد بيع الجواري ضعف قلبه عن بيعهن اذ لم يكن الميت صير اليه وصيته و كان قيامه فيها بأمر القاضي لأنهن فروج، قال: فذكرت ذلك لأبي جعفر عليه السّلام و قلت له: يموت الرجل من اصحابنا، و لا يوصي الي احد، و يخلف جواري فيقيم القاضي رجلا منا فيبيعهن، او قال: يقوم بذلك رجل منا فيضعف قلبه لأنهن فروج، فما تري

______________________________

(1) الوسائل الباب 47 من أبواب الوصايا الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 503

و يشترط فيه الرشد (1) و الامانة (2) و لا يشترط فيه العدالة علي الاقوي (3).

______________________________

في ذلك؟ قال: فقال: اذا كان القيم به مثلك «او. يب» و مثل عبد الحميد فلا بأس «1».

و منها: ما رواه ابن رئاب قال: سألت ابا الحسن موسي عليه السّلام عن رجل بيني و بينه قرابة مات و ترك اولادا صغارا، و ترك مماليك غلمانا و جواري و لم يوص فما تري فيمن يشتري منهم الجارية فيتخذها أم

ولد؟ و ما تري في بيعهم؟

قال: فقال: ان كان لهم ولي يقوم بامرهم باع عليهم و نظر لهم و كان مأجورا فيهم، قلت: ما تري فيمن يشتري منهم الجارية فيتخذها أم ولد؟ فقال: لا بأس بذلك اذا باع عليهم القيم لهم الناظر فيما يصلحهم، فليس لهم ان يرجعوا فيما صنع القيم لهم الناظر فيما يصلحهم «2».

و تقريب الاستدلال علي المدعي بهذه النصوص ان المرتكز في ذهن السائل انه لو اوصي الاب بمال ولده يكون نافذا و الامام عليه السّلام قرره علي ما هو مركوز في ذهنه مضافا الي السيرة الخارجية القائمة علي تعيين الاب القيم علي اليتيم و الظاهر انه لا اشكال في الحكم.

(1) اذ لو لم يكن رشيدا ليس مأمونا لا مكان توجه الضرر الي الصغير من ناحية عدم رشده.

(2) اذ مع عدم الامانة يمكن ان يخون في مال الصغير و ان شئت قلت: كيف يمكن جعل الخائن مسلطا علي من لا يقدر الدفاع عن نفسه و ماله و هذا ظاهر.

(3) لعدم الدليل عليه و لا يبعد ان تكون السيرة قائمة علي عدم رعايتها في الوصي.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 15 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 504

كما يشترط في صحة الوصية فقدهما معا، فلا تصح وصية الاب بالولاية علي الطفل مع وجود الجد، و لا وصية الجد بالولاية علي حفيده مع وجود الاب (1) و لو أوصي أحدهما بالولاية علي الطفل بعد فقد الاخر لا في حال وجوده، ففي صحتها اشكال (2).

[مسألة 26: ليس لغير الاب و الجد للأب و الوصي لأحدهما ولاية علي الصغير]

(مسألة 26): ليس لغير الاب و الجد للأب و الوصي لأحدهما ولاية علي الصغير، و لو كان عما أو أما أو جدا للأم

أو أخا كبيرا، فلو تصرف أحد هؤلاء في مال الصغير أو في نفسه، أو سائر شئونه لم يصح و توقف علي اجازة الولي (3).

[مسألة 27: تكون الولاية علي الطفل للحاكم الشرعي]

(مسألة 27): تكون الولاية علي الطفل للحاكم الشرعي، مع فقد الاب و الجد و الوصي لأحدهما (4)،

______________________________

(1) يمكن الاستدلال عليه بوجوه الاول عدم الاطلاق في دليل الجواز و مع عدم الاطلاق كيف يمكن الالتزام بالجواز مع ان مقتضي الاصل عدم نفوذ الوصية مع وجود احدهما.

الثاني: ان ولاية كل من الأب و الجد مطلقة و غير مقيدة بعدم تصرف غيرهما و هذا الاطلاق لا ينسجم مع نفوذ الوصية الي غيرهما اذ عليه تكون الولاية للجامع بين الوصي و احدهما و هذا ينافي اطلاق الولاية، لكن الاشكال كله في الاطلاق.

الثالث: عدم الخلاف و التسالم عليه بين القوم فلاحظ.

(2) يمكن أن يكون الوجه فيه عدم الدليل عليه و مقتضي الاصل عدم النفوذ.

(3) لعدم الدليل و مقتضي الاصل عدمها.

(4) فان ولاية الحاكم من باب الحسبة فلا بد من الاقتصار فيها علي القدر المتيقن

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 505

______________________________

فلا تصل النوبة اليه مع وجود الأب و الجد و الوصي. و ان شئت قلت: ان موضوع ولايته عدم من يتصدي الأمر.

و بعبارة اخري: ان الحاكم ولي من لا ولي له فمع وجود المذكورين لا تصل النوبة اليه، و علي الجملة ولاية الحاكم من باب القدر المتيقن و الا فلا دليل لفظي يتمسك به في اثبات المدعي اذ النبوي «السلطان ولي من لا ولي له» «1» مخدوش سندا مضافا الي أنه لا يبعد أن يكون المراد من السلطان الامام العادل المعصوم عليه السّلام فلا يرتبط بالحاكم.

و أما حديث ابي خديجة «قال: بعثني أبو عبد اللّه عليه السّلام الي

أصحابنا فقال: قل لهم: اياكم اذا وقعت بينكم خصومة او تداري في شي ء من الأخذ و العطاء ان تحاكموا الي احد من هؤلاء الفساق، اجعلوا بينكم رجلا قد عرف حلالنا و حرامنا، فاني قد جعلته عليكم قاضيا، و اياكم ان يخاصم بعضكم بعضا الي السلطان الجائر» «2» فراجع الي الحكومة في الدعاوي فلا يرتبط بالمقام.

مضافا الي الاشكال في السند من ناحية أبي خديجة، و يظهر من المتن انه لا يشترط في ولايته وجود المصلحة و الحال انه لا دليل علي ولايته المطلقة بل لا بد من الاشتراط بوجود المصلحة بل لا يبعد اشتراطها بكون التصرف لازما بحيث يتوجه الي الصغير الضرر مع عدم التصرف و الوجه فيما ذكر لزوم الاقتصار علي المقدار المتيقن.

بل يمكن أن يقال ان المستفاد من قوله تعالي «وَ لٰا تَقْرَبُوا مٰالَ الْيَتِيمِ إِلّٰا بِالَّتِي

______________________________

(1) التذكرة ج 2 ص: 592 و كنز العمال ج 8 ص: 4003 و السنن الكبري للبيهقي ج 7 ص: 125

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب صفات القاضي الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 506

و مع تعذر الرجوع الي الحاكم فالولاية لعدول المؤمنين (1)،

______________________________

هِيَ أَحْسَنُ حَتّٰي يَبْلُغَ أَشُدَّهُ» «1» كما مر انه لا بد من كون التصرف مصداقا لعنوان القرب بالأحسن فلا يكفي مجرد عدم المفسدة و الضرر.

نعم اذا قلنا بأن الخطاب متوجه الي عموم المكلفين لا الي خصوص الاولياء يجوز للحاكم التصرف في مال اليتيم اذا كان مصداقا للأحسن فلا يشترط التصرف بكونه لازما بل يجوز و لو مع عدم اللزوم فلاحظ.

(1) اعلم ان مقتضي القاعدة الاولية لو لا الدليل العام او الخاص عدم جواز التصرف في مال الغير و عدم ولاية احد علي مال الاخر او

نفسه فان مقتضي الاستصحاب عدم الولاية كما ان مقتضاه عدم انتقال العين بالبيع و عدم انتقال المنفعة بالاجارة و عدم تحقق الزوجية بالنكاح و هكذا فلا بد من قيام دليل يدل علي تحقق الولاية.

و ربما يقال: انه يمكن اثبات المدعي بعموم قوله صلي اللّه عليه و آله: كل معروف صدقة «2» بتقريب ان المستفاد من الحديث انه يكفي للجواز كون الفعل معروفا.

و فيه: ان التمسك بالعام في الشبهة المصداقية غير جائز و كون التصرف في مال اليتيم داخلا في المعروف اول الكلام و الاشكال. الا أن يقال ان المعروف مفهوم عرفي و هو الذي يكون معروفا عند العقلاء الا ان يقوم دليل علي التقييد.

و ربما يستدل بقوله تعالي «وَ لٰا تَقْرَبُوا مٰالَ الْيَتِيمِ» الاية «3» بتقريب ان المستفاد من الاية جواز التصرف لكل احد. و فيه: انه ان قلنا بأن الخطاب متوجه في الاية الي الاولياء فلا مجال للتقريب اذ في الرتبة السابقة يلزم احراز الولاية

______________________________

(1) الأنعام/ 152

(2) الوسائل الباب 41 من ابواب الصدقة الحديث: 1 و 2

(3) الانعام/ 152

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 507

______________________________

و ان قلنا بعموم الخطاب فيتوقف علي عدم تقييده بالنصوص الخاصة.

و مما ذكرنا يظهر الاشكال في التمسك بجواز التصرف بالسيرة العقلائية فان السيرة علي تقدير تحققها انما تؤثر اذا لم تكن مردوعة بالدليل الخاص، فلا بد من ملاحظة النصوص الخاصة الواردة في المقام.

منها: ما رواه محمد بن اسماعيل بزيع «1» و الاحتمالات المتصورة في الرواية للمماثلة خمسة: الاول: المماثلة في العدالة. الثاني: المماثلة في الوثاقة. الثالث:

المماثلة في الفقاهة. الرابع المماثلة في التشيع الخامس: المماثلة في جميع ما ذكر و حيث ان الجواز علق علي كون المتصرف واجدا لجميع القيود و تدل

بالمفهوم علي عدم الجواز و المفروض ان ابن بزيع كان واجدا لجميع هذه القيود تكون النتيجة عدم جواز التصرف لغير المجتهد العادل، بل مجرد الشك في تحقق الموضوع يكفي لعدم الجواز اذ مع الشك في الموضوع لا مجال لترتب الحكم فلو شك في المماثلة لا يجوز التصدي اذ مقتضي مفهوم الشرطية عدم جواز التصدي.

و لكن لا يمكن الالتزام بهذا اللازم اذ المفروض جواز التصدي في الامور الحسبية للعدول بل للفساق في فرض عدم المجتهد.

و منها: ما رواه ابن رئاب «2» و لا يخفي ان الحكم بالجواز رتب علي تصدي القيم و من يكون له التصرف و الحكم غير متعرض لموضوع نفسه فلا بد من احراز القيمومة و جواز التصرف في الرتبة السابقة. نعم يستفاد من هذه الرواية انه ليس لكل احد ان يتصرف في مال الصغير بل المتصرف يلزم أن يكون له الولاية و اما الولي علي الصغير اي شخص؟ فالحديث ساكت عنه فلا بد من احرازه و تشخيصه

______________________________

(1) لاحظ ص: 502

(2) لاحظ ص: 503

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 508

______________________________

من الخارج.

و منها: ما رواه اسماعيل بن سعد الاشعري «1» و مقتضي هذه الرواية انه يشترط في المتصدي للبيع العدالة.

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل مات و له بنون و بنات صغار و كبار من غير وصية، و له خدم و مماليك و عقد كيف يصنع الورثة بقسمة ذلك الميراث؟ قال: ان قام رجل ثقة قاسمهم ذلك كله فلا بأس «2».

و مقتضي هذه الرواية اشتراط كون المتصدي للقسمة ثقة فلا يلزم ان يكون عادلا، لكن مقتضي القاعدة تقييد اطلاقها بحديث الاشعري فيلزم ان يكون المتصدي للتصرف في مال اليتيم عادلا.

ثم ان مقتضي اطلاق

حديث اسماعيل بن سعد الاشعري جواز تصدي العادل و لو مع وجود الفقيه فما نسب الي الأردبيلي (قدس سره) من كون ولاية العادل في عرض ولاية الفقيه تام.

اللهم الا ان يقال: ان مقتضي التسالم و الاجماع انه لا تصل النوبة الي العادل ما دام الفقيه موجودا و مقتضي حديث ابن بزيع و ان كان اشتراط الاجتهاد في المتصدي و بمفهومه يدل علي عدم جواز التصدي لغير المجتهد، لكن حديث الاشعري بمنطوقه يقيد مفهوم تلك الرواية، و النتيجة جواز تصدي العادل عند عدم الفقيه.

مضافا الي انه لا اشكال في جواز تصدي العادل في ظرف عدم الفقيه اذ المفروض ان الامور الحسبية ما علم من الشرع عدم رضا الشارع بتركها بل المطلوب للشارع التصدي لها.

______________________________

(1) لاحظ ص: 502

(2) الوسائل الباب 88 من ابواب الوصايا الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 509

لكن الاحوط الاقتصار علي صورة لزوم الضرر في ترك التصرف كما لو خيف علي ماله التلف- مثلا- فيبيعه العادل، لئلا يتلف، و لا يعتبر- حينئذ- أن يكون التصرف فيه غبطة و فائدة (1) بل لو تعذر وجود العادل- حينئذ- لم يبعد جواز ذلك لسائر المؤمنين (2)،

______________________________

(1) المستفاد من حديث ابن رئاب «1» ان موضوع جواز التصرف ملاحظة صلاح الصغير فيكون موضوع الجواز صدق عنوان الصلاح، و لا يلزم الاقتصار علي صورة لزوم الضرر في ترك التصرف كما في المتن. نعم لا يلزم ان يكون التصرف اصلح علي الاطلاق و اذا ثبت جواز التصرف بالنسبة الي العادل فيما يكون صلاحا يكون الجواز بالنسبة الي الفقيه و الأب و الجد و الوصي من احدهما اولي.

و لقائل ان يقول: ان المستفاد من قوله تعالي «وَ لٰا تَقْرَبُوا مٰالَ الْيَتِيمِ» الاية

«2» انه يلزم ان يكون التصرف احسن علي الاطلاق، و لا يكفي مجرد كونه صالحا و مقتضي حديث ابن رئاب لحاظ الصلاح مطلقا فلا يلزم ان يكون التصرف احسن علي الاطلاق بل يكفي في الجملة فيقع التعارض بين الاية و الرواية و من الظاهر تقدم الاية عليها فلا يكفي الصلاح في الجملة.

(2) اذ المفروض ان المورد من موارد الحسبة فتصل النوبة الي الفساق مع عدم العدول و بهذا التقريب لا بد ان يتم الامر. و اما الاستدلال علي الجواز بقوله تعالي «وَ لٰا تَقْرَبُوا مٰالَ الْيَتِيمِ إِلّٰا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» «3» بتقريب ان الخطاب الي جميع المكلفين فيجوز لكل احد التصدي. ففيه: انه يلزم تقييد الاية علي تقدير

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 7، ص: 509

______________________________

(1) لاحظ: 503

(2) الأنعام/ 152

(3) الأنعام/ 152

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 510

و لو اتفق احتياج المكلف الي دخول دار ايتام، و الجلوس علي فراشهم، و الاكل من طعامهم، و تعذر الاستئذان من وليهم لم يبعد جواز ذلك، اذا عوضهم عن ذلك بالقيمة، و لم يكن فيه ضرر عليهم، و ان كان الاحوط تركه (1) و اذا كان التصرف مصلحة لهم جاز من دون حاجة الي عوض (2) و اللّه سبحانه العالم.

______________________________

تمامية دلالتها علي المدعي بحديث اسماعيل بن سعد الاشعري الدال علي اشتراط العدالة في المتصدي.

و بما ذكر يظهر الجواب عن النص «1» فانه علي تقدير تمامية دلالته علي المدعي و عدم الايراد فيه بالنقاش في الصغري يقيد اطلاقه بحديث الاشعري، فليس لكل احد التصدي و التصرف في مال الصغير. نعم اذا وصلت النوبة الي

تضرر الصغير و تلف ماله يجوز للفاسق مع عدم الفقيه اولا و عدم العادل ثانيا ان يتصدي فما افاده الماتن من لزوم الاقتصار علي صورة لزوم الضرر في ترك التصرف يتم بالنسبة الي ولاية الفاسق فلاحظ.

(1) لاحظ ما رواه علي بن المغيرة «2» و هذه الرواية ضعيفة بذبيان.

(2) لاحظ ما رواه الكاهلي «3» و هذه الرواية ضعيفة بالكاهلي و مقتضي الاصل الاولي عدم الجواز، و اللّه العالم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 506

(2) لاحظ ص: 494

(3) لاحظ ص: 495

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 511

[الفصل الثالث في شروط العوضين]

اشارة

الفصل الثالث في شروط العوضين يشترط في المبيع أن يكون عينا (1)،

______________________________

(1) قال في الحدائق المشهور بين الأصحاب انه يشترط في العوضين: ان يكونا عينا فلا يصح بيع المنفعة خلافا للشيخ في المبسوط حيث جوز بيع خدمة العبد علي ما نقل عنه و هو شاذ لا اعلم عليه دليلا انتهي «1».

اقول ترتب كل حكم علي موضوعه متوقف علي تحقق ذلك الموضوع فلا يترتب الأحكام المترتبة علي عنوان البيع الا بعد تحققه و لا يبعد ان يقال ان المتبادر من عنوان البيع او المبيع كون المبيع عينا كما ان المدعي يثبت بصحة سلب عنوان البيع عن تمليك المنفعة فلا يقال زيد باع الخياطة او النجارة او الحياكة او القصارة و مما يمكن ان يستدل به علي المدعي انه ليس في الروايات الواردة في ابواب البيوع مع كثرتها مورد فرض فيه كون المبيع منفعة دار او بستان او فرض فيه كون المبيع فعلا من افعال المكلف و لو فرض الاستعمال في بعض الموارد لا يكون دليلا علي سعة المفهوم اذ الاستعمال اعم من الحقيقة و ان شئت قلت ان الاستعمال ليس آية الحقيقة و الا لانسد

باب المجاز و هو كما تري بل يمكن احراز عدمه بالاصل علي ما هو الحق عندنا من جريان الاصل في الشبهة المفهومية.

و علي فرض الشك في صدق العنوان لا يمكن التمسك بالعمومات او الاطلاقات لعدم جواز الأخذ بالدليل في الشبهة المصداقية كما هو المقرر بل يمكن احراز عدمه بالاصل علي ما هو الحق عندنا من جريان الاصل في الشبهة المفهومية اضف الي ذلك انه لو كان ايقاع البيع علي المنفعة أو العمل جائزا لكان ظاهرا للابتلاء العام به.

______________________________

(1) الحدائق ج 18 ص 429

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 512

سواء أ كان موجودا في الخارج أم في الذمة (1) و سواء كانت الذمة ذمة البائع أم غيره كما اذا كان له مال في ذمة غيره فيبيعه علي شخص ثالث (2) فلا يجوز بيع المنفعة كمنفعة الدار و لا بيع العمل كخياطة الثوب (3) و أما الثمن فيجوز أن يكون عينا أو منفعة أو عملا (4).

[مسألة 1: المشهور علي اعتبار أن يكون المبيع و الثمن ما لا يتنافس فيه العقلاء]

(مسألة 1): المشهور علي اعتبار أن يكون المبيع و الثمن ما لا يتنافس فيه العقلاء فكل ما لا يكون مالا كبعض الحشرات لا يجوز بيعه و لا جعله ثمنا و لكن الظاهر عدم اعتبار ذلك (5)،

______________________________

(1) بلا اشكال و لا كلام فانه لا شبهة في جواز بيع الكلي في الذمة.

(2) اذ المفروض ثبوته في ظرف الذمة فيجوز نقله الي الغير بالبيع بل جوازه اوضح من القسم الأول لان الكلي في القسم الأول يتحقق في الذمة بنفس البيع و أما في القسم الثاني يكون الكلي ثابتا في الذمة قبل البيع.

(3) اذ لا يبعد كما تقدم عدم صدق عنوان البيع علي تمليك المنفعة أو الفعل فلا يقال بعت الخياطة او القصارة كما انه لا

يبعد أن لا يقال بعت داري من زيد و بعت منفعتها من عمرو فلاحظ.

(4) فان الثمن بدل و عوض للمبيع و لا يبعد أن يصدق علي كل شي ء جعل عوضا بلا فرق بين كونه عينا أو منفعة أو عملا و العرف ببابك و مع الصدق يترتب عليه الآثار كما هو ظاهر.

(5) ما يمكن أن يستدل به علي المشهور وجوه: الاول انه قد عرف البيع في اللغة بأنه مبادلة مال بمال فلا بد من اعتبار المالية في المبيع. و فيه ان الرجوع الي قول اللغوي عند الشك و المفروض صدق عنوان البيع مع عدم رعاية هذا الشرط فانه لو باع احد مالا مالية له كحبة حنطة بالف دينار يصدق عليه البيع غاية الامر

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 513

______________________________

لا يكون الاقدام من قبل المشتري عقلائيا و هذا أمر آخر و اذا ثبت الصدق يثبت بالاستصحاب القهقري كونه كذلك في زمانهم عليهم السّلام فانه من الأصول اللفظية فهذا الوجه غير تام لإثبات المدعي.

الوجه الثاني قوله صلي اللّه عليه و آله لا بيع الا فيما تملك «1» و فيه ان النسبة بين الملك و المال عموم من وجه و كل واحد منهما مفهوم مستقل لا يرتبط بالآخر فانه ربما يكون شي ء ملكا و لا يصدق عليه عنوان المال كحبة من الحنطة تكون مملوكة لزيد فانه يصدق عليها عنوان الملك و لا يصدق عليه عنوان المال، و اخري ينعكس الأمر كقطعة من الذهب غير مملوكة لأحد فانه يصدق عليها عنوان المال لا الملك، و ثالثة يجتمعان كالأموال المملوكة للناس.

الوجه الثالث قوله تعالي «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ» «2» بتقريب ان المستفاد من الاية ان المبيع اذا

لم يكن مالا يكون أكل المال بازائه اكلا بالباطل فلا يجوز.

و فيه ان المقصود من الاية الشريفة النهي عن التملك و الاكل بالأسباب الباطلة و بعبارة اخري الجار ليس للمقابلة بل الباء للسببية فتكون الاية اجنبية عن هذه الجهة.

مضافا الي انه لو فرض عدم المالية في طرف الثمن أيضا لا تشمله الاية و بعبارة اخري هذا البيان علي فرض تماميته انما يتم فيما يكون المال مقابلا بغير المال و أما اذا لم يكن كذلك فلا يتم كما هو ظاهر فالدليل اخص من المدعي.

الوجه الرابع: انه اذا لم يكن المبيع أو الثمن مالا تكون المعاملة سفهائية

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب عقد البيع الحديث: 3

(2) النساء/ 29

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 514

و لكن الظاهر عدم اعتبار ذلك و ان كان الاعتبار أحوط (1).

[مسألة 2: الحقوق مطلقا من قبيل الأحكام]

(مسألة 2): الحقوق مطلقا من قبيل الاحكام فكما لا يصح بيعها لا يصح جعلها ثمنا، نعم في مثل حق التحجير القابل للانتقال يجوز جعل متعلق الحق بما هو كذلك ثمنا (2)،

______________________________

فتبطل. و فيه اولا انه يمكن أن يتصور في الأقدام علي اشتراء غير المال مقصد عقلائي فالدليل اخص من المدعي و بعبارة اخري لا ملازمة بين الأمرين و ثانيا: انه لا دليل علي اشتراط كون البيع عقلائيا فان الدليل قائم علي بطلان بيع السفيه لا علي كون المعاملة عقلائية فلاحظ.

(1) للخروج عن شبهة الخلاف فانه يظهر من الحدائق ان المشهور فيما بين القوم اشتراط العوضين بالمالية و ممن ذهب الي هذا القول الشيخ الأعظم قدس سره.

(2) بتقريب ان الحكم الشرعي غير قابل لأن يتعلق به اضافة ملكية أو غيرها.

و يرد عليه اولا ما أفاده في المقام من جواز جعل متعلق الحق كحق

التحجير بما هو كذلك ثمنا و الحال ان الثمن يملكه البائع بالبيع و كيف يمكن تملك متعلق حق التحجير و الحال ان من له حق التحجير أولا لا يملك متعلق الحق.

و الحاصل انه لا معني لجعل متعلق حق التحجير ثمنا و لا نتصور له محصلا فان حق التحجير عبارة عن اولوية ذي الحق بالأرض الفلانية من حيث عمرانها مثلا أو جعلها امرا كذائيا.

و ثانيا كيف لا تتعلق الإضافة الملكية بالحق فان الخيار الموروث علي ما هو المقرر عندهم ينتقل الي الوارث و الوارث يملكه فان ما تركه الميت فلو ارثه و من متروكاته الخيار أو الحق الفلاني.

و بعبارة اخري: انا لا نري مانعا من تعلق الاضافة الملكية بالحق كحق التحجير

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 515

______________________________

مثلا و سيدنا الأستاد في المقام «1» ادعي البداهة اي بداهة عدم قابليته لتعلق الاضافة الملكية به. و كيف يكون بديهيا و نحن لا نري مانعا عنه و لتوضيح المقام لا بد من بيان الفرق بين الحق الوضعي و الحكم فنقول الاحكام التكليفية بأجمعها لا تقبل الملكية لأنها غير قابلة للنقل و الانتقال بل لم يعتبر فيها الإضافة و الملكية مثلا يجوز لزيد شرب الماء فان هذا الجواز حكم تكليفي و غير قابل لأن ينتقل الي الغير و لا يكون مملوكا لزيد فلا مجال لجعله ثمنا في بيع و لا عوضا في معاملة و قس عليه بقية الأحكام التكليفية كما أن الحكم الوضعي الحكمي مثل الحكم التكليفي فان الحق قسمان احدهما ما يكون حقا حكميا كالخيار في الهبة فانه حق و لكن ليس قابلا للنقل و الانتقال لا بالاسباب الاختيارية و لا بالاسباب القهرية فلا يورث بموت الواهب ثانيهما الحق غير

الحكمي كالخيار القابل للنقل و الانتقال و الاسقاط و في هذا القسم لا نري مانعا من جعله ثمنا في بيع أو عوضا في معاملة.

فالنتيجة ان الحكم الشرعي اما تكليف أو وضع و علي الثاني اما غير قابل للنقل و الاسقاط و اما يكون قابلا و ان شئت قلت ان الحق تارة يطلق و يراد منه ما يشمل موارد الأحكام التكليفية فيقال لي حق شرب الماء و اخري يطلق و يراد منه خصوص الوضعي و لكن الوضعي علي الاطلاق و يدخل فيه الخيار الحكمي كالخيار في الهبة.

و ثالثة يطلق و يراد منه الوضعي المقابل للانتقال و لا مشاحة في الاصطلاح و عليه لك أن تقول الحق أعم من الحكم فان كل حكم يصدق عليه عنوان الحق في مورد فمن يجوز له شرب الماء يكون له حق الشرب و من تكون الصلاة واجبة عليه له

______________________________

(1) مصباح الفقاهة ج 2 ص: 43

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 516

و يجوز جعل شي ء بازاء رفع اليد عن الحق حتي فيما اذا لم يكن قابلا للانتقال و كان قابلا للإسقاط (1) كما يجوز جعل الاسقاط ثمنا بأن يملك البائع عليه العمل فيجب عليه الاسقاط بعد البيع (2).

[مسألة 3: يشترط في البيع أن لا يكون غرريا]

(مسألة 3) يشترط في البيع أن لا يكون غرريا (3)،

______________________________

حق أن يصلي و من يحرم عليه شرب الخمر لا حق له في شربه كما أن الواهب له حق الفسخ و أيضا ذا الخيار في مورد الخيار الحقي له الفسخ.

(1) فانه لا مانع من جعل رفع اليد ثمنا.

(2) فان الاسقاط ينتقل الي البائع بالبيع و يجب عليه الاسقاط لكونه مملوكا للغير فلا بد من تسليمه اليه.

(3) لما ارسل عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه

نهي عن الغرر و في الخبر نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن بيع الغرر «1» و من الظاهر ان المرسل لا اعتبار به و اما انجباره بالعمل فعلي تقدير تمامية الصغري غير تام من حيث الكبري و ذكرنا مرارا ان عمل المشهور غير جابر للرواية الضعيفة سندا و اما نهيه صلي اللّه عليه و آله عن بيع الغرر المستفاد من رواية الصدوق و قد نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن بيع المضطر و عن بيع الغرر «2»، فلا يترتب عليه اثر لعدم اعتبار السند.

و لا يخفي ان الغرر علي ما في مجمع البحرين ما يكون له ظاهر يغرر المشتري و باطن مجهول مثل بيع السمك بالماء و الطير في الهواء فعليه لا بد أن يكون المعاملة في معرض الخطر و من الظاهر ان الجهل اعم منه اذ من الممكن ان لا يكون خطر

______________________________

(1) تذكرة ج 1 ص 466 و مجمع البحرين في مادة غرر

(2) الوسائل الباب 40 من أبواب آداب التجارة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 517

______________________________

في المعاملة و مع ذلك يكون مجهولا كما لو باع ما في الصندوق بعشرة دنانير و المشتري يعلم بأن ما فيه يساوي أزيد من هذا المقدار و لكن لا يعلم به فالغرر اخص من الجهل فاشتراط عدم الغرر في البيع لا يقتضي اشتراط معلومية العوضين من حيث المقدار و لكن الماتن جعل الميزان ارتفاع الغرر و كيف كان الظاهر ان الحكم عند القوم مورد التسالم قال الشيخ الأعظم قدس سره: «العلم بقدر المثمن كالثمن شرط باجماع علمائنا كما عن التذكرة و عن الغنية العقد علي المجهول باطل بلا خلاف و عن الخلاف:

ما يباع كيلا فلا يصح بيعه جزافا و ان شوهد اجماعا و في السرائر:

ما يباع وزنا فلا يباع كيلا بلا خلاف» الخ.

و قال في الحدائق: «من شروط المعتبرة معلومية الثمن و المثمن» الخ و من النصوص الدالة علي المدعي ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انه قال في رجل اشتري من رجل طعاما عدلا بكيل معلوم و ان صاحبه قال للمشتري ابتع مني من هذا العدل الاخر بغير كيل فان فيه مثل ما في الاخر الذي ابتعت، قال لا يصلح الا بكيل، و قال و ما كان من طعام سميت فيه كيلا فانه لا يصلح مجازفة هذا مما يكره من بيع الطعام «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان ما يكال لا يجوز بيعه جزافا و قد اورد في الخبر بايرادات: الأول ان قوله عليه السّلام «ما كان من طعام سميت فيه كيلا» مجمل اذ لو كان المراد ما وقع عليه البيع كيلا فلا مجال للجزاف فيه، و ان كان المراد ما من شأنه الكيل فمرجعه الي التنويع و الطعام اما يكال او يوزن.

و فيه أولا يمكن اختيار الشق الثاني و يكون المراد التنويع اذ ربما يوزن و ربما يكال فالمقصود ان ما يكال لا بد من ان يكال او يوزن و لا يجوز بيعه جزافا

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 518

______________________________

و ثانيا يمكن أن يراد بالقيد التوضيح لا التنويع فلا اشكال.

الثاني: ان قوله عليه السّلام ناظر الي مقام الاقباض و التسليم و لا يرتبط بالمقام و بعبارة اخري ان الرواية ناظرة الي مورد بيع مقدار من الحنطة مثلا بأنه اذا بيع مقدار

خاص كمن لا بد من الكيل في مقام القبض كي لا يترتب نزاع.

و فيه انه خلاف الظاهر من الرواية و العرف ببابك و لم يعبر بالقبض و التسليم و لا قرينة علي ارادته.

الثالث: ان الخبر مخالف لما ذهب اليه المشهور من تصديق البائع في اخباره.

و فيه اولا انه يمكن أن يكون المراد في هذه الرواية السؤال عن الاعتماد بقول البائع و ايقاع البيع علي ما في الخارج سواء زاد او نقص فيكون جزافا بخلاف مورد جواز البيع باخبار البائع فان البيع هناك يقع مبنيا علي اخبار البائع لا جزافا.

و ثانيا لا يبعد أن نلتزم في تلك المسألة بالاختصاص بمورد يكون البائع مورد الاعتماد و نقتصر علي مورد نثق بقول البائع و ثالثا ان هذا الايراد لا يقتضي رفع اليد عن ظهور الرواية في المدعي و رابعا لا يبعد أن يكون اخباره في مورد الرواية حدسيا لا حسيا.

الرابع: انه عليه السّلام قال في ذيل الحديث: «هذا مما يكره من بيع الطعام» و الكراهة تنافي الفساد. و أجيب عن هذا الايراد ان الكراهة لا تكون صريحة في الكراهة المصطلحة بل أعم منها و تجتمع مع الحرمة فلا موجب لرفع اليد عن قوله عليه السّلام «لا يصلح» و لكن يرد علي الجواب بأن الكراهة في الأمر الوضعي لا معني له فلا بد أن تكون متعلقة بالفعل و يكون الفعل مكروها تكليفيا و عليه يقع التعارض بين الصدر و الذيل فان مقتضي الصدر هو الفساد و مقتضي الذيل الصحة مع كراهة البيع تكليفيا الا أن يقال انه يمكن أن يراد بالكراهة الارشاد الي الفساد

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 519

______________________________

أي كما ان النهي عن المعاملة ارشاد الي فساده كذلك الدليل

علي كراهة المعاملة أو حرمتها ارشاد الي فسادها فاذا قال المولي: حرم البيع الفلاني يفهم منه الفساد و الدليل عليه ان المستفاد من قوله تعالي «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهٰاتُكُمْ»، الحرمة الوضعية لا التكليفية فالنتيجة ان الرواية تدل علي عدم جواز بيع الطعام مجازفة و من الظاهر عدم اختصاص الحكم بالطعام كما لا يختص بالمكيل فالمكيل و الموزون يشترط فيهما هذا الشرط كما لا يختص بالمبيع بل يعم الثمن فتأمل و يلحق بهما المعدود اجماعا.

مضافا الي ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه سئل عن الجوز لا نستطيع أن نعده فيكال بمكيال ثم يعد ما فيه ثم يكال ما بقي علي حساب ذلك العدد قال: لا بأس به «1»، فان المستفاد من هذه الرواية انه لا يجوز بيع المعدود جزافا فان الظاهر ان المركوز في ذهن السائل ذلك و الامام عليه السّلام قرره علي ما في ذهنه و ارتكازه و من تلك النصوص الدالة علي المدعي:

ما رواه سماعة قال: سألته عن شراء الطعام و ما يكال و يوزن هل يصلح شرائه بغير كيل و لا وزن؟ فقال: اما ان تأتي رجلا في طعام قد كيل و وزن تشتري منه مرابحة فلا بأس ان اشتريته منه و لم تكله و لم تزنه اذا كان المشتري الأول قد اخذه بكيل او وزن و قلت له عند البيع: اني اربحك كذا و كذا و قد رضيت بكيلك و وزنك فلا بأس «2».

و تقريب الاستدلال بهذه الرواية علي المدعي بنحوين احدهما: من باب مفهوم الشرط فان المستفاد من الشرطية الثانية ان عدم البأس يتوقف علي لحاظ الكيل

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 1

(2) الوسائل

الباب 5 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 520

______________________________

و مفهومها عدم الصحة في صورة انتفاء المقدم ثانيهما من باب مفهوم التحديد اذ لا اشكال في أن المستفاد من الحديث ان الامام عليه السّلام في مقام بيان ضابط الصحة.

و منها ما رواه ابو العطارد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام اشتري الطعام فاضع في اوله و اربح في آخره فأسأل صاحبي ان يحط عني في كل كر كذا و كذا قال هذا لا خير فيه و لكن يحط عنك حمله. قلت: ان حط عني أكثر مما وضعت قال: لا بأس به. قلت: فأخرج الكر و الكرين فيقول الرجل: اعطنيه بكيلك، قال: اذا ائتمنك فلا بأس «1».

و تقريب الاستدلال بهذه الرواية بنحوين احدهما: ان مقتضي الشرطية فساد المعاملة في صورة عدم الائتمان فلا يكون بيع الجزاف صحيحا ثانيهما: انه يفهم من الرواية ان اخبار البائع بالكيل لا اثر له ما دام لا يؤتمن به فبالأولوية تدل علي فساد البيع الجزافي و لكن الرواية ضعيفة بأبي العطارد.

و منها ما رواه محمد بن حمران قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام اشترينا طعاما فزعم صاحبه انه كاله فصدقناه و اخذناه بكيله، فقال: لا بأس. فقلت: أ يجوز أن أبيعه كما اشتريته بغير كيل؟ قال: لا أما انت فلا تبعه حتي تكيله «2» فانه يستفاد من هذه الرواية انه لا يجوز بيع الطعام جزافا.

و منها ما رواه عبد الملك بن عمرو قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام أشتري مائة راوية من زيت فأعترض راوية أو اثنتين فاتزنهما ثم آخذ سائره علي قدر ذلك قال:

لا بأس «3». فان المستفاد من هذه الرواية ان

المرتكز في ذهن السائل انه لا يجوز

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 521

______________________________

بيع الزيت بلا وزن و الامام عليه السّلام قرره علي ما في ذهنه و تقرير الامام حجة كقوله.

و منها ما رواه عبد الكريم بن عمرو قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام اشتري الطعام فأكتاله و معي من قد شهد الكيل و انما أكيله لنفسي فيقول بعنيه فأبيعه اياه علي ذلك الكيل الذي اكتلته قال لا بأس «1» و التقريب هو التقريب.

و منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه انه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يشتري الطعام أشتريه منه بكيله و أصدقه؟ فقال: لا بأس و لكن لا تبعه حتي تكيله «2»، و المستفاد من هذه الرواية انه لا يجوز بيع الطعام بلا كيل.

و منها ما رواه خالد بن حجاج الكرخي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام اشتري الطعام من الرجل ثم أبيعه من رجل آخر قبل أن أكتاله فاقول ابعث وكيلك حتي يشهد كيله اذا قبضته. قال: لا بأس «3» و المستفاد من هذه الرواية ان المرتكز في ذهن السائل عدم جواز بيع الطعام جزافا و الامام قرره علي ما هو المركوز في ذهنه هذا كله بالنسبة الي المبيع فان المستفاد من مجموع ما تقدم من الاجماع و النصوص انه يشترط في البيع أن يكون المبيع معلوما و لا يجوز البيع جزافا.

و أما الثمن فقال الشيخ الأعظم قدس سره: «المعروف انه يشترط العلم بالثمن قدرا فلو باع بحكم احدهما بطل اجماعا كما عن ف و كرة و اتفاقا كما عن الروضة و حاشية الفقهيه للسلطان

و في السرائر في مسألة البيع بحكم المشتري ابطاله بأن كل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 522

______________________________

مبيع لم يذكر فيه الثمن فانه باطل بلا خلاف بين المسلمين» الخ.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الوجه الاول: الاجماع. و فيه ان المنقول منه لا يكون حجة و المحصل منه علي تقدير تحققه يمكن أن يكون مدركيا و مع احتمال المدركية لا يكون تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السّلام لكن لا يبعد أن يكون الحكم مورد التسالم عند القوم و مفروغا عنه.

الوجه الثاني ان الجهل به يوجب الغرر و الغرر يوجب الفساد. و فيه اولا ان الجهل اعم من الغرر و ثانيا ان مدركه كما مر ضعيف.

الوجه الثالث النصوص منها ما ارسله محمد بن يحيي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال يكره أن يشتري الثوب بدينار غير درهم لأنه لا يدري كم الدينار من الدرهم «الدراهم من الدنانير خ ل» «1» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السّلام في رجل يشتري السلعة بدينار غير درهم الي أجل، قال فاسد فلعل الدينار يصير بدرهم «2».

و هذه الرواية ضعيفة ببنان بن محمد و لعله بغيره أيضا.

و منها ما رواه وهب عن جعفر عن ابيه انه كره أن يشتري الرجل بدينار إلا درهم و الا درهمين نسية و لكن يجعل ذلك بدينار الا ثلثا و الا ربعا و الا سدسا أو شيئا يكون جزءا من الدينار «3». و هذه الرواية ضعيفة بوهب فانه مردد بين الثقة و الضعيف مضافا الي أن المذكور في الرواية عنوان الكراهة و الكراهة

اعم من الحرمة الا أن يقال: بأن الكراهة في أبواب المعاملات ارشاد الي الفساد.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام العقود الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 523

______________________________

و منها ما رواه حماد عن «ابن خ» ميسر عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام انه كره أن يشتري الثوب بدينار غير درهم لأنه لا يدري كم الدينار من الدرهم «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالضرير مضافا الي الاشكال الوارد في سابقتها.

و اما حديث رفاعة النخاس قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام ساومت رجلا بجارية فباعنيها بحكمي فقبضتها منه علي ذلك ثم بعثت اليه بألف درهم، فقلت:

هذه الف درهم حكمي عليك ان تقبلها فأبي ان يقبلها مني و قد كنت مسستها قبل ان ابعث اليه بالثمن فقال اري ان تقوم الجارية قيمة عادلة فان كان قيمتها اكثر مما بعثت اليه كان عليك ان ترد عليه ما نقص من القيمة و ان كان ثمنها أقلّ مما بعثت اليه فهو له «2»، فلا بد من ارجاع علمه الي اهله اذ ما تضمنه هذا الحديث لا ينطبق علي القواعد فان البيع اذا كان صحيحا لزم تعين الثمن المسمي و لا وجه لتقويم الجارية و ان كان فاسدا فلما ذا حكم عليه السّلام بتعين ما بعث اليه ان كان ازيد من القيمة الواقعية و يمكن ان يقال ان المستفاد من الاجماعات و النصوص اشتراط كون المبيع بل الثمن معلوما و عدم جواز المجازفة لاحظ حديث الحلبي قال:

قال ابو عبد اللّه عليه السّلام ما كان من طعام سميت فيه كيلا فلا يصح مجازفة «3» فانه عليه السّلام حكم بأن المكيل لا يصح مجازفة بلا ذكر

البيع فيمكن ان يقال ان مقتضي اطلاقه بيان الحكم في الثمن كالمثمن و بعبارة اخري مقتضي اطلاق هذه الرواية عدم الجزاف في المكيل بلا فرق بين الثمن و المثمن الا ان يقال: المتبادر من الرواية بحسب الفهم العرفي انه عليه السّلام في مقام بيان حكم المبيع.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب عقد البيع الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب عقد البيع الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 524

و تكفي المشاهدة فيما تعارف بيعه بالمشاهدة، و لا تكفي في غير ذلك بل لا بد أن يكون مقدار كل من العوضين المتعارف تقديره به عند البيع من كيل أو وزن أوعد أو مساحة معلوما (1)، و لا بأس بتقديره بغير المتعارف فيه عند البيع كبيع المكيل بالوزن و بالعكس اذا لم يكن البيع غرريا (2)،

______________________________

(1) اذ المستفاد من النصوص و الاجماعات ان الميزان في الفساد و الصحة الجزاف و عدمه و بعبارة اخري المستفاد من النصوص امران احدهما اشتراط عدم المجازفة ثانيهما تبعية ما هو المتعارف في الخارج و كفايته فالمكيل يكال و الموزون يوزن و المعدود يعد و هكذا.

(2) الحكم بالصحة بمجرد عدم الغرر مشكل اذ قد تقدم ان الجزاف و الجهل لا يلازمان الغرر و صفوة القول ان المجازفة توجب الفساد حسبما يستفاد من النصوص و ربما يقال انه يجوز بيع المكيل بالوزن و بالعكس بتقريب ان المقتضي للصحة من الاطلاق و العموم موجود و المانع المتصور للأخذ بالعموم و الاطلاق ما رواه الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما كان من طعام سميت فيه كيلا فلا يصلح بيعه مجازفة و هذا مما يكره من بيع الطعام «1».

و

ما رواه الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السّلام انه قال في رجل اشتري من رجل طعاما عدلا بكيل معلوم و ان صاحبه قال للمشتري: ابتع مني من هذا العدل الاخر بغير كيل، فان فيه مثل ما في الاخر الذي ابتعت، قال: لا يصلح الا بكيل و قال:

و ما كان من طعام سميت فيه كيلا فانه لا يصلح مجازفة هذا مما يكره من بيع الطعام «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 525

______________________________

و حيث ان هذه الرواية فيها التعارض بين الصدر و الذيل اذ مقتضي قوله عليه السّلام «لا يصلح» الفساد و مقتضي قوله: «يكره» الصحة بلحاظ عدم تصور الكراهة في الحكم الوضعي فلا تصلح الرواية لتقييد الاطلاقات و العمومات.

مضافا الي ان غاية ما يستفاد من الرواية اشتراط عدم الجزافيه و الصغري في محل الكلام ممنوع اذ المفروض ان المكيل بيع بالوزن او العكس فلا يكون جزافا اضف الي ذلك كله ما رواه وهب عن جعفر عن ابيه عن علي عليه السّلام قال: لا بأس بالسلف ما يوزن فيما يكال و ما يكال فيما يوزن «1» فان مقتضي هذه الرواية جواز بيع المكيل وزنا و بالعكس.

و يرد علي هذا البيان ان حديث الحلبي واف بالمطلوب و لا اجمال فيه اذ يمكن أن يقال ان الكراهة الواردة في باب المعاملات ارشاد الي الفساد و علي فرض عدم ظهورها في الارشاد و ظهورها في الكراهة الوضعية ترفع اليد عن ظهورها الاولي باقوائية ظهور قوله عليه السّلام «لا يصلح» في الفساد.

و ان شئت قلت: ببركة قوة ظهور «لا يصلح» في الفساد لا يبقي ظهور الكراهة

في التكليفي بل لا ينعقد لها ظهور في التكليف و ان ابيت عما ذكر و قلت:

ان الظهورين يتصادمان و يسقطان نقول: يكفي لإثبات المدعي حديث الحلبي «2» فانه غير مذيل بهذا الذيل كي يقع التعارض كما انه يمكن ان يقيد الاطلاق و العموم بحديث سماعة قال: سألته عن شراء الطعام و ما يكال و يوزن هل يصلح شرائه بغير كيل و لا وزن؟ فقال: أما ان تأتي رجلا في طعام قد كيل و وزن تشتري منه مرابحة فلا بأس ان اشتريته منه و لم تكله و لم تزنه اذا كان المشتري الأول قد اخذه بكيل

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب السلف الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 523

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 526

______________________________

او وزن و قلت له عند البيع أني اربحك كذا و كذا و قد رضيت بكيلك و وزنك فلا بأس «1».

و اما حديث وهب فهو مخدوش سندا بوهب و اما دلالة فلا يبعد أن يكون المراد منه جواز أن يكون احد العوضين في السلف موزونا و الاخر مكيلا لا بيع المكيل بالوزن و الموزون بالكيل و الا لكان حق التعبير أن يقال لا بأس بسلف ما يكال بما يوزن.

و ربما يقال يجوز جعل كل من الكيل و الوزن طريقا الي الاخر اذا كان التفاوت مما يتسامح عرفا و استدل علي المدعي بما رواه عبد الملك بن عمرو قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: اشتري مأئة راوية من زيت فاعترض راوية او اثنتين فأتزنهما ثم آخذ سائره علي قدر ذلك قال: لا بأس «2» و هذه الرواية ضعيفة سندا.

و ربما يتوهم ان حديث الجوز و هو حديث ابن مسكان عن ابي عبد اللّه عليه السّلام

انه سئل عن الجوز لا نستطيع أن نعده فيكال بمكيال ثم يعد ما فيه ثم يكال ما بقي علي حساب ذلك العدد قال: لا بأس به «3»، يقتضي التفصيل بين صورتي التعذر و عدمه فيجوز في صورة التعذر و لا يجوز في غيره و الانصاف انه لا مفهوم للرواية فلا دليل علي التفصيل و مقتضي القاعدة الاولية الجواز اذ فرض ان التفاوت بالمقدار المتسامح.

و ربما يقال ان التفاوت اذا لم يكن متسامحا فيه لا يجوز بيع الموزون بالكيل و أما بيع المكيل بالوزن فلا بأس به. بتقريب ان الوزن اصل الكيل فبيع المكيل

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب عقد البيع الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب عقد البيع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 527

و اذا كان الشي ء مما يباع في حال بالمشاهدة و في حال اخري بالوزن أو الكيل كالثمر يباع علي الشجر بالمشاهدة و في المخازن بالوزن و الحطب محمولا علي الدابة بالمشاهدة و في المخزن بالوزن و اللبن المخيض يباع في السقاء بالمشاهدة و في المخازن بالكيل فصحة بيعه مقدرا أو مشاهدا تابعة للمتعارف (1).

[مسألة 4: يكفي في معرفة التقدير إخبار البائع بالقدر]

(مسألة 4): يكفي في معرفة التقدير اخبار البائع بالقدر كيلا

______________________________

بالوزن لا يكون جزافا.

و فيه: ان الأمر و ان كان كذلك و ان الاغراض العقلائية تختلف باختلاف ثقل الاشياء و خفتها لكن بعد ان صار الشي ء الفلاني مكيلا في الخارج لا بد من رعاية الكيل فيه بمقتضي حديث سماعة «1» فان المستفاد منه ان المكيل يباع بالكيل و الموزون يباع بالوزن فما افاده في المتن من الجواز علي تقدير عدم كونه غرريا لا يمكن مساعدته و قد تقدم ان مجرد رفع الغرر لا

يصحح المعاملة فان البيع يشترط فيه أن لا يكون جزافا و مجرد البناء علي كونه ذلك المقدار لا يصحح العقد اذ مرجعه الي الخيار و جعل الخيار لا يوجب الصحة اذ الخيار مورده العقد الصحيح و الكلام في صحته لكونه جزافا و الا يلزم جواز بيع المكيل بالمشاهدة مع البناء و هل يمكن الالتزام به؟

(1) ما افاده تام لأن الحكم تابع لموضوعه و المستفاد من الادلة ان كل شي ء تقدر في الخارج عند العرف يكون ما تعارف فيه هو الميزان لصحة تقديره و رفع ابهامه فالنتيجة صحة ما افاده الماتن و اللّه العالم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 525

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 528

أو وزنا أو عدا (1)،

______________________________

(1) الذي يختلج بالبال أن يقال ان ما افاده علي القاعدة اذ المانع عن الصحة اما الغرر و اما الجزاف و شي ء منهما ليس في مفروض الكلام اذ البيع مبنيا علي اخبار البائع يرفع الغرر كما يرفع الجزاف نعم المانع من الصحة حديث الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السلام انه قال في رجل اشتري من رجل طعاما عدلا بكيل معلوم و ان صاحبه قال للمشتري: ابتع مني من هذا العدل الاخر بغير كيل فان فيه مثل ما في الأخر الذي ابتعت قال: لا يصلح الا بكيل و قال و ما كان من طعام سميت فيه كيلا فانه لا يصلح مجازفة، هذا مما «ما» يكره من بيع الطعام «1» فان المستفاد منه انه لا يصحح البيع اخبار البائع.

و يعارضه حديث محمد بن حمران قال قلت: لأبي عبد اللّه عليه السلام اشترينا طعاما فزعم صاحبه انه كاله فصدقناه و أخذناه بكيله فقال: لا بأس فقلت: أ يجوز ان ابيعه كما اشتريته بغير

كيل؟ قال: لا اما انت فلا تبعه حتي تكيله «2» فان المستفاد من هذه الرواية جواز الاعتماد علي اخبار البائع.

و ربما يقال ان حديث أبي العطارد «3» يجمع بين المتعارضين و يوجب تقييد كليهما و لكن هذه الرواية ضعيفة سندا فلا اعتبار بها فلا بد من علاج التعارض الواقع بين حديث الحلبي و حديث ابن حمران فنقول ان قلنا بأن المستفاد من حديث الحلبي ان اخبار البائع بالمقدار اخبار حدسي يرتفع التعارض لأن الأخبار في حديث ابن حمران حسي فلا تعارض و ان قلنا ان الأخبار الوارد في حديث الحلبي عام يشمل الأخبار الحسي و الحدسي فيكون اعم من حديث ابن

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 520

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 529

و لا فرق بين عدالة البائع و فسقه (1) و الاحوط اعتبار حصول اطمئنان المشتري باخباره (2) و لو تبين الخلاف بالنقيصة رجع المشتري علي البائع بثمن النقيصة (3)، و كان له الخيار في الفسخ و الامضاء في

______________________________

حمران فبحديث ابن حمران تقيد حديث الحلبي فايضا ترتفع المعارضة و ان قلنا ان حديث الحلبي مجمل لتعارض الصدر و الذيل بالتقريب المتقدم فيبقي حديث ابن حمران بلا معارض و ان لم نقل بشي ء مما ذكر و بنينا علي أنهما متعارضان و لا بد من ترجيح احدهما علي الاخر بالمرجح فنقول: الترجيح مع رواية ابن حمران لموافقتها مع الإطلاق الكتابي كقوله تعالي احل اللّه البيع «1» و تجارة عن تراض» «2».

(1) لإطلاق حديث محمد بن حمران.

(2) الظاهر ان الوجه في هذا الاحتياط حديث أبي العطارد المستفاد منه هذا

الاشتراط و قد قلنا انه ضعيف سندا فلا يعتد به.

(3) اذ البيع وقع مبينا علي اخبار البائع فاذا اشتري عشرة امنان من الحنطة باخبار البائع بالمقدار بعشرة توامين فقد اشتري كل من بتومان فاذا انكشف ان المبيع تسعة امنان فالمشتري يرجع الي البائع بتومان و يأخذ منه و ربما يتوهم أن مقتضي القاعدة بطلان البيع بتقريب ان البيع وقع علي العنوان اي عشرة امنان من الحنطة مثلا و المفروض تخلفه فيفسد نظير ما لو وقع البيع علي عنوان البقرة ثم انكشف ان المبيع لم يكن بقرة بل كان حمارا و هذا التوهم فاسد فان القياس مع الفارق اذ الصورة النوعية و لو كانت عرفية تكون مقومة للمبيع و هي مصب البيع و مع عدمها ينكشف عدم وقوع البيع اذ البيع لا يقع علي المادة المشتركة

______________________________

(1) البقرة/ 277

(2) النساء/ 29

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 530

الباقي (1) و لو تبينت الزيادة كانت الزيادة للبائع (2) و كان المشتري بالخيار بين الفسخ و الامضاء بتمام الثمن (3).

[مسألة 5: لا بد في مثل القماش و الأرض و نحوهما مما يكون تقديره بالمساحة دخيلا في زيادة القيمة من معرفة مقداره]

(مسألة 5): لا بد في مثل القماش و الارض و نحوهما مما يكون تقديره بالمساحة دخيلا في زيادة القيمة من معرفة مقداره و لا يكتفي في بيعه بالمشاهدة (4)،

______________________________

بين الأشياء بل يقع علي الصورة النوعية. و أما في المقام فلم يقع البيع علي عنوان عشرة امنان بل وقع علي كل من بكذا، فالنتيجة صحة البيع غاية الأمر ثبوت الخيار للمشتري كما في المتن.

(1) لتبعض الصفقة.

(2) لعين البيان المتقدم فان الزيادة للبائع و بعبارة اخري زيادة الثمن للمشتري و زيادة المبيع للبائع و هذا علي طبق القاعدة.

(3) لا يبعد أن يكون هذا الخيار ناشيا من الشركة فانها عيب في السلعة فثبوته يقتضي

الخيار للمشتري.

(4) ان قلنا ان المناط في صحة البيع و فساده ارتفاع الغرر و عدم ارتفاعه فالميزان ترتب الغرر و عدمه و لكن قد مر ان الجهل بالمقدار و الخصوصيات اعم من الغرر فلا يمكن الالتزام بهذه الكلية و ان قلنا ان المستفاد من النصوص الواردة في المكيل و الموزون و المعدود ان الشارع الاقدس لا يرضي بالجزاف في البيع غاية الامر تختلف الاشياء من حيث التقدير فيلزم العلم بالمقدار في كل مورد بحسب ما هو المتعارف فيه و لكن الجزم بهذه الكلية مشكل- كما في كلام شيخنا الأنصاري قدس سره- حيث افاد بأنه في غير المكيل و الموزون المناط في الجواز رفع الغرر الشخصي و الظاهر ان المعدود كالمكيل و الموزون لما عن أبي عبد اللّه

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 531

الا اذا كان المشاهدة رافعة للغرر كما هو الغالب في بيع الدور و الفرش و نحوهما (1).

[مسألة 6: إذا اختلفت البلدان في تقدير شي ء]

(مسألة 6): اذا اختلفت البلدان في تقدير شي ء بأن كان موزونا في بلد و معدودا في آخر و مكيلا في ثالث فالظاهر ان المدار في التقدير بلد المعاملة (2) و لكن يجوز البيع بالتقدير الاخر أيضا اذا لم

______________________________

عليه السلام انه سئل عن الجوز لا نستطيع ان نعده فيكال بمكيال ثم يعد ما فيه ثم يكال ما بقي علي حساب ذلك العدد قال: لا بأس به «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ببركة تقريره ارواحنا فداه اشتراط العد في المعدود فالذي يختلج بالبال أن يقال: ان المستفاد من مجموع النصوص انه يشترط في المكيل و الموزون و المعدود العلم بالمقدار و لو مع عدم الغرر الشخصي و يلحق بالمعدود بالكم المنفصل المعدود بالكم المتصل كالذرع في القماش و الأرض

و امثالهما اذ لا فرق في الحكم بين المتصل و المنفصل. و أما في بقية الموارد فيصح مع عدم الغرر و أما مع الغرر فلا يصح للإجماع و ربما يقال ان اشتراط الخيار رافع للغرر و مع ارتفاعه و لو بواسطة جعل الخيار يصح البيع اذا لم يكن دليل علي اشتراط العلم كما دل الدليل في المكيل و الموزون و المعدود.

(1) مما ذكرنا ظهر ما فيما افاده فان الأرض و القماش و نحوهما اذا كان تقديرها بالعدد لا بد من معرفة مقدارها و لا يكفي مجرد رفع الغرر و محصل الكلام ان المستفاد من كلام الماتن ان الميزان في الصحة ارتفاع الغرر و اثبات هذا المدعي علي النحو العام مشكل بل الأمر كما أفاده شيخنا الأعظم قدس سره من التفصيل.

(2) الأمر كما افاده فان الحكم تابع للموضوع و معلوم ان الموضوع بيد

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب عقد البيع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 532

يكن غرر (1).

[مسألة 7: قد يؤخذ الوزن شرطا في المكيل أو المعدود أو الكيل شرطا في الموزون]

(مسألة 7): قد يؤخذ الوزن شرطا في المكيل أو المعدود أو الكيل شرطا في الموزون، مثل أن يبيعه عشرة أمنان من الدبس بشرط أن يكون كيلها صاعا فيتبين أن كيلها أكثر من ذلك لرقة الدبس أو يبيعه عشرة أذرع من قماش بشرط أن يكون وزنها ألف مثقال فيتبين أن وزنها تسعمائة لعدم احكام النسج أو يبيعه عشرة أذرع من الكتان بشرط أن يكون وزنه مائة مثقال فيتبين أن وزنه مائتا مثقال لغلظة خيوطه و نحو ذلك مما كان التقدير فيه ملحوظا صفة كمال للمبيع لا مقوما له، و الحكم أنه مع التخلف بالزيادة او النقيصة يكون الخيار للمشتري، لتخلف الوصف فان أمضي العقد كان عليه تمام الثمن

و الزيادة للمشتري علي كل حال (2).

______________________________

العرف و يفترق موارده بحسب جعلهم و عادتهم.

(1) قد تقدم الاشكال فيما افاده فلاحظ.

(2) الظاهر ان ما أفاد تام فان المعدود يباع بالعدد و قوام قيمته عرفا به غاية الامر يمكن أن يتصور فيه صفة كمال فالمشتري يشترط لنفسه الخيار عند التخلف كشرط الكتابة في العبد أو الخياطة و أمثالهما فان تخلف الوصف يقتضي الخيار و نتيجة هذا الاشتراط للمشتري فقط اذ بالتخلف له الخيار فاذا امضي العقد كان عليه تمام الثمن لعدم ما يوجب التبعيض و الزيادة للمشتري علي كلا التقديرين بلا فرق بين الاشتراط و عدمه و السر فيه ان الثمن في مقابل العدد أو الوزن أو الكيل و المفروض انه كذلك انما الفرق في الوصف و الاوصاف لا تقابل بالثمن فالزيادة للمشتري

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 533

[مسألة 8: يشترط معرفة جنس العوضين و صفاتهما التي تختلف القيمة باختلافها]

(مسألة 8): يشترط معرفة جنس العوضين و صفاتهما التي تختلف القيمة باختلافها، كالألوان و الطعوم و الجودة و الرداءة و الرقة و الغلظة و الثقل و الخفة و نحو ذلك مما يوجب اختلاف القيمة (1) أما ما لا يوجب اختلاف القيمة منها فلا تجب معرفته و ان كان مرغوبا عند قوم و غير مرغوب عند آخرين (2) و المعرفة اما بالمشاهدة (3) أو بتوصيف

______________________________

علي كلا التقديرين فلاحظ.

(1) و الوجه فيه انه مع عدم معرفة الجنس و صفته يلزم الغرر و الغرر يوجب فساد البيع و لكن قد مر منا انه يمكن تصور عدم الغرر مع الجهل بأن يعلم المشتري ان المبيع يسوي هذا المقدار من الثمن و مع ذلك يكون جاهلا بصفاته التي يختلف القيمة باختلافها.

(2) لانتفاء الموضوع فانه ليس مصداقا للغرر فلا وجه للبطلان و لا وجه للاشتراط.

(3)

كما هو ظاهر فانها من طرق ارتفاع الجهل و المعرفة بمتعلق البيع و يؤيد المدعي جملة من النصوص منها ما عن محمد بن العيص قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري ما يذاق يذوقه قبل أن يشتري؟ قال: نعم فليذقه و لا يذوقن مالا يشتري «1».

و منها ما عن عبد الأعلي بن اعين قال نبئت عن أبي جعفر عليه السلام أنه كره شراء ما لم تره «2».

و منها ما عن محمد بن سنان قال نبئت عن أبي جعفر عليه السلام انه كره بيعين

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 534

البائع (1) أو بالرؤية السابقة (2).

[مسألة 9: يشترط أن يكون كل واحد من العوضين ملكا مثل أكثر البيوع الواقعة بين الناس]

(مسألة 9): يشترط أن يكون كل واحد من العوضين ملكا مثل أكثر البيوع الواقعة بين الناس (3)،

______________________________

اطرح و خذ علي غير تقلب و شراء ما لم تر «1».

(1) يمكن أن يقال: ان البائع اذا لم يكن مؤتمنا لا اثر لأخباره و لكن يجاب عن هذا الإيراد بأن المستفاد من حديث «2» ابن حمران اعتبار قول البائع بعد الغاء الخصوصية مضافا الي أن البيع مبنيا علي اخبار البائع مرجعه الي جعل الخيار مع التخلف و مع الخيار لا يصدق الغرر و بعبارة اخري بيع المجهول مع الخيار ليس فيه خطر فلا وجه للفساد.

(2) ان كان مرجعها الي جعل الخيار فقد مر الان انه يوجب رفع الغرر فيصح البيع. و ان كان المراد ان مجرد الرؤية السابقة يوجب رفع الغرر يشكل الالتزام به فانه لا دليل علي اعتبارها لا من ناحية السيرة العقلائية و لا من ناحية الشرع الا توهم جريان الاستصحاب و الاستصحاب لا يجري

في مثل المقام فان الأثر مترتب علي الأحراز لا علي الواقع و بعبارة اخري ان الاستصحاب يقوم مقام القطع الطريقي و لكن الموضوع في المقام ارتفاع الغرر و هذا العنوان لا يترتب علي الأصل فلاحظ.

(3) اما بالنسبة الي المبيع فقد دل عليه النص و هو مكاتبة الصفار انه كتب الي الحسن بن علي العسكري عليه السلام فوقع عليه السلام لا يجوز بيع ما ليس يملك و قد وجب الشراء من البائع علي ما يملك «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 520

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 535

أو ما هو بمنزلته كبيع الكلي في الذمة أو بيع مال شخصي لاختصاصه بجهة من الجهات مثل بيع ولي الزكاة بعض أعيان الزكاة و شرائها العلف لها (1)، و عليه فلا يجوز بيع ما ليس كذلك مثل بيع السمك

______________________________

و ما رواه اسحاق بن عمار عن عبد صالح عليه السلام قال: سألته عن رجل في يده دار ليست له و لم تزل في يده و يد آبائه من قبله قد اعلمه من مضي من آبائه أنها ليست لهم و لا يدرون لمن هي فيبيعها و يأخذ ثمنها قال ما أحب أن يبيع ما ليس له: قلت: فانه ليس يعرف صاحبها و لا يدري لمن هي، و لا اظنه يجي ء لها رب ابدا قال: ما أحب ان يبيع ما ليس له «1».

و ما عن الحجة عليه السلام قال: الضيعة لا يجوز ابتياعها الا من مالكها أو بأمره أو رضي منه «2».

و أما بالنسبة الي الثمن فيمكن ان يكون الوجه فيه ان مقتضي المعاوضة دخول كل من العوضين في كيس من

خرج عنه العوض فاذا لم يكن الثمن ملكا للمشتري لا يمكن ان يدخل المبيع في كيسه و للمناقشة فيما افيد مجال اذ يصدق البيع في غير هذه الصورة أيضا و مع الصدق يشمله دليل الصحة و عليه لو دفع شخص مالا الي غيره و اجاز في انه يشتري به شيئا لنفسه يجوز للمعطي له ان يشتري بالمال المأخوذ شيئا و لا نري فيه مانعا.

(1) الامر كما افاده فانه لا شبهة في صحة بيع الكلي في الذمة كما انه لا اشكال في تصرف المتولي لأمر الوقف او الزكاة او غيرهما و أيضا لا مانع من تصرف الوكيل في مورد الوكالة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 536

في الماء و الطير في الهواء و شجر البيداء قبل أن يصطاد أو يحاز (1).

[مسألة 10: يصح للراهن بيع العين المرهونة بإذن المرتهن]

(مسألة 10): يصح للراهن بيع العين المرهونة باذن المرتهن و كذلك لو أجازه بعد وقوعه و الاظهر صحة البيع مع عدم اجازته أيضا الا أنه يثبت الخيار حينئذ للمشتري اذا كان جاهلا بالحال حين البيع (2).

______________________________

(1) لعدم صيرورتها ملكا قبل الاصطياد او الحيازة فلاحظ.

(2) ما يمكن ان يذكر في تقريب عدم صحة بيع الراهن العين المرهونة وجوه:

الوجه الأول: الإجماع. و فيه ان المنقول منه غير حجة و المحصل منه علي فرض تحققه محتمل المدرك فلا يكون اجماعا تعبديا.

الوجه الثاني ما ارسل عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال الراهن و المرهون (و المرتهن) ممنوعان من التصرف في الرهن «1» فان مقتضي هذا الحديث عدم جواز تصرف كل واحد منهما في العين بلا اذن الاخر.

و فيه ان الرواية مرسلة و لا

اعتبار بها و عمل المشهور بها علي فرض تسلمه لا اثر له كما مر مرارا.

الوجه الثالث انه غرري لإمكان ان لا يقدر الراهن فك الرهن فيبيع المرتهن العين و الظاهر ان هذا الاشكال قوي اذ لا اشكال في ان الأقدام في اشتراء مثل هذا الشي ء معرض للخطر نعم اذا لم يعنون بهذا العنوان او قلنا انه لا دليل علي مانعية الغرر علي الإطلاق لا مانع عن الالتزام بالصحة غاية الأمر مع جهل المشتري يكون له الخيار كما في المتن.

و صفوة القول انه لو لا الغرر لا مانع عن الصحة و لو تنزلنا عما ذكر و قلنا

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 17 من ابواب الرهن الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 537

[مسألة 11: لا يجوز بيع الوقف]

(مسألة 11): لا يجوز بيع الوقف (1)،

______________________________

ليس للمالك الاستقلال بالبيع فلا بد من الالتزام بالصحة مع اجازة المرتهن لما ورد في تزويج العبد بلا اذن سيده لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن مملوك تزوج بغير اذن سيده فقال: ذاك الي سيده ان شاء اجازه و ان شاء فرق بينهما قلت: اصلحك اللّه ان الحكم بن عيينة و ابراهيم النخعي و اصحابهما يقولون: ان اصل النكاح فاسد و لا تحل اجازة السيد له، فقال أبو جعفر عليه السلام انه لم يعص اللّه و انما عصي سيده فاذا اجازه فهو له جائز «1».

معللا «بأنه لم يعص اللّه و انما عصي سيده فاذا اجاز جاز» اذ يستفاد من عموم العلة ان المانع اذا كان حق الادمي يصح باجازته فتحصل ان الظاهر عدم جواز بيع الرهن الا باذن المرتهن او باجازته بعد البيع و لو تنزلنا و قلنا بجواز بيع الرهن و لو

بدون اذن المرتهن و اجازته فالظاهر ثبوت الخيار للمشتري للشرط الارتكازي الضمني فلاحظ.

(1) يقع البحث في مقامين احدهما في بيان حقيقة الوقف و انه هل ينافي البيع الوقف؟ ثانيهما في الوجوه التي يمكن اقامتها علي عدم الجواز اما المقام الأول فالذي يستفاد من موارد الاستعمال و كلمات اصحاب اللغة ان الوقف عبارة عن جعل العين ساكنا فيقال: وقفت. سفينة المساكين اي صارت ساكنة غير متحركة قال:

في مجمع البحرين: «و قد تكرر ذكر الوقف في الحديث و هو تحبيس الأصل و اطلاق المنفعة» و عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال حبس الأصل و سبل الثمرة «2».

فيمكن ان يقال ان الوقف الخارجي جعل الشي ء ساكنا عن الحركة الخارجية

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

(2) مستدرك الوسائل الباب 2 من أبواب الوقوف الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 538

______________________________

كما في قوله تعالي وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ «1».

و الوقف الاعتباري الذي هو مورد البحث جعل الشي ء واقفا و ساكنا و غير متحرك بالحركة الاعتبارية و علي هذا الأساس الوقف بماله من المعني ينافي البيع و لا يخفي ان ما ذكرنا لا يستلزم بطلان الوقف بعروض المجوز للبيع اذ لا تنافي بين جعل الواقف العين موقوفة عن الحركة و بين حكم الشارع بجواز بيعه في المورد الفلاني.

و ان شئت قلت يجوز بيع الوقف في بعض الموارد فلا بد من التحفظ علي حفظ الموضوع و بعبارة اخري موارد جواز بيع الوقف تخصيص في دليل المنع لا تخصص هذا تمام الكلام في المقام الأول.

و أما المقام الثاني فما يمكن ان يذكر في مستند عدم الجواز وجوه: الوجه الأول: الاجماع علي عدم جواز بيع الوقف

في الجملة و الظاهر انه لا مجال لإنكاره فان عدم الجواز في الجملة مما تسالم عليه الأصحاب و اتفقوا عليه و انما الكلام في بعض الخصوصيات.

الوجه الثاني ما عن أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام في الوقف:

الوقوف تكون علي حسب ما يوقفها اهلها ان شاء اللّه «2». و ما رواه محمد بن يحيي قال: كتب بعض أصحابنا الي أبي محمد عليه السلام في الوقوف و ما روي فيها فوقع عليه السلام: الوقوف علي حسب ما يقفها اهلها ان شاء اللّه «3».

و لا يبعد ان يكون المستفاد من الحديث ان اللازم شرعا العمل بما قرره

______________________________

(1) الصافات/ 24

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 539

______________________________

الواقف من القيود و الشروط في الموقوف عليه و في كيفية الصرف و بقية الجهات الراجعة اليه فلا يرتبط الحديث بالمقام الا ان يقال: ان العرف يفهم من هذا الكلام ان امضاء الوقف شرعا تابع لجعل الواقف فالسكون و الوقوف عن الحركة الاعتبارية مقوم للوقف.

الوجه الثالث: ان امضاء الوقف بنفسه يقتضي عدم جواز بيعه اذ بعد ما علم ان الوقف عبارة عن وقوف العين عن الحركة في وعاء الاعتبار و كونها ساكنة غير متحركة و امضاء الشارع هذا الاعتبار كما هو المفروض يترتب عليه فساد نقلها إلا مع قيام الدليل علي التخصيص في المورد الفلاني فلاحظ.

الوجه الرابع ما رواه ربعي بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال تصدق امير المؤمنين عليه السلام بدار له في المدينة في بني زريق فكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا ما تصدق به علي بن أبي طالب و هو حي سوي تصدق

بداره التي في بني زريق صدقة لا تباع و لا توهب حتي يرثها اللّه الذي يرث السماوات و الأرض الحديث «1».

و تقريب الاستدلال بالرواية علي المدعي ان كلمتي لا تباع و لا توهب صفتان للنوع بأن يقال ان الصدقة تارة تقبل البيع و الهبة كالصدقات المستحبة الجارية بين الناس و اخري لا تكون قابلة لهما كالوقف و الحاصل انهما صفتان للنوع لا للشخص و قد ذكرت لا ثبات كون المذكور صفة للنوع عدة امور: منها:

ان الظاهر بحسب الفهم العرفي ان قوله عليه السلام: «صدقة لا تباع» مفعول مطلق نوعي لقوله عليه السلام: «تصدق» فيدل علي ان الصدقة علي نحوين كما ذكرنا. و منها: انه لو كان وصفا للشخص لكان المناسب أن يتأخر ذكره عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 540

______________________________

الموقوف عليه و الحال انه ذكر قبل ذكر الموقوف عليه و بعبارة اخري مقتضي القانون العربي تأخر الشرط في الذكر عن المشروط عليه.

و منها ان الاشتراط الخارجي يحتاج الي ذكر كلمة «علي» كأن يقال علي ان يبيعوا او يذكر بعد ادوات الشرط و الحال أن المذكور في الرواية ليس كذلك.

و منها: ان الوصف اذا كان للشخص و يكون مرجعه الي الاشتراط لا يترتب عليه عدم جواز البيع وضعا فان شرط الفعل لا يترتب عليه الحكم الوضعي بل المترتب عليه الحكم التكليفي مثلا لو اشترط احد المتعاقدين علي الأخر في ضمن العقد أن لا يتزوج بفلانة يترتب عليه حرمة الازدواج تكليفا لكن لو غفل المشروط عليه أو عصي و تزوج بفلانة يصح عقده فلا يترتب الأثر المقصود علي مثل هذا الشرط اللهم الا أن يقال: ان من يلتزم

بكونه شرطا خارجيا لا يأبي عن ترتب هذا اللازم عليه و صفوة القول أنه لا اشكال في أن الرواية بحسب الظهور تدل علي المدعي و الظاهر صحة السند.

الوجه الخامس ما رواه ابن راشد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام قلت جعلت فداك اشتريت أرضا الي جنب ضيعتي بألفي درهم فلما و فرت المال خبرت أن الأرض وقف. فقال: لا يجوز شراء الوقوف و لا تدخل الغلة في ملكك ادفعها الي من اوقفت عليه قلت: لا اعرف لها ربا قال: تصدق بغلتها «1».

فان مقتضي صراحة الرواية عدم جواز بيع الوقف الوجه السادس: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال أوصي أبو الحسن عليه السلام بهذه الصدقة فان المستفاد من قوله عليه السلام- في ذيل الحديث- «لا يحل لمؤمن يؤمن باللّه و اليوم الأخر أن يبيعها و لا يبتاعها و لا يهبها و لا ينحلها و لا يغير شيئا مما و صفته عليها

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 541

الا في موارد: منها: أن يخرب بحيث لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه كالحيوان المذبوح و الجذع البالي، و الحصير المخرق (1).

______________________________

حني يرث اللّه الأرض و من عليها «1» ان الصدقة التي تصدق بها موصوفة بهذه الصفة و بعبارة اخري يفهم من الحديث ان الصدقة ربما تكون علي نحو لا يجوز بيعها و لا شرائها.

و مما يوضح المدعي قوله عليه السلام «و لا يبتاعها» اذ لو كان شرطا شخصيا يكون المشروط عليه موظفا بعدم بيعه و يكون البيع حراما بالنسبة اليه و أما بالنسبة الي المشتري فلا وجه للحرمة و الحال ان المستفاد من الرواية انه يحرم بيعه و

أيضا يحرم شرائه و هذا هو المدعي حيث انه لا يجوز التصرف فيه لا بالبيع و لا بالشراء فيتم المقصود فلاحظ.

الوجه السابع ما رواه ابن عطية قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول قسم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الفي ء فاصاب عليا عليه السلام ارض فاحتفر فيها عينا فخرج منها ماء ينبع في السماء كهيئة عنق البعير فسماها عين ينبع فجاء البشير يبشره فقال: بشر الوارث بشر الوارث هي صدقة بتا بتلا في حجيج بيت اللّه و عابر سبيله لا تباع و لا توهب و لا تورث فمن باعها أو وهبها فعليه لعنة اللّه و الملائكة و الناس اجمعين لا يقبل اللّه منه صرفا و لا عدلا «2» فان المستفاد من هذه الرواية ان الوقف صدقة لا تباع و لا توهب.

(1) ربما يقال في تقريب جواز البيع ان الدليل علي عدم الجواز اما الإجماع و اما قوله عليه السلام «لا يجوز شراء الوقوف» «3» و اما قوله الوقوف علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 540

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 542

______________________________

حسب ما يقفها اهلها «1» و شي ء منها لا يقتضي المنع اما الاجماع فواضح لعدم اجماع علي عدم الجواز في الصدقات المفروضة و علي فرض تحققه لا يكون اجماعا تعبديا كاشفا و اما قوله عليه السلام «لا يجوز شراء الوقف» فلانصرافه عن الصورة المفروضة و لا يشملها.

و فيه انه لا وجه للانصراف الاقلة الوجود و قلة الوجود لا توجب الانصراف الي بقية الافراد و ان شئت قلت ان قلة الوجود لا توجب الانصراف اليها لا انها

توجب الانصراف عنها و بينهما فرق. و اما قوله عليه السلام الوقوف الخ فلانه مسوق لبيان الكيفية المرسومة في الوقف و ليس عدم البيع منها و فيه انه قد مر ان الوقف عبارة عن اعتبار عدم الحركة في العين و كونها ساكنة غير متحركة و الشارع الاقدس امضي هذا الاعتبار فيمكن ان يقال: ان عدم النقل مقوم للوقف.

و ربما يقال في وجه جواز البيع في الصورة المفروضة ان قوام الوقفية بالصورة النوعية و مع زوال الصورة يبطل الوقف فيجوز بيع العين لانتفاء الموضوع.

و اورد فيه او لا بأن لازم هذا الكلام ان الصورة النوعية اذا تبدلت الي صورة نوعية اخري قابلة للانتفاع بها لجاز بيعها لانبطال الوقف و الحال انه لا يجوز بيعه في هذا الفرض.

و ثانيا ان الوقف مثل البيع فكما ان بيع الدار لا يبطل بخرابها كذلك لا يبطل الوقف بانعدام الصورة النوعية بل الوقف باق في ضمن الصورة الاخري. و ثالثا ان لازم ما ذكر عود الوقف الي ملك الواقف أو صيرورته ملكا للبطن الموجود او صيرورته من المباحات الاصلية القابلة للتملك لكل احد لا جواز بيعه كما هو المدعي.

و يمكن ان يقال: ان الوجه في الجواز ان الغرض من الوقف الانتفاع بالعين

______________________________

(1) لاحظ ص: 538

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 543

و منها: أن يخرب علي نحو يسقط عن الانتفاع المعتد به مع كونه ذا منفعة يسيرة ملحقة بالمعدوم عرفا (1).

و منها: ما اذا اشترط الواقف بيعه عند حدوث أمر من قلة المنفعة أو كثرة الخراج أو كون بيعه أنفع أو احتياجهم الي عوضه أو نحو ذلك (2).

______________________________

فالواقف بحسب ارتكازه قاصد لبقاء العين ما دام كونها قابلة للانتفاع و في فرض عدم امكان

تبدل الي ما هو قابل للانتفاع به و مقتضي الاحتياط أن يراعي الأقرب فالأقرب الي نظر الواقف و مقتضي كون الوقف علي حسب ما أوقفه أهله امضاء الشارع الأقدس اياه علي هذا النحو فلا يشمله دليل عدم جواز بيع الوقف.

و ان شئت قلت: الجمع بين هذا الدليل و دليل عدم جواز البيع يقتضي اختصاص عدم الجواز بغير هذه الصورة. و ان شئت قلت: ان المقصود من الوقف ابقاء العين و الانتفاع بها و حيث ان الانتفاع غير ممكن علي الفرض يكون دليل عدم جواز البيع منصرفا عنه فلاحظ.

(1) الظاهر ان الوجه في جواز بيع الوقف في هذه الصورة هو الوجه و بعبارة اخري لا اجماع في المقام علي عدم الجواز و دليل عدم الجواز منصرف عن هذه الصورة و ابقاء العين علي حالها مع كون الانتفاع بها ملحقا بالعدم مخالف لمقصود الواقف و ان شئت قلت الواقف بارتكازه رخص في بيعه و تبديله بما يكون ذا نفع معتد به فيجوز بيعه.

(2) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجوه: الوجه الاول: ادلة نفوذ الشرط.

و فيه ان دليل الشرط ليس مشرعا بل لا بد من احراز صحة الشرط و جوازه في الرتبة السابقة و جواز البيع بعد الوقف اول الكلام بل لنا أن نقول بأن دليل حرمة بيع

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 544

______________________________

الوقف لا يبقي مجالا لهذا الاشتراط و بتقريب آخر: ان مرجع هذا الاشتراط الي الترخيص في البيع عند تحقق المعلق عليه كحاجة الموقوف عليهم فمعناه ان الواقف جوز بيع الوقف في الصورة الكذائية و الحال انه لا يجوز بيع الوقف و ان شئت قلت الاشتراط المذكور ترخيص من الواقف في بيع الوقف و ترخيص

الواقف لا دليل علي كونه مؤثرا فان ترخيصه كترخيص الأجنبي و دليل نفوذ الشرط لا يشمله اذ الشرط المذكور لا يرتبط بالوقف بل هو شرط خارجي.

الوجه الثاني: قوله عليه السلام الوقوف علي حسب ما يوقفها اهلها «1» بتقريب ان المستفاد من هذه الرواية ان الوقف تابع لجعل الواقف. و فيه انه لا اشكال في أن الوقف لا بد أن يكون علي نحو مشروع كي يمضي من قبل الشارع و المفروض ان مقتضي الدليل حرمة بيع الوقف فلا يشمله دليل الامضاء الا أن يقال ان الجمع بين دليل كون الوقف تابعا لإنشاء الواقف و دليل حرمة بيع الوقف يقتضي عدم شمول دليل الحرمة لمورد رخص الواقف في بيعه لان الوقف علي حسب ما أوقفه اهله.

الوجه الثالث: ما رواه عبد الرحمن قال بعث إلي بهذه الوصية ابو ابراهيم عليه السلام هذا ما أوصي به و قضي في ماله عبد اللّه علي ابتغاء وجه اللّه الي أن قال:

فان اراد أن يبيع نصيبا من المال فيقضي به الدين فليفعل إن شاء لا حرج عليه فيه إن شاء جعله شروي (سري خ) الملك و ان ولد علي و أموالهم الي الحسن بن علي و ان كان دار الحسن غير دار الصدقة فبدا له أن يبيعها فليبعها إن شاء لا حرج عليه فيه الحديث «2».

فان المستفاد من هذه الرواية جواز اشتراط بيع الوقف من قبل الواقف عند

______________________________

(1) لاحظ ص: 538

(2) الوسائل الباب 10 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 545

و منها: ما اذا وقع الاختلاف الشديد بين الموقوف عليهم بحيث لا يؤمن معه من تلف النفوس و الاموال (1).

______________________________

حدوث أمر كما في المتن و هذه الرواية

الشريفة صريحة الدلالة في المدعي و لا اشكال فيها لا من ناحية السند و من ناحية الدلالة فان ما فعله مولي الكونين امير المؤمنين و امام الثقلين و أفضل الخلائق بعد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم اجمعين حجة فلاحظ.

(1) يمكن أن يذكر في وجه الجواز في هذه الصورة امور: الأول: قاعدة لا ضرر بتقريب ان مقتضي هذه القاعدة عدم حرمة بيع الوقف فيجوز بيعه. و فيه ان الاختلاف المؤدي الي تلف النفوس امر اختياري للموقوف عليهم و لا يرتبط بالحكم الشرعي و من الظاهر ان الاضرار الناشي عن اختيار المكلف لا يؤثر في الحكم الشرعي. و ثانيا ان قاعدة لا ضرر تنفي الحكم الضرري و ليس شأنها اثبات الحكم غير الضرري فلا يستفاد منها جواز البيع وضعا.

الثاني وجوب حفظ النفس فان حفظ النفس المحترمة يقتضي جواز بيع الوقف و فيه ان الحكم الشرعي الوضعي لا يتغير بلحاظ الاختلافات الواقعة بين المكلفين.

الثالث مكاتبة علي بن مهزيار قال: كتبت اليه ان الرجل ذكران بين من وقف عليهم هذه الضيعة اختلافا شديدا و انه ليس يأمن ان يتفاقم ذلك بينهم بعده فان كان تري أن يبيع هذا الوقف و يدفع الي كل انسان منهم ما وقف له من ذلك أمرته، فكتب اليه بخطه و اعلمه أن رأيي له ان كان قد علم الاختلاف ما بين اصحاب الوقف ان يبيع الوقف امثل فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الاموال و النفوس «1».

بتقريب ان المستفاد من الخبر جواز البيع فيما يكون بين الموقوف عليهم اختلاف يمكن ان يؤدي الي تلف المال و النفس. و قد اورد في الاستدلال بالخبر

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الوقوف و

الصدقات الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 546

و منها: ما لو لاحظ الواقف في قوام الوقف عنوانا خاصا في العين الموقوفة مثل كونها بستانا أو حماما فيزول ذلك العنوان فانه يجوز البيع حينئذ (1)،

______________________________

بايرادات: منها ان الخبر معرض عنه عند الاصحاب و فيه منع الاعراض اولا و عدم تأثير الاعراض ثانيا.

و منها ان الكلام في الوقف المؤبد و الرواية ظاهرة في الوقف المنقطع لعدم ذكر الاعقاب فيها. و فيه ان ترك الاستفصال يقتضي عدم الفرق بين المؤبد و الموقت.

و منها ان مورد الرواية الوقف غير المقبوض و غير المقبوض من الوقف لا يكون وقفا فلا يكون دليلا لمورد البحث. و فيه ان الظاهر تمامية الوقف و الحمل علي ما قبل القبض حمل علي خلاف الظهور العرفي بلا دليل مضافا الي انه يكفي لعموم الحكم ترك الاستفصال فان مقتضاه عدم الفرق بين تحقق القبض و عدم تحققه.

و منها ان الظاهر من الرواية كون الثمن للبطن الموجود و الحال انه مناف لحق بقية البطون. و فيه ان رفع اليد عن هذه الفقرة في الرواية لا يقتضي رفع اليد عن الرواية بالكلية.

و منها ان الظاهر من الرواية ان البائع هو الأجنبي و الحال ان الأمر موكول الي الموقوف عليهم. و فيه انه يمكن أن يكون المتصدي هو المتولي لأمر الوقف و يمكن أن يكون الوجه في التصدي الأذن من الامام عليه السلام و لكن الظاهر من الرواية ان الحكم الشرعي هو الجواز بلا خصوصية للمورد فيمكن أن يكون المتصدي من يجوز له التولي لكونه متوليا أو لكونه مأذونا من قبل الموقوف عليهم فلاحظ.

(1) اذ المفروض ان الوقف تعلق بالعنوان و بعبارة اخري لا مجال لبقاء الحكم مع انتفاء

الموضوع و المفروض ان موضوع الوقف هو العنوان و مع زوال العنوان يزول الوقف. و اورد عليه الشيخ الأعظم قدس سره بأنه لا وجه للبطلان بانعدام

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 547

______________________________

العنوان لأنه ان اريد بالعنوان ما جعل مفعولا في قوله وقفت هذا البستان فلا شك في أنه ليس الا كقوله بعت هذه البستان او وهبته فان التمليك المعلق بعنوان لا يقتضي دوران الملك مدار العنوان الي ان قال و ان اريد بالعنوان شي ء آخر فهو خارج عن مصطلح اهل العرف و العلم فلا بد من بيان المراد منه انتهي.

و الجواب عن هذا الاشكال انه تارة يقع الوقف علي الموجود الخارجي و يشار بالعنوان الي ذلك الموجود في الخارج فقوله وقفت هذه الدار مرجعه الي وقفت هذا الشي ء و في هذا الفرض لا مجال للالتزام ببطلان الوقف بزوال العنوان اذ المفروض انه لا مدخلية لبقاء العنوان في بقاء الوقف و اخري يتعلق بالعنوان بما هو عنوان كما لو تعلق الوقف بعنوان البستان فانه بعد زوال عنوان البستان لا مجال لبقاء الوقف، فيقع الكلام في أنه بعد زوال العنوان يكون المعنون الباقي ملكا للواقف او ورثته او يكون ملكا للموقوف عليهم و ورثته.

و تردد صاحب الجواهر «1» في المقام و رجح كونه ملكا للموقوف عليه بتقريب ان الوقف خرج من ملك الواقف و دخل في ملك الموقوف عليه غاية الأمر لم يكن بيعه جائزا له لعدم جواز بيع الوقف و اما بعد زوال العنوان و بطلان الوقف لا مانع عن التصرف في العين للمالك اي الموقوف عليه.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: انه بعد زوال العنوان يكون ملكا للواقف ان كان موجودا او لوارثه ان لم يكن

موجودا و الوجه فيه ان الإهمال في الواقعيات محال فان الواقف اذا وقف العين بعنوان خاص كعنوان الدار مثلا فتبدل ذلك العنوان بعنوان آخر فان كان الوقف باقيا يكون خلف الفرض و بعبارة اخري المفروض قوام الوقف بالعنوان الذي تعلق به الوقف و المفروض زواله فالوقف باق ببقاء

______________________________

(1) جواهر الكلام: ج 22 ص 359.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 548

و ان كانت الفائدة باقية بحالها أو أكثر (1).

و منها: ما اذا طرأ ما يستوجب أن يؤدي بقاؤه الي الخراب المسقط له عن المنفعة المعتد بها عرفا (2)، و اللازم تأخير البيع الي آخر أزمنة امكان البقاء (3).

______________________________

العنوان و مرجعه الي التوقيت فالعين الموقوفة في الصورة المفروضة لم تخرج عن ملك الواقف الا مقدارا من الزمان و في الحقيقة يكون الوقف علي هذا الفرض من الوقف الموقت فما افاده صاحب الجواهر في المقام من احتمال عوده الي ملك الواقف غير صحيح فان العود يتوقف علي الخروج و لا مقتضي للخروج الا بالمقدار الخاص لا مطلقا.

و ان شئت قلت اذا التزمنا بخروج العين عن ملك الواقف فلا مقتضي لعودها في ملكه و أما ان قلنا بعدم خروجها الا بالمقدار المعين فلا موضوع للعود بل مقتضاه عدم الخروج الا بهذا المقدار فلاحظ و تأمل و اغتنم، و لا يقاس المقام بباب البيع فان البائع للدار و ان يملك الدار من المشتري لكن في حكم الشارع و العقلاء تصير العين مملوكة للمشتري و لا تدور الملكية مدار بقاء عنوان الدارية بل تصير الدار مملوكة له بلا تقييدها ببقاء عنوان الدارية.

و صفوة القول: ان الوقف قد يتعلق بالعنوان بما هو و اخري يتعلق بمتعلقه بلا خصوصية للعنوان بما هو عنوان فعلي

الاول يزول الوقف بزوال ذلك العنوان و علي الثاني لا يزول بل يكون باقيا ببقاء المتعلق.

(1) لان المفروض بطلان الوقف بزوال العنوان.

(2) و الوجه فيه انصراف ادلة حرمة البيع عن هذه الصورة و ان الواقف و لو بالارتكاز رخص في البيع و جعل بدله وقفا و الوقوف علي حسب ما يوقفها اهلها.

(3) اذ لا وجه للجواز ما دام يكون الانتفاع ممكنا.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 549

[مسألة 12: ما ذكرناه من جواز البيع في الصور المذكورة لا يجري في المساجد]

(مسألة 12): ما ذكرناه من جواز البيع في الصور المذكورة لا يجري في المساجد، فانها لا يجوز بيعها علي كل حال (1)، نعم يجري في مثل الخانات الموقوفة للمسافرين، و كتب العلم و المدارس و الرباطات الموقوفة علي الجهات الخاصة (2).

[مسألة 13: إذا جاز بيع الوقف]

(مسألة 13): اذا جاز بيع الوقف، فان كان من الاوقاف غير المحتاجة الي المتولي كالوقف علي الاشخاص المعينين لم تحتج الي اجازة غيرهم (3) و الا فان كان له متول خاص فاللازم مراجعته، و يكون البيع باذنه (4) و الا فالاحوط مراجعة الحاكم الشرعي، و الاستئذان منه في البيع (5) كما أن الاحوط أن يشتري بثمنه ملكا،

______________________________

(1) فان المسجد لا يكون وقفا بل المسجد تحرير فلا تشمله ادلة جواز بيع الوقف فلا يجوز بيع المساجد.

(2) فانها اوقاف عامة و الوقف العام ملك للعنوان العام فيترتب عليه احكام الوقف فيجوز بيعه كالوقف الخاص عند عروض المجوز فلاحظ.

(3) الذي يختلج بالبال انه يلزم ضم الحاكم الي الموقوف عليه اذ ليس الوقف ملكا طلقا للموجودين فلا بد من ضم الحاكم حيث انه ولي القاصرين و المعدوم قاصر عن التصرف الا أن يقال المفروض جواز البيع و أيضا المفروض ان المالك الفعلي هم الموجودون فيجوز لهم التصدي للبيع و لا يحتاج الي ضم الحاكم فما افاده في المتن صحيح.

(4) كما هو ظاهر فان الأمر موكول الي المتولي فلا بد من مراجعته اذ الامر بيده علي الفرض.

(5) لم يظهر لي وجه عدم جزم الماتن بلزوم مراجعة الحاكم اذ مع عدم

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 550

و يوقف علي النهج الذي كان عليه الوقف الاول (1) نعم لو خرب بعض الوقف جاز بيع ذلك البعض و صرف ثمنه في مصلحة المقدار

العامر، أو في وقف آخر، اذا كان موقوفا علي نهج وقف الخراب (2) و اذا

______________________________

المتولي و عدم كون الوقف وقفا خاصا يدخل المقام في الامور الحسبية التي لا بد من مراجعة الحاكم فيها و بعبارة اخري ليس لكل احد التصرف في المال بل المتصدي لا بد من كونه مأذونا شرعا بأن يكون اما مالكا او وليا علي المالك او و كيلا عنه و الا لا يجوز التصرف فعليه فينحصر الامر في الحاكم.

(1) لا يبعد أن يقال انه لو اشتري ملك آخر لا يحتاج الي وقفه بل مقتضي البدلية صيرورته وقفا بالاشتراء و بعبارة واضحة لو لم نلتزم بكون البدل وقفا بلا احتياج الي إنشاء الوقف يتوجه السؤال بأن هذا الملك لمن يكون؟ ان قلنا بأنه ليس ملكا لأحد بل يكون من المباحات فلا مجال لوجوب وقفه و لا يمكن الالتزام به و ان قلنا بدخوله في ملك الواقف فمضافا الي انه لا مقتضي له يلزم صيرورة الوقف بعد بيعه و اشتراء بدله انه يزول عنوان الوقف عنه و بطلانه و هل يمكن الالتزام به؟

و اما نلتزم بكونه ملكا للموقوف عليه ملكا طالقا فيعود المحذور و هو بطلان الوقفية فاللازم أن نلتزم بكونه وقفا كالمبدل بلا احتياج الي إنشاء الوقف هذا بالنسبة الي كونه وقفا و اما اعتبار كونه علي النهج الذي كان عليه الوقف الأول فلا يبعد أن يكون هو الاظهر فان الواقف اراد هذا المعني و لو بالارتكاز فلا بد من رعاية نظره بمقتضي ان الوقوف علي حسب ما اوقفها اهلها.

(2) اذا أمكن بيعه و تبديله بالمماثل لا يبعد وجوبه كما انه لو امكن بيع كله و تبديله بما يكون مماثلا للموقوف لا يبعد

ان يكون متعينا لرواية عبد الرحمن بن الحجاج قال: بعث إلي بهذه الوصية ابو ابراهيم عليه السلام: هذا ما اوصي به و قضي في ماله عبد اللّه علي ابتغاء وجه اللّه ليولجني به الجنة و يصرفني به عن النار، و يصرف

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 551

خرب الوقف و لم يمكن الانتفاع به و أمكن بيع بعضه و تعمير الباقي بثمنه فالاحوط الاقتصار علي بيع بعضه و تعمير الباقي بثمنه (1).

[مسألة 14: لا يجوز بيع الأمة إذا كانت ذات ولد لسيدها]

(مسألة 14): لا يجوز بيع الامة اذا كانت ذات ولد لسيدها (2).

______________________________

النار عني يوم تبيض وجوه و تسود وجوه ان ما كان لي من مال بينبع- الي ان قال-: و انه يقوم علي ذلك الحسن بن علي يأكل منه بالمعروف، و ينفقه حيث يريد اللّه في حل محلل لا حرج عليه فيه، فان اراد ان يبيع نصيبا من المال فيقضي به الدين فليفعل إن شاء لا حرج عليه فيه و إن شاء جعله شروي (سري خ) الملك الحديث «1» بتقريب انه عليه السلام بعد قوله (فان اراد ان يبيع نصيبا من المال) قال: الي ان قال عليه السلام: (و ان شاء جعله شروي الملك).

و قال في مجمع البحرين و شروي الشي ء مثله، فيستفاد من هذه الجملة انه يجوز له ان يجعله مثل الملك فيجوز التقلب فيه بالبيع و اللّه العالم. بل يمكن ان يستدل علي المدعي بقوله عليه السلام (الوقوف علي حسب ما اوقفها اهلها).

(1) الذي يختلج بالبال ان يقال انه اذا امكن تبديله بملك آخر يكون كالملك الاول في الخصوصيات يلزم لكونه اقرب الي نظر الواقف و اما اذا لم يمكن تصل النوبة الي بيع بعضه و صرف الثمن في الباقي و علي الجملة

لا بد من رعاية نظر الواقف الأقرب اليه فالأقرب و اللّه العالم.

(2) قال الشيخ الأنصاري قدس سره: «و من أسباب خروج الملك عن كونه طلقا صيرورة المملوكة أم ولد لسيدها فان ذلك يوجب منع المالك عن بيعها بلا خلاف بين المسلمين علي الظاهر المحكي عن مجمع الفائدة» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 552

و لو كان حملا غير مولود (1) و كذا لا يجوز نقلها بسائر النواقل (2) و اذا

______________________________

و يستفاد من بعض النصوص كونه امرا منكرا لاحظ ما رواه السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام أن عليا أتاه رجل فقال: ان امتي أرضعت ولدي و قد أردت بيعها فقال: خذ بيدها فقل من يشتري مني أم ولدي؟! «1».

و يظهر من بعض النصوص كحديث زرارة قال: سألته عن أم الولد، قال:

امة تباع و تورث و توهب وحدها حد الأمة «2» جواز بيع أم الولد و لا بد من حمله علي بعض المحامل كبيعها في فرض موت ولدها أو في مورد وجود المجوز لبيعها.

(1) قال الشيخ الأنصاري قدس سره: «فلا اشكال بل لا خلاف في تحقق الموضوع بمجرد الحمل» الخ و يدل علي المدعي ما رواه محمد بن مارد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتزوج الامة فتلد منه أولادا ثم يشتريها فتمكث عنده ما شاء اللّه لم تلد منه شيئا بعد ما ملكها ثم يبدو له في بيعها، قال: هي أمته ان شاء باع ما لم يحدث عنده حمل بعد ذلك و ان شاء أعتق «3».

(2) قال الشيخ الأنصاري قدس سره: «ثم ان عموم المنع

لكل ناقل و عدم اختصاصه بالبيع قول جميع المسلمين و الوجه فيه ظهور ادلة المنع المعنونة بالبيع في ارادة مطلق النقل فان مثل قول امير المؤمنين عليه السلام في الرواية السابقة «خذ بيدها و قل من يشتري أم ولدي» يدل علي كون مطلق نقل أمّ الولد الي الغير كان من المنكرات و هو مقتضي التأمل فيما سيجي ء من اخبار بيع أمّ الولد في ثمن رقبتها و عدم جوازه فيما سوي ذلك». انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 24 من أبواب بيع الحيوان الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 4 من كتاب الاستيلاد.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 553

مات ولدها جاز بيعها (1) كما يجوز بيعها في ثمن رقبتها مع اعسار المولي، و في هذه المسألة فروع كثيرة لم نتعرض لها لقلة الابتلاء بها (2).

[مسألة 15: لا يجوز بيع الأرض الخراجية]

(مسألة 15): لا يجوز بيع الارض الخراجية (3).

______________________________

علو مقامه.

(1) قال في الجواهر: «بلا خلاف اجده فيه بل لعل الاجماع بقسميه عليه» الخ «1». و يدل علي المدعي بعض النصوص لاحظ ما رواه ابن أبي عمير عن بعض اصحابنا عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري جارية يطأها فولدت له ولدا فمات ولدها، قال: ان شاءوا باعوها في الدين الذي يكون علي مولاها من ثمنها و ان كان لها ولد قومت علي ولدها من نصيبه «2».

(2) لاحظ ما رواه عمر بن يزيد قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السلام: أسألك قال: سل قلت: لم باع امير المؤمنين عليه السلام امهات الأولاد؟ قال: في فكاك رقابهن، قلت: و كيف ذلك؟ قال: ايما رجل اشتري جارية فأولدها ثم لم يؤد

ثمنها و لم يدع من المال ما يؤدي عند اخذ ولدها منها فبيعت و ادي ثمنها، قلت:

فيبعن فيما سوي ذلك من دين؟ قال: لا «3». و لعدم الابتلاء بهذا الفرع في زماننا هذا كما اشار اليه الماتن لم نتعرض للتفصيل.

(3) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فانه لا يجوز التصرف في ملك الغير و يشترط في البيع ان يكون البائع اما مالكا و اما يكون وليا و اما يكون و كيلا فعدم الجواز علي طبق الأصل الأولي مضافا الي النصوص الدالة علي عدم الجواز منها ما رواه

______________________________

(1) جواهر الكلام: ج 22، ص 375.

(2) الوسائل الباب 5 من كتاب الاستيلاد الحديث: 2.

(3) الوسائل الباب 24 من أبواب بيع الحيوان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 554

______________________________

ابو بردة بن رجا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: كيف تري في شراء ارض الخراج؟ قال: و من يبيع ذلك هي ارض المسلمين، قال: قلت: يبيعها الذي هي في يده، قال: و يصنع بخراج المسلمين ما ذا؟ ثم قال: لا بأس اشتري حقه منها و يحول حق المسلمين عليه و لعله يكون أقوي عليها و املي بخراجهم منه «1».

و هذه الرواية تدل علي عدم الجواز فان الاستفهام الوارد فيها انكاري و توبيخي و لكن الرواية ضعيفة سندا بأبي بردة حيث انه لم يوثق و مجرد رواية صفوان عنه لا يكفي كما حقق في محله.

و منها مرسل حماد بن عيسي فان قوله عليه السلام «فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمرها» الخ «2» يدل علي عدم جواز بيعها و لكن المرسل لا اعتبار به.

و منها ما رواه الحلبي قال: سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن السواد ما منزلته؟

فقال: هو لجميع

المسلمين لمن هو اليوم، و لمن يدخل في الإسلام بعد اليوم، و لمن لم يخلق بعد، فقلت: الشراء من الدهاقين قال: لا يصلح الا ان تشتري منهم علي ان يصيرها للمسلمين، فاذا شاء ولي الأمر أن يأخذها اخذها، قلت: فان اخذها منه قال: يرد عليه رأس ماله و له ما اكل من غلتها بما عمل «3». و هذه الرواية واضحة الدلالة علي المدعي و لا اشكال في سندها.

و منها ما رواه محمد بن شريح قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن شراء الأرض من ارض الخراج فكرهه، و قال: انما ارض الخراج للمسلمين، فقالوا له: فانه يشتريها الرجل و عليه خراجها، فقال: لا بأس الا ان يستحيي من عيب

______________________________

(1) الوسائل الباب 71 من أبواب جهاد العدو الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 41 من أبواب جهاد العدو الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 21 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 555

و هي: الارض المفتوحة عنوة العامرة حين الفتح (1).

______________________________

ذلك «1». و هذه الرواية ضعيفة سندا فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها.

و منها ما رواه ابو الربيع الشامي، عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تشتر من ارض السواد (اراضي اهل السواد) شيئا الا من كانت له ذمة فانما هو في ء للمسلمين «2».

و الاستثناء الوارد في ذيل الرواية باعتبار ان الارض المفتوحة عنوة ان ابقيت في يد من كانت له ذمة يكون ملكا لأربابها فيجوز بيعها فما في بعض النصوص من جواز بيع الارض المفتوحة عنوة يحمل عليه: لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن شراء ارضهم فقال: لا بأس ان تشتريها فتكون اذا كان ذلك بمنزلتهم تؤدي فيها كما

يؤدون فيها «3».

(1) يشترط فيها شروط: الشرط الأول: ان تكون مفتوحة عنوة و الظاهر ان الشرط المذكور متسالم عليه بينهم بل الظاهر ان الامر من الواضحات و مورد الارتكاز و يستفاد المدعي من مرسل حماد قال: و الارضون التي اخذت عنوة بخيل او ركاب فهي موقوفة متروكة في يد من يعمرها و يحييها «4».

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه صفوان بن يحيي و احمد بن محمد بن ابي نصر جميعا قالا: ذكرنا له الكوفة و ما وضع عليها من الخراج و ما سار فيها اهل بيته، فقال:

من اسلم طوعا تركت ارضه في يده و اخذ منه العشر مما سقي بالسماء و الانهار، و نصف العشر مما كان بالرشا فيما عمروه منها و ما لم يعمروه منها اخذه الامام فقبله

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 41 من أبواب جهاد العدو الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 556

______________________________

ممن يعمره، و كان للمسلمين و علي المتقبلين في حصصهم العشر او نصف العشر و ليس في أقلّ من خمسة اوسق شي ء من الزكاة، و ما اخذ بالسيف فذلك الي الامام يقبله بالذي يري، كما صنع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم بخيبر قبل سوادها و بياضها، يعني ارضها و نخلها، و الناس يقولون: لا تصلح قبالة الارض و النخل و قد قبل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم خيبر، قال: و علي المتقبلين سوي قبالة الارض العشر و نصف العشر في حصصهم، ثم قال: ان اهل الطائف اسلموا و جعلوا عليهم العشر و نصف العشر، و ان مكة دخلها رسول اللّه عنوة و

كانوا اسراء في يده فأعتقهم و قال: اذهبوا فانتم الطلقاء «1». فان قوله عليه السلام: «و ما اخذ بالسيف فذلك الي الامام» يدل علي المدعي كما هو ظاهر.

و مثله ما رواه احمد بن محمد بن ابي نصر قال: ذكرت لأبي الحسن الرضا عليه السلام الخراج و ما سار به اهل بيته، فقال: العشر و نصف العشر علي من اسلم طوعا تركت ارضه في يده و اخذ منه العشر و نصف العشر فيما عمر منها و ما لم يعمر منها، اخذه الوالي فقبله ممن يعمره، و كان للمسلمين، و ليس فيما كان أقلّ من خمسة او ساق شي ء، و ما اخذ بالسيف فذلك الي الامام يقبله بالذي يري كما صنع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بخيبر قبل ارضها و نخلها، و الناس يقولون لا تصلح قبالة الارض و النخل اذا كان البياض اكثر من السواد، و قد قبل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم خيبر و عليهم في حصصهم العشر و نصف العشر «2».

و يستفاد المدعي من حديث حماد عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح عليه السلام و الشاهد في قوله عليه السلام: «و كل ارض لم يوجف عليها بخيل و لا

______________________________

(1) الوسائل الباب 72 من أبواب جهاد العدو الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 557

______________________________

ركاب» «1» و مثله غيره في الدلالة علي المدعي لاحظ النصوص الواردة في الباب 1 من الانفال من الوسائل.

الشرط الثاني: ان تكون عامرة حين الفتح و يمكن الاستدلال علي المدعي بأمور: منها: الشهرة المحققة و الاجماعات المنقولة و منها: انه ثبت في الشريعة المقدسة ان الاموال المأخوذة من الكفار ملك للمسلمين و

من ناحية اخري انه قام الدليل علي أن موات الارض للإمام عليه السلام فالنتيجة ان الارض المأخوذة من الكافر ملك للمسلمين و هذا هو المدعي.

و منها: ان الاراضي المحياة كلها كانت بيد الكفار و قد أخذها المسلمون بالحرب و نحوه فلو لم تكن الموات من تلك الأراضي ملكا للإمام لم يبق مورد للروايات الدالة علي أن الأرض الموات ملك للإمام عليه السلام و هذه الروايات مذكورة في أبواب الانفال.

الشرط الثالث: ان يكون الفتح باذن الامام عليه السلام و استدل عليه بخبر العباس الوراق عن رجل سماه عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا غزا قوم بغير اذن الامام فغنموا كانت الغنيمة كلها للإمام، و اذا غزوا بأمر الامام فغنموا كان للإمام الخمس «2».

و هذه الرواية ضعيفة سندا فلا دليل علي هذا الشرط بل مقتضي النص الدال علي أن الارض المفتوحة عنوة عدم الاشتراط «3». فان مقتضي اطلاقه قوله و ما اخذ بالسيف فذلك الي الامام عدمه الا ان يقال ان النص المشار اليه ليس ناظرا

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب الانفال و ما يختص بالامام الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 16

(3) لاحظ ص: 556

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 558

فانها ملك للمسلمين من وجد و من يوجد (1) و لا فرق بين أن تكون فيها آثار مملوكة للبائع من بناء أو شجر أو غيرهما، و أن لا تكون (2) بل الظاهر عدم جواز التصرف فيها الا باذن الحاكم الشرعي، الا أن

______________________________

الي هذه الجهة بل ناظر الي بيان حكم الأرض الخراجية علي ما هي عليها من الشرائط.

و يمكن الاستدلال علي عدم الاشتراط بما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن سيرة

الامام في الأرض التي فتحت بعد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فقال: ان امير المؤمنين عليه السلام قد سار في اهل العراق سيرة فهم امام لسائر الأرضين، و قال: ان ارض الجزية لا ترفع عنهم الجزية «1».

فان مقتضي هذه الرواية ان الأراضي المفتوحة بعد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حكمها حكم ارض العراق و انها ملك للمسلمين و بعبارة اخري لا اشكال في كون أرض العراق من المفتوحة عنوة التي كانت مورد الخراج و المستفاد من هذه الرواية ان ابا جعفر عليه السلام جعل سيرة امير المؤمنين عليه السلام كبري كلية لحكم سائر الأرضين التي فتحت او تفتح عنوة بعد ذلك في عهد الخلفاء و احتمال اذن الامام عليه السلام موهون جدا فاشتراط اذن الامام عليه السلام غير ثابت و ان كان مشهورا بل ادعي عليه الاجماع كما قيل فلاحظ.

(1) كما نص به في حديث الحلبي «2».

(2) كما هو مقتضي اطلاق دليل النهي عن البيع و أيضا عدم الجواز مقتضي القاعدة الاولية فان التصرف في ملك المسلمين يتوقف علي الاذن الشرعي و الا فلا يجوز.

______________________________

(1) الوسائل الباب 69 من أبواب جهاد العدو الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 554

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 559

تكون تحت سلطة السلطان المدعي للخلافة العامة فيكفي الاستئذان منه، بل في كفاية الاستئذان من الحاكم الشرعي- حينئذ- اشكال (1).

______________________________

(1) يظهر من بعض كلمات القوم ان الاقوال في المقام مختلفة. القول الاول:

ما عن جملة من الاساطين و هو انه لا يجوز التصرف في الأراضي و لا في الخراج الا باذن السلطان الجائر و انه ولي هذا الامر بعد غصبه الخلافة و نقل عن بعضهم الاتفاق عليه و يمكن

الاستدلال علي المدعي بوجهين.

احدهما: ان أمر الاراضي موكول الي الوالي أو الامام عليه السلام اي المستفاد من النص ان الموكول اليه عنوان الوالي أو الامام لاحظ ما أرسله حماد و لاحظ قوله عليه السلام: «و يقوم عليها علي ما صالحهم الوالي» «1» و الجائر و ان كان ظالما و عاصيا في غصبه مقام الخلافة و تقمصه هذا القميص لكن بعد تقمصه يصدق عليه العنوان و يتوقف التصرف علي اذنه.

و فيه: ان الامر موكول الي الامام عليه السلام و الوالي و الجائر لا يكون واليا في نظر الشارع كما أنه ليس اماما بل هو امام ادعائي و وال كذلك مثلا لو دل دليل علي جواز الصلاة خلف العادل لا يجوز الاقتداء بالفاسق المدعي للعدالة و ملخص الكلام ان الحكم تابع للموضوع الواقعي و لا يتحقق الواقع بالدعوي كما هو ظاهر.

ثانيهما: انه يستفاد من النصوص الواردة في المقام ان الجائر و ان كان جائرا في اصل التصدي للمقام و لكن بعد التصدي امره نافذ و جائز لاحظ ما رواه الحضرمي قال: دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام و عنده اسماعيل ابنه، فقال:

ما يمنع ابن أبي السمال (السماك خ ل، الشمال) أن يخرج شباب الشيعة فيكفونه ما يكفيه الناس، و يعطيهم ما يعطي الناس؟ ثم قال لي: لم تركت عطاءك؟ قال:

مخافة علي ديني، قال: ما منع ابن أبي السمال «السماك خ ل الشمال» أن يبعث إليك

______________________________

(1) الوسائل الباب 41 من أبواب جهاد العدو الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 560

______________________________

بعطائك؟ أما علم أن لك في بيت المال نصيبا؟ «1» فان مقتضي هذه الرواية جواز الأخذ من الجائر و يصح فعله.

و فيه: انه لا يستفاد من هذه النصوص

إلا نفوذ تصرف الجائر فيما يتصرف و لا يستفاد منها اشتراط جواز التصرف في الأرضين بالاذن من الجائر فلا يتم شي ء من الوجهين الا ان يتم الامر بالإجماع و هل يمكن تحصيل اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم عليه السلام فلاحظ.

القول الثاني: ان الامر اولا راجع الي الحاكم الشرعي و علي تقدير عدم امكان الرجوع اليه لا بد من مراجعة الحاكم الجائر و لا يجوز التصرف الا باحد الوجهين علي الترتيب المذكور و الظاهر انه لا دليل عليه فان الامر ان كان راجعا الي الحاكم الشرعي فمع عدم امكان مراجعته تصل النوبة الي عدول المؤمنين ثم الي فساقهم فلا وجه لمراجعة الجائر بهذا النحو.

القول الثالث: انه يجوز الرجوع الي كل منهما و مع عدم احدهما يتعين الاخر و فيه ان ولاية الحاكم الشرعي من باب الحسبة فمع عدمه تصل النوبة الي العدول ثم الي الفساق فلا وجه لتعين الجائر مع عدم الحاكم الشرعي.

القول الرابع: انه يجوز التصرف لكل واحد من آحاد الشيعة فيها بلا احتياج الي اذن أحد لا الحاكم العادل و لا الجائر و فيه، انه لا وجه له فان المفروض انها ملك للمسلمين فلا بد من مراجعة من يكون امره نافذا في التصرف فيها.

القول الخامس: انه يجب مراجعة الحاكم الشرعي اذا أمكن حتي مع تصرف الجائر و عدم كفاية تصرفه. و فيه ان تصرف الجائر فيها جائز و نافذ شرعا و لا تنافي بين كونه غاصبا و عاصيا و بين نفوذ تصرفه بالنسبة الي الغير فانه يجوز أن يجعل

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 561

______________________________

الشارع الاقدس تصرفات الجائر نافذة لأجل التسهيل علي الامة.

القول السادس:

ان الأمر الي الحاكم الشرعي الا أنه اذا تصرف الجائر يكون تصرفه نافذا فلا يجب مراجعة الحاكم و مرجع هذا القول الي أنه يشترط في جواز التصرف احد الامرين و الحال انه لو فرض عدم امكان الاستيذان من الحاكم و أيضا لم يمكن مراجعة الجائر يجوز تصرف العدول ثم الفساق اذ المقام داخل في الامور الحسبية بل يجوز مع عدم الحاكم الشرعي تصرف العدول حتي مع امكان الرجوع الي الجائر.

القول السابع: ان الأمر موكول الي الحاكم الشرعي و مع عدم امكان الاستيذان منه يجوز لآحاد الشيعة التصرف لكن مع تصرف الجائر ينفذ تصرفه. و فيه، أنه مع عدم امكان الاستيذان من الحاكم الشرعي تصل النوبة الي نظر العدول كما هو المقرر في باب الامور الحسبية.

القول الثامن: أنه يشترط في جواز التصرف الرجوع الي الحاكم الشرعي و مع عدم امكانه تصل النوبة الي العادل ثم الي الفاسق كما أنه يجوز مراجعة الجائر لو لا المحذور الخارجي فالشرط الجامع بين مراجعة من له التصدي من الحاكم و مع عدمه العادل ثم الفاسق و بين مراجعة الجائر و الظاهر صحة هذا القول أما جواز التصرف باذن الحاكم الشرعي أو باذن العادل ثم الفاسق علي تقدير عدم امكان الاستيذان من الحاكم الشرعي فلان المورد داخل في الأمور الحسبية فيجوز مراجعة من يكون المرجع في تلك الأمور و أما جواز مراجعة الجائر و التصرف فيها فبمقتضي النصوص الدالة علي جواز تصرفاته و نفوذها لاحظ ما رواه اسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اكتري أرضا من من أرض أهل الذمة من الخراج و أهلها كارهون و انما تقبلها من السلطان لعجز

مباني منهاج الصالحين، ج 7،

ص: 562

و لو ماتت الارض العامرة- حين الفتح- فلا يبعد أنها تملك بالاحياء (1).

______________________________

أهلها عنها أو غير عجز، فقال: اذا عجز أربابها عنها فلك أن تأخذ الا أن يضاروا و ان أعطيتهم شيئا فسخت أنفس أهلها لكم بها فخذوها، قال: و سألته عن رجل اشتري منهم أرضا من أراضي الخراج فبني فيها أ و لم بين غير أن أناسا من أهل الذمة نزلوها أله أن يأخذ منهم أجور البيوت اذا ادوا جزية رءوسهم؟ قال:

يشارطهم فما اخذ بعد الشرط فهو حلال «1». و لاحظ ما رواه الحضرمي «2».

و لاحظ ما رواه الهاشمي عن ابي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتقبل بجزية رءوس الرجال و بخراج النخل و الاجام و الطير و هو لا يدري لعله لا يكون من هذا شي ء ابدا، او يكون، أ يشتريه و في اي زمان يشتريه و يتقبل منه؟ قال: اذا علمت ان من ذلك شيئا واحدا انه قد ادرك فاشتره و تقبل به «منه» «3».

(1) فان مقتضي قوله صلي اللّه عليه و آله: من أحيا ارضا مواتا فهي له «4» جواز التصرف في الأرض الميتة علي الاطلاق و يرد عليه ان دليل الاحياء لا يقتضي جواز تملك اموال الناس فيشترط في مورده ان لا تكون الأرض مملوكة للغير و المفروض ان الأراضي الخراجية مملوكة للمسلمين و يمكن ان يقال ان الوجه فيه التعبير من ارض الخراج في بعض النصوص بالسواد لاحظ ما رواه الحلبي «5».

و التعبير بالسواد باعتبار الاشجار في مقابل الارض البياض الخالية من العمران فيختص الحكم بزمان عمرانها اذ كل حكم تابع لموضوعه.

و فيه ان الدليل لا ينحصر فيه بل مقتضي بعض الروايات هو الاطلاق مضافا

______________________________

(1) الفروع من

الكافي ج 5 ص 282 باب شراء أرض الخراج من السلطان الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 559

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب احياء الموات الحديث: 5

(5) لاحظ ص: 554

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 563

اما الارض الميتة في زمان الفتح فهي ملك للإمام عليه السلام (1) و اذا أحياها أحد ملكها بالاحياء (2).

______________________________

الي ان مقتضي النصوص الدالة علي ان الأراضي المفتوحة عنوة ملك للمسلمين بقائها علي ملكهم حتي بعد ما صارت ميتة و اختصاص الدليل بزمان كونها عامرة يحتاج الي قرينة فالنتيجة عدم جواز التصرف فيها علي الاطلاق إلا مع وجود شرط جواز التصرف فلاحظ.

(1) كما هو المشهور بل مجمع عليها علي ما في كلام بعض الأصحاب و يمكن تقريب المدعي بأن الأموال المأخوذة من الكفار غنيمة و من ناحية اخري ان كون الأرض للمسلمين مشروطة بكونها محياة حال الفتح و من ناحية ثالثة ان النصوص دالة علي ان كل ارض لا رب لها من الأنفال و تكون للإمام لاحظ ما رواه ابو بصير عن ابي جعفر عليه السلام قال: لنا الانفال، قلت: و ما الانفال؟ قال: منها المعادن و الاجام، و كل ارض لا رب لها، و كل ارض باد اهلها فهو لنا «1». فالنتيجة ان الاراضي المفتوحة عنوة اذا كانت ميتة حال الفتح تكون للإمام عليه السلام.

(2) لجملة من النصوص: لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن الشراء من ارض اليهود و النصاري، قال: ليس به بأس- الي أن قال: و ايما قوم احيوا شيئا من الارض او عملوه فهم احق بها و هي لهم «2». و لاحظ ما رواه محمد بن

مسلم أيضا قال: سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول: ايما قوم احيوا شيئا من الارض و عمروها فهم احق بها و هي لهم «3». و لاحظ ما روي عن ابي جعفر

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من الانفال الحديث: 28

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 564

______________________________

و ابي عبد اللّه عليهما السلام «1».

و لاحظ ما رواه زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من أحيا ارضا مواتا فهو له «2».

و لاحظ ما أرسله الصدوق قال قد ظهر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله علي خيبر فخارجهم علي أن يكون الأرض في أيديهم يعملون فيها و يعمرونها و ما بأس لو اشتريت منها شيئا و أيما قوم أحيوا شيئا من الأرض فعمروه فهم أحق به و هو لهم «3».

و لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان سنان عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل و أنا حاضر عن رجل أحيا أرضا مواتا فكري فيها نهرا و بني فيها بيوتا و غرس نخلا و شجرا فقال: هي له و له أجر بيوتها و عليه فيها العشر فيما سقت السماء أو سيل وادي أو عين، و عليه فيما سقت الدوالي و الغرب نصف العشر «4».

ان قلت دليل الاحياء لا يقتضي تملك مال الغير به. و بعبارة أخري دليل الاحياء لا يشمل الارض التي تكون مملوكة للغير فكيف يقتضي في المقام فان الارض المملوكة للإمام كالمملوكة لغيره.

قلت: ليس الامر كذلك اذ مقتضي بعض النصوص ان كل أرض خربة للإمام عليه السلام لاحظ ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

الانفال ما

لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب او قوم صالحوا او قوم اعطوا بأيديهم و كل ارض خربة و بطون الاودية فهو لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و هو للإمام

______________________________

(1) لاحظ ص: 562

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب احياء الموات الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 565

مسلما كان المحيي أو كافرا (1).

______________________________

من بعده يضعه حيث يشاء «1».

بل مقتضي بعض النصوص ان كل أرض للإمام عليه السلام لاحظ ما رواه الكابلي عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب علي عليه السلام ان الارض للّه يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين، انا و اهل بيتي الذين اورثنا الارض و نحن المتقون و الأرض كلها لنا فمن أحيا ارضا من المسلمين فليعمرها و ليؤد خراجها الي الامام من اهل بيتي و له ما اكل منها، فان تركها و اخر بها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها و احياها فهو احق بها من الذي تركها فليؤد خراجها الي الامام من اهل بيتي و له ما اكل منها حتي يظهر القائم عليه السلام من اهل بيتي بالسيف فيحويها و يمنعها و يخرجهم منها كما حواها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم و منعها آلاما كان في ايدي شيعتنا فانه يقاطعهم علي ما في ايديهم و يترك الأرض في ايديهم «2» و لاحظ ما رواه ابو سيار «3» فلو نقيد دليل الأحياء بهذا النحو من التقييد لا يبقي موضوع له اي لكون الاحياء مملكا كما هو واضح بأدني تأمل و لذا نقول دليل الاحياء بنفسه دال علي كون الاحياء مأذون فيه من قبل

مالك الارض و هو الامام عليه السلام.

(1) و يدل علي المدعي اطلاق النصوص الواردة في الباب مضافا الي خصوص حديث ابن مسلم «4» و اما حديث الكابلي «5» فلا مفهوم له و لا تنافي بين الاثباتين و لكن المستفاد من حديث مسمع بن عبد الملك (في حديث) قال: قلت

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من الانفال الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 3 من احياء الموات الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب الانفال الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 563.

(5) مر آنفا.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 566

______________________________

لأبي عبد اللّه عليه السلام: اني كنت و ليت الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم و قد جئت بخمسها ثمانين ألف درهم، و كرهت أن أحبسها عنك، و أعرض لها و هي حقك الذي جعل اللّه تعالي لك في أموالنا، فقال: و ما لنا من الارض و ما أخرج اللّه منها الا الخمس، يا أبا سيار الأرض كلها لنا، فما أخرج اللّه منها من شي ء فهو لنا، قال: قلت له: أنا أحمل إليك المال كله، فقال لي: يا أبا سيار قد طيبناه لك و حللناك منه فضم إليك مالك و كل ما كان في أيدي شيعتنا من الارض فهم فيه محللون، و محلل لهم ذلك الي أن يقوم قائمنا فيجبيهم طسق ما كان في أيدي سواهم، فان كسبهم من الارض حرام عليهم حتي يقوم قائمنا فيأخذ الارض من ايديهم و يخرجهم منها صغرة «1»، ان تصرف غير الشيعة في الارض حرام.

ان قلت المستفاد من حديث محمد بن مسلم «2» ان مملكية الاحياء تعم كل فرد حتي اليهود و النصاري فلا يختص الحكم بالشيعة قلت: الاستدلال اما بصدر الحديث و اما بذيله اما صدر الحديث فلا

يستفاد منه ان منشأ الملكية الاحياء بل فرض كون الارض لهم فيمكن ان يكون حصول الملكية لهم بغير الاحياء من الشراء و نحوه و اما ذيل الحديث و ان كان دالا علي سببية الاحياء للملكية لكن دلالته علي مملكية الاحياء لغير الشيعة بالاطلاق و مقتضي الصناعة ان المطلق يقيد بالمقيد فلا بد من رفع اطلاقه و تقييده بحديث مسمع ابي سيار فالنتيجة ان الحكم مختص بالشيعة و ان ابيت عن هذا التقريب فغاية ما في الباب هو التعارض بين الجانبين و الترجيح مع حديث مسمع لكونه مخالفا مع مسلك العامة فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الانفال الحديث: 12

(2) لاحظ ص: 563

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 567

و ليس عليه دفع العوض (1) و اذا تركها حتي ماتت فهي علي ملكه (2) لكنه اذا ترك زرعها و أهملها و لم ينتفع بها بوجه جاز لغيره زرعها، و هو احق بها (3) و ان كان الاحوط استحبابا عدم زرعها بلا اذن منه اذا عرف مالكها (4) الا اذا كان المالك قد أعرض عنها (5) و اذا أحياها السلطان المدعي للخلافة علي أن تكون للمسلمين لحقها حكم الارض الخراجية (6).

______________________________

(1) مقتضي قوله عليه السلام من احيا ارضا فهي له «1»، ان الارض للمحيي و لا شي ء عليه و مقتضي حديث الكابلي وجوب اداء الخراج و مقتضي بعض نصوص التحليل عدم وجوبه، لاحظ ما رواه مسمع «2» فان امكن الجمع بين الطرفين فهو و الا يتساقطان بالتعارض و مقتضي الاصل عدم الوجوب.

(2) اذ لا مقتضي للخروج عن ملكه بعد دخولها في دخولها في ملكه بالاحياء.

(3) لاحظ ما رواه الكابلي «3».

(4) لا اشكال في حسن الاحتياط و يمكن ان الوجه

في الاحتياط المذكور الخروج عن شبهة الخلاف.

(5) فانه في صورة الاعراض يكون راضيا بالتصرف الواقع فيها و يمكن ان يقال ان الاعراض يقتضي خروج المعرض عنه عن ملك المعرض فيدخل في المباحات الاصلية.

(6) لم يظهر لي وجهه و اللّه العالم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 652.

(2) لاحظ ص: 565.

(3) لاحظ ص: 565.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 568

[مسألة 16: في تعيين أرض الخراج إشكال]

(مسألة 16): في تعيين ارض الخراج اشكال، و قد ذكر العلماء و المورخون مواضع كثيرة منها (1) و اذا شك في ارض انها ميتة أو عامرة حين الفتح يحمل علي أنها ميتة فيجوز احياؤها (2) و تملكها ان كانت حية (3) كما يجوز بيعها و غيره من التصرفات الموقوفة علي الملك (4).

[مسألة 17: يشترط في كل من العوضين أن يكون مقدورا علي تسليمه]

(مسألة 17): يشترط في كل من العوضين أن يكون مقدورا علي تسليمه فلا يجوز بيع الجمل الشارد، أو الطير الطائر، أو السمك المرسل في الماء (5).

______________________________

(1) فلا بد في اثبات الموضوع من قيام دليل عليه و مع عدمه يشكل الجزم.

(2) فان مقتضي الاصل عدم دخولها تحت العنوان المذكور و حيث ان المفروض كونها ميتة و من ناحية اخري لا تكون من ارض الخراج بتقريب عدم احراز كونها محياة حال الفتح و عدم دخولها في ملك المسلمين بالاستصحاب يشملها دليل جواز التملك بالاحياء.

(3) اذ مقتضي الاصل عدم كونها مملوكة لأحد فيجوز تملكها كبقية المباحات الاصلية.

(4) فانه مقتضي القاعدة الاولية اذ يجوز البيع و كذلك غيره من التصرفات في المملوك.

(5) ما يمكن ان يذكر في مستند الحكم وجوه: الوجه الاول الاجماع. و فيه:

انه لا يمكن تحصيل الاجماع المحصل الكاشف لاحتمال استناد اهل الاجماع الي بعض الوجوه المذكورة في المقام.

الوجه الثاني النبوي المشهور نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم عن

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 569

______________________________

بيع المضطر و عن بيع الغرر «1» و الغرر بمعني الخطر و مع عدم القدرة علي التسليم يكون الاقدام بالبيع خطريا فيبطل.

و فيه: اولا ان النبوي لا اعتبار به سندا و علي فرض عمل المشهور به لا يكون عملهم بالخبر الضعيف موجبا لاعتباره الا ان يقال ان فساد

البيع بالغرر متسالم عليه بينهم و لا مجال لهذا الاشكال و ثانيا انه يمكن رفع الغرر باشتراط الخيار للمشتري علي فرض عدم حصول المبيع في يده.

ان قلت: صحة الشرط تتوقف علي صحة العقد فاذا توقف صحته علي صحة الشرط يدور. قلت: صحة العقد تتوقف علي نفس الشرط لا علي صحته اذ بالشرط المذكور يرتفع عنوان الخطر فاذا صح العقد يصح الشرط. و ان شئت قلت: ان الشرط و ان كان متأخرا عن العقد رتبة لكن مقارن معه زمانا و بعبارة اخري انهما يوجدان معا و مع الشرط لا يكون العقد غرريا فيصح العقد و الشرط.

ان قلت: ان الغرر اذا ارتفع بالخيار ففي اي مورد يتحقق الغرر؟ قلت: في مورد لا يكون الخيار موجودا. ان قلت: مع عدم وصول المبيع الي المشتري لا يجب علي المشتري تسليم الثمن الي البائع فلا خطر قلت: اولا يمكن فرض اشتراط التسليم قبل وصول المبيع اليه. و ثانيا: ما الفائدة في بقاء الثمن في يده مع كونه مملوكا للغير.

اضف الي ذلك انه لو كان الثمن قليل المالية جدا و المثمن من الاشياء النفيسة يكون الاقدام عقلائيا و لعله لا يصدق عنوان الغرر و علي فرض تحققه نفرض الكلام في مورد لا يكون الثمن ذا مالية.

الوجه الثالث: ان الاقدام علي مثل هذه المعاملة يعد سفهيا فيبطل. و فيه اولا:

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب آداب التجارة الحديث: 3

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 7، ص: 570

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 570

______________________________

انه لا شبهة في ان الاقدام المذكور عقلائي بالنسبة الي بعض موارده فالدليل اخص من

المدعي و ثانيا: ان الباطل معاملة السفيه لا العقد السفهائي فانه لا دليل علي بطلانه.

الوجه الرابع: ان اكل المال بازاء ما لا يقدر علي تسليمه اكل للمال بالباطل فيكون باطلا. و فيه ان الجار في الاية الشريفة للسببية لا للمقابلة مضافا الي ان مقابل الثمن المبيع فلا يكون باطلا فان الباطل مالا مالية له.

الوجه الخامس: ان المبيع في مفروض الكلام لا مالية له فيكون البيع باطلا و فيه اولا لا يشترط في المبيع المالية و ثانيا عدم القدرة علي التسليم لا يوجب سقوط العين عن المالية.

الوجه السادس: قوله صلي اللّه عليه و آله و سلم نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم عن سلف و بيع، و عن بيعين في بيع و عن بيع ما ليس عندك و عن ربح ما لم يضمن «1» و نهي عن بيع ما ليس عندك و نهي عن بيع و سلف «2».

بتقريب ان المستفاد من الرواية انه لا يجوز بيع ما لا يكون عند البائع و المفروض ان البائع لا يقدر علي التسليم. اقول في المراد من الرواية احتمالات منها ان يكون المراد منها الحضور الخارجي و اورد فيه انه لا يشترط في صحة البيع حضور المبيع عند البائع اجماعا و فيه ان صحة البيع في الصورة المفروضة بالإجماع لا توجب تغييرا في ظهور الرواية بل غايته عدم العمل بها.

و منها ان يكون المراد منها النهي عن مورد لا تكون العين مورد القدرة و السلطنة و لا يكون البائع مسلطا عليها و قادرا علي تسليمها. و فيه ان ارادة خصوص القدرة

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب احكام العقود الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين،

ج 7، ص: 571

______________________________

علي التسليم من الرواية لا دليل عليها.

و منها ان يكون المراد من الجملة اشتراط صحة البيع بكون البائع مالكا للعين. و اورد بأن المناسب ان يقال ما ليس لك لا ما ليس عندك. و فيه انه كثيرا يستعمل هذه الجملة في عدم الملكية فيقال ما عندي كما انه يصح أن يقال في مقام السؤال هل عندك شي ء من المال و يتصح المدعي بالتأمّل في نصوص الباب فان المستفاد منها ان المراد من الجملة الملكية فالنتيجة ان المراد النهي عن بيع مالا يكون مملوكا فلا ترتبط الرواية بالمقام.

الوجه السابع: ان لازم العقد وجوب التسليم فيلزم ان يكون قادرا علي تسليم العين و الا يلزم انفكاك اللازم عن الملزوم و هو محال. و فيه انه ان اريد ان لازم الملكية لزوم التسليم فهو مسلم و لكن التكليف مشروط بالقدرة و مع عدمها لا يتوجه و ان اريد به ان وجوب التسليم من مقتضيات العقد نفسه بلا لحاظ الملكية ففيه ان العقد لا يقتضي الا الملكية لا ازيد مضافا الي ان التكليف فرع وجود القدرة. و ان اريد ان الملكية مقيدة و معلقة علي القدرة علي التسليم ففيه انه اول الدعوي و تكون مصادرة و ان اريد ان التسليم من احكام العقد فان مقتضي وجوب الوفاء هو التسليم و مع عدم القدرة علي التسليم كيف يمكن ان يكون العقد صحيحا. ففيه اولا ان مفاد اوفوا هو اللزوم و ليس مفاده الحكم التكليفي و ثانيا علي فرض كونه حكما تكليفيا يشترط في متعلقه القدرة و مع عدم القدرة لا يتوجه التكليف.

و بعبارة اخري عدم وجوب التسليم لأجل عدم القدرة لا لأجل فساد العقد فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 7،

ص: 572

و لا فرق بين العلم بالحال و الجهل بها (1) و لو باع العين المغصوبة و كان المشتري قادرا علي اخذها من الغاصب صح (2) كما انه يصح بيعها علي الغاصب أيضا، و ان كان البائع لا يقدر علي اخذها منه، ثم دفعها اليه (3) و اذا كان المبيع مما لا يستحق المشتري أخذه، كما لو باع من ينعتق علي المشتري صح، و ان لم يقدر علي تسليمه (4).

[مسألة 18: لو علم بالقدرة علي التسليم فباع فانكشف الخلاف بطل]

(مسألة 18): لو علم بالقدرة علي التسليم فباع فانكشف الخلاف بطل، و لو علم العجز عنه فانكشف الخلاف فالظاهر الصحة (5).

[مسألة 19: لو انتفت القدرة علي التسليم في زمان استحقاقه]

(مسألة 19): لو انتفت القدرة علي التسليم في زمان استحقاقه،

______________________________

الوجه الثامن: ان الغرض من البيع انتفاع كل من الطرفين بما ينتقل اليه.

و فيه: ان تخلف الاغراض لا يقتضي فساد العقد مضافا الي ان الغرض الانتفاع علي فرض التسليم و يضاف الي ذلك ان الانتفاع ليس مشروطا بالقبض علي نحو الاطلاق بل يمكن ان ينتفع بالعين مع عدم تسلمه فان التصرف الاعتباري مثلا لا يشترط فيه التسلم فلاحظ.

(1) اذ الحكم مترتب علي الواقع و هو لا يختلف بالعلم و الجهل.

(2) اذ المفروض ان المشتري قادر علي اخذ المبيع فلا وجه للبطلان و لا غرر.

(3) اذ المبيع في يد المشتري و هو المطلوب.

(4) اذ مع عدم استحقاق الاخذ لا مجال للقدرة علي التسليم فان القدرة علي التسليم طريق الي وصول العين بيد المشتري و المفروض انه لا يستحق الاخذ.

(5) اذ كما مر الحكم مترتب علي الواقع فعلي تقدير عدم القدرة الشرط غير حاصل فالبيع فاسد و علي تقدير وجودها يكون البيع صحيحا لوجود شرطه علي الفرض.

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 573

لكن علم بحصولها بعده، فان كانت المدة يسيرة صح (1) و اذا كانت طويلة لا يتسامح بها، فان كانت مضبوطة مثل سنة أو اكثر فالظاهر الصحة مع علم المشتري بها (2) و كذا مع جهله بها، لكن يثبت الخيار للمشتري (3) و ان كانت غير مضبوطة فالظاهر البطلان كما لو باعه دابة غائبة يعلم بحضورها لكن لا يعلم زمانه (4).

[مسألة 20: إذا كان العاقد هو المالك فالاعتبار بقدرته]

(مسألة 20: إذا كان العاقد هو المالك فالاعتبار بقدرته (5) و ان كان وكيلا في اجراء الصيغة فقط فالاعتبار بقدرة المالك (6) و ان

______________________________

(1) بتقريب ان المدة اذا كانت يسيره يتسامح فيها لا يصدق عنوان الغرور و

الخطر فيصح.

(2) الوجه في الصحة انه لا غرر اذ يعلم المشتري انه يصل اليه ملكه بعد سنة فلا خطر.

(3) لم يظهر لي مراد الماتن من كلامه فانه كيف يصح مع صدق الغرر في صورة الجهل بالمدة فان الانضباط الواقعي لا يقتضي رفع الغرر و الا تلزم الصحة في كل مورد اذ ذلك الزمان معلوم عند اللّه ثم ان ثبوت الخيار لا يكون ظاهر الوجه اذ المفروض ان المشتري مع جهله بالمدة اقدم علي البيع فاما يكون صحيحا كما عليه الماتن فلا وجه للخيار و اما يكون فاسدا فلا موضوع له كما هو ظاهر.

(4) اذ يلزم الغرر و الغرر يفسد العقد علي المبني فلاحظ.

(5) كما هو ظاهر.

(6) اذا لو كيل في اجراء الصيغة لا شأن له الا اجراء الصيغة. و لقائل أن يقول يكفي قدرته علي التسليم اذ المفروض ان المبيع بعد العقد ملك للمشتري فيجوز تسليمه اليه بل يكفي قدرة الاجنبي علي التسليم و في الحقيقة يدخل في كبري امكان

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 574

كان وكيلا في المعاملة كعامل المضاربة، فالاعتبار بقدرته أو قدرة المالك، فيكفي قدرة احدهما علي التسليم في صحة المعاملة، فاذا لم يقدر معا بطل البيع (1).

[مسألة 21: يجوز بيع العبد الآبق مع الضميمة]

(مسألة 21): يجوز بيع العبد الآبق مع الضميمة (2) اذا كانت

______________________________

تسلم المشتري للمبيع و قد مر انه يكفي و بعبارة اخري ما الفرق بين الوكيل في اجراء الصيغة فقط و بين الوكيل المفوض كالعامل في المضاربة فان الوكيل المفوض يجوز له التسليم فالميزان جواز التسليم عليه فهو اول الكلام اذ الوكيل لا يجب عليه العمل بمقتضي الوكالة.

(1) الامر كما افاده فان قدرة احدهما يكفي في رفع الغرر و مع عدم قدرتهما معا يبطل للغرر.

(2) بلا

خلاف كما في الجواهر و عن جملة من الاساطين دعوي الاجماع عليه و يدل عليه من النصوص ما رواه رفاعة النخاس قال سألت ابا الحسن موسي عليه السلام قلت له: ا يصلح لي ان اشتري من القوم الجارية الآبقة و اعطيهم الثمن و اطلبها انا؟ قال: لا يصلح شراؤها الا ان تشتري منهم معها ثوبا او متاعا فتقول لهم: اشتري منكم جاريتكم فلانة، و هذا المتاع بكذا و كذا درهما فان ذلك جائز «1».

و ما رواه سماعة عن ابي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يشتري العبد و هو آبق عن اهله. قال: لا يصلح الا أن يشتري معه شيئا آخر، و يقول: أشتري منك هذا الشي ء و عبدك بكذا و كذا، فان لم يقدر علي العبد كان الذي نقده فيما اشتري منه «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب عقد البيع الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 7، ص: 575

ذات قيمة معتد بها (1).

______________________________

(1) قال في الحدائق: «و في الرواية الاولي اشارة الي كون الضميمة شيئا له قيمة كالثوب و المتاع و نحو ذلك و ينبغي أن يحمل عليها اطلاق الشي ء في الرواية الثانية» انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في علو مقامه و الامر كما أفاده و أما ما افاده في المتن من اشتراط كون الضميمة ذات قيمة معتد بها فلا يستفاد من الرواية و اللّه العالم.

الجزء الثامن

[تتمة كتاب التجارة]

[الفصل الرابع الخيارات]

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الفصل الرابع الخيارات

الخيار حق يقتضي السلطنة علي فسخ العقد برفع مضمونه (1)

[و هو أقسام]
اشارة

و هو اقسام

[الأول خيار المجلس]
اشارة

الاول خيار المجلس (2) يعني مجلس البيع فانه إذا وقع البيع

______________________________

(1) الخيار علي قسمين: خيار حكمي و خيار حقي فان الخيار الحكمي لا يكون قابلا للإسقاط و لا يورث و أما الخيار الحقي فقابل للإسقاط و يورث و حيث ان الخيار المبحوث عنه في المقام هو الخيار الحقي عبر عنه الماتن بالحق فان من له الخيار له أن يفسخ العقد.

(2) بلا اشكال و لا كلام بل يمكن أن يقال: انه من ضروريات الفقه و تدل عليه جملة من النصوص منها رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: البيعان بالخيار حتي يفترقا و صاحب الحيوان بالخيار ثلاثة ايام «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الخيار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 4

______________________________

و منها رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سمعته يقول: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله البيعان بالخيار حتي يفترقا «1».

و منها ما رواه فضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت له: ما الشرط في غير الحيوان قال: البيعان بالخيار ما لم يفترقا فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما «2».

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ايما رجل اشتري من رجل بيعا فهما بالخيار حتي يفترقا فاذا افترقا وحب البيع «3».

و منها ما رواه علي بن أسباط عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سمعته يقول:

الخيار في الحيوان ثلاثة ايام للمشتري و في غير الحيوان أن يفترقا 4.

و منها ما رواه الحسين بن عمر ابن يزيد عن ابيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم اذا التاجران صدقا «و برّا خصال» بورك لهما فاذا كذبا و خانا لم يبارك لهما و هما بالخيار ما لم يفترقا فان اختلفا فالقول قول رب السلعة او يتتاركا و يتشاركا 5.

و أما حديث غياث بن ابراهيم عن جعفر عن ابيه عن علي عليه السلام قال:

قال علي عليه السلام اذا صفق الرجل علي البيع فقد وجب و ان لم يفترقا 6 الدال علي عدم خيار المجلس فهو علي فرض كونه تاما سندا لا بد من رفع اليد عنه بعد كونه مخالفا مع الضرورة أو تأويله.

و افاد سيدنا الأستاد علي ما في التقرير انه لا يحتاج إلي التأويل اذ المراد من الصفق المذكور في الرواية الزام البيع و اسقاط الخيار و الأنصاف ان ما افاده لا

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الخيار الحديث 2

(2) باب 1 من أبواب الخيار الحديث 3

(3) (3 و 4 و 5 و 6) نفس المصدر الحديث 4 و 5 و 6 و 7

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 5

كان لكل من البائع و المشتري الخيار في المجلس ما لم يفترقا فاذا افترقا عرفا لزم البيع و انتفي الخيار (1) و لو كان المباشر للعقد الوكيل كان الخيار للمالك (2) فان الوكيل وكيل في اجراء الصيغة فقط فليس

______________________________

يخلو من تأمل و اشكال و اللّه العالم.

(1) فانه الظاهر من اللفظ بحسب الفهم العرفي و بعبارة اخري الافتراق مقابل الاجتماع و المراد من الاجتماع المقابل للافتراق هو الاجتماع في مجلس البيع فما دام يصدق الاجتماع و لم يصدق عنوان الافتراق يكون الخيار باقيا بمقتضي النصوص فلاحظ.

(2) نقل عن صاحب الحدائق قدس سره ان الخيار

ثابت للوكيل في اجراء الصيغة حتي مع منع المالك بتقريب ان الخيار حق ثابت للوكيل بمجرد اجراء الصيغة فلا يبطل بمنع المالك و المشهور علي خلافه و ان الخيار ليس للوكيل في اجراء الصيغة.

و قد استدل علي المدعي بوجوه الوجه الأول: انصراف ادلة الخيار عن الوكيل في اجراء الصيغة.

و فيه انه لا منشأ للانصراف لا من ناحية المادة و لا من ناحية الهيئة فان البيع عبارة عن تمليك عين بعوض و لا يشترط في تحققه كون العين ملكا للبائع و لذا لا اشكال في بيع الولي مملوك المولي عليه و لا شبهة في صدق عنوان البائع عليه هذا من ناحية المادة و أما الهيئة فهي تدل علي انتساب المادة الي الذات فهذا الوجه لا يتم للاستدلال به علي المدعي.

الوجه الثاني ان جعل الخيار ارفاق بالنسبة الي المالك كي يتروي و يعمل علي طبق ما يكون علي صلاحه و خيره و فيه ان الحكم لا يدور مدار الحكمة بل المتبع اطلاق الدليل.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 6

______________________________

الوجه الثالث ان خيار المجلس في بعض الروايات يقارن مع خيار الحيوان و لا اشكال في اختصاص خيار الحيوان بالمالك و مقتضي وحدة السياق كون خيار المجلس كذلك. ان قلت في بعض ادلة خيار المجلس لا تقارن بينه و بين خيار الحيوان و لا وجه لحمله علي المقيد فانه لا تنافي بين المثبتين.

قلت: الأمر كما بينت فانه لا موجب للتقييد و لكن نفهم من التقارن الوارد في بعض النصوص ان خيار المجلس يختص بالمالك.

و فيه انه اي ربط بين المقامين فان خيار الحيوان بمقتضي دليله ثابت للمالك و خيار المجلس ثابت للبائع فلا موجب للالتزام بكون خيار المجلس للمالك و

بعبارة اخري كل حكم تابع لموضوعه و مما ذكرنا يعلم ان اختصاص بعض الخيارات أو اكثرها بالمالك «كخيار الغبن» مثلا لا يقتضي اختصاص خيار المجلس بالمالك كما هو ظاهر.

الوجه الرابع ان المستفاد من ادلة هذا الخيار ان ذا الخيار يتسلط علي ارجاع ما انتقل عنه الي ملكه بعد فرض تسلطه علي التصرف فيما انتقل اليه و من الظاهر ان الوكيل في اجراء الصيغة لا يجوز له التصرف فيما انتقل الي البائع فانه ملك للغير و لا يجوز له التصرف في ملك الغير الا باذنه فلا خيار له. و فيه ان الخيار متعلق بالعقد لا العين فهذا الوجه أيضا كالوجوه السابقة.

الوجه الخامس ان خيار المجلس ثابت لمن يكون له الإقالة و حيث ان الوكيل في اجراء الصيغة ليس له حق الإقالة فلا خيار له.

و يرد عليه انه ان كان المراد ان الخيار لا بد أن يكون في مورد تجري فيه الإقالة، ففيه ان الأمر ليس كذلك فان الفسخ في النكاح جائز بالعيوب الموجبة له و مع ذلك لا اقالة فيه، و ان كان المراد ان دليل الخيار منصرف الي صورة امكان

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 7

______________________________

الإقالة و لا يشمل من لا تكون له الإقالة، ففيه انه لا وجه للانصراف و قد تقدم الجواب عن الاستدلال بالانصراف.

و إن كان المراد ان مرجع الخيار الي الإقالة فالأمر ليس كذلك فان الإقالة متوقفة برضي الطرفين و أما الفسخ فامر قائم بطرف واحد و لا يقوم بالطرفين بل ربما يجتمعان كما في موارد وجود الخيار و قد يكون الخيار موجودا و لا اقالة كما في النكاح في موارد العيوب الموجبة للفسخ و قد تكون الإقالة ممكنة و لا خيار كما

في البيع الذي لا خيار فيه فهذا الوجه أيضا ساقط.

الوجه السابع ان الوكيل في اجراء الصيغة فقط قليل لأنه لا يكون الا في غير العربي مع اشتراط كون الإيجاب بكون الصيغة عربية و حيث انه قليل الوجود فدليل الخيار ينصرف عنه.

و فيه اولا ان قلة الوجود لا توجب الانصراف عنه و ثانيا ان الوكيل في اجراء الصيغة في حد نفسه كثير فان الناس حتي الأعراب في ايجاب النكاح يوكلون من يجري الصيغة و كذلك في بقية المعاملات اذا كانت خطيرة.

الوجه الثامن ان شمول دليل الخيار لموارده بالإطلاق و بمقدمات الحكمة و الوجوه المذكورة توجب عدم جريان المقدمات و توجب الشك في اطلاق الحكم فلا يتحقق الإطلاق و لا أقلّ من الشك في تحققه فلا مجال للأخذ به.

و فيه ان مقدمات الإطلاق ان كانت موجودة و تامة فلا مجال للتوقف بل يذب به كل احتمال مخالف له و مع الشك في كون المولي في مقام البيان يحكم بكونه في مقامه ببركة اصالة البيان، و ان لم تكن تامة فلا مقتضي للإطلاق و صفوة القول ان التقريب المذكور في غاية السقوط.

الوجه التاسع انه لو كان خيار المجلس ثابتا للوكيل في اجراء الصيغة لكان

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 8

______________________________

ثابتا للفضولي اذ يصدق عليه البائع و الحال انه لا خلاف في عدم ثبوته له فلا يكون ثابتا في المقام.

و فيه اولا ان عدم الالتزام بثبوته للفضولي بواسطة الإجماع لا مقتضي لأن يقاس عليه المقام، و ثانيا ان الخيار حكم للبيع الصحيح و بيع الفضولي لا اثر له في وعاء الشرع و في حكم العدم فلا مجال لثبوت الخيار له.

الوجه العاشران دليل الخيار مخصص بدليل وجوب الوفاء بالعقد و دليل

وجوب الوفاء لا يشمل الوكيل في اجراء الصيغة اذ انه اجنبي عن العقد و لا يرتبط به و فيه اولا ان هذا التقريب علي فرض تماميته انما يتم علي فرض كون المستفاد من دليل وجوب الوفاء حكما تكليفيا و أما علي القول بأن المستفاد من الآية الحكم الوضعي اي اللزوم فلا يتم التقريب المذكور اذ معناه علي هذا المسلك ان شارع الأقدس يرشد الي لزوم العقد بعد تحققه فيشمل كل عاقد و ان شئت قلت ان المستفاد من الآية اعلام كل عاقد و ارشاده الي لزوم العقد و حيث ان الوكيل يصدق عليه العاقد يشمله الدليل و ثانيا انه لا دليل علي أن دليل الخيار يختص بمن يشمله دليل وجوب الوفاء بل لنا أن نقول ان مقتضي اطلاق دليل الخيار ثبوته لكل من يصدق عليه عنوان البائع و البيع و لو مع عدم كونه مشمولا لدليل وجوب الوفاء فلاحظ.

الوجه الحادي عشر ان ثبوت الخيار للوكيل في اجراء الصيغة يضاد مع سلطنة المالك علي ماله لأنه بالفسخ يخرج المال عن ملكه بلا اختيار منه فدليل الخيار يثبت الخيار للوكيل و لو مع عدم رضي المالك فيقع التعارض بين دليل السلطنة و دليل الخيار و الترجيح مع دليل السلطنة و ان كانت النسبة بينهما بالعموم من وجه فان دليل السلطنة مؤيد بحكم العقل و العقلاء. و ان ابيت عن الترجيح فلا أقلّ من التساقط فيرجع الي استصحاب بقاء الملكية. و فيه أولا انه لا دليل علي

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 9

______________________________

السلطنة كي يقع التعارض بين الدليلين، و ثانيا لا وجه لترجيحه علي فرض التعارض و ثالثا انه لا تصل النوبة الي استصحاب الملكية بعد التعارض لعدم جريان

الاستصحاب في الحكم الكلي كما حقق في محله.

الوجه الثاني عشر: الإجماع و فيه ان الاجماع علي تقدير تحققه يحتمل أن يكون مستندا الي الوجوه المذكورة في المقام فانقدح انه لا يمكن الجزم بالمدعي و طريق الاحتياط ظاهر هذا بالنسبة الي الوكيل و أما ثبوت الخيار للموكل في هذه الصورة فيشكل الجزم به اذ المفروض ان المالك لم يتصد للبيع و انما البيع صدر عن الوكيل فيكون اطلاق البيع علي المالك بالمجاز و شمول اللفظ للمصداق المجازي يحتاج الي القرينة.

و أفاد السيد قدس سره في حاشية المباركة انه يمكن الالتزام بكون صدق العنوان علي الموكل حقيقيا كصدقه علي الوكيل غاية الأمر صدور الفعل عن احدهما بالمباشرة و عن الأخر بالتسبيب و لذا يصح أن يقال احرق النار عمروا و أيضا يصح أن يقال احرق زيد عمروا فان جميع المسببات التوليدية من هذا القبيل.

و يرد علي ما افاده ان المقام ليس داخلا تحت تلك الكبري فان البيع امر مباشري اذ هو عبارة عن الاعتبار النفساني اولا و ابراز ذلك الاعتبار بالمبرز ثانيا و البائع بنفسه يقوم به بخلاف الأحراق و نحوه فان هذه الأمور يستحيل عادة صدورها من الأشخاص مباشرة و هذا قرينة علي ارادة صدورها تسبيبا و لكن الانصاف ان الجزم بعدم صدق العنوان علي الموكل مشكل فانه يصح أن يقال باع زيد داره و لو بسبب التوكيل و لا يصح لو سئل عن بيع داره ان يجيب بالنفي باعتبار عدم تصديه مباشرة فعليه لو كان الوكيل وكيلا في اجراء الصيغة يثبت الخيار للمالك أيضا.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 10

له الفسخ عن المالك (1) و لو كان وكيلا في تمام المعاملة و شئونها كان له الفسخ

عن المالك (2) و المدار علي اجتماع المباشرين و افتراقهما لا المالكين (3) و لو فارقا المجلس مصطحبين بقي الخيار لهما حتي يفترقا (4) و لو كان الموجب و القابل واحدا وكالة عن المالكين أو ولاية عليهما ففي ثبوت الخيار اشكال بل الاظهر العدم (5).

______________________________

(1) لا اشكال في أنه ليس له الفسخ عن المالك اذ المفروض انه ليس وكيلا في الفسخ انما الكلام في ثبوته له استقلالا بحيث يكون له الفسخ حتي مع منع المالك.

(2) الوكيل تارة يكون وكيلا في الفسخ و الامضاء و هذه الصورة لا اشكال في أنه يمكنه الفسخ و الامضاء عن قبل الموكل و لكن هذا ليس محل الكلام في المقام، و انما الكلام في أنه هل يشمله دليل الخيار أم لا؟ الظاهر انه لا اشكال في شمول الدليل له و ثبوت الخيار لتمامية الموضوع.

(3) يختلج بالبال أن مرجع هذا الكلام الي التناقض لأنه ان كان المراد ان الخيار مختص بالوكيل و لا خيار للمالك فيتوجه السؤال بأنه ما الفرق بين هذه الصورة و بين ما يكون الوكيل وكيلا في اجراء الصيغة فقط، و ان كان المراد ان الخيار ثابت للمالك لكن المدار بافتراق الوكيلين فلا وجه له فان الموضوع للزوم العقد عنوان افتراق البيعين، فاذا افترق المالكان يصدق الموضوع و لا بد من الحكم باللزوم و لو مع اجتماع الوكيلين و بعبارة اخري الحكم مترتب علي عنوان الافتراق فكلما صدق هذا العنوان يلزم العقد و يتم زمان الخيار فلاحظ.

(4) لأن الميزان بافتراق البيعين لا مفارقتهما عن مجلس العقد.

(5) لا يبعد أن يكون الماتن ناظرا الي صورة عدم حضور المالكين الموكلين

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 11

______________________________

حاضرين في مجلس العقد و الا

يكون الخيار ثابتا للموكلين و الوكيل عنهما ما دام بقاء الاجتماع و انما الاشكال في ثبوت الخيار للشخص الواحد المتصدي للبيع و الشراء و قد وقع الخلاف بين القوم في هذا المقام و قد ذهب بعضهم الي ثبوته له بتقريب انه يصدق علي الوكيل عنوان البائع و المشتري باعتبارين فلا مانع من شمول دليل الخيار له و قد ذكرت وجوه للمنع عن شمول الدليل اياه:

الوجه الأول ان موضوع الخيار في دليله عنوان البيعين و من الظاهر ان قوام صيغة التثنية بالتعدد و لا تصدق علي الواحد فلا مجال لصدق العنوان علي الواحد و قد اجيب بأن المستفاد من الدليل ثبوته للبائع و للمشتري و لا خصوصية لعنوان التثنية و انما اتي بها لأجل الغلبة الخارجية حيث ان الغالب ان البائع غير المشتري و ان شئت قلت: المستفاد من الدليل ان الخيار ثابت للبائع و ثابت للمشتري و لا اشكال في صدق كل واحد من العنوانين علي الوكيل عن المالكين.

الوجه الثاني: ان الخيار مغيي بالافتراق و هذه الغاية تستحيل بالنسبه الي الشخص الواحد و لا يمكن أن تكون غاية الحكم أمرا مستحيلا كما لو قيل هذا الحكم ثابت الي زمان لزوم اجتماع الضدين. و فيه اولا ينقض بمورد يكون المتعاملان شخصين متلاصقين فانه لا يمكن و لا يتصور الافتراق بينهما و أيضا يرد النقض بما لو كانا محكومين بالحبس الا بدئ و لا يتصور افتراقهما فيلزم أن لا يكون لهما الخيار و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم.

و ثانيا سلمنا المدعي و هو عدم امكان كون الغاية أمرا مستحيلا لكن لا مانع من كون الغاية جامعا بين الممكن و المستحيل كما لو قال المولي يحرم اكل المتنجس

الي أن يطهر و الحال ان بعض افراده غير قابل للتطهير و في المقام يكون الأمر كذلك كما هو ظاهر فان أكثر افراد الموضوع يتصور فيه التفرق. و ثالثا لا نسلم عدم امكان كون الغاية أمرا مستحيلا فان المستفاد من مثله كون الحكم ابديا كقوله تعالي

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 12

[مسألة 1: هذا الخيار يختص بالبيع و لا يجري في غيره من المعاوضات]

(مسألة 1): هذا الخيار يختص بالبيع و لا يجري في غيره من المعاوضات (1).

[مسألة 2: يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في العقد]

(مسألة 2): يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في العقد (2).

______________________________

«حتي يلج الجمل في سم الخياط» فلاحظ.

(1) لعدم المقتضي في غير البيع فان ادلته تختص بالبيع و لا طريق لتنقيح المناط فلا مجال للالتزام به في غير البيع فلاحظ.

(2) يتصور هذا علي نحوين: أحدهما: اشتراط سقوطه و مرجعه الي اسقاط الخيار بالشرط ثانيهما عدم كون العقد خياريا فيقع الكلام في موضعين: الموضع الأول: اشتراط الاسقاط بالشرط و ربما يقال- كما قيل-: انه اسقاط لما لم يجب فلا يصح. و اجيب عن هذا الاشكال بأن دليل الخيار لا يشمل مورد الاشتراط.

و فيه انه لا وجه لهذه الدعوي الا انصراف دليل الخيار عن مورد اشتراط الاسقاط بتقريب ان جعله للإرفاق علي المالك و مع اشتراط الاسقاط لا مجال للإرفاق.

و فيه: انه علي فرض صحة دعوي الانصراف يكون بدويا و دليل الخيار يشمل مورد الاشتراط أيضا مضافا الي أن الاشتراط المذكور يتوقف علي شمول دليل الخيار و الا فلا مجال لاشتراط اسقاطه فالاشتراط يتوقف علي شمول دليل الخيار فاذا قلنا بعدم شمول دليل الخيار للمورد يلزم الخلف اذ الوجه في السقوط الاشتراط و المفروض ان دليل الخيار لا يشمل المورد و الحال ان عدم شموله يتوقف علي شمول دليل الشرط.

و ان شئت قلت شمول دليل الاشتراط يتوقف علي عدم شمول دليل الخيار و عدم شموله يتوقف علي شمول دليل الاشتراط و هذا دور فلا اشكال في الشرط المذكور الا من ناحية التعليق و لا دليل علي بطلان التعليق الا الاجماع و القدر المعلوم منه العقود و بعبارة اخري بطلان التعليق ليس بحكم العقل كي لا

يمكن فيه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 13

______________________________

التخصيص بل دليله الاجماع و شموله للمقام اول الكلام و الاشكال فالظاهر انه لا مانع من شرط السقوط بهذا المعني فلاحظ.

و أما الموضع الثاني و هو اشتراط عدم كون العقد خياريا فقد ذكرت فيه اشكالات: الأول: انه يشترط في صحة الشرط أن يكون متعلقه أمرا مقدورا للمكلف و يكون فعلا اختياريا و الخيار أمره وضعا و رفعا بيد الشارع فكيف يمكن أن يقع مصداقا للشرط.

و الجواب عن هذا الاشكال ان الأمر و ان كان كما ذكر لكن مقتضي حديث سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل كان له اب مملوك و كانت لأبيه امرأة مكاتبة قد أدت بعض ما عليها فقال لها ابن العبد: هل لك ان اعينك في مكاتبتك حتي تؤدي ما عليك بشرط أن لا يكون لك الخيار علي أبي اذا أنت ملكت نفسك؟ قالت: نعم، فأعطاها في مكاتبتها علي أن لا يكون لها الخيار عليه بعد ذلك، قال: لا يكون لها الخيار المسلمون عند شروطهم «1»، جواز اشتراط عدم الخيار سيما بعد تطبيقه عليه السلام الكبري الكلية علي المورد بقوله عليه السلام: «لا يكون لها الخيار المسلمون عند شروطهم» و الشرط في مورد الرواية لا يكون ابتدائيا بل واقع في ضمن الهبة فلا مجال لأن يقال الشرط الابتدائي لا أثر له بالإجماع.

الثاني ان اشتراط عدم الخيار ينافي مع مقتضي العقد فلا يصح و فيه أولا ان الخيار ليس من مقتضيات العقد بل حكم شرعي مترتب علي العقد و حيث انه حق قابل للإسقاط لا مانع من اشتراط عدمه و ثانيا يكفي للحكم بالجواز حديث سليمان ابن خالد «2» و مع

وجود النص الدال علي الجواز لا مجال للإشكال كما هو ظاهر.

______________________________

(1) الوسائل، الباب 11 من أبواب المكاتبة الحديث 1

(2) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 14

كما يسقط بإسقاطه بعد العقد (1).

______________________________

الثالث ان الشرط لا بد من وقوعه في العقد اللازم و أما الشرط الواقع في العقد الجائز فلا يجب الوفاء به لأن الفرع لا يزيد علي الأصل فلزوم الشرط في المقام يتوقف علي لزوم العقد و الحال ان لزوم العقد يتوقف علي لزوم الشرط و هذا دور و فيه أولا انه لا دليل علي المدعي فان الشرط لازم الوفاء مطلقا و لا تنافي بين جواز العقد و لزوم الشرط و ثانيا يكفي للحكم بالجواز النص الخاص الوارد في المقام فلاحظ.

الرابع: ان دليل الخيار يعارض مع دليل الشرط و النسبة بين الدليلين عموم من وجه فلا وجه لتقديم دليل الشرط علي دليل الخيار و فيه أولا ان كل مشروط قبل ورود الشرط عليه محكوم بحكم و ذلك الحكم اما موافق مع الشرط و اما مخالف و لا مجال لاختصاص دليل الشرط بخصوص القسم الأول للزوم اللغوية و التفكيك في القسم الثاني يوجب الترجيح بلا مرجح فلا بد من الالتزام بالعموم و ثانيا انه لا يبعد أن لا يري العرف التعارض بين الدليلين كما لا يري تعارضا بين ادلة العناوين الأولية و ادلة العناوين الثانوية و العرف ببابك. و ثالثا يكفي للحكم بالجواز حديث سليمان بن خالد «1».

(1) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجوه: الوجه الأول: الاجماع و فيه انه يحتمل كونه مدركيا و مع هذا الاحتمال لا يكون تعبديا كاشفا عن رأيه عليه السلام.

الوجه الثاني ان دليل السلطنة «2» يدل علي المقام بالفحوي فانه

لو ثبت جواز التصرف في المال يثبت جواز التصرف في الحق و بعبارة اخري لو دل الدليل علي جواز التصرف في المال حتي بالتصرف الذي يكون معدما له يدل علي جواز اعدام الحق باسقاطه.

______________________________

(1) لاحظ ص 13

(2) بحار الأنوار ج 2 ط جديد ص: 272 حديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 15

______________________________

و فيه ان حديث الناس مسلطون علي اموالهم ضعيف سندا مضافا الي أنه لو فرض قيام دليل علي جواز التصرف في المال علي الاطلاق لا بد من تقييده اذ لا يجوز اعدام المال فيما يكون اسرافا نعم يجوز بيعه و هبته و غيرهما من العقود و الايقاعات كما يجوز اكل الطعام و اباحته و شرب المائع فلا يجوز التصرف الاعدامي علي الاطلاق. نعم لا بأس لتقريب الفحوي بأن يتمسك بجواز العتق فان العتق اعدام للملكية فيجوز اعدام الحق باسقاطه فلاحظ.

الوجه الثالث: ما يدل علي سقوط الخيار بالتصرف معللا بأنه رضا بالبيع لاحظ ما رواه علي بن رئاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الشرط في الحيوان ثلاثة ايام للمشتري اشترط أم لم يشترط فان أحدث المشتري فيما اشتري حدثا قبل الثلاثة الأيام فذلك رضا منه فلا شرط، قيل له: و ما الحدث؟ قال ان لامس أو قبل أو نظر منها الي ما كان يحرم عليه قبل الشراء الحديث «1».

فان المستفاد من هذا الحديث ان ذا الخيار له اسقاط خياره و بعبارة اخري الامام عليه السلام طبق الكبري الكلية علي التصرف في الحيوان فيفهم عرفا ان له الاسقاط غاية الأمر يكون التصرف الكذائي مصداقا لهذه الكبري و لو بالتعبد.

الوجه الرابع: قوله عليه السلام «المسلمون عند شروطهم» «2» بتقريب انه باطلاقه يشمل اسقاط الخيار و

فيه أولا ان الشرط ارتباط أحد الشيئين بالاخر و الالتزام الابتدائي لا يصدق عليه الشرط فالخروج تخصصي و ثانيا ما المراد من الشرط في المقام فان كان المراد من الشرط الالتزام بعدم الخيار بقاء ففيه ان الحكم الشرعي أمره بيد الشارع و لا معني للالتزام بعدمه أو وجوده و ان كان المراد الالتزام

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الخيار الحديث 1

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الخيار الحديث 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 16

[الثاني: خيار الحيوان]
اشارة

الثاني: خيار الحيوان: كل من اشتري حيوانا (1) انسانا كان او غيره (2) ثبت له الخيار ثلاثة ايام (3).

______________________________

بسقوطه بالاسقاط، ففيه ان دليل الشرط لا يكون مشرعا بل لا بد من احراز المشروعية قبل الاشتراط و مع الشك في المشروعية لا مجال للأخذ بدليل الشرط اذ قد حقق في محله انه لا يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية بل بمقتضي الاستصحاب يمكن احراز عدم المشروعية فانه لو شك في أن أمر العقد بيد المتعاقدين و هل يمكن الزامه باسقاط الخيار أم لا يكون مقتضي الاستصحاب عدمه فانه قبل الشرع لم يكن أمر العقد بيدهما و الان كذلك.

الوجه الخامس انه لا اشكال في أن الحق قابل للإسقاط و من ناحية اخري الخيار علي قسمين أحدهما حكمي غير قابل للإسقاط كالخيار في الهبة. ثانيهما:

الخيار الحقي و حيث ان خيار المجلس و امثاله خيار حقي فيكون قابلا للإسقاط فلا اشكال في الحكم.

(1) خيار الحيوان في الجملة اجماعي بل ضروري عند علماء المذهب هكذا في الجواهر.

(2) لإطلاق النصوص و صراحة بعضها لاحظ ما رواه علي ابن رئاب قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري جارية لمن الخيار؟ فقال: الخيار لمن

اشتري الي أن قال: قلت له: أ رأيت ان قبلها المشتري أو لامس، قال: فقال: اذا قبل أو لامس أو نظر منها الي ما يحرم علي غيره فقد انقضي الشرط و لزمته «1».

(3) و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: في الحيوان كله شرط ثلاثة ايام للمشتري و هو بالخيار

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الخيار الحديث 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 17

______________________________

فيها ان شرط أو لم يشترط «1».

و منها ما رواه علي بن فضال قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسي الرضا عليه السلام يقول: صاحب الحيوان المشتري بالخيار ثلاثة ايام «2».

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المتبايعان بالخيار ثلاثة ايام في الحيوان، و فيما سوي ذلك من بيع حتي يفترقا «3».

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و قال في الحيوان كله شرط ثلاثة ايام للمشتري و هو بالخيار فيها اشترط أو لم يشترط «4».

و منها ما رواه فضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: ما الشرط في الحيوان؟ قال: ثلاثة ايام للمشتري «5».

و منها ما رواه زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: البيعان بالخيار حتي يتفرقا و صاحب الحيوان ثلاث الحديث «6».

و منها ما رواه علي بن اسباط عن ابي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول: الخيار في الحيوان ثلاثة للمشتري الحديث «7».

و منها ما رواه علي ابن رئاب «8».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الخيار الحديث 1

(2) نفس

المصدر الحديث 2

(3) نفس المصدر الحديث 3

(4) نفس المصدر الحديث 4

(5) نفس المصدر الحديث 5

(6) نفس المصدر الحديث 6

(7) نفس المصدر الحديث 8

(8) لاحظ ص 15

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 18

مبدأها زمان العقد (1).

______________________________

(1) قد وقع الخلاف بينهم في ان مبدء خيار الحيوان من حين العقد أو من حين انقضاء المجلس و الذي يقتضيه ظواهر ادلة خيار الحيوان هو الاول فان الظاهر من قوله عليه السلام في حديث زرارة «1» ان خيار الحيوان من حين العقد الي ثلاثة ايام فلا بد في رفع اليد عن الظواهر من التماس دليل. و ما ذكر في تقريب رفع اليد من الظهور وجوه:

الوجه الاول: ان الخيار من حين ثبوت العقد و العقد لا يثبت الا من حين التفرق اذ قبله غير ثابت لأجل خيار المجلس.

و يرد عليه اولا انه لو لم يكن العقد قابلا لاجتماع خياري المجلس و الحيوان فيه فلا بد من رفع اليد عن احدهما و ترجيح خيار المجلس علي خيار الحيوان ترجيح من غير مرجح و بعبارة اخري كما انه يمكن رفع الاشكال بالالتزام بعدم خيار الحيوان ما دام لم يفترقا كذلك يمكن رفع الاشكال بالالتزام بعدم خيار المجلس الا بعد انقضاء الثلاثة.

و ثانيا: يمكن رفع التنافي بوجه آخر و هو الالتزام بعدم خيار المجلس في الحيوان أو بالالتزام بعدم خيار الحيوان الا فيما لا يكون خيار المجلس متحققا.

و ثالثا: ان الاشكال المذكور لا يرجع الي محصل اذ لو كان المراد ان الخيار لا بد من عروضه لعقد غير قابل للانفساخ فهو يرجع الي التناقض اذ فرض كون العقد غير قابل للانفساخ ينافي كونه خياريا و ان كان المراد ان الخيار لا بد من عروضه لعقد

يكون لازما لو لا الخيار فهو تام و لا اشكال في كون البيع كذلك و هذا الوجه لا يقتضي انفكاك احد الخيارين عن الاخر و ان كان المراد أنّ اجتماع الخيارين في حد نفسه فيه محذور فيرد عليه انه لا نري مانعا في اجتماعهما و اذا تم الدليل في مقام

______________________________

(1) لاحظ ص 17

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 19

______________________________

الاثبات نلتزم بتعدد الخيار بلا اي محذور و اشكال.

الوجه الثاني: ان مقتضي الاستصحاب بقاء الخيار الي ثلاثة ايام من حين التفرق و لهذا الاستصحاب تقريبان.

احدهما: ان يستصحب عدم تحقق خيار الحيوان ما دام بقاء المجلس.

ثانيهما: بقائه الي الثلاثة من حين الافتراق.

و يرد علي التقريب الاول انه لا يترتب المقصود علي الاصل بهذا التقريب الا علي القول بالمثبت فان لازم عدم حدوثه الا بعد الافتراق بقائه الي ثلاثة ايام من حين الافتراق و الاصل المثبت لا دليل علي اعتباره.

و يرد علي التقريب الثاني ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد مضافا الي أنه لا مجال للأصل مع وجود الدليل و المفروض ان مقتضي الادلة بحسب الظهور ان خيار الحيوان من حين العقد.

الوجه الثالث: انه لو لم نلتزم بانفكاك خيار الحيوان عن خيار المجلس يلزم احد المحذورين علي سبيل منع الخلو و هما اجتماع المثلين و اجتماع سببين علي مسبب واحد و كلاهما محال.

و يرد عليه ان الأحكام الشرعية ليست داخلة في المسببات بل اعتبارات لموضوعاتها و من الظاهر انه لا مانع من اعتبار خيارات متعددة لعقد واحد بتعدد موضوعاتها مضافا الي أنه لو سلم ان وزانها وزان التكوينيات فلا يترتب عليه اشكال عقلي و لذا نري انه يمكن ايجاد الحرارة في البدن بسببين فاذا سبق

احدهما علي الاخر يوجد المسبب بالسبب السابق كما انه لو انعدم احدهما يبقي المسبب ببقاء الاخر فان الحرارة توجد بالغضب و الحركة اذا وجدا معا و اذا سبق احدهما يكون مؤثرا في تحققها كما انه لو انعدم احدهما تبقي الحرارة ببقاء الاخر فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 20

______________________________

الوجه الرابع: انه قد دل بعض النصوص علي أن تلف الحيوان في الثلاثة من البائع لاحظ ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الدابة أو العبد و يشترط الي يوم أو يومين فيموت العبد و الدابة أو يحدث فيه حدث، علي من ضمان ذلك؟ فقال: علي البائع حتي ينقضي الشرط ثلاثة أيام و يصير المبيع للمشتري «1».

و من ناحية اخري انه ثبت ان التلف في زمان الخيار المشترك ممن انتقل اليه فعليه يقتضي أن يقال ان مبدء خيار الحيوان من حين انقضاء المجلس كي لا يتوجه اشكال و ربما يقال انه يحمل دليل كون التلف من البائع علي الغالب حيث ان الغالب كون التلف بعد انقضاء المجلس فيكون التلف من البائع بمقتضي قاعدة ان التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له و بعد انقضاء المجلس لا خيار للبائع فالقاعدة لا تنحزم.

و فيه اولا ان الغلبة المدعاة اول الكلام.

و ثانيا علي فرض تماميتها لا تكون الغلبة مانعة عن الاطلاق و مقتضاه شمول الحكم لمورد يكون التلف قبل انقضاء المجلس فالحق في الجواب أن يقال ان الدليل قائم علي أن التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له و أما التلف في زمان الخيار المشترك فمقتضي القاعدة الاولية أن يكون ممن انتقل اليه لكن يرفع اليد عن هذا الاطلاق

بالدليل الوارد في المقام و يقيد الاطلاق. و بعبارة اخري رفع اليد عن القاعدة بالدليل ليس عزيزا.

و ثالثا سلمنا التنافي بين هذه القاعدة و هذا الرواية لكن نقول كما يمكن رفع التنافي بالالتزام بكون مبدء الثلاثة من حين انقضاء المجلس كذلك يمكن رفع التنافي بالالتزام بعدم خيار المجلس في المقام و أيضا يمكن رفع التنافي بأن نقول مبدء الثلاثة من

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الخيار الحديث 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 21

______________________________

حين العقد لكن الخيار ثابت من حين الانقضاء فلاحظ فتحصل انه لا وجه لهذا القول.

و الحق أن يقال ان مبدء الثلاثة من حين العقد علي ما هو المستفاد من ظواهر ادلة خيار الحيوان. هذا كله علي تقدير عدم التنافي و التعاند بين خيار المجلس و خيار الحيوان و أما لو قلنا بأن المستفاد من الادلة عدم اجتماعهما في مورد واحد فلا تصل النوبة الي البحث. و بعبارة اخري البحث الموجود علي فرض امكان اجتماعهما و أما علي فرض التعاند و عدم الاجتماع فلا موضوع للبحث فنقول لإثبات التعاند تقريبان:

احدهما: ان المستفاد من دليل خيار المجلس انقضائه حين انقضاء المجلس لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ايما رجل اشتري من رجل بيعا فهما بالخيار حتي يفترقا، فاذا افترقا وجب البيع الحديث «1». و مقتضي دليل خيار الحيوان انقضاء الخيار بانقضاء الثلاثة لاحظ ما رواه الحلبي أيضا «2» فهذان الدليلان يتعارضان فيما يكون المبيع حيوانا.

و الجواب انه لو قلنا بأن كل واحد من الدليلين متعرض للحكم الثابت في مورده و ناظر في النفي الي ذلك الحكم و بعبارة اخري ان كان كل دليل متعرضا لحكم حيثي و لا اطلاق فيه

فالامر واضح اذ عليه يكون النفي بلحاظ خاص و الظاهر انه كذلك عرفا و أما لو قلنا بأنه مطلق فغايته العموم و مقتضي الصناعة أن يخصص كل واحد من الدليلين بالدليل الاخر و يلتزم بعموم الحكم و تخصيصه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الخيار، الحديث: 4

(2) لاحظ ص 17

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 22

______________________________

ثانيهما: ان المستفاد من حديث ابن مسلم «1» بحسب الفهم العرفي التقسيم و التفصيل بين الحيوان و غيره و التقسيم قاطع للشركة فيستفاد من هذه الرواية ان الخيارين لا يجتمعان في مورد واحد فبين الخيارين تعاند و تضاد بحسب الحكم الشرعي.

و ربما يقال ان الرواية مورد اعراض الاصحاب فلا تكون حجة. و فيه ان الاعراض لا يوجب سقوط الرواية عن الاعتبار.

و ربما يقال ان الحديث في مقام بيان انتهاء زمان خياري الحيوان و المجلس و لا تعرض في الحديث لبيان موضوعي الخيارين فلا يتم الاستدلال.

و فيه ان اثبات هذه الدعوي مشكل و هذا العرف ببابك فان المستفاد من الحديث ان المبيع ان كان حيوانا فالخيار فيه ثلاثة ايام و ان كان غير حيوان فالخيار ما دام لم يحصل الافتراق.

و ربما يقال: يستفاد من حديث آخر لمحمد بن مسلم، عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم البيعان بالخيار حتي يفترقا و صاحب الحيوان بالخيار ثلاثة ايام «2» انه لو كان المبيع حيوانا لا يكون الخيار للبائع بل يختص خيار الحيوان بالمشتري فيقع التعارض بين هذه الرواية و تلك الرواية بالعموم من وجه فان مادة الافتراق من ناحية تلك الرواية صورة كون الثمن و المثمن كليهما حيوانا و مادة الافتراق من ناحية هذه الرواية

صورة كون الثمن فقط حيوانا و مادة الاجتماع صورة كون المبيع فقط حيوانا فان مقتضي هذه الرواية عدم الخيار للبائع و مقتضي تلك الرواية ثبوت الخيار للبائع فيقع التعارض بين الحديثين و الترجيح بموافقة

______________________________

(1) لاحظ ص 17

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الخيار الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 23

و اذا كان العقد في اثناء النهار لفق المنكسر من اليوم الرابع (1) و الليلتان المتوسطتان داخلتان في مدة الخيار (2) و كذا الليلة الثالثة في صورة تلفيق المنكسر (3) و اذا لم يفترق المتبايعان حتي مضت ثلاثة ايام سقط خيار الحيوان و بقي خيار المجلس (4).

______________________________

الكتاب مع ما يدل علي عدم الخيار فان مقتضي وجوب الوفاء بالعقد لزومه و عدم الخيار فلا يبقي مجال لتقريب ان التقسيم قاطع للشركة فلا دليل علي التنافي بين الخيارين. هذا غاية ما يمكن أن يقال في هذا المقام.

و فيه ان هذا البيان يقتضي عدم الخيار بالنسبة إلي البائع و أما بالنسبة الي المشتري فلا و بعبارة اخري: تقريب ان التقسيم قاطع للشركة و ان المستفاد من الحديث بمقتضي تقسيم المبيع بين كونه حيوانا و غيره بحاله و قوته بالنسبة الي المشتري فالنتيجة ان مقتضي الصناعة عدم اجتماع خيار الحيوان و المجلس في محل واحد فلاحظ.

(1) كما هو كذلك في نظائر المقام من قصد الاقامة و الايام المقررة في الحيض و النفاس و غيرهما فان العرف يفهم من الدليل كفاية التلفيق.

(2) اذ المستفاد من الدليل استمرار الخيار من اوله الي آخره فيكون الخيار ثابتا في الليلتين كما هو كذلك في الحيض و امثاله.

(3) كما هو ظاهر لعين التقريب المتقدم و هو استمرار الخيار من المبدأ الي المنتهي.

(4) و الوجه فيه

ان كل حكم حدوثا و بقاء تابع لموضوعه و المفروض ان خيار المجلس تابع لبقاء المجلس فاذا كان المجلس باقيا الي ما بعد الثلاثة يسقط خيار الحيوان و يبقي خيار المجلس.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 24

[مسألة 3: يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في متن العقد]

(مسألة 3): يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في متن العقد كما يسقط باسقاطه بعده (1) و بالتصرف في الحيوان تصرفا يدل علي امضاء العقد و اختيار عدم الفسخ (2).

______________________________

(1) كما تقدم في خيار المجلس.

(2) ما افاده علي طبق القاعدة فانه لو علم انه اراد عدم الفسخ و بعبارة اخري لو ابرز امضائه العقد و اسقاطه الخيار بفعل من الافعال يسقط خياره بلا اشكال اذ لا يلزم أن يكون المبرز لإمضاء العقد خصوص اللفظ و هذا ظاهر واضح.

انما الكلام في أنه لو علم انه لا يريد من تصرفه الفسخ بل يريد ابقاء العقد بحاله فهل يسقط خياره كما لعله المستفاد من المتن أم لا يسقط؟ الحق هو الثاني اذ لا اشكال في أن اسقاط الخيار من الامور الانشائية.

و صفوة القول ان القاعدة الاولية تقتضي انه لو اسقط الخيار و التزم بالبيع يسقط خياره بلا فرق بين كون مبرزه لفظا أو فعلا هذا مقتضي القاعدة الاولية و في المقام نصوص لا بد من ملاحظتها و من تلك النصوص ما رواه علي ابن رئاب عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: الشرط في الحيوان ثلاثة ايام للمشتري اشترط أم لم يشترط فان أحدث المشتري فيما اشتري حدثا قبل الثلاثة الأيام فذلك رضا منه فلا شرط، قيل له: و ما الحدث؟ قال ان لامس أو قبل او نظر منها الي ما كان يحرم عليه قبل الشراء الحديث «1».

و المستفاد من هذه الرواية ان

كل حدث احدثه المشتري في المبيع يوجب سقوط الخيار و بعد سؤال الراوي عن الحدث أجاب عليه السلام «ان لامس أو قبل أو نظر منها الي ما كان يحرم عليه قبل الشراء» فيستفاد من الحديث ان كل تصرف بل كل فعل يكون مرتبطا بالمبيع و لا يكون جائزا للمشتري قبل الاشتراء يوجب

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الخيار الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 25

______________________________

سقوط الخيار و لو لم يكن قاصدا للإسقاط فان قوله عليه السلام: «فذلك رضا منه فلا شرط» يقتضي كون احداث الحدث رضي بالبيع بالتعبد الشرعي و الظاهر ان الرضا المذكور في كلامه عليه السلام هو الاختيار لا الرضا النفساني الذي هو عبارة عن طيب النفس و يكون من صفات النفس و الشاهد علي هذه الدعوي امور:

منها حمله علي الفعل الخارجي و لا يصح حمل الصفة النفسانية علي الفعل الخارجي الا بالعناية.

و منها ان مجرد الرضا النفساني لا يكون مؤثرا في الفسخ و بعبارة اخري الرضا النفساني بلا مبرز لا يكون مؤثرا في الامور الانشائية.

و منها ان الرضا النفساني و طيب النفس يتعدي بالجار فيقال رضي بكذا و أما الرضا بمعني الاختيار فيتعدي الي المفعول بنفسه و بدون وساطة حرف الجر و المقام كذلك كما تري.

و هذا الوجه قابل للنقاش كما يظهر لمن يراجع كلام اهل اللغة في المقام.

و منها ان لسان الرواية لسان الحكومة. و القاعدة في باب الحكومة ان الحكم في المنزل عليه مسلم و مفروغ عنه و الحاكم بالحكومة يجعل للمنزل عليه فردا تنزيليا مثلا العالم حكمه وجوب الاكرام و بالحكومة يجعل الحاكم ولد العالم من افراد العالم بقوله ولد العالم عالم و في المقام جعل العمل الخارجي كالنظر

مثلا منزلة الرضا فالرضا حكمه مفروغ عنه و معلوم و الشارع يجعل له فردا تنزيليا و من الظاهران الرضا الموجب لسقوط الخيار هو الفسخ الفعلي أو اللفظي لا الرضا القلبي و هذا الوجه هو العمدة.

و ملخص الكلام انه لا اشكال في ان الرضا الموجب لسقوط الخيار هو الفسخ

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 26

______________________________

باللفظ أو الفعل و الشارع الاقدس جعل التصرف بل مطلق الفعل الذي يتوقف شرعا علي الملكية موجبا لسقوط الخيار بالحكومة فلاحظ.

فالنتيجه ان كل تصرف من قبل المشتري يكون متوقفا علي الملكية يكون مسقطا للخيار بلا فرق بين التصرفات اذ المستفاد من التصرفات المذكورة في كلامه عليه السلام من التقبيل و المس و النظر التمثيل لا الموضوعية و العرف ببابك.

و من تلك الروايات مكاتبة الصفار قال: كتبت الي ابي محمد عليه السلام في الرجل اشتري من رجل دابة فأحدث فيها حدثا من أخذ الحافر أو أنعلها أو ركب ظهرها فراسخ أله أن يردها في الثلاثة الايام التي له فيها الخيار بعد الحدث الذي يحدث فيها أو الركوب الذي يركبها فراسخ؟ فوقع عليه السلام. اذا أحدث فيها حدثا فقد وجب الشراء إن شاء اللّه «1».

و المستفاد من هذه الرواية ان احداث الحدث في المبيع يوجب سقوط الخيار و في تلك الرواية بين المراد من الحدث الذي احدث فيه. و من تلك النصوص ما رواه ابن رئاب «2».

و المستفاد من هذا الحديث ما هو المستفاد من حديثه الاخر فالنتيجة ان كل فعل صادر من المشتري متعلق بالمبيع من الافعال التي لا تكون جائزة لغير المالك يوجب سقوط الخيار.

ان قلت: علي هذا يكون جعل خيار الحيوان لغوا اذ في كل مورد من موارده يتحقق فعل يتعلق بالحيوان

و يوجب سقوط الخيار.

قلت: ليس الامر كذلك اذ لو فرض بقاء الحيوان عند البائع في مدة الخيار لا يتحقق موجب لسقوطه كما انه لو تسلم الحيوان و لم يتصرف فيه تصرفا غير جائز

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الخيار الحديث 2

(2) لاحظ ص 16

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 27

[مسألة 4: يثبت هذا الخيار للبائع أيضا، إذا كان الثمن حيوانا]

(مسألة 4): يثبت هذا الخيار للبائع أيضا، اذا كان الثمن حيوانا (1).

______________________________

بسقيه و علفه و امثالهما لا يكون وجه لسقوط الخيار نعم علي هذا المبني تكون دائرة الخيار غير واسعة و تكون فائدة جعل الخيار أقلّ و لكن الاحكام التعبدية زمامها بيد الشارع و ليس لنا التصرف فيها كما هو المقرر عند الكل.

ان قلت: يستفاد من حديث عبد اللّه بن الحسن عن ابيه عن جعفر بن محمد عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في رجل اشتري عبدا بشرط ثلاثة ايام فمات العبد في الشرط، قال: يستحلف باللّه ما رضيه ثم هو بري ء من الضمان «1»، ان احداث الحدث لا يوجب سقوط الخيار حيث انه صلي اللّه عليه و آله لم يفصل بين احداث الحدث و عدمه و حكم بعدم الضمان علي الاطلاق و فيه أولا ان الرواية ضعيفة سندا و ثانيا ان المراد بالرضا الرضا الفعلي و هو الاختيار و قد استفيد من الدليل كما مر ان احداث الحدث مصداق للرضا بالتعبد.

(1) لاحظ ما رواه زرارة «2» فان مقتضي اطلاق الرواية ان صاحب الحيوان له الخيار بلا فرق بين البائع و المشتري. و النصوص الدالة علي كون الخيار للمشتري موردها بالنصوصية أو بالظهور صورة كون المبيع حيوانا و غاية دلالتها نفي الخيار بالنسبة الي البائع بالاطلاق. و بعبارة اخري غاية ما

يمكن أن يقال ان تلك النصوص حيث انها في مقام التحديد تنفي الخيار بالنسبة الي غير المشتري لكن لا مانع من تقيد تلك الروايات بهذه الرواية و الالتزام بثبوت الخيار فيما يكون الثمن حيوانا.

و صفوة القول ان النصوص المشار اليها علي فرض دلالتها علي نفي الخيار

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الخيار الحديث 4

(2) لاحظ ص 17

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 28

[مسألة 5: يختص هذا الخيار بالبيع]

(مسألة 5): يختص هذا الخيار بالبيع، و لا يثبت في غيره من المعاوضات (1).

[مسألة 6: إذا تلف الحيوان قبل القبض أو بعده في مدة الخيار كان تلفه من مال البائع]

(مسألة 6): اذا تلف الحيوان قبل القبض أو بعده في مدة الخيار كان تلفه من مال البائع و رجع المشتري عليه بالثمن اذا كان دفعه

______________________________

عن البائع يكون بالاطلاق اي بلا فرق بين كون الثمن حيوانا أم لا و هذا الاطلاق يقيد بهذه الرواية. اضف الي ذلك كله انه لا وجه للالتزام بالمفهوم فانه قد قرر في محله ان اللقب لا مفهوم له الا انه قد تقدم ان المفهوم من ناحية التحديد و بيان الضابطة و يضاف الي ذلك كله انه يمكن أن يقال ان النصوص الدالة علي اختصاص خيار الحيوان بالمشتري فيما يكون المبيع حيوانا ناظرة الي أن الخيار الناشي من كون المبيع حيوانا للمشتري فلا ينافي ثبوت الخيار للبائع من ناحية اخري و لذا لا مجال لان يقال بأن هذه الروايات تنفي خيار المجلس بالنسبة الي البائع و علي هذا الاساس نقول لا تنافي بين الدليلين فان الدليل الدال علي اختصاص الخيار بالمشتري ناظر الي مورد كون المبيع حيوانا و الدليل الدال علي أن صاحب الحيوان مطلقا له الخيار ناظر الي اثبات الخيار لمن انتقل اليه الحيوان بائعا كان أو مشتريا فلا تصل النوبة الي أن يقال بين الدليلين تعارض بالعموم من وجه فان ما به الافتراق من طرف دليل صاحب الحيوان ما يكون المبيع حيوانا فقط و ما به الافتراق من ناحية صاحب الحيوان المشتري مورد كون الثمن غير حيوان و ما به الاجتماع ما يكون الثمن و المثمن حيوانا فان مقتضي دليل الاختصاص عدم الخيار و مقتضي اطلاق صاحب الحيوان ثبوت الخيار فانه قد ظهر مما ذكرنا عدم

مجال لهذا التقريب فلاحظ فما افاده في المتن تام.

(1) لعدم المقتضي في غير البيع من المعاوضات فان نصوصه تختص بالبيع.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 29

اليه (1).

[مسألة 7: إذا طرأ عيب في الحيوان من غير تفريط من المشتري لم يمنع من الفسخ و الرد]

(مسألة 7): اذا طرأ عيب في الحيوان من غير تفريط من المشتري لم يمنع من الفسخ و الرد (2) و ان كان بتفريط منه سقط خياره (3)

[الثالث: خيار الشرط]
اشارة

الثالث: خيار الشرط و المراد به: الخيار المجعول باشتراطه في العقد، اما لكل من المتعاقدين أو لأحدهما بعينه (4).

______________________________

(1) كما هو المقرر عندهم من أن التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له و تفصيل الكلام موكول الي بحث احكام الخيار فانتظر.

(2) لعدم دليل عليه و لا وجه لسقوطه.

(3) قد تقدم من الماتن ان خيار الحيوان يسقط بالتصرف فيه تصرفا يدل علي امضاء العقد فالميزان في نظره سقوط الخيار باسقاط من له الخيار و عليه فاي وجه في كون التفريط مسقطا لخيار الحيوان. هذا علي مسلكه من عدم موضوعية للتصرف و أما علي ما سلكناه من كون التصرف بنفسه مسقطا للخيار فلا أري وجها للسقوط بالتفريط الا ان يقال ان الارتكاز يقتضي سقوطه في الفرض المذكور بأن يقال مقتضي الارتكاز اشتراط سقوطه فيما يكون العيب مسببا عن تفريطه و اللّه العالم.

(4) ما يمكن أن يقال في تقريبه وجوه: الوجه الاول الاجماع و قد ادعي الشيخ قدس سره ان نقل الاجماع عليه مستفيض. و يرد عليه ان تحصيل الاجماع التعبدي الكاشف لا يمكن.

الوجه الثاني ما عن سيدنا الاستاد و هو ان الاهمال في الواقع غير معقول و عليه البائع حين البيع اما يملك العين الي حين قوله فسخت و اما علي الاطلاق.

أما علي الثاني فيرجع الي التناقض فيتعين الاول و هو التمليك الي حين قوله فسخت، و الشارع المقدس يمضي العقد بهذا النحو اذ العقود تابعة للقصود و علي هذا الاساس لا يتوجه الاشكال من ناحية ان شرط الخيار

مخالف للكتاب اذ

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 30

______________________________

مقتضي وجوب الوفاء بالعقد كونه لازما غير قابل للفسخ.

و يرد عليه اولا انه يلزم الغرر اذ لا يعلم انه يفسخ و سيدنا الاستاد لا يلتزم بصحة البيع الغرري. و ثانيا ان لازم هذا القول ان المشتري لو باع العين من ثالث ثم فسخ البائع البيع يكون العقد الثاني باطلا اذ بالفسخ يكشف ان المشتري باع ما لا يملكه و بيع ما لا يملك باطل و سيدنا الاستاد لا يلتزم بهذا اللازم. و ثالثا: ان البيع الموقت غير معهود عند العرف و المتشرعة و بعبارة اخري البيع الموقت و ان كان امرا متصورا لكن البيع الموقت غير معهود بل البيع تمليك ابدي دائمي و رابعا: ان الفسخ لدي العرف و العقلاء رافع للأمر الثابت لا أن يكون امدا للأمر الموقت.

و خامسا: انا لا نسلم ان جعل الخيار ينافي التمليك الا بدئ بل الفسخ يتوقف علي دوام متعلقه.

توضيحه ان البيع مثل النكاح و الفسخ مثل الطلاق فكما ان النكاح عبارة عن ايجاد العلقة الزوجية الدائمية و الطلاق يرفع الامر الثابت المستقر كذلك البيع يقتضي تحقق الملكية الدائمية و الفسخ يرفع هذا الامر الثابت.

و ان شئت قلت الفسخ قاطع للعلقة الثابتة لا امد لها و لذا نقول يتوقف الفسخ علي الدوام لا انه ينافيه فان البيع جعل الملكية الدائمية و شرط الخيار يجعل لمن له الخيار حق قطع هذا الامر الدائم الثابت و لك ان تقول ان وزان خيار الشرط وزان توكيل الزوج زوجته في ضمن العقد في طلاقها فكما ان ذلك الشرط هناك امر جائز واقع متعارف كذلك شرط الخيار في المقام فلاحظ.

الوجه الثالث: النصوص الدالة علي جواز الشرط منها

ما رواه عبد اللّه ابن سنان عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: من اشترط شرطا مخالفا لكتاب اللّه فلا يجوز له، و لا يجوز علي الذي اشترط عليه، و المسلمون عند شروطهم مما

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 31

______________________________

و افق كتاب اللّه عز و جل «1»، بتقريب ان جعل الخيار من مصاديق الشرط و مقتضي النصوص الواردة في المقام جواز الشرط. و يمكن ان يناقش في هذا الاستدلال بوجوه من الاشكال:

الاشكال الاول: ان الشرط يجب أن يكون موافقا مع الشرع و هذا الشرط خلاف الكتاب و السنة أما الكتاب فقوله تعالي أَوْفُوا بِالْعُقُودِ «2» فان مقتضاه لزوم كل عقد. و أما السنة فقوله عليه السلام في خيار المجلس فاذا افترقا وجب البيع «3».

ان قلت: شرط الخيار ليس مخالفا للكتاب و السنة اذ اللزوم من مقتضيات اطلاق العقد لا من مقتضيات طبعه فيجوز شرط الخيار.

قلت: هذا التقريب لا يرجع الي محصل فان العقد بمقتضي الكتاب و السنة لازم و اشتراط الخيار فيه يكون علي خلاف الجعل الشرعي و اذا فرض قيام دليل علي جواز العقد في مورد نأخذ به و لا ينافي كون العقد لازما اذ امر العقد بيد الشارع فله الحكم باللزوم في مورد و بالجواز في مورد آخر.

ان قلت: ان اللزوم حقي و رعاية لحال المتعاقدين فلهما جعل العقد خياريا.

قلت: لا دليل علي هذه الدعوي فان مقتضي الادلة كون العقد لازما.

ان قلت: اشتراط الخيار اشتراط ان يسترجع ما دفعه متي اراد و يأخذه و يتملكه و عموم ادلة الشرط يشمل هذا الشرط فيجوز و يكون المشروط عليه ملزما بالدفع عند اعمال الخيار.

قلت: ما المراد من الاسترجاع فان كان المراد به ان الشارع

له أن يحكم

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الخيار الحديث: 1

(2) المائدة/ 1

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب الخيار الحديث 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 32

______________________________

بالرجوع عند اعمال الخيار فلا اشكال فيه لكن لا دليل علي حكم الشارع بالرجوع و ان كان المراد ان له أن يسترجع بلا سبب شرعي فهذا الاسترجاع باطل اذ لا يجوز تملك مال الغير بلا سبب مجوز و دليل الشرط لا يصلح لإثبات الجواز اذ دليله لا يكون مشرعا بل يلزم احراز المشروعية في الرتبة السابقة كي يقع عليه الشرط و لو وصلت النوبة الي الشك يكون مقتضي الاصل عدم المشروعية فلا يصح الاشتراط و ان كان المراد الاسترجاع باذن المشتري و موافقته فلا يحتاج الي الشرط اذ الاقالة جائزة بل راجحة، و ان كان المراد ان المشروط عليه يلتزم بأنه عند الاسترجاع يقيل اي يشترط عليه الاقالة عند الاستقالة فهذا صحيح و لكن لا يرتبط بالمقام كما هو ظاهر.

الاشكال الثاني ان مفاد ادلة الشروط هو الحكم التكليفي فلا يشمل الاحكام الوضعية.

و فيه انه لا وجه لهذا التقييد فان مقتضي اطلاق ادلة الشرط هو الاعم فان متعلق الشرط ان كان فعلا من الافعال يجب أو يحرم و ان كان امرا وضعيا يلزم بل يستفاد المدعي من بعض تلك النصوص لاحظ ما رواه الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السلام في رجلين اشتركا في مال و ربحا فيه ربحا و كان المال دينا عليهما، فقال أحدهما لصاحبه: اعطني رأس المال و الربح لك و ما توي فعليك، فقال: لا بأس به اذا اشترط عليه، و ان كان شرطا يخالف كتاب اللّه عز و جل فهو رد الي كتاب اللّه عز و

جل الحديث «1» فان مورد حكمه عليه السلام بالصحة الحكم الوضعي.

الاشكال الثالث ان شرط الخيار مخالف مع مقتضي العقد فعليه يكون مرجع جعل الخيار الي المتنافيين.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الخيار الحديث 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 33

______________________________

و فيه ان مقتضي العقد الملكية و اما اللزوم و الجواز فهما حكمان خارجان يعرضان للعقد بمقتضي الدليل.

الاشكال الرابع: ان جعل الخيار فعل الشارع و ليس تحت اختيار المكلف و لا معني لاشتراط فعل الشارع فان الشرط يتعلق بامر مقدور.

و فيه اولا: انا نري صحة هذا الاشتراط حتي ممن لا يعتقد به سبحانه فيعلم ان هذا التقريب فاسد و ثانيا لا اشكال في أن جعل الخيار فعل من افعال الشارع و لكن لا ينافي جعله من قبل المتعاملين و بعبارة اخري جعل الخيار اعتبار من الاعتبارات و يمكن للمتعاقدين اشتراط هذا الاعتبار. غاية الأمر نفوذه و لزومه يتوقف علي امضاء الشارع و الكلام في المقام في دليل نفوذ هذا الاعتبار.

الاشكال الخامس: ان الشرط بماله من المفهوم لا يتحقق في المقام اذ الشرط عبارة عن ارتباط احد الامرين بالاخر و اما الالتزام الابتدائي فلا يصدق عليه عنوان الشرط و فيه انه يمكن تصوير الشرط في المقام بأن يعلق العقد علي الالتزام بالخيار.

لا يقال ان التعليق في العقود باطل فانه يقال التعليق علي امر مجهول باطل و أما التعليق علي امر معلوم كما لو علق العقد علي كون اليوم يوم الجمعة و هما يعلمان ان اليوم يوم الجمعة فلا يكون باطلا و المقام كذلك اذ الالتزام عند العقد بالخيار معلوم عندهما فتحصل ان الاشكال الوارد هو الاشكال الاول و اما بقية الاشكالات فغير واردة.

الوجه الرابع ما رواه فضيل عن

ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت له: ما الشرط في غير الحيوان؟ قال البيعان بالخيار ما لم يفترقا، فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الخيار الحديث 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 34

______________________________

بتقريب ان المستفاد من هذه الرواية ان امر العقد لزوما و جوازا بيد المتعاقدين حيث قال عليه السلام: «و اذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما» فالميزان برضاهما و هذه الدعوي لا شاهد عليها و الرضا المذكور في الحدث فيه احتمالات. منها احتمال ان يكون المراد منه الرضا بالعقد اي العقد الصادر عن رضا الطرفين يلزم بالافتراق و منها: احتمال أن يكون المراد منه انه لو حصل الرضا بعد العقد به و لم يحصل الفسخ فلا اثر لعدمه بعد الافتراق. و منها احتمال كون المراد منه ان الافتراق الناشي عن الرضا يسقط لا الافتراق الاكراهي و الحاصل انه لا يرجع هذا الدليل الي محصل معتد به.

الوجه الخامس: انه لا اشكال في صحة اشتراط فعل في ضمن العقد كاشتراط الخياطة و لا يتحقق مفهوم الشرط الا بتعليق الالتزام و الوفاء به و بعبارة اخري الشرط ارتباط احد الامرين بالاخر و هذا الارتباط يتوقف علي تعليق الوفاء بذلك الشرط كالخياطة و الالتزام بها فعند التخلف يثبت خيار تخلف الشرط و حكم الامثال واحد فاذا صح جعل الخيار هناك يجوز جعله مستقلا.

و فيه انا لا نسلم صحته هناك أيضا الا بأن يتم بدليل. و أما اشتراط الفعل كالخياطة فلا يتوقف علي تعليق الوفاء به بل يمكن أن يعلق عليه نفس العقد و قد مر قريبا انه لا يتوجه الاشكال بأن التعليق باطل في العقود. فراجع ما ذكرناه

آنفا.

الوجه السادس: ما رواه سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

انا نخالط اناسا من اهل السواد و غيرهم فنبيعهم و نربح عليهم للعشرة اثني عشر و العشرة ثلاثة عشر، و نؤخر «نوجب» ذلك فيما بيننا و بين السنة و نحوها، و يكتب لنا الرجل علي داره أو علي أرضه بذلك المال الذي فيه الفضل الذي أخذ منا شراء قد باع و قبض الثمن منه فنعده «فعندنا- يب فبعده خ ل» ان هو جاء بالمال الي وقت بيننا و بينه أن نرد عليه الشراء فان جاء الوقت و لم يأتنا بالدراهم

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 35

او لأجنبي (1)،

______________________________

فهو لنا، فما تري في الشراء؟ فقال: أري أنه لك ان لم يفعل، و ان جاء بالمال للوقت فرد عليه «1».

فان المستفاد من هذه الرواية جواز جعل الخيار للمشتري.

و فيه انه حكم بالخيار في الصورة الخاصة و هي صورة رد الثمن فلا وجه للتعدي عنها.

الوجه السابع ما رواه ابن سنان عن ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

و ان كان بينهما شرط اياما معدودة فهلك في يد المشتري قبل أن يمضي الشرط فهو من مال البائع «2».

بتقريب ان المستفاد من الحديث ان جواز جعل الخيار امر مفروغ عنه و انه عليه السلام بين حكم التلف في زمان الخيار و بعبارة اخري يفهم من الحديث صدرا و ذيلا انه يجوز اشتراط الخيار للمشتري و ان التلف في ذلك الزمان علي البائع. و ان شئت قلت انه عليه السلام بعد ان اجاب عن سؤال الراوي بين كبري كلية و هي انه لو كان الخيار مجعولا للمشتري في ثلاثة ايام أو اربعة أو خمسة يكون التلف في ذلك

الزمان علي البائع فيستفاد جواز جعل الخيار للمشتري في ايام معدودة علي الاطلاق. و الظاهر انه لا بأس بهذا الوجه.

الوجه الثامن: السيرة الجارية علي جعل الخيار من المتعاملين بلا نكير من احد و هذه آية الجواز فلاحظ مضافا الي أن المدعي يستفاد من حديث الحلبي لاحظ ص: 16، اذ يستفاد منه جواز اشتراط الخيار. و اللّه العالم.

(1) لا اشكال ثبوتا في جعل الخيار للأجنبي و انه امر ممكن. انما الكلام في مقام الاثبات و الدلالة و حيث ان شرط الخيار مخالف للشرع لان العقد لازم

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب الخيار الحديث 1

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الخيار الحديث 2 لاحظ صدر الحديث في ص: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 36

[مسألة 8: لا يتقدر هذا الخيار بمدة معينة]

(مسألة 8): لا يتقدر هذا الخيار بمدة معينة، بل يجوز اشتراطه ما يشاء، من مدة قصيرة أو طويلة (1) متصلة او منفصلة عنه (2) نعم لا بد من تعيين مبدأها و تقديرها بقدر معين و لو ما دام العمر فلا يجوز جعل الخيار بلا مدة، و لا جعله مدة غير محدودة قابلة للزيادة و النقيصة

______________________________

شرعا لا يجوز جعل الخيار و يحتاج الي الدليل و حيث لا دليل عليه لا يكون مشروعا و دعوي السيرة في المقام جزافية.

(1) لعدم الدليل علي التقدير و حكم الامثال واحد.

(2) ربما يقال بأنه لا يجوز الانفصال اذ يلزم جواز العقد بعد لزومه. و يمكن أن يذب الاشكال اولا بالنقض بخياري الرؤية و التأخير و ثانيا بالحل بأن يقال ان مقتضي جواز الشرط عدم الفرق. لكن يرد علي الجواب الاول بأن القياس في غير محله اذ الخيار في الموردين ثابت بالدليل كما سيجي ء إن شاء اللّه تعالي. و علي

الجواب الثاني بأنه قد مر انه لا يمكن الاستدلال علي الخيار بدليل الشرط لان المستفاد من الشرع لزوم العقد و جعل الخيار خلاف الحكم الشرعي فلا يجوز.

اذا عرفت ما ذكرنا نقول الاشكال المذكور في المقام بأنه يلزم الجواز بعد اللزوم غير سديد و لا مانع منه في حد نفسه و انما الاشكال في المقام عدم الدليل، اذ الدليل ينحصر في الاجماع و السيرة و الدليل اللبي لا بد من الاقتصار فيه علي القدر المتيقن منه و من هذا البيان يظهر الاشكال في جواز جعل الخيار ما دام العمر اذا المقتضي قاصر فالمرجع دليل اللزوم لكن قد مر انه يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه ابن سنان «1» و قلنا ان مقتضي كلامه عليه السلام جواز جعل الخيار علي الاطلاق فلا يتقدر بمقدار خاص و قدر مخصوص و مما ذكر يمكن ان يقال ان مقتضي اطلاق

______________________________

(1) لاحظ ص 35

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 37

و موجبة للغرر (1) و الا بطل العقد (2).

[مسألة 9: إذا جعل الخيار شهرا كان الظاهر منه المتصل بالعقد]

(مسألة 9): اذا جعل الخيار شهرا كان الظاهر منه المتصل بالعقد، و كذا الحكم في غير الشهر من السنة او الاسبوع او نحوهما (3) و اذا جعل الخيار شهرا مرددا بين الشهور احتمل البطلان من جهة عدم التعيين، لكن الظاهر الصحة فان مرجع ذلك هو جعل الخيار في تمام تلك الشهور (4).

______________________________

قوله عليه السلام في هذه الرواية «و ان كان بينهما شرط اياما معدودة» عدم الفرق بين اتصال المدة و انفصالها فلاحظ.

(1) لم افهم المراد من العبارة اذ كيف يعقل جعل الخيار بلا مدة و بعبارة اخري الاهمال في الواقع غير معقول فلا بد من تقديره بمقدار و اما الاهمال في مقام الاثبات فمرجعه

الي جعل مدة قابلة للزيادة و النقصان نعم لا يبعد أن يكون المراد من العبارة عدم ذكر المدة في مقام الاثبات فتارة لا يذكر الحد و اخري يذكر لكن الحد مردد بين الطويل و القصير.

(2) لا بد من اتمام المدعي بالإجماع و التسالم و الا فلا دليل علي فساد الغرر علي الاطلاق.

(3) فان العرف ببابك و لا اشكال في أن المتفاهم العرفي يقتضي الاتصال و بعبارة اخري لو لم يدل دليل علي الانفصال يكون الظاهر هو الاتصال و قد ذكر انه يمكن اثبات الاطلاق بحديث ابن سنان حيث ان مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين اتصال المدة و انفصالها.

(4) تارة يجعل الخيار شهرا و مرجعه الي كون ذي الخيار مخيرا في اختيار كل شهر اراد و معناه جعل الخيار في تمام السنة من اولها الي آخرها و لا اشكال

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 38

[مسألة 10: لا يجوز اشتراط الخيار في الإيقاعات، كالطلاق و العتق]

(مسألة 10): لا يجوز اشتراط الخيار في الايقاعات، كالطلاق و العتق (1).

______________________________

فيه و اخري يجعل الخيار شهرا مرددا و هذا الجعل باطل اذ المردد لا واقع له و ثالثة يجعل الخيار شهرا معينا عند اللّه و هو الشهر الذي يحدث فيه الحادث الكذائي فان مرجعه ليس جعل الخيار في تمام السنة كما انه ليس مرددا و مبهما بل معين واقعا و ربما يوجب الغرر فلاحظ.

(1) يقع الكلام في هذا المقام تارة في الوجوه المانعة و اخري في وجود المقتضي للجواز و عدمه فيقع الكلام في موضعين أما الموضع الاول فما يمكن أن يذكر في تقريب المانع وجوه:

الوجه الاول الاجماع فانه نقل عن المبسوط دعوي الاجماع علي عدم جريانه في الطلاق و العتق و عن المسالك دعواه علي عدم جريانه في الابراء.

و فيه

ان الاجماع المنقول لا يكون حجة و المحصل منه علي تقدير حصوله محتمل المدرك فانه يحتمل أن يكون المجمعون مستندين الي الوجوه المذكورة في المقام.

الوجه الثاني ان دليل الشرط منصرف عن الشرط الواقع في ضمن الايقاع كما انه منصرف عن الشرط الابتدائي و عن القاموس ان الشرط التزام في ضمن البيع و غيره بناء علي كون المراد من غيره بقية العقود.

و فيه انه لا وجه للانصراف و الشرط الابتدائي لا يكون مصداقا للشرط فهو خارج عن دائرة الشرط تخصصا لا تخصيصا. و صفوة القول ان الشرط ارتباط احد الامرين بالاخر و لا فرق فيه بين كونه في ضمن العقد او الايقاع و الانصراف علي فرض تسلمه بدوي. و الرجوع الي كلام القاموس لا وجه له بعد احراز دائرة سعة المفهوم بالتبادر و نحوه مضافا الي عدم وضوح المراد من كلامه بل الظاهر من لفظ غيره

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 39

______________________________

عدم الفرق بين العقد و الايقاع للإطلاق.

الوجه الثالث ان الايقاع بما له من المفهوم امر قائم بالطرف الواحد و الشرط لا بد من تحققه بين الطرفين.

و فيه انه لا تنافي بين كون الايقاع قائما بطرف واحد و تحقق الشرط و قيامه بطرفين فانه يجوز أن يعتق المولي عبده و يشترط عليه امرا.

الوجه الرابع ان الايقاع امر عدمي مثلا العتق ازالة للملكية و الفسخ أيضا ازالة للأمر الثابت فمرجع جعل الخيار فيه اعتبار العدم في العدم.

و فيه انه لا بد من ملاحظة ما هو الاشكال فان الاشكال ان كان من ناحية استحالة اعادة المعدوم فهذا اشكال فلسفي و تحقيقه موكول الي مبحثه و ربما يقال بجواز اعادته و علي كل حال هذا الاشكال مشترك بين جميع موارد

الفسخ مضافا الي أنه يمكن دفع الاشكال بأن يقال ليس الفسخ اعادة للمعدوم بل ايجاد لفرد مماثل للمعدوم و النظر المسامحي يراه اعادة له و ان كان وجه الاشكال من ناحية ان الفسخ ازالة للأمر الثابت فلا يعقل تعليقه بالامر العدمي، فجوابه انه لو قلنا بأنه ايجاد للفرد المماثل فلا مانع من تعلقه بالامر العدمي.

الوجه الخامس: ان المنشأ كعتق العبد اما معلق علي امر أو لا يكون معلقا أما علي الاول فيلزم التعليق المبطل للعقد و الايقاع و أما الثاني فيكون شرطا ابتدائيا و الشرط الابتدائي لا يصح.

و فيه اولا ان التعليق علي امر محرز عند الجعل لا يكون باطلا و بعبارة اخري مدرك بطلان التعليق هو الاجماع و القدر المتيقن منه صورة الشك في وجود المعلق عليه و أما لو احرز المعلق عليه فلا اجماع و يشهد لما ذكرنا النص الخاص لاحظ ما رواه يعقوب ابن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اعتق جاريته و شرط

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 40

______________________________

عليها ان تخدمه خمس سنين فأبقت ثم مات الرجل فوجدها ورثته ألهم ان يستخدموها؟ قال: لا. «1».

فان المستفاد من الرواية جواز تعليق العتق علي الخدمة و ثانيا نفرض عدم تعليق الايقاع علي امر لكن الخيار مشروط اذ يمكن ان يعتق مملوكه و يشترط عليه انه لو لم يخدمه يكون له الخيار في فسخ العتق.

الوجه السادس ان الخيار ملك فسخ العقد و لا يتعلق الحل الا فيما يكون بين الجانبين فلا موضوع للفسخ في الايقاعات لعدم تقومها بطرفين.

و فيه ان الخيار ملك فسخ ما اعتبره المعتبر بلا فرق بين العقد و الايقاع و لذا نري كثيرا ما يستعمل و يقال عرفت

اللّه بفسخ العزائم فالفسخ ابطال ما بني عليه فانقدح بما ذكرنا ان الموانع المذكورة في هذا الباب لا ترجع الي محصل صحيح. هذا تمام الكلام في الموضع الاول.

و أما الموضع الثاني: فالذي يختلج بالبال أن يقال لا يجوز جعل الخيار في الايقاعات و ذلك لعدم الدليل علي الجواز الا دليل الشرط و دليل نفوذ الشرط لا يكون مشرعا بل لا بد من احراز مشروعية امر في الرتبة السابقة كي يلزم بالاشتراط فمجرد الشك في الجواز يكفي لعدمه من حيث كون الشبهة مصداقية و عدم جواز الاخذ بالعام فيها. و علي الجملة يشترط في جواز الاشتراط عدم كون الشرط مخالفا للشرع و مع الشك في المشروعية لا يجوز الشرط.

ان قلت لو شك في كونه مخالفا يحرز عدم المخالفة بالاستصحاب.

قلت: مقتضي استصحاب عدم جعل الشارع الخيار عدم جواز الاشتراط و بعبارة اخري لا مجال لاستصحاب عدم كون الشرط مخالفا اذ الشك في المخالفة مسبب عن الشك في جعل الشارع الخيار و مقتضي الاصل عدم جعله و صفوة القول

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب العتق

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 41

و لا في العقود الجائزة، كالوديعة و العارية (1) و يجوز اشتراطه

______________________________

ان دليل الشرط بنفسه لا يمكن أن يكون دليلا لجواز اشتراط الخيار اذ يلزم احراز الجواز و عدم المخالفة مع الشرع في الرتبة السابقة فلو شك في جواز جعل الخيار يكون مقتضي الاصل عدم جوازه و عدم جعله فيكون اشتراطه مخالفا للشرع فلا يجوز الاشتراط و ثبوت الجواز بالدليل الخاص في مورد لا يقتضي الجواز علي نحو العموم فالنتيجة عدم جواز جعل الخيار في الايقاعات فلاحظ.

(1) و الكلام في المقام أيضا يقع في موضعين احدهما فيما يمكن أن

يكون مانعا ثانيهما في وجود المقتضي و عدمه.

أما المقام الاول: فقد ذكرت في تقرير المانع وجوه:

الوجه الاول: ان جعل الخيار مع كون العقد جائزا لغو.

و فيه انه لا نسلم اللغوية اذ مع فرض ثبوته ينتقل بموت من له الخيار الي وارثه علي ما هو المقرر عندهم مضافا الي أن اثره يظهر عند سقوط الخيار كما لو تصرف المتهب في الهبة فانه يسقط خيار الواهب فعلي تقدير ثبوت الخيار له يمكنه اعماله حتي بعد التصرف.

الوجه الثاني: ان جعل الخيار مع فرض كون العقد خياريا يستلزم اجتماع المثلين.

و فيه انه علي هذا لا يمكن فرض تعدد الخيار علي الاطلاق و الحال انه لا اشكال في جواز تعدد الخيار كما لو اجتمع خيار الحيوان مع خيار المجلس و العيب مضافا الي أنه قيل: ان الخيار الحكمي متعلق بالعين و الحقي متعلق بالعقد و يضاف الي ذلك كله انه لا مجال لهذا الاشكال فان اجتماع المثلين يتصور في الامور المتأصلة الحقيقية و الاعراض الخارجية و المقام داخل في الامور الاعتبارية فلا موضوع لهذا البيان.

الوجه الثالث: ان اشتراط الخيار تحصيل للحاصل و هو محال.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 42

في العقود اللازمة عدا النكاح، و في جواز اشتراطه في الصدقة و في الهبة اللازمة و في الضمان اشكال، و ان كان الاظهر عدم الجواز في الاخير و الجواز في الثاني (1).

______________________________

و فيه: انه ليس تحصيلا للحاصل بل ايجاد لفرد آخر من الخيار فلاحظ.

الوجه الرابع ان العقود الجائزة عقود إذنية فاذا رفع اليد عن اذنه لا يترتب علي العقد اثر.

و فيه اولا ان العقود الجائزة ليس كلها إذنية بل فيها ما لا يكون كذلك كالهبة فالدليل اخص من المدعي.

و ثانيا ان العقود

الاذنية اذا تحققت بصورة العقد يترتب عليها ما يترتب علي العقد فيجوز جعل الخيار فيها كما يجوز جعلها في العقد اللازم مثلا اذا باع زيد دارا من عمرو و شرط في ضمن البيع اعارة كتابه و جعل المعير الخيار لنفسه فيها و قلنا بصحة جعل الخيار في العارية يجوز له الاخذ بالخيار و لا يجوز له الرجوع في اذنه لان العقد الجائز اذا وقع تلو الشرط يصير لازما بالتبع. هذا تمام الكلام في المقام الاول.

و أما المقام الثاني فالحق عدم دليل علي جواز اشتراط الخيار في العقود الجائزة بالتقريب الذي تقدم في الايقاعات فلا نعيد و راجع ما ذكرناه آنفا و علي الجملة مقتضي الاصل عدم جعل الشارع جواز جعل الخيار فاذا لم يجز لا يجوز جعله بالشرط اذ يشترط في متعلق الشرط أن لا يكون مخالفا للشرع فلاحظ.

(1) الذي ينبغي في المقام أن يلاحظ كل واحد من العقود اللازمة بحياله و استقلاله و بيان ما يستفاد من الادلة بالنسبة اليه و قبل الخوض في ذكر اقسام العقد اللازم نقدم مقدمة و هي ان مقتضي القاعدة الاولية عدم الجواز إلا مع الدليل

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 43

______________________________

عليه اذ قد تقدم منا ان دليل الشرط لا يفي بالمقصود فلا بد من احراز الجواز اولا و في الرتبة السابقة ثم نلزمه بدليل نفوذ الشرط و مضافا الي ما تقدم في الايقاعات و العقود الجائزة من أن مقتضي الاصل عدم جعل الشارع الجواز يمكن الاستدلال علي المدعي في المقام بالدليل الاجتهادي و هو عموم وجوب الوفاء بالعقود المستفاد من الكتاب فان المستفاد من الاية الشريفة «1» ان كل عقد لازم و يجب الوفاء به فاشتراط الخيار مخالف للكتاب

فلاحظ و اغتنم.

اذا عرفت ما ذكرنا نقول من العقود اللازمة عقد الاجارة و لا اشكال في جواز جعل الخيار فيه للسيرة الجارية علي جعل الخيار لكل من الطرفين فلا اشكال في جواز جعل الخيار فيها.

و منها النكاح فان جعل الخيار في النكاح من ناحية عدم المقتضي اذ لا دليل علي جواز جعل الخيار فيه.

و ان شئت قلت لا دليل علي جواز الاقالة فيه كي يجوز جعل الخيار فيه و يمكن أن يقال ان جواز الاقالة لا يقتضي جواز جعل الخيار لان الاقالة تحصل برفع اليد من الطرفين و أما الخيار فهو ملك فسخ العقد من طرف واحد و لو لم يكن الطرف المقابل راضيا فالنتيجة ان المقتضي للجواز قاصر.

و أما من ناحية المانع فيمكن تقرير المنع بوجوه: الوجه الاول: الاجماع علي عدم الجواز و فيه ما فيه.

الوجه الثاني انه ثبت في الشرع ان رافع النكاح هو الطلاق فلا يرتفع بغيره و فيه ان اثبات الشي ء لا ينفي ما عداه و لذا نري ان الفسخ جائز في جملة من الموارد

______________________________

(1) المائدة/ 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 44

______________________________

في باب النكاح.

الوجه الثالث ان الخيار انما يجري فيما يجري فيه التقايل و حيث ان التقايل لا يجري في النكاح فلا يجري فيه الخيار.

و فيه انه اول الكلام و الدعوي و لذا نري جواز الفسخ في جملة من الموارد و الحال ان التقايل لا يجري فيها.

الوجه الرابع ان النكاح فيه شائبة العبادية و ما كان له تعالي لا رجوع فيها لاحظ ما رواه الحكم قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان والدي تصدق علي بداره ثم بدا له أن يرجع فيها، و ان قضاتنا يقضون لي بها، فقال: نعم

ما قضت به قضاتكم و بئس ما صنع والدك، انما الصدقة للّه عز و جل، فما جعل للّه عز و جل فلا رجعة له فيه، فان أنت خاصمته فلا ترفع عليه صوتك، و ان رفع صوته فاخفض أنت صوتك قال: قلت: فانه توفي قال: فاطب بها «1».

و فيه اولا ينتقض بموارد جواز الفسخ بالعيوب الموجبة لجوازه فتأمل.

و ثانيا ان النكاح ليس امرا عباديا مضافا الي انه لا يبعد عدم شمول الرواية هذه الامور بأن يقال لعل الظاهر من تلك الادلة الامور المالية كالصدقة و امثالها و اللّه العالم.

الوجه الخامس: ان فسخ النكاح يوجب ابتذال المرأة و هو ضرر عليها فينفي بدليل نفي الضرر.

و فيه اولا ان الدليل اخص من المدعي اذ ربما لا يوجب ابتذالها.

و ثانيا انها بنفسها اقدمت علي الاشتراط المذكور فهل يمكن الالتزام بشمول الحديث للمقام مع الفرض.

______________________________

(1) الوسائل، الباب 11 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 45

______________________________

و ثالثا المستفاد من دليل لا ضرر حرمة الاضرار لا نفي الحكم الضرري.

الوجه السادس: ان بناء النكاح علي الدوام فينافي جعل الخيار و فيه ان جعل الخيار لا ينافيه بل يؤكده و انما المنافي هو التوقيت.

الوجه السابع ان لزوم النكاح حكمي فليس قابلا للفسخ و فيه انه اول الدعوي الا أن يقال انه لا اشكال عندهم في عدم جواز الاقالة كما انه لا يجوز عندهم جعل الخيار فيه و بعبارة واضحة عدم الجواز مسلم عند القوم فالنتيجة انه مضافا الي عدم المقتضي للجواز المانع عنه موجود و اللّه العالم.

و منها الوقف علي تقدير كونه داخلا في العقود و ما يمكن أن يذكر في وجه منع اشتراط الخيار فيه امور:

الاول: الاجماع و

فيه ما فيه الثاني: ان الوقف من الامور العبادية و ما كان له تعالي لا يرجع فيه و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله انما مثل الذي يرجع في صدقته كالذي يرجع في قيئه «1».

و فيه ان الوقف لا يشترط بقصد القربة و لذا يصح وقوعه من المخالف مع ان العبادة يشترط فيها الولاية.

الثالث: ان الوقف فك الملك و لا يكون فيه التعاوض و الخيار انما يتصور في العقود المعاوضية.

و يرد عليه ان الوقف ليس فك ملك في جميع اقسامه بل تمليك غاية الامر ملك محبوس و لا دليل علي أن الخيار انما يتصور في المعاوضات فقط و لذا نري ان

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 46

______________________________

الهبة من العقود الجائزة و فيها الخيار و الحال ان الهبة غير المعوضة لا معاوضة فيها.

الرابع: ان الوقف بنائه علي التأبيد فجعل الخيار فيه ينافيه و فيه اولا علي القول بجواز الوقف الموقت يتصور عدم التأبيد في الوقف و ثانيا انه لا تنافي بين التأبيد و جعل الخيار كما هو كذلك في البيع و امثاله.

الخامس ان الوقف يقتضي السكون و جعل الخيار فيه ينافيه. و فيه ان الاقتضاء المذكور في الوقف الذي لا يكون فيه الخيار و إلا فلا اقتضاء فيه مضافا الي أنه يمكن أن يقال ان الوقف ما دام وقفا فيه الاقتضاء المذكور و اعمال الخيار فيه يخرجه عن هذا العنوان و ينقلب الي موضوع آخر.

السادس ما رواه اسماعيل بن فضل و هو حديثان: الاول قال: سألت أبا عبد

اللّه عليه السلام عن الرجل يتصدق ببعض ماله في حياته في كل وجه من وجوه الخير، قال: ان احتجت الي شي ء من المال فأنا أحق به، تري ذلك له و تري جعله للّه يكون له في حياته، فاذا هلك الرجل يرجع ميراثا أو يمضي صدقة؟ قال: يرجع ميراثا علي أهله «1».

الثاني ما عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: من اوقف ارضا ثم قال ان احتجت اليها فأنا احق بها ثم مات الرجل فانها ترجع الي الميراث «2».

و تقريب الاستدلال بالحدبثين علي المدعي ان المستفاد منهما بطلان الوقف المزبور و لا وجه للبطلان الا من ناحية الشرط المذكور.

و فيه ان الظاهر من الروايتين ان الوقف المذكور منقطع الاخر فلا يرتبطان

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث 3

(2) التهذيب ج 9- ص 105- الحديث 59

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 47

______________________________

بما نحن فيه. و بعبارة اخري ليس المراد من الشرط اشتراط الخيار.

السابع ان الخيار يجري فيما تجري فيه الاقالة و حيث ان الاقالة لا تجري في الوقف فلا يجري فيه الخيار و فيه انه لا يرتبط احد المقامين بالاخر.

اذا عرفت ما تقدم نقول لو لم يدل دليل علي جواز اشتراط الخيار في الوقف يكون مقتضي القاعدة عدم جوازه أما علي فرض كون الوقف من العقود فظاهر فان مقتضي وجوب الوفاء بالعقد عدم جواز الاشتراط المذكور و أما علي القول الاخر فيكفي لعدم الجواز ما تقدم من أن مقتضي الاصل عدم جعل جواز اعتبار الخيار فيه فيكون اشتراطه مخالفا للشرع فلا يصح فلاحظ.

و منها الصدقة و الحق عدم جواز الخيار فيه لما تقدم من النص الدال علي ان ما كان للّه لا يرجع مضافا الي

أنه يكفي لعدم الجواز وجوب الوفاء بالعقد.

و منها الصلح و لعل جواز جعل الخيار فيه مشهور فيما بين القوم بل ادعي عليه الاجماع و مقتضي الاصل الاولي عدم الجواز اذ جعل الخيار ينافي وجوب الوفاء بالعقد كما أن مقتضي الدليل الفقاهي أيضا كذلك كما تقدم. فان ثبت اجماع تعبدي علي جوازه فهو و الا فيشكل الجزم بالجواز الا أن يقال: أن السيرة الخارجية جارية علي جعل الخيار في صلح الاموال.

و منها الضمان و الحق انه لو لم يقم دليل علي جواز اشتراط الخيار فيه لم يكن مجال لجعله فان مقتضي وجوب الوفاء بالعقد عدم الجواز كما ان مقتضي الاصل العملي كذلك فلاحظ.

و منها الهبة المعوضة فان لم يقم اجماع او دليل غيره علي جواز جعل الخيار فيه يكون مقتضي القاعدة عدم الجواز بالتقريب الذي تقدم فلا نعيد. و مما ذكرنا تعرف الحال في بقية العقود اللازمة ففي كل مورد تم الدليل علي الجواز فهو

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 48

[مسألة 11: يجوز اشتراط الخيار للبائع في مدة معينة متصلة بالعقد، أو منفصلة عنه]

(مسألة 11): يجوز اشتراط الخيار للبائع في مدة معينة متصلة بالعقد، او منفصلة عنه، علي نحو يكون له الخيار في حال رد الثمن بنفسه مع وجوده أو ببدله مع تلفه، و يسمي بيع الخيار فاذا مضت مدة الخيار لزم البيع و سقط الخيار و امتنع الفسخ، و اذا فسخ في المدة من دون رد الثمن أو بدله مع تلفه لا يصح الفسخ، و كذا لو فسخ قبل المدة فلا يصح الفسخ الا في المدة المعينة، في حال رد الثمن أورد بدله مع تلفه ثم ان الفسخ اما أن يكون بانشاء مستقل في حال الرد، مثل فسخت و نحوه، أو يكون بنفس الرد، علي أن يكون إنشاء

الفسخ بالفعل و هو الرد، لا بقوله فسخت و نحوه (1).

______________________________

و الا يشكل الالتزام بالجواز فلاحظ.

(1) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول: انه يجوز جعل الخيار مدة معينة للبائع برد الثمن و يسمي هذا البيع مع هذا الخيار ببيع الخيار و ادعي في الجواهر الاجماع بقسميه علي جوازه و تدل علي جوازه أيضا جملة من النصوص منها ما رواه سعيد بن يسار «1».

و منها ما رواه أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام «عبد اللّه خ ل» قال:

ان بعت رجلا علي شرط فان أتاك بمالك و الا فالبيع لك «2».

و منها ما رواه اسحاق بن عمار قال: حدثني من سمع أبا عبد اللّه عليه السلام و سأله رجل و انا عنده فقال: رجل مسلم احتاج الي بيع داره فجاء الي اخيه فقال:

______________________________

(1) لاحظ ص 34

(2) الوسائل لباب 7 من أبواب الخيار، الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 49

______________________________

أبيعك داري هذه و تكون لك احب إلي من أن تكون لغيرك علي ان تشترط لي ان أنا جئتك بثمنها الي سنة أن ترد علي، فقال: لا بأس بهذا ان جاء بثمنها الي سنة ردها عليه، قلت فانها كانت فيها غلة كثيرة فأخذ الغلة لمن تكون الغلة؟ فقال: الغلة للمشتري ألا تري أنه لو احترقت لكانت من ماله «1».

و منها ما رواه معاوية بن ميسرة قال سمعت أبا الجارود سأل ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باع دارا له من رجل و كان بينه و بين الرجل الذي اشتري منه الدار حاصر، فشرط انك ان اتيتني بمالي ما بين ثلاث سنين فالدار دارك، فأتاه بماله، قال:

له شرطه قال أبو الجارود: فان ذلك الرجل قد اصاب في ذلك

المال في ثلاث سنين، قال: هو ماله و قال أبو عبد اللّه عليه السلام: أ رأيت لو أن الدار احترقت من مال من كانت تكون الدار دار المشتري «2».

و يمكن الاستدلال عليه بما يستدل به علي خيار الشرط فان هذا الخيار من افراده و مصاديقه.

الفرع الثاني: أنه يجوز أن تكون المدة المعينة متصلة بالعقد و يجوز أن تكون منفصلة عنه و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه ابو الجارود «3» فان مقتضي اطلاق قوله عليه السلام ان بعت رجلا الخ عدم الفرق بين اتصال المدة بالعقد و عدمه مضافا الي أنه قد مر انه يجوز في خيار الشرط كون الخيار منفصلا عن العقد كما انه يجوز أن يكون متصلا بالعقد.

الفرع الثالث: انه لا بد من رد نفس الثمن مع وجوده و ان لم يكن موجودا

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الخيار الحديث 1

(2) نفس المصدر الحديث 3

(3) لاحظ ص 48

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 50

[مسألة 12: المراد من رد الثمن احضاره عند المشتري، و تمكينه منه]

(مسألة 12): المراد من رد الثمن احضاره عند المشتري، و تمكينه منه، فلو أحضره كذلك جاز له الفسخ و ان امتنع المشتري من قبضه (1).

______________________________

يتحقق الرد برد بدله و الامر كما افاده اذ مع وجود عين الثمن لو فسخ العقد ينتقل الثمن الي ملك المشتري فلا بد من رده و اما مع تلفه تصل النوبة الي بدله لكن يمكن جعل الخيار برد بدل الثمن و لو مع وجوده غاية الامر بعد الفسخ ينتقل نفس الثمن الي ملك المشتري.

الفرع الرابع: انه لو مضت المدة لزم البيع و سقط الخيار و الامر كما افاده اذ المفروض ان الخيار جعل في تلك المدة و مع انقضائها لا يبقي موضوع للخيار و هذا ظاهر.

الفرع

الخامس: انه لو فسخ في تلك المدة بدون رد الثمن لا يكون فسخه صحيحا لان البائع انما يمكنه الفسخ عند الرد و مع عدمه لا مقتضي لان يفسخ.

الفرع السادس: انه لو فسخ قبل المدة لا يصح لعدم جعل الخيار في ذلك الزمان فلا يمكنه الفسخ.

الفرع السابع. ان الفسخ اما مستقل و لفظي عند الرد ففي زمان الرد يقول فسخت و اما يكون فسخا فعليا حاصلا بالرد و كلاهما صحيح و لكن المستفاد من النصوص بحسب الظهور هو الفسخ الفعلي بأن يكون الفسخ بنفس الرد فلاحظ.

(1) فانه الظاهر من نصوص المقام و لا يستفاد منها حصول القبض من الطرف مضافا الي أنه يمكن ان يمتنع من القبض فلا يترتب علي جعل الخيار برد الثمن اثر مرغوب فيه. و بعبارة اخري انما جعل هذا الخيار لأجل استرجاع العين و اذا اشترط بالقبض لا تحصل النتيجة المقصودة.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 51

[مسألة 13: الظاهر أنه يجوز اشتراط الفسخ في تمام المبيع برد بعض الثمن]

(مسألة 13): الظاهر انه يجوز اشتراط الفسخ في تمام المبيع برد بعض الثمن (1) كما يجوز اشتراط الفسخ في بعض المبيع بذلك (2).

[مسألة 14: إذا تعذر تمكين المشتري من الثمن لغيبة، أو جنون، أو نحوهما مما يرجع الي قصور فيه]

(مسألة 14): اذا تعذر تمكين المشتري من الثمن لغيبة، أو جنون، أو نحوهما مما يرجع الي قصور فيه فالظاهر أنه يكفي في صحة الفسخ تمكين وليه، و لو كان الحاكم الشرعي أو وكيله، فاذا أحضره كذلك جاز الفسخ (3).

______________________________

(1) هذا علي طبق القاعدة الاولية اذ المفروض جعل خيار الشرط و هذا من مصاديقه.

(2) قال في الحدائق «1» «الخامس: قال في الدروس لو شرط ارتجاع بعضه ببعض الثمن أو الخيار في بعضه ففي الجواز نظر. اقول: الظاهر ان وجه النظر المذكور ينشأ من مخالفة النصوص الواردة في المسألة و كون هذا الفرد خارجا عنها و من عموم المؤمنون عند شروطهم و في المسالك استوجه الثاني و لا يخلو من قرب فان النصوص المذكورة لا دلالة فيها علي حصر الصحة في الصورة المذكورة فيها و ان ما عداها غير جائز مع ان هذا الشرط سائغ في حد ذاته و لا مانع منه».

انتهي.

و فيه انه قد مر ان دليل الشرط بنفسه لا يفيد بل لا بد من احراز جواز الشرط في الرتبة السابقة و المفروض وحدة البيع فجعل الخيار بالنسبة الي بعض المبيع بلا دليل و مقتضي الاصل عدم جوازه فلا يجوز اشتراطه بدليل الشرط بعد احراز كونه خلاف المقرر الشرعي فتأمل.

(3) لا اشكال في أن الخيار في المقام بجعل المتعاملين و لا بد من لحاظ ما هو

______________________________

(1) ج 19 ص 37

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 52

[مسألة 15: نماء المبيع من زمان العقد الي زمان الفسخ للمشتري]

(مسألة 15): نماء المبيع من زمان العقد الي زمان الفسخ للمشتري، كما ان نماء الثمن للبائع (1).

[مسألة 16: لا يجوز للمشتري فيما بين العقد إلي انتهاء مدة الخيار التصرف الناقل للعين من هبة أو بيع او نحوهما]

(مسألة 16): لا يجوز للمشتري فيما بين العقد الي انتهاء مدة الخيار التصرف الناقل للعين من هبة أو بيع او نحوهما (2) و لو تلف المبيع

______________________________

مجعول عندهما و من ناحية اخري الاهمال محال في الواقع و عليه اما يسع دائرة الجعل بحيث يشمل الحاكم أو الوكيل فلا اشكال في الكفاية و الا فلا مجال لان يقال انه فرق بين كون المعلق عليه احضار المال عند المشتري فلا يكفي احضاره عند الحاكم أو الوكيل و بين كون المعلق عليه قبض المشتري فيكفي لان فعل الولي فعله كما ان فعل الوكيل كذلك. و ان شئت قلت: ان المجعول اما فيه الاهمال و اما فيه الاطلاق و اما فيه التقييد أما الاول فمحال و أما الثاني فلا اشكال في الكفاية لان المجعول في المقام باختيار الجاعل. و أما الثالث فلا اشكال في عدم الكفاية. ثم انه علي تقدير التنزل نقول انما يكفي لو كان المعلق عليه قبض المشتري اذ قبض الولي أو الوكيل قبضه و أما لو كان المعلق عليه احضار المال عنده فلا يكفي اذ لا دليل علي كون الاحضار عند الولي أو الوكيل احضار عنده كما انه علي تقدير التنزل انما يكفي قبض الحاكم لو قلنا بكونه وليا علي الغائب حتي فيما لو كان الامتناع اضطراريا. أما لو لم نقل بذلك و قلنا تختص الولاية بمورد الامتناع الاختياري فلا مجال للقول بالكفاية فيما كان الامتناع عن اضطرار.

(1) كما هو ظاهر اذ المفروض ان المبيع للمشتري و الثمن للبائع و نماء كل ملك تابع للملك في الملكية و المفروض ان

الفسخ من الحين لا من اول الامر كما قرر في محله.

(2) وجه عدم الجواز ان البائع يريد الرجوع الي العين و لم يقطع النظر عن

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 53

كان ضمانه علي المشتري (1) و لا يسقط بذلك خيار البائع الا اذا كان المقصود من الخيار المشروط خصوص الخيار في حال وجود العين بحيث يكون الفسخ موجبا لرجوعها نفسها الي البائع، لكن الغالب الاول (2).

______________________________

ماله و لذا جعل لنفسه الخيار فاشتراط عدم التصرف في المبيع من قبل البائع علي المشتري واضح فيجب علي المشتري العمل بالشرط فيحرم التصرف فيه و بما ذكرنا يظهر انه لا مجال لان يقال ان الخيار علي تقدير بقاء العين و من الظاهر ان شرط الواجب ليس واجبا فان المجعول امران احدهما الخيار ثانيهما ابقاء العين فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر اذ لا وجه لان يكون ضمانه علي البائع أو علي شخص آخر فان ضمان كل مملوك علي مالكه الا أن يقوم دليل علي خلافه.

(2) ربما يقال ان الخيار قائم بالعين فيسقط بتلف العين و فيه ان الخيار قائم بالعقد لا بالعين. و يمكن الاستدلال علي سقوط الخيار بتلف العين بأن غرض البائع نوعا أن يصون ماله بماله من الخصوصية فيسقط الخيار بتلف العين و فيه ان الاغراض و الدواعي لا تؤثر في مركز الجعل فالحق أن يقال انه لا بد من لحاظ دائرة الجعل فاذا كانت دائرة الجعل تسع ما بعد التلف يكون الخيار باقيا و الا فلا و الظاهر انه بحسب الغالب يكون الغرض متعلقا بابقاء العين بما لها من الخصوصية و لا يبعد أن يكون الظاهر في مقام الاثبات جعل الخيار في زمان بقاء العين فلا يشمل صورة تلفها

خلافا لما في المتن و يمكن أن يقال انه لا دليل علي صحة جعل الخيار بحيث يبقي بعد التلف اذ النصوص الخاصة التي مرت «1» لا تشمل هذه الصورة

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 و 8 من أبواب الخيار

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 54

[مسألة 17: إذا كان الثمن المشروط رده دينا في ذمة البائع]

(مسألة 17): اذا كان الثمن المشروط رده دينا في ذمة البائع، كما اذا كان للمشتري دين في ذمة البائع فباعه بذلك الدين، و اشترط الخيار مشروطا برده كفي في رده اعطاء فرد منه (1) و اذا كان الثمن عينا في يد البائع فالظاهر ثبوت الخيار في حال دفعها للمشتري (2) و اذا كان الثمن كليا في ذمة المشتري فدفع منه فردا الي البائع بعد وقوع البيع فالظاهر كفاية رد فرد آخر في صحة الفسخ (3).

[مسألة 18: لو اشتري الولي شيئا للمولي عليه ببيع الخيار فارتفع حجره قبل انقضاء المدة]

(مسألة 18): لو اشتري الولي شيئا للمولي عليه ببيع الخيار فارتفع حجره قبل انقضاء المدة كان الفسخ مشروطا برد الثمن اليه و لا يكفي الرد علي وليه (4) و لو اشتري احد الوليين كالأب ببيع الخيار

______________________________

و دليل الشرط لا يكون دليلا علي اصل الصحة كما مر فلاحظ.

(1) لا يخفي ان رد الثمن في المقام لا يمكن الابرد فرد منه اذ الكلي بما هو كلي لا يتحقق في الخارج و انما تحققه بتحقق فرده و مصداقه و حيث ان المفروض الثمن هو الكلي الثابت في ذمة البائع فلا يبقي له وجود بعد البيع اذ نتيجة ملكية ما في النفس هو السقوط فبقاء الخيار منوط بجعله حين رد فرد من افراد ذلك الكلي و الا فلا يمكن تحقق الخيار في الفرض المذكور اذ لا يعقل رد الثمن لا نفسه و لا فرد منه لسقوطه بالبيع.

(2) كما هو ظاهر لان المفروض ان الثمن تلك العين و قد فرض ردها.

(3) فان رد الكلي برد فرد منه.

(4) اذ الرد الي الولي من باب كونه نازلا منزلة المولي عليه و بعد ارتفاع الحجر و صيرورته بالغا لا يكون الولي وليا عليه فيرتفع الموضوع.

مباني منهاج الصالحين، ج 8،

ص: 55

جاز الفسخ بالرد الي الولي الاخر كالجد، الا أن يكون المشروط الرد الي خصوص الولي المباشر للشراء (1).

[مسألة 19: إذا مات البائع قبل إعمال الخيار انتقل الخيار إلي ورثته فلهم الفسخ]

(مسألة 19): اذا مات البائع قبل اعمال الخيار انتقل الخيار الي ورثته فلهم الفسخ بردهم الثمن الي المشتري و يشتركون في المبيع علي حساب سهامهم (2) و لو امتنع بعضهم عن الفسخ لم يصح للبعض الاخر الفسخ، لا في تمام المبيع، و لا في بعضه (3) و لو مات المشتري كان للبائع الفسخ برد الثمن الي ورثته (4).

[مسألة 20: يجوز اشتراط الخيار في الفسخ للمشتري]

(مسألة 20): يجوز اشتراط الخيار في الفسخ للمشتري برد

______________________________

(1) ما افاده علي طبق القاعدة اذ فرض في كلامه انه لو جعل الخيار بالرد الي مطلق الولي و المفروض ان الجد ولي كالأب فيكفي الاحضار عنده كما يكفي الاحضار عند الاب فلاحظ.

(2) لان الخيار من الحقوق و الحق يورث فما افاده تمام علي ما هو المقرر عندهم من ارث الخيار.

(3) اما عدم جواز الفسخ في تمام المبيع فواضح لعدم المقتضي بل لوجود المانع اذ لا يجوز التصرف في مال الغير و سلطانه و أما عدم جوازه في بعضه فلاختصاص دليل الخيار باسترجاع تمام المبيع و بعبارة اخري في البيع الواحد خيار واحد فلا مجال للتجزية.

(4) الذي يخطر ببالي في هذه العجالة انه لا يجوز جعل الخيار الي ما بعد الموت و بعبارة اخري دائرة الجعل اما تختص بصورة بقاء المشتري و اما تشمل ما بعد وفاته و اما مهمل أما الاهمال فغير معقول كما مر قريبا و أما في صورة الاختصاص

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 56

المبيع الي البائع (1) و الظاهر منه رد نفس العين، فلا يكفي رد البدل حتي مع تلفها (2) الا أن تقوم قرينة علي ارادة ما يعم رد البدل عند التلف (3) كما يجوز أيضا اشتراط الخيار لكل منهما عند رد ما انتقل اليه

بنفسه أو ببدله عند تلفه (4).

[مسألة 21: لا يجوز اشتراط الخيار في الفسخ برد البدل]

(مسألة 21): لا يجوز اشتراط الخيار في الفسخ برد البدل مع

______________________________

و التقييد فالامر اظهر اذ بقاء الخيار مع التقييد خلف و محال و أما في صورة التوسعة فيشكل الجعل لعدم المقتضي اذ دليل خيار الشرط اما السيرة و اما النصوص الخاصة أما السيرة فحيث انها دليل لبي لها قدر متيقن فلا بد من الاقتصار فيها علي المقدار المعلوم و لا اطلاق فيها و أما النصوص فكما تري لا اطلاق فيها يشمل صورة فوت المشتري مضافا الي أن العين تنتقل بالموت الي الوارث فباي مجوز يتصرف فيها البائع و بعبارة اخري التصرف في المملوك محدود بحال الحياة و أما التصرف الواقع بعدها فلا ينفذ الا في الموارد الخاصة التي قام عليها الدليل كالتدبير و الوصية علي ما هو المقرر في محالها. و اللّه العالم.

(1) النصوص الواردة في المقام تختص بالخيار برد الثمن لكن لا يبعد قيام السيرة علي جواز جعل خيار الفسخ في كل من الطرفين من المشتري و البائع و اذا فرض جوازه فلا اشكال في جوازه معلقا علي رد المبيع اذا مر الجعل بيد الجاعل.

(2) و العرف ببابك و الظاهر عدم مجال لإنكار هذا الظهور فلاحظ.

(3) لكن الاشكال في المقتضي و قد مر الكلام في جواز جعل الخيار مع تلف العين.

(4) قد تقدم الاشكال في جعل الخيار مع تلف المبيع فراجع المسألة (16).

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 57

وجود العين بلا فرق بين رد الثمن و رد المثمن (1) و في جواز اشتراطه برد القيمة في المثلي أو المثل في القيمي مع التلف اشكال، و ان كان الاظهر أيضا العدم (2).

[مسألة 22: يسقط هذا الخيار بانقضاء المدة المجعولة له مع عدم الرد]

(مسألة 22): يسقط هذا الخيار بانقضاء المدة المجعولة له مع عدم الرد (3) و

باسقاطه بعد العقد (4).

[الرابع: خيار الغبن]
اشارة

الرابع: خيار الغبن. اذا باع باقل من قيمة المثل ثبت له الخيار و كذا اذا اشتري باكثر من قيمة المثل (5).

______________________________

(1) فان هذا الشرط خلاف المقرر الشرعي لان الفسخ يوجب انتقال كل من العوضين الي ملك مالكه الاول فلا يمكن تبديله مع بقائه و بعبارة اخري مقتضي الفسخ انتقال نفس العين الي مالكها الاول و هذا الاشتراط ينافيه فلا يصح فلاحظ.

(2) الكلام فيه هو الكلام اذ المفروض ان بدل المثلي هو المثل فلا يجوز جعل القيمة بدله انما الاشكال في العكس و لا يبعد أن لا يكون فيه اشكال اذ قد مر في بحث القيمي و المثلي ان الثابت في التالف ثبوت نفس ذلك الشي ء في ذمة الضامن و انما يكتفي بالقيمة في القيمي من باب انه الاقرب الي التالف و أما مع فرض امكان المثل فلا وجه لعدم الاكتفاء به نعم في باب الغصب لا بد من رعاية القيمة بلحاظ حديث أبي ولاد فلاحظ «1».

(3) اذ مع انقضاء المدة لا مقتضي للخيار و في الحقيقة ليس هذا اسقاطا و لا سقوطا بل ينتهي زمان الخيار.

(4) اذ الخيار الحقي قابل للإسقاط فاذا اسقط سقط. و اللّه العالم.

(5) ما قيل أو يمكن أن يقال في تقريب الاستدلال علي خيار الغبن وجوه: الوجه

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب أحكام الاجارة الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 58

______________________________

الاول: الاجماع كما نقل عن الغنية و فيه الاشكال الساري في جميع الاجماعات بأن المنقول منه غير حجة و المحصل منه علي تقدير تحصيله محتمل المدرك فلا يكون كاشفا تعبديا.

الوجه الثاني: قوله تعالي لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ «1» بتقريب ان البيع الغبني من الاسباب الباطلة فيكون

اكل المال به اكلا بالسبب الباطل.

و فيه اولا انه علي هذا الاساس لازمه بطلان البيع من الاول لا الصحة و ثبوت الخيار و الكلام في ثبوت الخيار و عدمه. و ثانيا ان البيع الغبني ليس من الاسباب الباطلة لعدم الدليل علي كونه باطلا و مقتضي اطلاق حلية البيع جوازه و صحته.

الوجه الثالث: قوله تعالي الا ان تكون تجارة عن تراض منكم 2 و للاستدلال بالآية علي المدعي تقريبان: احدهما: ان المغبون لو علم بالحال لا يكون راضيا فلا تكون التجارة عن تراض. و فيه اولا ان لازمه بطلان البيع من الاول لا ثبوت الخيار و ثانيا ان الكراهة التقديرية لا تؤثر مع وجود الرضا الفعلي. ثانيهما ان الرضا المعتبر في التجارة هو معني الاسم المصدري الذي له بقاء لا المعني المصدري و حيث لا يبقي بعد تبين الغبن لا يبقي الرضا فتدخل المعاملة في المستثني منه و تخرج عن المستثني.

و فيه اولا ان المدار هو المعني المصدري الذي لا بقاء له و الا يلزم ثبوت الخيار له في صورة ترقي قيمة المبيع فان البائع لا يرضي بالتجارة الواقعة في هذه الصورة و هل يمكن الالتزام به؟ و ثانيا ان لازم ما ذكر بطلان البيع لا ثبوت الخيار فان الرضا شرط للصحة فيلزم بطلان المعاملة من اول الامر اذ الحكم تابع لموضوعه الواقعي و المفروض انه لا دوام لرضاه. و ثالثا ان لازم هذا القول عدم ثبوت الخيار

______________________________

(1) 1 و 2) سورة النساء- الاية 29

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 59

______________________________

اذا كان الرضا باقيا بعد التبين و الحال ان خيار الغبن ثابت و لو مع بقاء الرضا غاية الامر قد يعمله ذو الخيار و اخري لا يعمله.

الوجه

الرابع قاعدة نفي الضرر المستفادة من النصوص:

منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: لا ضرر و لا ضرار «1».

و منها ما رواه عقبة بن خالد عن ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: لا ضرر و لا ضرار «2».

و منها ما رواه زرارة عن ابي جعفر عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: لا ضرر و لا ضرار علي مؤمن «3».

بتقريب ان لزوم العقد يوجب الضرر بالنسبة الي المغبون فيرفع بدليل نفيه و فيه اولا انه علي تقدير تمامية الاستدلال بحسب التقريب انما يتم اذا قلنا بما قاله المشهور في مفاد القاعدة و اما اذا اخترنا مسلك شيخ الشريعة في مفاد القاعدة بأن قلنا مفادها النهي لا النفي فلا يبقي لهذا الاستدلال مجال. و ثانيا علي فرض تسلم صحة الاستدلال بالقاعدة يكون مقتضاه فساد المعاملة لا ثبوت الخيار و ذلك لان الضرر حاصل بنفس العقد نعم الخيار و الفسخ و رد العين يكون جابرا و دليل لا ضرر لا يفي بالجبران بل يدل علي نفي الضرر و لا كلام بين الاصحاب في صحة المعاملة الغبنية.

الوجه الخامس النصوص الواردة في تلقي الركبان و ان لهم الخيار اذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب الخيار الحديث 3

(2) نفس المصدر الحديث 4

(3) نفس المصدر الحديث 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 60

______________________________

دخلوا السوق فمن تلك النصوص ما روي في عوالي اللآلي عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه نهي عن تلقي الركبان و قال من تلقاها فصاحبها بالخيار اذا دخل السوق

«1»

و منها ما رواه السيد ابن زهرة في الغنية عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال:

فان تلقي متلق فصاحب السلعة بالخيار اذا ورد السوق «2» و هاتان الروايتان ضعيفتان سندا مضافا الي عدم دلالتهما علي المدعي من ثبوت الخيار للمغبون.

الوجه السادس: جملة من النصوص منها ما رواه اسحاق ابن عمار عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: غبن المسترسل سحت «3» و هذه الرواية ضعيفة بأبي جميلة مضافا الي أنها لا تدل علي خيار الغبن بل تدل علي حرمة الغبن.

و منها ما رواه ميسر عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: غبن المؤمن حرام «4» و هذه الرواية لا تدل علي الخيار بل تدل علي حرمة الغبن فلا ترتبط بالمقام.

و منها ما رواه ابن طاوس في كتاب (الاستخارات) عن احمد بن محمد بن يحيي قال: اراد بعض اوليائنا الخروج للتجارة فقال: لا اخرج حتي آتي جعفر بن محمد عليه السلام فأسلم عليه و استشيره في امري هذا و أسأله الدعاء لي قال فأتاه فقال له: يا بن رسول اللّه اني عزمت علي الخروج الي التجارة و اني آليت علي نفسي ان لا اخرج حتي اتاك و أستشيرك و أسألك الدعاء لي، قال: فدعا له و قال:

عليه السلام: عليك بصدق اللسان في حديثك و لا تكتم عيبا يكون في تجارتك و لا تغبن المسترسل فان غبنه لا يحل و لا ترض للناس الا ما ترضي لنفسك و اعط الحق

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 29 من أبواب آداب التجارة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث 4

(3) الوسائل الباب 17 من أبواب الخيار الحديث 1

(4) نفس المصدر الحديث 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 61

______________________________

و خذه و لا تخف

و لا تخن، فان التاجر الصدوق مع السفرة الكرام البررة يوم القيامة و اجتنب الحلف، فان اليمين الفاجرة تورث صاحبها النار، و التاجر فاجر الا من اعطي الحق و أخذه و اذا عزمت علي السفر او حاجة مهمة فأكثر الدعاء و الاستخارة.

فان أبي حدثني عن أبيه عن جده ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان يعلم اصحابه الاستخارة كما يعلم السورة من القرآن الحديث «1».

و هذه الرواية لا تدل علي الخيار بل تدل علي حرمة الغبن مضافا الي كونها مرسلة و لا اعتبار بالمرسلات.

و منها ما رواه السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: غبن المسترسل ربا «2» و هذه الرواية تدل علي حرمة الغبن لا علي الخيار عند الغبن مضافا الي كون سندها ضعيفا.

و منها ما ارسله في دعائم الإسلام عن ابي عبد اللّه عليه السلام انه قال: اذا باع رجل من رجل سلعة ثم ادعي انه غلط في ثمنها و قال: نظرت في بارنامجاتي فرأيت فوتا من الثمن و غبنا بينا قال: ينظر في حال السلعة، فان كان مثلها يباع بمثل ذلك الثمن او بقريب منه مثل ما يتغابن الناس بمثله فالبيع جائز و ان كان امرا فاحشا و غبنا بينا، حلف البائع باللّه الذي لا إله الا هو علي ما ادعاه من الغلط ان لم يكن له بينة ثم قيل للمشتري: ان شئت خذها بمبلغ القيمة و ان شئت فدع «3» و هذه الرواية لإرسالها لا اعتبار بها و ان كان دلالتها علي المقصود لا بأس بها.

الوجه السابع الاشتراط الضمني الارتكازي بتقريب ان كل شخص عاقل في

______________________________

(1)

الوسائل الباب 2 من أبواب آداب التجارة الحديث 7

(2) مستدرك الوسائل الباب 3 من أبواب الخيار الحديث 1

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 8، ص: 61

(3) نفس المصدر الحديث 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 62

و لا يثبت هذا الخيار للمغبون اذا كان عالما بالحال (1).

[مسألة 23: يشترط في ثبوت الخيار للمغبون، ان يكون التفاوت موجبا للغبن عرفا]

(مسألة 23): يشترط في ثبوت الخيار للمغبون، ان يكون التفاوت موجبا للغبن عرفا بأن يكون مقدارا لا يتسامح به عند غالب

______________________________

مقام التحفظ علي ماله ففي مقام المعاملة و المبادلة يريد أن يحفظ مالية ماله في ضمن بدله فبطبيعة الحال لا يرضي بأن يبدل ماله بما يكون أقلّ قيمة و لا يتحقق هذا المقصود الا باحد الانحاء الثلاثة: الاول: التقييد و لا يمكن الالتزام به في الجزئي الخارجي اذ الجزئي غير قابل للتقييد.

الثاني: التعليق و لكن التعليق و إن كان ممكنا عقلا لكنه باطل شرعا. الثالث الاشتراط بأن يشترط الخيار في صورة ظهور الغبن.

ان قلت ليس الكلام في صورة الاشتراط بل الكلام في صورة عدم الاشتراط قلت يكفي الارتكاز و التقدير و المقدر كالمذكور. ان قلت: اذا كان تخلف الداعي موجبا للخيار يلزم ثبوت الخيار في جميع موارد تخلفه و هل يمكن الالتزام به.

قلت: تخلف الدواعي الشخصية لا اثر له و أما الداعي النوعي فتخلفه يؤثر و لذا يتحقق جملة من الخيارات بهذا التقريب مثلا اذا اراد المشتري أن يشتري عبدا كاتبا و اشتري عبدا بهذا العنوان فبان غير كاتب لا اشكال في ثبوت الخيار بتخلف الوصف و الدليل علي ثبوته ليس الا الاشتراط الارتكازي. و الذي يدل بوضوح علي صدق المدعي الرجوع الي العقلاء

و العرف في معاملاتهم و مكاسبهم فانه لا شبهة في ثبوت الخيار في مثل هذه الموارد. و الشارع الاقدس قرر هذه السيرة و الطريقة و هذا احسن الوجوه و اسدها فلاحظ.

(1) و الوجه فيه ظاهر اذ المدرك للخيار الاشتراط و مع العلم بالحال لا مجال للاشتراط المذكور.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 63

الناس، فلو كان جزئيا غير معتد به لقلته لم يوجب الخيار (1) وحده بعضهم بالثلث و آخر بالربع و ثالث بالخمس و لا يبعد اختلاف المعاملات في ذلك، فالمعاملات التجارية المبنية علي المماكسة الشديدة يكفي في صدق الغبن فيها العشر بل نصف العشر و المعاملات العادية لا يكفي فيها ذلك و المدار ما عرفت من عدم المسامحة الغالبية (2).

[مسألة 24: الظاهر كون الخيار المذكور ثابتا من حين العقد لا من حين ظهور الغبن]

(مسألة 24): الظاهر كون الخيار المذكور ثابتا من حين العقد لا من حين ظهور الغبن فلو فسخ قبل ظهور الغبن صح فسخه مع ثبوت الغبن واقعا (3).

______________________________

(1) اذ لو كان مما يتسامح لا يشمله الشرط الارتكازي و الا يلزم الخلف. و بعبارة اخري كونه مما يتسامح مرجعه الي عدم الاشتراط فلا وجه للخيار.

(2) الحق كما يظهر من عبارة المتن و انه ليس قابلا للتحديد بل يختلف موضوع الخيار باختلاف الموارد فلا بد من عدم كونه مما يتسامح و اذا وصلت النوبة الي الشك فالظاهر ان مقتضي الاصل عدم ثبوت الخيار فان مقتضي عدم كون المورد من موارد الاشتراط عدم الخيار كما ان مقتضي الاستصحاب عدم ثبوت الخيار شرعا و بعبارة اخري مقتضي الاصل الموضوعي و الحكمي كليهما عدم الخيار. اضف الي ذلك ان المستفاد من وجوب الوفاء بالعقد لزومه فلاحظ.

(3) و الوجه فيه ان الخيار ثابت بمقتضي الاشتراط الضمني و العلم بالغبن لا موضوعية له

بل هو مجرد طريق الي الواقع فعلي تقدير الجهل و كون الغبن في الواقع يكون الخيار موجودا فاذا فسخ صدر من اهله و وقع في محله فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 64

[مسألة 25: ليس للمغبون مطالبة الغابن بالتفاوت و ترك الفسخ]

(مسألة 25): ليس للمغبون مطالبة الغابن بالتفاوت و ترك الفسخ (1) و لو بذل له الغابن التفاوت لم يجب عليه القبول بل يتخير بين فسخ البيع من اصله و امضائه بتمام الثمن المسمي (2) نعم لو تصالحا علي اسقاط الخيار بمال صح الصلح و سقط الخيار و وجب علي الغابن دفع عوض المصالحة (3).

يسقط الخيار المذكور بامور: الاول: اسقاطه بعد العقد (4) و ان كان قبل ظهور الغبن (5) و لو اسقطه بزعم كون التفاوت عشرة فتبين كونه مائة فان كان التفاوت بالاقل ملحوظا قيدا بطل الاسقاط و ان كان ملحوظا من قبيل الداعي كما هو الغالب صح و كذا الحال لو

______________________________

(1) لعدم المقتضي للمطالبة و انما له حق الفسخ.

(2) هذا أيضا كسابقه في عدم ما يقتضي وجوب القبول فلا يجب عليه القبول بل له بمقتضي خياره أن يفسخ و يرد ما فيه الغبن و له أن لا يرد و يبقي المعاملة بحالها.

(3) فان الصلح جائز و من ناحية اخري حيث ان الخيار حقي يكون قابلا للإسقاط و الظاهر من المتن فرض المصالحة علي أن يسقط الخيار بنفس الصلح فيكون نظير شرط النتيجة و يمكن التصالح علي أن يسقط علي نحو شرط الفعل فيكون الاسقاط واجبا عليه كما انه يجب علي الغابن دفع عوض المصالحة.

(4) فان الخيار الحقي قابل للإسقاط فيسقط باسقاط ذي الخيار.

(5) اذ قد مران ثبوت الخيار تابع للغبن واقعا فعلي تقدير غبنه الخيار موجود فقابل للإسقاط و السقوط.

مباني منهاج الصالحين،

ج 8، ص: 65

صالحه عليه بمال (1).

الثاني: اشتراط سقوطه في متن العقد (2) و اذا اشترط سقوطه بزعم كونه عشرة فتبين انه مائة جري فيه التفصيل السابق (3) الثالث:

تصرف المغبون بائعا كان أو مشتريا فيما انتقل اليه تصرفا يدل علي الالتزام بالعقد هذا اذا كان بعد العلم بالغبن (4) اما لو كان قبله فالمشهور عدم السقوط به و لا يخلو من تأمل بل البناء علي السقوط به لو كان دالا علي الالتزام بالعقد لا يخلو من وجه (5) نعم اذا لم يدل علي ذلك كما هو الغالب في التصرف حال الجهل بالغبن فلا يسقط الخيار به (6).

______________________________

(1) الامر كما افاده فانه لو كان علي نحو التقييد لا يسقط مع عدم القيد اذ المقيد لا ينطبق علي ذلك الخيار الموجود علي الفرض فلا وجه للسقوط و اما ان كان بنحو الداعي فيسقط اذ المفروض انه اسقطه بلا تقييد لكن تخلف داعيه و بعبارة اخري من مصاديق الاشتباه في الانطباق و الخطاء في التطبيق.

(2) اذ الاسقاط جائز فشرط السقوط شرط جائز فيصح و يسقط.

(3) الكلام فيه هو الكلام و التقريب هو التقريب فلاحظ.

(4) اذ مع فرض دلالته علي الاسقاط يسقط لأنه لا فرق في الاسقاط بين اللفظ و القول.

(5) اذا كان التصرف قبل العلم بالغبن خاليا عن قصد الاسقاط فلا يسقط علي القاعدة و نقل عليه الاجماع و أما مع قصد الاسقاط فلا وجه لعدم السقوط و المفروض ان الخيار لا يشترط بالعلم بالغبن كما مر فيمكن اسقاطه و لو مع عدم العلم به.

(6) كما هو ظاهر فان الاسقاط من الامور الانشائية و يحتاج الي الدلالة عليه في مقام الاثبات.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 66

و لو كان متلفا

للعين أو مخرجا لها عن الملك أو مانعا عن الاسترداد كالاستيلاد (1).

[مسألة 26: إذا ظهر الغبن للبائع المغبون ففسخ البيع فإن كان المبيع موجودا عند المشتري استرده منه]

(مسألة 26): اذا ظهر الغبن للبائع المغبون ففسخ البيع فان كان المبيع موجودا عند المشتري استرده منه (2) و ان كان تالفا بفعله أو بغير فعله رجع بمثله، ان كان مثليا و بقيمته ان كان قيميا (3) و ان وجده معيبا بفعله أو بغير فعله اخذه مع ارش العيب (4) و ان وجده خارجا عن ملك المشتري بأن نقله الي غيره بعقد لازم كالبيع و الهبة المعوضة أو لذي الرحم، فالظاهر انه بحكم التالف فيرجع عليه بالمثل أو القيمة (5) و ليس له الزام المشتري بارجاع العين بشرائها أو

______________________________

(1) اذ الخيار متعلق بالعقد و مع تلف العين حقيقة أو حكما أو عدم قابلية رجوع العين لا وجه لسقوط الخيار كما في المتن.

(2) فانه بعد الفسخ يرجع كل من العوضين الي مالكه الاولي فاسترداد المبيع مع بقائه عند المشتري علي طبق القاعدة الاولية.

(3) بمقتضي قاعدة اليد و الاقدام فان المشتري اقدم علي كون درك المبيع عليه و المفروض وصوله اليه و وقوعه تحت سلطته فيكون مضمونا في يده و عليه اذا انفسخ العقد لا بد من تداركه علي فرض تلفه فان كان مثليا يجب المثل و إلا فالقيمة علي ما هو الميزان في باب الضمان.

(4) بمقتضي ضمان اليد فانه يجب علي الضامن التدارك فيجب عليه الارش

(5) فان التلف الحكمي في حكم التلف الحقيقي.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 67

استيهابها (1) بل لا يبعد ذلك لو نقلها بعقد جائز كالهبة و البيع بخيار فلا يجب عليه الفسخ و ارجاع العين (2) بل لو اتفق رجوع العين اليه باقالة أو شراء أو ميراث أو غير ذلك بعد

دفع البدل من المثل أو القيمة لم يجب عليه دفعها الي المغبون (3) نعم لو كان رجوع العين اليه قبل دفع البدل وجب ارجاعها اليه (4) و أولي منه في ذلك لو كان رجوعها اليه قبل فسخ المغبون (5) بلا فرق بين أن يكون الرجوع بفسخ العقد

______________________________

(1) اذ لا وجه للإلزام فانه بعد الفسخ يكون المبيع باقيا في ملك من ملكه بالاشتراء أو الهبة أو بسبب آخر و الفاسخ يملك ما تلف في ذمة من عليه الخيار و حيث لا يكون عنده لا يلزم الا بالمثل أو القيمة.

(2) الكلام فيه هو الكلام فانه لا وجه للإلزام.

(3) اذ بعد براءة الضامن لا مقتضي لاشتغال ذمته بنفس العين.

(4) لان المفروض ان ما في ذمته ينطبق علي العين فهي بنفسها مملوكة لذي الخيار الذي فسخ العقد و لما انجر الكلام الي هنا اقول الذي يختلج ببالي القاصر في هذه العجالة أن يقال ان العين المضمون اذا تلفت و تنتقل ماهيتها الشخصية الي ذمة الضامن فاذا فرض تحقق تلك العين عند الضامن تكون مملوكة للمالك و علي هذا الاساس يتوجه سؤال في المقام و هو انه ما الوجه في عدم وجوب ارجاع العين مع الامكان مثلا اذا كان الضامن ضامنا للمثل أو القيمة و لم يكن عنده أ ليس واجبا عليه ان يقدم و يجده و يسلمه الي الطرف و ما الفرق بين المقامين و لذا لو نقله بناقل لازم و يمكنه الارجاع يجب.

(5) اذ بعد الفسخ تصير العين مملوكة للفاسخ بلا فصل زماني لأنه مع وجود العين لا يكون مجال لانتقال شي ء آخر اليه و لا مقتضي لاشتغال ذمة الغابن.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 68

السابق و أن يكون

بعقد جديد فانه يجب عليه دفع العين نفسها الي الفاسخ المغبون (1) و لا يجتزي بدفع البدل من المثل أو القيمة (2) و اذا كانت العين باقية عند المشتري حين فسخ البائع المغبون لكنه قد نقل منفعتها الي غيره بعقد لازم كالإجارة اللازمة أو جائز كالإجارة المشروط فيها الخيار لم يجب عليه الفسخ أو الاستقالة مع امكانها (3) بل يدفع العين و ارش النقصان الحاصل بكون العين مسلوبة المنفعة مدة الاجارة (4).

[مسألة 27: إذا فسخ البائع المغبون و كان المشتري قد تصرف في المبيع تصرفا مغيرا له]

(مسألة 27): اذا فسخ البائع المغبون و كان المشتري قد تصرف في المبيع تصرفا مغيرا له فاما أن يكون بالنقيصة أو بالزيادة أو بالامتزاج بغيره، فان كان بالنقيصة اخذ البائع المبيع من المشتري مع ارش النقيصة (5) و ان كان بالزيادة فاما أن تكون الزيادة صفة محضة كطحن الحنطة و صياغة الفضة و قصارة الثوب. و اما أن تكون صفة مشوبة بالعين كصبغ الثوب و اما أن تكون عينا غير قابلة للفصل كسمن

______________________________

(1) فانه لا وجه للفرق اذ الميزان كون العين في يد من فسخ العقد عليه.

(2) اذ مع وجود نفس العين لا تصل النوبة الي البدل و لا وجه له.

(3) لوحدة الملاك و التقريب هو التقريب.

(4) اذ المفروض ان العين باقية في يده فترجع الي مالكه الاولي غاية الامر تكون مسلوبة المنفعة فيجبر بالارش فلاحظ.

(5) اذ المفروض ان اليد يد ضمان كما تقدم و مع العيب لا بد من دفع الارش و هذا ظاهر.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 69

الحيوان و نمو الشجرة أو قابلة للفصل كالثمرة و البناء و الغرس و الزرع فان كانت صفة محضه أو صفة مشوبة بالعين فان لم تكن لها مالية لعدم زيادة قيمة العين بها فالمبيع للبائع

و لا شي ء للمشتري (1) و كذا ان كانت لها مالية و لم تكن بفعل المشتري كما اذا اشتري منه عصي عوجاء فاعتدلت أو خلا قليل الحموضة فزادت حموضته (2) و ان كانت لها مالية و كانت بفعل المشتري فلكون الصفة للمشتري و شركته مع الفاسخ بالقيمة وجه (3) و لكنه ضعيف و الاظهر انه لا شي ء للمشتري (4) و ان كانت الزيادة عينا فان كانت غير قابلة للانفصال كسمن الحيوان و نمو الشجرة فلا شي ء للمشتري أيضا (5) و ان كانت قابلة للانفصال

______________________________

(1) اذ المفروض ان عين المبيع موجودة فترجع الي مالكها الاول بالفسخ و لا شي ء للمشتري لعدم المقتضي و مقتضي الاصل عدم ثبوت شي ء له.

(2) الامر كما افاده لعدم ما يقتضي ثبوت شي ء للمشتري و مقتضي الاصل عدمه.

(3) لا يبعد أن يكون الوجه فيه انه ان كان بفعله يثبت له حق.

(4) لعدم دليل علي الشركة في المالية فان المشتري مالك للمبيع و بالفسخ يرجع المبيع الي مالكه الاول و لا مقتضي لثبوت شي ء للمشتري كما في المتن.

(5) اذ مع عدم قابلية الانفصال كسمن الحيوان أو نمو الشجر يكون المبيع ذلك الشي ء الاولي. و بعبارة اخري مملوك واحد و المفروض انه يرجع بالفسخ الي مالكه الاول و ان شئت قلت المبيع هو الذي انتقل من البائع الي المشتري و لم يتغير بل هو هو غاية الامر التغير في بعض احواله و صفاته فهو يرجع الي مالكه و لا وجه لثبوت شي ء للمشتري.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 70

كالصوف و اللبن و الشعر و الثمر و البناء و الزرع كانت الزيادة للمشتري (1) و حينئذ فان لم يلزم من فصل الزيادة ضرر علي المشتري حال

الفسخ كان للبائع الزام المشتري بفصلها كاللبن و الثمر (2) بل له ذلك و ان لزم الضرر علي المشتري من فصلها (3) و اذا اراد المشتري فصلها فليس للبائع منعه عنه (4) و اذا اراد المشتري فصل الزيادة بقلع الشجرة أو الزرع أو هدم البناء فحدث من ذلك نقص علي الارض تداركه، فعليه طم الحفر و تسوية الارض و نحو ذلك (5) و ان كان

______________________________

(1) و الحق ما افيد اذ المفروض ان المبيع نفس الحيوان و أما لبنه فهو من حين حدوثه ملك للمشتري و له وجود ممايز عن الحيوان و مثله ثمرة الشجرة و البناء و الزرع فتكون الامور المذكورة كلها للمشتري و لا وجه لرجوعها الي البائع.

(2) كما هو ظاهر اذ المفروض ان الفسخ يوجب رد المبيع الي البائع فله الزام المشتري بافراغ ملكه عن مملوكه و هذا واضح ظاهر و المفروض عدم لزوم الضرر.

(3) لا يبعد أن يكون الوجه فيه تعارض ضرر المشتري بضرر البائع الناشي عن منعه عن سلطانه و بعد التعارض و التساقط تصل النوبة الي الرجوع الي تسلط الناس علي اموالهم المتسالم عليه عند القوم. هذا علي القول المشهور في مفاد القاعدة و أما علي مسلك كون مفاد القاعدة النهي كما هو مذهب شيخ الشريعة فلا تصل النوبة الي هذا التقريب كما هو ظاهر فلاحظ.

(4) اذ لا يجوز لأحد منع الاخر عن التصرف في ماله.

(5) لان الخراب الحادث في الملك بفعل المشتري و عليه اصلاحه و لقائل أن

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 71

بالامتزاج بغير الجنس فحكمه حكم التالف يضمنه المشتري ببدله من المثل أو القيمة سواء عد المبيع مستهلكا عرفا كامتزاج ماء الورد المبيع بالماء و امثال ذلك أم

لم بعد مستهلكا بل عد موجودا علي نحو المزج مثل خلط الخل بالعسل أو السكر فان الفاسخ بفسخه يملك الخل مثلا، و المفروض انه لا وجود له و انما الموجود طبيعة ثالثة حصلت من المزج فلا مناص من الضمان بالمثل أو القيمة (1) بل الحال كذلك في الخلط بجنسه كخلط السمن بالسمن سواء كان الخلط بمثله او كان بالاجود و الأردإ فان اللازم بعد الفسخ رد شخص المبيع فان لم يمكن من جهة المزج وجب رد بدله من المثل أو القيمة (2).

______________________________

يقول ان لم يعد الخراب الحادث عيبا في المبيع فلا مقتضي لمطالبة المشتري بشي ء اذ المفروض ان المشتري تصرف في ملكه و المفروض أيضا رجوع المبيع علي ما هو عليه الي البائع بالفسخ و التغير الحاصل فيه لا يوجب نقصانا في العين.

و ان كان الخراب كحفر الارض عيبا وعد نقصا يجب علي المشتري تداركه بالارش فعلي كلا التقديرين لا وجه لوجوب طم الحفر علي المشتري الا أن يقال ان مقتضي القاعدة الاولية ارجاع العين الي الحالة الاولية بلا فرق بين تلف العين و تلف بعض صفاته و اللّه العالم.

(1) الظاهر ان ما افاده تام اذ في صورة الاستهلاك لا يبقي موضوع للمبيع كي يرجع بالفسخ الي البائع و أما في صورة المزج بغير الجنس فايضا لا وجه للشركة اذ المفروض ان المبيع غير باق. و بعبارة اخري يشترط في الرجوع بقاء الصورة النوعية العرفية و المفروض انتفائها بالمزج فلا موضوع للرجوع.

(2) بتقريب ان تحقق الشركة يتوقف علي امتزاج احد المملوكين بالاخر

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 72

[مسألة 28: إذا فسخ المشتري المغبون و كان قد تصرف في المبيع تصرفا غير مسقط لخياره لجهله بالغبن]

(مسألة 28): اذا فسخ المشتري المغبون و كان قد تصرف في المبيع تصرفا غير مسقط لخياره لجهله بالغبن،

فتصرفه أيضا تارة لا يكون مغيرا للعين و اخري يكون مغيرا لها بالنقيصة أو الزيادة أو بالمزج، و تأتي فيه الصور المتقدمه و تجري عليها احكامها. و هكذا لو فسخ المشتري المغبون و كان البائع قد تصرف في الثمن أو فسخ البائع المغبون و كان هو قد تصرف في الثمن تصرفا غير مسقط لخياره فان حكم تلف العين و نقل المنفعة و نقص العين و زيادتها و مزجها بغيرها و حكم سائر الصور التي ذكرناها هناك جار هنا علي نهج واحد (1).

[مسألة 29: الظاهر أن الخيار في الغبن ليس علي الفور]

(مسألة 29): الظاهر ان الخيار في الغبن ليس علي الفور فلو أخر إنشاء الفسخ عالما عامدا لانتظار حضور الغابن أو حضور من يستشيره في الفسخ و عدمه و نحو ذلك من الاغراض الصحيحة لم يسقط خياره فضلا عما لو أخره جاهلا بالغبن أو بثبوت الخيار للمغبون أو غافلا عنه أو ناسيا فيجوز له الفسخ اذا علم او التفت (2).

______________________________

و المفروض ان الامتزاج حصل قبل الفسخ فلا مقتضي للاشتراك بعده و ان شئت قلت: تحقق الشركة يتوقف علي صيرورة المبيع ملكا للبائع و الحال ان صيرورته ملكا للبائع بالامتزاج و هذا دور. و بعبارة ثالثة بعد الفسخ يرجع المبيع الي ملك الفاسخ و في المقام لا يمكن رجوعه لمكان الامتزاج و رجوعه علي نحو الاشتراك لا مقتضي له فما افيد تام و اللّه العالم.

(1) الكلام فيه الكلام طابق النعل بالنعل فلاحظ.

(2) لعدم ما يقتضي الفورية فلا وجه للسقوط اذا اخر الفسخ و بعبارة اخري

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 73

[مسألة 30: الظاهر ثبوت خيار الغبن في كل معاملة مبنية علي المماكسة صلحا كانت أو إجارة أو غيرهما]

(مسألة 30): الظاهر ثبوت خيار الغبن في كل معاملة مبنية علي المماكسة صلحا كانت أو اجارة او غيرهما (1).

[(مسألة 31: إذا اشتري شيئين صفقة بثمنين كعبد بعشرة و فرس بعشرة و كان مغبونا في شراء الفرس]

(مسألة 31): اذا اشتري شيئين صفقة بثمنين كعبد بعشرة و فرس بعشرة و كان مغبونا في شراء الفرس جاز له الفسخ (2) و يكون للبائع الخيار في بيع العبد (3).

[مسألة 32: إذا تلف ما في يد الغابن بفعله أو بأمر سماوي و كان قيميا ففسخ المغبون]

(مسألة 32): اذا تلف ما في يد الغابن بفعله أو بأمر سماوي و كان قيميا ففسخ المغبون رجع عليه بقيمة التالف و في كونها قيمة زمان التلف أو زمان الفسخ أو زمان الاداء وجوه اقواها الثاني (4).

______________________________

المدرك لخيار الغبن كما مر الاشتراط الضمني للخيار فلا مجال لان يقال ان الخيار علي خلاف مقتضي وجوب الوفاء بالعقد فلا بد من الاقتصار علي القدر المتيقن فان مقتضي الاشتراط حدوث الخيار و بقائه الي زمان الاسقاط باحد المسقطات أو اعماله و عليه لا وجه لإطالة الكلام في هذا المقام و من اراد التفصيل فليراجع ما ذكرناه في هذا المقام «1».

(1) كما هو ظاهر فان حكم الامثال واحد و ملاك ثبوته سار في جميع الموارد و هو الاشتراط الضمني الارتكازي و اللّه العالم.

(2) اذ المفروض تحقق عقدين و بيعين غاية الامر وقوعهما بانشاء واحد فلكل واحد منهما حكمه فعلي فرض تحقق الغبن في احدهما يثبت فيه خيار الغبن.

(3) لتبعض الصفقة كما هو المفروض.

(4) بتقريب ان الفسخ من الحين و في ذلك الوقت تشتغل ذمة الغابن فالميزان بزمان الفسخ و يمكن أن يقال ان العين بنفسها في الذمة كما مر منافي المباحث

______________________________

(1) لاحظ دراساتنا ج 4 ص 239

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 74

و لو كان التلف باتلاف المغبون لم يرجع عليه بشي ء (1) و لو كان باتلاف اجنبي ففي رجوع المغبون بعد الفسخ علي الغابن أو علي الاجنبي أو يتخير في الرجوع علي احدهما وجوه اقواها الاول: و يرجع الغابن

علي الاجنبي (2) و كذا الحكم لو تلف ما في يد المغبون ففسخ بعد التلف فانه ان كان التلف بفعل الغابن لم يرجع علي المغبون بشي ء، و ان كان بآفة سماوية أو بفعل المغبون أو بفعل اجنبي رجع علي المغبون بقيمة يوم الفسخ و رجع المغبون علي الاجنبي ان كان هو المتلف (3) و حكم تلف الوصف الموجب للأرش حكم تلف العين (4).

[الخامس: خيار التأخير]
اشارة

الخامس: خيار التأخير. اطلاق العقد يقتضي أن يكون تسليم كل من العوضين فعليا فلو امتنع احد الطرفين عنه اجبر عليه فان لم

______________________________

السابقة و عليه يكون الميزان بيوم الاداء فلاحظ.

(1) اذ قرار الضمان عليه فلا مجال لرجوعه الي غيره.

(2) اذ المفروض ان الغابن يملك العوض في ذمة المتلف و بعد الفسخ حيث ان المفروض تلف العين يملك الفاسخ البدل في ذمة الغابن و لا وجه لرجوعه علي المتلف فلا وجه للتخيير كما انه لا وجه لتعيين الرجوع علي المتلف بل المتعين الرجوع علي الغابن. نعم الغابن يرجع علي المتلف لأنه أتلف ماله و مملوكه، فلاحظ.

(3) الكلام هو الكلام و التقريب هو التقريب فلا وجه للإعادة فتأمل و طبق ما قلناه علي المقام أيضا.

(4) فان حكم الامثال واحد.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 75

يسلم كان للطرف الاخر فسخ العقد (1) بل لا يبعد جواز الفسخ عند الامتناع قبل الاجبار أيضا (2) و لا يختص هذا الخيار بالبيع بل يجري في كل معاوضة (3) و يختص البيع بخيار و هو المسمي بخيار التأخير، و يتحقق فيما اذا باع سلعة و لم يقبض الثمن و لم يسلم المبيع حتي يجي ء المشتري بالثمن فانه يلزم البيع ثلاثة ايام فان جاء المشتري بالثمن فهو أحق بالسلعة و الا فللبائع

فسخ البيع (4).

______________________________

(1) الظاهر ان المدرك لهذا الخيار الاشتراط الارتكازي الضمني الجاري بين العرف و العقلاء و هذا أحد مصاديق خيار الشرط و بعبارة اخري لا شبهة في أن تسليم كل من العوضين واجب فلو امتنع عن التسليم يجوز اجباره فان لم يسلم يكون للطرف الاخر الخيار و هذا حكم عقلائي امضاه الشارع.

(2) اذ لا يبعد أن يكون دائرة الشرط واسعا بمعني ان مفاد الشرط جعل الخيار عند عدم تسليم ما خرج عن ملكه و دخل في ملك غيره فلا يتوقف علي الامتناع المسبوق بالاجبار.

(3) لجريان هذا الشرط الضمني الارتكازي في كافة المعاوضات.

(4) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجوه: الوجه الاول: الاجماع و فيه ما فيه.

الوجه الثاني: قاعدة نفي الضرر بتقريب ان البائع لا يجوز له التصرف في المبيع لكونه ملكا للمشتري و يكون تلفه عليه لان التلف قبل القبض علي البائع و المفروض انه لم يقبض الثمن. و فيه اولا: ان حديث لا ضرر علي فرض اثباته الخيار لا ينطبق علي القيود المذكورة في هذا الخيار. و ثانيا انه علي فرض تمامية الاستدلال انما يتم علي المسلك المشهور في مفاد القاعدة و اما علي مسلك شيخ

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 76

______________________________

الشريعة فلا.

الوجه الثالث: النصوص الخاصة الواردة في المقام. و هي العمدة: منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: الرجل يشتري من الرجل المتاع ثم يدعه عنده، فيقول: حتي آتيك بثمنه، قال: ان جاء فيما بينه و بين ثلاثة ايام و الا فلا بيع له «1».

و منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: اشتريت محملا فأعطيت بعض ثمنه و تركته عند صاحبه، ثم احتبست اياما ثم جئت

الي بايع المحمل لأخذه، فقال: قد بعته فضحكت ثم قلت: لا و اللّه لا أدعك أو اقاضيك، فقال لي: ترضي بأبي بكر بن عياش؟ قلت: نعم، فأتيته فقصصنا عليه قصتنا، فقال أبو بكر: بقول من تريدان اقضي بينكما؟ بقول صاحبك أو غيره؟ قال قلت: بقول صاحبي، قال:

سمعته يقول: من اشتري شيئا فجاء بالثمن ما بينه و بين ثلاثة ايام و الا فلا بيع له. «2».

و منها ما رواه اسحاق بن عمار عن عبد صالح عليه السلام قال: من اشتري بيعا فمضت ثلاثة ايام و لم تجئ فلا بيع له. «3».

و الاحتمالات المتصورة في هذه النصوص ثلاثة: الاول: أن يكون القبض شرطا في صحة البيع فان لم يتحقّق القبض في الثلاثة يكون البيع باطلا من الاول.

الثاني: انه لو لم يتحقق القبض يتحقق الخيار للبائع كما هو المدعي في المقام.

الثالث انه لو لم يتحقق القبض في الثلاثة يبطل البيع بعد الثلاثة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الخيار الحديث 1

(2) نفس المصدر الحديث 2

(3) نفس المصدر الحديث 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 77

______________________________

اذا عرفت ذلك فاعلم ان الاحتمال الاول خلاف الظاهر اذ لا اشكال في أن العرف لا يفهم من هذه الروايات ان البيع باطل من اول الامر و الا كان التصرف للبائع جائزا من اول الامر مع الشك في القبض أو القطع بعدمه. أما مع القطع بالعدم فظاهر و اما مع الشك، فبمقتضي الاستصحاب الاستقبالي. و أما الاحتمال الثالث فهو الظاهر من نصوص الباب اذ مفاد الروايات نفي الموضوع فمعناه اما نفي الحكم بنفي الموضوع اي لا يصح بعد الثلاثة و اما يكون المراد من لفظ البيع المبيع اي لا مبيع له. و النتيجة واحدة و فهم

المشهور من الروايات نفي اللزوم بالنسبة الي البائع بأن المراد انه ليس للمشتري بعد الثلاثة أن يقبض الثمن و يقبض المبيع بل الأمر بيد البائع فان له الخيار اذا شاء يفسخ و اذا شاء يمضي لا يكون حجة نعم ربما يقال كما قيل: ان نفي البيع بالنسبة الي المشتري وحده لا يمكن لان قوام البيع بطرفيه فيكون المراد نفي اللزوم بالنسبة الي البائع.

و فيه ان نفي البيع من طرف يدل علي البطلان من الطرف الاخر أيضا لان قوام البيع بطرفيه و هذا التعبير الواقع في النصوص لا يدل علي الصحة من الطرف الاخر كي يلزم حمل قوله عليه السلام علي خلاف الظاهر و نقول المراد من الروايات نفي اللزوم من طرف البائع فان اللقب لا مفهوم له مضافا الي حديث علي بن يقطين انه سأل أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يبيع البيع و لا يقبضه صاحبه و لا يقبض الثمن، قال: فان الأجل بينهما ثلاثة ايام فان قبض بيعه و الا فلا بيع بينهما «1».

فان المذكور في هذا الحديث لفظ التثنية قال عليه السلام و الا فلا بيع بينهما فغاية ما في تلك النصوص عدم الدلالة علي البطلان لكن يكفي هذا الحديث لإثبات

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 78

و لو تلفت السلعة كانت من مال البائع سواء أ كان التلف في الثلاثة (1) أم بعدها حال ثبوت الخيار (2).

______________________________

البطلان و لو اغمض عما ذكر و قلنا بالتعارض بينهما فالترجيح بالاحدثية مع ما يدل علي البطلان فالنتيجة هو البطلان. اللهم الا أن يكون في المقام اجماع تعبدي كاشف عن الصحة و ثبوت الخيار للبائع. و أما الاحتمال الثاني فقد ظهر مما ذكرنا

انه لا يمكن الالتزام به و اللّه العالم.

(1) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجوه الاول الاجماع و حاله في الاشكال ظاهر. الثاني ما ارسل عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال: كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه «1» و هذه الرواية لا اعتبار بها سندا و عمل المشهور بها علي فرض تحققه لا يفيد كما مر مرارا.

الثالث ما رواه عقبة بن خالد عن ابي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري متاعا من رجل و اوجبه غير أنه ترك المتاع عنده و لم يقبضه، قال: آتيك غدا إن شاء اللّه، فسرق المتاع من مال من يكون؟ قال: من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتي يقبض المتاع و يخرجه من بيته، فاذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتي يرد ماله اليه «2» و هذه الرواية ضعيفة سندا.

(2) استدل عليه بوجوه الاول الاجماع و فيه ما فيه. الثاني: النبوي المتقدم و اورد فيه بأن قاعدة التلف قبل القبض تعارضها قاعدتان اخريان الاولي: قاعدة التلازم بين النماء و الدرك المستفادة من أن الخراج بالضمان «3».

الثانية قاعدة ان التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له، المستفاده من النص

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 9 من أبواب الخيار

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب الخيار، الحديث: 1

(3) المبسوط كتاب البيوع

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 79

و بعد سقوطه (1).

[مسألة 33: الظاهر أن قبض بعض الثمن كلا قبض و كذا قبض بعض المبيع]

(مسألة 33): الظاهران قبض بعض الثمن كلا قبض و كذا قبض بعض المبيع (2).

[مسألة 34: المراد بالثلاثة ايام: الأيام البيض]

(مسألة 34): المراد بالثلاثة ايام: الايام البيض (3) و يدخل فيها

______________________________

لاحظ ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الدابة أو العبد و يشترط الي يوم أو يومين فيموت العبد و الدابة أو يحدث فيه حدث علي من ضمان ذلك؟ فقال: علي البائع حتي ينقضي الشرط ثلاثة أيام و يصير المبيع للمشتري «1».

و ما رواه أيضا عن ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و ان كان بينهما شرط اياما معدودة فهلك في يد المشتري قبل أن يمضي الشرط فهو من مال البائع «2».

و فيه ان القاعدة الاولي اعم من النبوي فتخصص به مضافا علي أنه لا مدرك معتبر لها. و أما الثانية فغير جارية في المقام لأمور: منها انها تختص بخياري الحيوان و الشرط و منها انها تختص بما بعد القبض كما يستفاد من نصوصها و منها ان موردها تلف ما انتقل الي من له الخيار و في المقام ليس كذلك.

(1) للإجماع و للنبوي فلاحظ.

(2) و الوجه فيه ان الحكم مترتب في النصوص علي عدم قبض الثمن و المبيع و المفروض عدم تحققه و يدل علي المدعي ما رواه ابن الحجاج «3».

(3) لم يظهر لي مراد الماتن من هذا التقييد و كيف كان المستفاد من النصوص ثلاثة ايام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الخيار الحديث 2

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الخيار الحديث 2

(3) لاحظ ص 76

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 80

الليلتان المتوسطتان دون غيرهما و يجزي في اليوم الملفق كما تقدم في مدة خيار الحيوان (1).

[مسألة 35: يشترط في ثبوت الخيار المذكور عدم اشتراط تأخير تسليم احد العوضين و الا فلا خيار]

(مسألة 35): يشترط في ثبوت الخيار المذكور عدم اشتراط تأخير تسليم احد العوضين و الا فلا خيار

(2).

[مسألة 36: لا اشكال في ثبوت الحكم المذكور فيما لو كان المبيع شخصيا]

(مسألة 36): لا اشكال في ثبوت الحكم المذكور فيما لو كان المبيع شخصيا (3) و في ثبوته اذا كان كليا في الذمة قولان فالاحوط وجوبا عدم الفسخ بعد الثلاثة الا برضي الطرفين (4).

______________________________

(1) بعين التقريب الذي ذكرناه في خيار الحيوان بالنسبة الي الثلاثة فان كلا المقامين من باب واحد من هذه الجهة.

(2) العمدة في مدرك هذا الحكم انصراف نصوص الباب عن صورة اشتراط التأخير في احد العوضين قال الشيخ الاعظم الانصاري قدس سره: الثالث: عدم اشتراط تأخير تسليم احد العوضين لان المتبادر من النص غير ذلك فيقتصر في مخالفة الاصل علي منصرف النص مع انه في الجملة اجماعي انتهي.

و في المقام اشكال و هو انه ما المراد من اشتراط تأخير الثمن فانه لو كان المراد منه انه يكون للمشتري هذا الحق و لو مع مطالبة البائع يكون الشرط علي خلاف المقرر الشرعي فلا يصح و ان كان المراد أنّ المشتري يشترط علي البائع عدم المطالبة فهذا الشرط صحيح لكن هذا شرط الفعل فلو عصي البائع و طالبه يجب علي المشتري الدفع و التسليم اذ الحق الوضعي باق بحاله الا أن يقال: ان السيرة جارية علي الاشتراط علي النحو الاول و لم تردع من قبل الشارع و اللّه العالم.

(3) فانه لا اشكال فيه نصا و فتوي فلاحظ.

(4) ما يمكن أن يقال في وجه الاختصاص امور: الاول الاجماع و فيه ما فيه.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 81

[مسألة 37: ما يفسده المبيت مثل بعض الخضر و البقول و اللحم في بعض الأوقات يثبت الخيار فيه عند دخول الليل]

(مسألة 37): ما يفسده المبيت مثل بعض الخضر و البقول و اللحم في بعض الاوقات يثبت الخيار فيه عند دخول الليل فاذا فسخ جاز له أن يتصرف في المبيع كيف شاء (1)

______________________________

الثاني قاعدة نفي الضرر اذ الضرر متوجه في صورة

كون المبيع شخصيا و الا فلا و فيه مضافا الي امكان تصور توجه الضرر حتي فيما كان المبيع كليا اذ قد سبق ان المدرك للحكم النصوص الخاصة و أما القاعدة فلا تكون مدرك الحكم.

الثالث: الاستظهار من نصوص المقام فنقول أما حديث زرارة فلا اشكال في ظهوره في العين الشخصية فان قوله «يدعه عنده» صريح أو ظاهر في العين الشخصية كما هو ظاهر واضح و أما حديث ابن الحجاج فهو كذلك أيضا و العرف ببابك و أما حديث ابن يقطين فافاد الشيخ قدس سره بأن اطلاق البيع علي المبيع باعتبار كون العين في معرض البيع فالمراد العين الشخصية و ربما يقال: بأن الاطلاق بلحاظ الأول و المشارفة فلا فرق بين العين الشخصية و الكلي من هذه الجهة فالنتيجة عدم الاختصاص اذ لا تنافي بين المثبتين و ما يدل علي جريان الخيار في العين الشخصية لا مفهوم له كي يقيد به اطلاق حديث ابن يقطين و لكن الجزم بالاطلاق في حديث ابن يقطين مشكل فلو لم يكن ظاهرا في الشخصي فلا أقلّ من الاجمال فيختص الحكم بالعين الشخصية و في الكلي لا بد من الاحتياط كما في المتن.

(1) قد اجاد الماتن في تعبيره بقوله ما يفسده المبيت و قد ذكرنا في الدورة السابقة علي ما في كلام المقرر من أن المتاع لو فرض فساده في اليوم فلا اثر للخيار في الليل اعم من أن يكون الدليل النص أو قاعدة لا ضرر و لذا ما افاده في الدروس من كون هذا الخيار خيار ما يفسده المبيت متين فلا بد أن يكون المراد باليوم مجموع اليوم و الليل و يكون المراد بالفساد الاشرف عليه لا تحققه.

مباني منهاج الصالحين، ج 8،

ص: 82

______________________________

و كيف كان ما يمكن ان يستدل به علي المدعي امور: الاول النص الخاص لاحظ ما ارسله محمد بن أبي حمزة أو غيره عمن ذكره عن أبي عبد اللّه «او- يب» و أبي الحسن عليهما السلام في الرجل يشتري الشي ء الذي يفسد من يومه و يتركه حتي يأتيه بالثمن قال ان جاء فيما بينه و بين الليل بالثمن و الا فلا بيع له «1». و هذا الرواية مخدوشة سندا بالارسال و أما من حيث الدلالة فلا يبعد أن تكون دالة علي انفساخ البيع و بطلانه بقاء لا علي الخيار.

و لاحظ ما ارسله الصدوق: عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

العهدة فيما يفسده من يومه مثل البقول و البطيخ و الفواكه يوم الي الليل «2»» و هذه رواية مرسلة و لا اعتبار بالمرسلات فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها و ما يظهر من صاحب الوسائل قدس سره من كونها رواية مسندة الظاهر انه اشتباه منه كما يظهر من نقل الرواية مرسلة في بابي الخامس و التاسع فلاحظ.

الثاني قاعدة نفي الضرر فانها تقتضي الخيار اذا للزوم يوجب الضرر بالنسبة الي البائع و فيه انه انما يتم الاستدلال بالقاعدة علي المسلك المشهور في مفادها من كونها حاكمة علي الاحكام و أما علي مسلك شيخ الشريعة قدس سره من كون مفادها النهي فلا يتم.

الثالث: الاشتراط الارتكازي الضمني فان مقتضاه الخيار لكن مقتضي الشرط الارتكازي تحقق الخيار عند التأخير و أما كونه محدودا بالحد المخصوص فلا يتم بالشرط فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الخيار الحديث 1

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب الخيار الحديث 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 83

و يختص هذا الحكم بالمبيع الشخصي (1).

[مسألة 38: يسقط هذا الخيار باسقاطه بعد الثلاثة]

(مسألة

38) يسقط هذا الخيار باسقاطه بعد الثلاثة (2) و في سقوطه باسقاطه قبلها (3).

______________________________

(1) كما هو ظاهر اذ الفساد في الكلي لا يتصور.

(2) بلا اشكال فان الخيار الشخصي يسقط باسقاط ذي الحق

(3) لا يبعد أن يكون وجه الاشكال ان الاسقاط في الثلاثة من مصاديق اسقاط ما لم يجب و هو لا يجوز و يمكن أن يجاب عن هذا الاشكال بأن اسقاط ما لم يجب لا اشكال فيه الا من ناحية التعليق و بطلان التعليق مستند الي الاجماع و الاجماع دليل لبي و القدر المتيقن منه غير المقام.

نعم الاسقاط علي وجه التنجيز لا يجوز اذ لا واقع له و بعبارة اخري الاسقاط امر تعلقي لا بد أن يتعلق بشي ء و المفروض انه لا متعلق له بالفعل فلا يعقل التنجيز فيه. و علي الجملة: الاشكال من ناحية التعليق و لا دليل علي بطلانه الا أن يقال:

ليس الكلام في المانع بل الكلام في المقتضي بتقريب: ان كل ممكن ثبوتي لا يمكن اثباته بل يحتاج في مقام الاثبات الي الدليل فيسأل من انه اي دليل دل علي جواز اسقاط ما لم يجب قبل تحققه و ثبوته.

و يمكن توجيه الجواز بوجوه: الوجه الاول: ان العقد سبب للخيار و المفروض انه تحقق في الخارج فيجوز اسقاط الخيار الذي يوجد بعده. و فيه: ان وزان الاحكام الشرعية وزان الموضوعات و الاحكام و لا مجال فيها للسببية و المسبية فلا ترتبط بذلك الباب مضافا الي أن السببية التامة لم توجد بعد علي الفرض و الاشكال في أنه ما الدليل علي جواز الاسقاط قبل ثبوت الخيار.

الوجه الثاني: جواز اشتراط سقوطه في ضمن العقد فالجواز في المقام

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 84

و باشتراط سقوطه في

ضمن العقد اشكال و الاظهر السقوط (1).

______________________________

بالاولوية. و فيه: انه لو كان المدرك للجواز هناك الاجماع لكان لادعاء الاولوية وجه و أما لو كان المدرك دليل جواز الشرط فالاشكال جار هناك أيضا فلا يتم المدعي في الاصل فكيف بالفرع.

الوجه الثالث: ان الخيار و ان كان بعد الثلاثة لكن مبدأ تحققه من حين تحقق العقد اذ من حين العقد يجب علي المشتري دفع الثمن و الخيار بلحاظ تأخير الدفع و عدم تسليم الثمن فمرجع اسقاط الخيار الي اسقاط حقه عن المطالبة و حق المطالبة حق فعلي قابل للإسقاط. و يرد عليه: اولا: ان كون حق المطالبة قابلا للإسقاط اول الكلام و لقائل أن يقول: انه لا دليل علي هذه الدعوي. و ثانيا: ان حق المطالبة لا يرتبط بحق الخيار و كل واحد منهما أمر في قبال الاخر فاشكال اسقاط ما لم يجب بحاله. و ثالثا: ان اسقاط حق المطالبة لا يوجب سقوط الخيار اذ الخيار لا يترتب علي صورة وجود حق المطالبة بل يترتب علي عدم تسليم الثمن أعم من أن يكون عن حق كما لو اسقط حق المطالبة أم لا عن حق.

الوجه الرابع ان هذا الخيار بلحاظ الاشتراط الضمني و ليس بالتعبد الشرعي كخياري الحيوان و المجلس نعم الشارع تصرف في مورده و حدوده و لا يبعد ان الشارط يملك حقا علي المشروط عليه و هذا الحق فعلي مثلا لو باع زيد من عمرو كتابا و اشترط عليه أن يحج عن أبيه في الموسم أو اشترط عليه خياطة ثوبه بعد شهر هل يمكن أن يقال: انه لا يمكن أن يتجاوز الشارط عن حقه. و بعبارة اخري هذا الحق فعلي و هذه الملكية حاصلة فلا يكون

داخلا في اسقاط ما لم يجب. و الحاصل: انه لا يبعد أن يقال: ان المورد لا يكون تحت تلك الكبري بل الحق فعلي و يتجاوز الشارط عن حقه و يسقطه فلاحظ.

(1) تارة يشترط سقوطه في ضمن عقد آخر بعد تحقق العقد الخياري و اخري

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 85

و الظاهر عدم سقوطه ببذل المشتري الثمن بعد الثلاثة قبل فسخ البائع (1).

______________________________

يشترط سقوطه في نفس العقد الخياري أما الشق الاول فالظاهر انه لا مانع منه اذ قد مر جواز الاسقاط و هذا من مصاديقه. و أما الشق الثاني فاتمامه بالدليل مشكل اذ المفروض عدم ثبوته بعد و المفروض عدم تحقق العقد كي يقال: يتجاوز عن حقه بالشرط الا أن يرجع اشتراط سقوطه الي عدم اشتراط ثبوته.

و بعبارة اخري: يتجاوز عن الشرط الارتكازي و علي هذا يشكل بأن الخيار بعد الثلاثة تعبدي شرعي فاشتراط عدمه خلاف المقرر الشرعي. هذا بحسب القاعدة الاولية و أما بلحاظ النص الخاص فيمكن الالتزام بالجواز لاحظ ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل كان له أب مملوك و كانت لأبيه امرأة مكاتبة قد أدت بعض ما عليها فقال لها ابن العبد هل لك أن اعينك في مكاتبتك حتي تؤدي ما عليك بشرط أن لا يكون لك الخيار علي أبي اذا أنت ملكت نفسك قالت: نعم فاعطاها في مكاتبتها علي أن لا يكون لها الخيار عليه بعد ذلك قال:

لا يكون لها الخيار المسلمون عند شروطهم «1».

فان المستفاد من هذه الرواية جواز اشتراط سقوط الخيار الذي يتحقق بعد ذلك و الظاهر انه بحسب الفهم العرفي لا فرق بين الموارد فاذا جاز هذا الشرط في مورد جاز

في جمع الموارد الا أن يقال: ان المفروض في المقام اشتراط سقوط الخيار في نفس العقد و في ذلك الباب يشترط سقوطه في عقد آخر فلا وجه للتعدي و هذا الاشكال لا دافع له فالجزم بالجواز مشكل و اللّه العالم.

و الذي يهون الخطب انه قد مر منا ان المستفاد من نصوص الباب البطلان بعد الثلاثة لا ثبوت الخيار و اللّه العالم.

(1) اذ لا وجه للسقوط و ان شئت قلت: كما أن الثبوت يحتاج الي الدليل كذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب المكاتبة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 86

و لا بمطالبة البائع للمشتري بالثمن (1) نعم الظاهر سقوطه بأخذه الثمن منه بعنوان الجري علي المعاملة (2) لا بعنوان العارية أو الوديعة (3) و يكفي ظهور الفعل في ذلك و لو بواسطة بعض القرائن (4).

[مسألة 39: في كون هذا الخيار علي الفور أو التراخي قولان]

(مسألة 39): في كون هذا الخيار علي الفور أو التراخي قولان اقواهما الثاني (5)

[السادس: خيار الرؤية]
اشارة

السادس: خيار الرؤية: و يتحقق فيما لو رأي شيئا ثم اشتراه فوجده علي خلاف مار آه أو اشتري موصوفا غير

______________________________

السقوط يحتاج اليه.

(1) الكلام فيها هو الكلام فان مطالبة الثمن لا يقتضي سقوط الخيار.

(2) مجرد أخذ الثمن بعنوان الجري علي المعاملة لا يقتضي سقوط الخيار اذ لا تنافي بين الامرين بل يمكن أن يكون الاخذ غافلا عن الخيار أو جاهلا. و علي الجملة: لا نري وجها للسقوط بمجرد الاخذ نعم اذا قصد الاسقاط بالاخذ و لو بمعونة القرينة بحيث يكون أخذه مصداقا للإسقاط يسقط بلا اشكال لان الاسقاط الفعلي كالإسقاط القولي.

(3) اخذ الثمن بعنوان العارية أو الوديعة انما يتصور في الثمن الكلي و أما في الثمن الشخصي فلا مجال له لان الثمن ملك للبائع فلا يتصور فيه العارية أو الوديعة و في الثمن الكلي اذا قصد بالدفع تسليم الثمن فكيف يمكن أخذه بعنوان العارية أو الوديعة و اذا قصد احد العنوانين فلا يمكن أخذه بعنوان الثمن و اللّه العالم.

(4) كما هو ظاهر فان الاسقاط الفعلي كإسقاط القولي و قد مر منا آنفا.

(5) لا وجه للفورية اذ علي تقدير كون المدرك له النصوص الخاصة فمقتضي اطلاقها التراخي و ان كان المدرك الاشتراط الضمني فالامر كذلك اذ الفورية تحتاج الي الدليل و يتوقف علي القصد و الجعل علي النحو الكذائي.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 87

مشاهد فوجده علي خلاف الوصف فان للمشتري الخيار بين الفسخ و الامضاء (1).

______________________________

(1) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجوه: الوجه الاول: الاجماع.

و حال هذه الاجماعات في الاشكال ظاهر فان المنقول منه غير حجة و المحصل منه علي فرض

تحققه لاحتمال المدركية لا يكون حجة و كاشفا تعبديا عن رأي المعصوم عليه السلام.

الوجه الثاني: قاعدة لا ضرر بتقريب: ان لزوم العقد ضرري فيرفع بالقاعدة و فيه: اولا: انه يتم الاستدلال علي فرض تمامية التقريب علي مسلك المشهور و أما علي مذهب شيخ الشريعة فلا يتم. و ثانيا: انه علي فرض الضرر يكون المشتري مغبونا فيكون له الخيار بدليل خيار الغبن و الحال ان خيار الرؤية في قبال بقية الخيارات مضافا الي أن الضرر يوجب بطلان العقد من اول الامر لا ثبوت الخيار بعد فرض صحته.

الوجه الثالث: النصوص: منها: ما رواه جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري ضيعة و قد كان يدخلها و يخرج منها فلما أن نقد المال صار الي الضيعة فقلبها «ففتشها يه» ثم رجع فاستقال صاحبه فلم يقله فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: انه لو قلب «قبلها- يه» منها و نظر الي تسعة و تسعين قطعة ثم بقي منها قطعة و لم يرها لكان له في ذلك خيار الرؤية «1».

و في هذه الرواية لا دلالة علي كشف الخلاف الموجب للخيار بل فيها دلالة علي عدم ما يقتضي الفسخ لان المشتري استقال صاحبه و لم يقله و مقتضي كشف الخلاف الفسخ بلحاظ الارتكاز العرفي و الاشتراط الدائر في العرف فيحتمل أن يكون المراد من الرواية ان المشتري نظر الي المبيع قبل البيع و لكن لم ينظر الي جميع

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الخيار الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 88

______________________________

الضيعة بل نظر الي تسعة و تسعين قطعة منها فمقدار من المبيع كان مجهولا و المركب من المعلوم و المجهول يكون مجهولا فيكون البيع غرريا

فيكون باطلا فالمراد بالخيار الاختيار في تجديد البيع و رفع اليد عنه فلا يرتبط بالمدعي. و يحتمل أن يكون النظر الوارد في الرواية النظر بعد البيع و أما قبله فلم ينظر و من الظاهر ان النظر بعد البيع لا يوجب الخيار. مضافا الي أن الخيار المبحوث عنه في المقام خيار الرؤية لا خيار عدم الرؤية.

و يحتمل أن يكون المراد من عدم الرؤية الوارد في الحديث عدم الوجدان اي لم يجد قطعة منها فيكون الخيار خيار تبعض الصفقة و يكون علي القاعدة لكن لا يرتبط بالمقام. و علي الجملة لا تكون الرواية دليلا علي ثبوت خيار الرؤية علي جميع التقادير.

و منها: ما رواه زيد الشحام قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري سهام القصابين من قبل أن يخرج السهم فقال: لا تشتر شيئا حتي تعلم أين تخرج السهم فان اشتري شيئا فهو بالخيار اذا خرج «1».

و تقريب الاستدلال بالرواية: انه لو خرج السهم المشاع علي خلاف ما وصفه البائع يكون للمشتري خيار الرؤية و الظاهر- و اللّه العالم- ان هذه الرواية لا ترتبط بخيار الرؤية المبحوث عنه في المقام فان الظاهر من صدر الحديث النهي عن اشتراء السهم قبل خروجه. و بعبارة اخري: يرشد عليه السلام الي فساد العقد و الامر كذلك علي القاعدة لان السهم قبل خروجه لا يكون ملكا فعليا للشريك فليس له بيعه فالاشتراء باطل فالمراد بالذيل الوارد في الحديث ان المشتري مختار في الاشتراء الجديد و عدمه و يحتمل كما في كلام المحقق الشهيدي قدس سره أن يكون المراد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 89

______________________________

من الاشتراء ارادته اي اذا أراد الشراء فله ذلك بعد ما خرج

السهم. و ان أبيت و قلت: ان الظاهر من الخيار المذكور في الحديث الخيار الاصطلاحي قلت:

علي هذا الفرض يكون الخيار المذكور خيارا مستقلا قبال بقية الخيارات و لا يرتبط بخيار الرؤية لعدم الدليل عليه فعلي جميع التقادير لا تكون الرواية من ادلة خيار الرؤية.

و منها: ما رواه منهال القصاب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اشتري الغنم أو يشتري الغنم جماعة ثم يدخل دارا ثم يقوم «رجل خ» علي الباب فيعد واحدا و اثنين و ثلاثة و أربعا و خمسا ثم يخرج السهم قال: لا يصلح هذا انما تصلح السهام اذا عدلت القسمة «1».

و هذه الرواية لا ترتبط بالمقام مضافا الي كون سندها ضعيفا فان منهال لم يوثق.

الوجه الرابع: الاشتراط الارتكازي فان مقتضاه شرط الخيار عند تخلف الوصف و الظاهر انه لا شبهة في ثبوت الخيار عند العرف و العقلاء فان المشتري لو كان في مقام اشتراء العبد الكاتب و البائع وصف العبد الفلاني بالكتابة فاشتراه علي هذا الاساس لم يكن اشكال عند العرف في كون المشتري ذا خيار عند كشف الخلاف و تخلف الوصف عند الرؤية أو التوصيف عند البيع فهذا الاشتراط ارتكازي فيصح لدليل جواز جعل الخيار فيصح اشتراطه بعد فرض جوازه كما مر في خيار الشرط و هذا هو العمدة في دليل هذا الخيار.

و لتوضيح المدعي نقول: لا اشكال في صحة اشتراط الخيار في ضمن العقد بالسيرة العقلائية الممضاة عند الشارع فعليه لا يتوجه اشكال ان دليل نفوذ الشرط لا يكون مشرعا فلا بد من صحة الشرط في الرتبة السابقة و وجه عدم توجه الاشكال ان اشتراط

______________________________

(1) الوسائل، الباب 12 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث 8

مباني منهاج الصالحين، ج 8،

ص: 90

[مسألة 4: لا فرق في الوصف الذي يكون تخلفه موجبا للخيار بين وصف الكمال الذي تزيد به المالية لعموم الرغبة فيه و غيره]

(مسألة 4): لا فرق في الوصف الذي يكون تخلفه موجبا للخيار بين وصف الكمال الذي تزيد به المالية لعموم الرغبة فيه و غيره اذا اتفق تعلق غرض للمشتري به سواء أ كان علي خلاف الرغبة العامة مثل كون العبد أميا لا كاتبا و لا قارئا أم كان مرغوبا فيه عند قوم و مرغوبا عنه عند قدم آخرين مثل اشتراط كون القماش أصفر لا أسود (1).

[مسألة 41: الخيار هنا بين الفسخ و الرد و بين ترك الفسخ و امساك العين مجانا]

(مسألة 41): الخيار هنا بين الفسخ و الرد و بين ترك الفسخ و امساك العين مجانا و ليس لذي الخيار المطالبة بالارش و ترك الفسخ (2) كما أنه لا يسقط الخيار ببذل البائع الارش و لا بابدال العين بعين اخري واجدة للوصف (3).

[مسألة 42: كما يثبت الخيار للمشتري عند تخلف الوصف يثبت للبائع عند تخلف الوصف]

(مسألة 42): كما يثبت الخيار للمشتري عند تخلف الوصف يثبت للبائع عند تخلف الوصف اذا كان قد رأي المبيع سابقا فباعه بتخيل

______________________________

الخيار جائز مع قطع النظر عن دليل الشرط فلاحظ.

(1) فان حكم الامثال واحد. و بعبارة اخري: المناط في تحقق الخيار هو الاشتراط الارتكازي و المفروض تحققه في هذه الموارد كلها فلا وجه للفرق.

(2) الامر كما أفاده اذ لا وجه لأخذ الارش بعد عدم الدليل عليه و مقتضي الفسخ انفساخ العقد فعلي تقدير الفسخ يرجع كل من العوضين الي مالكه الاول و علي تقدير الامضاء لا مقتضي لمطالبة الارش.

(3) فانه لا وجه للسقوط اذ كما لا مقتضي في طرف المشتري في الزامه البائع لأخذ الارش كذلك لا مقتضي في طرف البائع لإلزامه المشتري بقبول الارش أو التبديل.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 91

انه علي ما رآه فتبين خلافه أو باعه بوصف غيره فانكشف خلافه (1).

[مسألة 43: المشهور أن هذا الخيار علي الفور]

(مسألة 43): المشهوران هذا الخيار علي الفور و لكن الاقرب عدمه (2).

[مسألة 44: يسقط هذا الخيار باسقاطه بعد الرؤية بل قبلها]

(مسألة 44): يسقط هذا الخيار باسقاطه بعد الرؤية بل قبلها و بالتصرف بعد الرؤية اذا كان دالا علي الالتزام بالعقد و كذا قبل الرؤية اذا كان كذلك و في جواز اشتراط سقوطه في ضمن العقد وجهان اقواهما ذلك فيسقط به (3).

[مسألة 45: مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية]

(مسألة 45): مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية و لا يجري في بيع الكلي فلو باع كليا موصوفا و دفع الي المشتري فردا فاقدا للوصف لم يكن للمشتري الخيار و انما له المطالبة بالفرد الواجد للوصف (4) نعم لو كان المبيع كليا في المعين كما لو باعه صاعا من

______________________________

(1) لعين الملاك فان الشرط الارتكازي المدرك لهذا الخيار يكون في طرف البائع كما يكون في طرف المشتري كما أن الامر كذلك لو تخلف وصف الثمن عما تعاقدا عليه.

(2) فانه لا وجه لفوريته بعد ما سبق من كون المدرك الاشتراط الارتكازي الضمني و ليس المدرك الاجماع أو قاعدة لا ضرر كي يكون مجالا للبحث.

(3) قد تقدم البحث حول هذه الفروع سابقا فلا وجه للإعادة.

(4) اذ كشف الخلاف يتصور في الامر الخارجي و أما الكلي فلا معني لانكشاف الخلاف فيه فان البيع اذا وقع علي العبد الكاتب علي النحو الكلي و في مقام الوفاء دفع عبدا غير كاتب لا ينطبق عليه المبيع فللمشتري مطالبته بدفع الكاتب و لا خيار له.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 92

هذه الصبرة الجيدة فتبين الخلاف كان له الخيار (1).

[السابع خيار العيب]
اشارة

السابع خيار العيب: و هو فيما لو اشتري شيئا فوجد فيه عيبا فان له الخيار بين الفسخ برد المعيب و امضاء البيع (2).

______________________________

(1) اذ يتصور فيه كشف الخلاف كالعين الشخصية كما انه يتصور كشف الخلاف في الكلي المشاع.

(2) اجماعا محصلا و محكيا مستفيضا صريحا و ظاهرا- هكذا في الجواهر- و الظاهر انه لا مجال للإشكال فان ثبوت خيار العيب في الجملة مورد التسالم و من الامور الواضحة و هذا بنفسه حجة لمدعي الخيار و ربما يستدل بقاعدة لا ضرر كما استدل بها علي الخيار في

غير المقام لكن الظاهر عدم قيام القاعدة لإثبات المدعي أما علي مسلكنا من كون مفاد القاعدة النهي لا النفي فظاهر و أما علي المسلك المشهور في مفاد القاعدة فعلي تقدير تمامية الاستدلال بها يكون مقتضاه بطلان البيع اذ الضرر ناش من المعاملة و الخيار يتداركه و قاعدة لا ضرر لا تفي باثبات التدارك.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص منها: ما عن فقه الرضا عليه السلام: و روي في الرجل يشتري المتاع فيجد به عيبا يوجب الرد فان كان المتاع قائما بعينه رد علي صاحبه و ان كان قد قطع أو خيط أو حدث فيه حادثة رجع فيه بنقصان العيب علي سبيل الارش و قال في موضع آخر فان خرج في السلعة عيب و علم المشتري فالخيار اليه ان شاء رد و ان شاء أخذه أورد عليه بالقيمة ارش العيب الي آخره «1». و لا اعتبار بهذا الكتاب لعدم ثبوت انتسابه اليه عليه السلام.

و منها: مرسل جميل عن احدهما عليهما السلام في الرجل يشتري الثوب أو المتاع فيجد فيه عيبا فقال: ان كان الشي ء قائما بعينه رده علي صاحبه و أخذ الثمن و ان

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 12 من أبواب الخيار، الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 93

فان لم يمكن الرد جاز له الامساك و المطالبة بالارش (1).

______________________________

كان الثوب قد قطع أو خيط أو صبغ يرجع بنقصان العيب «1». و المرسل لا اعتبار به.

و منها: ما رواه عمر بن يزيد قال: كنت أنا و عمر بالمدينة فباع عمر جرابا هرويا كل ثوب بكذا و كذا فأخذوه فاقتسموه فوجدوا ثوبا فيه عيب فقال لهم عمر اعطيكم ثمنه الذي بعتكم به قالوا: لا و لكنا نأخذ

منك قيمة الثوب فذكر ذلك عمر لأبي عبد اللّه عليه السلام فقال: يلزمه ذلك «2».

و الظاهر ان هذه الرواية تامة سندا و دلالة علي المدعي اذ يستفاد من الحديث انه يجوز رد الثوب المعيوب فاذا رد يثبت خيار تبعض الصفقة فيجوز رد جميع الثياب فاذا لم يرد البائع رد الجميع يكون عليه دفع تمام قيمة الثوب كي لا يرد اليه جميع ما باعه.

و بعبارة واضحة: يمكن للمشترين رد جميع الثياب المشتراة اذا لعيب يوجب الرد فاذا رد المعيب وحده تتبعض الصفقة و يثبت الخيار من هذه الجهة فاذا اراد البائع أن لا يردوا جميع الثياب يلزمه أن يرد جميع قيمة الثوب و الا يجوز لهم رد جميع الثياب و البائع لا يريد ذلك فلاحظ. و يمكن الاستدلال علي المدعي بالاشتراط الضمني العقلائي الممضي عند الشارع الاقدس.

(1) لا اشكال في أن ظهور العيب في السلعة يقتضي جواز الرد و أخذ الارش في الجملة انما الاشكال في أن الامرين في عرض واحد أو أخذ الارش مترتب علي مورد لا يمكن الرد- كما في المتن- و ما يمكن أن يقال في وجه التخيير بين الامرين

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الخيار الحديث 3

(2) نفس المصدر الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 94

______________________________

امور: الامر الاول ما عن الفقه الرضوي «1» و هذه الرواية لا اعتبار بها سندا بل استناد الكتاب الي الرضا عليه السلام اول الكلام و الاشكال.

الامر الثاني: ان أخبار الرد مطلقة بالنسبة الي تمام الثمن المنطبق علي الفسخ و الي رد جزء منه المنطبق علي أخذ الارش. و يرد عليه اولا: ان الظاهر من أخبار الرد رد الثمن بتمامه. و بعبارة اخري: يستفاد من تلك الاخبار فسخ

البيع من رأسه و ثانيا: ان هذا البيان انما يتم علي تقدير كون الرد في الارش من عين الثمن و الحال ان الامر ليس كذلك بل الارش يجوز أن يكون من غير الثمن. و ثالثا:

يستفاد من بعض النصوص التفكيك بين الرد و أخذ الارش بأن المبيع ان كان قائما بعينه يرد و ان لم يكن قائما بعينه يؤخذ الارش و التقسيم قاطع للشركة لاحظ حديث جميل «2».

و رابعا: ان وصف الصحة لا يقابل بالمال بل تؤثر في زيادة قيمة السلعة كما ان العيب يؤثر في نقصانها. الامر الثالث: ان الخيار معلول للعيب فلو كان المبيع معيبا يثبت للمشتري الخيار بين الامرين و لكن حيث ان حق الرد ضعيف يسقط بالتصرف و يبقي حق الارش. و فيه: ان هذا التقريب لا بأس به ثبوتا لكن الاشكال في مقام الاثبات و الدلالة.

الامر الرابع: ان المستفاد من النصوص ان حق الارش يثبت بالتصرف أعم من أن يكون التصرف قبل العلم بالعيب أو بعده و يبعد بنظر العرف أن يكون الوطء مثلا موجبا لحق آخر. و بعبارة اخري: مناسبة الحكم و الموضوع تقتضي أن يكون حق الارش في عرض حق الرد غاية الامر بالتصرف يسقط الثاني و يبقي الاول.

______________________________

(1) لاحظ ص 92.

(2) لاحظ ص 92

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 95

______________________________

و فيه: ان هذا التقريب استحساني ذوقي و ليس تحته شي ء فلا بد من ملاحظة نصوص الباب و العمل بما يستفاد منها.

فنقول- و علي اللّه التوكل و التكلان-: من النصوص التي يمكن الاستدلال بها علي المدعي ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ايما رجل اشتري شيئا و به عيب و عوار لم يتبرأ اليه و لم يبين

له فأحدث فيه بعد ما قبضه شيئا ثم علم بذلك العوار و بذلك الداء انه يمضي عليه البيع و يرد عليه بقدر ما نقص من ذلك الداء و العيب من ثمن ذلك لو لم يكن به «1» و هذه الرواية ضعيفة بموسي بن بكر. و منها: ما أرسله جميل «2» و المرسل لا اعتبار به و منها ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سأل عن رجل ابتاع ثوبا فلما قطعه وجد فيه خروقا و لم يعلم بذلك حتي قطعه كيف القضاء في ذلك؟ قال: اقبل ثوبك و إلا فهايئ صاحبك بالرضا و خفض له قليلا و لا يضرك ان شاء اللّه فان أبي فاقبل ثوبك فهو أسلم لك ان شاء اللّه «3». و هذه الرواية ضعيفة بعقبة.

و منها: النصوص التي تدل علي أن الامة التي اشتريت اذا انكشف فيها عيب غير الحبل بعد الوطء لا ترد بل يثبت الارش لاحظ ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قال علي السلام: لا ترد التي ليست بحبلي اذا وطأها صاحبها و يوضع عنه من ثمنها بقدر عيب ان كان فيها «4» و غيره مما ورد في الباب 4 من أبواب أحكام العيوب من الوسائل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الخيار الحديث: 2

(2) لاحظ ص 92

(3) المصدر السابق الحديث 4

(4) الوسائل الباب 4 من أبواب أحكام العيوب الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 96

______________________________

و هذه الروايات واردة في مورد خاص و لا دلالة فيها علي عموم الحكم. اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان النصوص الواردة في الخيار و أحكام العيب علي طوائف:

الطائفة الاولي ما يدل علي

الرد بلا تعرض للأرش لاحظ ما رواه عمر بن يزيد «1».

و ما رواه ابن فضال عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: ترد الجارية من أربع خصال: من الجنون و الجذام و البرص و القرن القرن الحدبة الا انها تكون في الصدر تدخل الظهر و تخرج الصدر «2».

و ما رواه أبو همام قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: يرد المملوك من أحداث السنة من الجنون و الجذام و البرص فقلت كيف يرد من أحداث السنة؟ قال:

هذا أول السنة فاذا اشتريت مملوكا به شي ء من هذه الخصال ما بينك و بين ذي الحجة رددته علي صاحبه فقال له محمد بن علي: فالاباق؟ قال: ليس الاباق من ذا الا أن يقيم البينة انه كان ابق عنده «3».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في حديث: و عهدته يعني الرقيق السنة من الجنون فما بعد السنة فليس بشي ء «4».

و ما رواه علي بن أسباط عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول:

الخيار في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري و في غير الحيوان أن يتفرقا و أحداث السنة ترد بعد السنة قلت: و ما أحداث السنة؟ قال: الجنون و الجذام و البرص و القرن فمن اشتري فحدث فيه هذه الاحداث فالحكم أن يرد علي صاحبه الي تمام السنة من

______________________________

(1) لاحظ ص 93

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب أحكام العيوب الحديث 1

(3) نفس المصدر الحديث 2

(4) نفس المصدر الحديث 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 97

______________________________

يوم اشتراه «1».

و ما رواه الكليني قال: و روي عن يونس أيضا ان العهدة في الجنون و الجذام و البرص سنة «2».

و ما رواه أيضا قال: و روي الوشاء

ان العهدة في الجنون وحده الي سنة «3».

و ما رواه ابن فضال عن أبي الحسن الثاني عليه السلام قال: في أربعة أشياء خيار سنة: الجنون و الجذام و البرص و القرن «4».

و ما رواه داود بن فرقد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري جارية مدركة فلم تحض عنده حتي مضي لها ستة أشهر و ليس بها حمل فقال: ان كان مثلها تحيض و لم تكن ذلك من كبر فهذا عيب ترد منه «5».

و ما رواه ميسر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: رجل اشتري زق زيت فوجد فيه درديا قال: فقال: ان كان يعلم ان ذلك يكون في الزيت لم يرده و ان لم يكن يعلم ان ذلك يكون في الزيت رده علي صاحبه «6».

و ما رواه أبو صادق قال: دخل أمير المؤمنين عليه السلام سوق التمارين فاذا امرأة قائمة تبكي و هي تخاصم رجلا تمارا فقال لها: مالك؟ فقالت: يا أمير المؤمنين اشتريت من هذا تمرا بدرهم و خرج اسفله رديا ليس مثل الذي رأيت قال: فقال:

رد عليها فأبي حتي قالها ثلاثا فأبي فعلاه بالدرة حتي رد عليها و كان يكره أن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) الوسائل الباب 3 من أبواب أحكام العيوب.

(6) الوسائل الباب 7 من أبواب أحكام العيوب الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 98

______________________________

يجلل التمر «1».

الطائفة الثانية ما يدل علي ثبوت الارش اذا أحدث في المعيب حدث لاحظ ما رواه زرارة «2» و ما رواه جميل «3» و الحديثان ضعيفان سندا أما الاول فبموسي بن بكر و أما الثاني فبالارسال.

الطائفة الثالثة ما

يدل علي أن احداث الحدث في المعيب يسقط الرد بلا تعرض للأرش لاحظ ما رواه عقبة بن خالد «4». و هذه الرواية ضعيفة سندا بعقبة بن خالد.

الطائفة الرابعة: ما يدل علي أن الامة اذا ظهر فيها عيب بعد الوطء غير الحبل لم ترد بل يثبت للمشتري الارش لاحظ ما رواه ابن سنان «5» و ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قضي امير المؤمنين عليه السلام في رجل اشتري جارية فوطأها ثم وجد فيها عيبا قال: تقوم و هي صحيحة و تقوم و بها الداء ثم يرد البائع علي المبتاع فضل ما بين الصحة و الداء «6».

و ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري جارية فوقع عليها قال: ان وجد بها عيبا فليس له أن يردها و لكن يرد عليه بقيمة (بقدر التهذيب) ما نقصها العيب قال: قلت: هذا قول علي عليه السلام؟ قال: نعم «7».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 95

(3) لاحظ ص: 92

(4) لاحظ ص: 95

(5) لاحظ ص: 95

(6) الوسائل الباب 4 من أبواب أحكام العيوب الحديث: 2

(7) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 99

______________________________

و ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام انه سأل عن الرجل يبتاع الجارية فيقع عليها ثم يجد بها عيبا بعد ذلك قال: لا يردها علي صاحبها و لكن تقوم ما بين العيب و الصحة فيرد علي المبتاع معاذ اللّه أن يجعل لها اجرا «1».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام لا يرد التي ليست بحبلي اذا وطأها و كان يضع له من

ثمنها بقدر عيبها «2».

و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

أيما رجل اشتري جارية فوقع عليها فوجد بها عيبا لم يردها و رد البائع عليه قيمة العيب «3».

و ما رواه حماد بن عيسي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: قال علي بن الحسين عليه السلام: كان القضاء الاول في الرجل اذا اشتري الامة فوطأها ثم ظهر علي عيب ان البيع لازم و له ارش العيب «4».

و ما رواه محمد بن ميسر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان علي عليه السلام لا يرد الجارية بعيب اذا وطئت و لكن يرجع بقيمة العيب و كان علي عليه السلام يقول: معاذ اللّه أن اجعل لها اجرا «5».

الطائفة الخامسة ما يدل علي أن المشتري اذا وطئ الجارية المشتراة ثم علم بحملها يجوز له ردها ورد ما يقابل وطيها لاحظ ما رواه ابن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري جارية حبلي و لم يعلم بحبلها فوطأها قال:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 100

و لا فرق بين المشتري و البائع فلو وجد البائع عيبا في الثمن كان له الخيار المذكور (1).

______________________________

يردها علي الذي ابتاعها منه و يرد معها نصف عشر قيمتها لنكاحه اياها الحديث «1».

و ما رواه عبد الملك بن عمير (عمرو خ ل) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا ترد التي ليست بحبلي اذا وطأها صاحبها و له ارش العيب و ترد الحبلي و يرد معها نصف عشر قيمتها «2» و غيرها

مما ورد في الباب 5 من أبواب أحكام العيوب من الوسائل.

الطائفة السادسة: ما يدل علي سقوط الرد بامتزاج المبيع بغيره و ثبوت الارش لاحظ ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه ان عليا عليه السلام قضي في رجل اشتري من رجل عكة فيها سمن احتكرها حكرة فوجد فيها ربا فخاصمه الي علي عليه السلام فقال له علي عليه السلام: لك بكيل الرب سمنا فقال له الرجل: انما بعته منك حكرة فقال له علي عليه السلام: انما اشتري منك سمنا و لم يشتر منك ربا «3».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بالنوفلي بل و غيره فالنتيجة انه ليس في النصوص المعتبرة ما يدل علي أنه لو كان المبيع معيبا يجوز رده الا اذا أحدث فيه حادث فتصل النوبة الي الارش و قد ظهر مما ذكرنا ان الجمع بين الروايات أيضا لا يقتضي هذا التفصيل و عليه لا بد من اتمام الامر بالتسالم و الاجماع فتأمل.

(1) لا اشكال في عموم الحكم ان كان المدرك الاشتراط الارتكازي أو كان قاعدة نفي الضرر لوحدة التقريب كما انه لا اشكال في الاختصاص ان كان المدرك الاجماع

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب أحكام العيوب الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب أحكام العيوب الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 101

[مسألة 46: يسقط هذا الخيار بالالتزام بالعقد]
اشارة

(مسألة 46): يسقط هذا الخيار بالالتزام بالعقد بمعني اختيار عدم الفسخ و منه التصرف في المعيب تصرفا يدل علي اختيار عدم الفسخ (1).

______________________________

لان القدر المتيقن منه ثبوت الحكم في طرف المشتري و أما ان كان المدرك النصوص فما يمكن أن يقال في وجه التعميم امور:

الامر الاول: ان للموضوع المأخوذ في الدليل عنوان الاشتراء لاحظ حديث زرارة و مرسل

جميل «1» و الاشتراء كما يستعمل في مقام الشراء يستعمل في مقام البيع فمقتضي الاطلاق عموم الحكم. و فيه: انه علي فرض صحة المدعي لا اشكال في أن المستفاد من الدليل بيان حكم المبيع المعيب و العرف ببابك و بعبارة اخري:

مقتضي الظهور العرفي كذلك مضافا الي ضعف السند في كلا الحديثين.

الامر الثاني: ان الادلة و ان كانت ظاهرة في المبيع و لكن هذا لأجل الغلبة حيث ان الغالب في الاثمان النقود و العيوب بحسب الغالب في الامتعة و أما في النقود فاقل قليل و هذا وجه التقييد و الا فالحكم عام و فيه: اولا: ان الظهور حجة و حمله علي الغالب لا دليل عليه و بعبارة اخري: لا دليل علي عموم الحكم مع عدم شمول الدليل لمحل النزاع. و ثانيا: كون الغالب في الاثمان النقود في هذه الازمنة و ان كان غير قابل للإنكار لكن كون الغالب كذلك في زمانهم عليهم السلام فغير مسلم فلاحظ.

الامر الثالث: ان الادلة و ان كانت مختصة بالمبيع الا انا نقطع بعموم الحكم.

و فيه ما فيه و ادعاء هذه الدعوي جزاف محض مع الاعتراف بكون التعبديات مرجعها الي أهلها و اللّه العالم.

(1) كما هو ظاهر و قد مر الكلام في تقريبه. و علي الجملة الخيار الحقي قابل

______________________________

(1) لاحظ ص: 95 و 92

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 102

[موارد جواز طلب الأرش]

موارد جواز طلب الارش:

لا يجوز فسخ العقد بالعيب و انما يتعين جواز المطالبة بالارش في موارد: الاول: تلف العين. الثاني: خروجها عن الملك ببيع أو عتق أو هبة أو نحو ذلك الثالث: التصرف الخارجي في العين الموجب لتغيير العين مثل تفصيل الثوب و صبغه و خياطته و نحوها الرابع: التصرف الاعتباري اذا كان

كذلك مثل اجارة العين و رهنها.

الخامس: حدوث عيب فيه بعد قبضه من البائع ففي جميع هذه الموارد ليس له فسخ العقد برده (1).

______________________________

للإسقاط قولا و فعلا فان كان مراد الماتن من اختيار عدم الفسخ اسقاط الخيار يسقط و ان كان مراده ان مجرد اختيار عدم الفسخ في مقام العزم و البناء يوجب سقوط الخيار فالامر ليس كذلك.

(1) الماتن تعرض في المقام لفروع ينبغي جعل كل واحد منها مورد البحث و بيان حكمه حسب ما يستفاد من الادلة.

الفرع الاول: انه لو تلف العين تلفا حقيقيا يسقط خيار العيب و يتعين جواز اخذ الارش و ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجوه: الوجه الاول: الاجماع و حاله في الاشكال ظاهر الا أن يكون الامر عندهم بمرحلة من الظهور بحيث لا يكون قابلا للإشكال.

الوجه الثاني: مرسل جميل «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان العين اذا كانت قائمة بعينها يجوز الرد و الا يكون له الارش. و المرسل لا اعتبار به.

______________________________

(1) لاحظ ص: 92

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 103

______________________________

الوجه الثالث: ان المستفاد من جملة من النصوص ان الموضوع لهذا الخيار عنوان الرد و قد سبق ذكر أكثر الروايات في ذيل مسألة 45 في شرح قوله «السابع خيار العيب» الي آخره فراجع و لاحظ الباب 6 من أبواب أحكام العيوب من الوسائل.

و الظاهر ان هذا الوجه لا بأس للاستدلال به علي المدعي فان المستفاد من هذه النصوص ان الموضوع عنوان الرد و مع عدم امكانه لا موضوع له هذا بالنسبة الي الرد و أما بالنسبة الي أخذ الارش فقد مر الاشكال في عدم دليل علي الكبري الكلية بأن نقول: كلما سقط حق الرد يثبت حق أخذ الارش نعم

الحكم في الجملة مستفاد من النصوص الا أن يتم المدعي بالتسالم و الاجماع.

الفرع الثاني: انه يسقط الخيار اذا خرج العين عن الملك ببيع أو هبة أو عتق أو نحو ذلك و يمكن الاستدلال علي المدعي بأن المستفاد من النصوص كما تقدم عنوان الرد و المراد به رد العين بالرد الملكي اي يرد العين في ملك البائع و مع خروجها عن ملكه بأحد أسبابه لا يمكن ردها فلا خيار للمشتري بالنسبة الي العين نعم اذا أمكن استرداد العين في الملك بأن كان له الخيار ففسخ العقد الثاني و انتقل المبيع في ملكه أو انتقل اليه بناقل غير اختياري كالإرث مثلا لا يبعد أن يقال بجواز الردفان مقتضي اطلاق ادلة جواز الرد جوازه.

و بعبارة اخري: يصدق عنوان الموضوع المأخوذ في الدليل و هو الرد فان الرد عبارة عن اعادة العين في ملك البائع. و افيد في بعض الكلمات انه لا بد من التفصيل بين الفسخ و غيره من الاسباب بأن يقال: اذا رجعت العين الي المشتري بالفسخ يجوز الرد الي البائع و الا فلا و الوجه فيه ان هذا الحق متعلق بالعين اي رد ربطها الملكي فلا بد من رعاية صدق هذا العنوان و الحال ان الملكية الحاصلة من غير الفسخ مغايرة للملكية الحاصلة من قبل البائع و أما مع الفسخ فترد تلك الملكية

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 104

نعم يثبت له الارش ان طالبه (1).

______________________________

الاولية فلا بد من التفصيل. و فيه: انه ليس دليل علي هذه الدعوي بل الموضوع المأخوذ في الدليل رد العين الي مالكها و هذا العنوان يصدق علي الاطلاق فلاحظ هذا بالنسبة الي الفسخ و أما بالنسبة الي الارش فالكلام هو الكلام و القصور

في المقتضي الا أن يتم الامر بالتسالم عند الاصحاب.

الفرع الثالث: ان التصرف الخارجي في العين المغير لها كصبغ الثوب أو خياطته يوجب سقوط الخيار. و فيه: انه لا دليل معتبر علي هذه الدعوي الا أن يتم بالإجماع و اللّه العالم.

الفرع الرابع: ان التصرف الاعتباري كالإجارة كالتصرف الخارجي يوجب السقوط و الكلام فيه هو الكلام و أما الكلام من حيث الارش في هذا الفرع و سابقه هو الكلام و الاشكال هو الاشكال.

الفرع الخامس: انه ان حدث في العين حدث بعد القبض من البائع يسقط خيار الرد. و ما يمكن ان يستدل به علي المدعي وجهان: احدهما: الاجماع فان تم اجماع تعبدي كاشف عن قوله عليه السلام فهو و الا فلا يتم و هل يمكن تحصيله؟.

ثانيهما: قوله عليه السلام في حديث جميل «1» «ان كان الشي ء» الي آخره بتقريب: ان الموضوع للخيار ما يكون قائما بعينه و المفروض أن بعد حدوث العيب لا تكون العين باقية بعينها. و فيه: انه قد مر ان الرواية ضعيفة بالارسال.

(1) و قد مر الاشكال فيه و ان الادلة قاصرة عن اثباته الا أن يتم الامر بالتسالم فتأمل. و يظهر من عبارة المتن ان دفع الارش من قبل البائع متوقف علي مطالبة المشتري و الحال ان المستفاد من جملة من النصوص «2» انه مع كون المبيع

______________________________

(1) لاحظ ص: 92

(2) لاحظ ص: 95 و 96 و 97

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 105

نعم اذا كان حدوث عيب آخر في زمان خيار آخر للمشتري كخيار الحيوان مثلا جاز ردّه (1).

[مسألة 47: يسقط الأرش دون الرد فيما لو كان العيب لا يوجب نقصا في المالية]

(مسألة 47): يسقط الارش دون الرد فيما لو كان العيب لا يوجب نقصا في المالية كالخصاء في العبيد اذا اتفق تعلق غرض نوعي به بحيث

صارت قيمة الخصي تساوي قيمة الفحل (2).

و اذا اشتري ربويا بجنسه فظهر عيب في أحدهما قيل لا ارش حذرا من الربا لكن الاقوي جواز أخذ الارش (3) يسقط الرد و الارش بأمرين: الاول: العلم بالعيب قبل العقد (4).

______________________________

معيبا يجب علي البائع الارش.

(1) اذ المدعي سقوط خيار العيب بحدوث الحادث في العين و أما غير خيار العيب كخيار الحيوان فلا وجه لسقوطه كما هو ظاهر.

(2) كما هو ظاهر اذ لا موضوع للأرش مع فرض عدم النقصان.

(3) الظاهر ان ما أفاده تام اذ الارش غرامة عينت من قبل الشارع و لا ترتبط بالثمن و لذا لا يجب ادائها منه و علي الجملة: لا تفاضل في المعاوضة بين الربويين و لا يصدق العنوان المحرم فلا وجه لعدم الجواز.

(4) بلا خلاف و لا اشكال- كما نقل عن الشيخ قدس سره- و الذي يمكن أن يقال في هذا المقام: ان المدرك لخيار العيب ان كان الاجماع فلا اجماع في المقام ان لم يكن علي خلافه و ان كان حديث لا ضرر و لا ضرار فلا مجال للأخذ به في المقام اذ مع العلم بالعيب لا يكون رفع اللزوم امتنانيا فتأمل. مضافا الي ما مر من أن الخيار لا يستفاد من القاعدة.

و يضاف الي ما ذكر ان الاستدلال علي فرض تماميته انما يتم علي مسلك

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 106

______________________________

المشهور لا علي مسلك شيخ الشريعة قدس سره، و ان كان المدرك الشرط الارتكازي فلا مجال للاشتراط مع العلم بالعيب و ان كان المدرك النصوص فيمكن أن يستدل علي المدعي بحديث زرارة «1» فان المستفاد من الحديث ان الخيار متوقف علي الجهل بالعيب و لكن قد مران الحديث ضعيف سندا نعم يمكن

استفادة المدعي من جملة من النصوص لاحظ احاديث طلحة و منصور و محمد بن مسلم و عبد الرحمن و حماد و ابن سنان و رفاعة «2».

و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الجارية فيقع عليها فيجدها حبلي قال: يردها و يرد معها شيئا «3».

و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يشتري الحبلي فينكحها و هو لا يعلم قال: يردها و يكسوها «4».

و ما رواه فضيل مولي محمد بن راشد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باع جارية حبلي و هو لا يعلم فنكحها الذي اشتري قال: يردها و يرد نصف عشر قيمتها (ثمنها خ ل) «5».

و ما رواه سعيد بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: في رجل باع جارية حبلي و هو لا يعلم فنكحها الذي اشتري قال: يردها و يرد نصف عشر قيمتها «6»

______________________________

(1) لاحظ ص: 95

(2) لاحظ ص: 98 و 99

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب أحكام العيوب الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) نفس المصدر الحديث: 8

(6) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 107

الثاني تبرؤ البائع من العيوب بمعني اشتراط عدم رجوع المشتري عليه بالثمن أو الارش (1).

______________________________

و ما رواه ميسر «1».

فان المستفاد من هذه الروايات بحسب الفهم العرفي ان الخيار معلق علي الجهل بالعيب. و بعبارة اخري: يفهم من هذه الروايات ان المدار في ثبوت خيار العيب وجدان العيب و العلم به بعد البيع مضافا الي أن جملة من النصوص المشار اليها تدل علي المدعي بالمفهوم لاحظ احاديث منصور و عبد الرحمن و حماد و

ميسر «2».

(1) تارة يقع الكلام في التبري بالمعني الظاهر منه و ما يتبادر منه عند العرف و اخري في التبري بالمعني المذكور في المتن أما بالمعني الظاهر منه فيدل علي كونه مسقطا للخيار حديثان: احدهما ما رواه زرارة «3».

ثانيهما: ما رواه جعفر بن عيسي قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام جعلت فداك المتاع يباع فيمن يزيد فينادي عليه المنادي فاذا نادي عليه برئ من كل عيب فيه فاذا اشتراه المشتري و رضيه و لم يبق إلا نقد الثمن فربما زهد فاذا زهد فيه ادعي فيه عيوبا و انه لم يعلم بها فيقول المنادي قد برئت منها فيقول المشتري:

لم اسمع البراءة منها أ يصدق فلا يجب عليه الثمن أم لا يصدق فيجب عليه الثمن؟

فكتب: عليه الثمن «4».

و كلا الحديثين ضعيفان أما الاول فبموسي بن بكر و أما الثاني فبابني عيسي

______________________________

(1) لاحظ ص: 97

(2) لاحظ ص: 98 و 99 و 97

(3) لاحظ ص: 95

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب أحكام العيوب

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 108

[مسألة 48: الأقوي أن هذا الخيار أيضا ليس علي الفور]

(مسألة 48): الاقوي ان هذا الخيار أيضا ليس علي الفور (1).

[مسألة 49: المراد من العيب ما كان علي خلاف مقتضي الخلقة الأصلية]

(مسألة 49): المراد من العيب ما كان علي خلاف مقتضي الخلقة الاصلية سواء أ كان نقصا مثل العور و العمي و الصمم و الخرس و العرج و نحوها أم زيادة مثل الاصبع الزائدة و اليد الزائدة (2).

______________________________

و أما بالمعني المذكور في المتن فيجوز علي القاعدة اذ اعمال الخيار ليس واجبا بل امر جائز و باشتراط عدم اعماله يجب كما ان مطالبة الارش كذلك لكن لو عصي و فسخ العقد يلزم الانفساخ اذ الاشتراط لا يسقط حقه و كذلك الحال بالنسبة الي الارش مضافا الي أنه قد مر ان المستفاد من بعض النصوص ان وجوب دفع الارش لا يتوقف علي مطالبة فالاشتراط المذكور لا يوجب سقوط الارش بل يجب علي البائع دفعه و لو مع اشتراط عدم المطالبة فلاحظ.

(1) اذ لا مقتضي للفورية أما علي تقدير كون مدركه النصوص الخاصة فمقتضي اطلاقها عدم الفورية كما انه لو كان المدرك الاشتراط الارتكازي أو قاعدة لا ضرر فالامر كذلك أيضا لعدم المقتضي للتقييد و الفورية نعم لو كان المدرك الاجماع فالقدر المتيقن منه هو الفورية.

(2) لا اشكال في أن العيب بما له من المفهوم أمر عرفي ففي كل مورد صدق هذا العنوان يترتب عليه حكمه فالميزان صدق هذا المفهوم بلا فرق بين كونه ناشيا عن الزياده أم عن النقيضة و بلا فرق بين أن يكون علي خلاف الخلقة الاصلية و بين غيره.

نعم المستفاد من خبر السياري قال: روي عن ابن أبي ليلي انه قدم اليه رجل خصما له فقال: ان هذا باعني هذه الجارية فلم اجد علي ركبها حين كشفتها شعرا و زعمت انه لم يكن لها

قط قال: فقال له ابن ابي ليلي: ان الناس يحتالون لهذا بالحيل حتي يذهبوا به فما الذي كرهت؟ قال: ايها القاضي ان كان عيبا فاقض لي

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 109

أما ما لم يكن علي خلاف مقتضي الخلقة الاصلية لكنه كان عيبا عرفا مثل كون الارض موردا لنزول العساكر ففي كونه عيبا بحيث يثبت به الارش اشكال و ان كان الثبوت هو الاظهر (1).

[مسألة 50: إذا كان العيب موجودا في أغلب أفراد ذلك الصنف مثل الثيبوبة في الاماء فالظاهر عدم جريان حكم العيب عليه]

(مسألة 50): اذا كان العيب موجودا في أغلب أفراد ذلك الصنف مثل الثيبوبة في الاماء فالظاهر عدم جريان حكم العيب عليه (2).

______________________________

به قال: اصبر حي أخرج إليك فاني اجد أذي في بطني ثم دخل و خرج من باب آخر فأتي محمد بن مسلم الثقفي فقال له: أي شي ء تروون عن أبي جعفر عليه السلام في المرأة لا يكون علي ركبه شعر يكون ذلك عيبا؟ فقال محمد بن مسلم: أما هذا نصا فلا أعرفه و لكن حدثني أبو جعفر عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن النبي صلي اللّه عليه و آله أنه قال: كل ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب فقال له ابن أبي ليلي حسبك ثم رجع الي القوم فقضي لهم بالعيب «1» أن الميزان في العيب خروج العين عن الخلقة الاصلية بالنقيصة أو بالزيادة و لكن الخبر لا اعتبار به بالارسال و غيره.

(1) قد ظهر مما تقدم عدم وجه للتقييد فالصحيح ما في المتن من اطلاق الحكم.

(2) يمكن أن يكون الوجه فيه انصراف نصوص الباب عن هذا النوع من العيب نعم في خصوص الثيبوبة ورد النص الخاص لاحظ ما رواه سماعة قال:

سألته (سألت أبا عبد اللّه خ ل) عن رجل باع جارية علي أنها بكر

فلم يجدها علي ذلك قال: لا ترد عليه و لا يوجب «يجب خ» عليه شي ء انه يكون يذهب في حال مرض أو أمر يصيبها «2».

و حيث ان الحديث معتبر سندا لا بد من الالتزام به فان المذكور فيه في كلامه

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب أحكام العيوب.

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب أحكام العيوب الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 110

[مسألة 51: لا يشترط في العيب أن يكون موجبا لنقص المالية]

(مسألة 51): لا يشترط في العيب أن يكون موجبا لنقص المالية (1) نعم لا يثبت الارش اذا لم يكن كذلك كما تقدم (2).

[مسألة 52: كما يثبت الخيار بالعيب الموجود حال العقد كذلك يثبت بالعيب الحادث بعده قبل القبض]

(مسألة 52): كما يثبت الخيار بالعيب الموجود حال العقد كذلك يثبت بالعيب الحادث بعده قبل القبض فيجوز رد العين به (3).

______________________________

عليه السلام «انه يكون يذهب في حال مرض أو أمر يصيبها» مضافا الي أن المذكور في الخبر انه باعها علي أنها بكر و لا اشكال ظاهرا في تحقق الخيار مع الاشتراط و صاحب الوسائل قدس سره حمل الرواية علي عدم الاشتراط في متن العقد و اللّه العالم.

(1) لإطلاق الدليل.

(2) لعدم موضوعه كما تقدم.

(3) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجهان: الوجه الاول الاجماع قال في الجواهر- في مقام اثبات الخيار بالعيب الحادث قبل القبض و بعد العقد-:

«بلا خلاف بل حكي الاجماع عليه غير واحد» «1».

الوجه الثاني النصوص الدالة عموما أو خصوصا علي أن تلف المبيع قبل قبضه من مال بايعه لاحظ ما عن عوالي اللآلي عن النبي صلي اللّه عليه و آله أنه قال: كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه «2».

و ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري متاعا من رجل و أوجبه غير أنه ترك المتاع عنده و لم يقبضه قال: آتيك غدا إن شاء اللّه، فسرق المتاع من مال من يكون قال: من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتي يقبض

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 23 ص: 241

(2) مستدرك الوسائل الباب 9 من أبواب الخيار

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 111

______________________________

المتاع و يخرجه من بيته فاذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتي يرد ماله اليه «1».

و تقريب الاستدلال بهذه

الطائفة من الاخبار علي المدعي مع ان موردها تلف العين ان المراد من كون التلف علي البائع كون المبيع بعد في عهدته و كأن المعاملة لا تتم الا بالقبض فيكون ذكر التلف من باب كونه أظهر الافراد ثم ان معني كون العهدة عليه ان التلف و العيب كأنه في ملكه فالمراد بالضمان ضمان المعاملة لا ضمان اليد.

و حاصل المراد ان تلف تمام المبيع كتلفه قبل البيع و كذا تلف بعضه و كذا عيبه قبل القبض كعيبه و هو في ملك المالك البائع و لازم ذلك الانفساخ بالنسبة الي الكل في صورة تلفه و الانفساخ في بعضه في صورة تلف البعض و ثبوت الخيار في الصورة الثالثة و ليس المراد من كونه من مال البائع انه يؤخذ منه عوضه علي وجه الغرامة لان ضمانه ضمان المعاملة لا ضمان اليد.

و صفوة القول: ان المستفاد من النصوص ان الشارع الاقدس جعل المبيع قبل القبض في حكم المبيع قبل البيع و العقد و يترتب عليه ان تلف المبيع يوجب الانفساخ مطلقا و تلف البعض يوجب انفساخ بعض المبيع و حدوث العيب فيه يوجب الخيار.

لكن الجزم بهذا التقريب مشكل و اسراء الحكم بالنسبة الي العيب الحادث لا دليل عليه و استفادة تنزيل المبيع قبل القبض منزلة المبيع قبل البيع بلا وجه و انما الدليل دال بالنسبة الي التلف بل يمكن الاشكال بالنسبة الي تلف بعض المبيع لان الدليل وارد في تلف الكل و اجراء حكمه بالنسبة الي البعض مشكل اضف الي ذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الخيار

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 112

و في جواز اخذ الارش به قولان اظهرهما عدم الجواز اذا لم يكن العيب بفعل المشتري (1) و

الا فلا أثر له (2).

[مسألة 53: يثبت خيار العيب في الجنون و الجذام و البرص و القرن اذا حدث بعد العقد الي انتهاء السنة من تاريخ الشراء]

(مسألة 53): يثبت خيار العيب في الجنون و الجذام و البرص و القرن اذا حدث بعد العقد الي انتهاء السنة من تاريخ الشراء (3).

[مسألة 54: كيفية أخذ الأرش أن يقوم المبيع صحيحا ثم يقوم معيبا]

(مسألة 54): كيفية أخذ الارش أن يقوم المبيع صحيحا ثم يقوم معيبا و تلاحظ النسبة بينهما ثم ينقص من الثمن المسمي بتلك النسبة فاذا قوم صحيحا بثمانية و معيبا بأربعة و كان الثمن أربعة ينقص من الثمن النصف و هو اثنان و هكذا (4).

______________________________

كله ان السند في كلا الحديثين ضعيف فلا بد من اتمام الامر بالنسبة الي الخيار بالإجماع و التسالم فتأمل.

و أما الارش فحيث ان المسألة محل الكلام و الاشكال فالقاعدة تقتضي عدم جواز اخذه اذ ثبوت الارش يحتاج الي الدليل و حيث ليس دليل عليه في المقام فلا مجال للالتزام به.

(1) قد ظهر مما تقدم وجه الاظهرية.

(2) اذ العيب لو كان بفعل المشتري لا يكون ضمانه علي البائع بل ضمانه علي نفسه كما أن تلف العين باتلاف المشتري يكون ضمانه عليه فلا أثر للتلف الذي يكون بفعل المشتري فلاحظ.

(3) لاحظ حديث أبي همام «1».

(4) وقع الكلام بين الاعلام في أن الارش الوارد في المقام ما به التفاوت بين الصحيح و المعيب بحسب القيمة الواقعية و مع قطع النظر عن العقد الواقع أو

______________________________

(1) لاحظ ص: 96

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 113

______________________________

المراد منه ما به التفاوت بالنسبة الملحوظة بينهما بحسب الثمن الواقع في مقابل المبيع؟ و لا بد من ملاحظة النصوص الواردة في المقام و الاخذ بما يستفاد منها فمن تلك النصوص ما رواه ابن سنان «1».

و لا اشكال في أن المستفاد من هذه الرواية ان الارش ما به التفات بين الصحيح و المعيب بلحاظ الثمن فان قوله عليه السلام «و

يوضع عنه من ثمنها» صريح في أن الارش بعض من الثمن فالعبرة بما هو التفاوت بلحاظ الثمن لا بحسب الواقع.

و منها: ما رواه طلحة بن زيد «2» و المستفاد من هذه الرواية أيضا كذلك حيث قال عليه السلام: «ثم يرد البائع علي المبتاع فضل ما بين الصحة و الداء» فان المستفاد من رد فضل ما بين الصحة و الداء ان الميزان ملاحظة ما به التفاوت بلحاظ الثمن و هذه الرواية مخدوشة سندا حيث ان طلحة بن زيد لم يوثق.

و منها: ما رواه منصور بن حازم «3» و الكلام في هذه الرواية هو الكلام في الرواية الثانية و التقريب هو التقريب. و منها: ما رواه محمد بن مسلم «4» و التقريب من حيث الاستدلال بهذه الرواية هو التقريب أيضا فان المستفاد من الرد أن ما به التفاوت يرد الي المشتري من الثمن.

و منها ما رواه زرارة «5» و هذه الرواية واضحة الدلالة علي أن المدار هو الثمن لا الواقع حيث قال عليه السلام «و كان يضع له من ثمنها بقدر عيبها»

______________________________

(1) لاحظ ص: 95

(2) لاحظ ص: 98

(3) لاحظ ص: 98

(4) لاحظ ص: 99

(5) لاحظ ص: 99

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 114

و يرجع في معرفة قيمة الصحيح و المعيب الي أهل الخبرة (1).

______________________________

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «1» و تقريب الاستدلال بالرواية علي أن الميزان ملاحظة الثمن يظهر مما تقدم. و منها: ما رواه محمد بن ميسر «2» و تقريب الاستدلال بهذه الرواية عين التقريب المتقدم و منها: ما رواه حماد بن عيسي «3» و لا يبعد أن يقال: ان هذه الرواية مجملة و لا يكون المراد منه معلوما لكن يكفي ما

لا يكون كذلك.

و ان تنزلنا و قلنا ان مقتضي اطلاق قوله عليه السلام: و يأخذ ارش العيب» النسبة الواقعية نقول بمقتضي بقية النصوص نرفع اليد عن اطلاق هذه الرواية و نقيدها و نقول: المقصود من الارش ما يكون ما به التفاوت بالنسبة الي الثمن و ان شئت قلت: ان الامر بدفع الارش لو لم يكن مقرونا بقرينة يفهم منه ما به التفاوت بحسب الواقع و أما في المقام فلا يستفاد منه ذلك لان المفروض وقوع المعاملة بين المبيع و الثمن و بهذا اللحاظ ينسبق الي الذهن ما به التفاوت بلحاظ الثمن و لا أقلّ من الاجمال و علي كلا التقديرين تكفي بقية النصوص لإثبات المدعي مضافا الي أن مناسبة الحكم و الموضوع تقتضي ذلك لان لحاظ النسبة الواقعية قد توجب ان البائع يرد الي المشتري أضعاف مقدار الثمن الذي اخذه من المشتري و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟

(1) اذ قول أهل الخبرة حجة و السيرة جارية علي العمل بقولهم و الشارع الاقدس امضي هذه السيرة و ان شئت قلت: ان وظيفة الجاهل الرجوع الي العالم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 99

(2) لاحظ ص: 99

(3) لاحظ ص: 99

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 115

و تعتبر فيهم الامانة و الوثاقة (1).

[مسألة 55: إذا اختلف أهل الخبرة في قيمة الصحيح و المعيب]

(مسألة 55): اذا اختلف أهل الخبرة في قيمة الصحيح و المعيب فان اتفقت النسبة بين قيمتي الصحيح و المعيب علي تقويم بعضهم مع قيمتها علي تقويم البعض الاخر فلا اشكال كما اذا قوم بعضهم الصحيح بثمانية و المعيب باربعة و بعضهم الصحيح بستة و المعيب بثلاثة فان التفاوت علي كل من التقويمين يكون بالنصف فيكون الارش نصف الثمن (2) و اذا اختلفت النسبة كما اذا قوم بعضهم الصحيح بثمانية و

المعيب بأربعة و بعضهم الصحيح بثمانية و المعيب بستة ففيه وجوه و أقوال و الذي تقتضيه القواعد لزوم الاخذ بقول اقواهم خبرة (3) و الاحوط التصالح (4).

[مسألة 56: إذا اشتري شيئين بثمنين صفقة فظهر عيب في أحدهما كان له الخيار في رد المعيب وحده]

(مسألة 56): اذا اشتري شيئين بثمنين صفقة فظهر عيب في احدهما كان له الخيار في رد المعيب (5) وحده (6) فان اختار الرد كان

______________________________

(1) كما هو ظاهر اذ مع عدم الوثوق لا يمكن اتباعه و لا دليل علي اعتباره و الماتن جمع بين الامانة و الوثاقة فان كان العطف تفسيريا فهو و الا لا يكون المراد واضحا.

(2) كما هو ظاهر و الامر كما أفاده.

(3) فان الوظيفة العقلائية عند التعارض الرجوع الي الاعلم كما هو المقرر في جمع الموارد.

(4) لا اشكال في أنه احوط.

(5) اذ المفروض ظهور العيب المقتضي للخيار فله رده.

(6) يمكن أن يقال: ان المشتري لورد البعض المعيب وحده يثبت له خيار التبعض فيجوز له رد الصحيح و أيضا لا ببعد أن يدل علي المدعي ما رواه عمر بن

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 116

للبائع الفسخ في الصحيح (1) و كذا اذا اشتري شيئين بثمن واحد (2) لكن ليس له رد المعيب وحده بل يردهما معا علي تقدير الفسخ (3).

[مسألة 57: إذا اشترك شخصان في شراء شي ء فوجداه معيبا جاز لأحدهما الفسخ في حصته]

(مسألة 57): اذا اشترك شخصان في شراء شي ء فوجداه معيبا جاز لأحدهما الفسخ في حصته و يثبت الخيار للبائع حينئذ علي تقدير فسخه (4).

______________________________

يزيد «1» و قد تعرضنا لفقة الحديث في اول خيار العيب فراجع.

(1) لتبعض الصفقة.

(2) الكلام فيه هو الكلام.

(3) لان المفروض ان المبيع واحد في مقابل ثمن واحد.

(4) بتقريب: ان البيع ينقسم بانقسام المشتري و تعدده الي بيعين فيثبت خيار العيب بالنسبة الي كل واحد منهما فيجوز التفكيك بينهما في اعمال الخيار و عدمه و قد ذكرت وجوه في المقام لعدم الجواز و عدم الخيار لأحدهما:

منها: ان الخيار يوجب الضرر بالنسبة الي البائع من حيث تبعض الصفقة.

و يرد عليه اولا: انه يلزم عدم

الخيار حتي في صورة تعدد العقد و الحال ان الخصم لا يلتزم به. و ثانيا: ان الدليل اخص من المدعي اذ يمكن فرض عدم تضرر البائع برجوع بعض المبيع اليه. و ثالثا: يتعارض ضرر البائع مع ضرر المشتري بسبب الصبر علي المبيع المعيب. و رابعا: علي فرض تمامية الاستدلال انما يتم علي مسلك المشهور في مفاد قاعدة لا ضرر و أما علي مسلك شيخ الشريعة فلا.

و منها: انه لورد احدهما دون الاخر لا يصدق ان المبيع قائم بعينه و مقتضي

______________________________

(1) لاحظ ص 93

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 117

______________________________

حديث جميل «1» لزوم بقائه قائما بعينه كي يمكن رده باعمال الخيار. و فيه:

اولا: ان السند مخدوش كما سبق. و ثانيا: لا بد أن يكون قائما بعينه قبل اعمال الخيار بأن يقع الفسخ حالكونه قائما بعينه و في المقام التغير يحصل باعمال الخيار فلا يكون مانعا.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 8، ص: 117

و منها: ان دليل الخيار منصرف عن الصورة المفروضة، و فيه: انه لا وجه للانصراف الاقلة الوجود و قلة الوجود لا توجب الانصراف، و بعبارة اخري: المطلق لا ينصرف الا الفرد النادر لا انه منصرف عنه و كم فرق بين الامرين.

اذا عرفت ما تقدم فنقول: دليل الخيار في المقام ان كان اجماع الاصحاب فمن الظاهر عدم شموله للمقام كما هو ظاهر و ان كان المدرك الشرط الارتكازي فلا يمكن ادعاء الارتكاز بالنسبة الي كل واحد من المشتريين في الصورة المفروضة و ان كان المدرك النصوص فالانصاف انها لا تفي بالمدعي و ليس فيها اطلاق من هذه الجهة و أما

أحاديث زرارة و جميل و عقبة «2» فضعيفة و أما حديث عمر بن يزيد «3» فلا يستفاد منه الاطلاق اذ المفروض انهم اراد وارد الثوب المعيب و لا تبعض في الرد و أما احاديث جواز الرد بأحداث السنة فهي صريحة في رد الحيوان المعيب و لا اطلاق فيها من حيث التبعض و أما بقية النصوص فعدم دلالتها علي المدعي ظاهر لمن راجعها فالنتيجة: عدم جواز التفكيك و يؤيد ما ذكرنا ما في الجواهر حيث قال:

«كان لهما معا امساكه مع الارش و ليس لأحدهما رد نصيبه دون صاحبه علي المشهور

______________________________

(1) لاحظ ص 92

(2) لاحظ ص: 95 و 92

(3) لاحظ ص: 93

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 118

[مسألة 58: لو زال العيب قبل ظهوره للمشتري فالأظهر عدم سقوط الخيار]

(مسألة 58): لو زال العيب قبل ظهوره للمشتري فالاظهر عدم سقوط الخيار فيجوز له الرد مع امكانه (1) و الا طالب بالارش (2).

[تذنيب في أحكام الشرط]
اشارة

تذنيب في أحكام الشرط:

كما يجب الوفاء بالعقد اللازم يجب الوفاء بالشرط المجعول فيه كما اذا باعه فرسه بثمن معين و اشترط عليه أن يخيط له ثوبه فان البائع يستحق علي المشتري الخياطة بالشرط فتجب عليه خياطة ثوب البائع (3).

______________________________

بين الاصحاب نقلا و تحصيلا» «1» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

(1) فان المناط هو الواقع و لا دخل للعلم بالعيب في تحقق موضوع الخيار و ترتب الحكم عليه فمقتضي اطلاق الدليل ثبوت الخيار في الفرض المذكور.

(2) علي ما هو المقرر عند القوم و قد مر الاشكال في دليل الارش و قصوره الا في موارد خاصة فلاحظ.

(3) بلا اشكال و تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: من اشترط شرطا مخالفا لكتاب اللّه فلا يجوز له و لا يجوز علي الذي اشترط عليه و المسلمون عند شروطهم مما وافق كتاب اللّه عز و جل «2».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المسلمون عند شروطهم

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 23 ص: 249

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الخيار الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 119

______________________________

الاكل شرط خالف كتاب اللّه عز و جل فلا يجوز «1».

و منها: ما رواه ابن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الشرط في الاماء لاتباع و لا توهب قال: يجوز ذلك غير الميراث فانها تورث لان كل شرط خالف الكتاب باطل «2»

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار عن

جعفر عن أبيه عليه السلام ان علي بن أبي طالب عليه السلام كان يقول: من شرط لامرأته شرطا فليف لها به فان المسلمين عند شروطهم الا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما «3».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الشرط في الاماء لاتباع و لا تورث و لا توهب فقال: يجوز ذلك غير الميراث فانها تورث و كل شرط خالف كتاب اللّه فهورد «4».

و منها: ما رواه جميل عن بعض أصحابنا عن احدهما عليهما السلام في رجل اشتري جارية و شرط لأهلها أن لا يبيع و لا يهب قال: يفي بذلك اذ اشرط لهم «5».

و منها: ما رواه منصور بزرج عن عبد صالح عليه السلام قال: قلت له: ان رجلا من مواليك تزوج امرأة ثم طلقها فبانت منه فأراد أن يراجعها فأبت عليه الا أن يجعل للّه عليه أن لا يطلقها و لا يتزوج عليها فأعطاها ذلك ثم بدا له في التزويج بعد ذلك فكيف يصنع؟ فقال: بئس ما صنع و ما كان يدريه ما يقع في قلبه بالليل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 2

(2) نفس المصدر الحديث 3

(3) نفس المصدر الحديث 5

(4) الوسائل الباب 15 من أبواب بيع الحيوان الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 120

______________________________

و النهار قل له: فليف للمرأة بشرطها فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال:

المؤمنون عند شروطهم «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل قال لامرأته: ان تزوجت عليك أوبت عنك فأنت طالق فقال: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: من شرط لامرأته شرطا سوي كتاب اللّه عز

و جل لم يجز ذلك عليه و لا له الحديث «2».

و منها: ما رواه جميل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عمن كاتب مملوكا و اشترط عليه ان ميراثه له قال: رفع ذلك الي علي عليه السلام فأبطل شرطه و قال:

شرط اللّه قبل شرطك «3».

و منها: ما رواه أبو البختري عن جعفر عن أبيه أن رجلا كاتب عبدا له و شرط عليه أن له ماله اذا مات فسعي العبد في كتابته حتي عتق ثم مات فرفع ذلك الي علي عليه السلام و قام أقارب المكاتب فقال له سيد المكاتب: يا أمير المؤمنين فما ينفعني شرطي؟ فقال علي عليه السلام شرط اللّه قبل شرطك «4».

فان المستفاد من هذه النصوص صحة الشرط و نفوذه و بعبارة واضحة، قوله عليه السلام: «المسلمون عند شروطهم» يدل علي لزوم الشرط و عدم انفساخه برفع اليد عنه، و ان شئت قلت: ان الشرط عبارة عن الالتزام بأمر كخياطة الثوب مثلا و لا يعقل وجود الالتزام بفعل و عدم الاتيان به هذا من ناحية و من ناحية اخري ان

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب المهور الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 22 من أبواب موانع الارث الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 121

و يشترط في وجوب الوفاء بالشرط أمور: منها: أن لا يكون مخالفا للكتاب و السنة (1).

______________________________

المستفاد من النصوص بقاء هذا الالتزام في وعاء الشرع فاذا كان باقيا شرعا يجب ترتيب الاثر عليه و إلا فلا معني لبقائه.

و صفوة القول: ان المستفاد من قولهم عليهم السلام: «المؤمنون عند شروطهم» ما هو المستفاد من قوله تعالي: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» «1» فان

المستفاد في كلا المقامين الارشاد الي اللزوم و من الظاهر ان رتبة اللزوم متأخرة عن الصحة فكل شرط مع اجتماع شرائطه المقررة صحيح لازم شرعا و هذا هو المدعي.

(1) وقع الكلام بين القوم في أنه ما المراد من الكتاب الواقع في النصوص فهل المراد منه هو القرآن الكريم أو المراد منه الكتاب التشريعي اي الكتاب التشريعي الاعم من القرآن و بعبارة اخري: المقصود منه الحكم الشرعي الالهي؟ ربما يقال:

بأن المراد من الكتاب الكتاب التشريعي لا القرآن المقدس و يستدل بما ارسل عن علي عليه السلام انه قال: أرادت عائشة أن تشتري بريرة فاشترط مواليها عليها ولاها فاشترتها منهم علي ذلك الشرط فبلغ ذلك رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فصعد المنبر فحمد اللّه و أثني عليه ثم قال: ما بال قوم يشترطون شروطا ليست في كتاب اللّه يبيع احدهم الرقبة و يشترط الولاء و الولاء لمن أعتق و شرط اللّه آكد و كل شرط خالف كتاب اللّه فهورد الخبر «2».

بتقريب: ان الاشتراط المذكور يخالف الكتاب فهو فاسد اذ ليس في القرآن من الحكم المذكور أثر لا نفيا و لا اثباتا. ان قلت: مقتضي قوله تعالي: «وَ يُحِلُّ

______________________________

(1) المائدة/ 1

(2) مستدرك الوسائل الباب 5 من أبواب الخيار الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 122

______________________________

لَهُمُ الطَّيِّبٰاتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبٰائِثَ» «1» ان جميع الامور المحللة و المحرمة مذكورة في الكتاب فكيف لا يكون مذكورا؟ قلت: اولا: ان الظاهر من الاية الحلية التكليفية و الحرمة كذلك فلا تشمل الاية الوضعيات و ثانيا ان المستفاد من الاية الكريمة ان اللّه تبارك و تعالي احل الطيبات و حرم الخبائث و أما تمييز الطيب من غيره فلا بد من البيان

و بعبارة اخري: لا يمكننا أن نحكم بأن الامر الفلاني طيب أو خبيث.

و فيه: ان الخبر المذكور لا اعتبار بسنده فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها و تأويلها، و الحق ان يقال: ان المراد بالكتاب القرآن الكريم للظهور فان الظهور حجة مضافا الي أنه قيل انه قد جمع في بعض النصوص بين الكتاب و السنة و التقسيم قاطع للشركة فالمراد من الكتاب القرآن الكريم. ثم ان الشرط لا بد أن يكون موافقا للكتاب أو أن لا يكون مخالفا له و العمدة النصوص الواردة في المقام و ملاحظة ما يستفاد منها فمن تلك النصوص الواردة ما رواه عبد اللّه بن سنان «2» و في هذه الرواية قد جمع بين الامرين فجعل في صدر الرواية الميزان في صحة الشرط عدم كونه مخالفا لكتاب اللّه و في الذيل جعل الميزان موافقته ربما يقال- كما في كلام السيد اليزدي قدس سره-: انه لا تنافي بين الامرين لما قرر في محله من عدم التنافي بين المثبتين.

و يرد عليه: ان اشتراط الموافقة يغني عن الاخر اذ لا يعقل أن يكون الشرط موافقا مع الكتاب و مع ذلك يكون مخالفا له فعليه يقع التعارض بين الصدر و الذيل و تصير الرواية مجملة و غير قابلة لأن يستفاد منها شي ء، و منها: ما رواه أيضا «3» و المستفاد من هذه الرواية ان الميزان عدم كون الشرط مخالفا للكتاب.

______________________________

(1) الاعراف/ 158

(2) لاحظ ص: 118

(3) لاحظ ص 118

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 123

______________________________

و منها ما رواه الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السلام في رجلين اشتركا في مال و ربحا فيه ربحا و كان المال دينا عليهما فقال أحدهما لصاحبه: اعطني رأس المال و الربح

لك و ما توي فعليك فقال: لا بأس به اذا اشترط عليه و ان كان شرطا يخالف كتاب اللّه عز و جل فهو رد الي كتاب اللّه عز و جل الحديث «1». و المستفاد من هذه الرواية ان الميزان عدم المخالفة و السند ضعيف بعلي بن حديد.

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار «2» و المستفاد من هذه الرواية عدم كون الشرط محللا للحرام أو محرما للحلال و السند ضعيف بغياث بن كلوب و الخشاب.

و منها: ما رواه ابن سنان «3» و المستفاد من هذه الرواية ان المناط في الفساد كون الشرط مخالفا للكتاب. و منها: ما رواه الحلبي «4» و المستفاد من هذه الرواية ان الميزان عدم المخالفة للكتاب. و منها: ما رواه جميل «5» و المستفاد من الحديث ان الميزان بعدم المخالفة و منها: ما رواه ابو البختري «6» و الكلام فيه هو الكلام و السند ضعيف. و منها: ما رواه الحلبي «7» و المستفاد من هذه الرواية انه يلزم موافقة كتاب اللّه لكن الرواية نقلت تارة بهذا النحو. «من شرط لامرأته» و اخري علي نحو الاطلاق بلا قيد لامرأته «8» و اذا دار الامر بين

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الخيار، الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 119

(3) لاحظ ص: 119

(4) لاحظ ص: 119

(5) لاحظ ص: 120

(6) لاحظ ص: 120

(7) لاحظ ص: 120

(8) الوسائل الباب 18 من أبواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 124

______________________________

الزيادة و النقيصة يرجح احتمال النقيصة و الرواية مع الزيادة واردة في مورد خاص و حكم مخصوص لا يستفاد منها عموم الحكم و اطلاقه.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام في

رجل تزوج امرأة و شرط لها ان هو تزوج عليها امرأة أو هجرها أو اتخذ عليها سرية فهي طالق فقضي في ذلك أن شرط اللّه قبل شرطكم فان شاء و في لها لما اشترط و ان شاء أمسكها و اتخذ عليها و نكح عليها «1»، و هذه الرواية ضعيفة سندا بالحسن بن علي.

و منها ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قال لامرأته: ان نكحت عليك أو تسريت فهي طالق قال: ليس ذلك بشي ء ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: من اشترط شرطا سوي كتاب اللّه فلا يجوز ذلك له و لا عليه «2» و هذه الرواية ضعيفة سندا فان طريق الشيخ الي علي بن اسماعيل مجهول علي ما ذكره الحاجياني مضافا الي النقاش في علي بن اسماعيل.

و منها: ما رواه زرارة ان ضريسا كانت تحته بنت حمران فجعل لها أن لا يتزوج عليها و لا يتسري أبدا في حياتها و لا بعد موتها علي ان جعلت له هي أن لا تتزوج بعده أبدا و جعلا عليهما من الهدي و الحج و البدن و كل مال لهما في المساكين ان لم يف كل واحد منهما لصاحبه ثم انه أتي أبا عبد اللّه عليه السلام فذكر ذلك له فقال: ان لابنة حمران لحقا و لن يحملنا ذلك علي أن لا نقول لك الحق اذهب فتزوج و تسرفان ذلك ليس بشي ء و ليس عليك و لا عليها و ليس ذلك الذي صنعتما بشي ء فجاء فتسري و ولد له بعد ذلك أولادا «3» و هذه الرواية ضعيفة بموسي بن بكر و الرواية ضعيفة بسندها الاخر أيضا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من

أبواب المهور الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث 2

(3) الوسائل الباب 20 من أبواب المهور الحديث 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 125

______________________________

و منها: ما رواه العياشي في تفسيره عن ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضي أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة تزوجها رجل و شرط عليها و علي أهلها ان تزوج عليها امرأة أو هجرها أو أتي عليها سرية فانها طالق فقال: شرط اللّه قبل شرطكم ان شاء و في بشرطه و ان شاء أمسك امرأته و نكح عليها و تسري عليها و هجرها ان أتت بسبيل ذلك قال اللّه تعالي في كتابه: «فَانْكِحُوا مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ مَثْنيٰ وَ ثُلٰاثَ وَ رُبٰاعَ» و قال: «أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ» و قال:

«وَ اللّٰاتِي تَخٰافُونَ نُشُوزَهُنَّ» الاية «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال. اضف الي ذلك انه لا يمكن اشتراط الموافقة اذ ليس حكم كل شي ء مذكور في الكتاب فلو كانت الموافقة شرطا في صحة الشرط يلزم اخراج أكثر الشروط و الحال ان السيرة جارية علي الاشتراط بلا رعاية هذه الشرط. فالنتيجة: ان الميزان عدم المخالفة و يضاف الي جميع ذلك ان المستفاد من حديث منصور بزرج «2» جواز الشرط بلا اشتراط كونه موافقا للكتاب فان الشرط المذكور في الرواية اي عدم التزويج و الطلاق غير مذكور في الكتاب و مثله في الدلالة حديث اسحاق بن عمار «3»

هذا كله بالنسبة الي اشتراط عدم كون الشرط مخالفا للكتاب و أما بالنسبة الي اشتراط عدم كونه مخالفا مع السنة فمضافا الي كون الحكم مورد التسالم بل الظهور و الوضوح و لولاه لبان و ظهر و شاع و ذاع، يمكن الاستدلال علي المدعي بأن المستفاد من ادلة صحة

الشرط و نفوذه ما هو المستفاد من دليل وجوب الوفاء: بالعقود بتقريب:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) لاحظ ص 119

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب الخيار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 126

و يتحقق هذا في موردين: الاول أن يكون العمل بالشرط غير مشروع في نفسه كما اذا استأجره للعمل في نهار شهر رمضان بشرط أن يفطر أو يبيعه شيئا بشرط أن يرتكب محرما من المحرمات الالهية الثاني أن يكون الشرط بنفسه مخالفا لحكم شرعي كما اذا زوجه امته بشرط أن يكون ولدها رقا أو باعه أو وهبه ما لا بشرط أن لا يرثه منه ورثته أو بعضهم و أمثال ذلك فان الشرط في جميع هذه الموارد باطل (1).

______________________________

ان المستفاد من الادلة لزوم الشرط و من الظاهر ان اللزوم فرع الصحة فلا بد من احراز الصحة في الرتبة السابقة اذ الحكم غير متعرض لموضوع نفسه و لا يعقل فلا بد من احراز عدم المخالفة كي يقع تحت دليل نفوذ الشرط و لزومه. و ان شئت قلت:

في كل مورد لا بد من احراز الصحة كي يعرضها اللزوم.

ان قلت: لو احتمل اختصاص صحة الشرط باشتراط الواجب أو ترك المحرم فما الحلية في الحكم بصحة مطلق الشرط مع عدم كون دليل الشرط مشرعا؟ قلت:

او لا يكفي للإطلاق السيرة الخارجية علي اشتراط الامور المباحة و المستحبة و غيرهما و ثانيا: كيف يمكن الاختصاص بفعل الواجب و ترك الحرام و الحال ان نفس الحكم الابتدائي يكفي فيهما و لا يحتاج الي الشرط و ثالثا: يمكن استفادة العموم من النصوص الواردة في الموارد العديدة التي يستفاد منها جواز الشرط علي الاطلاق و لا يختص بخصوص مورد الوجوب و الحرمة و ان شئت

قلت: ان الحكم واضح بمرتبة لا يعتريها الريب و لو لم يكن جائزا لبان و ظهر فلاحظ.

(1) الظاهر ان الجامع أن يكون متعلق الالتزام أمرا مخالفا للشرع و بعبارة اخري: الشرط عبارة عن التزام المشروط عليه بشي ء بلا فرق بين كون الملتزم به

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 127

و منها: أن لا يكون منافيا لمقتضي العقد كما اذا باعه بشرط أن لا يكون له ثمن أو آجره الدار بشرط أن لا يكون لها اجرة (1).

______________________________

فعلا من الافعال كما لو باعه داره و اشترط عليه أن يشرب الخمر و بين كونه أمرا اعتباريا كما لو اشترط عليه في ضمن العقد أن يكون ولده رقا فان الشرط في كلا الموردين باطل لكون متعلق الالتزام مخالفا للشرع و مما ذكرنا علم ان ما أفاده في المتن غير تام بل الحق أن يقال- كما ذكرنا- ان الميزان في البطلان كون متعلق الالتزام خلاف الشرع و بعبارة اخري: القسم الثاني الواقع في عبارة المتن لا يكون الشرط فيه بنفسه مخالفا لحكم شرعي بل المخالف متعلق الالتزام فلاحظ.

(1) الشرط اما يكون علي نحو شرط فعل أو عدمه و اما يكون علي نحو شرط النتيجة أما القسم الاول فلا مانع من اشتراطة ما دام لا يكون مخالفا للشرع كما لو اشترط في ضمن عقد البيع عدم البيع أو بيعه أو اشترط في ضمن عقد البيع خياطة الثوب الي غيرها من الشروط الفعلية و لكن الحق خروج هذا القسم من الشرط من عنوان موضوع البحث اذ الخياطة أو عدمها أو البيع أو عدمها ليست من مقتضيات العقد فخروج هذا القسم موضوعي. و أما القسم الثاني فتارة يشترط عدم تحقق ما يترتب علي العقد كما

لو اشترط عدم تحقق الملكية و عدم ترتبها علي البيع و اخري يشترط عدم ترتب الاحكام المترتبة علي الملكية من جواز البيع و الاجارة و امثالها اما الشق الاول فيفسد الشرط لأوله الي التناقض لان البائع حين البيع يقصد تمليك ماله الي الغير و اشتراط عدم الملكية يناقض العقد الاول.

و ان شئت قلت: مرجع الاشتراط المذكور الي قصد الضدين و العقود تابعة للقصود فيكون العقد باطلا مضافا الي أنه مخالف للشرع فيكون باطلا من هذه الجهة أيضا و أما الشق الثاني فباطل أيضا لأنه شرط أمر مخالف للشرع فلا يصح

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 128

و منها: أن يكون مذكورا في ضمن العقد صريحا أو ضمنا كما اذا قامت القرينة علي كون العقد مبنيا عليه و مقيدا به اما لذكره قبل العقد أو لأجل التفاهم العرفي مثل اشتراط استحقاق التسليم حال التسليم فلو ذكر قبل العقد و لم يكن العقد مبنيا عليه عمدا أو سهوا لم يجب الوفاء به (1).

______________________________

و أما ما ذكره في المتن من البيع بشرط عدم الثمن و الاجارة بشرط عدم الاجرة فالظاهر خروجه عن العنوان اذ عقد البيع متقوم بالمبيع و الثمن كما أن الاجارة متقومة بالمنفعة و الاجرة فاذا فرض العقد خاليا عن الثمن أو الاجرة لا يكون من مصاديق عقد البيع و الاجارة و بعبارة اخري: الثمن في البيع جزء المقتضي كما أن الاجرة في الاجارة جزء المقتضي فهما بنفسهما جزء ان للمقتضي بالكسر و ليسا داخلين في المقتضي بالفتح فلاحظ و اللّه العالم.

(1) ما أفاده تام فان العقود تابعة للقصود و في كل عقد لا بد من الاعتبار النفساني و ابرازه بالمبرز إذ الامور الانشائية لا بد من إنشائها

و ابرازها بمبرز و الا لا يترتب عليها الاثر و يؤيد المدعي بعض النصوص لاحظ ما رواه ابن بكير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا اشترطت علي المرأة شروط المتعة فرضيت به و اوجبت التزويج فاردد عليها شرطك الاول بعد النكاح فان اجازته فقد جاز و ان لم تجزه فلا يجوز عليها ما كان من شرط قبل النكاح «1».

و ما رواه أيضا قال: قال ابو عبد اللّه عليه السلام: ما كان من شرط قبل النكاح هدمه النكاح و ما كان بعد النكاح فهو جائز «2».

______________________________

(1) الوسائل، الباب 19 من أبواب المتعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 129

و منها: أن يكون مقدورا عليه (1) بل لو علم عدم القدرة لم يمكن إنشاء الالتزام به (2).

[مسألة 59: لا بأس بأن يبيع ماله و يشترط علي المشتري بيعه منه ثانيا]

(مسألة 59): لا بأس بأن يبيع ماله و يشترط علي المشتري بيعه منه ثانيا و لو بعد حين (3) نعم لا يجوز ذلك فيما اذا اشترط علي المشتري أن يبيعه باقل مما اشتراه أو يشترط المشتري علي البائع بأن يشتريه بأكثر مما باعه و البيع في هذين الفرضين محكوم بالبطلان (4).

______________________________

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عز و جل «وَ لٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ فِيمٰا تَرٰاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ» فقال: ما تراضوا به من بعد النكاح فهو جائز و ما كان قبل النكاح فلا يجوز الا برضاها و بشي ء يعطيها فترضي به «1».

(1) اذ لو يكن مقدورا لا يمكن أن يكون صحيحا و لا يمكن أن يكون متعلقا لوجوب الوفاء فانه كيف يمكن أن يكون صحيحا و الحال ان المفروض عدم كونه تحت الاختيار.

(2)

اذ الالتزام لا يتعلق بأمر غير ممكن.

(3) أما بحسب القواعد الاولية فالظاهر انه لا مانع من الصحة فلا بد للمانع من اقامة دليل علي الفساد.

(4) ما يمكن أن يذكر في تقريب عدم الجواز وجوه: الوجه الاول: ان مرجع هذا الاشتراط الي الدور الباطل بتقريب: ان كل مشروط يتوقف علي تحقق شرطه فيتوقف البيع الاول علي شرطه و هو البيع الثاني و الحال ان البيع الثاني يتوقف علي البيع الاول، و فيه اولا: ينقض بما لو اشترط بيعه من شخص آخر

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 130

[مسألة 60: لا يعتبر في صحة الشرط أن يكون منجزا]

(مسألة 60): لا يعتبر في صحة الشرط أن يكون منجزا بل يجوز فيه التعليق كما اذا باع داره و شرط علي المشتري أن يكون له السكني فيها شهرا اذا لم يسافر (1) بل الظاهر جواز اشتراط أمر مجهول

______________________________

اذ الكلام فيه هو الكلام و الخصم لا يلتزم بالفساد هناك. و ثانيا: ان البيع الاول معلق علي التزام المشتري بالبيع و غير معلق علي نفس البيع فالبيع الثاني يتوقف علي البيع الاول و أما البيع الاول فهو معلق علي الالتزام بالبيع الثاني.

الوجه الثاني: ان الاشتراط المذكور يستلزم عدم قصد البيع و من الظاهر ان البيع لا يتحقق بلا قصد و فيه: اولا: انه لا اشكال في صحة البيع لو كان قاصدا كل منهما البيع الثاني بلا اشتراط و الحال ان ملاك الفساد موجود في كلتا الصورتين.

و ثانيا: لا تنافي بين قصد البيع و الشرط المذكور بل هذا الشرط يؤكد تحقق القصد فان البائع يقصد البيع الاول مقدمة لتحقق البيع الثاني.

الوجه الثالث: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل باع

ثوبا بعشرة دراهم ثم اشتراه بخمسة دراهم أ يحل؟ قال:

اذا لم يشترط و رضيا فلا بأس و رواه علي بن جعفر في كتابه الا أنه قال: بعشرة دراهم الي أجل ثم اشتراه بخمسة دراهم بنقد «1».

و هذه الرواية يستفاد منها انه لا يجوز، بيع شي ء بثمن مؤجل بشرط أن يبيع المشتري منه بثمن نقد أقلّ فاذا لم يكن الثمن مؤجلا لا يشمله الحديث كما أنه لا يشمل الاشتراط من الطرف الاخر بأن يشتري شيئا و يشترط علي البائع أن يشتري منه بأكثر من الثمن الذي اشتري منه و لعل الحكم له مستندا آخر لم اظفر به.

(1) لإطلاق دليل الشرط و لا وجه للبطلان و من الظاهر ان التعليق في الشرط

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب أحكام العقود الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 131

أيضا (1) الا اذا كانت الجهالة موجبة لان يكون البيع غرريا فيفسد البيع حينئذ (2).

______________________________

لا يسري الي العقد و لا يوجب كون العقد معلقا كي يقال: ان التعليق في العقد يوجب بطلانه و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه سليمان بن خالد «1».

بتقريب: ان الشرط الواقع في مورد الرواية علي نحو التعليق و حيث علق علي الشرط و هو عدم الخيار علي أن تملك المكاتبة نفسها اذ قال لها: بشرط أن لا يكون لك الخيار علي أبي اذ أنت ملكت نفسك.

(1) ما يمكن أن يذكر في تقريب عدم الجواز امور: منها: انه نهي عن الغرر علي نحو الاطلاق لاحظ النبوي «2». و فيه: ان المرسل لا اعتبار به، و منها:

ان بطلان الغرر في البيع مسلم فيتعدي الي كل أمر غرري. و فيه: انه لا وجه للتعدي، و منها: أن غررية الشرط تستلزم

غررية البيع فيبطل و بعد فرض بطلان البيع يبطل الشرط الواقع فيه، و فيه: ان الاستلزام المذكور اول الكلام و الاشكال و يجري الكلام حوله ان شاء اللّه مضافا الي أن استلزام مطلق الجهل للغرر اول الكلام.

(2) سراية الغرر من الشرط الي البيع بحيث يصدق علي البيع عنوان الغرر و يقال: بيع غرري مشكل اذ من الظاهر ان الشرط ليس جزءا من المبيع و لذا لا يقسط عليه الثمن و أيضا اشتراط الوصف المجهول في المبيع لا يمكن لان التعليق في العقد يوجب البطلان و بعبارة اخري: لا يرجع الشرط الي تقييد المبيع اذ مرجع التقييد الي التعليق حيث ان المبيع اذا كان جزئيا خارجيا لا يكون قابلا للتقييد فيلزم أن يكون بنحو التعليق و التعليق باطل.

ان قلت: مع كون الشرط غرريا يصدق علي البيع نفسه عنوان الغرر قلت:

______________________________

(1) لاحظ ص: 85

(2) التذكرة ج 1 ص: 466

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 132

[(مسألة 61: الظاهر أن فساد الشرط لا يسري إلي العقد المشروط فيه فيصح العقد و يلغو الشرط]

(مسألة 61): الظاهران فساد الشرط لا يسري الي العقد المشروط فيه فيصح العقد و يلغو الشرط (1).

______________________________

علي هذا لا وجه للتفصيل بين سراية الغرر من الشرط الي البيع و بين عدم السراية بأن يحكم بالصحة في الصورة الثانية و بالفساد في الصورة الاولي مضافا الي أن البيع اذا صار غرريا بالسراية لا دليل علي فساده فان القدر المتيقن من الاجماع ما يكون البيع بنفسه غرريا فلاحظ.

(1) ما يمكن أن يقال في تقريب كونه مفسدا امور: الاول: ان للشرط قسطا من الثمن فاذا بطل الشرط يكون الثمن مجهولا، و فيه: انه لا يقسط الثمن علي الشرط و لذا لو تخلف البائع عن الشرط ليس للمشتري استرجاع مقدار من الثمن.

الثاني: ان التراضي وقع علي المقيد

و مع انتفاء القيد ينتفي المقيد و العقود تابعة للقصود فالعقد المقيد لم يقع و بلا قيد لم يقصد. و فيه: ان العقد معلق علي الالتزام من الطراف الاخر و لا اشكال في تحقق الالتزام فالمعلق عليه يوجد و بتبعه يوجد العقد و بعبارة اخري: المقصود من البطلان عدم تحقق امضاء الشارع له و عدم اعتباره شرعا لكن لا اشكال في تحقق الالتزام و الالتزام موجود حين العقد فما علق عليه العقد موجود حينه و ما يكون باطلا شرعا لا يكون معلقا عليه.

الثالث: النص الخاص لاحظ: ما رواه عبد الملك بن عتبة قال: سألت أبا الحسن موسي عليه السلام عن الرجل ابتاع منه طعاما أو ابتاع منه متاعا علي أن ليس علي منه وضيعة هل يستقيم هذا؟ و كيف يستقيم وجه ذلك؟ قال: لا ينبغي «1».

بتقريب ان المستفاد من كلامه عليه السلام فساد العقد و حيث ان سند الرواية مخدوش بعبد الملك الهاشمي غير الموثق لا تصل النوبة الي ملاحظة الدلالة قال

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من أبواب أحكام العقود

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 133

______________________________

سيدنا الاستاد في رجاله: «ان الراوي عن عبد الملك اذا كان علي بن الحكم و لم يقيد عبد الملك بالصيرفي يحمل علي كون المراد منه الهاشمي».

و لاحظ حديث علي بن جعفر «1» بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان العقد مع الشرط المذكور باطل و هذا هو بطلان العقد بالشرط الفاسد، و فيه:

ان الشرط المذكور غير فاسد لكن المستفاد من الحديث ان العقد المشروط بهذا الشرط فاسد و نلتزم به، و بعبارة اخري: الشارع الاقدس حكم في مورد خاص ببطلان العقد المشروط بهذا الشرط و من الظاهران هذا لا يقتضي فساد العقد بفساد

الشرط، و ان شئت قلت، لا ربط و لا جامع بين المقامين فانقدح بما ذكرنا انه لا وجه للبطلان بل يظهر من بعض النصوص عدم سراية بطلان الشرط الي العقد.

لاحظ ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أمة كانت تحت عبد فاعتقت الامة قال: أمرها بيدها ان شاءت تركت نفسها مع زوجها و ان شاءت نزعت نفسها منه و قال: و روي «و ذكر يب» ان بريرة كانت عند زوج لها و هي مملوكة فاشترتها عائشة و أعتقتها فخيرها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و قال: ان شاءت أن تقر عند زوجها و ان شاءت فارقته و كان مواليها الذين باعوها اشترطوا علي عائشة ان لهم ولائها فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الولاء لمن أعتق و تصدق علي بريرة بلحم فأهدته الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فعلقته عائشة و قالت: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لا يأكل لحم الصدقة فجاء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و اللحم معلق فقال: ما شأن هذا اللحم لم يطبخ؟ فقالت: يا رسول اللّه صدق به علي بريرة و أنت لا تأكل الصدقة فقال: هو لها صدقة و لنا هدية ثم أمر بطبخه فجاء فيها ثلاث من السنن «2».

______________________________

(1) لاحظ ص: 130.

(2) الوسائل الباب 52 من أبواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 134

[مسألة 62: إذا امتنع المشروط عليه من فعل الشرط جاز للمشروط له إجباره عليه]

(مسألة 62): اذا امتنع المشروط عليه من فعل الشرط جاز للمشروط له اجباره عليه (1) و الظاهر أن خياره غير مشروط بتعذر اجباره بل له الخيار عند مخالفته و عدم اتيانه بما اشترط عليه حتي

مع التمكن من الاجبار (2).

[مسألة 63: إذا لم يتمكن المشروط عليه من فعل الشرط كان للمشروط له الخيار في الفسخ و ليس له المطالبة بقيمة الشرط]

(مسألة 63): اذا لم يتمكن المشروط عليه من فعل الشرط كان للمشروط له الخيار في الفسخ و ليس له المطالبة بقيمة الشرط سواء كان عدم التمكن لقصور فيه كما لو اشترط عليه صوم يوم فمرض فيه (3) أو كان لقصور في موضوع الشرط كما لو اشترط عليه خياطة ثوب فتلف و في الجميع له الخيار لا غير (4).

______________________________

فان مقتضي هذا الحديث جواز البيع و بطلان شرط الولاء و لاحظ ما رواه الحلبي «1» أيضا فان المستفاد من الرواية ان شرط عدم الارث مع كونه فاسدا لا يفسد العقد فتحصل ان العقد الذي يشترط فيه شرط فاسد يكون صحيحا.

(1) فانه يوجد بالشرط حق للمشروط له في نظر العقلاء فيجوز له اجباره.

(2) اذ بحسب الارتكاز ان الخيار مترتب علي امتناع المشروط عليه. و بعبارة اخري: بمقتضي الارتكاز يكون الخيار في الفسخ و الامضاء مجعولا للشارط و لا يتوقف علي عدم التمكن من الاجبار.

(3) اذ لا مقتضي لمطالبة قيمة الشرط بل المترتب علي عدم الاتيان بالشرط بمقتضي الارتكاز جعل الخيار في الرد و الامضاء بلا فرق بين منشأ عدم الاتيان بالشرط من قصور في المشروط عليه كما لو مرض أو عصيان أو غيرهما.

(4) الانصاف ان الجزم بالخيار في صورة عدم تحقق الشرط فيما يكون لقصور

______________________________

(1) لاحظ ص: 119

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 135

[الفصل الخامس أحكام الخيار]

اشارة

الفصل الخامس أحكام الخيار:

الخيار حق من الحقوق فاذا مات من له الخيار انتقل الي وارثه (1).

______________________________

في موضوعه- كما في المتن- مشكل و الذي يوضح الاشكال ان المشروط له لو أتلف الموضوع لأجل الوصول إلي الخيار فهل يمكن الالتزام به؟ و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان هذه الصورة خارجة عن دائرة الاشتراط الارتكازي و اذا

وصلت النوبة الي الشك يكفي دليل اللزوم. و بعبارة اخري الخيار يحتاج الي الدليل و تخصيص العام يتوقف علي احراز التخصيص لكن صورة اتلاف الشارط للتوصل الي الخيار خارجة عن دائرة الشرط قطعا و لا يقاس عليها بقية الصور فلاحظ.

(1) اثبات ارث الخيار يتوقف علي ثلاث مقدمات: الاولي: اثبات كون الخيار من الحقوق لا من الاحكام اذ من الظاهر ان الحكم الشرعي غير قابل للانتقال بالارث و لا اشكال في أن الخيار المبحوث فيه في محل الكلام من الحقوق و هو مورد التسالم و الاتفاق و الاجماع و لذا نري لا يشك احد في جواز اسقاطه و الحكم الشرعي غير قابل للإسقاط فالمقدمة الاولي تامة.

الثانية: اثبات كونه قابلا للانتقال اذ من الظاهر ان مجرد كونه حقا لا يستلزم جواز الانتقال و لا دليل علي هذا التلازم علي نحو الكبري الكلية بل الدليل قائم علي خلافه و لذا نري انه في جملة من الموارد لا يكون الحق قابلا للانتقال فاذا لم يكن قابلا للانتقال لا يكون قابلا للإرث و لا يبقي بعد وفاة ذي الحق.

ان قلت: يمكن اثبات بقاء حق الخيار بعد الموت بالاستصحاب فيتحقق موضوع الارث. قلت: الاستصحاب في الحكم الكلي غير جار لمعارضته باصالة عدم الجعل الزائد و مع الشك في بقائه و عدمه لا مجال للأخذ بادلة الارث فان الاخذ بالعام في الشبهة المصداقية غير جائز لكن الذي يسهل الخطب ان قابليته

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 136

______________________________

للانتقال مورد التسالم و الاجماع و لذا نري ان بحث ارث الخيار مطرح انظارهم و بقع الكلام بينهم من الجهات المختلفة فالمقدمة الثانية تامة كالمقدمة الاولي.

الثالثة شمول ادلة الارث و الظاهر انه لا مانع من شمول تلك

الادلة لحق الخيار فان مقتضي قوله تعالي: «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوٰالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَي الْمُتَّقِينَ» «1».

و قوله: «لِلرِّجٰالِ نَصِيبٌ مِمّٰا تَرَكَ الْوٰالِدٰانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ لِلنِّسٰاءِ نَصِيبٌ مِمّٰا تَرَكَ الْوٰالِدٰانِ وَ الْأَقْرَبُونَ مِمّٰا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً» «2».

و قوله: «يُوصِيكُمُ اللّٰهُ فِي أَوْلٰادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسٰاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثٰا مٰا تَرَكَ وَ إِنْ كٰانَتْ وٰاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَ لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّٰا تَرَكَ إِنْ كٰانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَوٰاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كٰانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهٰا أَوْ دَيْنٍ آبٰاؤُكُمْ وَ أَبْنٰاؤُكُمْ لٰا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللّٰهِ إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ عَلِيماً حَكِيماً وَ لَكُمْ نِصْفُ مٰا تَرَكَ أَزْوٰاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كٰانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهٰا أَوْ دَيْنٍ وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كٰانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهٰا أَوْ دَيْنٍ وَ إِنْ كٰانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلٰالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ» الاية «3»، عدم الفرق بين كون ما تركه الميت عينا أو منفعة

______________________________

(1) البقرة/ 180.

(2) النساء/ 7

(3) النساء/ 11 و 12

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 137

______________________________

أو حقا كما ان قوله صلي اللّه عليه و آله: «ما ترك ميت من حق فهو لوارثه» «1» صريح في المدعي و لكن المعلق كتب في الهامش: «لم نعثر

علي هذه الرواية في كتب الأحاديث من العامة و الخاصة بعد الفحص عنها في مظانها و ان استدلوا بها في الكتب الفقهية كالرياض و مفتاح الكرامة و غيرها».

و صفوة القول: انه لا مانع من شمول دليل الارث اياه اضف الي ذلك اجماع الاصحاب عليه قال في الجواهر: «اذا مات من له الخيار انتقل الي الوارث من اي انواع الخيار كان بلا خلاف معتد به بل ظاهرهم الاجماع بل عن بعضهم دعواه صريحا» الي آخره «2».

و ربما يقال: العين المملوكة تنتقل بالارث الي الوارث و أما الخيار فكيف ينتقل و الحال انه ملك فسخ العقد. و بعبارة اخري متعلق الملكية ينتقل بالارث لا نفس الملكية و يمكن أن يجاب عن هذا الاشكال بأن اختيار امضاء العقد و فسخه بيد ذي الخيار و اي مانع من انتقال هذا الاختيار الي الوارث لو ساعده الدليل و لكن مع ذلك كله لا يمكن الجزم بالمدعي فانه اذا ثبت اجماع تعبدي علي ارث الخيار و انه علي اي نحو يؤخذ به فهو انما الكلام في تحقق هذا الاجماع و هل يمكن الالتزام بتحقق الاجماع التعبدي الكاشف في المقام مع هذا الاختلاف الواقع بين القوم فمع قطع النظر عن الاجماع لا بد من النظر في ادلة الارث و انها هل يمكن شمولها للمقام أم لا؟.

فنقول: لا اشكال في أن الخيار متعلق بالعقد و العقد واحد و كذلك الخيار أمر بسيط ليست له أجزاء بحيث ينقسم بين الافراد كي يقال: بأن ثلثه لزيد و ربعه لبكر و خمسه

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 23 ص: 75

(2) جواهر الكلام ج 23 ص: 74

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 138

و يحرم منه من يحرم من ارث المال

بالقتل أو الكفر أو الرق (1) و يحجب عنه ما يحجب عن ارث المال (2) و لو كان العقد الذي فيه الخيار متعلقا

______________________________

لخالد و هكذا بل اما يكون من له الخيار شخصا واحدا و اما يكون مجموع الاشخاص مالكا له و يكون للمجموع من حيث المجموع نعم في عالم الثبوت يمكن أن يجعل في عقد واحد الخيار لجماعة علي نحو العموم الاستغراقي بحيث يكون لكل واحد منهم خيار مستقل في قبال البقية لكن من الظاهر ان الامكان الثبوتي لا يكفي ما دام لم يقم دليل عليه في مقام الاثبات و قد مران الحديث النبوي الدال علي أن ما تركه الميت من حق فلو ارثه ضعيف سندا و أما بقية ادلة الارث كتابا و سنة فهي تدل علي السهام المقررة في الشريعة المقدسة و قد قلنا: ان الخيار بسيط و غير قابل للتقسيم و التجزية فالادلة قاصرة لان تشمله فلولا الاجماع لا يمكن الالتزام بارث الخيار و لا مقتضي لانقسام المال و تقديره في كل مورد بذلك المقدار اي علي حسب السهام فان الخيار متعلق بالعقد و غير قابل للانقسام و أما حديث حمزة بن حمران قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام من ورث رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله؟ فقال:

فاطمة ورثته متاع البيت و الفرش و كل ما كان له «1» ففيه اولا ان سنده ضعيف بابن حمران و ثانيا: ان الظاهر منه انحصار الوارث و كون الصديقة الطاهرة وارثة فقط فلا بد في عموم الحكم من التوسل الي الاجماع و التسالم.

و علي هذا الاساس لا مجال للأبحاث المترتبة عليه لانتفاء الموضوع و علي تقدير البحث فيها يكون علي فرض تمامية المدعي و

بعبارة اخري: بحوث فرضية.

(1) لإطلاق ادلة الحرمان.

(2) بعين التقريب و البيان و هو الاطلاق أو العموم.

______________________________

(1) تهذيب الاحكام ج 9 ص: 277 حديث 12

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 139

بمال يحرم منه الوارث كالحبوة المختصة بالذكر الاكبر و الارض التي لا يرث منها الزوجة ففي حرمان ذلك الوارث من ارث الخيار و عدمه أقوال أقربها عدم حرمانه و الخيار لجميع الورثة فلو باع الميت ارضا و كان له الخيار أو كان قد اشتري ارضا و كان له الخيار ورثت منه الزوجة كغيرها من الورثة (1).

[مسألة 1: إذا تعدد الوارث للخيار فالظاهر أنه لا أثر لفسخ بعضهم بدون انضمام الباقين إليه في تمام المبيع و لا في حصته]

(مسألة 1): اذا تعدد الوارث للخيار فالظاهر انه لا اثر لفسخ بعضهم بدون انضمام الباقين اليه في تمام المبيع (2) و لا في حصته (3) الا اذا رضي من عليه الخيار فيصح في حصته (4).

______________________________

(1) لعدم ما يقتضي المنع و بعبارة اخري كل حكم تابع لموضوعه و الدليل قد دل علي اختصاص الحبوة بالولد الاكبر و أما الخيار المتعلق بها فلا وجه لاختصاصه به.

(2) فانه لا وجه للتأثير في تمام المبيع لان الموروث خيار واحد و أمره ليس بيد واحد منهم بل كل واحد منهم ذو علاقة بالنسبة اليه فلا بد من انضمام الباقين.

(3) اذ ليس لكل واحد منهم خيار بالنسبة الي حقه كي يؤثر فيها بل الخيار واحد قائم بهم.

(4) لا أدري باي وجه يصح في حصته مع فرض عدم الخيار و علي فرضه لا يكون اعماله مشروطا برضا من عليه الخيار و يمكن أن يكون الماتن ناظرا الي أنه مع رضا الطرفين يدخل في باب الاقالة بناء علي جريانها في جميع ما وقع عليه العقد و جريانها في بعضه و يقع الكلام فيها في آخر كتاب البيع ان شاء

اللّه تعالي.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 140

[مسألة 2: إذا فسخ الورثة بيع مورثهم]

(مسألة 2): اذا فسخ الورثة بيع مورثهم فان كان عين الثمن موجودا دفعوه الي المشتري و ان كان تالفا أو بحكمه اخرج من تركة الميت كسائر ديونه (1).

[مسألة 3: لو كان الخيار لأجنبي عن العقد فمات لم ينتقل الخيار إلي وارثه]

(مسألة 3): لو كان الخيار لأجنبي عن العقد فمات لم ينتقل الخيار الي وارثه (2).

[مسألة 4: إذا تلف المبيع في زمان الخيار في بيع الحيوان فهو من مال البائع]

(مسألة 4): اذا تلف المبيع في زمان الخيار في بيع الحيوان فهو من مال البائع (3).

______________________________

(1) اذ الفسخ يوجب انتقال كل من العوضين الي مالكه الاول ففي صورة بقاء الثمن يرجع الي ملك من عليه الخيار و أما اذا كان تالفا أو بحكم التالف احرج من تركة الميت.

(2) هذا علي تقدير جواز جعل الخيار للأجنبي و أما علي تقدير عدم الجواز فلا مجال لهذا البحث كما هو ظاهر و قد انكرنا جوازه و من أراد الاطلاع علي ما ذكرنا فليراجع الي الجزء الرابع من كتاب «دراساتنا» و ملخص الكلام في هذا المقام ان الشرط لا يكون مشرعا و من ناحية اخري لا بد من متعلق الشرط أن لا يكون مخالفا للشرع فمع الشك في المشروعية لا يجوز لعدم جواز التمسك بالاطلاق و العموم في الشبهة المصداقية بل بمقتضي استصحاب عدم مشروعيته شرعا يكون اشتراطه مخالفا للشرع فلا يصح.

و كيف كان الحق كما أفاده من عدم انتقاله بالارث الي الوارث و الوجه فيه عدم دليل علي الانتقال فانه لا دليل علي انتقال ارث الخيار علي الاطلاق و القدر المتيقن من الاجماع غير هذا المورد فلاحظ.

(3) مقتضي القاعدة الاولية ان تلف المال يحسب علي مالكه و لكنه لا بد من

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 141

و كذا اذا تلف قبل انتهاء مدة الخيار في خيار الشرط اذا كان الخيار للمشتري (1) أما اذا كان للبائع أو تلف في زمان خيار المجلس بعد القبض فالاظهر انه من مال المشتري (2)..

______________________________

رفع اليد عن القاعدة بالنص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه ابن سنان يعني

عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الدابة أو العبد و يشترط الي يوم أو يومين فيموت العبد و الدابة أو يحدث فيه حدث علي من ضمان ذلك فقال: علي البائع حتي ينقضي الشرط ثلاثة أيام و يصير المبيع للمشتري «1».

و لاحظ ما أرسله ابن رباط عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان حدث بالحيوان قبل ثلاثة أيام فهو من مال البائع «2».

(1) لاحظ ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و ان كان بينهما شرط اياما معدودة فهلك في يد المشتري قبل أن يمضي الشرط فهو من مال البائع «3» و أما حديث عقبة بن خالد «4» الدال علي أن الضمان محدود بالاقباض و لا ضمان علي البائع بعد القبض فهو ضعيف سندا.

(2) اذ الاصل الاولي يقتضي ضمان كل مال علي مالكه و انما الخروج عن القاعدة يتوقف علي الدليل و المفروض أنه يختص بخياري الحيوان و الشرط و انما قيد في المتن بقوله: «بعد القبض» لان المبيع قبل القبض من مال المالك و ضمانه عليه و سيقع الكلام حول الموضوع في أحكام القبض ان شاء اللّه تعالي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الخيار الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث 5

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب الخيار الحديث 2

(4) لاحظ ص: 110

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 142

[الفصل السادس: ما يدخل في المبيع]

اشارة

الفصل السادس: ما يدخل في المبيع من باع شيئا دخل في المبيع ما يقصد المتعاملان دخوله فيه دون غيره (1) و يعرف قصدهما بما يدل عليه لفظ المبيع وضعا أو بالقرينة العامة أو الخاصة فمن باع بستانا دخل فيه الارض و الشجر و النخل و الطوف

و البئر و الناعور و الحضيرة و نحوها مما هو من اجزائها أو توابعها (2) أما من باع أرضا فلا يدخل فيه الشجرة و النخل الموجودان و كذا لا يدخل الحمل في بيع الام و لا الثمرة في بيع الشجرة (3) نعم اذا باع نخلا فان كان التمر مؤبرا فالتمر للبائع و ان لم يكن مؤبرا فهو للمشتري (4).

______________________________

(1) فان العقود تابعة للقصود.

(2) كما هو ظاهر فان الظهور حجة بلا فرق بين كونه مستندا الي الوضع و بين كونه مستندا الي القرينة العامة أو الخاصة.

(3) لعدم دليل و قرينة علي دخولهما في المبيع و المفروض ان البيع واقع علي الارض فلا وجه لدخول الشجر و النخل في مورد المعاملة و كذا الكلام في الحمل و الثمرة.

(4) لاحظ ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من باع نخلا قد أبره فثمره للبائع الا أن يشترط المبتاع ثم قال: قضي به رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم «1» فان مقتضي هذا الحديث

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أبواب أحكام العقود الحديث 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 143

و يختص هذا الحكم ببيع النخل (1) أما في نقل النخل بغير البيع أو بيع غير النخل من سائر الشجر فالثمر فيه للبائع مطلقا و ان لم يكن مؤبرا (2) هذا اذا لم تكن قرينة علي دخول الثمر في بيع الشجر أو الشجر في بيع الارض أو الحمل في بيع الدابة أما اذا قامت القرينة علي ذلك و ان كانت هي التعارف الخارجي عمل عليها و كان جميع ذلك للمشتري (3).

[مسألة 1: إذا باع الشجر و بقي الثمر للبائع مع اشتراط بقائه و احتياج الشجر إلي السقي]

(مسألة 1): اذا باع الشجر و بقي الثمر

للبائع مع اشتراط بقائه و احتياج الشجر الي السقي جاز لبايع سقيه و ليس للمشتري منعه (4) و اذا لم يحتج الي السقي لم يجب علي البائع سقيه و ان أمره المشتري بذلك (5) و لو تضرر احدهما بالسقي و الاخر بتركه ففي تقديم حق البائع أو المشتري وجهان بل قولان ارجحهما الثاني ان اشترط الابقاء

______________________________

التفصيل بين التأبير و عدمه.

(1) بلحاظ النص الخاص الذي مر قريبا.

(2) لعدم دليل خاص و من ناحية اخري قد ذكرنا انه لا مقتضي للدخول فلا تدخل.

(3) كما هو ظاهر فانه مع قصد الدخول يدخل في المبيع بلا اشكال لوجود المقتضي و عدم المانع مضافا الي النص به في خبر غياث المتقدم قريبا.

(4) فان المفروض ان البائع بالشرط صار ذا حق و بعبارة اخري الالتزام بالشي ء التزام بلوازم ذلك الشي ء و لا أثر لنهي المشتري.

(5) اذ لا مقتضي لوجوب امتثال البائع امر المشتري فلا يجب عليه.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 144

و الا فالارجح الاول (1).

[مسألة 2: إذا باع بستانا و استثني نخلة مثلا فله الممر اليها]

(مسألة 2): اذا باع بستانا و استثني نخلة مثلا فله الممر اليها و المخرج منها و مدي جرائدها و عروقها من الارض و ليس للمشتري منع شي ء من ذلك (2).

[مسألة 3: إذا باع دارا دخل فيها الأرض و البناء]

(مسألة 3): اذا باع دارا دخل فيها الأرض و البناء الاعلي

______________________________

(1) الظاهر ان الصحيح أن يقال: ارجحهما الاول و لعل السهو من الناسخ و لذا يكون في نسخة اخري ما ذكرنا و كيف كان الذي يمكن أن يقال ان حديث لا ضرر يجري بالنسبة الي كل منهما و يسقط بالتعارض فعلي تقدير اشتراط الابقاء يكون الترجيح في طرف البائع اذ مع الاشتراط يثبت للبائع حق و مع فرض الحق لا مجال لمنع ذي الحق الانتفاع من حقه و مع عدم الاشتراط يكون الترجيح في طرف المشتري هذا علي مسلك المشهور في مفاد لا ضرر و أما علي المسلك الاخر فالامر كذلك أيضا اذ مع الاشتراط يكون البائع ذا حق و لا مجال لمنعه عن حقه و أما مع عدم الاشتراط فلا حق له في الاضرار بالغير.

(2) تارة يبحث من حيث القاعدة و اخري من حيث النص الخاص أما من حيث القاعدة فان شرط في ضمن البيع أن يكون له حق الدخول و الخروج و اصلاح النخل بما ذكر يصح الشرط و يجوز له التصرف بهذا المقدار و لا يجوز للمشتري منعه لأنه ملزم أن يفي بشرطه و لا فرق بين أن يكون الدال علي الشرط التصريح به و بين كون الدال القرينة الموجودة خاصة كانت أو عامة و هذا ظاهر و أما من حيث النص الخاص ففي المقام ثلاثة أحاديث.

احدها: ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قضي النبي صلي اللّه عليه

و آله في رجل باع نخلا و استثني عليه نخلة فقضي له رسول اللّه صلي اللّه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 145

و الاسفل الا أن يكون الاعلي مستقلا من حيث المدخل و المخرج فيكون ذلك قرينة علي عدم دخوله و كذا يدخل في بيع الدار السراديب و البئر و الابواب و الاخشاب الداخلة في البناء و كذا السلم المثبت بل لا يبعد دخول ما فيها من نخل و شجر و اسلاك كهربائية و انابيب الماء و نحو ذلك مما يعد من توابع الدار حتي مفتاح الغلق فان ذلك كله

______________________________

عليه و آله بالمدخل اليها و المخرج منها و مدي جرائدها «1» و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي و بسندها الاخر أيضا ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي السكوني.

ثانيها: ما رواه عقبة بن خالد ان النبي صلي اللّه عليه و آله قضي في هوائر النخل أن تكون النخلة و النخلتان للرجل في حائط الاخر فيختلفون في حقوق ذلك فقضي فيها ان لكل نخلة من اولئك من الارض مبلغ جريدة من جرائدها حين بعدها «2» و هذه الرواية ضعيفة.

ثالثها: ما رواه الصفار قال: كتبت اليه يعني الحسن بن علي العسكري عليهما السلام في رجل باع بستانا له فيه شجر و كرم فاستثني شجرة منها هل له ممر الي البستان الي موضع شجرته التي استثناها؟ و كم لهذه الشجرة التي استثناها الي حولها بقدر أغصانها أو بقدر موضعها الذي هي ثابتة فيه؟ فوقع: له من ذلك علي حسب ما باع و أمسك فلا يتعدي الحق في ذلك ان شاء اللّه «3» و لا يستفاد من هذه الرواية أزيد من مقتضي القاعدة.

______________________________

(1) الفروع من الكافي ج 5 ص: 295 حديث: 1 و الوسائل

الباب 30 من أبواب احكام العقود الحديث: 2

(2) الفروع من الكافي ج 5 ص 295 حديث: 4

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب أحكام العقود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 146

داخل في المبيع الا مع الشرط (1).

[مسألة 4: الأحجار المخلوقة في الارض و المعادن المتكونة فيها تدخل في بيعها إذا كانت تابعة للأرض عرفا]

(مسألة 4): الاحجار المخلوقة في الارض و المعادن المتكونة فيها تدخل في بيعها اذا كانت تابعة للأرض عرفا (2) و أما اذا لم تكن

______________________________

(1) فان الظاهران ما أفاده تام اذ قد تقدم ان ما يقصد دخوله في المبيع يكون داخلا فيه و من ناحية اخري لا فرق بين كون الدال علي المقصود التصريح به و بين كون الدال القرينة عامة كانت أو خاصة و يؤيد المدعي بل يدل عليه حديثان:

احدهما: ما رواه الصفار انه كتب الي أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام في رجل اشتري من رجل بيتا في داره بجميع حقوقه و فوقه بيت آخر هل يدخل البيت الاعلي في حقوق البيت الاسفل أم لا؟ فوقع عليه السلام: ليس له الا ما اشتراه باسمه و موضعه ان شاء اللّه «1».

ثانيهما: ما رواه أيضا انه كتب اليه في رجل اشتري حجرة أو مسكنا في دار بجميع حقوقها و فوقها بيوت و مسكن آخر فتدخل البيوت الا علي و المسكن الاعلي في حقوق هذه الحجرة و المسكن الاسفل الذي اشتراه أم لا؟ فوقع: ليس له من ذلك الا الحق الذي اشتراه إن شاء اللّه «2» فان المستفاد من الحديثين ان الميزان بالمقصود المدلول عليه بدال من الدوال فلاحظ.

(2) بلا خلاف اجده فيها مما عدا ثاني الشهيدين هكذا في الجواهر و الامر كما أفاده فانهما اذا كانتا تابعتان للأرض عرفا تكونان داخلتين في المبيع كبقية التوابع فان حكم الامثال

واحد بل المعادن جزء من الارض فيصح أن يقال: ان بعض أجزاء تلك الارض الواقعة في المكان الفلاني ملح أو فيروزج.

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من أبواب أحكام العقود الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 147

تابعة لها كالمعادن المكنونة في جوف الارض فالظاهر انها غير مملوكة لأحد (1) و يملكها من يخرجها (2) و كذلك لا تدخل في بيع الارض الاحجار المدفونة فيها و الكنوز المودعة فيها و نحوها (3).

[الفصل السابع: التسليم و القبض]

اشارة

الفصل السابع: التسليم و القبض يجب علي المتبايعين تسليم العوضين عند انتهاء العقد (4) اذا لم يشترطا التأخير (5) و لا يجوز لواحد منهما التأخير مع الامكان الا برضي الاخر (6) فان امتنعا اجبرا (7) و لو امتنع احدهما مع تسليم صاحبه اجبر

______________________________

(1) اذ لا وجه للملكية فانها تحتاج الي سبب و مع عدمه لا تتحقق.

(2) بلا اشكال و لا كلام فان المعدن يملك بالاخراج و يتعلق به الخمس و تفصيل الكلام فيه موكول الي كتاب الخمس.

(3) لعدم ما يقتضي الدخول اذ المفروض ان البيع وقع علي الارض و الاحجار المدفونة فيها و كذلك الكنوز المودعة فيها و نحوها لا تكون تابعة لها فعدم دخولها علي طبق القاعدة.

(4) فان مال الغير يحرم امساكه و لا يجوز التصرف فيه و يجب تسليمه الي مالكه مضافا الي أن مقتضي الشرط الارتكازي في ضمن العقد في كل من الطرفين بالنسبة الي الطرف الاخر التسليم فوجوب التسليم من ناحيتين.

(5) اذ مع الشرط يصير المشروط له ذا حق في التأخير و بعبارة اخري يأذن المشروط عليه في ضمن البيع للمشروط له أن يؤخر التسليم فلا يجب عليه فورا

(6) كما هو ظاهر اذ لا يجوز الحيلولة بينه و

بين ماله مضافا الي الشرط الضمني نعم مع رضي المالك لا مانع من التأخير كما هو ظاهر واضح.

(7) الظاهر ان المقصود انهما اجبرا من قبل الحاكم الشرعي فانه ولي الممتنع

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 148

الممتنع (1) و لو اشترط احدهما تأخير التسليم الي مدة معينة جاز و ليس لصاحبه الامتناع عن تسليم ما عنده حينئذ (2) كما يجوز أن يشترط البائع لنفسه سكني الدار أو ركوب الدابة أو زرع الارض أو نحو ذلك من الانتفاع بالمبيع مدة معينة (3).

[مسألة 1: التسليم الواجب علي المتبايعين في المنقول و غيره هو التخلية]

(مسألة 1): التسليم الواجب علي المتبايعين في المنقول و غيره هو التخلية يرفع المانع عنه و الاذن لصاحبه في التصرف (4).

[مسألة 2: إذا تلف المبيع بآفة سماوية أو أرضية قبل قبض المشتري انفسخ البيع]

(مسألة 2): اذا تلف المبيع بآفة سماوية أو ارضية قبل قبض المشتري انفسخ البيع و كان تلفه من مال البائع و رجع الثمن الي المشتري (5).

______________________________

فله الاجبار.

(1) الظاهر انه يجوز للطرف اجباره بلا توسط الي الحاكم الشرعي اذ ان اختيار ماله بيده و له استنقاذ ماله و أيضا بلحاظ الاشتراط يصير ذا حق علي الطرف فيجوز له الاجبار بنفسه.

(2) فان الوفاء بالشرط لازم و المفروض ان الشرط تحقق من طرف واحد فيجب علي الطرف الاخر التسليم.

(3) كما هو ظاهر فان الامور الجائزة تصير لازمة بالشرط و اللّه العالم.

(4) الظاهر ان مقصود الماتن ان المقدار الواجب في التسليم هذا المقدار و هي التخلية بين المال و مالكه و ان لم يصدق عليها القبض و الامر كما أفاده اذ وجوب أزيد من هذا المقدار لا دليل عليه.

(5) في بعض الكلمات: «انه لا كلام و لا اشكال في ذلك و انه لو تلف قبل

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 149

______________________________

القبض يكون ضمانه علي البائع و في المقام روايتان: احدهما: ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال: «كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه» «1» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال و علي فرض استناد الاصحاب اليها لا ينجبر ضعفها كما ذكرناه مرارا.

ثانيتهما: رواية عقبة بن خالد «2» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن عبد اللّه بن هلال و الكلام فيه هو الكلام فلا بد من اتمام الامر بالإجماع و التسالم و العجب ممن لا يعمل بالرواية الضعيفة و لا يري العمل بها جابرا لها

و مع ذلك يفتي علي طبق مضمونها و يبحث في الخصوصيات المستفادة منها.

و كيف كان: لا يبعد أن يكون المستفاد من الحديثين انفساخ العقد بتلف المبيع و تقديره قبل التلف داخلا في ملك البائع و تلفه من ماله فان كلمة الجار «من» اما نشوية أو تبعيضية أو ابتدائية فان كانت نشوية يكون معني الجملة ان التالف بهذا الوصف اي بوصف كون تلفه قبل البيع تالفا من مال البائع فيكون لازمه دخوله في ملكه اولا ثم تلفه من ملكه و من الظاهر ان دخوله في ملكه لا يكون دخولا مجانيا فلا بد من أن ينفسخ العقد و يرجع المبيع في ملك البائع و يدخل الثمن في ملك المشتري فيتم ما أفاده في المتن و أما ان كانت للتبعيض فمعناه ان التلف وارد علي بعض مال البائع فلا بد من الالتزام بالفسخ بعين البيان المتقدم و اما ان كانت للابتداء بأن يكون ضمير هو عائدا الي التلف المفهوم من المشتق نظير قوله: «اعدلوا هو اقرب للتقوي» فيكون المعني كل مبيع تلف قبل قبضه فذلك التالف من مال البائع فعلي جميع التقادير يستفاد ان التلف وارد علي مال البائع فلا بد من الالتزام بالانفساخ

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 9 من أبواب الخيار

(2) لاحظ ص: 110

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 150

و كذا اذا تلف الثمن قبل قبض البائع (1) و يكفي في القبض الموجب للخروج عن الضمان التخلية بالمعني المتقدم في غير المنقولات كالأراضي (2) و أما في المنقول فلا بد فيه من الاستيلاء عليه خارجا

______________________________

و صفوة القول: انه فرق بين أن يقال: التلف عليه و بين أن يقال التلف من و ان شئت قلت ان الضمان المستفاد من النص

ضمان المعاوضة لا ضمان الغرامة.

(1) ما يمكن أن يستدل به عليه أو استدل وجوه: الوجه الاول: الاجماع و حاله في الاشكال ظاهر. الوجه الثاني: حديث عقبة بن خالد «1» فان المستفاد من هذا الحديث ان المشتري ضامن للثمن. و فيه: ان الضمان اعم من المعاوضي فيجوز أن يكون بالغرامة. ان قلت: قد صرح في الصدر بكون الضمان معاوضيا فبالنسبة الي الثمن أيضا كذلك. قلت: التعبير في الصدر يغاير التعبير في الذيل فكيف يمكن الجزم بالمدعي مضافا الي أن المستفاد من الحديث تحقق الضمان بالنسبة الي الثمن بعد قبض المبيع فالدليل اخص من المدعي اضف الي ذلك كله ان الرواية ضعيفة سندا فلاحظ.

الوجه الثالث: صدق المبيع علي الثمن فيشمله الدليل و فيه: انه ليس الامر كذلك و ليس لفظ البيع من الاضداد.

الوجه الرابع: كونه علي طبق القاعدة اذ بمقتضي الالتزام الضمني يكون المشتري ملتزما بأن يسلم الثمن الي البائع فاذا لم يمكنه التسليم تبطل العوضية و فيه ان الثمن عوض المبيع لا يرتبط بوجوب تسليمه علي المشتري و بعبارة اخري:

الثمن بقيد بقائه و عدم تلفه لا يكون عوضا و الا يلزم بطلان البيع من اول الامر.

(2) اذ صدق القبض في غير المنقولات بهذا النحو و بعبارة اخري: لا بد من

______________________________

(1) لاحظ ص: 110

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 151

مثل اخذ الدرهم و الدينار و اللباس و اخذ لجام الفرس أو ركوبه (1) و في حكم التلف تعذر الوصول اليه كما لو سرق أو غرق أو نهب أو أبق العبد أو أفلت الطائر أو نحو ذلك (2) و لو أمر المشتري البائع بتسليمه الي شخص معين فقبضه كان بمنزلة قبض المشتري و كذا لو امره بارساله الي بلده

أو غيره فارسله كان بمنزلة قبضه و لا فرق بين تعيين المرسل معه و عدمه (3) و الاقوي عدم عموم الحكم المذكور لما اذا أتلفه البائع أو الاجنبي الذي يمكن الرجوع اليه في تدارك خسارته (4).

______________________________

صدق القبض حيث اخذ بهذا العنوان في موضوع الحكم.

(1) فيلزم تحقق ما يوجب تعنونه بعنوان القبض لترتب الحكم عليه.

(2) اما بدعوي انه بصدق عليه عنوان التلف و اما بدعوي الاجماع علي الالحاق و كلا الوجهين فاسدان أما الاول فلعدم الصدق و أما الثاني فبأنه كيف يمكن تحصيل الاجماع علي الالحاق و الحال ان تحقق الاجماع في الملحق به اول الكلام و الاشكال كما مر الا أن يقال: ان الإلحاق يستفاد من رواية عقبة بن خالد «1» حيث الحق بالتلف السرقة و من الظاهر ان السرقة في حكم التلف فيتم الالحاق.

(3) اذ لو كان بامره و طلبه يصدق القبض فلا موضوع للضمان.

(4) لم يظهر وجه التفصيل في الاتلاف فان التلف اذا صدق علي مورد كون التلف باتلاف المتلف فلا وجه للتفصيل بين اتلاف البائع و الاجنبي الذي يمكن الرجوع اليه و بين غيرهما و اذا لم يصدق فايضا لا وجه للتفصيل الا أن يقال: يصدق

______________________________

(1) لاحظ ص: 110

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 152

بل يصح العقد (1) و للمشتري الرجوع علي المتلف بالبدل من مثل أو قيمة (2) و هل له الخيار في فسخ العقد لتعذر التسليم اشكال و الاظهر ذلك (3) و اذا حصل للمبيع نماء فتلف الاصل قبل قبض المشتري كان النماء للمشتري (4) و لو حدث في المبيع عيب قبل القبض كان للمشتري الرد كما تقدم (5).

[مسألة 3: لو باع جملة فتلف بعضها قبل القبض انفسخ البيع بالنسبة إلي التالف]

(مسألة 3): لو باع جملة فتلف بعضها قبل القبض انفسخ البيع بالنسبة

الي التالف و رجع اليه ما يخصه من الثمن و كان له الخيار في الباقي (6).

______________________________

و لكن منصرف عن هاتين الصورتين فتأمل. و الظاهر انه لا يبعد صدق عنوان التلف و لو كان بفعل الفاعل المختار فيترتب عليه الحكم.

(1) اي يصح بقاء و لا ينفسخ و تقدم الاشكال فيه.

(2) كما هو مقضي الضمان في جميع موارد اتلاف مال الغير.

(3) لم يظهر لي وجه الأشكال و علي تقدير عدم الانفساخ لا اشكال في أن للمشتري الخيار لتخلف الشرط و بعبارة اخري: مقتضي الشرط الارتكازي هو الخيار.

(4) كما هو ظاهر فان النماء تابع للأصل و المفروض ان العين للمشتري فنمائها أيضا له.

(5) و قد تقدم شرح كلام الماتن فراجع.

(6) بتقريب: ان البيع ينحل الي بيوع متعددة بتعدد اجزاء المبيع فاذا تلف بعض الأجزاء يدخل في الكبري و ينفسخ البيع بالنسبة اليه و يبقي صحيحا بالنسبة الي الباقي الا ان الاشكال في أن البيع الواحد كيف ينحل الي بعض اجزاء المبيع

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 153

[مسألة 4: يجب علي البائع تفريغ المبيع مما كان فيه من متاع أو غيره حتي أنه لو كان مشغولا بزرع حان وقت حصاده]

(مسألة 4): يجب علي البائع تفريغ المبيع مما كان فيه من متاع أو غيره حتي انه لو كان مشغولا بزرع حان وقت حصاده وجبت ازالته منه و لو كان للزرع عروق تضر بالانتفاع بالارض أو كانت في الارض حجارة مدفونة وجب ازالتها و تسوية الارض و لو كان شي ء لا يمكن فراغ المبيع منه الا بتخريب شي ء من الابنية وجب اصلاحه و تعمير البناء (1) و لو كان الزرع لم يحن وقت حصاده و اشترط بقائه جاز لمالكه ابقائه الي وقته و عليه الاجرة ان لم يشترط الابقاء مجانا (2).

[مسألة 5: من اشتري شيئا و لم يقبضه]

(مسألة 5) من اشتري شيئا و لم يقبضه فان كان مما لا يكال و لا بوزن جاز بيعه قبل قبضه (3) و كذا اذا كان مما يكال أو بوزن و كان

______________________________

و يبقي بالنسبة الي البعض الاخر اللهم الا أن يتم الامر بالإجماع و التسالم و النص الخاص الوارد في بعض الموارد «1» فلاحظ.

(1) لما تقدم من وجوب التخلية بين المال و مالكه و لا يجوز مزاحمة المالك و من الشرط الضمني المقتضي للإفراغ فيتم جميع ما أفاده في هذا الفرع و بعبارة اخري: ان هذه المذكورات متفرعة علي وجوب التسليم فان كل واحد من هذه الامور ينافي التسليم و التخلية و ينافي الالتزام الضمني فلو استلزم التخريب يجب الاصلاح و العمارة.

(2) بمقتضي الاشتراط فيجوز له الابقاء و تجب عليه الاجرة الا أن يشترط الإبقاء مجانا.

(3) لعدم ما يقتضي المنع و مقتضي الادلة الجواز فيجوز كما في المتن مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه منصور قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب عقد البيع و شروطه.

مباني منهاج الصالحين، ج 8،

ص: 154

البيع برأس المال أما لو كان بريح ففيه قولان اظهرهما المنع (1).

______________________________

رجل اشتري بيعا ليس فيه كيل و لا وزن أله أن يبيعه مرابحة قبل أن يقبضه و يأخذ ربحه فقال: لا بأس بذلك ما لم يكن كيل و لا وزن فان هو قبض فهو أبرأ لنفسه «1».

و بمقتضي قانون تخصيص العام بالخاص و تقييد المطلق بالمقيد يقيد ما يدل باطلاقه علي المنع كحديث عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: بعث رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله رجلا من أصحابه واليا فقال له: اني بعثتك الي أهل اللّه يعني أهل مكة فانههم عن بيع ما لم يقبض و عن شرطين في بيع و عن ربح ما لم يضمن «2» اضف الي ذلك ان صاحب الجواهر أفاد بأنه عليه الاجماع بقسميه «3».

(1) و منشأ الخلاف اختلاف النصوص الواردة في المقام و الحري بنا أن نلاحظ كل واحد من هذه النصوص و اخذ النتيجة من مجموعها فمن تلك النصوص ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا اشتريت متاعا فيه كيل أو وزن فلا تبعه حتي تقبضه الا أن توليه فاذا لم يكن فيه كيل و لا وزن فبعه يعني انه يوكل المشتري بقبضه «4». و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الصدوق الي منصور بن حازم علي ما في نخبة المقال للحاجياني فلا تصل النوبة الي ملاحظة الدلالة.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألته عن رجل عليه كر من طعام فاشتري كرا من رجل آخر و قال للرجل: انطلق فاستوف حقك قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب أحكام العقود الحديث: 18

(2) الوسائل الباب

10 من أبواب أحكام العقود الحديث: 6

(3) جواهر الكلام ج 23 ص: 164

(4) الوسائل الباب 16 من أبواب أحكام العقود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 155

______________________________

لا بأس به «1». و مفاد هذه الرواية لا يرتبط بما نحن فيه فان ما يستفاد منها اما حوالة أو وكالة و الكلام في المقام في البيع قبل القبض.

و منها: ما رواه خالد بن حجاج الكرخي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

اشتري الطعام من الرجل ثم أبيعه من رجل آخر قبل أن أكتاله فاقول: ابعث وكيلك حتي يشهد اذا قبضته قال: لا بأس «2». و هذه الرواية ضعيفة بخالد بن حجاج.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يشتري الثمرة ثم يبيعها قبل أن يأخذها قال: لا بأس به ان وجد بها ربحا فليبع «3» و مفاد هذه الرواية اجنبي عن المقام فان الثمرة علي الشجرة لاتباع بالكيل و الوزن.

و منها: ما رواه الحلبي أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في الرجل يبتاع الطعام ثم يبيعه قبل أن يكال قال: لا يصلح له ذلك «4». و هذه الرواية تدل علي بطلان بيع الطعام قبل الكيل فلا ترتبط بالمقام.

و منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يشتري الطعام ثم يبيعه قبل أن يقبضه قال: لا بأس و يوكل الرجل المشتري منه بقبضه وكيله قال: لا بأس «5» و هذه الرواية ضعيفة بجميع طرقه اما بعلي بن حديد و اما بالارسال فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها.

و منها: ما رواه اسحاق المدائني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القوم يدخلون السفينة

يشترون الطعام فيتساومون بها ثم يشتريه رجل منهم فيسألونه فيعطيهم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 156

______________________________

ما يريدون من الطعام فيكون صاحب الطعام هو الذي يدفعه اليهم و يقبض الثمن قال: لا بأس ما أراهم الا و قد شركوه الحديث «1» و هذه الرواية ضعيفة بالمدائني فلا أثر لمدلولها.

و منها: ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل اشتري متاعا ليس فيه كيل و لا وزن أ يبيعه قبل أن يقبضه؟ قال: لا بأس «2». و هذه الرواية تدل علي جواز بيع غير المكيل و الموزون قبل القبض و لا ترتبط بالمقام.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن اخيه انه سأل أخاه موسي بن جعفر عليهما السلام عن الرجل يشتري الطعام أ يصلح بيعه قبل أن يقبضه؟ قال: اذا ربح لم يصلح حتي يقبض و ان كان يوليه فلا بأس و سألته عن الرجل يشتري الطعام أ يحل له أن يولي منه قبل أن يقبضه؟ قال: اذا لم يربح عليه شيئا فلا بأس فان ربح فلا بيع حتي يقبضه «3». و هذه الرواية تدل علي عدم جواز بيع الطعام المشتري قبل القبض.

و منها: ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قوم اشتروا بزا، فاشتركوا فيه جميعا و لم يقسموه أ يصلح لأحد منهم بيع بزه قبل أن يقبضه؟ قال:

لا بأس به و قال: ان هذا ليس بمنزلة الطعام ان الطعام يكال «4». و هذه الرواية في بيان حكم غير المكيل و الموزون فلا ترتبط بالمقام و ان

أبيت عما ذكرنا فغايته الدلالة علي عدم جواز بيع المكيل و الموزون قبل القبض فيقيد بالمقيد كما سيجي ء.

و منها: ما رواه معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 157

______________________________

يبيع البيع قبل أن يقبضه فقال: ما لم يكن كيل أو وزن فلا تبعه حتي تكيله أو تزنه الا أن توليه الذي قام عليه «1». و المستفاد من هذه الرواية عدم جواز بيع المكيل و الموزون قبل الكيل و الوزن فلا ترتبط بالمقام.

و منها: ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا اشتريت متاعا فيه كيل او وزن فلا تبعه حتي تقبضه الا أن توليه فان لم يكن فيه كيل و لا وزن فبعه «2» و المستفاد من هذه الرواية عدم جواز بيع المكيل و الموزون قبل القبض إلا تولية فهذه الرواية تدل علي المدعي في المقام.

و منها: ما رواه الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال في الرجل يبتاع الطعام ثم يبيعه قبل أن يكتاله قال: لا يصلح له ذلك «3» و هذه الرواية لا ترتبط بالمقام كما تقدم في نظيرها.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن ابي عبد اللّه و ابو صالح عن ابي عبد اللّه عليه السلام مثل ذلك و قال: لا تبعه حتي تكيله «4» و الكلام فيها هو الكلام.

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن الرجل يبيع الطعام او الثمرة و قد كان اشتراها و لم يقبضها قال: لا حتي يقبضها الا أن يكون معه قوم يشاركهم فيخرجه بعضهم من

نصيبه من شركته بربح أو يوليه بعضهم فلا بأس «5». و المستفاد من هذه الرواية عدم جواز بيع الطعام المشتري قبل القبض الا للشريك.

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 13

(4) نفس المصدر الحديث: 14

(5) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 158

______________________________

طعاما ثم باعه قبل أن يكيله قال: لا يعجبني أن يبيع كيلا أو وزنا قبل أن يكيله أو يزنه الا أن يوليه كما اشتراه اذا ربح فيه أو يضع و ما كان من شي ء عنده ليس بكيل و لا وزن فلا بأس أن يبيعه قبل أن يقبضه «1». و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن ابي جعفر عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام من احتكر طعاما او علفا او ابتاعه بغير حكرة و اراد أن يبيعه فلا يبيعه حتي يقبضه و يكتاله «2».

و المستفاد من هذه الرواية عدم جواز بيع الطعام المشتري و كذا العلف قبل القبض و الكيل.

و منها: ما رواه منصور «3». و هذه الرواية تدل علي عدم جواز بيع المتاع المشتري قبل القبض اذا كان من المكيل أو الموزون.

و منها: ما رواه ابن حجاج الكرخي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اشتري الطعام الي اجل مسمي فيطلبه التجار بعد ما اشتريته قبل أن اقبضه قال: لا بأس أن تبيع الي اجل اشتريت و ليس لك أن تدفع قبل أن تقبض «أو تقبض به» قلت:

فاذا قبضته جعلت فداك فلي أن ادفعه بكيله؟ قال: لا بأس بذلك اذا رضوا «4».

و هذه الرواية ضعيفة

بالكرخي.

و منها: ما رواه غياث بن ابراهيم عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام انه مكروه بيع صك الورق حتي يقبض «5» و هذه الرواية لا ترتبط بالمقام.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 16

(2) نفس المصدر الحديث: 17

(3) لاحظ ص: 153

(4) الوسائل الباب 16 من أبواب أحكام العقود الحديث: 19

(5) نفس المصدر الحديث: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 159

______________________________

و منها: ما رواه حزام بن حكيم بن حزام قال: ابتعت طعاما من طعام الصدقة فأربحت فيه قبل أن اقبضه فأردت بيعه فسألت النبي صلي اللّه عليه و آله فقال:

لا تبعه حتي تقبضه «1». و هذه الرواية ضعيفة سندا فلا تصل النوبة الي البحث في دلالتها.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليهم السلام قال:

سألته عن رجل اشتري بيعا كيلا أو وزنا هل يصلح بيعه مرابحة؟ قال: لا بأس فان سمي كيلا أو وزنا فلا يصلح بيعه حتي تكيله أو تزنه «2» و هذه الرواية ضعيفة بعبد اللّه بن الحسن و أما حديثا علي بن جعفر «3» أيضا فضعيفان سندا بعبد اللّه ابن الحسن فلا مجال لملاحظة مدلوليهما.

اذا عرفت ما تقدم نقول: مقتضي حديث منصور «4» التفصيل بين المكيل و الموزون و غيرهما بجواز البيع علي الاطلاق في الثاني و بعدم الجواز في الاول الا بالتولية و مقتضي حديث ابن جعفر «5» عدم جواز بيع الطعام قبل القبض إلا تولية و مقتضي حديث سماعة «6» عدم جواز بيع الطعام علي الاطلاق الا من الشريك فيقع التعارض بين الحديثين بالعموم من وجه و يجتمعان فان حديث سماعة يدل علي جواز البيع للشريك تولية و حديث ابن جعفر لا يعارضه و حديث ابن جعفر

______________________________

(1) نفس

المصدر الحديث: 21

(2) نفس المصدر الحديث: 22

(3) نفس المصدر الحديث: 23 و 24

(4) لاحظ ص: 157

(5) لاحظ ص: 156

(6) لاحظ ص: 157

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 160

[الفصل الثامن: النقد و النسيئة]

اشارة

الفصل الثامن: النقد و النسيئة:

من باع و لم يشترط تأجيل الثمن كان الثمن حالا فللبائع المطالبة به بعد انتهاء العقد (1) كما يجب عليه اخذه اذا دفعه اليه المشتري و ليس له الامتناع من أخذه (2) و اذا اشترط تأجيل الثمن يكون نسيئة (3).

______________________________

يدل علي جواز البيع تولية من الشريك و حديث سماعة لا يعارضه و يتعارضان في موردين: احدهما: البيع من الشريك بربح ثانيهما: البيع من غير الشريك بالتولية و الترجيح مع دليل الجواز لموافقته مع الكتاب فان مقتضي قوله تعالي:

«أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ «1» جوازه و اللّه العالم.

(1) الامر كما أفاده اذا لنسيئة تتوقف علي اشتراط التأخير فاذا باع و لم يشترط تأجيل الثمن يكون للبائع المطالبة بالثمن لأنه ملكه و لا وجه لحبسه و ان شئت قلت:

المالك مسلط علي ملكه و ليس لأحد أن يحول بينه و ماله الا بسبب من الاسباب.

(2) ادعي عليه الاجماع و التسالم و يمكن أن يستدل علي المدعي مضافا الي الاجماع بأن الثمن اما كلي و اما عين خارجية و علي كلا التقديرين لا يجوز الامتناع عن قبوله لان الامتناع عنه بلا رضي الطرف المقابل ينافي سلطنة المشتري علي ذمته و عن عهدته عن العين الخارجية المملوكة للبائع فاذا لا يرضي ببقاء الثمن الكلي في ذمته أو لا يرضي ببقاء الثمن الشخصي عنده يكون عدوانا من قبل البائع.

(3) شرط التأجيل ليس معناه تعليق العقد علي مجي ء الزمان المستقبل فان التعليق يفسد البيع و أيضا يلزم عدم صيرورة المبيع للمشتري و لا

يكون معناه تقييد العين بالزمان اذا لا عيان لا تتقيد بالزمان فلا معني لان يقال: الحنطة المقيدة بيوم فلان أو شهر فلان بل التأجيل عبارة عن اشتراط التأخير.

______________________________

(1) البقرة/ 275

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 161

______________________________

و في المقام شبهة و هي: ان مرجع هذا الاشتراط الي أن التأخير يكون حقا للمشتري و هذا الاشتراط خلاف الشرع اذ ليس لأحد التأخير في اداء حق الغير و من ناحية اخري لا يكون دليل الشرط مشرعا كي يقال: ان الاشتراط يوجب جوازه فما الحيلة و ما الوسيلة؟ و يمكن أن يجاب عن هذا الاشكال بالإجماع و التسالم علي الجواز مضافا الي ما ورد من النصوص في باب السلم لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسلم في غير زرع و لا نخل قال: يسمي كيلا معلوما الي اجل معلوم الحديث «1».

و ما رواه أبو مريم الانصاري عن أبي عبد اللّه عليه السلام: ان أباه لم يكن يري بأسا بالسلم في الحيوان بشي ء معلوم الي اجل معلوم «2».

و ما رواه قتيبة الاعشي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسلم في أسنان من الغنم معلومة الي اجل معلوم فيعطي الرباع مكان الشي ء فقال: أ ليس تسلم في أسنان معلومة الي اجل معلوم؟ قلت: بلي قال: لا بأس «3».

و ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن السلم و هو السلف في الحرير و المتاع الذي يصنع في البلد الذي انت به قال: نعم اذا كان الي اجل معلوم «4».

و ما رواه غياث ابن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لا بأس

بالسلم كيلا معلوما الي اجل معلوم و لا تسلمه الي دياس

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب السلف الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 162

______________________________

و لا الي حصاد «1».

و ما رواه سليمان بن خالد في حديث انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يسلم في غير زرع و لا نخل قال: يسمي شيئا الي اجل مسمي «2».

و ما رواه حديد بن حكيم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل اشتري الجلود من القصاب فيعطيه كل يوم شيئا معلوما فقال: لا بأس به «3».

و ما رواه سماعة قال: سألته عن السلم و هو السلف في الحرير و المتاع الذي يصنع في البلد الذي انت فيه قال: نعم اذا كان الي اجل معلوم و سألته عن السلم في الحيوان اذا وصفته الي اجل و عن السلف في الطعام كيلا معلوما الي اجل معلوم فقال: لا بأس به «4».

حيث ان المستفاد من تلك النصوص جواز التأجيل و يضاف الي ذلك انه لا اشكال في جواز الاذن في التأخير فيما يكون الثمن كليا كما انه لا اشكال في جواز الاذن في بقاء العين الشخصية عند المشتري و بعد فرض الجواز يجب العمل بالشرط و ليس للمشروط عليه نقضه اذ يجب الوفاء بالشرط و علي الجملة اذا اذن في البقاء في ضمن العقد بالشرط يلزمه و لا يمكنه التخلف.

و يضاف الي ذلك كله ما ورد من النص الخاص الدال علي جواز النسيئة لاحظ ما رواه أحمد بن محمد قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: اني اريد الخروج الي بعض الجبال «الجبل خ ل» فقال: ما للناس

بد من أن يضطربوا سنتهم هذا فقلت له: جعلت فداك انا اذا بعناهم نسيئة كان أكثر للربح قال: فبعهم بتأخير سنة قلت:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 163

لا يجب علي المشتري دفعه قبل الاجل و ان طالبه به البائع (1) و لكن يجب علي البائع اخذه اذا دفعه اليه المشتري قبله الا أن تكون القرينة علي كون التأجيل حقا للبائع أيضا (2) و يجب أن يكون الاجل معينا لا يتردد فيه بين الزيادة و النقصان فلو جعل الاجل قدوم زيد أو الدياس أو الحصاد أو جذاذ التمر أو نحو ذلك بطل العقد (3) و لو كانت معرفة

______________________________

بتأخير سنتين؟ قال: نعم قلت: بتأخير ثلاث؟ قال: لا «1».

و ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري من رجل جارية بثمن مسمي ثم افترقا فقال: وجب البيع و الثمن اذا لم يكونا اشترطا فهو نقد «2».

و ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر انه قال لأبي الحسن الرضا عليه السلام:

ان هذا الجبل قد فتح علي الناس منه باب رزق فقال: ان أردت الخروج فاخرج فانها سنة مضطرب و ليس للناس بد من معاشهم فلا تدع الطلب فقلت: انهم قوم ملاء و نحن نحتمل التأخير فنبايعهم بتأخير سنة قال: بعهم قلت: سنتين؟ قال:

بعهم قلت: ثلاث سنين؟ قال لا يكون لك شي ء أكثر من ثلاث سنين «3».

(1) كما هو ظاهر اذ المفروض انه يتحقق له بالشرط تسلط علي الابقاء و مطالبة البائع لا تؤثر اذ قلنا انه يلزمه بالاشتراط و يجب عليه الوفاء وضعا.

(2) كما سبق فانه ليس

لأحد مزاحمة الغير نعم اذا كان الاشتراط علي نحو يكون للبائع أيضا حق الا بقاء له أن لا يقبل.

(3) ما يمكن أن يذكر في وجهه امور: الاول: الاجماع. و فيه انه هل يمكن

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب أحكام العقود الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 164

الاجل محتاجة الي الحساب مثل اول الحمل أو الميزان فالظاهر البطلان (1) نعم لو كان الاجل اول الشهر القابل مع التردد في الشهر الحالي بين الكمال و النقصان فالظاهر الصحة (2).

[مسائل]
[مسألة 1: لو باع شيئا بثمن نقدا و بأكثر منه مؤجلا]

(مسألة 1): لو باع شيئا بثمن نقدا و بأكثر منه مؤجلا بأن قال بعتك الفرس بعشرة نقدا و بعشرين الي سنة فقبل المشتري فالمشهور البطلان و هو الاظهر (3).

______________________________

تحصيل الاجماع الكاشف في المقام مع الاستدلال بالوجوه المذكورة.

الثاني: قياس المقام بالبيع المؤجل فانه يستفاد من جملة من النصوص الواردة في باب السلف جواز تأجيل المبيع «1». و فيه: انه ربما يقال: بأن ملاكات الاحكام مجهولة و لا وجه لقياس المقام بذلك الباب.

الثالث: انه نهي عن بيع الغرر لاحظ ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله: و نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن بيع المضطر و عن بيع الغرر «2» و هذه الرواية ضعيفة سندا و ضعف الرواية الضعيفة لا ينجبر بالعمل مضافا الي أن الجهل مطلقا لا يستلزم الغرر الذي بمعني الخطر فالوجوه المذكورة لا تفي باثبات المدعي الا أن يقال: الامر ظاهر عند القوم و لا مجال للنقاش فلاحظ.

(1) للغرر.

(2) بلا كلام و لا اشكال فانه لا ريب في اغتفاره و السيرة جارية عليه.

(3) تارة يقع البحث من حيث القاعدة و اخري من حيث المستفاد من

النص الخاص فهنا مقامان: أما المقام الاول فنقول: الظاهر ان مقتضي القاعدة هو البطلان

______________________________

(1) لاحظ ص: 161- 162

(2) الوسائل الباب 40 من أبواب آداب التجارة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 165

______________________________

اذ البيع علي هذا النحو لم يتحقق. و بعبارة واضحة تارة بعد ايجاب البائع يقبل المشتري احد الامرين فالظاهر انه لا مانع من الصحة و اخري يقبل الانشاء المردد الصادر عن البائع كما هو ظاهر المتن فمقتضي القاعدة فساده اذ علي هذا لم تقع المعاملة علي شي ء و بعبارة اخري: البائع ينشئ انشاءين و يبيع بيعين و لكن المشتري لا يقبل احدهما فلا يتحقق عقد فلا يتم المعاملة.

و أما المقام الثاني فقد وردت في المقام عدة روايات: منها: ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام ان عليا عليه السلام قضي في رجل باع بيعا و اشترط شرطين بالنقد كذا و بالنسية كذا فأخذ المتاع علي ذلك الشرط فقال:

هو بأقل الثمنين و أبعد الاجلين يقول: ليس له الا أقلّ النقدين الي الاجل الذي أجله بنسية «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا فلا مجال لملاحظة دلالتها.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام من باع سلعة فقال: ان ثمنها كذا و كذا يدا بيد و ثمنها كذا و كذا نظرة فخذها بأي ثمن شئت و جعل «و اجعل يب» صفقتها واحدة فليس له الا اقلهما و ان كانت نظرة قال: و قال عليه السلام: من ساوم بثمنين أحدهما عاجلا و الاخر نظرة فليسم أحدهما قبل الصفقة «2». و المستفاد من هذه الرواية ان المشتري اذا قبل احد النحوين يصلح البيع و يتم

البيع له باقل الثمنين مع الاجل.

و منها: ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عليهم السلام في مناهي النبي صلي اللّه عليه و آله قال: و نهي عن بيعين في بيع «3». و هذه الرواية

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب أحكام العقود الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 166

[مسألة 2: لا يجوز تأجيل الثمن الحال]

(مسألة 2): لا يجوز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بازيد منه بأن يزيد فيه مقدارا ليؤخره الي اجل (1).

______________________________

ضعيفة بالحسين بن زيد حيث انه لم يوثق.

و منها: ما رواه سليمان بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن سلف و بيع و عن بيعين في بيع و عن بيع ما ليس عندك و عن ربح ما يضمن «1».

و هذه الرواية تدل علي بطلان بيعين في بيع علي الاطلاق و نسبة حديث ابن قيس الي هذه الرواية نسبة المقيد الي المطلق و الخاص الي العام فبمقتضي القاعدة يقيد المطلق بالمقيد و يخصص العام بالخاص فنلتزم بالصحة في هذا الفرد الخاص.

و منها: ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بعث رجلا الي أهل مكة و أمره أن ينهاهم عن شرطين في بيع «2».

و المراد من هذه الرواية اما النهي عن بيعين في بيع و اما أمر آخر فعلي الاول يكون الكلام فيها هو الكلام الذي مر في حديث سليمان بن صالح و علي الثاني لا ترتبط الرواية بالمقام و اللّه العالم.

(1) قال الشيخ الاعظم قدس سره: «لا خلاف- علي الظاهر من الحدائق- المصرح به في

غيره في عدم جواز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بازيد منه لأنه ربا لأن حقيقة الربا في القرض راجعة الي جعل الزيادة في مقابل امهال المقرض و تأخيره المطالبة الي اجل» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه. و يمكن الاستدلال

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 167

______________________________

مضافا الي ما ذكر من عدم الخلاف في عدم جوازه بوجوه الوجه الاول: ما عن ابن عباس قال: كان الرجل منهم اذا حل دينه علي غريمه فطالبه به قال المطلوب منه له: زدني في الاجل و ازيدك في المال فيتراضيان عليه و يعملان به فاذا قيل لهم هذا ربا قالوا هما سواء يعنون بذلك ان الزيادة في الثمن حال البيع و الزيادة فيه بسبب الاجل عند محل الدين سواء فذمهم اللّه به «1» فان هذه الرواية تدل بوضوح علي حرمة الزيادة لأجل التأخير.

الوجه الثاني: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام و الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انهما قالا في الرجل يكون عليه الدين الي اجل مسمي فيأتيه غريمه فيقول: انقدني من الذي لي كذا و كذا و أضع لك بقيته أو يقول انقد لي بعضا و امد لك في الاجل فيما بقي عليك قال: لا أري به بأسا ما لم يزدد علي رأس ماله شيئا يقول اللّه: لَكُمْ رُؤُسُ أَمْوٰالِكُمْ لٰا تَظْلِمُونَ وَ لٰا تُظْلَمُونَ «2». فان المستفاد من الحديث ان الزيادة للتأجيل حرام.

الوجه الثالث: ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يكون له مع رجل مال قرضا فيعطيه الشي ء من ربحه مخافة أن يقطع ذلك عنه فيأخذ ماله

من غير أن يكون شرط عليه قال: لا بأس بذلك «به خ ل» ما لم يكن شرطا «3» فان المستفاد من هذه الرواية ان اعطاء شي ء للدائن لأجل التأخير في المطالبة ما دام لا يكون بعنوان الشرط و الالزام لا بأس به.

______________________________

(1) مجمع البيان ج 2 ص: 389

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب الصلح الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 19 من أبواب الدين و القرض الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 168

و كذا لا يجوز أن يزيد في الثمن المؤجل ليزيد في الاجل (1) و يجوز عكس ذلك بأن يعجل المؤجل بنقصان منه علي وجه الصلح أو

______________________________

الوجه الرابع: النصوص الدالة علي جواز اعمال الحيلة الشرعية لتأجيل الدين لاحظ ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن رجل له مال علي رجل من قبل عينة عينها اياه فلما حال عليه المال لم يكن عنده ما يعطيه فأراد أن يقلب عليه و يربح أ يبيعه لؤلؤا أو غير ذلك ما يسوي مأئة درهم بألف درهم و يؤخره؟ قال: لا بأس بذلك و قد فعل ذلك أبي رضي اللّه عنه و أمرني أن افعل ذلك في شي ء كان عليه «1».

و ما رواه محمد بن اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام يكون لي علي الرجل دراهم فيقول أخرني بها و أنا اربحك فأبيعه بجبة «حبة خ ل» تقوم علي بألف درهم بعشرة آلاف درهم أو قال: بعشرين ألفا و اؤخره بالمال قال: لا بأس «2».

و ما رواه محمد بن اسحاق بن عمار قال: قلت للرضا عليه السلام: الرجل يكون له المال فيدخل علي صاحبه يبيعه لؤلؤة تسوي مأئة درهم بألف درهم

و يؤخر عنه المال الي وقت قال: لا بأس به قد أمرني ابي ففعلت ذلك و زعم انه سأل ابا الحسن عليه السلام عنها فقال: مثل ذلك «3» فان المستفاد من هذه النصوص ان التأجيل مع العوض بهذا النحو و بهذه الحيلة جائز فلو كانت الزيادة جائزة بلا اعمال الحيلة لم يكن وجه لأعمالها.

(1) كما هو مورد بعض النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم و الحلبي «4»

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب أحكام العقود الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) لاحظ ص: 167

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 169

الابراء (1) و يجوز بيع الاكثر المؤجل بالاقل الحال في غير ما يكال و يوزن و أما فيهما فلا يجوز لأنه ربا (2) و لا يجوز في الدين المؤجل أن ينقل بعضه قبل حلول الاجل علي أن يؤجل له الباقي الي أجل آخر (3).

[مسألة 3: إذا اشتري شيئا نسيئة جاز شرائه منه قبل حلول الأجل أو بعده بجنس الثمن أو بغيره]

(مسألة 3): اذا اشتري شيئا نسيئة جاز شرائه منه قبل حلول الاجل أو بعده بجنس الثمن أو بغيره مساويا له أو زائدا عليه أو ناقصا عنه حالا كان البيع الثاني أو مؤجلا (4) نعم اذا اشترط البائع علي المشتري في البيع الاول أن يبيعه عليه بعد شرائه بأقل مما اشتراه به أو شرط المشتري علي البائع في البيع الاول أن يشتريه منه بأكثر

______________________________

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية و يدل عليه حديث محمد بن مسلم و الحلبي.

(2) لوجود المقتضي و عدم المانع هذا في غير المكيل و الموزون و أما فيهما فلا يجوز للزوم الربا كما في المتن.

(3) لا أدري ما الوجه في عدم الجواز مع التصريح بعدم البأس في حديث محمد بن مسلم و الحلبي.

(4) لعدم دليل علي

المنع و مقتضي ادلة صحة البيع جوازه بل يدل علي الجواز بعض النصوص الخاصة لاحظ ما رواه بشار بن يسار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يبيع المتاع بنساء فيشتريه من صاحبه الذي يبيعه منه قال: نعم لا بأس به فقلت له: اشتري متاعي؟ فقال: ليس هو متاعك و لا بقرك و لا غنمك «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب أحكام العقود الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 170

مما اشتراه به فان المشهور فيه البطلان و هو الاظهر (1).

[الحاق في المساومة و المرابحة و المواضعة و التولية]
اشارة

الحاق في المساومة و المرابحة و المواضعة و التولية:

التعامل بين البائع و المشتري تارة يكون بملاحظة رأس المال الذي اشتري به البائع السلعة و اخري لا يكون كذلك و الثاني يسمي مساومة و هذا هو الغالب المتعارف و الاول تارة يكون بزيادة علي رأس المال و اخري بنقيصة عنه و ثالثة بلا زيادة و لا نقيصة و الاول يسمي مرابحة و الثاني مواضعه و الثالث يسمي تولية (2).

______________________________

(1) في المقام حدثيان: احدهما: ما رواه الحسين بن المنذر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: يجيئني الرجل فيطلب العينة فأشتري له المتاع مرابحة ثم أبيعه إياه ثم اشتريه منه مكاني قال: اذا كان بالخيار ان شاء باع و ان شاء لم يبع و كنت أنت بالخيار ان شئت اشتريت و ان شئت لم تشتر فلا بأس فقلت: ان أهل المسجد يزعمون ان هذا فاسد و يقولون: ان جاء به بعد أشهر صلح قال: انما هذا تقديم و تاخير فلا بأس «1» و هذه الرواية ضعيفة بالحسين بن المنذر حيث انه لم يوثق.

ثانيها: ما رواه علي بن جعفر «2» و هذه الرواية تامة سندا و

حيث ان عدم البأس علق في كلامه عليه السلام علي عدم الاشتراط يستفاد فساد البيع معه و لكن الظاهر من الرواية صورة الاشتراط من قبل البائع فلا وجه لتسرية الحكم إلي جانب المشتري كما في المتن و اللّه العالم.

(2) قال في الحدائق في مقام بيان أقسام البيع بالنسبة الي الاخبار بالثمن و عدمه:

«لا يخلو عن اقسام اربعة: لأنه اما أن يخبر بالثمن أولا الثاني المساومة و الاول

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 130

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 171

[مسألة 1: لا بد في جميع الأقسام الثلاثة من ذكر الثمن تفصيلا]

(مسألة 1): لا بد في جميع الاقسام الثلاثة من ذكر الثمن تفصيلا (1) فلو قال: بعتك هذه السلعة برأس مالها و زيادة درهم أو بنقيصة درهم أو بلا زيادة و لا نقيصة لم يصح حتي يقول بعتك هذه السلعة بالثمن الذي اشتريتها به و هو مائة درهم بزيادة درهم مثلا أو نقيصة أو بلا زيادة و لا نقيصة (2).

[مسألة 2: إذا قال البائع: بعتك هذه السلعة بمائة درهم و ربح في كل عشرة]

(مسألة 2): اذا قال البائع: بعتك هذه السلعة بمائة درهم و ربح في كل عشرة فان عرف المشتري ان الثمن مائة و عشرة دراهم صح البيع بل الظاهر الصحة اذا لم يعرف المشتري ذلك حال البيع و يعرفه بعد الحساب و كذلك الحكم في المواضعة كما اذا قال: بعتك بمائة

______________________________

اما يبيعه برأس ماله أو بزيادة عليه او بنقيصة عنه و الاول التولية و الثاني المرابحة و الثالث المواضعة» الي آخره.

(1) و الدليل عليه ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام انا نبعث بالدراهم لها صرف الي الاهواز فيشتري لنا به المتاع ثم نلبث فاذا باعه وضع عليه صرف فاذا بعناه كان علينا أن نذكر له صرف الدراهم في المرابحة و يجزينا عن ذلك؟ فقال: لا بل اذا كانت المرابحة فاخبره بذلك و ان كانت مساومة فلا بأس «1».

(2) فان المستفاد من رواية اسماعيل انه لا بد من الذكر مضافا الي انه لو لم يذكر يلزم الغرر الذي بنوا علي بطلان البيع بلزومه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب أحكام العقود

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 172

درهم مع خسران درهم في كل عشرة (1).

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني

منهاج الصالحين؛ ج 8، ص: 172

[مسألة 3: إذا كان الشراء بالثمن المؤجل وجب علي البائع مرابحة أن يخبر الأجل]

(مسألة 3): اذا كان الشراء بالثمن المؤجل وجب علي البائع مرابحة أن يخبر الاجل فان اخفي تخير المشتري بين الرد و الامساك بالثمن (2).

[مسألة 4: إذا اشتري جملة صفقة بثمن لم يجز له بيع افرادها مرابحة بالتقويم إلا بعد الإعلام]

(مسألة 4): اذا اشتري جملة صفقة بثمن لم يجز له بيع افرادها مرابحة بالتقويم الا بعد الاعلام (3).

______________________________

(1) للإطلاق المنعقد في حديث اسماعيل فان مقتضي اطلاقه هو الجواز مع ذكر راس المال و الربح هذا فيما لا يكون فيه غرر و اما معه فعلي القول ببطلان بيع الغرر يشكل الالتزام بالصحة لمانعية الغرر عن صحة البيع و الجواز المستفاد من حديث اسماعيل ناظر الي هذه المرابحة المذكورة في كلام الراوي في الحديث لا الصحة علي الاطلاق من جميع الجهات.

(2) الظاهران الوجه فيه: ان للأجل قسطا من الثمن فاذا أخفي الاجل لم يبع مرابحة فالمشتري الفسخ لأنه خلاف الشرط الضمني و الظاهر من حديث اسماعيل بن عبد الخالق بطلان البيع و اللّه العالم.

(3) لحديث اسماعيل بن عبد الخالق فان المستفاد منه اشتراط بيع المرابحة ببيان الثمن و لحديث محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في الرجل يشتري المتاع جميعا بثمن ثم يقوم كل ثوب بما يسوي حتي يقع علي رأس ماله يبيعه مرابحة ثوبا ثوبا قال: لا حتي يبين له انه انما قومه «1».

و حديث أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يشتري المتاع جميعا بالثمن ثم يقوم كل ثوب بما يسوي حتي يقع علي رأس ماله جميعا

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب أحكام العقود الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 173

[مسألة 5: إذا تبين كذب البائع في إخباره برأس المال]

(مسألة 5): اذا تبين كذب البائع في اخباره برأس المال كما اذا أخبر أن رأس ماله مائة و باع بربح عشرة و كان في الواقع رأس المال تسعين صح البيع و تخير المشتري بين فسخ البيع و امضائه بتمام الثمن المذكور في العقد و هو مائة و عشرة (1).

[مسألة 6: إذا اشتري سلعة بثمن معين مثل مائة درهم و لم يعمل فيها شيئا كان ذلك رأس مالها]

(مسألة 6): اذا اشتري سلعة بثمن معين مثل مائة درهم و لم يعمل فيها شيئا كان ذلك رأس مالها و جاز له الاخبار بذلك (2) أما اذا عمل في السلعة عملا فان كان باجرة جاز ضم الاجرة الي رأس المال فاذا كانت الاجرة عشرة جاز له أن يقول: بعتك السلعة برأس مالها مائة و عشرة و ربح كذا (3) و ان كان العمل بنفسه و كان له

______________________________

أ يبيعه مرابحة؟ قال: لا حتي يبين له انما قوله «1» مضافا الي دعوي الاجماع علي الحكم.

(1) هذا هو المشهور بين القوم علي ما في الحدائق و تقريب الصحة مع الخيار ان التراضي بين البائع و المشتري وقع علي هذا المقدار من الثمن فيصح البيع و أما الخيار فلأجل كذب البائع و اشتراط الخيار الضمني و لكن الذي يختلج بالبال أن يقال ان مقتضي حديث اسماعيل بن عبد الخالق بطلان البيع فلاحظ.

(2) كما هو ظاهر واضح و لا اشكال فيه.

(3) بتقريب: ان رأس ماله في العين المذكورة الثمن و العشرة الزائدة فيصح القول المذكور و لا موجب للفساد و لا للخيار.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 174

اجرة لم يجز له أن يضم الاجرة الي رأس المال بل يقول: رأس المال مائة و عملي يساوي كذا و بعتكها بما ذكر و ربح كذا (1) و اذا اشتري معيبا

فرجع علي البائع بالارش كان الثمن ما بقي بعد الارش (2) و لو اسقط البائع بعض الثمن تفضلا منه أو مجازاة علي الاحسان لم يسقط ذلك من الثمن بل رأس المال هو الثمن في العقد (3).

[الفصل التاسع الربا]

اشارة

الفصل التاسع الربا و هو قسمان: الاول: ما يكون في المعاملة (4).

______________________________

(1) اذ المفروض ان العمل عمل نفسه فلا يكون رأس المال الا مائة و أما مع بيان رأس المال و التصريح بعمله فيه فلا وجه للفساد كما هو ظاهر.

(2) لان الثمن في الحقيقة المقدار الباقي بعد الارش فلا بد من اخراج الارش.

(3) اذ الاسقاط لا يوجب تغييرا في الثمن كما لو وهبه شيئا آخر فهل يتوهم ارتباطه بالثمن.

(4) و هو المبحوث عنه في المقام و لا اشكال في حرمته و ادعي في الجواهر ان حرمته بالكتاب لاحظ قوله تعالي: «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبٰا لٰا يَقُومُونَ إِلّٰا كَمٰا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطٰانُ مِنَ الْمَسِّ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قٰالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبٰا وَ أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبٰا فَمَنْ جٰاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهيٰ فَلَهُ مٰا سَلَفَ وَ أَمْرُهُ إِلَي اللّٰهِ وَ مَنْ عٰادَ فَأُولٰئِكَ أَصْحٰابُ النّٰارِ هُمْ فِيهٰا خٰالِدُونَ يَمْحَقُ اللّٰهُ الرِّبٰا وَ يُرْبِي الصَّدَقٰاتِ وَ اللّٰهُ لٰا يُحِبُّ كُلَّ كَفّٰارٍ أَثِيمٍ «1»».

______________________________

(1) البقرة/ 274

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 175

______________________________

و قوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعٰافاً مُضٰاعَفَةً وَ اتَّقُوا اللّٰهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» «1» و السنة لاحظ ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: درهم ربا «عند اللّه يب ية» اشد من سبعين زنية كلها بذات محرم «2».

و ما رواه سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه السلام قال: اخبث المكاسب

كسب الربا «3» و لاحظ بقية الروايات في الباب: 1 من أبواب الربا من الوسائل.

و باجماع المؤمنين بل المسلمين ثم قال: «بل لا يبعد كونه من ضروريات الدين».

و في المقام شبهة و هي: ان المستفاد من الاية الكريمة حرمة الزيادة فلا تكون المعاملة باطلة بل الزيادة حرام تكليفا. و يذب الاشكال المذكور مضافا الي التسالم علي بطلان بيع الربوي انه لا كلام في حرمة الزيادة و عدم صيرورتها ملكا لمن يأخذها فلا يصح البيع بالنسبة اليها و عدم الصحة بالنسبة اليها يستلزم البطلان علي الاطلاق لان المفروض ان المقصود لم يقع و غير المقصود لا مقتضي لصحته و لا يقاس المقام بالعقد الواقع علي الشاة و الخنزير اذ المفروض وقوع مقدار من الثمن مقابل الشاة و مقدار منه في مقابل الخنزير فالبطلان بالنسبة الي الخنزير لا يستلزم البطلان بالنسبة الي الشاة اضف الي ذلك ان وحدة السياق تقتضي الحرمة الوضعية فان قوله تعالي: «أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ» «4» ارشاد الي الصحة الوضعية فبمقتضي وحدة السياق يكون المراد من قوله تعالي: «وَ حَرَّمَ الرِّبٰا» 5 الفساد الوضعي

______________________________

(1) آل عمران/ 129

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الربا الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) (4 و 5) البقرة/ 274

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 176

الثاني: ما يكون في القرض و يأتي حكمه في كتاب القرض ان شاء اللّه تعالي (1).

أما الاول: فهو بيع احد المثلين بالاخر مع زيادة عينية في أحدهما كبيع من من الحنطة بمنين أو من من الحنطة بمن و درهم (2) أو زيادة حكمية كبيع من من حنطة نقدا بمن من حنطة نسيئة (3).

______________________________

فالنتيجة ان البيع الربوي فاسد وضعا.

(1) و نتعرض لشرح كلامه هناك ان شاء اللّه

تعالي فانتظر.

(2) قال في الجواهر: «و كيف كان فهو اي الربا يثبت في البيع بلا خلاف بين المسلمين بل هو كالضروري من الدين لكن مع وصفين: احدهما: اتحاد الثمن و المثمن في الجنسية و الثاني كونهما مما يعتبران بالكيل و الوزن» انتهي.

(3) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي امور: منها: الاجماع. و فيه ان تتحقق الاجماع اول الكلام فان السيد اليزدي قدس سره أفاد: بأنه عن الأردبيلي قدس سره عدم الربا في الزيادة الحكمية و علي فرض تحقق الاجماع و حصوله يحتمل كونه مدركيا.

و منها: ما رواه خالد بن الحجاج قال: سألته عن الرجل كانت لي عليه مأئة درهم عددا قضانيها مأئة وزنا قال: لا بأس ما لم يشترط و قال: جاء الربا من قبل الشروط انما يفسده الشروط «1» بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان الربا من قبل الشروط. و فيه ان السند ضعيف فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالته.

و منها: ان المستفاد من الدليل اشتراط المثلية في الاجناس الربوية لاحظ ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه قال: يا عمر قد أحل اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الصرف الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 177

و هل يختص تحريمه بالبيع أو يجري في غيره من المعاوضات؟ قولان و الاظهر اختصاصه بما كانت المعاوضة فيه بين العينين سواء أ كانت بعنوان البيع أم بعنوان الصلح مثل صالحتك علي أن تكون هذه العشرة التي لك بهذه الخمسة التي لي (1).

______________________________

البيع و حرم الربا بع و اربح و لا تربه قلت: و ما الربا؟ قال: دراهم بدراهم مثلين بمثل و حنطة بحنطة مثلين بمثل «1».

و ما رواه الحلبي

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الفضة بالفضة مثلا بمثل و الذهب بالذهب مثلا بمثل ليس فيه زيادة و لا نقصان الزائد و المستزيد في النار «2».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: الدقيق بالحنطة و السويق بالدقيق مثل بمثل لا بأس به «3».

فان المستفاد من هذه الروايات اشتراط المماثلة و بالشرط لا تتحقق المماثلة فتبطل المعاملة. و الانصاف: ان الجزم بهذا التقريب مشكل فان الظاهر منها اشتراط المماثلة في العوضين بأن لا يكون احدهما أزيد عن الاخر و هذا العنوان لا يزول بالاشتراط و ان ابيت فلا أقلّ من الاجمال فالادلة الاولية الدالة علي الصحة محكمة.

(1) قال السيد اليزدي قدس سره: «الاقوي ما هو المشهور من جريان الربا في غير البيع من المعاوضات خلافا للحلي و العلامة فخصاه بالبيع و القرض» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه و لا يبعد أن يكون الامر كذلك بمقتضي جملة من النصوص:

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الربا الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الصرف الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب الربا الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 178

______________________________

منها: ما رواه الحلبي «1» فان المستفاد من هذه الرواية اشتراط أن يكون الفضة في مقابلها مثلا بمثل و مقتضي اطلاق الرواية عدم اختصاص الحكم في الذهب.

و منها: ما رواه أبو بصير و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الحنطة و الشعير رأسا برأس لا يزداد واحد منهما علي الاخر «2» فان المستفاد من الرواية ان الحنطة في مقابل الشعير بلا زيادة احدهما علي الاخر. و منها: ما رواه زرارة «3» و التقريب هو التقريب.

و منها: جملة اخري من الروايات لاحظ

ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أ يجوز قفيز من حنطة بقفيزين من شعير؟ فقال:

لا يجوز الا مثلا بمثل ثم قال: ان الشعير من الحنطة «4».

و ما رواه صفوان عن رجل من أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الحنطة و الدقيق لا بأس به رأسا برأس «5».

و ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحنطة بالدقيق فقال:

اذا كان سواء فلا بأس و الا فلا «6».

و ما رواه سيف التمار قال: قلت لأبي بصير: احب أن تسأل أبا عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) لاحظ ص: 177

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الربا الحديث 3

(3) لاحظ ص: 177

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب الربا الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 9 من أبواب الربا الحديث: 5

(6) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 179

أما اذا لم تكن المعاوضة بين العينين كالصلح في مثل صالحتك علي أن تهب لي تلك العشرة و أهب لك هذه الخمسة و كالإبراء في مثل ابرأتك علي الخمسة التي لي عليك بشرط أن تبرئني عن العشرة التي لك علي و نحوها فالظاهر الصحة (1).

______________________________

عن رجل استبدل قوصرتين فيهما بسر مطبوخ بقوصرة فيها تمر مشقق قال: فسأله أبو بصير عن ذلك فقال: هذا مكروه فقال أبو بصير و لم يكره؟ فقال: ان علي بن أبي طالب عليه السلام كان يكره أن يستبدل وسقا من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر لان تمر المدينة أدونهما و لم يكن علي عليه السلام يكره الحلال «1».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: كان علي عليه السلام

يكره أن يستبدل وسقا من تمر خيبر بوسقين من تمر المدينة لان تمر خيبر أجودهما «2».

و ما رواه ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان علي عليه السلام يكره أن يستبدل و سقين من تمر المدينة بوسق من تمر خيبر «3» و ما رواه محمد ابن قيس قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يكره وسقا من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر لان تمر المدينة أجودهما «4» فالنتيجة ان الحكم عام كما في المتن و اللّه العالم.

(1) لخروج الفرض عن موضوع نصوص المنع فان المنهي عنه المقابلة بين الزائد و الناقص في الاجناس الربوية و في المقام لا يكون كذلك كما هو ظاهر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الربا الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 180

يشترط في تحقق الربا في المعاملة امران: الاول: اتحاد الجنس و الذات عرفا (1).

______________________________

(1) بلا اشكال و لا كلام عندهم و تدل علي المدعي جملة من النصوص لاحظ ما رواه الحلبي «1» و ما رواه الوليد بن صبيح قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: الذهب بالذهب و الفضة بالفضة الفضل بينهما هو الربا المنكر «2».

و ما رواه محمد عن أبي جعفر عليه السلام انه قال: في الورق بالورق وزنا بوزن و الذهب بالذهب وزنا بوزن «3».

و ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تبيعوا درهمين بدرهم قال: و منع التصريف و قال: من كانت عنده دراهم فسول فليبعهن بأثمانهن بما شاء من المتاع «4».

و ما رواه الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام في

مناهي النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم قال: و نهي عن بيع الذهب بالذهب زيادة الا وزنا بوزن «5».

و ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الدرهم بالدرهم و الرصاص فقال: الرصاص باطل «6».

______________________________

(1) لاحظ ص: 177

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الصرف الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

(6) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 181

______________________________

و ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الرجل يبيع الرجل الطعام الاكرار فلا يكون عنده ما يتم له ما باعه فيقول له: خذ مني مكان كل قفيز حنطة قفيزين من شعير حتي تستوفي ما نقص من الكيل قال: لا يصلح لان أصل الشعير من الحنطة و لكن يرد عليه الدراهم بحساب ما ينقص من الكيل «1».

و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «2» و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال: لا يباع مختومان من شعير بمختوم من حنطة و لا يباع الا مثلا «مثل» بمثل و التمر «و الثمن خ ل» مثل ذلك قال: و سئل عن الرجل يشتري الحنطة فلا يجده صاحبها الا شعيرا أ يصلح له أن يأخذ اثنين بواحدة؟ قال:

انما أصلهما واحد و كان علي عليه السلام يعد الشعير بالحنطة «3».

و ما رواه محمد بن مسلم في حديث قال: اذا اختلف الشيئان فلا بأس به مثلين بمثل يدا بيد «4».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ما كان من طعام مختلف أو متاع أو شي ء من الاشياء يتفاضل فلا بأس ببيعه

مثلين بمثل يدا بيد فأما نظرة فلا يصلح «5».

و ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال المختلف مثلان بمثل يدا بيد لا بأس 6.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الربا الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 178

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب الربا الحديث: 4

(4) الوسائل: الباب 13 من أبواب الربا الحديث: 1

(5) (5 و 6) نفس المصدر الحديث: 2 و 9

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 182

______________________________

و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل اشتري سمنا ففضل له فضل أ يحل له أن يأخذ مكانه رطلا او رطلين زيت؟ قال اذا اختلفا و تراضيا فلا بأس «1».

و ما رواه سماعة قال: سألته عن الطعام و التمر و الزبيب فقال: لا يصلح شي ء منه اثنان بواحد الا أن يصرفه نوعا الي نوع آخر فاذا صرفته فلا بأس اثنين بواحد و اكثر «من ذلك يه» «2».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: الكيل يجري مجري واحد قال: و يكره قفيز لوز بقفيزين و قفيز تمر بقفيزين و لكن صاع حنطة بصاعين تمر و صاع تمر بصاعين زبيب اذا اختلف هذا و الفاكهة اليابسة تجري مجري واحد و قال: لا بأس بمعاوضة المتاع ما لم يكن كيلا أولا وزنا «كيل او وزن خ ل» «3».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن الزيت بالسمن اثنين بواحد قال: يد بيد لا بأس «4».

و ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن البيضة بالبيضتين قال: لا بأس به و الثوب بالثوبين قال: لا بأس به

و الفرس بالفرسين

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 183

و ان اختلفت الصفات فلا يجوز بيع من من الحنطة الجيدة بمنين من الرديئة و لا بيع من من الارز الجيد كالعنبر بمنين منه أو من الردي ء كالحويزاوي (1) أما اذا اختلفت الذات فلا بأس كبيع من من الحنطة بمنين من الارز (2).

______________________________

فقال: لا بأس به ثم قال: كل شي ء يكال أو يوزن فلا يصلح مثلين بمثل اذا كان من جنس واحد فاذا كان لا يكال و لا يوزن فلا بأس به اثنين بواحد «1».

و المراد بالجنس النوع المنطقي الذي هو جنس عرفي لغوي و ضابطه أن يكون له اسم خاص و لم يكن تحته قدر مشترك يسمي باسم خاص كالحنطة و التمر و الزبيب و الذهب و الفضة و نحوها مما يكون الاقدار المشتركة التي تحتها اصنافا لها و ليس لها اسم خاص بل تذكر مع الوصف فيقال: الحنطة الحمراء أو الصفراء او الجيدة أو الرديئة أو نحو ذلك و كذلك في بقية المذكورات و علي ما ذكر فمثل الطعام و الحب و نحوهما مما يكون تحته اقدار مشتركة كالحنطة و الشعير و الماش و العدس لا تعد جنسا واحدا فلا يكون مثل الحنطة و الماش من جنس واحد.

(1) لإطلاق النصوص الواردة في المقام فان مقتضي اطلاق النهي عن الزيادة في المماثل عدم الفرق في الخصوصيات كالجودة و الرداءة و يدل علي المدعي جملة من النصوص: لاحظ أحاديث سيف التمار و عبد اللّه بن سنان و ابن مسكان و محمد ابن قيس «2».

(2) كما هو ظاهر اذ المفروض اختلاف الجنس.

______________________________

(1) الوسائل

الباب 16 من أبواب الربا الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 178 و 179

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 184

الثاني: أن يكون كل من العوضين من المكيل او الموزون (1).

فان كان مما يباع بالعد كالبيض و الجوز فلا بأس فيجوز بيع بيضة

______________________________

(1) بلا كلام و تدل عليه جملة من النصوص لاحظ ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يكون الربا الا فيما يكال أو يوزن «1» و ما رواه عمر بن يزيد «2».

و ما رواه عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا يكون الربا الا فيما يكال أو يوزن «3».

و ما رواه أبو الربيع الشامي قال: كره أبو عبد اللّه عليه السلام قفيز لوز بقفيزين لوز و قفيزا من تمر بقفيزين من تمر «4».

و ما رواه منصور قال: سألته عن الشاة بالشاتين و البيضة بالبيضتين قال: لا بأس ما لم يكن كيلا أو وزنا «5».

و أما كون الميزان في المكيل و الموزون بزمان النّبيّ صلي اللّه عليه و آله فلا دليل عليه و الاجماع المدعي في المقام لا يكون حجة فانه قد ثبت في محله انه لا اعتبار بالإجماع المنقول و علي الجملة الظاهر من الادلة ان حرمة الربا كبقية الاحكام رتبت علي المكيل و الموزون علي نحو القضية الحقيقية ففي كل مورد و في كل زمان تحقق الموضوع يترتب عليه حكمه و لا خصوصية لزمان النبي الاكرم صلي اللّه عليه و آله و سلم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الربا الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 176

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب الربا الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 185

ببيضتين و جوزة

بجوزتين (1).

[مسألة 1: الحنطة و الشعير في باب الربا جنس واحد]

(مسألة 1): الحنطة و الشعير في باب الربا جنس واحد فلا يباع من من حنطة بمنين من الشعير (2) و ان كانا في باب الزكاة جنسين فلا يضم احدهما الي الاخر في تكميل النصاب فلو كان عنده نصف

______________________________

(1) لعدم دخوله في موضوع الحرمة فلا وجه لها.

(2) لجملة من النصوص لاحظ احاديث هشام و عبد الرحمن و أبي بصير و الحلبي «1».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و لا يصلح الشعير بالحنطة الا واحد بواحد «2».

و ما رواه سماعة قال: سألته عن الحنطة و الشعير فقال: اذا كانا سواء فلا بأس قال:

و سألته عن الحنطة و الدقيق «بالدقيق خ ل» فقال: اذا كانا سواء فلا بأس «3».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: لا يصلح الحنطة و الشعير الا واحدا بواحد و قال: الكيل يجري مجري واحدا «4».

و ما رواه محمد بن قيس عن ابي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا تبع الحنطة بالشعير إلا يدا بيد و لا تبع قفيزا من حنطة بقفيزين من شعير الحديث «5».

______________________________

(1) لاحظ ص: 181 و 178

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الربا الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 186

نصاب حنطة و نصف نصاب شعير لم تجب فيهما الزكاة (1) و الظاهر ان العلس ليس من جنس الحنطة و السلت ليس من جنس الشعير (2).

[مسألة 2: اللحوم و الألبان و الأدهان تختلف باختلاف الحيوان]

(مسألة 2): اللحوم و الالبان و الادهان تختلف باختلاف الحيوان فيجوز بيع حقة من لحم الغنم بحقتين من لحم البقر و كذا الحكم في لبن الغنم

بلبن البقر فانه يجوز بيعهما مع التفاضل (3).

[مسألة 3: التمر بأنواعه جنس واحد]

(مسألة 3): التمر بانواعه جنس واحد (4) و الحبوب كل واحد منها جنس فالحنطة و الارز و الماش و الذرة و العدس و غيرها كل واحد

______________________________

(1) و الوجه فيه انه لا اشكال في عدم اتحادهما جنسا فعدم الاحتساب في باب الزكاة علي طبق القاعدة الاولية و انما خرجنا عن القاعدة في المقام للنصوص الخاصة.

(2) أما علي تقدير صحة السلب فالامر ظاهر و أما مع الشك في الصدق فايضا لا يلحقان بهما حكما لعدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية بل يمكن احراز عدم الصدق بالاستصحاب بناء علي ما بنينا عليه من جريانه في الشبهات المفهومية.

(3) قال في الجواهر: «و اللحوم مختلفة في الجنس بحسب اختلاف اسماء الحيوان بلا خلاف بل في التذكرة الاجماع عليه و الاشتراك في اسم اللحم لا يقتضي الاتحاد كالاشتراك في اسم الحيوان».

و الامر كما أفاده و بعبارة اخري: مجرد اشتراك جنسين تحت جامع واحد و عنوان فارد لا يوجب كونهما من جنس واحد و الا يلزم اتحاد جميع الاجناس لاشتراكها في عنوان الشي ء و هو كما تري فالميزان ما تقدم في بيان وحدة الجنس و تعدده.

(4) فان كل واحد من أفراده مصداق للتمر و انما الاختلاف في الخصوصيات فانه تارة يوصف بالرطب و اخري باليابس و ثالثة باضافته الي نخل خاص و هكذا.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 187

جنس (1) و الفلزات من الذهب و الفضة و الصفر و الحديد و الرصاص و غيرها كل واحد منها جنس برأسه (2).

[مسألة 4: الضأن و المعز جنس واحد]

(مسألة 4) الضأن و المعز جنس واحد (3) و البقر و الجاموس جنس واحد (4) و الابل العراب و البخاتي جنس واحد (5) و الطيور كل صنف يختص باسم فهو جنس واحد

في مقابل غيره فالعصفور غير الحمام و كل ما يختص باسم من الحمام جنس في مقابل غيره فالفاختة و الحمام المتعارف جنسان (6) و السمك جنس واحد علي قول و اجناس علي قول آخر و هو أقوي (7).

______________________________

(1) فان كل واحد منها له عنوان خاص و لا اشتراك بينها الا العنوان الجامع العام الذي يجمع المختلفات و المتشتتات.

(2) الامر فيها كما في الحبوب طابق النعل بالنعل.

(3) الامر كما أفاده و العرف ببابك قال في الجواهر في هذا المقام: «بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع في محكي الكتابين عليه لدخولهما تحت لفظ الغنم الظاهر في أنه اسم للنوع الذي لا يقدح في اتحاد الحقيقة فيه مثل هذا الاختلاف كالإنسان».

(4) قال في الجواهر في شرح قول المصنف في هذا المقام: «اجماعا في المحكي عن الغنية و التذكرة مؤيدا بما تقدم في باب الزكاة لدخولهما تحت لفظ البقر لغة» إلي آخر كلامه.

(5) قال في الجواهر: «بلا خلاف أيضا و الاجماع في محكي الكتابين عليه نحو ما عرفت» انتهي.

(6) الامر كما أفاده فان هذا هو الميزان في الاتحاد و التعدد.

(7) الانصاف ان الجزم باحد الطرفين مشكل اذ السموك بجميعها داخلة تحت

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 188

[مسألة 5: الوحشي من كل حيوان مخالف للأهلي]

(مسألة 5): الوحشي من كل حيوان مخالف للأهلي فالبقر الاهلي يخالف الوحشي فيجوز التفاضل بين لحميهما و كذا الحمار الاهلي و الوحشي و الغنم الاهلي و الوحشي (1).

[مسألة 6: كل اصل مع ما يتفرع عنه جنس واحد]

(مسألة 6): كل اصل مع ما يتفرع عنه جنس واحد و كذا الفروع بعضها مع بعض كالحنطة و الدقيق و الخبز و كالحليب و اللبن و الجبن و الزبد و السمن و كالبسر و الرطب و التمر و الدبس (2).

______________________________

عنوان السمك كما ان جميع أقسام التمر داخل تحت عنوان التمر و من ناحية اخري السمك له أنواع خاصة يغاير كل منها الأنواع الاخر و اذا وصلت النوبة الي الشك يشكل الجزم بالحكم لعدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

(1) الانصاف انه لا فرق بينهما من حيث كونهما داخلين تحت مفهوم واحد و هو الضابط الكلي كما تقدم فان لم يتم اجماع تعبدي علي الحكم يشكل الالتزام بالجواز و طريق الاحتياط ظاهر.

(2) ادعي عليه عدم الخلاف بل الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له ما تقول في البسر بالسويق؟ فقال: مثلا بمثل لا بأس؟ قلت: انه يكون له ريع «أو أي خ ل» انه يكون له فضل فقال: أ ليس له مؤنة؟ فقلت: بلي قال: هذا بذا و قال: اذا اختلف الشيئان فلا بأس مثلين بمثل يدا بيد «1» و ما رواه صفوان «2» و ما رواه زرارة «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الربا الحديث 1

(2) لاحظ ص: 178

(3) لاحظ ص: 177

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 189

[مسألة 7: إذا كان الشي ء مما يكال أو يوزن و كان فرعه لا يكال و لا يوزن جاز بيعه مع اصله بالتفاضل]

(مسألة 7): اذا كان الشي ء مما يكال أو يوزن و كان فرعه لا يكال و لا يوزن جاز بيعه مع اصله بالتفاضل كالصوف الذي هو من الموزون و الثياب المنسوجة منه التي ليست منه فانه يجوز بيعها به مع التفاضل و كذلك القطن

و الكتان و الثياب المنسوجة منهما (1).

______________________________

و ما رواه محمد بن مسلم و زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: الحنطة بالدقيق مثلا بمثل و السويق بالسويق مثلا بمثل و الشعير بالحنطة مثلا بمثل لا بأس به «1» و ما رواه سماعة «2» و ما رواه علي بن ابراهيم مرسلا «3».

و يمكن الاستدلال بما ورد في بعض النصوص الدالة علي اتحاد الحنطة و الشعير من حيث الحكم لاحظ ما رواه هشام و عبد الرحمن «4» فان عموم التعليل يقتضي عموم الحكم و العمدة الوجه الاخير اذ الاجماع مخدوش اولا فعن الأردبيلي الخدشة في هذه الكلية و ثانيا علي فرض تحققه يمكن أن يكون مدركيا فلا يكون كاشفا تعبديا عن رأي المعصوم عليه السلام و اما النصوص الدالة علي وحدة الحكم في جملة من الموارد فلا أثر لها للحكم الكلي لأنها واردة في تلك الموارد فقط و الكلية تحتاج الي الدليل و أما مرسل علي بن ابراهيم «5» فغير معتبر لإرساله و كون المرسل مثله لا يفيد كما حققناه في محله فليس الا عموم التعليل المقتضي لتسرية الحكم و اللّه العالم.

(1) فان الحكم تابع لموضوعه و بعبارة اخري: كل موضوع شرط بالنسبة الي

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب الربا الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 185

(3) الوسائل الباب 17 من أبواب الربا الحديث: 12

(4) لاحظ ص: 181

(5) الوسائل الباب 17 من أبواب الربا الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 190

[مسألة 8: إذا كان الشي ء في حال موزونا أو مكيلا و في حال أخري ليس كذلك لم يجز بيعه بمثله متفاضلا في الحال الأولي]

(مسألة 8): اذا كان الشي ء في حال موزونا أو مكيلا و في حال اخري ليس كذلك لم يجز بيعه بمثله متفاضلا في الحال الاولي و جاز في الحال الثانية (1).

[مسألة 9: الأحوط عدم جواز بيع لحم حيوان بحيوان حي بجنسه]

(مسألة 9): الاحوط عدم جواز بيع لحم حيوان بحيوان حي بجنسه بل بغير جنسه أيضا كبيع لحم الغنم ببقرة و ان كان الاظهر الجواز في الجميع (2).

[مسألة 10: إذا كان للشي ء حالتان حالة رطوبة و حالة جفاف كالرطب يصير تمرا و العنب يصير زبيبا و الخبز اللين يكون يابسا]

(مسألة 10): اذا كان للشي ء حالتان حالة رطوبة و حالة جفاف كالرطب يصير تمرا و العنب يصير زبيبا و الخبز اللين يكون يابسا يجوز بيعه جافا بجاف منه و رطبا برطب منه متماثلا (3) و لا يحوز

______________________________

حكمه المترتب عليه و مع فرض تحقق الشرط يتحقق المشروط.

(1) الكلام فيه هو الكلام فان الاحكام الشرعية مترتبة علي موضوعاتها ففي كل زمان تحقق الموضوع يترتب عليه حكمه.

(2) و المدرك في هذا الحكم ما رواه غياث بن ابراهيم عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام كره بيع اللحم بالحيوان «1».

و الظاهر من الرواية الحكم التكليفي ان قلت: المذكور في الرواية عنوان الكراهة و هذا العنوان اعم من الحرمة قلت: الامر و ان كان كما ذكرت لكن قد ذكر في بعض الروايات ان عليا عليه السلام لم يكن يكره الحلال لاحظ ما رواه سيف التمار «2» فالنتيجة انه يشكل الجزم بالجواز و الاحتياط طريق النجاة.

(3) كما هو ظاهر اذ لا موجب لعدم الجواز.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الربا

(2) لاحظ ص: 178

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 191

متفاضلا (1) و أما بيع الرطب منه بالجفاف متماثلا ففيه اشكال (2) و الاظهر الجواز علي كراهة (3).

______________________________

(1) لحرمة الربا.

(2) منشأ الاشكال عدم التماثل في المقدار فان الجاف أزيد.

(3) لأنه يصدق التماثل في الوزن و بعبارة اخري: الرطوبة الموجودة في الرطب ليست خارجة و لا تحسب اجنبيا عنها و علي الجملة يصدق بيع احد المصداقين بالمصداق الاخر بلا تفاضل فيجوز هذا بحسب

القاعدة الاولية و أما بحسب النصوص الخاصة فالروايات مختلفة في المقام فمنها ما يدل علي عدم الجواز لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يصلح التمر اليابس بالرطب من أجل أن التمر يابس و الرطب رطب فاذا يبس نقص الحديث «1».

و ما رواه داود الابزاري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: لا يصلح التمر بالرطب ان التمر يابس و الرطب رطب «2».

و ما رواه داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول:

لا يصلح التمر بالرطب ان الرطب رطب و التمر يابس فاذا يبس الرطب نقص «3».

و في قبالها ما يدل علي الجواز لاحظ ما رواه سماعة قال: سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن العنب بالزبيب قال: لا يصلح الا مثلا بمثل قال: و التمر و الرطب بالرطب مثلا بمثل «4».

فان مقتضي هذه الرواية الجواز و الترجيح مع دليل الجواز لموافقته مع

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من ابواب الربا الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 192

و لا يجوز بيعه متفاضلا حتي بمقدار الزيادة بحيث اذا جف يساوي الجفاف (1).

[مسألة 11: إذا كان الشي ء يباع جزافا في بلد و مكيلا أو موزونا في آخر فلكل بلد حكم نفسه]

(مسألة 11): اذا كان الشي ء يباع جزافا في بلد و مكيلا أو موزونا في آخر فلكل بلد حكم نفسه و جاز بيعه متفاضلا في الاول و لا يجوز في الثاني (2) و أما اذا كان مكيلا أو موزونا في غالب البلاد فالاحوط لزوما أن لا يباع متفاضلا مطلقا (3).

______________________________

الكتاب فان مقتضي اطلاق قوله تعالي: «أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ» «1» هو الجواز و يمكن أن يقال: ان مقتضي رواية محمد بن قيس عن أبي جعفر

عليه السلام في حديث ان أمير المؤمنين عليه السلام كره أن يباع التمر بالرطب عاجلا بمثل كيله الي اجل من أجل ان التمر ييبس فينقص من كيله «2»، حرمته تكليفا فان المستفاد من هذه الرواية ان عليا عليه السلام كره أن يباع التمر بالرطب و من ناحية اخري لم يكن عليه السلام يكره الحلال و اللّه العالم.

(1) للربا و لحديث سماعة المتقدم ذكره آنفا.

(2) لتبعية الحكم لموضوعه ففي كل مكان يترتب الحكم المترتب علي ذلك الموضوع. و بعبارة واضحة الاحكام الشرعية مجعولات علي موضوعاتها علي نحو القضية الحقيقية فالنتيجة اختلاف الحكم مع اختلاف الموضوع.

(3) الظاهر ان الوجه انه في مفروض الكلام يصدق ان الشي ء الفلاني من المكيلات أو من الموزونات و علي هذا لا يجوز التفاضل فيه حتي بالنسبة الي ذلك المكان الذي يباع فيه جزافا و الحق أن يقال: انه لو احرز كون شي ء داخلا في

______________________________

(1) البقرة/ 275

(2) المصدر السابق الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 193

[مسألة 12: يتخلص من الربا بضم غير الجنس إلي الطرف الناقص]

(مسألة 12): يتخلص من الربا بضم غير الجنس الي الطرف الناقص بأن يبيع منا من الحنطة و درهما بمنين من الحنطة و بضم غير الجنس الي كل من الطرفين و لو مع التفاضل فيهما كما لو باع درهمين و منين من حنطة بدرهم و من منها (1).

______________________________

موضوع المكيل أو الموزون يترتب عليه حكم الجنس الربوي و ان احرز عدمه فلا يترتب و ان شك يمكن احراز عدمه باستصحاب العدم الازلي و اللّه العالم.

(1) نقل عليه الاتفاق و الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها:

ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألته عن الصرف فقلت له: الرفقة ربما عجلت فخرجت فلم نقدر علي الدمشقية و البصرية

و انما يجوز نيسابور الدمشقية و البصرية فقال: و ما الرفقة؟ فقلت: القوم يترافقون و يجتمعون للخروج فاذا عجلوا فربما لم يقدروا علي الدمشقية و البصرية فبعثنا بالغلة فصرفوا ألفا و خمسين منها بألف من الدمشقية و البصرية فقال: لا خير في هذا فلا يجعلون فيها ذهبا لمكان زيادتها فقلت له: أشتري ألف درهم و دينارا بألفي درهم فقال: لا بأس بذلك ان أبي كان أجرأ علي أهل المدينة مني فكان يقول: هذا فيقولون: انما هذا الفرار لو جاء رجل بدينار لم يعط ألف درهم و لو جاء بألف درهم لم يعط ألف دينار و كان يقول لهم:

نعم الشي ء الفرار من الحرام الي الحلال «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان محمد بن المنكدر يقول لأبي عبد اللّه عليه السلام يا أبا جعفر رحمك اللّه و اللّه انا لنعلم أنك لو أخذت دينارا و الصرف بثمانية عشر فدرت المدينة علي أن تجد من يعطيك عشرين ما وجدته

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الصرف الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 194

[مسألة 13: المشهور علي أنه لا ربا بين الوالد و ولده]

(مسألة 13): المشهور علي أنه لا ربا بين الوالد و ولده فيجوز لكل منهما بيع الاخر مع التفاضل (1).

______________________________

و ما هذا الافرار فكان أبي يقول: صدقت و اللّه و لكنه فرار من باطل الي حق «1».

و منها: ما رواه أيضا قال: سألته عن رجل يأتي بالدراهم الي الصير في فيقول له: آخذ منك المائة بمائة و عشرين أو بمائة و خمسة حتي يراوضه علي الذي يريد فاذا فرغ جعل مكان الدراهم الزيادة دينارا أو ذهبا قال له: قد زادتك البيع و انما ابايعك علي هذا لان الاول لا يصلح

أو لم يقل ذلك و جعل ذهبا مكان الدراهم فقال:

اذا كان آخر البيع علي الحلال فلا بأس بذلك قلت فان جعل مكان الذهب فلوسا قال: ما أدري ما الفلوس «2».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الدراهم بالدراهم و عن فضل ما بينهما فقال: اذا كان بينهما خامس أو ذهب فلا بأس «3».

و منها: ما رواه الحسن بن صدقة عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك اني أدخل المعادن و أبيع الجوهر بترابه بالدنانير و الدراهم قال:

لا بأس به قلت: و أنا أصرف الدراهم بالدراهم و اصير الغلة وضحا و اصير الوضح غلة قال: اذا كان فيها ذهب فلا بأس قال: فحكيت ذلك لعمار بن موسي الساباطي فقال لي: كذا قال لي أبوه ثم قال لي: الدنانير أين تكون؟ قلت: لا أدري قال عمار: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام: يكون مع الذي ينقص «4».

(1) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه عمرو

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 20 من أبواب الربا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 195

و كذا بين الرجل و زوجته (1) و بين المسلم و الحربي اذا اخذ المسلم الزيادة و لكنه مشكل و الاحوط وجوبا تركه (2) نعم يجوز اخذ الربا

______________________________

ابن جميع عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: ليس بين الرجل و ولده ربا و ليس بين السيد و عبده ربا «1» و هذه الرواية ضعيفة بمعاذ بن ثابت بل و بغيره أيضا ظاهرا.

و منها: ما

رواه زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال: ليس بين الرجل و ولده و بينه و بين عبده و لا بين اهله ربا انما الربا فيما بينك و بين مالا تملك قلت: فالمشركون بيني و بينهم ربا؟ قال: نعم قلت: فانهم مما ليك فقال: انك لست تملكهم انما تملكهم مع غيرك انت و غيرك فيهم سواء فالذي بينك و بينهم ليس من ذلك لان عبدك ليس مثل عبدك و عبد غيرك «2» و هذه الرواية ضعيفة بالضرير.

و مثلها في الضعف حديث زرارة و محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام مثله الا انه قال: لان عبدك ليس عبد غيرك «3» و عمل المشهور بهذه الروايات علي تقدير تحققه لا أثر له.

(1) و يدل عليه ما رواه زرارة و الحديث ضعيف بالضرير و يدل عليه مرسل الصدوق قال: قال الصادق عليه السلام: ليس بين المسلم و بين الذمي ربا و لا بين المرأة و بين زوجها ربا «4» و المرسل لا اعتبار به.

(2) لاحظ ما رواه عمرو بن جميع عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: ليس بيننا و بين أهل حربنا ربا نأخذ منهم ألف ألف درهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب الربا الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 196

من الحربي بعد وقوع المعاملة من باب الاستنقاذ (1).

[مسألة 14: الأظهر عدم جواز الربا بين المسلم و الذمي]

(مسألة 14): الاظهر عدم جواز الربا بين المسلم و الذمي (2) و لكنه بعد وقوع المعاملة يجوز اخذ الربا منه (3) من جهة قاعدة الالزام (4).

______________________________

بدرهم و نأخذ منهم و لا نعطيهم «1» و

قد مر ضعف الرواية.

(1) لا اشكال في جواز الاخذ من باب الاستنقاذ لكن الظاهر من كلام الماتن جواز العقد الربوي مع الحربي و مقتضي ادلة حرمة المعاملة الربوية تكليفا حرمتها.

(2) يدل علي الجواز مرسل الصدوق «2» و المرسل لا اعتبار به و ما ذكرناه في الحربي جار في المقام أيضا اي لا يجوز المعاملة الربوية مع الذمي.

(3) فما دام لم تقع المعاملة لا يجوز لعدم موضوع للقاعدة و بعبارة اخري:

يتوقف انطباق القاعدة علي تحقق المعاملة و تحققها حرام تكليفا.

(4) الظاهران مدرك القاعدة أمران: احدهما: الاجماع و حاله في الاشكال ظاهر ثانيهما: النصوص فلا بد من ملاحظتها سندا و دلالة كي نري هل يمكن الالتزام بها؟ فنقول: من تلك الروايات ما رواه علي بن أبي حمزة انه سأل أبا الحسن عليه السلام عن المطلقة علي غير السنة أ يتزوجها الرجل؟ فقال: الزموهم من ذلك ما ألزموه انفسهم و تزوجوهن فلا بأس بذلك «3» و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني و بالارسال.

و منها: ما رواه جعفر بن سماعة انه سئل عن امرأة طلقت علي غير السنة إلي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 195

(3) الوسائل الباب 30 من أبواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 197

______________________________

ان أتزوجها؟ فقال: نعم فقلت له: أ لست تعلم ان علي بن حنظلة روي: اياكم و المطلقات ثلاثا علي غير السنة فانهن ذوات أزواج؟ فقال: يا بني رواية علي بن أبي حمزة أوسع علي الناس روي عن أبي الحسن عليه السلام انه قال: ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم و تزوجوهن فلا بأس بذلك «1» و هذه الرواية ضعيفة بجعفر بن سماعة مضافا الي انه لا تستفاد من الرواية

القاعدة السارية في جميع الموارد بل تختص بالعامة و الكلام في المقام في أهل الذمة.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن العلوي قال: سألت ابا الحسن الرضا عليه السلام عن تزويج المطلقات ثلاثا فقال لي: ان طلاقكم «الثلاث» لا يحل لغيركم و طلاقهم يحل لكم لأنكم لا ترون الثلاث شيئا و هم يوجبونها «2» و هذه الرواية ضعيفة بجعفر بن محمد.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن محرز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

رجل ترك ابنته و اخته لأبيه و امه قال: المال كله لابنته و ليس للأخت من الاب و الام شي ء فقلت: انا قد احتجنا الي هذا و الرجل الميت من هؤلاء الناس و اخته مؤمنة عارفة قال: فخذ لها النصف خذوا منهم ما يأخذون منكم في سنتهم و قضائهم و أحكامهم قال: فذكرت ذلك لزرارة فقال: ان علي ما جاء به ابن محرز لنورا خذهم بحقك في أحكامهم و سنتهم كما يأخذون منكم فيه «3» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال و بغيره.

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الاحكام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) تهذيب الاحكام ج 9 ص: 321 حديث 9

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 198

______________________________

قال: يجوز علي أهل كل ذي دين بما يستحلون «1» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن.

و منها: ما رواه ابراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت الي أبي جعفر الثاني عليه السلام مع بعض أصحابنا فأتاني الجواب بخطه: فهمت ما ذكرت من أمر ابنتك و زوجها الي أن قال: و

من حنثه بطلاقها غير مرة فانظر فان كان ممن يتولانا و يقول بقولنا فلا طلاق عليه لأنه لم يأت أمرا جهله و ان كان ممن لا يتولانا و لا يقول بقولنا فاختلعها منه فانه انما نوي الفراق بعينه «2» و هذه الرواية لا ترتبط بالمقام و انما يستفاد منها حكم خاص في مورد مخصوص.

و منها: مرسل الهيثم بن أبي مسروق قال: ذكر عند الرضا عليه السلام بعض العلويين ممن كان ينتقصه فقال: أما انه مقيم علي حرام قلت: جعلت فداك و كيف و هي امرأته؟ قال: لأنه قد طلقها قلت: كيف طلقها؟ قال: طلقها و ذلك دينه فحرمت عليه «3» و الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها: ما رواه عبد الرحمن البصري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

امراة طلقت علي غير السنة فقال: يتزوج هذه المرأة لا تترك بغير زوج «4».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألته عن رجل طلق امرأته لغير عدة ثم امسك عنها حتي انقضت عدتها هل يصلح لي أن أتزوجها؟ قال: نعم لا تترك المراة بغير زوج «5» و الحديثان لا يرتبطان بالمقام و يستفاد منهما حكم خاص في

______________________________

(1) تهذيب الاحكام ج 9 ص: 322 حديث 11

(2) الوسائل الباب 30 من أبواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 199

______________________________

مورد مخصوص.

و مما ذكرنا يظهر الجواب عن حديث عبد الاعلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يطلق امر أنه ثلاثا قال: ان كان مستخفا بالطلاق ألزمته ذلك «1».

و أيضا مما ذكرنا يظهر الجواب عن حديث أبي العباس البقباق قال:

دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال: ارو عني أن من طلق امرأته ثلاثا في مجلس واحد فقد بانت منه «2».

و منها: ما أرسله الصدوق قال. و قال عليه السلام: من كان يدين بدين قوم لزمته أحكامهم «3» و المرسل لا اعتبار به و الحديث ضعيف أيضا بطريقه الاخر.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن طاوس قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: ان لي ابن اخ زوجته ابنتي و هو يشرب الشراب و يكثر ذكر الطلاق فقال: ان كان من اخوانك فلا شي ء عليه و ان كان من هؤلاء فأبنها منه فانه عني الفراق قال: قلت أ ليس قد روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: اياكم و المطلقات ثلاثا في مجلس فانهن ذوات ازواج فقال: ذلك من إخوانكم لا من هؤلاء انه من دان بدين قوم لزمته أحكامهم «4».

و الرواية ضعيفة سندا أيضا فعلي هذا لا بد من اتمام الامر بالتسالم و الاجماع و هل يمكن تحصيل الاجماع التعبدي الكاشف في المقام الا أن يقال: قاعدة الالزام و صحتها أوضح من أن تخفي و تحتاج الي الاستدلال و اللّه العالم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 200

[مسألة 15: الأوراق النقدية لما لم تكن من المكيل و الموزون لا يجري فيها الربا]

(مسألة 15): الاوراق النقدية لما لم تكن من المكيل و الموزون لا يجري فيها الربا فيجوز التفاضل في البيع بها (1) لكن اذا لم تكن المعاملة شخصية لا بد في صحة المعاملة من امتياز الثمن عن المثمن كبيع الدينار العراقي في الذمة بالدينار الكويتي أو بالريال الايراني مثلا و لا يجوز بيع الدينار العراقي بمثله في الذمة (2) نعم

ان تنزيل الاوراق لا بأس به (3) و أما ما يتعارف في زماننا من اعطاء سند بمبلغ من الاوراق النقدية من دون أن يكون في ذمته شي ء فيأخذه آخر فينزله عند شخص ثالث باقل منه فالظاهر عدم جواز ذلك (4) نعم لا بأس به في المصارف غير الاهلية بجعل ذلك وسيلة الي أخذ مجهول المالك و التصرف فيه بعد اصلاحه بمراجعة الحاكم الشرعي (5).

______________________________

(1) الامر كما أفاده و لا يحتاج إلي البحث و الاستدلال.

(2) الظاهران الوجه في البطلان في الصورة المفروضة عدم صدق البيع عليه اذا الثابت في الذمة قبل البيع و بعده شي ء واحد و ليس الا مجرد اللفظ و لقلقة اللسان.

(3) اذا كان المراد من التنزيل بيع ما في الذمة باقل من شخص ثالث كما هو ظاهر من عبارة المتن بقرينة ما بعدها فالظاهر هو الجواز اذا كان البيع بالاكثر أيضا كما ان مقتضي القاعدة الجواز و لو كان البيع من المديون أيضا.

(4) و الوجه في البطلان ان البيع بلا مبيع باطل و لا يترتب عليه اثر و المفروض انه لا واقع له.

(5) هذا مبني علي القول بكون اموال الهيئة الحاكمة في الحكومات التي لا تكون شرعية من مصاديق مجهول المالك فعلي تقدير كونه كذلك لا بد من ترتيب

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 201

[الفصل العاشر بيع الصرف]

اشارة

الفصل العاشر بيع الصرف:

و هو بيع الذهب أو الفضة بالذهب أو الفضة (1) و لا فرق بين المسكوك منهما و غيره (2).

[مسألة 1: يشترط في صحة بيع الصرف التقابض قبل الافتراق]

(مسألة 1): يشترط في صحة بيع الصرف التقابض قبل

______________________________

حكم مجهول المالك عليه و لنا في هذا المقام كلام و لا يبعد عندنا كون الهيئة مالكة لأموالها و قد ذكرنا ما يرتبط بهذه المسألة في رسالة مفردة من المسائل المستحدثة و ان شئت فراجع تلك الرسالة و اللّه العالم.

(1) قال في الجواهر «1» في تعريف الصرف-: «و هو لغة الصوت و شرعا أو متشرعية بيع الاثمان الي الذهب و الفضة مسكوكين أولا بالاثمان» انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في الفردوس مقامه لاحظ ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يبتاع رجل فضة بذهب الا يدا بيد و لا يبتاع ذهبا بفضة إلا يدا بيد «2».

و لاحظ ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا اشتريت ذهبا بفضة أو فضة بذهب فلا تفارقه حتي تأخذ منه و ان نزي حائطا فانز معه «3» فان المستفاد من الحديثين ان بيع الصرف يتحقق ببيع الذهب أو الفضة بالفضة أو الذهب اعم من المسكوك و غيره.

(2) يستفاد المدعي من النصوص.

______________________________

(1) ج 24 ص: 3

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب الصرف الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 202

الافتراق فلو لم يتقابضا حتي افترقا بطل البيع (1) و لو تقابضا في بعض المبيع صح فيه و بطل في غيره (2) و لو باع النقد مع غيره بنقد صفقة

______________________________

(1) قال في الجواهر- في شرح قول المحقق قدس سره-: «علي الاشهر بل

المشهور نقلا و تحصيلا شهرة عظيمة كادت تكون اجماعا» الي أن قال: «و في الغنية الاجماع عليه بل ظاهره اجماع المسلمين حيث نفي الخلاف منا و منهم» الي آخره و تدل علي المدعي جملة من النصوص لاحظ ما رواه محمد بن قيس و منصور «1».

و ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألته عن الرجل يشتري من الرجل الدرهم بالدنانير فيزنها و ينقدها و يحسب ثمنها كم هو دينارا ثم يقول: أرسل غلامك معي حتي اعطيه الدنانير فقال: ما احب أن يفارقه حتي يأخذ الدنانير فقلت:

انما هم في دار واحدة و أمكنتهم قريبة بعضها من بعض و هذا يشق عليهم فقال:

اذا فرغ من وزنها و انتقادها «و انقادها خ ل» فليأمر الغلام الذي يرسله أن يكون هو الذي يبايعه و يدفع اليه الورق و يقبض منه الدنانير حيث يدفع اليه الورق «2».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألته عن الرجل يبتاع الذهب بالفضة مثلين بمثل قال: لا بأس به يدا بيد «3».

(2) ادعي عدم الخلاف فيهما و يدل علي الفساد ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ابتاع من رجل بدينار و أخذ بنصفه بيعا و بنصفه ورقا قال: لا بأس و سألته هل يصلح أن يأخذ بنصفه ورقا أو بيعا و يترك نصفه حتي

______________________________

(1) لاحظ ص: 201

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب الصرف الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 203

واحدة و لم يتقابضا حتي افترقا صح في غير النقد و بطل في النقد (1).

[مسألة 2: لو فارقا المجلس مصطحبين و تقابضا قبل الافتراق صح البيع]

(مسألة 2): لو فارقا المجلس مصطحبين و تقابضا قبل الافتراق صح البيع (2).

[مسألة 3: لا يشترط التقابض في الصلح الجاري في النقدين]

(مسألة 3): لا يشترط التقابض في الصلح الجاري في النقدين

______________________________

يأتي بعد فيأخذ به ورقا أو بيعا فقال: ما احب أن أترك منه شيئا فلا تفعله «1» فان قوله عليه السلام: «لا تفعله» ارشاد الي الفساد في الكل و قوله عليه السلام- في الصدر: «لا احب» ليس نصا في الصحة بل اعم فلاحظ.

(1) تارة يكون البيع متعددا و لكل بيع مبيع مستقل غاية الامر جمعا في إنشاء واحد و صفقة واحدة و اخري يكون البيع واحدا واقعا علي مبيع واحد أما الصورة الاولي فالظاهر انه لا اشكال في صحة بيع غير الصرف لتمامية المقتضي و عدم المانع و أما الصورة الثانية فلا يبعد أن يستفاد من حديث الحلبي المتقدم ذكره آنفا فسادها.

مضافا الي اشكال في المقام و هو ان العقود تابعة للقصود فان قصد بيع مركب بما هو مركب لا يمكن التجزية بين أجزائه بالالتزام بالصحة في بعضها و الفساد في الاخر و بعبارة اخري: وقع العقد بالمقيد و من الظاهر ان المقيد ينتفي بانتفاء قيده فالصحة تحتاج الي دليل خارجي و أما بحسب القاعدة الاولية فمقتضاها البطلان لكن قد مر منا انه يمكن التفكيك بين الصحة في البعض و الفساد في البعض الأخر بما دل علي صحة البيع فيما يملك و الفساد فيما لا يملك.

(2) بلا خلاف كما في الجواهر و يدل المدعي بوضوح ما رواه منصور «2».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) لاحظ ص 201

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 204

بل تختص شرطيته بالبيع (1).

[مسألة 4: لا يجري حكم الصرف علي الاوراق النقدية]

(مسألة 4): لا يجري حكم الصرف علي الاوراق النقدية كالدينار العراقي و النوط الهندي و التومان الايراني والد و لار و الپاون و نحوها من الاورق المستعملة في هذه الازمنة استعمال

النقدين فيصح بيع بعضها ببعض و ان لم يتحقق التقابض قبل الافتراق كما انه لا زكاة فيها (2).

[مسألة 5: إذا كان له في ذمة غيره دين من احد النقدين فباعه عليه بنقد آخر و قبض الثمن قبل التفرق صح البيع]

(مسألة 5): اذا كان له في ذمة غيره دين من احد النقدين فباعه عليه بنقد آخر و قبض الثمن قبل التفرق صح البيع و لا حاجة الي قبض المشتري ما في ذمته (3) و لو كان له دين علي زيد فباعه علي عمرو بنقد و قبضه من عمرو و وكل عمرو زيدا علي قبض ما في ذمته ففي صحته بمجرد التوكيل اشكال بل لا يبعد عدم الصحة حتي يقبضه زيد و بعينه في مصداق بعينه (4).

______________________________

(1) لاختصاص الدليل بالبيع فلا وجه لاشتراطه في الصلح.

(2) كما هو ظاهر فان عنوان الموضوع في الادلة الذهب و الفضة فعليه لا مقتضي لجريانه في الاوراق النقدية و بعبارة اخري: خروجها خروج موضوعي و بالتخصص فلاحظ.

(3) فانه لا مجال للقبض في مفروض الكلام اذ نتيجة تملك ما في النفس هو السقوط فلا موضوع للقبض.

(4) اذ مجرد التوكيل لا يوجب تحقق القبض فلا بد من قبض زيد و تعينه في مصداق بعينه.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 205

[مسألة 6: إذا اشتري منه دراهم معينة بنقد ثم باعها عليه أو علي غيره قبل قبضها لم يصح البيع الثاني]

(مسألة 6): اذا اشتري منه دراهم معينة بنقد ثم باعها عليه أو علي غيره قبل قبضها لم يصح البيع الثاني (1) فاذا قبض الدراهم بعد ذلك قبل التفرق صح البيع الاول (2) فان أجاز البيع الثاني و أقبضه صح البيع الثاني أيضا (3) و اذا لم يقبضها حتي افترقا بطل البيع الاول و الثاني (4).

[مسألة 7: إذا كان له دراهم في ذمة غيره فقال له حولها دنانير في ذمتك فقبل المديون صح ذلك]

(مسألة 7): اذا كان له دراهم في ذمة غيره فقال له حولها دنانير في ذمتك فقبل المديون صح ذلك و تحول ما في الذمة الي دنانير و ان لم يتقابضا و كذا لو كان له دنانير في ذمته فقال له حولها دراهم و قيل المديون فانه يصح و تتحول الدنانير الي دراهم (5).

______________________________

(1) لأنه قبل القبض لا يكون مملوكا له فالبيع الثاني وارد علي مال الغير فلا يصح.

(2) فان شرط البيع الاول يتحقق بالقبض فيصح.

(3) بمقتضي صحة الفضولي مع الاجازة علي ما هو المقرر.

(4) فان بطلان البيع الاول لأجل عدم تحقق شرطه و هو التقابض و بعد فرض فساد الأول لا مجال لصحة الثاني فان صحة الثاني متفرعة علي صحة البيع الاول.

(5) الدليل عليه حديث اسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام تكون للرجل عندي من الدراهم الوضح فيلقاني فيقول: كيف معر الوضح اليوم؟

فاقول له: كذا فيقول: أ ليس لي عندك كذا و كذا ألف درهم وضحا؟ فاقول:

بلي فيقول لي: حولها دنانير بهذا السعر و اثبتها لي عندك فما تري في هذا؟ فقال لي: اذا كنت قد استقصيت له السعر يومئذ فلا بأس بذلك فقلت: اني لم اوازنه و لم اناقده انما كان كلام مني و منه فقال: أ ليس الدراهم من عندك و الدنانير

مباني منهاج الصالحين،

ج 8، ص: 206

و كذلك الحكم في الاوراق النقدية اذا كانت في الذمة فيجوز تحويلها من جنس الي آخر (1).

[مسألة 8: لا يجب علي المتعاملين بالصرف اقباض المبيع أو الثمن]

(مسألة 8): لا يجب علي المتعاملين بالصرف اقباض المبيع أو الثمن حتي لو قبض احدهما لم يجب عليه اقباض صاحبه و لو كان للمبيع أو الثمن نماء قبل القبض كان لمن انتقل عنه لا لمن انتقل اليه (2).

[مسألة 9: الدراهم و الدنانير المغشوشة ان كانت رائجة في المعاملة بها يجوز خرجها و اتفاقها و المعاملة بها]

(مسألة 9): الدراهم و الدنانير المغشوشة ان كانت رائجة في المعاملة بها يجوز خرجها و اتفاقها و المعاملة بها سواء أ كان غشها

______________________________

من عندك؟ قلت: بلي قال: فلا بأس بذلك «1».

و حديث عبيد بن زرارة قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون لي عنده دراهم فآتيه فاقول: حولها دنانير من غير أن اقبض شيئا قال لا بأس قلت:

يكون لي عنده دنانير فآتيه فاقول: حولها دراهم و اثبتها عندك و لم اقبض منه شيئا قال: لا بأس «2».

(1) الظاهر من الحديثين جواز التحويل بما هو و بعبارة اخري: عنوان التحويل و التعويض بما هو يصح في موردهما لأجل التعبد و عليه يشكل الجزم باجرائه في غير النقدين كالأوراق النقدية و اللّه العالم.

(2) لعدم ما يقتضي الوجوب و بعبارة اخري: وجوب التقابض في المجلس وجوب شرطي لا تكليفي فلا يجب و حيث انه ما دام لم يحصل التقابض لا يتحقق الملكية يكون نماء المبيع للبائع و نماء الثمن للمشتري كما في المتن.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الصرف الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 207

مجهولا أم معلوما و سواء أ كان مقدار الغش معلوما أم مجهولا (1).

______________________________

(1) بلا خلاف بل يمكن تحصيل الاجماع عليه فضلا عن محكيه للسيرة القطعية بعد الاصل هكذا في الجواهر. و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

اشتري الشي ء بالدراهم فاعطي الناقص الحبة و الحبتين قال: لا حتي تبينه ثم قال: الا أن يكون نحو هذه الدراهم الاوضاحية التي تكون عندنا عددا «1» فان المستفاد من هذه الرواية انه يجوز اذا كان رايج المعاملة بين الناس.

و يؤيد المدعي حديث أبي العباس قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الدراهم المحمول عليها فقال: اذا أنفقت ما يجوز بين أهل البلد فلا باس و ان ان انفقت ما لا يجوز بين أهل البلد فلا «2».

و ما رواه حريز بن عبد اللّه قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فدخل عليه قوم من أهل سجستان فسألوه عن الدراهم المحمول عليها فقال: لا بأس اذا كان جواز المصر «3» و أما رواية الجعفي قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فالقي بين يديه دراهم فألقي إلي درهما منها فقال: ايش هذا فقلت: ستوق فقال: و ما الستوق؟ فقال: طبقتين فضة و طبقة من نحاس و طبقه من فضة فقال: اكسرها فانه لا يحل بيع هذا و لا انفاقه «4» الدالة علي وجوب الكسر فضعيفة سندا فالنتيجة هو الجواز مع الرواج و مقتضي اطلاق حديث عبد الرحمن جواز الخرج و الانفاق علي الاطلاق كما في المتن.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب الصرف الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 208

و ان لم تكن رائجة فلا يجوز خرجها و انفاقها و المعاملة بها الا بعد اظهار حالها (1).

[مسألة 10: يجوز تصريف الريال العراقي بأربعة دراهم عراقية]

(مسألة 10): يجوز تصريف الريال العراقي بأربعة دراهم عراقية فان الريال و ان كان ينقص عن اربعة دراهم وزنا الا ان المعاملة انما تقع عليها بما

انها معدودات و لا نظر الي مقدار وزنها فلا يجري عليها أحكام الموزون و ان كانت مادتها من الموزون و يجري ذلك في تصريف سائر المسكوكات من الفضه أو النحاس الي ابعاضها مثل تصريف المجيدي و الروبية الي ارباعها أو انصافها و كذا امثالها من المسكوكات فانه يجوز و لو مع التفاضل بين الاصل و ابعاضه

______________________________

(1) بلا خلاف بل يمكن تحصيل الاجماع عليه فضلا عن محكيه- كما في الجواهر- و الوجه في عدم الجواز كونه مصداقا للغش الحرام و يؤكد المدعي حديث الجعفي و يدل عليه حديث عبد الرحمن «1».

و أما حديث عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن انفاق الدراهم المحمول عليها فقال: اذا جازت الفضة المثلين فلا بأس «2» و حديث معمر أو عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في انفاق الدراهم المحمول عليها فقال:

اذا كان الغالب عليها الفضة فلا بأس بانفاقها «3» فلا بد من تقييدهما بحديث عبد الرحمن الا أن يقال يجوز مع الاعلام مطلقا فيلغو العنوان المأخوذ في حديث عمر بن يزيد اللهم الا أن يقال انه اذا صدق عنوان الغش يكون حراما بلا كلام

______________________________

(1) لاحظ ص: 207

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب الصرف الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 209

كما هو الغالب (1) نعم لا يجوز ذلك في المسكوكات الذهبية فانها من الموزون فلا يجوز تصريفها الي ابعاضها مع التفاضل إلا مع الضميمة (2).

[مسألة 11: يكفي في الضميمة التي يتخلص بها عن الربا الغش الذي يكون في الذهب و الفضة المغشوشين]

(مسألة 11): يكفي في الضميمة التي يتخلص بها عن الربا الغش الذي يكون في الذهب و الفضة المغشوشين (3) اذا كان الغش غير مستهلك (4) و كان له قيمة في حال كونه غشا و

لا يكفي أن يكون له قيمة علي تقدير التصفية (5). فاذا كان الطرفان مغشوشين كذلك صح مع التفاضل (6) و ان كان أحدهما مغشوشا دون الاخر جاز التفاضل

______________________________

و لا اشكال و اللّه العالم.

(1) فان الربا يختص بالمكيل و الموزون فاذا لم يكن منهما يجوز التفاضل فيه كما هو ظاهر.

(2) الظاهران المسكوكات الذهبية في هذا الزمان ليست من الموزونات و هذا امر عرفي خارجي و تشخيص الموضوعات بيد العرف.

(3) اذا لمستفاد من الدليل كفاية الضميمة للتخلص من الربا فلا فرق بين مصاديقها و منها ما ذكر.

(4) اذ مع الاستهلاك لا موضوع للضميمة.

(5) فان الدليل الدال علي كفاية الضميمة في التخلص لا يشمل ما لا قيمة له و بعبارة اخري: مقتضي ادلة حرمة الربا حرمته علي الاطلاق و انما خرج مورد ضم شي ء ذي مالية ففي مورد ضم ما لا مالية له يؤخذ باطلاق دليل المنع الا أن يقال: ان ضم الضميمة يوجب الجواز و يخرج المعاملة عن كونها ربوية فلاحظ.

(6) كما هو ظاهر و لا يلزم الربا قطعا.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 210

اذا كانت الزيادة في الخالص و لا يصح اذا كانت الزيادة في المغشوش (1).

[مسألة 12: الآلات المحلاة بالذهب يجوز بيعها بالذهب]

(مسألة 12): الالات المحلاة بالذهب يجوز بيعها بالذهب اذا كان أكثر من الذهب المحلي بها (2) و الا لم يجز (3) نعم لو بيع السيف المحلي بالسيف المحلي جاز مطلقا و ان كانت الحلية في احدهما أكثر من الحلية في الاخر (4).

[مسألة 13: الكلبتون المصنوع من الفضة يجوز بيعه بالفضة]

(مسألة 13): الكلبتون المصنوع من الفضة يجوز بيعه بالفضة اذا كانت أكثر منه وزنا أو مساويا له و المصنوع من الذهب يجوز

______________________________

(1) اذ لو كانت الزيادة في المغشوش لا تكون اضافة الضميمة اليه مؤثرة فان التفاضل بعد موجود و أما اذا فرضت الزيادة في الخالص يتخلص بالضميمة المفروضة في المغشوش عن الربا فانه يجعل شرعا تلك الزيادة في مقابل الضميمة.

(2) و الوجه فيه ان الزائد يجعل في مقابل الآلة فلا يلزم الربا.

(3) اذ يلزم الربا لأنه لو لم يكن أكثر فاما يكون مساويا في مقدار الذهب الموجود في المقابل و اما يكون أقلّ و علي كلا التقديرين يلزم التفاضل اما علي الثاني فظاهر و أما علي الاول فلكون الآلة تكون زيادة فيلزم الربا و لزوم الربا متوقف علي كونه داخلا في الموزون.

(4) اذ المفروض ان الضميمة موجودة في كلا الطرفين فلا يلزم الربا و أما حديث ابراهيم بن هلال قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: جام فيه فضة و ذهب أشتريه بذهب أو فضة؟ فقال: ان كان يقدر علي تخليصه فلا و ان لم يقدر علي تخليصه فلا بأس «1» فهو ضعيف سندا و لا يبعد أن يكون الوجه في الجواز كونه خارجا

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب الصرف الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 211

بيعه بالذهب اذا كان أكثر منه وزنا أو مساويا له (1).

[مسألة 14: إذا اشتري فضة معينة بفضة أو بذهب و قبضها قبل التصرف فوجدها جنسا آخر رصاصا أو نحاسا أو غيرهما بطل البيع]

(مسألة 14): اذا اشتري فضة معينة بفضة أو بذهب و قبضها قبل التصرف فوجدها جنسا آخر رصاصا أو نحاسا أو غيرهما بطل البيع (2) و ليس له المطالبة بالابدال (3) و لو وجد بعضها كذلك بطل البيع فيه و صح في الباقي (4).

______________________________

عن الموزون.

(1) لا يبعد أن يكون

الوجه في الجواز عدم كون الكلبتون من المكيل و الموزون لكن عليه اذا كان الكلبتون أكثر وزنا يلزم الجواز أيضا و اللّه العالم.

(2) اذ المفروض ان العقد وقع علي الفضة و انكشف الخلاف و بعبارة اخري:

ما وقع عليه العقد و قصد الصورة النوعية من الفضة و ما في الخارج لا يكون مصداقا لها فيكون نظير بيع الحمار الخارجي و الحال ان ما في الخارج البقر فما قصد لم يقع و ما وقع عليه العقد في الخارج لم يقصد.

(3) اذ المفروض بطلان المعاملة فلا مقتضي للمطالبة.

(4) بتقريب: انحلال البيع الي الاجزاء فيصح في البعض الواجد للشرط و يفسد في الفاقد له و لكن يتوجه الاشكال الذي ذكرنا سابقا من أن بيع شي ء واحد لا يكون بيوعا متعددة و لذا لا مجال لان يقال: انه لو باع زيد داره من عمر و يتحقق لكل منهما من ناحية خيار المجلس خيارات عديدة لانحلال بيع الدار الي بيوع عديدة.

هذا بحسب ما تقتضيه القاعدة و لكن يمكن أن يستفاد من بعض النصوص جواز الانحلال و تماميته لاحظ ما رواه محمد بن الحسن الصفار انه كتب الي أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام في رجل له قطاع أرضين «أرض»

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 212

و له حينئذ ردا لكل لتبعض الصفقة (1) و ان وجدها فضة معيبة كان بالخيار فله الرد و المطالبة بالارش مع عدم التمكن من الرد (2) و لا فرق بين كون الثمن من جنس المبيع و غيره (3).

______________________________

فيحضره الخروج الي مكة و القرية علي مراحل من منزله و لم يكن له من المقام ما يأتي بحدود ارضه و عرض حدود القرية الاربعة فقال للشهود اشهدوا أني

قد بعت فلانا يعني المشتري جميع القرية التي حد منها كذا و الثاني و الثالث و الرابع و انما له في هذه القرية قطاع أرضين فهل يصلح للمشتري ذلك و انما له بعض هذه القرية و قد اقر له بكلها؟ فوقع عليه السلام: لا يجوز بيع ما ليس يملك و قد وجب الشراء من البائع علي ما يملك «1» فان مقتضي هذه الرواية صحة البيع بالنسبة الي المقدار المملوك و حكم الامثال واحد الا أن يقال: ان الاحكام التعبدية منوطة بقيام الدليل عليها و لا يجوز التعدي عن مورد الدليل فلاحظ.

(1) لأجل الاشتراط الارتكازي للخيار في صورة التبعض.

(2) لأجل خيار العيب علي ما تقدم منه من خيار الرد مع الامكان و جواز الارش مع عدم الامكان مع ما فيه من بعض الكلام فراجع.

(3) لعدم دليل علي التفريق و ربما يقال: بعدم الجواز فيما يكون الثمن من جنس المبيع لأجل الربا و لكن الحق عدم لزومه اذ المعاملة قد تحققت اولا بلا موجب للفساد و بعبارة اخري: الشي ء لا ينقلب عما هو عليه و المفروض ان المعاملة التي وقعت كانت جامعة لشرائط الصحة و لم تكن في احد الطرفين زيادة علي الطرف الاخر و الارش غرامة شرعية ثبتت بدليله و لا يوجب تعنون العقد بالربوي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب عقد البيع و شروطه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 213

و كون اخذ الارش قبل التفرق و بعده (1) و اذا اشتري فضة في الذمة بفضة أو بذهب و بعد القبض وجدها جنسا آخر رصاصا أو نحاسا أو غيرهما فان كان قبل التفرق جاز للبائع ابدالها فاذا قبض البدل قبل التفرق صح البيع و ان وجدها جنسا آخر

بعد التفرق بطل البيع (2) و لا يكفي الابدال في صحته (3) و اذا وجدها فضة معيبة فالاقوي ان المشتري مخير بين رد المقبوض و ابداله و الرضا به من دون الارش و ليس له فسخ العقد من اصله (4) و لا فرق بين كون الثمن من جنس

______________________________

(1) فانه لو تم موضوع جواز اخذ الارش يجوز اخذه و لا فرق بين زماني التفرق و قبله و ربما يقال: بأنه يلزم اخذه قبل التفرق لأنه داخل في بيع الصرف فيلزم التقابض فيه في المجلس.

و يرد عليه ان الامر ليس كذلك و ان الارش غرامة شرعية فلا يجري عليه احكام بيع الصرف. و بعبارة اخري: لا وجه لاشتراط الاخذ قبل التفرق الا توهم انه جزء المبيع بأن يكون المبيع العين المعيبة مع الارش فلا بد من قبضه في المجلس قبل التفرق و هذا التوهم فاسد اذ لم يقصد المتعاقدان و انما ثبوته بتعبد شرعي الهي فلا يترتب عليه تلك الاحكام المخصوصة ببيع الصرف.

(2) اذ لو لم يحصل التفرق لا يبطل البيع فيمكن الابدال و يصح البيع لتمامية شرائطه علي الفرض و أما مع التفرق فلا مجال للصحة اذ ما قبض ليس مصداقا للمبيع و ما يكون مصداقا له لم يقبض.

(3) قد ظهر وجهه بما ذكرنا آنفا.

(4) و الوجه فيه ان البيع وقع علي الكلي في الذمة و المبيع هو الكلي الصحيح فلا مجال لأخذ الارش كما أنه لا مجال للفسخ اذ المفروض ان البيع لم يقع علي

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 214

المبيع و غيره (1) و لا بين كون ظهور العيب قبل التفرق و بعده (2).

[مسألة 15: لا يجوز أن يشتري من الصائغ أو غيره خاتما أو غيره من المصنوعات من الفضة أو الذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة أجرة الصياغة]

(مسألة 15): لا يجوز أن يشتري من الصائغ أو غيره خاتما

أو غيره من المصنوعات من الفضة أو الذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة اجرة الصياغة بل اما أن يشتريه بغير جنسه أو بأقل من مقداره من جنسه مع الضميمة ليتخلص من الربا (3).

______________________________

المعيب كي يترتب عليه خيار الرد أو اخذ الارش فله الاستبدال و اخذ الصحيح كما أن له الرضا بما دفع اليه و هو المعيب.

ان قلت: ان كان المبيع الجامع بين الصحيح و المعيب فليس له الاستبدال و ان كان خصوص الصحيح فالمعيب لا يكون مصداقا للمبيع فكيف يمكن جعله مصداقا له؟ قلت: يمكن أن يقال: ان البيع واقع علي خصوص الصحيح لكن لا مانع من المراضاة و تبدل ذلك الكلي بالفرد المدفوع لكن الالتزام به يتوقف علي صحة مطلق التجارة و لا ينحصر العقد الصحيح في خصوص العناوين المذكورة في الفقه كما أنه يمكن أن يقال: بأن البيع واقع علي الجامع و لكن بالشرط الارتكازي يشترط علي البائع أن يدفع الفرد الصحيح فاذا سلم الفرد المعيب فقد سلم الكلي غاية الامر للمشتري أن يطالب بالابدال كما أن له الرضا بالمعيب و اذا لم يبدل يكون للمشتري خيار الفسخ للشرط الارتكازي الضمني.

(1) لعدم دليل علي التفريق و لعدم لزوم الربا فرضا اذ لا زيادة في احد الطرفين علي الاخر.

(2) لعدم وجه للتفريق المذكور اذ التقابض قد حصل قبل التفرق فالعقد صحيح.

(3) فان الضميمة توجب التخلص من الربا المحرم.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 215

[مسألة 16: لو كان علي زيد دنانير كالحيرات الذهبية و أخذ منه شيئا من المسكوكات الفضية كالروبيات]

(مسألة 16): لو كان علي زيد دنانير كالحيرات الذهبية و اخذ منه شيئا من المسكوكات الفضية كالروبيات فان كان الاخذ بعنوان الاستيفاء ينقص من الليرات في كل زمان أخذ فيه بمقدار ما اخذ بسعر ذلك الزمان فاذا كان الدين خمس ليرات و

أخذ منه في الشهر الاول عشر روبيات و في الثاني عشرا و في الثالث عشرا و كان سعر الليرة في الشهر الاول خمس عشرة روبية و في الثاني اثنتي عشرة روبية و في الثالث عشر روبيات نقص من الليرات ثلثا ليرة في الشهر الاول و خمسة اسداس في الثاني و ليرة تامة في الثالث (1) و ان كان الاخذ بعنوان القرض كان ما اخذ دينا عليه و بقي دين زيد عليه (2) و في جواز احتساب احدهما دينه وفاء عن الاخر اشكال و الاظهر الجواز (3) و تجوز المصالحة

______________________________

(1) كيف يمكن أن يكون بنحو الاستيفاء و الحال ان الروبية ليست مصداقا للدينار فيلزم أن تقع المعاوضة بين الروبية و الليرة و عليه يكون تابعا لقصدهما و ليس له ميزان منضبط فلا مجال لان يقال: اي مقدار ينقص من الليرات الذهبية التي في ذمة المديون و يمكن أن يكون ما أفاده مستندا الي نص لا يحضرني عاجلا و اللّه العالم.

(2) كما هو ظاهر واضح.

(3) ما يمكن أن يكون وجها للإشكال امران: احدهما: انه يشترط في بيع الصرف القبض في المجلس و لا قبض في المقام. ثانيهما: انه من مصاديق بيع الكالي بالكالي الذي يكون فاسدا و شي ء من الوجهين لا يتم أما الاول فلا يتم لان بيع الدين لا يحتاج الي القبض و ان شئت قلت: ما في الذمة مقبوض- كما في الجواهر- و بتعبير آخر لا يمكن فيه القبض اذ بمجرد صيرورته ملكا للمديون

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 216

بينهما علي ابراء كل منهما صاحبه مما له عليه (1).

[مسألة 17: إذا أقرض زيدا نقدا معينا من الذهب أو الفضة أو أصدق زوجته مهرا كذلك]

(مسألة 17): اذا أقرض زيدا نقدا معينا من الذهب أو الفضة أو أصدق زوجته مهرا كذلك أو

جعله ثمنا في الذمة مؤجلا أو حالا فتغير السعر لزمه النقد المعين و لا اعتبار بالقيمة وقت اشتغال الذمة (2).

[مسألة 18: لا يجوز بيع درهم بدرهم بشرط صياغة خاتم مثلا]

(مسألة 18): لا يجوز بيع درهم بدرهم بشرط صياغة خاتم مثلا (3) و يجوز أن يقول له صغ لي هذا الخاتم و أبيعك درهما بدرهم علي أن يكون البيع جعلا لصياغة الخاتم (4) كما يجوز أيضا أن يشتري منه مثقال فضة مصوغا خاتما بمثقال غير مصوغ (5).

______________________________

يسقط و لا مجال لقبضه و أما الثاني فلان بيع الكالي بالكالي بيع المؤجل بالمؤجل و ما نحن فيه بيع الحال بالحال مضافا الي أنه يستفاد من النص الخاص جوازه لاحظ ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام في الرجل يكون له عند الصيرفي مأئة دينار و يكون للصيرفي عنده ألف درهم فيقاطعه عليها قال:

لا بأس «1».

(1) بلا اشكال لجواز المصالحة شرعا علي ما قرر في محلها.

(2) لان الثابت في الذمة ذلك النقد المعين من الذهب و الفضة و لا وجه لاعتبار القيمة.

(3) للربا فان الربا يتحقق بالزيادة العينية و الزيادة الحكمية علي ما تقدم من الماتن و قد تقدم الاشكال في التعميم فراجع.

(4) اذ بهذا الطريق يتخلص من الربا.

(5) لعدم الزيادة. و يرد فيه بأنه لو كانت الزيادة اعم من الحكمية للزم عدم

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الصرف الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 217

[مسألة 19: لو باع عشر روبيات بليرة ذهبية الا عشرين فلسا صح]

(مسألة 19): لو باع عشر روبيات بليرة ذهبية الا عشرين فلسا صح بشرط أن يعلما مقدار نسبة العشرين فلسا الي الليرة (1).

[مسألة 20: المصوغ من الذهب و الفضة معا لا يجوز بيعه بأحدهما بلا زيادة]

(مسألة 20) المصوغ من الذهب و الفضة معا لا يجوز بيعه بأحدهما بلا زيادة بل اما أن يباع بأحدهما مع الزيادة أو يباع بهما معا أو بجنس آخر غيرهما (2).

[مسألة 21: الظاهر أن ما يقع في التراب عادة من أجزاء الذهب و الفضة]

(مسألة 21): الظاهر ان ما يقع في التراب عادة من أجزاء الذهب و الفضة و يجتمع فيه عند الصائغ و قد جرت العادة علي عدم مطالبة مالك بها ملك للصائغ نفسه (3) و الاحوط أن يتصدق به عن مالكه

______________________________

جواز بيع مثقال فضة بمثقال فضة مصوغة خاتما و الحال انهم لا يلتزمون بعدم الجواز و ان كان المراد من الزيادة الزيادة العينية يلزم الجواز مع شرط الصياغة فلاحظ.

(1) اذ مع عدم العلم بالنسبة يلزم الغرر فيبطل البيع بناء علي أن الغرر يوجب البطلان و يكون الجهل ملازما للغرر و في كلتا المقدمتين اشكال.

(2) الظاهر ان المراد من العبارة انه لو بيع المصوغ منهما بالذهب مثلا لا بد أن يكون الذهب الذي يجعل ثمنا أزيد من الذهب الذي يكون جزءا للمصوغ كي تقع تلك الزيادة بازاء غير المجانس و يحفظ التماثل بين الذهب المبيع و الذهب الذي يجعل ثمنا و بهذا النحو يتخلص من الربا.

(3) بتقريب: ان المالك الاول يعرض عن الاجزاء المذكورة و الاعراض يوجب الخروج عن الملك فيجوز للغير تملكها و لكن الظاهر من عبارة المتن صيرورتها ملكا للصائغ بلا قصد التملك الا أن يقال: بأن مقتضي السيرة المستمرة المتصلة بزمان

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 218

كما أن الاحوط مع معرفة صاحبه الاستيذان منه في ذلك (1) و يطرد الحكم المذكور في الخياطين و النجارين و الحدادين و نحوهم فيما يجتمع عندهم من الاجزاء المتصلة من أجزاء الثياب و الخشب و الحديد و لا يضمنون شيئا

من ذلك و ان كان له مالية عند العرف اذا كان المتعارف

______________________________

المعصوم عليه السلام كونها مملوكة للصائغ و لو لم يقصد تملكها و هل يمكن اثباتها و ربما يقال: بأن الوجه في صيرورتها ملكا للصائغ تملكه لها اذ المالك اذن في تملكها فتلك الاجزاء باقية علي ملك مالكها غاية الامر حيث ان المالك اذن في التملك تصير ملكا للمتملك باذن صاحبها.

و يرد فيه: بأنه اي دليل دل علي جواز مثل هذا التملك و بعبارة اخري: تملك مال الغير يتوقف علي أسبابه و لا دليل علي جواز التملك باباحة المالك التملك و اللّه العالم.

(1) لا يبعد أن يكون الوجه في الاستحباب المذكور في المتن ما رواه علي بن ميمون الصائغ قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عما يكنس من التراب فأبيعه فما أصنع به؟ قال: تصدق به فاما لك و اما لأهله الحديث «1».

و ما رواه أيضا قال: سألته عن تراب الصياغين و انا نبيعه قال: أما تستطيع أن تستحله من صاحبه؟ قال: قلت: لا اذا أخبرته اتهمني قال: بعه قلت: بأي شي ء نبيعه؟ قال: بطعام قلت: فاي شي ء أصنع به؟ قال: تصدق به إما لك و اما لأهله «لأهلك خ ل» الحديث «2» و الحديثان ضعيفان سندا فان الصائغ لم يوثق كما ان علي بن حديد غير موثق فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الصرف الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 219

في عملهم انفصال تلك الاجزاء (1).

[الفصل الحادي عشر في السلف]

اشارة

الفصل الحادي عشر في السلف:

و يقال له السلم أيضا و هو: ابتياع كلي مؤجل بثمن حال عكس النسيئة و يقال للمشتري المسلم (بكسر اللام) و للبائع المسلم اليه و للثمن المسلم و للمبيع

المسلم فيه (بفتح اللام) في الجميع.

[مسألة 1: يجوز في السلف أن يكون المبيع و الثمن من غير النقدين مع اختلاف الجنس]

(مسألة 1): يجوز في السلف أن يكون المبيع و الثمن من غير النقدين مع اختلاف الجنس أو عدم كونهما أو أحدهما من المكيل و الموزون (2).

______________________________

(1) فان حكم الامثال واحد.

(2) قال في الحدائق: «المشهور جواز اسلاف الاعراض في الاعراض اذا اختلفت بل ادعي عليه المرتضي الاجماع و كون الثمن نقدا أو عرضا ما لم يؤد الي الربا و عن ابن الجنيد انه منع اسلاف عرض في عرض اذا كانا مكيلين أو موزونين أو معدودين كالسمن بالزيت «1» انتهي كلامه رفع في علو مقامه.

و قال في الجواهر: «يجوز اسلاف الاعراض في الاعراض اذا اختلفت أو اتفقت و لم تكن مقدرة باحد الامرين أو الثلاثة لإطلاق الادلة «2» الي آخره.

و يدل علي المدعي اطلاق الادلة لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان «3».

______________________________

(1) الحدائق الناضرة ج 20 ص: 10

(2) جواهر الكلام ج 24 ص: 273

(3) لاحظ ص: 161

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 220

كما يجوز أن يكون أحدهما من النقدين و الاخر من غيرهما ثمنا كان أو مثمنا (1). و لا يجوز أن يكون كل من الثمن و المثمن من النقدين اختلفا في الجنس أو اتفقا (2). يشترط في السلف امور: الاول: أن

______________________________

و يؤيد المدعي ما رواه وهب عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام قال:

لا بأس بالسلف ما يوزن فيما يكال و ما يكال فيما يوزن «1».

و أما حديث عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا ينبغي للرجل اسلاف السمن بالزيت و لا الزيت بالسمن «2» فهو مخدوش سندا بجميع اسناده مضافا الي القصور في دلالته فان غاية ما يستفاد منه ان اسلاف الزيت

بالسمن أو بالعكس مكروه.

(1) قال في الجواهر: «أما اسلاف الاعراض في الاثمان فقد نص عليه غير واحد لإطلاق الادلة خلافا لأبي حنيفة فلا يجوز لأنها لا تثبت في الذمة الا ثمنا فلا تكون مشخصة و فيه منع واضح اذ لا ريب في جواز بيع الذهب و الفضة بهما اللهم الا أن يريد اذا كان احد المقابلين عرضا و فيه منع واضح أيضا و في خبر غياث عن جعفر عن أبيه عليهم السلام قال: لا بأس بالسلف في الفلوس «3» فالحق انه يجوز كجواز اسلاف الاثمان في الاعراض الذي لا خلاف فيه بيننا بل و لا بين المسلمين» «4» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

(2) الذي يظهر من كلمات الاصحاب ان الفساد في هذه الصورة موضع وفاق

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب السلف الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب السلف الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) جواهر الكلام ج 24 ص: 274

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 221

يكون المبيع مضبوط الاوصاف التي تختلف القيمة باختلافها كالجودة و الرداءة و الطعم و الريح و اللون و غيرها كالخضر و الفواكه و الجوب و الجوز و اللوز و البيض و الملابس و الاشربة و الادوية و آلات السلاح و آلات التجارة و النساجة و الخياطة و غيرها من الاعمال و الحيوان و الانسان و غير ذلك فلا يصح فيما لا يمكن ضبط أوصافه كالجواهر و اللئالي و البساطين و غيرهما مما لا ترتفع الجهالة و الغرر فيها الا بالمشاهدة (1) الثاني ذكر الجنس و الوصف الرافع للجهالة (2).

______________________________

قال في التذكرة: «و انما لم يجز بالنقدين لأنه يكون صرفا و من شرطه التقابض في المجلس و لو فرض

امتداده حتي يخرج الاجل فالاولي المنع أيضا» «1».

و قال في الشرائع: لا يجوز اسلاف الاثمان و لو اختلفا» و صرح الشهيد في المسالك في شرح قول المحقق بأن المنع موضع وفاق مضافا الي لزوم الربا فان للأجل قسطا من الثمن. لكن هذا التقريب يختص بصورة تماثل العوضين و أما في صورة التخالف فلا يتم كما هو ظاهر.

(1) ما أفاده ظاهر فانه يشترط في السلم ذكر الاوصاف الدخيلة: في المبيع من حيث القيمة كما سيجي ء التعرض له فلا بد من كون المبيع مضبوط الاوصاف و إلا فلا يتحقق فيه شرط الصحة فلاحظ.

(2) لجملة من النصوص منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالسلم في المتاع اذا وصف الطول و العرض «2».

و منها ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 8، ص: 221

______________________________

(1) التذكرة ج 1 ص: 551

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب السلف الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 222

______________________________

الرجل يسلف في الغنم الثنيان و الجذعان و غير ذلك الي أجل مسمي قال: لا بأس به الحديث «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالسلم في الحيوان اذا وصفت أسنانها «2».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الرجل يسلم في الغنم ثنيان و جذعان و غير ذلك الي أجل مسمي قال: لا بأس الي أن قال:

و الاكسية مثل الحنطة و الشعير و الزعفران و الغنم «3».

و

منها: ما رواه سليمان بن خالد في حديث انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يسلم في غير نخل و لا زرع قال: يسمي شيئا مسمي الي اجل مسمي «4».

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالسلم في الحيوان اذا سميت شيئا معلوما «5».

و منها: ما رواه سماعة قال: سئل أبو اللّه عليه السلام عن السلم في الحيوان فقال: أسنان معلومة و اسنان معدودة الي أجل مسمي لا بأس به «6».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالسلم في

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 6

(6) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 223

الثالث قبض الثمن قبل التفرق (1) و لو قبض البعض صح فيه و بطل في الباقي (2) و لو كان الثمن دينا في ذمة البائع فالاقوي الصحة (3) اذا كان

______________________________

الحيوان اذا سميت الذي يسلم فيه فوصفته فان وفيته و إلا فأنت احق بدراهمك «1».

و منها: ما رواه زرارة عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالسلم في الحيوان و المتاع اذا وصفت الطول و العرض «2».

فان المستفاد من هذه النصوص اشتراط السلف بذكر الاوصاف المنظورة في المبيع مضافا الي ما اشتهر بين القوم بأن الجهل بالاوصاف يوجب الغرر الموجب لفساد البيع.

(1) قال في الحدائق: «الشرط الرابع: قبض الثمن قبل التفرق فيبطل بدونه علي الاشهر بل نقل في التذكرة عليه الاجماع قال: فلا يجوز التفرقة قبله و ان تفارقا قبل القبض بطل السلم عند علمائنا اجمع» الي آخره.

و قال

في الجواهر: «الشرط الثالث من الشرائط: قبض رأس المال قبل التفرق شرط في صحة العقد اجماعا في الغنية و المسالك و حينئذ لو افترقا قبله بطل عند علمائنا أجمع في التذكرة» الخ فالعمدة التسالم و الاجماع بين الاصحاب و صرح صاحب الحدائق بعدم وقوف نص و اللّه العالم.

(2) لوجود المقتضي من العقد و القبض فيصح و عدم تحقق الشرط في البعض فلا يصح.

(3) ربما يقال بفساد البيع في هذه الصورة لأنه من مصاديق الدين بالدين لقوله عليه السلام في حديث طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 224

الدين حالا لا مؤجلا (1) الرابع تقدير المبيع ذي الكيل أو الوزن أو العد بمقداره (2) الخامس: تعيين أجل مضبوط للمسلم فيه بالايام أو

______________________________

صلي اللّه عليه و آله: لا يباع الدين بالدين «1» و فيه: اولا ان الحديث مخدوش سندا بطلحة حيث انه لم يوثق. و ثانيا: ان المقام ليس من بيع الدين بالدين بل الدين يحصل بالبيع.

و أما حديث اسماعيل بن عمرانه كان له علي رجل دراهم فعرض عليه الرجل أن يبيعه بها طعاما الي أجل فأمر اسماعيل يسأله فقال: لا بأس بذلك فعاد اليه اسماعيل فسأله عن ذلك و قال: اني كنت أمرت فلانا فسألك عنها فقلت: لا بأس فقال:

ما يقول فيها من عندكم قلت: يقولون: فاسد فقال: لا تفعله فاني أوهمت «2» فهو مخدوش سندا فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالته.

و أما حديث علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال: سألته عن السلم في الدين قال: اذا قال: اشتريت منك كذا و كذا

بكذا و كذا فلا بأس «3» فضعيف سندا أيضا.

(1) اذ لو كان الثمن حالا في ذمة البائع يتحقق القبض بالنسبة الي الثمن الذي شرط في صحة السلم فيصح و أما اذا كان مؤجلا فلا يتحقق القبض فلا يصح البيع.

(2) اذ مع الجهل يلزم الغرر فيوجب البطلان و قد تقدم في شروط العوضين انه لا بد أن يكون مقدار كل من العوضين المتعارف تقديره عند البيع من كيل أو وزن أوعد أو مساحة معلوما فراجع.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب السلف الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 225

الشهور أو السنين أو نحوها و لو جعل الاجل زمان الحصاد أو الدياس أو الحضيرة بطل البيع (1) و يجوز فيه أن يكون قليلا كيوم و نحوه و أن يكون كثيرا كعشرين سنة (2). السادس: امكان دفع ما تعهد البائع دفعه وقت الحلول و في البلد الذي شرط التسليم فيه اذا كان قد شرط ذلك (3).

______________________________

(1) «بلا خلاف اجده بيننا بل عن نهج الحق و الغنية الاجماع عليه» هكذا في الجواهر و يمكن الاستدلال علي المدعي بما دل علي نفي الغرر لاحظ ما عن علي عليه السلام قال: و قد نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن بيع المضطر و عن بيع الغرر «1» و بالنبوي: «من اسلف فيسلف في كيل معلوم الي اجل معلوم» «2».

مضافا الي جملة من النصوص: لاحظ احاديث عبد اللّه بن سنان و ابي مريم الانصاري و قتيبة الاعشي و سماعة و غياث بن ابراهيم و سليمان بن خالد و حديد بن حكيم «3» و كون مورد هذه النصوص الموارد الخاصة لا يضر بالاستدلال للاتفاق

علي عدم الفرق بل لا يبعد أن يقال: ان العرف يفهم من مجموع النصوص ان ذكر الاجل شرط في السلم و من تلك النصوص ما رواه غياث «4» بل لا يبعد تحقق الاطلاق في بعضها لاحظ حديث سليمان بن خالد «5».

(2) لإطلاق النصوص الواردة في المقام فلاحظ.

(3) الظاهر انه مورد الاجماع- علي ما يظهر من الجواهر- و يمكن الاستدلال

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب آداب التجارة الحديث: 3

(2) جواهر الكلام ج 24 ص: 300

(3) لاحظ ص: 161 و 162

(4) لاحظ ص: 161

(5) لاحظ ص: 162

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 226

سواء أ كان عام الوجود أم نادره (1).

______________________________

علي المدعي بما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

الرجل يجيئني يطلب المتاع فاقاوله علي الربح ثم اشتريه فأبيعه منه فقال: أ ليس ان شاء أخذ و ان شاء ترك؟ قلت: بلي قال: فلا بأس به قلت: فان من عندنا يفسده، قال: و لم؟ قلت قد باع ما ليس عنده قال: فما يقول في السلم قد باع صاحبه ما ليس عنده قلت: بلي قال: فانما صلح من أجل انهم يسمونه سلما ان أبي كان يقول لا بأس ببيع كل متاع كنت تجده في الوقت الذي بعته فيه «1» فان المستفاد من هذا الخبر انه يشترط في صحة البيع امكان دفع ما باعه في الوقت الذي عين في العقد.

(1) قال صاحب الجواهر قدس سره: «لا اجد دليلا علي هذا الشرط بل اطلاق الادلة يقضي بخلافه بل شدد النكير المقدس الأردبيلي علي اشتراط هذا الشرط و ادعي ان موثقة عبد الرحمن دالة علي خلافه» الخ.

و الظاهران المراد بالموثقة المذكورة ما رواه اسحاق بن عمار و عبد

الرحمن ابن الحجاج جميعا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الطعام من الرجل ليس عنده فيشتري منه حالا قال: ليس به بأس قلت: انهم يفسدونه عندنا قال: و أي شي ء يقولون في السلم؟ قلت: لا يرون به بأسا يقولون هذا الي اجل فاذا كان الي غير اجل و ليس عند صاحبه فلا يصلح فقال: فاذا لم يكن الي اجل كان أجود «أحق يه» ثم قال: لا بأس بأن يشتري الطعام و ليس هو عند صاحبه «حالا» و الي اجل فقال لا يسمي له أجلا الا أن يكون بيعا لا يوجد مثل العنب و البطيخ و شبهه في غير زمانه فلا ينبغي شراء ذلك حالا «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب أحكام العقود الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 227

فلو لم يمكن ذلك و لو تسبيبا لعجزه عنه و لو لكونه في سجن أو في بيداء لا يمكنه الوصول الي البلد الذي اشترط التسليم فيه عند الاجل بطل (1).

[مسألة 2: إطلاق العقد يقتضي وجوب تسليم المسلم فيه في بلد العقد]

(مسألة 2): اطلاق العقد يقتضي وجوب تسليم المسلم فيه في بلد العقد الا أن تقوم قرينة علي الاطلاق أو علي تعيين غيره فيعمل عليها و الاقوي عدم وجوب تعيينه في العقد الا اذا اختلفت الامكنة في صعوبه التسليم فيها و لزوم الخسارة المالية بحيث يكون الجهل

______________________________

فان المستفاد من هذه الرواية ان امكان الوجود عند حلول الاجل شرط في صحة البيع لا أزيد من هذا المقدار بل يستفاد المدعي- كما في كلام صاحب الجواهر- مما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل اشتري طعام قرية بعينها قال: لا بأس ان خرج فهو له و ان لم يخرج

كان دينا عليه «1».

فان المستفاد منه ان مجرد الامكان يكفي في الصحة بل يمكن أن يستفاد المدعي من حديث خالد بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يشتري طعام قرية بعينها و ان يسم قرية يعينها أعطاه من حيث شاء «2».

فان المستفاد من هذه الرواية انه مع عدم تعيين مكان خاص يمكن الاعطاء من اي مكان شاء فالنتيجة ان مجرد امكان الحصول في المكان الذي تعهد الاعطاء منه شرط في الصحة و أما الزائد علي هذا المقدار فلا.

(1) قد ظهر وجه ما أفاده.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب السلف الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 228

بها غررا فيجب تعيينه حينئذ (1).

[مسألة 3: إذا جعل الأجل شهرا قمريا أو شمسيا أو شهرين]

(مسألة 3): اذا جعل الاجل شهرا قمريا أو شمسيا أو شهرين فان كان وقوع المعاملة في اول الشهر فالمراد تمام ذلك الشهر و إن كان في أثناء الشهر فالمراد من الشهر مجموع ما بقي منه مع اضافة مقدار من الشهر الثاني يساوي الماضي من الشهر الاول و هكذا (2).

[مسألة 4: إذا جعل الأجل جمادي أو ربيعا حمل علي أولهما من تلك السنة و حل بأول جزء من ليلة الهلال]

(مسألة 4): اذا جعل الاجل جمادي أو ربيعا حمل علي أولهما من تلك السنة و حل بأول جزء من ليلة الهلال و اذا جعله الجمعة أو الخميس حمل علي الاول من تلك السنة و حل باول جزء من نهار اليوم المذكور (3).

[مسألة 5: إذا اشتري شيئا سلفا جاز بيعه من بايعه قبل حلول الأجل و بعده بجنس آخر]

(مسألة 5): اذا اشتري شيئا سلفا جاز بيعه من بايعه قبل حلول الاجل و بعده بجنس آخر أو بجنس الثمن بشرط عدم الزيادة و لا يجوز بيعه من غيره قبل حلول الاجل و يجوز بعده سواء باعه بجنس آخر أو بجنس الثمن مع الزيادة أو النقيصة أو التساوي (4).

______________________________

(1) الظاهران الامر كما أفاده فان الاطلاق لو لا قرينة خارجية صارفة ينصرف الي بلد العقد و مع قيام القرينة لا بد من اتباعها و لا يلزم التعيين إلا مع التفاوت و لزوم الغرر مع الجهل فما أفاده تام.

(2) فان ما أفاده مقتضي الظهور العرفي الذي يكون حجة عند العرف في المحاورات.

(3) كل ذلك للظهور العرفي و العرف ببابك فلاحظ.

(4) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول: انه اذا اشتري شيئا سلفا جاز بيعه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 229

______________________________

من بايعه قبل حلول اجله.

و قال في الحدائق: «المسألة الثانية لو أراد بيع ما أسلف فيه فهنا صور: احديها بيعه قبل حلول الاجل حالا و الظاهر انه لا خلاف في عدم الجواز لعدم استحقاقه له» «1» الخ.

و قال في الجواهر: «اذا أسلف في شي ء لم يجز بيعه قبل حلوله لا لعدم ملكيته قبل الاجل ضرورة عدم مدخلية فيها اذ العقد هو السبب في الملك و الاجل انما هو للمطالبة» الي أن قال: «بل للإجماع المحكي في التنقيح و ظاهر الغنية و جامع المقاصد و غيرهما و عن كشف

الرموز إن لم يكن محصلا بل لعله كذلك» «2» الخ.

و لا يبعد ان الماتن لا يري الاجماع المدعي في المقام اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السلام و يمكن أن يكون الوجه فيه عدم تحقق الاجماع بالنسبة الي البيع من البائع قال في الجواهر- ناقلا عن الوسيلة-: «و اذا اراد أن يبيع المسلف ما أسلف فيه من المستلف عند حلول الاجل أو قبله بجنس ما ابتاعه بأكثر مع الثمن الذي ابتاعه لم يجز و من باع بجنس غير ذلك جاز».

و عليه يكون مقتضي ادلة صحة البيع جوازه حيث انه لا يكون ما يوجب تقييد اطلاق ادلة الصحة.

الفرع الثاني: انه يجوز بيعه قبل حلول الاجل منه بجنس آخر غير جنس الثمن بلا تقيده بقيد و الوجه فيه انه لا موجب للتقييد و مقتضي اطلاق الادلة هو الجواز.

الفرع الثالث: انه يجوز بيعه من بايعه بعد حلول الاجل بجنس آخر علي

______________________________

(1) الحدائق ج 20 ص: 35

(2) جواهر الكلام ج 24 ص: 319- 320

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 230

______________________________

الاطلاق و الوجه فيه ان المقتضي موجود بلا مانع.

الفرع الرابع: انه لا يجوز بيعه من بايعه قبل حلول الاجل و بعده بأكثر من جنس الثمن للإجماع المدعي في المقام و لجملة من النصوص منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الرجل يسلم في الغنم ثنيان و جذعان و غير ذلك الي أجل مسمي قال: لا بأس ان لم يقدر الذي عليه الغنم علي جميع ما عليه أن يأخذ صاحب الغنم نصفها أو ثلثها أو ثلثيها و يأخذ رأس مال ما بقي من الغنم دراهم و يأخذ دون شروطهم و لا يأخذون فوق شروطهم و

الاكسية أيضا مثل الحنطة و الشعير و الزعفران و الغنم «1» فان المستفاد من هذه الرواية انه لا يجوز بيعه من بايعه أكثر من رأس ماله.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في رجل اعطي رجلا ورقا في وصيف الي اجل مسمي فقال له صاحبه لا نجد لك وصيفا خذ مني قيمة وصيفك اليوم ورقا قال: فقال: لا يأخذ الا وصيفه أو ورقه الذي اعطاء اول مرة لا يزداد عليه شيئا «2».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من اشتري طعاما أو علفا الي اجل فلم يجد صاحبه و ليس شرطه الا الورق و ان قال: خذ مني بسعر اليوم ورقا فلا يأخذ الا شرطه طعامه أو علفه فان لم يجد شرطه و أخذ ورقا لا محالة قبل أن يأخذ شرطه فلا يأخذ الا رأس ماله لٰا تَظْلِمُونَ وَ لٰا تُظْلَمُونَ «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب السلف الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 231

هذا في غير المكيل و الموزون و أما فيهما فلا يجوز بيعهما قبل القبض مرابحة مطلقا كما تقدم (1).

[مسألة 6: إذا دفع البائع المسلم فيه دون الصفة لم يجب علي المشتري القبول]

(مسألة 6): اذا دفع البائع المسلم فيه دون الصفة لم يجب علي المشتري القبول (2).

______________________________

و منها: ما رواه يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه «جعفريه» عليه السلام عن الرجل يسلف في الحنطة و الثمرة مأئة درهم فيأتي صاحبه حين يحل الذي له فيقول: و اللّه ما عندي إلا نصف الذي لك فخدمني ان شئت بنصف الذي لك حنطة و بنصفه ورقا فقال:

لا بأس اذا أخذ منه الورق كما أعطاه «1».

و في المقام رواية عن علي بن جعفر قال: سألته عن رجل له علي آخر تمر أو شعير أو حنطة أ يأخذ بقيمته دراهم؟ قال: اذا قومه دراهم فسد لأن الاصل الذي يشتري «اشتري خ ل» به دراهم فلا يصلح دراهم بدراهم و سألته عن رجل أعطي عبده عشرة دراهم علي أن يؤدي العبد كل شهر عشرة دراهم أ يحل ذلك؟ قال: لا بأس «2» فان كانت قابلة للجمع مع بقية النصوص فهو و إلا يرد علمها الي اهلها.

الفرع الخامس: انه لا يجوز بيعه من غير بايعه قبل حلول الاجل مطلقا و ذلك للإجماع.

الفرع السادس: انه يجوز بيعه من غير بايعه بعد حلول الاجل علي الاطلاق لوجود المقتضي و عدم الاجماع علي المنع.

(1) و قد تقدم الكلام حول الفرع فراجع.

(2) لعدم ما يقتضي وجوب القبول و بعبارة اخري: لا يجب علي المشتري

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 16

(2) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 232

و لو رضي بذلك صح (1) و كذلك اذا دفع أقل من المقدار و تبرأ ذمة البائع اذا أبرأ المشتري الباقي (2) و اذا دفعه علي الصفة و المقدار وجب عليه القبول (3) و اذا دفع فوق الصفة فان كان شرط الصفة راجعا الي استثناء ما دونها فقط وجب القبول أيضا (4) و ان كان راجعا الي استثناء ما دونها و ما فوقها لم يجب القبول و لو دفع اليه زائدا علي المقدار لم يجب القبول (5).

[مسألة 7: إذا حل الأجل و لم يتمكن البائع من دفع المسلم فيه تخير المشتري بين الفسخ و الرجوع بالثمن بلا زيادة و لا نقيصة]

(مسألة 7): اذا حل الاجل و لم يتمكن البائع من دفع المسلم فيه تخير المشتري بين الفسخ و الرجوع بالثمن بلا زيادة و لا نقيصة و

بين أن ينتظر الي أن يتمكن البائع من دفع المبيع اليه في وقت آخر (6).

______________________________

رفع اليد عن حقه.

(1) تارة يكون المبيع ما هو الجامع بين الموصوف و غيره و قد اشترطت الصفة فيه و اخري يكون المبيع هو الموصوف أما علي الاول فلا اشكال في جواز القبول اذ الفاقد فرد من الكلي و المشتري رفع اليد عن حقه بالنسبة الي الوصف و أما علي الثاني فلا بد من تراض جديد و تبديل بين الفاقد و الواجد اذ المفروض ان مملوكه و مطلوبه يغاير المدفوع اليه فكيف يصير مصداقا لذلك الكلي و ان شئت قلت: ان بدلية غير المطلوب عنه تتوقف علي سبب فلاحظ.

(2) كما هو ظاهر فان مرجع قبول الاقل الي البراءة عن الاكثر.

(3) كما هو ظاهر اذ لا وجه لجواز عدم القبول.

(4) كما هو ظاهر أيضا بعين التقريب.

(5) و هذا أيضا ظاهر اذ لا يجب عليه القبول الا ما كان حقّا له و مطلوبه و أما الزائد فلا.

(6) فان له الفسخ بمقتضي الشرط الارتكازي كما ان له الانتظار و يمكن

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 233

و لو تكن من دفع بعضه و عجز عن دفع الباقي كان له الخيار في الباقي بين الفسخ فيه و الانتظار (1) و في جواز فسخه في الكل حينئذ اشكال و الاظهر الجواز (2) نعم لو فسخ في البعض جاز للبائع الفسخ في الكل (3).

[مسألة 8: لو كان المبيع موجودا في غير البلد الذي يجب التسليم فيه]

(مسألة 8): لو كان المبيع موجودا في غير البلد الذي يجب التسليم فيه فان تراضيا تسليمه في موضع وجوده جاز (4) و الا فان أمكن و تعارف نقله الي بلد التسليم وجب نقله علي البائع (5) و الا فيجري الحكم المتقدم من الخيار بين الفسخ

و الانتظار (6).

______________________________

الاستدلال علي المدعي بما رواه عبد اللّه بن بكير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أسلف في شي ء يسلف الناس فيه من الثمار فذهب زمانها «ثمارها الفقيه» و لم يستوف سلفه قال: فليأخذ رأس ماله أو لينظره «1».

فاذا فسخ يرجع الثمن اليه بلا زيادة و لا نقيصة و هذا علي طبق القاعدة الاولية.

(1) بتقريب: ان البيع ينحل الي المتعدد فيجري في كل فرد منه حكمه فتأمل.

(2) يمكن أن يكون الوجه في الاشكال عدم المقتضي للفسخ في الكل اذ المفروض دفع البائع بعض المبيع لكن كما قال الماتن الحق جواز الفسخ في الكل للشرط الارتكازي الضمني.

(3) لخيار التبعض فلاحظ.

(4) بلا اشكال فانه مع التراضي بينهما لا يبقي وجه للإشكال.

(5) كما هو ظاهر فان الدفع واجب عليه فيجب ما يتوقف عليه.

(6) اذ مع التخلف يثبت الخيار فله الفسخ و الانتظار و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 11 من أبواب السلف الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 234

[الفصل الثاني عشر: بيع الثمار و الخضر و الزرع]

اشارة

الفصل الثاني عشر: بيع الثمار و الخضر و الزرع لا يجوز بيع ثمرة النخل و الشجر قبل ظهورها عاما واحدا بلا ضميمة (1).

______________________________

(1) قال في الجواهر- في هذا المقام-: «اجماعا بقسميه بل المحكي منهما متواتر كالنصوص و لذا نسبه بعضهم إلي الضرورة» الخ.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه الحلبي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن شراء النخل و الكرم و الثمار ثلاث سنين أو أربع سنين فقال: لا بأس تقول: ان لم يخرج في هذه السنة اخرج في قابل و ان اشتريته في سنة واحدة فلا تشتره حتي يبلغ و ان اشتريته ثلاث سنين قبل أن يبلغ فلا بأس و

سئل عن الرجل يشتري الثمرة المسماة من أرض فتهلك ثمرة تلك الارض كلها فقال: قد اختصموا في ذلك الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فكانوا يذكرون ذلك فلما رآهم لا يدعون الخصومة نهاهم عن ذلك البيع حتي تبلغ الثمرة و لم يحرمه و لكن فعل ذلك من أجل خصومتهم «1».

و منها: ما رواه ربعي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان لي نخلا بالبصرة فأبيعه و اسمي الثمن و أستثني الكر من التمر أو أكثر أو العدد من النخل فقال:

لا بأس قلت جعلت فداك بيع السنتين قال: لا بأس قلت: جعلت فداك. ان ذا عندنا عظيم قال: اما انك ان قلت ذاك لقد كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله احل ذلك فتظالموا «فتظلموا يب» فقال عليه السلام: لاتباع الثمرة حتي يبدو صلاحها «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب بيع الثمار الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 235

______________________________

و منها: ما رواه أبو الربيع الشامي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: كان أبو جعفر عليه السلام يقول: اذا بيع الحائط فيه النخل و الشجر سنة واحدة فلا يباعن حتي تبلغ ثمرته و اذا بيع سنتين أو ثلاثا فلا بأس ببيعه بعد أن يكون فيه شي ء من الخضرة «الخضر خ» «1».

و منها: ما رواه معاوية بن ميسرة قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن بيع النخل سنتين قال: لا بأس الحديث «2».

و منها: ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الكرم متي يحل بيعه؟ قال: اذا عقد و صاد عروقا «3».

و منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: قال ابو

عبد اللّه عليه السلام: لا تشتر النخل حولا واحدا حتي يطعم و ان شئت ان تبتاعه سنتين فافعل «4».

و عن الحدائق: الجزم بالصحة و ربما يقال- كما في الجواهر-: ان النصوص المانعة تحمل علي الكراهة و الظاهران الوجه فيه جملة من النصوص: منها: ما رواه «ابن يزيد» بريد قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرطبة تباع قطعتين أو ثلاث قطعات فقال: لا بأس قال: و أكثرت السؤال عن أشباه هذا فجعل يقول: لا بأس به فقلت: أصلحك اللّه استحياء من كثرة ما سألته و قوله: لا بأس به: ان من يلينا يفسدون هذا كله فقال: أظنهم سمعوا حديث رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في النخل ثم حال بيني و بينه رجل فسكت فأمرت محمد بن مسلم أن يسأل أبا جعفر عليه السلام عن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 236

و يجوز بيعها عامين فما زاد (1) و عاما واحدا مع الضميمة علي الاقوي (2) و أما بعد ظهورها فان بد اصلاحها أو كان البيع في عامين أو مع الضميمة جاز بيعها بلا اشكال (3) أما مع انتفاء الثلاثة فالاقوي الجواز

______________________________

قول رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في النخل فقال أبو جعفر عليه السلام خرج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فسمع ضوضاء قال: ما هذا؟ فقيل له: تبايع الناس بالنخل فقعد النخل العام فقال عليه السلام: أما اذا فعلوا فلا تشتروا النخل العام حتي يطلع فيه الشي ء و لم يحرمه «1».

و منها: ما رواه الحلبي «2» فان المستفاد من هذه الطائفة من النصوص ان النبي صلي

اللّه عليه و آله لم يحرم البيع و انما النهي نهي كراهي فعليه لا وجه للقول بالحرمة و الفساد لكن هل يمكن رفع اليد عن الاجماعات المنقولة و التسالم بينهم بحد نسب الي بعضهم انه قال: «انه ضروري» و لولاه كان للنقاش في استفادة المدعي من النصوص المشار اليها مجال فان الجمع فيها يقتضي حمل النواهي الواقعة فيها علي الكراهة.

(1) كما هو منصوص في الروايات لاحظ ما رواه الحلبي «3».

(2) لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن بيع الثمرة هل يصلح شراؤها قبل أن يخرج طلعها؟ فقال لا الا أن يشتري معها شيئا من غيرها رطبة أو بقلا فيقول: اشتري منك هذه الرطبة و هذا الشجر بكذا فان لم تخرج الثمرة كان رأس مال المشتري في الرطبة و البقل الحديث «4».

(3) أما جوازه بعد بد و الصلاح فلما نص به في بعض النصوص لاحظ ما رواه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 234

(3) لاحظ ص: 234

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب بيع الثمار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 237

و الاحوط العدم (1).

[مسألة 1: بدو الصلاح في الثمر هو كونه قابلا للأكل في العادة]

(مسألة 1): بدو الصلاح في الثمر هو كونه قابلا للأكل في العادة و ان كان اول أوان أكله (2).

______________________________

ربعي «1». و أما جواز بيعه عامين فلحديث سليمان بن خالد «2» و أما جوازه مع الضميمة فلما رواه سماعة «3».

(1) يمكن أن يكون الوجه في نظره ان مقتضي الجمع بين النصوص هو الجواز لكن بملاحظة الاجماع و التسالم علي عدم الجواز ترفع اليد عن النصوص و حيث ان القدر المتيقن من الاجماع صورة عدم ظهور الثمرة يقتصر في المنع علي هذا المقدار و يحكم بالجواز في غيرها و مقتضي الاحتياط الالتزام بعدم الجواز

علي الاطلاق و اللّه العالم.

(2) لا يبعد أن يكون الماتن ناظرا الي أن الظهور العرفي يقتضي ذلك اذ يمكن أن تكون النصوص الواردة في المقام ضعيفة عنده لاحظ ما رواه الحسن بن علي الوشاء قال: سألت الرضا عليه السلام هل يجوز بيع النخل اذا حمل؟ قال:

لا يجوز بيعه حتي يزهو قلت: و ما الزهو جعلت فداك قال: يحمر و يصفر و شبه ذلك «4».

و ما رواه علي بن أبي حمزه في حديث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري بستانا فيه نخل ليس فيه غيره بسرا «غير بسر خ ل» أخضر قال: لا حتي

______________________________

(1) لاحظ ص: 234

(2) لاحظ ص: 235

(3) لاحظ ص: 236

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب بيع الثمار الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 238

______________________________

يزهو قلت: و ما الزهو؟ قال: حتي يتلون «1».

و ما رواه الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام في حديث مناهي النبي صلي اللّه عليه و آله قال و نهي أن يبتاع الثمار حتي تزهو يعني تصفر أو تحمر «2».

و ما رواه أبو عبيد القاسم بن سلام باسناد متصل الي النبي صلي اللّه عليه و آله انه نهي عن المخاضرة و هو أن يبتاع الثمار قبل أن يبدو صلاحها و هن خضر بعد و يدخل المخاضرة أيضا بيع الرطاب و البقول و أشباهها و نهي عن بيع الثمر قبل أن يزهو و زهوه ان يحمر أو يصفر «3».

و ما روي قال و في حديث آخر: نهي بيعه قبل أن تشقح و يقال: يشقح و التشقيح هو الزهو أيضا و هو معني قوله: حتي يأمن العاهة و العاهة الآفة تصيبه «4» فيبقي الظهور

العرفي ملاكا للحكم.

و يمكن أن يكون ناظرا الي ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام سئل عن الفاكهة متي يحل بيعها؟ قال: اذا كانت فاكهة كثيرة في موضع واحد فاطعم بعضها فقد حل بيع الفاكهة كلها فاذا كان نوعا واحدا فلا يحل بيعه حتي يطعم فان كان أنواع متفرقة فلا يباع شي ء منها حتي يطعم كل نوع منها وحده ثم تباع تلك الانواع «5» فان الميزان المجوز جعل في الرواية بلوغ الفاكهة الي مرحلة قابلة لان تطعم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 14

(3) نفس المصدر الحديث: 15

(4) نفس المصدر الحديث: 16

(5) الوسائل الباب 2 من أبواب بيع الثمار الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 239

[مسألة 2: يعتبر في الضميمة المجوزة لبيع الثمر قبل بدو صلاحه أن تكون مما يجوز بيعه منفردة]

(مسألة 2): يعتبر في الضميمة المجوزة لبيع الثمر قبل بدو صلاحه أن تكون مما يجوز بيعه منفردة و كونها مملوكة لمالك و كون الثمن لها و للمنضم علي الاشاعة (1) و لا يعتبر فيها أن تكون متبوعة علي الاقوي فيجوز كونها تابعة (2).

[مسألة 3: يكتفي في الضميمة في تمر النخل مثل السعف و الكرب و الشجر اليابس الذي في البستان]

(مسألة 3): يكتفي في الضميمة في تمر النخل مثل السعف و الكرب و الشجر اليابس الذي في البستان (3).

[مسألة 4: لو بيعت الثمرة قبل بدو صلاحها مع أصولها جاز بلا اشكال]

(مسألة 4): لو بيعت الثمرة قبل بدو صلاحها مع أصولها جاز بلا اشكال (4).

[مسألة 5: إذا ظهر بعض ثمر البستان جاز بيع المتجدد في تلك السنة معه]

(مسألة 5): اذا ظهر بعض ثمر البستان جاز بيع المتجدد في تلك السنة معه و ان لم يظهر اتحد الجنس أو اختلف اتحد البستان أم تكثر

______________________________

(1) يمكن الاستدلال علي ما أفاده بحديث سماعة «1» فان قوله عليه السلام «اشتري منك» الخ يدل علي أنه لا بد من كون الضميمة مملوكة للبائع و الا فكيف يمكن الاشتراء منه و أيضا يدل علي أنه لا بد من كونها قابلة للاشتراء كالرطبة و البقل و تكون الضميمة بحيث تقع وحدها في مقابل الثمن و أيضا يدل علي أن يكون الاشتراء علي نحو الاشاعة.

(2) للإطلاق.

(3) للإطلاق.

(4) اذ لا وجه للإشكال و ان شتت قلت: غاية ما يلزم وجود الضميمة و ليكن الاصل مصداقا للضميمة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 236

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 240

علي الاقوي (1).

[مسألة 6: إذا كانت الشجرة تثمر في السنة الواحدة مرتين]

(مسألة 6): اذا كانت الشجرة تثمر في السنة الواحدة مرتين ففي جريان حكم العامين عليهما اشكال (2) أظهره الجريان (3).

[مسألة 7: إذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أكثر ثم باع أصولها علي شخص آخر لم يبطل بيع الثمرة]

(مسألة 7): اذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أكثر ثم باع اصولها علي شخص آخر لم يبطل بيع الثمرة بل تنتقل الاصول الي المشتري مسلوبة المنفعة في المدة المعينة و له الخيار في الفسخ مع الجهل (4) و لا يبطل بيع الثمرة بموت بائعها بل تنتقل الاصول الي

______________________________

(1) كل ذلك للإطلاق فان مقتضي اطلاق دليل الجواز مع الضميمة ما ذكر مضافا الي دلالة بعض النصوص عليه لاحظ ما رواه يعقوب بن شعيب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام اذا كان الحائط فيه ثمار مختلفة فأدرك بعضها فلا بأس ببيعها جميعا «1».

(2) الظاهر ان منشأ الاشكال عدم صدق العنوان المأخوذ في دليل الجواز فان المأخود في الدليل سنتان فما فوقهما.

(3) بتقريب: ان العرف يفهم وحدة الملاك فلا خصوصية لتعدد السنة بل المناط بتكرر الثمرة و للتأمل فيما ذكر مجال و لعل الماتن فيما أفاده مستند الي وجه آخر و اللّه العالم.

(4) لعدم ما يقتضي البطلان غايته ثبوت الخيار للمشتري كما في المتن اذا كان جاهلا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب بيع الثمار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 241

ورثة البائع بموته مسلوبة المنفعة (1) و كذا لا يبطل بيعها بموت المشتري بل تنتقل الي و وثته (2).

[مسألة 8: إذا اشتري ثمرة فتلفت قبل قبضها انفسخ العقد و كانت الخسارة من مال البائع]

(مسألة 8): اذا اشتري ثمرة فتلفت قبل قبضها انفسخ العقد و كانت الخسارة من مال البائع كما تقدم ذلك في أحكام القبض و تقدم أيضا الحاق السرقة و نحوها بالتلف و حكم ما لو كان التلف من البائع و المشتري و الاجنبي (3).

[مسألة 9: يجوز لبائع الثمرة أن يستثني ثمرة شجرات أو نخلات بعينها]

(مسألة 9): يجوز لبائع الثمرة أن يستثني ثمرة شجرات أو نخلات بعينها و ان يستثني حصة مشاعه كالربع و الخمس و ان يستثني مقدارا معينا كمن و وزنة (4) لكن في الصورتين لو خاست الثمرة وزع النقص علي المستثني و المستثني منه علي النسبة (5) ففي صورة استثناء حصة مشاعة يوزع الباقي بتلك النسبة و اما اذا كان المستثني

______________________________

(1) لعدم وجه للبطلان.

(2) الكلام فيه هو الكلام.

(3) و قد مر الكلام حول الفرع و تقدم شرح كلام الماتن هناك فراجع.

(4) الظاهر ان جوازه علي القاعدة الاولية مضافا الي النص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه ربعي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يبيع الثمرة ثم يستثني كيلا و تمرا قال: لا بأس به قال: و كان مولي له عنده جالسا فقال المولي انه يبيع و يستثني أو ساقا يعني أبا عبد اللّه عليه السلام قال: فنظر اليه و لم ينكر ذلك من قوله «1».

(5) كما هو ظاهر فانه لازم الاشاعة بخلاف الصورة الاولي فان مملوك احدهما

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب بيع الثمار

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 242

مقدارا معينا فطريق معرفة النقص تخمين الفائت بالثلث أو الربع مثلا فيسقط من المقدار المستثني بتلك النسبة فان كان الفائت الثلث يسقط منه الثلث و ان كان الربع يسقط الربع و هكذا (1).

[مسألة 10: يجوز بيع ثمرة النخل و غيره في أصولها بالنقود و بغيرها كالأمتعة و الحيوان و الطعام]

(مسألة 10): يجوز بيع ثمرة النخل و غيره في أصولها بالنقود و بغيرها كالأمتعة و الحيوان و الطعام و بالمنافع و الاعمال و غيرها كغيره من أفراد البيع (2) نعم لا تجوز المزابنة و هي بيع ثمرة النخل ثمرا كانت أو رطبا أو بسرا أو غيرها بالتمر من ذلك النخل (3) و أما

بيعها بثمر غيره سواء كان في الذمة أم كان معينا فالظاهر جوازه (4).

______________________________

متميز عن المملوك الاخر فالخسارة الواردة علي واحد منهما تختص بموردها.

(1) الظاهران الامر كما أفاده و اللّه العالم.

(2) الظاهر ان ما أفاده علي طبق الموازين الاولية.

(3) لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن ابي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: عن المحاقلة و المزابنة قلت و ما هو؟ قال: أن يشتري حمل النخل بالثمر و الزرع بالحنطة «1» و قال في الجواهر- في مقام الاستدلال علي عدم الجواز-: «اجماعا بقسميه بل المحكي منه مستفيض أو متواتر» الي أن قال: «و لان هذه المعاملة هي المتيقن من تحريم المزابنة التي علم بالنص و الاجماع حرمتها» الخ.

(4) لبعض النصوص لاحظ ما رواه الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام في رجل قال لاخر: بعني ثمرة نخلك هذا الذي فيها بقفيزين من تمر أو أقلّ أو أكثر يسمي ما شاء فباعه فقال: لا بأس به و قال: التمر و البسر من نخلة واحدة لا بأس به فأما

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من ابواب بيع الثمار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 243

و ان كان الترك أحوط (1) و الظاهر عدم جواز بيع ثمر غير النخل بثمرة أيضا (2).

______________________________

أن يخلط التمر العتيق أو البسر فلا يصلح و الزبيب و العنب متل ذلك «1».

و لاحظ ما رواه أبو الصباح الكناني قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

ان رجلا كان له علي رجل خمسة عشر وسقا من تمر و كان له نخل فقال له: خذ ما في نخلي بتمرك فأبي ان يقبل فأتي البني صلي اللّه عليه و آله

فقال: يا رسول اللّه لفلان علي خمسة عشر وسقا من تمر فكلمه يأخذ ما في نخلي بتمره فبعث النبي صلي اللّه عليه و آله اليه فقال: يا فلان خذ ما في نخله بتمرك فقال: يا رسول اللّه لا يفي و أبي ان يفعل فقال رسول اللّه عليه و آله لصاحب النخل: اجذذ نخلك فجذه فكاله فكان خمسة عشر وسقا فأخبرني بعض أصحابنا عن ابن رباط و لا اعلم الا اني قد سمعته منه أن أبا عبد اللّه عليه السلام قال: ان ربيعة الرأي لما بلغه هذا عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: هذا ربا قلت: اشهد اللّه انه لمن الكاذبين قال: صدقت «2» و حديث عبد الرحمن و ان كان عاما في الحرمة و لكن يخصص عمومه بما دل علي الجواز.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(2) اختار في الحدائق الجواز حيث ان دليل الحرمة من الاجماع و النص يختصان بالنخل فيبقي غيره علي تحت القواعد العامة المقتضية للجواز و ما يمكن ان يذكر في وجه عدم الجواز امور.

الاول: انه لا يؤمن من الربا فلا يجوز لأجله و فيه: ان الربا يختص بالمكيل و الموزون و ثمرة الشجرة تباع بالمشاهدة.

الثاني: عموم العلة في بعض النصوص الدال علي منع بيع الرطب بالتمر معللا بلزوم الربا لاحظ النصوص الدالة علي المدعي في الباب 14 من أبواب الربا

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب بيع الثمار الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 244

و أما بيعه بغير ثمره فلا اشكال فيه اصلا (1).

[مسألة 11: يجوز أن يبيع ما اشتراه من الثمر في أصله بثمن زائد علي ثمنه الذي اشتراه به أو ناقص أو مساو]

(مسألة 11): يجوز أن يبيع ما اشتراه من الثمر في أصله بثمن زائد علي ثمنه الذي اشتراه

به أو ناقص أو مساو (2) سواء أ باعه قبل قبضه أم بعده (3).

______________________________

من الوسائل و من تلك النصوص ما رواه الحلبي «1» و فيه: انه قد مر في فصل الربا ان النصوص متعارضة و الترجيح مع ما يدل علي الجواز فراجع ما ذكرناه هناك.

الثالث: ما أفاده في الجواهر من تعليل عدم الجواز بعدم جواز اتحاد الثمن و المثمن. و فيه: ان هذا خلف الفرض فان المفروض في الكلام تغاير المبيع و الثمن و بعبارة اخري: ان كان المراد من التقريب انه لا بد من عدم كونهما من شجرة واحدة فهذا عين المدعي و لا مجال للاستدلال به و ان كان المراد انه لا بد من كون المبيع ملكا للبائع و الثمن ملكا للمشتري فلا اشكال في لزومه لكن لا مانع من هذه الناحية اذ يمكن فرض كون مقدار من الثمرة مملوكا لأحد و المقدار الاخر منها مملوكا لاخر حتي يمكن فرض التميز الخارجي بينهما بأن يكون الواقع في الطرف الشرقي ملكا لأحدهما و الواقع في الطرف الغربي ملكا لاخر فلاحظ.

(1) لعدم ما يقتضي المنع.

(2) لعدم ما يقتضي المنع و القاعدة الاولية تقتضي الجواز مضافا الي عدم الخلاف و الاشكال كما في الجواهر.

(3) لوحدة الملاك مضافا الي النص لاحظ ما رواه محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يشتري الثمرة ثم يبيعها قبل أن يأخذها قال:

______________________________

(1) لاحظ ص: 191

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 245

[مسألة 12: لا يجوز بيع الزرع قبل ظهوره علي الأحوط]

(مسألة 12): لا يجوز بيع الزرع قبل ظهوره علي الاحوط (1) و يجوز بيعه تبعا للأرض لو باعها معه (2) أما بعد ظهوره فيجوز بيعه مع أصله بمعني بيع القدر الظاهر مع اصوله الثابتة (3) فان

شاء المشتري فصله (4) و ان شاء ابقاه مع اشتراط الابقاء أو باذن من صاحب الارض (5) فان أبقاه حتي يسنبل كان له السنبل و عليه اجرة الارض اذا لم يشترط

______________________________

لا بأس به ان وجد ربحا فليبع «1».

و ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام انه قال في رجل اشتري الثمرة ثم يبيعها قبل ان يقبضها قال: لا بأس «2».

(1) لا يبعد أن يكون منشأ الاشكال لزوم الجهل و الغرر مضافا الي ان الظاهران المشهور قائلون بعدم الجواز قال في الحدائق «3»: «المشهور بل الظاهر انه لا خلاف فيه انه لا يجوز بيعها قبل ظهورها و انما يجوز بعد ظهورها لقطة و لقطات و جزة و جزات فيما يجز كالبقول و فيما يخترط كالحنا و التوت» الخ.

(2) لوجود المقتضي و عدم المانع.

(3) لوجود ما يقتضي الجواز من ادلة جواز البيع و عدم ما يكون مانعا.

(4) لأنه ملكه فله ما يشاء من التصرف في مملوكه.

(5) أما مع الاشتراط فلان الابقاء حق له بحسب الشرط المذكور و اما مع الاذن و رضا المالك فلجواز التصرف في ملك الغير باذنه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب بيع الثمار الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) ج 19 ص: 342

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 246

الابقاء مجانا (1) و ان فصله قبل أن يسنبل فنمت الاصول الثابتة في الارض حتي سنبل كان له أيضا (2) و لا تجب عليه اجرة الارض (3) و ان كان الوجوب أحوط (4) و يجوز بيعه لامع اصله بل قصيلا اذا كان قد بلغ أو ان قصله أو قبل ذلك علي أن يبقي حتي يصير قصيلا أو قبل ذلك (5).

______________________________

(1) لحرمة مال الغير فلا يجوز

التصرف و الانتفاع به مجانا كما هو ظاهر.

(2) اذا لمفروض ان الاصل له فيكون الفرع له أيضا بمقتضي تبعية الفرع للأصل كما هو المقرر عند العقلاء.

(3) اذ فرض اشتراط الابقاء.

(4) بتقريب انصراف اشتراط الابقاء الي صورة عدم الفصل.

(5) للمقتضي و عدم المانع مضافا الي دلالة جملة من النصوص علي الجواز لاحظ ما رواه الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا بأس بأن يشتري زرعا أخضر ثم تتركه حتي تحصد ان شئت ان (أو خ ل) تعلفه من قبل أن يسنبل و هو حشيش الحديث «1».

و ما رواه بكير بن أعين قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أ يحل شراء الزرع الاخضر؟ قال: نعم لا بأس به «2».

و ما رواه زرارة مثله و قال: لا بأس ان تشتري الزرع و القصيل أخضر ثم تتركه ان شئت حتي يسنبل ثم تحصده و ان شئت ان تعلف دابتك قصيلا فلا بأس به قبل

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب بيع الثمار الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 247

______________________________

أن يسنبل فأما اذا استنبل فلا تعلفه «تقلعه خ ل» رأسا رأسا فانه فساد «1».

و ما رواه معلي بن خنيس قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أشتري الزرع قال. اذا كان قدر شبر «2».

و ما رواه معاوية بن عمار قال: سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا تشتر الزرع ما لم يسنبل فاذا كنت تشتري أصله فلا بأس بذلك الحديث «3».

و ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بأن تشتري زرعا اخضر فان شئت تركته حتي تحصده و ان شئت فبعه حشيشا «4».

و ما روا سماعة

قال: سألته عن شراء القصيل يشتريه الرجل فلا يقصله و يبدو له في تركه حتي يخرج سنبله شعيرا أو حنطة و قد اشتراه من أصله و ما كان علي أربابه من خراج فهو علي العلج قال: ان كان اشترط حين اشتراه ان شاء قطعه و ان شاء تركه كما هو حتي يكون سنبلا و إلا فلا ينبغي له أن يتركه حتي يكون سنبلا «5».

و ما رواه سماعة «6» و ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في زرع بيع و هو حشيش ثم سنبل قال: لا بأس اذا قال: ابتاع منك ما يخرج من هذا الزرع فاذا اشتراه و هو حشيش فان شاء أعفاه و ان شاء تربص به «7».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) نفس المصدر الحديث: 7

(6) نفس المصدر الحديث: 8

(7) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 248

فان قطعه و نمت الاصول حتي صارت سنبلا كان السنبل للبائع (1) و ان لم يقطعه كان لصاحب الارض الزامه بقطعه و له ابقاءه و المطالبة بالاجرة (2) فلو أبقاه فنمي حتي سنبل كان السنبل للمشتري (3) و ليس لصاحب الارض الا مطالبة الاجرة (4) و كذا الحال لو اشتري نخلا (5) و لو اشتري الجذع بشرط القلع فلم يقلعه و نمي كان النماء للمشتري (6).

[مسألة 13: يجوز بيع الزرع محصودا]

(مسألة 13): يجوز بيع الزرع محصودا و لا يشترط معرفة

______________________________

و ما رواه أبو بصير «1» و ما رواه معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا تشتر الزرع ما لم يسنبل فاذا كنت تشتري اصله فلا بأس بذلك أو ابتعت نخلا فابتعت

اصله و لم يكن فيه حمل لم يكن به بأس «2».

(1) اذ المفروض ان الاصل ملك للبائع و الفرع تابع للأصل فيكون للبائع.

(2) لتسلط الناس علي أموالهم فله الالزام بالقطع و افراغ ملكه عن مملوك غيره كما ان له الابقاء و المطالبة بالاجرة لحرمة ماله و عدم ما يقتضي المجانية.

(3) اذ المفروض انه له و بعبارة اخري: مملوك المشتري صار سنبلا فيكون له.

(4) اذا المفروض ان السنبل ملك المشتري كما مر غاية الامر استفاد المشتري بملك البائع فله الاجرة كما هو مقتضي عدم المجانية.

(5) الكلام فيه هو الكلام.

(6) اذ المفروض ان الفرع تابع للأصل فيكون النماء للمشتري كما في المتن فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) تهذيب الاحكام ج 7 ص: 144 حديث: 22

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 249

مقداره بالكيل أو الوزن بل تكفي المشاهدة (1).

[مسألة 14: لا يجوز المحاقلة و هي بيع سنبل الحنطة أو الشعير بالحنطة منه]

(مسألة 14): لا يجوز المحاقلة و هي بيع سنبل الحنطة أو الشعير بالحنطة منه و كذا بيع سنبل الشعير بالشعير منه بل و كذا بيع سنبل غير الحنطة و الشعير من الحبوب بحب منه (2).

______________________________

(1) فان المتعارف فيه البيع مع المشاهدة و الجهل بالمقدار غير مضر لعدم كونه من المكيل و الموزون.

(2) الاصل في هذا الحكم ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «1» و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن المحاقلة و المزابنة فقال: المحاقلة النخل بالتمر و المزابنة بيع السنبل بالحنطة الحديث «2».

و المستفاد من الحديثين اختصاص الحكم بالحنطة فان تحقق اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم عليه السلام علي عموم الحكم فهو و إلا فما أفاده في المتن: من العموم يشكل الالتزام به

قال في الحدائق في هذا المقام: «و ليس غير هاتين الروايتين في الباب فالحاق ما ذكروه من الافراد بالحنطة مشكل» ثم: ان المستفاد من الخبرين النهي عن بيع السنبل بالحنطة بلا تقييده بكونها منه فلا أدري ما الوجه في تقييد الفقهاء و قال في مجمع البحرين في مادة حقل: «المحاقلة بيع الزرع في سنبله بحب من جنسه» و قال في مادة «زبن» في تفسير المزابنة هي بيع الرطب في رأس النخل بالتمر و اللّه العالم.

و في المقام حديث رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

لا بأس أيضا أن يشتري زرعا قد سنبل و بلغ بحنطة «3» يستفاد منه جواز بيع

______________________________

(1) لاحظ ص: 242

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب بيع الثمار الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 12 من ابواب بيع الثمار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 250

[مسألة 15: الخضر كالخيار و الباذنجان و البطيخ لا يجوز بيعها قبل ظهورها علي الأحوط]

(مسألة 15): الخضر كالخيار و الباذنجان و البطيخ لا يجوز بيعها قبل ظهورها علي الاحوط (1) و يجوز بعد ظهورها مع المشاهدة لقطة واحدة أو لقطات (2) و المرجع في تعيين اللقطة عرف الزراع (3) و لو كانت الخضرة مستورة كالشلجم و الجزر و نحوهما فالظاهر جواز بيعها أيضا (4).

[مسألة 16: إذا كانت الخضرة مما يجز كالكراث و النعناع و اللفت و نحوها يجوز بيعها بعد ظهورها علي الأحوط]

(مسألة 16): اذا كانت الخضرة مما يجز كالكراث و النعناع و اللفت و نحوها يجوز بيعها بعد ظهورها علي الاحوط و المرجع في

______________________________

السنبل بالحنطة و حيث انه مطلق يقيد بما لا يكون المبيع الحنطة فلاحظ.

بقي شي ء و هو ان الوارد في احد الحديثين «1» عنوان الزرع و الوارد في الخبر الاخر عنوان السنبل و بقانون حمل المطلق علي المقيد يقيد الخبر الاول بالخبر الثاني لا يقال: لا تنافي بين المثبتين فانه يقال: مفهوم الحد حجة و المفروض ان الخبر الثاني في مقام بيان تعريف المزابنة فلا بد من التقييد.

(1) الظاهران الوجه في الاحتياط ما ذكرناه في وجه عدم بيع الزرع قبل ظهوره.

(2) لوجود المقتضي و عدم المانع كما يظهر الجواز من عبارة الحدائق التي قد مناها في شرح مسألة: 12.

(3) فان هذه الامور راجعة الي العرف فنظره هو الميزان.

(4) لعل الوجه فيما أفاده ان كونها مستورة لا ينافي اشتراط الظهور و بعبارة اخري: المراد بالظهور أن يكون الزرع قابلا لان يلقط فاذا وصل هذا الحد يجوز بيعه لوجود المقتضي و عدم المانع.

______________________________

(1) لاحظ ص: 242

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 251

تعيين الجزة عرف الزراع كما سبق و كذا الحكم فيما يخرط كورق الحناء و التوت فانه يجوز بيعه بعد ظهوره خرطة و خرطات (1).

[مسألة 17: إذا كان نخل أو شجر أو زرع مشتركا بين اثنين جاز أن يتقبل أحدهما حصة صاحبه بعد خرصها]

(مسألة 17): اذا كان نخل أو شجر أو زرع مشتركا بين اثنين جاز ان يتقبل أحدهما حصة صاحبه بعد خرصها بمقدار معين فيتقبلها بذلك المقدار فاذا اخرص حصة صاحبه بوزنة مثلا جاز أن يتقبلها بتلك الوزنة (2).

______________________________

(1) قد ظهر الوجه فيما أفاده في هذه المسألة مما ذكرنا فلا نعيد.

(2) قال في الحدائق «1»: «و لو كان بين اثنين أو أكثر نخل أو

شجر فيتقبل بعضهم بحصة الباقين بشي ء معلوم كان جائزا و ليس هذا من قبيل البيع و انما هي معاوضة مخصوصة تسمي بالقبالة و هي مستثناة من المزابنة و المحاقلة» الخ و الدليل علي هذا الحكم جملة من النصوص منها ما رواه يعقوب بن شعيب في حديث قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجلين يكون بينهما النخل فيقول احدهما لصاحبه:

اختر اما أن تأخذ هذا النخل بكذا و كذا كيل (كيلايه) مسمي و تعطيني نصف هذا الكيل اما زاد أو نقص و اما أن آخذه أنا بذلك قال: نعم لا بأس به «2».

و منها: ما رواه الحلبي قال: أخبرني أبو عبد اللّه عليه السلام أن أباه حدثه ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أعطي خيبر بالنصف أرضها و نخلها فلما أدركت الثمرة بعث عبد اللّه رواحة فقوم عليه قيمة و قال لهم: اما أن تأخذوه و تعطوني نصف الثمر (الثمن خ ل) و اما اعطيكم نصف الثمر فقالوا: بهذا قامت السماوات و الارض «3».

______________________________

(1) ج 19 ص 361

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب بيع الثمار الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 252

زادت عليها في الواقع أو نقصت عنها أو ساوتها (1) و الظاهر عدم الفرق بين كون الشركاء اثنين أو أكثر (2) و كون المقدار المتقبل به منها و في الذمة (3) نعم اذا كان منها فتلفت الثمرة فلا ضمان علي المتقبل بخلاف ما لو كان في الذمة فانه باق علي ضمانه (4) و الظاهر انه صلح علي تعيين المقدار المشترك فيه في كمية خاصة علي أن يكون اختيار التعيين بيد

______________________________

و منها: ما رواه أبو الصباح قال: سمعت أبا عبد

اللّه عليه السلام يقول: ان النبي صلي اللّه عليه و آله لما افتتح خيبر تركها في أيديهم علي النصف فلما أدركت الثمرة بعث عبد اللّه بن رواحة اليهم فخرص عليهم فجاءوا الي النبي صلي اللّه عليه و آله فقالوا: انه قد زاد علينا فأرسل الي عبد اللّه فقال: ما يقول هؤلاء؟ فقال:

خرصت عليهم بشي ء فان شاءوا يأخذون بما خرصت و ان شاءوا أخذنا فقال رجل من اليهود: بهذا قامت السماوات و الارض «1» فان المستفاد من هذه النصوص جواز التقبل بالنحو المذكور في المتن.

(1) كما صرح به في حديث يعقوب بن شعيب.

(2) كما يظهر من عبارة الحدائق و لا يبعد ان العرف يفهم من نصوص الباب عدم الفرق مضافا الي حديث خيبر فان التقبل بين مبعوث النبي صلي اللّه عليه و آله و جماعة اليهود.

(3) الجزم به مشكل فان الظاهر من نصوص الباب ان المتقبل به منها.

(4) لعدم ما يقتضي الضمان بخلاف ما في الذمة اذ المفروض ثبوت العوض في الذمة فلا بد من الافراغ لكن الاشكال في الاساس و قد مر انه لا دليل علي جواز جعل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 253

المتقبل (1) و يكفي فيها كل لفظ دال علي المقصود (2) بل تجري فيها المعاطاة كما في غيرها من المعقود (3).

[مسألة 18: إذا مر الإنسان بشي ء من النخل أو الشجر جاز أن يأكل مع الضرورة العرفية من ثمره]

(مسألة 18): اذا مر الانسان بشي ء من النخل أو الشجر جاز أن يأكل مع الضرورة العرفية من ثمره (4).

______________________________

البدل من غيرها.

(1) لا دليل علي كونه صلحا بل الظاهر انه معاملة مستقلة و لا يلزم اجراء أحكام الصلح عليه.

(2) لإطلاق الدليل فان المستفاد من النصوص تحقق هذا التراضي و المبادلة باي نحو و اي لفظ و اي مبرز.

(3) للإطلاق

كما مر آنفا فلاحظ.

(4) الاصل في هذا الحكم عدة نصوص: منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله فيمن سرق الثمار في كمه فما أكل منه فلا اثم عليه و ما حمل فيعزر و يغرم قيمته مرتين «1».

و منها: ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال: سألته عن رجل يمر علي ثمرة فيأكل منها؟ قال: نعم قد نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن تستر الحيطان برفع بنائها «2».

و منها: ما رواه محمد بن مروان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: امر بالثمرة فآكل منها قال: كل و لا تحمل قلت جعلت فداك ان التجار اشتروها و نقدوا أموالهم قال: اشتروا ما ليس لهم «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب بيع الثمار الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 254

بلا افساد للثمر أو الاغصان أو الشجر أو غيرها (1) و الظاهر جواز الاكل

______________________________

و منها: ما رواه يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يمر بالبستان و قد حيط عليه أو لم يحط عليه هل يجوز له أن يأكل من ثمره و ليس يحمله علي الاكل من ثمره الا الشهوة و له ما يغنيه عن الاكل من ثمره؟

و هل له أن يأكل من جوع؟ قال: لا بأس أن يأكل و لا يحمله و لا يفسده «1».

و منها غيرها من الروايات الواردة في الباب 8 من أبواب بيع الثمار من الوسائل و يستفاد من حديث مسعدة بن زياد ان الاكل لا يجوز

الا مع الضرورة روي عن جعفر بن محمد عليهما السلام انه سئل عما يأكل الناس من الفاكهة و الرطب مما هو لهم حلال فقال: لا يأكل أحد الا من ضرورة و لا يفسد اذا كان عليها فناء محاط و من أجل الضرورة نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن يبني علي حدائق النخل و الثمار بناء لكي يأكل منها كل احد «2».

(1) كما نص في حديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالرجل يمر علي الثمرة و يأكل منها و لا يفسد و نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ان تبني الحيطان بالمدينة لمكان المارة قال: و كان اذا بلغ نخلة أمر بالحيطان فخربت لمكان المارة «3».

مضافا الي أن حرمة الافساد علي طبق القاعدة الاولية فان التصرف في مال الغير حرام الا بالمقدار الذي يدل عليه الدليل و المفروض ان الدليل دل علي جواز الاكل و أما الا فساد فلا دليل علي جوازه.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 10

(3) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 255

و ان كان قاصدا له من أول الامر (1) و لا يجوز له أن يحمل معه شيئا من الثمر (2) و اذا حمل معه شيئا حرم ما حمل و لم يحرم ما أكل (3) و اذا كان للبستان جدار أو حائط أو علم بكراهة المالك ففي جواز الاكل اشكال و المنع أظهر (4).

______________________________

(1) للإطلاق و لكن الانصاف ان الجزم بالاطلاق مشكل فانه لا يبعد أن يقال:

ان المنساق الي الذهن بحسب الفهم العرفي هو الذي يمر في الطريق بطبعه و أما المرور الذي يكون بهذا الداعي

فيشكل كونه مشمولا لدليل الجواز نعم الذي يمر في الطريق بحسب طبعه اذا اختار طريقا يكون فيه البستان لان يأكل من ثمره يشمله الدليل.

(2) لعدم الدليل عليه فلا يجوز علي القاعدة مضافا الي بعض النصوص لاحظ ما رواه السكوني «1» و ما رواه محمد بن مروان «2» و ما رواه يونس «3» و ما عن صاحب الزمان عليه السلام الي أن قال: و أما ما سألت عنه عن أمر الثمار من اموالنا يمر به المار فيتناول منه و يأكله هل يحل له ذلك فانه يحل له اكله و يحرم عليه حمله «4».

(3) كما هو المستفاد من النصوص مضافا الي القاعدة الاولية كما مر.

(4) يستفاد من المتن انه لا يجوز الاكل في صورتين: إحداهما: ما لو كان للبستان جدار او حائط. ثانيتهما: ما لو علم بكراهة المالك اما الصورة الاولي

______________________________

(1) لاحظ ص: 253

(2) لاحظ ص: 253

(3) لاحظ ص: 254

(4) الوسائل الباب 8 من أبواب بيع الثمار الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 256

[مسألة 19: لا بأس ببيع العرية]

(مسألة 19): لا بأس ببيع العرية و هي النخلة الواحدة لشخص في دار غيره فيبيع ثمرتها قبل أن تكون تمرا منه بخرصها تمرا (1).

______________________________

فلا يبعد ان يكون الوجه في المنع ما في حديث مسعدة بن زياد «1» بتقريب:

انه نهي في هذه الرواية عن الافساد اذا كان عليها فناء محاط. و فيه: انه لا يستفاد من الحديث النهي عن الاكل بل المنهي عنه الافساد.

و اما الصورة الثانية فيمكن ان يكون الوجه في المنع ما رواه علي بن يقطين قال: سألت ابا الحسن عليه السلام عن الرجل يمر بالثمرة من الزرع و النخل و الكرم و الشجر و المباطخ و غير ذلك من الثمر أ

يحل له ان يتناول منه شيئا و يأكل بغير اذن صاحبه؟ و كيف حاله ان نهاه صاحبه «صاحب الثمرة» او امره القيم فليس له و كم الحد الذي يسعه ان يتناول منه؟ قال: لا يحل له ان يأخذ منه شيئا «2».

فان المستفاد من هذا الحديث عدم الجواز في صورة النهي و لكن يرد عليه:

ان المستفاد من هذا الحديث يختص بصورة النهي و اما مطلق الكراهة فلا دليل علي كونها مانعا بل المرجع اطلاق النصوص الدالة علي الجواز.

(1) و الاصل في هذه المسألة حديثان: احدهما: ما رواه السكوني عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: رخص رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في العرايا بأن تشتري بخرصها تمرا قال: و العرايا جمع عرية و هي النخلة يكون للرجل في دار رجل آخر فيجوز له ان يبيعها بخرصها تمرا و لا يجوز ذلك في غيره «3».

و ثانيهما: ما رواه القاسم بن سلام باسناد متصل الي النبي صلي اللّه عليه و آله انه رخص في العرايا واحدتها عرية و هي النخلة التي يعريها صاحبها رجلا محتاجا

______________________________

(1) لاحظ ص: 254

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب بيع الثمار الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 14 من أبواب بيع الثمار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 257

[الفصل الثالث عشر: في بيع الحيوان]

اشارة

الفصل الثالث عشر:

في بيع الحيوان: يجوز استرقاق الكافر الاصلي اذا لم يكن معتصما بعهد أو ذمام (1).

______________________________

و الاعراء ان يبتاع تلك النخلة من المعري بتمر لمواضع حاجته قال: و كان النبي صلي اللّه عليه و آله اذا بعث الخراص قال: خفضوا الخرص فان في المال العرية و الوصية «1».

و الحديثا كلاهما ضعيفان سندا فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتهما فلا خصوصية للعرية بما هي بل

لا بد في موردها من العمل علي طبق القواعد المقررة المستفادة من الادلة في باب البيع. ثم ان الماتن خصص الحكم بخصوص بيع ثمرة النخلة قبل ان تكون تمرا و الحال انه لا يستفاد هذا القيد لا من الحديثين الواردين في الباب و لا من اللغة ثم ان الماتن صرح في رسالته الفارسية «2» بلزوم بيع ثمرة النخلة بتمر منها و الحال ان الحديثين لا يستفاد منهما هذا القيد و لعله ناظر فيما افاده الي الاجماع المدعي في المقام قال في الجواهر: «المسألة الرابعة لا خلاف بيننا و بين سائر المسلمين عدا ابي حنيفة في انه يجوز بيع العرايا بخرصها تمرا بل الاجماع بقسميه عليه بل المحكي منه في اعلي مراتب الاستفاضة بل في المسالك: انه اجمع اهل العلم عدا ابي حنيفة علي انه مستثني من تحريم المزابنة و هو شاهد علي ان المزابنة ما ذكرنا لما ستعرف من جواز بيع العرية بخرصها تمرا منها» الي آخر كلامه.

(1) قال في الجواهر: و يختص الرق اي الاسترقاق بأهل الحرب دون اليهود

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) توضيح المسائل ص: 358

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 258

سواء أ كان في دار الحرب أم في دار الإسلام و سواء أ كان بالقهر و الغلبة أم بالسرقة أم بالغيلة (1) و يسري الرق في أعقابه و ان كان قد أسلم (2).

______________________________

و النصاري و المجوس القائمين بشرائط الذمة بلا خلاف في شي ء من ذلك بل الاجماع بقسميه عليه مضافا الي اصالة عدم ملك احد لأحد و غيرها عدا ما خرج بالدليل من استرقاق الكفار اهل الحرب الذين يجوز قتالهم الي ان يسلموا و يقيموا بشرائط الذمة ان كانوا من الفرق الثلاثة» «1».

و

قال أيضا: «لا خلاف في ان الكفر الاصلي بأحد اسبابه سبب لجواز استرقاق الكافر المحارب الخارج عن طاعة اللّه و رسوله و لم يكن معتصما بذمة او عهد او نحوهما و يلحقه في هذا الحكم ذراريه و ان لم يتصفوا بوصفه و يسري الرق في اعقابه و ان زال وصف الكفر عنه لأنهم نماء الملك الذي قد فرض حصوله بحصول سبب التملك حال الاسترقاق ما لم يعرض الاسباب المحررة فيتبعه حينئذ اعقابه بعد الحرية فيها لخروجه عن الملك المقتضي لملكية النماء حينئذ و خرج بالاصلي المنتحل للإسلام المتحصن به عن الاسترقاق اجماعا و المرتد الذي خرج كفره المتجدد بتنحل الإسلام او ما في حكمه عن كونه اصليا لأصالة الحرية السالمة عن المعارض بعد اختصاص الفتاوي و النصوص و لو بحكم التبادر في غيره بلا خلاف اجده في ذلك» «2».

(1) لان الميزان في جواز الاسترقاق ما ذكر فلا فرق في هذا الحكم بين الامكنة كما انه لا فرق فيه بين اسبابه.

(2) كما هو المقرر عندهم فان ولد الملوك مملوك و بعبارة اخري الرقية تسري

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 34 ص: 89

(2) جواهر الكلام ج 24 ص 136

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 259

و أما المرتد الفطري و الملي فلا يجوز استرقاقهما علي الاقوي (1) و لو قهر حربي حربيا آخر فباعه ملكه المشتري و ان كان أخاه أو زوجته أو من ممن ينعتق عليه كأبيه و امه و في كونه بيعا حقيقة و تجري عليه أحكامه اشكال و ان كان اقرب.

[مسألة 1: يصح أن يملك الرجل كل أحد غير الأب و الأم و الجد و إن علا]

(مسألة 1): يصح أن يملك الرجل كل أحد غير الاب و الام و الجد و ان علي لأب كان أو لام و الولد و ان نزل ذكرا

كان أو انثي و المحارم و هي الاخت و العمة و الخالة و ان علون و بنات الاخ و بنات

______________________________

و لو مع الإسلام.

(1) لا يبعد ان يكون الوجه في عدم الجواز القصور في المقتضي فان دليل الجواز هو الاجماع كما مر عن الجواهر و الدليل اللبي لا اطلاق فيه هذا من ناحية و من ناحية اخري التملك و الاسترقاق علي خلاف الاصل الاولي فلا بد من قيام دليل معتبر عليه لكن يمكن الاستناد في الجواز الي بعض النصوص لاحظ ما رواه العيص قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قوم مجوس خرجوا علي ناس من المسلمين في ارض الإسلام هل يحل قتالهم؟ قال: نعم و سبيهم «1».

فان مقتضي اطلاق عنوان المجوس عموم الحكم و لا وجه للانصراف و علي فرضه بدوي فلا مانع من استرقاق المرتد الا ان يقوم اجماع تعبدي كاشف علي عدم جوازه و اللّه العالم. و لا يخفي ان الاحكام المترتبة علي بيع الحيوان لا موضوع لها في زماننا فالانسب ان نصرف الوقت فيما يكون اهم و اللّه الموفق و عليه التوكل و التكلان.

______________________________

(1) الوسائل الباب 50 من أبواب جهاد العدو الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 260

الاخت و ان نزلن و لا فرق في المذكورين بين النسبيين و الرضاعيين و اذا وجد السبب المملك اختياريا كان كالشراء أو قهريا كالإرث انعتق قهرا و لو ملك أحد الزوجين صاحبه و لو بعضا منه استقر الملك و بطل النكاح و يكره أن يملك غير هؤلاء من ذوي قرابته كالأخ و العم و الخال و اولادهم و تملك المرأة كل احد غير الاب و الام و الجد و الجدة و الولد و ان

نزل ذكرا كان أو انثي نسبيين كانوا أو رضاعيين.

[مسألة 2: الكافر لا يملك المسلم ابتداء]

(مسألة 2): الكافر لا يملك المسلم ابتداء و لو أسلم عبد الكافر بيع علي مسلم و اعطي ثمنه.

[مسألة 3: كل من أقر علي نفسه بالعبودية حكم عليه بها مع الشك إذا كان عاقلا بالغا مختارا]

(مسألة 3): كل من أقر علي نفسه بالعبودية حكم عليه بها مع الشك اذا كان عاقلا بالغا مختارا:

[مسألة 4: لو اشتري عبدا فادعي الحرية لم يقبل قوله إلا بالبينة]

(مسألة 4): لو اشتري عبدا فادعي الحرية لم يقبل قوله الا بالبينة.

[مسألة 5: يجب علي مالك الأمة إذا أراد بيعها و قد وطئها أن يستبرئها قبل بيعها بحيضة إن كانت تحيض]

(مسألة 5): يجب علي مالك الامة اذا أراد بيعها و قد وطئها أن يستبرئها قبل بيعها بحيضة ان كانت تحيض و بخمسة و أربعين يوما من حين الوطء ان كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض و لو باعها بدون الاستبراء صح البيع و وجب علي المشتري استبراؤها فلا يطؤها الا بعد حيضة أو مضي المدة المذكورة و اذا لم يعلم ان البائع استبرأها أو وطئها وجب عليه الاحتياط في استبرائها و اذا علم ان البائع

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 261

لم يطأها أو انه استبرئها لم يجب عليه استبراؤها و كذا اذا أخبر صاحبها بأنه قد استبرئها أو انه لم يطأها اذا كان أمينا و لا يجب الاستبراء في أمة المرأة الا أن يعلم أنها موطوءة وطئا محترما و لا في الصغيرة و لا في اليائسة و لا في الحائض حال البيع نعم لا يجوز وطؤها حال الحيض و لا استبراء في الحامل نعم لا يجوز وطؤها في القبل الا بعد مضي أربعة أشهر و عشرة ايام من زمان حمله فان وطأها و قد استبان حملها عزل استحبابا فان لم يعزل فالاحوط لو لم يكن اقوي عدم جواز بيع الولد بل وجوب عتقه و جعل شي ء له من ماله يعيش به.

[مسألة 6: وجوب استبراء البائع للأمة قبل البيع يثبت لكل مالك يريد نقلها إلي غيره]

(مسألة 6): وجوب استبراء البائع للامة قبل البيع يثبت لكل مالك يريد نقلها الي غيره و لو بسبب غير البيع و كذلك وجوب استبراء المشتري قبل الوطء يثبت لكل من تنتقل اليه الامة بسبب و ان كان ارثا او استرقاقا او نحوهما فلا يجوز له وطؤها الا بعد الاستبراء.

[مسألة 7: يجوز شراء بعض الحيوان مشاعا كنصفه و ربعه]

(مسألة 7): يجوز شراء بعض الحيوان مشاعا كنصفه و ربعه (1) و لا يجوز شراء بعض معين منه كرأسه و جلده اذا لم يكن مما يطلب لحمه بل كان المقصود منه الابقاء للركوب او الحمل او نحوهما (2) و لو كان مما يطلب لحمه جاز شراء بعض معين منه لكن لو لم يذبح

______________________________

(1) كما هو ظاهر واضح.

(2) لعدم دليل علي الجواز فان الحيوان الحي لا يباع منه الجزء المعين بل يباع الجزء المشاع منه.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 262

لمانع كما اذا كان في ذبحه ضرر مالي كان المشتري شريكا بنسبة الجزء (1) و كذا لو باع الحيوان و استثني الراس و الجلد (2) و اما اذا اشترك اثنان او جماعة و شرط احدهم لنفسه الرأس و الجلد فانه يكون شريكا بنسبة المال لا بنسبة الرأس و الجلد (3).

______________________________

(1) الظاهران الماتن ناظر الي حديث الغنوي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل شهد بعيرا مريضا و هو يباع فاشتراه رجل بعشرة دراهم و اشترك فيه رجلا بدرهمين بالرأس و الجلد فقضي ان البعير بري ء فبلغ ثمنه «ثمانية» دنانير قال:

فقال لصاحب الدرهمين خمس ما بلغ فان قال: اريد الرأس و الجلد فليس له ذلك هذا الضرر و قد اعطي حقه اذا اعطي الخمس «1» و هذه الرواية ضعيفة بيزيد بن اسحاق فان توثيق الشهيد الثاني اياه لا

اثر له اذ الشهيد من المتأخرين و لا أثر لتوثيقاتهم كما حقق في محله.

(2) لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اختصم الي امير المؤمنين عليه السلام رجلان اشتري احدهما من الاخر بعيرا و استثني البيع «البائع» في الرأس أو الجلد ثم بدا للمشتري أن يبيعه فقال للمشتري هو شريكك في البعير علي قدر الرأس و الجلد «2» و هذه الرواية ضعيفه بالنوفلي بل و بغيره مضافا الي ما في دلالتها من الاشكال و أما رواية الصدوق «3» فضعيف أيضا سندا.

(3) مقضي القاعدة الاولية هو البطلان اذ ما يقصد لا يقع و ما لا يقصد لا مقضي لوقوعه و العقود تابعه للقصود و صفوة القول في هذا المقام ان مقتضي القاعدة فساد البيع الجزء المعين من الحيوان الحي فانه خلاف السير الخارجية و هذه السيرة ممضاة

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب بيع الحيوان الحديث 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 263

[مسألة 8: لو قال شخص لاخر اشتر حيوانا بشركتي صح و يثبته البيع لهما علي السوية مع الاطلاق]

(مسألة 8): لو قال شخص لاخر اشتر حيوانا بشركتي صح و يثبته البيع لهما علي السوية مع الاطلاق و يكون علي كل واحد منهما نصف الثمن و لو قامت القرينة علي كون المراد الاشتراك علي التفاضل كان العمل عليها (1) و لو دفع المأمور عن الامر ما عليه من جزء الثمن فان كان الامر بالشراء علي وجه الشركة قرينة علي الامر بالدفع عنه رجع الدافع عليه بما دفعه عنه و الا كان متبرعا و ليس له الرجوع عليه به (2).

[مسألة 9: لو اشتري أمة فوطئها فظهر أنها ملك لغير البائع كان للمالك انتزاعها منه]

(مسألة 9): لو اشتري امة فوطئها فظهر انها ملك لغير البائع كان للمالك انتزاعها منه و له علي المشتري عشر قيمتها ان كانت بكرا و نصف العشران كانت ثيبا و لو حملت منه كان عليه قيمة الولد يوم ولد حيا و يرجع علي البائع بما اغرمه للمالك ان كان جاهلا.

[مسألة 10: الأقوي أن العبد يملك]

(مسألة 10): الاقوي ان العبد يملك فلو ملكه مولاه شيئا ملكه

______________________________

من قبل الشارع فلا مجال للأخذ باطلاق دليل صحة البيع كقوله تعالي احل اللّه البيع «1» و الخروج عن القاعدة يتوقف علي دليل معتبر و المفروض عدمه فلا طريق الي اثبات الصحة و اللّه العالم.

(1) فانه مقتضي الظاهر و بعبارة اخري: ما أفاده مقتضي المتفاهم العرفي و لا اشكال فيه.

(2) اذ مع الامر بالدفع يكون الضمان علي القاعدة و مع عدمه لا مقتضي له

______________________________

(1) البقرة/ 275

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 264

و كذا لو ملكه غيره أو حاز لنفسه شيئا اذا كان باذن المولي و لا ينفذ تصرفه فيما يملكه بدون اذن مولاه.

[مسألة 11: إذا اشتري كل من العبدين المأذونين من مولاهما بالشراء صاحبه من مولاه]

(مسألة 11): اذا اشتري كل من العبدين المأذونين من مولاهما بالشراء صاحبه من مولاه فان اقترن العقدان و كان شرائهما لأنفسهما بطلا و ان كان شرائهما للسيدين فالاقوي الصحة و ان ترتبا صح السابق و أما اللاحق ان كان الشراء لنفسه فهو باطل و ان كان. الشراء لسيده صح اذا كان اذنه بالشراء مطلقا و أما اذا كان مقيدا بعبديته فصحته تتوقف علي اجازته.

[مسألة 12: لو وطئ الشريك جارية الشركة حد بنصيب غيره]

(مسألة 12): لو وطئ الشريك جارية الشركة حد بنصيب غيره فان حملت قومت عليه و انعقد الولد حرا و عليه قيمة حصص الشركاء من الولد عند سقوطه حيا بل يحتمل تقويمهم لها عليه بمجرد الوطء مع احتمال الحمل.

[مسألة 13: يستحب لمن اشتري مملوكا تغيير اسمه و إطعامه شيئا من الحلاوة و الصدقة عنه بأربعة دراهم]

(مسألة 13): يستحب لمن اشتري مملوكا تغيير اسمه و اطعامه شيئا من الحلاوة و الصدقة عنه بأربعة دراهم و لا يريه ثمنه في الميزان و الاحوط عدم التفرقة بين الام و الولد قبل الاستغناء عن الام أما البهائم فيجوز فيها ذلك ما لم يؤد الي اتلاف المال المحترم.

[الخاتمة: في الإقالة]

اشارة

الخاتمة: في الاقالة: و هي فسخ العقد من أحد المتعاملين بعد طلبه من الاخر (1) و الظاهر جريانها في عامة العقود اللازمة حتي الهبة

______________________________

فلا وجه للرجوع فلاحظ.

(1) قال في مجمع البحرين في مادة قيل: «يقال أقاله يقيله اقالة اي وافقه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 265

اللازمة غير النكاح و الضمان و في جريانها في الصدقة اشكال (1)

______________________________

علي نقض البيع و سامحه».

(1) لا اشكال في ان الاقالة علي خلاف القاعدة الاولية و يتوقف جوازها علي قيام دليل عليه و النصوص الدالة علي جوازها و رجحانها تختص بالبيع لاحظ ما رواه هارون بن حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ايما عبد أقال مسلما في بيع أقاله اللّه عثرته يوم القيامة «1».

و ما رواه هذيل بن صدقة الطحان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري المتاع أو الثوب فينطلق به الي منزله و لم ينفذ شيئا فيبدو له فيرده هل ينبغي ذلك له؟ قال: لا الا أن تطيب نفس صاحبه «2».

و مرسل الصدوق عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ايما مسلم أقال مسلما بيع ندامة أقاله اللّه عز و جل عثرته يوم القيامة «3».

و ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اربعة ينظر اللّه عز و جل اليهم يوم القيامة: من أقال نادما الحديث «4».

نعم حديث الجعفري عن بعض اهل

بيته قال: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لم يأذن لحكيم بن حزام في تجارته حتي ضمن له اقالة النادم و انظار المعسر و أخذ الحق وافيا أو غير واف «5» مطلق فتأمل و مثله حديث سماعة لكن النصوص المشار اليها كلها ضعيفة سندا اللهم الا أن يقال يكفي دليلا علي المدعي حديث

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب آداب التجارة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 266

و تقع بكل لفظ يدل علي المراد و ان لم يكن عربيا بل تقع بالفعل كما تقع بالقول (1) فاذا طلب احدهما الفسخ من صاحبه فدفعه اليه كان فسخا و اقالة و وجب علي الطالب ارجاع ما في يده الي صاحبه (2).

[مسألة 1: لا تجوز الإقالة بزيادة عن الثمن أو المثمن أو نقصان]

(مسألة 1): لا تجوز الاقالة بزيادة عن الثمن أو المثمن أو نقصان فلو أقال كذلك بطلت و بقي كل من العوضين علي ملك مالكه (3) و اذا

______________________________

الحلبي «1» فلا بد من اتمام الامر بالإجماع و التسالم و لا اشكال في تمامية الاجماع بالنسبة الي البيع ففي كل عقدتم الاجماع فهو و الا لا يمكن الالتزام بجريانها فيه و فيما ذكرنا في شرح المسألة 10 من فصل الخيارات ما له نفع في المقام فراجع.

و يمكن أن يقال ان كل عقد جاز اشتراط الخيار فيه يجوز فيه الاقالة بتقريب ان الاقالة المتأخرة كاشتراط الخيار قبل العقد و بعبارة اخري: يفهم من جواز اشتراط الخياران أمر العقد باختيارهما و للتأمل في التقريب المذكور مجال.

(1) اذ المستفاد من الدليل تحقق الاقالة و تحققها لا يتوقف علي إنشائها بلفظ مخصوص و لغة خاصة كما

انه لا يتوقف علي كونها باللفظ بل يكفي ابرازها بالفعل.

(2) اذ يكون دفعه اليه مصداقا للإقالة فينفسخ العقد فيجب علي الطالب ارجاع ما في يده لكونه مال الغير فلا يجوز التصرف فيه و لو بالامساك ان صدق عليه التصرف فلاحظ.

(3) كما هو مقتضي القاعدة الاولية اذ الاقالة عبارة عن الفسخ و مقتضي الفسخ رجوع كل من العوضين الي مالكه الاول فلا وجه للزيادة و النقيصة مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري ثوبا و لم يشترط علي صاحبه شيئا فكرهه ثم رده علي صاحبه فأبي أن يقيله «يقبله» الا

______________________________

(1) يأتي في شرح (مسألة): 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 267

جعل له مالا في الذمة أو في الخارج ليقيله بأن قال له: اقلني و لك هذا المال أو أقلني و لك علي كذا نظير الجهالة فالاظهر الصحة (1) و كذا لو اقال بشرط مال عين أو عمل كما لو قال للمستقيل أقلتك بشرط أن تعطيني كذا أو تخيط ثوبي فقبل (2).

______________________________

بوضيعة خ ل» قال: لا يصلح له أن يأخذه بوضيعة فان جهل فأخذه فباعه بأكثر من ثمنه رد علي صاحبه الاول ما زاد «1».

فانه يستفاد من الرواية انه لا تجوز الوضيعة من الثمن و لا بد من الاقتصار علي علي ما يستفاد منها علي موردها اذ مفادها لا ينطبق علي الموازين الاولية لأن الإقالة المشار اليها في الرواية ان كانت باطلة- كما هو الظاهر منها- يكون بيع المستقيل السلعة فضوليا متوقفا علي اجازة المستقيل و اللّه العالم بحقايق الاشياء و هو المستعان.

(1) لجواز الجعالة و المقام من مصاديقها.

(2) اذ بقبوله يلزم عليه العمل لدليل وجوب الوفاء

بالشرط و يمكن أن يقال:

بأنه لو لم يقل و لم يأت بما شرط لا تتحقق الاقالة اذ لو كان مرجع الاشتراط الي أن الاقالة في فرض الاتيان بالعمل الفلاني فلو لم يتحقق ذلك العمل في الخارج لم يتحقق ظرف الاقالة و ان شئت قلت مع انتفاء الشرط ينتفي المشروط.

لكن الحق أن يقال تارة تكون الاقالة معلقة علي الالتزام و اخري معلقة علي العمل الخارجي أما علي الاول تتحقق الاقالة لفرض تحقق الالتزام و أما علي الثاني فلا تتحقق اذا المفروض عدم تحقق ما شرط و بعبارة اخري: في الصورة الثانية تكون الاقالة واقعة بالشرط المتأخر و مع عدم تحقق الشرط المتأخر لا يتحقق المشروط المتقدم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب أحكام العقود

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 268

[مسألة 2: لا يجري في الإقالة فسخ أو إقالة]

(مسألة 2): لا يجري في الاقالة فسخ أو اقالة (1).

[مسألة 3: في قيام وارث المتعاقدين مقام المورث في صحة الإقالة إشكال و الظاهر العدم]

(مسألة 3): في قيام وارث المتعاقدين مقام المورث في صحة الاقالة اشكال و الظاهر العدم (2) نعم يجوز الاستقالة من الوارث و الاقالة من الطرف الاخر (3).

[مسألة 4: تصح الإقالة في جميع ما وقع عليه العقد و في بعضه]

(مسألة 4): تصح الاقالة في جميع ما وقع عليه العقد و في بعضه و يتقسط الثمن حينئذ علي النسبة (4) و اذا تعدد البائع أو المشتري تصح الاقالة بين احدهما و الطرف الاخر بالنسبة الي حصته و لا يشترط رضي الاخر (5).

______________________________

(1) لعدم الدليل عليه.

(2) لعدم الدليل عليه و صفوة القول: ان الاقالة نحو من الفسخ و جواز فسخ العقد يحتاج الي الدليل.

(3) الجزم بالجواز مشكل لان الظاهر من النصوص الواردة في المقام استقالة المشتري مضافا الي ضعف اسنادها كما مر الا ان يتم الامر بالإجماع و هل يمكن تحصيله نعم قلنا انه يمكن استفادة الجواز من حديث الحلبي «1» و اللّه العالم.

(4) استدل علي المدعي في الجواهر باطلاق الادلة معتضدا بعدم الخلاف فيه عدا ما عن ابن المتوج» و قلنا بأن النصوص المشار اليها ضعيفة سندا مضافا الي أنه يمكن أن يقال: ان النصوص منصرفة عن صورة التبعض فلاحظ.

(5) لا يبعد الالتزام بالجواز لتحقق موضوع الاقالة و ان كان في النفس شي ء اذ المفروض عدم اطلاق معتبر في المقام يؤخذ به فيشكل الجزم بالمدعي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 266

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 269

[مسألة 5: تلف أحد العوضين أو كليهما لا يمنع من صحة الإقالة]

(مسألة 5): تلف احد العوضين أو كليهما لا يمنع من صحة الاقالة فاذا تقايلا رجع كل عوض الي صاحبه الاول فان كان موجودا أخذه و ان كان تالفا رجع بمثله ان كان مثليا (1) و بقيمته يوم الفسخ ان كان قيميا (2) و الخروج عن الملك ببيع أو هبة أو نحوهما بمنزلة التلف (3) و تلف البعض كتلف الكل يستوجب الرجوع بالبدل عن البعض التالف (4) و العيب في يد المشتري يستوجب الرجوع عليه بالارش (5) و الحمد للّه رب العالمين.

______________________________

(1) الانصاف

ان الالتزام بهذه الاحكام مشكل مع عدم دليل معتبر كما هو المفروض الا أن يتم الامر بالإجماع و التسالم و أني لنا بذلك؟ و حديث الحلبي «1» المشار اليه لا اطلاق فيه فلاحظ.

(2) بل لا يبعد أن يقال: ان نفس العين في الذمة و عليه يكون المناط قيمة زمان الاداء كما مر منافي نظير المقام و قلنا في بحث القيمي و المثلي ان المثل اقرب الي التالف في جميع الموارد غاية الامر مع عدم التمكن تصل النوبة الي القيمة.

(3) اذ مع فرض الخروج لا مجال لرجوعه.

(4) لوحدة الملاك و حكم الامثال واحد.

(5) لم افهم ما الوجه في اختصاص الارش بالعيب الحادث في يد المشتري فانه ما الفرق بين المشتري و البائع و لقائل أن يقول: انه لا دليل علي ثبوت الارش اذ المفروض ان الفسخ من الحين فلا مقتضي للأرش و المفروض أيضا ان العين مملوكة للمشتري فلا مقتضي للأرش.

______________________________

(1) لاحظ ص 266

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 270

[كتاب الشفعة]

اشارة

كتاب الشفعة و فيه فصول اذا باع أحد الشريكين حصته علي ثالث كان لشريكه أخذ المبيع بالثمن المجعول له في البيع و يسمي هذا الحق بالشفعة (1).

[فصل في ما تثبت فيه الشفعة]

اشارة

فصل في ما تثبت فيه الشفعة تثبت الشفعة في بيع ما لا ينقل اذا كان يقبل القسمة كالأرضين و الدور

______________________________

و علي الجملة لا مقتضي للضمان أما ما حدث في العين قبل الفسخ فوارد علي مملوك المشتري و أما بعد الفسخ فلم يحدث فيها شي ء الا أن يقال ان المشتري مقدم علي الضمان و لا يكون مسلطا علي العين مجانا فلا بد من كونه ضامنا اما بالبدل المعاوضي المعاملي و اما بالبدل الواقعي اي المثل و القيمة فما دام لا يتحقق الفسخ يكون ضامنا بالبدل المعاوضي و بعد الفسخ يكون ضمانه بالبدل الواقعي فلاحظ و الحمد للّه اولا و آخرا و ظاهرا و باطنا و صلي اللّه علي محمد و آله الطاهرين المعصومين و اللعن علي أعدائهم من الاولين و الاخرين من الان الي قيام يوم الدين آمين رب العالمين.

(1) قال في مجمع البحرين في مادة شفع «و هي في الأصل التقوية و الاعانة و في الشرع استحقاق الشريك الحصة المبيعة في شركة و اشتقاقها علي ما قيل من الزيادة لان الشفيع يضم المبيع الي ملكه فيشفعه به كأنه كان واحدا وترا فصار زوجا شفعا».

و قال في الحدائق «1» و عرفها المحقق في الشرائع بأنها استحقاق احد الشريكين حصة شريكه بسبب انتقالها بالبيع الخ.

______________________________

(1) ج 20 ص: 284

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 271

و البساتين بلا اشكال (1) و هل تثبت فيما ينقل كالآلات و الثياب و الحيوان (2).

______________________________

و المهم التعرض لأدلة المسألة و ملاحظة مقدار دلالتها.

(1) قال في الحدائق:

«لا خلاف بين الاصحاب كما نقله غير واحد في ثبوتها في العقار الثابت القابل للقسمة كالأراضي و البساتين و المساكن و انما الخلاف فيما عدا ذلك» الخ «1».

و تدل علي المدعي جملة من النصوص، منها ما رواه عقبة بن خالد عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قضي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بالشفعة بين الشركاء في الأرضين و المساكن، و قال: لا ضرر و لا ضرار، و قال: اذا ارفت الارف وحدت الحدود فلا شفعة «2». و رواه الصدوق باسناده عن عقبة بن خالد و زاد: و لا شفعة الا لشريك غير مقاسم «3».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 8، ص: 271

و منها ما رواه يونس عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: الشفعة جائزة في كل شي ء من حيوان أو أرض أو متاع الحديث «4».

(2) مقتضي القاعدة الاولية عدم ثبوت حق الشفعة فانه خلاف تسلط الناس علي اموالهم فلا بد من قيام دليل علي ثبوتها في كل مورد و لا اشكال في ان مجرد الشهرة علي الجواز لا يكفي فان الشهرة الفتوائية لا دليل علي اعتبارها، و اما النصوص الواردة في المقام فمنها ما يكون باطلاقه بل بعمومه دالا علي الجواز علي الاطلاق: لاحظ ما ارسله يونس «5». و المرسل لا اعتبار به.

______________________________

(1) ج 20 ص 285

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب الشفعة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 272

______________________________

و لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام

في حديث قال: لا شفعة الا لشريك غير مقاسم «1». و الرواية ضعيفة بالنوفلي بل و بغيره.

و لاحظ ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تكون الشفعة الا لشريكين ما لم يتقاسما الحديث «2» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن عيسي.

و لاحظ مرسل جميل عن أحدهما عليهما السلام قال: الشفعة لكل شريك لم يقاسم «3». و المرسل لا اعتبار به.

و لاحظ ما رواه ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا وقعت السهام ارتفعت الشفعة «4». و هذه الرواية ضعيفة بابن حماد و بغيره أيضا.

و اما الحديث المروي الذي رواه أبو العباس و عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه جميعا قال: سمعنا أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: الشفعة لا تكون الا لشريك لم يقاسم «5»، ففي، مقام اشتراط ثبوت الشفعة بعدم القسمة و ليس الحديث في مقام بيان اثبات حق الشفعة كي يؤخذ باطلاقه و مثله حديث طلحة بن زيد و مرسل يونس «6».

و مما ذكرنا يظهر الأشكال في الاستدلال علي المدعي بما رواه عقبة بن خالد عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال قضي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بالشفعة بين الشركاء في الأرضين و المساكن و قال لا ضرر و لا ضرار اذا ارفعت الارف وحدت الحدود

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من كتاب الشفعة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 6

(6) نفس المصدر الحديث: 7 و 8

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 273

و فيما لا ينقل اذا لم يقبل القسمة قولان (1) اقواهما الاول (2) فيما عدا

______________________________

فلا شفعة «1» فتأمل مضافا الي ضعف سنده.

(1) قد

ظهر مما تقدم الأشكال في المقام أيضا مضافا الي انه يمكن أن يقال: ان المستفاد من جملة من النصوص اشتراط ثبوت حق الشفعة بامكان القسمة لاحظ حديث ابي العباس و عبد الرحمن بن ابي عبد اللّه جميعا قالا: سمعنا ابا عبد اللّه عليه السلام يقول: الشفعة لا تكون الا لشريك لم يقاسم «2».

و مثله غيره في الباب المشار اليه فانه لا ببعد ان يقال ان المستفاد من هذه النصوص بحسب الفهم العرفي ان امكان القسمة شرط في تحقق الحق المزبور فلاحظ فعلي هذا الأساس لا بد في الالتزام بالعموم من التماس دليل يدل علي المدعي كالتسالم و الإجماع التعبدي الكاشف نعم لا يبعد ان يقال بثبوته في الحيوان لاحظ ما رواه ابن سنان انه سأله عن مملوك بين شركاء أراد أحدهم بيع نصيبه، قال: يبيعه قلت فانهما كانا اثنين فاراد احدهما بيع نصيبه فلما أقدم علي البيع قال له شريكه: أعطني، قال هو احق به ثم قال عليه السلام لا شفعة في الحيوان الا ان يكون الشريك فيه [رقبة واحدة] واحدا «3».

(2) قد ظهر انه مورد الأشكال و الكلام و لعل الماتن ناظر فيما أفاده من العموم الي حديث الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السلام انه قال في المملوك يكون بين شركاء فيبيع أحدهم نصيبه فيقول صاحبه: انا احق به أله ذلك؟ قال: نعم اذا كان واحدا قيل له في الحيوان شفعة؟ قال: لا «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الشفعة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب الشفعة الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب الشفعة الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 7 من أبواب الشفعة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 274

السفينة و النهر

و الطريق و الحمام و الرحي فانه لا تثبت فيها الشفعة (1).

[مسألة 1: لا تثبت الشفعة بالجوار]

(مسألة 1): لا تثبت الشفعة بالجوار فاذا باع أحد داره فليس لجاره الاخذ بالشفعة (2).

______________________________

و حديث ابن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: المملوك يكون بين شركاء فباع احدهم نصيبه فقال احدهم: انا احق به أله ذلك؟ قال نعم اذا كان واحدا «1».

بتقريب ان الموضوع المذكور في الرواية عنوان المملوك و هذا مفهوم عام يشمل كل ملك و لكن يرد عليه ان المستفاد من اللغة كما في مجمع البحرين ان المملوك بما له من المفهوم عبارة عن العبد مضافا الي أن المستفاد من كلام الأصحاب كذلك. و يضاف الي ما ذكر التبادر من لفظ المملوك و المماليك في نظر العرف العام و ان ابيت فلا أقلّ من عدم الجزم بالاطلاق فلاحظ.

(1) لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لا شفعة في سفينة و لا في نهر و لا في طريق و رواه الصدوق باسناده عن السكوني مثله و زاد و لا في رحي و لا في حمام «2» و الحديث ضعيف سندا.

(2) علي ما هو مقتضي القاعدة الأولية فان ثبوتها يتوقف علي الدليل و اما مع عدمه فعدمها طبق الأصل الأولي مضافا الي ما ورد من النص الدال علي العدم لاحظ ما رواه هارون بن حمرة الغنوي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الشفعة في الدور أ شي ء واجب للشريك و يعرض علي الجار فهو احق بها من غيره؟

فقال: الشفعة في البيوع اذا كان شريكا فهو احق بها بالثمن «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب

8 من أبواب الشفعة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب الشفعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 275

[مسألة 2: إذا كانت داران مختصة كل واحدة منهما بشخص و كانا مشتركين في طريقهما]

(مسألة 2): اذا كانت داران مختصة كل واحدة منهما بشخص و كانا مشتركين في طريقهما فبيعت احدي الدار بن مع الحصة المشاعة من الطريق تثبت الشفعة لصاحب الدار الاخري (1) سواء كانت الداران قبل ذلك مشتركتين و قسمتا أم لم تكونا كذلك (2) و يجري هذا الحكم في الدور المختصة كل واحدة منها بواحد مع الاشتراك في الطريق فاذا بيعت واحدة منها مع الحصة من الطريق ثبت الشفعة للباقين (3) و اذا بيت احدي الدارين بلا ضم حصة الطريق اليها لم تثبت الشفعة للشريك في الطريق (4) و اذا بيعت الحصة من الطريق وحدها تثبت

______________________________

(1) قال في الجواهر: «تثبت الشفعة في الأرض المقسومة بالاشتراك في الطريق أو الشرب كبئر و نهر اذا بيع معها بلا خلاف اجده فيه كما اعترف به بعضهم بل في محكي الخلاف الاجماع عليه» «1» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و يدل علي المدعي ما رواه منصور بن حازم قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن دار فيها دور و طريقهم واحد في عرصة الدار فباع بعضهم منزله من رجل هل لشركائه في الطريق ان يأخذوا بالشفعة؟ فقال: ان كان باع الدار و حول بابها الي طريق غير ذلك فلا شفعة لهم، و ان باع الطريق مع الدار فلهم الشفعة «2».

(2) للإطلاق المنعقد في النص فان مقتضاه عدم الفرق فلاحظ.

(3) كما هو مورد النص المشار اليه.

(4) كما نص به في الرواية.

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 37 ص: 258

(2) الوسائل الباب 4 من ابواب الشفعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 276

الشفعة

للشريك (1) و هل يختص الحكم المذكور بالدار أو يعم غيرها من الاملاك المفروزة المشتركة في الطريق وجهان أقواهما الاول (2).

[مسألة 3: الحق جماعة بالطريق النهر و الساقية و البئر]

(مسألة 3): الحق جماعة بالطريق النهر و الساقية و البئر فاذا كانت الداران المختصة كل منهما بشخص مشتركتين في نهر أو ساقية أو بئر فبيعت احداهما مع الحصة من النهر أو الساقية أو البئر كان لصاحب الدار الاخري الشفعة في الدار أيضا و فيه اشكال بل منع (3).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام دار بين قوم اقتسموها فأخذ كل واحد منهم قطعة و بناها و تركوا بينهم ساحة فيها ممرهم فجاء رجل فاشتري نصيب بعضهم أله ذلك؟ قال نعم و لكن يسد بابه و يفتح بابا الي الطريق أو ينزل من فوق البيت و يسد بابه فان اراد صاحب الطريق بيعه فانهم أحق به و الا فهو طريقه يجي ء حتي يجلس ذلك الباب «1».

و ما رواه الكاهلي نحوه الا انه قال: او ينزل من فوق البيت فان أراد شريكهم أن يبيع منقل قدميه فهم احق به. و ان اراد يجي ء حتي يقعد علي الباب المسدود الذي باعه لم يكن لهم أن يمنعوه «2» لكن السند في كلا الحديثين مخدوش بالكاهلي.

(2) الأمر كما أفاده لاختصاص الدليل بعنوان الدار فلا وجه للتعدي.

(3) لاختصاص الدليل بالطريق فلا وجه لإلحاق الأمور المذكورة فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 277

[مسألة 4: إذا بيع المقسوم منضما إلي حصة من المشاع صفقة واحدة]

(مسألة 4): اذا بيع المقسوم منضما الي حصة من المشاع صفقة واحدة كان للشريك في المشاع الاخذ بالشفعة في الحصة المشاعة بما يخصها من الثمن بعد توزيعه (1) و ليس له الاخذ في المقسوم (2).

[مسألة 5: تختص الشفعة في غير المساكن و الأرضين بالبيع]

(مسألة 5): تختص الشفعة في غير المساكن و الارضين بالبيع فاذا انتقل الجزء المشاع بالهبة المعوضة أو الصلح أو غيرهما فلا شفعة للشريك (3).

______________________________

(1) قال في الجواهر في هذا المقام: «بلا خلاف و لا اشكال بل حكي الإجماع عليه صريحا و ظاهرا» الي آخر كلامه «1» و الدليل مضافا الي ما تقدم اطلاق الأدلة فان مقتضي الإطلاق عدم الفرق بين الموارد و شمول الحكم للمقام.

(2) لاشتراط ثبوته بعدم القسمة كما هو المستفاد من النصوص فلاحظ.

(3) قال في الحدائق: «الثاني من الشرائط المتقدم ذكرها انتقال الشقص بالبيع فلو جعله صداقا أو صدقة أو هبة أو صالح عليه فلا شفعة علي الأشهر الأظهر بل كاد يكون اجماعا» «2» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و لا يخفي ان مقتضي القاعدة الأولية عدم ثبوت حق الشفعه فان ثبوته يحتاج الي قيام الدليل عليه فلا بد من الاقتصار علي المورد الثابت فيه بالدليل، و النصوص الدالة عليه قد اخذ في موضوعها عنوان البيع لاحظ ما رواه منصور بن حازم «3» و اما النصوص الخالية عن عنوان البيع فلا تكون في مقام اثباته في كل مورد بل

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 37 ص: 265

(2) الحدائق ج 20 ص: 298

(3) لاحظ ص: 275

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 278

و اما المساكن و الارضين فاختصاص الشفعة فيها بالبيع محل اشكال (1).

______________________________

تكون مسوقة لأمر آخر ملحوظ بلحاظ كذلك فالتعدي بلا وجه.

مضافا الي بعض الروايات الدال علي عدمه في غير البيع

لاحظ ما رواه أبو بصير عن ابي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل تزوج امرأة علي بيت في دار له و له في تلك الدار شركاء، قال: جائز له و لها و لا شفعة لأحد من الشركاء عليها «1»، فان المستفاد من الرواية ان نفيه بلحاظ عدم البيع لا بلحاظ كون الشركاء أزيد من شريكين فتأمل.

و لاحظ مرسل يونس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الشفعة لمن هي؟

و في اي شي ء هي؟ و لمن تصلح؟ و هل تكون في الحيوان شفعة؟ و كيف هي؟

فقال: الشفعة جائزة في كل شي ء من حيوان أو ارض أو متاع اذا كان الشي ء بين شريكين لا غيرهما فباع احدهما نصيبه فشريكه احق به من غيره و ان زاد علي الاثنين فلا شفعة لأحد منهم «2» و لاحظ ما رواه الغنوي «3».

(1) لم يظهر لي وجه الاشكال فان مقتضي ما تقدم من الاصل الاولي و النصوص عدم ثبوته في غير البيع و المخالف علي ما نقل عنه ابن الجنيد بدعوي ان الحكمة في ثبوته في البيع موجود في غير البيع و صفوة القول ان مقتضي القاعدة اجماعا و نصا و اصلا عدم ثبوته في غير البيع بلا فرق بين الموارد و اللّه العالم و يمكن أن يكون الماتن مناظرا فيما أفاد الي ما رواه عقبة بن خالد «4» فان مقتضي هذه الرواية ثبوتها في الارضين و المساكين و لو كان الانتقال بغير البيع و الحديث ضعيف

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الشفعة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب الشفعة الحديث: 2

(3) لاحظ ص 274

(4) لاحظ ص 272

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 279

[مسألة 6: إذا كانت العين بعضها ملكا و بعضها وقفا فبيع الملك لم يكن للموقوف عليهم الشفعة علي الأقوي]

(مسألة 6): اذا كانت

العين بعضها ملكا و بعضها وقفا فبيع الملك لم يكن للموقوف عليهم الشفعة علي الاقوي و ان كان الموقوف عليه واحدا (1) و اذا بيع الوقف في مورد يجوز بيعه ففي ثبوت الشفعة للشريك قولان اقربهما ذلك (2).

[مسألة 7: يشترط في ثبوت الشفعة أن تكون العين المبيعة مشتركة بين اثنين]

(مسألة 7): يشترط في ثبوت الشفعة ان تكون العين المبيعة مشتركة بين اثنين فاذا كانت مشتركة بين ثلاثة فما زاد و باع احدهم لم تكن لأحدهم شفعة (3).

______________________________

سندا.

(1) فان ثبوت حق الشفعة علي خلاف الاصل الاولي كما تقدم و النصوص الواردة في الباب لا تشمل المقام فان الموقوف عليه و المالك هو الكلي لا الشخص الخارجي و لا أقلّ من عدم الجزم بالاطلاق لكن لو قيل بجواز الوقف في المنقطع يمكن الالتزام بثبوته بالنسبة الي الطبقة الاخيرة فان المالك في الطبقة الاخيرة مالك شخصي فلا مانع من الاخذ باطلاق الادلة و اللّه العالم.

(2) قال في المسالك علي ما في الجواهر: «لا اشكال في ثبوتها حينئذ لوجود المقتضي و انتفاء المانع» «1» و الحق كما أفاده و ان كان في النفس شي ء و هو ان المستفاد من النصوص ثبوتها في الملك المشترك بحيث يكون لكل منهما التصرف و يكون الحق ثابتا لكل واحد منهما اذا تحقق موضوعه و المقام ليس كذلك.

(3) قال في الحدائق: «الثالث من الشروط المعتبرة في الشفعة: أن لا يكون الشريك أكثر من واحد علي المشهور، و اليه ذهب الشيخان و المرتضي و أتباعهم

______________________________

(1) الجواهر ج 37 ص: 269

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 280

______________________________

حتي ادعي ابن ادريس عليه الاجماع» «1» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و العمدة النصوص الواردة في المقام و المستفاد من جملة من النصوص هذا الشرط منها ما رواه عبد اللّه

بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تكون الشفعة الا لشريكين ما لم يتقاسما فاذا صاروا ثلاثة فليس لواحد منهم شفعة «2».

و منها مرسلة يونس «3» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه «4» و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان «5».

و منها ما رواه عبد اللّه ابن سنان أنه سأله عن مملوك بين شركاء اراد احدهم بيع نصيبه قال: يبيعه قلت: فانهما كانا اثنين فاراد احدهما بيع نصيبه فلما أقدم علي البيع قال له شريكه اعطني قال: هو احق به ثم قال عليه السلام: لا شفعه في الحيوان الا أن يكون الشريك فيه [رقبة واحدة] واحد «6».

فان المستفاد من هذه النصوص ان الشفعة مشروطة بعدم كون الشركاء أزيد من اثنين و في المقام حديثان ربما يستفاد منهما الخلاف احدهما ما رواه السكوني عن جعفر عن ابيه عن آبائه عن علي عليه السلام قال: الشفعة علي عدد الرجال «7» و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي و غيره و لها سند آخر و لكن اسماعيل بن مسلم بنفسه

______________________________

(1) الحدائق ج 20 ص: 301

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب الشفعة الحديث: 1

(3) لاحظ ص 278

(4) لاحظ ص: 273

(5) لاحظ ص: 273

(6) الوسائل الباب 7 من أبواب الشفعة الحديث: 7

(7) الوسائل الباب 7 من أبواب الشفعة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 281

و اذا باعوا جميعا الا واحدا منهم ففي ثبوت الشفعة له اشكال بل منع (1) و اذا كانت العين بين شريكين فباع احدهما بعض حصته ثبتت الشفعة للاخر (2).

[فصل في الشفيع]

اشارة

فصل في الشفيع يعتبر في الشفيع الإسلام اذا كان المشتري مسلما فلا شفعة للكافر علي المسلم (3).

______________________________

ضعيف مضافا الي أن الاطلاق قابل

للتقييد بالمقيدات الواردة في المقام.

ثانيهما ما رواه إسماعيل بن مسلم عن جعفر بن محمد عن ابيه عليهما السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الشفعة علي عدد الرجال «1» و الحديث ضعيف سندا مضافا الي ما تقدم في الحديث الاول و للرواية سند آخر و السند ضعيف بطلحة «2».

(1) الامر كما أفاده لما تقدم من عدم الدليل علي العموم بل الدليل قائم علي خلافه.

(2) فان المستفاد من نصوص الباب ثبوتها قبل القسمة و مقتضي الاطلاق عموم الحكم من هذه الجهة المذكورة في المتن فالامر كما أفاده الماتن و اللّه العالم.

(3) ربما يستدل علي المدعي بقوله تعالي وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا «3» بتقريب أن حق الشفعة نحو سبيل فليس له. و فيه انه يمكن أن يكون

______________________________

(1) من لا يحضره الفقيه ج 3 ص 45 حديث: 3

(2) لاحظ ص: 280 و الحديث 4 من الباب المذكور

(3) النساء/ 141

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 282

و ان اشتري من كافر (1) و تثبت للمسلم علي الكافر و للكافر علي مثله (2).

[مسألة 1: يشترط في الشفيع أن يكون قادرا علي أداء الثمن فلا تثبت للعاجز عنه]

(مسألة 1): يشترط في الشفيع أن يكون قادرا علي اداء الثمن فلا تثبت للعاجز عنه (3) و ان بذل الرهن أو وجد له ضامن الا ان يرضي

______________________________

المراد من الاية من نفي سبيله نفي الحجة و ان الإسلام يعلو و لا يعلي عليه و اما النصوص الواردة في هذا المجال فمنها ما رواه طلحة بن زيد عن جعفر بن محمد عن ابيه عن علي عليه السلام في حديث قال ليس لليهودي و لا للنصراني شفعة «1» و الرواية ضعيفة بطلحة اذ الرجل لم يوثق مضافا الي أن المستفاد من الحديث انه لا شفعة

لليهودي و لا للنصراني و ليس المدلول عاما.

و منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس لليهودي «لليهود و النصاري» و النصراني شفعة و قال لا شفعة الا لشريك غير مقاسم «2» و الحديث ضعيف باسماعيل بن مسلم السكوني مضافا الي ضعف سند الصدوق الي الرجل اضف الي ذلك الاشكال المتقدم في الرواية الاولي و منها ما عن الفقه الرضوي و لا شفعة ليهودي و لا نصراني و لا مخالف «3» و الرواية ضعيفة سندا مضافا الي أن مقتضاها عموم الحكم للمخالف و الحال انه محكوم بالاسلام.

(1) لإطلاق الدليل.

(2) لإطلاق الدليل الدال علي المدعي بالاطلاق.

(3) يظهر من كلام الاصحاب كما في الجواهر الاتفاق و التسالم عليه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الشفعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) مستدرك الوسائل الباب 6 من أبواب الشفعة الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 283

المشتري بذلك (1) نعم اذا ادعي غيبة الثمن اجل ثلاثة ايام و اذا ادعي أن الثمن في بلد آخر اجل بمقدار وصول المال اليه و زيادة ثلاثة ايام (2) فان انتهي الاجل فلا شفعة (3) و يكفي في الثلاثة ايام التلفيق (4) كما ان ان مبدأها زمان الاخذ بالشفعه لا زمان البيع (5).

[مسألة 2: إذا كان التأجيل إلي زمان نقل الثمن من البلد الآخر حيث يدعي وجوده فيه زائدا علي المقدار المتعارف]

(مسألة 2): اذا كان التأجيل الي زمان نقل الثمن من البلد الاخر حيث يدعي وجوده فيه زائدا علي المقدار المتعارف فالظاهر سقوط الشفعة (6).

______________________________

(1) لإطلاق كلامهم و عدم دليل علي التخصيص.

(2) لاحظ ما رواه ابن مهزيار قال سألت ابا جعفر الثاني عليه السلام عن رجل طلب شفعة ارض فذهب علي أن يحضر المال فلم ينض فكيف يصنع صاحب الارض ان اراد بيعها أ يبيعها أو ينتظر مجي ء

شريكه صاحب الشفعة؟ قال: ان كان معه بالمصر فلينتظر به ثلاثة ايام فان أتاه بالمال و الا فليبع و بطلت شفعته في الارض و ان طلب الاجل الي ان يحمل المال من بلد الي آخر فلينتظر به مقدار ما يسافر الرجل الي تلك البلدة و ينصرف و زيادة ثلاثة ايام اذا قدم فان وافاه و الا فلا شفعة له. «1»

و الرواية ضعيفة بابن أبي مسروق.

(3) كما هو المستفاد من الرواية و لا يخفي ان ما يفهم من الحديث ثبوت الحق قبل البيع و الحال ان الشفعة ثبوت الحق بعد البيع.

(4) كما هو كذلك في أمثال المقام.

(5) كما هو المستفاد من الحديث المذكور.

(6) بتقريب ان المنصرف اليه من الحديث المقدار المتعارف من الزمان فلا شفعة

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الشفعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 284

[مسألة 3: إذا كان الشريك غائبا عن بلد البيع وقت البيع جاز له الأخذ بالشفعة إذا حضر البلد و علم بالبيع]

(مسألة 3): اذا كان الشريك غائبا عن بلد البيع وقت البيع جاز له الاخذ بالشفعة اذا حضر البلد و علم بالبيع و ان كانت الغيبة طويلة (1) و اذا كان له وكيل مطلق في البلد او في خصوص الاخذ بالشفعة جاز لذلك الوكيل الاخذ بالشفعة عنه (2).

[مسألة 4: تثبت الشفعة للشريك و إن كان سفيها أو صبيا أو مجنونا فيأخذ لهم الولي]

(مسألة 4): تثبت الشفعة للشريك و ان كان سفيها أو صبيا او مجنونا فيأخذ لهم الولي (3) بل اذا اخذ السفيه باذن الولي صح (4) و كذا الصبي علي احتمال قوي (5).

______________________________

في الزائد.

(1) لإطلاق دليلها.

(2) كما هو مقتضي الوكالة فان الوكيل في حكم الموكل فله الأخذ بها.

(3) لإطلاق الدليل و عدم ما يصلح للتقييد فالأمر كما أفاده في المتن مضافا الي الاجماع بقسميه عليه بالنسبة الي الصبي و المجنون كما في الجواهر اضف الي ما ذكر حديث السكوني عن ابي عبد اللّه عليه السلام «الي ان قال» «قال امير المؤمنين عليه السلام وصي اليتيم بمنزلة ابيه يأخذ له الشفعه اذا كان له رغبة و قال: للغائب شفعة» «1».

(4) لعدم دليل علي سقوط إنشائه عن الاعتبار.

(5) و يشكل بالنسبة اليه فان عمده و خطأه واحد بمقتضي النص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال عمد الصبي و خطاه واحد «2» فان المستفاد من الحديث انه لا يترتب علي عمد الصبي اثر فلا اعتبار بانشاءاته

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الشفعة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب العاقلة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 285

[مسألة 5:: تثبت الشفعة للمفلس إذا رضي المشتري ببقاء الثمن في ذمته]

(مسألة 5): تثبت الشفعة للمفلس اذا رضي المشتري ببقاء الثمن في ذمته او استدان الثمن من غيره أو دفعه من ماله باذن الغرماء (1).

[مسألة 6: إذا أسقط الولي علي الصبي أو المجنون أو السفيه حق الشفعه لم يكن لهم المطالبة بها بعد البلوغ و الرشد و العقل]

(مسألة 6): اذا أسقط الولي علي الصبي أو المجنون أو السفيه حق الشفعه لم يكن لهم المطالبة بها بعد البلوغ و الرشد و العقل (2) و كذا اذا لم يكن الاخذ بها مصلحة فلم يطالب (3). اما اذا ترك المطالبة بها مساهلة منه في حقهم فالظاهر ان لهم المطالبة بها بعد البلوغ و الرشد (4).

______________________________

و التفصيل موكول الي مجال آخر.

(1) قال في الجواهر «لا اجد خلافا بينهم في ثبوتها للمفلس لإطلاق الادلة» «1» الي آخر كلامه و الامر كما أفاده فان مقتضي اطلاق الادلة ثبوتها بلا مقيد و لا مخصص فلاحظ.

(2) اذ بعد الاسقاط لا موضوع لها كما هو ظاهر.

(3) في اطلاق الحكم اشكال بل لا بد من التفصيل فان ترك الاخذ إن كان بلحاظ اعسار الصبي أو المجنون فلا مجال لتحققها بعد ذلك فان شرط التحقق مفقود فلا حق و أما اذا لم يكن كذلك بل المصلحة تقتضي الترك مع اجتماع الشرائط فلا وجه لعدم ثبوتها بعد البلوغ و العقل و الرشد.

(4) فان تقصير الولي او قصوره عن احقاق الحق لا يقتضي سقوطها الا أن يقال انه لا دليل علي ثبوت الحق علي التراخي و بعبارة اخري لو قلنا بانه لا مقتضي لبقاء الحق متراخيا يشكل الالتزام بالجوار.

______________________________

(1) الجواهر ج 37 ص: 289

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 286

[مسألة 7: إذا كان المبيع مشتركا بين الولي و المولي عليه فباع الولي عنه]

(مسألة 7): اذا كان المبيع مشتركا بين الولي و المولي عليه فباع الولي عنه جاز له أن يأخذ بالشفعة علي الاقوي و كذا اذا باع الولي عن نفسه فانه يجوز له أن يأخذ بالشفعة للمولي عليه و كذا الحكم في الوكيل اذا كان شريكا مع الموكل (1).

[فصل في الأخذ بالشفعة]

اشارة

«فصل في الاخذ بالشفعة» الاخذ بالشفعة من الانشائيات المعتبر فيها الايقاع و يكون بالقول مثل أن يقول: اخذت المبيع المذكور بثمنه و بالفعل مثل أن يدفع الثمن و يستقل بالمبيع (2).

[مسألة 1: لا يجوز للشفيع أخذ بعض المبيع و ترك بعضه]

(مسألة 1): لا يجوز للشفيع أخذ بعض المبيع و ترك بعضه بل اما أن يأخذ الجميع أو يدع الجميع (3).

[مسألة 2: الشفيع يأخذ بقدر الثمن لا بأكثر منه و لا بالأقل]

(مسألة 2): الشفيع يأخذ بقدر الثمن لا بأكثر منه و لا بالاقل (4).

______________________________

(1) لإطلاق الدليل و الامر كما أفاد فانه علي طبق القاعدة الاولية.

(2) بلا اشكال و لا كلام فان الأخذ بها من الإيقاعات فيدخل في الانشائيات و صفوة القول ان كونه منها من الأمور الواضحة الظاهرة و حيث لا دليل علي اشتراط الأخذ بها باللفظ يكفي الفعل الدال عليه.

(3) لعدم الدليل علي جوازه و مقتضي الاصل الاولي عدم الجواز كما تقدم بل مقتضي ظواهر نصوص المقام عدم مشروعية التبعيض فلاحظ.

(4) كما هو الظاهر من حديث الغنوي «1» فان الظاهر من الحديث ان المراد

______________________________

(1) لاحظ ص: 274

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 287

و لا يلزم أن يأخذ بعين الثمن بل له أن يأخذ بمثله ان كان مثليا (1) و في ثبوت الشفعة في الثمن القيمي بان يأخذ المبيع بقيمته قولان اقواهما العدم (2).

[مسألة 3: إذا غرم المشتري شيئا من أجرة الدلال أو غيرها أو تبرع به للبائع من خلعة و نحوها لم يلزم الشفيع تداركه]

(مسألة 3): اذا غرم المشتري شيئا من اجرة الدلال أو غيرها أو تبرع به للبائع من خلعة و نحوها لم يلزم الشفيع تداركه و اذا حط البائع شيئا من الثمن للمشتري لم يكن للشفيع تنقيصه (3).

[مسألة 4: الأقوي لزوم المبادرة إلي الأخذ بالشفعة]

(مسألة 4): الاقوي لزوم المبادرة الي الاخذ بالشفعة فيسقط مع المماطلة و التأخير بلا عذر (4).

______________________________

بالثمن عينه و من الظاهر انه لا يكون المراد من الرواية عين الثمن فيكون المراد به اقرب المجازات اليه و هو مثله.

(1) بلا اشكال و كلام.

(2) لعدم الدليل و مقتضي الأصل الاولي عدمها كما تقدم.

(3) الامر كما أفاده لعدم الدليل و مقتضي اطلاق الادلة ثبوتها في جميع الصور المذكورة علي نحو واحد.

(4) المسألة ذات أقوال ثلاثة فذهب جماعة الي الفورية و ذهب آخرون الي التراخي و ذهب بعض الأصحاب الي التوقف و استدل علي الفورية بوجوه: الوجه الاول ان حق الشفعة علي خلاف الاصل الاولي فيقتصر فيه علي المقدار المعلوم و يكون مورد الاتفاق.

الوجه الثاني ان التراخي يوجب الضرر علي المشتري لأنه لا يقدم علي عمارة ملكه اذا المفروض انه يعلم بتزلزله و هذا ضرر عظيم.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 288

و لا يسقط اذا كان التأخير عن عذر كجهله بالبيع أو جهله باستحقاق الشفعة، أو توهمه كثرة الثمن فبان قليلا أو كون المشتري زيدا فبان عمرا او أنه اشتراه لنفسه فبان لغيره أو العكس، أو انه واحد فبان اثنين أو العكس أو أن المبيع النصف بمائة فتبين انه الربع بخمسين أو كون الثمن ذهبا فبان فضة أو لكونه محبوسا ظلما أو بحق يعجز عن ادائه، و كذا امثال ذلك من الاعذار (1).

[مسألة 5: المبادرة اللازمة في استحقاق الأخذ بالشفعة]

(مسألة 5): المبادرة اللازمة في استحقاق الاخذ بالشفعة يراد

______________________________

الوجه الثالث حديث ابن مهزيار «1» بتقريب ان هذا الحق لو لم يكن فوريا لم يكن وجه للتحديد بثلاثة ايام و استدل علي القول بالتراخي بالإجماع الذي ادعاه المرتضي علي ما في الحدائق و بان البيع سبب للثبوت و الأصل

بقائه.

اذا عرفت ما ذكرناه فاعلم ان الوجوه المذكورة في المقام قابلة للمناقشة و لا يبعد أن يكون مقتضي التحقيق الفورية اذ القصور في المقتضي فانه لا دليل معتبر علي ثبوتها علي نحو الاطلاق كي يقال بأن التقييد يحتاج الي الدليل فلا بد من الاقتصار علي المقدار المتفق عليه بين الأصحاب.

(1) لا بد من اتمام الامر بالإجماع و التسالم و الا يشكل فان الاعذار لا مدخلية بها في الامور الوضعية و من الظاهر ان ثبوت الحق في المقام امر وضعي و صفوة القول انه لو قلنا بان المماطلة توجب السقوط يكون العذر مانعا عنه لعدم صدقها و أما ان قلنا ان مقتضي القصور في دليل الحق الاقتصار علي المقدار المتفق عليه فلا وجه لما ذكر و مما ذكرنا يظهر الأشكال في الفرع التالي فالنتيجة انه لا دليل

______________________________

(1) لاحظ ص: 283

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 289

منها المبادرة علي النحو المتعارف الذي جرت به العادة فاذا كان مشغولا بعبادة واجبة أو مندوبة لم يجب عليه قطعها، و اذا كان مشغولا باكل أو شرب لم يجب قطعه و لا يجب عليه الاسراع في المشي و يجوز له ان كان غائبا انتظار الرفقة اذا كان الطريق مخوفا أو انتظار زوال الحر أو البرد اذا جرت العادة بانتظاره، و قضاء وطره من الحمام اذا علم بالبيع و هو في الحمام و أمثال ذلك مما جرت العادة بفعله لمثله، نعم يشكل مثل عيادة المريض و تشييع المؤمن و نحو ذلك، اذا لم يكن تركه موجبا للطعن فيه و كذا الاشتغال بالنوافل ابتداء و الاظهر السقوط في كل مورد صدقت فيه المماطله عرفا (1).

[مسألة 6: إذا كان غائبا عن بلد البيع و علم بوقوعه و كان يتمكن من الأخذ بالشفعة بالتوكيل فلم يبادر اليه]

(مسألة 6): اذا كان غائبا عن بلد البيع و

علم بوقوعه و كان يتمكن من الاخذ بالشفعة بالتوكيل فلم يبادر اليه سقطت الشفعة (2).

[مسألة 7: لا بد في الأخذ بالشفعة من إحضار الثمن]

(مسألة 7): لا بد في الاخذ بالشفعة من احضار الثمن و لا يكفي قول الشفيع اخذت بالشفعه في انتقال المبيع اليه فاذا قال ذلك و هرب أو ماطل أو عجز عن دفع الثمن بقي المبيع علي ملك المشتري لا انه ينتقل بالقول الي ملك الشفيع و بالعجز أو الهرب أو المماطلة يرجع

______________________________

علي الخيار في صورة عدم المبادرة الي الأخذ و الزائد عليه باي نحو و صورة لا بد من قيام اجماع عليه.

(1) قد ظهر مما تقدم الأشكال في هذا الفرع كما نبهنا عليه.

(2) اذ مع التمكن من التوكيل لا عذر له في التأخير فيسقط خياره بالمماطلة.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 290

الي ملك المشتري (1).

[مسألة 8: إذا باع المشتري قبل أخذ الشفيع بالشفعة لم تسقط]

(مسألة 8): اذا باع المشتري قبل اخذ الشفيع بالشفعة لم تسقط بل جاز للشفيع الاخذ من المشتري الاول بالثمن الاول فيبطل الثاني (2) و تجزئ الاجازة منه في صحته له (3) و له الاخذ من المشتري الثاني بثمنه فيصح البيع الاول (4) و اذا زادت العقود علي الاثنين فان اخذ بالسابق بطل اللاحق و يصح مع اجازته و ان اخذ باللاحق صح السابق و ان اخذ بالمتوسط صح ما قبله و بطل ما بعده و يصح مع اجازته (5).

______________________________

(1) لعدم دليل علي ثبوتها علي الإطلاق بل لا بد من الاقتصار علي المقدار المتفق عليه و بعبارة اخري القصور في المقتضي فلا بد من الاقتصار علي المقدار المعلوم لكن ان تم المدعي بالإجماع فهو و الا فيمكن أن يقال ان مقتضي اطلاق نصوص الباب عدم التقييد بهذا القيد فلاحظ.

(2) قال في الجواهر: «بلا خلاف اجده في شي ء من ذلك بل و لا اشكال» «1».

(3) بمقتضي صحة الفضولي بالإجازة و الأنصاف ان الجزم

بالصحة بالإجازة مشكل اذا لمفروض ان البيع صدر من اهله و وقع في محله غاية الأمر بطل بلحاظ اعمال حق الشفعة فكيف يصح ثانيا بعد فرض البطلان؟ الا أن يقال بأن ملاك الحكم بالصحة بالإجازة واحد اذ المفروض ان زمام الأمر بيد الشفيع بقاء فاجازته تؤثر فتأمل.

(4) لتحقق موضوع حق الشفعة فيترتب عليه حكمها.

(5) ما افاده ظاهر فان حكم الأمثال واحد.

______________________________

(1) جواهر ج 37 ص: 352

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 291

[مسألة 9: إذا تصرف المشتري بالمبيع من وقف أو هبة لازمة أو غير لازمة أو يجعله صداقا أو غير ذلك مما لا شفعة فيه]

(مسألة 9): اذا تصرف المشتري بالمبيع من وقف أو هبة لازمة أو غير لازمة او يجعله صداقا أو غير ذلك مما لا شفعة فيه كان للشفيع الاخذ بالشفعة بالنسبة الي البيع فتبطل التصرفات اللاحقة له (1).

[مسألة 10: الشفعة من الحقوق فتسقط بالإسقاط]

(مسألة 10): الشفعة من الحقوق فتسقط بالاسقاط (2) و يجوز تعويض المال بازاء اسقاطها و بازاء عدم الاخذ بها (3) لكن علي الاول لا يسقط الا بالاسقاط (4) فاذا لم يسقطه و اخذ بالشفعة صح (5) و كان آثما (6) و معطي العوض مخير بين الفسخ و مطالبة العوض و أن يطالبه باجرة المثل للإسقاط (7) و الظاهر صحة الاخذ بالشفعة علي الثاني أيضا (8 و يصح الصلح عليه نفسه فيسقط بذلك (9) و الظاهر انه لا اشكال في

______________________________

(1) قد ظهر الوجه فيه مما سبق فان حق الشفعه سابق و لا دليل علي سقوطه و لازم تأثيره بطلان التصرفات المذكورة و ان كانت صادرة من اهله واقعة في محلها.

(2) بلا اشكال عندهم كما يظهر من كلماتهم.

(3) علي طبق القاعدة فان تعويض المال بالفعل جائز و المقام من صغريات تلك الكبري.

(4) اذ ما دام لم يتحقق الأسقاط لا وجه لسقوطه.

(5) اذ المفروض بقائه فيترتب الأثر علي اعماله.

(6) اذ يحب عليه الأسقاط فلو لم يسقطه ترك ما وجب عليه فيكون آثما.

(7) اذ يتحقق الخيار بالشرط الارتكازي فله الفسخ كما ان له المطالبه باجرة المثل.

(8) اذ لا تنافي بين الصحة و حرمة الأخذ به فلو عصي و اخذ به يؤثر.

(9) لوجود المقتضي و عدم المانع و النتيجة سقوطه بالصلح اذ المفروض انه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 292

أنه لا يقبل الانتقال الي غير الشفيع (1).

[مسألة 11: إذا باع الشريك نصيبه قبل الأخذ بالشفعة]

(مسألة 11) اذا باع الشريك نصيبه قبل الاخذ بالشفعة فالظاهر سقوطها (2) خصوصا اذا كان بيعه بعد علمه بالشفعة (3).

[مسألة 12: المشهور اعتبار العلم بالثمن في جواز الأخذ بالشفعة]

(مسألة 12): المشهور اعتبار العلم بالثمن في جواز الاخذ بالشفعة فاذا اخذ بها و كان جاهلا به لم يصح لكن الصحة لا تخلو من وجه (4).

[مسألة 13: إذا تلف تمام المبيع قبل الأخذ بالشفعة سقطت]

(مسألة 13): اذا تلف تمام المبيع قبل الاخذ بالشفعة سقطت (5)،

______________________________

بقبول الصلح يسقطه فلا مجال لبقائه بعده.

(1) لعدم الدليل عليه و ان شئت قلت موضوعه الشفيع و غير الشفيع لا يكون موضوعا و جواز النقل و الانتقال يحتاج الي الدليل و لا دليل عليه.

(2) اذ المستفاد من النصوص ان حق الشفعة ثابت للشريك و مع البيع لا يكون الموضوع باقيا و لو وصلت النوبة الي الشك في البقاء و عدمه لا مجال للحكم ببقائه بالاستصحاب لمعارضته باصالة عدم الجعل الزائد مضافا الي أنه لا مجال للاستصحاب مع عدم بقاء الموضوع.

(3) لا يبعد ان يكون الوجه في الخصوصية عدم الخلاف فيه مع العلم علي ما في الجواهر و قد ذكر في مقام الاستدلال ان البيع مع العلم يؤذن بالاعراض.

(4) بتقريب ان الأخذ بالشفعة في حكم المعاوضة و مع الجهل بالثمن يلزم الغرر و الغرر يقتضي فساد المعاملة. و يرد عليه اولا عدم قيام دليل معتبر علي افساد الغرر في مطلق المعاوضات. و ثانيا كون الأخذ بالشفعة في حكم المعاوضة من هذه الجهة اول الكلام و الاشكال و ثالثا ان الجهل بالثمن لا يستلزم الغرر علي الإطلاق فالحق ما افاد في المتن من كون الصحة لا يخلو من وجه.

(5) لعدم بقاء الموضوع فلا مجال لبقاء الحق.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 293

و اذا تلف بعضه دون بعض لم تسقط و جاز له اخذ الباقي بتمام الثمن من دون ضمان علي المشتري (1) و اذا كان التلف بعد الاخذ بالشفعة فان كان التلف

بفعل المشتري ضمنه (2) و كذا اذا كان بغير فعله فيما اذا كان التلف بعد المطالبة و مسامحة المشتري في الاقباض (3).

[مسألة 14: في انتقال الشفعة الي الوارث إشكال]

(مسألة 14): في انتقال الشفعة الي الوارث اشكال (4).

______________________________

(1) فان مقتضي اطلاق الادلة بقاء الحق علي النحو الذي كان فلا بد من الأخذ لبعض الثمن و لا وجه للنقصان كما انه لا وجه لضمان المشتري و يؤيد المدعي حديث الغنوي «1» و مرسل ابن محبوب قال كتبت الي الفقيه عليه السلام في رجل اشتري نصف دار مشاع غير مقسوم و كان شريكه الذي له النصف الاخر غائبا فلما قبضها و تحول عنها تهدمت الدار و جاء سيل خارق «جارف» فهدمها و ذهب بها فجاء شريكه الغائب فطلب الشفعة من هذا فاعطاه الشفعة علي ان يعطيه ماله كملا الذي نقد في ثمنها فقال له: ضع عني قيمة البناء فان البناء قد تهدمت و ذهب به السيل ما الذي يجب في ذلك؟ فوقع عليه السلام ليس له الا الشراء و البيع الأول إن شاء اللّه «2».

(2) فان اتلاف مال الغير يوجب الضمان.

(3) لقاعدة اليد المقتضية للضمان.

(4) وقع الكلام في ارثها بين الاصحاب و استدل علي الاول بعمومات الارث كتابا و هو قوله تعالي لِلرِّجٰالِ نَصِيبٌ مِمّٰا تَرَكَ الْوٰالِدٰانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ لِلنِّسٰاءِ نَصِيبٌ

______________________________

(1) لاحظ ص: 274

(2) الوسائل الباب 9 من كتاب الشفعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 294

______________________________

مِمّٰا تَرَكَ الْوٰالِدٰانِ وَ الْأَقْرَبُونَ مِمّٰا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً «1»، و سنة لاحظ ما رواه زرارة قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول: «وَ لِكُلٍّ جَعَلْنٰا مَوٰالِيَ مِمّٰا تَرَكَ الْوٰالِدٰانِ وَ الْأَقْرَبُونَ قال انما عني بذلك اولوا الأرحام في المواريث و لم يعن

اولياء النعمة فاولاهم بالميت اقربهم اليه من الرحم التي يجره اليها «2».

و مرسل يونس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا التفت القرابات فالسابق احق بميراث قريبه فان استوت قام كل واحد منهم مقام قريبه «3».

اضف الي ذلك انه نقل عن ظاهر بعض و صريح الأخر دعوي الإجماع عليه علي ما في الجواهر «4».

و يضاف الي ذلك المرسل المعروف عنه صلي اللّه عليه و آله ما ترك الميت من حق فهو لوارثه «5» فالقاعدة الأولية تقتضي الالتزام بارث الشفعة نعم في المقام رواية رواها طلحة بن زيد عن جعفر عن ابيه عن علي قال: لا يشفع في الحدود و قال: لا تورث الشفعة «6»، تدل علي الخلاف لكن الحديث ضعيف بطلحة.

مضافا الي اعراض جملة من الأعاظم بل مقتضي الاجماع المدعي اعراض الكل عنها و علي الجملة ان ثبت اجماع تعبدي علي ارث الشفعة بحيث يكون الحق للمجموع أو علي النحو الاخر يؤخذ به لعدم اشكال في مقام الثبوت فلاحظ.

______________________________

(1) النساء/ 7

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب موجبات الارث الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب موجبات الارث الحديث: 3

(4) جواهر الكلام ج 37 ص 391

(5) نفس المصدر

(6) الوسائل الباب 12 من أبواب الشفعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 295

و علي تقدير الانتقال ليس لبعض الورثة الاخذ بها ما لم يوافقه الباقون (1).

[مسألة 15: إذا أسقط الشفيع حقه قبل البيع لم يسقط]

(مسألة 15): اذا اسقط الشفيع حقه قبل البيع لم يسقط (2) و كذا اذا شهد علي البيع أو بارك للمشتري الا أن تقوم القرينة علي ارادة الاسقاط بعد البيع (3).

[مسألة 16: إذا كانت العين مشتركة بين حاضر و غائب و كانت حصة الغائب بيد ثالث فباعها بدعوي الوكالة عن الغائب]

(مسألة 16): اذا كانت العين مشتركة بين حاضر و غائب و كانت حصة الغائب بيد ثالث فباعها بدعوي الوكالة عن الغائب جاز الشراء منه و التصرف فيه (4)، و هل يجوز للشريك الحاضر الاخذ بالشفعة بعد اطلاعه علي البيع؟ اشكال (5) و ان كان اقرب (6) فاذا حضر الغائب و صدق فهو و ان انكر كان القول قوله بيمينه (7) فاذا حلف انتزع

______________________________

(1) فان الشفعة حق واحد فلا مجال لأعمال واحد و ترك الاخر.

(2) فانه من صغريات كبري اسقاط ما لم يجب فلا يمكن الالتزام بالسقوط بالإسقاط القبلي اذ لا دليل علي تأثيره بل مقتضي القاعدة انه لا اثر له و ان شئت قلت: ان الحق مع الأسقاط القبلي اما يوجد فيسقط و اما لا يوجد اما علي الأول فلا مقتضي لسقوطه بعد تحققه اذ المفروض تحققه و عدم عروض الأسقاط عليه و اما علي الثاني فينافي اطلاق ادلة ثبوتها.

(3) فان المؤثر الأسقاط بعد البيع فما دام لم يتحقق الاسقاط بهذا العنوان لا وجه للسقوط.

(4) فان عمل ذي اليد نافذ شرعا فيجوز أن يشتري منه.

(5) لم يظهر لي وجه الأشكال.

(6) فان القاعدة تقتضيه.

(7) فان القول قول المنكر و أما اذا صدقه يتم الأمر كما هو ظاهر.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 296

الحصة من يد الشفيع (1) و كان له عليه الاجرة ان كانت ذات منفعة مستوفاة (2) بل مطلقا (3) فان دفعها الي المالك رجع بها علي مدعي الوكالة (4).

[مسألة 17: إذا كان الثمن مؤجلا جاز للشفيع الاخذ بالشفعة بالثمن المؤجل]

(مسألة 17): اذا كان الثمن مؤجلا جاز للشفيع الاخذ بالشفعة بالثمن المؤجل (5) و الظاهر جواز الزامه بالكفيل (6) و يجوز أيضا الاخذ بالثمن حالا ان رضي المشتري به (7) أو كان شرط التأجيل للمشتري علي

البائع (8.

______________________________

(1) اذ علي الفرض يكون مال الغائب تحت يده فيجوز الانتزاع منه.

(2) فانه استوفي من مال الغير فيكون ضامنا.

(3) لقاعدة علي اليد.

(4) لقاعدة الغرور.

(5) فانه مقتضي ثبوت الحق و بعبارة اخري مقتضي ثبوت حق الشفعة و عدم جواز الزام الشفيع بازيد من الثمن ان الحق ثابت له فيجوز الأخذ به علي النحو المزبور و الا يلزم احد المحذورين و هما عدم الفورية في الأخذ بالحق او الزام الشفيع بالزائد.

(6) لعدم تساوي الذمم فيتدارك التأخير بالكفالة.

(7) اذ مع رضي المشتري لا مانع من التعجيل و بعبارة اخري الحق للمشتري علي الفرض فاذا فرض رضاه بالتعجيل فلا مانع منه و ان شئت قلت: الحق لا يتجاوز الشفيع و المشتري فاذا رضيا يتم الأمر فلاحظ.

(8) اذ في هذه الصورة لا مانع من التعجيل فان الشرط من قبل المشتري و حيث

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 297

[مسألة 18: الشفعة لا تسقط بالإقالة]

(مسألة 18): الشفعة لا تسقط بالاقالة فاذا تقابلا جاز للشفيع الاخذ بالشفعة فينكشف بطلان الاقالة (1). فيكون نماء المبيع بعدها للمشتري و نماء الثمن للبائع كما كان الحال قبلها كذلك (2).

[مسألة 19: إذا كان للبائع خيار رد العين فالظاهر ثبوته]

(مسألة 19): اذا كان للبائع خيار رد العين فالظاهر ثبوته (3) و لا تسقط الشفعة (4) لكن البائع اذا فسخ يرجع المبيع اليه (5) بل الظاهر ثبوت ساير الخيارات أيضا (6).

______________________________

ان المشتري له التعجيل فالشفيع يكون له التعجيل أيضا فلا أثر لرضاه اذ المفروض ان اعمال حق الشفعة يجعل الشفيع بدلا عن المشتري.

(1) بتقريب ان استحقاق الشفعة قد حصل بالعقد فحق الشفيع مقدم و باعمالها ينكشف فساد الإقالة و لكن الأنصاف ان الجزم به في غاية الأشكال اذ الشفعة اخذ الشقص من المشتري و مع تحقق الإقالة لا مجال للأخذ و بعبارة اخري مع عدم الموضوع و انتفائه لا مجال لبقاء الحق اللهم الا أن يثبت المدعي بالإجماع و اني لنا بذلك.

(2) كما هو ظاهر اذ مع فرض الإقالة يكون المبيع باقيا في ملك المشتري و يكون نمائه تابعا له و كذلك الحال في طرف الثمن فلاحظ.

(3) لعدم وجه للسقوط و بعبارة اخري المقتضي للخيار موجود و المانع مفقود فهو بحاله.

(4) فانه لا وجه لسقوطها.

(5) اذ خيار البائع باق فاذا فسخ العقد ترجع العين اليه و علي الجملة لا تنافي بين بقاء الخيار للبائع و ثبوت حق الشفعة للشريك.

(6) الكلام فيها هو الكلام فلا وجه للإعادة.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 298

[مسألة 20: إذا كانت العين معيبة]

(مسألة 2): اذا كانت العين معيبة فان علمه المشتري فلا خيار له و لا ارش (1) فاذا اخذ الشفيع بالشفعة فان كان عالما به فلا شي عليه (2) و ان كان جاهلا كان له الخيار في الرد (3) و ليس له اختيار الارش (4) و اذا كان المشتري جاهلا كان له الارش (5) و لا خيار له في الرد (6) فاذا اخذ الشفيع بالشفعة

كان له الرد (7) فان لم يمكن الرد لم يبعد رجوعه علي المشتري بالارش حتي اذا كان قد اسقطه عن البائع (8) و اذا اتفق اطلاع المشتري علي العيب بعد أخذ الشفيع فالظاهر ان له

______________________________

(1) فانه مع العلم لا خيار و لا ارش كما حقق في محله.

(2) الكلام هو الكلام فانه مع العلم بالعيب لا مقتضي للخيار و لا للأرش.

(3) لأن الشفيع قائم مقام المشتري فله الرد.

(4) اذ المستفاد من الأدلة ان الشفيع له الاخذ بالثمن و مع اخذ الارش يكون أنقص فلا يجوز.

(5) بمقتضي دليل الارش.

(6) لا يبعد أن يكون الوجه في عدم جواز الرد كون المبيع متعلقا لحق الشفيع فلا يجوز له الرد فتأمل.

(7) لان الشفيع قائم مقام المشتري و له الرد بمقتضي دليل الخيار و لا مانع منه.

(8) لان جواز رجوعه بالارش علي المشتري مورد اجماعهم علي ما يظهر من الجواهر «1» لكن يظهر منهم ان اتفاقهم في صورة اخذ المشتري الارش من البائع لا مطلقا فيشكل الحكم بالجواز.

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 37 ص: 409

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 299

اخذ الارش (1) و عليه دفعه الي الشفيع (2) و اذا اتفق اطلاع الشفيع عليه دون المشتري فليس له مطالبة البائع بالارش (3) و لا يبعد جواز مطالبة المشتري به ان لم يمكن الرد (4).

[كتاب الإجارة]

اشارة

كتاب الاجارة و فيه فصول:

و هي المعاوضة علي المنفعة عملا كانت أو غيره فالاول مثل اجارة الخياط للخياطة و الثاني مثل اجارة الدار (5).

______________________________

(1) بمقتضي دليل الارش.

(2) بمقتضي الاتفاق المستفاد من كلامهم كما سبق.

(3) بالتقريب المتقدم ذكره.

(4) تقدم الكلام من هذه الجهة فلا وجه للإعادة و الحمد للّه علي ما انعم.

(5) لا يبعد أن يكون الماتن ناظرا في

هذا التعريف الي مجموع ما يصدر عن المؤجر و المستأجر اذا الاصل في باب المفاعلة ما يكون قائما بالطرفين و قد عرفها السيد اليزدي قدس سره في عروته: «بأنها تمليك عمل او منفعة بعوض» و قد ذكرت في مقام الايراد علي التعريف المذكور عدة اشكالات:

الاول: ان الاجارة ليست تمليكا للمنفعة بل هي قائمة بالعين ذات المنفعة فتقول:

آجرت الدار و لا تقول آجرت منفعة الدار و قال: سيدنا الاستاد- علي ما في التقرير- «ان هذا الاشكال ضعيف غاية الضعف بداهة ان تمليك المنفعة لا بد و ان يتعلق بالعين اذ الاجارة ليست تمليكا مطلقا بل حصة منه و هي المتعلقة بالمنفعة و ما

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 300

______________________________

هذا شأنه لا مناص من تعلقه بالعين و لا معني لتعلقه بالمنفعة و الا يرجع الي قولنا:

ان الاجارة هي تمليك منفعة المنفعة و لا محصل له فالتمليك المتعلق بالمنفعة متعلق بالعين بطبيعة الحال فيقال: آجرتك الدار» هذا ملخص كلامه.

و الحق ان ما أفاده لا يرجع الي محصل مفهوم و لا يفهم من هذه الجملات الا مجرد الدعوي و أفاد سيد المستمسك قدس سره: «انه لو بني علي حصول تمليك المنفعة في الاجارة فليس هو عين الاجارة بل مسبب عنها و أثر لها و المناسب حينئذ أن يقال: انها جعل العين موضوعا للأجر بنحو يقتضي تمليك المنفعة لا أنها عين تمليك المنفعة».

و الحق ان ما أفاده متين جدا و صفوة القول: ان الاجارة متعلقة بنفس العين و جعلها بحيث يقتضي نقل المنفعة الي ملك المستأجر و ابقاء العين في ملك المالك اي الموجر بعكس بيع العين يجعل العين مسلوبة الانتفاع.

الثاني: ان المنفعة كسكني الدار عرض قائم بالمستأجر و من الصفات

المتعلقة به و اجنبية عن المالك فكيف يملكها و ينقلها الي المستأجر.

و الجواب عن هذا الاشكال ان سكني الدار لها حيثيتان حيثية المسكونية و حيثية الساكنية و الاولي قائمة بالعين و زمامها بيد مالكها و الثانية قائمة بالمستأجر و الموجر انما ينقل ما يرجع اليه الي المستأجر. و ان شئت قلت: الموجر انما ينقل الي المستأجر مملوكه و الذي يوضح المدعي ان الغاصب للعين اذا تصرف في العين المغصوبة كما لو ركب الدابة المغصوبة يجب عليه رد العين بالاضافة الي عوض المنفعة التي استوفاها و بعبارة اخري: يكون ضامنا للمنفعة المستوفاة و هل يمكن الالتزام بضمان عمل نفسه و العرض القائم به؟ كلا ثم كلا.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 301

[فصل و فيه مسائل]

[مسألة 1: لا بد فيها من الإيجاب و القبول]

(مسألة 1): لا بد فيها من الايجاب و القبول فالايجاب مثل قول الخياط آجرتك نفسي و صاحب الدار: آجرتك داري و القبول

______________________________

الثالث: انه قد لا يكون تمليكه للمنفعة في مورد الاجارة كما لو استأجر المتولي للوقف مكانا لجعله محرزا للغلة فانه لا مالك للمنفعة فيكون مفهوم الاجارة أوسع من التعريف المذكور.

و قال سيدنا الاستاد في مقام الرد علي الاشكال بأن الوقف علي قسمين فتارة يتضمن التمليك كالوقف علي الذرية أو الوقف علي العناوين العامة كالطلاب مثلا او الوقف علي المسجد و هكذا فان الملكية امر اعتباري و الاعتبار خفيف المئونة و اخري لا يكون في مورده تمليك كما لو وقف مزرعة للصرف في زوار الحسين عليه السلام مثلا فيكون الوقف لنفس الصرف و لا يتصور فيه تمليك أما في الصورة الاولي فيكون المالك هو الموقوف عليه فان المتولي يستأجر المكان للموقوف عليه و لو كان مصداقه المسجد و أما في الصورة الثانية فيكون المالك نفس

المتولي للوقف لكن بعنوان كونه متوليا و لا مانع من الالتزام به كما لو اقترض للوقف أو اشتري شيئا للوقف فانه لا اشكال في أن القرض و البيع يستلزمان التمليك و التملك و الحال انه لا اشكال في جواز الاقتراض للوقف كما انه لا اشكال في جواز الاشتراء له».

اقول: يمكن أن يقال: بأن المالك في الصورة الثانية أيضا العين الموقوفة لا المتولي فانه لا مانع من الالتزام بكون المزرعة الموقوفة للصرف في زوار الحسين عليه السلام مالكا للمنفعة فالمتولي يستأجر المكان للمزرعة و لا نري مانعا منه فلا اشكال.

مضافا الي أنه يمكن ان يقال: ان الموقوف عليه في مفروض الكلام الجهة الخاصة و الناحية الكذائية و لا نري مانعا من دخول العين الموقوفة في ملك الجهة و الا يلزم اما عدم خروج الوقف عن ملك الواقف و اما بقائه بلا مالك و كلا الامرين مشكل.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 302

قول المستأجر: قبلت و يجوز وقوع الايجاب من المستاجر مثل:

استأجرتك لتخيط ثوبي و استاجرت دارك فيقول المؤجر: قبلت (1).

[مسألة 2: يشترط في المتعاقدين أن لا يكون أحدهما محجورا عن التصرف لصغر]

(مسألة 2): يشترط في المتعاقدين أن لا يكون أحدهما محجورا عن التصرف لصغر (2).

______________________________

(1) اذ لا اشكال و لا كلام في كون الاجارة من العقود و العقد مركب من الايجاب و القبول و مع عدم ورود دليل علي لزوم تركيب خاص يجوز تحققه بكل نحو فتارة يكون الايجاب من الموجر و القبول من المستأجر و اخري يكون بالعكس كما ذكر في المتن.

(2) لا اشكال في أن تصرف الصبي في ماله غير نافذ اذا كان بنحو الاستقلال فلا يجوز له ايجار داره و عقده الصادر منه لا يترتب عليه الاثر بلا اشكال و لا كلام بين القوم ظاهرا

انما الكلام في تصديه لمجرد اجراء الصيغة اما في ماله أو في مال الغير وكالة عنه فهل يكون جائزا أم لا؟

و يمكن أن يقال: بأن مقتضي بعض النصوص عدم جواز تصديه حتي لإجراء العقد لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: عمد الصبي و خطاه واحد «1» بتقريب: ان المستفاد من الحديث انه لا يترتب علي عمده أثر فلا أثر لإيجابه و قبوله.

و أفاد سيدنا الاستاد في هذا المقام «بأنه لا يستفاد المدعي من الرواية فانه لو قال عليه السلام عمد الصبي كلا عمد، لكان دالا علي المدعي و لكن جعل عمد الصبي كخطائه و ظاهر هذه العبارة مشاركة هذين العنوانين فيما يترتب عليهما من الاحكام و ان كل حكم مترتب علي الخطأ في غير الصبي يترتب علي عمده لان عمده خطاء

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب العاقلة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 303

______________________________

فيختص بباب الجنايات و لا يشمل بقية الموارد فلا تدل الرواية علي سلب الاعتبار عن كلامه كي يقال: انه لا أثر لإيجابه و ان شئت قلت: انه لو باع داره فقال:

بعت فرسي خطاء لا يترتب عليه الاثر لعدم العمد لا لأجل الخطأ فلا بد من اختصاص الرواية بمورد يكون لكل من العمد و الخطأ حكم كي يصح تنزيل عمده منزلة الخطأ و مما يرشدك الي عدم امكان الاخذ باطلاق الرواية ان لازم الاخذ بهذا الاطلاق الالتزام بعدم بطلان صلاته اذا تكلم فيها عمدا كما ان لازمه الالتزام بعدم بطلان صومه بالافطار عن عمد و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم» «1» هذا ملخص كلامه.

اقول: يرد عليه اولا ان الاهمال غير معقول في الواقع في الاحكام الشرعية

ففي كل مورد يصدر فعل عن المكلف خطأ فاما يترتب عليه أثر ذلك الفعل في حكم الشارع و اما لا يترتب و لا يمكن الاهمال فنقول: لو أراد شخص بيع داره فقال:

بعت فرسي خطأ لا يترتب عليه الاثر و بعبارة اخري: الشارع الاقدس لا يرتب الاثر المرغوب علي الخطأ بلا اشكال و عليه يستفاد من الحديث المذكور ان عمد الصبي كخطائه فكما لا يترتب علي الخطاء أثر كذلك لا يترتب علي عمد الصبي و ان شئت قلت: مقتضي اطلاق الحديث ان عمد الصبي في وعاء الشرع كالخطإ علي الاطلاق فاذا كان الخطأ موضوعا لحكم اثباتي كباب الجنايات يترتب ذلك الأثر علي عمد الصبي و اذا كان الخطأ في مورد لا يكون موردا و موضوعا للأثر يكون عمد الصبي كذلك فلا وجه لاختصاص الحديث بمورد خاص و أما نقضه بمورد تعمده في ابطال صومه و صلاته فغير وارد اذ بعد قيام الدليل علي شرعية عباداته نفهم ان الصبي لو أتي بما هو المقرر الشرعي في العبادة يكون مطلوبا للشارع و من الظاهران المقرر الشرعي

______________________________

(1) مستند العروة كتاب الاجارة ص: 30

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 304

أو سفه (1) أو تفليس (2).

______________________________

مقيد بقيود وجودية أو عدمية مضافا الي أنه نرفع اليد عن الاطلاق في مورد النقض بلحاظ الضرورة و الاجماع و هذا لا يوجب رفع اليد عن الاطلاق علي الاطلاق فلاحظ.

اضف الي ذلك انه ما المانع من الاخذ باطلاق ما رواه ابو الحسين الخادم بياع اللؤلؤ عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله ابي و انا حاضر عن اليتيم متي يجوز امره؟ قال: حتي يبلغ اشده قال: و ما اشده؟ قال: احتلامه قال: قلت: قد يكون الغلام

ابن ثمان عشرة سنة او أقلّ او اكثر و لم يحتلم قال: اذا بلغ و كتب عليه الشي ء «و نبت عليه الشعر ط» جاز عليه امره الا ان يكون سفيها او ضعيفا «1».

فان مقتضي اطلاقه الرواية ان الفعل الصادر عن غير البالغ لا يصح فانه لو كانت وكالته عن الغير صحيحة في بيع دار الموكل او كان بيع داره صحيحا باذن الولي يكون امره جائزا بهذا المقدار و هذا مناف مع اطلاق الرواية لكن الرواية مخدوشة سندا.

(1) لا دليل علي بطلان المعاملة اذا كان احد العاقدين او كليهما سفيها و بعبارة اخري: الدليل قائم علي بطلان تصرف السفيه في ماله و اما اشتراط كون العاقد غير سفيه فليس عليه دليل و يترتب عليه انه لو اجري العقد بعنوان الوكالة عن الغير يكون العقد صحيحا الا ان يقال: ان مقتضي حديث الخادم المتقدم ذكره آنفا عدم نفوذ امر السفيه مطلقا و لكن الاشكال في سند الحديث فلاحظ.

(2) الكلام فيه هو الكلام فانه لا دليل علي عدم اعتبار عقد المفلس فاذا عقد وكالة عن الغير يكون صحيحا بل يمكن ان يقال: ان تصرفاته نافذة اذا كانت متعلقة ببدنه فلو آجر نفسه لحمل شي ء تكون اجارته صحيحة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الحجر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 305

أورق (1) كما يشترط أن لا يكون أحدهما مكرها علي التصرف (2) الا أن يكون الاكراه بحق (3). يشترط في كل من العوضين أمور:

الاول: أن يكون معلوما بحيث لا يلزم الغرر علي الاحوط فالاجرة اذا كانت من المكيل أو الموزون أو المعدود لا بد من معرفتها بالكيل أو الوزن أو العدو ما يعرف منها بالمشاهدة لا بد من مشاهدته

أو وصفه

______________________________

(1) لا دليل علي عدم جواز تصرف العبد في لسانه و لذا لا اشكال في جواز ان يقرأ القرآن و عليه لا مانع من ان يجري العقد وكالة عن الغير.

(2) لحديث رفع الاكراه لاحظ ما رواه اسماعيل الجعفي عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: وضع عن هذه الامة ست خصال: الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه و ما لا يعلمون و ما لا يطيقون و ما اضطروا اليه «1» فان مقتضي اطلاق رفع الاكراه عدم ترتب اثر شرعي علي مورده.

و قال سيدنا الاستاد في هذا المقام «بأن الحديث لا يشمل عقد المكره بالفتح اذا كان وكالة عن الغير ضرورة عدم ترتب اثر علي هذا العقد بالنسبة الي المكره بالفتح» «2».

و ما أفاده غير تام فان المستفاد من الاطلاق كما ذكرنا ان الاثر الشرعي مرتفع عن الفعل الذي وقع عن اكراه علي الاطلاق فالظاهر اشتراط الاختيار في صحة العقد.

(3) اذ في مورد كون الاكراه حقا لا يشمله دليل الرفع و الا يرجع الأمر الي التناقض فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب الايمان الحديث: 3

(2) مستند العروة كتاب الاجارة ص: 27

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 306

علي نحو ترتفع الجهالة و أما المنفعة فلا يعتبر العلم بمقدارها فيما لا غرر مع الجهل به كما في اجارة السيارة مثلا الي مكة أو غيرها من البلاد المعروفة فان المنفعة حينئذ أمر عادي متعارف و لا بأس بالجهل بمقدارها و لا بمقدار زمان السير و في غير ذلك لا بد من العلم بالمقدار و هو اما بتقدير المدة مثل سكني الدار سنة أو شهرا أو المساحة مثل ركوب الدابة فرسخا أو فرسخين و اما بتقدير موضوعها

مثل خياطة الثوب المعلوم طوله و عرضه ورقته و غلظته و لا بد من تعيين الزمان في الاولين فاذا استأجر الدار للسكني سنة و الدابة للركوب فرسخا من دون تعيين الزمان بطلت الاجارة الا أن تكون قرينة علي التعيين كالإطلاق الذي هو قرينة علي التعجيل و الظاهر عدم اعتبار تعيين الزمان في الاجارة علي مثل الخياطة غير المتقوم ماليته بالزمان فيجب الاتيان به متي طالب المستأجر (1).

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون الوجه في بناء الاشتراط علي الاحتياط عدم تمامية ادلته عنده و استدل علي المدعي بنهيه صلي اللّه عليه و آله عن الغرر علي الاطلاق بتقريب:

ان المستفاد من النهي المذكور الارشاد الي فساد المعاملة الغررية و يرد عليه: ان هذه الرواية لا سند لها فلا اعتبار بها.

مضافا الي أنه أفاد سيدنا الاستاد «1»: انه لا أصل له و هذه الرواية غير مروية لا في كتبنا و لا في كتب العامة. و ربما يستدل علي المدعي بما رواه الصدوق بأسانيده عن الرضا عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: و قد نها رسول اللّه صلي

______________________________

(1) مستند العروة كتاب الاجارة ص: 33

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 307

______________________________

اللّه عليه و آله عن بيع المضطر و عن بيع الغرر «1» و هذه الرواية مخصوصة بالبيع مضافا الي عدم اعتبارها سندا.

و ربما يستدل بما رواه الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام في حديث المناهي قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ان يستعمل أجير حتي يعلم ما اجرته «2».

و هذه الرواية علي تقدير تمامية دلالتها علي المدعي لا تكون قابلة للاستدلال بها لكونها ضعيفة سندا.

و ربما يستدل بما رواه ابو الربيع الشامي عن

أبي عبد اللّه عليه السلام: قال سألته عن ارض يريد رجل ان يتقبلها فاي وجوه القبالة احل؟ قال: يتقبل الارض من اربابها بشي ء معلوم الي سنين مسماة فيعمر و يؤدي الخراج فان كان فيها علوج فلا يدخل العلوج في قبالته فان ذلك لا يحل «3».

و هذه الرواية ضعيفة بابي الربيع لعدم ثبوت وثاقته و لا يكفي في اثبات وثاقته كونه في سلسلة اسناد تفسير القمي و الرواية مروية بطريقين احدهما ضعيف بابي الربيع و اما الثاني فتام سندا اذ يمكن ان خالد بن جرير ينقل الحديث مرتين مرة عن ابي الربيع و مرة ثانية عن الامام عليه السلام نفسه اذ يحتمل تعدد الواقعة و تعدد السؤال عن حكم المسألة فالسند تام لكن يبعد تعدد السؤال و تكرر الواقعة مع وحدة المضمون سؤالا و جوابا مضافا الي الاشكال الدلالي فان السؤال عن الاحل بنحو التفضيل و الجواب وارد في مورده فغاية ما يستفاد من الحديث ان يكون الاحل و الافضل ما يكون بهذا النحو.

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب آداب التجارة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب الاجارة الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 18 من أبواب المزارعة و المساقاة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 308

الثاني: أن يكون مقدورا علي تسليمه فلا تصح اجارة العبد الآبق (1) و ان ضمت اليه ضميمة علي الاقوي (2). الثالث: أن تكون العين المستأجرة

______________________________

و يضاف الي ذلك كله ان الرواية واردة في باب المزارعة فلاحظ. و ربما يستدل بما عن النبي صلي اللّه عليه و آله حيث نهي عن بيوع و علل بقوله صلي اللّه عليه و آله: لأنها غرر كلها «1».

بتقريب: ان المستفاد بلحاظ التعليل عموم الحكم لكل غرر

و فيه ان السند ضعيف فلا اعتبار بالرواية و اما ما في حديث الدعائم من قوله عليه السلام:

«و هو غرر» «2» فهو ضعيف سندا، فالنتيجة انه لا يكون دليل علي المدعي فان ثبت اجماع تعبدي كاشف فهو و الا يكون الحكم مبنيا علي الاحتياط.

(1) افاد سيدنا الاستاد في هذا المقام «3» بانه مع عدم القدرة علي التسليم لا يكون المالك مالكا لتلك المنفعة و مع عدم كونه مالكا كيف يملكها من الغير و لا اشكال في ان الاجارة تمليك للمنفعة.

و فيه: ان ما افاده مجرد الدعوي و لا اشكال في ان العبد الآبق بجميع شئونه مملوك لمالكه في نظر العقلاء و لذا لو اخذه غير المالك و استعمله و استفاد من منافعه يكون ضامنا للمالك و مع عدم كونه مملوكا له كيف يتصور الضمان و هذا ظاهر في كمال الظهور فلو تم اجماع علي المدعي فهو و الا يكون الحكم مبنيا علي الاحتياط فلاحظ.

(2) لاختصاص دليل الجواز بالبيع لاحظ ما رواه سماعة عن ابي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يشتري العبد و هو آبق عن اهله قال: لا يصلح الا ان يشتري معه

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 13

(2) مستدرك الوسائل الباب 7 من أبواب عقد البيع الحديث: 1

(3) مستند العروة كتاب الاجارة ص: 38

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 309

ذات منفعة فلا تصح اجارة الارض التي لا ماء لها للزراعة (1) الرابع:

أن تكون العين مما يمكن الانتفاع بها مع بقائها فلا تصح اجارة الخبز للأكل (2). الخامس: أن تكون المنفعة محللة فلا تصح اجارة المساكن لإحراز المحرمات و لا الجارية للغناء (3).

______________________________

شيئا آخر و يقول: اشتري منك هذا الشي ء

و عبدك بكذا و كذا فان لم يقدر علي العبد كان الذي نقده فيما اشتري منه «1».

فان المستفاد من ذيل الحديث التفريع لا التعليل كي يقال: نتعدي بلحاظ عموم العلة الي الاجارة فالتعدي عن غير مورد الرواية لا يجوز حتي في نفس البيع فكيف بالاجارة.

(1) افاد سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام بان اخذ الاجرة في الصورة المفروضة مصداق لأكل المال بالباطل فلا يجوز و فيه: ان اكل المال حرام بسبب غير شرعي و بالاسباب الباطلة و بعبارة اخري: المراد من الجار السبب لا المقابلة كي يتم ما افاده فالحق ان يقال: ان الوجه في هذا الاشتراط ان التملك لا يتعلق بمنفعة غير قابلة للتحقق و تمليك المنفعة حجر اساسي في باب الاجارة و بانتفائها لا تحقق لها فلاحظ.

(2) فان الاجارة مقومة ببقاء العين و استيفاء المنفعة منها فاجارة العين بلحاظ المنفعة التي تعدمها مرجعه الي انهدام ركنها.

(3) ما ذكر في المقام للاستدلال علي المدعي وجوه: الوجه الاول: ما عن الميرزا قدس سره و هو ان الحرام لا يكون مملوكا للمكلف فكيف يملكه من غيره:

و اورد عليه سيدنا الاستاد بان هذا يتم في اجارة الاعمال المحرمة و اما بالنسبة الي اجارة الاعيان لان يستفاد منها في الحرام فلا اذ لا اشكال في ان المحرم ما يصدر

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 310

______________________________

عن المستاجر و اما المالك فيكون مالكا لمنفعة داره، و بعبارة اخري: للعين حيثيتان:

حيثية قابلية الانتفاع كحيثية المسكونية و حيثية الانتفاء كحيثية الساكنية و الاولي مملوكة للمالك و الحرمة ترجع الي الحيثية الثانية و لا ترتبط بالمالك فهذا الوجه لا يتم للاستدلال.

و لقائل

ان يقول: ان احراز الخمر في مكان اذا لم يكن جائزا للمستأجر لا يكون جائزا للمؤجر أيضا فلا يكون مالكا لهذه الحصة من المنفعة و مع عدم كونه مالكا كيف يملكها من غيره.

الوجه الثاني: انه يشترط في مورد الاجارة ان يكون قابلا للتسليم و حيث ان غير المقدور شرعا بلحاظ الحرمة كغير المقدور عقلا لا تصح الاجارة. و فيه: انه قد مر عدم الدليل علي الاشتراط المذكور.

الوجه الثالث: ما افاده سيدنا الاستاد و هو ان صحة العقد تستلزم الوفاء به و حيث ان امتثال وجوب الوفاء المستفاد من قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» «1» غير ممكن لحرمته فلا تشمله ادلة صحة الاجارة.

و يرد عليه اولا انه خلاف ما بني عليه في محله من ان الوجوب المستفاد من قوله «اوفوا» وجوب ارشادي الي لزوم العقد و ليس حكما تكليفيا اذ لا يحرم فسخ العقد قطعا بل المستفاد من الاية ان العقد بعد تحققه لا ينفسخ بالفسخ لكونه لازما.

و بعبارة اخري: الامر بالوفاء في الاية لا يكون دليلا علي وجوب الوفاء و اتمام العقد و عدم الفسخ اذ لا اشكال في أن الفسخ لا يكون حراما بل ارشاد الي لزوم العقد بعد تحققه و لذا قلنا في محله ان الاية دليل لزوم العقد لا الصحة و لا يمكن الاستدلال بها علي الصحة لأنها ناظرة الي العقود الصحيحة فالصحة مفروضة في موضوعها و تقدم الموضوع علي الحكم قطعي هذا اولا.

______________________________

(1) المائدة/ 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 311

السادس: امكان حصول المنفعة للعين المستأجرة فلا تصح اجارة الحائض لكنس المسجد (1).

______________________________

و ثانيا: ان سيدنا الاستاد لا يري الاعانة علي الاثم حراما و المفروض ان الحرام يصدر من المستأجر فاي مانع من

تسليم الدار لمن يريد احراز الخمر فيها و بعبارة اخري: المالك لا يرتكب الحرام كي يتم هذا البيان.

الوجه الرابع. ما رواه صابر أو جابر قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يؤاجر بيته فيباع فيه «فيها خ ل» الخمر قال: حرام اجره «1» و فيه انه يعارضه خبر ابن اذينة قال: كتبت الي ابي عبد اللّه عليه السلام اسأله عن الرجل يؤاجر سفينته و دابته ممن يحمل فيها او عليها الخمر و الخنازير قال: لا باس «2» فان مقتضاه الجواز و علي تقدير المعارضة يكون الترجيح في جانب الجواز لكون دليله موافقا للكتاب الدال علي جواز التجارة اذا قلنا بان التجارة اعم من البيع.

و الذي يظهر من «الفقه علي المذاهب الاربعة» في كتاب الاجارة «3» ان اجارة شخص نفسه للمحرم باطل و علي تقدير التساقط يكون المرجع اطلاق دليل صحة الاجارة اضف الي ذلك كله انه لا يبعد كون سند الرواية ضعيفا.

الوجه الخامس: كون حرمتها متسالما عليه عند الاصحاب و خلافه مستنكر عند المتشرعة و هذا هو العمدة.

(1) قد ذكرت في مقام الاستدلال علي المدعي امور: الامر الاول: ما عن الميرزا و هو ان الحرام لا يكون مملوكا للمكلف كي يملكه من غيره و فيه: ان الكنس بما هو لا حرمة فيه و انما الحرمة في مقدمته و هو الكون في المسجد و الحرمة لا تسري

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) ج 2 ص: 108

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 312

[مسألة 3: إذا آجر مال غيره توقفت صحة الإجارة علي إجازة المالك]

(مسألة 3): اذا آجر مال غيره توقفت صحة الاجارة علي اجازة المالك (1) و اذا آجر مال نفسه و كان محجورا عليه لسفه أورق

توقفت

______________________________

من المقدمة الي ذيها و انما الكلام في سرايتها من ذي المقدمة اليها.

الامر الثاني: انه غير مقدور التسليم شرعا و الممنوع شرعا كالممتنع عقلا.

و فيه: انه قد مر انه لا دليل عليه.

الامر الثالث: ما افاده سيدنا الاستاد و هو ان دليل الوفاء لا يشمله بعين التقريب الذي تقدم آنفا. و فيه ما فيه و قد أوردنا عليه ما اوردناه فراجع. فالحق ان يقال:

انه ان لم يتم اجماع تعبدي علي البطلان لا يمكن الجزم به فان الصحة مقتضي القاعدة غاية الامر بلحاظ حرمة الدخول يجوز للأجير الامتناع من العمل فيحصل للمستأجر الخيار و يمكنه اخذ اجرة مثل العمل مثلا الا ان يقال: لو وصلت النوبة الي هنا فلقائل ان يقول يكون المورد من مصاديق كبري التزاحم فلا بد من اعمال قانونه فلاحظ.

(1) ما افاده يتوقف علي كون الفضولي علي طبق القاعدة الاولية و المقام من مصاديق تلك الكبري و لنا كلام في هذا المقام تعرضنا له في بحث الفضولي من كتاب البيع و ملخص ذلك الكلام انه استفيد من جملة من النصوص ان البيع الصادر عن غير المالك فاسد لاحظ النصوص في الباب 1 من ابواب عقد البيع و شروطه من الوسائل.

و مقتضي اطلاق تلك النصوص عدم صحته بالاجازة اللاحقة و ان شتت قلت:

الشي ء لا ينقلب عما هو عليه و المفروض ان العقد صدر عن غير المالك فلا طريق الي تصحيحه بالاجازة المتأخرة و بعبارة اخري: بيع غير المالك باطل و لو مع لحوق اجازة المالك و رضاه و صفوة القول انه لا يمكن تصحيح الفضولي بالقاعدة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 313

علي اجازة الولي (1) و اذا كان مكرها توقفت علي الرضا لا بداعي الاكراه (2).

______________________________

الاولية

و الادلة العامة لكن قد تقدم في كتاب البيع ان المستفاد من النص الخاص الوارد في نكاح العبد بدون اذن مولاه صحة نكاح العبد مع اجازة المولي و قلنا مقتضي العلة عموم الصحة في جميع الموارد فراجع ما ذكرناه هناك.

(1) لصحة الفضولي عند القوم و المقام من صغريات تلك الكبري.

(2) يظهر من كلامه ان العقد الصادر عن اكراه لا يصح الا بلحوق الرضا المتأخر من المالك فيقع الكلام في موضعين: الموضع الاول: في فساد العقد الاكراهي و الحق كما افاده لدلالة جملة من النصوص علي المدعي لاحظ ما رواه الجعفي «1».

و ما رواه ربعي عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عفي عن امتي ثلاث: الخطاء و النسيان و الاستكراه الحديث «2».

و ما رواه الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله:

وضع عن امتي الخطاء و النسيان و ما استكرهوا عليه «3» و ما رواه أيضا «4».

فان المستفاد من هذه النصوص ان الفعل الصادر عن الاكراه لا يترتب عليه الاثر المرغوب فيه في وعاء الشرع فلا يصح العقد الصادر عن اكراه.

الموضع الثاني: في انه يصح بالرضا المتأخر و قد افاد الماتن في مقام الاستدلال علي المدعي بان الفضولي صحيح علي طبق القاعدة الاولية و الوجه فيه ان الرضا امر قابل لان يتعلق بالامر المتقدم و المتاخر و المقارن فالعقد الصادر

______________________________

(1) لاحظ ص 305

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب الايمان الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 314

______________________________

عن الفضولي بعد تعلق رضي المالك به يكون عقدا له فيصح بلا حاجة الي قيام دليل

خاص عليه و المقام كذلك اذ العقد الصادر عن المكره بالفتح فاسد بلا رضي المالك و بعد تعلق الرضا به يصير عقدا مرضيا فيكون صحيحا.

اقول: علي فرض تمامية الاستدلال في الفضولي لا يتم في المقام لأنه يمكن ان يقال في ذلك الباب ان العقد تحقق في الخارج بجميع شرائطه و اجزائه و انما النقصان من ناحية عدم انتسابه الي المالك و حيث ان الرضا امر قابل لان يتعلق بالامر المتقدم فلا مانع من انتسابه الي المالك من حين الاجازة فكان المالك باع داره من ذلك الزمان.

و بعبارة اخري: لو بيع دار زيد فضولا يوم الخميس و اجاز المالك البيع يوم الجمعة فكأنه قال: بعت داري من امس و اما في المقام فالمفروض ان العقد صادر من المالك و منتسب اليه و من ناحية اخري قام الدليل علي ان العقد الاكراهي لا يصح و من ناحية ثالثة ان الشي ء لا ينقلب عما هو عليه و الرضا المتأخر لا يغير العقد الصادر عن اكراه و المفروض ان العقد ينتسب الي المالك حين صدوره و مقتضي دليل رفع الاكراه ان العقد الاكراهي فاسد علي الاطلاق و لو مع لحوق الرضا المتاخر به.

و ان شئت قلت: لم يتحقق في الخارج إلا عقد واحد عن اكراه و الرضا المتأخر لا يغيره و المفروض ان الصادر عن اكراه فاسد فاي فرق بين المقام و بين صيرورة العقد بعد كونه غبنيا غير غبني و هل يمكن الالتزام بالصحة هناك و المقام كذلك فالحق ان العقد الصادر عن اكراه غير صحيح علي الاطلاق و لا بد من تجديده.

اللهم الا ان يستدل علي المدعي بما ورد في نكاح العبد بلا اذن سيده بتقريب: ان

المستفاد من تلك الرواية ان الفساد من ناحية عدم رضا المالك فاذا رضي يصح العقد

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 315

و اذا آجر السفيه نفسه لعمل فالاظهر الصحة و الاحوط الاستيذان من الولي (1).

______________________________

لكن في النفس شي ء و اللّه العالم.

(1) لعدم دليل علي فساد اجارته نفسه و مقتضي الاطلاقات جوازها و صحتها و أفاد سيدنا الاستاد علي ما في التقرير- انه لا تصح اجارة السفيه نفسه و استدل علي المدعي بحديثين احدهما: ما رواه أبو الحسين الخادم «1» بتقريب: ان مقتضي مفهوم الشرطية عدم جواز أمره ان كان سفيها فلا يصح اجارته و هذه الرواية مخدوشة سندا بأبي الحسين الخادم و قال سيدنا الاستاد ان الظاهران المراد بالرجل آدم بن المتوكل الثقة. و الانصاف انه لا دليل علي هذه الدعوي و لا وجه لهذا الاستظهار فان كثيرا من الرجال الواقعين في أسناد الروايات مجاهيل فليكن الرجل منهم و كون آدم بياع اللؤلؤ راويا عن ابن سنان لا يكون دليلا علي أن الراوي في هذه الرواية آدم بل من المحتمل قويا انه غيره فلا تصح الرواية سندا.

ثانيهما: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله أبي و أنا حاضر عن قول اللّه عز و جل: «حتي اذا بلغ أشده» قال: الاحتلام قال:

فقال: يحتلم في ست عشرة و سبع عشرة سنة و نحوها فقال: لا اذا أتت عليه ثلاث عشرة سنة كتبت له الحسنات و كتبت عليه السيئات و جاز أمره الا أن يكون سفيها أو ضعيفا الحديث «2».

و التقريب هو التقريب و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن الفضال. و ربما يقال- كما في كلام سيدنا

الاستاد-: انه يستفاد المدعي عن عدم جواز تصرفه في ماله لوحدة الملاك. و فيه: ان الملاكات الشرعية مجهولة

______________________________

(1) لاحظ ص: 304

(2) الوسائل الباب 44 من أبواب أحكام الوصايا الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 316

[مسألة 4: إذا استأجر دابة فلا بد من تعيين الحمل]

(مسألة 4): اذا استأجر دابة فلا بد من تعيين الحمل و اذا استأجر دابة للركوب فلا بد من تعيين الراكب و اذا استأجر دابة لحرث جريب من الارض فلا بد من تعيين الارض (1) نعم اذا كان اختلاف الراكب أو الحمل أو الارض لا يوجب اختلافا في المالية لم يجب التعيين (2).

[مسألة 5: إذا قال آجرتك الدار شهرا أو شهرين بطلت الإجارة]

(مسألة 5): اذا قال آجرتك الدار شهرا أو شهرين بطلت الاجارة (3) و اذا قال آجرتك كل شهر بدرهم صح في الشهر الاول و بطل في غيره (4).

______________________________

عندنا و القياس ليس من مذهب الامامية فالحق انه لا اشكال في اجارته نفسه نعم الاحتياط يقتضي الاذن من الولي كما في المتن بل مقتضي الاحتياط عدم نفوذ إنشائه حتي مع الاذن فلاحظ.

(1) ما افاده من فروع اشتراط عدم الغرر في الاجارة و علي تقدير تمامية الاشتراط ما افاده تام.

(2) لعدم الغرر.

(3) لجهالة المنفعة الموجبة للغرر الذي يوجب بطلان العقد هذا علي تقدير أن يكون الترديد في مقام الاثبات و في نظر المستأجر و أما في نظر الموجب فمورد الاجارة معلوم و أما ان كان الترديد في مقام الثبوت و في واقع الامر فالبطلان من ناحية عدم تحقق الاجارة اذ لا يتصور تحقق الانشاء و تمليك المنفعة مع الترديد في المتعلق فان الاهمال غير معقول في الواقعيات فلاحظ.

(4) بتقريب ان المقتضي للصحة موجود و لا مانع بيان ذلك ان الاجارة بالنسبة الي الشهر الاول معلومة منفعة و اجرة فلا غرر و لا جهالة فمقتضي القاعدة الصحة و ان قلنا بالفساد بالنسبة الي ما بعده اذ غاية ما يمكن أن يقال ان شرط الصحة بالنسبة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 317

و كذا اذا قال آجرتك شهرا بدرهم فان

زدت فبحسابه هذا اذا كان بعنوان الاجارة (1).

______________________________

الي ما بعد شهر الاول مفقود و المفروض ان الانشاء واحد و لكن هذا الوجه لا يكون قابلا لكونه وجها للفساد بالنسبة الي الشهر الاول لان المنشأ متعدد و ان كان الانشاء واحد و لذا قالوا بصحة البيع بالنسبة الي ما يملك لو باع ما يملك و ما لا يملك بانشاء واحد فلا اشكال في صحة الاجارة بالنسبة الي الشهر الاول و أما بالنسبة الي بقية الشهور فتارة يكون متعلق الإجارة مطلقا و غير محدود و اخري يكون محدودا و ثالثة يكون مهملا.

أما علي الاول فافاد سيد الاستاد انه لا غرر في هذه الاجارة اذ معلوم عند المتعاقدين تحقق الاجارة علي نحو الاطلاق كل شهر بكذا و لكن مع ذلك تكون الاجارة باطلة لمكان الجهالة و قد دل ما رواه أبو الربيع الشامي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن ارض يريد رجل أن يتقبلها فاي وجوه القبالة أحل؟ قال: يتقبل الارض من اربابها بشي ء معلوم الي سنين مسماة فيعمر و يؤدي الخراج فان كان فيها علوج فلا يدخل العلوج في قبالته فان ذلك لا يحل «1» علي فساد الاجارة في مورد الجهالة و قد مر «2» ان الرواية ضعيفة سندا فعليه لا بد من الالتزام بالصحة في هذه الصورة و أما علي الثاني فايضا لا بد من الالتزام بالصحة لعدم مانع عنها الا الجهالة و لا دليل علي كونه مفسدة للعقد و أما علي الثالث فلا يتحقق العقد اذ المهمل غير قابل للتحقق فكون الاجارة فاسدة.

(1) افاد سيدنا الاستاد بانه تارة يكون متعلق الاجارة محدودا بحد معلوم عند اللّه تعالي فانه تعالي يعلم مقدار السكونة

كعشر سنوات مثلا و يؤجر العين بهذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من أبواب المزارعة و المساقاة الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 307

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 318

______________________________

المقدار من الزمان في مقابل الاجرة المعينة و اخري يتعلق الاجارة علي السكونة الخارجية أما علي الاول فلا وجه للبطلان الا من ناحية الجهل بالمدة المانع عن صحة العقد و أما علي الثاني فمضافا الي الجهل بالمدة يشكل من ناحية التعليق اذ المفروض انه علق الاجارة علي السكونة و التعليق يوجب بطلان العقد هذا بالنسبة الي ما عدا الشهر الاول و أما الشهر الاول فاجارته تامة بلا اشكال.

اقول لا يخفي ان السكونة الخارجية متفرعة علي الاجارة و بعبارة اخري السكونة الخارجية متفرعة علي ملكية المنفعة و هي السكونة فكيف يمكن ان تكون مقدمة لها و ان شئت قلت: ملكية المنفعة متفرعة علي السكونة الخارجية علي الفرض و الحال ان السكونة لا تتحقق الا بلحاظ ملكية المنفعة اي السكونة فلا يمكن تصور ما أفاده الا علي نحو الدور اذ تتوقف الاجارة علي السكونة و الحال ان السكونة مترتبة علي ملكية المنفعة نعم يمكن أن يكون المعلق عليه ارادة الاجارة بأن يكون مرجع هذا القول الي التعليق علي ارادة الاجارة بأن يكون المراد من هذه الجملة اجارة الدار بعد الشهر الاول علي تقدير ارادة الاجارة و علي هذا التقدير لا مناص عن الالتزام بالبطلان لمكان التعليق اذ الاهمال في الواقع غير معقول فالاجارة بالنسبة الي ارادة الطرف بعد شهر اما مطلق و اما مهمل و اما مقيد و لا رابع و علي جميع التقادير لا يتم المدعي أما علي الاول فيلزم الخلف اذ المفروض ان الاجارة بمقدار الارادة و اما علي الثاني فلان

الاهمال غير معقول و أما علي الثالث فيلزم التعليق الموجب لبطلان العقد علي ما بنوا عليه و بني سيدنا الاستاد عليه أيضا فالحق هو البطلان في غير الشهر الاول.

و لقائل أن يقول علي فرض كون السكونة الخارجية معلقا عليها لا يلزم الدور بتقريب ان السكونة الخارجية عنوان لمدة الاجارة فان مقدار سكونة الخارجية معلوم

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 319

أما اذا كان بعنوان الجعالة بأن تجعل المنفعة لمن يعطي درهما او كان من قبيل الاباحة بالعوض بأن يبيح المنفعة لمن يعطيه درهما فلا بأس (1).

______________________________

عند اللّه تعالي و الاجارة متعلقة بما هو معلوم عند اللّه فالسكونة الخارجية متفرعة علي الاجارة بلا لزوم الدور و مع ذلك جعل البيع معلقا عليها في مقام الانشاء و يرد عليه انه لو يسكن الدار بعد الشهر الاول فما هو متعلق علم اللّه تعالي و بعبارة اخري:

يتوقف العلم بمقدار السكونة علي تحققها خارجا اذ العلم تابع للمعلوم لا العكس فيعود الاشكال اذ المفروض ان السكونة لا تتحقق الا علي تقدير تمامية الاجارة و ملكية المستأجر المنفعة و الحال ان الاجارة بنفسها متوقفة علي السكونة فلاحظ.

و في المقام رواية و هي ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن الرجل يكتري الدابة فيقول اكتريتها منك الي مكان كذا و كذا فان جاوزته فلك كذا و كذا زيادة، و يسمي ذلك قال: لا بأس به كله «1».

و لا يبعد أن يكون الحديث ناظرا الي صورة الاشتراط في ضمن الاجارة بأن يكون المراد اجارة الدابة الي مكان كذا باجرة معينة بشرط أن يكون للمستأجر الاستفادة من الدابة و ركوبها اي مقدار اراد باجرة مسماة فلا ترتبط الرواية بمقامنا كي يقال

يمكن أن يستفاد منها حكم المقام فانه فرق بين وقوع الاجارة علي المدة المجهولة و بين اشتراط الاستفادة من مورد الاجارة باي مقدار أراد المستأجر فلاحظ.

(1) افاد الماتن انه لا مانع من الصحة اذا كان المراد من العبارة الجعالة أو الاباحة بالعوض فيقع الكلام في موردين المورد الاول أن يكون علي نحو الجعالة و الظاهر انه لا يمكن مساعدته فان الجعالة عبارة عن جعل شي ء بعنوان الجعل علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب احكام الاجارة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 320

______________________________

عمل محترم صادر من الفاعل كما لو قال من كنس داري فله كذا علي و هذا المعني لا ينطبق علي المقام و ان شئت قلت: الجعل علي من يبذله في مقابل العمل الصادر عن الطرف و العمل الصادر من الطرف في المقام عبارة عن انتفاعه من العين اي السكونة و الجعل علي عهدته فكيف يكون مصداقا للجعالة.

ان قلت الجعل عبارة عن بذل المنفعة اي السكونة في مقابل عمل محترم و هو بذل الدرهم فيكون منطبقا علي الجعالة قلت: انه مجرد فرض و خيال و لا واقع له اذ المفروض ان بذل الدرهم بلحاظ السكونة لا العكس و لذا لا يري المالك للدار نفسه مستحقا للمطالبة الا بعد تحقق السكونة الخارجية و بعبارة اخري بذل الدرهم بازاء السكونة لا العكس فالحق عدم صحته بعنوان الجعالة.

و أما المورد الثاني و هي الاباحة بالعوض فأفاد سيدنا الاستاد بأنه يمكن اتمامه بقاعدة سلطنة الناس علي اموالهم فان المالك كما يمكنه الاباحة مجانا كذلك له أن يبيح الانتفاع لمن يبذل هذا المقدار فلو بذل يكشف ان عمله كان حلالا و لو لم يبذل يكشف كونه غاصبا لمال الغير اذ

الاضافة تعلق بهذه الصورة الخاصة.

و يرد عليه ان العوضية لو حظت في المقام بحيث يكون المالك يري نفسه مالكا للدرهم و يمكنه مطالبته و الحال ان الامر ليس كذلك اذ نسأل بأن السبب للمالكية للدرهم ما هو؟ نعم يتصور الاباحة لمن يبذل درهما مجانا فان بذل كشف عن حلية تصرفه و ان لم يبذل كشف عن عدم حليته فيكون ضامنا للأجرة و أما نقضه بدخول الحمام و امثاله فغير وارد اذ لا ببعد أن تكون هذه الموارد كلها داخلة تحت عنوان اذن المالك في الانتفاع لا مجانا فيكون الشخص ضامنا لأجرة المثل و أما علي غير هذا النحو بأن يكون المالك مالكا للعوض فلا دليل عليه و الواقع الخارجي يمكن أن يكون ناشيا عن عدم المبالات بالموازين الشرعية كما ان الامر كذلك

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 321

[مسألة 6: إذا قال: إن خطت هذا الثوب بدرز فلك درهم و إن خطته بدرزين فلك درهمان]

(مسألة 6): اذا قال: ان خطت هذا الثوب بدرز فلك درهم و ان خطته بدرزين فلك درهمان فان قصد الجعالة كما هو الظاهر صح (1) و ان قصد الاجارة بطل (2) و كذا ان قال ان خطته هذا اليوم

______________________________

في كثير من الموارد و قليل من عبادي الشكور و اللّه العالم.

(1) لتمامية اركانها فلا وجه للبطلان

(2) الظاهران الكلام بين الاصحاب في صحة الاجارة، بالنسبة الي إحداهما لا في صحة كلتا الاجارتين و كيف كان: لا اشكال في فساد كلتا الاجارتين اذا كان المقصود اجارة المستأجر نفسه لكلا الامرين فيما يكون تناف بينهما بحيث لا يمكن الجمع بينهما اذ المستأجر علي الفرض غير قادر علي كلا العملين فلا يكون مالكا لهما كي يملكهما من غيره و ترجيح احدهما علي الاخر بلا مرجح فالنتيجة بطلان كلتا الاجارتين كما ان الامر كذلك

في نظائر المقام مثلا: اذا باع زيد داره من بكر و في نفس الوقت باع داره وكيله من شخص آخر يكون كلا العقدين باطلين لعين البيان فهذا لا اشكال فيه كما انه لاشكال في صحة كلا العقدين فيما لا يكون تناف و تعاند بين الموردين و يكونان قابلين للجمع و فرضنا ان العقد مركب من كليهما فان كليهما صحيحان بلا كلام لتمامية المناط و لكن هذا ليس محلا للكلام ظاهرا.

و اما الالتزام بالصحة في إحداهما فالظاهر انه لا يمكن اذ الالتزام به يتوقف علي وقوع العقد علي إحداهما و المردد لا واقع له كي يقع مصبا للعقدان قلت: يمكن الاشارة الي متعلق العقد بالعنوان و هو ما يكون معلوما عند اللّه تعالي فلا وجه للبطلان الا الجهالة و اما الغرر فلا قلت: العلم تابع للمعلوم لا العكس فلا بد من فرض العمل كالخياطة مثلا كي يكون متعلقا لعلمه تعالي فتحقق الاجارة يتوقف علي تحقق الخياطة و الحال ان الخياطة و التزام الخياط بها متوقفة علي الاجارة و هذا دور.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 322

فلك درهم و ان خطته غدا فلك نصف درهم (1) و الفرق بين الاجارة و الجعالة ان في الاجارة تشتغل ذمة العامل بالعمل للمستأجر حين العقد و كذا تشتغل ذمة المستأجر بالعوض و لأجل ذلك صارت عقدا و ليس ذلك في الجعالة فان اشتغال ذمة المالك بالعوض يكون بعد عمل العامل من دون اشتغال لذمة العامل بالعمل ابدا و لأجل ذلك صارت ايقاعا (2).

[مسألة 7: إذا استأجره علي عمل مقيد بقيد خاص من زمان أو مكان أو آلة أو وصف فجاء به علي خلاف القيد لم يستحق شيئا علي عمله]

(مسألة 7): اذا استأجره علي عمل مقيد بقيد خاص من زمان أو مكان أو آلة أو وصف فجاء به علي خلاف القيد لم يستحق شيئا علي عمله (3)

فان لم يمكن العمل ثانيا تخير المستأجر بين فسخ الاجارة

______________________________

(1) فان حكم الامثال واحد و الكلام فيه هو الكلام الجاري في سابقه.

(2) كما هو ظاهر فان الاجارة من العقود و أما الجعالة فمن الايقاعات و نتعرض لها و لأحكامها إن شاء اللّه تعالي عند تعرض الماتن لها فانتظر.

(3) لعدم المقتضي للاستحقاق اذ المفروض ان ما صدر عن الاجير لا يكون موردا للإجارة و في المقام رواية رواها محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: كنت جالسا عند قاض من قضاة المدينة فاتاه رجلان فقال احدهما:

اني تكاريت هذا يوافي بي السوق يوم كذا و كذا و انه لم يفعل قال: فقال: ليس له كراء قال: فدعوته و قلت: يا عبد اللّه ليس لك ان تذهب بحقه، و قلت للاخر:

ليس لك ان تاخذ كل الذي عليه اصطلحا فترادا بينكما «1» ربما يستفاد منها خلاف القاعدة كما نقل عن حواشي ثاني الشهيدين علي روضته «2» فان المستفاد من

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب احكام الاجارة الحديث: 1

(2) جواهر الكلام ج 27 ص 230

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 323

و بين مطالبة الاجير باجرة المثل للعمل المستأجر عليه (1) فان طالبه بها لزمه اعطاؤه اجرة المثل (2) و ان امكن العمل ثانيا وجب الاتيان به علي النهج الذي وقعت عليه الاجارة (3) و اذا استأجره علي عمل بشرط بأن كان إنشاء الشرط في ضمن عقد الاجارة كما اذا استاجره علي خياطة ثوبه و اشترط عليه قراءة سورة من القرآن فخاط الثوب و لم يقرأ السورة كان له فسخ الاجارة (4) و عليه حينئذ اجرة المثل (5).

______________________________

الرواية انه يجب دفع شي ء من الاجرة و الحال ان مقتضي

القاعدة الاولية كما في المتن اما الفسخ و اما بقاء العقد بحاله و اخذ المستاجر اجرة المثل من الاجير.

(1) ما افاده علي القاعدة اذ المفروض ان ما ملكه بالاجارة لم يصل اليه و غير قابل للإيصال و بمقتضي الشرط الضمني يثبت له الخيار فيجوز له الفسخ كما انه يمكنه ان لا يفسخ و يطالب الاجير بدفع اجرة مثل العمل.

(2) اذ قد اتلف مال الغير فهو ضامن للمستأجر فيجب عليه ان يدفع اجرة المثل.

(3) اذ الاجير موظف باتيان العمل و المفروض امكانه فيجب عليه الاتيان به.

(4) لتخلف الشرط الموجب لثبوت الخيار.

(5) اذ المفروض ان عمله محترم و لم يتبرع الاجير بل قام به بلحاظ الاجارة و بعبارة اخري ان المستأجر ملك العمل في ذمة الاجير بالاجارة قبال الاجرة المسماة و المفروض ان الاجير سلم اليه مملوكه غاية الامر للمستأجر ان يفسخ العقد فاذا فسخ يجب عليه ان يدفع اجرة عمل الاجير لكون عمله محترما و الظاهران ضمان المستأجر لأجرة المثل في محل الكلام مورد الاتفاق مضافا الي ان الضمان لعله موافق للحكم العقلائي و لو لا التسالم علي المدعي لكان مجال لشبهة و هي انه باي وجه نستدل

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 324

و له امضاؤها و دفع الاجرة المسماة (1) و الفرق بين القيد و الشرط ان متعلق الاجارة في موارد التقييد حصة خاصة مغايرة لسائر الحصص و أما في موارد الاشتراط فمتعلق الاجارة هو طبيعي العمل لكن الالتزام العقدي معلق علي الالتزام بما جعل شرطا (2).

______________________________

علي الضمان في صورة الفسخ اذ الموجب للضمان هي الاجارة و المفروض انهدامها بالفسخ.

و لكن الظاهر لا يمكن الالتزام بها و لا يبعدان يكون ابداء هذه الشبهة مستنكرا عند العرف

و العقلاء و يترتب علي الشبهة انه لو آجر شخص نفسه للخدمة عشر سنوات و شرط المستأجر عليه ان يقرء في كل يوم صورة التوحيد مرة فقام الاجير بالخدمة طول المدة و لكن لم يقرء السورة يجوز للمستأجر فسخ الاجارة و عدم دفع الاجرة للأجير لهذه المدة و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟

(1) كما هو ظاهر اذ الفسخ جائز لا واجب فاذا لم يفسخ يجب دفع الاجرة المسماة.

(2) الامر كما ذكره اذ تارة يكون متعلق الاجارة مقيدا اذ الكلي قابل للتقييد فيستأجر الاجير للعمل المقيد كالصلاة في المسجد او قراءة القرآن في الحضرة العلوية و هكذا و اخري يكون متعلقها مطلقا غير مقيد بشي ء غاية الامر يشترط علي الاجير شيئا كقراءة القرآن مثلا و يعلق وفائه بالعقد علي تحقق ذلك الشرط ففي الحقيقة في امثال المقام تتحقق امور ثلاثة:

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 8، ص: 324

الاول: نفس الاجارة الواقعة علي موردها ككنس الدار علي الاطلاق الثاني:

اشتراط قراءة القرآن في ضمن هذا العقد و المراد بالشرط في ضمن العقد ارتباط العقد بذلك الشرط فان الشرط بماله من المفهوم اشرب فيه الارتباط و لذا يقال

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 325

[مسألة 8: إذا استاجر منه دابة إلي «كربلا» بدرهم و اشترط له علي نفسه أنه إن أوصله نهارا أعطاه درهمين صح]

(مسألة 8): اذا استاجر منه دابة الي «كربلا» بدرهم و اشترط له علي نفسه انه ان اوصله نهارا اعطاه درهمين صح (1).

______________________________

للحبل الرابط بين الشيئين الشريط مثلا اذا شرط قراءة القران في ضمن البيع معناه تعليق البيع علي الالتزام بقراءة القرآن و هذا التعليق لا يضر بالعقد اولا لان التعليق علي الامر الموجود فعلا المعلوم تحققه عند الطرفين لا يضر

بالعقد كما لو قال البائع ان كان هذا اليوم يوم السبت بعت و كلا الطرفين يعلمان بكون اليوم يوم السبت ثانيا ان دليل بطلان التعليق مورد الاجماع و لا اجماع في امثال المقام فلا مانع من صحة العقد ثالثا اذا كان التعليق بهذا النحو مبطلا يلزم بطلان جميع الشروط الضمنية إلا شرط الخيار اذ لا يتحقق الشرط الضمني الا بهذا النحو من التعليق و كل شرط ضمني بالنحو المذكور يجب الوفاء به لقوله عليه السلام المسلمون عند شروطهم «1».

الثالث الالتزام العقدي علي تقدير العمل بالشرط و جعل الخيار علي تقدير التخلف الذي يعبر عنه بخيار تخلف الشرط فان البائع اولا يشترط في ضمن البيع قراءة القرآن علي المشتري و ثانيا يجعل الخيار علي تقدير تخلف المشتري عن هذا الشرط و جعل الخيار جائز بالتسالم عند القوم و لولاه يلزم انتفاء خيار تخلف الشرط و انتفاء جعل الخيار ابتداء و هو كما تري و هذا الذي ذكرناه بعينه يجري في الاجارة اذا عرفت ما ذكرنا تعرف ما افاده الماتن في ذيل المسألة فلاحظ.

(1) بتقريب انه فعل و عمل مباح في حد نفسه و بوقوع الشرط عليه يجب الوفاء به بمقتضي جواز الشرط و نفوذه و الظاهران هذا شرط الفعل اي مرجع الشرط الي اعطائه درهما زائدا علي ذلك التقدير فعلي تقدير حصول الشرط يكون الاجير ذا حق

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الخيار.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 326

و كذا العكس بأن استاجرها بدرهمين و اشترط عليه ان يعطيه درهما واحدا ان لم يوصله نهارا صح ذلك (1) أما اذا استاجرها علي أن يوصله

______________________________

علي المستأجر في اخذ الدرهم و لكن لا تكون ذمة المستأجر مشغولة بالدرهم اذ

لم يقع في الخارج ما يقتضي اشتغال ذمته و بعبارة اخري نفس الشرط ليس مشرعا و ليس من الاسباب بل لا بد و ان يكون متعلقه امرا جائزا تكليفا فيما يتعلق بفعل او وضعا فيما يتعلق بالنتيجة فعلي تقدير كون متعلق الشرط تمليك درهم من الاجير يكون الواجب عليه الحكم التكليفي و لا ضمان و اما علي تقدير تعلق الشرط بالنتيجة بأن يملكه من الان الدرهم علي ذلك التقدير يكون هذا التمليك باطلا اذ لا يدخل تحت احد العناوين المملكة فان الهبة تتعلق بالعين الخارجية و المفروض انها لم تتعلق بها نعم لو قلنا بتعلق الهبة بما في الذمة بأن تكون الهبة موجبة لاشتغال الذمة بالموهوب امكن تصور الاشتراط علي نحو شرط النتيجة و جواز هبة ما هو ثابت في الذمة من غير من هو عليه لا يستلزم جوازها في المقام كما هو الظاهر عند التأمل.

(1) تارة يقع الكلام في حكم هذه الصورة بحسب القواعد و اخري يقع الكلام فيها من حيث ورود النص الخاص اما الكلام فيها من الحيثية الاولي فيشكل الالتزام بالصحة اذ المفروض انه آجره بدرهمين ففي فرض عدم العمل بالشرط نسأل بان المستاجر هل يكون ضامنا لتمام الاجرة أم لا اما علي الاول فاي موجب اوجب عدم تسليم الاجرة بتمامها و اما علي الثاني فما هو الموجب لعدم الاشتغال مع ان الاجارة وقعت علي الفرض علي درهمين.

و بعبارة اخري ان المستأجر بعد فرض اشتغال ذمته بمقتضي الاجارة بدرهمين فما يكون سببا لسقوط درهم من ذمته ان قلنا بسقوطه و ان لم نقل بسقوطه فما يكون

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 327

نهارا بدرهمين او ليلا بدرهم بحيث تكون الاجارة علي احد الامرين مرددا

بينهما فالاجارة باطلة (1).

[مسألة 9: إذا استاجره علي أن يوصله الي «كربلاء» و كان من نيته زيارة النصف من شعبان]

(مسألة 9): اذا استاجره علي أن يوصله الي «كربلاء» و كان من نيته زيارة النصف من شعبان و لكن لم يذكر ذلك في العقد و لم تكن قرينة علي التعيين استحق الاجرة و ان لم يوصله ليلة النصف من شعبان (2).

______________________________

المجوز في الامساك عن الاداء مع لحاظ ان الشرط بنفسه لا يكون مشرعا.

و اما بلحاظ الحيثية الثانية اي بلحاظ النص الخاص فقد وردت رواية في المقام و هي ما رواه محمد الحلبي قال كنت قاعدا الي قاض و عنده ابو جعفر عليه السلام جالس فجائه رجلان فقال احدهما: اني تكاريت ابل هذا الرجل ليحمل لي متاعا الي بعض المعادن فاشترطت عليه ان يدخلني المعدن يوم كذا و كذا لأنها سوق اخاف ان يفوتني فان احتبست عن ذلك حططت من الكراء لكل يوم احتبسته كذا و كذا و انه حبسني عن ذلك اليوم كذا و كذا يوما فقال القاضي هذا شرط فاسد وفه كراه فلما قام الرجل اقبل إلي ابو جعفر عليه السلام فقال شرط هذا جائز ما لم يحط بجميع كراه «1» تدل علي صحة هذا الشرط و مع النص لا كلام كما هو ظاهر.

(1) قد مر الكلام مفصلا في المردد فراجع.

(2) الامر كما افاده فان الدواعي القلبية و الارادات النفسية لا توجب تاثيرا في متعلق الاجارة و المفروض ان متعلق الاجارة هو الايصال الي كربلاء و قد تحقق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب احكام الاجارة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 328

[فصل و فيه مسائل]

اشارة

فصل و فيه مسائل

[مسألة 10: الإجارة من العقود اللازمة لا يجوز فسخها]

(مسألة 10) الاجارة من العقود اللازمة لا يجوز فسخها (1).

الا بالتراضي بينهما أن يكون للفاسخ الخيار (2).

______________________________

(1) بلا خلاف كما في بعض الكلمات و نقل عليه الاجماع و يدل علي المدعي عموم وجوب الوفاء بالعقود و منها الاجارة مضافا الي بعض النصوص لاحظ ما رواه ابن يقطين قال سألت ابا الحسن عليه السلام عن الرجل يتكاري من الرجل البيت او السفينة سنة او اكثر من ذلك او أقلّ قال: الكراء لازم له الي وقت الذي تكاري اليه و الخيار في اخذ الكراء الي ربها ان شاء اخذ و ان شاء ترك «1».

و لاحظ ما رواه اليقطيني انه كتب الي ابي الحسن علي بن محمد العسكري عليهما السلام في رجل دفع ابنه الي رجل و سلمه منه سنة باجرة معلومة ليخيط له ثم جاء رجل فقال: سلم ابنك مني سنة بزيادة هل له الخيار في ذلك؟ و هل يجوز له ان يفسخ ما وافق عليه الاول أم لا؟ فكتب عليه السلام يجب عليه الوفاء للأول ما لم يعرض لابنه مرض او ضعف «2».

اضف الي ذلك انه لو كانت الاجارة من العقود الجائزة لشاع و ذاع لكثرة الابتلاء بها في جميع الاعصار و الامصار فلاحظ.

(2) ان اتم اجماع تعبدي كاشف فهو و الا يشكل الالتزام بجريان الاقالة في الاجارة كالبيع و ربما يستدل علي جريانها بأن حقيقة المعاقدة متقومة بالتزام الطرفين فمع رفع اليد عنها لا يبقي العقد و فيه اولا ان لازم هذا الكلام جواز الفسخ من

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب احكام الاجارة الحديث 1

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب احكام الاجارة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 329

______________________________

الطرف الواحد و بعبارة اخري

هذا الكلام يستلزم عدم لزوم الاجارة و ثانيا ان معني اللزوم حكم الشارع ببقاء العقد و عدم زواله بالفسخ و التقايل.

و ربما يستدل علي المدعي بما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال اربعة ينظر اللّه عز و جل اليهم يوم القيامة: من اقال نادما، او اغاث لهفان، او اعتق نسمة، او زوج عزبا «1».

و هذه الرواية ضعيفة بحمزة بن محمد العلوي اللهم الا ان يقال انه لو قلنا بجواز جعل الخيار لأحد الطرفين من اول الامر فجواز الاقالة بالاولوية اذا الفسخ الناشي من جعل الخيار رفع اليد عن العقد من جانب واحد فاذا كان هذا جائزا بمقتضي جعله من اول الامر بالاشتراط فجواز الاقالة بالاولوية اذ الاقالة مرجعها الي رفع اليد عن العقد من الجانبين انما الاشكال في جعل الخيار باشتراطه في ضمن العقد و منشأ الاشكال انه يستفاد من كلامهم «2» انهم استندوا في جوازه الي نفوذ الشرط و الحال ان الشرط لا بد أن يكون في الرتبة السابقة امرا موافقا للشرع و لولاه لا يجوز الاشتراط و عليه يكون اثبات الجواز بدليل الشرط دوريا.

و ان شئت قلت: جعل الخيار ان كان جائزا و معلوما من الشرع فلا وجه للاستدلال لجوازه بدليل الشرط و ان كان عدم جوازه معلوما من الخارج فالامر أوضح و ان كان جوازه مشكوكا فيه لا يمكن الاستدلال علي جوازه بدليل الشرط اذ التمسك بالعام غير جائز في الشبهة المصداقية بل يمكن احراز عدم جوازه باستصحاب عدم تجويز الشارع هذا الخيار فبالاستصحاب يحرز انه غير قابل للاشتراط.

و ببالي انا قد اوردنا هذا الاشكال علي جعل الخيار في البيع و عرضناه علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من

أبواب آداب التجارة الحديث: 5

(2) مستند العروة كتاب الاجارة ص: 160

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 330

و الاظهر ان الاجارة المعاطاتية أيضا لازمة (1).

______________________________

سيدنا الاستاد فأجاب بأنه يمكن احراز جوازه بجواز الاقالة و هذا الوجه غير تام اذ الاقالة فسخ من الطرفين و قد دل الدليل علي جوازها في البيع و علي تقدير تمامية هذا البيان في البيع غير تام في المقام لعدم دليل علي جوازها في الاجارة و صفوة القول ان مرجع جعل الخيار الي جعل حق لمن له الخيار و جوازها من قبل الشارع و جعله اول الكلام بل محرز العدم بالاستصحاب فلا مجال للاستدلال عليه بدليل الشرط فلاحظ فلا بد من التشبث بذيل عناية الاجماع التعبدي الكاشف عن رأي المعصوم عليه السلام فان مثل هذا الاجماع يكون من الادلة الشرعية و يمكن أن يقال ان جعل الخيار عند تخلف الوصف امر عقلائي و قد امضاه الشارع فتأمل.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بالسيرة الجارية بين العقلاء و المتشرعة بلا نكير فان هذه السيرة لو لم تكن ممضاة من قبل الشارع لعلم بدليل و لا دليل علي الردع و بعبارة اخري يمكن كشف الامضاء من عدم دليل علي الردع و إلا لشاع و ذاع مع كثرة الابتلاء و عموم البلوي فلاحظ.

(1) فان مقتضي اطلاق الادلة عدم الفرق بين العقد اللفظي و الفعلي بل مقتضي العموم الوضعي المستفاد من وجوب الوفاء بالعقود كذلك فلا بد في رفع اليد عن العموم من وجود مخصص و ما يمكن ان يستدل به علي التخصيص ما ورد في بعض النصوص من حصر المحرم في الكلام و من تلك النصوص ما رواه الحلبي قال:

سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل

يزرع الارض فيشترط للبذر ثلثا و للبقر ثلثا قال: لا ينبغي ان يسمي شيئا فانما يحرم الكلام «1».

بدعوي ان المستفاد من الرواية ان المحرم منحصر بالكلام. و فيه: ان مدلول الرواية لا يرتبط بالمقام فان المراد منه و لو بقرينة بقية النصوص ان ذكر المقدار

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب المزارعة و المسافاة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 331

[مسألة 11: إذا باع المالك العين المستاجرة قبل تمام مدة الإجارة لم تنفسخ الإجارة]

(مسألة 11): اذا باع المالك العين المستاجرة قبل تمام مدة الاجارة لم تنفسخ الاجارة بل تنتقل العين الي المشتري مسلوبة المنفعة مدة الاجارة (1) و اذا كان المشتري جاهلا بالاجارة أو معتقدا قلة المدة فتبين زيادتها كان له فسخ البيع (2) و ليس له المطالبة بالارش (3) و اذا فسخت الاجارة رجعت المنفعة الي البائع (4) و لا فرق فيما ذكرناه من عدم انفساخ الاجارة بالبيع بين أن يكون البيع علي المستاجر و غيره (5).

[مسألة 12: إذا باع المالك العين علي شخص و آجرها وكيله]

(مسألة 12): اذا باع المالك العين علي شخص و آجرها وكيله

______________________________

بهذا النحو ممنوع و لا بد من ذكره بعنوان الثلث او النصف و نحوهما و ان كانت النتيجة واحدة فلاحظ.

(1) اذ لا وجه للانفساخ فان الثمن مقابل العين و المفروض انها انتقلت الي المشتري بالبيع غاية الامر تكون مسلوبة المنفعة.

(2) للشرط الضمني الارتكازي هذا اذا كان جاهلا و اما مع العلم فقد اقدم علي اشتراء العين بلا منفعة في مدة الاجارة و مع اقدامه عالما لا يبقي موضوع للخيار و لا يخفي ان الالتزام بالخيار بعد غمض النظر عن الاشكال المتقدم و هو ان جعل الخيار يحتاج الي قيام دليل عليه و لا يمكن اثباته بدليل جواز الشرط.

(3) لعدم الدليل عليه فان الارش في باب البيع قد ثبت بالدليل الخاص.

(4) كما هو مقتضي القاعدة.

(5) لوحدة حكم الامثال.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 332

مدة معينة علي شخص آخر و اقترن البيع و الاجارة زمانا بطلت الاجارة و صح البيع مسلوب المنفعة مدة الاجارة و يثبت الخيار حينئذ للمشتري (1).

[مسألة 13: لا تبطل الإجارة بموت المؤجر و لا بموت المستاجر]

(مسألة 13): لا تبطل الاجارة بموت المؤجر و لا بموت المستاجر (2).

______________________________

(1) بتقريب: ان الاجارة تقتضي انتقال المنفعة الي المستأجر و البيع يقتضي انتقالها الي المشتري بتبع العين فيقع التزاحم بين الامرين و لا ترجيح لأحدهما علي الاخر فيسقط كل واحد منهما فالنتيجة هو انتقال المبيع الي المشتري بلا منفعة و يترتب عليه خيار الفسخ لتخلف الوصف الموجب لثبوت الخيار.

و فيه: ان الاجارة تقتضي انتقال المنفعة الي المستأجر و أما البيع فلا يقتضي انتقالها الا بتبع العين فان المبيع اذا كان ذا منفعة ينتقل الي المشتري مع تلك المنفعة و أما مع عدم المنفعة فلا موضوع للتبعية و

ان شئت قلت: ما لا اقتضاء له لا يعارض ما فيه الاقتضاء فالحق أن يقال: يصح البيع و الاجارة غاية الامر يثبت للمشتري الخيار علي ما هو المقرر عندهم فلاحظ.

(2) لعدم المقتضي للبطلان فان الاجارة بحالها و ربما يقال بالبطلان بموت الموجر استنادا الي رواية ابراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام و سألته عن امرة آجرت ضيعتها عشر سنين علي أن تعطي الاجارة «الاجرة خ ل» في كل سنة عند انقضائها لا يقدم لها شي ء من الاجارة «الاجرة خ ل» ما لم يمض الوقت فماتت قبل ثلاث سنين أو بعدها هل يجب علي ورثتها انفاذ الاجارة الي الوقت أم تكون الاجارة منقضية بموت المرأة؟ فكتب: ان كان لها وقت مسمي لم يبلغ فماتت فلو رثتها تلك الاجارة فان لم تبلغ ذلك الوقت و بلغت ثلثه أو نصفه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 333

حتي اذا استاجر دارا علي أن يسكنها بنفسه فمات (1) و اذا آجر نفسه للعمل بنفسه فمات قبل مضي زمان يتمكن فيه من العمل فانها تبطل (2) و كذا اذا آجر البطن السابق من الموقوف عليهم العين الموقوفة فانقرضوا قبل انتهاء مدة الاجارة (3) و اذا آجرها البطن السابق ولاية منه علي العين لمصلحة البطون جميعها لم تبطل بانقراضه (4) و كذا اذا آجر نفسه للعمل بلا قيد المباشرة فانها لا تبطل بموته اذا كان متمكنا منه و لو بالتسبيب (5) و يجب حينئذ اداء العمل من تركته كسائر الديون (6).

______________________________

أو شيئا منه فتعطي ورثتها بقدر ما بلغت من ذلك الوقت ان شاء اللّه «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها علي المدعي.

(1) بمعني

انه يشترط عليه أن يسكن الدار بنفسه فانه بمقتضي الشرط لا يجوز له اسكان الغير و لا وجه للبطلان بعد موته.

(2) اذ المفروض ان المؤجر لا بد أن يكون مالكا للمنفعة كي يمكنها تمليكها من الغير و المفروض في المقام انه لم يكن مالكا لها فلا تصح الاجارة.

(3) لعين الملاك اذ بالانقراض يكشف عدم كونهم مالكين للمنفعة فلا موضوع للإجارة و صحتها.

(4) لصدور الاجارة من أهلها فلا وجه للبطلان.

(5) اذ المفروض قدرته علي القيام بمورد الاجارة فتصح.

(6) فانه من ديونه فيجب الاداء و الظاهر من عبارة المتن انه يجب اداء نفس الفعل و للنقاش فيه مجال فانه اي دليل أوجب اداء نفس الفعل علي الورثة فان

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من أبواب أحكام الاجارة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 334

[مسألة 14: إذا آجر الولي مال الصبي في مدة تزيد علي زمان بلوغه صح]

(مسألة 14): اذا آجر الولي مال الصبي في مدة تزيد علي زمان بلوغه صح (1) و اذا آجر الولي الصبي كذلك ففي صحتها في الزيادة اشكال (2) حتي اذا قضت ضرورة الصبي بذلك (3).

______________________________

الدليل دل علي أن الارث بعد الدين و الوصية و من الظاهر انه لا يكون دين الميت و هو الفعل في المقام علي نحو الشركة في التركة بالاشاعة فانه غير معقول كما انه ليس علي نحو الكلي في المعين اذ الشركة بذلك النحو يتصور في الجنس الواحد الشامل لكل واحد من أفراده كصاع من الصبرة حيث يصدق علي كل صاع صاع بل الشركة في المقام علي نحو الشركة في المالية فان المستأجر شريك فيما تركه الميت بهذا المقدار فباي دليل نستدل علي وجوب اداء الفعل عليهم الا أن يقال: بأن مقتضي الكتاب و السنة ان الارث بعد الدين و المفروض ان دينه الفعل الكذائي

فما دام لم يدفع الدين اي الفعل الخاص لا يجوز التصرف فيما ترك للوارث فيجب اداء نفس الفعل و لتفصيل البحث مجال آخر.

(1) فانه مقتضي ولايته علي ماله فكما يجوز له أن يبيع داره اذا كان البيع مصلحة له كذلك يجوز اجارة أمواله مدة تشتمل زمان بلوغه فان الصحة علي القاعدة ظاهرا.

(2) لعدم الدليل علي ولايته عليه بالنسبة الي ما بعد بلوغه و ان شئت قلت: فرق بين الولاية علي مال الصبي و بين الولاية علي البالغ فان التصرف في ماله مع المصلحة جائز و أما التصرف في نفسه بالنسبة الي زمان بلوغه فلا دليل عليه فلا تصح الاجارة.

(3) فان الضرورة لا تقتضي سعة دائرة ولاية الولي نعم ريما يقال- كما في

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 335

[مسألة 15: إذا آجرت المرأة نفسها للخدمة مدة معينة فتزوجت في أثنائها لم تبطل الإجارة]

(مسألة 15): اذا آجرت المرأة نفسها للخدمة مدة معينة فتزوجت في أثنائها لم تبطل الاجارة و ان كانت الخدمة منافية لحق الزوج (1) و اذا آجرت نفسها بعد التزويج توقفت صحة الاجارة علي اجازة الزوج فيما ينافي حقه (2) و نفذت الاجارة فيما لا ينافي حقه (3).

______________________________

كلام سيدنا الاستاد- «1» «بأنه لو اقتضت الضرورة يدخل المقام في الامور الحسبية و المرجع فيها الحاكم الشرعي و يجوز له التصدي اذ هو الولي العام في الامور».

و ما أفاده لا يختص بالمقام بل هذا الملاك جار في جميع الموارد و يترتب عليه انه لو اقتضت الضرورة ان زيدا يطلق زوجته و لا يطلق يجوز أن يطلق الحاكم زوجته مع ان الطلاق بيد من أخذ بالساق و اذا وصلت النوبة الي هنا و قلنا بالولاية للحاكم بهذا المقدار فنقول: مقتضي هذا البيان أن يكون للحاكم تغيير الاحكام من حيث شرائطها و مواردها

و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم و ما الفرق بين طلاق الحاكم زوجة زيد بلا اذنه و وكالته و بين الحكم بطهارة المحل النجس بلا تطهيره بالمطهر؟

و من اين يثبت هذه الولاية للحاكم؟

(1) اذ حين الاجارة كانت مختارة بالنسبة الي نفسها فالاجارة وقعت من اهلها و في محلها و الزواج وقع علي المرأة التي تكون مسلوبة المنفعة.

(2) بتقريب: انها داخلة في الفضولي فلا تصح الا باذن الزوج و يشكل بأن الرضا المتأخر من الزوج لا يغير ما وقع عما هو عليه فاذا وقع فاسدا فكيف يصح لكن قد تقدم في بحث الفضولي في كتاب البيع جوازه بالنص الخاص فراجع.

(3) لوجود المقتضي و عدم المانع فتصح.

______________________________

(1) مستند العروة كتاب الاجارة ص: 140

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 336

[مسألة 16: إذا آجر عبده أو أمته للخدمة ثم أعتقه قبل انتهاء مدة الإجارة لم تبطل الإجارة]

(مسألة 16): اذا آجر عبده أو أمته للخدمة ثم أعتقه قبل انتهاء مدة الاجارة لم تبطل الاجارة (1) و تكون نفقته في كسبه ان أمكن له الاكتساب لنفسه في غير زمان الخدمة (2) و ان لم يمكن فعلي المسلمين كفاية (3).

[مسألة 17: إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيبا]

(مسألة 17): اذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيبا فان كان عالما به حين العقد فلا أثر له (4) و ان كان جاهلا به فان كان موجبا لفوات بعض المنفعة كخراب بعض بيوت الدار قسطت الاجرة و رجع علي المالك بما يقابل المنفعة الفائتة و له فسخ العقد من أصله (5) هذا اذا لم يكن الخراب قابلا للانتفاع و لو بغير السكني

______________________________

(1) لعدم وجه للبطلان.

(2) اذ المفروض انه يمكنه الاكتساب و الارتزاق فعليه حفظ نفسه و تعيشه.

(3) فان حفظ النفس المحترمة واجب كفاية و لكن لا يبعد ان يكون الوجوب الكفائي المذكور بعد عدم امكانه اعطائه من بيت المال و حيث ان المسألة ليست محلا للابتلاء فلا وجه لإطالة الكلام فيها و تطويلها.

(4) اذ مع العلم اقدم فلا خيار له كما انه لا مجال لسقوط الاجرة بالنسبة اذ مع العلم اقدم علي استيجار العين علي هذه الحالة و الصفة.

(5) نظير تبعّض الصفقة في المبيع و لكن الظاهر ان هذا الحكم يختص بمورد يكون التقسيط ملحوظا كما هو كذلك في اجارة الفنادق و المساكن المعدة لنزول الزوار و المسافرين و اما ان لم يكن كذلك فلا مجال للتقسيط بل يثبت الخيار فقط بمقتضي الاشتراط الارتكازي و لا يبعد ان يقال بفساد الاجارة في هذا الفرض لانتفاء

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 337

و الا لم يكن له الاخيار العيب (1) و ان كان العيب موجبا لعيب في

المنفعة مثل عرج الدابة كان له الخيار في الفسخ (2) و ليس له مطالبة الارش (3) و ان لم يوجب العيب شيئا من ذلك لكن يوجب نقص الاجرة كان له الخيار (4) و لا ارش (5) و ان لم يوجب ذلك أيضا فلا خيار و لا أرش (6) هذا كانت العين شخصية أما اذا كان كليا و كان المقبوض معيبا كان له المطالبة بالصحيح (7) و لا خيار في الفسخ (8 و اذا تعذر الصحيح كان له الخيار في أصل العقد (9. و اذا وجد

______________________________

مورد الاجارة علي الفرض.

(1) لم يظهر لي وجه هذا التفصيل اذ لو وقعت الاجارة علي السكني فلا اثر لقابلية المكان لانتفاع منفعة اخري و اذا كانت الاجارة لمطلق الانتفاع فلا وجه للتقسيط بل يثبت الخيار فقط الا ان يقال: بأن محل الكلام ما لو وقعت الاجارة في قبال مطلق الانتفاع و علي هذا التقدير لو كان الخراب لا يكون قابلا للسكني بل يكون قابلا للانتفاع منه نفعا آخر غير السكني لم يكن موقع للتقسيط و اما اذا لم يكن قابلا للانتفاع علي الاطلاق فالتقسيط في محله.

(2) لأجل الاشتراط الارتكازي.

(3) لعدم الدليل عليه فان جواز مطالبة الارش تتوقف علي قيام دليل خاص.

(4) فانه مغبون و يكون له خيار الغبن.

(5) كما مر آنفا مع وجهه.

(6) لعدم المقتضي لا للخيار و لا للأرش فلاحظ.

(7) اذا المفروض ان مورد الاجارة كلي و قابل للانطباق علي فرد آخر فيطالبه بدفعه.

(8) لعدم موجب له.

(9) للاشتراط الضمني.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 338

المؤجر عييا في الاجرة و كان جاهلا به كان له الفسخ و ليس له المطالبة بالارش و اذا كانت الاجرة كليا فقبض فردا معيبا منها فليس له

فسخ العقد بل له المطالبة بالصحيح فان تعذر كان له الفسخ (1).

[مسألة 18: يجري في الإجارة خيار الغبن و خيار الشرط حتي للأجنبي]

(مسألة 18): يجري في الاجارة خيار الغبن و خيار الشرط حتي للأجنبي (2) و خيار العيب و خيار تخلف الشرط و تبعض الصفقة و تعذر التسليم (3) و التفليس (4) و التدليس و الشركة و خيار شرط رد العوض

______________________________

(1) الكلام فيه هو الكلام بلا فرق فلاحظ.

(2) اذ جريان هذين الخيارين و امثالهما في البيع ليس بلحاظ دليل خاص بل المدرك في ثبوتهما الاشتراط الضمني الارتكازي و بعبارة اخري: بعد البناء علي جواز جعل الخيار شرعا يثبت الخيار بالشرط الارتكازي الذي يكون في قوة الذكر و بعبارة واضحة يكون مقدرا في الكلام و لكن الانصاف ان الجزم بالجواز بالنسبة الي جعله للأجنبي في غاية الاشكال بل لا وجه له.

(3) فان الميزان الكلي في الجريان و عدمه ان الخيار ان كان من باب الاشتراط الضمني فلا فرق بين البيع و الاجارة لوحدة المناط و تحقق الاشتراط في كلا المقامين كخيار العيب و اشباهه و ان كان لدليل خاص كخياري المجلس و الحيوان فلا يجري في الاجارة لاختصاصهما بالبيع بمقتضي دليليهما.

(4) ادعي عليه عدم الخلاف و ربما يستدل عليه- كما في كلام سيدنا الاستاد- بما رواه عمر بن يزيد عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرجل يركبه الدين فيوجد متاع رجل عنده بعينه قال: لا يحاصه الغرماء «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب الحجر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 339

نظير شرط رد الثمن (1) و لا يجري فيها خيار المجلس و لا خيار الحيوان (2).

[مسألة 19: إذا حصل الفسخ في عقد الإيجار ابتداء المدة فلا إشكال]

(مسألة 19): اذا حصل الفسخ في عقد الايجار ابتداء المدة فلا اشكال (3) و اذا حصل اثناء المدة فالاقوي كونه موجبا لانفساخ العقد في جميع المدة فيرجع المستأجر بتمام المسمي

و يكون للمؤجر اجرة المثل بالنسبة الي ما مضي (4).

______________________________

بتقريب ان المستفاد من الحديث باطلاقه شمول الحكم للإجارة. و الانصاف ان شمول الرواية للإجارة محل الاشكال فان الظاهر من الرواية بيان حكم مورد يكون قابلا للمحاصة و الحال ان العين المستأجرة مملوكة للموجر فلا مجال للمحاصة.

(1) قد تقدم وجهه و قلنا ان المنشأ للخيار الاشتراط الارتكازي.

(2) لما ذكرنا من اختصاص الدليل بمورده و هو البيع.

(3) كما هو ظاهر اذ المفروض ان له الخيار فيفسخ العقد من اول المدة فيرجع كل من العوضين الي مالكه الاولي.

(4) قال سيدنا الاستاد: «هذا الحكم المنسوب الي المشهور اعني الصحة فيما مضي المستتبعة لاستحقاق المسمي و اختصاص الفسخ بما بقي مبني علي القول بأن الفسخ انما يؤثر من حينه و هذا و ان كان صحيحا في الجملة بمعني ان الانفساخ انما يحكم به من حين تحقق الفسخ و إنشائه خارجا فلا اثر قبل حدوثه فانه سالبة بانتفاء الموضوع الا ان الكلام في ان تأثيره هل هو من الان فيترتب عليه انحلال العقد من حين صدور الفسخ اوانه من الاصل و مبدء انعقاد العقد بحيث يفرض العقد الواقع كأنه لم يكن و نتيجته استرجاع تمام الاجرة المسماة و هذا هو الاظهر لما عرفت فيما مر من ان مرجع جعل الخيار اما مطلقا او مشروطا بحصول شي ء الي ان

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 340

______________________________

التزامه باصل العقد منوط و معلق علي عدم الفسخ اما معه فلا يلتزم به من الاول.

و عليه فاذا فرضنا حصول سبب الفسخ و قد فسخ المستأجر خارجا فمعناه انه لم يكن ملتزما بالعقد الموجود بينهما من لدن حدوثه فالانشاء و ان كان من الان الا ان اثره من الاول

فالتأخر انما هو في إنشاء الفسخ و ابراز حل العقد و هذا نظير الاجازة في العقد الفضولي فان الامضاء و ان كان متأخرا الا ان متعلقه هو البيع السابق فمن الان يحكم بصحة ما وقع في ظرفه فلا جرم يترتب الاثر عليه من الاول.

و عليه فبعد الفسخ يفرص العقد كان لم يكن و نتيجته استرجاع تمام الاجرة المسماة كما عرفت و لزوم رد المستأجر اجرة المثل للمنافع السابقة بعد امتناع استردادها بانفسها و عدم ذهاب مال المسلم هدرا فمثلا لو كان المستأجر مغبونا ففسخ من اجل تخلف الشرط الضمني الارتكازي الذي هو المستند الصحيح في ثبوت هذا الخيار لا قاعدة نفي الضرر و غيرها مما هي مخدوشة برمتها حسبما ذكر في محله فالفسخ المزبور علي القول المشهور انما يؤثر في استرجاع الاجرة في المدة الباقية فلو استأجر الدار سنة كل شهر بمائة فتبين بعد سنة اشهر ان قيمتها العادلة كل شهر بخمسين يسترجع بعد فسخه اجرة الستة اشهر الباقية.

و اما علي المختار فيفسخ العقد من اصله و يسترجع تمام الاجرة المسماة بكاملها و يرد إلي الموجر اجرة المثل للستة اشهر الماضية فان هذا هو مقتضي فرض العقد المزبور في عالم الاعتبار كأنه لم يقع بينهما و منه تعرف ان ما ذكره في المتن من قوله قده: «و يحتمل قريبا … الخ» هو المتعين الذي لا ينبغي التردد فيه نعم في خصوص شرط الخيار فيما لو استأجر دارا مثلا و شرط لنفسه الخيار متي شاء لا يبعد قيام الارتكاز العرفي علي ارادة اختصاص الفسخ بالمدة الباقية دون ما مضي فان الفسخ من الاصل علي خلاف البناء العرفي و الديدن الجاري بينهم في هذا

مباني منهاج الصالحين، ج 8،

ص: 341

______________________________

الخيار خاصة كما لا يخفي اذا العقد سنة مثلا ينحل في الحقيقة الي عقود في شهور و شرط الخيار الناشي غالبا من التردد في الاستمرار لاحتمال سفر او شراء دار و نحو ذلك من دواعي جعل الخيار ناظر بحسب فهم العرف بمقتضي مرتكز اتهم الي التمكن من الفسخ في بقية المدة مع البناء منهم علي امضاء ما مضي كما مضي و اما في غير هذا النوع من الخيار مثل ما تقدم من خيار الغبن فالظاهر ان مقتضي الفسخ انحلال العقد من اصله حسبما ما عرفت» «1».

و ما افاده مبني علي ما اختاره من ان جعل الخيار مرجعه الي ان الالتزام بالعقد منوط و معلق علي عدم الفسخ و مع الفسخ يكشف عن عدم الالتزام بالعقد و مع فرض عدم الالتزام بالعقد لا مجال للصحة بالنسبة الي بعض المدة فهذا اساس ما افاده في المقام و الظاهر انه غير تام فان العقد غير معلق علي عدم الفسخ بل العقد يتحقق علي الاطلاق و لو مع العلم بالفسخ و لا تنافي بين الامرين اذ الفسخ رفع للأمر الثابت.

و ان شئت قلت: الفسخ يتوقف علي بقاء العقد و تحققه و ثبوته فكيف يمكن ان يكون العقد معلقا علي عدمه؟ و بعبارة واضحة: كيف يعقل ان يكون العقد متوقفا علي عدم الفسخ و الحال ان الفسخ متوقف علي العقد فما افاده غير تام.

و قال في العروة: «اذا حصل الفسخ في اثناء المدة باحد اسبابه تثبت الاجرة المسماة بالنسبة الي ما مضي و يرجع منها بالنسبة» الخ.

و قال سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام في جملة كلام له: «بل يظهر من كلماتهم انه من المسلمات و قد ادعي

بعض الاعيان ظهور اتفاقهم عليه» «2».

و الحق ما افاده سيد العروة قدس سره فان الفسخ من الحين كما ان الامر كذلك

______________________________

(1) مستند العروة كتاب الاجارة ص: 178- 180

(2) مستمسك العروة ج 12 ص: 51

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 342

[فصل و فيه مسائل]

اشارة

فصل و فيه مسائل:

اذا وقع عقد الاجارة ملك المستأجر المنفعة في اجارة الاعيان و العمل في الاجارة علي الاعمال بنفس العقد و كذا المؤجر و الاجير يملكان الاجرة بنفس العقد (1) لكن ليس للمستأجر المطالبة بالمنفعة أو العمل الا في حال تسليم الاجرة و ليس للأجير و المؤجر المطالبة بالاجرة الا في حال تسليم المنفعة (2) و يجب علي كل منهما تسليم ما عليه تسليمه (3) الا اذا كان الاخر ممتنعا عنه (4) و تسليم المنفعة يكون بتسليم العين و تسليم العمل فيما لا يتعلق بالعين باتمامه و فيما يتعلق بالعين يكون بتسليم العين بمعني التخلية بينها و بين المالك مع اتمام

______________________________

في البيع فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر فان الاجارة تمليك المنفعة بالاجارة و المفروض تحققها فيترتب عليها انتقال كل من العوضين الي الطرف الاخر. و بعبارة اخري: العقد و المعاوضة يقتضيان انتقال كل من العوضين الي المقابل كالبيع المقتضي لانتقال العين الي المشتري و الثمن الي البائع و في المقام عقد الاجارة يقتضي انتقال المنفعة الي ملك المستأجر و الاجرة الي ملك الموجر.

(2) بمقتضي الشرط الارتكازي.

(3) اذ يجب علي كل احد تسليم ما عليه و اداء دين يكون في رقبته.

(4) فلا يجب باعتبار الاشتراط الضمني العقلائي.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 343

العمل فيها (1) و ليس للأجير المطالبة بالاجرة قبل اتمام العمل الا اذا كان قد اشترط تقديم الاجرة صريحا أو كانت العادة جارية علي ذلك (2)

و كذا ليس للمستأجر المطالبة بالعين المستأجرة أو العمل المستأجر عليه مع تأجيل الاجرة الا اذا كان قد شرط ذلك و ان كان لأجل جريان العادة عليه (3) و اذا امتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة مع بذل المستأجر الاجرة جاز للمستأجر اجباره علي تسليم العين (4) كما جاز له الفسخ و أخذ الاجرة اذا كان قد دفعها (5) و له ابقاء الاجارة و المطالبة بقيمة المنفعة الفائتة (6) و كذا اذا دفع المؤجر العين ثم أخذها من المستأجر بلا فصل أو في أثناء المدة (7) و مع الفسخ في الاثناء يرجع بتمام الاجرة (8).

______________________________

(1) كما هو ظاهر.

(2) اذ المفروض انه لم يسلم ما عليه فلا يستحق المطالبة الا في صورة اشتراط التقديم فله المطالبة بمقتضي الاشتراط الصريح أو بلحاظ القرينة العامة و العادة الخارجية او القرينة الخاصة.

(3) الكلام فيه هو الكلام.

(4) فان جواز الاجبار علي تسليم الحق أمر واضح.

(5) بمقتضي الخيار المجعول بالشرط الضمني.

(6) اذ الفسخ ليس واجبا فاذا لم يفسخ له المطالبة بقيمة المنفعة التالفة فان من أتلف مال الغير فهو له ضامن فله اجبار الطرف باداء القيمة.

(7) لعين الملاك.

(8) اذ بالفسخ ينحل العقد من الاصل علي ما هو الحق فيتحقق تمام الاجرة بالفسخ

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 344

و عليه اجرة المثل لما مضي (1) و كذا الحكم فيما اذا امتنع المستأجر من تسليم الاجرة مع بذل المؤجر للعين المستأجرة (2).

[مسألة 20: إذا كان العمل المستأجر عليه في العين التي هي بيد الأجير فتلفت العين بعد تمام العمل قبل دفعها إلي المستأجر من غير تفريط]

(مسألة 20): اذا كان العمل المستأجر عليه في العين التي هي بيد الاجير فتلفت العين بعد تمام العمل قبل دفعها الي المستأجر من غير تفريط استحق الاجير المطالبة بالاجر فاذا كان أجيرا علي خياطة ثوب فتلف بعد الخياطة و قبل دفعه الي

المستأجر استحق الاجير مطالبة الاجرة (3) فاذا كان الثوب مضمونا علي الاجير استحق عليه المالك قيمة الثوب مخيطا و الا لم يستحق عليه شيئا (4) و يجوز للأجير

______________________________

فيرجع كل من العوضين الي مالكه و بعبارة اخري: ينحل عقد الاجارة بالفسخ فكأنه لم تقع الاجارة فيرجع كل من العوضين الي مالكه لكن حيث ان رجوع المنفعة غير معقول تصل النوبة الي البدل فلاحظ.

(1) اذ فرض انتفاعه بمال الغير لا مجانا فيكون ضامنا لأجرة المثل علي ما هو المقرر.

(2) الكلام فيه هو الكلام.

(3) اذ المفروض ان العمل المستأجر عليه الخياطة مثلا و جعل الثوب مخيطا و قد حصل و تحقق في الخارج فيستحق الاجرة علي القاعدة و بعبارة اخري: ان ما علي الاجير ايجاد صفة خاصة في العين كجعل الثوب مخيطا و المفروض تحقق الفعل و العمل اللازمين عليه فلا مانع من الاستحقاق و من ناحية اخري فرض انه ليس ضامنا كما لو كان التلف بافة سماوية بغير تفريط من الاجير.

(4) الامر كما أفاده لان المفروض ان العين موصوفة بهذه الصفة مملوكة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 345

بعد اتمام العمل حبس العين الي أن يستوفي الاجرة (1) و اذا حبسها لذلك فتلفت من غير تفريط لم يضمن (2).

[مسألة 21: إذا تلفت العين المستأجرة قبل انتهاء المدة بطلت الإجارة]

(مسألة 21): اذا تلفت العين المستأجرة قبل انتهاء المدة بطلت الاجارة فان كان التلف قبل القبض أو بعده بلا فصل لم يستحق المالك علي المستأجر شيئا (3) و ان كان بعد القبض بمدة كان للمستأجر الخيار في فسخ الايجار (4) فان فسخ رجع علي المؤجر بتمام الاجرة المسماة و عليه للموجر اجرة المثل بالنسبة الي المدة الماضية (5) و ان لم يفسخ قسطت الاجرة علي النسبة و كان للمالك حصة

من الاجرة علي نسبة المدة (6) هذا اذا تلفت العين بتمامها و أما اذا تلف بعضها

______________________________

لمالكها فعلي تقدير الضمان يكون الاجير ضامنا للثوب المخيط مثلا و علي فرض عدم الضمان يتحقق اجرته بلا ثبوت شي ء عليه اما استحقاق الاجرة فلأجل القيام بما عليه من العمل و ايجاده في الخارج و اما عدم الضمان فلعدم موجبه.

(1) بمقتضي الشرط الضمني.

(2) لكونه مأذونا في الحبس و عدم الدفع فلا تكون يده يد ضمان فلا ضمان.

(3) فان تلف العين يكشف عن عدم كون المالك مالكا للمنفعة فلا موضوع لتمليك المنفعة و ان شئت قلت: يكشف التلف عن بطلان الاجارة من اول الامر.

(4) للتبعض.

(5) اذ الانحلال بالفسخ من الاصل فيستحق مطالبة تمام الاجرة غاية الامر يكون ضامنا للمالك بالنسبة الي تلك المدة اجرة المثل.

(6) الامر كما افاده فان التقسيط مع عدم الفسخ علي القاعدة.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 346

و لم يمكن الانتفاع به تبطل الاجارة بنسبته من اول الامر أو في أثناء المدة و يثبت الخيار للمستأجر حينئذ أيضا (1).

[مسألة 22: إذا قبض المستأجر العين المستأجرة و لم يستوف منفعتها حتي انقضت مدة الإجارة]

(مسألة 22): اذا قبض المستأجر العين المستأجرة و لم يستوف منفعتها حتي انقضت مدة الاجارة كما اذا استأجر دابة أو سفينة للركوب أو حمل المتاع فلم يركبها و لم يحمل متاعه عليها أو استأجر دارا و قبضها و لم يسكنها حتي مضت المدة استقرت عليه الاجرة (2) و كذا اذا بذل المؤجر العين المستأجرة فامتنع المستأجر من قبضها و استيفاء المنفعة منها حتي انقضت مدة الاجارة (3) و كذا الحكم في الاجارة علي الاعمال فانه اذا بذل الاجير نفسه للعمل و امتنع المستأجر من استيفائه كما اذا استأجر شخصا لخياطة ثوبه في وقت معين فهيأ الاجير نفسه للعمل فلم يدفع

المستأجر اليه الثوب حتي مضي الوقت فانه يستحق الاجرة (4) سواء اشتغل الاجير في ذلك الوقت بشغل لنفسه أو غيره أم لم يشتغل (5) كما لا فرق علي الاقوي في الاجارة الواقعة

______________________________

(1) الكلام فيه هو الكلام فلا وجه للإعادة فلاحظ.

(2) اذ لا وجه لعدم الاستقرار و لا موجب للخيار كما هو ظاهر واضح و بعبارة اخري: عدم استيفاء المالك من مملوكه لا يقتضي فساد العقد او الخيار.

(3) الكلام فيه هو الكلام.

(4) فان حكم الامثال واحد.

(5) لعدم وجه للتفريق بين الموارد فان كلها من باب واحد.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 347

علي العين بين أن تكون العين شخصية مثل أن يؤجره الدابة فيبذلها المؤجر للمستأجر فلا يركبها حتي يمضي الوقت و أن تكون كلية كما اذا آجره دابة كلية فسلم فردا منها اليه أو بذله له حتي انقضت المدة فانه يستحق تمام الاجرة علي المستأجر (1) كما لا فرق في الاجارة الواقعة علي الكلي بين تعيين الوقت و عدمه اذا كان قد قبض فردا من الكلي بعنوان الجري علي الاجارة فان الاجرة تستقر علي المستأجر في جميع ذلك و ان لم يستوف المنفعة (2) هذا اذا كان عدم الاستيفاء باختياره أما اذا كان لعذر فان كان عاما مثل نزول المطر المانع من السفر علي الدابة أو السفينة حتي انقضت المدة بطلت الاجارة و ليس علي المستأجر شي ء من الاجرة (3) و ان كان العذر خاصا بالمستأجر كما اذا مرض فلم يتمكن من السفر فلا اشكال في الصحة فيما لم تشترط فيه المباشرة (4) بل الاقوي الصحة فيما اذا

______________________________

(1) لعين الملاك المذكور في الشخصي فانه لا فرق بين الشخصي و الكلي من هذه الجهة.

(2) فانه لا وجه لعدم

استقرار الاجرة كما انه لا وجه للخيار فان اركان الاجارة تامة غاية الامر ان المستأجر فوت علي نفسه ما ملك بالاجارة.

(3) اذ في هذه الصورة لا يكون المالك مالكا لتلك المنفعة كي يملكها من غيره فتكون الاجارة فاسدة فلا موضوع للأجرة.

(4) اذ لا وجه لتوهم الفساد و الاشكال فان المفروض ان مورد الاجارة قابل للانتفاع كما ان المفروض وقوع الاجارة بلحاظ تلك المنفعة المقصودة و أيضا فرض

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 348

اشترطت مباشرته في الاستيفاء أيضا (1) الا اذا كان العذر علي نحو يوجب بطلان الاجارة اذا كان حاصلا قبل العقد (2) فاذا استأجره لقلع ضرسه فبرئ من الا لم بطلت الاجارة (3).

______________________________

عدم اشتراط المباشرة.

(1) اذ غاية ما يمكن ان يقال ان الشرط متعذر الحصول فيكون فاسدا و الشرط الفاسد يفسد العقد و فيه: اولا ان الحق ان الشرط الفاسد لا يفسد العقد بل غايته ثبوت الخيار عند التخلف و الوجه فيه انه لا مقتضي لسراية فساد الشرط الي نفس العقد فان العقد لو علق علي الالتزام بالحرام كشرب الخمر يتحقق العقد لتحقق المعلق عليه و هو الالتزام لكن هذا الالتزام لا يجب الوفاء به لحرمته و عند التخلف يثبت الخيار بالاشتراط الضمني فالشرط الفاسد لا يكون مفسدا.

و ثانيا: ان المقام لا يكون داخلا تحت تلك الكبري اذ مرجع هذا الاشتراط الي عدم انتفاع الغير مثلا لو استاجر دارا و اشترط الانتفاع منها مباشرة يكون مرجع هذا الاشتراط الي عدم اسكان الغير في الدار و لا يكون معناه ان يسكنها بنفسه بحيث يجب عليه السكونة و ان شئت قلت: مقتضي الاشتراط حرمة اسكان الغير لا وجوب سكناه بنفسه فلاحظ.

(2) الظاهر انه لا يتصور ما افاده

بالنسبة الي الاشتراط لما ذكرنا نعم يتصور ان يشترط المؤجر علي المستأجر فعلا محرما و في هذا الفرض يدخل تحت كبري ان الشرط الفاسد هل يفسد العقد أم لا؟ و قلنا: ان الحق عدم كونه مفسدا هذا اذا كان علي نحو الاشتراط و أما اذا كان علي نحو التقييد بأن يكون المحرم مصب الاجارة تكون الاجارة باطلة علي ما هو المقرر عند القوم و قد مر الكلام في انه يشترط في مورد الاجارة ان تكون المنفعة محللة.

(3) لا وجه للبطلان الاعلي القول بحرمة قلع الضرس اذا لم يكن به داء و لا دليل

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 349

[مسألة 23: إذا لم يستوف المستأجر المنفعة في بعض المدة جرت الأقسام المذكورة بعينها]

(مسألة 23): اذا لم يستوف المستأجر المنفعة في بعض المدة جرت الاقسام المذكورة بعينها و جرت عليه أحكامها (1).

[مسألة 24: إذا غصب العين المستأجرة غاصب فتعذر استيفاء المنفعة]

(مسألة 24): اذا غصب العين المستأجرة غاصب فتعذر استيفاء المنفعة فان كان الغصب قبل القبض تخير المستأجر بين الفسخ فيرجع علي المؤجر بالاجرة ان كان قد دفعها اليه و الرجوع علي الغاصب باجرة المثل (2) و ان كان الغصب بعد القبض تعين الثاني (3) و كذلك اذا منعه الظالم من الانتفاع بالعين المستأجرة من دون غصب العين

______________________________

علي حرمته بل مقتضي القاعدة صحة الاجارة حتي فيما يكون الاجارة واقعة علي قلع الضرس بلا داع عقلائي فان غايته ان العمل الكذائي سفهائي و الاجارة سفهائية اذ لم يقم دليل علي بطلان العقد السفهائي و الكلام و الاشكال في العقد الصادر عن السفيه و لو لا ذلك يلزم الالتزام بفساد كثير من العقود اذا لم يكن بداع عقلائي و هذا خلاف اطلاق ادلة صحة العقود المقتضي لعدم التفريق.

(1) فان حكم الامثال واحد و لا فرق بين الموردين مناطا فلاحظ.

(2) اذ القبض شرط و في ظرف عدم حصول القبض يكون للمستأجر الخيار بمقتضي الشرط الضمني الارتكازي فيجوز له الفسخ و الرجوع الي المالك لأخذ الاجرة ان كان دفعها و له ابقاه العقد بحاله و الرجوع الي الغاصب باجرة المثل لكونه ضامنا.

(3) اذ فرض القبض فلا وجه للخيار و اما الرجوع الي الغاصب باجرة المثل فهو المتعين.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 350

فيرجع عليه بالمقدار الذي فوته عليه من المنفعة (1).

[مسألة 25: إتلاف المستأجر للعين المستأجر بمنزلة قبضها]

(مسألة 25): اتلاف المستأجر للعين المستأجر بمنزلة قبضها

______________________________

(1) بلا فرق بين قبل القبض و بعده اذ المفروض ان الظلم متوجه الي المستأجر و لا قصور في ناحية المؤجر و بعبارة اخري: وظيفة المالك التخلية بين العين و المستأجر و المفروض تحققه فلا وجه للخيار بل الامر منحصر في الرجوع الي

الظالم المانع عن الانتفاع بتقريب، انه فوت المنفعة علي المستأجر.

و الذي يختلج بالبال ان يقال: ان ضمان الظالم بأي دليل يثبت فان دليل الضمان اما قاعدة اليد و لم يفرض في المقام فان منع الظالم لا يلازم وضع يده علي العين و اما قاعدة الاتلاف فاذا فرضنا ان الظالم منع المالك من الانتفاع و انتفع من العين ظالم آخر كما لو منع المستأجر ظالم من السكونة في الدار المستأجرة فسكن غاصب آخر فيها فمن يكون ضامنا لأجرة المثل؟ الظالم المانع او الغاصب الساكن او كلاهما؟ لا سبيل الي الثالث.

الا ان يقال: ان المقام نظير توارد الايدي علي عين واحدة فان للمالك مراجعة كل واحد من الغاصبين و قرار الضمان علي من تلفت في يده و في المقام قرار الضمان علي الساكن في الدار.

و صفوة القول: ان اثبات الضمان يتوقف علي الدليل و لعل حكمهم بالضمان مستند الي قاعدة الاتلاف بدعوي: ان منع الظالم من الانتفاع نحو من الاتلاف كما عبر في عبارة المتن بالتفويت.

و لقائل ان يقول في صورة منع الظالم ان انتفع غاصب من الدار يكون الضامن هو الساكن لكونه مباشرا و ان لم ينتفع منها غير الظالم يكون هو الضامن بتقريب ان المباشر في الصورة الاولي هو الاقوي و في الصورة الثانية يكون السبب متلفا و مفوتا فيكون ضامنا و اللّه العالم.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 351

و استيفاء منفعتها فتلزمه الاجرة (1) و اذا أتلفها المؤجر تخير المستأجر بين الفسخ و الرجوع عليه بالاجرة و بين الرجوع عليه بقيمة المنفعة (2) و اذا أتلفها الاجنبي فان كان بعد القبض رجع المستأجر عليه بالقيمة (3) و ان كان قبل القبض تخير بين الفسخ و

الرجوع الي المؤجر بالاجرة و بين الامضاء و الرجوع الي المتلف بالقيمة (4).

[مسألة 26: إذا انهدم بعض الدار التي استأجرها فبادر المؤجر إلي تجديدها]

(مسألة 26): اذا انهدم بعض الدار التي استأجرها فبادر المؤجر الي تجديدها فالاقوي انه ان كانت الفترة غير معتد بها فلا فسخ و لا انفساخ و ان كان معتدا بها رجع المستأجر بما يقابلها من الاجرة و كان

______________________________

(1) فان اتلاف المستأجر للعين بمنزلة الاستيفاء عند العقلاء و العرف فالاجرة مستقرة بالاضافة الي ضمان العين للمالك مسلوبة المنفعة و صفوة القول: ان اتلاف المستأجر للعين لا يقاس بالتلف السماوي الكاشف عن بطلان الاجارة لعدم موضوعها فلا تقفل.

(2) قد ظهر الوجه مما ذكر آنفا فان اتلاف المالك لا يقاس بالتلف السماوي بل اتلاف لمال الغير فيكون ضامنا لأجرة المثل و يكون المستأجر مخيرا بين الفسخ بلحاظ الاشتراط الارتكازي حيث ان المتلف هو المالك و بين ابقاء الاجارة بحالها و مطالبة المالك باجرة المثل.

(3) فان القبض علي الفرض تحقق فلا موجب للخيار بل للمستأجر مراجعة المتلف باجرة المثل.

(4) قد ظهر الوجه مما مر فان المستأجر مخير بين الفسخ لأجل عدم حصول القبض فله خيار الفسخ بلحاظ الاشتراط و بين الابقاء و مراجعة المتلف باجرة المثل و ملخص الكلام ان حكم الاتلاف في نظر العقلاء ليس حكم التلف فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 352

له الفسخ في الجميع لتبعض الصفقة فاذا فسخ رجع بتمام الاجرة و عليه اجرة المثل لما قبل الانهدام و اذا انهدم تمام الدار فالظاهر انفساخ العقد (1).

[مسألة 27: المواضع التي تبطل فيها الإجارة و يثبت للمالك أجرة المثل لا فرق بين أن يكون المالك عالما بالبطلان و جاهلا به]

(مسألة 27): المواضع التي تبطل فيها الاجارة و يثبت للمالك اجرة المثل لا فرق بين أن يكون المالك عالما بالبطلان و جاهلا به (2).

______________________________

(1) الذي يختلج بالبال ان يقال: لم يقم دليل بالخصوص علي البطلان بالانهدام بل البطلان ناشئ من عدم الموضوع فلا وجه للتفصيل بين انهدام الكل و

البعض بل الحق التفصيل بين كون الفترة معتدة بها و عدم كونها كذلك بالالتزام بالبطلان في الاول و عدمه في الثاني نعم فرق بين انهدام الكل و البعض في ثبوت خيار التبعض في انهدام البعض بالنسبة الي اجزاء العين و عدم ثبوته في انهدام الكل لعدم موضوع التبعض نعم يثبت خيار التبعض في انهدام الكل بالنسبة الي مدة الاجارة و النتيجة عدم الفرق بين انهدام الكل و البعض.

و في النفس شي ء و هو ان الدار المستأجرة مثلا لو انهدمت كيف يمكن الالتزام ببقاء الاجارة فان المفروض ان الاجارة وقعت علي الدار المنهدمة و بعبارة واضحة:

ما وقعت عليه الاجارة تلك الدار المنهدمة و الدار الموجودة بالعمارة الجديدة لا تكون تلك الدار المنهدمة و يمكن ان يقال: لو انهدم بعضها و بادر المؤجر الي تجديدها يصدق ان الدار تلك الدار بخلاف انهدام الكل و الظاهر ان الماتن في التفريق بين الصورتين ناظر الي هذه الجهة و اللّه العالم.

(2) لعدم وجه للفرق بين العلم و الجهل في ملاك الحكم و ربما يقال: ان المالك اذا كان عالما بالبطلان لا يستحق شيئا لأنه الغي احترام ماله فلا يثبت له حق.

و يرد عليه انه لم يقدم علي المجانية بل اقدامه علي المعاملة مع علمه بالبطلان

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 353

[مسألة 28: تجوز إجارة الحصة المشاعة من العين لكن لا يجوز تسليمها الا باذن الشريك اذا كانت العين مشتركة]

(مسألة 28): تجوز اجارة الحصة المشاعة من العين (1) لكن لا يجوز تسليمها الا باذن الشريك اذا كانت العين مشتركة (2) و يجوز أن يستأجر اثنان دارا أو دابة فيكونان مشتركين في المنفعة فيقسمانها بينهما كالشريكين في ملك العين (3) و يجوز أن يستأجر شخصين لعمل شي ء معين كحمل متاع أو غيره أو بناء جدار أو هدمه أو غير ذلك

(4) فيشتركان في الاجرة و عليهما معا القيام بالعمل الذي استوجرا عليه (5).

______________________________

شرعا ناش من عدم مبالاته بالدين و هل يمكن ان نلتزم بحلية اجر الزانية اذا كان الزاني عالما بالفساد؟ كلا و لذا التزموا بان «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» و الميزان الكلي في الضمان عدم الاقدام علي المجانية فلو آجر داره باجارة فاسدة مع العلم بالفساد و سلم المستأجر الدار و سكنها يكون ضامنا لأجرة المثل لإتلافه مال الغير و انتفاعه به.

نعم يشكل الامر في بعض الموارد كما لو آجر نفسه لعمل مع العلم بفساد الاجارة فقام به كخياطة الثوب مثلا ففي مثله ربما يشكل اثبات الضمان للمستأجر اذ لا يد علي مال الغير كي يستدل بحديث علي اليد و لم يتلف مالا للموجر كي يستدل بقاعدة من اتلف و المفروض بطلان الاجارة فاي دليل علي ضمانه و المرجع الوحيد في امثاله الحكم العقلائي الممضي عند الشرع فلاحظ.

(1) لتسلط الناس علي اموالهم.

(2) فان التصرف الخارجي في المشترك يتوقف علي اذن الشريك.

(3) لوجود المقتضي و عدم المانع.

(4) الكلام فيه هو الكلام.

(5) كما هو ظاهر فانه مقتضي الاشتراك.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 354

[مسألة 29: لا يشترط اتصال مدة الإجارة بالعقد علي الأقوي]

(مسألة 29): لا يشترط اتصال مدة الاجارة بالعقد علي الاقوي فيجوز أن يؤجر داره سنة مثلا متأخرة عن العقد بسنة أو أقل أو أكثر (1) و لا بد من تعيين مبدأ المدة (2) و اذا اطلقت الاجارة مدة معينة و لم يذكر المبدأ انصرف الي الاتصال (3).

[مسألة 30: إذا آجره دابة كلية و دفع فردا منها فتلف كان علي الموجر دفع فرد آخر]

(مسألة 30): اذا آجره دابة كلية و دفع فردا منها فتلف كان علي الموجر دفع فرد آخر (4).

[فصل و فيه مسائل]

اشارة

فصل و فيه مسائل

[مسألة 31: العين المستأجرة أمانة في يد المستاجر لا يضمنها إذا تلفت أو تعيبت إلا بالتعدي أو التفريط]

(مسألة 31): العين المستأجرة امانة في يد المستاجر لا يضمنها اذا تلفت أو تعيبت الا بالتعدي أو التفريط (5).

______________________________

(1) لعدم الدليل عليه فان اركان الاجارة تامة و مقتضي اطلاق دليلها عدم فرق بين كون المنفعة متصلة و كونها منفصلة و يكون المقام نظير الوجوب المعلق فلاحظ.

(2) كي لا يلزم الغرر او الجهل بناء علي كونهما مفسدين للإجارة.

(3) بمقتضي الظهور العرفي و العرف ببابك.

(4) فان المفروض وقوع الاجارة علي الكلي فيجب علي المؤجر الوفاء بالعقد بتسليم فرد آخر من الكلي و لا وجه للانفساخ كما هو ظاهر عند التأمل و اللّه العالم.

(5) يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الوجه الاول: الاجماع. الوجه الثاني النصوص الدالة علي كون الضمان مشروطا بالتعدي أو التفريط لاحظ ما رواه أبو ولاد الحناط قال: اكتريت بغلا الي قصر ابن هبيرة ذاهبا و جائيا بكذا و كذا و خرجت في طلب غريم لي فلما صرت قرب قنطرة الكوفة خبرت ان صاحبي توجه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 355

______________________________

الي النيل فتوجهت نحو النيل فلما أتيت النيل خبرت أن صاحبي توجه الي بغداد فاتبعته و ظفرت به و فرغت مما بيني و بينه و رجعنا الي الكوفة و كان ذهابي و مجيئي خمسة عشر يوما فأخبرت صاحب البغل بعذري و أردت أن اتحلل منه مما صنعت و ارضه فبذلت له خمسة عشر درهما فأبي أن يقبل فتراضينا بأبي حنيفة فأخبرته بالقصة و أخبره الرجل فقال لي: ما صنعت بالبغل؟ فقلت: قد دفعته اليه سليما قال: نعم بعد خمسة عشر يوما قال: فما تريد من الرجل؟ فقال: اريد كراء بغلي، فقد حبسه علي خمسة عشر يوما فقال: ما أري لك حقا لأنه اكتراه

الي قصر ابن هبيرة فخالف و ركبه الي النيل و الي بغداد فضمن قيمة البغل و سقط الكراء فلما رد البغل سليما و قبضته لم يلزمه الكراء قال: فخرجنا من عنده و جعل صاحب البغل يسترجع فرحمته مما أفتي به أبو حنيفة فأعطيته شيئا و تحللت منه و حججت تلك السنة فأخبرت أبا عبد اللّه عليه السلام بما أفتي به أبو حنيفة فقال: في مثل هذا القضاء و شبهه تجس السماء مائها و تمنع الارض بركتها قال: فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام فما تري أنت؟ فقال:

أري له عليك مثل كراء بغل ذاهبا من الكوفة الي النيل و مثل كراء بغل راكبا من النيل الي بغداد و مثل كراء بغل من بغداد الي الكوفة توفيه اياه قال: فقلت: جعلت فداك قد علفته بدراهم فلي عليه علفه؟ فقال: لا لأنك غاصب قال: فقلت له: أ رأيت لو عطب البغل و تفق أ ليس كان يلزمني؟ قال: نعم قيمة بغل يوم خالفته قلت: فان أصاب البغل كسر أود بر أو غمز فقال: عليك قيمة ما بين الصحة و العيب يوم ترده عليه فقلت: من يعرف ذلك؟ قال: أنت و هو اما أن يحلف هو علي القيمة فيلزمك فان رد اليمين عليك فحلفت علي القيمة لزمه ذلك أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل حين اكتري كذا و كذا فيلزمك فقلت: اني كنت أعطيته دراهم و رضي بها و حللني فقال: انما رضي بها و حللك حين قضي عليه أبو حنيفة بالجور و الظلم

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 356

______________________________

و لكن ارجع اليه فأخبره بما أفتيتك به فان جعلك في حل بعد معرفته فلا شي ء عليك بعد

ذلك الحديث «1».

و ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل «ما تقول في رجل» تكاري دابة الي مكان معلوم فنفقت الدابة قال: ان كان جاز الشرط فهو ضامن و ان دخل واديا لم يوثقها فهو ضامن و ان سقطت في بئر فهو ضامن لأنه لم يستوثق منها «2».

و ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه قال: سألته عن رجل اكتري دابة الي مكان فجاز ذلك المكان فنفقت ما عليه؟ فقال: اذا كان جاز المكان الذي استأجر اليه فهو ضامن «3».

فان المستفاد من هذه النصوص ان الضمان متفرع علي التجاوز و مشروط به و أما علي فرض عدمه فلا ضمان و هذا هو المدعي.

الوجه الثالث: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في حديث: و لا يغرم الرجل اذا استأجر الدابة ما لم يكرهها أو يبغها غائلة «4» فان هذه الرواية تدل بالصراحة علي عدم الضمان.

الوجه الرابع: ما دل من النصوص علي عدم ضمان الامين للأمانة لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صاحب الوديعة و البضاعة مؤتمنان و قال: ليس علي مستعير عارية ضمان و صاحب العارية و الوديعة مؤتمن «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) الوسائل الباب 32 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 1 من أبواب أحكام العارية الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 357

______________________________

و ما رواه أيضا قال: سئل عن القصار يفسد فقال كل اجير يعطي الاجرة علي أن يصلح فيفسد فهو ضامن «1».

و ما رواه أيضا عن

ابي عبد اللّه عليه السلام قال في الغسال و الصباغ ما سرق منهم «منهما خ» من شي ء فلم يخرج منه علي امر بين انه قد سرق و كل قليل له او كثير فان فعل فليس عليه شي ء و ان لم يقم البينة و زعم أنه قد ذهب الذي ادعي عليه فقد ضمنه ان لم يكن له بينة علي قوله «2».

و ما رواه أيضا عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: كان امير المؤمنين عليه السلام يضمن القصار و الصائغ احتياطا للناس و كان أبي يتطول عليه ان كان مأمونا «3».

و ما رواه خالد بن الحجاج «الحجال يب خ ل» قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الملاح احمله الطعام ثم اقبضه منه فينقص قال: ان كان مأمونا فلا تضمنه «4».

و غيرها من الروايات الواردة في الباب 29 من ابواب احكام الاجارة و الباب:

5 من ابواب احكام الرهن من الوسائل.

فان المستفاد من هذه النصوص عدم الضمان علي من يكون عنده امانة إلا مع التعدي او التفريط اضف الي ذلك كله انه لا مقتضي للضمان الأخير «علي اليد ما اخذت حتي تؤديه» «5» و هذا الخبر لا اعتبار به سندا فلا يكون قابلا للاستدلال

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2 و 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 30 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 3

(5) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب الغصب الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 358

و اذا اشترط المؤجر ضمانها بمعني أداء قيمتها أو أرش عيبها صح (1) و أما بمعني اشتغال الذمة بمثلها أو قيمتها فالظاهر عدم صحة اشتراطه (2).

______________________________

به بأن يقال: ان مقتضاه ان

كل يد يوجب الضمان الا ما خرج بالدليل و عليه لا مقتضي للضمان.

و صفوة القول: انه لا دليل علي ضمان المستأجر نعم في كل مورد تثبت السيرة علي الضمان نلتزم به كما في موارد اخذ المال غصبا و بلا اذن من المالك او مع الاذن و لكن مع الالتزام بالضمان كما في العقود الفاسدة و اما في غير موارد قيام السيرة فلا وجه للالتزام بالضمان و المقام كذلك.

(1) اذ لا اشكال في جواز تدارك المستأجر ضرر الموجر بان يعطيه بدل ما تلف منه و بعد فرض جوازه يجب بالشرط لدليل «المؤمنون عند شروطهم» بل يمكن الاستدلال بعموم وجوب الوفاء بالعقود فان المستفاد من وجوب الوفاء انه لا ينفسخ العقد بماله من القيود.

و صفوة القول: انه لا اشكال في ان الشرط اذا تعلق بالامر المباح يصير واجبا بالشرط فالتدارك يجب بالشرط و لكن الشرط المذكور لا يقتضي و لا يوجب اشتغال ذمة المستأجر لعدم موجب للاشتغال فلا يجوز ترتيب آثار الاشتغال عليه.

نعم ببالي ان سيدنا الاستاد كان يقول: هذا الشرط يقتضي في عرف العقلاء و سيرتهم حقا للشارط علي المشروط عليه فله ان يجبره علي العمل الذي وقع الشرط عليه فلو شرط عليه في ضمن عقد ان يكنس داره يجوز للشارط ان يجبر المشروط عليه بان يكنس الدار.

(2) اذ الشرط ليس مشرعا و بعبارة اخري: مرجع الشرط الي تعليق العقد علي التزام المشروط عليه بفعل فلا بد ان يكون متعلق الشرط امرا مقدورا له و جائزا من قبل الشارع كالخياطة مثلا اما لو لم يكن مقدورا له فلا يمكن ان يتعلق

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 359

______________________________

متعلق الالتزام اذا لالتزام لا بد ان يتعلق بما يمكن ارتكابه

للملتزم و من الظاهران اشتغال ذمة شخص بيد الشارع فلا مجال لصحة مثل هذا الشرط نعم لو دل دليل علي الجواز نلتزم به اذ بعد قيام الدليل نفهم ان الشارع الاقدس يحكم بالضمان مع الالتزام كما قام الدليل في العارية المضمونة فانقدح بما ذكرنا: ان الحق ما افاده في المتن من التفصيل المذكور.

و لقائل ان يقول: ان الالتزام باشتغال الذمة أمر قابل و يمكن للمكلف و بدليل الشرط يحكم بصحة هذا الالتزام و تحققه فيصح الاشتراط المذكور فالصحيح في مقام تقريب الاستدلال علي المدعي ان يقال: كل شرط يلزم ان يكون قبل ملاحظة دليل وجوب الوفاء شرعيا لان دليل الشرط لا يكون مشرعا و المفروض انه لا دليل علي شرعية الالتزام باشتغال الذمة بل مقتضي الاصل عدم كون الالتزام المذكور مؤثرا.

و ربما يستدل علي جواز الاشتراط المذكور بما رواه موسي بن بكر عن ابي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل استأجر سفينة من ملاح فحملها طعاما و اشترط عليه ان نقص الطعام فعليه قال: جائز قلت: انه ربما زاد الطعام قال:

فقال: يدعي الملاح انه زاد فيه شيئا؟ قلت: لا قال: هو لصاحب الطعام الزيادة و عليه النقصان اذا كان قد اشترط ذلك «1».

و ما رواه أيضا عن العبد الصالح عليه السلام قال: سألته عن رجل استأجر ملاحا و حمله طعاما في سفينة و اشترط عليه ان نقص فعليه قال: ان نقص فعليه قلت: فربما زاد قال: يدعي هو انه زاد فيه؟ قلت: لا قال: فهو لك «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 27 من أبواب أحكام الاجارة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 360

كما ان الظاهر انه لا ضمان في

الاجارة الباطلة اذا تلفت العين أو تعيبت (1).

______________________________

بتقريب ان المستفاد من الروايتين جواز اشتراط الضمان و فيه: ان الروايتين لا اعتبار بسنديهما من جهة موسي بن بكر فانه لم يوثق و وقوعه في اسناد تفسير علي بن ابراهيم لا اثر له كما ذكرنا مرارا و قلنا: لا يستفاد التوثيق بالنسبة الي غير الطبقة الاولي و اما شهادة صفوان بان كتاب موسي بن بكر ليس فيه خلاف «1» لا يكون توثيقا للرجل اذ يمكن ان يكون الكتاب معتمدا عليه عند القوم بلحاظ قرائن دالة علي الاعتبار و علي الجملة هذا اعم من التوثيق.

مضافا الي انه يمكن ان يكون المراد من عدم الاختلاف عندهم في ان الكتاب المذكور لموسي بن بكر لاحظ ما رواه الحسن بن محمد بن سماعة قال: دفع إلي صفوان كتابا لموسي بن بكر فقال لي: هذا سماعي من موسي بن بكر و قرأته عليه فاذا فيه موسي بن بكر عن علي بن سعيد عن زرارة قال: هذا مما ليس فيه اختلاف عند اصحابنا عن أبي عبد اللّه و عن ابي جعفر عليهما السلام انهما سئلا عن امراة» الحديث 2 و يضاف الي ذلك ان غاية ما في الباب انه لا خلاف عند القوم في اعتبار الكتاب و لكن اتفاقهم علي اعتبار الكتاب لا يفيدنا اذ يمكن ان يكون الكتاب معتمدا عندهم بوجوه غير نقية عن الاشكال فالنتيجة ان الرواية المشار اليها لا تفيد و لو كانت منقولة عن ذلك الكتاب و اعتماد جعفر بن سماعة علي رواية موسي بن بكر أيضا لا يقتضي التوثيق سيما في مورد خاص لاحظ ما أفاده سيدنا الاستاد في المقام لإثبات وثاقة الرجل 3.

(1) لعدم دليل علي الضمان

و لا مقتضي له كما مر و تقدم و علي الجملة الضمان

______________________________

(1) (1 و 2) الكافي ج 7 ص 97 حديث: 3

(2) (3) معجم رجال الحديث: ج 9 ص 30

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 361

[مسألة 32: العين التي للمستأجر بيد الأجير الذي آجر نفسه علي عمل فيها كالثوب الذي أخذه ليخيطه لا يضمن تلفه أو نقصه]

(مسألة 32): العين التي للمستأجر بيد الاجير الذي آجر نفسه علي عمل فيها كالثوب الذي أخذه ليخيطه لا يضمن تلفه أو نقصه الا بالتعدي أو التفريط (1) و اذا اشترط المستاجر ضمانه علي الاجير علي اداء قيمتها أو أرش عيبها صح (2) و اذا تلف أو أتلفه الاجنبي قبل العمل أو في الاثناء قبل مضي زمان يمكن فيه اتمام العمل بطلت الاجارة (3) و رجعت الاجرة كلا أو بعضا الي المستاجر (4) و اذا أتلفه

______________________________

اما يثبت بالاتلاف أو بقاعدة اليد أو بالسيرة أما الاتلاف فالمفروض عدمه في المقام و أما قاعدة اليد فلا دليل عليها و أما السيرة فغير قائمة في المقام بل السيرة في الاجارة علي عدم ضمان المستأجر في صورة عدم الافراط و التفريط كما هو المفروض.

(1) اذ مع عدم التعدي أو التفريط لا مقتضي للضمان كما تقدم بل النصوص الدالة علي عدم ضمان الامين تقتضي عدم ضمانه نعم اذا كان المؤجر متهما يمكن أن يقال بجواز استحلافه أو تضمينه الا مع اقامة البينة لكن هذا مطلب آخر اذ الكلام في أن يده يد ضمان أم لا؟ و مقتضي ما ذكرنا انه لا ضمان عليه اضف الي ما ذكر انه يظهر من بعض الكلمات انه لا خلاف بين القوم في عدم الضمان.

(2) الكلام فيه هو الكلام المتقدم فان الصحة مقتضي دليل الشرط بالتقريب الذي تقدم ذكره فلاحظ.

(3) اذ التلف يكشف عن عدم قابلية صحة العقد اذ لا موضوع

للإجارة بحسب الواقع.

(4) اذ مع فرض بطلان الاجارة لا مجال لكون المنفعة مملوكة للأجير غاية الامر اذا كان قبل العمل ترجع بتمامها و اذا كان في الاثناء يرجع بعضها.

و الذي يختلج بالبال ان يقال: انه في مثل المقام يكشف عن بطلان العقد من

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 362

المستاجر كان اتلافه بمنزلة قبضه فيستحق الاجير عليه تمام الاجرة (1) و اذا أتلفه الاجير كان المستاجر مخيرا بين فسخ العقد و امضائه فان أمضي جاز له مطالبة الاجير بقيمة العمل الفائت (2).

[مسألة 33: المدار في القيمة علي زمان الضمان]

(مسألة 33): المدار في القيمة علي زمان الضمان (3).

______________________________

اول الامر. و بعبارة اخري: البطلان لا يكون امرا عارضيا بل العقد بحسب الواقع باطل من أول الامر كلا أو بعضا و لا يبعد ان يكون الماتن ناظرا الي ما ذكر و ان عبر بالبطلان الظاهر في الحدوث و اللّه العالم.

(1) و ليس مثل التلف السماوي كما انه ليس مثل اتلاف الاجنبي. و بعبارة اخري يكون اتلافه بمنزلة الاستيفاء فيستحق الاجير تمام الاجرة و الدليل عليه الحكم العقلائي و السيرة الجارية بين العرف.

(2) بدعوي ان اتلاف الاجير لا يقاس بالتلف السماوي و أيضا لا يقاس باتلاف الاجنبي و عليه يكون المستأجر مخيرا بين الامضاء و مطالبة الاجير بقيمة العمل التالف اذ لا وجه للبطلان فان الاجارة بحالها، و بين فسخ الاجارة لفرض عدم قبض مالكه فله الخيار.

و لا يخفي ان اتمام الدعوي يتوقف علي حكم العقلاء و تفريقهم بين الموارد فاذا تم استقرار سيرتهم و صارت ممضاة عند الشارع يتم الامر فان الامور التعبدية منوطة بتمامية التعبد الشرعي و ليست كالقواعد العقلية فلا مجال لان يقال، انه لا وجه للتفريق بين الموارد من حيث الحكم.

(3) و هذا

احد الاقوال في المسألة و من الاقوال في المقام ان المناط يوم التلف و الدليل عليه ان يوم التلف يوم انتقال الضمان الي القيمة فلا بد من ملاحظته.

و فيه: انه لاشكال في أن المكلف لا يكلف باداء العين بعد تلفها لعدم معقولية الامتثال و عدم امكان الداعوية لكن هذا لا يقتضي تعين القيمة الخاصة بذلك اليوم.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 363

______________________________

و بعبارة اخري: يمكن اعتبار اشتغال الذمة بنفس العين او بمثلها او بالقيمة علي اختلافها و صفوة القول: انه لا اشكال في تغير متعلق التكليف و انه لا يمكن ان يكون التكليف متوجها باداء نفس العين مع فرض التلف و أما من حيث الوضع فلا بد من ملاحظة مقتضي الدليل.

و من الاقوال في المقام وجوب اداءا علي القيم من زمان الغصب و قد قرب المدعي بوجوه: الوجه الاول: ان الضمان لا يختص بوقت دون آخر ففي كل يوم ارتفعت القيمة تكون الذمة مشغولة بها و النتيجة اعتبارا علي القيم من زمان الغصب الي زمان الاداء.

و فيه: ان العين قبل التلف مضمونة فلا وجه لاعتبار القيمة كما انه بعد التلف اذا قلنا يكون العين في الذمة او مثلها لم يكن وجه للمدعي.

الوجه الثاني: ان المستفاد من حديث ابي ولاد «1» ان المغصوب مضمون علي الغاصب من يوم الغصب و كل يوم يصدق عليه هذا العنوان فان رد نفس العين فهو و الا فان رد أعلي القيم فقد رد قيمة يوم المخالفة بقول مطلق لدخول السفلي في العليا ضرورة انه لا يجب دفع قيمة كل يوم كما انه لورد القيمة النازلة لم يرد القيمة بقول مطلق فيجب ردأ علي القيم من يوم الغصب الي يوم الاداء.

و يرد

عليه: انه مع بقاء العين لا تشتغل الذمة بالقيمة و اما بعد تلف العين فالمستفاد من الرواية ان الذمة مشغولة بقيمة يوم المخالفة و الشاهد عليه قوله السلام.

«انه لو شهد الشاهدان علي قيمة يوم الاكتراء» فان يوم الاكتراء هو يوم الغصب في مورد الرواية اذ الاكتراء في الاسفار القريبة في نفس يوم السفر فالميزان قيمة يوم الغصب و ان شئت قلت ان الطبيعي يصدق علي اول وجود منه و اول زمان الغصب

______________________________

(1) لاحظ ص: 354

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 364

______________________________

تشتغل الذمة بالقيمة فلا وجه لاعتبار غيرها و مع قطع النظر عن الرواية نقول:

بمجرد تلف العين تشتغل الذمة بفرد من افراد القيمة و لا وجه لحصول التغير فيها فلا وجه للالتزام بأعلي القيم.

الوجه الثالث: ان الغاصب اذا وضع يده علي المغصوب تشتغل ذمته به فلو ادي العين مع بقائها او ادي القيمة العليا مع تلفها تحصل البراءة و الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة كذلك و فيه: ان مع بقاء العين لا تصل النوبة الي القيمة و مع تلفها فمع قطع النظر عن الرواية الخاصة يكون الواجب اداء قيمة ذلك الوقت اذ العين في الذمة و بلحاظ الرواية الخاصة تجب قيمة يوم المخالفة مضافا الي ان المقام داخل في الشك بين الاقل و الاكثر و مقتضي البراءة عن الاكثر وجوب الاقل.

الوجه الرابع: ان مقتضي الاستصحاب بقاء الاشتغال الي زمان اداء أعلي القيم و فيه: ان مقتضي الاستصحاب عدم اشتغال الذمة الا بالاقل مضافا الي انه لا تصل النوبة الي الاصل بعد وجود النص الخاص.

الوجه الخامس ان مقتضي حديث لا ضرر اداء الأعلي اذ لو لم يؤد الاعلي يتضرر المالك و فيه: ان ضرر المالك يعارضه ضرر الغاصب و

لا دليل علي اخذه بأشق الاحوال هذا اولا و ثانيا: ان الحديث متكفل للنفي لا للإثبات و ثالثا: انه لا مجال للأخذ بالحديث مع وجود نص خاص وارد في المقام: و رابعا: انا ذكرنا في محله ان المستفاد من القاعدة حرمة الاضرار لا نفي الضرر.

الوجه السادس: ان الغاصب ازال يد المالك عن العين في جميع الازمنة و من جملة تلك الازمنة زمان علو القيمة فان رد العين يخرج من الضمان اذ المفروض انه رد العين المغصوبة و مع ردها لا مجال لضمان القيمة و اما مع تلفها فلا يحصل الخروج عن الضمان الا بدفع اعلي القيم فان حيلولة الاجنبي يوجب الضمان و لذا

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 365

______________________________

يجب دفع بدل الحيلولة في مورد حصول الحيلولة بين المالك و مملوكه.

و يمكن ان يقال: بأن قياس المقام بباب بدل الحيلولة مع الفارق اذا المفروض ان العين في ذلك الباب باقية و انما حصلت الحيلولة و أما في المقام فالمفروض تلف العين و اشتغال الذمة ببدلها فعلي تقدير عدم النص و قطع النظر عن حديث ابي ولاد يكون الواجب قيمة يوم الاداء و اما بلحاظ النص الخاص فالميزان قيمة يوم الغصب كما سيتضح ان شاء اللّه تعالي عن قريب.

الوجه السابع ما عن بعض من ان مقتضي قوله تعالي «فَمَنِ اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ» «1» ضمان اعلي القيم اذ عند صعود القيمة يصدق الغصب و الاعتداء فلا بد من ملاحظة اعلي القيم.

و فيه اولا ان دلالة الاية علي ضمان الذمة محل الاشكال و الكلام فان المستفاد من الاية جوز ايراد مثل الاعتداء علي المعتدي و الكلام في المقام في مقدار الضمان.

و بعبارة اخري: يمكن ان

يكون المراد بكلمة «ما» المصدر و لم يرد منها الموصول و مع هذا الاحتمال يكون المراد بالاعتداء هو الاعتداء بالافعال اي اذا ضربك احد فاضر به بمثل ذلك الضرب لا الأزيد فتكون الاية اجنبية عن المقام و ثانيا: ان الكلام في المقام في مقدار الضمان بعد تحقق التلف و قلنا: ان مقتضي القاعدة وجوب اداء قيمة يوم الاداء لان العين بنفسها في الذمة و ثالثا: انه لا مجال لهذا الاستدلال مع لحاظ النص الخاص الوارد في المقام.

الوجه الثامن: ان المفروض كون اليد يد ضمان في جميع الازمنة و من جملتها زمان علو القيمة فلا بد من رعاية الاعلي و فيه: انه ان كان المراد تحقق الضمان ما دام بقاء العين فلا اشكال فيه لكن المضمون نفس العين و ان كان المراد تحقق الضمان

______________________________

(1) البقرة/ 194

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 366

______________________________

بكلا الامرين من العين و القيمة فهو خلاف الاجماع مضافا الي أنه يستلزم الجمع بين العوض و المعوض و ان كان المراد ضمان الا علي بعد تلف العين فهو عين المدعي اضف الي ذلك انه لا مجال لهذا البيان مع وجود النص الخاص و هو حديث ابي ولاد.

و من الاقوال ما اختاره في العروة و هو ان الواجب اداء قيمة يوم الاداء بتقريب ان العين في الذمة و حيث ان ادائها غير مقدور تصل النوبة الي القيمة اذ المفروض ان العين قيمية و لا مثل لها فالواجب اداء قيمتها فالمناط قيمة ذلك اليوم.

و هذا القول متين من حيث القاعدة الاولية و مع قطع النظر عن النص الخاص فان العين ما دام موجودة يجب ردها الي مالكها و بعد تلفها تكون في الذمة فلا بد من اداء

مثلها ان كان مثلية و اداء قيمتها ان كانت قيمية.

و بعبارة اخري: يكون المكلف موظفا باداء نفس المغصوب مع الامكان و باداء المثل ثانيا و باداء القيمة ثالثا و يترتب علي هذا ان الواجب اداء قيمة يوم الاداء لكن هذا بحسب القاعدة اما بحسب النص الخاص فلا يكون كذلك و النص الوارد في المقام ما رواه ابو ولاد «1».

و محل الشاهد في هذا الخبر قوله عليه السلام في جواب السائل: «نعم قيمة بغل يوم خالفته». و في المراد من هذه الجملة احتمالات الاول: أن يكون لفظ القيمة مضافا الي البغل و لفظ البغل مضافا الي اليوم و علي هذا الاحتمال يكون المستفاد من الجملة، ان المناط قيمة يوم الغصب. لكن يشكل بأن لفظ البغل في بعض النسخ معرف بلام التعريف و المعرف لا يضاف مضافا الي أن اسماء الذوات لا تضاف الي الزمان و لا يقيد الذات به. و ان شئت قلت: ان تتابع الاضافات و ان كان جائزا كقوله: «و ليس قرب قبر حرب قبر». و لكن لا يمكن الالتزام به في

______________________________

(1) لاحظ ص: 354 و تهذيب الاحكام ج 7 ص 215 حديث: 25

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 367

______________________________

المقام للإشكالين المذكورين.

الثاني: أن يضاف لفظ القيمة اولا الي لفظ البغل و ثانيا الي لفظ اليوم و هذا الاحتمال و ان كان مصونا من الاشكال لكن يرد فيه: ان مثل هذا الاستعمال لم يعهد في الاستعمالات لكن علي تقدير القول به تكون النتيجة تلك النتيجة.

الثالث: أن يضاف لفظ القيمة اولا الي لفظ البغل و يضاف المركب من المضاف و المضاف اليه الي لفظ اليوم و تكون النتيجة أيضا تلك النتيجة و يتوقف الالتزام به علي صحة

مثل هذا الاستعمال و الظاهر جوازه كقولهم: «ماء ورد زيد» و قس عليه بقية الامثال كما انه يتوقف علي تجريد لفظ البغل من حرف التعريف اذ المعرف لا يضاف و قد مر انه ذكر لفظ البغل معرفا في بعض النسخ.

الرابع: أن يكون لفظ اليوم متعلقا بقوله عليه السلام: «نعم» اي يلزمك القيمة يوم المخالفة فيكون المستفاد من الحديث ان يوم الغصب يوم الضمان بلا تعرض لمقدار القيمة فتكون الرواية أجنبية عن المراد و في هذا الاحتمال اشكالان:

الاشكال الاول: لزوم الضمان بالقيمة يوم المخالفة حتي مع فرض عدم التلف اي يكون الغاصب ضامنا في يوم الغصب للقيمة حتي مع فرض بقاء العين و الحال انه لم يقل به احد بل مخالف لضرورة الفقه و يخالف مع الحكم العقلائي فان العين ما دامت باقية تكون الغاصب موظفا بايصالها الي صاحبها.

الاشكال الثاني: ان تحقق الزمان في يوم الغصب امر واضح لا يحتاج الي البيان. الا أن يقال: بأن الضمان بالغصب أمر واضح و لكن الضمان بالقيمة في ذلك اليوم أمر غير ظاهر بل أمر مخالف للواقع كما مر فالاشكالان لا يرد ان علي محل واحد بل يرد ان علي نحو القضية المنفصلة الحقيقية بأن يقال: ان كان المراد بالضمان الضمان بالقيمة علي الاطلاق فهذا خلاف حكم العقلاء و خلاف الاجماع

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 368

______________________________

و ان كان المراد أصل الضمان فلا يحتاج الي البيان لأنه أمر واضح مضافا الي أن ذكر القيمة لا وجه له فهذا الاحتمال ساقط عن درجة الاعتبار.

الخامس: أن يكون اليوم ظرفا للقيمة بلا اضافة و يؤيد هذا الاحتمال كون لفظ البغل معرفا في بعض النسخ اذ مع تعريفه لا مجال للإضافة فيكون المستفاد من

الجملة انه يلزمك قيمة يوم المخالفة اي يوم الغصب و هذا هو المقصود و قد ذكر في المقام وجوه من الاشكال:

الوجه الاول: ان الميزان اذا كان يوم المخالفة فلا وجه لتعرضه عليه السلام ليوم الاكتراء بقوله عليه السلام: «أو يأتي صاحب البغل» الخ فلا خصوصية ليوم الغصب. و الجواب: انه لا يبعد أن يكون يوم الاكتراء في مورد الرواية هو يوم الغصب اذ المتعارف في الاسفار القريبة اكتراء الدابة في يوم السفر لا قبله بأيام فهذا الوجه يؤيد و يؤكد ما يدعي من أن المراد بالقيمة قيمة يوم المخالفة.

و ان شئت قلت: انه عليه السلام قد عبر عن يوم الغصب بيوم الاكتراء و مما يدل علي المدعي انه عليه السلام اقتصر في الجواب بقوله: «عليك قيمة ما بين الصحة و العيب» و الظاهر ان السائل فهم مراده عليه السلام و انما يسأل عن طريق اثبات مقدار تلك القيمة و ان أبيت عما ذكر فلا وجه لرفع اليد عن حكمه عليه السلام بالنسبة الي ضمان القيمة عند التلف.

و بعبارة اخري: المستفاد من الجملة السابقة كما ذكرنا ان الظاهر منها ان الميزان قيمة يوم التلف. ان قلت: لا اشكال في أن كلا الامرين من باب واحد و لا يمكن التفريق بينهما. قلت: نلتزم بكون المراد من يوم الاكتراء يوم التلف اذ لم يقل احد بأن يوم الاكتراء له خصوصية فالمراد من يوم الاكتراء هو يوم التلف فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 369

______________________________

الوجه الثاني: أن أبا ولاد قال: «قلت فان أصاب البغل كسر أود بر أو غمز فقال عليه السلام: عليك قيمة ما بين الصحة و العيب يوم ترده عليه» حيث ان الظاهر من هذه الجملة ان الميزان

قيمة يوم الرد فتكون منافية لما مر من كون المدار قيمة يوم الغصب و بعبارة اخري: قوله «عليك» متضمن لمعني الفعل اي يلزمك.

و أورد عليه سيدنا الاستاد «1» بأن مقتضي هذا التقريب ثبوت القيمة في الذمة يوم الرد مع ان الضمان مستقر علي الغاصب من اول يوم الغصب اضف الي هذا انه علي هذا التقدير لا تكون الرواية متعرضة لبيان ان هذا التفاوت هل يلاحظ بالنسبة الي يوم الغصب أم يلاحظ بالنسبة الي يوم النقص أم يلاحظ بالنسبة الي يوم الرد و عليه تكون الجملة السابقة الدالة علي كون المناط يوم الغصب قرينة علي أنه عليه السلام ناظر الي تفاوت يوم الغصب».

الوجه الثالث: ان الظرف متعلق بلفظ القيمة فيكون المراد ان الواجب التفاوت الذي يكون ما بين الصحة و العيب في يوم الرد.

و عن الشيخ الانصاري قدس سره أنه لا يمكن الالتزام به فان الارش تابع لضمان اصل العين فلا يمكن التفكيك بين الامرين بالالتزام بكون المناط في ضمان العين بيوم الغصب و في ضمان الارش بيوم الرد».

و أورد عليه سيدنا الاستاد بأن التفكيك خلاف الاجماع و أما كون العبرة بيوم الرد فليس مخالفا للإجماع فاذا ثبت ان العبرة في الارش بيوم الرد يثبت ان المناط في ضمان العين بذلك اليوم أيضا.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان الميزان لو كان يوم الرد لم يكن خصوصية ليوم الاكتراء فان الفصل بين يوم الاكتراء و يوم الرد كثير في مورد الرواية فلا أثر

______________________________

(1) مصباح الفقاهة ج 3 ص 186

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 370

______________________________

لملاحظة يوم الاكتراء و عليه يكون المناط في الارش يوم الغصب كما ان الامر كذلك بالنسبة الي نفس العين.

و صفوة القول: ان يوم

الاكتراء في مورد الرواية هو يوم الغصب فالميزان ذلك اليوم بلحاظ كلا الامرين هما: ضمان العين و الارش. و لقائل أن يقول: انه لا دليل علي كون تعلق الظرف بالقيمة بل يمكن تعلقه بلفظ العيب المقترن معه في الكلام فيكون المعني ان العيب الحادث اذا استمر الي يوم الرد يجب اداء التفاوت بين الصحيح و المعيب من دون تعرض لتعيين يوم التفاوت و حيث ان الارش تابع لضمان العين و قد استفيد من الجملة السابقه ان الميزان يوم الغصب نلتزم بأن المدار في التفاوت ذلك اليوم أيضا للإجماع علي تبعية الارش للعين مضافا الي أن يوم الاكتراء في مورد الرواية يوم الغصب فالميزان يوم الغصب مطلقا.

الوجه الرابع: ان أبا ولاد سأل الامام عليه السلام عن المقوم و أجاب عليه السلام بقوله: «أنت و هو» الي آخر الكلام و عن الشيخ قدس سره أن ما ذكر مؤيد لكون المناط في القيمة يوم التلف بتقريب: انه لو كان المناط يوم الغصب كان المالك مدعيا لدعواه زيادة القيمة المخالفة للأصل و كان الغاصب منكرا و قوله موافقا للأصل و مقتضي القاعدة توجه اليمين اليه و البينة الي المالك.

و بعبارة اخري: كيف يمكن الجمع بين البينة و اليمين بالنسبة الي شخص واحد فان المالك اذا كان مدعيا عليه تكون البينة عليه و ان كان منكرا فعليه اليمين فان جعلنا الملاك يوم المخالفة يلزم كون الرواية مخالفة للقواعد من ناحيتين الاولي:

ان دعوي الزيادة من المالك تقتضي اقامة البينة فلا وجه لليمين. الثانية: انه مع توجه اليمين لا مجال لإقامة البينة فلا بد من جعل المناط يوم التلف كي يرتفع الاشكال.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 371

______________________________

فنقول: الامام عليه السلام تعرض لصورتين:

الاولي اتفاق المالك و الغاصب علي قيمة يوم الاكتراء لكن الغاصب يدعي النقصان و المالك ينكره فالبينة علي المدعي.

الثانية كونهما متفقين علي اتحاد يوم الاكتراء و يوم التلف لكن المالك يدعي الزيادة في القيمة و الغاصب ينكرها فالواجب علي المالك اقامة البينة و الواجب علي الغاصب الحلف.

و يرد عليه: انه يمكن تصوير النزاع علي تقدير كون المدار يوم الغصب بنحو ينطبق علي الموازين بأن نقول: اذا اتفقا علي القيمة يوم الاكتراء و الغاصب يدعي نقصان القيمة يوم الغصب تكون البينة عليه و اليمين علي المالك اذ هو ينكر النقصان و أما اذا اتفقا علي أن قيمة يوم الاكتراء هي القيمة في يوم الغصب و لكن اختلفا في الزيادة و النقيصة تكون البينة علي المالك لأنه مدع و اليمين علي الغاصب لكونه منكرا فلا فرق في النتيجة من هذه الجهة.

و عن المحقق الايرواني قدس سره انه حمل مورد الرواية علي الامر العادي و الحلف لأجل اذعان الطرف الاخر و لا يرتبط بالحكم الشرعي كي يتوجه الاشكال المذكور.

و أورد عليه سيدنا الاستاد بأن حمل مورد الرواية علي الامر العادي خلاف الظاهر فان مقتضي الظاهر انه عليه السلام في مقام التشريع و بيان الحكم الالهي

و أفاد أيضا أن تصحيح مورد الرواية و تصويره في ضمن صورتين خلاف الظاهر فان الظاهر ان كلا الامرين وارد ان في مورد واحد و لا مانع فيه فان قاعدة ان اليمين علي المنكر و البينة علي المدعي ليست قاعدة عقلية غير قابلة للتخصيص بل قاعدة شرعية قابلة لان تخصص فنقول: في كل مورد يتحقق الغصب نظير مورد

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 372

[مسألة 34: كل من آجر نفسه لعمل في مال غيره إذا أفسد ذلك المال ضمن]

(مسألة 34): كل من آجر نفسه لعمل في مال غيره اذا

أفسد ذلك المال ضمن كالحجام اذا جني في حجامته و الختان في ختانه و هكذا الخياط و النجار و الحداد اذا أفسدوا (1) هذا اذا تجاوز الحد المأذون فيه أما اذا لم يتجاوز ففي الضمان اشكال (2) و ان كان الاظهر العدم (3) و كذا الطبيب المباشر للعلاج بنفسه اذا أفسد فهو

______________________________

الرواية اذا وقع الخلاف بين المالك و الغاصب يكون الخيار للمالك بين اقامة البينة و الحلف و هذا يناسب ارغام انف الغاصب فلاحظ ففي كل مورد تحقق الغصب و كان مورده من القيميات اذا تحقق الخلاف بين المالك و الغاصب و كان المالك مدعيا يكون له الخيار بين اقامة البينة و بين الحلف و بين رد اليمين الي الغاصب.

فتحصل مما تقدم: ان مقتضي القاعدة الاولية ان الميزان يوم الرد لكن مقتضي النص الخاص ان الميزان يوم الغصب فاذا قام اجماع تعبدي علي عدم الفرق بين موارد الضمان في القيمي نلتزم بأن الميزان في جميع الموارد بيوم الضمان و الا فلا بد من التفصيل بين موارد الغصب و غيرها بالالتزام يكون الميزان يوم الغصب في تلك الموارد و الالتزام بكون الميزان يوم الاداء في غيرها و اللّه العالم.

(1) لقاعدة الاتلاف مضافا الي ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يعطي الثوب ليصبغه فيفسده فقال: كل عامل أعطيته أجرا علي أن يصلح فأفسد فهو ضامن «1».

(2) ينشأ من أن الزمان مقتضي قاعدة الاتلاف و مقتضي اطلاق رواية الحلبي

(3) بتقريب: ان قاعدة الاتلاف مصطادة و ليس عليها دليل و حديث الحلبي

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 19

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 373

ضامن (1) و أما اذا كان واصفا فالاظهر عدم

الضمان (2) و اذا تبرأ الطبيب من الضمان و قبل المريض أو وليه بذلك و لم يقصر في الاجتهاد فانه يبرأ من الضمان بالتلف و ان كان مباشرا للعلاج (3).

______________________________

منصرف عن مورد الاتلاف باذن الطرف المقابل و بعبارة اخري: تارة يتجاوز عن المقدار المأذون فيه و اخري لا يتجاوز عن ذلك المقدار بل يقتصر بالمقدار المأذون فيه فلا وجه للضمان. و ان شئت قلت: ان الاتلاف باذن من بيده الامر لا يقتضي الضمان و المستفاد من الرواية ان الاجير للإصلاح لو أفسد يكون ضامنا فلاحظ.

(1) لقاعدة الاتلاف و يؤيد المدعي ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه و الا فهو له ضامن «1».

و انما عبرنا بالتأييد لكون الرواية ضعيفة بالنوفلي فان مجرد كونه في أسناد كامل الزيارات لا يقتضي ثبوت وثاقته ان قلت الطبيب مأذون و لا ضمان مع الاذن قلت: انه مأذون في الاصلاح لا في الافساد.

(2) لعدم ما يقتضي الضمان و لا مجال لتوهم كونه السبب و السبب في المقام أقوي من المباشر كما انه لا مجال للأخذ بالرواية بدعوي شمولها للمقام بالاطلاق فانه لا شأن للواصف و لا يكون الفعل مستندا اليه كما أن الرواية لا تشمل المقام فان الظاهر من الرواية ان الموضوع فيها من يباشر العلاج مضافا الي أنها ضعيفة سندا فلا اعتبار بها.

(3) استدل علي المدعي برواية السكوني و قد مر ان السند ضعيف فلا بد من

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب موجبات الضمان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 374

[مسألة 35: إذا عثر الحمال فسقط ما كان علي رأسه أو ظهره فانكسر ضمنه مع التفريط في مشيه]

(مسألة 35): اذا عثر الحمال فسقط ما كان علي رأسه أو ظهره

فانكسر ضمنه مع التفريط في مشيه (1) و لا يضمنه مع عدمه (2) و كذلك اذا عثر فوقع ما علي رأسه علي اناء غيره فكسره (3).

[مسألة 36: إذا قال للخياط: ان كان هذا القماش يكفيني قميصا فاقطعه فقطعه فلم يكفه ضمن]

(مسألة 36): اذا قال للخياط: ان كان هذا القماش يكفيني قميصا فاقطعه فقطعه فلم يكفه ضمن (4) و أما اذا قال له: هل يكفيني قميصا فقال: نعم فقال: اقطعه فقطعه فلم يكفه فالظاهر انه لا ضمان

______________________________

انعقاد اجماع تعبدي علي المدعي و الا فلا بد من العمل علي طبق القاعدة و مقتضاها الضمان لإطلاق الادلة الا أن يقال بانصراف الادلة عن صورة الاذن أو يقال بقيام السيرة علي عدمه و ان شئت قلت: مرجع التبري الي الاذن في العلاج و الاتلاف مستندا الي المالك و باذنه لا يوجب الزمان لا في الماليات و لا في الاعضاء و اللّه العالم.

(1) لقاعدة الاتلاف الموجبة للضمان.

(2) لعدم المقتضي.

(3) لعين الملاك فان الضمان يحتاج الي الدليل و ان شئت قلت: لا يستند الكسر اليه فلا يضمن الا مع التقصير فيضمن.

(4) بتقريب: ان الاذن في القطع علق علي الكفاية و المفروض عدمها فالضمان علي القاعدة غاية الامر عدم كون الخياط مقصرا لاعتقاده الكفاية و لكن الضمان لا يختص بصورة التقصير بل يتحقق في صورة الاتلاف و لو مع العذر لكن لقائل أن يقول بأن التعليق علي الكفاية بحسب الفهم العرفي يرجع الي ايكال الامر الي الخياط. و بعبارة اخري: يرجع الي الاذن في القطع مع اعتقاد الخياط بالكفاية فلا وجه للضمان فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 375

اذا كان الخياط مخطئا في اعتقاده (1).

[مسألة 37: إذا آجر عبده لعمل فافسد فالأقوي كون الضمان في كسبه]

(مسألة 37): اذا آجر عبده لعمل فافسد فالاقوي كون الضمان في كسبه فان لم يف فعلي ذمة العبد يتبع به بعد العتق اذا لم يكن جناية علي نفس أو طرف و الا تعلق برقبته و للمولي فداؤه باقل الامرين من الارش و القيمة ان كانت خطا (2) و

ان كانت عمدا تخير ولي المجني عليه بين قتله و استرقاقه علي تفصيل في محله (3).

[مسألة 38: إذا آجر دابته لحمل متاع فعثرت فتلف أو نقص فلا ضمان علي صاحبها]

(مسألة 38): اذا آجر دابته لحمل متاع فعثرت فتلف أو نقص فلا ضمان علي صاحبها (4) الا اذا كان هو السبب بنخس أو ضرب

______________________________

(1) اذ المفروض ان القطع باذن المالك فلا وجه للضمان.

(2) بتقريب: ان مقتضي الجمع بين روايتين واردتين في المقام ما ذكر الاولي ما رواه زرارة و أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في رجل كان له غلام فاستأجره منه صانع أو غيره قال: ان كان ضيع شيئا أو أبق منه فمو اليه ضامنون «1».

الثانية: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل استأجر مملوكا فيستهلك مالا كثيرا فقال: ليس علي مولاه شي ء و ليس لهم أن يبيعوه و لكنه يستسعي و ان عجز عنه فليس علي مولاه شي ء و لا علي العبد شي ء «2» فنقول: الرواية الاولي تقيد بالثانية و تكون النتيجة ما أفاده في المتن.

(3) و تفصيل الكلام موكول الي بابه فليراجع و ليلاحظ.

(4) لعدم المقتضي للضمان فلا ضمان.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 376

و اذا كان غيره السبب كان هو الضامن (1).

[مسألة 39: إذا استأجر سفينة أو دابة لحمل متاع فنقص أو سرق لم يضمن صاحبها]

(مسألة 39): اذا استأجر سفينة أو دابة لحمل متاع فنقص أو سرق لم يضمن صاحبها (2) و لو شرط عليه اداء قيمة التالف أو أرش النقص صح الشرط و لزم العمل به (3).

[مسألة 40: إذا حمل الدابة المستأجرة أكثر من المقدار المقرر بينهما بالشرط أو لأجل التعارف فتلفت]

(مسألة 40): اذا حمل الدابة المستأجرة أكثر من المقدار المقرر بينهما بالشرط أو لأجل التعارف فتلفت أو تعيبت ضمن ذلك (4) و عليه اجرة المثل للزيادة مضافة الي الاجرة المسماة (5) و كذا اذا استأجرها لنقل المتاع مسافة معينة فزاد علي ذلك (6). و اذا استأجرها لحمل المتاع مسافة معينة فركبها أو بالعكس لزمته الاجرة المسماة و اجرة المثل للمنفعة المستوفاة و كذا الحكم في أمثاله مما كانت فيه المنفعة المستوفاة مضادة للمنفعة المقصودة بالاجارة (7).

______________________________

(1) كما هو مقتضي القاعدة فان الاتلاف يستند الي صاحبها في الفرض الاول فيضمن والي الاجنبي في الفرض الثاني فيضمن هو فلاحظ.

(2) لعدم موجب للضمان فان يد الامين ليست يد ضمان.

(3) اذا رجع الي شرط الفعل و تقدم في اول الفصل تفصيل الكلام فراجع.

(4) لكون يده في الفرض يد عدوان و خارجة عن الامانة فالضمان علي القاعدة.

(5) أما اجرة المثل فللزيادة و أما الاجرة المسماة فللإجارة.

(6) الكلام فيه هو الكلام فلا وجه لإعادة التقريب.

(7) لعين الملاك و صفوة القول: ان الاجارة تقتضي دفع الاجرة المسماة و اجرة المثل بلحاظ الانتفاع الذي لا يكون موردا للإجارة.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 377

بلا فرق بين الاجارة الواقعة علي الاعيان كالدار و الدابة و الاجارة الواقعة علي الاعمال كما اذا استأجره لكتابة فاستعمله في الخياطة (1).

[مسألة 41: إذا استأجر العامل للخياطة فاشتغل العامل بالكتابة للمستأجر عمدا أو خطأ]

(مسألة 41): اذا استأجر العامل للخياطة فاشتغل العامل بالكتابة للمستأجر عمدا أو خطا لم يستحق علي المستأجر شيئا (2).

[مسألة 42: إذا آجر دابة لحمل متاع زيد فحملها المالك متاع عمرو لم يستحق اجرة لا علي زيد و لا علي عمرو]

(مسألة 42) اذا آجر دابة لحمل متاع زيد فحملها المالك متاع عمرو لم يستحق اجرة لا علي زيد و لا علي عمرو (3).

[مسألة 43: إذا استأجر دابة معينة من زيد للركوب الي مكان معين فركب غيرها عمدا أو خطا]

(مسألة 43): اذا استأجر دابة معينة من زيد للركوب الي مكان معين فركب غيرها عمدا أو خطا لزمته الاجرة المسماة للأولي و اجرة المثل للثانية و اذا اشتبه فركب دابة عمرو لزمته اجرة المثل لها مضافة الي الاجرة المسماة لدابة زيد (4).

______________________________

(1) اذ حكم الامثال واحد و لا وجه للفرق بعد وحدة الملاك فلاحظ.

(2) عدم استحقاق اجرة المثل للخياطة علي القاعدة و أما عدم استحقاق الاجرة المسماة فلا وجه له اذ بالعقد يستحق الاجير الاجرة المسماة غاية الامران فسخ المستأجر لا يستحق شيئا و ان لم يفسخ يبقي استحقاقه بالنسبة الي الاجرة المسماة بحاله و يضمن الاجير للمستأجر اجرة المثل للعمل الذي كان مورد الاجارة.

(3) أما عدم الاستحقاق بالنسبة الي عمرو فعلي القاعدة اذ لم يكن بأمره و أما بالنسبة الي زيد فالاستحقاق متحقق بالعقد فاذا فسخ زيد الاجارة لا يستحق الاجير شيئا و الا يبقي الاستحقاق بحاله غاية الامر يضمن الاجير له اجرة مثل العمل الفائت كما مر في الفرع السابق فلاحظ.

(4) ما أفاده ظاهر واضح فان الضمان بالنسبة الي احدهما بالعقد و أما بالنسبة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 378

[مسألة 44: إذا استأجر سفينة لحمل الخل المعين مسافة معينة فحملها خمرا مع الخل المعين]

(مسألة 44): اذا استأجر سفينة لحمل الخل المعين مسافة معينة فحملها خمرا مع الخل المعين استحق المالك عليه الاجرة المسماة و اجرة المثل لحمل الخمر لو فرض انه كان حلالا (1).

[مسألة 45: يجوز لمن استأجر دابة للركوب أو الحمل أن يضربها أو يكبحها باللجام علي النحو المتعارف إلا مع منع المالك]

(مسألة 45): يجوز لمن استأجر دابة للركوب أو الحمل أن يضربها أو يكبحها باللجام علي النحو المتعارف الا مع منع المالك (2) و اذا تعدي عن المتعارف أو مع منع المالك ضمن نقصها أو تلفها (3) و في صورة الجواز لا ضمان للنقص علي الاقوي (4).

______________________________

الي الاخر فبالانتفاع و من الظاهر ان مال المسلم محترم و لا يذهب هدرا فالانتفاع يقتضي الضمان باجرة المثل فلاحظ.

(1) اذ فرض انه حملها ما لا يكون مورد الاجارة فبمقتضي العقد يستحق الاجرة المسماة و بمقتضي الانتفاع الزائد يستحق اجرة المثل لكن هذا فيما يكون حمله حلالا و أما اذا كان حراما فلا يستحق الاجر اذ العمل الحرام لا يكون محترما عند الشارع فلا يتصور له الاجر.

(2) بأن يشترط عليه عدمه في ضمن العقد أو قام قرينة عرفية علي عدم الجواز كما لو كان المالك مصاحبا مع المستأجر و كان المتعارف أن يكون المالك بنفسه سائقا و الا لم يكن أثر لمنعه مع فرض كون المتعارف جوازه و بعبارة اخري:

لا بد في الحكم بكون المنع مؤثرا من تقييده بكونه عن حق.

(3) اذ المفروض انه لم يكن مرخصا فيه و بمقتضي قاعدة ضمان التلف بالاتلاف يتحقق الضمان كما أنه لو تعدي بحيث خرجت اليد عن عنوان الامانة يتحقق الضمان بمقتضي قاعدة علي اليد.

(4) اذ بعد فرض كون تصرفه و ضربه متعارفا و موافقا للقاعدة و جائزا شرعا

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 379

[مسألة 46: صاحب الحمام لا يضمن الثياب أو نحوها لو سرقت]

(مسألة 46): صاحب الحمام لا يضمن الثياب أو نحوها لو سرقت (1) الا اذا جعلت عنده وديعة و قد تعدي أو فرط (2).

[مسألة 47: إذا استوجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن]

(مسألة 47): اذا استوجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن (3) الا

______________________________

لا وجه للضمان اذ المفروض ان يده يد امانة و بعبارة واضحة: ان تصرفه يكون باذن المالك فلا مجال للضمان.

(1) لعدم المقتضي للضمان.

(2) فان الامين لا يضمن ما دام لا يتعدي و لا يفرط و الا يكون يده يد عدوان فالضمان علي القاعدة.

(3) لعدم ما يوجب الضمان بل الضامن هو السارق و يظهر من حديثين الضمان اذا كان اجيرا علي الحفظ:

احدهما: ما رواه أبو البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام انه كان لا يضمن صاحب الحمام و قال: انما يأخذ الاجر علي الدخول الي الحمام «1».

ثانيهما: ما رواه اسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يقول: لا ضمان علي صاحب الحمام فيما ذهب من الثياب لأنه انما اخذ الجعل علي الحمام و لم يأخذ علي الثياب «2» و كلا الحديثين ضعيفان سندا.

و صاحب الوسائل أفاد بأن الصدوق روي الحديث الثالث من الباب عن ابن مسكان و لم نجده و علي فرض تحققه لا أثر للحديث الا أن يصل السند الي المعصوم عليه السلام بطريق معتبر مضافا الي ما دل علي عدم الضمان لاحظ ما رواه الحلبي «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 356

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 380

مع التقصير في الحفظ (1) و الظاهران غلبة النوم لا تعد من التقصير (2) نعم اذا اشترط عليه اداء القيمة اذا سرق المتاع وجب الوفاء به (3)

و لم يستحق اجرة في الصورتين (4).

[مسألة 48: إنما يجب تسليم العين المستأجرة إلي المستأجر إذا توقف استيفاء المنفعة علي تسليمها]

(مسألة 48): انما يجب تسليم العين المستأجرة الي المستأجر اذا توقف استيفاء المنفعة علي تسليمها كما في اجارة آلات النساجة و النجارة و الخياطة أو كان المستأجر قد اشترط ذلك و الا لم يجب

______________________________

(1) اذ بالتعدي أو التفريط تخرج اليد عن الامانية و تدخل في اليد العدوانية فالضمان علي القاعدة.

(2) اذا كان علي النحو المتعارف و لم يكن مقصرا و تشخيص الموضوع بنظر المكلف.

(3) اذ التدارك جائز فاذا جاز وجب باشتراطه لقاعدة «المؤمنون عند شروطهم»

(4) بتقريب: ان مورد الاجارة حفظ المتاع و المفروض انه لا يكون قادرا فلا موقع لإيقاع الاجارة عليه. و بعبارة اخري: اذا لم يكن قادرا علي الحفظ لا يكون مالكا لهذا الفعل و مع عدم كونه مالكا لا مجال لتمليكه من الغير بالاجارة فالاجارة باطلة من الاول.

و لقائل أن يقول: المتعارف في أمثال المقام ايقاع الاجارة علي ما يمكنه و ان شئت قلت: تقع الاجارة بازاء بذل الجهد في الحفظ لا علي الحفظ بما هو حفظ بحيث يكشف السرقة عن بطلان الاجارة لعدم قدرة الاجير عليه. و يرد علي الماتن انه لا يري نفوذ الشرط الواقع في ضمن العقد الفاسد و المفروض ان العقد فاسد في المقام فكيف يكون الشرط نافذا و الحق عندنا نفوذ الشرط و لو كان واقعا

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 381

فمن استأجر سفينة للركوب لم يجب علي المؤجر تسليمها اليه (1).

[مسألة 49: يكفي في صحة الإجارة ملك المؤجر المنفعة و إن لم يكن مالكا للعين]

(مسألة 49): يكفي في صحة الاجارة ملك المؤجر المنفعة و ان لم يكن مالكا للعين فمن استأجر دارا جاز له أن يؤجرها من غيره و ان لم يكن مالكا لنفس الدار (2) فاذا توقف استيفاء المنفعة علي تسليمها وجب علي المؤجر الثاني تسليمها الي المستأجر منه

(3) و ان لم يأذن له المالك (4) و اذا لم يتوقف استيفاء المنفعة علي التسليم كالسفينة و السيارة لم يجب علي المؤجر الاول تسليمها الي الثاني (5).

______________________________

في ضمن العقد الفاسد و التفصيل موكول الي مجال آخر.

(1) ما أفاده تام فان الواجب علي الموجر تسليم المنفعة ففي مثل اجارة السفينة يكون للمستأجر الانتفاع بها و الانتفاع منها لا يستلزم تسليم العين كما هو ظاهر و علي الجملة وجوب التسليم متوقف علي قيام دليل عليه و الا فلا وجه للالتزام بما ذكر كما هو واضح و بعبارة واضحة ان الوجوب في مفروض الكلام بلا دليل فان المستأجر له حق الانتفاع من العين المستأجرة فلو لم يتوقف الانتفاع علي التسليم لا يجب الا مع الشرط كما في المتن فان التسليم جائز و بالشرط يجب.

(2) لان الاجارة تمليك المنفعة و ملك المنفعة لا يستلزم ملك العين كما هو ظاهر فلو استأجر دارا مدة و قبل انقضاء المدة مات تنتقل منفعة الدار الي وارثه و يجوز له أن يوجر الدار من الغير.

(3) فان صحة الاجارة تستلزم وجوب تسليم موردها ان كان الانتفاع متوقفا علي التسليم كما مر في بعض الفروع.

(4) فانه ليس له حق المنع بعد ما آجر داره علي النحو المتعارف.

(5) كما مر اذ المفروض ان الانتفاع لا يتوقف علي التسليم.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 382

الا اذا اشترط عليه ذلك (1) و لا يجوز للمؤجر الثاني تسليمها الي المستأجر منه و ان اشترط عليه (2) بل الشرط يكون فاسدا (3) نعم اذا اذن له المالك فلا بأس (4) كما انه في الصورة السابقة التي يجب فيها تسليم المؤجر الثاني الي المستأجر منه لا يجوز التسليم الا اذا كان

المستأجر منه امينا (5) فاذا لم يكن امينا و سلمها اليه كان ضامنا (6) هذا اذا كانت الاجارة مطلقة أما اذا كانت مقيدة كما اذا استأجر الدابة لركوب نفسه فلا تصح اجارتها من غيره فاذا آجرها من غيره بطلت الاجارة (7) فاذا ركبها المستأجر الثاني و كان عالما بالفساد

______________________________

(1) حيث ان التسليم جائز و بالشرط يجب بمقتضي دليل الشرط.

(2) اذ التسليم في الصورة المفروضة تصرف في مال الغير و يحتاج الي الاذن منه و الشرط لا يكون مشرعا. و بعبارة اخري: لا بد من كون متعلق الشرط جائزا في حد نفسه كي يجب بالشرط و المفروض عدم كونه مشروعا.

(3) لكونه علي خلاف السنة فيفسد كما هو المقرر.

(4) بلا اشكال فانه مع اذن المالك لا مانع من التصرف.

(5) اذ مع عدم كونه امينا يكون التسليم اليه خيانة في مال الغير و لا يجوز للمستأجر الخيانة في العين المستأجرة.

(6) لخروج يده عن الامانية و تعنونها بالعدوانية مضافا الي النص لاحظ ما رواه الصفار «1».

(7) اذ المفروض ان الموجر الثاني لم يكن مالكا للمنفعة المطلقة و اجارة غير

______________________________

(1) لاحظ الحديث في شرح المسألة (53)

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 383

كان آثما (1) و يضمن للمالك اجرة المثل للمنفعة المستوفاة و للمؤجر باجرة المثل للمنفعة الفائتة (2).

______________________________

المالك لا أثر لها.

(1) لان تصرفه في مال الغير بلا اذنه حرام شرعا.

(2) هذا مبني علي صحة القول بتعلق الملكية بالمنافع المتضادة اذ علي هذا المبني يتم ما أفاده في المتن فان المستأجر الثاني يضمن للمالك و للمستأجر الاول أما للمالك فللمنفعة المستوفاة و أما للمستأجر الاول فلفوت المنفعة المملوكة له و حيث انجر الكلام الي هنا ناسب أن يرسل عنان البحث الي بيان

الاشكال الوارد في كلام القوم بالنسبة الي ملكية المنافع المتضادة و حاصل ذلك الاشكال ان العين الواحدة ليست لها الا منفعة واحدة. و بعبارة اخري: العين الواحدة لا تتحمل الا منفعة واحدة فليس للمالك الا منفعة واحدة من تلك المنافع فلو فرض انه لا يملك الا منفعة واحدة لم يكن مجال الا لضمان واحد.

و الذي يدل علي المدعي ان الغاصب للعين لا يكون ضامنا لجميع المنافع فالنتيجة ان المالك يملك الجامع بين تلك المنافع و في مقام التصرف له الخيار في اختيار اي منفعة من تلك المنافع و صفوة القول: ان المنافع المتضادة لا تكون قابلة للاجتماع في الخارج فلا يكون مالك العين الا مالكا للجامع.

و أفاد سيدنا الاستاد في هذا المقام «انه يمكن ملكية تمام المنافع المتضادة في عرض واحد و السرّ فيه ان التضاد انما هو في نفس تلك المنافع اذ لا يعقل أن يجتمع السير مع الدابة الي الطرف الشرقي مع السير بها الي الطرف الغربي و لكن لا مقتضي لسراية التضاد الواقع بينهما الي عالم اعتبار ملكيتها فلا تنافي بين اعتبار هذه المنفعة و المنفعة الاخري فان الاعتبار خفيف المئونة فيمكن اجتماع الاعتبارات في صعيد واحد.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 384

______________________________

ان قلت: لا بد أن يكون الاعتبار متعلقا بأمر مقدور و الا يكون لغوا قلت:

يكفي في عدم كونه لغوا كون المتعلق مقدورا في نفسه لا مع قيد اجتماعه مع المتعلق الاخر و ان شئت قلت: ان من بيده الامر يعتبر ملكية كل واحدة منها و لا يعتبر ملكية المجموع بما هو مجموع فالجمع في الاعتبار لا في المعتبر».

ثم قال: «و يتضح المدعي بامعان النظر في الافعال المباحة المتضادة فانه لا اشكال

في اشتراط القدرة في متعلق الاباحة و أيضا لا اشكال في التضاد بين الافعال المتضادة و عدم امكان اجتماعها و مع ذلك نري ان الشارع اباح كل واحد منها فالجمع بين الاباحات لا بين المباحات و المقام كذلك فان اعتبار الملكية متعلق بكل فائدة بحيالها لا بعنوان كونها منضمة الي غيرها كي يقال: اجتماعها غير معقول فاعتبار ملكيتها لغو.

ان قلت: لا فائدة في هذا الاعتبار و مع عدم الفائدة و اللغوية لا يصدر عن الحكيم تعالي عن ذلك قلت: المالك و ان لا يمكنه الجمع بين المتعلقات لكن تظهر فائدة الاعتبار المذكور في مثل المقام حيث ان ضمان الاجرة المسماة يتحقق بالعقد و ضمان اجرة المثل يتحقق بالاستيفاء و هذا أمر ظاهر مترتب علي ملكية كل واحد من تلك المنافع و يمكن أن يجعل صحيح أبي ولاد «1» مؤكدا و معاضدا للمدعي اذ يستفاد من تلك الرواية ان الغاصب ضامن للأجرة بالنسبة الي ما تجاوز عن الحد و هو السير من الكوفة الي النيل الي آخره مضافة الي الاجرة المسماة التي لا خلاف فيها حتي من أبي حنيفة.

و بعبارة اخري: يستفاد من الحديث مفروغية ضمان الغاصب بالنسبة الي الاجرة المسماة و لا يكون أبو حنيفة مخالفا فيها و انما تعرض عليه السلام لمورد

______________________________

(1) لاحظ ص: 354

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 385

______________________________

الخلاف و هو التصرف العدواني الذي ارتكبه الغاصب ان قلت: الالتزام بملكية المنافع المتضادة يستلزم القول بكون الغاصب ضامنا لجميع المنافع و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟ قلت: لا مقتضي لهذا القول لأن الضمان مسبب من احد امور ثلاثة:

الاول: الاتلاف. الثاني: وضع اليد العادية علي المال. الثالث: الاستيفاء و المفروض ان الغاصب استوفي منفعة من

تلك المنافع و يتحقق الضمان بالاستيفاء و أما بقية المنافع فلم يستوفها فلا ضمان من ناحية الاستيفاء و هكذا بالنسبة الي الاتلاف و التلف اذ لا يصدق انه أتلف علي المالك تلك المنفعة لان المالك لا يكون مالكا للمجموع و قس عليه التلف.

و علي الجملة حيث ان اجتماعها أمر غير ممكن لا يصدق الاتلاف و لا التلف بالنسبة الي المنافع غير المستوفاة نعم لو استوفي الغاصب من العين المغصوبة منفعة ضئيلة و الحال انه يمكن استيفاء منفعة تكون اجرتها أزيد يكون الغاصب ضامنا للأجرة الراقية و بعبارة اخري: هو ضامن للمقدار الذي تلف اعم من أن يستوفي تلك المنفعة الراقية أم لا.

و علي الجملة حيث ان المنافع لا تجتمع خارجا و لا يعقل اجتماعها لا يصح أن يقال أتلف المنافع جميعها فان الاتلاف يقع علي ما يكون قابلا للانتفاع و المفروض ان الانتفاع بالجميع غير ممكن. و يدل علي المدعي حديث أبي ولاد «1» فان الغاصب لو كان ضامنا لجميع المنافع لكان عليه عليه السلام البيان و الحال انه لم يبين فيعلم ان الغاصب ضامن لمنفعة واحدة اي الدرجة العالية و اغلاها.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 8، ص: 385

هذا تمام الكلام علي القول بكون المالك مالكا لكل واحدة من المنافع و أما

______________________________

(1) لاحظ ص: 354

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 386

______________________________

علي القول بعدم الامكان فيدور الامر بين وجوه ثلاثة: الوجه الاول: ان المالك مالك للجامع بين المنافع فاذا طبقه علي منفعة خاصة كما لو آجر الدابة للحمل لم يبق له مدة الاجارة الا ملك نفس الدابة و لا يكون

مالكا لمنفعة الدابة و عليه لو استفاد المستأجر من الدابة منفعة اخري لا يكون ضامنا للمالك.

و يرد عليه ان لازم هذا القول ان المستأجر لو استأجر الدابة لمنفعة ضئيلة في قبال اجرة زهيدة و استفاد منها المنفعة الراقية العظمي لم يكن ضامنا للمالك و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟ كلا. و هذا يشبه فتوي أبي حنيفة و اضرابه اي بها تمنع السماء عن قطرها.

الوجه الثاني: الالتزام بأن المستأجر لما لم يستوف المنفعة المستأجرة و استوفي بدلها منفعة مضادة اقتضي ذلك انفساخ العقد و فساده و لذا لا يضمن الا اجرة المثل بالنسبة الي ما استفاد و ربما يقال: ان هذا يستفاد من حديث أبي ولاد بدعوي: ان التعرض لأجرة المثل و السكوت عن اجرة المسمي يكشف عن هذا الادعاء.

و فيه: اولا: انه لا وجه لانفساخ العقد و الشاهد علي عدم الانفساخ ان المستأجر لو لم يستوف من العين و أبقاها معطلة فلا يكون ضامنا للأجرة المسماة فهل يمكن ان انتفاعه منفعة اخري يوجب السقوط و انفساخ العقد؟ و هذا ينطبق علي أية قاعدة فقهية؟ و أما حديث أبي ولاد فقد مر البحث حوله و بينا المستفاد منه.

و ثانيا: ان لازم هذا المدعي براءة ذمة المستأجر عما اشتغلت به حين الاجارة كما لو استأجر دابة للرواح الي كربلا مثلا بدينار و استعمل الدابة في طريق تكون اجرتها بالنسبة الي ذلك الطريق نصف دينار فان مقتضي هذه الدعوي براءة ذمة المستأجر من النصف الاخر بلا موجب و وجه و لا يمكن الالتزام بهذا اللازم.

الوجه الثالث: ما عن الميرزا قدس سره و هو التفصيل بين ما اذا كانت اجرة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 387

و لكنه مع الجهل و

علم المؤجر بالحال يرجع الي المؤجر بما غرمه للمالك (1) و اذا آجر الدابة للركوب و اشترط علي المستأجر استيفاء المنفعة بنفسه أو أن لا يؤجرها من غيره آجرها قيل بطلت الاجارة فاذا استوفي المستأجر منه المنفعة كان ضامنا له اجرة المثل لا للمالك (2) و لكن الاظهر صحة الاجارة و ثبوت الخيار للمالك في فسخ

______________________________

المنفعة المستوفاة مساوية للأجرة المسماة أو أقلّ و بين ما اذا كانت أكثر فعلي الاول لا يستحق المالك الا المسماة و علي الثاني يستحقها مع الضميمة.

و فيه: ان المنفعة المستوفاة ان كانت ملكا لمالك العين استحق علي المستوفي تمام الاجرة لا مقدار ما به التفاوت فقط و ان لم تكن ملكا له فلا مقتضي لاستحقاق ذلك المقدار الزائد فالحق ما ذكرنا خلافا لأبي حنيفة حيث ذهب الي مذهبه الباطل من أن الخراج بالضمان نعم ما ذكر في الوجه الثالث وجيه بالنسبة الي ما يكون النسبة بين المنفعتين نسبة الاقل و الاكثر لا نسبة التضاد التي هي محل الكلام كما لو استأجر دابة لحمل بضاعة وزنها خمسون غراما فحملها ما يعادل ستين فان المستأجر لا محالة يضمن لهذه الزيادة اذ لا موجب لذهاب تلك الزيادة هدرا و قد كانت قابلة لان يستوفها المالك بأن يؤجر الدابة لحمل ستين غراما و الظاهر انه لا خلاف في هذا الفرض في ضمان الزيادة بخلاف المنافع المتضادة حيث وقعت محل الخلاف و الكلام و لكن أبا حنيفة خالف في هذا الفرع أيضا و ذهب الي عدم الضمان بالنسبة الي الزيادة بدعوي: ان الخراج بالضمان «1».

(1) لقاعدة ان المغرور يرجع الي من غره.

(2) بتقريب: انه مع الشرط ليس له الاجارة من الغير و مع فرض الاجارة

______________________________

(1)

مستند العروة كتاب الاجارة ص: 310- 319

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 388

عقده و مطالبة المستأجر منه باجرة المثل (1).

______________________________

و انتفاع المستأجر الثاني من العين يضمن للمستأجر الاول اجرة المثل للمنفعة المستوفاة.

(1) اذ الشرط لا يقصر سلطنته وضعا و غايته ثبوت الحكم التكليفي نعم اذا تخلف عن الشرط يثبت للمالك خيار التخلف فاذا فسخ العقد يثبت الضمان اي يضمن المستأجر الثاني اجرة المثل للمالك كما في المتن.

و ربما يقال: ان الامر بالوفاء بالشرط ينافي الامر المتعلق بالوفاء بعقد الاجارة فلا يمكن أن تكون الاجارة صحيحة و الجواب عن هذا الاشكال انه لا مجال لاجتماع الامرين اذ ما دام لم يتحقق عقد الاجارة يكون الامر بالوفاء بالشرط موجودا و أما الامر بالوفاء بعقد الاجارة غير موجود و بعد عصيان الامر بالوفاء بالشرط الامر بالوفاء بعقد الاجارة موجود مع انتفاء الامر بالوفاء بالشرط بالعصيان.

فان الامر بالوفاء بالشرط ما دام موجودا لا تصل النوبة الي الامر بالوفاء بالعقد و بعد سقوط الامر بالشرط بالعصيان تصل النوبة الي الامر بالوفاء بالعقد و الامر بالشرط غير موجود فأين يجتمعان.

و ربما يقال: ان الامر بالشرط يمنع عن صحة العقد فكأن المكلف بالتكليف الشرعي يكون غير قادر علي الاجارة و فيه: ان التكليف بالوفاء لا يقتضي فساد الاجارة كيف و هو مأمور بالعمل بالشرط فلو لم يكن قادرا علي العقد كيف يؤمر بالوفاء.

و ربما يقال: ان اطلاق دليل وجوب العمل بالشرط حتي بعد الاجارة يقتضي فسادها و فيه: انه لا مجال لبقاء الامر بالشرط بعد العصيان فان المشروط عليه اذا خالف شرطه و آجر العين من الغير يسقط الامر بالشرط و يتحقق للمشروط له خيار تخلف الشرط فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 389

[مسألة 50: إذا استأجر الدكان مدة فانتهت المدة وجب عليه إرجاعه إلي المالك]

(مسألة 50): اذا استأجر الدكان مدة فانتهت المدة وجب عليه ارجاعه الي المالك و لا يجوز له ايجاره من ثالث الا باذن المالك (1). كما لا يجوز له اخذ مال من ثالث ليمكنه من الدكان المسمي في عرفنا «سرقفلية» الا اذا رضي المالك (2) و اذا مات المستأجر لم يجز أيضا لوارثه أخذ «السرقفلية» الا اذا رضي المالك (3) فاذا أخذها يرضا المالك لم يجب اخراج ثلث للميت اذا كان قد

______________________________

ثم انه لا يخفي أن ما أفاده من ضمان المستأجر الثاني بالمثل للمالك مبني علي مرام الماتن حيث يري ان فسخ الاجارة من الاصل و أما علي المسلك الاخر و هو كون الفسخ من الحين فلا وجه لبطلان الاجارة الثانية بل الاجارة الثانية باقية بحالها حتي بعد الفسخ غاية الامر للمالك مطالبة اجرة المثل من المستأجر الاول بالنسبة الي المدة الباقية بعد الفسخ و بعبارة اخري: المستأجر الاول أتلف مال المالك بالتلف الحكمي فعليه دفع اجرة المثل.

(1) لان اختيار المال بيد مالكه فليس للمستأجر بعد انتهاء المدة التصرف في الدكان و يجب عليه ارجاع أمره الي مالكه و لا يجوز له ايجاره من الغير الا باذن المالك.

(2) الظاهر ان المراد من الجملة تسليم الدكان الي غير المالك كما يعامل ذلك الغير مع المالك فيأخذ شيئا في مقابل هذا التفويض و الظاهر انه لا مانع منه اذا كان باذن المالك اذ لا مانع في التسليم و التفويض الا من ناحية التصرف في مال الغير فاذا رضي المالك به لا يبقي مانع منه.

(3) الكلام فيه هو الكلام فانه لا وجه للجواز الا مع اذن المالك و مع اذنه لا مانع منه.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 390

أوصي (1)

الا اذا كان رضا المالك مشروطا باخراج الثلث (2) نعم اذا اشترط المستأجر علي المالك في عقد الاجارة أو عقد آخر لازم أن يأخذ «السرقفلية» جاز له أخذها فاذا مات كان ذلك موروثا لوارثه و وجب اخراج ثلثه اذا كان أوصي (3).

______________________________

(1) لان السرقفلية لا تكون مما تركه الميت فلا يجب اخراج الثلث منها.

(2) كما هو ظاهر فان الاخذ منوط باذن المالك و اذن المالك مقصور في هذه الدائرة و في هذا الفرض فمع عدم الاخراج لا يجوز له الاخذ.

(3) بمقتضي الشرط المقتضي للنفوذ و في المقام اشكال و هو ان الشرط لا بد أن يكون أمرا مشروعا في وعاء الشريعة و بعبارة اخري: دليل الشرط لا يكون مشرعا فلا بد من احراز شرعيته قبل وقوعه تحت دليل الشرط و علي هذا الاساس لا بد في المقام من كون هذا الحق شرعيا و بعد تماميته يقع مورد الشرط و ما يتصور في هذا المقام لصحته وجوه:

الوجه الاول: ان المالك له حق ايجار ملكه و يجوز له أن ينقل هذا الحق الي الغير بعوض و مقتضي دليل جواز أكل المال بالتجارة عن تراض جواز هذه المبادلة بل يمكن نقله بالمصالحة و بعد تحقق العقد المذكور يكون لازما بمقتضي عموم وجوب الوفاء بالعقد فعليه يكون نقل هذا الحق الي الغير جائزا و صحيحا فلو وقع هذا النقل تحت عنوان الشرط بنحو شرط النتيجة يحصل المقصود و يرتفع الاشكال فهذا الحق يبقي للطرف الاخر و بعد موته ينتقل الي وارثه بل له أن ينقله الي غيره و هكذا كما هو المتداول عند الناس و أهل السوق.

و فيه: اولا انا لا نفهم و لا نجد حقا للمالك غير نفوذ

معاملاته في ملكه من البيع و الاجارة و أمثالهما و أما الزائد عليه كي يقع عليه المعاملة فلا نجده و بعبارة اخري: حق الايجار كحق البيع و هل يمكن الالتزام بجواز نقل المالك حق بيعه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 391

______________________________

لماله الي الغير و ان شئت قلت: المستفاد من الدليل الشرعي ان المالك لو باع داره أو آجر دكانه او غسل يده النجسة يصح بيعه و تصح اجارته و تطهر يده فلا موضوع كي يقع عليه النقل و الانتقال.

و ثانيا: لو شك في وجود الحق المذكور يحكم بعدمه باصالة عدم تحققه شرعا.

الوجه الثاني: أن يشترط المالك للمستأجر في ضمن عقد الاجارة أن لا يزاحمه بالنسبة الي اجارة الدكان أو الخان فيما يرتكبه المستأجر و بهذا الاشتراط يصبح المشروط له حرا في عمله و له ايجار الدكان بأي نحو يريد فيجوز اخذ السرقفلية بهذه الحيلة.

و يرد عليه اولا: انه لو مات المالك و انتقل الملك الي وارثه فبأي مستند يتصرف المستأجر في ملك المالك اذ بعد موته يكون من بيده الامر وارثه و انقطعت يد المالك عنه و ثانيا: لو مات المستأجر لا يكون حق لوارثه اذ لم يكن المورث مالكا لحق كي يرثه وارثه بالموت الا أن يقال: بأن المالك يشترط عدم المزاحمة حتي مع وارث المستأجر.

و ثالثا: ان مجرد عدم المزاحمة لا يخرج العقد عن الفضولية بل يتوقف علي الاجازة و لا أقلّ من الرضا فلو فرض انه لم يجز أو لم يرض يكون العقد باطلا و ان كان الشارط عاصيا لعدم وفائه بالشرط الا أن يقال: ان الشرط يوجب حقا للمشروط له فيمكنه اجبار الشارط علي العمل به و ان امتنع تصل النوبة الي

دخالة الحاكم الشرعي في الامر و تصديه لأنه ولي الممتنع و هل يمكن الالتزام بأن المتداول الخارجي علي هذا المنوال.

الوجه الثالث: ان المستأجر يشترط علي المالك في عقد الاجارة أن يعمل

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 392

______________________________

المالك علي طبق ما يريده المستأجر و بمقتضي هذا الشرط يكون المستأجر مبسوط اليد في كل امر يريد و يجب علي الموجر المالك موافقته بمقتضي الشرط.

و يرد عليه اولا: ان المالك لو لم يوافق و عصي لا يكون المستأجر مبسوط اليد و بعبارة اخري: مرجع هذا الشرط الي اشتراط الفعل و ليس شرطا للنتيجة غاية الامر يثبت للشارط حق اجبار المشروط عليه و لا بد من مراجعة الحاكم الشرعي لأنه ولي الممتنع و ثانيا ان المشروط عليه لو مات و انتقلت العين الي الورثة لا يبقي للمستأجر حق بعد موته اذ الامر بعد موت المالك بيد وارثه و ثالثا: لو مات المشروط له يتم الامر و ليس لوارثه ذلك الحق اذ لم يكن حق ينتقل اليه بمقتضي الارث.

الوجه الرابع: أن يوكل المالك المستأجر في ضمن عقد الاجارة في اجارة العين بأي نحو شاء و حيث ان هذه الوكالة تقع بعنوان الشرط في ضمن العقد تكون لازمة بمقتضي دليل الشرط بل بمقتضي وجوب الوفاء بالعقد و ما يتعلق به فيكون المستأجر بمقتضي الوكالة اللازمة مبسوط اليد فيما يريد.

و يريد عليه اولا: ان الوكالة تبطل بموت الموكل فلا أثر لهذه الحيلة لما بعد موته و ان شئت قلت: ان الموكل بموته ينعزل عن التصرف و ينتقل المال الي الوارث و امره يفوض اليه فما فائدة هذه الوكالة و ثانيا: ان الوكالة تبطل بموت الوكيل و لا أثر لها بعد موته و اشتراط

أن تنتقل بالارث الي الوارث لا يؤثر لان الشرط لا يكون مشرعا و في الرتبة السابقة لا بد من مشروعيته كي يلزم بالشرط و الحال ان مقتضي القواعد عدم انتقال الوكالة بالارث نعم لو وكل المالك المستأجر في توكيل الوارث و عمل المستأجر بهذا التوكيل و وكل الوارث عن قبل المالك لا تصل النوبة الي الارث بل يكون الوارث وكيلا من قبل الموكل اصالة لا بالارث و غير

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 393

______________________________

خفي ان الوجه المذكور مجرد فرض و خيال و ليس منه في الخارج أثر بل لا يخطر في ذهن احد من أهل السوق.

الوجه الخامس: انه لا شبهة ان العرف و اهل السوق يتعاملون علي السرقفلية و هذه المعاملة رائجة دارجة في الاسواق فيؤخذ الموضوع من العرف و يحكم عليه بالصحة بالدليل الشرعي أي حلية أكل مال الغير بالتجارة عن تراض و امثاله.

قلت: يرد عليه اولا النقض بأن العرف اذا عاملوا علي حق البيع بأن أعطوا حقهم في بيع دارهم أو دكانهم في مقابل عوض أ فهل يكون هذا صحيحا و شرعيا؟

و ثانيا: بالحل بأنه قد سبق و مر انه لا حق في أمثال المقام و لو شك فيه يحكم بعدمه بمقتضي استصحاب العدم الازلي فلا يكون مبدلا في قبال البدل فلاحظ.

الوجه السادس: ان المالك يشترط للمستأجر أن يأذن له فيما يرتكبه و يكون راضيا بما يفعله و حيث ان هذا الاذن يقع بنحو الاشتراط يكون لازما و ليس له أن يرجع من اذنه و رضاه.

و فيه: ان هذا الاذن علي فرض تماميته بالتقريب المذكور لا أثر له بعد موت المالك اذ العين بعد موت المورث يكون أمرها بيد الوارث و لا يترتب علي

اذن المورث اثر كما انه لو مات المأذون فلا وجه لبقاء الاذن اذ الاذن للمستأجر الا أن يقال يمكن تصوير سعة دائرة الاذن من الاول بأن يكون للمستأجر و لو رشته.

و قد بين سيدنا الاستاد في رسالته العملية وجوها لتصحيح أخذ السرقفلية:

الاول: ان المالك يمكنه أن يوجره كأنه كل شهر بمبلغ مأئة تومان مثلا مضافا الي نصف مليون تومانا و يشترط للمستأجر أن لا يزاحمه و يكون له حق الاستيجار ما دام يريد و لا يزيد علي مقدار مال الاجارة و اذا أراد المستأجر أن يفوض امر الاجارة الي

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 394

______________________________

الغير يكون له هذا الحق و يعامل المالك مع المستأجر الثاني مثل ما عامل مع الاول ففي هذه الصورة يكون للمستأجر الاول أن يأخذ السرقفلية من الثالث في قبال رفع يده عن الدكان و يكون حلالا له و بهذه الحيلة الشرعية يتم الامر و ينسد باب الاشكال.

و فيه ان جعل هذا الحق للمستأجر بلا اذن من المالك يكون مخالفا للشرع فلا يمكن الاشتراط ان قلت: هذا الاذن يرجع الي توكيل المستأجر و حيث ان التوكيل وقع بعنوان الاشتراط يلزم قلت: قد مران الوكالة تبطل بموت الموكل فلا أثر لهذه الوكالة لما بعد موته و أيضا قلنا: ان الوكالة تبطل بموت الوكيل فلا أثر لهذه الحيلة لما بعد موت الوكيل.

مضافا الي أن شرط الايجار من الثالث شرط فعل علي المالك و غايته وجوب الايجار عليه فلو عصي و لم يؤجر لا يمكن الاجارة الا بمداخلة الحاكم الشرعي في المعركة و اجبار المالك علي الايجار و هل الواقع في الخارج كذلك أو انه مجرد فرض و خيال؟

الثاني: أن يوجر المالك دكانه من زيد و

يشترط له أن لا يزاحمه ما دام يريد البقاء في المحل و يشترط له أن لا يكون له حق في زيادة مال الاجارة و بعد تمامية الاجارة بهذا النحو يمكن لثالث أن يدفع مقدارا من المال للمستأجر كي يرفع اليد عن الدكان و بعد رفع يده يستأجر الثالث الدكان من المالك فيكون اخذ المستأجر ذلك المال من الثالث حلالا لأنه في مقابل رفع اليد.

و فيه: ان الاشكال في أصل الاجارة اذ نسأل انه ما معني ان لا يكون للمالك حق المزاحمة و يكون للمستأجر حق البقاء ما دام يريد البقاء و ان متعلق الشرط ان كان هو الحق و لو مع عدم رضا المالك يكون الشرط باطلا و ان كان مرجعه الي

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 395

______________________________

التوكيل فيتوجه اليه ما أوردناه في الوجه الاول و لا وجه للإعادة.

الثالث: أن يشترط المستأجر علي المالك أن لا حق له في تعطيل الاجارة و رفع يد المستأجر و ان يكون للمستأجر حق نقل سكناه الي الغير ففي هذه الصورة يمكن للمستأجر أن يأخذ السرقفلية من ثالث في قبال ذلك الحق فحق السكني ينتقل الي الثالث في قبال السرقفلية.

و فيه: اولا ان اشتراط هذا الحق للمستأجر يكون علي خلاف المقرر الشرعي الا أن يرجع الي التوكيل و الكلام فيه هو الكلام و ثانيا: انه لا معني لنقل حق السكني و ثبوت هذا الحق اول الكلام و الاشكال مضافا الي أن شرط كون المستأجر ذا حق في نقل هذا الحق الي الغير علي خلاف الشرع فلا يشمله دليل الشرط.

ايقاظ: أفاد سيدنا الاستاد- علي ما في التقرير «1» - ما حاصله: ان المالك ربما يملك منفعة داره أو دكانه من الغير

في قبال اجرة فيكون الطرف مالكا للمنفعة بالاجارة و ربما يأذن للغير أن يتصرف في الدار و في هذه الصورة يكون المأذون جائز التصرف في الدار و يكون الاذن مقوما لجواز تصرفه و ثالثة لا هذا و لا ذاك بل أمر متوسط بين الامرين و هو حق السكني فان المالك يجعل الغير ذا حق في سكني الدار أو الدكان و في هذه الصورة لا يكون ذو الحق مالكا للمنفعة.

و لذا لا يمكنه ان يوجر الدار من الغير و أيضا لا يكون له مجرد الاذن بحيث ينتهي زمان جواز التصرف بانتهاء الاذن بل حق السكني له و هذا الحق كما يمكن أن يجعل للغير من قبل المالك ابتداء كما هو كذلك في باب السكني فيقول اسكنتك هذه الدار مدة كذا كذلك يمكن جعل هذا الحق في ضمن العقد بالشرط و الذي يقع بالاشتراط تارة يجعل للغير فقط و اخري يجعل له و للغير و بعبارة اخري حق السكني

______________________________

(1) مستند العروة كتاب الاجارة ص: 507

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 396

______________________________

حق قابل للجعل للغير من قبل المالك و قد ثبتت شرعيته بالنصوص و هذا الامر المشروع يمكنه جعله للغير بحيث لا يختص بفرد بل يجعل للطرف و لمن يعامل معه الطرف علي هذا الحق و علي الجملة لا يختص بالمباشر بل يعم غير المباشر و لو مع ألف واسطة فيبقي هذا الحق و بعد تحقق الاشتراط يلزم و يبقي الي زمان سعة الجعل هذا ملخص ما أفاده.

فنقول ينبغي أولا التعرض لتلك النصوص سندا و دلالة و ثانيا ملاحظة انه هل يمكن اثبات ما افاده بتلك النصوص أم لا؟ فمن تلك النصوص ما رواه حمران قال:

سألته عن السكني و

العمري فقال: الناس فيه عند شروطهم ان كان شرطه حياته سكن حياته و ان كان لعقبه فهو لعقبه كما شرط حتي يفنوا ثم يرد الي صاحب الدار «1».

و المستفاد من هذه الرواية انه يصح جعل السكني للغير مدة حياته و كذلك يصح جعله للغير و لعقبه و بعد أن يفنوا يرجع المال الي صاحبه و مقتضاه بقاء حق السكني لمن جعل له و لعقبه بعد وفاته و أما لو مات المالك فهل يبقي حق السكني ففيه اشكال اذ لا تعرض له في الحديث و مقتضي القاعدة الاولية عدم البقاء اذ أمر المال بيد الوارث بعد موت المورث بل صرح في الرواية برجوع العين الي صاحبه الا أن يقال ان مقتضي قوله عليه السلام «الي أن يفنوا» بقاء الحق ما دام بقائهم و بعد انقراضهم يرجع المال الي صاحبه الشرعي و لم يفرض في الحديث كون صاحب المال المالك الاول الذي جعل السكني للغير و لعقبه و علي كل حال لا يستفاد من الرواية حكم المقام اذ المفروض عند أهل السوق ان حق السرقفلية حق لمن جعل له و قابل للتفويض الي الغير كما انه يورث من ذيه الي وارثه و هل يستفاد من الحديث

______________________________

(1) الكافي ج 7 ص: 33 حديث: 21

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 397

______________________________

ثبوت هذا الحق شرعا بهذا النحو مضافا الي الاشكال في السند بحمران.

و منها: ما رواه أبو الصباح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن السكني و العمري فقال: ان كان جعل السكني في حياته فهو كما شرط و ان كان جعلها له و لعقبه من بعده حتي يفني عقبه فليس لهم أن يبيعوا و لا يورثوا ثم ترجع

الدار الي صاحبها الاول «1» و المستفاد من هذا الحديث هو المستفاد من ذلك الحديث و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي الاشكال في سند الحديث بمحمد بن الفضيل.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و سألته عن رجل اسكن رجلا داره حياته قال: يجوز له و ليس له ان يخرجه قلت: فله و لعقبه قال يجوز و سألته عن رجل أسكن رجلا و لم يوقت له شيئا قال يخرجه صاحب الدار اذا شاء «2» و المستفاد من هذه الرواية مضافا الي ما استفيد منهما انه لو لم يوقت يكون للمالك الخيار متي شاء أن يرجع يمكنه الرجوع.

و منها: ما رواه الحلبي أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسكن الرجل داره و لعقبه من بعده قال: يجوز و ليس لهم أن يبيعوا او لا يورثوا قلت فرجل أسكن داره رجلا حياته قال يجوز ذلك قلت فرجل أسكن رجلا داره و لم يوقت قال:

جائز و يخرجه اذا شاء «3».

و المستفاد من هذا الحديث ما هو المستفاد من الحديث الثالث مضافا الي أن المستفاد منه عدم جواز البيع و عدم الارث.

و منها: ما رواه الحسين بن نعيم عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال:

سألته عن رجل جعل دارا سكني لرجل أبان حياته أو جعلها له و لعقبه من بعده قال

______________________________

(1) عين المصدر حديث: 22

(2) نفس المصدر ص 34 حديث 24

(3) عين المصدر حديث: 25

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 398

______________________________

هي له و لعقبه من بعده كما شرط قلت: فان احتاج يبيعها؟ قال: نعم قلت فينقض بيعه الدار السكني؟ قال: لا ينقض البيع السكني كذلك سمعت أبي عليه السلام

يقول: قال ابو جعفر عليه السلام لا ينقض البيع الاجارة و لا السكني و لكن يبعه علي أن الذي يشتريه لا يملك ما اشتري هو حتي ينقضي السكني علي ما شرط و الاجارة الحديث «1».

و المستفاد من هذه الرواية مضافا الي ما هو المستفاد من غيرها ان صاحب الدار يمكنه و يجوز له أن يبيع الدار و لكن البيع لا يبطل السكني كما انه لا يبطل الاجارة.

و منها: ما رواه خالد بن رافع البجلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل جعل لرجل سكني دار له حياته يعني صاحب الدار فلما مات صاحب الدار أراد ورثته أن يخرجوه ألهم ذلك؟ قال: فقال: أري أن تقوم الدار بقيمة عادلة و ينظر الي ثلث الميت فان كان في ثلثه ما يحيط بثمن الدار فليس للورثة أن يخرجوه و ان كان الثلث لا يحيط بثمن الدار فلهم أن يخرجوه قيل له: أ رأيت ان مات الرجل الذي جعل له السكني بعد موت صاحب الدار يكون السكني لعقب الذي جعل له السكني؟ قال: لا «2» و هذه الرواية ضعيفة بخالد.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قضي في العمري انها جائزة لمن أعمرها فمن أعمر شيئا ما دام حيا فانه لورثته اذا توفي «3».

و المستفاد من هذه الرواية ان من اعمر شيئا ما دام حيا اذا مات يكون ذلك

______________________________

(1) عين المصدر ص: 38 الحديث 38

(2) عين المصدر الحديث: 39

(3) تهذيب الاحكام ج 9 ص: 143 حديث 595

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 399

______________________________

الشي ء لوارثه و من الظاهر انه لا يستفاد حكم المقام من هذه الرواية.

و منها: ما

رواه علي بن معبد قال: كتب اليه محمد بن احمد بن ابراهيم بن محمد سنة ثلاث و ثلاثين و مأتين يسأله عن رجل مات و خلف امراة و بنين و بنات و خلف لهم غلاما أوقفه عليهم عشر سنين ثم هو حر بعد العشر سنين فهل يجوز لهؤلاء الورثة بيع هذا الغلام و هم مضطرون اذا كان علي ما وصفته لك جعلني اللّه فداك؟ فكتب لا تبعه الي ميقات شرطه الا ان يكونوا مضطرين الي ذلك فهو جائز لهم «1». و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن معبد.

و منها: ما رواه ابو البختري عن جعفر عن ابيه عن علي عليه السلام ان السكني بمنزلة العارية ان احب صاحبها ان يأخذها اخذها و ان احب ان يدعها فعل اي ذلك شاء «2» و هذه الرواية ضعيفة سندا بأبي البختري.

و منها: ما رواه عبد الرحمن الجعفي قال: كنت أختلف الي ابن ابي ليلي في مواريث لنا ليقسمها و كان فيه حبيس فكان يدافعني فلما طال شكوته الي ابي عبد اللّه عليه السلام فقال: أو ما علم ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله امر برد الحبيس و انفاذ المواريث قال: فأتيته ففعل كما كان يفعل قلت له: اني شكوتك الي جعفر بن محمد عليه السلام فقال لي: كيت و كيت قال: فحلفني ابن ابي ليلي انه قال ذلك فحلفت له فقضي لي بذلك «3» و هذه الرواية ضعيفة بعبد الرحمن الجعفي مضافا الي انها في مقام بيان حكم الحبيس.

و منها: ما رواه عمر بن اذينة قال: كنت شاهدا عند ابن أبي ليلي و قضي في رجل جعل لبعض قرابته غلة داره و لم يوقت وقتا فمات الرجل

و حضر ورثته ابن أبي

______________________________

(1) نفس المصدر ص: 138 حديث: 581

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب أحكام السكني و الحبيس الحديث: 3

(3) تهذيب الاحكام ج 9 ص 141 حديث: 592

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 400

و هذه السرقفلية من مؤن التجارة فلا خمس فيها نعم اذا كان للدافع حق في أخذها من غيره و ان لم يرض المالك كان ذلك الحق من أرباح التجارة يجب اخراج خمسه بقيمته و ربما زادت القيمة و ربما نقصت و ربما ساوت ما دفعه (1).

[مسألة 51: يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط الباشرة و ما بمعناها أن يؤجر العين المستأجرة بأقل مما استأجرها به و بالمساوي]

(مسألة 51): يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط الباشرة و ما بمعناها أن يؤجر العين المستأجرة بأقل مما استأجرها به و بالمساوي (2).

______________________________

ليلي و حضر قرابة الذي جعل له الدار فقال ابن أبي ليلي: أري أن أدعها علي ما تركها صاحبها فقال له محمد بن مسلم الثقفي أما ان علي بن أبي طالب عليه السلام قد قضي في هذا المسجد بخلاف ما قضيت فقال: و ما علمك؟ قال: سمعت أبا جعفر محمد ابن علي عليه السلام يقول: قضي علي بن أبي طالب عليه السلام برد الحبيس و انفاذ المواريث فقال له ابن أبي ليلي: هذا عندك في كتاب؟ قال: نعم قال: فأرسل اليه و أتني به قال محمد بن مسلم علي أن لا تنظر في الكتاب الا في ذلك الحديث قال: لك ذلك فأراه الحديث عن أبي جعفر عليه السلام في الكتاب فرد قضيته «1».

و هذه الرواية تدل علي أن المحبوس يرجع الي الورثة بعد موت المالك فالمتحصل مما تقدم عدم قيام دليل يفي باثبات مشروعية اخذ السرقفلية بالنحو المتداول في السوق.

(1) قد تكلمنا حول هذه الجهة في كتاب الخمس عند تعرض الماتن فراجع ما ذكرناه

هناك.

(2) الجواز علي طبق القاعدة الاولية فان المستأجر بعد فرض كونه مالكا

______________________________

(1) عين المصدر ص: 140 حديث: 591

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 401

و كذا بالاكثر منه اذا أحدث فيها حدثا (1) أو كانت الاجرة من غير جنس الاجرة السابقه (2). بل يجوز أيضا مع عدم الشرطين المذكورين (3) عدا البيت و الدار والد كان و الاجير فلا يجوز اجارتها بالاكثر حينئذ (4).

______________________________

للمنفعة يجوز له التصرف في مملوكه بأي نحو كان و التخصيص متوقف علي قيام دليل.

(1) كتوسيع المسلك أو تبييض الغرف و أمثالهما فان الدليل المانع قد قيدت بهذا القيد مضافا الي أنه يكفي للجواز الادلة الاولية فان التخصيص يحتاج الي الدليل كما تقدم.

(2) اذ المستفاد من دليل المنع أن لا يكون أكثر من حيث الجنس لا أكثر مالية فاذا كان الثاني مختلفا من حيث الجنس مع الاول لا يشمله دليل المنع و ان شئت قلت: دليل المنع يكون ظاهرا في المتحد جنسا و لا أقلّ من عدم ظهوره في الاطلاق فيكفي للجواز الادلة الاولية المقتضية للجواز.

(3) لاختصاص المنع بالموارد الخاصة ففي غيرها يعمل علي طبق القاعدة الاولية و مقتضاها الجواز.

(4) يمكن الاستدلال علي المدعي بالنسبة الي البيت و الاجير بما رواه أبو الربيع الشامي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يتقبل الأرض من الدهاقين ثم يؤاجرها بأكثر مما تقبلها به و يقوم فيها بحظ السلطان فقال: لا بأس به ان الارض ليست مثل الاجير و لا مثل البيت ان فضل الاجير و البيت حرام «1».

و ما رواه ابراهيم بن ميمون ان ابراهيم بن المثني سأل أبا عبد اللّه عليه السلام و هو يسمع عن الارض يستأجرها الرجل ثم يؤاجرها بأكثر

من ذلك قال: ليس

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 402

______________________________

به بأس ان الارض ليست بمنزلة الاجير و البيت ان فضل البيت حرام و فضل الاجير حرام «1».

و لكن السند في كليهما مخدوش أما في الاول فبأبي الربيع فانه لم يوثق و كونه في اسناد تفسير القمي لا يفيد و أما الثاني فبسهل و ابن ميمون و أفاد سيدنا الاستاد انه يمكن الاستدلال علي المدعي بالنسبة الي البيت بما دل علي المنع بالنسبة الي الدار اذ من الممكن أن لا يكون للموجر غير البيت فيرجع الي الحقيقة الي اجارة البيت.

و يرد عليه ان الاخذ بالاطلاق يتوقف علي صدق الموضوع و عليه كيف يمكن استفادة حكم البيت من الدليل الوارد في الدار مع اختلاف الدار و البيت مفهوما.

و يمكن الاستدلال بالنسبة الي الاجير بما رواه أبو المعزا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يؤاجر الارض ثم يؤاجرها بأكثر مما استأجرها قال: لا بأس ان هذا ليس كالحانوت و لا الاجير ان فضل الحانوت و الاجير حرام «2».

و أما بالنسبة الي الدار فيمكن الاستدلال علي المدعي بعدة نصوص: منها:

ما رواه اسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهما السلام ان أباه كان يقول: لا بأس ان يستأجر الرجل الدار أو الارض أو السفينة ثم يؤاجرها بأكثر مما استأجرها به اذا أصلح فيها شيئا «3» و هذه الرواية ضعيفة بحسن بن موسي الخشاب و غياث بن كلوب.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لو أن رجلا استأجر

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 22 من أبواب أحكام الاجارة

الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 403

و الاحوط الحاق السفينة بها (1) بل الاحوط الحاق الرحي (2).

______________________________

دارا بعشرة دراهم فسكن ثلثيها و آجر ثلثها بعشرة دراهم لم يكن به بأس و لا يؤاجرها بأكثر مما استأجرها به الا أن يحدث فيها شيئا «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يستأجر الدار ثم يؤاجرها بأكثر مما استأجرها به قال: لا يصلح ذلك الا أن يحدث فيها شيئا «2».

و الظاهر ان الحديثين تامان سندا و دلالة فلا اشكال في المدعي و أما بالنسبة الي الدكان فيمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه أبو المعزا «3».

(1) يدل علي المدعي ما رواه اسحاق بن عمار «4» و لكن قد مر ان الحديث ضعيف سندا،

(2) يمكن الاستدلال علي المدعي بحديثين: احداهما: ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اني لأكره أن أستأجر الرحي وحدها ثم اواجرها بأكثر مما استأجرتها الا أن احدث فيها حدثا أو أغرم فيها غرما «5» و هذه الرواية قاصرة عن الدلالة علي المدعي اذ الكراهة اعم من الحرمة.

ثانيهما: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اني لأكره أن أستأجر رحي وحدها ثم اواجرها بأكثر مما استأجرتها به الا أن يحدث فيها حدثا أو يغرم فيها غرامة «6» و الاشكال في هذه الرواية هو الاشكال في سابقتها.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 402

(4) لاحظ ص: 402

(5) الوسائل الباب 20 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 1

(6) الوسائل الباب 22 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 404

و الارض أيضا (1).

______________________________

(1) يدل علي الجواز حديثا الشامي و

أبي المعزا «1» و حديث أبي المعزا تام سندا و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي المنع لاحظ ما رواه الحلبي قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أتقبل الارض بالثلث أو الربع فاقبلها بالنصف قال:

لا بأس به قلت فأتقبلها بألف درهم و اقبلها بألفين قال: لا يجوز قلت لم؟ قال:

لان هذا مضمون و ذلك غير مضمون «2».

و ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا تقبلت ارضا بذهب أو فضة فلا تقبلها بأكثر مما تقبلتها به و ان تقبلتها بالنصف و الثلث فلك أن تقبلها بأكثر مما تقبلتها به لان الذهب و الفضة مضمونان «3».

و ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا تقبلت أرضا بذهب أو فضة فلا تقبلها بأكثر مما قبلتها به لان الذهب و الفضة مصمتان اي لا يزيدان «4»

فيقع التعارض بين الطرفين فان قلنا بأن مقتضي الصناعة أن يحمل دليل المنع علي الكراهة بقرينة دليل الجواز فهو و الا فلا بد من اعمال قانون التعارض و حيث ان دليل الجواز موافق لإطلاق الكتاب حيث ان مقتضي قوله تعالي: إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ «5» هو الصحة يقدم دليل الجواز علي دليل المنع الا أن يقال ان التجارة لا تصدق علي الاجارة و يمكن أن يقال: أنه لا تعارض بين الجانبين اذ ما يدل علي الجواز يفصل و حديث المنع مطلق فلا بد من تخصيص العام بالخاص و تقييد المطلق بالمقيد.

______________________________

(1) لاحظ ص: 401 و 402

(2) الوسائل الباب 21 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) النساء/ 29

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص:

405

و ان كان الاقوي فيهما الجواز علي كراهة (1) و لا يجوز أن يؤجر بعض احد هذه الاربعة بل السفينة أيضا علي الأحوط بأزيد من الاجرة كما اذا استأجر دارا بعشرة دراهم فسكن بعضها و آجر البعض الاخر بأكثر من عشرة دراهم الا أن يحدث فيها حدثا (2) و أما اذا آجره باقل من العشرة فلا اشكال (3) و الاقوي الجواز بالعشرة أيضا (4).

[مسألة 52: إذا استؤجر علي عمل من غير اشتراط المباشرة]

(مسألة 52): اذا استؤجر علي عمل من غير اشتراط المباشرة

______________________________

(1) قد عرفت ان مقتضي الصناعة علي تقدير التعارض الالتزام بالجواز بلا كراهة و أيضا قد عرفت مرارا انا نري التعارض بين الدليلين في أمثال المقام لكن تقدم آنفا انه لا بد من التفصيل في الارض فلاحظ.

(2) بتقريب: ان العرف يفهم من دليل المنع بالنسبة الي الجزء بالاولوية مضافا الي ما رواه الحلبي «1» فان المستفاد من هذه الرواية انه لو أستأجر دارا بمبلغ لا يجوز اجارة بعضها بأزيد من ذلك المقدار الا أن يحدث فيها حدثا و يجوز أن يوجر مقدارا منها بذلك المقدار و لا يخفي انه تقدم عدم دليل معتبر علي المدعي بالنسبة الي السفينة.

(3) كما هو مقتضي القاعدة الاولية اذ لا يشمله دليل المنع مضافا الي حديث الحلبي فانه يستفاد منه الجواز بالنسبة الي الاقل بالاولوية.

(4) كما نص به في الحديث مضافا الي أنه مقتضي القاعده ثم انه لا وجه للاشتراط المذكور بالنسبة الي الدكان و الاجير فان مقتضي دليل المنع عدم الجواز حتي مع احداث حدث فلو أحدث في الدكان حدثا لا يجوز ايجاره أزيد مما آجره و كذلك الامر في الاجير فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 403

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 406

و لا مع الانصراف اليها يجوز أن

يستأجر غيره لذلك العمل بتلك الاجرة أو الاكثر (1) و لا يجوز بالاقل الا اذا أتي ببعض العمل و لو قليلا كما اذا تقبل خياطة ثوب بدرهمين ففصله أو خاط منه شيئا و لو قليلا فانه يجوز أن يستأجر غيره علي خياطته بدرهم (2) بل لا يبعد

______________________________

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية و لا دليل علي المنع.

(2) لجملة من النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه سئل عن الرجل يتقبل بالعمل فلا يعمل فيه و يدفعه الي آخر فيربح فيه قال: لا الا أن يكون قد عمل فيه شيئا «1».

و ما رواه الحكم الخياط قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اني أتقبل الثوب بدراهم و اسلمه «بأكثر بأقل خ ل» من ذلك لا أزيد علي أن اشقه قال: لا بأس به ثم قال: لا بأس فيما تقبلته من عمل قد استفضلت فيه «2».

و ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يتقبل العمل فلا يعمل فيه و يدفعه الي آخر يربح فيه قال: لا «3».

و ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عن الرجل الخياط يتقبل العمل فيقطعه و يعطيه من يخيطه و يستفضل قال: لا بأس قد عمل فيه «4».

و ما رواه مجمع قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أتقبل الثياب اخيطها ثم اعطيها الغلمان بالثلثين فقال: أ ليس تعمل فيها فقلت: أقطعها و أشتري لها

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 407

الاكتفاء في جواز الاقل بشراء الخيوط و

الابرة (1).

[مسألة 53: في الموارد التي يتوقف العمل المستأجر عليه علي تسليم العين إلي الأجير]

(مسألة 53): في الموارد التي يتوقف العمل المستأجر عليه علي تسليم العين الي الاجير اذا جاز للأجير أن يستأجر غيره علي العمل الذي استؤجر عليه جاز له أن يسلم العين الي الاجير الثاني نظير ما تقدم في تسليم العين المستاجرة الي المستاجر الثاني (2).

[مسألة 54: إذا استؤجر للعمل بنفسه مباشرة ففعله غيره قبل مضي زمان يتمكن فيه الأجير من العمل]

(مسألة 54): اذا استؤجر للعمل بنفسه مباشرة ففعله غيره قبل مضي زمان يتمكن فيه الاجير من العمل بطلت الاجارة و لم يستحق

______________________________

الخيوط قال: لا بأس «1».

و ما رواه علي الصائغ قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: أتقبل العمل ثم اقبله من غلمان يعملون معي بالثلثين فقال: لا يصلح ذلك الا أن تعالج معهم فيه قال:

قلت فاني اذيبه لهم «قال يه» فقال: ذلك عمل فلا بأس «2».

(1) و الانصاف انه بعيد اذ لا يصدق عليه العمل فيه الذي هو المستفاد من نصوص الباب نعم في حديث مجمع قلت: اقطعها و اشتري لها الخيوط قال:

«لا بأس» لكن مجرد الاشتراء بلا قطع لا يكون مشمولا للحديث مضافا الي أنه ضعيف سندا.

(2) الظاهر ان الحق كما أفاده فانه لو جاز استيجار الغير و توقف العمل علي تسليم العين جاز التسليم كما أن الامر كذلك في اجارة العين فانه يجوز تسليمها و يمكن الاستدلال علي الجواز بما رواه الصفار قال: كتبت الي الفقيه عليه السلام في رجل دفع ثوبا الي القصار ليقصره فدفعه القصار الي قصار غيره ليقصره فضاع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 408

العامل و لا الاجير الاجرة (1) و كذلك اذا استؤجر علي عمل في ذمته لا بقيد المباشرة ففعله غيره لا يقصد التبرع عنه (2) و أما اذا فعله بقصد التبرع عنه كان اداءا للعمل

المستاجر عليه و استحق الاجير الاجرة (3).

______________________________

الثوب هل يجب علي القصار أن يرده اذا دفعه الي غيره و ان كان القصار مأمونا فوقع عليه السلام هو ضامن له الا أن يكون ثقة مأمونا ان شاء اللّه «1».

فان مقتضي هذه الرواية جواز التسليم غاية الامر يكون الاجير ضامنا اذا لم يكن الاجير الثاني ثقة و هذا لا يقتضي عدم جواز التسليم بل يقتضي التسليم مع الضمان و مع كونه ثقة يجوز بلا ضمان فلاحظ.

(1) الوجه فيه ان متعلق الاجارة لا بد أن يكون أمرا مقدورا للأجير و المفروض عدم كونه مقدورا له فتكون الاجارة باطلة و مع فرض البطلان لا موضوع للاستحقاق أما بالنسبة الي الاجير فلبطلان الاجارة و أما بالنسبة الي العامل فلعدم المقتضي للاستحقاق اذ المفروض ان عمله لم يكن مستندا الي من عمل له.

(2) و الوجه فيه هو الوجه و الفرق بين الموردين ان التبرع يتصور في الصورة الثانية اذ المفروض عدم قيد المباشرة في متعلق الاجارة و لا يتصور في الصورة الاولي لكن حيث ان المفروض عدم قصد التبرع عن الاجير لم يكن وجه لاستحقاق الاجير شيئا و ان شئت قلت: ان عمل الغير يبطل الاجارة و بعبارة اخري: يكشف عن بطلان الاجارة اذ لا وجه لحدوث البطلان بل الصحيح ان الاجارة كانت باطلة من الاول.

(3) فان التبرع في أداء دين الغير مورد السيرة الخارجية الممضاة عند الشارع قطعا و بعبارة اخري: يجوز افراغ ذمة الغير و لا يحتاج الي اذن منه بل لا يلزم علمه به و لا فرق بين كون الدين من الاثمان و بين أن يكون من الاعمال أو الاموال.

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 18

مباني

منهاج الصالحين، ج 8، ص: 409

[مسألة 55: إجارة الأجير تكون علي قسمين]

(مسألة 55): اجارة الاجير تكون علي قسمين الاول: أن تكون الاجارة واقعة علي منفعة الخارجية من دون اشتغال ذمته بشي ء نظير اجارة الدابة و الدار و نحوهما من الاعيان المملوكة الثاني أن تكون الاجارة واقعة علي عمل في الذمة فيكون العمل المستاجر عليه دينا في ذمته كسائر الديون (1) فان كانت علي النحو الاول فقد تكون الاجارة علي جميع منافعه في مدة معينة و حينئذ لا يجوز له في تلك المدة العمل لنفسه و لا لغيره لا تبرعا و لا باجارة و لا بجعالة (2) نعم لا باس ببعض الاعمال التي انصرفت عنها الاجارة و لا تشملها و لا تكون منافية لما شملته كما انه اذا كان مورد الاجارة أو منصرفها الاشتغال بالنهار مثلا فلا مانع من الاشتغال ببعض الاعمال في الليل له أو لغيره تبرعا أو باجارة أو جعالة (3) الا اذا أدي الي ضعفه في النهار عن القيام بما

______________________________

(1) فان الدار مثلا لها منافع متعددة و حيثيات مختلفة و كذلك الدابة الي غيرهما من الاعيان الخارجية فربما يكون متعلق الاجارة فيها منفعة خاصة و اخري يكون موردها مطلق المنافع و هذا يتصور في الانسان أيضا مضافا الي أنه يمكن أن تكون الاجارة واقعة علي الذمة و هي القسم الثاني في كلام الماتن و القسم الثاني لا يتصور في الاعيان الخارجية حيوانا كانت أو غيرها فلاحظ.

(2) اذ المفروض ان جميع منافعه مملوكة للغير فلا يجوز له التصرف فيها و بعبارة اخري: التصرف في منافعه يكون تصرفا في مملوك الغير.

(3) اذ المفروض انه خارج عن تحت العقد فلا يكون مملوكا للغير فيجوز التصرف فيه لعدم ما يقتضي المنع.

مباني منهاج الصالحين،

ج 8، ص: 410

استؤجر عليه (1) فاذا عمل في المدة المضروبة في الاجارة بعض الاعمال المشمولة لها فان كان العمل لنفسه تخير المستاجر بين فسخ الاجارة و استرجاع تمام الاجرة و بين امضاء الاجارة و مطالبته بقيمة العمل الذي عمله لنفسه (2) و كذا اذا عمل لغيره تبرعا (3) نعم يحتمل ان له أيضا حينئذ مطالبة غيره بقيمة العمل الذي استوفاه فيتخير بين امور ثلاثة

______________________________

(1) فانه لا يجوز في هذه الصورة اذ المفروض انه يجب عليه القيام بالعمل المستأجر عليه في النهار و الاشتغال في الليل يمنعه عن القيام فلا يجوز لا تكليفا و لا وضعا أما تكليفا فلأن الواجب عليه تسليم مملوك الغير و المفروض عدم امكان التسليم مع الاشتغال في الليل و أما وضعا فلأن المفروض انه لا يمكن الجمع بين الامرين و من ناحية اخري المنافع النهارية مملوكة للغير بالعقد الاجاري الاولي فلا مجال لجواز العقد الثاني.

(2) أما جواز الفسخ فلتخلف الشرط الموجب لحدوث الخيار و أما جواز اخذ قيمة العمل فلأن المفروض انه مملوكة و قد فوته علي مالكه.

(3) الكلام فيه هو الكلام و يختلج بالبال أن يقال: ان المستأجر لو لم يفسخ عقد الاجارة يمكنه اخذ اجرة المثل لما فوت عليه الاجير لا اجرة مقدار العمل الذي اتي به الاجير و بعبارة اخري: يمكن أن يكون اجرة العمل الذي عمله مقدارا أقلّ من اجرة المثل الفائت و بعبارة ثالثة: الاجير قد فوت المنفعة بمقدار ساعة مثلا فيضمن الاجرة بهذا المقدار و أما العمل الذي عمله فيمكن أن لا يكون له الاجرة بهذا المقدار و لتوضيح المدعي نقول: لو غصب الغاصب فرس زيد يوما يكون ضامنا لأجرة المثل في قبال أعلي منافع

الفرس أعم من أن استفاد منه أم لا فالميزان في الضمان قابلية المورد للنفع الكذائي الذي يكون أعلي مراتبه فلاحظ لكن

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 411

و لا يخلو من وجه (1) و أما اذا عمل لغيره بعنوان الاجارة أو الجعالة فله الخيار بين الامرين المذكورين اولا (2) و بين امضاء الاجارة أو الجعالة و اخذ الاجرة أو الجعل المسمي فيها (3) و يحتمل قريبا ان له مطالبة غيره كما عرفت فتخير بين امور اربعة (4) ثم اذا اختار المستاجر فسخ الاجارة الاولي في جميع الصور المذكورة و رجع بالاجرة المسماة فيها و كان قد عمل الاجير بعض العمل للمستأجر كان له عليه اجرة المثل (5) هذا اذا كانت

______________________________

المستفاد من حديث أبي ولاد «1» ضمان المنافع المستوفاة.

(1) هذا الاحتمال ضعيف اذ لا وجه لضمان من تبرع له الاجير حتي اذا أمره بالعمل اذ مجرد الامر لا يقتضي الضمان و لذا لو أمر واحد غيره باتلاف ملك شخص فأتلف المأمور ملك ذلك الشخص لا يكون الامر ضامنا بل الضامن المتلف للمال نعم ربما يوجب الضمان بلحاظ الغرور و كيف كان في فرض التبرع لا مجال لتوجه الضمان الي من تبرع له نعم لا اشكال في أن الامر بارتكاب عمل محترم يوجب ضمان الامر بالنسبة الي المأمور اذا لم يقصد التبرع و الدليل علي الضمان السيرة العقلائية المستقرة في الخارج الممضاة عند الشارع الاقدس بلا كلام و لا اشكال و صفوة القول: عدم وجه لضمان الغير و اللّه العالم.

(2) قد مر الاشكال في اخذ الاجرة و بينا وجه الاشكال فلا نعيد.

(3) بناء علي صحة الفضولي و تماميته باجازة من بيده الامر كما هو المقرر في محله.

(4) قد مر

انه ضعيف و لا وجه له فلاحظ.

(5) اذ المفروض ان الاجير لم يقصد التبرع في عمله و عمله محترم و كان عمله

______________________________

(1) لاحظ ص: 354

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 412

الاجارة واقعة علي جميع منافعه أما اذا كانت علي خصوص عمل بعينه كالخياطة فليس له أن يعمل ذلك العمل لنفسه و لا لغيره لا تبرعا و لا بالاجارة و لا بالجعالة فاذا خالف و عمل لنفسه تخير بين الامرين السابقين و ان عمل لغيره تبرعا تخير بين الامور الثلاثة و ان عمل لغيره بالاجارة أو الجعالة تخير بين الامور الاربعة كما في الصورة السابقة (1) و في هذه الصورة لا مانع من أن يعمل لنفسه أو لغيره باجارة أو جعالة غير ذلك العمل اذا لم يكن منافيا له (2) فاذا آجر نفسه في يوم معين للصوم عن زيد جاز له أن يخيط لنفسه أو لغيره باجارة أو جعالة و له الاجر أو الجعل المسمي (3) أما اذا كان منافيا له كما اذا آجر نفسه للخياطة فاشتغل بالكتابة تخير المستاجر بين فسخ الاجارة و المطالبة بقيمة العمل المستاجر عليه الذي قوته علي المستاجر (4) و اذا كانت الاجارة علي

______________________________

بمقتضي المعاقدة مع المستأجر و ان شئت قلت: دخوله في العمل بعنوان اخذ الاجرة مع موافقة المستأجر و ما أفاده مبني علي كون الفسخ من الاصل لا من الحين و قد مر منا انه ليس الامر كذلك و ان الفسخ من الحين.

(1) الكلام فيه هو الكلام تقريبا و اشكالا فراجع و طبق ما مر قريبا علي المقام.

(2) كما هو ظاهر اذ لا مقتضي للمنع و الناس مسلطون علي أموالهم و انفسهم.

(3) لعدم التنافي بين الامرين.

(4) أما جواز الفسخ فلعدم

تسليم العمل الذي يكون مملوكا للمستأجر و عدم تسليمه يقتضي الخيار و أما جواز المطالبة بالقيمة فلتفويت مال الغير و حقه فيضمن بقاعدة الاتلاف ان قلت: الاجير بتفويته يكون ضامنا للقيمة و كيف يمكن الجمع

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 413

النحو الثاني الذي يكون العمل المستاجر عليه في الذمة فتارة تؤخذ المباشرة قيدا علي نحو وحدة المطلوب و تارة علي نحو تعدد المطلوب فان كان علي النحو الاول جاز له كل عمل لا ينافي الوفاء بالاجارة (1) و لا يجوز ما ينافيه سواء أ كان من نوع العمل المستأجر عليه أم من غيره (2) و اذا عمل ما ينافيه تخير المستأجر بين فسخ الاجارة و المطالبة

______________________________

بين الامرين و بعبارة اخري: خيار الفسخ بيتني علي بقاء العمل في ملك المستأجر فاذا فسخ العقد يرجع الي الاجير و الاجرة ترجع الي ملك المستأجر و أخذ الاجرة يبتني علي الضمان فلا يمكن الجمع بين الامرين اذ مرجعه الي الجمع بين المبدل و البدل قلت: الحق ان الثابت في ذمة الضامن عين التالف و القيمة تكون بدلا عنها فلا تنافي بين الامرين.

(1) كما هو مقتضي القاعدة اذ لا مقتضي للمنع.

(2) لا تكليفا و لا وضعا أما تكليفا فلأنه يجب عليه تسليم ما في ذمته و باشتغاله بالمنافي يكون عاصيا و أما وضعا فلأنه لا يمكن أن يحكم الشارع بصحة العقد الثاني مع عدم قدرته شرعا. ان قلت: قد حقق في محله ان الترتب صحيح و علي طبق القاعدة فيمكن الالتزام بالصحة بنحو الترتب قلت: الترتب و ان كان صحيحا لكن لا يمكن اجرائه في أمثال المقام اذ يتوقف علي أن يكون العقد الثاني معلقا علي العصيان و التعليق يوجب فساد

العقد فمن هذه الجهة لا يمكن.

و علي الجملة العقد الثاني اما يتحقق علي الاطلاق و اما يتحقق علي نحو التعليق و كلاهما فاسدان أما الأول فلتنافي العقدين و أما الثاني فلأن التعليق يبطل العقد كما حقق في محله اللهم الا أن يقال: ان التعليق علي ما يتوقف عليه صحة العقد لا يكون مبطلا و لذا لو شك البائع في كون العين مملوكة له يجوز له أن يقال: ان كان

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 414

بقيمة العمل الفائت المستأجر عليه (1) و اذا آجر نفسه لما ينافيه توقفت صحة الاجارة الثانية علي اجازة المستأجر الاول بمعني رفع يده عن حقه (2).

______________________________

هذا ملكا لي فقد بعته و ان شئت قلت دليل بطلان التعليق ليس الا الاجماع و حيث انه دليل لبلي يقتصر فيه علي القدر المتيقن منه فلاحظ.

(1) أما الفسخ فلتخلف الشرط و عدم تسليم مورد الاجارة و اما جواز اخذ الاجرة فلأن الاجير أتلف مملوك المستأجر و الاتلاف يوجب الضمان.

(2) الظاهر انه لا أثر لإجازته و رفع يده عن حقه اذ المفروض ان العقد حين صدوره لم يكن واجدا للشرط و الشي ء لا ينقلب عما هو عليه نعم لو أسقط حقه قبل الاجارة الثانية تصح الا أن يقال: ان الكلام في المقام مبني علي صحة الفضولي باجازة من بيده الامر و المفروض ان اذن المستأجر الاول يصحح الاجارة الثانية فاذا كان اذنه السابق مؤثرا في صحته حدوثا يكون اجازته مؤثرة في الصحة بقاء كبقية الموارد و بعبارة اخري: علي تقدير القول بصحة الفضولي مع اجازة من بيده الامر كما هو بناء القوم لا يكون مجال للإشكال في المقام اذ المقام من مصاديق الفضولي.

لكن يرد علي هذا البيان

ان مجرد رفع اليد عن الحق كما في عبارة الماتن لا أثر له فان رفع اليد قبل العقد بمعني رفع المانع عن التأثير و مع عدم المانع يكون العقد الاجاري الثاني مؤثرا و أما رفع اليد بعد العقد فلا أثر له و ان شئت قلت:

العقد الاجاري الثاني حين حدوثه كان مقرونا بالمانع و حين رفع المانع لا يوجد عقد في الخارج كي يؤثر.

نعم لقائل أن يقول: هذا الاشكال انما يتوجه فيما يكون اجازة المستأجر الاول بمعني رفع يده عن حقه كما في عبارة الماتن و ان كان مرجعه الي انفاذ العقد و اجازته فيكون مؤثرا و اي فرق بين المقام و اجازة مالك العين بيع الغاصب اياها

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 415

______________________________

فان اجازة من بيده الامر مؤثرة اعم من أن يكون مالكا أو وكيلا عنه أو وليا عليه أو ذا حق علي العين كما في المقام و مثل المقام من هذه الجهة بيع الراهن العين المرهونة فان المرتهن اذا أجاز العقد يكون مؤثرا و لكن جميع ما ذكر مبني علي صحة الفضولي مع الاجازة و أما لو لم نقل بصحة العقد الفضولي مع الاجازة كما هو المسلك الحق عندنا فلا تصل النوبة الي البحث في هذا الفرع و أمثاله اذ اساس القاعدة مخدوش فلاحظ و العجب كل العجب من سيدنا الاستاد حيث أفاد في هذا المقام علي ما في التقرير «1» مع انه قائل بصحة الفضولي انه لا أثر لإجازة المستأجر الاول لان الاجارة الثانية صدرت غير صحيحة و غير مشروعة و الاجازة اللاحقة لا توجب انقلاب الشي ء عن ما هو عليه و لا تقتضي الصحة هذا ملخص كلامه.

و يرد عليه اولا: النقض ببيع الفضولي

مال الغير فان بيعه خلاف الشرع و غير صحيح و الاجازة اللاحقة لا تغيره عن ما وقع عليه و ثانيا: ان الملاك في صحة الفضولي عند القوم استناد العقد بقاء الي من بيده الامر و هذا الملاك في جميع الموارد موجود و حكم الامثال واحد نعم لا بد من أن المستأجر الاول يمضي العقد بحيث يستند اليه لا مجرد اسقاط حقه فان اسقاط الحق قبل العقد يؤثر لأنه مع اسقاط حقه لا يبقي مانع من الصحة و أما اسقاط الحق بقاء فلا أثر له و السرّ فيه ان العقد حين صدوره كان مقرونا بالمانع و ارتفاع المانع بعد تحققه لا أثر له و أما امضائه و اجازته بحيث يستند العقد الي نفسه فيكون مؤثرا كما أن الامر كذلك في البيع الفضولي فان المالك لا بد أن يجيز و ينفذ و أما اذا أسقط حقه فلا أثر له لكن الحق صحة الفضولي بالرضا المتأخر و قد اخترنا في كتاب البيع صحته بالاجازة اللاحقة

______________________________

(1) مستند العروة كتاب الاجارة ص: 306

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 416

فان لم يجز بطلت (1) و استحق الاجير علي من عمل له اجرة المثل (2) كما أن المستأجر الاول يتخير كما تقدم بين فسخ الاجارة الاولي و المطالبة بقيمة العمل الفائت (3) و ان أجاز صحت الاجارة الثانية (4) و استحق الاجير علي كل من المستأجر الاول و الثاني الاجرة المسماة في الاجارتين و برئت ذمته من العمل الذي استؤجر عليه اولا (5) و ان كانت الاجارة علي نحو تعدد المطلوب فالحكم كذلك (6) نعم لا يسقط العمل المستأجر عليه عن ذمة الاجير بمجرد الاجازة للإجارة الواقعة علي ما ينافيه بل يسقط شرط

المباشرة و يجب

______________________________

فراجع ما ذكرناه هناك و ليعلم انه لا أثر لرفع اليد عن الحق قبل الاجارة الا أن يرجع الي الاذن فيها اذ الحق المذكور غير قابل لرفع اليد عنه و ان شئت قلت:

ان كل مملوك أمره بيد مالكه و هذه الحيثية غير قابلة للإسقاط فلاحظ.

(1) بل تبطل مع الاجازة أيضا كما تقدم لكن تقدم انه لا وجه للإشكال علي اساس صحة الفضولي بالاجازة.

(2) اذ ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده و ان شئت قلت: اقدام الاجير علي العمل لا يكون بقصد التبرع بل مبني علي الضمان و المفروض ان عمله محترم و لا يذهب هدرا و حيث ان المفروض فساد الاجارة تصل النوبة الي اجرة المثل.

(3) و قد تقدم شرح كلام الماتن.

(4) بتقريب صحة الفضولي بالاجازة.

(5) اذ المفروض صحة كلا العقدين و كلتا الاجارتين فاستحقاق الاجير لكلتا الاجرتين علي القاعدة.

(6) لوحدة الملاك فان حكم الامثال واحد.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 417

علي الاجير العمل للمستأجر الاول لا بنحو المباشرة و العمل للمستأجر الثاني بنحو المباشرة (1) لكن فرض تعدد المطلوب في الذميات لا يخلو من شبهة (2).

[فصل و فيه مسائل]

اشارة

فصل و فيه مسائل

[مسألة 56: لا تجوز إجازة الأرض للزرع بما يحصل منها حنطة أو شعيرا مقدارا معينا]

(مسألة 56): لا تجوز اجازة الارض للزرع بما يحصل منها حنطة أو شعيرا مقدارا معينا كما لا تجوز اجارتها بالحصة من زرعها مشاعة ربعا أو نصفا (3).

______________________________

(1) اذ لا وجه للسقوط بعد فرض تعدد المطلوب.

(2) يمكن أن يكون الوجه في الشبهة ان اشتغال الذمة بنحو تعدد المطلوب لا يتصور فان الذمة اما مشغولة بالجامع بين الامرين و اما مشغولة بالنوع الخاص و علي كلا التقديرين لا تعدد في المطلوب.

(3) يقع الكلام تارة فيما هو المستفاد من النصوص الخاصة و اخري فيما يكون مقتضي القاعدة الاولية فيقع الكلام في موضعين: الموضع الاول:

في مفاد الروايات الخاصة فمنها ما رواه الفضيل بن يسار قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن اجارة الارض بالطعام قال: ان كان من طعامها فلا خير فيه «1» و هذه الرواية ضعيفة بموسي بن بكر و صالح بن السندي.

و منها: ما رواه أبو بردة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن اجارة الارض المحدودة «المخابرة خ ل» بالدراهم المعلومة قال: لا بأس قال: و سألته عن اجارتها بالطعام فقال: ان كان من طعامها فلا خير فيه «2» و هذه الرواية ضعيفة بأبي

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من أبواب المزارعة و المساقاة الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 418

______________________________

بردة.

و منها: ما رواه يونس بن عبد الرحمن عن غير واحد عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنهما سئلا ما العلة التي من أجلها لا يجوز أن تواجر الارض بالطعام و تواجرها بالذهب و الفضة؟ قال: العلة في ذلك ان الذي يخرج منها حنطة و شعير و لا تجوز اجارة حنطة بحنطة و لا شعير بشعير

«1» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال و ابن مرار.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تستأجر الارض بالحنطة ثم تزرعها حنطة «2» و المستفاد من هذه الرواية حرمة اجارة الارض بالحنطة ثم زراعة الحنطة فيها.

و قال سيدنا الاستاد: لا اشكال في زراعة الحنطة في الفرض المزبور كما أنه لا اشكال في عدم فساد الاجارة و عدم اشتراطها بعدم زراعة الحنطة فالنهي ليس تحريميا كما انه ليس ارشادا الي الاشتراط.

و منها: رواه أبو المعزا قال: سأل يعقوب الاحمر أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا حاضر فقال: أصلحك اللّه انه كان لي أخ قد هلك و ترك في حجري يتيما ولي أخ يلي ضيعة لنا و هو يبيع العصير ممن يصنعه خمرا و يؤاجر الأرض بالطعام فأما ما يصيبني فقد تنزهت فكيف أصنع بنصيب اليتيم؟ فقال: أما اجارة الارض بالطعام فلا تأخذ نصيب اليتيم منه الا أن تواجرها بالربع و الثلث و النصف الحديث «3».

و أفاد سيدنا الاستاد «بأن الرواية لا ترتبط بالمقام بل ترتبط بالمزارعة حيث جوز عليه السلام اذا كان بالكسر المشاع الذي يختص بباب المزارعة» و ما أفاده

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 419

______________________________

قريب عن الصواب اذ لا اشكال في جواز اجارة الارض بالطعام فالرواية ناظرة الي حكم المزارعة.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تواجر الأرض بالحنطة و لا بالشعير و لا بالتمر و لا بالأربعاء و لا بالنطاف و لكن بالذهب و الفضة لان الذهب و الفضة مضمون و هذا ليس بمضمون «1».

و المستفاد من هذه الرواية

النهي عن اجارة الارض بغير الذهب و الفضة و حيث انه لا اشكال في جواز الاجارة بغيرهما لا مجال للأخذ بها و يحمل النهي فيها علي الكراهة.

و منها: ما رواه أبو بصير أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تواجر الأرض بالحنطة و لا بالتمر و لا بالشعير و لا بالأربعاء و لا بالنطاف «2».

و الكلام في هذه الرواية هو الكلام في سابقتها فالنتيجة انه لا يستفاد المنع من النصوص الخاصة اما من ناحية القصور في السند أو الدلالة أو كلا الامرين.

و أما الموضع الثاني فتارة يقع البحث في مقام الثبوت و اخري في مقام الاثبات و الدلالة أما بحسب مقام الثبوت فحيث ان الملكية من الامور الاعتبارية و خفيف المئونة لا مانع من تعلقها بالشي ء الذي يوجد فيما بعد و لذا لا اشكال في اجارة الشجر بلحاظ ثمره فان المستأجر يملك الثمرة المعدومة التي توجد بعد ذلك و أيضا لا اشكال في جواز اجارة البستان بلحاظ أثماره و غيرها من منافعه غير الموجودة وقت الاجارة الا أن يقال: بأن المملوك في أمثال ما ذكر الحيثية الخاصة و قابلية الانتاج و بعبارة اخري: لا يكون الثمر بنفسه مملوكا بالاجارة بل المملوك تلك الحيثية و غيرها من منافعه غير الموجودة وقت الاجارة و لا اشكال أيضا في صحة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 420

______________________________

بيع الثمرة مع الضميمة و العوض في باب المزارعة الكسر المشاع من الحاصل الذي يوجد بعد ذلك.

و صفوة القول: انه لا اشكال في مقام الثبوت و انما الاشكال في مقام الاثبات و الدلالة فانه لو لم يدل دليل علي صحة جعل مال الاجارة من

طعام الأرض غير الموجود و لم يكن أمرا دايرا بين العقلاء فلا دليل علي صحته و من الظاهر ان صحة الاجارة تحتاج الي دليل يدل عليها.

و ان شئت قلت: ان المستأجر يملك مال الاجارة من الموجر ففي الرتبة السابقة لا بد من كونه مالكا له كي يمكنه التمليك من الغير و كونه مالكا له قبل الاجارة لا دليل عليه بل الدليل علي عدمه لأن مقتضي الاستصحاب عدم كونه مالكا له في وعاء الشرع.

و بكلمة اخري: كل معاملة لم يقم دليل علي صحتها من قبل الشرع يحكم بفسادها شرعا اذ الأصل الاولي في أبواب المعاملات هو الفساد.

و في المقام روايات تدل علي الجواز لاحظ ما رواه الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أتقبل الأرض بالثلث أو الربع فاقبلها بالنصف قال: لا بأس به قلت: فأتقبلها بألف درهم و اقبلها بألفين قال: لا يجوز قلت: لم؟ قال لأن هذا مضمون و ذلك غير مضمون «1».

فان المستفاد من هذه الرواية جواز الاجارة بما يخرج من الأرض ان قلت:

الرواية ناظرة الي المزارعة و لا ترتبط بالاجارة قلت: يشترط في المزارعة أن يكون العوض علي نحو الاشاعة و المستفاد من هذه الرواية جواز جعل الاجرة الدرهم غاية الامر يشترط أن لا يكون أزيد مما استأجرها و الشاهد علي المدعي ان صاحب الوسائل ذكر الرواية في كتاب الاجارة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 421

______________________________

و لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا تقبلت أرضا بذهب أو فضة فلا تقبلها بأكثر مما تقبلتها به و ان تقبلتها بالنصف و الثلث فلك أن تقبلها بأكثر مما تقبلتها

به لأن الذهب و الفضة مضمونان «1».

و لاحظ ما رواه اسماعيل بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الرجل استأجر من السلطان من أرض الخراج بدراهم مسماة أو بطعام مسمي ثم آجرها و شرط لمن يزرعها أن يقاسمه النصف أو أقل من ذلك أو أكثر أو له في الأرض بعد ذلك فضل أ يصلح له ذلك؟ قال: نعم اذا حفر لهم نهرا أو عمل لهم شيئا يعينهم بذلك فله ذلك قال: و سألته عن الرجل استأجرني أرض الخراج بدراهم مسماة أو بطعام معلوم فيؤاجرها قطعة قطعة أو جريبا جريبا بشي ء معلوم فيكون له فضل فيما استأجر من السلطان و لا ينفق شيئا أو يؤاجر تلك الأرض قطعا علي أن يعطيهم البذر و النفقة فيكون له في ذلك فضل علي اجارته و له تربة الأرض أو ليست له فقال له:

اذا استأجرت أرضا فأنفقت فيها شيئا أو رسمت فيها فلا بأس بما ذكرت «2».

و لاحظ ما رواه الفيض قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: جعلت فداك ما تقول في الأرض أتقبلها من السلطان ثم اواجرها من آخرين علي أن ما أخرج اللّه منها من شي ء كان لي من ذلك النصف و الثلث أو أقل من ذلك أو أكثر قال: لا بأس الحديث «3».

و يضاف الي ما ذكر انه لا مانع من الأخذ باطلاق دليل الاجارة بل لا مانع من الأخذ باطلاق قوله تعالي: «إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ» «4» بناء علي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3 و 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) النساء/ 129

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 422

و تجوز اجارتها بالحنطة أو الشعير في الذمة و

لو كان من جنس ما يزرع فيها فضلا عن اجارتها بغير الحنطة و الشعير من الحبوب (1) و ان كان الاحوط تركه (2).

[مسألة 57: تجوز إجارة حصة مشاعة من أرض معينة]

(مسألة 57) تجوز اجارة حصة مشاعة من أرض معينة كما تجوز اجارة حصة منها علي نحو الكلي في المعين (3).

[مسألة 58: لا تجوز إجارة الأرض مدة طويلة لتوقف مسجدا]

(مسألة 58): لا تجوز اجارة الارض مدة طويلة لتوقف مسجدا و لا تترتب آثار المسجد عليها (4).

______________________________

شمولها للإجارة و عدم اختصاصه بخصوص البيع.

(1) لوجود المقتضي و عدم المانع فان مقتضي اطلاق ادلة الاولية هو الجواز و المنع يتوقف علي الدليل.

(2) لعله لأجل ان الظاهر من جملة من النصوص المنع و قلنا لا بد من رفع اليد عن ظهورها و اللّه العالم.

(3) كما ان الامر كذلك في باب البيع و السيرة الخارجية جارية عليه فانه ربما توجر عين خارجية و اخري توجر الحصه المشاعة و ثالثة الكلي في المعين و رابعة الكلي في الذمة.

(4) استدل سيدنا الاستاد علي عدم الجواز بأن المسجدية تساوي التأييد و لا توقيف فيها و يدل علي المدعي من الكتاب قوله تعالي في صورة الجن «وَ أَنَّ الْمَسٰاجِدَ لِلّٰهِ فَلٰا تَدْعُوا مَعَ اللّٰهِ أَحَداً» بتقريب: ان المستفاد من الاية ان المسجد مختص به تعالي و بين من بيوته فاذا كان ملكا له تعالي فلا يكون ملكا لغيره و لو بعد مدة طويلة.

و يدل علي المدعي من النصوص ما رواه الحسين بن علوان عن جعفر عن

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 423

______________________________

أبيه ان عليا عليه السلام كان يقول: من تصدق بصدقة فردت عليه فلا يجوز له أكلها و لا يجوز له الا انفاقها انما منزلتها بمنزلة العتق للّه فلو أن رجلا أعتق عبد اللّه فرد ذلك العبد لم يرجع في الأمر الذي جعله للّه فكذلك لا يرجع في الصدقة «1»

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه طلحة بن زيد عن جعفر عن ابيه عليه

السلام قال: من تصدق بصدقة ثم ردت عليه فلا يأكلها لأنه لا شريك للّه عز و جل في شي ء مما جعل له انما هو بمنزلة العتاقة لا يصلح ردها بعد ما يعتق «2».

بتقريب: ان المستفاد من هذه الطائفة من النصوص ان ما كان له تعالي لا يرجع و يكون مثل الصدقة اي لا مجال لرجوعها.

اقول: ان علم من الخارج ان عنوان المسجدية عنوان يساوق الابدية غير موقت يتم الامر بلا اشكال اذ فرض كونه ابديا فلا مجال للتوقيت و أما اثبات المدعي بما ذكر من النص و أمثاله فيشكل اذ الحكم لا يتعرض لموضوعه فان ما كان له تعالي لا يرجع و أما ما كان له تعالي فلا بد فيه من التأبيد فلا يستفاد من النص كما أن المدعي لا يستفاد من الاية الشريفة بل المستفاد منها ان المسجد له تعالي و لا شريك له اما كون المسجد امرا و عنوانا ابديا دائميا فلا يستفاد من الاية الشريفة كما لا يستفاد من النصوص المشار اليها.

و ان شئت قلت: ان المستفاد من الاية و الرواية ان المسجد ما دام مسجدا لا شريك له تعالي فيه كما انه لا يكون قابلا للرجوع لكن الكلام في أنه بأي دليل نستدل علي ابدية المسجد أضف الي ذلك انه لو فرض انه لو بني احد مسجدا و لم يقصد القربة فلا يكون له تعالي و لم يقصد عنوان التقرب فلا يدخل في موضوع النصوص و لا مجال لادعاء ان بناء المسجد مشروط بالقربة اذ مع انه لا دليل عليه منقوض

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب الصدقة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين،

ج 8، ص: 424

______________________________

بأن مساجد العامة من مصاديق العنوان و يترتب عليها أحكام المسجد مع ان الأمر التعبدي الصادر عنهم باطل و يشترط في العبادة الولاية.

اذا عرفت ما ذكرنا نقول: يمكن اثبات المدعي بنحو آخر و هو انه لا دليل لنا يدل بعمومه أو اطلاقه علي مشروعية بناء المسجد و لو علي النحو الموقت و مع عدم الدليل لا مجال لدعوي جواز التوقيت فيه بل مقتضي الأصل عدم مشروعيته.

و بعبارة اخري: نشك في أن الشارع الأقدس هل جعل حكما عاما أو جعل مشروعيته في أطار خاص و دائرة مخصوصة و مقتضي الأصل عدم العموم و الاطلاق و لا يعارض بأصالة عدم التقييد اذ لا يترتب عليه العموم الاعلي نحو الاثبات الذي لا نقول به مضافا الي أنه يسقط بالمعارضة فتبقي صورة التأبيد خالية عن الاشكال.

و يضاف الي ذلك انه لا يبعد أن يكون المرتكز في اذهان المتشرعة التأبيد في عنوان المسجد و لا يبعد أن يقال: انه لو كان التوقيت فيه جائزا لذاع و شاع و اللّه العالم بحقايق الأشياء.

هذا كله علي تقدير عدم كون المسجد داخلا في الوقف و كونه داخلا في عنوان التحرير و اما علي تقدير كونه مصداقا للوقف فيترتب عليه ما يترتب علي الوقف من الأحكام و يكون بحسب ما اوقفه اهله كما هو مقتضي النص لاحظ ما رواه الصفار انه كتب الي ابي محمد الحسن بن علي عليهما السلام في الوقف و ما روي فيه «الوقوف و ما روي فيها خ ل» عن آبائه عليهم السلام فوقع عليه السلام: الوقوف تكون علي حسب ما يوقفها أهلها ان شاء اللّه «1».

و ما رواه محمد بن يحيي قال: كتب بعض أصحابنا الي ابي

محمد عليه السلام في الوقوف و ما روي فيها فوقع عليه السلام: الوقوف علي حسب ما يقفها اهلها

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب أحكام الوقوف و الصدقات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 425

نعم تجوز اجارتها لتعمل مصلي يصلي فيه أو يتعبد فيه أو نحو ذلك من أنواع الانتفاع (1) و لا يترتب عليها أحكام المسجد (2).

[مسألة 59: يجوز استيجار الشجرة لفائدة الاستظلال و نحوه]

(مسألة 59): يجوز استيجار الشجرة لفائدة الاستظلال و نحوه كربط الدواب و نشر الثياب و يجوز استيجار البستان لفائدة التنزه (3).

______________________________

ان شاء اللّه «1».

و الذي يقوي في النفس ان عنوان المسجد في قبال الاوقاف العامة و الخاصة و انه لا يكون داخلا في الوقف بل كما قالوا تحرير للملك و انه له تعالي بمقتضي قوله تعالي «إِنَّمٰا يَعْمُرُ مَسٰاجِدَ اللّٰهِ مَنْ آمَنَ بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ» «2» و قوله تعالي «وَ أَنَّ الْمَسٰاجِدَ لِلّٰهِ فَلٰا تَدْعُوا مَعَ اللّٰهِ أَحَداً» «3».

و علي الجملة: ان عنوان المسجد مغاير لعنوان الوقف و الذي يدل علي المدعي انه لا يتحقق عنوان المسجد الا بأن يقصد هذا العنوان في مقام الجعل و لا يتحقق هذا العنوان بجعل الأرض وقفا للطاعة و العبادة بل يصير نوعا من الوقف و لا يترتب عليه الأحكام الخاصة للمسجد اضف الي ذلك ان الوقف اخراج للعين من الملك و الحال ان العين المستأجرة باقية في ملك المؤجر فكيف يمكن اجارة الأرض لتوقف مسجدا و ان شئت قلت ان جعل الأرض مسجدا تحريرها من الملكية فلا يعقل صيرورتها مسجدا مع بقائها في ملك مالكها.

(1) لوجود المقتضي و عدم المانع.

(2) اذ المفروض عدم تحقق عنوان المسجدية فلا يترتب عليه ما للمسجد من الأحكام.

(3) لوجود المقتضي و عدم المانع فان المفروض

انه منفعة محللة فلا مانع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) التوبة/ 19

(3) الجن/ 19

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 426

[مسألة 60: يجوز استيجار الإنسان للاحتطاب و الاحتشاش و الاستقاء و نحوها]

(مسألة 60): يجوز استيجار الانسان للاحتطاب و الاحتشاش و الاستقاء و نحوها (1) فان كانت الاجارة واقعه علي المنفعة الخاصة وحدها أو مع غيرها ملك المستأجر العين المحازة و ان قصد الاجير نفسه أو شخصا آخر غير المستأجر (2) و ان كانت واقعة علي العمل

______________________________

من اجارة العين بلحاظها. ان قلت: ان الانتفاع بظل شجر الغير أو حائطه جائز و لو مع عدم رضاه قلت: لا تنافي بين الامرين اذ بالاجارة يملك المستأجر هذه المنفعة و ليس للمالك بعد الاجارة قطع الشجرة أو هدم الحائط.

(1) وقع الكلام بين القوم في صحة هذه الاجارة و منشأ الاشكال ان الحيازة سبب لصيرورة المحاز ملكا للحائز فلا ترجع المنفعة الي المستأجر فتكون الاجارة باطلة. و يرد عليه: اولا: انه ما المانع من صحة الاجارة اذا كان فيها غرض عقلائي و لو مع عدم رجوع المنفعة الي المستأجر فلا مانع من وقوع الاجارة علي عمل يرجع نفعه الي العامل مع وجود مصلحة.

و ثانيا: ان الحيازة اذا كانت ملكا للمستأجر بالاجارة تترتب علي الحيازة صيرورة المحاز ملكا للمستأجر بيان ذلك: انه لا دليل علي صيرورة المحاز ملكا للحائز علي الاطلاق كي يرد هذا الاشكال فان دليل سببية الحيازة للملكية منحصر في النص و السيرة أما النص فما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قال في رجل ابصر طيرا فتبعه حتي وقع علي شجرة فجاء رجل فأخذه فقال أمير المؤمنين عليه السلام: للعين ما رأت و لليد ما أخذت «1»

و هذه الرواية ضعيفة و أما السيرة فهي

جارية علي أن المحاز للحائز و لكن فيما لا تكون الحيازة مملوكة للغير بالاجارة و نحوها و الا يكون المحاز لمالك الحيازة فالي هنا ثبت انه لو حاز الأجير شيئا للمستأجر يكون المحاز له بواسطة الاجارة.

(2) وقع الكلام بين القوم في أنه هل يشترط في سببية الحيازة للملكية قصد

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من أبواب الصيد

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 427

______________________________

التملك أم لا تشترط بذلك بل لا بد من قصد التملك بالحيازة ربما يستدل علي المدعي بما دل من النص علي ما في جوف السمكة المشتراة من الدرة للمشتري و هو ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث ان رجلا عابدا من بني اسرائيل كان محارفا فأخذ غزلا فاشتري به سمكة فوجد في بطنها لؤلؤة فباعها بعشرين ألف درهم فجاء سائل فدق الباب فقال له الرجل: ادخل فقال له: خذ احد الكيسين فأخذ أحدهما و انطلق فلم يكن بأسرع من أن دق السائل الباب فقال له الرجل: ادخل فدخل فوضع الكيس في مكانه ثم قال: كل هنيئا مريئا أنا ملك من ملائكة ربك انما اراد ربك أن يبلوك فوجدك شاكرا ثم ذهب «1».

بتقريب: ان البائع لم يقصد التملك فليس له: و فيه: ان النص المشار اليه لا يدل علي اشتراط قصد التملك بالحيازة بل غاية ما يدل عليه النص اشتراط قصد الحيازة فان البائع لجهله بوجود الدرة في جوف السمكة لم يقصد الحيازة و لا اشكال في أن الحيازة الموجبة للملكية ما يكون مقصودا و أما الحيازة بلا قصد فلا تكون سببا للملكية فكون المشتري مالكا للدرة أمر علي القاعدة كما أن عدم كون البائع مالكا لها كذلك فالنتيجة انه يكفي لحصول

الملكية مجرد قصد الحيازة و أما الزائد عليه فلا و النص المشار اليه شاهد علي المدعي مضافا الي السيرة.

ثم انه لو سلمنا و قلنا يلزم في الحيازة المملكة قصد التملك نقول: يكفي مجرد قصد التملك و لا يلزم قصد التملك لمن تكون له الحيازة فلو حاز مباحا من المباحات قاصدا بها التملك لغيره يصير المحاز ملكا للحائز و لا يصير ملكا لذلك الغير و ان شئت قلت: ملكية المحاز تابعة للحيازة و عليه لو كان الحائز اجيرا و كانت الاجارة واقعة علي الحيازة يكون المحاز للمستأجر اذ المفروض ان الحيازة

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب اللقطة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 428

في الذمة فان قصد الاجير تطبيق العمل المملوك عليه علي فعله الخاص بأن كان في مقام الوفاء بعقد الاجارة ملك المستأجر المحاز أيضا (1) و ان لم يقصد ذلك بل قصد الحيازة لنفسه أو غيره فيما يحوز الحيازة له كان المحاز ملكا لمن قصد الحيازة له (2) و كان للمستأجر الفسخ و الرجوع الاجرة المسماة و الامضاء و الرجوع بقيمة العمل المملوك له بالاجارة الذي فوته عليه (3).

[مسألة 61: يجوز استيجار المرأة للإرضاع]

(مسألة 61): يجوز استيجار المرأة للإرضاع (4) بل للرضاع أيضا بمعني ارتضاع اللبن و ان لم يكن بفعل منها أصلا مدة معينة (5).

______________________________

مملوكة له فتأمل.

(1) بمقتضي الاجارة اذ المفروض ان المستأجر مالك في ذمة الاجير الحيازة و الاجير شخص ما في ذمته في الخارج فيكون ملكا للمستأجر.

(2) اذ فرض جواز الحيازة للغير فاذا قصد نفسه أو قصد غيره كان المحاز ملكا لمن قصد.

(3) اذ بعد عدم تسليم مورد الاجارة يكون للمستأجر أن يفسخ بمقتضي الشرط الارتكازي كما ان له الامضاء و الرجوع باجرة المثل.

(4) بلا

اشكال فانه عمل محترم فلا مانع من ايقاع الاجارة بلحاظه كبقية الأعمال المحترمة و يدل علي المدعي مضافا الي بقية الأدلة الخاصة و العامة قوله تعالي:

«فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» «1».

(5) فان حيثية الارتضاع كحيثية سكني الدار فلا مانع من اجارة المرأة للرضاع كما يجوز اجارة الدار للسكني فلا يرد الاشكال بأن الاجارة تمليك للمنفعة و اللبن

______________________________

(1) الطلاق/ 6

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 429

و لا بد من معرفة الصبي الذي استوجرت لإرضاعه و لو بالوصف علي نحو يرتفع الغرر كما لا بد من معرفة المرضعة كذلك كما لا بد أيضا من معرفة مكان الرضاع و زمانه اذا كانت تختلف المالية باختلافهما (1).

[مسألة 62: لا بأس باستيجار الشاة و المرأة مدة معينة للانتفاع بلبنها الذي يتكون فيها بعد الإيجار]

(مسألة 62): لا بأس باستيجار الشاة و المرأة مدة معينة للانتفاع بلبنها الذي يتكون فيها بعد الايجار و كذلك استيجار الشجرة للثمرة و البئر للاستقاء و في جواز استيجارها للمنافع الموجودة فيها فعلا

______________________________

من الاعيان و لا تملك الأعيان بالاجارة، فانه يمكن دفع هذه الشبهة بأن نقول حيثية الارتضاع كحيثية السكني قابلة للتمليك فلا مانع من اجارة المرأة نفسها لهذه الحيثية مضافا الي أن الاجارة تمليك للمنفعة و المنفعة قد تكون عينا و اخري لا تكون فلا اشكال.

(1) كل ذلك لنفي الغرر و لا يخفي ان الغرر عبارة عن الخطر كما صرح به الراغب في المفردات و عليه يمكن رفع الخطر و لو مع الجهل مثلا لو باع احد ما في الصندوق من غيره بكذا مقدار كعشرة دراهم مثلا و المشتري لا يعلم بما في الصندوق و لكن يعلم ان ما في الصندوق يسوي عشرة دراهم و يمكن أن يسوي دنانير لا يكون هذه المعاملة خطريا بالنسبة الي المشتري فالجهل بالخصوصيات لا يستلزم الغرر

مضافا الي أنه لا دليل علي اشتراط عدم الغرر في مطلق المعاملات و ما دل علي نفي الغرر في البيع ضعيف سندا لاحظ ما رواه الصدوق بأسانيده عن الرضا عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: «و قد نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن بيع المضطر و عن بيع الغرر «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا «2» و لاحظ ما عن صحيفة الرضا عليه السلام قال: و قد نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من أبواب آداب التجارة الحديث: 3

(2) لاحظ السند بهامش الوسائل في نفس المصدر

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 430

من اللبن و الثمرة و الماء اشكال بل المنع أظهر (1).

[مسألة 63: تجوز الإجارة لكنس المسجد و المشهد و نحوهما]

(مسألة 63): تجوز الاجارة لكنس المسجد و المشهد و نحوهما

______________________________

بيع المضطر و عن بيع الغرر «1» و هذه الرواية أيضا لا اعتبار بها لعدم الوثوق بكونها عن المعصوم عليه السلام.

(1) فرق الماتن بين كون الاجارة بلحاظ المنفعة المعدومة و بين كون الاجارة بلحاظ المنفعة الموجودة بالفعل فجوز الاول و نهي عن الثاني بتقريب: ان الاجارة في قبال البيع فان البيع تمليك للعين و الاجارة تمليك للمنفعة فاذا كانت الثمرة موجودة لا يجوز ايجار الشجر بلحاظ ثمره لأن الثمر عين و لا تقع العين مورد الاجارة و أما اذا كان غير موجود فلا مانع من الاجارة لأن حيثية الاستعداد و قابليته من منافع الشجر و لا مانع من وقوع الاجارة علي المنفعة و بهذا النحو تصح الاجارة لا بأن الانتفاع من الثمرة منفعة للشجر.

و الحاصل ان الثمرة منفعة للشجر و لكن الاشكال في أنها من الأعيان فلا بد من التفصيل كما فصل في المتن و

لو التزمنا بجواز اجارة العين بلحاظ ما يترتب عليها من الأعيان لجاز اجارة الحيوان بلحاظ أولاده فيجوز اجارة البقر بلحاظ ما يولد منه و كذلك في جميع موارد التوالد و هل يمكن الالتزام بجوازه؟.

بقي شي ء و هو انه قد مر جواز اجارة المرأة نفسها لحيثية الارتضاع فلا يرد اشكال ان الاجارة لتمليك المنافع لا لتمليك الأعيان و علي هذا ما المانع من أن يقال في أن اجارة الشجر باعتبار الانتفاع من أثمارها فان الارتضاع نحو انتفاع و حكم الامثال واحد و بهذه الحيلة ترتفع الغائلة و يتصالح بين المانعين و المجوزين و لكن علي هذا تكون العين باقية علي ملك مالكها الأول و لا ينتقل اللبن في الضرع أو الثمرة علي الشجرة الي المستأجر بل المستأجر مالك لحيثية الانتفاع بلا

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 31 من أبواب آداب التجارة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 431

و اشعال سراجهما و نحو ذلك (1).

[مسألة 64: لا تجوز الإجارة عن الحي في العبادات الواجبة]

(مسألة 64: لا تجوز الاجارة عن الحي في العبادات الواجبة (2).

______________________________

فرق بين الموجود و ما سيوجد فله الانتفاع بثمر الشجر الموجود بالفعل كما ان له الانتفاع من الثمر الذي يوجد بعد ذلك.

و قال سيدنا الاستاد و يملك المستأجر حيثية كون العين قابلة لأمر كذلك كحيثية كون البقر قابلة للحلب و بالتبع يملك العين بعد تحققها و حصولها في الخارج «1» هذا ملخص ما أفاده في هذا المقام.

اقول: يمكن أن يقال ان المنفعة اعم من العين و لا مانع من اجارة العين بلحاظ المنفعة و لو كانت عينا أيضا نعم لا بد من الاقتصار علي ما تعارف بين العقلاء و لذا لا تجوز اجارة الدابة بلحاظ ولدها و لا تجوز اجارتها بهذا اللحاظ و لو

بالنسبة الي ولدها غير الموجود فعلا و بعبارة اخري: لا تجوز اجارة الدابة بلحاظ حيثية التوليد.

و صفوة القول: انه لا تصح اجارة الحيوان بلحاظ ولده و لكن مع ذلك كله في النفس شي ء و هو ان الاجارة تمليك للمنفعة فاذا كانت المنفعة من الاعيان يتوجه السؤال بأنه ما الفرق بين الاجارة و البيع فنقول: لا بد من تعلق الاجارة بالمنافع و انما نلتزم بصحة الاجارة في بعض الموارد مع كون المنفعة فيه عينا كإجارة البئر للنزح حيث ان منفعته عين الماء للتعبد و السيرة الجارية عليه و اللّه العالم و علي الجملة: الاجارة تمليك للمنفعة التي لا تكون عينا و انما نخرج عن هذه الكلية في جملة من الموارد للتعبد.

(1) بلا اشكال فان هذه الأعمال محترمة و تترتب عليها منافع فلا مانع من ايقاع الاجارة بلحاظها كما ان السيرة الخارجية قائمة عليها.

(2) القاعدة الأولية تقتضي عدم الجواز فان كل تكليف يقتضي أن يأتي بمتعلقه

______________________________

(1) مستند العروة كتاب الاجارة ص: 359

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 432

______________________________

من كلف به و كفاية عمل الغير في مقام الامتثال يحتاج الي الدليل و ما يمكن أن يستدل به علي الجواز جملة من الروايات:

منها: ما رواه محمد بن مروان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ما يمنع الرجل منكم أن يبر والديه حيين و ميتين يصلي عنهما و يتصدق عنهما و يحج عنها و يصوم عنهما فيكون الذي صنع لهما و له مثل ذلك فيزيده اللّه عز و جل ببره وصلته خيرا كثيرا «1».

و هذه الرواية ضعيفة بحكم بن مسكين و غيره. و منها: ما رواه علي بن أبي حمزة في أصله قال: سألته عن الرجل يحج و يعتمر و

يصلي و يصوم و يتصدق عن والديه و ذوي قرابته قال: لا بأس به يوجر فيما يصنع و له أجر آخر بصلة قرابته قلت: ان كان لا يري ما أري و هو ناصب؟ قال يخفف عنه بعض ما هو فيه «2» و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن أبي حمزة مضافا الي اشكال آخر في السند.

و منها: ما رواه علي بن أبي حمزة أيضا قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السلام احج و اصلي و أتصدق عن الأحياء و الأموات من قرابتي و أصحابي؟ قال: نعم تصدق عنه وصل عنه و لك آجر بصلتك اياه «3» و هذه الرواية ضعيفة أيضا بعلي بن أبي حمزة مضافا الي اشكال آخر في السند.

و منها: ما أرسله ابن فهد في عدة الداعي قال: قال عليه السلام: ما يمنع أحدكم أن يبر والديه حيين و ميتين يصلي عنهما و يتصدق عنهما و يصوم عنهما فيكون الذي

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 433

الا في الحج عن المستطيع العاجز عن المباشرة (1) و تجوز في المستحبات (2) و لكن في جوازها فيها علي الاطلاق حتي في مثل الصلاة

______________________________

صنع لهما و له مثل ذلك فيزيده اللّه ببره خيرا كثيرا «1». و المرسل لا اعتبار به فالنتيجة انه لا دليل علي جواز النيابة في الواجبات عن الحي فلا يجوز كما في المتن فلاحظ.

(1) و قد تعرض الماتن لهذا الفرع في مناسكه و شرحنا كلامه في كتابنا «مصباح الناسك في شرح المناسك» فراجع.

(2) لم يعين مورد الجواز في المستحبات و لا اشكال في أن المستحب كالواجب في عدم الجواز فيه

الا مع الدليل و قد دل بعض النصوص علي جواز الاستنابة في زيارة الحسين عليه السلام لاحظ ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث طويل انه قال له رجل هل يزار والدك؟ قال: نعم و يصلي عنده و قال:

يصلي خلفه و لا يتقدم عليه قال: فما لمن أتاه؟ قال: الجنة ان كان يأتم به قال:

فما لمن تركه رغبة عنه؟ قال: الحسرة يوم الحسرة قال: فما لمن أقام عنده؟

قال: كل يوم بألف شهر قال: فما للمنفق في خروجه اليه و المنفق عنده؟ قال:

كل درهم بألف درهم إلي أن قال قال: فما لمن تجهز اليه و لم يخرج لعلة تصيبه قال: يعطيه اللّه بكل درهم ينفقه مثل احد من الحسنات و يخلف عليه أضعاف ما أنفق الحديث «2».

و الرواية ضعيفة سندا و كون رواتها واقعة في أسناد كامل الزيارات لا أثر له مضافا الي أن المذكور في الرواية التجهز و كلامنا في التجهيز و الاستنابة و لكن يكفي لإثبات المدعي في جواز الاستنابة في الزيارة السيرة الخارجية الجارية بين

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب الاحتضار الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 42 من أبواب المزار و ما يناسبه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 434

و الصيام اشكالا (1) و لا بأس بها في فرض الاتيان بها رجاء (2) و تجوز الاجارة عن الميت في الواجبات و المستحبات (3).

______________________________

المتشرعة فان النيابة عن الغير في الزيارات استنابة و كذلك الاستنابة للزيارة جارية في الخارج بلا نكير مضافا الي ما ورد في النيابة عن الحي في الحج لاحظ النصوص الواردة في الباب 28 من ابواب النيابة في الحج من الوسائل منها ما رواه محمد بن اسماعيل قال: سألت

ابا الحسن عليه السلام كم اشرك في حجتي قال: كم شئت «1».

(1) لعدم الدليل عليه الا النصوص التي تقدمت مع الاشكال في اسنادها.

(2) فان باب الرجاء واسع.

(3) فان جواز الاجارة فرع جواز النيابة و قد دلت علي جواز النيابة عن الميت في الواجب و المستحب جملة من النصوص منها: ما رواه عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام تصلي عن الميت؟ فقال: نعم حتي انه ليكون في ضيق فيوسع اللّه عليه ذلك الضيق ثم يؤتي فيقال له: خفف عنك هذا الضيق بصلاة فلأن اخيك عنك قال: فقلت: فأشرك بين رجلين في ركعتين؟ قال: نعم «2» و منها: ما رواه الصدوق مرسلا قال: و قال عليه السلام: يدخل علي الميت في قبره الصلاة و الصوم و الحج و الصدقة و البر و الدعاء و يكتب اجره للذي يفعله و للميت «3».

و منها مرسلته الاخري قال: و قال عليه السلام: من عمل من المسلمين عن ميت

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب النيابة في الحج الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب الاحتضار الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 435

______________________________

عملا صالحا اضعف اللّه له اجره و نفع اللّه به الميت «1».

و منها: ما رواه معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما يلحق الرجل بعد موته؟ فقال: سنة سنها يعمل بها بعد موته فيكون له مثل اجر من يعمل بها من غير ان ينقص من اجورهم شي ء و الصدقة الجارية تجري من بعده و الولد الطيب يدعو لوالديه بعد موتهما و يحج و يتصدق و يعتق عنهما و يصلي و يصوم عنهما فقلت اشركهما في حجتي؟ قال نعم

«2».

و منها: ما رواه عمر بن يزيد قال: كان ابو عبد اللّه عليه السلام يصلي عن ولده في كل ليلة ركعتين و عن والديه في كل يوم ركعتين قلت له: جعلت فداك كيف صار للولد الليل؟ قال لأن الفراش للولد قال: و كان يقرء فيهما: انا انزلنا في ليلة القدر و انا اعطيناك الكوثر «3».

و منها: ما رواه معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اي شي ء يلحق الرجل بعد موته؟ قال يلحقه الحج عنه و الصدقة عنه و الصوم عنه «4».

و منها: ما رواه ورام بن ابي فراس في كتابه قال: قال عليه السلام: اذا تصدق الرجل بنية الميت امر اللّه جبرئيل ان يحمل الي قبره سبعين الف ملك في يد كل ملك طبق فيحملون الي قبره و يقولون: السلام عليك يا ولي اللّه هذه هدية فلان بن فلان إليك فيتلألأ قبره «منتقلة الي قبره» و أعطاه اللّه ألف مدينة في الجنة و زوجه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 436

______________________________

ألف حوراء و ألبسه ألف حلة و قضي له ألف حاجة «1».

و منها: ما رواه محمد بن مروان «2».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألت أبي جعفر بن محمد عليه السلام عن الرجل هل يصلح له أن يصلي أو يصوم عن بعض موتاه؟ قال: نعم فليصل علي ما أحب و يجعل تلك للميت فهو للميت اذا جعل ذلك له «3».

و منها: ما رواه أيضا قال: سألت أخي موسي بن جعفر عليه السلام عن الرجل هل يصلح له أن يصوم

عن بعض أهله بعد موته؟ فقال: نعم يصوم ما أحب و يجعل ذلك للميت فهو للميت اذا جعله له «4».

و منها: ما رواه محمد بن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام يصلي عن الميت؟ فقال: نعم حتي انه يكون في ضيق فيوسع عليه ذلك الضيق ثم يؤتي فيقال له: خفف عنك هذا الضيق بصلاة فلأن أخيك «5».

و منها: ما رواه هشام بن سالم عنه عليه السلام قال: قلت له يصل الي الميت الدعاء و الصدقة و الصوم و نحوها؟ قال: نعم قلت: او يعلم من يصنع ذلك به؟

قال: نعم ثم قال: يكون مسخوطا عليه فرضي عنه «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) لاحظ ص: 432

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 437

______________________________

و منها: حديثا علي بن أبي حمزة «1» و منها: ما رواه الحسن بن محبوب في كتاب المشيخة عن الصادق عليه السلام قال: تدخل علي الميت في قبره الصلاة و الصوم و الحج و الصدقة و البر و الدعاء و يكتب أجره للذي فعله و للميت «2»

و منها: ما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن موسي عليه السلام في الرجل يتصدق عن الميت أو يصوم و يصلي و يعتق قال: كل ذلك حسن يدخل منفعته علي الميت «3».

و منها: ما رواه كردين قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الصدقة و الصوم و الحج يلحق بالميت؟ قال: نعم قال: و قال هذا القاضي خلفي و هو لا يري ذلك قلت: و ما أنا و ذا فو اللّه لو أمرتني أن أضرب

عنقه لضربت عنقه «4».

و منها: ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام قلت: اني لم اتصدق بصدقة منذ ماتت أمي إلا عنها قال: نعم قلت أ فتري غير ذلك؟ قال نعم نصف عنك و نصف عنها قلت: أ يلحق بها؟ قال: نعم «5».

و منها: ما رواه حماد بن عثمان في كتابه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

ان الصلاة و الصوم و الصدقة و الحج و العمرة و كل عمل صالح ينفع الميت حتي ان الميت ليكون في ضيق فيوسع عليه و يقال: هذا بعمل ابنك فلان و بعمل أخيك فلان أخوك في الدين «6».

______________________________

(1) لاحظ ص: 432

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب قضاء الصلوات الحديث: 10

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) نفس المصدر الحديث: 12

(5) نفس المصدر الحديث: 14

(6) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 438

______________________________

و منها: ما رواه مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قلت له: ان أمي هلكت و لم اتصدق بصدقة منذ هلكت إلا عنها فيلحق ذلك بها؟ قال: نعم قلت: و الصلاة قال نعم قلت: و الحج؟ قال: نعم ثم سألت أبا الحسن عليه السلام بعد ذلك عن الصوم فقال: نعم «1».

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يقضي عن الميت الحج و الصوم و العتق و فعاله الحسن «2».

و منها: ما عن البزنطي و كان من رجال الرضا عليه السلام قال: يقضي عن الميت الصوم و الحج و العتق و فعله الحسن «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال يقضي عن الميت الحج و الصوم و العتق و فعاله

الحسن «4».

و منها: ما رواه حماد بن عثمان في كتابه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

من عمل من المؤمنين عن ميت عملا أضعف اللّه له أجره و ينعم به الميت «5».

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السلام قال يقضي عن الميت الحج و الصوم و العتق و الفعل الحسن «6».

و لا يبعد أن يستفاد من هذه النصوص ان النيابة عن الميت جائزة في جميع الامور الخيرية و سند بعض هذه الروايات و ان كان ضعيفا لكن في المعتبر منها غني

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 17

(2) نفس المصدر الحديث: 19

(3) نفس المصدر الحديث: 21

(4) نفس المصدر الحديث: 23

(5) نفس المصدر الحديث: 24

(6) نفس المصدر الحديث: 27

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 439

و تجوز أيضا الاجارة علي أن يعمل الاجير عن نفسه و يهدي ثواب عمله الي غيره (1).

[مسألة 65: إذا أمره غيره بإتيان عمل فعمله المأمور]

(مسألة 65): اذا امره غيره باتيان عمل فعمله المأمور فان قصد المأمور التبرع لم يستحق اجرة (2) و ان كان من قصد الامر دفع الأجرة (3) و ان قصد الاجرة استحق الاجرة (4) و ان كان من قصد الامر

______________________________

و كفاية فلاحظ.

(1) فان اهداء الثواب جوازه علي القاعدة لأن الاهداء استدعاء منه تعالي و الدعاء للمؤمن جائز و حسن فالاجارة عليه صحيحة بلا اشكال و ربما يستدل علي جواز الاهداء بما رواه داود الصرمي قال: قلت له يعني أبا الحسن العسكري عليه السلام اني زرت أباك و جعلت ذلك لك فقال: لك بذلك من اللّه ثواب و اجر عظيم و منا المحمدة «1».

و لا يبعد ان يستفاد من الرواية جواز العدول بالنية الي الغير كما عبر بهذا التعبير في مسألة العدول من صلاة الي اخري بقوله

«أربع مكان ربع» مضافا الي انه لا يبعد قيام السيرة علي اهداء الثواب في الامور الخيرية الي الاموات.

(2) لأن الاجير بقصده المجانية الغي احترام ماله و بعبارة اخري: في صورة قصد الاجير المجانية لا مقتضي للضمان.

(3) فان مجرد قصد الامر لا يقتضي الضمان ما دام لم يقصد العامل اخذ الاجرة.

(4) للسيرة العقلائية الجارية علي الضمان في امثال المقام و يمكن الاستدلال علي المدعي بما ورد في كسب الحجام لاحظ الروايات الواردة في الباب: 9 من ابواب ما يكتسب به من الوسائل منها: ما رواه ابو بصير يعني المرادي عن ابي

______________________________

(1) الوسائل الباب 103 من أبواب المزار و ما يناسبه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 440

التبرع (1) الا أن تكون قرينة علي قصد المجانية كما اذا جرت العادة علي فعله مجانا أو كان المأمور من ليس من شانه فعله باجرة أو نحو ذلك مما يوجب ظهور الطلب في المجانية (2).

[مسألة 66: إذا أستأجره علي الكتابة أو الخياطة]

(مسألة 66): اذا أستأجره علي الكتابة أو الخياطة فمع اطلاق الاجارة يكون المداد و الخيوط علي الاجير و كذا الحكم في جميع الاعمال المتوقفة علي بذل عين فانها لا يجب بذلها علي المستأجر (3).

______________________________

ابي جعفر عليه السلام قال: سألته عن كسب الحجام فقال: لا بأس به اذا لم يشارط «1».

حيث يستفاد منه كراهة تعيين الاجرة من اول الامر و ان الاولي ان يأمره بها ثم يدفع الاجرة فالأمر بنفسه يقتضي الضمان و ربما يستدل علي المدعي بأن عمل المسلم محترم و ان ماله كدمه «2» و اورد عليه سيدنا الاستاد بأن قاعدة الاحترام لا تقتضي الضمان اذ المفروض ان العامل باختياره اقدم علي العمل و لا يكون مجبورا.

و يرد عليه انه لو اكل طعام الغير مع رضاه

بالأكل لكن لا علي نحو المجانية فهل يكون ضامنا أم لا؟ فمجرد الاختيار و الرضا لا يقتضيان عدم الضمان و كيف كان لا اشكال في الضمان.

(1) اذ قصده بمجرده لا يقتضي عدم الضمان كما هو ظاهر.

(2) كما هو ظاهر فانه لا مقتضي للضمان في هذا الفرض.

(3) في المقام قولان: احدهما ان ما يتوقف عليه العمل علي الأجير بتقريب

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 158 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 441

الا أن يشترط كونها عليه أو تقوم القرينة علي ذلك (1).

[مسألة 67: يجوز استيجار الشخص للقيام بكل ما يراد منه مما يكون مقدورا له و يتعارف قيامه به]

(مسألة 67): يجوز استيجار الشخص للقيام بكل ما يراد منه مما يكون مقدورا له و يتعارف قيامه به (2) و الاقوي ان نفقته علي نفسه لا علي المستأجر الا مع الشرط أو قيام القرينة و لو كانت العادة (3).

______________________________

ان العمل واجب عليه فتجب مقدمته بمقتضي ان مقدمة الواجب واجبة.

ثانيهما: انه علي المستأجر بتقريب: ان الواجب علي الأجير نفس العمل و ليس عليه شي ء آخر فيكون علي المستأجر.

و الذي يختلج بالبال ان يقال: الواجب اتباع الظهور العرفي و لو بحسب القرائن العامة او الخاصة و اما مع عدم الظهور يكون مقتضي القاعدة انه علي الأجير فان الاجارة تقتضي صيرورة المستأجر مالكا للمنفعة الكذائية في ذمة الأجير فعليه القيام بتسليمها قضاء للدين و بعبارة اخري: اذا استوجر الخياط لخياطة الثوب يكون مطلوبا بالخياطة فاللازم عليه القيام بها و لذا لا اشكال في ان اجرة الماكينة للخياطة عليه و ليس له مطالبة الماكينة او اجرتها من المستأجر و قس عليها بقية الامور و اللّه العالم.

(1) فان الشرط ملزم كما هو ظاهر.

(2) بلا اشكال و لا كلام

فانه قسم من اقسام الاجارة فان الغالب في استيجار شخص للخدمة علي هذا النحو.

(3) فانه لو لا الشرط و لو لا الظهور الناشي عن القرينة العامة او الخاصة لا وجه لكونها علي المستأجر فانه علي خلاف القاعدة الأولية هذا بحسب الأصل الاولي و اما بحسب النص الخاص فقد ورد في المقام حديث يدل علي انها علي المستأجر لاحظ ما رواه سليمان بن سالم قال: سألت ابا الحسن عليه السلام عن رجل استأجر رجلا بنفقة و دراهم مسماة علي ان يبعثه الي ارض فلما ان قدم اقبل رجل

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 442

[مسألة 68: يجوز أن يستعمل العامل و يأمره بالعمل من دون تعيين أجرة]

(مسألة 68): يجوز أن يستعمل العامل و يأمره بالعمل من دون تعيين اجرة (1) و لكنه مكروه (2).

______________________________

من اصحابه يدعوه الي منزله الشهر و الشهرين فيصيب عنده ما يغنيه عن نفقة المستأجر فنظر الأجير الي ما كان ينفق عليه في الشهر اذا هو لم يدعه فكافاه به الذي يدعوه فمن مال من تلك المكافاة؟ امن مال الأجير او من مال المستأجر؟ قال: ان كان في مصلحة المستأجر فهو من ماله و الا فهو علي الأجير و عن رجل استأجر رجلا بنفقة مسماة و لم يفسر «يعين يب» شيئا علي ان يبعثه الي ارض اخري فما كان من مؤنة الأجير من غسل الثياب و الحمام فعلي من؟ قال: علي المستأجر «1» و الحديث ضعيف بسليمان بن سالم فالأمر كما قلنا و اللّه العالم.

(1) بلا اشكال و لا كلام اذ لا مقتضي للإشكال او التأمل فان استعمال الغير للعمل المباح امر دائر بين العقلاء و السيرة جارية عليه عند المتشرعة بلا نكير من احد.

(2) لبعض النصوص لاحظ ما رواه مسعدة بن صدقة عن ابي عبد

اللّه عليه السلام قال: من كان يؤمن باللّه و اليوم الاخر فلا يستعملن اجيرا حتي يعلم ما اجره و من استأجر اجيرا ثم حبسه عن الجمعة يبوء باثمه و ان هو لم يحبسه اشتركا في الأجر «2» و هذه الرواية ضعيفة بمسعدة فانه لم يوثق و كونه في اسناد كامل الزيارات لا يفيد.

و لاحظ ما رواه الجعفري قال: كنت مع الرضا عليه السلام في بعض الحاجة فأردت ان أنصرف الي منزلي فقال لي: انصرف معي فبت عندي الليلة فانطلقت معه فدخل الي داره مع المغيب فنظر الي غلمانه يعملون في الطين او اري الدواب و غير ذلك و اذا معهم أسود ليس منهم فقال: ما هذا الرجل معكم؟ قالوا: يعاوننا

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الاجارة الحديث: 1

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 8، ص: 442

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب أحكام الاجارة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 443

و يكون عليه اجرة المثل لاستيفاء عمل العامل و ليس من باب الاجارة (1).

[مسألة 69: إذا استاجر أرضا مدة معينة فغرس فيها أو زرع ما يبقي بعد انقضاء تلك المدة]

(مسألة 69): اذا استاجر أرضا مدة معينة فغرس فيها أو زرع ما يبقي بعد انقضاء تلك المدة فاذا انقضت المدة جاز للمالك أن يأمره بقلعه (2).

______________________________

و نعطيه شيئا قال: قاطعتموه علي اجرته؟ قالوا: لا هو يرضي منا بما نعطيه فأقبل عليهم يضربهم بالسوط و غضب لذلك غضبا شديدا فقلت جعلت فداك لم تدخل علي نفسك؟ فقال: اني قد نهيتهم عن مثل هذا غير مرة أن يعمل معهم أحد «اجير.

يب» حتي يقاطعوه علي اجرته و اعلم انه ما من احد يعمل لك شيئا بغير مقاطعة ثم زدته

لذلك الشي ء ثلاثة اضعاف علي اجرته الا ظن انك قد نقصته اجرته و اذا قاطعته ثم أعطيته اجرته حمدك علي الوفاء فان زدته حبة عرف ذلك لك و رأي انك قد زدته «1».

و الظاهر ان هذه الرواية لا بأس بها سندا و المستفاد منها ان الاستعمال بلا مقاطعة مكروه فان اللسان لسان النهي الكراهي لا التحريمي فلاحظ مضافا الي انه لو كان حراما تكليفا او وضعا لشاع و ذاع و أما نهي الامام عليه السلام غلمانه و ضربهم أمر شخصي لا تستفاد منه الكلية.

(1) كما هو ظاهر اذ المفروض انه لم تتحقق الاجارة و من ناحية اخري لا يكون عمل العامل بعنوان المجانية فطبعا تجب اجرة المثل.

(2) فان الناس مسلطون علي اموالهم و ليس لأحد التصرف في مال الغير بدون اذنه و لا فرق في هذا الحكم بين أن يتضرر المستأجر و عدمه فان دليل لا ضرر

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 444

و كذا اذ استاجرها لخصوص الزرع أو الغرس (1) و ليس له الابقاء بدون رضا المالك و ان بذل الاجرة (2) كما انه ليس له المطالبة بالارش اذا نقص بالقلع (3) و كذلك اذا غرس ما لا يبقي فاتفق بقائه لبعض الطواري علي الاظهر (4).

[مسألة 70: خراج الأرض المستاجرة إذا كانت خراجية علي المالك]

(مسألة 70): خراج الارض المستاجرة اذا كانت خراجية علي المالك (5).

______________________________

لا يقتضي الجواز أما علي ما سلكناه من كون مفاد القاعدة النهي عن الاضرار فواضح لأن المالك مسلط علي ماله و دليل حرمة الاضرار لا يسلب حق الملاك بالنسبة الي أموالهم و الا يلزم تأسيس فقه جديد و اما علي القول المشهور في مفاد القاعدة فيقع التزاحم بين ضرر المستأجر و ضرر المالك فان التصرف

في ماله بلا اذنه ضرر بالنسبة اليه و لا وجه لترجيح احد الضررين علي الاخر نعم الضرر الوارد علي المستأجر يتدارك ببقاء غرسه في ملك الغير لكن القاعدة لا تتكفل لهذه الجهة و لا تدل علي جواز التدارك مضافا الي أن ايجاب التدارك علي المالك يوجب الضرر بالنسبة اليه و لا ترجيح كما تقدم.

(1) بعين التقريب.

(2) اذ لا وجه لإجبار المالك و لو مع بذل الاجرة.

(3) اذ لا مقتضي للمطالبة بعد عدم حق له في الابقاء فلاحظ.

(4) فان حكم الامثال واحد.

(5) فانه طرف المعاملة مع الحاكم الجائر و مقتضي القاعدة الاولية كونه ملزما باداء الخراج و وجوبه علي المستأجر يحتاج الي دليل مفقود و ان شئت قلت:

الضمان يحتاج الي الدليل و لا دليل عليه بالنسبة الي المستأجر فيكون علي المالك

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 445

نعم اذا شرط أن تكون علي المستأجر صح علي الاقوي (1).

______________________________

كما في المتن.

(1) تارة يشترط ان الضامن هو المستأجر و اخري يشترط الدفع علي المستأجر أما الصورة الاولي فلا تصح لكون الشرط المذكور علي خلاف المقرر الشرعي و الشرط انما يصح اذا كان صحيحا شرعيا و اما الصورة الثانية فلا مانع من الصحة غير ما يمكن أن يتوهم ان الجهل بمقداره يوجب الفساد.

و فيه: اولا: انه يمكن ان لا يكون مجهولا فان الخراج كما صرح به الماتن في المكاسب المحرمة ضريبة النقد و بعبارة اخري: الخراج مقدار معين من الدرهم او الدينار أو غيرهما فلا يتوجه اشكال الجهل الا أن يقال: انه لا تنافي بين كونه ضريبة نقدية و كونه غير معلوم كما ورد في بعض النصوص «و ربما زاد و ربما نقص» و ثانيا: ان الجهالة في الشرط لا دليل

علي كونها مضرة بصحة العقد.

مضافا الي النص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل تكون له الأرض من أرض الخراج فيدفعها الي الرجل علي ان يعمرها و يصلحها و يؤدي خراجها و ما كان من فضل فهو بينهما قال: لا بأس الحديث «1».

و لاحظ ما رواه داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل تكون له الأرض عليها خراج معلوم و ربما زاد و ربما نقص فيدفعها الي رجل علي أن يكفيه خراجها و يعطيه مأتي درهم في السنة قال: لا بأس «2».

و حيث انه لا يحتمل الفرق بين الاجارة و المزارعة من هذه الجهة يكون الدليل الوارد في باب المزارعة مستندا للحكم في باب الاجارة و الا فلقائل ان يقول النص

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب المزارعة و المساقاة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب المزارعة و المساقاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 446

[مسألة 71: لا باس بأخذ الأجرة علي ذكر مصيبة سيد الشهداء عليه السلام و فضائل أهل البيت عليهم السلام]

(مسألة 71): لا باس باخذ الاجرة علي ذكر مصيبة سيد الشهداء عليه السلام و فضائل أهل البيت عليهم السلام و الخطب المشتملة علي المواعظ و نحو ذلك مما له فائدة عقلائية دينية أو دنيوية (1).

[مسألة 72: يجوز الاستيجار للنيابة عن الأحياء و الأموات في العبادات التي تشرع فيها النيابة]

(مسألة 72): يجوز الاستيجار للنيابة عن الاحياء و الاموات في العبادات التي تشرع فيها النيابة (2) دون ما لا تشرع فيه كالواجبات العبادية مثل الصلاة و الصيام عن الاحياء (3) و تجوز عن الاموات (4) و كذا لا تجوز الاجارة علي تعليم الحلال و الحرام و تعليم الواجبات مثل الصلاة و الصيام و غيرها مما كان محل الابتلاء (5) أما اذا لم يكن محل الابتلاء ففيه اشكال (6) و كذا لا يجوز أخذ الاجرة علي تغسيل الاموات و تكفينهم

______________________________

لم يرد في المقام بل ورد في باب المزارعة و لا دليل علي وحدتهما من هذه الجهة و اللّه العالم.

(1) لوجود المقتضي و عدم المانع فان ذكر المصيبة و كذلك ذكر الأخبار و أمثالها أمر جائز بل راجح فلا مانع من ايقاع الاجارة عليه.

(2) بلا اشكال اذ بعد فرض جواز النيابة لا مانع من ايقاع الاجارة عليها كبقية الأعمال المباحة.

(3) قد مر الكلام حول هذا الفرع في مسألة 64 فراجع.

(4) قد تقدم الكلام في تلك المسألة فراجع.

(5) بدعوي انه يشترط في اتيانه المجانية و اثبات هذا المدعي مشكل و قد تكلمنا حول هذا الجهة في المكاسب المحرمة.

(6) لعدم شمول الدليل علي فرض تحققه لهذه الصورة فالجزم باحد الطرفين مشكل و مقتضي الصناعة جواز أخذ الاجرة فان المنع يتوقف علي قيام دليل عليه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 447

و دفنهم (1) نعم الظاهر انه لا باس باخذ الاجرة علي حفر القبر علي نحو خاص

من طوله و عرضه و عمقه (2) و أما أخذ الاجرة علي مسمي حفر القبر اللازم فلا يجوز و لا تصح الاجارة عليه (3).

[مسألة 73: إذا بقيت أصول الزرع في الأرض المستأجرة للزراعة فنبتت]

(مسألة 73): اذا بقيت اصول الزرع في الارض المستأجرة للزراعة فنبتت فان أعرض المالك عنها فهي لمن سبق اليها (4) بلا فرق بين مالك الارض و غيره (5).

______________________________

و الا فلا وجه للإشكال.

(1) بدعوي انه علم من الشرع انه لا بد من الاتيان به مجانا و دليله منحصر في الاجماع و التسالم.

(2) اذ النحو الخاص لا يجب فلا مانع من أخذ الاجرة عليه حيث انه لم يقم دليل علي الحرمة في الفرض.

(3) لما تقدم من الوجه فلاحظ.

(4) اذ الأعراض بمقتضي السيرة العقلائية الممضاة عند الشارع يوجب خروج متعلقه عن ملك المعرض فيكون في حكم المباحات الأصلية التي يجوز لكل احد تملكها.

و بعبارة واضحة: ان الأعراض مخرج للمال عن ملك مالكه. ان قلت: ان كان الأعراض مخرجا عن الملك فلا يكون للمالك بعد الأعراض الرجوع الي من تملك مورده و الحال انه يجوز له الرجوع و المطالبة. قلت: جواز الرجوع بعد الأعراض اول الكلام و الاشكال نعم يمكن أن يكون الرجوع ناشيا عن عدم الأعراض و اما لو ثبت الأعراض و تحقق التملك من ناحية اخري فجواز الرجوع يحتاج الي الدليل فلاحظ.

(5) فان المباح يجوز تملكه لكل احد و لا وجه لاختصاصه بصاحب الأرض

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 448

نعم لا يجوز الدخول في الارض الا باذنه (1) و ان لم يعرض عنها فهي له (2).

[مسألة 74: إذا استاجر شخصا لذبح حيوان فذبحه علي غير الوجه الشرعي فصار حراما ضمن]

(مسألة 74): اذا استاجر شخصا لذبح حيوان فذبحه علي غير الوجه الشرعي فصار حراما ضمن (3) و كذا لو تبرع بلا اجارة فذبحه كذلك (4).

[مسألة 75: إذا استاجر شخصا لخياطة ثوب معين لا بقيد المباشرة جاز لغيره التبرع عنه فيه]

(مسألة 75) اذا استاجر شخصا لخياطة ثوب معين لا بقيد المباشرة جاز لغيره التبرع عنه فيه و حينئذ يستحق الاجير الاجرة المسماة لا العامل (5) و اذا خاطه غيره لا بقصد النيابة عنه بطلت الاجارة اذا لم

______________________________

نعم التصرف في ملك المالك بلا رضاه حرام لكن هذا مطلب آخر لا يرتبط بالمدعي.

(1) تقدم وجهه.

(2) لعدم تحقق ما يوجب خروجه كما هو المفروض فهو باق في ملكه علي طبق القاعدة الأولية.

(3) لأنه أتلف مال الغير فهو ضامن للتالف علي طبق القاعدة الأولية مضافا الي عدة نصوص تدل علي المدعي لاحظ احاديث الحلبي و الصفار «1».

(4) الكلام فيه هو الكلام فان الاتلاف يوجب ضمان المتلف.

(5) بلا اشكال فان التبرع في اداء الدين من قبل الغير جاز بالسيرة العقلائية الممضاة فيستحق الاجير في هذه الصورة الاجرة فان المستأجر ضامن للأجرة بمقتضي الاجارة فالمستأجر ضامن للأجرة و الاجير ضامن للعمل و دين في ذمته و المفروض ان الثالث المتبرع تبرع و أدي دينه فالاجارة بحالها بلا اشكال و العامل لا يستحق

______________________________

(1) لاحظ ص: 357 و 407

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 449

يمض زمان يتمكن فيه الاجير من الخياطة (1) و إلا ثبت الخيار لكل منهما (2) هذا فيما اذا لم تكن الخياطة من غير الاجير بامر من المستاجر أو باجارته ثانيا و الا فالظاهر ان الاجير يستحق الاجرة لان التفويت حينئذ مستند الي المستاجر نفسه كما اذا كان هو الخائط (3) و أما الخائط فيستحق علي المالك اجرة المثل ان خاط بامره (4) و كذا اذا

كان قد استاجره ثانيا للخياطة فان الاجارة الثانية باطلة و يكون للخائط اجرة المثل (5).

______________________________

الاجرة اذ المفروض انه قصد التبرع.

(1) اذ صحة الاجارة تتوقف علي قدرة الاجير علي الاتيان بالعمل و مع فرض عدم مضي زمان يمكن للأجير الاتيان بالعمل يكشف عن عدم قدرته عليه فالاجارة باطلة و بعبارة واضحة: لو استوجر للخياطة يوم الجمعة و بادر الثالث فخاط الثوب يوم الخميس لا يكون الاجير قادرا علي الاتيان بالعمل الذي يكون مورد الاجارة.

(2) أما للمستأجر فلأن الاجير لم يسلمه العمل فيمكن الأخذ بالخيار و الرجوع في الاجرة كما أنه يمكنه ابقاء الاجارة بحالها و مطالبة الأجير باجرة المثل و أما الخيار للأجير فلم يظهر لي وجهه اذ الظاهر انه لا موجب للخيار بالنسبة اليه لأن المفروض مضي زمان يمكنه العمل و لم يعمل.

(3) الظاهر ان الأمر كما أفاده اذ المفروض ان التفويت مستند الي المستأجر فلا وجه لبطلان الاجارة كما أنه لا وجه للخيار بل الأجير بمقتضي الاجارة يستحق الاجرة و له اخذها و علي المستأجر دفعها.

(4) كما هو ظاهر اذ المفروض ان الخياطة تحققت بأمره.

(5) الظاهر انه لا وجه للبطلان فان غاية ما يترتب علي الاجارة الثانية كون

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 450

و ان خيطه بغير أمره و لا اجازته لم يستحق عليه شيئا (1) و ان اعتقد ان المالك أمره بذلك (2).

[مسألة 76: إذا استاجره ليوصل متاعه إلي بلد كذا في مدة معينة فسافر بالمتاع و في أثناء الطريق حصل مانع عن الوصول بطلت الإجارة]

(مسألة 76): اذا استاجره ليوصل متاعه الي بلد كذا في مدة معينة فسافر بالمتاع و في أثناء الطريق حصل مانع عن الوصول بطلت الاجارة (3) و اذا كان المستاجر عليه نفس ايصال المتاع لم يستحق شيئا (4) و ان كان مجموع السفر و ايصال المتاع علي نحو تعدد المطلوب

______________________________

المستأجر مالكا للعمل

في ذمة شخصين و لا محذور فيه و علي هذا يكون للخائط الاجرة المسماة. ان قلت: المحل غير قابل للعمل المتعدد و يشترط في صحة الاجارة القدرة علي العمل. قلت: يكفي قابلية المحل لكل من العملين و كل من الأجيرين قادر علي الاتيان به في حد نفسه.

لكن الحق عدم تصحيح العقد بهذا التقريب اذ المفروض عدم امكان الجمع بين الامرين و حيث ان الجمع بين العملين غير ممكن فلا تصح الاجارة لاشتراط القدرة في متعلقها الا أن يقال: الجامع بين المقدور و غير المقدور مقدور و الاجارة تقع علي الجامع لا علي الفرد و اللّه العالم.

(1) لعدم المقتضي للاستحقاق.

(2) فان الاعتقاد لا يغير الواقع عما هو عليه فلاحظ.

(3) اذ المفروض عدم قدرة الأجير علي القيام بمورد الاجارة و مع عدم قدرته علي العمل لا تكون الاجارة صحيحة.

(4) اذ المفروض ان مورد الايجار نفس الايصال و لتوضيح المقام نقول: تارة تقع الاجارة علي نتيجة العمل و اخري تقع الاجارة علي مجموع العمل من حيث المجموع و ثالثة تقع الاجارة علي العمل المركب بحيث تنحل الاجارة الواحدة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 451

استحق من الاجرة بنسبة ما حصل من قطع المسافة الي مجموع المستاجر عليه (1) أما اذا كان علي نحو وحدة المطلوب فالاظهر عدم استحقاقه شيئا (2).

[مسألة 77: إذا كان للأجير الخيار في الفسخ لغبن أو تخلف شرط أو وجود عيب أو غيرها]

(مسألة 77): اذا كان للأجير الخيار في الفسخ لغبن أو تخلف شرط أو وجود عيب أو غيرها فان فسخ قبل الشروع في العمل فلا شي ء له (3) و ان كان بعد تمام العمل كان له اجرة المثل (4) و ان كان في أثنائه

______________________________

في مقام الانشاء الي اجارات متعددة فان كان من قبيل الأول كما لو آجره علي الايصال الذي يكون

نتيجة للعمل و هو السير لا يستحق شيئا و يكون حدوث المانع كاشفا عن بطلان الاجارة كما أن الأمر كذلك لو كان علي النحو الثاني و أما اذا كان علي النحو الثالث فتنحل الاجارة فباي مقدار تحقق العمل في الخارج تصح و أما بالنسبة الي المقدار المصادف مع المانع تبطل فلاحظ.

(1) قد ظهر وجهه مما ذكرناه.

(2) لما تقدم من عدم مقتض للاستحقاق.

(3) لعدم المقتضي اذ المفروض ان العقد بالفسخ انحل و من ناحية اخري لم يأت الأجير بعمل يوجب اخذ الاجرة.

(4) اذ المفروض انه لم يقدم علي العمل مجانا و بلا عوض بل أقدم علي العمل بمقتضي الاجارة و حيث ان الاجرة المسماة لم تسلم له بمقتضي الفسخ تصل النوبة الي اجرة المثل و هذا مبني علي مسلك الماتن و هو ان الفسخ في باب الاجارة من الأصل و أما علي القول الاخر فلا مجال للفسخ لعدم ترتب أثر عليه و بعبارة اخري لا موضوع للفسخ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 452

استحق بمقدار ما أتي به من اجرة المثل (1) الا اذا كان مجموع العمل ملحوظا بنحو وحدة المطلوب كما اذا استاجره علي الصلاة أو الصيام فانه لو فسخ في الاثناء لم يكن له شي ء (2) و كذا اذا كان الخيار للمستأجر (3) و يحتمل انه اذا كان المستاجر عليه و هو المجموع علي نحو وحدة المطلوب ففسخ المستاجر في الاثناء كما اذا استاجر علي الصلاة ففسخ في أثنائها يستحق بمقدار ما عمل من اجرة المثل (4).

[مسألة 78: إذا استاجر عينا مدة معينة ثم اشتراها في أثناء المدة فالإجارة باقية علي صحتها]

(مسألة 78): اذا استاجر عينا مدة معينة ثم اشتراها في أثناء المدة فالاجارة باقية علي صحتها (5) و اذا باعها في أثناء المدة ففي

______________________________

(1) العين التقريب و حكم الامثال

واحد و الاشكال هو الاشكال و قد تقدم ان الحق ان الفسخ من الحين.

(2) اذ في هذه الصورة لا موجب لاستحقاقه الاجرة كما مر نظير المقام في المسألة السابقة.

(3) لعين التقريب و البيان.

(4) لا يبعد أن يكون ناظرا الي أن عمل المؤمن محترم و لا يذهب هدرا لكن يرد عليه انه مع فرض وقوع الاجارة علي المجموع بما هو مجموع لا مقتضي للضمان لأن المفروض ان الضمان ناش من قبل الاجارة و الاجارة واقعة علي المقيد بما هو مقيد فالذي وقع عليه الاجارة لم يقع و الواقع لم تقع عليه الاجارة.

(5) اذ لا تنافي بين الأمرين فان الاجارة أوجبت ملكية المنفعة و البيع أوجب ملكية العين و لا مقتضي لفساد الاجارة و ان شئت قلت: المنفعة تابعة للعين فاذا بيعت عين تنتقل الي المشتري مع ما يترتب عليه من المنفعة و لكن هذا فيما تكون المنفعة بحالها و لم تكن مملوكة بسبب آخر و الا تنتقل العين مسلوبة المنفعة و الأمر

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 453

تبعية المنفعة للعين وجهان (1) أقواهما ذلك (2).

[مسألة 79: تجوز إجارة الأرض مدة معينة بتعميرها دارا]

(مسألة 79): تجوز اجارة الارض مدة معينة بتعميرها دارا

______________________________

ظاهر واضح.

(1) فربما يقال: بأن الانتقال بالتبعية يشترط فيه أن يكون المالك البائع مالكا فلتابع بالتبعية و إلا تنتقل العين المشتراة خالية عن المنفعة غاية الأمر يثبت له الخيار ان كان جاهلا بالحال.

و أفاد سيدنا الاستاد: ان المشتري ان كان جاهلا يلزم فساد البيع لأنه يشترط في صحة العقد التطابق بين الايجاب و القبول و المفروض ان البائع قصد نقل العين خالية عن المنفعة و المشتري قصد اشتراء العين مع المنفعة فما وقع الايجاب عليه يغاير ما وقع عليه القبول فيبطل العقد فالأمر دائر

بين الصحة بلا خيار و بين البطلان اذ علي تقدير التطابق و قصد البائع بيع العين مع مالها من المنفعة يصح البيع بلا خيار و أما لو باع العين خالية عن المنفعة و مسلوبة المنفعة يكون البيع باطلا.

و يرد عليه: ان الجزئي الخارجي غير قابل للتقييد فالمشتري الذي قصد اشتراء العين مع المنفعة اما يعلق القبول علي تبعية المنفعة للعين في الانتقال و اما يقيد العين بكونها ذات منفعة و اما يشتري علي الاطلاق غاية الأمر يشترط ان التزامه بالبقاء موقوف علي انتقال المنفعة و لا رابع اما التعليق فباطل اجماعا و أما التقييد فباطل عقلا فينحصر الأمر في الثالث.

و ربما يقال: ان الانتقال بالتبعية لا يشترط فيه هذا الشرط بل العين المبيعة تنتقل الي المشتري مع مالها من المنافع الا فيما قصد التفكيك اذا عرفت ما تقدم نقول حيث ان الحاكم بالتبعية بناء العرف و المتشرعة و ليس في بنائهم هذا الاشتراط اي لا يشترط بكون المنفعة مملوكة للبائع بالتبعية يكون الحق هو القول الثاني.

(2) قد ظهر وجهه مما ذكرنا فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 454

أو تعميرها بستانا بكري الانهار و تنقية الآبار و غرس الاشجار و نحو ذلك (1) و لا بد من تعيين مقدار التعمير كما و كيفا (2).

[مسألة 80: تجوز الإجارة علي الطبابة و معالجة المرضي]

(مسألة 80): تجوز الاجارة علي الطبابة و معالجة المرضي سواء أ كانت بمجرد وصف العلاج أم بالمباشرة كجبر الكسير و تضميد القروح و الجروح و نحو ذلك (3) و تجوز المقاطعة عليه بقيد البراءة

______________________________

(1) الجواز علي طبق القاعدة الأولية فان الاجارة عبارة عن تمليك المنفعة بعوض ففي كل مورد تحقق هذا المعني مع شروطها تحقق الاجارة و تصح و يمكن الاستدلال علي المدعي

بجملة من الروايات:

منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بقبالة الأرض من أهلها عشرين سنة أو أقلّ من ذلك او أكثر فيعمرها و يؤدي ما خرج عليها و لا يدخل العلوج في شي ء من القبالة لأنه لا يحل «1».

و منها: ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال و سألته عن الرجل يعطي الأرض «الخربة يه» و هي لك و يقول: اعمرها ثلاث سنين أو خمس «أربع خ ل» سنين او ما شاء اللّه قال: لا بأس «2».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان القبالة أن تأتي الأرض الخربة فتقبلها من أهلها عشرين سنة او أقلّ او أكثر فتعمرها و تؤدي ما خرج عليها فلا بأس به «3».

(2) دفعا للغرر فان بناء الأصحاب علي أن الغرر يوجب فساد العقد.

(3) كما هو مقتضي القاعدة فان عدم الجواز يحتاج الي الدليل بعد فرض اطلاق

______________________________

(1) الوسائل الباب 93 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب المزارعة و المساقاة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 455

اذا كانت العادة تقتضي ذلك كما في سائر موارد الاجارة علي الاعمال الموقوفة علي مقدمات غير اختيارية للأجير و كانت توجد عادة عند ارادة العمل (1).

[مسألة 81: إذا أسقط المستاجر حقه من العين المستاجرة لم يسقط]

(مسألة 81): اذا أسقط المستاجر حقه من العين المستاجرة لم يسقط و بقيت المنفعة علي ملكه (2).

[مسألة 82: لا يجوز في الاستيجار للحج البلدي أن يستأجر شخصين]

(مسألة 82): لا يجوز في الاستيجار للحج البلدي أن يستأجر

______________________________

دليل الجواز من الأدلة العامة و الخاصة و ربما يتوهم أن وجوبه الكفائي مانع عن الصحة و يدفع اولا: بأنه يمكن فرض عدم الوجوب لوجود من به الكفاية و ثانيا:

ان الوجوب العيني لا يستلزم الفساد فكيف بالكفائي الا أن يقوم دليل علي وجوب أمر مجانا فما أفاده علي طبق القاعدة.

(1) انما قيده بهذا القيد كي لا يلزم التعليق في العقد و بعبارة اخري: لو لم تكن المقدمات محرزة بحسب العادة يلزم التعليق علي وجود تلك المقدمات أو علي المشية و التعليق يقتضي بطلان العقد و بعبارة واضحة: الاجارة تمليك للمنفعة و هذا يتوقف علي كون الاجير قادرا و مالكا لتلك المنفعة فاذا فرض توقف عمل علي أمر غير اختياري لا مجال للإجارة لأن ما يتوقف علي أمر غير اختياري غير اختياري أيضا و عليه اذا كان المتوقف عليه لا يكون موجودا في ظرفه و الموجر يعلم به لا يمكنه أن يؤجر المعلق لعدم كونه مالكا لمورد الاجارة و اذا كان معلوم الوجود تجوز الاجارة بلا اشكال حتي مع التعليق فان التعليق علي أمر معلوم الوجود لا يضر و اذا كان مجهول الوجود لا تجوز الاجارة الا علي النحو التعليق و التعليق يوجب بطلان العقد.

(2) اذ لا وجه للسقوط و لا مقتضي له و ان شئت قلت: ما يكون للمستأجر ملكية المنفعة و لا نتصور حقا غيرها كي يسقط نعم يجوز له الانتفاع كما أنه يجوز

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 456

شخصا من بلد الميت الي النجف مثلا و آخر من

النجف الي المدينة و ثالثا من المدينة الي مكة بل لا بد من أن يستأجر من يسافر من البلد بقصد الحج الي أن يحج (1).

[مسألة 83: إذا استوجر للصلاة عن الحي أو الميت فنقص بعض الأجزاء أو الشرائط غير الركنية]

(مسألة 83): اذا استوجر للصلاة عن الحي أو الميت فنقص بعض الاجزاء أو الشرائط غير الركنية فان كانت الاجارة علي الصلاة الصحيحة كما هو الظاهر عند الاطلاق استحق تمام الاجرة (2) و كذا ان كانت علي نفس الاعمال المخصوصة و كان النقص علي النحو المتعارف (3) و ان كان علي خلاف المتعارف نقص من الاجرة بمقداره (4).

______________________________

وضعا تمليكها من الغير و الحكم الشرعي أمره بيد الشارع و ليس لأحد اسقاطه كما انه ليس لأحد احداثه فما دام لا يتحقق سبب لانتقال المنفعة عن ملكه لا تسقط بل تكون باقية بحالها.

(1) لأن سير زيد من قم الي النجف مثلا لا تكون مقدمة لعمل من يقوم بالحج و هذا لا يرتبط بمسألة اختصاص وجوب المقدمة بخصوص الموصلة بل الامر كذلك حتي علي القول بوجوب المقدمة مطلقا و علي الجملة الاشكال من ناحية ان المقدمة التي أتي بها شخص لا تكون مقدمة لفعل آخر و معني الحج البلدي أن يحج شخص عن البلد و ان شئت قلت: الاتيان بالمقدمة بلا ترتب ذيها عمل لغو و لا يترتب عليه شي ء و يكون نظير أن يغتسل احد غسل الاحرام و يحرم الاخر و هل يمكن الالتزام باجزائه و شرعيته؟ كلا.

(2) اذ المفروض انه سلم ما عليه من الصلاة الصحيحة.

(3) الكلام هو الكلام فان النقصان بالمقدار المتعارف مغتفر.

(4) الظاهر انه لا وجه للنقصان لأن المفروض ان الأجير بالاجارة صار مالكا

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 457

[مسألة 84: إذا استؤجر لختم القرآن الشريف فالأحوط الترتيب بين السور]

(مسألة 84): اذا استؤجر لختم القرآن الشريف فالاحوط الترتيب بين السور بل الظاهر لزوم الترتيب بين آيات السور و كلماتها (1) و اذا قرأ بعض الكلمات غلطا و التفت الي ذلك بعد الفراغ من السورة أو

الختم فان كان بالمقدار المتعارف لم ينقص من الاجرة شي ء (2) و ان كان بالمقدار غير المتعارف ففي امكان تداركه بقراءة تلك الكلمة صحيحة اشكال (3) و الاحوط للأجير أن يقرأ السورة من مكان الغلط الي آخرها (4).

______________________________

للأجرة المسماة و لا مقتضي لحرمانه نعم يمكن أن يقال: انه يثبت للمستأجر خيار الفسخ فاذا فسخ تصل النوبة الي اجرة المثل فلاحظ. الا أن يقال: ان النقصان اذا كان عمديا يوجب البطلان و ليس هو محل الكلام و أما السهوي فيكون كاشفا عن عدم قدرته و مع عدم القدرة تكون الاجارة بالنسبة الي المقدار المفروض تركه باطلة لكن يمكن أن يقال: انه يكفي في صحة الاجارة كون العمل مقدورا و لو بالاستعانة من الغير بأن يذكره كي لا ينقص من عمله شي ء و ليعلم انه علي القول بكون الفسخ من الحين تنقص من الاجرة المسماة بالنسبة الا أن يقال: انه مع عدم الانفساخ كما هو المفروض تصل النوبة الي اجرة المثل بالمقدار الناقص.

(1) الظاهر ان الوجه فيه ظهور مورد الاجارة في القراءة مرتبة و بعبارة اخري المتبادر من ختم القرآن الاتيان بقراءته مرتبة من اوله الي آخره.

(2) اذ مع كون الناقص بالمقدار المتعارف لا نقصان في مورد الاجارة فلا وجه للنقصان من الاجرة.

(3) لعدم دليل علي الكفاية بعد عدم شمول مورد الاجارة له.

(4) وجه عدم جزمه ان الاجارة منصرفة الي القراءة المتعارفة و القراءة المتعارفة تشمل الناقص بلا عمد و تقصير.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 458

[مسألة 85: إذا استوجر للصلاة عن زيد فاشتبه و صلي عن عمرو]

(مسألة 85): اذا استوجر للصلاة عن زيد فاشتبه و صلي عن عمر و فان كان علي نحو الخطأ في التطبيق بان كان مقصوده الصلاة لمن استوجر للصلاة عنه فاخطأ في اعتقاده

انه عمر و صح عن زيد و استحق الاجرة (1) و ان كان علي نحو آخر لم يستحق الاجرة و لم يصح عن زيد (2).

______________________________

و يرد عليه ان القراءة المتعارفة ان كانت شاملة للناقص فلا يلزم اعادة نفس الكلمة و لا تعارف في اعادة نفس الكلمة فقط بل قراءتها فقط لغو اذ لا يفيد المعني المقصود فاما يلتزم بعدم الجبران حتي بالنسبة الي تلك الكلمة و اما يلتزم بجبرانها باعادة السورة من اولها كي تصدق قراءة تلك السورة و هذا هو الحق اذ بمقتضي الاجارة تجب عليه قراءة تلك السورة و المفروض ان الأجير لم يقرأها و لا دليل علي الاجتزاء ببعض السورة نعم لا يلزم الاعادة من أول القرآن فانه خلاف المتفاهم العرفي لكن الظاهر انه يكفي الاعادة من ذلك المحل الذي صار غلطا الي آخر السورة و الشاهد عليه انه لو قرأ سورة دفعات بأن قرأ منها مقدارا كما لو قرأ الثلث منها ثم قرأ الثلث الثاني ثم قرأ الثالث دفعات يصح و تفرغ الذمة فالمقام من قبيل ذلك فما أفاده في المتن بنحو الاحتياط هو الاظهر و اللّه العالم.

(1) اذ المفروض انه أتي عنه غاية الأمر يتخيل انه عمرو و بعبارة اخري:

يقصد النيابة عن الذي وقع الإجارة علي النيابة عنه فلا وجه لعدم الصحة.

(2) بأن يقصد عمروا بما أنه هو لا بعنوان الخطأ في التطبيق و في هذه الصورة لا يستحق الاجرة بالنسبة الي الفعل المأتي به لعدم موجب للاستحقاق و بعبارة اخري الاشتباه الصادر من الاجير لا يغير الواقع فلا موجب للاستحقاق و أما بالنسبة الي مورد الاجارة فالاستحقاق علي حاله و لا وجه لعدمه فان الاستحقاق تحقق بالاجارة

مباني منهاج الصالحين،

ج 8، ص: 459

[مسألة 86: الموارد التي يجوز فيها استيجار البالغ للنيابة في العبادات المستحبة يجوز فيها أيضا استيجار الصبي]

(مسألة 86): الموارد التي يجوز فيها استيجار البالغ للنيابة في العبادات المستحبة يجوز فيها أيضا استيجار الصبي (1) و اللّه سبحانه العالم.

[كتاب المزارعة]

اشارة

«كتاب المزارعة» المزارعة هي الاتفاق بين مالك الارض و الزارع علي زرع الارض بحصة من حاصلها (2)

[و يعتبر في المزارعة أمور]

اشارة

و يعتبر في المزارعة امور:

[الأول الإيجاب من المالك و القبول من الزارع]

الاول

______________________________

فهو باق بحاله غاية الأمر للمستأجر خيار الفسخ بمقتضي الشرط الضمني حيث ان الأجير لم يسلم مورد الاجارة فيكون للمستأجر خيار الفسخ كما ان له اخذ اجرة المثل.

(1) بتقريب: انه بعد ما فرض كون عباداته شرعية صحيحة لا مجال للإشكال في النيابة فان الصبي لو زار نيابة عن حي او ميت تصح زيارته و كذلك لو حج اذ فرض كون عباداته شرعية فيجوز أن يستأجر من وليه للزيارة و الحج و ان شئت قلت: قد دل الدليل علي استحباب الاستنابة في جملة من الامور المستحبة عن الأحياء و الأموات او عن خصوص الأموات و مقتضي اطلاق ذلك الدليل عدم الفرق بين كون النائب بالغا و كونه غير بالغ و اللّه العالم و له الحمد و قد تم كتاب الاجارة في اليوم الثلثاء الرابع و العشرين من شهر ربيع الأول من سنة: 1408 في بلدة قم المشرفة علي مشرفها آلاف التحية و الثناء.

(2) قال في المستمسك: المزارعة مصدر (فاعل) و هو للسعي نحو الفعل بخلاف فعل فانه لوقوع الفعل فاذا قلت: قتل زيد عمروا فقد اخبرت عن وقوع القتل علي عمرو من زيد فاذا قلت: قاتل زيد عمروا فقد اخبرت عن سعي زيد لقتل

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 460

الايجاب من المالك و القبول من الزارع (1) بكل ما يدل علي تسليم الارض للزراعة و قبول الزارع لها من لفظ كقول المالك للزارع مثلا سلمت إليك الارض لتزرعها فيقول الزارع قبلت (2) أو فعل دال

______________________________

عمرو. فاذا قلت زارع زيد عمروا كان المراد أنه سعي زيد لتحقيق الزرع و وقوعه من عمرو ففي المثالين يراد من فاعل السعي و يختلفان في كيفية وقوع

الفعل، و لا يقال: زارعت الحب بمعني سعيت الي زرعه كما يقال قاتلت زيدا فهذا الاختلاف ناشئ من اختلاف الموارد. انتهي «1».

و قال المحقق قدس سره في الشرائع: أما المزارعة فهي لغة معاملة علي الأرض بحصة من حاصلها». و قال في الجواهر في جملة من كلامه في هذا المقام «و قد عرفت غير مرة ان المراد بنحو هذا التعريف في كلامهم التصوير و التمييز في الذهن في الجملة فلا يناسب الأطناب في بيان فقده لوازم التعريف من الطرد و العكس و غيرهما كما هو واضح» «2» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

(1) اذ لا اشكال في كونها من العقود و العقد مركب من الإيجاب و القبول و يظهر من بعض الكلمات انه لا خلاف فيه بل الاجماع بقسميه عليه.

(2) فان مقتضي عموم ادلة الصحة أو اطلاقها عدم اشتراط العقد بصيغة خاصة و لقائل أن يقول ما المراد من الأدلة و ما المراد من الاطلاق المذكور؟ أما عموم وجوب الوفاء المستفاد من الاية الشريفة «3» فلا يمكن جعله دليلا للصحة و نتعرض لتقريب المدعي في ذيل مسئلة 11 فانتظر و أما قوله تعالي الا أن تكون

______________________________

(1) مستمسك العروة ج 13 ص 276

(2) الجواهر ج 27 ص 2

(3) المائدة/ 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 461

علي تسليم الارض للزارع و قبول الزارع لها من دون كلام (1) و لا يعتبر فيها العربية و الماضوية (2) كما لا يعتبر تقديم الايجاب علي القبول (3) و لا يعتبر أن يكون الايجاب من المالك و القبول من الزارع بل يجوز العكس (4).

______________________________

تجارة عن تراض «1» فايضا يشكل الاستدلال به اذ التجارة بما لها من المفهوم لا يبعد أن تكون عبارة عن البيع

كما يستفاد من بعض اهل اللغة فتبقي النصوص الواردة في جواز المزارعة و هل يمكن الالتزام بالعموم او الاطلاق في هذه النصوص لكن الظاهر ان الحكم مورد الاتفاق و التسالم بين الأصحاب فلاحظ.

(1) فتكفي المعاطاة كما تكفي في البيع بملاك واحد و هو صدق العنوان المترتب عليه الحكم.

(2) كما لا يعتبر هذه الامور في صيغة البيع و ذلك للإطلاق و العموم فتأمل.

(3) لا يخفي ان القبول العقدي لا يتصور أن يتقدم علي الايجاب الا علي النحو التعليق و بعبارة اخري قبول ما صدر عن الغير يتوقف علي أن يكون متأخرا عنه فتقدمه يستلزم الخلف نعم لا مانع من تقديم القبول فيكون ايجابا و ما صدر عن الطرف المقابل بعده يكون قبولا و يكون العقد صحيحا لصدق العنوان عليه فيكون مشمولا لأدلة الصحة و بعبارة واضحة لو قدم الانشاء من طرف الزارع يكون إنشائه ايجابا و يكون إنشاء المالك بعده قبولا.

(4) كما تقدم و يدل علي المدعي حديث عبد اللّه ابن سنان انه قال في الرجل يزارع فيزرع ارض غيره فيقول: ثلث للبقر و ثلث للبذر و ثلث للأرض قال:

لا يسمي شيئا من الحب و البقر و لكن يقول: أزرع فيها كذا و كذا ان شئت نصفا

______________________________

(1) النساء/ 29

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 462

[الثاني: أن يكون كل من المالك و الزارع بالغا و عاقلا و مختارا]

الثاني: أن يكون كل من المالك و الزارع بالغا و عاقلا و مختارا (1) و أن يكون المالك غير محجور عليه لسفه أو فلس و كذلك العامل اذا استلزم تصرفا ماليا (2).

[الثالث: أن يكون نصيبهما من تمام حاصل الأرض]

الثالث: أن يكون نصيبهما من تمام حاصل الارض فلو جعل لأحدهما اول الحاصل و للاخر آخره بطلت المزارعة و كذا الحال لو جعل الكل لأحدهما (3).

______________________________

و ان شئت ثلثا «1».

و حديث أبي الربيع الشامي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن الرجل يزرع أرض رجل آخر فيشترط عليه ثلثا للبذر و ثلثا للبقر فقال: لا ينبغي أن يسمي بذرا و لا بقرا و لكن يقول لصاحب الأرض أزرع في أرضك و لك منها كذا و كذا نصف أو ثلث أو ما كان من شرط و لا يسمي بذرا و لا بقرا فانما يحرم الكلام «2»

(1) قد تعرضنا لاشتراط كل واحد من هذه الشروط و ادلتها في كتاب البيع فان هذه الامور شروط عامة لمطلق التصرف و معتبرة في كافة العقود فراجع ما ذكرناه هناك.

(2) فان الحجر مانع عن التصرف المالي فيكون عدمه شرطا في التصرف المالي.

(3) ادعي الاجماع علي كلا الأمرين و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تقبل الأرض بحنطة مسماة و لكن بالنصف و الثلث و الربع و الخمس لا بأس به و قال: لا بأس بالمزارعة بالثلث و الربع

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب المزارعة الحديث 5

(2) نفس المصدر الحديث 10

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 463

[الرابع أن تجعل حصة كل منهما علي نحو الإشاعة]

الرابع أن تجعل حصة كل منهما علي نحو الاشاعة كالنصف و الثلث و نحوهما فلو قال للزارع ازرع و أعطني ما شئت لم تصح المزارعة و كذا لو عين للمالك أو الزارع مقدار معين كعشرة امنان (1).

[الخامس- تعيين المدة بالأشهر أو السنين أو الفصل]

الخامس- تعيين المدة بالاشهر أو السنين أو الفصل بمقدار يمكن حصول الزرع فيه و عليه فلو جعل آخر المدة ادراك الحاصل بعد تعيين اولها كفي في الصحة (2).

______________________________

و الخمس «1».

(1) ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي من النصوص حديث الحلبي المتقدم ذكره آنفا.

(2) ادعي عليه الاجماع فان تم فهو و الا فيشكل الجزم بالحكم اذ ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجهان احدهما ما رواه أبو الربيع الشامي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن أرض يريد رجل أن يتقبلها، فاي وجوه القبالة احل؟

قال: يتقبل الأرض من أربابها بشي ء معلوم الي سنين مسماة فيعمر و يؤدي الخراج فان كان فيها علوج فلا يدخل العلوج في قبالته فان ذلك لا يحل «2».

و هذه الرواية ضعيفة بابن جرير بل في أبي الربيع نقاش أيضا مضافا الي المناقشة في الدلالة اذ يمكن أن يكون المراد من القبالة غير المزارعة: ثانيهما دليل نفي الغرر و فيه اولا ان الدليل اخص من المدعي اذ يمكن أن يتصور الجهل بنحو لا يستلزم الغرر و ثانيا لا دليل علي حرمة الغرر علي نحو الاطلاق بل لا بد من الاجماع و التسالم حتي في البيع فكيف بالمقام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب المزارعة الحديث 3

(2) الوسائل الباب 18 من أبواب المزارعة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 464

[السادس- أن تكون الأرض قابلة للزرع]

السادس- أن تكون الارض قابلة للزرع و لو بالعلاج و الاصلاح و أما اذا لم تكن كذلك كما اذا كانت الارض سبخة لا يمكن الانتفاع بها أو نحوها بطلت المزارعة (1).

[السابع: تعيين الزرع إذا كان بينهما اختلاف نظر في ذلك و إلا لم يلزم التعيين]

السابع: تعيين الزرع اذا كان بينهما اختلاف نظر في ذلك و الا لم يلزم التعيين (2).

[الثامن- تعيين الأرض و حدودها و مقدارها]

الثامن- تعيين الارض و حدودها و مقدارها فلو لم يعينها بطلت و كذا اذا لم يعين مقدارها نعم لو عين كليا موصوفا علي وجه لا غرر فيه بأن يقول مقدار جريب من هذه القطعة من الارض التي لا اختلاف بين اجزائها صحت (3).

[التاسع: تعيين ما عليهما من المصارف كالبذر و نحوه]

التاسع: تعيين ما عليهما من المصارف كالبذر و نحوه بأن يجعل علي أحدهما أو كليهما (4) و يكفي في ذلك المتعارف الخارجي لانصراف

______________________________

(1) اجماعا كما في كلام القوم مضافا الي انه كيف يصح العقد مع امتناع موضوعه فلاحظ.

(2) اذ مع اختلاف النظر اما يكون مورد المعاملة المردد و اما يكون موردها ما في نظر الزارع أما علي الاول فلا مجال للصحة اذ المردد لا واقع له و اما علي الثاني فالظاهر ان الوجه في البطلان الغرر و فيه اشكال قد تقدم.

(3) يظهر من المتن و غيره من المتون التسالم علي كون الغرر مفسدا فلو تم اجماعا تعبديا و الا فيشكل كما تقدم.

(4) قد ورد في المقام حديث يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: و سألته عن المزارعة فقال: النفقة منك و الأرض لصاحبها فما اخرج اللّه من

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 465

الاطلاق اليه (1).

[مسائل]

[مسألة 1: يجوز للعامل أن يزرع الارض بنفسه أو بغيره أو بالشركة مع غيره]

(مسألة 1): يجوز للعامل أن يزرع الارض بنفسه أو بغيره أو بالشركة مع غيره هذا فيما اذا لم يشترط المالك عليه المباشرة و إلا لزم أن يزرع بنفسه (2).

[مسألة 2: لو أذن شخص لآخر في زرع ارضه علي أن يكون الحاصل بينهما بالنصف أو الثلث أو نحوهما]

(مسألة 2): لو اذن شخص لاخر في زرع ارضه علي أن يكون الحاصل بينهما بالنصف أو الثلث أو نحوهما فهل هو من المزارعة المصطلحة أولا وجهان الظاهر انه من المزارعة و يترتب عليه احكامها (3).

______________________________

شي ء قسم علي الشطر و كذلك اعطي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله خيبر حين أتوه فاعطاهم اياها علي أن يعمروها و لهم النصف مما أخرجه «1».

يستفاد منه ان النفقة علي الزارع و الأرض للمالك و لكن حكي عن جامع المقاصد الأطباق علي صحة المزارعة مع كون البذر علي المالك فان تم فهو و الا يشكل التخلف عن مفاد الحديث الا أن يقال: ان المقصود من ذيل الحديث ان النفقة علي الزارع في ما لا يشترط خلافه و بعبارة اخري: يمكن أن يقال: ان المستفاد من صدر الحديث صحة الشرط و المستفاد من ذيله حكم المزارعة بدون الشرط المذكور و اللّه العالم.

(1) لأن الاطلاق ينصرف اليه.

(2) ما افاده علي القاعدة و لا يحتاج الي البحث فلاحظ.

(3) الاذن من الإيقاعات فكيف يترتب عليه احكام المزارعة التي هي من العقود كما مر نعم لو رجع اذنه الي إنشاء المزارعة و قيام الزارع يكون قبولا لذلك الايجاب يكون الاذن المذكور من مصاديق المزارعة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أحكام المزارعة الحديث 20

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 466

و كذلك الحال لو اذن لكل من يتصدي للزرع و ان لم يعين شخصا معينا بأن يقول لكل من زرع ارضي هذه نصف حاصلها أو ثلثها (1).

[مسألة 3: يجوز اشتراط مقدار معين من الحاصل لأحدهما و تقسيم الباقي بينهما بنسبة معينة]

(مسألة 3): يجوز اشتراط مقدار معين من الحاصل لأحدهما و تقسيم الباقي بينهما بنسبة معينة (2) اذا علما ببقاء شي ء من الحاصل بعد استثناء ذلك المقدار (3) كما يجوز استثناء مقدار

البذر لمن كان

______________________________

(1) الفرق بين الصورة الاولي و الثانية ان الطرف في الصورة الاولي الشخص المعين و في الثاني العنوان الكلي و أما الصورة الثالثه فهي داخلة في الجعالة و عليه لا تكون من مصاديق المزارعة.

(2) لا اشكال في أن دليل جواز الشرط ليس مشرعا بل لا بد في جواز الاشتراط و الالتزام بنفوذه احراز مشروعية مورد الشرط في الرتبة السابقة هذا من ناحية و من ناحية اخري المستفاد من نصوص باب المزارعة انه لا بد من كون النماء مشتركا بين المالك و الزارع و صفوة القول ان المستفاد من النصوص ان وضع المزارعة علي الاشتراك في النماء بين المالك و الزارع فالالتزام بجواز تخصيص احدهما بمقدار من الحاصل يحتاج الي الدليل و دليل الشرط لا يحرز و لا يبين موضوع نفسه فيشكل القول بالجواز.

و أما الاستدلال علي المدعي بحديث سهل بن اليسع قال سألت ابا الحسن موسي عليه السلام عن الرجل يزرع له الحراث بالزعفران و يضمن له علي أن يعطيه في كل جريب أرض يمسح عليه وزن كذا و كذا درهما فربما نقص و غرم و ربما استفضل و زاد، قال لا بأس به اذا تراضيا «1» ففيه ان الحديث ضعيف بمحمد سهل فعلي تقدير تمامية دلالته علي المدعي لا يكون قابلا للاستدلال به فلاحظ.

(3) الظاهر انه لا مدخلية للعلم و انما المناط هو الواقع.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب المزارعة الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 467

منه أو استثناء مقدار خراج السلطان أو ما يصرف في تعمير الارض (1).

[مسألة 4: إذا عين المالك نوعا خاصا من الزرع من حنطة أو شعير أو نحو ذلك في ضمن عقد المزارعة]

(مسألة 4): اذا عين المالك نوعا خاصا من الزرع من حنطة أو شعير أو نحو ذلك في ضمن عقد المزارعة تعين ذلك علي

الزارع فلا يجوز له التعدي عنه (2) و لكن لو تعدي الي غيره و زرع نوعا آخر منه فللمالك الخيار بين الفسخ و الامضاء (3) فان فسخ فيرجع علي العامل باجرة مثل المنفعة الفائتة للأرض (4) و أما الحاصل فهو للعامل

______________________________

(1) لاحظ ما رواه يعقوب ابن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الرجل تكون له الأرض من أرض الخراج فيدفعها الي الرجل علي أن يعمرها و يصلحها و يؤدي خراجها و ما كان من فضل فهو بينهما قال: لا بأس «1» فان جواز الامور المذكورة في المتن يستفاد من الحديث و ظاهره اشتراط الامور الثلاثة جميعها و يدل علي بعض المقصود ما رواه الكرخي «2» نعم ان المستفاد من ذيل حديث يعقوب بن شعيب ان النفقة علي الزارع الا أن يقال ان الاجماع قائم علي الجواز.

(2) اذ يجب العمل بالشرط بمقتضي دليل وجوب الوفاء به و لا يجوز للزارع التعدي عنه و هذا ظاهر.

(3) فان التخلف عن الشرط يستلزم الخيار بمقتضي الشرط الارتكازي الضمني الثابت بالسيرة العقلائية.

(4) اذ بالفسخ يبطل عقد المزارعة هذا من ناحية و من ناحية اخري ان الزارع استوفي منفعة الأرض و الاستيفاء يقتضي الضمان فيكون الزارع ضامنا لأجرة المثل

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب المزارعة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 468

ان كان البذر له (1) و ان كان للمالك فله المطالبة ببدله أيضا (2) و علي تقدير البذل كان الحاصل للعامل أيضا (3) و ليست له مطالبة المالك باجرة العمل مطلقا هذا اذا علم المالك بذلك بعد بلوغ الحاصل (4) و أما اذا علم به قبل بلوغه فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة

(5) و الزام العامل بقطع الزرع أو ابقائه بالاجرة أو مجانا ان كان البذر له (6) و أما اذا كان للمالك فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة و بدل البذر أيضا (7) و مع بذله يكون الزرع للعامل (8) هذا اذا كان علي نحو الاشتراط و أما اذا كان التعيين علي نحو التقييد بطلت المزارعة (9

______________________________

للمالك.

(1) فان الزرع للزارع و ان كان غاصبا.

(2) اذ المفروض ان اليد يد ضمان فيكون ضامنا.

(3) اذ في صورة البذل يكون الزرع للزارع فان المبذول في حكم المملوك.

(4) لعدم المقتضي للمطالبة.

(5) لما تقدم فان الاستيفاء يقتضي الضمان.

(6) لتسلط الناس علي اموالهم و لا يكون للزارع حق الإبقاء مع عدم الرضا فللمالك الزامه بالقطع أو ابقائه علي احد النحوين المذكورين في المتن.

(7) لما تقدم.

(8) كما تقدم.

(9) اذ ما وقع في الخارج غير ما وقع عليه العقد فتبطل المزارعة الواقعة بينهما و يختلج بالبال أن يقال انه لا وجه للبطلان بل مقتضي القاعدة ضمان الزارع للمالك فيضمن له اجرة المثل فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 469

و حكمه ما تقدم (1).

[مسألة 5: إذا ظهر بطلان المزارعة بعد الزرع]

(مسألة 5): اذا ظهر بطلان المزارعة بعد الزرع فان كان البذر للمالك كان الزرع له (2) و عليه للزارع ما صرفه من الاموال و كذا اجرة عمله و اجرة الالات التي استعملها في الارض (3) و ان كان البذر للزارع فالزرع له (4) و عليه للمالك اجرة الارض و ما صرفه المالك و اجرة اعيانه التي استعملت في ذلك الزرع (5) ثم ان رضي المالك و الزارع ببقاء الزرع في الارض بالاجرة او مجانا فهو (6) و ان لم يرض المالك بذلك جاز له اجبار الزارع علي ازالة الزرع و ان لم يدرك

الحاصل و تضرر بذلك (7) و ليس للزارع اجبار المالك علي

______________________________

(1) بالتقاريب المتقدمة فلاحظ.

(2) فان الزرع لصاحب البذر.

(3) اذ المالك استوفي هذه المنافع من الزارع فيكون ضامنا له بالمثل و بعبارة اخري ليس العمل مبنيا علي المجانية بل بناء العمل علي الضمان و العوض و المفروض تحقق الاستيفاء.

(4) الكلام هو الكلام.

(5) لعين ما تقدم من التقريب فان الزارع استوفي المنفعة من ملك المالك فيكون ضامنا.

(6) فان الأمر بينهما فيتم الأمر باتفاقهما علي طرف كما في المتن.

(7) لأن الانسان مسلط علي ما له فيجوز له الاجبار و تضرر الزارع لا يمنع عن جواز الاجبار أما علي مسلك شيخ الشريعة في مفاد القاعدة فظاهر اذ علي ذلك

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 470

بقاء الزرع في الارض و لو باجرة (1) كما انه ليس للمالك اجبار الزارع علي ابقاء الزرع في الارض و لو مجانا (2) و كذلك الحال فيما اذا انقضت مدة المزارعة الصحيحة و لم يدرك الحاصل (3).

[مسألة 6: يصح أن يشترط احدهما علي الاخر شيئا علي ذمته من ذهب او فضة أو نحوهما مضافا إلي حصته]

(مسألة 6): يصح أن يشترط احدهما علي الاخر شيئا علي ذمته من ذهب او فضة أو نحوهما مضافا الي حصته (4).

______________________________

المسلك يكون مفادها النهي لا النفي و أما علي المسلك المشهور فيمكن أن يقال ان ضرر الزارع يعارضه ضرر المالك فان منعه عن التصرف في ملكه و جعله مكتوف اليد ضرر عليه.

و أما ما ذهب اليه الماتن من ان مفاد القاعدة امتناني و منع المالك خلاف الامتنان بالنسبة اليه فقد أوردنا عليه في بعض المباحث بأن مفاد القاعدة امتناني بالنسبة الي من تنطبق عليه القاعدة و المفروض ان المتضرر في المقام هو المالك و بعبارة اخري لا يشترط في تطبيق القاعدة علي مواردها كونها امتنانيا بالنسبة الي الجميع و

التفصيل موكول الي مجال آخر.

(1) اذ لا مقتضي لإجبار الغير و سلب اختياره.

(2) الكلام فيه هو الكلام بلا فرق و حكم الأمثال واحد.

(3) قد ظهر الوجه فيه مما تقدم فان الملاك واحد و حكم الأمثال فارد فلاحظ.

(4) عن الجواهر انه المشهور بل عليه عامة من تأخر و استدل علي المدعي في المستمسك بعموم دليل الشرط و فيه ان دليل الشرط غير مشرع فلا بد من احراز صحة امر مع قطع النظر عن الشرط كي يلزم بالشرط و جواز الضمان بالنحو المذكور اول الكلام و الاشكال.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 471

[مسألة 7: المزارعة عقد لازم لا ينفسخ إلا بالتقابل أو الفسخ]

(مسألة 7): المزارعة عقد لازم لا ينفسخ (1) الا بالتقابل (2) أو الفسخ بخيار الشرط (3) أو بخيار تخلف بعض الشروط المشترطة فيه (4).

______________________________

و عن الشرائع حكاية القول بالبطلان و ربما يستدل عليه بما رواه سهل «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا بمحمد بن سهل فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها و في المقام رواية اخري و هي رواية عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يزرع له الزعفران فيضمن له الحراث علي أن يدفع اليه من كل اربعين منا زعفران رطب منا و يصالحه علي اليابس، و اليابس اذا جفف ينقص ثلاثة ارباع و يبقي ربعه و قد جرب قال: لا يصلح. قلت: و ان كان عليه امين يحفظه لم يستطع حفظه لأنه يعالج بالليل و لا يطاق حفظه قال: يقبله الأرض اولا علي أن له في كل اربعين منامنا «2» و الكلام فيها هو الكلام فان الرواية ضعيفة سندا فان تم اجماعا و الا يشكل الجزم بالجواز.

(1) ادعي عليه الاجماع بقسميه و تقتضيها القاعدة الأوليه فانها من

العقود و كل عقد لازم بمقتضي عموم وجوب الوفاء به.

(2) للتسالم بينهم علي جواز التقابل و جريانه في عامة العقود.

(3) استدل عليه في المستمسك بدليل الشرط و فيه ان دليل الشرط غير مشرع كما تقدم فلا بد من وجود دليل علي صحته مع قطع النظر عن دليل الشرط لكن الظاهر ان جواز جعل الخيار في العقود مورد التسالم بين القوم فيجوز.

(4) اذ الخيار مجعول و مشروط و لو بالارتكاز عند تخلف الشرط و الا فمجرد تخلف الشرط لا يقتضي الخيار و تفصيل الكلام موكول الي محل آخر.

______________________________

(1) لاحظ ص 466

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب المزارعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 472

و لا ينفسخ يموت احدهما فيقوم الوارث مقامه (1) نعم ينفسخ بموت الزارع اذا قيد المزارعة بمباشرته للعمل (2).

[مسألة 8: إذا ترك الزارع الأرض بعد عقد المزارعة فلم يزرع حتي انقضت المدة]

(مسألة 8): اذا ترك الزارع الارض بعد عقد المزارعة فلم يزرع حتي انقضت المدة فان كانت الارض في تصرفه و كان تركه بلا عذر ضمن اجرة المثل للمالك (3) و لا فرق في ضمانه في هذه الصورة بين أن يكون المالك عالما بالحال و أن يكون غير عالم (4) و ان لم تكن الارض تحت يده بل كانت تحت يد المالك فحينئذ ان كان المالك مطلعا بذلك فالظاهر عدم ضمانه (5) و ان لم يكن مطلعا فالظاهر

______________________________

(1) اذ لا وجه للانفساخ بالموت غاية الامر يجب علي ولي أمره القيام بما ثبت في ذمته و ان شئت قلت انه من ديونه فيجب ادائه.

(2) كما هو ظاهر فانه في هذه الصورة لا يمكن القيام بها و النتيجة هو البطلان الا أن يقال انه لا وجه للبطلان علي الاطلاق بل لا بد من التفصيل بأن نقول: ان

كان قابلا و كان الزارع قادرا علي القيام و لم يقم حتي مات لا تبطل المزارعة و الا تبطل.

(3) لان بناء المعاملة علي الضمان و المفروض استيلاء الزارع علي مال الغير و بعبارة اخري: مقتضي السيرة العقلائية ان الاقدام علي الضمان مع الاستيلاء يقتضي الضمان و يترتب عليه الضمان في مفروض الكلام.

(4) اذ لا وجه للفرق فان مدرك الضمان الذي ذكرنا موجود في كلا التقديرين.

(5) اذ لا وجه للضمان فان مجرد الاقدام لا يقتضي الضمان بل الاقدام المنضم و المفروض عدم الاستيلاء. و يمكن أن يقال: ان الزارع بالمزارعة يجعل نفسه مديونا للمالك بالعمل و المفروض انه فوته و لم يأت به فيكون ضامنا لأجرة المثل.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 473

ضمانه (1).

[مسألة 9: يجوز لكل من المالك و الزارع أن يخرص الزرع بعد إدراكه بمقدار معين منه]

(مسألة 9): يجوز لكل من المالك و الزارع أن يخرص الزرع بعد ادراكه بمقدار معين منه بشرط رضا الاخر به و عليه فيكون الزرع للاخر و له المقدار المعين (2).

______________________________

الا أن يقال كما في المستمسك: ان الاعمال الذمية لا تكون مضمونة و الأجير علي عمل اذا لم يأت به تبطل الاجارة و لا يستحق الاجرة لا انه يستحق الاجرة و يكون ضامنا للعمل المستأجر و لكن هل يكون المدعي صحيحا؟

(1) لصدق التفويت فان الزارع بتركه الزرع قد فوت منفعة الأرض علي المالك فيكون ضامنا فان تفويت المنفعة كإتلاف مال الغير يوجب الضمان بلا اشكال.

(2) لا يبعد أن يكون الحكم مورد اتفاقهم و استدل علي المدعي بحملة من النصوص منها: ما رواه سهل «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا بمحمد بن سهل.

و منها: ما رواه محمد بن عيسي، عن بعض اصحابنا قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: ان لنا اكرة فنزارعهم «فيجيئون خ ل»

فيقولون: قد حزرنا هذا الزرع بكذا و كذا فاعطوناه و نحن نضمن لكم أن نعطيكم حصته «حصتكم خ» علي هذا الحزر قال: و قد بلغ؟ قلت: نعم قال: لا بأس بها قلت: فانه يجي ء بعد ذلك فيقول لنا: ان الحزر لم يجي ء كما حزرت قد نقص، قال: فإذا زاد يرد عليكم؟ قلت: لا، قال: فلكم أن تأخذوه بتمام الحزر كما انه اذا زاد كان له، كذلك اذا نقص «2» و المرسل لا اعتبار به.

______________________________

(1) لاحظ ص: 466

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب المزارعة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 474

______________________________

و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من الروايات: منها: ما رواه يعقوب بن شعيب (في حديث) قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجلين يكون بينهما النخل فيقول احدهما لصاحبه: اختر اما ان تأخذ هذا النخل بكذا و كذا كيل (كيلا- يه) مسمي: و تعطيني نصف هذا الكيل اما زاد او نقص، و اما أن آخذه انا بذلك؟ قال: نعم لا بأس به «1».

و منها: ما رواه الحلبي قال أخبرني أبو عبد اللّه عليه السلام ان اباه حدثه ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اعطي خيبر بالنصف ارضها و نخلها: فلما ادركت الثمرة بعث عبد اللّه بن رواحة فقوم عليه قيمة، و قال لهم: اما أن تأخذوه و تعطوني نصف الثمر «الثمن خ ل» و اما اعطيكم نصف الثمر، فقالوا بهذا قامت السماوات و الأرض «2».

و منها: ما رواه أبو الصباح قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ان النبي صلي اللّه عليه و آله لما افتتح خيبر تركها في ايديهم علي النصف؟ فلما ادركت الثمرة بعث عبد اللّه بن رواحة اليهم

فخرص عليهم، فجاءوا الي النبي صلي اللّه عليه و آله فقالوا: انه قد زاد علينا: فارسل الي عبد اللّه فقال: ما يقول هؤلاء؟

قال: خرصت عليهم بشي ء فان شاءوا يأخذون بما خرصت، و ان شاءوا أخذنا، فقال رجل من اليهود: بهذا قامت السماوات و الأرض «3».

و منها: ما رواه يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المزارعة، فقال: النفقة منك و الأرض لصاحبها، فما اخرج اللّه من شي ء قسم علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب بيع الثمار الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 475

و لو تلف الزرع أو بعضه كان عليهما معا (1).

[مسألة 10: إذا غرقت الأرض قبل القبض أو بعده قبل ظهور الزرع أو قبل إدراكه بطلت المزارعة]

(مسألة 10): اذا غرقت الارض قبل القبض أو بعده قبل ظهور الزرع أو قبل ادراكه بطلت المزارعة (2). و اذا غرق بعضها تخير المالك و العامل في الباقي بين الفسخ و الامضاء (3).

[مسألة 11: الأقوي عدم جواز عقد المزارعة بين أزيد من اثنين بأن تكون الأرض من واحد و البذر من آخر و العمل من ثالث و العوامل من رابع]

(مسألة 11): الاقوي عدم جواز عقد المزارعة بين ازيد من اثنين بأن تكون الارض من واحد و البذر من آخر و العمل من ثالث و العوامل من رابع و كذا الحال اذا وقع العقد بين جماعة علي النحو المذكور (4).

______________________________

الشرط، و كذلك قبل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله خيبر اتوه فاعطاهم اياها علي أن يعمروها علي أن لهم نصف ما اخرجت، فلما بلغ الثمر امر عبد اللّه بن رواحة فخرص عليهم النخل، فلما فرغ منه خيرهم، فقال: قد خرصنا هذا النخل بكذا صاعا، فان شئتم فخذوه و ردوا علينا نصف ذلك، و ان شئتم اخذناه و اعطيناكم نصف ذلك، فقالت اليهود: بهذا قامت السماوات و الأرض «1».

(1) كما هو ظاهر فانه مقتضي الاشتراك علي نحو الاشاعة.

(2) كما هو ظاهر فانه لا موضوع لها.

(3) لخيار التبعض.

(4) اختار السيد اليزدي (قدس سره) في عروته الجواز و المسألة ذات قولين و استدل علي الجواز بعموم وجوب الوفاء بالعقود و الاستدلال به علي المدعي يتوقف علي كون الاية الشريفة ناظرة الي الصحة و الحال انها ناظرة الي اللزوم بتقريب ان الوفاء عبارة عن الاتمام و الوفاء بالعقد اتمامه و عدم الفسخ و من الظاهر ان الفسخ ليس

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 476

______________________________

حراما تكليفا فيكون المستفاد من الاية الارشاد الي اللزوم و عدم تأثير الفسخ و حيث انها تدل علي اللزوم يجب أن تكون الصحة مفروضة في الرتبة السابقة.

و بعبارة واضحة:

دليل وجوب الوفاء اما يشمل جميع العقود الفاسدة بلا فرق بين الصحيح و الفاسد و اما ناظر الي خصوص العقود الفاسدة و اما يكون ناظرا الي خصوص العقود الصحيحة، أما القسم الأول و الثاني فلا سبيل اليهما كما هو ظاهر و يبقي القسم الثالث فالنتيجة ان الصحة لا تستفاد من دليل اللزوم.

ان قلت: ما المانع من الالتزام باستفادة كلا الأمرين من الدليل بتقريب ان اللزوم يستلزم الصحة فالدليل عليه دليل عليها، و ان شئت قلت الدليل علي اللازم دليل علي الملزوم فيما لا يكون اللازم اعم.

قلت: اذا كانت القضية خارجية يتم هذا البيان فان المولي لو حكم باللزوم علي عقد خارجي يستفاد انه صحيح بالدلالة الالتزامية و أما اذا كان الحكم علي نحو القضية الحقيقية كما هو كذلك في الأحكام الشرعية فلا مجال لهذا التقريب اذ فرض وجود الموضوع شرط في القضية الحقيقية فلا بد من فرض العقد الصحيح في الرتبة السابقة كي يحكم عليه باللزوم، فالنتيجة ان دليل وجوب الوفاء لا يمكن كونه مدركا للصحة في مورد الشك.

و ربما يستدل علي الجواز بالنصوص الدالة علي مزارعة النبي صلي اللّه عليه و آله اهل خيبر منها ما رواه يعقوب بن شعيب «1».

و منها: ما رواه أبو الصباح قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ان النبي صلي اللّه عليه و آله لما افتتح خيبر تركها في ايديهم علي النصف الحديث «2»

______________________________

(1) لاحظ ص: 464

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب المزارعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 477

[مسألة 12: لا فرق في صحة عقد المزارعة بين أن يكون البذر من المالك أو العامل أو منهما معا]

(مسألة 12): لا فرق في صحة عقد المزارعة بين أن يكون البذر من المالك أو العامل أو منهما معا (1) و لكن كل ذلك يحتاج الي

______________________________

و منها:

ما رواه الحلبي، قال: أخبرني أبو عبد اللّه عليه السلام ان اباه عليه السلام حدثه ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اعطي خيبر بالنصف أرضها و نخلها الحديث «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) انه سئل عن مزارعة اهل الخراج بالربع و النصف و الثلث، قال: نعم لا بأس به، قد قبل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله خيبر اعطاها اليهود حين فتحت عليه بالخبر و الخبر هو النصف 2.

فان المستفاد من هذه النصوص ان المزارعة وقعت بين اكثر من شخصين و فيه: انه لا اشكال في جواز كون العامل اكثر من واحد، انما الكلام في دخول غير صاحب الأرض و العامل فيها بحيث تقوم بهما و بثالث أو بهما و باثنين آخرين أو اكثر و لا يستفاد هذا المعني من نصوص خيبر مضافا الي أنه لم يثبت ان كل أرض بعينها كان لها اكثر من زارع و من الجائز أن تكون كل أرض لها زارع واحد فكانت مزارعات كثيرة، فالحق ما افاده في المتن من عدم الجواز اذ لا دليل عليه و مع عدم الدليل تصل النوبة الي الأصل و مقتضاه الفساد فلاحظ.

(1) عن جامع المقاصد 3 الاطباق علي صحة المزارعة مع كون البذر علي المالك و يستفاد من حديث ابن شعيب 4 ان النفقة علي الزارع و الأرض للمالك فان تم الاجماع التعبدي علي الجواز فهو و الا يشكل الجزم به مع هذه

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 8 من أبواب المزارعة الحديث: 2 و 8

(2) (3) مستمسك العروة ج- 13 ص: 292

(3) (4) لاحظ ص: 464 و 474

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص:

478

تعيين و جعل في ضمن العقد (1) الا أن يكون هناك متعارف ينصرف اليه الاطلاق (2) و كذا لا فرق بين أن تكون الارض مختصة بالمزارع أو مشتركة بينه و بين العامل كما أنه لا يلزم أن يكون تمام العمل علي العامل فيجوز أن يكون عليهما و كذا الحال في سائر التصرفات و الالات و الضابط ان كل ذلك تابع للجعل في ضمن العقد (3).

[مسألة 13: إذا وجد مانع في الأثناء قبل ظهور الزرع أو قبل بلوغه و ادراكه]

(مسألة 13): اذا وجد مانع في الاثناء قبل ظهور الزرع أو قبل بلوغه و ادراكه كما اذا انقطع الماء عنه و لم يمكن تحصيله أو استولي

______________________________

الرواية، مضافا الي أن مقتضي الأصل الاقتصار علي المقدار المعلوم و لا عموم في المقام يؤخذ به عند الشك كما تقدم و لكن قد تقدم أيضا بأنه يمكن أن يقال: ان صدر الحديث ناظر الي صورة الاشتراط و ذيله الي صورة الاطلاق فيلزم التفصيل و راجع ما ذكرناه هناك «1».

و يستفاد جواز كون البذر من واحد و الأرض و العمل من آخر من حديث سماعة قال: سألته عن مزارعة المسلم المشرك فيكون من عند المسلم البذر و البقر و تكون الأرض و الماء و الخراج و العمل علي العلج، قال: لا بأس به الحديث «2» لكن الرواية واردة في مورد خاص.

(1) فان الاهمال غير معقول في الواقع فلا بد من التعيين.

(2) فان الظهور متبع ما دام لم يقم علي خلافه دليل.

(3) الكلام فيه هو الكلام فان رفع اليد عن حديث ابن شعيب يتوقف علي تحقق اجماع تعبدي كاشف عن الجواز الشرعي في جميع هذه الموارد الا أن

______________________________

(1) لاحظ ص: 465

(2) الوسائل الباب 12 من ابواب المزارعه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 479

عليه و لم

يمكن قطعه أو وجد مانع لم يمكن رفعه فالظاهر بطلان المزارعة من الاول لكشفه عن عدم قابلية الارض للزراعة (1) و عليه فيكون الزرع الموجود لصاحب البذر (2) فان كان البذر للمالك فعليه اجرة مثل عمل العامل و ان كان للعامل فعليه اجرة مثل ارضه (3).

[مسألة 14: إذا كانت الأرض التي وقعت المزارعة عليها مغصوبة و كان البذر من العامل بطلت المزارعة بالإضافة إلي المزارع]

(مسألة 14): اذا كانت الارض التي وقعت المزارعة عليها مغصوبة و كان البذر من العامل بطلت المزارعة بالاضافة الي المزارع (4) فان اجاز المالك عقد المزارعة وقع له (5) و الا كان الزرع للزارع (6) و عليه اجرة المثل للأرض للمالك (7) و يرجع فيما خسره الي المزارع

______________________________

يقال: ان الحق التفصيل كما تقدم.

(1) فانه مع عدم قابلية الأرض للزراعة تكون المزارعة باطلة فكانت الصحة ظاهرية.

(2) فان الزرع لصاحب البذر.

(3) اذ أقدم المالك علي الضمان و المفروض انه استوفي المنفعة فيكون ضامنا للعامل و هذا التقريب يجري في فرض كون البذر للعامل فيكون ضامنا للمالك فلاحظ.

(4) كما هو ظاهر فان التصرف في مال الغير باطل و يكون فضوليا.

(5) بمقتضي صحة الفضولي مع الاجازة كما هو المقرر عندهم علي كلام لنا في صحة الفضولي بالاجازة و ان كان الأقوي الصحة.

(6) فان الزرع للزارع و ان كان غاصبا.

(7) لأنه استوفي المنفعة من ملك الغير و هو يقتضي الضمان.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 480

ان كان مغرورا من قبله و الا فلا رجوع اليه (1) و اذا انكشف الحال قبل بلوغ الزرع و ادراكه كان المالك مخيرا أيضا بين الاجازة و الرد (2) فان رد فله الامر بالازالة أو الرضي ببقائه و لو باجرة (3) و علي الزارع اجرة المثل بالنسبة الي ما مضي و يرجع الي المزارع بالخسارة مع الغرور كما تقدم (4).

[مسألة 15: تجب علي كل من المالك و الزارع الزكاة إذا بلغ حصة كل منهما حد النصاب]

(مسألة 15): تجب علي كل من المالك و الزارع الزكاة اذا بلغ حصة كل منهما حد النصاب و تجب علي احدهما اذا بلغت حصته كذلك هذا اذا كان الزرع مشتركا بينهما من الاول او من حين ظهور الثمر قبل صدق الاسم (5) و أما اذا اشترطا

الاشتراك بعد صدق الاسم أو من حين الحصاد و التصفية فالزكاة علي صاحب البذر سواء أ كان هو المالك أو العامل (6).

[مسألة 16: الباقي في الأرض من أصول الزرع بعد الحصاد]

(مسألة 16): الباقي في الارض من اصول الزرع بعد الحصاد

______________________________

(1) لقاعدة الغرور فمع الخسارة يرجع و أما مع عدمه فلا مقتضي للرجوع.

(2) فله الاجازة بمقتضي صحة الفضولي بالاجازة كما انه له الرد.

(3) اذ المالك مسلط علي مملوكه فله الأمر بالازالة كما أن له الرضا بالبقاء مع الاجرة أو مجانا.

(4) بالتقريب المتقدم.

(5) لتحقق موضوع وجوب الزكاة بالنسبة الي كليهما.

(6) و الوجه فيه عدم تحقق الموضوع الا بالنسبة الي صاحب البذر فلا وجه لتعلق الوجوب بالنسبة الي الاخر.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 481

و انقضاء المدة اذا نبتت في السنة الجديدة و ادرك فحاصله لمالك الارض ان لم يشترط في عقد المزارعة اشتراكهما في الاصول (1).

[مسألة 17: إذا اختلف المالك و الزارع في المدة فادعي أحدهما الزيادة و الآخر القلة]

(مسألة 17): اذا اختلف المالك و الزارع في المدة فادعي احدهما الزيادة و الاخر القلة فالقول قول منكر الزيادة (2) و لو اختلفا في الحصة قلة و كثرة فالقول قول صاحب البذر المدعي للقلة (3) و أما اذا اختلفا في اشتراط كون البذر أو العمل أو العوامل علي ايهما فالمرجع التحالف و مع حلفهما أو نكولهما تنفسخ المعاملة (4).

[مسألة 18: الزارع إذا قصر في تربية الأرض فقل الحاصل لا يبعد ضمانه التفاوت فيما إذا كان البذر للمالك]

(مسألة 18): الزارع اذا قصر في تربية الارض فقل الحاصل لا يبعد ضمانه التفاوت فيما اذا كان البذر للمالك (5) و أما اذا كان للعامل و كان التقصير قبل ظهور الزرع فلا ضمان (6) و لكن للمالك حينئذ

______________________________

(1) لم يظهر لي وجه ما أفاده فان الحاصل تابع للأصل فلا بد من ملاحظة ان الاصل ملك لمالك الأرض او ملك للزارع او مشترك بينهما فعلي الاول يكون لمالك الارض و علي الثاني للزارع و علي الثالث يكون مشتركا بينهما و اللّه العالم.

(2) علي ما هو الميزان من أن القول قول المنكر و علي المدعي اقامة البينة.

(3) بعين التقريب المتقدم.

(4) كما هو الميزان في باب القضاء.

(5) بتقريب ان الزارع مديون للمالك بالعمل و المفروض انه فوته فيكون ضامنا لأجرة المثل.

(6) الذي يختلج بالبال ان لا يفرق بين المقامين فان العمل في الذمة اذا كان

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 482

الفسخ و المطالبة باجرة المثل للأرض (1).

[مسألة 19: لو ادعي المالك علي الزارع عدم العمل بما اشترط عليه في ضمن عقد المزارعة من بعض الأعمال]

(مسألة 19): لو ادعي المالك علي الزارع عدم العمل بما اشترط عليه في ضمن عقد المزارعة من بعض الاعمال أو ادعي تقصيره فيه علي وجه يضر بالزراعة أو تقصيره في الحفظ أو نحو ذلك و انكره الزارع فالقول قوله (2) و كذلك الحال في كل مورد ادعي احدهما شيئا و انكره الاخر ما لم يثبت ما ادعاه شرعا (3).

[مسألة 20: إذا أوقع المتولي للوقف عقد المزارعة علي الأرض الموقوفة علي البطون إلي مدة حسب ما يراه صالحا لهم]

(مسألة 20): اذا اوقع المتولي للوقف عقد المزارعة علي الارض الموقوفة علي البطون الي مدة حسب ما يراه صالحا لهم لزم

______________________________

مضمونا فالضمان في كلا الموردين و ان لم يكن مضمونا فلا ضمان في كلا المقامين.

(1) من باب تخلف الشرط فان الوفاء منوط بالوفاء من الطرف الاخر و مع تخلفه يثبت الخيار.

(2) بتقريب ان قول الامين حجة فيما يدعي و يخبر و لولاه كان القول قول الطرف اذا الاصل موافق معه فيكون منكرا و القول قول المنكر لكن بمقتضي السيرة الجارية علي قبول قول الامين في مورد ما او تمن عليه و الموظف لأداء عمل في اداء وظيفة يؤخذ بقوله.

و عن الجواهر: عد قبول اخبار الوكيل في التطهير من الضروريات و صفوة القول ان المستفاد من السيرة الجارية بين العقلاء و المتشرعة قبول قول من يكون موظفا بعمل اذا اخبر بتحقق ذلك العمل و المقام من صغريات تلك الكبري الكلية فلاحظ.

(3) اذ القول قول المنكر و قول المنكر يوافق الاصل، لكن قد عرفت ان الأخذ بقول الزارع ربما يكون من باب كونه امينا و ليس عليه الا اليمين.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 483

و لا يبطل بالموت (1) و اما اذا اوقعه البطن المتقدم من الموقوف عليهم ثم مات في الاثناء قبل انقضاء المدة بطل العقد من ذلك

الحين (2) الا اذا اجاز البطن اللاحق (3).

[مسألة 21: يجوز لكل من المالك و العامل بعد ظهور الحاصل أن يصالح الآخر عن حصته]

(مسألة 21): يجوز لكل من المالك و العامل بعد ظهور الحاصل أن يصالح الاخر عن حصته بمقدار معين من جنسه أو غير جنسه (4) بعد التخمين بحسب المتعارف في الخارج (5) كما يجوز ذلك قبل ظهور الحاصل مع الضميمة (6).

______________________________

(1) لأن المتولي له التصرف فما صدر عنه صادر عن اهله واقع في محله فيكون لازما و لا يبطل لعدم وجه للبطلان فان المتولي من بيده الأمر فتصرفه ينفذ و لا يبطل بموته.

(2) لأن تصرفه بالنسبة الي ما بعد موته في غير محله فيكون باطلا.

(3) بناء علي صحة الفضولي بالاجازة علي ما هو المقرر عند القوم.

(4) لجواز الصلح بحسب ادلته.

(5) يمكن أن يقال كما في كلام بعض الاصحاب انه لا يشترط فيه التخمين بل يجوز بدونه أيضا.

(6) تارة يعلم بوجوده في المستقبل و اخري يعلم بعدمه و ثالثة يكون شاكا، أما مع العلم بوجوده في المستقبل فلا مانع من المصالحة عنه و لو مع عدم الضميمة، و أما مع العلم بعدمه فلا مجال للمصالحة لانتفاء الموضوع و أما في صورة الشك فالظاهر جواز المصالحة مع الضميمة و أما مع عدمها فيشكل الحكم بالصحة لعدم احراز موضوعها الا علي النحو التعليق ان لم نقل ببطلانه.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 484

[مسألة 22: لا يعتبر في عقد الزارعة علي الأرض أن تكون قابلة للزرع من حين العقد و في السنة الأولي]

(مسألة 22): لا يعتبر في عقد الزارعة علي الارض أن تكون قابلة للزرع من حين العقد و في السنة الاولي بل يصح العقد علي ارض بائرة و خربة ليست قابلة للزرع الا بعد اصلاحها و تعميرها سنة أو ازيد و عليه فيجوز للمتولي أن يزارع الاراضي الموقوفة وقفا عاما أو خاصا التي اصبحت بائرة الي عشر سنين أو أقلّ أو ازيد حسب ما يراه صالحا (1).

[كتاب المساقاة]

اشارة

كتاب المساقاة المساقاة هي اتفاق شخص مع آخر علي سقي اشجار مثمرة و اصلاح شئونها الي مدة معينة بحصة من اثمارها (2)

[و يشترط فيها أمور]

اشارة

و يشترط فيها امور:

[الأول- الإيجاب و القبول]

الاول- الايجاب و القبول (3) و يكفي فيه كل ما يدل علي المعني المذكور من لفظ أو فعل او نحوهما (4) و لا يعتبر فيها العربية و لا

______________________________

(1) لعدم دليل علي التقييد، و يكفي لإثبات الصحة اطلاق دليل المزارعة، فلاحظ.

(2) قال في الحدائق: «و هي معاملة علي اصول ثابتة بحصة من ثمرها» الخ و من الظاهر ان التعاريف المذكورة في هذه المقامات اشارة الي مركز البحث فلا بهم التحقيق فيها.

(3) لأنها من العقود و كل عقد يحتاج الي الايجاب و القبول.

(4) قد مر الكلام في كتاب المزارعة و قلنا انه لا بد في اتمام المدعي في مقام الاستدلال من التوسل بالاتفاق و التسالم بين الأصحاب اذ لا اطلاق و لا عموم يتمسك

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 485

الماضوية (1).

[الثاني- البلوغ و العقل و الاختيار]

الثاني- البلوغ و العقل و الاختيار (2) و أما عدم الحجر لسفه أو فلس فهو انما يعتبر في المالك دون العامل محضا (3).

[الثالث- أن تكون أصول الأشجار مملوكة عينا و منفعة أو منفعة فقط]

الثالث- أن تكون اصول الاشجار مملوكة عينا و منفعة أو منفعة فقط أو يكون تصرفه فيها نافذا بولاية أو وكالة او تولية (4).

______________________________

بهما في اثبات توسعة الحكم.

الا أن يقال ان المستفاد من حديث يعقوب بن شعيب- عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) قال: سألته عن رجل يعطي الرجل ارضه و فيها ماء او نخل او فاكهة، و يقول: اسق هذا من الماء و اعمره و لك نصف ما اخرج «اللّه عز و جل منه» قال: لا بأس «1»، هو الاطلاق فان قوله عليه السلام في جواب السائل لا بأس يقتضي الجواز بلا فرق بين كون القبول من قبل العامل لفظا أو فعلا و بلا فرق بين كونه بالعربي الماضوي أو بغيره.

(1) الكلام فيه هو الكلام لكن مقتضي اطلاق الحديث هو عموم الحكم كما مر.

(2) هذه شروط عامة في جميع العقود و قد مر تعرضها في كتاب البيع فلا وجه للإعادة.

(3) فان الحجر لسفه أو فلس فانما يكون مانعا عن التصرف المالي فلا يكون مانعا في طرف العامل، محضا فلاحظ.

(4) اذ في غير هذه الصور لا يجوز له التصرف فتكون المعاملة باطلة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب المزارعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 486

[الرابع- أن تكون معلومة و معينة عندهما]

الرابع- أن تكون معلومة و معينة عندهما (1).

[الخامس- تعيين مدة العمل فيها إما ببلوغ الثمرة المساقي عليها]

الخامس- تعيين مدة العمل فيها اما ببلوغ الثمرة المساقي عليها و اما بالاشهر او السنين بمقدار تبلغ فيها الثمرة غالبا فلو كانت أقلّ من هذا المقدار بطلت المساقاة (2).

[السادس- تعيين الحصة و كونها مشاعة في الثمرة]

السادس- تعيين الحصة (3) و كونها مشاعة في الثمرة فلا يجوز أن يجعل للعامل ثمرة شجر معين دون غيره (4) نعم يجوز اشتراط مقدار معين كمن من الثمرة مثلا بالاضافة الي الحصة المشاعة لأحدهما اذا

______________________________

(1) اما اشتراط العلم فيتوقف علي قيام اجماع تعبدي عليه و الا فيشكل اتمامه بالدليل اذ قد مر الاشكال في الاستدلال بحرمة الغرر في كتاب المزارعة و أما التعيين فان كان المراد منه ما يقابل المردد فلا اشكال في اشتراطه اذ المردد لا واقع له.

(2) لا يبعد أن يكون الوجه في هذا الاشتراط الاقتصار علي ما يستفاد من النص الوارد في المقام فان المستفاد من حديث ابن شعيب بحسب الفهم العرفي جعل المدة الي زمان بلوغ الثمرة.

و بعبارة واضحة: ليس في المقام دليل يقتضي الصحة علي الاطلاق فلا بد من الاقتصار علي المقدار الذي يستفاد من النص الخاص و المفروض ان الرواية لا تدل علي أزيد من هذا المقدار فلا بد من الاقتصار عليه و لذا لو كانت أقلّ تبطل المساقاة لعدم الدليل علي الصحة و مقتضي الاصل الاولي الفساد.

(3) فان المردد لا واقع له فلا بد من التعيين.

(4) يظهر من كلامهم انه من الواضحات عندهم و من المسلمات في انظارهم و مقتضي الحديث الوارد في المقام هكذا و لا مجال للتعدي عن مورده اذ قد مر انه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 487

علم وجود ثمرة غيرها (1).

[السابع- تعيين ما علي المالك من الأمور]

السابع- تعيين ما علي المالك من الامور و ما علي العامل من الاعمال (2) و يكفي الانصراف اذا كان قرينة علي التعيين (3).

[الثامن- أن تكون المساقاة قبل ظهور الثمرة أو بعده]

الثامن- أن تكون المساقاة قبل ظهور الثمرة (4) أو بعده قبل

______________________________

لا اطلاق كي يؤخذ به في موارد الشك.

(1) الظاهر من حديث ابن شعيب ان الاشاعة معتبرة في تمام الثمرة فالحكم بالجواز في مفروض الكلام يتوقف علي قيام دليل عليه، فلاحظ.

(2) و هذا واضح اذ مرجع عدم التعيين الي الترديد او المردد لا واقع له و بعبارة اخري: لا بد من تعيين مركز المعاقدة فان المعاقدة متقومة به.

(3) بلا اشكال فانه من طرق التعيين في المتعارفات و المحاورات و يمكن أن يقال- كما في بعض الكلمات-: ان مقتضي المساقاة وجوب جميع الامور المتعلقة بالثمرة علي العامل و ما يتعلق بالاصول يجب علي المالك فان وجود الاصول مفروض في باب المساقاة و انما العامل مؤثر في تحقق الثمرة فيجب عليه كل امر دخيل في تحققها، فلاحظ.

(4) اجماعا بقسميه كما عن الجواهر، و الظاهر من حديث ابن شعيب «1» وقوع المعاقدة قبل ظهور الثمرة الا أن يقال: لا وجه لحمل قوله في مقام السؤال و لك نصف ما اخرج الخ علي ما قبل الظهور بل مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين الحالتين كما في المتن اي يشمل الحديث باطلاقه ما قبل البلوغ أيضا لكن الانصاف انه يشكل صدق عنوان الاخراج علي البالغ الا أن يقال: ان العرف يفهم من هذا الكلام ما يحصل في الخارج فيعم كلتا الحالتين.

______________________________

(1) لاحظ ص: 485

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 488

البلوغ اذا كان محتاجا الي السقي و نحوه (1) و أما اذا لم يحتج الي ذلك فصحتها بلحاظ القطف و الحفظ

محل اشكال (2).

[التاسع- أن تكون المعاملة علي أصل ثابت]

التاسع- أن تكون المعاملة علي اصل ثابت و أما اذا لم يكن ثابتا كالبطيخ و الباذنجان و نحوهما فالظاهر عدم وقوع المساقاة (3) و أما كونها معاملة مستقلة محكومة بالصحة فمحل اشكال و الاحتياط لا يترك (4) و لا تصح المساقاة علي الاشجار غير المثمرة كالصفصاف و الغرب و نحوهما بل صحتها علي الشجر الذي ينتفع بورقه كالحناء و نحوه لا تخلو عن اشكال (5).

[مسائل]

[مسألة 1: يصح عقد المساقاة في الأشجار المستغينة]

(مسألة 1): يصح عقد المساقاة في الاشجار المستغينة عن

______________________________

(1) أما فيما يحتاج الي السقي فظاهر و أما مع عدم الاحتياج الي السقي فان تم المدعي بالإجماع و التسالم فهو و الا فيشكل الجزم بالجواز لعدم الدليل فان حديث ابن شعيب الذي هو اساس جواز عقد المساقاة متعرض للسقي فمع عدمه يشكل الجواز، فلاحظ.

(2) لعدم الدليل علي الصحة بل مقتضي الأصل الاولي هو البطلان، و اللّه العالم.

(3) العمدة في الاشكال عدم الدليل علي العموم فان حديث ابن شعيب كما تري لا يشمل غير الثابت.

(4) اذ لا دليل علي صحة هذا النحو و بعبارة اخري قد سبق في مطاوي كلماتنا ان دليل وجوب الوفاء دليل علي اللزوم لا علي الصحة و أما التجارة فصدقها علي غير البيع محل اشكال و كلام سيما مثل المساقاة و أمثالها.

(5) لعين التقريب فانه لا دليل عليه و حديث ابن شعيب لا يشمله فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 489

السقي بالمطر أو بمص رطوبة الارض اذا احتاجت الي اعمال آخر (1).

[مسألة 2: يجوز اشتراط شي ء من الذهب أو الفضة للعامل أو المالك زائدا علي الحصة من الثمرة]

(مسألة 2): يجوز اشتراط شي ء من الذهب او الفضة للعامل او المالك زائدا علي الحصة من الثمرة (2) و هل يجب الوفاء به اذا لم تسلم الثمرة قولان بل اقوال اظهرها الوجوب بلا فرق بين أن يكون الشرط للمالك و أن يكون للعامل و لا بين صورة عدم ظهور

______________________________

(1) الانصاف ان اتمامه بالنص الوارد في المقام مشكل بل لا يمكن فان حديث ابن شعيب «1» صرح فيه بالسقي فلا يشمل مورد عدم الاحتياج اليه.

و أما حديثه الاخر، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل تكون له الارض من ارض الخراج فيدفعها الي الرجل علي أن يعمرها و يصلحها و

يؤدي خراجها، و ما كان من فضل فهو بينهما، قال: «لا باس» الي أن قال: و سألته عن المزارعة فقال: النفقة منك، و الارض لصاحبها، فما اخرج اللّه من شي ء قسم علي الشطر و كذلك اعطي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله خيبر حين أتوه فاعطاهم اياها علي أن يعمروها و لهم النصف مما اخرجت «2» فأيضا لا يمكن الاستناد اليه في الحكم لعدم معلومية الخصوصيات فيما عامله رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله مع اهل خيبر مضافا الي أن الرواية موردها المزارعة الا أن يتم الامر بالتسالم عند الاصحاب كما يظهر من كلام سيد المستمسك (قده) «3» في هذا المقام.

(2) بلا خلاف كما في بعض الكلمات و يقتضيه عموم وجوب الوفاء بالشرط فانه شرط جائز، و يجوز جعله و يجب الوفاء به علي ما هو المقرر في محله من وجوب الوفاء بالشرط.

______________________________

(1) لاحظ ص: 485

(2) الوسائل الباب 10 من أبواب المزارعة الحديث: 2

(3) ج 13 ص: 400

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 490

الثمرة اصلا و صورة تلفها بعد الظهور (1).

[مسألة 3: يجوز تعدد المالك و اتحاد العامل فيساقي الشريكان عاملا واحدا]

(مسألة 3): يجوز تعدد المالك و اتحاد العامل فيساقي الشريكان عاملا واحدا و يجوز لعكس فيساقي المالك الواحد عاملين بالنصف له مثلا و النصف الاخر لهما و يجوز تعددهما معا (2).

[مسألة 4: خراج الأرض علي المالك]

(مسألة 4): خراج الارض علي المالك (3) و كذا بناء الجدران و عمل الناضح و نحو ذلك مما لا يرجع الي الثمرة و انما يرجع الي غيرها من الارض أو الشجر (4).

[مسألة 5: يملك العامل مع إطلاق العقد الحصة في المساقاة]

(مسألة 5): يملك العامل مع اطلاق العقد الحصة في المساقاة

______________________________

(1) اذ لا وجه للتقييد و الاختصاص بالمالك أو العامل كما ان مقتضي وجوب الوفاء بالشرط عدم الفرق بين الصور المذكورة فان المفروض تحقق الشرط في ضمن العقد فيجب الوفاء به فلاحظ.

(2) ان تم المدعي بالإجماع فهو و الا يشكل اذ لا دليل عليه غير حديث ابن شعيب و اما نصوص خيبر «1» فلا يستفاد منها جواز المساقاة، و علي تقدير دلالتها انما تدل علي جواز التعدد في طرف العامل فلاحظ.

(3) قال سيد المستمسك (قدس سره) في هذا المقام كما هو المصرح به في كلامهم علي نحو يظهر انه مما لا اشكال فيه و لا خلاف و يمكن الاستدلال علي المدعي ان الخراج علي الارض فهو علي المالك المتصرف في الأصل.

(4) فان ما يجب علي العامل امور راجعة الي الثمرة فاذا فرض امر لا يكون راجعا اليها لا يكون واجبا علي العامل بل واجب علي المالك.

______________________________

(1) لاحظ ص: 474

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 491

من حين ظهور الثمرة (1) و اذا كانت المساقاة بعد الظهور ملك الحصة من حين تحقق العقد (2).

[مسألة 6: الظاهر أن عقد المغارسة باطل و هي أن يدفع شخص أرضه إلي غيره ليغرس فيها]

(مسألة 6): الظاهر ان عقد المغارسة باطل و هي أن يدفع شخص ارضه الي غيره ليغرس فيها علي أن تكون الاشجار المغروسة بينهما بالسوية أو بالتفاضل علي حسب القرار الواقع بينهما (3) فاذا اتفق وقوعها كان الغرس لمالكه (4) فان كان هو مالك الارض استحق العامل عليه اجرة مثل عمله (5) و ان كان هو العامل استحق عليه مالك الارض اجرة مثل ارضه (6) و لكن ليس له اجبار مالك الارض علي ابقائها و لو باجرة (7) بل وجب عليه قلعها ان لم يرض المالك

ببقائها (8).

______________________________

(1) كما هو ظاهر خبر ابن شعيب.

(2) اذ المفروض تحقق العقد بعد زمان الظهور فيملك من حين العقد لفرض وجود المملوك و تحقق العقد المملك الا أن يقال: ان المستفاد من حديث ابن شعيب تعلق الملكية بما يتحقق بعد ذلك اعم من الظهور و البلوغ فلا تكون المساقاة مملكة للموجود بالفعل و اللّه العالم.

(3) ادعي علي بطلانها الاجماع و مقتضي الأصل الاولي هو البطلان أيضا و قد مر منا ان عموم وجوب الوفاء بالعقود لا يقتضي الصحة.

(4) كما هو ظاهر لعدم ما يقتضي الخروج عن ملك مالكه.

(5) فانه استوفي العمل من العامل و بناء المعاملة علي الضمان.

(6) اذ المفروض انه استوفي المنفعة من ملك الغير بلا قصد المجانية في العقد.

(7) لعدم ما يقتضي جواز الاجبار و الناس مسلطون علي اموالهم.

(8) لحرمة التصرف في مال الغير.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 492

كما ان عليه طم الحفر التي تحدث في الارض بذلك (1) و ليس علي المالك نقص الاشجار بالقلع (2) نعم لو قلعها المالك فنقصت و عابت ضمن تفاوت القيمة (3).

[مسألة 7: يبطل عقد المساقاة بجعل تمام الحاصل للمالك]

(مسألة 7): يبطل عقد المساقاة بجعل تمام الحاصل للمالك (4) و مع ذلك يكون تمام الحاصل و الثمرة له (5) و ليس للعامل مطالبته بالاجرة حيث انه اقدم علي العمل في هذه الصورة مجانا (6) و أما اذا كان بطلان المساقاة من جهة اخري وجب علي المالك أن يدفع للعامل اجرة مثل ما عمله حسب المتعارف (7).

[مسألة 8: عقد المساقاة لازم لا يبطل و لا ينفسخ إلا بالتقابل و التراضي]

(مسألة 8): عقد المساقاة لازم لا يبطل و لا ينفسخ (8) الا بالتقابل و التراضي (9)

______________________________

(1) اذ المفروض ان الحفر بفعله فيجب عليه الطم.

(2) اذ لا مقتضي للوجوب عليه.

(3) فان اتلاف مال الغير يوجب الضمان.

(4) اذ لا دليل علي الصحة في الفرض المذكور فيكون العقد باطلا و أما الالتزام بالصحة من حيث كونه عقدا برأسه فلا دليل عليه أيضا كما مر مرارا فلاحظ.

(5) كما هو ظاهر اذ لا مقتضي لخروجه عن ملكه بعد فرض البطلان.

(6) لما في المتن من انه أقدم علي المجانية فلا مقتضي للضمان.

(7) اذ المفروض ان المالك استوفي منفعته و ليس مبينا علي المجانية فالضمان علي القاعدة.

(8) فان مقتضي وجوب الوفاء بالعقود لزومها كبقية العقود.

(9) بناء علي جريانها في كافة العقود كما مر في المزارعة.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 493

أو الفسخ ممن له الخيار (1) و لو من جهة تخلف بعض الشروط التي جعلاها في ضمن العقد أو بعروض مانع موجب للبطلان (2).

[مسألة 9: إذا مات المالك قام وارثه مقامه و لا تنفسخ المساقاة]

(مسألة 9): اذا مات المالك قام وارثه مقامه و لا تنفسخ المساقاة (3) و اذا مات العامل قام وارثه مقامه ان لم يؤخذ المباشرة في العمل قيدا (4) فان لم يقم الوارث بالعمل و لا استاجر من يقوم به فللحاكم الشرعي أن يستأجر من مال الميت من يقوم بالعمل و يقسم الحاصل بين المالك و الوارث (5) و أما اذا اخذت المباشرة في العمل قيدا انفسخت المعاملة (6).

[مسألة 10: مقتضي إطلاق عقد المساقاة كون الأعمال التي تتوقف تربية الأشجار و سقيها عليها]

(مسألة 10): مقتضي اطلاق عقد المساقاة كون الاعمال التي تتوقف تربية الاشجار و سقيها عليها و الالات مشتركة بين المالك و العامل بمعني انهما عليهما لا علي خصوص واحد منهما نعم اذا كان هناك تعيين او انصراف في كون شي ء علي العامل أو المالك فهو المتبع و الضابط ان كون عمل خاص أو آلة خاصة علي احدهما دون الاخر

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 8، ص: 493

______________________________

(1) فان مقتضي ثبوت الخيار جواز الفسخ كما هو ظاهر.

(2) فان الخيار ثابت في الفرضين المذكورين علي ما هو المقرر في باب ثبوت الخيار بتخلف الشرط.

(3) اذ لا وجه للانفساخ فتكون المساقاة بحالها.

(4) اذ مع عدم قيد المباشرة يكون العمل دينا في ذمته فلا بد من تأديته.

(5) فانه ولي الامر في هذه الامور.

(6) لعدم امكان الاتمام فينكشف البطلان.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 494

تابع للجعل في ضمن العقد بتصريح منهما او من جهة الانصراف من الاطلاق و الا فهو عليهما معا (1).

[مسألة 11: إذا خالف العامل فترك ما اشترط عليه من بعض الأعمال فللمالك إجباره علي العمل المزبور]

(مسألة 11): اذا خالف العامل فترك ما اشترط عليه من بعض الاعمال فللمالك اجباره علي العمل المزبور (2) كما ان له حق الفسخ (3) و ان فات وقت العمل فله الفسخ من جهة تخلف الشرط (4) و ليس له أن لا يفسخ و يطالبه باجرة العمل بالاضافة الي حصته علي الاظهر الاقوي (5).

[مسألة 12: لا يعتبر في المساقاة أن يكون العامل مباشرا للعمل بنفسه إن لم يشترط عليه المباشرة]

(مسألة 12): لا يعتبر في المساقاة أن يكون العامل مباشرا للعمل بنفسه ان لم يشترط عليه المباشرة فيجوز له أن يستأجر شخصا في بعض اعمالها أو في تمامها و عليه الاجرة (6) كما انه يجوز أن يشترط

______________________________

(1) كي لا يلزم الترجيح بلا مرجح و بعبارة اخري لو لم يكن تعارف خارجي و لم يكن معين من انصراف أو قرينة خاصة يكون الامر كما افاده فان الشركة في النتيجة تقتضي الشركة في المقدمات.

(2) للحق الوضعي الذي يثبت للمالك بواسطة الشرط علي العامل فيجوز له اجباره علي العمل.

(3) للاشتراط الضمني الارتكازي.

(4) للخيار الثابت له بالشرط الارتكازي كما مر آنفا.

(5) لا يبعد أن يكون الوجه فيما افاده ان ما يجب علي العامل بالشرط لا يكون مملوكا للمالك كي يقال مع عدم الاتيان به يكون ضامنا بل الثابت علي العامل بلحاظ الشرط الوجوب التكليفي فلا مقتضي للضمان، و اللّه العالم.

(6) لعدم دليل عليه، نعم مع الشرط يجب من حيث وجوب الوفاء به.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 495

كون اجرة بعض الاعمال علي المالك (1).

[مسألة 13: إذا كان البستان مشتملا علي أنواع من الأشجار]

(مسألة 13): اذا كان البستان مشتملا علي انواع من الاشجار كالنخل و الكرم و الرمان و نحوها من انواع الفواكه فلا يعتبر العلم بمقدار كل واحد من هذه الانواع تفصيلا في صحة المساقاة عليها بل يكفي العلم الإجمالي بها علي نحو يرتفع معه الغرر (2) و لا فرق في صحة المساقاة بين أن تكون علي المجموع بالنصف او الثلث او نحوهما و بين أن تكون كل نوع منها بحصته مخالفة لحصة نوع آخر كأن تجعل في النخل النصف مثلا و في الكرم الثلث و في الرمان الربع و هكذا (3).

[مسألة 14: تصح المساقاة مرددا مثلا بالنصف]

(مسألة 14): تصح المساقاة مرددا مثلا بالنصف ان كان السقي

______________________________

(1) يشكل الجزم بالجواز فان الشرط لا يكون مشرعا فيلزم احراز الصحة في الرتبة السابقة و جواز جعل شي ء في ذمة الغير في غير موارد التي قامت عليها الدليل اول الكلام و الاشكال نعم لا مانع من الجعل بالشرط اذا كان راجعا الي اشتراط الفعل و اما علي نحو شرط النتيجة بحيث تصير ذمة المشروط عليه مشغولة بالاشتراط فلا دليل علي صحته و جوازه.

(2) بل يمكن أن يقال بأن الغرر لا يوجب الفساد لعدم الدليل عليه مضافا الي أنه اخص من المدعي.

(3) الجزم بالجواز مشكل فان النص الوارد في المقام لا يشمله الا ان يتم المدعي بالتسالم عليه أو بأنه يفهم من النص جوازه عرفا لعدم الفرق بين هذه الامور فتأمل و أيضا يمكن الالتزام بالجواز علي تقدير ثبوت السيرة علي جريانها.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 496

بالناضح و بالثلث ان كان السقي بالسيح و لا يضر هذا المقدار من الجهالة بصحتها (1).

[مسألة 15: إذا تلف بعض الثمرة فهل ينقص عما اشترط أحدهما علي الآخر من ذهب او فضة او نحوهما بنسبة ما تلف من الثمرة أم لا]

(مسألة 15): اذا تلف بعض الثمرة فهل ينقص عما اشترط احدهما علي الاخر من ذهب او فضة او نحوهما بنسبة ما تلف من الثمرة أم لا وجهان الاقوي الثاني (2).

[مسألة 16: إذا ظهر بطريق شرعي أن الأصول في عقد المساقاة مغصوبة]

(مسألة 16): اذا ظهر بطريق شرعي ان الاصول في عقد المساقاة مغصوبة فعندئذ ان أجاز المالك المعاملة صحت المساقاة بينه و بين العامل (3) و الا بطلت (4) و كان تمام الثمرة للمالك (5) و للعامل اجرة المثل يرجع بها الي الغاصب (6) و اذا كان ظهور الغصب بعد

______________________________

(1) المسألة محل الكلام، و عن الشرائع انها باطلة، و عمدة الاشكال عدم الدليل علي صحتها، الا أن يقال يفهم من النص الوارد في المقام عدم الفرق بين انواعها فان جزم الفقيه بما ذكر فهو و الا يشكل عليه الفتوي بالجواز و الصحة فلاحظ.

(2) الحق كما افاده اذ لا وجه لرفع اليد عن الاشتراط و لا وجه للنقص و الاحتساب المذكور، فلاحظ.

(3) علي ما هو المقرر عندهم من صحة العقد الفضولي بالاجازة و المقام من مصاديق تلك الكبري.

(4) كما هو ظاهر.

(5) فان الثمرة تابعة للشجرة و المفروض ان الشجرة للمالك.

(6) فان الغاصب استوفي المنفعة من العامل مع البناء علي العوض لا المجانية.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 497

تقسيم الثمرة و تلفها فعندئذ للمالك أن يرجع الي الغاصب فقط بتمام عوضها و له أن يرجع الي كل منهما بمقدار حصته و ليس له أن يرجع الي العامل بتمام العوض (1).

[مسألة 17: تجب الزكاة علي كل من المالك و العامل إذا بلغت حصة كل منهما حد النصاب فيما إذا كانت الشركة قبل زمان الوجوب]

(مسألة 17): تجب الزكاة علي كل من المالك و العامل اذا بلغت حصة كل منهما حد النصاب فيما اذا كانت الشركة قبل زمان الوجوب و الا فالزكاة علي المالك فقط (2).

[مسألة 18: إذا اختلف المالك و العامل في اشتراط شي ء علي احدهما و عدمه فالقول قول منكره]

(مسألة 18): اذا اختلف المالك و العامل في اشتراط شي ء علي احدهما و عدمه فالقول قول منكره (3) و لو اختلفا في صحة العقد

______________________________

(1) الظاهر انه لا وجه للتفريق بين الغاصب و العامل اذ المفروض ان يد كل منهما يد عدوان و يوجب الضمان.

ان قلت: العامل يكون جاهلا بالغصبية فلا يكون ضامنا الا بالنسبة الي حصته التي تلفت عنده. قلت: اولا لم يفصل في المتن بين العالم و الجاهل و ثانيا يمكن أن يفرض كون الغاصب أيضا جاهلا بالحال فهل يفرق بين الصورتين؟.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: لا فرق بينهما من هذه الجهة و ان ملاك الضمان هو الغصب و هو مشترك بينهما بلا فرق بين صورتي العلم و الجهل: و علي الجملة ان سبب الضمان من اليد أو الاتلاف ان تحقق يثبت الضمان و الا فلا.

(2) هذا ظاهر فان الحكم تابع لموضوعه و المفروض تحققه بالنسبة الي كليهما في الصورة الاولي فتجب عليهما و في الصورة الثانية يختص بالمالك فلا تجب علي العامل فلاحظ.

(3) فان المدعي يجب عليه أن يقيم البينة و القول قول المنكر لكونه موافقا مع الاصل.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 498

و فساده قدم قول مدعي الصحة (1) و لو اختلفا في مقدار حصة العامل فالقول قول المالك المنكر للزيادة (2) و كذا الحال فيما اذا اختلفا في المدة (3) و أما اذا اختلفا في مقدار الحاصل زيادة و نقيصة بأن يطالب المالك العامل بالزيادة فالقول قول العامل و لا

تسمع دعوي المالك علي العامل الخيانة أو السرقة أو الاتلاف أو كون التلف بتفريط منه ما لم تثبت شرعا بعد ما كان المفروض ان العامل كان امينا له (4).

[كتاب الجعالة]

اشارة

كتاب الجعالة الجعالة من الايقاعات (5) لا بد فيها من الايجاب عاما مثل: من

______________________________

(1) فان مقتضي اصالة الصحة صحة العقد الواقع بينهما فمدعي الفساد تجب عليه البينة.

و بعبارة اخري: لا مجري لأصالة العدم مع اصالة الصحة الجارية في كافة العقود فقول منكر الصحة مخالف مع الظاهر و ان شئت قلت: قول مدعي الصحة موافق مع ما هو مقتضي القاعدة الاولية فالمنكر يجب عليه اقامة البينة.

(2) فان دعوي العامل الزيادة خلاف الاصل فتجب عليه البينة.

(3) الكلام فيه هو الكلام.

(4) فان دعوي الزيادة خلاف الاصل كما ان دعوي الخيانة و غيرها مما هو مذكور في المتن تحتاج الي الاثبات و يد العامل يد امانة و ليس علي الامين الا اليمين، فلاحظ و الحمد للّه اولا و آخرا.

(5) كما يظهر من تعاريفهم اياها، قال في الجواهر «1» «و هي علي ما صرح

______________________________

(1) ج- 35 ص: 187

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 499

رد عبدي الآبق او بني جداري فله كذا (1) و خاصا مثل ان خطت ثوبي فلك كذا (2) و لا تحتاج الي القبول لأنها ليست معاملة بين الطرفين حتي تحتاج الي قبول بخلاف المضاربة و المزارعة و المساقاة و نحوها (3) و تصح علي كل عمل محلل مقصود عند العقلاء (4) و يجوز أن يكون

______________________________

به غير واحد لغة ما يجعل للإنسان علي شي ء بفعله و شرعا إنشاء الالتزام بعوض علي عمل محلل مقصود بصيغة دالة علي ذلك»، انتهي و لا اشكال في كونها من الايقاعات و لذا لا تحتاج

عندهم الي القبول.

و أيضا يدل علي المدعي كفاية الايجاب العام، مضافا الي بعض النصوص لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبي يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام و انا اسمع فقال: أمرنا الرجل فيشتري لنا الارض و الدار و الغلام و الجارية، و نجعل له جعلا قال: لا بأس «1». فان المستفاد من الحديث انه لا بأس بجعل جعل للدلال و مثله.

(1) بلا كلام عندهم و يمكن الاستدلال علي كفاية الايجاب العام بما رواه ابن جعفر قال: سألته عن جعل الآبق و الضالة قال: لا بأس به «2» فان الحديث لو لم يكن منصرفا الي مورد الايجاب العام فلا اشكال في انه باطلاقه يشمله.

(2) كما يدل عليه حديث ابن سنان المتقدم.

(3) كما تقدم.

(4) قيد موردها بقيدين: احدهما: كونه محللا فلا يجوز جعلها في مقابل الحرام بل يمكن أن يكون المراد عدم جواز جعلها في مقابل العمل الواجب كما يظهر

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الجعالة.

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الجعالة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 500

مجهولا (1) كما يجوز في العوض أن يكون كذلك اذا كان بنحو لا يؤدي الي التنازع مثل: من رد عبدي فله نصفه أو هذه الصبرة أو هذا الثوب (2).

______________________________

من بعض كلمات القوم.

ثانيهما: كون ذلك العمل مقصودا عند العقلاء فاذا لم يكن عقلائيا لا تكون جائزة و اتمام المدعي في كلا الموردين باقامة الدليل عليهما مشكل كما يشكل اتمامه في مورد الاجارة أيضا لعدم دليل تام عليه.

نعم لا يبعد أن يقال: ان الالتزام بالصحة علي الاطلاق يتوقف علي قيام الدليل علي الصحة مطلقا، و لولاه لا يتم الامر فان مقتضي الاصل الاولي هو الفساد و لا دليل علي

صحة الجعالة علي الاطلاق.

(1) و هو مورد الاتفاق علي ما يظهر من كلام الجواهر في هذا المقام و قال أيضا «ان الغرض من شرعية الجعالة تحصيل الاعمال المجهولة غالبا كرد الآبق و الضالة و نحوهما مما لا تعلم مسافة مع مسيس الحاجة اليه» و صرح بأن جواز الجعالة علي مثله من قطعيات الفقه.

و كيف كان: لا اشكال في عدم اشتراط كون موردها معلوما، و يمكن أن يستفاد المدعي من النص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه ابن جعفر «1» فانه يستفاد من الحديث ان جعل الجعل للآبق و الضالة جائز مع ان كون المورد مجهولا واضح.

(2) ربما يستدل بلزوم كون العوض معلوما بنفي الغرر في الشريعة.

و لا يخفي انه لا دليل علي اشتراط انتفاء الغرر في مطلق العقد و الايقاع نعم لا بد في اثبات الجواز من دليل يدل عليه.

______________________________

(1) لاحظ ص: 499

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 501

و اذا كان العوض مجهولا محضا مثل من رد عبدي فله شي ء بطلت (1) و كان للعامل اجرة المثل (2).

[مسألة 1: إذا تبرع العامل بالعمل فلا أجرة له]

(مسألة 1): اذا تبرع العامل بالعمل فلا اجرة له سواء أجعل لغيره أم لم يجعل (3).

[مسألة 2: يجوز أن يكون الجعل من غير المالك]

(مسألة 2): يجوز أن يكون الجعل من غير المالك كما اذا قال: من خاط ثوب زيد فله درهم فاذا خاطه احد لزم القائل الدرهم

______________________________

و يمكن أن يستدل علي الاطلاق و عدم الاشتراط بحديث ابن جعفر «1» فان مقتضي اطلاق الجعل و عدم بأسه المستفاد من جوابه عليه السلام عدم اشتراط كونه معلوما.

(1) قال في الجواهر: «فتحصل من مجموع ما ذكرنا عدم اعتبار المعلومية في العوض كالإجارة و البيع و عدم الاكتفاء بالمطلق ذي الافراد المختلفة، كالثوب و الدابة و نحوهما و خصوصا مثل الشي ء و المال» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه و الوجه فيه اما عدم الدليل علي الاطلاق بهذا المقدار فيرجع الي الاصل المقتضي للفساد و اما الاعتماد علي التسالم علي الاشتراط بهذا المقدار.

(2) اذ المفروض ان بناء الجعالة علي الضمان و المفروض تحقق الاستيفاء و حيث ان الجعالة فرضت فاسدة تصل النوبة الي اجرة المثل فلاحظ.

(3) و هذا ظاهر واضح فان المتبرع لا يستحق شيئا، و ان شئت قلت ان التبرع ينافي الاستحقاق و هما لا يجتمعان. و بعبارة اخري: التبرع ينافي استحقاق الجعل علي الاطلاق.

______________________________

(1) لاحظ ص: 499

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 502

دون زيد (1).

[مسألة 3: يستحق الجعل بالتسليم إذا كان المجعول عليه التسليم]

(مسألة 3): يستحق الجعل بالتسليم اذا كان المجعول عليه التسليم (2) اما اذا كان المجعول عليه غيره كما اذا قال: من اوصل عبدي الي البلد كان له درهم استحق العامل الدرهم بمجرد الايصال الي البلد و ان لم يسلمه الي احد و اذا قال: من خاط هذا الثوب فله درهم استحق الخياط الدرهم بمجرد الخياطة (3).

[مسألة 4: الجعالة جائزة يجوز للجاعل الرجوع فيها قبل العمل]

(مسألة 4): الجعالة جائزة يجوز للجاعل الرجوع فيها قبل العمل (4).

______________________________

(1) بلا خلاف و لا اشكال- كما في الجواهر- و السرّ فيه انه لا يلزم في الجعالة وصول نفع الي الجاعل، بل تجوز و لو للأجنبي و لا يبعد استفادة المدعي من اطلاق حديث ابن جعفر «1» اذ من الظاهر انه يمكن جعل الجعل للآبق و الضالة من غير المالك.

(2) كما هو ظاهر فان المفروض ان الجعل مجعول علي التسليم فلا بد منه في تحقق الاستحقاق.

(3) و هذا ظاهر أيضا اذ المفروض ان الجعل مجعول علي مجرد العمل.

(4) بلا خلاف اجده- كما في الجواهر- و صرح بأنه لا فرق بين كونها عقدا أو ايقاعا، و يشكل القول بالجواز علي القول بكونها عقدا اذ علي فرض كونها عقدا يشمله دليل وجوب الوفاء بالعقود.

الا أن يقال: ان عنوان العقد يصدق علي العهد من طرف واحد فلا فرق بين القولين من هذه الجهة، لكن كون الالتزام الصادر من طرف واحد من مصاديق العقد محل الكلام و الاشكال.

______________________________

(1) لاحظ ص: 499

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 503

و في جواز الرجوع في اثنائه اشكال (1) فان صح رجوعه فيها فلا اشكال في أن للعامل اجرة المقدار الذي عمله (2).

[مسألة 5: إذا جعل جعلين بأن قال: من خاط هذا الثوب فله درهم ثم قال: من خاط هذا الثوب فله دينار]

(مسألة 5): اذا جعل جعلين بأن قال: من خاط هذا الثوب فله درهم ثم قال: من خاط هذا الثوب فله دينار، كان العمل علي الثاني فاذا خاطه الخياط لزم الجاعل الدينار لا الدرهم، و لو انعكس الفرض لزم الجاعل الدرهم لا الدينار (3) و اذا لم تكن قرينة علي العدول

______________________________

و كيف كان لا اشكال عندهم في عدم كونها لازمة قبل الشروع في العمل و مقتضي القاعدة الأولية كذلك لعدم دليل علي اللزوم.

مضافا

الي ما قيل في هذا المقام من أن المستفاد من ادلتها كونها بمنزلة الامر للغير بعمل له اجرة فلا يجب المضي فيه من الجانبين هكذا في الجواهر.

(1) لا يبعد أن يكون وجه الاشكال اختلاف الاصحاب في المسألة فانه يظهر من مراجعة كلماتهم انه قد ذهب بعضهم الي اللزوم من طرف الجاعل بعد الشروع في العمل، و لا دليل علي اللزوم بعد الشروع اذ قد مر ان الجعالة من قبيل الامر فلا وجه للزوم.

(2) بل فيه اشكال ظاهر اذ لو كانت الجعالة علي تمام العمل لم يكن وجه للتقسيط، نعم حيث ان العامل لا يقدم علي العمل الا بالعوض و لا تقصير منه فهو غير متبرع فيبقي علي اصالة احترام عمل المسلم فيبقي ضمانه باجرة المثل، ضرورة كون المقتضي له الغرور و عدم التقصير و نحوهما لا العقد المقتضي للتقسيط، نعم لو فرض ارادة الجاعل التوزيع علي اجزاء العمل علي نحو الاجارة، اتجه حينئذ التقسيط علي المسمي. اللهم الا أن يكون المراد من العبارة اجرة المثل، و اللّه العالم.

(3) اذ المفروض ان للمالك الفسخ و الرجوع عما جعله فيكون المدار هو

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 504

من الاول الي الثاني وجب الجعلان معا (1).

[مسألة 6: اذا جعل لفعل فصدر جميعه من جماعة من كل واحد منهم بعضه كان للجميع جعل واحد]

(مسألة 6): اذا جعل لفعل فصدر جميعه من جماعة من كل واحد منهم بعضه كان للجميع جعل واحد (2) لكل واحد منهم بعضه بمقدار عمله (3) و لو صدر الفعل بتمامه من كل واحد منهم كان لكل واحد منهم جعل تام (4).

[مسألة 7: إذا جعل جعلا لمن رده من مسافة معينة فرده من بعضها]

(مسألة 7): اذا جعل جعلا لمن رده من مسافة معينة فرده من

______________________________

الاخير، و لا فرق في الصورتين المذكورتين اذ المناط بالثانية.

(1) اذ لا مانع من جعلهما معا في مقام الثبوت فاذا لم تكن في مقام الاثبات قرينة علي العدول يثبت كلاهما علي طبق القاعدة.

(2) اذ المفروض ان الجعل للفعل الكذائي، و قد فرض صدوره من جماعة فيكون الجعل واحدا كما في المتن.

(3) اذا تفاوت مورد الجعالة بحسب من يقوم به بحسب الافراد فالتوزيع ظاهر، و أما في صورة عدم التفاوت في نفس المتعلق كرد العبد و التفاوت في المقدمات فيمكن أن يقال- كما في الجواهر-: كان لهم الجعل بالسوية لعدم ما يقتضي التفاوت بين الافراد، و لكن يمكن أن يقال بأنه يكفي للتوزيع بلحاظ العمل فرض التجزية في المتعلق و ان شئت قلت: يصح أن يقال ان مقدار الرد الصادر عن زيد يسوي هذا المقدار و المقدار الصادر القائم ببكر يسوي مقدارا يغاير المقدار الاول و هذا امر معقول في مقام التصور و يكفي للتفاضل و اللّه العالم.

(4) لصدق الموضوع فيترتب عليه الحكم و بعبارة اخري لا ترجيح لأحدهم علي الاخر بل كل واحد منهم يصدق عليه انه صدر عنه الفعل المجعول عليه الجعل فكلهم يستحقون الجعل كما في المتن، فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 505

بعضها كان له من الجعل بنسبة عمله مع قصد الجاعل التوزيع (1).

[مسألة 8: إذا تنازع العامل و المالك في الجعل و عدمه أو في تعيين المجعول عليه أو القدر المجعول عليه أو في سعي العامل]

(مسألة 8): اذا تنازع العامل و المالك في الجعل و عدمه أو في تعيين المجعول عليه أو القدر المجعول عليه أو في سعي العامل كان القول قول المالك (2) و اذا تنازعا في تعيين الجعل ففيه اشكال (3) و الاظهر انه مع التنازع في قدره يكون القول قول

مدعي الاقل (4) و مع التنازع في ذاته يكون القول قول الجاعل في نفي دعوي العامل (5) و تجب عليه التخلية بين ما يدعيه للعامل و بينه (6).

[مسألة 9: عقد التأمين للنفس أو المال- المعبر عنه في هذا العصر بال «سيكورته» - صحيح بعنوان المعاوضة]

(مسألة 9): عقد التأمين للنفس أو المال- المعبر عنه في هذا العصر بال «سيكورته» - صحيح بعنوان المعاوضة ان كان للمتعهد بالتأمين عمل محترم له مالية و قيمة عند العقلاء من وصف نظام للأكل أو الشرب أو غيرهما أو وضع محافظ علي المال أو غير ذلك من الاعمال

______________________________

(1) الامر كما افاده في مفروض كلامه اذ قد فرض ان الجاعل قصد التوزيع فلا بد من ملاحظة النسبة.

(2) الامر كما افاده لان قول المالك في جميع الصور موافق للأصل فالقول قوله كما هو المقرر في باب الدعاوي و المرافعات.

(3) لم يظهر لي وجه الاشكال.

(4) كما هو مقتضي القاعدة فان المدعي للأقل يكون قوله موافقا للأصل فيتوقف قول الاخر علي قيام البينة كما هو المقرر في بابه.

(5) فان قول الاخر مخالف للأصل.

(6) لاعترافه بهذا المقدار فتجب عليه التخلية بمقتضي اعترافه، فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 506

المحترمة فيكون نوعا من المعاوضة و اخذ المال من الطرفين حلال و الا فالعقد باطل و اخذ المال حرام (1) نعم اذا كان بعنوان الهبة المشروطة فيدفع مقدارا من المال هبة و يشترط علي المتهب دفع مال آخر علي نهج خاص بينهم فاخذ المال من الطرفين حلال (2).

[كتاب السبق و الرماية]

اشارة

كتاب السبق و الرماية

[مسألة 1: لا بد فيهما من إيجاب و قبول]

(مسألة 1): لا بد فيهما من ايجاب و قبول (3) و انما يصحان في السهام و الحراب و السيوف، و الابل، و الفيلة، و الخيل، و البغال، و الحمير (4).

______________________________

(1) الحكم بالصحة متوقف علي وجود دليل عليها، و الدليل المتصور في المقام اما عموم وجوب الوفاء بالعقود و اما اطلاق التجارة عن تراض و كلاهما مورد الاشكال.

أما الاول: فلما مر مرارا من أن الاية دليل علي اللزوم، و لا يمكن جعلها دليلا علي الصحة، فراجع ما ذكرناه في تقريب ما ادعينا.

و أما الثاني: فلما ذكرنا ان التجارة لا يبعد كونها مرادفة للبيع و لا تصدق علي غيره، فلا يمكن الاستدلال باطلاقها لصحة غيره من المعاوضات و صفوة القول ان صدق التجارة علي غير البيع اول الكلام و الاشكال.

(2) ما افاده تام فان الهبة امر جائز و من العقود و الشرط في ضمنه صحيح نافذ و يجب العمل علي طبقه.

(3) كما لا بد منهما في غيرهما من العقود.

(4) قال في الحدائق: «1» «قد صرح الاصحاب رضي اللّه عنهم بأنه يقتصر

______________________________

(1) ج- 22 ص: 361

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 507

______________________________

في جواز المسابقة علي النصل و الخف و الحافر وقوفا علي مورد الشرع و انه يدخل تحت النصل السهم و النشاب و الحراب و السيف و ان الخف يتناول الا بل و الفيلة اعتبارا باللفظ و انه لا تجوز المسابقة بالطيور و لا علي القدم و لا بالسفن و لا المصارعة» انتهي موضع الحاجة.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه الحسين بن علوان عن جعفر عن ابيه عليهما السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا سبق الا في حافر او

نصل او خف «1» قال في مجمع البحرين و النصل حديدة السهم و الرمح و السكين و السيف ما لم يكن له مقبض.

ان قلت: قد فسر النصل بالنضال في حديث حفص، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا سبق الا في خف او حافر او نصل يعني النضال «2» و قال في مجمع البحرين اصل النضال المراماة فيختص الحكم ببعض اقسام النصل.

قلت: ان التفسير من الراوي كما هو معتقد المجلسي (قدس سره) في مرآة العقول و تقتضيه القاعدة الاولية العربية حيث اتي بصيغة المضارع الغائب لا بصيغة المتكلم وحده فالامر سهل و ان كان التفسير من الامام روحي فداه فغايته عدم دلالة هذه الرواية علي المطلوب، لكن يكفي للمدعي حديث ابن علوان فان المقرر في محله عدم التنافي بين الاثباتين.

ان قلت: حديث حفص بمفهوم الحصر يقيد الحكم قلت: نرفع اليد عن الحصر بمنطوق حديث ابن علوان، و يؤيد المدعي مرسل الصدوق (قده) قال:

قال الصادق عليه السلام: ان الملائكة لتنفر عند الرهان، و تلعن صاحبه ما خلا

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب السبق و الرماية الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 3 من ابواب السبق و الرماية الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 508

و لا يبعد صحة المسابقة في جميع الالات المستعملة في الحرب كالآلات المتداولة في زماننا (1).

[مسألة 2: يجوز أن يكون العوض عينا و دينا]

(مسألة 2): يجوز أن يكون العوض عينا و دينا (2).

______________________________

الحافر و الخف و الريش و النصل، و قد سابق رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اسامة بن زيد و اجري الخيل «1».

فالنتيجة: ان ما افاده في المتن تام فان السهام و الحراب و السيوف داخلة في النصل و الا بل و الفيلة و الخيل و البغال و

الحمير داخلة اما في حافر او في خف، فلاحظ.

(1) فانه مقتضي المناسبة بين الحكم و الموضوع اذ الظاهر ان ملاك تجويز المذكورات الاستعداد للمقابلة مع الاعداء فلا خصوصية للمذكورات بل الملاك موجود في جميع آلات الحرب و يؤيد المدعي ان لم يدل عليه قوله تعالي «وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ» «2».

(2) كما هو كذلك في بقية العقود و يدل علي جواز جعله عينا حديث طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه، عن ابيه عليهما السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اجري الخيل التي اضمرت من الحصي «الحفي خ ل» الي مسجد بني زريق و سبقها من ثلاث نخلات، فاعطي السابق عذقا، و اعطي المصلي عذقا، و اعطي الثالث عذقا «3».

و يدل علي جواز جعله دينا ما رواه غياث بن ابراهيم، عن أبي عبد اللّه عن ابيه عن علي بن الحسين عليهم السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اجري الخيل

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب السبق و الرماية الحديث 6

(2) الانفال/ 60

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب السبق و الرماية الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 509

و أن يبذله اجنبي (1) أو احدهما (2) او من بيت المال (3) و يجوز جعله للسابق (4) و للمحلل (5) و ليس المحلل شرطا (6).

[مسألة 3: لا بد في المسابقة من تعيين الجهات التي يكون الجهل بها موجبا للنزاع]

(مسألة 3): لا بد في المسابقة من تعيين الجهات التي يكون الجهل بها موجبا للنزاع فلا بد من تقدير المسافة و العوض و تعيين

______________________________

و جعل سبقها اواقي من فضة «1».

(1) قال في الجواهر «2» «و اذا بذل السبق غير المتسابقين صح اجماعا من المسلمين اذا كان الامام عليه السلام و مطلقا من المؤمنين» الخ و يدل

علي المدعي ما رواه الحسين بن علوان، عن جعفر عن ابيه عليهما السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله سابق بين الخيل، و اعطي السوابق من عنده «3».

(2) قال في الجواهر «و اذا بذله احدهما أو هما صح عندنا و لو لم يدخله محلل خلافا لبعض العامة أيضا فلم يجوزه من احدهما خاصة معللا بأنه قمار، و هو كالاجتهاد في مقابل النص الذي منه الاطلاق و العموم» الخ.

(3) قال في الجواهر: «و لو بذله الامام عليه السلام من بيت المال جاز بلا خلاف و لا اشكال لان فيه مصلحة للإسلام و المسلمين و هي مصرفه».

(4) بلا اشكال و لا كلام.

(5) قال في الجواهر: «و لو جعل السبق للمحلل بانفراده اذا سبق جاز أيضا لإطلاق الادلة و عمومها» انتهي موضع الحاجة من كلامه (قده). و يظهر من كلام القوم التسالم علي جواز الجعل للمحلل فيما يكون سابقا فلا اشكال فيما افاده.

(6) كما تقدم عن الجواهر نقله.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب السبق و الرماية الحديث: 1

(2) ج- 28 ص: 225

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب السبق و الرماية الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 510

الدابة و لا بد في الرماية من تقدير عدد الاصابة و صفتها، و قدر المسافة، و الغرض و نحو ذلك (1).

[مسألة 4: إذا قالا بعد أن اخرج كل منهما سبقا من نفسه و ادخلا محللا]

(مسألة 4): اذا قالا بعد ان اخرج كل منهما سبقا من نفسه و ادخلا محللا: من سبق منا و من المحلل فله العوضان، فمن سبق من الثلاثة فهما له فان سبقا فلكل ماله، و ان سبق احدهما و المحلل فللسابق ماله و نصف الاخر و الباقي للمحلل (2).

[مسألة 5: المحلل هو الذي يدخل بين المتراهنين و لا يبذل معهما عوضا]

(مسألة 5): المحلل هو الذي يدخل بين المتراهنين و لا يبذل معهما عوضا بل يجري دابته بينهما أو في احد الجانبين علي وجه يتناوله العقد علي أنه ان سبق بنفسه او مع غيره اخذ العوض او بعضه

______________________________

(1) لا يبعد أن يقال: يظهر منهم انها عندهم من المسلمات و العمدة في الاستدلال عليها عدم دليل يدل باطلاقه أو عمومه علي عدم اشتراطها و لولاه لا شكل اثبات المدعي فان الاستدلال بنفي الغرر مخدوش لعدم دليل علي بطلانه سيما علي نحو العموم الجاري في جميع الموارد.

مضافا الي أنه اخص من المدعي كما يظهر عند التأمل كما أن الاستدلال بأن الشارع يريد حسم مادة النزاع و الجهل و التردد يوجب النزاع فلا بد من حسمه لا يرجع الي محصل. اذ يرد عليه اولا: انه اخص من المدعي فانه ربما يكون علي نحو لا يتحقق النزاع.

و ثانيا: انه من أين علم ان الشارع اراد حسم مادة النزاع، نعم لا اشكال في أن التردد الراجع الي عدم التعين الواقعي لا مجال له لعدم تحقق المردد و عدم مصداق له.

(2) ما افاده ظاهر واضح لا يحتاج الي شرح و بسط، فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 511

علي حسب الشرط و ان لم يسبق لم يغرم شيئا (1).

[مسألة 6: إذا فسد العقد فلا أجرة للغالب]

(مسألة 6): اذا فسد العقد فلا اجرة للغالب (2) و يضمن العوض اذا ظهر مستحقا للغير (3) مع عدم اجازته (4) و عدم كون الباذل غارا (5) و يحصل السبق بتقدم العنق او الكتد و هو العظم النائي بين الظهر و اصل العنق اذا لم تكن قرينة علي خلاف ذلك (6).

______________________________

(1) قال في الحدائق: «1»: «قالوا و المحلل و هو الذي يدخل بين المتراهنين و

لا يبذل معهما عوضا بل يجري فرسه بينهما أو علي احد الجانبين علي وجه يتناوله العقد و حكمه انه ان سبق اخذ العوض المبذول للسابق و ان سبق لم يلزم شيئا و سمي محللا لان العقد لا يحل بدونه عند ابن الجنيد و الشافعي» الخ.

(2) لعدم مقتضي لثبوتها.

(3) فان يده عدوانية فتوجب الضمان.

(4) و أما مع الاجازة فلا اشكال لما تقرر عندهم من صحة الفضولي.

(5) يظهر من عبارة المتن عدم الضمان مع الغرور و فيه ان الضمان لا ينافي الغرور غاية الامر يمكنه الرجوع الي الغار بعد اداء الغرامة فان الغرور لا يقتضي عدم الضمان بالنسبة الي مال المالك، فلاحظ.

(6) قال في الحدائق «2» «و المشهور ان السبق يحصل بالتقدم بعنق دابته و كتدها بفتح التاء المثناه من فوق و كسرها و هي العالي بين اصل العنق و الظهر و يعبر عنه بالكاهل و قال في الروضة و الكتد بفتح الفوقانية اشهر من كسرها مجمع الكتفين بين اصل العنق و الظهر»، انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في علو

______________________________

(1) ج- 22 ص: 367

(2) ج- 22 ص: 367

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 512

[كتاب الشركة]

اشارة

كتاب الشركة

[مسألة 1: تصح الشركة في الأموال و لا تصح في الأعمال]

(مسألة 1): تصح الشركة في الاموال (1) و لا تصح في الاعمال

______________________________

مقامه.

و قال في الجواهر: «1»: «و هو الذي يتقدم و لو بالعنق و الكتد بفتح التاء و كسرها و هو العالي بين الظهر و اصل العنق و يعبر عنه بالكاهل». الي ان قال «كما ان في الاول منعا واضحا ان اريد الحمل عليه و ان كان العرف علي خلافه ضرورة عدم الوضع الشرعي فيه و علي تقديره فلا مدخلية له في الفاظ المتراهنين فالتحقيق حينئذ ايكاله الي العرف و لعله في زماننا لا يصدق الا أن يسبق بالكل» الخ.

اذا عرفت ما تقدم نقول لا وجه لما افاده في المتن بحصول التقدم باحد الوجهين فانه لا دليل عليه بل الميزان بحسب الجعل فيما بين المتعاقدين هذا اولا و ثانيا لا وجه للترديد كما في عبارة المتن اذ احد الامرين اخص من الاخر و يتقدم في الوجود دائما علي الاعم.

و ان شئت قلت: ان التخيير بين الاقل و الاكثر لا مجال له و لذا نري في عبارتي الحدائق و الجواهر عطف احد الامرين علي الاخر بالواو لا باو، فلاحظ و الحمد للّه اولا و آخرا.

(1) في مقابل الشركة في الابدان و الافعال و الشركة بالمفاوضة و الشركة بالوجوه قال في الجواهر: «2»: «و انما تصح عندنا بالاموال بلا خلاف فيه بل

______________________________

(1) ج- 38 ص: 212

(2) ج- 26 ص: 298

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 513

بأن يتعاقد اعلي أن تكون اجرة عمل كل منهما مشتركة بينهما فاذا تعاقدا علي ذلك بطل (1).

______________________________

الاجماع بقسميه أيضا علي الصحة فيها و هي المسماة بشركة العنان من عنان الدابة» الي آخر كلامه رفع في الجنان مقامه.

(1) قال في الجواهر: «و

لا تصح الشركة بالاعمال كالخياطة و النساجة بلا خلاف معتد به اجد فيه بيننا بل الاجماع بقسميه عليه بل المحكي منهما مستفيض او متواتر» الخ.

و ما حكي «1» من شركة سعد بن أبي وقاص و عبد اللّه بن مسعود و عمار ابن ياسر فيما يغنمونه فاتي سعد باسيرين و لم يأتيا بشي ء فاقرهم النبي و شركهم جميعا، لا دليل علي اعتباره مع امكان أن يكون ذلك يوم بدر الذي غنائمه للنبي علي ما نقل عن التذكرة فيكون هبة منه صلي اللّه عليه و آله و سلم لهم فلا ترتبط الرواية بالمدعي.

و عن مفتاح الكرامة: اجمعوا علي نقل الاجماع اذ هو محكي في تسعة عشر كتابا او اكثر كما سمعت و هو معلوم محصل قطعا و ذكرت في مقام الاستدلال علي المدعي، مضافا الي الاجماعات المدعاة في المقام وجوه اخر:

الوجه الاول: ان الشركة عقد شرعي فيقف علي الاذن فيه و مع عدم ثبوت الاذن يكون مقتضي الاصل الاولي هو الفساد و عدم ترتب اثر عليه و لا مجال للحكم بصحته بقوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» «2» اذ قد ذكرنا ان وجوب الوفاء دليل اللزوم و لا يمكن أن يكون دليلا علي الصحة كما انه لا مجال للأخذ باطلاق «تجارة

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 16 ص: 296

(2) المائدة/ 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 514

و كان لكل منهما اجرة عمله (1) نعم لو صالح كل منهما صاحبه علي أن يكون نصف منفعة نفسه بنصف منفعة صاحبه مدة معينة فقبل الاخر صح (2) و كان عمل كل منهما مشتركا بينهما (3) و لو تصالحا في ضمن عقد اخر لازم علي أن يعطي كل منهما نصف اجرته للاخر صح ذلك و وجب

العمل بالشرط (4) و لا تصح الشركة في الوجوه بأن يتعاقد اعلي

______________________________

عن تراض» «1» فان صدق التجارة بمالها من المفهوم علي غير البيع اول الكلام و الاشكال.

الوجه الثاني: انه غرر عظيم و فيه انه لا دليل علي حرمة الغرر وضعا علي الاطلاق كما مر الكلام من هذه الجهة مرارا، مضافا الي أنه يمكن أن يقال بأن هذا الدليل اخص من المدعي.

الوجه الثالث: ان العامل اذا آجر نفسه لعمل يكون مقتضي الاجارة دخول الاجرة في ملك الاجير فنقول هذه الاجارة اما فاسدة او صحيحة أما علي الاول فتكون الشركة أيضا باطلة لأنها متفرعة عليها، و اما علي الثاني فلا موضوع للشركة لفرض دخول الاجرة في ملك الاجير بلا شركة كما في المتن.

و صفوة القول انه لا مقتضي لصحة الشركة لا في الفرض الاول و لا في الفرض الثاني فالنتيجة هو البطلان.

(1) لفرض بطلان عقد الشركة كما تقدم.

(2) لجواز الصلح بدليله فلا تكون داخلة في شركة الاعمال و لا بد من الالتزام بجواز الصلح فيما يتعلق بما يوجد بعد ذلك.

(3) الظاهر ان المراد من المتن ان اجرة عمل كل منهما لا نفس العمل.

(4) اذ المفروض ان الشرط الوارد في ضمن العقد اللازم يجب الوفاء به و المقام

______________________________

(1) النساء/ 34

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 515

أن يشتري كل منهما ما لا بثمن في ذمته الي اجل ثم يبيعانه و يكون ربحه بينهما و الخسران عليهما (1) و لا تصح شركة المفاوضة بأن يتعاقدا علي أن يكون ما يحصل لكل منهما من ربح تجارة او زراعة او ارث او غير ذلك بينهما، و ما يرد علي كل منهما من غرامة تكون عليهما معا (2) فلو تعاقدا في المقامين علي ما

ذكر كان لكل منهما ربحه و عليه خسارته (3) نعم اذا تصالحا في ضمن عقد آخر لازم علي أنه ان ربح

______________________________

من صغريات تلك الكبري و الفرق بين القسمين ان المصالحة في القسم الاول علي المبادلة بين المالين فلا يتوقف تلك كل منهما علي تمليك ثانيا بل يكفي لتملكهما نفس المصالحة الواقعة، و أما في القسم الثاني فيشترط في ضمن عقد المصالحة تمليك كل منهما الاجرة من الاخر.

(1) قد فسرت الشركة في الوجوه أو بالوجوه بتعابير مختلفة، و قد ذكر في الجواهر لها اربعة تفاسير و ادعي قيام الاجماع بقسميه علي بطلانها و التفسير في المتن ليس منها.

و لكن الظاهر ان فسادها بالمعني المذكور علي طبق القاعدة الاولية اذ لا دليل علي صحة الشركة بهذا النحو بل مقتضي الاصل الاولي كما ذكرنا مرارا عدم صحتها.

(2) اجماعا بقسميه كما في الجواهر مضافا الي عدم الدليل علي صحتها، بل مقتضي الاصل الاولي فسادها.

(3) اذ بعد فرض بطلان التعاقد المشار اليه يكون مقتضي القاعدة الاولية ما افاده في المتن فان الربح و الخسران تابعان للمملوك الا أن يقوم دليل معتبر علي الخلاف.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 516

احدهما اعطي صاحبه نصف ربحه و ان خسر احدهما تدارك صاحبه نصف خسارته صح في المقامين (1).

[مسألة 2: تتحقق الشركة في المال باستحقاق الشخصين]

(مسألة 2): تتحقق الشركة في المال باستحقاق الشخصين فما زاد مالا واحدا عينا كان أو دينا بارث أو وصية أو بفعلهما معا كما اذا حفرا بئرا، او اصطادا صيدا، او اقتلعا شجرة او نحو ذلك من الاسباب الاختيارية و غيرها (2) و قد تكون بمزج المالين علي نحو يرتفع الامتياز بينهما مع الاتحاد في الجنس كمزج الحنطة بالحنطة و الماء بالماء و اختلافه كمزج دقيق الحنطة

بدقيق الشعير و دهن اللوز، بدهن الجوز (3).

______________________________

(1) فان الشرط في ضمن المعاقدة الصلحية صحيح و نافذ بلا اشكال و لا كلام.

(2) تحقق الشركة في الموارد المذكورة امر واضح ظاهر لا يحتاج الي اقامة دليل عليه و بعبارة اخري: الشركة في الموارد المذكورة علي طبق القاعدة الاولية و خلافها يحتاج الي الدليل و انما يلزم الاستدلال علي صحة الشركة العقدية.

(3) بلا خلاف اجده فيه بل لعل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- و ربما يقال: ان الامتزاج ان أوجب صيرورة الممتزجين شيئا واحدا في نظر العرف كامتزاج الخل بالدبس تكون الشركة واقعية و الا فلا شركة.

و يظهر من الجواهر انه لا شركة في مفروض الكلام و بعبارة اخري الامتزاج بما هو لا يوجب الشركة بل يكون كل منهما علي ملكه و يتوقف التميز بين السهمين علي القرعة أو الالتزام بالصلح القهري.

و يظهر من بعض الكلمات ان الشركة واقعية و ظاهرية قهرية و مثل للأولي بالشركة الحاصلة بالاستحقاق كالإرث و نحوه و للثانية بامتزاج احد المالين بالاخر و الذي يختلج بالبال و لا يبعد أن يقال ان الميزان في تحقق الشركة بالامتزاج

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 517

[مسألة 3: يلحق كلا من الشريكين من الربح و الخسران بنسبة ماله]

(مسألة 3): يلحق كلا من الشريكين من الربح و الخسران بنسبة ماله فان تساويا في الحصة كان الربح و الخسران بينهما بالسوية و ان اختلفا فبالنسبة (1).

[مسألة 4: إذا اشترطا المساواة في الربح و الخسران مع اختلاف الحصص أو اشترطا الاختلاف مع تساوي الحصص صح]

(مسألة 4): اذا اشترطا المساواة في الربح و الخسران مع اختلاف الحصص أو اشترطا الاختلاف مع تساوي الحصص صح اذا كان للمشروط له عمل و الا لم يصح الشرط (2).

______________________________

زوال ارتفاع التميز فان زال التميز تتحقق الشركة بلا فرق بين اتحاد الجنس كما في مزج الحنطة بالحنطة مع اتفاق صفاتهما و تغاير الجنس كما في مزج الخل بالدبس بحيث يصير الممزوج حقيقة ثالثة عرفية ففي كل مورد زال الامتياز و لو مع تغاير الجنس أو تغاير الصفات تتحقق الشركة و لذا لو امتزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير او امتزج دهن اللوز بدهن الجوز تحصل الشركة كما في المتن و أما في غير هذه الصورة كمزج الحنطة بالغير فلا تحصل، و اللّه العالم بحقايق الاشياء.

(1) هذا علي طبق القاعدة الاولية فان الربح و الخسران تابعان للمال و الخروج عنه يحتاج الي الدليل فلاحظ.

(2) تارة يبحث مع قطع النظر عن الدليل الخارجي و اخري مع ملاحظة الدليل كذلك، أما علي فرض عدم ملاحظة الدليل الخارجي فيمكن أن يقال: ان الشرط المذكور باطل علي الاطلاق و أما العقد فهو صحيح، أما كون العقد صحيحا فلانه لا وجه لكونه فاسدا و ما يمكن أن يكون وجها لفساده فساد الشرط الواقع فيه و قد بنينا في محله علي ان الشرط الفاسد لا يفسد العقد و لا يسري منه اليه الفساد فراجع ما حققناه هناك.

و أما الشرط فلا وجه لصحته اذ ذكرنا و قلنا مرارا ان الشرط بنفسه لا يكون

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص:

518

[مسألة 5: لا يجوز لأحد الشريكين التصرف في العين المشتركة بدون إذن شريكه]

(مسألة 5): لا يجوز لأحد الشريكين التصرف في العين المشتركة بدون اذن شريكه (1) و اذا اذن له في نوع من التصرف لم يجز التعدي الي نوع آخر (2) نعم اذا كان الاشتراك في امر تابع مثل البئر و الطريق غير النافذ و الدهليز و نحوها مما كان الانتفاع به مبنيا عرفا علي عدم الاستئذان جاز التصرف و ان لم يأذن الشريك (3) و اذا كان ترك التصرف موجبا لنقص العين كما لو كانا مشتركين في طعام فاذا

______________________________

مشرعا بل لا بد من صحته في الرتبة السابقة كي يشمله دليل صحة الشرط و حيث ان التمليك و اصول الملكية يتوقف علي تحقق سببه الشرعي و المفروض عدم ذلك السبب لا يكون الشرط شرعيا و يكون مخالفا للشرع فلا يصح و لا ينفذ.

و بعبارة اخري: الشرط بما هو شرط لا يكون سببا من اسباب الملك و المفروض انه لا سبب لها في المقام غير الشرط.

و ان شئت قلت: يتوقف صحة الشرط علي وجود السبب الملكية و الملكية تتوقف علي الشرط و هذا دور فالنتيجة ان العقد بنفسه صحيح و أما الشرط فهو فاسد لعدم المقتضي لصحته بل مقتضي القاعدة بطلانه هذا علي تقدير قطع النظر عن الدليل الخارجي و أما مع ملاحظة الدليل الخارجي فان تم اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم عليه السلام علي الجواز في صورة كون المشروط له ذا عمل فهو و الا فلا وجه للقول بالصحة.

(1) فان التصرف في مال الغير يتوقف علي اذنه و الا فلا يجوز.

(2) كما هو ظاهر فان التعدي عن مورده خلاف الوظيفة الشرعية فلا يجوز.

(3) للسيرة الجارية الممضاة عند الشارع.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 519

لم يأذن الشريك

رجع الي الحاكم الشرعي ليأذن في أكله أو بيعه أو نحوهما ليسلمه من الضرر (1) و كذا اذا كانا شريكين في دار فتعاسرا و امتنع احدهما من الاذن في جميع التصرفات بحيث ادي ذلك الي الضرر فيرجع الي الحاكم الشرعي ليأذن في التصرف الاصلح حسب نظره (2).

[مسألة 6: إذا طلب أحد الشريكين القسمة فان لزم الضرر منها لنقصان في العين أو القيمة بما لا يتسامح فيه عادة]

(مسألة 6): اذا طلب احد الشريكين القسمة فان لزم الضرر منها لنقصان في العين أو القيمة بما لا يتسامح فيه عادة لم تجب اجابته (3) و الا وجبت الاجابة و يجبر عليها لو امتنع (4) و كذلك اذا طلب الشريك بيع ما يترتب علي قسمته نقص ليقسم الثمن فانه تجب الاجابة و يجبر

______________________________

(1) فان الحاكم ولي الممتنع فاللازم الرجوع اليه.

(2) الكلام فيه هو الكلام فان الحاكم ولي الممتنع لكن ليس له الاختيار التام بل دائرة نفوذه محدودة و المتيقن منها ما يكون أصلح و اللّه العالم.

(3) بتقريب ان الضرر مرتفع في الشريعة و أيضا لا يجوز الاسراف و الاستدلال بقاعدة لا ضرر انما يتم علي مسلك القوم القائلين بأن مفادها النفي و اما علي مسلك شيخ الشريعة (قده) القائل بكون مفادها النهي فلا يتم الاستدلال، الا أن يقال:

ان المفروض توجه الضرر بالقسمة فيشمله دليل حرمة الاضرار، مضافا الي أنه يمكن أن يقال ان اجبار المالك الشريك علي عدم القسمة ضرر بالنسبة اليه فيتعارض الضرر ان و أما الاستدلال بحرمة الاسراف فيمكن عروض عنوان يخرج القسمة عن عنوان الاسراف فلاحظ.

(4) بلا خلاف اجده فيه بل الظاهر الاتفاق عليه- هكذا في الجواهر- و القاعدة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 520

الشريك عليها لو امتنع (1) نعم اذا اشترط احد الشريكين في عقد لازم عدم القسمة الي اجل بعينه لم تجب الاجابة حينئذ

الي أن ينتهي الاجل (2).

[مسألة 7: يكفي في تحقق القسمة تعديل السهام ثم القرعة]

(مسألة 7): يكفي في تحقق القسمة تعديل السهام ثم القرعة (3).

______________________________

الاولية تقتضيه اذ الناس مسلطون علي اموالهم.

(1) بعين التقريب و الكلام فيه هو الكلام.

(2) اذ مع الشرط يجب علي المشروط عليه الوفاء بالشرط و يوجد للمشروط له حق التأخير فلا يمكن اجباره علي التقسيم.

(3) اي لا يحتاج الي رضا الشريكين بعد القرعة و الذي يختلج بالبال: أن يقال: ان القسمة اما قسمة بالاجبار و اما قسمة بالاختيار، أما في الصورة الاولي فلا مجال لاشتراط الرضا فان مرجعه الي الخلف فتكفي القرعة بلا كلام كما هو كذلك عندهم رضوان اللّه عليهم و أما في الصورة الثانية فلا نتصور عدم الرضا اذا المفروض تحقق الرضا بالقرعة و التراضي عليها فكيف يمكن عدم الرضا الا أن يفرض الندم بعد التراضي.

انما الكلام في أن دليل القرعة يشمل مثل المقام مما لا واقع له او ان القرعة تختص بما يكون له واقع مجهول في الظاهر و لا يبعد أن يكون بعض النصوص الواردة فيها يشمل مالا واقع له، لاحظ حديث سيابة و ابراهيم بن عمر جميعا، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قال: اول مملوك املكه فهو حر، فورث ثلاثة قال: يقرع بينهم فمن اصابه القرعة اعتق، قال: و القرعة سنة «1».

فان مورد الرواية ما لا واقع له اذ المفروض انه لا ينطبق عنوان الاول علي واحد

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من ابواب كيفية الحكم الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 521

و في الاكتفاء بمجرد التراضي وجه، لكن الاحوط استحبابا خلافه (1).

______________________________

من الثلاثة فلا واقع له كي يعين بالقرعة و بعد بيان الصغري طبق عليها الكبري الكلية بقوله عليه السلام و القرعة سنة.

و لاحظ

حديث منصور بن حازم قال: سأل بعض أصحابنا أبا عبد اللّه عليه السلام عن مسئلة فقال: هذه تخرج في القرعة ثم قال: فاي قضية اعدل من القرعة اذا فوضوا امرهم الي اللّه عز و جل أ ليس اللّه يقول: «فَسٰاهَمَ فَكٰانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ» «1».

فانه عليه السلام حكم بأن الرجوع الي القرعة اعدل القضايا و تمسك بالآية الشريفة و الحال انه لا واقع في مورد الاية.

ان قلت: ان الحوت كان يطلب يونس فكان الواقع منطبقا عليه، فلا ترتبط الرواية بالمقام قلت: ما ذكرت و ان كان حقا فان الحوت كان مأمورا بأخذ يونس و لكن الامر لم يكن معلوما لأهل السفينة و لو كان معلوما لما كانوا محتاجين الي القرعة فالنتيجة ان القرعة لا تختص بمورد يكون له واقع.

(1) الظاهر ان المسألة ذات قولين و في بعض الكلمات قيل: ان عدم الاكتفاء ظاهر الجميع فان تم المدعي بالإجماع التعبدي الكاشف فهو و الا فيمكن أن يقال بالكفاية و عدم الاشتراط و الدليل عليه الروايات الواردة في قسمة الدين:

منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجلين بينهما مال منه دين و منه عين فاقتسما العين و الدين فتوي الذي كان لأحدهما من الدين أو بعضه، و خرج الذي للاخر أ يرد علي صاحبه؟ قال: نعم ما يذهب بماله «2».

و منها: ما رواه غياث، عن جعفر عن ابيه، عن علي عليهم السلام، مثله الا

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب كيفية الحكم الحديث: 17

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الشركة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 522

[مسألة 8: تصح قسمة الوقف مع الملك الطلق]

(مسألة 8): تصح قسمة الوقف مع الملك الطلق (1).

______________________________

انه قال: ما اقتضي احدهما

فهو بينهما، و ما يذهب بينهما «1».

بتقريب ان الظاهر من هذه النصوص صحة القسمة بلا قرعة، و دعوي عدم صدق القسمه بلا قرعة و عدم دخولها في مفهومها كما تري.

(1) الذي يختلج بالبال بدوا، عدم الجواز اذ الوقوف تكون علي حسب ما يوقفها اهلها بحسب النص، لاحظ مكاتبة الصفار الي أبي محمد بن الحسن بن علي عليه السلام في الوقف و ما روي فيه «الوقوف و ما روي فيها» عن آبائه عليهم السلام فوقع عليه السلام: الوقوف تكون علي ما حسب ما يوقفها اهلها ان شاء اللّه «2».

لكن يظهر من القوم جوازه فان تم اجماع تعبدي كاشف فهو و الا يشكل اذ ذكر في مقام الاستدلال علي الجواز كما في عبارة الشرائع انه تمييز للوقف عن غيره.

و فيه اولا: انه ليس تمييزا للوقف عن غيره اذ المفروض هي الاشاعة فلا تميز في الواقع كي يحرز بالقسمة فان التمييز يخالف الاشاعة و بعبارة اخري: الاشاعة تستلزم عدم التميز.

و ثانيا: فرضنا صحة المدعي لكن المفروض ان الوقف تحقق هكذا و لا يجوز تغييره و دعوي عدم صدق التغيير عهدتها علي مدعيها.

و استدل علي الجواز مضافا الي ما ذكر كما في الجواهر بأنه مغتفر فيها «3» و فيه: انه من اين علم الاغتفار المذكور فلا بد من رجوع الوجه الثاني اما الي الوجه الاول و اما الي أن جواز التغيير اجماعي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب الشركة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب الوقف الحديث: 1

(3) جواهر الكلام ج 26 ص: 217

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 523

و لا تصح قسمة الوقف في نفسه اذا كانت منافية لشرط الواقف و الا صحت (1).

______________________________

ان قلت: الناس مسلطون علي اموالهم

و المفروض اشتراك الوقف مع الطلق و مالك الطلق له رفع الاشاعة و تعيين مملوكه و افرازه عن الوقف.

قلت: قاعدة الناس مسلطون علي اموالهم لا تكون مشرعة كما حقق في محله بل تقتضي الجواز بالمقدار المستفاد من الادلة.

و ان شئت قلت: ان تسلط الانسان علي مملوكه لا يقتضي رفع اليد عن مقتضي عدم جواز التصرف في الوقف. ان قلت: هذا الاشكال يجري في المشترك بين المالكين و قد مر جواز التقسيم هناك و حكم الامثال واحد.

قلت: قد ثبت في الشريعة المقدسة جواز القسمة في الملك المشترك. و بعبارة اخري: الجواز هناك من الواضحات و لولاه لكان للإشكال مجال في تلك المسألة أيضا و اللّه العالم.

(1) بناء الماتن في بحث الشرط علي أنه لا يتحقق هذا المفهوم الا بأحد نحوين:

احدهما: تعليق العقد أو الايقاع علي شي ء ثانيهما: تعليق الوفاء علي امر و السر فيه ان الشرط مأخوذ من الشريط و هو الارتباط و لذا لا معني للشرط الابتدائي المتداول في الالسن فان الشرط ينافي الابتدائية فلا بد من الارتباط، هذا مجمل الكلام و التفصيل موكول الي بحث الشرط فعلي هذا الاساس نقول ما المراد من الشرط المذكور في كلام الماتن فان كان مراده ان الوقف معلق علي بقاء الاشاعة اي وقف الواقف علق علي عدم القسمة الخارجية و التمييز فلا يرجع المدعي الي محصل فان المفروض ان تحقق القسمة معلق علي عدم الاشتراط فاذا كان الوقف معلقا علي عدم القسمة يكون التقريب دوريا و ان كان المراد ان الوقف وارد و واقع علي المشاع لكن الواقف اضاف الي الوقف حكمه بعدم الافراز فلا دليل علي وجوب تبعية حكم الواقف، بل لا بد من متابعة الدليل الشرعي.

مباني

منهاج الصالحين، ج 8، ص: 524

[مسألة 9: الشريك المأذون أمين لا يضمن ما في يده من المال المشترك إلا بالتعدي أو التفريط]

(مسألة 9): الشريك المأذون امين لا يضمن ما في يده من المال المشترك الا بالتعدي او التفريط (1).

[مسألة 10: تكره مشاركة الذمي]

(مسألة 10): تكره مشاركة الذمي (2).

______________________________

نعم الذي نتصور و يكون قابلا للالتزام ان امر الواقف في مقام الانشاء بيد الواقف سعة و ضيقا و من ناحية اخري لا مجال للإهمال في الواقع فكل قيد اخذ في المتعلق يؤخذ به و لا يجوز التصرف المغاير بمقتضي وجوب العمل علي طبق إنشاء الواقف.

و كيف كان في الجزم بالجواز في صورة عدم الاشتراط علي فرض تسليم تمامية المدعي في التشقيق اشكال لما مر من الاشكال في تمييز الوقف عن الطلق، فلاحظ.

(1) الظاهر ان الحكم عندهم من المسلمات و قد ثبت في الشريعة المقدسة ان الامين ليس عليه الا اليمين فلا يكون يده يد ضمان الا بالتعدي أو التفريط كما في المتن.

(2) عن التذكرة «1» انه يكره مشاركة المسلم لأهل الذمة من اليهود و النصاري و المجوس و غير اهل الذمة من سائر الكفار عند علمائنا انتهي.

و يدل علي ما في المتن حديث ابن رئاب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام لا ينبغي للرجل المسلم أن يشارك الذمي و لا يبضعه بضاعة و لا يودعه وديعة و لا يصافيه المودة «2».

و الحمد للّه اولا و آخرا و الصلاة علي محمد و آله الطاهرين المعصومين و اللعن الدائم علي اعدائهم من الاولين و الاخرين.

______________________________

(1) الحدائق: ج- 21 ص: 155

(2) الوسائل الباب 2 من كتاب الشركة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 525

[كتاب المضاربة]

اشارة

كتاب المضاربة المضاربة هي أن يدفع الانسان مالا الي غيره ليتجر فيه (1) علي أن يكون الربح بينهما بالنصف أو الثلث أو نحو ذلك (2)

[و يعتبر فيها أمور]

اشارة

و يعتبر فيها أمور:

[الأول الإيجاب و القبول]

الاول الايجاب و القبول (3).

______________________________

(1) المضاربة من العقود و من الظاهر ان العقد أمر إنشائي و الدفع أمر خارجي مترتب علي المضاربة لا أنها عبارة عنه نعم يمكن إنشائها و ايجابها بالدفع كما يستفاد من بعض النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عن الرجل يعطي المال مضاربة و ينهي أن يخرج به فخرج قال:

يضمن المال و الربح بينهما «1».

(2) قال السيد اليزدي قدس سره في عروته في هذا المقام «المضاربة عبارة عن دفع الانسان مالا الي غيره ليتجر به علي أن يكون الربح بينهما، لا أن يكون تمام الربح للمالك و لا أن يكون تمامه للعامل» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

(3) كبقية العقود المتقومة بالطرفين فتتوقف علي الايجاب و القبول انما الكلام في اثبات كونها من العقود المتقومة بالطرفين قال سيد المستمسك قدس سره في مقام اثبات كونها من العقود: «لما كان مفاد المضاربة خروج حصة من الربح من ملك صاحب المال و دخولها في ملك العامل و كان الخروج عن الملك قهرا خلاف قاعدة السلطنة علي المال كما أن الدخول في الملك قهرا خلاف قاعدة السلطنة علي النفس تعين أن يكون ذلك تحت ولاية المالك و العامل معا فيكون ذلك المفهوم

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أحكام المضاربة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 526

و يكفي فيهما كل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل أو نحو ذلك و لا يعتبر فيهما العربية و لا الماضوية (1).

______________________________

عقدا محتاجا الي الايجاب من احدهما و القبول من الاخر» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و يرد عليه ان ما افاده من التقريب و ان كان تاما

لكن لا يترتب عليه المدعي اذ لو فرض قيام الدليل علي صحة المضاربة نلتزم به و مجرد صحتها لا يستلزم كونها من العقود و ان شئت قلت لا اشكال في صحة المضاربة و كون الربح مشتركا بين المالك و العامل انما الكلام في كونها من العقود أو من الايقاعات مضافا الي أن تسلط العامل علي نفسه لا يستلزم كون قبوله مقوما للمضاربة فان الجعالة من الايقاعات و مع ذلك يتملك العامل الجعل بعمله مع كونه مسلطا علي نفسه و باختياره يتملك الجعل فالتسلط علي النفس لا يكون دليلا علي المدعي نعم الظاهر ان كونها من العقود متسالم عليه عندهم قال سيد المستمسك قدس سره: «دعوي الاجماع علي كون المضاربة من العقود المحتاجة الي الايجاب و القبول صريحة أو ظاهرة في كلام جماعة».

و قال في الحدائق: «قال العلامة في التذكرة: لا بد في هذه المعاملة من لفظ دال علي الرضا من المتعاقدين». و قال في الجواهر ما مضمونه: انه جعل العقد في التذكرة و القواعد من اركان هذه المعاملة و صفوة القول انه يظهر من كلماتهم في هذا المقام انه لا اشكال و لا كلام في كونها من العقود انما الكلام في بعض الخصوصيات و اللّه العالم.

(1) ان تم المدعي بالإجماع فهو و الا فيشكل الجزم به فانه لا مجال لإثباته بوجوب الوفاء «1» بالعقد لأنا ذكرنا سابقا ان دليل وجوب الوفاء بالعقد ناظر

______________________________

(1) المائدة/ 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 527

[الثاني البلوغ و العقل و الاختيار في كل من المالك و العامل]

الثاني البلوغ و العقل و الاختيار في كل من المالك و العامل (1) و أما عدم الحجر من سفه أو فلس فهو انما يعتبر في المالك دون العامل (2).

______________________________

الي اثبات اللزوم و غير ناظر الي

الصحة كما انه لا مجال للتمسك بحلية التجارة عن تراض «1».

فان صدق التجارة علي غير البيع محل الاشكال و الكلام و علي هذا الأساس ينحصر الدليل في الاجماع نعم في هذه العجالة لا اري مانعا من التمسك ببعض الاطلاقات الواردة في أبواب المضاربة منها ما رواه عبد الملك بن عتبة قال سألت بعض هؤلاء يعني أبا يوسف و أبا حنيفة فقلت: اني لا أزال ادفع المال مضاربة الي الرجل فيقول: قد ضاع أو قد ذهب قال: فادفع اليه أكثره قرضا و الباقي مضاربة فسألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذلك فقال: يجوز «2».

فان العنوان المسئول عنه عنوان المضاربة ففي كل مورد صدق هذا العنوان يترتب عليه حكمه عليه السلام بالجواز و مقتضاه كفاية كل مبرز لفظا كان أو فعلا كما ان مقتضاه جواز إنشائها بكل لفظ عربيا كان أو غيره ما ضويا كان أو غيره و لاحظ ما رواه ابن مسلم «3».

(1) هذه هي الشرائط العامة الجارية في جميع المعاملات و قد تعرض الماتن لها في كتاب البيع في شرائط المتعاقدين و شرحنا ما أفاده هناك فراجع.

(2) بتقريب انه لا دليل علي كون الحجر من سفه أو فلس مانعا عن التصرف في النفس فالمرجع الأدلة الاولية الدالة علي الجواز و حيث ان المالك يتصرف في ماله دون العامل يكون الاشتراط مخصوصا بالمالك و لا يجري في العامل و تفصيل

______________________________

(1) النساء/ 34

(2) الوسائل الباب 2 من احكام المضاربة الحديث 2

(3) لاحظ ص: 525

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 528

[الثالث تعيين حصة كل منهما من نصف أو ثلث أو نحو ذلك]

الثالث تعيين حصة كل منهما من نصف أو ثلث أو نحو ذلك (1) الا أن يكون هناك تعارف خارجي ينصرف اليه الاطلاق (2).

______________________________

الكلام موكول الي كتاب الحجر.

(1)

قال في المستمسك في شرح قول الماتن في هذا المقام «بلا خلاف كما في التذكرة بل ظاهر أنه لا خلاف فيه بين المسلمين، و قد ذكره الأصحاب شرطا للمضاربة علي نحو ذكر المسلمات من دون تعرض منهم لنقل خلاف أو اشكال فكأنه لا خلاف فيه بيننا» انتهي.

فان تم المدعي بالإجماع و التسالم فهو و الا فللمناقشة فيه مجال اذ تارة يكون المراد من عدم التعيين التردد و اخري يكون المراد منه أن لا يكون معلوما عند المتعاملين و ان كان معلوما في الواقع و يشار اليه بعنوان من العناوين أما علي الاول فلا اشكال في البطلان فان المردد لا واقع له و لا يصدق علي ما في الخارج و الا يلزم الخلف، و أما علي الثاني فلا مانع من الصحة الا من ناحية الغرر.

لاحظ ما رواه القاسم بن سلام باسناد متصل الي النبي صلي اللّه عليه و آله أنه نهي عن المجر الي أن قال و ذلك غرر «1».

و ما رواه أيضا باسناد متصل الي النبي صلي اللّه عليه و آله انه نهي عن المنابذة الي أن قال: و هذه يبوع كان اهل الجاهلية يتبايعونها فنهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عنها لأنها غرر كلها «2».

و فيه: ان الدليل اخص من المدعي اذ يمكن تصوير المجهول علي نحو لا يستلزم الغرر مضافا الي ضعف سند حديث النهي عن الغرر.

(2) اذ مع الانصراف يخرج عن كونه مجهولا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب عقد البيع الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب عقد البيع الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 529

[الرابع أن يكون الربح بينهما]

الرابع أن يكون الربح بينهما فلو شرط مقدار منه لأجنبي لم تصح المضاربة (1)

الا اذا اشترط عليه عمل متعلق بالتجارة (2).

[الخامس أن يكون العامل قادرا علي التجارة إذا كان المقصود مباشرته للعمل]

الخامس أن يكون العامل قادرا علي التجارة اذا كان المقصود مباشرته للعمل و أما اذا كان عاجزا عنه لم تصح هذا اذا اخذت المباشرة قيدا (3) و أما اذا كانت شرطا لم تبطل المضاربة (4) و لكن يثبت للمالك الخيار عند تخلف الشرط (5) و أما اذا لم يكن لا هذا و لا ذاك و كان العامل عاجزا عن التجارة حتي مع الاستعانة بالغير بطلت المضاربة (6) و لا فرق في البطلان بين تحقق العجز من الاول و طروه

______________________________

(1) يمكن الاستدلال عليه بأن المستفاد من نصوص الباب كون الربح مشتركا بين المالك و العامل فان لم يكن كذلك لا يكون العقد مصداقا للمضاربة مضافا الي أن الأصل عدم الجواز و لا مجال للاستدلال علي الصحة بدليل الشرط اذ قد ذكرنا في كتاب البيع ان دليل الشرط ليس مشرعا فيلزم احراز الجواز في الرتبة السابقة ثم اتمامه و الزامه بالشرط.

(2) بناء علي جواز تعدد العامل كما سيتعرض له في المسألة (20).

(3) اذ مع العجز لا موضوع للمقابلة بين الربح و المنفعة و بعبارة اخري كما ان الاجارة فاسدة مع فرض انتفاء المنفعة كذلك الحال في المقام و هذا ظاهر.

(4) لعدم ما يوجب البطلان.

(5) علي ما هو المقرر عندهم من جواز اشتراط الخيار و هذا مورد الاشكال مضافا الي أن عقد المضاربة جائز من الطرفين كما سيتعرض له في المسألة (8) فما فائدة جعل الخيار فيه فتأمل.

(6) اذ قد مر انه مع العجز لا مجال للصحة.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 530

بعد حين فتنفسخ المضاربة من حين طرو العجز (1).

[مسائل]

[مسألة 1: الأقوي صحة المضاربة بغير الذهب و الفضة المسكوكين بسكة المعاملة من الأوراق النقدية و نحوها]

(مسألة 1): الاقوي صحة المضاربة بغير الذهب و الفضة المسكوكين بسكة المعاملة من الاوراق النقدية و نحوها (2)

و في صحتها بالمنفعة أو بالدين اشكال (3).

______________________________

(1) بل الصحيح أن يقال انه لا ينعقد صحيحا بالنسبة الي زمان طرو العجز لا أنه ينعقد صحيحا ثم يبطل فلاحظ.

(2) عن الجواهر: دعوي الاجماع بقسميه علي الاشتراط. و عن التذكرة:

نسبته الي علمائنا. و سيد المستمسك أفاد بأنه يكفي للاشتراط الأصل فان مقتضاه عدم صحة المضاربة بغير الذهب و الفضة المسكوكين بسكة المعاملة.

و الذي يختلج ببالي القاصر انه لا مانع من الأخذ باطلاق النصوص الواردة في المقام و هي كثيرة منها ما رواه محمد بن مسلم «1» فان المال مطلق و لا وجه لتقييده بخصوص الذهب و الفضة و مثله غيره في هذا الباب و في بقية الأبواب فلاحظها و الاشكال في الاستدلال بالنصوص بأنها ليست في مقام البيان من هذه الجهة فلا مجال للأخذ باطلاقها، في غير محله اذ اصالة البيان في جميع الموارد محكمة و بعبارة واضحة المال بماله من المفهوم يصدق علي الأوراق النقدية و مقتضي اطلاق كلام السائل شموله لها كما ان مقتضي القاعدة الأولية الاخذ بمقتضي اطلاق كلامه عليه السلام.

(3) ادعي الاجماع علي عدم الجواز و الانصاف ان الاشكال في محله اذ لا دليل علي كفاية المنفعة أو الدين و مقتضي الأصل الأولي عدم الجواز و يؤيده ادعاء الاجماع كما انه يؤيده أيضا ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قال أمير المؤمنين عليه السلام في رجل له علي رجل مال فيتقاضاه و لا يكون عنده

______________________________

(1) لاحظ ص: 525

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 531

[مسألة 2: لا يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال بيد العامل]

(مسألة 2): لا يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال بيد العامل فلو كان بيد المالك و تصدي العامل للمعاملة صحت (1).

[مسألة 3: مقتضي عقد المضاربة الشركة في الربح]

(مسألة 3): مقتضي عقد المضاربة الشركة في الربح (2) و يكون لكل من العامل و المالك ما جعل له من الحصة نصفا أو ثلثا أو نحو ذلك (3).

______________________________

فيقول هو عندك مضاربة قال: لا يصلح حتي تقبضه منه «1».

(1) الانصاف ان الجزم بما أفاده مشكل اذ مضافا الي أن كون المال بيد المالك خلاف المتعارف الخارجي لو شك في الصحة و عدمها لا يكون دليل يقتضي الجواز فان النصوص الواردة في باب المضاربة لا تعرض لها لهذه الجهة و من ناحية اخري ان مقتضي الأصل الأولي عدم الجواز فما هو الدليل علي الجواز فلاحظ.

ان قلت: مقتضي اطلاق بعض النصوص عدم الاشتراط لاحظ ما رواه المرادي قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقول للرجل أبتاع لك متاعا و الربح بيني و بينك قال: لا بأس «2».

فان مقتضي اطلاق هذه الرواية عدم الاشتراط قلت مقتضي اطلاق هذه الرواية كفاية الاشتراء بالذمة و هل يمكن الالتزام به؟. و ان شئت قلت: صدق عنوان المضاربة مع كون المال بيد العامل مورد الاشكال فالاشكال في تحقق الموضوع.

(2) كما هو ظاهر نصا و فتوي.

(3) كما هو مقتضي العقد الواقع عليه و يستفاد المدعي من بعض النصوص

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من احكام المضاربة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 3 من احكام المضاربة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 532

و اذا وقع فاسدا كان للعامل اجرة المثل و للمالك تمام الربح (1).

[مسألة 4: يجب علي العامل أن يقتصر علي التصرف المأذون فيه]

(مسألة 4): يجب علي العامل أن يقتصر علي التصرف المأذون فيه فلا يجوز التعدي عنه فلو أمره ان يبيعه بسعر معين أو بلد معين أو سوق معين أو جنس كذلك فلا يجوز التعدي عنه (2) و لو تعدي الي غيره

لم ينفذ تصرفه و توقف علي اجازة المالك (3).

[مسألة 5: لا يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال معلوما قدرا و وصفا]

(مسألة 5): لا يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال معلوما قدرا و وصفا (4) كما لا يعتبر أن يكون معينا فلو أحضر المالك مالين

______________________________

لاحظ ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال قضي علي عليه السلام في تاجر اتجر بمال و اشترط نصف الربح فليس علي المضاربة ضمان «1».

(1) أما كون اجرة المثل للعامل فلقاعدة ما يضمن و لقاعدة الأقدام فان عمل العامل لا يكون مبنيا علي المجانية و حيث ان المضاربة فرضت فاسدة يكون له اجرة مثل عمله و أما كون الربح للمالك فلأن الربح تابع للأصل و المفروض صحة المعاملة حيث انها وقعت باذن المالك انما الفاسد المضاربة فلاحظ.

(2) تصرف العامل في المال اما تصرف خارجي و اما تصرف اعتباري و علي كلا التقديرين منوط بنظر المالك و يتوقف علي اذنه و الا يكون التصرف الخارجي حراما و التصرف الاعتباري باطلا و هذا واضح ظاهر مضافا الي دلالة النصوص علي المدعي فلاحظ.

(3) لأنه مع التعدي تكون المعاملة فضولية تحتاج الي الاجازة من المالك.

(4) تارة يشكل من ناحية عدم المقتضي و عدم اطلاق يقتضي الصحة و اخري من ناحية وجود المانع و هو لزوم الغرر أما الاشكال من الناحية الأولي فيمكن دفعه

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من احكام المضاربة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 533

و قال قارضتك باحدهما صحت و ان كان الاحوط أن يكون معلوما كذلك و معينا (1).

[مسألة 6: لا خسران علي العامل من دون تفريط]

(مسألة 6): لا خسران علي العامل من دون تفريط (2) و اذا اشترط المالك علي العامل أن تكون الخسارة عليهما كالربح في ضمن العقد فالظاهر بطلان الشرط (3) نعم لو اشترط علي العامل أن يتدارك الخسارة

______________________________

بالاطلاق المنعقد في جملة من

النصوص فانه اخذ في كثير من نصوص الباب عنوان دفع المال و مقتضي اطلاق هذا العنوان عدم تقيده بكونه معلوما قدرا أو وصفا، و أما الاشكال من الناحية الثانية ففيه اولا ان الجهل اعم من الغرر و ثانيا لا دليل علي بطلان الغرر علي نحو العموم و الاطلاق فلاحظ.

(1) تارة يراد بقوله باحدهما المردد و اخري يراد به التخيير أما الصورة الأولي فلا اشكال في بطلانها اذ المردد لا واقع له، و أما الصورة الثانية فان كان المراد باحدهما الاشارة الي المعين في الواقع بأن يراد ما يكون مطلوبا للعامل فالظاهر صحتها لأن مرجع الترديد الي المعين و أما اذا كان الايجاب معلقا علي قبول العامل فالظاهر فساده اذ المفروض توقف الايجاب علي القبول و الحال ان القبول يتوقف علي الايجاب الا أن يرجع الي تقديم القبول علي الايجاب و الجزم بجوازه مشكل لعدم الدليل.

(2) اذ لا مقتضي لضمانه مضافا الي النص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه محمد بن قيس «1».

(3) و الوجه في البطلان كون الشرط المذكور مخالفا للشرع فتكون باطلا فان المستفاد من الدليل عدم كونه ضامنا فاشتراط الضمان علي خلاف المقرر الشرعي

______________________________

(1) لاحظ ص: 532

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 534

من كيسه اذا وقعت صح و لا بأس به (1).

[مسألة 7: إذا كان لشخص مال موجود في يد غيره أمانة أو غيرها فضاربه عليه صح]

(مسألة 7): اذا كان لشخص مال موجود في يد غيره امانة أو غيرها فضاربه عليه صح (2) و اذا كان المال في يده غصبا أو لغيره مما تكون اليد فيه يد ضمان فضاربه عليه فهل يرتفع الضمان بذلك أم لا قولان: الاقوي هو الاول، و ذلك لان عقد المضاربة في نفسه و ان لم يقتض رضا المالك ببقاء المال في يده

لما عرفت من أنه لا يعتبر في صحته كون المال بيد العامل الا ان عقد المضاربة من المالك علي ذلك المال قرينة عرفية علي رضاه ببقاء هذا المال في يده و تصرفه فيه نعم اذا لم تكن قرينة علي ذلك لم يرتفع الضمان (3).

[مسألة 8: عقد المضاربة جائز من الطرفين فيجوز لكل منهما فسخه]

(مسألة 8): عقد المضاربة جائز من الطرفين فيجوز لكل منهما فسخه (4).

______________________________

و هل يوجب بطلان العقد أم لا؟ مقتضي القاعدة صحة العقد و بعبارة اخري الشرط الفاسد لا يوجب فساد العقد.

(1) اذ هو شرط سائغ فلا مانع من الاشتراط و يشمله دليل نفوذ الشرط.

(2) اذ المقتضي للصحة موجود و الظاهر انه لا مانع منها فتصح.

(3) تقدم الاشكال في صحة المضاربة مع كون المال في يد المالك فعليه يكون قوام المضاربة بكون المال في يد العامل و يترتب عليه عدم الضمان اذ عقد المضاربة علي هذا الأساس يقتضي كون المال بيد العامل فلا مقتضي للضمان بعد تحقق المضاربة نعم لو قلنا بعدم الاشتراط المذكور كما هو مسلك الماتن فما أفاده من التفصيل تام فلاحظ.

(4) مقتضي وجوب الوفاء بالعقود لزوم عقد المضاربة كبقية العقود و انما

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 535

سواء كان قبل الشروع في العمل أم بعده كان قبل تحقق الربح أو بعده كما انه لا فرق في ذلك بين كونه مطلقا أو مقيدا الي أجل خاص (1).

[مسألة 9: لا يجوز للعامل خلط رأس المال مع مال آخر لنفسه أو غيره إلا مع إذن المالك عموما أو خصوصا]

(مسألة 9): لا يجوز للعامل خلط رأس المال مع مال آخر لنفسه أو غيره الا مع اذن المالك عموما أو خصوصا (2) و عليه فلو خلط بدون اذنه ضمن ما تلف تحت يده من ذلك المال (3) و لكن هذا لا يضر بصحة

______________________________

لا يلتزمون باللزوم للإجماع المدعي في المقام قال في الحدائق: «قد صرح جملة من الأصحاب بأنه لما كان القراض من العقود الجائزة فلكل من المالك و العامل فسخه» الخ. و عن المسالك دعوي عدم الخلاف و عن الجواهر الاجماع بقسميه عليه.

(1) بدعوي كون معقد الاجماع مطلقا و لولاه يشكل لعدم دليل لفظي، يؤخذ باطلاقه و للمناقشة

فيه مجال اذ كيف يمكن تحصيل الاجماع الكاشف علي المدعي علي نحو الاطلاق الا أن يقال حيث انه لا نص في المقام يكون الاجماع تعبديا لكن مع ذلك يكون للتأمل مجال قال في الحدائق: «قال في التذكرة: قد بينا ان القراض من العقود الجائزة من الطرفين كالوكالة و الشركة بل هو عينهما فانه وكالة في الابتداء ثم يصير شركة في الأثناء» الي آخر ما نقل عنه فانه يستفاد من هذا الكلام ان مستند الالتزام بالجواز كون المضاربة داخلة تحت عنوان الوكالة و الشركة.

(2) اذ التصرف في مال الغير حرام و المفروض صورة عدم الاذن من المالك.

(3) لقاعدة «علي اليد» مضافا الي النصوص الدالة علي الضمان في صورة مخالفة المالك لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في الرجل يعطي المال فيقول له ايت ارض كذا و كذا و لا تجاوزها و اشتر منها، قال: فان

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 536

المضاربة بل هي باقية علي حالها و الربح بينهما علي النسبة (1).

[مسألة 10: يجوز للعامل مع إطلاق عقد المضاربة التصرف حسب ما يراه مصلحة]

(مسألة 10): يجوز للعامل مع اطلاق عقد المضاربة التصرف حسب ما يراه مصلحة من حيث البائع و المشتري و نوع الجنس (2) نعم لا يجوز له أن يسافر به من دون اذن المالك (3) الا اذا كان هناك تعارف ينصرف الاطلاق اليه (4) و عليه فلو خالف و سافر و تلف المال ضمن (5).

______________________________

جاوزها و هلك المال فهو ضامن و ان اشتري متاعا فوضع فيه فهو عليه و ان ربح فهو بينهما «1».

و ما رواه الحلبي أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في المال الذي يعمل به مضاربة له من الربح و ليس عليه من الوضيعة

شي ء الا أن يخالف امر صاحب المال فان العباس كان كثير المال و كان يعطي الرجال يعملون به مضاربة و يشترط عليهم أن لا ينزلوا بطن واد و لا يشتروا ذا كبد رطبة فان خالفت شيئا مما أمرتك به فانت ضامن المال «2» فانه يستفاد منهما و من غيرهما من النصوص ان عصيان العامل يوجب الضمان.

(1) اذ لا وجه لبطلانها و ان شئت قلت لا تكون المضاربة بهذا القيد فتكون المضاربة بحالها و الربح بينهما علي النسبة.

(2) كما هو ظاهر واضح اذ لا مقتضي لعدم الجواز.

(3) لأنه تصرف في مال الغير فلا يجوز مضافا الي دلالة النصوص علي المدعي فلاحظ.

(4) كما هو ظاهر.

(5) بمقتضي ضمان اليد و النصوص الواردة في المقام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من احكام المضاربة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 1 من احكام المضاربة الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 537

و كذا الحال في كل تصرف و عمل خارج عن عقد المضاربة (1).

[مسألة 11: مع اطلاق العقد يجوز البيع حالا و نسيئة]

(مسألة 11): مع اطلاق العقد يجوز البيع حالا و نسيئة (2) اذا كان البيع نسيئة أمرا متعارفا في الخارج ينصرف اليه الاطلاق (3) و أما اذا لم يكن أمرا متعارفا فلا يجوز بدون الاذن الخاص (4) و لو خالف و باع نسيئة فعندئذ ان استوفي الثمن قبل اطلاع المالك فهو (5) و ان اطلع المالك قبل الاستيفاء فان أجاز صح البيع (6).

______________________________

(1) لوحدة الملاك و حكم الأمثال واحد.

(2) كما هو ظاهر اذ مع الاطلاق و عدم ما يوجب التقييد يجوز ما يكون مصداقا للمطلق.

(3) لم يظهر لي وجه لهذا التقييد فان المانع عن الصحة انصراف المطلق عن مورد و اما الانصراف اليه فلا يكون شرطا للصحة بل يكفي صدق المطلق عليه

و شموله اياه الا أن يكون المراد من الانصراف ظهور اللفظ في الجامع بين الامرين.

(4) فان الجواز يحتاج الي الاذن و مع فرض عدم التعارف لا يشمله الاذن فلا يجوز التصرف لا خارجا و لا اعتبارا و بعبارة اخري التعارف الخارجي في المعاملات يمنع عن انعقاد الاطلاق.

(5) مقتضي القاعدة الأولية بطلان المعاملة و توقفها علي اجازة المالك لكون المعاملة فضولية و يترتب عليها اختصاص الربح بالمالك ان أجاز، لكن مقتضي بعض النصوص ان الربح بينهما علي خلاف القاعدة الأولية لاحظ ما رواه الحلبي «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان بيع العامل صحيح و الربح بينهما.

(6) اذ يصح العقد الفضولي بالاجازة كما هو المقرر عندهم و لكن مقتضي

______________________________

(1) لاحظ ص: 535

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 538

و الا بطل (1).

[مسألة 12: إطلاق العقد لا يقتضي بيع الجنس بالنقد]

(مسألة 12): اطلاق العقد لا يقتضي بيع الجنس بالنقد بل يجوز بيع الجنس بجنس آخر أيضا (2) نعم لو كان الجنس من الاجناس التي لا رغبة للناس فيها اصلا فعندئذ لا يجوز ذلك لانصراف الاطلاق عنه (3).

[مسألة 13: يجب علي العامل بعد عقد المضاربة العمل بما يعتاد بالنسبة اليه]

(مسألة 13): يجب علي العامل بعد عقد المضاربة العمل بما يعتاد بالنسبة اليه و عليه أن يتولي ما يتولاه التاجر لنفسه من الامور المتعارفة في التجارة اللائقة بحاله فيجوز له استئجار من يكون متعارفا استئجاره كالدلال و الحمال و الوزان و الكيال و المحل و ما شاكل ذلك و من هنا يظهر انه لو استأجر فيما كان المتعارف مباشرته فيه بنفسه فالاجرة من ماله لا من الوسط كما انه لو تولي ما يتعارف الاستئجار

______________________________

القاعدة أن يكون الربح مختصا بالمالك اذ المفروض ان العامل لم يعمل علي ما وقع عليه العقد و النصوص المشار اليها الدالة علي خلاف القاعدة لا تشمل المقام و يمكن أن يقال ان مقتضي اطلاق حديث الحلبي و غيره شموله للمقام أيضا فان اطلاق الحديث يقتضي الحكم بالصحة و لو مع عدم قبض الثمن فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر فان البيع الفضولي لا يصح الا بالاجازة الا أن يقال مقتضي اطلاق حديث الحلبي الصحة و لو مع عدم الاجازة اللهم الا أن يكون الحكم بالصحة مع عدم الاجازة خلاف المتسالم عليه بينهم.

(2) الأمر كما أفاده اذ لا مقتضي للانصراف.

(3) فان القرينة المقامية تقتضي الانصراف المذكور.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 539

له جاز له أن يأخذ الاجرة ان لم يتصد له مجانا (1).

[مسألة 14: نفقة سفر العامل من المأكل و المشرب و الملبس و المسكن و أجرة الركوب و غير ذلك مما يصدق عليه النفقة]

(مسألة 14): نفقة سفر العامل من المأكل و المشرب و الملبس و المسكن و اجرة الركوب و غير ذلك مما يصدق عليه النفقة من رأس المال اذا كان السفر باذن المالك و لم يشترط نفقته عليه و كذلك الحال بالاضافة الي كل ما يصرفه من الاموال في طريق التجارة نعم ما يصرفه مما لا تتوقف عليه التجارة فعلي نفسه و المراد من

النفقة هي اللائقة بحاله فلو أسرف حسب عليه نعم لو قتر علي نفسه أو صار ضيفا عند شخص لا يحسب له (2).

[مسألة 15: إذا كان شخص عاملا لاثنين أو أزيد أو عاملا لنفسه و لغيره توزع النفقة علي نسبة العملين علي الأظهر]

(مسألة 15): اذا كان شخص عاملا لاثنين أو ازيد أو عاملا لنفسه و لغيره توزع النفقة علي نسبة العملين علي الاظهر لا علي نسبة المالين كما قيل (3).

______________________________

(1) الظاهران ما افاده تام مطابق للقاعدة الأولية و لا يحتاج الي بحث و استدلال فان الميزان في هذه الموارد هو المتعارف بين الناس فاذا لم يقم دليل علي خلافه يكون المتعارف الخارجي هو المرجع فلاحظ.

(2) الأمر كما أفاده فان المضارب عامل للمالك و نفقته عليه علي ما هو المتعارف اللائق بحاله فاذا أسرف حسب عليه و أما لو قتر علي نفسه أو صار ضيفا فلا وجه للاحتساب له و لا مقتضي له و ان شئت قلت انه مأذون في صرف نفقته من مال المالك بحيث يصرف فيها لا أنه يأخذ هذا المقدار من مال المالك.

(3) الحق ما أفاده الماتن اذ لا وجه لملاحظة نسبة المالين فان كلا من العقدين اجنبي عن الاخر و لا بد من ملاحظة ان العمل في كل منهما بأي مقدار يقتضي فالميزان

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 540

[مسألة 16: لا يشترط في استحقاق العامل النفقة تحقق الربح بل ينفق من أصل المال]

(مسألة 16): لا يشترط في استحقاق العامل النفقة تحقق الربح بل ينفق من اصل المال (1) نعم اذا حصل الربح بعد هذا تحسب منه و يعطي المالك تمام رأس ماله ثم يقسم الربح بينهما (2).

[مسألة 17: إذا مرض العامل في السفر فان لم يمنعه من شغله فله أخذ النفقة]

(مسألة 17): اذا مرض العامل في السفر فان لم يمنعه من شغله فله اخذ النفقة (3) نعم ليس له أخذ ما يحتاج اليه للبرء من المرض (4) و أما اذا منعه عن شغله فليس له اخذ النفقة (5).

______________________________

بالعمل لا بالمال.

(1) فان العامل كالمالك فربما تكون التجارة رابحة و اخري لا تكون فعلي كلا التقديرين العامل نائب عن المالك و نفقته عليه فلا يشترط في استحقاق النفقة تحقق الربح.

(2) فان الميزان في تحقق الربح و مقداره بعد اخراج المئونة و هذا أمر متعارف في باب التجارات و خلافه يحتاج الي عناية خاصة و لحاظ مخصوص فما أفاده تام.

(3) كما هو ظاهر اذ لا مقتضي لعدم الجواز بعد فرض كونه مشغولا بوظيفته و عدم كون المرض مانعا عن اشتغاله.

(4) الانصاف انه ليس لما ذكر ميزان منضبط بل لا بد من الاحالة الي العرف و ما يتعارف بين الناس و اذا وصلت النوبة الي الشك يكون مقتضي القاعدة عدم جواز الأخذ فان التصرف في مال الغير يتوقف علي الاذن و المفروض عدم احرازه فلا يجوز.

(5) الأمر كما ذكرنا فان الميزان هو العرف و المتعارف و لا يبعد اختلاف الموارد.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 541

[مسألة 18: إذا فسخ عقد المضاربة في اثناء السفر أو انفسخ فنفقة الرجوع عليه لا علي المال المضارب به]

(مسألة 18): اذا فسخ عقد المضاربة في اثناء السفر أو انفسخ فنفقة الرجوع عليه لا علي المال المضارب به (1).

[مسألة 19: إذا اختلف المالك و العامل في أنها مضاربة فاسدة أو قرض و لم يكن هناك دليل معين لأحدهما]

(مسألة 19): اذا اختلف المالك و العامل في أنها مضاربة فاسدة أو قرض و لم يكن هناك دليل معين لأحدهما فقد يكون الاختلاف من جهة ان العامل يدعي القرض ليكون الربح له و المالك يدعي المضاربة لئلا يكون عليه غير اجرة المثل و يكون الربح له ففي مثل ذلك يتوجه الحلف علي المالك و بعده يحكم بكون الربح للمالك و ثبوت اجرة المثل للعامل (2) و قد يكون من جهة ان المالك يدعي القرض لدفع الخسارة عن نفسه أو لعدم اشتغال ذمته للعامل بشي ء و العامل يدعي المضاربة الفاسدة فيحكم فيه بعد التحالف بكون الخسارة علي

______________________________

(1) اذ لا وجه لأخذه نفقة الرجوع من مال المالك بعد فرض ارتفاع العقد و انعدامه.

(2) اذ مقتضي الأصل عدم كونه قرضا فيكون المالك منكرا و عليه الحلف فيكون الربح للمالك لعدم ما يقتضي كون العامل شريكا نعم حيث ان عمله يكون محترما له اجرة المثل لكن العامل بدعواه القرض يكون مقرا بعدم استحقاقه الاجرة فكيف يجوز له الأخذ.

الا أن يقال: انه لا مجال لهذا الاشكال اذ المفروض ان العامل يري نفسه ذا حق غاية الأمر لا بسبب احترام عمله بل بسبب آخر و يمكن أن يقال: ان الترافع عند الحاكم لحسم مادة النزاع و حيث انه لا دليل علي القرض الذي يدعيه العامل و من ناحية اخري عمل العامل محترم و المالك معترف بعدم كون عمله مجانيا يحكم

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 542

المالك و عدم اشتغال ذمته للعامل هذا اذا كان الاختلاف بينهما في كونها مضاربة فاسدة أو قرضا

(1) و اما اذا كان الاختلاف بينهما في أنها مضاربة فاسدة او بضاعة فالظاهر في هذه الصورة أن يكون الربح تماما للمالك بعد حلف المالك و لا يكون للعامل اجرة المثل (2).

[مسألة 20: يجوز أن يكون المالك واحدا و العامل متعددا]

(مسألة 20): يجوز أن يكون المالك واحدا و العامل متعددا سواء أ كان المال واحدا أيضا أو كان متعددا و سواء أ كان العمال متساوين في مقدار الجعل في العمل أم كانوا متفاضلين و كذا يجوز أن يكون المالك متعددا و العامل واحدا (3).

______________________________

الحاكم بكون الربح للمالك و اجرة المثل للعامل و اللّه العالم بحقايق الامور.

(1) فان دعوي كل منهما مخالفة للأصل فتصل النوبة الي اليمين و بعد التحالف يحكم بكون الخسارة علي المالك لعدم دليل علي كون الخسارة علي العامل و خسارة كل عين علي مالكها بحسب القاعدة الأولية كما ان ضمان المالك للعامل علي خلاف الأصل فيحكم بعدمه و يمكن أن يقال انه لا تصل النوبة الي التحالف في مفروض الكلام لأن مرجع الدعوي الي دعوي العامل حقا علي المالك و انكار المالك تلك الدعوي فمقتضي القاعدة أن يحلف المالك فلا مجال للتحالف فلاحظ.

(2) أما كون تمام الربح للمالك فعلي طبق القاعدة الأولية أن نماء كل ملك تابع لذلك الملك و أما عدم الاجرة لعمل العامل فلعدم دليل عليه و ان شئت قلت: ان المالك لا يدعي حقا علي العامل بل ينفي حق العامل المدعي علي نفسه و أما العامل فهو يدعي أمرا مخالفا للأصل فعليه البينة و أما المالك فعليه الحلف و اللّه العالم.

(3) قال سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام «و الظاهر انه لا اشكال و لا خلاف في جميع ذلك فقد ذكر في كثير من الكتب من

دون تعرض لخلاف أو

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 543

[مسألة 21: إذا كان المال مشتركا بين شخصين و قارضا واحدا و اشترطا له النصف و تفاضلا في النصف الآخر]

(مسألة 21): اذا كان المال مشتركا بين شخصين و قارضا واحدا و اشترطا له النصف و تفاضلا في النصف الاخر بأن جعل لأحدهما أزيد من الاخر مع تساويهما في رأس المال أو تساويا فيه بأن كانت حصة كل منهما مساوية لحصة الاخر مع تفاضلهما في رأس المال فالظاهر بطلان المضاربة اذا لم تكن الزيادة في مقابل عمل (1) نعم لو كان المقصود من ذلك النقص علي حصة العامل بمعني ان احدهما قد جعل للعامل في العمل بماله أقلّ مما جعله الاخر مثلا جعل احدهما له ثلث ربح حصته و جعل الاخر له ثلثي ربح حصته صحت المضاربة (2).

[مسألة 22: تبطل المضاربة بموت كل من المالك و العامل]

(مسألة 22): تبطل المضاربة بموت كل من المالك و العامل

______________________________

تردد و يقتضيه اطلاق الأدلة» انتهي كلامه و مراده من الأدلة ان كان العمومات فقد مر أنها لا تشمل المقام و ان كان المراد النصوص الواردة في المقام فالانصاف انه لا يبعد أن يستفاد منها الاطلاق و ان ابيت عن الاطلاق فلا أقل من أن العرف يفهم عدم الفرق بين الموارد و يستفيد عموم الحكم و اللّه العالم.

(1) الذي يختلج ببالي القاصر في وجه عدم الجواز ان الشركة في المال تقتضي الشركة في الربح بالنسبة فالشرط المذكور مخالف للمقرر الشرعي الا أن تكون الزيادة في مقابل عمل فلا يكون منافيا للشركة لكن مقتضي هذا التقريب بطلان هذا الشرط و أما العقد فلا وجه لبطلانه لأنه ثبت في محله ان الشرط الفاسد لا يفسد العقد.

(2) اذ لا وجه للفساد فان اختيار مقدار الحصة للعامل بيد المالك.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 544

أما علي الاول فلفرض انتقال المال الي وارثه بعد موته فابقاء المال بيد العامل يحتاج الي مضاربة جديدة و

أما علي الثاني فلفرض اختصاص الاذن به (1).

[مسألة 23: لا يجوز للعامل أن يوكل وكيلا في عمله أو يستأجر شخصا إلا بإذن المالك]

(مسألة 23): لا يجوز للعامل أن يوكل وكيلا في عمله أو يستأجر شخصا الا باذن المالك كما لا يجوز أن يضارب غيره الا باذنه فلو فعل ذلك بدون اذنه و تلف ضمن (2) نعم لا باس بالاستئجار أو التوكيل في بعض المقدمات علي ما هو المتعارف في الخارج المنصرف اليه الاطلاق (3).

[مسألة 24: يجوز لكل من المالك و العامل أن يشترط علي الآخر في ضمن عقد المضاربة مالا أو عملا]

(مسألة 24): يجوز لكل من المالك و العامل أن يشترط علي الاخر في ضمن عقد المضاربة مالا أو عملا كخياطة ثوب أو نحوها أو ايقاع بيع أو صلح أو وكالة أو قرض أو نحو ذلك (4) و يجب الوفاء بهذا الشرط (5) سواء تحقق الربح بينهما أم لم يتحقق و سواء، أ كان

______________________________

(1) الأمر كما أفاده فان وجه البطلان كما قرره فلاحظ.

(2) كما هو ظاهر فان التصرف في مال الغير لا يجوز بغير اذنه فليس له أن يتصرف في مال المالك لا التصرف الخارجي و لا التصرف الاعتباري و مع هذا الفرض لو تصرف يكون ضامنا لقاعدة اليد.

(3) اذ المفروض شمول الاذن له فيجوز.

(4) فان المقتضي للاشتراط موجود و المانع مفقود فيصح الشرط بمقتضي دليل جوازه.

(5) بمقتضي دليل وجوب الوفاء به.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 545

عدم تحقق الربح من جهة مانع خارجي أم من جهة ترك العامل العمل بالتجارة (1).

[مسألة 25: مقتضي عقد المضاربة ملكية العامل لحصته من حين ظهور الربح]

(مسألة 25): مقتضي عقد المضاربة ملكية العامل لحصته من حين ظهور الربح و لا تتوقف علي الانضاض أو القسمة (2).

______________________________

(1) فان الشرط نافذ و لا وجه للتفريق بين الموارد و ما ذكر من الامور، لا وجه لأن يكون مانعا بعد اطلاق الدليل و عدم ما يصلح أن يكون مانعا فلاحظ.

(2) عن المسالك انه لا يكاد يتحقق فيه مخالف و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه محمد بن قيس (ميسر) قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام رجل دفع الي رجل الف درهم مضاربة فاشتري أباه و هو لا يعلم، فقال يقوم فاذا زاد درهما واحدا اعتق و استسعي في مال الرجل «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان العامل يملك الربح بمجرد الظهور اذ لولاه لم

يكن وجه للانعتاق فوجه الانعتاق صيرورة العامل مالكا بمقدار حصته و هذا هو المدعي. مضافا الي أن مقتضي عقد المضاربة كون الربح بينهما و المفروض تحققه فيكون بينهما و لأن الربح مملوك بلا اشكال و لا يكون بتمامه ملكا للمالك فيكون مقدار منه مملوكا للعامل و لإطلاق النصوص الدالة علي أن الربح بينهما و المفروض تحققه فيكون مملوكا لهما بالاشتراك.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 8، ص: 545

و عن الجواهر الاشكال في القول المشهور بأن الربح غير موجود خارجي بل امر و همي و ليس قابلا لأن يملك و أجاب عن هذا الاشكال سيد المستمسك قدس سره بقوله: «ان المراد من الربح في باب المضاربة الذي يشترك فيه المالك و العامل الحصة من العين الزائدة علي مقدار رأس المال مالية لا الربح اللغوي

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من احكام المضاربة.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 546

______________________________

و العرفي كما يقوله في الجواهر كي يتوجه عليه ما ذكره من الاشكال» انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في علو مقامه.

و الذي يختلج ببالي القاصر ان يقال انه ما المانع من الالتزام بالشركة في المالية نظير ارث الزوجة من البناء و نظير شركة الفقير في المال الزكوي علي ما هو المعروف عندهم فلا يلزم أن تكون الحصة من العين مملوكة كي يقال انه لا دليل علي الاشتراك في العين و اشتراك الربح لا يستلزم الاشتراك في العين.

و صفوة القول انه لا نري مانعا من كون المقام داخلا في الشركة في المالية و لا يتوجه اشكال صاحب الجواهر قدس سره بأن الربح موهوم فانه كيف يكون

موهوما و الحال انه يبذل لأجله الثمن و يصدق زيادة المالية و يتعلق به الخمس هذا من ناحية و من ناحية اخري ان الملكية امر اعتباري لا يلزم تعلقه بموجود خارجي و يؤيد ما ذكرنا ما أفاده السيد اليزدي قدس سره في عروته في مسئلة (34) من كتاب المضاربة و كون القيمة امرا وهميا ممنوع هذا ما يخطر ببالي مع اعترافي بقصوري و قلة بضاعتي و اللّه المستعان.

لكن الذي يستفاد من كلام الأصحاب في هذا المقام ان العامل يملك حصة من العين بالنسبة قال السيد اليزدي قدس سره في العروة في مسئلة (34) من احكام المضاربة: ادعي الاتفاق علي عدم كون مقدار حصة العامل من الربح للمالك الخ.

و قال السيد الاصفهاني قدس سره في الوسيلة في مسئلة (27) من كتاب المضاربة: «الظاهر صيرورة العامل شريكا مع المالك في نفس العين الموجودة بالنسبة فيصح له مطالبة القسمة و له التصرف في حصته من البيع و الصلح».

و قال سيدي الوالد قدس سره في الذخيرة في مسئلة (31) من كتاب المضاربة يملك العامل حصته من الربح الي أن قال: و صحة تصرفاته فيه بالبيع الخ.

فالمتحصل من كلام الأصحاب في المقام اشتراك العامل مع المالك في نفس

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 547

نعم لو عرض بعد ذلك خسران أو تلف يجبر به الي أن تستقر ملكية العامل (1) و هل يكفي في الاستقرار قسمة تمام الربح بينهما فحسب من دون فسخ المضاربة أو لا يكفي؟ وجهان الظاهر هو الاول (2) و عليه

______________________________

العين الخارجية لا في الربح بالمعني العرفي اللغوي و هذا القول اي تحقق ملكية العامل بظهور الربح هو المشهور بين الأصحاب و في قبال هذا القول اقوال اخر منها

أن العامل لا يملك الا بالانضاض بدعوي ان قبله لا وجود للربح كي يملك و قد ظهر الجواب عن هذا التقريب بما ذكرنا و الذي يشهد لفساد هذه الدعوي ان المالك ليس له الفسخ و الاستقلال بالعين و أيضا يكون للعامل حق المطالبة بالقسمة فلاحظ.

و منها: أن يصير ملكا بالقسمة و استدل لهذا القول علي ما قيل: بأنه لو ملك قبل القسمة يلزم أن يكون النقصان الحادث بعد ذلك شايعا في المال كسائر الأموال المشتركة و أيضا لازمه اختصاص العامل بربح ما ملكه و يذب الاشكال بأن ملكه قبل القسمة متزلزل فلا يستقر الا ببقاء المال سالما و أيضا مقتضي جعل مقدار من الربح و تعينه مانع عن الزائد عليه.

مضافا الي أن الاشكال متوجه علي القول بكون الحصة من العين مملوكة للعامل و أما علي القول بالشركة في المالية فلا لكنه قد مر ان المتسالم عليه عندهم اشتراكه في نفس العين بالنسبة.

و منها: ان القسمة كاشفة عن الملك السابق و ربما يستدل عليه بأن القسمة بنفسها لا تكون مملكة فتكون كاشفة عن الملك و هذا القول لا ينافي القول المشهور و كيف كان الحق ما ذهب اليه المشهور.

(1) كما هو مقتضي عقد المضاربة اذ الربح انما يقسم بعد اخراج المئونة و تدارك الخسارة و ان شئت قلت: ان الربح وقاية لرأس المال فلاحظ.

(2) يظهر من كلام الجواهر: انه تتصور في المقام صور:

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 548

فلا يكون التلف بعد القسمة محسوبا من الربح (1).

______________________________

الصورة الأولي: أن ينضم الي الظهور الانضاض مع الفسخ و القسمة قال قدس سره: «لا ريب في الاستقرار حينئذ ضرورة انتهاء العقد بجميع توابعه مع تراضيهما بذلك». و الأمر كما افاده

فان المفروض انتهاء امر المضاربة بتمام معني الكلمة و ان شئت قلت: لا كلام عندهم في الاستقرار في هذا الفرض.

الصورة الثانية: الصورة بحالها مع عدم القسمة و يمكن أن يقال- كما عن جملة من الأساطين-: انه يستقر الملك في هذه الصورة بتقريب ان رأس المال ناض و العقد مرتفع بالفسخ و لا مجال لاستصحاب بقاء حكم المضاربة اذ فيه مضافا الي أن المفروض انتفاء الموضوع معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد و الانصاف ان هذا القول وجيه.

الصورة الثالثة: أن يفسخ العقد بلا أن ينض المال فان حصلت القسمة يستقر اذ المفروض انقطاع حكم القراض بالفسخ.

الصورة الرابعة: أن تحصل القسمة فقط قال في الجواهر: «و لا ريب في عدم مدخليته في الاستقرار» الي آخر كلامه.

اذا عرفت ما تقدم نقول لا يبعد أن يقال ان الموجب للاستقرار هو الفسخ فانه بالفسخ يرتفع العقد و ينتهي امد المعاملة فلا مجال لترتيب احكامها فكل من المالك و العامل يختص بحصته و يستقر ملك العامل فالخسران المتأخر عن الفسخ لا يتوجه اليه و اللّه العالم بحقايق الامور.

(1) بل التلف بعد الفسخ لا يتوجه الي العامل كما تقدم لكن مع عدم القسمة لا بد من الالتزام بالاشاعة و مع فرض الاشاعة يتوجه الضرر الي كليهما بمقتضي الاشاعة فلاحظ و صفوة القول: انه مع الاشاعة لا بد من الالتزام باشتراك الضرر

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 549

[مسألة 26: إذا ظهر الربح و تحقق في الخارج فطلب أحدهما قسمته]

(مسألة 26): اذا ظهر الربح و تحقق في الخارج فطلب احدهما قسمته فان رضي الاخر فلا مانع منها (1) و ان لم يرض فان كان هو المالك فليس للعامل اجباره عليها (2) و ان كان هو العامل فالظاهر ان للمالك اجباره عليها (3) و ان اقتسماه ثم

عرض الخسران فان حصل بعده ربح جبر به اذا كان بمقداره او اكثر و أما اذا كان الاقل منه وجب علي العامل رد أقلّ الامرين من مقدار الخسران و ما اخذه من

______________________________

أيضا.

(1) كما هو ظاهر اذ مع توافقهما علي القسمة لا مجال لعدم صحتها.

(2) استدل علي المدعي بلزوم الضرر لاحتمال الخسران بعد ذلك. و اورد عليه بأن احتمال الضرر باحتمال الخسران غير مطرد مع انه لا يمنع عن القسمة و انما يمنع عن وجوب تمكين العامل من حصته مضافا الي امكان تدارك الضرر المحتمل بأخذ الكفيل و يضاف الي ذلك كله ان احتمال الضرر المالي غير منفي و غير مأخوذ موضوعا للأحكام و انما المأخوذ الضرر النفسي و يمكن أن يقال في وجه عدم الاجبار ان العقد باق بحاله و لم يفسخ فلا مقتضي لالتزام المالك بالقسمة و بعبارة اخري ما دام العقد باقيا لا وجه للالتزام بالتقسيم.

(3) قال السيد اليزدي في عروته: «قيل و ان لم يرض العامل فكذلك أيضا لأنه لو حصل الخسران وجب عليه رد ما أخذه و لعله لا يقدر بعد ذلك عليه لفواته في يده و هو ضرر عليه. و فيه ان هذا لا يعد ضررا فالأقوي انه يجبر اذا طلب المالك» انتهي.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بالتقريب المتقدم و هو ان العقد باق فلا وجه للإجبار و طريق الاحتياط ظاهر.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 550

الربح (1) و كذلك الحال فيما اذا باع العامل حصته من الربح أو وهبها أو نحو ذلك ثم طرأت الخسارة علي مال المضاربة غاية الامران علي العامل في هذه الصورة دفع أقلّ الامرين من قيمة ما باعه أو وهبه و مقدار الخسران (2) و لا

يكشف الخسران اللاحق عن بطلان البيع أو الهبة أو نحوهما بل هو في حكم التلف (3).

[مسألة 27: لا فرق في جبر الخسارة بالربح بين الربح السابق و اللاحق ما دام عقد المضاربة باقيا]

(مسألة 27): لا فرق في جبر الخسارة بالربح بين الربح السابق و اللاحق ما دام عقد المضاربة باقيا (4) بل الاظهر الجبر و ان كانت الخسارة قبل الشروع في التجارة كما اذا سرق في اثناء سفر التجارة قبل الشروع فيها أو في البلد قبل الشروع في السفر هذا في تلف

______________________________

(1) بتقريب ان حكمه متزلزل فلا بد من جبران الخسارة به و لا يبعد ان ما افاده في المقام يناقض ما تقدم منه في الفرع السابق حيث حكم بأن التلف بعد القسمة لا يكون محسوبا من الربح.

(2) بعين التقريب.

(3) لأن المفروض ان التصرف وقع من المالك في ملكه فلا وجه لفساده.

غاية الأمر يكون حكمه حكم تلف الربح فالعامل ضامن لذلك المقدار و بعبارة واضحة ان ملك العامل يتحقق حين ظهور الربح و الخسران المتأخر لا يكشف عن عدمه غاية الأمر اذا تحقق الخسران يرجع و يخرج عن ملكه فالمراد من التزلزل و عدم الاستقرار عوده بعد ثبوته لا عدم تحققه أصلا هذا فيما يكون باقيا و أما لو تلف بالبيع و نحوه يكون العامل ضامنا للبدل.

(4) كما هو مقتضي عقد المضاربة فان بنائه علي جبران الخسارات بالأرباح و الشركة في الربح بعد التصفية.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 551

البعض (1) و أما لو تلف الجميع قبل الشروع في التجارة فالظاهر انه موجب لبطلان المضاربة هذا في التلف السماوي (2) و أما اذا أتلفه العامل أو الاجنبي فالمضاربة لا تبطل اذا ادي المتلف بدل التالف (3).

[مسألة 28: فسخ عقد المضاربة او انفساخه تارة يكون قبل الشروع في العمل و اخري بعده و قبل ظهور الربح]

(مسألة 28): فسخ عقد المضاربة او انفساخه تارة يكون قبل الشروع في العمل و اخري بعده و قبل ظهور الربح و علي كلا التقديرين لا شي ء للمالك و لا عليه و كذا

العامل من دون فرق بين أن يكون الفسخ من العامل أو المالك (4) نعم لو كان الفسخ من العامل بعد السفر باذن المالك و صرف مقدار من رأس المال في نفقته فالاحتياط في هذه الصورة لا يترك (5) و اذا كان الفسخ أو الانفساخ بعد حصول الربح

______________________________

(1) اذ المفروض تحقق عقد المضاربة فلا فرق في الخسارة المجبورة بالربح بين القبل و البعد.

(2) اذ مع التلف السماوي لا موضوع للعقد فيبطل بنفسه و هذا ظاهر.

(3) اذ بدل التالف يقوم مقامه بقانون بدلية البدل و فيه تأمل الا أن يشمله عقد المضاربة.

(4) لعدم المقتضي.

(5) لا اشكال في حسن الاحتياط و لكن مقتضي الصناعة انه ليس علي العامل شي ء فان مقتضي قانون المضاربة أن يكون المصارف علي المالك و من ناحية اخري ان العامل له الفسخ كما ان للمالك نعم اذا كان العامل قاصدا للفسخ من اول الأمر و ان اقدامه بالمعاقدة لأجل السفر و بذل نفقة السفر من كيس المالك فيمكن أن يقال بأن شمول اطلاق الدليل اياه مشكل.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 552

فان رضي كل من المالك و العامل بالقسمة فلا كلام (1) و ان لم يرض احدهما اجبر عليها (2).

[مسألة 29: إذا كانت في مال المضاربة ديون فهل يجب علي العامل أخذها بعد الفسخ أو الانفساخ أو لا؟]

(مسألة 29): اذا كانت في مال المضاربة ديون فهل يجب علي العامل اخذها بعد الفسخ أو الانفساخ اولا؟ وجهان و الوجوب ان لم يكن اقوي فهو احوط (3) نعم لا يجب علي العامل بعده الا التخلية بين المالك و بين ماله و أما الايصال اليه فلا يحب الا اذا أرسله الي بلد آخر فعندئذ الاظهر وجوب الرد الي بلده (4).

[مسألة 30: إذا اختلف المالك و العامل في مقدار رأس المال الذي أعطاه للعامل]

(مسألة 30): اذا اختلف المالك و العامل في مقدار رأس المال الذي أعطاه للعامل بأن يدعي المالك الزيادة و انكرها العامل

______________________________

(1) كما هو ظاهر.

(2) اذ المفروض تحقق الشركة فلكل منهما افراز حقه و لا حق للاخر أن يمنع فيجبر و اللّه العالم.

(3) مقتضي القاعدة الاولية عدم الوجوب بعد فرض فسخ العقد و انتهاء المعاملة و لكن اذا دلت القرائن علي اذن المالك بالإدانة مشروطا بالاستيفاء و بعبارة اخري لو دلت القرائن علي لزوم جباية الديون بعد الفسخ يجب عليه و هذا يختلف بحسب اختلاف الموارد.

(4) الظاهر ان هذه الامور ليس لها ميزان منضبط فكل امر متعارف و متداول في المعاملات الواقعة بين العقلاء و العرف لا بد من رعايته و في غيره يكون الأمر تابعا للقرائن الشخصية فلو لم يكن متعارف في الخارج و لم يكن دليل خاص علي امر يكون مقتضي القاعدة عدم وجوب أمر علي العامل بعد الفسخ فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 553

قدم قول العامل مع يمينه اذا لم تكن للمالك بينة عليها و لا فرق في ذلك بين كون رأس المال موجودا أو تالفا مع ضمان العامل و اذا اختلفا في مقدار نصيب العامل بأن يدعي المالك الاقل و العامل يدعي الاكثر فالقول قول المالك (1).

[مسألة 31: إذا ادعي المالك علي العامل الخيانة و التفريط فالقول قول العامل]

(مسألة 31): اذا ادعي المالك علي العامل الخيانة و التفريط فالقول قول العامل (2) نعم لو ادعي المالك علي العامل انه شرط عليه بأن لا يشتري الجنس الفلاني أو لا يبيع من فلان أو نحو ذلك و العامل ينكره فالقول قول المالك فان الشك يرجع الي أن المالك هل اذن فيما يدعيه العامل أم لا فالاصل عدمه (3).

______________________________

(1) ما أفاده ظاهر واضح فان البينة علي

المدعي و اليمين علي من انكر، و بمقتضي هذه القاعدة يكون قول العامل في القسم الأول من الدعوي موافقا مع الأصل و البينة علي المالك كما ان قول المالك في القسم الثاني موافقا مع الأصل فالبينة علي العامل فلاحظ.

(2) فان قول المالك المدعي للخيانة مخالف للأصل فلا بد له من اقامة البينة.

(3) الذي يختلج ببالي القاصر انه لا بد من التفصيل بأن نقول كل عمل صادر من العامل اذا كان محتاجا الي اذن خاص من المالك فاذا ادعي العامل الاذن و المالك انكره يكون قول المالك موافقا مع الأصل و البينة علي العامل و أما كل فعل صادر من العامل يكون جائزا علي طبق عقد المضاربة و عدم جوازه يشترط فيه بمنع من المالك فادعي المالك المنع و يكون العامل منكرا تكون البينة علي المالك لكون قوله مخالفا مع الأصل و اليمين علي العامل الا أن يقال ان مرجع نزاع العامل

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 554

[مسألة 32: لو ادعي العامل التلف و انكره المالك قدم قول العامل]

(مسألة 32): لو ادعي العامل التلف و انكره المالك قدم قول العامل و كذا الحال اذا ادعي الخسارة (1) أو عدم الربح أو عدم حصول المطالبات مع فرض كونه مأذونا في معاملات النسيئة (2) و لا فرق في سماع قول العامل في هذه الفروض بين أن يكون الدعوي قبل فسخ المضاربة او بعده (3) بل الاظهر سماع قوله حتي فيما اذا ادعي بعد الفسخ التلف بعده (4).

[مسألة 33: إذا مات العامل و كان عنده مال المضاربة]

(مسألة 33): اذا مات العامل و كان عنده مال المضاربة فان كان

______________________________

و المالك في مثله الي دعوي العامل أمرا ينكره المالك فتكون البينة علي العامل اللهم الا أن يكون قوله موافقا للظاهر المعتبر فلاحظ.

(1) عن الجواهر: بلا اشكال و لا خلاف و يمكن الاستدلال ببعض النصوص لاحظ ما رواه مسعدة بن صدقه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس لك أن تأتمن من خانك و لا تتهم من ائتمنت «1». و ما رواه مسعدة بن زياد عن جعفر بن محمد عن ابيه عليه السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ليس لك أن تتهم من قد ائتمنته و لا تأتمن الخائن و قد جربته 2 فان المستفاد من الحديثين انه لا يجوز اتهام الأمين.

(2) لما تقدم مضافا الي أن قوله موافق مع اصالة العدم.

(3) اذ المفروض انه امين و ليس علي الأمين الا اليمين.

(4) بتقريب ان العرف يفهم من ادلة عدم ضمان الأمين انه لا مجال لاتهامه بالخيانة و القول قوله بيمينه و لا يبعد أن نقول بتمامية التقريب المذكور و اللّه العالم.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 4 من احكام الوديعة الحديث: 9 و 10

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 555

معلوما بعينه فلا كلام

(1) و ان علم بوجوده في التركة من غير تعيين فيأخذ المالك مقدار ماله منها (2) و لا يكون المالك شريكا مع الورثة بالنسبة علي الاظهر الاقوي (3).

[مسألة 34: إذا كان رأس المال مشتركا بين شخصين فضاربا واحدا ثم فسخ أحد الشريكين دون الآخر]

(مسألة 34): اذا كان رأس المال مشتركا بين شخصين فضاربا واحدا ثم فسخ احد الشريكين دون الاخر فالظاهر بقاء عقد المضاربة بالاضافة الي حصة الاخر (4).

______________________________

(1) كما هو واضح ظاهر.

(2) لم يعلم وجهه مع عدم تميزه و لا يبعد أن يكون المورد من موارد جريان القرعة فانها لكل أمر مشكل.

(3) لعدم ما يقتضي الشركة فان مجرد الاختلاط الخارجي مع تميز البعض عن البعض الاخر لا يقتضي الشركة و النص الوارد في المقام ضعيف سندا و هو ما رواه السكوني عن جعفر عن ابيه عن آبائه عن علي عليهم السلام انه كان يقول:

من يموت و عنده مال مضاربة قال: ان سماه بعينه قبل موته فقال هذا لفلان فهو له و ان مات و لم يذكر فهو اسوة الغرماء «1».

(4) اذ لا وجه لانفساخ الاخر و بعبارة اخري المفروض تحقق المضاربة مع كل منهما فلكل واحد حكمه لكن يشكل الجزم به فان المفروض عقد واحد و مضاربة واحدة فكيف يمكن انفساخ بعضه و بقاء الاخر و بتعبير واضح ان العقد واحد علي الفرض فكيف يمكن الالتزام بانفساخه و بقائه بل يشكل فسخ احدهما دون الاخر مع فرض كون العقد واحدا اذ العقد الواحد له خيار واحد و الا يلزم جواز الأخذ بخيار المجلس بالنسبة الي بعض المبيع و هل يمكن الالتزام به، نعم اذا كان كل

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من المضاربة

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 556

[مسألة 35: إذا أخذ العامل مال المضاربة و أبقاه عنده و لم يتجر به إلي مدة قليلة أو كثيرة]

(مسألة 35): اذا اخذ العامل مال المضاربة و أبقاه عنده و لم يتجربه الي مدة قليلة أو كثيرة لم يستحق المالك عليه غير أصل المال و ان كان عاصيا في تعطيل مال الغير (1).

[مسألة 36: إذا اشترط العامل علي المالك في عقد المضاربة عدم كون الربح جابرا للخسران المتقدم علي الربح أو المتأخر عنه]

(مسألة 36): اذا اشترط العامل علي المالك في عقد المضاربة عدم كون الربح جابرا للخسران المتقدم علي الربح أو المتأخر عنه فالظاهر الصحة (2).

______________________________

واحد منهما ضارب واحدا لا علي نحو الاشتراك فلا مانع من الالتزام بما افيد في المتن لأن العقد متعدد و يترتب علي كل واحد حكمه فلاحظ.

(1) لعدم موجب للضمان و مجرد العصيان و المخالفة لا يوجب الضمان كما هو ظاهر.

(2) الذي يختلج ببالي القاصر أنّ هذا الشرط لا يصح لأنه خلاف المقرر الشرعي فان المستفاد من الدليل ان المضاربة تقتضي شرعا أن يكون الربح بين المالك و العامل و يكون الخسران علي المال لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن مال المضاربة، قال: الربح بينهما و الوضيعة علي المال «1»

فان المستفاد من هذا الحديث ان الخسران وارد علي المال و لكن الربح بينهما و بعبارة اخري المستفاد من الرواية ان الخسران الوارد علي المال لا يجبر بشي ء لا من مال المالك و لا من مال العامل و لا يخرج بازائه شي ء من كيس المتعاملين و أما الربح الحاصل فيدخل في كيسهما.

مضافا الي ما أفاده سيد المستمسك قدس سره في هذا المقام بقوله: هذا من

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من احكام المضاربة الحديث 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 557

اشارة

كتاب الوديعة و هي من العقود الجائزة (1) و مفادها الائتمان في الحفظ (2).

[مسألة 1: يجب حفظ العين]

(مسألة 1): يجب حفظ العين (3).

______________________________

الأحكام المسلمة بينهم و في المسالك انه محل وفاق و يقتضيه ما عرفت من ان الربح المجعول للعامل ما زاد علي تدارك النقص المالي الحادث من خسران أو تلف» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و في المراجعة الأخيرة لم نعثر علي كلامه و كيف كان الاشتراط المذكور خلاف الحكم الشرعي فيكون باطلا و الحمد للّه اولا و آخرا و ظاهرا و باطنا و الصلاة و السلام علي محمد و آله الطاهرين المعصومين و السلام علينا و علي عباد اللّه الصالحين و رحمة اللّه و بركاته.

(1) بلا اشكال و لا خلاف بل الاجماع بقسميه عليه و هو الحجة في تخصيص الاية و غيرها من ادلة اللزوم هكذا في الجواهر.

(2) فهي الامانة بالمعني الأخص.

(3) يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الاول: الاجماع بل لا يبعد أن يقال وجوب حفظ الامانة من الأحكام القطعية فلا مجال للنقاش في الاجماع من حيث احتمال كونه مدركيا. الثاني: انه من مقتضيات العقد فان مرجع عقد الوديعة الي الاستنابة في الحفظ.

الثالث: الآيات: منها قوله تعالي: إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا «1».

______________________________

(1) النساء/ 58

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 558

______________________________

و منها قوله تعالي فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمٰانَتَهُ «1».

و الروايات: منها ما رواه أبو كهمس عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: عبد اللّه بن أبي يعفور يقرأك السلام، قال: و عليك و عليه السلام، اذا أتيت عبد اللّه فأقرئه السلام و قل له ان جعفر بن محمد يقول لك: انظر ما بلغ به علي

عند رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فالزمه، فان عليا عليه السلام انما بلغ ما بلغ به عند رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بصدق الحديث و أداء الأمانة «2».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تغتروا بكثرة صلاتهم و لا بصيامهم فان الرجل ربما لهج بالصلاة و الصوم حتي لو تركه استوحش و لكن اختبروهم عند صدق الحديث و اداء الأمانة «3».

و منها: مرفوعة أبي طالب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا تنظروا الي طول ركوع الرجل و سجوده فان ذلك شي ء اعتاده فلو تركه استوحش لذلك و لكن انظروا الي صدق حديثه و اداء امانته «4».

و منها: ما رواه سدير عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال ابو ذر: سمعت رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يقول: حافتا الصراط يوم القيمة الرحم و الأمانة، فاذا مر الوصول للرحم المؤدي للأمانة نفذ الي الجنة، و اذا مر الخائن للأمانة القطوع للرحم لم ينفعه معهما عمل، و تكفأ به الصراط في النار «5».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن سيابة عن ابي عبد اللّه عليه السلام (في حديث)

______________________________

(1) البقرة/ 283

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب أحكام الوديعة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 559

______________________________

قال: ألا اوصيك؟ قلت: بلي، قال: عليك بصدق الحديث و أداء الأمانة تشرك الناس في اموالهم هكذا، و جمع بين اصابعه قال: فحفظت ذلك عنه فزكيت ثلاثمائة الف درهم «1».

و منها: ما رواه ابن أبي العلاء عن الصادق عليه السلام قال: احب العباد الي اللّه عز و

جل رجل صدوق في حديثه محافظ علي صلاته و ما افترض اللّه عليه مع اداء الامانة، ثم قال: من اؤتمن علي امانة فأداها فقد حل الف عقدة من عنقه من عقد النار، فباد روا باداء الامانة فان من اؤتمن علي امانة و كل به ابليس مأئة شيطان من مردة اعوانه ليضلوه، و يوسوسوا اليه حتي يهلكوه الا من عصمه اللّه «2».

و منها: ما رواه ابراهيم بن محمد الهمداني عن محمد بن علي الجواد عليهما السلام عن ابيه عن آبائه عن علي عليه السلام قال: لا تنظروا الي كثرة صلاتهم و صومهم و كثرة الحج و المعروف و طنطنتهم بالليل، انظروا الي صدق الحديث و اداء الامانة «3».

و منها: ما رواه أبو ولاد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان ابي يقول: اربع من كن فيه كمل ايمانه و لو كان ما بين قرنه الي قدمه ذنوبا لم ينقصه ذلك قال:

هي الصدق و اداء الامانة و الحياء و حسن الخلق «4».

و منها: ما رواه موسي بن بكر عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: اهل الارض بخير ما يخافون و ادوا الامانة و عملوا بالحق «5» الي غيرها من الروايات لاحظ

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) نفس المصدر الحديث: 9

(5) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 560

بمجري العادة (1) و اذا عين المالك محرزا تعين (2) فلو خالف ضمن (3) إلا مع الخوف اذا لم ينص المالك علي الخوف (4) و الا ضمن حتي مع الخوف (5) و كذا يضمن لو تصرف فيها تصرفا منافيا للاستئمان و موجبا

______________________________

النصوص الدالة علي المدعي في الباب الثاني، من أبواب أحكام

الوديعة من الوسائل فان الآيات و الروايات المشار اليها تدل علي وجوب حفظ الامانة بتقريب انه لو لم يكن الحفظ واجبا لم يكن الرد كذلك.

الرابع ما يدل علي الضمان مع التفريط لاحظ مكاتبة محمد بن الحسن قال كتبت الي أبي محمد عليه السلام رجل دفع الي رجل وديعة و امره أن يضعها في منزله او لم يأمره «يه» فوضعها في منزل جاره فضاعت هل يجب عليه اذا خالف امره و اخرجها عن ملكه؟ فوقع عليه السلام هو ضامن لها إن شاء اللّه «1» بتقريب انه لو لا وجوب الحفظ لم يكن وجه للضمان.

(1) كالثوب في الصندوق و الشاة في المراح و الدابة في الاصطبل الي غيرها اذ لا حد له شرعا فالمرجع هو العرف كما هو ظاهر.

(2) لحرمة التصرف في مال الغير بغير اذنه.

(3) لأنه عاد بالمخالفة فلا تكون يده يد امانة بل يد عدوان.

(4) بتقريب ان الودعي في هذا الفرض مأذون في التصرف و محسن و ما علي المحسنين من سبيل و لا يبعد أن يقال انه لا مقتضي للضمان في هذه الصورة و بتعبير آخر القصور في المقتضي.

(5) اذ مع نص المالك لا مجال للودعي التصرف في المال و يصدق انه متعد و ربما يقال كما يشاهد في كلماتهم انه يجوز له النقل مع الخوف و لو مع نهي

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب أحكام الوديعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 561

لصدق الخيانة كما اذا خلطها بماله بحيث لا تتميز أو اودعه كيسا مختوما ففتح ختمه او اودعه طعاما فاكل بعضه او دراهم فاستقرض بعضها (1) و اذا اودعه كيسين فتصرف في احدهما ضمنه دون الاخر (2) و اذا كان التصرف لا

يوجب صدق الخيانة كما اذا كتب علي الكيس بيتا من الشعر او نقش عليه نقشا او نحو ذلك فانه لا يوجب ضمان الوديعة و ان كان التصرف حراما لكونه غير مأذون فيه (3).

[مسألة 2: يجب علي الودعي علف الدابة و سقيها و يرجع به علي المالك]

(مسألة 2): يجب علي الودعي علف الدابة و سقيها و يرجع به علي المالك (4).

______________________________

المالك لأنه يجب عليه حفظ المال و للنهي عن اضاعة المال فيجب النقل كي يحفظ و ما افيد لا يرجع الي محصل صحيح اذ لا دليل علي وجوب الحفظ بالنسبة الي الاجنبي و النهي عن الاضاعة متوجه الي المالك فالحق ما أفاده في المتن و اللّه العالم.

(1) كما هو ظاهر لخروج اليد عن كونها امانية و النتيجة هو الضمان فلاحظ.

(2) لعدم سراية حكم احدهما الي الاخر فيترتب علي كل كيس حكمه كما هو المقرر.

(3) كما هو ظاهر لعدم ما يقتضي الضمان و لا تنافي بين تحقق الإثم بالتصرف غير المجاز و عدم الضمان.

(4) تارة يأمر المالك بذلك و اخري ينهي عنه و ثالثة يكون ساكتا عن هذه الجهة.

أما في الصورة الاولي فيجب عليه علف الدابة و سقيها لأن حفظ الحيوان يتوقف عليهما فيجب علي الودعي فان شأن الودعي حفظ المال عن التلف و المفروض ان العلف و السقي من مقدماته فيجب من باب وجوب مقدمة الواجب. و ملخص الكلام

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 562

[مسألة 3: إذا فرط الودعي ضمن]

(مسألة 3): اذا فرط الودعي ضمن (1).

______________________________

انه لا اشكال عندهم في الوجوب و أما رجوعه الي المالك فلأن المالك استوفي المنفعة بالأمر و بناء المعاملة علي الضمان لا المجانية.

و أما الصورة الثانية: فلا يجب عليه الحفظ علي الاطلاق اذ المفروض ان المالك ينهي عن التصرف فيه بهذا النحو و احترام المال لا يقتضي الوجوب و لذا لا يجب التقاط الحيوان و بعبارة اخري لا دليل علي حفظ مال الغير و عليه ليس الرجوع الي المالك في هذه الصورة لو علفها او سقاها.

و أما الصورة الثالثة: فان كان

في الواقع و نفس الامر تدخل تحت الصورة الاولي يلحقها حكمها و ان كانت داخلة تحت الصورة الثانية يلحقها حكمها كذلك اذ لا يخلو الامر في الواقع عن احد القسمين و ان لم يكن الواقع معلوما و محرزا فمقتضي الاصل عدم طيب نفس المالك بالعلف و السقي فلا يجوز لكن هل يمكن الالتزام به؟ الحق انه في غاية الاشكال و لا يبعد ان السيرة العقلائية في امثال المقام الحفظ بمقدماته ثم الرجوع الي المالك.

و يؤيد المدعي بل يدل عليه ما رواه أبو ولاد فان السائل يسئل الامام عليه السلام عن علف الدابة و ضمانه قال عليه السلام «ليس لك علفه عليه لأنك غاصب» فيفهم من أن الميزان في الضمان و عدمه صدق عنوان الغصب و عدمه فانه مع عدم صدق الغصب يتحقق الضمان بالتعليف و أما مع صدق عنوان الغصب فلا فلاحظ.

(1) فان الضمان يتوقف علي صدق الخيانة و التقصير و عليه الاجماع بقسميه علي ما يظهر من الجواهر و يستفاد من بعض النصوص ان المدار في عدم الضمان صدق عنوان الايتمان لاحظ ما رواه ابن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يستبضع المال فيهلك أو يسرق أعلي صاحبه ضمان؟ فقال: ليس عليه غرم

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 563

و لا يزول الضمان الا بالرد الي المالك (1) او الابراء منه (2).

[مسألة 4: يجب علي الودعي أن يحلف للظالم]

(مسألة 4): يجب علي الودعي أن يحلف للظالم (3).

______________________________

بعد أن يكون الرجل امينا «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان الميزان في عدم الضمان صدق عنوان الامين و من الظاهر عدم صدق هذا العنوان مع الخيانة مضافا الي أنه مع فرض التفريط تخرج اليد عن عنوان الامانة و تعنون بعنوان يد

العنوان و يد العدوان تقتضي الضمان بلا اشكال و لا كلام.

(1) وقع الكلام بين القوم في أنه لو زال عنوان الخيانة و اعاد عنوان الوديعة بعد التفريط أو التعدي بأن لبس الثوب ثم نزعه و وضعه في الحرز هل تبرأ ذمته أم لا؟ قال في الجواهر «لا تبرأ للأصل و غيره». و الظاهر ان المراد بالاصل استصحاب الضمان و قد حقق في الاصول عدم اعتبار الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي و كونه معارضا باصالة عدم الجعل الزائد.

و الذي يختلج بالبال أن يقال ان تم اجماع تعبدي كاشف عن الحكم فهو و الا فيشكل الجزم بالمدعي بل يقتضي القاعدة عدم الضمان بعد زوال العنوان و بعبارة اخري يظهر من الاصحاب ان عقد الوديعة بحالها و انه لا ينفسخ بالتفريط فعليه لا وجه للضمان بل مقتضي ادلة عدم ضمان الامين عدم ضمانه.

(2) الذمة قبل التلف غير مشغولة فلا مجال للإبراء الا أن يقال: الاجماع قائم علي عدم الضمان في صورة الابراء أو يقال ان مقتضي القاعدة عدم الضمان و انما خرجنا عن تحت القاعدة للإجماع الا في صورة الابراء و حيث لا اجماع فلا ضمان فلاحظ.

(3) اذ الحفظ يتوقف علي الحلف كاذبا و المفروض جوازه عند الضرورة

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من احكام المضاربة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 564

______________________________

فيجب بوجوب مقدمة الواجب و استدل علي المدعي بجملة من النصوص:

منها: ما رواه أبو الصباح قال: و اللّه لقد قال لي جعفر بن محمد عليه السلام ان اللّه علم نبيه التنزيل و التأويل فعلمه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عليا عليه السلام قال: و علمنا و اللّه ثم قال: ما صنعتم من شي ء أو حلفتم من

يمين في تقية فانتم منه في سعة «1».

و منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: نمر بالمال علي العشار فيطلبون منا أن نحلف لهم و يخلون سبيلنا و لا يرضون منا الا بذلك، قال:

فاحلف لهم فهو أحل «احلي خ ل» من التمر و الزبد «2».

و منها: ما رواه زرارة قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السلام: التقية في كل ضرورة و صاحبها أعلم بها حين تنزل به «3».

و منها: ما رواه الحلبي انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يحلف لصاحب العشور يحرز «يجوز خ ل» بذلك ماله قال: نعم «4».

و منها: مرسلة الصدوق قال: و قال الصادق عليه السلام اليمين علي وجهين «الي أن قال: فأما الذي يؤجر عليها الرجل اذا حلف كاذبا و لم تلزمه الكفارة فهو أن يحلف الرجل في خلاص امرئ مسلم أو خلاص ماله من متعد يتعدي عليه من لص أو غيره الحديث «5».

و منها: ما رواه سعد الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في حديث

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب الايمان الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 8

(5) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 565

و يوري ان امكن (1) و لو اقر له ضمن (2).

[مسألة 5: يجب رد الوديعة الي المودع أو وارثه بعد موته و إن كان كافرا]

(مسألة 5): يجب رد الوديعة الي المودع أو وارثه بعد موته (3) و ان كان كافرا (4).

______________________________

قال: سألته عن رجل أحلفه السلطان بالطلاق أو غير ذلك فحلف، قال: لا جناح عليه و عن رجل يخاف علي ماله من السلطان فيحلفه لينجو به منه، قال: لا جناح عليه و سألته هل يحلف الرجل علي مال اخيه كما يحلف علي

ماله؟ قال:

نعم «1».

(1) لا يبعد أن يستفاد جواز الكذب و لو مع امكان التوريه لاحظ ما رواه الاشعري «2» فان مقتضي اطلاق الحديث جواز الحلف كاذبا و لو مع امكان التورية و طريق الاحتياط ظاهر.

(2) و به صرح الاصحاب كما في الحدائق و الوجه فيه صدق التفريط الموجب للضمان.

(3) في اول اوقات الامكان بلا خلاف بل الاجماع بقسميه عليه مضافا الي ما دل من الكتاب و السنة علي الامر باداء الامانة الي اهلها و الي عدم جواز وضع اليد علي مال الغبر بغير اذنه و الفرض عدمه هنا- هكذا في الجواهر- و صفوة القول انه لا اشكال في الحكم المذكور.

(4) ان تم اجماع تعبدي كاشف عن الحكم فهو و الا فاتمام المدعي بالنصوص الواردة في المقام مشكل فمن تلك النصوص ما رواه الحسين بن مصعب «مصعد خ ل» الهمداني قال: سمعت أبا عبد اللّه يقول: ثلاث «ثلاثة خ ل» لا عذر لأحد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 566

______________________________

فيها: أداء الامانة الي البر و الفاجر، و الوفاء بالعهد للبر و الفاجر، و بر الوالدين برين كانا أو فاجرين «1».

و منها: ما رواه عمر بن أبي حفص قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول اتقوا اللّه و عليكم بأداء الامانة الي من ائتمنكم، فلو أن قاتل علي ائتمنني علي أمانة «أداء الامانة، يب» لأديتها اليه «2».

و منها: ما رواه أبو شبل قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام ابتداء منه:

احببتمونا و ابغضنا الناس «الي أن قال:» فاتقوا اللّه فانكم في هدنة و ادوا الأمانة فاذا تميز الناس ذهب كل قوم بهواهم، و ذهبتم بالحق ما أطعتمونا «الي أن قال:

«فاتقوا اللّه

و ادوا الأمانة الي الأسود و الابيض، و ان كان حروريا، و ان كان شاميا «3».

و منها: ما رواه عبد اللّه القرشي: (في حديث) ان رجلا قال لأبي عبد اللّه عليه السلام: الناصب يحل لي اغتياله؟ قال: أد الأمانة الي من ائتمنك و أراد منك النصيحة و لو الي قاتل الحسين عليه السلام «4».

و منها: ما رواه الحسين الشباني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

رجل من مواليك يستحل مال بني امية و دماءهم و انه وقع لهم عنده وديعة، فقال أدوا الامانة الي اهلها، و ان كانوا مجوسا، فان ذلك لا يكون حتي قام قائمنا فيحل و يحرم «5».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب أحكام الوديعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 567

______________________________

عليه السلام أدوا الامانة «نات خ ل» و لو الي قاتل ولد الأنبياء «1».

و منها: ما رواه ابو العلاء عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: ان اللّه عز و جل لم يبعث نبيا الا بصدق الحديث و أداء الامانة الي البر و الفاجر «2».

و منها: ما رواه عمار بن مروان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام في وصيته له: اعلم ان ضارب علي عليه السلام بالسيف و قاتله لو ائتمنني و استنصحني و استشارني ثم قبلت ذلك منه لأديت اليه الامانة «3».

و منها: ما رواه محمد بن القاسم قال: سألت أبا الحسن يعني موسي عليه السلام عن رجل استودع رجلا مالا له قيمة و الرجل الذي

عليه المال رجل من العرب يقدر علي أن لا يعطيه شيئا و لا يقدر له علي شي ء، و الرجل الذي استودعه خبيث خارجي، فلم ادع شيئا. فقال لي: قل له: يرد عليه فانه ائتمنه عليه بأمانة اللّه، قلت: فرجل اشتري من امرأة من العباسيين بعض قطائعهم فكتب عليها كتابا انها قد قبضت المال و لم تقبضه، فيعطيها المال أم يمنعها؟ قال: ليمنعها اشد المنع فانها باعته ما لم تملك «4».

و منها: ما رواه الحلبي قال: استودعني رجل من موالي آل مروان الف دينار فغاب فلم أدر ما أصنع بالدنانير فأتيت أبا عبد اللّه عليه السلام فذكرت ذلك له، و قلت له: أنت أحق بها، فقال: لا ان أبي كان يقول: انما نحن فيهم بمنزلة هدنة نؤدي امانتهم و نرد ضالتهم و نقيم الشهادة لهم و عليهم، فاذا تفرقت الاهواء لم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 8

(4) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 568

______________________________

يسع أحد المقام «1».

و منها: ما رواه الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما السلام (في حديث) في الامانة يشتمل علي النص علي الائمة الاثني عشر عليهم السلام الي أن قال: دينهم

الورع و الصدق و الصلاح و الاجتهاد و اداء الامانة الي البر و الفاجر و طول السجود و قيام الليل و اجتناب المحارم و انتظار الفرج بالصبر و حسن الصحبة و حسن الجوار «2».

و منها: ما رواه الحسين بن مصعب قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: أدوا الامانة و لو الي قاتل الحسين بن علي عليهما السلام «3».

و منها: ما رواه أبو حمزة الثمالي قال: سمعت سيد العابدين علي بن الحسين بن

علي أبي طالب عليهم السلام يقول لشيعته: عليكم باداء الامانة فو الذي بعث محمدا بالحق نبيا لو أن قاتل أبي الحسين بن علي عليهما السلام ائتمنني علي السيف الذي قتله به لأديته اليه «4».

و منها: ما في الخصال باسناده عن علي عليه السلام في حديث أربعمائة قال أدوا الفريضة و الامانة الي من ائتمنكم و لو الي قتلة اولاد الانبياء عليهم السلام «5» و منها: ما رواه السكوني عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ليس منا من أخلف بالامانة قال: و قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 12

(4) نفس المصدر الحديث: 13

(5) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 569

______________________________

اداء الأمانة تجلب الرزق و الخيانة تجلب الفقر «1».

و منها: ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عن النبي صلي اللّه عليه و آله في حديث المناهي أنه نهي عن الخيانة، و قال: من خان أمانة في الدنيا و لم يردها الي اهلها ثم ادركه الموت مات علي غير ملتي، و يلقي اللّه و هو عليه غضبان و من اشتري خيانة و هو يعلم فهو كالذي خانها «2».

و منها: ما رواه الحسين خالد عن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال: قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من كان مسلما فلا يمكر و لا يخدع، فاني سمعت جبرئيل يقول: ان المكر و الخديعة في النار ثم قال: ليس منا من غش مسلما و ليس منا من خان مؤمنا «3».

و منها: ما رواه موسي بن القاسم رفعه الي علي بن

أبي طالب عليه السلام قال: اربعة لا تدخل واحدة منهن بيتا إلا خرب و لم يعمر بالبركة: الخيانة، و السرقة و شرب الخمر، و الزنا «4».

و منها: ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: و من خان امانة في الدنيا و لم يردها علي اهلها مات علي غير دين الإسلام و لقي اللّه و هو عليه غضبان فيؤمر به الي النار فيهوي به في شفير جهنم ابد الآبدين، و من اشتري خيانة و هو يعلم انها خيانة فهو كمن خانها في عارها و اثمها و من اشتري سرقة و هو يعلم أنها سرقة فهو كمن سرقها في عارها و اثمها «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الوديعة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 570

______________________________

و منها: ما رواه معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا و بين قومنا، و فيما بيننا و بين خلطائنا من الناس؟ قال:

فقال: تؤدون الامانة اليهم و تقيمون الشهادة لهم و عليهم و تعودون مرضاهم و تشهدون جنائزهم «1».

و منها: ما رواه زيد الشحام قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام اقرء علي من تري أنه يطيعني منهم و يأخذ بقولي السلام، و أوصيكم بتقوي اللّه عز و جل و الورع في دينكم و الاجتهاد للّه و صدق الحديث و اداء الامانة و طول السجود و حسن الجوار فبهذا جاء محمد صلي اللّه عليه و آله و ادوا الامانة الي من ائتمنكم عليها برا أو فاجرا فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و

آله كان يأمر بأداء الخيط و المخيط صلوا عشائركم و اشهدوا جنائزهم و عودوا مرضاهم و أدوا حقوقهم، فان الرجل منكم اذا ورع في دينه و صدق الحديث و أدي الامانة و حسن خلقه مع الناس قيل هذا جعفري، فيسرني ذلك و يدخل علي منه السرور، و قيل هذا أدب جعفر و اذا كان علي غير ذلك دخل علي بلاؤه و عاره، و قيل هذا أدب جعفر، و اللّه لحدثني أبي عليه السلام ان الرجل كان يكون في القبيلة من شيعة علي عليه السلام فيكون زينها أداهم للأمانة و اقضاهم للحقوق و اصدقهم للحديث اليه وصاياهم و ودائعهم، تسأل العشيرة عنه فتقول من مثل فلان انه ادانا للأمانة و اصدقنا للحديث «2».

و منها: ما رواه معاوية بن وهب قال: قلت له كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا و بين قومنا و بين خلطائنا من الناس ممن ليسوا علي امرنا؟ فقال تنظرون الي أئمتكم الذين تقتدون بهم فتصنعون ما يصنعون، فو اللّه انهم ليعودون مرضاهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب أحكام العشرة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 571

الا اذا كان المودع غاصبا فلا يجوز ردها اليه بل يجب ردها الي

______________________________

و يشهدون جنائزهم و يقيمون الشهادة لهم و عليهم و يؤدون الامانة اليهم «1».

و منها: ما رواه كثير بن علقمة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اوصني فقال اوصيك بتقوي اللّه و الورع و العبادة و طول السجود و اداء الامانة و صدق الحديث و حسن الجوار فبهذا جاءنا محمد صلي اللّه عليه و آله صلوا في عشائركم و عودوا مرضاكم و اشهدوا جنائزكم و كونوا لنا زينا و لا

تكونوا علينا شينا، حببونا الي الناس و لا تبغضونا اليهم فجروا إلينا كل مودة و ادفعوا عنا كل شر «2».

و منها: ما رواه أبو أسامة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: عليكم بتقوي اللّه و الورع و الاجتهاد و صدق الحديث و اداء الامانة و حسن الخلق و حسن الجوار و كونوا لنا زينا و لا تكونوا علينا شينا «3».

فان جملة من هذه النصوص ضعيفة سندا و جملة منها لا تشمل الكافر و الظاهر انه ليس في هذه الروايات ما يدل علي حرمة الخيانة في امانة الكافر نعم جملة من هذه النصوص تدل لكن لا اعتبار باسناده. ان قلت يكفي لإثبات المدعي قوله تعالي حيث يدل بعمومه علي وجوب رد كل امانة الي اهلها فلا قصور في المقتضي.

قلت: الامر و ان كان كذلك لكن عموم الاية لا يقتضي وجوب الرد حتي بالنسبة الي الحربي اذ لو قلنا بجواز تملك مال الكافر الحربي تخرج الوديعة بالتملك عن عنوان الامانة و يتعنون بعنوان آخر فعليه لا يبعد أن يفصل في هذا الحكم بين الحربي و غيره بجواز التملك في الاول و عدمه في الثاني فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 572

مالكها (1) فان ردها الي المودع ضمن (2) و لو جهل المالك عرف بها فان لم يعرفه تصدق بها عنه (3) فان وجد و لم يرض بذلك فالاظهر عدم الضمان (4) و لو اجبره الغاصب علي اخذها منه لم يضمن (5) و اذا أودعه الكافر الحربي فالاحوط انه تحرم عليه الخيانة و لم يصح له التملك للمال و لا بيعه (6).

[مسألة 6: إذا اختلف المالك و الودعي في التفريط]

(مسألة 6): اذا

اختلف المالك و الودعي في التفريط و قيمة

______________________________

(1) اذ لا يجوز دفع مال الغير الي الغاصب بل يجب أن يعمل علي طبق الوظيفة المقررة الشرعية و مقتضاها ردها الي مالكها.

(2) اذ دفع المال الي الغاصب من مصاديق العدوان فيوجب الضمان.

(3) قد تعرض الماتن لحكم مجهول المالك في (مسئلة 39) من المكاسب المحرمة و قد تكلمنا هناك مفصلا و بينا ما وصل اليه فهمنا القاصر فراجع ما ذكرناه هناك.

(4) فانه علي تقدير وجوب التصدق لا يكون وجه للضمان اذ علي هذا التقدير يكون التصدق به باذن مالك الملوك فلا مجال للضمان.

(5) لا يبعد أن يكون الوجه في عدم الضمان عدم المقتضي له فان المفروض عدم كون الودعي مقصرا و المفروض انه لا يجب عليه الحفظ مع الاجبار و قاعدة علي اليد بنفسها لا دليل عليها كي يقال: ان مقتضاها الضمان فان المفروض ان التوديع من قبل الغاصب فان حديث علي اليد ضعيف سندا فمجرد وضع اليد علي مال الغير لا يقتضي الضمان و المفروض ان بناء عقد الوديعة علي عدم الضمان و بعبارة واضحة انه لا مقتضي للضمان في مورد الكلام.

(6) الحكم مبني علي الاحتياط كما بناه عليه في المتن و الا فلا يبعد أن يكون

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 573

العين كان القول قول الودعي مع يمينه (1) و كذلك اذا اختلفا في التلف (2) ان لم يكن الودعي متهما (3) و اذا اختلفا في الرد فالاظهر ان القول قول

______________________________

مقتضي الصناعة جواز التصرف و تملكها و اللّه العالم.

(1) اما قبول قوله في عدم التفريط فلأنه امين و ليس عليه الا اليمين مضافا الي أن مقتضي الأصل عدم الخيانة و بدونها لا مقتضي للضمان و أما قبول

قوله في القيمة فلأن عدم الزيادة موافق للأصل و بعبارة اخري يكون الودعي منكرا للأكثر و اليمين علي من انكر.

(2) و الوجه فيه ان ضمان الودعي في صورة التلف يتوقف علي خيانته في الامانة و الاصل عدمها و بعبارة اخري الشك في الضمان ينشأ من الشك في الخيانة و الأصل عدمها فقول الودعي موافق للأصل و هذا هو المشهور.

و أما حديث مسعدة بن صدقة عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال ليس لك أن تتهم من ائتمنته، و لا تأتمن الخائن و قد جربته «1»، الدال علي عدم جواز اتهام المؤتمن فهو ضعيف سندا كما ان مرسل المقنع قال: سئل الصادق عليه السلام:

عن المودع اذا كان غير ثقة هل يقبل قوله؟ قال: نعم و لا يمين عليه «2» لا اعتبار به.

و أما حديث مسعدة بن زياد عن جعفر بن محمد عن ابيه عليهما السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ليس لك ان تتهم من قد ائتمتته و لا تأتمن الخائن و قد جربته «3» فلا بأس به سندا.

(3) لم يظهر لي وجه التقييد فان الميزان في ثبوت الضمان تحقق الخيانة و مع

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب أحكام الوديعة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب أحكام الوديعة الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 574

المالك مع يمينه (1) و كذلك اذا اختلفا في أنها دين أو وديعة مع التلف (2)

[مسألة 7: لا يصح إيداع الصبي و المجنون]

(مسألة 7): لا يصح إيداع الصبي و المجنون (3) فان لم يكن

______________________________

الشك يحكم بعدم تحققها. و يمكن أن يكون الماتن ناظرا الي النصوص الدالة علي الضمان في صورة الاتهام.

منها: ما رواه جعفر بن عثمان قال: حمل

أبي متاعا الي الشام مع جمال فذكر ان حملا منه ضاع فذكرت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السلام فقال: أ تتهمه؟

قلت: لا قال: فلا تضمنه «1» و مثله غيره الوارد في الباب المشار اليه من الوسائل.

و تدل علي الضمان علي نحو الاطلاق جملة اخري من النصوص منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن رجل جمال استكري منه ابلا «م بل» و بعث معه بزيت الي ارض فزعم ان بعض زقاق الزيت انخرق فاهراق ما فيه فقال: ان شاء اخذ الزيت و قال: انه انخرق و لكنه لا يصدق الا ببينة عادلة «2» و مثله غيره المذكور في الباب المشار اليه من الوسائل و بمقتضي قانون تقييد المطلق تقيد النصوص المطلقة بما قيد بقيد الاتهام فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر فان المالك منكر و القول قوله مع يمينه.

(2) لاحظ ما رواه ابن عمار قال: سألت ابا الحسن عليه السلام عن رجل استودع رجلا الف درهم فضاعت، فقال الرجل: كانت عندي وديعة، و قال الاخر:

كانت لي عليك قرضا، فقال: المال لازم له الا ان يقيم البينة أنها كانت وديعة «3».

(3) الوديعة امانة عند الودعي و يجب عليه حفظها و حيث ان الصبي و المجنون

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من ابواب أحكام الاجارة الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب الوديعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 575

مميزا لم يضمن الوديعة حتي اذا تلف (1).

______________________________

ليس عليهما تكليف و لا يجب عليهما الحفظ لا يصح ايداعهما، و ان شئت قلت لا يترتب علي ايداعهما الاثر المترقب في الوديعة.

(1) بتقريب ان غير المميز لا قصد له فلا يوجب الضمان، و فيه ان

لازم ما ذكر ان النائم لو أتلف مال الغير لا يكون ضامنا و هل يمكن الالتزام به؟ الا ان يقال انه لو دار الامر بين استناد التلف الي المباشر او السبب يستند الي السبب اذا كان اقوي من المباشر و المقام كذلك. و بعبارة اخري: الميزان في الضمان صدق الاتلاف و أما تسليط المالك فهو للحفظ لا للإتلاف غاية ما في الباب عرض ماله للتلف لعدم قابلية غير المميز للحفظ و هذا المقدار لا يقتضي أن لا يكون اتلافه موجبا للضمان نعم لو تلف من ناحية التفريط في الحفظ لا يكون ضامنا اذ لا يجب عليه الحفظ فالنتيجة التفصيل بين التلف و الاتلاف بعدم الضمان في الاول و الضمان في الثاني.

هذا بحسب ما هو المقرر عندهم و لنا في هذا المقام كلام و هو ان مقتضي حديث عمار عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة قال: اذا اتي عليه ثلاث عشرة سنة، فان احتلم قبل ذلك فقد وجب عليه الصلاة و جري عليه القلم، و الجارية مثل ذلك ان اتي لها ثلاث عشرة سنة او حاضت قبل ذلك فقد وجب عليها الصلاة و جري عليها القلم «1»، ان القلم لا يجري علي غير البالغ و مقتضي اطلاق الحديث عدم الفرق بين التكليف و الوضع و عليه لا يضمن الصبي بموجبات الضمان.

ان قلت: رفع القلم حكم امتناني و رفعه في المقام لا يكون امتنانيا بالنسبة الي من تلف ماله قلت: علي فرض تسليم كون الرفع امتنانيا يلزم أن يكون امتنانا

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 576

و كذلك المجنون (1) و اذا

كان الصبي مميزا ضمن بالاتلاف (2) و لا يضمن بمجرد القبض (3) و لا سيما اذا كان باذن الولي (4) و في ضمانه بالتفريط و الاهمال اشكال و الاظهر الضمان (5).

______________________________

بالنسبة الي من يرتفع عنه القلم لا بالنسبة الي غيره فالنتيجة ان مقتضي الحديث باطلاقه عدم تحقق الضمان بالنسبة الي غير البالغ.

(1) لا دليل بالنسبة الي المجنون كي يلتزم بعدم ضمانه فعليه لا بد من العمل علي طبق القاعدة فلا يبعد أن يفصل فيه بين الاتلاف و التلف.

(2) اذ الاتلاف يوجب الضمان و الظاهر ان التفريق بين المميز و غيره من باب كون السبب اقوي من المباشر و بعبارة اخري اذا كان المتلف صبيا غير مميز او مجنونا لا يستند الاتلاف اليه بل يستند الي المودع و قد تقدم التفصيل و التفريق بين الصبي و المجنون.

(3) اذ لا مقتضي للضمان حتي فيما يكون الودعي مكلفا فكيف بالمقام و بعبارة اخري بناء الوديعة علي عدم الضمان و قاعدة علي اليد بنفسها و علي الاطلاق غير تامة.

(4) لم يظهر لي وجه الخصوصية اذ المفروض بطلان ايداع الصبي فاي أثر لإذن الولي.

(5) بتقريب انه يصدق علي تفريطه و اهماله الخيانة و الخيانة في مال الغير يقتضي الضمان و المفروض تمييز الصبي فيصدق عليه انه خان و فرط و الحكم الوضعي لا يفرق فيه بين البالغ و غير البالغ فلاحظ هذا علي مسلك القوم و أما علي ما سلكناه فقد ظهر ان الحق عدم الضمان بالنسبة اليه. و الحمد للّه اولا و آخرا و ظاهرا و باطنا.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 577

[كتاب الوديعة]

[كتاب العارية]

اشارة

كتاب العارية و هي التسليط علي العين للانتفاع بها مجانا (1).

[مسألة 1: كل عين مملوكة يصح الانتفاع بها مع بقائها تصح إعارتها]

(مسألة 1): كل عين مملوكة يصح الانتفاع بها مع بقائها تصح اعارتها (2) و تجوز اعارة ما تملك منفعته و ان لم تملك عينه (3).

[مسألة 2): ينتفع المستعير علي العادة الجارية]

(مسألة 2): ينتفع المستعير علي العادة الجارية (4) و لا يجوز له التعدي عن ذلك (5) فان تعدي ضمن (6) و لا يضمن مع عدمه (7) الا أن يشترط

______________________________

(1) العارية من العقود قال في الجواهر: «فقد ذكر المصنف في تعريفها انها عقد ثمرته التبرع بالمنفعة».

(2) بلا اشكال و لا كلام اذ فائدة العارية الانتفاع بالعين فاذا كانت العين مملوكة و قابلة للانتفاع بها تصح عاريتها للانتفاء بها.

(3) اذ قوام العارية بالانتفاع بمنفعة العين فاذا كانت الانتفاع بها جائزا تجوز اعارة تلك العين باعتبار الانتفاع بها فلا فرق بين العين القابلة للتملك و غيرها.

(4) فانه يجوز له الانتفاع علي حسب العادة بلا اشكال لأن العارية لأجل الانتفاع.

(5) لعدم جواز التصرف في مال الغير بدون اذنه و المفروض ان تصرفه عدواني و غير مشمول لإذن المالك فيحرم.

(6) اذ المفروض انه بالتصرف غير المأذون فيه خان و الخائن ضامن للمال.

(7) بلا خلاف و لا اشكال كما يستفاد من كلمات القوم بل ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ان العين امانة مالكية في يد المستعير و ليس علي الامين الا اليمين و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي عن ابي عبد اللّه

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 578

عليه الضمان (1) أو تكون العين من الذهب او الفضة (2) و ان لم يكونا مسكوكين (3).

______________________________

عليه السلام قال: اذا هلكت العارية عند المستعير لم يضمنه الا أن يكون اشترط عليه «1».

و أما حديث وهب عن جعفر عن ابيه عليهما السلام ان عليا

عليه السلام كان يقول: من استعار عبدا مملوكا لقوم فعيب فهو ضامن، و قال: من استعار حرا صغيرا فعيب فهو ضامن «2»، الدال علي الضمان فعلي تقدير تمامية سنده لا بد من حمله علي بعض المحامل كما حمله في الوسائل اذ الحكم مورد التسالم و الاتفاق عند الاصحاب، قال في الحدائق: «و اما ما رواه الشيخ عن وهب عن جعفر عليه السلام عن أبيه ان عليا عليه السلام كان يقول من استعار عبدا مملوكا لقوم فعيب فهو ضامن فلا يخفي ما في حال راويه من الضعف فلا يبلغ قوتا في معارضة ما ذكرناه من الاخبار الخ «3».

(1) كما نص به في حديث الحلبي.

(2) لاحظ ما رواه زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: العارية مضمونة؟

فقال: جميع ما استعرته فتوي فلا يلزمك تواه الا الذهب و الفضة فانهما يلزمان الا ان تشترط عليه انه متي توي لم يلزمك تواه و كذلك جميع ما استعرت فاشترط عليك لزمك، و الذهب و الفضة لازم لك و ان لم يشترط عليك «4».

(3) فان مقتضي حديث زرارة المتقدم ذكره آنفا عدم الفرق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب العارية الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) الحدائق: ج- 21 ص: 505

(4) الوسائل الباب 3 من أبواب العارية الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 579

علي اشكال ضعيف (1) و لو اشترط عدم الضمان فيهما صح (2).

[مسألة 3: إذا نقصت العين المستعارة بالاستعمال الماذون]

(مسألة 3): اذا نقصت العين المستعارة بالاستعمال الماذون

______________________________

(1) ما يمكن أن يقال في هذا المقام أو قيل ان طائفة من نصوص المقام تدل علي استثناء الدينار و الدرهم لاحظ حديث ابن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا تضمن العارية الا أن يكون قد

اشترط فيه ضمان الا الدنانير فانها مضمونة و ان لم يشترط فيها ضمانا «1» و حديث عبد الملك بن عمرو عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس علي صاحب العارية ضمان الا أن يشترط صاحبها الا الدراهم فانها مضمونة اشترط صاحبها او لم يشترط «2».

و طائفة اخري تدل علي استثناء مطلق الذهب و الفضة لاحظ ما رواه زرارة «3» و طائفة ثالثة تدل علي عدم ضمان العارية مطلقا لاحظ ما رواه الحلبي «4» و مقتضي تخصيص المطلق بالمقيد تقييد الطائفة الثالثة بالاولي فاذا تم انقلاب النسبة تكون نسبة الطائفة الثالثة بعد التقييد بالطائفة الاولي مع الطائفة الثانية نسبة العموم من وجه فيقع التعارض بين الجانبين لكن قد بنينا في محله علي عدم تمامية الانقلاب فلا تعارض بل مقتضي القاعدة تخصيص الطائفة الثالثة بالثانية و الطائفة الاولي و تكون النتيجة ما افاده في المتن من الحكم بعدم الضمان في مطلق الذهب و الفضة و الماتن يري تمامية قانون الانقلاب و اللّه العالم.

(2) لاحظ ما رواه زرارة «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب العارية الحديث 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 578

(4) لاحظ ص: 577

(5) لاحظ ص: 578

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 580

فيه لم تضمن (1) و اذا استعار من الغاصب ضمن (2) فان كان جاهلا رجع علي المعير بما اخذ منه اذا كان قد غره (3).

[مسألة 4: إذا أذن له في انتفاع خاص لم يجز التعدي عنه إلي غيره و إن كان معتادا]

(مسألة 4): اذا اذن له في انتفاع خاص لم يجز التعدي عنه الي غيره و ان كان معتادا (4).

[مسألة 5: تصح الإعارة للرهن و للمالك المطالبة بالفك بعد المدة]

(مسألة 5): تصح الاعارة للرهن (5) و للمالك المطالبة بالفك بعد المدة (6).

______________________________

(1) اذ فرض عدم الضمان في العارية الا مع الخيانة و المفروض عدمها فلا وجه للضمان.

(2) لقاعدة اليد مضافا الي خصوص حديث اسحاق بن عمار عن ابي عبد اللّه عليه السلام: قال اذ استعيرت عارية بغير اذن صاحبها فهلكت فالمستعير ضامن «1».

(3) لقاعدة الغرور فلاحظ.

(4) كما هو ظاهر فان الاختيار بيد المالك فلا يجوز التجاوز عن مقدار اذنه.

(5) قال في الجواهر في شرح قول المحقق- و اذا رهن مال غيره باذنه-: «صح بلا خلاف فيه بيننا بل الاجماع بقسميه عليه عندنا بل و غيرنا» الخ. «2» و جوازها علي القاعدة فان الانسان يجوز أن يتصرف في ماله بأي نحو اراد و لا تنافي بين جواز العارية و لزوم الرهن اذ هذا اللزوم بالعارض و بعبارة اخري جعل العين وثيقة للدين الذي هو عبارة عن الرهن من الفوائد المترتبة عليها فيجوز اعارتها بهذا الاعتبار و بعد جعل المستعير العين وثيقة تلزم العارية.

(6) اذ المفروض انقضاء الأجل و زمان العارية بهذا المقدار فله أن يطالب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب العارية الحديث: 1

(2) الجواهر ج 25 ص 231

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 581

بل قيل له المطالبة قبلها أيضا (1) و لا يبطل الرهن (2) و اذا لم يفك الرهن جاز بيع العين في وفاء الدين (3) و حينئذ يضمن المستعير العين بما بيعت به (4) الا ان تباع باقل من قيمة المثل (5) و في ضمان الراهن العين لو تلفت بغير الفك اشكال (6) و الظاهر

عدم الضمان الا مع اشتراطه (7).

______________________________

(1) لكن هذا القول خلاف المشهور بل عن ثاني الشهيدين قدس سره ان لزومها اجماعي فليس له المطالبة.

(2) اذ لا دليل علي بطلانه.

(3) فان صحة الرهن تستلزم جواز بيع العين و الا يلزم الخلف.

(4) اذ ليست العارية للرهن مبنية علي المجانية و بعبارة اخري اقدم المستعير علي الضمان و استفاد من العين فاذا بيعت فقد خرجت من ملك بايعها فيكون المستعير ضامنا للعين بما بيعت.

(5) فلا بد من تدارك الباقي.

(6) اذ لا وجه للضمان مع فرض ان العارية غير مضمونة الا بالتعدي.

(7) كما مر و قلنا لا تضمن الا مع الشرط فلاحظ و الحمد للّه اولا و آخرا.

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 582

تنبيه الغافل و اعلام الجاهل

لا يخفي علي العارف بالصناعة ان ديدن الاصحاب جار علي ترجيح احد المتعارضين من الخبرين علي معارضه في الرتبة الاولي بموافقة الكتاب و في الرتبة الثانية بمخالفة القوم و الظاهر ان المدرك الوحيد الذي تخيل اعتباره حديث عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: قال الصادق عليه السلام: اذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما علي كتاب اللّه فما وافق كتاب اللّه فخذوه و ما خالف كتاب اللّه فردوه فان لم تجدوهما في كتاب اللّه فاعرضوهما علي أخبار العامة فما وافق أخبارهم فزروه و ما خالف أخبارهم فخذوه «1».

و عبر سيدنا الاستاد عن الحديث المزبور بالصحيحة «2» و الحال ان احد رجال الحديث ابو البركات الجوزي. و قال سيدنا الاستاد في ج 11 من رجاله ص 375: «قال الشيخ الحرفي تذكرة المتبحرين: الشيخ أبو البركات علي بن الحسين الجوزي الحلي عالم صالح محدث يروي عن أبي جعفر بن بابويه» و هذا مدرك توثيق الرجل و سيدنا الاستاد لا

يعتبر توثيق المتأخرين الا أن يقال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب صفات القاضي الحديث: 29

(2) مصباح الاصول ج 3 ص: 415

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 583

ما الفرق بين المتقدمين و المتأخرين فان كان الفصل الزماني يضر بالتوثيق فتوثيق المتقدمين مع الفصل الزماني لا يفيد و ان لم يكن مضرا فتوثيق المتأخرين أيضا معتبر و لا وجه للتفصيل لكن يشكل الاعتماد علي توثيق الشيخ الحر من ناحية اخري أيضا و هو انا نري ان ديدن اهل الرجال انهم يصرحون بالوثاقة بالنسبة الي من يثبت عندهم انه ثقة و لإثبات هذه الدعوي نذكر عدة موارد:

منهم المفيد قدس سره فان العلامة و الشيخ و النجاشي صرحوا بكونه ثقة و منهم الطوسي فان العلامة و النجاشي صرحا بوثاقته و منهم الكليني فان العلامة و الشيخ و النجاشي صرحوا بوثاقته و منهم زرارة فقد صرح العلامة و الشيخ و النجاشي بوثاقته و منهم الشيخ علي بن عبد الصمد قال منتجب الدين في حقه: «دين ثقة» و منهم قطب الدين ابن هبة اللّه قال منتجب الدين في حقه: «فقيه عين صالح ثقة» و منهم علي بن عبد العالي قال الشيخ الحر في ترجمة: «كان فاضلا عاملا متبحرا محققا مدققا جامعا كاملا ثقة زاهدا عابدا ورعا جليل القدر عظيم الشأن فريدا في عصره» فنري ان جميعهم يصرحون بالوثاقة بالنسبة الي موارد تراجمهم فعلي هذا الاساس كيف نكتفي بأن يقال: «فلان صالح أو دين» فان الشيخ الحر قدس سره كما ذكرنا يفرق بالنسبة الي الموارد فبالنسبة الي أبي البركات يقول: «صالح» و لا يقول:

ثقة و أما بالنسبة الي علي بن عبد العالي يصرح بوثاقته مع تصريحه بكونه ورعا مع انه لا يبعد ان

الشهادة بالورع أقوي من الشهادة بالصلاح.

ان قلت: اذا لم يكن الشخص ثقة كيف يمكن أن يقال في حقه انه صالح؟

قلت: الذي يختلج بالبال في هذه العجالة انه لو نري صلاح الشخص في جملة من الامور و لم نطلع علي جميع اموره بنحو الكمال يصح أن يقال: انه صالح و هذا أمر متعارف بين الناس و لكن لا يدل هذا الكلام و أمثاله علي أنه صالح بتمام

مباني منهاج الصالحين، ج 8، ص: 584

معني الكلمة و الا يلزم أن تكون الشهادة بالصلاح أو الديانة كأن يقال: فلان صالح أو دين شهادة بعدالته و هو كما تري فعليه لا يستفاد من الشهادة بالصلاح كون الشخص ثقة و لا أقلّ من عدم امكان الجزم.

فالنتيجة: عدم ثبوت وثاقة أبي البركات فيسقط الحديث عن الاعتبار مضافا الي تصريح الشيخ الحر قدس سره في الفائدة الثانية عشرة من فوائده في ج 20 من الوسائل بقوله: الا تري انا نرجع الي وجداننا فنجد عندنا جزما بثقة كثير من رواتنا و علمائنا الذين لم يوثقهم احد لما بلغنا من آثارهم المفيدة للعلم بثقتهم و توثيق بعض الثقات الاجلاء من جملة القرائن المفيدة لذلك» الخ فيعلم ان الشيخ الحر ليس توثيقه مبنيا علي التوثيق بل أعم لكن هذا الذي أفاده أمر علي طبق القاعدة الاولية فان الطرق الحسية للوصول الي المطلوب كثيرة فلاحظ.

أضف الي ذلك كله ان الشيخ الحر قدس سره قال في الفائده الثانية عشرة من الفوائد التي ذكرها في المجلد العشرين من الوسائل: «و انما نذكر هنا من يستفاد من وجوده في السند» الخ فانه قد صرح ان نص احد علي مدحه و جلالته و ان لم يوثق دليل علي كونه معتمدا عنده و

هذا هي عبارته «و منها: من نصوا علي مدحه و جلالته و ان لم يوثقوه مع كونه من اصحابنا و الحال ان المدح اعم من.

التوثيق فمن الممكن ان شهادته بالصلاح في حق احد ناشية من التصريح بمدحه فالنتيجة انه لا يمكن الاعتماد في وثاقة الراوي بمقالة الحر قدس سره فلاحظ و علي هذا الاساس لا يبقي مجال للترجيح بالموافقة مع الكتاب و لا بالمخالفة مع العامة فيبقي للترجيح كون احد المتعارضين أحدث من الاخر فانا بنينا في بحث التعادل و الترجيح علي كون الاحدثية من المرجّحات و تفصيل الكلام موكول الي ذلك الباب.

الجزء التاسع

[كتاب اللقطة]

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

كتاب اللقطة

و هي المال الضائع الذي لا بد لأحد عليه المجهول مالكه.

[مسألة 1: الضائع إما إنسان أو حيوان أو غيرهما من الأموال]

(مسألة 1): الضائع اما انسان أو حيوان أو غيرهما من الاموال:

و الاول يسمي لقيطا و الثاني يسمي ضالة و الثالث يسمي لقطة بالمعني الاخص.

[مسألة 2: لقيط دار الإسلام محكوم بحريته]

(مسألة 2): لقيط دار الإسلام محكوم بحريته (1).

______________________________

(1) قال في الجواهر: «الملقوط في دار الإسلام يحكم باسلامه و لو ملكها اهل الكفر اذا كان فيها مسلم نظرا الي الاحتمال و ان بعد تغليبا لحكم الإسلام الذي يعلو و لا يعلي عليه» «1».

الكلام يقع تارة في أنه محكوم بالاسلام أم لا؟ و اخري في أنه يجوز استرقاقه أو لا يجوز و يحكم بحرمته أما الكلام من الناحية الاولي فنقول: يشكل الحكم بكونه مسلما بمجرد الاحتمال فان هذا الحكم يحتاج الي دليل شرعي و مقتضي الأصل عدم كونه مسلما اذ تولده من المسلم غير معلوم كي يحكم عليه بالاسلام

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 38 ص: 181

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 4

______________________________

بالتبعية و لا يترتب أثر علي اظهاره الإسلام حيث حكم عليه بأن عمده و خطائه واحد في النص «1».

و مقتضي الاطلاق انه لا يترتب علي قوله و فعله أثر و ان عمده يعتبر خطاء و حمل الرواية علي خصوص الدية لا وجه له، ان قلت: كيف قبل اسلام علي عليه السلام قبل البلوغ؟ قلت: هو من خواص الامامة المختصة به و امثاله من بقية الائمة و أمثالهم كعيسي و يحيي و أضرابهما و عن مجمع البرهان- كما في الجواهر- نفي البعد عن اسلام غير المراهق اذا تكلم بكلمة الشهادة و التوحيد و الرسالة و استدل عليه «بعموم ما دل علي اسلام من قال كلمة الشهادتين و قاتلوهم حتي يقولوا لا إله الا اللّه و انهم اذا قدروا علي الاستقلال أمكن أن يكون واجبا عليهم

لان دليل وجوب المعرفة عقلي و لا استثناء في الأدلة العقلية فلا يبعد تكليفهم بل يمكن أن يجب ذلك و اذا وجب صح» الخ «2».

و لا يخفي ضعف هذه الادلة فان هذا النحو من الاستدلال اجتهاد في مقابل النص اذ قلنا ان مقتضي النص سقوط فعله- و منه قوله- عن الاعتبار و أيضا قد نص علي سقوط التكليف عنه حتي يبلغ لاحظ ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة قال: اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري عليه القلم و الجارية مثل ذلك ان أتي لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة و جري عليها القلم «3».

و صفوة القول: انه لا دليل علي الحكم بكونه مسلما و لعل هذا الذي ذكرنا

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب العاقلة الحديث: 2

(2) جواهر الكلام ج 38 ص: 182

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 5

و كذا دار الكفر اذا كان فيها مسلم أو ذمي يمكن تولده منه (1).

______________________________

هو الوجه في عدم حكم الماتن باسلامه فالنتيجة: ان اللقيط لا يحكم باسلامه.

و أما الكلام من الناحية الثانية فيمكن أن يقال: ان الوجه في الحكم عليه بالحرية من جهة ان الرقية تحتاج الي الدليل و مع الشك فيها يحكم بعدمها و بعبارة اخري: الحر الانسان الذي لا يكون مملوكا لأحد و حيث ان مقتضي الأصل عدم رقيته فهو حر فلا مجال لأن يقال: ان نفي احد الضدين لا يثبت الضد الاخر الا علي القول بالاثبات الذي لا نقول به

فلاحظ.

(1) الكلام فيه بعينه هو الكلام فانه لا سبيل الي استرقاقه لاحتمال كونه متولدا من المسلم أو الذمي فلا دليل علي دخوله فيمن يجوز استرقاقه و أيضا لا طريق الي اثبات اسلامه.

و لا يخفي ان قوله عليه السلام الإسلام يعلو و لا يعلي عليه «1»، لا يدل علي المدعي فان الرواية ضعيفة اولا بالارسال و ثانيا: انه لا يبعد أن يكون المراد به ان الإسلام ببراهينه يعلو فلا يرتبط بالمقام و ان أبيت فلا أقلّ من الاجمال و صفوة الكلام ان هذه الرواية لا تكون في مقام اثبات اسلام من يشك في اسلامه.

و اما اخبار الفطرة فهي لا تدل علي المدعي بل المستفاد منها ان المولود بفطرته الاولية يقبل الإسلام و أما الحكم باسلام الشخص و ترتيب آثاره عليه فليس في هذه الاخبار تعرض بالنسبة اليه لا حظ ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت: «فِطْرَتَ اللّٰهِ الَّتِي فَطَرَ النّٰاسَ عَلَيْهٰا»؟ قال: التوحيد «2».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن قوله عز و جل: «فِطْرَتَ اللّٰهِ الَّتِي فَطَرَ النّٰاسَ عَلَيْهٰا» ما تلك الفطرة؟ قال: هي الإسلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب موانع الارث الحديث 11

(2) الاصول من الكافي ج 2 ص: 12 باب فطرة الخلق علي التوحيد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 6

______________________________

فطرهم اللّه حين أخذ ميثاقهم علي التوحيد قال: أ لست بربكم و فيه المؤمن و الكافر «1».

و ما رواه زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عز و جل:

«فِطْرَتَ اللّٰهِ الَّتِي فَطَرَ النّٰاسَ عَلَيْهٰا» قال: فطرهم جميعا علي التوحيد «2».

و ما رواه أيضا

عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قوله عز و جل:

«حُنَفٰاءَ لِلّٰهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ» قال: الحنيفية من الفطرة التي فطر اللّه الناس عليها لا تبديل لخلق اللّه قال: فطرهم علي المعرفة به قال: زرارة: و سألته عن قول اللّه عز و جل: «وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَليٰ أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قٰالُوا بَليٰ» الاية قال: اخرج من ظهر آدم ذريته الي يوم القيامة فخرجوا كالذر فعرفهم و أراهم نفسه و لو لا ذلك لم يعرف أحد ربه و قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: كل مولود يولد علي الفطرة يعني المعرفة بأن اللّه عز و جل خالقه كذلك قوله «وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللّٰهُ» «3».

و ما رواه محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل:

«فِطْرَتَ اللّٰهِ الَّتِي فَطَرَ النّٰاسَ عَلَيْهٰا» قال: فطرهم علي التوحيد «4».

نعم لا يبعد- كما في الجواهر- ان مقتضي السيرة الحكم باسلام الطفل في بلاد الإسلام الغالب فيها المسلمون فلاحظ.

أضف الي ذلك ان جملة من النصوص قد دلت علي عدم جواز استرقاق اللقيط و في

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر ص: 13 حديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 7

و لقيط دار الكفر اذا لم يكن فيها مسلم أو ذمي يمكن تولده منه يجوز استرقاقه (1) و وارث الاول الامام اذا لم يكن له وارث (2) و كذلك

______________________________

بعضها حكم علي كونه حرا لاحظ ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اللقيط لا يشتري و لا يباع «1».

و ما

رواه حاتم بن اسماعيل المدائني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المنبوذ حر فإن أحب أن يوالي غير الذي رباه والاه فان طلب منه الذي رباه النفقة و كان مؤسرا رد عليه و ان كان معسرا كان ما أنفق عليه صدقة «2».

و ما رواه عبد الرحمن العزرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه قال:

المنبوذ حرفا ذا كبر فان شاء توالي الي الذي التقطه و إلا فليرد عليه النفقة و ليذهب فليوال من شاء «3».

و ما رواه محمد بن أحمد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن اللقيطة فقال لا تباع و لا تشتري و لكن تستخدمها بما أنفقت عليها «4» و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن اللقيط فقال: حر لا يباع و لا يوهب «5»

(1) كما هو ظاهر اذ كونه كافرا لا اشكال فيه فيجوز استرقاقه.

(2) اذ الامام عليه السلام وارث من لا وارث له بالإجماع و النص لا حظ ما رواه ابان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يموت و لا وارث له و لا مولي قال: هو من اهل هذه الاية: «يسألونك عن الانفال» «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب اللقطة الحديث 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

(6) الوسائل الباب 1 من ابواب الانفال الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 8

الامام عاقلته (1) و اذا بلغ رشيدا فاقر برقيته قبل منه (2).

______________________________

و ما رواه حماد بن عيسي مرسلا عن العبد الصالح عليه السلام في حديث قال و للإمام صفو المال الي أن قال: «و هو وارث من

لا وارث له يعول من لا حيلة له «1».

و ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الانفال الي أن قال: «و من مات و ليس له مولي فماله من الانفال» «2».

(1) لأنه وارثه و الذي يعقله هو الذي يرثه صرح بذلك في الجواهر في هذا المقام و تفصيل الكلام من هذه الجهة موكول الي محله.

(2) لجواز اقرار العقلاء علي أنفسهم لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: كان علي بن أبي طالب عليه السلام يقول:

الناس كلهم أحرار الا من أقر علي نفسه بالعبودية و هو مدرك من عبد أو أمة و من شهد عليه بالرق صغيرا كان أو كبيرا «3».

و ما رواه الفضل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل حر أقر انه عبد قال: يؤخذ بما أقر به «4».

و ما رواه محمد بن الفضل الهاشمي قال: قلت: لأبي عبد اللّه عليه السلام:

رجل حر أقر انه عبد فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: يأخذه بما قال أو يؤدي المال «5».

و ما رواه اسماعيل بن الفضل قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: حر أقر علي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 20

(3) الوسائل الباب 29 من أبواب العتق الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 9

[مسألة 3: أخذ اللقيط واجب علي الكفاية اذا توقف عليه حفظه]

(مسألة 3): اخذ اللقيط واجب علي الكفاية اذا توقف عليه حفظه (1).

______________________________

نفسه بالعبودية استعبده علي ذلك؟ قال: هو عبد اذا أقر علي نفسه «1».

و ما روي جماعة من علمائنا في كتب الاستدلال عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال: اقرار العقلاء علي انفسهم جائز

«2».

(1) لوجوب مقدمة الواجب و الوجه في وجوب أخذه و حفظه ان النفس المحترمة يجب حفظها و اللقيط مع ثبوت اسلامه لا اشكال في حرمة نفسه و أما مع عدم كونه محكوما بالاسلام فحيث انه قبل البلوغ لا يكون داخلا في عنوان الحربي فلا يترتب عليه حكمه.

و ان شئت قلت: ان المستفاد من جملة من النصوص احترام اطفال الكفار قبل البلوغ فيجب حفظها لا حظ ما رواه حفص بن غياث في حديث انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن النساء كيف سقطت الجزية منهن و رفعت عنهن؟ قال: فقال: لأن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي عن قتل النساء و الولدان في دار الحرب الا أن يقاتلن فان قاتلن «قاتلت» أيضا فأمسك عنها ما أمكنك و لم تخف خللا «حالا خ ل» فلما نهي عن قتلهن في دار الحرب كان «ذلك» في دار الإسلام أولي و لو امتنعت أن تؤدي الجزية لم يمكن قتلها فلما لم يمكن قتلها رفعت الجزية عنها و لو امتنع الرجال عن «منع الرجال فأبوا أن» يؤدوا الجزية كانوا ناقضين للعهد و حلت دماؤهم و قتلهم لأن قتل الرجال مباح في دار الشرك و كذلك المقعد من أهل الذمة و الأعمي و الشيخ الفاني و المرأة و الولدان في أرض الحرب فمن اجل ذلك رفعت عنهم الجزية «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 5

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب الاقرار الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 18 من ابواب جهاد العدو الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 10

فاذا أخذه كان احق بتربيته و حضانته من غيره (1) الا أن يوجد من له الولاية عليه لنسب أو غيره (2) فيجب دفعه اليه حينئذ

و لا يجري عليه حكم الالتقاط (3).

[مسألة 4: ما كان في يد اللقيط من مال محكوم بأنه ملكه]

(مسألة 4): ما كان في يد اللقيط من مال محكوم بأنه ملكه (4).

______________________________

و ما رواه السكوني عن جعفر عن ابيه عن آبائه عليهم السلام ان النبي صلي اللّه عليه و آله قال: اقتلوا المشركين و استحيوا شيوخهم و صبيانهم «1» و صفوة القول انه يجب حفظ النفس المحترمة.

(1) لسبقه و اقدامه علي الواجب كفاية و لو لا الحكم بالاحقية يلزم التشاجر بين الأفراد و النزاع لاستواء الحق و عدم ترجيح لأحد علي غيره.

(2) كما لو كان والده أو جده و كما لو كان قيما أو وصيا.

(3) كما هو ظاهر.

(4) نقل عن المبسوط عدم الخلاف فيه و استدل عليه في بعض كلام الأصحاب بأنه بعد الحكم بحرمة الطفل يحكم بكون ما في يده ملكا له لأن له الأهلية و قال في الجواهر- في هذا المقام-: «ان هذا الحكم لا يخلو من اشكال لو لا الاجماع»

و الذي يختلج بالبال ان ما أفاده في محله فان اثبات المدعي بغير الاجماع في غاية الاشكال اذ الملكية تحتاج الي سبب و المفروض ان فعل الصبي سيما غير المميز لا يترتب عليه الأثر.

و بعبارة: اخري: هو مسلوب الاختيار و عمده خطأ هذا من ناحية و من ناحية اخري ان مقتضي الأصل عدم تحقق كونه مالكا فلا دليل علي الملكية الا أن يقال بأن اليد امارة علي الملكية علي الاطلاق و الخارج يحتاج الي الدليل و لولاها لما قام للمسلمين سوق فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 11

[مسألة 5: يشترط في ملتقط الصبي البلوغ و العقل و الحرية]

(مسألة 5): يشترط في ملتقط الصبي البلوغ و العقل (1) و الحرية (2) فلا اعتبار بالتقاط الصبي و المجنون و العبد الا باذن مولاه (3) بل

______________________________

(1) بلا خلاف بين العامة و

الخاصة- كما في الجواهر- و قال قدس سره في طي كلامه: «بل و لا اشكال لقصورهما عن ولاية الالتقاط» انتهي. و يمكن أن يقال: بأن تحقق الالتقاط الشرعي بحيث يترتب عليه الأثر يتوقف علي الدليل و هو مفقود في محل الكلام بل الدليل علي خلافه اذ مقتضي الأصل عدمه كما ان مقتضي ان عمد الصبي خطأ عدم ترتب أثر شرعي علي فعله كما ان المجنون لا يتوجه اليه التكليف فلا أثر لفعله.

(2) قال في الجواهر: «علي المشهور بل لم أتحقق فيه خلافا و عن جامع المقاصد نفي الريب عنه و عن مجمع البرهان دعوي الاجماع عليه ظاهرا و عن الكفاية انه مما قطع به الاصحاب».

و استدل في كلام بعضهم بالأصل و بأنه لا يقدر علي شي ء اذ هو مشغول باستيلاء المولي علي منافعه و أيد و اما راموه بما رواه أبو خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله ذريح عن المملوك يأخذ اللقطة فقال: و ما للمملوك و اللقطة و المملوك لا يملك من نفسه شيئا فلا يعرض لها المملوك فانه ينبغي أن يعرفها سنة في مجمع فان جاء طالبها دفعها اليه و الا كانت في ماله فان مات كانت ميراثا لولده و لمن ورثه فان لم يجي ء لها طالب كانت في أموالهم هي لهم فان جاء طالبها بعد دفعوها اليه «1».

(3) ادعي عليه عدم وجدان الخلاف و الظاهر انه حق اذ لا قصور في العبد الا كونه مملوكا لمولاه و هذا المحذور يرتفع بالاذن و ان شئت قلت المقتضي موجود و مع اذن المولي لا يكون قصور في الموضوع فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب اللقطة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص:

12

يشترط الإسلام فيه اذا كان اللقيط محكوما باسلامه فلو التقط الكافر صبيا في دار الإسلام لم يجر علي التقاطه احكام الالتقاط و لا يكون احق بحضانته (1).

______________________________

(1) عن مجمع البرهان امكان دعوي الاجماع عليه و يظهر من الجواهر انه لم يجد خلافا الا عن النافع و الشرائع فان عبارتهما تشعر بالتردد و استدل علي المدعي بقوله تعالي: «و لن يجعل اللّه للكافرين علي المسلمين سبيلا» «1» بتقريب:

انه نوع سبيل.

و ربما استدل بما دل من النص علي عدم جواز تزويج العارفة من غير العارف لا حظ ما رواه زرارة بن أعين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تزوجوا في الشكاك و لا تزوجوهم فان المرأة تأخذ من ادب زوجها و يقهرها علي دينه «2».

بتقريب: ان المستفاد منه ان النهي معلل بامكان اخذ الزوجة من أدب زوجها فبعموم العلة نحكم في المقام بعدم جواز حضانته للصبي المسلم.

و يرد علي هذا الاستدلال اولا بما افاده في الجواهر من أن المذكور ليس علة بل حكمة و ما أفاده متين اذ لو التزمنا بالعلية يلزم عدم التزويج من الفاسق أيضا.

لعين الملاك و ثانيا: ان الرواية مخدوشة سندا بموسي بن بكر فلاحظ لكن الظاهر ان الرواية تامة سندا ببعض طرقها.

و يمكن اثبات المدعي بالأصل فان اثبات حق الحضانة و احقية الكافر يحتاج الي الدليل و هو مفقود هذا كله علي فرض كون اللقيط مسلما و أما اثبات كون لقيط دار الإسلام مسلما فقد مر الاشكال فيه لعدم طريق الي اثباته الا من طريق السيرة

______________________________

(1) النساء/ 140

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 13

[مسألة 6: اللقيط إن وجد متبرع بنفقته أنفق عليه]

(مسألة 6): اللقيط ان وجد متبرع بنفقته انفق عليه

(1) و الا فان كان له مال انفق عليه منه بعد الاستيذان من الحاكم الشرعي أو من يقوم مقامه (2) و الا انفق الملتقط من ماله عليه و رجع بها عليه ان لم يكن قد تبرع بها (3).

______________________________

كما تقدم منا اللهم الا أن يقال: يكفي في عدم الجواز الشك في اسلامه و مقتضي اصالة عدم كفره عدم جواز تسلط الكافر عليه فانه خلاف الأصل و بعبارة اخري:

اثبات الحق يحتاج الي الدليل اللهم الا أن يقال: ان مقتضي الأصل عدم كونه مسلما و من لا يكون مسلما يكون كافرا فيجوز حضانته للكافر.

(1) فانه نوع احسان و الاحسان حسن من كل احد و لا اشكال فيه.

(2) اذ التصرف في ملك الغير يتوقف علي مجوز شرعي و الحاكم الشرعي أو من يقوم مقامه و لي الطفل من باب الحسبة هذا من ناحية و من ناحية اخري ان صرف ماله في شئونه ليس قربا لماله الا بالاحسن فلا اشكال فيه.

(3) ربما يقال بأنه يجب الانفاق عليه كفاية فيجب علي الملتقط لأنه من آحاد المكلفين لكن الظاهر انه لا دليل علي هذا المدعي بل الدليل علي خلافه لا حظ ما رواه محمد بن أحمد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الملتقطة فقال: لاتباع و لا تشتري و لكن تستخدمها بما أنفقت عليها «1».

فان المستفاد من الرواية انه يجوز استخدامه في مقابل ما انفق عليه فلا يجب الانفاق عليه مجانا انما الاشكال في سند الرواية و قال المجلسي في مرآة العقول:

«ان الراوي من الامام هو محمد بن احمد غير معلوم و يمكن أن يكون الغلط من النساخ فعلي هذا غير بعيد أن يكون محمد هذا هو ابن مسلم فالسند

صحيح»

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب اللقطة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 14

و الا لم يرجع (1).

[مسألة 7: يكره أخذ الضالة حتي لو خيف عليها التلف]

(مسألة 7): يكره اخذ الضالة حتي لو خيف عليها التلف (2).

______________________________

و لكن مجرد الاحتمال لا يقتضي الحكم بالصحة فلا بد من التماس دليل آخر فلاحظ.

(1) لعدم المقتضي للرجوع بعد فرض التبرع.

(2) المقصود من الضالة- كما يظهر من كلماتهم- كل حيوان مملوك ضائع عن مالكه و لا يد عليه و لا اشكال ظاهرا في كراهة اخذه مع عدم خوف تلفه و بعبارة اخري: الذي يظهر من كلمات الاصحاب في هذا المقام عدم الخلاف عندهم في كراهة اخذه حتي في صورة جواز اخذه قال في الجواهر: «و لا خلاف بيننا في أن اخذه في صورة الجواز مكروه و عن المسالك: و اخذه حيث يجوز مكروه»

و استدل علي المدعي بجملة من النصوص: منها ما رواه وهب بن وهب عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال: لا يأكل من الضالة الا الضالون «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بوهب مضافا الي أن المستفاد من الرواية ليس بيان حكم الاخذ بل المستفاد منها حكم التملك فان الأكل كناية عن التملك.

و مما ذكرنا ظهر تقريب المدعي بحديث وهب أيضا عن جعفر عن أبيه عليهما السلام في حديث: قال: لا يأكل الضالة الا الضالون «2».

و ما نقل في هذا المقام عن سيد الرياض بكفاية الخبر المذكور و الفتاوي للحكم بالكراهة للتسامح مردود اولا بأن دليل التسامح محل الاشكال و الكلام و قد ذكرنا في محله ان اخبار التسامح ترشد الي حكم العقل و لا يستفاد منها الاستحباب و ثانيا دليل التسامح علي فرض تماميته راجع الي استحباب الفعل لا الي كراهته.

و منها: مرسل

الصدوق قال: و من الفاظ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله:

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب اللقطة الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 15

______________________________

لا يؤوي الضالة الا الضال «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالارسال و ما قيل في هذا المقام بأن المرسل اذا كان ثقة نسب الخبر الي المعصوم جزما لا بنحو روي يكون ذلك الخبر حجة، مدفوع بما ذكرنا و قد تعرض لما حققناه في هذا المقام الشيخ الحاجياني في كتابه «نخبة المقال» فراجع.

و منها: ما ورد من النصوص الدالة علي كراهة اخذ اللقطة لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث في اللقطة قال: و كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول لأهله: لا تمسوها «2» بتقريب: ان هذه النصوص و ان كانت واردة في لقطة المال لكن تدل علي كراهة اخذ الضالة بالاولوية فتأمل.

و منها: ما رواه احمد بن محمد بن عيسي في نوادره عن أبيه قال: سئل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و فيه: «و ما أحب أن امسكها» «3» و هذه الرواية ساقطة سندا بالارسال.

و منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأل رجل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن الشاة الضالة بالفلاة فقال للسائل: هي لك أو لأخيك أو للذئب قال: و ما احب أن امسها و سئل عن البعير الضال فقال للسائل مالك و له خفه حذاؤه و كرشه سقاؤه خل عنه «4».

و الظاهر ان هذه الرواية لا اشكال في دلالتها علي المدعي و لا بأس بسندها فلا اشكال في أصل الحكم انما الكلام في أن الأخذ مكروه حتي مع

خوف التلف

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث 1

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب اللقطة الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 16

______________________________

علي الحيوان أو الحكم بالكراهة مختص بصورة الامن من تلف الحيوان؟.

ربما يقال بالاختصاص بتقريب: ان ادلة المنع منصرفة عن هذه الصورة و بأن قوله عليه السلام: «هي لك أو لأخيك أو للذئب» يقتضي ترغيب المكلف في أخذ الضالة التي في معرض التلف بمعني انه لو اخذتها و لم تعرف مالكها بعد التعريف تكون لك و ان عرفته فقد حفظت مال اخيك المؤمن و ان لم تأخذ اكلها الذئب أو اخذها غير الامين الذي يكون في حكم الذئب.

و يرد عليه: ان الانصراف ممنوع و قد ذكر في آخر الخبر انه قال عليه السلام «و ما احب أن امسها» فالكراهة متحققة حتي مع خوف التلف ان قلت: أ ليس حفظ مال الغير واجبا قلت: لا دليل عليه علي نحو الاطلاق. ان قلت: ان حفظ مال الغير لا اشكال في حسنه حيث انه احسان و قد ورد في النص جواز الحلف تقية و كذبا لحفظ مال الغير.

لاحظ ما رواه اسماعيل بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في حديث قال: سألته عن رجل أحلفه السلطان بالطلاق أو غير ذلك فحلف قال لا جناح عليه و عن رجل يخاف علي ماله من السلطان فيحلفه لينجو به منه قال:

لا جناح عليه و سألته هل يحلف الرجل علي مال أخيه كما يحلف علي ماله؟ قال:

نعم «1».

و مثله ما رواه اسماعيل الجعفي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام امر بالعشار و معي المال فيستحلفوني فان حلفت تركوني و ان لم احلف فتشوني و ظلموني

فقال احلف لهم قلت ان حلفوني بالطلاق؟ قال فاحلف لهم قلت: فان المال لا يكون لي قال: تتقي مال اخيك «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب الايمان الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 17

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 17

[مسألة 8: إذا وجد حيوان في غير العمران كالبراري و الجبال و الآجام و الفلوات و نحوها من المواضع الخالية من السكان]

(مسألة 8): اذا وجد حيوان في غير العمران كالبراري و الجبال و الاجام و الفلوات و نحوها من المواضع الخالية من السكان فان كان الحيوان يحفظ نفسه و يمتنع عن السباع لكبر جثته أو سرعة عدوه أو قوته كالبعير و الفرس و الجاموس و الثور و نحوها لم يجز اخذه (1).

______________________________

قلت: هذا اجتهاد في مقابل النص اذ قد ذكر عليه السلام في آخر الخبر كما ذكرنا ان التعرض مكروه و ما ورد من جواز الحلف علي مال الأخ مقدمة للحفظ لا ينافي كراهة الأخذ مضافا الي أن مورد الخبر الثاني ما لو كان المال في يده فالنتيجة ان الأخذ مكروه علي الاطلاق كما في المتن و اللّه العالم.

(1) الذي يظهر من كلمات الأصحاب في هذا المقام ان عدم الجواز في الجملة اجماعي كما ان مقتضي القاعدة الاولية كذلك اذ التصرف في مال الغير بلا اذن منه حرام لاحظ ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: من كانت عنده أمانته فليؤدها الي من ائتمنه عليها فانه لا يحل دم امرء مسلم و لا ماله الا بطيبة نفس منه «1» فلا يجوز اخذه.

اضف الي ذلك النصوص الواردة في المقام لاحظ ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: جاء رجل الي النبي صلي اللّه عليه و آله فقال:

يا رسول اللّه صلي اللّه

عليه و آله اني وجدت شاة فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه هي لك أو لأخيك أو للذئب فقال: يا رسول اللّه اني وجدت بعيرا فقال: معه حذاؤه و سقاؤه حذاؤه خفه و سقاؤه كرشه فلا تهجه «2» و ما رواه معاوية «3».

فان المستفاد من الحديثين عدم جواز اخذ البعير و بعموم العلة المذكورة فيهما

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 13 من ابواب اللقطة الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 18

______________________________

يتعدي الي غير البعير و هو كل حيوان يقدر علي حفظ نفسه و الدفاع عنها و بعبارة اخري: وقع الكلام بين القوم في الحاق غير البعير به في الأحكام المذكورة حيث ان المصرح به في جملة من النصوص عنوان البعير لاحظ ما رواه هشام «1».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من أصاب مالا أو بعيرا في فلاة من الارض قد كلت و قامت و سيبها صاحبها مما لم يتبعه فأخذها غيره فأقام عليها و أنفق نفقته حتي أحياها من الكلال و من الموت فهي له و لا سبيل له عليها و انما هي مثل الشي ء المباح «2» و ما رواه معاوية «3».

و عدم الحاقها بها لا خلاف فيه- كما في الجواهر- بل الاجماع قائم علي الحاق الدابة التي هي عبارة عن الفرس.

و استدل عليه بما رواه مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان امير المؤمنين عليه السلام كان يقول في الدابة اذا سرحها أهلها أو عجزوا عن علفها أو نفقتها:

فهي للذي أحياها قال: و قضي أمير المؤمنين عليه السلام في رجل ترك دابة بمضيعة فقال: ان

تركها في كلاء و ماء و أمن فهي له يأخذها متي شاء و ان كان تركها في غير كلاء و لا ماء فهي لمن أحياها «4».

و ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام قضي في رجل ترك دابته من جهد فقال: ان كان تركها في كلاء و ماء و أمن فهي له يأخذها حيث أصابها و ان تركها في خوف و علي غير ماء و لا كلاء فهي لمن

______________________________

(1) لاحظ ص: 17

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب اللقطة الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 15

(4) الوسائل الباب 13 من أبواب اللقطة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 19

سواء أ كان في كلاء و ماء أم لم يكن فيهما اذا كان صحيحا يقوي علي السعي اليهما (1).

______________________________

أصابها «1».

و نقل في الجواهر: عن كشف الرموز الحاق البغل و قال في الجواهر: بل لعل لفظ الدابة في النصوص المزبورة شامل لمطلق ذوي القوائم الاربع و ربما يقال كما في الجواهر و غيره: ان حديث ابن سنان «2» باطلاقه يشمل مطلق الدابة بدعوي ان المراد بلفظ المال الواقع في الخبر الضالة بقرينة قامت.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان الاقرب الحاق غير البعير به في عدم جواز الاخذ و جوازه أما عدم الجواز فعلي القاعدة الاولية اذ التصرف في مال الغير حرام مضافا الي أن المستفاد من قوله عليه السلام في عدة روايات: «كرشه سقاؤه و خفه حذاؤه لا تهجه» ان المدار في الجواز و عدمه هو الامتناع من السباع و امكان البقاء و التعيش و أما جواز الاخذ فيما يكون في معرض الخطر فلرواية ابن سنان «3»

بتقريب الاطلاق في لفظ المال و استفادة

القانون الكلي من روايات البعير فان المستفاد من النصوص ان الميزان في الجواز و عدمه امكان البقاء و التعيش و عدمه فلا يجوز في الاول و يجوز في الثاني فما أفاده الماتن تام.

(1) ادعي عليه الاجماع و عدم الخلاف- كما في الجواهر- و الاطلاق مقتضي النص لاحظ ما رواه معاوية «4» فانه صرح في هذا الحديث بالفلاة و الفلاة علي ما يظهر من اللغة: الارض التي لا ماء فيها و مع الصراحة الموجودة في هذا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 17

(2) لاحظ ص: 18

(3) لاحظ ص: 18

(4) لاحظ ص: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 20

فان أخذه الواجد حينئذ كان آثما (1) و ضامنا له (2) و تجب عليه نفقته (3) و لا يرجع بها علي المالك (4) و اذا استوفي شيئا من نمائه كلبنه و صوفه كان عليه مثله أو قيمته (5) و اذا ركبه أو حمله حملا كان عليه اجرته (6) و لا يبرأ من ضمانه الا بدفعه الي مالكه نعم اذا يئس من الوصول اليه و معرفته تصدق به عنه باذن الحاكم الشرعي (7).

______________________________

الحديث لا مجال للتأمل فالحق ما أفاده في المتن من الاطلاق فلاحظ.

(1) لأنه تصرف في مال الغير بلا احراز اذن من له اهلية الاذن مضافا الي النهي الصريح عن التعرض بقوله صلي اللّه عليه و آله: «خل عنه» فلا مجال للتأمل و لا موقع للتمسك بقاعدة الاحسان فانه لا يتحقق الاحسان بالحرام.

(2) لقاعدة ضمان اليد فان مقتضي الحديث المعروف علي اليد ما اخذت حتي تؤديه «1» هو الضمان.

و صفوة القول: ان التصرف في مال الغير و وضع اليد عليه يوجب الضمان بلا اشكال الا مع الاذن من المالك أو الشارع و هو

مفقود في المقام علي الفرض

(3) اذ المفروض انه مال محترم لمالك محترم فيجب حفظه بلا اشكال.

(4) لعدم موجب للرجوع و ان شئت قلت: لا دليل علي توجه الضمان الي المالك فلا يجوز له الرجوع عليه فلاحظ.

(5) اذ المفروض انه أتلف مال الغير فيضمن بلا اشكال.

(6) اذ المفروض انه استفاد من منفعته و مقتضي القاعدة الاولية هو الضمان و لا دليل علي التخصيص.

(7) اذ الضمان يرتفع بايصال المضمون الي المالك و الا فهو باق علي حاله

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب الغصب الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 21

______________________________

و لا يجوز التصدق به الا بعد اليأس و بعبارة اخري: لا اشكال في وجوب ايصال المال الي صاحبه و يمكن الاستدلال علي وجوب الإيصال و الفحص عن المالك مضافا الي ارتكاز المتشرعة بوجهين احدهما قوله تعالي في سورة النساء الاية/ 58 «إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا».

فان مقتضي العموم عدم الفرق بين كون الامانة مالكية كالوديعة أو شرعية كاللقطة و مجهول المالك و مال السرقة و الخيانة و الغصب فان مقتضي الاية الشريفة وجوب الفحص عن المالك و ايصال الامانة اليه سيما فيما يكون من بيده المال غاصبا و يكون تسلطه علي المال عدوانيا.

ثانيهما: جملة من الروايات فانها تدل علي وجوب الفحص ثم التصدق منها ما رواه حفص بن غياث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل من المسلمين أودعه رجل من اللصوص دراهم أو متاعا و اللص مسلم هل يرد عليه؟ فقال: لا يرده فان أمكنه أن يرده علي أصحابه فعل و الا كان في يده بمنزلة اللقطة يصيبها فيعرفها حولا فان أصاب صاحبها ردها عليه و الا تصدق بها فان

جاء طالبها بعد ذلك خيره بين الاجر و الغرم فان اختار الاجر فله الاجر و ان اختار الغرم غرم له و كان الاجر له «1».

و الرواية ضعيفة بحفص و بقاسم علي ما قيل فان حفصا لم يوثق و الرواية بسندها الاخر مرسلة.

و منها: ما رواه هشام بن سالم قال: سأل خطاب الاعور أبا ابراهيم عليه السلام و أنا جالس فقال: انه كان عند أبي اجير يعمل عنده بالاجر ففقدناه و بقي له من أجره

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من ابواب اللقطة الحديث: 1 و الكافي ج 5 ص: 308 حديث: 21

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 22

______________________________

شي ء و لا نعرف له وارثا قال: فاطلبه قال: قد طلبناه فلم نجده قال: فقال:

مساكين و حرك يديه قال: فأعاد عليه قال: اطلب و اجهد فان قدرت عليه و الا فهو كسبيل مالك حتي يجئ له طالب فان حدث بك حدث فأوص به ان جاء له طالب أن يدفع اليه «1».

و هذه الرواية تامة سندا اذ اسناد الشيخ الي يونس تام فلا اشكال من حيث السند و أما من حيث الدلالة فلا اشكال فيها فانها تدل علي وجوب الفحص و الجهد عن المالك لكن هذه الرواية واردة بالنسبة الي معلوم المالك و الكلام في مجهول المالك.

و منها: ما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل كان له علي رجل حق ففقده و لا يدري أين يطلبه و لا يدري أحي هو أم ميت و لا يعرف له وارثا و لا نسبا و لا ولدا قال: اطلب قال: فان ذلك قد طال فاتصدق به؟ قال: اطلبه «2».

و هذه الرواية علي تقدير تمامية دلالتها مخدوشة من حيث السند

بابن ثابت و ابن عون لكن الشيخ قدس سره نقل الرواية في ج 6 من التهذيب ص: 188 حديث: 21 بسند لا بأس به فراجع و لكن موردها معلوم المالك.

و منها: ما رواه يونس بن عبد الرحمن قال: سئل أبو الحسن الرضا عليه السلام و أنا حاضر الي أن قال: فقال: رفيق كان لنا بمكة فرحل منها الي منزله و رحلنا الي منازلنا فلما ان صرنا في الطريق أصبنا بعض متاعه معنا فأي شي ء نصنع به؟ قال: تحملونه حتي تحملوه الي الكوفة قال: لسنا نعرفه و لا نعرف كيف نصنع؟ قال: اذا كان

______________________________

(1) الفروع من الكافي ج 7 ص: 153 باب ميراث المفقود الحديث: 1 و الوسائل الباب 6 من أبواب ميراث الخنثي الحديث: 1 و التهذيب ج 9 ص: 389 حديث 1387

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب ميراث الخنثي الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 23

______________________________

كذا فبعه و تصدق بثمنه قال له: علي من جعلت فداك؟ قال: علي أهل الولاية «1»

بتقريب ان المستفاد من الرواية مفهوما وجوب الفحص مع الامكان و سند الرواية مخدوش بالعبيدي و قد ورد جملة من الروايات بالنسبة الي معلوم المالك لاحظ الباب 6 من أبواب ميراث الخنثي و ما اشبهه من الوسائل و هذه النصوص موردها معلوم المالك فلا تشمل المقام كما أن الاخبار الواردة في اللقطة الدالة علي وجوب التعريف سنة لا تشمل المقام فالنتيجة ان دليل وجوب الايصال الي المالك و الفحص عنه الاية الشريفة.

و ربما يقال: بأنه لا يجب الايصال الي المالك بل يجوز التصدق به و الدليل عليه جملة من النصوص:

منها: ما رواه علي بن أبي حمزة قال كان لي صديق من كتاب بني امية

فقال لي: استأذن لي علي أبي عبد اللّه عليه السلام فاستأذنت له «عليه» فأذن له فلما أن دخل سلم و جلس ثم قال: جعلت فداك اني كنت في ديوان هؤلاء القوم فأصبت من دنياهم مالا كثيرا و أغمضت في مطالبه فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: لو لا ان بني امية وجد و الهم من يكتب و يجبي لهم الفي ء و يقاتل عنهم و يشهد جماعتهم لما سلبونا حقنا و لو تركهم الناس و ما في أيديهم ما وجدوا شيئا الا ما وقع في ايديهم قال: فقال الفتي: جعلت فداك فهل لي مخرج منه؟ قال: ان قلت لك تفعل؟ قال: أفعل قال له: فاخرج من جميع ما كسبت «اكتسبت» في ديوانهم فمن عرفت منهم رددت عليه ماله و من لم تعرف تصدقت به و أنا أضمن لك علي اللّه عز و جل الجنة فأطرق الفتي طويلا ثم قال له: لقد فعلت جعلت فداك الحديث «2»

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب اللقطة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 47 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 24

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني و ابن بندار.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل ترك غلاما له في كرم له يبيعه عنبا أو عصيرا فانطلق الغلام فعصر خمرا ثم باعه قال: لا يصلح ثمنه ثم قال: ان رجلا من ثقيف اهدي الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم راويتين من خمر فأمر بهما رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم فاهريقتا و قال: ان الذي حرم شربها حرم ثمنها ثم قال أبو عبد اللّه عليه

السلام: ان افضل خصال هذه التي باعها الغلام أن يتصدق بثمنها «1» و الظاهر ان سند الرواية لا بأس به.

و منها: ما رواه أبو أيوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل أمر غلامه أن يبيع كرمه عصيرا فباعه خمرا ثم أتاه بثمنه فقال: ان احب الاشياء إلي أن يتصدق بثمنه «2» و السند ضعيف بمعلي.

و منها: ما رواه علي بن ميمون الصائغ قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عما يكنس من التراب فأبيعه فما أصنع به؟ قال: تصدق به فاما لك و اما لأهله الحديث «3» و السند ضعيف بابن ميمون.

و منها: ما رواه علي الصائغ قال: سألته عن تراب الصواغين و انا نبيعه قال:

أما تستطيع أن تستحله من صاحبه؟ قال: قلت: لا اذا أخبرته اتهمني قال: بعه قلت بأي شي ء نبيعه؟ قال: بطعام قلت: فأي شي ء أصنع به؟ قال: تصدق به إما لك و اما لأهله «4» و السند مخدوش بالاضمار و بعلي مضافا الي أن موردها معلوم المالك.

و منها: ما رواه أبو علي بن راشد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام قلت

______________________________

(1) الوسائل الباب 55 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 16 من أبواب الصرف الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 25

______________________________

جعلت فداك اشتريت أرضا الي جنب ضيعتي بالفي درهم فلما وفيت المال خبرت ان الارض وقف فقال: لا يجوز شراء الوقف و لا تدخل الغلة في مالك و ادفعها الي من وقفت عليه قلت: لا أعرف لها ربا قال: تصدق بغتلها «1» و السند ضعيف بالرزاز.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان النسبة بين دليل التصدق و وجوب الايصال

العموم من وجه فان دليل وجوب الايصال خاص من حيث اختصاصه بمورد يمكن فيه الايصال اذ كل تكليف مشروط بالقدرة و عام من حيث المورد اذ لا اختصاص له بمجهول المالك و الدليل الدال علي الصدقة مختص بمجهول المالك و ان أبيت عن اختصاص دليل التصدق بمجهول المالك و قلت: لا يختص الدليل به بل مطلق قلت: علي هذا التقدير تكون نسبة الاية الي الرواية نسبة الخاص الي العام اذ الاية تختص بمورد التمكن بخلاف الرواية فتكون الاية أخص و لا اشكال في تقدم الخاص علي العام.

و أما علي تقدير الالتزام بكون التعارض بالعموم من وجه نقول: يقع التعارض بين الدليلين في مورد يمكن الايصال و لا بد من الاخذ بدليل وجوب الايصال و ذلك لوجهين:

احدهما: ان العموم الوضعي يقدم علي العموم الاطلاقي و العموم الكتابي وضعي فان «الامانات» جمع محلي باللام و قد ثبت في محله انه وضع للعموم و عموم الرواية اطلاقي.

ثانيهما: ان ما خالف الكتاب لا اعتبار به. و العجب من سيدنا الاستاد حيث ذهب في المقام و أمثاله الي تقديم الكتاب بدعوي: ان الرواية مخالفة للكتاب فلا

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب عقد البيع و شروطه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 26

______________________________

اعتبار بها و مع ذلك يري ان الخبرين المتعارضين بالعموم من وجه يتساقطان في مورد التعارض فلا تصل النوبة الي الاخبار العلاجية و الحال ان التعارض بالعموم من وجه بالاطلاق ان صدق عليه التعارض فما الوجه في التساقط؟ بل لا بد من العلاج و ان لم يصدق عليه التعارض لقابلية كل واحد من الدليلين أن يكون قرينة علي الدليل الاخر فما الوجه في سقوط الاطلاق المعارض للكتاب فلاحظ و تأمل فيما

قلناه.

فالنتيجة: ان الواجب ايصال المجهول مالكه الي مالكه ثم انه مع العلم بامكان الايصال يجب كما انه مع اليأس لا يجب أما لو شك في القدرة فربما يقال: بأن مقتضي اصالة البراءة عدم وجوب الفحص و لكن الحق ان البراءة لا تجري مع الشك في القدرة فانه علي خلاف السيرة العقلائية مضافا الي أنه يلزم تفويت المصالح.

ثم انه هل يجوز أو يجب إعطاء المجهول مالكه لمن يدعيه بعد الفحص عن المالك و اليأس عنه أولا يجوز الا مع التوصيف كاللقطة أو لا هذا و لا ذاك بل اللازم الثبوت الشرعي و الا فيجب التصدق به؟ ربما يقال: بأنه يجوز أو يجب اعطائه لمن يدعيه بدعوي دلالة خبر منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت عشرة كانوا جلوسا وسطهم كيس فيه ألف درهم فسأل بعضهم بعضا أ لكم هذا الكيس فقالوا كلهم: لا و قال واحد منهم: هو لي فلمن هو؟ قال: للذي ادعاه «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان دعوي ملكية شي ء بلا معارض مسموعة و هذه الرواية لا بأس بسندها فان الشيخ رواها بطريقه الي محمد بن احمد بن يحيي و لكن الاشكال في دلالتها علي المدعي اذ الرواية واردة في الكيس الذي تحت يد جماعة و لا ملازمة بين المورد و بقية الموارد من حيث الحكم فلعل المورد له خصوصية و مقتضي الاصل في بقية الموارد عدم كون المدعي مالكا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب كيفية الحكم و الدعاوي

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 27

______________________________

و ملخص الكلام انه لا تدل الرواية علي مالكية المدعي علي الاطلاق و علي تقدير الدلالة يجب الاعطاء فالامر دائر بين الوجوب و الحرمة لا بين

الوجوب و الجواز فلاحظ و أما جواز الاعطاء مع التوصيف في مورد حصول العلم أو الاطمينان بصدق الواصف فلا اشكال في وجوب الاعطاء لوجوب رد المال الي المالك و أما مع عدم حصول الاطمينان فلا وجه للإعطاء اذ علي تقدير كون التوصيف مؤثرا فهو مخصوص بباب اللقطة و لا وجه لتسريته الي المقام فالمتعين هو الوجه الاخير عملا بدليل وجوب التصدق.

ثم انه يقع الكلام في أنه يكفي مطلق الفحص أو يجب سنة أو يجب الي أن يحصل اليأس عن الوصول؟ ربما يقال: بأن الطبيعي يحصل ببعض أفراده و حيث ان الفحص يحصل بمطلقه فلا يجب الزائد عليه.

و يرد عليه ان المستفاد من الاية الايصال الي المالك و الفحص مقدمة له فلا معني لهذا البيان و بعبارة اخري: الواجب علي الضامن ايصال المال الي مالكه لا الفحص عنه كي يقال بأنه يحصل بالطبيعي.

و ربما يقال: بأنه يجب الفحص سنة و فيه: انه لا دليل عليه و ما ورد في اللقطة اجنبي عن المقام كما هو ظاهر و لا وجه للقياس مضافا الي ما ورد في حديث معاوية بن وهب «1» من التأكيد في الطلب ان قلت: يستفاد من حديث حفص «2» انه يجب التعريف سنة قلت: اولا ان الرواية ضعيفة كما مر و ثانيا: انه حكم وارد في مورد خاص الا أن يقال: ان العرف يفهم انه حكم مجهول المالك فتحصل:

ان الحق وجوب الفحص الا أن يحصل اليأس من الوصول.

______________________________

(1) لاحظ ص: 22

(2) لاحظ ص: 21

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 28

______________________________

ثم ان اجرة الفحص عن المالك هل علي ذي اليد أو علي المالك أو علي بيت المال؟ قد فصل سيدنا الاستاد في المقام و قال: «تحقيق

المسألة يقتضي أن يقال: ان اخذ المجهول مالكا ان كان علي وجه شرعي و باذن من الشارع كاللقطة و امثالها فلا تكون الاجرة علي الاخذ بل تكون علي المالك و ذلك لوجهين:

احدهما: قوله تعالي «مٰا عَلَي الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ» «1» فان تحريم الاخذ و اخذ الاجرة منه نحو من سبيل و هو منفي.

ثانيهما: دليل نفي الضرر و يؤيد المدعي قوله تعالي «هَلْ جَزٰاءُ الْإِحْسٰانِ إِلَّا الْإِحْسٰانُ» «2» ان قلت: يجب الفحص عن المالك و قد فرض ان الفحص يتوقف علي بذل المال فلا مورد لنفي الضرر قلت: اولا: ان التوقف علي صرف المال لا يختص بالصرف من كيس الاخذ بل يتوقف علي طبيعي الصرف فلا دليل علي وجوبه من كيسه.

و ثانيا: الفحص دائما لا يتوقف علي صرف المال بل قد يتوقف و اخري لا يتوقف فلا مانع من رفع اليد عن اطلاق الدليل بحديث لا ضرر و أما ان كان علي غير وجه شرعي و بدون الاذن فلا اشكال في أن اجرة الفحص عليه اذ ليس أخذه احسانا كي يشمله دليل نفي السبيل علي المحسنين و أما دليل نفي الضرر فلا يشمل المقام لأنه حكم امتناني و نفيه عن الاخذ خلاف الامتنان علي المالك.

و بعبارة اخري: ان الاخذ حيث أخذه و وضع يده علي مال الغير بلا اذن مالكي أو شرعي يجب عليه ايصاله الي مالكه و لو مع التوقف علي بذل المال و من هنا

______________________________

(1) التوبة/ 91

(2) الرحمن/ 60

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 29

______________________________

اشتهر ان الغاصب يؤخذ باشق الأحوال و مما يؤكد المدعي ما عن علي عليه السلام مرسلا «الحجر الغصب في الدار رهن علي خرابها» «1» هذا.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: أما

في صورة جواز الأخذ فيجب علي الاخذ الفحص مقدمة للإيصال و لا ضمان عليه لقاعدة نفي السبيل علي المحسن فيأخذ من المالك أو من مجهول المالك باذن الحاكم و الظاهر انه لا وجه للأخذ من بيت المال كما في كلام سيدنا الاستاد اذ الظاهر انه لا دليل علي جوازه و أما ان كان الأخذ علي غير وجه شرعي فلا مجال للتوسل الي قاعدة نفي السبيل اذ المفروض انه ليس محسنا و عليه نقول: اذا قلنا بأن دليل لا ضرر لا يستفاد منه الا حرمة الاضرار كما بنينا عليه فلا مجال للبحث عن مفاد القاعدة لانتفاء الموضوع فيجب علي الاخذ صرف المال من باب مقدمة الواجب و لا دليل علي نفي الوجوب علي الفرض و أما لو لم نقل بهذه المقالة و تكلمنا علي طبق مذهب القوم فنقول: لا مانع من التمسك بقاعدة نفي الضرر و كونه خلاف الامتنان بالنسبة الي المالك لا يوجب عدم شمولها للأخذ فان الامتنان لا بد من تحققه بالنسبة الي من تتحقق القاعدة بالنسبة اليه لا بالنسبة الي كل احد لكن يقع التعارض في مدلول القاعدة بين المالك و الاخذ و حيث لا ترجيح تسقط القاعدة عن الاعتبار فيجب الفحص و صرف المال بلا أخذه من المالك و أما ما اشتهر من «أن الغاصب يؤخذ باشق الأحوال» فلا دليل عليه و أما المرسل فلا اعتبار به للإرسال.

و مما ذكرنا علم ما لو كان الفحص حرجيا حرجا زائدا علي المتعارف بحيث لا يكون قابلا للتحمل عادة فان وجوب الفحص يسقط لدليل نفي الحرج في الشريعة ان قلت: انه خلاف الامتنان بالنسبة الي المالك و حكم نفي الحرج امتناني قلت

______________________________

(1) الوسائل الباب 1

من ابواب الغصب الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 30

______________________________

لا بد من كونه امتنانيا بالنسبة الي من يصدق و يتحقق لا بالنسبة الي غيره و بعبارة اخري لا يلزم أن يكون نفي التكليف الحرجي عن شخص امتنانيا بالنسبة الي غيره فلا تغفل.

و ربما يقال: بأن مجهول المالك ملك للإمام عليه السلام و الدليل عليه ما رواه داود بن أبي يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رجل: اني قد أصبت مالا و اني قد خفت فيه علي نفسي و لو أصبت صاحبه دفعته اليه و تخلصت منه قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السلام و اللّه لو اصبته كنت تدفعه اليه؟ قال: أي و اللّه قال: فحلف فقال فأنا و اللّه ماله صاحب غيري قال: فاستحلفه أن يدفعه الي من يأمره قال: فقال فاذهب فاقسمه في اخوانك و لك الامن مما خفت منه قال: فقسمته بين اخواني «1» و هذه الرواية لا تثبت المدعي و قاصرة عن الاثبات سندا و دلالة أما سندا فلان لها طريقين:

احدهما: طريق الكليني ثانيهما: طريق الصدوق أما طريق الكليني ففيه موسي بن عمرو هو لم يوثق و في طريق الصدوق حسن بن علي بن عبد اللّه مغيرة و هو لم يوثق فالسند ساقط عن الاعتبار و أما دلالة فمن الممكن ان ما وقع مورد السؤال مال شخصي فقد عنه عليه السلام أو كان تركة لمن لا وارث له غيره عليه السلام أو كان من صفو دار الحرب الذي هو خاص للإمام عليه السلام و لا يستفاد من الرواية حكم كلي و الوجه في أمره عليه السلام بالتصدق يمكن ان يكون من جهة رفع التهمة عنه عليه السلام أو

الاحسان الي الفقراء و مجمل القول انه ليس في الرواية دلالة علي حكم مطلق مجهول المالك فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب اللقطة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 31

______________________________

و أما حديث محمد بن القاسم بن الفضيل بن يسار عن أبي الحسن عليه السلام في رجل كان في يده مال لرجل ميت لا يعرف له وارثا كيف يصنع بالمال؟ قال:

ما أعرفك لمن هو يعني نفسه «1» فهو ضعيف بعباد.

و ربما يقال: ان مجهول المالك ملك لمن وضع يده عليه بعد اخراج خمسه فيكون كبقية الفوائد و الدليل عليه ما رواه علي بن مهزيار قال: كتب اليه أبو جعفر عليه السلام و قرأت أنا كتابه اليه في طريق مكة قال: ان الذي أوجبت في سنتي هذه الي أن قال: فأما الغنائم فهي واجبة عليهم في كل عام قال اللّه تعالي: «وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبيٰ وَ الْيَتٰاميٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّٰهِ وَ مٰا أَنْزَلْنٰا عَليٰ عَبْدِنٰا يَوْمَ الْفُرْقٰانِ يَوْمَ الْتَقَي الْجَمْعٰانِ وَ اللّٰهُ عَليٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ» فالغنائم و الفوائد يرحمك اللّه فهي الغنيمة يغنمها المرء و الفائدة يفيدها و الجائزة من الانسان للإنسان التي لها خطر و الميراث الذي لا يحتسب من غير أب و لا ابن و مثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله و مثل مال يؤخذ و لا يعرف له صاحب الحديث «2».

و الحديث لا بأس به من حيث السند اذ طريق الشيخ قدس سره اليه معتبر في الجملة فلا يرد شي ء علي الرواية من حيث السند و أما من حيث الدلالة فعن المحقق الهمداني قدس سره انه استظهر من

الرواية هذا الرأي و ان مجهول المالك ملك لمن وضع يده عليه و عن الايرواني قدس سره ان الرواية صريحة في جواز التملك.

و أورد سيدنا الاستاد علي الاستدلال بالرواية اولا: ان هذه الرواية واردة في بيان موارد الخمس علي نحو القضية الحقيقية و ان كل مورد جاز التملك يكون

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب ميراث الخنثي و ما اشبهه الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 32

______________________________

فيه الخمس و أما هذا الكلي في أي مورد يتحقق فالرواية ساكتة عنه.

و ثانيا: ان الخبر ليس صريحا في جواز التملك بل غاية ما في الباب أن تكون مطلقة بالنسبة الي جواز التملك فنقيده بدليل التصدق.

و يرد عليه: ان الظاهر من الرواية بحسب الفهم العرفي ان المال المأخوذ لأخذه و يجب فيه الخمس.

و بعبارة اخري: ان الرواية في مقام بيان الفوائد التي يفيدها الانسان و تكون له غاية الأمر يجب عليه الخمس و هذا الظهور غير قابل للإنكار و العرف ببابك اضف الي ذلك ان سيدنا الاستاد لم يلتزم بوجوب الخمس في مورد مجهول المالك حتي في مورد جواز التملك فيرجع الي أن الإغماض عن هذه الفقرة من الحديث بلا وجه.

و في بعض الكلمات: ان الظاهر من الخبر ارادة اللقطة و حكم اللقطة التملك بعد التعريف. و فيه: انه لا شاهد علي هذه الدعوي بل المستفاد من الرواية مطلق مجهول المالك مضافا الي أن الاصحاب لم يلتزموا بوجوب الخمس في اللقطة بعد التملك و الحال انه لا وجه للإغماض عن هذه الفقرة كما ذكرنا و الانصاف ان دلالة الرواية علي المدعي تامة و حيث ان سندها تام لا وجه

لرفع اليد عنها اذ قد ذكرنا في محله ان اعراض المشهور عن رواية معتبرة لا يسقطها عن الاعتبار فبحسب الصناعة لا مانع من العمل بالرواية و لا تنافي بين هذه الرواية و رواية محمد بن مسلم «1» اذ حديث ابن مهزيار مختص بمورد مجهول المالك حسب الظهور و خبر ابن مسلم مطلق يشمل مورد معرفة المالك هذا اولا و ثانيا: قد ذكر في رواية ابن مسلم ان أفضل الخصال التصدق و الظاهر انه لا تنافي بين جواز التملك و استحباب التصدق و علي فرض التنافي نجعل حديث ابن مهزيار مقيدا لرواية ابن مسلم لكون حديث

______________________________

(1) لاحظ ص: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 33

______________________________

ابن مسلم اعم موردا من تلك الرواية.

و لكن لا يخفي انه يقع التعارض بين هذه الرواية و قوله تعالي: «إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا» «1» بالعموم من وجه فان عموم الاية يشمل جميع الامانات و يختص موردها بصورة التمكن من الايصال و الرواية تشمل صورة عدم التمكن من الايصال ففي صورة امكان الايصال يقع التعارض بين الدليلين و تقدم الاية لوجهين:

احدهما: ان العموم الوضعي مقدم علي العموم الاطلاقي: ثانيهما: ان الخبر المباين مع الكتاب بالتباين الجزئي ترفع اليد عنه و يؤخذ بالكتاب فالنتيجة ان مجهول المالك يجب ايصاله الي المالك مع فرض الامكان و أما مع عدم الامكان فيجوز تملكه بمقتضي حديث ابن مهزيار.

و مما يدل علي صيرورة مجهول المالك للأخذ ما رواه هشام بن سالم قال:

سأل حفص الأعور أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا حاضر فقال: كان لأبي أجير و كان له عنده شي ء فهلك الاجير فلم يدع وارثا و لا قرابة و قد ضقت بذلك كيف أصنع؟

قال:

رأيك المساكين رأيك المساكين فقلت: اني ضقت بذلك ذرعا قال: هو كسبيل مالك فان جاء طالب أعطيته «2».

لكن المستفاد من هذه الرواية ان من لا وارت له حكمه كذا و من الظاهر ان من لا وارث له يكون وارثه الامام عليه السلام فالمستفاد ان من وضع يده علي مال ينتقل اليه بعد هلاكه اذا كان وارثه الامام.

و ربما يقال: انه يجوز للواجد التصرف في مجهول المالك و التصدق به شيئا

______________________________

(1) النساء/ 61

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب ميراث الخنثي و ما اشبهه الحديث 10

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 34

______________________________

فشيئا و الدليل عليه ما رواه نصر بن حبيب صاحب الخان قال: كتبت الي عبد صالح عليه السلام: لقد وقعت عندي مائتا درهم و أربعة دراهم و أنا صاحب فندق و مات صاحبها و لم أعرف له ورثة فرأيك في اعلامي حالها و ما أصنع بها فقد ضقت بها ذرعا فكتب اعمد فيها و اخرجها صدقة قليلا قليلا حتي يخرج «1».

و الرواية ساقطة عن درجة الاعتبار فان نصر راوي الخبر لم يوثق فلا تصل النوبة الي معارضتها مع حديث الهيثم بن أبي روح صاحب الخان قال: كتبت الي عبد صالح عليه السلام اني أتقبل الفنادق فينزل عندي الرجل فيموت فجأة و لا أعرفه و لا أعرف بلاده و لا ورثته فبقي المال عندي كيف أصنع به؟ و لمن ذلك المال؟

قال: اتركه علي حاله «2».

مضافا الي أن خبر الهيثم أيضا ضعيف به فلاحظ. و ربما يقال: يجب حفظ مجهول المالك و الايصاء به عند الوفاة و الدليل عليه ما رواه هشام «3» و هذه الرواية موردها الحق و الكلام في المقام في العين مضافا الي أنها تدل انه

كسبيل ماله.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه هشام بن سالم قال: سأل حفص الأعور أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده جالس قال: انه كان لأبي أجير كان يقوم في رحاه و له عندنا دراهم و ليس له وارث فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: تدفع الي المساكين ثم قال: رأيك فيها ثم أعاد عليه المسألة فقال له مثل ذلك فأعاد عليه المسألة ثالثة فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: تطلب وارثا فان وجدت وارثا و الا فهو كسبيل مالك ثم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 21

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 35

______________________________

قال: ما عسي أن يصنع بها ثم قال: توص بها فان جاء طالبها و الا فهي كسبيل مالك «1».

و قال سيدنا الاستاد في هذا المقام: ان الرواية ناظرة الي الحق الكلي فلا يستفاد منها حكم العين الخارجية و ثانيا أورد بأن الحكم وارد في مورد شخصي و لا يستفاد من الرواية الحكم الكلي. و الظاهر عدم ورود شي ء من الايرادين أما الايراد الاول فيدفعه ان المذكور في الرواية «ان له عندنا دراهم» و هذه الجملة لو لم تكن نصا في العين فلا اشكال في ظهورها فيها.

و أما الايراد الثاني فيدفعه ان المستفاد من الرواية بحسب الفهم العرفي ان ما أفاده عليه السلام حكم مجهول المالك كما في نظائر المقام نعم يتوجه اشكال و هو ان الظاهر من الرواية بيان حكم مورد يكون المالك معلوما غاية الأمر انه لا يمكن الايصال اليه فلا يعارض هذه الرواية حديث ابن مهزيار اذ ذلك الحديث مورده مجهول المالك فلا يتحد موردهما و يمكن أن يقال: ان المستفاد من الرواية ان الاجير

هلك و لا وارث له فالمال للإمام عليه السلام فمفاد هذه الرواية كمفاد حديث هشام «2».

و ربما يقال: بأنه يجب دفع مجهول المالك الي الحاكم لأنه ولي الغائب و يرد عليه: انه لا دليل علي ولاية الفقيه علي الامور كولاية الامام عليه السلام و انما ولايته من باب الحسبة و لا بد من الاقتصار فيها علي المقدار المعلوم و المقام ليس كذلك كما انه مع وجود الاب و الجد لا ولاية للحاكم علي الصغير فانه لو استفيد وجوب التصدق به فلا يجوز الدفع الي الحاكم. ان قلت: يجب الدفع اليه من باب كونه وليا أو من باب كونه أعرف بموارد الصرف.

قلت: أما كونه وليا فقد ظهر فساده و أما كونه اعرف فباعتبار اصل الحكم

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من ابواب الدين و القرض الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 33

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 36

______________________________

فنعم لكن بعد السؤال و التعلم يكون من يقلده مثله و أما بالنسبة الي الموضوع فليس الامر كذلك بل ربما يكون المقلد اعرف مضافا الي أنه لا دليل علي تعين الاعرف فالنتيجة انه لا دليل علي وجوب الدفع الي الحاكم.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم انا نذكر فروعا في المقام و نتعرض لدليل كل واحد منها و نستمد من المولي جل جلاله: الفرع الاول:

اذا وقع عين لا يعلم لها مالك في يد المكلف و يمكنه الفحص عن مالكه يجب الفحص بمقتضي قوله تعالي في سورة النساء «إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا» «1» فلو فحص عن المالك و وجده اعطاه اياها و لو فرض ان الفحص كان حرجيا يسقط وجوب الفحص لدليل نفي الحرج و لو كان ضرريا فتارة يكون وضع اليد علي

المال باذن من الشارع و اخري لا يكون باذنه أما علي الاول فلا ضمان علي الاخذ و قلنا سابقا انه يؤخذ من المالك لقوله تعالي في سورة التوبة «مٰا عَلَي الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ» «2».

و أما علي الثاني فعلي مسلك المشهور في قاعدة نفي الضرر يتعارض ضرر الغاصب و المالك و بعد التعارض تسقط القاعدة و لا بد من تحمل الضرر و الفحص و أما علي ما سلكناه في مفاد القاعدة فيجب الفحص و تحمل الضرر و أما لو فحص فلم يجد المالك و يأس من الوصول اليه فتكون العين ملكا للأخذ و يجب عليه التخميس لحديث ابن مهزيار «3» و لا تعارض بين هذا الحديث و ما رواه محمد بن مسلم «4» اذ المستفاد من حديث ابن مسلم ان الثمن أفضل خصاله التصدق

______________________________

(1) النساء/ 61

(2) التوبة/ 91

(3) لاحظ ص: 31

(4) لاحظ ص: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 37

______________________________

فلا تنافي بين التملك و كون التصدق أفضل مضافا الي أنه يمكن أن يقال: ان حديث ابن مسلم اعم من حديث ابن مهزيار لان حديث ابن مهزيار ظاهر في مجهول المالك و حديث ابن مسلم اعم و ان أبيت و قلت: يكون الخبر ان متعارضين كان الترجيح مع حديث ابن مهزيار لتأخره و كونه احدث و هو من المرجحات علي مسلكنا.

الفرع الثاني: لو كانت العين معلومة المالك لكن لا يمكنه الوصول اليه و الظاهر ان حكمه التصدق و الدليل عليه حديث محمد بن مسلم «1» و يؤيد المدعي ما رواه يونس «2» و الحديث ضعيف سندا بالعبيدي.

الفرع الثالث: لو هلك صاحب العين و لا وارث له تكون العين للأخذ و الدليل عليه احاديث هشام «3».

الفرع الرابع: انه لو

وقعت عين في يد المكلف و كان مالكها معلوما شخصا لكن لا يمكن الوصول اليه.

و لا يبعد أن يكون حكمها التصدق لا طلاق حديث ابن مسلم «4» فان اطلاق هذا الحديث يقتضي أن يتصدق به و علي هذا هل يمكن الالتزام بأن حكم مال الامام عليه السلام كذلك بأن يتصدق به؟ الظاهر انه ليس كذلك و الوجه فيه انه ما دام يمكن الايصال اليه لا تصل النوبة الي الصدقة. و بعبارة اخري: يحرم التصرف في مال الغير و حيث انه عليه السلام يرضي بصرف ماله في بعض الوجوه فلا تصل النوبة الي الصدقة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 24

(2) لاحظ ص: 22

(3) لاحظ ص: 21 و 33 و 34

(4) لاحظ ص: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 38

______________________________

و ان شئت قلت: صرفه في مورد العلم برضاه نحو من الايصال فيقدم علي الصدقة. ان قلت: كيف يمكن التصدق بمجهول المالك بعد فرض ان التصدق نحو من التصرف؟ قلت: الأمر كذلك لكن بعد وجود دليل الجواز لا تصل النوبة الي هذا الاشكال.

ان قلت: الأمر بالتصدق حيث انه وارد في مقام توهم الحظر لا يدل علي الوجوب مضافا الي أن المذكور في حديث ابن مسلم «1» ليس بصورة الأمر فكيف نلتزم بوجوب التصدق؟ قلت: الامر الواقع في مقام توهم الحظر يتصور فيما نهي المولي من شي ء ثم يأمر به كالأمر بالصيد بعد النهي عنه أو يكون المقام مقام النهي و في المقام ليس كذلك و أما حديث ابن مسلم «2» فالمستفاد منه ان احسن عمل يعمل في المال المذكور أن يتصدق به و حيث ان ابقاء المال نحو تصرف فيه و ليس عليه دليل فبحكم العقل يلزم التصدق به و لا يبعد

أن يستفاد من قوله عليه السلام «أفضل خصال» الخ الزام التصدق به. و بعبارة اخري: يكون المراد من الأفضل التعين كما يستعمل كثيرا في اللغة العربية و غيرها من اللغات فتأمل.

الفرع الخامس: لو تلفت العين في يد الاخذ فتارة لا يكون التلف موجبا للضمان و اخري يكون موجبا له أما علي الاول- كما لو كان الأخذ باذن الشارع و لم يكن التلف بتفريط من ناحية الاخذ- فالأمر ظاهر اي ليس علي الاخذ شي ء و أما علي الثاني: فالذمة مشغولة و لا بد من ابرائها و لا يبعد أن يستفاد من حديث ابن مسلم «3» وجوب التصدق اذ العرف لا يفهم فرقا بين العين و الدين من هذه

______________________________

(1) لاحظ ص: 24

(2) لاحظ ص: 24

(3) لاحظ ص: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 39

______________________________

الجهة.

الفرع السادس: ان هذه الصدقة عن المالك أو عن الأخذ أو لا هذا و لا ذلك؟

الحق هو الثالث اذ ليس في حديث ابن مسلم الالزام بنحو خاص و مقتضي قوله عليه السلام: «أن يتصدق بثمنه» وجوب التصدق.

الفرع السابع: ان الصدقة هل توجب ضمان المتصدق أم لا؟ الذي يختلج بالبال أن يقال: ان اليد الموضوعة علي العين تارة لا تكون يد ضمان من اول الأمر و اخري تكون اليد يد ضمان فهنا مقامان:

أما المقام الأول: فالظاهر عدم الضمان لعدم المقتضي اذ المفروض ان وضع اليد باذن من الشارع و ما علي المحسنين من سبيل فلا تكون اليد ضمانية و لا تشملها قاعدة علي اليد و أما دليل الاتلاف فليس مفاد آية أو رواية بل مستفاد من الموارد و لا يمكن أن يشمل المقام اذ الظاهر من دليل التصدق ان وظيفة الاخذ هو التصدق و به تتم

وظيفته و لا يبقي عليه شي ء مضافا الي أنه لو اشتغلت ذمته بالبدل يجب عليه التصدق به و هكذا فيلزم التسلسل و هو مقطوع البطلان فلا مجال لقاعدة الاتلاف و اما الدليل الخاص المقتضي للضمان فلم يقم في المقام.

و اما حديث ايداع اللص «1» الدال علي كون مجهول المالك مثل اللقطة فهو ضعيف سندا و اما قياس المقام علي باب اللقطة و الحكم بأنهما متحدان من حيث الحكم فتخرص بالغيب و يؤيد المدعي حديث البطائني «2».

و اما المقام الثاني فالحق فيه أيضا عدم الضمان فان مقتضي قاعدة اليد الضمان لكن التصدي بأمر الشارع نحو من الأداء مضافا الي انه لو لا ذلك يلزم التسلسل كما تقدم و حديث البطائني يؤيد المدعي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 21

(2) لاحظ ص: 23

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 40

______________________________

الفرع الثامن: هل يجب ان يكون التصدق باذن الحاكم الشرعي أم لا يلزم؟

الحق هو الثاني لعدم الدليل علي ولايته و توقف التصدق علي اذنه بل مقتضي الاطلاق عدم اشتراط التصدق باذنه نعم مقتضي الاحتياط ان يكون باذنه خروجا عن شبهة الخلاف.

الفرع التاسع لو تصدق بمجهول المالك و تكون العين باقية في يد آخذ الصدقة فوجد المالك فهل له ان يأخذ العين من الاخذ أم لا؟ الحق هو الثاني اذ بعد التصدق بحكم الشارع تصير ملكا للأخذ و لا دليل علي جواز استرداد المالك.

مضافا الي ان المستفاد من جملة من النصوص عدم جواز الرجوع في الصدقة لاحظ ما رواه الحكم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان والدي تصدق علي بدار ثم بدا له أن يرجع فيها و ان قضاتنا يقضون لي بها فقال: نعم ما قضت به قضاتكم و بئس ما صنع والدك

انما الصدقة للّه عز و جل فما جعل للّه عز و جل فلا رجعة له فيه الحديث «1».

و ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتصدق بالصدقة ثم يعود في صدقته فقال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: انما مثل الذي يتصدق بالصدقة ثم يعود فيها مثل الذي يقي ء ثم يعود في قيئه «2».

و ما رواه طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عليهم السلام قال: من تصدق بصدقة ثم ردت عليه فلا يأكلها لأنه لا شريك للّه عز و جل في شي ء مما جعل له انما هو بمنزلة العتاقة لا يصلح ردها بعد ما يعتق «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 41

______________________________

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: انما مثل الذي يرجع في صدقته كالذي يرجع في قيئه «1».

و ما رواه جراح المدائني عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: في الرجل يرتد في الصدقة قال: كالذي يرتد في قيئه «2».

و ما رواه علي بن اسماعيل عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه في الرجل يخرج الصدقة يريد أن يعطيها السائل فلا يجد قال: فليعطيها غيره و لا يردها في ماله «3».

و ما رواه محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام في حديث قال: لا يرجع في الصدقة اذا ابتغي بها وجه اللّه عز و جل «4».

و ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تصدق بصدقة علي حميم

أ يصلح له أن يرجع فيها قال: لا و لكن ان احتاج فليأخذ من حميمه من غير ما تصدق به عليه «5».

فان المستفاد من هذه النصوص ان الصدقة لا رجوع فيها و لا يخفي ان مقتضي حديث محمد بن مسلم ان الصدقة لا يرجع فيها علي الاطلاق بلا فرق بين المصدق و غيره فليس للمالك الرجوع فلاحظ و يستفاد من بعض النصوص ان قوام الصدقة بكونها للّه تعالي لاحظ ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا صدقه و لا عتق الا مالا اريد به وجه اللّه عز و جل «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) نفس المصدر الحديث: 9

(6) الوسائل الباب 13 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 42

______________________________

و ما رواه ابن اذينة و ابن بكير و غيرهم كلهم قالوا: قال أبو عبد اللّه عليه السلام لا صدقة و لا عتق الا ما اريد به وجه اللّه عز و جل «1».

الفرع العاشر: هل يعتبر في آخذ الصدقة الفقر أم يجوز الاعطاء للأغنياء أيضا؟ ربما يقال- كما عن صاحب الجواهر قدس سره- جوازه بتقريب: ان الادلة باطلاقها يقتضي التسوية بين الفقير و الغني و رتب علي مرامه جواز دفع سهم الامام عليه السلام الي الاغنياء لأن السهم المبارك حكمه التصدق.

و يرد عليه: ان المتبادر من مفهوم الصدقة اعتبار الفقر في المتصدق عليه و مع الشك في الصدق يلزم الاحتياط لعدم العلم بالبراءة الا بالاحراز و ان شئت قلت:

ان العين لمالكها و لا بد من رفع الضمان و الخروج عن العهدة احراز الطريق الشرعي و لا

يحرز الا مع رعاية القيد المزبور اضف الي ذلك قوله تعالي «إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ الاية» «2».

و في الاستدلال بالآية علي المدعي نظر اذ الظاهر ان الاية ناظرة الي بيان مصارف الزكاة الواجبة فان الاوصاف المذكورة في الاية مصارف الزكاة و من الظاهر ان الاية لا تقبل التبعيض بأن يقال: ان الصدقة الواجبة للفقراء علي الاطلاق و الزكاة خاصة للأصناف و بعبارة واضحة: الاية خاصة ببيان مصارف الزكاة فلا دلالة لها علي مصرف الصدقة علي نحو الاطلاق. نعم لا اشكال في أن السيرة الخارجية جارية علي عدم اعطاء الصدقة للغني فلا بد من اتمام الأمر بالسيرة و التسالم و الاجماع ان تم.

الفرع الحادي عشر: انه هل يجوز اعطاء الصدقة للهاشمي أم لا؟ و قد تعرضنا لهذه الجهة و تكلمنا حولها في كتاب الزكاة في ذيل مسألة (69) فراجع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) التوبة/ 60

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 43

و ان كان الحيوان لا يقوي علي الامتناع جاز اخذه كالشاة و اطفال الابل و البقر و الخيل و الحمير و نحوها (1) فان اخذه عرفه في موضع

______________________________

المجلد السادس من هذا الكتاب ص: 501- 503.

الفرع الثاني عشر: هل يجوز وضع اليد علي مجهول المالك بعنوان ايصاله الي المالك أو التصدق به بعد وضع الغير يده عليه أم لا؟ يمكن أن يقال: بأنه اذا كان الوضع السابق بعنوان التملك و التصاحب فلا يجوز و اذا كان الغير يكون تصرفه و وضعه يده علي المال عدوانيا فلا اشكال في الجواز اذا كان بقصد الاحسان و ايصال المال الي صاحبه أو العمل بالوظيفة المقررة و أما اذا كان السابق أيضا يريد الايصال و الاحسان فتارة يرضي بوضع الغير يده

علي العين فالظاهر انه لا مانع من الوضع الثاني و اخري لا يرضي و في هذه الصورة لا نري مانعا من الوضع اذا كان بقصد الاحسان و ايصال المال الي صاحبه اذ اطلاق الأدلة بالنسبة الي كلا الشخصين علي السواء و اللّه العالم.

(1) عن التذكرة: نسبته الي علمائنا و عن بعض الاعيان: دعوي الاجماع علي الجواز و عن بعض اجماع العامة علي أن ضالة الغنم في الموضع المخوف له أكلها و استدل علي الجواز أيضا: بأنه في معرض التلف لعدم قدرته علي الامتناع فهو كالتالف و يدل علي الجواز بعض النصوص لاحظ ما رواه هشام بن سالم «1» و ما رواه معاوية بن عمار «2».

و ما رواه ابن أبي يعفور قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: جاء رجل من المدينة فسألني عن رجل أصاب شاة فأمرته أن يحبسها عنده ثلاثة أيام و يسأل عن صاحبها

______________________________

(1) لاحظ ص: 17

(2) لاحظ ص: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 44

الالتقاط (1) و الاحوط أن يعرفه في ما حول موضع الالتقاط أيضا (2) فان لم يعرف المالك جاز له تملكها و التصرف فيها بالاكل و البيع (3) و المشهور انه

______________________________

فان جاء صاحبها و الا باعها و تصدق بثمنها «1».

و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل أصاب شاة في الصحراء هل تحل له؟ قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: هي لك أو لأخيك أو للذئب فخذها و عرفها حيث اصبتها فان عرفت فردها الي صاحبها و ان لم تعرف فكلها و أنت ضامن لها ان جاء صاحبها يطلب ثمنها أن تردها عليه «2» فالنتيجة: ان اصل الاخذ

لا اشكال فيه.

(1) كما في رواية علي بن جعفر و عن العلامة في التذكرة: «ان الاقرب عدم وجوب التعريف لقوله صلي اللّه عليه و آله: «هي لك» بتقريب: ان الظاهر من هذه الجملة تملكها من غير تعريف. و فيه: انه صلي اللّه عليه و آله صرح في الرواية بقوله: «عرفها حيث أصبتها» و مع هذا التصريح لا مجال لهذا التقريب و استدل صاحب الجواهر قدس سره علي عدم وجوب التعريف بالإجماع و حال الاجماع في الاشكال معلوم.

(2) لا اشكال في حسن الاحتياط و لكن لم يظهر وجه هذا الاحتياط اذ قد صرح في حديث ابن جعفر «3» بالتعريف حيث أصابه.

(3) كما صرح في حديث ابن جعفر فان قوله عليه السلام «فكلها» ظاهر بل صريح في جواز التملك و ربما يقال: بأن حديث ابن جعفر يعارضه حديثه الاخر

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب اللقطة الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 45

يضمنها حينئذ بقيمتها (1) لكن الظاهر أن الضمان مشروط بمطالبة المالك فاذا جاء صاحبها و طالبها وجب عليه دفع القيمة (2) و جاز له أيضا ابقائها عنده الي أن يعرف صاحبها (3).

______________________________

قال: سألته عن الرجل يصيب اللقطة دراهم أو ثوبا أو دابة كيف يصنع؟ قال:

يعرفها سنة فان لم يعرف صاحبها حفظها في عرض ماله حتي يجي ء طالبها فيعطيها اياه و ان مات أوصي بها فان أصابها شي ء فهو ضامن «1».

فان مفاد هذا الحديث وجوب التعريف اولا سنة و الحفظ لصاحبه ثانيا فما التوفيق في الجمع بين الحديثين؟ و يمكن الجواب عن هذا الاشكال: ان النسبة بين الحديثين بالعموم و الخصوص لا بالتباين فلا تعارض اذ هذا الحديث قد صرح بالدراهم

و الثوب و الدابة في كلام السائل بعد سؤاله عن مطلق اللقطة و في جواب السائل قال عليه السلام «يعرفها» اي اللقطة فغاية ما في الباب هو الاطلاق و لا اشكال في أن الاطلاق قابل للتقييد.

(1) قال في الجواهر «2»: و كذا لا خلاف اجده في أن الاخذ بالخيار ان شاء ملكها و يضمن مطلقا حين النية علي وجه بكون دينا في ديونه كما هو المشهور الي آخر كلامه فهذا هو المشهور.

(2) كما صرح به في حديث ابن جعفر فلاحظ فان مفاد هذا الحديث ان الضمان مشروط بمجي ء صاحبها و مطالبة ثمنها.

(3) قال المحقق في الشرائع: «و ان شاء احتسبها امانة في يده لصاحبها و لا ضمان» و قال في الجواهر في هذا المقام: «لم اتحقق فيه خلافا» و يمكن أن يقال بأنه موافق للقاعدة لأنه احسان و المفروض ان وضع اليد عليها باذن من مالك الملوك

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب اللقطة الحديث: 13

(2) ج 38 ص: 233

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 46

و لا ضمان عليه حينئذ (1).

[مسألة 9: إذا ترك الحيوان صاحبه في الطريق]

(مسألة 9): اذا ترك الحيوان صاحبه في الطريق فان كان قد أعرض عنه جاز لكل احد تملكه كالمباحات الاصلية (2) و لا ضمان علي

______________________________

فلا ريب في أنه احسان و ما علي المحسنين من سبيل.

(1) اذ المفروض انه امين و قد أحسن و لا مقتضي للضمان بل المقتضي لعدمه موجود و هو نفي السبيل علي المحسن فلاحظ.

فرعان: احدهما: ان الاخذ لو مات بعد التملك فهل يتوجه التكليف الي وارثه بحيث يكون ضامنا مع رجوع المالك أم يختص حكم الضمان بالاخذ؟ لا يبعد القول بالثاني اذ المفروض ان المال انتقل الي الاخذ بالتملك و ضمانه بالرجوع قد ثبت

و قد دل عليه النص و لا دليل علي الضمان مع موت الاخذ.

ثانيهما: انه لو مات صاحب العين فهل ينتقل هذا الحق اي حق الرجوع الي وارثه أم لا؟ الأقوي هو الثاني اذ قابلية انتقال هذا الحق الي الوارث اول الكلام اذ ليس كل حق قابلا للانتقال كحق الحضانة و من ناحية اخري انه لا دليل علي انتقال كل حق الي الوارث.

بقي شي ء و هو ان الموضوع للأحكام المذكورة لا تختص- كما في كلام الماتن- بخصوص الشاة و عليه يتوجه السؤال بأنه ما الوجه في العموم فنقول أما الوجه في عموم الحكم فمضافا الي عدم الخلاف و الاجماع المدعي في المقام جملة من النصوص لاحظ احاديث هشام و معاوية و علي بن جعفر «1» فان المستفاد من هذه النصوص بالفهم العرفي ان الحيوان الذي لا يقوي علي الدفاع عن نفسه و لا يكون معرضا للتلف يجوز وضع اليد عليه و أما الحيوان الذي يقدر علي التعيش و الدفاع عن نفسه فلا يجوز وضع اليد عليه فلاحظ.

(2) بناء علي كون الأعراض مخرجا عن الملك كما هو كذلك فانه مقتضي السيرة

______________________________

(1) لاحظ ص: 17 و 15 و 44

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 47

الاخذ (1) و اذا تركه عن جهد و كلل بحيث لا يقدر أن يبقي عنده و لا يقدر أن يأخذه معه فاذا كان الموضع الذي تركه فيه لا يقدر فيه الحيوان علي التعيش فيه لأنه لا ماء فيه و لا كلاء و لا يقوي الحيوان فيه علي السعي اليهما جاز لكل احد اخذه و تملكه (2) و أما اذا كان بقدر الحيوان فيه علي التعيش لم يجز لأحد أخذه و لا تملكه (3) فمن

______________________________

الجارية و

يكون خلافه مستنكرا في الاذهان و الشاهد عليه انه لو أعرض احد عن لبنات و القاها في المزبلة فأخذها شخص و تملكها و وضعها في بناء جدار داره فليس للمالك الاول الرجوع اليها و أخذها بل يعد خلافا للشرع فلاحظ.

و ربما يقال ان الاعراض لا بد أن يكون ممن له الاهلية و مع الشك يكون مقتضي الأصل عدمه و يرد بأن السيرة جارية علي جواز تملك المعرض عنه نعم لو ثبت عدم قابلية المعرض بأن يكون سفيها أو مجنونا أو غير بالغ فيشكل الحكم بالجواز و هذا أمر آخر و يظهر من صاحب الجواهر «1» ان الحيوان لو تلف في فرض الأعراض لا ضمان علي الاخذ قطعا و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه ابن سنان «2» فان التسبب علي ما يظهر من مجمع البحرين عبارة عن تركها.

(1) لعدم ما يقتضي الضمان.

(2) ادعي انه الاشهر بل ادعي ان عامة المتأخرين عليه و يمكن الاستدلال عليه بما رواه السكوني «3» و الرواية محل الكلام سندا.

(3) فان التفصيل المذكور يظهر من الخبر المزبور و بعبارة اخري: المستفاد من الخبر المذكور ان المالك تارة يترك الحيوان في مكان يقدر علي التعيش بأن

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 38 229

(2) لاحظ ص: 18

(3) لاحظ ص: 18

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 48

أخذه كان ضامنا له (1) و كذا اذا تركه عن جهد و كان ناويا للرجوع اليه قبل ورود الخطر عليه (2).

[مسألة 10: إذا وجد الحيوان في العمران]

(مسألة 10): اذا وجد الحيوان في العمران و هو المواضع المسكونة التي يكون الحيوان فيها مأمونا كالبلاد و القري و ما حولها مما يتعارف وصول الحيوان منها اليه لم يجز له اخذه (3) و من اخذه ضمنه (4) و يجب

عليه التعريف (5) و يبقي في يده مضمونا الي أن يؤديه الي مالكه (6) فان يئس منه تصدق به باذن الحاكم الشرعي (7) نعم اذا كان غير مأمون من التلف عادة لبعض الطواري لم يبعد جريان حكم

______________________________

يوجد في ذلك المكان الكلاء و الماء و اذا لم يوجد ما يرتزق به و يعيش يقدر علي التعيش بالسعي الي الماء و الكلاء و اخري يتركه في معرض التلف أما علي الاول فلا يجوز اخذه و أما علي الثاني فيجوز.

(1) لقاعدة اليد المقتضية للضمان.

(2) فان الضمان في هذه الصورة أيضا لقاعدة اليد حيث لم يرخص الاخذ في الأخذ لا من ناحية الشارع و لا من ناحية المالك.

(3) اذ التصرف في مال الغير بغير رضاه حرام و لا مجوز للأخذ.

(4) لقاعدة اليد.

(5) اذ يجب عليه أن يؤديه الي مالكه و التعريف مقدمة له فيجب لوجوب المقدمة بوجوب ذيها.

(6) كما هو مفاد قاعدة علي اليد.

(7) قد تقدم الكلام بالنسبة الي هذه الجهة و ان مقتضي الادلة وجوب التصدق

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 49

غير العمران جواز تملكه في الحال بعد التعريف و من ضمانه له كما سبق (1).

[مسألة 11: إذا دخلت الدجاجة أو السخلة في دار الإنسان لا يجوز له أخذها]

(مسألة 11): اذا دخلت الدجاجة أو السخلة في دار الانسان لا يجوز له أخذها (2) و يجوز اخراجها من الدار (3) و ليس عليه شي ء اذا لم يكن قد أخذها (4) أما اذا أخذها ففي جريان حكم اللقطة عليها اشكال (5).

______________________________

أو جواز التملك بمقتضي حديث ابن مهزيار «1» و لا وجه للإعادة فراجع ما ذكرناه هناك.

(1) بأن نقول: المستفاد من حديث ابن جعفر «2» ان الحيوان الذي يكون في معرض التلف يكون حكمه كذلك بلا فرق بين العمران و غيرها و الحق ان

ما أفاده في المتن غير بعيد لكن الجزم به بحيث يفتي به مشكل فلاحظ.

(2) اذ المفروض انه مال الغير و لا يجوز التصرف في مال الغير.

(3) اذ يجوز افراغ الملك عن مال الغير فانه من شئون الملكية و السلطة.

(4) اذ مع عدم الأخذ لا تتحقق قاعدة اليد و بدون الأخذ لا مقتضي للضمان.

(5) قال في الجواهر «3»: «و علي كل حال فلا وجه للتعريف لعدم تناول ادلة التعريف لمثلها كغيرها من اللقطة الغير الجائزة و علي تقديره فظاهر الخبر المزبور كون التعريف علي الوجه المذكور» و مراده من الخبر ما رواه ابن أبي يعفور «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 31

(2) لاحظ ص: 44

(3) ج 38 ص: 252

(4) لاحظ ص: 43

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 50

و الاحوط التعريف بها حتي يحصل اليأس من معرفة مالكها (1) ثم يتصدق بها (2) و لا يبعد عدم ضمانها لصاحبها اذا ظهر (3).

[مسألة 12: إذا احتاجت الضالة إلي النفقة فان وجد متبرع بها أنفق عليها]

(مسألة 12): اذا احتاجت الضالة الي النفقة فان وجد متبرع بها أنفق عليها (4) و الا أنفق عليها من ماله (5) و رجع بها علي المالك (6).

______________________________

فان مقتضي اطلاق هذا الخبر ان الشاة المأخوذة علي الاطلاق حكمها كذلك يخرج عن الاطلاق اذا دل الدليل علي خلافه و يبقي الباقي لكن الرواية المذكورة ضعيفة بمنصور و محمد بن موسي و بعد ضعف هذه الرواية و عدم شمول غيرها للمقام لا بد من العمل علي طبق القاعدة.

(1) بل لعله الأقوي اذ يجب اداء المال الي مالكه و من مقدماته الفحص فيجب.

(2) بل لا يبعد جواز التملك و وجوب الخمس بمقتضي حديث ابن مهزيار «1»

(3) لعدم ما يقتضي الضمان فان الاخذ لو تصدق بها بأمر من الشارع فلا وجه لتغريمه بعده و

ان شئت قلت: التصدق بأمر الشارع نحو من الاداء و مع الاداء لا مجال للضمان فلاحظ.

(4) و لا اشكال فيه.

(5) لأنه مال الغير و يجب حفظه فلا بد من الانفاق.

(6) تارة يكون الاخذ غاصبا و اخري يكون اخذه جائزا أما علي الاول فالظاهر عدم جواز الرجوع لأن انفاقه ليس باذن المالك و لا بأمره و كذلك ليس باذن من الشارع اذ المفروض انه غاصب و مجرد عود نفع الانفاق الي المالك لا يقتضي الرجوع اضف الي ذلك ما رواه أبو ولاد قال: قلت قد علفته بدراهم فلي عليه

______________________________

(1) لاحظ ص: 31

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 51

______________________________

علفه؟ قال: لا لأنك غاصب «1».

فان صريح الرواية يدل علي أن الغاصب اذا أنفق علي المغصوب ليس له الرجوع علي المالك مضافا الي جميع ما ذكرنا ما هو المعروف بين القوم من أن الغاصب يؤخذ بأشق الأحوال و أما اذا لم يكن غاصبا فما يمكن أن يستدل به علي جواز الرجوع وجوه:

الوجه الاول: قاعدة لا ضرر بتقريب: ان وجوب الانفاق عليه مع عدم الرجوع ضرر عليه و الضرر مرفوع في الشريعة.

و يرد عليه: اولا ان هذا الاستدلال يتم علي مسلك المشهور في مفاد لا ضرر لا علي مسلكنا و ثانيا: قد ثبت في محله ان القاعدة لا تثبت شيئا بل مفاد القاعدة النفي.

اضف الي ذلك انه علي مسلك المشهور يمكن أن يقال: بأن مقتضي القاعدة عدم وجوب الانفاق اذ المفروض ان الانفاق ضرر فلا يجب كبقية الاحكام الضررية التي ترفع بالقاعدة و توهم عدم جريان القاعدة لكونها خلاف الامتنان بالنسبة الي المالك مدفوع بأن الامتنان يلزم أن يكون بالنسبة الي من تشمله القاعدة لا الغير و المقام كذلك.

الوجه الثاني: حديث

أبي ولاد «2» فان المستفاد من الرواية ان الغاصب لكونه غاصبا ليس له الرجوع فالمقتضي للرجوع موجود لكن الغصب يمنع عن التأثير فمع عدم كونه غاصبا يجوز الرجوع.

الوجه الثالث: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن اللقطة اذا كانت جارية هل يحل فرجها لمن التقطها؟ قال: لا انما يحل

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب الغصب

(2) لاحظ ص: 50

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 52

و اذا كان للقطة نماء أو منفعة استوفاه الملتقط و يكون بدل ما أنفقه عليها (1) و لكن بحسب القيمة علي الاقوي (2).

______________________________

له بيعها بما أنفق عليها «1».

الوجه الرابع: ما ورد من النصوص فيما أنفق علي اللقيط لاحظ احاديث حاتم بن اسماعيل و عبد الرحمن العزرمي و محمد بن احمد و محمد بن مسلم «2» فان المستفاد منها جواز الرجوع فيما أنفق اذ الظاهر عدم الفرق بين الموردين.

(1) فيما يجوز له الاخذ فانه نقل «3» عن الروضة عدم الخلاف في جواز الانتفاع.

(2) ربما يقال: ان هذا بعنوان التقاص و اورد عليه بعدم رعاية شرائط التقاص فليس منه. و ربما يقال: بأنه في مقابل ما ينفق و اعترض عليه: بأن تحقق المعاوضة بين الاخذ و المالك الغائب خلاف القاعدة و لعل كلام الماتن ناظر الي أن المستفاد من النص جواز الانتفاع بحساب القيمة و بذلك المقدار لاحظ ما رواه محمد بن احمد «4».

و لاحظ ما رواه أبو ولاد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأخذ الدابة و البعير رهنا بماله أله أن يركبه؟ قال فقال: ان كان يعلفه فله أن يركبه و ان كان الذي رهنه عنده يعلفه فليس أن يركبه «5».

و ما

رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الظهر يركب اذا كان مرهونا و علي الذي يركبه

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب اللقطة الحديث: 8

(2) لاحظ ص: 7

(3) جواهر الكلام ج 38 ص: 266

(4) لاحظ ص: 7

(5) الوسائل الباب 12 من أبواب الرهن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 53

[مسألة 13: كل مال ليس حيوانا و لا إنسانا إذا كان ضائعا و مجهول المالك و هو المسمي لقطة بالمعني الأخص]

(مسألة 13): كل مال ليس حيوانا و لا انسانا اذا كان ضائعا و مجهول المالك و هو المسمي لقطة بالمعني الاخص (1).

______________________________

نفقته و الدر يشرب «و يشرب الدريه» اذا كان مرهونا و علي الذي يشرب نفقته «1»

فان المستفاد من هذه الأحاديث بحسب الفهم العرفي انه يستفاد من العين بمقدار ما انفق عليها فلا تقاص و لا معاوضة بل اذن من الشارع في الانتفاع بهذا الحساب فلاحظ.

لكن الانصاف ان المسألة محل الاشكال اذ الحديثان الواردان في الرهن انما يدلان علي جواز الانتفاع للمرتهن فيما ينفق و أما التقدير بلحاظ القيمة فلا يستفاد من الحديثين مضافا الي أن الحديثين واردان في الرهن و أما حديث محمد بن احمد «2» فالانصاف ان دلالته علي المدعي تامة لكن السند مخدوش بمحمد بن احمد فان وثاقة الرجل محل الاشكال و التأمل.

(1) قال في الجواهر «3»: «اللقطة لغة و عرفا كل مال غير الحيوان الذي هو القسم الثاني ضائع اخذ و لا يد عليه و لا يد ملتقط سابق فانه و ان صدق عليه انه مال ضائع الا انه سبقت عليه يد الالتقاط» الخ.

و هذا هو المعروف بين القوم في تعريف اللقطة فيخرج بقيد الضياع المال المجهول المالك المحكوم بحكم آخر و بالقيد الثاني و هو الأخذ ما لم

يؤخذ المال المطروح و بالقيد الأخير يخرج ما لو اخذه من ملتقط آخر فلا يترتب عليه حكم اللقطة و يمكن أن يقال- كما في كلام بعض الأصحاب-: انه لم يظهر وجه القيد الأخير بعد صدق اللقطة علي المال المأخوذ من آخر فهل يمكن أن يقال: اذا أخذ

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 7

(3) ج 38 ص: 271

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 54

يجوز اخذه علي كراهة (1).

______________________________

انسان لقطة و مات قبل التعريف ثم أخذه آخر لا يجب عليه التعريف لأنه أخذه من سابق؟ فالظاهر ان ما أفاده الماتن في التعريف بلا ذكر القيد الأخير هو الصحيح و اللّه العالم.

و يمكن الاستدلال علي الاطلاق باطلاق ببعض النصوص لاحظ ما رواه ابن جعفر «1» لكن مع الشك في الصدق كيف يمكن الأخذ بالاطلاق مع عدم جواز الأخذ بالدليل في الشبهة المصداقية.

و صفوة القول: انه مع احتمال القيد لا مجال للأخذ بالاطلاق و الذي يظهر من اللغة ليس فيه القيد المذكور فلاحظ.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 54

(1) لا يبعد أن يكون الوجه في الحكم بالجواز مع الكراهة ان المستفاد من جملة من النصوص عدم جواز الأخذ لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عن اللقطة قال: لا ترفعوها فان ابتليت فعرفها سنة فان جاء طالبها و الا فاجعلها في عرض مالك يجري عليها ما يجري علي مالك الي أن يجي ء لها طالب «2».

و ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن اللقطة قال: لا ترفعها فان ابتليت بها فعرفها سنة فان

جاء طالبها و الا فاجعلها في عرض مالك يجري عليها ما يجري علي مالك حتي يجي ء لها طالب فان لم يجي ء لها طالب فأوص بها في وصيتك «3».

و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن

______________________________

(1) لاحظ ص: 44

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب اللقطة الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 55

و لا فرق بين ما يوجد في الحرم و غيره (1).

______________________________

اللقطة يصيبها الرجل قال: يعرفها سنة ثم هي كسائر ماله قال: و كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول لأهله: لا تمسوها «1».

و من ناحية اخري: لا اشكال في جواز الأخذ و عن الجواهر: يمكن دعوي القطع بفساد القول بالحرمة أو الضرورة فضلا عن الاجماع و الحق كما أفاده فان جواز اخذ اللقطة من واضحات الفقه و من الامور المرتكزة عند المتشرعة.

اضف الي ذلك ما يستفاد منه الجواز لاحظ ما أرسله الصدوق قال: قال الصادق عليه السلام: افضل ما يستعملها الانسان في اللقطة اذا وجدها ان لا يأخذها و لا يتعرض لها فلو ان الناس تركوا بما يجدونه لجاء صاحبه فأخذه و ان كانت اللقطة دون درهم فهي لك فلا تعرفها فان وجدت في الحرم دينارا مطلسا فهو لك لا تعرفه و ان وجدت طعاما في مفازة فقومه علي نفسك لصاحبه ثم كله فان جاء صاحبه فرد عليه القيمة فان وجدت لقطة في دار و كانت عامرة فهي لأهلها و ان كانت خرابا فهي لمن وجدها «2».

و لاحظ ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن اللقطة فأراني خاتما في يده من فضة قال: ان هذا مما جاء به السيل و

انا اريد ان أتصدق به «3» فان صريح الرواية انه عليه السلام اخذ ما جاء به السيل.

(1) اختلفت اقوالهم في لقطة الحرم فذهب جملة من الأصحاب الي القول بحرمة الأخذ و العمدة النصوص الواردة و لا بد من ملاحظتها و ربما يستدل علي الحرمة بقوله تعالي: «أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنّٰا جَعَلْنٰا حَرَماً آمِناً» «4» بتقريب: ان اللّه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) الوسائل الباب 7 من أبواب اللقطة الحديث: 3

(4) عنكبوت/ 67

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 56

______________________________

جعل الانسان امنا علي نفسه و ماله و هو ينافي جواز اخذه.

و فيه: ان الاية بظاهرها- كما في جامع الجوامع للطبرسي- ان اللّه جعل الانسان في الحرم امنا من القتل و النهب و من الظاهر ان جواز اخذ اللقطة بقصد العمل بالوظيفة و تعريفها للوصول الي مالكها لا ينافي مفاد الاية.

و استدل علي المدعي بجملة من النصوص: منها: ما رواه الفضيل بن يسار قال: سألت ابا جعفر عليه السلام عن لقطة الحرم فقال: لا تمس ابدا حتي يجي ء صاحبها فيأخذها قلت: فان كان مالا كثيرا قال: فان لم يأخذها الا مثلك فليعرفها «1» بتقريب: انه نهي عن المس و فيه ان هذه الرواية تدل بالصراحة علي الجواز مع قصد التعريف.

و منها: ما رواه علي بن ابي حمزة قال: سألت العبد الصالح عن رجل وجد دينارا في الحرم فأخذه قال: بئس ما صنع ما كان ينبغي له أن يأخذه قلت: ابتلي بذلك قال: يعرفه قلت: فانه قد عرفه فلم يجد له باغيا قال: يرجع الي بلده فيتصدق به علي اهل بيت من المسلمين فان جاء طالبه فهو له ضامن «2» و فيه: ان الرواية ضعيفة بالبطائني.

و

منها: ما رواه فضيل بن يسار قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يجد اللقطة في الحرم قال: لا يمسها و اما انت فلا بأس لأنك تعرفها «3».

و فيه اولا: ان السند ضعيف بابن مرار و ثانيا: قد مر الكلام في الاستدلال و ان التعليل في الرواية يدل علي الجواز فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من ابواب مقدمات الطواف الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 57

و ان كانت كراهة الاخذ في الاول أشد و آكد (1).

[مسألة 14: لو انكسرت سفينة في البحر فما أخرجه من متاعها]

(مسألة 14): لو انكسرت سفينة في البحر فما أخرجه من متاعها

______________________________

و منها: ما رواه علي بن ابراهيم بن ابي البلاد عن الماضي عليه السلام قال: لقطة الحرم لا تمس بيد و لا رجل و لو ان الناس تركوها لجاء صاحبها فأخذها «1».

و فيه: ان المرسل لا اعتبار به و صفوة القول: انه كما قلنا يمكن اقامة الدليل علي جواز اخذ لقطة الحرم كغيرها مضافا الي طائفة اخري من النصوص حيث يستفاد منها الجواز لاحظ ما رواه ابراهيم عمر عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال:

اللقطة لقطتان: لقطة الحرم و تعرف سنة فان وجدت صاحبها و الا تصدقت بها و لقطة غيرها تعرف سنة فان لم تجد صاحبها فهي كسبيل مالك «2».

و ما رواه محمد بن رجاء الارجاني قال: كتبت الي الطيب عليه السلام: اني كنت في المسجد الحرام فرأيت دينارا فأهويت اليه لأخذه فاذا انا بآخر فنحيت الحصي فاذا انا بثالث فأخذتها فعرفتها فلم يعرفها احد فما تري في ذلك؟ فكتب فهمت ما ذكرت من امر الدنانير فان كنت محتاجا فتصدق بثلثها و ان كنت غنيا فتصدق بالكل «3».

و ما

رواه سعيد بن عمرو الجعفي «4» فانه يستفاد من هذه النصوص التسوية بين لقطة الحرم و غيرها في الحكم.

(1) و يمكن ان يكون الوجه في الالتزام بالشدة فيها ورود نصوص خاصة فيها و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب اللقطة الحديث 3

(2) الوسائل الباب 28 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 6 من أبواب اللقطة و سيأتي في ذيل المسألة (35)

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 58

فهو لصاحبه (1) و ما اخرج بالغوص فهو لمخرجه اذا كان صاحبه تركه (2).

[مسألة 15: اللقطة المذكورة إن كانت قيمتها دون الدرهم]

(مسألة 15): اللقطة المذكورة ان كانت قيمتها دون الدرهم جاز تملكها بمجرد الاخذ و لا يجب فيها التعريف و لا الفحص عن

______________________________

(1) هذا مقتضي القاعدة الأولية اذ المفروض انه لا مقتضي لخروجه عن ملك مالكه فهو باق علي ما كان.

(2) اذا كان الترك بعنوان الأعراض- كما هو ليس ببعيد- فجواز تملكه علي القاعدة اذ يكون كبقية المباحات الأصلية و يجوز تملكها كبقية المباحات لكن الظاهر من المتن ان الغوص بنفسه سبب للتملك و لا يبعد ان يكون ناظرا الي النص الوارد في المقام لاحظ ما رواه السكوني عن ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: و اذا غرقت السفينة و ما فيها فأصابه الناس فما قذف به البحر علي ساحله فهو لأهله و هم أحق به و ما غاص عليه الناس و تركه صاحبه فهو لهم «1».

فان ما أفاده في المتن مطابق لمفاد الرواية المذكورة لكن سند الرواية مخدوش أما برواية الكليني فضعيفة بالنوفلي و اما مرسل الصدوق فلعدم اعتبار المرسلات و اما ما نقله ابن ادريس فالظاهر أنّ البزنطي ارسل الحديث عن

أمير المؤمنين عليه السلام فلا اعتبار به.

و اما حديث الشعيري قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن سفينة انكسرت في البحر فاخرج بعضها بالغوص و اخرج البحر بعض ما غرق فيها فقال: اما ما اخرجه البحر فهو لأهله اللّه اخرجه و اما ما اخرج بالغوص فهو لهم و هم احق به «2» فهو ضعيف سندا أيضا فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب اللقطة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 59

مالكها (1).

______________________________

(1) بلا خلاف اجده- كما في الجواهر- و عن التذكرة لا يجب تعريفه و يجوز تملكه في الحال عند علمائنا اجمع بل في موضع آخر منها: «لا نعلم خلافا بين أهل العلم في اباحة اخذ القليل و الانتفاع به من غير تعريف» الي غير ذلك من كلماتهم الدالة علي المدعي.

و استدل علي المدعي بجملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن أبي حمزة مرسلا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن اللقطة قال: تعرف سنة قليلا كان أو كثيرا قال: و ما كان دون الدرهم فلا يعرف «1».

و هذه الرواية تدل علي عدم وجوب التعريف اذا كانت اللقطة دون الدرهم لكن السند مخدوش بالارسال و لا أثر لوجود ابن أبي عمير في السند مضافا الي أن المرسل ليس هو بل ابن أبي حمزة فلاحظ.

و منها: ما رواه أبو بصير عن ابي جعفر عليه السلام قال: من وجد شيئا فهو له فليتمتع به حتي يأتيه طالبه فاذا جاء طالبه رده اليه «2».

و هذه الرواية مخدوشة سندا بابن حماد حيث انه لم يوثق و ابراهيم بن اسحاق محل الاشكال و الكلام لعدم توثيقه مضافا الي أن المستفاد من هذه الرواية

ان الواجد يملك ما وجده بلا احتياج الي التملك اضف الي ذلك ان مقتضي اطلاق الحديث عدم الفرق بين أفراد اللقطة و التسوية بين ما دون الدرهم و بين غيره و التخصيص بما دون الدرهم يوجب تخصيص الأكثر و هذا اشكال آخر في الرواية فلاحظ.

و منها: ما ارسله الصدوق «3» و هذه الرواية مخدوشة بالارسال مضافا الي

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب اللقطة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 55

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 60

ثم اذا جاء المالك فان كانت العين موجودة ردها اليه (1) و ان كانت تالفة لم يكن عليه البدل (2) و ان كان قيمتها درهما فما زاد وجب عليه التعريف بها و الفحص عن مالكها (3).

______________________________

أن مفادها تحقق الملكية للواجد فلاحظ فالنتيجة: عدم قيام دليل علي المدعي الا أن يتم الأمر بالإجماع و عدم الخلاف و التسالم علي الحكم في الكل.

(1) كما صرح به في خبر أبي بصير «1» و هذا مقتضي القاعدة الأولية اذ لا وجه للخروج عن ملك مالكه و مع بقائه في ملكه يجب الرد كما هو ظاهر.

(2) لعدم الدليل علي الضمان و بعبارة اخري: لو قلنا بجواز التملك أو صيرورته ملكا بنفسه فلا وجه للضمان و ان شئت قلت: ان اليد علي العين بعد التملك ليست يد ضمان فلا مقتضي للضمان لا من ناحية اليد و لا من ناحية الاتلاف فلا ضمان لكن انما يتم هذا البيان مع قطع النظر عن الاشكال في اسناد الروايات و اما مع لحاظ ما ذكرنا من الاشكال فالحكم بعدم الضمان مشكل.

و صفوة القول: انه لا دليل علي عدم الضمان فلا بد من العمل علي طبق القواعد فلاحظ الا أن

يقوم اجماع تعبدي كاشف عن عدمه و لا يبعد ان الأخذ جائز كما مر و مع جواز اخذه شرعا يكون امانة شرعية فلا ضمان.

(3) ادعي عليه عدم الخلاف بل الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و اللقطة يجدها الرجل و يأخذها قال: يعرفها سنة فان جاء لها طالب و الا فهي كسبيل ماله «2».

و ما رواه كثير قال: سأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام عن اللقطة فقال:

يرفعها فان جاء صاحبها رفعها اليه و إلا حبسها حولا فان لم يجي ء صاحبها أو من يطلبها

______________________________

(1) لاحظ ص: 59

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب اللقطة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 61

______________________________

تصدق بها فان جاء صاحبها بعد ما تصدق بها ان شاء اغترمها الذي كانت عنده و كان الأجر له و ان كره ذلك احتسبها و الاجر له «1» و ما رواه محمد بن مسلم «2».

و ما رواه حنان قال؟ سأل رجل أبا عبد اللّه عليه و انا اسمع عن اللقطة فقال:

تعرفها سنة فان وجدت صاحبها و الا فأنت أحق بها و قال: هي كسبيل مالك و قال:

خيره اذا جاءك بعد سنة بين اجرها و بين أن تغرمها له اذا كنت اكلتها «3».

و ما رواه ابان بن تغلب قال: أصبت يوما ثلاثين دينارا فسألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذلك فقال: أين اصبته؟ قال: قلت له: كنت منصرفا الي منزلي فأصبتها قال: فقال: صر الي المكان الذي أصبت فيه فعرفه فان جاء طالبه بعد ثلاثة ايام فأعطه اياه و الا تصدق به «4» و ما رواه محمد بن مسلم «5».

و ما رواه

داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: في اللقطة:

يعرفها سنة ثم هي كسائر ماله «6» و لاحظ حديثي ابن جعفر «7».

و ما رواه أيضا عن اخيه قال: و سألته عن الرجل يصيب اللقطة فيعرفها سنة ثم يتصدق بها فيأتي صاحبها ما حال الذي تصدق بها؟ و لمن الاجر هل عليه أن يرد علي صاحبها؟ أو قيمتها قال: هو ضامن لها و الاجر له الا أن يرضي صاحبها فيدعها و الاجر له «8».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 2

(2) لاحظ ص: 54

(3) الوسائل الباب 2 من ابواب اللقطة الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) لاحظ ص: 54

(6) الوسائل الباب 2 من أبواب اللقطة الحديث: 11

(7) لاحظ ص: 44 و 54

(8) الوسائل الباب 2 من ابواب اللقطة الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 62

فان لم يعرفها فان كان قد التقطها في الحرم فالاحوط أن يتصدق بها عن مالكها و ليس له تملكها (1).

______________________________

(1) قال في الجواهر في هذا المقام: «بلا خلاف اجده في الأخير الا ما سمعته من المحكي عن التقي الذي قد تقدم الاجماع من الفاضل علي خلافه» انتهي كما ان مقتضي الاصل عدم الجواز فان تملك مال الغير علي خلاف الأصل الاولي و يعضد المدعي خلو جملة من النصوص عن جواز التملك منها: ما رواه يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن اللقطة و نحن يومئذ بمني فقال: أما بأرضنا هذه فلا يصلح و أما عندكم فان صاحبها الذي يجدها يعرفها سنة في كل مجمع ثم هي كسبيل ماله «1» و منها حديثا الفضيل «2».

و لا بد من ملاحظة النصوص الواردة في المقام فنقول: مقتضي اطلاق بعض النصوص عدم

الفرق بين لقطة الحرم و مطلق اللقطة لاحظ ما رواه الحلبي «3» و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «4» و لاحظ ما رواه حنان «5» و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «6» و لاحظ ما رواه علي بن جعفر «7» و لاحظ ما رواه داود بن سرحان «8».

و مقتضي اطلاق هذه النصوص عدم الفرق بين أفراد اللقطة و تخصيص لقطة

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 56

(3) لاحظ ص: 60

(4) لاحظ ص: 54

(5) لاحظ ص: 61

(6) لاحظ ص: 54

(7) لاحظ ص: 54

(8) لاحظ ص: 61

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 63

و ان التقطها في غير الحرم تخير بين امور ثلاثة: تملكها مع الضمان و التصدق بها مع الضمان و ابقائها امانة في يده بلا ضمان (1).

______________________________

الحرم بعدم جواز التملك يحتاج الي دليل مخرج و يستفاد من حديث فضيل بن غزوان قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فقال له الطيار: اني وجدت دينارا في الطواف قد انسحق كتابته قال: هو له «1» ان لقطة الحرم يصير ملكا للملتقط اذا كان دينارا قد انسحق كتابته و الرواية ضعيفة بابن غزوان و مثلها في المفاد و الضعف ما ارسله الصدوق «2».

و يستفاد من حديث محمد بن رجاء «3» التفصيل في لقطة المسجد الحرام و هذه الرواية ضعيفة بابن رجاء و في المقام حديث رواه ابراهيم بن عمر «4» و يستفاد من هذه الرواية بالصراحة ان حكم لقطة الحرم غير حكم لقطة غير الحرم و ان لقطة الحرم لا بد من أن يتصدق بها و لا يجوز تملكها فان التقسيم قاطع للشركة و لا يبعد أن يكون سند الرواية تاما فان

النجاشي وثق الرجل و في قباله نقل تضعيفه من ابن الغضائري لكن سيدنا الاستاد في مدخل الرجال ناقش في صحة انتساب الكتاب الي ابن الغضائري و قال: «ان النسبة لم تثبت» فالرواية تامة سندا و دلالة فلاحظ.

(1) في المقام فرعان: احدهما: انه يتخير بين التملك و التصدق و الحفظ ثانيهما انه عليه الضمان علي الأولين دون الأخير فنقول: أما الفرع الاول: فهو المشهور- علي ما في بعض كلمات القوم- و عن التذكرة ان عليه الاجماع و العمدة النصوص

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب مقدمات الطواف الحديث: 6 و الباب 17 من أبواب اللقطة الحديث 1

(2) لاحظ ص: 55

(3) لاحظ ص: 57

(4) لاحظ ص: 57

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 64

______________________________

الواردة في المقام.

منها: ما رواه الحلبي «1» و المستفاد من هذه الرواية وجوب التعريف سنة و بعده تكون اللقطة ملكا للملتقط.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «2» و المستفاد من هذه الرواية انه يجب تعريفها سنة و بعده يجوز التصرف فيها في عرض أمواله و ان جاء طالبها يأخذها.

و منها: ما رواه حنان «3» و هذه الرواية تدل علي أن الملتقط احق بها بعد التعريف.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «4» و المستفاد من هذه الرواية انه يباح التصرف فيها كبقية أمواله الي أن يجي ء صاحبها و يجب الايصاء بها.

و منها: ما رواه ابن جعفر «5» و هذه الرواية كسابقتها غير انها تدل علي الضمان.

و منها: ما رواه أيضا «6» و هذه الرواية تدل علي جواز التصدق و ثبوت الضمان علي المتصدق و يدل علي جواز التصدق ما رواه زرارة «7» فالمتحصل من النصوص الواردة في المقام جواز جعل اللقطة كبقية أمواله و جواز التصرف

______________________________

(1)

لاحظ ص: 60

(2) لاحظ ص: 54

(3) لاحظ ص: 61

(4) لاحظ ص: 54

(5) لاحظ ص: 44

(6) لاحظ ص: 61

(7) لاحظ ص: 55

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 65

[مسألة 16: المدار في القيمة علي مكان الالتقاط و زمانه دون غيره من الأمكنة و الأزمنة]

(مسألة 16): المدار في القيمة علي مكان الالتقاط و زمانه دون غيره من الامكنة و الازمنة (1).

______________________________

فيها كيف ما يشاء و أيضا يستفاد من بعض النصوص جواز التصدق بها كما تقدم و أما جواز حفظها لمالكها فيمكن أن يستدل عليه بالنصوص الواردة في المقام بالاولوية فانه لو جاز التصرف فيها تصرفا مالكيا فيجوز بطريق الاولي حفظها لمالكها مضافا الي أنه احسان و ما علي المحسنين من سبيل و يضاف الي ذلك كله أن بعض النصوص صريح في كونه امانة في يده و لا بد من حفظه.

و أما الفرع الثاني و هو الضمان علي تقدير التملك و الصدقة فقد دل عليه بعض النصوص كما تقدم و أما عدم الضمان مع الحفظ فالظاهر انه المتسالم عليه بين القوم لكن المستفاد من خبر ابن جعفر «1» ثبوت الضمان بل يمكن أن يقال:

ان مقتضي هذا الخبر وجوب حفظها لمالكها و الوصية بها فلا يجوز تملكها و التصرف فيها و ان شئت قلت: هذه الرواية تعارض النصوص الدالة علي جواز التصرف فيها و تدل علي وجوب الحفظ مع الضمان و الترجيح علي فرض التعارض مع هذا الخبر بموافقتها للكتاب فان قوله تعالي: «إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا» «2» يقتضي وجوب ردها الي مالكها كما ان الاحدثية تقتضي رجحانها علي معارضها الا أن يقوم اجماع تعبدي علي خلاف المدعي و اللّه العالم و هو الهادي الي سواء السبيل و لا يخفي انا ناقشنا اخيرا في الترجيح بموافقة الكتاب و مخالفة العامة و

قلنا ان المرجح منحصر في الاحدثية و بينا المدعي في ضمن المستدركات من المجلد الثامن من هذا الشرح.

(1) فانه المنساق من نصوص الباب بحسب الفهم العرفي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 45

(2) النساء/ 61

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 66

[مسألة 17: المراد من الدرهم ما يزيد علي نصف المثقال الصيرفي قليلا]

(مسألة 17): المراد من الدرهم ما يزيد علي نصف المثقال الصيرفي قليلا فان عشرة دراهم تساوي خمسة مثاقيل صيرفية و ربع مثقال (1).

[مسألة 18: إذا كان المال لا يمكن فيه التعريف]

(مسألة 18): اذا كان المال لا يمكن فيه التعريف اما لأنه لا علامة فيه كالمسكوكات المفردة و المصنوعات بالمصانع المتداولة في هذه الازمنة أو لان مالكه قد سافر الي البلاد البعيدة التي يتعذر الوصول اليها أو لان الملتقط يخاف من الخطر و التهمة ان عرف بها أو نحو ذلك من الموانع سقط التعريف (2) و الاحوط التصدق بها عنه (3).

______________________________

(1) قال في المستمسك «1»: «لا اشكال عندهم في أن الدرهم سبعة أعشار المثقال الشرعي و ان كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل شرعية كما نقله جماعة كثيرة و عن ظاهر الخلاف دعوي اجماع الامة عليه و عن رسالة المجلسي: انه مما لا شك فيه و مما اتفقت عليه العامة و الخاصة فاذا كان المثقال الشرعي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي يكون الدرهم نصف المثقال الصير في و ربع عشرة مثلا اذا كان المثقال الصيرفي اربعين جزءا كان المثقال الشرعي ثلاثين جزءا منها فاذا نقص منها ثلاثة أعشارها و هو تسعة كان الواحد و العشرين منها درهما و هو نصف أربعين و ربع عشرها».

(2) اذ مع فقدان العلامة لا أثر للتعريف كما أن مع تعذر الوصول الي المالك لا أثر له و أما وجه عدم الوجوب في الصورة الأخيرة فيمكن أن الوجه فيه قاعدة رفع الضرر حيث ان المعرف يتضرر بالتعريف و هذا يتم علي مبني القوم في القاعدة و أما علي المختار فيمكن أن يقال: بأنه مع الحرج يرتفع الوجوب و الا فلا.

(3) يمكن أن يكون الوجه في كونه أحوط انه لو تصدق به

فقد جمع بين ما

______________________________

(1) ج 9 ص: 120

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 67

و جواز التملك لا يخلو من اشكال (1).

______________________________

يستفاد من حديث ابن جعفر «1» و ما يستفاد من حديث ابن مسلم 2.

(1) لعدم الدليل عليه في هذه الصورة بل قد مر انه لا دليل علي جواز التملك و انما الدليل علي جواز التصرف و قد تقدم ان مقتضي حديث ابن جعفر وجوب حفظه لمالكه و لكن في مفروض المسألة يمكن أن يقال: يجوز التملك لرواية ابن مهزيار 3 و يجب الخمس فان مقتضي هذا الحديث كما تقدم جواز تملك مجهول المالك مع وجوب الخمس.

و بعبارة اخري: لنا أن نقول: ان مقتضي حديث ابن مهزيار جواز تملك اللقطة بعد فرض عدم شمول دليل وجوب التعريف لها اذ يصدق عليها انها اخذ و لم يعرف له صاحب و قد ذكرنا سابقا انه مع فرض التعارض بين هذه الرواية و حديث ابن مسلم 4 الترجيح مع حديث ابن مهزيار بالاحدثية فلاحظ.

فالنتيجة: انه مع سقوط وجوب التعريف لعدم العلامة أو لوجه آخر يمكن أن يقال: بجواز التملك مع وجوب الخمس لحديث ابن مهزيار.

و يمكن أن يقال: انه لا تعارض بين الحديثين اذ الخمس لا يجب الا بعد المئونة و المستفاد من حديث ابن مهزيار ان الخمس يجب فيه اذا زاد عن المئونة و مقتضي حديث ابن مسلم ان أحسن المصارف أن يتصدق به فلا تعارض بل لا تعارض و لو مع قطع النظر عن هذه الجهة اذ حديث ابن مهزيار يدل علي كونه مملوكا للأخذ و لا ريب في جواز تصرف الانسان في مملوكه و مقتضي حديث ابن مسلم ان أفضل التصرفات هو التصدق.

______________________________

(1) (1 و 2) لاحظ

ص: 61 و 24

(2) (3) لاحظ ص: 31

(3) (4) لاحظ ص: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 68

[مسألة 19: تجب المبادرة إلي التعريف من حين الالتقاط إلي تمام السنة علي وجه التوالي]

(مسألة 19): تجب المبادرة الي التعريف من حين الالتقاط الي تمام السنة علي وجه التوالي (1) فان لم يبادر اليه كان عاصيا (2) و لكن لا يسقط وجوب التعريف عنه بل يجب المبادرة اليه بعد ذلك الي أن يبأس من المالك (3) و كذا الحكم لو بادر اليه من حين الالتقاط و لكن تركه بعد ستة أشهر حتي تمت السنة (4) فاذا تم التعريف تخير بين التصدق و الابقاء للمالك (5) و اذا كان قد ترك المبادرة من حين الالتقاط لعذر أو ترك الاستمرار عليه كذلك الي انتهاء السنة فالحكم كذلك (6) لكنه لا يكون عاصيا (7).

[مسألة 20: لا تجب مباشرة الملتقط للتعريف فتجوز له الاستنابة فيه بلا أجرة أو بأجرة]

(مسألة 20): لا تجب مباشرة الملتقط للتعريف فتجوز له الاستنابة فيه بلا اجرة أو باجرة (8).

______________________________

(1) للظهور العرفي فانه لا ينكر مضافا الي أنها مال الغير فالتصرف فيها بالابقاء عنده بلا مجوز لا وجه له فلا بد من التعريف فورا علي نحو التوالي الي آخر السنة.

(2) و قد ظهر الوجه فيما أفاده.

(3) اذ لا وجه لسقوط الوجوب بعد بقاء الموضوع فيجب عليه المبادرة الي التعريف الي حصول اليأس.

(4) اذ يجب تعريفها سنة و المفروض ان الواجب لم يتحقق.

(5) كما تقدم.

(6) اي فلا بد من التعريف الي أن تتم السنة.

(7) كما هو ظاهر لعدم وجه للعصيان.

(8) قال في الجواهر: «لا خلاف في جواز الاستنابة بل الاجماع بقسميه عليه»

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 69

و الاقوي كون الاجرة عليه لا علي المالك (1) و ان كان الالتقاط بنية ابقائها في يده للمالك (2).

[مسألة 21: إذا عرفها سنة كاملة فقد عرفت انه يتخير بين التصدق و غيره من الأمور المتقدمة]

(مسألة 21): اذا عرفها سنة كاملة فقد عرفت انه يتخير بين التصدق و غيره من الامور المتقدمة و لا يشترط في التخيير بينها اليأس من معرفة المالك (3).

______________________________

الخ و قد ورد في بعض النصوص ان صاحبها الذي يجدها يعرفها لاحظ حديث يعقوب بن شعيب «1» لكن العرف يفهم أنه لا خصوصية للملتقط قطعا كما قطع به في الجواهر.

(1) لوجوب الفحص عليه و لا مقتضي لأخذ الاجرة عن المالك.

(2) قال في الجواهر: «نعم لو قلنا بعدم وجوب التعريف اذا كان الالتقاط للحفظ للمالك لا تجب عليه الاجرة كما عن التذكرة و جامع المقاصد».

و الذي يختلج بالبال أن يقال: انه مع وجوب الفحص كما هو كذلك و ان الفحص واجب و ان كان بنية الابقاء للمالك فيمكن أن يقال: بوجود المقتضي للأخذ عن المالك و ربما يقال:

انه لا مقتضي للرجوع فانه حكم متوجه اليه فلا وجه لرجوعه علي المالك و أما لو قلنا بعدم وجوب الفحص في هذه الصورة فلو تفحص بأخذ الاجير فالظاهر- و اللّه العالم- انه لا مقتضي للأخذ عن المالك فان تغريم الغير يحتاج الي دليل و لا دليل عليه ظاهرا نعم لو رفع الامر الي الحاكم أمكن ان يقال: انه لولايته يستقرض علي المالك و اللّه العالم.

(3) الظاهر ان الوجه فيه اطلاق الادلة فان مقتضي عدم التفصيل في نصوص

______________________________

(1) لاحظ ص: 62

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 70

نعم اذا كان يعلم الوصول الي المالك لو زاد في التعريف علي السنة فالاحوط لو لم يكن اقوي لزوم التعريف حينئذ و عدم جواز التخيير (1).

[مسألة 22: إذا كانت اللقطة مما لا تبقي كالخضر و الفواكه و اللحم و نحوها]

(مسألة 22): اذا كانت اللقطة مما لا تبقي كالخضر و الفواكه و اللحم و نحوها جاز أن يقومها الملتقط علي نفسه و يتصرف فيها بما شاء من أكل و نحوه و يبقي الثمن في ذمته للمالك (2).

______________________________

الباب عدم اختصاص الحكم بصورة اليأس لاحظ ما رواه الحلبي «1» و قس عليه بقية النصوص لكن يتوجه اشكال و هو ان النسبة بين هذه النصوص و قوله تعالي «إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا» «2» عموم من وجه و في مورد عدم اليأس من الوصول يقع التعارض و مقتضي الصناعة تقديم الاية الشريفة كما تقدم فلاحظ.

(1) لا يبعد أن يقال: ان ادلة التملك و التصدق منصرفة عن هذه الصورة و هي صورة العلم بالوصول مضافا الي ما ذكرناه آنفا من كون النسبة بين هذه الأدلة و الكتاب عموم من وجه و يقع التعارض بين الطرفين في صورة العلم بالوصول و احتماله و مقتضي القاعدة تقديم الكتاب

فان المخالف للكتاب لا يكون حجة و مضروب علي الجدار فلا تغفل.

(2) ادعي في الجواهر عدم الخلاف فيه و الاجماع عليه بقسميه و استدل عليه أيضا بخبرين: احدهما: مرسل الصدوق «3».

ثانيهما: ما رواه السكوني عن ابي عبد اللّه عليه السلام ان امير المؤمنين عليه

______________________________

(1) لاحظ ص: 60

(2) النساء/ 61

(3) لاحظ ص: 55

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 71

______________________________

السلام سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة كثير لحمها و خبزها و جبنها و بيضها و فيها سكين فقال امير المؤمنين عليه السلام: يقوم ما فيها ثم يؤكل لأنه يفسد و ليس له بقاء فان جاء طالبها غرموا له الثمن الحديث «1».

اقول: اما عدم الخلاف فليس من الادلة كما هو ظاهر و اما الاجماع فالمنقول منه لا يكون حجة كما حقق في محله و المحصل منه علي فرض تحققه يحتمل ان لا يكون اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السلام و اما الخبران فالأول منهما ضعيف بالارسال و الثاني منهما ضعيف بالنوفلي فلا دليل علي المدعي و مقتضي القاعدة الأولية عدم جواز التصرف في مال الغير الا بمجوز شرعي.

ثم انه هل يجوز بيعه؟ ربما يقال: بالجواز بدعوي القطع بعدم الفرق بين التقويم و البيع و المفروض ان التقويم جائز بمقتضي النص و الاجماع و فيه: انه قد مر الاشكال في الاستدلال و بعد عدم تمامية الاستدلال علي أصل الحكم لا تصل النوبة الي هذا البيان كما هو واضح.

و أما الاستدلال علي الجواز بما رواه ابن جعفر «2» فيرد عليه ان جواز البيع في صورة خاصة لا يكون دليلا علي الجواز علي نحو الاطلاق. ثم ان هل يجوز رفع أمره الي الحاكم؟ الظاهر انه يجوز لأنه ولي الغائب

فيجوز تسليمه اليه و هل يسقط وجوب التعريف مع التسليم اليه أم لا؟ ربما يقال: بوجوبه بدعوي اطلاق دليله و استصحابه و ربما يقال بالعدم بدعوي ان التسليم الي الحاكم كإيصاله الي المالك.

و يمكن أن يقال: بأن الترجيح مع القول الثاني أما الاطلاق فلا مجال له اذ

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أبواب اللقطة

(2) لاحظ ص: 51

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 72

كما يجوز له أيضا بيعها علي غيره و يحفظ ثمنها للمالك (1) و الاحوط

______________________________

الظاهر من النصوص ان التعريف في مورد مال يترتب عليه أحكام خاصة بعد التعريف و بعبارة اخري: المستفاد من الدليل ان التعريف ظاهر في تعريف نفس مال الغير و المفروض انه غير باق في المقام اي لا يبقي و أما الاستصحاب فلا مجال له اولا بعدم جريان الاستصحاب في الحكم الكلي و ثانيا: بعدم بقاء الموضوع اضف الي ذلك كله انه مع التسليم الي الحاكم و هو ولي الغائب قد أوصل المال الي المالك بنحو من الايصال و مع الايصال لا مجال للتعريف.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان الذي يختلج بالبال أن يقال: تارة يكون الملتقط آيسا عن الوصول الي المالك و اخري لا يكون كذلك أما في الصورة الأولي فلا يبعد أن يقال: بصيرورته ملكا للملتقط مع وجوب الخمس لرواية ابن مهزيار «1» و لا يشمله دليل أحكام اللقطة لفرض عدم امكان بقائها و أما في الصورة الثانية فمع وجود الحاكم يجب رفع أمرها اليه لكونه وليا علي الغائب و مع عدم الحاكم الشرعي بأن لا يمكن رفع الأمر الي الفقيه و لا الي العادل يجوز التقويم و التصرف كما يجوز بيعها اذ المفروض ان الملتقط بنفسه له الولاية و لا

فرق بين التقويم و البيع فيجوز كلاهما و يجب عليه الفحص عن المالك الي أن ييأس منه لوجوب رد الامانات الي اهلها بمقتضي قوله تعالي: «إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا «2»

و لا يخفي انه لا يتصور عدم امكان الوصول الي الحاكم الشرعي اذ مع عدم الفقيه الجامع تصل النوبة الي العادل و مع عدمه تصل النوبة الي الفاسق المؤمن فيكون الملتقط وليا الا في فرض عدم كونه مؤمنا بأن يكون مخالفا أو كافرا فلاحظ

(1) قد ظهر مما ذكرنا انه لا مجوز للبيع بل يجب رفع أمرها الي الحاكم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 31

(2) النساء/ 61

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 73

أن يكون بيعها علي غيره باذن الحاكم الشرعي (1) و لا يسقط التعريف عنه علي الاحوط بل يحفظ صفاتها و يعرف بها سنة فان وجد صاحبها دفع اليه الثمن الذي باعها به أو القيمة التي في ذمته (2) و الا لم يبعد جريان التخيير المتقدم (3).

[مسألة 23: إذا ضاعت اللقطة من الملتقط فالتقطها آخر وجب عليه التعريف بها سنة]

(مسألة 23): اذا ضاعت اللقطة من الملتقط فالتقطها آخر وجب عليه التعريف بها سنة فان وجد المالك دفعها اليه (4) و ان لم يجده و وجد الملتقط جاز دفعها اليه اذا كان واثقا بانه يعمل بوظيفته (5) و عليه اكمال التعريف سنة و لو بضميمة تعريف الملتقط الثاني (6) فان لم يجد احدهما حتي تمت السنة جري عليه التخيير المتقدم (7).

[مسألة 24: قد عرفت أنه يعتبر تتابع التعريف طوال السنة]

(مسألة 24): قد عرفت انه يعتبر تتابع التعريف طوال السنة فقال بعضهم يتحقق التتابع بأن لا ينسي اتصال الثاني بما سبقه و انه

______________________________

(1) بل يتعين الرجوع الي الحاكم كما مر.

(2) قد تقدم الاشكال فيما أفاده و قلنا بأن دليل التعريف لا يشمل المقام.

(3) علي ما ذكرنا لا يبقي مجال لما أفاده كما هو ظاهر.

(4) لإطلاق الادلة فان مقتضاها عدم الفرق بين سبق الالتقاط و عدمه.

(5) لتحقق الموضوع بالنسبة الي كليهما فلا وجه للترجيح و عليه لو كان واثقا بأنه يعمل بالوظيفة لا مانع من الدفع اليه لأن يعمل علي طبقها.

(6) اذ المطلوب تحقق التعريف سنة و قد مر انه يحصل بالنيابة بل بالتبرع فلاحظ.

(7) و قد مر الكلام حول المسألة.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 74

تكرار لما سبق و نسب الي المشهور انه يعتبر فيه أن يكون في الاسبوع الاول كل يوم مرة و في بقية الشهر الاول كل اسبوع مرة و في بقية الشهور كل شهر مرة و كلا القولين مشكل و اللازم الرجوع الي العرف فيه و لا يبعد صدقه اذا كان في كل ثلاثة أيام مرة (1).

______________________________

(1) لم نجد نصا الا علي نحو خاص و الأولي كما في الجواهر ايكاله الي العرف فان الواجب تحقق التعريف و قلنا يعتبر فيه التتابع و

عليه يتحقق الامتثال بالصدق العرفي فلاحظ.

ايقاظ: قد وردت «1» في جملة من الروايات ان تعرف اللقطة سنة و قد افيدت في المقام امور ثلاثة:

الأول: ما أفاده السيد اليزدي في الحاشية بأن التحديد بالسنة للمنتهي بمعني انه لو لم يحصل اليأس لا يجب الفحص الاكثر و أما لو حصل اليأس قبل تمام السنة أو قبل الشروع لا يجب الفحص.

الثاني: ان التحديد بالسنة محمول علي الغالب حيث انه يحصل اليأس في هذه المدة و انما المناط حصول اليأس بلا مدخلية للسنة.

الثالث: ان التحديد بالسنة امر تعبدي سواء حصل اليأس عن الظفر بالمالك قبل مضي السنة أم بعده فلا بد من رعاية الحد و اختار سيدنا الاستاد هذا الوجه بتقريب: ان الاطمينان حجة عقلائية فيما لم تقم امارة شرعية علي خلافه و قد اعتبر الشارع السنة في وجوب الفحص فلا بد من رعايته.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان المستفاد من النصوص وجوب رعاية الحد و جعله ميزانا و لا يرفع اليد بالاطمينان بعدم الوصول أو بالوصول بل لا أثر للعلم

______________________________

(1) مصباح الفقاهة ج 1 ص: 516

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 75

______________________________

نظير جعل العدة فانها واجبة و لو مع القطع بعدم ترتب الحمل و بعبارة اخري:

الحكم لا يدور مدار الحكمة.

و ان شئت قلت: الحكمة غير العلة اي تكون مقتضية لجعل الحكم علي نحو العموم و السريان و لو مع القطع بعدمها في بعض المصاديق كالعدة و قد تقدم منا انه مع العلم بالوصول الي المالك لا يمكن العمل بالنصوص لمعارضتها مع الاية الشريفة «ان اللّه يأمركم» فانه مع العلم بالوصول و الفحص عن المالك أزيد من السنة يكون مقتضي الاية هو الوجوب و قلنا بأن الاية تقدم علي

الرواية في مورد التعارض و لكن يشكل ما ذكر من ناحية اخري و هو ان الملتقط اما يقطع بعدم الوصول أو يقطع به او يشك اما في الصورة القطع بالوصول او الشك فيه فيجب الفحص بمقتضي الاية و اما مع القطع بعدم الوصول فيجوز التملك مع وجوب الخمس بمقتضي حديث ابن مهزيار «1» و يترتب علي ما ذكر سقوط ادلة اللقطة عن الاعتبار اذ لا يبقي لها مورد و هذا بنفسه يكون مرجحا لنصوص اللقطة و ادلتها.

فالنتيجة: ان الميزان تعريف اللقطة سنة كاملة عملا بالرواية و لكن مع ذلك مع القطع بعدم ترتب أثر علي الاعلام لا يمكن الالتزام بوجوبه فانه يفهم من الدليل ان الفحص انما يكون في مورد يحتمل ترتب اثر عليه فلو قطع بعدم فائدة في الفحص لا يكون الاعلام واجبا و اما بعد تمام السنة لو قطع بالوصول الي المالك مع الاعلام و الفحص فلنا أن نقول بعدم وجوب التعريف.

و صفوة القول: انه من المرجحات في باب التعارض انه يقدم الطرف الذي لو لم يقدم علي معارضه لا يبقي له مورد و في المقام لو قدم معارض اخبار اللقطة عليها من الاية و الرواية لا يبقي مورد لها فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 31

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 76

[مسألة 25: يجب أن يكون التعريف في موضع الالتقاط]

(مسألة 25): يجب أن يكون التعريف في موضع الالتقاط و لا يجزي في غيره (1) نعم اذا كان الالتقاط في الزقاق اجزأ التعريف في الصحن أو في السوق أو ميدان البلد (2) أما اذا كان الالتقاط في القفار و البراري فان كان فيها نزال عرفهم (3) و ان كانت خالية فالاحوط التعريف في المواضع القريبة التي هي مظنة وجود المالك (4) و يجب أن

يكون في مجامع الناس كالأسواق و محل اقامة الجماعات و المجالس

______________________________

(1) الظاهر ان المراد من العبارة ان التعريف لا بد أن يكون في محل الالتقاط فلا يجزئ التعريف في محل آخر فلو التقط في قم لا اثر للتعريف في بلد آخر و لا يكون المقصود وجوب التعريف في شخص محل الالتقاط فانه لم يعهد مضافا الي عدم الدليل عليه بل الظاهر من الادلة كفاية التعريف في المجامع لاحظ ما رواه يعقوب بن شعيب «1» و لاحظ ما رواه ابو خديجة «2».

و صفوة القول: ان الظاهر من الادلة حسب الفهم العرفي وجوب التعريف في محل الالتقاط في المجامع العامة التي يظن وجود المالك فيها نعم يظهر من خبر ابان «3» وجوب التعريف في موضع الالتقاط لكن الخبر ضعيف.

(2) كما صرح به في خبر ابن شعيب حيث قال عليه السلام «يعرفها سنة في كل مجمع».

(3) فانه المناسب حسب الفهم العرفي.

(4) لا اشكال في انه احوط و لكن لا دليل علي لزومه.

______________________________

(1) لاحظ ص: 62

(2) لاحظ ص: 11

(3) لاحظ ص: 61

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 77

العامة و نحو ذلك مما يكون مظنة وجود المالك (1).

[مسألة 26: إذا التقط في موضع الغربة جاز له السفر و استنابة شخص أمين في التعريف]

(مسألة 26): اذا التقط في موضع الغربة جاز له السفر و استنابة شخص امين في التعريف (2) و لا يجوز السفر بها الي بلده (3) نعم اذا التقطها في منزل السفر جاز له السفر بها و التعريف بها في بلد المسافرين (4) و كذا اذا التقط في بلده فانه يجوز له السفر و استنابة امين في التعريف (5).

[مسألة 27: اللازم في عبارة التعريف مراعاة ما هو أقرب إلي تنبيه السامع]

(مسألة 27): اللازم في عبارة التعريف مراعاة ما هو أقرب الي تنبيه السامع لتفقد المال الضائع و ذكر صفاته للملتقط فلا يكفي أن يقول من ضاع له شي ء أو مال بل لا بد أن يقال من ضاع له ذهب أو فضة أو اناء أو ثوب أو نحو ذلك مع الاحتفاظ ببقاء الابهام للقطة فلا يذكر جميع صفاتها و بالجملة يتحري ما هو أقرب الي الوصول الي المالك فلا يجدي المبهم المحض غالبا و لا المتعين بل أمر بين الامرين (6).

______________________________

(1) كما هو مورد النصوص.

(2) قد مر انه يجوز الاستنابة.

(3) قد تقدم ان التعريف يلزم ان يكون في محل الالتقاط.

(4) اذ بلادهم محل اجتماعهم فيناسب ان يعرف هناك.

(5) فانه قد مر عدم وجوب مباشرة التعريف.

(6) قال المحقق قدس سره في الشرائع- علي ما نقل عنه في الجواهر-: «لو أو غل في الابهام كان احوط كأن يقول: من ضاع له مال أو شي ء فانه أبعد ان يدخل عليه بالتخمين».

و الحق كما أفاده و لا وجه ظاهرا لما افاده في المتن فان الواجب التعريف و أما

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 78

[مسألة 28: إذا وجد مقدارا من الدراهم أو الدنانير و أمكن معرفة صاحبها بسبب بعض الخصوصيات التي فيها]

(مسألة 28): اذا وجد مقدارا من الدراهم أو الدنانير و أمكن معرفة صاحبها بسبب بعض الخصوصيات التي فيها مثل العدد الخاص و الزمان الحاصل و المكان الخاص وجب التعريف و لا تكون حينئذ مما لا علامة له الذي تقدم سقوط التعريف فيه (1).

[مسألة 29: إذا التقط الصبي أو المجنون]

(مسألة 29): اذا التقط الصبي أو المجنون فان كانت اللقطة دون الدرهم جاز للولي أن يقصد تملكها لهما و ان كانت درهما فما زاد جاز لوليهما التعريف بها سنة و بعد التعريف سواء أ كان من الولي أم من غيره يجري التخيير المتقدم (2).

[مسألة 30: إذا تملك الملتقط اللقطة بعد التعريف فعرف صاحبها]

(مسألة 30): اذا تملك الملتقط اللقطة بعد التعريف فعرف صاحبها فان كانت العين موجودة دفعها اليه و ليس للمالك المطالبة

______________________________

تحري ما هو أقرب الي الوصول فلا دليل علي وجوبه نعم لا اشكال في جوازه كما في الجواهر فلاحظ.

(1) اذ فرض انه ذو علامة يمكن أن يعرف بها.

(2) قد تقدم الاشكال في جواز التملك و لكن علي القول به الظاهر انه لا مانع من تولي قصد الولي التملك للمجنون بل لا أري مانعا من تحقق التملك بقصد المجنون نفسه التملك الا ان يقوم اجماع علي خلافه و اما بالنسبة الي الصبي فيشكل حيث ان عمده و خطائه واحد و مما ذكرنا يظهر الاشكال في التخيير المذكور اذا كان درهما فما زاد اذ لا يترتب علي فعله حكم بل لا يقع الامر بالنسبة الي المجنون أيضا لأنه رفع عنه الفلم حتي يفيق فلا يكون موضوعا للتكليف و مع عدم كونه موضوعا لا مجال للتولي و النيابة من قبل الولي فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 79

بالبدل (1) و ان كانت تالفة أو منتقلة عنه الي غيره ببيع أو صلح أو هبة أو نحوها كان للمالك عليه البدل المثل في المثلي و القيمة في القيم (2) و ان تصدق الملتقط بها فعرف صاحبها غرم له المثل أو القيمة و ليس له الرجوع بالعين ان كانت موجودة و لا الرجوع علي المتصدق عليه بالمثل أو القيمة

ان كانت مفقودة هذا اذ لم يرض المالك بالصدقة و الا فلا

______________________________

(1) أما علي القول بعدم جواز التملك فما أفاده ظاهر اذ لا وجه لتبدل العين ببدلها بل هي بنفسها باقية علي ملك مالكها و اما علي القول بجواز التملك فايضا مقتضي جملة من النصوص انها ترجع الي مالكها الاول لاحظ حديثي محمد بن مسلم «1» و حديث علي بن جعفر «2».

و استدل صاحب الجواهر علي المدعي بما رواه ابو بصير «3» و هذه الرواية علي فرض تمامية سندها لا يمكن الاستدلال بها علي المدعي اذ لا اشكال في عدم شمولها للمقام لأن اللقطة لها حكم خاص و لذا حملها صاحب الوسائل علي ما دون الدرهم و استدل أيضا بما رواه ابو خديجة «4» و لا بأس بدلالتها علي المدعي لكن السند مخدوش.

(2) ان قلنا بعدم جواز التملك فالضمان علي القاعدة بل علي هذا القول يكون التصرف الاعتباري في العين فاسدا كما هو واضح فمع امكان رد نفس العين يجب و أما علي القول بالجواز فيمكن التمسك للضمان ببعض النصوص لاحظ ما عن

______________________________

(1) لاحظ ص: 54

(2) لاحظ ص: 44

(3) لاحظ ص: 59

(4) لاحظ ص: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 80

رجوع له علي احد و كان له اجر التصدق (1).

[مسألة 31: اللقطة أمانة في يد الملتقط لا يضمنها إلا بالتعدي عليها أو التفريط بها]

(مسألة 31): اللقطة امانة في يد الملتقط لا يضمنها الا بالتعدي عليها أو التفريط بها (2) و لا فرق بين مدة التعريف و ما بعدها (3) نعم اذا تملكها أو تصدق بها ضمنها علي ما عرفت (4).

[مسألة 32: المشهور جواز دفع الملتقط اللقطة إلي الحاكم]

(مسألة 32): المشهور جواز دفع الملتقط اللقطة الي الحاكم فيسقط وجوب التعريف عن الملتقط (5) و فيه اشكال و كذا الاشكال في جواز أخذ الحاكم لها أو وجوب قبولها (6).

______________________________

أبي الحسن عليه السلام «1».

(1) كما يدل عليه ما رواه ابن جعفر «2».

(2) كما هو حكم الامانات لكن ما تقدم آنفا من الحديث المروي عن أبي الحسن عليه السلام «3» يدل بالصراحة علي الضمان بلا تقييد بقيد الا أن يتمسك بالإجماع علي عدم الضمان و اللّه العالم.

(3) لوحدة الملاك.

(4) و قد تقدم مستند الحكم.

(5) قال في الجواهر في شرح قول المحقق في هذا المقام «فانه جائز لأنه ولي الغائب في الحفظ بل في المسالك يجب عليه القبول لأنه معد لمصالح المسلمين و من أهمها حفظ اموالهم» الخ.

(6) الظاهر ان الوجه في الاشكال ان ولاية الحاكم من باب الحسبة و من الظاهر

______________________________

(1) لاحظ ص: 44

(2) لاحظ ص: 61

(3) لاحظ ص: 44

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 81

[مسألة 33: إذا شهدت البينة بأن مالك اللقطة فلان وجب دفعها إليه و سقط التعريف]

(مسألة 33): اذا شهدت البينة بأن مالك اللقطة فلان وجب دفعها اليه (1) و سقط التعريف (2) سواء أ كان ذلك قبل التعريف أم في أثنائه أم بعده قبل التملك أم بعده (3) نعم اذا كان بعد التملك فقد عرفت انه اذا كانت موجودة عنده دفعها اليه و ان كانت تالفة أو بمنزلة التلف دفع اليه البدل و كذا اذا تصدق بها و لم يرض بالصدقة (4).

[مسألة 34: إذا تلفت العين قبل التعريف]

(مسألة 34): اذا تلفت العين قبل التعريف فان كانت غير مضمونة بأن لا يكون تعد أو تفريط سقط التعريف (5). و اذا كانت مضمونة لم يسقط و كذا اذا كان التلف في أثناء التعريف ففي الصورة الاولي يسقط التعريف و في الصورة الثانية يجب اكماله فاذا عرف

______________________________

ان وظيفة الملتقط الفحص ثم الحفظ او التخيير بين الامور الثلاثة علي القول به فلا وجه لدخالة الحاكم و ان شئت قلت: تصل النوبة الي الحاكم فيما يكون المال في معرض التلف و اما مع قيام الملتقط بوظيفته فلا مجال لدخالة الحاكم. و علي الجملة: ان الملتقط مكلف بتكليف خاص و ليس له رفع اليد عن وظيفته.

(1) لحجية البينة.

(2) اذ لا معني للتعريف بعد معرفة المالك و ايصال الامانة اليه كما هو أوضح من أن يخفي.

(3) اذ البينة حجة و بعد قيامها يثبت شرعا ان فلانا هو المالك فلا يبقي موضوع لأحكام اللقطة.

(4) قد تقدم الكلام حول المسألة فراجع.

(5) الامر كما افاده لكن قد مر الاشكال في الحكم بعدم الضمان فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 82

المالك دفع اليه المثل أو القيمة (1).

[مسألة 35: إذا ادعي اللقطة مدع و علم صدقه وجب دفعها إليه]

(مسألة 35): اذا ادعي اللقطة مدع و علم صدقه وجب دفعها اليه (2) و كذا اذا وصفها بصفاتها الموجودة فيها مع حصول الاطمينان بصدقه (3) و لا يكفي مجرد التوصيف بل لا يكفي حصول الظن (4).

______________________________

(1) اذ المفروض تحقق الضمان و يجب علي الضامن الخروج عن العهدة.

ان قلت: التعريف بمقدار خاص ثم ترتيب احكام مخصوصة آثار للعين حسب دلالة الادلة و المفروض تلف العين فما وجه ترتيب تلك الآثار علي الضمان الناشي عن التلف و لذا نري ان الفقهاء لا يرتبون تلك الآثار علي مطلق مجهول المالك

كما لو سرق شيئا ثم ندم و اراد التخلص من المظلمة و لكن لا يعرف صاحب المال قلت الأمر كما ذكرت لكن لا يبعد ان العرف لا يفرق بين العين و بدلها في تلك الاحكام و الآثار و لكن الانصاف ان في النفس شيئا.

(2) بلا اشكال.

(3) لحجية الاطمينان عند العقلاء و قد امضاه الشارع.

(4) لعدم الدليل علي اعتبار ادعائه و مقتضي الأصل خلافه و يستفاد من حديث سعيد الجعفي بلحاظ تقرير الامام عليه السلام ان التوصيف يكفي في الدفع قال:

خرجت الي مكة و انا من اشد الناس حالا فشكوت الي أبي عبد اللّه عليه السلام فلما خرجت من عنده وجدت علي بابه كيسا فيه سبعمائة دينار فرجعت اليه من فوري ذلك فأخبرته فقال: يا سعيد اتق اللّه عز و جل و عرفه في المشاهد- و كنت رجوت ان يرخص لي فيه- فخرجت و انا مغتم فأتيت مني فتنحيت عن الناس و تقصيت حتي اتيت المافوقة فنزلت في بيت متنحيا عن الناس ثم قلت: من يعرف الكيس فأول صوت صوته اذا رجل علي رأسي يقول: انا صاحب الكيس فقلت في نفسي

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 83

______________________________

أنت فلا كنت قلت: ما علامة الكيس؟ فأخبرني بعلامته فدفعته اليه قال: فتنحي ناحية فعدها فاذا الدنانير علي حالها ثم عد منها سبعين دينارا فقال: خذها حلالا خير من سبعمائة حراما فأخذتها ثم دخلت علي ابي عبد اللّه عليه السلام فأخبرته كيف تنحيت و كيف صنعت فقال: اما انك حين شكوت إلي امرنا لك بثلاثين دينارا يا جارية هاتيها فأخذتها و انا من احسن قومي حلالا «1».

لكن الحديث مخدوش سندا بالجعفي حيث انه لم يوثق بقي في هذا الفرع أمران:

احدهما: ان

المدعي لملكية اللقطة اذا كان ثقة فهل تدفع اليه بلا بينة أم لا ربما يقال: بجواز الدفع بل بوجوبه لحجية قول الثقة في الموضوعات و انما لا نلتزم بالكفاية في باب الدعاوي و القضاء لدليل خاص.

و لكن يمكن أن يرد علي هذا التقريب بأن حجية قول الثقة في الموضوعات ليس مدلول آية او رواية بل بلحاظ جريان السيرة عليها و امضاء الشارع هذه السيرة و لم يثبت من العقلاء قبول قوله فيما يرجع الي جر النار الي قرصه.

ثانيهما: انه يستفاد من حديثين قبول قول المدعي بلا معارض الاول: ما رواه منصور «2» و الظاهران الرواية نقية السند و لكن يمكن أن يناقش فيها بأن المدعي في مورد الرواية ذو اليد بالنسبة الي المال.

الثاني: ما رواه احمد بن محمد بن ابي نصر قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل يصيد الطير الذي يسوي دراهم كثيرة و هو مستوي الجناحين و هو يعرف صاحبه أ يحل له امساكه؟ قال فقال: اذا عرف صاحبه رده عليه و ان لم

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب اللقطة

(2) لاحظ ص: 26

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 84

[مسألة 36: إذا عرف المالك و قد حصل للقطة نماء متصل دفع إليه العين و النماء]

(مسألة 36): اذا عرف المالك و قد حصل للقطة نماء متصل دفع اليه العين و النماء سواء حصل النماء قبل التملك أم بعده (1) و أما اذا حصل لها نماء منفصل فان حصل قبل التملك كان للمالك و ان حصل بعده كان للملتقط (2) أما اذا لم يعرف المالك و قد حصل لها نماء فان كان متصلا فان تملك اللقطة ملكه تبعا للعين (3) و أما اذا كان منفصلا ففي جواز تملكه اشكال و الاحوط التصدق به (4).

[مسألة 37: لو عرف المالك و لكن لم يمكن إيصال اللقطة إليه و لا إلي وكيله]

(مسألة 37): لو عرف المالك و لكن لم يمكن ايصال اللقطة اليه و لا الي وكيله فان أمكن الاستئذان منه في التصرف فيها و لو بمثل

______________________________

يكن يعرفه و ملك جناحه فهو له و ان جاءك طالب لا تتهمه رده عليه «1».

و المستفاد من الرواية ان المدعي لو لم يكن متهما عند الاخذ يجب عليه أن يدفع و يسلم الطير اليه فهذه الرواية تدل علي حجية قول المدعي بلا معارض الا في صورة الاتهام.

(1) اذ المفروض انه يجب رد العين و النماء المتصل تابع له عرفا و شرعا.

(2) هذا مبني علي جواز التملك و اما علي القول بعدم الجواز فلا يفرق بين الصورتين و مقتضاه كون النماء للمالك علي كلا التقديرين.

(3) بناء علي جواز التملك.

(4) الذي يختلج بالبال أن يقال: تارة ييأس عن الوصول الي المالك و اخري لا اما علي الثاني فيجب الفحص عنه فان رد الامانة بمقتضي الكتاب واجب و يحفظ المال لمالكه و أما علي الاول فلا يبعد أن يقال: بأن مقتضي حديث ابن مهزيار «2»

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب اللقطة الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 31

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 85

الصدقة عنه أو دفعها

الي أقاربه أو نحو ذلك تعين (1) و الا تعين التصدق بها عنه (2).

[مسألة 38: إذا مات الملتقط]

(مسألة 38): اذا مات الملتقط فان كان بعد التعريف و التملك انتقلت الي وارثه كسائر املاكه (3) و ان كان بعد التعريف و قبل التملك فالمشهور قيام الوارث مقامه في التخيير بين الامور الثلاثة أو الامرين و ان كان في أثنائه قام مقامه في اتمامه فاذا تم التعريف تخير الوارث

______________________________

صيرورته ملكا للأخذ مع وجوب الخمس.

(1) لأنه نحو من الايصال و الاداء و مع امكان الايصال الي المالك يجب لوجوب اداء الامانة الي اهلها.

(2) الظاهر انه استفيد ما افيد من حديث ابن جعفر «1» فانه يستفاد من هذا الحديث انه يجوز التصدق باللقطة بعد تمامية السنة و عدم وجوب الفحص و حيث ان المفروض في المقام عدم اثر للفحص يجب التصدق عنه لعدم جواز التصرف في مال الغير حتي بالامساك و ابقائه علي حاله.

ان قلت: المذكور في الرواية التصدق و لم يقيد بالتصدق عن المالك فما الوجه في هذا التقييد؟ قلت: لا يبعد ان العرف يفهم من الرواية بمناسبة الحكم و الموضوع ان التصدق يكون عن المالك اذ لا وجه للتصدق عن النفس بمال الغير بلا اذن منه فلاحظ و تأمل فافهم و اغتنم.

(3) هذا مبني علي جواز التملك فانه عليه يكون من تركته فينتقل الي وارثه بمقتضي قانون الإرث لكن تقدم منا الاشكال في أصل المبني لاحظ حديث ابن

______________________________

(1) لاحظ ص: 61

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 86

بين الامور الثلاثة أو الاثنين (1) و الاحوط اجراء حكم مجهول المالك عليه في التعريف به الي أن يحصل الياس من الوصول الي مالكه ثم يتصدق به عنه (2).

[مسألة 39: إذا وجد مالا في صندوقه و لم يعلم أنه له أو لغيره]

(مسألة 39): اذا وجد مالا في صندوقه و لم يعلم انه له أو لغيره فان كان لا يدخل احد يده

في صندوقه فهو له (3).

______________________________

جعفر «1».

(1) و يشكل لأنه مبني علي القول بانتقال حق الالتقاط الي الوارث و لا دليل عليه فعليه لا بد من اجراء حكم مجهول المالك عليه بأن نقول: مع عدم اليأس عن الوصول الي مالكه يفحص عنه و مع اليأس تكون ملكا للأخذ و لا يخفي انه علي هذا المبني لا خصوصية للوارث بل هذا حكم من وضع يده علي المال و أخذها فلاحظ و تأمل و دقق النظر و صفوة القول: انه لا يصدق عنوان اللقطة بالنسبة الي الوارث.

(2) قد ظهر مما ذكرنا انه علي فرض عدم اخذ المال لا يتوجه تكليف و علي فرض اخذ المال يتوجه التكليف الي الاخذ بلا خصوصية للوارث و لا يبعد أن يكون الماتن ناظرا فيما ذكره من الاحتياط الي الجمع بين الحقين اذ علي تقدير لزوم ترتيب احكام اللقطة لا ينافي التعريف الي زمان حصول اليأس اذ يجوز حفظ العين لمالكها علي ما تقدم و علي تقدير كونه مجهول المالك في قبال اللقطة فقد رتب عليه حكمه من التصدق به بعد اليأس و الحق ما بيناه و اللّه العالم.

(3) بلا خلاف كما في الجواهر مضافا الي أنه مقتضي الظاهر و يدل علي المدعي ما رواه جميل بن صالح قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل وجد في منزله دينارا قال: يدخل منزله غيره؟ قلت: نعم كثير قال: هذا لقطة قلت: فرجل وجد

______________________________

(1) لاحظ ص: 45

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 87

و ان كان يدخل أحد يده في صندوقه عرفه اياه فان عرفه دفعه اليه و ان انكره فهو له (1) و ان جهله لم يبعد الرجوع الي القرعة كما في سائر تردد المال

بين مالكين (2) هذا اذا كان الغير محصورا أما اذا لم يكن فلا يبعد الرجوع الي القرعة فان خرجت باسم غيره فحص عن المالك و بعد الياس منه يتصدق به عنه (3) و اذا وجد مالا في داره و لم يعلم انه له أو لغيره فان لم يدخلها احد غيره أو يدخلها قليل فهو له و ان كان يدخلها كثير كما في المضايف و نحوها جري عليه حكم اللقطة (4).

______________________________

في صندوقه دينارا قال: يدخل أحد يده في صندوقه غيره أو يضع فيه شيئا؟ قلت لا قال: فهو له «1».

(1) لانحصار الامر بينهما في اثبات احد الطرفين كما ان انتفاء احد الطرفين يقتضي اثبات الطرف الاخر فلاحظ.

(2) بناء علي حجية القرعة عند الاشكال و الاشتباه كما عليها بنائهم.

(3) لا يبعد أن يقال: في صورة عدم الحصر و كون الشبهة غير محصورة يترتب عليه حكم اللقطة بمقتضي حديث جميل «2» فانه يستفاد من هذا الحديث ان المدخل يده في الصندوق اذا كان كثيرا يترتب عليه حكم اللقطة الا أن يقال: بأن صدق اللقطة يتوقف علي الضياع و هذا المعني لا يتحقق بالنسبة الي ما في الصندوق بخلاف الدار اذ لا فرق بين الدار و الشارع من هذه الجهة فلاحظ.

(4) في هذه المسألة فروع: الاول: انه لو يدخل داره كثير يكون المال الذي وجده محكوما عليه بحكم اللقطة و الوجه فيه ما رواه جميل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب اللقطة

(2) لاحظ ص: 86

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 88

[مسألة 40: إذا تبدلت عباءة الإنسان بعباءة غيره أو حذائه بحذاء غيره]

(مسألة 40): اذا تبدلت عباءة الانسان بعباءة غيره أو حذائه بحذاء غيره فان علم ان الذي بدله قد تعمد ذلك جاز اخذ البدل من باب المقاصة (1) فان كانت قيمته

أكثر من مال الاخر تصدق بالزائد ان لم يمكن ايصاله الي المالك (2) و ان لم يعلم انه قد تعمد ذلك فان علم رضاه بالتصرف جاز له التصرف فيه و الآجري عليه حكم مجهول المالك فيفحص عن المالك (3) فان يئس منه ففي جواز أخذه وفاء عما اخذه اشكال (4).

______________________________

الثاني: انه لو لم يدخلها غيره يكون المال محكوما عليه بأنه ماله و ملكه و الوجه فيه تلك الرواية مضافا الي قاعدة اليد.

الثالث: انه لو كان يدخلها قليل غيره فان الماتن حكم بأن المال له و لم يظهر لي وجهه و أيضا لم يظهر وجه التفريق بين الدار و الصندوق فان الحق أن يقال:

ان مقتضي القاعدة الرجوع الي القرعة كما حكم بها بالنسبة الي الصندوق.

(1) مع الشرائط المقررة في باب التقاص و قد دلت علي جوازها جملة من النصوص:

منها: ما رواه داود بن رزين قال: قلت لأبي الحسن موسي عليه السلام:

اني اخالط السلطان فتكون عندي الجارية فيأخذونها و الدابة الفارهة فيبعثون فيأخذونها ثم يقع لهم عندي المال فلي أن آخذه؟ قال: خذ مثل ذلك و لا تزد عليه «1» و منها غيره.

(2) قد تقدم حكم مجهول المالك.

(3) كما هو ظاهر.

(4) لعدم الدليل علي جواز التقاص في هذه الصورة و عليه يترتب عليه حكم

______________________________

(1) الوسائل الباب 83 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 89

و الاحوط التصدق به باذن الحاكم الشرعي و احوط منه اخذه وفاء ثم التصدق به عن صاحبه كل ذلك باذن الحاكم الشرعي (1).

[كتاب الغصب]

اشارة

كتاب الغصب و هو حرام عقلا (2) و شرعا (3) و يتحقق بالاستيلاء علي مال الغير ظلما (4) و ان كان عقارا (5).

______________________________

مجهول المالك.

(1) لا اشكال

في حسن الاحتياط التام.

(2) الظاهر انه لا يمكن اثبات الحرمة شرعا بالعقل و بعبارة اخري ليس للعقل طريق الي الملاكات الشرعية و الأحكام الالهية نعم لا اشكال في أن الظلم بما هو أمر قبيح و حرام و لكن ليس للعقل تشخيص مصداق هذا الكلي.

(3) بلا اشكال و لا كلام و حرمته شرعا من ضروريات الفقه و لا تحتاج اثباتها الي اقامه الدليل و البرهان.

(4) قال في مجمع البحرين: «و هو الاستقلال باثبات اليد علي مال الغير ظلما و عدوانا».

(5) لصدق الموضوع بل الاجماع عليه بقسميه كما في الجواهر و يدل علي المدعي بعض النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل اكتري دارا و فيها بستان فزرع في البستان و غرس نخلا و أشجارا و فواكه و غير ذلك و لم يستأمر صاحب الدار في ذلك قال عليه الكراء و يقوم صاحب الدار الزرع و الغرس قيمة عدل و يعطيه الغارس ان كان استامره في ذلك و ان لم يكن استامره في ذلك فعليه الكراء و له الزرع و الغرس و يفعله و يذهب به حيث شاء «1»

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب الغصب الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 90

و يضمن تمامه بالاستقلال (1) و لو سكن الدار قهرا مع المالك ضمن النصف لو كانت بينهما بنسبة واحدة و لو اختلفت فبتلك النسبة (2) و يضمن المنفعة اذا كانت مستوفاة (3) و كذا اذا فاتت تحت يده (4) و لو غصب الحامل ضمن الحمل (5) و لو منع المالك من

______________________________

و قال في الجواهر: «لا خلاف و لا اشكال عندنا في أنه يصح غصب العقار و يضمنه الغاصب بل

الاجماع بقسميه عليه مضافا الي ما سمعته من النصوص و الي صحة بيعه و غيره مما يتوقف علي تحقق القبض فما عن أبي حنيفة و تلميذه ابي يوسف من عدم تصور غصبه لعدم تصور اثبات اليد فيه واضح الضعف» الي آخر كلامه «1».

و ملخص الكلام انه لا اشكال في صدق الغصب في العقار بحسب الفهم العرفي فيترتب عليه آثاره و أحكامه فلاحظ.

(1) لقاعدة اليد المعروفة عند القوم لاحظ ما رواه أبو الفتوح الرازي في تفسيره عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله، أنه قال: «علي اليد ما أخذت حتي تؤديه «2» و هذه الرواية و ان كانت مخدوشة سندا لكن لا اشكال في اصل الحكم و ان الضمان يتحقق بغصب مال الغير.

(2) لتحقق الحكم بمقدار تحقق الموضوع فتلاحظ النسبة.

(3) لاحترام مال الغير.

(4) اذ المفروض ان اليد ضمانية.

(5) و قال في الجواهر: «و غصب الأمة الحامل مثلا غصب لحملها «لولدها»

______________________________

(1) الجواهر ج 37 ص: 19

(2) مستدرك الوسائل كتاب الغصب الباب 1 الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 91

امساك الدابة المرسلة فشردت أو من القعود علي بساطه فسرق لم يضمن ما لم يستند الاتلاف اليه و الا فيضمن (1) و لو غصب من الغاصب تخير المالك في الاستيفاء ممن شاء (2) فان رجع علي الاول رجع الاول علي الثاني (3) و ان رجع علي الثاني لم يرجع علي الاول (4) و لا يضمن الحر مطلقا و ان كان صغيرا (5).

______________________________

أيضا بلا خلاف و لا اشكال لثبوت يده بل استقلاله و استيلائه عليهما فيضمنهما حينئذ معا» «1» الي آخر كلامه و الأمر كما أفاده لصدق الغصب بالنسبة الي كليهما فلاحظ.

(1) الأمر كما أفاده فان الضمان اما يتحقق

باليد و اما بالاتلاف و المفروض ان يده لم توضع علي العين فتحقق الضمان يتوقف علي صدق الاتلاف عرفا فان صدق يتحقق و الا فلا فلاحظ.

(2) لتوارد الأيدي علي العين الواحدة و ثبوت الضمان بالنسبة الي الجميع فيجوز للمالك الرجوع الي كل واحد منهم.

(3) لقرار الضمان عليه هذا في صورة تلف العين و اما مع بقائها فالظاهر جواز الرجوع الي كل واحد من الغاصبين اذ وظيفة كل غاصب أن يرد العين المغصوبة الي صاحبها.

(4) لعدم المقتضي و المفروض ان قرار الضمان عليه كما مر.

(5) لعدم المقتضي للضمان و قال في الجواهر في هذا المقام- شرحا لكلام الماتن-: «بلا خلاف محقق اجده فيه» الي أن قال: «ضرورة عدم كونه مالا حتي يتحقق فيه الضمان» «2».

______________________________

(1) الجواهر ج 37 ص: 30

(2) الجواهر ج 37 ص: 36

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 92

الا أن يكون تلفه مستندا اليه (1) و لا اجرة الصانع لو منعه عن العمل (2) الا اذا كان اجيرا خاصا لغيره فيضمن لمن استاجره (3) و لو كان اجيرا له لزمته الاجرة (4) و لو استعمله فعليه اجرة عمله (5) و لو ازال القيد عن العبد المجنون أو الفرس ضمن جنايتهما (6).

______________________________

(1) فانه يضمن في هذه الصورة لدليل ضمان اتلاف النفس المحترمة.

(2) الكلام فيه هو الكلام فان عمل الحر لا يعد من الأموال و لذا لا يكون مستطيعا و لا يجب عليه الخمس.

(3) لقاعدة الاتلاف الموجب للضمان.

(4) اذ المفروض انه بنفسه منعه عن العمل الذي يكون موردا للأجرة فلاحظ.

(5) لأن عمله ذو قيمة و المفروض انه أتلف عليه ماله المالية فيضمن و ادعي علي المدعي عدم الخلاف و الاشكال.

(6) لأنه سبب و يمكن أن يستفاد المدعي

من جملة من النصوص منها رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن بختي اغتلم فخرج من الدار فقتل رجلا فجاء اخو الرجل فضرب الفحل بالسيف، فقال: صاحب البختي ضامن للدية و يقتص ثمن بختيه «1».

و منها: ما رواه مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام كان اذا صال الفحل اول مرة لم يضمن صاحبه فاذا ثني ضمن صاحبه «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب موجبات الضمان الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 14 من ابواب موجبات الضمان الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 93

و كذا الحكم في كل حيوان جني علي غيره من انسان أو حيوان أو غيرهما فان صاحبه يضمن جنايته اذا كان بتفريط منه اما بترك رباطه أو بحله من الرباط اذا كان الحيوان من شانه أن يربط وقت الجناية للتحفظ منه (1).

______________________________

و ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن بختي اغتلم فقتل رجلا ما علي صاحبه؟ قال: عليه الدية «1».

و تؤيّد المدعي جملة اخري من الروايات منها ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: رجل حفر بئرا في غير ملكه فمر عليها رجل فوقع فيها فقال: عليه الضمان لأن كل من حفر في غير ملكه كان عليه الضمان «2».

و منها: ما رواه أبو الصباح الكناني قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من اضر بشي ء من طريق المسلمين فهو ضامن 3.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الشي ء يوضع علي الطريق فتمر الدابة فتنفر بصاحبها فتعقره قال: كل شي ء يضر بطريق المسلمين

فصاحبه ضامن لما يصيبه 4.

(1) بلا خلاف و لا اشكال كما في الجواهر قال: «تجب حفظ دابته الصائلة كالبعير المغتلم و الكلب العقور الذي اقتناه و الفرس العضوض و البغل الرامح و نحو ذلك بلا خلاف اجده فيه بل و لا اشكال لقاعدة الضرر و غيرها بل و لو اهمل ضمن جنايتها بلا خلاف و لا اشكال» 5 انتهي موضع الحاجة من كلامه.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 3

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 8 من أبواب موجبات الضمان الحديث 1 و 2

(3) (4) الوسائل الباب 9 من ابواب موجبات الضمان الحديث: 1

(4) (5) الجواهر ج 42 ص: 129

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 94

______________________________

و يمكن الاستدلال علي المدعي بحديثي الحلبي و ابن جعفر «1» و مثلهما خبر آخر لابن جعفر في كتابه عن اخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال سألته عن بختي مغتلم قتل رجلا فقام اخو المقتول فعقر البختي و قتله ما حاله؟ قال: علي صاحب البختي ديه المقتول و لصاحب البختي ثمنه علي الذي عقر بختيه «2»

و في المقام روايات يستفاد منها التعارض مع ما قبلها منها ما عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله البئر جبار و العجماء جبار و المعدن جبار «3».

و منها: ما رواه يونس عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال بهيمة الأنعام لا يغرم أهلها شيئا 4.

و منها: ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال كان من قضاء النبي صلي اللّه عليه و آله ان المعدن جبار و البئر جبار و العجماء جبار و العجماء بهيمة الأنعام و الجبار من الهدر

الذي لا يغرم 5.

و منها: ما رواه عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن ابيه عن آبائه قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله العجماء جبار و البئر جبار و المعدن جبار و في الركاز الخمس و الجبار الذي لا دية فيه و لا قود 6.

و الحديث الثاني ضعيف سندا ببعض من فيه و الثالث ضعيف سندا بالارسال و الرابع بمحمد بن عبد اللّه بن هلال و الخامس بهيثم بن أبي مسروق.

______________________________

(1) لاحظ ص: 93

(2) الوسائل الباب 14 من أبواب موجبات الضمان الحديث: 4

(3) (3 و 4) الوسائل الباب 32 من أبواب موجبات الضمان الحديث: 2 و 3

(4) (5 و 6) نفس المصدر الحديث: 4 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 95

و كذا الحكم في الضمان لو انهار جدار الجار فوقع علي انسان أو حيوان أو غيرهما فان صاحب الجدار ضامن اذا كان عالما بالانهيار فلم يصلحه أو يهدمه و تركه حتي انهدم فاصاب عينا فاتلفها (1) و كذا لو كان الجدار في الطريق العام فان الحكم ضمان صاحب الجدار المتلف الحاصل من انهدامه اذا لم يبادر الي قلعه أو اصلاحه (2) و ضمان صاحب الجدار في الفرضين مشروط بجهل التالف بالحال ان كان انسانا و بجهل مالكه ان كان من الاموال فلو وقف شخص تحت الجدار المنهار أو ربط حيوانه هناك مع علمه بالحال فانهدم الجدار فتلف الانسان أو الحيوان لم يكن علي صاحب الجدار ضمان (3) و ضمان

______________________________

(1) لأنه سبب و المستفاد من الأدلة ثبوت الضمان في امثال المقام فلاحظ.

(2) لعين الملاك و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص منها ما رواه سماعة قال: سألته عن الرجل يحفر البئر

في داره أو في أرضه فقال أما ما حفر في ملكه فليس عليه ضمان و أما ما حفر في الطريق أو في غير ما يملك فهو ضامن لما يسقط فيه «1».

و منها: ما رواه أبو الصباح الكناني قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام من اضر بشي ء من طريق المسلمين فهو له ضامن له «2».

(3) لعدم كون استناد التلف اليه بل يستند الي المباشر فلاحظ و النصوص منصرفة عن هذه الصور.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب موجبات الضمان الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 96

الانسان بذمته في ماله لا علي عاقلته (1) و لو فتح بابا فسرق غيره المتاع ضمن السارق (2) و لو اجج نارا من شأنها السراية الي مال الغير فسرت اليه ضمنه (3) و اذا لم يكن من شانها السراية فاتفقت السراية بتوسط الريح أو غيره لم يضمن (4) و يضمن الخمر و الخنزير للذمي بقيمتهما عندهم مع الاستتار (5).

______________________________

(1) لعدم المقتضي فان ثبوت الدية علي العاقلة علي خلاف الأصل الاولي و يحتاج الي قيام الدليل و لا دليل عليه.

(2) لاستناد الأمر اليه و السبب لا مقتضي لضمانه و ان شئت قلت: المباشر في المقام أقوي فلاحظ.

(3) لصدق الاتلاف.

(4) لعدم صدق الاتلاف الموضوع للضمان.

(5) استدل علي المدعي بالنسبة الي القيمة باجماع الفرقة و اخبارها كما في الجواهر فانه قدس سره قال في هذا المقام: «باجماع الفرقة و اخبارها في محكي الخلاف بل قيل ان الاجماع أيضا ظاهر المبسوط و السرائر و التذكرة.

أما المتظاهر فلا ضمان و ان كان الغاصب كافرا قولا واحدا و كذا الكلام في الخنزير بالنسبة الي ضمانه و عدمه في المسلم و المستتر و المتظاهر

و غير ذلك مما عرفت و ضمانه بالقيمة عند مستحليه بلا خلاف و لا اشكال و كذا الخمر يضمنها المسلم للذمي المستتر بها بالقيمة عند مستحليها باجماع الفرقة و اخبارها في محكي الخلاف و التذكرة و لا بحث فيه كما في جامع المقاصد لاستحالة ثبوت الخمر في ذمة المسلم و ان كانت مثلية بل عن المبسوط و السرائر و التحرير و المختلف و غيرها ذلك أيضا اذا كان الغاصب كافرا بل ظاهر التذكرة الاجماع عليه بل عن الخلاف

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 97

______________________________

دعوي اجماع الفرقة و اخبارها عليه أيضا» «1».

و الانصاف انه يمكن أن يستفاد من جملة من النصوص منها: ما رواه منصور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام لي علي رجل ذمي دراهم فيبيع الخمر و أنا حاضر فيحل لي اخذها فقال انما لك عليه دراهم فقضاك دراهمك «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صدقات اهل الذمة و ما يؤخذ من جزيتهم من ثمن خمورهم و خنازيرهم و ميتتهم قال: عليهم الجزية في اموالهم تؤخذ من ثمن لحم الخنزير أو خمر فكل ما أخذوا منهم من ذلك فوزر ذلك عليهم و ثمنه للمسلمين حلال يأخذونه في جزيتهم «3».

و منها: ما رواه يونس في مجوسي باع خمرا أو خنازير الي اجل مسمي ثم أسلم قبل أن يحل المال قال: له دراهمه و قال: اسلم رجل و له خمر أو خنازير ثم مات و هي في ملكه و عليه دين. قال يبيع ديانه أو ولي له غير مسلم خمره و خنازيره و يقضي دينه و ليس له أن يبيعه و هو حي و لا يمسكه «4».

و

منها: ما رواه داود بن سرحان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل كانت له علي رجل دراهم فباع خنازير أو خمرا و هو ينظر فقضاه قال: لا بأس أما للمقضي فحلال و أما للبائع فحرام «5».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام: قال: سألته عن رجلين نصرانيين باع احدهما خمرا أو

______________________________

(1) الجواهر ج 37 ص: 44

(2) الوسائل الباب 60 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 70 من أبواب جهاد العدو الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 57 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 28 من أبواب الدين الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 98

و كذا للمسلم حق اختصاصه فيما اذا استولي عليهما لغرض صحيح (1) و يجب رد المغصوب (2).

______________________________

خنزيرا الي اجل فأسلما قبل أن يقبضا الثمن هل يحل له ثمنه بعد الإسلام؟ قال:

انما له الثمن فلا بأس أن يأخذه «1» ان الشارع الأقدس امضي مالية الخمر و الخنزير بالنسبة الي الذمي فما افاده في المتن من تحقق الضمان بالقيمة بالنسبة الي المستتر و عدمه بالنسبة الي المتظاهر تام بالاخبار و الاجماع فدعوي وضوح الحكم ليس جزافا.

(1) اذ لو كان له غرض صحيح يثبت له حق الاختصاص فيجب رده اليه و أما مع التلف فيشكل الأمر اذ لو قلنا ان قيمة العين يثبت في الذمة فلا قيمة للخمر فلا مجال لثبوتها في الذمة و ان قلنا بثبوت المثل فيها فالمقتضي قاصر اذ دليل علي اليد بدون التوسل بالإجماع و السيرة غير تام لعدم تمامية سنده فالمدرك منحصر في الاجماع فلاحظ.

(2) قال في الجواهر: «لا خلاف

بيننا في أنه يجب رد المغصوب ما دام باقيا بل الاجماع بقسميه عليه ان لم يكن ضرورة من المذهب» «2» الي آخر كلامه.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص الدالة علي حرمة التصرف في مال الغير فمنها: ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: من كانت عنده أمانته فليؤدها الي من ائتمنه عليها فانه لا يحل دم امرء مسلم و لا ماله الا بطيبة نفس منه «3».

و منها: ما روي عن صاحب الزمان عليه السلام قال: لا يحل لأحد أن يتصرف

______________________________

(1) الوسائل الباب 61 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) الجواهر ج 37 صفحه 75

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب مكان المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 99

______________________________

في مال غيره بغيره اذنه «1».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم سباب المؤمن فسوق و قتاله كفر و أكل لحمه معصية و حرمة ماله كحرمة دمه «2».

فان امساك مال الغير بلا حق نوع من التصرف فلا يجوز مضافا الي ما ورد في خصوص حرمة الغصب: منها ما عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح عليه السلام و ذكر ما يختص الامام الي أن قال: و له صوافي الملوك ما كان في أيديهم علي غير وجه الغصب لأن الغصب كله مردود «3».

و منها: ما رواه محمد بن الحسين الرضي في نهج البلاغة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الحجر الغصب في الدار رهن علي خرابها «4».

و منها: ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عليه السلام عن آبائه عن

النبي صلي اللّه عليه و آله في حديث المناهي قال: من خان جاره شبرا من الأرض جعله اللّه طوقا في عنقه من تخوم الأرض السابعة حتي يلقي اللّه يوم القيامة مطوقا الا أن يتوب و يرجع 5.

و منها: ما رواه عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عمن أخذ أرضنا بغير حقها و بني فيها قال يرفع بناؤه و تسلم التربة الي صاحبها ليس لعرق ظالم حق 6.

ثم قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله من أخذ أرضنا بغير حق كلف أن يحمل

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب الغصب الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 158 من أبواب احكام العشرة الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب الغصب الحديث: 3

(4) (4 و 5) نفس المصدر الحديث: 5 و 2

(5) (6) الوسائل الباب 3 من ابواب الغصب الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 100

فان تعيب ضمن الارض (1) فان تعذر الرد ضمن مثله و لو لم يكن مثليا ضمنه بقيمته يوم الغصب (2).

______________________________

ترابها الي المحشر «1».

(1) اذ المفروض ان اليد ضمانية فتوجب الضمان و مقتضاه وجوب رد العين مع الأرش و ادعي في الجواهر عدم الخلاف فيه بل ادعي عليه الاجماع بقسميه.

(2) ما يمكن أن يقال أو قيل في وجه ضمان المثلي بالمثل و في القيمي بالقيمة وجوه: الوجه الأول حديث علي اليد «2».

و يرد عليه انه لا يبعد أن يكون المستفاد من الحديث ان ضمان ما أخذ الي زمان الأداء أي ما دام المأخوذ في يد الاخذ يكون الاخذ ضامنا بالنسبة اليه و ارتفاع الضمان بادائه فلا يرتبط بالمقام.

و ربما يقال: بأن المستفاد من الحديث ان المأخوذ مضمون بنفسه و

علي تقدير التعذر تصل النوبة الي المثل و علي تقدير التعذر تصل النوبة الي القيمة فلا ينطبق علي ما هو المشهور عندهم من الضمان في المثلي بالمثل و في القيمي بالقيمة مضافا الي أن الحديث ضعيف سندا فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالته.

الوجه الثاني ما دل من النصوص علي أن حرمة مال المسلم كحرمة دمه لاحظ ما من عن كتاب المجالس و الأخبار من وصايا النّبيّ لأبي ذر يا أبا ذر سباب المسلم فسوق و قتاله كفر و اكل لحمه من معاصي اللّه و حرمة ماله كحرمة دمه «3».

و ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله سباب المؤمن فسوق و قتاله كفروا اكل لحمه معصية للّه و حرمة ماله كحرمة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 90

(3) الوسائل الباب 152 من احكام العشرة الحديث 9

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 101

______________________________

دمه «1».

و لا يخفي ان المستفاد من هذه النصوص الحكم التكليفي لا الوضعي و علي تقدير التنزل لا تدل علي المدعي بل تدل علي الضمان.

الوجه الثالث النصوص الدالة علي ان الامة المبتاعة اذا وجدت مسروقة بعد أن أولدها المشتري اخذها صاحبها و اخذ المشتري ولده بالقيمة لاحظ ما رواه جميل بن دراج عن بعض اصحابنا عن ابي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري جارية فاولدها فوجدت مسروقة قال يأخذ الجارية صاحبها و يأخذ الرجل ولده بقيمته «2».

و الجواب ان المستفاد من هذه النصوص ليس ما هو المشهور عندهم من كون ضمان المثلي بالمثل و في القيمي بالقيمة و بعبارة واضحة المستفاد من هذه النصوص ان صاحب الولد يأخذ ولده و يدفع قيمته و لا

يستفاد من النصوص المشار اليها ما هو المشهور عندهم من ضمان المثلي بالمثل و القيمي بالقيمة فلاحظ.

الوجه الرابع الاجماع علي المدعي و فيه انه مدركي و لا أقلّ من احتماله فلا يكون تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم.

الوجه الخامس قوله تعالي «فَمَنِ اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ» «3» و تقريب الاستدلال علي المدعي بالآية يتوقف علي امور ثلاثة:

الاول: أن يكون المراد بكلمة (ما) الموصول و أما اذا كان المراد بها المصدر تكون الاية اجنبية عن المدعي فتختص الاية بالاعتداء بالأفعال و لا يرتبط بالأموال و عن الأردبيلي قدس سره تعين هذا الاحتمال.

الثاني أن يكون المراد بالموصول الشي ء المعتدي بأن يكون المراد فاعتدوا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) الوافي ج 10 من الباب 118 من أبواب احكام التجارة ص 101

(3) البقرة/ 194

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 102

______________________________

عليه بمثل الشي ء الذي اعتدي به عليكم و فيه انه لا دليل علي المدعي بل يمكن أن يكون المراد من الموصول الفعل لا الشي ء الخارجي فلا ترتبط الاية بالمقام.

الثالث: أن يكون المراد من المثل في الاية المثل في المثلي و القيمة في القيمي و لا دليل علي هذه الدعوي اضف الي ذلك انه لا تستفاد من الاية جواز تملك مال الغير في مقابل تلف المال بل يستفاد جواز الاتلاف في مقابل الاتلاف.

اذا عرفت ما تقدم نقول تارة يقع الكلام فيما هو مقتضي القاعدة الاولية و اخري فيما هو مقتضي النص الخاص فالبحث في موضعين:

أما الموضع الاول فنقول: مقتضي القاعدة الأولية ان المغصوب يرد بعينه و مع عدم الامكان تصل النوبة الي مثله و مع تعذر مثله تصل النوبة الي قيمته و عليه يكون الضمان دائما بالمثل غاية الأمر كفاية

اداء القيمة من باب اللابدية و عدم امكان دفع المثل كما هو المفروض و علي هذا الأساس لا مجال لأن يقال لا بد من دفع المثل في المثلي و القيمة في القيمي و لا يكتفي باحدهما في موضع الاخر بل الضمان دائما بالمثل و الواجب دفع قيمة المثل و السيرة جارية عليه فلو لم يكن نص خاص في المقام لا بد من الالتزام بدفع قيمته يوم الاداء لأن الغاصب ضامن للمثل فالواجب عليه دفع قيمة ما في ذمته و الثابت في ذمته هو المثل كما ذكرنا.

و أما الموضع الثاني فيمكن أن يقال ان المستفاد من حديث أبي ولاد أن الميزان بيوم الغصب لاحظ ما عن أبي ولاد الحناط قال اكتريت بغلا الي قصر ابن هبيرة ذاهبا و جائيا بكذا و كذا و خرجت في طلب غريم لي فلما صرت قرب قنطرة الكوفة خبرت ان صاحبي توجه الي النيل فتوجهت نحو النيل فلما أتيت النيل خبرت الي صاحبي توجه الي بغداد فاتبعته و ظفرت به و فرغت مما بيني و بينه و رجعنا الي الكوفة و كان ذهابي و مجي ء خمسة عشر يوما فأخبرت صاحب البغل بعذري

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 103

______________________________

و أردت ان اتحلل منه مما صنعت و أرضيه فبذلت له خمسه عشر درهما فأبي أن يقبل فتراضينا بأبي حنيفة فأخبرته بالقصة الي أن قال و حججت تلك السنة فأخبرت أبا عبد اللّه عليه السلام بما افتي به ابو حنيفة فقال في مثل هذا القضاء و شبهه تحبس السماء ماءها و تمنع الأرض بركتها قال فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام فما تري أنت؟ فقال أري له عليك مثل كراء بغل ذاهبا من الكوفه الي

النيل و مثل كراء بغل راكبا من النيل الي بغداد و مثل كراء بغل من بغداد الي الكوفة توفيه اياه قال فقلت:

جعلت فداك قد علفته بدراهم فلي عليه علفه؟ فقال: لا لأنك غاصب قال: فقلت له أ رأيت لو عطب البغل و نفق أ ليس كان يلزمني؟ قال: نعم قيمة بغل يوم خالفته قلت فان اصاب البغل كسر أو دبر أو غمز فقال: عليك قيمة ما بين الصحة و العيب يوم ترده عليه الخ «1».

و مورد الاستدلال علي المدعي قوله عليه السلام «نعم قيمة بغل يوم خالفته» و الاستدلال بهذه الجملة علي المدعي يتوقف علي رجوع القيد و هو يوم خالفته الي القيمة اما باضافة القيمة الي البغل و البغل الي اليوم بنحو تتابع الإضافات كقول الشاعر (و ليس قرب قبر حرب قبر) أو باضافة القيمة الي البغل و اليوم معا أو باضافة المحصل من المضاف و المضاف اليه الي اليوم و اما بكون اليوم ظرفا للقيمة بلا اضافة اما الاحتمال الأول فيرده ان البغل من الذوات و لا يكون قابلا للتقييد بالزمان مضافا الي أن المعرف بلام التعريف لا يضاف و في بعض النسخ يكون لفظ البغل معرفا بلام التعريف و أما الاحتمال الثاني فهو غير معهود في الاستعمالات و أما الاحتمال الثالث فلا بأس به و عليه يكون المستفاد من الرواية في ضمان القيميات قيمة يوم الغصب.

و لكن يتوقف علي تجريد لفظ (بغل) عن لام التعريف و أما الاحتمال الرابع

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من احكام الاجارة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 104

______________________________

فتقريبه أن يكون اليوم ظرفا للقيمة لأن القيمة بمعني ما يتقوم به و هو المعني الحدثي و قابل لأن يقيد بالزمان

و عليه ينون لفظ البغل علي الجر باضافة القيمة اليه و يؤيد هذا الوجه ان لفظ (بغل) معرف في بعض النسخ و غير قابل لأن يضاف الي ما بعده فيكون المعني ان اللازم علي الغاصب قيمة البغل قيمة يوم الغصب.

و في المقام احتمال آخر و هو رجوع قوله يوم خالفته الي قوله عليه السلام (نعم) اي يلزمك القيمة يوم خالفته فتكون اجنبية عن المراد اذ يكون المراد منها ان الضمان و لزومه يوم المخالفة فلا تعرض للمقدار و يرد في هذا الاحتمال اشكالان

احدهما: ان لزوم الضمان يوم المخالفة و هذا امر واضح لا يحتاج الي البيان اذ الغصب يتحقق في ذلك اليوم ثانيهما: ان لازمه انتقال الضمان بالقيمة قبل تلف العين و مع بقاء البغل و لم يقل به احد.

ثم انه قد توجهت ايرادات الي الرواية علي المعني المستفاد منها: الاول انه لو كان المناط يوم المخالفة لم يكن وجه لتعرضه عليه السلام ليوم الاكتراء بقوله (أو يأتي صاحب البغل بشهود) فلا خصوصية ليوم الغصب.

و الجواب انه لا يبعد أن يكون السرّ في ذلك اتحاد يوم الاكتراء مع يوم المخالفة في مورد السؤال فان المتعارف في الأسفار القريبة اكتراء الدابة في وقت الحركة لا قبل ايام فلا يكون فصل بين زمان الاكتراء و المخالفة فصلا معتدا به و هذا الاشكال المذكور يؤيد المدعي فالامام عليه السلام قد عبر عن يوم المخالفة بيوم الاكتراء اي يوم الغصب.

الثاني انه قال أبو ولاد (قلت فان اصاب البغل كسر أو دبر أو غمز)؟ فقال:

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 104

عليه السلام

«عليك قيمة ما بين الصحة و العيب يوم ترده عليه» فان الظاهر من هذه الجملة هو ان الضمان بقيمة يوم الرد لأن الظرف متعلق بلفظ (عليك) لتضمنه معني

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 105

______________________________

يلزمك فتكون هذه الجملة منافية لما ذكرنا من أن المستفاد من كلامه عليه السلام ان المناط بيوم الغصب.

و اورد عليه سيدنا الاسناد بأن لازمه استقرار الضمان علي الغاصب في زمان الرد مع انه واضح البطلان لأن ضمان المغصوب يستقر علي الغاصب من زمان الغصب مضافا الي أنه علي هذا يلزم أن لا يكون تعرض في الرواية بأن هذا التفاوت من يوم الغصب أم من يوم التلف أو من يوم الرد فتكون مجملة و كون المراد من الجملة السابقة يوم الغصب يعين ان المراد من هذه الجملة يوم الغصب.

و ربما يقال ان الظرف اي لفظ اليوم متعلق بلفظ قيمة فيكون المعني انه عليك تفاوت ما بين الصحة و العيب يوم الرد و بعبارة اخري المستفاد من الحديث ان مجرد رد العين لا اثر له بل يجب رد ما به التفاوت بين الصحيح و المعيب فتكون هذه الجملة منافية مع المستفاد من الجملة السابقة و بعبارة اخري يستفاد من الحديث ان التفاوت بين الصحيح و المعيب في يوم الرد يلزمك فيلزم التفكيك بين ضمان العين و ضمان الأرش فان المناط في الأول بيوم الغصب و في الثاني بيوم الرد.

و عن الشيخ الأنصاري قدس سره بأن الظرف متعلق بعليك لا قيد للقيمة اذ لا عبرة في ارش العيب بيوم الرد اجماعا لأن النقص الحادث تابع في تعيين يوم قيمته لأصل العين.

و اورد عليه سيدنا الاستاد بأنه لا مجال لهذا الاشكال لأن الاجماع علي التبعية لا يدفع

هذا الاحتمال اذ لو كان المناط في مقدار الأرش بيوم الرد يكشف ان ضمان اصل العين منوط بيوم الرد و لا اجماع علي خلافه و الصحيح في الجواب أن يقال انه لا ملزم للالتزام بكون الظرف قيدا للقيمة بلا قرينة بل ظهور الجملة السابقة

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 106

______________________________

في كون الميزان في الضمان يوم الغصب يدفع هذا الاحتمال.

الثالث انه سأل أبو ولاد الامام عليه السلام عن المقوم و اجابه عليه السلام أنت و هو الي آخر كلامه.

و قال الشيخ الأنصاري قدس سره: ان هذه الجملة مؤيدة لكون المدار في تعيين القيمة يوم التلف بتقريب انه لو كان المدار يوم الغصب كان المالك مدعيا لدعواه زيادة القيمة المخالفة للأصل و كان الغاصب منكرا و مقتضي القاعدة توجه الحلف الي الغاصب و البينة الي المالك و بعبارة اخري كيف يمكن الجمع بين البينة و اليمين فان المالك ان كان مدعيا تجب عليه اقامة البينة و ان كان منكرا تجب عليه اليمين فلو جعلنا الملاك يوم المخالفة يلزم أن تكون الروايه مخالفة للقواعد من ناحيتين: الأولي ان دعوي الزيادة من المالك مخالفة للأصل فلا يتوجه اليه اليمين الثاني انه لو توجهت اليه اليمين لا تسمع منه البينة فلا بد من جعل الملاك يوم التلف كي لا يتوجه اشكال فنقول الامام تعرض لصورتين:

الصورة الأولي: ان يتفق المالك و الغاصب علي قيمة يوم الاكتراء فالغاصب يدعي نقصانه يوم التلف و المالك ينكر النقصان و اليمين علي من أنكر.

الصورة الثانية: أن يتفق المالك و الغاصب علي اتحاد قيمة يوم المخالفة و يوم التلف لكن المالك يدعي الزيادة و الغاصب ينكرها فعلي المالك اقامة البينة اذ المفروض كونه مدعيا.

و يرد عليه انه

يمكن تصوير النزاع بنحو ينطبق علي الموازين مع كون المدار يوم الغصب بأن نقول لو اتفقا علي القيمة يوم الاكتراء و لكن يدعي الغاصب نقصانها و المالك ينكر النقصان تكون البينة علي المدعي و هو الغاصب و اليمين علي المنكر و هو المالك و أما لو اتفقا علي أن القيمة يوم الاكتراء هي القيمة يوم الغصب لكن

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 107

______________________________

المالك يدعي انها مقدار كذائي و الغاصب ينكر و يعترف باقل منه فالبينة علي المالك و اليمين علي الغاصب فلا فرق بين القولين من هذه الجهة.

و عن الايرواني قدس سره ان مورد الرواية خارج عن حكم القضاء و النزاع بل حلف كل منهما لأجل اذعان الطرف الاخر كما هو الشائع في الاختلاف بين الناس فلا موضوع للإشكال المذكور.

و افاد سيدنا الاستاد بأن حمل الرواية علي الأمر العادي العرفي خلاف الظاهر كما ان الظاهر من الخبر ان المالك مخير بين اقامة البينة و الحلف لا ان كل واحد من الأمرين حكم صورة غير الاخري.

فالحق أن يقال ان قاعدة البينة علي المدعي و اليمين علي من انكر ليست من القواعد العقلية التي لا تقبل التخصيص فمقتضي القاعدة أن نقول و نلتزم بأنه في كل مورد تحقق الغصب بالنسبة الي دابة أو بالنسبة الي كل قيمي يكون الخيار بين الأمرين للمالك و هذا يناسب ارغام الغاصب و القضية المعروفة بينهم بأنه يؤخذ باشق الأحوال فلاحظ فانقدح ان الميزان يوم الغصب.

و ربما يقال: بأن الضمان باعلي القيم من حين الغصب الي حين التلف و ما يمكن أن يقرب به وجوه:

الوجه الأول: ان المستفاد من الحديث ان المغصوب مضمون علي الغاصب في جميع ازمنة الغصب اذ الميزان بيوم المخالفة

و هذا العنوان يصدق علي جميع ايام الغصب و عليه فان رد الغاصب نفس العين فهو و الا فان رد أعلي القيم فقد رد قيمة يوم المخالفة بقول مطلق لدخول القيمة السفلي في العليا ضرورة انه لا يجب عليه دفع قيمة كل يوم كما انه لورد القيمة النازلة لم يرد القيمة بقول مطلق فاللازم عليه رد اعلي القيم.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 108

______________________________

و اجاب سيدنا الاستاد عن هذا التقريب بأن الطبيعي يصدق علي اول فرد يوجد منه و الظاهر من الحديث ان المناط هو اليوم الأول من المخالفة لا مطلق يوم المخالفة و الذي يدل علي المدعي بوضوح انه عليه السلام حكم بأن لو شهد الشاهدان علي القيمة يوم الاكتراء يؤخذ بشهادتهم و قلنا ان يوم الاكتراء و يوم المخالفة متحد.

الوجه الثاني: ان الغاصب اذا وضع يده علي المغصوب اشتغلت ذمته به فلو ادي العين أو ادي أعلي القيم في فرض تلف العين لفرغت ذمته قطعا و الا يشك في فراغ ذمته و قاعدة الاشتغال محكمة.

و فيه ان الأمر دائر بين الأقل و الأكثر و مقتضي البراءة عدم الاشتغال بالزائد مضافا الي أن الاجتهاد في قبال النص غير صحيح و المفروض ان المستفاد من النص ان المناط يوم الغصب فلاحظ.

الوجه الثالث: ان مقتضي الاستصحاب بقاء الضمان الي زمان اداءا علي القيم و فيه ان مقتضي الاستصحاب عدم الاشتغال الا بالاقل مضافا الي أنه لا تصل النوبة الي الأصل مع وجود الدليل الاجتهادي و المفروض ان المستفاد من النص قيمة يوم المخالفة.

الوجه الرابع: انه لو لم يدفع أعلي القيم يتضرر المالك و الضرر منفي في الشريعة.

و فيه انه لا تصل النوبة الي هذه التقاريب مع وجود

النص مضافا الي أن حديث نفي الضرر يقتضي النفي لا الاثبات بالاضافة الا أن الالزام بالأعلي ضرر علي الغاصب و هو يؤخذ باشق الأحوال لا دليل عليه اضف الي ذلك كله انا ذكرنا في بحث القاعدة ان المستفاد منها حرمة الإضرار فلاحظ.

الوجه الخامس: لوجوب رد أعلي القيم من زمان الغصب الي زمان التلف

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 109

______________________________

ان الغاصب ازال يد المالك عن المغصوب بماله من المالية في جميع الأزمنة و من جملة تلك الأزمنة زمان علو القيمة فان رد الغاصب العين فقد خرج عن عهدة الضمان بداهة ان المغصوب نفس العين و أما عند التلف لا يمكن الخروج عن العهدة الا برد الأعلي لأن حيلولة الأجنبي توجب الضمان و لذا لو تلفت في زمان علو القيمة لوجبت تلك القيمة.

و اورد عليه سيدنا الاستاد بأن قياس المقام بمقام بدل الحيلولة مع الفارق فانه في ذلك المقام يلزم الضمان ببدل الحيلولة من باب عدم امكان رد العين و أما الكلام في المقام في مقدار الضمان مع فرض تلف العين مضافا الي أن التعذر في زمان علو القيمة اختيارية و باختيار الغاصب و في بدل الحيلولة التعذر غير اختياري اضف الي جميع ذلك ان الاجتهاد في قبال النص غير صحيح و مقتضي حديث أبي ولاد ان الميزان بقيمة يوم الغصب لا بأعلي القيم.

الوجه السادس: ما نسب الي المحقق الايرواني قدس سره و هو انه عند صعود القيمة يصدق ان الغاصب معتد و مقتضي قوله تعالي (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَديٰ عَلَيْكُمْ) ان الاعتداء بمقدار الاعتداء.

و فيه انه قد مر الاشكال في أصل دلالة الاية علي الضمان فكيف بمقداره اضف الي ذلك انه لا يناسب الاستدلال بالنحو المذكور

مع دلالة حديث أبي ولاد علي كون الميزان بيوم الغصب.

الوجه السابع: ان العين مضمونة علي الغاصب في جميع الأزمنة و من جملتها زمان علو القيمة و يرد عليه انه ان كان المراد ضمان العين ما دامت باقية فهو صحيح لكن لا يدل علي المدعي لأنه مع بقاء العين لا تصل النوبة الي ضمان البدل و ان كان المراد ان الضمان بالقيمة منجز مع بقاء العين فهو خلاف الاجماع مضافا الي أنه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 110

______________________________

ربما يستلزم الجمع بين العوض و المعوض و ان كان المراد ان الضمان بأعلي القيم مشروط بتلف العين فهو عين مورد النزاع مضافا الي أنه خلاف ما يستفاد من حديث أبي ولاد.

فتحصل ان الميزان في القيمي المغصوب بيوم الغصب بمقتضي حديث أبي ولاد و أما في غير المغصوب من القيميات فلا بد من قيام اجماع تعبدي عليه و الا فمقتضي القاعدة كما ذكرنا ان الميزان بقيمة يوم الاداء و بعبارة اخري مقتضي القاعدة الأولية ثبوت نفس التالف في الذمة غاية الأمر حيث لا يمكن ردها تصل النوبة الي المثل و مع تعذره تصل النوبة الي القيمة.

و ربما يقال ان المستفاد من جملة من الروايات الواردة في ضمان الرهن ان الميزان بقيمة يوم التلف فيقع التعارض بين تلك الروايات و حديث أبي ولاد لاحظ ما رواه سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال اذا رهنت عبدا أو دابة فمات فلا شي ء عليك و ان هلكت الدابة او أبق الغلام فانت ضامن «1».

و ما رواه ابان بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في الرهن اذا ضاع من عند المرتهن من غير أن يستهلكه رجع بحقه

علي الراهن فأخذه و ان استهلكه تراد الفضل بينهما «2».

و ما رواه اسحاق بن عمار قال سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الرجل يرهن الرهن بمائة درهم و هو يساوي ثلاثمائة درهم فيهلك أعلي الرجل أن يرد علي صاحبه مأتي درهم؟ قال نعم لأنه اخذ رهنا فيه فضل و ضيعه قلت فهلك نصف الرهن قال علي حساب ذلك قلت فيترادان الفضل قال نعم «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من احكام الرهن الحديث: 8

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 7 من احكام الرهن الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 111

______________________________

و ما رواه ابن بكير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام في الرهن فقال: ان كان أكثر من مال المرتهن فهلك أن يؤدي الفضل الي صاحب الرهن و ان كان أقل من ماله فهلك الرهن أدي اليه صاحبه فضل ماله و ان كان الرهن سواء فليس عليه شي ء «1».

و ما رواه أبو حمزة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول علي عليه السلام يترادان الفضل فقال: كان علي عليه السلام يقول ذلك قلت كيف يترادان فقال ان كان الرهن افضل مما رهن به ثم عطب رد المرتهن الفضل علي صاحبه و ان كان لا يسوي رد الرهن ما نقص من حق المرتهن قال: و كذلك كان قول علي عليه السلام في الحيوان و غير ذلك 2.

و الجواب عن هذا الاشكال ان المرتهن لا يكون ضامنا للعين المرهونة الا في صورتي الإفراط و التفريط أما في الصورة الاولي فزمان التلف متحد مع زمان الغصب فلا تنافي و أما في الصورة التفريط فيمكن التفكيك بين الزمانين لكن الذي يسهل الخطب ان النصوص الدالة علي الضمان لا تعين

موقعا معينا للقيمة فلا تنافي بين هذه النصوص و حديث أبي ولاد و بما ذكرنا يظهر الجواب عن توهم التعارض بين حديث أبي ولاد و النصوص الواردة في باب العتق لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن المملوك بين شركاء فيعتق احدهم نصيبه فقال ان ذلك فساد علي اصحابه فلا يستطيعون بيعه و لا مؤاجرته فقال: يقوم قيمة فيجعل علي الذي أعتقه عقوبة و انما جعل ذلك عليه عقوبة لما افسده 3

و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 3 و 1

(2) (3) الوسائل الباب 18 من أبواب العتق الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 112

و الاحوط استحبابا التصالح لو اختلفت القيمة من يوم غصبه الي ادائه (1) و في المثلي يضمن لو اعوز المثل قيمة يوم الاداء (2) و لو زادت للسوق فنقصت لم يضمنها (3) و لو زادت الصفة فنقصت ضمنها (4).

______________________________

قوم ورثوا عبدا جميعا فاعتق بعضهم نصيبه منه كيف يصنع بالذي اعتق نصيبه منه هل يؤخذ بما بقي فقال: نعم يؤخذ بما بقي منه (بقيمته يوم اعتق) «1».

و ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المملوك يكون بين شركاء فيعتق أحدهم نصيبه قال: ان ذلك فساد علي اصحابه فلا يستطيعون بيعه و لا مؤاجرته قال يقوم قيمة فيجعل علي الذي اعتقه عقوبة و انما جعل ذلك لما افسده «2».

(1) خروجا عن شبهة الخلاف و تقريب الاستدلال علي المدعي ان القيمي يضمن بمثله و ربما تصل النوبة الي القيمة لتعذر المثل فيجب اعلي القيم لأن

العين في كل آن مضمونة.

و فيه اولا: انه لا تصل النوبة الي هذا التقريب مع كون المستفاد من حديث أبي ولاد ان المناط يوم الغصب و ثانيا لا وجه لضمان اعلي القيم كما مر قريبا فلاحظ.

(2) اذ المفروض ان الثابت في عهدته المثل فيجب علي الضامن اداء قيمة ما في ذمته فيتم ما افاده الماتن.

(3) بلا خلاف اجده فيه بيننا كما في الجواهر «3» لعدم المقتضي للضمان فلاحظ.

(4) اذ المفروض ان اليد يد ضمان و مقتضاه الضمان بمقتضي السيرة العقلائية

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) الجواهر ج 37 ص: 85

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 113

مطلقا (1) و لو تجددت صفة لا قيمة لها لم يضمنها (2) و لو زادت القيمة لنقص بعضه مما له مقدر كالجب فعليه دية الجناية (3) و لو زادت العين زياده عينية باثره رجع الغاصب بها (4).

______________________________

مضافا الي النص الخاص الدال علي وجوب رد المغصوب إلي مالكه لاحظ ما رواه حماد بن عيسي عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح عليه السلام و ذكر ما يختص الامام الي أن قال: و له صوافي الملوك ما كان في ايديهم علي غير وجه الغصب لأن الغصب كله مردود «1».

(1) يمكن أن يكون المراد بالاطلاق ان الضمان ثابت و لو لم يكن النقص بفعل الغاصب لأنه مقتضي الضمان فلا يختص الحكم بما يكون بفعل الغاصب.

(2) لعدم المقتضي للضمان و مقتضي الأصل عدمه بل لا موضوع له.

(3) كما هو مقتضي القاعدة اذ بمقتضي الدليل يجب علي الجاني دفع الدية فيجب عليه دفعها و زيادة القيمة لا تقتضي رفع اليد عن وجوب دفعها لعدم ما يقتضي ذلك فلاحظ.

(4) بلا خلاف اجده فيه كما في

الجواهر و ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه ابن خالد قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أتي ارض رجل فزرعها بغير اذنه حتي اذا بلغ الزرع جاء صاحب الأرض فقال زرعت بغير اذني فزرعك لي و علي ما انفقت أله ذلك أم لا؟ فقال: للزارع زرعه و لصاحب الأرض كراء ارضه «2».

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب الغصب الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب الغصب الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 114

و عليه ارش النقصان لو نقصت و ليس له الرجوع بارش نقصان عينه (1) و لو غصب عبدا و جني عليه بكمال قيمته رده مع القيمة علي قول و فيه

______________________________

اكتري دارا و فيها بستان فزرع في البستان و غرس نخلا و أشجارا و فواكه و غير ذلك و لم يستأمر صاحب الدار في ذلك قال: عليه الكراء و يقوم صاحب الدار الزرع و الغرس قيمة عدل و يعطيه الغارس ان كان استأمره في ذلك و ان لم يكن استأمره في ذلك فعليه الكراء و له الزرع و الغرس و يقلعه و يذهب به حيث شاء «1»

و يدل عليه أيضا ما اورده في الفقيه «و ان أتي رجل أرضا فزرعها بغير اذن صاحبها فلما بلغ الزرع جاء صاحب الأرض فقال زرعت بغير اذني فزرعك لي و علي ما انفقت فللزارع زرعه و لصاحب الأرض كري ارضه «2».

و يمكن أن يقال كما في الجواهر انه علي وفق اصول المذهب و قواعده ضرورة كون الزرع و الغرس ملك الغاصب و الأرض انما هي من المعدات

كالماء و الهواء و نحوهما «3».

(1) بلا خلاف و لا اشكال- كما في الجواهر- و هذا مقتضي القاعدة الاولية اذ المفروض انه لا حق له و يكون تصرفه بلا مجوز فعليه ارش النقصان و لا مقتضي لأخذ الأرش من المالك بل مقتضي حديث عبد العزيز خلافه قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول من أخذ أرضا بغير حقها أو بني فيها قال: يرفع بناؤه و تسلم التربة الي صاحبها ليس لعرق ظالم حق ثم قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم من أخذ أرضا بغير حقها كلف أن يحمل ترابها الي المحشر «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 2

(2) من لا يحضره الفقيه ج 3 ص 149 حديث 9 ذيل الحديث

(3) الجواهر ج 37 ص: 203

(4) الوسائل الباب 33 من الاجارة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 115

تأمل (1) و لو امتزج المغصوب بجنسه فان كان بما يساويه شارك بقدر كميته (2).

______________________________

(1) نقل عن الشيخ قدس سره ان المالك مخير بين تسليمه و اخذ القيمة و بين امساكه و لا شي ء له تسوية بين الغاصب في الجناية و غيره و عليه اجماع الفرقه و أخبارهم و قال في الجواهر «1»: «و لعل المراد بالأخبار الخبرين الواردين في المقام و هو ما عن غياث عن جعفر عن أبيه عليهم السلام قال: قال علي عليه السلام اذا قطع أنف العبد أو ذكره أو شي ء يحيط بقيمته ادي الي مولاه قيمة العبد و اخذ العبد «2» و رواه الكليني عن علي بن ابراهيم نحوه 3.

و قال: «لعل المراد من الاجماع عدم فرقهم بين الغاصب و غيره في بابي القصاص و الديات الا من بعض و

يؤيد المدعي ان رده مع القيمة يوجب الجمع بين العوض و المعوض».

و كيف كان الذي يختلج بالبال ان مقتضي النص الوارد في المقام عدم الفرق بين الغاصب و غيره و اخذ الغاصب باشق الأحوال لا دليل عليه فلاحظ و لا يبعد أن يكون وجه تأمل الماتن الاشكال في سند الحديث لكن لا مقتضي لوجوب كلا الأمرين علي الغاصب و مقتضي البراءة عدم وجوب الجمع و اللّه العالم.

(2) اذ الامتزاج بالجنس كما هو المفروض باي نحو كان يقتضي الاشتراك قال في الجواهر «و كل مالين مزج أحدهما بالاخر بحيث لا يتميزان تحققت فيهما الشركة اختيارا كان المزج أو اتفاقا مقصودا به الشركة أولا بلا خلاف اجده فيه بل لعل الاجماع بقسميه عليه» 4.

______________________________

(1) الجواهر ج 37 ص: 124

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 34 من ديات الاعضاء الحديث: 1 و 2

(3) (4) الجواهر ج 26 ص: 291

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 116

و ان كان باجود منه او بالادون فله أن يشارك بقدر ماليته و له أن يطالب الغاصب ببدل ماله (1) و كذا لو كان المزج بغير جنسه و لم يتميز كالخل بالعسل و نحو ذلك (2) و فوائد المغصوب للمالك (3) و لو اشتراه جاهلا بالغصب رجع بالثمن علي الغاصب (4) و بما غرم للمالك عوضا عما لا نفع له في مقابلته او كان له فيه نفع (5) و لو كان عالما فلا رجوع بشي ء

______________________________

و لا وجه لما عن السرائر من أن مال المالك كالمستهلك و انه خارج عن ملكه و يقتضيه اصول المذهب انه لا دليل علي خروجه عن ملكه و الا كان اللازم الخروج عن الملك و لو كان الامتزاج بغير اختيار او

باختيارهما و رضاهما بل مقتضي القاعدة في مفروض الكلام حصول الشركة و بقاء ملك كل واحد علي ما كان عليه.

(1) بتقريب ان الامتزاج يوجب استهلاك مال المالك و لا يمكن تسليمه بعده و لكن مع ذلك لا يسقط حقه عن ملكه فله الخيار بين الامرين.

و الذي يختلج بالبال أن يقال ان الامتزاج يوجب الشركة و لا مقتضي لخروج المال عن ملك مالكه فيتحقق الشركة بالنسبة و بعبارة اخري انه لا مقتضي لخروج الملك عن مملوكية مالكه بل مقتضي القاعدة الشركة في العين بنسبة تفاوت القيمة

(2) الكلام فيه هو الكلام.

(3) بلا خلاف- كما في الجواهر- و هذا علي طبق القاعدة الأولية اذ الفوائد فوائد للمغصوب علي الفرض و الفائدة تابعة لذي الفائدة فكلها راجع الي المالك بلا كلام.

(4) اذ المفروض ان العقد فاسد فلم يدخل الثمن في ملك الغاصب و يده يد ضمان فالمشتري يمكنه الرجوع عليه و مطالبته بما اخذ منه.

(5) لأنه مغرور من قبل الغاصب و المغرور يرجع الي من غره.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 117

مما غرم للمالك (1) و لو زرع الغاصب للأرض فيها كان الزرع له (2) و عليه الاجرة (3) و القول قول الغاصب في القيمة مع اليمين و تعذر البينة (4).

[مسألة 1: يجوز لمالك العين المغصوبة انتزاعها من الغاصب و لو قهرا]

(مسألة 1): يجوز لمالك العين المغصوبة انتزاعها من الغاصب و لو قهرا (5).

______________________________

(1) لعدم صدق الغرور فلا وجه للرجوع.

(2) فان الزرع للزارع كما تقدم.

(3) بمقتضي النص لاحظ ما رواه ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل اكتري دارا و فيها بستان فزرع في البستان و غرس نخلا و أشجارا و فواكه و غير ذلك و لم يستأمر صاحب الدار في ذلك قال: عليه الكراء و يقوم صاحب

الدار الزرع و الغرس قيمة عدل و يعطيه الغارس ان كان استأمره في ذلك و ان لم يكن استأمره في ذلك فعليه الكراء و له الزرع و الغرس و يقلعه و يذهب به حيث شاء «1» و الحديث و ان كان محل الاشكال سندا لكن المدعي علي طبق القاعدة الأولية.

(4) لأنه مقتضي الأصل و لكن يشكل بلحاظ حديث ابي ولاد «2» فان مقتضي هذا الحديث انه مع الاختلاف في القيمة في القيمي يكون القول قول المالك مع البينة أو اليمين و بعد ذلك تصل النوبة الي يمين الغاصب اللهم الا أن يقال ان المستفاد من الحديث حكم خاص في مورد مخصوص و لا وجه للتعدي عنه الي كل مورد فلاحظ.

(5) هذا علي طبق القاعدة الاولية اذ المفروض انه ملكه فيجوز انتزاعه من يد

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب الغصب الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 102

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 118

و اذا انحصر استنقاذ الحق بمراجعة الحاكم الجائر جاز ذلك (1).

______________________________

الغاصب باي وجه كان.

(1) لا اشكال عندهم في اشتراط الايمان في القاضي و انه لا يجوز الترافع الي قضاة الجور و استدلوا علي المدعي بقوله تعالي يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحٰاكَمُوا إِلَي الطّٰاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَ يُرِيدُ الشَّيْطٰانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلٰالًا بَعِيداً «1» و بجملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أيما مؤمن قدم مؤمنا في خصومة الي قاض أو سلطان جائر فقضي عليه بغير حكم اللّه فقد شركه في الاثم «2».

و منها ما رواه سالم بن مكرم الجمال قال: قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليه السلام اياكم أن يحاكم بعضكم بعضا

الي أهل الجور و لكن انظروا الي رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم فاني قد جعلته قاضيا فتحاكموا اليه «3».

و منها غيرهما المذكور في الباب 1 من أبواب صفات القاضي من الوسائل و لكن قالوا بأنه لو انحصر استنقاذ الحق بمراجعة الجائر جاز ذلك و ذكر في وجه الجواز امور:

الأول: النصوص الدالة علي جواز الحلف كاذبا تقية منها ما رواه اسماعيل بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في حديث قال: سألته عن رجل أحلفه السلطان بالطلاق أو غير ذلك فحلف قال لا جناح عليه و عن رجل يخاف علي ماله من السلطان فيحلف لينجو به منه قال: لا جناح عليه «4».

______________________________

(1) النساء/ 59

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب صفات القاضي الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 12 من الايمان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 119

______________________________

و منها: ما رواه يونس عن بعض اصحابه عن احدهما عليهما السلام في رجل حلف تقية فقال ان خفت علي مالك و دمك فاحلف ترده بيمينك فان لم تر ان ذلك يرد شيئا فلا تحلف لهم «1».

و منها ما رواه زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام نمر بالمال علي العشار فيطلبون منا ان نحلف لهم و يخلون سبيلنا و لا يرضون منا الا بذلك، قال: فاحلف لهم فهو أحل (احلي) من التمر و الزبد «2».

و الانصاف ان الجزم بالحكم بهذا التقريب مشكل مع ملاحظة بطلان القياس نعم هذه النصوص لا تخلو عن التأييد للمدعي.

الثاني: انصراف النصوص الدالة علي الحرمة عن صورة الضرورة و فيه ان الدليل علي المنع الاية الشريفة بالاضافة الي الاجماع و يضاف اليه الاجماع علي اشتراط العدالة في القاضي

فلا ينحصر الدليل في تلك الأخبار كي يدعي انصرافها عن صورة الضرورة بل يمكن أن يقال انه يكفي للاشتراط الشك في الاعتبار اذ اعتبار قول الحاكم و كون حكمه فصلا خلاف الأصل الأولي.

الثالث: قاعدة لا ضرر بتقريب ان عدم جواز احقاق الحق عند الضرورة و عدم جواز الترافع اليهم يوجب الضرر المنفي في الشريعة المقدسة.

و فيه: ان المشهور عند القوم ان القاعدة لا تقتضي الاثبات بل مفادها النفي فلا مجال لأن يستفاد من القاعدة اعتبار قول الجائر و جواز حكومته و الا يلزم الالتزام بتأسيس فقه جديد مثلا البيع الغرري فاسد فلو توقف بيع مال كثير علي بيعه غررا فهل يمكن الالتزام بالصحة بمقتضي القاعدة؟ و قس عليه غيره من الموارد كلا مضافا الي أن الاستدلال بالقاعدة علي المدعي يتوقف علي القول المشهور بأن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 120

و لا يجوز له مطالبة الغاصب بما صرفه في سبيل اخذ الحق (1) و كذا اذا كان له دين علي آخر و امتنع من ادائه و صرف مالا في سبيل تحصيله فانه لا يجوز له أن يأخذه من المدين (2) الا اذا اشترط عليه ذلك في ضمن معاملة لازمة (3).

______________________________

مفاد القاعدة هو النفي و أما علي القول بكون مفادها النهي عن الاضرار كما هو مذهب شيخ الشريعة قدس سره و تبعناه فلا مجال للاستدلال كما هو ظاهر.

الرابع ما رواه ابن مهزيار عن علي بن محمد عليهما السلام قال سألته هل نأخذ في أحكام المخالفين ما يأخذون منافي احكامهم فكتب عليه السلام يجوز لكم ذلك ان شاء اللّه اذا كان مذهبكم فيه التقية منهم و المدارة لهم «1».

بتقريب ان المستفاد

من الحديث انه هل يجوز لنا ان نأخذ حقوقنا منهم بحكم قضاتهم يعني اذا اضطررنا اليه كما اذا قدمنا الخصم اليهم.

و فيه اولا: ان الرواية غير واضحة المراد و ثانيا يكون الدليل اخص من المدعي فان المدعي انه يجوز عند الضرورة و الضرورة اعم من التقية و المدارة لهم.

الخامس الاجماع و التسالم بين الاصحاب و اشتهار الجواز في الاعصار و الامصار فان تم الامر بهذا النحو فهو و الا فيشكل الامر و اللّه العالم.

(1) لعدم المقتضي للجواز و مجرد كون الغاصب عاصيا لا يقتضي الجواز و صفوة القول ان جواز اخذ مال من شخص يتوقف علي دليل شرعي.

(2) الكلام فيه هو الكلام.

(3) اذ مع الشرط يثبت لمن له الشرط حق علي المشروط عليه يقتضي الزامه بالوفاء فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب آداب القاضي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 121

و اذا وقع في يده مال الغاصب جاز اخذه مقاصة (1) و لا يتوقف علي اذن الحاكم الشرعي (2) كما لا يتوقف ذلك علي تعذر الاستيفاء بواسطة الحاكم الشرعي (3) و لا فرق بين أن يكون مال الغاصب من جنس المغصوب و غيره (4) كما لا فرق بين أن يكون وديعة عنده و غيره (5).

______________________________

(1) لجمله من النصوص منها ما رواه داود بن رزين قال قلت لأبي الحسن موسي عليه السلام اني اخالط السلطان فتكون عندي الجارية فيأخذونها و الدابة الفارهة فيبعثون فيأخذونها ثم يقع لهم عندي المال فلي أن آخذه قال: خذ مثل ذلك و لا تزد عليه «1».

و منها ما رواه جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له علي الرجل الدين فيجحده فيظفر من ماله بقدر

الذي جحده أ يأخذه و ان لم يعلم الجاحد بذلك؟ قال: نعم «2».

و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل الجحود أ يحل أن اجحده مثل ما جحد؟ قال: نعم و لا تزداد «3».

(2) لإطلاق النصوص الدالة علي المقصود.

(3) للإطلاق المستفاد من الروايات فلا مجال لأن يقال: التقاص علي خلاف الأصل الاولي فيتوقف جوازه علي الترافع الا مع عدم الامكان فانه لا وجه لهذا التفصيل.

(4) كما هو المستفاد من خبر ابن رزين «4».

(5) النصوص الواردة في المقام متعارضة فمنها ما يدل علي الجواز لاحظ ما

______________________________

(1) الوسائل الباب 83 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 10

(3) نفس المصدر الحديث: 13

(4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 122

______________________________

رواه البقباق بأن شهابا ما راه في رجل ذهب له بالف درهم و استودعه بعد ذلك ألف درهم قال أبو العباس فقلت له خذها مكان الألف التي أخذ منك فأبي شهاب قال:

فدخل شهاب علي أبي عبد اللّه عليه السلام فذكر له ذلك فقال أما انا فأحب أن تأخذ و تحلف «1».

و مثله في الدلاله ما رواه علي بن سليمان قال: كتبت اليه: رجل غصب مالا او جارية ثم وقع عنده مال بسبب وديعة او قرض مثل خيانة أو غصب أ يحل له حبسه أم لا؟ فكتب نعم يحل له ذلك ان كان بقدر حقه و ان كان اكثر فيأخذ منه ما كان عليه و يسلم الباقي اليه إن شاء اللّه «2».

و يدل علي الجواز أيضا ما رواه ابن جعفر في كتابه عن اخيه قال: سألته عن رجل كان له علي آخر دراهم فجحده ثم وقعت للجاحد

مثلها عند المجحود، أ يحل له أن يجحده مثل ما جحد؟ قال نعم و لا يزداد «3».

و منها ما يدل علي عدم الجواز لاحظ ما رواه ابن أخي الفضيل بن يسار قال كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام و دخلت امرأة و كنت أقرب القوم اليها فقالت لي اسأله فقلت عما ذا؟ فقالت: ان ابني مات و ترك مالا كان في يد أخي فاتلفه ثم أفاد مالا فأودعنيه، فلي أن آخذ منه بقدر ما اتلف من شي ء؟ فأخبرته بذلك فقال:

لا قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اد الأمانة الي من ائتمنك و لا تخن من خانك «4».

و ما رواه سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وقع

______________________________

(1) الوسائل الباب 83 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) الوسائل الباب 48 من أبواب الايمان الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 83 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 123

______________________________

لي عنده فكابرني عليه و حلف ثم وقع له عندي مال آخذه لمكان مالي الذي أخذه و أجحده و احلف عليه كما صنع؟ قال: ان خانك فلا تخنه و لا تدخل فيما عتبه عليه «1».

و ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قلت له: الرجل يكون لي عليه حق فيجحدنيه ثم يستودعني مالا إلي أن آخذ مالي عنده قال: لا هذه الخيانة «2».

فلا بد من علاج التعارض و ربما يجمع بين الطرفين بحمل ما يدل علي المنع علي الكراهة و فيه انه كيف يمكن الالتزام بالكراهة مع قوله عليه السلام في حديث البقباق «أما انا فأحب أن تأخذ و

تحلف» فانه عليه السلام لا يحب المكروه.

و افاد سيدنا الاستاد انه بعد التعارض و التساقط تصل النوبة الي الأخذ باطلاق ما يدل علي جواز المقاصه «3» كخبر ابن رزين «4» و لكن التعارض مع عدم وجود المرجح لأحد الطرفين و لنا أن نقول ان ما يدل علي المنع موافق للعموم الوضعي الكتابي و هو قوله تعالي إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا «5» و أيضا ما يدل علي المنع موافق لقوله تعالي وَ الَّذِينَ هُمْ لِأَمٰانٰاتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ رٰاعُونَ «6» و قوله تعالي وَ الَّذِينَ هُمْ لِأَمٰانٰاتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ رٰاعُونَ «7».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 7

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) مباني تكملة المنهاج ج 1 ص: 48

(4) لاحظ ص: 121

(5) النساء/ 58

(6) المؤمنون/ 8

(7) المعارج/ 32

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 124

و اذا كان مال الغاصب اكثر قيمة من ماله اخذ منه حصة تساوي ماله و كان بها استيفاء حقه (1) و لا يبعد جواز بيعها اجمع (2) و استيفاء دينه من

______________________________

و يؤيد المدعي بعض النصوص منها ما رواه عمر بن أبي حفص قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول اتقوا اللّه و عليكم بأداء الأمانة الي من ائتمنكم فلو ان قاتل علي ائتمنني علي أمانة «اداء الأمانة» لأديتها اليه «1».

و منها ما رواه عمار بن مروان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام في وصيته له:

اعلم أن ضارب علي عليه السلام بالسيف و قاتله لو ائتمنني و استنصحني و استشارني ثم قبلت ذلك منه لأديت اليه الأمانة «2» فالمستفاد منه التأكيد في اداء الأمانة فان قام اجماع تعبدي كاشف علي الجواز فهو و الا يشكل الجزم بالجواز و اللّه العالم.

و لقائل ان يقول

لا تعارض بين الطرفين بل النسبة العموم و الخصوص المطلقتين لاحظ حديث سليمان «3» فان هذا الحديث دال علي المنع في مورد حلف الغاصب فتكون خاصة بالنسبة الي ما يدل علي الجواز بالاطلاق فيوجب تقييده و لكن لا مجال لهذا الكلام اذ في النصوص ما يدل علي المنع بالاطلاق لاحظ ما رواه معاوية «4» و نحن لا نقول بانقلاب النسبة فالتعارض باق بحاله و لا يبعد أن يكون الترجيح بالاحدثية مع دليل الجواز.

(1) كما صرح به في خبر ابن رزين مضافا الي أنه مقتضي القاعدة الأولية فان جواز أخذ الزيادة يحتاج الي الدليل.

(2) كما صرح به في الجواهر «5» و الأمر كما افاده فان المستفاد من نصوص

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من احكام الوديعة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) لاحظ ص: 122

(4) لاحظ ص: 123

(5) الجواهر ج 40 ص: 394

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 125

الثمن (1) و الاحوط ان يكون ذلك باجازة الحاكم الشرعي (2) و الباقي من الثمن يرده الي الغاصب (3) و لو كان المغصوب منه قد استحلف الغاصب فحلف علي عدم الغصب لم تجز المقاصة منه (4).

______________________________

الجواز جواز اخذ المغصوب منه بمقدار حقه و هذا يستلزم جواز التصرف في العين و صفوة القول انه لا اشكال في أنه مستفاد من نصوص الباب.

(1) هذا فيما يتوقف الاستيفاء عليه و الا يشكل الجزم بالجواز في الأزيد مما يتوقف عليه الاستيفاء فلاحظ.

(2) خروجا عن شبهة الخلاف و لا اشكال في كونه احوط كما لا اشكال في أن الاحتياط احسن و اما لزومه فلا فان مقتضي نصوص الباب جواز المباشرة بلا توقف علي اذن الحاكم فلاحظ.

(3) كما هو مقتضي القاعدة الأولية اذ المفروض انه ملكه فلا

بد من ايصاله اليه.

(4) لجملة من النصوص منها ما رواه خضر النخعي في الرجل يكون له علي الرجل مال فيجحده قال: فان استحلفه فليس له أن يأخذ شيئا و ان تركه و لم يستحلفه فهو علي حقه «1» و هذه الرواية ضعيفة بخضر.

و منها ما رواه ابن وضاح قال كانت بيني و بين رجل من اليهود معاملة فخانني بألف درهم فقدمته الي الوالي فاحلفته فحلف و قد علمت انه حلف يمينا فاجرة فوقع له بعد ذلك عندي أرباح و دراهم كثيرة فاردت ان اقتص الألف درهم التي كانت لي عنده و احلف عليها فكتبت الي أبي الحسن عليه السلام فاخبرته اني قد احلفته فحلف و قد وقع له عندي مال فان امرتني أن آخذ منه الألف درهم التي حلف عليها فعلت، فكتب: لا تأخذ منه شيئا ان كان ظلمك فلا تظلمه و لو لا انك

______________________________

(1) الوسائل الباب 48 من أبواب الايمان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 126

[كتاب إحياء الموات]

اشارة

كتاب احياء الموات المراد بالموات الارض المتروكة التي لا ينتفع بها اما لعدم المقتضي لإحيائها و اما لوجود المانع عنه كانقطاع الماء عنها أو استيلاء المياه او الرمول او الاحجار او السبخ عليها او نحو ذلك (1).

[مسألة 1: الموات علي نوعين]

(مسألة 1): الموات علي نوعين 1- الموات بالاصل و هو ما لم يعلم بعروض الحياة عليه أو علم عدمه كأكثر البراري و المفاوز و البوادي و سفوح الجبال و نحو ذلك 2- الموات بالعارض و هو ما عرض عليه الخراب و الموتان بعد الحياة و العمران (2).

______________________________

رضيت بيمينه فحلفته لأمرتك أن تأخذ من تحت يدك و لكنك رضيت بيمينه و قد ذهبت اليمين بما فيها فلم آخذ منه شيئا و انتهيت الي كتاب ابي الحسن عليه السلام «1» و هذه الرواية ضعيفة بحسن بن علي.

و منها ما رواه ابن خالد «2» و لكن هذه الرواية واردة في مورد خاص و لا اطلاق لها فاطلاق الحكم مبني علي الاحتياط.

(1) قال المحقق في الشرائع «و أما الموات فهو الذي لا ينتفع به لعطلته اما لانقطاع الماء عنه أو لاستيلاء الماء عليه أو لاستيجامه أو غير ذلك من موانع الانقطاع».

(2) الأمر كما أفاده فان الموات علي النوعين المذكورين.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب كيفية الحكم الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 122

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 127

[مسألة 2: يجوز لكل أحد إحياء الموات بالأصل]

(مسألة 2): يجوز لكل احد احياء الموات بالاصل و الظاهر انه يملك به (1).

______________________________

(1) لجملة من الروايات منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله من أحيا ارضا مواتا فهو له «1».

فان المستفاد من هذا الحديث و اشباهه ان الموات من الأرض يملكه بالاحياء و بالفهم العرفي يفهم الاذن في الاحياء للمحيي فلا مجال لان يقال كون الاحياء مملكا اعم من كونه مأذونا فيه مضافا الي أن الجواز علي القاعدة بعد عدم كون الارض مملوكة لأحد من آحاد الناس نعم مقتضي جملة من

النصوص ان الموات ملك للإمام منها ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

الانفال ما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب أو قوم صالحوا أو قوم اعطوا بأيديهم و كل أرض خربة و بطون الاودية فهو لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و هو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء «2».

فان مقتضي هذه النصوص ان الموات ملك للإمام عليه السلام و ان ارض الموات من الانفال و عليه لا بد في جواز التصرف فيها من اذنه روحي فداه و لكن ينحل الاشكال بأن ما دل من النصوص علي ملكية الأرض بالاحياء يدل بالفهم العرفي علي جواز التصرف.

ان قلت الاذن في التصرف صادر من الامام السابق و المالك الفعلي الامام الموجود عجل اللّه تعالي فرجه الشريف فكيف ينحل الاشكال؟ قلت الظاهر من قوله عليه السلام من أحيا أرضا فهي له بيان الحكم الشرعي و الوظيفة المقررة لا التصدي للإذن المالكي الشخصي كي يتوجه هذا الاشكال اضف الي ذلك انه لا اشكال في

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب احياء الموات الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب الانفال الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 128

من دون فرق بين كون المحيي مسلما أو كافرا (1).

______________________________

جواز التصرف في هذه الأراضي بلا توقف علي الاذن و ربما يقال بأن الاحياء سبب للتملك و لو مع فرض عدم جواز التصرف لكن يشكل الالتزام بالاطلاق.

اولا انه لا يبعد أن يقال ان دليل كون الاحياء مملكا منصرف عن صورة عدم الاذن في التصرف و ثانيا انه يظهر من كلمات القوم في المقام ان اشتراطه بالاذن اجماعي قال في الجواهر «و اما ان اذنه شرط في تملك المحيا

فظاهر التذكرة الاجماع، بل عن الخلاف دعواه صريحا بل في جامع المقاصد لا يجوز لأحد الاحياء من دون اذن الامام عليه السلام و انه اجماعي عندنا و في التنقيح الاجماع علي أنها تملك اذا كان الاحياء باذن الامام عليه السلام و في المسالك أنه لا شبهة في اشتراط اذنه في احياء الموات فلا يملك بدونه اتفاقا» «1».

(1) لإطلاق جملة من النصوص الدالة علي أن الاحياء سبب للملك منها ما رواه محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال: ايما قوم احيوا شيئا من الارض او عمروها فهم احق بها «2».

فان مقتضي اطلاق هذه الرواية عدم الفرق بين كون المحيي مسلما أو غير مسلم مضافا الي ما دل عليه بالخصوص لاحظ ما رواه ابن مسلم قال: سألته عن الشراء من ارض اليهود و النصاري قال ليس به بأس الي أن قال و ايما قوم أحيوا شيئا من الأرض او عملوه فهم احق بها و هي لهم «3».

و أما حديث أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب علي عليه السلام ان الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين انا و اهل بيتي الذين اورثنا الارض و نحن المتقون و الارض كلها لنا فمن أحيا أرضا من

______________________________

(1) الجواهر ج 38 ص: 11

(2) الوسائل الباب 1 من احياء الموات الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 1 من احياء الموات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 129

______________________________

المسلمين فليعمرها فليئود خراجها الي الامام من اهل بيتي و له ما أكل منها الخ «1» فالمستفاد منه ان احياء المسلم يوجب التملك و لا يستفاد منه الاشتراط و بعبارة اخري لا مفهوم للرواية و لا تنافي

بين المثبتين.

و يمكن أن يقال ان المستفاد من حديث أبي سيار مسمع بن عبد الملك في حديث قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اني كنت و ليت الغوص فاصبت أربعمائة الف درهم و قد جئت بخمسها ثمانين الف درهم و كرهت أن احبسها عنك و أعرض لها و هي حقك الذي جعل اللّه تعالي لك في اموالنا فقال: و ما لنا من الارض و اخرج اللّه منها الا الخمس يا أبا سيار الارض كلها لنا فما اخرج اللّه منها من شي ء فهو لنا قال قلت له: انا احمل إليك المال كله فقال لي يا أبا سيار قد طيبناه لك و حللناك منه فضم إليك مالك و كل ما كان في أيدي شيعتنا من الارض فهم فيه محللون و محلل لهم ذلك الي أن يقوم قائمنا فيجبيهم طسق ما كان في ايدي سواهم فان كسبهم من الارض حرام عليهم حتي يقوم قائمنا فيأخذ الارض من ايديهم و يخرجهم منها صغرة «2»، انه لا يجوز التصرف في الارض المملوكة للإمام عليه السلام الا لشيعته و لكن الظاهر ان الامر ليس كذلك فان حديث ابن مسلم يدل بوضوح ان الكافر يملك الارض بالاحياء و أيضا يظهر هذا المعني من حديث أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شراء الارضين من اهل الذمة فقال: لا بأس بأن يشتريها منهم اذا عملوها و احيوها فهي لهم، و قد كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حين ظهر علي خيبر و فيها اليهود خارجهم علي أن يترك الارض في أيديهم يعملونها و يعمرونها «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 4 من

الانفال الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 130

[مسألة 3: الموات بالعارض علي أقسام]

(مسألة 3): الموات بالعارض علي اقسام: الاول- ما لا يكون له مالك و ذلك كالأراضي الدارسة المتروكة و القري او البلاد الخربة و القنوات الطامسة التي كانت للأمم الماضية الذين لم يبق منهم احد بل و لا اسم و لا رسم أو أنها تنسب الي طائفة لم يعرف عنهم سوي الاسم الثاني- ما يكون له مالك مجهول و لم يعرف شخصه الثالث ما يكون له مالك معلوم أما القسم الاول فحاله حال الموات بالاصل و لا يجري عليه حكم مجهول المالك (1) و اما القسم الثاني ففي جواز احيائه و القيام بعمارته و عدمه و جهان المشهور هو الاول (2) و لكن

______________________________

فيقع التعارض بين الطرفين و لا يبعد أن يقال ان الترجيح مع حديث أبي سيار لكونه مخالفا مع العامة لكن الظاهر انه لا يختص الحكم بالشيعة فان السيرة جارية علي ترتيب الآثار الملكية علي الاراضي التي بايدي غير الشيعة و لو مع العلم بكون السبب للملكية الاحياء.

(1) اذ المفروض انه لا مالك لها كي يجري عليها حكم مجهول المالك فيكون كبقية الاراضي الموات و يجري عليه حكمها كما في المتن.

(2) يظهر من الجواهر ادعاء الاجماع علي كونها للإمام و يمكن الاستدلال علي كونها له عليه السلام بجملة من النصوص منها ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال الانفال ما لم يوجب عليه بخيل و لا ركاب او قوم صالحوا أو قوم اعطوا بأيديهم و كل ارض خربة و بطون الأودية فهو لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و هو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء «1».

و

منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سمعه يقول ان

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الانفال الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 131

______________________________

الانفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم أو قوم صولحوا و اعطوا بأيديهم و ما كان من ارض خربة او بطون اودية فهذا كله من الفي ء و الانفال للّه و للرسول فما كان للّه فهو للرسول يضعه حيث يحب «1».

ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: الفي ء و الانفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة الدماء و قوم صولحوا و أعطوا بايديهم و ما كان من أرض خربة أو بطون أو دية فهو كله من الفي ء فهذا للّه و لرسوله فما كان للّه فهو لرسوله يضعه حيث شاء و هو للإمام بعد الرسول «2».

و منها ما رواه احمد بن محمد عن بعض اصحابنا رفع الحديث الي أن قال:

قال: و ما كان من فتح لم يقاتل عليه و لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب الا ان اصحابنا يأتونه فيعاملون عليه فكيف ما عاملهم عليه النصف او الثلث او الربع أو ما كان يسهم له خاصة و ليس لأحد فيه شي ء الا ما اعطاه هو منه و بطون الاودية و رءوس الجبال و الموات كلها هي له الخ «3».

و منها ما رواه اسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الانفال فقال: هي القري التي قد خربت و انجلي اهلها فهي للّه و للرسول و ما كان للمملوك فهو للإمام و ما كان من الارض بخربة لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب و

كل ارض لا رب لها و المعادن منها و من مات و ليس له مولي فماله من الانفال 4.

و منها ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الانفال هو النفل و في سورة الانفال جدع الانف قال: و سألته عن الانفال فقال: كل أرض خربة او شي ء كان يكون للمملوك و بطون الاودية و رءوس الجبال و ما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب فكل ذلك للإمام خالصا 5.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) (3 و 4 و 5) نفس المصدر الحديث: 17 و 20 و 22

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 132

الاحوط فيه الفحص عن صاحبه و بعد اليأس عنه يعامل معه معاملة مجهول المالك فاما أن يشتري عينه من الحاكم الشرعي أو وكيله المأذون و يصرف ثمنه علي الفقراء و اما أن يستأجره منه باجرة معينة أو بقدر ما هو اجرة مثله و يتصدق بها علي الفقراء (1) هذا فيما اذا لم يعلم باعراض مالكه عنه و اما اذا علم به جاز احياؤه و تملكه بلا حاجة الي الاذن أصلا (2) و أما القسم الثالث فان أعرض عنه صاحبه

______________________________

فان مقتضي اطلاق هذه الروايات ان كل ارض خربة مملوك للإمام عليه السلام

(1) المعروف بينهم وجوب التصدق في مجهول المالك فما وجه الاشتراء من الحاكم و أيضا لا وجه للإجارة كما انه لا وجه للتقدير المذكور في العبارة و كيف كان يجري عليه حكم مجهول المالك من الفحص ثم التصدق أو وجوب الخمس علي اختلاف المسلك و الذي يختلج بالبال في هذه العجالة انه لا وجه للتوقف و الاحتياط بل مقتضي القاعدة انه باق في ملك مالكه

الا أن يقال: ان مقتضي عموم النصوص المشار اليها كونه للإمام الا ما خرج بالدليل ان قلت: النسبة بين هذه النصوص و دليل حكم المجهول مالكه العموم من وجه فيقع التعارض بين الدليلين قلت:

اولا: ان النصوص المشار اليها حاكمة علي دليل حكم مجهول المالك و تصرف في موضوعه و بعبارة واضحة: المستفاد من هذه النصوص ان الارض الخربة مملوكة للإمام عليه السلام فلا موضوع لدليل حكم مجهول المالك و ثانيا علي فرض التنزل نقول: العموم في بعض هذه النصوص بالوضع لاحظ ما رواه حفص و العموم الوضعي يقدم علي العموم الاطلاقي.

(2) اذا قلنا بأن الاعراض يوجب الخروج عن الملك فالامر كما افاده اذ

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 133

جاز لكل احد احياؤه (1) و ان لم يعرض عنه فان ابقاه مواتا للانتفاع به علي تلك الحال من حشيشه أو قصبه أو جعله مرعي لدوابه و انعامه أو انه كان عازما علي احيائه و انما اخر ذلك لانتظار وقت صالح له أو لعدم توفر الالات و الاسباب المتوقف عليها الاحياء و نحو ذلك فلا اشكال في عدم جواز احيائه لأحد و التصرف فيه بدون اذن مالكه و أما اذا علم ان ابقائه من جهة عدم الاعتناء به و انه غير قاصد لإحيائه فالظاهر جواز احيائه لغيره اذا كان سبب ملك المالك الاول الاحياء و ليس له انتزاعه من يد المحيي (2) و ان كان الاحوط انه لو رجع اليه

______________________________

بعد الخروج عن ملك المعرض يدخل في ملك الامام و يشملها اطلاق دليل مملكية الاحياء لكن الماتن لا يري الاعراض مخرجا و عليه فلا ندري ما الوجه في التفصيل و اللّه العالم.

(1) أما علي القول بكون الاعراض مخرجا عن

الملك فالامر ظاهر اذ علي هذا التقدير يشمله دليل مملكية الاحياء و أما علي فرض عدم الالتزام بكون الاعراض مخرجا عن الملكية فلا بد من اقامة دليل علي جواز الاحياء و كونه مملكا اذ دليل الاحياء لا يشمل املاك الناس و بعبارة اخري قوله عليه السلام: «من أحيا ارضا فهي له» لا يقتضي تملك املاك الناس بالاحياء فلا بد من التماس دليل آخر و لعله نتعرض لدليله في ذيل الكلام فانتظر.

(2) بلا كلام لان المفروض بقاء الارض في ملكه و لم يعرض عنها و يريد الانتفاع بها ان قلت مقتضي اطلاق دليل مملكية الاحياء صيرورة الارض مملوكة للمحيئ و ان كانت الارض مملوكة للغير لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 134

______________________________

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه السلام من أحيا أرضا مواتا فهو له «1» فان اطلاق الحديث يشمل المقام.

قلت لا يبعد أن يقال ان المستفاد من الحديث بحسب الفهم العرفي ان الاحياء يوجب ملكية الأرض التي لا تكون مملوكة للغير هذا بحسب القاعدة الأولية لكن قد ورد في المقام نصوص لا بد من ملاحظتها:

منها ما رواه سليمان خالد قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي الارض الخربة فيستخرجها و يجري أنها رها و يعمرها و يزرعها ما ذا عليه؟ قال:

الصدقة قلت: فان كان يعرف صاحبها قال فليئود اليه حقه «2» فان المستفاد من هذه الرواية ان الأرض تختص بمالكها و لا تصير مملوكة لمن احياها.

و منها ما رواه معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

ايما رجل أتي خربة بائرة فاستخرجها و كري أنهارها و عمرها فان عليه فيها الصدقة فان

كانت أرض لرجل قبله فغاب عنها و تركها و اخرجها ثم جاء بعد يطلبها فان الأرض للّه و لمن عمرها «3».

فان مقتضي هذه الرواية التفصيل بأن المالك الاول ان ترك الأرض و اخرجها فان المحيي لها أحق و تكون مملوكة لمن أحياها و بقانون تقييد المطلق بالمقيد يقيد الحديث الاول بالحديث الثاني فتكون النتيجة التفصيل.

و يؤكّد المدعي بل يدل عليه ما رواه عمر بن يزيد قال سمعت رجلا من أهل الجبل يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أخذ ارضا مواتا تركها اهلها فعمرها

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب احياء الموات الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب احياء الموات الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 135

المالك الاول ان يعطي حقه اليه و لا يتصرف فيه بدون اذنه (1) و أما اذا كان سبب ملكه غير الاحياء من الشراء أو الارث فالاحوط عدم جواز احيائه لغيره و التصرف فيه بدون اذنه و لو تصرف فيه بزرع او نحوه فعليه اجرته لمالكه علي الاحوط (2).

[مسألة 4: كما يجوز إحياء البلاد القديمة الخربة و القري الدارسة التي باد أهلها كذلك يجوز حيازة موادها و أجزائها الباقية]

(مسألة 4): كما يجوز احياء البلاد القديمة الخربة و القري الدارسة التي باد اهلها كذلك يجوز حيازة موادها و أجزائها الباقية من الاخشاب و الاحجار و الاجر و ما شاكل ذلك و يملكها الحائز اذا اخذها بقصد التملك (3).

______________________________

و كري أنهارها و بني فيها بيوتا و غرس فيها نخلا و شجرا قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السلام كان امير المؤمنين عليه السلام يقول من أحيا أرضا من المؤمنين فهي له و عليه طسقها يؤديه الي الامام في حال الهدنة فاذا ظهر القائم فليوطن نفسه علي أن تؤخذ منه «1» فان المستفاد من هذه الرواية ما

يستفاد من حديث ابن وهب.

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط.

(2) مقتضي اطلاق حديثي ابن وهب و ابن يزيد عدم الفرق بين كون سبب ملك الأول الاحياء و بين ما يكون سببه غير الاحياء من بقية الاسباب لكن علي ما يظهر من الجواهر ادعي الاجماع علي بقاء الملك اذا كان سبب ملك المالك الاول غير الاحياء و الظاهر ان هذه الدعوي أوجبت الاحتياط المذكور في كلام الماتن و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(3) بتقريب انه لو لم يكن لها مالك تدخل في المباحات الاصلية فيجوز تملكها

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الانفال الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 136

[مسألة 5: الأراضي الموقوفة التي طرأ عليها الموتان و الخراب علي أقسام]

(مسألة 5): الاراضي الموقوفة التي طرأ عليها الموتان و الخراب علي اقسام

1- ما لا يعلم كيفية وقفها اصلا و انها وقف خاص او عام او أنها وقف علي الجهات او علي أقوام.

2- ما علم أنها وقف علي اقوام و لم يبق منهم أثر او علي طائفة لم يعرف منهم سوي الاسم خاصة.

3- ما علم انها وقف علي جهة من الجهات و لكن تلك الجهة غير معلومة انها مسجد او مدرسة او مشهد او مقبرة او غير ذلك.

4- ما علم انها وقف علي اشخاص و لكنهم غير معلومين باشخاصهم و اعيانهم كما اذا علم ان مالكها وقفها علي ذريته مع العلم بوجودهم فعلا.

5- ما علم انها وقف علي جهة معينة او اشخاص معلومين باعيانهم.

6- ما علم اجمالا بأن مالكها قد وقفها و لكن لا يدري انه وقفها علي مدرسته المعينة او علي ذريته المعلومين بأعيانهم و لم يكن طريق

______________________________

ان قلت بعد فرض عدم المالك لها تدخل في مملوكات الامام عليه السلام فانه وارث من لا وارث له قلت

لا يبعد أن تكون السيرة جارية علي تملك الامور المذكورة بلا نكير فتكون ممضاة عند الشارع هذا ما يخطر ببالي القاصر في هذه العجالة في شرح كلام الماتن و اللّه الهادي الي سواء السبيل.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 137

شرعي لإثبات وقفها علي احد الامرين.

أما القسم الاول و الثاني فالظاهر انه لا اشكال في جواز احيائهما لكل احد و يملكهما المحيي فحالهما من هذه الناحية حال سائر الاراضي الموات (1).

______________________________

(1) تارة نقول بأن الوقف مطلقا لا يرجع الي ملك الواقف او ورثته بتقريب ان الوقف قوامه بالتأبيد و لا يتصور فيه الانقطاع و بعبارة الاخري لا يمكن انتفاء الموقوف عليه بالكلية فاذا فرض انتفاء مرتبة تصل النوبة الي المرتبة الاخري و اخري نقول بأنه يتصور فيه الانقطاع اما في الفرض الاول فلا مجال لما افيد في المتن من جواز التملك اذ علي هذا الفرض العين الموقوفة باقية علي وقفيتها و لها موقوف عليه و مع بقاء العين علي الوقفية و فرض وجود الموقوف عليه لا مجال لتملكها بل لا بد من احراز الموقوف عليه بطريق شرعي كالقرعة مثلا و صرف الموقوفة في ذلك المصرف.

و قال السيد اليزدي قدس سره في ملحقات عروته في مسئلة 29 من مسائل كتاب الوقف «اذا كان وقف لم يعلم مصرفه من جهة الجهل به او نسيانا من الاول أو في الاثناء لم يحكم ببطلانه بلا اشكال و حينئذ فبعد اليأس عن ظاهر الحال ان كان الترديد مع انحصار الاطراف يوزع عليهم او يقرع بينهم و ان كان مع عدم الانحصار فان كان الترديد بين الجماعات الغير المحصورين كأن لم يعلم أنه وقف علي الفقراء أو الفقهاء أو علي أولاد زيد أو

اولاد عمرو و هكذا، جري عليه حكم المال المجهول مالكه من التصدق و نحوه ففي خبر علي بن راشد» الي آخر كلامه.

فالنتيجة: انه لا مجال للتملك بالاحياء و نحوه و اما خبر علي بن راشد قال:

سألت أبا الحسن عليه السلام قلت: جعلت فداك اشتريت أرضا الي جنب ضيعتي

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 138

و أما القسم الثالث فالمشهور جواز احيائه و لكنه لا يخلو من اشكال فالاحوط لمن يقوم باحيائه و عمارته بزرع أو نحوه ان يراجع الحاكم الشرعي أو وكيله و يدفع اجرة مثله اليه أو يصرفها في وجوه البر و له أن يشتريه منه أو يستأجره باجرة معينة (1) و كذلك الحال في القسم

______________________________

بألفي درهم فلما و فرت المال خبرت ان الارض وقف فقال: لا يجوز شراء الوقوف و لا تدخل الغلة في ملكك ادفعها الي من اوقفت عليه قلت: لا أعرف لها ربا قال:

تصدق بغلتها «1» فضعيف بكلا سنديه.

مضافا الي عدم وضوح مضمونه لان الامام روحي فداه بمقتضي هذا الحديث امر بدفع الارض الي من اوقفت عليه و بعد أن قال الراوي لا أعرف لها ربا أمر عليه السلام بتصدق غلتها و الحال ان الظاهر ان الارض الموقوفة لا بد من اجارتها و صرف الاجرة في الموقوف عليه و أما غلة الارض فباي ميزان يتصدق بها و بعبارة اخري تكون الغلة مملوكة لمن يزرعها و اللّه العالم.

هذا علي تقدير القول بعدم الانقطاع و أما لو قلنا بامكان الانقطاع فان قلنا برجوع الوقف الي الواقف ان كان و الي وارثه ان لم يكن فعلي تقدير وجوده او وارثه لا بد من دفعها اليه فلا تصل النوبة الي التملك نعم علي هذا التقدير لو فرض

عدم الواقف و عدم وارث له تدخل الارض في الاموال المملوكة للإمام فيجوز تملكها بالاحياء.

فتحصل مما تقدم انه لا تصل النوبة الي الاحياء لا في القسم الاول و لا في القسم الثاني الا علي القول برجوع الوقف الي ملك الواقف أو وارثه في صورة انتفاء الموقوف عليه و انتقاله الي الامام في فرض عدم الواقف و وارثه.

(1) الذي يختلج بالبال ان الوظيفة في مثله القرعة و تشخيص الموقوف عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من احكام الوقوف الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 139

الرابع (1) و أما القسم الخامس فيجب علي من احياه و عمره أجرة مثله و يصرفها في الجهة المعينة اذا كان الوقف عليها و يدفعها الي الموقوف عليهم المعينين اذا كان الوقف عليهم و يجب أن يكون التصرف باجازة المتولي او الموقوف عليهم (2).

و أما السادس فيجب علي من يقوم بعمارته و احيائه اجرة مثله و صرفها في الجهة المعينة باجازة من الذرية كما انه يجب عليه أن يستأذن منهم و من المتولي لتلك الجهة ان كان و الا فمن الحاكم الشرعي أو وكيله (3).

______________________________

و ببالي ان سيدنا الاستاد أجاب في جواب استفتاء كان نظير المقام بلزوم القرعة و علي كل حال الظاهر ان المقام مقام القرعة و لا وجه للتملك بالاحياء مع حرمة التصرف في الوقف و عدم شمول دليل الاحياء الارض المملوكة كما انه لا اري وجها لما افيد في المتن من الوجوه المذكورة.

(1) و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان مقتضي القاعدة في هذه الصورة أن يؤجر الوقف باذن الحاكم و تدفع الاجرة صدقة عن الموقوف عليه بناء علي أن مجهول المالك مصرفه التصدق عن المالك و لا اري وجها للاشتراء

و لا الصرف في وجوه البر.

(2) الظاهر ان حكم هذا القسم ظاهر فانه يجوز التصرف فيها باذن المتولي أو الموقوف عليهم اذ المفروض انها وقف عليهم فامرها راجع اليهم.

(3) الظاهر ان الوظيفة فيه التوسل بالقرعة و تشخيص الموقوف عليه و بعد تشخيصه و احرازه يعمل علي طبق الوظيفة من المراجعة الي المتولي ان كان او

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 140

[مسألة 6: من أحيا أرضا مواتا تبعها حريمها بعد الإحياء]

(مسألة 6): من أحيا ارضا مواتا تبعها حريمها بعد الاحياء و حريم كل شي ء مقدار ما يتوقف عليه الانتفاع به و لا يجوز لأحد أن يحيي هذا المقدار بدون رضا صاحبه (1) فحريم الدار عبارة عن مسلك

______________________________

الموقوف عليه ان كان قابلا للرجوع اليه او الي الحاكم او وكيله و اللّه العالم و عليه التوكل و التكلان.

(1) بلا خلاف اجده- كما في الجواهر- مضافا الي أنه لو لم يعتبر الحريم لا يترتب علي الملك الفائدة المترقبة و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه محمد بن عبد اللّه قال سألت الرضا عليه السلام عن الرجل تكون له الضيعة و تكون لها حدود تبلغ حدودها عشرين ميلا او أقلّ أو اكثر يأتيه الرجل فيقول: أعطني من مراعي ضيعتك و اعطيك كذا و كذا درهما فقال: اذا كانت الضيعة له فلا بأس «1».

فان هذه الرواية ان كانت دالة علي جواز بيع مراعي الضيعة فدلالتها علي المدعي واضحة اذ عليه تكون دليلا علي كون المرعي مملوكا لمالك الضيعة و ان لم تكن دالة علي الملكية فلا اشكال في دلالتها علي اولوية صاحب الضيعة بالمراعي و انه لا يجوز مزاحمته فيها.

و يدل علي الملكية بوضوح ما رواه ادريس بن زيد عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته و قلت: جعلت فداك

ان لنا ضياعا و لنا حدود و لنا الدواب و فيها مراعي و للرجل منا غنم و ابل و يحتاج الي تلك المراعي لإبله و غنمه أ يحل له أن يحمي المراعي لحاجته اليها، فقال: اذا كانت الارض أرضه فله أن يحمي و يصير ذلك الي ما يحتاج اليه قال: و قلت له: الرجل يبيع المراعي فقال اذا كانت الارض أرضه فلا بأس «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب احياء الموات الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 22 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 141

الدخول اليها و الخروج منها في الجهة التي يفتح اليها باب الدار و مطرح ترابها و رمادها و مصب مائها و ثلوجها و ما شاكل ذلك (1) و حريم حائط البستان و نحوه مقدار مطرح ترابه و الالات و الطين و الجص اذا احتاج الي الترميم و البناء (2) و حريم النهر مقدار مطرح ترابه و طينه اذا احتاج الي الاصلاح و التنقية و المجاز علي حافتيه للمواظبة عليه (3).

______________________________

بل لا ببعد أن يقال ان دليل تحقق الملكية بالاحياء يقتضي ملكية المرعي باحياء الأرض بتقريب ان احياء كل شي ء بحسبه فان المرعي يحيي بايجاد الضيعة فلاحظ.

(1) قال في الجواهر: «و حريم الحائط في المباح مقدار مطرح ترابه و آلاته بلا خلاف اجده فيه بل في التذكرة عندنا مشعرا بدعوي الاجماع عليه نظرا الي امساس الحاجة اليه لو استهدم» انتهي «1».

و حيث ان حكم الامثال واحد يمكن أن يقال: ان الحكم في المقام اجماعي أيضا لوحدة الملاك و هو امساس الحاجة الي الحريم و عدم نص خاص في الحائط و يمكن أن يستدل علي المدعي بأن دليل الأحياء

بنفسه يقتضي ذلك اذ لو فرض الاحتياج فلازم كون الأحياء مملكا في المباح جعل الحريم للمحيي فالحريم اما ملك للمحيي و اما يكون للمحيي الاولوية بالنسبة اليه.

(2) الكلام فيه هو الكلام و تقدم ما عن الجواهر.

(3) الكلام فيه هو الكلام قال في الجواهر «و حريم الشرب بكسر اوله الذي هو هنا النهر و القناة و نحوهما بمقدار مطرح ترابه و المجاز علي حافتيه للانتفاع به و لا صلاحه علي قدر ما يحتاج اليه عادة بلا خلاف أجده فيه و يؤمي اليه مضافا الي أنه المحتاج اليه في تنقيته لإجراء مائه مرفوع ابراهيم بن هاشم رفعه قال حريم

______________________________

(1) الجواهر ج 38. ص: 46

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 142

و حريم البئر موضع وقوف النازح اذا كان الاستقاء منها باليد و موضع تردد البهيمة و الدولاب و الموضع الذي يجتمع فيه الماء للزرع أو نحوه و مصبه و مطرح ما يخرج منها من الطين عند الحاجة و نحو ذلك (1) و حريم العين ما تحتاج اليه في الانتفاع منها علي نحو ما مر في غيرها (2) و حريم القرية ما تحتاج اليه في حفظ مصالحها و مصالح اهلها من مجمع ترابها و كناستها و مطرح سمادها و رمادها و مجمع اهاليها لمصالحهم و مسيل مائها و الطرق المسلوكة منها و اليها و مدفن موتاهم و مرعي ماشيتهم و محتطبهم و ما شاكل ذلك كل ذلك بمقدار حاجة القرية بحيث لو زاحمهم مزاحم لوقعوا في ضيق و حرج و هي تختلف باختلاف سعة

______________________________

النهر حافتاه و ما يليها «1».

(1) قال الشهيد الثاني قدس سره في المسالك- علي ما نقل عنه-: «و بسبب اختلاف الروايات و عدم صحتها جعل بعضهم حريم

البئر ما يحتاج اليه في السقي منها و موضع وقوف النازح و الدولاب و تردد البهائم و مصب الماء و الموضع الذي تجتمع فيه سقي الماشية و الزرع من حوض و غيره و الموضع الذي يطرح فيه ما يخرج منه بحسب العادة» انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع مقامه.

و ملخص الكلام انه بعد ما علم من الشارع المقدس اعتبار الحريم نلتزم به في كل مورد بحسبه بل تقدم ان نفس دليل ملكية الاحياء تقتضي اعتبار الحريم فلاحظ.

(2) الكلام في المقام هو الكلام و الميزان هو المتعارف و ما يحتاج اليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب احياء الموات الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 143

القري و ضيقها و كثرة اهليها و قلتهم و كثرة مواشيها و دوابها و قلتها و هكذا و ليس لذلك ضابط غير ذلك و ليس لأحد أن يزاحم اهاليها في هذه المواضع (1) و حريم المزرعة ما يتوقف عليه الانتفاع منها و يكون من مرافقها كمسالك الدخول اليها و الخروج منها و محل بيادرها و حظائرها و مجتمع سمادها و نحو ذلك (2).

[مسألة 7: الأراضي المنسوبة إلي طوائف العرب و العجم و غيرهم لمجاورتها لبيوتهم و مساكنهم من دون تملكهم لها بالإحياء باقية علي اباحتها الأصلية]

(مسألة 7): الاراضي المنسوبة الي طوائف العرب و العجم و غيرهم لمجاورتها لبيوتهم و مساكنهم من دون تملكهم لها بالاحياء باقية علي اباحتها الاصليه (3) فلا يجوز لهم منع غيرهم من الانتفاع بها و لا يجوز لهم أخذ الاجرة ممن ينتفع بها (4) و اذا قسموها فيما بينهم لرفع التشاجر و النزاع لا تكون القسمة صحيحة فيجوز لكل من المتقاسمين التصرف فيما يختص بالاخر بحسب القسمة (5) نعم اذا كانوا يحتاجون اليها لرعي الحيوان او نحو ذلك كانت من حريم

______________________________

فلاحظ.

(1) بعين التقريب المتقدم فان حكم الأمثال واحد.

(2) فان الحريم

يعتبر بمقدار الحاجة و هذا يختلف بحسب اختلاف الموارد.

(3) اذ فرض عدم تحقق سبب الملكية فهي باقية علي اباحتها الأصلية.

(4) لعدم اختصاصها بهم بل الكل فيها سواء فلا مجال للمنع كما لا مجال لأخذ الاجرة.

(5) اذ لا معني لقسمة المباحات.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 144

املاكهم و لا يجوز لغيرهم مزاحمتهم و تعطيل حوائجهم (1).

[مسألة 8: للبئر حريم آخر]

(مسألة 8): للبئر حريم آخر و هو أن يكون الفصل بين بئر و بئر اخري بمقدار لا يكون في احداث البئر الثانية ضرر علي الاولي من جذب مائها تماما او بعضا او منع جريانه من عروقها و هذا هو الضابط الكلي في جميع اقسامها (2).

______________________________

(1) اذ لا يجوز التصرف في الحريم كما مر.

(2) يمكن الاستدلال علي المدعي بأن الإضرار علي الغير حرام فكل ما يكون مصداقا للأضرار يكون حراما فالضابط تحقق عنوان الإضرار و يدل علي المدعي مكاتبة محمد بن الحسين قال: كتبت الي أبي محمد عليه السلام: رجل كانت له رحي علي نهر قرية و القرية لرجل فاراد صاحب القرية أن يسوق الي قريته الماء في غير هذا النهر و يعطل هذه الرحي أله ذلك أم لا؟ فوقع عليه السلام يتقي اللّه و يعمل في ذلك بالمعروف و لا يضر أخاه المؤمن «1».

و قد وردت نصوص في بيان حد حريم البئر منها ما رواه حماد بن عثمان قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: حريم البئر العارية اربعين ذراعا حولها «2» و منها ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يكون بين البئرين اذا كانت أرضا صلبة خمس مأئة ذراع و ان كانت أرضا رخوة فألف ذراع «3».

و منها ما رواه محمد بن علي

بن الحسين قال قضي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ان البئر حريمها اربعون ذراعا لا يحفر الي جانبها بئر اخري لعطن او غنم «4»

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من ابواب احياء الموات الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب احياء الموات الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 145

[مسألة 9: للعين و القناة أيضا حريم آخر]

(مسألة 9): للعين و القناة أيضا حريم آخر و هو أن يكون الفصل بين عين و عين اخري و قناة و قناة ثانية في الارض الصلبة خمسمائة ذراع و في الارض الرخوة ألف ذراع و لكن الظاهر ان هذا التحديد غالبي حيث ان الغالب يندفع الضرر بهذا المقدار من البعد و ليس تعبديا و عليه فلو فرض ان العين الثانية تضر بالاولي و ينقص ماؤها مع هذا البعد فالظاهر عدم جواز احداثها و لا بد من زيادة البعد بما يندفع به الضرر أو يرضي به مالك الاولي كما انه لو فرض عدم لزوم الضرر عليها في احداث قناة اخري في أقلّ من هذا البعد فالظاهر جوازه بلا حاجة الي الاذن من صاحب القناة الاولي (1) و لا فرق في ذلك

______________________________

و هذه النصوص كلها ضعيفة سندا و منها غيرها المذكور في الباب 11 من أبواب احياء الموات من الوسائل.

(1) قد وردت في بيان حد حريم العين عدة روايات منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال ما بين بئر المعطن الي بئر المعطن أربعون ذراعا و ما بين بئر الناضح الي بئر الناضح ستون ذراعا و ما بين العين الي العين يعني القناة خمسمائة ذراع و الطريق يتشاح

عليه اهله فحده سبع اذرع «1» و هذه الرواية ضعيفة.

و منها مرسل محمد بن حفص عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن قوم كانت لهم عيون في ارض قريبة بعضها من بعض فاراد رجل ان يجعل عينه اسفل من موضعها الذي كانت عليه و بعض العيون اذا فعل بها ذلك اضر بالبقية من العيون و بعضها لا يضر من شدة الأرض قال: فقال: ما كان في مكان شديد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 146

بين احداث قناة في الموات و بين احداثها في ملكه فكما يعتبر في الاول أن لا يكون مضرا بالاولي فكذلك في الثاني كما ان الامر كذلك في الآبار و الانهار التي تكون مجاري للماء فيجوز احداث بئر يجري فيها الماء من منبعها قرب بئر اخري كذلك و كذلك احداث نهر قرب آخر و ليس لمالك الاول منعه الا اذا استلزم ضررا فعندئذ يجوز منعه (1).

______________________________

فلا يضر و ما كان في أرض رخوة بطحاء فانه يضر، و ان عرض رجل علي جاره ان يضع عينه كما وضعها و هو علي مقدار واحد قال: ان تراضيا فلا يضر و قال يكون بين العينين ألف ذراع «1» و هذه الرواية ضعيفة أيضا.

و منها مكاتبة محمد بن الحسن (الحسين) قال كتبت الي أبي محمد عليه السلام رجل كانت له قناة في قرية فاراد رجل أن يحفر قناة اخري الي قرية له كم يكون بينهما في البعد حتي لا تضر احداهما بالاخري في الأرض اذا كانت صلبة أو رخوة فوقع عليه السلام: علي حسب أن لا تضر احداهما بالاخري ان شاء اللّه «2».

و هذه الرواية كما تري جعلت ميزان الجواز عدم

الإضرار فالضابط كما في المتن في الحرمة و الجواز تحقق الإضرار و عدمه ففي صورة تحقق الإضرار يحرم و الا يجوز.

(1) اذ الميزان في الحرمة و عدمها تحقق الاضرار و عدمه فلا فرق بين احداث القناة في الموات و بين احداثها في الملك الشخصي فانه علي تقدير الاضرار حرام كما ان الامر كذلك في الآبار و الانهار كما في المتن فان حكم الامثال واحد فان المستفاد من حديث محمد بن الحسين (الحسن) «3» ان الميزان الكلي انه علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من احياء الموات الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 14 من احياء الموات الحديث: 1

(3) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 147

[مسألة 10: يجوز إحياء الموات التي في أطراف القنوات و الآبار]

(مسألة 10): يجوز احياء الموات التي في اطراف القنوات و الآبار في غير المقدار الذي يتوقف عليه الانتفاع منها فان اعتبار البعد المذكور في القنوات و الآبار انما هو بالاضافة الي احداث قناة او بئر اخري (1).

[مسألة 11: إذا لم تكن الموات من حريم العامر و مرافقه علي النحو المتقدم جاز إحياؤها لكل احد]

(مسألة 11): اذا لم تكن الموات من حريم العامر و مرافقه علي النحو المتقدم جاز احياؤها لكل احد و ان كانت بقرب العامر و لا تختص بمن يملك العامر و لا اولوية له (2).

[مسألة 12: الظاهر أن الحريم مطلقا ليس ملكا لمالك ما له الحريم]

(مسألة 12): الظاهر ان الحريم مطلقا ليس ملكا لمالك ما له الحريم سواء كان حريم قناة او حريم بئر او حريم قرية او حريم دار او نهر او غير ذلك (3) و انما لا يجوز لغيره مزاحمته فيه باعتبار انه من

______________________________

تقدير الاضرار لا يجوز و يجوز منعه كما انه مع عدم الاضرار يجوز و لا يجوز منعه.

(1) لوجود المقتضي و عدم المانع و بعبارة اخري يجوز احياء الموات علي الاطلاق و لا يقيد بقيد الا مع عروض عنوان ثانوي.

(2) لعدم ترجيح احد علي الاخر بل يجوز الاحياء لكل احد بمقتضي اطلاق الدليل و لا دليل علي الاختصاص بما لك العامر.

(3) بتقريب انه لا دليل علي ملكيته فان المملك الاحياء و المفروض انه لم يتعلق بالحريم فالحريم لا يكون مملوكا للمحيي و يمكن أن يقال ان احياء كل شي ء بحسبه مثلا هل يمكن أن يقال ان صحن الدار ليس مملوكا للمحيي بتقريب ان الاحياء لم يتعلق به فلا يبعد أن يقال: ان الحريم متعلق للأحياء و الحق ان المرجع العرف فان صدق عرفا انه احياه يكون ملكا و الا فلا.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 148

متعلقات حقه (1).

[مسألة 13: لا حريم للأملاك المتجاورة]

(مسألة 13): لا حريم للأملاك المتجاورة مثلا لو بني المالكان المتجاوران حائطا في البين لم يكن له حريم من الجانبين و كذا لو بني احدهما في نهاية ملكه حائطا او غيره لم يكن له حريم في ملك الاخر (2).

[مسألة 14: يجوز لكل مالك أن يتصرف في ملكه بما شاء ما لم يستلزم ضررا علي جاره]

(مسألة 14): يجوز لكل مالك أن يتصرف في ملكه بما شاء ما لم يستلزم ضررا علي جاره و الا فالظاهر عدم جوازه كما اذا تصرف في ملكه علي نحو يوجب خللا في حيطان دار جاره او حبس ماء في ملكه بحيث تسري الرطوبة الي بناء جاره او احدث بالوعة أو كنيفا بقرب بئر الجار فأوجب فساد مائها او حفر بئرا بقرب بئر جاره فاوجب نقصان مائها و الظاهر عدم الفرق بين أن يكون النقص مستندا الي

______________________________

و لو وصلت النوبة الي الشك يكون مقتضي الاصل عدم تحقق الملكية و حديث ادريس بن زيد عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته و قلت: جعلت فداك ان لنا ضياعا و لنا حدود و لنا الدواب و فيها مراعي و للرجل منا غنم و ابل و يحتاج الي تلك المراعي لإبله و غنمه، أ يحل له أن يحمي المراعي لحاجته اليها فقال اذا كانت الأرض ارضه فله أن يحمي و يصير ذلك الي ما يحتاج اليه قال: و قلت له: الرجل يبيع المراعي، فقال: اذا كانت الارض ارضه فلا بأس «1»، دال علي ملكية الحريم لكن السند مخدوش.

(1) كما مر تقريب عدم الجواز.

(2) كما هو ظاهر فان الحريم يتصور في المباحات و أما املاك الناس فلا تصير

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب عقد البيع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 149

جذب البئر الثانية لماء الاولي و ان يكون مستندا الي

كون الثانية اعمق من الاول (1) نعم لا مانع من تعلية البناء و ان كانت مانعة عن الاستفادة من الشمس او الهواء (2).

[مسألة 15: إذا لزم من تصرفه في ملكه ضرر معتد به علي جاره و لم يكن مثل هذا الضرر أمرا متعارفا فيما بين الجيران]

(مسألة 15): اذا لزم من تصرفه في ملكه ضرر معتد به علي جاره و لم يكن مثل هذا الضرر أمرا متعارفا فيما بين الجيران لم يجز له التصرف فيه (3) و لو تصرف وجب عليه رفعه هذا اذا لم يكن في ترك

______________________________

حريما لملك آخرين و ان شئت قلت: الدليل الدال علي اعتبار الحريم يختص بالمملوك الحادث في المباح و في غيره لا دليل فلا مجال لاعتبار الحريم في غيره.

(1) قد مر ان المستفاد من النص عدم جواز الاضرار و لا يعارضه دليل، اذ قاعدة تسلط الناس علي أموالهم «1» مع ضعف مدركها لا يقتضي جواز الاضرار بالغير و بعبارة اخري ليس لأحد ان يتصرف في ماله بحيث يضر بغيره و أما حديث لا ضرر فعلي تقدير جريانه و الالتزام بكون مفاده النفي لا النهي لا يشمل مورد الاضرار بالغير فالحق ما أفاده في المتن من عدم الجواز في صورة الاضرار.

(2) يمكن أن يكون الوجه فيه ان تعلية البناء المانع ليس مصداقا للإضرار بل ايجاد مانع عن الانتفاع و هذا لا دليل علي حرمته و يمكن أن يكون الوجه في الجواز التعارف الخارجي و جريان السيرة عليه التي تدل علي جوازه شرعا.

و لا يبعد تحقق السيرة، و أما الوجه الاول فيرد فيه انه لا اشكال في صدق الاضرار و هذا العرف و العقلاء ببابك فهل يكون قطع جريان الماء او تقليله ضررا و لا يكون قطع جريان الهواء و الاستفادة عن الشمس ضررا؟ فتأمل.

(3) اذ قلنا ان المستفاد من الدليل عدم جواز الاضرار

بالغير سيما الجار الذي

______________________________

(1) بحار الأنوار ج 2 ص 272

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 150

التصرف ضرر علي المالك (1) و أما اذا كان في تركه ضرر عليه ففي جواز تصرفه عندئذ و عدمه وجهان و الاحتياط في ترك التصرف لا يترك (2) كما ان الاحوط ان لم يكن اقوي ضمانه للضرر الوارد علي جاره اذا كان مستندا اليه عرفا مثلا لو حفر بالوعة في داره تضر ببئر جاره وجب عليه طمها الا اذا كان فيه ضرر علي المالك و عندئذ ففي وجوب طمها و عدمه اشكال و الاحتياط لا يترك (3) نعم الظاهر عدم

______________________________

يتأكد الحكم بالنسبة اليه بمقتضي النصوص التي سيمر عليك بعضها إن شاء اللّه هذا فيما لا يكون متعارفا و أما مع التعارف الخارجي و جريان السيرة عليه فيمكن الالتزام بالجواز من باب كونه مأذونا فيه من قبل الشارع بمقتضي السيرة و عدم الاستنكار.

(1) كما هو ظاهر فانه لا يجوز بقاء كما لم يكن جائزا حدوثا.

(2) ربما يقال بأن حديث لا ضرر يقتضي الجواز فان مقتضاه عدم حرمة الاضرار في صورة تضرر المكلف بالترك.

و فيه ان الاستدلال بالقاعدة يتوقف علي تمامية القاعدة للاستدلال و أما علي تقدير عدم تماميتها كما هو كذلك علي مسلك شيخ الشريعة قدس سره فلا مجال للاستدلال هذا اولا و ثانيا ان احد الضررين يعارض بالاخر و لا ترجيح.

و ربما يقال ان دليل حرمة الاضرار منصرف عن الصورة المفروضة فلا يحرم.

و فيه انه لا وجه للانصراف فالحق حرمة الاضرار حتي في هذه الصورة.

(3) فان اتلاف مال الغير يوجب الضمان و العجب ان الماتن جمع بين قوله «و الاحتياط لا يترك في ترك التصرف» و بين قوله «ان لم يكن

اقوي» في المقام اذ لو كان الفعل جائزا لا يكون موجبا للضمان و بعبارة اخري اذا كان التصرف عن

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 151

جريان هذا الحكم لو كان حفر البئر متأخرا عن حفر البالوعة (1).

[مسألة 16: من سبق من المؤمنين إلي أرض ذات اشجار و قابلة للانتفاع بها ملكها]

(مسألة 16): من سبق من المؤمنين الي ارض ذات اشجار و قابلة للانتفاع بها ملكها (2) و لا يتحقق السبق اليها الا بالاستيلاء عليها و صيرورتها تحت سلطانه و خروجها من امكان استيلاء غيره عليها (3).

[مسألة 17: قد حث في الروايات الكثيرة علي رعاية الجار و حسن المعاشرة مع الجيران]

(مسألة 17): قد حث في الروايات الكثيرة علي رعاية الجار و حسن المعاشرة مع الجيران و كف الاذي عنهم و حرمة ايذائهم (4).

______________________________

حق فلا وجه للضمان و ان لم يكن جائزا فاللازم هو الضمان فلا معني للجمع بين الاحتياط و الترديد و بين الجزم فلاحظ.

(1) بتقريب انه لا يصدق الضرر بل عدم النفع و الميزان الكلي صدق الاضرار عرفا و بعبارة اخري اذا كان حفر البئر متأخرا عن احداث البالوعة يصدق ان فلانا احدث بئرا في موضع لا ينفعه و لا يصدق ان بكرا يضر به و هذا العرف ببابك و لتوضيح المدعي نقول لو كان احداث البئر الاول مؤثرا في قلة ماء البئر الثاني هل يمكن أن يقال بأن مالك البئر الاول مضار باحداثه البئر الاول و هل يجب عليه طم بئره؟ كلا.

(2) فانه لا اشكال عندهم في ثبوت حق السبق للسابق في الانتفاء عن المباحات الاصلية و لا اشكال في ثبوت هذا الحق بالسيرة القطعية.

(3) فانه امر عرفي كبقية الامور العرفية و الظاهر ان ما افاده في المتن تام.

(4) من الروايات ما رواه حمزة قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول المؤمن من آمن جاره بوائقه قلت ما بوائقه قال: ظلمه و غشمه «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 86 من ابواب احكام العشرة الحديث 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 152

و قد ورد في بعض الروايات ان الجار كالنفس و ان حرمته كحرمة امه (1) و في بعضها الاخر

ان حسن الجوار يزيد في الرزق و يعمر الديار و يزيد في

______________________________

و منها ما رواه الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه عن علي عليه السلام عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في حديث المناهي قال: من آذي جاره حرم اللّه عليه ريح الجنة و مأواه جهنم و بئس المصير و من ضيع حق جاره فليس منا و ما زال جبرئيل يوصيني بالجار حتي ظننت انه سيورثه «1».

و منها ما رواه عمرو بن عكرمة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اتاه رجل من الانصار فقال: اني اشتريت دارا من بني فلان و ان اقرب جيراني مني جوارا من لا ارجو خيره و لا آمن شره قال فامر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عليا و سلمان و أبا ذر و نسيت آخر و أظنه المقداد أن ينادوا في المسجد باعلي اصواتهم بأنه لا ايمان لمن لا يأمن جاره بوائقه فنادوا بها ثلاثا «2» و غيرها المذكور في الباب 86 و 87 من أبواب العشرة و الباب 12 من ابواب احياء الموات من الوسائل.

(1) لاحظ ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عن ابيه عليهما السلام قال:

قال قرأت في كتاب علي عليه السلام ان رسول اللّه كتب بين المهاجرين و الانصار و من لحق بهم من اهل يثرب ان الجار كالنفس غير مضار و لا اثم و حرمة الجار علي الجار كحرمة امه «3».

و ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان الجار كالنفس غير مضار و لا اثم «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 86 من أبواب احكام

العشرة الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 12 من أبواب احياء الموات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 153

الاعمار (1) و في الثالث من كف أذاه عن جاره اقاله اللّه عثرته يوم القيمة (2) و في الرابع ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره و غيره مما قد اكد في الوصية بالجار و تشديد الامر فيه (3).

[مسألة 18: يستحب للجار الإذن في وضع خشب جاره علي حائطه مع الحاجة]

(مسألة 18): يستحب للجار الاذن في وضع خشب جاره علي حائطه مع الحاجة (4).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حسن الجوار يعمر الديار و ينسي في الاعمار «1».

و ما رواه ابراهيم بن أبي رجاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال حسن الجوار يزيد في الرزق «2».

و ما رواه أبو مسعود قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام حسن الجوار زيادة في الاعمار و عمارة الديار 3.

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: من كف أذاه عن جاره اقاله اللّه عثرته يوم القيمة 4.

(3) لاحظ ما رواه أبو الربيع الشامي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال و البيت غاص باهله: اعلموا أنه ليس منا و من لم يحسن مجاورة من جاوره 5

(4) قد نقل في المقام حديثان احدهما: عن النبي صلي اللّه عليه و آله: «لا يمنعن احدكم جاره أن يغرز خشبه في حائطه» 6 ثانيهما: «ان الجار يضع جذوعه

______________________________

(1) الوسائل الباب 87 من ابواب احكام العشرة الحديث: 1

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 3

(3) (4) الوسائل الباب 86 من ابواب احكام

العشرة الحديث: 7

(4) (5) الوسائل الباب 87 من نفس المصدر الحديث: 5

(5) (6) نقل الحديث عن البحار ج 3 ص 164 كتاب المظالم و الغصب و روي عن مسلم ج 5 ص 57

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 154

و لو اذن جاز له الرجوع قبل البناء عليه (1) و كذا بعد البناء اذا لم يضر الرفع (2) و الا فالظاهر عدم جوازه (3).

[مسألة 19: لو تداعيا جدارا لا يد لأحدهما عليه فهو للحالف مع نكول الآخر]

(مسألة 19): لو تداعيا جدارا لا يد لأحدهما عليه فهو للحالف مع نكول الاخر (4).

______________________________

في حائط جاره شاء أم أبي» «1» و الحديثان لا اعتبار بهما سندا و الاستحباب المذكور في المتن علي طبق القاعدة.

(1) كما هو ظاهر لعدم ما يقتضي الزامه بعدم الرجوع.

(2) لكون كل احد مسلطا علي مال نفسه و لا يجوز لأحد أن يتصرف في مال غيره بلا اذنه.

(3) بتقريب ان الاذن في ذلك يقتضي الدوام و بلزوم الضرر و يرد علي الاول ان الاذن المقتضي للدوام لا يستلزم عدم الرجوع فان الاعارة تقتضي الدوام و مع ذلك يجوز الرجوع للمعير و علي الثاني بأن منع المالك عن طلب النزع عن ملكه ضرر عليه مضافا الي أنه لا يبعد انصراف القاعدة عن صورة الاضرار بالغير و يضاف الي ما ذكر انه يتوقف الاستدلال علي القول المشهور و أما علي مسلك شيخ الشريعة قدس سره القائل بكون مفاد القاعدة النهي فلا يتم الاستدلال.

ان قلت: اذا اذن في الدفن لا يجوز له الرجوع ففي المقام أيضا لا يجوز له قلت ان قلنا بحرمة النبش في الصورة المفروضة فالقياس مع الفارق و ان لم نقل بالحرمة فالحكم في المقيس عليه مشكل فكيف بالمقيس.

(4) بتقريب: انه لا يكون خارجا عنهما فاذا حلف احدهما و

نكل الاخر يحكم بعدم الملكية للناكل فيكون للحالف و بعبارة اخري مقتضي القاعدة كونه مشتركا

______________________________

(1) نقل ان الخرائطي رواه عن مكارم الاخلاق من حديث ابي هريرة

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 155

و لو حلفا أو نكلا فهو لهما (1) و لو اتصل ببناء احدهما دون الاخر أو كان له عليه طرح فهو له مع اليمين (2).

[مسألة 20: إذا اختلف مالك العلو و مالك السفل كان القول قول مالك السفل في جدران البيت و قول مالك العلو في السقف]

(مسألة 20): اذا اختلف مالك العلو و مالك السفل كان القول قول مالك السفل في جدران البيت و قول مالك العلو في السقف و جدران الغرفة و الدرجة و أما المخزن تحت الدرجة فلا يبعد كونه لمالك السفل و طريق العلو في الصحن بينهما و الباقي للأسفل (3).

______________________________

بينهما لكن حيث ان كل واحد منهما مدعيا لتمامه و الاخر يكون منكرا لاشتراكه و لا بينة تصل النوبة الي الحلف فلو حلف احدهما و نكل الاخر يحكم بعدم كون الناكل شريكا فيكون للحالف.

(1) كما هو ظاهر اذ الامر كما قلنا دائر بينهما و بعد عدم تأثير الحلف للتعارض يكون لهما.

(2) اذ مقتضي الظاهر كونه لذي اليد فالبينة علي المدعي و مع عدمها تصل النوبة الي يمين المنكر و يمكن الاستدلال علي المدعي بحديث منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن خص بين دارين فزعم ان عليا عليه السلام قضي به لصاحب الدار الذي من قبله وجه القماط «1».

و حديث جابر عن ابيه عن جده عن علي عليه السلام أنه قضي في رجلين اختصما اليه في خص فقال: ان الخص للذي اليه القماط 2.

(3) الميزان في التقديم صدق اليد و ان جدران البيت تحت يد مالك السفل فالقول قوله بالنسبة اليه و أما السقف و جدران الغرفة و

الدرجة تحت يد مالك العلو فالقول قوله و قس علي ما ذكر الباقي من المذكورات و الظاهران المناط الصدق

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 14 من احكام الصلح الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 156

[مسألة 21: يجوز للجار عطف أغصان شجر جاره عن ملكه إذا تدلت عليه]

(مسألة 21): يجوز للجار عطف اغصان شجر جاره عن ملكه اذا تدلت عليه (1) فان تعذر عطفها قطعها باذن مالكها (2) فان امتنع اجبره الحاكم الشرعي (3) و راكب الدابة اولي بها من قابض لجامها (4) و مالك الاسفل أولي بالغرفة المفتوح بابها الي الجار من الجار مع التنازع و اليمين و عدم البينة (5).

[مسألة 22: يعتبر في تملك الموات أن لا تكون مسبوقة بالتحجير من غيره]

(مسألة 22): يعتبر في تملك الموات أن لا تكون مسبوقة بالتحجير من غيره و لو احياها بدون اذن المحجر لم يملكها (6) و يتحقق التحجير

______________________________

العرفي.

(1) لأن المالك مسلط علي مملوكه فله اخراج ملك الغير عن ملكه.

(2) بلا اشكال اذ مع الاذن من المالك يجوز التصرف.

(3) لان الحاكم ولي الممتنع.

(4) بتقريب ان الدابة في تصرف الراكب و تحت سلطته فالقول قوله.

(5) كما هو ظاهر فان الغرفة في يد مالك الاسفل فالقول قوله مع يمينه كما هو المقرر.

(6) قال في الجواهر: «الشرط الخامس ان لا يسبق اليه سابق بالتحجير فان التحجير عندنا كما في التذكرة يفيد اولوية و اختصاصا لا ملكا للرقبة التي لا تملك الا بالاحياء الذي هو غير التحجير و ان ملك به التصرف في المحجر و منع الغير حتي لو تهجم عليه من يروم الاحياء كان له منعه و دفعه عن ذلك بل لو قاهره فاحياه لم يملك بلا خلاف بل يمكن تحصيل الاجماع عليه «1».

فالامر متسالم عليه بينهم بالاضافة الي أنه لا يبعد ان المغروس في اذهان

______________________________

(1) الجواهر ج 38 ص: 56

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 157

بكل ما يدل علي ارادة الاحياء كوضع الاحجار في اطرافها او حفر اساس او حفر بئر من آبار القناة الدارسة الخربة فانه تحجير بالاضافة الي بقية آبار القناة بل هو تحجير أيضا

بالاضافة الي الاراضي الموات التي تسقي بمائها بعد جريانه فلا يجوز لغيره احياءها كما انه لو حفر بئرا في الموات بالاصل لإحداث قناة فيها فالظاهر انه تحجير بالاضافة الي اصل القناة و بالاضافة الي الاراضي الموات التي يصل اليها ماؤها بعد تمامها و ليس لغيره احياء تلك الاراضي (1).

[مسألة 23: التحجير كما عرفت يفيد حق الأولوية و لا يفيد الملكية]

(مسألة 23): التحجير كما عرفت يفيد حق الاولوية و لا يفيد الملكية و لكن مع ذلك لا باس بنقل ما تعلق به بما هو كذلك ببيع أو غيره فما هو غير قابل للنقل انما هو نفس الحق حيث انه حكم شرعي غير

______________________________

المتشرعة ان التحجير يوجب الاولوية للمحجر مضافا الي قاعدة السبق المشهورة بين القوم و يدل عليه بعض النصوص لاحظ ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال:

«من سبق الي ما لا يسبقه اليه المسلم فهو احق به» «1».

فالنتيجة: انه لا يجوز مزاحمة المحجر فان زاحمه احد فاحيا الارض لا يملكها خلافا لما يحكي عن جامع الشرائع علي ما في الجواهر انه قال يملك الاخر و يكون قد أساء و الدليل علي المدعي الاجماع و التسالم و تناسب الحكم و الموضوع يقتضيه و أما النبوي ان النبي صلي اللّه عليه و آله قال: من احاط حائطا علي أرض فهي له «2» فلا اعتبار بسنده.

(1) لا يبعد صدق العنوان بالامور المذكورة في المتن.

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب احياء الموات الحديث: 4

(2) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب احياء الموات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 158

قابل للانتقال و أما متعلقه فلا مانع من نقله (1).

[مسألة 24): يعتبر في كون التحجير مانعا تمكن المحجر من القيام بعمارته و احيائه]

(مسألة 24): يعتبر في كون التحجير مانعا تمكن المحجر من القيام بعمارته و احيائه فان لم يتمكن من احياء ما حجره لمانع من الموانع كالفقر أو العجز عن تهيئة الاسباب المتوقف عليها الاحياء جاز لغيره احياؤه و كذا الحال فيما لو حجر زائدا علي ما يقدر علي احيائه فانه لا اثر لتحجيره بالاضافة الي المقدار الزائد (2) و عليه فلو حجر الموات من كان عاجزا عن احيائها ليس

له نقلها الي غيره بصلح أو هبة أو بيع او نحو ذلك (3).

[مسألة 25: لا يعتبر في التحجير أن يكون بالمباشرة بل يجوز أن يكون بالتوكيل و الاستيجار]

(مسألة 25): لا يعتبر في التحجير أن يكون بالمباشرة بل يجوز أن يكون بالتوكيل (4) و الاستيجار و عليه فالحق الحاصل بسبب عملهما للموكل و المستأجر لا للوكيل و الاجير (5) و أما اذا وقع التحجير عن

______________________________

(1) الذي يتصور ان ذا الحق يرفع اليد عن حقه كي يفتح الطريق لغيره و أما نقل العين فلا نفهم ما معناه اذ المفروض ان ما تعلق به الحق من المباحات فكيف يكون قابلا للنقل بالصلح أو الهبة.

(2) لعدم الدليل علي ازيد من هذا المقدار و ان شئت قلت: لا دليل علي كون التحجير موجبا لحصول حق الاولوية علي نحو الاطلاق بل يحصل بالمقدار المتعارف و هو هذا المقدار فمن لا يكون قادرا علي الاحياء لا يثبت له الحق.

(3) بل تقدم انه لا دليل علي جواز النقل حتي في مورد تحقق الحق و الاولوية

(4) لجريان الوكالة و جوازها في مثل هذه الامور.

(5) الاجير اذا كان وكيلا عن المستأجر يدخل في عنوان الوكالة و ان لم يكن

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 159

شخص نيابة عن غيره ثم اجاز النيابة فهل يثبت الحق للمنوب عنه اولا؟ وجهان لا يبعد عدم الثبوت (1).

[مسألة 26: إذا انمحت آثار التحجير]

(مسألة 26): اذا انمحت آثار التحجير فان كان من جهة اهمال المحجر بطل حقه و جاز لغيره احياؤه (2) و أما اذا لم يكن من جهة اهماله و تسامحه و كان زوالها بدون اختياره كما اذا أزالها عاصف و نحوه ففي بطلان حقه اشكال (3).

______________________________

وكيلا فبأي عنوان يحجر و يمكن دفع الاشكال بأن المستأجر يحجر الارض بالواسطة و بعبارة اخري الموضوع للأولوية التحجير و لا فرق بين كونه بالمباشرة أو بالواسطة.

(1) الذي يخطر بالبال عاجلا انه لا دليل علي صحة

النيابة الا في بعض الموارد المنصوصة كالنيابة في الحج أو الصلاة و الصوم فعلي هذا فلا مجال لجريان الفضولي فيها لكن مرجع اجازة النيابة الي اجازة الوكالة و المفروض صحة الفضولي.

و لعل وجه اشكال الماتن عدم دليل يشمل المقام و بعبارة اخري دليل تحقق الاولوية بالتحجير هي السيرة و لا بد من الاقتصار فيها علي القدر المتيقن و اللّه العالم.

(2) لعدم دليل علي بقاء الحق و مقتضي الاصل عدم بقائه و بعبارة اخري مقتضي الاستصحاب عدم جعل حق زائد علي المقدار المعلوم.

(3) يمكن أن يقال انه لا دليل علي بقاء حقه الا استصحاب البقاء و هذا الاستصحاب معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد مضافا الي أن مقتضي دليل الاحياء جواز احيائه و تملكه فمقتضي الاطلاق صيرورة الارض ملكا للمحيي الثاني الا أن يقال مع جريان استصحاب بقاء الحق لا مجال للأخذ بالاطلاق اذ مع الاصل في السبب لا مجال للأخذ باطلاق دليل الاحياء و بعبارة اخري بعد احراز الموضوع بالاستصحاب لا تصل النوبة الي الآخذ بالاطلاق فالعمدة الاشكال في جريان

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 160

[مسألة 27: اللازم علي المحجر أن يشتغل بالعمارة و الإحياء عقيب التحجير]

(مسألة 27): اللازم علي المحجر أن يشتغل بالعمارة و الاحياء عقيب التحجير (1) فلو اهمل و ترك الاحياء و طالت المده ففي جواز احيائه لغيره بدون اذنه اشكال فالاحوط ان يرفع أمره الي الحاكم الشرعي مع بسط يده أو وكيله فيلزم المحجر باحد أمرين اما الاحياء او رفع اليد عنه (2) نعم اذا أبدي عذرا مقبولا يمهل بمقدار زوال عذره فاذا اشتغل بعده بالتعمير و نحوه فهو و الا بطل حقه و جاز لغيره احياؤه (3) و اما اذا لم يكن الحاكم فالظاهر سقوط حقه أيضا اذا اهمل بمقدار بعد عرفا

تعطيلا له (4) و الاحوط الاولي مراعاة حقه الي ثلث سنين (5).

______________________________

الاستصحاب فلاحظ.

(1) بتقريب انه لا دليل علي اولويته حتي مع الاهمال.

(2) لا اشكال في حسن الاحتياط و أما مقتضي الصناعة فالظاهر جواز الاحياء لغيره بلا رفع الأمر الي الحاكم بالتقريب الذي ذكرناه و هو الاخذ باطلاق دليل الاحياء.

(3) اذ مع العذر لا يصدق الاهمال فيكون الحق باقيا و ليعلم ان الحكم دائر، مدار الواقع ففي صورة الاهمال يسقط حقه و في صورة كونه معذورا يبقي الحق فلو شك في الاهمال و عدمه يحرز بقاء الحق بالاستصحاب في الظاهر.

(4) بل الامر كذلك مع وجود الحاكم أيضا كما تقدم.

(5) لاحظ ما رواه يونس عن العبد الصالح عليه السلام قال: قال: ان الارض للّه تعالي جعلها وقفا علي عباده فمن عطل أرضا ثلاث سنين متوالية لغير ما علة اخذت من يده و دفعت الي غيره و من ترك مطالبة حق له عشر سنين فلا حق له «1»

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من ابواب احياء الموات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 161

[مسألة 28: الظاهر أنه لا يعتبر في التملك بالإحياء قصد التملك]

(مسألة 28): الظاهر انه لا يعتبر في التملك بالاحياء قصد التملك بل يكفي قصد الاحياء و الانتفاع به بنفسه أو من هو بمنزلته فلو حفر بئرا في مفازة بقصد ان يقضي منها حاجته ملكها (1) و لكن اذا ارتحل و أعرض عنها فهي مباحة للجميع (2).

[مسألة 29: لا بد في صدق إحياء الموات من العمل فيه إلي حد يصدق عليه أحد العناوين العامرة]

(مسألة 29): لا بد في صدق احياء الموات من العمل فيه الي حد يصدق عليه احد العناوين العامرة كالدار و البستان و المزرعة و الحظيرة و البئر و القناة و النهر و ما شاكل ذلك و لذلك يختلف ما اعتبر في الاحياء باختلاف العمارة فما اعتبر في احياء البستان و المزرعة و نحوهما غير ما هو معتبر في احياء الدار و ما شاكلها و عليه فحصول الملك تابع لصدق أحد هذه العناوين و يدور مداره وجودا

______________________________

و الرواية ضعيفة سندا.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 161

(1) لا طلاق دليل مملكية الاحياء فان مقتضي اطلاقه عدم التقييد بقصد التملك.

(2) تارة نقول بأن الاعراض يوجب خروج الملك عن ملك مالكه كما لا يبعد القول به و اخري لا نقول كما لا يقوله الماتن فان قلنا بأن الاعراض يوجب الخروج عن الملك فلا اشكال في كونه مباحا للجميع بل يجوز تملكه لكل احد، و اما ان لم نقل بذلك بل قلنا بكونه باقيا في ملك المعرض فلا يبعد أن يكون الوجه في الجواز في نظر الماتن احد امرين:

احدهما: انه مع فرض الاعراض يرضي بتصرف كل احد فيه بأن يقال:

الاعراض يستلزم الاباحة لكل احد أن يتصرف فيه و لكن للمناقشة في الملازمة مجال اذ ربما يقال

انه لا تنافي بين الاعراض و عدم طيب النفس بالتصرف من كل

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 162

و عدما و عند الشك في حصوله يحكم بعدمه (1).

[مسألة 30: الأعراض عن الملك لا يوجب زوال ملكيته]

(مسألة 30): الاعراض عن الملك لا يوجب زوال ملكيته (2) نعم

______________________________

احد كالغاصب لآل محمد صلي اللّه عليه و آله مثلا.

ثانيهما: السيرة الجارية فان مقتضاها جواز التصرف في العين التي أعرض عنها مالكها.

(1) ما افاده تام فان الحكم تابع للموضوع و تحقق الملكية منوط بتحقق الاحياء فلا بد من صدقه باحد الامور المذكورة في المتن و مع الصدق و احراز الموضوع يحكم بالملكية و مع الشك يحكم بعدم تحقق الملكية بل يحكم بعدم الاحياء علي ما بنينا عليه من صحة جريان الاستصحاب في الشبهة المفهومية اذا كان الشك من حيث المفهوم و أما اذا كان الشك من جهة الشبهة المصداقية فالامر أوضح.

(2) بتقريب: انه لا دليل علي الخروج و بعبارة اخري الخروج عن الملك يحتاج الي سبب من الاسباب و المفروض عدم تحقق سبب من اسبابه لكن الظاهر ان العقلاء يرون الاعراض موجبا للخروج عن الملكية و لذا نري ان المتشرعة يتصرفون في الاعيان التي اعرض عنها بلا ملاحظة رضا المعرض و عدمه و الحال انه لو لم يكن خارجا عن ملك المالك كيف يجوز التصرف فيه بدون اذنه و لا يجوز لأحد التصرف في مال الغير الا باذنه و اذا مات المعرض لا يراجعون وارثه.

و بعبارة اخري ان العقلاء يرون المال المعرض عنه من المباحات و لولاه لم يكن وجه لجواز تملكه ان قلت الاعراض يقتضي اباحة التملك فاذا تملكه احد يكون مملوكا له قلت مضافا الي النقاش في هذا الاقتضاء علي نحو الاطلاق كما تقدم لا دليل علي

تأثير الاباحة النفسية بل حتي مع الاذن الصريح لحصول الملكية للمتملك نعم لا اشكال في جواز تملك المباحات الاصلية التي لا مالك لها و أما المال الذي

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 163

اذا سبق اليه من تملكه ملكه (1) و الا فهو يبقي علي ملك مالكه فاذا مات فهو لوارثه (2) و لا يجوز التصرف فيه الا باذنه او اعراضه عنه (3).

[كتاب المشتركات]

اشارة

كتاب المشتركات المراد بالمشتركات الطرق و الشوارع و المساجد و المدارس و الربط و المياه و المعادن (4).

[مسألة 1: الطريق علي قسمين نافذ و غير نافذ]

(مسألة 1): الطريق علي قسمين نافذ و غير نافذ أما الاول فهو الطريق المسمي بالشارع العام و الناس فيه شرع سواء و لا يجوز التصرف لأحد فيه باحياء أو نحوه و لا في أرضه ببناء حائط أو حفر بئر أو نهر أو مزرعة أو غرس أشجار و نحو ذلك و ان لم يكن مضرا بالمارة و أما حفر بالوعة فيه ليجتمع فيها ماء المطر و نحوه فلا اشكال في جوازه لكونها من

______________________________

يكون مملوكا للغير فلا يجوز تملكه باباحة مالكه.

(1) يمكن أن يكون ناظرا الي جريان السيرة عليه.

(2) اذ علي فرض بقائه علي ملك مالكه ينتقل بعد موته الي وارثه بالارث.

(3) لأن المفروض ان الذي اعرض عنه مات و المالك لم يعرض فينوط التصرف باذن وارثه و رضاه فلاحظ و الحمد للّه أولا و آخرا و ظاهرا و باطنا و الصلاة علي محمد و آله الطاهرين الي يوم الدين.

(4) قال في الجواهر: «و هي الطرق و المساجد و المشاهد و الوقوف المطلقة كالمدارس و الربط و الخانات و المقابر و المساكن و نحوها مما هو مشترك المنفعة بين الناس اجمع حتي الموات الذي لم يرد احياءه».

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 164

مصالحه و مرافقه و كذا لا بأس بحفر سرداب تحته اذا أحكم أساسه و سقفه كما انه لا باس بالتصرف في فضائه باخراج روشن أو جناح أو فتح باب أو نصب ميزاب أو غير ذلك و الضابط ان كل تصرف في فضائه لا يكون مضرا بالمارة جائز (1).

[مسألة 2: لو أحدث جناحا علي الشارع العام ثم انهدم أو هدم]

(مسألة 2): لو أحدث جناحا علي الشارع العام ثم انهدم أو هدم فان كان من قصده تجديده ثانيا فالظاهر انه لا يجوز للطرف الاخر اشغال ذلك الفضاء و

ان لم يكن من قصده تجديده جاز ذلك (2).

______________________________

(1) لا اشكال في عدم جواز التصرف بما يكون مضرا بالمارة فان مقتضي السيرة عدم الجواز و أما التصرف الذي لا يكون مضرا بالمارة و لا يكون مزاحما لهم فمقتضي الاصل الأولي هو الجواز و المنع يحتاج الي دليل كما هو ظاهر و لا يتوقف الجواز علي كون التصرف من مصالح الطريق كحفر البالوعة ليجتمع فيها ماء المطر بل ما دام لا يكون مضرا بمصالح المارة يكون مقتضي الاصل هو الجواز كما هو المقرر و الوجه فيه: انه لا مقتضي للحرمة و انما الثابت بالإجماع و السيرة عدم جواز مزاحمة المارة فكل تصرف لا يترتب عليه هذا المحذور علي نحو الاطلاق و العموم يكون جائزا بمقتضي الاصل الاولي و المنع يحتاج الي الدليل.

(2) أما في صورة عدم قصده تجديده فيسقط حقه و يجوز للغير اشغال ذلك و هذا واضح و أما مع قصده تجديده فالظاهر ان الوجه في عدم الجواز حق السبق فان السابق أحق و قد دلت علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما ارسله محمد بن اسماعيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له نكون بمكة أو بالمدينة أو الحيرة أو المواضع التي يرجي فيها الفضل فربما خرج الرجل

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 165

[مسألة 3: الطريق الذي لا يسلك منه إلي طريق آخر أو أرض مباحة لكونه محاطا بالدور من جوانبه الثلاثة]

(مسألة 3): الطريق الذي لا يسلك منه الي طريق آخر أو أرض مباحة لكونه محاطا بالدور من جوانبه الثلاثة و هو المسمي بالسكة المرفوعة و الدربية فهو ملك لأرباب الدور التي أبوابها مفتوحة اليه دون كل من كان حائط داره اليه و هو مشترك بينهم من صدره الي ساقه و حكمه حكم سائر الاموال المشتركة فلا يجوز لكل واحد منهم

______________________________

يتوضأ

فيجي ء آخر فيصير مكانه فقال: من سبق الي موضع فهو أحق به يومه و ليلته «1» و هذه الرواية ساقطة بالارسال.

و منها: ما أرسله ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سوق المسلمين «القوم خ ل» كمسجدهم يعني اذا سبق الي السوق كان له مثل المسجد «2» و هذه الرواية ساقط بالارسال.

و منها: قوله عليه السلام: «من سبق الي ما لم يسبقه اليه المسلم فهو أحق به «3»» و الرواية ضعيفة.

و منها: ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق الي مكان فهو أحق به الي الليل و كان لا يأخذ علي بيوت السوق كراء «4».

و هذه الرواية ضعيفة بطلحة حيث انه لم يوثق لكن لا شبهة في أن حق السبق من الحقوق المسلمة في الشريعة المقدسة و عليه جريان السيرة فلا مجال للإشكال

______________________________

(1) الوسائل الباب 56 من ابواب احكام المساجد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب آداب التجارة الحديث: 2

(3) مستدرك الوسائل الباب 1 من ابواب احياء الموات الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 56 من ابواب احكام المساجد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 166

التصرف فيه بدون اذن الاخرين (1).

______________________________

(1) قال العلامة قدس سره في التبصرة: «المشهور بين الاصحاب انه يشترك المتقدم و المتأخر في المرفوعة الي الباب الاول و صدر الدرب و يختص المتأخر بما بين البابين و لكل منهما تقديم بابه لا تأخيره».

و عن الشهيد في الدروس تقوية اشتراك الجميع في الجميع و اختاره المحقق الأردبيلي كما نقل عنه و يمكن أن يستدل علي الملكية- كما في الجواهر في كتاب الصلح- ان الدربية ملك لأرباب

الدور بواسطة الاحياء فان احياء كل شي ء بحسبه كما ان حيازة كل شي ء كذلك فيشمله دليل من أحيا أرضا فهي له و من حاز شيئا ملك و حيث ان الاحياء تتحقق بفعل ارباب الدور تكون الدربية ملكا لهم بنحو اشتراك الجميع في الجميع.

و قال في الحدائق «1» في كتاب الصلح: «البحث الثالث: لو كان في السكة المرفوعة أبواب بعضها أدخل من الاخر فهل يشترك جميعهم في جميع السكة فيكون الاستحقاق في جميعها لجميعهم أم شركة كل واحد يختص بما بين رأس السكة و باب داره لأن محل تردده هو ذلك المكان خاصة؟ المشهور بين الاصحاب الثاني و الوجه فيه ان المقتضي لاستحقاق كل واحد هو الاستطراق و نهايته بابه فلا يشارك في الداخل فحكمه بالنسبة الي هذا الداخل الزائد علي بابه حكم الاجنبي من غير اهل السكة و قيل بالاول فيشترك الجميع في الجميع حتي في الفضلة الداخلة عن الابواب و هو صدر السكة ان كان ذلك و علل باحتياجهم الي ذلك عند ازدحام الاحمال و وضع الأثقال عند الادخال و الاخراج» الي آخر ما أفاده في المقام مفصلا.

و الانصاف ان الجزم باحد الطرفين مشكل اذ لا نص و أيضا لم يقم اجماع

______________________________

(1) ج 21 ص: 123

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 167

نعم يجوز لكل منهم فتح باب آخر و سد الباب الاول (1).

[مسألة 4: لا يجوز لمن كان حائط داره إلي الدربية فتح باب إليها للاستطراق إلا بإذن أربابها]

(مسألة 4): لا يجوز لمن كان حائط داره الي الدربية فتح باب اليها للاستطراق الا باذن أربابها (2) نعم له فتح ثقبة و شباك اليها (3) و أما فتح باب لا للاستطراق بل لمجرد دخول الهواء أو الاستضاءة فلا يخلو عن اشكال (4).

[مسألة 5: يجوز لكل من أصحاب الدربية الجلوس فيها]

(مسألة 5): يجوز لكل من أصحاب الدربية الجلوس فيها

______________________________

تعبدي علي شي ء من هذه الاحكام فالمقدار المعلوم المسلم من الشرع يبني عليه و في الزائد يعمل علي طبق الاصل الاولي و مقتضاه الجواز فانقدح بما ذكرنا ان ما أفاده في المتن من كون الدربية ملك لأرباب الدور فمضافا الي أنه خلاف مقالة المشهور يشكل اقامة الدليل عليه اذ لقائل أن يقول ان دليل الاحياء و الحيازة لا يقتضي الاشتراك لأن احداث الدور من قبل أربابها لم يكن في زمان واحد.

و بعبارة اخري: هو من الامور التدريجية فلا وجه لاشتراك الجمع في الجميع اللهم الا أن يقال: بأن التدريج ليس قابلا للإنكار لكن بعد تحقق الدرب يصدق ان أرباب الدور أحيوا المرفوعة فاذا صدق هذا العنوان تكون النتيجة انها لهم بالاشتراك و هذا التقريب علي الظاهر لا بأس به فلاحظ.

(1) اذا كان فتح باب آخر جائزا بلا اذن من الاخرين فما الوجه في وجوب سد الباب الاول؟ و الذي يختلج بالبال أن يقال: انه يجوز فتح الباب الاخر مطلقا اذ يجوز له رفع الجدار تماما ففتح الباب جوازه بالاولوية فتأمل.

(2) الظاهر ان الوجه فيه انه تصرف في ملك الغير فيتوقف علي اذنه.

(3) اذ هو تصرف في ملكه فيجوز.

(4) قبل في وجهه: انه بمرور الايام تحصل شبهة الاستحقاق اذ وجود الباب

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 168

و الاستطراق و التردد منها الي داره بنفسه و عائلته

و دوابه و كل ما يتعلق بشؤونه من دون اذن باقي الشركاء و ان كان فيهم القصر و من دون رعاية المساواة معهم (1).

[مسألة 6: يجوز لكل أحد الانتفاع من الشوارع و الطرق العامة كالجلوس أو النوم أو الصلاة أو البيع أو الشراء أو نحو ذلك]

(مسألة 6): يجوز لكل أحد الانتفاع من الشوارع و الطرق العامة كالجلوس أو النوم أو الصلاة أو البيع أو الشراء أو نحو ذلك ما لم يكن مزاحما للمستطرقين و ليس لأحد منعه عن ذلك و ازعاجه كما انه ليس لأحد مزاحمته في قدر ما يحتاج اليه لوضع متاعه و وقوف المعاملين و نحو ذلك (2).

[مسألة 7: إذا جلس أحد في موضع من الطريق ثم قام عنه]

(مسألة 7): اذا جلس أحد في موضع من الطريق ثم قام عنه فان كان جلوسه جلوس استراحة و نحوها بطل حقه و ان كان لحرفة و نحوها فان كان قيامه بعد استيفاء غرضه و عدم نية العود بطل حقه أيضا و لو جلس في محله غيره لم يكن له منعه (3).

______________________________

امارة علي استحقاق الاستطراق فلهذه الشبهة يحرم هكذا في الجواهر «1».

(1) و ذلك للسيرة الجارية عليها هكذا في الجواهر «2».

(2) فانه لا مقتضي للحرمة مع عدم المزاحمة اذ ليس الشارع العام ملكا لأحد كي يتوقف علي اذنه مضافا الي أن السيرة جارية عليه فلاحظ.

(3) اذ مع بطلان حقه يكون لكل احد اشغال مكانه فيحرم عليه أن يزاحم غيره و هذا ظاهر.

______________________________

(1) ج 26 ص: 248

(2) عين المصدر

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 169

و ان كان قبل استيفاء غرضه و ناويا للعود فعندئذ ان بقي منه فيه متاع أو رحل أو بساط فالظاهر بقاء حقه (1) و ان لم يبق منه شي ء فبقاء حقه لا يخلو عن اشكال (2) و الاحتياط لا يترك فيما اذا كان في يوم واحد (3) و أما اذا كان في يوم آخر فالظاهر انه لا اشكال في أن الثاني أحق به من الاول (4).

______________________________

و ملخص الكلام ان حق السبق للسابق بلا ترجيح لأحد علي غيره هذا من

ناحية و من ناحية اخري ان الحق يزول بالاعراض و باستيفاء الغرض فما أفاده في المتن تام لا سترة عليه اضف الي ذلك ما أفاده في الجواهر في كتاب احياء الموات «بأنه اذا قام الجالس غير المضر بالمار بعد استيفاء غرضه و عدم نية العود بطل حقه الذي لم يعلم ثبوته له زائدا علي ذلك بل لعل المعلوم عدمه بل يمكن تحصيل الاجماع عليه».

(1) بتقريب: ان الاحقية تحصل ما دام كون الشي ء في يد المستحق و في تصرفه و قبضته فاخذه كدفعه ظلم و هذا هو الفارق بين بقاء الرحل و عدمه اذ مع عدم بقائه لا يصدق كون الشي ء في قبضته و تصرفه و مجرد نية العود لا يكفي في صدق كون الشي ء في قبضته و تصرفه و لقد أجاد صاحب الجواهر في كتاب احياء الموات و جاء بتحقيق يليق بأن يستفاد فراجع.

(2) لعدم الدليل علي بقاء الحق و استصحاب البقاء لا مجال له لما ذكرنا في الاصول من عدم جريان الاستصحاب في الحكم الكلي.

(3) لا يبعد أن يكون الوجه في الاحتياط ما ورد من النص لاحظ حديثي محمد بن اسماعيل و طلحة بن زيد «1» و قد مر منا ان السند في كليهما ضعيف.

(4) فانه لا مقتضي لبقاء حق الاول و الظاهر انه لا خلاف بين القوم في عدم بقاء

______________________________

(1) لاحظ ص: 164 و 165

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 170

[مسألة 8: يتحقق الشارع العام بأمور]

(مسألة 8): يتحقق الشارع العام بأمور: الاول: كثرة الاستطراق و التردد و مرور القوافل في الارض الموات (1) الثاني: جعل الانسان ملكه شارعا و تسبيله تسبيلا دائميا لسلوك عامة الناس (2) فانه بسلوك بعض

______________________________

الحق في هذه الصورة راجع ما أفاده في الجواهر في

كتاب احياء الموات في هذا المقام.

(1) قال في الحدائق في هذا المقام من كتاب الصلح: «أو يصير موضعا من الموات جادة يسلك الناس فيها و لا يجوز تغييره» و الظاهر ان الامر كما افيد اذ بعد صدق العنوان و تحقق الجادة و الشارع لا يجوز التصرف في معنونه فان الشارع العام راجع الي المصالح العامة و ليس لأحد أن يغيره أو يتصرف فيه تصرفا مزاحما للجهات العامة.

(2) قال العلامة قدس سره في التذكرة- علي ما نقل عنه في الحدائق «1» في كتاب الصلح: «يصير الموضع شارعا بامور: أن يجعل الانسان ملكه شارعا و سبيلا مسبلا و يسلك فيه شخص آخر» الخ.

و ربما يقال: انه مصداق للوقف و يمكن أن يقرب المدعي بتقريب آخر: و هو انه لو جعل المالك بطيب نفسه ملكه شارعا عاما يتعنون بهذا العنوان و بعد تعنونه به لا يجوز التصرف بعد ذلك اذ لا يجوز التصرف في الشارع العام الراجع الي العموم.

و لكن يرد عليه: بأنه مع بقاء الملكية لا مجال لهذا التقريب فان اختيار الملك بيد مالكه فما دام باقيا في ملكه يكون اختياره بيده اللهم الا أن يقال: ان عدم جواز الرجوع بعد التسبيل المطلق متسالم عليه بينهم و اللّه العالم.

______________________________

(1) ج 21 ص: 124

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 171

الناس يصير طريقا (1) و ليس للمسبل الرجوع بعد ذلك (2) الثالث احياء جماعة أرضا مواتا و تركهم طريقا نافذا بين الدور و المساكن (3).

[مسألة 9: لو كان الشارع العام واقعا بين الأملاك فلا حريم له]

(مسألة 9): لو كان الشارع العام واقعا بين الاملاك فلا حريم له كما اذا كانت قطعة أرض موات بين الاملاك عرضها ثلاثة أزرع أو أقل أو أكثر و استطرقها الناس حتي اصبحت جادة فلا يجب

علي الملاك توسيعها و ان تضيقت علي المارة و كذا الحال فيما لو سبل شخص في وسط ملكه أو من طرف ملكه المجاور لملك غيره مقدارا لعبور الناس (4).

______________________________

(1) لا يبعد ان هذا التقييد بلحاظ اشتراط القبض في الوقف و تحقيق شرطية القبض في الاوقاف العامة موكول الي محله و أما علي القول بعدم كونه داخلا في الوقف يكون دليل الحكم التسالم بينهم و بعبارة اخري مورد التسالم ما يتحقق فيه السلوك بعد التسبيل.

(2) اذ لا اشكال في عدم جواز رجوع الواقف في الوقف هذا علي تقدير كونه وقفا و أما علي القول الاخر فالمدرك التسالم كما تقدم آنفا و اللّه العالم.

(3) كما أشير اليه في كلام العلامة علي حسب نقل صاحب الحدائق و كيف كان الامر كما افيد فانه بعد تحقق عنوان الشارع يكون راجعا الي المصالح العامة و لا يجوز تغييره و التصرف المزاحم فيه كما تقدم.

(4) الوجه فيه انه لا مقتضي لوجوب التوسيع علي المالك فالامر كما أفاده في المتن ان قلت ما ذكرت و ان كان مقتضي قاعدة تسلط الناس علي أموالهم لكن مقتضي جملة من الروايات خلافه لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ما بين بئر المعطن الي بئر معطن أربعون

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 172

و أما اذا كان واقعا بين الموات بكلا طرفيه أو أحد طرفيه فلا يجوز احياء ذلك الموات بمقدار يوجب نقص الشارع عن خمسة أذرع فان ذلك حد الطريق المعين من قبل الشرع (1) بل الافضل أن يكون

______________________________

ذراعا و ما بين بئر الناضح الي بئر الناضح ستون ذراعا و ما بين العين الي

العين يعني القناة خمسمائة ذراع و الطريق يتشاح عليه أهله فحده سبع أذرع «1» و ما رواه عبد الرحمن الاصم «2».

و ما رواه أبو العباس البقباق عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا تشاح قوم في طريق فقال: بعضهم: سبع اذرع و قال: بعضهم: أربع أذرع فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا بل خمس أذرع «3».

قلت: أما الحديث الاول و الثاني فضعيفان سندا و أما الحديث الثالث فالظاهر انه ناظر الي صورة التشاح في أخذ المحيي من الشارع بدعوي ان الشارع أربع أذرع في قبال دعوي انه سبعة أذرع فقال عليه السلام: «بل خمسة أذرع» و أما بالنسبة الي الاملاك الشخصية فلا تعرض للرواية.

و ان شئت قلت: ان التشاح يتحقق فيما يكون المقتضي للتصرف موجودا كإحياء الموات فمريد الاحياء يتصدي للأخذ من الشارع و الاخر يمنعه بحجة كون الشارع محدودا بهذا الحد و أما الملك الشخصي الذي سبق و حدث بعده الشارع فلا نزاع فيه و ان أبيت عما ذكرنا فلا أقلّ من الاجمال و عدم الاطلاق.

(1) كما نص عليه في خبر البقباق «4» فان الخمس حد شرعي قد عين من

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب احياء الموات الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث 6

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب الصلح الحديث: 1

(4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 173

سبعة أذرع (1) و عليه فلو كان الاحياء الي حد لا يبقي للطريق خمسة أذرع وجب عليه هدمه (2) نعم لو أحيا شخص من أحد طرفيه ثم أحيا آخر من طرفه الاخر بمقدار يوجب نقصه عن حده لزم علي الثاني هدمه دون الاول (3).

______________________________

قبل الشارع في هذه الرواية.

(1) عملا بالخبر الاخرين «1» و ربما يقال:

انه لا يجوز احياء الطريق و لو كان واسعا لرواية البقباق عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الطريق الواسع هل يؤخذ منه شي ء اذا لم يضر بالطريق؟ قال: لا «2» فان مقتضي هذه الرواية عدم جواز الاخذ من الطريق و لو كان واسعا و يمكن أن يقال بأن هذه الرواية معارضة بما رواه البقباق أيضا.

فان مقتضي تلك الرواية ان الشارع مقداره شرعا خمس أزرع و مقتضي هذه الرواية ان الطريق الواسع لا يجوز التصرف فيه في فرض عدم الاضرار بالمارة فيقع التعارض فيما زاد علي الخمس و مقتضي الاصل بعد التساقط هو الجواز بل يمكن أن يقال: انه لا تعارض بينهما فان ما حدد بالخمس حاكم علي الاخر و مبين للموضوع و ان أبيت عن هذا التقريب و قلت: انهما متعارضان نقول لا بد من الاخذ بما دل علي عدم الجواز اذ الاحدث من الخبرين غير معلوم كي يرجح علي الاخر فيكون المقام داخلا في اشتباه الحجة بلا حجة فلا بد من الاحتياط فلاحظ.

(2) اذ المفروض انه تجاوز علي الحد الشرعي و عن الحد الشرعي.

(3) اذ المفروض ان المتجاوز هو الثاني.

______________________________

(1) لاحظ ص: 171 و 172

(2) الوسائل الباب 27 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 174

[مسألة 10: إذا انقطعت المارة عن الطريق إما لعدم المقتضي أو لوجود المانع زال حكمه]

(مسألة 10): اذا انقطعت المارة عن الطريق اما لعدم المقتضي أو لوجود المانع زال حكمه بل ارتفع موضوعه و عنوانه و عليه فيجوز لكل أحد احياءه (1).

[مسألة 11: إذا زاد عرض الطريق عن خمسة أذرع]

(مسألة 11): اذا زاد عرض الطريق عن خمسة أذرع فان كان مسبلا فلا يجوز لأحد احياء ما زاد عليها و تملكه (2) و أما اذا كان غير مسبل فان كان الزائد موردا للحاجة لكثرة المارة فلا يجوز ذلك أيضا (3) و الا فلا مانع منه (4).

______________________________

(1) اذ المفروض انه ليس طريقا و شارعا بالفعل فيشمله دليل جواز الاحياء الا مع عروض عنوان آخر مانع عن الجواز.

(2) اذ لا يجوز التصرف في الوقف علي تقدير كونه وقفا و أما علي التقدير الاخر فللتسالم.

(3) لأنه مورد الحق العام مضافا الي رواية البقباق فانه يستفاد منها انه مع الاضرار بالطريق لا يجوز الاخذ فان الامام عليه السلام قد قرر ما ارتكز في ذهن السائل.

(4) كما تقدم آنفا حيث قلنا ان مقتضي الاصل بعد المعارضة هو الجواز ان قلت علي هذا الاساس يجوز التصرف فيما يكون أزيد من الخمسة اذ مقتضي المعارضة التساقط و بعده تصل النوبة الي الاصل و مقتضاه الجواز بل يمكن أن يقال: ان مقتضي احدي الروايتين ان الحد هو الخمس و مقتضي الثانية عدم جواز التصرف في الشارع و الاخذ منه علي الاطلاق بلا فرق بين الواسع و غيره و بلا فرق بين وجود المزاحمة و عدمها و بلا فرق بين الخمس و غيره فتكون النسبة العموم المطلق و مقتضاه رفع اليد عن العام بالخاص.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 175

[مسألة 12: يجوز لكل مسلم أن يتعبد و يصلي في المسجد و جميع المسلمين فيه شرع سواء]

(مسألة 12): يجوز لكل مسلم أن يتعبد و يصلي في المسجد و جميع المسلمين فيه شرع سواء (1) و لا يجوز لأحد أن يزاحم الاخر فيه اذا كان الاخر سابقا عليه (2) لكن الظاهر تقدم الصلاة علي غيرها فلو أراد أحد أن يصلي فيه جماعة

أو فرادي فلا يجوز لغيره أن يزاحمه و لو كان سابقا عليه كما اذا كان جالسا فيه لقراءة القرآن أو الدعاء أو التدريس بل يجب عليه تخلية ذلك المكان للمصلي (3).

______________________________

قلت: الامر كما ذكرت لكن الظاهر انه مع المزاحمة لا يمكن الالتزام بالجواز فان المرتكز في الاذهان عدم جواز المزاحمة فانها تعد عدوانا و تجاوزا بالنسبة الي الحق العمومي و السيرة جارية علي هذا المنوال مضافا الي أن مقتضي المصالح العامة توسعة الطريق بمقدار يكفي للمارة بأنواعها و اصنافها فانه من الامور الحسبية و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان النسبة بين الحديثين عموم من وجه اذ عنوان الواسع يجتمع مع عنوان خمس اذرع و يفترق عنه كما ان عنوان خمس اذرع كذلك فلا بد من اعمال قانون التعارض و قد تقدم انه لا بد من الاحتياط.

(1) بلا اشكال و لا كلام فان المسجد محل العبادة لعموم المسلمين.

(2) بلا اشكال و لا خلاف- كما في الجواهر- فان السابق احق بلا كلام و قد دلت علي الاحقية جملة من النصوص لاحظ احاديث: محمد بن اسماعيل و طلحة و ابن أبي عمير «1» و مرسل الصدوق قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:

سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق الي مكان فهو أحق به الي الليل و كان لا يأخذ علي بيوت السوق كراء «2».

(3) قال في الجواهر: «و هل الصلاة مقدمة علي غيرها من العبادات؟ كقراءة

______________________________

(1) لاحظ ص: 164 و 165

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب آداب التجارة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 176

و لا يبعد أن يكون الحكم كذلك حتي لو كان اختيار المصلي هذا المكان اقتراحا منه فلو اختار المصلي مكانا مشغولا بغير الصلاة و لو

اقتراحا يشكل مزاحمته بفعل غير الصلاة و ان كان سابقا عليه (1) نعم من سبق الي مكان للصلاة فيه منفردا فليس لمريد الصلاة فيه جماعة منعه و ازعاجه (2) و ان كان الاولي للمنفرد حينئذ أن يخلي المكان للجامع اذا وجد مكانا آخر فارغا لصلاته و لا يكون مناعا للخير (3).

[مسألة 13: إذا قام الجالس من المسجد و فارق المكان]

(مسألة 13): اذا قام الجالس من المسجد و فارق المكان فان

______________________________

القرآن وجهان اقوامها ذلك و لكن لم اجده في كلام احد من الاصحاب و لا غيره من صور التعارض» و يمكن أن يستدل علي المدعي بالارتكاز الشرعي مضافا الي أن مرجع الشك الي التوسعة في الاذن الشرعي و عدمها و الاصل عدم التوسعة في الاذن.

و بعبارة اخري: ان المسجد ليس من المباحات الاصلية و له أحكام خاصة فلا بد من احراز الجواز.

لكن يرد عليه ان مرجع الشك الي حرمة التصرف عند المزاحمة و مقتضي الاصل الاولي عدم الحرمة فالاولي الاستدلال عليه بالارتكاز و ان الغرض الاساسي المترتب علي المساجد الصلاة و انما سميت المساجد بهذا الاسم لعله باعتبار السجود الصلاتي فلاحظ.

(1) لعين الملاك الذي ذكرناه.

(2) لعدم دليل علي الترجيح كما هو ظاهر.

(3) لا يبعد أن تكون الاولوية المذكورة علي القاعدة حيث ان صلاة الجماعة احب الي اللّه مضافا الي أنه موافق للاحتياط.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 177

أعرض عنه بطل حقه و لو عاد اليه و قد أخذه غيره فليس له منعه و ازعاجه و أما اذا كان ناويا للعود فان بقي رحله فيه بقي حقه بلا اشكال و ان لم يبق ففي بقاء حقه اشكال فالاحوط مراعاة حقه و لا سيما اذا كان خروجه لضرورة كتجديد الطهارة أو نحوه (1).

[مسألة 14: في كفاية وضع الرحل في ثبوت الأولوية إشكال]

(مسألة 14): في كفاية وضع الرحل في ثبوت الاولوية اشكال (2) و الاحتياط لا يترك (3) هذا اذا لم يكن بين وضع الرحل و مجيئه طول زمان بحيث يستلزم تعطيل المكان و الا فلا أثر له و جاز لغيره رفعه و الصلاة في مكانه اذا كان شغل المحل بحيث لا يمكن الصلاة فيه إلا برفعه

(4) و هل انه يضمنه برفعه أم لا؟ وجهان الظاهر عدم الضمان اذ لا موجب له بعد جواز رفعه للوصول الي حقه (5).

[مسألة 15: المشاهد المشرفة كالمساجد في تمام ما ذكر]

(مسألة 15): المشاهد المشرفة كالمساجد في تمام ما ذكر

______________________________

(1) كما هو ظاهر و قد مر نظيره فلاحظ المسألة الي آخرها و طبقها علي ما ذكرناه سابقا.

(2) لعدم الدليل علي ثبوت الحق بهذا المقدار.

(3) بتقريب: صدق عنوان السبق و السابق اولي.

(4) كما هو ظاهر اذ المفروض انه لا حق له فيجوز التصرف في ماله أيضا برفعه.

(5) الامر كما أفاده لعدم المقتضي للضمان مع فرض جواز التصرف و قصور دليل الضمان عن شموله لهذه الصورة.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 178

من الاحكام (1).

[مسألة 16: جواز السكني في المدارس لطالب العلم و عدمه تابعان لكيفية وقف الواقف]

(مسألة 16): جواز السكني في المدارس لطالب العلم و عدمه تابعان لكيفية وقف الواقف فاذا خصها الواقف بطائفة خاصة كالعرب أو العجم أو بصنف خاص كطالبي العلوم الشرعية أو خصوص الفقه أو الكلام مثلا فلا يجوز لغير هذه الطائفة أو الصنف السكني فيها و أما بالنسبة الي مستحقي السكني بها فهي كالمساجد فمن حاز غرفة و سكنها فهو أحق بها و لا يجوز لغيره أن يزاحمه ما لم يعرض عنها و ان طالت المدة الا اذا اشترط الواقف مدة خاصة كخمس سنين مثلا فعندئذ يلزمه الخروج بعد انقضاء تلك المدة بلا مهلة (2) أو اذا اشترط الواقف اتصاف ساكنها بصفة خاصة كأن لا يكون معيلا أو يكون مشغولا بالتدريس أو بالتحصيل فاذا تزوج أو طرأ عليه العجز لزمه الخروج منها و الضابط ان حق السكني حدوثا و بقاء تابع لوقف الواقف بتمام شرائطه فلا يجوز السكني لفاقدها حدوثا أو بقاء (3).

[مسألة 17: لا يبطل حق السكني لساكنها بالخروج لحوائجه اليومية]

(مسألة 17): لا يبطل حق السكني لساكنها بالخروج لحوائجه اليومية من المأكول و المشروب و الملبس و ما شاكل ذلك كمالا يبطل

______________________________

(1) كما هو ظاهر.

(2) ما أفاده ظاهر و ما أفاده حق حقيق.

(3) ما أفاده ظاهر واضح.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 179

بالخروج منها للسفر يوما أو يومين أو أكثر (1) و اذا اعتبر الواقف البيتوتة في المدرسة في ليالي التحصيل خاصة أو في جميع الليالي لم يجز لساكنها أن يبيت في مكان آخر و لو بات بطل حقه (2) و أما الاسفار المتعارفة التي تشغل مدة من الزمن كالشهر أو الشهرين أو ثلاثة اشهر أو أكثر كالسفر الي الحج أو الزيارة أو لملاقاة الاقرباء أو نحو ذلك مع نية العود و بقاء رحله و

متاعه فلا بأس بها ما لم تناف شرط الواقف نعم لا بد من صدق عنوان ساكن المدرسة عليه فان كانت المدة طويلة بحيث توجب عدم صدق العنوان عليه بطل حقه (3).

[مسألة 18: لا يجوز للساكن في غرفة منع غيره عن مشاركته]

(مسألة 18): لا يجوز للساكن في غرفة منع غيره عن مشاركته الا اذا كانت الحجرة حسب الوقف أو بمقتضي قابليتها معدة لسكني طالب واحد (4).

[مسألة 19: الربط و هي المساكن المعدة لسكني الفقراء أو الغرباء كالمدارس في جميع ما ذكر]

(مسألة 19): الربط و هي المساكن المعدة لسكني الفقراء أو الغرباء كالمدارس في جميع ما ذكر (5).

[مسألة 20: مياه الشطوط و الأنهار الكبار كدجلة و الفرات من المشتركات]

(مسألة 20): مياه الشطوط و الانهار الكبار كدجلة و الفرات

______________________________

(1) الامر كما أفاده.

(2) الامر كما أفاده.

(3) الامر كما أفاده بلا كلام.

(4) الامر كما أفاده.

(5) الامر كما أفاده و تقريب الاستدلال علي المدعي في كليهما واحد.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 180

و ما شاكلهما أو الصغار التي جرت بنفسها من العيون أو السيول أو ذوبان الثلوج و كذا العيون المتفجرة من الجبال أو في اراضي الموات و غير ذلك من المشتركات و الضابط ان كل ماء جري بنفسه أو اجتمع كذلك في مكان بلا يد خارجية عليه فهو من المباحات الاصلية (1) من حازه باناء أو غيره ملكه (2).

______________________________

(1) الامر كما أفاده فان الاصل الاولي في الاشياء الاباحة مضافا الي الاجماع بقسميه كما في الجواهر اضف الي ذلك النبوي قال: «الناس شركاء في ثلاث:

النار و الماء و الكلاء «1» و الكاظمي 2.

(2) اجماعا بقسميه و بلا خلاف بل بالضرورة- كما في الجواهر- و ربما يقال بأنه لا يصير ملكا للنبوي الدال علي اشتراك الكل.

و يرد عليه: انه خلاف الضرورة و عليه تخصص الرواية مضافا الي ضعف السند في كلتا الروايتين اضف الي ذلك كله ما يدل علي الاختصاص عموما و خصوصا أما عموما فما عن النبي صلي اللّه عليه و آله من قوله: «من سبق الي مالا يسبقه اليه المسلم فهو أحق به 3.

و أما خصوصا فما رواه سعيد الاعرج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن الرجل يكون له الشرب مع قوم في قناة فيها شركاء فيستغني بعضهم عن شربه أ يبيع شربه؟ قال: نعم ان شاء باعه

بورق و ان شاء بكيل حنطة 4.

و ما رواه الكاهلي قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده عن قناة بين

______________________________

(1) (1 و 2) مستدرك الوسائل الباب 4 من ابواب احياء الموات الحديث: 2 و الوسائل الباب 5 من أبواب احياء الموات الحديث: 1

(2) (3) مستدرك الوسائل الباب 1 من ابواب احياء الموات الحديث: 4

(3) (4) الوسائل الباب 6 من ابواب احياء الموات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 181

من دون فرق بين المسلم و الكافر في ذلك (1) و أما مياه الآبار و العيون و القنوات التي جرت بالحفر لا بنفسها فهي ملك للحافر (2) فلا يجوز لأحد التصرف فيها بدون اذن مالكها (3).

[(مسألة 21: إذا شق نهرا من ماء مباح سواء أ كان بحفره في أرض مملوكة له أو بحفره في الموات بقصد إحيائه نهرا ملك ما يدخل فيه من الماء]

(مسألة 21): اذا شق نهرا من ماء مباح سواء أ كان بحفره في أرض مملوكة له أو بحفره في الموات بقصد احيائه نهرا ملك ما يدخل فيه من الماء (4) و اذا كان النهر لمتعددين ملك كل منهم بمقدار حصته من

______________________________

قوم لكل رجل منهم شرب معلوم فاستغني رجل منهم عن شربه أ يبيعه بحنطة أو شعير قال يبيعه بما شاء هذا مما ليس فيه شي ء «1».

و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن قوم كانت بينهم قناة ماء لكل انسان منهم شرب معلوم فباع أحدهم شربه بدراهم او بطعام هل يصلح ذلك؟ قال نعم لا بأس «2».

(1) لإطلاق الدليل اللفظي و تحقق السيرة.

(2) فانه نحو من الحيازة و الحيازة توجب الملكية للحائز.

(3) لعدم جواز التصرف في مال الغير بلا اذن منه بلا اشكال.

(4) للحيازة و لكن لم افهم وجه التقييد بقصد الاحياء اذ يحصل التملك بالحيازة و لو بواسطة مملوك الغير فلو حاز مقدارا

من الماء في آنية مغصوبة ملك ذلك الماء و ان عصي بالنسبة الي التصرف في مال الغير الا أن يكون الماتن ناظرا الي أن شق النهر بقصد الاحياء يوجب تملك الارض فلو جري فيه الماء ملك الماء بتبع ملك الارض بتقريب: انه لو وقع شي ء من المباح الاصلي في ملك شخص يملكه مثلا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 182

النهر فان كانت حصة كل منهم من النهر بالسوية اشتركوا في الماء كذلك و ان كانت بالتفاوت ملكوا الماء بتلك النسبة (1) و لا تتبع نسبة استحقاق الاراضي التي تسقي منه (2).

[مسألة 22: الماء الجاري في النهر المشترك حكمه حكم سائر الأموال المشتركة]

(مسألة 22): الماء الجاري في النهر المشترك حكمه حكم سائر الاموال المشتركة فلا يجوز لكل واحد من الشركاء التصرف فيه بدون اذن الباقين (3) و عليه فان أباح كل منهم لسائر شركائه أن يقضي حاجته منه في كل وقت و زمان و بأي مقدار شاء جاز له ذلك (4) و اذا وقع بينهم تعاسر و تشاجر فان تراضوا بالتناوب و المهاباة بالايام أو الساعات فهو (5) و الا فلا محيص من تقسيمه بينهم بالاجزاء بأن توضع في فم النهر حديدة مثلا ذات ثقوب متعددة متساوية و يجعل لكل منهم من الثقوب بمقدار حصته فان كانت حصة أحدهم سدسا و الاخر ثلثا

______________________________

لو اجتمع مقدار ماء المطر في حوض دار زيد يكون ملكا له و اللّه العالم.

(1) و الوجه فيه ظاهر اذ المفروض ان الملكية يتبع الملك فيلاحظ النسبة كما أفاده في المتن و ان كان بلحاظ الحيازة فالامر كذلك أيضا.

(2) اذ لا وجه للاتباع فان المناط الحيازة أو الدخول في الملك.

(3) اذ لا دليل علي اختصاصه بحكم خاص فالأمر

كما أفاده.

(4) فانه حكم الملك المشترك.

(5) يمكن أن يقال بأن صحتها علي طبق القاعدة الاولية لجريان السيرة عليها و عدم ردع الشارع عنها مضافا الي أنه يظهر من كلمات الاصحاب انها مورد الاجماع.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 183

و الثالث نصفا فلصاحب السادس ثقب واحد و لصاحب الثلث ثقبان و لصاحب النصف ثلاثة ثقوب فالمجموع ستة (1).

[مسألة 23: القسمة بحسب الأجزاء لازمة]

(مسألة 23): القسمة بحسب الاجزاء لازمة (2) و الظاهر انها قسمة اجبار فاذا طلبها أحد الشركاء اجبر الممتنع منهم عليها (3) و أما القسمة بالمهاباة و التناوب فهي ليست بلازمة فيجوز لكل منهم الرجوع عنها (4) نعم الظاهر عدم جواز رجوع من استوفي تمام نوبته دون الاخر (5).

______________________________

(1) فانه نحو من القسمة التي بنوا علي صحتها في كتاب القسمة للسيرة و الاجماع و تفصيل الكلام حولها موكول الي محله.

(2) قد صرح سيدنا الاستاد في كتاب القضاء بذلك و قال في الفرع الثاني و الأربعين: «القسمة عقد لازم» و الظاهر ان الامر كما أفاده اذ يصدق عليه العقد فيجب الوفاء به بمقتضي وجوب الوفاء بالعقد.

(3) لولاية الحاكم علي الممتنع و تفصيل الكلام موكول الي محله.

(4) قال في الجواهر «1»: «انها غير لازمة للأصل و غيره» الخ و يمكن أن يكون مراده من غيره الاجماع و أما الاصل فلا اصل له اذ لو كان المراد من الاصل اصالة عدم اللزوم فهو معارض باصالة عدم الجواز مضافا الي أن مقتضي الاستصحاب بقاء العقد علي حاله فان الاستصحاب علي مسلك المشهور يجري في الحكم الكلي اضف الي ذلك ان مقتضي وجوب الوفاء بالعقد هو اللزوم فلا تصل النوبة الي الاصل.

(5) قد صرح في الجواهر «2» بخلافه و لم يظهر لي وجه التفصيل بين

الصورتين الا أن يقال: بأن اللزوم علي القاعدة و انما نلتزم بالجواز في بعض

______________________________

(1) ج 38 ص: 127

(2) عين المصدر

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 184

[مسألة 24: إذا اجتمع جماعة علي ماء مباح من عين أو واد أو نهر أو نحو ذلك كان للجميع حق السقي منه]

(مسألة 24): اذا اجتمع جماعة علي ماء مباح من عين أو واد أو نهر أو نحو ذلك كان للجميع حق السقي منه (1) و ليس لأحد منهم شق نهر فوقها ليقبض الماء كله أو ينقصه عن مقدار احتياج الباقين (2) و عندئذ فان كفي الماء للجميع دون مزاحمة فهو و الاقدم الاسبق فالاسبق في الاحياء (3) ان كان و علم السابق (4) و الاقدم الاعلي فالاعلي و الاقرب الي فوهة العين أو أصل النهر و كذا الحال في الانهار المملوكة المنشقة من الشطوط فان كفي الماء للجميع و الاقدم الاسبق فالاسبق اي من كان شق نهره اسبق من شق نهر الاخر و هكذا ان كان هناك سابق و لاحق و الا فيقبض الاعلي بمقدار ما يحتاج اليه ثم ما يليه و هكذا (5).

______________________________

الصور للإجماع.

(1) لعدم ترجيح احدهم علي الاخرين.

(2) لعدم جواز المزاحمة و المفروض ان لكل منهم حق السقي.

(3) لأحقية السابق علي ما هو المقرر عند الشرع.

(4) يظهر من العبارة انه يشترط في التقديم وجود السابق و العلم به و يرد عليه انه في صورة وجود السابق و عدم العلم به تصل النوبة الي القرعة فانها لكل أمر مشكل و لم يظهر وجه عدم تعرضه للقرعة.

(5) لجملة من النصوص: منها: ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول قضي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في سيل وادي مهزور للزرع الي الشراك و للنخل الي الكعب ثم يرسل الماء الي أسفل من ذلك

«1» و هذه الرواية ضعيفة بابن ايمن.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب احياء الموات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 185

______________________________

و منها: مرسل الصدوق قال: و في خبر آخر: للزرع الي الشراكين و النخل الي الساقين قال: و هذا علي حسب قوة الوادي و ضعفه «1» و المرسل لا اعتبار به

و منها: ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قضي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في شرب النخل بالليل ان الأعلي يشرب قبل الأسفل يترك من الماء الي الكعبين ثم يسرح الماء الي الأسفل الذي يليه و كذلك حتي ينقضي الحوائط و يفني الماء «2» و الرواية ضعيفة بابن هلال.

و منها: ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قضي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في سيل وادي مهزور أن يحبس الأعلي علي الاسفل للنخل الي الكعبين و الزرع الي الشراكين «3».

و الظاهر صحة هذه الرواية و لكن يبقي في المقام اشكال و هو ان هذه الرواية تعارض قاعدة السبق بالعموم من وجه و يقع التعارض بينهما فيما يكون الاسبق اسفل و المسبوق أعلي.

لكن يمكن أن يكون الوجه في تقدم الاسبق ان السيرة جارية علي احقية السابق علي الاطلاق و لعله مورد اتفاق الاصحاب.

و لكن هذا الاشكال انما يتوجه اذا قلنا بشمول النص مورد تحقق السبق و أما علي القول بعدم شمول الرواية لمورد تحقق السبق فلا مجال لهذا التقريب و الظاهر ان الحديث ناظر الي صورة التساوي و عدم السابق و لذا تري ان الماتن جعل معيار الترجيح السبق فمع تحقق السبق لا تصل الأمر بما يستفاد من الحديث.

ثم ان المذكور

في الرواية النخل و الزرع و هي خالية عن ذكر الشجر فهل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 186

[مسألة 25: تنقية النهر المشترك و إصلاحه و نحوهما علي الجميع بنسبة ملكهم]

(مسألة 25): تنقية النهر المشترك و اصلاحه و نحوهما علي الجميع بنسبة ملكهم اذا كانوا مقدمين علي ذلك باختيارهم (1) و أما اذا لم يقدم عليها الا البعض لم يجبر الممتنع (2) كما انه ليس للمقدمين مطالبته بحصته من المئونة الا اذا كان اقدامهم بالتماس منه و تعهده ببذل حقه (3) و اذا كان النهر مشتركا بين القاصر و غيره و كان اقدام غير القاصر متوقفا علي مشاركة القاصر اما لعدم اقتداره بدونه أو لغير ذلك وجب علي ولي القاصر مراعاة لمصلحته مشاركته في الاحياء و التعمير و بذل المئونة من مال القاصر بمقدار حصته (4).

______________________________

يلحق الشجر بالنخل أو الزرع؟ مقتضي الاحتياط الحاقه بالزرع الا أن يقال: بأن العرف يفهم الحاقه بالنخل و كيف كان يظهر من الماتن في المقام تقديم الأعلي علي الأسفل علي الاطلاق مع انه يظهر منه فيما بعد في مسألة (26) اختصاص التقديم بخصوص النخل و الزرع مع قيد التحديد بالكعب و الشراك المذكورين في الرواية فلاحظ.

(1) فان ملاحظة النسبة في الفرض المذكور أمر طبيعي و أصل اولي.

(2) اذ لا وجه للإجبار ان قلت مقتضي حديث لا ضرر انه يجبر اذ يلزم من امتناع بعضهم توجه الضرر الي غيره قلت: انما يتم الاستدلال بالحديث علي المسلك المشهور هذا اولا و ثانيا: لا يستفاد من حديث لا ضرر حكم اثباتي فلا يستفاد منه وجوب الاشتراك أو جواز الاجبار اضف الي ذلك انه خلاف الامتنان بالنسبة الي من اجير و هو الممتنع.

(3) كما هو

ظاهر اذ لا مقتضي للضمان الا مع الالتماس كما صرح به في المتن

(4) كما هو ظاهر فان ولي القاصر يجب عليه رعاية مصالح الصغير و القاصر و هذا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 187

[مسألة 26: يحبس النهر للأعلي إلي الكعب في النخل و في الزرع إلي الشراك]

(مسألة 26): يحبس النهر للأعلي الي الكعب في النخل و في الزرع الي الشراك ثم كذلك لمن هو دونه (1) و للمالك أن يحمي المرعي في ملكه (2) و ليس لصاحب النهر تحويله الا باذن صاحب الرحي المنصوبة عليه باذنه (3) و كذا غير الرحي أيضا من الاشجار

______________________________

من الواضحات.

(1) كما صرح في حديث غياث «1».

(2) كما اشار اليه في الجواهر «2» و الظاهر ان المدرك حديث ادريس بن زيد عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته و قلت: جعلت فداك ان لنا ضياعا و لنا حدود و لنا الدواب و فيها مراعي و للرجل منا غنم و ابل يحتاج الي تلك المراعي لإبله و غنمه أ يحل له أن يحمي المراعي لحاجته اليها فقال: اذا كانت الأرض أرضه فله أن يحمي و يصير ذلك الي ما يحتاج اليه و قال: و قلت له: الرجل يبيع المراعي فقال: اذا كانت الارض أرضه فلا بأس «3» و الحديث ضعيف بادريس حيث انه لم يوثق.

و أما حديث محمد بن عبد اللّه قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل تكون له الضيعة و تكون لها حدود تبلغ حدودها عشرين ميلا أو أقل أو أكثر يأتيه الرجل فيقول: أعطني من مراعي ضيعتك و اعطيك كذا و كذا درهما فقال: اذا كانت الضيعة له فلا باس «4» فهو ضعيف أيضا به.

(3) الأصل فيه ما رواه محمد بن الحسين قال: كتبت الي أبي محمد عليه السلام

______________________________

(1) لاحظ ص: 185

(2)

جواهر الكلام ج 38 ص: 63

(3) الوسائل الباب 22 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 9 من ابواب احياء الموات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 188

المغروسة علي حافتيه و غيرها (1).

[مسألة 27: المعادن علي نوعين]

(مسألة 27): المعادن علي نوعين: الاول: المعادن الظاهرة و هي الموجودة علي سطح الارض فلا يحتاج استخراجها الي مؤنة عمل خارجي و ذلك كالملح و القير و الكبريت و المومياء و الفيروزج و ما شاكل ذلك الثاني: المعادن الباطنة و هي التي يتوقف استخراجها علي الحفر و العمل و ذلك كالذهب و الفضة أما الاولي فهي تملك بالحيازة فمن حاز منها شيئا ملك قليلا كان أو كثيرا (2) و بقي الباقي

______________________________

رجل كانت له رحي علي نهر قرية لرجل فأراد صاحب القرية أن يسوق الي قريته الماء في غير هذا النهر و يعطل هذه الرحي أله ذلك أم لا؟ فوقع عليه السلام:

يتقي اللّه و يعمل في ذلك بالمعروف و لا يضر أخاه المؤمن «1».

فان مقتضي اطلاق هذا الخبر عدم جواز التحويل بلا تقييد بكون نصب الرحي عن حق بل يكفي في الحرمة مجرد الاذن في النصب كما في المتن فما عن الحلي و صاحب الرياض من التقييد بصورة كونه حقا واجبا علي صاحب النهر ينافي الاطلاق فلا وجه له لكن الظاهر انه لا يشمل الحكم صورة عدم الحق لصاحب الرحي و بعبارة اخري: لا يجوز مزاحمة ذي الحق.

(1) يمكن التأمل في التعميم اذ منع صاحب النهر ينافي قاعدة الناس مسلطون علي أموالهم و يمكن أن يكون نظر الماتن الي أن العرف يفهم من الرواية عدم الفرق بين الموارد و عدم خصوصية للرحي لكن قد تقدم الاشكال في الرحي الا فيما

يكون نصبه عن حق.

(2) كغيرها من المباحات الاصلية التي تملك بها بلا اشكال لكن لقائل أن يقول

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب احياء الموات

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 189

علي الاشتراك (1) و أما الثانية فهي تملك بالاحياء بعد الوصول اليها و ظهورها (2) و أما اذا حفر و لم يبلغ نيلها فهو يفيد فائدة التحجير (3).

[مسألة 28: إذا شرع في إحياء معدن ثم أهمله و عطله أجبره الحاكم أو وكيله علي إتمام العمل أو رفع يده عنه]

(مسألة 28): اذا شرع في احياء معدن ثم أهمله و عطله أجبره الحاكم أو وكيله علي اتمام العمل أو رفع يده عنه و لو أبدي عذرا

______________________________

ان المعادن ليست من المباحات الاصلية بل هي من الانفال التي تكون مملوكة للإمام عليه السلام و يدل علي المدعي بعض النصوص لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الانفال فقال: هي القري التي قد خربت و انجلي أهلها فهي للّه و للرسول و ما كان للمملوك فهو للإمام و ما كان من الأرض بخربة لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب و كل أرض لا رب لها و المعادن منها و من مات و ليس له مولي فما له من الانفال «1».

و ما رواه داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت:

و ما الانفال؟ قال: بطون الاودية و رءوس الجبال و الاجام و المعادن الحديث «2» لكن الظاهر انه لا اشكال في جواز الحيازة و ان كان المحاز ملكا للإمام عليه السلام

(1) اذ لا مقتضي لملكية الباقي فان المفروض ان الباقي لم يقع مورد الحيازة فلم تملك.

(2) بتقريب: انه نحو من الاحياء الموجب للملكية و احياء كل شي ء بحسبه مضافا الي ما في الجواهر «3» من عدم الخلاف فيه بل ادعي

عليه الاجماع من جماعة و ربما يقال: بأنه مصداق للحيازة التي توجب الملكية فلاحظ.

(3) اذ لم يتحقق الاحياء كما لم تتحقق الحيازة فلا وجه لحصول الملكية نعم

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من احكام الانفال الحديث: 20

(2) نفس المصدر الحديث: 32

(3) جواهر الكلام ج 38 ص: 110

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 190

أمهله الي أن يزول عذره ثم يلزمه علي أحد الامرين (1).

[مسألة 29: المعادن الباطنة إنما تملك بإحياء الأرض إذا عدت عرفا من توابع الأرض و ملحقاتها]

(مسألة 29): المعادن الباطنة انما تملك باحياء الارض اذا عدت عرفا من توابع الارض و ملحقاتها (2) و أما اذا لم تعد منها كمعادن النفط المحتاجة الي حقر زائد للوصول اليها أو ما شاكلها فلا تتبع الارض و لا تملك باحيائها (3).

[مسألة 30: لو قال المالك اعمل و لك نصف الخارج من المعدن]

(مسألة 30): لو قال المالك اعمل و لك نصف الخارج من المعدن فان كان بعنوان الاجارة بطل (4) و في صحته بعنوان الجعالة اشكال (5).

______________________________

له حق السبق كحق التحجير.

(1) يقع الكلام تارة في مقام الثبوت و ان الحق يبقي مع الاهمال أم لا؟ و اخري في مقام الاثبات و هو انه مع وجود اظهار العذر يمهل اما المقام الاول فلقائل أن يقول انه لو لم يكن حقه باقيا مع الاهمال فلا وجه لدخالة الحاكم بل يجوز لكل احد رفع يده و الاشتغال بالعمل و ان كان حقه باقيا فلا وجه للإجبار و الاكراه فلاحظ و أما المقام الثاني فنقول: مع احتمال كونه معذورا أي وجه في جواز تعرضه و بعبارة اخري: يحمل فعله علي الصحة الا أن يثبت الاهمال.

(2) كما هو مقتضي تملك الارض بالاحياء.

(3) اذ لا مقتضي له علي الفرض.

(4) للجهالة و هي توجب بطلان الاجارة كما قرر في محله.

(5) مبني علي اشتراط العلم بمقدار الجعل و الظاهر انه لا دليل عليه سيما مع انتفاء الغرر الذي هو عبارة عن الخطر و من الظاهر ان الجهالة لا تستلزم الخطر فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 191

[كتاب الدين]

اشارة

كتاب الدين

[مسألة 1: يكره الدين مع القدرة]

(مسألة 1): يكره الدين مع القدرة (1) و لو استدان وجبت نية القضاء (2).

______________________________

(1) قد جعل صاحب الوسائل قدس سره اول أبواب كتاب الدين خاصا بالنصوص الدالة عليها و سماه بباب كراهته مع الغني عنه و من تلك النصوص ما رواه السكوني عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اياكم و الدين فانه شين الدين «1».

(2) و هو المشهور كما في بعض الكلمات و تؤيد المدعي جملة من النصوص منها ما رواه عبد الغفار الجازي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن رجل مات و عليه دين قال: ان كان أتي علي يديه من غير فساد لم يؤاخذه اللّه اذا علم من نيته الا من كان لا يريد أن يؤدي عن امانته فهو بمنزلة السارق «2».

و منها: ما رواه ابن فضال عن بعض اصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال من استدان دينا فلم ينو قضاءه كان بمنزلة السارق «3» و منها ما رواه أبو خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ايما رجل أتي رجلا فاستقرض منه مالا و في نيته أن لا يؤديه فذلك اللص العادي «4».

و يمكن أن يقال: ان نية الأداء وجوبها علي طبق القاعدة الأولية و لا يحتاج الي دليل خاص اذ الدين ملك الغير في الذمة و لا اشكال في وجوب ادائه عند

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الدين الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 5 من أبواب الدين الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 5 من أبواب الدين الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 192

و الاقراض افضل من الصدقة (1) و يحرم

اشتراط زيادة في القدر أو الصفة علي المقترض (2) لكن الظاهر ان القرض لا يبطل بذلك

______________________________

المطالبة فعدم نية القضاء معناه عدم نية الاتيان بالواجب الالهي و هذا نحو من التجري علي المولي الا أن يقال هذا المقدار لا يقتضي الوجوب الشرعي و الكلام في المقام في الوجوب الشرعي.

(1) لاحظ ما رواه محمد بن حباب القماط عن شيخ كان عندنا قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لأن أقرض قرضا احب إلي من أن أتصدق بمثله و كان يقول: من أقرض قرضا و ضرب له اجلا فلم يؤت به عند ذلك الأجل كان له من الثواب في كل يوم يتأخر عن ذلك الاجل بمثل صدقة دينار واحد في كل يوم «1».

(2) قال في الحدائق: «لا خلاف بين الأصحاب رضوان اللّه عليهم في تحريم اشتراط النفع في القرض بل نقل بعض محققي متأخر المتأخرين اجماع المسلمين علي ذلك» «2».

و لا يبعد أن يكون حرمة القرض الربوي من الواضحات التي لا مجال للشك فيها و يدل علي المدعي من النصوص ما رواه ابن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الربا رباءان: احدهما: ربا حلال و الاخر حرام فأما الحلال فهو أن يقرض الرجل قرضا طمعا أن يزيده و يعوضه بأكثر مما اخذه بلا شرط بينهما فان اعطاه اكثر مما اخذه بلا شرط بينهما فهو مباح له و ليس له عند اللّه ثواب فيما اقرضه و هو قوله عز و جل:

«فلا يربو عند اللّه» و أما الربا الحرام فهو الرجل يقرض قرضا و يشترط أن يرد اكثر

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب الدين الحديث: 1

(2) الحدائق ج 20 ص 110

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 193

بل يبطل

الشرط فقط (1) و يحرم اخذ الزيادة (2) و لا فرق بين أن تكون الزيادة راجعة الي المقرض و غيره فلو قال اقرضتك دينارا بشرط أن تهب زيدا أو تصرف في المسجد أو الماتم درهما لم يصح (3) و كذا

______________________________

مما اخذه فهذا هو الحرام «1».

(1) مقتضي بعض نصوص الباب فساد القرض بالشرط لاحظ ما رواه ابن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يسلم في بيع أو تمر عشرين دينارا و يقرض صاحب السلم عشرة دنانير أو عشرين دينارا قال: لا يصلح اذا كان قرضا يجر شيئا فلا يصلح قال: و سألته عن رجل يأتي حريفه و خليطه فيستقرض منه الدنانير فيقرضه و لو لا أن يخالطه و يحارفه و يصيب عليه لم يقرضه فقال: ان كان معروفا بينهما فلا بأس و ان كان انما يقرضه من أجل أنه يصيب عليه فلا يصلح «2» و لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: و سألته عن رجل اعطي رجلا مأئة درهم علي أن يعطيه خمسة دراهم أو أقل او أكثر قال: هذا الربا المحض «3».

(2) بلا اشكال و لا كلام فانه مع فساد الشرط يكون عدم الحلية و الجواز علي طبق القاعدة الأولية مضافا الي دلالة النصوص علي المدعي لاحظ ما رواه خالد بن الحجاج قال: سألته عن رجل كانت لي عليه مائة درهم عددا قضانيها مائة درهم وزنا قال: لا بأس به ما لم يشترط قال و قال: جاء الربا من قبل الشرط و انما تفسده الشروط «4».

(3) لإطلاق بعض النصوص المقتضي لفساد مطلق الشرط لاحظ ما رواه ابن

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من ابواب

الربا الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 19 من أبواب الدين الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 18

(4) التهذيب ج 7 ص 112 الحديث: 89

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 194

اذا اشترط أن يعمر المسجد أو يقيم الماتم أو نحو ذلك مما لو حظ فيه المال فانه يحرم (1) و يجوز قبولها مطلقا من غير شرط (2) كما يجوز اشتراط ما هو واجب علي المقترض مثل أقرضتك بشرط أن تؤدي زكاتك أو دينك مما كان مالا لازم الاداء و كذا اشتراط ما لم يلحظ فيه المال مثل أن تدعو لي أو تدعو لزيد أو تصلي أنت أو تصوم من غير فرق بين أن ترجع فائدته للمقرض أو المقترض و غيرهما فالمدار في المنع ما لوحظ فيه المال و لم يكن ثابتا بغير القرض فيجوز شرط غير ذلك (3) و لو شرط موضع التسليم لزم (4).

______________________________

شعيب «1».

(1) للإطلاق.

(2) لعدم المقتضي للحرمة مضافا الي جملة من النصوص الدالة علي الجواز منها ما رواه ابن غياث «2» و منها غيره من النصوص المذكور في الوسائل في الباب 19 من الدين فلاحظ.

(3) مقتضي اطلاق قوله عليه السلام في حديث ابن شعيب «3» «اذا كان قرضا يجر شيئا فلا يصلح» عدم جواز مطلق الشرط و لعل كلام الماتن مبتن علي وجه غير ظاهر عندي و بعبارة اخري مقتضي الاطلاق هي الحرمة و اللّه العالم.

(4) لجملة من النصوص منها ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قلت: يسلف الرجل الورق علي أن ينقدها اياه بارض اخري و يشترط عليه

______________________________

(1) لاحظ ص: 193

(2) لاحظ ص: 192

(3) لاحظ ص: 193

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 195

و كذا اذا اشترط الرهن (1).

______________________________

ذلك قال: لا

بأس «1».

و منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا بأس بأن يأخذ الرجل الدراهم بمكة و يكتب لهم سفاتج أن يعطوها بالكوفة «2».

و منها ما رواه ابان يعني ابن عثمان أنه قال يعني أبا عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسلف الرجل الدراهم ينقدها اياه بارض اخري قال: لا بأس به «3».

و منها ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قلت: يدفع الي الرجل الدراهم فاشترط عليه أن يدفعها بارض اخري سودا بوزنها و أشترط ذلك عليه قال: لا بأس 4.

و منها ما رواه يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسلف الرجل الورق علي أن ينقدها اياه بأرض اخري و يشترط ذلك قال: لا بأس 5.

فان مقتضي النصوص المشار اليها جواز الشرط المذكور و نفوذه.

(1) مقتضي اطلاق بعض النصوص عدم الجواز الا أن يتم المدعي بالسيرة بدعوي جريانها علي اشتراط الرهن بلا نكير بل يدل علي المدعي قوله تعالي وَ إِنْ كُنْتُمْ عَليٰ سَفَرٍ وَ لَمْ تَجِدُوا كٰاتِباً فَرِهٰانٌ مَقْبُوضَةٌ 6 فان المستفاد من الاية الشريفة انه يجوز الدين باشتراط الرهن.

و يؤيد المدعي ما رواه عباس بن عيسي قال: ضاق علي بن الحسين عليهما السلام ضيقة فأتي مولي له فقال: اقرضني عشرة آلاف درهم الي ميسرة فقال: لا

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من أبواب الصرف الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) (3 و 4 و 5) نفس المصدر الحديث 4 و 5 و 6

(4) (6) البقرة/ 283

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 196

و لو شرط تاجيله في عقد لازم صح و لزم الاجل (1).

______________________________

لأنه ليس عندي و

لكني أريد وثيقة قال: فنقف (فشق) له من ردائه هدبة فقال: هذه الوثيقة قال: فكان مولاه كره ذلك فغضب الي أن قال: فأخذها الرجل منه و اعطاه الدرهم و جعل الهدبة في حق فسهل اللّه عز و جل له المال فحمله الي الرجل ثم قال له: قد احضرت مالك فهات وثيقتي فقال له: جعلت فداك ضيعتها فقال اذا لا تأخذ مالك مني ليس مثلي من يستخف بذمته قال: فاخرج الرجل الحق فاذا فيه الهدبة فاعطاها علي بن الحسين عليهما السلام فاعطاه علي بن الحسين عليهما السلام الدراهم و اخذ الهدبة فرمي بها و انصرف «1».

(1) يمكن أن يستفاد المدعي من جملة من النصوص منها ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن رجل له مال علي رجل من قبل عينة عينها اياه فلما حل عليه المال لم يكن عنده ما يعطيه فأراد أن يقلب عليه و يربح أ يبيعه لؤلؤا أو غير ذلك ما يسوي مأئة درهم بألف درهم و يؤخره به؟ قال: لا بأس بذلك قد فعل ذلك أبي رضي اللّه عنه و أمرني أن افعل ذلك في شي ء كان عليه «2»

و منها ما رواه محمد بن اسحاق قال قلت لأبي الحسن عليه السلام: يكون لي علي الرجل دراهم فيقول أخرني بها و أنا اربحك فابيعه جبة تقوم علي بألف درهم بعشرة آلاف درهم أو قال بعشرين ألفا و أؤخره بالمال قال: لا بأس «3».

و منها ما رواه عبد الملك بن عتبه قال: سألته عن الرجل يريد أن أعينه المال أو يكون لي عليه مال قبل ذلك فيطلب مني مالا أزيده علي مالي الذي لي عليه أ يستقيم

أن ازيده مالا و أبيعه لؤلؤة تسوي مأئة درهم بألف درهم فأقول أبيعك هذه

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب الدين الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب احكام العقود الحديث 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 197

بل الظاهر جواز اشتراط الاجل في عقد القرض نفسه (1).

[مسألة 2: كل ما ينضبط وصفه و قدره صح قرضه]

(مسألة 2): كل ما ينضبط وصفه و قدره صح قرضه (2).

______________________________

اللؤلؤة بألف درهم علي أن أؤخرك بثمنها و بمالي عليك كذا و كذا شهرا؟ قال:

لا بأس «1».

و منها ما رواه محمد بن اسحاق بن عمار قال: قلت للرضا عليه السلام:

الرجل يكون له المال فيدخل علي صاحبه يبيعه لؤلؤة تسوي مأئة درهم بألف درهم و يؤخر عنه المال الي وقت قال: لا بأس به قد أمرني أبي ففعلت ذلك و زعم انه سأل أبا الحسن عليه السلام عنها فقال مثل ذلك «2».

فان المستفاد من هذه الروايات ان شرط التأجيل جائز في ضمن عقد البيع

(1) و يدل علي المدعي قوله تعالي: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا تَدٰايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِليٰ أَجَلٍ مُسَمًّي فَاكْتُبُوهُ وَ لْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كٰاتِبٌ بِالْعَدْلِ «3».

(2) بلا اشكال و لا كلام و تقتضيه النصوص الدالة علي مشروعية الدين و القرض و انما الكلام و الاشكال فيما اذا لم يكن كذلك فان تم اجماع علي عدم الجواز فهو و الا يكون مقتضي القاعدة هو الجواز لإطلاق الأدلة لاحظ ما رواه ابن علوان عن جعفر عن ابيه قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من طلب رزقا حلالا فاغفل فليستدن علي اللّه و علي رسوله صلي اللّه عليه و آله «4».

و يؤيد المدعي ما ورد في جواز قرض الخبز و الجوز مع التفاوت منها ما رواه

الصباح بن سيابة قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان عبد اللّه بن أبي يعفور أمرني أن اسالك قال: انا نستقرض الخبز من الجيران فنرد اصغر منه او اكبر فقال

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) البقرة/ 282

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب الدين الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 198

و ذو المثل يثبت في الذمة مثله (1) و غيره قيمته وقت القرض (2).

[مسألة 3: إذا أقرض إنسان عينا فقبل المقترض فرجع في القرض و طالب بالعين لا يجب إعادة العين بدون اختيار المقترض]

(مسألة 3): اذا اقرض انسان عينا فقبل المقترض فرجع في القرض و طالب بالعين لا يجب اعادة العين بدون اختيار المقترض (3).

______________________________

عليه السلام: نحن نستقرض الجوز الستين و السبعين عددا فيكون فيه الكبيرة و الصغيرة فلا بأس «1».

و منها ما رواه اسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: استقرض الرغيف من الجيران و نأخذ كبيرا و نعطي صغيرا و نأخذ صغيرا و نعطي كبيرا قال:

لا بأس «2» و منها ما عن غياث عن جعفر عن ابيه قال: لا بأس باستقراض الخبز «3».

(1) فانه مقتضي القاعدة الأولية فان القرض جعل المقترض ضامنا و من الظاهر انه لا يكون ضامنا لنفس العين فيكون ضامنا لمثله.

(2) قال في الجواهر: «و المشهور نقلا و تحصيلا انه يثبت في الذمة قيمته وقت التسليم» «4» و الذي يختلج بالبال أن يقال: يثبت المثل في القيمي أيضا فان القرض قسم من الضمانات و قد اخترنا في باب ضمان القيمي ان الثابت في الذمة هو المثل كضمان المثلي و عليه يكون المناط بوقت الدفع نعم في باب الغصب التزمنا بكون الميزان بيوم الغصب بواسطة حديث أبي ولاد حيث قال عليه السلام «قيمة بغل يوم خالفته» «5».

(3) تارة يقع البحث فيما هو مقتضي القاعدة

و اخري فيما تقتضيه الشهرة أو

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب الدين الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الجواهر ج 25 ص: 19

(5) الوسائل الباب 17 من الاجارة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 199

[مسألة 4: لا يتأجل الدين الحال إلا باشتراطه في ضمن عقد لازم]

(مسألة 4): لا يتأجل الدين الحال (1) الا باشتراطه في ضمن عقد لازم (2) و يصح تعجيل المؤجل باسقاط بعضه (3) و لا يصح تاجيل الحال باضافة شي ء (4).

[مسألة 5: لو غاب الدائن و انقطع خبره وجب علي المستدين نية القضاء]

(مسألة 5): لو غاب الدائن و انقطع خبره وجب علي المستدين نية القضاء (5).

______________________________

الاجماع فنقول مقتضي القاعدة الأولية رجوع نفس العين الي ملك المقرض اذ علي القول بجواز عقد القرض ذاتا او عرضا ينفسخ بالفسخ و يرجع كل من العوضين الي ملك من كان في ملكه و أما البحث من الحيثية الثانية فربما يقال كما في الجواهر بأن مقتضي الاستصحاب بقاء العين في ملك المقترض و عدم خروجه عن ملكه بالفسخ.

و فيه: اولا ان الاستصحاب لا يجري في الأحكام الكلية و ثانيا انه لا تصل النوبة الي الاستصحاب بعد كون الرجوع مقتضي الفسخ و أفاد صاحب الجواهر بأن بقائه في ملكه اشهر بل مشهور بل مورد اجماع المتأخرين فان تم اجماع تعبدي كاشف فهو و الا يشكل الحكم بالبقاء بعد الفسخ فلاحظ.

(1) اذ التأجيل لا يمكن الا مع المقتضي و بدونه لا وجه له.

(2) فانه قد علم من النصوص جوازه و قد تقدم.

(3) اذ الحق قابل للإسقاط كما هو ظاهر.

(4) لكونه مصداقا للربا المحرم فلا يجوز.

(5) اجماعا محكيا ان لم يكن محصلا هكذا في الجواهر- و يدل علي المدعي ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يكون عليه الدين لا يقدر علي صاحبه و لا علي ولي له و لا يدري بأي أرض هو قال: لا جناح عليه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 200

و الوصية عند الوفاة (1) فان جهل خبره و مضت مدة يقطع بموته فيها وجب تسليمه ورثته (2) و مع

عدم معرفتهم يتصدق به عنهم (3) و يجوز تسليمه الي الورثة مع انقطاع خبره بعد مضي عشر سنين و ان لم يقطع بموته (4) بل يجوز ذلك بعد مضي اربع سنين من غيبته اذا فحص عنه

______________________________

بعد أن يعلم اللّه منه أن نيته الأداء «1».

(1) فانها من طرق الايصال فتجب و تدل علي المدعي رواية هشام بن سالم قال:

سأل خطاب الأعور أبا ابراهيم عليه السلام و أنا جالس فقال: انه كان عند أبي أجير يعمل عنده بالاجرة ففقدناه و بقي من أجره شي ء و لا يعرف له وارث قال:

فاطلبوه، قال قد طلبناه فلم نجده قال فقال: مساكين و حرك يده قال: فاعاد عليه قال:

اطلب و اجهد فان قدرت عليه و الا فهو كسبيل مالك حتي يجي ء له طالب فان حدث بك حادث فأوص به ان جاء لها طالب أن يدفع اليه «2».

و ربما يقال بوجوب العزل عند الموت و ادعي عليه الاجماع فان ثبت اجماع تعبدي فهو و الا فللإشكال فيه مجال لعدم الدليل عليه فلاحظ.

(2) اذ المفروض ان المالك ورثته فيجب اعطائهم.

(3) كما هو المقرر عندهم من التصدق بالمال الذي يكون مجهول المالك و لنا في هذا المقام كلام تعرضنا له في مسئلة (39) من المكاسب المحرمة.

(4) لم يظهر وجهه و ما ارسله يونس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من اخذت منه ارض ثم مكث ثلاث سنين لا يطلبها لم يحل له بعد ثلاث سنين أن يطلبها «3» قاصر عن اثبات المدعي سندا و دلالة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من ابواب الدين الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 6 من ابواب ميراث الخنثي الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 17 من أبواب احياء الموات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين،

ج 9، ص: 201

في هذه المدة (1).

[مسألة 6: لو اقتسم الشريكان الدين لم يصح]

(مسألة 6): لو اقتسم الشريكان الدين لم يصح بل الحاصل لهما و التالف منهما (2).

______________________________

(1) يمكن أن الوجه في نظر الماتن فيما أفاده الي ما ورد في باب المرأة المفقود زوجها حيث تؤجل اربع سنين علي تفصيل مذكور في باب الطلاق بتقريب انه اذا كان الطلاق جائزا بعد المدة مع الفحص يجوز اعطاء ما تركه للورثة بطريق أولي و هو كما تري و اللّه العالم بحقايق الاشياء.

(2) لجملة من النصوص منها ما رواه أبو حمزة قال سئل أبو جعفر عليه السلام عن رجلين بينهما مال منه بأيديهما و منه غائب عنهما فاقتسما الذي بأيديهما و أحال كل واحد منهما من نصيبه الغائب فاقتضي احدهما و لم يقتض الاخر قال: ما اقتضي احدهما فهو بينهما ما يذهب بماله «1».

و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجلين بينهما مال منه دين و منه عين فاقتسما العين و الدين فتوي الذي كان لأحدهما من الدين أو بعضه و خرج الذي للاخر أ يرد علي صاحبه قال نعم ما يذهب بماله «2».

و منها ما رواه غياث بن ابراهيم عن جعفر بن محمد عن ابيه عن آبائه عن علي عليه السلام في رجلين بينهما مال منه بأيديهما و منه غائب عنهما فاقتسما الذي بايديهما و احتال كل واحد منهما بنصيبه فقبض احدهما و لم يقبض الاخر فقال: ما قبض احدهما فهو بينهما و ما ذهب فهو بينهما «3».

و منها ما رواه سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجلين

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الشركة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث:

2

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب الضمان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 202

[مسألة 7: يصح بيع الدين بالحاضر]

(مسألة 7): يصح بيع الدين بالحاضر و ان كان أقلّ منه اذا كان من غير جنسه أو لم يكن ربويا (1) و لا يصح بدين مثله اذا كان دينا قبل العقد (2).

______________________________

كان لهما مال بايديهما و منه متفرق عنهما فاقتسما بالسوية ما كان في ايديهما و ما كان غائبا عنهما فهلك نصيب أحدهما مما كان غائبا و استوفي الاخر عليه أن يرد علي صاحبه؟ قال: نعم ما يذهب بماله «1».

و في المقام حديث لعلي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال سألته عن رجلين اشتركا في السلم أ يصلح لهما أن يقتسما قبل أن يقبضا؟ قال لا بأس به «2»، يستفاد منه الجواز فيقع التعارض بين الجانبين و لا يبعد أن يكون الترجيح بمخالفة القوم مع دليل الجواز حيث لا يستفاد من كلماتهم الجواز مضافا الي كونه احدث هذا ما خلج ببالي القاصر في هذه العجالة و اللّه العالم.

(1) لعدم ما يقتضي الفساد و مقتضي ادلة صحة البيع جوازه.

(2) قال في الحدائق: «الظاهر انه لا خلاف بينهم في تحريم بيع الدين بالدين و يدل علي ذلك من طريق الخاصة رواية طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا يباع الدين بالدين «3» و من طريق العامة ما روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله لا يجوز بيع الكالي بالكالي» الخ «4» و لكن الحديثين مخدوشان سندا الا أن يتم الامر بعدم الخلاف و التسالم و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من ابواب الدين الحديث: 1

(2) نفس

المصدر الحديث: 2

(3) الحدائق: ج- 20 ص: 201

(4) الكافي ج 5 ص: 100

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 203

و لا فرق في المنع بين كونهما حالين و مؤجلين و مختلفين (1) و لو صار دينا بالعقد بطل في المؤجلين علي الاحوط (2) و صح في غيرهما (3) و لو كان احدهما دينا قبل العقد و الاخر دينا بعد العقد صح الا في بيع المسلم فيه قبل حلوله فانه لا يجوز بيعه من غير بائعه مطلقا و يجوز بيعه من غير بائعه بعد حلوله و من بائعه مطلقا علي تفصيل تقدم (4).

[مسألة 8: يجوز للمسلم قبض دينه من الذمي من ثمن ما باعه من المحرمات]

(مسألة 8): يجوز للمسلم قبض دينه من الذمي من ثمن ما باعه من المحرمات (5).

______________________________

(1) للإطلاق.

(2) لا يبعد أن يكون ناظرا الي ما رواه منصور بن حازم قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له علي الرجل طعام او بقر او غنم او غير ذلك فاتي المطلوب الطالب ليبتاع منه شيئا قال: لا يبيعه نسيا فاما نقدا فليبعه بما شاء «1»

فان بيع شي ء مؤجلا لا مانع منه لا من طرف المبيع و لا من قبل الثمن فلا يبعد ان يكون المراد من الحديث النهي من التاجيل من ناحية المبيع و الثمن كليهما لكن لا يبعد أن يكون المستفاد من الحديث التاجيل من ناحية الثمن و لم يظهر لي وجه بناء المسألة علي الاحتياط.

(3) كما هو مقتضي ادلة صحة البيع لكن يمكن أن يقال ان مقتضي حديث منصور عدم جواز بيع الدين بالدين مع كون التاجيل في الثمن فقط فلاحظ.

(4) راجع ما ذكرناه هناك شرحا لما افاده.

(5) لجملة من الروايات منها ما رواه داود بن سرحان قال: سألت ابا عبد اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب

6 من ابواب احكام العقود الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 204

و لو اسلم الذمي بعد البيع لم يسقط استحقاقه المطالبة بالثمن (1).

______________________________

عليه السلام عن رجل كانت له علي رجل دراهم فباع خنازير او خمرا و هو ينظر فقضاه قال: لا باس اما للمقضي فحلال و اما للبائع فحرام «1».

و منها ما رواه منصور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: لي علي رجل ذمي دراهم فيبيع الخمر و الخنزير و انا حاضر فيحل لي اخذها فقال: انما لك عليه دراهم فقضاك دراهمك «2».

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام في رجل كان له علي رجل دراهم فباع خمرا و خنازير و هو ينظر فقضاه فقال: لا باس به اما للمقضي فحلال و اما للبائع فحرام «3».

و منها ما رواه زرارة عن ابي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يكون لي عليه الدراهم فيبيع بها خمرا و خنزيرا ثم يقضي منها قال: لا باس او قال: خذها «4».

و منها ما رواه محمد بن يحيي الخثعمي قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون لنا عليه الدين فيبيع الخمر و الخنازير فيقضينا فقال: لا باس به ليس عليك من ذلك شي ء 5.

و منها ما رواه أبو بصير قال: سالت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له علي الرجل مال فيبيع بين يديه خمرا و خنازير يأخذ ثمنه قال: لا بأس 6.

(1) لعدم ما يقتضي السقوط و بعبارة اخري المفروض صيرورة الثمن ملكا له

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من ابواب الدين

(2) الوسائل الباب 60 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) (4 و 5) نفس

المصدر الحديث: 3 و 4

(5) (6) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 205

و ليس للعبد الاستدانة بدون اذن المولي (1) فان فعل يضمن العين فيرد ما اخذ و لو تلفت ففي ذمته مثله أو قيمته (2) و لو اذن المولي له لزمه دون المملوك (3) و ان اعتق (4) و غريم المملوك احد غرماء المولي (5).

______________________________

بالبيع و مقتضي القاعدة الأولية بقائه في ملكه و يؤيد المدعي ما رواه يونس في مجوسي باع خمرا او خنازير الي اجل مسمي ثم اسلم قبل أن يحل المال قال:

له دراهمه «1».

(1) لأنه محجور عليه و انه لا يقدر علي شي ء.

(2) اذ المفروض ان يده يد ضمان فيضمن و لازم الضمان رد العين مع بقائها و ثبوت المثل او القيمة مع تلفها علي ما هو المقرر.

(3) لاحظ ما رواه أبو بصير عن ابي جعفر عليه السلام قال: قلت له: رجل يأذن لمملوكه في التجارة فيصير عليه دين قال: ان كان اذن له أن يستدين فالدين علي مولاه و ان لم يكن اذن له يستدين فلا شي ء علي المولي و يستسعي العبد في الدين «2».

(4) للإطلاق.

(5) لا يبعد أن يكون الوجه فيه ان دينه لازم للمولي و يدل علي المدعي ما رواه زرارة قال: سألت ابا عبد اللّه (أبا جعفر) عليه السلام عن رجل مات و ترك عليه دينا و ترك عبدا له مال في التجارة و ولدا و في يد العبد مال و متاع و عليه دين استدانه العبد في حياة سيده في تجارة «تجارته» و ان الورثة و غرماء الميت اختصموا فيما في يد العبد من المال و المتاع و في رقبة العبد فقال: اري ان ليس

للورثة سبيل علي رقبة العبد و لا علي ما في يده من المتاع و المال الا أن يضمنوا دين الغرماء

______________________________

(1) الكافي ج 5 ص 232 حديث: 13

(2) الكافي ج 5 ص 303 حديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 206

و لو اذن له في التجارة فاستدان لها الزم المولي مع اطلاق الاذن (1) و إلا تبع به بعد العتق (2).

[كتاب الرهن]

كتاب الرهن و لا بد فيه من الايجاب و القبول من أهله (3) و في اشتراط الاقباض اشكال اقواه ذلك (4) و يشترط فيه أن يكون المرهون عينا مملوكة يمكن

______________________________

جميعا فيكون العبد و ما في يده من المال للورثة فان أبوا كان العبد و ما في يده للغرماء يقوم العبد و ما في يديه من المال ثم يقسم ذلك بينهم بالحصص فان عجز قيمة العبد و ما في يديه عن اموال الغرماء رجعوا علي الورثة فيما بقي لهم ان كان الميت ترك شيئا قال قال: و ان فضل من قيمة العبد و ما كان في يديه عن دين الغرماء رده علي الورثة «1».

(1) لحديث ابي بصير المقتضي لكون الاذن في الاستدانه موجبا لضمان المولي و اطلاق الاذن يقتضي الاذن في الاستدانه فلاحظ.

(2) لعدم ما يقتضي الرجوع الي المولي و حديث ابي بصير يقتضي أن يستسعي و الجمع بين الحقين أن يتبع به بعد العتق و اللّه العالم.

(3) قال في الجواهر: «لا ريب في أنه يفتقر الي الايجاب و القبول» الخ و الأمر كما أفاده فان العقد يتوقف علي الايجاب و القبول و المفروض ان الرهن من العقود.

(4) يمكن الاستدلال علي المدعي بالكتاب و السنة أما الكتاب فقوله تعالي

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من ابواب الدين الحديث: 5

مباني

منهاج الصالحين، ج 9، ص: 207

قبضها (1) و يصح بيعها (2) و أن يكون الرهن علي حق ثابت في الذمة عينا كان أو منفعة (3) و يقف رهن غير المملوك له علي اجازة مالكه (4) و اوضم مملوك غيره الي مملوكه فرهنهما لزم الرهن في ملكه و توقف

______________________________

«فَرِهٰانٌ مَقْبُوضَةٌ» «1» بتقريب ان المستفاد من الاية الشريفة انه لا يترتب الأثر علي الرهن الا بالقبض و بعبارة اخري المستفاد من الاية الشريفة ان الأثر المقصود لا يترتب الا علي المقبوض منه و اما السنة فرواية محمد بن قيس عن ابي جعفر عليه السلام قال: لا رهن الا مقبوضا «2».

(1) علي المشهور نقلا و تحصيلا بل ربما استشعر من عبارتي السرائر و الغنية الاجماع عليه- هكذا في الجواهر- و يمكن الاستدلال علي المدعي بانصراف الأدلة الي العين بل يمكن تقريب المدعي بأن صدق هذا المفهوم علي الدين اول الكلام و الاشكال و مع الشك في الصدق لا مجال للأخذ بالدليل كما هو المقرر عند القوم فلاحظ.

(2) اذ مع عدم صحة البيع لا يتحقق عنوان الوثاقة و الحال ان الرهن وثيقة للدين.

(3) بلا خلاف اجده بيننا بل في التذكرة و جامع المقاصد الاجماع عليه بل و لا اشكال- هكذا في الجواهر- و يمكن الاستدلال علي المدعي بعدم صدق المفهوم لو لم يكن علي أمر ثابت بل الشك في الصدق يكفي كما مر قريبا في نظيره و علي الجملة موضوع الرهن الأمر الثابت في الذمة فلا يعقل تحققه قبل موضوعه.

(4) بناء علي صحة الفضولي بالاجازة كما هو المقرر.

______________________________

(1) البقرة/ 284

(2) الوسائل الباب 3 من احكام الرهن الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 208

في الضميمة علي اجازة مالكها (1) و يلزم

الرهن من جهة الراهن (2) و رهن الحامل ليس رهنا للحمل و ان تجدد (3) و فوائد الرهن للمالك (4).

______________________________

(1) كما هو ظاهر فان تصرف المالك نافذ في ملكه و أما التصرف الصادر من الفضولي فيتوقف صحته علي الاجازة كما هو المقرر في محله.

(2) ادعي عليه عدم الخلاف بل ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي عموم قوله تعالي أَوْفُوا بِالْعُقُودِ «1» فان الأمر بالوفاء ارشاد الي لزوم العقد.

(3) لعدم المقتضي للدخول بل دخوله و عدمه تابعان للقصد و لا فرق في هذه الجهة بين التجدد و عدمه و الاجماع المدعي علي الدخول يوهن كما في الجواهر لمصير كثير من الاصحاب الي خلافه اذ القول بعدم التبعية للمبسوط و الخلاف و نكت النهاية للمصنف و التحرير و التذكرة و الارشاد و المختلف، و الايضاح، و التنقيح، و جامع المقاصد، و الروضة، و مجمع البرهان، و الكفاية علي ما حكي عن بعضها و مال اليه في المسالك و حكاه في الدروس عن المصنف في درسه بل قد يظهر من التذكرة الاجماع عليه بل في زكاة الخلاف دعواه صريحا قال: «اذا رهن جارية أو شاة فحملتا بعد الرهن كان الحمل خارجا باجماع الفرقة» «2» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و علي الجملة لا دليل علي التبعية علي الاطلاق و مقتضي الأصل عدم الدخول اذ المفروض عدم تعلق القصد و اصالة تسلط المالك علي ملكه بحالها.

(4) بلا خلاف و لا اشكال بل الاجماع بقسميه عليه بل المحكي منهما مستفيض كالنصوص بل يمكن دعوي ضرورة المذهب بل الدين عليه- هكذا في الجواهر «3» و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه

عن أبي

______________________________

(1) المائدة/ 1

(2) الجواهر ج 25 ص: 230

(3) نفس المصدر ج 25 ص: 229

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 209

و الرهن علي احد الدينين ليس رهنا علي الاخر (1) و لو استدان آخر و جعل الرهن علي الاول رهنا عليهما صح (2) و للولي الرهن مع مصلحة

______________________________

عبد اللّه عليه السلام قال: قضي امير المؤمنين عليه السلام في كل رهن له غلة ان غلته تحسب لصاحب الرهن مما عليه «1».

و منها ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه سأله عن رجل ارتهن دارا لها غلة لمن الغلة؟ قال: لصاحب الدار «2».

و منها ما رواه ابو العباس عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و قضي في كل رهن له غلة ان غلته تحسب لصاحبه عليه «3».

و منها ما رواه ابراهيم الكرخي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل رهن بماله ارضا أو دارا لها غلة كثيرة فقال علي الذي ارتهن الأرض و الدار بماله أن يحتسب لصاحب الأرض و الدار ما اخذه من الغلة و يطرحه عنه من الدين له «4»

و منها ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان رهن رجل أرضا فيها ثمرة فان ثمرتها من حساب ماله و له حساب ما عمل فيها و انفق منها فاذا استوفي ماله فليدفع الأرض الي صاحبها «5».

(1) كما هو ظاهر واضح لعدم المقتضي لذلك فلاحظ.

(2) لوجود المقتضي و عدم المانع و ادعي عدم الخلاف فيه بل ادعي الاجماع

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من أبواب الرهن الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) نفس المصدر الحديث:

6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 210

المولي عليه (1) و المرتهن ممنوع من التصرف بغير اذن الراهن (2).

______________________________

بقسميه عليه كما في الجواهر «1».

(1) فان الولي له التصرف في مال اليتيم مع المصلحة علي ما هو المقرر في محله و لا فرق في جواز التصرف بين اقسامه فلاحظ.

(2) لحرمة التصرف في مال الغير بدون اذنه و يؤكد المدعي ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال: «الراهن و المرهون ممنوعان من التصرف في الرهن «2».

و في المقام رواية لأبي ولاد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأخذ الدابة و البعير رهنا بماله أله أن يركبه قال: فقال: ان كان يعلفه فله أن يركبه و ان كان الذي رهنه عنده يعلفه فليس له أن يركبه «3».

و مقتضي هذه الرواية جواز ركوب الدابة و البعير بشرط التعليف و قريب منها ما رواه السكوني عن جعفر عن ابيه عن آبائه عن علي عليه السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الظهر يركب اذا كان مرهونا و علي الذي يركبه نفقته و الدار يشرب اذا كان مرهونا و علي الذي يشرب نفقته «4».

و قال صاحب الحدائق: «و الاصحاب حملوهما علي ما اذا اذن له الراهن في الانفاق مع تساوي الحقين و أنت خبير بما فيه من البعد عن سياق الخبرين سيما الأول لأن السائل سأله عن الرجل يأخذ الدابة أو البعير أله أن يركبه يعني من غير اذن الراهن و الا فمع الاذن لا معني للسؤال بالكلية» «5» الي آخر كلامه.

______________________________

(1) الجواهر ج 26 ص: 154

(2) مستدرك الوسائل الباب 17 من ابواب الرهن الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 12 من ابواب الرهن الحديث: 1

(4)

نفس المصدر الحديث: 2

(5) الحدائق ج 20 ص: 262

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 211

و لا باس بتصرف الراهن في المرهون تصرفا لا ينافي حق الرهانة (1) و لا يجوز له التصرف المنافي من دون اذن المرتهن (2) و تقدم حكم بيع الراهن العين المرهونة مع علم المشتري و جهله في شروط العوضين (3) و لو شرط المرتهن في عقد الرهن استيفاء منافع العين في مدة الرهن مجانا فان لم يرجع ذلك الي الاشتراط في القرض أو في تاجيل الدين صح و كذلك ما لو شرط استيفاءها بالاجرة مدة و اذا صح الشرط لزم العمل به الي نهاية المدة (4).

______________________________

و قبل أسطر «1» نقل كلام الشيخ قدس سره في النهاية حيث قال: «و قال الشيخ في النهاية: و اذا كان الرهن دابة فركبها المرتهن كانت نفقتها عليه و كذلك ان كانت شاة شرب لبنها كانت عليه نفقتها و اذا كان عند الانسان دابة أو حيوان رهنا فان نفقتها علي الراهن دون المرتهن فان انفق المرتهن عليها كان له ركوبها و الانتفاع بها أو الرجوع علي الراهن بما انفق» الخ.

و الظاهر ان ما أفاده صاحب الحدائق من الاستبعاد في محله و ان ما أفاده الشيخ قدس سره من نهاية موافق لحديث أبي ولاد و أما الحديث الاخر فلا اعتبار به سندا و اللّه العالم.

(1) كتزويج العبد و تعليمه و تقبيل الجارية و أمثالها اذ لا مقتضي للمنع.

(2) بلا خلاف كما في الحدائق مضافا الي أن عدم الجواز مع فرض التنافي من الواضحات بحيث لا يحتاج الي الاستدلال فلاحظ.

(3) فراجع ما ذكرناه هناك و لا نعيد.

(4) اذ مع عدم استلزامه الرباء لا مانع منه في حد نفسه فيصح

اشتراطه

______________________________

(1) لاحظ المصدر ص: 261

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 212

و ان برئت ذمة الراهن من الدين (1) و لو شرط في عقد الرهن وكالة المرتهن أو غيره في البيع لم ينعزل ما دام حيا (2) و لو أوصي اليه لزم (3) و حق الرهانة موروث (4) و المرتهن امين لا يضمن بدون التعدي (5).

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 212

______________________________

و يلزم.

(1) اذ الشرط في ضمن العقد يلزم فلا بد من رعايته الي نهاية امده و لا وجه لربطه بالرهن بقاء كما هو ظاهر لمن له خبرة بالصناعة.

(2) فان الوكالة تلزم بالشرط في ضمن العقد.

(3) لنفوذ الوصية عند اجتماع شرائطها.

(4) كبقية الحقوق فان الحقوق تورث كالأموال نعم لا اشكال في عدم قابلية الارث بالنسبة الي بعض الحقوق فلاحظ و لنا اشكال في ارث الحقوق تعرضنا له في ارث الخيار فراجع.

(5) قال في الجواهر في هذا المقام «1» بلا خلاف أجده فيه بيننا بل ظاهر كشف الحق و غيره الاجماع عليه بل عن الخلاف و الغنية و السرائر و التذكرة و المفاتيح دعواه صريحا الخ.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه جميل بن دراج قال قال:

أبو عبد اللّه عليه السلام في رجل رهن عند الرجل رهنا فضاع الرهن قال: هو من مال الراهن و يرجع المرتهن عليه بماله «2».

و منها ما رواه ابان بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في الرهن:

اذا ضاع من عند المرتهن من غير أن يستهلكه رجع بحقه علي الراهن فاخذه و ان استهلكه ترادا الفضل بينهما 3.

______________________________

(1) الجواهر

ج 25 ص: 174

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 5 من ابواب الرهن الحديث 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 213

______________________________

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يرهن عند الرجل الرهن فيصيبه توي أو ضياع قال: يرجع بماله عليه «1».

و منها ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: قلت: الرجل يرتهن العبد فيصيبه عور أو ينقص من جسده شي ء علي من يكون نقصان ذلك؟

قال: علي مولاه قلت: ان الناس يقولون: ان رهنت العبد فمرض او انفقأت عينه فاصابه نقصان من جسده ينقص من مال الرجل بقدر ما ينقص من العبد قال: أ رأيت لو ان العبد قتل «قتيلا» علي من يكون جنايته؟ قال: جنايته في عنقه «2».

و منها ما رواه الحلبي في الرجل يرهن عند الرجل رهنا فيصيبه شي ء أوضاع قال: يرجع بماله عليه «3».

و منها ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السلام الرجل يرهن الغلام و الدار فتصيبه الآفة علي من يكون؟ قال: علي مولاه ثم قال: أ رأيت لو قتل قتيلا علي من يكون؟ قلت هو في عنق العبد قال: ألا تري فلم يذهب مال هذا ثم قال: أ رأيت لو كان ثمنه مأئة دينار فزاد و بلغ مأتي دينار لمن كان يكون قلت:

لمولاه قال: كذلك يكون عليه ما يكون له 4.

و منها ما رواه ابان بن عثمان عمن اخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في الرهن: اذا ضاع من عند المرتهن من غير أن يستهلكه رجع في حقه علي الراهن فاخذه فان استهلكه ترادا الفضل بينهما 5.

و منها ما رواه سليمان بن خالد عن

أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا رهنت

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) (3 و 4) نفس المصدر الحديث: 5 و 6

(4) (5) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 214

______________________________

عبدا أو دابة فمات فلا شي ء عليك و ان هلكت الدابة أو أبق الغلام فأنت ضامن «1».

و منها ما رواه ابان عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل رهن عند رجل دارا فاحترقت او انهدمت قال: يكون ماله في تربة الأرض و قال في رجل رهن عنده مملوكة تجذم او رهن عنده متاع فلم ينشر المتاع و لم يتعاهده و لم يحركه فتأكل هل ينقص ماله بقدر ذلك؟ قال: لا 2.

و جملة من النصوص تدل علي ضمانه علي الاطلاق منها ما رواه أبو حمزة قال:

سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول علي عليه السلام: يترادان الفضل فقال: كان علي عليه السلام يقول ذلك قلت: كيف يترادان؟ فقال: ان كان الرهن أفضل مما رهن به ثم عطب رد المرتهن الفضل علي صاحبه و ان كان لا يسوي رد الراهن ما نقص من حق المرتهن قال: و كذلك كان قول علي عليه السلام في الحيوان و غير ذلك 3.

و منها ما رواه ابن بكير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام في الرهن فقال: ان كان اكثر من مال المرتهن فهلك أن يؤدي الفضل الي صاحب الرهن و ان كان أقلّ من ماله فهلك الرهن ادي اليه صاحبه فضل ماله و ان كان الرهن سواء فليس عليه شي ء 4.

و منها ما رواه عبد اللّه بن الحكم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل رهن عند رجل رهنا علي

ألف درهم و الرهن يساوي الفين و ضاع قال: يرجع عليه بفضل ما رهنه و ان كان أنقص مما رهنه عليه رجع علي الراهن بالفضل و ان كان الرهن يسوي ما رهنه عليه فالرهن بما فيه 5 و تقيد الاطلاقات بما يدل علي عدم الضمان

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 8 و 9

(2) (3) الوسائل الباب 7 من أبواب الرهن الحديث: 1

(3) (4) نفس المصدر الحديث: 3

(4) (5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 215

و يضمن معه لمثله ان كان مثليا (1) و الا قيمته يوم التعدي (2) و القول قوله مع يمينه في قيمته و عدم التفريط (3) و قول الراهن في قدر الدين (4) و هو أحق به من باقي الغرماء اذا صار الراهن مفلسا (5).

______________________________

و تحمل علي صورة الافراط أو التفريط.

(1) كما هو المقرر.

(2) لحديث أبي ولاد عن الصادق عليه السلام قيمة بغل يوم خالفته «1» الدال علي أن الميزان و المعيار بيوم الغصب.

(3) لأنه موافق مع الأصل.

(4) الكلام فيه هو الكلام فان الأصل معه.

(5) ادعي عليه عدم الخلاف بل ادعي عليه الاجماع مضافا الي جملة من النصوص الدالة علي أن الرهن وثيقة للدين و فائدتها شرعا و عرفا استيفاء الدين منها.

منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن السلم في الحيوان و الطعام و يرتهن الرجل بماله رهنا قال: نعم استوثق من مالك «2»

و منها ما عن معاوية قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسلم في الحيوان و يرتهن الرهن قال: لا بأس تستوثق من مالك «3» و مثلها ما رواه محمد بن مسلم و يعقوب ابن شعيب

«4».

و في المقام حديثان احدهما ما رواه عبد اللّه بن حكم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أفلس و عليه دين لقوم و عند بعضهم رهون و ليس عند بعضهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من الاجارة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب الرهن الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب الرهن الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 5 و 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 216

و لو فضل من الدين شي ء شارك في الفاضل (1) و لو فضل من الرهن و له دين بغير رهن تساوي الغرماء فيه (2) و لو تصرف المرتهن بدون اذن الراهن ضمن (3) و عليه الاجرة (4) و لو اذن الراهن في البيع قبل الاجل فباع لم يتصرف في الثمن الا باذن الراهن (5) حتي بعد الاجل (6) و اذا

______________________________

فمات و لا يحيط ماله بما عليه من الدين قال: يقسم جميع ما خلف من الرهون و غيرها علي أرباب الدين بالحصص «1».

ثانيهما ما رواه سليمان بن حفص المروزي قال كتبت الي أبي الحسن عليه السلام في رجل مات و عليه دين و لم يخلف شيئا الا رهنا في يد بعضهم فلا يبلغ ثمنه أكثر من مال المرتهن أ يأخذ بماله أو هو و ساير الديان فيه شركاء، فكتب عليه السلام: جميع الديان في ذلك سواء يتوزعونه بينهم بالحصص «2»، يستفاد خلاف المدعي منهما لكنهما ضعيفان سندا.

(1) كما هو مقتضي القاعدة اذ المفروض انه احد الغرماء فيشارك غيره في الفاضل.

(2) هذا أيضا علي طبق القاعدة الاولية في هذا الباب فلاحظ.

(3) اذ المفروض ان يده يد عدوان فيضمن علي طبق القاعدة الأولية.

(4) بلا كلام اذ المفروض انه ليس له التصرف فتثبت

عليه الاجرة الاعلي القول بالتفصيل الذي تقدم «3».

(5) اذ المفروض ان الثمن ملك للراهن فلا يجوز التصرف فيه الا باذنه.

(6) لأنه لا يخرج عن ملكه بعد حلول الأجل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من ابواب الرهن الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 210

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 217

لم يأذن في الاستيفاء حينئذ جاز للمرتهن الاستيفاء بلا اذن (1) كما انه لو لم يأذن في البيع حينئذ و امتنع من وفاء الدين جاز للمرتهن البيع و الاستيفاء بلا اذن (3) و الاحوط استحبابا مراجعة الحاكم الشرعي (3) و لو خاف المرتهن جحود الوارث عند موت الراهن و لا بينة جاز أن يستوفي من الرهن مما في يده (4).

______________________________

(1) اذ لو لم يجز لا يترتب علي الرهن الأثر المرغوب فيه و بعبارة اخري الغاية المترتبة علي الرهن امكان استيفاء الدين من تلك الوثيقة فلا يتصور عدم الجواز الا في صورة اذن الراهن أو وفاء الدين بطريق آخر.

(2) الكلام فيه هو الكلام و التقريب هو التقريب.

(3) لا اشكال في حسن الاحتياط.

(4) قد ذكرت في تقريب الاستدلال علي المدعي وجوه:

الأول: ان فائدة الرهن جواز بيع الوثيقة عند عدم امكان الاستيفاء من غيرها و فيه انه فرض موت الراهن و انتقال الوثيقة الي الوارث و عقد الرهن مع الراهن لا مع الورثة فاثبات الجواز يحتاج الي الدليل.

الثاني: لزوم الحرج علي المرتهن و فيه اولا: انه اخص من المدعي اذ ربما لا يكون حرج عليه، و ثانيا: قاعدة لا حرج شانها النفي لا الاثبات.

الثالث: قاعدة الضرر و فيه اولا: ان القاعدة شانها النفي لا الاثبات و ثانيا: انما يتم علي المسلك المشهور في مفاد القاعدة و أما علي مسلك الشيخ الشريعة

قدس سره فلا تتم لإثبات المدعي.

الرابع: ما رواه المروزي انه كتب الي أبي الحسن عليه السلام في رجل مات و له ورثة فجاء رجل فادعي عليه مالا و ان عنده رهنا فكتب عليه السلام: ان كان له

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 218

______________________________

علي الميت مال و لا بينة له عليه فليأخذ ماله بما في يده و ليرد الباقي علي ورثته «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا و عمل المشهور بها علي تقدير تحققه لا يوجب اعتبارها كما هو المقرر عندنا تبعا لسيدنا الاستاد.

الخامس: النصوص الدالة علي جواز المقاصة منها: ما رواه داود بن رزين قال: قلت لأبي الحسن موسي عليه السلام: اني اخالط السلطان فتكون عندي الجارية فيأخذونها و الدابة الفارهة فيبعثون فيأخذونها ثم يقع لهم عندي المال فلي أن آخذه قال: خذ مثل ذلك و لا تزد عليه «2».

و منها ما رواه جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له علي الرجل الدين فيجحده فيظفر من ماله بقدر الذي جحده أ يأخذه و ان لم يعلم الجاحد بذلك قال: نعم «3».

و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل الجحود أ يحل أن اجحده مثل ما جحد؟ قال: نعم و لا تزداد «4».

و فيه ان المستفاد من هذه النصوص جواز التقاص في مورد تحقق الخيانة و انكار الحق المعلوم عند المنكر و في المقام لم يفرض علم الوارث بالحال فعلي طبق القاعدة لا يجب عليه تصديق ما يدعي المرتهن.

السادس: الاجماع قال في الجواهر: «و قد صرح به الأصحاب من غير خلاف يعرف بل عن شرح الارشاد الاجماع ان للمرتهن الاستيفاء

من الرهن» الي أن قال

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب الرهن

(2) الوسائل الباب 83 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث 13

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 219

و القول قول المالك مع ادعاء الوديعة و ادعاء الاخر الرهن (1).

______________________________

«و عن مجمع البرهان الاجماع أيضا» الخ و هل يمكن اثبات المدعي بالإجماع المدعي في المقام؟ و اللّه العالم.

(1) لكونه موافقا مع الأصل فان اثبات كونه رهنا يتوقف علي اقامة البينة هذا مقتضي القاعدة الأولية و لكن يستفاد من بعض النصوص كحديث ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث فان كان الرهن أقلّ مما رهن به او اكثر و اختلفا فقال: هو رهن و قال الاخر هو وديعة قال: علي صاحب الوديعة البينة فان لم يكن بينة حلف صاحب الرهن «1».

و حديث عباد بن صهيب قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن متاع في يد رجلين احدهما يقول: استودعتكاه «استودعتكه» و الاخر يقول: هو رهن قال فقال:

القول قول الذي يقول هو انه رهن الا أن يأتي الذي ادعي انه اودعه بشهود 2 ان القول قول مدعي الرهانة.

و ربما يقال: الحديثان مطلقان فيقيدان بحديث ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام انه قال في رجل رهن عند صاحبه رهنا فقال الذي عنده الرهن: ارتهنته عندي بكذا و كذا و قال الاخر: انما هو عندك وديعة فقال: البينة علي الذي عنده الرهن ان بكذا و كذا فان لم يكن له بينة فعلي الذي له الرهن اليمين 3.

فان مقتضي اطلاق الحديثين عدم الفرق بين ثبوت الدين و عدمه و هذا الاطلاق يقيد بحديث ابن مسلم و لكن الانصاف انه

لا مجال لهذا التقريب فان النصوص كلها متساوية من هذه الجهة و بعبارة اخري كلها مطلقة فيقع التعارض بينها و الترجيح بالأحدثية مع حديثي ابن صهيب و ابن أبي يعفور.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 16 من أبواب الرهن الحديث: 2 و 3

(2) (3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 220

[كتاب الحجر]

اشارة

كتاب الحجر

[و أسبابه أمور]

اشارة

و اسبابه امور:

[الأول الصغر]

الاول الصغر (1) فالصغير ممنوع من التصرف الا مع البلوغ (2).

______________________________

و اما حديث ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قال لرجل: لي عليك ألف درهم فقال الرجل: لا و لكنها وديعة فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: القول قول صاحب المال مع يمينه «1» فهو متعرض لحكم خاص في مورد مخصوص فلا يمكن التعدي عن مورده فلاحظ.

(1) قال في الحدائق: «لا خلاف في الحجر علي الصغير ما لم يبلغ في الجملة الخ» «2».

(2) و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه:

الوجه الأول: قوله تعالي «وَ ابْتَلُوا الْيَتٰاميٰ حَتّٰي إِذٰا بَلَغُوا النِّكٰاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوٰالَهُمْ» «3» بتقريب ان المستفاد من الاية الشريفة انه لا يدفع الي اليتيم ماله الا مع تحقق امرين: البلوغ و الرشد.

و بعبارة اخري: ان مقتضي المفهوم عدم الدفع اليه اذا كان غير بالغ أو اذا كان غير رشيد و عدم الدفع لأجل كونه محجورا عليه و ممنوعا عن التصرف و المستفاد من الاية و ان كان التصرف في ماله و لكن يمكن أن يقال: بعدم القول بالفصل يثبت منعه عن التصرفات علي الاطلاق.

الوجه الثاني: ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من ابواب الرهن الحديث: 1

(2) الحدائق ج 20 ص: 343

(3) النساء/ 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 221

______________________________

عن الغلام متي تجب عليه الصلاة؟ قال: اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة، فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة، و جري عليه القلم، و الجارية مثل ذلك ان أتي لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة و جري عليها القلم «1».

فان

مقتضي هذه الرواية ان جريان القلم علي الصبي مشروط بالبلوغ و قبل البلوغ لا يجري عليه القلم بل القلم مرفوع عنه و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين قلم التكليف و الوضع فلا يترتب علي معاملاته و عقوده و ايقاعاته اثر.

الوجه الثالث: ما يدل من النصوص علي عدم جواز امر الصبي و مضيه الا بالبلوغ:

منها ما رواه حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان الجارية ليست مثل الغلام ان الجارية ان تزوجت و دخل بها و لها تسع سنين ذهب عنها اليتم و دفع اليها مالها و جاز أمرها في الشراء و البيع و اقيمت عليها الحدود التامة و اخذت لها و بها قال: و الغلام لا يجوز امره في الشراء و البيع و لا يخرج من اليتم حتي يبلغ خمس عشرة سنة أو يحتلم أو يشعر او ينبت قبل ذلك «2».

و منها ما رواه أبو الحسين الخادم بياع اللؤلؤ عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سأله أبي و أنا حاضر عن اليتيم متي يجوز أمره؟ قال: حتي يبلغ أشده قال: و ما أشده قال: احتلامه قال: قلت: قد يكون الغلام ابن ثمان عشرة سنة او أقلّ أو اكثر و لم يحتلم قال: اذا بلغ و كتب عليه الشي ء «و نبت عليه الشعر» جاز عليه امره الا أن يكون سفيها أو ضعيفا «3» و مثلهما غيرهما فان مقتضي اطلاق هذه

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من مقدمات العبادات الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 2 من أبواب الحجر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 2 من ابواب الحجر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 222

______________________________

النصوص عدم نفوذ تصرفه.

الوجه الرابع: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

عمد الصبي و خطاءه واحد «1» فان مقتضي هذه الرواية ان عمد الصبي كخطائه فلا يترتب اثر علي افعاله و تخصيص الرواية بجناياته الموجبة للدية لا وجه له فان الرواية مطلقة و لا مقتضي للتقليد فلاحظ.

و ربما يستدل علي جواز تصرفات الصبي بوجوه أيضا:

الوجه الاول: الاية الشريفة و قد ذكر في تقرير الاستدلال بها علي المدعي تقريبان:

احدهما: ان المستفاد منها ان المدار الرشد و انما ذكر البلوغ لكونه امارة عليه و لا خصوصية له و بعبارة اخري الجملة الأخيرة استدراك علي الصدر فالصبي الرشيد امره نافذ.

و فيه: ان جعل البلوغ امارة و طريقا الي الرشد خلاف الظاهر لا يصار اليه بلا قرينة.

ثانيهما: ان الابتلاء و الامتحان تعلق في الاية باليتامي فيستفاد من الاية الشريفة ان اليتيم اذا ابتلي و علم انه رشيد يصح أمره و ينفذ.

و فيه اولا: انه يمكن أن يكون المراد بالابتلاء ما يتعلق ببلوغه اي يبتلي كي يعلم انه بلغ أم لا و ثانيا: نفرض ان الابتلاء لأجل استعلام رشده و لكن لا تنافي بين كون الابتلاء لاستعلام الرشد و أن يكون نفوذ الأمر مترتبا علي المركب من البلوغ و الرشد كما هو ظاهر الاية.

و صفوة القول: انه لا مناص عن العمل بالظاهر و ظاهر الاية يقتضي ترتب النفوذ علي البلوغ و الرشد و الا لم يكن وجه لذكر البلوغ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب العاقلة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 223

و الرشد (1) و يعلم الاول بانبات

______________________________

الوجه الثاني: النصوص الدالة علي جواز وصيته و وقفه و صدقته و عتقه لاحظ ما رواه أبو بصير يعني المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا بلغ الغلام عشر سنين و

اوصي بثلث ماله في حق جازت وصيته و اذا كان ابن سبع سنين فاوصي من ماله باليسير في حق جازت وصيته «1».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أتي علي الغلام عشر سنين فانه يجوز في ماله ما اعتق او تصدق او أوصي علي حد معروف و حق فهو جائز «2».

و ما رواه زرارة أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أتي علي الغلام عشر سنين فانه يجوز له من ماله ما اعتق و تصدق علي وجه المعروف فهو جائز «3»

و فيه: ان هذه النصوص علي فرض تماميتها سندا و دلالة تقتضي التخصيص في ادلة المنع و دليل المنع لا يكون آبيا عن التخصيص.

الوجه الثالث: ما ارسله في المبسوط علي ما نقل عنه «و روي انه اذا بلغ عشر سنين و كان رشيدا كان جائز التصرف» و المرسل لا اعتبار به.

الوجه الرابع: السيرة بدعوي جريانها علي ترتيب الأثر علي تصرفاته.

و فيه: ان جريان السيرة من المتشرعة المبالين بالشرع و الشريعة اول الكلام و الاشكال فالنتيجة عدم دليل علي جواز تصرفات الصبي.

(1) كما يستفاد من الاية الشريفة و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه هشام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: انقطاع يتم اليتيم بالاحتلام و هو اشده و ان احتلم و لم يؤنس منه رشده و كان سفيها أو ضعيفا فليمسك عنه وليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من احكام الوصايا الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 15 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 56 من أبواب العتق الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 224

الشعر الخشن علي العانة (1).

______________________________

ماله «1».

(1) ادعي عليه عدم الخلاف بل الاجماع و

قال في الحدائق: «قال في التذكرة و هو مختص بشعر العانة الخشن و لا اعتبار بالشعر الضعيف الذي قد يوجد في الصغر بل الخشن الذي يحتاج في ازالته الي الحلق حول ذكر الرجل و فرج المرأة و قال أيضا في الكتاب المذكور انبات هذا الشعر دليل البلوغ في حق المسلمين و الكفار عند علمائنا اجمع» «2» الي أن قال: «قال في المسالك بعد قول المصنف- و يعلم بلوغه بانبات الشعر الخشن علي العانة- ما لفظه: و يعبر عنه بالزغب» «3» الخ.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه الكناسي قال قلت لأبي جعفر عليه السلام: متي يجوز للأب أن يزوج ابنته و لا يستأمرها؟ قال: اذا جاز تسع سنين فان زوجها قبل بلوغ التسع سنين كان الخيار لها اذا بلغت تسع سنين الي أن قال قلت: فالغلام يجري في ذلك مجري الجارية؟ فقال: يا أبا خالد ان الغلام اذا زوجه ابوه و لم يدرك كان بالخيار اذا ادرك و بلغ خمس عشرة سنة أو يشعر في وجهه أو ينبت في عانته قبل ذلك الخ «4» و هذا الحديث مخدوش بالكناسي.

و منها ما رواه حمران قال: سألت أبا جعفر عليه السلام قلت له: متي يجب علي الغلام أن يؤخذ بالحدود التامة و يقام عليه و يؤخذ بها؟ قال: اذا خرج عنه اليتم و ادرك قلت: فلذلك حد يعرف به فقال: اذ احتلم او بلغ خمس عشرة أو اشعر

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الحجر الحديث: 1

(2) الحدائق ج 20 ص: 346

(3) الحدائق ج 20 ص: 347

(4) الوسائل الباب 6 من أبواب عقد النكاح و أولياء العقد الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 225

أو الاحتلام

(1).

______________________________

او أنبت قبل ذلك اقيمت عليه الحدود التامة و اخذ بها و اخذت له «1» و هذه الرواية ضعيفة بحمزة و غيره.

و منها ما رواه ابو البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام انه قال عرضهم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم يومئذ يعني بني قريظة علي العانات فمن وجده انبت قتله و من لم يجده أنبت ألحقه بالذراري «2» و هذه الرواية ضعيفة أيضا سندا فالعمدة الاجماع و التسالم بين الأصحاب.

(1) الظاهر انه لا خلاف فيه بين الأصحاب و يدل عليه قوله تعالي وَ إِذٰا بَلَغَ الْأَطْفٰالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ «3» و عن التذكرة: «الاحتلام هو خروج المني و هو الماء الدافق الذي يخلق منه الولد» و عنه أيضا: «الحلم خروج المني من الذكر أو قبل المرأة مطلقا سواء كان بشهوة او بغير شهوة و سواء كان بجماع أو غير جماع و سواء كان في نوم او يقظة».

و تدل علي المدعي أيضا جملة من النصوص منها ما رواه حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان الجارية ليست مثل الغلام ان الجارية اذا تزوجت و دخل بها و لها تسع سنين ذهب عنها اليتم و دفع اليها مالها و جاز أمرها في الشراء و البيع و اقيمت عليها الحدود التامة و اخذت لها و بها قال: و الغلام لا يجوز امره في الشراء و البيع و لا يخرج من اليتم حتي يبلغ خمس عشرة سنة او يحتلم او يشعر او ينبت قبل ذلك «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) النور/ 59

(4) الوسائل الباب 2 من أبواب

الحجر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 226

او الحيض (1).

______________________________

و منها ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان اولاد المسلمين موسومون عند اللّه شافع و مشفع فاذا بلغوا اثنتي عشرة سنة كتبت لهم الحسنات فاذا بلغوا الحلم كتبت عليهم السيئات «1».

و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه قال: سألته عن اليتيم متي ينقطع يتمه قال: اذا احتلم و عرف الأخذ و العطاء 2.

و منها ما عن جعفر بن محمد عن ابيه عن آبائه عليهم السلام في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم لعلي عليه السلام قال يا علي لا يتم بعد احتلام 3.

و منها ما رواه الأعمش عن أبي ظبيان قال أتي عمر بامرأة مجنونة قد زنت فأمر برجمها فقال علي عليه السلام أما علمت ان القلم يرفع عن ثلاثة عن الصبي حتي يحتلم و عن المجنون حتي يفيق و عن النائم حتي يستيقظ 4.

و منها مرسل الفقيه قال: و في خبر آخر علي الصبي اذا احتلم الصيام و علي المرأة اذا حاضت الصيام 5.

و منها ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته متي تجب عليه الصلاة قال: اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري عليه القلم و الجارية مثل ذلك ان أتي لها ثلاث عشرة سنة او حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة و جري عليها القلم 6.

(1) لاحظ ما رواه عمار 7 ان قلت لا اشكال في عدم التحيض قبل البلوغ

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 1 و

6

(2) (3) نفس المصدر الحديث: 9

(3) (4) نفس المصدر الحديث 11

(4) (5) نفس المصدر الحديث: 10

(5) (6 و 7) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 227

او اكمال خمس عشرة سنة في الذكر (1).

______________________________

تسعا فكيف يكون البلوغ بالحيض؟ و بعبارة اخري الحيض قبل التسع لا يكون حيضا شرعا كما صرح الماتن به في بحث الحيض و بعد التسع يكون البلوغ بالسن فأين تظهر الفائدة؟ قلت: تظهر الفائدة في مجهول السن و بعبارة اخري لو تري الجارية الدم الذي يكون حيضا قطعا و لا تدري ان سنها بلغ التسع أم لا؟ يحكم بكونها بالغة و لا مجال لاستصحاب عدم بلوغ سنها تسعا و ان شئت قلت: دم الحيض في مجهولة السن امارة علي البلوغ و مع وجود الامارة لا مجال للأصل فلا يجري الاستصحاب فلاحظ.

(1) ما يمكن أن يذكر في تقريب الاستدلال علي المدعي وجهان:

الوجه الأول: الاجماع و التسالم القطعي علي تحقق البلوغ باكمال خمس عشرة فما دام لم يكمل هذا المقدار يجري استصحاب عدم البلوغ بل مقتضي الاية «وَ ابْتَلُوا الْيَتٰاميٰ حَتّٰي إِذٰا بَلَغُوا النِّكٰاحَ «1» «وَ إِذٰا بَلَغَ الْأَطْفٰالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا» «2» و الرواية عدم تحقق البلوغ قبل تحقق الحلم خرج عنه بلوغ هذا المقدار من السن بمقتضي الاجماع و التسالم.

الوجه الثاني: النصوص الدالة علي المدعي منها ما رواه حمران عن أبي جعفر عليه السلام في حديث الي أن قال قال: و الغلام لا يجوز أمره في البيع و الشراء و لا يخرج من اليتم حتي يبلغ خمس عشرة ستة أو يحتلم أو يشعر أو ينبت قبل ذلك «3».

و منها ما رواه بريد (يزيد) الكناسي قال: قلت: لأبي جعفر عليه السلام متي

يجوز للأب أن يزوج ابنته و لا يستأمرها؟ الي أن قال: قلت: فالغلام يجري في

______________________________

(1) النساء/ 6

(2) النور/ 59

(3) الوسائل الباب 2 من أبواب الحجر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 228

______________________________

ذلك مجري الجارية قال يا أبا خالد إن الغلام اذا زوجه أبوه و لم يدرك كان بالخيار اذا ادرك و بلغ خمس عشرة سنة او يشعر في وجهه او ينبت في عانته قبل ذلك «1».

و منها ما رواه معاوية بن وهب في حديث قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام في كم يؤخذ الصبي بالصيام؟ قال ما بينه و بين خمس عشرة سنة و اربع عشرة سنة فان هو صام قبل ذلك فدعه و لقد صام ابني فلان قبل ذلك فتركته «2».

و في قبال هذه النصوص روايات يستفاد منها خلاف المدعي منها ما رواه الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له: في كم تجري الأحكام علي الصبيان قال في ثلاث عشرة و اربع عشرة قلت: فانه لم يحتلم فيها قال: و ان كان لم يحتلم فان الأحكام تجري عليه «3».

و هذه الرواية ضعيفة سندا فدليل كون البلوغ باربع عشرة سنة ضعيف سندا و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله أبي و أنا حاضر عن قول اللّه عز و جل حَتّٰي إِذٰا بَلَغَ أَشُدَّهُ قال: الاحتلام قال: فقال: يحتلم في ست عشرة و سبع عشرة سنة و نحوها فقال: لا اذا أتت عليه ثلاث عشرة سنة كتبت له الحسنات و كتبت عليه السيئات و جاز أمره الا أن يكون سفيها أو ضعيفا «4».

و منها ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة قال: اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب عقد النكاح و مقدماته الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 29 من ابواب من يصح منه الصوم الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 45 من ابواب احكام الوصايا الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 44 من ابواب الوصايا الحديث: 8

(5) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 229

______________________________

فان المستفاد من هذه الطائفة ان البلوغ يتحقق بثلاث عشرة سنة فيقع التعارض بين هذه الطائفة و ما يدل علي أن البلوغ يحصل بخمس عشرة سنة و حيث لا مرجح في احد الطرفين يتساقطان فقبل الخمس عشرة يحكم بعدم تحقق البلوغ بالتقاريب المتقدمة و أما بعدها فلا اشكال في تحقق البلوغ فلاحظ الا أن يقال: ان احد الطرفين أحدث فيدخل المقام في باب اشتباه الحجة بغيرها.

و منها ما يدل علي تحققه بثمان سنين لاحظ ما رواه حسن بن راشد عن العسكري عليه السلام قال: اذا بلغ الغلام ثماني سنين فجائز امره في ماله و قد وجب عليه الفرائض و الحدود و اذا تم للجارية سبع سنين فكذلك «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا بضعف اسناد الشيخ الي ابن فضال.

و منها ما يدل علي تحققه بعشر سنين لاحظ ما رواه أبو ايوب قال: سألت اسماعيل بن جعفر متي تجوز شهادة الغلام؟ فقال: اذا بلغ عشر سنين قلت:

و يجوز أمره؟ قال: فقال: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله دخل بعائشة و هي بنت عشر سنين و ليس يدخل بالجارية حتي تكون امرأة فاذا كان للغلام عشر سنين جاز أمره و

جازت شهادته «2» و هذه الرواية ضعيفة بالعبيدي مضافا الي أنها غير مستندة الي المعصوم.

و يمكن الاستدلال علي تحققه بعشر سنين بما يدل علي جواز عتقه و صدقته و وصيته و وقفه لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا بلغ الغلام عشر سنين و أوصي بثلث ماله في حق جازت وصيته و اذا كان ابن سبع سنين فأوصي من ماله باليسير في حق جازت وصيته «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 22 من ابواب الشهادات الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 44 من الوصايا الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 230

و تسع في الاثني (1).

______________________________

و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا بلغ الغلام عشر سنين جازت وصيته «1».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أتي علي الغلام عشر سنين فانه يجوز له في ماله ما اعتق او تصدق او اوصي علي حد معروف و حق فهو جائز «2».

و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا بلغ الصبي خمسة اشبار اكلت ذبيحته و اذا بلغ عشر سنين جازت وصيته 3.

و ما رواه ابو بصير و ابو ايوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الغلام ابن عشر سنين يوصي قال: اذا أصاب موضع الوصية جازت 4.

و ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن وصية الغلام هل تجوز قال: اذا كان ابن عشر سنين جازت وصيته 5.

فيقع التعارض بين الجانبين و لكن يمكن أن يقال:

ان صحة عتقه و صدقته و وقفه اعم من بلوغه مضافا الي أنه قد صرح في بعض النصوص بعدم بلوغه بعشر سنين لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في غلام صغير لم يدرك ابن عشر سنين زني بامرأة قال يجلد الغلام دون الحد و تجلد المرأة الحد كاملا قيل: فان كانت محصنة قال: لا ترجم لأن الذي نكحها ليس بمدرك و لو كان مدركا لرجم 6 فالنتيجة ان البلوغ يتحقق بخمس عشرة سنة و اللّه العالم بحقايق الأشياء.

(1) كما هو المشهور عندهم بل هو الذي استقر عليه المذهب- علي ما في

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) (2 و 3 و 4) نفس المصدر الحديث: 4 و 5 و 6

(3) (5) نفس المصدر الحديث: 7

(4) (6) الوسائل الباب 9 من ابواب حد الزنا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 231

______________________________

الجواهر- و يظهر من الشيخ قدس سره في الخلاف في كتاب الحجر أنه اجماعي و يدل علي المدعي بعض النصوص منها ما رواه حمران قال سألت ابا جعفر عليه السلام قلت له: متي يجب علي الغلام أن يؤخذ بالحدود التامة؟ الي أن قال:

قلت: فالجارية متي تجب عليها الحدود التامة و تؤخذ بها و يؤخذ لها؟ قال: ان الجارية ليست مثل الغلام ان الجارية اذا تزوجت و دخل بها و لها تسع سنين ذهب عنها اليتم و دفع اليها مالها و جاز أمرها في الشراء و البيع «1».

و منها ما رواه يزيد الكناسي عن ابي جعفر عليه السلام قال الجارية اذا بلغت تسع سنين ذهب عنها اليتم و زوجت و اقيمت عليها الحدود التامة لها و عليها «2»

و منها ما رواه عبد اللّه بن

سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا بلغ الغلام ثلاث عشرة سنة كتبت له الحسنة و كتبت عليه السيئة و عوقب و اذا بلغت الجارية تسع سنين فكذلك و ذلك أنها تحيض لتسع سنين «3».

و يمكن الاستدلال علي المدعي بالنصوص الدالة علي جواز الدخول بالجارية اذا بلغت تسع سنين منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال اذا تزوج الرجل الجارية و هي صغيرة فلا يدخل بها حتي يأتي لها تسع سنين «4».

و منها ما رواه زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال: لا يدخل بالجارية حتي يأتي لها تسع سنين او عشر سنين 5 و غيرهما مما ورد في الباب المشار اليه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب مقدمة العبادات الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 44 من احكام الوصايا الحديث: 12

(4) (4 و 5) الوسائل الباب 45 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 232

و الثاني باصلاح ماله عند اختباره بحيث يسلم من المغابنات و تقع افعاله علي الوجه الملائم (1) و لا يزول الحجر مع فقد احدهما (2) و ان طعن في السن (3) و يثبت الرشد في الرجال بشهادة أمثالهم (4).

______________________________

بتقريب عدم جواز الدخول بغير البالغة كما انه يمكن الاستدلال بما دل علي أن الجارية تحيض لتسع سنين منها: ما رواه عبد الرحمن الحجاج قال: قال ابو عبد اللّه عليه السلام: ثلاث تتزوجن علي كل حال التي لم تحض و مثلها لا تحيض قال:

قلت: و ما حدها قال اذا اتي لها أقلّ من تسع سنين و التي لم يدخل بها «1».

و منها ما رواه عبد الرحمن بن

الحجاج أيضا قال: سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول ثلاث يتزوجن علي كل حال: التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض قلت و متي تكون كذلك؟ قال: اذا بلغت ستين سنة فقد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض و التي لم تحض و مثلها لا تحيض قلت و متي يكون كذلك؟ قال: ما لم تبلغ تسع سنين فانها لا تحيض و مثلها لا تحيض و التي لم يدخل بها «2» بتقريب ان الحيض لا يتحقق شرعا قبل البلوغ.

(1) اذ لا اشكال في أنه بهذه الوسيلة يعرف انه رشيد أم لا.

(2) بلا اشكال اذ قد مر ان المستفاد من الدليل انه محجور ما دام لا يكون بالغا و ما دام لا يكون رشيدا فيلزم في ارتفاع الحجر زوال كلا الأمرين.

(3) اذ السن لا يكون ملاكا للرشد فلا اثر لزيادته.

(4) اجماعا كما في الجواهر مضافا الي أن نفوذ شهادة الرجال علي طبق القاعدة الأولية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب العدد الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 3 من ابواب العدد الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 233

و في النساء بشهادة الرجال (1) و كذلك بشهادتهن علي اشكال (2)

[الثاني الجنون]

الثاني الجنون (3).

______________________________

(1) بلا خلاف كما في الجواهر مضافا الي أنه علي طبق القاعدة.

(2) ادعي عليه الاجماع و لكن صاحب الجواهر قدس سره قال في هذا المقام «لم أتحققه» و الظاهر ان منشأ الاشكال في عبارة الماتن ان المستفاد من الأدلة و النصوص عدم جواز شهادة النساء الا في موارد خاصة لاحظ ما رواه السكوني عن جعفر عن ابيه عن علي عليه السلام انه كان يقول: شهادة النساء لا تجوز في طلاق و لا نكاح و لا

في حدود الا في الديون و ما لا يستطيع الرجال النظر اليه «1».

و لاحظ بقية النصوص الواردة في الباب 24 من أبواب الشهادات من الوسائل و عليه يشكل نفوذ شهادتهن في مورد لا يكون دليل علي نفوذها فلاحظ.

(3) قال في الحدائق «و دليل الحجر علي المجنون ظاهر من العقل و النقل» انتهي. و يمكن الاستدلال علي المدعي بما ورد في الحجر علي السفيه بالاولوية فان السفيه اذا كان محجورا عليه من التصرف فالحجر علي المجنون بالاولوية القطعية.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بالنصوص الدالة علي اشتراط العقل في تعلق التكاليف منها ما رواه ابو الجارود عن ابي جعفر عليه السلام قال: انما يداق اللّه العباد في الحساب يوم القيمة علي قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا «2».

و منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: اذا بلغكم عن رجل حسن حال فانظروا في حسن عقله

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من ابواب الشهادات الحديث: 42

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب مقدمة العبادات الحديث 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 234

و لا يصح تصرف المجنون الا في اوقات افاقته (1)

[الثالث السفه]

الثالث السفه و يحجر علي السفيه في ماله خاصة علي المشهور (2).

______________________________

فانما يجازي بعقله «1».

و منها ما رواه هشام قال: قال ابو عبد اللّه عليه السلام لما خلق اللّه العقل قال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر ثم قال: و عزتي و جلالي ما خلقت خلقا هو احب إلي منك بك آخذ و بك أعطي و عليك اثيب «2».

فان المستفاد من هذه النصوص ان المجنون خارج عن دائرة المقررات الشرعية فلا اعتبار بافعاله و

تروكه و لا يترتب علي عقده و إيقاعه اثر شرعي و يؤيد المدعي ما رواه ابن ظبيان قال أتي عمر بامرأة مجنونة قد زنت فامر برجمها فقال علي عليه السلام: اما علمت ان القلم يرفع عن ثلاثة عن الصبي حتي يحتلم و عن المجنون حتي يفيق و عن النائم حتي يستيقظ «3».

فان مقتضي اطلاق الرفع ارتفاع القلم عنه و ان شئت قلت: ان المستفاد من مجموع الروايات ان المجنون في نظر الشارع كالحيوانات.

(1) كما هو ظاهر اذ زمان افاقته يكون جامعا للشرائط فما يصدر عنه صحيح كالصادر عن غيره و ما يصدر عنه في زمان جنونه لا يصح لفقدان شرط الصحة فلاحظ.

(2) قال في الجواهر: «و كيف كان فلو باع و الحال هذه اي غير رشيد لم يمض بيعه و لا شرائه و لا غير ذلك من عقوده و معاملاته اذا حجر عليه الحاكم أو مطلقا علي الخلاف و كما لو وهب او اقر بمال و الضابط: المنع من التصرفات

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 235

[الرابع الملك]

الرابع الملك: فلا ينعقد تصرف المملوك بدون اذن مولاه (1) و لو ملكه مولاه شيئا ملكه علي الأصحّ و كذا غيره اذا كان باذن المولي (2).

______________________________

المالية بلا خلاف اجده فيه بل يمكن تحصيل الاجماع عليه بل عن مجمع البرهان دعواه و هو الحجة» الخ «1».

و يدل علي المدعي الكتاب و السنة كما مر تقريب الاستدلال بهما في اشتراط الرشد في صحة المعاملة فراجع و علي الجملة المستفاد من الدليل ان غير الرشيد ممنوع من التصرف المالي و أما حجره علي الاطلاق فلا دليل

معتبر عليه ظاهرا.

(1) قال في الجواهر: «لا يجوز للمملوك فضلا عن غيره ان يتصرف في نفسه باجارة و لا استدانة و لا غير ذلك من العقود و لا بما في يده ببيع و لا هبة الا باذن سيده و لو حكم له بملكه» «2».

(2) لاحظ ما رواه عمر بن يزيد قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أراد أن يعتق مملوكا له و قد كان مولاه يأخذ منه ضريبة فرضها عليه في كل سنة و رضي بذلك المولي فاصاب المملوك في تجارته ما لا سوي ما كان يعطي مولاه من الضريبة فقال: اذا ادي الي سيده ما كان فرض عليه فما اكتسب بعد الفريضة فهو للمملوك «3»

و لاحظ حديث اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما تقول في رجل يهب لعبده ألف درهم او أقلّ او اكثر فيقول حللني من ضربي اياك و من كل ما كان مني إليك و مما اخفتك و ارهبتك فيحلله و يجعله في حل رغبة فيما اعطاه ثم ان المولي بعد اصاب الدراهم التي كان أعطاها في موضع قد وضعها فيه العبد فأخذها المولي احلال هي له؟ قال: فقال: لا تحل له لأنه افتدي بها نفسه من العبد

______________________________

(1) الجواهر ج 26 ص: 56

(2) الجواهر ج 25 ص: 69

(3) تهذيب الاحكام ج 8 ص 224 حديث: 40

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 236

[الخامس: الفلس]

الخامس: الفلس و يحجر علي المفلس بشروط اربعة (1) ثبوت ديونه عند الحاكم (2) و حلولها (3) و قصور امواله عنها (4) و مطالبة اربابها الحجر (5).

______________________________

مخافة العقوبة و القصاص يوم القيامة «1».

فان المستفاد من الحديثين ان العبد يملك و حيث ان المسألة

خارجة عن محل الابتلاء نقتصر من البحث فيها علي هذا المقدار و اللّه ولي التوفيق و عليه التكلان.

(1) تحقق الحجر به يحتاج الي دليل و بعبارة اخري يكون تصرف المالك في ماله نافذا شرعا الا أن يقوم دليل علي المنع و حيث انه لا دليل عليه بدون الشروط المذكورة يتوقف تحققه عليها.

(2) لأصالة بقاء سلطنته علي ماله و بتعبير آخر عدم تحقق الحجر يكون علي مقتضي القاعدة الأولية و جواز التصرف و نفوذه قبل تحققه علي القاعدة مضافا الي أنه ما دام لا يثبت كونه مديونا عند الحاكم لا يقدر الحاكم علي حجره كما هو ظاهر

(3) اذ مع عدم الحلول لا يستحق الديان المطالبة و لعل اللّه يحدث بعد ذلك امرا و بعبارة واضحة لا دليل علي جواز الحجر عليه فلا يجوز فان الجواز يحتاج الي الدليل و عدم الجواز علي طبق القاعدة.

(4) قال في الجواهر: «فان لم تكن قاصرة فلا حجر عليه اجماعا محكيا في جامع المقاصد و المسالك و ظاهر التذكرة بل طالبه ارباب الدين فان قضي و الا رفعوا امرهم الي الحاكم فيحبسه الي أن يقضي او يبيع عليه و يقضي عنه لأنه ولي الممتنع» «2» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

(5) اذ الحق لهم فلا يحجر عليه مع عدم التماسهم ذلك فانه لا دليل علي تحقق الحجر في غير هذه الصورة و صفوة القول: ان الحجر علي خلاف الاصول و القواعد

______________________________

(1) تهذيب الاحكام ج 8 ص 225 حديث: 41

(2) الجواهر ج 25 ص: 279

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 237

و اذا حجر عليه الحاكم بطل تصرفه في ماله مع عدم اجازة الديان ما دام الحجر باقيا (1) فلو اقترض بعده او

اشتري في الذمة لم يشارك المقرض و البائع الغرماء (2).

______________________________

فلا يتحقق الا في مورد اليقين.

لكن المستفاد من النص لا يكون كذلك لاحظ ما رواه غياث بن ابراهيم عن جعفر عن ابيه ان عليا عليه السلام كان يفلس الرجل اذا التوي علي غرمائه ثم يأمر به فيقسم ماله بينهم بالحصص فان ابي باعه فقسم بينهم يعني ماله «1». فان المستفاد من هذه الرواية ان شرط جواز الحجر و التفليس التواء الرجل علي غرمائه فلا بد من تحقق اجماع علي المنع كي يمنع عن الأخذ باطلاق الدليل و اللّه العالم

(1) ما يمكن أن يذكر في تقريب الاستدلال علي المدعي و جهان: الوجه الأول الاجماع. الوجه الثاني: حديث غياث و عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام مثله الا أنه قال: يحبس الرجل «2».

فانه يستفاد من هذا الحديث انه بعد الحجر لا يمكنه التصرف في ماله و انه لمعزول عنه مضافا الي أن الاستدلال علي جواز الحجر يثبت كونه محجورا اذ لو لم يحجر لم تكن فائدة في الحجر عليه و مع اجازة الديان يجوز تصرفه اذ المنع من ناحيتهم فيجوز باذنهم.

(2) لعدم دليل علي المشاركة و ان شئت قلت: انه بالحجر عليه اختص ماله بالغرماء و مشاركة الغير معهم تحتاج الي شركة جديدة و لا دليل عليها مضافا الي دعوي الاتفاق علي عدم المشاركة في صورة علم المقرض أو البائع باعساره نعم في صورة الجهل بالحال لا يبعد الالتزام بالخيار بتقريب انه مقتضي الاشتراط

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب الحجر الحديث: 1

(2) نفس المصدر و ذيل الحديث

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 238

و لو أتلف مال غيره فالاظهر عدم مشاركة صاحبه للغرماء (1) و كذا الواقر بدين سابق

(2) أو بعين (3) و له اجازة بيع الخيار (4) و في جواز فسخه اشكال (5).

______________________________

الارتكازي الضمني فلاحظ.

(1) لعدم دليل علي المشاركة و مقتضي الأصل عدمها و الظاهر انه لا نص في المقام يقتضي الشركة الجديدة و أما كون الضمان بالاتلاف بغير رضا صاحب المال لا يقتضي المشاركة مع الغرماء كما هو ظاهر.

(2) و الوجه فيه ان الإقرار نافذ عليه و أما بالنسبة الي غيره فلا دليل علي نفوذه فلا يكون موجبا لمشاركة المقر له مع الغرماء. ان قلت قد اشتهر فيما بينهم ان مثبتات الامارات حجة فنفوذ الإقرار يستلزم ترتيب لوازمه فتلزم المشاركة.

قلت لم يرد دليل يدل علي هذه الكلية بل الالتزام بترتب اللوازم يتوقف علي أمرين أحدهما: دلالة الامارة علي اللازم ثانيهما: قيام دليل علي حجيتها علي الاطلاق فلو انتفي احد الأمرين لا يتم الأمر مثلا اذا أخبر الثقة ببقاء زيد في قيد الحياة فقد أخبر باللوازم المترتبة علي الحياة فاذا قام الدليل علي حجية قوله علي الاطلاق يثبت باخباره جميع اللوازم و أما في المقام فلا دليل علي اعتبار قول المقر الا بالمقدار الذي يكون اقرارا علي نفسه و أما بالنسبة الي الغير فلا دليل علي اعتبار اقراره.

(3) الكلام فيه هو الكلام اي لا دليل علي اعتبار قوله بلحاظ تحقق الضرر بالنسبة الي الغرماء.

(4) اذ لا وجه لسقوط هذا الحق فانه يحجر عن التصرف في امواله و اسقاط الخيار لا يكون تصرفا في ماله فلا وجه لسقوط هذا الحق كما انه لا وجه لكونه محجورا عليه عن اعماله.

(5) ادعي في الجواهر عدم وجدان الخلاف في جوازه و الذي يخطر بالبال

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 239

و من وجد عين ماله كان له اخذها

(1) دون نمائها المنفصل (2) أما المتصل فان كان كالطول و السمن و بلوغ الثمرة و نحوهما مما لا يصح للانفصال تبعها (3) و ما يصح لذلك كالصوف و الثمرة و نحوهما ففيه اشكال و الاظهر عدم التبعية (4).

______________________________

في هذه العجالة انه ان تم اجماع تعبدي علي الجواز فهو و الا يشكل الالتزام بالجواز لأن الفسخ و ان كان تصرفا في العقد لكن لا اشكال في أنه تصرف في المال و لو بالواسطة و المفروض كونه محجورا عليه عن التصرفات المالية و ما ذكر في المقام من أنه ليس تصرفا ابتدائيا بل هو اثر امر ثابت قبل الحجر غير تام لأن المفلس بعد الحجر ممنوع عن التصرف في المال فما افاده في المتن من الاشكال متين.

(1) كما هو المعروف بين الأصحاب- علي ما في بعض الكلمات- و يدل علي المدعي ما رواه عمر بن يزيد عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن الرجل يركبه الدين فيوجد متاع رجل عنده بعينه قال لا يحاصه الغرماء «1».

(2) لعدم المقتضي اذ المفروض ان النماء تابع للأصل و المفروض ان النماء وجد في ملك المديون و المستفاد من حديث عمر بن يزيد ان العين التي كانت للغير تختص به و أما نمائه المنفصل فلا دليل عليه.

(3) فان ما لا يكون قابلا للانفصال تابع للعين اذ المفروض ان العين تختص بمالكها السابق و المفروض أيضا عدم امكان الانفصال و يمكن الاستدلال علي المدعي باطلاق حديث عمر بن يزيد.

(4) استدل علي عدم التبعية بوجوه: الوجه الأول: ان اخذ العين خارج عن الأصل و القاعدة فيقتصر فيه علي مقدار اليقين و هو اصل المتاع لا نمائه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب

الحجر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 240

و لو خلطها بجنسها فله عين ماله مطلقا و ان كان بالاوجود (1) و كذا لو خلطها بغير جنسها (2) ما لم تعد من التالف (3) و لا اختصاص في مال الميت مع قصور التركة (4).

______________________________

الوجه الثاني: ان اخذه للزيادة ضرر علي الغرماء و هو منفي.

الوجه الثالث: ان الزيادة مملوكة للمفلس فلا تخرج عنه مجانا.

الوجه الرابع: انها ليست عين مال الغير فلا مقتضي لرجوعها اليه. و الذي يخطر ببالي القاصر ان المستفاد من حديث عمر بن يزيد ان الغرماء لا يحاصوه في ماله و لا يدل الحديث علي رجوع العين الي ملك مالكها السابق كما انه لا يدل علي الخيار بل المستفاد من الحديث ان له اخذ حقه من العين الباقية عند المفلس و عليه لا وجه للتبعية لا في النماء المتصل و لا في النماء المنفصل بل له اخذ حقه من العين فقط.

و لكن الانصاف انه لا يبعد شمول الدليل للعين مع الزيادة المتصلة نعم في الزيادة المتصلة القابلة للانفصال يشكل الالتزام بالصدق فلا يبعد ان ما اختاره الماتن هو الصحيح.

(1) بتقريب ان المأخوذ في الدليل وجود متاع الرجل بعينه و اطلاقه يقتضي شمول الدليل هذه الفروض و لا يبعد الشمول لصدق العنوان المأخوذ في الموضوع.

(2) بعين التقريب.

(3) كما هو ظاهر فانه مع صدق التلف لا يصدق الموضوع المأخوذ في الدليل

(4) لاحظ ما رواه أبو ولاد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باع من رجل متاعا الي سنة فمات المشتري قبل أن يحل ماله و اصاب البائع متاعه بعينه أله أن يأخذه اذا حقق له؟ قال: فقال ان كان عليه دين و ترك نحوا

مما عليه فليأخذ ان حقق له، فان ذلك حلال له و لو لم يترك نحو من دينه فان صاحب المتاع

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 241

و يخرج الحب و البيض بالزرع و الاستفراخ عن الاختصاص (1) و للشفيع أخذ الشقص (2) و يضرب البائع مع الغرماء (3) و اذا كان في التركة عين زكوية قدمت الزكاة علي الديون و كذلك الخمس (4) و اذا كانا في ذمة الميت كانا كسائر الديون (5)

[مسائل]

اشارة

مسائل:

[الأولي: لو افلس بثمن أم الولد بيعت أو أخذها البائع بعد موت الولد]

الاولي: لو افلس بثمن أمّ الولد بيعت (6) أو أخذها البائع بعد موت الولد (7) و أما قبله ففيه اشكال و الجواز

______________________________

كواحد ممن له عليه شي ء يأخذ بحصته و لا سبيل له علي المتاع «1» فان التفصيل المذكور في المتن يستفاد من الحديث فلاحظ.

(1) لعدم صدق العنوان المأخوذ في الدليل و بعبارة اخري ليس المتاع الموجود عين ذلك المتاع السابق و العرف ببابك.

(2) بلا خلاف كما في الجواهر و استدل علي المدعي في الجواهر بقوة حق الشفعة فان ثبتت قوة حق الشفعة بحيث تقدم علي بقية الحقوق بالإجماع و التسالم القطعي فهو و الا فيشكل الجزم بها و اللّه العالم.

(3) اذ المفروض انه من الغرماء.

(4) اذ المفروض ان العين متعلق حق الفقراء و السادة و الامام فلا مجال لتعلق حق الغرماء بها.

(5) كما هو ظاهر اذ المفروض ان الدين في الذمة فالغرماء علي السواء فلاحظ.

(6) لجواز بيعها في ثمن رقبتها كما قرر في محله.

(7) فانه مع فرض موت الولد لا مانع من انتقالها و المفروض انها عين متاع البائع فعلي القول بأن البائع أحق بمتاعه بمقتضي حديث عمر بن يزيد «2»

______________________________

(1) تهذيب الاحكام ج 6 ص 193 حديث 46

(2) لاحظ ص: 239

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 242

اظهر (1)

[الثانية: لا يحل مطالبة المعسر]

الثانية: لا يحل مطالبة المعسر (2).

______________________________

فله اخذها بناء علي أن المستفاد من الدليل جواز الأخذ.

(1) قال في الجواهر: «و لو اولد الجارية ثم فلس جاز لصاحبها انتزاعها و بيعها فيه و في غيره لصدق وجدان عين المال فسلط علي الفسخ و الاستيلاد غير مانع بعد ان لو طالب بثمنها و لم يفسخ جاز بيعها في ثمن رقبتها فأخذها حينئذ بمنزلته» الخ «1».

(2) يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله

تعالي «و ان كان ذو عسرة فنظرة الي ميسرة» «2» فان المستفاد من الاية الشريفة انه يجب النظرة الي الميسرة كما ان المستفاد من حديث غياث كذلك فروي عن جعفر عن ابيه ان عليا عليه السلام كان يحبس في الدين فاذا تبين له حاجة و افلاس خلي سبيله حتي يستفيد مالا «3»

فان المستفاد من الحديث انه مع تحقق اعسار يخلي سبيل المديون حتي يستفيد. و تؤيد المدعي ان لم تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله: ألف درهم أقرضها مرتين احب إلي من أن اتصدق بها مرة و كما لا يحل لغريمك ان يمطلك و هو مؤسر فكذلك لا يحل لك أن تعسره اذا علمت انه معسر «4».

و منها ما رواه معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من أراد ان يظله اللّه في ظل عرشه يوم لا ظل الا

______________________________

(1) الجواهر ج 25 ص: 320

(2) البقرة/ 280

(3) الوسائل الباب 7 من كتاب الحجر الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 25 من أبواب الدين الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 243

و لا الزامه بالتكسب اذا لم يكن من عادته و كان عسرا عليه (1) و لا بيع دار سكناه اللائقة بحاله و لا عبد خدمته (2).

______________________________

ظله فلينظر معسرا أو ليدع له من حقه «1».

و منها ما رواه ابو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من سره أن يقيه اللّه من نفخات جهنم فلينظر معسرا أو ليدع له من حقه «2» و غيرها من الروايات

الواردة في الباب المشار اليه فان المستفاد من هذه النصوص مطلوبية انظار المعسر و النهي عن اعساره فلاحظ.

(1) فان الزام الغير علي خلاف القاعدة الأولية بل علي خلاف المستفاد من الكتاب و السنة بل الواجب الأنظار حتي يستفيد و لا ادري ما الوجه في تقييد الماتن عدم الجواز بالقيد المذكور؟ فان مقتضي القاعدة عدم الجواز و لو مع عدم العسر الا أن يقال: انه يجب عليه اداء دينه فتجب مقدمته فاذا كان التكسب ممكنا مع عدم العسر و عدم المهانة في حقه يجب عليه الكسب لأداء دينه بل يستفاد المدعي من حديث غياث بتقريب ان (حتي) الواردة في الرواية تعليلية اي يخلي سبيله لأجل أن يستفيد و يؤيد المدعي انه ذهب جماعة الي وجوب الكسب «3» فعن المسالك: «انه لو قيل بوجوب ما يليق بحاله كان حسنا و عن السرائر ان من كان عليه دين وجب عليه السعي في قضائه و عن القواعد و يجب علي المديون السعي في قضاء الدين و نحوهما عن النهاية» و في الجواهر «فالقول حينئذ بوجوب السعي عليه في قضاء الدين بتكسب و غيره لا يخلو عن قوة».

(2) فان الدار و الخادم اللائقان بالحال من مستثنيات الدين و لا يجب علي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) الجواهر ج 25 ص: 326- 327

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 244

و لا غيره مما يعسر عليه بيعه (1)

[الثالثة: لا يحل بالحجر الدين المؤجل]

الثالثة: لا يحل بالحجر الدين المؤجل (2) و لو مات من عليه حل (3) و لا يحل بموت صاحبه (4)

[الرابعة: ينفق عليه من ماله إلي يوم القسمة و علي عياله]

الرابعة: ينفق عليه من ماله الي يوم القسمة و علي عياله (5).

______________________________

المديون بيع مثلهما.

(1) لا يبعد أن يكون المراد من العبارة الأمتعة المحتاج اليها اللائقة بحاله كدابته مثلا و الا فلا ادري ما الوجه في عدم الوجوب فلاحظ.

(2) قال في الحدائق: «المشهور انه لا تحل الديون المؤجلة عليه بالحجر و انما تحل بالموت كما تقدم في كتاب الدين و نقل عن ابن الجنيد أنها تحل» انتهي كلامه «1» و مقتضي القاعدة الأولية عدم الحلول لعدم الدليل عليه.

(3) بلا خلاف و بلا اشكال- كما في الجواهر- و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه ابو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا مات الرجل حل ماله و ما عليه من الدين «2».

و منها ما رواه السكوني عن جعفر عن ابيه عليهما السلام أنه قال: اذا كان علي الرجل دين الي اجل و مات الرجل حل الدين 3.

و منها مرسل الصدوق قال: و قال الصادق عليه السلام: اذا مات الميت حل ماله و ما عليه 4.

(4) لعدم الدليل عليه و أما حديث أبي بصير فضعيف سندا و مثله في الضعف مرسل الصدوق المتقدم.

(5) بلا خلاف اجده- كما في الجواهر- و الظاهر ان المدرك للحكم عدم الخلاف و التسالم و يؤيد المدعي ما رواه علي بن اسماعيل عن رجل من اهل

______________________________

(1) الحدائق ج 20 ص 391

(2) (2 و 3 و 4) الوسائل الباب 12 من أبواب الدين الحديث: 1 و 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 245

و لو مات قدم الكفن و غيره

من واجبات التجهيز (1).

______________________________

الشام أنه سأل أبا الحسن الرضا عليه السلام عن رجل عليه دين قد فدحه و هو يخالط الناس و هو يؤتمن يسعه شراء الفضول من الطعام و الشراب فهل يحل له أم لا؟ و هل يحل أن يتطلع من الطعام أم لا يحل له الا قدر ما يمسك به نفسه و يبلغه قال: لا بأس بما أكل «1».

(1) و في الجواهر- في شرح قول المحقق-: و لو مات قدم كفنه علي حقوق الغرماء و يقتصر علي الواجب منه، قال: «بلا خلاف اجده» «2» و استدل علي المدعي بجملة من النصوص منها ما رواه زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مات و عليه دين بقدر كفنه قال: يكفن بما ترك الا أن يتجر عليه انسان فيكفنه و يقضي بما ترك دينه «3».

و فيه انه لم يفرض في الحديث تعلق حق الغرماء بما ترك الميت و لا يبعد أن يكون المستفاد منه بحسب الفهم العرفي حكم ما تركه الميت لو خلي و طبعه فلا يشمل صورة تعلق حق الغرماء بالمال بواسطة الحجر.

و منها ما رواه اسماعيل بن أبي زياد عن جعفر عن ابيه عليهما السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ان اول ما يبدأ به من المال الكفن ثم الدين ثم الوصية ثم الميراث «4».

و الكلام فيه هو الكلام مضافا الي كون محمد بن عيسي في السند و لهذا الحديث سند آخر و هو عن محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب الدين الحديث: 1

(2) الجواهر ج 25 ص: 342

(3) الوسائل الباب 13 من ابواب الدين الحديث: 1

(4)

نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 246

[الخامسة: يقسم المال علي الديون الحالة بالتقسيط]

الخامسة: يقسم المال علي الديون الحالة بالتقسيط (1) و لو ظهر دين حال بعد القسمة نقضت و شاركهم (2) و مع القسمة يطلق و يزول الحجر

______________________________

النوفلي عن السكوني «1» و السند مخدوش أيضا.

و منها ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الكفن من جميع المال «2» و منها ما رواه زرارة قال: سألته عن رجل مات و عليه دين بقدر ثمن كفنه قال يجعل ما ترك في ثمن كفنه الا أن يتجر عليه بعض الناس فيكفنوه و يقضي ما عليه مما ترك 3 و الكلام فيهما هو الكلام فلا بد من اتمام الأمر بالإجماع و التسالم.

(1) كما هو المستفاد من حديث غياث بن ابراهيم عن جعفر عن أبيه ان عليا عليه السلام كان يفلس الرجل اذ التوي علي غرمائه ثم يأمر به فيقسم ماله بينهم بالحصص فان أبي باعه فقسم بينهم يعني ماله 4.

(2) قال في الجواهر: «اذا قسم الحاكم مال المفلس علي غرمائه ثم ظهر غريم لم يكن يعلم به و ليس له عين مال قد اختار الفسخ فيها نقضها بل هي انتقضت في نفسها و شاركهم الغريم» الي أن قال «لعدم صدق القسمة التي كان يأمر بها أمير المؤمنين عليه السلام» الخ 5.

و صفوة القول: ان القسمة وقعت في غير محلها اذ المفروض عدم انحصار الغرماء فيهم بل أزيد فلا بد من تجديد القسمة و علي الجملة: القسمة المستفادة من كلامه عليه السلام في حديث غياث لم تنطبق علي المورد فلا بد من تجديدها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أبواب الوصية الحديث: 1

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 27 من ابواب

الوصية الحديث: 1 و 2

(3) (4) الوسائل الباب 6 من أبواب الحجر الحديث: 1

(4) (5) الجواهر ج 25 ص: 346

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 247

بالاداء (1)

[السادسة: الولاية في مال الطفل و المجنون و السفيه اذا بلغا كذلك للأب و الجد له]

السادسة: الولاية في مال الطفل و المجنون و السفيه اذا بلغا كذلك للأب و الجد له فان فقدا فللوصي اذا كان وصيا في ذلك فان فقد فللحاكم و في مال السفيه و المجنون اللذين عرض عليهما السفه و الجنون بعد البلوغ و المفلس للحاكم خاصة (2).

[كتاب الضمان]

اشارة

كتاب الضمان الضمان هو نقل المال عن ذمة المضمون عنه الي ذمة الضامن للمضمون له (3).

______________________________

(1) بل الأمر كذلك و لو مع عدم القسمة و عدم الأداء اذ حجره بالنسبة الي امواله لا مطلقا و عليه لا مجال لهذا الكلام اذ قبل القسمة و الأداء لا اشكال في حجره عن التصرف في امواله التي حجر عليها و أما بعد القسمة فلا موضوع للمال كي يقال بزوال الحجر و أما بالنسبة الي ما حجر عليه فلا مقتضي للحجر عنه فلاحظ

(2) قد تعرضنا لولاية الأب و الجد و الحاكم تبعا للماتن في كتاب البيع و نخبة الكلام: ان الأب و الجد و الوصي لهما لهم الولاية بالنسبة الي الصغير و المجنون و السفيه اللذين بلغا كذلك و أما المجنون و السفيه اللذان عرض الجنون أو السفه بعد البلوغ فولايتهما للحاكم بتقريب أنه لا دليل علي ولاية الأب و الجد عليهما فوليهما الولي العام و هو الحاكم، و كذلك الكلام بالنسبة الي المفلس هذا تمام الكلام في هذا المقام و الحمد للّه اولا و آخرا قد وقع الفراغ عن مسائل كتاب الحجر في يوم الأربعاء الثاني و العشرين من شهر رجب من السنة 1409 علي مهاجرها و آله آلاف التحية و السلام و اللعن الدائم علي أعداء آل محمد من الان الي يوم الدين.

(3) هذا مذهب الامامية في الضمان فانه بهذا المعني

مأخوذ من الضمن لأنه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 248

[مسألة 1: يعتبر في الضمان الإيجاب من الضامن و القبول من المضمون له]

(مسألة 1): يعتبر في الضمان الايجاب من الضامن و القبول من المضمون له بكل ما يدل علي تعهد الاول بالدين و رضا الثاني بذلك (1).

[مسألة 2: الأحوط اعتبار التنجيز في عقد الضمان]

(مسألة 2): الاحوط اعتبار التنجيز في عقد الضمان فالتعليق لا يخلو عن اشكال (2) نعم لا يبعد صحة الضمان اذا كان تعهد الضامن للدين فعليا و لكن علق أداؤه علي عدم أداء المضمون عنه فعندئذ

______________________________

ينتقل ما كان في ذمة الضامن و يجعل في ذمة اخري و أما ما نسب الي اكثر العامة فهو عبارة عن ضم ذمة الي اخري و لذا يتخير المضمون له في المطالبة فالضمان بهذا المعني بمعني الضم مأخوذ منه و هو عقد شرع للتعهد بالمال.

(1) فان المفروض انه عقد و العقد يحتاج الي الايجاب و القبول و من ناحية اخري التعهد من الضامن فالايجاب من قبله و القبول من طرف المضمون له و حيث انه يتحقق بالفعل كما يتحقق باللفظ فلا يتوقف علي تحققه باللفظ فقط بل لا فرق بين القول و الفعل من هذه الجهة.

و ان شئت قلت: ان الضمان امر عقلائي و قد امضاه الشارع و لم يقيد باللفظ فيكفي فيه الفعل مضافا الي أنه يمكن الاستدلال علي المدعي باطلاق نصوص الباب.

(2) بتقريب ان الاجماع قائم علي بطلان التعليق في العقود مع ما فيه من الاشكال و يمكن تقريب الاستدلال علي المدعي في المقام بالقصور في المقتضي اذ مع عدم الدليل علي الضمان المعلق لا يجوز التعليق و الظاهر انه لا دليل علي جوازه معلقا لعدم اطلاق يقتضي صحته فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 249

للدائن أن يطالب الضامن علي تقدير عدم اداء المدين (1).

[مسألة 3: يعتبر في الضامن و المضمون له البلوغ و العقل و الاختيار و عدم السفه و التفليس]

(مسألة 3): يعتبر في الضامن و المضمون له البلوغ و العقل و الاختيار و عدم السفه و التفليس (2).

______________________________

(1) ان تم المدعي بالإجماع فهو و الا فيشكل اذ مع التعهد بالفعل بالضمان فبأي وجه يؤخر

الأداء فان شرط ان له حق التأخير الي ذلك الزمان يكون شرطا مخالفا للمقرر الشرعي فلا يصح و ان شرط ان مضمون له لا يطالب الا ذلك الوقت يصح و يجب عليه أن يؤخر الطلب لكن لو عصي و طالب فبأي مستند يؤخر و لعله ناظر الي وجه لم يخطر ببالي القاصر الا أن يقال: ان السيرة جارية علي النحو المذكور و الشارع الأقدس امضي السيرة الجارية الخارجية و اللّه العالم.

(2) كما هو ظاهر فان التصرف المالي يتوقف علي جواز التصرف و عدم الحجر عنه فعلي هذا الأساس لا بد من البلوغ و العقل و عدم السفه و أما اشتراط الاختيار فلأن الصادر من المكره لا أثر له علي ما هو المقرر و أما اشتراط عدم التفليس ففيه انه يظهر من الجواهر «انه لا خلاف عندنا في أنه يشترط في لزوم الضمان الملاءة أو العلم من المضمون له بالإعسار و الرضا به» «1» و يؤيد المدعي ما أرسله الصدوق قال: قال روي أنه احتضر عبد اللّه بن الحسن فاجتمع اليه غرماؤه فطالبوه بدين لهم فقال لهم: ما عندي ما اعطيكم و لكن ارضوا بمن شئتم من أخي و بني عمي علي بن الحسين أو عبد اللّه بن جعفر فقال الغرماء أما عبد اللّه بن جعفر فملي مطول و أما علي بن الحسين فرجل لا مال له صدوق و هو احبهما إلينا فارسل اليه فأخبره الخبر فقال عليه السلام: أضمن لكم المال الي غلة و لم يكن له غلة فقال القوم قد رضينا فضمنه فلما أتت الغلة أتاح اللّه تعالي له المال فأداه «2».

______________________________

(1) الجواهر ج 26 ص: 128

(2) الوسائل الباب 5 من أحكام الضمان الحديث

1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 250

و أما في المديون فلا يعتبر شي ء من ذلك فلو ضمن شخص ما علي المجنون أو الصغير من الدين صح (1).

______________________________

(1) و الوجه فيه انه لا يشترط في صحة الضمان رضا المضمون عنه علي ما هو المعروف عندهم و نقل عن الجواهر الاجماع بقسميه عليه و يدل علي المدعي ما دل من النصوص علي الضمان عن الميت منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل يموت و عليه دين فيضمنه ضامن للغرماء فقال: اذا رضي به الغرماء فقد برئت ذمة الميت «1».

و منها ما رواه معاوية بن وهب قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ذكر لنا ان رجلا من الأنصار مات و عليه دينار ان فلم يصل عليه النبي صلي اللّه عليه و آله و قال:

صلوا علي صاحبكم حتي ضمنها بعض قرابته، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: ذلك الحق الحديث «2».

و منها ما رواه الحسين بن مخارق عن الصادق عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من ضمن لأخيه حاجة لم ينظر اللّه عز و جل في حاجته حتي يقضيها «3».

بتقريب ان الميت لا يكون قابلا لأن يرضي فيعلم انه يكفي في الصحة رضا الضامن و المضمون له و أما توقفه علي رضا الضامن و المضمون له فنقول أما رضا الضامن فهو من الواضحات اذ كيف يمكن اشتغال ذمته للغير بدون اختياره و رضاه و أما اشتراط رضا المضمون له في الضمان فيمكن أن يستدل عليه بوجوه:

الأول: الاجماع بل نقل عن بعض الأصحاب انه من قطعيات الفقه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أحكام الضمان الحديث: 1

(2)

نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 251

______________________________

الثاني: ان الضمان من العقود و من الظاهر توقف العقد علي الايجاب من طرف و القبول من الطرف الاخر.

الثالث: النص الخاص لاحظ حديث ابن سنان «1».

و ربما يقال بعدم الاشتراط و ما يمكن أن يستدل به علي المدعي عدة نصوص منها ما روي من أن عليا عليه السلام و أبا قتادة ضمنا الدين عن الميت و لم يسئل النبي صلي اللّه عليه و آله عن رضي المضمون له لاحظ ما رواه ابو سعيد الخدري قال كنا مع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في جنازة فلما وضعت قال: هل علي صاحبكم من دين؟ قالوا: نعم درهمان فقال صلي اللّه عليه و آله صلوا علي صاحبكم فقال علي عليه السلام هما علي يا رسول اللّه و أنا لهما ضامن فقام رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فصلي عليه ثم اقبل علي علي عليه السلام فقال: جزاك اللّه عن الإسلام خيرا و فك رهانك كما فككت رهان اخيك «2».

و ما رواه جابر بن عبد اللّه أن النبي صلي اللّه عليه و آله كان لا يصلي علي رجل عليه دين فأتي بجنازة فقال: علي صاحبكم دين؟ قالوا نعم ديناران فقال: صلوا علي صاحبكم فقال ابو قتادة: هما علي يا رسول اللّه قال فصلي عليه قال: فلما فتح اللّه علي رسوله قال: أنا أولي بالمؤمنين من انفسهم فمن ترك مالا فلورثته و من ترك دينا فعلي «3».

و فيه ان السند غير معتبر فلا تصل النوبة الي ملاحظة الدلالة و منها ما رواه ابن جهم قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل مات و له

علي دين و خلف ولدا رجالا و نساء و صبيانا فجاء رجل منهم فقال: أنت في حل مما لأبي عليك

______________________________

(1) لاحظ ص: 250

(2) المستدرك الباب 3 من أبواب الضمان الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 252

______________________________

من حصتي و أنت في حل مما لإخوتي و أخواتي و أنا ضامن لرضاهم عنك قال:

يكون في سعة من ذلك و حل «1».

و الظاهر من الحديث تحقق الإبراء بابراء الضامن و هذا مخالف للإجماع و من ناحية اخري انه ضمن رضاهم و هذا ليس من الضمان المصطلح و تأويله بالضمان المصطلح بدون رضاهم ليس بأولي من ضمانه برضاهم و لكن لا بينة له علي ذلك و بعبارة اخري يمكن أن يكون ضمانه باجازتهم و رضاهم و لكن لا يمكنه اثبات دعواه علي ذلك و الحاصل ان ظاهر الرواية ليس قابلا للالتزام به فلا بد من تأويله فيمكن تأويله بنحو ينطبق علي المدعي.

و منها ما رواه الخثعمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قلت له: الرجل يكون عنده المال وديعة يأخذ منه بغير اذن فقال: لا يأخذ الا أن يكون له وفاء قال: قلت أ رأيت ان وجد من يضمنه و لم يكن له وفاء و أشهد علي نفسه الذي يضمنه يأخذ منه؟ قال نعم «2».

و هذه الرواية بظاهرها تدل علي جواز الأخذ من مال الوديعة بدون اذن من صاحبها و هل يمكن الالتزام به مضافا الي أن الضمان كما مر عبارة عن النقل من ذمة الي ذمة و المستفاد من الحديث تعهد الضامن اول الأمر فلا ترتبط بالمقام و قال صاحب الجواهر قدس سره: «انها تحمل علي صورة اذن المودع بالأخذ في الصورة المفروضة» «3».

و

منها ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يكون

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب احكام الضمان الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 8 من أحكام الوديعة الحديث: 1

(3) الجواهر ج 26 ص: 126

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 253

[مسألة 4: إذا دفع الضامن ما ضمنه إلي المضمون له رجع به إلي المضمون عنه إذا كان الضمان بطلبه]

(مسألة 4): اذا دفع الضامن ما ضمنه الي المضمون له رجع به الي المضمون عنه اذا كان الضمان بطلبه (1) و الا لم يرجع (2).

______________________________

عليه دين فحضره الموت فقال وليه: علي دينك قال: يبرؤه ذلك و ان لم يوفه وليه من بعده و قال: ارجو أن لا يأثم و انما اثمه علي الذي يحبسه «1».

بتقريب ان المستفاد من الحديث تحقق الضمان بلا رضا المضمون له و لا يبعد أن يقال: ان الحديث مطلق و يقيد بما دل علي اشتراط الضمان برضا المضمون له و ان لم يكن قابلا للتقييد يرد علمه الي اهله.

و صفوة القول: انه لا يمكن الالتزام بعدم اشتراط رضا المضمون له قال في الجواهر في هذا المقام: «فمن الغريب وسوسة بعض متأخر المتأخرين في الحكم المزبور لذلك مما هو غير صالح لمعارضة بعض ما عرفت خصوصا بعد كون المسألة من قطعيات الفقه و ضرورياته بل لعل الوسوسة فيها جهل بمذاق الفن و مذاق الشرع» «2».

(1) لاحترام عمل المسلم و ان شئت قلت: لا اشكال في الضمان فيما يكون الضمان بطلب المضمون عنه.

(2) لعدم المقتضي للرجوع و أما حديث حسين بن خالد قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: جعلت فداك قول الناس الضامن غارم قال: فقال: ليس علي الضامن غرم الغرم علي من أكل المال «3» فعلي فرض دلالته علي جواز الرجوع و لو مع عدم الطلب يقيد بالاتفاق علي عدم

جواز الرجوع بدون الطلب مضافا الي ان السند مخدوش.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من ابواب الدين الحديث: 2

(2) الجواهر ج 26 ص: 126

(3) الوسائل الباب 1 من ابواب احكام الضمان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 254

[مسألة 5: إذا أبرأ المضمون له ذمة الضامن عن تمام الدين برئت ذمته]

(مسألة 5): اذا أبرأ المضمون له ذمة الضامن عن تمام الدين برئت ذمته (1) و لا يجوز له الرجوع الي المضمون عنه (2) و اذا أبرأ ذمته عن بعضه برئت عنه و لا يرجع الي المضمون عنه بذلك المقدار (3) و اذا صالح المضمون له الضامن بالمقدار الاقل فليس للضامن مطالبة المضمون عنه الا بذلك المقدار دون الزائد و كذا الحال لو ضمن الدين بمقدار أقلّ من الدين برضا المضمون له (4) و الضابط ان الضامن

______________________________

بقي شي ء و هو ان المستفاد من كلامهم ان الضامن ليس له الرجوع الي المضمون عنه الا بعد الأداء و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ضمن عن رجل ضمانا ثم صالح عليه قال: ليس له الا الذي صالح عليه «1»، فان المستفاد من الحديث انه يجوز الرجوع بالمقدار الذي صالح عليه لكن لا يستفاد من الحديث انه لا يحصل الاشتغال الا بالأداء بل المستفاد من الحديث انه لا يحصل الاشتغال الا بهذا المقدار.

و بعبارة اخري المستفاد من الحديث ان الضمان بالمقدار المتصالح عليه و ان لم يؤده فاشتراط الضمان بالأداء من باب التسالم و الاتفاق الحاصل بين الأصحاب

(1) بلا اشكال و لا كلام فان الإبراء يوجب البراءة.

(2) قال في الجواهر: «فاذا ابرءه برءا معا و ان كان الضمان بالاذن لعدم استحقاق الرجوع عليه الا بالاداء الذي قد انتفي محله بالأداء فينتفي

الحق عنه للضامن الذي قد فرضنا براءة ذمته من المضمون له» «2».

(3) بعين الملاك.

(4) لاحظ حديث عمر بن يزيد.

______________________________

(1) الوسائل الباب 66 من ابواب احكام الضمان الحديث: 1

(2) جواهر الكلام ج 26 ص: 127

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 255

لا يطالب المضمون عنه الا بما خسر دون الزائد و منه يظهر انه ليس له المطالبة في صورة تبرع اجنبي لأداء الدين (1).

[مسألة 6: عقد الضمان لازم]

(مسألة 6): عقد الضمان لازم فلا يجوز للضامن فسخه و لا للمضمون له (2).

[مسألة 7: يشكل ثبوت الخيار لكل من الضامن و المضمون له بالاشتراط أو بغيره]

(مسألة 7): يشكل ثبوت الخيار لكل من الضامن و المضمون له بالاشتراط (3) او بغيره (4).

[مسألة 8: إذا كان الدين حالا و ضمنه الضامن مؤجلا فيكون الأجل للضمان لا للدين]

(مسألة 8): اذا كان الدين حالا و ضمنه الضامن مؤجلا فيكون الاجل للضمان لا للدين (5) فلو أسقط الضامن الاجل و ادي الدين حالا

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون الحكم متسالما عليه عندهم كما انه لا يبعدان يستفاد الحكم من حديث عمر بن يزيد.

(2) لوجوب الوفاء بالعقود المستفاد من قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» «1»

(3) قد مر الكلام حول ثبوت الخيار بالاشتراط في العقود في كتاب البيع و انه هل يجري الخيار بالاشتراط في الضمان أم لا فراجع ما ذكرناه هناك.

(4) الخيار تارة يشترط بالاشتراط الاستقلالي الصريح و اخري بالشرط الارتكازي الضمني و أما ثبوته بغير الاشتراط فلا أدري ما المراد منه نعم يمكن أن يكون مراد الماتن الخيار التعبدي و حيث انه لا دليل عليه فلا خيار لا بالاشتراط و لا بالتعبد.

(5) كما هو ظاهر بالتأمل اذ لا وجه لصيرورة الحال مؤجلا فيكون التأجيل في الضمان لا في الدين.

______________________________

(1) المائدة/ 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 256

فله مطالبة المضمون عنه كذلك (1) و كذا اذا مات الضامن قبل انقضاء الاجل المذكور (2) و اذا كان الدين مؤجلا و ضمنه كذلك ثم أسقط الاجل و أدي الدين حالا فليس له مطالبة المضمون عنه قبل حلول الاجل (3) و كذا الحال اذا مات الضامن في الاثناء فان المضمون له يأخذ المال المضمون من تركته حالا و لكن ليس لورثته مطالبة المضمون عنه قبل حلول الاجل (4) و اذا كان الدين مؤجلا و ضمنه حالا باذن المضمون عنه و ادي الدين فالظاهر جواز الرجوع اليه بعد اداء الدين لأنه المتفاهم العرفي من اذنه بذلك

(5).

______________________________

(1) اذ المفروض حلول الدين و من ناحية اخري المفروض ان الضامن ادي الدين فله مطالبة المضمون عنه.

(2) فان المديون اذا مات يصير المؤجل حالا فبعد أداء الدين يجوز مطالبة المضمون عنه.

(3) اذ لا وجه لجواز المطالبة فان المفروض كون الدين مؤجلا.

(4) فانه بالموت يصير المؤجل حالا فيكون للمضمون له أخذه من التركة و لكن لا يجوز الرجوع علي المديون اذ المفروض ان الدين مؤجل و لا وجه لصيرورته حالا.

(5) الظاهر ان ما افاده تام فانه المتفاهم من اللفظ عرفا و لكن نقل عن بعض الأعيان عدم جواز ضمان المؤجل حالا و قد ذكرت في تقريب عدم الجواز وجوه:

الأول: انه ضمان ما لا يجب. الثاني: ان الفرع لا يرجح علي الأصل. الثالث ان الضمان نقل الدين علي ما هو عليه.

ورد الوجه الأول بأن اصل الدين حال و التأجيل من التوابع و يسقط برضا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 257

[مسألة 9: إذا كان الدين مؤجلا و ضمنه بأقل من أجله]

(مسألة 9): اذا كان الدين مؤجلا و ضمنه باقل من أجله كما اذا كان اجله ثلاثة اشهر مثلا و ضمنه بمدة شهر و أداه بعد هذه المدة و قبل حلول الاجل فليس له مطالبة المضمون عنه بذلك قبل انقضاء الاجل الاول و هو اجل الدين (1) و اذا ضمنه بأكثر من اجله ثم اسقط الزائد و اداه فله مطالبة المضمون عنه بذلك (2) و كذا الحال اذا مات الضامن بعد انقضاء اجل الدين و قبل انقضاء المدة الزائدة (3).

[مسألة 10: إذا احتسب المضمون له ما علي ذمة الضامن]

(مسألة 10): اذا احتسب المضمون له ما علي ذمة الضامن

______________________________

الطرفين، و الثاني بأنه لا دليل عليه و ان شئت قلت: انه وجه استحساني لا برهاني و الثالث بأن الضمان نقل الدين و أما وصفه من الحلول و التأجيل فلا دليل علي لزوم رعايته و الاطلاقات تشهد بعدم اعتباره و الاشكال كل الاشكال في الاطلاق فان الظاهر- و اللّه العالم- انه ليس في نصوص الباب ما يكون مطلقا من هذه الجهات فلاحظ.

نعم حيث ان الضمان من العقود الامضائية فيكون كل ضمان عقلائي جائزا الا ما قام الدليل علي فساده و بعبارة اخري مقتضي الاطلاق المقامي جواز الضمان العرفي الا أن يقوم الدليل علي خلافه و اللّه العالم.

(1) اذ المفروض عدم انتهاء أجل الدين فلا وجه لمطالبة المضمون عنه.

(2) الأمر كما افاده فان المفروض انتهاء الأجل المقرر او لا فله مطالبة المضمون عنه.

(3) فانه بموته يصير التأجيل الثاني حالا و المفروض انتهاء التأجيل الأول فيجوز الرجوع الي المضمون عنه و السيرة الخارجية جارية علي هذه الأقسام و ممضاة من قبل الشارع الأقدس.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 258

خمسا أو زكاة باجازة من الحاكم الشرعي أو صدقة فالظاهر ان للضامن

أن يطالب المضمون عنه بذلك (1) و كذا الحال اذا أخذه منه ثم رده اليه بعنوان الهبة أو نحوها (2) و هكذا اذا مات المضمون له و ورث الضامن ما في ذمته (3).

[مسألة 11: يجوز الضمان بشرط الرهانة من المضمون عنه]

(مسألة 11): يجوز الضمان بشرط الرهانة من المضمون عنه (4).

[مسألة 12: إذا كان علي الدين الثابت في ذمة المضمون عنه رهن فهو ينفك بالضمان]

(مسألة 12): اذا كان علي الدين الثابت في ذمة المضمون عنه رهن فهو ينفك بالضمان (5).

[مسألة 13: إذا ضمن شخصان مثلا عن واحد فلا يخلو من أن يكون إما بنحو العموم المجموعي أو بنحو العموم الاستغراقي]

(مسألة 13): اذا ضمن شخصان مثلا عن واحد فلا يخلو من أن يكون اما بنحو العموم المجموعي أو بنحو العموم الاستغراقي فعلي

______________________________

(1) اذا قلنا بأن المال يدخل في ملك الضامن ثم يخرج يتم ما في المتن اذ عليه يحصل الخسران فيجوز أن يطالب المضمون عنه و أما اذا لم يكن كذلك و قلنا: يتحقق الاحتساب بدون دخول المال في ملك الضامن فيشكل ما افاده في المتن اذ عليه لا خسران علي الضامن فليس له المراجعة.

(2) اذ لا اشكال في صدق الخسارة في هذه الصورة.

(3) فان الضامن يملك ما في ذمة نفسه بالارث ثم يخرج و يسقط فله الرجوع الي المضمون عنه.

(4) فانه شرط جائز فيجب بمقتضي الشرط و بعبارة اخري يشترط في الضمان الرهن فالمشروط عليه يرهن بعد عقد الضمان بمقتضي وجوب الشرط كما أنه يمكن تصويره علي نحو شرط النتيجة.

(5) و الوجه فيه ان الرهن وثيقة للدين و لا دين علي المضمون عنه بعد الضمان بالنسبة الي المضمون له فلا مجال لبقاء الرهن علي حاله.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 259

الاول يقسط الدين عليهما (1) و علي الثاني يكون كل واحد منهما ضامنا علي نحو تعاقب الايدي و عليه فاذا أبرأ المضمون له ذمة احدهما بخصوصه برئت ذمته دون الاخر (2).

[مسألة 14: إذا كان مديونا لشخصين صح ضمان شخص لهما أو لأحدهما المعين و لا يصح ضمانه لأحدهما لا علي التعيين]

(مسألة 14): اذا كان مديونا لشخصين صح ضمان شخص لهما أو لأحدهما المعين و لا يصح ضمانه لأحدهما لا علي التعيين.

و كذا الحال اذا كان شخصان مديونين لواحد فضمن عنهما شخص

______________________________

(1) الأمر كما افاده فان مقتضي ضمان كل واحد بنحو المجموع التقسيط و ان شئت قلت مرجعه الي ضمان كل واحد منهما نصف الدين.

(2) تارة يكون ضمانهما دفعة و اخري يكون علي نحو التعاقب

أما علي الأول فتارة يقبل المضمون له واحدا معينا منهما و اخري يقبل كليهما أما علي الأول فيصح ما قبله و أما علي الثاني فالظاهر بطلانهما فان صحة كليهما غير معقول و من ناحية اخري ترجيح احدهما علي الاخر لا يمكن لعدم المرجح فالنتيجة بطلانهما.

و مما ذكر يظهر حكم ما يكون ضمانهما علي نحو التعاقب و أما الالتزام بالصحة و قياس المقام علي باب تعاقب الأيدي قياس مع الفارق اذ يتصور تعدد الضمان ثبوتا كما في تعاقب الأيدي بأن يكون الضامن الجامع بين الأفراد فلا يتوجه اشكال عدم المقتضي لكون البدل متعددا مع كون المبدل واحدا فينحل الاشكال بالالتزام بكون الضامن هو الجامع فيجوز للمضمون له الرجوع الي كل واحد من أفراد ذلك الكلي.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 259

و في المقام أيضا يتصور لكن الظاهر انه لا دليل عليه الا أن يقال: بأن الضمان بهذا النحو أمر دائر بين العقلاء و ابناء المحاورة و الشارع الأقدس امضي ما يجري بينهم و هل يمكن اثبات جريان السيرة عليه كي يثبت المدعي بالامضاء؟ فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 260

فان كان ضمانه عنهما أو عن أحدهما المعين صح و ان كان عن أحدهما لا علي التعيين لم يصح (1).

[مسألة 15: إذا كان المديون فقيرا لم يصح أن يضمن شخص عنه بالوفاء من الخمس أو الزكاة أو المظالم]

(مسألة 15): اذا كان المديون فقيرا لم يصح أن يضمن شخص عنه بالوفا من الخمس أو الزكاة أو المظالم و لا فرق في ذلك بين أن تكون ذمة الضامن مشغولة بها فعلا أم لا (2).

______________________________

(1) ما افاده تام فان المردد لا واقع له فلا يصح ضمان واحد لا علي التعيين

و أما ضمان المعين فلا مانع منه كما ان الضمان عن المتعدد أو للمتعدد صحيح.

(2) لعدم الدليل علي الجواز و بعبارة اخري: لا دليل علي جواز تبديل الدين بالخمس أو الزكاة أو المظالم.

و بعبارة واضحة: تارة يكون المراد نقل الدين من ذمة الفقير الي مصرف الخمس أو غيره بأن يكون المتعهد المصرف الخاص، و اخري يكون المراد النقل الي ذمة الضامن و يكون الأداء من الحق الخاص و ثالثة بأن يكون المراد التعهد بالأداء و الوفاء من الحق الخاص من دون اشتغال ذمته بالمال.

أما الأول فتتوقف صحته علي هذه الولاية بأن نقول لكل احد أن ينقل الدين من ذمة المضمون عنه الي مصرف الخمس أو الزكاة و لا دليل عليه.

مضافا الي أن الوظيفة دفع الخمس و الزكاة و امثالهما الي المستحق و بغير هذا النحو لا يتحقق الامتثال.

و أما الثاني فلا دليل علي تعيين الأداء من الوجوه المذكورة بل مقتضي الدليل عدم جواز الاداء اذ لا مقتضي لجواز تبرئة ذمة الضامن من الوجوه المذكورة فانها بمقتضي الدليل لها مصارف خاصة فلا وجه لصرفها في اداء دين الضامن.

و أما الثالث فلا يرتبط بباب الضمان فانه وعد يجب العمل به لا اشتغال لذمة المتعهد و بعبارة واضحة: الضمان نقل المال من ذمة المضمون عنه الي ذمة الضامن و في المقام لا ينتقل الدين الي ذمة غير المديون فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 261

[مسألة 16: إذا كان الدين الثابت علي ذمة المدين خمسا أو زكاة صح أن يضمن عنه شخص للحاكم الشرعي أو وكيله]

(مسألة 16): اذا كان الدين الثابت علي ذمة المدين خمسا أو زكاة صح أن يضمن عنه شخص للحاكم الشرعي أو وكيله (1).

[مسألة 17: إذا ضمن شخص في مرض موته صح الضمان]

(مسألة 17): اذا ضمن شخص في مرض موته صح الضمان و يخرج المال المضمون من اصل تركته سواء كان الضمان باذن المضمون عنه أم لا (2).

[مسألة 18: يصح أن يضمن شخص للمرأة نفقاتها الماضية]

(مسألة 18): يصح أن يضمن شخص للمرأة نفقاتها الماضية (3) و أما ضمانه لنفقاتها الآتية ففي صحته اشكال (4) و أما نفقة الاقارب فلا يصح ضمانها بلا اشكال (5).

______________________________

(1) فان الحاكم ولي الفقراء و السادة فيجوز أن يضمن له ضامن لمدين بالخمس أو الزكاة و بعبارة اخري: المرجع في الخمس و الزكاة الحاكم و الأمر بيده فيجوز أن يصير مضمونا له.

(2) أما في صورة الاذن من المضمون عنه فلكونه من ديونه فيخرج من الأصل فان الديون تخرج من الأصل و أما مع عدم الاذن فان منجزات المريض تخرج من الأصل كما هو المقرر في منجزات المريض.

(3) بتقريب ان الذمة مشغولة بالنسبة الي النفقات الماضية فيصح الضمان بالنسبة اليها فانها من مصاديق الدين فلاحظ.

(4) وجه الاشكال: ان الضمان نقل الدين من ذمة المضمون عنه الي ذمة الضامن فما دام لا يكون الضمان متحققا لا يصح الضمان و قد تقدم ان الضمان التعليقي محل الاشكال و الكلام.

(5) بدعوي انه ليس هناك الا التكليف المحض فلا موضوع للضمان.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 262

[مسألة 19: يصح ضمان الأعيان الخارجية]

(مسألة 19): يصح ضمان الاعيان الخارجية بمعني كون العين في عهدة الضامن فعلا و أثر ذلك وجوب ردها مع بقاء العين المضمونة ورد بدلها من المثل أو القيمة عند تلفها و من هذا القبيل ضمان شخص عهدة الثمن للمشتري اذا ظهر المبيع مستحقا للغير أو ظهر بطلان البيع من جهة اخري و الضابط: ان الضمان في الاعيان الخارجية بمعني التعهد لا بمعني الثبوت في الذمة فهو قسم آخر من الضمان (1).

______________________________

(1) كتب الماتن في هامش العروة تفصيلا و هذا نص عبارته: «الظاهر فيه التفصيل فان المنشأ اذا كان هو التعهد الفعلي للعين المضمونة ليترتب عليه

ردها مع بقائها و دفع البدل عند تلفها فلا بأس به للعمومات و لا سيما انه متعارف في الخارج و اذا كان اشتغال الذمة بالبدل فعلا علي تقدير تلفها و اشتغال ذمة الضامن الأول به متأخرا فهو واضح الفساد بل صحته غير معقولة و اذا كان اشتغال الذمة بعد اشتغال ذمة الضامن الأول به علي نحو الواجب المشروط فصحته مبتنية علي عدم اعتبار التنجيز» الي آخر كلامه.

و الذي يختلج بالبال في المقام أن يقال: ان تم اجماع تعبدي علي الجواز فهو كما انه لو ثبت كونه أمرا خارجيا متعارفا بين العقلاء يمكن الالتزام بالجواز من باب الامضاء الشرعي حيث ان الضمان من العقود الامضائية فاذا لم يتعرض الشارع الأقدس لفساده يكشف انه امضاه أما لو لم يكن كذلك فيشكل الالتزام بالجواز و الظاهر انه ليس في العمومات ما يدل علي جوازه أما قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» فقد ذكرنا انه ناظر الي اللزوم و لا تعرض فيه للصحة و أما قوله تعالي «تجارة عن تراض» فلا تصدق التجارة علي الضمان التبرعي بلا اشكال و أما الضمان مع الاذن من المضمون عنه فصدق التجارة عليه اول الكلام و الاشكال و قد سبق في بعض المباحث السابقة احتمال اختصاص التجارة بمالها من المفهوم بخصوص البيع.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 263

[مسألة 20: يشكل صحة ضمان ما يحدثه المشتري في الأرض المشتراة]

(مسألة 20): يشكل صحة ضمان ما يحدثه المشتري في الارض المشتراة من بناء أو غرس أو نحو ذلك اذا ظهر كونها مستحقا للغير (1).

[مسألة 21: إذا قال شخص لآخر ألق متاعك في البحر و علي ضمانه فألقاه]

(مسألة 21): اذا قال شخص لاخر ألق متاعك في البحر و علي ضمانه فالقاه ضمنه (2) سواء كان لخوف غرق السفينة أو لمصلحة اخري من خفتها أو نحوها و هكذا اذا أمره باعطاء دينار مثلا لفقير أو بعمل لاخر أو لنفسه فانه يضمن اذا لم يقصد المأمور المجانية (3).

______________________________

مضافا الي أن ضمان العين قبل التلف لا يكون داخلا في الضمان المتعارف و ضمان بدله بعد التلف يدخل في التعليق الموجب للبطلان و أما النصوص الواردة في المقام فالظاهر انه ليس فيها ما بعمومه أو اطلاقه يشمل المقام فلاحظ و اللّه العالم

(1) الوجه في الاشكال انه من اقسام ضمان ما لم يجب و بعبارة اخري الضمان نقل الدين من ذمة الي ذمة و المفروض ان ذمة البائع غير مشغولة فلا يصح الضمان عنه الاعلي القول بجواز ضمان ما لم يجب و يظهر من الجواهر ان القائل بالجواز الشهيدان «1».

(2) فان استيفاء عمل الغير مع الضمان يوجب الضمان عند العقلاء و بعبارة اخري: ان المأمور بأمر الضامن و التزامه به أتلف ماله كما لو أمره بالضيافة مع الالتزام بالضمان و لك أن تقول: لا اشكال في تحقق الضمان عند العقلاء في أمثال المقام و الشارع الأقدس امضاه فلاحظ.

(3) لوحدة الملاك فان عمله محترم علي كل تقدير فالمقتضي للضمان موجود و المانع مفقود فيتحقق الضمان بفعل المأمور الا أن يقصد المجانية فلا وجه للضمان كما هو ظاهر.

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 26 ص: 149

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 264

[مسألة 22: إذا اختلف الدائن و المدين في أصل الضمان]

(مسألة 22): اذا اختلف الدائن و المدين في اصل الضمان كما اذا ادعي المديون الضمان و انكره الدائن فالقول قول الدائن و هكذا اذا ادعي المديون الضمان في تمام الدين

و انكره المضمون له في بعضه (1).

[مسألة 23: إذا اختلف الضامن و المضمون له في أصل الضمان أو في مقداره أو في اشتراط التعجيل إذا كان الدين مؤجلا فالقول قول الضامن]

(مسألة 23): اذا اختلف الضامن و المضمون له في أصل الضمان أو في مقداره أو في اشتراط التعجيل اذا كان الدين مؤجلا فالقول قول الضامن (2) و اذا اختلفا في اشتراط التأجيل مع كون الدين حالا أو في وفائه للدين أو في ابراء المضمون له قدم قول المضمون له (3).

[مسألة 24: إذا اختلف الضامن و المضمون عنه في الإذن و عدمه]

(مسألة 24): اذا اختلف الضامن و المضمون عنه في الاذن و عدمه أو في وفاء الضامن للدين أو في مقدار الدين المضمون أو في اشتراط شي ء علي المضمون عنه قدم قول المضمون عنه (4).

[مسألة 25: إذا أنكر الضامن الضمان و لكن استوفي المضمون له الحق منه بإقامة بينة]

(مسألة 25): اذا أنكر الضامن الضمان و لكن استوفي المضمون له الحق منه باقامة بينة فليس له مطالبة المضمون عنه لاعترافه بأن

______________________________

(1) اذ مقتضي الأصل عدم الضمان فالقول قول منكره.

(2) لأن قول الضامن في الموارد المذكورة موافق مع الاصل فالقول قوله.

(3) اذ قول المضمون له في الموارد المذكورة موافق مع الاصل فالقول قوله علي ما هو المقرر.

(4) فان قول المضمون عنه موافق مع الأصل في الموارد المذكورة فليس عليه الا اليمين.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 265

المضمون له أخذ المال منه ظلما (1).

[مسألة 26: إذا ادعي الضامن الوفاء و أنكر المضمون له و حلف]

(مسألة 26): اذا ادعي الضامن الوفاء و أنكر المضمون له و حلف فليس للضامن الرجوع الي المضمون عنه اذا لم يصدقه في ذلك (2).

[كتاب الحوالة]

اشارة

كتاب الحوالة الحوالة هي تحويل المدين ما في ذمته من الدين الي ذمة غيره باحالة الدائن عليه (3).

[مسألة 1: يعتبر في الحوالة الإيجاب من المحيل و القبول]

(مسألة 1): يعتبر في الحوالة الايجاب من المحيل و القبول

______________________________

(1) الظاهر ان الامر كما افاده فان الاقرار نافذ علي المقر فلا أثر للبينة بالنسبة الي جواز رجوعه الي المضمون عنه اذ المفروض انه مقر بعدم ضمان المضمون عنه.

(2) اذ الرجوع فرع الوفاء و مع عدمه لا مجال للرجوع و علي الجملة:

لا تشتغل ذمة المضمون عنه الا بعد اداء الضامن و المفروض عدم ثبوته بل مقتضي الاصل عدمه و اللّه العالم قد وقع الفراغ من شرح كتاب الضمان في اليوم السبت العاشر من شهر شعبان المعظم سنة 1409 علي مهاجرها و آله آلاف التحية و الثناء

(3) عن المحقق قدس سره تعريف الحوالة بأنها عقد شرع لتحويل المال من ذمة الي ذمة مشغولة بمثله و نقل انه حيث ان هذا التعريف لا يشمل الحوالة علي البري ء و العلامة يري صحتها عدل في القواعد عن هذا التعريف الي تعريفها بقوله «و هي عقد شرع لتحويل المال من ذمة الي اخري».

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 266

من المحال (1).

______________________________

(1) لا اشكال في أن الحوالة من العقود فيحتاج الي الايجاب و القبول و من الظاهر ان الايجاب من المحيل و القبول من المحال و أما المحال عليه فقد وقع الكلام بينهم في أن قبوله دخيل في العقد أم لا؟ و ربما يستدل علي الاشتراط بأن دليل صحة الحوالة الاجماع و لا اجماع علي الصحة الا مع قبول المحال عليه. و اجيب عن هذا التقريب بأنه يكفي للصحة و لو مع عدم رضا المحال عليه العمومات الأولية و اطلاق خصوص ما ورد في باب

الحوالة و الظاهر ان هذا الجواب غير تام اذ المراد بالعموم اما قوله تعالي أَوْفُوا بِالْعُقُودِ «1» و اما قوله تعالي تجارة عن تراض «2».

اما آية وجوب الوفاء بالعقود فقد ذكرنا انها ناظرة الي اللزوم و غير ناظرة الي مقام الصحة و أما آية التجارة فاطلاقها يتوقف علي عدم اختصاص التجارة بخصوص البيع و أما مع اختصاصها به و لو احتمالا فلا مجال للاستدلال بها علي المدعي كما هو ظاهر و أما اطلاق دليل الحوالة فالظاهر انه لا اطلاق في نصوص الباب من هذه الناحية.

و مما يمكن الاستدلال به علي المدعي ان اثبات المال في ذمة الغير يتوقف علي رضاه و بعبارة اخري التصرف في ذمة الغير بلا رضاه خلاف السلطنة فلا يجوز و فيه انه لا تصرف في ذمة الغير بل الحوالة عبارة عن تبديل المحيل بالمحال و بعبارة اخري يقوم المحال مقام المحيل نعم في الحوالة علي البري ء اثبات شي ء في ذمته و لا اشكال في توقفه علي رضاه.

و مما يمكن الاستدلال به علي المدعي استصحاب بقاء ما في ذمة المحال

______________________________

(1) المائدة/ 1

(2) النساء/ 29

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 267

بكل ما يدل عليها من لفظ أو فعل أو كتابة (1).

[مسألة 2: يشترط في المحيل و المحال و المحال عليه البلوغ و العقل و الرشد]

(مسألة 2): يشترط في المحيل و المحال و المحال عليه البلوغ و العقل و الرشد (2) كما يعتبر فيهم عدم التفليس (3) الا في الحوالة علي البري ء فانه يجوز فيها أن يكون المحيل مفلسا أو سفيها (4).

______________________________

للمحيل و فيه انه لا مجري للاستصحاب مع وجود الدليل ان التزمنا به مضافا الي عدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية.

(1) اذ الميزان بصدق عنوان الحوالة و هذا العنوان يتحقق باللفظ تارة و بالفعل اخري و بالكتابة

ثالثة.

(2) فان هذه الشرائط ثابتة في جميع العقود و في المقام لا اشكال في اعتبارها في المحيل و المحال و أما المحال عليه فان كان بريئا لا اشكال في اعتبارها فيه و أما اذا لم يكن بريئا فلا أري وجها لاعتبارها فيه اذ المحال عليه غير البري ء مديون للمحيل و ما في ذمته مملوك للمحيل و اختياره بيده فلا وجه لاشتراط البلوغ و العقل و الرشد فيه لعدم المقتضي للاعتبار نعم علي القول باعتبار قبوله و رضاه في العقد يمكن الالتزام بالاشتراط لكن الماتن لا يري قبوله و رضاه معتبرا فيه كما يظهر من هامشه علي العروة فلا أدري ما الوجه في الاشتراط.

(3) الكلام فيه هو الكلام فان اشتراط عدم التفليس في المحيل و المحال علي القاعدة اذ مقتضي التفليس عدم جواز تصرف المفلس في مملوكه و أما في المحال عليه فلا وجه لاعتبار عدمه فيه اذ المفروض انه مديون و المفلس لا يمكنه التصرف في أمواله و أما الحوالة عليه فلا تنافيه.

(4) لأن الحوالة علي البري ء لا يكون تصرفا في المملوك فلا يكون التفليس و لا السفه مانعا عن التصرف.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 268

و يعتبر في المحيل و المحال الاختيار (1) و في اعتباره في المحال عليه اشكال و الاظهر عدم الاعتبار (2) الا في الحوالة علي البري ء أو بغير الجنس فيعتبر عندئذ قبول المحال عليه برضاه و اختياره (3).

[مسألة 3: يعتبر في الحوالة أن يكون الدين ثابتا في ذمة المحيل]

(مسألة 3): يعتبر في الحوالة أن يكون الدين ثابتا في ذمة المحيل فلا تصح الحوالة بما سيستقرضه (4).

[مسألة 4: يشترط في الحوالة أن يكون المال المحال به معينا]

(مسألة 4): يشترط في الحوالة أن يكون المال المحال به معينا فاذا كان شخص مدينا لاخر بمن من الحنطة و دينار لم يصح أن يحيله بأحدهما من غير تعيين (5).

[مسألة 5: يكفي في صحة الحوالة تعين الدين واقعا]

(مسألة 5): يكفي في صحة الحوالة تعين الدين واقعا و ان لم

______________________________

(1) علي ما هو المقرر من كون الاكراه مانعا عن صحة التصرف.

(2) و قد مر الكلام حوله و الذي يختلج ببالي القاصر في هذه العجالة ان يستدل علي عدم اشتراط قبوله بالسيرة الخارجية العقلائية فان الظاهران العقلاء لا يرون رضا المحال عليه معتبرا في صحة الحوالة و اللّه العالم.

(3) اذ المفروض عدم اشتغال ذمته فلا تشتغل ذمته الا برضاه و اختياره هذا بالنسبة الي البري ء و أما بالنسبة الي غير البري ء فلا تجوز الحوالة الا مع رضا المحال عليه اذ المفروض تبديل ما في ذمته فلا بد من رضاه.

(4) استدل علي المدعي تارة بالإجماع و اخري بعدم صدق مفهوم الحوالة مع عدم الدين الثابت في ذمة المحيل فان التحويل و التحول يتوقفان علي وجود شي ء في محل كي ينقل الي محل آخر.

(5) فان المردد لا واقع له فلا مجال لتحقق الحوالة به فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 269

يعلم المحيل و المحال بجنسه أو مقداره حين الحوالة فاذا كان الدين مسجلا في الدفتر فحوله المدين علي شخص قبل مراجعته فراجعه و أخبر المحال بجنسه و مقداره صحت الحوالة (1).

[مسألة 6: للمحال أن لا يقبل الحوالة و ان لم يكن المحال عليه فقيرا و لا مماطلا في أداء الحوالة]

(مسألة 6): للمحال أن لا يقبل الحوالة و ان لم يكن المحال عليه فقيرا و لا مما طلا في أداء الحوالة (2).

[مسألة 7: لا يجوز للمحال عليه البري ء مطالبة المال المحال به من المحيل قبل أدائه إلي المحال]

(مسألة 7): لا يجوز للمحال عليه البري ء مطالبة المال المحال به من المحيل قبل ادائه الي المحال (3).

______________________________

(1) فان المتعين الواقعي لا يكون مصداقا للمردد بل يباينه فيجوز و بعبارة اخري لا فرق في تحقق الحوالة بمالها من المفهوم بين كون الدين معلوما بالتفصيل و بين كونه معلوما بالاجمال.

(2) لعدم دليل علي كون القبول واجبا عليه.

(3) تارة يقع الكلام في جواز صحة الحوالة علي البري ء و عدمه و اخري في أنه بعد فرض الجواز هل يجوز للمحال عليه مطالبة المال قبل الأداء أم لا؟ فيقع الكلام في موردين:

أما المورد الأول فنقول يظهر من كلام الجواهر ان الجواز مشهور و عن السرائر الاجماع عليه مضافا الي السيرة الجارية في الخارج «1» و لا يبعد تحقق السيرة علي جريانها.

و أما المورد الثاني فلا يبعد أن تكون الحوالة علي البري ء بعد قبولها من قبله من مصاديق الضمان فان الانصاف انه لا فرق بينهما بحسب الواقع و انما الخلاف لفظي و مجرد الاختلاف اللفظي لا يوجب تغيير الأحكام فلا مجال لأن

______________________________

(1) الجواهر ج 26 ص: 165

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 270

و اذا تصالح المحال عليه علي أقل من الدين لم يجز أن يأخذ من المحيل الا الاقل (1).

[مسألة 8: لا فرق في المال المحال به بين أن يكون عينا في ذمة المحيل أو منفعة أو عملا لا يعتبر فيه المباشرة]

(مسألة 8): لا فرق في المال المحال به بين أن يكون عينا في ذمة المحيل أو منفعة أو عملا لا يعتبر فيه المباشرة كخياطة ثوب و نحوها بل و لو مثل الصلاة و الصوم و الحج و الزيارة و القراءة و غير ذلك (2).

______________________________

يقال الهبة المعوضة تشبه البيع و مع ذلك لا يترتب عليها احكامه فان القياس مع الفارق لأن البيع تمليك عين بعوض و بمجرد تحققه يصير البائع مالكا للثمن

و المشتري مالكا للمثمن و أما الهبة المعوضة فيمكن تحققها و الحال ان الواهب لا يملك شيئا قبل تحقق الشرط و أما في المقام فلا يتصور في البري ء المحال عليه بعد قبوله غير الضمان فعليه لا يجوز المطالبة قبل الأداء كما ان الضمان كذلك و قد مر الكلام حوله مضافا الي أنه لا دليل علي جواز المطالبة قبل الأداء.

(1) كما ان الضمان كذلك و قد سبق في الضمان مضافا الي أنه لا دليل علي جواز اخذ الأكثر.

(2) ان ثبت اجماع تعبدي علي الجواز في الموارد المذكورة في هذا الفرع فهو و الا يشكل الجزم بالجواز اذ العمومات الاولية لا مجال للاستدلال بها علي المدعي كما مر و في نصوص الباب ليس ما يكون قابلا للاستدلال به علي الجواز علي الاطلاق فلا بد اما من قيام اجماع تعبدي كاشف و اما من جريان السيرة الخارجية.

و لقائل أن يقول: انه لا مانع من الاخذ باطلاق حديث أبي أيوب انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يحيل الرجل بالمال أ يرجع عليه؟ قال لا يرجع عليه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 271

و لا فوق في ذلك بين أن تكون الحوالة علي البري ء أو علي المشغول ذمته (1) كما لا فرق بين أن يكون المال المحال به مثليا أو قيميا (2).

[مسألة 9: الحوالة عقد لازم]

(مسألة 9): الحوالة عقد لازم فليس للمحيل و المحال فسخه (3).

______________________________

ابدا الا أن يكون قد افلس قبل ذلك «1».

فان مقتضي اطلاق هذا الحديث شمول الحكم للموارد المذكورة فلاحظ.

الا أن يقال: ان الحديث ناظر الي مورد تمامية الحوالة و تحققها فلا يشمل المقام اذ تماميتها علي نحو الاطلاق اول الكلام و الاشكال و بعبارة اخري: الرواية ناظرة الي

مورد تحقق الحوالة التامة شرعا و تماميتها في المصاديق المشتبهة اول الكلام لكن يمكن أن يقال: انه لا وجه للإشكال فانه لو صدق الموضوع خارجا يترتب عليه الحكم فاذا تمت مقدمات الاطلاق يؤخذ به بأن يقال: مقتضي الاطلاق ترتب الحكم الشرعي علي ما وقع في الخارج فيشمل جميع مصاديق الموضوع فلاحظ.

بل لا يبعد أن يقال: ان العرف يفهم من جواز الحوالة في بعض الموارد جوازها في جميعها بتقريب انه يفهم انه لا فرق بينها من هذه الحيثية.

(1) فعلي القول بالجواز في الحوالة علي البري ء تجري الامور المذكورة.

(2) ربما يقال: بأنها لا تصح في القيمي للجهالة. و فيه اولا: ان الجهالة لا تضر بصحة الحوالة بل التعيين الواقعي يكفي كما مر و ثانيا: سلمنا كون الجهل موجبا للفساد لكن هذا لا يوجب الحكم بالفساد علي الاطلاق فان القيمي الثابت في الذمة أمر كلي قابل للمعرفة بالتوصيف.

(3) فان مقتضي وجوب الوفاء بالعقود لزومها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب الضمان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 272

نعم لو كان المحال عليه معسرا حين الحوالة و كان المحال جاهلا به جاز له الفسخ بعد علمه بالحال (1) و ان صار غنيا فعلا (2) و أما اذا كان حين الحوالة موسرا أو كان المحال عالما باعساره فليس له الفسخ (3).

[مسألة 10: يجوز جعل الخيار لكل من المحيل و المحال و المحال عليه]

(مسألة 10): يجوز جعل الخيار لكل من المحيل و المحال و المحال عليه (4).

[مسألة 11: لوادي المحيل نفسه الدين]

(مسألة 11): لوادي المحيل نفسه الدين فان كان بطلب من

______________________________

(1) الظاهر ان الوجه فيه اشتراط الخيار بمقتضي الشرط الضمني الارتكازي و قد تقدم الاشكال في جعل الخيار الا في مورد يثبت الجواز بالإجماع أو النص اذ قد ذكرنا مرارا ان دليل الشرط لا يكون مشرعا فلا بد من اثبات الجواز في الرتبة السابقة و أما حديثا أبي ايوب «1» و منصور بن حازم قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يحيل علي الرجل بالدراهم أ يرجع عليه؟ قال لا يرجع عليه ابدا الا أن يكون قد افلس قبل ذلك «2»، فالمستفاد منهما انه لا يجوز الرجوع علي المحيل الا فيما يكون مفلسا قبل الحوالة فلا يرتبطان بالمقام اللهم الا أن يتم الأمر بالإجماع و التسالم او السيرة و هل يمكن اثباته بهذه التقاريب؟ و اللّه العالم.

(2) اذ بعد ثبوت الخيار لا وجه لسقوطه.

(3) لعدم اشتراط الخيار أما في الصوره الأولي فلأن المفروض عدم الأعسار فلا يثبت الخيار و أما في الصورة الثانية فلأنه مع العلم بالإعسار لا موضوع للاشتراط.

(4) قد مر الاشكال فيه قريبا فلا وجه للإعادة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 270

(2) الوسائل الباب 11 من ابواب الضمان الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 273

المحال عليه و كان مدينا فله أن يطالب المحال عليه بما اداه و أما اذا لم يكن بطلبه أو لم يكن مدينا له فليس له ذلك (1).

[مسألة 12: إذا تبرع اجنبي عن المحال عليه برئت ذمته و كذا إذا ضمن شخص عنه برضا المحال]

(مسألة 12): اذا تبرع اجنبي عن المحال عليه برئت ذمته و كذا اذا ضمن شخص عنه برضا المحال (2).

[مسألة 13: إذا طالب المحال عليه المحيل بما أداه و ادعي المحيل ان له عليه مالا و أنكر المحال عليه فالقول قوله مع عدم البينة]

(مسألة 13): اذا طالب المحال عليه المحيل بما أداه و ادعي المحيل ان له عليه مالا و أنكر المحال عليه فالقول قوله مع عدم البينة فيحلف علي براءته (3).

[مسألة 14: تصح الحوالة بمال الكتابة المشروطة أو المطلقة من السيد علي مكاتبه]

(مسألة 14): تصح الحوالة بمال الكتابة المشروطة أو المطلقة من السيد علي مكاتبه سواء أ كانت قبل حلول النجم أو بعده و بها يتحرر

______________________________

(1) اذ المفروض كون المحال عليه مدينا كما ان المفروض ان الأداء بطلب منه فلا مجال لبراءة ذمته بغير الاداء و ليعلم ان الحوالة توجب كون المحال عليه مديونا للمحال فاذا كان مدينا للمحيل و بالحوالة صار مدينا للمحال فاذا كان اداء الدين بطلب منه يشتغل ذمته بالاداء للمحيل فله أن يراجعه و يطالبه و أما اذا لم يكن بطلب منه فلا مقتضي للرجوع كما انه لو لم يكن مدينا لا وجه لرجوع المحيل عليه اذ المفروض عدم كونه مدينا فلا وجه لأن يراجعه.

(2) فان التبرع باداء الدين جائز و النتيجة براءة ذمته كما ان الضمان يوجب براءة المضمون عنه فلاحظ.

(3) الظاهر ان الأمر كما افاده فان وجوب الاداء علي طبق القاعدة الاولية الا أن يكون المحال عليه مشغول الذمة و مقتضي الاصل عدم الاشتغال فعلي المحيل اقامة البينة لإثبات دعواه و مع عدم البينة تصل النوبة الي أن المنكر يحلف و اللّه العالم.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 274

المكاتب لبراءة ذمته لمولاه و تشتغل ذمته للمحال (1) و لا يتوقف تحرره علي قبوله الحوالة لفرض انه مدين لمولاه (2).

[مسألة 15: إذا كان للمكاتب دين علي اجنبي فأحال المكاتب سيده عليه بمال الكتابة فقبلها]

(مسألة 15): اذا كان للمكاتب دين علي اجنبي فأحال المكاتب سيده عليه بمال الكتابة فقبلها صحت الحوالة و ينعتق المكاتب (3) سواء أدي المحال عليه المال للسيد أم لا (4).

[مسألة 16: إذا اختلف المحيل و المحال في أن العقد الواقع بينهما كان حوالة أو وكالة]

(مسألة 16): اذا اختلف المحيل و المحال في أن العقد الواقع بينهما كان حوالة أو وكالة فمع عدم قيام البينة يقدم قول منكر الحوالة سواء أ كان هو المحيل أم المحال (5).

______________________________

(1) الامر كما افاده لتمامية اركان الحوالة علي الفرض.

(2) اذ المفروض كونه مشغول الذمة و لا يكون الحوالة علي البري ء كي يتوقف علي قبوله و قد مر أنه لا يكون قبول المدين المحال عليه دخيلا في تحقق الحوالة بل الحوالة تصح و لو مع عدم قبوله.

(3) و الوجه فيه ان الانعتاق يحصل باداء مال الكتابة و المفروض ان السيد قبل الحوالة و هذا نحو من الاداء و البراءة مما في ذمته فلاحظ.

(4) اذ المفروض تحقق براءة ذمة العبد من مال الكتابة و هي الميزان في حصول العتق و المفروض براءة ذمته بالحوالة فلا وجه لبقاء الرقية.

(5) بتقريب ان تشخيص المدعي و المنكر هو الغرض المقصود من التداعي لا مصب الدعوي و الغرض المقصود هنا اشتغال ذمته المحيل للمحتال و اشتغال ذمة المحال عليه للمحيل أو للمحتال و كل هذه مخالف للأصل فمدعي الحوالة لا بد من اقامة البينة و مدعي الوكالة عليه اليمين و اما اذا قلنا ان الميزان مصب الدعوي

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 275

[كتاب الكفالة]

اشارة

كتاب الكفالة الكفالة هي التعهد باحضار المدين و تسليمه الي الدائن عند طلبه ذلك (1).

[مسألة 1: تصح الكفالة بالايجاب من الكفيل بكل ما يدل علي تعهده و التزامه و القبول من الدائن بكل ما يدل علي رضاه بذلك]

(مسألة 1): تصح الكفالة بالايجاب من الكفيل بكل ما يدل علي تعهده و التزامه و القبول من الدائن بكل ما يدل علي رضاه بذلك (2).

[مسألة 2: يعتبر في الكفيل العقل و البلوغ و الاختيار]

(مسألة 2): يعتبر في الكفيل العقل (3) و البلوغ (4) و الاختيار (5).

______________________________

يكون المقام داخلا في التداعي لأن قول كل منهما مخالف مع الاصل فلاحظ.

(1) قال في الجواهر: «و المعروف في تعريفها أنها عقد شرع للتعهد بالنفس «1» و قال في مجمع البحرين: «و ان شئت قلت: الكفالة هي التعهد بالنفس» و قال في الحدائق: «الكفالة هي التعهد بالنفس بمعني التزام احضار المكفول متي طلبه المكفول له» «2».

(2) اذ لا دليل علي التقييد فان الكفالة من العقود و كل عقد مركب من الايجاب و القبول و مقتضي اطلاق الدليل عدم التقييد و يمكن أن يقال: انه قد علم من مجموع الادلة ان كل عقد صحيح شرعي يتحقق بالايجاب و القبول و التقييد يحتاج الي دليل خاص و ان شئت قلت: ان السيرة جارية علي ايقاعها بكل ما يدل عليها و هذه السيرة ممضاة عند الشارع فلاحظ.

(3) كما يعتبر في بقية العقود بلا كلام و لا اشكال.

(4) فان غير البالغ لا اعتبار بالتزاماته كما هو المقرر في جميع الموارد.

(5) فان دليل الاكراه يرفع ما يقع علي نحو الاكراه.

______________________________

(1) الجواهر ج 26 ص: 185

(2) الحدائق: ج- 21 ص: 62

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 276

و القدرة علي احضار المدين (1) و عدم السفه (2).

______________________________

(1) اذ مع عدم القدرة لا مجال للالتزام به فان الالتزام يتعلق بالأمر المقدور للملتزم و لذا لا معني لأن يلتزم احد بنزول المطر من السماء فان نزوله بارادة اللّه تعالي فلاحظ.

(2) بتقريب ان السفيه ليس له التصرف المالي و

من ناحية اخري ان الكفيل لو لم يحضر المكفول يجب عليه اداء الدين فلا تجوز الكفالة من السفيه و يمكن أن يقال: ان الكفالة لا تكون تصرفا ماليا اذ الكفالة التزام باحضار المكفول و لا دليل من نصوص الباب علي وجوب اداء الدين مع عدم الاحضار الا أن يتم الامر بالإجماع أو يقال: ان مرجع الكفالة الي الضمان المعلق و هل يمكن الالتزام بصحة الضمان التعليقي مع عدم الدليل علي صحته و عدم صحة التعليق في العقود؟

و استدل علي أن الكفالة توجب تخيير الكفيل بين احضار المكفول و بين دفع ما عليه بوجوه:

الاول: ان الكفالة بنفسها تقتضي ذلك لأن بنائها عرفا عليه و هو المقصود بين المتعاملين و بعبارة اخري: يكون دفع ما عليه من الشرط الضمني فان مقتضي الشرط ان عليه الدفع ان لم يحضره.

و فيه انه لا دليل علي هذه الدعوي و لذا لا يعرف في مقام التفهيم بهذا النحو و أما الشرط فان دل عليه دليل و قامت قرينة عليه فان كان شرط الفعل يصح علي طبق القاعدة و أما شرط النتيجة بأن تشتغل ذمة الكفيل فلا دليل علي مشروعيته لأن الشرط لا يكون مشرعا فلا بد من احراز الجواز في الرتبة السابقة.

الثاني: النص: الخاص الوارد في المقام لاحظ ما ارسله الصدوق قال قال الصادق عليه السلام: الكفالة خسارة غرامة ندامة «1» و هذه الرواية لا اعتبار

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب الضمان الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 277

و التفليس (1) و لا يشترط في الدائن البلوغ و الرشد و العقل و الاختيار فتصح الكفالة للصبي و السفيه و المجنون اذا قبلها الولي (2).

______________________________

بسندها لإرسالها.

و لاحظ ما رواه الرقي عن أبي

عبد اللّه عليه السلام قال: مكتوب في التوراة كفالة ندامة غرامة «1» و هذه الرواية علي تقدير تمامية سندها لا تدل علي المدعي فان الغرامة بمعني الهلاك و العذاب و لعل الرواية تشير الي مرجوحية الكفالة كما ورد ما يدل علي المنع منها في بعض النصوص منها ما رواه إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تتعرضوا للحقوق فاذا لزمتكم فاصبروا لها «2».

و منها ما رواه العباس الفضل بن عبد الملك ان الصادق عليه السلام قال له:

ما منعك من الحج؟ قال: كفالة كفلت «تكفلت» بها قال: و مالك و للكفالات اما علمت ان الكفالة هي التي اهلكت القرون الاولي؟ «3».

و منها ما رواه اسماعيل بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يا بني اياكم و التعرض للحقوق و اصبروا علي النوائب الحديث «4».

(1) لا أري وجها لعدم جواز كفالة المفلس فان المفلس ممنوع عن التصرف في امواله و لا يكون ممنوعا عن التصرف في ذمته.

(2) كما هو ظاهر فان الولي يقوم مقام القاصر فلا تكون الامور المذكورة مانعة عن الصحة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 278

[مسألة 3: تصح الكفالة بإحضار المكفول إذا كان عليه حق مالي]

(مسألة 3): تصح الكفالة باحضار المكفول اذا كان عليه حق مالي (1) و لا يشترط العلم بمبلغ ذلك المال (2).

[مسألة 4: إذا كان المال ثابتا في الذمة فلا شبهة في صحة الكفالة]

(مسألة 4): اذا كان المال ثابتا في الذمة فلا شبهة في صحة الكفالة (3) و أما اذا لم يكن ثابتا في الذمة فعلا و لكن وجد سببه كالجعل في عقد الجعالة و كالعوض في عقد السبق و الرماية و ما شاكل ذلك فالاقوي صحة الكفالة في هذه الموارد (4).

______________________________

(1) بلا اشكال و لا كلام.

(2) لا يبعد أن يكون المدرك اطلاق بعض النصوص لاحظ ما رواه ابن سرحان انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الكفيل و الرهن في بيع النسيئة قال: لا باس «1» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية عدم الفرق بين كون مقدار الدين معلوما و عدمه فلاحظ.

(3) الأمر كما افاده فانه لا اشكال في صحتها في الصورة المفروضة.

(4) مقتضي القاعدة الاولية عدم الصحة لو شك فيها فان الامر الوضعي يحتاج الي دليل الاثبات و الا فمقتضي الاستصحاب عدم تحققه و حيث انه لا دليل علي المدعي ظاهرا يتوقف الجزم بالصحة علي تحقق الاجماع التعبدي الكاشف و أني لنا باثباته.

و ربما يقال: ان الكفالة بهذا النحو متعارف عند العقلاء و الشارع الاقدس لم يردع عنها و لكن اللازم اثبات تحقق السيرة عليها و أما عموم وجوب الوفاء بالعقود فلا مجال للاستدلال به اذ قد ذكرنا مرارا ان دليل وجوب الوفاء ناظر الي اللزوم و لا تستفاد منه الصحة فلا تغفل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب احكام الضمان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 279

[مسألة 5: الكفالة عقد لازم لا يجوز فسخه من طرف الكفيل الا بالاقالة أو بجعل الخيار له]

(مسألة 5): الكفالة عقد لازم لا يجوز فسخه من طرف الكفيل (1) الا بالاقالة أو بجعل الخيار له (2).

[مسألة 6: إذا لم يحضر الكفيل المكفول فأخذ المكفول له المال من الكفيل]

(مسألة 6): اذا لم يحضر الكفيل المكفول فاخذ المكفول له المال من الكفيل فان لم يأذن المكفول لا في الكفالة و لا في الاداء فليس للكفيل الرجوع عليه و المطالبة بما اداه (3) و اذا اذن في الكفالة و الاداء أو اذن في الاداء فحسب كان له أن يرجع عليه (4) و ان اذن له في الكفالة دون الاداء فالظاهر عدم رجوعه عليه بما اداه (5) و ان كان غير متمكن من احضاره عند طلب المكفول له ذلك (6).

[مسألة 7: يجب علي الكفيل التوسل بكل وسيلة مشروعة لإحضار المكفول]

(مسألة 7): يجب علي الكفيل التوسل بكل وسيلة مشروعة لإحضار المكفول (7).

______________________________

(1) فان كل عقد لازم بمقتضي وجوب الوفاء به الا ما خرج بالدليل.

(2) كل منهما يحتاج الي الدليل و قد مر الكلام من هذه الجهة في بعض الابحاث المتقدمة فلا نعيد و ان شئت راجع ما ذكرناه سابقا في هذا المقام.

(3) لعدم المقتضي للرجوع فان المفروض عدم اذن المكفول فلا وجه لضمانه و مع عدم الضمان لا مجال للرجوع اليه كما هو ظاهر واضح.

(4) اذ المفروض ان الاداء تحقق باذنه فيشتغل ذمة الاذن بمقتضي السيرة العقلائية الممضاة شرعا.

(5) لعدم ما يقتضي الرجوع كما مر قريبا.

(6) لوحدة الملاك و لكن الاشكال في صحة الكفالة مع عدم امكان الاحضار و قد مر من الماتن انه يشترط في صحة الكفالة القدرة علي احضار المدين فلاحظ

(7) لان المفروض وجوب الاحضار فتجب مقدماته من باب وجوب مقدمة

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 280

فاذا احتاج الي الاستعانة بشخص قاهر و لم تكن فيها مفسدة دينية وجبت الاستعانة به (1).

[مسألة 8: إذا كان المكفول غائبا احتاج حمله إلي مؤنة]

(مسألة 8): اذا كان المكفول غائبا احتاج حمله الي مؤنة فالظاهر أنها علي الكفيل (2) الا اذا كان صرفها باذن من المكفول (3).

[مسألة 9: إذا نقل المكفول له حقه الثابت علي المكفول إلي غيره ببيع أو صلح أو حوالة أو هبة بطلت الكفالة]

(مسألة 9): اذا نقل المكفول له حقه الثابت علي المكفول الي غيره ببيع أو صلح أو حوالة أو هبة بطلت الكفالة (4).

[مسألة 10: إذا أخرج أحد من يد الغريم مديونه قهرا أو حيلة بحيث لا يظفر به فيأخذ منه دينه فهو بحكم الكفيل]

(مسألة 10): اذا أخرج أحد من يد الغريم مديونه قهرا أو حيلة بحيث لا يظفر به فيأخذ منه دينه فهو بحكم الكفيل يجب عليه احضاره لديه و الا فيضمن عنه دينه و يجب عليه تاديته له (5).

______________________________

الواجب و لو عقلا.

(1) لوحدة الملاك و المفروض خلوه عن المفسدة الشرعية فلاحظ.

(2) لأن وجوب ذي المقدمة يقتضي وجوب مقدماته و ما ذكر منها فيجب.

(3) فان الاذن يقتضي الضمان كما تقدم.

(4) لانتفاء موضوع الكفالة فان الكفيل كان ملتزما باحضار زيد مثلا و بعد فراغ ذمته لا يكون موضوع الكفالة باقيا و لا مجال لبقاء الحكم مع انتفاء الموضوع.

(5) قال في الجواهر في هذا المقام: «كما صرح به غير واحد بل في الرياض نفي الخلاف فيه علي الظاهر» الخ. و ما يمكن أن يذكر في تقريب الحكم المذكور وجوه:

الوجه الاول: الاجماع فعن الصيمري دعوي الاجماع عليه. و فيه انه لا اعتبار بالإجماع المنقول كما حقق في محله بل لو تحقق اجماع محصل لا يترتب عليه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 281

______________________________

أثر لاحتمال استناد المجمعين الي الوجوه المذكورة في المقام.

الوجه الثاني قاعدة نفي الضرر لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: لا ضرر و لا ضرار «1» فان الضرر متحقق بفعل المخرج فعليه الضمان. و فيه اولا: ان التقريب المذكور علي فرض تماميته يتوقف علي الالتزام بمقالة المشهور و أما علي مسلك شيخ الشريعة فلا، و ثانيا: ان المستفاد من الحديث علي ما هو المقرر عندهم نفي

الحكم الضرري و لا يستفاد من القاعدة ثبوت أمر كالضمان المبحوث عنه في المقام.

الوجه الثالث شمول حديث «علي اليد ما اخذت حتي تؤدي» «2» للمقام و فيه ان حديث علي اليد ضعيف سندا مضافا الي أن الاطلاق غير الاستيلاء اضف الي ذلك ان الظاهر ان الدليل يختص بالاعيان الخارجية.

الوجه الرابع: فحوي ما ورد في اطلاق القاتل لاحظ ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام: قال: سألته عن رجل قتل رجلا عمدا فرفع الي الوالي فدفعه الي اولياء المقتول ليقتلوه فوثب عليهم قوم فخلصوا القاتل من أيدي الاولياء قال أري أن يحبس الذي خلص «الذين خلصوا» القاتل من أيدي الاولياء حتي يأتوا بالقاتل قيل: فان مات القاتل و هم في السجن؟ قال: و ان مات فعليهم الدية يؤدونها جميعا الي اولياء المقتول «3».

و فيه انه حكم خاص وارد في مورد مخصوص و لا أري لتقريب الفحوي وجها و علي هذا الاساس تكون المسألة مبتنية علي الاحتياط الا أن يتم الامر بالإجماع

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من ابواب الخيار الحديث: 3

(2) مستدرك الوسائل الباب 1 من أبواب الغصب الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 15 من أبواب الضمان

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 282

[مسألة 11: ينحل عقد الكفالة بأمور]

(مسألة 11): ينحل عقد الكفالة بامور الاول: أن يسلم الكفيل المكفول الي المكفول له (1) الثاني: أن يؤدي دينه (2) الثالث: ما اذا أبرأ المكفول له ذمة المدين (3) الرابع: ما اذا مات المدين (4) الخامس ما اذا رفع المكفول له يده عن الكفالة (5).

[كتاب الصلح]

اشارة

كتاب الصلح الصلح عقد شرع للتراضي و التسالم بين شخصين في أمر: من تمليك عين أو منفعة أو اسقاط دين أو حق أو غير ذلك مجانا أو بعوض (6).

______________________________

المدعي و التسالم فيما بين القوم أو السيرة و اللّه العالم.

(1) كما هو ظاهر فانه مع التسليم يتم الامر و لا مجال للبقاء كما هو واضح.

(2) اذ مع الاداء يتم الامر به.

(3) اذ مع الابراء لا حق له عليه فلا مجال للبقاء.

(4) اذ مع موته لا موضوع للإحضار.

(5) اذ مع رفع اليد لا يبقي حق له فلا مجال للإحضار و الحمد للّه و له المنة قد وقع الفراغ من كتابة كتاب الكفالة في ليلة السبت السابع من شهر شوال المكرم سنة 1409.

(6) لا اشكال في أن الصلح الواقع في الخارج بين العقلاء يعم هذه الأقسام و يمكن الاستدلال علي جوازه بقوله تعالي: «وَ إِنِ امْرَأَةٌ خٰافَتْ مِنْ بَعْلِهٰا نُشُوزاً أَوْ إِعْرٰاضاً فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا أَنْ يُصْلِحٰا بَيْنَهُمٰا صُلْحاً وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ «1». فان قوله تعالي في ذيل الاية «وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ» بيان لكبري كلية تنطبق علي ما ذكر في الاية.

______________________________

(1) النساء/ 128

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 283

[مسألة 1: الصلح عقد مستقل و لا يرجع الي سائر العقود]

(مسألة 1): الصلح عقد مستقل و لا يرجع الي سائر العقود و ان افاد فائدتها فيفيد فائدة البيع اذا كان الصلح علي عين بعوض و فائدة الهبة اذا كان علي عين بغير عوض و فائدة الاجارة اذا كان علي منفعة بعوض و فائدة الابراء اذا كان علي اسقاط حق أو دين (1).

[مسألة 2: إذا تعلق الصلح بعين أو منفعة أفاد انتقالهما إلي المتصالح]

(مسألة 2): اذا تعلق الصلح بعين أو منفعة افاد انتقالهما الي المتصالح سواء أ كان مع العوض أو بدونه و كذا اذا تعلق بدين علي غير المتصالح له أو حق قابل للانتقال كحقي التحجير و الاختصاص و اذا تعلق بدين علي المتصالح أفاد سقوطه و كذا الحال اذا تعلق بحق قابل للإسقاط و غير قابل للنقل و الانتقال كحق الشفعة و نحوه (2).

______________________________

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الصلح جائز بين الناس «1» و يؤيد المدعي ما ارسله الصدوق قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: البينة علي المدعي و اليمين علي المدعي عليه و الصلح جائز بين المسلمين الا صلحا احل حراما أو حرم حلالا «2».

(1) كما هو ظاهر فان الصلح عبارة عن المصالحة التي يعبر عنها في اللغة الفارسية ب (سازش كردن) و الذي يدل علي المدعي صحة سلب عنوان البيع و كذا بقية العناوين عنها و ان الأثر المترتب عليها في بعض الاحيان أثر البيع و قد يكون أثرها اثر الاجارة و هكذا فلاحظ.

(2) كما مر فان الصلح عقد مستقل لكن أثره ربما يكون انتقال العين الي المتصالح و اخري يكون اثره انتقال المنفعة اليه و هكذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الصلح الحديث: 1

(2) نفس المصدر

الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 284

و اما ما لا يقبل الانتقال و لا الاسقاط فلا يصح الصلح عليه (1).

[مسألة 3: يصح الصلح علي مجرد الانتفاع بعين]

(مسألة 3): يصح الصلح علي مجرد الانتفاع بعين كأن يصالح شخصا علي أن يسكن داره أو يلبس ثوبه في مدة أو علي أن يكون جذوع سقفه علي حائطه أو يجري ماءه علي سطح داره أو يكون ميزابه علي عرصة داره أو يكون الممر و المخرج من داره أو بستانه أو علي أن يخرج جناحا في فضاء ملكه أو علي أن يكون أغصان أشجاره في فضاء ارضه و غير ذلك (2) و لا فرق فيه بين أن يكون بلا عوض أو معه (3).

[مسألة 4: يجري الفضولي في الصلح كما يجري في البيع و نحوه]

(مسألة 4): يجري الفضولي في الصلح كما يجري في البيع و نحوه (4).

______________________________

(1) اذ المفروض عدم قبوله لا للنقل و لا للإسقاط فلا مجال لوقوع الصلح عليه و ان شئت قلت: الصلح الذي لا يترتب عليه أي أثر يكون لغوا فلا يشمله دليل الصحة.

(2) لإطلاق الادلة كتابا و سنة مضافا الي السيرة الخارجية العقلائية الممضاة عند الشارع فلاحظ.

(3) بعين التقريب و بعين الملاك.

(4) لوحدة الملاك فان الدليل المثبت للفضولي في البيع جار في الصلح و قد تقدم في كتاب البيع ان العمدة في اثبات المدعي النص الخاص لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن مملوك تزوج بغير اذن سيده فقال ذاك الي سيده ان شاء اجازه و ان شاء فرق بينهما قلت: اصلحك اللّه ان الحكم بن عيينة و ابراهيم النخعي و اصحابهما يقولون: ان اصل النكاح فاسد و لا تحل اجازة السيد له فقال أبو جعفر عليه السلام: انه لم يعص اللّه و انما عصي سيده فاذا اجازه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 285

[مسألة 5: يجوز للمتداعيين أن يتصالحا بشي ء من المدعي به أو بشي ء آخر حتي مع انكار المدعي عليه]

(مسألة 5): يجوز للمتداعيين أن يتصالحا بشي ء من المدعي به أو بشي ء آخر حتي مع انكار المدعي عليه (1) و يسقط بهذا الصلح حق الدعوي و كذا يسقط حق اليمين الذي كان للمدعي علي المنكر فليس للمدعي يعد ذلك تجديد المرافعه (2) و لكن هذا قطع للنزاع ظاهرا و لا يحل لغير المحق ما يأخذه بالصلح و ذلك مثل ما اذا ادعي شخص علي آخر بدين فانكره ثم تصالحا علي النصف فهذا الصلح و ان أثر في سقوط الدعوي و لكن المدعي لو كان محقا فقد وصل اليه نصف حقه و يبقي نصفه الاخر في ذمة

المنكر الا انه اذا كان المنكر معذورا في اعتقاده لم يكن عليه اثم (3) نعم لو رضي المدعي بالصلح عن

______________________________

فهو له جائز «1» فان مقتضي عموم العلة المذكورة في الحديث صحة الفضولي علي الاطلاق و تفصيل الكلام موكول الي بحث الفضولي في كتاب البيع فراجع

(1) لما مر من جواز الصلح مطلقا.

(2) سقوط حق الدعوي بالصلح يتوقف علي قابلية اسقاط حق الدعوي و هذا اول الكلام و الاشكال فان زيدا مثلا لو كان مديونا لبكر هل يجوز اسقاط حق مطالبته؟

و عليه يشكل الجزم بما أفاده من أنه ليس للمدعي بعد ذلك تجديد الدعوي الا أن يقال انه لا اشكال في أنه أمر عقلائي عليه السيرة الخارجية و الشارع الأقدس لم يردع عنها و الحال ان مقتضي الاطلاق المقامي التعرض لفساده ان كان الصلح بهذا النحو فاسدا.

(3) لو كان الاسقاط ظاهريا لا يكون مؤثرا في السقوط الواقعي بل يبقي الواقع

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 286

جميع ما في ذمته فقد سقط حقه (1).

[مسألة 6: لو قال المدعي عليه للمدعي صالحني لم يكن ذلك منه إقرارا بالحق]

(مسألة 6): لو قال المدعي عليه للمدعي صالحني لم يكن ذلك منه اقرارا بالحق لما عرفت من أن الصلح يصح مع الاقرار و الانكار (2) و أما لو قال بعني أو ملكني كان اقرارا (3).

[مسألة 7: يعتبر في المتصالحين البلوغ و العقل و الاختيار و القصد و عدم الحجر لسفه أو غيره]

(مسألة 7): يعتبر في المتصالحين البلوغ و العقل و الاختيار و القصد و عدم الحجر لسفه أو غيره (4).

______________________________

علي حاله.

(1) كما هو ظاهر واضح.

(2) و ان شئت قلت: لا تنافي بين الصلح و انكار الدعوي فلا وجه لكون طلب الصلح اقرارا.

(3) فان طلب البيع أو التمليك يستلزم الاقرار بالملكية فلاحظ.

(4) فان غير البالغ لا اعتبار بتصرفاته كما انه لا اعتبار بما يصدر عن المجنون كما ان دليل رفع الاكراه يرفع الاثر عن الانشاء الاكراهي كما ان ما يصدر عن الانسان بلا قصد لا أثر له بلا اشكال و أما عدم الحجر فانما يكون معتبرا فيما يكون التصرف ماليا و أما التصرف لو لم يكن في المال و بعبارة اخري لا وجه لعدم اعتبار الصلح الصادر من المحجور الا في مورد يكون التصرف في المال.

و يستفاد من حديثين عدم نفوذ أمر السفيه حتي بعد البلوغ احدهما ما رواه أبو الحسين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله أبي و أنا حاضر عن اليتيم متي يجوز أمره؟ قال: حتي يبلغ اشده قال: و ما أشده؟ قال: احتلامه قال: قلت: قد يكون الغلام ابن ثمان عشرة سنة او أقلّ او اكثر و لم يحتلم قال: اذا بلغ و كتب عليه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 287

[مسألة 8: يتحقق الصلح بكل ما يدل عليه من لفظ أو فعل أو نحو ذلك]

(مسألة 8): يتحقق الصلح بكل ما يدل عليه من لفظ أو فعل أو نحو ذلك و لا تعتبر فيه صيغة خاصة (1).

______________________________

الشي ء «و نبت عليه الشعر» جاز عليه أمره الا أن يكون سفيها أو ضعيفا «1»

فان المستفاد من هذه الرواية عدم نفوذ أمر السفيه علي الاطلاق حتي بعد البلوغ و لو لم يكن التصرف ماليا فلو آجر نفسه لعمل لا تصح اجارته

نعم لو لم يكن تصرفه الا نافعا له كما لو قبل ما يهبه غيره لا يكون مشمولا للحديث فان المذكور فيه عنوان جواز أمره عليه فلو لم يكن عليه جاز الا أن يقال ان المستفاد من الحديث نفوذ الامر عليه و هذا العنوان يصدق علي الاطلاق أي يصدق عنوان نفوذ الأمر و جوازه عليه حتي فيما يكون تصرفا نافعا في حقه فقط و لذا يصح أن يقال: لو غسل زيد ثوبه يحكم عليه بكونه طاهرا و ان شئت قلت: الحكم من الحاكم علي المحكوم يستلزم عنوان الاستعلاء و لكن الاشكال في سند الحديث من حيث كون الخادم في السند و هو مجهول.

ثانيهما ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله أبي و أنا حاضر عن قول اللّه عز و جل حَتّٰي إِذٰا بَلَغَ أَشُدَّهُ قال: الاحتلام قال: فقال: يحتلم في ست عشرة و سبع عشرة سنة و نحوها فقال: اذا أتت عليه ثلاث عشرة سنة كتبت له الحسنات و كتبت عليه السيئات و جاز أمره الا أن يكون سفيها أو ضعيفا فقال:

و ما السفيه؟ فقال الذي يشتري الدرهم باضعافه قال و ما الضعيف قال الابله «2» فان المستفاد من هذه الرواية عدم جواز امر السفيه علي الاطلاق لكن السند ضعيف أيضا لضعف اسناد الشيخ الي ابن فضال.

(1) لإطلاق دليله مضافا الي السيرة الجارية الخارجية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب الحجر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 44 من الوصايا الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 288

[مسألة 9: لو تصالح شخص مع الراعي]

(مسألة 9): لو تصالح شخص مع الراعي بان يسلم نعاجه اليه ليرعاها سنة مثلا و يتصرف في لبنها و يعطي مقدارا معينا من الدهن مثلا صحت المصالحة

(1) بل لو آجر نعاجه من الراعي سنة علي أن يستفيد من لبنها بعوض مقدار معين من دهن أو غيره صحت الاجارة (2).

[مسألة 10: لا يحتاج إسقاط الحق أو الدين إلي القبول]

(مسألة 10): لا يحتاج اسقاط الحق أو الدين الي القبول (3) و أما المصالحة عليه فتحتاج الي القبول (4).

[مسألة 11: لو علم المديون بمقدار الدين و لم يعلم به الدائن و صالحه بأقل منه]

(مسألة 11): لو علم المديون بمقدار الدين و لم يعلم به الدائن و صالحه باقل منه لم تبرأ ذمته عن المقدار الزائد (5) الا أن يعلم برضا الدائن بالمصالحة حتي لو علم بمقدار الدين أيضا (6).

[مسألة 12: لا تجوز المصالحة علي مبادلة مالين من جنس واحد إذا كانا مما يكال أو يوزن]

(مسألة 12): لا تجوز المصالحة علي مبادلة مالين من جنس واحد اذا كانا مما يكال أو يوزن مع العلم بالزيادة في احدهما علي الاحوط (7).

______________________________

(1) لما مر من جواز الصلح علي الاطلاق و ما ذكر من مصاديق ذلك الكلي.

(2) لوجود المقتضي و عدم المانع فانه لا مانع من الاجارة المفروضة و من ناحية اخري الشرط الواقع في ضمن عقد الاجارة جائز و نافذ.

(3) فان الاسقاط ايقاع فلا يحتاج الي القبول.

(4) اذ المفروض ان المصالحة من العقود و يعتبر فيها الايجاب و القبول.

(5) اذ لا وجه للبراءة مع عدم قصد الدائن و تعلق قصده بالاقل.

(6) كما هو ظاهر لجواز المصالحة علي الاطلاق كما تقدم.

(7) لا اشكال في حسن الاحتياط و أما الجزم بالحرمة فلا وجه له بعد اختصاص

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 289

و لا باس بها مع احتمال الزيادة (1).

[مسألة 13: لا بأس بالمصالحة علي مبادلة دينين علي شخص واحد أو علي شخصين فيما اذا لم يكونا من المكيل أو الموزون]

(مسألة 13): لا باس بالمصالحة علي مبادلة دينين علي شخص واحد أو علي شخصين فيما اذا لم يكونا من المكيل أو الموزون أو لم يكونا من جنس واحد أو كانا متساويين في الكيل أو الوزن و أما اذا كانا من المكيل أو الموزون و من جنس واحد فجواز الصلح علي مبادلتهما مع زيادة محل اشكال (2).

[مسألة 14: يصح الصلح في الدين المؤجل بأقل منه إذا كان الغرض إبراء ذمة المديون من بعض الدين]

(مسألة 14): يصح الصلح في الدين المؤجل باقل منه اذا كان الغرض ابراء ذمة المديون من بعض الدين و أخذ الباقي منه نقدا هذا فيما اذا كان الدين من جنس الذهب أو الفضة أو غيرهما من

______________________________

دليل الحرمة بالبيع و الالتزام بكون الصلح عقدا مستقلا كما سبق.

(1) اذ يمكن احراز عدمها بالاصل اي استصحاب العدم الأزلي.

(2) اما عدم البأس في غير صورة الأخيرة فلعدم وجه للمنع و أما الاشكال في الصورة الاخيرة فلاحتمال الحرمة من اجل الربا و لكن قد مر انه لا وجه للإشكال مع كون الصلح عقدا مستقلا فلا يشمله دليل المنع و أما علي تقدير الشك فان قلنا بأن المقيد مجمل فايضا لا مجال للإشكال لأن اجمال المقيد المنفصل لا يسري الي المطلق و مع التنزل عن هذه الجهة ان قلنا بجريان الاستصحاب في الشبهات المفهومية- كما نقول- يمكن احراز عدم تحقق عنوان الربا فيحكم بالصحة و أما علي القول بعدم جريان الاستصحاب- كما هو المقرر عندهم- فلا مجال للأخذ بدليل الصحة و لا بدليل الفساد لعدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية لكن مقتضي الاصل العملي هو الفساد فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 290

المكيل أو الموزون (1) و أما في غير ذلك فيجوز البيع و الصلح بالاقل من المديون و غيره و عليه فيجوز للدائن تنزيل

الكمپيالة في المصرف و غيره في عصرنا الحاضر لان الدنانير الرائجة ليست مما يوزن أو يكال (2).

[مسألة 15: ينفسخ الصلح بتراضي المتصالحين بالفسخ]

(مسألة 15): ينفسخ الصلح بتراضي المتصالحين بالفسخ (3) و كذا اذا فسخ من جعل له حق الفسخ منهما في ضمن الصلح (4).

[مسألة 16: لا يجري خيار الحيوان و لا خيار المجلس و لا خيار التاخير في الصلح]

(مسألة 16): لا يجري خيار الحيوان و لا خيار المجلس و لا خيار التاخير في الصلح (5) نعم لو أخر تسليم المصالح به عن الحد المتعارف أو اشترط تسليمه نقدا فلم يعمل به فللاخر أن يفسخ المصالحة (6) و أما الخيارات الباقيه فهي تجري في عقد الصلح (7).

______________________________

(1) بلا اشكال لعدم وجه للإشكال.

(2) الامر كما افاده لعدم ما يقتضي عدم الجواز فيجوز و يصح فلاحظ.

(3) هذا مبني علي جريان الاقالة في غير البيع و هو محل الاشكال.

(4) علي القول بجواز جعل الخيار و قد مر الاشكال فيه الا أن يقال: ان السيرة الخارجية العقلائية جارية عليه و الشارع الاقدس أمضي هذه السيرة.

(5) لعدم ما يقتضي الجريان بعد اختصاص الدليل بالبيع.

(6) بتقريب ان مرجعه الي جعل الخيار عند عدم الوفاء بالشرط و جعل الخيار جائز و الاشكال فيه هو الاشكال المتقدم آنفا.

(7) بدعوي ان دليلها دليل الشرط فيعم و يشكل الجزم بما ذكر للإشكال في قصور دليل الشرط لإثبات هذه الدعوي الا أن يتم الامر بالسيرة الخارجية بأن يقال لا اشكال في ثبوت هذه الخيارات بين العقلاء و المفروض عدم ردع الشارع عنها

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 291

[مسألة 17: لو ظهر العيب في المصالح به جاز الفسخ]

(مسألة 17): لو ظهر العيب في المصالح به جاز الفسخ و أما اخذ التفاوت بين قيمتي الصحيح و المعيب ففيه اشكال (1).

[مسألة 18: لو اشترط في عقد الصلح وقف المال المصالح به إذا لم يكن للمصالح وارث بعد الموت صح]

(مسألة 18): لو اشترط في عقد الصلح وقف المال المصالح به اذا لم يكن للمصالح وارث بعد الموت صح و لزم الوفاء بالشرط (2).

______________________________

فيعلم امضائه لسيرتهم اذ المفروض امضاء الصلح و مع ذلك لم يتعرض لفساد ما يكون جاريا بينهم فلاحظ.

(1) بتقريب ان جواز اخذ الأرش يختص بالبيع فلا تجري في الصلح و أما الخيار فمن باب الشرط الضمني و الاشكال فيه هو الاشكال المتقدم.

(2) بتقريب ان مقتضي دليل نفوذ الشرط صحة الشرط المذكور و وجوب العمل به و لكن يرد عليه ان عدم الوارث علي الاطلاق لا موضوع له فان الامام عليه السلام وارث من لا وارث له فكيف يمكن الالتزام بالجواز؟ الا أن يقال: ان اللفظ منصرف عن صورة كون الوارث الامام مضافا الي أن المقصود من الكلام غير واضح فان وجود الوارث و عدمه لا دخل له في صحة هذا الشرط و عدمها فان المفروض ان المالك حال حياته نقل ملكه الي غيره و اشترط عليه أن يقفه بعد موته و المفروض ان الشرط نافذ و من ناحية اخري لا ينتقل المال المصالح به الي ورثة المصالح لكن لا يبعد أن يكون المراد من المتن ان اشتراط الوقف مقيد بعدم الوارث و أما مع وجود الوارث فلا.

لكن يرد عليه بأنه مع وجود الوارث لا يخرج مورد المصالحة عن ملك المتصالح و مع بقائه في ملك المتصالح لا مجال لانتقاله الي الوارث الا أن يرجع الامر الي اشتراط تمليكه من الورثة و اللّه العالم و قد وقع الفراغ من كتابة كتاب

الصلح في يوم الاربعاء العاشر من شهر شوال المكرم من السنة 1409.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 292

[كتاب الإقرار]

كتاب الاقرار و هو اخبار عن حق ثابت علي المخبر او نفي حق له علي غيره (1).

و لا يختص بلفظ بل يكفي كل لفظ دال علي ذلك عرفا و لو لم يكن صريحا و كذا تكفي الاشارة المعلومة (2) و يشترط في المقر التكليف (3) و الحرية (4) فلا ينفذ اقرار الصبي و المجنون و لا اقرار العبد بالنسبة الي ما يتعلق بحق المولي بدون تصديقه مطلقا و لو كان مما يوجب الجناية علي العبد نفسا أو طرفا (5) و أما بالنسبة الي ما يتعلق به نفسه مالا كان أو جناية فيتبع به بعد عتقه (6) و يشترط في المقر له اهلية التملك

______________________________

(1) كما هو المستفاد العرفي منه.

(2) لعدم وجه للاختصاص بعد صدق المفهوم فاذا صدق يترتب عليه حكمه اعم من أن يكون بنحو الصراحة أو الاشارة كما هو ظاهر.

(3) لعدم ترتب اثر علي ما يصدر عن غير المكلف صبيا كان أو مجنونا.

(4) اذ الاقرار لا ينفذ في حق الغير.

(5) كما هو ظاهر لما مر من عدم اعتباره.

(6) قال في الجواهر في هذا المقام «1» «بلا خلاف و لا اشكال لعموم اقرار العقلاء» لاحظ ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله أنه قال اقرار العقلاء علي أنفسهم جائز «2».

______________________________

(1) ج 35 ص: 108

(2) الوسائل الباب 3 من ابواب الاقرار الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 293

و لو اقر للعبد فهو له لو قيل بملكه كما هو الظاهر (1) و لو قال له علي مال الزم به (2) فان فسره بما لا يملك لم يقبل (3) و لو

قال هذا لفلان بل لفلان كان للأول و غرم القيمة للثاني (4) و يرجع في النقد و الوزن و الكيل الي عادة البلد (5) و مع التعدد الي تفسيره (6) و لو اقر بالمظروف لم يدخل الظرف (7) و لو اقر بالدين المؤجل ثبت

______________________________

(1) كما هو واضح اذ مع عدم الأهلية لا مجال للنفوذ شرعا.

(2) لنفوذ الاقرار و وجوب الاخذ به.

(3) اذ الانكار بعد الاقرار يحتاج الي الاثبات.

(4) بمقتضي نفوذ الاقرار بالنسبة الي الأول و الحيلولة بالنسبة الي الثاني قال في الجواهر في مقام تقريب الاستدلال علي المدعي: «لأنه حال بينه و بينها فهو كالمتلف بلا خلاف معتد به اجده فيه لعموم اقرار العقلاء و للحيلولة التي سمعتها» الخ.

و يرد علي هذا التقريب بأنه اما نقول ان الاقرار الاول لنفوذه اوجب كون المقرّ به للأول فلا أثر للإقرار الثاني لأنه اقرار بالنسبة الي مال الغير و اما نقول ان المتكلم ما دام متشاغلا بالكلام له أن يلحق بكلامه من اللواحق ما شاء و لا مجال للحكم عليه ما دام متشاغلا و المفروض ان كلمة الأضراب وضعت لإفادة الأضراب عن الاول و الاثبات للثاني و من ناحية اخري ان الاشتباه أمر ممكن فيلزم أن يحكم للثاني فأما يحكم للأول بالتقريب الأول و اما يحكم للثاني بالتقريب الثاني فعلي كلا التقديرين لا يتم ما افيد في المتن الا أن يتم الامر بالتسالم و الاجماع.

(5) للظهور العرفي.

(6) فانه المرجع في تفسير كلامه.

(7) لعدم ما يقتضي الدخول.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 294

المؤجل (1) و لم يستحق المقر له المطالبة به قبل الاجل (2) و لو اقر بالمردد بين الاقل و الاكثر ثبت الاقل (3) و لو ابهم المقر له

فان عين قبل (4) و لو ادعاه الاخر كانا خصمين (5) و للاخر علي المقر اليمين علي عدم العلم ان ادعي عليه العلم (6) و لو ابهم المقر به ثم عين فان أنكره المقر له ففي أن للحاكم انتزاعه او اقراره في يده اشكال (7) و الاظهر الثاني (8) و لو ادعي المواطاة علي الاشهاد كان عليه اقامة البينة علي المواطاة او احلاف المشتري علي اقباض الثمن (9. مسائل الاولي: اذا اقر بولد

______________________________

(1) اذ لا وجه للتعجيل مع عدم دليل عليه.

(2) كما هو ظاهر فان الاستحقاق يحتاج الي الدليل.

(3) اذ الاكثر لم يقع مورد الاقرار فلا وجه لثبوته و الاصل عدمه.

(4) فان المقر هو المرجع في التفسير لأنه ذويد فيقبل قوله و ربما يقال كما في الجواهر: «انه بعد الاقرار الاول لا أثر لقوله و بعبارة اخري بعد الاقرار بكونه للغير تخرج العين عن يده.

(5) فلا بد من اجراء قوانين الدعوي و القضاء.

(6) اذ المفروض ان الاخر يدعي علم المقر بكون المال له فعليه البينة و وظيفة المقر اليمين لكونه منكرا.

(7) فربما يقال ان للحاكم انتزاعه لأنه ولي من لا ولي له و ربما يقال له ابقائها في يده اذ لم يثبت عدوانه.

(8) لأنه مكلف بايصاله الي صاحبها فلا وجه لانتزاعها من يده فلاحظ.

(9) علي ما هو مقتضي قانون الدعاوي من كون البينة علي المدعي و اليمين علي من انكر فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 295

أو أخ أو اخت أو غير ذلك نفذ اقراره مع احتمال صدقه في ما عليه من وجوب انفاق أو حرمة نكاح أو مشاركة في ارث و نحو ذلك (1) و أما بالنسبة الي غير ما عليه من الاحكام ففيه تفصيل

فان كان الاقرار بالولد فيثبت النسب باقراره مع احتمال صدقه و عدم المنازع اذا كان الولد صغيرا و كان تحت يده (2).

______________________________

(1) لنفوذ الاقرار علي النفس مع احتمال الصدق و أما مع عدم احتمال الصدق فلا مجال لنفوذه كما هو ظاهر.

(2) و يمكن الاستدلال بحديث ابن الحجاج قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحميل فقال: و اي شي ء الحميل؟ قال: قلت المرأة تسبي من ارضها و معها الولد الصغير فتقول: هو ابني و الرجل يسبي فيلقي اخاه فيقول هو اخي و ليس لهم بينة الا قولهم قال: فقال ما يقول الناس فيهم عندكم؟ قلت: لا يورثونهم لأنه لم يكن لهم علي ولادتهم بينة و انما هي ولادة الشرك فقال: سبحان اللّه اذا جاءت بابنها أو بابنتها و لم تزل مقرة به و اذا عرف اخاه و كان ذلك في صحة منهما و لم يزالا مقرين بذلك ورث بعضهم من بعض «1».

و ذكر الماتن لاعتبار الاقرار بالولد بحيث يلحق بالمقر شروطا: الاول:

احتمال صدقه في دعواه فانه مع عدم احتمال صدقه لا مجال للأخذ باقراره كما مر آنفا و ان شئت قلت: الاقرار من الامارات و الامارة حجة في صورة احتمال مطابقتها مع الواقع.

الثاني: عدم المنازع و قيل في وجهه: انه يتعارض الاقرار ان مضافا الي النصوص الواردة في وطي الشركاء الامة المبتاعة منها ما رواه معاوية بن عمار

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب ميراث ولد الملاعنة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 296

______________________________

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا وطئ رجلان أو ثلاثة جارية في طهر واحد فولدت فادعوه جميعا اقرع الوالي بينهم فمن قرع كان الولد ولده و يردا قيمة الولد علي

صاحب الجارية قال فان اشتري رجل جارية و جاء رجل فاستحقها و قد ولدت من المشتري رد الجارية عليه و كان له ولدها بقيمته «1».

و منها ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قضي علي عليه السلام في ثلاثة وقعوا علي امرأة في طهر واحد و ذلك في الجاهلية قبل أن يظهر الإسلام فأقرع بينهم فجعل الولد للذي قرع و جعل عليه ثلثي الدية للآخرين فضحك رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حتي بدت نواجده قال: و قال: ما اعلم فيها شيئا الا ما قضي علي عليه السلام «2».

و منها ما رواه الحلبي و محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا وقع الحر و العبد و المشرك بامرأة في طهر واحد فادعوا الولد اقرع بينهم فكان الولد للذي يخرج سهمه «3».

فان تلك النصوص تدل علي لزوم التعيين بالقرعة مع فرض التنازع فتدل علي لزومها في المقام بالاولوية- كما في الجواهر- و يمكن أن يقال: ان مقتضي حديث ابن الحجاج هو الالحاق و لو مع وجود المنازع و لا نري وجها للأولوية المدعاة.

الثالث أن يكون الولد صغيرا كما صرح في الخبر المشار اليه يقوله «و معها الولد الصغير».

الرابع: أن يكون تحت يده و يدل عليه قوله عليه السلام في الخبر «و معها الولد الصغير».

______________________________

(1) الوسائل الباب 57 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 297

و لا يشترط فيه تصديق الصغير (1) و لا يلتفت الي انكاره بعد بلوغه (2) و يثبت بذلك النسب بينهما و بين أولادهما و سائر الطبقات (3) و أما

في غير الولد الصغير فلا أثر للإقرار الا مع تصديق الاخر (4) فان لم يصدقه الاخر لم يثبت النسب (5) و ان صدقه و لا وارث غيرهما توارثا (6) و في ثبوت التوارث مع الوارث الاخر اشكال و الاحتياط لا يترك (7).

______________________________

(1) و عن جامع المقاصد الاجماع عليه و اطلاق الخبر يقتضيه.

(2) بلا خلاف اجده فيه كما اعترف به غير واحد- هكذا في الجواهر- و الوجه في عدم الالتفات ان النسب ثبت قبل البلوغ بالنص فلا وجه لاعتبار انكاره.

(3) فانه مقتضي ثبوت كون الولد ولدا له بمقتضي النص و بعبارة اخري يستفاد من النص ترتب أحكام الولادة منه علي الاطلاق و الذي يختلج بالبال في هذه العجالة انه ان تم المدعي بالإجماع فهو و الا فللمناقشة مجال اذ لا يستفاد من حديث ابن الحجاج العموم فتأمل.

(4) فان الالحاق علي خلاف القاعدة و انما نخرج عن القاعدة بالمقدار المستفاد من النص لاحظ ما رواه الأعرج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجلين حميلين جي ء بهما من أرض الشرك فقال احدهما لصاحبه: أنت أخي فعرفا بذلك ثم اعتقا و مكثا مقرين بالإخاء ثم ان احدهما مات قال: الميراث للأخ يصدقان «1»

(5) كما هو المستفاد من حديث الأعرج.

(6) كما نص به في الخبر.

(7) و الوجه في الاشكال عدم دلالة النص فان الظاهر منه بيان الحكم لصورة

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب ميراث ولد الملاعنة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 298

و كذلك في تعدي التوارث الي غيرهما (1) و لا يترك الاحتياط أيضا فيما لو اقر بولد أو غيره ثم نفاه بعد ذلك (2) الثانية: لو اقر الوارث باولي منه دفع ما في يده اليه

و لو كان مساويا دفع بنسبة نصيبه من الاصل (3) و لو اقر باثنين فتتناكرا لم يلتفت الي تناكرهما فيعمل بالاقرار (4) و لكن تبقي الدعوي قائمة بينهما (5) و لو أقر باولي منه في الميراث ثم أقر باولي من المقر له قبل كما اذا اقر العم بالاخ ثم اقر بالولد فان صدقه دفع الي الثالث و الا فالي الثاني و يغرم للثالث (6) و لو اقر الولد بآخر ثم أقرا بثالث و أنكر الثالث الثاني كان للثالث النصف و للثاني السدس (7).

______________________________

انحصار الوارث.

(1) لا يبعد أن يكون وجه الاشكال اختصاص الدليل بهما و لا دليل علي التعدي.

(2) الظاهر ان منشأ الاشكال قوله في الحديث «و لم تزل مقرة به» و قوله عليه السلام أيضا «و لا يزالا مقرين بذلك» فيستفاد من الرواية اشتراط دوام الاقرار و عدم النفي و اللّه العالم.

(3) فان اقراره بالنسبة الي ما في يده نافذ من باب نفوذ اقرار العقلاء.

(4) فان مقتضي نفوذ الاقرار دفع ما في يده اليهما.

(5) كما هو ظاهر فانها باقية الي أن ترتفع بالاسباب الشرعية.

(6) كما مر الكلام في نظير المقام مع ما سبق من الاشكال فراجع.

(7) بتقريب ان ارث الثالث ثابت باعتراف الاولين فهو احد الاثنين المتفق عليهما فيكون له النصف و للأول الثلث لأنه باعترافه احد الثلاثة فليس له الا ثلث التركة و يبقي للثاني السدس.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 299

و لو كانا معلومي النسب لا يلتفت الي انكاره (1) الثالثة يثبت النسب بشهادة عدلين (2) لا برجل و امراتين و لا برجل و يمين (3) و لو شهد الاخوان بابن للميت و كانا عدلين كان أولي منهما و يثبت النسب (4) و لو

كانا فاسقين يثبت الميراث اذا لم يكن لهما ثالث (5) دون النسب (6).

[كتاب الوكالة]

اشارة

كتاب الوكالة و لا بد فيها من الإيجاب و القبول (7).

______________________________

و لا يبعد أن يقال بقسمة المال بينهم اثلاثا فان اقرار الأولين بثالث ليس الا اقرارا باستحقاقه ثلث المال فلا يستحق الا بهذا المقدار و لا أثر لإنكاره نسب الثاني فلاحظ و اللّه العالم بحقايق الامور.

(1) كما هو ظاهر فلا تغفل.

(2) بلا كلام لعموم حجية البينة.

(3) فان قبول الشهادة و اثبات المشهود بها يحتاج الي الدليل و لا دليل عليه في المقام.

(4) لحجية البينة.

(5) لنفوذ الاقرار.

(6) لعدم الدليل علي الاعتبار فلاحظ و الحمد للّه اولا و آخرا و ظاهرا و باطنا.

(7) أفاد السيد اليزدي قدس سره بأنه «لا يشترط في الوكالة القبول و لذا نري انه لو قال وكلتك في بيع داري فباعها صح بيع الدار و الظاهر الصحة و لو مع غفلة البائع عن الوكالة و قصد النيابة و هذا دليل عدم تقوم الوكالة بالقبول و أيضا نري انه لو و كله و هو غائب في أمر فقبل الوكيل الوكالة بعد مضي ايام تصح و الحال

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 300

______________________________

انه لا يجوز الفصل بين الايجاب و القبول فالحق أن يقال: ان الوكالة تتحقق بالايجاب و القبول تارة و بالاذن في التصرف اخري» هذا ملخص كلامه رفع في علو مقامه.

و يمكن أن يرد علي ما أفاده اولا: بأن صحة البيع لا تدل علي تحقق الوكالة بدون القبول بل الصحة من باب خروج البيع عن الفضولية بالاذن الصادر من المالك و يرد علي ما أفاده ثانيا: انه لا دليل علي اشتراط كون القبول متصلا بالايجاب بل يجوز الفصل مع بقاء الايجاب بقوته

السابقة و لذا نري صحة الهدية و الهبة و لو مع عدم اتصال قبولهما بل تجوز ان و لو مع الفصل الزماني الطويل

و ربما يستدل علي اشتراط القبول فيها بأنه اذا تحققت بلا قبول يلزم التصرف في نفس الغير بدون رضاه و هذا ينافي سلطنة كل احد علي نفسه و فيه اولا: انه لا اشكال في أن الاذن في التصرف يقتضي أن يصير المأذون مأذونا في التصرف بلا اختيار منه و هل يمكن أن يقال: انه لا يتحقق الاذن و لا يصير المأذون مأذونا؟ لأنه يلزم أن يكون الشخص مسلطا علي الغير علي خلاف قانون سلطنة كل احد علي نفسه. و ثانيا لا بد من ملاحظة الدليل فان اقتضي تحقق الوكالة بلا قبول نلتزم و إلا فلا.

اذا عرفت ما تقدم نقول الذي يخطر بالبال أن يقال: ان الوكالة من العقود الامضائية و هي أمر رائج بين العقلاء و الظاهر تقومها بالايجاب و القبول و لا تتحقق الوكالة بلا قبول و لو التزمنا بعدم قوامها بالقبول و قلنا بتحققها بمجرد الايجاب، يلزم تحققها دائما بالايجاب و لا مجال لأن يقال: انها علي قسمين: تتحقق تارة بالايجاب و القبول و تتحقق اخري بالايجاب فقط، اذ مع تحققها بالايجاب لا تصل النوبة الي القبول.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 301

و ان كان فعلا (1) أو متأخرا (2) و لا يشترط فيها التنجيز فلو علقها علي شرط غير حاصل حال العقد أو مجهول الحصول حينه فالظاهر الصحة (3) و يصح تصرف الوكيل حينئذ عند تحقق الشرط (4) و هي جائزة من الطرفين (5).

______________________________

و بعبارة اخري مع تحققها بالايجاب يكون القبول الواقع بعدها أمرا اجنبيا عنها فصفوة القول: انه تارة يتحقق

الاذن و اخري تتحقق الوكالة أما علي الأول فلا يحتاج الي القبول كما هو ظاهر و أما علي الثاني فيحتاج الي القبول و اللّه العالم

(1) اذ لا يشترط في تحققه اللفظ بل يصدق و لو بالقبول الفعلي فيترتب عليه أثره.

(2) بلا اشكال اذ لا دليل علي اشتراط التوالي بين ايجابها و قبولها بل تصدق و لو مع الفصل بين الايجاب و القبول و هذا العرف ببابك و هذه السيرة العقلائية نصب عينك.

(3) بتقريب: انه لا دليل علي اشتراط التنجيز في العقود الا الاجماع و القدر المعلوم منه غير المقام و لكن ادعي الاجماع علي الاشتراط في خصوص المقام الا أن يقال: انه ليس اجماعا محصلا بل غايته الاجماع المنقول و لا اعتبار به مضافا الي أنه لو فرض تحصيله يكون محتمل المدرك فلا يكون اجماعا تعبديا كاشفا عن رأيه عليه السلام.

(4) اذ المفروض ان دائرة الوكالة مضيقة و الاذن في التصرف في اطار خاص

(5) بلا خلاف اجده بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- فاذا ثبت الاجماع التعبدي الكاشف عن رأي المعصوم فهو و الا فيشكل الجزم بالمدعي لأن مقتضي اصالة اللزوم في كافة العقود المستفادة من قوله تعالي أَوْفُوا بِالْعُقُودِ «1»

______________________________

(1) المائدة 1/

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 302

و لكن يعتبر في عزل الموكل له اعلامه به فلو تصرف قبل علمه به صح تصرفه (1) و تبطل بالموت (2).

______________________________

ان كل عقد لازم الا ما خرج بالدليل نعم بالنسبة الي الموكل فقد دلت جملة من النصوص علي جواز عزله الوكيل:

منها: ما رواه معاوية بن وهب و جابر بن يزيد جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: من وكل رجلا علي امضاء امر من الامور

فالوكالة ثابتة ابدا حتي يعلمه بالخروج منها كما أعلمه بالدخول فيها «1».

و منها ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل و كل آخر علي وكالة في أمر من الامور و أشهد له بذلك شاهدين فقام الوكيل فخرج لإمضاء الأمر فقال: أشهدوا اني قد عزلت فلانا عن الوكالة فقال: ان كان الوكيل أمضي الأمر الذي و كل فيه قبل العزل فان الأمر واقع ماض علي ما امضاه الوكيل كره الموكل أم رضي «2».

(1) كما يستفاد من النص لاحظ حديث ابن وهب المتقدم ذكره آنفا و يدل علي المدعي أيضا حديث هشام المتقدم.

(2) أما بموت الوكيل فلا اشكال في البطلان لعدم ما يقتضي انتقالها بالارث الي وارثه و أما بموت الموكل فيظهر من كلام الجواهر ان البطلان مورد الاجماع و ذكر في وجه البطلان أيضا: ان المال ينتقل بالموت الي الوارث فلا وجه لجواز تصرف الوكيل. و اورد فيه بأنه لا يتم المدعي في الثلث و الحق أن يقال: ان الوكيل نائب عن الموكل و المفروض ان الموكل بنفسه معزول عن التصرف فلا مجال للنيابة فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أحكام الوكالة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 2 من أحكام الوكالة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 303

و تلف متعلقها (1) و فعل الموكل (2) و تبطل الوكالة بجنون الموكل (3) و باغمائه حال جنونه و اغمائه (4) و في بطلانها مطلقا حتي بعد رجوع العقل و الافاقة اشكال (5) و تصح الوكالة فيما لا يتعلق غرض الشارع بايقاعه مباشرة و يعلم ذلك ببناء العرف و المتشرعة عليه (6) و لا يتعدي الوكيل الماذون حتي في تخصيص السوق الا اذا علم انه

ذكره من باب احد الافراد (7) و لو عمم التصرف صح مع المصلحة (8) الا في الاقرار (9

______________________________

(1) لانتفاء الموضوع و مع انتفائه لا مجال لبقائها كما هو ظاهر.

(2) الكلام فيه هو الكلام فلاحظ.

(3) اذ المجنون لا يترتب اثر علي تصرفاته فكيف بتصرف وكيله مضافا الي الاجماع المدعي في المقام.

(4) العمدة في وجه الاستدلال هو الاجماع المدعي في المقام و ربما يقال:

ان الوكيل نائب عن الموكل و مع سقوط الموكل عن الاعتبار لا مجال لتصرف نائبه و وكيله نعم في النائم و السكران نقطع ببقائها و عدم بطلانها.

(5) تظهر من عبارة الأصحاب بطلانها بهما و مع فرض البطلان لا دليل علي رجوعها، و ملخص الكلام ان المدرك الاجماع و التسالم المدعي.

(6) كما هو ظاهر فانه يعلم من السيرة العقلائية و سيرة المتشرعة.

(7) كما هو ظاهر اذ ميزان الجواز و عدمه منوط باذنه.

(8) اذ لا وجه للتقييد و عدم العموم بل ان ثبت الاجماع علي البطلان في صورة عدم المصلحة فهو و الا لكان للالتزام بالصحة مجال الا أن يقال: انه لا دليل علي التعميم فالقصور في المقتضي.

(9) ان ثبت اجماع تعبدي علي عدم الجواز فهو و الا فيمكن أن يكون الوجه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 304

نعم اذا قال انت وكيلي في ان تقر علي بكذا لزيد مثلا كان هذا اقرارا منه لزيد به (1) و الاطلاق يقتضي البيع حالا بثمن المثل بنقد البلد و ابتياع الصحيح و تسليم المبيع و تسليم الثمن بالشراء و الرد بالعيب (2) و لا يقتضي وكالة الخصومة عند القاضي الوكالة في القبض و كذلك العكس (3) و يشترط اهلية التصرف في الوكيل و الموكل (4) فيصح توكيل الصغير فيما جاز

له مباشرته كالوصية اذا بلغ عشرا (5).

______________________________

فيه عدم جريان الوكالة فيه و انه غير قابل للتوكيل فيه بل لا يتحقق الا بالمباشرة و يمكن أن يكون الوجه في المنع ان نفوذ الاقرار علي المقر، مختص بصورة المباشرة و اللّه العالم.

(1) فانه مصداق للإقرار فيؤخذ به.

(2) فان الظاهر لو لا القرينة يقتضي ذلك و بعبارة اخري الطبع الأولي في المعاملات يقتضي هكذا و عليه تحقق الوكالة في غير النحو المذكور يتوقف علي الاثبات.

(3) لعدم الدليل و كل منهما اعم من الاخر فثبوت الوكالة في احدهما لا يستلزم تحققها في الاخر.

(4) بلا اشكال و لا كلام.

(5) اذ بعد قيام الدليل علي جواز وصيته علي ما هو المقرر عندهم في كتاب الوصية من جواز وصيته اذا كان له عشر سنين يجوز توكيله اذ يبعد أن تكون المباشرة شرطا بل يمكن أن يستدل علي المدعي باطلاق ما دل علي جواز وصيته فان مقتضي الاطلاق جوازها مباشرة و توكيلا لاحظ ما رواه أبو بصير يعني المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذ بلغ الغلام عشر سنين و أوصي بثلث ماله في

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 305

و يجوز أن يكون الصغير وكيلا و لو بدون اذن وليه (1) و لو وكل العبد

______________________________

حق جازت وصيته و اذا كان ابن سبع سنين فأوصي من ماله باليسير في حق جازت وصيته «1».

(1) بتقريب انه لا دليل علي سلب عبارته و إنشائه و فيه انه قد دل الدليل عليه لاحظ ما رواه ابن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال عمد الصبي و خطاه واحد «2» فان المستفاد من الحديث ان عمد الصبي في حكم خطائه و تخصيص الرواية بباب الجنايات

لا وجه له.

بل يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة؟ قال: اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة، فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري عليه القلم و الجارية مثل ذلك ان اتي لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة و جري عليها القلم «3».

فان المستفاد من الحديث ان القلم علي الاطلاق مرفوع عن الصبي فلا يترتب علي افعاله اثر و بعبارة اخري: القلم مرفوع عنه بلا فرق بين التكليف و الوضع و لا وجه للالتزام بأنه مخصوص بالتكليف و علي هذا الأساس لا فرق بين كونه مأذونا من وليه و بين أن لا يكون.

قال في الجواهر: «لا تصح وكالة الصبي لسلب عبارته و فعله فضلا عن عدم جواز تصرفه مميزا كان أو لم يكن اذن فيه وليه أو لم يأذن كما عرفته غير مرة «4»

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من ابواب الوصايا الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 11 من ابواب العاقلة الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 12

(4) الجواهر ج 27 ص: 387

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 306

باذن مولاه صح (1) و لا يوكل الوكيل بغير اذن الموكل (2) و للحاكم التوكيل عن السفهاء و البله (3) و يستحب لذوي المروات التوكيل في مهماتهم (4).

______________________________

فان المستفاد من كلامه ان توكيله باطل لسلب عبارته و حكم الأمثال واحد فلاحظ و قال أيضا في شروط الوكيل: «و يعتبر فيه البلوغ و كمال العقل بلا خلاف و لا اشكال» «1».

(1) قال في الجواهر: «لا اشكال و لا خلاف في أنه يجوز وكالة العبد

اذا اذن له مولاه للعمومات» الخ «2» و الأمر كما افاده.

(2) بلا اشكال فان الأمر و الاختيار بيد الموكل فلا بد من اذنه و بدون اذنه لا يصح.

(3) فانه وليهم فله التوكيل عنهم و يمكن أن يقال: ان الحاكم حيث انه وليهم فتارة يقيم بأمرهم مباشرة و اخري يوكل غيره فالوكيل وكيل للحاكم لا لهم فلاحظ

(4) الذي يخطر ببالي القاصر عاجلا انهم يستحب لهم أن يحفظوا كرامتهم كي لا يهانوا فيستحب التوكيل فتأمل مضافا الي بعض النصوص منها: ما روي انه صلي اللّه عليه و آله و كل عمرو بن امية الضميري في قبول نكاح أم حبيبة و كانت بالحبشة و وكل أبا رافع في قبول نكاح ميمونة بنت الحرث الهلالية خالة عبد اللّه بن العباس و وكل عروة بن الجعد البارقي في شراء شاة الاضحية و وكل السعاة في قبض الصدقات «3».

و منها ما روي ان عليا عليه السلام و كل اخاه عقيلا في مجلس أبي بكر أو عمرو قال: هذا عقيل فما قضي عليه فعلي و ما قضي له فلي و وكل عبد اللّه بن جعفر في مجلس عثمان 4.

______________________________

(1) الجواهر ج 27 ص: 393

(2) الجواهر ج 27 ص: 395

(3) (3 و 4) مستدرك الوسائل الباب 20 من أبواب الاجارة الحديث: 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 307

و لا يتوكل الذمي علي المشهور و لكن الاظهر الجواز (1) و لا يضمن الوكيل الا بتعد أو تفريط (2) و لا تبطل وكالته به (3) و القول قوله مع اليمين

______________________________

(1) لعدم ما يقتضي المنع و نفي سبيل الكافر علي المسلم لا يرتبط بالمقام و امثاله.

(2) قال في الجواهر: «لا خلاف بين المسلمين و لا

اشكال في أن الوكيل سواء كان بجعل أو غيره كما هو صريح بعض و ظاهر الباقين امين بالنسبة الي أنه لا يضمن ما تلف في يده الا مع التفريط او التعدي كغيره من الأمناء» الخ.

و تدل علي عدم ضمان الامين جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال اذا هلكت العارية عند المستعير لم يضمنه الا أن يكون اشترط عليه «1».

و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن العارية فقال لا غرم علي مستعير عارية اذا هلكت اذا كان مأمونا «2».

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن العارية يستعيرها الانسان فتهلك أو تسرق فقال: ان كان امينا فلا غرم عليه «3» و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: صاحب الوديعة و البضاعة مؤتمنان و قال: ليس علي مستعير عارية ضمان و صاحب العارية و الوديعة مؤتمن «4»

(3) لعدم التنافي بين صيرورة اليد يد ضمان و بقاء وكالته علي ما هي عليها لا من جهة بقائها بالاستصحاب كي يقال: ان الاستصحاب الجاري في الشبهة الحكمية

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من العارية الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 308

و عدم البينة في عدمه (1) و في العزل و العلم به (2) و التصرف (3) و في الرد اشكال و الاظهر العدم (4).

______________________________

معارض بعدم الجعل الزائد بل من جهة ان الوكالة اذا ثبتت لا تزول الا بالرافع.

(1) اذ العدم موافق للأصل فالقول قول منكر التفريط و الافراط.

(2) الكلام فيهما هو

الكلام فان مقتضي الاصل عدم العزل كما ان مقتضاه عدم حصول العلم به.

(3) الذي وكل فيه و انكر ذلك الموكل مثل أن يقول: بعت المتاع و تلف الثمن مني أو قال: قبضت له و تلف مني و انكر ذلك الموكل و يترتب علي الأول غرامة الوكيل المبيع عينا أو قيمة و في الثاني عدم غرامة الثمن من الموكل لكون المبيع تلف قبل قبضه فربما يقال: بأن القول قول الموكل لكون قوله موافق للأصل و عن جامع المقاصد انه امتن دليلا و عن مجمع البرهان كأنه أظهر.

و في قبال هذه الاستدلالات يمكن أن يقال: ان القول قول الوكيل لقاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به و لأنه امين قد نهي عن تخوينه الذي منه تكذيبه لاحظ ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس لك أن تتهم من ائتمنته و لا تأتمن الخائن و قد جربته «1»، و انه محسن و ليس عليه من سبيل و ان في عدم تصديقه العسر و الحرج المنفيين بالدليل و اختلال نظام المعاملات بانصراف رغبة الناس عن معاملات الأولياء و الوكلاء و المأذونين خصوصا في المضاربات و لأن الموكل بتوكيله اقدم علي قبول قوله فيما يفعل فيجب أن يصدقه كما الزم بتصديقه في دعوي التلف التي يكون الملاك فيها كونه امينا و صاحب يد علي ما اؤتمن فيه فلاحظ.

(4) الظاهر ان منشأ الاشكال انه يقبل قول الودعي عند الأصحاب في الرد و المقام

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الوديعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 309

و لو ادعي الوكيل التلف فالقول قوله الا اذا كان متهما فيطالب بالبينة (1) و القول قول منكر الوكالة (2)

و قول الموكل لو ادعي الوكيل الاذن في البيع بثمن معين فان وجدت العين استعيدت فان فقدت أو تعذرت

______________________________

كذلك من حيث الاحسان فالقول قوله و من ناحية اخري ان قوله مخالف الأصل فعليه البينة و لا وجه لقياسه علي الودعي و لا يبعد ان هذا اقرب باصول المذهب كما في كلام المحقق قدس سره.

(1) لا يبعد أن يكون التفصيل المذكور في المتن مستفادا من جملة من النصوص لاحظ ما رواه أبو بصير يعني المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يضمن الصائغ و لا القصار و لا الحائك الا أن يكونوا متهمين فيخوف فيجيئون بالبينة و يستحلف لعله يستخرج منه شيئا و في رجل استأجر جمالا فيكسر الذي يحمل أو يحريقه فقال علي نحو من العامل ان كان مأمونا فليس عليه شي ء و ان كان غير مأمون فهو ضامن «1».

و ما رواه أبو بصير أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان علي عليه السلام يضمن القصار و الصائغ يحتاط به علي أموال الناس و كان أبو جعفر عليه السلام يتفضل عليه اذا كان مأمونا «2» و ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن الصباغ و القصار فقال: ليس يضمنان قال الشيخ يعني اذا كانا مأمونين فاما اذا اتهما ضمنا بحسب ما قدمنا «3»، فان المستفاد من هذه الروايات انه مع الاتهام يجب علي الأمين اقامة البينة.

(2) لأن قوله موافق للأصل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من الاجارة الحديث: 11

(2) نفس المصدر الحديث 12

(3) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 310

فالمثل أو القيمة ان لم يكن مثليا (1) و لو زوجه فانكر الموكل الوكالة حلف (2)

و علي الوكيل نصف المهر لها (3).

______________________________

(1) فان الأصل عدم الاذن و مع عدم الاذن يتحقق الضمان بالمثل في المثلي و بالقيمة في القيمي علي ما هو المقرر عند القوم.

(2) فان اليمين علي من انكر فما افاده علي طبق القاعدة.

(3) استدل علي المدعي بجملة من النصوص: منها ما رواه عمر بن حنظلة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل قال لاخر: اخطب لي فلانة فما فعلت من شي ء مما قاولت من صداق أو ضمنت من شي ء أو شرطت فذلك لي رضا و هو لازم لي و لم يشهد علي ذلك فذهب فخطب له و بذل عنه الصداق و غير ذلك مما طالبوه و سألوه فلما رجع اليه أنكر ذلك كله قال: يغرم لها نصف الصداق عنه و ذلك انه هو الذي ضيع حقها الحديث «1» و هذه الرواية ضعيفة بعمر بن حنظلة.

و منها ما رواه ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام انه سأله عن رجل زوجته امه و هو غائب قال النكاح جائزان شاء المتزوج قبل و ان شاء ترك فان ترك المتزوج تزويجه فالمهر لازم لأمه «2».

و منها ما رواه أبو عبيدة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل امر رجلا أن يزوجه امرأة من اهل البصرة من بني تميم فزوجه امرأة من اهل الكوفة من بني تميم قال: خالف امره و علي المأمور نصف الصداق لأهل المرأة و لا عدة عليها و لا ميراث بينهما فقال بعض من حضر: فان أمره أن يزوجه امرأة و لم يسم أرضا و لا قبيلة ثم جحد الامر أنه يكون أمره بذلك بعد ما زوجه فقال: ان كان للمأمور بينة ان كان

أمره أن يزوجه كان الصداق علي الأمر و إن لم يكن له بينة كان الصداق علي المأمور لأهل المرأة

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الوكالة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 7 من أبواب عقد النكاح و أوليائه الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 311

و علي الموكل ان كان كاذبا في انكاره الزوجية طلاقها (1) و لو لم يفعل و قد علمت بكذبه رفعت امرها الي الحاكم ليطلقها بعد امر الزوج بالانفاق عليها و امتناعه (2) و لو وكل اثنين لم يكن لأحدهما الانفراد بالتصرف الا اذا كانت هناك دلالة علي توكيل كل منهما علي الاستقلال (3) و لا تثبت الا بشاهدين عدلين (4).

______________________________

و لا ميراث بينهما و لا عدة عليها و لها نصف الصداق ان كان فرضا لها صداقا «1» و السند معتبر.

(1) لا اشكال في حرمة التكذيب كما انه لا اشكال في وجوب القيام بوظائف الزوجية و أما وجوب الطلاق فلم يظهر لي وجهه الا أن يقال: انها تقع في الحرام اذا لم يطلقها و فيه ان الدليل أخص من المدعي مضافا الي ما فيه من الاشكال.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 311

(2) قد تعرض الماتن لحكم من لا ينفق علي زوجته في المسألة (4) من مسائل النفقات و قد شرحنا كلامه هناك فراجع ما ذكرناه هناك.

(3) كما هو ظاهر اذ الأمر بيد الموكل و باختياره و لا يجوز التخطي عن امره فلو كانت الوكالة للمجموع لم يكن لواحد الاقدام بالانفراد الا مع قيام دليل علي استقلال كل منهما منفردا عن الاخر.

(4) لا يبعد أن يكون الماتن

ناظرا الي صورة النزاع و الاختلاف و بعبارة اخري: تارة يقع الكلام في أن الوكالة بأي طريق تثبت و اخري في اثباتها عند المرافعة أما في الصورة الأولي فطريق اثباتها كبقية الموضوعات الخارجية و أما اثباتها في صورة المخاصمة و الادعاء و الانكار فتحقيق الحال موكول الي كتاب القضاء و يمكن أن يكون الماتن ناظرا الي أن مقتضي الأصل الأولي عدم الثبوت و انما نلتزم بثبوت الموضوعات بقول الثقة بالسيرة العقلائية فلا بد من الاقتصار

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من أبواب عقد النكاح و أولياء العقد

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 312

و لو اخر الوكيل التسليم مع القدرة و المطالبة ضمن (1).

[مسألة: الوكيل المفوض إليه المعاملة بحكم المالك يرجع عليه البائع بالثمن و يرجع عليه المشتري بالمثمن]

(مسألة): الوكيل المفوض اليه المعاملة بحكم المالك يرجع عليه البائع بالثمن و يرجع عليه المشتري بالمثمن و ترد عليه العين بالفسخ بعيب و نحوه و يؤخذ منه العوض (2).

[كتاب الهبة]

اشارة

كتاب الهبة و تصح في الاعيان المملوكة و ان كانت مشاعة (3).

______________________________

علي مقدار تحققها و بعبارة اخري: لا مجال للأخذ بالاطلاق أو العموم فمع الشك لا بد من اشتراط قيام البينة و اللّه العالم.

(1) اذ بالتأخير المذكور تصير يده يد عدوان موجب للضمان.

(2) الأمر كما افاده فان معني الوكيل المفوض ما ذكر هذا تمام الكلام في الوكالة و قد حصل الفراغ من كتابتها في يوم الجمعة الرابع و العشرين من شهر رجب من السنة 1409 علي مهاجرها آلاف التحية و الثناء.

(3) بلا خلاف كما في بعض الكلمات بل حكي عليه الاجماع و الظاهر انه لا مجال للإشكال و السيرة الجارية عليها بلا نكير اقوي شاهد علي المدعي هذا بالنسبة الي الاعيان الشخصية غير المشاعة التي هي القدر المتيقن من جواز الهبة بالنسبة اليها و بالنسبة الي المشاع فمضافا الي ما تقدم يمكن الاستدلال عليه بما ما رواه عمر الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن دار لم تقسم فتصدق بعض أهل الدار بنصيبه من الدار، قال: يجوز قلت: أ رأيت ان كانت هبة، قال يجوز الحديث «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب أحكام الهبات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 313

و لا تبعد أيضا صحة هبة ما في الذمة لغير من هو عليه و يكون قبضه بقبض مصداقه (1) و لا بد في الهبة من ايجاب و قبول (2).

______________________________

(1) قال صاحب العروة قدس سره، و أما هبته لغير من عليه فالمشهور عدم صحتها

الخ و استدل لعدم الصحة بأن القبض شرط في صحة الهبة و ما في الذمة غير قابل للقبض و الفرد الخارجي ليس هو الكلي بل فرده و بعبارة اخري الذي تعلق به الهبة هو الكلي و الذي تعلق به القبض الفرد الخارجي.

و أجيب عن الاشكال بأن الكلي الطبيعي موجود بوجود الأفراد فاقباض الكلي و قبضه قابل باقباض فرده و قبضه فلا اشكال.

و الذي يختلج بالبال أن يقال ان الاشكال كل الاشكال من ناحية المقتضي فان الالتزام بالصحة يتوقف علي دليل يدل علي النحو العام أو الخاص علي الصحة و الا فعدم الجواز علي طبق القاعدة الأولية و استدل علي الجواز بما رواه صفوان بن يحيي قال: سألت الرضا عليه السلام عن رجل كان له علي رجل مال فوهبه لولده فذكر له الرجل المال الذي له عليه، فقال: انه ليس عليك منه شي ء في الدنيا و الآخرة، يطيب ذلك له و قد كان وهبه لولد له قال: نعم يكون وهبه له ثم نزعه فجعله لهذا «1».

بتقريب ان المستفاد من الحديث انه يجوز هبة ما في ذمة الغير للولد فلا مانع من هبة ما في الذمة.

ان قلت الهبة للولد لا يجوز الرجوع فيها قلت الهبة مشروطة بالقبض و المفروض عدم تحقق القبض و اطلاق النزع باعتبار العقد لا باعتبار القبض.

(2) ربما يستدل علي المدعي بأن الهبة تمليك و تملك فيلزم فيها الايجاب من طرف و القبول من طرف آخر و فيه انه مصادرة فالأولي في مقام الاستدلال أن يقال

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أحكام الهبات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 314

و لو معاطاة (1) من المكلف الحر (2) و لو وهبه ما في ذمته كان ابراء

(3) و يشترط فيها القبض (4).

______________________________

الهبة لا تكون أمرا تأسيسيا من قبل الشارع الأقدس بل الهبة امر عقلائي دائرة فيما بين العرف و العقلاء و الشارع الأقدس أمضاها و لا اشكال في أنها مركبة من الايجاب و القبول عند العرف فلا اشكال في توقفها علي الايجاب و القبول.

(1) كما عليه السيرة و يكفي اطلاق الدليل أيضا لاحظ ما رواه ابراهيم بن عبد الحميد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أنت بالخيار في الهبة ما دامت في يدك، فاذا خرجت الي صاحبها فليس لك أن ترجع فيها الحديث «1».

(2) فان العبد لا يقدر علي شي ء.

(3) ان كان المراد من العبارة ان النتيجة الابراء فتام اذ نتيجة تملك الانسان لما في ذمته سقوط ما فيها فتكون الهبة كالإبراء من حيث النتيجة و أما ان كان المراد ان هبة ما في الذمة في المقام عبارة عن الابراء فغير تام اذ الهبة عبارة عن التمليك و التملك كما تقدم و ليست مصداقا للإبراء و يظهر من كلام الجواهر انها صحيحة بلا خلاف قال قدس سره: «بل في بعض كتب مشايخنا ظاهر هم الاتفاق عليه» الخ

و يدل علي الجواز ما رواه معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له علي الرجل الدراهم فيهبها له، أله أن يرجع فيها قال:

لا «2».

(4) كما هو المعروف بينهم و يدل علي المدعي بعض النصوص، منها ما رواه ابان عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: النحل و الهبة ما لم تقبض حتي يموت صاحبها، قال: هي بمنزلة الميراث، و ان كان لصبي في حجره و أشهد عليه فهو

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من احكام الهبات الحديث:

6

(2) الوسائل الباب 1 من احكام الهبات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 315

______________________________

جائز «1».

و منها ما رواه داود بن الحصين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الهبة و النحلة ما لم تقبض حتي يموت صاحبها قال: هي ميراث الحديث «2».

و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الهبة لا تكون أبدا هبة حتي يقبضها، و الصدقة جائزة عليه الحديث «3».

فان المستفاد من هذه النصوص بقاء الموهوب في ملك الواهب ما لم يقبض و لذا يكون ميراثا لو مات الواهب قبل القبض و ربما يقال: ان مقتضي قوله تعالي «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» «4»، الصحة قبل القبض بتقريب ان المستفاد من الاية وجوب الوفاء بالعقد و العقد يتحقق قبل القبض.

و فيه ان الاية الشريفة دليل اللزوم لا الصحة و علي تقدير الدلالة علي الصحة لا بد من تخصيصها بما مر من النصوص و ربما يقال: ان المستفاد من حديث عبد الرحمن بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا تصدق الرجل بصدقة أو هبة قبضها صاحبها أو لم يقبضها علمت أو لم تعلم فهي جائزة «5».

و حديث أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: الهبة جائزة قبضت أو لم تقبض، قسمت أو لم تقسم و النحل لا تجوز حتي تقبض، و انما أراد الناس ذلك فأخطئوا «6»، الصحة قبل القبض.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أحكام الهبات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) المائدة/ 1

(5) الوسائل الباب 4 من أبواب أحكام الهبات الحديث: 3

(6) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 316

______________________________

و فيه ان المستفاد من الحديثين عدم اللزوم

و هو كذلك و ان أبيت عن ذلك فغاية المستفاد منهما الصحة قبل القبض بمقتضي الظهور العرفي، لكن ترفع اليد عن الظهور بما دل صريحا من النصوص علي عدم تحقق الصحة قبل القبض و بما ذكرنا يظهر الجواب عن حديث ابي مريم «1».

لكن لو قطعنا النظر عن الجواب الأول لا يكون الجواب الثاني تاما لأنه قد صرح في الرواية بكونه جائزة قبل القبض و بعد القبض فكيف يمكن تخصيصها بما بعد القبض فالعمدة في رفع الاشكال الجواب الأول بأن نقول المراد بالجواز عدم كونها لازمة قال الشيخ قدس سره في الخلاف: «الهبة لا تلزم الا بالقبض» فالجواز المذكور في الحديث ما يقابل اللزوم لكن يمكن أن يقال ان الجواز متفرع علي الصحة.

و بعبارة اخري: الجواز متقوم بالصحة فالتعارض بحاله و الترجيح بمخالفة القوم مع ما دل علي عدم اشتراط القبض فان الشيخ قدس سره بعد ما قال «الهبة لا تلزم الا بالقبض» قال: «و به قال في الصحابة ابو بكر و عمر و عثمان و ابن عمر و ابن عباس و معاذ القارئ و انس و عائشة و لا نعرف لهم مخالفا و به قال الشافعي» الخ فمقتضي الصناعة عدم الاشتراط الا أن يتم المدعي بالتسالم و الإجماع و اللّه العالم.

و قد ذكرنا اخيرا انه لا دليل علي الترجيح لا بموافقة الكتاب و لا بمخالفة القوم بل الترجيح منحصر في الاحدثية و حيث ان الاحدث غير معلوم يدخل المقام في اشتباه الحجة بلا حجة فتصل النوبة الي الاصل العملي و مقتضاه عدم الصحة الا بالقبض و بعبارة اخري: مقتضي الاصل عدم تحقق الملكية الا بالقبض فلاحظ

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 317

و

لا بد فيه من أذن الواهب (1) الا أن يهبه ما في يده فلا حاجة حينئذ الي قبض جديد (2) و للأب و الجد ولاية القبول و القبض عن الصغير (3).

______________________________

(1) كما هو المشهور و عن الجواهر عليه الاجماع بقسميه و عن المسالك انه لا خلاف فيه عندنا و يمكن الاستدلال علي المدعي مضافا الي الاجماع المدعي و عدم الخلاف و الشهرة بما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الهبة لا تكون أبدا هبة حتي يقبضها و الصدقة جائزة عليه الحديث «1».

فان المستفاد من الحديث توقف الصحة علي اقباض الواهب اياها فان قوله عليه السلام «حتي يقبضها» يقتضي أن يكون القبض باذن الواهب اضف الي ذلك أن المفروض عدم صحة الهبة قبل القبض فالموهوب باق في ملك الواهب قبل القبض فيكون قبضه بلا اذن الواهب حراما و تصرفا في ملك الغير و معه كيف يمكن أن يكون مملكا.

لكن هذه الرواية طرف المعارضة فكيف يمكن جعلها دليلا علي المدعي فنقول مضافا الي الاجماع المدعي و عدم الخلاف كذلك يمكن اثبات الدعوي بالاصل بالتقريب المتقدم.

(2) اذ الشرط و هو القبض حاصل فلا مقتضي لتجديد القبض.

(3) فانهما وليان علي الصغير فمقتضي القاعدة الجواز مضافا الي النص الخاص لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام «2» و لاحظ ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الصدقة اذا لم تقبض هل تجوز لصاحبها؟ قال: اذا كان أب تصدق بها علي ولد صغير فانها جائزة لأنه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) لاحظ ص: 315

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 318

و المجنون اذا بلغ مجنونا (1) أما لو

جن بعد البلوغ فولاية القبول و القبض للحاكم (2) و لو وهب الولي أحدهما و كانت العين الموهوبة بيد الولي لم يحتج الي قبض جديد (3) و ليس للواهب الرجوع بعد الاقباض ان كانت لذي رحم (4).

______________________________

يقبض لولده اذا كان صغيرا، و اذا كان ولدا كبيرا فلا يجوز له حتي يقبض الحديث «1».

(1) بتقريب أن الولاية ثابتة قبل البلوغ فاذا جن بالغا يجري استصحاب بقاء الولاية و فيه ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم جعل الزائد لكن يمكن الاستدلال علي المدعي بما دل علي ولاية الأب علي الطلاق و النكاح بتقريب الأولوية فلاحظ.

(2) لا يبعد أن يكون وجه التفريق ان ولايته عليه في الجنون المتصل بزمان عدم بلوغه مورد التسالم و أما في الجنون العارض بعد البلوغ فلا اجماع فتصل النوبة الي الحاكم الشرعي و هو الولي العام فانه يظهر من كلام الجواهر في كتاب الحجر ان كون الولاية للحاكم مع تجدد الجنون بعد البلوغ مورد الاجماع.

(3) اذ المفروض تحقق القبض فلا وجه للتجديد.

(4) لجملة من النصوص، منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه و عبد اللّه بن سليمان (سنان) جميعا قالا: سألنا أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يهب الهبة أ يرجع فيها ان شاء أم لا؟ فقال تجوز الهبة لذوي القرابة و الذي يثاب عن هبته و يرجع في غير ذلك إن شاء «2».

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال:

الهبة و النحلة يرجع فيها صاحبها إن شاء حيزت أو لم تحز الا لذي رحم فانه لا يرجع

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب أحكام الهبات الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 6

من أحكام الهبات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 319

أو بعد التلف (1) أو التعويض (2) و في التصرف خلاف، و الاقوي جواز الرجوع اذا كان الموهوب باقيا بعينه (3) فلو صبغ الثوب أو قطعه أو خاطه (4) او نقله الي غيره لم يجز له الرجوع (5).

______________________________

فيها «1».

و يستفاد من حديث داود بن الحصين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته هل لأحد أن يرجع في صدقة أو هبة؟ قال: أما ما تصدق به للّه فلا، و أما الهبة و النحلة فانه يرجع فيها حازها أو لم يحزها و ان كانت لذي قرابة «2»، جواز الرجوع و ان كانت الهبة لذي رحم و الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال و الرواية بسندها الاخر مرسلة.

(1) لاحظ ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كانت الهبة قائمة بعينها فله أن يرجع و الا فليس له «3» فان المستفاد من هذه الرواية ان الرجوع في الهبة مشروط بكون الموهوب قائما بعينه فلا مجال للرجوع مع تلف العين كما هو المفروض.

(2) يمكن أن يستدل علي المدعي بأن المستفاد من الدليل جواز رجوع الواهب فيما وهبه و مع التبديل لا مجال للرجوع فيه فلا يجوز مع التعويض.

(3) الظاهر ان كلام الماتن ناظر الي حديث جميل «4» فان صدق عنوان قيام العين بعينها يجوز و الا فلا.

(4) بتقريب أنه ان تغيرت لا تكون قائمة بعينها.

(5) لما مر من أن موضوع الحكم الرجوع في الهبة و مع النقل لا مجال له

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 8 من أحكام الهبات الحديث: 1

(4) مر آنفا

مباني منهاج

الصالحين، ج 9، ص: 320

و له الرجوع في غير ذلك (1).

______________________________

فلا يجوز.

(1) لاحظ ما رواه جميل، فان مقتضاه جواز الرجوع الا فيما يقوم دليل علي عدم الجواز و يستفاد من بعض النصوص عدم جواز الرجوع في الهبة منها ما رواه اليونسي قال: كتبت الي علي بن محمد عليهما السلام: رجل جعل لك شيئا من ماله ثم احتاج اليه أ يأخذه لنفسه أم يبعث به إليك؟ فقال: هو بالخيار في ذلك ما لم يخرجه عن يده، و لو وصل إلينا لرأينا أن نواسيه و قد احتاج اليه «1».

و هذه الرواية ضعيفة بالعبيدي.

و منها ما رواه جراح المدائني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من رجع في هبته فهو كالراجع في قيئه «2» و هذه الرواية ضعيفة سندا أيضا.

و منها ما رواه ابراهيم بن عبد الحميد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أنت بالخيار في الهبة ما دامت في يدك، فاذا خرجت الي صاحبها فليس لك أن ترجع فيها، و قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من رجع في هبته فهو كالراجع في قيئه «3» و هذه الرواية ضعيفة سندا.

و منها ما رواه أبو بصير قال: سألته عن الرجل يشتري البيع فيوهب له الشي ء فكان الذي اشتري لؤلؤا فوهب له لؤلؤا، فرأي المشتري في اللؤلؤ أن يرد، أ يرد ما وهب له؟ قال الهبة ليس فيها رجعة و قد قبضها انما سبيله علي البيع فان رد المبتاع البيع لم يرد معه الهبة «4» و هذه الرواية ضعيفة سندا مضافا الي أن العموم

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من احكام الهبات الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 10 من احكام

الهبات الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الوسائل الباب 19 من ابواب الخيار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 321

فان عاب فلا أرش (1) و ان زادت زيادة متصلة تبعت علي التفصيل المتقدم في المفلس (2) و الا فللموهوب له (3).

[مسألة 1: في الهبة المشروطة يجب علي الموهوب له العمل بالشرط]

(مسألة 1): في الهبة المشروطة يجب علي الموهوب له العمل بالشرط (4) فاذا تعذر أو امتنع المتهب من العمل بالشرط جاز للواهب الرجوع في الهبة (5) بل الظاهر جواز الرجوع في الهبة المشروطة قبل العمل بالشرط (6) و في الهبة المطلقة لا يجب التعويض علي الاقوي (7).

______________________________

و الاطلاق قابلان للتخصيص و التقييد فلاحظ.

(1) لعدم دليل علي الارش و لا بد في العيب الحادث فيه أن لا يكون مغيرا للعين أما لو كان مغيرا لها بحيث لا يصدق أنها قائمة بعينها لا يجوز الرجوع لانتفاء الموضوع علي الفرض.

(2) فراجع هناك.

(3) اذ لا مقتضي للرجوع الي الواهب فيكون باقيا في ملك الموهوب له فلاحظ.

(4) لدليل وجوب الوفاء بالشرط.

(5) لإطلاق دليل جواز الرجوع في الهبة بل يمكن الاستدلال بمفهوم حديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا عوض صاحب الهبة فليس له أن يرجع «1» فان مقتضي مفهوم الشرطية جواز الرجوع مع عدم التعويض.

(6) بعين التقريب المتقدم ذكره آنفا.

(7) لعدم دليل علي الوجوب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من احكام الهبات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 322

لكن لو عوض المتهب لزمت (1) و لم يجز للواهب الرجوع (2) و لو بذل المتهب العوض و لم يقبل الواهب لم يكن تعويضا (3) و العوض المشروط ان كان معينا تعين (4) و ان كان مطلقا أجزأ اليسير الا اذا كانت قرينة علي ارادة المساوي من

عادة أو غيرها (5) و لا يشترط في العوض أن يكون عينا بل يجوز أن يكون عقدا أو ايقاعا كبيع شي ء علي الواهب أو ابراء ذمته من دين له عليه أو نحو ذلك (6).

[كتاب الوصية]

اشارة

كتاب الوصية و هي قسمان: تمليكيه بأن يجعل شيئا من تركته لزيد أو للفقراء مثلا بعد وفاته فهي وصية بالملك أو الاختصاص، و عهدية بأن يأمر بالتصرف بشي ء يتعلق به من بدن أو مال كأن يأمر بدفنه في مكان

______________________________

(1) لإطلاق حديث ابن سنان «1» فان مقتضي اطلاقه عدم جواز الرجوع مع العوض بلا قيد فيتم ما أفاده في المتن.

(2) فانه صرح في حديث ابن سنان بعدم جواز الرجوع في الهبة المعوضة.

(3) فان مجرد البذل لا يحقق التعويض كما هو ظاهر و من ناحية اخري لا دليل علي وجوب قبول المبذل فلا يجب.

(4) كما هو ظاهر فاذا اشترط عليه ان يهبه الكتاب الفلاني تجب هبته بعينه.

(5) فان الاجزاء لازم الاطلاق الا مع القرينة الصارفة او المعينة كما هو ظاهر

(6) لصدق العوضية و مع صدق التعويض يترتب عليه حكمه من اللزوم و عدم جواز الرجوع و الحمد للّه اولا و آخرا و ظاهرا و باطنا و الصلاة علي محمد و آله

______________________________

(1) لاحظ ص: 321

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 323

معين أو زمان معين أو يأمر بأن يعطي من ماله احدا او يستناب عنه في الصوم و الصلاة من ماله أو يوقف ماله أو يباع أو نحو ذلك (1).

______________________________

الطاهرين المعصومين و اللعن الدائم علي أعدائهم أجمعين. و قد وقع الفراغ من بحث كتاب الهبة في يوم السبت الثامن عشر من شهر رجب المرجب من السنة 1409 من بعد الهجرة علي مهاجرها و آله آلاف التحية

و الثناء في البلدة الطيبة قم المقدسة.

(1) قال في المختصر النافع: «الوصية تمليك عين أو منفعة أو تسليط علي تصرف» الخ و قال في الحدائق: «قالوا: الوصية تمليك عين او منفعة أو تسليط علي التصرف بعد الوفاة» الخ.

الي غير ذلك من الكلمات و الظاهر انه لا خلاف بينهم في أن الوصية تمليكية و عهدية و يكفي دليلا لصحة القسمين قوله تعالي «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوٰالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَي الْمُتَّقِينَ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ فَإِنَّمٰا إِثْمُهُ عَلَي الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ «1» فان مقتضي اطلاق هذا الكلام الالهي جواز كلا القسمين.

و نعم ما قال سيد المستمسك في هذا المقام: فانه (قده) افاد في جملة من كلامه ان مقتضي الاطلاق جواز الوصية علي الاطلاق.

و صفوة القول: ان مقتضي اطلاق الاية المباركة جواز الوصية بأي نحو كان و التخصيص يحتاج الي دليل خارجي اضف الي ذلك النصوص الواردة في الموارد المتعددة الدالة علي الجواز و الصحة مضافا الي وضوح الامر بين المتشرعة و السيرة الجارية بينهم.

و بما ذكرنا ظهر ان ما أفاده في المتن تام اذ بمقتضي الدليل تجوز الوصية علي الاطلاق بلا فرق بين كونها تمليكية أو عهدية بانواعها من المذكورات في المتن و غيرها كما ان مقتضي الاطلاق عدم الفرق في التمليكية بين كون الوصية

______________________________

(1) البقرة/ 181 و 182

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 324

فان وجه امره الي شخص معين فقد جعله وصيا عنه و جعل له ولاية التصرف (1) و ان لم يوجه امره الي شخص معين و لم تكن قرينة علي التعيين كما اذا قال اوصيت بأن يحج عني أو يصام عني أو نحو ذلك فلم يجعل

له وصيا معينا كان تنفيذه من وظائف الحاكم الشرعي (2).

______________________________

بالملك، كما لو اوصي بكون الدار الفلانية لزيد، و أن تكون بالاختصاص كما لو أوصي بكون الدار الفلانية، للفقراء فان جعلها للفقراء قرينة علي أن الوصية ليست بالتمليك فانه من الواضح ان الدار الفلانية لا يمكن أن تكون ملكا لجميع الفقراء بالملك الشخصي.

(1) كما هو ظاهر، فانه في هذه الصورة يكون تكليف انفاذها متوجها الي ذلك ذلك المعين.

(2) بتقريب ان المورد من الامور التي لا يرضي الشارع بعدم تحققها و بعبارة اخري: لا بد من القيام بها و القدر المتيقن هو الحاكم اذ التصرف في شئون الغير يحتاج الي الدليل فمع وجود الحاكم لا تصل النوبة الي غيره هذا ما يمكن أن يقال في هذا المقام.

و لقائل أن يقول: ان القيام بمورد الوصاية وظيفة لعامة المكلفين بنحو الوجوب الكفائي، و ذلك لأنه لا اشكال في أن الوصاية تحتاج الي الوصي و من ناحية اخري الاهمال في الواقع غير معقول، فمع عدم التعيين يكون الامر متوجها الي الكل

و بعبارة اخري: ان مقتضي الاطلاق ايكال الامر من قبل الموصي الي غيره علي نحو الاطلاق، و ان شئت قلت مع عدم تفويض الامر الي شخص معين أو اشخاص كذلك، اما لا يجعل امر التصرف الي الغير و اما يجعل و علي الثاني اما بالنحو المهمل و أما بالنحو الاطلاق أما علي الاول فلا يتم امر الوصاية و أما علي الثاني فيلزم الاهمال في الواقع و هو غير معقول، و اما علي الثالث فيجوز لكل

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 325

[مسائل في أحكام الوصية]

[مسألة 1: الوصية العهدية لا تحتاج الي قبول]

(مسألة 1): الوصية العهدية لا تحتاج الي قبول سواء لم يجعل له وصيا أم جعل (1، نعم لورد الموصي اليه

في حال حياة الموصي

______________________________

احد القيام به و لا يختص الحكم بالحاكم، و لو اغمض عما ذكرنا و سلمنا عدم جعل الموصي وصيا فلنا أن نقول بأي دليل ثبت وجوب القيام بامره كي يقال يتعين للقيام بالامر الحاكم الشرعي.

الا أن يقال: انه مع الغفلة يمكن تصور الاهمال من هذه الجهة فيدخل المقام في الامور الحسبية و القائم بها الحاكم الشرعي.

(1) قال في المستمسك: هذا مما لا ينبغي الاشكال فيه، و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجهين:

الوجه الاول: اطلاق قوله تعالي «1» فان مقتضي اطلاق الاية صحة الوصية بلا اشتراط ايجابها بالقبول.

و دعوي ان الاية في مقام بيان حكمها بعد تحققها بشرائطها مردودة بأن الظاهر من الاية التشريع و الحث عليها و مقتضي الأصل العقلائي اطلاق الحكم و يؤكد المطلوب ذيل الاية و هو قوله تعالي «فمن بدله» الخ فان مقتضي هذه الجملة حرمة التبديل و استثني منها صورة خوف الجنف اذ الاستثناء دليل العموم و الاطلاق.

الوجه الثاني: النصوص الخاصة الدالة علي وجوب العمل بالوصية في صورة عدم الرد أو الرد غير البالغ الموصي، منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان اوصي رجل الي رجل و هو غائب فليس له أن يرد وصيته، و ان اوصي اليه و هو بالبلد فهو بالخيار إن شاء قبل و إن شاء لم يقبل «2»

و منها ما رواه فضيل بن يسار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل يوصي اليه، قال: اذا بعث بها اليه من بلد فليس له ردها، و ان كان في مصر يوجد فيه

______________________________

(1) لاحظ ص: 323

(2) الوسائل الباب 23 من أحكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 326

و بلغه

الرد في زمان يمكنه جعل وصي آخر لم يلزمه العمل بالوصية (1) و أما التملكية فكما اذا قال: هذا المال لزيد بعد مماتي فالمشهور احتياجها الي القبول من الموصي له و الا ظهر عدمه (2).

______________________________

غيره فذاك اليه «1».

و منها ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا اوصي الرجل الي اخيه و هو غائب فليس له أن يرد عليه وصيته لأنه لو كان شاهدا فأبي أن يقبلها طلب غيره «2» الي غيرها من النصوص الواردة في الباب فان مقتضي هذه النصوص جواز الوصية و تحققها و لو مع عدم القبول.

(1) بلا اشكال بل اجماعا كما في بعض الكلمات و تدل علي المدعي جملة من النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم و ما رواه الفضيل و منصور «3» و ما رواه الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في الرجل يوصي اليه قال: اذا بعث بها اليه من بلد فليس له ردها «4».

فلا اشكال في أصل الحكم انما الاشكال في أنه هل يجوز الرد مع عدم امكان جعل غيره وصيا لا يبعد أن يستفاد من نصوص الباب وجوب القبول و عدم جواز الرد في هذه الصورة، فلاحظ.

(2) لإطلاق دليل نفوذ الوصية و صحتها و ما يمكن أن يقال أو قيل في وجه كون القبول جزءا للسبب او شرطا له امور:

الاول الاجماع المدعي في المقام و فيه لو لا انه قد حقق في محله ان الاجماع المنقول ليس حجة و ثانيا ان الاجماع علي تقدير تحققه محتمل المدرك فلا يكون

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من أحكام الوصايا الحديث: 2 و 3

(2) الوسائل الباب 23 من احكام الوصايا الحديث: 3

(3) لاحظ ص:

325

(4) الوسائل الباب 23 من أحكام الوصايا الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 327

______________________________

حجة و ثالثا ان الاجماع المدعي في المقام اجماع علي كون الوصية التمليكية من العقود.

و عليه نقول: كيف يمكن جواز الفصل بين الايجاب و القبول فان بنائهم علي صحة القبول بعد الموت و المقرر في محله ان الموالاة شرط في العقود، و فيه اشكال بل الحق عدم اشتراط الموالاة مضافا الي ان موت الموجب يقتضي سقوط قابلية العقد للحقوق القبول بالايجاب فلاحظ.

الثاني: ان غاية ما يستفاد من دليل نفوذ الوصية نفوذها بالنسبة الي ما يكون للموصي سلطان عليه، و حيث انه لا سلطان لأحد علي غيره فلا تنفذ.

و فيه: ان الاقتصار المذكور خلاف اطلاق دليل نفوذ الوصية و لا وجه لهذا التقييد ان قلت: انه علي خلاف قاعدة سلطنة كل احد علي نفسه فيقع التعارض بين الدليلين و لا وجه للترجيح قلت: اولا انه لا مانع من رفع اليد عن دليل السلطنة بدليل نفوذ الوصية.

و بعبارة اخري: اي دليل دل علي كون الانسان مسلطا علي نفسه بحيث لا يمكن لغيره جعله مالكا و ان شئت قلت: انه لا عموم لدليل السلطنة كي يعارض عموم دليل الوصية.

و ثانيا: سلمنا التعارض لكن الترجيح مع دليل نفوذ الوصية اذ قد حقق في الاصول ان المخالف للكتاب يضرب علي الجدار و ثالثا ان السلطنة تحفظ بامكان الرد من قبل الموصي اليه علي القول به.

الثالث: انه عديم النظير و يرد عليه: اولا: انه ليس كذلك بل له نظائر فان حصول الملك القهري كثير فان الشخص يرث من مورثه بموته و أيضا يملك عوض المال التالف في ذمة المتلف و قس عليه مالكية المجني عليه بالجناية و الامر

كذلك في الوقف.

و ثانيا مع دلالة الدليل لا مانع من الالتزام بالمقصود و لا يكون عدم النظير

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 328

[مسألة 2: تتضيق الواجبات الموسعة إذا لم يطمأن بالتمكن من الامتثال مع التأخير]

(مسألة 2): تتضيق الواجبات الموسعة اذا لم يطمأن بالتمكن من الامتثال مع التأخير كقضاء الصلاة و الصيام و اداء الكفارات و النذور و نحوها من الواجبات البدنية و غيرها فتجب المبادرة الي الي ادائها (1) و اذا ضاق الوقت عن ادائها وجب الايصاء و الاعلام

______________________________

مانعا من الاخذ بالدليل فالنتيجة ان الحق ما أفاده في المتن.

الرابع: ان مقتضي الاصل عدم انتقال المال الي الغير مع عدم القبول و يرد عليه انه ان قام دليل علي صحة الوصية كما هو كذلك فلا مجال للأصل و ان لم يقم فمقتضي الاصل عدم الانتقال حتي مع القبول فلاحظ.

(1) و الوجه فيه ان امتثال التكاليف واجب بحكم العقل و الموسع انما يجوز التأخير فيه فيما يكون للمكلف طريق الي امكان الامتثال.

و يمكن أن يقال: انه لا تصل النوبة الي دوران الامر بين التعيين و التخيير كما في كلام السيد الحكيم (قدس سره) فان الترديد بين الامرين يتصور بالنسبة الي حكم الشارع و أما في نفس حكم العقل فلا مجال للترديد اذ لا معني ان الحاكم يتردد في مورد حكمه فالنتيجة ان العقل يحكم بالتعيين بلا اشكال اذ مع عدم المبادرة الي الامتثال لا يكون آمنا من الضرر فيجب دفع الضرر بحكم العقل و مقتضي هذا البيان وجوب المبادرة حتي مع عدم الظن بالتمكن.

و بعبارة اخري: تجب المبادرة بمجرد احتمال عدم التمكن الا أن يقال:

بأن الاجماع القولي و العملي يقتضي جواز التأخير مع عدم الظن بالضيق.

و لقائل أن يقول انه لو قام بينة عادلة علي بقاء الشخص يجوز الاستناد

اليها فلا تجب المبادرة و عليه فما المانع من قيام الاستصحاب الاستقبالي؟ اذ قد ثبت في محله قيام الاستصحاب مقام القطع الطريقي و لذا لا يجب البدار في الواجبات الموسعة و يجوز تأخيرها الي آخر وقتها كما أنه يجوز البدار لذوي الاعذار.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 329

بها علي الاقوي (1) الا أن يعلم بقيام الوارث او غيره به (2) و أما اموال الناس من الوديعة و العارية و مال المضاربة و نحوها مما يكون تحت يده فالظاهر عدم وجوب المبادرة الي ادائه (3) الا اذا خاف عدم اداء

______________________________

(1) بتقريب ان الايصاء نحو من الافراغ للذمة فيجب أما مع العلم بقيام الغير بالافراغ فظاهر و أما مع الشك فمن باب الشك في القدرة و معه لا تصل النوبة الي البراءة.

و يرد عليه: ان اثبات وجوب الايصاء بهذا التقريب في غاية الاشكال اذ المسلم تكليف المكلف باداء ما في ذمته و المفروض عدم تمكنه فوجوب الايصاء يحتاج الي دليل مفقود.

نعم يمكن أن يقال: بأن المفروض اشتغال ذمته بالمذكورات و لا اشكال في وجوب افراغ الذمة و لا اشكال أيضا ان الايصاء بها نحو من الامتثال و نحو من الافراغ فيجب و يؤيد المدعي بل تدل عليه جملة من النصوص: منها ما رواه جعفر بن محمد عن ابيه قال: قال علي عليه السلام: الوصية تمام ما نقص من الزكاة «1»

و منها ما رواه محمد بن يحيي رفعه عنهم عليهم السلام قال: من أوصي بالثلث احتسب له من زكاته 2.

لكن هذا البيان انما يتم فيما يعلم بقيام الغير بمورد الوصية و أما مع الشك فلا مانع من اجراء البراءة و قد ذكرنا في الاصول ان الحق جريان البراءة في

مورد الشك في الحكم من ناحية القدرة و عدمها فلاحظ.

(2) اذ مع علمه بقيام الوارث لا وجه للإيصاء و بعبارة اخري يعلم بحصول النتيجة.

(3) اذ لا وجه لوجوب المبادرة مع عدم الخوف.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 2 من احكام الوصايا الحديث: 1 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 330

الوارث (1) و يجب الايصاء به و الاشهاد عليه اذا كان يتوقف عليها الاداء و الا لم يجب (2) و مثلها الديون التي عليه مع عدم مطالبة الدائن (3) اما مع مطالبته فتجب المبادرة الي ادائها و ان لم يخف الموت (4).

[مسألة 3: يكفي في تحقق الوصية كل ما دل عليها من لفظ صريح أو غير صريح أو فعل و إن كان كتابة أو إشارة]

(مسألة 3): يكفي في تحقق الوصية كل ما دل عليها من لفظ صريح او غير صريح او فعل و ان كان كتابة او اشارة (5) بلا فرق بين صورتي الاختيار و عدمه (6) بل يكفي وجود مكتوب بخطه او بامضائه (7) بحيث يظهر منه ارادة العمل به بعد

______________________________

(1) لأنه يجب عليه الرد و مع الخوف لا يطمأن بالرد فيجب.

(2) لأنه طريق الي ايصال الحق الي ذيه فيجب.

(3) كما هو ظاهر فان حكم الامثال واحد.

(4) لوجوب اداء مال الغير و حرمة المماطلة فيه بلا اشكال.

(5) و ذلك لإطلاق الدليل فان الموضوع تحقق الوصية و مع فرضه يترتب عليه الحكم بلا فرق بين تحققه بحسب اختلاف الموارد فالحق ما أفاده في المتن

(6) اذ الميزان صدق عنوان الايصاء بلا دليل علي التقييد.

(7) فان الخط كالقول و الاشارة في كشفه عن المراد و يؤيد المدعي بل يدل عليه بعض النصوص، منها قوله عليه السلام: ما ينبغي لامرء مسلم ان يبيت ليلة الا و وصيته تحت رأسه «1».

و منها ما رواه حنان بن سدير، عن أبيه عن جعفر عليه

السلام قال: دخلت علي محمد بن علي بن الحنفية و قد اعتقل لسانه فامرته بالوصية فلم يجب، قال: فامرت بطشت فجعل فيه الرمل فوضع فقلت له: خط بيدك فخط وصيته بيده في الرمل

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أحكام الوصايا الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 331

موته (1) و اذا قيل له هل اوصيت؟ فقال: لا فقامت البينة علي وقوع الوصية منه كان العمل علي البينة و لم يعتد بخبره (2)، نعم اذا كان قد قصد إنشاء العدول عن الوصية صح العدول منه (3) و كذا الحكم لو قال

______________________________

و نسخت انا في صحيفة «1».

و منها ما رواه ابراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام رجل كتب كتابا بخطه و لم يقل لورثته: هذا وصيتي و لم يقل: اني قد اوصيت الا انه كتب كتابا فيه ما أراد أن يوصي به، هل يجب علي ورثته القيام بما في الكتاب بخطه و لم يأمرهم بذلك؟ فكتب عليه السلام: ان كان له ولد ينفذون كل شي ء يجدونه في كتاب أبيهم في وجه البر و غيره 2.

(1) اذ لولاه لا تكون الحجة قائمة علي الوصية و بعبارة اخري الظواهر حجة فلا بد أن تكون الكتابة في نظر العرف ظاهرة في إنشاء الوصية.

(2) لحجيتها و لزوم العمل بها في الموضوعات.

(3) بلا خلاف كما في بعض الكلمات و تدل عليه جملة من النصوص منها:

ما رواه ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قضي امير المؤمنين عليه السلام ان المدبر من الثلث، و ان للرجل ان ينقض وصيته فيزيد فيها و ينقص منها ما لم يمت 3.

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد

اللّه عليه السلام يقول:

للموصي ان يرجع في وصيته ان كان في صحة او مرض 4.

و منها: ما رواه بريد العجلي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لصاحب الوصية أن يرجع فيها و يحدث في وصيته ما دام حيا 5.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 48 من احكام الوصايا الحديث: 1 و 2

(2) (3 و 4 و 5) الوسائل الباب 18 من احكام الوصايا الحديث: 1 و 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 332

نعم و قامت علي عدم الوصية منه فانه ان قصد الاخبار كان العمل علي البينة (1) و ان قصد إنشاء الوصية صح الانشاء و تحققت الوصية (2).

[مسألة 4: المشهور ان رد الموصي له الوصية في الوصية التمليكية مبطل لها]

(مسألة 4): المشهور ان رد الموصي له الوصية في الوصية التمليكية مبطل لها اذا كان بعد الموت و لم يسبق بقبوله و لكنه لا يخلو عن اشكال (3) أما اذا سبقه القبول بعد الموت أو في حال الحياة فلا اثر له و كذا الرد حال الحياة (4).

[مسألة 5: لو أوصي له بشيئين فقبل أحدهما و رد الآخر صحت فيما قبل]

(مسألة 5): لو أوصي له بشيئين فقبل احدهما ورد الاخر صحت فيما قبل (5) و بطلت فيما رد علي اشكال و كذا لو اوصي له بشي ء واحد فقبل في بعضه ورد في الاخر (6).

______________________________

(1) و قد ظهر وجهه مما مر.

(2) لتمامية المقتضي و عدم المانع و بتعبير آخر لتحقق الموضوع و اطلاق دليل الحكم.

(3) اذ مقتضي اطلاق دليل الوصية نفوذها و عدم قيام دليل علي الخلاف و غاية ما في الباب قيام الشهرة و من الظاهر انه لا اعتبار بالشهرة الفتوائية بل الاجماع علي فرض دعواه لا اثر له فما افاده من الاشكال متين جدا.

(4) أما علي القول بأنه عقد يحتاج الي القبول فلا وجه لتأثير الرد بعد القبول و أما علي القول بأنه ايقاع فلا اثر للرد و لا دليل علي تأثيره و قس عليه الرد حال الحياة.

(5) لتمامية المقتضي و عدم المانع فان الوصية بشيئين تنحل الي الوصية بالنسبة الي كل منهما و المفروض تحقق القبول بالنسبة الي احدهما.

(6) قد مر الكلام فيه آنفا.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 333

[مسألة 6: لا يجوز للورثة التصرف في العين الموصي بها قبل أن يختار الموصي له أحد الأمرين من الرد و القبول]

(مسألة 6): لا يجوز للورثة التصرف في العين الموصي بها قبل ان يختار الموصي له احد الامرين من الرد و القبول (1) و ليس

______________________________

(1) ان قلنا بأن الوصية لا تشترط بالقبول و لا تفسد بالرد ينتقل مورد الوصية الي الموصي له و بمقتضي جملة من النصوص: منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اول شي ء يبدأ به من المال الكفن ثم الدين ثم الوصية ثم الميراث «1».

و منها ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: ان الدين قبل الوصية ثم الوصية

علي اثر الدين، ثم الميراث بعد الوصية فان اول (اولي خ ل) القضاء كتاب اللّه «2».

و منها ما رواه ابان بن عثمان عن رجل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اوصي الي رجل و «ان» عليه دين قال: يقضي الرجل ما عليه من دينه، و يقسم ما بقي بين الورثة الحديث 3، تكون الوصية مقدمة علي الارث.

بل يمكن الاستدلال علي المدعي بالآية الشريفة اي قوله تعالي «مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهٰا أَوْ دَيْنٍ» 4، و ان قلنا باشتراط الوصية بالقبول فيمكن القول بجواز التصرف ظاهرا ببركة الاستصحاب الاستقبالي المقتضي لعدم القبول.

و بعبارة اخري مقتضي الاستصحاب عدم تحقق القبول بل لنا أن نقول:

بجواز التصرف واقعا اذ مع اشتراط القبول ينتقل المال الي ملك الورثة لكن علي القول بالنقل يمكن أن يقال: بأن العرف يفهم بمناسبة الحكم و الموضوع ان الوصية تكون بالابقاء حتي ينكشف الامر من القبول و عدمه سيما مع قلة مقارنة القبول مع الموت نعم علي القول بكفاية القبول حال الحياة يمكن تحقق القبول

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من احكام الوصايا الحديث: 1

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث 2 و 3

(3) (4) النساء/ 11

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 334

لهم اجباره علي الاختيار معجلا (1).

[مسألة 7: إذا مات الموصي له قبل قبوله و رده قام وارثه]

(مسألة 7): اذا مات الموصي له قبل قبوله و رده قام وارثه

______________________________

حال الحياة و ان قلنا بأن الرد يبطل الوصية لا يجوز التصرف لاستصحاب عدم الرد بل يمكن أن يقال: بعدم جواز التصرف حتي مع العلم بالرد اذ المفروض ان الملكية تحققت بالوصية و الرد يبطلها فلا وجه لجواز التصرف.

(1) لعدم وجه لجواز الاجبار اذ المفروض ان هذا الحق راجع اليه فلا وجه لإجباره علي احد الطرفين

و أفاد سيد العروة: انه يجوز الاجبار في صورة توجه الضرر الي الوارث و يمكن أن يكون ناظرا الي حرمة الاضرار بالغير.

لكن يرد عليه اولا: ان هذا ليس اضرارا بل منع من عدم المنفعة مضافا الي أن الامر راجع اليه و مقتضي القاعدة كونه مختارا في التعجيل و التأخير و بعبارة اخري: يتصرف في سلطانه الا أن يقال: لا يجوز الاضرار بالغير و لو بالتصرف في السلطان و سلمنا كونه حراما لكن بأي دليل يثبت امكان اجباره أزيد من النهي عن المنكر.

ثم ان الماتن بني علي عدم اشتراط القبول و استشكل في كون الرد مفسدا و مع ذلك كيف طرح الفرع بهذه الصورة؟ اذ مع البناء علي عدم اشتراط القبول و عدم كون الرد مفسدا يكون المال ملكا للموصي له و لا مجال لإجباره و بعبارة اخري: لا موضوع لهذا البحث الا أن يقال: ان عنوانه معلق علي القول بأن له الرد أو القبول فلاحظ.

ثم ان هذا كله فيما تكون الوصية متعلقة بعين معينة و أما لو أوصي بمقدار مشاع ليس للموصي له التأخير اذ ينافي التأخير مع حق الغير فلا بد من اختيار احد الامرين.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 335

مقامه في ذلك فله القبول أو الرد اذا لم يرجع الموصي من وصيته (1).

______________________________

(1) تارة يقع الكلام في هذه المسألة بالنظر الي القاعدة الاولية و اخري من حيث النصوص الخاصة فيقع الكلام في موضعين:

أما الموضع الأول: فنقول ان مات الموصي له في زمان حياة الموصي فمقتضي القاعدة بطلان الوصية اذ الوصية تمليك مشروط بالفوت و المفروض ان الموصي له قبل تحقق شرط الملكية مات فلا مجال لأن ينتقل الي الوارث شي ء و انتقال حق القبول

اليه لا دليل عليه بل الدليل علي عدمه لأن هذا الحق غير قابل للإسقاط فلا يكون قابلا للانتقال و ان مات بعد وفات الموصي فتارة نقول باشتراط صحة الوصية بالقبول و نفرض تحقق القبول فلا اشكال في انتقال المال اليه لأن المفروض ان العين انتقلت الي ملك المورث فيرثه الوارث و أما لو لم نقل باشتراط القبول فان قلنا بأن الرد لا أثر له فالكلام هو الكلام و ان قلنا بأن الرد يبطل الوصية و للموصي له حق القبول و الرد فربما يقال: بأن هذا الحق ينتقل الي الوارث فله الرد و القبول لكن للمناقشة فيه مجال واسع فانه لم يحرز كون مثله قابلا للانتقال بل يمكن الجزم بعدم انتقاله بالارث اذ ليس قابلا للإسقاط فلا يكون حقا بل يكون حكما.

لكن في هذه الصورة ينتقل المال الي الوارث اذ المفروض تحقق الملكية بالنسبة الي المورث فبمقتضي قانون الارث يرثه الوارث هذا تمام الكلام في الموضع الاول.

و أما الموضع الثاني: فنقول قد وردت عدة نصوص في المقام منها ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضي امير المؤمنين عليه السلام في رجل أوصي لاخر و الموصي له غائب، فتوفي الموصي له الذي أوصي له قبل الموصي، قال: الوصية لوارث الذي أوصي له قال: و من اوصي لأحد شاهدا كان

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 336

______________________________

أو غائبا فتوفي الموصي له قبل الموصي فالوصية لوارث الذي أوصي له، الا أن يرجع في وصيته قبل موته «1» و مقتضي هذه الرواية ان الموصي له اذا مات يقوم وارثه مقامه.

و منها: ما رواه عباس ابن عامر قال: سألته عن رجل اوصي له بوصية فمات قبل أن يقبضها،

و لم يترك عقبا، قال: اطلب له وارثا أو مولي فادفعها اليه، قلت فان لم اعلم له وليا، قال: اجهد علي أن تقدر له علي ولي فان لم تجد و علم اللّه منك الجد فتصدق بها 2 و المستفاد من هذه الرواية ما يستفاد من تلك الرواية

و منها: ما رواه محمد بن عمر الباهلي «الساباطي» قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل اوصي إلي و امرني ان اعطي عماله في كل سنة شيئا، فمات العم فكتب: اعط ورثته 3 و هذه الرواية ضعيفة بضعف محمد بن عمر، مضافا الي أن مدلول الروايه لا يرتبط بالمقام بل ترتبط بالايصاء.

و منها: ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل اوصي لرجل بوصية ان حدث به حدث فمات الموصي له قبل الموصي قال:

ليس بشي ء 4 و هذه الرواية ساقطة عن الاعتبار بضعف اسناد الشيخ (قده) الي ابن فضال.

و منها: ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن رجل اوصي لرجل فمات الموصي له قبل الموصي قال: ليس بشي ء 5.

و ربما يقال: بأن المستفاد من قوله عليه السلام ليس بشي ء ان المفروض ان الموصي له مات قبل الموصي فليس مانع للموصي أن يعين شخصا آخر و بعبارة اخري: تنقض الوصية و لكن الظاهر ان هذه الوصية كالعدم الا أن يقال: لا فرق

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 30 من احكام الوصايا الحديث: 1 و 2

(2) (3 و 4) نفس المصدر الحديث: 3 و 5

(3) (5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 337

و لا فرق بين أن يموت في حياة الموصي أو بعد وفاته (1).

[مسألة 8: الظاهر ان الوارث يتلقي المال الموصي به من مورثه الموصي له اذا مات بعد موت الموصي]

(مسألة 8):

الظاهر ان الوارث يتلقي المال الموصي به من مورثه الموصي له اذا مات بعد موت الموصي فتخرج منه ديونه و وصاياه و لا ترث منه الزوجة اذا كان ارضا و ترث قيمته ان كان نخلا أو بناء (2) و اما اذا مات الموصي له قبل الموصي فالظاهر ان

______________________________

بين التقريبين في النتيجة و كيف كان فتقع المعارضة بين الجانبين و حيث ان المنقول عن العامة بطلان الوصية فالترجيح مع الطائفة الاولي لكونها مخالفة لهم و الرشد في خلافهم.

و لنا في اثبات المدعي طريق آخر و هو ان التعارض الواقع بين حديثي محمد بن قيس و محمد بن مسلم يوجب تساقطهما و المرجع بعد التساقط حديث ابن عامر لأن الحديثين المذكورين وارد ان في بيان حكم موت الموصي له قبل موت الموصي و أما حديث عباس بن عامر فهو مطلق و من الظاهر ان المطلق لا يكون طرفا للمعارضة مع المقيد فيكون مرجعا بعد التعارض و التساقط لا طرفا للتعارض فافهم و اغتنم.

و في المراجعة الأخيرة بنينا ان المرجح منحصر في الاحدثية و الترجيح بها مع ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام فاللازم الأخذ بمفاده فلاحظ.

(1) فان المصرح به في حديث محمد بن قيس الموت قبل فوت الموصي و مقتضي حديث عباس بن عامر هو الاطلاق فالنتيجة ان ما أفاده في المتن تام لكن قد رجحنا ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام علي ما عن أبي جعفر عليه السلام فاللازم تخصيص حديث ابن عامر بما عن أبي عبد اللّه عليه السلام فالنتيجة التفصيل في المسألة هذا ما يخطر ببالي القاصر في هذه العجالة و اللّه العالم.

(2) ما أفاده في هذا الفرض تام و

علي طبق القاعدة الأولية اذ بموت الموصي ينتقل المال الي ملك الموصي له و وارثه يرث المال منه و يترتب عليه احكام الارث بالنحو المذكور في المتن.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 338

ورثة الموصي له يتلقون الموصي به من الموصي نفسه فلا يجري عليه حكم تركة الميت الموصي له (1) و في كلتا الصورتين المدار علي الوارث للموصي له عند موته لا الوارث عند موت الموصي (2) و اذا مات الوارث في حياة الموصي أيضا ففي انتقال الموصي به الي ورثته أيضا اشكال و الانتقال اظهر (3).

[مسألة 9: إذا أوصي إلي أحد أن يعطي بعض تركته لشخص مثلا فهل يجري الحكم المذكور من الانتقال إلي الوارث لو مات في حياة الموصي بتمليكه إشكال]

(مسألة 9): اذا اوصي الي احد أن يعطي بعض تركته لشخص مثلا فهل يجري الحكم المذكور من الانتقال الي الوارث لو مات في حياة الموصي بتمليكه اشكال و الجريان اظهر (4).

[مسألة 10: «يشترط في الموصي أمور»]

(مسألة 10): «يشترط في الموصي امور» (الاول البلوغ

______________________________

(1) فان المستفاد من حديث محمد بن قيس ان الوارث يرث الوصية فلا وجه لرعاية احكام الارث من كون سهم الذكر ازيد و عدم ارث الزوجة من العقار و غيرهما من الاحكام بل مقتضي الرواية التقسيم بين الورثة بالسوية لكن مقتضي ما تقدم بطلان الوصية.

(2) فانه الظاهر من النصوص لو لم يكن منصوصا به فلاحظ.

(3) اذ المفروض ان العنوان المأخوذ في الموضوع من يكون وارثا عند موت الموصي له فموته الميزان في ترتب الحكم لكن قد مر ان موت الموصي له قبل موت الموصي يبطل الوصية.

(4) لإطلاق النص و أما حديث محمد بن عمر الباهلي «1» فضعيف كما مر قريبا و قد مر ان موته قبل وفاة الموصي يبطل الوصية.

______________________________

(1) لاحظ ص: 336

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 339

فلا تصح وصية الصبي (1) الا اذا بلغ عشرا (2).

______________________________

(1) كما هو المقرر عند القوم من عدم اعتبار تصرفاته بمقتضي الكتاب و السنة أما الكتاب فقوله تعالي «فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوٰالَهُمْ» «1» بتقريب انه لو كان الرشد كافيا في جواز التصرف لم يكن وجه لاختباره كي يعلم انه بلغ أم لا و أما السنة فتدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه عمار الساباطي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة؟ قال: اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة، فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري عليه القلم،

و الجارية مثل ذلك ان اتي لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة و جري عليها القلم «2»

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال عمد الصبي و خطاه واحد «3».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام: قال اذا بلغ اشده ثلاث عشرة سنة و دخل في الاربع عشرة وجب عليه ما وجب علي المحتلمين احتلم أو لم يحتلم و كتب عليه السيئات و كتب له الحسنات و جاز له كل شي ء الا أن يكون ضعيفا أو سفيها «4».

(2) هذا هو المشهور بين القوم علي ما في كلام سيد العروة (قدس سره) و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه أبو بصير يعني المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: اذا بلغ الغلام عشر سنين و أوصي بثلث ماله في حق

______________________________

(1) النساء/ 6

(2) الوسائل الباب 4 من ابواب مقدمة العبادات الحديث: 12

(3) الوسائل الباب 11 من ابواب العاقلة الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 44 من احكام الوصايا الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 340

______________________________

جازت وصيته و اذا كان ابن سبع سنين فأوصي من ماله باليسير في حق جازت وصيته «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا اتي علي الغلام عشر سنين فانه يجوز له في ماله ما أعتق أو تصدق أو أوصي علي حد معروف و حق فهو جائز 2.

و منها: ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن وصية الغلام هل تجوز؟ قال: اذا كان ابن عشر سنين جازت وصيته 3 و

منها غيرها المذكور في الباب المشار اليه.

و هذه الروايات مختلفة فلا بد من ملاحظتها و التوفيق بينها ان أمكن و الا فلا بد من اعمال قانون التعارض، فنقول اما الرواية الأولي من الباب فمطلقه و مقتضاها جواز تصرفات الصبي و اما الرواية الثانية فقد جعلت الحد عشر سنين و مقدار التصرف الثلث و اذا كان التصرف يسيرا يكفي سبع سنين، و أما الثالثة فقد اطلقت في مقدار التصرف، و أما الرابعة فضعيفة بموسي بن بكر، و أما الخامسة فقد اطلقت من حيث المقدار، و أما السادسة فكالخامسة، و أما السابعة فكذلك، و أما الثامنة فلا ترتبط بالمقام و أما التاسعة فكذلك، و أما العاشرة فكذلك، و أما الحديث الحادي عشر فكذلك و قس عليه الثاني عشر.

و مقتضي الجمع بين نصوص الباب ان البالغ عشرا اذا أوصي بثلث ماله لأرحامه تجوز وصيته و في قبال قول المشهور قول بعدم نفوذ وصيته ذهب اليه جماعة منهم ابن ادريس و ما قيل في وجهه امور:

الاول: انه خلاف الاحتياط و فيه انه مع وجود الدليل خلافه مخالف للاحتياط

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 4 و 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 341

و كان قد عقل (1).

______________________________

بل مخالف للشرع.

الثاني: الأصل، و فيه انه مع وجود الدليل لا تصل النوبة الي الأصل.

الثالث: اختلاف النصوص، و فيه مع امكان الجمع بينهما يجمع و مع عدم امكانه يعمل بقانون التعارض.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم انه بمقتضي قانون تقييد المطلق بالمقيد لا بد من تقييد ما دل من النصوص علي جواز الوصية علي الاطلاق بما رواه محمد بن مسلم حيث انه قيد في هذه الرواية جوازها بصورة كون الوصية لذوي

الارحام، فالنتيجة ان وصية الصبي غير البالغ نافذة اذا كانت في أمر مشروع لرحمه لكن يرد علي هذا التقريب ان حديث محمد بن مسلم «1» يعارضه ما يدل علي نفوذ وصية ابن عشر سنين بالعموم من وجه لاحظ ما رواه أبو بصير «2» و حيث ان ترجيح احدي الروايتين علي الاخري بالاحدثية و لا نميز الأحدث يكون المقام داخلا في كبري اشتباه الحجة بلا حجة فلا بد من اعمال حيلة و الذي يختلج بالبال أن يقال:

لا مانع من التمسك بالأصل بأن يقال مقتضاه عدم نفوذ الوصية أو يقال: مقتضي الأصل عدم انتقال المال الي ملك الموصي له و يمكن اثبات المدعي بتقريب آخر و هو ان مقتضي دليل الارث انتقال جميع ما تركه الميت الي وارثه اذ المفروض الشك في التخصيص في مورد التعارض فلا بد من الأخذ بدليل الارث فالنتيجة ان الصبي اذا بلغ عشر سنين و أوصي لرحمه تكون نافذة و أيضا اذا كان ابن سبع سنين تجوز وصيته لرحمه اذا كان موردها شيئا يسيرا الا أن يقال: ان الاجماع و التسالم قائمان علي ما هو المشهور فيما بين القوم فلاحظ.

(1) كما صرح في حديث جميل بن دراج عن احدهما عليهما السلام قال:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 339

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 342

و كانت وصيته في وجوه الخير و المعروف لأرحامه (1) و في نفوذ وصيته لغير ارحامه (2) اشكال (3 (الثاني): العقل، فلا تصح وصية

______________________________

يجوز طلاق الغلام اذا كان قد عقل و صدقته و وصيته و ان لم يحتلم «1».

و لقائل أن يقول: ان هذه الرواية معارضة للنصوص الدالة علي أن الميزان في صحة وصية الصبي بلوغه عشر سنين و

مقتضي القاعدة تخصيص كل من الطرفين بالاخر فيكون المقام داخلا في كبري تعدد الجزاء و اتحاد الشرط كقوله: «اذا خفي الاذان فقصر و اذا خفي الجداران فقصر» فانه ثبت في بحث المفاهيم ان مفهوم كل من الشرطيتين يخصص بمنطوق الاخر و النتيجة كفاية احد الامرين في ترتب الجزاء و هذا التقريب ان تم يجري بالنسبة الي الحديثين المتقدمين اعني البلوغ عشرا و الوصية للرحم بأن يقال ان حديث ابن مسلم بمنطوقه يقيد و يخصص مفهوم حديث أبي بصير و أيضا حديث أبي بصير يخصص بمنطوقه مفهوم حديث ابن مسلم فالنتيجة نفوذ وصية الصبي اذا عقل أو اذا بلغ عشرا أو اذا بلغ سبع سنين أو اذا كان موردها شيئا يصيرا أو اذا أوصي لرحمه الا أن يقال: انه مع عدم العقل لا تجوز وصيته بالضرورة اذ لو لم يكن عاقلا لا يكون مميزا و كيف يمكن الالتزام بجواز وصية الصبي غير المميز فاشتراط العقل مما لا اشكال فيه فلاحظ.

(1) كما صرح في حديث زرارة «2» و الرواية ضعيفة بموسي بن بكر و لكن اشتراط كون مورد الوصية بالخير و كونه معروفا امر علي القاعدة و لا يحتاج الي دليل خاص.

(2) كما هو مقتضي الجمع بين نصوص الباب فان مقتضي مفهوم الشرطية الواقعة في حديث محمد بن مسلم عدم صحة وصيته اذا كان لغير الرحم.

(3) بل ظهر انه لا مجال له و الدليل علي الاشتراط تام و عدم ذهاب المشهور الي

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من احكام الوقوف و الصدقات الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 340

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 343

المجنون (1).

______________________________

اعتباره لا يهمنا فانه قد تكرر منا ان ترك العمل بحديث من ناحية الأصحاب لا يسقط الرواية

عن الاعتبار لكن قد مر قريبا ان مقتضي الجمع بين النصوص تخصيص كل واحد منهما بغيره.

(1) ما يمكن أن يقال في وجهه امور: الاول: الاجماع المدعي في المقام و اشكال الاجماع واضح.

الثاني: حديث رفع القلم عن المجنون كما روي ابن ظبيان قال: اتي عمر بامرأة مجنونة قد زنت، فأمر برجمها، فقال علي عليه السلام أما علمت ان القلم يرفع عن ثلاثة: عن الصبي حتي يحتلم و عن المجنون حتي يفيق و عن النائم حتي يستيقظ؟ «1» بتقريب ان مقتضي رفع القلم عنه انه لا يكتب عليه شي ء و لازمه انه لو عامل لا يترتب علي معاملته اثر و لا يؤخذ بشي ء فتكون معاملته فاسدة.

و يمكن أن يقال: ان المستفاد من الرواية بحسب الفهم العرفي ان الشخص اذا كان غير بالغ أو كان مجنونا أو نائما لا يتعلق به التكليف فلا ترتبط الرواية بالمقام فتأمل.

اضف الي ذلك ان رفع القلم لا ينافي صحة وصيته و ان شئت قلت: ان العرف بمناسبة الحكم و الموضوع يفهم من حديث رفع القلم انه لا يكتب علي المجنون شي ء و وصيته لا تكون عليه بل له ان قلت: المجنون لا يكون رشيدا و يشترط في صحة المعاملات و العقود كون الشخص رشيدا.

قلت: الجنون لا يستلزم السفاهة و لذا نري ان الماتن و غيره جعل العقل شرطا تارة و الرشد اخري، اللهم الا أن يقال انه لا ريب في عدم صحة تصرفات المجنون و يضاف الي ذلك ان الرواية ضعيفة سندا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب مقدمة العبادات الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 344

و المغمي عليه (1) و السكران حال جنونه و اغمائه و سكره (2) و اذا اوصي حال

عقله ثم جن أو سكر أو اغمي عليه لم تبطل وصيته (3) و في اعتبار الرشد فيه اشكال فلا يترك الاحتياط (4 (الثالث): الاختيار فلا تصح وصية المكره (5).

______________________________

الثالث: انه غير قاصد و الانشائيات متقومة بالقصد و هذا الوجه غير تام اذ يمكن فرض تحقق الانشاء من المجنون فالدليل علي المنع منحصر في التسالم و كونه أمرا واضحا.

(1) لعدم كونه شاعرا و قاصدا فأمره غير نافذ.

(2) بشرط أن يكون مسلوب القصد و الارادة و الا فيشكل ما أفاده اذ أي دليل دل علي بطلان إنشاء السكران.

(3) لتمامية اركانها.

(4) بل لا وجه للصحة بدون الرشد لأن الشارع الأقدس اشترط في صحة التصرف كون المتصرف رشيدا فلا اثر لمعاملاته.

ان قلت: عدم ترتيب الأثر من قبل الشارع علي إنشائه خلاف الامتنان و الحال ان منعه عن التصرف حكم امتناني، و بعبارة اخري منعه عن الانتفاع بماله علي خلاف الامتنان.

قلت: هذا التقريب غير صحيح اذ المفروض ان السفيه لا يدرك مصالحه فمقتضي الامتنان منعه و حجره عن التصرف و هذا حكم امتناني بلا اشكال و لا كلام فلاحظ.

(5) فان حديث رفع الاكراه يقتضي عدم تأثير الانشاء الاكراهي لاحظ ما روي عن أبي الحسن عليه السلام في الرجل يستكره علي اليمين فحلف بالطلاق و العتاق و صدقة ما يملك أ يلزمه ذلك؟ فقال: لا قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: وضع

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 345

(الرابع): الحرية فلا تصح وصية المملوك (1) الا أن يجيز مولاه (2) و لا فرق بين أن تكون في ماله و أن

______________________________

عن امتي ما اكرهوا عليه و ما لم يطيقوا و ما أخطئوا «1» فان المستفاد من الخبر المذكور و لو باعانة تطبيقه

عليه السلام ان الامر الاكراهي لا يترتب عليه اثر.

(1) لأنه ممنوع عن التصرف بالكتاب و السنة و أما الكتاب فقوله تعالي «ضَرَبَ اللّٰهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لٰا يَقْدِرُ عَليٰ شَيْ ءٍ» «2» و أما السنة:

فمنها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج، عن احدهما عليهما السلام انه قال لا وصية لمملوك «3».

و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن حديد لكن يكفي لإثبات المدعي ما رواه محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام انه قال في المملوك ما دام عبدا فانه و ماله لأهله لا يجوز له تحرير و لا كثير عطاء و لا وصية الا أن يشاء سيده «4».

و يمكن الاستدلال علي المدعي: بما رواه زرارة عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا: المملوك لا يجوز طلاقه و لا نكاحه الا باذن سيده قلت: فان السيد كان زوجه بيد من الطلاق؟ قال: بيد السيد ضَرَبَ اللّٰهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لٰا يَقْدِرُ عَليٰ شَيْ ءٍ الحديث «5».

(2) علي ما ثبت عندهم من صحة عقد الفضولي بالاجازة المتأخرة و قد تعرضنا في بحث المعاملات لبحث عقد الفضولي، و قلنا ان الحق ان عقد الفضولي لا يصح الا فيما يثبت في مورد خاص.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب كتاب الايمان الحديث: 12

(2) النحل/ 75

(3) الوسائل الباب 78 من أحكام الوصايا الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 45 من أبواب مقدمات الطلاق

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 346

______________________________

و صفوة القول: ان العقد اذا لم يكن واجدا للشرائط يكون باطلا و حيث ان الشي ء لا ينقلب عما هو عليه فلا يمكن الحكم بصحته و الاجازة المتأخرة لا تغير الواقع كما هو ظاهر.

ان قلت: ان الاجازة المتأخرة توجب انتساب العقد

الواقع سابقا الي المجيز فيصح العقد من حين الانتساب قلت: يرد عليه اولا: النقض ببقية الشرائط مثلا لو باع زيد ملك عمرو بالبيع الغرري هل يمكن أن يصير صحيحا بالاجازة حالكون ارتفاع الغرر و حكم الامثال واحد.

و ثانيا: ان الامور التكوينية الخارجية الصادرة من شخص لا تستند الي غيره و البيع عبارة عن الاعتبار النفساني و إنشاء ذلك الاعتبار بمنشإ خارجي و كلا الامرين من الموجودات الواقعية اذ نفس الاعتبار أمر واقعي كالفرض و التصور نعم متعلقه اعتباري كما ان الانشاء الفعلي أو القولي أمر واقعي و الأمر الواقعي غير قابل للنيابة و غير قابل للاستناد بالاجازة فلا يكون عقد الفضولي صحيحا.

ان قلت: هب ان الامر كذلك لكن صريح حديث محمد بن قيس جواز وصية العبد اذا شاء سيده قلت: ان المستفاد من هذه الرواية ان وصية العبد مع موافقة سيده تصح و لا يستفاد منها صحة الفضولي.

و ملخص الكلام: ان الصادر عن العبد بلا اذن سيده باطل و لا دليل علي أن ما وقع باطلا حدوثا يكون صحيحا بقاء، و لكن مع ذلك كله الحق صحة الفضولي بالاجازة بواسطة حديث زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن مملوك تزوج بغير اذن سيده، فقال: ذاك الي سيده ان شاء اجازه و ان شاء فرق بينهما، قلت: اصلحك اللّه ان الحكم بن عيينة و ابراهيم النخعي و أصحابهما يقولون:

ان اصل النكاح فاسد، و لا تحل اجازة السيد له، فقال أبو جعفر عليه السلام:

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 347

تكون في مال غيره كما اذا أوصي ان يدفن في مكان معين (1، و اذا أوصي ثم انعتق و أجازها صحت و ان لم يجز المولي (2

(الخامس) أن لا يكون قاتل نفسه فاذا اوصي بعد ما أحدث في نفسه ما يوجب هلاكه من جرح أو شرب سم أو نحو ذلك لم تصح وصيته اذا كانت في ماله (3).

______________________________

انه لم يعص اللّه، و انما عصي سيده، فاذا اجازه فهو له جائز «1» و قد تعرضنا لما يستفاد من الرواية في بحث الفضولي فراجع.

(1) خلافا لسيد العروة (قدس سره) حيث افتي بجواز وصيته فيما اذا أوصي بدفنه في مكان خاص لا يحتاج الي صرف مال، لكن الانصاف ان مقتضي دليل الحجر كتابا و سنة عدم نفوذ وصيته فانه عبد كل علي مولاه لٰا يَقْدِرُ عَليٰ شَيْ ءٍ.

(2) قد ظهر مما تقدم ان هذا أيضا مشكل لوحدة الملاك و لو قلنا بالصحة في المقام يلزم أن نقول بها فيما لو باع مع فقد بعض الشرائط و بعد اجتماعه و تمامية الشرائط يصح العقد بالاجازة و هل يمكن الالتزام بالصحة؟ كلا و لكن قد تقدم ان الفضولي يصح مع الاجازة.

(3) علي ما هو المشهور عند القوم بل علي ما يظهر من كلام سيد العروة قدس سره انه ادعي عليه الاجماع و في قباله قول ابن ادريس و من تبعه و الاصل في هذا الحكم ما رواه أبو ولاد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها، قلت «قيل له. يه» أ رأيت ان كان أوصي بوصية ثم قتل نفسه من ساعته تنفذ وصيته؟ قال: فقال ان كان أوصي قبل أن يحدث حدثا في نفسه من جراحة أو قتل اجيزت وصيته في ثلثه، و ان كان أوصي بوصية

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من نكاح العبيد و الاماء الحديث:

1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 348

و أما اذا كانت في غيره من تجهيز و نحوه صحت (1، و كذا اذا فعل ذلك لا عن عمد بل كان خطأ أو سهوا (2) أو كان لا بقصد الموت بل لغرض آخر (3) أو علي غير وجه العصيان مثل الجهاد في سبيل اللّه (4) و كذا اذا عوفي ثم أوصي (5) بل الظاهر الصحة أيضا اذا أوصي بعد ما فعل السبب ثم عوفي ثم مات (6).

[مسألة 11: إذا أوصي قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثم أحدث فيها صحت وصيته]

(مسألة 11): اذا أوصي قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثم أحدث فيها صحت وصيته و ان كان حين الوصية بانيا علي ان يحدث

______________________________

بعد ما أحدث في نفسه من جراحة أو قتل لعله يموت لم تجز وصيته «1».

(1) للمناقشة فيما أفاد مجال اذ قد حكم بالصحة بثلث المال اذا لم يكن قاتلا لنفسه و أما من قتل نفسه فلا وصية له علي الاطلاق.

و بعبارة اخري: السؤال عن مطلق وصيته و في مقام الجواب فصل بين الصورتين ففي الصورة الأولي تنفذ في الثلث و في الصورة الثانية لا تنفذ علي الاطلاق.

(2) فان التعمد صرح به في الحديث.

(3) فان المستفاد من الحديث ان الموضوع تعمد القتل و ارادته.

(4) اذ المفروض في الخبر ان المتصدي من اهل جهنم و لا يمكن تصوره في صورة الاتيان به من باب الوظيفة، فلاحظ.

(5) لخروج المورد عن تحت النص بل لو أوصي قبل العافية ثم عوفي لعين الملاك.

(6) قد ظهر وجهه مما تقدم فان الموضوع غير متحقق فلا وجه لعدم النفوذ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 52 من أحكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 349

ذلك بعدها (1).

[مسألة 12: تصح الوصية من كل من الأب و الجد بالولاية علي الطفل مع فقد الآخر]

(مسألة 12): تصح الوصية من كل من الاب و الجد بالولاية علي الطفل مع فقد الاخر (2).

______________________________

(1) لخروج هذه الصورة عن تلك الكبري المستفادة من الرواية، فلاحظ.

(2) نصا و فتوي بل اجماعا بقسميه- كما في الجواهر- و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص: منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل أوصي الي رجل بولده و بمال لهم و اذن له عند الوصية أن يعمل بالمال، و أن يكون الربح بينه و بينهم، فقال: لا بأس به

من اجل ان اباه قد اذن له في ذلك و هو حي «1» و هذه الرواية ضعيفة بحسن بن علي.

و منها: ما رواه خالد «ابن بكير خ» الطويل قال: دعاني أبي حين حضرته الوفاة فقال: يا بني اقبض مال اخوتك الصغار و اعمل به، و خذ نصف الربح و اعطهم النصف، و ليس عليك ضمان، فقد متني أم ولد ابي بعد وفاة ابي الي ابن ابي ليلي، فقالت: ان هذا يأكل اموال ولدي قال: فاقتصصت عليه ما امرني به ابي، فقال لي ابن ابي ليلي ان كان ابوك امرك بالباطل لم اجزه، ثم اشهد علي ابن ابي ليلي ان انا حركته فانا له ضامن، فدخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقصصت عليه قصتي ثم قلت له: ما تري؟ فقال: أما قول ابن ابي ليلي فلا استطيع رده و أما فيما بينك و بين اللّه عز و جل فليس عليك ضمان «2».

و هذه الرواية ضعيفة بخالد و اصلاح السند بكون ابن أبي عمير في السند كما في كلام السيد الخوانساري قدس سره في جامع مداركه لا يترتب عليه اثر كما حققناه في محله.

______________________________

(1) الوسائل الباب 92 من أحكام الوصايا الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 350

و لا تصح مع وجوده (1).

[مسألة 13: لا يجوز للحاكم الوصية بالولاية علي الطفل]

(مسألة 13): لا يجوز للحاكم الوصية بالولاية علي الطفل

______________________________

و منها: ما رواه سعد بن اسماعيل عن ابيه، قال: سألت الرضا عليه السلام عن وصي ايتام يدرك ايتامه فيعرض عليهم أن يأخذوا الذي لهم فيأبون عليه كيف يصنع؟ قال: يرد عليهم و يكرههم عليه «علي ذلك. يب» «1» و لم يثبت كون اسماعيل الواقع في السند ثقة.

و منها: ما ارسله محمد

بن عيسي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في رجل مات و أوصي الي رجل و له ابن صغير فادرك الغلام و ذهب الي الوصي و قال له:

رد علي مالي لا تزوج فأبي عليه، فذهب حتي زني، فقال، يلزم ثلثي اثم زنا هذا الرجل ذلك الوصي الذي «لأنه. خ» منعه المال و لم يعطه فكان يتزوج «2» و المرسلات لا اعتبار بها كما هو ظاهر.

و منها: ما رواه العيص بن القاسم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن اليتيمة متي يدفع اليها مالها؟ قال: اذا علمت انها لا تفسد و لا تضيع فسألته ان كانت قد تزوجت؟ فقال: اذا تزوجت فقد انقطع ملك الوصي عنها «3».

و الظاهر ان هذه الرواية لا بأس بها سندا مضافا الي أن السيرة جارية علي الوصية علي اليتيم و جعل القيم له بلا انكار من المتشرعة و هذا آية الجواز.

(1) ادعي عليه عدم الخلاف بل ادعي عليه الاجماع و القاعدة الأولية تقتضي عدم الجواز فان الولاية علي خلاف الاصل فلا بد من الاقتصار علي المقدار المعلوم و لا اطلاق في النصوص من هذه الجهة، فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 47 من احكام الوصايا الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 46 من احكام الوصايا الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 45 من احكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 351

بعد موته بل بعد موته يرجع الي حاكم غيره (1).

[مسألة 14: لو أوصي للأطفال واحد من أرحامهم أو غيرهم بمال و جعل أمره إلي غير الأب و الجد و غير الحاكم لم يصح]

(مسألة 14): لو أوصي للأطفال واحد من أرحامهم أو غيرهم بمال و جعل أمره الي غير الاب و الجد و غير الحاكم لم يصح بل يكون للأب و الجد مع وجود احدهما و للحاكم مع فقدهما (2)، نعم لو أوصي أن يبقي ماله بيد

الوصي حتي يبلغوا فيملهكم اياه صح (3) و كذا اذا اوصي أن يصرف ماله عليهم من دون أن يملكهم اياه (4).

[مسألة 15: يجوز أن يجعل الأب و الجد الولاية و القيمومة علي الأطفال لاثنين أو أكثر]

(مسألة 15): يجوز أن يجعل الاب و الجد الولاية و القيمومة علي الاطفال لاثنين أو اكثر كما يجوز جعل الناظر علي القيم المذكور (5) و يجوز جعل الناظر له أيضا كما يأتي في الناظر علي

______________________________

(1) لعدم الدليل و بعبارة اخري لا دليل علي ولاية الحاكم بعد موته فلا يجوز جعلها لغيره.

(2) لأن ولاية مال الطفل للأب و الجد و مع فقدهما للحاكم فلا يمكن جعلها لغيرهم.

(3) لمشروعية الوصية فتصح لصحتها.

(4) لوحدة الملاك.

(5) الذي يظهر من كلمات الأصحاب ان الأمر مورد التسالم عندهم و انه يجوز جعل الولاية من الأب أو الجد للموصي اليه و بعد فرض الجواز لا فرق بين جعل الولاية لواحد و جعلها للأكثر، و أما جواز جعل الناظر فيتم بعموم جواز الوصية و يمكن الاستدلال علي جواز جعل القيمومة للمتعدد، بالسيرة الخارجية غير المردوعة مضافة الي التسالم بين الاصحاب بالاضافة الي عدم الفرق بين الوصاية علي المال

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 352

الوصي (1).

[مسألة 16: إذا قال الموصي لشخص أنت ولي و قيم علي أولادي القاصرين و أولاد ولدي و لم يقيد الولاية بجهة بعينها]

(مسألة 16): اذا قال الموصي لشخص انت ولي و قيم علي اولادي القاصرين و أولاد ولدي و لم يقيد الولاية بجهة بعينها جاز له التصرف في جميع الشئون المتعلقة بهم من حفظ نفوسهم و تربيتهم و حفظ

______________________________

و النفس في نظر العرف، فان ثبت الجواز بالنسبة الي احد الامرين يثبت الاخر فتأمل.

اضف الي ذلك كله انه يستفاد الجواز من النصوص الدالة علي جواز اكل القيم من مال اليتيم لاحظ النصوص الواردة في هذا الباب:

منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل «فليأكل بالمعروف» قال: المعروف هو القوت، و انما عني الوصي أو القيم في أموالهم و ما يصلحهم «1».

و

منها: ما رواه حنان بن سدير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام سألني عيسي بن موسي عن القيم للأيتام في الأكل و ما يحل له منها، فقلت له: اذا لاط حوضها و طلب ضالتها، و هنأ جرباها فله أن يصيب من لبنها في غير نهك لضرع و لا فساد لنسل «2».

و منها: ما رواه هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عمن تولي مال اليتيم ما له ان يأكل منه؟ فقال: ينظر الي ما كان غيره يقوم به من الأجر لهم فليأكل بقدر ذلك 3 بتقريب ان المستفاد من هذه النصوص جوازها للمتعدد بمقتضي اطلاقها.

(1) لعموم دليل الوصية فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 72 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 1

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 353

اموالهم و الانفاق عليهم و استيفاء ديونهم و وفاء ما عليهم من نفقات أو ضمانات او غير ذلك من الجهات (1) و اذا قيد الولاية بجهة دون جهة وجب علي الولي الاقتصار علي محل الاذن دون غيره من الجهات و كان المرجع في الجهات الاخري الحاكم الشرعي (2).

[مسألة 17: يجوز للقيم علي اليتيم أن يأخذ أجرة مثل عمله إذا كانت له أجرة و كان فقيرا]

(مسألة 17): يجوز للقيم علي اليتيم أن يأخذ اجرة مثل عمله اذا كانت له اجرة و كان فقيرا أما اذا كان غنيا ففيه اشكال و الاحوط الترك (3).

______________________________

(1) كما هو ظاهر فان مقتضي اطلاق الجعل الجواز علي الاطلاق.

(2) الوجه فيما أفاده ظاهر فان المفروض ان هذه الولاية مجعولة من قبل الأب و الجد فلا بد من الاقتصار علي مقدار الجعل و في بقية الجهات المرجع هو الحاكم الذي له الولاية العامة.

(3) يظهر من بعض الكلمات ان الاصحاب متفقون علي جواز الأخذ

لكن اختلفوا فيما يؤخذ علي اقوال: احدها جواز أخذ اجرة المثل، ثانيها: جواز اخذ مقدار حاجته ثالثها: جواز اخذ أقلّ الامرين رابعها: جواز الاخذ بشرط كونه فقيرا كما في المتن.

و يمكن أن يقال: ان المستفاد من الكتاب و السنة جواز اخذ اجرة المثل بشرط كونه فقيرا لاحظ قوله تعالي «وَ ابْتَلُوا الْيَتٰاميٰ حَتّٰي إِذٰا بَلَغُوا النِّكٰاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوٰالَهُمْ وَ لٰا تَأْكُلُوهٰا إِسْرٰافاً وَ بِدٰاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَ مَنْ كٰانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ كٰانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ «1» فان الأكل في مثل هذه الاستعمالات يستفاد منه التملك كما ان المعروف ما عرف عند الناس و بعبارة اخري

______________________________

(1) النساء/ 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 354

______________________________

يكون عند العقلاء متعارفا و لا يكون منكرا و أخذ اجرة المثل امر غير منكر عندهم.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام و انا حاضر عن القيم لليتامي في الشراء لهم و البيع فيما يصلحهم أله أن يأكل من أموالهم؟ فقال: لا بأس أن يأكل من اموالهم بالمعروف كما قال اللّه تعالي في كتابه «وَ ابْتَلُوا الْيَتٰاميٰ حَتّٰي إِذٰا بَلَغُوا النِّكٰاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوٰالَهُمْ وَ لٰا تَأْكُلُوهٰا إِسْرٰافاً وَ بِدٰاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَ مَنْ كٰانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَ مَنْ كٰانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ» هو القوت و انما عني فليأكل بالمعروف الوصي لهم و القيم في أموالهم ما يصلحهم «1».

و منها: ما رواه سماعة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل:

«وَ مَنْ كٰانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ» قال: من كان يلي شيئا لليتامي و هو

محتاج ليس له ما يقيمه فهو يتقاضي اموالهم و يقوم في ضيعتهم فليأكل بقدر و لا يسرف و ان كان ضيعتهم لا تشغله عما يعالج بنفسه فلا يرزأن من اموالهم شيئا «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عن رجل بيده ماشية لابن اخ له يتيم في حجره، أ يخلط أمرها بأمر ماشيته؟ قال: ان كان يليط حوضها و يقوم علي مهنتها و يرد نادتها فيشرب من ألبانها غير منهلك للحلاب و لا مضر بالولد 3.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان و حنان و هشام 4 ثم انه يظهر من بعض

______________________________

(1) تهذيب الاحكام ج 9 ص 244 الحديث 42

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 72 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 4 و 6

(3) (4) لاحظ ص: 352

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 355

______________________________

النصوص خلاف المدعي، لاحظ حديث أبي الصباح فان المستفاد منه ان المال لو كان قليلا لا يأخذ «1».

و لقائل أن يقول ان النسبة بين هذه الرواية و بقية الأدلة من الكتاب و السنة عموم و خصوص بنحو الاطلاق، و عليه يكون مقتضي القاعدة تخصيص تلك الأدلة بهذه الرواية فالنتيجة ان مال اليتيم اذا كان قليلا لا يجوز الاخذ منه للقيم و يمكن أن يكون المراد انه لو كان عمل القيم بمقدار لا تكون له اجرة في نظر العرف لا يأخذ.

و أما حديث رفاعة (عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله: «فليأكل بالمعروف» قال: كان أبي يقول: انها منسوخة) «2» الدال علي نسخ الحكم فلإرساله لا يترتب عليه اثر، فلا تغفل.

و الانصاف: ان نصوص الباب متعارضة فان المستفاد من حديثي عبد اللّه بن سنان «3»

انه لا يجوز للقيم الا بمقدار القوت و القوت علي ما يستفاد من اللغة ما يسد به الرمق و المستفاد من حديث سماعة «4» انه اذا كان فقيرا و ليس له ما يقيمه يجوز له الأخذ بالمقدار الذي يقيمه، و مقتضي اطلاقه الجواز حتي في صورة كون المقدار المذكور اكثر من اجرة المثل فيقع التعارض بين الحديثين.

فيمكن أن يقال: بأن الترجيح مع حديث سماعة لكونها موافقة للكتاب فيؤخذ بها و ان أبيت عن هذا الجمع نقول يقع التعارض و بعد التساقط يرجع الي اطلاق

______________________________

(1) الوسائل الباب 72 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) لاحظ ص: 352 و 354

(4) لاحظ ص: 354

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 356

______________________________

الكتاب و في المراجعة الأخيرة بنينا علي حصر المرجح في الاحدثية و بينا المراد في خاتمة الجزء الثامن من هذا الشرح و حيث ان الاحدث غير محرز فلا بد من العمل علي طبق الاحتياط و بعبارة اخري: حيث لا تميز الحجة عن لا حجة فلا بد من العمل علي نحو يوافق الاحتياط.

اذا عرفت: ما تقدم قلنا أن نقول بأن المستفاد من مجموع الأدلة انه يجوز له أن يأخذ من مال اليتيم بالنحو المعروف و المقدار المعروف- علي ما في كلام صاحب الحدائق- مالا اسراف فيه و لا تقتير و هو الحد الوسط بل يستفاد المدعي من حديث سماعة حيث قيد الجواز بعدم السرف.

بل يمكن أن يقال: ان هذا هو المتفاهم العرفي عند اطلاق هذا اللفظ، و لا يخفي انه لا يختص جواز الاخذ بنفسه بل يجوز له ما يقيمه علي نحو الاطلاق و من الظاهر ان عدم لحاظ عياله الواجب نفقته عليه تضييع اياه و

ان شئت قلت:

المستفاد من حديث سماعة ان المحتاج يجوز له أن يأخذ بمقدار لا يكون اسرافا فبمقتضي الاية و الرواية يجوز أن يأخذ بمقدار لا يكون مسرفا لكن يشترط جواز اخذه بشروط:

الاول: ان يكون فقيرا و يدل عليه الكتاب و خبر سماعة فانه صرح فيهما بكونه فقيرا، و ما عن المسالك من الميل الي استحباب العفة اذا كان غنيا لا وجه له.

الثاني: اشتغاله باصلاح اموالهم بحيث يمنعه عن الاشتغال لنفسه فان كان قادرا علي الاشتغال بكلا الامرين و تحصيل معاشه لا يجوز له الأخذ لاحظ حديث سماعة و مثله حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول اللّه «وَ مَنْ كٰانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ» قال: ذلك اذا حبس نفسه في أموالهم فلا يحترف لنفسه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 357

______________________________

فليأكل بالمعروف من مالهم «1».

الثالث: سعة مال اليتيم اما لو كان قليلا فلا يجوز الأخذ و يدل عليه حديث أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «وَ مَنْ كٰانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ» فقال: ذلك رجل يحبس نفسه عن المعيشة فلا بأس أن أن يأكل بالمعروف اذا كان يصلح لهم أموالهم، فان كان المال قليلا فلا يأكل منه شيئا الحديث «2».

و مقتضي قانون الاطلاق و التقييد تقييد الكتاب و السنة بهذه الرواية و قد ثبت في محله جواز تخصيص العام الكتابي بالخبر الواحد.

و يدل علي المدعي أيضا حديث أبي اسامة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله: (فليأكل بالمعروف) فقال: ذلك رجل يحبس نفسه علي أموال اليتامي فيقوم لهم فيها و يقوم لهم عليها فقد شغل نفسه عن طلب المعيشة فلا بأس أن يأكل بالمعروف اذا

كان يصلح أموالهم، و ان كان المال قليلا فلا يأكل منه شيئا «3»

لكن الحديثين مخدوشان سندا، أما الحديث الثاني فواضح و أما الحديث الأول فلكون محمد بن الفضيل الواقع في السند مشتركا بين الثقة و غير الثقة فيشكل الاعتماد عليه، و اللّه العالم.

الرابع: أن لا يكون بنحو الاسراف و الدليل عليه قوله تعالي و ما ورد في حديث سماعة فانقدح بما ذكرنا ان الحق اختيار هذا القول و يترتب عليه انه يجوز الأخذ بمقدار الحاجة أعم من أن يكون بمقدار اجرة المثل أو أقل أو أكثر، و أما

______________________________

(1) الوسائل الباب 72 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 10

(2) الوسائل الباب 72 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 3

(3) الوسائل ج 12- في ذيل ص: 187

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 358

[فصل في الموصي به]

اشارة

فصل في الموصي به

[مسألة 1: يشترط في الموصي به أن يكون مما له نفع محلل معتد به]

(مسألة 1): يشترط في الموصي به أن يكون مما له نفع محلل (1) معتد به (2) سواء أ كان عينا موجودة أم معدومة اذا كانت متوقعة الوجود كما اذا اوصي بما تحمله الجارية او الدابة أو منفعة لعين موجودة أو معدومة متوقعة الوجود أو حق من الحقوق القابلة للنقل مثل حق التحجير و نحوه لا مثل حق القذف و نحوه مما لا يقبل الانتقال الي الموصي له (3).

______________________________

حديث هشام «1» الدال علي اخذ اجرة المثل فسنده ضعيف بعلي بن السندي و لم يثبت وثاقته.

(1) اذ الوصية بلحاظ المنفعة المحرمة لا تصح فلا بد من فرض منفعة محللة في موردها.

(2) يمكن أن يكون الوجه في الاشتراط المذكور الانصراف.

(3) لإطلاق دليل الوصية، ان قلت: ان الحمل المتجدد مثلا بعد موت الموصي يصير ملكا للوارث فكيف تتعلق به الوصية.

قلت: اولا يرد عليه النقض بمنفعة الدار المتجددة و ثانيا نجيب بالحل و هو ان المالك للعين مالك لها بالملكية المرسلة و بتبع العين يملك منافعها بالملكية المرسلة فلا مانع من الوصية و مما ذكرنا يظهر الوجه في بقية ما أفاده فان مقتضي اطلاق دليل نفوذ الوصية صحة الوصية في جميع ما ذكر من الأقسام.

______________________________

(1) لاحظ ص: 352

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 359

[مسألة 2: إذا أوصي لزيد بالخمر القابلة للتخليل أو التي ينتفع بها في غير الشرب أو أوصي بآلات اللهو إذا كان ينتفع بها إذا كسرت صح]

(مسألة 2): اذا أوصي لزيد بالخمر القابلة للتخليل أو التي ينتفع بها في غير الشرب أو أوصي بآلات اللهو اذا كان ينتفع بها اذا كسرت صح (1).

[مسألة 3: يشترط في الموصي به أن لا يكون زائدا علي الثلث]

(مسألة 3): يشترط في الموصي به أن لا يكون زائدا علي الثلث فاذا أوصي بما زاد عليه بطل الايصاء في الزائد (2).

______________________________

(1) اذ المفروض ان مثل هذه المنافع حلال فتصح الوصية باطلاق دليلها.

(2) ادعي عليه الاجماع بقسميه و تدل عليه جملة من النصوص: منها: ما رواه حمران، عن أبي جعفر عليه السلام في رجل اوصي عند موته و قال: اعتق فلانا و فلانا و فلانا حتي ذكر خمسة، فنظر في ثلثه فلم يبلغ ثلثه أثمان قيمة المماليك الخمسة الذين أمر بعتقهم، قال: ينظر الي الذين سماهم و بدأ بعتقهم فيقومون و ينظر الي ثلثه فيعتق منه اول شي ء ذكر، ثم الثاني و الثالث ثم الرابع ثم الخامس فان عجز الثلث كان في الذين سمي اخيرا لأنه أعتق بعد مبلغ الثلث ما لا يملك فلا يجوز له ذلك «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل حضره الموت فاعتق غلامه و أوصي بوصية فكان أكثر من الثلث، قال:

يمضي عتق الغلام و يكون النقصان فيما بقي «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم أيضا، عن أبي جعفر عليه السلام قال في رجل أوصي بأكثر من الثلث و اعتق مماليكه في مرضه، فقال: ان كان أكثر من الثلث رد الي الثلث و جاز العتق 3.

______________________________

(1) الوسائل الباب 66 من احكام الوصايا الحديث: 1

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 67 من احكام الوصايا الحديث: 1 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 360

الا مع

اجازة الوارث (1) و اذا أجاز بعضهم دون بعض نفذ في حصة المجيز دون الاخر و اذا اجازوا في بعض الموصي به وردوا في غيره

______________________________

و منها: ما رواه احمد بن محمد قال: كتب احمد بن اسحاق الي أبي الحسن عليه السلام: ان ردة بنت مقاتل توفيت و تركت ضيعة اشقاصا في مواضع، و أوصت لسيدنا في اشقاصها بما يبلغ أكثر من الثلث، و نحن أوصيائها و احببنا انهاء ذلك الي سيدنا، فان أمرنا بامضاء الوصية علي وجهها أمضيناها و ان أمرنا بغير ذلك انتهينا الي امره في جميع ما يأمر به إن شاء اللّه، قال: فكتب عليه السلام بخطه:

ليس يجب لها في تركتها الا الثلث، و ان تفضلتم و كنتم الورثة كان جائزا لكم إن شاء اللّه «1».

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي نفوذ الوصية في تمام ما تركه الميت لاحظ ما رواه محمد بن عبدوس قال: أوصي رجل بتركته متاع و غير ذلك لأبي محمد عليهما السلام فكتبت اليه: رجل أوصي إلي بجميع ما خلف لك، و خلف ابنتي أخت له، فرأيك في ذلك، فكتب إلي: بع ما خلف و ابعث به إلي فبعت و بعثت به اليه، فكتب إلي: قد وصل «2» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ قدس سره الي علي بن الحسن بن فضال، و بمحمد بن عبدوس.

و لاحظ ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الرجل احق بماله ما دام فيه الروح اذا أوصي به كله فهو جائز 3 و هذه الرواية ضعيفة أيضا سندا.

(1) لمكاتبة احمد بن اسحاق 4.

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من احكام الوصايا الحديث: 1

(2) (2 و 3)

نفس المصدر الحديث: 16 و 19

(3) (4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 361

صح فيما أجازوا و بطل في غيره (1).

[مسألة 4: لا إشكال في الاجتزاء بالإجازة بعد الوفاة]

(مسألة 4): لا اشكال في الاجتزاء بالاجازة بعد الوفاة (2) و في الاجتزاء بها حال الحياة قولان اقواهما الاول (3) و ليس للمجيز الرجوع عن اجازته حال حياة الموصي و لا بعد وفاته (4).

______________________________

(1) كما هو مقتضي القاعدة و بعبارة اخري لوجود المقتضي و عدم المانع بالنسبة الي المقدار المجاز.

(2) عن الجواهر انه اجماعي بقسميه و يدل علي المدعي مكاتبة احمد بن اسحاق «1» فان مقتضي هذه الرواية ان اجازة الوارث بعد وفاة الموصي تؤثر في نفوذ الوصية و اعتبارها.

(3) قال في الجواهر بل هو المشهور بل عن الشيخ الاجماع عليه و يدل علي المدعي حديث محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أوصي بوصية و ورثته شهود فاجازوا ذلك فلما مات الرجل نقضوا الوصية هل لهم أن يردوا ما أقروا به؟ فقال: ليس لهم ذلك، و الوصية جائزة عليهم اذا أقروا بها في حياته «2».

و يدل عليه أيضا ما رواه منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أوصي بوصية أكثر من الثلث و ورثته شهود فاجازوا ذلك له، قال: جائز قال ابن رباط: و هذا عندي علي انهم رضوا بذلك في حياته و اقروا به 3.

(4) لما رواه محمد بن مسلم 4 و مثله في الدلالة علي المقصود ما رواه منصور بن حازم 5 بل يمكن الاستدلال علي المدعي بمكاتبة احمد بن

______________________________

(1) لاحظ ص: 360

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 13 من أحكام الوصايا الحديث: 1 و 2

(3) (4) مر آنفا

(4) (5) مر آنفا

مباني

منهاج الصالحين، ج 9، ص: 362

كما لا أثر للرد اذا الحقته الاجازة (1) و لا فرق بين وقوع الوصية حال مرض الموصي و حال صحته و لا بين كون الوارث غنيا و فقيرا (2).

[مسألة 5: لا يشترط في نفوذ الوصية قصد الموصي انها من الثلث الذي جعله الشارع له]

(مسألة 5): لا يشترط في نفوذ الوصية قصد الموصي انها من الثلث الذي جعله الشارع له فاذا أوصي بعين غير ملتفت الي الثلث و كانت بقدره أو أقل صح و اذا قصد كونها من ثلثي الورثة فان اجازوا صح و إلا بطل و ان قصد كونها من الاصل نفذت الوصية في ثلثها و توقف في ثلثيها علي اجازة الورثة. هذا اذا اوصي بثلث الباقي كما اذا قال فرسي لزيد و ثلثي من باقي التركة لعمرو فانه تصح وصيته لعمرو. و أما وصيته لزيد فتصح اذا رضي الورثة و الا صحت في ثلث الفرس أما اذا لم يوص بالثلث فان لم تكن زائدة علي الثلث نفذت و ان زادت علي الثلث توقف نفوذها في الزائد علي اجازة الورثة (3).

[مسألة 6: إذا وصي بعين معينة أو بمقدار كلي من المال]

(مسألة 6): اذا وصي بعين معينة أو بمقدار كلي من المال

______________________________

اسحاق «1» فان مقتضي اطلاق الرواية نفوذ الاجازة فلاحظ.

(1) للإطلاق فان مقتضاه عدم الفرق.

(2) كل ذلك للإطلاق، فلاحظ.

(3) لصدورها من اهله و وقوعها في محلها، و بعبارة اخري لتمامية المقتضي و عدم المانع ثم ان ما أفاده في هذا الفرع بتمامه علي طبق القاعدة المستفادة من النص من نفوذ الوصية في مقدار الثلث بنحو الاطلاق و في الزائد بشرط اجازة الوارث، فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 360

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 363

كألف دينار يلاحظ في كونه بمقدار الثلث أو أقلّ أو أزيد بالاضافة الي اموال الموصي حين الموت لا حين الوصية. فاذا أوصي لزيد بعين كانت بقدر نصف أمواله حين الوصية و حين الموت صارت بمقدار الثلث اما لنزول قيمتها أو لارتفاع قيمة غيرها أو لحدوث مال له لم يكن حين الوصية صحت الوصية في تمامها (1) و اذا

كانت حين الوصية بمقدار الثلث فصارت أكثر من الثلث حال الموت اما لزيادة قيمتها أو لنقصان قيمة غيرها أو لخروج بعض أمواله عن الملكية نفذت الوصية بما يساوي الثلث و بطلت في الزائد الا اذا أجاز الورثة (2) و اذا أوصي بكسر مشاع كالثلث فان كان حين الوفاة مساويا له حين الوصية فلا اشكال في صحة الوصية بتمامه و كذا اذا كان أقلّ فتصح فيه بتمامه حين الوفاة أما اذا كان حين الوفاة اكثر منه حين الوصية كما لو تجدد له مال فهل يجب اخراج ثلث الزيادة المتجددة أو يقتصر علي ثلث المقدار حين الوصية لا يخلو من اشكال و ان كان الاقوي الاول (3) الا

______________________________

(1) و الوجه فيه ان الوصية عبارة عن التمليك بعد الوفاة و من ناحية اخري انها نافذة في الثلث علي الاطلاق و في الزائد عليه بشرط اجازة الوارث فحين الوفاة اذا كانت واجدة لشرط النفوذ ينفذ و الا فلا.

(2) كما هو ظاهر فان الوصية بالزائد عن الثلث يتوقف علي اجازة الورثة.

(3) تارة يقع الكلام فيما هو مقتضي القاعدة الاولية و اخري فيما يستفاد من النص الخاص اما من حيث القاعدة فالظاهر ان الميزان بحال الوصية لظاهر الكلام

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 364

أن تقوم القرينة علي ارادة الوصية بثلث الاعيان الموجودة حين الوصية لا غير (1) فاذا تبدلت أعيانها لم يجب اخراج شي ء (2) أو تقوم القرينة علي ارادة الوصية بمقدار ثلث الموجود حينها و ان تبدلت اعيانها فلا يجب اخراج الزائد (3) و كذا اذا كان كلامه محفوفا

______________________________

كبقية الموارد و أما من حيث النص الخاص فالميزان مراعاة حال الوفاة لاحظ ما رواه محمد بن قيس قال: قلت له: رجل أوصي

لرجل بوصية من ماله ثلث أو ربع فيقتل الرجل خطأ، يعني الموصي، فقال: يجاز لهذه الوصية من ماله و من ديته «1».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 364

(1) لانصراف النص عن هذه الصورة بل لنا أن نقول ان الظاهر من الرواية صورة ارادة الكسر المشاع حين الموت و أما في غير هذه الصورة فلا يشمله النص.

و عليه نقول: تارة يكون الظاهر من كلام الموصي و لو بالقرنية حال الوفاة تلاحظ تلك الحال، و اخري يكون الظاهر من كلامه حين الوصية فالمدار عليه.

و ثالثة يكون الكلام مجملا فلا بد من الاقتصار علي القدر المتيقن.

لكن الانصاف: ان ما افاده في المتن تام فانه لو لا القرينة الخارجية يكون مقتضي الظهور اللفظي تعلق الوصية بثلث ما يتركه حين الوفاة اذ الوصية تمليك من حين الوفاة فيكون متعلق الوصية ثلث ما يقع مورد التأثير، فالمناط بحال الوفاة فلا اشكال.

(2) اذ المفروض اختصاص الوصية بالموجود حينها و قد فرض تبدلها فلا موضوع للوصية.

(3) كما هو ظاهر اذ الوصية بذلك المقدار فلا وجه للزائد.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من احكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 365

بما يوجب اجمال المراد فانه يقتصر علي القدر المتيقن و هو الاقل (1).

[مسألة 7: يحسب من التركة ما يملكه بعد الموت كالدية في الخطأ]

(مسألة 7): يحسب من التركة ما يملكه بعد الموت كالدية في الخطأ و كذا في العمد اذا صالح عليها أولياء الميت و كما اذا نصب شبكة في حياته فوقع فيها شي ء بعد وفاته فيخرج من جميع ذلك الثلث اذا كان قد اوصي به و اذا أوصي بعين تزيد علي ثلثه في حياته و بضم

الدية و نحوها تساوي الثلث تنفذ وصيته فيها بتمامها (2).

[مسألة 8: إنما يحسب الثلث بعد استثناء ما يخرج من الأصل من الديون المالية]

(مسألة 8): انما يحسب الثلث بعد استثناء ما يخرج من الاصل من الديون المالية فاذا اخرج جميع الديون المالية من مجموع التركة كان ثلث الباقي هو مورد العمل بالوصية (3).

______________________________

(1) اذ اللازم متابعة الوصية فيجب الاقتصار علي القدر المتيقن، فلاحظ.

(2) لا يخفي ان ما أفاده خلاف القاعدة الأولية اذ المفروض تعلق الوصية بثلث ما يملكه و المفروض ان الدية و اشباهها تقع في ملكه بعد وفاته فلا تشلمه الوصية لكن ببركة النص أعني حديث محمد بن قيس نلتزم بما افاده في المتن و النص و ان كان واردا في الدية لكن العرف يفهم عدم الفرق.

(3) بلا اشكال و لا كلام، و تدل عليه جملة من النصوص: منها: ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أول شي ء يبدأ به من المال الكفن، ثم الدين، ثم الوصية، ثم الميراث «1».

و منها: ما رواه محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: ان الدين قبل الوصية، ثم الوصية علي اثر الدين، ثم

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من أحكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 366

[مسألة 9: إذا كان عليه دين فأبرأه الدائن بعد وفاته أو تبرع متبرع في أدائه بعد وفاته]

(مسألة 9): اذا كان عليه دين فابرأه الدائن بعد وفاته او تبرع متبرع في ادائه بعد وفاته لم يكن مستثني من التركة و كان بمنزلة عدمه (1).

[مسألة 10: لا بد في إجازة الوارث الوصية الزائدة علي الثلث]

(مسألة 10): لا بد في اجازة الوارث الوصية الزائدة علي الثلث من امضاء الوصية و تنفيذها و لا يكفي فيها مجرد الرضا النفساني (2).

______________________________

الميراث بعد الوصية فان اول (أولي خ ل) القضاء كتاب اللّه «1».

و منها: ما رواه الفضل بن الحسن الطبرسي في (مجمع البيان) عن امير المؤمنين عليه السلام في قوله تعالي: «مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهٰا أَوْ دَيْنٍ» قال:

انكم لتقرءون في هذه الوصية قبل الدين، و ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قضي بالدين قبل الوصية 2.

(1) اذ مع فرض الابراء لا وجه للاستثناء و بعبارة اخري المفروض تعلق الوصية بالثلث، فلا بد من انفاذها فيه بلا لحاظ الدين بعد فرض الابراء.

(2) لعدم دليل علي كفايته بل الدليل علي خلافه لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أوصي بوصية و ورثته شهود فاجازوا ذلك فلما مات الرجل نقضوا الوصية هل لهم أن يردوا ما اقروا به؟ فقال: ليس لهم ذلك، و الوصية جائزة عليهم اذا اقروا بها في حياته 3.

و منها: ما رواه منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أوصي بوصية اكثر من الثلث و ورثته شهود فاجازوا ذلك له، قال: جائز قال:

ابن رباط: و هذا عندي علي أنهم رضوا بذلك في حياته و اقروا به 4 فان

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 28 من ابواب أحكام الوصايا الحديث: 2 و 5

(2) (3 و 4) الوسائل الباب 13 من أحكام الوصايا

الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 367

[مسألة 11: اذا عين الموصي ثلثه في عين مخصوصة تعين]

(مسألة 11): اذا عين الموصي ثلثه في عين مخصوصة تعين (1) و اذا فوض التعيين الي الوصي فعينه في عين مخصوصة تعين أيضا بلا حاجة الي رضا الوارث (2) و اذا لم يحصل منه شي ء من ذلك كان ثلثه مشاعا في التركة و لا يتعين في عين بعينها بتعين الوصي الا مع رضا الورثة (3).

[مسألة 12: الواجبات المالية تخرج من الأصل]

(مسألة 12): الواجبات المالية تخرج من الاصل و ان لم يوص بها الموصي و هي الاموال التي اشتغلت بها ذمته مثل المال الذي اقترضه و المبيع الذي باعه سلفا و ثمن ما اشتراه نسيئة و عوض المضمونات و اروش الجنايات و نحوها و منها الخمس و الزكاة و رد المظالم (4) و اما الكفارات و النذور و نحوها فالظاهر انها لا تخرج من الاصل (5).

[مسألة 13: إذا تلف من التركة شي ء بعد موت الموصي وجب إخراج الواجبات المالية من الباقي و إن استوعبه]

(مسألة 13): اذا تلف من التركة شي ء بعد موت الموصي وجب اخراج الواجبات المالية من الباقي و ان استوعبه و كذا اذا غصب بعض التركة (6) و اذا تمرد بعض الورثة عن وفاء الدين لم يسقط

______________________________

المستفاد من الرواية عنوان الاجازة.

(1) لأن اختيار الثلث بيده.

(2) لأن تعيينه بمنزلة تعيين الموصي نفسه.

(3) فان التصرف في المال المشترك لا يجوز الا مع اجازة الشريك.

(4) اذ الدين يخرج من الأصل و هو مقدم علي الارث و الوصية و جميع المذكورات داخل في الدين.

(5) اذ ليس ما ذكر داخلا في الدين فلا وجه لخروجه من الأصل.

(6) لتقدم الدين علي الارث كتابا و سنة، أما الكتاب فقوله تعالي «مِنْ بَعْدِ

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 368

من الدين ما يلزم في حصته بل يجب علي غيره وفاء الجميع كما يجب عليه (1) ثم اذا و في غيره تمام الدين فان كان باذن الحاكم الشرعي

______________________________

وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهٰا أَوْ دَيْنٍ- مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهٰا أَوْ دَيْنٍ» «1» و أما السنة فحديث محمد بن قيس «2».

(1) لأن الدين قبل كل شي ء فما دام موجودا لا تصل النوبة الي الارث و بعبارة اخري: المستفاد من الكتاب و السنة المشار اليهما انه لا يجوز التوريث الا بعد اداء الدين و انفاذ الوصية،

و بعبارة واضحة الارث بعد الدين و بعد الوصية و الظاهر من لفظ البعد المذكور في الاية البعد الزماني فلا يجوز التصرف فيما تركه الميت لا اعتبارا و لا خارجا الا بعد اداء الدين و انفاذ الوصية و ان شئت قلت: جميع ما تركه الميت متعلق حق الدين و الوصية فالورثة محجورون عن التصرف الا بعدهما.

و بكلمة اخري: الظاهر من الاية الشريفة انه لا يتحقق الارث و لا ينتقل المال الي الوارث الا في صورة انتفاء الدين و الوصية و أما معهما أو احدهما لا يصير ما تركه الميت ملكا للوارث.

نعم يستفاد من حديث عبد الرحمن بن الحجاج- عن أبي الحسن عليه السلام مثله الا أنه قال: ان كان يستيقن ان الذي ترك يحيط بجميع دينه فلا ينفق و ان لم يكن يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال «3»، التفصيل بين استيعاب الدين و عدمه بجواز التصرف في الصورة الثانية و عدمه في الصورة الأولي.

و لكن يعارضه حديث عباد بن صهيب، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل

______________________________

(1) النساء/ 11 و 12

(2) لاحظ ص: 365

(3) الوسائل الباب 29 من أحكام الوصايا الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 369

رجع علي المتمرد بالمقدار الذي يلزم في حصته (1) و اذا كان بغير اذن الحاكم الشرعي ففي رجوعه عليه بذلك المقدار اشكال (2).

______________________________

فرط في اخراج زكاته في حياته، فلما حضرته الوفاة حسب جميع ما كان فرط فيه مما لزمه من الزكاة ثم أوصي به أن يخرج ذلك فيدفع الي من تجب له، قال جائز يخرج ذلك من جميع المال، انما هو بمنزلة دين لو كان عليه ليس للورثة شي ء حتي يؤدوا ما أوصي به من الزكاة «1».

فان

المستفاد من هذه الرواية انه لا يجوز التصرف حتي مع عدم الاستيعاب اذ المفروض في الرواية التبعض و التبعض يساوق كونه أقلّ، فالحديثان متعارضان و الترجيح مع حديث عباد لكونه موافقا مع ظاهر الكتاب مضافا الي كونه أحدث فالترجيح مع حديث عباد و يضاف الي ذلك كله انه لو وصلت النوبة الي الشك يكون مقتضي الاصل عدم انتقال ما تركه الميت الي الوارث قبل اداء الدين و اللّه العالم.

فالنتيجة: ان المستفاد من الدليل الاجتهادي و الفقاهتي ان تحقق الارث في صورة عدم الدين و الوصية، هذا ما يخطر بالبال في هذه العجالة.

و أما دعوي الاجماع علي انتقال المال الي الوارث حتي مع وجود الدين أو الوصية فليس اجماعا تعبديا كاشفا بل مستند الي التقريبات التي في كلماتهم كما يظهر لمن يراجعها فيترتب علي ما ذكر انه قبل الوفاء لا يجوز التصرف كما في المتن.

(1) اذ مع اذن الحاكم يكون تصرفاته صحيحة و الا فلا.

(2) لعدم الدليل علي جواز الرجوع و بعبارة اخري ان الدين مانع عن الارث و المفروض ارتفاعه بالاداء و جواز الرجوع الي المتمرد يحتاج الي الدليل و لكن

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 370

[مسألة 14: الحج الواجب بالاستطاعة من قبيل الدين يخرج من الأصل]

(مسألة 14): الحج الواجب بالاستطاعة من قبيل الدين يخرج من الاصل (1) و أما الحج النذري فيخرج من الثلث علي الاظهر (2).

[مسألة 15: إذا أوصي بوصايا متعددة متضادة]

(مسألة 15): اذا أوصي بوصايا متعددة متضادة كان العمل

______________________________

علي القول بعدم الملكية قبل اداء الدين و الوصية لا بد من التقسيم بعد تحقق الملكية اذ المال المشترك لا بد من تقسيمه بالتراضي.

(1) كما دلت عليه جملة من النصوص: منها: ما رواه معاوية بن عمار قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يموت و لم يحج حجة الإسلام و يترك مالا، قال: عليه ان يحج من ماله رجلا ضرورة لا مال له «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل مات و لم يحج حجة الإسلام يحج عنه؟ قال: نعم 2.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام (في حديث) قال يقضي عن الرجل حجة الإسلام من جميع ماله 3 و مثلها غيرها المذكور في الباب المشار اليه.

(2) كما نص عليه في حديث عبد اللّه بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل نذر للّه ان عافي اللّه ابنه من وجعه ليحجنه الي بيت اللّه الحرام فعافي اللّه الابن و مات الأب، فقال: الحجة علي الأب يؤديها عنه بعض ولده، قلت: هي واجبة علي ابنه الذي نذر فيه؟ فقال: هي واجبة علي الأب من ثلثه، أو يتطوع ابنه فيحج عن ابيه 4 و مثله غيره من الروايات الواردة في الباب 29 من أبواب وجوب الحج من الوسائل.

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 28 من أبواب وجوب الحج و شرائطه الحديث: 1 و 2 و 3

(2) (4) الوسائل الباب

29 من أبواب وجوب الحج و شرائطه الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 371

علي الثانية و تكون ناسخة للأولي (1) فاذا اوصي بعين شخصية لزيد ثم اوصي بها لعمرو

______________________________

(1) قال في الجواهر في هذا المقام «بلا خلاف و لا اشكال لكونها ناسخة للأولي و رجوعا عنها عرفا» انتهي موضع الحاجة من كلامه و ما أفاده تام بالنسبة الي الملتفت اذ للموصي أن يرجع عن وصيته بمقتضي جملة من النصوص:

لاحظ ما رواه ابن مسكان و ما رواه عبيد بن زرارة و ما رواه بريد «1» فاذا فرضنا جواز الرجوع فالوصية الثانية نافذة علي القاعدة فان الموصي بالوصية الثانية يبطل الاولي و يوجد الثانية.

و عليه لنا أن نقول: انه لا فرق بين كونه ذاكرا و كونه ناسيا و ذاهلا كما في الجواهر و تقريب المدعي ان المفروض اختيار المالك في الرجوع عن الاولي و احداث الثانية و حيث ان الوصية صدرت من اهلها و وقعت في محلها تنفذ بلا اشكال.

و لكن في النفس شي ء و هو ان الوصية الأولي وقعت صحيحة علي الفرض غاية الأمر للموصي حق الرجوع فيها و المفروض ان الرجوع أمر إنشائي و لم يتحقق بعد فمقتضي القاعدة أن تؤثر الأولي و تلغو الثانية نظير ما لو باع زيد داره بالبيع الخياري و مع الذهول عن المعاملة الواقعة و نسيانها باعها ثانيا من شخص آخر فهل يمكن أن يكون البيع الثاني صحيحا مع وقوعه علي ملك الغير؟ و يؤيد المدعي ما رواه حمران «2» لكن الرواية ضعيفة بأبي جميله.

و قياس المقام بباب البيع مع الفارق فان البائع بعد البيع الاول اجنبي عن المال و ليس له أن يبيعه ثانيا و أما الموصي فله أن

يبطل الوصية الاولي و يوصي

______________________________

(1) لاحظ ص: 331

(2) لاحظ ص: 359

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 372

اعطيت لعمرو و كذا اذا اوصي بثلثه لزيد ثم أوصي به لعمرو (1) و اذا أوصي بثلثه لزيد ثم أوصي بنصف ثلثه لعمرو كان الثلث بينهما علي السوية و كذا اذا اوصي بعين شخصية لزيد ثم أوصي بنصفها لعمرو فتكون الثانية ناسخة للأولي بمقدارها (2).

[مسألة 16: إذا أوصي بوصايا متعددة غير متضادة و كانت كلها مما يخرج من الأصل]

(مسألة 16): اذا أوصي بوصايا متعددة غير متضادة و كانت كلها مما يخرج من الاصل وجب اخراجها من الاصل و ان زادت علي الثلث (3) و ان كانت كلها واجبات لا تخرج من الاصل كالواجبات البدنية و الكفارات و النذور اخرجت من الثلث (4) فان زادت علي الثلث و اجاز الورثة اخرجت جميعها (5) و ان لم يجز الورثة ورد النقص علي الجميع بالنسبة (6) سواء أ كانت مرتبة بأن ذكرت في كلام الموصي

______________________________

وصية اخري فالحق ما افاده في المتن.

(1) فانه بعد فرض صحة الثانية و بطلان الاولي تكون النتيجة كما ذكر و قس عليه الفرع الثاني.

(2) اذ المفروض ان الوصية بطلت بالنسبة الي نصف الثلث فالنتيجة تعدد الموصي له فلكل منهما نصف الثلث و قس عليه الفرع التالي فلاحظ.

(3) كما مر فانه يجب اخراجها من الأصل و ان زاد علي الثلث كما في المتن.

(4) لنفوذ الوصية فيه فقط.

(5) لنفوذ الزائد مع اجازة الوارث كما مر.

(6) لعدم جواز الترجيح بلا مرجح.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 373

واحدة بعد اخري كما اذا قال: اعطوا عني صوم عشرين سنة و صلاة عشرين سنة أم كانت غير مرتبة بان ذكرت جملة واحدة كما اذا قال:

اقضوا عني عباداتي مدة عمري صلاتي و صومي (1) فاذا كانت تساوي قيمتها نصف التركة

فان اجاز الورثة

______________________________

(1) يمكن أن يقال: بأنه ما لم يرفع اليد عن السابقة لا تصل النوبة الي اللاحقة و قد مر قريبا نظير هذا الاشكال هذا بحسب القاعدة الاولية، و لكن يمكن أن يكون الماتن فيما افاده ناظرا الي النصوص الخاصة الواردة في المقام منها ما رواه معاوية بن عمار، قال: اوصت إلي امرأة من أهل بيتي بمالها «بثلث مالها خ ل» و امرت أن يعتق عنها و يحج و يتصدق، فلم يبلغ ذلك، فسألت أبا حنيفة فقال: يجعل ذلك اثلاثا ثلثا في الحج، و ثلثا في العتق، و ثلثا في الصدقة، فدخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقلت له: ان امرأة من اهلي «اهل بيتي خ ل» ماتت و اوصت إلي بثلث مالها، و أمرت أن يعتق عنها و يحج عنها و يتصدق، فنظرت فيه فلم يبلغ، فقال:

ابدء بالحج فانه فريضة من فرائض اللّه عز و جل، و اجعل ما بقي طائفة في العتق، و طائفة في الصدقة، فأخبرت أبا حنيفة بقول أبي عبد اللّه عليه السلام فرجع عن قوله و قال بقول أبي عبد اللّه عليه السلام «1».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: في امرأة أوصت بمال في عتق و حج و صدقة فلم يبلغ؟ قال: ابدء بالحج فانه مفروض فان بقي شي ء فاجعل في الصدقة طائفة و في العتق طائفة 2.

و منها: ما رواه أيضا قال: ماتت اخت مفضل بن غياث و أوصت بشي ء من مالها الثلث في سبيل اللّه، و الثلث في المساكين، و الثلث في الحج، فاذا هو

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 65 من احكام الوصايا الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين،

ج 9، ص: 374

______________________________

لا يبلغ ما قالت «الي أن قال» و لم تكن حجت المرأة فسألت ابا عبد اللّه عليه السلام فقال لي: ابدء بالحج، فانه فريضة من فرائض اللّه عليها، و ما بقي اجعله بعضا في ذا و بعضا في ذا الحديث «1».

و منها: ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة أوصت بمال في الصدقة و الحج و العتق، فقال: ابدء بالحج فانه مفروض فان بقي شي ء فاجعل في العتق طائفة، و في الصدقة طائفة «2».

و منها: ما رواه أيضا قال: ان امرأة هلكت و أوصت بثلثها يتصدق به عنها و يحج عنها و يعتق عنها، فلم يسع المال ذلك (الي أن قال) فسألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذلك فقال: ابدء بالحج: فان الحج فريضة، فما بقي فضعه في النوافل 3.

و منها: ما رواه محمد بن عبد الجبار، قال: كتبت الي العسكري عليه السلام امرأة أوصت الي رجل و اقرت له بدين ثمانية آلاف درهم، و كذلك ما كان لها من متاع البيت من صوف و شعر و شبه و صفر و نحاس و كل ما لها اقرت به للموصي اليه، و اشهدت علي وصيتها، و أوصت أن يحج عنها من هذه التركة حجتان، و تعطي مولاة لها أربعمائة درهم، و ماتت المرأة و تركت زوجا، فلم ندر كيف الخروج من هذا و اشتبه علينا الامر، و ذكر كاتب ان المرأة استشارته فسألته ان يكتب لهم ما يصح لهذا الوصي، فقال: لها لا تصح تركتك «لهذا الوصي خ ل» الا باقرارك له بدين يحيط بتركتك بشهادة الشهود، و تأمريه بعد أن ينفذ ما توصيه به، و كتبت له

بالوصية علي هذا و اقرت للوصي بهذا الدين، فرأيك ادام اللّه عزك في مسألة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 30 من أبواب وجوب الحج و شرائطه الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 375

نفذت في الجميع (1) و ان لم يجز الورثة ينقص من وصية الصلاة الثلث و من وصية الصوم الثلث (2) و كذا الحكم اذا كانت كلها تبرعية غير واجبة فانها ان زادت علي الثلث و اجاز الورثة وجب اخراج الجميع (3).

______________________________

الفقهاء قبلك عن هذا و تعريفنا ذلك لنعمل به ان شاء اللّه، فكتب بخطه: ان كان الدين صحيحا معروفا مفهوما فيخرج الدين من رأس المال ان شاء اللّه، و ان لم يكن الدين حقا انفذ لها ما أوصت به من ثلثها كفي أو لم يكف «1».

و منها: ما رواه الحسين بن مالك قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام:

اعلم سيدي ان ابن اخ لي توفي و اوصي لسيدي بضيعة، و أوصي ان يدفع كل ما في داره حتي الاوتاد تباع و يحمل الثمن الي سيدي، و أوصي بحج و أوصي للفقراء من اهل بيته و اوصي لعمته و اخيه بمال، فنظرت فاذا ما أوصي به اكثر من الثلث، و لعله يقارب النصف، مما ترك، و خلف ابنا لثلاث سنين، و ترك دينا، فرأي سيدي؟

فوقع عليه السلام: يقتصر من وصيته علي الثلث من ماله، و يقسم ذلك بين من أوصي له علي قدر سهامهم ان شاء اللّه «2».

و في قبال هذه الطائفة رواية عن أبي جعفر عليه السلام «3» يستفاد منها ان المقدم في الذكر يقدم و هذه الرواية ضعيفة بأبي جميلة.

(1) اذ باجازة الوارث تصح الوصية في

الزائد علي الثلث.

(2) فاذا فرض مجموع التركة اثني عشر دينارا يكون نصفه ستة دنانير و بعد نقصان الثلث من كل منهما يبقي ثلث التركة اي اربعة دنانير.

(3) كما هو ظاهر بعد اجازة الوارث.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من احكام الوصايا الحديث: 10

(2) الوسائل الباب 11 من احكام الوصايا الحديث: 14

(3) لاحظ ص: 359

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 376

و ان لم يجز الورثة ورد النقص علي الجميع بالنسبة (1) و اذا كانت الوصايا المتعددة مختلفة بعضها واجب يخرج من الاصل و بعضها واجب لا يخرج من الاصل كما اذا قال: اعطوا عني ستين دينارا عشرين دينارا زكاة و عشرين دينارا صلاة و عشرين دينارا صوما فان وسعها الثلث اخرج الجميع (2) و كذلك ان لم يسعها و اجاز الورثة (3) اما اذا لم يسعها و لم يجز الورثة فيقسم الثلث علي الجميع (4) و ما يجب اخراجه من أصل التركة يلزم تتميمه منها فاذا كان الميت قد ترك مائة دينار يخرج من اصل تركته عشرة دنانير للزكاة ثم يخرج ثلثه ثلاثون دينارا فيوزع علي الزكاة و الصلاة و الصوم (5) و كذا الحال فيما اذا تعددت الوصايا و كان بعضها واجبا يخرج من الاصل و بعضها تبرعية (6) نعم اذا لم يمكن التتميم من التركة تعين التتميم من الثلث في كلتا الصورتين (7) و اما اذا تعددت الوصايا و كان بعضها واجبا لا يخرج من الاصل

______________________________

(1) كما هو مقتضي عدم الترجيح.

(2) كما هو ظاهر لعدم منافاة بينها.

(3) كما هو ظاهر اذ مع اجازة الوارث يجب.

(4) لعدم الترجيح في البعض علي الاخر.

(5) لخروج الدين من الاصل كما مر.

(6) لوحدة الملاك و عدم الفرق، فلاحظ.

(7) اذ الدين مقدم علي

الوصية، لاحظ ما رواه محمد بن قيس «1».

______________________________

(1) لاحظ ص: 333

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 377

و بعضها تبرعية و لم يف الثلث بالجميع و لم يجزها الورثة ففي تقديم الواجب علي غيره اشكال و كلام و الاظهر هو التقديم (1).

[مسألة 17: المراد من الوصية التبرعية الوصية بما لا يكون واجبا عليه في حياته]

(مسألة 17): المراد من الوصية التبرعية الوصية بما لا يكون واجبا عليه في حياته سواء أ كانت تمليكية كما اذا قال: فرسي أزيد بعد وفاتي أم عهدية كما اذا قال: تصدقوا بفرسي بعد وفاتي (2).

[مسألة 18: إذا أوصي بثلثه لزيد من دون تعيينه في عين شخصية يكون الموصي له شريكا مع الورثة فله الثلث و لهم الثلثان]

(مسألة 18): اذا أوصي بثلثه لزيد من دون تعيينه في عين شخصية يكون الموصي له شريكا مع الورثة فله الثلث و لهم الثلثان فان تلف من التركة شي ء كان التلف علي الجميع و ان حصل لتركته نماء كان النماء مشتركا بين الجميع (3) و كذا اذا اوصي بصرف ثلثه في مصلحته من طاعات و قربات يكون الثلث باقيا علي ملكه فان تلف من التركة شي ء كان التلف موزعا عليه و علي بقية الورثة و ان حصل النماء كان له منه الثلث و اذا عين ثلثه في عين معينة تعين كما عرفت

______________________________

(1) لاحظ ما رواه معاوية بن عمار «1» فان المستفاد من هذه الرواية انه لو وقعت الوصية علي المفروض و غير المفروض يقدم المفروض عند التزاحم، و بعبارة اخري عموم العلة يقتضي ما ذكر.

(2) الامر كما أفاده فان التبرع مقابل ما يجب عليه.

(3) ما أفاده في هذا الفرع تام و علي طبق القواعد الاولية و لا يحتاج الي بحث و بعبارة اخري: الوصية التمليكية تقتضي انتقال مورد الوصية الي الموصي له فيترتب عليه احكام الملك.

______________________________

(1) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 378

فاذا حصل منها نماء كان النماء له وحده و ان تلف بعضها أو تمامها اختص به التلف و لم يشاركه فيه بقية الورثة (1).

[مسألة 19: إذا أوصي بثلثه مشاعا ثم أوصي بشي ء آخر معينا]

(مسألة 19): اذا اوصي بثلثه مشاعا ثم اوصي بشي ء آخر معينا كما اذا قال: انفقوا علي ثلثي و اعطوا فرسي لزيد وجب اخراج ثلثه من غير الفرس و تصح وصيته بثلث الفرس لزيد و أما وصيته بالثلثين الاخرين من الفرس لزيد فصحتها لزيد موقوفة علي اجازة الورثة فان لم يجيزوا بطلت كما تقدم و اذا كان الاخر غير معين

كما اذا قال انفقوا علي ثلثي و اعطوا زيدا مائة دينار توقفت الوصية بالمائة علي اجازة الورثة فان اجازوها في الكل صحت في تمامها و ان اجازوها في البعض صحت في بعضها و ان لم يجيزوا منها شيئا بطلت في جميعها و نحوه اذا قال: اعطوا ثلثي لزيد و اعطوا ثلثا آخر من مالي لعمرو فانه تصح وصيته لزيد و لا تصح وصيته لعمرو الا باجازة الورثة اما اذا قال:

اعطوا ثلثي لزيد ثم قال: اعطوا ثلثي لعمرو كانت الثانية ناسخة للأولي كما عرفت و المدار علي ما يفهم من الكلام (2).

______________________________

(1) اذ في هذه الصورة لا ينتقل الثلث الي احد فيكون باقيا علي ملك الميت و علي الجملة ما أفاده تام فلا وجه لإطالة الكلام.

(2) اذ المفروض انه تعلقت الوصية بثلث جميع ما تركه بنحو الاشاعة و يترتب عليه نفوذ وصيته في الفرس بمقدار ثلثه و أما الزائد عليه فيحتاج الي اجازة الورثة و ان شئت قلت: ان الوصية الأولي تعلقت بالثلث و الوصية الثانية تعلقت بما زاد عليه فيحتاج الي الاجازة و مع صحة الاولي لا يمكن تصحيح الثانية الا مع رفع

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 379

[مسألة 20: لا تصح الوصية في المعصية]

(مسألة 20): لا تصح الوصية في المعصية فاذا أوصي بصرف مال في معونة الظالم أو في ترويج الباطل كتعمير الكنائس و البيع و نشر كتب الضلال بطلت الوصية (1).

[مسألة 21: إذا كان ما اوصي به جائزا عند الموصي باجتهاده أو تقليده و ليس بجائز عند الوصي كذلك]

(مسألة 21): اذا كان ما اوصي به جائزا عند الموصي باجتهاده أو تقليده و ليس بجائز عند الوصي كذلك لم يجز للوصي تنفيذ الوصية و اذا كان الامر بالعكس وجب علي الوصي العمل (2).

[مسألة 22: إذا أوصي بحرمان بعض الورثة من الميراث فلم يجز ذلك البعض لم يصح]

(مسألة 22): اذا أوصي بحرمان بعض الورثة من الميراث فلم يجز ذلك البعض لم يصح نعم اذا لم يكن قد اوصي بالثلث و اوصي بذلك وجب العمل بالوصية بالنسبة الي الثلث لغيره فاذا كان له ولدان و كانت التركة ستة فأوصي بحرمان ولده زيد من الميراث

______________________________

اليد عن الأولي و لو في الجملة.

و قد مر ان الوصية الثانية المضادة للأولي ناسخة للأولي فكيف الجمع بين ما افاده في المقام و ما افاده فيما تقدم؟ و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان الوصية الثانية نافذة في جميع الفرس و ناسخة للأولي بهذا المقدار و اللّه العالم.

(1) فان النهي عن شرب الخمر مثلا ينافي امضاء الوصية بصرف المال فيه و هكذا، نعم لو فرض وجود منفعة محللة للخمر مثلا لا مانع من الوصية به بلحاظ تلك المنفعة كالطلي.

(2) اذ المفروض ان الوصي يري العمل الفلاني حراما فيري كون الوصية به باطلا و مع البطلان لا موضوع للقيام بالعمل علي طبقها و أما في صورة العكس يري صحة الوصية فيجب القيام بها لعدم جواز التبديل فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 380

اعطي زيد اثنين و اعطي الاخر اربعة و اذا أوصي بسدس ماله لأخيه و أوصي بحرمان ولده زيد من الميراث اعطي اخوه السدس و اعطي زيد الثلث و اعطي ولده الاخر النصف (1).

[مسألة 23: إذا أوصي بمال زيد بعد وفاة نفسه لم يصح]

(مسألة 23): اذا اوصي بمال زيد بعد وفاة نفسه لم يصح و ان اجاز زيد (2) و اذا أوصي بمال زيد بعد وفاة زيد فأجاز زيد صح (3).

______________________________

(1) الظاهر ان ما افاده تام و علي طبق القاعدة و لا يحتاج الي تطويل في البحث فلاحظ.

(2) فانه خارج عن الوصية و لا مقتضي لصحة هذا الانشاء، و

بعبارة اخري الوصية بالمال مع حياة المالك لا تصح اذ متعلق الوصية و موضوعها ما بعد الموت فلا مجال للصحة مع حياة المالك.

(3) علي ما هو المقرر عندهم من صحة الفضولي بالاجازة و قد ذكرنا في بحث المعاملات عدم تمامية الفضولي علي القاعدة.

نعم انما نلتزم بصحته مع الاجازة فيما يقوم دليل خاص علي صحته، و الحق صحة الفضولي مع الاجازة بلحاظ النص الخاص، لاحظ حديث زرارة «1» و لا يخفي: ان البطلان الذي ندعيه يتوقف علي كون الاجازة انفاذا لعمل الفضولي و أما لو كان الاجازة مصداقا للإنشاء كما لو كتب زيد وصية من قبل غيره و ذلك الغير بعد الاطلاع علي ذلك الكتاب انشأ الوصية بالنحو المزبور جازت الوصية لصدق العنوان و دخوله تحت دليل النفوذ.

و بعبارة اخري: تارة تكون الاجازة وصية ابتدائية و يصدق بالاجازة عنوان الوصية فلا اشكال في الصحة و أما نفوذها بالاجازة فيتوجه عليه ما ذكرناه في ذلك البحث، و الحق كما تقدم الصحة مع الاجازة بالنص الخاص.

______________________________

(1) لاحظ ص: 346

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 381

[مسألة 24: قد عرفت أنه إذا أوصي بعين من تركته لزيد ثم أوصي بها لعمرو كانت الثانية ناسخة]

(مسألة 24): قد عرفت انه اذا أوصي بعين من تركته لزيد ثم أوصي بها لعمرو كانت الثانية ناسخة و وجب دفع العين لعمرو فاذا اشتبه المتقدم و المتأخر تعين الرجوع الي القرعة في تعيينه (1).

[مسألة 25: إذا دفع إنسان إلي آخر مالا و قال له إذا مت فانفقه عني و لم يعلم أنه أكثر من الثلث أو أقل او مساو له]

(مسألة 25): اذا دفع انسان الي آخر مالا و قال له اذا مت فانفقه عني و لم يعلم انه اكثر من الثلث او أقلّ او مساو له او علم انه اكثر و احتمل انه مأذون من الورثة في هذه الوصية او علم انه غير مأذون من الورثة لكن احتمل انه كان له ملزم شرعي يقتضي اخراجه من الاصل فهل يجب علي الوصي العمل بالوصية حتي يثبت بطلانها فيه اشكال و لا سيما في الفرضين الاخيرين (2).

[مسألة 26: إذا أوصي بشي ء لزيد و تردد بين الأقل و الأكثر]

(مسألة 26): اذا اوصي بشي ء لزيد و تردد بين الاقل و الاكثر

______________________________

(1) لأنها لكل أمر مشكل.

(2) الذي يختلج بالبال أن يفصل بين الصورة الأولي و الصورتين الأخيرتين بأن تلتزم بالصحة في الأولي و بعدمها فيهما، و تقريب المدعي ان الوصية بالثلث جائز بلا اشكال و مع الشك في الزيادة يحرز موضوع النفوذ باستصحاب عدم كونه زائدا و لا مجال لاستصحاب عدم كونه غير زائد لعدم ترتب اثر عليه الا علي النحو المثبت الذي لا نقول به و اما مع احراز الزيادة فمقتضي قانون الارث انتقال ما تركه الميت الي الورثة كما ان مقتضي الاصل عدم الاذن و عدم الزام شرعي و حمل فعل المسلم علي الصحة لا يقتضي ترتيب الاثر عليه.

و بعبارة اخري: لا يستفاد من دليله الا عدم اتهامه و حسن الظن به لا أزيد من هذا المقدار، و أما حمل فعل الغير علي الصحة بمعني جعل عمله مؤثرا فهو يتوقف

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 382

اقتصر علي الاقل (1) و اذا تردد بين المتباينين عين بالقرعة (2).

[فصل في الموصي له]

اشارة

فصل في الموصي له

[مسألة 1: الأظهر صحة الوصية العهدية للمعدوم إذا كان متوقع الوجود في المستقبل]

(مسألة 1): الاظهر صحة الوصية العهدية للمعدوم اذا كان متوقع الوجود في المستقبل مثل أن يوصي باعطاء شي ء لأولاد ولده الذين لم يولدوا حال الوصية و لا حين موت الموصي (3) فيبقي المال الموصي به في ملك الموصي (4) فان ولدوا بعد ذلك اعطي لهم و إلا صرف في الاقرب فالاقرب الي نظر الموصي (5) و أما الوصية التمليكية فهي

______________________________

علي احراز كونه مالكا للعمل الفلاني، و أما مع الشك في كونه مالكا فلا دليل علي جريان اصالة الصحة.

اللهم الا أن يقال: ان عمل ذي اليد و قوله حجة بالنسبة الي ما في يده و المقام من صغريات تلك الكبري، و علي الجملة المسألة لا تكون واضحة و لو قيل باعتبار كلام القائل بتقريب كونه ذا اليد لا يكون جزافا، و اللّه العالم بحقائق الامور.

(1) لعدم دليل علي الازيد و مقتضي الاصل عدمه.

(2) لأنها لكل أمر مشتبه.

(3) لإطلاق دليل الوصية.

(4) كما هو مقتضي القاعدة اذ الوصية مانعة من الانتقال الي الوارث و حيث لا موجب لخروجه عن ملك الميت يبقي في ملكه الي ذلك الزمان.

(5) الحق ان اثباته مشكل فان الوصية من الامور الانشائية و مع عدم تعلق الانشاء بالاقرب فالاقرب لا مقتضي له كما هو ظاهر.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 383

لا تصح للمعدوم الي زمان موت الموصي (1) و او أوصي لحمل فان ولد حيا ملك الموصي به (2).

______________________________

(1) اذ الموصي به ينتقل من ملك الموصي حين وفاته فكيف يمكن صيرورته ملكا للموصي له مع فرض كونه معدوما و المعدوم غير قابل للملكية و لقائل أن يقول:

اي مانع من أن يبقي الموصي به في ملك الموصي حتي بعد وفاته و ينتقل

الي ملك الموصي له بعد وجوده.

لكن يظهر من الجواهر «1» ان الادلة قاصرة للشمول و علي فرض شمولها لا بد من رفع اليد عنها بالإجماع المنقول و المحصل و لا يبعد أن ما أفاده تام اذ ليس في الأدلة ما يدل علي الجواز و لو مع عدم وجود الموصي له لاحظ قوله تعالي: «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوٰالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ» «2» فان الظاهر منه فرض الوجود للموصي له و قس علي الاية الشريفة النصوص الواردة في الموارد المختلفة.

و لكن الانصاف ان منع الاطلاق في جميع النصوص مشكل فان جملة منها مطلقة من هذه الجهة لاحظ احاديث الواردة في الباب 11 من احكام الوصايا «3» و قد مر بعض النصوص لاحظ احاديث احمد و عمار و عليه لا بد من اتمام الامر بالإجماع و التسالم، و اللّه العالم.

(2) قال في الحدائق «4»: «الظاهر انه لا خلاف في أنه تصح الوصية للحمل الموجود حين الوصية و ان لم تحله الحياة لكن يكون ذلك مراعي بوضعه حيا فتصح بمجرد وجوده و ان كان استقرارها مشروطا بوضعه حيا فلو وضعه ميتا بطلت

______________________________

(1) ج 28 ص: 363 و 364

(2) البقرة/ 181

(3) لاحظ ص: 360

(4) ج 22 ص: 551

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 384

و الا بطلت الوصية و رجع المال الي ورثة الموصي (1) و تصح الوصية للذمي (2).

______________________________

الوصية و ان كان حال الوصية حيا في بطن امه كما انها تصح بوضعه حيا و ان لم يكن حال الوصية حيا و لم تلجه الروح و معني استقرارها تحقق صحتها من حين موت الموصي، و مع وضعه ميتا يتبين البطلان من ذلك الوقت، و حينئذ

فالنماء المتخلل بين الولادة و موت الموصي يتبع العين و لم اقف في هذا المقام علي نص غير ان ظاهر الاصحاب الاتفاق علي ما ذكرنا، فانه لم ينقل هنا خلاف في شي ء من هذه الاحكام» انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في الفردوس مقامه و هذا التفصيل ان تم بالإجماع و التسالم فهو و الا فللمناقشة فيما ذكر مجال.

(1) قد علل هذا الحكم تارة بأنه لو لم يولد حيا لا يكون قابلا للمالكية لعدم ترتب اثر علي مالكيته و اخري بقياسه بباب الارث من التفصيل بين تولده حيا و عدمه.

و يمكن أن يرد علي التقريب الاول اولا بالنقض بما لو ولد حيا و مات في ساعته و ثانيا بالحل بأن أثر ملكيته انتقال ملكه الي وارثه نظير ما قيل في الوقف بأن الموقوف له اذا ملك و سقط ميتا بعد ولوج الروح فيه يكون ملكه ارثا لوارثه و علي التقريب الثاني ببطلان القياس في المذهب فعليه ان تم اجماع تعبدي و الا فلا مانع حسب الأدلة، فلاحظ.

(2) الذي يظهر من بعض كلمات الاصحاب ان عمدة الأقوال في الذمي ثلاثة:

قول بالجواز علي الاطلاق و قول بعدمه كذلك و قول بالتفصيل بين كونه رحما فيجوز و كونه اجنبيا فلا يجوز و قد ذكرت في وجه الجواز امور:

الاول: انه مضافا الي عدم الخلاف المدعي في المقام قوله تعالي لا ينهاكم اللّه عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 385

______________________________

اليهم «1» الاية بتقريب ان المستفاد من الاية الكريمة انه لا بأس بالبر بالنسبة الي الذمي.

الثاني: ما دل من النصوص علي الترغيب بالبر و الاحسان بالنسبة الي كل

احد منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اصنع المعروف الي من هو اهله، و الي من ليس من اهله، فان لم يكن هو اهله فكن أنت من اهله 2.

و منها: ما رواه معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اصنعوا المعروف الي كل احد فان كان اهله، و الا فانت اهله 3.

و منها: ما رواه علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن موسي عليه السلام قال اخذ أبي بيدي ثم قال: يا بني ان أبي محمد بن علي عليهما السلام أخذ بيدي كما اخذت بيدك و قال: ان أبي علي بن الحسين عليهما السلام أخذ بيدي و قال: يا بني افعل الخير الي كل من طلبه منك فان كان من اهله فقد اصبت موضعه، و ان لم يكن من اهله كنت انت من اهله، و ان شتمك رجل عن يمينك ثم تحول الي يسارك فاعتذر إليك فاقبل عذره 4.

الثالث: ما دل من النصوص علي التصدق علي كل احد لاحظ ما رواه، اسحاق بن عمار، عن جعفر عن أبيه ان عليا عليه السلام كان يقول: لا يذبح نسككم الا اهل ملتكم، و لا تصدقوا بشي ء من نسككم الا علي المسلمين، و تصدقوا بما سوا غير الزكاة علي اهل الذمة 5.

______________________________

(1) الممتحنة/ 8

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 3 من ابواب فعل المعروف الحديث: 1 و 2

(3) (4) نفس المصدر الحديث: 3

(4) (5) الوسائل الباب 19 من ابواب الصدقة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 386

______________________________

الرابع: اطلاقات ادلة الوصية من الكتاب و السنة الخامس ما دل من النصوص الواردة في المقام، منها: ما رواه محمد بن مسلم

قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل أوصي بماله في سبيل اللّه، قال: اعطه لمن أوصي له به و ان كان يهوديا او نصرانيا ان اللّه عز و جل يقول: فمن بدله بعد ما سمعه فانما إثمه علي الذين يبدلونه «1».

و منها: ما رواه الريان بن شبيب «الصلت» قال: اوصت ماردة «مارد خ ل مارية خ ل» لقوم نصاري فراشين بوصية فقال اصحابنا: اقسم هذا في فقراء المؤمنين من اصحابك، فسألت الرضا عليه السلام فقلت: ان اختي اوصت بوصية لقوم نصاري، و اردت ان اصرف ذلك الي قوم من اصحابنا مسلمين، فقال: امض الوصية علي ما أوصت به، قال اللّه تعالي: فانما اثمه علي الذين يبدلونه «2».

و منها: ما رواه أبو خديجة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يرث الكافر المسلم و للمسلم أن يرث الكافر الا أن يكون المسلم قد أوصي للكافر بشي ء 3

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أوصي بماله في سبيل اللّه، قال: اعطه لمن اوصي له، و ان كان يهوديا أو نصرانيا ان اللّه يقول: «فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ فَإِنَّمٰا إِثْمُهُ عَلَي الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ» 4.

و منها: ما رواه الحسين بن سعيد في حديث آخر عن الصادق عليه السلام قال:

قال عليه السلام: لو ان رجلا اوصي إلي ان اضع في يهودي أو نصراني لوضعت فيهم ان اللّه يقول: «فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ فَإِنَّمٰا إِثْمُهُ عَلَي الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ» 5.

و استدل لعدم الجواز بقوله تعالي «لٰا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوٰادُّونَ

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من أحكام الوصايا الحديث: 1

(2) (2 و 3 و 4 و 5)

الوسائل الباب 35 من أحكام الوصايا الحديث: 1 و 4 و 5 و 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 387

______________________________

مَنْ حَادَّ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كٰانُوا آبٰاءَهُمْ أَوْ أَبْنٰاءَهُمْ أَوْ إِخْوٰانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمٰانَ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَ يُدْخِلُهُمْ جَنّٰاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهٰارُ خٰالِدِينَ فِيهٰا رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ أُولٰئِكَ حِزْبُ اللّٰهِ أَلٰا إِنَّ حِزْبَ اللّٰهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» «1»

بتقريب ان المستفاد من الاية الكريمة حرمة الموادة معهم حتي لو كانوا ارحاما فتكون الاية دليلا علي الحرمة بلا فرق بين الاجنبي و الرحم، و الوصية لهم نوع من المودة فلا يجوز.

و يرد عليه اولا- انه كما قيل-: ان النهي عن الموادة معهم من حيث كونهم يحادون اللّه و الا يلزم حرمة سقي الكافر و هو كما تري و ثانيا: علي فرض التنزل لا بد من تقييد الاية الشريفة بالآية المتقدمة.

و ثالثا: لا بد من رفع اليد عن الاية و اطلاقها بالنصوص الدالة علي الجواز الواردة في خصوص الكافر كما مرت.

و رابعا: لا تنافي بين حرمة الوصية تكليفا و نفوذها وضعا كالبيع وقت النداء حيث انه حرام مع انه لا اشكال في صحته، فلاحظ.

مضافا الي جميع ذلك انه قد دل الكتاب و السنة علي رجحان البر و الاحسان بالنسبة الي الأرحام بل يدلان علي وجوبهما في الجملة سيما بالنسبة الي الوالدين و قد ذكرنا في بحث صلة الارحام ان مقتضي اطلاق الادلة عدم الفرق بين كون الرحم مسلما و كونه كافرا لاحظ ما رواه صفوان بن الجهم بن حميد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: تكون لي القرابة علي غير امري، ألهم علي حق؟ قال: نعم حق الرحم

لا يقطعه شي ء و اذا كانوا علي أمرك كان لهم حقان: حق الرحم و حق الإسلام «2»

______________________________

(1) المجادلة/ 22

(2) الاصول من الكافي ج 2 كتاب الايمان و الكفر الحديث: 30 ص- 157

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 388

و للحربي (1) و لمملوكه و أم ولده و مدبره و مكاتبه (2).

______________________________

فان المستفاد من هذه الرواية ان الرحم يوصل و ان لم يكن مسلما.

(1) ربما يستدل علي عدم الجواز بامور: الاول الاجماع و فيه ان المنقول:

منه لا يكون حجة و المحصل منه علي فرض تحققه محتمل المدرك فلا اعتبار به.

الثاني ان الحربي غير قابل لكونه مالكا فلا مجال للوصية له و فيه اولا ان هذا التقريب علي فرض تماميته لا يكون دليلا بالنسبة الي الوصية العهدية و ثانيا:

ان المدعي المذكور باطل فان الحربي يملك غاية الامر انه لا احترام لماله و كم فرق بين الامرين؟.

الثالث: ان الوصية له محرمة بمقتضي الاية المتقدمة من سورة المجادلة.

و يرد عليه جميع ما قلناه آنفا و من جملة ما ذكرناه ان الحرمة التكليفية لا تستلزم الفساد الوضعي.

و لا يخفي: ان مقتضي الاطلاق عدم الفرق في اليهود و النصاري بين الذمي و الحربي منهما فان النصوص الدالة علي جواز الوصية لليهود و النصاري تشمل باطلاقها كلا الفريقين من كلتا الطائفتين: فالحق ما أفاده في المتن.

(2) ادعي علي جميع ما ذكر الاجماع- كما في الجواهر-، و يمكن أن يستدل علي المدعي بما رواه محمد بن الحسن الصفار انه كتب الي أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام: رجل أوصي بثلث ماله في مواليه و مولياته الذكر و الاثني فيه سواء أو للذكر مثل حظ الأنثيين من الوصية؟ فوقع عليه السلام: جائز للميت ما اوصي

به علي ما اوصي ان شاء اللّه «1».

و يمكن الاستدلال أيضا بما رواه محمد بن علي بن محبوب، قال: كتب رجل الي الفقيه عليه السلام: رجل أوصي لمواليه و موالي ابيه بثلث ماله فلم يبلغ ذلك

______________________________

(1) الوسائل الباب 63 من احكام الوصايا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 389

و لا تصح لمملوك غيره قنا كان او غيره (1) و ان اجاز مولاه (2) الا اذا كان مكاتبا مطلقا و قد ادي بعض مال الكتابة فيصح من الوصية له قدر ما تحرر منه (3).

[مسألة 2: إذا كان ما أوصي به لمملوكه بقدر قيمته أعتق و لا شي ء له]

(مسألة 2): اذا كان ما أوصي به لمملوكه بقدر قيمته اعتق و لا شي ء له و اذا كان اكثر من قيمته اعتق و اعطي الزائد و ان كان أقلّ منها

______________________________

قال: المال لمواليه و سقط موالي ابيه «1».

(1) يمكن الاستدلال عليه مضافا الي الاجماع المدعي في المقام في الجملة بما رواه عبد الرحمن بن الحجاج، عن احدهما عليهما السلام انه قال: لا وصية للمملوك «2».

(2) للإطلاق.

(3) لما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضي امير المؤمنين عليه السلام في مكاتب كانت تحته امرأة حرة فأوصت له عند موتها بوصية، فقال اهل الميراث: لا يجوز وصيتها لأنه مكاتب لم يعتق، فقضي انه يرث بحساب ما اعتق منه، و يجوز له من الوصية بحساب ما اعتق منه، قال: و قضي عليه السلام في مكاتب اوصي له بوصية و قد قضي نصف ما عليه فاجاز له نصف الوصية، و قضي في مكاتب قضي ربع ما عليه فاوصي له بوصية فاجاز له ربع الوصية، و قال في رجل أوصي لمكاتبته و قد قضت سدس ما كان عليها فاجاز لها بحساب ما اعتق منها «3».

______________________________

(1) الوسائل

الباب 69 من أحكام الوصايا الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 79 من أحكام الوصايا الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 80 من أحكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 390

اعتق و استسعي في الزائد (1) سواء أ كان ما اوصي له بقدر نصف قيمته أم اكثر أم أقلّ (2).

[مسألة 3: إذا أوصي لجماعة ذكورا أو أناثا أو ذكورا و أناثا بمال اشتركوا فيه علي السوية]

(مسألة 3): اذا اوصي لجماعة ذكورا أو اناثا أو ذكورا و اناثا بمال اشتركوا فيه علي السوية و كذا اذا اوصي لا بنائه و بناته اولا عمامه و عماته او اخواله و خالاته او اعمامه و اخواله فان الحكم في الجميع التسوية الا أن تقوم القرينة علي التفصيل مثل أن يقول علي كتاب اللّه او نحو ذلك فيعطي للذكر مثل حظ الأنثيين (3).

______________________________

(1) لحديث حسن بن صالح، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أوصي لمملوك له بثلث ماله، قال: فقال: يقوم المملوك بقيمة عادلة، قال عليه السلام ثم ينظر ما ثلث الميت، فان كان الثلث أقلّ من قيمة العبد بقدر ربع القيمة استسعي العبد في ربع القيمة، و ان كان الثلث اكثر من قيمة العبد اعتق العبد و دفع اليه ما فضل من الثلث بعد القيمة «القسمة خ ل» «1».

فان المستفاد من هذا الحديث ينطبق علي ما أفاده في المتن، فلاحظ.

(2) ربما يقال: ان المستفاد من الحديث حكم خاص في مورد خاص و لكن يمكن أن يقال ان العرف يفهم من هذا الحديث عدم الفرق بين الموارد، فلاحظ

(3) فانه مقتضي القاعدة الاولية و الترجيح يحتاج الي دليل.

و بعبارة اخري: مقتضي نفوذ الوصية نفوذها بكل نحو تحققت و الاعتبار بمقام الاثبات الكاشف عن مقام الثبوت فما دام لم يقم دليل علي الترجيح و التفصيل يكون مقتضي الظاهر

التسوية لكن يستفاد من حديث سهل قال: كتبت اليه: رجل له ولد ذكور و إناث فاقر لهم بضيعة انها لولده و لم يذكر انها بينهم علي سهام

______________________________

(1) الوسائل الباب 79 من أحكام الوصايا الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 391

[فصل في الوصي]

اشارة

فصل في الوصي

[مسألة 1: يجوز للموصي ان يعين شخصا لتنفيذ وصاياه و يقال له الوصي]

(مسألة 1): يجوز للموصي ان يعين شخصا لتنفيذ وصاياه و يقال له الوصي (1) و يشترط فيه امور (الاول): البلوغ علي المشهور فلا تصح الوصاية الي الصبي منفردا اذا اراد منه التصرف في حال صباه مستقلا و لكنه لا يخلو عن اشكال (2).

______________________________

اللّه و فرائضه الذكر و الاثني فيه سواء؟ فوقع عليه السلام: ينفذون فيها وصية ابيهم علي ما سمي، فان لم يكن سمي شيئا ردوها الي كتاب اللّه و سنة نبيه صلي اللّه عليه و آله «1»، التفصيل بين ان يعين الموصي و يسمي و ان يطلق كلامه فانه يجب في الصورة الثانية التقسيم علي ما فرض اللّه، لكن الحديث ضعيف بسهل.

و في المقام رواية رواها زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام في رجل أوصي بثلث ماله في اعمامه و اخواله فقال: لأعمامه الثلثان و لأخواله الثلث «2»، تدل علي أنه لو اوصي احد بثلث ماله لأعمامه و اخواله يكون لأعمامه الثلثان و لأخواله الثلث، و الرواية لا بأس بسندها فيشكل ما أفاده في المتن علي نحو الاطلاق و اعراض المشهور عن الرواية لا يقتضي ضعفها كما هو مسلك سيدنا الاستاد فلاحظ.

(1) هذا من الواضحات التي ليست قابلة للتشكيك فيها و يستفاد مشروعية المدعي من نصوص كثيرة: منها ما رواه معاوية بن عمار «3».

(2) ربما يستدل علي المدعي بقوله تعالي «فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ

______________________________

(1) الوسائل الباب 64 من احكام الوصايا الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 62 من احكام الوصايا

(3) لاحظ ص: 373

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 392

______________________________

أَمْوٰالَهُمْ» «1» فان المستفاد من الاية الكريمة ان مجرد الرشد لا يكفي في جواز التصرف بل يشترط فيه مضافا الي الرشد البلوغ و بدونه

لا يتم الأمر و يترتب عليه عدم نفوذ تصرفات غير البالغ.

ان قلت: هذه الاية تدل علي عدم جواز تصرفات غير البالغ في ملكه و المقام لا يرتبط بذلك الباب قلت: لا يبعد ان العرف يفهم قصور غير البالغ عن التصرف فلا فرق بين الأبواب، فتأمل.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بطوائف من النصوص: الطائفة الأولي:

ما يدل علي عدم نفوذ امر الصبي «2» و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان «3».

و منها: ما رواه محمد بن علي بن الحسين قال: قال: أبو عبد اللّه عليه السلام اذا بلغت الجارية تسع سنين دفع اليها مالها، و جاز امرها في مالها، و اقيمت الحدود التامة لها و عليها «4».

و منها: ما رواه ابو الحسين الخادم بباع اللؤلؤ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله أبي و انا حاضر عن اليتيم متي يجوز امره؟ قال: حتي يبلغ اشده.

قال: و ما أشده؟ قال: احتلامه، قال: قلت: قد يكون الغلام ابن ثمان عشرة سنة او أقلّ او اكثر و لم يحتلم، قال: اذا بلغ و كتب عليه الشي ء «و نبت عليه الشعر ظ» جاز عليه أمره الا أن يكون سفيها او ضعيفا 5.

بتقريب ان المستفاد من هذه النصوص انه لا يجوز و لا يمضي امر الصبي الا بأن يبلغ و اورد علي الاستدلال سيدنا الاستاد بأن الظاهر من هذه النصوص نفي

______________________________

(1) النساء/ 6

(2) لاحظ ص: 339

(3) لاحظ ص: 339

(4) (4 و 5) الوسائل الباب 2 من احكام الحجر الحديث: 3 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 393

نعم الاحوط أن يكون تصرفه باذن الولي أو الحاكم الشرعي (1) أما لو أراد أن يكون تصرفه بعد البلوغ (2) او مع اذن الولي

فالاظهر صحة

______________________________

استقلال الصبي بالأمر و أما مع اجازة وليه فلا تعرض في النصوص له.

لكن الانصاف: ان مقتضي الاطلاق عدم ترتب الاثر علي فعله و لو مع اجازة وليه، لكن العمدة في الاشكال عدم تمامية اسناد النصوص المشار اليها ظاهرا.

الطائفة الثانية: ما يدل علي رفع القلم عن الصبي حتي يحتلم و من تلك الطائفة ما رواه عمار الساباطي «1» بتقريب ان مقتضي رفع القلم عنه عدم ترتب اثر علي إنشائه فوجوده كالعدم.

و يرد عليه: ان رفع القلم لا يستلزم عدم اعتبار إنشائه فان الظاهر من هذه الجملة ان الصبي لا يلزم بشي ء و من الظاهر انه لو أجري صيغة البيع وكالة عن قبل المالك لا يتوجه الزام عليه الا أن يقال: انه لو صار وكيلا او وصيا و اوقع معاملة وكالة أو وصاية يلزم بترتيب الاثر.

الطائفة الثالثة: ما يدل علي ان عمده خطاء لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «2» فان مقتضي الحديث ان عمده في حكم خطائه من حيث عدم ترتب الاثر، و من الظاهر ان الانشاء الصادر عن الخطأ غير مؤثر و مما ذكرنا علم ما في كلام الماتن من الاشكال.

(1) قد تقدم ان اذن الولي أو الحاكم لا أثر له فلا يترتب علي إنشاء غير البالغ الاثر المرغوب فيه.

(2) فان المقتضي تام بلا مانع.

______________________________

(1) لاحظ ص: 339

(2) لاحظ ص: 339

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 394

الوصية (1) و تجوز الوصاية اليه منضما الي الكامل سواء أراد أن لا يتصرف الكامل الا بعد بلوغ الصبي أم اراد أن يتصرف متفردا قبل بلوغ الصبي (2) لكن في الصورة الاولي اذا كان عليه تصرفات فورية كوفاء دين و نحوه يتولي ذلك الحاكم الشرعي (3).

(الثاني): العقل فلا تصح

الوصية الي المجنون في حال جنونه (3).

______________________________

(1) قد ظهر مما ذكرناه ان اذن الولي لا أثر له.

(2) اذ لا مانع من الوصاية الي المتعدد و قد دلت عليه النصوص منها ما رواه محمد بن الحسن الصفار قال كتبت إلي أبي محمد عليه السلام: رجل كان أوصي الي رجلين أ يجوز لأحدهما ان يتفرد بنصف التركة و الاخر بالنصف؟ فوقع عليه السلام: لا ينبغي لهما ان يخالفا الميت و ان يعملا علي حسب ما امرهما إن شاء اللّه «1» فلا مانع من الانضمام غاية الامر يشترط نفوذ عمل الصبي ببلوغه، فلاحظ.

(3) فان الحاكم الشرعي له التصدي في مثل هذه الامور و حيث ان الوصاية قبل بلوغ الصبي لا أثر لها، و المفروض لزوم العمل فالحاكم يتصدي للأمر لكونه داخلا في الامور الحسبية التي امرها راجع الي الحاكم الشرعي.

(4) قال في الجواهر «2»: «لا يصح الايصاء الي المجنون مطبقا أو ادوارا لعدم صحة تصرفاته و عدم صلوحه للوكالة فضلا عن الوصاية التي هي اعظم منها» الخ.

و الذي يمكن أن يقال في المقام: ان المجنون تارة لا تميز له و لا قصد له فلا تصح الوصية اليه و كذلك اذا لم يكن رشيدا في معاملاته، و أما اذا كان قابلا للقصد و التميز و كان رشيدا في معاملاته فان تم اجماع تعبدي علي عدم صحة جعله وصيا

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من أحكام الوصايا الحديث: 1

(2) ج 28 ص: 392

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 395

سواء أ كان مطبقا أم ادواريا (1) و اذا أوصي اليه في حال العقل ثم جن بطلت الوصاية اليه و إذا افاق بعد ذلك عادت علي الاظهر (2) و أما اذا نص الموصي علي عودها

فلا اشكال (3).

(الثالث): الإسلام اذا كان الموصي مسلما علي المشهور و فيه

______________________________

فهو و الا فلقائل أن يقول: اي مانع لجعله وصيا كما انه لو قلنا بأنه لا يصح توكيله نلتزم بعدم صحة الايصاء اليه للأولوية كما مر في كلام صاحب الجواهر قدس سره.

و أيضا يمكن أن يقال: بأنه لو ثبت رفع القلم عن المجنون علي الاطلاق لا يكون توكيله و لا الايصاء اليه صحيحا اذ مع عدم الزامه بشي ء كيف يمكن الالتزام بصحة تصرفاته كما لو باع دار موكله مع عدم الزامه بالاقباض؟.

الا أن يقال: ان الضرورات تقدر بقدرها و لا تنافي بين صحة بيعه و عدم وجوب اقباضه لرفع القلم و الالزام عنه كما أن الجزم باشتراط الرشد محل الاشكال و الكلام.

(1) اذ المفروض كون الجنون مانعا فلا فرق بين قسميه.

(2) لا يخفي ان الاهمال محال في الواقع و عليه نقول: ان جعل الوصاية اذا كان شاملا لما بعد الافاقة فالمقتضي لتحقق الوصاية تام و لا مانع و لا مجال لأن يقال انه لا مقتضي للعود فالأظهر العود و أما مع عدم شمول الجعل لما بعد الافاقة فلا مقتضي للعود كما هو ظاهر.

ثم انه وردت رواية في المقام عن علي عليه السلام و لا يزيل الوصي عن الوصية ذهاب عقل أو ارتداد أو خيانة أو ترك سنة «1» الخ لكن الرواية لضعف سندها لا تكون قابلة للاستناد اليها.

(3) كما هو ظاهر.

______________________________

(1) جواهر الكلام ج 28 ص: 393

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 396

اشكال (1).

______________________________

(1) ما قيل في مقام الاستدلال علي المدعي امور: الاول قوله تعالي و لن يجعل اللّه للكافرين علي المؤمنين سبيلا «1» بتقريب ان هذا نحو سبيل علي المؤمن للكافر و قد نفي

شرعا.

و يرد عليه اولا: انه يلزم انه لو استأجر الكافر المسلم لعمل تكون الاجارة باطلة و هو كما تري و ثانيا يمكن أن يقال: بأن السبيل المنفي راجع الي الآخرة بل الظاهر ان الامر كذلك اذ المستفاد من الاية ان الحكومة و القضاوة بين المتخاصمين اذا كان يوم القيامة يكون الحاكم في ذلك اليوم هو اللّه، فيكون السبيل المنفي للكافر في ذلك اليوم.

و ذكر السيد البجنوردي (قدس سره) حديثا «2» عن الطبري في تفسيره عن ابن وكيع باسناده عن علي عليه السلام قال رجل: يا أمير المؤمنين أ رأيت قول اللّه وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا و هم يقاتلوننا فيظهرون و يقتلون قال له علي عليه السلام ادنه ثم قال عليه السلام فَاللّٰهُ يَحْكُمُ بينهم يَوْمَ الْقِيٰامَةِ وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا يوم القيامة، يؤيد ما ذكرنا.

و ثالثا: ان المناسبة بين الحكم و الموضوع تقتضي أن يكون المراد من السبيل الحجة في الامر الديني و رابعا: ان السبيل هو السلطنة و لا سبيل للوصي علي الموصي.

الأمر الثاني: «قوله تعالي لٰا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكٰافِرِينَ أَوْلِيٰاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ «3» بتقريب ان جعل الكافر وصيا جعله وليا و فيه اولا: يرد عليه النقض المذكور و ثانيا ان جعله وصيا بعد الموت ليس جعله وليا و ثالثا: النهي التكليفي لا يقتضي الفساد

______________________________

(1) النساء/ 141

(2) ج 1 من القواعد الفقهية ص: 158

(3) آل عمران/ 28

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 397

[مسألة 2: الظاهر عدم اعتبار العدالة في الوصي]

(مسألة 2): الظاهر عدم اعتبار العدالة في الوصي بل يكفي الوثوق و الامانة هذا في الحقوق الراجعة الي غيره كأداء الحقوق الواجبة و التصرف في مال الايتام و نحو ذلك (1) أما ما

يرجع الي نفسه كما اذا اوصي اليه في أن يصرف ثلثه في الخيرات و القربات ففي اعتبار الوثوق به

______________________________

الوضعي.

الامر الثالث: الاجماع، و فيه ان تمامية الاجماع التعبدي الكاشف في غاية الاشكال، فالحق هو الجواز.

(1) نسب الي جماعة من الاعيان اشتراط صحة الوصية بعدالة الوصي و استدل علي المدعي بامور: الأمر الاول: انه لو لم يكن عادلا لا يجوز الركون اليه لقوله تعالي «وَ لٰا تَرْكَنُوا إِلَي الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّٰارُ» «1».

و يرد عليه اولا: ان الوصاية ليست ركونا فان الظاهر من الاية الكريمة المنع من جعل الظالم ركنا و عمادا كالركون الي الامام الفاسق و يؤيد المدعي ما عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل و لا تركنوا الي الذين ظلموا فتمسكم النار» قال: هو الرجل يأتي السلطان فيحب بقائه الي أن يدخل يده كيسه فيعطيه «2»

و ثانيا: انه يلزم حرمة استيجار الفاسق و من الظاهر فساد هذه الدعوي و ثالثا ان الظاهر من الاية الشريفة الظالم للغير و الفاسق اعم منه فان الفاسق و ان كان ظالما لنفسه لكن الظاهر من هذا اللفظ في المحاورات هو القسم الخاص منه و هو الظالم للغير و رابعا: ان النهي التكليفي لا يستلزم الفساد الوضعي.

______________________________

(1) هود/ 113

(2) تفسير نور الثقلين ج- 2 ص: 400 الحديث: 230

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 398

______________________________

الامر الثاني: ان الوصاية استيمان علي مال الغير و الفاسق ليس اهلا للاستيمان و يرد عليه اولا: انه يكفي كونه موثقا به و اما اشتراط العدالة فلا و ثانيا انه يمكن جعل الناظر عليه.

الامر الثالث: ان مال الموصي ينتقل الي الغير بموته فلا يجوز استيمان الفاسق.

و يرد عليه: أن الاستيمان يتم مع

الوثوق كما مر فلا تشترط العدالة.

الامر الرابع: انه يشترط في وكيل الوكيل العدالة فتشترط في الوصي بالاولوية لأن تقصير الوكيل يجبر بنظر الوكيل و الموكل بخلاف الوصي.

و فيه انه لا تشترط العدالة في وكيل الوكيل فان الموكل اذا اذن للوكيل توكيل الغير يجوز و الا فلا و بعبارة اخري: الامر بيد الموكل في أصل التوكيل و في قيوده، مضافا الي أنه يمكن تثبيت الأمر بجعل الناظر.

الأمر الخامس: النصوص الواردة بالنسبة الي من مات و له اموال و ورثة صغار و لا وصي له حيث اشترطت العدالة في تلك النصوص للمتولي:

منها: ما رواه علي بن رئاب قال: سألت أبا الحسن موسي عليه السلام عن رجل بيني و بينه قرابة مات و ترك اولادا صغارا، و ترك مماليك له غلمانا و جواري و لم يوص فما تري فيمن يشتري منهم الجارية فيتخذها أم ولد؟ و ما تري في بيعهم فقال: ان كان لهم ولي يقوم بأمرهم باع عليهم و نظر لهم كان مأجورا فيهم، قلت فما تري فيمن يشتري منهم الجارية فيتخذها أم ولد؟ قال: لا بأس بذلك اذا باع عليهم القيم لهم الناظر فيما يصلحهم، و ليس لهم أن يرجعوا عما صنع القيم لهم الناظر فيما يصلحهم «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 88 من احكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 399

اشكال (1).

[مسألة 3: إذا ارتد الوصي بطلت وصايته بناء علي اعتبار الإسلام في الوصي]

(مسألة 3): اذا ارتد الوصي بطلت وصايته بناء علي اعتبار الإسلام في الوصي (2).

______________________________

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل مات و له بنون و بنات صغار و كبار من غير وصية، و له خدم و مماليك و عقد كيف يصنع الورثة بقسمة ذلك الميراث قال: ان قام رجل ثقة قاسمهم ذلك

كله فلا بأس «1».

و منها: ما رواه اسماعيل بن سعد، قال: سألت الرضا عليه السلام عن رجل مات بغير وصية و ترك اولادا ذكرانا و غلمانا صغارا، و ترك جواري و مماليك، هل يستقيم أن تباع الجواري؟ قال: نعم، و عن الرجل يصحب الرجل في سفر فيحدث به حدث الموت، و لا يدرك الوصية كيف يصنع بمتاعه و له اولاد صغار و كبار، أ يجوز أن يدفع متاعه و دوابه الي ولده الأكابر أو الي القاضي و ان كان في بلدة ليس فيها قاض كيف يصنع؟ و ان كان دفع المتاع الي الأكابر و لم يعلم فذهب فلم يقدر علي رده كيف يصنع؟ قال: اذا أدرك الصغار و طلبوا لم يجد بدا من اخراجه الا أن يكون بأمر السلطان الحديث «2».

و تلك النصوص و إن كانت خارجة عن المقام لكن فيها أشعار بأنه لا بد في التولي في أمر الصغير أن يكون المتولي عادلا هكذا في الجواهر و يرد عليه: انه ليس في تلك النصوص ذكر من العدالة و المذكور في الحديث الثاني من الباب عنوان الوثاقة.

(1) لعدم المقتضي للاشتراط كما يظهر بأدني تأمل.

(2) كما هو ظاهر فانه علي القول باشتراط الإسلام في الوصي لا تبقي الوصية

______________________________

(1) الوسائل الباب 88 من احكام الوصايا الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 88 من احكام الوصايا الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 400

و لا تعود اليه اذا اسلم (1) الا اذا نص الموصي علي عودها (2).

[مسألة 4: إذا أوصي إلي عادل ففسق]

(مسألة 4): اذا أوصي الي عادل ففسق فان ظهر من القرينة التقييد بالعدالة بطلت الوصية و ان لم يظهر من القرينة التقييد بالعدالة لم تبطل و كذا الحكم اذا أوصي الي الثقة (3).

[مسألة 5: لا تجوز الوصية إلي المملوك إلا بإذن سيده]

(مسألة 5): لا تجوز الوصية الي المملوك الا باذن سيده (4) او معلقة علي حريته (5).

______________________________

بحالها بعد زوال الشرط.

(1) لعدم المقتضي للعود.

(2) لم افهم الفرق بين هذه المسألة و ما مر من أنه لو عرض الجنون ثم أفاق حيث ان الماتن قال هناك: «عادت علي الأظهر» و في المقام علق العود علي التصريح به و كيف كان لا فرق بين المقامين ثبوتا و العود و عدمه دائر ان مدار الجعل و عدمه و الظهور في مقام الاثبات متبع.

(3) ما أفاده علي طبق القاعدة الأولية.

(4) اذ لا أمر له مع سيده و زمامه بيد مولاه و يؤيد المدعي ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «1» بتقريب: ان عدم جواز جعله وصيا يستفاد من عدم جواز وصيته.

(5) اذ التعليق علي ما يتوقف عليه صحة العقد أو الايقاع لا دليل علي بطلانه فلا مانع منه، و في المقام فروع و اقوال اغمضنا النظر عن التعرض لها لعدم كون اصل المسألة محل الابتلاء كما هو ظاهر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 345

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 401

[مسألة 6: تجوز الوصاية إلي المرأة علي كراهة و الأعمي و الوارث]

(مسألة 6): تجوز الوصاية الي المرأة (1) علي كراهة (2) و الاعمي (3) و الوارث (4).

______________________________

(1) لإطلاق الدليل و قيام السيرة بلا نكير فان السيرة جارية علي جعل الأب أم اطفاله قيما عليهم و يؤيد المدعي ما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل أوصي الي امرأة و شرك في الوصية معها صبيا، فقال: يجوز ذلك و تمضي المرأة الوصية، و لا تنتظر بلوغ الصبي، فاذا بلغ الصبي فليس له أن لا يرضي الا ما كان من تبديل أو تغيير فان له أن يرده الي ما أوصي به الميت «1»

و انما عبرنا بالتأييد لضعف السند بالعبيدي.

(2) استفيدت الكراهة من حديث السكوني، عن جعفر بن محمد، عن ابيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: المرأة لا يوصي اليها لأن اللّه عز و جل يقول «وَ لٰا تُؤْتُوا السُّفَهٰاءَ أَمْوٰالَكُمُ» «2» و هذه الرواية ضعيفة لضعف اسناد الصدوق قدس سره الي السكوني علي ما ذكره الحاجياني.

و لا يخفي: ان المستفاد من الحديث عدم الصحة فتكون الرواية معارضة لما يدل علي الصحة و حمل الفساد علي الكراهة بلا وجه.

نعم لا بأس بحملها علي التقية لأنه مذهب اكثر اهل الخلاف حسب نقل صاحب الوسائل عن الشيخ.

(3) لإطلاق الدليل و عدم تقييد للإطلاق و ما نقل عن بعض العامة من عدم الجواز، مردود.

(4) بلا اشكال و عليه السيرة القطعية فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أوصي الي علي عليه السلام و هو سلام اللّه عليه أوصي الي الحسن عليه السلام و فاطمة عليها

______________________________

(1) الوسائل الباب 50 من احكام الوصايا الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 53 من احكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 402

[مسألة 7: إذا أوصي إلي الصبي و البالغ فمات الصبي قبل بلوغه أو بلغ مجنونا]

(مسألة 7): اذا اوصي الي الصبي و البالغ فمات الصبي قبل بلوغه او بلغ مجنونا ففي جواز انفراد البالغ بالوصية قولان احوطهما الرجوع الي الحاكم الشرعي فيضم اليه آخر (1).

[مسألة 8: يجوز جعل الوصاية إلي اثنين أو أكثر علي نحو الانضمام و علي نحو الاستقلال]

(مسألة 8): يجوز جعل الوصاية الي اثنين او اكثر علي نحو الانضمام و علي نحو الاستقلال (2) فان نص علي الاول فليس لأحدهما الاستقلال بالتصرف لا في جميع ما أوصي به و لا في بعضه (3) و اذا عرض لأحدهما ما يوجب سقوطه عن الوصاية من موت و نحوه ضم الحاكم

______________________________

السلام اوصت الي علي عليه السلام فلا ريب في المسألة.

(1) ان استفيد من ايصاء الموصي اشتراط التصرف بالانضمام فالمتعين الرجوع الي الحاكم كي يضم اليه آخر و الا فالظاهر جواز الانفراد اذ المفروض تحقق الايصاء اليه و ما دام لم يبلغ الصبي لا يكون له شريك فلو فرض موته أو بلوغه مجنونا يجوز للوصي أن ينفرد بالتصدي اذ المفروض عدم تحقق موضوع الاشتراك فلاحظ.

و يمكن أن يقال: ان في صورة الاشتراك و الايصاء الي المتعدد لا يجوز للحاكم ضم احد الي الوصي اذ المفروض ان الموضوع هو المركب و المجموع و قد فرض انتفائه بانتفاء احدهما فتصل النوبة الي الحاكم لأن المورد من الامور الحسبية.

(2) لإطلاق دليل اعتبار الوصية، مضافا الي النص الخاص الوارد في المقام «1».

(3) كما هو ظاهر لأن جواز التصرف يدور مدار شمول الوصية فالأمر كما أفاده.

______________________________

(1) لاحظ ص: 394

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 403

آخر الي الاخر (1) و ان نص علي الثاني جاز لأحدهما الاستقلال (2) و ايهما سبق نفذ تصرفه (3) و ان اقترنا في التصرف مع تنافي التصرفين بأن باع احدهما علي زيد و الاخر علي عمرو في زمان

واحد بطلا معا (4) و لهما ان يقتسما الثلث بالسوية و بغير السوية (5) و اذا سقط احدهما عن الوصاية انفرد الاخر و لم يضم اليه الحاكم آخر (6) و اذا أطلق الوصاية اليهما و لم ينص علي الانضمام و الاستقلال جري حكم الانضمام (7) الا اذا كانت قرينة علي الانفراد كما اذا قال: وصيي فلان و فلان

______________________________

(1) اذ المفروض ان الموصي قيد التصرف علي نحو الاشتراك فتصل النوبة الي الحاكم و هو يضم الي آخر الاخر، و قد مر قريبا الاشكال فيه، فلاحظ.

(2) كما هو ظاهر فان زمام الامر توسعة و تضييقا بيد الموصي.

(3) كما هو ظاهر لصدوره من اهله و وقوعه في محله.

(4) لعدم امكان صحتهما و لا مقتضي لترجيح لأحدهما علي الاخر.

(5) اذ المفروض استقلال كل منهما بالتصرف فلكل منهما التصرف في كل جزء من الثلث.

(6) اذ المفروض ان كل واحد اوصي اليه بنحو الاستقلال، فلا وجه للضم.

(7) لعدم ثبوت الوصاية بنحو الاستقلال و الأصل العملي يقتضي عدمها فلا بد من الاقتصار علي المقدار المعلوم و هو الانضمام ان قلت: كما ان مقتضي الاصل عدم جعل الاستقلال كذلك مقتضاه عدم جعل الانضمام قلت: نعم و لكن العمل الخارجي و التصرف فيما يتعلق بالميت اذا تحقق بنحو الانضمام يكون مورد الامضاء قطعا و أما غيره فلا دليل علي جوازه و صحته، فلاحظ.

و صفوة القول: ان اللازم رعاية ما أوصي به الموصي و عدم التخلف عما

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 404

فاذا ماتا كان الوصي فلانا فانه اذا مات احدهما استقل الباقي و لم يحتج الي أن يضم اليه آخر (1) و كذا الحكم في ولاية الوقف (2).

[مسألة 9: إذا قال زيد وصيي فإن مات فعمرو وصيي صح]

(مسألة 9): اذا قال زيد وصيي فان

مات فعمرو وصيي صح و يكونان وصيين مترتبين و كذا يصح اذا قال وصيي زيد فان بلغ ولدي

______________________________

جعله و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه محمد بن الحسن الصفار «1»

و ربما يقال: بأنه يعارضه ما رواه بريد بن معاوية قال: ان رجلا مات و اوصي إلي و الي آخر و الي رجلين، فقال احدهما: خذ نصف ما ترك و اعطني النصف مما ترك فأبي عليه الاخر، فسألوا أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذلك فقال: ذلك له «2».

بتقريب ان المشار اليه باسم الاشارة ارادة التقسيم فيقع التعارض بين الخبرين اذ مفاد الخبر الاول عدم الجواز مع جعل الوصاية علي نحو الاطلاق و مفاد الخبر الثاني جوازه، فنقول علي فرض التعارض يكون المرجح مع الاول لكونه أحدث بل يمكن أن يكون الخبر الاول موافقا للكتاب اذ المستفاد من الكتاب عدم جواز تبديل الوصية و مع عدم رعاية الاجتماع يحتمل أن يكون تبديلا للوصية و مقتضي اصالة عدم جعل الاستقلال ان التصدي لا يكون بنحو الاستقلال.

و ان شئت قلت: ان مقتضي الكتاب وجوب رعاية الوصية و الخبر الاول أيضا مفاده كذلك، مضافا الي الاشكال في السند فان داود بن أبي يزيد لم يوثق.

(1) كما هو ظاهر اذ المفروض عدم لحاظ الموصي الانضمام.

(2) لعين الملاك.

______________________________

(1) لاحظ ص: 394

(2) الوسائل الباب 51 من أحكام الوصايا الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 405

فهو الوصي (1).

[مسألة 10: يجوز أن يوصي إلي وصيين أو أكثر]

(مسألة 10): يجوز أن يوصي الي وصيين أو اكثر و يجعل الوصاية الي كل واحد في أمر بعينه لا يشاركه فيه الاخر (2).

[مسألة 11: إذا أوصي إلي اثنين بشرط الانضمام فتشاحا لاختلاف نظرهما]

(مسألة 11): اذا أوصي الي اثنين بشرط الانضمام فتشاحا لاختلاف نظرهما فان لم يكن مانع لأحدهما بعينه من الانضمام الي الاخر أجبره الحاكم علي ذلك و ان لم يكن مانع لكل منهما من الانضمام اجبرهما عليه و ان كان لكل منهما مانع انضم الحاكم الي احدهما و نفذ تصرفه دون الاخر (3).

[مسألة 12: إذا قال أوصيت بكذا و كذا و جعلت الوصي فلانا إن استمر علي طلب العلم مثلا صح]

(مسألة 12): اذا قال اوصيت بكذا و كذا و جعلت الوصي فلانا ان استمر علي طلب العلم مثلا صح و كان فلان وصيا اذا استمر علي

______________________________

(1) لإطلاق ادلة الوصية ان قلت: أ ليست الوصية لعمرو بنحو التعليق؟ و التعليق يوجب البطلان قلت: المدرك لبطلان التعليق هو الاجماع فاذا لم يشمل معقد الاجماع المقام فلا مانع منه بعد شمول اطلاق دليل الوصية، فلاحظ.

(2) لإطلاق دليل نفوذ الوصية، و ان شئت قلت: المقتضي للصحة موجود و المانع مفقود.

(3) الذي يختلج بالبال أن يقال في هذا المقام انه تارة يكون اختلاف النظر ناشيا من سبب شرعي بأن يري كل منهما نظر الاخر خلاف الميزان الشرعي و اخري يكون ناشيا من سبب خارجي فان كان الاختلاف من القسم الاول فلا مناص من انضمام الحاكم الي احدهما و تنفيذ نظره و ان كان من القسم الثاني فعلي الحاكم أن يجبرهما علي أمر واحد، و ان كان سبب الاختلاف مختلفا بأن يكون احدهما

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 406

طلب العلم (1) فان انصرف عنه بطلت وصايته (2) و تولي تنفيذ وصيته الحاكم الشرعي (3).

[مسألة 13: إذا عجز الوصي عن تنفيذ الوصية ضم إليه الحاكم من يساعده]

(مسألة 13): اذا عجز الوصي عن تنفيذ الوصية ضم اليه الحاكم من يساعده (4) و اذا ظهرت منه الخيانة ضم اليه امينا يمنعه عن الخيانة (5) فان لم يمكن عزله و نصب غيره (6).

______________________________

ناظرا الي جهة شرعية دون الاخر أجبر الاخر علي الانضمام.

و قد مر انه مع الوصاية الي المجموع تبطل الوصاية في صورة عدم امكان الاجتماع فتصل النوبة الي دخالة الحاكم الذي يكون مرجعا للأمور العامة.

الا أن يقال: ان مطلوب الموصي متعدد فاذا لم يمكن اجتماع المطلوبين يلزم التحفظ علي احدهما، فلا بد من ان الحاكم أن

يضم اليه الاخر و علي هذا الاساس لا بد من ملاحظة كلام الموصي و استفادة مراده من كلامه، و اللّه العالم.

(1) لإطلاق دليل الوصية و زمام الامر بيد الموصي فله أن يجعل الوصاية كيف اراد.

(2) لفقدان الشرط و العنوان المقوم لبقاء الوصاية.

(3) اذ المفروض انه لا وصي له و الحاكم له الولاية بالنسبة الي الامور العامة و هذا منها.

(4) اذ المفروض ان الحاكم ولي في الامور التي لا ولي لها و يمكن أن يقال ان الوصاية تبطل بعجز الوصي فلا مجال للضم.

(5) فانه من شئون الولاية العامة.

(6) ربما يقال: لا وجه للعزل بل غايته المنع عن التصرفات و لكن يمكن أن يقال: ان دائرة جعل الوصاية اما لا تشمل الخائن و اما تشمل أما علي الاول فلا موضوع

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 407

[مسألة 14: إذا مات الوصي قبل تنجيز تمام ما أوصي إليه به نصب الحاكم الشرعي وصيا لتنفيذه]

(مسألة 14): اذا مات الوصي قبل تنجيز تمام ما اوصي اليه به نصب الحاكم الشرعي وصيا لتنفيذه (1) و كذا اذا مات في حياة الموصي و لم يعلم بذلك او علم و لم ينصب غيره و لم يكن ما يدل علي عدوله عن اصل الوصية (2) و ليس للوصي ان يوصي الي احد في تنفيذ ما اوصي اليه به الا ان يكون مأذونا من الموصي في الايصاء

______________________________

للعزل كما هو ظاهر و أما علي الثاني فمع بقاء كونه وصيا لا مجال لتصدي غيره فلا بد من عزله كي يتصدي غيره للأمر.

و لكن يمكن أن يقال: ان للحاكم منعه عن التصرف و منع الحاكم كمنع الموصي و مع منع الحاكم ليس له حق التصرف و تظهر النتيجة انه لو تاب و عدل الي سواء الطريق و ندم عن خيانته يكون باقيا علي وصايته.

ان قلت:

ان الموصي لا يرضي بخيانة الوصي قلت: الامر النفساني لا يغير متعلق الجعل و الانشاء و لنا أن نقول ان القرينة المقامية مانعة عن جعل الوصاية علي الاطلاق و بعبارة اخري: يمكن أن يقال: ان الموصي بارتكازه النفساني يجعل الوصاية للوصي ما دام لا يكون خائنا.

اللهم الا أن يقال: ان الاطلاق عبارة عن رفض القيود لا الجمع بينها، فمقتضي الاطلاق استمرار الجعل و عدم التقييد و الأمر النفساني و الدواعي النفسية لا تؤثر في توسعة الجعل، فلاحظ لكن لو قلنا بأن الارتكاز يوجب التقييد لا بد من رفع اليد عن الاطلاق فان الارتكاز المذكور مانع عن تحقق الاطلاق.

(1) اذ المفروض ان الوصي مات فلا بد من دخالة ولي الأمر و هو الحاكم.

(2) لعين الملاك و في المقام شبهة و هي ان الوصاية اذا كانت الي شخص خاص فبموته تنتفي الوصاية و الوصية، الا أن يعلم من حال الموصي ان وصيته ليست دائرة مدار وجود الوصي و بعبارة اخري: اطلاق الوصية و بقائها حتي بعد فوت

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 408

الي غيره (1).

[مسألة 15: الوصي أمين لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط]

(مسألة 15): الوصي امين لا يضمن الا بالتعدي أو التفريط (2) و يكفي في الضمان حصول الخيانة بالاضافة الي ضمان موردها (3) اما الضمان بالنسبة الي الموارد الاخر مما لم يتحقق فيها الخيانة ففيه اشكال بل الاظهر العدم (4).

[مسألة 16: إذا عين الموصي للوصي عملا خاصا أو قدرا خاصا أو كيفية خاصة وجب الاقتصار علي ما عين]

(مسألة 16): اذا عين الموصي للوصي عملا خاصا أو قدرا خاصا أو كيفية خاصة وجب الاقتصار علي ما عين و لم يجز له التعدي فان تعدي كان خائنا و اذا أطلق له التصرف بأن قال له: اخرج ثلثي و انفقه عمل بنظره و لا بد من ملاحظة مصلحة الميت فلا يجوز له أن يتصرف كيف شاء و ان لم يكن صلاحا للميت أو كان غيره أصلح مع تيسر فعله علي النحو المتعارف و يختلف ذلك باختلاف الاموات فربما يكون الاصلح اداء العبادات الاحتياطية عنه و ربما يكون الاصلح اداء الحقوق المالية الاحتياطية و ربما يكون الاصلح اداء حق بعينه احتياطي دون

______________________________

الوصي يحتاج الي دليل.

(1) اذ ليس له هذا الحق الا مع الاذن من الموصي و بعبارة اخري: زمام الامر بيد الموصي لا بيد الوصي و تفويض الامر الي الغير يتوقف علي الدليل و حيث ليس فليس.

(2) لأنه مأذون في التصرف و لا موجب لضمانه ما دام لا يكون خائنا.

(3) كما هو ظاهر.

(4) اذ المفروض بقاء اذنه في التصرف فملاك عدم الضمان موجود فلا يضمن.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 409

غيره او اداء الصلاة عنه دون الصوم و ربما يكون الاصلح فعل القربات و الصدقات و كسوة العراة و مداواة المرضي و نحو ذلك. هذا اذا لم يكن تعارف يكون قرينة علي تعيين مصرف بعينه و الا كان عليه العمل (1).

[مسألة 17: إذا قال أنت وصيي و لم يعين شيئا و لم يعرف المراد منه]

(مسألة 17): اذا قال انت وصيي و لم يعين شيئا و لم يعرف المراد منه و انه تجهيزه او صرف ثلثه او شئون اخري كان لغوا (2) الا اذا كان تعارف يكون قرينة علي تعيين المراد كما يتعارف في كثير من بلدان العراق انه وصي في

اخراج الثلث و صرفه في مصلحة الموصي و اداء الحقوق التي عليه و اخذ الحقوق التي له ورد الامانات و البضائع الي اهلها و اخذها (3) نعم في شموله للقيمومة علي القاصرين من اولاده

______________________________

(1) كما هو ظاهر واضح فان زمام الامر بيد الموصي و ما أفاده في هذا الفرع علي طبق القاعدة و ليس موردا للبحث و علي الجملة لا بد من العمل بما أوصي به الموصي اطلاقا و تقييدا فلا بد من رعاية الصلاح و الأصلح ان قلت: ما المانع من الاخذ بالاطلاق و عدم الرعاية؟.

قلت: المناسبة بين الحكم و الموضوع تمنع عن الاطلاق، و ان شئت قلت العرف لا يفهم من كلام الموصي الا العمل بما هو أصلح و لا أقلّ عن عدم الجزم بالاطلاق

(2) الذي يختلج بالبال ان الوجه في كونه لغوا ان الوصية من الامور الانشائية و الانشاء متقوم بالابراز فمع فرض عدم الابراز لا بالصراحة و لا بالاشارة لا مطلقا و لا مقيدا يكون لغوا و بعبارة اخري: ما دام لا يفهم العرف من كلام المتكلم شيئا لا يترتب عليه اثر، فلاحظ.

(3) فان التعارف قرينة علي المراد بحسب المتفاهم العرفي.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 410

اشكال و الاحوط أن لا يتصدي لأمورهم الا بعد مراجعة الحاكم الشرعي و عدم نصب الحاكم الشرعي غيره الا باذن منه (1).

[مسألة 18: يجوز للموصي اليه أن يرد الوصية في حال حياة الموصي]

(مسألة 18): يجوز للموصي اليه أن يرد الوصية في حال حياة الموصي بشرط أن يبلغه الرد (2) بل الاحوط اعتبار امكان نصب غيره له أيضا (3) و لا يجوز له الرد بعد موت الموصي (4) سواء قبلها قبل الرد أم لم يقبلها (5) و الرد السابق علي الوصية لا اثر له فلو قال زيد

لعمرو لا اقبل أن توصي إلي فأوصي عمرو اليه لزمته الوصية الا ان يردها بعد ذلك (6) و لو أوصي اليه فرد الوصية فاوصي اليه ثانيا و لم يردها

______________________________

(1) اذا فرض شمول الوصاية له و لو بالقرينة العامة يؤخذ بها، و لم اعرف وجه التفصيل و لعل الماتن ناظر الي مستند صحيح، و اللّه العالم.

(2) للنص الخاص لاحظ ما رواه منصور بن حازم «1» بدعوي ان العرف يفهم من الحديث ان الوجه في عدم جواز الرد في حال الغيبة عدم امكان وصول الرد الي الموصي فتأمل.

(3) فانه لا يبعد أن يستفاد المدعي من حديثي فضيل بن يسار و منصور بن حازم «2».

(4) كما يستفاد من النصوص الواردة في المقام فان المستفاد منها ان جواز الرد منحصر بصورة وصوله الي الموصي و امكان جعل بدل له، فلاحظ.

(5) للإطلاق المستفاد من النص.

(6) لعدم دليل علي تأثيره و الميزان بحال تحقق الوصية حسب النصوص.

______________________________

(1) لاحظ ص: 326

(2) لاحظ ص: 325 و 326

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 411

ثانيا لجهله بها ففي لزومها له قول و لكنه لا يخلو من اشكال بل الاظهر خلافه (1).

[مسألة 19: إذا رأي الوصي أن تفويض الأمر إلي شخص في بعض الأمور الموصي بها أصلح للميت]

(مسألة 19): اذا رأي الوصي ان تفويض الامر الي شخص في بعض الامور الموصي بها أصلح للميت جاز له تفويض الامر اليه كأن يفوض امر العبادات التي أوصي بها الي من له خبرة في الاستنابة في العبادات و يفوض امر العمارات التي أوصي بها الي من له خبرة فيها و يفوض امر الكفارات التي اوصي بها الي من له خبرة بالفقراء و كيفية القسمة عليهم و هكذا و ربما يفوض الامر في جميع ذلك الي شخص واحد اذا كان له خبرة في جميعها و قد

لا يكون الموصي قد أوصي بامور معينة بل أوصي بصرف ثلثه في مصالحه و أو كل تعيين المصرف كما و كيفا الي نظره فيري الوصي من هو اعرف منه في تعيين جهات المصرف و كيفيتها فيوكل الامر اليه فيدفع الثلث اليه بتمامه و يفوض اليه تعيين الجهات كما و كيفا كما يتعارف ذلك عند كثير من الاوصياء حيث يدفعون الثلث الموصي به الي المجتهد الموثوق به عندهم فالوصاية الي شخص ولاية في التصرف و لو بواسطة التفويض الي الغير فلا بأس أن يفوض الوصي أمر الوصية الي غيره (2).

______________________________

(1) الأمر كما أفاده فان العرف يفهم من النصوص الواردة ان الوصية لوردت علي ما هو المقرر فلا أثر لها بعده و لو جددت من قبل الموصي و ان شئت قلت:

ان دليل النفوذ منصرف عن الصورة المفروضة و لكن مع ذلك في النفس شي ء.

(2) الأمر كما أفاده فان الامر مفوض الي الوصي فله أن يعمل علي طبق نظره

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 412

الا أن تقوم القرينة علي ارادة الموصي منه المباشرة فلا يجوز له حينئذ التفويض (1) كما انه لا يجوز تفويض الوصاية الي غيره بمعني عزل نفسه عن الوصاية و جعلها له فيكون غيره وصيا عن الميت بجعل منه (2).

[مسألة 20: إذا بطلت وصاية الوصي لفوات شرطها نصب الحاكم الشرعي وصيا مكانه أو تولي الصرف بنفسه]

(مسألة 20): اذا بطلت وصاية الوصي لفوات شرطها نصب الحاكم الشرعي وصيا مكانه أو تولي الصرف بنفسه و كذا اذا أوصي و لم يعين وصيا اصلا (3).

______________________________

و الميزان الكلي ان لا يخون في مقام العمل و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه جعفر بن عيسي قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام في رجل أوصي ببعض ثلثه من بعد موته من غلة ضيعة له الي وصيه

يضعه في مواضع سماها له معلومة في كل سنة، و الباقي من الثلث يعمل فيه بما شاء و رأي الوصي فانفذ الوصي ما أوصي اليه من المسمي المعلوم، و قال في الباقي: قد صيرت لفلان كذا و لفلان كذا في كل سنة، و في الحج كذا، و في الصدقة كذا في كل سنة، ثم بدا له في ذلك، فقال قد شئت الاول، و رأيت خلاف مشيتي الأولي و رأيي أله أن يرجع فيه يصير ما صير لغيرهم أو ينقصهم أو يدخل معهم غيرهم ان اراد ذلك؟ فكتب عليه السلام:

له أن يفعل ما شاء «يشاء خ ل» الا أن يكون كتب كتابا علي نفسه «1».

(1) كما هو ظاهر فان مرجعه تضييق دائرة سلطة الوصي.

(2) لعدم دليل علي الجواز اذ لا دليل علي جواز عزله و نصب غيره.

(3) اذ المورد من الامور العامة التي زمامها بيد الحاكم الشرعي فعليه التصدي بنفسه او تعيين شخص وصيا مكان الفاقد للشرط كما ان الامر كذلك فيما لم يعين الموصي وصيا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 95 من أحكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 413

[مسألة 21: إذا نسي الوصي مصرف المال الموصي به و عجز عن معرفته]

(مسألة 21): اذا نسي الوصي مصرف المال الموصي به و عجز عن معرفته صرفه في وجوه البر التي يحتمل أن تكون مصرف المال الموصي به اذا كان التردد بين غير المحصور اما اذا تردد بين محصور ففيه اشكال و لا يبعد الرجوع الي القرعة في تعيينه (1).

______________________________

و أما حديث سماعة «1» و حديث محمد بن اسماعيل بزيع- قال: مات رجل من اصحابنا و لم يوص فرفع امره الي قاضي الكوفة فصير عبد الحميد القيم بماله، و كان الرجل خلف ورثة صغارا و متاعا و جواري، فباع عبد

الحميد المتاع فلما اراد بيع الجواري ضعف قلبه عن بيعهن اذ لم يكن الميت صير اليه وصيته و كان قيامه فيها بامر القاضي لأنهن فروج قال: فذكرت ذلك لأبي جعفر عليه السلام قلت له: يموت الرجل من اصحابنا، و لا يوصي الي احد، و يخلف جواري فيقيم القاضي رجلا منا فيبيعهن، او قال: يقوم بذلك رجل منا فيضعف قلبه لأنهن فروج فما تري في ذلك؟ قال: فقال: اذا كان القيم به مثلك «او. يب» و مثل عبد الحميد فلا بأس «2» - فلا يرتبطان بالمقام.

(1) لم أفهم وجه الفرق بين المحصور و غير المحصور اذ الظاهر ان المراد بغير المحصور ما يكون اطرافه كثيرة و عليه يكون مقتضي القاعدة الرجوع الي القرعة و تعيين التكليف بها بناء علي عموم دليلها و اجرائها في الشبهات الموضوعية و أما صرفه في الوجوه التي يحتمل أن تكون مصرفا لمورد الوصية فالظاهر ان الوجه فيه ان الأمر دائر بين الامتثال الاحتمالي و ترك الواجب من أصله و العقل حاكم علي الأخذ بالامتثال الاحتمالي، لكن مع جواز الرجوع الي القرعة لا يبقي مجال لهذا البيان.

______________________________

(1) لاحظ ص: 399

(2) الوسائل الباب 16 من أبواب عقد البيع و شروطه الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 414

______________________________

و أما مكاتبة محمد بن الريان- قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام اسأله عن انسان اوصي بوصية فلم يحفظ الوصي الا بابا واحدا منها، كيف يصنع في الباقي؟ فوقع: الأبواب الباقية اجعلها في البر «1» فهي ضعيفة بسهل.

ان قلت: اذا كان الرجوع الي القرعة جائزا يلزم جواز الرجوع اليها في جميع موارد العلم الإجمالي و هو كما تري قلت: العلم الإجمالي تارة يفرض في الشبهة الحكمية

و اخري في الموضوعية.

أما الاولي فلا مجال للقرعة فان القرعة انما شرعت في الشبهة الموضوعية كما لو علم اجمالا بكون واحد من قطيع الغنم موطوئا و أما الثانية، فلو سدت الابواب و لم يكن طريق الي الامتثال تصل النوبة اليها و لا نتحاشي من الرجوع اليها

و يؤيد المدعي ما رواه أبو حمزة الثمالي قال: قال: ان رجلا حضرته الوفاة فأوصي الي ولده غلامي يسار هو ابني فورثوه مثل ما يرث احدكم و غلامي يسار فاعتقوه فهو حر، فذهبوا يسألونه ايما يعتق و ايما يورث فاعتقل لسانه، قال: فسألوا الناس فلم يكن عند احد جواب حتي اتوا أبا عبد اللّه عليه السلام، فعرضوا المسألة عليه قال: فقال معكم احد من نسائكم؟ قال: فقالوا: نعم معنا اربع اخوات لنا و نحن اربعة اخوة، قال: فاسألوهن أي الغلامين كان يدخل عليهن فيقول ابوهن لا تستترن منه، فانما هو اخو كن، قالوا: نعم كان الصغير يدخل علينا فيقول ابونا لا تستترن منه، فانما هو اخو كن، فكنا نظن انه انما يقول ذلك لأنه ولد في حجورنا و انا ربيناه، قال: فيكم اهل البيت علامة؟ قالوا: نعم، قال: انظروا أ ترونها بالصغير؟ قال: فرأوها به قال: تريدون اعلمكم امر الصغير؟ قال: فجعل عشرة اسهم للولد، و عشرة اسهم للعبد، قال: ثم اسهم عشرة مرات، قال: فوقعت

______________________________

(1) الوسائل الباب 61 من احكام الوصايا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 415

[مسألة 22: يجوز للموصي أن يجعل ناظرا علي الوصي مشرفا و مطلعا علي عمله]

(مسألة 22): يجوز للموصي أن يجعل ناظرا علي الوصي مشرفا و مطلعا علي عمله بحيث لا يجوز للوصي أن يعمل بالوصية الا باطلاع الناظر و اشرافه عليه فاذا عمل بدون اشرافه كان بدون اذن من الموصي و خيانة له و اذا عمل باطلاعه

كان مأذونا فيه و اداءا لوظيفته (1) و لا يجب علي الوصي متابعة مثل هذا الناظر في رأيه و نظره فاذا أوصي الموصي باستنابة من يصلي عنه فاستناب الوصي زيدا و كان الناظر يريد استنابة عمرو و يراها أرجح لم يقدح ذلك في صحة استنابة زيد و ليس للناظر الاعتراض عليه في ذلك (2) نعم لو جعله ناظرا علي الوصي بمعني أن يكون عمل الوصي بنظره ففي المثال المذكور

______________________________

علي الصغير سهام الولد، فقال: اعتقوا هذا و ورثوا هذا «1» لكن الحديث وارد في الحق المالي.

و صفوة القول: انه يشكل الجزم بجريان القرعة في كل مورد علي نحو الاطلاق و العموم و تفصيل الكلام موكول الي مجال آخر.

(1) لإطلاق دليل الوصية و الأمر بيده فيجوز له الوصاية بهذا القيد و لا يجوز للوصي التخطي عما أوصي به مع قيوده فعلي تقدير التقييد يجب علي الوصي العمل مطابقا لنظر الناظر اذ متعلق الوصاية العمل علي طبق نظر الناظر و الا فلا يجب المطابقة بل يعمل علي طبق نظره.

(2) الأمر كما أفاده اذ المفروض ان نظر الناظر لا دخل له فلا موجب لوجوب اطاعته.

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من احكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 416

لا تصح استنابة زيد و تجب استنابة عمرو (1) لكن هذا المعني خلاف ظاهر جعل الناظر علي الوصي (2) و الظاهر انه اذا خان الوصي لم يجب علي الناظر بما هو ناظر مدافعته في كلتا الصورتين (3) فلو لم يدافع لم يكن ضامنا (4) و في الصورتين اذا مات الناظر لزم الوصي الرجوع الي الحاكم الشرعي (5).

[مسألة 23: الوصية جائزة من طرف الموصي]

(مسألة 23): الوصية جائزة من طرف الموصي فاذا أوصي بشي ء جاز له العدول الي غيره

و اذا اوصي الي احد جاز له العدول الي غيره و اذا اوصي بأشياء جاز له العدول عن جميعها و عن بعضها كما يجوز له تبديل جميعها و تبديل بعضها ما دام فيه الروح (6) اذا وجدت فيه الشرائط المتقدمة

______________________________

(1) كما هو ظاهر فان المفروض ان نظر الناظر دخيل فيجب متابعته.

(2) فان الميزان الظهور العرفي فلا بد من رعايته.

(3) لعدم الدليل علي الوجوب، نعم يجب عليه من باب النهي عن المنكر أو الأمر بالمعروف.

(4) لعدم دليل علي الضمان.

(5) اذ المفروض ان الموصي جعل الوصاية للوصي في اطار وجود الناظر فلا بد من وجود الناظر و لو بجعل من الحاكم الشرعي و يمكن تقريب المدعي بأن الموصي اراد امرين احدهما عمل الوصي ثانيهما كونه بنظر الناظر فمع موت الناظر يجب علي الحاكم جعل ناظر آخر، فلاحظ.

(6) ادعي عليه عدم الخلاف و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها:

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 417

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 417

______________________________

احاديث ابن مسكان و عبيد بن زرارة و بريد العجلي «1».

و منها: ما رواه يونس، عن بعض اصحابه قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام للرجل ان يغير وصيته فيعتق من كان أمر بملكه، و يملك من كان أمر بعتقه، و يعطي من كان حرمه، و يحرم من كان أعطاه ما لم يمت «2».

و منها: ما رواه سعيد بن يسار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل دفع الي رجل مالا و قال: انما ادفعه إليك ليكون ذخرا لا بنتي فلانة و فلانة، ثم بدا للشيخ بعد ما دفع

اليه المال أن يأخذ منه خمسة و عشرين و مأئة دينار فاشتري بها جارية لابن ابنه، ثم ان الشيخ هلك فوقع بين الجاريتين و بين الغلام أو احداهما فقالت و يحك و اللّه انك لتنكح جاريتك حراما انما اشتراها ابونا لك من مالنا الذي دفعه الي فلان، فاشتري منها هذه الجارية فانت تنكحها حراما لا يحل لك، فامسك الفتي عن الجارية. فما تري في ذلك؟ فقال: أ ليس الرجل الذي دفع المال ابا الجاريتين و هو جد الغلام و هو اشتري به الجارية؟ قلت: بلي، قال: قل له:

فليأت جاريته اذا كان الجد هو الذي اعطاه و هو الذي اخذه 3.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المدبر من الثلث، و قال: للرجل أن يرجع في ثلثه ان كان أوصي في صحة أو مرض 4

و منها: ما رواه هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدبر مملوكه أله أن يرجع فيه؟ قال: نعم هو بمنزلة الوصية 5.

و منها: ما رواه معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المدبر

______________________________

(1) لاحظ ص: 331

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 18 من أحكام الوصايا الحديث: 2 و 5

(3) (4) الوسائل الباب 19 من احكام الوصايا الحديث: 1

(4) (5) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 418

من العقل و الاختيار و غيرهما (1) و اذا اوصي الي شخص ثم أوصي الي آخر و لم يخبر الوصي الاول بالعدول عنه الي غيره فمات فعمل الوصي الاول بالوصية ثم علم كانت الغرامة علي الميت تخرج من اصل التركة ثم يخرج الثلث الموصي الثاني (2) هذا اذا

لم يكن العدول عن الاول لسبب ظاهر أما اذا كان لسبب ظاهر كما اذا هاجر الوصي الاول الي بلاد بعيدة او حدث بينه و بين الوصي عداوة و مقاطعة فعدل عنه كان ما صرفه الوصي الاول من مال نفسه (3).

[مسألة 24: يتحقق الرجوع عن الوصية بالقول]

(مسألة 24): يتحقق الرجوع عن الوصية بالقول مثل أن يقول:

______________________________

قال: هو بمنزلة الوصية يرجع فيما شاء منها «1».

(1) اذ مع فقدان شرائط التصرف يكون اعتباره و إنشائه لغوا و لا يترتب عليه الاثر المترقب.

(2) لقاعدة الغرور فان المغرور يرجع الي من غره و الغرامة علي الميت و تخرج من اصل التركة و بعد اخراجها تصل النوبة الي الوصية فتنفذ وصيته في الثلث بعد اخراج الدين كما هو الميزان.

هذا علي تقدير تحقق الغرور و أما مع عدم صدق الغرور فيشكل ما أفاده من كون الغرامة علي الميت الا أن يقال ان تغريمه امر عقلائي و لو مع عدم صدق الغرور اذ هو السبب في الاتلاف فيكون ضامنا.

(3) اذا كان الدليل علي العدول امرا ظاهرا عرفيا فالحق كما أفاده لتمامية الحجة علي الوصي الاول و الا يشكل.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 419

رجعت عن وصيتي الي زيد (1) و بالفعل مثل أن يوصي بصرف ثلثه ثم يوصي بوقفه (2) و مثل ان يوصي بوقف عين ثم يبيعها أو يهبها (3).

[مسألة 25: لا يعتبر في وجوب العمل بالوصية مرور مدة طويلة أو قصيرة]

(مسألة 25): لا يعتبر في وجوب العمل بالوصية مرور مدة طويلة او قصيرة فاذا اوصي ثم مات بلا فصل وجب العمل بها و كذا اذا مات بعد مرور سنين (4) نعم يعتبر عدم الرجوع عنها (5) و اذا شك في الرجوع بني علي عدمه (6).

[مسألة 26: إذا قال: إذا مت في هذا السفر فوصيي فلان و وصيتي كذا و كذا]

(مسألة 26): اذا قال: اذا مت في هذا السفر فوصيي فلان و وصيتي كذا و كذا فاذا لم يمت في ذلك السفر و مات في غيره لم يجب العمل بوصيته و لم يكن له وصي أما اذا كان الداعي له علي إنشاء الوصية خوف الموت في السفر الذي عزم عليه وجب العمل بوصيته و ان لم يمت في ذلك السفر و لأجل ذلك يجب العمل بوصايا

______________________________

(1) كما هو ظاهر.

(2) اذ لا يمكن الجمع بين الامرين فيكون الثاني ناسخا للأول و تأسيسا للثاني.

(3) فان البيع يعدم موضوع الوصية و كذا هبتها كما هو ظاهر.

(4) كما هو ظاهر فان موضوع الوصية يتحقق بموت الموصي بلا فرق بين الفصل الزماني الطويل و غيره بين الموت و الوصية.

(5) فان الرجوع عن الوصية تبطلها.

(6) بمقتضي الاستصحاب.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 420

الحجاج عند العزم علي الحج و مثلهم زوار الرضا عليه السلام و المسافرون اسفارا بعيدة فان الظاهران هؤلاء و امثالهم لم يقيدوا الوصية بالموت في ذلك السفر و انما كان الداعي علي الوصية خوف الموت في ذلك السفر فيجب العمل بوصاياهم ما لم يتحقق الرجوع عنها (1).

[مسألة 27: يجوز للوصي أن يأخذ أجرة مثل عمله إذا كان له أجرة]

(مسألة 27): يجوز للوصي ان يأخذ اجرة مثل عمله اذا كان له اجرة (2) الا اذا كان اوصي اليه بأن يعمل مجانا كما لو صرح الموصي بذلك او كانت قرينة عليه فلا يجوز له اخذ الاجرة حينئذ (3) و يجب عليه العمل بالوصية ان كان قد قبل (4) أما اذا لم يقبل ففي الوجوب اشكال و الاقرب العدم هذا بالنسبة الي العمل الذي أوصي اليه فيه كالبيع و الشراء و اعطاء الديون و نحو ذلك من الاعمال التي هي موضوع ولايته (5) اما

لو اوصي باعمال اخري مثل أن يوصي الي زيد ان يحج

______________________________

(1) بدعوي ان الظاهر من الجملة المذكورة التقييد بخلاف الصورة الثانية و علي جميع التقادير يكون المناط بالظهور العرفي فانه المتبع و مع الاجمال تصل النوبة الي الاصل العملي.

(2) لاحترام العمل فالامر به يوجب الضمان.

(3) اذ مع الوصية بهذا القيد يكون العمل مجانا و لا تكون له اجرة.

(4) اذ المفروض انه قد قبل ان ينفذ الوصية مجانا فيجب بمقتضي وجوب انفاذ الوصية.

(5) يمكن الاستدلال عليه بقاعدة لا ضرر علي مسلك القوم و أما علي ما سلكناه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 421

عنه او يصلي عنه او نحو ذلك لم يجب عليه القبول حتي لو لم يعلم ذلك في حياة الموصي (1) و لو قبل في حياته فان كان أوصي اليه بالعمل مجانا مثل أن يحج فقبل لم يبعد جواز الرد بعد وفاته (2) و اذا جعل له اجرة معينة بأن قال له: حج عني بمائة دينار كان اجارة و وجب العمل بها و له الاجرة اذا كان قد قبل في حياته (3) و الا لم يجب (4) و لو

______________________________

فيمكن أن يقال: بأنه خلاف المعهود من الشريعة.

و بعبارة اخري: وجوب القيام بعمل للغير بأمره مجانا غير معهود من مذاق الشرع فلا يجب.

(1) اما لقاعدة لا ضرر و اما لعدم معهودية مثله في الشريعة و اما لانصراف دليل وجوب العمل بالوصية عن مثله.

(2) لم يظهر وجهه اذ بعد القبول علي ما هو عليه من المجانية لا وجه للرد.

و يمكن أن يقال: ان الوجه فيما أفاده انه لا دليل علي وجوب العمل بما أوصي به.

و بعبارة اخري لا دليل علي وجوب العمل مجانا غاية ما في الباب ان الوصي

وعد بأن يعمل بالوصية و وجوب العمل بالوعد مورد الاشكال و الكلام فلا يبعد جواز الرد كما في المتن.

(3) اذ المفروض انه وقع المعاملة علي العمل بهذا النحو و ليست الاجارة الا تمليك المنفعة في مقابل اجرة لكن هذا يتم فيما اتصل القبول بالوصية و أما مع الفصل فلا يكون اجارة.

الا أن يقال: انه لا دليل علي اشتراط الموالاة بين الايجاب و القبول فلو قبل الأجير قبل انصراف الموصي عن وصيته تصير اجارة صحيحة.

(4) بتقريب انه لا مقتضي للوجوب اذ المفروض ان دليل الوصية لا يشمل المقام

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 422

كان باجرة غير معينة عندهما بان قال له: حج عني باجرة المثل و لم تكن الاجرة معلومة عندهما فقبل في حياته لم يبعد أيضا عدم وجوب العمل و جريان حكم الاجارة الفاسدة (1) و لو كان بطريق الجعالة لم يجب العمل (2) لكنه يستحق الاجرة علي تقدير العمل لصدق الوصية حينئذ (3).

[مسألة 28: تثبت الوصية التمليكية بشهادة مسلمين عادلين]

(مسألة 28): تثبت الوصية التمليكية بشهادة مسلمين عادلين (4) و بشهادة مسلم عادل مع يمين الموصي له (5) و بشهادة مسلم عادل مع

______________________________

و من ناحية اخري لا يمكن تصحيحه بكونه اجارة اذ المفروض ان الموصي مات قبل قبول المؤجر و لا تصح الاجارة الا مع الايجاب من طرف و القبول من الطرف الاخر مع بقاء الشرائط في كليهما الي آخر العقد، فعلي هذا لو لم يقبل في حال الحياة لم يجب العمل بما أوصي بعد وفات الموصي.

(1) الظاهر ان الوجه في الحكم بالفساد تحقق الغرر الموجب لفساد العقد.

(2) لعدم ما يقتضي الوجوب.

(3) و مع صدق الوصية لو عمل بها يستحق الجعل.

(4) اجماعا بقسميه- كما في الجواهر- و يدل علي المدعي قوله تعالي

«يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهٰادَةُ بَيْنِكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنٰانِ ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرٰانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصٰابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمٰا مِنْ بَعْدِ الصَّلٰاةِ فَيُقْسِمٰانِ بِاللّٰهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لٰا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَ لَوْ كٰانَ ذٰا قُرْبيٰ وَ لٰا نَكْتُمُ شَهٰادَةَ اللّٰهِ إِنّٰا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ» «1» و صفوة القول انه لا اشكال في قبول شهادة عدلين في الحقوق المالية.

(5) لجملة من النصوص: منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه

______________________________

(1) المائدة/ 106

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 423

مسلمتين عادلتين كغيرها من الدعاوي المالية (1) و تختص أيضا بانها تثبت بشهادة النساء منفردات فيثبت ربعها بشهادة مسلمة عادلة و نصفها بشهادة مسلمتين عادلتين و ثلاثة ارباعها بشهادة ثلاث مسلمات عادلات و تمامها بشهادة اربع مسلمات عادلات (2) بلا حاجة الي اليمين في

______________________________

السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم يجيز في الدين شهادة رجل واحد و يمين صاحب الدين و لم يجز في الهلال الا شاهد عدل «1».

و منها: ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم يقضي بشاهد واحد مع يمين صاحب الحق 2

و منها: ما رواه حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام: يقول كان علي عليه السلام يجيز في الدين شهادة رجل و يمين المدعي 3.

و منها: ما رواه حماد بن عيسي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

حدثني أبي عليه السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم قضي بشاهد و يمين 4

(1) يمكن أن يستدل

عليه بقوله تعالي «وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجٰالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونٰا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتٰانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدٰاءِ» 5.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه ابراهيم بن محمد الهمداني قال: كتب احمد بن هلال الي أبي الحسن عليه السلام: امرأة شهدت علي وصية رجل لم يشهدها غيرها، و في الورثة من يصدقها، و منهم من يتهمها، فكتب: لا الا أن يكون رجل و امرأتان، و ليس بواجب ان تنفذ شهادتها 6.

(2) بلا خلاف بل اجماعا- كما في الجواهر- و يمكن الاستدلال عليه بجملة

______________________________

(1) (1 و 2 و 3 و 4) الوسائل الباب 14 من أبواب كيفية الحكم الحديث: 1 و 2 و 3 و 4

(2) (5) البقرة/ 282

(3) (6) الوسائل الباب 22 من أحكام الوصايا الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 424

شهادتهن (1) أما الوصية العهدية و هي الوصاية بالولاية فلا تثبت الا بشهادة مسلمين عادلين (2).

[مسألة 29: تثبت الوصية التمليكية و العهدية بشهادة ذميين عدلين في دينهما عند عدم عدول المسلمين]

(مسألة 29): تثبت الوصية التمليكية و العهدية بشهادة ذميين عدلين في دينهما عند عدم عدول المسلمين (3).

______________________________

من النصوص: منها ما رواه ربعي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في شهادة امرأة حضرت رجلا يوصي ليس معها رجل فقال: يجاز ربع ما أوصي بحساب شهادتها «1».

فانه يستفاد من هذه الرواية انه يثبت ربع مورد الوصية بشهادة امرأة واحدة و لازمه ثبوت النصف بامرأتين و ثبوت ثلاثة ارباع بشهادة ثلاث نسوة و ثبوت الجميع بشهادة الاربع، فلاحظ.

(1) لإطلاق النصوص.

(2) كما هو مقتضي الأصل الاولي و عن كتاب المسالك و محكي غيره نفي الخلاف فيه.

(3) ادعي عدم الخلاف في الجملة علي قبول شهادة الكافر في الوصية.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي «2» و تدل علي المدعي أيضا جملة من

النصوص، منها: ما رواه ضريس الكناسي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن شهادة اهل الملل هل تجوز علي رجل مسلم من غير اهل ملتهم؟ فقال: لا الا أن لا يوجد في تلك الحال غيرهم، و ان لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم في الوصية لأنه لا يصلح ذهاب حق امرء مسلم و لا تبطل وصيته «3».

و منها: ما رواه ابو الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أحكام الوصايا الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 422

(3) الوسائل الباب 20 من احكام الوصايا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 425

و لا تثبت بشهادة غيرهما من الكفار (1).

[مسألة 30: تثبت الوصية التمليكية بإقرار الورثة جميعهم إذا كانوا عقلاء بالغين]

(مسألة 30): تثبت الوصية التمليكية باقرار الورثة جميعهم اذا كانوا عقلاء بالغين و ان لم يكونوا عدولا (2) و اذا اقر بعضهم دون

______________________________

عن قول اللّه عز و جل: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهٰادَةُ بَيْنِكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنٰانِ ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرٰانِ مِنْ غَيْرِكُمْ» قلت: ما آخر ان من غيركم؟ قال: هما كافران قلت: ذوا عدل منكم. قال: مسلمان «1».

و منها: ما رواه الحلبي و محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته هل تجوز شهادة اهل ملة من غير اهل ملتهم؟ قال: نعم اذا لم يوجد من اهل ملتهم جازت شهادة غيرهم انه لا يصلح ذهاب حق احد «2».

(1) الاية الكريمة و إن كانت مطلقة و كذلك عدة من النصوص لكن لا بد من رفع اليد عن اطلاقهما بما رواه حمزة بن حمران، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن قول اللّه عز و جل: «ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرٰانِ مِنْ غَيْرِكُمْ» قال:

فقال اللذان منكم

مسلمان و اللذان من غيركم من اهل الكتاب، فقال: اذا مات الرجل المسلم بأرض غربة فطلب رجلين مسلمين يشهدهما علي وصيته فلم يجد مسلمين فليشهد علي وصيته رجلين ذميين من اهل الكتاب مرضيين عند اصحابهما «3».

لكن السند مخدوش بحمزة بن حمران حيث انه لم يوثق: الا أن يقال بأن التقييد اجماعي كما في الجواهر فبالاجماع يقيد اطلاق الاية و النصوص و يختص الحكم بخصوص الذمي، و اللّه العالم.

(2) لنفوذ الاقرار، روي جماعة من علمائنا في كتب الاستدلال عن النبي صلي

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أحكام الوصايا الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 426

بعض تثبت بالنسبة الي حصة المقر دون المنكر (1) نعم اذا اقر منهم اثنان و كانا عدلين تثبت الوصية بتمامها (2) و اذا كان عدلا واحدا تثبت أيضا مع يمين الموصي له و تثبت الوصية العهدية باقرار الورثة جميعهم و اذا اقر بعضهم ثبت بعض الموصي به علي نسبة حصة المقر و ينقص من حقه نعم اذا اقر اثنان عدلان منهم ثبتت (3).

[فصل في منجزات المريض]

اشارة

فصل في منجزات المريض

[مسألة 1: إذا تصرف المريض في مرض الموت تصرفا منجزا]

(مسألة 1): اذا تصرف المريض في مرض الموت تصرفا منجزا فان لم يكن مشتملا علي المحاباة كما اذا باع بثمن المثل او آجر باجرة المثل فلا اشكال في صحته و لزوم العمل به (4) و اذا كان مشتملا علي نوع من المحاباة و العطاء المجاني كما اذا أعتق أو أبرأ او وهب هبة مجانية غير معوضة او معوضة باقل من القيمة أو باع باقل

______________________________

اللّه عليه و آله و سلم انه قال: اقرار العقلاء علي انفسهم جائز «1» و جواز الاقرار و نفوذه من الواضحات.

(1) لتحقق الموضوع بهذا المقدار.

(2) لتحقق الشهادة المعتبرة علي الفرض.

(3) كما مر، و مما ذكرنا يتضح ما أفاده بتمامه، فلاحظ.

(4) للإطلاقات و العمومات الأولية الدالة علي الصحة بلا وجود معارض مضافا الي عدم الخلاف فيه ظاهرا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من الاقرار الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 427

من ثمن المثل او آجر باقل من اجرة المثل او نحو ذلك مما يستوجب نقصا في ماله فالظاهر انه نافذ كتصرفه في حال الصحة و القول بأنه يخرج من الثلث فاذا زاد عليه لم ينفذ الا باجازة الوارث ضعيف (1) و اذا اقر بعين أو دين لوارث أو لغيره فان كان المقر مأمونا و مصدقا في نفسه نفذ الاقرار من الاصل و ان كان متهما

______________________________

(1) يقع الكلام في هذه المسألة في مقامين: المقام الأول: فيما تقتضيه القواعد الأولية و المقام الثاني فيما تقتضيه النصوص الخاصة. أما المقام الأول: فنقول لا اشكال في أن مقتضي القواعد الاولية نفوذ التصرف و صحته فانه ما دام لم يقم دليل علي التخصيص أو التقييد يكون عموم العمومات و اطلاق المطلقات محكما و مرجعا.

و أما المقام

الثاني: فعمدة ما قيل في مقام الاستدلال علي المدعي أو يمكن أن يقال جملة من النصوص: منها: ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن عطية الوالد لولده فقال: أما اذا كان صحيحا فهو ماله يصنع به ما شاء و أما في مرضه فلا يصلح «1».

و المستفاد من هذه الرواية كما تري ان عطية الوالد للولد إن كانت في حال المرض لا يكون صالحا و ان كان في حال الصحة يكون صالحا و من الظاهر ان مفاد الرواية لا يرتبط بالمقام فان المدعي في المقام ان منجزات المريض في مرض موته لا تكون صحيحة و بعبارة اخري: مفاد الرواية اجنبي عما نحن بصدده.

و منها: ما رواه جراح المدائني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن عطية الوالد لولده يبينه قال: اذا اعطاه في صحته جاز 2 و هذه الرواية ضعيفة

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 17 من احكام الوصايا الحديث: 11 و 14

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 428

______________________________

بجراح.

و منها: ما رواه الحلبي، قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون لامرأته عليه الصداق او بعضه فتبرئه منه في مرضها فقال: لا «1».

و المستفاد من هذه الرواية كالرواية السابقة اجنبي عن المقام اذ المستفاد منها ان ابراء الصداق الثابت في ذمة الزوج في حال المرض لا يصح و من الظاهر انه لا يرتبط بما نحن فيه.

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته و ذكر مثله و زاد: و لكنها ان وهبت له جاز ما وهبت له من ثلثها 2 و الكلام فيه هو الكلام.

مضافا الي أن المستفاد من الحديث ان ابراء ما في الذمة ليس صحيحا و لكن هبتها، تكون

صحيحة و الحال انه يمكن أن يقال كما في بعض الكلمات انه خلاف الاجماع حيث ان ابراء ما في الذمة صحيح دون هبته فالأمر بالعكس.

و منها: ما رواه عقبة بن خالد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل حضره الموت فاعتق مملوكا له ليس له غيره فأبي الورثة أن يجيزوا ذلك، كيف القضاء فيه؟ قال: ما يعتق منه الا ثلثه 3 و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن عبد اللّه بن هلال.

و منها: ما رواه علي بن عقبة: عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل حضره الموت فاعتق مملوكا له ليس له غيره، فأبي الورثة ان يجيزوا ذلك، كيف القضاء فيه؟ قال: ما يعتق منه الا ثلثه، و ساير ذلك الورثة احق بذلك، و لهم ما بقي 4 و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن حسن بن

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) نفس المصدر الحديث: 15 و 16 و 13

(2) (4) الوسائل الباب 11 من أحكام الوصايا الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 429

______________________________

الفضال.

و منها: ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان اعتق رجل عند موته خادما له ثم اوصي بوصية اخري اعتقت الخادم من ثلثه، و الغيت الوصية الا أن يفضل من الثلث ما يبلغ الوصية «1» و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني.

و منها: ما رواه أبو ولاد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون لامرأته عليه الدين فتبرئه منه في مرضها قال: بل تهبه له فتجوز هبتها له و يحسب ذلك من ثلثها ان كانت تركت شيئا «2» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن حسن بن

الفضال.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «3» بتقريب ان المستفاد من الرواية ان مجموع ما اوصي مع العتق اكثر من الثلث و فيه: انه لا دليل عليه بل لا يبعد أن يرجع الضمير الي خصوص ما اوصي بل علي ما قيل استدل بعض بهذه الرواية علي القول الاخر، فلاحظ.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «4» و الكلام فيه هو الكلام، بل دلالة هذه الرواية علي القول الاخر اظهر مضافا الي الاشكال في السند.

و منها: ما رواه الحسن بن الجهم قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول في رجل اعتق مملوكا و قد حضره الموت و اشهد له بذلك و قيمته ستمائة درهم، و عليه دين ثلاثمائة درهم و لم يترك شيئا غيره، قال: يعتق منه سدسه لأنه انما له من ثلاثمائة درهم و له السدس من الجميع «و يقضي عنه ثلاثمائة درهم و له من الثلاثمائة

______________________________

(1) الوسائل الباب 67 من أحكام الوصايا الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 11 من أحكام الوصايا الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 359

(4) لاحظ ص: 359

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 430

______________________________

درهم و له من الثلاثمائة ثلثها. خ كا» «1».

و فيه: انه لم يفرض المرض في الرواية مضافا الي ما نقل عن المسالك بأن الرواية واردة في العتق و يمكن أن يكون الحكم خاصا به و لا وجه لقياس غير المقام عليه اضف الي ذلك كله ان الرواية معارضة مع ما دل علي صحة عتقه.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج، قال سألني أبو عبد اللّه عليه السلام هل يختلف ابن ابي ليلي و ابن شبرمة؟ فقلت: بلغني انه مات مولي لعيسي بن موسي فترك عليه دينا كثيرا، و ترك مماليك

يحيط دينه بأثمانهم، فاعتقهم عند الموت فسألهما عيسي بن موسي عن ذلك فقال ابن شبرمة أري ان تستسعيهم في قيمتهم فتدفعها الي الغرماء فانه قد أعتقهم عند موته، فقال ابن أبي ليلي: اري ان ابيعهم و ادفع اثمانهم الي الغرماء، فانه ليس له أن يعتقهم عند موته، و عليه دين يحيط بهم، و هذا اهل الحجاز اليوم يعتق الرجل عبده و عليه دين كثير فلا يجيزون عتقه اذا كان عليه دين كثير، فرفع ابن شبرمة يده الي السماء و قال:

سبحان اللّه يا ابن أبي ليلي متي قلت بهذا القول؟ و اللّه ما قلته الا طلب خلافي فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: فعن رأي ايهما صدر؟ قال: قلت بلغني انه اخذ برأي ابن أبي ليلي، و كان له في ذلك هوي فباعهم و قضي دينه، فقال: فمع ايهما من قبلكم؟ قلت له: مع ابن شبرمة، و قد رجع ابن أبي ليلي الي رأي ابن شبرمة بعد ذلك، فقال: أما و اللّه ان الحق لفي الذي قال ابن أبي ليلي، و ان كان قد رجع عنه، فقلت له: هذا ينكسر عندهم في القياس، فقال: هات قايسني، قلت: أنا اقايسك، فقال: لتقولن باشد ما تدخل فيه من القياس، فقلت له: رجل ترك عبدا لم يترك مالا غيره و قيمة العبد ستمائة درهم و دينه خمسمائة درهم، فاعتقه عند الموت كيف يصنع؟ قال: يباع العبد فيأخذ الغرماء خمسمائة درهم و يأخذ الورثة

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من احكام الوصايا الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 431

______________________________

مأئة درهم، فقلت: أ ليس قد بقي عن قيمة العبد مأئة درهم عن دينه؟ فقال: بلي، قلت: أ ليس للرجل ثلثه يصنع به ما

شاء؟ قال: بلي، قلت: أ ليس قد أوصي للعبد فالثلث من المائة حين اعتقه؟ قال: ان العبد لا وصية له انما ماله لمواليه، فقلت له: فان كان قيمة العبد ستمائة درهم و دينه أربعمائة فقال: كذلك يباع العبد فيأخذ الغرماء أربعمائة درهم و يأخذ الورثة مأتين و لا يكون للعبد شي ء، قلت:

فان قيمة العبد ستمائة درهم و دينه ثلاثمائة درهم فضحك، فقال: من هاهنا اتي اصحابك جعلوا الاشياء شيئا واحدا و لم يعلموا السنة، اذا استوي مال الغرماء و مال الورثة أو كان مال الورثة أكثر من مال الغرماء لم يتهم الرجل علي وصيته، و اجيزت الوصية علي وجهها فالآن يوقف هذا، فيكون نصفه للغرماء و يكون ثلثه للورثة و يكون له السدس «1».

و هذه الرواية لم يفرض فيه المرض للمعتق و انما فرض كون المعتق مديونا فلا يرتبط بالمقام و يمكن أن يكون الحكم الوارد في الرواية حكما خاصا للموضوع الخاص.

و منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اعتق مملوكه عند موته و عليه دين، فقال: ان كان قيمته مثل الذي عليه و مثله جاز عتقه و الا لم يجز «2» و من الظاهر انه لا يرتبط مفاد الحديث بما نحن بصدده.

و ربما يستدل علي المدعي بالنصوص الدالة علي أن للإنسان عند موته ثلث ماله منها: ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان البراء بن معرور الانصاري بالمدينة، و كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بمكة، و انه حضره الموت و كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و المسلمون يصلون الي بيت المقدس

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2)

نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 432

______________________________

فأوصي البراء بن معرور اذا دفن أن يجعل وجهه تلقاء النبي صلي اللّه عليه و آله الي القبلة، و أوصي بثلث ماله فجرت به السنة «1».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يموت ماله من ماله؟ فقال: له ثلث ماله و للمرأة أيضا 2.

و منها: ما رواه مرازم، عن بعض اصحابنا، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يعطي الشي ء من ماله في مرضه قال: ان ابان به فهو جائز و ان أوصي به فهو من الثلث 3.

بتقريب انه لا يجوز تصرفه الا في هذا المقدار و يرد عليه: ان المراد من تلك النصوص الوصية بالثلث و الا فلا اشكال في ان الشخص ما دام حيا يكون ماله بتمامه له اضف الي ذلك ان هذه الطائفة معارضة بما دل علي أن الانسان يمكنه التصرف في ماله ما دام حيا.

الا أن يقال: انه لا تعارض بين الجانبين اذ يمكن أن يقال: ان الأخبار الدالة علي أن للإنسان ماله الي زمان الموت يقيد بما دل علي التقييد.

و مما يمكن أن يستدل به علي المدعي النصوص الدالة علي عدم جواز الاضرار بالوارث و عدم جواز الجور في الوصية: منها ما رواه السكوني، عن جعفر بن محمد، عن ابيه عليهما السلام قال: قال علي عليه السلام: ما ابالي اضررت بولدي او سرقتهم ذلك المال 4.

و منها: ما رواه السكوني أيضا عن جعفر بن محمد عن ابيه عليهما السلام قال: قال علي عليه السلام من أوصي و لم يحف و لم يضار كان كمن تصدق به في حياته 5.

______________________________

(1) (1 و 2 و

3) الوسائل الباب 10 من احكام الوصايا الحديث: 1 و 2 و 4

(2) (4 و 5) الوسائل الباب 5 من احكام الوصايا الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 433

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضي امير المؤمنين عليه السلام في رجل توفي و أوصي بماله كله أو اكثره، فقال له: الوصية ترد الي المعروف غير المنكر، فمن ظلم نفسه و اتي في وصيته المنكر و الحيف فانها ترد الي المعروف، و يترك لأهل الميراث ميراثهم الحديث «1».

و منها: ما رواه مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد عن ابيه عليهما السلام قال: من عدل في وصيته كان كمن تصدق بها في حياته، و من جار في وصيته لقي اللّه عز و جل يوم القيامة و هو عنه معرض «2».

و منها: ما رواه العياشي (في تفسيره) عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن ابيه عن علي عليهم السلام قال: السكر من الكبائر، و الحيف في الوصية من الكبائر 3.

بتقريب ان المستفاد من هذه النصوص ان التصرف في أزيد من الثلث يتوقف علي اذن الوارث.

و فيه ان هذا الحكم خاص بالوصية و الا يلزم القول بعدم جواز التصرف حتي في حال الصحة، و هو كما تري و بعبارة اخري هذه حكمة لجعل الوصية نافذة في خصوص الثلث.

و لكن مع ذلك كله في النفس شي ء اذ لا يبعد أن يفهم من عنوان المرض في جملة من النصوص مرض الموت فلا يتوجه ما ذكرناه من الاشكال حيث قلنا ان مفاد تلك النصوص اجنبي عن المقام اللهم الا أن يستدل علي جواز التصرف علي نحو الاطلاق بالسيرة الخارجية من غير نكير

من المتشرعة اذ لو لا صحة التصرف الواقع في مرض الموت كيف يمكن جريان السيرة عليه و طريق الاحتياط ظاهر و اللّه العالم بحقائق الامور و عليه التوكل و التكلان.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من احكام الوصايا الحديث: 1

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 434

نفذ من الثلث هذا اذا كان الاقرار في مرض الموت اما اذا كان في حال الصحة أو في المرض غير مرض الموت اخرج من الاصل و ان كان متهما (1).

______________________________

(1) الظاهر ان الماتن ناظر الي ان الجمع بين النصوص يقتضي التفصيل المذكور فان المستفاد من جملة من النصوص نفوذ الاقرار مع عدم التهمة و عدم نفوذها معها لاحظ ما رواه العلاء بياع السابري قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امراة استودعت رجلا مالا فلما حضرها الموت قالت له: ان المال الذي دفعته إليك لفلانة و ماتت المرأة فأتي اولياؤها الرجل فقالوا: انه كان لصاحبتنا مال و لا نراه الا عندك فاحلف لنا مالها قبلك شي ء أ فيحلف لهم؟ فقال: ان كانت مأمونة عنده فيحلف لهم، و ان كانت متهمة فلا يحلف، و يضع الأمر علي ما كان، فانما لها من مالها ثلثه «1».

و لاحظ ما رواه أبو ايوب، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل أوصي لبعض ورثته ان له عليه دينا، فقال: ان كان الميت مرضيا فاعطه الذي أوصي له 2

و لاحظ مكاتبة محمد بن عبد الجبار 3 بتقريب ان الدين لو لم يكن معروفا معلوما لم يكن الاقرار مؤثرا للتهمة.

و لاحظ ما رواه الحلبي، قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل اقر لوارث بدين في مرضه أ

يجوز ذلك؟ قال: نعم اذا كان مليا 4 بناء علي ان الملاءة طريق الي رفع التهمة و نقل عن الصحاح انه ملؤ الرجل صار مليا اي ثقة.

و لاحظ ما رواه منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 16 من احكام الوصايا الحديث: 2 و 8

(2) (3) لاحظ ص: 374

(3) (4) الوسائل الباب 16 من احكام الوصايا الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 435

[مسألة 2: إذا قال: هذا وقف بعد وفاتي أو نحو ذلك مما يتضمن تعليق الإيقاع علي الوفاة فهو باطل لا يصح]

(مسألة 2): اذا قال: هذا وقف بعد وفاتي او نحو ذلك مما يتضمن تعليق الايقاع علي الوفاة فهو باطل لا يصح و ان اجاز الورثة (1) فالانشاء المعلق علي الوفاة انما يصح في مقامين إنشاء الملك و هي الوصية

______________________________

اوصي لبعض ورثته ان له عليه دينا، فقال: ان كان الميت مرضيا فاعطه الذي أوصي له «1».

و لاحظ ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يقر لوارث بدين، فقال: يجوز اذا كان مليا 2.

و لاحظ ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل معه مال مضاربة فمات و عليه دين، و أوصي ان هذا الذي ترك لأهل المضاربة، أ يجوز ذلك؟ قال: نعم اذا كان مصدقا 3.

و مقتضي الجمع بين هذه الطائفة و بقية الطوائف التفصيل بأن يقال: ان كان الاقرار في حال المرض اي مرض الموت و كان بمقدار الثلث ينفذ و الا لا ينفذ، هذا فيما يكون المقر غير مصدق في قوله و الا يحسب من الأصل فان الجمع بين النصوص يقتضي التفصيل المذكور.

لاحظ حديث بياع السابري 4 حيث يدل علي ان الاقرار مع التهمة لا يؤثر الا في الثلث

و بهذه الرواية يقيد ما دل علي عدم النفوذ علي الاطلاق في حال التهمة و أما التقييد بالمرض المقيد بمرض الموت فلا يبعد ان الوجه فيه قيام الاجماع القطعي علي نفوذ الاقرار في حال الصحة و حال المرض غير مرض الموت، و اللّه العالم.

(1) للتعليق.

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) نفس المصدر الحديث: 1 و 5 و 14

(2) (4) لاحظ ص: 434

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 436

التمليكية و إنشاء العتق و هو التدبير (1) و لا يصح في غيرهما من انواع الانشاء فاذا قال: بعت او آجرت او صالحت او وقفت بعد وفاتي بطل و لا يجري عليه حكم الوصية بالبيع او الوقف مثلا بحيث يجب علي الورثة ان يبيعوا او يوقفوا بعد وفاته (2) الا اذا فهم من كلامه انه يريد الوصية بالبيع او الوقف فحينئذ كانت وصيته صحيحة و وجب العمل بها (3) نعم اذا قال للمدين ابرأت ذمتك بعد وفاتي و اجازه الوارث بعد موته برئت ذمه المدين فان اجازة الابراء بنفسها تنازل من قبل الورثة عن حقهم و ابراء لذمة المدين (4).

[كتاب الوقف]

اشارة

كتاب الوقف و هو تحبيس الأصل و تسبيل الثمرة (5).

______________________________

(1) كما هو ظاهر واضح.

(2) فانه لا مقتضي للصحة.

(3) لنفوذ الوصية و وجوب العمل بها.

(4) الظاهر ان ما أفاده تام.

(5) قال المحقق قدس سره: «الوقف عقد ثمرته تحبيس الأصل و اطلاق المنفعة و قد ذكر هذا المضمون في بعض النصوص منها ما رواه ابن أبي جمهور في عوالي اللآلي عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال حبس الأصل و سبل الثمرة «1» و في درر اللآلي عنه صلي اللّه عليه و آله انه قال ان شئت حبست اصله

و سبلت ثمرتها 2

______________________________

(1) (1 و 2) مستدرك الوسائل الباب 2 من أبواب الوقف الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 437

[مسائل]

[مسألة 1: لا يكفي في تحققه مجرد النية بل لا بد من مظهر لها مثل وقفت و حبست و نحوهما مما يدل علي المقصود]

(مسألة 1): لا يكفي في تحققه مجرد النية بل لا بد من مظهر لها مثل وقفت و حبست و نحوهما مما يدل علي المقصود (1) و الظاهر وقوعه بالمعاطاة مثل أن يعطي الي قيم المشهد آلات الاسراج أو يعطيه الفراش أو نحو ذلك (2) بل ربما يقع بالفعل بلا معاطاة مثل أن يعمر الجدار أو الاسطوانة الخربة من المسجد أو نحو ذلك (3) فانه اذا مات من دون اجراء صيغة الوقف لا يرجع ميراثا الي ورثته (4).

[مسألة 2: الوقف تارة يكون له موقوف عليه يقصد عود المنفعة اليه و تارة لا يكون كذلك و الثاني وقف المسجد]

(مسألة 2): الوقف تارة يكون له موقوف عليه يقصد عود المنفعة اليه و تارة لا يكون كذلك و الثاني وقف المسجد فان الواقف لم يلحظ في الوقف منفعة خاصة و انما لاحظ مجرد حفظ العنوان الخاص و هو عنوان المسجدية و هذا القسم لا يكون له موقوف عليه (5).

______________________________

و لا اشكال في أن قوام الوقف بكون الموقوف محبوسا و ممنوعا عن الحركة و بهذا الاعتبار يسمي الوقف وقفا و علي الجملة لا اشكال فيما أفاده و قد أجاد الماتن حيث قال: «و هو تحبيس الأصل» و لم يقل هو عقد اذ لو كان عقدا يلزم فيه القبول و الحال ان الوقف لا يشترط فيه القبول كما يصرح به فيما بعد.

(1) فان الوقف من الامور الانشائية و لا بد فيها من ابرازها بمبرز.

(2) اذ يصدق العنوان بالمعاطاة و لا دليل علي اشتراط الانشاء باللفظ.

(3) بعين التقريب و وحدة الملاك فلاحظ.

(4) اذ بعد تمامية الوقف لا مجال للانتقال الي الورثة بالإرث فان المفروض خروج العين عن ملك المورث فلا موضوع للإرث كما هو ظاهر.

(5) ربما يقال: ان المسجد خارج عن عنوان الوقف و مصداق للتحرير و لكن

مباني منهاج الصالحين، ج 9،

ص: 438

و اذا لاحظ الواقف منفعة خاصة مثل الصلاة أو الذكر أو الدعاء أو نحوها من انحاء العبادة فقال: وقفت هذا المكان علي المصلين أو الذاكرين أو الداعين أو نحو ذلك لم يصر مسجدا و لم تجر عليه أحكام المسجد و انما يصير وقفا علي الصلاة أو غيرها مما لاحظه الواقف و يكون من القسم الاول الذي له موقوف عليه و هو الذي لاحظ الواقف فيه المنفعة و هو علي اقسام (1).

______________________________

الظاهر انه لا دليل عليه فالحق انه نوع من الوقف في مقابل بقية الوقوف فكما أفاد الماتن تارة يكون للوقف موقوف عليه و في هذه الصورة لا يتحقق عنوان المسجدية فالمسجد وقف بلا موقوف عليه.

و ان شئت قلت: لا اشكال في أن المستفاد من الأدلة الشرعية ان الشارع الأقدس جعل احكاما خاصة للمسجد و يلاحظ عنوان المسجد موضوعا للأحكام الخاصة و يتحقق هذا العنوان بتعلق إنشائه مع اجتماع الشرائط بمكان فالنتيجة انه لو قصد الواقف ذلك الموضوع الذي تترتب عليه أحكام خاصة في الشريعة يتحقق عنوان المسجدية و تترتب عليه تلك الأحكام و لا يكون له موقوف عليه فانقدح مما تقدم ان المسجد داخل في الوقوف و لكن لا ينافي كونه تحريرا و الظاهر ان المراد من التحرير اطلاقه و عدم كونه ملكا لأحد و علي الجملة الوقف اذا كان له موقوف عليه لا يكون محررا بل مقيدا بكونه مملوكا و بعبارة اخري: قبل الوقف يكون ملكا للواقف و بعد الوقف يصير ملكا للموقوف عليه و أما المسجد حيث انه لا يكون ملكا للموقوف عليه لعدمه لا يكون مقيدا بل يكون حرا فقبل الوقف يكون ملكا للواقف و بالوقف يصير محررا و مطلقا من

هذه الجهة فلاحظ.

(1) الأمر كما أفاده فان الموقوف في هذه الصورة لا يكون مسجدا بل يكون

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 439

الاول: أن يلحظ عود المنفعة الي الموقوف عليهم بصيرورتها ملكا لهم كما اذا قال: هذا المكان وقف علي اولادي علي أن تكون منافعه لهم أو هذا البستان وقف علي اولادي علي أن تكون ثمرتها لهم فتكون المنافع و الثمرة ملكا لهم كسائر أملاكهم تجوز المعاوضة منهم عليها و يرثها وارثهم و تضمن لهم عند طروء سبب الضمان و تجب الزكاة علي كل واحد منهم عند بلوغ حصته النصاب (1) الثاني أن تلحظ المنافع مصروفة عليهم من دون تمليك فلا تجوز المعاوضة من احد الموقوف عليهم علي حصته و لا تجب فيها الزكاة و ان بلغت النصاب و لا يرثها وارث الموقوف عليه اذا مات قبل أن تصرف المنفعة عليه و تضمن

______________________________

موقوفا علي المصلين و تكون المنفعة راجعة اليهم و لذا لا يكون تحريرا بل يكون ملكا و هذا القسم له اقسام.

(1) و السيرة جارية عليه بلا ردع من الشارع بل اطلاق قوله عليه السلام في بعض النصوص: منها ما رواه محمد بن الحسن الصفار أنه كتب الي أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام في الوقف و ما روي فيه «الوقوف و ما روي فيها» عن آبائه عليهم السلام فوقع عليه السلام: الوقوف تكون علي حسب ما يوقفها أهلها إن شاء اللّه «1».

و منها: ما رواه محمد بن يحيي قال: كتب بعض اصحابنا الي أبي محمد عليه السلام في الوقوف و ما روي فيها فوقع عليه السلام: الوقوف علي حسب ما يقفها اهلها إن شاء اللّه 2، يشمل المقام و بعد تحقق الملكية تترتب عليها

أحكامها كما في المتن.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 2 من أبواب الوقوف الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 440

المنفعة بطروء سبب الضمان و هذا القسم علي نوعين: الاول أن يلحظ فيه صرف شخص المنفعة كما اذا قال: هذه الشجرة وقف علي اولادي يأكلون ثمرتها و في مثله لا يجوز للولي تبديلها و المعاوضة عليها بل يصرف نفس الثمرة عليهم ليأكلوها الثاني: أن لا يلحظ فيه صرف شخص المنفعة بل يلحظ الاعم منها و من بدلها كما اذا قال: هذه البستان وقف علي اولادي تصرف منفعتها عليهم سواء أ كان بتبديلها الي عين أخري بأن يبدل الولي الثمرة بالحنطة أو الدقيق أو الدراهم أو يبذل نفسها لهم (1) القسم الثالث: أن يلاحظ الواقف انتفاع الموقوف عليهم مباشرة باستيفاء المنفعة بأنفسهم مثل وقف خانات المسافرين و الرباطات و المدارس و كتب العلم و الادعية و نحوها و هذا القسم كما لا تجوز المعاوضة علي منافعه لا من الموقوف عليهم و لا من الولي لا توارث فيه (2) و الظاهر ثبوت الضمان فيه أيضا اذا غصب المنفعة غاصب كالأقسام السابقة (3) نعم الظاهر عدم الضمان في مثل المساجد

______________________________

(1) كما هو مقتضي اطلاق كون الوقف علي حسب جعل الواقف فانه تابع لجعله فاذا وقفه علي أن يصرف نفعه في الموقوف عليه بلا تغيير يجب و أما اذا جعل الأعم يجوز الصرف علي ذلك النحو.

(2) كما عليه السيرة الخارجية المستمره و في جميع هذه الأقسام يكون الوقف ملكا للموقوف عليه غاية الأمر تارة يكون الوقف خاصا و اخري عاما و بعبارة اخري ان العين الموقوفة مملوكة للموقوف عليه و تتصور الأقسام المذكورة في المتن بالنسبة الي منفعة

الوقف.

(3) اذ المفروض عدم كون التالف من المباحات الأصلية فيكون المتلف ضامنا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 441

التي يكون الوقف فيها تحريرا (1).

[مسألة 3: الظاهر عدم اعتبار القبول في الوقف بجميع أنواعه]

(مسألة 3): الظاهر عدم اعتبار القبول في الوقف بجميع انواعه (2).

______________________________

و يمكن أن يقال: ان المنفعة في هذه الموارد ملك للجهة الخاصة.

(1) و الوجه فيه انه لا مالك للعين في المسجد فلا موضوع للضمان و بعبارة اخري الضمان يترتب علي تلف المملوك و المفروض ان المساجد غير مملوكة فلا موضوع للضمان فيها.

(2) قد تقدم في أول الكتاب بأنه لا دليل علي اشتراط القبول في الوقف بل مقتضي اطلاق النصوص عدم الاشتراط و بعبارة اخري: الوقف بماله من المفهوم يصدق و لو مع عدم القبول مضافا الي السيرة الجارية الخارجية حيث لا يراعي فيه القبول و ربما يستدل باعتبار القبول فيه بوجوه:

الوجه الاول ان الوقف عقد و يشترط في العقد الايجاب و القبول. و فيه انه مصادرة و الدليل عين المدعي.

الوجه الثاني: انه ادخال في الملك و كيف يمكن ادخال عين في ملك احد بلا قبوله و رضاه. و فيه اولا: النقض بالطبقات اللاحقة في الوقف الخاص اذ لم ينقل فيه اشتراط القبول منهم و أيضا ينقض بالارث و ثانيا: انه لو دل الدليل نلتزم به و لا محذور فيه و قد تقدم ان السيرة الخارجية جارية علي الوقف بلا رعاية اشتراط القبول اضف الي ذلك النصوص الدالة علي أوقاف الائمة عليهم السلام.

منها: ما رواه عجلان أبو صالح قال: أملي أبو عبد اللّه عليه السلام بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا ما تصدق به فلان بن فلان و هو حي سوي بداره التي في بني فلان بحدودها صدقة لا تباع و لا توهب حتي يرثها

وارث السماوات و الأرض و انه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 442

و ان كان احوط (1).

______________________________

قد أسكن صدقته هذه فلانا و عقبه فاذا انقرضوا فهي علي ذي الحاجة من المسلمين «1».

و منها: ما رواه ربعي بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال تصدق أمير المؤمنين عليه السلام بدار له في المدينة في بني زريق فكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا ما تصدق به علي بن أبي طالب و هو حي سوي تصدق بداره التي في بني زريق صدقة لاتباع و لا توهب حتي يرثها اللّه الذي يرث السماوات و الأرض و أسكن هذه الصدقة خالاته ما عشن و عاش عقبهن فاذا انقرضوا فهي لذي الحاجة من المسلمين 2.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: بعث إلي بهذه الوصية أبو ابراهيم عليه السلام: هذا ما أوصي به و قضي في ماله عبد اللّه علي ابتغاء وجه اللّه ليولجني به الجنة و يصرفني به عن النار و يصرف النار عني يوم تبيض وجوه و تسود وجوه: ان ما كان لي من مال بينبع «من مال» يعرف لي فيها و ما حولها صدقة و رقيقها غير أبي رياح و أبي نيزر و جبير عتقاء ليس لأحد عليهم سبيل فهم موالي يعملون في المال خمس حجج و منه «و فيه» نفقتهم و رزقهم و رزق اهاليهم و مع ذلك ما كان لي في بوادي القري كله مال بني فاطمة و رقيقها صدقة الي آخر الحديث 3 فانه لا تكون في هذه النصوص دلالة علي القبول.

الوجه الثالث: ان مقتضي الأصل عدم خروج العين الموقوفة عن ملك الواقف و فيه انه لا مجال للأصل مع وجود الدليل.

(1)

لا اشكال في أنه أحوط كما أنه لا اشكال في حسنه سيما مع وجود القائل به

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 6 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 3 و 4

(2) (3) الوسائل الباب 10 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 443

و لا سيما في الوقف بلحاظ ملك المنفعة (1) سواء كان عاما مثل الوقف علي العلماء أم خاصا مثل الوقف علي اولاده (2) فيقبل في الاول الحاكم الشرعي (3) و في الثاني الموقوف عليهم من الطبقة الاولي (4).

[مسألة 4: الأظهر عدم اعتبار القربة في صحة الوقف]

(مسألة 4): الاظهر عدم اعتبار القربة في صحة الوقف (5).

______________________________

كما عبر في عبارة المحقق بالعقد فلاحظ.

(1) لا يبعد أن يكون الوجه في الخصوصية انه لو لم تلحظ فيه ملكية المنفعة للموقوف عليه لا يكون الوقف ادخالا لشي ء في ملك الغير و أما مع هذا اللحاظ يكون من مصاديق الإدخال في ملك الغير فكيف يمكن تحققه بلا قبول من يدخل في ملكه و الجواب عن هذا التقريب قد تقدم و قلنا مع دلالة الدليل لا مجال للإشكال مضافا الي أن الوقف لا يكون تحريرا بل تمليك فعلي كلا التقديرين يكون الوقف مستلزما لإدخال العين في ملك الغير نعم في خصوص وقف المسجد- كما تقدم- لا يكون تمليكا بل تحريرا.

(2) اذ علي كلا التقديرين يحصل التمليك و ادخال المنفعة في ملك الغير.

(3) فانه الولي العام و حيث ان المالك ليس الشخص بل الكلي لا بد من قبوله و دخوله في الأمر.

(4) اذ المفروض ان المالك الشخص الخارجي فلا بد من قبوله و لا وجه لدخول الحاكم.

(5) قد وقع الخلاف بين الأصحاب في اشتراط قصد القربة في الوقف و عدمه و ما يمكن أن

يقال: في تقريب الاستدلال علي الاشتراط وجوه: الوجه الأول:

الاجماع و فيه انه يمكن استناد المجمعين الي الوجوه المذكورة في المقام فلا يكون اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم.

الوجه الثاني: انه أطلق عنوان الصدقة علي الوقف في النصوص لاحظ

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 444

______________________________

وقوف الائمة منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال أوصي أبو الحسن عليه السلام بهذه الصدقة هذا ما تصدق به موسي بن جعفر عليهما السلام تصدق بأرضه في مكان كذا و كذا كلها و حد الأرض كذا و كذا تصدق بها كلها و نخلها و أرضها و قناتها و ماؤها و أرحابها الخ «1».

هذا من ناحية و من ناحية اخري قد دل الدليل علي اشتراط الصدقة بالقربة لاحظ ما عن ابي عبد اللّه عليه السلام الرجل يتصدق علي بعض ولده بصدقة و هم صغار أله أن يرجع فيها قال: لا الصدقة للّه تعالي «2».

و ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا صدقة و لا عتق الا ما اريد به وجه اللّه عز و جل «3».

و لاحظ أيضا ما عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا صدقة و لا عتق الا ما اريد به وجه اللّه عز و جل «4».

و فيه ان المستفاد من فعل الائمة عليهم السلام ان الوقف يمكن أن يقع مصداقا للصدقة و المستفاد من دليل اشتراط القربة في الصدقة انه لا تتحقق الصدقة الا مع قصد القربة لكن لا دليل علي تقوم الوقف بالقربة و بعبارة اخري الذي يستفاد من الدليل ان الصدقة يشترط فيها القربة و أما كون الوقف علي الاطلاق أمرا قريبا فلا يستفاد من هذه النصوص.

الوجه الثالث: انه يلزم

اتباع الأئمة فلا بد من قصد القربة و فيه انه لا اشكال في جواز قصد القربة انما الاشكال في لزومه و لا دليل علي لزوم الاتباع فيما لا يكون

______________________________

(1) لاحظ ص 441 و 442 و الوسائل الباب 10 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 4 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 13 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 445

و لا سيما في مثل الوقف علي الذرية (1).

[مسألة 5: يعتبر في صحة الوقف القبض]

(مسألة 5): يعتبر في صحة الوقف القبض (2).

______________________________

لازما.

الوجه الرابع: ان مقتضي الأصل عدم تحققه بلا قصد القربة و فيه انه لا مجال للأصل مع عدم الدليل عليه و وجود المقتضي للصحة مضافا الي السيرة الخارجية المقتضية لعدم الاشتراط.

الوجه الخامس: ان الأصل في الأوامر التعبدية و فيه انه قد ثبت في الاصول ان مقتضي القاعدة الأولية التوصلية و التعبد يحتاج الي الدليل اضف الي ذلك كله انه لا اشكال في الوقف الصادر عن المخالف و الحال ان المخالف لا يمكنه قصد القربة لعدم صحة العبادة عن غير المؤمن فالحق ما أفاده في المتن من عدم الاشتراط.

(1) لم يظهر لي وجه الخصوصية و لعل الوجه فيه ان عدم الاشتراط اوضح بلحاظ السيرة الجارية الخارجية و اللّه أعلم.

(2) قال في الحدائق: «لا خلاف في اشتراط القبض في صحة الوقف و تمامه بحيث انه بعده لا رجوع في الوقف و أما قبله فله الرجوع و لو مات قبله رجع ميراثا بمعني ان الانتقال عن المالك مشروط بالعقد و القبض فيكون العقد جزء السبب الناقل و تمامه القبض و علي هذا فالعقد في نفسه صحيح الا أنه غير

ناقل الا بالقبض و لهذا جاز فسخه قبل القبض و بطل بالموت قبله» «1».

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه صفوان بن يحيي عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرجل يقف الضيعة ثم يبدو له أن يحدث في ذلك شيئا

______________________________

(1) الحدائق ج 22 ص: 143

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 446

فاذا مات قبل القبض بطل (1) و لا يعتبر في القبض الفورية (2).

______________________________

فقال: ان كان وقفها لولده و لغيرهم ثم جعل لها قيما لم يكن له أن يرجع فيها و ان كانوا صغارا و قد شرط ولايتها لهم حتي بلغوا فيحوزها لهم لم يكن له أن يرجع فيها و ان كانوا كبارا و لم يسلمها اليهم و لم يخاصموا حتي يحوزوها عنه فله أن يرجع فيها لأنهم لا يحوزونها عنه و قد بلغوا «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان الحيازة و القبض شرط و قبل القبض يجوز للواقف الرجوع في الضيعة و لكن الانصاف انه لا يستفاد المدعي من هذا الخبر بل المستفاد منه تحقق الملكية بالوقف و تحقق لزومه بالقبض و مثله في الدلالة علي الصحة دون اللزوم ما رواه الأسدي فيما ورد عليه من جواب مسائله عن محمد بن عثمان العمري عن صاحب الزمان عليه السلام و أما ما سألت عنه من الوقف علي ناحيتنا و ما يجعل لنا ثم يحتاج اليه صاحبه فكل ما لم يسلم فصاحبه فيه بالخيار و كل ما سلم فلا خيار فيه لصاحبه احتاج أو لم يحتج افتقر اليه أو استغني «2».

(1) لو قلنا بعدم تحقق الملكية قبل القبض فالأمر كما افاده اذ مع بقاء العين في ملك الواقف ينتقل ما تركه الي وارثه و لكن الاشكال

في أصل المبني كما تقدم نعم يستفاد المدعي من حديث عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في رجل تصدق علي ولد له قد ادركوا قال: اذا لم يقبضوا حتي يموت فهو ميراث فان تصدق علي من يدرك من ولده فهو جائز لأن الوالد هو الذي يلي أمره و قال لا يرجع في الصدقة اذا تصدق بها ابتغاء وجه اللّه «3» لكن الحديث ضعيف بقاسم بن سليمان حيث انه لم يوثق فلا بد من اتمام الامر بالإجماع التعبدي الكاشف ان تحقق.

(2) لإطلاق الدليل فان المستفاد من حديث صفوان اشتراط القبض بدون تقيده

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 447

و في اعتبار اذن الواقف في القبض اشكال (1).

[مسألة 6: يكفي في تحقق القبض في مثل الوقف علي الذرية قبض الطبقة الأولي]

(مسألة 6): يكفي في تحقق القبض في مثل الوقف علي الذرية قبض الطبقة الاولي (2).

[مسألة 7: إذا وقف علي أولاده الصغار و أولاد أولاده و كانت العين في يده كفي ذلك في تحقق القبض]

(مسألة 7): اذا وقف علي أولاده الصغار و أولاد أولاده و كانت العين في يده كفي ذلك في تحقق القبض و لم يحتج الي قبض آخر (3) و اذا كانت العين في يد غيره فلا بد من أخذها منه ليتحقق قبض وليهم (4).

______________________________

بالفورية و يمكن تقريب الاستدلال علي المدعي بوجه آخر و هو ان المرجع اطلاق دليل الوقف لكن لا بد من تقييده بالقبض في الجملة فلو تحقق القبض و لو مع التراخي يكون مقتضي دليل الصحة كونه تاما بعد القبض فلاحظ.

(1) ربما يستدل علي اشتراط الاذن بحديث الأسدي «1» فان المستفاد من هذا الحديث التسليم لكن السند ضعيف فليس قابلا للاعتماد عليه و يستفاد عدم الاشتراط من حديث صفوان «2» حيث انه يستفاد منه جواز المخاصمة مع الواقف للحيازة فيعلم عدم اشتراط الاذن و طريق الاحتياط ظاهر و اللّه العالم.

(2) اذ المفروض انه وقف واحد فيتم بقبض الطبقة الأولي و يمكن أن يقال:

انه لا دليل علي اشتراط قبض كل طبقة و مع عدم الدليل يكفي اطلاق دليل الوقف

(3) اذ المفروض كونه وليا لهم و قبضه قبضهم فاذا كانت العين في يده يتحقق القبض و لا يحتاج الي قبض آخر و ان شئت قلت: تحصيل الحاصل لا يمكن.

(4) كما هو ظاهر فان المفروض اشتراط القبض فلا بد من أخذه كي يتحقق

______________________________

(1) لاحظ ص: 446

(2) لاحظ ص: 445

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 448

[مسألة 8: إذا كانت العين بيد الموقوف عليه كفي ذلك في قبضها]

(مسألة 8): اذا كانت العين بيد الموقوف عليه كفي ذلك في قبضها و لم يحتج الي قبض جديد (1).

[مسألة 9: يكفي في قبض غير المنقول رفع الواقف يده عنه و استيلاء الموقوف عليهم عليه]

(مسألة 9): يكفي في قبض غير المنقول رفع الواقف يده عنه و استيلاء الموقوف عليهم عليه (2).

[مسألة 10: في اعتبار القبض في صحة الوقف علي الجهات العامة إشكال]

(مسألة 10): في اعتبار القبض في صحة الوقف علي الجهات العامة اشكال (3) و لا سيما اذا كان من نية الواقف أن تبقي في يده و يعمل بها علي حسب ما وقف (4) و الاحوط اعتباره (5) و لكن الظاهر عدم اعتبار قبض الحاكم الشرعي (6).

______________________________

القبض.

(1) اذ قد تقدم انه لا يمكن تحصيل الحاصل و بعبارة اخري: المفروض تحقق الشرط فيتم الأمر فلاحظ.

(2) فان قبض كل شي ء بحسبه و بعبارة اخري: القبض امر عرفي و تحققه بنظر العرف في غير المنقول بما ذكر في المتن.

(3) الظاهر ان وجه الاشكال عدم الدليل و اختصاصه بالأوقاف الخاصة فلا مقتضي للاشتراط.

(4) تارة يجعل نفسه متوليا فيكون قبضه كافيا و اما اذا لم يكن كذلك فلا أري وجها لكفاية قبضه اذا قلنا باشتراط القبض و علي الجملة لم يظهر لي ما رامه الماتن و اللّه العالم.

(5) بلا اشكال و لا كلام فان الاحتياط طريق النجاة و اخوك دينك فاحتط لدينك.

(6) ان قلنا باشتراط القبض لا بد من قبض الحاكم فان له الولاية في الامور

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 449

فاذا وقف مقبرة كفي الدفن فيها و اذا وقف مكانا للصلاة كفي الصلاة فيه و اذا وقف حسينية كفي اقامة العزاء فيها و كذا الحكم في مثل وقف الخان علي المسافرين و الدار علي سكني العلماء و الفقراء فانه يكفي في قبضها السكني فيها و اذا وقف حصيرا للمسجد كفي وضعه في المسجد و كذا في مثل آلات المشاهد و المعابد و المساجد و نحوها فان الظاهر انه يكفي في قبضها وضعها فيها بقصد

استعمالها (1) و اذا خرب جانب من جدار المسجد أو المشهد أو نحوها فعمره فالظاهر كفاية ذلك في تمامية الوقف و ان لم يقبضه قابض (2) و اذا مات لم يرجع ميراثا لوارثه كما عرفت (3).

[مسألة 11: إذا وقف علي أولاده الكبار فقبض واحد منهم صح القبض في حصته]

(مسألة 11): اذا وقف علي اولاده الكبار فقبض واحد منهم صح القبض في حصته و لم يصح في حصة الباقين (4).

______________________________

العامة الا أن يقال: ان مقتضي السيرة عدم الاعتبار لكن مرجعه الي عدم الاشتراط فيكون خروجا عن الفرض.

(1) كيف يكون الدفن قبضا و الحال ان جواز الدفن متوقف علي القبض و بعبارة اخري: رتبة جواز الدفن متأخرة عن القبض فلا بد من تحقق القبض كي يتم الوقف و بعد تماميته يترتب عليه حكمه الا أن يقال: بجريان السيرة الخارجية عليه فيكون خروجا عن الفرض.

(2) بمقتضي السيرة الخارجية بلا كلام.

(3) و عرفت انه لا مجال للإرث فراجع.

(4) ما أفاده ظاهر فان المفروض تحقق القبض بالنسبة الي بعضهم و عدم تحققه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 450

[مسألة 12: الوقوف التي تتعارف عند الأعراب بأن يقفوا شاتا علي أن يكون الذكر المتولد منها (ذبيحة)]

(مسألة 12): الوقوف التي تتعارف عند الاعراب بأن يقفوا شاتا علي أن يكون الذكر المتولد منها (ذبيحة) يعني يذبح و يؤكل و الانثي (منيحة) يعني تبقي و ينتفع بصوفها و لبنها فاذا ولدت ذكرا كان (ذبيحة) و اذا ولدت أنثي كانت (منيحة) و هكذا اذا كان وقفهم معلقا علي شفاء مريض او ورود مسافر أو سلامة غنمهم من الغزو أو المرض أو نحو ذلك فهي باطلة (1) و اذا كانت منجزة غير معلقة فالظاهر بطلانها أيضا لان المنيحة اذا كانت ملكا للواقف فلا يمكن أن يكون نتاجها الذكر ذبيحة لان وقف المعدوم باطل و ان خرجت عن ملك الواقف فلا يمكن أن يكون صوفها و لبنها راجعا اليه أو الي ورثته (2).

[مسألة 13: لا يجوز في الوقف توقيته بمدة]

(مسألة 13): لا يجوز في الوقف توقيته بمدة فاذا قال: داري

______________________________

بالنسبة الي البعض الاخر فيترتب علي كل حكمه علي مقتضي القاعدة فتأمل.

(1) الظاهر ان الوجه في حكمه بالبطلان التعليق فان التعليق باطل عندهم و يتعرض الماتن لاشتراط الوقف بعدم التعليق في المسألة (17) و نتعرض هناك إن شاء اللّه لتقريب الاستدلال علي المدعي و ما فيه من الاشكال فانتظر.

(2) الأمر كما أفاده فان المنيحة المتولدة من الشاة الموقوفة ان كانت ملكا للواقف فلا يجوز وقفها لعدم جواز وقف المعدوم و ان لم تكن ملكا للواقف فلا وجه لرجوع لبنها و صوفها الي المالك.

و لقائل أن يقول: نلتزم بكون المنيحة ملكا للواقف و قد علق الوقف علي وجودها فلا يكون متعلق الوقف معدوما.

لكن يتوجه اشكال التعليق الا أن يقال: ان التعليق علي ما يتوقف عليه صحة

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 451

وقف علي اولادي سنة أو عشر سنين بطل (1).

______________________________

العقد غير مضر بالصحة نعم يتوجه

اشكال آخر و هو انه كيف يمكن كونها ملكا للواقف و الحال ان الشاة موقوفة و بعبارة اخري: منافع العين الموقوفة لا تكون ملكا للواقف فلاحظ.

(1) و نقل في الجواهر الاجماع بقسميه عليه عن الغنية و ما يمكن أن يستدل به عليه وجوه:

الوجه الاول: الاجماع و فيه ان الاجماع المدعي في المقام يحتمل كونه مدركيا فلا يترتب عليه اثر.

الوجه الثاني: ان التأبيد معتبر في مفهوم الوقف و فيه انه ليس الامر كذلك و ان الوقف علي قسمين بل لا يبعد اطلاق الوقف علي المنقطع في بعض النصوص

الوجه الثالث: الوقوف الصادرة عن بعض الائمة عليهم السلام لاحظ خبري عجلان «1» و ربعي 2 و لاحظ حديث عبد الرحمن 3.

بتقريب: ان المستفاد من هذه النصوص ان التأبيد مقوم للوقف حيث انه وصف به او باطلاقه يكون ظاهرا في المؤيد و فيه ان هذا التقريب لا يثبت المدعي اذ يمكن أن يكون الوقف علي قسمين و هم عليهم السلام اختاروا احد القسمين و بعبارة اخري: لا يستفاد من هذه الروايات ان الوقف منحصر بالمؤبد.

الوجه الرابع: لزوم الاقتصار علي القدر المعلوم و كون الوقف مشروعا في غير المؤبد اول الكلام و الاشكال و فيه انه يكفي دليلا للصحة النصوص 4 الدالة علي أن الوقوف علي حسب ما اوقفها اهلها و يمكن الاستدلال علي الصحة بما رواه الصفار قال: كتبت الي أبي محمد عليه السلام أسأله عن الوقف الذي

______________________________

(1) (1 و 2) لاحظ ص: 441 و 442

(2) (3) لاحظ ص: 442

(3) (4) لاحظ ص: 439

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 452

و الظاهر عدم صحته حبسا (1).

[مسألة 14: إذا وقف علي من ينقرض]

(مسألة 14): اذا وقف علي من ينقرض كما اذا وقف علي اولاده و اولاد اولاده

صح وقفا (2) فاذا انقرضوا رجع الي ورثة الواقف

______________________________

يصح كيف هو؟ فقد روي ان الوقف اذا كان غير موقت فهو باطل مردود علي الورثة، و اذا كان موقتا فهو صحيح ممضي، قال قوم ان الموقت هو الذي يذكر فيه انه وقف علي فلان و عقبه فاذا انقرضوا فهو للفقراء و المساكين الي أن يرث اللّه الأرض و من عليها و قال آخرون هذا موقت اذا ذكر انه لفلان و عقبه ما بقوا و لم يذكر في آخره للفقراء و المساكين الي أن يرث اللّه الأرض و من عليها و الذي هو غير موقت أن يقول: هذا وقف و لم يذكر احدا فما الذي يصح من ذلك؟ و ما الذي يبطل؟ فوقع عليه السلام: الوقوف بحسب ما يوقفها ان شاء اللّه «1» فان مقتضي اطلاق هذا الخبر تبعية الوقف للقصد و يصح علي اي نحو قصده الواقف.

(1) اذ المفروض ان الواقف قصد عنوان الوقف فلا وجه لتحققه حبسا و بعبارة اخري: الامور الانشائية القصدية تابعة للقصد ان قلت: ليس الحبس الا الإيقاف مدة و المفروض ان الواقف قصد هذا العنوان فيصح حبسا قلت: الوقف اخراج الملك عن النفس و ادخاله في ملك الموقوف عليه و الحبس لا يكون اخراجا للملك فكيف يصح الوقف حبسا؟ فلاحظ.

(2) اذا قلنا بعدم اشتراط التأبيد فالأمر ظاهر فان المقتضي للصحة موجود و المانع مفقود فيحكم بالصحة كما في المتن و أما علي القول باشتراط التأبيد في الوقف فيمكن أن يقال: ان عمدة الوجه في مستند الاشتراط هو الاجماع و لا اجماع في المقام و حيث لا اجماع في هذه الصورة فمقتضي القاعدة و الصناعة الصحة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب الوقوف

و الصدقات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 453

حين الموت لا حين الانقراض فاذا مات الواقف عن ولدين و مات احدهما قبل الانقراض و ترك ولدا ثم انقرض الموقوف عليهم كانت العين الموقوفة مشركة بين العم و ابن اخيه (1).

[مسألة 15: لا فرق فيما ذكرنا من صحة الوقف و رجوعه إلي ورثة الواقف بين كون الموقوف عليه مما ينقرض و كونه مما لا ينقرض غالبا فاتفق انقراضه]

(مسألة 15): لا فرق فيما ذكرنا من صحة الوقف و رجوعه الي ورثة الواقف بين كون الموقوف عليه مما ينقرض و كونه مما لا ينقرض غالبا فاتفق انقراضه (2) نعم يستثني من ذلك ما اذا ظهر من القرائن ان خصوصية الموقوف عليه ملحوظة بنحو تعدد المطلوب بأن كان الواقف قد انشأ التصدق بالعين و كونه علي نحو خاص فاذا بطلت الخصوصية بقي اصل التصدق فاذا قامت القرينة علي ذلك و انقرض الموقوف عليه لم يرجع الي الوارث أو ورثته بل يحب أن يتصدق به (3).

______________________________

(1) الظاهر ان الوجه فيما أفاده ان الملك لا يخرج بالوقف عن ملك الواقف الا في قطعة خاصة من الزمان كثلاث سنوات مثلا و باقي المدة يكون باقيا في ملك الواقف فاذا مات الواقف ينتقل الي وارثه حين موته بمقتضي قانون الارث و بعبارة اخري: لا مقتضي لخروج الملك عن ملك الواقف أزيد من ذلك المقدار من الزمان فالزائد عليه يكون في ملكه و بموته ينتقل بالارث الي وارثه في ذلك الوقت فما أفاده في المتن متين فلاحظ.

(2) لعدم ما يقتضي التفصيل و التفريق فان الملاك و تقريب الاستدلال واحد في كلا المقامين فالأمر كما أفاده.

(3) أما علي فرض إنشاء الوقف هكذا فالأمر ظاهر اذ عليه تكون العين موقوفة مطلقا و أما علي تقدير قصد التصدق بعنوان الوصية فاللازم العمل بها بمقتضي

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 454

[مسألة 16: إذا وقف عينا علي غيره و شرط عودها إليه عند الحاجة ففي صحته قولان]

(مسألة 16): اذا وقف عينا علي غيره و شرط عودها اليه عند الحاجة ففي صحته قولان و الاظهر البطلان (1).

[مسألة 17: يشترط في صحة الوقف التنجيز]

(مسألة 17): يشترط في صحة الوقف التنجيز فلو علقه علي أمر مستقبل معلوم الحصول أو متوقع الحصول أو أمر حالي محتمل الحصول اذا كان لا يتوقف عليه صحة العقد بطل فاذا قال: وقفت داري اذا جاء رأس الشهر او اذا ولد لي ذكر أو ان كان هذا اليوم يوم الجمعة بطل (2) و اذا علقه علي أمر حالي معلوم الحصول او مجهول

______________________________

صحة الوصية و علي كلا التقديرين لا مقتضي للإرث و اللّه العالم.

(1) لاحظ ما رواه اسماعيل بن فضل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من أوقف أرضا ثم قال ان احتجت اليها فانا أحق بها ثم مات الرجل فانها ترجع الي الميراث «1» فان المستفاد من هذا الحديث ان الوقف بهذا النحو باطل و لذا لا أثر له و يكون المال موروثا و ينتقل الي الوارث بالارث فلاحظ.

(2) قال السيد اليزدي قدس سره في الملحقات: «الثالث التنجيز علي المشهور بل في الجواهر بلا خلاف و لا اشكال بل الاجماع بقسميه عليه لكن في الحدائق لم اقف عليه في جملة من كتب المتقدمين منها كتاب النهاية للشيخ و المبسوط و السرائر و كذا المقنعة للمفيد فلو علق علي شرط كقدوم زيد او صفة كمجي ء رأس الشهر لم يصح و لا دليل عليه بالخصوص كما اعترف به صاحب المسالك و حينئذ فان تحقق الاجماع فهو و الا فهو مشكل نعم ادعي صاحب الجواهر ان ظاهر ما دل علي تسبيب الأسباب ترتب آثارها حال وقوعها و هو أيضا مشكل فالأحوط مراعاة الاحتياط هذا و لو علق

علي أمر محقق الوقوع حال الانشاء مع العلم به كما اذا

______________________________

(1) التهذيب ج 9 ص 150 حديث: 59

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 455

الحصول اذا كان يتوقف عليه صحة العقد كما اذا قال زيد: وقفت داري ان كنت زيدا او وقفت داري ان كانت لي صح (1).

[مسألة 18: إذا قال هذا وقف بعد وفاتي بطل إلا أن يفهم منه الوصية بالوقف]

(مسألة 18): اذا قال هذا وقف بعد وفاتي بطل الا أن يفهم منه الوصية بالوقف فيجب العمل بها فيوقف بعده (2).

[مسألة 19: يشترط في صحة الوقف إخراج الواقف نفسه عن الوقف]

(مسألة 19): يشترط في صحة الوقف اخراج الواقف نفسه عن الوقف فاذا وقف علي نفسه بطل (3).

______________________________

قال وقفت ان كان هذا يوم الجمعة مع العلم بأنه يوم الجمعة صح بل لا ينبغي الاشكال و ان نقل عن بعض بطلانه أيضا لأنه بصورة التعليق بل لو لم يعلم أيضا فالظاهر الصحة فلو قال وقفت علي اولاد زيد ان كانوا عدو لا مع عدالتهم و عدم علمه بذلك فانه لم يتأخر الأثر حينئذ» «1» الي آخر كلامه زيد في علو مقامه.

و صفوة القول: انه لا دليل علي الاشتراط المذكور الا أن يتم الاجماع التعبدي الكاشف و علي فرض تحققه لا بد من الاقتصار علي المقدار المعلوم منه نعم الاحتياط طريق النجاة.

(1) اذ لا اجماع في هذه الصورة.

(2) و الوجه فيه ان العين تنتقل بعد وفاة الواقف الي الورثة و لا مجال لوقفه من قبل المالك الا أن يرجع الي الوصية بالوقف كما في المتن.

(3) ادعي عليه الاجماع و يمكن الاستدلال علي المدعي بأن الوقف نقل العين الي الموقوف عليه و بعبارة اخري: الوقف نقل الملك عن ملك الواقف الي ملك الموقوف عليه و من الظاهر عدم تعقل نقل الملك عن النفس الي النفس فلا يعقل الوقف علي النفس كي يتكلم في صحته و فساده.

______________________________

(1) ملحقات العروة ج 1 ص 196

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 456

و اذا قال داري وقف علي و علي أخي مثلا علي نحو التشريك بطل الوقف في نصف الدار (1) و اذا كان علي نحو الترتيب بأن قصد الوقف علي نفسه ثم علي

غيره كان الوقف من المنقطع الاول فيبطل مطلقا (2) و ان قصد الوقف علي غيره ثم علي نفسه بطل بالنسبة الي نفسه فقط و كان من الوقف المنقطع الاخر (3) و ان قال هي وقف علي

______________________________

و أفاد السيد اليزدي قدس سره اولا: ان الوقف ايقاف لا تمليك و ثانيا: لا مانع من تبديل ملكية بملكية اخري عليه بنحو آخر «1».

و في كلا الجوابين اشكال أما ما أفاده اولا فان الوقف اخراج عن الملك و لذا يقال: ان العين الموقوفة ملك للموقوف عليه و اختيارها بيد الموقوف عليه و تنتقل العين من الطبقة السابقة الي الطبقة اللاحقة و أماما أفاده ثانيا فيرد عليه: ان الوقف اخراج للعين عن الملك و كيف يمكن اخراجها مع عدم دخوله في ملك الغير؟

نعم في المسجد تحرير و ان شئت قلت: الوقف اخراج للملك لا تبديل و كم فرق بين الأمرين.

(1) بتقريب ان المقتضي للصحة في النصف تام فيصح فيه و لكن لقائل أن يقول: انه لو أراد الواقف المقيد بما هو مقيد لا يتم التقريب المذكور بل يكون مقتضي القاعدة البطلان مطلقا.

(2) أما بالنسبة الي الأول فلما ذكر من تقريب البطلان و أما بالنسبة الي الثاني فلما تقدم من بطلان الوقف بعد الموت الا أن يرجع الي الوصية.

(3) أما الصحة في الأول فلما تقدم من صحة الوقف كذلك و أما البطلان في الثاني فلما مر من كونه فاسدا.

______________________________

(1) ملحقات العروة ج 1 ص 197

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 457

أخي ثم علي نفسي ثم علي شخص آخر بطل الوقف بالنسبة الي نفسه و الشخص الاخر و كان من الوقف المنقطع الوسط (1).

[مسألة 20: إذا وقف علي أولاده و اشترط عليهم وفاء ديونه من مالهم عرفية كانت الديون أم شرعية]

(مسألة 20): اذا وقف علي أولاده و اشترط عليهم

وفاء ديونه من مالهم عرفية كانت الديون أم شرعية كالزكاة و الكفارات المالية صح (2) بل الظاهر صحة الوقف اذا اشترط وفاء ديونه من حاصل الوقف أيضا (3).

[مسألة 21: إذا وقف علي جيرانه و اشترط عليهم أكل ضيوفه]

(مسألة 21): اذا وقف علي جيرانه و اشترط عليهم أكل ضيوفه

______________________________

(1) أما الصحة في الأول فلما تقدم من تقريب الصحة و أما الفساد في الثاني فلما ذكر من تقريب الفساد و أما الفساد في الثالث فلبطلان التعليق.

(2) الظاهر ان الوجه في الصحة دليل صحة الشرط فان مقتضاه صحة الشرط ما لم يكن مخالفا مع الشرع فيصح الوقف مع الشرط المذكور علي فرض قبول الموقوف عليهم و لا اشكال في أن الاشتراط المذكور لا ينافي الوقف فما أفاده في الحدائق من منافاته للوقف «1» ليس في محله و علي الجملة ان الصور المفروضة خارجة عن الوقف علي النفس فلا وجه لفساده و لكن يشكل الأمر بالنسبة الي الطبقة اللاحقة التي لم تكن طرفا للشرط اذ لا مقتضي لوجوب العمل عليهم بالشرط المذكور لأن المفروض عدم الاشتراط معهم نعم يمكن أن يتصور علي نحو يحصل مطلوب الواقف بأن يقف علي من يقوم بهذه المهمة كما لو وقف علي من يصلي صلاة الليل فمن لا يصلي صلاة الليل لا يكون مصداقا للموقوف عليه.

(3) الظاهر ان ما أفاده تام اذ حاصل الوقف ملك لهم فلا مانع من هذا الاشتراط معهم فلاحظ.

______________________________

(1) الحدائق ج 22 ص: 160

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 458

أو القيام بمئونة اهله و اولاده حتي زوجته صح و اذا اشترط عليهم نفقة زوجته الواجبة عليه من مالهم صح بل الظاهر الصحة مع اشتراطها من حاصل الوقف أيضا (1).

[مسألة 22: إذا وقف عينا له علي وفاء ديونه العرفية و الشرعية بعد الموت ففي صحته كما قيل إشكال]

(مسألة 22): اذا وقف عينا له علي وفاء ديونه العرفية و الشرعية بعد الموت ففي صحته كما قيل اشكال بل الاظهر البطلان و كذا في ما لو وقفها علي اداء العبادات عنه بعد الوفاة (2).

[مسألة 23: إذا أراد التخلص من اشكال الوقف علي النفس يملك العين لغيره ثم يقفها غيره]

(مسألة 23): اذا اراد التخلص من اشكال الوقف علي النفس يملك العين لغيره ثم يقفها غيره علي النهج الذي يريد من ادرار مؤنته و وفاء ديونه و نحو ذلك (3) و يجوز له أن يؤجرها مدة و يجعل لنفسه خيار الفسخ و بعد الوقف يفسخ الاجارة فترجع المنفعة اليه لا الي الموقوف عليهم (4).

______________________________

(1) الكلام في هذا الفرع هو الكلام و تقريب الاستدلال علي الصحة هو التقريب فلا وجه للإعادة.

(2) ان لم يرجع الي الوصية يشكل الجواز اذ بالموت ينتقل ما تركه الميت الي الوارث فلا مجال لتحققه وقفا بل يمكن أن يقال: انه من مصاديق الوقف علي النفس و قد مر بطلانه الا أن يقال ان الموقوف عليه الجهة الخاصة فيكون خارجا عن الوقف علي النفس.

(3) اذ بهذه الوسيلة لا يتوجه الاشكال مع حصول النتيجة المطلوبة.

(4) اذ المفروض صحة الاجارة كما ان مقتضي القاعدة صحة الوقف فبعد الفسخ يكون مالكا للمنفعة مع كون العين موقوفة.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 459

بل لا يبعد صحة وقف العين مع اشتراط بقاء منافعها علي ملكيته مدة معينة كسنة أو غير معينة مثل مدة حياته (1).

[مسألة 24: يجوز انتفاع الواقف بالعين الموقوفة]

(مسألة 24): يجوز انتفاع الواقف بالعين الموقوفة في مثل المساجد و القناطر و المدارس و منازل المسافرين و كتب العلم و الزيارات و الادعية و الآبار و العيون و نحوها مما لم يكن المنفعة معنونة بعنوان خاص مضاف الي الموقوف عليه بل قصد مجرد بذل المنفعة و اباحتها للعنوان العام الشامل للواقف (2) اما اذا كان الوقف علي الانحاء الاخر مع كون الموقوف عليه عنوانا كليا عاما ففي جواز مشاركة الواقف اشكال و الاظهر الجواز (3).

______________________________

(1) بتقريب ان الواقف مالك للعين و لمنافعها

و اختيار العين بيده فله أن يقف العين مسلوبة المنفعة مدة معينة أو غير معينة و دليل الوقف باطلاقه يشمل مفروض الكلام.

لكن الذي يختلج بالبال: انه مخصوص بالمنفعة المملوكة بالفعل و أما مالا لا يكون مملوكا له فلا يجري هذا التقريب الا أن يقال لا مصداق له فلاحظ.

(2) اذ المفروض ان العين الموقوفة لا تكون مملوكة للعنوان بل الموقوف عليه تلك الجهة فيكون الواقف كبقية الأفراد في جواز الانتفاع و بعبارة اخري:

لا يكون الوقف لجماعة خاصة كي يقال: لا يجوز للواقف بل الموقوف عليه تلك الجهة.

(3) و الوجه في الاشكال شبهة كون الوقف المذكور من مصاديق الوقف علي النفس فلا يجوز و لكن الشبهة واهية اذ الواقف يخرج العين عن ملكه و يدخلها في ملك العنوان الجامع فلا يكون داخلا في الوقف علي النفس فالأظهر الجواز

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 460

[مسألة 25: إذا تم الوقف كان لازما لا يجوز للواقف الرجوع فيه]

(مسألة 25): اذا تم الوقف كان لازما لا يجوز للواقف الرجوع فيه (1) و ان وقع في مرض الموت لم يجز للورثة رده و ان زاد علي الثلث (2).

[فصل في شرائط الواقف]

اشارة

فصل في شرائط الواقف

[مسألة 26: يعتبر في الواقف أن يكون جائزا لتصرف بالبلوغ و العقل و الاختيار و عدم الحجر لسفه أو رق أو غيرهما]

(مسألة 26): يعتبر في الواقف أن يكون جائزا لتصرف بالبلوغ و العقل و الاختيار و عدم الحجر لسفه اورق او غيرهما (3) فلا يصح وقف الصبي و ان بلغ عشرا (4) نعم اذا أوصي بأن يوقف ملكه بعد وفاته علي وجوه البر و المعروف لأرحامه و كان قد بلغ عشرا و عقل نفذت

______________________________

كما في المتن.

(1) ما أفاده علي طبق القاعدة الأولية فان الخيار و جواز الرجوع يحتاج الي الدليل و بعبارة اخري: بعد فرض تحقق الوقف و صحته كما هو المفروض تكون العين خارجة عن ملك الواقف و داخلة في ملك الموقوف عليه و من ناحية اخري لا يجوز التصرف في الوقف فعدم الجواز و لزومه بعد تحققه امر واضح ظاهر و علي المدعي للخلاف اقامة الدليل و اللّه العالم بحقايق الامور.

(2) اذ قد حقق في محله صحة منجزات المريض و لو في الزائد عن الثلث فلا وجه لاشتراطه باجازة الوارث و التفصيل موكول الي مجال آخر.

(3) فان هذه الامور شرائط عامة في جميع العقود و الايقاعات و قد تعرضنا لأدلة الاشتراط في جملة من المباحث السابقة و لا نعيد.

(4) يظهر من كلماتهم ان المسألة ذات قولين و استدل علي الجواز بجملة من النصوص منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أتي علي الغلام عشر سنين فانه يجوز في ماله ما أعتق أو تصدق أو اوصي علي حد معروف و حق

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 461

______________________________

فهو جائز «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا بموسي بن بكر.

و منها ما رواه جميل عن احدهما عليهما السلام قال: يجوز طلاق الغلام اذا كان قد عقل و صدقته و وصيته و

ان لم يحتلم 2 و سند هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال.

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سئل عن صدقة الغلام ما لم يحتلم قال: نعم اذا وضعها في موضع الصدقة 3 و الكلام في سند الحديث هو الكلام في سابقه.

و منها ما رواه الحسن بن راشد عن العسكري عليه السلام قال اذا بلغ الغلام ثماني سنين فجائز أمره في ماله و قد وجب عليه الفرائض و الحدود و اذا تم للجارية سبع سنين فكذلك 4.

و هذه الرواية ضعيفة سندا أيضا فلا مجال للاستناد الي هذه النصوص في اثبات المدعي بعد عدم اعتبار اسنادها مضافا الي أن الظاهر منها جواز صدقته و شمول الصدقة للوقف اول الكلام و الاشكال و استعمال الصدقة في الوقف في جملة من الموارد اعم من الحقيقة كما هو ظاهر.

و أما النصوص الدالة علي جواز وصيته بعد بلوغه عشرا منها ما رواه أبو بصير يعني المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: اذا بلغ الغلام عشر سنين و اوصي بثلث ماله في حق جازت وصيته و اذا كان ابن سبع سنين فأوصي من ماله باليسير في حق جازت وصيته 5.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 15 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 1 و 2

(2) (3) نفس المصدر الحديث: 3

(3) (4) نفس المصدر الحديث: 4

(4) (5) الوسائل الباب 44 من ابواب الوصايا الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 462

وصيته كما تقدم (1) و اذا وقف باذن الولي و كان مصلحة ففي بطلانه اشكال و الاظهر الصحة (2).

[مسألة 27: يجوز للواقف جعل الولاية علي العين الموقوفة لنفسه]

(مسألة 27): يجوز للواقف جعل الولاية علي العين

الموقوفة لنفسه (3).

______________________________

و منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد للّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال اذا بلغ الغلام عشر سنين جازت وصيته «1».

و منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أتي علي الغلام عشر سنين فانه يجوز له في ماله ما اعتق أو تصدق أو اوصي علي حد معروف و حق فهو جائز «2»، فلا مجال للاستناد اليها في اثبات المدعي اذ المفروض ان موردها الوصية و الكلام في المقام في الوقف فلاحظ.

(1) و قد تقدم شرح كلام الماتن فراجع ما ذكرناه هناك.

(2) قد تعرضنا سابقا ان مقتضي بعض النصوص ان عمد الصبي كخطائه لاحظ ما رواه ابن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام: قال عمد الصبي و خطاه واحد «3» فلا اثر لإنشائه و لو مع اذن الولي و اللّه العالم.

(3) ما يمكن أن يستدل به وجوه: الوجه الاول: الاجماع فانه نقل عن المختلف الاجماع علي المدعي. و من الظاهر ان الاجماع المنقول لا اعتبار به كما حقق في محله و أما الاجماع المحصل فهل يمكن تحققه؟ سيما مع نقل الخلاف عن ابن ادريس و علي فرض تحققه هل يمكن الاستناد اليه مع احتمال كونه مدركيا و مستندا الي الوجوه المذكورة في المقام.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 11 من ابواب العاقلة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 463

و لغيره علي وجه الاستقلال (1).

______________________________

الوجه الثاني: الأصل و لم يعلم المراد منه فان مقتضي الأصل عدم الاعتبار.

الوجه الثالث: عموم وجوب الوفاء بالشرط لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المسلمون عند شروطهم الاكل شرط

خالف كتاب اللّه عز و جل فلا يجوز «1».

و فيه ان دليل الشرط كما ذكرنا في محله لا يكون مشرعا فمع الشك في الجواز لا مجال للاستناد اليه.

الوجه الرابع: عموم وجوب الوفاء بالعقد المستفاد من قوله تعالي أَوْفُوا بِالْعُقُودِ «2» و فيه انا ذكرنا سابقا ان دليل وجوب الوفاء بالعقد دال علي اللزوم بعد الفراغ عن الصحة و لا يكون دليلا علي الصحة.

مضافا الي أن اطلاق العقد علي مطلق العهد اول الكلام و الاشكال.

الوجه الخامس عموم دليل ان الوقف علي حسب ما أوقفها اهلها لاحظ ما رواه محمد بن الحسن الصفار انه كتب الي أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام في الوقف و ما روي فيه عن آبائه عليهم السلام فوقع عليه السلام الوقف تكون علي حسب ما يوقفها اهلها إن شاء اللّه «3» بتقريب ان جعل الوقف بيد الواقف فله أن يقف مملوكه علي هذا النحو و لا يبعد تمامية هذا الوجه.

الوجه السادس: السيرة الخارجية الممضاة فان السيرة جارية علي جعل الولاية للواقف علي العين الموقوفة فلاحظ.

(1) يمكن الاستدلال علي جواز الولاية للغير مضافا الي الوجوه المتقدمة

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب الخيار الحديث: 2

(2) المائدة/ 1

(3) الوسائل الباب 2 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 464

و الاشتراك (1) كما يجوز له أيضا جعل الناظر علي الولي بمعني المشرف عليه أو بمعني المرجع له في النظر (2) و لا فرق في المجعول له الولاية و النظارة بين العادل و الفاسق (3) نعم اذا خان ضم اليه الحاكم الشرعي من يمنعه عنها (4).

______________________________

ببعض النصوص و هو ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال بعث إلي بهذه الوصية أبو ابراهيم

هذا ما أوصي به و قضي في ماله عبد اللّه علي ابتغاء وجه اللّه ليولجني به الجنة و يصرفني به عن الي أن قال و انه يقوم علي ذلك الحسن بن علي يأكل منه بالمعروف و ينفقه حيث يريد اللّه في حل محلل لا حرج عليه فيه فان أراد ان يبيع نصيبا من المال فيقضي به الدين فليفعل ان شاء لا حرج عليه فيه و إن شاء جعله شروي «سروي» الملك و ان ولد علي و أموالهم الي الحسن بن علي ان كان دار الحسن غير دار الصدقة فبدا له أن يبيعها فليبعها إن شاء لا حرج عليه فيه و ان باع فانه يقسمها ثلاثة اثلاث فيجعل ثلثا في سبيل اللّه و يجعل ثلثا في بني هاشم و بني المطلب و يجعل ثلثا في آل أبي طالب و انه يضعه حيث يريد اللّه و ان حدث بحسن بن علي حدث و حسين حي فانه الي حسين بن علي «1» فانه يستفاد من هذه الرواية جواز الولاية للغير.

(1) لوحدة الملاك.

(2) فانه من انحاء الوقف فيشمله دليل ان الوقوف علي حسب ما أوقفها اهلها مضافا الي السيرة الخارجية فانها جارية علي جعل الناظر علي النحوين المذكورين و هو الاستصوابي و غيره فلاحظ.

(3) كما عليه السيرة و الدليل علي اشتراط العدالة فيه.

(4) اذ الحاكم هو المرجع العام في الامور الحسبية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من الوقوف الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 465

فان لم يمكن ذلك عزله (1).

[مسألة 28: يجوز للمجعول له الولاية أو النظارة الرد و عدم القبول]

(مسألة 28): يجوز للمجعول له الولاية أو النظارة الرد و عدم القبول (2) بل لا يبعد جواز الرد بعد القبول أيضا (3).

[مسألة 29: يجوز أن يجعل الواقف للولي و الناظر مقدارا معينا من ثمرة العين الموقوفة أو منفعتها]

(مسألة 29): يجوز أن يجعل الواقف للولي و الناظر مقدارا معينا من ثمرة العين الموقوفة أو منفعتها سواء أ كان أقل من اجرة المثل أم اكثر أم مساويا (4) فان لم يجعل له شيئا كان له اجرة المثل ان كان لعمله اجرة (5) الا أن يظهر من الواقف قصد المجانية (6).

[مسألة 30: إذا لم يجعل الواقف وليا علي الوقف كانت الولاية عليه للحاكم الشرعي]

(مسألة 30): اذا لم يجعل الواقف وليا علي الوقف كانت الولاية عليه للحاكم الشرعي (7) نعم اذا كان الوقف علي نحو التمليك

______________________________

(1) اذ مع عدم الامكان لا مناص عن قطع يده و طرده و ربما يقال: انه بنفسه ينعزل و لا وجه له اذ مع اطلاق الجعل لا وجه للانعزال بنفسه بل يتوقف علي عزله فلاحظ.

(2) لعدم دليل علي وجوب القبول فلا يجب عليه القبول.

(3) بل يبعد فان مقتضي وجوب الوفاء بالعقد لزومه و عدم جواز الفسخ.

(4) فان الوقوف علي حسب ما اوقفها اهلها مضافا الي السيرة الجارية الخارجية فاذا قبل المتولي او الناظر يتعين.

(5) لاحترام عمل العامل فله اجرة المثل.

(6) اذ مع عدم جعل الواقف الاجرة لا مقتضي للإعطاء و بعبارة اخري: اذا قبل المتولي أو الناظر مع فرض قصد المجانية لا يكون للعمل احترام كما هو ظاهر.

(7) لأنه من الامور الحسبية فأمره راجع الي الحاكم الشرعي.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 466

و كان خاصا كانت الولاية عليه للموقوف عليه فاذا قال: هذه الدار وقف لأولادي و من بعدهم لأولادهم و هكذا فالولاية عليها و علي منافعها تكون للأولاد (1) و اذا لم يكن الوقف خاصا او كان و لم يكن علي نحو التمليك بأن كان علي نحو الصرف و غيره من الانواع فالولاية للحاكم الشرعي (2).

[مسألة 31: إذا جعل الواقف وليا أو ناظرا علي الولي فليس له عزله]

(مسألة 31): اذا جعل الواقف وليا أو ناظرا علي الولي فليس له عزله (3) نعم اذا فقد شرط الواقف كما اذا جعل الولاية للعدل ففسق أو للأرشد فصار غيره أرشد أو نحو ذلك انعزل بذلك بلا حاجة الي عزل (4).

[مسألة 32: يجوز للواقف أن يفوض تعيين الولي علي الوقف إلي شخص بعينه]

(مسألة 32): يجوز للواقف أن يفوض تعيين الولي علي الوقف الي شخص بعينه و أن يجعل الولاية لشخص و يفوض اليه

______________________________

(1) لأن المفروض كون الوقف ملكا للأشخاص الموجودين في الخارج و مع وجود المالك لا تصل النوبة الي الحاكم و بعبارة اخري: الحاكم ولي في مورد عدم الولي و مع وجوده لا موضوع لولايته.

(2) اذ علي كلا التقديرين لا ولي للوقف فالولاية للحاكم الشرعي.

(3) اذ لا دليل علي جواز عزله من قبله فان العين الموقوفة بعد تمامية الوقف لا ترتبط بالواقف كما أن المتولي بعد جعل الولاية له من قبل الواقف له الولاية الشرعية و جواز عزله يحتاج الي الدليل و كذلك الكلام في الناظر فالأمر كما أفاده.

(4) فان الولاية مجعولة للعادل علي الفرض فالفاسق خارج عن تلك الدائرة

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 467

تعيين من بعده (1).

[مسألة 33: إذا عين الواقف للولي (المجعول له) الولاية جهة خاصة اختصت ولايته بتلك الجهة]

(مسألة 33): اذا عين الواقف للولي (المجعول له) الولاية جهة خاصة اختصت ولايته بتلك الجهة (2) و كان المرجع في بقية الجهات الحاكم الشرعي (3) و ان أطلق له الولاية كانت الجهات كلها تحت ولايته فله الاجارة و التعمير و اخذ العوض و دفع الخراج و جمع الحاصل و قسمته علي الموقوف عليهم و غير ذلك مما يكون تحت ولاية الولي (4) نعم اذا كان تعارف تنصرف اليه الولاية اختصت بذلك التعارف (5).

[مسألة 34: لا يشترط في الواقف الإسلام فيصح وقف الكافر علي الأقوي]

(مسألة 34): لا يشترط في الواقف الإسلام فيصح وقف الكافر علي الاقوي (6).

______________________________

و ان شئت فقل: ان خروج فاقد الشرط موضوعي و بالتخصص.

(1) اذ المفروض ان الأمر بيده و لا فرق في تعيين المتولي بين أقسامه و هذا احد اقسامه.

(2) كما هو ظاهر فان دائرة المجعول سعة و ضيقا بمقدار الجعل فلا بد من ملاحظته و الاقتصار علي مقداره فلاحظ.

(3) فان الحاكم الشرعي ولي في الامور العامة فله الولاية.

(4) كما هو ظاهر فان الولاية بمقدار الجعل و المفروض اطلاقه.

(5) فان التعارف بنفسه قرينة علي المراد.

(6) لعدم اشتراط قصد القربة في الوقف كي يقال: لا يتمشي قصد القربة من الكافر و لذا يجوز وقف المخالف مع عدم صحة العبادات الا مع الولاية فمقتضي اطلاق

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 468

[فصل في شرائط العين الموقوفة]

اشارة

فصل في شرائط العين الموقوفة

[مسألة 35: يعتبر في العين الموقوفة أن تكون عينا موجودة]

(مسألة 35): يعتبر في العين الموقوفة أن تكون عينا موجودة فلا يصح وقف الدين و لا وقف الكلي و لا وقف المنفعة فاذا قال:

وقفت ما هو لي في ذمة زيد من فراش او اناء او نحوهما أو قال وقفت فرسا أو عبدا من دون تعيين أو قال وقفت منفعة داري لم يصح في الجميع (1).

[مسألة 36: يعتبر أن تكون العين مملوكة أو بحكمها]

(مسألة 36): يعتبر أن تكون العين مملوكة أو بحكمها فلا يصح وقف الحر و المباحات الاصليه قبل حيازتها (2) و يجوز وقف ابل الصدقة و غنمها و بقرها اذا كان الواقف مالك العين الزكوية (3).

______________________________

الأدلة جوازه حتي من الكافر فلاحظ.

(1) اذ مشروعية الوقف تحتاج الي الدليل المعتبر و لا دليل علي صحة الوقف الا فيما يتعلق بالعين المعينة الخارجية مضافا الي أن وقف الكلي أو الشخصي غير المعين أو المنفعة غير معهود فلا يكون صحيحا.

(2) اذ لا دليل علي جواز وقف المباح الأصلي فعدم الجواز مطابق للأصل كما ان وقف مملوك الغير علي خلاف القاعدة الأولية فلا بد من كون الموقوف عينا مملوكة للواقف أو يكون كالمملوك اي يكون اختياره بيده.

(3) لم يظهر لي مراد الماتن من قوله «اذا كان الواقف مالك العين الزكوية» اذ المالك للعين الزكوية لا يتصور الا بأحد نحوين أحدهما: من يكون الزكاة واجبة عليه و تكون الزكاة متعلقة بماله.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 469

أو الحاكم الشرعي (1).

[مسألة 37: يعتبر أن تكون العين مما يمكن الانتفاع بها مع بقائها]

(مسألة 37): يعتبر أن تكون العين مما يمكن الانتفاع بها مع بقائها فلا يصح وقف الأطعمة و الخضر و الفواكه مما لا نفع فيه الا باتلاف عينه (2) و أن تكون المنفعة محللة فلا يصح وقف آلات اللهو و آلات القمار و الصلبان و نحوها مما يحرم الانتفاء بها و أن تكون المنفعة المقصودة بالوقف محللة فلا يصح وقف الدابة لحمل الخمر و الخنزير (3).

[مسألة 38: لا يعتبر في إنشاء الوقف أن تكون العين مما يمكن قبضها حال الوقف]

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 469

(مسألة 38): لا يعتبر في إنشاء الوقف أن تكون العين مما يمكن قبضها حال الوقف فاذا وقف العبد الآبق أو الجمل الشارد

______________________________

ثانيهما: من تملك الزكاة باخذها أما النحو الاول فلا يكون المكلف مالكا للزكاة و ليس له الولاية عليها فكيف يقفها و أما النحو الثاني فالاخذ للزكاة مالك لها لا في حكم المالك اللهم الا أن يكون مراده ان من تجب عليه الزكاة يصح أن يقف العين الزكوية اذ جعله وقفا من وجوه الخير فله أن يقف و بالوقف يخرج عن عهدة تكليفه.

(1) فان الحاكم الشرعي له الولاية علي المال الزكوي فمع تمامية الجهات يجوز له أن يقف العين الزكوية و اللّه العالم.

(2) فان الوقف تحبيس الأصل و تسبيل الثمرة فلا تتحقق الا مع قابلية بقاء العين و امكان الانتفاع بمنفعتها.

(3) كما هو ظاهر واضح اذ مع حرمة الانتفاع لا يمكن أن يكون الوقف صحيحا و بعبارة اخري لا يكون الوقف مقتضيا لصيرورة المحرم محللا.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 470

أو الطير الطائر و تحقق القبض بعده صح الوقف (1).

[مسألة 39: لا إشكال في صحة وقف الثياب و الأواني و الفرش و الدور و البساتين و الأراضي الزراعية و الكتب و السلاح و الحيوانات]

(مسألة 39): لا اشكال في صحة وقف الثياب و الاواني و الفرش و الدور و البساتين و الاراضي الزراعية و الكتب و السلاح و الحيوانات اذا كان ينتفع بها في الركوب أو الحمل أو اللبن أو الوبر و الشعر و الصوف أو غير ذلك و كذا غيرها مما له منفعة محللة (2) و يجوز وقف الدراهم و الدنانير اذا كان ينتفع بها في التزيين (3) و أما وقفها لحفظ الاعتبار ففيه اشكال

(4).

[مسألة 40: المراد من المنفعة أعم من المنفعة العينية]

(مسألة 40): المراد من المنفعة اعم من المنفعة العينية مثل الثمر و اللبن و نحوهما و المنفعة الفعلية مثل الركوب و الحرث و السكني و غيرها (5).

______________________________

(1) اذ قد تقدم انه لا تشترط الفورية في القبض فلو تحقق القبض و لو بعد مدة صح الوقف فلاحظ.

(2) اذ المقتضي للصحة موجود و المانع عنها مفقود فلا وجه للتوقف.

(3) الكلام فيها هو الكلام.

(4) لم يظهر لي وجه الاشكال قال السيد اليزدي قدس سره في ملحقات العروة في المسألة الخامسة: «الأقوي جواز وقف الدراهم و الدنانير لإمكان الانتفاع بها مع بقاء عينها بمثل التزيين و حفظ الاعتبار كما يجوز عاريتها كما يظهر من بعض الأخبار فالقول بعدم الجواز ضعيف» «1» انتهي و الظاهر ان ما أفاده لا بأس به و اللّه العالم.

(5) كما هو ظاهر فان المنفعة علي قسمين و لا مخصص لأدلة الوقف كما أن السيرة

______________________________

(1) ملحقات العروة ج 1 ص: 206

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 471

[مسألة 41: لا يشترط في المنفعة أن تكون موجودة حال الوقف]

(مسألة 41): لا يشترط في المنفعة أن تكون موجودة حال الوقف فيكفي أن تكون متوقعة الوجود في المستقبل مثل وقف الشجرة قبل ان تثمر و وقف الدابة الصغيرة قبل أن تقوي علي الركوب أو الحمل عليها (1).

[فصل في شرائط الموقوف عليه]

اشارة

فصل في شرائط الموقوف عليه

[مسألة 42: يشترط في الموقوف عليه أمور]

(مسألة 42): يشترط في الموقوف عليه امور الاول: التعيين فاذا وقف علي المردد بين شيئين او الاشياء مثل احد المسجدين او احد المشهدين او احد الولدين لم يصح (2) نعم اذا وقف علي الجامع بين امرين او امور صح (3) الثاني: أن يكون موجودا حال الوقف فلا يصح الوقف علي المعدوم حاله سواء كان موجودا قبل ذلك كما اذا وقف علي زيد الذي مات أو يوجد بعد الوقف مثل أن يقف علي ولده الذي سيولد (4) و أما اذا كان حملا لم ينفصل حين الوقف

______________________________

الخارجية لا فرق فيها فلاحظ.

(1) لعدم دليل علي الاشتراط المذكور و مقتضي اطلاق ادلة الوقف العموم و عدم الاختصاص كما انه يبعد جريان السيرة الخارجية علي العموم فلاحظ.

(2) فان المردد لا واقع له فلا مجال لكون الوقف عليه صحيحا فلاحظ.

(3) كما هو ظاهر فان كثيرا من الأوقاف علي الجامع الذي تكون له مصاديق.

(4) ما يمكن أن يذكر في تقريب المدعي وجوه: الوجه الأول: الاتفاق كما يظهر من كلام صاحب الحدائق قدس سره.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 472

ففي بطلان الوقف تأمل (1) نعم اذا وقف علي المعدوم تبعا للموجود كما اذا وقف علي اولاده ثم علي اولادهم ثم علي اولاد اولادهم و هكذا صح (2).

[مسألة 43: إذا وقف علي أولاده الموجودين ثم علي من سيوجد علي أن يكون بعد وجوده مقدما علي الموجودين]

(مسألة 43): اذا وقف علي اولاده الموجودين ثم علي من سيوجد علي أن يكون بعد وجوده مقدما علي الموجودين فالظاهر الصحة (3) الثالث: أن لا يكون الوقف عليه علي نحو الصرف في المعصية كالصرف في الزنا و شرب الخمر و نسخ كتب الضلال

______________________________

الوجه الثاني: أن الوقف تمليك و المعدوم غير قابل لكونه مالكا و ان علق علي وجوده في ظرفه يكون معلقا و التعليق باطل في الوقف.

الوجه الثالث: عدم الدليل عليه فانه اي دليل دل علي جواز الوقف علي المعدوم.

(1) بتقريب ان الحمل في حكم المعدوم و المعدوم غير قابل لأن يملك و يمكن أن يرد عليه بأنه قابل لأن يملك اللهم الا أن يقال: بأن عدم تملكه اجماعي و يمكن أن يستدل علي المدعي بعدم دليل يدل بعمومه او اطلاقه علي الصحة في المقام.

(2) بلا كلام و لا اشكال فان السيرة الخارجية جارية عليه مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه عجلان أبو صالح قال أملي ابو عبد اللّه عليه السلام بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا ما تصدق به فلان بن فلان و هو حي سوي بداره التي في بني فلان بحدودها صدقة لا تباع و لا توهب حتي يرثها وارث السماوات و الأرض و انه قد أسكن صدقته هذه فلانا و عقبه فاذا انقرضوا فهي علي ذي الحاجة من المسلمين «1»

(3) لوجود المقتضي و عدم المانع و بعبارة اخري: مقتضي اطلاق كون الوقوف علي حسب ما اوقفها اهلها جوازه فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 473

و نشرها و تدريسها و شراء آلات الملاهي و نحو ذلك (1).

[مسألة 44: يجوز وقف المسلم علي الكافر]

(مسألة 44): يجوز وقف المسلم علي الكافر (2).

______________________________

(1) كما هو ظاهر اذ لا يعقل ان الشارع ينهي عن امور و مع ذلك يجعل الوقف باعتبار تلك الامور مشروعا و صحيحا فانه جمع بين الضدين.

(2) لوجود المقتضي و عدم المانع فان قوله عليه السلام: «الوقوف علي حسب ما يقفها اهلها إن شاء اللّه» «1»، باطلاقه يشمل المقام و ربما يقال: ان قوله تعالي لٰا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوٰادُّونَ مَنْ حَادَّ

اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كٰانُوا آبٰاءَهُمْ «2»، يقتضي عدم الصحة للنهي عن مودة من حاد اللّه و مثله قوله تعالي أيضا يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِيٰاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ «3».

و اجاب السيد اليزدي قدس سره في ملحقات عروته بأن المنهي عنه المودة معهم من حيث كونهم يحادون اللّه فلا ترتبط الاية بالمقام و يرد عليه انه لا دليل علي التقييد بل مقتضي الاطلاق عموم الحكم.

و لكن يمكن الجواب عن الاستدلال بالآية- اولا بأن المستفاد من قوله لٰا يَنْهٰاكُمُ اللّٰهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقٰاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَ لَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيٰارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَ تُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ «4» أن المنهي عنه الموادة مع جماعة خاصة من الكفار لا مطلقا بل صرح في الاية الشريفة بعدم النهي عن الموادة علي نحو العموم و ثانيا: ان النهي عن الموادة تكليفي و غايته اقتضائه حرمة الوقف عليهم لكن

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 2

(2) المجادلة/ 22

(3) الممتحنة/ 1

(4) الممتحنة/ 8

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 474

______________________________

لا منافاة بين حرمة الوقف تكليفا و صحته وضعا.

مضافا الي ما يقتضي موادتهم و لو في الجملة لاحظ قوله تعالي «وَ إِنْ جٰاهَدٰاكَ عَليٰ أَنْ تُشْرِكَ بِي مٰا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلٰا تُطِعْهُمٰا وَ صٰاحِبْهُمٰا فِي الدُّنْيٰا مَعْرُوفاً «1»

و قوله تعالي أيضا وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسٰانَ بِوٰالِدَيْهِ إِحْسٰاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصٰالُهُ ثَلٰاثُونَ شَهْراً حَتّٰي إِذٰا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قٰالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَليٰ وٰالِدَيَّ «2».

و لاحظ ما رواه مصادف قال كنت مع أبي عبد اللّه عليه

السلام فيما بين مكة و المدينة فمررنا علي رجل في اصل شجرة و قد القي بنفسه فقال: مل بنا الي هذا الرجل فاني اخاف أن يكون قد أصابه عطش فملت اليه فاذا رجل من القراشين طويل الشعر فسأله أ عطشان أنت؟ فقال: نعم فقال لي انزل يا مصادف فاسقه فنزلت و سقيته ثم ركبت و سرنا فقلت هذا نصراني أ فتصدق علي نصراني؟ فقال: نعم اذا كانوا في مثل هذه الحال «3».

و لاحظ الباب 49 من ابواب الصدقة من الوسائل الي غير ذلك من النصوص الدالة باطلاقها أو عمومها علي جواز الاحسان علي الكافر و اللّه العالم.

و أما ما في بعض الكلمات من عدم الجواز لاشتراط الوقف بقصد القربة و لا يمكن قصد التقرب في الوقف علي الكافر فنقول: علي فرض تسليم عدم امكان قصد القربة و تسلمه، يرد علي الاستدلال انه لا دليل علي اشتراط الوقف بقصد القربة بل يصح و لو مع عدم قصد القربة و لذا قلنا انه لا منافاة بين كونه حراما و بين كونه صحيحا.

______________________________

(1) لقمان/ 15

(2) الاحقاف/ 15

(3) الوسائل الباب 19 من ابواب الصدقة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 475

[مسألة 45: يجوز الوقف علي المملوك قنا كان أم كان غيره علي نحو التمليك أم الصرف]

(مسألة 45): يجوز الوقف علي المملوك قنا كان أم كان غيره علي نحو التمليك (1) أم الصرف (2).

[مسألة 46: إذا وقف علي ما لا يصح الوقف عليه و ما يصح علي نحو التشريك بطل بالنسبة إلي حصة الأول و صح بالنسبة إلي حصة الثاني]

(مسألة 46): اذا وقف علي ما لا يصح الوقف عليه و ما يصح علي نحو التشريك بطل بالنسبة الي حصة الاول و صح بالنسبة الي حصة الثاني (3) و ان كان علي نحو الترتيب فان كان الاول مقدما فالاقوي بطلانه رأسا و ان كان مؤخرا كان من المنقطع الاخر فيصح فيما يصح الوقف عليه و يبطل فيما بعده (4).

[مسألة 47: إذا وقف علي ما يصح الوقف عليه ثم علي ما لا يصح الوقف عليه ثم علي ما يصح الوقف عليه كان من المنقطع الوسط]

(مسألة 47): اذا وقف علي ما يصح الوقف عليه ثم علي ما لا يصح الوقف عليه ثم علي ما يصح الوقف عليه كان من المنقطع الوسط فيصح في الاول و يبطل فيما بعده مطلقا حتي في الاخير (5).

______________________________

(1) بناء علي جواز تملك العبد فان مقتضي اطلاق دليل جواز الوقف جوازه علي المملوك كما افاده الماتن.

(2) كما هو ظاهر فانه يجوز علي نحو الصرف و لو علي القول بعدم قابلية العبد لأن يكون مالكا.

(3) يشكل ما أفاده اذا كان المقصود المقيد بما هو مقيد نعم اذا كان المقصود العموم الاستغراقي صح ما أفاده من البطلان بالنسبة و الصحة كذلك.

(4) اذ المفروض بطلان الاول فيكون من مصاديق الوقف المنقطع الاول و المفروض بطلانه كما تقدم و أما في الصورة الثانية فلا مانع من صحته بالنسبة الي الاول و بطلانه بالنسبة الي الثاني فان انقطاع الاخر لا يوجب البطلان.

(5) أما الصحة في الاول فلوجود المقتضي و عدم المانع و أما البطلان في الثاني

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 476

[مسألة 48: إذا وقف علي الزائرين أو الحجاج أو عالم البلد أو نحو ذلك من العناوين العامة التي توجد لها أفراد في وقت و لا توجد في وقت آخر صح]

(مسألة 48): اذا وقف علي الزائرين او الحجاج او عالم البلد او نحو ذلك من العناوين العامة التي توجد لها افراد في وقت و لا توجد في وقت آخر صح و ان لم يكن له فرد حين الوقف (1).

[فصل في بيان المراد من بعض عبارات الواقف]

اشارة

فصل في بيان المراد من بعض عبارات الواقف

[مسألة 49: إذا وقف مسلم علي الفقراء أو فقراء البلد]

(مسألة 49): اذا وقف مسلم علي الفقراء او فقراء البلد فالمراد فقراء المسلمين و اذا كان الواقف من الشيعة فالمراد فقراء الشيعة و اذا كان كافرا فالمراد فقراء اهل دينه فان كان يهوديا فالمراد فقراء اليهود و ان كان نصرانيا فالمراد فقراء النصاري و هكذا و كذا اذا كان سنيا فالمراد فقراء السنة و اذا كان السنيون علي مذاهب بحيث لا ينعطف بعضهم علي بعض اختص بفقراء مذهب الواقف (2).

______________________________

فلفرض عدم جوازه و عدم تمامية الشرائط و أما البطلان في الثالث فلعدم جواز الوقف في فرض كونه منقطع الاول.

(1) و الوجه فيه انه لا اجماع علي البطلان في المقام و مقتضي اطلاق دليل الصحة صحته مضافا الي أن المالك في امثال المقام هو الكلي فلا يتوجه اشكال ان المعدوم غير قابل لكونه مالكا فان الكلي قابل لأن يملك و لذا تكون العين الزكوية لكلي الفقير و الخمس لكلي السيد و لو لم يكن فرد للكلي في الخارج بالفعل و صفوة القول انه لا ريب في تمامية ما أفاده و اللّه العالم.

(2) الانصاف ان الجزم بما افاده مشكل فان النفوس مختلفة و الآراء متفاوتة فلا يمكن أن يلتزم بأن اهل كل ملة يكون قاصدا لخصوص فقراء تلك الملة فعلي

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 477

[مسألة 50: إذا وقف علي الفقراء أو فقراء البلد أو فقراء بني فلان أو الحجاج فالظاهر منه المصرف]

(مسألة 50): اذا وقف علي الفقراء او فقراء البلد أو فقراء بني فلان او الحجاج او الزوار او العلماء او مجالس العزاء لسيد الشهداء عليه السلام او خصوص مجالس البلد فالظاهر منه المصرف فلا يجب الاستيعاب و ان كان الافراد محصورة نعم اذا وقف علي جميعهم وجب الاستيعاب (1) فان لم يمكن لتفرقهم عزل حصة من لم يتمكن من ايصال حصته اليه

الي زمان التمكن (2) و اذا شك في عددهم اقتصر علي الاقل المعلوم (3) و الاحوط له التفتيش و التفحص (4) و اذا قال: هذا وقف علي اولادي أو ذريتي او اصهاري او ارحامي او تلامذتي او مشايخي او جيراني فالظاهر منه العموم فيجب فيه الاستيعاب (5).

______________________________

هذا لا بد من رعاية العرف العام في مقام استفادة المقاصد فلا وجه للتقييد و التخصيص نعم لو دلت علي الاختصاص قرينة حالية أو مقالية لا مناص عن الالتزام بالاختصاص كما انه لو لم يحرز الظهور العرفي لا بد من التقييد من باب كونه المتيقن.

(1) اذ مع فرض كون الظاهر من اللفظ كون المذكور من مصرف الوقف لا يجب الاستيعاب كما هو ظاهر و أما مع فرض كون الوقف علي جميعهم وجب الاستيعاب.

(2) اذ يجب حفظ مال الغير لأن يوصل اليه.

(3) لعدم الدليل علي الأكثر بل مقتضي الاصل عدمه.

(4) لا اشكال في حسن الاحتياط سيما في الأموال و الأنفس و الأعراض.

(5) لا يبعد أن يكون الأمر كما أفاده الماتن و العرف ببابك.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 478

[مسألة 51: إذا وقف علي المسلمين كان لمن يعتقد الواقف إسلامه]

(مسألة 51): إذا وقف علي المسلمين كان لمن يعتقد الواقف إسلامه فلا يدخل في الموقوف عليهم كل من يعتقد الواقف كفره و ان اقر بالشهادتين (1) و يعم الوقف المسلمين جميعا الذكور و الآنات و الكبار و الصغار (2).

[مسألة 52: إذا وقف علي المؤمنين اختص الوقف بمن كان مؤمنا في اعتقاد الواقف]

(مسألة 52): اذا وقف علي المؤمنين اختص الوقف بمن كان مؤمنا في اعتقاد الواقف فاذا كان الواقف اثني عشريا اختص الوقف بالاثني عشرية من الامامية (3) و لا فرق بين الرجال و النساء و الاطفال و المستضعفين و لا بين العدول و الفساق (4) و كذا اذا وقف علي الشيعة (5) نعم اذا كان الواقف علي الشيعة من بعض الفرق الاخر

______________________________

(1) يمكن أن يرد عليه بأنه لا وجه للاختصاص كما تقدم فان المفروض ان الواقف قصد ما هو الظاهر من اللفظ و لا وجه للتقييد و بعبارة اخري: يكون المقام نظير الخطأ في التطبيق.

و صفوة القول: ان الميزان بالظهور و لا وجه لرفع اليد عن الظهور العرفي بمجرد الاعتقاد الا أن يقال: انه لا اشكال في أن الامور النفسية تؤثر في الظهور اللفظي فاذا امر المولي عبده باشتراء عبد مسلم و لا يعتقد اسلام غير الشيعي لا يجوز للعبد أن يشتري له عبدا غير شيعي مع علمه باعتقاد المولي فان الاعتقاد يكون قرينة علي كون المراد من المسلم الشيعي فلاحظ.

(2) كما هو مقتضي الظهور العرفي و العرف ببابك.

(3) الكلام فيه هو الكلام و التقريب لإثبات المدعي هو التقريب.

(4) لشمول اللفظ جميع ما ذكر في المتن.

(5) لعين الملاك و وحدة المناط.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 479

من الشيعة فالظاهر من الشيعة العموم للاثني عشرية و غيرهم ممن يعتقد الخلافة لعلي عليه السلام بلا فصل (1).

[مسألة 53: إذا وقف في سبيل اللّه تعالي او في وجوه البر فالمراد منه ما يكون قربة و طاعة]

(مسألة 53): اذا وقف في سبيل اللّه تعالي او في وجوه البر فالمراد منه ما يكون قربة و طاعة (2).

[مسألة 54: إذا وقف علي أرحامه أو أقاربه فالمرجع فيه العرف]

(مسألة 54): اذا وقف علي ارحامه أو أقاربه فالمرجع فيه العرف (3) و اذا وقف علي الاقرب فالاقرب كان علي كيفية الارث (4).

[مسألة 55: إذا وقف علي أولاده اشترك الذكر و الأنثي و الخنثي]

(مسألة 55): اذا وقف علي اولاده اشترك الذكر و الانثي و الخنثي (5) نعم اذا كان العرف الخاص لبعض البلاد خصوص الذكر اختص به دون الانثي و كذا الحال اذا وقف علي اولاده و اولاد اولاده (6).

______________________________

(1) يرد عليه انه ما الوجه في التفريق بين الموارد فان الاسماعيلية مثلا لا يعتقدون بكون غيرهم علي الطريق الحق و كذا الزيدية بالنسبة الي غيرهم فالتقريب المتقدم للاختصاص يجري في المقام أيضا.

(2) يرد عليه ان وجوه البر لا تختص بالامور العبادية بل يعم الامور التوصلية أيضا فلا وجه للاختصاص فلاحظ.

(3) فان الظهور العرفي حجة فلا بد من اتباعه في جميع الموارد الا مع قيام القرينة علي خلافه.

(4) اذ روعي في طبقات الارث عنوان الأقرب فالأقرب و لا يبعد أن يفهم العرف من هذه الجملة الاشارة الي مراتب الارث فلاحظ.

(5) للظهور العرفي غير القابل للإنكار.

(6) فان الميزان بالظهور و لا اشكال في تقديم العرف الخاص علي العام في المقام.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 480

[مسألة 56: إذا وقف علي إخوته اشترك الإخوة للأبوين و الإخوة للأب فقط و الإخوة للأم فقط بالسوية]

(مسألة 56): اذا وقف علي اخوته اشترك الاخوة للأبوين و الاخوة للأب فقط و الاخوة للأم فقط بالسوية و كذا اذا وقف علي اجداده اشترك الاجداد لأبيه و الاجداد لأمه و كذا اذا وقف علي الاعمام أو الاخوال فانه يعم الاعمام للأبوين و الاب و للأم و كذلك الاخوال و لا يشمل الوقف علي الاخوة اولادهم و لا الاخوات و لا الوقف علي الاعمام و الاخوال اعمام الاب و الام و اخوالهما (1) و العمات مطلقا و الخالات كذلك (2).

[مسألة 57: إذا وقف علي أبنائه لم تدخل البنات]

(مسألة 57): اذا وقف علي ابنائه لم تدخل البنات (3) و اذا وقف علي ذريته دخل الذكر و الانثي و الصلبي و غيره (4).

[مسألة 58: إذا قال: هذا وقف علي اولادي ما تعاقبوا و تناسلوا فالظاهر منه التشريك]

(مسألة 58): اذا قال: هذا وقف علي اولادي ما تعاقبوا و تناسلوا فالظاهر منه التشريك (5) و اذا قال: وقف علي اولادي الاعلي فالاعلي فالظاهر منه الترتيب (6) و اذا قال: وقف علي اولادي نسلا بعد نسل او طبقة بعد طبقة أو طبقة فطبقة ففي كونه للترتيب او للتشريك

______________________________

(1) كل ذلك للظهور العرفي.

(2) لعدم صدق العم علي العمة و لا الخال علي الخالة.

(3) لعدم صدق الابن علي البنت.

(4) لصدق الذرية علي الجميع بحسب الظهور العرفي.

(5) الأمر كما أفاده اذ لا دليل علي الترتيب فيكون من مصاديق التشريك.

(6) فانه ظاهر بل نص في الترتيب.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 481

قولان و الاظهر الاول (1).

[مسألة 59: إذا تردد الموقوف عليه بين عنوانين أو شخصين فالمرجع في تعيينه القرعة]

(مسألة 59): اذا تردد الموقوف عليه بين عنوانين أو شخصين فالمرجع في تعيينه القرعة (2) و اذا شك في الوقف أنه ترتيبي أو تشريكي فان كان اطلاق في عبارة الواقف كان مقتضاه التشريك (3) و ان لم يكن اطلاق اعطي اهل المرتبة المحتملة التقدم حصتهم (4) و اقرع في الحصه المرددة بينهم و بين من بعدهم فيعطي من خرجت القرعة باسمه (5).

[مسألة 60: إذا وقف علي العلماء فالظاهر منه علماء الشريعة]

(مسألة 60): اذا وقف علي العلماء فالظاهر منه علماء الشريعة فلا يشمل علماء الطب و النجوم و الهندسة و الجغرافيا و نحوهم (6).

[مسألة 61: إذا وقف علي أهل بلد اختص بالمواطنين و المجاورين منهم و لا يشمل المسافرين]

(مسألة 61) اذا وقف علي اهل بلد اختص بالمواطنين و المجاورين منهم و لا يشمل المسافرين و ان نووا اقامة فيه (7).

[مسألة 62: إذا وقف علي مسجد أو مشهد صرف نماؤه في مصالحه]

(مسألة 62): اذا وقف علي مسجد أو مشهد صرف نماؤه في

______________________________

(1) الظاهر ان الأمر كما أفاده بحسب الظهور العرفي و علي فرض الشك يكون مقتضي القاعدة التوسل بالقرعة.

(2) فانها لكل أمر مشكل سيما في الامور المالية الواقعة مورد الترديد و الشك

(3) اذ الاطلاق حجة و المفروض ان مقتضاه التشريك بحسب الفهم العرفي.

(4) لعدم الشك في هذا المقدار و انه لهم علي كلا التقديرين.

(5) لكون القرعة من طرق الكشف.

(6) للقرينة المتصلة الموجبة لانصراف اللفظ الي الطائفة الخاصة.

(7) ما افاده ظاهر واضح فان المقيم لا يصدق عليه انه من اهل البلد.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 482

مصالحه من تعمير و فراش و سراج و كنس و نحو ذلك من مصالحه (1) و في جواز اعطاء شي ء من النماء لإمام الجماعة اشكال (2) الا أن تكون قرينة علي ارادة ما يشمل ذلك فيعطي منه حينئذ (3).

[مسألة 63: اذا وقف علي الحسين عليه السلام صرف في اقامة عزائه مع بذل الطعام فيه و بدونه]

(مسألة 63): اذا وقف علي الحسين عليه السلام صرف في اقامة عزائه مع بذل الطعام فيه و بدونه (4) و الاحوط اهداء ثواب ذلك اليه عليه السلام (5) و لا فرق بين اقامة مجلس للعزاء و أن يعطي الذاكر لعزائه عليه السلام في المسجد أو الحرم أو الصحن أو غير ذلك (6).

[مسألة 64: إذا وقف علي ميت أو أموات صرف في مصالحهم الأخروية من الصدقات عنهم و فعل الخيرات لهم]

(مسألة 64): اذا وقف علي ميت أو أموات صرف في مصالحهم الاخروية من الصدقات عنهم و فعل الخيرات لهم و اذا احتمل اشتغال ذمتهم بالديون صرف أيضا في افراغ ذمتهم (7).

______________________________

(1) فان المذكورات من الامور الراجعة الي مصالح المسجد و المشهد فيجوز الصرف بالنسبة الي كلها.

(2) الظاهر ان الاشكال ضعيف.

(3) كما هو ظاهر.

(4) فانه مقتضي الاطلاق المنعقد في عبارة الوقف.

(5) لا اشكال في حسن الاحتياط لكن لا وجه له علي نحو اللزوم بل يمكن ان يتصور علي نحو لا يكون له ثواب بأن لا يقصد القربة في العمل فلاحظ.

(6) للإطلاق و عدم ما يقتضي التقييد.

(7) فان انتفاع الميت في تلك الدار بهذه الامور فلا بد من صرف الموقوف فيها.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 483

[مسألة 65: إذا وقف علي النبي صلي اللّه عليه و آله و الائمة عليهم السلام صرف في إقامة مجالس لذكر فضائلهم و مناقبهم و وفياتهم]

(مسألة 65): اذا وقف علي النبي صلي اللّه عليه و آله و الائمة عليهم السلام صرف في اقامة مجالس لذكر فضائلهم و مناقبهم و وفياتهم و بيان ظلاماتهم و نحو ذلك مما يوجب التبصر بمقامهم الرفيع (1) و الاحوط اهداء ثواب ذلك اليهم عليهم السلام (2) و لا فرق بين امام العصر عجل اللّه تعالي فرجه الشريف و آبائه الطاهرين (3).

[مسألة 66: إذا وقف علي أولاده فالأقوي العموم لأولاد أولاده و أولادهم و إن سفلوا]

(مسألة 66): اذا وقف علي اولاده فالاقوي العموم لأولاد أولاده و اولادهم و ان سفلوا (4).

[مسألة 67: إذا قال: هذا وقف علي أولادي فإذا انقرض أولادي و أولاد أولادي فهو علي الفقراء]

(مسألة 67): اذا قال: هذا وقف علي اولادي فاذا انقرض اولادي و اولاد اولادي فهو علي الفقراء فالاقوي انه وقف علي اولاده الصلبيين و غيرهم علي التشريك (5) و كذا اذا قال: وقف علي اولادي فاذا انقرضوا و انقرض اولاد اولادي فهو علي الفقراء علي الاقوي (6).

______________________________

(1) ما أفاده تام فان المذكورات راجعة اليهم فلا بد من صرف الوقف فيها.

(2) الكلام فيه هو الكلام السابق فراجع.

(3) اذ لا وجه للفرق و رجوع أمره الي الحاكم الشرعي كما في عبارة السيد اليزدي في ملحقات عروته لا وجه له بل يصرف فيما يرجع اليه أرواحنا فداه و لا يكون من قبيل السهم المبارك الراجع أمره الي الحاكم الشرعي.

(4) للظهور العرفي حتي علي القول بعدم صدق الولد علي الولد مع الواسطة الا مجازا فانه لو قال: هذا وقف علي اولادي يفهم منه العموم كما في المتن.

(5) الظاهر ان الأمر كما أفاده.

(6) بتقريب ان قوله في صدر كلامه وقف علي اولادي يقتضي التشريك و ذيل

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 484

[مسألة 68: إذا قال هذا وقف علي سكني أولادي فالظاهر أنه لا يجوز أن يؤجروها و يقتسموا الأجرة]

(مسألة 68): اذا قال هذا وقف علي سكني اولادي فالظاهر انه لا يجوز ان يؤجروها و يقتسموا الاجرة بل يتعين عليهم السكني فيها (1) فان امكن سكني الجميع سكنوا جميعا (2) و ان تشاحوا في تعيين المسكن فالمرجع نظر الولي (3) فان تعدد الاولياء و اختلف نظرهم فالمرجع الحاكم الشرعي (4) و اذا اختلف حكام الشرع فالمرجع القرعة (5).

______________________________

كلامه متفرع علي الصدر و لا يخلو ما أفاده من شائبة الاشكال اذ لا يبعد أن يستفاد من الذيل الترتيب و يكون الذيل قرينة علي الصدر و لا أقلّ من الاجمال.

(1) الأمر كما افاده فان الوقف علي حسب جعل الواقف و

يلزم اتباعه و لا يجوز تغييره و التصرف فيه.

(2) كما هو ظاهر.

(3) فان المتولي للوقف يكون مرجعا في امور الموقوفة.

(4) فان الحاكم الشرعي يكون وليا عاما و مرجعا في جميع الامور الحسبية فالمعتبر نظره.

(5) الظاهر انه لا دليل علي مشروعية القرعة في أمثال المقام التي لا واقع لها فانه قد دل بعض ادلة القرعة علي جريانها في مورد تعلق النذر بأول مملوك و قد ملك مماليك دفعة منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قال: اول مملوك أملكه فهو حر فورث سبعة جميعا قال: يقرع بينهم و يعتق الذي قرع «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سليمان قال: سألته عن رجل قال: اول مملوك املكه فهو حر فلم يلبث أن ملك ستة أيهم يعتق؟ قال: يقرع بينهم ثم يعتق واحدا الحديث 2.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 57 من أبواب العتق الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 485

______________________________

و منها: ما رواه ابراهيم بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قال:

اول مملوك املكه فهو حر فورث ثلاثة قال يقرع بينهم فمن اصابه القرعة اعتق قال و القرعة سنة «1».

و قد دل بعض النصوص علي مورد الشك في كون المولود ذكرا أو انثي منها ما رواه عبد اللّه بن مسكان قال سئل ابو عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده عن مولود ليس بذكر و لا بانثي ليس له إلا دبر كيف يورث؟ فقال يجلس الامام و يجلس عنده أناس من المسلمين فيدعون اللّه و يجيل السهام عليه علي اي ميراث يورثه ثم قال و أي قضية اعدل من قضية يجال عليها بالسهام يقول اللّه تعالي

فَسٰاهَمَ فَكٰانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ «2».

و دلت طائفة ثالثة في مورد اشتباه الحر بالعبد منها ما رواه حريز عن احدهما عليهما السلام قال قضي امير المؤمنين عليه السلام باليمن في قوم انهدمت عليهم دار لهم فبقي صبيان احدهما مملوك و الاخر حر فاسهم بينهما فخرج السهم علي احدهما فجعل المال له و اعتق الاخر «3».

و دلت طائفة رابعة علي مورد واقع متعدد مع امرأة في طهر واحد منها ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قضي علي عليه السلام في ثلاثة وقعوا علي امرأة في طهر واحد و ذلك في الجاهلية قبل أن يظهر الإسلام فاقرع بينهم فجعل الولد للذي قرع و جعل عليه ثلثي الدية للآخرين فضحك رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حتي بدت نواجده قال: و قال: ما أعلم فيها شيئا الا ما قضي

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب كيفية الحكم الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب ميراث الخنثي الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 4 من أبواب ميراث الغرقي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 486

و اذا امتنع بعضهم عن السكني حينئذ جاز للاخر الاستقلال فيها (1).

______________________________

علي عليه السلام «1».

و دلت طائفة خامسة علي مشروعيتها في مورد النزاع في ملك او حق له واقع و يكون ذو الحق مجهولا منها ما رواه جميل قال قال الطيار لزرارة: ما تقول في المساهمة أ ليس حقا؟ فقال زرارة بلي هي حق، فقال الطيار: أ ليس قد ورد انه يخرج سهم المحق؟ قال: بلي قال فتعال حتي ادعي أنا و انت شيئا ثم نساهم عليه و ننظر هكذا هو فقال له زرارة: انما جاء الحديث بأنه ليس من قوم فوضوا

أمرهم الي اللّه ثم اقترعوا الا خرج سهم المحق فأما علي التجارب فلم يوضع علي التجارب فقال الطيار: أ رأيت ان كانا جميعا مدعيين ادعيا ما ليس لهما من ان يخرج سهم احدهما؟ فقال: زرارة: اذا كان كذلك جعل معه سهم مبيح فان كانا ادعيا ما ليس لهما خرج سهم المبيح «2».

و منها ما رواه منصور بن حازم قال سأل بعض اصحابنا أبا عبد اللّه عليه السلام عن مسئلة فقال: هذه تخرج في القرعة ثم قال: فأي قضية اعدل من القرعة اذا فوضوا أمرهم الي اللّه عز و جل أ ليس اللّه يقول فَسٰاهَمَ فَكٰانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ «3».

و صفوة القول: انه لا دليل علي مشروعية القرعة في مثل المقام فلا بد من التوافق بين حكام الشرع و بعبارة اخري الحاكم الشرعي تشترط فيه العدالة فيجب عليه رفع اليد عن التشاجر و بعد رفع التشاجر و الخلاف يكون قوله المرجع و أمره يكون نافذا فلاحظ.

(1) اذ لا يسقط حق واحد منهم بامتناع آخر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 57 من أبواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 13 من ابواب كيفية الحكم الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 17

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 487

و ليس عليه شي ء لصاحبه (1) و ان تعذر سكني الجميع اقتسموها بينهم يوما فيوما أو شهرا فشهرا أو سنة فسنة (2) و ان اختلفوا في ذلك و تشاحوا فالحكم كما سبق (3) و ليس لبعضهم ترك السكني و عدم الرضا بالمهاياة و المطالبة بالاجرة حينئذ بالنسبة الي حصته (4:

[مسألة 69: إذا قال هذا وقف علي الذكور من أولادي أو ذكور أولادي نسلا بعد نسل أو طبقة بعد طبقة اختص بالذكور من الذكور]

(مسألة 69): اذا قال هذا وقف علي الذكور من اولادي او ذكور اولادي نسلا بعد نسل أو طبقة بعد طبقة اختص بالذكور من الذكور و

لا يشمل الذكور من الآنات (5).

[مسألة 70: إذا قال: هذا وقف علي إخوتي نسلا بعد نسل فالظاهر العموم لأولادهم الذكور و الإناث]

(مسألة 70): اذا قال: هذا وقف علي اخوتي نسلا بعد نسل فالظاهر العموم لأولادهم الذكور و الاناث (6).

[مسألة 71: إذا قال: هذا وقف علي أولادي ثم أولاد أولادي كان الترتيب بين أولاده الصلبيين و أولادهم]

(مسألة 71): اذا قال: هذا وقف علي اولادي ثم اولاد اولادي كان الترتيب بين اولاده الصلبيين و اولادهم و لا يكون بين اولاد اولاده

______________________________

(1) لعدم المقتضي.

(2) اذ مع عدم امكان سكني الجميع لا بد من القسمة.

(3) الكلام فيه هو الكلام.

(4) لعدم الدليل عليه.

(5) للظهور العرفي فان مقتضي الظهور العرفي حصر النظر في خصوص الذكور طبقة بعد طبقة و عدم اعتبار الاناث و بعبارة اخري: يفهم عرفا كون الموقوف عليهم الذكور بلا وساطة الاناث.

(6) للظهور العرفي.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 488

و اولادهم ترتيب بل الحكم بينهم علي نحو التشريك (1).

[مسألة 72: إذا وقف علي زيد و الفقراء فالظاهر التنصيف]

(مسألة 72): اذا وقف علي زيد و الفقراء فالظاهر التنصيف و كذا اذا قال: وقف علي زيد و اولاد عمرو أو علي اولاد زيد و أولاد عمرو او علي العلماء و الفقراء (2).

[مسألة 73: إذا وقف علي الزوار فالظاهر الاختصاص بغير أهل المشهد ممن يأتي من الخارج للزيارة]

(مسألة 73): اذا وقف علي الزوار فالظاهر الاختصاص بغير اهل المشهد ممن يأتي من الخارج للزيارة (3) و في كونه كذلك اذا قال: وقف علي من يزور اشكال (4).

[فصل في بعض احكام الوقف]

اشارة

فصل في بعض احكام الوقف

[مسألة 74: إذا تم الوقف لا يجوز للواقف و لا لغيره التبديل و التغيير في الموقوف عليه بنقله منهم إلي غيرهم]

(مسألة 74): اذا تم الوقف لا يجوز للواقف و لا لغيره التبديل و التغيير في الموقوف عليه بنقله منهم الي غيرهم و اخراج بعضهم منه و ادخال اجنبي عنهم معهم اذا لم يشترط ذلك (5) أما اذا اشترط ادخال

______________________________

(1) الامر كما افاده ظاهرا للظهور العرفي فان الترتيب بين اولاده و اولاد اولاده و لا مقتضي للترتيب بين اولاد اولاده بل مقتضي القاعدة التشريك.

(2) للظهور العرفي و العرف ببابك.

(3) الأمر كما أفاده فانه المتفاهم العرفي من اللفظ.

(4) الظاهر انه يصدق علي الزائر الساكن في البلد و العرف ببابك.

(5) فان الوقف علي حسب ما اوقفه اهله و بعبارة اخري: جواز التصرف في الوقف يحتاج الي الدليل و الا فمقتضي القاعدة الأولية عدم الجواز اذ يجب العمل علي طبق الوقف.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 489

من شاء معهم فالظاهر صحته (1) و حينئذ اذا ادخل غيرهم معهم نفذ و اذا لم يدخل احدا الي ان مات بقي الوقف علي حاله الاولي (2) و اذا اشترط اخراج بعضهم فالظاهر صحته أيضا (3).

______________________________

(1) الظاهر ان دليل الجواز في نظر الماتن ما رواه ابن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يتصدق علي بعض ولده بطرف من ماله ثم يبدو له بعد ذلك أن يدخل معه غيره من ولده قال: لا بأس بذلك و عن الرجل يتصدق ببعض ماله علي بعض ولده و يبينه لهم أله أن يدخل معهم من ولده غيرهم بعد أن أبانهم بصدقة؟ قال ليس له ذلك الا أن يشترط انه من ولد له فهو مثل من تصدق عليه فذلك له «1».

فان المستفاد من الخبر المذكور التفصيل بين صورة الاشتراط و عدمه

فعلي الأولي يجوز و في الثانية لا يجوز و لكن الانصاف ان المستفاد من الحديث صورة الوقف من الأول علي النحو الخاص لا صورة تغييره بعد تماميته فلاحظ.

(2) اذ مع الإدخال يصح علي مقتضي الحديث المتقدم ذكره آنفا و اما مع عدم الإدخال فلا وجه لدخول غير الموقوف عليه فيه فلاحظ.

(3) لم يظهر لي وجه ما أفاده و ربما يقال: انه مقتضي قوله عليه السلام الوقوف علي حسب ما يقفها اهلها ان شاء اللّه «2» و لكن الاستدلال علي المدعي بهذا التقريب مشكل اذ لا يستفاد من هذه الجملة الا صحة كيفية الوقف و اما اشتراط التصرف فيه و فسخه من اصله أو في الجملة أو تبديله بأمر آخر فلا يستفاد من الحديث و الا كان تبديله بشي ء آخر جائزا و الظاهر ان الأصحاب لم يلتزموا به و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 490

[مسألة 75: العين الموقوفة تخرج عن ملك الواقف و تدخل في ملك الموقوف عليه]

(مسألة 75): العين الموقوفة تخرج عن ملك الواقف و تدخل في ملك الموقوف عليه و يكون نماؤها له نعم اذا كان الوقف وقفا علي الصرف لم تدخل في ملك الموقوف عليه بل يتعين صرف نمائها في الجهة الموقوف عليها علي اختلاف كيفيات الوقف (1).

______________________________

(1) قال في الحدائق: «اختلف الاصحاب رحمهم اللّه في أن الوقف هل ينتقل عن ملك الواقف أم لا؟ و علي الاول فهل ينتقل الي الموقوف عليه أم الي اللّه تعالي؟ أم يفصل في ذلك بين ما كان الوقف لمصلحة أو جهة عامة فانه ينتقل الي اللّه عز و جل و ما كان الموقوف عليه ممن يصح تملكه

فانه ينتقل اليه» «1» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

اذا عرفت ما تقدم نقول يظهر من كلام الجواهر في هذا المقام انه نقل الاجماع علي خروج الوقف عن ملك الواقف «2».

و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص منها: ما رواه احمد بن محمد عن أبي الحسن الثاني عليه السلام قال سألته عن الحيطان السبعة التي كانت ميراث رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لفاطمة عليها السلام؟ فقال: لا انما كانت وقفا و كان رسول اللّه يأخذ اليه منها ما ينفق علي أضيافه و التابعة يلزمه فيها فلما قبض جاء العباس يخاصم فاطمة عليها السلام فيها فشهد علي عليه السلام و غيره أنها وقف علي فاطمة عليها السلام و هي الدلال و العواف و الحسني و الصافية و ما لأم ابراهيم و الميثب و البرقه «3».

و تقريب الاستدلال بهذه النصوص بوجوه: الوجه الاول: انه عبر في هذه النصوص

______________________________

(1) الحدائق ج 22 ص: 223

(2) الجواهر ج 28 ص: 88

(3) الفروع من الكافي ج 7 ص- 47 باب صدقات النّبيّ و فاطمه و الائمة عليهم السلام

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 491

______________________________

عن الوقف بالصدقة و الصدقة متقومة باخراج العين عن الملك.

الوجه الثاني: انه قد عبر في بعض تلك النصوص بما يدل علي كون العين الموقوفة ملكا للموقوف عليه لاحظ ما رواه أبو مريم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صدقة رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و صدقة علي عليه السلام فقال:

هي لنا حلال و قال ان فاطمة عليها السلام جعلت صدقتها لبني هاشم و بني المطلب «1».

و مثله الحديث الثاني من الباب فان قوله عليه السلام «صدقتهما لبني هاشم و بني عبد

المطلب» يدل علي جعل بني هاشم و بني عبد المطلب مالكا للعين بلحاظ الجار الدال علي الملكية.

الوجه الثالث انه عبر في بعض هذه النصوص بقوله بتلا بتّا اي منقطعة عن صاحبها الاول و مبانة عنه لاحظ ما رواه أيوب بن عطية قال فيه عليه السلام بشر الوارث في صدقة بتة بتلا «2» فان البتل لغة القطع و البت أيضا بمعناه.

الوجه الرابع انه قد عين القيم في بعض تلك النصوص للموقوفة لاحظ ما رواه عبد الرحمن الحجاج «3» و لا مجال لجعل القيم مع بقاء العين في ملك مالكها.

و مما يمكن الاستدلال به علي المدعي الارتكاز في أذهان اهل الشرع و العقلاء و العرف فان المرتكز في الأذهان خروج العين الموقوفة عن ملك الواقف اضف الي ذلك انه لا يبعد أن يستفاد المدعي من مفهوم صيغة الوقف كقول الواقف وقفت الدار الفلانية علي اولادي اذ لو لم تنتقل العين الي الموقوف عليه فما ذا يكون

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 492

______________________________

المراد من الجملة.

و بعبارة اخري الوقوف عليهم بمعني انه لا يتجاوزهم فتكون العين حبسا عليهم و ان شئت قلت: ان العين مع كونها مملوكة لهم تكون ساكنة و غير متحركة بالحركة الاعتبارية فالنتيجة ان الوقف يخرج عن ملك الواقف و مما تقدم ظهر ان الوقف كما انه يخرج عن ملك الواقف يدخل في ملك الموقوف عليه و الذي يدل علي المدعي بوضوح ان السيرة جارية علي كون أمر الموقوفات الخاصة بيد الموقوف عليهم فانهم يتصرفون فيه و في شئونه و هذه آية كونهم مالكين.

و استدل علي كونه ملكا له تعالي بأن الوقف ازالة للملك و

المنفعة علي وجه القربة فانتقل الملك الي اللّه تعالي كالعتق و لأن الموقوف عليه ممنوع عن البيع و لو كان مالكا للوقف لم يكن ممنوعا عن البيع لأن الناس مسلطون علي أموالهم «1».

و في كلا التقريبين اشكال أما التقريب الاول فلأن الوقف لا يتوقف علي قصد القربة بل يمكن تحققه و لو مع عدم قصد القربة مضافا الي أن قياسه بالعتق مع الفارق اذ العتق ازالة للملك و تحرير للعين بخلاف الوقف اضف الي ذلك كله ان المعتق لا يكون ملكا له تعالي.

و اما التقريب الثاني ففيه انه لا تنافي بين كون الشخص مالكا و كونه ممنوعا عن التصرف و لا فرق بين الوقف العام و الخاص غاية الأمر يكون المالك في الوقف العام الجامع فانه لو وقف علي العلماء أو الفقراء يكون الملك للجامع بين العلماء أو الفقراء فلا يتوجه الاشكال بأنه لا يمكن أن يكون جميع الأفراد مالكا و ترجيح بعضهم علي البعض الاخر بلا مرجح فان المالك لو كان هو

______________________________

(1) البحار ج 2 ص 272 الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 493

[مسألة 76: إذا اشترط الواقف شرطا في الموقوف عليه]

(مسألة 76): اذا اشترط الواقف شرطا في الموقوف عليه كما اذا وقف المدرسة علي الطلبة العدول أو المجتهدين ففقد الشرط خرج عن الوقف (1) و اذا اشترط عليه شرطا كما اذا وقف علي الطلبة و اشترط عليهم التهجد في الليل وجب فعل الشرط فان لم يتهجد فالظاهر انه يخرج عن الوقف أيضا (2).

[مسألة 77: إذا احتاجت الأملاك الموقوفة إلي التعمير]

(مسألة 77): اذا احتاجت الاملاك الموقوفة الي التعمير أو

______________________________

الجامع لا يكون لهذا الاشكال مجال كما هو ظاهر.

و أما لو كان الوقف علي الصرف فيظهر من الجواهر ان الأكثر قائلون بكون العين مملوكة لتلك الجهة الموقوف عليها و الظاهر انه لا مانع من كون الجهة الخاصة كالمسجد مالكا للعين الموقوفة فان اعتبار الملكية خفيف المئونة فاذا قلنا هذا الفرش للمسجد يكون صحيحا و لا تتوقف الملكية علي كون المالك من الأناسي بل تتصور الملكية للجمادات أيضا فعلي هذا لا مانع عن القول بالانتقال من ناحية الثبوت غاية ما في الباب انه يمكن أن يقال- كما قيل- لا دليل في مقام الاثبات علي هذه الدعوي و يمكن أن يقال انه لا فرق في مقام الانشاء من قبل الواقف بين الموارد فانه يخرج العين عن ملكه و يدخلها في ملك الموقوف عليه نعم في خصوص المسجد لا يكون الوقف علي نحو التمليك بل تحرير فقط و هذا الفرق علي اجماله لعله ارتكازي هذا ما يخطر ببالي القاصر في هذه العجالة و اللّه العالم بحقائق الامور

(1) بلا اشكال و لا كلام اذ مع عدم كونه عادلا يكون خارجا عن دائرة الوقف

(2) هذا الوجوب شرطي اي لو لم يتهجد يحرم عليه أن يسكن في المدرسة فانه كالأجنبي فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 494

الترميم لأجل بقائها و حصول

النماء فان عين الواقف لها ما يصرف فيها عمل عليه (1) و إلا صرف من نمائها وجوبا مقدما علي حق الموقوف عليهم (2) و اذا احتاج الي التعمير بحيث لولاه لم يبق للبطون اللاحقة فالظاهر وجوبه و ان ادي الي حرمان البطن السابق (3).

[مسألة 78: الثمر الموجود علي النخل أو الشجر حين إجراء صيغة الوقف باق علي ملك مالكها]

(مسألة 78): الثمر الموجود علي النخل أو الشجر حين اجراء صيغة الوقف باق علي ملك مالكها و لا يكون للموقوف عليه و كذا الحمل الموجود حين وقف الدابة و اللبن و الصوف الموجودان حين وقف الشاة (4). و كذلك ما يتجدد من الثمر أو الحمل أو اللبن أو الصوف و نحوها بعد إنشاء الوقف و قبل القبض (5).

______________________________

(1) كما هو ظاهر فان المفروض ان الواقف هكذا وقف و الوقف علي حسب ايقاف اهله.

(2) بتقريب ان مقتضي الارتكاز جعل الوقف كذلك و بعبارة اخري الواقف بارتكازه جعل النماء للترميم فان بقاء العين الموقوفة مطلوبه الأولي فيجب الصرف فيه.

(3) بعين البيان المتقدم فان مطلوب الواقف اولا بقاء العين فيجب.

(4) بتقريب ان النماء تابع للملك فما دام العين باقية في ملك المالك يكون نمائها له و لا مقتضي لخروجها عن ملكه و أما بعد تمامية الوقف يكون النماء للموقوف عليه و ان شئت قلت: النماء الموجود قبل الوقف نماء الملك النماء الوقف فلا وجه لصيرورته ملكا للموقوف عليه و أما النماء المتجدد فهو يصير ملكا له فلاحظ.

(5) علي تقدير عدم تمامية الوقف الا بالقبض فالمسألة مبنائية.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 495

[مسأله 79: إذا وقف علي مصلحة فبطل رسمها]

(مسأله 79): اذا وقف علي مصلحة فبطل رسمها كما اذا وقف علي مسجد فخرب أو مدرسة فخربت و لم يمكن تعميرها أو لم يحتاجا الي مصرف لانقطاع من يصلي في المسجد أو مهاجرة الطلبة أو نحو ذلك فان كان الوقف علي نحو تعدد المطلوب كما هو الغالب صرف نماء الوقف في مسجد أو مدرسة اخري ان أمكن و الا ففي وجوه البر الاقرب فالاقرب (1).

[مسألة 80: إذا جهل مصرف الوقف فان كانت المحتملات متصادقة صرف في المتيقن]

(مسألة 80): اذا جهل مصرف الوقف فان كانت المحتملات متصادقة صرف في المتيقن كما اذا لم يدر ان الوقف وقف علي العلماء مطلقا أو علي خصوص العدول أو الفقراء أو لم يدر ان الوقف وقف علي العلماء أو الفقراء فانه يصرف في الفرض الاول علي العلماء العدول أو الفقراء و في الفرض الثاني علي العلماء الفقراء (2) و ان كانت متباينة فان كانت غير محصورة تصدق به اذا كان التصدق من الوجوه المحتملة للوقف و إلا صرفه في وجه آخر من الوجوه المحتملة (3).

______________________________

(1) بتقريب ان هذه المراتب مقصود الواقف و من مرتكزاته فيكون المقدر كالمذكور و بعبارة اخري: يصح أن يقال: ان الواقف هكذا وقف و لو لم تكن التفاصيل موردا للحاظه علي النحو التفصيل و يكون المقام نظير الشروط الضمنية التي تعتبر عند العقلاء بملاحظة كونها امورا ارتكازية فلاحظ.

(2) اذ الصرف في المتيقن عمل بالوظيفة قطعا فلا اشكال فيه.

(3) قد استدل السيد اليزدي في الملحقات برواية ابن راشد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام قلت: جعلت فداك اشنريت ارضا الي جنب ضيعتي بألفي

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 496

و ان كانت الوجوه محصورة كما اذا لم يدر أن الوقف علي المسجد الفلاني أو علي المسجد الاخر أو لزيد أو

لعمرو علي نحو المصرف أو علي نحو التمليك فالاقرب الرجوع الي القرعة في تعيين الموقوف عليه (1).

[مسألة 81: إذا آجر العين الموقوفة البطن الأول من الموقوف عليهم في الوقف الترتيبي و انقرضوا قبل انقضاء مدة الإجارة]

(مسألة 81): اذا آجر العين الموقوفة البطن الاول من الموقوف عليهم في الوقف الترتيبي و انقرضوا قبل انقضاء مدة الاجارة لم تصح الاجارة بالنسبة الي بقية المدة (2).

______________________________

درهم فلما وفيت المال خبرت ان الأرض وقف، فقال لا يجوز شراء الوقف و لا تدخل الغلة في مالك و ادفعها الي من وقفت عليه قلت: لا أعرف لها ربا قال: تصدق بغلتها «1».

و هذه الرواية لا ترتبط بالمقام بل المستفاد من الحديث ان المكلف اذا لم يمكنه الوصول الي الموقوف عليه يتصدق بغلتها و كلامنا فيما نحن في حكم الوقف الذي يكون مصرفه مجهولا مضافا الي ضعف سند الحديث.

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان مقتضي القاعدة الرجوع الي القرعة اذ لا وجه للتفريق بين كون الأطراف محصورة و بين ما يكون غير محصور نعم اذا كانت الدائرة علي نحو لا يمكن أن يقرع بين اطرافها يلزم بحكم العقل اختيار احد الأطراف و ترجيح التصدق علي غيره علي فرض كونه من الأطراف موافق للاحتياط و أما اللزوم فلا.

(1) فان القرعة لكل أمر مشكل سيما في الامور المالية و اللّه العالم.

(2) لأن المفروض ان الاجارة وقعت علي ملك الغير فلا تصح و بعبارة اخري

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من ابواب عقد البيع و شروطه

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 497

و كذا الحكم في الوقف التشريكي اذا ولد في اثناء المدة من يشارك الموقوف عليه المؤجر فانه لا تصح الاجارة بالنسبة الي حصته (1) و الظاهر صحتها بالاجازة من البطن الثاني في الصورة الاولي و من الشريك في الصورة الثانية فيكون للمجيز حصته من

الاجرة و لا يحتاج الي تجديد الاجارة (2) و ان كان احوط (3) نعم اذا كانت الاجارة من الولي لمصلحة الوقف صحت و نفذت (4) و كذا اذا كانت لمصلحة البطون اللاحقة اذا كانت له ولاية علي ذلك فانها تصح (5) و يكون للبطون اللاحقة حصتهم من الاجرة (6).

[مسألة 82: إذا كانت للعين الموقوفة منافع مختلفة و ثمرات متنوعة كان الجميع للموقوف له مع إطلاق الوقف]

(مسألة 82): اذا كانت للعين الموقوفة منافع مختلفة و ثمرات متنوعة كان الجميع للموقوف له مع اطلاق الوقف فاذا وقف الشجر

______________________________

المنفعة بعد انقراض البطن الاول تكون للبطن الثاني فلا ولاية للبطن الأول في تمليكها من الغير بالاجارة.

(1) اذ مع فرض الشركة لا تصح اجارة حصة الشريك بلا رضاه.

(2) لصحة الفضولي مع الاجازة.

(3) لعل الوجه في الاحتياط الخروج عن شبهة الخلاف.

(4) لأن الاجارة في مفروض الكلام صدرت من اهلها و وقعت في محلها و ان شئت قلت: الاجارة الصادرة عن الولي بعد فرض كونها لمصلحة الوقف تامة و لا وجه لبطلانها.

(5) الكلام فيه هو الكلام فلاحظ.

(6) كما هو ظاهر.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 498

أو النخل كان ثمرتهما و منفعة الاستظلال بهما و السعف و الاغصان و الاوراق اليابسة و اكمام الطلع و الفسيل و نحوها مما هو مبني علي الانفصال للموقوف له (1) و لا يجوز للمالك و لا لغيره التصرف فيها (2) الا علي الوجه الذي اشترطه الواقف (3).

[مسألة 83: الفسيل الخارج بعد الوقف إذا نما و استطال حتي صار نخلا أو قلع من موضعه و غرس في موضع آخر فنما حتي صار مثمرا لا يكون وقفا]

(مسألة 83): الفسيل الخارج بعد الوقف اذا نما و استطال حتي صار نخلا أو قلع من موضعه و غرس في موضع آخر فنما حتي صار مثمرا لا يكون وقفا بل هو من نماء الوقف (4) فيجوز بيعه و صرفه في الموقوف عليه (5) و كذا اذا قطع للإصلاح بعض الاغصان الزائدة و غرس فصار شجرة فانه لا يكون وقفا بل يجري عليه حكم نماء الوقف من جواز بيعه و صرف ثمنه في مصرف الوقف (6).

______________________________

(1) لأن المفروض اطلاق الوقف و لازم الاطلاق عدم التقييد و منفعة الوقف للموقوف عليه فالمنافع كلها للموقوف عليه.

(2) اذ التصرف في ملك الغير لا يجوز الا مع الاذن.

(3) اذ أمر الوقف

بحسب الجعل بيد الواقف فاللازم رعاية جعله و متابعته.

(4) اذ لا وجه لكونه داخلا في الوقف و لا مقتضي له و بعبارة اخري: الفصيل الخارج بعد الوقف لم تشمله دائرة جعل الوقف فيكون نماء له.

(5) كبقية النماءات التي يجوز بيعها لمصلحة الموقوف عليه.

(6) الكلام فيه هو الكلام اذ بعد القطع يخرج عن دائرة الوقف و يدخل تحت عنوان النماء فيترتب عليه حكمه و لقائل أن يقول: ان المفروض كونه وقفا و يمكن ابقائه كذلك بغرسه فيجب التحفظ عليه فيكون باقيا علي عنوانه الأولي.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 499

[مسألة 84: إذا خرب المسجد لم تخرج العرصة عن المسجدية]

(مسألة 84): اذا خرب المسجد لم تخرج العرصة عن المسجدية (1) و ان تعذر تعميره (2) و كذا اذا خربت القرية التي هو فيها حتي بطل الانتفاع به الي الابد (3) و أما غيره من الاعيان الموقوفة فانها اذا تعذر الانتفاع بها في الجهة المقصودة للواقف لخرابها و زوال منفعتها فانه يجوز حينئذ بيع بعضها و عمارة الباقي للانتفاع به فان لم يمكن ذلك جاز بيعها و تبديلها بما يمكن الانتفاع به (4) و اذا تعذر الانتفاع بها لانتفاء الجهة الموقوف عليها صرفت منافعها فيما هو الاقرب فالاقرب فاذا كان الوقف وقفا علي اقامة عزاء الحسين عليه السلام في بلد خاص و لم يمكن ذلك صرف منافعه في اقامة عزائه عليه السلام في بلد آخر (5) و اذا كان تعذر الانتفاع لانقراض الموقوف عليه تبطل وقفيتها (6).

______________________________

(1) لعدم ما يقتضي خروج العرصة عن كونها مسجدا بل هي باقية علي حالها

(2) اذ لا دليل علي كون التعذر موجبا لزوال العنوان و القاعدة الأولية تقتضي بقائها علي ما كانت.

(3) لعين التقريب.

(4) قد تعرض الماتن لهذا الفرع في مسئلة (13)

من فروع جواز بيع الوقف في كتاب البيع و تكلمنا حول كلامه و شرحناه فراجع ما ذكرناه هناك.

(5) بتقريب ان الترتب المذكور مركوز في ذهن الواقف و يكون المقدر كالمذكور كما مر في نظيره قريبا.

(6) الحق ان يعبر بانقضاء امد الوقف و بعبارة اخري: يكشف انه كان وقفا بهذا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 500

و ترجع ملكا للواقف علي ما تقدم فان لم يكن موجودا كان لورثته (1) و اذا خرب الوقف و لم تبطل منفعته بل بقي له منفعة معتد بها قليلة أو كثيرة فان أمكن تجديده و ان كان باجارته مدة و صرف الاجارة في العمارة وجب ذلك (2) و ان لم يمكن فالظاهر بقاء الوقفية بحالها و تصرف منافعه في جهة الموقوف عليها مثلا اذا وقف بستانا للمسجد فانقطع عنها الماء حتي يبس شجرها أو انقلع و بقيت عرصة و أمكن ايجارها وجب ذلك و صرفت الاجرة في مصالح المسجد (3) نعم اذا فهم من القرائن ان الوقفية قائمة بعنوان البستان كما اذا وقفها للتنزه أو للاستظلال بطلت الوقفية بذهاب عنوان البستان و ترجع ملكا للواقف (4).

______________________________

المقدار و يكون من مصاديق الوقف المنقطع الاخر و قد تقدم كونه صحيحا.

(1) بل الصحيح ان العين لم تخرج عن ملكه الا بهذا المقدار و الزائد عليه كان باقيا في ملكه فعلي تقدير بقائه يكون هو المرجع و علي تقدير موته يكون أمر العين راجعا الي ورثته.

(2) كما تقدم و قلنا الواقف بارتكازه يجعل المنافع اولا للصرف في نفس العين ثم للموقوف عليه و بعبارة اخري: لا بد من التحفظ علي الوقف ما دام ممكنا.

(3) اذ لا مقتضي لزوال عنوان الوقف بل هو باق بحاله.

(4) بل الصحيح

في التعبير أن يقال: تنقضي مدة الوقف بزوال عنوان البستان و امرها راجع الي الواقف اذ لم تخرج العين عن ملكه الا مدة و المفروض انقضاء تلك المدة فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 501

[مسألة 85: يجوز وقف البستان و استثناء نخلة منها]

(مسألة 85): يجوز وقف البستان و استثناء نخلة منها (1) و يجوز له حينئذ الدخول اليها بمقدار الحاجة (2) كما ان له ابقاءها مجانا (3) و ليس للموقوف عليهم قلعها (4) و اذا انقلعت ليس له حق في الارض فلا يجوز له غرس نخلة اخري مكانها (5) و كذا يجوز في وقف الدار استثناء غرفة منها (6) و لكن اذا خربت بقيت الارض له لان الارض جزء الغرفة (7).

[مسألة 86: إذا كانت العين مشتركة بين الوقف و الملك الطلق جازت قسمتها بتمييز الوقف عن الملك الطلق]

(مسألة 86): اذا كانت العين مشتركة بين الوقف و الملك الطلق جازت قسمتها بتمييز الوقف عن الملك الطلق (8) و يتولي القسمة المالك للطلق و متولي الوقف (9) بل الاقوي جواز القسمة

______________________________

(1) فان المالك له التصرف في ماله علي جميع الأنحاء و بعبارة اخري: هذا حكم علي طبق القاعدة الأولية.

(2) فانه من لوازم ملكه كما لو كانت نخلة لزيد في دار بكر فانه يجوز لزيد الدخول و التصرف في نخله كما هو ظاهر.

(3) اذ المفروض انه ملكه و استثناه من الوقف فله ابقاءها و لا مقتضي للزوم العوض عليه.

(4) فان التصرف في مال الغير بلا اذن منه حرام.

(5) لعدم المقتضي لبقاء حق له و عليه لا يجوز غرس نخلة اخري مكانها.

(6) الكلام فيه هو الكلام.

(7) الأمر كما افاده فان الأرض جزء الغرفة فتكون الأرض له.

(8) فان القسمة علي طبق القاعدة الأولية.

(9) فان الأمر بيدهما فالمتصدي للقسمة المالك للطلق و المتولي للوقف.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 502

اذا تعدد الواقف و الموقوف عليه كما اذا كانت دار مشتركة بين شخصين فوقف كل منهما نصفه المشاع علي اولاده (1) و كذا اذا اتحد الواقف مع تعدد الموقوف عليه كما اذا وقف مالك الدار نصفها علي مسجد و نصفها علي

مشهد (2) و كذا اذا اتحد الواقف و الموقوف عليه اذا لم تكن القسمة منافية للوقف كما اذا وقف أرضا علي اولاده و كانوا اربعة (3) فانه يجوز لهم اقتسامها ارباعا فاذا صار له ولد آخر بطلت القسمة و جاز اقتسامها اخماسا فاذا مات اثنان منهم بطلت و جاز اقتسامها اثلاثا و هكذا (4).

[مسألة 87: لا يجوز تغيير العين الموقوفة إذا علم من الواقف إرادة بقاء عنوانها]

(مسألة 87): لا يجوز تغيير العين الموقوفة اذا علم من الواقف ارادة بقاء عنوانها سواء فهم ذلك من كيفية الوقف كما اذا وقف داره علي السكني فلا يجوز تغييرها الي الدكاكين أم من قرينة خارجية (5) بل اذا احتمل ذلك و لم يكن اطلاق في إنشاء الوقف لم يجز ذلك (6) نعم اذا كان اطلاق في إنشاء الوقف جاز للولي التغيير فيبدل الدار

______________________________

(1) لعدم مانع في القسمة.

(2) الكلام فيه هو الكلام.

(3) اذ مع عدم التنافي للوقف لا يكون مانع عن القسمة.

(4) لأن هذه القسمة لا تؤثر بالنسبة الي البطون اللاحقة كما صرح به في المتن فلا مانع منها و بعبارة اخري لا تكون موجبة لتضييع حق احد و المفروض عدم تنافي القسمة مع الوقف.

(5) فان الوقوف علي حسب ما أوقفها اهلها.

(6) لعدم احراز الجواز و اصالة عدم ارادة المقيد لا يثبت الاطلاق الا علي

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 503

الي دكاكين و الدكاكين الي دار و هكذا (1) و قد يعلم من حال الوقف ارادة بقاء العنوان ما دام له دخل في كثرة المنفعة فحينئذ لا يجوز ما دام الحال كذلك فاذا قلت المنفعة جاز التغيير (2).

[مسألة 88: إذا انقلعت نخلة من البستان الموقوفة]

(مسألة 88): اذا انقلعت نخلة من البستان الموقوفة فان كان وقفها للانتفاع بثمرها جاز بيعها (3) و صرف ثمنها في البستان ان احتاج اليه و الا ففي الجهة الموقوف عليها (4) و اذا وقفها للانتفاع بأي وجه كان فان أمكن الانتفاع بها في جعلها سقفا أو عمدا أو نحو ذلك لم يجز بيعها (5) و ان بطل الانتفاع بها علي حالها جاز بيعها و صرف ثمنها في البستان مع الحاجة و مع عدمها في الجهة الموقوف

______________________________

القول بالمثبت مضافا الي

أنه تعارضها اصالة عدم ارادة الاطلاق فان الاطلاق كالتقييد ملحوظ في مقام الثبوت و تكون النسبة بينهما نسبة التضاد و أصالة عدم احد الضدين لا تثبت الضد الاخر.

(1) كما هو ظاهر فانه علي هذا التقدير يكون العمل علي طبق ما قرره الواقف فيكون جائزا.

(2) كل ذلك بمقتضي ان الوقف تابع لجعل الواقف و إنشائه.

(3) علي ما تقدم في كتاب البيع من جواز بيع الوقف في الفرض المذكور و قد تقدم شرح كلام الماتن هناك.

(4) علي ما تقدم من أن الصرف في العين الموقوفة ان احتاج يقدم علي الصرف في الجهة الموقوف عليها.

(5) لعدم جواز بيع الوقف قبل عروض المجوز.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 504

عليها (1).

[مسألة 89: الأموال التي تجمع لعزاء سيد الشهداء عليه السلام من صنف خاص لإقامة مأتمهم الظاهر أنها من قسم الصدقات المشروط صرفها في جهة معينة]

(مسألة 89): الاموال التي تجمع لعزاء سيد الشهداء عليه السلام من صنف خاص لإقامة مأتمهم أو من اهل البلد لإقامة مأتم فيها أو للأنصار الذين يذهبون في زيارة الاربعين الي كربلا الظاهر أنها من قسم الصدقات المشروط صرفها في جهة معينة (2) و ليست باقية علي ملك مالكها (3) و لا يجوز لمالكها الرجوع فيها (4).

______________________________

(1) علي ما تقدم آنفا و الكلام فيه هو الكلام لوحدة الملاك.

(2) الصدقة اما تتحقق بصورة الوقف كما عبر بها في جملة من الأوقاف الصادرة عنهم عليهم السلام و اما تتحقق بصورة التمليك و التملك و المفروض ان المقام غير داخل في القسمين المذكورين فأي دليل دل علي كونه من الصدقات و لعل الوجه في نظر الماتن السيرة الخارجية و هو كما تري.

(3) اذ الصدقة اذا تحققت تخرج عن ملك مالكها.

(4) لعدم الدليل علي الرجوع بل الدليل قائم علي عدم الرجوع في الصدقة لاحظ ما رواه الحسين ابن علوان عن جعفر عن أبيه ان عليا

عليه السلام كان يقول: من تصدق بصدقة فردت عليه فلا يجوز له أكلها و لا يجوز له الا انفاقها انما منزلتها بمنزلة العتق للّه فلو ان رجلا اعتق عبدا للّه فرد ذلك العبد لم يرجع في الأمر الذي جعله للّه فكذلك لا يرجع في الصدقة «1».

و ما رواه طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عليه السلام قال: من تصدق بصدقة ثم ردت عليه فلا يأكلها لأنه لا شريك للّه عز و جل في شي ء مما جعل له انما هو بمنزلة العتاقة لا يصلح ردها بعد ما يعتق «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب الصدقة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 505

و اذا ماتت قبل صرفها لا يجوز لوارثه المطالبة بها (1) و اذا تعذر صرفها في الجهة المعينة فالاحوط صرفها فيما هو الاقرب الي الجهة الخاصة (2) نعم اذا كان الدافع للمال غير معرض عنه و يري ان الاخذ للمال بمنزلة الوكيل عنه لم يخرج حينئذ عن ملك الدافع و جاز له و لورثته و لغرمائه المطالبة به بل يجب ارجاعه اليه عند مطالبته و الي وارثه عند موته و الي غرمائه عند تفليسه و اذا تعذر صرفه في الجهة الخاصة و احتمل عدم اذنه في التصرف فيه في غيرها وجبت مراجعته في ذلك (3).

[مسألة 90: لا يجوز بيع العين الموقوفة إلا في موارد ذكرناها]

(مسألة 90): لا يجوز بيع العين الموقوفة الا في موارد ذكرناها

______________________________

(1) اذ المفروض خروجها عن ملك المورث فلا مقتضي للمطالبة و كذا للغرماء كما هو ظاهر.

(2) بتقريب ان مقصود المالك كذلك.

(3) لبقاء المال في ملكه فيترتب عليه أحكام ملكه و من هذا البيان يظهر ان الماتن يري ان المالك

في القسم الأول أعرض عن مملوكه و قد ذكرنا في بعض المباحث السابقة ان الأعراض يوجب خروج الملك عن ملك المعرض كالأموال المنذورة للمعصومين عليهم السلام الموضوعة في الضرائح المقدسة فان الذي يختلج بالبال ان الناذر يعرض عن ملكه و يجعله حسب نذره في الضريح المقدس و حيث ان الاعراض مخرج للمال عن ملك مالكه لا يبعد أن يقال ان الأموال المشار اليها تدخل في المباحات و لكن الظاهر ان هذا التقريب غير مرضي عند القوم و اللّه العالم.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 506

في كتاب البيع (1).

[مسألة 91: إذا كان غرض الواقف من الوقف حصول شي ء فتبين عدم حصوله لا يكون ذلك موجبا لبطلان الوقف]

(مسألة 91): اذا كان غرض الواقف من الوقف حصول شي ء فتبين عدم حصوله لا يكون ذلك موجبا لبطلان الوقف فاذا علم ان غرض الواقف من الوقف أن يستعينوا به علي طلب العلم أو الاقامة بالمشهد الفلاني أو نحو ذلك فلم يترتب الغرض المذكور لم يكن ذلك موجبا لبطلان الوقف و هكذا الحال في جميع الاغراض و الدواعي التي تدعو الي ايقاع المعاملات أو الايقاعات فاذا كان غرض المشتري الربح فلم يربح لم يكن ذلك موجبا لبطلان الشراء أو التسلط علي الفسخ (2).

[مسألة 92: الشرائط التي يشترطها الواقف تصح و يجب العمل عليها إذا كانت مشروعة]

(مسألة 92): الشرائط التي يشترطها للواقف تصح و يجب العمل عليها اذا كانت مشروعة فاذا اشترط أن لا يؤجر الوقف اكثر من سنة اولا يؤجر علي غير اهل العلم لا تصح اجارته سنتين و لا علي غير اهل العلم (3).

[مسألة 93: تثبت الوقفية بالعلم و إن حصل من الشياع]

(مسألة 93): تثبت الوقفية بالعلم و ان حصل من الشياع (4).

______________________________

(1) و قد تقدم شرح ما أفاده هناك فراجع.

(2) كما هو ظاهر فان الأغراض و الدواعي لا تؤثر في مركز الانشاء و لا أثر لها في تغيير العقود و الإيقاعات عما هي عليها فلاحظ.

(3) فان الوقوف علي حسب ما اوقفها اهلها فما دام يكون شرطه و جعله مشروعا يجب العمل به كما ان السيرة الخارجية الجارية في الخارج هكذا.

(4) فان حجية العلم ذاتية فلا فرق بين مناشئه.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 507

و بالبينة الشرعية (1) و باقرار ذي اليد (2) و ان لم تكن اليد مستقلة كما اذا كان جماعة في دار فاخبر بعضهم بأنها وقف حكم بها في حصته و ان لم يعترف غيره بها (3).

[مسألة 94: إذا كان كتاب أو إناء قد كتب عليه انه وقف فالظاهر الحكم بوقفيته]

(مسألة 94): اذا كان كتاب او اناء قد كتب عليه انه وقف فالظاهر الحكم بوقفيته (4) نعم اذا كان بيد شخص و ادعي ملكيته و اعتذر عن الكتابة بعذر مقبول قيل: صدق و حكم بملكيته له فيجوز حينئذ الشراء منه و التصرف باذنه و غير ذلك من احكام الملك (5) لكنه لا يخلو عن اشكال (6).

[مسألة 95: إذا وجدت ورقة في تركة الميت قد كتب عليها أن الشي ء الفلاني وقف]

(مسألة 95): اذا وجدت ورقة في تركة الميت قد كتب عليها ان الشي ء الفلاني وقف فان كان عليه امارة الاعتراف بالوقفية من توقيعه في ذيلها و وضعها في ظرف مكتوب عليه هذه ورقة الوقف الفلاني او نحو ذلك مما يكون ظاهرا في الاعتراف بالوقفية حكم بالوقفية (7).

______________________________

(1) فان ثبوت الموضوعات بالبينة الشرعية من الواضحات.

(2) لنفوذ الاقرار عقلائيا و شرعا فلاحظ.

(3) لأن صدق الاقرار محدود بهذا الحد فلا أثر له بالنسبة الي الزائد عليه.

(4) لا يبعد أن يكون من الظهورات العرفية المعتبرة فيعمل علي طبقه.

(5) بتقريب ان اليد امارة الملكية فيعمل بها.

(6) لا يبعد أن يكون وجه الاشكال انه لا دليل علي حجية اليد حتي مع وجود الامارة علي خلافها و ان شئت قلت: يدخل المقام في تعارض الامارتين فلاحظ.

(7) اذ مع فرض الامارية تكون الحجة تامة فلا بد من العمل بها.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 508

و الا فلا يحكم بها و ان علم انها بخط المالك (1).

[مسألة 96: لا فرق في حجية أخبار ذي اليد بين أن يكون إخبارا بأصل الوقف و أن يكون إخبارا بكيفيته]

(مسألة 96): لا فرق في حجية اخبار ذي اليد بين أن يكون اخبارا باصل الوقف و أن يكون اخبارا بكيفيته من كونه ترتيبا أو تشريكيا و كونه علي الذكور فقط أو علي الذكور و الاناث و انه علي نحو التساوي او علي نحو الاختلاف (2) كما انه لا فرق في الاخبار بين أن يكون بالقول و أن يكون بالفعل كما اذا كان يتصرف فيه علي نحو الوقف أو يتصرف فيه علي نحو الوقف الترتيبي او التشريكي او للذكور و الاناث أو للذكور دون الاناث و هكذا فان تصرفه اذا كان ظاهرا في الاخبار عن حاله كان حجة كخبره القولي (3).

[مسألة 97: إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكوية كالغنم و البقر و الإبل لم تجب الزكاة فيها]

(مسألة 97): اذا كانت العين الموقوفة من الاعيان الزكوية كالغنم و البقر و الابل لم تجب الزكاة فيها و ان اجتمعت فيها شرائط الزكاة (4) و اما اذا كان نمائها زكويا كما اذا وقف بستانا فان كان الوقف علي نحو التمليك لأشخاص الموقوف عليهم كما اذا قال:

وقفت البستان لأولادي فان بلغت حصة واحد منهم النصاب وجبت

______________________________

(1) كما هو ظاهر اذ اليد امارة الملكية و الخروج عنها يتوقف علي قيام دليل معتبر علي خلافها و المفروض عدمه و اللّه العالم.

(2) اذ لا وجه للتفريق فان اقرار ذي اليد نافذ بالنسبة الي ما في يده.

و ان شئت قلت قول ذي اليد حجة بالنسبة الي الشئون العارضة لما في يده.

(3) اذ الميزان تحقق الاخبار بلا فرق بين مصاديقه فالأخبار الفعلي كالقولي حجة.

(4) فان العين الموقوفة لو كانت زكوية لا تجب الزكاة فيها لعدم اجتماع شرائط

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 509

عليه الزكاة و الا لم تجب (1) و ان كان الوقف علي نحو التمليك للعنوان كما اذا قال: وقفت

البستان علي فقراء البلد غير قاصد لاستيعابهم لم تجب الزكاة علي واحد منهم (2) الا اذا اعطي الولي واحدا منهم بعض النماء قبل زمان تعلق الزكاة و كان يبلغ النصاب فانه تجب الزكاة علي من ملك منهم واحد كان او اكثر (3) و كذلك لا تجب الزكاة علي حاصل الوقف اذا كان علي نحو المصرف كما اذا قال وقفت البستان علي تزويج اولادي او علي اطعام الفقراء و كسوتهم و نحو ذلك (4).

[إلحاق فيه بابان]

اشارة

الحاق فيه بابان

[الباب الأول: في الحبس و أخواته]
اشارة

الباب الاول: في الحبس و اخواته.

______________________________

الوجوب فان الموقوف عليه ليس له التصرف في العين الموقوفة.

(1) كما هو ظاهر لتمامية موضوع الوجوب و أما مع عدم بلوغ الحصة لا تجب.

(2) ما أفاده ظاهر و صفوة القول: ان المكلف الشخصي اذا ملك النصاب مع اجتماع الشرائط تجب عليه الزكاة و أما المالك لو كان الجامع أو الجهة فلا مقتضي للوجوب كما هو ظاهر فان الزكاة واجبة علي المكلف مع اجتماع الشرائط المقررة فلاحظ.

(3) اذ في هذه الصورة يكون موضوع الوجوب تاما فتجب.

(4) قد ظهر الوجه مما تقدم فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 510

[مسألة 98: يجوز للمالك أن يحبس ملكه علي جهة معينة يجوز الوقف عليها علي أن يصرف نماؤه فيها]

(مسألة 98): يجوز للمالك أن يحبس ملكه علي جهة معينة يجوز الوقف عليها علي أن يصرف نماؤه فيها (1) و لا يخرج بذلك عن ملكه (2) فان كان الحابس قد قصد القربة بحبسه و كان حبسه

______________________________

(1) الظاهر انه لا خلاف و لا اشكال في مشروعية الحبس في الجملة و انما الاختلاف في الخصوصيات و يدل علي مشروعيته من النصوص ما رواه ابن اذينة قال: كنت شاهدا عند ابن أبي ليلي و قضي في رجل جعل لبعض قرابته غلة داره و لم يوقت وقتا فمات الرجل فحضر ورثته ابن أبي ليلي و حضر قرابته الذي جعل له غلة الدار فقال ابن ابي ليلي أري ان ادعها علي ما تركها صاحبها فقال محمد بن مسلم الثقفي: اما ان علي بن ابي طالب عليه السلام قد قضي في هذا المسجد بخلاف ما قضيت فقال: و ما علمك؟ فقال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام يقول قضي علي عليه السلام برد الحبيس و انفاذ المواريث فقال: له ابن ابي ليلي هذا عندك في كتابك؟ قال: نعم

قال: فارسل و ائتني به فقال له محمد بن مسلم:

علي أن لا تنظر من الكتاب الا في ذلك الحديث قال: لك ذلك قال: فاحضر الكتاب واراه الحديث عن أبي جعفر عليه السلام في الكتاب فرد قضيته «1» فان المستفاد من هذه الرواية جواز الحبيس اجمالا.

(2) لعدم الدليل عليه و ان شئت قلت: الخروج عن الملك يتوقف علي قيام دليل عليه و لا دليل علي الخروج و اقوال الأصحاب و آرائهم مختلفة كما يظهر بالمراجعة في كلماتهم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من احكام السكني و الحبيس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 511

مطلقا او مقيدا بالدوام لزم ما دامت العين و لم يجز له الرجوع فيه (1) و ان كان مقيدا بمدة معينة لم يجز له الرجوع قبل انقضاء المدة (2) و اذا انتهت المدة انتهي التحبيس فاذا قال فرسي محبس علي نقل الحجاج أو عبدي محبس علي خدمة العلماء لزمت ما دامت العين باقية و اذا جعل المدة عشر سنين مثلا لزم في العشر و انتهي بانقضائها (3).

[مسألة 99: ذكر جماعة كثيرة أنه لا يصح التحبيس إلا بعد القبض و لا يخلو من إشكال]

(مسألة 99): ذكر جماعة كثيرة انه لا يصح التحبيس الا بعد القبض و لا يخلو من اشكال بل الاظهر الصحة بدونه (4) و لكنه شرط في اللزوم فيجوز للمالك الرجوع فيه قبل القبض (5).

[مسألة 100: إذا حبس ملكه علي شخص فإن عين مدة كعشر سنين أو مدة حياة ذلك الشخص لزم الحبس في تلك المدة]

(مسألة 100): اذا حبس ملكه علي شخص فان عين مدة كعشر سنين أو مدة حياة ذلك الشخص لزم الحبس في تلك المدة (6) و بعدها

______________________________

(1) لعدم الدليل علي الجواز و بعبارة اخري بعد نفوذه شرعا يتوقف جواز الفسخ و الرجوع علي قيام الدليل عليه و ليس فليس.

(2) الكلام فيه هو الكلام.

(3) كما هو ظاهر فان انقضاء الوقت بانقضاء مقدار الجعل.

و يظهر من كلام الماتن ان عدم جواز الرجوع مقيد بقصد القربة و لقائل أن يقول: ان الحبس اذا لم يكن مقيدا بقصد القربة و يتحقق و لو مع عدمه لا يجوز الرجوع أيضا لعدم الدليل علي جوازه الا أن يكون الحكم اجماعيا و اللّه العالم

(4) اذ لا دليل علي الاشتراط.

(5) ان تم المدعي بالإجماع التعبدي الكاشف فهو و الا فللمناقشة فيه مجال.

(6) كما تقدم.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 512

يرجع الي الحابس (1) و اذا مات الحابس قبل انقضاء المدة بقي الحبس علي حاله الي أن تنتهي المدة فيرجع ميراثا (2) و اذا حبس عليه مدة حياة نفسه يعني الحابس لم يجز له الرجوع ما دام حيا فاذا مات رجع ميراثا (3) و اذا حبسه علي شخص و لم يذكر مدة معينة و لا مدة حياة نفسه و لا حياة المحبس عليه ففي لزومه الي موت الحابس و بعد موته يرجع ميراثا و جوازه فيجوز له الرجوع فيه متي شاء؟ قولان اقربهما الثاني (4).

[مسألة 101: يلحق بالحبس السكني و العمري و الرقبي]

(مسألة 101): يلحق بالحبس السكني و العمري و الرقبي (5).

______________________________

(1) علي طبق القاعدة اذ المفروض عدم الخروج عن ملك الحابس بل الصحيح أن يعبر بتمامية مدة الحبس و صيرورة العين طلقا اذ المفروض عدم الخروج فلا موضوع للرجوع.

(2) لا يبعد أن يستفاد

المدعي من حيث ابن اذينة فان المستفاد منه انه مع تعيين المدة يتعين فلا يزول بموت الحابس كما ان مقتضي صحة الحبس كذلك.

(3) كما هو ظاهر لأن المفروض انقضاء المدة.

(4) لا اري وجها لجواز الرجوع الا أن يقوم اجماع عليه و المفروض عدمه اذ صرح في المتن بأن المسألة ذات قولين.

و صفوة القول: انه مع الالتزام بالصحة يتوقف الجزم بالجواز علي قيام دليل عليه و الظاهر عدمه و اللّه العالم.

(5) قال في الحدائق: «ثم انه ينبغي أن يعلم ان الاختلاف في هذه الألفاظ اعتباري بحسب اختلاف ما تضاف و المرجع الي أمر واحد فاذا قرنت بالإسكان قيل سكني و اذا قرنت بالعمر من المالك أو الساكن قيل عمري و اذا قرنت بمدة معينة قيل رقبي» «1».

______________________________

(1) الحدائق ج 22 ص 275

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 513

و الاولي تختص بالمسكن و الاخيرتان تجريان فيه و في غيره من العقار و الحيوانات و الاثاث و نحوها مما لا يتحقق فيه الاسكان فان كان المجعول الاسكان قيل له (سكني) فان قيد بعمر المالك أو الساكن قيل له أيضا (عمري) و ان قيده بمدة معينة قيل له (رقبي) و اذا كان المجعول غير الاسكان كما في الاثاث و نحوه مما لا يتحقق فيه السكني لا يقال له سكني بل قيل (عمري) ان قيد بعمر احدهما و (رقبي) ان قيد بمدة معينة (1).

[مسألة 102: الظاهر أن القبض فيها ليس شرطا في الصحة]

(مسألة 102): الظاهر ان القبض فيها ليس شرطا في الصحة بل في اللزوم كما تقدم في الحبس (2).

______________________________

و علي هذا تكون النسبة بين كل من الرقبي و العمري و بين السكني عموما من وجه لأنه ان قرنت بالإسكان فقط يقال: سكني و لا يصدق عليها احد العنوانين

الاخرين و ان قرنت بالعمر تكون عمري و لا تكون سكني و ان قرنت بمدة تكون رقبي و لا تكون سكني و ان قرنت بالسكني و قرنت بالعمر أيضا أو قرنت بمدة تكون مصداقا للسكني و العمري أو مصداقا للسكني و الرقبي و أما النسبة بين الرقبي و العمري هو التباين اذ لا يجتمع التوقيت بالزمان مع التوقيت بالعمر و يمكن أن يقال: ان النسبة بين كل واحد من الثلاثة مع كل واحد من العنوانين الاخرين هو التباين بأن يقال: اذا قرنت السكني بالعمر أو المدة لا تصدق السكني و الأمر سهل.

(1) كما هو ظاهر فان السكني في غير المسكن لا موضوع لها و يظهر من كلمات الأصحاب ان مشروعية المذكورات اتفاقية عندهم و تدل علي المدعي و لو في الجملة جملة من النصوص التي ستمر عليك إن شاء اللّه تعالي اثناء البحث.

(2) قال في الحدائق: «لا خلاف في أنه لا يلزم شي ء منها قبل القبض» فان

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 514

[مسألة 103: إذا أسكنه مدة معينة كعشر سنين أو مدة عمر المالك أو مدة عمر الساكن لم يجز الرجوع قبل انقضاء المدة]

(مسألة 103): اذا أسكنه مدة معينة كعشر سنين او مدة عمر المالك أو مدة عمر الساكن لم يجز الرجوع قبل انقضاء المدة (1) فان انقضت المدة في الصور الثلاث رجع المسكن الي المالك أو ورثته (2).

______________________________

تم المدعي بالإجماع فهو و الا فللمناقشة فيه مجال فان الخيار بعد فرض الصحة يحتاج الي الدليل و يظهر من بعض الروايات جواز الرجوع في السكني اذا لم يعين وقتا منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قلت له رجل اسكن رجلا داره و لم يوقت قال: جائز و يخرجه اذا شاء «1».

و منها ما رواه احمد بن عمر الحلبي عن أبيه عن أبي

عبد اللّه عليه السلام قال و سألته عن الرجل يسكن رجلا و لم يوقت شيئا قال يخرجه صاحب الدار اذا شاء «2».

و منها: ما رواه ابو البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام ان السكني بمنزلة العارية ان احب صاحبها أن يأخذها أخذها و ان أحب أن يدعها فعل أي ذلك شاء «3».

بل يظهر من حديث أبي البختري جواز الرجوع و كون السكني كالعارية في كونها جائزة و لكن الرواية ضعيفة بأبي البحتري.

(1) كما هو مقتضي القاعدة الاولية و لا دليل علي الجواز فتلزم.

(2) و هذا علي طبق القاعدة الأولية مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام ان امير المؤمنين عليه السلام قضي في العمري أنها جائزة لمن أعمرها فمن اعمر شيئا ما دام حيا فانه لورثته اذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب السكني و الحبيس الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 515

[مسألة 104: إذا قال له: أسكنتك هذه الدار لك و لعقبك لم يجز له الرجوع في هذه السكني ما دام الساكن موجودا أو عقبه]

(مسألة 104): اذا قال له: أسكنتك هذه الدار لك و لعقبك لم يجز له الرجوع في هذه السكني ما دام الساكن موجودا او عقبه (1) فاذا انقرض هو و عقبه رجعت الدار الي المالك (2).

[مسألة 105: إذا قال له: أسكنتك هذه الدار مدة عمري فمات الساكن في حال حياة المالك]

(مسألة 105): اذا قال له: اسكنتك هذه الدار مدة عمري فمات الساكن في حال حياة المالك فان كان المقصود السكني بنفسه و توابعه كما يقتضيه اطلاق السكني انتقلت السكني بموته الي المالك قبل

______________________________

توفي «1».

و لاحظ ما رواه ابو الصباح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سئل عن السكني و العمري فقال: ان كان جعل السكني في حياته فهو كما شرط و ان كان جعلها له و لعقبه بعده حتي يفني عقبه فليس لهم أن يبيعوا و لا يورثوا حتي ترجع الدار الي صاحبها الاول «2».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسكن الرجل داره قال:

يجوز و سألته عن الرجل يسكن الرجل داره و لعقبه من بعده قال يجوز و ليس لهم أن يبيعوا و لا يورثوا قلت فرجل أسكن داره حياته قال يجوز ذلك «3».

(1) كما هو مقتضي صحة السكني و يدل علي المدعي ما رواه الحلبي و يدل علي المدعي أيضا ما رواه أبو الصباح «4».

(2) اذ المفروض انه ملكه فلا بد من رجوعه اليه بل صرح بالرجوع اليه في حديث الكناني.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب السكني و الحبيس الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 3 من ابواب السكني و الحبيس الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 516

وفاته علي اشكال (1) و ان كان المقصود تمليك السكني له انتقلت السكني الي وارثه ما دام المالك حيا فاذا مات

انتقلت من ورثة الساكن الي ورثة المالك (2) و كذا الحكم لو عين مدة معينة فمات الساكن في اثنائها (3).

______________________________

(1) لم يظهر لي وجه الاشكال اذ المفروض ان المالك جعل السكني لمن جعل له و لتوابعه ما دام حياته فلا وجه لبقاء السكني بعد وفاته و بعبارة اخري يلزم الخلف فمقتضي القاعدة انتقال المنفعة بعد وفاته الي المالك و يدل علي المدعي بعض النصوص و هو ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن حمران قال: سألته عن السكني و العمري فقال: الناس فيه عند شروطهم ان كان شرط حياته فهي حياته و ان كان لعقبه فهو لعقبه كما شرط حتي يفنوا ثم يرد الي صاحب الدار «1».

(2) بناء علي صحة هذا النحو من السكني يتم ما أفاده في المتن و ربما يقال انه يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه حسن بن نعيم عن أبي الحسن موسي بن جعفر عليهما السلام قال: سألته عن رجل جعل سكني داره لرجل ايام حياته أو له و لعقبه من بعده قال هي له و لعقبه كما شرط «2».

و لكن يرد عليه: ان المستفاد من الحديث انه يجعل له السكني ايام حياته و السكني بهذا القيد لا يعقل ان تورث و بعبارة اخري: المنفعة المفروضة يقيده بحياته فلا تكون قابلة للإرث و يدل علي المدعي أيضا قوله في السؤال: «اوله و لعقبه» و كيف يمكن الجمع بين الانتقال بالارث و جعل الوارث مالكا بالاستقلال.

و الظاهر انه لا يمكن اثبات ما ادعاه في المتن بالنصوص الواردة في المقام و اللّه العالم.

(3) الكلام فيه هو الكلام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب السكني و الحبيس الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني

منهاج الصالحين، ج 9، ص: 517

[مسألة 106: إذا جعل السكني له مدة حياته]

(مسألة 106): اذا جعل السكني له مدة حياته كما اذا قال له:

اسكنتك هذه الدار مدة حياتك، فمات المالك قبل الساكن لم يجز لورثة المالك منع الساكن بل تبقي السكني علي حالها الي أن يموت الساكن (1).

[مسألة 107: اذا جعل له السكني و لم يذكر له مدة و لا عمر أحدهما صح]

(مسألة 107): اذا جعل له السكني و لم يذكر له مدة و لا عمر احدهما صح (2) و لزم بالقبض (3) و وجب علي المالك اسكانه وقتا ما و جاز له الرجوع بعد ذلك اي وقت شاء (4) و لا يجري ذلك في الرقبي

______________________________

(1) فانه مقتضي القاعدة اذ لا وجه للانقضاء قبل موت من جعلت له السكني فان المالك له أن يتصرف في ماله كيف ما شاء فالمقام كالعين المستأجرة مدة اذا مات المؤجر قبل تمام مدة الاجارة مضافا الي النص الخاص الدال علي المدعي لاحظ ما رواه حسين بن نعيم «1».

(2) بلا اشكال و لا كلام نصا و فتوي.

(3) قد مر الكلام من حيث ان اللزوم هل يتوقف علي القبض أم لا؟.

(4) لا يبعد أن يكون الماتن ناظرا فيما أفاده الي حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت له رجل اسكن رجلا داره و لم يوقت قال: جائز و يخرجه اذا شاء «2».

و حديث احمد بن عمر الحلبي عن ابيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

و سألته عن الرجل يسكن رجلا و لم يوقت شيئا قال: يخرجه صاحب الدار اذا شاء 3.

______________________________

(1) لاحظ ص: 516

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 4 من ابواب السكني و الحبيس الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 518

و العمري لاختصاص الاول بالمدة المعينة و الثانية بمدة عمر احدهما و المفروض انتفاء ذلك كله (1).

[مسألة 108: إطلاق السكني كما تقدم يقتضي أن يسكن هو و أهله و سائر توابعه من أولاده و خدمه و عبيده و ضيوفه]

(مسألة 108): اطلاق السكني كما تقدم يقتضي أن يسكن هو و اهله و سائر توابعه من اولاده و خدمه و عبيده و ضيوفه بل دوابه ان كان فيها موضع معد لذلك و له اقتناء ما جرت العادة

فيه لمثله من غلة و أوان و امتعة و المدار علي ما جرت به العادة من توابعه (2) و ليس له

______________________________

بتقريب ان المستفاد من الحديثين جواز الاخراج فيجب الاسكان وقتا ما و لا يجوز الرجوع قبل الاسكان و يظهر من الجواهر توقف السكني علي مسمي الاسكان حيث يقول في جملة كلام له في المقام «علي أن الظاهر لزومها في الفرض أيضا بالنسبة الي مسمي الإسكان» «1» الي آخر كلامه.

و يرد عليه ان الماتن يري الامور الثلاثة من العقود و يصرح به في مسألة 109 فلو عقد علي الاسكان و لم يسكن المجعول له في الدار مثلا و قد انقضي شهر أو شهر ان أو ثلاثة اشهر فهل يكون للمسكن حق الرجوع أم لا؟ الظاهر انه لا اشكال في أن له الخيار فالاسكان الخارجي ليس مقوما للخيار و عليه لا يبعد أن المستفاد من الحديثين ثبوت الخيار للمسكن في الصورة المفروضة في الحديثين و التعبير بقوله عليه السلام «يخرجه اذا شاء» من باب العادة الخارجية فان الاسكان بحسب الطبع يستلزم السكونة لا بلحاظ توقف الخيار عليها كي يقال: يجب اسكانه وقتا ما كما في المتن و اللّه العالم.

(1) لعدم الدليل و اختصاصه بالسكني فلاحظ.

(2) و العرف ببابك فانه مع فرض العادة الخارجية لا مجال لإنكار الاطلاق و ان

______________________________

(1) الجواهر ج 28 ص: 133

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 519

اجارته و لا اعارته لغيره (1) فلو آجره ففي صحة الاجارة باجازة المالك و كون الاجرة له حينئذ اشكال (2).

[مسألة 109: الظاهر أن (السكني) و (العمري) و (الرقبي) من العقود المحتاجة في وجودها الاعتباري إلي إيجاب و قبول]

(مسألة 109): الظاهر ان (السكني) و (العمري) و (الرقبي) من العقود المحتاجة في وجودها الاعتباري الي ايجاب و قبول (3).

و يعتبر فيها ما يعتبر في العقود كما يعتبر في

المتعاقدين هنا ما يعتبر في

______________________________

شئت قلت: ان التعارف الخارجي قرينة للظهور الاطلاقي المدعي في المقام.

(1) لعدم ما يقتضي الجواز فان المفروض انه تصرف في مملوك الغير بلا اذنه.

(2) لا يبعد أن يكون وجه الاشكال ان السكني لمن جعلت له فكيف يجوز اجارة المكان للغير و تمليك منفعته منه و اللّه العالم.

(3) قال في الجواهر: «و هي عقد بالمعني الاعم الشامل للمعاطاة بناء علي علي مشروعيتها يفتقر في الصحة الي معني الايجاب و القبول و لو فعلا بلا خلاف و لا اشكال» انتهي فان تم اجماع تعبدي كاشف فهو و الا يشكل الجزم بالمدعي لعدم دليل عليه في نصوص الباب بل مقتضي اطلاقها عدم اشتراط القبول فيها لاحظ ما رواه الحلبي «1» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية كفاية الايجاب و في الحدائق ما حاصله: انه لا دليل علي المدعي و المستفاد من النصوص الواردة في المقام كفاية مجرد رضي من تجعل له السكني و اما اشتراط العقد به فلا.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 519

و ما أفاده يؤيد ما ذكرناه و مع وجود اطلاق النصوص لا مجال لأن يقال ان مقتضي الاصل عدم انتقال شي ء في ملك الغير و القدر المعلوم صورة تحقق العقد.

______________________________

(1) لاحظ ص: 517

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 520

المتعاقدين في غيره و قد تقدم ذلك في كتاب البيع (1) و أما الحبس فالظاهر اعتبار القبول فيه في الحبس علي الشخص (2) و عدم اعتباره في الحبس علي الصرف في جهة معينه (3).

[مسألة 110: الظاهر جواز بيع المحبس قبل انتهاء أجل التحبيس]

(مسألة 110): الظاهر جواز بيع المحبس قبل انتهاء اجل التحبيس (4) فتنتقل العين

الي المشتري علي النحو الذي كانت عليه عند البائع (5) فيكون للمحبس عليهم الانتفاع بالعين حسب ما يقتضيه التحبيس (6) و يجوز للمشتري المصالحة معهم علي نحو لا تجوز لهم مزاحمته في الانتفاع بالعين مدة التحبيس بأن يعطيهم مالا علي أن لا ينتفعوا بالعين (7) أما المصالحة معهم علي اسقاط حق الانتفاع بها أو المعاوضة معهم علي حق الانتفاع بها ففيه اشكال (8.

______________________________

(1) اذ بعد فرض توقفها علي العقد لا بد من الالتزام باشتراط ما يشترط في العقد لوحدة حكم الامثال.

(2) الكلام فيه هو الكلام فاشتراطه بالعقد من باب الاجماع.

(3) لعدم الدليل علي الاشتراط.

(4) اذ المفروض ان العين باقية في ملك مالكها فلا مانع من بيعها.

(5) كما ان الأمر كذلك في بيع العين المستأجرة.

(6) كما ان الأمر كذلك في المستأجر و كلاهما من واد واحد و لا فرق بين المقامين من هذه الجهة.

(7) لجواز الصلح بلا كلام.

(8) اما الاول فلعدم دليل علي جواز الاسقاط شرعا و بعبارة اخري: لا دليل علي جواز اسقاط الحق المذكور.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 521

[الباب الثاني في الصدقة]
اشارة

الباب الثاني في الصدقة التي تواتر الروايات في الحث عليها و الترغيب فيها (1) و قد ورد أنها دواء المريض (2) و بها يدفع البلاء (3).

______________________________

و أما الثاني فايضا لعدم دليل علي صحة المعاوضة عليه و ان شئت قلت: ان المصالحة عليه تتوقف علي جواز نقل حق الانتفاع و الحال ان مشروعيته اول الكلام.

(1) كما يظهر لمن يراجع مظانها.

(2) لاحظ حديث عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: داووا مرضاكم بالصدقة و ادفعوا البلاء بالدعاء و استنزلوا الرزق بالصدقة فانها تفك من بين لحي سبعمائة شيطان «1».

و حديث معاذ بن مسلم

قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فذكروا الوجع فقال: داووا مرضاكم بالصدقة و ما علي أحدكم أن يتصدق بقوت يومه ان ملك الموت يدفع اليه الصك يقبض روح العبد فيتصدق فيقال له: رد عليه الصك 2

(3) لاحظ ما رواه السكوني عن جعفر عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ان اللّه لا إله الا هو ليدفع بالصدقة الداء و الدبيلة و الحرق و الغرق و الهدم و الجنون و عد سبعين بابا من السوء 3.

و لاحظ ما رواه أبو ولاد قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول بكروا بالصدقة و ارغبوا فيها فما من مؤمن يتصدق بصدقة يريد بها ما عند اللّه ليدفع اللّه بها عنه شر ما ينزل من السماء الي الأرض في ذلك اليوم الا وقاه اللّه شر ما ينزل من السماء الي الأرض في ذلك اليوم 4.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 3 من ابواب الصدقة الحديث: 1 و 2

(2) (3) الوسائل الباب 9 من ابواب الصدقة الحديث: 1

(3) (4) الوسائل الباب 8 من ابواب الصدقة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 522

و قد ابرم ابراما (1) و بها يستنزل الرزق (2) و أنها تقع في يد الرب قبل ان تقع في يد العبد (3) و انها تخلف البركة (4) و بها يقضي الدين (5) و أنها تزيد في المال (6).

______________________________

(1) لاحظ وصية النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم لعلي عليه السلام قال: يا علي الصدقة ترد القضاء الذي قد ابرم ابراما، يا علي صلة الرحم تزيد في العمر يا علي لا صدقة و ذو رحم محتاج يا علي لا خير

في القول الا مع الفعل و لا في الصدقة الا مع النية «1».

(2) لاحظ ما رواه زرارة عن الصادق عليه السلام في حديث قال: استنزلوا الرزق بالصدقة من ايقن بالخلف جاد بالعطية ان اللّه ينزل المعونة علي قدر المئونة «2».

(3) لاحظ ما رواه ابن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ليس شي ء أثقل علي الشيطان من الصدقة علي المؤمن و هي تقع في يد الرب تبارك و تعالي قبل أن تقع في يد العبد «3».

(4) لاحظ ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان الصدقة تقضي الدين و تخلف بالبركة «4».

(5) لاحظ ما رواه غياث بن ابراهيم المتقدم.

(6) لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: تصدقوا فان الصدقة تزيد في المال كثرة فتصدقوا رحمكم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب الصدقة الحديث: 11

(3) الوسائل الباب 18 من أبواب الصدقة الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 1 من ابواب الصدقة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 523

و أنها تدفع ميتة السوء (1) و الداء و الدبيلة و الحرق و الغرق و الجذام و الجنون الي ان عد سبعين بابا من السوء (2) و يستحب التبكير بها (3) يدفع

______________________________

اللّه «1».

(1) لاحظ ما رواه سالم بن مكرم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال مر يهودي الي أن قال فقال النبي صلي اللّه عليه و آله: ان هذا اليهودي يعضه اسود في قفاه فيقتله قال: فذهب اليهودي فاحتطب حطبا كثيرا فاحتمله ثم لم يلبث أن انصرف فقال له رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ضعه فوضع الحطب

فاذا أسود في جوف الحطب عاض علي عود فقال يا يهودي أي شي ء عملت اليوم؟ فقال ما عملت عملا الا حطبي هذا احتملته فجئت به و كان معي كعكتان فأكلت واحدة و تصدقت بواحدة علي مسكين فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بها دفع اللّه عنه و قال:

ان الصدقة تدفع الميتة السوء عن الانسان «2».

(2) لاحظ ما رواه السكوني عن جعفر عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ان اللّه لا إله الا هو ليدفع بالصدقة الداء و الدبيلة و الحرق و الغرق و الهدم و الجنون وعد سبعين بابا من السوء «3» و قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: ان اللّه لا إله الا هو ليدفع بالصدقة الداء و الدبيلة و الحرق و الغرق و الهدم و الجنون وعد عليه السلام سبعين بابا من الشر «4».

(3) لاحظ ما رواه النخعي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: بكروا بالصدقة فان البلاء لا يتخطاها «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 9 من ابواب الصدقة الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 9 من ابواب الصدقة الحديث: 1

(4) من لا يحضره الفقيه ج 2 ص 38 حديث: 7

(5) الوسائل الباب 8 من ابواب الصدقة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 524

شر ذلك اليوم (1) و في اول الليل يدفع بها شر الليل (2).

[مسألة 111: المشهور كون الصدقة من العقود فيعتبر فيها الإيجاب و القبول]

(مسألة 111): المشهور كون الصدقة من العقود فيعتبر فيها الايجاب و القبول (3) و لكن الاظهر كونها الاحسان بالمال علي وجه القربة فان كان الاحسان بالتمليك احتاج الي ايجاب و قبول و ان كان

بالابراء كفي الايجاب بمثل ابرأت ذمتك و ان كان بالبذل كفي الاذن

______________________________

(1) لاحظ ما رواه مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من تصدق بالصدقة حين يصبح أذهب اللّه عنه نحس ذلك اليوم «1».

(2) لاحظ ما ارسله الصدوق قال: و قال يعني الصادق عليه السلام باكروا بالصدقة فان البلايا لا تتخطاها و من تصدق بالصدقة اول النهار دفع اللّه عنه شر ما ينزل من السماء في ذلك اليوم فان تصدق اول الليل دفع اللّه عنه شر ما ينزل من السماء في تلك الليلة 2.

(3) قال في الجواهر: «و علي كل حال فهي عقد يفتقر الي ايجاب و قبول بلا خلاف محقق اجده فيه بل عن ظاهر المبسوط و فقه الراوندي و الغنية و الكفاية و المفاتيح الاجماع عليه بل صريح بعض و ظاهر آخر اعتبار ما يعتبر في العقد اللازم فيها» الخ 3.

مضافا الي أنها قسم من التمليك و لا فرق بينها و بين الهبة الا بأن الصدقة مشروطة بقصد القربة بخلاف الهبة فلا اشكال في كون الصدقة من العقود و يعتبر في عقدها ما يعتبر في سائر العقود.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 8 من ابواب الصدقة الحديث: 2 و 5

(2) (3) الجواهر ج 28 ص: 124

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 525

في التصرف و هكذا فيختلف حكمها من هذه الجهة باختلاف مواردها (1).

______________________________

(1) قال في الجواهر: «يبقي شي ء و هو احتمال دعوي اعمية الصدقة من العقد ضرورة صدقها علي الابراء المتقرب به و الوقف كذلك بل و علي بذل الطعام و الماء و نحوهما للفقراء و المساكين مثلا و ان لم يكن علي جهة معني العقدية الذي هو قصد الارتباط

بالايجاب و القبول و لقد كان علي بن الحسين عليه السلام يتصدق علي الفقير» الخ.

و الذي يختلج بالبال في هذه العجالة ان الامور المذكورة في المتن لا تكون داخلة في الصدقة و لا تكون محكومة بأحكامها و لا دلالة فيما نقل عن علي بن الحسين علي المدعي لاحظ ما رواه ابن حمران عن ابيه عن أبي جعفر عليه السلام ان علي بن الحسين عليه السلام كان يخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب علي ظهره و فيه الصرر من الدنانير و الدراهم و ربما حمل علي ظهره الطعام أو الحطب حتي يأتي بابا بابا فيقرع ثم يناول من يخرج اليه و كان يغطي وجهه اذا ناول فقيرا لئلا يعرفه فلما توفي فقدوا ذلك فعلموا أنه كان علي بن الحسين و لما وضع علي المغتسل نظروا الي ظهره و عليه مثل ركب الابل مما كان يحمل علي ظهره الي منازل الفقراء و المساكين الخ «1».

فان المستفاد من هذه الرواية و امثالها انه عليه السلام كان يحسن الي الفقراء و المساكين و يستفاد من هذه الرواية المشار اليها انه عليه السلام كان يعطي في حال كون وجهه مغطي للمساكين و لا دلالة في الرواية ان مجرد الاحسان و لو مع قصد القربة داخل في الصدقة و محكوم بأحكامها و لعل الماتن ناظر الي وجه و مدرك موجه عنده و علي الجملة لا دليل علي هذا المدعي و هو ان مجرد الاحسان مع قصد القربة داخل في الصدقة نعم ريما يستعمل عنوان الصدقة في بعض الموارد كقولهم

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من ابواب الصدقة الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 526

[مسألة 112: المشهور اعتبار القبض فيها مطلقا]

(مسألة 112): المشهور اعتبار القبض فيها مطلقا و لكن

الظاهر انه لا يعتبر فيها كلية (1) و انما يعتبر فيها اذا كان العنوان المنطبق عليه مما يتوقف علي القبض فاذا كان التصدق بالهبة او بالوقف اعتبر القبض و اذا كان التصدق بالابراء او البذل لم يعتبر و هكذا (2).

[مسألة 113: يعتبر في الصدقة القربة]

(مسألة 113): يعتبر في الصدقة القربة (3) فاذا وهب او أبرأ او وقف

______________________________

«عون الضعيف من افضل الصدقة» و لكن الاستعمال أعم من الحقيقة و باب المجاز واسع و اللّه العالم.

(1) قد ظهر مما تقدم ان كون مطلق الاحسان بالمال مع قصد القربة داخلا في الصدقة اول الكلام و الاشكال فلو بذل شخص مقدارا من الاموال للفقراء و المساكين بقصد القربة و لكن لم يعرض عن مملوكه هل يمكن الجزم بعدم امكان الرجوع فيه و اما اذا أعرض عن مملوكه و قلنا ان الاعراض يوجب الخروج عن الملك فهل يمكن أن يقال: انه مصداق للصدقة بحيث لا يجوز الرجوع فيه من قبل مالكه؟

و أيضا لا يجوز التصرف فيه لمن لا يكون فقيرا و بعبارة اخري: اي دليل دل علي خروجه عن ملكه بعد الاعراض و اختصاصه بناحية خاصة و علي فرض الالتزام بما ذكر لا فرق بين أن يكون الصادر منه بقصد القربة و بين أن لا يكون كذلك فلاحظ.

(2) بلا خلاف اجده فيه كما اعترف به غير واحد- هكذا في الجواهر- و الحق أن يقال: انه اذا كانت الصدقة بعنوان الهبة فلا اشكال في توقفها علي القبض و أما الوقف فقد مر الكلام فيه سابقا و أما التصدق بنحو آخر فقد مر الاشكال فيه.

(3) بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- و تدل علي المدعي النصوص منها ما رواه حماد عن

أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا صدقة

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 527

بلا قصد القربة كان هبة و ابراء و وقفا و لا يكون صدقه (1).

[مسألة 114: تحل صدقة الهاشمي علي الهاشمي و علي غيره حتي زكاة المال و زكاة الفطرة]

(مسألة 114): تحل صدقة الهاشمي علي الهاشمي و علي غيره حتي زكاة المال و زكاة الفطرة و أما صدقة غير الهاشمي فان كانت زكاة المال او زكاة الفطرة فهي حرام (2) و لا تحل للمتصدق عليه (3) و لا تفرغ ذمة المتصدق بها عنها (4) و ان كانت غيرهما فالاقوي جوازها سواء كانت واجبة كرد المظالم و الكفارات و فدية الصوم أم مندوبة (5) الا اذا كانت من قبيل ما يتعارف من دفع المال القليل لدفع البلاء و نحو ذلك مما كان من مراسم الذل و الهوان ففي جواز مثل ذلك اشكال (6).

[مسألة 115: لا يجوز الرجوع في الصدقة اذا كانت هبة مقبوضة]

(مسألة 115): لا يجوز الرجوع في الصدقة اذا كانت هبة

______________________________

و لا عتق الا ما اريد به وجه اللّه عز و جل «1».

(1) اذ بعد فرض كون الصدقة متقومة بقصد القربة لا يمكن تحققها بدون قصد القربة.

(2) كما تقدم الكلام حول هذه الجهة في كتاب الزكاة.

(3) اذ التمليك بهذا العنوان و حيث انه وقع في غير محله لا مجال للحلية.

(4) كما هو ظاهر فان المقيد ينتفي بانتفاء قيده و ان شئت قلت: الاجزاء يحتاج الي الدليل و المفروض عدم الدليل فلا وجه للفراغ.

(5) لعدم الدليل علي الاشتراط و مقتضي الاطلاقات هو الجواز.

(6) ما أفاده من العناوين الثانوية و لا بد من ملاحظته في كل مورد.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 528

مقبوضة (1) و ان كانت لا جنبي علي الأصحّ (2).

[مسألة 116: تجوز الصدقة المندوبة علي الغني و المخالف]

(مسألة 116): تجوز الصدقة المندوبة علي الغني و المخالف (3) و الكافر الذمي (4).

______________________________

(1) ادعي عليه الاجماع و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه ابن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتصدق بالصدقة ثم يعود في صدقته فقال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله انما مثل الذي يتصدق بالصدقة ثم يعود فيها مثل الذي يقيئ ثم يعود في قيئه «1».

(2) للإطلاق فلاحظ.

(3) للإطلاق و عدم التقييد لاحظ ما رواه غياث ابن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان الصدقة تقضي الدين و تخلف بالبركة «2».

(4) قال في الحدائق: «قد صرح جملة من الاصحاب بأنه تجوز الصدقة علي الذمي و ان كان اجنبيا» «3» انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في علو مقامه و يمكن الاستدلال علي المدعي

بقوله تعالي لٰا يَنْهٰاكُمُ اللّٰهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقٰاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَ لَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيٰارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَ تُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ «4» فان المستفاد من الاية الشريفة جواز الاحسان الي اهل الذمة.

و يمكن الاستدلال بما رواه سدير الصير في قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اطعم سائلا لا أعرفه مسلما؟ قال: نعم اعط من لا تعرفه بولاية و لا عداوة للحق ان اللّه عز و جل يقول: و قولوا للناس حسنا و لا تطعم من نصب لشي ء من الحق أو

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب الصدقة الحديث: 1

(3) الحدائق ج 22 ص: 271

(4) الممتحنة/ 8

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 529

[مسألة 117: الصدقة المندوبة سرا افضل]

(مسألة 117): الصدقة المندوبة سرا افضل (1) الا اذا كان الاجهار بها بقصد رفع التهمة او الترغيب او نحو ذلك مما يتوقف علي الاجهار (2) أما الصدقة الواجبة ففي بعض الروايات ان الافضل اظهارها (3) و قيل

______________________________

دعا الي شي ء من الباطل «1».

و بحديث محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه قال: قال ابو جعفر عليه السلام:

أعط السائل و لو كان علي ظهر فرس «2».

و بحديثه الاخر قال: قال أبو جعفر عليه السلام لو يعلم المعطي ما في العطية ما رد أحد احدا 3.

و برواية السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا تقطعوا علي السائل مسألته فلو لا ان المساكين يكذبون ما أفلح من ردهم 4.

(1) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال صدقة العلانية تدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء و صدقة

السر تطفي غضب الرب 5.

(2) فان العناوين الثانوية تغير الاحكام.

(3) لاحظ ما رواه أبو بصير يعني ليث بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله تعالي: «إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ» (الي أن قال) و كلما فرض اللّه عليك فاعلانه افضل من اسراره و كلما كان تطوعا فاسراره افضل من

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من ابواب الصدقة الحديث: 3

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 22 من ابواب الصدقة الحديث: 1 و 2

(3) (4) الوسائل الباب 22 من ابواب الصدقة الحديث: 3

(4) (5) الوسائل الباب 13 من ابواب الصدقة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 530

الافضل الاسرار بها (1) و الاظهر اختلاف الحكم باختلاف الموارد في الجهات المقتضية للإسرار و الاجهار (2).

[مسألة 118: التوسعة علي العيال أفضل من الصدقة علي غيرهم]

(مسألة 118): التوسعة علي العيال أفضل من الصدقة علي غيرهم (3) و الصدقة علي القريب المحتاج أفضل من الصدقة علي غيره (4).

______________________________

اعلانه، و لو ان رجلا يحمل زكاة ماله علي عاتقه فقسمها علانية كان ذلك حسنا جميلا «1» و السند ضعيف بابن يحيي.

(1) قال في الجواهر: «نعم في الدروس و غيرها تخصيص ذلك للمندوبة و أما الواجبة فالأفضل اظهارها» الي أن قال: «لكن المصنف و غيره اطلقوا افضلية السر و هو لا يخلو عن وجه و الأمر سهل» الخ «2».

(2) لعدم الدليل المعتبر علي احد الطرفين فيختلف الحكم باختلاف الموارد و لا يبعد أن يستفاد من بعض النصوص الاختلاف بين الزكاة و غيرها لاحظ ما رواه ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل «وَ إِنْ تُخْفُوهٰا وَ تُؤْتُوهَا الْفُقَرٰاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ» فقال: هي سوي الزكاة ان الزكاة علانية غير سر «3» فلا بأس بالتفصيل بين

الزكاة و غيرها و اللّه العالم.

(3) لاحظ ما رواه عبد الأعلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: كل معروف صدقة و افضل الصدقة عن ظهر غني و ابدء بمن تعول و اليد العليا خير من اليد السفلي و لا يلوم اللّه علي الكفاف «4».

(4) لاحظ ما ارسله الصدوق قال: قال عليه السلام: لا صدقة و ذو رحم

______________________________

(1) الوسائل الباب 54 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

(2) الجواهر ج 28 ص: 130- 131

(3) الوسائل الباب 54 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 42 من ابواب الصدقة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 531

و افضل منها الصدقة علي الرحم الكاشح يعني المعادي (1) و يستحب التوسط في ايصالها الي المسكين ففي الخبر لو جري المعروف علي ثمانين كفا لأجروا كلهم من غير ان ينقص صاحبه من اجره شيئا و اللّه سبحانه العالم الموفق (2).

[كتاب النكاح]

اشارة

كتاب النكاح و فيه فصول

[الفصل الأول النكاح ثلاثة دائم و منقطع و ملك يمين]

اشارة

الفصل الاول النكاح ثلاثة دائم و منقطع و ملك يمين (3) و يفتقر الاول الي العقد

______________________________

محتاج «1».

(1) لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه قال: سئل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أي الصدقة أفضل؟ قال: علي ذي الرحم الكاشح «2».

(2) لاحظ ما رواه أبو نهشل مرسلا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لو جري المعروف علي ثمانين كفا لأجروا كلهم من غير أن ينقص صاحبه من اجره شيئا «3».

و الحمد للّه اولا و آخرا و ظاهرا و باطنا قد وقع الفراغ من كتابة شرح كتاب الوقف و الصدقات في يوم الاربعاء غرة شهر ربيع الثاني من سنة 1410 بعد الهجرة علي مهاجرها و آله آلاف التحية و الثناء.

(3) قد يراد من النكاح الوطي، قال في الحدائق: «لا اشكال و لا خلاف في أن لفظ النكاح قد يطلق و يراد به الوطي و قد يطلق و يراد به العقد خاصة في كل

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من ابواب الصدقة الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 20 من ابواب الصدقة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 26 من ابواب الصدقة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 532

و هو الايجاب و القبول (1).

______________________________

من عرفي الشرع و اللغة و ظاهر كلام الجوهري ان استعماله في الوطء اكثر» «1» انتهي.

و قد عقد صاحب الوسائل بابا سماه باب ان النكاح الحلال ثلاثة اقسام: دائم و منقطع و ملك يمين عينا و منفعة «2».

(1) قال في الحدائق: «اجمع العلماء من الخاصة و العامة علي توقف النكاح علي الايجاب و القبول اللفظيين «3» انتهي.

و عن الشيخ الاعظم قدس سره انه اجمع علماء الإسلام- كما صرح به غير واحد- علي

اعتبار اصل الصيغة في عقد النكاح لا يباح بالاباحة و لا المعاطاة الخ

و يمكن الاستدلال علي المدعي بعدة روايات منها رواية ابان بن تغلب قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام كيف اقول لها اذا خلوت بها؟ قال: تقول: أتزوجك متعة علي كتاب اللّه و سنة نبيه لا وارثة و لا مورثة كذا و كذا يوما، و ان شئت كذا و كذا سنة بكذا و كذا درهما و تسمي من الاجر «من الأجل يب» ما تراضيتما عليه قليلا كان أو كثيرا، فاذا قالت: نعم فقد رضيت و هي امراتك و أنت أولي الناس بها الحديث «4» و غيرها من الروايات الواردة في الباب 18 من أبواب المتعة من الوسائل.

و للاستدلال بهذه النصوص علي المدعي تقريبات احدها: مفروغية اشتراط القول في تحقق المتعة و انه لا بد من إنشائها باللفظ فانه يستفاد من بعض تلك الروايات ان هذا امر مفروغ عنه عند السائل و انما يسئل الامام روحي فداه عن

______________________________

(1) الحدائق ج 23 ص: 18

(2) الوسائل الباب 35 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه

(3) الحدائق: ج- 23 ص: 156

(4) الوسائل الباب 18 من ابواب المتعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 533

بلفظ الماضي (1).

______________________________

الكيفية لاحظ الحديث الاول و السادس من الباب.

ثانيها: قوله روحي فداه في ذيل الحديث الاول من الباب (فاذا قالت نعم فقد رضيت و هي امرأتك) فان المستفاد من هذه الجملة بمقتضي مفهوم الشرط انه لا تتحقق الزوجية و لا تحل الا بقولها نعم.

ثالثها: ان المستفاد من تلك النصوص ان نكاح المتعة يشترط في تحققه اللفظ في مقام الانشاء فانه عليه السلام في جميع تلك النصوص يأمر بالاتيان باللفظ في مقام الانشاء.

و يمكن الاستدلال علي

المدعي بما رواه بريد قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللّه عز و جل «وَ أَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثٰاقاً غَلِيظاً» فقال: الميثاق هو الكلمة التي عقد بها النكاح، و أما قوله: «غليظا» فهو ماء الرجل يفيضه اليها «1»، فان المستفاد من الرواية ببركة تفسيره روحي فداه ان النكاح يتقوم بالقبول فلاحظ.

(1) كما ذهب اليه المشهور علي ما في كلام بعض الاصحاب و ذكرت في تقريب دليله امور:

الأمر الاول: انه القدر المتيقن و فيه اولا ان هذا المقدار لا يكون مانعا عن الاخذ باطلاق دليل النكاح و الا يلزم انهدام الاطلاق في جميع الادلة اذ في كل مورد يكون المتيقن متصورا و ثانيا يكفي للدلالة علي العموم مضافا الي الاطلاق النصوص الواردة في باب المتعة «2» فان المذكور فيها غير الماضي.

الامر الثاني: ان الماضي صريح في الانشاء و فيه انه لا فرق بين الماضي

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب أولياء العقد الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 532

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 534

علي الاحوط استحبابا كزوجت و انكحت و قبلت (1) و تجزي ترجمتها بشرط العجز عن العربية علي الاحوط وجوبا (2).

______________________________

و المضارع من هذه الجهة و ان الجملة الخبرية ماضوية كانت أو مضارعية ظاهرة في الاخبار فلو قامت قرينة علي ارادة الانشاء من الصيغة ترفع اليد عن الظهور الاولي بلا فرق بين الماضي و المضارع و احتمال الوعد في المضارع مدفوع بالقرينة مضافا الي انه يكفي في تحقق الانشاء الظهور و لا يحتاج الي الصراحة اضف الي ذلك كله النصوص المشار اليها آنفا فلا مجال لهذه التقاريب اذ لا فرق بين الدوام و الانقطاع من هذه الجهة عرفا و حيث لا تشترط الماضوية في ايجاب المتعة

لا يشترط في الدائم.

الامر الثالث ان التعدي من الماضي الي المضارع يوجب الانتشار و عدم وقوع الصيغة علي قاعدة معينة و فيه انه لا مانع من الانتشار اذا كان علي طبق القواعد المقررة.

و صفوة القول: انه بعد فرض الاطلاق مضافا الي النصوص الخاصة الواردة في باب المتعة لا يبقي مجال للإشكال فلاحظ.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف.

(2) في المقام فرعان: الاول انه هل يجوز الانشاء بغير العربية مع امكانها؟

ربما يقال بالاشتراط بل هو المعروف عندهم و ما استدل عليه أو يمكن الاستدلال به وجوه:

احدها: انه لا يصدق العقد علي غير العربية و فيه ان العقد امر قلبي و اللفظ او الفعل مبرز لذلك الأمر القلبي فلا مجال لهذا الاستدلال و الحاصل ان العقد عبارة عن ارتباط احد الاعتبارين بالاخر و لا فرق في تحققه بين أن يكون المبرز لفظا أو فعلا و علي تقدير كونه لفظا عربيا كان أو غيره مضافا الي أنه لو سلم عدم صدق

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 535

______________________________

العقد علي غير العربي فلازمه عدم الفرق بين القدرة و عدمها و بعبارة اخري: ليس هذا من التكاليف الشرعية كي يقال يختص بحال القدرة.

ثانيها: ان اللفظ العربي هو القدر المتيقن من جواز إنشاء العقد به و فيه ان هذا لا يكون مانعا عن الاخذ بالاطلاق و قد مر قريبا ان المتيقن لو كان مانعا عن الاخذ بالاطلاق لانسد باب الاخذ باطلاقات الكتاب و السنة فلاحظ.

ثالثها: الاجماع فانه نقل عن العلامة (ره) بأنه لا يتحقق بغير العربية عند علمائنا و هو قول الشافعي و احمد و فيه ان الاجماع المنقول لا يكون حجة و المحصل منه علي تقدير حصوله محتمل المدرك فلا يكون حجة.

رابعها: انه مقتضي

الأصل فان مقتضاه عدم ترتب الأثر عند الشك و فيه انه لا مجال للأصل مع وجود الاطلاق ان قلت لا مجال للأخذ بالاطلاق لانصرافه الي ما هو المتعارف من العربية قلت: التعارف لا يقتضي الانصراف و علي فرض تسلمه بدوي فلا يكون مانعا من الاطلاق و معه لا مجال للأصل.

خامسها: ان غير العربية بالنسبة اليها كالكناية و فيه اولا منع كون غير العربية كالكناية و ثانيا انه لا مانع من الانشاء بالكناية اذا صدق عليه المفهوم.

سادسها: ان اعتبار غير العربية خلاف الاحتياط اللازم في الفروج و فيه انه لا مجال لهذا التقريب مع الاطلاق مضافا الي أنه يمكن أن يقال بأن الاحتياط يقتضي التوسعة كي ينسد باب السفاح.

الفرع الثاني: الجواز مع عدم امكان العربية و ربما يستدل عليه بما ورد في الاخرس من جواز طلاقه بالاشارة لاحظ ما رواه البزنطي انه سأل أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل تكون عند المرأة يصمت و لا يتكلم قال: اخرس هو؟

قلت: نعم و يعلم منه بغض لامرأته و كراهة لها أ يجوز أن يطلق عنه وليه؟ قال:

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 536

و تجزي الاشارة مع العجز عن النطق (1) و لو زوجت المرأة نفسها صح (2) و يشترط في تزويج البكر اذن الولي و هو الاب أو الجد للأب علي

______________________________

لا و لكن يكتب و يشهد علي ذلك قلت: فانه لا يكتب و لا يسمع كيف يطلقها قال: بالذي يعرف به من افعاله مثل ما ذكرت من كراهته و بغضه لها «1» و غيره من الروايات الواردة في الباب 19 من أبواب مقدمات الطلاق و شرائطه من الوسائل فراجع.

بتقريب ان المستفاد من هذه النصوص انه مع العجز عن

العربية يكفي غيرها عن الطلاق و فيه انه حكم وارد في مورد خاص و لذا لا يمكن الالتزام بالاشارة في غير الاخرس كالذي يكون مانع في لسانه من التكلم فالحق أن يقال: ان كان المستند للاشتراط قاصرا للشمول كالإجماع الذي ليس له اطلاق و المقدار المعلوم صورة التمكن فلا بد من الالتزام بعدم الاشتراط مع عدم التمكن و نلتزم بالجواز للإطلاقات، و ان قلنا ان المستند النصوص الواردة في المتعة بتقريب انه يستفاد منها الاشتراط فلا بد من الالتزام بالاشتراط علي الاطلاق اذ الحكم الوضعي غير مرهون بالقدرة فمع عدم التمكن و لو من التوكيل يلزم أن يكون بالعربي و مع عدم الامكان حتي من التوكيل لا يجوز له النكاح الا أن يقال انا نقطع بعدم رضاء الشارع بتعطيل أمر النكاح و اثبات هذا المدعي علي مدعيه و اللّه العالم.

(1) لاحظ النصوص الواردة في الاخرس منها ما رواه البزنطي «2» المتقدم و لا يخفي ان هذا حكم وارد في الاخرس و لا وجه لتسريته الي كل مورد لا يكون الشخص قادرا علي النطق و لذا رتب الحكم في المورد علي هذا العنوان.

(2) بلا اشكال و لا كلام بل من الضروريات و الواضحات.

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من ابواب مقدمات الطلاق الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 535

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 537

الاحوط وجوبا (1).

______________________________

(1) الاقوال في المقام مختلفة: الاول استقلال الولي ذهب اليه جماعة منهم صاحب الحدائق (ره) الثاني: استقلال البكر، الثالث: التشريك بينها و بين وليها و تدل علي القول الاول جملة من النصوص: منها ما رواه فضل بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تستأمر الجارية التي بين ابويها اذا اراد ابوها

أن يزوجها هو أنظر لها و أما الثيب فانها تستأذن، و ان كانت بين ابويها اذا أرادا أن يزوجاها «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن البكر اذا بلغت مبلغ النساء أ لها مع أبيها أمر؟ فقال: ليس لها مع ابيها أمر ما لم تثيب «2»

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

لا تستأمر الجارية في ذلك اذا كانت بين ابويها فاذا كانت ثيبا فهي أولي بنفسها «3»

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: لا تستأمر الجارية اذا كانت بين ابويها ليس لها مع الأب أمر، و قال: يستأمرها كل احد ما عدا الأب «4».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الجارية يزوجها ابوها بغير رضاء منها قال: ليس لها مع أبيها أمر اذا أنكحها جاز نكاحه و ان كانت كارهة «5».

و منها: ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 13

(4) الوسائل الباب 4 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 3

(5) الوسائل الباب 9 من أبواب عقد النكاح و أولياء العقد الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 538

______________________________

قال: سألته عن الرجل هل يصلح له أن يزوج ابنته بغير اذنها؟ قال: نعم ليس يكون للولد أمر الا أن تكون امرأة قد دخل بها قبل ذلك، فتلك لا يجوز نكاحها الا أن تستأمر «1».

و منها ما رواه عبد اللّه «عبد الملك خ ل» بن

الصلت قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجارية الصغيرة يزوجها ابوها لها أمر اذا بلغت؟ قال: لا ليس لها مع أبيها أمر قال: و سألته عن البكر اذا بلغت مبلغ النساء أ لها مع ابيها أمر قال: ليس لها مع ابيها أمر ما لم تكبر «تثيب» «2».

و منها: ما رواه بريد «يزيد» الكناسي قال قلت لأبي جعفر عليه السلام متي يجوز للأب أن يزوج ابنته و لا يستأمرها؟ قال اذا جازت تسع سنين الحديث «3» و يستفاد من هذه الطائفة ان البكر لا أمر لها و أمرها بيد ابيها.

و يعارضها ما رواه صفوان قال: استشار عبد الرحمن موسي بن جعفر عليه السلام في تزويج ابنته لابن اخيه، فقال: افعل و يكون ذلك برضاها، فان لها في نفسها نصيبا قال: و استشار خالد بن داود موسي بن جعفر عليه السلام في تزويج ابنته علي بن جعفر فقال: افعل و يكون ذلك برضاها فان لها في نفسها حظا «4»

و في كلام سيدنا الاستاد «5» ان الجمهور قائلون باستقلال الأب فيكون الترجيح بالمخالف مع الطائفة الثانية، و علي تقدير الاغماض تصل النوبة الي الطائفة الثالثة الدالة بالاطلاق علي استقلال البكر في نكاحها.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) الوسائل الباب 9 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 2

(5) ج- 2 مستند العروة كتاب النكاح ص: 256

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 539

______________________________

لاحظ ما رواه منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تستأمر البكر و غيرها و لا تنكح الا بأمرها «1».

و لاحظ ما رواه ميسرة قال: قلت لأبي

عبد اللّه عليه السلام: القي المرأة بالفلاة التي ليس فيها احد، فاقول لها: أ لك زوج؟ فتقول: لا؟ فاتزوجها؟ قال نعم هي المصدقة علي نفسها «2».

و لاحظ ما رواه عبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن مملوكة كانت بيني و بين وارث معي فاعتقناها «فاعتقها. فاعتقتها. خ ل» و لها اخ غائب و هي بكر أ يجوز لي ان ازوجها أو لا يجوز الا بأمر اخيها؟ قال: بلي يجوز ذلك ان تزوجها، قلت: فاتزوجها ان اردت ذلك؟ قال: نعم؟ 3.

و في المقام نصوص تدل علي اشتراط اذن الأب في نكاح البكر: منها: ما رواه ابو مريم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الجارية البكر التي لها الأب لا تتزوج الا باذن ابيها، و قال: اذا كانت مالكة لأمرها تزوجت متي «ما. خ» شاءت 4.

و منها: ما رواه ابن بكير، عن رجل، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا بأس ان تزوج المرأة نفسها اذا كانت ثيبا بغير اذن ابيها اذا كان لا بأس بما صنعت 5.

و منها: ما رواه سعيد بن اسماعيل، عن ابيه، قال: سألت الرضا عليه السلام عن رجل تزوج ببكر أو ثيب لا يعلم أبوها و لا احد من قرابتها، و لكن تجعل المرأة وكيلا فيزوجها من غير علمهم، قال: لا يكون ذا 6.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 1

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 3 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 5 و 9

(3) (4 و 5 و 6) نفس المصدر الحديث: 7 و 14 و 15

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 540

______________________________

و منها: ما رواه زرارة بن

اعين قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:

لا ينقض النكاح الا الأب «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا ينقض النكاح الا الأب 2.

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تنكح ذوات الآباء من الابكار الا باذن آبائهن 3 و منها ما رواه صفوان 4.

اذا عرفت ذلك نقول: تقع المعارضة بين هذه الطائفة و ما يدل علي استقلال الاب و ان شئت قلت: ما يدل علي استقلال الأب يعارض ما يدل علي استقلال البكر و أيضا يعارض ما يدل علي لزوم رضا الأب و البكر جميعا و حيث ان مذهب العامة مختلف علي ما في كلام صاحب الحدائق (قده) 5 لا ترجيح في احد الطرفين من هذه الجهة فتصل النوبة الي ما يدل باطلاقه ان امرها بيدها.

فالحق هو القول الثاني، لكن يرد علي هذا التقريب ان ما يدل علي استقلال الأب يعارض ما يدل علي استقلال البكر فان ما يدل علي استقلاله لا يجتمع مع ما يدل علي كفاية رضا البكر فالنتيجة ان النصوص متعارضة و حيث ان المرجح الاول في باب الترجيح الموافقة مع الكتاب يكون الكتاب مرجحا لما يدل باطلاقه علي جواز النكاح فان مقتضي قوله تعالي «فَانْكِحُوا مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ مَثْنيٰ وَ ثُلٰاثَ وَ رُبٰاعَ» 6 و قوله تعالي «وَ أَنْكِحُوا الْأَيٰاميٰ مِنْكُمْ وَ الصّٰالِحِينَ مِنْ عِبٰادِكُمْ وَ إِمٰائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرٰاءَ يُغْنِهِمُ اللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ اللّٰهُ وٰاسِعٌ

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 4 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 1 و 5

(2) (3) الوسائل الباب 6 من أبواب عقد النكاح و

اولياء العقد الحديث: 5

(3) (4) لاحظ ص: 538

(4) (5) ج 23 ص: 224

(5) (6) النساء/ 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 541

______________________________

عَلِيمٌ «1» جواز نكاح البكر بلا اذن ابيها.

و بعبارة اخري: ان المستفاد من الآيتين جواز النكاح علي الاطلاق بلا اشتراط اذن الأب، و ان شئت قلت: ان المستفاد منهما كفاية اذن البكر كما انهما تدلان علي كفاية رضي الزوج فالنتيجة انه يتحقق النكاح باذن البكر و لا يشترط فيه اذن الاب.

و قد بنينا اخيرا علي انحصار المرجح في الأحدثية و تعرضنا لتفصيل البحث في خاتمة الجزء الثامن من هذه الموسوعة و علي هذا حيث ان الأحدث غير محرز يدخل المقام في باب اشتباه الحجة بغيرها فلا بد من الاحتياط و اللّه العالم.

ثم انه ليس في هذه النصوص ما يدل علي ولاية الجد علي البكر الرشيدة فعلي القول بولاية الأب استقلالا أو اشتراكا لا وجه لتسرية الحكم الي الجد و يظهر من كلماتهم التسالم علي ولايته أيضا نعم النصوص التي استدل بها علي ولاية الجد علي الصغيرة باطلاقها تشمل البالغة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: اذا زوج الرجل ابنة ابنه فهو جائز علي ابنه، و لابنه أيضا ان يزوجها فقلت: فان هوي ابوها رجلا وجدها رجلا فقال: الجد اولي بنكاحها «2»

و ما رواه عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الجارية يريد أبوها أن يزوجها من رجل و يريد جدها أن يزوجها من رجل آخر فقال: الجد أولي بذلك ما لم يكن مضارا ان لم يكن الأب زوجها قبله، و يجوز عليها ترويج الاب و الجد 3.

و ما رواه ابو العباس عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال: اذا زوج الرجل فأبي ذلك والده فان تزويج الأب جائز و ان كره الجد ليس هذا مثل الذي يفعله الجد ثم يريد الأب أن يرده 4.

______________________________

(1) النور/ 32

(2) (2 و 3 و 4) الوسائل الباب 11 من عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 1 و 2 و 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 542

الا اذا منعها الولي عن التزويج بالكف ء شرعا و عرفا فانه تسقط ولايته حينئذ (1).

______________________________

و لكن ترفع اليد عن اطلاقها بما دل علي أن البالغة الرشيدة أمرها بيدها لاحظ ما رواه محمد بن مسلم و زرارة و بريد بن معاوية كلهم عن أبي جعفر عليه السلام قال: المرأة التي قد ملكت نفسها غير السفيهة و لا المولي عليها تزويجها بغير ولي جائز «1».

و ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

تزوج المرأة من شاءت اذا كانت مالكة لأمرها، فان شاءت جعلت وليا «2» و ما رواه ميسرة «3» و ما رواه منصور بن حازم 4.

(1) قد ذكرت لإثبات المدعي وجوه: الوجه الاول: الاجماع، نقل دعواه عن الشرائع و التذكرة و القواعد و جامع المقاصد و المسالك و كشف اللثام و عن الجواهر ادعاء الاجماع بقسميه عليه و هو العمدة و ان أمكن النقاش في كونه تعبديا كاشفا اذ يحتمل الاستناد الي بقية الوجوه و اللّه العالم.

الوجه الثاني: دليل نفي العسر و الحرج بتقريب: ان المستفاد من الأدلة كون البكر الرشيدة مالكة لأمرها و زواجها لكن قيد الدليل باشتراط اذن الأب و دليل الاشتراط مقيد بصورة عدم الحرج فان دليله حاكم علي جميع ادلة الاحكام ففي صورة الحرج ترفع اليد عن دليل التقييد و يبقي دليل

كون اختيارها بيدها سالما عن المعارض فلا مجال لأن يقال: ان دليل نفي الحرج رافع للحكم لا مثبت اذ ظهر ان الاثبات ليس بدليل نفي الحرج لكن هذا الوجه يختص بصورة كون الاشتراط حرجيا لا مطلقا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) (3 و 4) لاحظ ص: 539

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 543

و اذا تزوجت البكر بدون اذن وليها ثم اجاز وليها العقد صح بلا اشكال (1).

______________________________

الوجه الثالث: ما رواه أبو حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال لرجل: أنت و مالك لأبيك، ثم قال أبو جعفر عليه السلام: ما احب «لا تحب خ ل» أن يأخذ من مال ابنه الا ما احتاج اليه مما لا بد منه ان اللّه لٰا يُحِبُّ الْفَسٰادَ «1».

بتقريب ان المستفاد من الحديث ان ولاية الأب محدودة في مال الولد فبطريق اولي محدودة في باب النكاح فان العرض اهم من المال و ان اللّه لٰا يُحِبُّ الْفَسٰادَ.

الوجه الرابع: انه يستفاد من بعض نصوص ولاية الأب ان جعل الولاية لأجل مصلحة البنت و ان للأب النظر لاحظ ما رواه فضل بن عبد الملك «2» فجعل الولاية بلحاظ مصلحة البنت فلا تبقي ولايته مع العزل.

الوجه الخامس: انه يستفاد من عدة نصوص ان الزوج اذا طلق زوجته طلاقا علي طبق مذهبه يكون الطلاق صحيحا و يجوز تزويج المرأة و قد علل في بعض تلك النصوص بأنها لا تترك بلا زوج لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قلت له: امرأة طلقت علي غير السنة، فقال: يتزوج هذه المرأة لا تترك بغير

زوج «3» فان المستفاد من هذا التعليل و نحوه ان المرأة لا تترك بلا زوج، فلاحظ.

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الوجه الاول: ان العقد بالاجازة ينسب الي من بيده الامر فيصح و بعبارة اخري: الفضولي يصح بالإجازة لتحقق النسبة بقاء، و ان شئت قلت العقد يصير منسوبا الي المجيز فيصير موضوعا للحكم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 78 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 537

(3) الوسائل الباب 30 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 544

______________________________

و فيه انه لا اشكال في أن الشي ء لا ينقلب عما هو عليه و الانقلاب محال و المفروض ان اذن الولي شرط في صحة العقد و من ناحية اخري المفروض ان ما وقع فضولة لم يكن واجدا للشرط ففي زمان حدوث العقد لم يكن مقرونا بالشرط و بقاء لا يكون عقدا جديدا.

و صفوة القول: ان الفاقد للشرط لا يصير واجدا فالفضولي لا يكون صحيحا علي طبق القاعدة الأولية كما هو المدعي عند القوم بل يحتاج الي دليل خاص.

الوجه الثاني: ما رواه ابو عبيدة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن غلام و جارية زوجهما وليان لهما و هما غير مدركين قال: فقال: النكاح جائز ايهما أدرك كان له الخيار فان ماتا قبل أن يدركا فلا ميراث بينهما و لا مهر الا أن يكون قد أدركا و رضيا، قلت: فان أدرك احدهما قبل الاخر قال: يجوز ذلك عليه ان هو رضي، قلت: فان كان الرجل الذي أدرك قبل الجارية و رضي النكاح ثم مات قبل أن تدرك الجارية أ ترثه؟ قال: نعم يعزل ميراثها منه حتي تدرك و تحلف باللّه ما دعاها الي اخذ الميراث

الا رضاها بالتزويج ثم يدفع اليها الميراث و نصف المهر قلت: فان ماتت الجارية و لم تكن أدركت أ يرثها الزوج المدرك؟ قال: لا لأن لها الخيار اذا ادركت قلت: فان كان أبوها هو الذي زوجها قبل أن تدرك قال:

يجوز عليها تزويج الأب و يجوز علي الغلام و المهر علي الأب للجارية «1».

فان المستفاد من الحديث ان عقد النكاح فضولة يصح بالاجازة، و فيه انه يتوقف علي استفادة الكلية من الحديث و ادعاء عدم الفرق بين الموارد و هل يمكن هذه الدعوي بالنسبة الي الاحكام الشرعية التعبدية أم لا؟.

الوجه الثالث: ما ورد في نكاح العبد بدون اجازة المولي من الحكم بالصحة

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب ميراث الازواج الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 545

______________________________

مع الاجازة معللا بأنه لم يعص اللّه و انما عصي سيده، لاحظ ما رواه زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن مملوك تزوج بغير اذن سيده، فقال: ذاك الي سيده ان شاء اجازه و ان شاء فرق بينهما، قلت: أصلحك اللّه ان الحكم بن عيينة و ابراهيم النخعي و اصحابهما يقولون: ان اصل النكاح فاسد و لا تحل اجازة السيد له، فقال أبو جعفر عليه السلام: انه لم يعص اللّه، و انما عصي سيده، فاذا اجازه فهو له جائز «1».

بتقريب ان المستفاد من الحديث بمقتضي عموم التعليل ان العقد لو لم يكن فاقدا للشرائط و كان نقصانه بلحاظ فقده اذن بيده الأمر يصح بالاجازة اللاحقة فالعقد الفضولي يصح بالاجازة اللاحقة مطلقا.

و فيه: اولا انه حكم وارد في مورد العبد و بعموم العلة نتعدي عن زواجه الي بيعه و صلحه و بقية عقوده و اما السراية الي غير العبد فلا

وجه له و ان شئت قلت مقتضي عموم العلة أن يقال: ان العبد اذا عقد عقدا بلا اذن المولي يصح عقده باجازة اللاحقة و أما في غير العبد فبأي تقريب نلتزم بالسراية، و بعبارة اخري:

العبد موضوع للحكم و تسرية الحكم من موضوع الي موضوع آخر يتوقف علي الدليل، و بعبارة ثالثة العلة المنصوصة المذكورة كون العبد لم يعص اللّه فلا بد من التحفظ علي عنوان الموضوع.

و ثانيا: انه يستفاد من رواية اخري لزرارة ان العقد صحيح غاية الأمر ان المولي يجوز له فسخه و هي ما رواه زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال:

سألته عن رجل تزوج عبده «امرأة» بغير اذنه فدخل بها ثم اطلع علي ذلك مولاه قال: ذاك لمولاه ان شاء فرق بينهما، و ان شاء أجاز نكاحهما فان فرق بينهما فللمرأة

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 546

[مسألة 1: صيغة عقد النكاح الدائم]

(مسألة 1): يجري في صورة عقد النكاح الدائم أن تقول الزوجة للزوج: زوجتك نفسي بمهر دينار مثلا، فيقول الزوج:

قبلت و اذا كانت الزوجة قد و كلت كيلا قال و كيلها للزوج: زوجتك موكلتي هندا مثلا بمهر دينار، فيقول الزوج قبلت و اذا كان الزوج قد

______________________________

ما أصدقها، الا أن يكون اعتدي فأصدقها صداقا كثيرا، و ان اجاز نكاحه فهما علي نكاحهما الاول، فقلت لأبي جعفر عليه السلام: فان اصل النكاح كان عاصيا، فقال أبو جعفر عليه السلام: انما اتي شيئا حلالا و ليس بعاص للّه انما عصي سيده و لم يعص اللّه ان ذلك ليس كإتيان ما حرم اللّه عليه من نكاح في عدة و اشباهه «1»

و لاحظ ما رواه علي بن جعفر، عن أخيه موسي

بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عن علي عليهم السلام انه اتاه رجل بعبده، فقال: ان عبدي تزوج بغير اذني فقال علي عليه السلام لسيده، فرق بينهما، فقال السيد لعبده: يا عدو اللّه طلق، فقال له علي عليه السلام كيف قلت له؟ قال: قلت له: طلق، فقال علي عليه السلام للعبد:

أما الان فان شئت فطلق و ان شئت فامسك، فقال السيد: يا أمير المؤمنين أمر كان بيدي فجعلته بيد غيري، قال: ذلك لأنك حين قلت له: طلق أقررت له بالنكاح «2»

و لكن الحق: ان المستفاد من الحديث الاول لزرارة صحة العقد الفضولي بالاجازة اللاحقة الصادرة ممن بيده الامر فان العرف يفهم من هذا الحديث كبري كلية و هي ان العقد الفاقد للشرط المذكور يصح بالاجازة فيما لا يكون معصية له تعالي و الحديث الثاني لزرارة يدل علي جواز الاجازة أيضا فالنتيجة ان العقد الفضولي يصح بالاجازة اللاحقة و لذا بنينا علي صحة البيع الفضولي بالاجازة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 27 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 547

و كل وكيلا قالت الزوجة لوكيل الزوج: زوجت موكلك زيدا مثلا نفسي بمهر دينار مثلا، فيقول الوكيل: قبلت و اذا كان كل من الزوج و الزوجة قد و كل وكيلا قال وكيل الزوجة لوكيل الزوج:

زوجت موكلك زيدا موكلتي هندا بمهر دينار مثلا، فيقول وكيل الزوج: قبلت (1) و يجوز لشخص واحد تولي طرفي العقد حتي الزوج نفسه (2).

______________________________

اللاحقة في باب البيع، و اللّه العالم.

(1) لا اشكال عندهم في تحقق العقد بهذه المادة اذا كانت بصيغة الماضي و يكون الايجاب مقدما علي القبول في حال كون الايجاب من الزوجة.

و بعبارة اخري: ما

أفاده الماتن هو القدر المتيقن من الصحيح في مورد العقد و السيرة جارية عليه كما انه لا اشكال نصا و فتوي في جواز التوكيل من قبل الزوجة و الزوج كبقية العقود و الايقاعات.

(2) كما في بقية الموارد و ربما يقال انه لا يجوز لرواية عمار الساباطي قال:

سألت أبا الحسن عليه السلام عن امرأة تكون في اهل بيت فتكره أن يعلم بها اهل بيتها، أ يحل لها ان توكل رجلا يريد أن يتزوجها؟ تقول له: قد وكلتك فاشهد علي تزويجي؟ قال: لا، قلت له: جعلت فداك و ان كانت ايما قال: و ان كانت ايما، قلت: فان وكلت غيره بتزويجها «فيزوجها خ ل» منه، قال: نعم «1»

بتقريب ان المستفاد من الرواية النهي عن تولي طرفي العقد اذا كان المتولي هو الزوج، و لكن يمكن أن يقال ان المستفاد من الحديث ان النهي عن كون المتولي للعقد هو الشاهد علي النكاح و حيث ان الخاصة لا يقولون باعتبار الاشهاد

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 548

لكن الاحوط استحبابا أن لا يتولي الزوج الايجاب عن الزوجة و القبول عن نفسه (1).

[مسألة 2: لا يشترط الشهود في صحة النكاح]

(مسألة 2): لا يشترط الشهود في صحة النكاح (2) و لا يلتفت الي دعوي الزوجية بغير بينة مع حلف المنكر و ان تصادقا علي

______________________________

عند الزواج تكون الرواية محمولة علي بيان الحكم تقية لأن العامة يشترطون أن لا يكون الشاهد هو الزوج و علي الجملة المستفاد من الرواية النهي عن كون الزوج وكيلا في العقد و شاهدا علي الزواج فلا ترتبط الرواية بما نحن فيه، فلاحظ.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف.

(2) بلا كلام خلافا للعامة و يكفي للمدعي الاطلاقات

و السيرة الجارية الخارجية بلا نكير، مضافا الي جملة من النصوص: منها ما رواه هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: انما جعلت البينات للنسب و المواريث «1».

و منها: ما رواه زرارة بن اعين قال: سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتزوج المرأة بغير شهود، فقال لا بأس بتزويج البتة فيما بينه و بين اللّه، انما جعل الشهود في تزويج البتة من اجل الولد، لو لا ذلك لم يكن به بأس «2».

و منها: ما رواه حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتزوج بغير بينة، قال: لا بأس 3.

و منها: ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: انما جعلت الشهادة في النكاح للميراث 4.

______________________________

(1) الوسائل الباب 43 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1

(2) (2 و 3 و 4) نفس المصدر الحديث: 3 و 4 و 8

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 549

الدخول (1) فلو رد اليمين فحلف المدعي حكم بها (2) كما انه يلزم المقر باقراره علي كل حال (3) و لو تصادقا علي الزوجية ثبتت (4).

و القول قول الاب في تعيين المعقود عليها بغير تسمية مع رؤية الزوج للجميع و الا بطل العقد (5) و يستحب أن يتخير البكر (6).

______________________________

(1) اذ مجرد الدعوي لا يترتب عليه اثر و المستفاد من الادلة ان وظيفة المدعي اقامة البينة و اليمين علي المنكر و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين التصادق علي الدخول و عدمه.

(2) كما هو الميزان في اليمين المردودة.

(3) لقاعدة الاقرار.

(4) لأن الحق ليس خارجا عنهما.

(5) لاحظ ما رواه أبو عبيدة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل كن له ثلاث بنات ابكار

فزوج احداهن رجلا و لم يسم التي زوج للزوج و لا للشهود و قد كان الزوج فرض لها صداقها، فلما بلغ ادخالها علي الزوج بلغ الزوج انها الكبري من الثلاثة، فقال: الزوج لأبيها: انما تزوجت منك الصغيرة من بناتك قال: فقال أبو جعفر عليه السلام: ان كان الزوج رآهن كلهن و لم يسم له واحدة منهن فالقول في ذلك قول الأب، و علي الأب فيما بينه و بين اللّه أن يدفع الي الزوج الجارية التي كان نوي أن يزوجها اياه عند عقدة النكاح، و ان كان الزوج لم يرهن كلهن و لم يسم له واحدة منهن عند عقدة النكاح فالنكاح باطل «1».

(6) لاحظ ما رواه عبد الأعلي بن اعين مولي آل سام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: تزوجوا الابكار فانهن اطيب شي ء افواها قال: (و في حديث آخر) و انشفه ارحاما، و ادر شي ء اخلافا (احلاما) و افتح

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 550

العفيفة (1) الكريمة الاصل (2) و صلاة ركعتين عند ارادة التزويج و الدعاء بالمأثور

______________________________

شي ء ارحاما، أما علمتم اني اباهي بكم الامم يوم القيامة حتي بالسقط يظل محبنطيا علي باب الجنة، فيقول اللّه عز و جل: ادخل فيقول: لا ادخل حتي يدخل أبو اي قبلي فيقول اللّه تبارك و تعالي لملك من الملائكة: ائتني بأبويه فيأمر بهما الي الجنة، فيقول: هذا بفضل رحمتي لك «1».

(1) لاحظ ما رواه جابر بن عبد اللّه قال: سمعته يقول: كنا عند النبي صلي اللّه عليه و آله فقال: ان خير نسائكم الولود الودود العفيفة العزيزة في

اهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرجة مع زوجها، الحصان علي غيره التي تسمع قوله، و تطيع أمره، و اذا خلابها بذلت له ما يريد منها، و لم تبذل كتبذل الرجل 2.

(2) لاحظ ما رواه السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله: اختاروا لنطفكم فان الخال احد الضجيعين 3.

و ما رواه باسناده قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: انكحوا الاكفاء و انكحوا فيهم و اختاروا لنطفكم 4 و ما عن النّبيّ صلي اللّه عليه و آله قال:

قام النبي صلي اللّه عليه و آله خطيبا فقال: ايها الناس اياكم و خضراء الدمن قيل:

يا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: و ما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء 5.

و قال في الجواهر 6: «و قيل: المراد من كرم الأصل من لم يكن مس آبائها رق و قيل بأن يكون ابواها صالحين، و يمكن ارادة ما يشمل جميع ذلك

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 17 و 6 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 2

(2) (3) الوسائل الباب 13 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 2

(3) (4 و 5) نفس المصدر الحديث: 3 و 4

(4) (6) ج- 29 ص: 27.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 551

و هو: «اللهم اني اريد أن اتزوج فقدر لي من النساء اعفهن فرجا و احفظهن لي في نفسها و مالي و اوسعهن رزقا و اعظمهن بركة» (1).

و الاشهاد علي العقد (2).

______________________________

منه علي معني ان ليس في اصلها ما هو معيب و مذموم».

(1) لاحظ ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا تزوج احدكم كيف يصنع؟

قال: قلت له: ما ادري جعلت فداك قال: اذا هم بذلك فليصل ركعتين و يحمد اللّه و يقول: «اللهم اني اريد أن اتزوج اللهم فاقدر لي من النساء اعفهن فرجا و احفظهن لي في نفسها و في مالي، و اوسعهن رزقا و اعظمهن بركة، و اقدر لي منها ولدا طيبا تجعله خلفا صالحا في حياتي و بعد موتي» فاذا ادخلت عليه فليضع يده علي ناصيتها و يقول: اللهم علي كتابك تزوجتها، و في امانتك أخذتها، و بكلماتك استحللت فرجها فان قضيت في رحمها شيئا فاجعله مسلما سويا، و لا تجعله شرك شيطان» قلت: و كيف يكون شرك شيطان؟ فقال:

ان الرجل اذا دنا من المرأة و جلس مجلسه حضره الشيطان، فان هو ذكر اسم اللّه تنحي الشيطان عنه و ان فعل و لم يسم أدخل الشيطان ذكره فكان العمل منهما جميعا و النطفة واحدة، قلت: فبأي شي ء يعرف هذا جعلت فداك؟ قال: بحبنا و بغضنا «1».

(2) لاحظ ما رواه المهلب الدلال انه كتب الي أبي الحسن عليه السلام ان امرأة كانت معي في الدار، ثم انها زوجتني نفسها، و اشهدت اللّه و ملائكته علي ذلك ثم ان اباها زوجها من رجل آخر، فما تقول؟ فكتب عليه السلام: التزويج الدائم لا يكون الا بولي و شاهدين، و لا يكون تزويج متعة ببكر، استر علي نفسك و اكتم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 53 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 552

و الاعلان به (1) و الخطبة امام العقد (2) و ايقاعه ليلا (3) و صلاة ركعتين عند الدخول (4).

______________________________

رحمك اللّه «1».

(1) قال في الجواهر: «2» «للأمر به في النبوي صلي اللّه عليه و آله «اعلنوا

هذا النكاح» بل في المسالك الاستدلال عليه بالخصوص بما روي «ان النبي صلي اللّه عليه و آله كان يكره نكاح السر حتي يضرب بدف و يقال: اتيناكم اعناكم فحيونا نحييكم».

و لاحظ ما عن علي قال: اجتاز النبي صلي اللّه عليه و آله بدار علي حبار فسمع صوت دف فقال: ما هذا؟ قالوا علي حبار أعرس بأهله فقال صلي اللّه عليه و آله:

حسن هذا النكاح لا السفاح ثم قال صلي اللّه عليه و آله: اسندوا النكاح و اعلنوه بينكم و اضربوا عليه بالدف فجرت السنة في النكاح بذلك «3».

(2) لاحظ ما روي عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: انه قال: كل نكاح لا خطبة فيه فهو كاليد الجذاء «4».

(3) لاحظ ما رواه الحسن بن علي الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول في التزويج قال: من السنة التزويج بالليل لأن اللّه جعل الليل سكنا، و النساء انما هن سكن «5».

(4) لاحظ ما رواه أبو بصير قال: سمعت رجلا و هو يقول لأبي جعفر عليه السلام اني رجل قد أسننت و قد تزوجت امرأة بكرا صغيرة و لم ادخل بها، و انا اخاف اذا دخلت علي فرأتني أن تكرهني لخضابي و كبري، فقال أبو جعفر عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب المتعة الحديث: 11.

(2) ج- 29 ص: 40.

(3) بحار الأنوار ج 103 ص 375/ الحديث: 32

(4) مستدرك الوسائل: الباب 33 من ابواب مقدمات النكاح الحديث: 1.

(5) الوسائل الباب 37 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 553

و الدعاء بالمأثور بعد أن يضع يده علي ناصيتها و هو «اللهم علي كتابك زوجتها و في امانتك اخذتها و بكلماتك

استحللت فرجها فان قضيت لي في رحمها شيئا فاجعله مسلما سويا و لا تجعله شرك شيطان» (1) و امرها بمثله (2) و يسأل اللّه تعالي الولد الذكر (3) و يكره ايقاع العقد

______________________________

السلام: اذا دخلت فمرهم قبل ان تصل إليك ان تكون متوضية، ثم انت لا تصل اليها حتي توضأ وصل ركعتين، ثم مجد اللّه و صل علي محمد و آل محمد، ثم ادع اللّه و مر من معها أن يؤمنوا علي دعائك، و قل: «اللهم ارزقني الفها و ودها و رضاها، و ارضني بها و اجمع بيننا باحسن اجتماع و آنس ايتلاف فانك تحب الحلال و تكره الحرام» ثم قال: و اعلم ان الألف من اللّه، و الفرك من الشيطان ليكره ما احل اللّه «1».

(1) لاحظ ما رواه أبو بصير «2».

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير «3» لكن ليس في هذه الرواية الا امرها بالوضوء و أما امرها بغير الوضوء فلم اظفر بدليله، و اللّه العالم.

(3) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا أردت الجماع فقل: اللهم ارزقني ولدا و اجعله تقيا زكيا ليس في خلقه زيادة و لا نقصان و اجعل عاقبته الي خير «4».

و ما روي في حديث أربعمائة قال: اذا اراد احدكم مجامعة زوجته فليقل اللهم اني استحللت فرجها بأمرك و قبلتها بامانتك فان قضيت لي منها ولدا فاجعله ذكرا

______________________________

(1) الوسائل الباب 55 من ابواب مقدمات النكاح و ادابه الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 551

(3) لاحظ ص: 552

(4) الوسائل الباب 55 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 554

و القمر في العقرب (1) و تزويج العقيم (2) و الجماع في ليلة الخسوف

و يوم الكسوف (3).

______________________________

سويا الحديث «1».

(1) لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من تزوج امراة و القمر في العقرب لم ير الحسني «2».

(2) لاحظ ما رواه جابر بن عبد اللّه قال: سمعته يقول: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الا اخبركم بشرار نسائكم؟ الذليلة في أهلها، العزيزة مع بعلها، العقيم الحقود التي لا تتورع من قبيح المتبرجة اذا غاب عنها بعلها، الحصان معه اذا حضر لا تسمع قوله و لا تطيع امره، و اذا خلابها بعلها تمنعت منه كما تمنع الصعبة عند ركوبها، و لا تقبل منه عذرا و لا تغفر له ذنبا «3».

(3) لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن سالم، عن ابيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: هل يكره الجماع في وقت من الاوقات و ان كان حلالا؟ قال:

نعم ما بين طلوع الفجر الي طلوع الشمس، و من مغيب الشمس الي مغيب الشفق و في اليوم الذي تنكسف فيه الشمس، و في الليلة التي ينكسف فيها القمر، و في الليلة و في اليوم اللذين يكون فيهما الريح السوداء أو الريح الحمراء أو الريح الصفراء و اليوم و الليلة اللذين يكون فيهما الزلزلة، و لقد بات رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عند بعض أزواجه في ليلة انكسف فيها القمر فلم يكن منه في تلك الليلة ما يكون منه في غيرها حتي أصبح، فقالت له: يا رسول اللّه البغض كان هذا منك في هذه الليلة؟ قال: لا، و لكن هذه الاية ظهرت في هذه الليلة فكرهت ان اتلذذ و ألهو فيها و قد عير اللّه في كتابه اقواما فقال: «و ان يروا كسفاء من السماء

ساقطا يقولوا سحاب مركوم*

______________________________

(1) بحار الأنوار ج 103 ص 287 الحديث: 19

(2) الوسائل الباب 54 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1.

(3) الوسائل: الباب 7 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 555

و عند الزوال (1) الا يوم الخميس (2).

______________________________

فذرهم حتي يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون» ثم قال أبو جعفر عليه السلام، و ايم اللّه لا يجامع احد في هذه الاوقات التي نهي عنها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و قد انتهي اليه الخبر فيرزق ولدا فيري في ولده ذلك ما يحب «1».

(1) لاحظ ما رواه ابو سعيد الخدري في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام انه قال: يا علي لا تجامع امرأتك بعد «قبل. علل» الظهر فانه ان قضي بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول، و الشيطان يفرح بالحول في الانسان «الي أن قال:» يا علي لا تجامع امرأتك في ليلة الفطر فانه ان قضي بينكما ولد «لم يكن ذلك الولد إلا كثير الشر» فيكبر ذلك الولد و لا يصيب ولد الاعلي كبر السن، يا علي لا تجامع امرأتك في ليلة الاضحي فانه ان قضي بينكما ولدا يكون له ست اصابع أو اربع اصابع يا علي لا تجامع امرأتك تحت شجرة مثمرة فانه ان قضي بينكما ولد يكون جلادا قتالا أو عريفا، يا علي لا تجامع امرأتك في وجه الشمس و تلألئها الا ان ترخي سترا فيستر كما فانه ان قضي بينكما ولد لا يزال في بؤس و فقر حتي يموت، يا علي لا تجامع امرأتك بين الاذان و الاقامة فانه ان قضي بينكما ولد يكون حريصا علي اهراق الدماء، يا

علي لا تجامع اهلك في النصف من شعبان فانه ان قضي بينكما ولد يكون مشئوما ذا شامة في وجهه «2»

(2) لاحظ ما رواه أبو سعيد الخدري في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: يا علي عليك بالجماع ليلة الاثنين فانه ان قضي بينكما ولد يكون حافظا لكتاب اللّه راضيا بما قسم اللّه عز و جل، يا علي ان جامعت اهلك ليلة الثلثا فقضي بينكما ولد فانه يرزق الشهادة بعد شهادة ان لا إله الا اللّه، و ان محمدا رسول

______________________________

(1) الوسائل الباب 62 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1.

(2) الوسائل الباب 149 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 556

و عند الغروب قبل ذهاب الشفق (1) و في المحاق (2) و بعد الفجر حتي تطلع الشمس (3) و في اول ليلة من الشهر (4).

______________________________

اللّه صلي اللّه عليه و آله، و لا يعذبه اللّه مع المشركين، و يكون طيب النكهة و الفم رحيم القلب، سخي اليد، طاهر اللسان من الكذب و الغيبة و البهتان، يا علي و ان جامعت اهلك ليلة الخميس فقضي بينكما ولد فانه يكون حاكما من الحكام «الحكماء خ» أو عالما من العلماء، و ان جامعتها يوم الخميس عند زوال الشمس عن كبد السماء فقضي بينكما ولد، فان الشيطان لا يقربه حتي يشيب و يكون قيما و يرزقه اللّه السلامة في الدين و الدنيا، يا علي و ان جامعتها ليلة الجمعة و كان بينكما ولد فانه يكون خطيبا قوالا مفوها، و ان جامعتها يوم الجمعة بعد العصر فقضي بينكما ولد فانه يكون معروفا مشهورا عالما، و ان جامعتها في ليلة الجمعة بعد

العشاء الآخرة فانه يرجي أن يكون الولد من الابدال ان شاء اللّه «1».

(1) لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن سالم «2».

(2) لاحظ ما رواه سليمان بن جعفر الجعفري، عن أبي الحسن عليه السلام قال: من أتي اهله في محاق الشهر فليسلم لسقط الولد «3».

(3) لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن سالم «4».

(4) لاحظ ما عن أبي الحسن موسي عليه السلام، عن أبيه، عن جده قال كان فيما أوصي به رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عليا عليه السلام قال: يا علي لا تجامع اهلك في اول ليلة من الهلال و لا في ليلة النصف و لا في آخر ليلة فانه يتخوف علي ولد من يفعل ذلك الخبل فقال علي عليه السلام و لم ذاك يا رسول اللّه؟ صلي اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 151 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 554

(3) الوسائل الباب 63 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1.

(4) لاحظ ص: 554

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 557

الا رمضان (1) و في ليلة النصف من الشهر (2) و عند الزلزلة و الريح الصفراء و السوداء (3) و يكره مستقبل القبلة و مستدبرها (4) و في السفينة (5) و عاريا (6).

______________________________

عليه و آله فقال: ان الجن يكثرون غشيان نسائهم في اول ليلة من الهلال و ليلة النصف و في آخر ليلة أما رأيت المجنون يصرع في اول الشهر و في وسطه و في آخره «1».

(1) لاحظ ما عن علي عليه السلام: يستحب أن يأتي الرجل أهله اول ليلة من شهر رمضان لقول اللّه عز و جل «أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيٰامِ الرَّفَثُ إِليٰ نِسٰائِكُمْ» و الرفث المجامعة 2.

(2) لاحظ ما رواه مسمع

بن أبي سيار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم اكره لأمتي أن يغشي الرجل أهله «امرأته خ» في النصف من الشهر أو في غرة الهلال فان مردة الجن و الشياطين تغشي بني آدم فيجيئون و يخبلون أما رأيتم المصاب يصرع في النصف من الشهر و عند غرة الهلال 3.

(3) لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن سالم 4.

(4) لاحظ ما رواه محمد بن العيص انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام فقال:

اجامع و انا عريان؟ فقال: لا و لا مستقبل «تستقبل خ» القبلة و لا تستدبرها 5

(5) لاحظ مرسل الشيخ و هو قوله عليه السلام: لا تجامع في السفينة 6.

(6) لاحظ ما رواه محمد بن العيص.

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 64 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 4 و 2

(2) (4) لاحظ ص: 554

(3) (5 و 6) الوسائل: الباب 69 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 558

و عقيب الاحتلام قبل الغسل (1) و النظر في فرج المرأة (2) و الكلام بغير الذكر (3) و العزل عن الحرة بغير اذنها (4) و أن يطرق المسافر ليلا (5) و يحرم الدخول بالزوجة قبل بلوغها تسع سنين (6).

______________________________

(1) لاحظ ما ارسله الشيخ قال قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: يكره أن يغشي الرجل المرأة و قد احتلم حتي يغتسل من احتلامه الذي رأي فان فعل فخرج الولد مجنونا فلا يلو من الا نفسه «1».

(2) لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن الرجل ينظر في فرج المرأة و هو يجامعها؟ قال: لا بأس به

الا أنه يورث العمي «2».

(3) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اتقوا الكلام عند ملتقي الختانين فانه يورث الخرس «3».

(4) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم، عن احدهما عليهما السلام انه سئل عن العزل فقال: أما الامة فلا بأس فأما الحرة فاني اكره ذلك الا أن يشترط عليها حين يتزوجها «4».

(5) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان. عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يكره للرجل اذا قدم من سفره أن يطرق اهله ليلا حتي يصبح «5».

(6) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال: اذا تزوج الرجل الجارية و هي صغيرة فلا يدخل بها حتي يأتي لها تسع سنين 6.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 70 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث 1.

(2) الوسائل: الباب 59 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 3.

(3) الوسائل: الباب 60 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1.

(4) الوسائل: الباب 76 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1.

(5) (5 و 6) الوسائل: الباب 65 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه و الباب 45 من هذه الابواب الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 559

[مسألة 3: يجوز للرجل النظر إلي من يريد التزويج بها]

(مسألة 3): يجوز للرجل النظر الي من يريد التزويج بها (1).

______________________________

و ما رواه زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يدخل بالجارية حتي يأتي لها تسع سنين أو عشر سنين «1».

(1) عن الجواهر نفي الخلاف فيه بين المسلمين و دعوي الاجماع بقسميه عليه و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم قال:

سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يريد أن يتزوج المرأة أ ينظر اليها؟ قال:

نعم

انما يشتريها بأغلي الثمن 2.

و منها ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بأن ينظر الي وجهها و معاصمها اذا أراد أن يتزوجها 3.

و منها ما رواه الحسن بن السري قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يريد أن يتزوج المرأة يتأملها و ينظر الي خلفها و الي وجهها؟ قال: نعم لا بأس أن ينظر الرجل الي المرأة اذا اراد أن يتزوجها ينظر الي خلفها و الي وجهها 4 و غيرها من النصوص الواردة في هذا الباب.

فالحكم في الجملة مما لا اشكال فيه و انما قيد الجواز في المتن بعدم التلذذ.

و استدل عليه بما ارسله الفضل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت: أ ينظر الرجل الي المرأة يريد تزويجها فينظر الي شعرها و محاسنها؟ قال: لا بأس بذلك اذا لم يكن ملتذذا 5 و المرسل لا اعتبار به.

و استدل عليه أيضا بأن جواز النظر بلحاظ ارادة التزويج لا بداعي التلذذ.

و فيه: ان الكلام في التلذذ المجامع مع الفرد الجائز من النظر و بعبارة واضحة: نفرض ان المكلف يريد تزويج المرأة الفلانية و شرائط الجواز موجودة

______________________________

(1) (1 و 2 و 3 و 4) الوسائل الباب 45 و 36 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث:

2 و 1 و 2 و 3

(2) (5) نفس المصدر الحديث: 5.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 560

و شرائها (1).

______________________________

لكن ينظر اليها و يتلذذ.

و صفوة القول: انه تارة ينظر اليها بقصد التلذذ و هذا خارج عن الفرض و اخري ينظر بقصد ارادة التزويج غاية الامر يتلذذ و الجزم بالحرمة يتوقف علي اقامة دليل عليه، فلاحظ.

(1) و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الوجه الاول: ما رواه أبو

بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يعترض الامة ليشتريها، قال: لا بأس بأن ينظر الي محاسنها و يمسها ما لم ينظر الي مالا ينبغي النظر اليه «1» و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني.

الوجه الثاني: ما رواه حبيب بن المعلي الخثعمي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اني اعترضت جواري المدينة فامذيت، فقال: أما لمن يريد الشراء فليس به بأس و أما لمن لا يريد أن يشتري فاني اكرهه «2» و هذه الرواية ضعيفة بالخثعمي.

الوجه الثالث: ما رواه عمران الجعفري، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا احب للرجل أن يقلب الاجارية يريد شرائها 3 و هذه الرواية ضعيفة بالجعفري.

الوجه الرابع، ما رواه الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليهم السلام انه كان اذا أراد ان يشتري الجارية يكشف عن ساقيها فينظر اليها 4.

و هذه الرواية تامة سندا، و يمكن الاستدلال به علي المدعي فان جواز النظر الي الساق يستلزم جواز النظر الي وجهها و كفيها بالاولوية.

______________________________

(1) الوسائل: الباب 20 من أبواب بيع الحيوان الحديث: 1.

(2) (2 و 3 و 4) نفس المصدر الحديث: 2 و 3 و 4.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 561

و كذا الي نساء اهل الذمة (1).

______________________________

الوجه الخامس: ما ادعي من السيرة بتقريب ان الجواري كن في عهدهم يخدمن في المجالس و الخدمة في المجامع تستلزم وقوع النظر الي وجوههن و ايديهن و هم أرواحنا فداهم لم يكونوا ينهون عنه.

و لكن هذا الوجه علي فرض تماميته يكون دليلا علي جواز النظر الي الاماء و الكلام في جواز النظر للمشتري، فلاحظ.

الوجه السادس: ما رواه محمد بن مسلم «1» فانه يستفاد من هذه الرواية انه يجوز النظر للمشتري

و لذا يجوز النظر لمن يريد الزواج حيث يشتري بأغلي الثمن، و الكلام في جواز التلذذ و عدمه هو الكلام فلا نعيد.

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي بعدة نصوص منها: ما رواه السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا حرمة لنساء اهل الذمة أن ينظر الي شعورهن و ايديهن «2» و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي بل و بغيره أيضا.

و منها: ما رواه أبو البختري عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: لا بأس بالنظر الي رءوس نساء اهل الذمة، و قال:

ينزل المسلمون علي اهل الذمة في أسفارهم و حاجاتهم و لا ينزل المسلم علي المسلم الا باذنه 3 و السند ضعيف بأبي البختري.

و منها: ما رواه عباد بن صهيب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

لا بأس بالنظر الي رءوس اهل تهامة و الأعراب و اهل السواد و العلوج، لأنهم اذا نهوا لا ينتهون، قال: و المجنونة و المغلوبة علي عقلها لا بأس بالنظر الي شعرها

______________________________

(1) لاحظ ص: 559-

(2) (2 و 3) الوسائل: الباب 112 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 562

و كذا المبتذلات اللاتي لا ينتهين اذا نهين عن التكشف (1) و الي المرام اللاتي يحرم نكاحهن مؤبدا لنسب (2).

______________________________

و جسدها ما لم يتعمد ذلك «1» و هذه الرواية تامة سندا و تدل علي المدعي بعموم العلة فان المستفاد منها ان عدم الانتهاء ملاك جواز النظر بل لا يبعد أن يكون المراد بالعلوج هم الكفار علي ما يظهر من مجمع البحرين.

و أما الكلام من حيث جواز التلذذ و عدمه

هو الكلام بل يمكن أن يقال: ان المستفاد من الحديث جواز النظر مع التلذذ و الشهوة حيث قيد الجواز في الذيل بعدم التعمد و التقسيم قاطع للشركة و قال صاحب الوسائل (قدس سره) في هذا المقام، الظاهر ان المراد بالتعمد هنا النظر بشهوة.

(1) لحديث عباد بن صهيب فان مقتضاه جواز النظر في مورد عدم تأثير النهي رأسا تقييد الجواز بعدم التلذذ فقد مر الكلام فيه.

و صفوة القول: انه لم يقم دليل علي حرمة التلذذ بما هو بل الدليل قائم علي حرمة النظر علي الاطلاق لكن قد قيد ذلك الدليل بالمقيد و مقتضي الصناعة تقديم الدليل المقيد باطلاقه علي الدليل المطلق، و بعبارة اخري اطلاق المقيد حاكم علي اطلاق المطلق.

(2) يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الوجه الاول: السيرة الخارجية المتصلة بزمانهم عليهم السلام فانه لم يعهد تحجب النساء عن المحارم بل يعد مستنكرا عند المتشرعة.

الوجه الثاني: الاجماع بل الضرورة فانه نقل عن الجواهر دعوي الضرورة عليه.

الوجه الثالث: قوله تعالي «وَ قُلْ لِلْمُؤْمِنٰاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصٰارِهِنَّ وَ يَحْفَظْنَ

______________________________

(1) الوسائل الباب 113 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 563

______________________________

فُرُوجَهُنَّ وَ لٰا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّٰا مٰا ظَهَرَ مِنْهٰا وَ لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلي جُيُوبِهِنَّ وَ لٰا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّٰا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبٰائِهِنَّ أَوْ آبٰاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنٰائِهِنَّ أَوْ أَبْنٰاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوٰانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوٰانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوٰاتِهِنَّ أَوْ نِسٰائِهِنَّ أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُنَّ أَوِ التّٰابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجٰالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلي عَوْرٰاتِ النِّسٰاءِ وَ لٰا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مٰا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ» «1».

فانه يستفاد من الاية الكريمة جواز النظر الي المذكورين و بعبارة اخري:

لا مجال لأن يقال ان

الاية غير متعرضة لجواز النظر بل متعرضة لجواز الابداء فان العرف يفهم من هذا التعبير كلا الامرين، و العرف ببابك.

الوجه الرابع: ما ورد في باب غسل الميت من جواز تغسيل المرأة قرابتها من المحارم و كذا الرجل، منها ما رواه منصور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يخرج في السفر و معه امرأته أ يغسلها؟ قال نعم و امه و اخته و نحو هذا يلقي علي عورتها خرقة «2».

و منها: ما رواه منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام مثله الا انه قال الرجل يسافر مع امرأته (الي أن قال:) و نحوهما يلقي علي عورتها خرقة و يغسلها 3

و منها ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرجل يموت و ليس عنده من يغسله الا النساء قال: تغسله امرأته أو ذات قرابته ان كانت له، و يصب النساء عليه الماء صبا الحديث 4 فانه يستفاد من هذه النصوص جواز النظر الي المحارم.

الوجه الخامس: ما رواه السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما

______________________________

(1) النور/ 31.

(2) (2 و 3 و 4) الوسائل: الباب 20 من ابواب غسل الميت الحديث: 1 و 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 564

______________________________

السلام قال: لا بأس أن ينظر الي شعر امه او اخته او بنته «1».

فانه يدل علي المدعي في الجملة و يثبت الحكم عموما بعدم القول بالفصل، و في المقام عدة نصوص يستفاد منها خلاف المدعي منها ما رواه أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله وَ لٰا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّٰا مٰا ظَهَرَ مِنْهٰا فهي الثياب و الكحل و الخاتم و خضاب الكف و السوار و الزينة

ثلاث: زينة للناس و زينة للمحرم و زينة للزوج فأما زينة الناس فقد ذكرناه و أما زينة المحرم فموضع القلادة مما فوقها و الدملج و ما دونه و الخلخال و ما اسفل منه و اما زينة الزوج فالجسد كله «2» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها ما رواه ابن جعفر قال: سألته عن الرجل ما يصلح له ان ينظر اليه من المرأة التي لا تحل له قال الوجه و الكف و موضع السوار «3» و هذه الرواية ضعيفة بعبد اللّه بن حسن علي ما في كلام سيدنا الاستاد «4» مضافا الي أنها لا تكون قابلة للعمل بها بعد قيام الضرورة علي خلافها.

و منها ما رواه حسين بن علوان، عن جعفر عن ابيه عليه السلام قال، اذا زوج الرجل امته فلا ينظرن الي عورتها و العورة ما بين السرة و الركبة «5» فان المستفاد من هذه الرواية ان ما بين السرة و الركبة عورة، و لا اشكال في حرمة النظر الي عورة الغير و لو كان من المحارم.

و لكن هل يمكن الالتزام بمفاد الحديث مع كونها خلاف السيرة، و قد تعرضنا

______________________________

(1) الوسائل الباب 104 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 7

(2) مستدرك الوسائل: الباب 8 من أبواب مقدمات النكاح الحديث: 3

(3) مستند العروة ج 1 من النكاح ص 58

(4) مستند العروة ج- 1 من النكاح ص: 58

(5) الوسائل الباب 44 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 565

أو مصاهرة (1) أو رضاع (2).

______________________________

لهذه الجهة في الجزء الاول من هذا الشرح «1» و قلنا انه لا يمكن الالتزام بمفاد الرواية.

(1) المراد منها الحرمة الحاصلة من العلقة الزوجية الموجبة لحرمة الأبدية كأم

الزوجة و الربيبة بشرط الدخول بامها و نحوهما فانه يدل علي المدعي الاية الشريفة «2» و بعدم القول بالفصل القطعي يثبت المدعي في الباقي.

مضافا الي السيرة و يضاف الي جميع ذلك النصوص الواردة في الغسل لاحظ ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مات و ليس عنده الا نساء، قال: تغسله امرأة ذات محرم منه، و تصب النساء عليه الماء، و لا تخلع ثوبه، و ان كانت امرأة ماتت معها رجال و ليس معها امرأة و لا محرم لها فلتدفن كما هي في ثيابها، و ان كان معها ذو محرم لها غسلها من فوق ثيابها «3».

(2) لجملة من النصوص: منها ما رواه بريد العجلي، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب «4».

و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول يحرم من الرضاع ما يحرم من القرابة 5.

و منها ما رواه ابو الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرضاع فقال: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب 6 فانها تدل علي انه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب و في المقام شبهتان:

______________________________

(1) لاحظ ص: 269

(2) لاحظ ص: 562

(3) الوسائل الباب 20 من ابواب غسل الميت الحديث: 9

(4) (4 و 5 و 6) الوسائل: الباب 1 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1 و 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 566

بشرط عدم التلذذ في الجميع (1) و يحرم النظر الي غيرهن بغير تلذذ أيضا في غير الوجه و الكفين بلا

اشكال (2).

______________________________

الاولي: ان الحكم المذكور يختص بالمرضعة و صاحب اللبن و الاصول و الفروع و الحواشي لهما و لا يشمل أبا المرتضع اذ دليل التنزيل ناظر الي المرتضع و المرضعة و صاحب اللبن، و اما ابو المرتضع فلا دخل له في ذلك و حرمة نكاحه لأولاد المرضعة او صاحب اللبن مستفادة من دليل خارجي.

و الجواب عن هذه الشبهة انه يستفاد من حديث ايوب بن نوح قال: كتب علي بن شعيب الي أبي الحسن عليه السلام امرأة ارضعت بعض ولدي هل يجوز لي أن اتزوج بعض ولدها؟ فكتب عليه السلام: لا يجوز ذلك لك لأن ولدها صارت بمنزلة ولدك «1»، ان اولاد المرضعة بمنزلة اولاد أبي المرتضع فلا مجال لهذه الشبهة.

الثانية: ان دليل التنزيل يقتضي جعل الرضاع كالنسب في الحرمة و هذا المقدار لا يكفي في جواز النظر و بعبارة اخري: اذا كان الدليل دالا علي جعل ما بالرضاع منزلة ما بالنسب لكان القول بجواز النظر في محله لاقتضاء عموم دليل التنزيل و لكن الأمر ليس كذلك فان دليل التنزيل نزل ما بالرضاع منزلة ما بالنسب في الحرمة فيتوقف الحكم بجواز النظر علي قيام دليل علي جواز النظر الي كل من يحرم نكاحه و الحال انه ليس في الأدلة ما يدل عليه، الا أن يستدل باطلاق ما ورد من النصوص في باب غسل الميت «2» فراجع.

(1) الظاهر انه لا بد من اتمامه بالتسالم و الاجماع، الا أن يدل علي الحرمة دليل خاص كما قامت بالنسبة الي المجنونة.

(2) ما يمكن أن يستدل به عليه أو استدل وجوه: الوجه الاول: الاجماع

______________________________

(1) الوسائل: الباب 16 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 563 و 565

مباني منهاج الصالحين،

ج 9، ص: 567

______________________________

فعن الجواهر دعوي الاجماع بل الضرورة عليه، و لكن لا يخفي ان المستفاد من الاجماع و الضرورة الحرمة في الجملة.

الوجه الثاني: قوله تعالي «1» و في دلالة الاية الكريمة علي المدعي اشكال فانه فسر الغض في اللغة بقصر النظر لا الترك فيكون المراد من الاية النقص من النظر، قال في مجمع البحرين في بيان المراد من الاية: «أي ينقصوا من نظرهم» الي آخر كلامه، و عليه يكون الجار للتبعيض.

مضافا الي أنه لم يذكر في الاية متعلق الغض الا أن يقال بأن المراد يفهم من الاية الشريفة بقرينة المقابلة اي بغض كل من الفريقين من ابصارهم بالنسبة الي الفريق الاخر، مضافا الي النص الوارد في شأن نزولها، لاحظ ما رواه سعد الاسكاف، عن أبي جعفر عليه السلام قال: استقبل شاب من الانصار امرأة بالمدينة و كان النساء يتقنعن خلف آذانهن، فنظر اليها و هي مقبلة، فلما جازت نظر اليها و دخل في زقاق قد سماه ببني فلان فجعل ينظر خلفها و اعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشق وجهه، فلما مضت المرأة نظر فاذا الدماء تسيل علي ثوبه و صدره، فقال: و اللّه لاتين رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و لأخبرنه فاتاه، فلما رآه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ما هذا؟ فأخبره فهبط جبرئيل عليه السلام بهذه الاية: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصٰارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذٰلِكَ أَزْكيٰ لَهُمْ إِنَّ اللّٰهَ خَبِيرٌ بِمٰا يَصْنَعُونَ «2».

و يضاف الي ذلك ان قوله تعالي في ذيل الاية ذٰلِكَ أَزْكيٰ لَهُمْ يدل علي ان الغض أنفع فلا يكون حراما.

ان قلت: قد ذكر في الاية حفظ الفرج و لا اشكال في وجوبه فانه

لا اشكال في

______________________________

(1) لاحظ ص: 562

(2) الوسائل: الباب 104 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 568

______________________________

حرمة الزنا فلا يمكن أن يكون المراد من قوله أزكي التفضيل بل المراد التعين.

قلت: اولا قد ورد حديث في ذيل الاية و هو ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام كل آية في القرآن في ذكر الفرج فهي من الزنا الا هذه الاية فانها من النظر فلا يحل للرجل المؤمن (لرجل مؤمن خ) أن ينظر الي فرج اخيه و لا يحل للمرأة ان تنظر الي فرج اختها «1» و يستفاد منه ان المراد بحفظ الفرج النظر.

و ثانيا: المشار اليه بلفظ ذلك مجموع الامور المذكورة في الاية لا كل منها فيكون المستفاد من الاية ان حفظ الفرج و غض النظر أزكي لهم فالاية لا تدل علي الحرمة بل تدل علي الجواز و لا أقلّ من عدم انعقاد الظهور في التحريم.

الوجه الثالث: قوله تعالي «وَ لٰا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ» بتقريب ان المراد ان المحرم ابداء محل الزينة لا نفس الزينة و فيه: ان المحرم علي هذا التقريب هو الابداء و أما حرمة النظر فلا يستفاد من الاية، و بعبارة اخري لا دليل علي التلازم بين الطرفين

الوجه الرابع: حديث عباد بن صهيب «2» فان المستفاد من الحديث ان وجه الجواز عدم انتهائهن و الا فعدم الجواز هو الحكم الاولي، لكن المستفاد من الحديث حرمة النظر الي رءوس النساء فليس متعلق الحرمة مطلقا.

الوجه الخامس: النصوص الدالة «3» علي جواز النظر لمن يريد الزواج او الاشتراء، فان المستفاد من هذه النصوص حرمة النظر الا في الموارد المخصوصة.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم

الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 568

الوجه السادس: النصوص الدالة علي حرمة النظر: منها: ما رواه علي بن

______________________________

(1) تفسير البرهان: ج- 3 ص: 130 الحديث: 7

(2) لاحظ ص: 561

(3) لاحظ ص: 559 و 560

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 569

و فيهما علي الاحوط (1).

______________________________

عقبة، عن ابيه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: النظرة سهم من سهام ابليس مسموم، و كم من نظرة أورثت حسرة طويلة «1».

و منها: ما رواه أبو جميلة، عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا:

ما من احد الا و هو يصيب حظا من الزنا، فزنا العينين النظر، و زنا الفم القبلة و زنا اليدين اللمس، صدق الفرج ذلك أو كذب 2.

و منها: ما رواه جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: لعن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله رجلا ينظر الي فرج امرأة لا تحل له، و رجلا خان أخاه في امرأته، و رجلا يحتاج الناس الي نفعه فيسألهم الرشوة 3.

(1) يقع البحث في موضعين: الموضع الاول في المقتضي للمنع، الموضع الثاني في المانع، فنقول أما الموضع الاول: فيمكن الاستدلال علي المنع بتقريبات:

التقريب الاول للاستدلال علي عدم الجواز جملة من النصوص الواردة في جواز النظر لمن يريد التزويج لاحظ ما رواه ابن السري و ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام 4 فان مقتضي هذه النصوص بلحاظ مفهوم الشرط عدم جواز النظر اذا لم يرد التزويج.

التقريب الثاني: الروايات الدالة علي حرمة النظر 5.

التقريب الثالث: قوله تعالي «قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصٰارِهِمْ وَ يَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذٰلِكَ أَزْكيٰ لَهُمْ» 6 بناء علي أنه يستفاد منها حرمة النظر.

______________________________

(1) (1 و 2

و 3) الوسائل الباب 104 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 2 و 3

(2) (4) لاحظ ص: 559 و 560

(3) (5) مرت آنفا

(4) (6) النور/ 30

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 570

______________________________

التقريب الرابع: ما رواه محمد بن الحسن بن الصفار قال: كتبت الي الفقيه عليه السلام في رجل اراد ان يشهد علي امرأة ليس لها بمحرم هل يجوز له أن يشهد عليها و هي من وراء الستر و يسمع كلامها اذا شهد رجلان عدلان انها فلانة بنت فلان التي تشهدك و هذا كلامها و لا يجوز له الشهادة عليها حتي تبرز و يثبتها بعينها؟ فوقع عليه السلام تتنقب و تظهر للشهود ان شاء اللّه «1».

اذ لو كان النظر الي وجه الأجنبية جائزا لم يكن وجه لأمره بالنقاب فالمقتضي لحرمة النظر تام.

و لقائل أن يقول: ان هذه الرواية تدل علي وجوب الستر و لا يدل علي حرمة النظر و بعبارة اخري المستفاد من هذه الرواية انه لا يجوز للمرأة أن تظهر وجهها عند الأجنبي. هذا تمام الكلام في الموضع الاول.

و أما الكلام في الموضع الثاني: فيمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه:

الوجه الاول: ما رواه زرعة بن محمد قال: كان رجل بالمدينة له جارية نفيسة فوقعت في قلب رجل و أعجب بها فشكي ذلك الي أبي عبد اللّه عليه السلام: فقال له: تعرض رؤيتها و كلما رأيتها فقل: اسأل اللّه من فضله الحديث «2» فان هذه الرواية تدل بالصراحة علي جواز النظر الي الأجنبية بل تدل علي الجواز حتي مع التلذذ و الشهوة و العرف ببابك.

الوجه الثاني: ما رواه علي بن سويد قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام:

اني مبتلي بالنظر الي المرأة الجميلة فيعجبني النظر اليها،

فقال يا علي لا بأس اذا عرف اللّه من نيتك الصدق و اياك و الزنا فانه يمحق البركة و يهلك الدين «3»

______________________________

(1) تهذيب الاحكام: ج- 6 ص: 255- الحديث: 71

(2) الوسائل: الباب 36 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 6

(3) الوسائل الباب 1 من ابواب النكاح المحرم و ما يناسبه الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 571

______________________________

و هذه الرواية تدل بالصراحة علي جواز النظر مع التلذذ و الشهوة و ما افاده سيدنا الاستاد من القطع بخلاف مفاد الرواية عهدته عليه فان الأحكام الشرعية امرها بيد الشارع و لا مجال لأعمال النظر فيها.

الوجه الثالث: ما رواه ابو الجارود «1» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال

الوجه الرابع: ما رواه علي بن جعفر «2» فان هذه الرواية تدل بالصراحة علي جواز النظر الي الوجه و الكفين و موضع السوار، و هذه الرواية ضعيفة بعبد اللّه بن حسن علي ما في كلام سيدنا الاستاد حسب تقرير بحثه الشريف.

الوجه الخامس: ما رواه عمرو بن شمر، عن أبي جعفر عليه السلام، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال: خرج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يريد فاطمة و أنا معه فلما انتهينا الي الباب وضع يده عليه فدفعه ثم قال: السلام عليكم، فقالت فاطمة عليها السلام: و عليك السلام يا رسول اللّه، قال: ادخل؟ قالت: ادخل يا رسول اللّه، قال ادخل و من معي؟ قالت: ليس علي قناع، فقال: يا فاطمة خذي فضل ملحفتك فقنعي به رأسك ففعلت ثم قال: السلام عليك، فقالت: و عليك السلام يا رسول اللّه قال: ادخل؟ قالت: نعم يا رسول اللّه، قال: انا و معي؟ قالت: و من معك؟ قال جابر: فدخل رسول اللّه صلي

اللّه عليه و آله و دخلت و اذا وجه فاطمة عليها السلام اصفر كأنه بطن جرادة، فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ما لي أري وجهك أصفر، قالت: يا رسول اللّه الجوع، فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اللهم مشبع الجوعة و دافع الضيعة اشبع فاطمة بنت محمد، قال جابر:

فو اللّه لنظرت الي الدم ينحدر من قصاصها حتي عاد وجهها احمر فما جاعت بعد

______________________________

(1) لاحظ ص: 564

(2) لاحظ ص: 564 و مستند العروة ج 1 ص: 58

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 572

______________________________

ذلك اليوم «1» و هذه الرواية ضعيفة بعمرو بن شمر.

الوجه السادس: ما رواه مروك بن عبيد، عن بعض اصحابنا، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال. قلت له: ما يحل للرجل أن يري من المرأة اذا لم يكن محرما؟

قال: الوجه و الكفان و القدمان «2» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

الوجه السابع: ما رواه أبو حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن المرأة المسلمة يصيبها البلاء في جسدها اما كسر و اما جرح في مكان لا يصلح النظر اليه يكون الرجل ارفق بعلاجه من النساء، أ يصلح له النظر اليها؟

قال: اذا اضطرت اليه فليعالجها ان شاءت «3» فانه يستفاد من هذه الرواية ان النظر الي بعض مواضع جسد المرأة جائز.

الوجه الثامن: ما رواه مسعدة بن زياد قال: سمعت جعفرا و سئل عما تظهر المرأة من زينتها قال: الوجه و الكفين «4» فانه يستفاد من هذه الرواية انه يجوز للمرأة اظهار وجهها و كفيها و يمكن أن يقال: انه لا تلازم بين جواز الاظهار و جواز النظر، فتأمل.

الوجه التاسع: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في

قول اللّه عز و جل «الا ما ظهر منها» قال: الزينة الظاهرة الكحل و الخاتم 5.

و ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن قول اللّه عز و جل: «وَ لٰا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّٰا مٰا ظَهَرَ مِنْهٰا» قال: الخاتم و المسكة و هي القلب 6 و الكلام فيهما هو الكلام في سابقهما.

______________________________

(1) الوسائل الباب 120 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 109 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 130 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1

(4) (4 و 5 و 6) الوسائل الباب 109 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 5 و 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 573

______________________________

الوجه العاشر: ما رواه الفضيل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الذراعين من المرأة هما من الزينة التي قال اللّه: «وَ لٰا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّٰا لِبُعُولَتِهِنَّ»؟ قال:

نعم و ما دون الخمار من الزينة، و ما دون السوارين «1» و المستفاد من هذه الرواية جواز النظر الي الوجه و عدم جواز النظر الي الذراعين.

و قال في الحدائق: «و دون السوار بمعني تحت السوار و هو الجهة المقابلة للعلو فان الكفين أسفل بالنسبة الي ما فوق السوارين» و لا يبعد ان ما أفاده تام اذ يستفاد من كلام مجمع البحرين ان (دون) نقيض فوق فالمراد من الكلمة ان تحت السوارين من الزينة فتكون الكفان خارجتان.

الوجه الحادي عشر: قوله تعالي «2» فان المستفاد من الاية الكريمة عدم وجوب الستر علي المرأة فيجوز النظر للرجل.

و فيه: انه قد مر ان مجرد عدم وجوب الستر عليها لا يدل علي الجواز بالنسبة الي الرجل: الا

أن يقال: انه يستفاد من الاية تقسيم الزينة الي قسمين: قسم منها لا يجوز ابدائها الا للمذكورين في الاية الشريفة و قسم منها يجوز ابدائها للأجنبي علي الاطلاق و من ناحية اخري لا اشكال في أنه لو جاز الابداء للغير يجوز للغير النظر أيضا.

و ان شئت قلت: اذا قيل يجوز الإراءة يفهم عرفا انه يجوز النظر، و العرف ببابك.

و قال سيدنا الاستاد في هذا المقام «3» ما حاصله ان المستفاد من قوله تعالي «إِلّٰا مٰا ظَهَرَ مِنْهٰا» انه لا يجب علي المرأة الستر بالنسبة إلي ما ظهر من

______________________________

(1) الوسائل الباب 109 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 562

(3) مستند العروة ج- 1 من النكاح ص: 55- 56

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 574

______________________________

الزينة و لكن عدم وجوب الستر لا يستلزم جواز النظر و لذا نري ان جماعة قائلون بحرمة نظر المرأة الي الرجل و الحال انه لا يجب علي الرجل التستر و المستفاد من قوله تعالي «وَ لٰا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّٰا لِبُعُولَتِهِنَّ الخ» انه يحرم علي المرأة ارائة زينتها علي الاطلاق حتي الظاهرة منها الا للطوائف الخاصة فاذا حرم عليها الإراءة يحرم علي الرجال النظر فالاية الكريمة أولي بالدلالة علي الحرمة، هذا ملخص كلامه في هذا المقام.

اقول: الظاهر ان ذيل الكلام يناقض الصدر اذ صرح في الصدر بعدم وجوب تستر الزينة الظاهرة فنسأل ان عدم وجوب التستر و جواز الكشف مع فرض عدم وجود الأجنبي أو مع فرض وجوده؟ و علي الثاني علي فرض عدم النظر او مع النظر، و من الظاهر ان الاهمال غير معقول في الواقع فعلي الاول و الثاني يكون جعل الحكم لغوا فينحصر في الثالث و عليه تكون

الإراءة جائزة فكيف يقول في الذيل بالحرمة؟.

و بعبارة اخري: نسأل مع وجود الرجل الناظر اليها هل يجوز لها الكشف أم لا؟ ان قلت بعدم الجواز فعدلت عن قولك الاول و ان قلت بالثاني فالإراءة جائزة و علي الجملة لا يعقل أن تكون الإراءة محرمة و مع ذلك لا يكون التستر واجبا فان هذين لا يجتمعان.

و صفوة القول: انه يفهم من مجموع الاية الشريفة الكريمة ان ابداء المرأة زينتها غير الظاهرة للرجل حرام الا لطوائف خاصة و أما ابداء زينتها الظاهرة فيجوز بلا تخصيص و حيث ان الابداء بالنسبة الي الزينة غير الظاهرة للطوائف المخصوصة جائز فابداء الزينة الظاهرة جائز للأجنبي علي الاطلاق.

و لكن الانصاف: انه فرق بين جواز الإراءة و بين جواز الابداء اذ لا يبعد أن

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 575

______________________________

يفهم العرف من جواز الإراءة جواز الرؤية بالملازمة و اما الابداء فجوازه لا يستلزم جواز النظر.

نعم اذا قيل يجوز الابداء لفلان لا يبعد أن يفهم جواز النظر فما أفاده سيدنا الاستاد لا تناقض فيه.

نعم ما أفاده في كلامه من أن الاية تدل علي حرمة النظر حيث انه يحرم عليها الإراءة ففيه انه لا ملازمة بين الأمرين، اذ يمكن أن تكون الإراءة محرمة و مع ذلك يكون النظر جائزا، فعلي هذا الأساس لا يستفاد من الاية الا جواز الكشف و أما جواز النظر فلا يستفاد من الاية.

فنقول: يقع التعارض بين النصوص الواردة فان قلنا مقتضي الجمع بينها حمل المانعة علي الكراهة فهو و الا فلا بد من اعمال قانون التعارض فيمكن أن يقال: ان الترجيح مع نصوص المنع لموافقها مع الكتاب فان قوله تعالي «قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ» الخ يدل علي المنع عن النظر لكن قد مر

انه يمكن أن يقال ان ذيل الاية يدل علي الجواز، فحديث الجواز موافق مع الكتاب.

و ان ابيت و قلت: ان ذيل الاية يوجب اجمالها و لا تكون الاية ظاهرة في الجواز نقول الترجيح بمخالفة القوم مع حديث الجواز أيضا فانه يظهر من كلام الشيخ (قده) في الخلاف «1» ان العامة قائلون بعدم جواز النظر فالترجيح بمخالفة القوم مع دليل الجواز كما ان الترجيح بالأحدثية مع دليل الجواز أيضا لاحظ ما رواه علي بن سويد، فان الحديث مروي عن أبي الحسن عليه السلام «2» و لو قطعنا النظر عن الترجيح تصل النوبة الي التعارض و التساقط، و مقتضي الأصل

______________________________

(1) ج- 2 ص 139 مسألة: 3

(2) لاحظ ص: 570

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 576

و من غير المحارم اخت الزوجة (1) و الربيبة قبل الدخول بامها (2) و كذا يحرم علي المرأة النظر الي الرجل مما يحرم علي الرجل النظر اليه منها (3) و كذا

______________________________

الاولي الجواز أيضا.

(1) بلا اشكال اذ حرمتها من باب الجمع و لذا يجوز تزويجها في غير صورة الجمع.

(2) اذ دليل الحرمة يختص بصورة الدخول بمقتضي الكتاب و السنة و الاجماع فهي قبل الدخول كبقية النساء.

(3) ما يمكن أن يذكر مستندا للحكم وجوه: الوجه الاول الاجماع، و فيه ان الاجماع المنقول لا يكون حجة و المحصل منه، غير حاصل، كيف و من الممكن استناد المجمعين الي الوجوه المذكورة في المقام فلا يحصل اجماع تعبدي كاشف.

الوجه الثاني: قوله تعالي «1» بتقريب ان المستفاد من الاية حرمة نظرهن الي الرجال، و فيه اولا: ان الغض غير الترك كما مر.

و ثانيا: لا يبعد أن يكون المراد النهي عن النظر الي الفروج بقرينة المقابلة بأن يقال: ان المستفاد من

الاية وجوب حفظ الفرج عن نظر الغير اليه و حرمة النظر الي فرج الغير لاحظ ما في تفسير البرهان «2».

و ثالثا ان المتعلق محذوف فلا بد من ارادة العموم اي يغضوا من ابصارهم عن كل محرم و اثبات ان المراد من المتعلق النساء في الجملة الاولي و الرجال في الجملة

______________________________

(1) لاحظ ص: 562

(2) لاحظ ص: 568

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 577

______________________________

الثانية بالإجماع مشكل لما ذكر من الاشكال في حجية الاجماع و بعبارة واضحة لا دليل علي كون المتعلق العموم و لعل المراد من الاية النهي عن النظر الي خصوص الفرج.

و أما حديث سعد الاسكاف «1» الوارد في شأن نزول الاية فضعيف بالاسكاف حيث انه لم يوثق، و قول الشيخ (قده) في حقه انه صحيح الحديث لا يكون توثيقا.

و يمكن أن يكون الوجه في صحة حديثه عنده اجتهادا كما أن كونه في اسناد كامل الزيارة لا أثر له كما ذكرناه مرارا و مثله كونه في تفسير القمي مضافا الي كونه معارضا بتضعيف ابن الغضائري اياه و صاحب الوسائل يشهد بتضعيفه فلا وجه للمناقشة فيه.

و يضاف الي جميع ذلك كله ان الرواية متعرضة للجملة الاولي من الاية و لا تتعرض لقوله تعالي «وَ قُلْ لِلْمُؤْمِنٰاتِ» الذي هو محل الكلام في المقام.

الوجه الثالث: جملة من النصوص: منها ما ارسله احمد بن أبي عبد اللّه قال استأذن ابن أم مكتوم علي النبي صلي اللّه عليه و آله و عنده عائشة و حفصة فقال لهما: قوما فادخلا البيت، فقالتا: انه اعمي فقال: ان لم يركما فانكما تريانه «2» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال فان احمد لا يمكن أن ينقل عن النبي صلي اللّه عليه و آله بلا واسطة.

و منها: ما

رواه الصدوق (قده) في (عقاب الاعمال) قال: قال النبي صلي اللّه عليه و آله: اشتد غضب اللّه علي امرأة ذات بعل ملأت عينها من غير زوجها أو غير ذي محرم منها، فانها ان فعلت ذلك احبط اللّه عز و جل كل عمل عملته فان اوطت فراشه غيره كان حقا علي اللّه أن يحرقها بالنار بعد أن يعذبها في قبرها 3

______________________________

(1) لاحظ ص: 565

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 129 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 578

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة سندا، مضافا الي أنها تختص بذات بعل.

و منها: ما ارسله الطيرسي في (مكارم الاخلاق) عن النبي صلي اللّه عليه و آله ان فاطمة قالت له في حديث: خير للنساء ان لا يرين الرجال، و لا يراهن الرجال فقال صلي اللّه عليه و آله فاطمة مني «1» و المرسل لا اعتبار به.

و منها: ما روي عن أم سلمة قالت: كنت عند رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و عنده ميمونة فاقبل ابن أم مكتوم و ذلك بعد ان امر بالحجاب، فقال: احتجبا، فقلنا يا رسول اللّه أ ليس أعمي لا يصبرنا؟ قال أ فعمياوان انتما أ لستما تبصرانه 2 و المرسل لا اعتبار به.

و منها: ما رواه وهب، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: خلق الرجال من الأرض و انما همهم في الارض و خلقت المرأة من الرجال و انما هما في الرجال، فاحبسوا نسائكم يا معاشر الرجال 3.

و منها: ما رواه نوح ابن شعيب رفعه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام كان علي بن الحسين عليهما السلام اذا اتاه ختنه

علي ابنته أو علي اخته بسط له رداءه ثم اجلسه ثم يقول: مرحبا بمن كفي المئونة و ستر العورة 4.

و منها: ما رواه غياث بن ابراهيم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان المرأة خلقت من الرجل و انما همتها في الرجال، فاحبسوا نسائكم، و ان الرجل خلق من الأرض فانما همته في الأرض 5 و هذه الروايات اما مخدوشة سندا أو دلالة او من كلتا الناحيتين.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 129 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 3 و 4

(2) (3 و 4) الوسائل الباب 24 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 3

(3) (5) الوسائل الباب 24 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 579

يحرم النظر مع التلذذ و لو الي المماثل (1) و كذا يحرم اللمس من الرجل و المرأة لغير المماثل في غير المحارم (2) و يجوز النظر و اللمس

______________________________

(1) ادعي سيدنا الاستاد ان المدعي يستفاد من الاية الشريفة بتقريب ان المستفاد من قوله تعالي «يَغُضُّوا و يَغْضُضْنَ» النهي عن صرف كل من القبيلين عن الاخر.

و بعبارة اخري: المراد بالغض أن يقطع الرجل طمعه عن غير زوجته و ملك يمينه و علي هذا يحرم نظر الرجل الي مذكر اخر مع التلذذ و كذلك يحرم أن تنظر المرأة الي مماثلها بشهوة و عهدة هذه الدعوي علي مدعيه فلا بد من اتمام الأمر بالإجماع و التسالم.

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: هل يصافح الرجل المرأة ليست بذات محرم، فقال: لا الا من وراء الثوب «1».

و ما رواه سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد

اللّه عليه السلام عن مصافحة الرجل المرأة، قال: لا يحل للرجل أن يصافح المرأة الا امرأة يحرم عليه ان يتزوجها اخت او بنت او عمة أو خالة او بنت اخت أو نحوها، و أما المرأة التي يحل أن يتزوجها فلا يصافحها الا من وراء الثوب و لا يغمز كفها «2».

و حيث انه لا فرق بين المصافحة و غيرها يكون مقتضي القاعدة حرمة اللمس علي الاطلاق و لكن لا يخفي ان المستفاد من الحديثين حكم الرجل.

و يؤيد المدعي ما رواه مفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

كيف ماسح رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله النساء حين بايعهن؟ فقال: دعا بمركنه الذي كان يتوضأ فيه فصب فيه ماء ثم غمس فيه يده اليمني، فكلما بايع واحدة منهن قال: اغمسي يدك فتغمس كما غمس رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فكان هذا مما سحته اياهن 3.

______________________________

(1) الوسائل الباب 115 من أبواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 580

من الرجل للصبية غير البالغة و من المرأة للصبي غير البالغ مع عدم التلذذ في الجميع (1) أما مع التلذذ فانه حرام مطلقا و كذا يحرم مع التلذذ و لو الي الرجل (2).

______________________________

و ما رواه سعدان بن مسلم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: أ تدري كيف بايع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله النساء؟ قلت: اللّه اعلم و ابن رسوله اعلم، قال:

جمعهن حوله ثم دعا بتور برام فصب فيه نضوحا ثم غمس يده «الي أن قال» ثم قال: اغمسن ايديكن ففعلن فكانت يد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله

الطاهرة أطيب من أن يمس بها كف انثي ليست له بمحرم «1».

(1) كما هو مقتضي القاعدة الأولية و لا دليل علي الحرمة، نعم ربما يستدل بجملة من النصوص علي الحرمة: منها: ما رواه أبو احمد الكاهلي، و اظنني قد حضرته قال: سألته عن جارية «جويرية» خ ل» ليس بيني و بينها محرم تغشاني فاحملها و اقبلها، فقال: اذا اتي عليها ست سنين فلا تضعها علي حجرك «2».

و منها: ما رواه زرارة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا بلغت الجارية الحرة ست سنين فلا ينبغي لك أن تقبلها 3.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن يحيي الكاهلي قال: سأل محمد بن النعمان أبا عبد اللّه عليه السلام فقال له: عندي جويرية ليس بيني و بينها رحم و لها ست سنين قال: لا تضعها في حجرك 4 و لكن هذه الروايات كلها ضعيفة سندا، مضافا الي جريان السيرة الخارجية علي الخلاف.

(2) فان الحكم لعله مورد تسالم الفقهاء.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) (2 و 3) الوسائل: الباب 127 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 2

(3) (4) من لا يحضره الفقيه: ج- 3 ص: 275 باب 128 الحديث: 2.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 581

[مسألة 4: يجب علي المرأة ستر ما زاد علي الوجه و الكفين عن غير الزوج و المحارم]

(مسألة 4): يجب علي المرأة ستر ما زاد علي الوجه و الكفين عن غير الزوج و المحارم (1) بل يجب عليها ستر الوجه و الكفين عن غير الزوج حتي المحارم مع تلذذه (2) و لا يجب علي الرجل الستر مطلقا (3).

[مسألة 5: يجوز سماع صوت الأجنبية مع عدم التلذذ]

(مسألة 5): يجوز سماع صوت الاجنبية مع عدم التلذذ (4).

______________________________

(1) بلا كلام و يدل علي المدعي قوله تعالي «وَ لٰا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ» مضافا الي النصوص و الفتاوي و السيرة الخارجية، و تدل علي المدعي أيضا الروايات الواردة في حكم الْقَوٰاعِدُ مِنَ النِّسٰاءِ:

منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل «وَ الْقَوٰاعِدُ مِنَ النِّسٰاءِ اللّٰاتِي لٰا يَرْجُونَ نِكٰاحاً، ما الذي يصلح لهن أن يضعن من ثيابهن؟ قال: الجلباب «1».

و منها: ما رواه محمد بن أبي حمزة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الْقَوٰاعِدُ مِنَ النِّسٰاءِ ليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن قال: تضع الجلباب وحده 2

و منها: ما رواه حريز بن عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قرأ يضعن من ثيابهن قال: الجلباب و الخمار اذا كانت المرأة مسنة 3 فانه يستفاد من هذه الروايات ان غير الْقَوٰاعِدُ مِنَ النِّسٰاءِ لا يجوز له الكشف الا بالمقدار المستثني فلاحظ.

(2) كأن الحكم متسالم عليه بين القوم.

(3) لعدم الدليل عليه بل السيرة الخارجية تدل علي الجواز.

(4) ربما يقال بأنه لا يجوز لجملة من الروايات: منها: ما رواه مسعدة ابن

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل: الباب 110 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 3

(2) (3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 582

[الفصل الثاني في الأولياء]

اشارة

الفصل الثاني في الاولياء انما الولاية للأب و ان علا و وصيه و الحاكم فالاب علي الصغيرين (1).

______________________________

صدقة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: لا تبدءوا النساء بالسلام و لا تدعوهن الي الطعام، فان النبي صلي اللّه عليه و آله قال: النساء عي و

عورة فاستروا عيهن بالسكوت و استروا عوراتهن بالبيوت «1».

و منها: ما رواه غياث بن ابراهيم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: لا تسلم علي المرأة «2».

و منها: ما رواه ربعي بن عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يسلم علي النساء و يرددن عليه و كان امير المؤمنين عليه السلام يسلم علي النساء و كان يكره أن يسلم علي الشابة منهن و يقول: اتخوف أن يعجبني صوتها فيدخل علي اكثر مما طلبت من الاجر 3.

و فيه: انه لا يستفاد منها عدم الجواز، نعم يمكن أن يقال ان المستفاد من حديث ربعي الكراهة في الجملة فلا مجال للالتزام بالحرمة فان السيرة من صدر الأول جارية علي مكالمة الرجال مع النساء فلا تصل النوبة الي الأصل كي يقال ان مقتضاه الجواز أيضا، فلاحظ.

(1) قال سيد المستمسك (قده) «ثبوت الولاية لهما في الجملة من القطعيات المدعي عليه الاجماع و النصوص و الفتاوي شاهدة بذلك»، انتهي و تدل علي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 131 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1.

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 583

و المجنونين البالغين كذلك (1) و لا خيار لهما بعد زوال الوصفين (2).

______________________________

المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه محمد بن مسلم «1».

و منها: ما رواه هشام بن سالم و محمد بن حكيم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا زوج الأب و الجد كان التزويج للأول، فان كانا جميعا في حال واحدة فالجد أولي «2».

و منها: ما روي عن ابن بزيع قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصبية يزوجها أبوها ثم

يموت و هي صغيرة فتكبر قبل أن يدخل بها زوجها يجوز عليها التزويج أو الأمر اليها؟ قال: يجوز عليها تزويج ابيها «3».

و منها: ما رواه ابن الصلت «4» و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الصبي يتزوج الصبية يتوارثان؟ فقال: اذا كان ابواهما اللذان زوجاهما فنعم، قلت: فهل يجوز طلاق الأب؟ قال: لا «5».

(1) الظاهر انه لا خلاف بينهم و الحكم اجماعي، و استدل عليه السيد الحكيم (قده) بالاستصحاب أيضا و يرد عليه ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم جعل الزائد، مضافا الي اشكال تغيير الموضوع و عدم بقائه كما عن الجواهر.

(2) الخيار يحتاج الي الدليل و لولاه يكون العقد باقيا بحاله و لا ينفسخ بالفسخ و ان شئت قلت: ادلة نفوذ تزويج الولي يقتضي نفوذ عقده علي الاطلاق فلا اثر للفسخ مضافا الي عدة نصوص تدل علي نفوذ عقد الولي بعد فرض صيرورة

______________________________

(1) لاحظ ص: 541

(2) الوسائل: الباب 11 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 3

(3) الوسائل: الباب 6 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث 1.

(4) لاحظ ص: 538

(5) الوسائل الباب 12 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 584

______________________________

الصغير كبيرا.

لاحظ ما رواه ابن بزيع «1» و لاحظ ما رواه ابن الصلت «2» فان المستفاد من الحديثين نفوذ العقد بعد زوال الصغر و انه لا خيار له بعد كبره كما ان مقتضي اطلاق نصوص كثيرة ذلك لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «3».

و لاحظ ما رواه الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الغلام له عشر سنين فيزوجه أبوه في صغره أ يجوز طلاقه و هو

ابن عشر سنين؟ قال: فقال: اما تزويجه فهو صحيح، و أما طلاقه فينبغي أن تحبس عليه امرأته حتي يدرك فيعلم انه كان قد طلق فان اقر بذلك و امضاه فهي واحدة بائنة و هو خاطب من الخطاب و ان انكر ذلك و أبي أن يمضيه فهي امرأته قلت: فان ماتت أو مات قال: يوقف الميراث حتي يدرك ايهما بقي ثم يحلف باللّه ما دعاه الي أخذ الميراث الا الرضا بالنكاح، و يدفع اليه الميراث «4».

و لاحظ ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يزوج ابنه و هو صغير؟ قال: ان كان لابنه مال فعليه المهر، و ان لم يكن للابن مال فالأب ضامن المهر ضمن أو لم يضمن «5».

و في المقام حديثان يستفاد منهما خلاف المدعي: احدهما: ما رواه الكناسي «6» و هذه الرواية ضعيفة سندا.

ثانيهما: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الصبي

______________________________

(1) لاحظ ص: 583

(2) لاحظ ص: 541

(3) لاحظ ص: 583

(4) الوسائل: الباب 11 من ابواب ميراث الازواج الحديث: 4

(5) الوسائل: الباب 28 من ابواب المهور الحديث: 1

(6) لاحظ ص: 538

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 585

الا اذا كان العقد حين وقوعه مفسدة عند العقلاء فلا يصح (1).

______________________________

يزوج الصبية، قال: ان كان ابواهما اللذان زوجاهما فنعم جائز، و لكن لهما الخيار اذا ادركا فان رضيا بعد ذلك فان المهر علي الأب قلت له: فهل يجوز طلاق الأب علي ابنه في صغره؟ قال: لا «1».

و هذه الرواية تامة سندا و لكن الأصحاب لم يعملوا بمفادها و الشيخ (قده) حملها علي جواز الطلاق بعد البلوغ و طلب المهر او الطلاق بعده فان تم الاجماع

التعبدي الكاشف علي خلاف الرواية فهو و الا فيشكل رفع اليد عن الرواية و لذا احتاط الماتن بعد اسطر، فلاحظ.

هذا بالنسبة الي الصغير و أما بالنسبة الي المجنون فالالتزام بعدم الخيار له بعد الافاقة مشكل اذ لا دليل علي الولاية عليه الا الاجماع و الاتفاق فلا بد من تمامية الاجماع الكاشف علي عدم ثبوت الخيار و لا تصل النوبة الي الأصل و استصحاب بقاء الزوجية بعد الفسخ معارض كما ذكرناه مرارا.

(1) ادعي عليه الاتفاق و عدم الخلاف و يمكن أن يستدل علي المدعي بما رواه ابو حمزة الثمالي «2» بتقريب ان اطلاق قوله عليه السلام ان اللّه لٰا يُحِبُّ الْفَسٰادَ يشمل النكاح، و ان قلت انه يختص بالتصرف المالي و الرواية ناظرة اليه قلت تدل علي المقام بالاولوية.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه عبيد بن زرارة «3» فان المستفاد من الرواية اختصاص الحكم بمورد عدم الضرر و لكن قد فرض في مورد الرواية كونه مضارا فلا يستفاد المدعي من الرواية.

و يدل عليه أيضا ما رواه الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 8.

(2) لاحظ ص: 543

(3) لاحظ ص: 541

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 586

الا بالاجازة بعد البلوغ و العقل (1) نعم اذا زوج الابوان الصغيرين ولاية فالعقد و ان كان صحيحا الا ان في لزومه عليهما بعد بلوغهما اشكالا فالاحتياط لا يترك (2) و لا يبعد ولاية الاب علي من جن بعد بلوغه (3).

______________________________

قال: ان الجد اذا زوج ابنة ابنه و كان ابوها حيا و كان الجد مرضيا جاز، قلنا: فان هوي أبو الجارية هوي، و هوي الجد هوي و

هما سواء في العدل و الرضا، قال:

احب إلي أن ترضي بقول الجد «1» و فيه ان المستفاد من الحديث لزوم كون الجد مرضيا و لا يستفاد من الحديث عدم كون العقد ذا مفسدة.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بقاعدة لا ضرر علي ما هو المقرر عند القوم من حكومتها علي ادلة الأحكام فان مقتضي تلك القاعدة عدم صحة العقد الضرري فالنتيجة ان الولاية لهما فيما لا يكون التزويج مضرا بحال الصغير.

و لكن يمكن الانتقاض بعدم التزامهم بالبطلان في مورد الغبن في باب البيع فان مقتضي القاعدة المذكورة بطلان العقد اذا كان احد المتعاقدين مغبونا و الأصحاب لم يلتزموا به بل قائلون بالخيار الا أن يقال ان القاعدة امتنانية و الحكم بالفساد خلاف الامتنان، فتأمل.

(1) فان بناء الأصحاب علي صحة الفضولي بالاجازة مضافا الي النص الخاص الوارد في المقام، لاحظ ما رواه ابو عبيدة «2».

(2) قد ظهر وجه الاشكال مما تقدم و قلنا ان الخيار مقتضي النص الوارد لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «3».

(3) يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الوجه الاول ما رواه زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا كانت المرأة مالكة امرها تبيع و تشتري و تعتق

______________________________

(1) الوسائل: الباب 11 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 544

(3) لاحظ ص: 584

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 587

______________________________

و تشهد و تعطي من مالها ما شاءت فان أمرها جائز تزوج ان شاءت بغير اذن وليها و ان لم تكن كذلك فلا يجوز تزويجها الا بامر وليها «1».

بتقريب ان الولي الأب و الجد، و فيه ان السند ضعيف فلا أثر للرواية الوجه الثاني: ان السيرة القطعية قائمة علي قيام الأب و الجد بادارة

شئون المجنون و المجنونة في النكاح و غيره من دون ان يثبت ردع عنها و فيه: ان اثبات السيرة المتصلة بزمانهم في غاية الاشكال بل تحقق السيرة المدعاة مورد الكلام و الاشكال

الوجه الثالث: قوله تعالي «إِلّٰا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكٰاحِ وَ أَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْويٰ» «2» فانه يستفاد من هذه الاية الشريفة بضميمة النصوص المفسرة ان المراد من الذي بيده عقدة النكاح الأب و الجد و الأخ منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الذي بيده عقدة النكاح هو ولي امرها «3»

و منها: ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الذي بيده عقدة النكاح، قال: هو الأب و الأخ و الرجل يوصي اليه، و الذي يجوز امره في مال المرأة فيبتاع لها و يشتري فأي هؤلاء عفا فقد جاز 4.

و منها: ما روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام في قوله: «إِلّٰا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكٰاحِ» قال: هو الذي يعفوا عن بعض الصداق أو يحطون عنه بعضه أو كله 5.

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت جعفر بن محمد عليهما السلام عن قول اللّه: «إِلّٰا أَنْ يَعْفُونَ» قال: المرأة تعفوا عن نصف الصداق، قلت «أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح، قال: أبوها اذا عفا جاز له، و أخوها اذا كان يقيم

______________________________

(1) الوسائل: الباب 9 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 6.

(2) البقرة/ 237.

(3) (3 و 4) الوسائل: الباب 8 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 2 و 4

(4) (5) الوسائل الباب 52 من أبواب المهور

الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 588

______________________________

بها و هو القائم عليها فهو بمنزلة الأب يجوز له، و اذا كان الأخ لا يهتم بها و لا يقوم عليها لم يجز عليها امره «1».

غاية الأمر ترفع اليد عن النص بالنسبة الي الأخ لعدم ولايته، و يبقي الجد و الأب تحت النصوص، و لا يخفي ان المذكور في النصوص الأب و الأخ و لم يذكر فيها الجد الا أن يقال بعدم الفصل بين الأب و الجد أو يقال ان المذكور في حديث ابن سنان «2» عنوان الولي، و الجد ولي.

و لقائل أن يقول: من اين ثبت ولاية الجد و الحكم لا يثبت موضوع نفسه كما هو ظاهر.

الوجه الرابع: انه قد دلت جملة من النصوص علي ولاية الأب أو الوالد علي نكاح ولده علي الاطلاق لاحظ ما رواه ابن جعفر «3» فان مقتضي هذه الرواية ان امر نكاح الولد بيد والده علي الاطلاق فبالمقدار الخارج قطعا نرفع اليد و في الباقي نأخذ بها، و المقام من موارد الأخذ اذ لا دليل علي عدم ولاية الوالد.

الوجه الخامس: ما رواه أبو خالد القماط قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام الرجل الأحمق الذاهب العقل يجوز طلاق وليه عليه؟ قال: و لم لا يطلق هو؟

قلت: لا يؤمن ان طلق هو أن يقول غدا: لم أطلق، أو لا يحسن أن يطلق قال:

ما اري وليه الا بمنزلة السلطان «4».

بتقريب ان المستفاد من الرواية ان الولي له الولاية علي الطلاق كالسلطان

______________________________

(1) الوسائل: الباب 52 من ابواب المهور الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 587

(3) لاحظ ص: 537

(4) الوسائل: الباب 35 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 589

علي اشكال (1) فالاحوط الاستجازة

من الحاكم الشرعي أيضا (2) و لا ولاية للأب علي البالغ الرشيد (3).

______________________________

و اذا ثبت الولاية علي الطلاق ثبت ولايته علي النكاح بالاولوية اذ الطلاق اهم و اعظم هذا من ناحية و من ناحية اخري ان وليه أبوه فانه الذي يباشر اموره.

و ان ابيت عن الاولوية نقول: المستفاد من الحديث ان وليه بمنزلة السلطان و هو الامام المعصوم عليه السلام و حيث ان الامام عليه السلام له الولاية المطلقة في جميع الامور يكون وليه كذلك فكما ان نكاح الامام عليه السلام صحيح كذلك نكاح وليه، فلاحظ.

(1) فإنّه قد وقع مورد الاشكال في كلام الأصحاب من باب عدم ورد نص خاص فيه.

(2) من باب أن الجمع بين الأمرين لا يبقي اشكالا اذ الأمر دائر بين الولي و الحاكم.

(3) بلا اشكال و لا خلاف كما في كلام بعض و عن كشف اللثام اجماعا منا و من العامة و السيرة الخارجية شاهدة علي المدعي.

و صفوة القول: انه لا مجال للإشكال و الكلام و ان كان للأب ولاية علي البالغ الرشيد لكان ظاهرا و واضحا، اضف الي ذلك بعض النصوص الدال علي المدعي لاحظ ما رواه الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

اذا زوج الرجل ابنه فذاك الي ابنه «الي أبيه» و اذا زوجت الابنة جاز «1» و ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: اني اريد أن اتزوج امرأة و ان ابوي أرادا أن يزوجاني غيرها فقال: تزوج الذي هويت ودع التي

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 590

و لا علي البالغة الرشيدة (1).

______________________________

«الذي» يهوي

أبواك «1» و ما رواه ابان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا زوج الرجل ابنه كان ذلك الي ابنه و اذا زوج ابنته جاز ذلك «2».

(1) عن جامع المقاصد اتفاق علمائنا عليه، و عن المسالك انه لا خلاف بين اصحابنا في سقوط الولاية عنها الا ما نقل عن الحسن ابن أبي عقيل من بقاء الولاية و هو شاذ، و عن رسالة الشيخ الأعظم (قده) دعوي اتفاق النص و الفتوي عليه.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص.

منها: ما رواه عبد الخالق قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة الثيب تخطب الي نفسها قال: هي املك بنفسها تولي من شاءت اذا كان كفوا بعد أن تكون قد نكحت زوجا قبل ذلك «3».

و منها ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في المرأة الثيب تخطب الي نفسها قال: هي أملك بنفسها تولي أمرها من شاءت اذا كان كفوا بعد أن تكون قد نكحت رجلا قبله «4».

و منها: ما رواه فضل بن عبد الملك و الحلبي «5».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الثيب تخطب الي نفسها؟ قال: نعم هي أملك بنفسها تولي امرها من شاءت اذا كانت قد تزوجت زوجا قبله «6».

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب عقد النكاح و اوليا العقد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل: الباب 3 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 2.

(4) نفس المصدر: الحديث 4

(5) لاحظ ص: 537

(6) المصدر السابق الحديث: 21.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 591

عدا البكر فان الاحوط لزوما في تزويجها اعتبار اذن الاب و اذنها معا كما

مر (1) و يكفي في اثبات اذنها سكوتها (2) الا اذا كانت هناك قرينة علي عدم الرضا (3) و اذا زالت بكارتها بغير الوطي فهي بمنزلة البكر (4) بخلاف

______________________________

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة «1».

(1) و قد مر شرح ما أفاده و بيان ما هو المختار فراجع.

(2) لجملة من الروايات: منها ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر قال:

قال أبو الحسن عليه السلام: في المرأة البكر اذنها صماتها، و الثيب أمرها، اليها «2».

و منها ما رواه داود بن سرحان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل يريد أن يزوج اخته قال: يؤامرها فان سكتت فهو اقرارها و ان ابت لم يزوجها 3.

و منها: ما رواه داود بن سرحان «سليمان خ ل» عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل يريد أن يزوج اخته، قال: يؤامرها فان سكتت فهو اقرارها و ان ابت لم يزوجها، فان قالت: زوجني فلانا زوجها ممن ترضي، و اليتيمة في حجر الرجل لا يزوجها الا برضاها 4 فان مقتضي هذه النصوص ان الشارع الأقدس جعل سكوتها امارة علي اذنها.

(3) اذ من الواضح ان الامارة انما تؤثر فيما لا يكون دليل علي خلافها و أما مع كشف الخلاف فلا أثر للأمارة كما هو ظاهر.

(4) الحكم رتب علي البكر و البكر فسر في اللغة بالتي لم تمس فاللازم تحقق الدخول و المس و الا لا يصدق عليه عنوان الثيب.

______________________________

(1) لاحظ ص: 537

(2) (2 و 3) الوسائل: الباب 5 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 1 و 2.

(3) (4) الوسائل: الباب 3 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 3.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 592

ما اذا زالت بالوطي

شبهة أو زنا علي الاظهر (1) و للوصي أيضا ولاية

______________________________

و ربما يستدل علي المدعي بقوله تعالي «فَجَعَلْنٰاهُنَّ أَبْكٰاراً» «1» بضميمة قوله تعالي «لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَ لٰا جَانٌّ» «2» و لكن الظاهر انه لا يمكن اتمام المدعي بهما اذ المستفاد من الآيتين انهن ابكار و انه لم يحصل المس معهن لا من الانس و لا من الجن و لا يستفاد من الآيتين ان البكارة باقية ما دام لا يحصل المس.

و لكن يمكن اثبات المدعي ببعض النصوص لاحظ ما رواه ابن جعفر «3» فان المستفاد من هذه الرواية ان الميزان في ارتفاع الولاية هو الدخول فلا أثر بازالة العذرة بغير الدخول.

(1) فان المستفاد من حديث ابن جعفر «4» ان الولاية تزول بالدخول مطلقا و في المقام روايات تدل علي اشتراط السقوط بالنكاح فلا أثر للدخول اذا كان شبهة أو بالزنا.

و منها: ما رواه عبد الخالق «5» و هذه الرواية ضعيفة بعبد الخالق فانه لم يوثق و منها: ما رواه عبد الرحمن «6» و هذه الرواية ضعيفة بقاسم قال سيدنا الاستاد:

انه مشترك بين الثقة و الضعيف.

و منها: ما رواه الحلبي «7» و مقتضي هذه الرواية ان انقطاع الولاية بالتزويج و مقتضي حديث ابن جعفر ان الميزان بالدخول فلو تحقق الدخول بالزنا

______________________________

(1) الواقعة/ 36.

(2) الرحمن/ 56.

(3) لاحظ ص: 537

(4) لاحظ ص: 537

(5) لاحظ ص: 590

(6) لاحظ ص: 590

(7) لاحظ ص: 590

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 593

النكاح علي الصبي اذا نص عليه الموصي (1).

______________________________

يكون مورد التعارض بين الجانبين و الترجيح مع حديث ابن جعفر للأحدثية كما انه لو قلنا بتساقطهما بالتعاريض تصل النوبة الي الأخذ بدليل جواز تزويج الثيب بدون اذن الولي، فلاحظ.

(1) ما يمكن أن يستدل به

علي المدعي وجوه: الوجه الاول: قوله تعالي «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوٰالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَي الْمُتَّقِينَ» «1» بتقريب ان صدر الاية و ان كان راجعا الي الوصية بالمال و لكن ذيلها مطلق و مقتضي اطلاق الذيل عدم الاختصاص بالمال بل الاعم فان قوله تعالي «فَمَنْ خٰافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلٰا إِثْمَ عَلَيْهِ» «2»، يقتضي باطلاقه نفوذ الوصية الا فيما كان جنفا و ميلا عن الحق.

و لكن الانصاف ان استفادة الاطلاق من ذيل الاية الشريفة مشكلة و بعض النصوص الواردة في شرحها ناظرة الي الوصية المالية لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل أوصي بماله في سبيل اللّه قال اعطه لمن أوصي له به و ان كان يهوديا أو نصرانيا ان اللّه عز و جل يقول: فمن بد له بعد ما سمعه فانما اثمه علي الذين يبدلونه «3».

الوجه الثاني قوله تعالي «قُلْ إِصْلٰاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَ إِنْ تُخٰالِطُوهُمْ فَإِخْوٰانُكُمْ» «4» بتقريب ان النكاح لو كان لهم صلاح يصدق عنوان الاصلاح عليه فيجوز.

و يمكن أن يرد علي هذا الاستدلال بأن الاية لا تكون في مقام تشريع القدرة بل في مقام الحث علي المقدور و الا فأي فرق بين الوصي و الأجنبي؟ و ان شئت قلت: لا يمكن اثبات الولاية علي اليتيم بالآية.

______________________________

(1) البقرة/ 180.

(2) البقرة 182

(3) الوسائل الباب 32 من احكام الوصايا الحديث: 1

(4) البقرة/ 220

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 594

______________________________

الوجه الثالث: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل أوصي الي رجل بولده و بمال لهم و اذن له عند

الوصية أن يعمل بالمال و أن يكون الربح بينه و بينهم، فقال: لا بأس به من اجل ان اباه قد اذن له في ذلك و هو حي «1» بتقريب ان المستفاد من الرواية جواز الوصية بالمضاربة و يستفاد من جوابه عليه السلام ان الميزان في نفوذ الوصية جواز ذلك الأمر بالنسبة الي الأب حيث قال عليه السلام «لا بأس به من اجل ان اباه قد اذن له في ذلك و هو حي» فيعلم ان كل امر يكون جائزا في حال حياته يجوز الايصاء به لما بعد الوفاة و حيث ان النكاح أمره بيده في حال الحياة فيجوز الايصاء به و هذه الرواية ضعيفة بحسن بن علي و قد عبر عنها سيدنا الاستاد بالصحيحة.

و في المقام رواية اخري رواها خالة «ابن بكير خ» الطويل قال: دعاني أبي حين حضرته الوفاة فقال: يا بني اقبض مال اخوتك الصغار و اعمل به، و خذ نصف الربح و اعطهم النصف، و ليس عليك ضمان فقد متني أم ولد أبي بعد وفاة أبي الي ابن أبي ليلي، فقالت: ان هذا يأكل اموال ولدي، قال: فاقتصصت عليه ما أمرني به ابي، فقال لي ابن أبي ليلي ان كان أبوك أمرك بالباطل لم أجزه، ثم اشهد علي ابن أبي ليلي ان انا حركته فأنا له ضامن، فدخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقصصت عليه قصتي، ثم قلت له: ما تري؟ فقال: أما قول ابن أبي ليلي فلا استطيع رده، و أما فيما بينك و بين اللّه عز و جل فليس عليك ضمان «2» يستفاد منها أيضا جواز الوصية بالمضاربة، و لكن سندها مخدوش بخالد مضافا الي أنها خالية عن التعليل.

الوجه الرابع:

انه قد فسر في بعض النصوص من بيده عقد النكاح و من

______________________________

(1) الوسائل الباب 92 من احكام الوصايا الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 92 من احكام الوصايا الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 595

______________________________

جملتهم الوصي، لاحظ حديث أبي بصير و محمد بن مسلم «1».

و لاحظ حديث سماعة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل:

«وَ إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَ قَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مٰا فَرَضْتُمْ إِلّٰا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكٰاحِ» قال: هو الأب أو الأخ أو الرجل يوصي اليه، و الذي يجوز امره في مال المرأة فيبتاع لها فتجيز «و يتجر- يه» فاذا عفا فقد جاز «2» فانه لو أوصي الميت بالنكاح بالنسبة الي ولده يكون الوصي له الولاية بمقتضي النص و الظاهر ان هذا الوجه تام للاستدلال به علي المدعي.

و في المقام حديثان يستفاد منهما عدم الجواز: احدهما: ما رواه اسماعيل ابن بزيع قال: سأله رجل عن رجل مات و ترك اخوين و ابنة و البنت صغيرة فعمد احد الاخوين الوصي فزوج الابنة من ابنه ثم مات ابو الابن المزوج، فلما ان مات قال الاخر: اخي لم يزوج ابنه فزوج الجارية من ابنه، فقيل للجارية: اي الزوجين احب إليك الاول او الاخر؟ قالت: الاخر، ثم ان الاخ الثاني مات و للأخ الأول ابن اكبر من الابن المزوج، فقال للجارية: اختاري ايهما احب إليك الزوج الأول أو الزوج الاخر، فقال: الرواية فيها انها للزوج الأخير، و ذلك انها قد كانت ادركت حين زوجها و ليس لها أن تنقض ما عقدته بعد ادراكها «3» بتقريب انه فرض في الرواية ان الوصي زوج الجارية من ابنه

و مع ذلك جعلها للزوج الأخير فلا ولاية للوصي.

و يمكن أن يجاب علي الاستدلال بأنه لم يفرض في هذه الرواية كون الابن

______________________________

(1) لاحظ ص: 587 و الوسائل الباب 8 من أبواب مقدمات النكاح و اولياء العقد الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 52 من ابواب المهور الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 8 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 596

و كذا علي المجنون (1).

______________________________

الأكبر وصيا في النكاح بخلاف النصوص المفسرة لمن بيده عقدة النكاح فان المستفاد من تلك النصوص و لو بملاحظة مناسبة الحكم و الموضوع ان الوصي وصي في النكاح فلا تعارض بين الطرفين.

و ان شئت قلت: ان حديث ابن بزيع يشمل الوصي في النكاح بالاطلاق فان الوصي الوارد في الحديث مطلق فيمكن أن يكون وصيا في خصوص النكاح و يمكن كونه وصيا في خصوص غير النكاح و يمكن كونه وصيا علي الاطلاق و حيث انه اعم من هذه الجهات يكون قابلا لأن يقيد بما عارضه فان كون الوصاية في النكاح قطعي، فلاحظ.

ثانيهما: ما رواه محمد بن مسلم «1» بتقريب ان المستفاد من الرواية ان تزويج غير الأب لا اثر له و اجيب عن الاستدلال بأن ذكر الأب من باب كونه وليا لا لخصوصية فيه و الا فلا اشكال في الولاية للجد و لم يذكر في الرواية فلا تعارض بين الطرفين.

و فيه: انه خلاف الظاهر و كون الجد ذا ولاية يقتضي تخصيص الرواية بدليل كون الجد وليا أيضا فهذا الجواب غير تام فيقال في الجواب عن الاشكال ان دلالة الرواية علي عدم ولاية الوصي بالاطلاق و قابل لأن يقيد بدليل صحة الوصاية و بعبارة اخري: قد علم من نصوص تفسير من

بيده عقدة النكاح ان الوصي في النكاح له الولاية فتقيد حديث محمد بن مسلم بتلك النصوص.

و مما ذكرنا ظهر الجواب عن الاستدلال بحديث أبي عبيدة «2» فان غاية دلالته علي نفي الولاية بالاطلاق و الاطلاق قابل للتقييد، فلاحظ.

(1) فان مقتضي نفوذ الوصية نفوذها في المقام كما ان مقتضي تفسير من بيده

______________________________

(1) لاحظ ص: 583

(2) لاحظ ص: 544

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 597

و اضطر الي التزويج (1) و الاحوط استئذان الحاكم (2) و للحاكم الولاية علي المجنون اذا لم يكن له ولي مع ضرورته الي التزويج و في ولايته علي الصبي في ذلك اشكال و الاظهر الجواز مع ضرورته اليه (3).

______________________________

عقدة النكاح بالوصي جواز نكاح الوصي كما تقدم بالنسبة الي الصغير طابق النعل بالنعل

(1) عن الشرائع: «للوصي أن يزوج من بلغ فاسد العقل اذا كان به ضرورة الي النكاح» و نحوه عن القواعد و عن المسالك يظهر منهما عدم الخلاف في هذه الصورة يعني صورة ما اذا بلغ فاسد العقل و عن الجواهر نفي بعضهم الخلاف عن ثبوتها في ذلك و المقام محل الاشكال اذ دليل الولاية اذا كان هو الاجماع فلا بد من الاقتصار علي صورة تحقق البلوغ في حال فساد العقل بالاضافة الي الضرورة الي النكاح و لا مجال للتعدي، مضافا الي الاشكال في الاستدلال بهذه الاجماعات.

و لقائل أن يقول: بأي وجه نلتزم بولاية الوصي فانه مع فرض الضرورة تصل النوبة الي الحاكم الشرعي من باب كونه ذا ولاية بالنسبة الي الامور الحسبية و مع عدمه تصل النوبة الي العدول و الي جميع المكلفين و ان كان المدرك ما تقدم من اطلاق الاية و كون الوصي من أفراد من بيدهم عقدة النكاح فلا وجه

للتقييد بصورة الضرورة و كيف كان الالتزام بثبوتها للوصي فرع وجود الولاية للأب اذ مع عدمها لا مجال للإيصاء بها فلاحظ.

(2) قد ظهر وجهه فان المقام محل الكلام و الاشكال فيكون مورد الاحتياط بالنحو المذكور.

(3) اذ مع الضرورة يكون تزويجه من الامور التي لا بد من تصديها و القدر المتيقن هو الحاكم الشرعي فاذا فرضت الضرورة و لم يكن له ولي تصل النوبة الي الحاكم و عين هذا البيان جارية في الصغير.

و وجه الاشكال عدم الدليل علي ولاية الحاكم و تحقق الولاية علي خلاف

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 598

و أما السفيه ففي صحة تزويجه اشكال (1) فالاحوط أن لا ينكح الا باذن الاب ان كان و الا فالحاكم (2) و اذا كان رشيدا في المال

______________________________

الأصل الأولي و لكن ظهر مما تقدم انه مع الضرورة و عدم الولي يكون للحاكم التصدي.

(1) يستفاد من حديث أبي الحسين الخادم بياع اللؤلؤ- عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله أبي و أنا حاضر عن اليتيم متي يجوز امره؟ قال: حتي يبلغ أشده قال. و ما أشده؟ قال: احتلامه، قال: قلت: قد يكون الغلام ابن ثمان عشرة سنة أو أقل أو اكثر و لم يحتلم، قال: اذا بلغ و كتب عليه الشي ء «و نبت عليه الشعر ظ» جاز عليه الا أن يكون سفيها أو ضعيفا «1» عدم جواز نكاحه فان مقتضي اطلاق الحديث ان البالغ اذا كان سفيها أو ضعيفا لا يجوز أمره علي الاطلاق فلا يجوز نكاحه.

و لكن هذه الرواية ضعيفة سندا و عليه لا مانع من تزويجه اذا لم يستلزم التصرف في ماله، الا أن يقال ان مقتضي حديث الفضلاء «2» ان المرأة السفيهة لا يجوز نكاحها

بدون الولي و بعدم القول بالفصل بين المرأة و الرجل نلتزم ان نكاح الرجل السفيه أيضا غير جائز الا مع اذن الولي، فتأمل.

(2) قد ذكرنا ان مقتضي بعض النصوص ان امر تزويج الولد بيد والده لاحظ ما رواه ابن جعفر «3» فان مقتضي هذا الحديث ان امر ازدواج الولد بيد والده خرج منه من خرج و بقي الباقي فالولاية مع وجوب الأب مع الأب و مع عدمه ينتقل الي الحاكم فانه الولي العام هذا بالنسبة الي السفيه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب احكام الحجر الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 542

(3) لاحظ ص: 537

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 599

غير رشيد في التزويج فالاحوط له الاستئذان من الحاكم في تزويجه (1) و للمولي الولاية علي مملوكه ذكرا كان أم انثي مطلقا (2) و لو زوج الولي الصغيرين توارثا (3) و لو كان المزوج غيره وقف علي الاجازة فان مات احدهما قبل البلوغ بطل و ان بلغ احدهما و أجاز ثم مات

______________________________

و أما بالنسبة الي السفيهة فيمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه الفضلاء «1»

و الظاهر انه يشترط ولاية الحاكم بضرورة التزويج و الا فلا اري وجها لولايته فان ولايته من باب الحسبة.

(1) فان مقتضي اطلاق حديثي ابن جعفر «2» و الفضلاء «3» عدم الفرق بين كونه رشيدا في المال و عدمه و لكن الذي يخطر بالبال ان مقتضي الظاهر أو الاحتياط تقديم ولاية الأب مع وجوده علي الحاكم و مع عدمه تصل النوبة اليه، و الظاهر من المتن خلافه و اللّه العالم.

(2) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يجوز للعبد تحرير و لا تزويج و لا اعطاء في ماله الا

باذن مولاه «4» و لاحظ أيضا ما رواه أبو العباس قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الامة تتزوج بغير اذن اهلها، قال:

يحرم ذلك عليها و هو الزنا 5.

و في الاستدلال علي المدعي بالحديثين اشكال اذ المستفاد منهما اشتراط اذن المولي في التزويج و أما استقلاله فيه فلا الا أن يقال: ان المسألة اتفاقية بين القوم و الذي يهون الخطب عدم كونها مورد الابتلاء في هذه الأزمنة.

(3) كما هو مقتضي القاعدة فان الزوجية اذا تحققت يترتب عليها الارث من

______________________________

(1) لاحظ ص: 542

(2) لاحظ ص: 537

(3) لاحظ ص: 542

(4) (4 و 5) الوسائل الباب 17 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 600

احلف الثاني بعد بلوغه علي انتفاء الطمع اذا احتمل كون اجازته طمعا في الميراث فاذا حلف علي ذلك ورث و الا فلا (1).

[مسألة 1: كما يصح عقد الفضولي في البيع يصح في النكاح]

(مسألة 1): كما يصح عقد الفضولي في البيع يصح في النكاح فاذا عقد شخص لغيره من دون اذنه فاجاز المعقود له صح العقد و اذا لم يجر بطل (2) و اذا و كلت المرأة شخصا علي تزويجها لم يصح

______________________________

الطرفين.

(1) لاحظ ما رواه أبو عبيدة «1» فانه يستفاد التفصيل المذكور من الرواية و لكن قد ذكر في المقام امران: احدهما انه قد ذكر في الرواية ان الولي زوجهما و الفتوي لا تكون كذلك.

ثانيهما: انه فرض موت الزوج و الأصحاب عمموا الحكم بالنسبة الي كليهما.

و اجيب عن الاشكال الأول بأن المراد من الولي الولي العرفي و لذا حكم بصحة التزويج في ذيل الرواية اذ كان المزوج الأبوان، و عن الثاني باتفاق الاصحاب و الاجماع علي عدم الفرق، فلاحظ.

(2) يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الوجه

الاول: صحة الفضولي بالاجازة علي طبق القاعدة الأولية الجارية في جميع العقود بتقريب انه بالاجازة ينتسب العقد الي المجيز و يصير عقدا له فيترتب عليه الاثر.

و قد اوردنا في هذا التقريب في بحث البيع الفضولي و قلنا ان صحة الفضولي بالاجازة تحتاج الي دليل خاص و لا تتم بالقاعدة و التفصيل موكول الي ذلك الباب.

الوجه الثاني: ما ورد من التعليل في تزويج العبد بدون اذن سيده لاحظ ما

______________________________

(1) لاحظ ص: 544

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 601

______________________________

رواه زرارة «1» بتقريب ان مقتضي عموم العلة جواز الفضولي في النكاح بل جواز الفضولي علي الاطلاق اذ المستفاد من التعليل ان المناط في الفساد معصية اللّه تعالي و أما اذا لم تكن معصية له تعالي بل معصية للخلق يصح ما وقع بالاجازة المتأخرة ممن بيده الأمر كالمولي في نكاح العبد.

و يشكل بأن المستفاد من الرواية ان نكاح العبد يصح باجازة المولي و بعموم العلة نتعدي الي غير النكاح من بقية عقوده و ايقاعاته و أما التعدي الي مطلق الفضولي فلا وجه له.

و ان شئت قلت: مقتضي التعدي بعموم العلة أن يقال: ان العبد اذ عقد عقدا أو أوقع ايقاعا و لم يكن معصية له تعالي يصح باجازة مولاه و هل يمكن التعدي من اثبات حكم بالنسبة الي العبد الي غيره، فلاحظ.

نعم لا يبعد أن يستفاد صحة البيع الفضولي بالاجازة من حديث محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضي في وليدة باعها ابن سيدها و ابوه غائب فاشتراها رجل فولدت منه غلاما، ثم قدم سيدها الاول فخاصم سيدها الأخير فقال هذه وليدتي باعها ابني بغير اذني، فقال خذ وليدتك و ابنها، فناشده المشتري فقال: خذ ابنه يعني

الذي باع الوليدة حتي ينفذ لك ما باعك، فلما اخذ البيع الابن قال ابوه: ارسل ابني فقال: لا ارسل ابنك حتي ترسل ابني، فلما رأي ذلك سيد الوليدة الاول اجاز بيع ابنه «2» و لكن الحق استفادة صحة الفضولي بالاجازة من حديث زرارة بتقريب عموم العلة، فلاحظ.

الوجه الثالث النصوص الواردة في الموارد المختلفة الدالة علي جواز الفضولي في النكاح، منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام

______________________________

(1) لاحظ ص: 545

(2) الوسائل: الباب 88 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 602

______________________________

انه سأله عن رجل زوجته امه و هو غائب، قال: النكاح جائز ان شاء المتزوج قبل و ان شاء ترك فان ترك المتزوج تزويجه فالمهر لازم لأمه «1» و منها ما رواه زرارة «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل تزوج عبده «امرأة» بغير اذنه فدخل بها ثم اطلع علي ذلك مولاه، قال: ذاك لمولاه ان شاء فرق بينهما، و ان شاء اجاز نكاحهما فان فرق بينهما فللمرأة ما أصدقها، الا أن يكون اعتدي فاصدقها صداقا كثيرا، و ان اجاز نكاحه فهما علي نكاحهما الاول، فقلت: لأبي جعفر عليه السلام: فان اصل النكاح كان عاصيا، فقال أبو جعفر عليه السلام: انما اتي شيئا حلالا و ليس بعاص للّه انما عصي سيده و لم يعص اللّه، ان ذلك ليس كإتيان ما حرم اللّه عليه من نكاح في عدة و اشباهه «3».

و منها: ما رواه معاوية بن وهب قال: جاء رجل الي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال: اني كنت مملوكا لقوم، و اني تزوجت امراة حرة بغير اذن موالي ثم اعتقوني

بعد ذلك، فاجدد نكاحي اياها حين اعتقت؟ فقال له: أ كانوا علموا انك تزوجت امرأة و انت مملوك لهم؟ فقال: نعم و سكتوا عني و لم يغيروا علي، قال: فقال سكوتهم عنك بعد علمهم اقرار منهم، اثبت علي نكاحك الاول «4».

و منها: ما رواه الحسن ابن زياد الطائي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اني كنت رجلا مملوكا فتزوجت بغير اذن مولاي، ثم اعتقني اللّه بعد فاجدد النكاح قال: فقال: علموا انك تزوجت؟ قلت: نعم قد علموا فسكتوا و لم يقولوا لي

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 545

(3) الوسائل الباب 24 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 26 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 603

أن يتزوجها (1) الا مع عموم الاذن منها (2) بل لو اذنت له في أن أن يتزوجها فالاحوط له استحبابا أن لا يتولي بنفسه الايجاب و القبول بل يوكل عنها من يتولي الايجاب عنها (3) و لا بأس له أن يوكلها

______________________________

شيئا قال: ذلك اقرار منهم انت علي نكاحك «1».

و منها: ما رواه أبو عبيدة «2» و منها: ما رواه الفضل بن عبد الملك «3» مضافا الي الشهرة و الاجماع و نفي الخلاف المدعاة.

(1) كما نقل عن جملة من الاساطين كالمحقق و العلامة، و عن المسالك دعوي عدم الخلاف و الوجه فيه انصراف التوكيل عن نفس الوكيل.

(2) كما هو ظاهر.

(3) لرواية عمار الساباطي «4» و لا يبعد أن يكون النهي راجعا الي كون الزوج بنفسه شاهدا في الزواج فيكون المنع من هذه الجهة فلا يدل علي فساد تولي الزوج لطرفي الايجاب و

القبول.

مضافا الي دعوي ضرورة عدم القدح، لاحظ كلام السيد الحكيم (قده) في هذا المقام و لو تنزلنا عما قلنا و سلمنا ان النهي راجع الي تولي الرجل الايجاب لكن نقول ان المستفاد من الرواية ان المنهي عنه هو المجموع المركب من الايجاب و الشهادة و أما الايجاب بلا شهادة فلا يكون متعلقا للنهي و مقتضي القاعدة الاولية هو الجواز.

ثم لا يخفي: ان المنهي عنه الوكالة في الايجاب فلو فرض ان الرجل و كل شخصا آخر للقبول و تصدي بنفسه للإيجاب يكون مشمولا للنهي فما في كلمات

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 544

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 4

(4) لاحظ ص: 547

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 604

فتتولي الايجاب منها و القبول عنه (1).

[الفصل الثالث في المحرمات]

اشارة

الفصل الثالث في المحرمات: و هي قسمان نسب و سبب (فالنسب) الام و ان علت و البنت و ان سفلت و الاخت و بناتها و ان نزلن و العمة و الخالة و ان علنا كعمة الابوين و الجدين و خالتهما و بنات الاخ و ان نزلن

[و أما السبب فأمور]
اشارة

و أما السبب فامور:

[الأول ما يحرم بالمصاهرة]
اشارة

(الاول) ما يحرم بالمصاهرة (2).

______________________________

الاصحاب من كراهة تولي طرفي العقد أو حرمته ليس علي ما ينبغي بل المنهي عنه كون الزوج متصديا للإيجاب، فلاحظ.

(1) لخروج الفرض عن مفاد الحديث.

(2) حرمة المذكورات من الأمور الواضحة التي لا مجال للبحث فيها بالاضافة الي الاية الشريفة «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهٰاتُكُمْ وَ بَنٰاتُكُمْ وَ أَخَوٰاتُكُمْ وَ عَمّٰاتُكُمْ وَ خٰالٰاتُكُمْ وَ بَنٰاتُ الْأَخِ وَ بَنٰاتُ الْأُخْتِ وَ أُمَّهٰاتُكُمُ اللّٰاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَ أَخَوٰاتُكُمْ مِنَ الرَّضٰاعَةِ وَ أُمَّهٰاتُ نِسٰائِكُمْ وَ رَبٰائِبُكُمُ اللّٰاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسٰائِكُمُ اللّٰاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ، وَ حَلٰائِلُ أَبْنٰائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلٰابِكُمْ وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلّٰا مٰا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ غَفُوراً رَحِيماً» «1» فان صدق بعض العناوين المذكورة في الاية الكريمة علي بعض المراتب و ان كان محل التأمل او المنع، لكن يتم الامر بالتسالم و الاجماع و الارتكاز المتشرعي، فلاحظ.

______________________________

(1) النساء/ 23

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 605

[مسألة 1: من وطأ امرأة بالعقد أو الملك حرمت عليه أمها و إن علت و بناتها و إن نزلت]

(مسألة 1): من وطأ امرأة بالعقد او الملك حرمت عليه امها و ان علت و بناتها و ان نزلت لابن او بنت تحريما مؤبدا سواء سبقن علي الوطء أم تأخرن عنه (1).

______________________________

(1) في هذه مسئلة فروع: الفرع: الاول: انه من وطأ امرأة بالعقد حرمت عليه امها بلا خلاف و لا اشكال و يدل علي المدعي قوله تعالي «1» و مقتضي اطلاق الاية الشريفة تحقق الحرمة و لو مع عدم الدخول بل هو المعروف و المشهور بين الاصحاب علي ما يظهر من بعض الكلمات، بل ادعي عليه الاجماع عدا ما نسب الي ابن أبي عقيل من اشتراط الدخول بالبنت لحرمة امها.

و ربما يقال: انه يستفاد الاشتراط من الكتاب العزيز و له

تقريبان احدهما: أن يكون قوله تعالي «مِنْ نِسٰائِكُمُ اللّٰاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ» راجعا الي كل من نسائكم و ربائبكم و فيه: ان الجار اذا كان راجعا الي نسائكم يكون بيانية و اذا كان متعلقا بقوله تعالي «وَ رَبٰائِبُكُمُ» يكون نشوية و الجمع بين الامرين علي فرض جوازه و صحته خلاف الظاهر لا يصار اليه بلا قرينه فهذا التقريب فاسد.

ثانيهما: أن يكون قوله تعالي «اللّٰاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ» صفة لكل من نسائكم الاولي و الثانية و فيه: ان الفصل بين الصفة و الموصوف لا دليل علي صحته و صفوة القول:

ان العرف محكم في باب الظواهر و الظاهر من الاية الشريفة رجوع القيد الي امهات الربائب، فمقتضي اطلاق الاية المباركة عدم الاشتراط و تحقق الحرمة بنفس تحقق عنوان أمّ الزوجة هذا بحسب المستفاد من الكتاب.

و اما بحسب النص فيستفاد من بعض الروايات عدم الاشتراط، لاحظ ما رواه غياث ابن ابراهيم، عن جعفر، عن ابيه ان عليا عليه السلام قال. اذا تزوج الرجل المرأة حرمت عليه ابنتها اذا دخل بالام فاذا لم يدخل بالام فلا بأس أن يتزوج بالابنة

______________________________

(1) لاحظ ص: 604

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 606

______________________________

و اذا تزوج بالابنة فدخل بها او لم يدخل فقد حرمت عليه الام و قال: الربائب عليكم حرام كن في الحجر أو لم يكن «1».

و لاحظ ما رواه ابو بصير قال: سألته عن رجل تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها فقال: تحل له ابنتها و لا تحل له امها 2.

و في قبال هذه الطائفة، طائفة اخري تعارضها و تدل علي الاشتراط:

منها: ما رواه حماد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الام و البنت سواء اذا لم يدخل بها يعني

اذا تزوج المرأة ثم طلقها قبل ان يدخل بها فانه ان شاء تزوج امها و ان شاء ابنتها 3.

و منها: ما رواه محمد بن اسحاق بن عمار قال: قلت له: رجل تزوج امرأة و دخل بها ثم ماتت أ يحل له أن يتزوج امها؟ قال: سبحان اللّه كيف تحل له امها و قد دخل بها؟ قال: قلت له: فرجل تزوج امرأة فهلكت قبل أن يدخل بها تحل له امها؟ قال: و ما الذي يحرم عليه منها و لم يدخل بها 4.

و منها: ما رواه جميل بن دراج انه سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها هل تحل له ابنتها؟ قال الام و الابنة في هذا سواء اذا لم يدخل باحداهما حلت له الاخري 5 فلا بد من العلاج و الترجيح مع الطائفه الاولي لموافقتها مع الكتاب و قد ذكرنا اخيرا ان المرجح منحصر بالاحدثيه فيدخل المقام في كبري اشتباه الحجة بغيرها و حيث ان تخصيص الكتاب غير ثابت فلا بد من العمل علي طبق ظاهر قوله تعالي فالنتيجه هي الحرمة و اللّه العالم. الفرع الثاني: انه تحرم أم الزوجه و ان علت و الامر كما افاده فان الظاهر

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 18 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 4 و 5

(2) (3 و 4 و 5) الوسائل الباب 20 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث:

3 و 5 و 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 607

______________________________

التسالم علي أن المذكورات في الاية الشريفة لا تختص بالدرجة الاولي.

قال سيدنا الاستاد المراد من الامهات و البنات و بنات الاخ و بنات الاخت الاعم من الصلبية

و غير ذات الواسطة و من ذات الواسطة بلا كلام.

الفرع الثالث: انه يحرم علي الواطئ بنت الزوجة بلا اشكال و لا كلام و يدل عليه قوله تعالي «وَ رَبٰائِبُكُمُ» مضافا الي النصوص و قد تقدم بعض تلك النصوص في ذيل الفرع الاول.

الفرع الرابع: ان البنت تحرم و ان نزلت و الأمر كما افاده بالتسالم و الاجماع و يمكن أن يقال: ان المدعي مستفاد من الكتاب الكريم بمقتضي وحدة السياق اذ قد مر قريبا ان المراد من الام و البنت الاعم فالربيبة كذلك.

الفرع الخامس: انه لا فرق في حرمة الربيبة بين كونها سابقة علي الوطء و بين كونها لاحقه، و يدل علي المدعي ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت احدهما عليهما السلام عن رجل كانت له جارية فاعتقت فزوجت فولدت أ يصلح لمولاها الأول أن يتزوج ابنتها؟ قال: لا هي حرام و هي ابنته و الحرة و المملوكة في هذا سواء «1» مضافا الي التسالم فيما بينهم

الفرع السادس: انه من وطأ امرأة بالملك حرمت عليه امها للنصوص: منها ما رواه حسين بن سعيد قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام رجل له امة يطأها فماتت أو باعها ثم أصاب بعد ذلك امها هل له أن ينكحها؟ فكتب عليه السلام لا تحل له «2» و لا يعارض النصوص الدالة علي المنع ما روي عن ابي عبد اللّه عليه السلام عن رجل كانت له مملوكة يطأها فماتت ثم اصاب بعد امها قال: لا بأس ليست بمنزلة الحرة 3 فان هذا الرواية تدل علي الجواز لكن لا اعتبار بسندها بمحمد

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 2

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 21

من أبواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 7 و 15

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 608

[مسألة 2: تحرم الموطوءة بالملك أو العقد علي أبي الواطئ و إن علا]

(مسألة 2): تحرم الموطوءة بالملك أو العقد علي أبي الواطئ و ان علا، و لو كان لأمه و علي أولاده و ان نزلوا و كذا المعقود عليها لأحدهما مطلقا فانها تحرم علي الاخر و كذا الامة المملوكة الملموسة بشهوة أو المنظور الي شي ء منها مما يحرم النظر اليه لغير المالك بشهوة فانها تحرم علي الاخر (1).

______________________________

بن سنان.

الفرع السابع: من وطأ امرأة بالملك تحرم عليه بنتها و يدل علي المدعي ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل كانت له جارية و كان يأتيها فباعها فاعتقت و تزوجت فولدت ابنة هل تصلح ابنتها لمولاها الأول؟

قال: هي عليه حرام «1».

و اما حديث رزين بياع الانماط- عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له:

تكون عندي الامة فأطؤها ثم تموت أو تخرج من ملكي فاصيب ابنتها يحل لي أن أطأها؟ قال: نعم، لا بأس به انما حرم اللّه ذلك من الحرائر فأما الاماء فلا بأس به 2- فلضعف سنده غير قابل لأن يعارض دليل المنع فان سنده مخدوش برزين و غيره.

و أما شمول الحكم للمرتبة الاولي و بقية المراتب فكما مر، فان عموم الحكم مورد تسالمهم هذا علي تقدير عدم صدق عنوان الام أو البنت علي ذي الواسطة و الا فالأمر اوضح.

(1) في هذا المسألة فروع الفرع الأول: ان الموطوءة بالملك تحرم علي اب الواطئ، ادعي عليه اجماع المسلمين، و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 6 و 16

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 609

______________________________

تعالي «وَ حَلٰائِلُ أَبْنٰائِكُمُ» «1». و يدل علي

المدعي ما رواه زرارة قال: قال ابو جعفر عليه السلام في حديث اذا اتي الجارية و هي حلال فلا تحل تلك الجارية لابنه و لا لأبيه «2».

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما يدل علي التحريم مع اللمس و النظر بالاولوية لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل تكون عنده الجارية يجردها و ينظر الي جسمها نظر شهوة هل تحل لأبيه؟ و ان فعل ابوه هل تحل لابنه؟ قال: اذا نظر اليها نظر شهوة و نظر منها الي ما يحرم علي غيره لم تحل لابنه و ان فعل ذلك الابن لم تحل للأب 3

الفرع الثاني: انها تحرم علي اب الواطئ و ان علا و ان كان لأمه ادعي عليه الاجماع و لصدق الابن علي الحفيد علي ما ادعي.

الفرع الثالث: انه لو وطي بالملك تحرم الموطوءة علي اولاد الواطئ و يدل عليه ما عن أبي جعفر عليه السلام 4 و يمكن الاستدلال بحديث عبد اللّه بن سنان 5 بالتقريب المتقدم و هي الاولوية.

الفرع الرابع: انها تحرم علي اولاد الواطئ و ان نزلوا، فانه يمكن الاستدلال علي المدعي مضافا الي التسالم و الاجماع بما يدل علي حرمتها علي الابن بدعوي ان الابن يصدق علي الحفيد.

الفرع الخامس: انه تحرم المعقود لكل منهما علي الاخر و لو مع عدم الدخول.

و يمكن الاستدلال علي المدعي مضافا الي الاجماع و التسالم بقول تعالي «وَ لٰا

______________________________

(1) النساء 6/ 23

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 3 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 5 و 6

(3) (4) لاحظ صدر هذه الصفحه

(4) (5) لاحظ ص: 565

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 610

______________________________

تَنْكِحُوا مٰا نَكَحَ آبٰاؤُكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ»

«1» و قوله تعالي «وَ حَلٰائِلُ أَبْنٰائِكُمُ» 2 فان زوجة كل واحد منهما حرام علي الاخر بالكتاب مضافا الي النصوص، لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام انه قال: لو لم تحرم علي الناس ازواج النّبيّ صلي اللّه عليه و آله لقول اللّه عز و جل: «وَ مٰا كٰانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّٰهِ وَ لٰا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوٰاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً» حر من علي الحسن و الحسين بقول اللّه عز و جل «وَ لٰا تَنْكِحُوا مٰا نَكَحَ آبٰاؤُكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ و لا يصلح للرجل أن ينكح امرأة جده 3 و لاحظ ما رواه زرارة قال: قال ابو جعفر عليه السلام في حديث:

و اذا تزوج الرجل امرأة تزويجا حلالا فلا تحل تلك المرأة لأبيه و لا لابنه 4.

و قال السيد الحكيم (قده): بل لعله ضروري من ضروريات اسلام.

الفرع السادس: ان الملموسة بشهوة لأحدهما تحرم علي الاخر و أيضا المنظور الي شي ء منها مما يحرم النظر اليه لغير المالك اذا كان النظر بشهوة تحرم علي الاخر و الدليل علي المدعي النصوص الواردة في المقام:

منها: ما رواه محمد بن اسماعيل قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل تكون له الجارية فيقبلها هل تحل لولده؟ قال: بشهوة؟ قلت: نعم: قال ما ترك شيئا اذا قبلها بشهوة ثم قال ابتداء منه: ان جردها و نظر اليها بشهوة حرمت علي ابيه و ابنه قلت: اذا نظر الي جسدها، فقال: اذا نظر الي فرجها و جسدها بشهوة حرمت عليه 5 فانه يستفاد من هذه الرواية انه اذا قبلها بشهوة تحرم علي الابن و أيضا يستفاد من الحديث ان النظر من كل واحد منهما بشهوة الي موضع لا

يحل النظر اليه لغير المالك يوجب الحرمة علي الاخر.

______________________________

(1) (1 و 2) النساء 22 و 23

(2) (3) الوسائل الباب 2 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

(3) (4) نفس المصدر الحديث: 2

(4) (5) الوسائل الباب 3 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 611

______________________________

و يمكن أن يقال انه يستفاد حكم اللمس بشهوة من حكم النظر بالاولوية و منها ما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل تكون عنده الجارية يجردها و ينظر الي جسمها نظر شهوة هل تحل لأبيه؟ و ان فعل ابوه هل تحل لابنه؟ قال: اذا نظر اليها نظر شهوة و نظر منها الي ما يحرم علي غيره لم تحل لابنه و ان فعل ذلك الابن لم تحل للأب «1» فانه يستفاد حكم النظر بشهوة من هذه الرواية و يستفاد حكم اللمس بالاولوية.

و في المقام روايتان ربما يتوهم معارضتهما مع دليل المنع. الاولي: ما رواه عبد اللّه بن يحيي الكاهلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: سألته عن رجل تكون له جارية فيضع ابوه يده عليها من شهوة أو ينظر منها الي محرم من شهوة، فكره أن يمسها ابنه 2 بتقريب ان الكراهة ظاهرة في عدم الحرمة فتعارض دليل الحرمة.

و فيه اولا ان الكراهة اعم من الحرمة فتقيد بدليل الحرمة و ثانيا: كلامنا في المقام في نظر كل من الاب و الابن الي مملوكته أو لمسها و حديث الكاهلي مورده لمس الاب مملوكة الابن فلا ترتبط الرواية ما نحن فيه الثانية: ما رواه علي بن يقطين عن العبد الصالح عليه السلام عن الرجل يقبل الجارية يباشرها

من غير جماع داخل أو خارج أ تحل لابنه أو لأبيه؟ قال لا بأس 3 بتقريب ان المستفاد من الرواية ان اللمس بدون الجماع لا يوجب الحرمة.

و فيه: ان تقييد الاطلاق بالمقيد علي طبق القاعدة الاولية و حيث ان هذه الرواية مطلقة من حيث الشهوة و عدمها تقيد بما تشترط فيه الحرمة بالشهوة. و ان ابيت عن هذا البيان و قلت ان الظاهر من الرواية ان المباشرة فرضت في الرواية بشهوة نقول لم تفرض في الرواية ان الجارية جارية لمن يقبلها فمن هذه الجهة مطلقة فتقيد بتلك الروايات المفروض فيها كون اللمس بشهوة.

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 6 و 2

(2) (3) الوسائل الباب 77 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 612

[مسألة 3: من عقد علي امرأة و لم يدخل بها حرمت عليه أمها و إن علت أبدا]

(مسألة 3): من عقد علي امرأة و لم يدخل بها حرمت عليه امها (1) و ان علت ابدا (2) و تحرم بنتها علي الاحوط و ان نزلت من بنت كانت او من ابن ما دامت الام في عقده (3).

______________________________

بقي شي ء و هو ان المستفاد من بعض نصوص الباب ان مجرد النظر يوجب الحرمة، لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل تكون عنده الجارية فيكشف ثوبها و يجردها لا يزيد علي ذلك قال: لا تحل لابنه اذا رأي فرجها «1» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية ان النظر الي فرج الجارية يوجب الحرمة بالنسبة الي الابن و ان لم يكن عن شهوة و لكن يقيد هذا الاطلاق بحديث محمد بن اسماعيل «2»:

(1) قد تعرضنا لهذا الفرع سابقا فراجع.

(2) بلا كلام و لا اشكال هذا علي تقدير عدم صدق الام علي

الجدة و الا يكون الأمر اوضح فان مقتضي قوله تعالي «وَ أُمَّهٰاتُ نِسٰائِكُمْ» الحرمة علي الاطلاق، فلاحظ

(3) بلا كلام و يمكن الاستدلال علي المدعي بأنه لو عقد علي البنت فأما نلتزم بصحة كلا العقدين و اما نلتزم بصحة الثاني و بطلان الاول و اما نلتزم بالعكس أما الاول فلا يمكن الالتزام به لعدم جواز نكاح أمّ الزوجة و كونها محرمة ابدا كتابا و سنة و اما الالتزام بالثاني فبلا وجه اذ قد صدر العقد عن أهله و وقع في محله فلا وجه لبطلان فيتعين الثالث.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه احمد بن محمد ابن أبي نصر قال: سألت

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 7

(2) لاحظ ص: 610

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 613

فان فارقها قبل الدخول جاز له العقد علي بنتها (1) و لو دخل حرمت

______________________________

أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يتزوج المرأة متعة أ يحل له أن يتزوج ابنتها؟ قال:

لا «1» فان مقتضي اطلاق الرواية عدم الجواز و لو مع عدم الدخول. و لا يبعد ان نظر الماتن في بناء المسألة علي الاحتياط التشكيك في صدق الابنة علي بنت الابن او بنت البنت و الحال انه صرح في بعض كلماته بصدق الابن علي الحفيد، الا أن يقال بأن الظاهر من كلامه الاحتياط في اصل الحكم.

(1) بمقتضي صراحة الاية الكريمه «فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ «2» و بنص الرواية، لاحظ ما رواه عيص بن قاسم، قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باشر امرأته و قبل غير انه لم يفض اليها ثم تزوج ابنتها قال:

ان لم يكن افضي الي الام فلا بأس. و ان

كان افضي فلا يتزوج «3».

و في المقام نصوص يستفاد منها الخلاف، و تعارض الطائفة الاولي: منها:

ما رواه محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهم السلام قال: سألته عن رجل تزوج امراة فنظر الي بعض جسدها يتزوج ابنتها؟ قال: لا اذا رأي منها ما يحرم علي غيره فليس له أن يتزوج ابنتها 4.

و منها: ما رواه ابو الربيع قال: سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امراة فمكث اياما معها لا يستطيعها غير انه قد رأي منها ما يحرم علي غيره ثم يطلقها أ يصلح له أن يتزوج ابنتها؟ قال أ يصلح له و قد رأي من امها ما رأي؟ 5.

فنقول: اذا امكن الجمع بين الطرفين بالجمع العرفي فهو و الا يكون الترجيح مع الطائفة الاولي لكونها موافقه مع الكتاب و تلك الطائفة تخالفه، فان

______________________________

(1) الوسائل: الباب 18 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 604

(3) (3 و 4) الوسائل الباب 19 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 3 و 1

(4) (5) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 614

عليه البنت ابدا (1) و لم تحرم البنت علي ابيه و لا علي ابنه (2).

[مسألة 4: تحرم أخت الزوجة جمعا لا عينا]

(مسألة 4) تحرم اخت الزوجة جمعا (3) لا عينا (4) و كذا بنت اختها و اخيها الا مع اذن العمة و الخالة (5). و لو عقد من دون اذنهما

______________________________

المستفاد من الكتاب ان الميزان في تحقق الحرمة الدخول و من الظاهر ان الدخول يلازم عادة المس و النظر فيلزم أن يكون التحريم بالسبب المتقدم و اسقاط الدخول عن الموضوعية مع صراحة الكتاب به، فان تلك النصوص لكونها مخالفة مع الكتاب تضرب عرض الجدار.

فانها تخالف صراحة

الاية الكريمة الدالة علي الجواز حيث قال تعالي «فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ».

(1) قد تقدم الكلام حول هذا الفرع، فلا نعيد.

(2) لعدم دليل عليه.

(3) بلا اشكال بل في بعض الكلمات بلا خلاف بين المسلمين قاطبة و يدل عليه قوله تعالي «1» مضافا الي النصوص:

منها: ما رواه ابو عبيده قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا تنكح المرأة علي عمتها و لا خالتها و لا علي اختها من الرضاعة «2».

(4) بمقتضي القاعدة الاولية و عدم الدليل علي المنع، مضافا الي ما يستفاد من النصوص و بالاضافة الي عدم الاستنكار من المتشرعة، فلاحظ.

(5) علي ما هو المشهور بين الاصحاب بل ادعي عليه الاجماع و النصوص دالة علي المدعي، منها ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال:

لا تزوج ابنة الاخ و لا ابنة الاخت علي العمة و لا علي الخالة الا باذنهما و تزوج العمة

______________________________

(1) لاحظ ص: 404

(2) الوسائل: الباب 24 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 615

فأجازتا صحّ علي الاقوي و ان كان الاحوط تجديد العقد (1).

______________________________

و الخالة علي ابنة الاخ و ابنة الاخت بغير اذنهما «1».

و أما حديث علي بن جعفر- عن اخيه، موسي بن جعفر عليهما السلام قال:

سألته عن امرأة تزوج علي عمتها و خالتها قال: لا بأس و قال: تزوج العمة و الخالة علي ابنة الاخ و ابنة الاخت و لا تزوج بنت الاخ و الاخت علي العمة و الخالة الا برضاء منهما فمن فعل ذلك فنكاحه باطل «2»، الدال علي الجواز فحيث انه مطلق يحمل علي المقيد.

و بعبارة اخري: الحديث الدال علي الجواز مطلق من حيث الاذن

و عدمه فيحمل علي حديث ابن مسلم المفصل بين صورتي الاذن و عدمه مضافا الي الاختلاف الواقع بين الصدر و الذيل في حديث ابن جعفر فلاحظ.

(1) وقع الكلام بين القوم في المقام فذهب جملة من الاصحاب علي ما نسب اليهم الي الفساد و عدم تأثير الاجازة المتأخرة بتقريب ان العقد حين صدوره ممن بيده الأمر فاقد للشرط و الشي ء لا ينقلب عما هو عليه، و لذا لو بيع شي ء بالبيع الغرري و بعد البيع ارتفع الغرر لا يصح اذ حين تحققه صدر غرريا و المقام كذلك و ما افيد في تقريب البطلان تام.

لكن القائلين بالصحة تمسكوا في مقام اثباتها بما رواه زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن مملوك تزوج بغير اذن سيده، فقال: ذاك الي سيده ان شاء اجازه و ان شاء فرق بينهما، قلت اصلحك اللّه ان الحكم بن عيينة و ابراهيم النخعي و أصحابهما يقولون: ان اصل النكاح فاسد و لا تحل اجازة السيد له، فقال

______________________________

(1) الوسائل: الباب 30 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 616

[مسألة 5: من زني بخالته في قبلها أو دبرها حرمت عليه بناتها أبدا]

(مسألة 5): من زني بخالته في قبلها أو دبرها حرمت عليه بناتها ابدا (1).

______________________________

ابو جعفر عليه السلام: انه لم يعص اللّه، و انما عصي سيده، فاذا أجازه فهو له جائز «1» بتقريب ان المستفاد من الرواية ببركة عموم التعليل ان كل عقد واجد للشرائط الشرعية الالهية اذا كان فساده من ناحية عدم الرضا يصح بلحوق الرضا و المقام من مصاديق تلك الكبري.

و قد مر منا سابقا ان استفادة العموم من الحديث مشكل بل غاية ما يستفاد منه ان كل ما صدر عن العبد

من العقد و الايقاع اذا لم يكن مقرونا برضا المولي يصح بلحوق رضاه، فعلي هذا لا بد من جعل الاحتياط المذكور في ذيل المسألة وجوبيا لكن الانصاف: ان الحديث يستفاد منه صحة الفضولي بالاجازة علي الاطلاق و قد بنينا علي الصحة في البيع الفضولي فما افاده في المتن تام.

(1) في المقام روايتان:

الاولي: ما رواه محمد بن مسلم قال: سأل رجل ابا عبد اللّه عليه السلام و انا جالس عن رجل نال من خالته في شبابه ثم ارتدع يتزوج ابنتها؟ قال: لا، قلت انه لم يكن افضي اليها انما كان شي ء دون شي ء فقال: لا يصدق و لا كرامة «2».

الثانية ما رواه ابو ايوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله محمد بن مسلم و انا جالس عن رجل نال من خالته و هو شاب ثم ارتدع أ يتزوج ابنتها؟ قال:

لا قال انه لم يكن افضي اليها انما كان شي ء دون ذلك قال: كذب 3 و هذه الرواية ضعيفه بضعف اسناد الشيخ الي الطاطري، فالعمدة الرواية الاولي.

و ربما يقال: ان المناقشة الصغروية الواردة في ذيل الحديث لا تناسب مقام

______________________________

(1) الوسائل: الباب 24 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 10 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 617

اذا كان الزنا سابقا علي العقد (1) و يلحق بالزنا بالخالة الزنا بالعمة علي الاحوط وجوبا (2) و الاحوط استحبابا أن لا يتزوج الزاني بنت المزني بها مطلقا (3).

______________________________

الإمام عليه السلام فهذا يوجب التوقف، و فيه انه يمكن أن تكون المناقشه الصغروية بلحاظ مصلحة مكشوفة لدي الامام عليه السلام.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج

الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 9، ص: 617

و ان شئت قلت: هذه المناقشة لا توجب رفع اليد عن صدر الحديث و المستفاد منه حرمة بنت المزني بها علي الزاني و الماتن عمم الحكم الي صورة تحقق الزنا في الدبر، و الظاهر ان الجزم بالمدعي مشكل، الا أن يقال ان مقتضي اطلاق قوله «نال من خالته» عدم الفرق بين القبل و الدبر، لكن المتبادر من هذه الجملة النيل منها علي حسب المتعارف و هو الدخول في القبل.

(1) كما هو المفروض في النص.

(2) الوجه في التوقف عدم نص بالنسبة الي العمة، فان ثبت اجماع علي اتحاد المقامين من هذه الجهة او ان تم الدليل علي ان الزنا بامرأة يوجب حرمة بنتها فهو و الا فلا بد من بناء المسألة علي الاحتياط.

(3) المسألة مورد الخلاف بين الاصحاب و منشأ الاختلاف معارضة النصوص فطائفة منها تدل علي المنع:

منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن احدهما عليها السلام انه سئل عن الرجل يفجر بالمرأة أ يتزوج بابنتها؟ قال: لا الحديث «1».

و منها: ما رواه عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باشر امرأة و قبل غير انه لم يفض اليها ثم تزوج ابنتها فقال: ان لم يمكن افضي

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 618

______________________________

الي الام فلا بأس و ان كان افضي فلا يتزوج ابنتها «1».

و منها: ما رواه منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل كان بينه و بين امرأة فجور هل يتزوج ابنتها؟ فقال: ان كان من قبلة

او شبهها فليتزوج ابنتها و ليتزوجها هي إن شاء 2.

و منها: ما روي عن منصور بن حازم مثله الا انه قال: فليتزوج ابنتها إن شاء و ان كان جماعا فلا يتزوج ابنتها و ليتزوجها 3.

و منها: ما رواه بريد قال: ان رجلا من اصحابنا تزوج امرأة قد زعم انه كان يلاعب امها و يقبلها من غير أن يكون افضي اليها قال: فسألت أبا عبد اللّه عليه السلام فقال لي: كذب مره فليفارقها قال: فأخبرت الرجل فو اللّه ما دفع ذلك عن نفسه و خلي سبيلها 4.

و منها: ما رواه منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل فجر بامرأة أ يتزوج ابنتها؟ قال: ان كان قبلة أو شبهها فلا بأس و ان كان زنا فلا 5.

و مما يدل علي المنع ما رواه محمد بن مسلم، عن احدهما عليهما السلام:

قال: سألته عن رجل فجر بامرأة أ يتزوج امها من الرضاعة او ابنتها؟ قال: لا 6.

فان المستفاد من الحديث ان حرمة أم المزني بها أو بنتها من النسب مفروغ عنها و انما السؤال عنهما اذا كانت النسبة بالرضاع فاجاب عليه السلام بالحرمة.

و بتقريب آخر: يمكن اثبات المدعي بالاولوية اذ لو تم الحكم في الرضاع يتم في النسب بالاولوية و منها: ما رواه ابن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في رجل فجر بامرأة أ يتزوج امها من الرضاع او ابنتها؟ قال: لا 7 و التقريب

______________________________

(1) (1 و 2 و 3 و 4 و 5) نفس المصدر الحديث: 2 و 3 و 4 و 5 و 8

(2) (6 و 7) الوسائل الباب 7 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1 و

2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 619

______________________________

هو التقريب.

و في قبال هذه الطائفة طائفة اخري تدل علي الجواز: منها ما رواه هشام «هاشم خ ل» بن المثني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرجل يأتي المرأة حراما أ يتزوجها؟ قال: نعم، و امها و ابنتها «1».

و منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل فجر بامرأة هل يجوز له أن يتزوج ابنتها؟ قال: ما حرم حرام حلالا قط 2

و منها: ما رواه هشام بن المثني قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فقال له رجل: رجل فجر بامرأة أ تحل له ابنتها؟ قال: نعم، ان الحرام لا يفسد الحلال 3

و منها: ما رواه حنان بن سدير قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام اذ سأله سعيد عن رجل تزوج امرأة سفاحا هل تحل له ابنتها؟ قال: نعم، ان الحرام لا يحرم الحلال 4.

و منها: ما رواه صفوان قال: سأله المرزبان عن رجل يفجر بالمرأة و هي جارية قوم آخرين ثم اشتري ابنتها أ تحل له ذلك؟ قال: لا يحرم الحرام الحلال و رجل فجر بامرأة حراما أ يتزوج بابنتها؟ قال: لا يحرم الحرام الحلال 5.

فيقع التعارض بين الطرفين فلا بد من اعمال قاعدة التعارض، و الظاهر ان الترجيح في طرف الطائفة المجوزة لكونها موافقة مع الكتاب فان قوله تعالي «وَ أُحِلَّ لَكُمْ مٰا وَرٰاءَ ذٰلِكُمْ» 6 يقتضي حلية تزويج غير ما ذكر في الاية من الأصناف و علي فرض عدم الترجيح تصل النوبة الي التعارض و بعد التساقط يكون اطلاق الاية محكما كما هو ظاهر.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 6 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث:

7 و 9

(2) (3 و 4 و 5) نفس المصدر الحديث: 10 و 11 و 12

(3) (6) النساء/ 24.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 620

و في الحاق الزنا بعد العقد و قبل الدخول بالزنا قبل العقد قولان و الالحاق احوط و اولي (1).

______________________________

لكن قد تقدم ان الترجيح منحصر في الأحدثية و لا طريق الي احرازها الا أن يقال ان مقتضي اطلاق الكتاب هو الجواز و لا دليل علي تقييده فيجوز و الله العالم

بقي شي ء: و هو ان الماتن احتاط استحبابا و الحال انه صرح في موارد من كلامه انه لا مجال للقول بالاستحباب في الاحكام الوضعية فما هو المراد من الاستحباب فاما يكون مراده من الاستحباب المذكور حكم العقل بحسن الكف عن مورد احتمال الحرمة الواقعية و أما يكون المراد ان المستفاد من مجموع ادلة الاحتياط و البراءة استحباب الاحتياط في كل شبهة وجوبية كانت او تحريمية و اللّه العالم.

(1) القاعدة الاولية تقتضي عدم الحرمة فان الادلة الاولية المقتضية لجواز التزويج كقوله تعالي «وَ أُحِلَّ لَكُمْ مٰا وَرٰاءَ ذٰلِكُمْ» مقتضية للحلية مضافا الي قوله في نصوص كثيرة ان الحرام لا يحرم الحلال منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام انه قال في رجل زنا بام امرأته او بنتها او باختها فقال: لا يحرم ذلك عليه امرأته ثم قال: ما حرم حرام حلا لاقط «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام انه سئل عن الرجل يفجر بالمرأة أ يتزوج ابنتها؟ قال لا، و لكن ان كان عنده امرأة ثم فجر بابنتها او اختها لم تحرم عليه التي عنده 2.

و في المقام حديثان يستفاد منهما التفصيل بين كون الزنا قبل الدخول و

كونه بعد الدخول بالحكم بالحرمة في الاول و بعدمها في الثاني.

الحديث الاول: ما رواه عمار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل تكون عنده الجارية فيقع عليها ابن ابنه قبل أن يطأها الجد أو الرجل يزني بالمرأة هل

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل: الباب 8 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 3 و 7

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 621

و لا يلحق بالزنا التقبيل و اللمس و النظر بشهوة و نحوها (1) و في الحاق الوطء بالشبهة اذا سبق علي العقد بالزنا في التحريم اشكال (2).

______________________________

يجوز لأبيه أن يتزوجها؟ قال: لا انما ذلك اذا تزوجها فوطأها ثم زنا بها ابنه لم يضره لأن الحرام لا يفسد الحلال و كذلك الجارية «1» فان المستفاد من الحديث ان الميزان الكلي في كون الفجور سببا للحرمة و عدمه وقوعه قبل الدخول و بعده و هذه الرواية ضعيفة بسهل.

الحديث الثاني: ما رواه ابو الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اذا فجر الرجل بالمرأة لم تحل له ابنتها ابدا و ان كان قد تزوج ابنتها قبل ذلك و لم يدخل بها فقد بطل تزويجه و ان هو تزوج ابنتها و دخل بها ثم فجر بامها بعد ما دخل بابنتها فليس يفسد فجوره بامها نكاح ابنتها اذا هو دخل بها و هو قوله: لا يفسد الحرام الحلال اذا كان هكذا «2» و هذه الرواية مخدوشة بمحمد بن فضيل اذ لا يبعد أن يكون هو الا زدي، و الاقوال فيه متعارضة فالنتيجة انه لا وجه للقول بالحرمة.

(1) لعدم الدليل علي الالحاق بل الدليل قائم علي خلافه، لاحظ ما رواه عيص بن القاسم «3».

(2) ما قيل في وجه الالحاق امور:

الاول: ان الزنا اذا كان موجبا للتحريم فالوطء بالشبهة بطريق أولي يكون محرما. و فيه: اولا ان الزنا السابق في غير الخالة و العمة موجبا للحرمة اول الكلام بل التزمنا بعدمه. و ثانيا: لا نري وجها للأولوية و ربما يكون التحريم في مورد الزنا لأمر مفقود في المقام كتأديب الزاني مثلا، و علي الجملة ان ملاكات الأحكام الشرعية لا نعلمها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 8

(3) لاحظ ص: 617

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 622

أما الزنا و الوطء بالشبهة الطارئان علي العقد فلا يوجبان التحريم (1) و المرأة المزني بها تحرم علي آباء الزاني و ابنائه اذا كان الزنا سابقا علي العقد و الا لم تحرم (2).

______________________________

الثاني: ان الوطء بالشبهة ملحقة بالنكاح الصحيح بحسب الاستقراء اذ الوطء بالشبهة توجب المهر و العدة و الحاق الولد بالواطي فتكون ملحقة به في جميع الأحكام و حيث ان النكاح الصحيح يوجب الحرمة فالوطء بالشبهة كذلك.

و فيه: ان كونها في جملة من الاحكام كالنكاح الصحيح لا يدل علي العموم بل المتبع هو الدليل و لذا نري انه لا يجوز النظر الي أم الموطوءة شبهة و الحال انه جائز في النكاح بل من اظهر آثاره.

الثالث: ان قولهم «عليهم السلام «1» «الحرام لا يحرم الحلال» بمفهومه يدل علي أن الحلال يحرم و حيث ان الوطء بالشبهة حلال يوجب التحريم.

و فيه: ان الوطء بالشبهة ربما يكون حراما كما لو كانت الموطوءة اختا للواطي بحسب الواقع و لكن تحل له بحسب الموازين الشرعية، مضافا الي أن قولهم الحرام لا يحرم الحلال لا مفهوم له كي تكون

نتيجته كون الحلال محرما فالمتحصل مما تقدم عدم قيام دليل علي هذا المدعي و عليه يكون مقتضي القاعدة عدم كونه محرما.

(1) لعدم الدليل علي كونهما محرمين و القاعدة الاولية تقتضي الجواز، و قد تقدم الكلام حول الزنا الطاري علي العقد قبل الوطء.

(2) النصوص الواردة في المقام متعارضة و استدل علي المنع بما رواه أبو بصير قال: سألته عن الرجل يفجر بالمرأة أ تحل لابنه؟ او يفجر بها الابن أ تحل لأبيه؟

______________________________

(1) لاحظ ص: 619 و 620

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 623

______________________________

قال: لا ان كان الاب او الابن مسها و احد منهما فلا تحل «1».

و أيضا بما رواه علي بن جعفر، عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن رجل زنا بامرأة هل يحل لابنه أن يتزوجها؟ قال: لا 2

و الرواية الاولي ضعيفه سندا بمحمد بن عيسي بن عبد اللّه حيث انه لم يوثق و اذا كان الراوي عنه العبيدي فهو أيضا محل الاشكال، و الرواية الثانية لها سندان و السند الاول مخدوش ببنان بن محمد و السند الثاني مخدوش بعبد اللّه بن حسن.

و المعارض لهما ما رواه زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ان زنا رجل بامرأة ابيه او بجارية ابيه فان ذلك لا يحرمها علي زوجها و لا يحرم الجارية علي سيدها انما يحرم ذلك منه اذا اتي الجارية و هي له حلال فلا تحل تلك الجارية لابنه و لا لأبيه الحديث 3 فان المستفاد من ذيل الحديث بمقتضي الحصر ان المحرم ما يكون حلالا، و هذه الرواية ضعيفة بموسي بن بكر، و مقتضي اطلاق قوله تعالي «وَ أُحِلَّ لَكُمْ» 4 جواز كل واحدة منهما علي الاخر.

و ربما يقال: ان قوله تعالي

«وَ لٰا تَنْكِحُوا مٰا نَكَحَ آبٰاؤُكُمْ» 5 يقتضي حرمة موطوئة الاب علي الابن و لكن الظاهر بحسب التبادر العرفي أن يكون المراد من النكاح في المقام العقد و الزواج لا الوطء.

و يؤكد المدعي ان وحدة السياق تقتضي أن يكون المراد العقد اذ المراد من المنهي بقوله تعالي «لٰا تَنْكِحُوا» هو العقد فالمراد من قوله «مٰا نَكَحَ آبٰاؤُكُمْ» أيضا هو العقد و علي تقدير الشك يكون الكلام مجملا فلا يترتب عليه اثر.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل: الباب 9 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث 1 و 2

(2) (3) الوسائل الباب 4 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

(3) (4) النساء/ 24

(4) (5) النساء/ 22

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 624

[مسألة 6: لو ملك الأختين فوطئ إحداهما حرمت الأخري جمعا]

(مسألة 6): لو ملك الاختين فوطئ احداهما حرمت الاخري جمعا (1) فلو وطئها لم تحرم الاولي الا أن يكون عالما بالحرمة و الموضوع فتحرم حينئذ (2). ثم انه ان اخرج الاولي عن ملكه حلت الثانية مطلقا (3) و ان اخرج الثانية عن ملكه لم تحل الاولي الا اذا كان اخراجه للثانية لا بقصد الرجوع الي الاولي (4) و الاحوط في وطء

______________________________

(1) لجملة من النصوص منها ما رواه مسعدة بن زياد، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام يحرم من الاماء عشر لا تجمع بين الام و الابنة و لا بين الاختين الحديث «1» فان المراد من الجمع في الرواية الجمع بينهما بالوطي و إلا فلا اشكال في الجمع في الملك.

(2) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يشتري الاختين فيطأ احداهما ثم يطأ الاخري بجهالة قال: اذا وطئ الاخيرة بجهالة لم تحرم عليه الاولي و ان

وطئ الاخيرة و هو يعلم انها عليه حرام حرمتا عليه جميعا «2» فان المستفاد من الحديث انه لو وطئ الثانية مع العلم تحرم الاولي و الا فلا و أما الثانية فلا اشكال في حرمتها كما تقدم.

(3) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اذا كانت عند الرجل الاختان المملوكتان فنكح احداهما ثم بدا له في الثانية ينكحها فليس ينبغي له أن ينكح الاخري حتي تخرج الاولي من ملكه يهبها أو يبيعها فإن و هبها لولده يجزيه 3 فان المستفاد من الرواية ان اخراج الاولي عن الملكية يوجب لحلية بالنسبه الي الثانية.

(4) لاحظ ما رواه أبو الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 8

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 5 و 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 625

الثانية جهلا أن لا تحل له الاولي الا بالشرط المذكور (1).

______________________________

حديث قال: سألته عن رجل عنده اختان مملوكتان فوطئ احدهما ثم وطئ الاخري فقال: اذا وطئ الاخري فقد حرمت عليه الاولي حتي تموت الاخري قلت أ رأيت ان باعها؟ فقال: ان كان انما يبيعها لحاجة و لا يخطر علي باله من الاخري شي ء فلا اري بذلك بأسا، و ان كان انما يبيعها ليرجع الي الأولي فلا «1».

فان المستفاد من الخبر التفصيل، فلاحظ.

(1) منشأ الاحتياط ما رواه عبد الغفار الطائي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل كانت عنده اختان فوطئ احداهما ثم أراد أن يطأ الاخري قال: يخرجها عن ملكه قلت: الي من؟ قال: الي بعض أهله قلت: فان جهل ذلك حتي وطأها قال: حرمتا عليه كلتاهما

2.

بتقريب ان المستفاد من الرواية حرمة الاولي مع الجهل بالحرمة فيقع التعارض بين هذه الرواية و رواية الحلبي.

و يمكن أن يقال ان حديث عبد الغفار لا يعارض حديث الحلبي لأن المراد من الجهالة المذكورة فيه الجهالة بالطريق المحلل لا الجهالة بحرمة الثانية فغاية ما في الباب دلالة حديث عبد الغفار علي الحرمة علي الاطلاق بلا فرق بين صورة العلم و الجهل فتقيد بحديث الحلبي كما يمكن أن تقيد بحديث عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث من أحرم في قميصه الي أن قال: اي رجل ركب امرا بجهالة فلا شي ء عليه 3.

مضافا الي انه يمكن أن يقال انه علي فرض التعارض يكون الترجيح مع دليل الجواز لموافقته مع اطلاق الكتاب و هو قوله «وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حٰافِظُونَ إِلّٰا عَليٰ أَزْوٰاجِهِمْ أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُمْ» 4 و قد تقدم الاشكال في الترجيح بالكتاب

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 9 و 6.

(2) (3) الوسائل: الباب 30 من ابواب ما الخلل الواقع في الصلاة الحديث: 1

(3) (4) المؤمنون/ 5 و 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 626

[مسألة 7: يحرم علي الحر في الدائم ما زاد علي أربع حرائر]

(مسألة 7): يحرم علي الحر في الدائم ما زاد علي اربع حرائر (1).

______________________________

(1) نقل عليه اجماع المسلمين قاطبة بل في بعض الكلمات ادعيت عليه الضرورة و لا اشكال في انه من الواضحات و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي «فَانْكِحُوا مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ مَثْنيٰ وَ ثُلٰاثَ وَ رُبٰاعَ» «1» فان الاية الكريمة حيث انها في مقام التحديد تدل علي حرمة الخامسة.

و تدل علي المدعي أيضا جملة من النصوص: منها: ما روي في (مجمع البيان) قال: قال الصادق عليه السلام لا يحل لماء الرجل

أن يجري في اكثر من اربعة ارحام «2».

و منها: ما رواه زرارة بن اعين و محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا جمع الرجل اربعا و طلق احداهن فلا يتزوج الخامسة حتي تنقضي عدة المرأة التي طلق و قال: لا يجمع مائة في خمس «3»:

و منها: ما رواه محمد بن احمد بن مطهر قال: كتبت الي أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام اني تزوجت اربع نسوة و لم اسأل عن اسمائهن ثم اني اردت طلاق احداهن و تزويج امرأة اخري فكتب عليه السلام انظر الي علامة ان كانت بواحدة منهن فتقول: اشهد و ان فلانة التي بها علامة كذا و كذا هي طالق ثم تزوج الاخري اذا انقضت العدة 4.

و منها: ما رواه جميل بن دراج، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل تزوج خمسا في عقدة قال: يخلي سبيل ايتهن شاء و يمسك الاربع 5.

______________________________

(1) النساء/ 3

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 3

(3) (3 و 4) الوسائل: الباب 3 و 2 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 1 و 3

(4) (5) الوسائل الباب 4 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 627

و في الاماء ما زاد علي الامتين (1) و له أن يجمع بين حرتين و امتين أو ثلاث حرائر و امة (2) و يحرم علي العبد ما زاد علي أربع اماء و في الحرائر ما زاد علي حرتين (3). و له ان ينكح حرة و امتين (4) و لا يجوز

______________________________

و منها: ما رواه عقبة بن خالد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في مجوسي أسلم و له سبع نسوة

و أسلمن معه كيف يصنع؟ قال: يمسك اربعا و يطلق ثلاثا «1»

(1) ادعي عليه تسالم الاصحاب و عدم الخلاف و يدل علي المدعي ما رواه ابو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل له امرأة نصرانية له أن يتزوج عليها يهودية؟ فقال: ان اهل الكتاب مماليك للإمام و ذلك موسع منا عليكم خاصة فلا بأس أن يتزوج قلت: فانه يتزوج عليهما امة قال: لا يصلح له أن يتزوج ثلاث اماء الحديث «2» فانه لو كان جائزا لكان صالحا فعدم كونه صالحا يلازم مع عدم الجواز و هذا هو المدعي.

(2) كما هو ظاهر اذ يجوز له الأربع فيجوز الجمع بين حرتين و امتين كما انه يجوز له الجمع بين امة و ثلاث حرائر.

(3) و يدل عليه ما رواه محمد بن مسلم، عن احدهما عليهما السلام قال سألته عن العبد يتزوج اربع حرائر؟ قال: لا و لكن يتزوج حرتين و إن شاء اربع اماء «3»

(4) لاحظ ما ارسله الصدوق (قده) يتزوج العبد بحرّتين او اربع اماء او امتين و حرة «4» و مقتضي الادلة الاولية هو الجواز اذ لا يشمله دليل المنع مضافا الي انه ادعي عليه الاجماع.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 1

(2) الوسائل: الباب 2 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 2.

(3) الوسائل: الباب 8 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 1

(4) الوسائل: الباب 22 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 628

نكاح الامة علي الحرة الا باذنها (1) و لو عقد بدونه كان باطلا بدون اجازتها (2).

______________________________

(1) اجماعا بقسميه كما في الجواهر و يدل علي المدعي ما رواه محمد

بن اسماعيل قال: سألت أبا الحسن عليه السلام هل للرجل أن يتمتع من المملوكة باذن اهلها و له امرأة حرة؟ قال: نعم اذا رضيت الحرة، قلت: فان اذنت الحرة يتمتع منها، قال: نعم «1».

و يدل عليه أيضا ما رواه يعقوب بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يتزوج الامة علي الحرة متعة؟ قال: لا 2.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه حذيفة بن منصور قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امة علي حرة لم يستأذنها؟ قال: يفرق بينهما قلت: عليه ادب؟ قال: نعم اثنا عشر سوطا و نصف ثمن حد الزاني و هو صاغر 3.

(2) لاحظ ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: تزوج الحرة علي الامة و لا تزوج الامة علي الحرة و من تزوج امة علي حرة فنكاحه باطل 4.

و يستفاد من حديث سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امة علي حرة فقال: ان شاءت الحرة تقيم مع الامة اقامت و ان شاءت ذهب الي اهلها قال:

قلت: فان لم ترض بذلك و ذهبت الي اهلها أله عليها سبيل اذا لم ترض بالمقام؟

قال: لا سبيل عليها اذا لم ترض حين تعلم قلت: فذهابها الي اهلها طلاقها؟ قال:

نعم اذا خرجت من منزله اعتدت ثلاثة اشهر او ثلاثة قروء ثم تتزوج ان شاءت 5 ما ينافي مفاد حديث الحلبي، فان المستفاد من هذا الحديث عدم بطلان عقد الامة علي الحرة غاية الامر يكون للحرة الخيار و الفسخ بالنسبة الي عقد نفسها، و لكن

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 16 من ابواب المتعة الحديث: 1 و 3

(2) (3) الوسائل الباب 47 من ابواب

ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 2

(3) (4) الوسائل الباب 46 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1

(4) (5) الوسائل الباب 47 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 629

و أما معها فالاظهر الصحة (1) و لو ادخل الحرة علي الامة و لم تعلم فلها الخيار في عقد نفسها (2).

______________________________

الرواية نقلها في الكافي بنحو آخر في رجل تزوج امرأة حره و له امرأة امة فيتعارض النقلان.

و قال سيدنا الاستاد: يقدم ما في نسخة الكافي لأنها اضبط، هذا علي تقدير كون الرواية رواية واحدة منقولة بطريقين و اما علي تقدير احتمال كونهما روايتين يقع التعارض بين حديث الحلبي و رواية سماعة اذ مقتضي إحداهما بطلان تزويج الامة علي الحرة و مقتضي الاخري الصحة و الترجيح مع ما يدل علي الصحة لكونها موافقة مع الاطلاق الكتابي و قد مر الاشكال في الترجيح بالكتاب.

(1) لما ورد في نكاح العبد بدون اذن سيده، بتقريب انه يستفاد من عموم التعليل الجواز مع اجازة من بيده الامر لاحظ ما رواه زرارة «1» و قد مر اشكال في التقريب المذكور و قلنا ان غاية ما يستفاد من الرواية ان العبد اذا عقد عقدا او أوقع ايقاعا بدون اذن سيده يصح مع الاجازة المتأخرة.

مضافا الي أنه صرح في حديث الحلبي بالبطلان، و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين لحوق الاجازة و عدمها، و مع ذلك كيف يمكن الالتزام بالصحة بلحوق الاجازة، الا أن يقال ان حديث زرارة بتقريب عموم العلة حاكم علي حديث الحلبي.

و بعبارة اخري البطلان في حديث الحلبي بلحاظ العصيان الخلقي و المفروض انه قابل للتصحيح بالاجازة اللاحقة.

(2) للحديث سماعة «2» و لحديث يحيي بن الازرق،

قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل كانت له امرأة وليدة فتزوج حرة و لم يعلمها بأن له امرأة وليدة فقال ان شاءت الحرة اقامت و ان شاءت لم تقم قلت: قد اخذت المهر فتذهب به؟

______________________________

(1) لاحظ ص: 615

(2) لاحظ ص: 628-

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 630

و لو جمعهما في عقد واحد صح عقد الحرة (1) و توقف عقد الامة علي اجازة الحرة (2).

[مسألة 8: يحرم العقد علي ذات البعل أو المعتدة ما دامتا كذلك]

(مسألة 8): يحرم العقد علي ذات البعل أو المعتدة ما دامتا كذلك و لو تزوجها جاهلا بالحكم أو الموضوع بطل العقد فان دخل حينئذ حرمت ابدا و الولد له و عليه مهر المثل للمرأة مع جهلها و الاحوط ان تتم عدة الاول ان كانت معتدة و تستأنف عدة الثاني و الاظهر التداخل و لو عقد عالما بالحكم و الموضوع حرمت ابدا بالعقد و كذا اذا كانت المعتدة المعقود عليها عالمة بهما و اما ذات البعل فلا اثر لعلمها و لا فرق في العدة بين عدة الطلاق بائنا او رجعيا و عدة الوفاة و عدة وطء الشبهة و لا فرق في المعتدة بين الحرة و الامة و لا في الدخول بين أن يكون في القبل و الدبر و لا يلحق بالعدة مدة استبراء الامة

______________________________

قال: نعم بما استحل من فرجها «1»

(1) لاحظ ما رواه ابو عبيدة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سئل أبو جعفر عليه السلام عن رجل تزوج امرأة حرة و امتين مملوكتين في عقد واحد قال: أما الحرة فنكاحها جائز و ان كان سمي لها مهرا فهو لها، و أما المملوكتان فان نكاحهما في عقد مع الحرة باطل يفرق بينه و بينهما «2» فان مقتضي هذا الحديث صحة

عقد الحرة.

(2) بدعوي استفادة حكم المقام عن مورد دخول الامة علي الحرة و جوازه

______________________________

(1) الوسائل الباب 47 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 48 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 631

و لا بالعقد وطء الشبهة و لا الوطء بالملك و لا بالتحليل و المدار علي علم الزوج فلا يقدح علم وليه او وكيله (1).

______________________________

باذنها و لكن الانصاف ان الجزم بالجواز مشكل و مقتضي اطلاق حديث أبي عبيدة هو البطلان بل لنا ان نقول بأن مقتضي الرواية عدم الجواز حتي مع اذن الحرة و حمل اطلاق الرواية علي كون الغالب عدم الاذن لا دليل عليه فلا وجه للحمل المذكور.

(1) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول: انه لو تزوج بذات بعل مع الجعل بالحكم أو الموضوع و دخل بها يكون العقد باطلا و تحرم علي الواطئ ابدا و النصوص الواردة في المقام مختلفة.

منها: ما رواه اديم بن الحر قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: التي يتزوج و لها زوج يفرق بينهما ثم لا يتعاودان ابدا «1» و مقتضي هذه الرواية ان مجرد العقد علي ذات بعل يوجب الحرمة الابدية.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة و لها زوج و هو لا يعلم فطلقها الأول او مات عنها ثم علم الاخير أ يراجعها؟ قال: لا حتي تنقضي عدتها 2 و المستفاد من هذه الرواية ان العقد علي ذات البعل مع الجهل بكونها ذات بعل لا يوجب الحرمة بل يجوز التزويج معها بعد انقضاء عدتها اعم من تحقق الدخول بها و عدمه.

و منها: ما رواه زرارة،

عن أبي جعفر عليه السلام في امرأة فقد زوجها او نعي اليها فتزوجت ثم قدم زوجها بعد ذلك فطلقها قال تعتد منهما جميعا ثلاثة اشهر عدة واحدة و ليس للاخر أن يتزوجها ابدا 3 فان المستفاد من هذه الرواية انه لو تزوج بذات بعل مع الجهل و دخل بها تحرم عليه مؤبدا. و الدليل علي تحقق الدخول

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 16 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث:

1 و 3 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 632

______________________________

قوله عليه السلام تعتد منهما جميعا- اذ لا عدة مع عدم الدخول.

و منها: ما رواه زرارة (أيضا) عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا نعي الرجل الي اهله او اخبروها انه قد طلقها فاعتدت ثم تزوجت فجاء زوجها الاول فان الاول احق بها من هذا الاخير دخل بها الاول أو لم يدخل بها و ليس للاخر أن يتزوجها ابدا و لها المهر بما استحل من فرجها «1» و هذه الرواية كالرواية السابقة في المفاد.

و الدليل علي الدخول في هذه الرواية قول عليه السلام و لها المهر بما استحل من فرجها» و حيث ان الظاهر بحسب الفهم العرفي فرض الجهل في روايتي زرارة تكونان بالنسبة الي حديث عبد الرحمن بن الحجاج نسبة الخاص الي العام، اذ مقتضي اطلاق حديث عبد الرحمن عدم الفرق بين الدخول و عدمه، لكن فرض الجهل بالموضوع في الرواية فحديث عبد الرحمن يخصص بحديثي زرارة كما ان عموم حديث اديم بن الحر يخصص بهذه النصوص.

فالنتيجة ان الحرمة الابدية في صورة الجهل بالموضوع و الدخول، لكن هذا التقريب انما يتم علي فرض تمامية حديث عبد الرحمن بن الحجاج سندا و أما لو

لم يتم لأجل كون محمد بن عيسي في السند و احتمال المراد منه اليونسي فيشكل و لا يتم التقريب اذ علي هذا التقدير لا دليل علي الجواز مع عدم الدخول، فان مقتضي حديث اديم بن الحر الحرمة علي الاطلاق و مقتضي حديثي زرارة الحرمة في صورة الجهل بالموضوع و الدخول و من الظاهر انه لا تنافي بين المثبتين.

و بعبارة اخري: لا مفهوم لحديثي زرارة بل المستفاد منهما ثبوت الحرمة في صورة خاصة و أما نفي الحرمة عن غيرها فلا يستفاد منهما و الحال ان المستفاد من

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 633

______________________________

حديث اديم الحرمة علي الاطلاق.

بقي شي ء: و هو ان الماتن عمم الجهل حيث قال جاهلا بالحكم او الموضوع و الحال ان المستفاد من النصوص ان الموضوع الذي رتب عليه الحكم هو الجهل بالموضوع فعليه الجهل بالحكم لا أثر له و اذا لم يكن جهل بالموضوع تترتب الحرمة.

و في المقام رواية لعبد الرحمن- قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة ثم استبان له بعد ما دخل بها ان لها زوجا غائبا فتركها ثم ان الزوج قدم فطلقها أو مات عنها أ يتزوجها بعد هذا الذي كان تزوجها و لم يعلم ان لها زوجا؟ قال: ما احب له أن يتزوجها حتي تنكح زوجا غيره «1»، يتوهم منها المعارضة بدعوي ان المستفاد منها عدم تحقق الحرمة الابدية حتي مع فرض الدخول حيث فرض الدخول في الرواية في قول الراوي بعد ما دخل بها، و صاحب الوسائل احتمل أن يكون المراد بالدخول الخلوة معها و لكن الاحتمال المذكور خلاف الظاهر و المنشأ لتوهم المعارضة أمران:

احدهما: قوله: «ما احب له أن يتزوجها»

بدعوي ان هذه الكلمة تدل علي الكراهة لا الحرمة، فالنكاح جائز، و فيه: ان هذه اعم من الحرمة، و بعبارة اخري ليست بنحو يعارض دليل الحرمة.

ثانيهما: قوله عليه السلام: حتي تنكح زوجا غيره بتقريب ان المستفاد من هذه الجملة جواز التزويج معها بعد ذلك نظير جواز التزويج للمطلق ثلاثا بعد أن تنكح زوجا آخر و انفصالها منه.

و فيه: انه لا يمكن الالتزام به جزما اذ بعد فرض نكاحها زوجا آخر و فرض

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 634

______________________________

كونها ذات بعل كيف يمكن الالتزام بجواز التزويج معها فالجار كلمة (حتي) لا يكون للتحديد بل يكون للغاية اي لا يزاحمها و يفتح الطريق لها كي تنكح زوجا آخر باختيارها.

و بعبارة اخري: لا يجعلها معطلة بل يرفع عنها يده كي تتزوج زوجا حلالا.

و لكن الانصاف: ان هذا التقريب خلاف الظاهر العرفي و هذا العرف ببابك الفرع الثاني: انه لو تزوج بامرأة ذات عدة جاهلا اما بالحكم أو بالموضوع و دخل بها تحرم عليه مؤبدا.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا تزوج الرجل المرأة في عدتها و دخل بها لم تحل له ابدا عالما كان أو جاهلا و ان لم يدخل حلت للجاهل و لم تحل للاخر «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان الدخول و لو مع الجهل بالموضوع أو الحكم أو كليهما يوجب الحرمة الابدية فلا مجال لأن يقال ان المستفاد من بعض النصوص ان الجهل مانع عن الحرمة الابدية و لو مع الدخول.

لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار، قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الامة يموت سيدها قال: تعتد عدة المتوفي عنها زوجها

قلت: فان رجلا تزوجها قبل أن تنقضي عدتها قال فقال: يفارقها ثم يتزوجها نكاحا جديدا بعد انقضاء عدتها قلت: فأين ما بلغنا عن ابيك في الرجل اذا تزوج المرأة في عدتها لم تحل له ابدا؟ قال: هذا جاهل 2 فان المستفاد من هذا الخبر ان الجهل مانع عن الحرمة الابدية بلا فرق بين الدخول و عدمه.

و لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار أيضا، قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السلام بلغنا عن ابيك ان الرجل اذا تزوج المرأة في عدتها لم تحل له ابدا فقال: هذا اذا

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 17 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 635

______________________________

كان عالما فاذا كان جاهلا فارقها و يعتد ثم يتزوجها نكاحا جديدا «1» فان المستفاد منه كالمستفاد من سابقه و لكن يقيد ان بحديث الحلبي و تكون النتيجة ان الدخول يوجب الحرمة و لو مع الجهل كما انه لا مجال للأخذ بما يدل علي أن الميزان بالدخول علي الاطلاق بلا فرق بين العلم و الجهل لاحظ ما رواه سليمان بن خالد قال: سألته عن رجل تزوج امرأة في عدتها قال: فقال: يفرق بينهما و ان كان دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها و يفرق بينهما فلا تحل له ابدا و ان لم يكن دخل بها فلا شي ء لها من مهرها «2».

فان المستفاد من هذا الحديث ان الموضوع للحرمة الابدية الدخول بلا فرق بين الجهل و العلم و لكن حديث الحلبي يقيد كلا الحديثين.

الفرع الثالث: ان الولد له قال في الجواهر: «يثبت النسب مع الشبهة اجماعا بقسميه الخ «3» مضافا الي أن القاعدة الاولية تقتضي ذلك فان ولد المنعقد

من ماء شخص يكون منسوبا اليه و بعبارة اخري: يصدق عليه انه ولده عرفا و لغة و انما المنفي بحسب التعبد ولد الزنا و يدل علي المدعي مرسل جميل، عن احدهما عليهما السلام في المرأة تزوج في عدتها قال: يفرق بينهما و تعتد عدة واحدة منهما جميعا و ان جاءت بولد لستة اشهر او اكثر فهو للأخير و ان جاءت بولد لأقل من ستة اشهر فهو للأول «4».

الفرع الرابع: ان علي الواطئ مهر المثل مع جهل المرأة و في المقام قولان:

احدهما: ان لها المهر المسمي، ثانيهما ان لها المهر المثل و يدل علي القول الثاني

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) ج- 29 ص 244

(4) الوسائل الباب 17 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 636

______________________________

النصوص الدالة علي ان لها المهر بما استحل من فرجها لاحظ حديثي سليمان بن خالد «1» و أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في رجل نكح امرأة و هي في عدتها قال: يفرق بينهما ثم تقضي عدتها فان كان دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها و يفرق بينهما و ان لم يكن دخل بها فلا شي ء لها الحديث «2».

و لاحظ حديث زرارة «3» فان الظاهر من قوله عليه السلام- «لها المهر بما استحل من فرجها» بالاضافة الي أن العقد الفاسد لا يقتضي استحقاق المهر ان المراد من المهر في هذه النصوص المهر المثل لا المسمي.

و بعبارة اخري: لا يكون المراد في هذه النصوص من المهر المسمي لعدم المقتضي و لا جنس المهر و الا كان يكفي ما يصدق عليه المهر فيكون المراد منه المهر المثل الثابت

في امثال المقام.

و يمكن الاستدلال علي القول الاول بما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتزوج المرأة المطلقة قبل أن تنقضي عدتها قال: يفرق بينهما و لا تحل له ابدا و يكون لها صداقها بما استحل من فرجها او نصفه ان لم يكن دخل بها «4» فان هذه الرواية تدل علي أن لها نصف المهر المسمي مع عدم الدخول و تمامه مع الدخول لكن لا وجه لحمل الصداق في هذه الرواية علي المهر المسمي اذ المذكور في الرواية قوله عليه السلام «لها صداقها بما استحل من فرجها» فيكون المراد من الصداق مهر المثل كما يكون كذلك في بقية الروايات و علي تقدير تسليم ظهور الرواية في المهر المسمي يعارضها حديثا سليمان بن خالد «5»

______________________________

(1) لاحظ ص: 635

(2) الوسائل الباب 17 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 8

(3) لاحظ ص: 632

(4) الوسائل الباب 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 21

(5) لاحظ ص: 635

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 637

______________________________

و أبي بصير قال: سألته عن رجل يتزوج امرأة في عدتها و يعطيها المهر ثم يفرق بينهما قبل أن يدخل بها قال: يرجع عليها بما أعطاها «1».

فان قلنا بأن حديث عبد اللّه بن سنان لعدم العمل به و هجره مطروح فهو كما انه لو قلنا بظهورها في المهر في المثل أو قلنا باجماله فلا تعارض و الا فتصل النوبة الي اعمال قانون التعارض فان مقتضي التعارض التساقط و الرجوع الي الاصل و مقتضاه عدم شي ء علي الواطئ فمع عدم الدخول لا مهر عليه و حيث ان الترجيح مع الأحدث و المفروض انه لا يميز فيدخل المقام في كبري اشتباه

الحجة بغيرها فلا بد من العمل علي طبق القواعد فنقول: ان الأمر دائرا بين الاقل و الأكثر و لا بد من الأخذ بالاقل و اجراء الأصل في الأكثر و ان كان دائرا بين المتباينين فالمرجع القرعة هذا ما يختلج بالبال في هذه العجالة فلاحظ.

الفرع الخامس: انها تعتد منهما عدة واحدة بنحو التداخل و الاحوط عدم التداخل و الكلام في هذا الموضع يقع في مقامين: المقام الاول في مقتضي القاعدة الاولية و المقام الثاني فيما هو المستفاد من النصوص:

أما المقام الاول: فالقاعدة تقتضي التداخل فان المستفاد من دليل العدة ان اول زمانه زمان تحقق السبب نعم في حصول عدة الوفاة قد دل الدليل علي أن اول زمانه زمان وصول خبر الوفاة فاذا اجتمع السببان يكون التداخل لازما و خلافه يحتاج الي الدليل اذ الزمان الواحد غير صالح لاجتماع العدتين بنحو الاستقلال و ان شئت قلت: ان تأخير احدهما عن الاخر بلا وجه و هذا لا ينافي ما بني عليه في الأصول من عدم التداخل فان عدم التداخل هناك قابل مثلا اذا وجدت أسباب عديدة للغسل يجب التعدد الا مع قيام دليل علي التداخل و لا محذور في عدم التداخل فان تحقق الأغسال العديدة ممكن بخلاف المقام حيث ان الزمان الواحد لا يصلح

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 638

______________________________

لعدتين مستقلتين هذا بحسب مقتضي القاعدة الاولية.

و أما المقام الثاني: فالمستفاد من بعض النصوص التداخل علي الاطلاق لاحظ ما رواه زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام في امرأة تزوجت قبل أن تنقضي عدتها قال: يفرق بينهما و تعتد عدة واحدة منهما جميعا «1».

و أيضا لاحظ ما رواه ابو

العباس، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرأة تزوج في عدتها قال: يفرق بينهما و تعتد عدة واحدة منهما جميعا «2».

و المستفاد من بعضها الاخر عدم التداخل لاحظ حديث محمد بن مسلم، عن عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدتها قال: ان كان دخل بها فرق بينهما و لم تحل له ابدا و اتمت عدتها من الاول و عدة اخري من الاخر، و ان لم يكن دخل بها فرق بينهما و اتمت عدتها من الاول و كان خاطبا من الخطاب 3.

و لاحظ حديث علي بن بشير النبال قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة في عدتها و لم يعلم و كانت هي قد علمت انه قد بقي من عدتها و انه قذفها بعد علمه بذلك فقال: ان كانت علمت ان الذي صنعت يحرم عليها فقدمت علي ذلك فان عليها الحد حد الزاني و لا أري علي زوجها حين قذفها شيئا، و ان فعلت ذلك بجهالة منها ثم قذفها بالزنا ضرب قاذفها الحد و فرق بينهما و تعتد ما بقي من عدتها الاولي و تعتد بعد ذلك عدة كاملة 4.

و في المقام طائفة ثالثة تدل علي أن التزويج بذات عدة من الوفاة مع الدخول يوجب العدة المستقلة و عدم تداخلها مع الاولي.

لاحظ ما رواه محمد ابن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: المرأة الحبلي يتوفي عنها زوجها فتضع و تزوج قبل أن تعتد اربعة اشهر و عشرا فقال: ان كان

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 11

(2) (2 و 3 و 4) نفس المصدر الحديث: 12 و 9 و

18

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 639

______________________________

الذي تزوجها دخل بها فرق بينهما و لم تحل له ابدا و اعتدت بما بقي عليها من عدة الاول و استقبلت عدة اخري من الاخر ثلاثة قروء، و ان لم يكن دخل بها فرق بينهما و اتمت ما بقي من عدتها و هو خاطب من الخطاب «1».

و ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المرأة الحبلي يموت زوجها فتضع و تزوج قبل أن تمضي لها اربعة اشهر و عشرا فقال: ان كان دخل بها فرق بينهما و لم تحل له ابدا و اعتدت ما بقي عليها من الاول و استقبلت عدة اخري من الاخر ثلاثة قروء و ان لم يكن دخل بها فرق بينهما و اعتدت بما بقي عليها من الاول و هو خاطب من الخطاب 2.

فعلي مسلك انقلاب النسبة يقيد ما يدل علي التداخل علي الاطلاق بالطائفة الثالثة و بعد التقييد تصير نسبتها الي ما يدل علي عدم التداخل نسبة الخاص الي العام بعد ما كانت النسبة بينهما التباين، فتصير النتيجة بعد الانقلاب و التقييد التفضيل بين عدة الوفاة و غيرها بعدم التداخل في الاولي و التداخل في الثانية، و علي فرض عدم القول بالانقلاب يقع التعارض بين الطائفة الاولي و الثانية و لا مرجح لأحد الطرفين من الكتاب، و أيضا لا مرجح بلحاظ مخالفة القوم اذ يظهر من خلاف الشيخ (قده) 3 ان اقوال العامة في المقام مختلفة فتصل النوبة الي المرجح الثالث و هي الأحدثية و حيث انها مجهولة فتصل النوبة الي الاصل العملي و مقتضاه عدم وجوب الزائد علي الواطئ و مقتضي القاعدة الاولية هو التداخل كما تقدم و لا اشكال

في أن الاحوط عدم التداخل كما في المتن.

الفرع السادس: انه لو كان عالما بالحكم و الموضوع و مع ذلك عقد عليها

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 2 و 6

(2) (3) ج 2 ص: 311- المسألة 31

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 640

______________________________

تحرم عليه مؤيدا، فانه يمكن الاستدلال علي المدعي بالنسبة الي ذات البعل بحديث اديم بن الحر «1» فان مقتضي هذه الرواية ان التزويج بذات البعل يوجب الحرمة الابدية و في صورة العلم بالموضوع و الحكم لا معارض للرواية

و اما بالنسبة الي ذات العدة فيدل علي المدعي ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه قال: و الذي يتزوج المرأة في عدتها و هو يعلم لا تحل له ابدا «2»

بتقريب ان العلم بالموضوع لا ينفك عن العلم بالحكم اذ كيف يمكن العلم بكون المرأة ذات عدة و الجهل بالحرمة فان العدة معناها عد ايام معينة و عدم جواز التزويج فيها.

مضافا الي أنه يكفي لإثبات المدعي ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي ابراهيم عليه السلام قال: سألته عن الرجل يتزوج المراة في عدتها بجهالة أ هي ممن لا تحل له ابدا؟ فقال: لا اما اذا كان بجهالة فليزوجها بعد ما تنقضي عدتها و قد يعذر الناس في الجهالة بما هو اعظم من ذلك فقلت: بأي الجهالتين يعذر بجهالته ان ذلك محرم عليه؟ أم بجهالته انها في عدة؟ فقال: احدي الجهالتين أهون من الاخر الجهالة بأن اللّه حرم ذلك عليه و ذلك بأنه لا يقدر علي الاحتياط معها فقلت: و هو في الاخري معذور؟ قال: نعم اذا انقضت عدتها فهو معذور في أن يتزوجها فقلت: فان كان احدهما متعمدا و الاخر يجهل

فقال: الذي تعمد لا يحل له أن يرجع الي صاحبه ابدا «3» فان المستفاد من هذه الرواية ان احدي الجهالتين تكفي للمنع عن الحرمة الابدية.

______________________________

(1) لاحظ ص: 631

(2) الوسائل الباب 17 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 641

______________________________

الفرع السابع: انه لو كانت المعتدة المعقودة عليها عالمة بالحكم و الموضوع تحرم علي العاقد، لاحظ ما روي عن أبي ابراهيم عليه السلام «1» فان مقتضي هذه الرواية اشتراك العاقد، و المعقود عليها في هذا الحكم.

الفرع الثامن: انه لا اثر لعلم ذات البعل و ذلك لعدم الدليل عليه و القاعدة الاولية تقتضي عدم الحرمة، فلاحظ.

الفرع التاسع: انه لا فرق في هذا الحكم في المعتدة بين أقسام العدة من كونها رجعية أو بائنة أو من وفاة فان عدم جواز العقد علي المعتدة و بطلانه من الواضحات و يدل عليه الكتاب و السنة، مضافا الي اجماع المسلمين، و أما ترتب الحرمة الابدية بشرائطها فلا طلاق الدليل فان الموضوع المأخوذ في لسان الروايات هي المعتدة كما ان مقتضي اطلاقها عدم الفرق بين كون المرأة المعتدة حرة او امة.

الفرع العاشر: انه لا فرق في الدخول بين أن يكون في القبل و الدبر استدل عليه باطلاق الدخول الوارد في النصوص و بحديث حفص بن سوقة، عمن أخبره قال: سألت أبا عبد اللّه عن الرجل يأتي اهله من خلفها، قال: هو احد المأتيين فيه الغسل «2».

و يرد علي الاول، ان دعوي الانصراف الي الدخول المتعارف الخارجي لا تكون جزافية و علي الثاني، بأنها مرسلة و لا اعتبار بها، و الاحتياط طريق النجاة

الفرع الحادي عشر: انه لا تلحق بالعدة ايام استبراء الامة لعدم الدليل

فان العدة لها أحكام خاصة لا تترتب علي مدة الاستبراء و لذا يجوز الاستمتاع بها و المحرم خصوص الوطء و الحال انه لا يجوز العقد علي المعتدة و الأحكام الشرعية تعبدية

______________________________

(1) عين المصدر

(2) الوسائل: الباب 12 من أبواب الجنابة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 642

[مسألة 9: لا يصح العقد علي المرأة في المدة التي تكون بين وفاة زوجها و علمها بوفاته]

(مسألة 9): لا يصح العقد علي المرأة في المدة التي تكون بين وفاة زوجها و علمها بوفاته (1).

و هل يجري عليها حكم العدة قيل لا فلو عقد علي امرأة في تلك المدة لم تحرم عليه و ان كان عالما و دخل بها فله تجديد العقد بعد العلم بالوفاة و انقضاء العدة بعده و لكنه محل اشكال جدا و الاحتياط لا يترك (3).

______________________________

الفرع الثاني عشر انه لا تلحق بالعقد الوطء بالشبهة و لا الوطء بالملك و لا بالتحليل و ذلك لأن الحكم تابع لموضوعه و الحكم في لسان الروايات مترتب علي العقد فلا وجه للتسريته الي غير مورده.

الفرع الثالث عشر: ان المدار علم الزوج و أما علم الولي أو الوكيل فلا يوجب الحرمة اذ المأخوذ في الدليل علم الزوج فلا وجه لتسرية الحرمة الي غير ذلك المورد فلاحظ.

(1) بلا اشكال و لا خلاف فيه ظاهرا اذ المستفاد من الكتاب و السنة و الاجماع ان المرأة التي يموت عنها زوجها لا يجوز تزويجها الا بعد تمامية عدتها فلا يجوز العقد عليها في المدة الفاصلة بين وفاة زوجها و وصول موتها اليها.

(2) في المقام قولان كما يظهر من المتن، ذهب الماتن الي أن حكمها حكم زمان العدة لوجهين: احدهما: ان المستفاد من الدليل وجوب التربص من حين الوفاة، غاية الأمر بعد المدة المقررة من حين بلوغها بنبإ وفاة زوجها فيحرم عليها التزويج

من حين الوفاة و وجوب العدة عليها من ذلك الحين.

و فيه: انه لا اشكال في حرمة التزويج و بطلانه كما انه لا اشكال في عدم وقوع التزويج خلال العدة اذ المفروض ان مبدأ عدتها من حين البلوغ و المفروض عدمه فلا يترتب عليه ذلك الحكم المترتب علي ذلك الموضوع المغاير للمقام.

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 643

______________________________

ثانيهما: ان الموضوع المأخوذ في حديث اسحاق بن عمار «1» عنوان عدم انقضاء عدتها، و من الظاهر ان عنوان عدم انقضاء العدة يصدق علي تلك المدة المقررة فيترتب عليه الحكم.

و فيه: ان المستفاد من الخبر ان المفروض وقوع الزواج اثناء العدة، و الظاهر من قول السائل انه فرض وقوع التزويج اثناء العدة، بل ذيل الحديث صريح فيه حيث يسئل عن التزويج في العدة، و المفروض ان مبدأ العدة من حين البلوغ فمقتضي الصناعة هو القول الاخر و مقتضي الاحتياط ما أفاده في المتن.

______________________________

(1) لاحظ ص: 634

مباني منهاج الصالحين، ج 9، ص: 644

استدراك

ذكرنا في الجزء الاول في ص 199 و نصف الدائره شبران و الصحيح ان يقال و نصف القطر شبر و نصف

*** ذكرنا في الجزء الاول في ص 200 فالنتيجه بلوغ المجموع (27) شبرا و الحال انه ليس الامر كذلك بل النتيجة أقلّ و الذي يهون الخطب ان السند ضعيف فلا يترتب علي الرواية اثر

الجزء العاشر

[تتمة كتاب النكاح]

[تتمة الفصل الثالث]

[تتمة أما السبب أمور]
[تتمة الأول ما يحرم بالمصاهرة]
اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

[مسائل]
اشارة

مسائل

[الأولي من لاط بغلام فأوقبه حرمت عليه أبدا علي الأحوط أم الغلام و إن علت و أخته و بنته و إن سفلت]

(الاولي) من لاط بغلام فاوقبه حرمت عليه ابدا علي الاحوط أم الغلام و ان علت و اخته و بنته و ان سفلت و لو سبق عقدهن لم يحرمن و ان كان الاحوط الاجتناب و في عموم الحكم للواطئ اذا كان صغيرا أو كان الموطوء كبيرا اشكال و الاظهر العدم و لا تحرم علي الواطئ بنت اخت الموطوء و لا بنت اخيه (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع: الفرع الأول: انه لو اوقب غلاما حرمت عليه امه أبدا، و ادعي عليه عدم الخلاف و يدل عليه من النصوص ما رواه ابراهيم بن عمر، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل لعب بغلام هل يحل له امه؟ قال: ان كان ثقب فلا «1» و هذه الرواية مخدوشة بضعف اسناد الشيخ (قده) الي علي بن

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 4

______________________________

الحسن بن فضال.

الفرع الثاني: ان من لاط بغلام فاوقبه حرمت عليه اخته و بنته و ان سفلت.

و الدليل عليه من النصوص مرسلا ابن أبي عمير:

أحدهما: ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يعبث بالغلام قال:

اذا اوقب حرمت عليه ابنته و اخته «1».

ثانيهما: ما روي أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يعبث بالغلام قال اذا اوقب حرمت عليه اخته و ابنته «2» و المرسل لا اعتبار به.

و يدل علي المدعي بالنسبة الي الاخت ما رواه حماد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل أتي غلاما أ تحل له اخته؟ قال: فقال: ان كان ثقب فلا 3 و أيضا يدل عليه ما ارسله الصدوق (قده) عن ابي عبد اللّه

عليه السلام في رجل لعب بغلام قال: اذا اوقب لم تحل له اخته ابدا 4 و حديث حماد مخدوش بمعلي بن محمد و المرسل لا اعتبار به فان تم الحكم بعدم الخلاف و الاجماع، فهو و الا يشكل الجزم بالحكم و الماتن بني الحكم علي الاحتياط، و الظاهر ان عموم الحكم للأم و ان علت و للبنت و ان سفلت صدق عنوان الأم علي الجدة و البنت علي الحفيدة.

الفرع الثالث: ان العقد اذا كان سابقا لا تتحقق الحرمة الأبدية باللواط اللاحق لعدم الدليل عليه.

مضافا الي روايات تدل علي أن الحرام لا يحرم الحلال، منها ما رواه حنان بن سدير قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام اذ سأله سعيد عن رجل تزوج امرأة سفاحا

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

(2) (2 و 3 و 4) نفس المصدر الحديث: 6 و 4 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 5

[الثانية لو دخل بصبية لم تبلغ تسعا فأفضاها]

(الثانية) لو دخل بصبية لم تبلغ تسعا فافضاها قيل حرمت عليه أبدا و هو ضعيف (1).

______________________________

هل تحل له ابنتها؟ قال: نعم ان الحرام لا يحرم الحلال «1».

و منها: ما رواه صفوان قال: سأله المرزبان عن رجل يفجر بالمرأة و هي جارية قوم آخرين ثم اشتري ابنتها أ تحل له ذلك؟ قال: لا يحرم الحرام الحلال و رجل فجر بامرأة حراما أ يتزوج بابنتها؟ قال: لا يحرم الحرام الحلال 2.

نعم يدل علي الحكم المذكور بالنسبة الي الاخت مرسل ابن أبي عمير عن ابي عبد اللّه عليه السلام في رجل يأتي أخا امرأته فقال: اذا اوقبه فقد حرمت عليه المرأة 3. و المرسل لا اعتبار به و الاحتياط طريق النجاة.

الفرع الرابع: عدم

شمول الحكم للواطي اذا كان صغيرا أو كان الموطوء كبيرا و الوجه فيه ان الوارد في نصوص الباب عنوان عبث الرجل بالغلام او لعبه به فلا يصدق علي الواطئ ان كان غلاما و علي الموطوء ان كان رجلا.

الفرع الخامس: انه لا يحرم علي الواطئ بنت اخت الموطوء و لا بنت اخيه لعدم الدليل عليه.

(1) الظاهر ان الوجه في التضعيف عدم الدليل علي المدعي الا الاجماعات المنقولة و حيث ان الاجماع المنقول لا يكون حجة فلا يترتب عليه اثر، و اما مرسل يعقوب ابن يزيد- عن أبي عبد اللّه عليه السلام: قال: اذا خطب الرجل المرأة فدخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين فرق بينهما و لم تحل له ابدا 4 فلا اعتبار به.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 6 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 11 و 12

(2) (3) الوسائل الباب 15 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 2

(3) (4) الوسائل الباب 34 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 6

و لا سيما اذا اندمل الجرح (1) فتجري لها و عليها احكام الزوجة من النفقة و غيرها (2) بل تجب لها النفقة ما دامت حية و ان نشزت او طلقت (3) بل و ان تزوجت بعد الطلاق علي الاحوط (4) و لو أفضاها بعد التسع لم تحرم عليه أيضا (5) و لا تجب لها الدية مطلقا و تجب اذا امضاها قبل التسع اذا كان قد طلقها و قيل مطلقا

______________________________

(1) اذ مع فرض الاندمال تكون كبقية النساء و لا موجب للتفريق.

(2) علي ما هو مقتضي القاعدة المستفادة من الادلة.

(3) لاحظ ما رواه الحلبي، عن أبي عبد

اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل تزوج جارية فوقع بها فأفضاها قال عليه الاجراء عليها ما دامت حية «1» فان مقتضي هذه الرواية وجوب الانفاق عليها علي الاطلاق.

(4) للإطلاق و لعل الوجه في عدم الجزم دعوي الانصراف عن هذه الصورة و الظاهر انه لا وجه له بعد التصريح في الرواية بالوجوب ما دامت حية.

(5) لعدم الدليل علي الحرمة بل يستفاد من خبر حمران، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن رجل تزوج جارية بكر لم تدرك فلما دخل بها اقتضها فأفضاها فقال: ان كان دخل بها حين دخل بها و لها تسع سنين فلا شي ء عليه، و ان كانت لم تبلغ تسع سنين او كان لها أقلّ من ذلك بقليل حين اقتضها فانه قد أفسدها و عطلها علي الأزواج فعلي الامام أن يغرمه ديتها و ان امسكها و لم يطلقها حتي تموت فلا شي ء عليه «2»، ان الافضاء بعد البلوغ لا يوجب شيئا و ان كان الظاهر منه ان المنفي الدية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 34 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 7

لكنه ضعيف (1) و الاحوط وجوب النفقة لها كما لو كان الافضاء قبل التسع (2) و لو أفضي الاجنبية لم تحرم عليه أيضا (3).

[الثالثة: لو زني بامرأة لم يحرم نكاحها عليه]

(الثالثة)- لو زني بامرأة لم يحرم نكاحها عليه (4).

______________________________

(1) يستفاد التفصيل المذكور في المتن من حديث حمران كما انه يستفاد التفصيل بين الطلاق و عدمه من حديث بريد بن معاوية، عن ابي جعفر عليه السلام في رجل اقتض جارية يعني امرأته فأفضاها؟ قال: عليه الدية ان كان دخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين قال: و ان

امسكها و لم يطلقها فلا شي ء عليه ان شاء امسك و ان شاء طلق «1».

(2) لإطلاق حديث الحلبي «2» فان الجارية هي الفتية من النساء و تشمل من بلغت تسعا، فلاحظ.

(3) لعدم دليل عليها.

(4) لعدم الدليل علي الحرمة و مقتضي القاعدة الأولية هو الجواز فان عمومات الحل تقتضي الجواز و يدل عليه ما رواه الحلبي، عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال ايما رجل فجر بامرأة ثم بدا له أن يتزوجها حلالا قال: اوله سفاح و آخره نكاح و مثله مثل النحلة أصاب الرجل من ثمرها حراما ثم اشتراها بعد فكانت له حلالا «3» و مثله غيره.

و لكن المستفاد من بعض النصوص اشتراط الجواز بالتوبة، لاحظ ما رواه عمار بن موسي، عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يحل له أن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 6

(3) الوسائل الباب 11 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 8

و الاحوط وجوبا أن لا يتزوجها قبل استبرائها بحيضة (1) و يجوز التزويج بالزانية و الاحوط لزوما ترك التزويج بالمشهورة بالزنا قبل أن تظهر توبتها (2).

______________________________

يتزوج امرأة كان يفجر بها؟ قال: ان آنس منها رشدا فنعم و الا فليراودها علي الحرام فان تابعته فهي عليه حرام و ان ابت فليتزوجها «1».

(1) لاحظ ما رواه اسحاق بن جرير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له في تزويجها هل يحل له ذلك؟ قال: نعم اذا هو اجتنبها حتي تنقضي عدتها باستبراء رحمها من ماء الفجور فله أن يتزوجها و انما يجوز له أن يتزوجها بعد أن يقف علي توبتها 2.

(2) علي المشهور

شهرة عظيمة- كما في بعض الكلمات- و تدل عليه جملة من النصوص: منها: ما رواه زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال: سئل عن رجل اعجبته امرأة فسأل عنها فاذا الثناء عليها في شي ء من الفجور فقال: لا بأس بأن يتزوجها و يحصنها 3.

و منها: ما رواه علي بن يقطين قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: نساء اهل المدينة قال: فواسق قلت: فاتزوج منهن؟ قال: نعم 4.

و منها: ما رواه زرارة، قال: سأله عمار و انا حاضر عن الرجل يتزوج الفاجرة متعة قال: لا بأس و ان كان التزويج الاخر فليحصن بابه 5.

و منها: ما رواه علي بن رئاب قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 2 و 4 و لاحظ التهذيب: ج 7 ص: 337 حديث 4

(2) (3 و 4 و 5) الوسائل الباب 12 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث:

2 و 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 9

______________________________

الفاجرة يتزوجها الرجل المسلم قال: نعم، و ما يمنعه و لكن اذا فعل فليحصن بابه مخافة الولد «1».

و عن بعض المنع لقوله تعالي «الزّٰانِي لٰا يَنْكِحُ إِلّٰا زٰانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ الزّٰانِيَةُ لٰا يَنْكِحُهٰا إِلّٰا زٰانٍ أَوْ مُشْرِكٌ» «2» بتقريب ان المستفاد من الاية عدم تزويج الزانية الا للزاني و المشرك و لكن يمكن أن يقال: ان الاية لا تكون في مقام التشريع بل في مقام بيان ما يقع في الخارج و هو ان الزاني لا يزني الا بالزانية او المشركة و الزانية لا يزني بها الا زان او مشرك و بعبارة اخري: لو لم تكن زانية او مشركة في الخارج لا يتحقق الزنا و

يمكن الاستشهاد علي المدعي بوجوه:

الأول: ان هذه الاية واقعة بعد قوله تعالي «الزّٰانِيَةُ وَ الزّٰانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وٰاحِدٍ مِنْهُمٰا مِائَةَ جَلْدَةٍ» بلا فصل فيعلم ان المقصود ان هذا العمل الشنيع لا يقع الا بين الزانية او المشركة او الزاني كما يقال في اللغة الفارسية:

كبوتر با كبوتر باز با باز كند هم جنس با هم جنس پرواز

الثاني: ان لازم كون الاية في مقام التشريع جواز تزويج المسلم الزاني المشركة و جواز تزويج مشرك الزانية المسلمة، و يظهر من كلام القوم انه لم يقل به أحد.

الثالث: ان الاية لو كانت في مقام التشريع كان اللازم عدم جواز تزويج الزاني غير الزانية و الحال انه لا اشكال عندهم في الجواز و انما الكلام في الزانية

الرابع: ان المستفاد من الاية علي القول بكونها في مقام التشريع جواز تزويج الزاني الزانية و الحال انه علي القول بالحرمة لا فرق بين الزاني و غيره.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث 6

(2) النور/ 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 10

______________________________

و قد وردت جملة من النصوص قد فسرت الاية بالتزويج منها: ما رواه زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عز و جل «الزّٰانِي لٰا يَنْكِحُ إِلّٰا زٰانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ الزّٰانِيَةُ لٰا يَنْكِحُهٰا إِلّٰا زٰانٍ أَوْ مُشْرِكٌ» قال: هن نساء مشهورات بالزنا و رجال مشهورون بالزنا قد شهروا بالزنا و عرفوا به و الناس اليوم بذلك المنزل فمن اقيم عليه حد الزنا او شهر (منهم خ) بالزنا لم ينبغ لأحد أن يناكحه حتي يعرف منه توبة «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام نحوه الا انه قال: من شهر

شيئا من ذلك او اقيم عليه حد فلا تزوجوه حتي تعرف توبته 2.

و منها: ما رواه حكم بن حكيم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل «وَ الزّٰانِيَةُ لٰا يَنْكِحُهٰا إِلّٰا زٰانٍ أَوْ مُشْرِكٌ» قال: انما ذلك في الجهر ثم قال:

لو ان انسانا زنا ثم تاب تزوج حيث شاء 3 فلا بد من رد علمها الي اهلها.

و مقتضي جملة من النصوص التي تقدمت جواز تزويج الزانية.

لكن في المقام رواية رواها الحلبي قال: قال ابو عبد اللّه عليه السلام: لا تتزوج المرأة المعلنة بالزنا و لا يتزوج الرجل المعلن بالزنا الا بعد أن تعرف منهما التوبة 4 فان المستفاد من هذه الرواية ان المرأة المعلنة بالزنا لا يجوز تزويجها و أيضا لا يجوز تزويج الرجل المعلن بالزنا الا بعد التوبة، و لكن بالنسبة الي الرجل ترفع اليد عن ظهور الرواية في الحرمة للتسالم علي الجواز و اما بالنسبة الي المرأة فلا وجه لرفع اليد عن الرواية.

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 13 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث:

2 و 3 و 4

(2) (4) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 11

و لو زني بذات بعل (1).

______________________________

و يعارض هذه الرواية ما رواه اسحاق ابن جرير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان عندنا بالكوفة امرأة معروفة بالفجور أ يحل ان أ تزوجها متعة؟

قال: فقال: رفعت راية؟ قلت: لا لو رفعت راية أخذها السلطان، قال: نعم تزوجها متعة، قال: ثم اصغي الي بعض مواليه فاسر اليه شيئا، فلقيت مولاه فقلت له: ما قال لك؟ فقال: انما قال لي: و لو رفعت راية ما كان عليه في تزويجها

شي ء انما يخرجها من حرام الي حلال «1» فان ذيل الرواية يدل علي الجواز حتي مع كونها معلنة و ذات راية، لكن الاشكال في عدم ثبوت وثاقة المولي الذي اصغي اليه فالرواية بلا معارض.

و لا يبعد أن يقال ان هذه الرواية اخص بالنسبة الي روايات الجواز حيث انها تشمل المعلنة و غير المعلنة، و هذه الرواية في خصوص المعلنة فتقيد تلك الروايات بهذه الرواية.

(1) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجوه: الوجه الأول: الأولوية بدعوي ان العقد علي ذات البعل مع العلم أو مع الدخول و لو مع الجهل يوجب الحرمة الأبدية فبالالوية الزنا يوجب الحرمة كذلك، و فيه انه لا وجه للأولوية و ملاكات الأحكام غير واضحة عندنا فهذا الوجه غير سديد.

الوجه الثاني: ما عن الفقه الرضوي و من زني بذات بعل محصنا كان أو غير محصن ثم طلقها زوجها او مات عنها و أرد الذي زنا بها أن يتزوج بها لم تحل له أبدا الحديث «2» و كتاب الفقه الرضوي محل المناقشة سندا فلا اعتبار بالرواية الوجه الثالث: الاجماع، و فيه انه ليس اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب المتعة الحديث: 3

(2) مستدرك الوسائل الباب 11 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 12

أو في عدة رجعية حرمت ابدا عليه علي الاحوط (1) و لا فرق في ذات البعل بين الدائمة و المتمتع بها و الحرة و الامة و الصغيرة و الكبيرة و المدخول بها و غيرها و العالمة و الجاهلة و لا في البعل بين الحر و العبد و الصغير و الكبير و لا في الزاني بين العالم بكونها ذات بعل و

الجاهل بذلك (2) و لا يلحق بها الموطوءة بالملك أو التحليل (3) كما لا يلحق بالعدة الرجعية عدة البائنة و عدة الوفاة و عدة وطئ الشبهة و مدة استبراء الامة (4) و اذا زنت ذات البعل لم تحرم علي بعلها (5).

______________________________

فلا أثر له، و توقف المحقق (قده) في الحكم علي ما نقل عنه، فالحكم مبني علي الاحتياط كما في المتن.

(1) بتقريب ان المعتدة بالعدة الرجعية زوجة فيترتب عليها أحكامها.

(2) لإطلاق معقد الاجماع كما ان الموضوع المأخوذ في الرضوي مطلق.

(3) لخروجها موضوعا فان الموضوع ذات البعل.

(4) فان المعتدة غير الرجعية لا تكون ذات بعل.

(5) لعدم الدليل عليه و مقتضي صحة العقد بقائه و لما ورد في بعض النصوص من عدم كون الحرام محرما للحلال، منها ما رواه حنان بن سدير «1» و ما رواه صفوان 2.

مضافا الي ما رواه عباد بن صهيب عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال:

لا بأس أن يمسك الرجل امرأته ان رآها تزني اذا كانت تزني و ان يقم عليها الحد 3.

______________________________

(1) (1 و 2) لاحظ ص: 4 و 5

(2) (3) الوسائل الباب 12 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 13

[الرابعة: لو عقد المحرم علي امرأة عالما بالتحريم حرمت عليه أبدا]

(الرابعة): لو عقد المحرم علي امرأة عالما بالتحريم حرمت عليه ابدا (1).

______________________________

(1) الروايات الواردة في المقام طوائف: الاولي: ما يدل علي المنع علي الاطلاق.

منها: ما رواه ابراهيم بن الحسن عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان المحرم اذا تزوج و هو محرم فرق بينهما ثم لا يتعاقدان ابدا «1».

و منها: ما رواه الخزامي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان المحرم اذا تزوج و هو محرم فرق بينهما و لا يتعاودان ابدا

«2».

الثانية: ما يدل علي الجواز مطلقا لاحظ ما رواه محمد بن قيس عن ابي جعفر عليه السلام قال: قضي امير المؤمنين عليه السلام في رجل ملك يضع امرأة و هو محرم قبل أن يحل فقضي أن يخلي سبيلها و لم يجعل نكاحه شيئا حتي يحل فاذا أحل خطبها ان شاء و ان شاء أهلها زوجوه و ان شاءوا لم يزوجوه «3».

الثالثة: ما يدل علي الحرمة في صورة التزويج مع العلم بالحرمة لاحظ ما رواه داود بن سرحان، عن ابي عبد اللّه عليه السلام، و عن عبد اللّه بن بكير، عن اديم يباع الهروي، عن ابي عبد اللّه عليه السلام في الملاعنة اذا لاعنها زوجها لم تحل له ابدا الي أن قال: و المحرم اذا تزوج و هو يعلم انه حرام عليه لم تحل له ابدا «4».

فان الطائفة الثالثة تخصص بمفهومها الطائفة الأولي و بمنطوقها الطائفة الثانية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من ابواب تروك الاحرام الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 31 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 14

و لو كان جاهلا بطل العقد و لم تحرم (1).

[الخامسة: لا تنحصر المتعة و ملك اليمين في عدد]

(الخامسة)- لا تنحصر المتعة و ملك اليمين في عدد (2).

[السادسة: لو طلقت الحرة ثلاثا حرمت حتي تنكح زوجا غيره]

(السادسة)- لو طلقت الحرة ثلاثا حرمت حتي تنكح زوجا

______________________________

مضافا الي حديث ابن بشير عن ابي عبد اللّه عليه السلام انه قال لرجل اعجمي احرم في قميصه اخرجه من رأسك فانه ليس عليك بدنة و ليس عليك الحج من قابل اي رجل ركب امرا بجهالة فلا شي ء عليه «1» فان مقتضاه عدم ترتب الحرمة مع الجهل بها.

(1) لاحظ ما رواه محمد بن قيس عن ابي جعفر عليه السلام قال: قضي امير المؤمنين عليه السلام في رجل ملك بضع امرأة و هو محرم قبل أن يحل فقضي ان يخلي سبيلها و لم يجعل نكاحه شيئا حتي يحل فاذا أحل خطبها ان شاء و ان شاء اهلها زوجوه و ان شاءوا لم يزوجوه «2».

فان المستفاد من الرواية ان نكاحه في حال الاحرام باطل، و قد تقدم ان الجمع بين النصوص عدم الحرمة الأبدية في فرض الجهل بالحرمة.

(2) يكفي للمدعي الاطلاقات الأولية فان المنع و التحديد يحتاج الي الدليل مضافا الي النص الخاص، لاحظ ما رواه عبيد بن زرارة عن ابيه، عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: ذكرت له المتعة أ هي من الأربع؟ فقال: تزوج منهن ألفا فانهن مستأجرات «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب بقية كفارات الاحرم الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 15 من ابواب تروك الاحرام الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 4 من ابواب المتعة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 15

غيره (1).

______________________________

(1) قال في الجواهر «1» لا اشكال و لا خلاف معتد به في ان كل امرأة حرة استكملت الطلاق ثلاثا حرمت حتي تنكح زوجا غير المطلق سواء كانت مدخولا بها او لم تكن راجعها في

العدة و واقعها او لم يواقعها ثم طلقها ثم راجعها كذلك ثم طلقها او لم يراجعها فيها بل تركها الي ان انقضت عدتها ثم تزوجها بعقد جديد ثم طلقها و هكذا ثلاثا، و بالجملة لا فرق في ذلك بين العدي و السني بالمعني الأخص و الأعم الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي «فَإِنْ طَلَّقَهٰا فَلٰا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّٰي تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ» «2».

و تدل علي المدعي أيضا جملة من النصوص منها: ما رواه زرارة، عن ابي جعفر عليه السلام في حديث قال: و اما طلاق العدة الذي قال اللّه عز و جل: «فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ» فاذا أراد الرجل منكم ان يطلق امرأته طلاق العدة فلينتظر بها حتي تحيض و تخرج من حيضها ثم يطلقها تطليقة من غير جماع بشهادة شاهدين عدلين و يراجعها من يومه ذلك ان احب او بعد ذلك بأيام قبل ان تحيض و يشهد علي رجعتها و يواقعها حتي تحيض، فاذا حاضت و خرجت من حيضها طلقها تطليقه اخري من غير جماع يشهد علي ذلك ثم يراجعها أيضا متي شاء قبل ان تحيض و يشهد علي رجعتها و يواقعها و تكون معه الي ان تحيض الحيضة الثالثة فاذا خرجت من حيضتها الثالثة طلقها التطليقة الثالثة بغير جماع و يشهد علي ذلك فاذا فعل ذلك فقد بانت منه و لا تحل له حتي تنكح زوجا غيره قيل له: و ان كانت ممن لا تحيض

______________________________

(1) ج- 32 ص 128

(2) البقرة/ 230

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 16

______________________________

فقال: مثل هذه تطلق طلاق السنة «1».

و منها: ما رواه اسماعيل بن بزيع، عن الرضا عليه السلام قال: البكر

اذا طلقت ثلاث مرات و تزوجت من غير نكاح فقد بانت منه و لا تحل لزوجها حتي تنكح زوجا غيره «2».

و منها: ما رواه طربال قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام: عن رجل طلق امرأته تطليقة قبل ان يدخل بها و اشهد علي ذلك و اعلمها قال: قد بانت منه ساعة طلقها و هو خاطب من الخطاب، قلت: فان تزوجها ثم طلقها تطليقة اخري قبل ان يدخل بها؟ قال: قد بانت منه بانت ساعة طلقها قلت: فان تزوجها من ساعته أيضا ثم طلقها تطليقة؟ قال: قد بانت منه و لا تحل له حتي تنكح زوجا غيره 3.

و منها: ما رواه الحلبي، عن ابي عبد اللّه عليه السلام في رجل طلق امرأته ثم تركها حتي انقضت عدتها ثم تزوجها ثم طلقها من غير أن يدخل بها حتي فعل ذلك بها ثلاثا، قال: لا تحل له حتي تنكح زوجا غيره 4.

و منها: ما رواه أبو بصير يعني المرادي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام المرأة التي لا تحل لزوجها حتي تنكح زوجا غيره، قال: هي التي تطلق ثم تراجع ثم تطلق ثم تراجع ثم تطلق الثالثة فهي التي لا تحل له حتي تنكح زوجا غيره و يذوق عسيلتها 5.

و منها: ما رواه ابو بصير، عن ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: سألته عن الذي يطلق ثم يراجع ثم يطلق ثم يراجع ثم يطلق قال: لا تحل له حتي تنكح زوجا غيره فيتزوجها رجل آخر فيطلقها علي السنة ثم ترجع الي زوجها الأول

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب اقسام الطلاق و احكامه الحديث: 1

(2) (2 و 3 و 4) الوسائل الباب 3 من ابواب

اقسام الطلاق و احكامه الحديث: 1 و 2 و 4

(3) (5) الوسائل الباب 4 من ابواب اقسام الطلاق و احكامه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 17

______________________________

فيطلقها ثلاث مرات و تنكح زوجا غيره فيطلقها «ثلاث مرات علي السنة ثم تنكح فتلك التي لا تحل له ابدا، و الملاعنة لا تحل له أبدا» «1».

و عن ابن بكير ان طلاق السنة بالمعني الأخص لا يحتاج الي محلل بعد الثلاث و يهدم استيفاء عدتها تحريمها في الثالثة و نسب هذا القول الي الصدوق (قده) و قال صاحب الجواهر (قده) في هذا المقام قد سبقهما الاجماع و لحقهما بل يمكن دعوي تواتر النصوص بالخصوص بخلافهما.

و الذي يمكن أن يستدل به علي هذا القول جملة من النصوص: منها ما رواه زرارة بن أعين عن ابي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: الطلاق الذي يحبه اللّه و الذي يطلق الفقيه و هو العدل بين المرأة و الرجل ان يطلقها في استقبال الطهر بشهادة شاهدين و ارادة من القلب، ثم يتركها حتي تمضي ثلاثة قروء فاذا رأت الدم في اول قطرة من الثلاثة و هو آخر القروء لأن الاقراء هي الأطهار فقد بانت منه، و هي املك بنفسها، فان شاءت تزوجته و حلت له بلا زوج، فان فعل هذا بها مأئة مرة هدم ما قبله و حلت له بلا زوج و ان راجعها قبل ان تملك نفسها ثم طلقها ثلاث مرات يراجعها و يطلقها لم تحل له الا بزوج «2».

و هذه الرواية معارضة. بجملة من النصوص: منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: اذا اراد الرجل الطلاق طلقها في قبل

عدتها من غير جماع فانه اذا طلقها واحدة ثم تركها حتي يخلو اجلها او بعده فهي عنده علي تطليقة، فان طلقها الثانية و شاء ان يخطبها مع الخطاب ان كان تركها حتي خلا اجلها، و ان شاء راجعها قبل ان ينقضي

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب اقسام الطلاق و احكامه الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 3 من ابواب اقسام الطلاق و احكامه الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 18

______________________________

اجلها فان فعل فهي عنده علي تطليقتين فان طلقها ثلاثا فلا تحل له حتي تنكح زوجا غيره و هي ترث و تورث ما دامت في التطليقتين الاولتين «1».

و الترجيح مع حديث ابن سنان لكونه موافقا لإطلاق الكتاب الي غيره من الجهات و من تلك الجهات ان حديث ابن سنان أحدث من حديث زرارة و مثله ما رواه أيضا عبد اللّه بن سنان قال: اذا طلق الرجل امرأته فليطلق علي طهر بغير جماع بشهود فان تزوجها بعد ذلك فهي عنده علي ثلاث و بطلت التطليقة الأولي، و ان طلقها اثنتين ثم كف عنها حتي تمضي الحيضة الثالثة بانت منه بثنتين، و هو خاطب من الخطاب، فان تزوجها بعد ذلك فهي عنده علي ثلاث تطليقات و بطلت الاثنتان، فان طلقها ثلاث تطليقات علي العدة لم تحل له حتي تنكح زوجا غيره «2» و الكلام في هذه الرواية هو الكلام.

و مما يمكن أن يستدل به علي قول ابن بكير ما رواه المعلي بن خنيس، عن ابي عبد اللّه عليه السلام في رجل طلق امرأته ثم لم يراجعها حتي حاضت ثلاث حيض ثم تزوجها ثم طلقها فتركها حتي حاضت ثلاث حيض، ثم تزوجها ثم طلقها من غير ان يراجع ثم تركها حتي

حاضت ثلاث حيض، قال: له أن يتزوجها ابدا ما لم يراجع و يمس، الحديث 3 و هذه الرواية ضعيفة سندا مضافا الي ما مر في الجواب في تلك الرواية.

و مما يمكن أن يستدل به علي قوله ما رواه رفاعة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل طلق امرأته حتي بانت منه و انقضت عدتها ثم تزوجت زوجا آخر فطلقها أيضا ثم تزوجت زوجها الأول أ يهدم ذلك الطلاق الأول؟ قال. نعم

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب اقسام الطلاق و احكامه الحديث: 8

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 3 من ابواب اقسام الطلاق و احكامه الحديث: 15 و 13

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 19

و ان كانت تحت عبد (1) و لو طلقت الامة طلقتين حرمت حتي تنكح زوجا غيره (2) و ان كانت تحت حر (3).

______________________________

قال ابن سماعة، و كان ابن بكير يقول: المطلقة اذا طلقها زوجها ثم تركها حتي تبين ثم تزوجها، فانما هي علي طلاق مستأنف، قال: و ذكر الحسين بن هاشم انه سأل ابن بكير عنها فاجابه بهذا الجواب فقال له: سمعت في هذا شيئا؟ قال:

رواية رفاعة قال: ان رفاعة روي اذا دخل بينهما زوج فقال: زوج و غير زوج عندي سواء، فقلت: سمعت في هذا شيئا؟ قال لا هذا مما رزق اللّه من الرأي قال ابن سماعة، و ليس نأخذ بقول ابن بكير فان الرواية اذا كان بينهما زوج «1» و الجواب عنه ما أجاب به ابن سماعة: و بعبارة اخري: قول ابن بكير و اجتهاده لا يترتب عليه أثر مضافا الي ما مر من الجواب عن المعارضة، فلاحظ.

(1) للإطلاق مضافا الي النص الخاص، لاحظ ما رواه عيص بن

القاسم قال ان ابن شبرمة قال: الطلاق للرجل، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: الطلاق للنساء و تبيان ذلك ان العبد تكون تحته الحرة فيكون تطليقها ثلاثا و يكون الحر تحته الامة فيكون طلاقها تطليقتين «2».

(2) لجملة من النصوص منها ما تقدم آنفا و منها ما رواه ابو اسامة، عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قال عمر علي المنبر: ما تقولون يا اصحاب محمد في تطليق الامة؟ فلم يجبه أحد، فقال: ما تقول يا صاحب البرد المعافري يعني امير المؤمنين عليه السلام فأشار بيده: تطليقتان 3.

(3) للإطلاق و النص الخاص و قد تقدم، فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب اقسام الطلاق و احكامه الحديث: 11

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 24 من ابواب اقسام الطلاق و احكامه الحديث: 1 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 20

[السابعة: المطلقة تسعا للعدة بينها نكاحان]

(السابعة)- المطلقة تسعا للعدة بينها نكاحان (1).

______________________________

(1) ادعي عليه الاجماع بقسميه و الظاهر ان الأمر كذلك و استدل علي المدعي بجملة من النصوص، منها ما رواه ابو بصير «1».

و منها: ما رواه زرارة بن أعين و داود بن سرحان، عن ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و الذي يطلق الطلاق الذي لا تحل له حتي تنكح زوجا غيره ثلاث مرات و تزوج ثلاث مرات لا تحل له أبدا «2».

و منها: ما رواه محمد بن سنان، عن الرضا عليه السلام فيما كتب اليه في العلل: و علة الطلاق ثلاثا لما فيه من المهلة فيما بين الواحدة الي الثلاث لرغبة تحدث او سكون غضبه ان كان و يكون ذلك تخويفا و تأديبا للنساء و زجرا لهن عن معصية ازواجهن فاستحقت المرأة الفرقة و المباينة لدخوله فيما لا ينبغي

من معصية زوجها، و علة تحريم المرأة بعد تسع تطليقات فلا تحل له ابدا عقوبة لئلا يتلاعب بالطلاق فلا يستضعف المرأة و يكون ناظرا في اموره متيقظا معتبرا و ليكون ذلك مؤيسا لهما عن الاجتماع بعد تسع تطليقات 3.

و منها: ما رواه جميل بن دراج، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا طلق الرجل المرأة فتزوجت ثم طلقها فتزوجها الأول ثم طلقها فتزوجت رجلا ثم طلقها فاذا طلقها علي هذا ثلاثا لم تحل له أبدا 4 و مقتضي اطلاق النصوص المذكورة عدم الفرق بين اقسام الطلاق بل الحكم مترتب علي تحقق التسع الا ان يقيد الاطلاق بالإجماع و بما رواه ابراهيم بن عبد الرحمن عن موسي بن جعفر، عن ابيه جعفر بن محمد عليهم السلام قال: سئل ابي عليه السلام عما حرم اللّه عز و جل من الفروج

______________________________

(1) لاحظ ص: 16

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 4 من ابواب اقسام الطلاق و احكامه الحديث: 4 و 8

(3) (4) الوسائل الباب 11 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 21

______________________________

في القرآن و عما حرم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في سنته قال: الذي حرم اللّه عز و جل من ذلك اربعة و ثلاثون وجها سبعة عشر في القرآن و سبعة عشر في السنة فأما التي في القرآن فالزنا قال اللّه عز و جل: وَ لٰا تَقْرَبُوا الزِّنيٰ، و نكاح امرأة الأب قال اللّه عز و جل: وَ لٰا تَنْكِحُوا مٰا نَكَحَ آبٰاؤُكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ … و أُمَّهٰاتُكُمْ وَ بَنٰاتُكُمْ وَ أَخَوٰاتُكُمْ وَ عَمّٰاتُكُمْ وَ خٰالٰاتُكُمْ وَ بَنٰاتُ الْأَخِ وَ بَنٰاتُ الْأُخْتِ وَ أُمَّهٰاتُكُمُ اللّٰاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَ أَخَوٰاتُكُمْ مِنَ

الرَّضٰاعَةِ وَ أُمَّهٰاتُ نِسٰائِكُمْ وَ رَبٰائِبُكُمُ اللّٰاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسٰائِكُمُ اللّٰاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ وَ حَلٰائِلُ أَبْنٰائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلٰابِكُمْ وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلّٰا مٰا قَدْ سَلَفَ و الحائض حتي تطهر قال اللّه عز و جل: وَ لٰا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّٰي يَطْهُرْنَ، و النكاح في الاعتكاف قال اللّه عز و جل وَ لٰا تُبَاشِرُوهُنَّ وَ أَنْتُمْ عٰاكِفُونَ فِي الْمَسٰاجِدِ و أما التي في السنة فالمواقعة في شهر رمضان نهارا و تزويج الملاعنة بعد اللعان و التزويج في العدة و المواقعة في الاحرام و المحرم يتزوج او يزوج و المظاهر قبل أن يكفر و تزويج المشركة و تزويج الرجل امرأة قد طلقها للعدة تسع تطليقات و تزويج الأمة علي الحرة و تزويج الذمية علي المسلمة و تزويج المرأة علي عمتها و تزويج الأمة من غير اذن مولاها و تزويج الامة علي من يقدر علي تزويج الحرة و الجارية من السبي قبل القسمة و الجارية المشركة و الجارية المشتراة قبل ان تستبرئها و المكاتبة التي قد ادت بعض المكاتبة «1» و بما في فقه الرضا عليه السلام في سياق طلاق العدة: و ان طلقها ثلاثا واحدة بعد واحدة علي ما وصفناه لك فقد بانت منه و لا تحل له حتي تنكح زوجا غيره فان تزوجها غيره و طلقها او مات عنها و اراد الاول ان يتزوجها فعل فان طلّقها ثلاث تطليقات علي ما وصفته واحدة بعد واحدة فقد بانت منه و لا تحل له بعد تسع تطليقات ابدا

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 22

______________________________

و اعلم ان كل

من طلق تسع تطليقات علي ما وصفت لم تحل له ابدا «1» و بما رواه زرارة بن اعين «2» فان رفع اليد عن بعض الاحكام المذكورة في الرواية لا يستلزم رفع اليد عن بعضها الاخر و بعبارة اخري: المستفاد منها ان الطلاق التسع اذا لم يكن عديا لا تترتب عليه الحرمة الابدية و هذا هو المطلوب و أيضا يقيد الاطلاق بما رواه المعلي بن خنيس «3» فان مقتضي تقييد الاطلاقات بهذه المقيدات اختصاص التحريم المؤيد بثلاث تطليقات بالطلاق العدي بالمعني المعهود و يؤيد المدعي انه يستفاد من جملة من النصوص الفرق بين الطلاق العدي و السني مع التصريح بالاحتياج الي المحلل في كليهما، منها ما رواه زرارة «4».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن ابي جعفر عليه السلام قال: طلاق السنة يطلقها تطليقة يعني علي طهر من غير جماع بشهادة شاهدين ثم يدعها حتي تمضي اقرائها فاذا مضت اقراؤها فقد بانت منه و هو خاطب من الخطاب ان شاءت نكحته و ان شاءت فلا، و ان اراد ان يراجعها اشهد علي رجعتها قبل ان تمضي اقرائها فتكون عنده علي التطليقة الماضية، قال: و قال ابو بصير عن ابي عبد اللّه عليه السلام و هو قول اللّه عز و جل: «الطَّلٰاقُ مَرَّتٰانِ فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ» التطليقة الثانية «الثالثة خ ل» التسريح باحسان «5».

و منها ما رواه حسن بن زياد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن طلاق السنة كيف يطلق الرجل امرأته قال: يطلقها في قبل عدتها من غير جماع بشهود

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 4 من ابواب اقسام الطلاق و احكامه الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 15

(3) لاحظ ص: 18

(4) لاحظ ص:

15

(5) الوسائل الباب 1 من ابواب اقسام الطلاق و احكامه الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 23

و لو لرجل واحد تحرم علي المطلق ابدا (1).

[الثامنة: لو طلق إحدي الأربع رجعيا لم يجز أن ينكح بدلها حتي تخرج من العدة]

(الثامنة)- لو طلق احدي الاربع رجعيا لم يجز ان ينكح بدلها حتي تخرج من العدة (2).

______________________________

فان طلقها واحدة ثم تركها حتي يخلو اجلها فقد بانت منه و هو خاطب من الخطاب فان راجعها فهي عنده علي تطليقة ماضية و بقي تطليقان فان طلقها الثانية ثم تركها حتي يخلو اجلها فقد بانت منه و ان هو شهد علي رجعتها قبل ان يخلو اجلها فهي عنده علي تطليقتين ماضيتين و بقت واحدة فان طلقها الثالثة فقد بانت منه و لا تحل له حتي تنكح زوجا غيره «1».

فانه يستفاد من هذه النصوص الفرق بين الطلاق العدي و السني مع التصريح بالاحتياج الي المحلل في كليهما فالفارق بين النوعين هو التحريم الابدي المترتب علي خصوص العدي.

لكن قد صرح في حديث جميل بن دراج «2» بترتب الحرمة الابدية بالتسع في طلاق السنة فالعمدة الاجماع و التسالم بين الاصحاب و اللّه العالم بحقائق الامور.

(1) لإطلاق النص و لا وجه للتقييد.

(2) لان المطلقة الرجعية زوجة فما دامت في العدة يكون العدد بالغا حد النصاب المقرر، مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه محمد بن قيس قال: سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول في رجل كانت تحته اربع نسوة فطلق واحدة ثم نكح اخري قبل ان تستكمل المطلقة العدة قال: فليلحقها باهلها حتي تستكمل المطلقة اجلها و تستقبل الاخري عدة اخري و لها صداقها ان كان دخل بها و ان لم يكن دخل بها فله ما له و لا عدة عليه ثم ان شاء اهلها بعد انقضاء العدة

______________________________

(1)

الوسائل الباب 1 من ابواب اقسام الطلاق و احكامه الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 24

و يجوز في البائن (1).

______________________________

زوجوه و ان شاءوا لم يزوجوه «1» و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم، عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا جمع الرجل اربعا و طلق احداهن فلا يتزوج الخامسة حتي تنقضي عدة المرأة التي طلق و قال: لا يجمع مائة في خمس «2».

(1) وقع الكلام بين الأعلام في اختصاص الحكم المذكور بخصوص الرجعي و عمومه للبائن فان مقتضي جملة من النصوص عدم الفرق بين الرجعية و البائنة، منها ما رواه محمد بن قيس «3» و منها ما رواه محمد بن مسلم 4.

و منها: ما رواه علي ابن جعفر، عن اخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال سألته عن رجل كانت له أربع نسوة فماتت احداهن هل يصلح له ان يتزوج في عدتها اخري قبل ان تنقضي عدة المتوفاة؟ فقال: اذا ماتت فليتزوج متي احب 5.

و ربما يقال: يفيد الاطلاق بما رواه أبو بصير يعني المرادي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل اختلعت منه امرأته أ يحل له أن يخطب اختها من قبل ان تنقضي عدة المختلعة؟ قال: نعم قد برئت عصمتها منه و ليس له عليها رجعة 6 بتقريب انه يفهم من الرواية ان المانع عن التزويج بالاخت بقاء العصمة بين الزوج و الزوجة و أما الطلاق البائن حيث يقطع العصمة فلا مانع من التزويج بالاخت، فالميزان في الجواز و عدمه انتفاء العصمة و بقائها و هذا التقريب

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب ما يحرم باستيفاء

العدد الحديث: 1

(3) (3 و 4) لاحظ ص: 23

(4) (5) الوسائل الباب 3 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 7

(5) (6) الوسائل الباب 48 من ابواب العدد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 25

و لو عقد ذو الثلاث علي اثنتين مرتبا بطل الثاني (1) و لو عقد عليهما دفعة لم يبعد ان يكون له الخيار في تعيين ايتهما شاء (2).

______________________________

لا يصح اذ لا ارتباط بين المقامين فان المستفاد من الدليل في المقام ان المانع من التزويج بالرابعة بقاء عدة المطلقة و المفروض بقائها و ان كان الطلاق بائنا، و علي الجملة الموضوع في أحد المقامين غير الموضوع في المقام الاخر فلا وجه لقياس احدهما بالاخر.

و ربما يقال: الموجب للتقييد حديث محمد بن مسلم «1» بتقريب ان المرأة بالطلاق البائن تنقطع عن الزوج فلا يصدق عنوان جمع الماء في الخمس.

و فيه اولا: انه يمكن أن تكون هذه الجملة مستقلة في كلامه عليه السلام و بيانا لعدم جواز التزويج بأزيد من الأربع و لا تكون تتمة لما قبلها.

و ثانيا: انه لا اشكال في عدم امكان جمع الماء في أرحام خمس من النساء في آن واحد اذ لا يمكن للشخص الواحد مقاربة اكثر من واحدة فالمراد المنع عن جمع مائه في ارحام خمس و المفروض ان المطلقة ذات عدة فهي الخامسة بالنسبة الي جمع الماء.

و ثالثا: ان غاية ما في الباب عدم شمول هذه الرواية للطلاق البائن، لكن يكفي غيرها لإثبات عموم الحكم الا ان يتم الأمر بالتسالم و الاجماع، فلاحظ.

(1) فانه المبتلي بالمانع فيبطل.

(2) لاحظ ما رواه جميل بن دراج، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل تزوج خمسا في عقدة قال: يخلي سبيل ايتهن

شاء و يمسك الأربع «2» بتقريب ان

______________________________

(1) لاحظ ص: 23

(2) الوسائل الباب 4 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 26

و كذا الحكم في الاختين (1).

[الثاني: في الرضاع]
اشارة

(الثاني): في الرضاع، و يحرم به ما يحرم بالنسب (2).

______________________________

المستفاد من الرواية الحكم الكلي بالنسبة الي جميع الموارد التي يكون المانع التجاوز عن حد النصاب.

و الانصاف انه يشكل الاستناد الي الرواية و الجزم بالكلية فانه حكم خاص وارد في مورد مخصوص و لا وجه لإلغاء الخصوصية و اللّه العالم.

(1) الكلام فيه هو الكلام بل الجزم بالجواز فيه اشكل.

(2) قال في الجواهر «1» في هذا المقام: كتابا و سنة متواترة و اجماعا و ضرورة من المذهب او الدين الي آخر كلامه.

و يدل علي المدعي من الكتاب قوله تعالي «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهٰاتُكُمْ وَ بَنٰاتُكُمْ وَ أَخَوٰاتُكُمْ وَ عَمّٰاتُكُمْ وَ خٰالٰاتُكُمْ وَ بَنٰاتُ الْأَخِ وَ بَنٰاتُ الْأُخْتِ وَ أُمَّهٰاتُكُمُ اللّٰاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَ أَخَوٰاتُكُمْ مِنَ الرَّضٰاعَةِ» «2» و أما السنة فتدل علي المدعي جملة من النصوص

منها: ما رواه بريد العجلي، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب «3».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: يحرم من الرضاع ما يحرم من القرابة 4.

و منها: ما رواه داود بن سرحان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب 5.

______________________________

(1) ج- 29 ص: 264

(2) النساء/ 23

(3) (3 و 4 و 5) الوسائل الباب 1 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1 و 2 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 27

اذا كان

عن وطئ صحيح (1) و ان كان عن شبهة (2).

______________________________

(1) الظاهر ان هذا التقييد خلاف الاطلاق المنعقد في نصوص الباب و ندرة الوقوع لا توجب الانصراف عن الفرد فلا مجال لأن يقال ان تحقق الحمل بسبق الماء الي الرحم نادر فلا يشمله الاطلاق.

(2) في الجواهر انه لم نجد فيه خلافا محققا و ما يمكن أن يقال في وجه عدم الحاقها و خروجها امور:

الأول: الأصل و لا مجال للأصل بعد تمامية دليل الالحاق.

الثاني: انصراف ادلة التحريم عنها، و فيه انه لا وجه للانصراف بعد صدق الموضوع.

الثالث: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن لبن الفحل قال: هو ما ارضعت امرأتك من لبنك و لبن ولدك ولد امرأة اخري فهو حرام «1» بتقريب ان الموضوع المجعول في الدليل عنوان امرأتك فالمتحقق بالوطي بالشبهة خارج موضوعا.

و اورد عليه: بأن المستفاد من الرواية انه عليه السلام في مقام تفسير لبن الفحل لا في مقام تقييد الرضاع المحرم فلا موجب لرفع اليد عن الاطلاقات و اما الحاصل عن وطي غير صحيح أي الزنا فلا أثر له، و استدل عليه في الجواهر بالإجماع بقسميه و بخبر دعائم الإسلام عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: لبن الحرام لا يحلل الحلال و مثل ذلك امرأة أرضعت بلبن زوجها ثم أرضعت بلبن فجور قال: و من أرضع من فجور بلبن صبية لم يحرم من نكاحها لأن اللبن الحرام لا يحرم الحلال «2» مؤيدا بعدم تحقق الانتساب بالزنا: و للتأمل فيما أفاده مجال.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 4

(2) مستدرك الوسائل الباب 11 من ابواب ما يحرم من الرضاع

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص:

28

يوما و ليلة (1).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه زياد بن سوقة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: هل للرضاع حد يؤخذ به؟ فقال: لا يحرم الرضاع أقلّ من يوم و ليلة او خمس عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحل واحد لم يفصل بينها رضعة امرأة غيرها فلو ان امرأة ارضعت غلاما او جارية عشر رضعات من لبن فحل واحد و ارضعتهما امرأة اخري من فحل آخر عشر رضعات لم يحرم نكاحهما «1».

و يدل عليه مرسل الصدوق (قده) في (المقنع) قال: لا يحرم من الرضاع الا ما انبت اللحم و شد العظم قال: و سئل الصادق عليه السلام هل لذلك حد فقال:

لا يحرم من الرضاع إلا رضاع يوم و ليلة او خمس عشرة رضعة متواليات لا يفصل بينهن 2.

و مقتضي حديث ابن سوقة لزوم المقدار المذكور و عدم كفاية الاقل فاذا ثبت بالدليل نحو آخر نلتزم به أيضا و بعبارة اخري: المستفاد من هذه الرواية انحصار سبب التحريم في هذا الفرد من الرضاع.

و اما جملة من النصوص الدالة علي اشتراط تحقق الرضاع سنة أو حولين او خمسة عشر يوما فلا بد من طرحها اورد علمها الي اهلها، منها ما رواه ابن رزين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرضاع فقال: لا يحرم من الرضاع الا ما ارتضع من ثدي واحد سنة 3.

و منها: ما روي لا يحرم من الرضاع الا رضاع خمسة عشر يوما و لياليهن ليس بينهن رضاع 4.

و منها: ما روي انه لا يحرم من الرضاع الا ما كان حولين كاملين 5.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1 و 14

(2) (3 و

4 و 5) الوسائل الباب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 13 و 15 و 16

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 29

او ما انبت اللحم و شد العظم (1).

______________________________

و منها: ما روي لا يحرم من الرضاع الا ما ارتضع من ثدي واحد سنة «1» و في المقام عدة نصوص يستفاد منها خلاف ما هو المشهور بين القوم:

منها: ما رواه علي بن مهزيار، عن أبي الحسن عليه السلام انه كتب اليه يسأله عما يحرم من الرضاع فكتب عليه السلام قليلة و كثيره حرام 2 و هذه الرواية قابلة للتقييد.

و منها: ما رواه زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليه السلام قال: الرضعة الواحدة كالمائة رضعة لا تحل له ابدا 3 و هذه الرواية ضعيفة بأبي الجوزاء فانه لم يوثق.

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور قال: سألته عما يحرم من الرضاع قال: اذا رضع حتي يمتلي بطنه فان ذلك ينبت اللحم و الدم و ذلك الذي يحرم 4 و هذه الرواية ضعيفة بعلي بن اسماعيل.

و منها: ما رواه محمد بن أبي عمير مرسلا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

الرضاع الذي ينبت اللحم و الدم هو الذي يرضع حتي يتضلع و يتملي و ينتهي نفسه 5 و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها: ما ارسله في دعائم الإسلام عن علي عليه السلام انه قال: يحرم من الرضاع قليله و كثيره و المصة تحرم 6. و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

(1) ادعي عليه الاجماع، و قال في الجواهر و الأصل فيه بعد الاجماع المعلوم

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 17 و 10

(2) (3) الوسائل الباب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع

الحديث: 12

(3) (4 و 5) الوسائل الباب 4 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1 و 2

(4) (6) مستدرك الوسائل الباب 2 من ابواب ما يحرم من الرضاع الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 30

______________________________

و المنقول عن التذكرة و الإيضاح و المسالك و تلخيص الخلاف و غيرها النبوي المروي في كتب أصحابنا الرضاع ما انبت اللحم و شد العظم الي آخر كلامه رفع في علو مقامه «1».

و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه علي بن رئاب، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت: ما يحرم من الرضاع؟ قال: ما انبت اللحم و شد العظم قلت: فيحرم عشر رضعات؟ قال: لا لأنه لا تنبت اللحم و لا تشد العظم عشر رضعات «2».

و منها: ما رواه مسعدة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يحرم من الرضاع الا ما شد العظم و انبت اللحم فأما الرضعة و الرضعتان و الثلاث حتي بلغ عشر اذا كن متفرقات فلا بأس 3.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له يحرم من الرضاع الرضعة و الرضعتان و الثلاثة؟ قال: لا الا ما اشتد عليه العظم و نبت اللحم 4.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

لا يحرم من الرضاع الا ما انبت اللحم و شد العظم 5.

و في المقام عدة نصوص تدل علي ان المناط بانبات اللحم و الدم، منها ما رواه ابن أبي يعفور 6.

و قد مر ان هذا الحديث ضعيف سندا.

______________________________

(1) ج 29 ص: 271

(2) (2 و 3 و 4) الوسائل الباب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع

الحديث: 2 و 19 و 23

(3) (5) الوسائل الباب 3 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 2

(4) (6) لاحظ ص: 29

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 31

______________________________

و منها: مرسل محمد بن أبي عمير «1» و المرسل لا اعتبار به.

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: انا اهل بيت كبير فربما كان الفرح و الحزن الذي يجتمع فيه الرجال و النساء فربما استخفت المرأة ان تكشف رأسها عند الرجل الذي بينها و بينه رضاع و ربما استخف الرجل ان ينظر الي ذلك فما الذي يحرم من الرضاع؟ فقال: ما انبت اللحم و الدم فقلت: و ما الذي ينبت اللحم و الدم؟ فقال: كان يقال: عشر رضعات قلت: فهل تحرم عشر رضعات؟ فقال: دع ذا و قال: ما يحرم من النسب فهو يحرم من الرضاع «2» و الظاهر ان هذه الرواية تامة سندا.

و منها: ما رواه حماد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يحرم من الرضاع الا ما انبت اللحم و الدم «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام و أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا رضع الغلام من نساء شتي و كان ذلك عدة أو نبت لحمه و دمه عليه حرم عليه بناتهن كلهن 4.

فلا بد من رفع التنافي بين الطائفتين و صاحب الحدائق (قده) جمع بينهما بالتلازم بدعوي ان نبات اللحم يستلزم نبات العظم و الجزم بالتلازم يتوقف علي دليل معتبر و الا يشكل و عن كشف اللثام ان المراد بالدم في المقام الغريزي و هو الذي ينسب اليه الانبات لا الذي يستحيل اليه الغذاء في الكبد قيل الانتشار

منه الي الأعضاء.

______________________________

(1) لاحظ ص: 29

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 18

(3) (3 و 4) الوسائل الباب 3 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 32

او كان خمس عشرة (1).

______________________________

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان حصل الجزم بالتلازم فهو و الا فلا يمكن الالتزام بكفاية نبات اللحم وحده لعدم وضوح المراد من الطائفة الثانية، لكن مقتضي الصناعة الاكتفاء بانبات اللحم و الدم فانه لو صدق هذا العنوان يلتزم بترتب الأثر، فان المستفاد من مجموع النصوص الاكتفاء بأحد الامور المذكورة.

(1) قد وقع الخلاف بين القوم في العدد المحرم و نسب الي المشهور بين المتقدمين الاكتفاء بالعشر و اختاره العلامة (قده) من المتأخرين علي ما نسب اليه و ذكرت في مقام الاستدلال عليه وجوه:

الأول: اطلاق قوله تعالي «1» فان مقتضي اطلاق الاية الاكتفاء بالأقل غاية الأمر لا يمكن الالتزام بالاكتفاء بالأقل من العشرة و اما بالنسبة الي العشرة فلا مانع من الأخذ بالاطلاق، و فيه ان هذا التقريب انما يتم لو لم يقم دليل علي التقييد.

الثاني: الاطلاق المنعقد في النصوص، لاحظ ما رواه بريد العجلي 2 و عبد اللّه بن سنان 3 و داود بن سرحان 4 و التقريب هو التقريب و الجواب هو الجواب.

الثالث: ما رواه الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يحرم من الرضاع الا المخبورة أو خادم او ظئر ثم يرضع عشر رضعات يروي الصبي و ينام 5 و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن سنان.

الرابع: ما رواه عبيد بن زرارة 6 بتقريب ان المستفاد من الحديث

______________________________

(1) (1 و 2 و 3 و 4) لاحظ ص: 26

(2) (5 و 6)

الوسائل الباب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 11 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 33

______________________________

كفاية عشر رضعات، و فيه ان المستفاد من الرواية عدمه و ان الامام عليه السلام في مقام التقية و لذا قال عليه السلام كان يقال.

الخامس: ما رواه عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الغلام يرضع الرضعة و الثنتين فقال: لا يحرم فعددت عليه حتي اكملت عشر رضعات فقال اذا كانت متفرقة فلا «1» بتقريب ان المستفاد من الرواية بالمفهوم نشر الحرمة فيما لا تكون متفرقة و اسناد الشيخ الي ابن فضال ضعيف و الحسن ابن بنت الياس لم يوثق، و اما الرواية بسندها الاخر ضعيفة أيضا اضف الي ذلك ما دل علي ان عشر رضعات لا تؤثر في الحرمة و المؤثر فيها خمس عشر رضعة لاحظ ما رواه زياد بن سوقة «2» و مرسل الصدوق (قده) 3 و حديث علي بن رئاب 4.

و ما رواه عبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول:

عشر رضعات لا يحر من شيئا 5.

و ما رواه عبد اللّه بن بكير، عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: عشر رضعات لا تحرم 6.

فان حديث زياد بن سوقة دال علي المدعي، و علي فرض التنزل عما ذكرنا من ضعف سند حديث الفضيل نقول يقع التعارض بين الجانبين و لا ترجيح لأحدهما علي الاخر من حيث الموافقة مع اطلاق الكتاب، و اما من جهة المخالفة مع العامة فيظهر من حديث ابن زرارة ان القول بالعشر موافق مع التقية فالترجيح مع حديث زياد و أما من حيث الأحدثية فكلا الحديثين مرويان عن أبي جعفر عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب

2 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 5

(2) (2 و 3) لاحظ ص: 28

(3) (4) لاحظ ص: 30

(4) (5 و 6) الوسائل: الباب 2 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 34

رضعة كاملة (1) من الثدي (2).

______________________________

السلام و بعد فرض التعارض و التساقط نقول لا اشكال في كفاية خمسة عشر رضعة و التسالم علي كفاية هذا المقدار، و أما الاقل من هذا العدد ففيه اشكال فلا بد من الالتزام باشتراط الأكثر فلا اعتبار بالعشر، فلاحظ.

(1) لا يبعد أن يكون المدعي مستفادا من الأدلة بحسب الفهم العرفي فانه لا يصدق العنوان المأخوذ في دليل الحرمة الا بكمال كل رضعة، و تدل علي المدعي جملة من النصوص فيؤيد المدعي بها لاحظ ما رواه ابن أبي يعفور «1» و محمد بن أبي عمير 2.

(2) هذا هو المشهور بين الأصحاب و استدل عليه بأنه لا يصدق مفهوم الرضاع الا ان يكون من الثدي فانه يقال لمن التقم الثدي و مص اللبن منه انه ارتضع و لا يقال لمن شربه من اناء او وجر في حلقه انه ارتضع و لذا لا يقال لمن يشرب اللبن من الاواني انه ارتضع من الحيوان و الشك في الصدق يكفي في الاشتراط لعدم الجزم بتحقق موضوع الحكم.

و يدل علي المدعي بعض النصوص، منها: ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: جاء رجل الي أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا امير المؤمنين ان امرأتي حلبت من لبنها في مكوك 3 فاسقته جاريتي فقال: اوجع امرأتك و عليك بجاريتك 4.

و منها: ما روي عن محمد بن قيس قال: سألته عن امرأة حلبت من لبنها فاسقت زوجها لتحرم

عليه قال: امسكها و اوجع ظهرها 5.

و منها ما رواه زرارة، عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الرضاع،

______________________________

(1) (1 و 2) لاحظ ص: 29

(2) (3) المكوك طاس يشرب منه اللبن

(3) (4 و 5) الوسائل: الباب 7 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 35

و يشترط في التحريم بالاول و الاخير أن لا يفصل بينهما برضاع آخر و لا يقدح الفصل بذلك في الثاني (1) كما لا يقدح الفصل بالاكل

______________________________

فقال: لا يحرم من الرضاع الا ما ارتضعا من ثدي واحد حولين كاملين «1»

و منها: منها ما رواه العلاء بن رزين «2» فان المستفاد من هذه النصوص اشتراط تحقق الرضا بما يكون من الثدي و اشتمال بعضها علي ما لا نلتزم به لا يقتضي رفع اليد عن الرواية علي الاطلاق و عن ابن الجنيد انه لا يشترط فيه ذلك و ربما يستدل علي مذهبه بما رواه جميل بن دراج، عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا رضع الرجل من لبن امرأة حرم عليه كل شي ء من ولدها و ان كان من غير الرجل الذي كانت ارضعته بلبنه و اذا رضع من لبن رجل حرم عليه كل شي ء من ولده و ان كان من غير المرأة التي ارضعته «3».

و اجيب: بمنع صدق الرضاع من غير الثدي.

و يمكن الاستدلال بمرسل الصدوق (قده) قال: قال ابو عبد اللّه عليه السلام:

و جور الصبي بمنزلة الرضاع «4» و المرسل لا اعتبار به.

(1) فصل الماتن بين اقسام الرضاع المحرم فلا بد من ملاحظة كل مورد باستقلاله و استفادة الحكم من الدليل الشرعي فيقع الكلام تارة في التقدير العددي و اخري في الزماني و

ثالثة في الاثري، فنقول:

اما التقدير العددي: فادعي علي اشتراط عدم الفصل الاجماع و يدل علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 8

(2) لاحظ ص: 28

(3) الوسائل الباب 15 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 7 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 36

و الشرب للغذاء في الاخرين و لكن يقدح فيه في الاول (1) و لا يبعد كفاية عشر رضعات كاملة في التحريم اذا لم يتخلل بينها شي ء

______________________________

المدعي فيه ما رواه زياد بن سوقة «1» فان هذه الرواية تدل علي المطلوب بالصراحة. و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عمر بن يزيد «2» فانه يدل علي المدعي بالمفهوم فتحصل ان التقدير العددي يشترط فيه عدم الفصل بين افراده برضاع آخر و هل يضر الفصل بالرضعة الناقصة، يمكن ان يقال بعدم كونها مضرة فان المستفاد من حديث زياد اشتراط عدم الفصل بالرضعة الكاملة، فلا يبطل بالفصل بالناقصة.

و اما التقدير الزماني: فيدل علي المدعي مضافا الي تصريح الاكثر به علي ما نقل عنهم حديث زياد فان المستفاد من الحديث ان تحقق الرضاع يوما و ليلة يوجب الحرمة و لا يصدق هذا العنوان الا مع عدم الفصل برضعة من امرأة اخري.

و أما التقدير الأثري: فافاد في المتن بعدم هذا الاشتراط فيه، و الظاهر ان ما أفاده تام اذ الموضوع المأخوذ في الدليل عنوان انبات اللحم و شد العظم فلو تحقق الموضوع يترتب عليه الحكم فلا وجه للتقييد مع فرض الاطلاق المنعقد في الدليل.

(1) اذ المفروض ان الحكم مترتب في التقدير العددي علي العدد الخاص بشرطه و في التقدير الأثري رتب علي الأثر و مع تحقق الموضوع يترتب عليه

الحكم و مقتضي الاطلاق عدم الاشتراط، و اما التقدير الزماني فالمستفاد من حديث زياد بمقتضي الفهم العرفي أن يكون اغتذاء الطفل في هذه المدة بالارتضاع من امرأة كي يتحقق موضوع الحرمة فلا بد من عدم ضميمة أكل أو شرب، فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 28

(2) لاحظ ص: 33

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 37

حتي الاكل و الشرب (1) و يشترط في حصول التحريم بالرضاع ان يكون في الحولين بالنسبة الي المرتضع (2).

______________________________

(1) قد مر الكلام حول كفاية العشر و عدمها و قد رجحنا التقدير بخمس عشرة و لم يتضح لي وجه ما أفاده الماتن من اشتراط عدم التخلل بين الرضعات العشر بالأكل و الشرب و انه ما الفرق بين المقامين.

(2) استدل علي المدعي بوجوه: الوجه الأول: الاجماع فانه ادعي قيامه علي اشتراط كون الرضاع المحرم في الحولين بالنسبة الي المرتضع.

الوجه الثاني: قوله تعالي «وَ الْوٰالِدٰاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلٰادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كٰامِلَيْنِ لِمَنْ أَرٰادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضٰاعَةَ» «1» «وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسٰانَ بِوٰالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَليٰ وَهْنٍ وَ فِصٰالُهُ فِي عٰامَيْنِ» «2» بتقريب ان المستفاد من الآيتين تحديد الرضاع بالحولين فلا عبرة بالرضاع بعدهما.

الوجه الثالث: النصوص منها: ما رواه منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لا رضاع بعد فطام و لا وصال في صيام و لا يتم بعد احتلام و لا صمت يوما الي الليل و لا تعرب بعد الهجرة و لا هجرة بعد الفتح و لا طلاق قبل نكاح و لا عتق قبل ملك و لا يمين للولد مع والده و لا للملوك مع مولاه و لا للمرأة مع زوجها و لا نذر في معصية و لا يمين في قطيعة

فمعني قوله:

لا رضاع بعد فطام ان الولد اذا شرب لبن المرأة بعد ما تفطمه لا يحرم ذلك الرضاع التناكح «3» بتقريب ان الفطام يتحقق بتمام الحولين فلا أثر للرضاع الواقع بعدهما.

______________________________

(1) البقرة/ 233

(2) لقمان/ 14

(3) الوسائل الباب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 38

______________________________

و منها: ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا رضاع بعد فطام «1».

فالمتحصل ان الرضاع المحرم ما يكون في الحولين و أما الواقع بعدهما فلا أثر له و نسب الي ابن الجنيد اذا كان الرضاع بعد الحولين و لم يتوسط بين الرضاعين فطام يكون محرما.

و استدل بما رواه داود بن حصين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الرضاع بعد الحولين قبل ان يفطم محرم 2 و نقل عن الشهيد (قده) في شرح الارشاد رده بالضعف لسبق الاجماع عليه و تأخره عنه، و حمله الشيخ علي التقية علي حسب نقل صاحب الوسائل لموافقته لمذهب العامة و احتمل صاحب الوسائل (قده) حمله علي الانكار، فتأمل.

و يمكن أن يقال: انه مخالف مع الكتاب 3 فان المستفاد من الاية الشريفة ان رضاع الولد في حولين كاملين، و أيضا يستفاد من الكتاب ان فصاله في عامين فالترجيح مع معارضه.

و في المقام حديث- رواه الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الرضاع قبل الحولين قبل ان يفطم 4، يستفاد منه ان الرضاع في الحولين مشروط بعدم الفطام، و صاحب الحدائق (قده) 5 ناقش في سند الحديث بلحاظ عبد اللّه بن محمد الواقع فيه و قال: ان حاله في الرجال غير معلوم، و لكن في الكافي 6 هكذا محمد بن يحيي عن احمد بن

محمد و عليه لا يتوجه اشكال

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 2 و 7

(2) (3) لاحظ ص 37

(3) (4) الوسائل: الباب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 4

(4) (5) الحدائق ج- 23 ص: 364

(5) (6) ج- 5 ص: 423

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 39

دون ولد المرضعة (1).

______________________________

صاحب الحدائق (قده) في السند فلا بد من رفع اليد عن الخبر بالإجماع و التسالم فلاحظ.

(1) وقع الخلاف في هذا المقام بين الأعلام و نسب الاشتراط الي جملة من الأساطين و قد ذكرت في تقريب المدعي وجوه:

الأول: اطلاق قوله في جملة من النصوص لا رضاع بعد فطام، و اجيب بأن الظاهر من هذه النصوص فطام المرتضع لا ولد المرضعة و لو وصلت النوبة الي الاجمال فلحاظ الاشتراط بالنسبة الي المرتضع اجماعي و اما بالنسبة الي غيره فلا يمكن الأخذ بالنصوص لفرض الاجمال الا أن يقال ان مقتضي الاطلاق اشتراط كلا الأمرين.

الثاني: الأصل، و فيه انه لا مجال للأصل مع اطلاق دليل التحريم.

الثالث: اخبار الحولين، فانها تشمل الحولين بالنسبة الي ولد المرضعة، منها ما رواه الفضل بن عبد الملك «1» و منها: ما رواه حماد ابن عثمان قال:

سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا رضاع بعد فطام قلت: و ما الفطام قال:

الحولين الذي قال اللّه عز و جل «2».

و منها: ما رواه زرارة «3» و فيه ان الظاهر من الخبر الأول ان الملحوظ المرتضع و علي فرض التنزل يكون الخبر مجملا، و الخبر الثاني ضعيف بسهل بن زياد، و الخبر الثالث دال علي اشتراط الارتضاع حولين كاملين و لا يرتبط بالمقام.

الرابع: حديث علي بن اسباط قال: سأل ابن فضال ابن بكير

في المسجد

______________________________

(1) لاحظ ص: 38

(2) الوسائل: الباب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 5

(3) لاحظ ص: 35

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 40

و ان يكون اللبن لفحل واحد من امرأة واحدة (1) فلو ارضعت امرأة صبيا بعض العدد من فحل و اكملته من فحل آخر لم ينشر الحرمة (2) و كذا لو ارضعته امرأة بعض العدد من فحل و اكملته الاخري من ذلك الفحل فانه لا ينشر الحرمه (3) و لا ينشر الرضاع الحرمة بين المرتضعين الا مع اتحاد الفحل و ان تعددت المرضعة فلو ارضعت امرأتان صبيين بلبن فحل واحد نشر الحرمة بينهما (4).

______________________________

فقال: ما تقولون في امرأة ارضعت غلاما سنتين ثم ارضعت صبية لها أقلّ من سنتين حتي تمت السنتان أ يفسد ذلك بينهما؟ قال: لا يفسد ذلك بينهما لأنه رضاع بعد فطام و انما قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا رضاع بعد فطام أي انه اذا تم للغلام سنتان او الجارية فقد خرج من حد اللبن و لا يفسد بينه و بين من شرب «يشرب منه خ ل» لبنه قال: و اصحابنا يقولون انه لا يفسد الا أن يكون الصبي و الصبية يشربان شربة شربة «1» و هذا الحديث لا اعتبار به فانه كاشف عن رأي ابن بكير و لا أثر لرأيه لغيره كما هو ظاهر و بعبارة اخري: كونه ثقة لا يستلزم اعتبار آرائه لغيره.

الخامس: الاجماع، و فيه ان المنقول منه غير حجة و المحصل منه علي فرض حصوله محتمل المدرك.

(1) لاحظ ما رواه زياد بن سوقة «2».

(2) لعدم اتحاد الفحل.

(3) لفرض تعدد المرأة.

(4) ادعي عليه الاجماع، و استدل عليه أيضا بجملة من النصوص، منها ما

______________________________

(1) الوسائل الباب

5 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 6

(2) لاحظ ص: 28

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 41

______________________________

رواه مالك ابن عطية، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتزوج المرأة فتلد منه ثم ترضع من لبنه جارية يصلح لولده من غيرها ان يتزوج تلك الجارية التي ارضعتها؟ قال: لا هي بمنزلة الاخت من الرضاعة لأن اللبن لفحل واحد «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان الميزان في تحقق الحرمة كون اللبن من فحل واحد.

و منها: ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن امرأة ارضعت جارية و لزوجها ابن من غيرها أ يحل للغلام ابن زوجها ان يتزوج الجارية التي ارضعت؟ فقال: اللبن للفحل «2» و الكلام فيه هو الكلام.

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل كان له امرأتان فولدت كل واحدة منهما غلاما فانطلقت احدي امرأتيه فارضعت جارية من عرض الناس أ ينبغي لابنه ان يتزوج بهذه الجارية؟ قال: لا لأنها ارضعت بلبن الشيخ 3.

و منها: ما رواه صفوان بن يحيي، عن أبي الحسن عليه السلام في حديث قال: قلت له: ارضعت أمي جارية بلبني فقال: هي اختك من الرضاعة قلت:

فتحل لأخ لي من أمي لم ترضعها أمي بلبنه يعني ليس بهذا البطن و لكن ببطن آخر قال: و الفحل واحد؟ قلت: نعم هو اخي «هي اختي خ ل» لأبي و أمي قال:

اللبن للفحل صار ابوك اباها و امك امها 4.

و لا ينافيها ما رواه أبو بصير، عن ابي عبد اللّه عليه السلام في رجل تزوج امرأة

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 13

(2) (2 و 3) الوسائل: الباب 6 من ابواب ما يحرم

بالرضاع الحديث: 7 و 6

(3) (4) الوسائل: الباب 8 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 42

و لو ارضعت امرأة صبيين بلبن فحلين لم ينشر الحرمة بينهما (1).

______________________________

فولدت منه جارية ثم ماتت المرأة فتزوج اخري فولدت منه ولدا ثم انها ارضعت من لبنها غلاما أ يحل لذلك الغلام الذي ارضعته ان يتزوج ابنة المرأة التي كانت تحت الرجل قبل المرأة الأخيرة؟ فقال: ما احب ان يتزوج ابنة فحل قد رضع من لبنه «1» فان نفي المحبة ليس صريحا في عدم الحرمة بل و لا ظاهرا فيه، فيمكن ان يراد منه ما لا ينافيها.

و ربما يقال: انه لو لا كون الحكم اجماعيا لأمكن الخدشة فيه، بتقريب ان هذه النصوص كلها واردة في مورد يكون احدهما ولدا نسبيا و محل الكلام في المقام هي الاخوة بين المرتضعين اللذين يكونان كلاهما ولدين رضاعيين للفحل، و لو قيل يتحقق الاطلاق بلحاظ ما فيها من عموم العلة قلنا يقيد الاطلاق بخبر عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غلام رضع من امرأة أ يحل له ان يتزوج اختها لأبيها من الرضاع؟ فقال: لا فقد رضعا جميعا من لبن فحل واحد من امرأة واحدة قال: فيتزوج اختها لأمها من الرضاعة؟ قال: فقال: لا بأس بذلك ان اختها التي لم ترضعه كان فحلها غير فحل التي ارضعت الغلام فاختلف الفحلان فلا بأس 2 فان المستفاد من هذا الخبر اشتراط تحقق الحرمة بكون اللبن من امرأة واحدة لكن المستفاد من كلامهم ان الحكم اجماعي عندهم، فالنتيجة انه يكفي تحقق النسبة الرضاعية من قبل الفحل الواحد.

(1) علي المشهور شهرة عظيمة بين الأصحاب كادت تكون اجماعا كما في

الجواهر بل نقل عن جملة من الأساطين الاجماع عليه و استدل علي المدعي بجملة من النصوص:

منها: ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يرضع

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 5 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 43

______________________________

من امرأة و هو غلام أ يحل له ان يتزوج اختها لأمها من الرضاعة؟ فقال: ان كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من لبن فحل واحد فلا يحل فان كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من لبن فحلين فلا بأس بذلك «1» فان المستفاد من هذه الرواية انه لا أثر لوحدة المرضعة فالانتساب الرضاعي بين المرتضعين لا يؤثر.

و منها: ما رواه عمار الساباطي «2» فان اشتراط كون الفحل واحدا يستفاد من الرواية كما انه يستفاد منها عدم ترتب الأثر علي وحدة المرضعة.

و منها: ما رواه بريد العجلي في حديث قال: سألت ابا جعفر عليه السلام عن قول رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فسر لي ذلك فقال: كل امرأة ارضعت من لبن فحلها ولد امرأة اخري من جارية او غلام فذلك الذي قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و كل امرأة ارضعت من لبن فحلين كانا لها واحدا بعد واحد من جارية او غلام فان ذلك رضاع ليس بالرضاع الذي قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب و انما هو من نسب ناحية الصهر رضاع و لا يحرم شيئا و ليس هو سبب رضاع من ناحية لبن الفحولة فيحرم «3».

و نسب الي الطبرسي (قده) انه خالف المشهور و ذهب

الي كفاية الاشتراك في الام وحدها و استدل لهذا القول بعموم قولهم عليهم السلام يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب و بخبر محمد بن عبيدة الهمداني قال: قال الرضا عليه السلام ما يقول اصحابك في الرضاع؟ قال: قلت: كانوا يقولون: اللبن للفحل حتي

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 42

(3) الوسائل: الباب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 44

و مع اجتماع الشرائط تصير المرضعة اما، و ذو اللبن ابا، و اخوتهما اخوالا و اعماما، و اخواتهما عمات و خالات، و اولادهما اخوة (1).

______________________________

جاءتهم الرواية عنك انك تحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فرجعوا الي قولك قال: فقال و ذاك ان امير المؤمنين سألني عنها البارحة فقال لي: اشرح لي اللبن للفحل و انا اكره الكلام فقال لي: كما انت حتي اسألك عنها ما قلت في رجل كانت له امهات او لا دشتي فارضعت واحدة منهن بلبنها غلاما غريبا أ ليس كل شي ء من ولد ذلك الرجل من امهات اولاد الشتي محرما علي ذلك الغلام؟ قال: قلت:

بلي قال: فقال ابو الحسن عليه السلام: فما بال الرضاع يحرم من قبل الفحل و لا يحرم من قبل الامهات و انما الرضاع من قبل الامهات و ان كان لبن الفحل أيضا يحرم «1» و فيه ان العموم يخصص بالنصوص الخاصة و الرواية ضعيفة سندا بالهمداني فانه لم يوثق.

(1) قال في الجواهر «2» بلا خلاف اجده في شي ء من ذلك بل الظاهر اتفاق اهل الإسلام جميعا عليه الا من لا يعتد به من العامة الذين قصروا الحرمة علي الامهات و الأخوات خاصة جمودا علي ما في

الاية في سورة النساء «3» و هو معلوم البطلان خصوصا بعد تواتر قوله صلي اللّه عليه و آله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب الي آخر كلامه رفع في علو مقامه، و الامر كما افاده (قده) فان مقتضي قوله صلي اللّه عليه و آله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب «4» ان كل عنوان محرم نسبي يثبت بالرضاع و تترتب عليه الحرمة بمقتضي اطلاق

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 9

(2) ج- 29 ص: 309

(3) لاحظ ص: 26

(4) الوسائل الباب 1 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 45

و اذا ارضعت زوجته الصغيرة امرأة حرمت المرضعة عليه و جاز له النظر اليها (1) و يحرم اولاد صاحب اللبن ولادة و رضاعا علي المرتضع (2) و كذا اولاد المرضعة ولادة (3) لا رضاعا (4).

[مسألة 1: لا ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادة]

(مسألة 1): لا ينكح ابو المرتضع في اولاد صاحب اللبن ولادة (5).

______________________________

الدليل فما افاده في المتن تام.

(1) اذ بالرضاع الجامع للشرائط تصير المرضعة اما رضاعيا للصغيرة فتحرم علي زوجها اذ لا يجوز نكاح أمّ الزوجة نسبا فلا يجوز في الرضاع كما انه يجوز النظر اليها لجواز النظر الي أمّ الزوجة.

(2) كما تقدم.

(3) لأنه يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب و الانتساب النسبي من ناحية الام وحدها يكفي في الحرمة فمثله الانتساب الرضاعي.

(4) كما تقدم فراجع.

(5) كما هو المشهور بين القوم، و الدليل عليه حديث علي بن مهزيار قال:

سأل عيسي بن جعفر بن عيسي أبا جعفر الثاني عليه السلام ان امرأة ارضعت لي صبيا فهل يحل لي ان اتزوج ابنة زوجها؟ فقال لي: ما أجود ما سألت من هاهنا يؤتي ان يقول الناس حرمت عليه

امرأته «1» من قبل لبن الفحل هذا هو لبن الفحل لا غيره فقلت له: الجارية ليست ابنة المرأة التي ارضعت لي هي ابنة غيرها فقال: لو كن عشرا متفرقات ما حل لك شي ء منهن و كن في موضع بناتك «2»

______________________________

(1) أي امرأة اب المرتضع علي تقدير كونها من بنات الفحل اذ لا فرق في ذلك بين ابتداء النكاح و استدامته و قد عمل بذلك اكثر علمائنا.

(2) الوسائل: الباب 6 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 46

و رضاعا (1) و لا في اولاد زوجته المرضعة ولادة (2) لا رضاعا (3) فاذا ارضعت زوجة الجد للأم طفلا من لبن جده لأمه حرمت أم المرتضع

______________________________

(1) ربما يستدل علي المدعي باطلاق حديث علي بن مهزيار، و فيه انه لا اطلاق فيه من هذه الجهة و ظاهره الوالد النسبي.

و يمكن الاستدلال عليه باطلاق قوله عليه السلام في رواية بريد العجلي و عبد اللّه بن سنان و داود ابن سرحان «1» يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب حيث ان المستفاد من الحديث ان الولد النسبي للفحل حرام علي ابي المرتضع و من ناحية اخري انه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فيحرم ولده الرضاعي كما يحرم ولده النسبي، فلاحظ.

(2) لاحظ حديث ايوب بن نوح قال: كتب علي بن شعيب الي ابي الحسن عليه السلام امرأة ارضعت بعض ولدي هل يجوز لي ان اتزوج بعض ولدها فكتب عليه السلام: لا يجوز ذلك لك لان ولدها صارت بمنزلة ولدك «2».

و حديث: عبد اللّه بن جعفر قال: كتبت الي ابي محمد عليه السلام: امرأة ارضعت ولد الرجل هل يحل لذلك الرجل ان يتزوج ابنة هذه المرضعة أم

لا؟ فوقع:

لا تحل له 3.

(3) للإجماع و لعدم حرمة ولدها الرضاعي علي المرتضع الذي يكون سببا للحرمة بالنسبة الي ابيه و ان شئت قلت الدليل علي عدم الحرمة هناك يدل علي عدمها في المقام بالاولوية فلا مجال لأن يقال ان مقتضي اطلاق دليل ما يحرم بالنسب يحرم بالرضاع و من الظاهر ان المستفاد من الدليل في المقام ان الولد النسبي للمرضعة يحرم علي أبي المرتضع فيحرم ولدها الرضاعي لإطلاق الدليل، فلاحظ

______________________________

(1) لاحظ ص: 26

(2) (2 و 3) الوسائل: الباب 16 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 47

علي ابيه (1) و لا فرق في المرضعة بين ان تكون اما لام المرتضع و ان تكون زوجة لأبيها (2) و في جواز النكاح لأولاد أبي المرتضع الذين لم يرتضعوا من هذا اللبن في اولاد المرضعة نسبا و الفحل مطلقا قولان اقربهما الجواز (3) هذا اذا لم يكن مانع من النكاح من نسب او سبب

______________________________

(1) اذ بالرضاع الجامع للشرائط يصدق علي الجد صاحب اللبن فلا يجوز لأبي المرتضع نكاح ولده فتحرم عليه زوجته أي أم المرتضع.

(2) اذ المعيار في صدق موضوع الحرمة صدق عنوان نكاح ابي المرتضع في ولد صاحب اللبن و لذا لا فرق كما في المتن فانه بالرضاع المحرم يصدق العنوان المذكور، فلاحظ.

(3) و ما يمكن أن يذكر في مستند المنع وجوه:

الوجه الأول: ان اولاد الفحل اخوة للمرتضع فهم اخوة لأخي أولئك و فيه: ان هذا العنوان لا يكون من العناوين المانعة و لذا نري جواز تزويج أخ الرجل لأبيه اخته لأمه و بعبارة اخري: العنوان المانع عنوان الاخت لا اخت الأخ او اخ الاخت، فلاحظ.

الوجه الثاني: ما رواه اسحاق

بن عمار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل تزوج اخت اخيه من الرضاعة قال: ما احب ان اتزوج اخت اخي من الرضاعة «1» و تقريب الاستدلال ظاهر و فيه: اولا أن السند مخدوش و عنوان غير واحد لا يوجب تحقق التواتر و بهذا المقدار لا يخرج الخبر عن عنوان الخبر الواحد و ثانيا: ان هذه الرواية ان لم تكن ظاهرة في الجواز لا تكون ظاهرة في المنع، فلاحظ.

الوجه الثالث: ما رواه علي بن مهزيار «2» بتقريب ان المستفاد من هذا

______________________________

(1) الوسائل: الباب 6 من ابواب ما يحرم بالنسب الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 45

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 48

كما اذا كان الاولاد من زوجة اخري ليست بنتا لصاحب اللبن و الا لم يجز كما في المثال المتقدم لان اولاد ابي المرتضع اولاد اخت لأولاد صاحب اللبن و اولاد المرضعة (1).

[مسألة 2: لو أرضعت كبيرة الزوجتين صغيرتهما حرمتا إن كان قد دخل بالمرضعة]

(مسألة 2): لو ارضعت كبيرة الزوجتين صغيرتهما حرمتا ان كان قد دخل بالمرضعة (2).

______________________________

الخبر ان اولاد صاحب اللبن بمنزلة اولاد أبي المرتضع و هذا يقتضي الاخوة بينهم و بين اخوة المرتضع.

و فيه: منع اقتضاء الحديث الاخوة بين اولاد صاحب اللبن و اولاد أبي المرتضع اذ لا منشأ لهذا التوهم الا التلازم بين عنوان البنوة بالنسبة الي الأبوين و بين عنوان الاخوة بين اولادهما فان هذا التلازم صحيح في البنوة النسبية و الرضاعية و اما في المقام فليس الا التعبد، و من الظاهر ان التعبد يقتصر فيه بمقدار قيام الدليل عليه.

الوجه الرابع: ان اخت الأخ من النسب محرمة فكذلك محرمة من الرضاع و فيه: ان هذا العنوان ليس من العناوين المحرمة، بل العنوان المحرم عنوان الاخت.

الوجه الخامس: ان اولاد صاحب اللبن اعتبرت اولادا لأبي المرتضع

و يحرم النكاح مع ولد الأب، و فيه ان العنوان المحرم عنوان الاخوة لا عنوان ولد الأب غاية الأمر في النسب و الرضاع لا ينفك احدهما عن الاخر فالحق هو الجواز.

(1) كما هو ظاهر فان المقصود في المقام ان هذا العنوان بما هو لا يوجب التحريم فلا ينافي تحقق عنوان آخر موجب للحرمة.

(2) فانه لا يمكن الجمع بينهما اذ المفروض تحقق الدخول بالكبيرة و لا يجوز

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 49

او فرض الارضاع بلبنه مع عدم الدخول (1).

______________________________

نكاح الربيبة هذا بالنسبة الي الصغيرة و اما الكبيرة فانها تصير بالرضاع أما للصغيرة و لا يجوز نكاح أم الزوجة فالمقتضي لفساد نكاح كل منهما موجود و حيث لا مرجح نلتزم ببطلان كليهما هذا بحسب القاعدة و أما بحسب النص فيدل علي فساد النكاح مطلقا ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لو ان رجلا تزوج جارية رضيعة فارضعتها امرأته فسد النكاح «1».

فان مقتضي هذه الرواية بطلان النكاح مطلقا، و لا وجه لأن يقال الرواية مجملة و لا يعلم المراد منها فان مقتضي الاطلاق بطلان كلا العقدين.

و أما حديث عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل تزوج جارية صغيرة فارضعتها امرأته و أم ولده قال: تحرم عليه 2 الدال علي فساد نكاح الصغيرة فلا ينافي ما دل علي البطلان مطلقا اذ لا تنافي بين الاثباتين.

و لنا ان نقول لا يمكن صدق عنوان الامومة و عنوان الزوجية اذ ما دام لم يتحقق نصاب الرضاع لا يتحقق عنوان الامومة و زمان تحقق النصاب زمان بطلان الزوجية اذ لا يمكن الجمع بين زواج الام و البنت و تقديم احدهما علي الاخر بلا

مرجح فيبطل كلاهما، مضافا الي النص المشار اليه فلو لا الاجماع يجوز له تجديد العقد علي الكبيرة.

(1) اذ تصير المرتضعة بنتا لها و النتيجة حرمتها لأنه لا يجوز نكاح البنت هذا بالنسبة الي الصغيرة و أما بالنسبة الي الكبيرة فلقائل أن يقول لا وجه لبطلان نكاحها علي القاعدة اذ زمان تحقق الرضاع المحرم هو زمان بطلان زوجية الصغيرة فلا يصدق علي الكبيرة عنوان أمّ الزوجة كي تحرم علي زوجها و قد ثبت في محله ان المشتق حقيقة في الملتبس لا في المنقضي عنه المبدأ و الحاصل ان مقتضي القاعدة الأولية بقاء زوجية الكبيرة بحالها و أما بحسب النص المتقدم فمقتضي اطلاقه فساد

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل: الباب 10 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 50

و الا حرمت هي و لا يترك الاحتياط بتجديد العقد علي المرتضعة (1) و لو ارضعت الام من الرضاع الزوجة مع اتحاد الفحل حرمت (2) و في حرمة أم أمّ الولد من الرضاع علي الولد لأنها قد حرمت من النسب او عدم حرمتها لعدم اتحاد الفحل قولان اقواهما الاول (3) و يستحب

______________________________

النكاح، لكن لا مانع من تجديد العقد علي الكبيرة لعدم ما يوجب الحرمة الأبدية و لا يستفاد من النص الحرمة الأبدية بل المستفاد منه فساد النكاح.

(1) بتقريب ان المرتضعة لا وجه لحرمتها اذ فرض عدم الدخول بالكبيرة فلا تحرم الربيبة و اما الام فتحرم لكونها أمّ الزوجة و مقتضي الاحتياط تجديد العقد علي الصغيرة هذا تقريب ما افاده الماتن و لكن اقول لا اشكال في عدم جواز الجمع بين الام و البنت و حيث لا مرجح يكون مقتضي القاعدة بطلان عقد كلتيهما كما

ان مقتضي النص كذلك و اما تجديد العقد فالظاهر جوازه بالنسبة الي كلتيهما اذ لا موجب للحرمة الأبدية لا بالنسبة الي الكبيرة و لا بالنسبة الي الصغيرة فانه لا يتحقق عنوان أمّ الزوجة في زمان كي يقال بأن تزويج أمّ الزوجة حرام اذ قبل تحقق الرضاع المحرم لا يصدق عنوان الامومة و بعد تحققه لا تبقي الزوجية بحالها فلا يصدق عنوان المحرم فلاحظ.

(2) اذ تصير الزوجة اختا رضاعيا للزوج فتحرم عليه لأن ما يحرم بالنسب يحرم بالرضاع.

(3) الظاهر ان الوجه في الحكم بالحرمة اطلاق دليل ما يحرم بالنسب يحرم بالرضاع خلافا للعلامة و المحقق الثاني (قدهما) علي ما نقل عنهما «1».

______________________________

(1) رسالة الرضاع تقرير بحث السيد الشيرازي (قده) ص: 84

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 51

اختيار المسلمة الوضيئة العفيفة العاقلة للرضاع (1).

______________________________

(1) لجملة من النصوص منها: ما رواه غياث بن ابراهيم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: انظروا من يرضع اولادكم فان الولد يشب عليه «1».

و منها: ما رواه محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تسترضعوا الحمقاء فان اللبن يعدي و ان الغلام ينزع الي اللبن يعني الي الظئر في الرعونة و الحمق 2.

و منها: ما رواه مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: لا تسترضعوا الحمقاء فان اللبن يغلب الطباع، قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا تسترضعوا الحمقاء فان اللبن يشب عليه 3.

و منها: ما رواه محمد بن مروان قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: استرضع لولدك بلبن الحسان و اياك و القباح فان اللبن قد يعدي 4.

و منها: ما رواه زرارة،

عن أبي جعفر عليه السلام قال: عليكم بالوضاء من الظؤرة فان اللبن يعدي 5 فان المستفاد من هذه النصوص ان اللبن يعدي فيستحب اختيار المسلمة بل المؤمنة العفيفة، مضافا الي استحباب اختيار العفيفة في النكاح فيستحب في المقام فانه قد صرح في حديث حسين بن علوان عن جعفر عن ابيه ان عليا عليه السلام كان يقول: تخيّروا للرضاع كما تخيرون للنكاح، فان الرضاع يغير الطباع 6.

بالاضافة الي التصريح في بعض النصوص بالوضاء و بعدم كونها حمقاء.

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 78 من ابواب احكام الاولاد الحديث: 1 و 2 و 3

(2) (4) الوسائل الباب 79 من ابواب احكام الاولاد الحديث: 1

(3) (5) الوسائل الباب 79 من ابواب احكام الاولاد الحديث: 2

(4) (6) الوسائل الباب 78 من ابواب احكام الاولاد الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 52

[مسألة 3: إذا كان للمرتضع أخ لم يرتضع معه جاز له أن يتزوج بالمرضعة أو إحدي بناتها]

(مسألة 3): اذا كان للمرتضع اخ لم يرتضع معه جاز له أن يتزوج بالمرضعة او احدي بناتها، و اذا كان له اخت لم ترتضع معه جاز لها أن تتزوج بصاحب اللبن او احد اولاده (1).

______________________________

فلاحظ.

(1) و الوجه فيه انه لا يتحقق بالرضاع ما يوجب الحرمة بين المذكورين فان أخا المرتضع اخ لابن المرضعة و المرضعة أم للمرتضعة و عنوان اخ الابن او أم الأخ ليس من العناوين المحرمة، نعم علي القول بعموم المنزلة لا بد من الالتزام بالحرمة و نسب الي المحقق الداماد (قده) الالتزام بعموم المنزلة و الذي يمكن أن يذكر في مقام الاستدلال عليه وجوه:

الوجه الأول: ان عنوان أم الأخ مثلا في النسب يوجب الحرمة فكذلك يوجب الحرمة في باب الرضاع فانه يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب و بعبارة اخري: في باب النسب يكون

بعض العناوين ملازما لعنوان آخر محرم فالرضاع كذلك بلحاظ التنزيل و كون الرضاع بمنزلة النسب.

و بعبارة واضحة: المستفاد من دليل تحريم المحرمات حرمة تلك العناوين و ما يستلزمه من العناوين الاخر.

و يرد عليه: انه ليس الأمر كذلك فان المستفاد من قوله تعالي «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهٰاتُكُمْ» «1» حرمة الام لا عنوان آخر و كذلك بقية العناوين و بدليل تنزيل الرضاع منزلة النسب نلتزم بحرمة ما يتحقق من تلك العناوين بالرضاع.

و ببيان واضح: ان المستفاد من ادلة نشر الحرمة بالرضاع ان العناوين الأولية المحرمة في النسب اذا تحققت بالرضاع تحرم و اما العناوين الملازمة التي

______________________________

(1) لاحظ ص: 26

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 53

______________________________

تكون عناوين محرمة بالعرض فلا، و ان شئت قلت أن تلك العناوين لا تكون عناوين المحرمة بل العنوان امر آخر مثلا حرمة اخت الأخ النسبي ليست من باب كونها اخت الأخ بل من باب كونها اختا فلا مجال للقول و الالتزام بعموم المنزلة بالنصوص الدالة علي أن ما يحرم بالنسب بحرم بالرضاع.

الوجه الثاني: النصوص الخاصة منها ما رواه صفوان بن يحيي «1» و منها ما رواه ايوب بن نوح «2» بتقريب ان المستفاد من هذه النصوص تنزيل الرضاع منزلة النسب علي الاطلاق حتي في الملازمات.

و فيه: انه لا تستفاد من النصوص المذكورة الكبري الكلية، بل لا بد من الاقتصار علي موردها، مضافا الي أن العنوان الملازم لا يكون عنوان الحرام كما مر بل العنوان المحرم هو العنوان المذكور في الكتاب أو السنة، فان تحقق ذلك العنوان تتحقق الحرمة بلا احتياج الي عموم التنزيل و الا فلا وجه للالتزام بالحرمة لعدم الدليل عليها، فلاحظ.

و يمكن تقريب الاستدلال بوجوه اخر، منها ان المستفاد من الخبرين ان التنزيل

ناظر الي العناوين الملازمة فان عنوان اخ الأخ ليس من العناوين الأولية بل من العناوين الثانوية الملازمة للحرمة في النسب كما ان اخت ولد الانسان ليست من العناوين الأولية بل من العناوين الملازمة لعنوان الحرام في النسب فان اخت ولد الانسان بنت له اذا كانت النسبة ناشية من ناحية الأب فيعلم ان التنزيل بلحاظ العناوين الثانوية.

و فيه: انه لا بد من الاقتصار علي مورد النص و لا وجه للقياس، مضافا الي

______________________________

(1) لاحظ ص: 41

(2) لاحظ ص: 46

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 54

[مسألة 4: يجوز للمرأة أن ترضع بلبن فحلها الذي هي في نكاحه حال الرضاع أخاها أو أختها]

(مسألة 4): يجوز للمرأة أن ترضع بلبن فحلها الذي هي في نكاحه حال الرضاع اخاها او اختها و لا يضر كونها بالرضاع تصير اختا لولد فحلها و كذا يجوز لها أن ترضع ولد اختها أو اخيها و لا يضر صيرورتها بالرضاع عمة أو خالة لولد فحلها و كذا يجوز لها أن ترضع ابن ابنها و ان صارت بذلك جدة ولد فحلها فلا تحرم علي فحلها و لا تحرم أم المرتضع علي زوجها و مثل ذلك أن ترضع احدي زوجتي الفحل ابن ابن الاخري و كذا يجوز لها أن ترضع عمها أو عمتها أو خالها أو خالتها و لا تحرم بذلك علي زوجها و ان صار بذلك ابا لعمها أو عمتها او خالها او خالتها و كذا يجوز لها أن ترضع اخا الزوج او أخته فتكون بذلك اما لأخيه أو اخته و كذا يجوز لها أن ترضع ابن ابن الزوج فتكون بذلك اما لولد ولده و كذا يجوز لها

______________________________

أن الرضاع المحرم يوجب الأخوة الرضاعية و عنوان الاخت من العناوين الأولية المحرمة.

و منها: انه علل الحرمة في حديث ايوب بالمنزلة فيدل علي انها علة و

فيه:

ان المستفاد من الحديث ان ولد المرضعة بمنزلة ولد أبي المرتضع و أما الزائد علي هذا المقدار فلا.

و منها: ان عموم التنزيل يقتضي أن يكون اولاد أبي المرتضع اخوانا و اخوانا لأولاد المرضعة الي غيره من اللوازم فيثبت المدعي و فيه: ان المستفاد من التنزيل تنزيل ولدها منزلة ولده، فيترتب عليه الآثار المترتبة علي عنوان الولد و أما حرمة التزويج بالنسبة الي اولاده و اخوانه مثلا ليست من آثار كونهم ولدا له بل من

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 55

أن ترضع ولد اخي زوجها أو اخته و أن ترضع عمه أو عمته او خاله او خالته (1).

[مسألة 5: يثبت الرضاع بشهادة أربع نسوة منفردات ليس معهن رجل]

(مسألة 5): يثبت الرضاع بشهادة اربع نسوة منفردات ليس معهن رجل (2).

______________________________

آثار تحقق عنوان الاخوة و العمومة مثلا و المفروض ان دليل التنزيل لا يكون ناظرا الي غير عنوان كونهم اولادا له.

مضافا: الي أنه قد يقال كما قيل ان دليل التنزيل ناظر الي خصوص حرمة التزويج المسئول عنه في الحديث و لا أقلّ من الاجمال و عدم الاطلاق.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 10، ص: 55

الوجه الثالث: ما ورد من الدليل الدال علي عدم جواز نكاح أبي المرتضع في اولاد صاحب اللبن و امثاله فانه ربما توهم انه يستفاد منه المدعي أي عموم المنزلة و الجواب هو الجواب فانه يقتصر في تلك الموارد علي مقدار دلالة الدليل و أما الزائد عليه فلا فتحصل انه لا وجه للالتزام بعموم المنزلة.

(1) و الوجه في جميع ما ذكر عدم تحقق عنوان محرم بالرضاع و مقتضي الأصل الاولي هو الجواز تكليفا و عدم نشر الحرمة وضعا، و

ان شئت قلت: بعد عدم دليل علي عموم المنزلة لا يكون تحقق هذه العناوين موجبة للحرمة لعدم كونها موضوعة لها في الأدلة الشرعية، فلاحظ.

(2) علي المشهور بين الأصحاب نقلا و تحصيلا كما في الجواهر، و تدل علي المدعي جملة من النصوص، منها ما رواه أبو بصير قال: سألته عن شهادة النساء فقال: تجوز شهادة النساء وحدهن علي ما لا يستطيع الرجال النظر «ينظرون اليه» الحديث «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من ابواب الشهادات الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 56

______________________________

و منها: ما رواه ابراهيم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: تجوز شهادة النساء فيما لا يستطيع الرجال أن ينظروا اليه و يشهدوا عليه الحديث «1»

و منها: ما رواه محمد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام قلت له: تجوز شهادة النساء في نكاح او طلاق أو رجم؟ قال: تجوز شهادة النساء فيما لا تستطيع الرجال أن ينظروا اليه و ليس معهن رجل الحديث «2».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

الي أن قال: تجوز شهادة النساء وحدهن بلا رجال في كل ما يجوز للرجال النظر اليه الحديث «3».

و منها: ما رواه داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال عليه السلام في هذا الحديث و في كل شي ء لا ينظر اليه الرجال تجوز شهادة النساء فيه «4».

و منها: ما رواه عبد الكريم بن أبي يعفور عن أبي جعفر عليه السلام قال:

تقبل شهادة المرأة و النسوة اذا كن مستورات من اهل البيوتات معروفات بالستر و العفاف مطيعات للأزواج تاركات للبذ او التبرج الي الرجال في انديتهم «5».

و مع هذه الشهرة و هذه النصوص

لا مجال للقول بعدم القبول مستندا الي الأصل اذ لا يبقي مجال للأخذ بالأصل بعد تمامية النصوص كما هو ظاهر كما انه لا مجال للاستدلال علي العدم بالإجماع مع الشهرة المدعاة في الطرف الاخر بل معارض بالإجماع علي الجواز كما يظهر من كلام صاحب الجواهر (قده) في هذا المقام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 10

(4) نفس المصدر الحديث: 12

(5) الوسائل الباب 41 من ابواب الشهادات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 57

كما يثبت بشهادة عدلين (1) و لا يثبت بشهادة المرضعة و امه منفردتين او منضمتين (2).

______________________________

و أما دعوي عدم عسر اطلاع الرجال علي ذلك فممنوعة جدا كيف و محل الارتضاع من العورة فكيف لا يعسر اطلاع الرجال عليه.

(1) كما هو الميزان الكلي في اثبات الموضوعات بالبينة.

(2) لاحظ النصوص الواردة منها: ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن امرأة تزعم انها أرضعت المرأة و الغلام ثم تنكر بعد ذلك فقال: تصدق اذا انكرت ذلك قلت: فانها قالت و ادعت بعد بأني قد أرضعتها قال لا تصدق و لا تنعم «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن بكير عن بعض اصحابنا، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في امرأة ارضعت غلاما و جارية قال: يعلم ذلك غيرها؟ قال: لا قال:

فقال: لا تصدق ان لم يكن غيرها 2.

و منها: ما رواه صالح بن عبد اللّه الخثعمي قال: كتبت الي أبي الحسن موسي عليه السلام اسأله عن أم ولد لي ذكرت انها ارضعت لي جارية قال: لا تقبل قولها و لا تصدقها 3 فان هذه النصوص تدل علي عدم تصديق المرضعة في ارضاعها مضافا الي ما ذكر

في المقام من أن مرجع شهادتها الي الدعوي فتحتاج الي البينة.

و صفوة القول: ان قبول قول المرضعة أو الام يتوقف علي قيام الدليل عليه و حيث لا دليل عليه لا يقبل.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 12 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1 و 3

(2) (3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 58

[الثالث: اللعان]

(الثالث): اللعان و يثبت به التحريم المؤبد (1) و كذا قذف الزوج امرأته الخرساء (2) و في ثبوت التحريم في قذف زوجته الصماء اشكال (3).

______________________________

(1) ادعي عليه الاجماع و عدم الخلاف و يدل علي المدعي النص الخاص لاحظ ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الرجل يقذف امرأته قال يلاعنها ثم يفرق بينهما فلا تحل له ابدا «1».

و ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث: قال: و الملاعنة لا تحل له ابدا «2».

(2) لجملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قذف امرأته و هي خرساء قال: يفرق بينهما «3».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل قذف امرأته بالزنا و هي خرساء صماء لا تسمع ما قال. قال: ان كان لها بينة فشهدت عند الامام جلد الحد و فرق بينها و بينه، ثم لا تحل له ابدا، و ان لم يكن لها بينة فهي حرام عليه ما أقام معها و لا اثم عليها منه 4.

و منها: ما رواه محمد بن مروان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرأة الخرساء كيف يلاعنها زوجها قال: يفرق بينهما و لا تحل له ابدا 5

و ضم الصمم الي الخرس في حديث أبي بصير لا يوجب رفع اليد عن غيره اذ لا تنافي بين المثبتين.

(3) وجه الاشكال ان حديث أبي بصير نقل بالاختلاف، قال في الحدائق 6

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) (3 و 4 و 5) الوسائل الباب 8 من ابواب اللعان الحديث: 1 و 2 و 4

(4) (6) ج- 23 ص: 642

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 59

[الرابع: الكفر]
اشارة

(الرابع) الكفر، و لا يجوز للمسلم أن ينكح غير الكتابية اجماعا (1).

______________________________

و هذه الرواية رواها الشيخ بلفظ أو بين خرساء صماء حيث ان المفيد في المقنعة ذكر ذلك بلفظ (أو) فأورد الشيخ هذه الرواية دليلا له بهذا اللفظ مع انه أوردها في باب اللعان كما في الكافي بغير لفظ (أو) و كذا نقله عنه السيد السند في شرح النافع انتهي.

و لو دار الأمر بين الزيادة و النقيصة يكون الترجيح في طرف النقص فان احتمال السقط أرجح من احتمال الزيادة فيتم الدليل علي المدعي، مضافا الي ما تقدم من عدم التنافي بين الاثباتين.

(1) ادعي عليه الاجماع من المسلمين فضلا عن المؤمنين و يدل علي المدعي قوله تعالي «وَ لٰا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكٰاتِ حَتّٰي يُؤْمِنَّ وَ لَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَ لَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَ لٰا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتّٰي يُؤْمِنُوا» «1» فان المستفاد من الاية ان الايمان شرط في جواز النكاح فلا يجوز تزويج الكافرة.

و يمكن أن يقال: ان المراد من الايمان ليس هو الإسلام بل المراد الايمان باللّه بأنه لا شريك له، فلا تدل الاية علي عدم جواز نكاح الكافرة علي الاطلاق.

و يمكن الاستدلال علي المدعي أيضا بقوله تعالي «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ

آمَنُوا إِذٰا جٰاءَكُمُ الْمُؤْمِنٰاتُ مُهٰاجِرٰاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللّٰهُ أَعْلَمُ بِإِيمٰانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنٰاتٍ فَلٰا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَي الْكُفّٰارِ لٰا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَ لٰا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَ آتُوهُمْ مٰا أَنْفَقُوا وَ لٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذٰا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَ لٰا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوٰافِرِ وَ سْئَلُوا مٰا أَنْفَقْتُمْ وَ لْيَسْئَلُوا مٰا أَنْفَقُوا ذٰلِكُمْ حُكْمُ اللّٰهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَ اللّٰهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» «2».

فان العصم جمع عصمة و هي ما يعتصم به من عقد او ملك لأن المرأة بالنكاح

______________________________

(1) البقرة/ 221

(2) الممتحنة/ 10

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 60

______________________________

تعصم من غير زوجها و الكوافر جمع كافرة فالمراد نهي المؤمنين عن ابقاء نكاح الكافرات لانقطاع العصمة بينهما بالاسلام، لاحظ ما رواه أبو الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: «وَ لٰا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوٰافِرِ» يقول: من كانت عنده امرأة كافرة يعني علي غير ملة الإسلام و هو علي ملة الإسلام فليعرض عليها الإسلام فان قبلت فهي امرأته و الا فهي برية منه، فنهي اللّه ان يستمسك بعصمتها «1».

و يمكن أن يقال: ان المراد بالكوافر غير الكتابية اذ الظاهر من الاية عدم جواز ابقاء النكاح و الحال انه نقل الاجماع علي جواز ابقاء الكتابية و بعبارة اخري لو اسلم الزوج و تحته كتابية يجوز ابقاء النكاح فتأمل.

و يمكن أن يستفاد المدعي من جملة من النصوص منها: ما رواه جميل بن دراج، عن بعض اصحابنا، عن احدهما عليهما السلام انه قال في اليهودي و النصراني و المجوسي اذا اسلمت امرأته و لم يسلم قال: هما علي نكاحهما و لا يفرق بينهما، و لا يترك أن يخرج بها من دار الإسلام الي الهجرة «2».

و منها: ما رواه السكوني، عن جعفر، عن ابيه،

عن علي عليه السلام ان امرأة مجوسية اسلمت قبل زوجها، فقال علي عليه السلام: لا يفرق بينهما، ثم قال ان اسلمت قبل انقضاء عدتها فهي امرأتك، و ان انقضت عدتها قبل ان تسلم ثم اسلمت فأنت خاطب من الخطاب 3.

و منها: ما رواه منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مجوسي كانت تحته امرأة علي دينه فأسلم أو أسلمت قال: ينتظر بذلك انقضاء عدتها فان هو أسلم أو أسلمت قبل ان تنقضي عدتها فهما علي نكاحهما الأول، و ان هي لم

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 7

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 9 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه: الحديث 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 61

______________________________

تسلم حتي تنقضي العدة فقد بانت منه «1».

و منها: ما رواه السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام في مجوسية اسلمت قبل أن يدخل بها زوجها، فقال امير المؤمنين عليه السلام لزوجها: اسلم فأبي زوجها ان يسلم فقضي لها عليه نصف الصداق، و قال: لم يزدها الإسلام الا عزا 2.

و تدل علي المدعي في الجملة طائفة اخري من النصوص، منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: دخل رجل علي علي بن الحسين عليهما السلام فقال ان امرأتك الشيبانية خارجية تشتم عليا عليه السلام، فان سرك ان اسمعك ذلك منها اسمعتك قال: نعم، قال: فاذا كان حين تريد أن تخرج كما كنت تخرج فعد فاكمن في جانب الدار قال: فلما كان من الغد كمن في جانب الدار و جاء الرجل فكلهما فتبين منها ذلك فخلي سبيلها و كانت

تعجبه 3.

و منها: ما رواه مالك بن اعين انه دخل علي أبي جعفر عليه السلام و عليه ملحفة حمراء فقال: ان الثقفية اكرهتني علي لبسها و انا احبها «الي أن قال:» ثم دخلت عليه و قد طلقها، فقال: سمعتها تبرأ من علي فلم يسعني ان امسكها و هي تبرأ منه 4.

و منها: ما رواه أبو الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث انه كان له امرأة يقال لها: أم علي و كانت تري رأي الخوارج، قال: فادرتها ليلة الي الصبح ان ترجع عن رأيها و تولي أمير المؤمنين عليه السلام فامتنعت علي، فلما

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 3 و 7

(2) (3 و 4) الوسائل الباب 10 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 7 و 8

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 62

لا دواما و لا انقطاعا (1) و في الكتابية قولان (2) اظهرهما الجواز في المنقطع (3).

______________________________

اصبحت طلقتها «1» فان المستفاد من هذه النصوص جواز ابقاء الناصبية.

و أيضا يدل علي المدعي في الجملة ما رواه صفوان قال: سألت «سألته خ ل» عن رجل يريد المجوسية فيقول لها: اسلمي، فتقول: اني لأشتهي الإسلام و أخاف أبي، و لكن أشهد أن لا إله الا اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله قال: يجوز أن يتزوجها، قلت: فان رأيتها بعد ذلك لا تصلي و رأيت عليها الزنا، و رأيتها تشبه بالمجوس قال: ان شئت فأمسكها، و ان شئت فطلقها «2».

(1) لإطلاق الادلة و عدم ما يصلح لتقييدها، فلاحظ.

(2) الاقوال في المقام ستة علي ما يظهر من كلام بعض الأصحاب.

(3) لجملة من النصوص منها: ما رواه علي بن فضال، عن بعض

اصحابنا، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس أن يتمتع الرجل باليهودية و النصرانية و عنده حرة «3».

و منها: ما رواه زرارة قال: سمعته يقول: لا بأس أن يتزوج اليهودية و النصرانية متعة و عنده امرأة 4.

و منها: ما رواه الحسن التفليسي انه سأل الرضا عليه السلام يتمتع الرجل اليهودية و النصرانية فقال الرضا عليه السلام يتمتع من الحرة المؤمنة و هي أعظم حرمة منها 5.

و منها: ما رواه اسماعيل بن سعد الأشعري قال: سألته عن الرجل يتمتع من اليهودية و النصرانية قال: لا أري بذلك بأسا، قال: قلت: فالمجوسية؟ قال: أما

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) الوسائل الباب 15 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 1

(3) (3 و 4 و 5) الوسائل الباب 4 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 1 و 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 63

بل في الدائم أيضا (1).

______________________________

المجوسية فلا «1».

و منها: ما رواه زرارة قال: سمعته يقول: لا بأس أن يتزوج اليهودية و النصرانية متعة و عنده امرأة 2.

و منها: ما رواه محمد بن سنان، عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن نكاح اليهودية و النصرانية فقال: لا بأس، فقلت: فمجوسية؟ فقال: لا بأس به يعني متعة 3.

فان مقتضي هذه الروايات هو الجواز و يستفاد عدم الجواز في الجملة من حديث أبي بصير- عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تزوجوا اليهودية و لا النصرانية علي حرة متعة و غير متعة 4- و هذه الرواية ضعيفة بسعدان، فانه لم يوثق.

(1) ما يمكن أن يستدل به علي الحرمة وجوه: الوجه الأول: قوله تعالي 5 بتقريب ان المستفاد من الاية الشريفة عدم جواز نكاح

المشركة و الكتابية مشركة بدليل قوله تعالي «وَ قٰالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّٰهِ وَ قٰالَتِ النَّصٰاريٰ الْمَسِيحُ ابْنُ اللّٰهِ ذٰلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوٰاهِهِمْ يُضٰاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قٰاتَلَهُمُ اللّٰهُ أَنّٰي يُؤْفَكُونَ اتَّخَذُوا أَحْبٰارَهُمْ وَ رُهْبٰانَهُمْ أَرْبٰاباً مِنْ دُونِ اللّٰهِ وَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَ مٰا أُمِرُوا إِلّٰا لِيَعْبُدُوا إِلٰهاً وٰاحِداً لٰا إِلٰهَ إِلّٰا هُوَ سُبْحٰانَهُ عَمّٰا يُشْرِكُونَ» 6 فتدل الاية علي أن أهل الكتاب من المشركين.

و يمكن أن يجاب عن هذا الاستدلال بأن المتبادر من المشركة في لسان الشرع

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 13 من ابواب المتعة الحديث: 1 و 3 و 4

(2) (4) الوسائل الباب 13 من ابواب المتعة الحديث: 7

(3) (5) لاحظ ص: 59

(4) (6) التوبة/ 30 و 31

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 64

______________________________

غير اهل الكتاب كما يؤيده بل يدل عليه عطف المشركين علي اهل الكتاب و بالعكس في جملة من الآيات القرآنية.

منها: «مٰا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتٰابِ وَ لَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ اللّٰهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشٰاءُ وَ اللّٰهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» «1» و منها قوله تعالي «لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النّٰاسِ عَدٰاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا» «2» و التقسيم قاطع للشركة و هذا لا ينافي اعتقادهم ما يوجب الشرك و لا دليل علي أن الشارع جعلهم في حكم المشركين بنحو الحكومة بل المقدار المستفاد من بعض الآيات نسبة الشرك اليهم.

التقريب الثاني: لدلالة الآيات الكريمة علي المدعي ان الاية مغياة بالايمان و المؤمن هو المسلم و اورد فيه: بأنه لا دليل علي كون المراد بالايمان الإسلام بالمعني الاصطلاحي بل يمكن أن يكون المراد منه الايمان باللّه بأنه لا شريك له.

التقريب

الثالث: انه يفهم من ذيل الاية و هو قوله تعالي «أُولٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَي النّٰارِ» عموم العلة فلا فرق بين المشرك و الكتابي فان كليهما يدعوان الي النار.

و اورد فيه: بأنه لا دليل علي أن الذيل تعليل كي يكون دليلا علي عموم الحكم فلاحظ.

لكن الانصاف: ان انكار ظهور الاية الشريفة في التعليل مشكل فيكون مقتضي عموم العلة عموم الحكم.

الوجه الثاني: قوله تعالي «3» بالتقريب الذي تقدم و مقتضي عموم كلمة

______________________________

(1) البقرة/ 105

(2) المائدة/ 82

(3) لاحظ ص: 59

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 65

______________________________

«الكوافر» عدم الفرق بين الكتابية و غيرها و اورد علي الاستدلال: بأن المستفاد من الاية الشريفة و من لفظ الإمساك حرمة البقاء علي نكاح الكوافر كما نص عليه المفسرون و الاجماع قائم علي جواز البقاء علي نكاح الكتابية.

مضافا الي دلالة بعض النصوص علي المدعي منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: سألته عن رجل هاجر و ترك امرأته مع المشركين ثم لحقت به بعد ذلك أ يمسكها بالنكاح الأول أو تنقطع عصمتها؟ قال بل يمسكها و هي امرأته «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان اهل الكتاب و جميع من له ذمة اذا أسلم احد الزوجين فهما علي نكاحهما الحديث 2 و لو اغمض النظر عما ذكرنا و قلنا بدلالة الآيتين علي الحرمة نقول الايتان تخصصان بقوله تعالي «الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبٰاتُ وَ طَعٰامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ طَعٰامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَ الْمُحْصَنٰاتُ مِنَ الْمُؤْمِنٰاتِ وَ الْمُحْصَنٰاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذٰا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسٰافِحِينَ» 3.

فان مقتضي هذه الاية الكريمة جواز نكاح الكتابية

متعة و دواما. ان قلت:

قد دل بعض النصوص علي أن قوله تعالي في سورة المائدة الدال علي جواز نكاح الكتابية قد نسخ بقوله تعالي في سورة الممتحنة وَ لٰا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوٰافِرِ لاحظ ما رواه زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللّه عز و جل «وَ الْمُحْصَنٰاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ مِنْ قَبْلِكُمْ» فقال: هي منسوخة بقوله «وَ لٰا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 5 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 1 و 2

(2) (3) المائدة/ 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 66

______________________________

الْكَوَافِرِ» «1».

و ما رواه أيضا، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا ينبغي نكاح اهل الكتاب، قلت: جعلت فداك و أين تحريمه؟ قال: قوله: «وَ لٰا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوٰافِرِ» 2.

و ما رواه أبو الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام انه منسوخ بقوله تعالي «وَ لٰا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكٰاتِ حَتّٰي يُؤْمِنَّ» و بقوله: «وَ لٰا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوٰافِرِ» 3

قلت: روي عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ان المائدة اخر سورة نزلت علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله 4.

و أيضا روي عن علي عليه السلام قال كان القرآن ينسخ بعضه بعضا، و انما كان يؤخذ من أمر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله بآخره فكان من آخر ما نزل عليه سورة المائدة، نسخت ما قبلها و لم ينسخها شي ء، فلقد نزلت عليه و هو علي بغلته الشهباء، و ثقل عليه الوحي حتي وقعت و تدلي بطنها حتي رأيت سرتها تكاد تمس الأرض و اغمي علي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حتي وضع يده علي ذؤابة شيبة وهب الجمحي ثم رفع ذلك عن رسول

اللّه صلي اللّه عليه و آله فقرأ علينا سورة المائدة فعمل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و علمناه 5.

و أيضا روي عن أبي جعفر عليه السلام انه منسوخ بقوله: و لا تنكحوا المشركات حتي يؤمن، و بقوله: وَ لٰا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوٰافِرِ 6.

و عن علي عليه السلام قال: انما انزلت المائدة قبل أن يقبض بشهرين

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 1 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 1 و 4 و 7

(2) (4) جواهر الكلام: ج- 30 ص: 31 عن الدر المنثور

(3) (5) بحار الأنوار: ج- 92 ص: 274

(4) (6) مجمع البيان ذيل آية 5 من سورة المائدة

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 67

______________________________

أو ثلاثة «1».

و عن علي عليه السلام أيضا قال: و أما الآيات التي نصفها منسوخ و نصفها متروك بحاله لم ينسخ و ما جاء من الرخصة في العزيمة فقوله تعالي: «وَ لٰا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكٰاتِ حَتّٰي يُؤْمِنَّ وَ لَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَ لَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَ لٰا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتّٰي يُؤْمِنُوا وَ لَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَ لَوْ أَعْجَبَكُمْ» و ذلك ان المسلمين كانوا ينكحون في أهل الكتاب من اليهود و النصاري و ينكحونهم حتي نزلت هذه الاية نهيا أن ينكح المسلم من المشرك أو ينكحونه، ثم قال تعالي في سورة المائدة ما نسخ هذه الاية فقال: «وَ طَعٰامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ طَعٰامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَ الْمُحْصَنٰاتُ مِنَ الْمُؤْمِنٰاتِ وَ الْمُحْصَنٰاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ مِنْ قَبْلِكُمْ» فاطلق اللّه مناكحتهن بعد ان كان نهي، و ترك قوله: «وَ لٰا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتّٰي يُؤْمِنُوا» علي حاله لم ينسخه «2».

اضف الي ذلك ان النصوص الدالة

علي نسخ الاية الواردة في سورة المائدة الدالة علي الجواز مختلفة فان بعضها يدل علي أن الناسخ قوله تعالي «وَ لٰا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوٰافِرِ» و بعضها دال علي أن الناسخ قوله تعالي «وَ لٰا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكٰاتِ» و الحال انه كيف يمكن الجمع بين الأمرين فان الناسخ أحدهما علي فرض تحققه فيكون أحد الدليلين معارضا للاخر، فان حديث زرارة بن أعين «3» يدل علي أن الاية منسوخة بقوله تعالي «وَ لٰا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوٰافِرِ» و حديث حسن بن الجهم قال: قال لي أبو الحسن الرضا عليه السلام: يا أبا محمد ما تقول في رجل تزوج

______________________________

(1) الوسائل الباب 38 من ابواب الوضوء الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 6

(3) لاحظ ص: 65

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 68

______________________________

نصرانية علي مسلمة؟ قال: قلت: جعلت فداك و ما قولي بين يديك؟ قال: لتقولن فان ذلك يعلم به قولي، قلت: لا يجوز تزويج النصرانية علي مسلمة و لا غير مسلمة قال: و لم؟ قلت: لقول اللّه عز و جل: «وَ لٰا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكٰاتِ حَتّٰي يُؤْمِنَّ» قال فما تقول في هذه الاية: «وَ الْمُحْصَنٰاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ مِنْ قَبْلِكُمْ» قلت فقوله: «وَ لٰا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكٰاتِ» نسخت هذه الاية فتبسم ثم سكت «1»، يدل علي أن الناسخ قوله تعالي «وَ لٰا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكٰاتِ».

و مقتضي التعارض التساقط و لا مجال لأن يقال الحديث الثاني متأخر زمانا و الترجيح معه اذ لا مجال لهذا البيان في المقام فان النسخ علي تقدير تحققه مردد بين الأمرين.

و بعبارة اخري: الحكم الشرعي قابل لأن ينسخ بعد تحققه و أما الموضوع الخارجي فلا مجال فيه لهذا التقريب و لعل الأمر واضح

بعد التأمل فيما ذكرناه و ان شئت قلت: انه يدور أمر الناسخ بين الآيتين و يتحقق التعارض بينهما فيسقط كل من الطرفين عن الاعتبار اضف الي ذلك ان قوله تعالي في سورة المائدة «الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبٰاتُ» ظاهر في التجدد و ان الأحكام المذكورة في الاية المربوطة بأهل الكتاب أحكام جديدة حادثة فتكون هذه الاية ناسخة لما قبلها لا منسوخة فلنا ان نقول مع هذا الظهور يكون الخبر المخالف معها لا يكون حجة لكونه خلاف الكتاب «و ما خالف قول ربنا لم نقله».

و يضاف الي ذلك كله ان الأمر لو دار بين التخصيص و النسخ يكون الترجيح في طرف التخصيص كما هو المشهور بين القوم في مقام الدوران.

و لنا اثبات المدعي و هو الجواز بتقريب آخر و هو انا نفرض عدم التعارض

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 69

______________________________

في الناسخ و لكن نقول قد دلت طائفة من النصوص علي جواز نكاح الكتابية.

منها: ما رواه معاوية بن وهب و غيره جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل المؤمن يتزوج اليهودية و النصرانية فقال: اذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهودية و النصرانية فقلت له: يكون له فيها الهوي قال: ان فعل فليمنعها من شرب الخمر الحديث «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تتزوج اليهودية و النصرانية علي المسلمة «2» و مثله في الدلالة غيره الوارد في الباب المذكور.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل له امرأة نصرانية له أن يتزوج يهودية فقال: ان اهل الكتاب مماليك للإمام و ذلك

موسع منا عليكم خاصة فلا بأس بأن يتزوج الحديث «3».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله أبي و أنا أسمع عن نكاح اليهودية و النصرانية فقال: نكاحهما أحب إلي من نكاح الناصبية الحديث «4».

فان المستفاد من هذه النصوص بمقتضي الفهم العرفي جواز نكاح الكتابية و نسلم انه يستفاد من جملة من النصوص أيضا عدم الجواز و هي النصوص الدالة علي نسخ آية الجواز الواردة في سورة المائدة فيقع التعارض بين الجانبين

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 7 من هذه ابواب الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 8 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه

(4) الوسائل الباب 10 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 70

______________________________

و الترجيح مع دليل الجواز لموافقته مع الكتاب فان قوله تعالي «فَانْكِحُوا مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ مَثْنيٰ وَ ثُلٰاثَ وَ رُبٰاعَ» «1» يدل باطلاقه علي جواز نكاح الكتابية و قوله تعالي «وَ أُحِلَّ لَكُمْ مٰا وَرٰاءَ ذٰلِكُمْ «2» باطلاقه يشمل نكاح الكتابية، و أيضا يدل قوله تعالي «3» فانه يدل بالصراحة علي المدعي، و بعد المعارضة تقدم و ترجح الطائفة الموافقة مع الكتاب لكن قد ذكرنا اخيرا ان الترجيح منحصر بالأحدثية و الترجيح بها مع حديث المنع لاحظ ما رواه حسن بن الجهم «4».

الوجه الثالث: قوله تعالي «لٰا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوٰادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كٰانُوا آبٰاءَهُمْ أَوْ أَبْنٰاءَهُمْ أَوْ إِخْوٰانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ» «5» بتقريب ان المستفاد من الاية الكريمة حرمة الموادة مع الكافر و لو كان اباه فكيف يجوز

تزويج الكتابية؟.

و الجواب انه لا يبعد أن يكون المنهي عنه مودتهم بما انهم يحادون اللّه و الا فالمودة القلبية لا تكون اختيارية و بعبارة اخري: مودة الكافر بما هو كافر لا تجتمع مع الايمان فلا يكون المراد النهي عن المعاشرة معهم كيف و قد ورد في بعض النصوص الأمر بصلة الرحم و لو كان كافرا «6».

مضافا الي أنه لم يرد في الاية الشريفة النهي بل الوارد فيها عنوان لا تجد قوما

______________________________

(1) النساء/ 3

(2) النساء/ 24

(3) لاحظ ص: 65

(4) لاحظ ص: 67

(5) المجادلة/ 22

(6) الاصول من الكافي ج 2 ص 157 حديث 30

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 71

______________________________

فان الشارع الأقدس يخبر بأن المؤمن لا يواد الكافر فلا ترتبط بالمقام و بالاضافة الي ما ذكر انه لا اشكال في جواز تملك الكتابية بملك اليمين و الحال ان الملاك واحد فلاحظ.

الوجه الرابع: قوله تعالي «لٰا يَسْتَوِي أَصْحٰابُ النّٰارِ وَ أَصْحٰابُ الْجَنَّةِ أَصْحٰابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفٰائِزُونَ» «1» بتقريب ان مقتضي عدم التسوية عدم جواز النكاح.

و فيه: انه لا ربط بين مفاد الاية و المقام و الظاهر من عدم الاستواء عدمه من حيث السعادة و ان اصحاب الجنة في نعمها و اصحاب النار معذبون فيها.

مضافا الي أن غاية ما في هذه التقاريب دلالة هذه الآيات بالعموم و الاطلاق و مقتضي القاعدة تقييدها و تخصيصها بما ورد في سورة المائدة من الجواز.

الوجه الخامس: ما رواه زرارة بن أعين، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن نكاح اليهودية و النصرانية، فقال: لا يصلح للمسلم أن ينكح يهودية و لا نصرانية انما يحل منهن نكاح البله «2».

بتقريب ان المستفاد من الحديث عدم جواز نكاح الكتابية الا البله منهن و فيه ان السند مخدوش

بمعلي بن محمد و غيره.

و أما الحديث الثاني لزرارة، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: اني اخشي ان لا يحل لي ان اتزوج ممن لم يكن علي أمري، فقال: و ما يمنعك من البله؟

قلت: و ما البله؟ قال: هن المستضعفات من اللاتي لا ينصبن و لا يعرفن ما انتم عليه «3»، فعلي فرض دلالته علي المدعي يكون دلالته بالاطلاق و قابل لأن يقيد

______________________________

(1) الحشر/ 20

(2) الوسائل الباب 3 من ابواب ما يحرم بالكفر الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 72

و ان كان الاحتياط لا ينبغي تركه (1) و في عموم الحكم للمجوسية و ان كانت من الكتابية اشكال (2).

______________________________

و مما ذكر تعرف وجه التقريب بالحديث الثالث المذكور في الباب المشار اليه مع جوابه فلاحظ فالنتيجة هو الجواز كما في المتن.

(1) قد ظهر وجهه مما ذكرنا.

(2) يستفاد من بعض النصوص عدم جواز تزويجها مطلقا لاحظ ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل المسلم يتزوج المجوسية فقال: لا، و لكن اذا كانت له امة مجوسية فلا بأس أن يطأها و يعزل عنها و لا يطلب ولدها «1».

و مقتضي هذا الخبر عدم الجواز بلا فرق بين الدوام و الانقطاع.

و قد دلت جملة من الروايات علي ان المجوس من اهل الكتاب فيترتب عليهم ما يترتب علي اهل الكتاب لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام و فيه: فكتب اليهم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ان المجوس كان لهم نبي فقتلوه و كتاب احرقوه الحديث «2».

و ما رواه الواسطي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن المجوس فقال:

كان لهم نبي قتلوه و كتاب احرقوه

«3».

و مرسل الصدوق قال: المجوس تؤخذ منهم الجزية الي أن قال: و كان لهم بني اسمه داماست فقتلوه و كتاب يقال له جاماست «4» و غيرها المذكور في الباب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 49 من ابواب جهاد العدو الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 73

[مسألة 6: لا يجوز للمسلمة المرتدة أن تنكح المسلم]

(مسألة 6): لا يجوز للمسلمة المرتدة ان تنكح المسلم (1).

______________________________

و هذه الروايات كلها ضعاف فلا يترتب عليها أثر مضافا الي أنه لو اغمض النظر عن اسنادها لا يمكن العمل بها و القول بالجواز و ان شئت قلت: غاية ما يقال في مفاد هذه الأخبار ان نكاح المجوسية جائز كنكاح النصرانية و اليهودية لكن لا مجال للأخذ بها في الحكم مع وجود النص الخاص الدال علي الحرمة و يستفاد جواز نكاح المجوسية متعة من بعض النصوص منها: ما رواه محمد بن سنان «1»

و منها: ما رواه منصور الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بالرجل ان يتمتع المجوسية «2» و الحديثان كلاهما ضعيفان، مضافا الي ما ورد في النهي عن تزويجها متعة لاحظ ما رواه اسماعيل بن سعد الأشعري «3» فالنتيجة ان نكاحها غير جائز متعة و دواما، فلاحظ.

(1) الظاهر ان المسألة مورد تسالهم مضافا الي ما أفاده في الجواهر «4» بقوله: «بل قد يقال ان المرتد مطلقا و ان كان مليا لا يصح نكاحه ابتداء و لا استدامة و لو لكافرة كتابية او غيرها و كذا المرتدة لأنه بعد أن كان حكمه القتل و لو بعد الاستتابة صار بحكم العدم الذي لا يصح نكاحه و كذا الامرأة فان حكمها

السجن و الضرب اوقات الصلاة حتي تتوب أو تموت، و من هنا قال في الدروس و تمنع الردة صحة النكاح لكافرة او مسلمة و قال أيضا لا يصح تزويج المرتد و المرتدة علي الاطلاق» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و العمدة في دليل المنع الاجماع و التسالم هذا علي تقدير صيرورتها بالارتداد داخلة في اهل الكتاب و أما لو ارتدت و لم تصر كتابية يمكن الاستدلال علي المدعي

______________________________

(1) لاحظ ص: 63

(2) الوسائل الباب 13 من ابواب المتعة الحديث: 5

(3) لاحظ ص: 62

(4) ج 30 ص: 48

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 74

و كذا لا يجوز للمسلم المرتد أن ينكح المسلمة (1) و لا يجوز للمسلمة أن تنكح غير المسلم (2).

______________________________

بقوله تعالي «وَ لٰا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوٰافِرِ «1»» و بقوله «لٰا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَ لٰا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ» «2».

(1) مضافا الي الاجماع و التسالم يمكن الاستدلال عليه بقوله تعالي «وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا» «3» فتأمل.

و بما رواه عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي الحسن عليه السلام، في نصراني تزوج نصرانية فاسلمت قبل أن يدخل بها، قال: قد انقطعت عصمتها منه و لا مهر لها و لا عدة عليها منه «4» فان مقتضي هذه الرواية انفساخ العقد باسلام الزوجة فتدل علي حكم المقام بالأولوية.

و لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا اسلمت امرأة و زوجها علي غير الإسلام فرق بينهما الحديث 5.

(2) بلا اشكال و لا كلام و عن الجواهر الاجماع عليه بقسميه و يدل عليه ما يدل علي انفساخ العقد باسلام الزوجة فان العقد لو انفسخ بقاء لإسلام الزوجة فبطريق اولي لا يجوز

تزويجها غير المسلم ابتداء.

اضف الي ذلك قوله تعالي «وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا» 6 و قوله تعالي في سورة الممتحنة 7 و الي قوله عليه السلام في حديث الفضيل

______________________________

(1) الممتحنة 10

(2) عين المصدر

(3) النساء/ 141

(4) (4 و 5) الوسائل الباب 9 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 6 و 4

(5) (6) النساء/ 141

(6) (7) لاحظ ص: 59

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 75

و لو ارتد احد الزوجين قبل الدخول انفسخ في الحال (1).

______________________________

بن يسار- قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن المرأة العارفة هل ازوجها الناصب قال: لا لأن الناصب كافر الحديث «1» فان العلة تعمم فالمستفاد من الحديث مانعية مطلق الكفر الي غير هذه الرواية الوارد في الباب.

مضافا الي النهي الوارد في بعض النصوص عن مناكحة الكفار لاحظ ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن نصاري العرب أ تؤكل ذبائحهم؟ فقال: كان علي عليه السلام ينهي عن ذبائحهم و عن صيدهم و عن مناكحتهم «2».

(1) قال في الجواهر «3» «بلا خلاف اجده فيه بيننا بل الاجماع بقسميه عليه» الي آخر كلامه رفع مقامه و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا ارتد الرجل المسلم عن الإسلام بانت منه امرأته كما تبين المطلقة «4».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن المرتد فقال: من رغب عن الإسلام الي أن قال: و بانت امرأته «5».

و منها: ما رواه الساباطي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: كل مسلم بين مسلمين ارتد الي أن قال: و امرأته بائنة منه

الي أن قال: و تعتد امرأته عدة المتوفي عنها زوجها «6».

و مورد الأخبار و ان كان مختصا بارتداد الزوج لكن عن الرياض ان ارتداد

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 15

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 2

(3) ج- 30 ص: 47

(4) الوسائل الباب 6 من ابواب موانع الارث الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

(6) الوسائل الباب 1 من ابواب حد المرتد الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 76

و كذلك بعد الدخول اذا ارتد الزوج عن فطرة (1) و أما في غير ذلك فالمشهور علي أن الانفساخ يتوقف علي انقضاء العدة و فيه اشكال و الاحتياط لا يترك (2) و عدة زوجة المرتد عن فطرة عدة الوفاة (3) و عن غيرها عدة الطلاق (4).

[مسألة 7: لو أسلم زوج الكتابية ثبت عقده]

(مسألة 7): لو اسلم زوج الكتابية ثبت عقده (5) و لو اسلمت

______________________________

الزوجة ملحق به بالإجماع.

(1) اجماعا بقسميه كما في الجواهر، و لحديثي الساباطي و ابن مسلم المتقدمين قريبا «1».

(2) و عن الرياض ان ظاهر الأصحاب الاتفاق علي الحكم و استدل بما رواه منصور بن حازم «2» بتقريب ان الكفر الارتدادي اضعف من الكفر الأصلي فاذا ثبت الحكم في الأقوي يثبت في الاضعف بالاولوية، ورد بانه قياس مع الفارق اذ في الوثني الزوجية ثابتة في حال الكفر و انما تبين بالاسلام و في المقام البينونة تكون بالكفر فلا دليل علي المدعي بل الدليل علي الخلاف لاحظ ما رواه الحضرمي «3».

(3) و ادعي عليه عدم الخلاف، و تدل علي المدعي رواية الساباطي «4».

(4) مضافا الي عدم الخلاف في المدعي تدل عليه رواية الحضرمي «5».

(5) ادعي في الجواهر عدم وجدان الخلاف فيه و نقل

عن المسالك و غيره دعوي

______________________________

(1) لاحظ ص: 75

(2) لاحظ ص: 60

(3) لاحظ ص: 75

(4) لاحظ ص: 75

(5) لاحظ ص: 75

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 77

دونه قبل الدخول انفسخ العقد (1) و بعده يقف علي انقضاء العدة فان

______________________________

الاجماع عليه و يمكن أن يستدل عليه بجملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن سنان «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان اهل الكتاب و جميع من له ذمة اذا اسلم احد الزوجين فهما علي نكاحهما، و ليس له أن يخرجها من دار الإسلام الي غيرها، و لا يبيت معها و لكنه يأتيها بالنهار، و أما المشركون مثل مشركي العرب و غيرهم فهم علي نكاحهم الي انقضاء العدة، فان اسلمت المرأة ثم اسلم الرجل قبل انقضاء عدتها فهي امرأته و ان لم يسلم الا بعد انقضاء العدة فقد بانت منه و لا سبيل له عليها الحديث «2»:

و منها: ما رواه يونس قال: الذي تكون عنده المرأة الذمية فتسلم امرأته قال هي امرأته يكون عندها بالنهار و لا يكون عندها بالليل، قال: فان اسلم الرجل و لم تسلم المرأة يكون الرجل عندها بالليل و النهار 3 مضافا الي أنه مر منا ان نكاح المسلم الكتابية جائز ابتداء فيجوز استدامة بالأولوية.

(1) لعدم جواز تزويجها بالكافرة و لو استدامة و استدل عليه بقوله تعالي 4 و بقوله تعالي في سورة الممتحنة 5.

و يدل عليه ما رواه عبد اللّه بن سنان 6 و يدل عليه أيضا ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج 7.

______________________________

(1) لاحظ ص: 65

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 9 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 5 و 8

(3) (4)

لاحظ ص: 74

(4) (5) لاحظ ص: 74

(5) (6) لاحظ ص: 74

(6) (7) لاحظ ص: 74

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 78

اسلم فيها كان املك بها (1) و لو كان الزوجان غير كتابيين و أسلم احدهما قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال (2) و لو كان بعده يقف علي

______________________________

(1) مقتضي اطلاق حديثي عبد اللّه بن سنان «1» و احمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل تكون له الزوجة النصرانية فتسلم هل يحل لها أن تقيم معه؟ قال: اذا أسلمت لم تحل له، قلت: فان الزوج أسلم بعد ذلك أ يكونان علي النكاح؟ قال: لا يتزوج بتزوج جديد «2»، و ان كان بطلان النكاح بلا فرق بين اسلام الزوج في العدة و عدمه لكن ادعي ان اطلاق النص يقيد بالإجماع بأن نقول اذا أسلم بعد انقضاء العدة يبطل العقد و ان أسلم فيها يصح و يقيد بحديث السكوني «3» و بخبر منصور بن حازم 4 و بخبر محمد بن مسلم 5.

و في المقام مرسلان رواهما جميل بن دراج 6 و محمد بن مسلم 7 و يستفاد منهما ان النكاح بعد اسلام الزوجة باق و لا ينفسخ، و لكن مضافا الي ان المرسل لا اعتبار به يمكن تقييدهما باسلام الزوج قبل انقضاء العدة، فلاحظ.

(2) فان أسلم الزوج دون الزوجة يبطل النكاح اذ لا يجوز للمسلم التزويج بالكافرة غير الكتابية لا ابتداء و لا استدامة، و ان اسلمت الزوجة دون الزوج فالأمر أظهر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 47

(2) الوسائل الباب 5 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 5

(3) (3 و 4) لاحظ ص: 60

(4) (5) لاحظ ص: 77

(5) (6) لاحظ ص: 60

(6) (7) لاحظ

ص: 77

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 79

انقضاء العدة (1) و لو اسلم الزوج علي اكثر من اربع غير كتابية و اسلمن فاختار اربعا انفسخ نكاح البواقي (2) و لو اسلم و عنده اربع كتابيات

______________________________

(1) ادعي عليه عدم الخلاف، و عن الجواهر الاتفاق عليه نقلا و تحصيلا، و عن الرياض نقل الاجماع عليه و يمكن الاستدلال عليه بحديث منصور «1» و محمد بن مسلم «2».

(2) ادعي عليه عدم الخلاف بل ادعي عليه الاجماع و يمكن الاستدلال عليه بوجوه:

الأول: ما رواه العامة من ان ابن سلمة الثقفي اسلم و له عشر نسوة في الجاهلية فاسلمن معه فأمره النبي صلي اللّه عليه و آله أن يتخير أربعا منهن «3» و الخبر ضعيف سندا لا يعتد به.

الثاني: خبر الدعائم عن علي عليه السلام انه قال في المشرك يسلم و عنده اختان حرتان او اكثر من اربع نسوة حرائر قال: يترك له التي نكح اولا من الاختين و الأربع الحرائر الأولي و تنزع منه الاخت الثانية و ما زاد علي أربع حرائر «4» و السند ضعيف.

الثالث: ما عن الجعفريات عن علي عليه السلام في الرجل يكون له اكثر من اربع نسوة في الشرك و يسلم و يسلمن الي أن قال: يختار منهن اربعا الاولي فالاولي 5 و الحديث ضعيف.

الرابع: ما رواه عقبة بن خالد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في مجوسي

______________________________

(1) لاحظ ص: 60

(2) لاحظ ص: 77

(3) مستدرك الوسائل الباب 4 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 3

(4) (4 و 5) نفس المصدر الحديث: 2 و 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 80

ثبت عقده عليهن (1) و لو كن اكثر تخير اربعا و بطل نكاح البواقي (2).

[مسائل أخري متفرقة]
اشارة

مسائل اخري

متفرقة

[الأولي: يصح نكاح المريض بشرط الدخول إذا مات في مرضه]

(الاولي): يصح نكاح المريض بشرط الدخول اذا مات في مرضه فان لم يدخل حتي مات في مرضه بطل العقد و لا مهر لها و لا ميراث (3) سواء مات بمرضه أم بسبب آخر من قتل او مرض آخر (4).

______________________________

أسلم و له سبع نسوة و اسلمن معه كيف يصنع؟ قال: يمسك اربعا و يطلق ثلاثا «1» و السند ضعيف.

الخامس: ما رواه جميل بن دراج «2» و الحكم وارد في مورد خاص و لا وجه للتعدي الي غيره من الموارد اذ الأحكام الشرعية تعبدية و ملاكاتها معلومة عند الشارع و مجهولة عندنا.

(1) اذ يجوز نكاح الأربع دواما.

(2) ان لم يتم الأمر بالإجماع و الاتفاق يشكل الجزم بتمامية ما افاده، و اللّه العالم.

(3) لاحظ ما رواه زرارة، عن احدهما عليهما السلام قال: ليس للمريض ان يطلق و له أن يتزوج فان تزوج و دخل بها فجائز و ان لم يدخل بها حتي مات في مرضه فنكاحه باطل و لا مهر لها و لا ميراث «3».

(4) لإطلاق النص.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 25

(3) الوسائل الباب 43 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 81

أما اذا مات بعد الدخول بها صح العقد و ثبت المهر و الميراث (1) و لو برئ من مرضه فمات و لم يدخل بها ورثته (2) و كان لها نصف المهر (3) و كذا لو تزوجت و هي مريضة فماتت في مرضها أو بعد ما برئت و لم يدخل بها (4) و في ارث الزوج لو تزوجها في مرضه فماتت قبل الدخول ثم مات في مرضه اشكال و الاحتياط لا

يترك (5) و الظاهر ان النكاح في حال

______________________________

(1) بمقتضي مفهوم الشرطية كما ان القاعدة تقتضي ذلك فان المهر يملك بالعقد فلا بد من دفعه اليها كما ان مقتضي دليل ارثها من الزوج أن ترث.

(2) فانه مقتضي مفهوم الشرطية، مضافا الي أنه مقتضي القاعدة الأولية اضف الي ذلك النص الخاص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يتزوج المرأة ثم يموت قبل أن يدخل بها فقال: لها الميراث و عليها العدة أربعة اشهر و عشر و ان كان سمي لها مهرا يعني صداقا فلها نصفه و ان لم يكن سمي لها مهرا فلا مهر لها «1».

(3) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم.

(4) أي يكون لها نصف المهر، لاحظ ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة و لم يدخل بها فقال: ان هلكت او هلك او طلقها فلها النصف، و عليها العدة كاملة و لها الميراث «2».

(5) الظاهر ان الوجه في الاشكال ان مقتضي النصوص بطلان النكاح اذا مات في مرضه قبل الدخول لاحظ ما رواه الحناط قال: سألت أبا عبد اللّه عن رجل

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من أبواب ميراث الازواج الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 51 من ابواب المهور الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 82

مرض الزوج اذا مات فيه قبل الدخول بمنزلة العدم فلا عدة عليها بموته (1) و الظاهر عموم الحكم للأمراض الطويلة التي تستمر سنين أيضا (2).

[الثانية: يجوز للمؤمنة أن تتزوج بالمخالف]

(الثانية): يجوز للمؤمنة أن تتزوج بالمخالف (3).

______________________________

تزوج في مرضه فقال: اذا دخل بها فمات في مرضه ورثته و ان لم يدخل بها لم ترثه و نكاحه باطل «1» و لاحظ

ما رواه زرارة 2 و مثلهما في الدلالة علي المدعي ما رواه عبيد بن زرارة 3.

و المفروض موته قبل الدخول، فيلزم أن لا يرثها، و من ناحية اخري ان ارثه منها مقتضي القواعد الأولية و مورد الروايات موته قبل وفاتها و أما وفاتها قبل موته فلم يذكر في النصوص.

و الذي يختلج بالبال ان مقتضي الحكم ببطلان النكاح ان وجوده كعدمه شرعا في حكم الشارع فلا مجال لأن يرثها و يؤكد المدعي قوله عليه السلام في الحديث الثالث من الباب «لا مهر لها و لا ميراث» و لم يقل لا ميراث لها و مقتضي الاطلاق انه لا ميراث علي الاطلاق لا الزوجة من الزوج و لا الزوج من الزوجة، فلاحظ.

(1) كما صرح في النصوص فوجوده كالعدم و يترتب عليه ما افاده في المتن من عدم العدة عليها.

(2) لإطلاق النصوص، فلاحظ.

(3) الأقوال في المسألة مختلفة، و ما يمكن أن يذكر في مستند المنع وجوه:

الوجه الاول الاجماع و فيه: اولا انه لا اجماع علي الحكم كيف و قد نسب الي جملة من الأعلام منهم المفيد و ابن سعيد و المحقق (قدس سرهم) القول بالجواز فلا

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 18 من ابواب ميراث الازواج الحديث: 1 و 2

(2) (3) لاحظ ص: 80

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 83

______________________________

اجماع.

و ثانيا: انه يمكن أن يكون مرادهم بلزوم التساوي بين الزوج و الزوجة المساواة في الإسلام و ثالثا: علي تقدير تمامية الاجماع لا يكون حجة اذ يمكن أن يكون مدركيا فلا يترتب عليه الاثر.

الوجه الثاني: ما دل من النصوص علي كفر المخالفين، منها ما رواه فضيل بن يسار قال ابتدأنا ابو عبد اللّه عليه السلام يوما و قال: قال رسول اللّه

صلي اللّه عليه و آله و سلم من مات و ليس عليه امام فميتته ميتة جاهلية «1».

و منها: ما عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال من زعم انه يحب النبي الي ان قال و من زعم انه يعرف النبي و لا يعرف الوصي فقد كفر «2» و قد تقدم حرمة الازدواج مع الكافر.

و فيه: ان مقتضي الجمع بين الاخبار ان المخالف يعامل معه معاملة الكافر في الآخرة و أما في الدنيا فيعامل معه معاملة المسلم لاحظ ما رواه سماعة قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اخبرني عن الإسلام و الايمان الي أن قال عليه السلام الإسلام شهادة أن لا إله الا اللّه و التصديق برسول اللّه الي أن قال و عليه جرت المناكح «3».

و ما رواه فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول الي أن قال و الإسلام ما عليه المناكح 4.

و لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام بم يكون الرجل مسلما تحل مناكحته و موارثته و بم يحرم دمه؟ قال: يحرم دمه بالاسلام اذا

______________________________

(1) الاصول من الكافي ج 1 ص 376 حديث: 1

(2) الوسائل الباب 10 من ابواب حد المرتد الحديث: 28

(3) (3 و 4) الاصول من الكافي ج 2 ص 25 حديث 1 و ص 26 حديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 84

______________________________

ظهر و تحل مناكحته و موارثته «1».

و لاحظ ما رواه العلاء بن رزين، انه سأل أبا جعفر عليه السلام عن جمهور الناس، فقال: هم اليوم اهل هدنة، ترد ضالتهم، و تؤدي امانتهم و تحقن دمائهم و تجوز مناكحتهم و موارثتهم في هذه الحال «2».

الوجه الثالث: ما

يدل من النص علي ان المؤمن كفوا المؤمن، و التزويج لا بد أن يكون من الكفو، قال الكليني (قده): سقط عني اسناده قال: ان اللّه عز و جل لم يترك شيئا مما يحتاج اليه الا و علمه نبيه صلي اللّه عليه و آله، فكان من تعليمه اياه انه صعد المنبر ذات يوم فحمد اللّه و اثني عليه، ثم قال: ايها الناس ان جبرئيل اتاني عن اللطيف الخبير فقال: ان الأبكار بمنزلة الثمر علي الشجر اذا ادرك ثمارها فلم تجتن افسدته الشمس، و نثرته الرياح، و كذلك الأبكار اذا ادركن ما يدرك النساء فليس لهن دواء الا البعولة و الا لم يؤمن عليهن الفساد لا نهن بشر قال: فقام اليه رجل فقال: يا رسول اللّه فمن تزوج؟ فقال: الاكفاء فقال: و من الاكفاء؟ فقال: المؤمنون بعضهم اكفاء بعض المؤمنون بعضهم اكفاء بعض «3».

و فيه: ان اصطلاح المؤمن في الشيعي في الزمن المتأخر عن النبي صلي اللّه عليه و آله و اما في زمانه فالمؤمن هو المسلم.

الوجه الرابع: النصوص الدالة علي تزويج من يرضي خلقه و دينه و المخالف ليس مرضيا منها: ما رواه ابراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت الي أبي جعفر عليه السلام في التزويج، فأتاني كتابه بخطه قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله:

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 17

(2) الوسائل الباب 12 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 23 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 85

______________________________

اذا جاءكم من ترضون خلقه و دينه فزوجوه إِلّٰا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَ فَسٰادٌ كَبِيرٌ «1».

و منها: ما

رواه ابان، عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الكفو أن يكون عفيفا و عنده يسار «2».

و منها: ما روي عن علي عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اذا جاءكم من ترضون خلقه و دينه فزوجوه، قلت: يا رسول اللّه و ان كان دنيا في نسبه، قال: اذا جاءكم من ترضون خلقه و دينه فزوجوه إِلّٰا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَ فَسٰادٌ كَبِيرٌ 3.

و فيه: انه لا مفهوم لهذه النصوص بل المستفاد منها استحباب التعجيل في تزويج البنت، مضافا الي ان الدين عند اللّه الإسلام بمقتضي قوله تعالي «إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّٰهِ الْإِسْلٰامُ وَ مَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ» 4 فالمسلم دينه مرضي بمقتضي الاية الا أن يقال لا اشكال في أن الإسلام المخالف ليس مرضيا و المتمم للإسلام و المكمل له الايمان، فلاحظ.

الوجه الخامس: ما رواه زرارة بن أعين، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

تزوجوا في الشكاك و لا تزوجوهم، فان المرأة تأخذ من ادب زوجها و يقهرها علي دينه 5 فان مقتضي عموم العلة حرمة تزويج المؤمنة من المخالف بل يدل النهي عن تزويج الشكاك علي حرمة تزويج المخالف بالاولوية، و لا يبعد أن يقال

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 2

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 4 و 6

(3) (4) آل عمران/ 19

(4) (5) الوسائل الباب 11 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 86

______________________________

ان النهي الوارد في الرواية ليس للإرشاد الي الفساد بل تعلق بالنكاح بلحاظ أمر خارجي.

و بعبارة اخري: لا يبعد أن يكون النهي نهيا كراهيا مولويا و لا يكون

ارشادا الي الفساد، مضافا الي أنه قد مر ان الجواز مستفاد من بعض النصوص و فرق عليه السلام بين الإسلام و الايمان و جعل الإسلام ميزانا للإرث و جواز النكاح.

الوجه السادس: النصوص الدالة علي حرمة تزويج الناصب، لاحظ ما رواه الفضيل بن يسار «1».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يتزوج المؤمن الناصبة المعروفة بذلك «2».

و ما رواه (أيضا) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال له الفضيل: ازوج الناصب؟ قال: لا و لا كرامة، قلت: جعلت فداك و اللّه اني لا قول لك هذا و لو جاءني بيت ملان دراهم ما فعلت «3» الي غيرها من النصوص الواردة في الباب.

بتقريب ان المستفاد من بعض الروايات ان كل مخالف ناصب، لاحظ ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس الناصب الي أن قال و لكن الناصب من نصب لكم و هو يعلم انكم تتولونا و انكم من شيعتنا «4».

و ما رواه ابن عيسي قال: كتبت اليه يعني علي بن محمد عليهما السلام اسأله عن الناصب هل احتاج في امتحانه الي أكثر من تقديمه الجبت و الطاغوت و اعتقاد

______________________________

(1) لاحظ ص: 75

(2) الوسائل الباب 10 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 10 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 2 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 87

______________________________

امامتهما؟ فرجع الجواب: من كان علي هذا فهو ناصب «1».

و فيه: انه قد مر ان المخالف ليس كافرا دنيويا بخلاف الناصب فانه انجس من الكلب، مضافا الي أنه استفيد كما تقدم من بعض الروايات ان

الميزان لجواز النكاح و الارث هو الإسلام.

و يضاف الي ذلك كله ما رواه الفضيل بن يسار قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن المرأة العارفة هل ازوجها الناصب؟ قال: لا لأن الناصب كافر قلت:

فازوجها الرجل غير الناصب و لا العارف؟ فقال: غيره احب إلي منه «2» فانه يستفاد من هذه الرواية جواز نكاح المخالف.

الوجه السابع: حديثا الفضيل: احدهما قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ان لا مرأتي اختا عارفة علي رأينا، و ليس علي رأينا بالبصرة الا قليل فازوجها ممن لا يري رأيها؟ قال لا و لا نعمة ان اللّه عز و جل يقول: «فَلٰا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَي الْكُفّٰارِ لٰا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَ لٰا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ» «3».

ثانيهما: قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن نكاح الناصب فقال: لا و اللّه ما يحل، قال فضيل: ثم سألته مرة اخري فقلت: جعلت فداك ما تقول في نكاحهم قال: و المرأة عارفة؟ قلت: عارفة، قال: ان العارفة لا توضع الا عند عارف «4»

و الحديثان كلاهما ضعيفان سندا، مضافا الي ان المستفاد من جملة من النصوص جواز تزويج المخالف، و يؤيد المدعي ما رواه علي بن بلال قال: لقي هشام بن عبد الملك بعض الخوارج فقال يا هشام ما تقول في العجم يجوز أن يتزوجوا في

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب ما يجب فيه الخمس الحديث: 14

(2) الوسائل الباب 11 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 11

(3) الوسائل الباب 10 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 88

علي كراهية (1) بل الاحوط تركه (2) الا اذا خيف عليها الضلال فيحرم و يجوز العكس الا

اذا خيف الضلال (3) و يكره تزويج الفاسق (4).

______________________________

العرب؟ قال: نعم، قال: فالعرب يتزوجوا من قريش؟ قال: نعم قال: فقريش يتزوج في بني هاشم؟ قال؟ نعم قال: عمن اخذت هذا؟ قال: عن جعفر بن محمد عليهما السلام سمعته يقول: أ تتكافي دمائكم و لا تتكافي فروجكم، الحديث «1».

(1) قال في الجواهر «2» «لا ريب في كراهة ان تزوج المؤمنة بالمخالف» الخ و لا يبعد أن يستفاد المدعي من حديث زرارة بن أعين «3» فان المستفاد من الرواية بالفهم العرفي كراهة تزويج المؤمنة غير المؤمن، و اللّه العالم.

(2) لا اشكال في حسن الاحتياط و به يخرج عن شبهة الخلاف.

(3) تارة يعلم بترتب الضلالة علما وجدانيا او عقلائيا او اعتباريا فلا اشكال في الحرمة و اخري لا يعلم بل يحتمل و يخاف كما في المتن.

و الذي يختلج ببالي القاصر ان الوجه في الحرمة في الصورة المفروضة اهمية المفسدة المترتبة المحتملة و بعبارة اخري: مفسدة الضلالة بحد يكفي احتمال ترتبها و لو لا هذه الجهة لم أر وجها ملزما للقول بالحرمة، اللهم الا أن يكون في المقام وجه لم يخطر بخاطري الفاتر و لا يحضرني وجه عاجلا، و اللّه العالم.

(4) قال في الجواهر «4» «و يكره ان يزوج الفاسق كما في القواعد و غيرها بل في المسالك لا شبهة في كراهة تزويجه حتي منع منه بعض العلماء» الخ.

و قد ذكرت في مقام بيان الاستدلال علي المدعي وجوه:

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 3

(2) ج- 30 ص 115

(3) لاحظ ص: 85

(4) ج- 30 ص: 114

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 89

______________________________

الوجه الأول: قوله تعالي «أَ فَمَنْ كٰانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كٰانَ فٰاسِقاً لٰا يَسْتَوُونَ» «1» فان

المستفاد من الاية الكريمة عدم استواء المؤمن و الفاسق و فيه: اولا ان نفي الاستواء لا يقتضي عدم جواز التزويج.

و ثانيا: ان الفسق لا ينافي الايمان بلا اشكال فيكون المراد من الفاسق الكافر بقرينة مقابلته مع المؤمن، و التقسيم قاطع للشركة.

الوجه الثاني: ما رواه علي بن مهزيار قال: كتب علي بن اسباط الي أبي جعفر عليه السلام في امر بناته و انه لا يجد احدا مثله، فكتب اليه أبو جعفر عليه السلام: فهمت ما ذكرت من امر بناتك و انك لا تجد احدا مثلك، فلا تنظر في ذلك رحمك اللّه، فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: اذا جاءكم من ترضون خلقه و دينه فزوجوه إِلّٰا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَ فَسٰادٌ كَبِيرٌ «2» بتقريب ان الفاسق ليس مرضي الدين فلا يزوج.

و فيه: اولا انه لا مفهوم الا للشرط و اما اللقب لا مفهوم له و ثانيا: انه لا اشكال في ان المؤمن الفاسق مرضي الدين و المراد من حسن الخلق من تكون له سجايا حسنة فلا تنافي بينها و بين الفسق.

الوجه الرابع: ان الفاسق لفسقه حري بالأعراض و الاهانة و التزويج اكرام و مودة و فيه: انه لا اشكال في أن مطلق الفسق لا يوجب الأعراض و الاهانة بحيث لا يزوج سيما مع فرض كون المرأة فاسقة أيضا.

الوجه الخامس: انه لا يؤمن من الاضرار بها و قهرها علي الفسق و لا أقل من ميلها اليه او سقوط محله من الحرمة عندها و فيه: انه اخص من المدعي لإمكان

______________________________

(1) السجدة/ 18

(2) الوسائل الباب 28 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 90

و تتاكد الكراهة في شارب الخمر

(1).

[الثالثة: نكاح الشغار باطل]

(الثالثة): نكاح الشغار باطل (2).

______________________________

أن تكون المؤمنة فاسقه مثله او أشد فسقا و ثانيا: ان مثل هذه التقريبات لا توجب سد باب النكاح و لعل الالتزام بالحرمة كما عن بعض العلماء خلاف الضرورة، نعم لا يبعد ان يستفاد الكراهة من حديث زرارة بن اعين «1» فان مقتضي عموم العلة الالتزام بالكراهة في المقام، فلاحظ.

(1) قال في الجواهر «2» «و تتأكد الكراهة في شارب الخمر» الخ، و قد وردت جملة من النصوص في النهي عن تزويج شارب الخمر، منها: ما رواه احمد بن محمد رفعه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من زوج كريمته من شارب خمر فقد قطع رحمها «3».

و منها: ما روي عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: شارب الخمر لا يزوج اذا خطب 4.

و منها: ما روي عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: شارب الخمر ان مرض فلا تعودوه «الي أن قال: «و ان خطب فلا تزوجوه الحديث 5 الي غيرها من الروايات و لا اشكال في استفادة التأكد من هذه الروايات، و الظاهر ان الحديث الثالث من الباب تام سندا.

(2) قال في الجواهر 6 «نكاح الشغار باطل عند نابل الاجماع بقسميه عليه بل لعل المحكي منهما متواتر، مضافا الي ما روي عن النبي صلي اللّه عليه

______________________________

(1) لاحظ ص: 85

(2) ج- 30 ص: 115

(3) (3 و 4 و 5) الوسائل الباب 29 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1 و 2 و 4

(4) (6) ج- 30 ص: 128

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 91

و هو جعل نكاح امرأة مهر اخري (1).

[الرابعة: يجوز تزويج الحرة بالعبد]

(الرابعة): يجوز تزويج الحرة بالعبد (2).

______________________________

و آله لا جلب و لا جنب و لا شغار في الإسلام،

و الشغار ان يزوج الرجل ابنته و اخته و يتزوج هو ابنة المتزوج او اخته و لا يكون بينهما مهر غير تزويج هذا هذا و هذا هذا «1»» الخ و لا اشكال في حرمته فتوي و نصوصا «2».

(1) لاحظ ما روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله «3».

(2) بلا اشكال- كما في الجواهر- و يكفي للجواز العمومات و الاطلاقات مضافا الي حديث أبي حمزة الثمالي (في حديث) قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام فقال له رجل: اني خطبت الي مولاك فلان بن أبي رافع ابنته فلانة فردني و رغب عني و ازدراني لدمامتي و حاجتي و غربتي، فقال أبو جعفر عليه السلام:

اذهب فأنت رسولي اليه، فقل له: يقول لك محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: زوج منجح بن رياح مولاي بنتك فلانة و لا ترده «الي أن قال:» ثم قال أبو جعفر عليه السلام: ان رجلا كان من أهل اليمامة يقال له: جويبر اتي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله منتجعا للإسلام فأسلم و حسن اسلامه، و كان رجلا قصيرا دميما محتاجا عاريا، و كان من قباح السودان «الي أن قال:» و ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نظر الي جويبر ذات يوم برحمة له ورقة عليه فقال له: يا جويبر لو تزوجت امرأة فعففت بها فرجك و اعانتك علي دنياك و آخرتك، فقال له جويبر: يا رسول اللّه بأبي أنت و أمي من يرغب في فو اللّه ما من حسب و لا نسب و لا مال و لا جمال، فاية امرأة ترغب في؟ فقال له رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله

______________________________

(1) الوسائل الباب 27

من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 2

(2) عين المصدر

(3) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 92

______________________________

يا جويبر ان اللّه قد وضع بالاسلام من كان في الجاهلية شريفا، و شرف بالاسلام من كان في الجاهلية وضيعا و اعز بالاسلام من كان في الجاهلية ذليلا، و اذهب بالاسلام ما كان من نخوة الجاهلية و تفاخرها بعشائرها و باسق انسابها، فالناس اليوم كلهم ابيضهم و اسودهم و قرشيهم و عربيهم و عجميهم من آدم، و ان آدم خلقه اللّه من طين و ان احب الناس الي اللّه اطوعهم له و أتقاهم، و ما اعلم يا جويبر لأحد من المسلمين عليك اليوم فضلا الا لمن كان اتقي اللّه منك و اطوع، ثم قال له: انطلق يا جويبر الي زيادة بن لبيد فانه من اشرف بني بياضة حسبا فيهم، فقل له: اني رسول رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله إليك و هو يقول لك زوج جويبر ابنتك الدلفاء الحديث «1»

و لاحظ النصوص الواردة في الباب 27 من أبواب مقدمات النكاح من الوسائل.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن احدهما عليهما السلام قال: لما زوج علي بن الحسين عليهما السلام امه مولاه و تزوج هو مولاته فكتب اليه عبد الملك كتابا يلومه فيه و يقول: قد وضعت شرفك و حسبك فكتب اليه علي بن الحسين عليهما السلام ان اللّه رفع بالاسلام كل خسيسة، و اتم به الناقصة و اذهب به اللوم، فلا لوم علي مسلم، و انما اللوم لوم الجاهلية. و اما تزويج أمي فانما اردت بذلك برها، فلما انتهي الكتاب الي عبد الملك قال: لقد صنع علي بن الحسين عليهما السلام امرين ما كان يصنعهما احد

الا علي بن الحسين فانه بذلك زاد شرفا «2».

و منها: ما رواه زرارة، عن احدهما عليهما السلام نحوه، و زاد في كتاب علي بن الحسين عليهما السلام و لنا برسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اسوة زوج زينب بنت

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 27 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 93

و الهاشمية بغيره و العربية بالعجمي و بالعكس (1).

______________________________

عمه زيدا مولاه، و تزوج مولاته صفية بنت حي بن اخطب «1» فيستفاد من هذه النصوص انه لا مانع من تزويج الحرة من العبد و بالعكس و انما المصحح الإسلام.

(1) فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم زوج عائشة و حفصة و زوج المقداد بنت الزبير و أبا العاص بن ربيع و عثمان بن عفان بنات رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و زوج علي بن الحسين عليهما السلام مولاته لاحظ النصوص: منها ما رواه محمد بن مسلم «2».

و منها: ما رواه ابو بكر الحضرمي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله زوج المقداد بن الاسود ضباعة ابنة الزبير ابن عبد المطلب و انما زوجه لتتضع المناكح و ليتأسوا برسول اللّه صلي اللّه عليه و آله، و ليعلموا ان أكرمهم عند اللّه اتقاهم «3».

و منها: ما رواه معاوية بن عمار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله زوج ضبيعة بنت الزبير بن عبد المطلب من مقداد بن الاسود فتكلمت في ذلك بنو هاشم، فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله:

اني انما اردت ان تتضع المناكح «4».

و منها: ما رواه يزيد بن حاتم قال: كان لعبد الملك بن مروان عين بالمدينة يكتب اليه بأخبار ما يحدث فيها، و ان علي بن الحسين عليهما السلام اعتق جارية له ثم تزوجها فكتب العين الي عبد الملك فكتب عبد الملك الي علي بن الحسين

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) لاحظ ص: 92

(3) الوسائل الباب 26 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 94

______________________________

عليهما السلام اما بعد فقد بلغني تزويجك مولاتك و قد علمت انه كان في اكفائك من قريش من تمجد به في الصهر و تستنجبه في الولد، فلا لنفسك نظرت، و لا علي ولدك ابقيت و السلام، فكتب اليه علي بن الحسين عليهما السلام اما بعد فقد بلغني كتابك تعنفني بتزويجي مولاتي و تزعم انه قد كان في نساء قريش من اتمجد به في الصهر، و استنجبه في الولد و انه ليس فوق رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله مرتقي في مجدولا مستزاد في كرم، و انما كانت ملك يميني خرجت مني اراد اللّه عز و جل مني بأمر التمست «التمس خ ل» ثوابه، ثم ارتجعتها علي سنته، و من كان زكيا في دين اللّه فليس يخل به شي ء من أمره و قد رفع اللّه بالاسلام الخسيسة و تمم به النقيصة، و اذهب به اللوم، فلا لوم علي امرء مسلم انما اللوم لوم الجاهلية و السلام الحديث «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الايمان، فقال: الايمان ما كان في القلب، و الإسلام ما كان عليه التناكح و المواريث و

تحقن به الدماء الحديث «2».

و منها: ما رواه علي بن رئاب قال: دخل زرارة علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال: يا زرارة متأهل انت؟ قال: لا، قال: و ما يمنعك من ذلك؟ قال: لأني لا اعلم تطيب مناكحة هؤلاء أم لا فقال: فكيف تصبر و أنت شاب، قال: اشتري الاماء قال: و من اين طاب لك نكاح الاماء؟ قال: لأن الامة ان رابني من امرها شي ء بعتها، قال: لم اسألك عن هذا، و لكن سألتك من اين طاب لك فرجها؟ قال له:

فتأمرني ان اتزوج؟ فقال له: ذلك إليك قال: فقال له زرارة: هذا الكلام ينصرف

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 11 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 95

______________________________

علي ضربين اما ان لا تبالي ان اعصي اللّه اذ لم تأمرني بذلك و الوجه الاخر أن يكون مطلقا لي قال فقال لي: عليك بالبلهاء قال: فقلت: مثل الذي يكون علي رأي الحكم بن عتيبة و سالم بن أبي حفصة؟ قال: لا التي لا تعرف ما انتم عليه و لا تنصب، قد زوج رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أبا العاص بن ربيع و عثمان بن عفان، و تزوج عائشة و حفصة و غيرهما، قلت: لست انا بمنزلة النبي صلي اللّه عليه و آله الذي كان يجري عليهم حكمه و ما هو الا مؤمن أو كافر، قال اللّه عز و جل: «فَمِنْكُمْ كٰافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ»، فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام فأين أصحاب الأعراف؟ و اين الذين خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا؟ و اين الذين لم يدخلوها و

هم يطعمون؟

الحديث «1».

و منها: ما رواه زرارة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في تزويج أم كلثوم فقال:

ان ذلك فرج غصبناه «2».

و منها: ما رواه هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لما خطب اليه قال له امير المؤمنين عليه السلام: انها صبية، قال: فلقي العباس، فقال:

مالي؟ أبي بأس؟ فقال: و ما ذاك؟ قال: خطبت الي ابن اخيك فردني، اما و اللّه لأغورن زمزم، و لا ادع لكم مكرمة الا هدمتها، و لأقيمن عليه شاهدين بأنه سرق، و لا قطعن يمينه، فأتاه العباس فأخبره و سأله ان يجعل الأمر اليه، فجعله اليه «3».

و منها: ما رواه محمد بن قيس الأسدي قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله زوج منافقين أبا العاص بن الربيع و سكت عن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 14

(2) الوسائل الباب 12 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 96

[الخامسة: لا يجوز التعريض بالخطبة لذات البعل و لا لذات العدة الرجعية]

(الخامسة): لا يجوز التعريض بالخطبة لذات البعل و لا لذات العدة الرجعية (1).

______________________________

الاخر «1».

اضف الي ذلك السيرة الخارجية فانه لا مجال للإشكال في الجواز بالنسبة الي ما ذكر في المتن فانه لا اشكال و لا ريب في جواز تزويج الهاشمية بغيره و العربية بغيره و كذلك العكس، فلاحظ.

(1) لأنها زوجة حكما بل حقيقة علي اختلاف القولين فيها فضلا عن التصريح اجماعا محكيا من غير واحد ان لم يكن محصلا و هو الحجة كما في الجواهر.

مضافا الي منافاته لاحترام العرض المحترم كالمال و الدم و من افساد المرأة علي زوجها الذي ربما يؤدي الي الفساد بل الي فراقها منه، بل ربما يؤدي الي قتلها زوجها

طمعا في الزوج الجديد كما نقل بالنسبة الي الملعونة جعدة بنت الأشعث بن قيس.

لاحظ ما روي عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام ان الحسن عليه السلام قال لأهل بيته: اني اموت بالسم كما مات رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قالوا:

و من يفعل ذلك؟ قال: امرأتي جعدة بنت الأشعث بن قيس، فان معاوية يدس اليها و يأمرها بذلك، قالوا، اخرجها من منزلك، و باعدها من نفسك، قال: كيف اخرجها و لم تفعل بعد شيئا و لو اخرجتها ما قتلني غيرها، و كان لها عذر عند الناس فما ذهبت الأيام حتي بعث اليها معاوية مالا جسيما، و جعل يمنيها بأن يعطيها مائة الف درهم أيضا و يزوجها من يزيد و حمل اليها شربة سم لتسقيها الحسن عليه السلام فانصرف الي منزله و هو صائم فاخرجت وقت الافطار، و كان يوما حارا شربة لبن

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 97

و يجوز للمعتدة البائنة (1).

______________________________

و قد القت فيها ذلك السم، فشربها و قال: عدوة اللّه قتلتيني قتلك اللّه، و اللّه لا تصيبين مني خلفا، و لقد غرك و سخر منك، و اللّه يخزيك و يخزيه فمكث عليه السلام يومين ثم مضي، فغدر بها معاوية و لم يف لها بما عاهد عليه «1».

و ما روي عن مغيرة قال: ارسل معاوية الي جعدة بنت الأشعث اني مزوجك ابني يزيد علي ان تسمي الحسن و بعث اليها مائة الف درهم، ففعلت و سمت الحسن عليه السلام فسوغها المال، و لم يزوجها من يزيد فخلف عليها رجل من آل طلحة فاولدها، و كان اذا وقع بينهم و بين بطون قريش

كلام عيروهم، و قالوا: يا بني مسمة الأزواج 2.

اضف الي ذلك انه لو ادعي الفقيه انه علم من مذاق الشرع حرمة التعريض لذات البعل بالخطبة لم يكن في دعواه مجازفا، فلاحظ.

(1) فان الجواز مقتضي الأصل الأولي ما لم يعرضه عنوان حرام، و يدل علي المدعي في الجملة قوله تعالي «وَ لٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ فِيمٰا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسٰاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللّٰهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَ لٰكِنْ لٰا تُوٰاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلّٰا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً» 3 و النصوص الواردة في المقام الناظرة الي الاية الشريفة.

لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عز و جل «وَ لٰكِنْ لٰا تُوٰاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلّٰا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً وَ لٰا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكٰاحِ حَتّٰي يَبْلُغَ الْكِتٰابُ أَجَلَهُ» قال: السر أن يقول الرجل: موعدك بيت آل فلان ثم يطلب اليها ان لا تسبقه بنفسها اذا انقضت عدتها قلت: فقوله: «إِلّٰا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً» قال: هو طلب الحلال من غير ان يعزم عقدة النكاح حتي يبلغ الكتاب

______________________________

(1) (1 و 2) بحار الأنوار: ج- 44 ص: 153 و 155

(2) (3) البقرة/ 235

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 98

______________________________

اجله «1».

و ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن قول اللّه عز و جل «وَ لٰكِنْ لٰا تُوٰاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلّٰا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً» قال: هو الرجل يقول: للمرأة قبل ان تنقضي عدتها او اعدك بيت فلان ليعرض لها بالخطبة و يعني بقوله: «إِلّٰا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً» التعريض بالخطبة و لا يعزم عقدة النكاح حتي يبلغ الكتاب اجله «2».

و ما رواه علي ابن أبي حمزة، قال: سألت

أبا الحسن عليه السلام عن قول اللّه عز و جل «وَ لٰكِنْ لٰا تُوٰاعِدُوهُنَّ سِرًّا» قال: يقول الرجل: او اعدك بيت آل فلان يعرض لها بالرفث و يرفث «و يوقت خ ل» يقول اللّه عز و جل: «إِلّٰا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً» و القول المعروف التعريض بالخطبة علي وجهها و حلها «و حكمها خ ل» و لا تعزموا عقدة النكاح حتي يبلغ الكتاب اجله 3 الي غيرها من النصوص الواردة في الباب المشار اليه فان المستفاد من الاية و النصوص انه يجوز التعريض لذات العدة من الوفاة بالخطبة.

و لا يخفي: انه لا يستفاد من النصوص حرمة التصريح بالخطبة بل المستفاد من الاية و النصوص العزم علي النكاح قبل انقضاء العدة و الخلوة مع المعتدة للالتذاذ و المفاكهة و أيضا يستفاد منها حرمة التصريح بالألفاظ المستهجنة غير المناسبة مع ذوي الشرف و الكرامة.

و أما حديث عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه- عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل «إِلّٰا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً» قال: يلقاها فيقول اني فيك لراغب و اني

______________________________

(1) الوسائل الباب 37 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 1

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 99

و كذا من الزوج لها الا أن تكون محرمة ابدا عليه او تحتاج الي محلل (1).

______________________________

للنساء لمكرم و لا تسبقيني بنفسك و السر لا يخلو معها حيث وعدها «1»، فلا يدل علي المدعي الا علي القول بمفهوم اللقب مضافا الي ضعف سنده بالارسال فما أفاده صاحب الجواهر (قده) في هذا المقام من جواز التصريح و عدم وجوب الاقتصار علي التعريض تام ثم ان الاية الشريفة

و النصوص واردة في عدة الوفاة و اسراء الحكم الي بقية اقسام العدة اما من باب احراز الملاك و عدم الفرق بين مواردها و اما بالإجماع التعبدي الكاشف عن رأي المعصوم و هل يمكن تحصيله و لكن يكفي للجواز الأصل الاولي كما تقدم.

(1) الانصاف ان الجزم بكل واحد من هذه الأحكام يحتاج الي قيام اجماع تعبدي عليه و الا فلا وجه لقياس تعريض الزوج للخطبة علي غيره حيث ان الزوج يجوز له التزويج فلا جامع بين المقامين.

و بعبارة اخري: لو فرض حرمة التصريح من غير الزوج فلا وجه لحرمته بالنسبة اليه كما انه لا وجه للالتزام بالحرمة بالنسبة الي الزوج فيما تكون محرمة عليه موقتا و يتوقف الجواز علي المحلل الا أن يقوم اجماع تعبدي عليه فان المحذور المتصور في غيره لا يتصور في مورده كما هو ظاهر نعم في حرمة التعريض في مورد الحرام المؤبد وجه اذ المفروض ان ازدواجه حرام لا سبيل اليه فيرجع التعريض الي تعريض المحرم، و اللّه العالم بحقايق الامور.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 100

[الفصل الرابع: في عقد المتعة]

اشارة

الفصل الرابع (في عقد المتعة و يشترط فيه الايجاب (1).

______________________________

(1) ادعي علي اعتبار الصيغة فيها عدم الخلاف بل ادعي عليه الاجماع و قد تقدم في اول الكتاب انه يمكن الاستدلال علي اشتراط القول في المتعة بعدة روايات، منها ما رواه ابان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: كيف اقول لها اذا خلوت بها؟ قال: تقول: اتزوجك متعة علي كتاب اللّه و سنة نبيه لا وارثة و لا موروثة كذا و كذا يوما، و ان شئت كذا و كذا سنة، بكذا و كذا درهما، و تسمي من الأجر «من

الأجل يب» ما تراضيتهما عليه قليلا كان او كثيرا، فاذا قالت: نعم فقد رضيت و هي امرأتك و انت اولي الناس بها الحديث «1».

و منها: ما رواه ثعلبة قال: تقول: اتزوجك متعة علي كتاب اللّه و سنة نبيه نكاحا غير سفاح، و علي ان لا ترثيني و لا ارثك، كذا و كذا يوما بكذا و كذا و كذا درهما و علي ان عليك العدة 2.

و منها: ما رواه هشام بن سالم قال: قلت: كيف يتزوج المتعة؟ قال: يقول اتزوجك كذا و كذا يوما بكذا و كذا درهما، فاذا مضت تلك الأيام كان طلاقها في شرطها و لا عدة لها عليك 3 الي غيرها من النصوص الوارد في الباب المشار اليه.

بتقريب ان المستفاد من هذه النصوص مفروغية الاشتراط عند السائل غاية

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 18 من ابواب المتعة الحديث: 1 و 2

(2) (3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 101

مثل أن تقول المرأة: متعتك او زوجتك او انكحتك نفسي (1).

______________________________

الأمر يسئل عن الكيفية و الامام عليه السلام يجيب فلا اشكال في الحكم اجماعا و نصوصا.

و ربما يستفاد من حديث عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال جاءت امرأة الي عمر فقالت: اني زنيت فطهرني، فأمر بها ان ترجم فأخبر بذلك امير المؤمنين عليه السلام، فقال كيف زنيت؟ قالت: مررت بالبادية فاصابني عطش شديد فاستسقيت اعرابيا فأبي ان يسقيني الا ان امكنه من نفسي فلما اجهدني العطش و خفت علي نفسي سقاني فامكنته من نفسي، فقال امير المؤمنين عليه السلام تزويج و رب الكعبة «1»، خلاف المدعي، لكن الرواية ضعيفة سندا مضافا الي انها نقلت بنحو آخر لا يستفاد

منها المخالفة مع المدعي لاحظ ما روي محمد ابن عمرو بن سعيد، عن بعض اصحابنا قال: اتت امرأة الي عمر فقالت: يا امير المؤمنين اني فجرت فاقم في حد اللّه، فامر برجمها و كان علي عليه السلام حاضرا، فقال له: سلها كيف فجرت؟ قالت: كنت في فلاة من الأرض فأصابني عطش شديد، فرفعت لي خيمة فاتيتها فاصبت فيها رجلا اعرابيا، فسألته الماء فأبي علي أن يسقيني الا ان امكنه من نفسي، فوليت منه هاربة، فاشتد بي العطش حتي غارت عيناي و ذهب لساني، فلما بلغ مني اتيته فسقاني، و وقع علي فقال له علي عليه السلام: هذه التي قال اللّه عز و جل: «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بٰاغٍ وَ لٰا عٰادٍ» * هذه غير باغية و لا عادية اليه فخل سبيلها، فقال عمر: لو لا علي لهلك عمر «2».

(1) بلا اشكال و لا كلام، قال في الجواهر في هذا المقام «3» «ظاهر قول المصنف

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من ابواب المتعة الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 18 من ابواب حد الزنا الحديث: 7

(3) ج- 30 ص: 154

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 102

______________________________

و غيره و الفاظ الايجاب ثلاثة، زوجتك و متعتك و انكحتك، ايها حصل وقع الايجاب به و لا ينعقد بغيرها» الي آخر كلامه و الحاصل انه لا اشكال في وقوع الايجاب بهذه الصيغ، انما الكلام في جواز وقوعها بغيرها مادة او هيئة.

و ربما يقال: بأنه لا بد من الاقتصار علي المتيقن في مخالفة الأصل فان مقتضاه عدم التحقق و قد تقدم في العقد الدائم انه لا وجه للاقتصار علي القدر المتيقن مع فرض اطلاق في الأدلة، و الظاهر انه لا مانع من الأخذ بالاطلاقات الواردة في المتعة

لاحظ ما رواه زرارة، قال: جاء عبد اللّه بن عمر «عمير خ ل» الليثي الي أبي جعفر عليه السلام فقال: ما تقول في متعة النساء؟ فقال: احلها اللّه في كتابه و علي سنة نبيه، فهي حلال الي يوم القيامة فقال: يا أبا جعفر مثلك يقول هذا و قد حرمها عمر و نهي عنها، فقال: و ان كان فعل فقال: فاني اعيذك باللّه من ذلك ان تحل شيئا حرمه عمر، فقال له: فأنت علي قول صاحبك، و انا علي قول رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله، فهلم الا عنك ان الحق ما قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله، و ان الباطل ما قال صاحبك الحديث «1» فان قوله فهي حلال الي يوم القيمة مطلق و مقتضاه جوازها علي الاطلاق بلا فرق بين كون المرأة عربية او عجمية و بلا فرق بين الأزمنة و الأمكنة و الفصول و بلا فرق بين أن يكون ايجابها بالعقد العربي أو غيره و بلا فرق بين الصيغ من حيث المادة و الهيئة.

و صفوة القول ان مقتضي الاطلاق عدم التقييد بقيد من القيود الا مع قيام دليل عليه، و الذي يدل علي المدعي بوضوح النصوص الواردة في مقام بيان تحققها بأي لفظ لاحظ ما رواه ابان بن تغلب «2» و ما رواه ثعلبه 3 و ما رواه هشام بن سالم 4 فانه يستفاد من هذه النصوص بالفهم العرفي ان المطلوب يتحقق

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب المتعة الحديث: 4

(2) (2 و 3 و 4) لاحظ ص: 100

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 103

و القبول من اهله مثل: قبلت (1) و يشترط فيه أيضا ذكر المهر (2) كما يشترط أيضا ذكر

اجل معين لا يزيد علي عمر الزوجين (3).

______________________________

بهذا المضمون بلا خصوصية لصيغة خاصة.

(1) فان العقد مركب من الايجاب و القبول فيلزم القبول كما يلزم فيه الايجاب و الحاصل انه لا اشكال في احتياجه الي القبول.

(2) بلا خلاف بل الاجماع بقسميه عليه كما في الجواهر مضافا الي النصوص الدالة عليه، منها ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تكون متعة الا بأمرين أجل مسمي و اجر مسمي «1».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: لا بد من أن تقول فيه هذه الشروط: اتزوجك متعة كذا و كذا يوما بكذا و كذا درهما الحديث «2».

و منها: ما رواه اسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام من المتعة فقال: مهر معلوم الي اجل معلوم 3.

بل يمكن الاستدلال علي المدعي بحديث زرارة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

ذكرت له المتعة أ هي من الأربع؟ فقال: تزوج منهن ألفا فإنهن مستأجرات 4.

و بحديث محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في المتعة ليست من الأربع لأنها لا تطلق و لا ترث و انما هي مستأجرة 5.

(3) اجماعا بقسميه و نصوصا كما في الجواهر و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه ابو بصير و اسماعيل بن الفضل الهاشمي و منها ما روي عن

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من ابواب المتعة الحديث: 1

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 3

(3) (4 و 5) الوسائل الباب 4 من ابواب المتعة الحديث: 2 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 104

و الا كان العقد عقد دوام علي الاظهر (1).

______________________________

أبي عبد اللّه عليه السلام «1» و منها ما رواه ابان بن تغلب «2»

و ثعلبة 3 و منها ما رواه هشام بن سالم 4.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن بكير قال: قال: أبو عبد اللّه عليه السلام في حديث: ان سمي الأجل فهو متعة، و ان لم يسم الأجل فهو نكاح بات 5.

و منها: ما رواه ابان بن تغلب في حديث صيغة المتعة انه قال لأبي عبد اللّه عليه السلام: فاني استحيي ان اذكر شرط الأيام، قال: هو اضر عليك، قلت:

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 10، ص: 104

و كيف؟ قال: لأنك ان لم تشرط كان تزويج مقام و لزمتك النفقة في العدة و كانت وارثا، و لم تقدر علي ان تطلقها الاطلاق السنة 6.

و منها: ما رواه هشام بن سالم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام اتزوج المرأة متعة مرة مبهمة؟ قال: فقال: ذاك اشد عليك، ترثها و ترثك، و لا يجوز لك ان تطلقها الا علي طهر و شاهدين، قلت: اصلحك اللّه فكيف أ تزوجها؟ قال:

اياما معدودة بشي ء مسمي مقدار ما تراضيتم به، فاذا مضت ايامها كان طلاقها في شرطها و لا نفقة و لا عدة لها عليك الحديث 7.

و منها: ما رواه محمد بن اسماعيل عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:

قلت له: الرجل يتزوج المرأة متعة سنة أو أقل او أكثر قال: اذا كان شيئا معلوما الي اجل معلوم قال: قلت: و تبين بغير طلاق قال: نعم 8.

(1) بتقريب ان العقد في هذه الصورة عقد دوام واقعا و ان كان مجهولا عند

______________________________

(1) لاحظ ص: 103

(2) (2 و 3 و 4) لاحظ ص: 100

(3) (5 و 6

و 7) الوسائل الباب 20 من ابواب المتعة الحديث: 1 و 2 و 3

(4) (8) الوسائل الباب 25 من ابواب المتعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 105

______________________________

المتعاقدين اذ الدوام ليس الا الزوجية المطلقة غير المقيدة بمدة خاصة و المفروض انه كذلك.

و ان شئت قلت: لا فرق بين الانقطاع و الدوام الا بكون الزوجية موقته بوقت خاص كشهر او سنة و بكونها غير مقيدة كذلك بل اعتبرت الي زمان قابل لاعتبارها هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب ما افاده بحسب ما يختلج ببالي القاصر.

و لكن يرد عليه انه ما الوجه في التقييد بعدم زيادة المدة علي عمر الزوجين بل الزيادة علي عمر احدهما يكفي في تحقق موضوع هذا البيان اذ الزوجية متقومة بالطرفين و مع عدم احدهما لا يتصور بقائها، مضافا الي أنه علي هذا التقريب يكفي في صيرورته عقد دوام أن يكون بمقدار عمرهما و لا يشترط الزيادة اذ الزوجية لا تتصور بعد موتهما فان كان هذا التقريب تاما يتم فيما يكون الأجل مقدار عمرهما او احدهما.

الا أن يقال: الاشكال من ناحية عدم امكان التمتع في المقدار الزائد و هذا الاشكال لا يتوجه في هذه الصورة اضف الي ذلك انه علي تقدير تمامية البيان المذكور انه لو زاد الأجل علي عمرهما او احدهما يصير عقد دوام علي الاطلاق لوحدة الملاك فلو جعل الأجل مقدار سنة و في الواقع يكون هذا المقدار ازيد من عمرهما او احدهما بأن يموت كلاهما او احدهما بحادث سماوي او مرض و امثالهما يصير عقد دوام أيضا و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟.

الا أن يقال: فرق بين الموت الطبيعي و غير الطبيعي لكن يتوجه السؤال بأنه ما هو

الفارق بين المقامين، و يمكن أن يقال انه من المقطوع عدم الاشتراط و بعبارة اخري: يجوز الأجل الزائد بحسب الواقع و في علم اللّه، اضف الي ذلك كله انه لو لم يقصد الدوام فما الوجه في صيرورته دواما فان العقود تابعة للقصود و المفروض

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 106

و لو لم يذكر المهر بطل (1) و لو نسي ذكر الاجل ففي البطلان او انقلابه دائما قولان اظهرهما الاول (2).

______________________________

عدم صحة المدة المعينة لعدم قابليتها علي الفرض و الحكم بالصحة بنحو الدوام يحتاج الي الدليل و لا دليل عليه.

اذا عرفت ما ذكرناه نقول: المستفاد من الأدلة ان الفرق بين الدوام و الانقطاع بجعل الأجل و عدمه فان لم يجعل الأجل و اعتبرت الزوجية المطلقة يكون العقد دواما و الا يكون عقد انقطاع.

و لا مجال لأن يقال مرجع الأجل في بعض الأحيان الي الدوام لأن الأحكام الشرعية تابعة لموضوعاتها بحسب ملاكاتها المعلومة عند الشارع و ليس لأحد التصرف فيها.

(1) للنصوص لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام «1» فان المستفاد من الرواية ان المهر ركن و مقوم لعقد المتعة.

(2) تارة يقع الكلام من حيث القاعدة الأولية و قطع النظر عن النصوص الخاصة و اخري من حيث المستفاد منها أما المقام الأول: فنقول مقتضي القاعدة الأولية هو البطلان اذ المفروض ان المقصود العقد الانقطاعي و حيث انه لم يذكر الأجل لا يصح انقطاعا و اما الدوام فلم يتعلق به القصد.

و بتقريب آخر: ان كل واحد من الانقطاع و الدوام يحتاج الي اللحاظ و القصد في عالم الاعتبار لعدم امكان الاهمال في الواقع و نفس الأمر فاذا كان المقصود الانقطاع تكون النتيجة هو البطلان لعدم المقتضي للصحة

لا للدوام و لا للانقطاع اما الاول فلعدم قصده و أما الثاني: فلعدم ذكر الأجل علي الفرض، و اما النصوص

______________________________

(1) لاحظ ص 103

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 107

و يحرم عقد المتعة علي غير الكتابية من الكفار (1) و الامة علي الحرة من دون اذنها (2).

______________________________

فمنها ما رواه ابان بن تغلب «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا و منها ما رواه هشام بن سالم 2 و هذه الرواية ضعيفة أيضا سندا و منها ما رواه عبد اللّه بن بكير 3 و اورد في الاستدلال بالرواية انه يمكن أن يكون المراد ان النكاح مع الأجل متعة و موقت و بدون ذكر الأجل نكاح دائم و عليه لا يرتبط الحديث بالمقام.

و بعبارة اخري: المستفاد من الحديث ان النكاح المؤجل متعة و غير المؤجل نكاح دائم فلا يرتبط بالمقام و لكن في النفس شي ء، و علي فرض العمل بالرواية لا يفرق بين صورتي النسيان و التعمد فلو ترك الأجل عمدا مع قصد المؤجل ينقلب دائما لإطلاق الحديث.

و ربما يقال: بأن حديث سماعة قال: سألته عن رجل ادخل جارية يتمتع بها، ثم نسي حتي واقعها يجب عليه حد الزاني؟ قال: لا، و لكن يتمتع بها بعد النكاح، و يستغفر ربه مما أتي 4، يدل علي البطلان اذ انسي الأجل، و فيه ان الطاهر من الحديث انه نسي العقد و قبل العقد جامع فلا يرتبط الحديث بما نحن فيه.

(1) كما مران العقد علي الكافرة غير جائز بمقتضي الكتاب و السنة و الاجماع، نعم تقدم انه يجوز نكاح الكتابية و قد سبق الكلام حول المسألة، فراجع.

(2) للنصوص، منها ما رواه محمد بن اسماعيل قال: سألت أبا الحسن عليه السلام هل للرجل أن

يتمتع من المملوكة باذن أهلها و له امرأة حرة؟ قال: نعم

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) لاحظ ص: 104

(2) (4) الوسائل الباب 42 من ابواب حد الزنا الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 108

______________________________

اذا رضيت الحرة، قلت: فان اذنت الحرة يتمتع منها؟ قال: نعم «1».

و منها: ما قاله الكليني: و روي أيضا انه لا يجوز أن يتمتع الامة علي الحرة 2.

و منها: ما رواه يعقوب بن يقطين قال: سألت ابا الحسن عليه السلام عن الرجل يتزوج الامة علي الحرة متعة؟ قال: لا 3.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام هل للرجل أن يتزوج النصرانية علي المسلمة، و الامة علي الحرة؟ فقال: لا تزوج واحدة منهما علي المسلمة، و تزوج المسلمة علي الامة و النصرانية، و للمسلمة الثلثان و للامة و النصرانية الثلث 4.

و منها: ما رواه حذيفة بن منصور، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امة علي حرة لم يستأذنها؟ قال: يفرق بينهما قلت: عليه ادب؟ قال: نعم اثني عشر سوطا و نصف ثمن حد الزاني و هو صاغر 5.

و أما حديث سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امة علي حرة فقال: ان شاءت الحرة تقيم مع الامة اقامت و ان شاءت ذهب الي اهلها قال قلت: فان لم ترض بذلك و ذهبت الي اهلها أله عليها سبيل اذا لم ترض بالمقام قال: لا سبيل عليها اذا لم ترض حين تعلم قلت: فذهابها الي اهلها طلاقها؟ قال نعم اذا خرجت من منزلة اعتدت ثلاثة اشهر او ثلاثة قروء ثم تتزوج ان شاءت 6 فهو ضعيف باللحام فالنتيجة

ان المستفاد من مجموع النصوص الجواز مع الاذن و عدمه

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 16 من ابواب المتعة الحديث: 1 و 2 و 3

(2) (4) الوسائل الباب 7 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 3

(3) (5 و 6) الوسائل الباب 47 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 109

و بنت الاخ و الاخت من دون اذن العمة و الخالة (1) و يكره علي البكر (2).

______________________________

مع عدمه.

(1) كما تقدم، فراجع.

(2) لجملة من النصوص: منها ما رواه زياد بن أبي الحلال قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا بأس أن يتمتع البكر ما لم يفض اليها كراهية العيب علي اهلها «1».

و منها: ما رواه حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتزوج البكر متعة، قال: يكره للعيب علي اهلها 2.

و منها: ما رواه المهلب الدلال انه كتب الي أبي الحسن عليه السلام ان امرأة كانت معي في الدار، ثم انها زوجتني نفسها، و اشهدت اللّه و ملائكته علي ذلك، ثم ان اباها زوجها من رجل آخر، فما تقول؟ فكتب عليه السلام: التزويج الدائم لا يكون الا بولي و شاهدين، و لا يكون تزويج متعة ببكر، استر علي نفسك و اكتم رحمك اللّه 3.

و مقتضي الجمع بين هذه النصوص و غيرها هي الكراهة لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: رجل تزوج بجارية عاتق علي ان لا يقتضها، ثم اذنت له بعد ذلك، قال: اذا اذنت له فلا بأس 4.

و ما رواه محمد بن عذافر، عمن ذكره، عن أبي عبد اللّه

عليه السلام قال:

سألته عن التمتع بالأبكار، فقال: هل جعل ذلك الا لهن فليستترن و ليستعففن 5.

و ما رواه أبو سعيد القماط، عمن رواه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

جارية بكر بين ابويها تدعوني الي نفسها سرا من ابويها فافعل ذلك؟ قال نعم

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 11 من ابواب المتعة الحديث: 1 و 10 و 11

(2) (4 و 5) نفس المصدر الحديث: 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 110

و علي الزانية (1).

______________________________

و اتق موضع الفرج، قال: قلت: فان رضيت بذلك، قال: و ان رضيت فانه عار علي الأبكار «1».

و ما روي عن رجل، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بتزويج البكر اذا رضيت من غير اذن ابويها 2.

و ما رواه الحلبي قال سألته عن التمتع من البكر اذا كانت بين ابويها بلا اذن ابويها، قال: لا بأس ما لم يقتض ما هناك لتعف بذلك 3.

(1) لا يبعد ان الوجه في الحكم بالكراهة الجمع بين روايات المنع و الجواز فان المستفاد من بعض النصوص عدم الجواز، منها: ما رواه أبو مريم، عن أبي جعفر عليه السلام انه سئل عن المتعة فقال: ان المتعة اليوم ليست كما كانت قبل اليوم انهن كن يومئذ يؤمن و اليوم لا يؤمن فاسألوا عنهن 4.

و منها: ما رواه أبو سارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عنها يعني المتعة فقال لي: حلال فلا تزوج «و لا تتزوج خ ل» الا عفيفة، ان اللّه عز و جل يقول:

«وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حٰافِظُونَ» * فلا تضع فرجك حيث لا تأمن علي درهمك 5.

و منها: ما رواه محمد بن اسماعيل، عن الرضا عليه السلام في

حديث قال:

لا ينبغي لك أن تتزوج الا بمأمونة ان اللّه عز و جل يقول: «الزّٰانِي لٰا يَنْكِحُ إِلّٰا زٰانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ الزّٰانِيَةُ لٰا يَنْكِحُهٰا إِلّٰا زٰانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَ حُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ» 6،

و منها: ما رواه محمد بن اسماعيل قال: سأل رجل أبا الحسن الرضا عليه السلام و انا أسمع عن رجل يتزوج المرأة متعة و يشترط عليها أن لا يطلب ولدها

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) نفس المصدر الحديث: 7 و 8 و 9

(2) (4 و 5 و 6) الوسائل الباب 6 من ابواب المتعة الحديث: 1 و 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 111

______________________________

«الي أن قال:» فقال: لا ينبغي لك أن تتزوج الا بمؤمنة «بمأمونة خ ل» او مسلمة فان اللّه عز و جل يقول: «الزّٰانِي لٰا يَنْكِحُ إِلّٰا زٰانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَ الزّٰانِيَةُ لٰا يَنْكِحُهٰا إِلّٰا زٰانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَ حُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ» «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المرأة و لا يدري ما حالها أ يتزوجها الرجل متعة؟ قال: يتعرض لها فان اجابته الي الفجور فلا يفعل 2.

و منها: ما رواه محمد بن الفيض قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المتعة قال: نعم اذا كانت عارفة «الي أن قال» و اياكم و الكواشف و الدواعي و البغايا و ذوات الازواج قلت: ما الكواشف؟ قال: اللواتي يكاشفن و بيوتهن معلومة و يؤتين قلت فالدواعي قال: اللواتي يدعون الي انفسهن و قد عرفن بالفساد، قلت: فالبغايا قال: المعروفات بالزنا، قلت: فذوات الازواج؟ قال المطلقات علي غير السنة 3.

و المستفاد من بعض الروايات هو الجواز، منها

ما رواه زرارة قال: سأله عمار و انا عنده عن الرجل يتزوج الفاجرة متعة؟ قال: لا بأس و ان كان التزويج الاخر فليحصن بابه 4.

و منها: ما رواه علي بن يقطين قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: نساء اهل المدينة، قال: فواسق، قلت: فاتزوج منهن؟ قال: نعم 5 و مقتضي الجمع بين الطرفين عند القوم حمل دليل الحرمة علي الكراهة.

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 8 من ابواب المتعة الحديث: 1 و 2 و 3

(2) (4 و 5) الوسائل الباب 9 من ابواب المتعة الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 112

و اذا كانت مشهورة بالزنا فالاحوط لزوما ترك التمتع بها (1) و لا حد للمهر (2).

______________________________

و الانصاف: ان حديث محمد بن اسماعيل «1» يستفاد منه كراهة التزويج بغير المأمونة، فبالزانية بطريق اولي و لو سلم عدم الامكان الجمع العرفي بين النصوص فالترجيح مع هذا الحديث لكونه احدث.

(1) تقدم الكلام حول هذه المسألة «2».

(2) ادعي عليه عدم الخلاف إلا عن الصدوقين (قدس سرهما) و يدل علي المدعي بعض النصوص، منها ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام كم المهر يعني في المتعة؟ قال: ما تراضيا عليه الي ما شاءا من الأجل «3».

و منها: ما رواه زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام في المتعة قال: لا بد من ان يصدقها شيئا قل او كثر، و الصداق كل شي ء تراضيا عليه في تمتع او تزويج بغير متعة «4».

و يستفاد من بعض النصوص ان أقلّ ما يجزي الدرهم فلا يجوز أقلّ منه منها ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن متعة النساء قال: حلال و انه

«انما خ ل» يجزي فيه الدرهم فما فوقه 5.

و منها: ما رواه علي بن رئاب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المتعة فاخبرني انها حلال، و انه يجزي فيها الدرهم فما فوقه 6.

و مقتضي الصناعة حمل المطلق علي المقيد و الالتزام بعدم جواز الأقل من

______________________________

(1) لاحظ ص: 110

(2) لاحظ ص: 8

(3) الوسائل الباب 21 من ابواب المتعة الحديث: 3

(4) (4 و 5 و 6) نفس المصدر الحديث: 9 و 1 و 10

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 113

و لو وهبها المدة قبل الدخول ثبت نصفه علي الاظهر (1) و لو ماتت او مات لم ينقص منه شي ء و ان كان قبل الدخول (2) و لو اخلت ببعض المدة سقط بنسبته (3).

______________________________

الدرهم، الا أن يقال التسالم عند القوم مانع عن رفع اليد عن الاطلاق، فلاحظ

(1) ادعيت الشهرة عليه بل ادعي عليه الاجماع بل عن كاشف اللثام هو مقطوع به في كلام الأصحاب، و يدل علي المدعي حديث سماعة، قال: سألته عن رجل تزوج جارية أو تمتع بها ثم جعلته من صداقها في حل يجوز أن يدخل بها قبل أن يعطيها شيئا؟ قال: نعم اذا جعلته في حل فقد قبضته منه، فان خلاها قبل أن يدخل بها ردت المرأة علي الرجل نصف الصداق «1».

(2) لعدم الدليل علي السقوط و مقتضي القاعدة الأولية بقائه علي حاله.

(3) نقل عن الجواهر ادعاء عدم الخلاف فيه، و يدل علي المدعي بعض النصوص، منها: ما رواه عمر بن الحنظلة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

اتزوج المرأة شهرا فتريد مني المهر كملا و اتخوف أن تخلفني قال: يجوز أن تحبس ما قدرت عليه فان هي اخلفتك فخذ منها بقدر ما تخلفك

«2».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: اتزوج المرأة شهرا فاحبس عنها شيئا، فقال: نعم، خذ منها بقدر ما تخلفك ان كان نصف الشهر فالنصف، و ان كان ثلثا فالثلث «3».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام يتزوج المرأة متعة تشترط له أن تأتيه كل يوم حتي توفيه شرطه او يشترط اياما معلومة تأتيه

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من ابواب المتعة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 27 من ابواب المتعة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 114

و لا فرق بين كون الاخلال لعذر أو غيره (1) عدا ايام الحيض (2) و نحوها مما يحرم عليه فيها الوطء (3) و المدار في الاخلال علي الاستمتاع بالوطء دون غيره من انواع الاستمتاع (4) فلو اخلت به مع التمكين من الوطء لم يسقط من المهر شي ء (5) و لو لم تحضر في بعض المدة لعجزه عن الاستمتاع بالوطء ففي سقوط بعض المهر اشكال (6) و لو ظهر بطلان العقد فلا مهر قبل الدخول (7).

______________________________

فتغدر به فلا تأتيه علي ما شرطه عليها فهل يصلح له أن يحاسبها علي ما لم تأته من الأيام فيحبس عنها بحساب ذلك؟ قال: نعم ينظر الي ما قطعت من الشرط فيحبس عنها من مهرها مقدار ما لم تف ماله خلا ايام الطمث فانها لها و لا يكون لها الا ما احل له فرجها «1».

(1) فان الموضوع عدم الوفاء و هو اعم من كونه عن عذر اولا عن عذر لاحظ حديث اسحاق بن عمار السابق.

(2) كما نص به في حديث اسحاق بن عمار.

(3) لتناسب الحكم و الموضوع و انصراف الدليل،

مضافا الي ان الحرام لا حرمة له و لا يعوض بشي ء شرعا.

(4) كما يفهم من النص بحسب الفهم العرفي.

(5) لعدم الدليل علي السقوط.

(6) لانصراف الدليل عن الصورة المفروضة، و بعبارة اخري: الحضور لغاية الاستمتاع و الوطي و مع فرض عدم امكانه فلا موضوع و في النفس شي ء.

(7) قطعا كما في الجواهر و الوجه فيه عدم ما يقتضي الضمان بعد فرض بطلان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 115

و بعده لها مهر المثل (1).

______________________________

العقد به له استعادته لو قبضت.

(1) الذي يختلج بالبال أن يقال: تارة يبحث فيما هو مقتضي القاعدة الأولية و اخري فيما هو المستفاد من النصوص الخاصة فيقع البحث في مقامين:

أما المقام الأول: فنقول مقتضي القاعدة الأولية عدم استحقاقها شيئا اذ المفروض فساد العقد و كون الوطء موجبا للضمان يحتاج الي الدليل فلا شي ء علي الواطئ

و أما المقام الثاني: فنقول قد وردت جملة من الروايات منها ما رواه علي بن احمد بن اشيم قال: كتب اليه الريان بن شبيب يعني أبا الحسن عليه السلام:

الرجل يتزوج المرأة متعة بمهر الي اجل معلوم و اعطاها بعض مهرها و اخرته بالباقي ثم دخل بها و علم بعد دخوله بها قبل أن يوفيها باقي مهرها انها زوجته نفسها و لها زوج مقيم معها، أ يجوز له حبس باقي مهرها أم لا يجوز؟ فكتب لا يعطيها شيئا لأنها عصت اللّه عز و جل «1» و المستفاد من هذه الرواية انه لا شي ء لها حيث انها عصت و هذا الحديث ضعيف سندا بعلي بن احمد بن اشيم.

و منها: ما رواه حفص بن البختري، عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا بقي عليه شي ء من المهر و علم

ان لها زوجا فما اخذته فلها بما استحل من فرجها، و يحبس عليها ما بقي عنده 2 و مقتضي هذه الرواية التفصيل بين المقدار المقبوض و غيره فالميزان هو القبض و عدمه بلا فرق في المقدار المقبوض بين كونه النصف و بين غيره و بلا فرق بين جهل المرأة و علمها، و الظاهر ان الاجماع علي خلاف المستفاد من الخبر.

و منها عدة نصوص وردت في التزويج في العدة: منها: ما رواه سليمان بن خالد، قال: سألته عن رجل تزوج امرأة في عدتها قال: فقال: يفرق بينهما و ان

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 28 من ابواب المتعة الحديث: 2 و 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 116

متعة لا دواما (1) مع جهلها (2) و يلحق به الولد و ان عزل (3).

______________________________

كان دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها و يفرق بينهما فلا تحل له ابدا و ان لم يكن دخل بها فلا شي ء لها من مهرها «1».

و منها: ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في رجل نكح امرأة و هي في عدتها قال: يفرق بينهما ثم تقضي عدتها فان كان دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها و يفرق بينهما و ان لم يكن دخل بها فلا شي ء لها الحديث 2.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتزوج المرأة المطلقة قبل أن تنقضي عدتها قال: يفرق بينهما و لا تحل له أبدا و يكون لها صداقها بما استحل من فرجها أو نصفه ان لم يكن دخل بها 3 و المستفاد من هذه النصوص التفصيل بين الدخول و عدمه فعلي

الأول لها المهر المثل فانه الظاهر من النصوص المشار اليها، فان قلنا بأن أعراض المشهور لا يؤثر في اعتبار الخبر المعتبر فلا بد من العمل برواية حفص و ان قلنا بأنه لا يمكن العمل بمفادها لأنه خلاف المتسالم عليه فيما بين القوم فلا يبعد أن يقال العمل علي طبق النصوص الواردة في نكاح المعتدة فمهر المثل علي الظاهر من تلك النصوص فلاحظ.

(1) بالتقريب المتقدم فان المهر المثل لا بد من ملاحظة الجهات.

(2) اذ لا مهر لبغي.

(3) بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه- كما في الجواهر- و لأن الولد للفراش، لاحظ ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كان للرجل منكم الجارية يطأها فيعتقها فاعتدت و نكحت فان وضعت لخمسة اشهر فانه

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 17 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 7 و 8 و 21

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 117

______________________________

من مولاها الذي اعتقها و ان وضعت بعد ما تزوجت لستة اشهر فانه لزوجها الأخير «1».

و ما رواه الحسن الصيقل، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول و سئل عن رجل اشتري جارية ثم وقع عليها قبل ان يستبرئ رحمها، قال: بئس ما صنع يستغفر اللّه و لا يعود، قلت: فانه باعها من آخر و لم يستبرء رحمها ثم باعها الثاني من رجل آخر و لم يستبرأ رحمها فاستبان حملها عند الثالث، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام، الولد للفراش و للعاهر الحجر «2».

و ما رواه سعيد الأعرج، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجلين وقعا علي جارية في طهر واحد لمن يكون الولد؟ قال: للذي عنده لقول

رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الولد للفراش و للعاهر الحجر 3.

و لجملة من النصوص: منها ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث في المتعة قال: قلت: أ رأيت ان حبلت فقال: هو ولده 4

و منها: ما رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع، قال: سأل رجل الرضا عليه السلام و انا اسمع عن الرجل يتزوج المرأة متعة و يشترط عليها ان لا يطلب ولدها فتأتي بعد ذلك بولد فينكر الولد فشدد في ذلك، و قال: يجحد و كيف يجحد اعظاما لذلك، قال الرجل فان اتهمها؟ قال: لا ينبغي لك ان تزوج الا مأمونة الحديث 5.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت:

أ رأيت ان حبلت؟ قال: هو ولده 6.

______________________________

(1) الوسائل الباب 58 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 4

(3) (4) الوسائل الباب 33 من ابواب المتعة الحديث: 1

(4) (5 و 6) نفس المصدر الحديث: 2 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 118

و لو نفاه انتفي ظاهرا بلا لعان (1) الا ان يقربه سابقا (2) او يكون قد وطأها وطئا يمكن تولده منه فلا ينتفي بنفيه حينئذ (3) و كذا الحكم في الامه (4).

______________________________

(1) ادعي في الجواهر عدم الخلاف فيه بل الاجماع بقسميه عليه و استدل علي المدعي ببعض النصوص، منها ما رواه ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يلاعن الرجل المرأة التي يتمتع منها «1».

و منها: ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يلاعن الحر الامة و لا الذمية و لا

التي يتمتع بها 2 بتقريب ان الولد ينتفي باللعان في الدائم و أما في المنقطع فيدور الأمر بين سد باب الانتفاء و بين انتفائه بلا لعان، و لا يمكن الالتزام بالأول لأنه يلزم ان امر الحاق الولد في المتعة اشد من الدائم و الحال ان الأمر بالعكس، فتأمل. و الظاهر ان الحكم متسالم عليه بين الأصحاب.

(2) فان الانكار بعد الاقرار يحتاج الي اقامة الدليل و لا اجماع في هذه الصورة.

(3) فان مقتضي النصوص المشار اليها مثل رواية محمد بن مسلم 3 و محمد بن اسماعيل بن بزيع 4 و محمد بن مسلم 5 الحاق الولد به علي الاطلاق، لكن ترفع اليد عن اطلاقها بالإجماع و التسالم في غير هذه الصورة فتبقي الصورة المذكورة داخلة تحت النصوص الدالة علي الاطلاق، مضافا الي قاعدة الفراش، فلاحظ.

(4) لإطلاق الدليل، مضافا الي النص الخاص بالنسبة الي عدم وقوع اللعان

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 10 من ابواب اللعان الحديث: 1 و 2

(2) (3 و 4 و 5) لاحظ ص: 117

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 119

و لا يقع بها الطلاق (1) و اللعان (2) و لا ميراث لها الا أن يشترط (3).

______________________________

لاحظ ما رواه ابن سنان «1» و الحاصل: ان الظاهر من المتن انه لا فرق في عدم تحقق اللعان بالنسبة الي المتعة و انه ينفي الولد بلا لعان بلا فرق بين كون المنقطعة حرة او امة.

(1) لا خلاف فيه فتوي و نصا كما في الجواهر، بل يمكن أن يقال هذا من الواضحات التي لا يعتريها شك و لا ريب.

و يظهر من بعض النصوص، خلافه لاحظ ما رواه هشام بن سالم «2» و ما و ما رواه أيضا هشام بن

سالم «3» لكن يمكن أن يقال: ان المتفاهم من الحديثين ان المدة تنقضي فلا علقة بعدها و هذا يكون المراد من الطلاق.

(2) لاحظ حديثي ابن أبي يعفور و ابن سنان «4».

(3) مقتضي الاية الشريفة «وَ لَكُمْ نِصْفُ مٰا تَرَكَ أَزْوٰاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كٰانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهٰا أَوْ دَيْنٍ وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كٰانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهٰا أَوْ دَيْنٍ «5»، التوارث من الجانبين علي الاطلاق فان مقتضي اطلاق الاية الكريمة عدم الفرق بين الزوجية الدائمية و الانقطاعية كما ان مقتضي اطلاقها عدم الفرق بين اشتراط التوارث و اشتراط عدمه و عدم اشتراط وجوده و عدمه هذا بالنسبة الي ما يستفاد من الاية الشريفة، و أما النصوص فهي علي طوائف:

______________________________

(1) لاحظ ص: 118

(2) لاحظ ص: 100

(3) لاحظ ص: 104

(4) لاحظ ص: 118

(5) النساء/ 12

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 120

______________________________

الطائفة الأولي: ما يدل علي عدم التوارث علي الاطلاق منها ما ارسله ابن أبي عمير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث في المتعة قال: ان حدث به حدث لم يكن لها ميراث «1» فان مقتضي هذه الرواية عدم الفرق بين الاشتراط و عدمه و المرسل لا اعتبار به.

و منها: مرسل الكليني قال: و روي انه ليس بينهما ميراث اشترط او لم يشترط 2 و الكلام فيه هو الكلام.

و منها: ما رواه عمر بن حنظلة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث في المتعة قال: و ليس بينهما ميراث 3 و الرواية ضعيفة بابن حنظلة.

و منها: ما رواه سعيد بن

يسار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يتزوج المرأة متعة و لم يشترط الميراث قال: ليس بينهما ميراث اشترط او لم يشترط 4 و هذه الرواية ضعيفة بالبرقي.

الي غيرها من النصوص، الدالة علي عدم الارث في المتعة لاحظ ما رواه عبد اللّه بن عمرو قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المتعة، فقال: حلال لك من اللّه و رسوله قلت: فما حدها؟ قال: من حدودها ان لا ترثها و لا ترثك الحديث 5.

و منها: ما رواه زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: و لا ميراث بينهما في المتعة اذا مات واحد منهما في ذلك الأجل 6.

و منها: ما رواه المفضل بن عمر، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في كتابه اليه و أما ما ذكرت الي أن قال و ليس بينهما ميراث الحديث 7.

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 32 من ابواب المتعة الحديث: 3 و 4 و 6

(2) (4 و 5 و 6 و 7) نفس المصدر الحديث: 7 و 8 و 10 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 121

______________________________

و منها: ما رواه أبو بصير قال: لا بد من ان يقول فيه هذه الشروط: اتزوجك متعة كذا و كذا يوما، بكذا و كذا درهما، نكاحا غير سفاح علي كتاب اللّه و سنة نبيه و علي ان لا ترثيني و لا ارثك، و علي ان تعتدي خمسة و اربعين يوما، و قال بعضهم: حيضة «1».

و منها: ما رواه جبير ابو سعيد المكفوف، عن الاحوال قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام قلت: ما ادني ما يتزوج الرجل به المتعة؟ قال: كف «كفين خ ل» من

بر يقول لها: زوجيني نفسك متعة علي كتاب اللّه و سنة نبيه نكاحا غير سفاح، علي أن لا ارثك و لا ترثيني، و لا اطلب ولدك الي اجل مسمي فان بدا لي زدتك و زدتني «2» و منها: ما رواه محمد بن مسلم «3».

الطائفة الثانية: ما يدل علي التفصيل بين اشتراط الارث و عدمه بتحققه في الأول و عدمه في الثاني منها: ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: تزويج المتعة نكاح بميراث، و نكاح بغير ميراث ان اشترطت كان و ان لم تشترط لم يكن «4».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام كم المهر يعني في المتعة فقال: ما تراضيا عليه «الي أن قال:» و ان اشترطا الميراث فهما علي شرطهما 5.

الطائفة الثالثة: ما يدل علي التوارث الا مع اشتراط عدمه لاحظ ما رواه

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من ابواب المتعة الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) لاحظ ص: 103

(4) (4 و 5) الوسائل الباب 32 من ابواب المتعة الحديث: 1 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 122

و لو ابرأها المدة علي ان لا تتزوج فلا ناصح الابراء و صح الشرط فيجب عليها الوفاء به (1) لكنها لو تزوجت منه و لو عصيا ناصح زواجها علي الاظهر (2) و لو صالحها علي أن ببرئها المدة و ان لا تتزوج بفلان

______________________________

محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: في الرجل يتزوج المرأة متعة انهما يتوارثان اذا لم يشترطا، و انما الشرط بعد النكاح «1» و مقتضي هذه الرواية انه مع عدم اشتراط عدم الارث يتحقق التوارث.

اذا عرفت ما ذكرناه:

فاعلم انه يمكن أن يقال ان الطائفة الاولي الدالة علي عدم التوارث تقيد بالطائفة الثانية المفصلة بين الاشتراط و عدمه ان قلت: مما يدل يدل علي عدم التوارث ما رواه سعيد بن يسار «2» فانه قد صرح فيه بالاطلاق و بنفي الارث حتي مع الاشتراط قلت: اولا قد مر ان السند ضعيف و ثانيا: علي فرض التعارض يكون الترجيح مع ما يدل علي الثبوت لموافقته مع الاطلاق الكتابي، و أما الطائفة الثالثة الدالة علي التوارث الا في صورة اشتراط عدمه فحيث انها تدل علي التوارث بالاطلاق و عدم التقييد بخصوص صورة عدم اشتراط الارث فهي مطلقة من هذه الجهة و قابلة لأن تقيد بالطائفة الثانية، فالنتيجة انه يفصل بين الاشتراط و عدمه بأن نلتزم بالارث في الصورة الاولي و عدمه في الثانية كما في المتن، و اللّه العالم.

(1) فان عدم التزويج بفلان امر موافق للشرع فيجب بمقتضي وجوب الوفاء بالشرط، و أما الابراء فصحيح بلا اشكال.

(2) اذ لا دليل علي المنع الوضعي، و بعبارة اخري يجب عليها الوفاء بالشرط

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من ابواب المتعة الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 120

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 123

صح الصلح و وجب عليه الابراء (1) فان امتنع اجبره الحاكم فان تعذر تولاه الحاكم (2) و لا يجوز لها ان تتزوج بفلان لكنها ان تزوجت به صح التزويج (3) و ان كانت المصالحة علي أن تتزوج بفلان وجب ذلك عليها فان امتنعت أجبرها الحاكم فان تعذر زوجها الحاكم منه (4) و لو صالحها علي أن تكون بريئة من المدة بنحو شرط النتيجة صحت المصالحة (5) و لو ابرأها معلقا علي شي ء مثل أن لا تتزوج من فلان او مطلقا بطل

الابراء (6).

______________________________

و عدم التزويج، و اما لو عصت و تزوجت يصح زواجها بمقتضي ادلة صحة الزواج فلاحظ.

(1) الظاهر ان ما افاده تام لا اشكال فيه، فان الصلح عقد صحيح و الشرط في ضمن العقد واجب الوفاء، فيجب عليه الابراء كما انه يحرم عليها التزويج بعد الابراء.

(2) من حيث كونه ولي الممتنع.

(3) الكلام فيه هو الكلام، فلا نعيد.

(4) قد ظهر الوجه فيه فانه لا مانع من صحة المصالحة المذكورة كما ان مقتضي قاعدة نفوذ الشرط الضمني صحة الشرط و في صورة الامتناع يصل الأمر الي الولي العام أي الحاكم الشرعي.

(5) الأمر كما افاده فانه قد قرر في محله صحة شرط النتيجة، فما افاده لا اشكال فيه.

(6) الظاهر ان الوجه في البطلان هو التعليق و في ما افاده مجال واسع للإشكال و اللّه العالم.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 124

[مسألة 1: تعتد الحائل بعد الأجل بحيضتين]

(مسألة 1) تعتد الحائل بعد الاجل بحيضتين (1).

______________________________

(1) يدل علي المدعي ما رواه اسماعيل ابن الفضل الهاشمي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المتعة، فقال: الق عبد الملك ابن جريح فسله عنها فان عنده منها علما، فلقيته فاملي علي شيئا كثيرا في استحلالها و كان فيما روي لي فيها ابن جريح انه ليس فيها وقت و لا عدد انما هي بمنزلة الاماء يتزوج منهن كم شاء، و صاحب الأربع نسوة يتزوج منهن ما شاء بغير ولي و لا شهود، فاذا انقضي الأجل بانت منه بغير طلاق، و يعطيها الشي ء اليسير، و عدتها حيضتان و ان كانت لا تحيض فخمسة و اربعون يوما، قال: فأتيت بالكتاب أبا عبد اللّه عليه السلام فقال: صدق و اقر به قال ابن اذينة: و كان زرارة يقول هذا و يحلف انه

الحق الا انه كان يقول: ان كانت تحيض فحيضة، و ان كانت لا تحيض فشهر و نصف «1».

و يؤيده ما رواه أبو بصير، عن أبي جعفر عليه السلام في المتعة قال: نزلت هذه الاية «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ فِيمٰا تَرٰاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ» قال: لا بأس بأن تزيدها و تزيدك اذا انقطع الأجل بينكما، فتقول: استحللتك بأمر آخر برضا منها، و لا يحل لغيرك حتي تنقضي عدتها و عدتها حيضتان «2».

و يؤيده الخبر الاخر لأبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول قال علي عليه السلام لو لا ما سبقني ابن الخطاب ما زنا إلا شقي الي أن قال: و عدتها حيضتان «3».

و ربما يقال: يدل علي المدعي ما رواه زرارة، قال: سألت أبا جعفر عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب المتعة الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 23 من ابواب المتعة الحديث: 6

(3) مستدرك الوسائل الباب 18 من ابواب المتعة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 125

______________________________

السلام ما عدة المتعة اذا مات عنها الذي تمتع بها؟ قال: اربعة اشهر و عشرا، قال ثم قال: يا زرارة كل النكاح اذا مات الزوج فعلي المرأة حرة كانت او امة و علي أي وجه كان النكاح منه متعة او تزويجا أو ملك يمين فالعدة اربعة اشهر و عشرا، و عدة المطلقة ثلاثة اشهر و الامة المطلقة عليها نصف ما علي الحرة، و كذلك المتعة عليها مثل ما علي الامة «1» بتقريب ان عدة الامة حيضتان فيتم المدعي اذ قوله عليه السلام في ذيل الحديث في التشبيه من حيث العدد أي عدد الشهور لا بلحاظ الحيض.

و لكن في المقام نصوص تعارض

مع دليل هذا القول، منها ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: ان كانت تحيض فحيضة و ان كانت لا تحيض فشهر و نصف «2» و جملة عدة المتعة محذوفة علي نسخة الكافي و لكن موجودة في نسخة التهذيب و البناء عند الدوران علي الأخذ بالزيادة علي ما هو المعروف عند القوم.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن عمر و عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث في المتعة قال: قلت: فكم عدتها؟ فقال: خمسة و اربعون يوما او حيضة مستقيمة 3

و منها: ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر، عن الرضا عليه السلام قال:

سمعته يقول: قال أبو جعفر عليه السلام: عدة المتعة حيضة، و قال: خمسة و اربعون يوما لبعض اصحابه 4.

و منها: ما رواه الطبرسي في (الاحتجاج) عن محمد بن عبد اللّه ابن جعفر

______________________________

(1) الوسائل الباب 52 من ابواب العدد الحديث: 2

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 22 من ابواب المتعة الحديث: 1 و 4

(3) (4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 126

______________________________

الحميري، عن صاحب الزمان عليه السلام انه كتب اليه في رجل تزوج امرأة بشي ء معلوم الي وقت معلوم، و بقي له عليها وقت، فجعلها في حل مما بقي له عليها، و قد كانت طمثت قبل أن يجعلها في حل من ايامها بثلاثة أيام، أ يجوز أن يتزوجها رجل آخر بشي ء معلوم الي وقت معلوم عند طهرها من هذه الحيضة، او يستقبل بها حيضة اخري؟ فأجاب عليه السلام يستقبل بها حيضة غير تلك الحيضة، لأن أقلّ العدة حيضة و طهرة تامة «1».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه

عليه السلام عن المرأة يتزوجها الرجل متعة ثم يتوفي عنها هل عليها العدة؟ فقال: تعتد اربعة اشهر و عشرا و اذا انقضت ايامها و هو حي فحيضة و نصف مثل ما يجب علي الامة الحديث 2 و هذه النصوص معارضة فلا بد من اعمال قانون المعارضة و حيث ان المرجح الثالث في باب الترجيح الأحدثية يكون الترجيح مع ما يدل علي ان عدتها حيضة، لاحظ حديث ابن أبي نصر 3.

ان قلت: ان الحديث منقول عن الباقر عليه السلام فلا يكون أحدث قلت:

الناقل عنه الامام الثامن روحي فداه، فيصح أن يقال ان دليل الحيضة متأخر.

لكن الانصاف: ان الأمر ليس كذلك و لا يصدق التأخير اذ المنقول عن الرضا عليه السلام هكذا قال أبو جعفر عليه السلام و مقتضي كلام الرضا عليه السلام ان أبا جعفر عليه السلام قال هكذا فلا يمكن الترجيح.

لكن الظاهر ان الامام عليه السلام في مقام بيان الحكم الشرعي لا في مقام نقل واقعة عن جده عليه السلام فيكون الترجيح به علي القاعدة.

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 7 و 5

(2) (3) لاحظ ص: 125

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 127

كاملتين (1) و لا يكفي فيهما المسمي أو في احداهما (2) فان كانت في سن من تحيض و لا تحيض فبخمسة و اربعين يوما (3) و في الموت باربعة اشهر و عشرة ايام ان كانت حرة (4) و ان كانت امة اعتدت بشهرين

______________________________

و يمكن أن يقال: انه علي فرض التعارض و التساقط ان وجوب العدة بالحيضة الواحدة قطعي و الزائد عليه مشكوك فيه فان تم اجماع تعبدي علي الزائد فهو و الا فمقتضي القاعدة الاقتصار علي الحيضة الواحدة، و اللّه العالم.

(1) كما هو

الظاهر من حديث الهاشمي فان عنوان حيضتين لا يصدق الا بالكاملتين.

(2) لعدم الدليل علي الكفاية.

(3) كما صرح في حديث الهاشمي و غيره.

(4) لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «1» الي غيره من النصوص مضافا الي العموم الكتابي «وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْوٰاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً فَإِذٰا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ فِيمٰا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَ اللّٰهُ بِمٰا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» «2».

و في قبال النصوص الدالة علي القول المشهور روايتان الأولي: ما رواه علي بن يقطين، عن أبي الحسن عليه السلام قال: عدة المرأة اذا تمتع بها فمات عنها خمسة و اربعون يوما «3».

الثانية: ما رواه الحلبي، عن ابيه، عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن رجل تزوج امرأة متعة ثم مات عنها ما عدتها؟ قال: خمسة و ستون يوما 4

______________________________

(1) لاحظ: 126

(2) البقرة/ 234

(3) (3 و 4) الوسائل الباب 52 من ابواب العدد الحديث: 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 128

و خمسة ايام (1).

______________________________

يستفاد من إحداهما ان عدتها خمسة و اربعون يوما و من الاخري انها خمسة و ستون يوما و كلتا الروايتين ضعيفتان سندا فلا يعتد بهما.

و ربما يقال: ان المستفاد من حديث زرارة «1» ان المتعة بمنزلة الامة و حيث ان عدة الامة في الوفاة خمسة و ستون يوما فعدة المتعة في الوفاة كذلك، و فيه ان المستفاد من الحديث ان التنزيل بلحاظ عدة الطلاق اذ قد صرح بالتسوية بين الجميع في عدة الوفاة.

و بعبارة اخري: قد فصل بين عدة الوفاة و عدة الطلاق و قد جعلت عدة الوفاة اربعة اشهر و عشرا فلا يرتبط ذيل الحديث بعدة الوفاة مضافا الي أنه

علي فرض تحقق الاطلاق ترفع اليد عنه بما دل علي كون عدة الوفاة اربعة اشهر و عشرا.

(1) لجملة من النصوص، منها: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن طلاق الامة فقال: تطليقتان و قال: قال ابو عبد اللّه عليه السلام عدة الامة التي يتوفي عنها زوجها شهران و خمسة ايام، و عدة الامة المطلقة شهر و نصف «2».

و منها: ما رواه سماعة بن مهران، قال: سألته عن الامة يتوفي عنها زوجها فقال: عدتها شهران و خمسة ايام، و قال: عدة الامة التي لا تحيض خمسة و اربعون يوما «3».

و منها: ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: عدة الامة اذا توفي عنها زوجها فعدتها شهران و خمسة أيام، و عدة المطلقة التي لا تحيض شهر و نصف 4.

______________________________

(1) لاحظ ص: 124

(2) الوسائل الباب 42 من ابواب العدد الحديث: 6

(3) (3 و 4) نفس المصدر الحديث: 7 و 8

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 129

______________________________

و منها ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الامة اذا توفي عنها زوجها فعدتها شهران و خمسة ايام «1».

و منها: ما رواه محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول طلاق العبد للامة تطليقتان، و اجلها حيضتان ان كانت تحيض و ان كانت لا تحيض فاجلها شهر و نصف و ان مات عنها زوجها فاجلها نصف اجل الحرة شهران و خمسة ايام 2.

و في قبال هذه النصوص روايات تدل علي ان عدتها عن الوفاة كعدة الحرة منها ما رواه زرارة 3.

و منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الامة

اذا طلقت ما عدتها؟ قال: حيضتان أو شهران حتي تحيض، قلت: فان توفي عنها زوجها؟ فقال: ان عليا عليه السلام قال في امهات الاولاد: لا يتزوجن حتي يعتدون اربعة اشهر و عشرا و هن اماء 4.

و منها: ما رواه زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان الامة و الحرة كلتيهما اذا مات عنها زوجها سواء في العدة الا ان الحرة تحدو الامة لا تحد 5.

و منها: ما رواه وهب بن عبد ربه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل كانت له أم ولد فزوجها من رجل فأولدها غلاما ثم ان الرجل مات فرجعت الي سيدها أله أن يطأها؟ قال: تعتد من الزوج اربعة اشهر و عشرة أيام ثم يطأها بالملك بغير نكاح 6.

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الامة

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 9 و 10

(2) (3) لاحظ ص: 124

(3) (4 و 5 و 6) الوسائل الباب 42 من ابواب العدد الحديث: 1 و 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 130

و تعتد الحامل بابعد الاجلين من المدة و وضع الحمل ان كان الاعتداد للوفاة (1).

______________________________

يموت سيدها، قال: تعتد عدة المتوفي عنها زوجها الحديث «1».

و منها: ما رواه سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: عدة المملوكة المتوفي عنها زوجها اربعة اشهر و عشرا 2.

و عن الشيخ (قده) حمل الطائفة الثانية علي امهات الاولاد، و فيه: انه لا دليل علي هذا المدعي و لا تنافي بين الاثباتين كما انه لا وجه للحمل علي الاستحباب في غير ذات الولد و الالتزام بالتسوية في ذات الولد.

و ربما يقال: ان الطائفة

الاولي تقيد بما يدل علي التسوية في ذات الولد و بعد التقييد تكون نسبتها الي الطائفة الثانية المطلقة نسبة المقيد الي المطلق فتقيد الطائفة الثانية بها بمقتضي انقلاب النسبة، و لكن هذا التقريب يتوقف علي القول بالانقلاب الذي لا نقول به.

فالذي يختلج بالبال: أن يقال ان الروايات متعارضة فلا بد من الترجيح و حيث ان الطائفة الثانية موافقة لعموم الكتاب 3 يؤخذ بها و يكون اوفق بالاحتياط أيضا اضف الي ذلك ان ما رواه اسحاق بن عمار احدث فيرجح علي معارضه بالأحدثية و اللّه العالم.

(1) اجماعا كما في بعض الكلمات، و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في الحامل المتوفي

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 4 و 5

(2) (3) لاحظ ص: 127

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 131

بل لغيرها أيضا علي الاحوط (1).

______________________________

عنها زوجها: تنقضي عدتها آخر الأجلين «1».

و منها: ما رواه سماعة، قال: قال: المتوفي عنها زوجها الحامل اجلها آخر الأجلين ان كانت حبلي فتمت لها اربعة اشهر و عشر و لم تضع فان عدتها الي أن تضع و ان كانت تضع حملها قبل أن يتم لها اربعة اشهر و عشر تعتد بعد ما تضع تمام اربعة اشهر و عشر و ذلك ابعد الأجلين 2.

و منها: ما رواه محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضي امير المؤمنين عليه السلام في امرأة توفي زوجها و هي حبلي فولدت قبل أن تنقضي اربعة اشهر و عشر فتزوجت فقضي أن يخلي عنها ثم لا يخطبها حتي ينقضي آخر الأجلين فان شاء اولياء المرأة انكحوها و ان شاءوا أمسكوها، فان امسكوها ردوا عليه

ماله 3.

(1) قال السيد اليزدي (قده) في كتاب العدد من الملحقات في المسألة الرابعة «اذا كانت حبلي فعدتها وضع الحمل حرة كانت أو امة» 4، فالظاهر ان الأمر متسالم عليه بينهم.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بالنصوص الواردة فيمن توفي عنها زوجها منها: ما رواه الحلبي 5 و منها: ما رواه سماعة 6 و منها ما رواه محمد بن قيس 7 فان المستفاد من هذه النصوص ان عدة الحامل ابعد الأجلين هذا من ناحية و من ناحية اخري المستفاد من قوله تعالي «وَ اللّٰائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسٰائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلٰاثَةُ أَشْهُرٍ وَ اللّٰائِي لَمْ يَحِضْنَ وَ أُولٰاتُ الْأَحْمٰالِ أَجَلُهُنَّ

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 31 من ابواب العدد الحديث: 1 و 2 و 3

(2) (4) ملحقات العروة ج 1 ص 88 الفصل الثالث في عدة المتعة

(3) (5 و 6 و 7) لاحظ ص: 130 و اول هذه الصفحة

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 132

[مسألة 2: لا يصح للزوج تجديد العقد عليها دائما أو منقطعا قبل انقضاء الأجل]

(مسألة 2): لا يصح للزوج تجديد العقد عليها دائما او منقطعا قبل انقضاء الاجل (1).

______________________________

أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَ مَنْ يَتَّقِ اللّٰهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً» «1» ان عدة المطلقة وضع حملها اذا كانت حاملا و بعيد أن تكون عدة المتعة اكثر من عدة الطلاق فالنتيجة ان عدتها وضع حملها، و الاحتياط طريق النجاة.

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الأول: انه لو التزمنا بالصحة يلزم احد المحذورين احدهما تحصيل الحاصل اذا قلنا بتأثير العقد من حينه، ثانيهما تأخر الأثر عن المؤثر لو قلنا بالانفصال.

و فيه: ان هذا المحذور انما يتوجه اذا قصد الأجل من حين العقد و أما اذا قصد من حين الانقضاء فلا يترتب، الا أن يقال

بعدم جواز الانفصال و نتعرض له عند تعرض الماتن، مضافا الي أن الكلام في الأمر الاعتباري فلا مجال للإشكال العقلي.

و بعبارة اخري: يمكن الالتزام بقصد الأجل من حين العقد و لا يلزم تحصيل الحاصل غايته كون القصد لغوا بالنسبة الي المدة الباقية من الاجل الاول.

الثاني: ما رواه ابان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يتزوج المرأة متعة فيتزوجها علي شهر ثم انها تقع في قلبه فيحسب أن يكون شرطه اكثر من شهر فهل يجوز أن يزيدها في أجرها و يزداد في الأيام قبل أن تنقضي ايامه التي شرط عليها؟ فقال: لا يجوز شرطان في شرط، قلت: كيف يصنع؟ قال:

يتصدق عليها بما بقي من الايام ثم يستأنف شرطا جديدا «2» و هذه الرواية ضعيفة سندا.

______________________________

(1) الطلاق/ 4

(2) الوسائل الباب 24 من ابواب المتعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 133

[مسألة 3: إذا اختلف الزوجان في الدوام و الانقطاع]

(مسألة 3): اذا اختلف الزوجان في الدوام و الانقطاع ففي تقديم قول مدعي الدوام بيمينه ان لم تكن بينة علي الانقطاع اشكال (1).

______________________________

الثالث: ما رواه أبو بصير، قال: لا بأس أن تزيدك و تزيدها اذا انقطع الأجل فيما بينكما، تقول لها: استحللتك بأجل آخر برضا منها و لا يحل ذلك لغيرك حتي تنقضي عدتها «1» فان مقتضي مفهوم الشرط عدم جواز العقد عليها قبل انقضاء الأجل و زواله بسبب من الأسباب، و مقتضي اطلاق الرواية عدم الفرق بين جعل الاجل الثاني من حين العقد و بين جعله من حين انقضاء الاجل، نعم الظاهر منها النظر الي الانقطاع و لا تشمل العقد الدائم.

و يؤيد المدعي: ما رواه عبد السلام، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله تعالي: «وَ لٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ فِيمٰا

تَرٰاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ» قلت: ان أراد أن يزيدها و يزداد قبل انقضاء الاجل الذي اجل، قال: لا بأس بأن يكون ذلك برضا منه و منها بالاجل و الوقت و قال: يزيدها بعد ما يمضي الاجل 2.

و أما حديث ابن جعفر قال: سألته عن رجل تحته امرأة متعة أراد ان يقيم عليها و يمهرها متي يفعل بها ذلك؟ قبل أن ينقضي الاجل أو من بعده؟ قال: ان هو زادها قبل أن ينقضي الاجل لم يرد بينة و ان كانت الزيادة بعد انقضاء الاجل فلا بد من بينة 3 فهو ضعيف سندا.

(1) و الوجه في الاشكال: ان الاهمال في الواقع غير معقول فالمعتبر للزوجية اما يلاحظ الاطلاق و يعتبر الزوجية المطلقة و اما يعتبر التقييد و يعتبر الزوجية الموقتة المؤجلة، فيدور الامر بين الضدين و كل من الطرفين مخالف الاصل، فلا مجال لأن يقال يكفي لإثبات الدوام عدم التأجيل فان عدم التأجيل لا يثبت الدوام

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 23 من ابواب المتعة الحديث: 2 و 8

(2) (3) الوسائل الباب 31 من ابواب المتعة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 134

______________________________

الا علي القول بالمثبت، مضافا الي اصالة عدم قصد الدوام هذا بالنسبة الي جريان الاصل بلحاظ الدوام و الانقطاع و قصدهما.

و ربما يقال: ان مقتضي الاستصحاب بقاء الزوجية فيه يثبت الدوام و فيه: ان الشك في البقاء ناش من قصده الدوام و عدمه و مقتضي الاصل عدم قصد الدوام، فهذا التقريب لإثبات الدوام فاسد أيضا و في المقام وجه ثالث لإثبات الدوام و هو اصالة عدم ذكر الاجل في مقام الاثبات و بعد ثبوت عدم ذكر الاجل بالاصل يثبت الدوام حيث ان العقد بلا

ذكر الاجل كاشف عن الدوام.

و فيه: ان الدوام ليس من آثار عدم ذكر الاجل شرعا كي يتم هذا البيان بل من آثار ظهور اللفظ فيه و اثبات الظهور بالاصل لا يمكن لعدم اعتبار المثبت، هذا كله بحسب القاعدة الأولية و أما بحسب النص الخاص فربما يقال ان المستفاد من حديث عبد اللّه بن بكير «1» انه ان لم يسم الاجل فهو نكاح دائم فاذا شك في الدوام و الانقطاع يجري استصحاب عدم ذكر الاجل و يترتب عليه انه عقد دائم.

و يمكن أن يقال: ان المراد من الحديث بيان الفارق بين الدوام و الانقطاع بأنه مع الاجل يكون انقطاعا و مع عدم جعل الاجل يكون دواما.

و بعبارة اخري: في مقام بيان ان النكاح الدائم هو الذي يقصد فيه الدوام و أما الانقطاع فهو الذي يقصد فيه التوقيت و ليس الحديث ناظرا الي بيان حكم العقد المذكور فيه الاجل في مقام الاثبات كي يتم تقريب الاستصحاب و الا يلزم انه لو قصد العقد الدائم و لكن ذكر الاجل في العقد يصير العقد عقدا دائما، و هل يمكن الالتزام به و لكن مع ذلك في النفس شي ء.

______________________________

(1) لاحظ ص: 104

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 135

[مسألة 4: لا يجوز جعل المدة منفصلة عن العقد فيتزوجها شهرا بعد شهر العقد]

(مسألة 4): لا يجوز جعل المدة منفصلة عن العقد فيتزوجها شهرا بعد شهر العقد و قيل يجوز و هو ضعيف (1).

______________________________

(1) ما يمكن أن يذكر في مستند الحكم وجوه: الوجه الاول: ان دليل امضاء العقود أي قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» «1» منصرف عنه فلا دليل علي الصحة و فيه: اولا: ان دليل وجوب الوفاء بالعقد لا يكون دليلا علي الصحة بل دليل علي اللزوم.

و صفوة القول فيه: ان دليل وجوب الوفاء اما ناظر

الي كل عقد صحيحا كان أم باطلا او يختص بالعقود الفاسدة او يختص بالعقود الصحيحة لعدم امكان الاهمال في الواقع، لا سبيل الي الاول كما لا مجال للثاني، فينحصر الأمر في الثالث فلا يكون دليلا علي الصحة و ثانيا: لا وجه للانصراف الا قلة الوجود و قلة الوجود لا توجب الانصراف عن الفرد النادر.

الوجه الثاني: انه قد مر عدم جواز تجديد العقد قبل انقضاء الاجل الاول فبالاولوية يستفاد من ذلك الدليل عدم الفصل و فيه: انه لا مجال لدعوي الاولولية اذ لا ربط بين المقامين و لا جامع بين الموردين.

الوجه الثالث: ان الظاهر من ادلة جواز المتعة الدالة علي جواز الاستمتاع الي اجل مسمي، اتصال اول زمان الاجل بالعقد لاحظ ما رواه ابن ابي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: انما نزلت فما استمتعتم به منهن الي اجل مسمي فآتوهن اجورهن فريضة «2».

و أيضا قرأ ابن عباس «فما استمعتم به منهن الي اجل مسمي فآتوهن اجورهن فريضة» 3.

______________________________

(1) المائدة/ 1

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 1 من ابواب المتعة الحديث: 3 و 13

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 136

______________________________

و مرسل القمي قال: و قال الصادق عليه السلام: «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ الي اجل مسمي فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» فهذه الاية دليل علي المتعة «1».

و فيه: ان هذه النصوص لا مفهوم لها كي يقال انها بمفهومها تدل علي عدم جواز الانفصال: مضافا الي أنها ضعيفة سندا فلا اعتبار بها.

الوجه الرابع: انه يلزم تخلف الانشاء عن المنشأ و هو غير معقول.

و فيه: ان الوقوع دليل علي الامكان، مضافا الي انه قد حقق في محله امكان الوجوب المشروط و الوصية و امثالها من هذا القبيل و حل الاشكال ان

الانشاء لا ينفك عن المنشأ بل المنشأ فعلي غاية الامر المنشأ امر استقبالي.

و بعبارة واضحة: الانشاء عبارة عن الابراز فان المتكلم تارة يبرز الامر الحالي و اخري يبرز الامر الاستقبالي و علي كلا التقديرين الابراز و المبرز فعليان و انما الاختلاف في كيفية المبرز.

اضف الي جميع ذلك انه يمكن تصويره علي نحو الوجوب المعلق لا علي نحو المشروط فانه لا اشكال في الوجوب المعلق.

الوجه الخامس: ان قوله «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» ظاهر في انه حكم مطلق و بعبارة اخري: يدل علي اتصال الاثر بالعقد ففي مورد الانفصال ان قلنا باتصال الاثر و تحقق الحكم يلزم تخلف المنشأ عن الانشاء.

و بعبارة ثالثة: يلزم ان ما وقع لم يقصد و ما قصد لم يقع و ان لم نقل باتصال الاثر لا دليل علي صحة العقد.

و فيه: اولا عدم انحصار دليل الصحة في قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» و ثانيا قد مر عدم كونه دليلا علي الصحة و ثالثا: ان دليل الوفاء تابع لكيفية العقد فان

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 19

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 137

______________________________

العقد باية كيفية يقع في الخارج يشمله دليل وجوب الوفاء بتلك الكيفية.

الوجه السادس: انه يلزم التعليق و هو باطل اجماعا و فيه: انه لا اشكال في جواز اجارة العين في المدة المنفصلة عن العقد بلا اشكال و المقامان من واد واحد مضافا الي أن التعليق لا يكون باطلا عقلا كي يقال بعدم جواز تخصيصه بمورد بل باطل بالإجماع و المعلق عليه اذا كان معلوم الحصول لا يكون موردا للإجماع اضف الي ذلك انه لو انشأ علي نحو الواجب المعلق لا يجري فيه اشكال التعليق فتأمل.

الوجه السابع انه لو كان جائزا يلزم جواز تزويج الغير بها في الزمان

الفاصل بين العقد و الزوجية و فيه: انه لو لم يصدق عليها عنوان ذات البعل و لم يقم اجماع علي عدم الجواز نلتزم بالجواز، فتحصل مما تقدم ان مقتضي القاعدة الاولية هو الجواز.

و يمكن أن يقال: ان الظاهر من جملة من النصوص الواردة في بيان إنشاء عقد الانقطاع اشتراط كون ابتداء المدة متصلا بالعقد و العرف ببابك منها ما رواه ابان بن تغلب «1» و منها ما رواه ثعلبة 2 و منها ما رواه هشام بن سالم 3 و منها ما رواه ابو بصير 4 و منها ما رواه المكفوف عن الاحول 5 فان الظاهر من قوله عليه السلام في الحديث الاول من الباب اتزوجك متعة علي كتاب اللّه و سنة نبيه لا وارثة و لا موروثة كذا و كذا يوما و ان شئت كذا سنة فاذا

______________________________

(1) (1 و 2) لاحظ ص: 100

(2) (3) لاحظ ص: 100

(3) (4) لاحظ: 121

(4) (5) لاحظ ص: 121

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 138

[الفصل الخامس: في نكاح الإماء]

اشارة

الفصل الخامس في نكاح الاماء لا يجوز للعبد و الامة ان يعقدا لأنفسهما بغير اذن المولي فان فعل احدهما وقف علي الاجازة و لو اذن المولي فعلي مولي العبد المهر و النفقة و يستقر المهر بالدخول و لو تزوج عبد بأمة لغير مولاه فالمعروف انه ان كان باذن السيدين سابقا او لاحقا فالولد لهما و كذا لو لم يأذنا و لو اذن احدهما فقط فالولد للاخر مع جهل الزوجين بالحرمة في الصورتين و لكن الخروج في الصور الثلاث عن قاعدة تبعية الولد للأم في الملك لا يخلو من تأمل، و لو كان احد الزوجين حرا فالولد مثله، و لو أشترط المولي رقيته فالاقوي الغاء شرطه، و

لو تزوج الحر الامة من دون اذن المولي عالما فهو زان و الولد رق للمولي، و لو كان جاهلا سقط الحد دون المهر و عليه قيمته

______________________________

قالت نعم فقد رضيت و هي امرأتك ان اول المدة زمان تحقق العقد و لذا قال عليه السلام و هي امرأتك فمن حين العقد امرئته فلا يجوز الانفصال، و هذه الروايات في مقام بيان الحد و الحدود فلا مجال لأن يقال لا مفهوم لها فيؤخذ بما فيه الاطلاق

مضافا الي انه لو لا هذه النصوص فأي دليل مطلق يمكن الأخذ باطلاقه و يضاف الي ذلك كله ان المقام مورد الاحتياط التام فلا بد من رعايته و يضاف الي ذلك كله ان الانفصال خلاف السيرة الخارجية.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 139

لمولاها يوم سقوطه حيا و لو ادعت الحرية فكذلك و علي الاب فك اولاده و يلزم المولي دفعهم اليه و لو عجز سعي في القيمة و مع عدم الدخول لا مهر و لو تزوجت الحرة بعبد عالمه من دون اذن المولي فلا مهر لها و الولد رق و مع الجهل حر علي المشهور و لا قيمة عليها و علي العبد المهر يتبع به بعد العتق مع الدخول و لو زني الحر او المملوك بمملوكة فالولد لمولاها.

[مسألة 1: لو اشتري الزوج جزءا من زوجته بطل العقد و تحل بالتحليل من الشريك علي قول قوي]

(مسألة 1): لو اشتري الزوج جزءا من زوجته بطل العقد و تحل بالتحليل من الشريك علي قول قوي، و لو اشترت الزوجة زوجها او جزءا منه بطل عقد النكاح بينهما و لو اعتقت الامة المزوجة كان لها فسخ النكاح ان كان زوجها رقا و يجوز جعل العتق مهرا لمملوكته سواء قدم العتق أم قدم النكاح و الاولي تقديم النكاح.

و اذا قدم العتق فليعطها شيئا للمهر.

[مسألة 2: أم الولد رق و لا يجوز بيعها إلا في ثمن رقبتها]

(مسألة 2): أم الولد رق و لا يجوز بيعها الا في ثمن رقبتها اذا لم يكن غيرها علي تفصيل و تنعتق بموت المولي من نصيب الولد و لو عجز النصيب سعت و اذا بيعت الامة المزوجة كان للمشتري فسخ النكاح و كذا اذا بيع العبد المزوج و مع فسخ مشتري الامة قبل الدخول لا مهر و لو اجاز قبله أو بعده فالمهر للبائع.

[مسألة 3: إذا زوج المولي عبده بحرة أو أمة لغيره فالطلاق بيد العبد]

(مسألة 3): اذا زوج المولي عبده بحرة أو أمة لغيره فالطلاق بيد العبد و لو كانا لواحد كان للمولي الطلاق و الفسخ و يحرم لمن

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 140

زوج امته وطؤها و لمسها و النظر اليها بشهوة ما دامت في حبال الزوج و ليس لأحد الشريكين وطء الامة المشتركة بالملك و يجوز بالتحليل من شريكه كما سبق.

[مسألة 4: يجب علي مشتري الجارية استبراؤها بحيضة إذا لم يستبرئها البائع]

(مسألة 4): يجب علي مشتري الجارية استبراؤها بحيضة اذا لم يستبرئها البائع و لو لم يعلم بعدم كونها موطوءة بالوطء الصحيح علي تفصيل تقدم في البيع و لو اعتقها حل له وطؤها بالعقد من غير استبراء الا اذا علم كونها موطوءة بالوطء الصحيح فان الاحوط له الاستبراء حينئذ و لا بدان تعتد لغيره اذا اراد العقد عليها عدة الحرة.

[مسألة 5: لو حلل أمته لغيره حلت له]

(مسألة 5): لو حلل امته لغيره حلت له و لو كان مملوكه و لا يشترط فيه تعيين مدة و لا ذكر مهر و لا نفقة لها عليه، و لا سلطان له عليها و ليس هو عقد نكاح و لا تمليك انتفاع و لا تمليك منفعة بل هو اذن في الانتفاع داخل في ملك اليمين بأن يكون المراد منه ما يعم ذلك فتجري عليه احكامه الثابتة له بما هو عام و يختص التحليل بالاماء و لا يجوز للحرة ان تحلل نفسها و اذا أطلق المالك التحليل حل جميع الاستمتاعات و ان خصصه بمعين اختص الحل به و لا يحل ما سواه و مع حرية المحلل له ينعقد الولد حرا (1).

______________________________

(1) حيث ان احكام نكاح العبيد و الاماء لا تكون مورد الابتلاء في هذه العصور فالاشتغال بغيرها اولي و اللّه الموفق.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 141

[الفصل السادس في العيوب]

الفصل السادس في العيوب و هي اربعة في الرجل (الجنون) (1).

______________________________

(1) ادعي عليه عدم الخلاف فيه في الجملة بل ادعي الاجماع بقسميه عليه و يدل علي المدعي ما رواه علي بن أبي حمزة قال: سئل أبو ابراهيم عليه السلام عن امرأة يكون لها زوج قد اصيب في عقله بعد ما تزوجها أو عرض له جنون، قال: لها ان تنزع نفسها منه ان شاءت «1».

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

انما يرد النكاح من البرص و الجذام و الجنون و العقل «2».

لكن الحديث الاول مخدوش بعلي بن أبي حمزة و الحديث الثاني انما يتم الاستدلال به علي فرض كون علي بن اسماعيل ثقة و الا يشكل الاستدلال به، و لكن المستفاد من كلام الاصحاب

ان اصل الحكم متفق عليه بينهم فان المستفاد من كلام صاحب الجواهر في هذا المقام ان الجنون في الزوج موجب للفسخ اتفاقا.

و قال في الحدائق: «3» نقلا عن المسالك قال في المسالك لا خلاف في كون الجنون من عيوب الرجل المجوزة لفسخ المرأة النكاح في الجملة الي آخر كلامه رفع في علو مقامه، فيمكن اتمام المدعي بالاتفاق و التسالم.

و يمكن الاستدلال علي المدعي أيضا بما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في الرجل يتزوج الي قوم فاذا امرأته عوراء و لم يبينوا له، قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 10

(3) ج- 24 ص: 335

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 142

و (العنة) (1) و ان تجدد ابعد العقد (2).

______________________________

لا ترد، و قال: انما يرد النكاح من البرص و الجذام و الجنون و العفل الحديث «1» بتقريب ان المستفاد من الحديث ان النكاح يرد من هذه العيوب.

الا ان يقال: ان الظاهر ان الفعل معلوم و الضمير المستتر فيه يرجع الي الرجل المذكور قبله، و يؤيده قول الراوي قلت أ رأيت ان كان دخل بها الخ فان الظاهر ان الرجل مرجع الضمير في كلا الموردين، و يؤيده أيضا ذكر العفل المختص بالمرأة، فلاحظ.

(1) ادعي عليه عدم الخلاف، و عن الجواهر ان عليه الاجماع بقسميه و عن الحدائق: اجمع الاصحاب علي ان العنن من العيوب الموجبة لتسلط المرأة علي الفسخ، و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه أبو بصير يعني المرادي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة ابتلي زوجها فلا يقدر علي جماع أ تفارقه؟ قال:

نعم ان شاءت «2».

و منها: ما رواه عباد «غياث. يب يه صا» الضبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: في العنين اذا علم انه عنين لا يأتي النساء فرق بينهما و اذا وقع عليها وقعة واحدة لم يفرق بينهما، و الرجل لا يرد من عيب 3.

و منها: ما رواه عمار بن موسي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل اخذ عن امرأته فلا يقدر علي اتيانها، فقال: اذا لم يقدر علي اتيان غيرها من النساء فلا يمسكها الا برضاها بذلك، و ان كان يقدر علي غيرها فلا بأس بامساكها 4.

(2) ففي المقام فرعان احدهما الجنون المتجدد ثانيهما العنن كذلك. فنقول:

يمكن الاستدلال علي عموم الحكم بالنسبة الي الجنون باطلاق الحديثين اللذين

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 6

(2) (2 و 3 و 4) الوسائل الباب 14 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 1 و 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 143

______________________________

رواهما الحلبي «1» بل يدل عليه بالنصوصية ما رواه علي بن أبي حمزة، مضافا الي ان صاحب الجواهر (قده) قال في شرح كلام المحقق «بلا خلاف اجده فيه مع عدم عقل اوقات الصلاة بل يمكن تحصيل الاجماع عليه كما هو ظاهر غير واحد بل مطلقا وفاقا لجماعة» الي آخر كلامه.

و عن جملة من الاساطين ان الحكم مقيد بصورة عدم عقله اوقات الصلاة و الا فلا خيار، و استدل عليه بالاصل، و مرسل الصدوق (قده) قال: روي انه ان بلغ به الجنون مبلغا لا يعرف اوقات الصلاة فرق بينهما فان عرف اوقات الصلاة فلتصبر المرأة معه فقد بليت «2».

و بما عن فقه الرضا عليه السلام اذا تزوج رجل فاصابه

بعد ذلك جنون فيبلغ به مبلغا حتي لا يعرف اوقات الصلاة فرق بينهما و ان عرف اوقات الصلاة فلتصبر امرأة معه فقد ابتليت «3».

و فيه: انه لا مجال للأصل مع وجود الدليل علي الجواز، مضافا الي أنه ان كان المراد من الاصل استصحاب بقاء الزوجية، يرد عليه ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باصالة عدم الجعل الزائد نعم ان كان المراد من الاصل اصالة عدم جعل الخيار له اذ يشك في انه هل جعل الخيار من قبل الشارع و الاصل عدم جعله فالظاهر انه لا مانع منه، و أما المرسل و الرضوي فلا اعتبار بهما لضعف السند فيهما.

و أما العنن المتجدد ففي كلام بعض ان المعروف بين الاصحاب بل عن غير واحد دعوي الاجماع عليه و ان العنن الحادث بعد العقد كالموجود قبله موجب

______________________________

(1) لاحظ ص: 141

(2) الوسائل الباب 12 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 3

(3) مستدرك الوسائل الباب 11 من ابواب العيوب و التدليس

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 144

لكن العنة لو تجددت بعد العقد و الوطء- و لو مرة- لم توجب الخيار (1 (و الخصاء) اذا سبق علي العقد مع تدليس الزوج (2).

______________________________

لثبوت حق الفسخ الي آخر كلامه، و يدل علي المدعي اطلاق النصوص الواردة في المقام.

(1) علي الاظهر الاشهر كما في الجواهر و عن المبسوط و الخلاف نفي الخلاف فيه و يدل علي المدعي ما رواه عباد الضبي «1» و أيضا ما رواه السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: من اتي امرأة «امرأته خ ل» مرة واحدة ثم اخذ عنها فلا خيار لها «2» و لكن الحدثيين مخدوشان سندا اما الاول فلان الراوي عنه

عليه السلام مردد بين ابان و عباد و غياث، و أما الثاني فبالنوفلي، و اسناد الصدوق (قده) الي السكوني مخدوش فالحديث بجميع اسناده مخدوش سندا.

(2) و هو المشهور بين الاصحاب كما في بعض الكلمات، و تدل عليه جملة من النصوص، منها ما رواه بكير، و في نسخة ابن بكير، عن ابيه، عن احدهما عليهما السلام في خصي دلس نفسه لامرأة مسلمة فتزوجها فقال: يفرق بينهما ان شاءت المرأة، و يوجع رأسه، و ان رضيت به و اقامت معه لم يكن لها بعد رضاها به ان تأباه «3».

و منها: ما رواه سماعة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان خصيا دلس نفسه لامرأة قال: يفرق بينهما و تأخذ منه صداقها و يوجع ظهره كما دلس نفسه 4.

و منها: ما رواه ابن مسكان قال: بعثت بمسألة مع ابن اعين قلت: سله عن خصي

______________________________

(1) لاحظ ص: 142

(2) الوسائل الباب 14 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 4

(3) (3 و 4) الوسائل الباب 13 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 145

و جهل الزوجة به (1 (و الجب) الذي لا يقدر معه علي الوطء اصلا اذا سبق علي العقد او تجدد قبل الوطء (2) اما اذا كان بعد الوطء

______________________________

دلس نفسه لامرأة و دخل بها فوجدته خصيا، قال: يفرق بينهما و يوجع ظهره، و يكون لها المهر لدخوله عليها «1».

(1) ان كان التدليس ملازما لجهلها فالتقييد به مستدرك و ان لم يستلزم الجهل فلا وجه للتقييد لإطلاق النصوص و الحديث الثالث من الباب و ان كان مورده جهل المرأة و العلم به بعد العقد لكن لا تنافي بين الاثباتين و اللقب لا مفهوم له.

(2)

قال في الجواهر: «لا أجد فيه خلافا بل عن المبسوط و الخلاف نفيه عنه» الخ و ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجوه: الوجه الاول: اطلاق حديث أبي بصير «2» و حديث أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة ابتلي زوجها فلا يقدر علي الجماع أبدا أ تفارقه؟ قال: نعم ان شاءت «3» فان الموضوع فيهما عنوان عدم القدرة علي الجماع و عدم القدرة عليه تارة من باب عدم انتشار العضو و اخري من باب انهدام العضو.

و لكن الانصاف: ان الجزم بشمول الدليل للمقام مشكل فان الظاهر، المتبادر الي الذهن من جملة لا يقدر علي الجماع من يكون ذا عضو، لكن لا يقدر علي الجماع لعارض كالعنة و ليس المراد ان غير القادر يطلق علي من يكون من شأنه القدرة كي يجاب بأنه تكفي الشأنية في النوع بل في الجنس، بل المقصود ان الظاهر من الجملة هكذا، فلاحظ.

الوجه الثاني: فحوي ما دل علي ثبوت الخيار بالعنن فان المجبوب يشارك

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 142

(3) الوسائل الباب 14 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 146

و لو مرة فالاقوي انه لا يقتضي الخيار (1) و سبعة في المرأة (الجنون (2).

______________________________

العنين في عدم القدرة علي الجماع مع الزيادة كما هو ظاهر.

الوجه الثالث: فحوي ما دل علي الخيار في الخصاء فانه اقوي عيبا منه لكن يرد عليه ان الفسخ بالخصاء بلحاظ التدليس لا بلحاظ العيب.

(1) اذ لا دليل علي الخيار في هذه الصورة فانه قد تقدم انه لا خيار في العنن في هذه الصورة.

(2) مضافا الي الاتفاق المدعي في المقام يدل عليه ما رواه الحلبي «1»

و يدل عليه أيضا ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المرأة ترد من اربعة اشياء: من البرص و الجذام و الجنون و القرن و هو العفل ما لم يقع عليها فاذا وقع عليها فلا «2».

و مثله في الدلالة علي المدعي جملة من النصوص، منها ما رواه الحلبي «3» و منها: ما رواه رفاعة ابن موسي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ترد المرأة من العفل و البرص و الجذام و الجنون، و أما ما سوي ذلك فلا «4».

و منها: ما رواه زيد الشحام، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ترد البرصاء و المجنونة و المجذومة، قلت: العوراء؟ قال: لا 5.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و ترد المرأة من العفل و البرص و الجذام و الجنون فأما ما سوي ذلك فلا 6.

______________________________

(1) لاحظ ص: 141

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 141

(4) (4 و 5 و 6) الوسائل الباب 1 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 2 و 11 و 13

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 147

و الجذام (1) و (البرص) (2).

______________________________

(1) تدل عليه جملة من النصوص، منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «1» و منها: ما رواه الحلبي و رفاعة ابن موسي و زيد الشحام و عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه المتقدمة قبل اسطر، و منها ما رواه الحلبي (أيضا) «2».

و منها: ما رواه غياث عن جعفر، عن ابيه، عن علي عليه السلام في رجل تزوج امرأة فوجدها برصاء او جذماء،

قال: ان كان لم يدخل بها و لم يتبين له فان شاء طلق و ان شاء امسك، و لا صداق لها، و اذا دخل بها فهي امرأته «3».

(2) لجملة من النصوص، منها ما رواه غياث و قد مر (آنفا) و منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «4» و منها ما رواه زيد الشحام 5 و منها ما رواه رفاعة ابن موسي 6 و منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه (أيضا) 7 و منها ما رواه الحلبي 8 و منها ما رواه محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام ترد العمياء و البرصاء و الجذماء و العرجاء 9.

و منها: ما رواه داود بن سرحان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتزوج المرأة فيؤتي بها عمياء أو برصاء أو عرجاء، قال: ترد علي وليها الحديث 10

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ترد البرصاء و العمياء و العرجاء 11.

______________________________

(1) لاحظ ص: 146

(2) لاحظ: 142

(3) (3 و 9 و 10 و 11) الوسائل الباب 1 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 14 و 7 و 9 و 12

(4) (4 و 5 و 6 و 7 و 8) لاحظ ص: 146 و 142

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 148

و (القرن) (1) و هو العقل (2) و مثله الرتق (3) و (الافضاء) (4).

______________________________

(1) ادعي عليه الاتفاق، و تدل عليه جملة من النصوص، منها: ما رواه الحسن ابن صالح قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة فوجد بها قرنا، قال: هذه لا تحبل و ينقبض زوجها من مجامعتها ترد علي اهلها الحديث

«1» و منها: ما رواه الحلبي «2» و منها: ما رواه الحلبي (أيضا) «3» و منها:

ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «4» و منها: ما رواه رفاعة 5 و منها:

ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه (أيضا) 6.

(2) كما في حديث عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه 7.

(3) قال في مجمع البحرين: «الرتق بالتحريك هو أن يكون الفرج ملتحما ليس فيه للذكر مدخل» الخ، فان كان الرتق مرادفا للقرن و العفل كما هو ليس ببعيد فيدخل تحت ذلك العنوان و يشمله دليل جواز الفسخ و ان لم يكن كذلك فيمكن الاستدلال عليه بالتعليل المستفاد من حديث حسن ابن صالح المتقدم ذكره و من حديث آخر رواه أبو الصباح قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام و ذكر مثله الا انه قال: ترد علي اهلها صاغرة و لا مهر لها الحديث 8.

(4) قال في الجواهر: لا خلاف في كونه عيبا بل الاجماع بقسميه عليه، و يدل علي المدعي ما رواه أبو عبيدة، عن أبي جعفر عليه السلام قال في رجل تزوج امرأة من وليها فوجد بها عيبا بعد ما دخل بها، قال: فقال اذا دلست العفلاء

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 141

(3) لاحظ ص: 146

(4) (4 و 5) لاحظ ص: 146

(5) (6 و 7) لاحظ ص: 146

(6) (8) الوسائل الباب 1 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 149

و العمي (1) و الاقعاد (2).

______________________________

و البرصاء و المجنونة و المفضاة و من كان بها زمانة ظاهرة فانها ترد علي اهلها من غير طلاق، و يأخذ الزوج المهر من وليها الذي كان دلسها، فان

لم يكن وليها علم بشي ء من ذلك فلا شي ء عليه و ترد عليه اهلها، قال: و ان اصاب الزوج شيئا مما اخذت منه فهو له، و ان لم يصب شيئا فلا شي ء له قال: و تعتد منه عدة المطلقة ان كان دخل بها و ان لم يكن دخل بها فلا عدة عليها و لا مهر لها «1» و مقتضي هذه الرواية اختصاص حق الفسخ بصورة التدليس.

(1) ادعيت عليه الشهرة و يدل علي المدعي ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه قال في رجل تزوج امرأة برصاء او عمياء أو عرجاء، قال: ترد علي وليها و يرد علي زوجها مهرها الذي زوجها عليه، و ان كان بها مالا يراه الرجال جازت شهادة النساء عليها «2».

و يدل عليه أيضا: ما رواه داود بن سرحان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتزوج المرأة فيؤتي بها عمياء أو برصاء أو عرجاء، قال: ترد علي وليها و يكون لها المهر علي وليها الحديث «3».

(2) الظاهر انه لم يرد هذا العنوان في نصوص الباب و في الجواهر «4» «بل في جامع المقاصد الظاهر ان المراد بالاقعاد في المتن و القواعد و العرج البين واحد»، الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و قال في مجمع البحرين: «و المقعد بالبناء للمفعول هو الأعرج» و قد ورد

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 4 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 2 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 6

(4) ج- 30 ص: 336

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 150

و منه العرج البين (1) و يثبت الخيار للزوج فيما اذا كان

العيب سابقا علي العقد (2) و في ثبوته في المتجدد بعد العقد و قبل

______________________________

عنوان العرج في جملة من النصوص، منها ما رواه داود بن سرحان «1» و منها:

ما رواه الحلبي «2».

و قال في مجمع البحرين أيضا: و المقعد أيضا هو الزمن الذي لا يستطيع الحركة للمشي و منه عجوز مقعدة»، و قال في مادة زمن «يقال زمن الشخص زمنا و زمانة فهو زمن من باب تعب و هو مرض يدوم زمانا طويلا» و قد ذكر هذا العنوان في جملة من الروايات، منها ما رواه أبو عبيدة «3».

و منها: ما رواه داود بن سرحان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

و ان كان بها- يعني المرأة- زمانة لا تراها الرجال اجيزت شهادة النساء عليها «4» فالظاهر ان الاقعاد أي العرج عنوان مستقل في قبال الزمانة و لا يرتبط احدهما بالاخر.

(1) مقتضي اطلاق النصوص الواردة في العرج عدم الفرق بين البين و غير البين و نعم ما قال صاحب الجواهر (قده) في هذا المقام حيث افاد «فالأقوي كون العرج مطلقا عيبا، الا أن لا يكون بينا علي وجه لا يعد عيبا عرفا و هل هذا هو مراد من قيده بالبين لا وصوله الي حد الإقعاد، نعم قد يستفاد من فحواه و من الزمانة كون الإقعاد أيضا عيبا آخر، و اللّه العالم.

(2) بلا اشكال و لا كلام.

______________________________

(1) لاحظ ص: 147

(2) لاحظ ص: 149

(3) لاحظ ص: 148

(4) الوسائل الباب 4 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 151

الوطء اشكال و الاقرب الثبوت (1).

______________________________

(1) وقع الكلام بينهم في هذا المقام و المشهور شهرة عظيمة كما في بعض الكلمات اختصاص الخيار بالعيب السابق و القول

الاخر انه له الفسخ و ان كان العيب متأخرا عن العقد و قد ذكرت في الاستدلال علي القول المشهور وجوه:

الوجه الأول: ان اكثر نصوص الباب يختص بالعيب السابق، لاحظ ما رواه الحسن ابن صالح «1» و ما رواه ابو الصباح «2» و ما رواه الحلبي «3» و ما رواه داود بن سرحان «4».

و لاحظ ما رواه أبو عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: اذا دلست العفلاء و البرصاء و المجنونة و المفضاة و من كان بها زمانة ظاهرة فانها ترد علي اهلها من غير طلاق الحديث «5».

و لاحظ ما رواه ابو عبيدة «6» و ما رواه داود بن سرحان «7» و لاحظ ما رواه رفاعة بن موسي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام «الي أن قال:» و سألته عن البرصاء فقال: قضي أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة زوجها وليها و هي برصاء ان لها المهر بما استحل من فرجها، و ان المهر علي الذي زوجها، و انما صار عليه المهر لأنه دلسها، و لو ان رجلا تزوج امرأة و زوجه اياها رجل لا يعرف

______________________________

(1) لاحظ ص: 148

(2) لاحظ ص: 148

(3) لاحظ ص: 141

(4) لاحظ ص: 147

(5) الوسائل الباب 1 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 5

(6) لاحظ ص: 148

(7) لاحظ ص: 149

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 152

______________________________

دخيلة امرها لم يكن عليه شي ء و كان المهر يأخذه منها «1».

و لاحظ: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: في كتاب علي عليه السلام من زوج امرأة فيها عيب دلسه و لم يبين ذلك لزوجها فانه يكون لها الصداق بما استحل من فرجها و يكون الذي ساق الرجل اليها

علي الذي زوجها و لم يبين 2.

و لاحظ: ما رواه علي ابن جعفر، عن اخيه قال: سألته عن امرأة دلست نفسها لرجل و هي رتقاء، قال: يفرق بينهما و لا مهر لها 3.

و لاحظ: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: في الرجل اذا تزوج المرأة فوجد بها قرناء و هو العفل أو بياضا أو جذاما انه يردها ما لم يدخل بها 4.

و لاحظ: ما رواه الحسن ابن صالح قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة فوجد بها قرناء، قال: هذه لا تحبل و ينقبض زوجها من مجامعتها ترد علي اهلها، قلت: فان كان قد دخل بها، قال: ان كان علم قبل أن يجامعها ثم جامعها فقد رضي بها، و ان لم يعلم الا بعد ما جامعها فان شاء بعد امسكها، و ان شاء سرحها الي اهلها و لها ما اخذت منه بما استحل من فرجها 5 و لاحظ ما رواه الحلبي 6.

و أما النصوص المطلقة كحديث الحلبي- عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: انما يرد النكاح من البرص و الجذام و الجنون و العفل، قلت: أ رأيت

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 2 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 2 و 7 و 8

(2) (4) الوسائل الباب 3 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 2

(3) (5) نفس المصدر الحديث: 3

(4) (6) لاحظ ص: 149

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 153

______________________________

ان كان قد دخل بها كيف يصنع بمهرها؟ قال: المهر لها بما استحل من فرجها و يغرم وليها الذي انكحها مثل ما ساق اليها «1»، فهي ليست الا في مقام تعداد العيوب و لا تكون

ناظرة الي جهة اخري كي يؤخذ باطلاقها.

و يرد عليه: انه لا وجه لنفي اطلاقها من هذه الناحية اذ لا تنافي بين الأمرين، و يمكن تصور الاطلاق في حديث من جهات عديدة.

الوجه الثاني: الانصراف الي العيب الموجود قبل العقد و فيه انه لا منشأ للانصراف.

الوجه الثالث: ان المستفاد من النص و الفتوي انه لو فسخ العقد تستحق المرأة شيئا من المهر فلا بد أن يفرض العيب سابقا كي يكون الصداق متزلزلا من اول الأمر، و أما لو كان العيب حادثا فلا وجه لعدم استحقاقها تمام المهر و فيه: انه يمكن أن يكون المقام له خصوصية في نظر الشارع و الأحكام التعبدية منوطة بنظر الشارع الأقدس، و المتبع اطلاق الدليل.

الوجه الرابع: ان المستفاد من كثير من النصوص كون الموضوع هو العيب السابق علي العقد، مضافا الي أن الغالب في هذه العيوب طول المدة و تقادم العهد بالاضافة الي الشرط المذكور في خبر أبو عبيدة «2» فان المستفاد من مفهوم الشرطية انه لا خيار مع انتفاء الشرط و الشرط المذكور في الرواية العيب السابق مع التدليس فعلي تقدير تحقق الاطلاق في النصوص يقيد بمفهوم الشرط المذكور

و يرد عليه: اولا ان لازم هذا البيان اشتراط الخيار في العيوب المذكورة بتحقق التدليس و عدم الخيار في غيره و ثانيا: ان مقتضي الشرطية انتفاء الجزاء

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 148

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 154

و ان كان الاحتياط لا ينبغي تركه (1) و الخيار يثبت في الدائم و المنقطع (2) و الاظهر انه ليس علي الفور فلا يسقط بالتأخير (3) و ليس الفسخ بطلاق (4) و لا مهر مع فسخه قبل الدخول (5).

______________________________

المذكور

في القضية باجمعه أي الخيار و اخذ الزوج المهر، و بعبارة اخري المستفاد من مفهوم الشرط حكم خاص فلا وجه لتقييد الدليل الدال باطلاقه علي ثبوت الخيار بالعيب المتجدد بعد العقد.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(2) لإطلاق النصوص و عدم ما تقتضي التقييد و لا وجه لدعوي الانصراف، فلاحظ.

(3) لعدم دليل عليه و مقتضي الاطلاق عدمه، و ما ذكر وجها للفورية من الأصل و الاجماع مردود بأنه لا مجال للأصل مع اطلاق النص الدال علي الخيار و أما الاجماع فالمنقول منه غير حجة و أما المحصل منه فعلي تقدير حصوله لا يكون تعبديا كاشفا، فالحق ما افاده الماتن.

(4) كما هو ظاهر و يدل عليه حديث أبو عبيدة «1» بالنصوصية.

(5) لعدم المقتضي فان الفسخ يهدم العقد و يجعله كالعدم فلا مقتضي للمهر، و يرد علي هذا التقريب ان الفسخ من الحين فلا وجه لعدم المهر.

و بعبارة اخري: المهر يثبت بالعقد و تستحق الزوجة المهر به فلا وجه لسقوطه بالفسخ فلا بد من اقامة دليل آخر علي المدعي.

الا أن يقال: ان رجوع المهر الي ملك المشتري بالفسخ أمر قهري و طبيعي و لا تنافي بين كون الفسخ من الحين و رجوع المهر الي ملك الفاسخ كما ان الأمر

______________________________

(1) لاحظ ص: 148

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 155

و لها المسمي بعده (1) و يرجع به علي المدلس ان كان (2) و ان كانت هي المدلسة نفسها فلا مهر لها (3).

______________________________

كذلك في البيع و نحوه فانه لو فسخ البيع من قبل ذي الخيار يرجع العين الي البائع و الثمن الي المشتري مع ان الفسخ من الحين.

و ان شئت قلت: ان المهر في مقابل زوجية المرأة

فبارتفاعها و هدمها بالفسخ ينتهي امد الزوجية و ينتهي اجل تلك المهر و ادعي عدم الخلاف في المسألة، و عن الجواهر دعوي الاجماع بقسميه عليه، و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص، منها ما رواه غياث «1» و منها ما رواه أبو الصباح «2» و منها ما رواه أبو عبيدة 3 و منها ما رواه علي بن جعفر 4.

(1) لاحظ ما رواه أبو عبيدة 5 و تدل علي المدعي جملة اخري من النصوص، منها ما رواه رفاعة بن موسي 6 و منها ما رواه الحلبي 7 و منها ما رواه محمد بن مسلم 8 و منها ما رواه الحسن ابن صالح 9.

(2) لاحظ حديثي أبو عبيدة 10 و رفاعة بن موسي 11 و غيرهما مما يدل علي المدعي.

(3) لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل ولته امرأة أمرها أو ذات قرابة أو جار لها لا يعلم دخيلة أمرها فوجدها قد دلست عيبا هو بها، قال:

يؤخذ المهر منها و لا يكون علي الذي زوجها شي ء 12 مضافا الي عموم

______________________________

(1) لاحظ ص: 147

(2) (2 و 3 و 4 و 5) لاحظ ص: 148 و 149 و 152

(3) (6 و 7) لاحظ ص: 151 و 152

(4) (8 و 9) لاحظ ص: 152

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 10، ص: 155

(5) (10 و 11) لاحظ ص: 148 و 151

(6) (12) الوسائل الباب 2 من ابواب العيوب التدليس الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 156

كما لا مهر مع فسخها قبل الدخول (1) الا في العنة فيثبت نصفه (2).

______________________________

العلة المستفاد

من النصوص، فلاحظ.

(1) بلا خلاف و لا اشكال نصا و فتوي كما في الجواهر «1» و يمكن الاستدلال علي المدعي بالاولوية اذ لو لم تستحق المهر بفسخ الزوج فلا تستحق بالاولوية اذا كان الفسخ من قبلها فتأمل.

و يدل علي المدعي و لو في الجملة ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة حرة تزوجت مملوكا علي انه حر فعلمت بعد انه مملوك فقال: هي املك بنفسها ان شاءت قرت معه، و ان شاءت فلا، فان كان دخل بها فلها الصداق، و ان لم يكن دخل بها فليس لها شي ء، فان هو دخل بها بعد ما علمت انه مملوك و اقرت بذلك فهو املك بها «2».

(2) بلا خلاف معتد به- كما في الجواهر- و يدل علي المدعي ما رواه أبو حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: اذا تزوج الرجل المرأة الثيب التي تزوجت زوجا غيره فزعمت انه لم يقر بها منذ دخل بها فان القول في ذلك قول الرجل، و عليه أن يحلف باللّه لقد جامعها لأنها المدعية، قال: فان تزوجت و هي بكر فزعمت انه لم يصل اليها فان مثل هذا تعرف النساء فلينظر اليها من يوثق به منهن فاذا ذكرت انها عذراء فعلي الامام أن يؤجله سنة فان وصل اليها و الا فرق بينهما، و اعطيت نصف الصداق و لا عدة عليها «3».

و يدل علي المدعي أيضا ما عن فقه الرضا عليه السلام فان تزوجها عنين و هي لا تعلم ان فيه علة تبصر حتي يعالج نفسه لسنة فان صلح فهي امرأته علي النكاح

______________________________

(1) ج- 30 ص: 349

(2) الوسائل الباب 11 من ابواب العيوب و التدليس

الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 15 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 157

و القول قول منكر العيب مع اليمين (1) و لا بد في خصوص العنة من رفع الامر الي الحاكم الشرعي فيؤجل العنين بعد المرافعة سنة (2).

______________________________

الأول و ان لم يصلح فرق بينهما و لها نصف الصداق «1».

و أما حديث علي بن جعفر- عن اخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال:

سألته عن عنين دلس نفسه لامرأة ما حاله؟ قال: عليه المهر و يفرق بينهما اذا علم انه لا يأتي النساء «2»، الدال علي استحقاقها تمام المهر فلا اعتبار بسنده.

و يستفاد التفصيل: بين الدخول و عدمه بالنسبة الي الخصي من حديث علي بن جعفر، عن اخيه قال: سألته عن خصي دلس نفسه لامرأة ما عليه؟ فقال: يوجع ظهره و يفرق بينهما و عليه المهر كاملا ان دخل بها و ان لم يدخل بها فعليه نصف المهر «3».

و لعل الوجه في عدم تعرض الماتن التفصيل في الخصي اختلاف النسخة في الرواية فان في بعض النسخ الخنثي بدل الخصي و يحتمل كما في الوسائل كونها روايتين، و علي هذا الاحتمال لا بد من التفصيل في الخصاء لكن احتمال كونها روايتين ضعيف فيدور الأمر بين كون اللفظ الخصي أو الخنثي، فاذا تردد اللفظ فالقاعدة تقتضي الاحتياط من باب العلم الإجمالي، و في الحدائق اختار التفصيل بين الدخول و عدمه باستحقاق تمام المهر بالأول و نصفه بالثاني و اللّه العالم.

(1) كما هو مقتضي القاعدة بالاضافة الي حديث أبي حمزة «4».

(2) ادعي عليه الاجماع، و تدل علي المدعي جملة من النصوص، منها:

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 13 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 14

من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 13

(3) الوسائل الباب 13 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 5

(4) لاحظ ص: 156

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 158

فان وطأها او غيرها فلا فسخ (1) و الا فسخت ان شاءت (2) و لها نصف المهر مع الفسخ (3) و اذا امتنع من الحضور عند الحاكم جري عليه حكم التأجيل (4) و لو تزوجها علي انها حرة فبانت امة فله الفسخ و لا مهر الا مع الدخول فيرجع به علي المدلس فان لم يكن المدلس

______________________________

ما رواه أبو حمزة «1» و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: العنين يتربصن به سنة، ثم ان شاءت امرأته تزوجت و ان شاءت اقامت «2»

و منها: ما رواه أبو البختري عن جعفر، عن ابيه عليهما السلام ان عليا عليه السلام كان يقول: يؤخر العنين سنة من يوم ترافعه امرأته، فان خلص اليها و الا فرق بينهما، فان رضيت ان تقيم معه ثم طلبت الخيار بعد ذلك فقد سقط الخيار و لا خيار لها 3.

و منها: في كتاب (المقنع) قال: روي ان ينتظر به سنة فان اتاها و الا فارقته ان احبت 4.

و منها: ما رواه ابن علوان عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن علي عليهم السلام انه كان يقضي في العنين انه يؤجل سنة من يوم ترافعه المرأة 5.

(1) لعدم كونه عنينا فلا مقتضي للفسخ.

(2) كما صرح به في النصوص.

(3) كما تقدم.

(4) لإطلاق النص فان مقتضاه التأخير و لو مع عدم حضوره، فلاحظ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 156

(2) (2 و 3 و 4 و 5) الوسائل الباب 14 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 5 و 9 و 11 و

12

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 159

مولاها كان له عشر قيمتها ان كانت بكرا و الا فنصف العشر (1) و لو تزوجته علي انه حرّ فبان عبدا فلها الفسخ و لها المهر بعد الدخول لا قبله (2) و كذا اذا قال انا من بني فلان فتزوجته علي ذلك فبان انه من غيرهم (3).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه وليد بن صبيح «1».

(2) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «2».

(3) الظاهر من العطف ان الخيار للزوجة عند انكشاف الخلاف و ثبوت المهر بالدخول و عدمه بعدمه، اما اصل الخيار فيدل عليه ما رواه الحلبي في حديث قال:

و قال في رجل يتزوج المرأة فيقول لها: انا من بني فلان، فلا يكون كذلك فقال تفسخ النكاح، أو قال: ترد «3».

و أما التفصيل في المهر: فيمكن أن يقال انه مقتضي القاعدة اذ المفروض ان العقد صحيح و يتحقق المهر بالدخول بمقتضي جملة من النصوص:

منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله أبي و أنا حاضر عن رجل تزوج امرأة فادخلت عليه و لم يمسها و لم يصل اليها حتي طلقها، هل عليها عدة منه؟ فقال: انما العدة من الماء، قيل له: فان كان واقعها في الفرج و لم ينزل؟ فقال: اذا ادخله وجب الغسل و المهر و العدة «4».

و منها: ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل دخل بامرأة قال: اذا التقي الختانان وجب المهر و العدة 5.

______________________________

(1) الوسائل الباب 67 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 156

(3) الوسائل الباب 16 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 1

(4) (4 و 5) الوسائل الباب 54 من ابواب المهور

الحديث: 1 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 160

و لو تزوجها علي انها بكر فبانت ثيبا لم يكن له الفسخ (1).

______________________________

و منها: ما رواه حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا التقي الختانان وجب المهر و العدة و الغسل «1».

و منها: ما رواه داود بن سرحان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أولجه فقد وجب الغسل و الجلد و الرجم، و وجب المهر 2.

و منها: ما رواه يونس بن يعقوب، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: لا يوجب المهر الا الوقاع في الفرج 3.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام متي يجب المهر؟ قال: اذا دخل بها 4.

و منها: ما رواه حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل دخل بامرأة، قال: اذا التقي الختانان وجب المهر و العدة 5.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل و المرأة متي يجب عليهما الغسل؟ قال: اذا ادخله وجب الغسل و المهر و الرجم 6.

(1) لعدم الدليل علي الخيار، نعم لا يبعد أن يستفاد الخيار من حديث محمد بن القاسم بن الفضيل، عن أبي الحسن عليه السلام في الرجل يتزوج المرأة علي انها بكر فيجدها ثيبا، ا يجوز له ان يقيم عليها؟ قال: فقال: قد تفتق البكر من المركب و من النزوة 7 فانه يستفاد من هذه الرواية الخيار فيما تكون الثيبوبة مستندة الي الجماع، و لكنها مخدوشة سندا بالبرقي و الظاهر ان الماتن لا يستشكل

______________________________

(1) (1 و 2 و 3 و 4 و 5 و 6) الوسائل الباب 54

من ابواب المهور الحديث: 4 و 5 و 6 و 7 و 8 و 9

(2) (7) الوسائل الباب 10 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 161

نعم ينقص المهر بمقدار ما به التفاوت بين البكر و الثيب للنص الصحيح (1) و لا يثبت الارش في غير ذلك من العيوب (2).

[الفصل السابع في المهر]

اشارة

الفصل السابع في المهر و تملكه المرأة بالعقد (3).

______________________________

فيه، و عليه فلا نعلم الوجه في عدم استقرار رأيه علي الخيار و لعل الوجه في نظره الشريف الخدشة في دلالة الرواية علي المدعي، و اللّه العالم.

(1) لاحظ: ما رواه محمد بن جزك قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام اسأله عن رجل تزوج جارية بكرا فوجدها ثيبا، هل يجب لها الصداق وافيا أم ينتقص؟ قال: ينتقص «1».

(2) لعدم الدليل، فلاحظ.

(3) المشهور كما في كلام بعض الأصحاب ان المرأة تملك المهر بالعقد و عن الحلي (قده) نفي الخلاف عنه، و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه:

الوجه الأول: قوله تعالي «وَ آتُوا النِّسٰاءَ صَدُقٰاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً» «2» بتقريب ان المراد بالصدقات المهور و حيث انها اضيفت الي النساء فيفهم انها مملوكة لهن.

الوجه الثاني: انه امر في الاية الشريفة بدفعه إليهن و لو لم يكن المهر لهن لم يكن وجه لوجوب دفعه اليها.

الوجه الثالث: ان القاعدة تقتضي أن يكون العقد مملكا اما علي تقدير كون

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) النساء/ 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 162

______________________________

المهر بازاء حق الانتفاع من البضع فواضح و أما علي تقدير عدم كونه بازائه فكذلك اذ المفروض ان العقد هو المملك فلا وجه لتأخر المسبب عن سببه و تأخره عنه يحتاج الي

الدليل.

الوجه الرابع: ما رواه عبيد بن زرارة، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام رجل تزوج امرأة علي مائة شاة ثم ساق اليها الغنم، ثم طلقها قبل أن يدخل بها و قد ولدت الغنم قال: ان كانت الغنم، حملت عنده رجع بنصفها و نصف اولادها و ان لم يكن الحمل عنده رجع بنصفها و لم يرجع من الاولاد بشي ء «1»

بتقريب ان المهر لو لم يكن ملكا للمرأة بالعقد لم يكن وجه لكون النماء بتمامه لها.

الوجه الخامس: النصوص الدالة علي وجوب المهر بتمامه بالموت، منها ما رواه سليمان بن خالد قال: سألته عن المتوفي عنها زوجها و لم يدخل بها، فقال ان كان فرض لها مهرا فلها مهرها و عليها العدة و لها الميراث و عدتها اربعة اشهر و عشرا، و ان لم يكن (قد- خ) فرض لها مهرا فليس لها مهر و لها الميراث و عليها العدة «2».

و منها: ما رواه أبو الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا توفي الرجل عن امرأته و لم يدخل بها فلها المهر كله ان كان سمي لها مهرا و سهمها من الميراث، و ان لم يكن سمي لها مهرا لم يكن لها مهر و كان لها الميراث 3

و منها: ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في المتوفي عنها زوجها اذا لم يدخل بها: ان كان فرض لها مهرا فلها مهرها الذي فرض لها، و لها الميراث، و عدتها اربعة اشهر و عشرا كعدة التي دخل بها، و ان لم يكن فرض لها

______________________________

(1) الوسائل الباب 34 من ابواب المهور الحديث: 1

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 58 من ابواب المهور الحديث:

2 و 21

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 163

______________________________

مهرا فلا مهر لها و عليها العدة و لها الميراث «1».

و منها: ما رواه منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتزوج المرأة فيموت عنها قبل أن يدخل بها قال: لها صداقها كاملا و ترثه و تعتد اربعة اشهر و عشرا، كعدة المتوفي عنها زوجها 2.

و منها: ما رواه (أيضا) منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام رجل تزوج امرأة و سمي لها صداقا ثم مات عنها و لم يدخل بها، قال: لها المهر كاملا، و لها الميراث، قلت: فانهم رووا عنك ان لها نصف المهر، قال:

لا يحفظون عني انما ذلك للمطلقة 3.

فانه قد فرض الموت قبل الدخول و حكم عليه السلام بوجوب تمام المهر فيعلم منها ان المملك للمهر العقد لا الدخول، نعم ان هذه النصوص تعارضها في موردها نصوص اخري فلو عمل بالطائفة الأولي كما صرح به في الجواهر و قدمت علي الطائفة الثانية تكون دليلا علي المدعي كما هو ظاهر.

الوجه السادس: ما رواه علي بن جعفر، عن اخيه موسي بن جعفر، (عليهما السلام) عن أبيه ان عليا عليه السلام قال في الرجل يتزوج المرأة علي وصيف فيكبر عندها و يريد أن يطلقها قبل أن يدخل بها، قال: عليها نصف قيمته يوم دفعه اليها لا ينظر في زيادة و لا نقصان 4 فان المستفاد من هذه الرواية ان الزيادة الحاصلة عند الزوجة لها فيعلم ان الصداق كله يصير ملكا لها بالعقد.

الوجه السابع: ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل تزوج جارية أو تمتع بها ثم جعلته من صداقها في حل، أ يجوز أن يدخل بها قبل ان يعطيها

شيئا قال:

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) نفس المصدر الحديث: 22 و 23 و 24

(2) (4) الوسائل الباب 34 من ابواب المهور الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 164

______________________________

نعم اذا جعلته في حل فقد قبضته منه و ان خلاها قبل أن يدخل بها ردت المرأة علي الزوج نصف الصداق «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان ابراء المرأة للمهر بمنزلة قبضها فلو لم يكن المهر كله ملكا لها بالعقد لم يكن الابراء بمنزلة القبض.

و يمكن الاستدلال علي أن المرأة تملك نصف المهر بالعقد بوجوه أيضا الوجه الأول: النصوص الدالة علي ان المهر يجب بالدخول منها ما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله أبي و انا حاضر عن رجل تزوج امرأة فادخلت عليه و لم يمسها و لم يصل اليها حتي طلقها، هل عليها عدة منه؟

فقال: انما العدة من الماء، قيل له: فان كان واقعها في الفرج و لم ينزل؟ فقال:

اذا ادخله وجب الغسل و المهر و العدة «2».

و منها: ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل دخل بامرأة قال اذا التقي الختانان وجب المهر و العدة 3.

و منها: ما رواه حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا التقي الختانان وجب المهر و العدة و الغسل 4.

و منها: ما رواه داود بن سرحان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أولجه فقد وجب الغسل و الجلد و الرجم، و وجب المهر 5.

و منها: ما رواه يونس بن يعقوب، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: لا يوجب المهر الا الوقاع في الفرج 6.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم

قال: سألت أبا جعفر عليه السلام متي يجب المهر؟ قال: اذا دخل بها 7.

______________________________

(1) الوسائل الباب 41 من ابواب المهور الحديث: 2

(2) (2 و 3 و 4 و 5 و 6 و 7) الوسائل الباب 54 من ابواب المهور الحديث: 1 و 3 و 4 و 5 و 6 و 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 165

______________________________

و منها: ما رواه حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل دخل بامرأة، قال: اذا التقي الختانان وجب المهر و العدة «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل و المرأة متي يجب عليهما الغسل؟ قال: اذا ادخله وجب الغسل و المهر و الرجم 2 فان مقتضي هذه الروايات ان المهر لا يجب الا بالدخول و لا يبعد أن يكون المراد بالوجوب الاستقرار و اللزوم نظير قوله عليه السلام في خيار المجلس «فاذا افترقا وجب البيع».

لاحظ ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ايما رجل اشتري من رجل بيعا فهما بالخيار حتي يفترقا، فاذا افترقا وجب البيع الحديث 3 و لولاه يشكل اذ لا شبهة في أن المرأة تملك نصف المهر بالعقد و انما الكلام في النصف الاخر و ظاهر هذه النصوص وجوب جميع المهر بالدخول، فلاحظ.

الوجه الثاني: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل تزوج امرأة علي بستان له معروف و له غلة كثيرة، ثم مكث سنين لم يدخل بها ثم طلقها، قال: ينظر الي ما صار اليه من غلة البستان من يوم تزوجها فيعطيها نصفه، و يعطيها نصف البستان الا ان تعفو فتقبل منه و

يصطلحا علي شي ء ترضي به منه، فانه اقرب للتقوي 4 فانه يستفاد من هذه الرواية انه لو طلقها قبل الدخول يعطيها نصف نماء الصداق فيعلم ان الملكية تحصل بالدخول و الا كان اللازم أن يكون النماء كله للمرأة.

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 8 و 9

(2) (3) الوسائل الباب 1 من ابواب الخيار الحديث: 4

(3) (4) الوسائل الباب 30 من ابواب المهور الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 166

و يسقط نصفه بالطلاق قبل الدخول (1) و كذا في موت احدهما

______________________________

و يمكن الجواب عن الرواية باحتمال كون المراد بالغلة الموجودة حال العقد فيرتفع الاشكال و فيه: انه خلاف الظاهر اذ المستفاد من الرواية شمول الحكم للغلة الموجودة حين العقد و المتجددة في تلك المدة الفاصلة بين العقد و الطلاق و ربما يجاب باحتمال كون المراد من البستان نفس الأرض دون الأشجار فيرتفع الاشكال و فيه: انه يستفاد من اللغة ان البستان الأرض ذات الشجر و الزرع فالأرض وحدها لا يطلق عليها البستان.

و يمكن الجواب عن الحديث: بأنه يمكن أن يكون الزرع للرجل فلا يكون مملوكا للمرأة من اول الأمر و انما امر الرجل بالتنصيف استحبابا.

و يؤيده قوله عليه السلام فانه اقرب للتقوي او من باب اجرة الأرض، و ان ابيت عن هذا الجواب أيضا و قلت هذا الاحتمال أيضا خلاف الظاهر من الحديث قلت: غاية ما في الباب التعارض بين النصوص و الترجيح بموافقة الكتاب في جانب النصوص الدالة علي حصول الملكية بالعقد، اذ قد مر ان المستفاد من الاية الشريفة بالتقريب المتقدم صيرورة المهر ملكا للمرأة، بنفس العقد، لكن ذكرنا أخيرا ان المرجح منحصر في الأحدثية و حيث انه لا يعلم الأحدث من المتعارضين

يكون المرجع اطلاق الكتاب فالنتيجة ما تقدم أيضا و اللّه العالم.

(1) بلا خلاف بين الأصحاب كما في بعض الكلمات و اجماعا كما في الجواهر و يدل عليه من الكتاب قوله تعالي «وَ إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَ قَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مٰا فَرَضْتُمْ إِلّٰا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكٰاحِ وَ أَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْويٰ» «1» فانه يستفاد المدعي بوضوح من الاية الشريفة.

______________________________

(1) البقرة/ 237

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 167

علي الاظهر (1).

______________________________

و تدل علي المدعي أيضا جملة من الروايات، منها: ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فقد بانت و تزوج ان شاءت من ساعتها، و ان كان فرض لها مهرا فلها نصف المهر، و ان لم يكن فرض لها مهرا فليمتعها «1».

و منها: ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها، قال: عليه نصف المهر إن كان فرض لها شيئا، و ان لم يكن فرض لها فليمتعها علي نحو ما يمتع به مثلها من النساء. الحديث 2.

و منها ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فليس عليها عدة «الي أن قال:» و ان كان فرض لها مهرا فنصف ما فرض 3.

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة و لم يدخل بها، فقال: ان هلكت او هلك او طلقها فلها النصف، و عليها العدة كاملة و لها الميراث 4.

(1) الأقوال المنقولة من القوم في المقام متعددة مختلفة

كما ان النصوص الواردة في هذا المجال علي طوائف و الظاهر ان اختلاف الأقوال ناش من اختلاف النصوص، فالعمدة النظر فيها و استفادة الحكم منها فنقول:

الطائفة الأولي: ما يدل علي انتصاف المهر بموت كل منهما قبل الدخول، منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة و لم يدخل بها، قال: ان هلكت أو هلك أو طلقها فلها النصف و عليها العدة

______________________________

(1) (1 و 2 و 3 و 4) الوسائل الباب 51 من ابواب المهور الحديث: 1 و 2 و 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 168

______________________________

كملا و لها الميراث «1».

و منها: ما رواه زرارة قال: سألته عن المرأة تموت قبل أن يدخل بها أو يموت الزوج قبل أن يدخل بها، قال: ايما مات فللمرأة نصف ما فرض لها، و ان لم يكن فرض لها فلا مهر لها 2.

و منها: ما رواه جميل بن صالح، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في اختين اهديتا لأخوين «الي أن قال:» قيل: فان ماتتا؟ قال: يرجع الزوجان بنصف الصداق علي ورثتهما فيرثانهما الزوجان قيل: فان مات الزوجان؟ قال: يرثانهما (ترثانهما- خ) و لهما نصف المهر 3.

و منها: ما رواه ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في امرأة توفيت قبل أن يدخل بها: ما لها من المهر؟ و كيف ميراثها؟ فقال: اذا كان قد فرض لها صداقا فلها نصف المهر و هو يرثها و ان لم يكن فرض لها صداقا فلا صداق لها و في رجل توفي قبل أن يدخل بامرأته، قال: ان كان فرض لها مهرا فلها نصف المهر و هي ترثه، و ان

لم يكن فرض لها مهر أ فلا مهر لها و هو يرثها 4

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة و فضل ابو العباس قالا: قلنا لأبي عبد اللّه عليه السلام ما تقول في رجل تزوج امرأة ثم مات عنها و قد فرض الصداق، قال: لها نصف الصداق و ترثه من كل شي ء، و ان ماتت فهو كذلك 5 و منها: ما رواه أبو الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام مثله 6.

الطائفة الثانية: ما يدل علي انتصاف المهر بموت الزوج قبل الدخول، منها ما رواه محمد بن مسلم، عن احدهما عليهما السلام في الرجل يموت و تحته امرأة

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 58 من ابواب المهور الحديث: 3 و 7 و 13

(2) (4 و 5 و 6) الوسائل الباب 58 من ابواب المهور الحديث: 8 و 9 و 10

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 169

______________________________

لم يدخل بها، قال: لها نصف المهر، و لها الميراث كاملا، و عليها العدة كاملة «1».

و منها: ما رواه أبو عبيدة الحذاء قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن غلام و جارية زوجهما وليان لهما يعني غير الأب، و هما غير مدركين فقال: النكاح جائز و ايهما ادرك كان علي الخيار، و ان ماتا قبل ان يدركا فلا ميراث بينهما و لا مهر «الي أن قال:» فان كان الرجل الذي ادرك قبل الجارية و رضي بالنكاح ثم مات قبل أن تدرك الجارية أ ترثه؟ قال: نعم يعزل ميراثها منه حتي تدرك فتحلف باللّه ما دعاها الي أخذ الميراث الا الرضا بالتزويج، ثم يدفع اليها الميراث و نصف المهر الحديث «2».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج، عن رجل، عن

علي بن الحسين عليهما السلام قال في المتوفي عنها زوجها و لم يدخل بها: ان لها نصف الصداق، و لها الميراث و عليها العدة 3.

و منها: ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان لم يكن دخل بها و قد فرض لها مهرا فلها نصف ما فرض لها، و لها الميراث و عليها العدة 4

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المتوفي عنها زوجها و لم يدخل بها: ان كان سمي لها مهرا فلها نصفه و هي ترثه، و ان لم يكن سمي لها مهرا فلا مهر لها و هي ترثه، قلت: و العدة قال: كف عن هذا 5.

و منها: ما رواه الحسن الصيقل و ابو العباس، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرأة يموت عنها زوجها قبل أن يدخل بها، قال: لها نصف المهر، و لها الميراث و عليها العدة 6.

______________________________

(1) الوسائل الباب 58 من ابواب المهور الحديث: 1

(2) (2 و 3 و 4 و 5 و 6) نفس المصدر الحديث: 2 و 5 و 6 11 و 12

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 170

______________________________

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في جارية لم تدرك لا يجامع مثلها أو رتقاء «الي أن قال:» قلت: فان مات الزوج عنهن قبل أن يطلق قال:

لها الميراث و نصف الصداق و عليهن العدة «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن بكير، عن بعض اصحابنا، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل ارسل يخطب عليه امرأة و هو غائب فانكحوا الغائب و فرضوا الصداق، ثم جاء خبره انه توفي بعد ما سبق الصداق، فقال: ان

كان املك بعد ما توفي فليس لها صداق و لا ميراث، و ان كان أملك قبل أن يتوفي فلها نصف الصداق و هي وارثة و عليها العدة 2.

الطائفة الثالثة: ما يدل علي عدم انتصاف المهر بموت الزوج قبل الدخول، منها: ما رواه ابو الصباح الكاني 3 و منها ما رواه سليمان بن خالد 4 و منها: ما رواه الحلبي 5 و منها ما رواه منصور بن حازم 6 و منها ما رواه (أيضا) منصور بن حازم 7.

اذا عرفت ما ذكرنا نقول اما بالنسبة الي موت الزوجة فلا اشكال في انتصاف المهر لوجود المقتضي و عدم المانع و لا دليل علي التسوية بينهما من هذه الجهة و أما بالنسبة الي موت الزوج قبل الدخول فالنصوص متعارضة و لا بد من العلاج و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان الترجيح بموافقة الكتاب مع ما يدل علي عدم الانتصاف فان مقتضي قوله تعالي 8 «وَ آتُوا النِّسٰاءَ صَدُقٰاتِهِنَّ» عدم الانتصاف بموت الزوج.

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 15 و 16

(2) (3 و 4) لاحظ ص: 162

(3) (5 و 6 و 7) لاحظ ص: 162 و 163

(4) (8) لاحظ ص: 161

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 171

و لو دخل قبلا او دبرا استقر (1) و كذا اذا ازال بكارتها باصبعه

______________________________

ان قلت: هذا الخطاب متوجه الي الأزواج و المفروض موت الزوج فلا موضوع للاستدلال قلت: لا اشكال في أن الخطاب متوجه الي من بيده الأمر و لذا لو زوج ولي الطفل و جعل للمرأة مهرا تشمله الاية و الحال ان الصبي غير قابل للخطاب الالزامي هذا اولا و ثانيا: يمكن أن يقال ان حديث منصور بن حازم «1» ناظر الي

أحاديث التنصيف و يجعلها مخالفة للواقع فان قوله عليه السلام «لا يحفظون عني انما ذلك للمطلقة» في مقام التفسير.

و ان شئت قلت: ان هذه الرواية بلسانها حاكمة علي تلك الروايات و لا تعارض بين دليل الحاكم و دليل المحكوم لكن الحديث ضعيف سندا بضعف اسناد الشيخ (قده) الي علي بن الحسن بن فضال، فالعمدة هو الوجه الأول و هذا القول أحد الأقوال في المسألة، ان قلت قد مر مرارا عدم الدليل علي الترجيح بموافقة الكتاب و انه منحصر بكون احد المتعارضين أحدث قلت حيث انه لا يميز الحديث عن القديم يكون المرجع الكتاب و اللّه العالم.

(1) بلا خلاف و لا اشكال كما في بعض الكلمات، و عن الروضة و غيرها نقل الاجماع عليه، و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي «2» فان المستفاد من الاية الكريمة ان التنصيف بالطلاق قبل المس، و يستقر المهر بالمس و المراد بالمس هو الجماع فتوي و نصا، لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ملامسة النساء هي (هو خ ل) الإيقاع بهن «3».

و تدل علي المدعي أيضا جملة من النصوص، منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان «4»

______________________________

(1) لاحظ ص: 163

(2) لاحظ ص: 166

(3) الوسائل الباب 54 من ابواب المهور الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 164

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 172

من دون رضاها، و اذا كان المزيل اجنبيا فاكرهها و ازال بكارتها بالوطء او بغيره كان عليه مهر المثل بكرا (1).

[مسألة 1: يصح أن يكون المهر عينا أو دينا أو منفعة]

(مسألة 1): يصح ان يكون المهر عينا او دينا او منفعة (2).

______________________________

و منها ما رواه الحلبي «1» و منها ما رواه حفص بن البختري 2 و منها ما رواه داود بن سرحان

3 و منها ما رواه يونس بن يعقوب 4 و منها:

ما رواه محمد بن مسلم 5 و منها: ما رواه حفص بن البختري 6 و منها:

ما رواه محمد بن مسلم 7 و هذه النصوص برمتها تدل علي المقصود و استدل باطلاقها علي عدم الفرق بين الدخول في القبل و الدخول في الدبر، و قد ناقشنا في الاطلاق في الجزء الثاني من هذا الشرح في تحقق الجنابة بالدخول في الدبر فراجع ما ذكرناه هناك.

مضافا الي انه لا اشكال في عدم شمول بعض النصوص لمحل الكلام، فان ما جعل فيه الموضوع عنوان التقاء الختانين كالحديث الثامن من الباب لا يشمل المقام كما هو ظاهر.

(1) لاحظ ما رواه طلحة ابن زيد، عن جعفر، عن ابيه عن علي عليهم السلام قال: اذا اغتصب الرجل امة فاقتضها فعليه عشر قيمتها، و ان كانت حرة فعليه الصداق 8 فان مقتضي هذه الرواية ان ازالة البكارة بالعنف يوجب المهر فان كان مهره معينا بالعقد يتنجز بالازالة و ان لم يكن كذلك يرجع الي مهر المثل فما افاده في المتن علي طبق النص.

(2) قال في الشرائع «و هو كلما يصح ان يملكه المسلم عينا او منفعة» و تدل

______________________________

(1) (1 و 2 و 3 و 4 و 5 و 6) لاحظ ص: 164 و 165

(2) (7) لاحظ ص: 165

(3) (8) الوسائل الباب 45 من ابواب المهور الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 173

______________________________

علي المدعي جملة من النصوص، منها ما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المهر ما هو؟ قال: ما تراضي عليه الناس «1».

و منها: ما رواه فضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام قال: الصداق

ما تراضيا عليه من قليل او كثير فهذا الصداق 2.

و منها: ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المهر فقال: ما تراضي عليه الناس او اثنتا عشرة او قية و نش او خمسمائة درهم 3

و منها: ما رواه جميل بن دراج، عن بعض اصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المهر ما تراضي عليه الناس او اثنتا عشرة اوقية و نش او خمس مائة درهم 4.

و منها: ما رواه زرارة بن اعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: الصداق كل شي ء تراضي عليه الناس قل او كثر في متعة او تزويج غير متعة 5.

و منها: ما رواه زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: الصداق ما تراضيا عليه قل او كثر 6.

و منها: ما رواه جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصداق قال: هو ما تراضي عليه الناس او اثنتا عشرة اوقية و نش او خمس مائة درهم، و قال: الاوقية اربعون درهما، و النش عشرون درهما 7 فان مقتضي اطلاق هذه النصوص جواز جعل المهر عينا او دينا او منفعة فان كل واحد من المذكورات قابل للتملك فيجوز جعله مهرا.

______________________________

(1) (1 و 2 و 3 و 4 و 5) الوسائل الباب 1 من ابواب المهور الحديث: 1 و 3 و 4 و 5 و 6

(2) (6 و 7) نفس المصدر الحديث: 9 و 10

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 174

و يجوز أن يكون من غير الزوج (1) و لو طلق قبل الدخول حينئذ رجع اليه نصف المهر لا الي الزوج (2).

______________________________

(1) الذي يختلج بالبال في هذا المقام أن يقال: انه لا اشكال في جواز

تملك مال الغير باذنه و رضاه و من ناحية اخري لم يدل دليل علي لزوم كون المهر من مال الزوج فلا مانع من الأخذ باطلاق النصوص الواردة في المقام الدالة علي جواز جعل المهر ما تراضي عليه الناس أو ما تراضيا عليه.

و يؤيد المدعي لو لم يدل عليه النصوص الدالة علي جواز تزويج الولي الصبي و جعل المهر من مال نفسه: لاحظ ما رواه الفضل بن عبد الملك قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتزوج ابنه و هو صغير قال: لا بأس قلت: يجوز طلاق الأب؟ قال: لا، قلت: علي من الصداق؟ قال: علي الأب ان كان ضمنه لهم و ان لم يكن ضمنه فهو علي الغلام الا ان لا يكون للغلام مال فهو ضامن من ماله و ان لم يكن ضمن و قال: اذا زوج الرجل ابنه فذاك الي ابنه و ان زوج الابنة جاز «1» فانه يستفاد من الحديث انه يجوز جعل المهر من غير الزوج.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: تدري من أين صار مهور النساء اربعة آلاف؟ قلت: لا، فقال: ان أم حبيب بنت أبي سفيان كانت بالحبشة فخطبها النبي صلي اللّه عليه و آله، و ساق اليها عنه النجاشي اربعة آلاف، فمن ثم يأخذون به فأما المهر فاثنتا عشر اوقية و نش «2» فان هذه الرواية تدل بوضوح علي المدعي.

(2) ربما يقال: انه في هذه الصورة لا يرجع بالطلاق شي ء بتقريب ان النصوص الدالة علي التنصيف خاصة بما اذا كان الجاعل هو الزوج و اذا لم

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من ابواب المهور الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 4

من ابواب المهور الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 175

______________________________

يكن كذلك كما هو المفروض فلا دليل علي الانتقال، و القاعدة الأولية تقتضي عدم الانتقال اذ بعد صيرورة المهر ملكا للزوجة بالعقد يتوقف الالتزام بالانتقال علي الدليل و لا دليل.

و فيه: انه يكفي لإثبات المدعي اطلاق بعض نصوص الباب، لاحظ ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة و لم يدخل بها، فقال: ان هلكت أو هلك او طلقها فلها النصف و عليها العدة كاملة و لها الميراث «1» فان المستفاد من هذه الرواية انه بالطلاق يرجع الي نصف المهر و لم يفرض في الحديث ان المهر كان من الزوج، و بعبارة اخري انه بمقتضي حكمه عليه السلام بانتقال النصف بالطلاق و رجوعه نلتزم بأنه لو كان المهر من غير الزوج لا بد من رجوعه الي من انتقل عنه و دخوله في كيس من خرج عن كيسه، فلاحظ.

و ربما يقال: انه يرجع الي الزوج بتقريب ان الطلاق قبل الدخول مملك جديد و مقتضي نصوص المقام رجوعه اليه.

و فيه: انه لا اشكال في ان الطلاق مملك جديد، و لكن هذا لا يقتضي الرجوع الي الزوج علي الاطلاق، بل مقتضي النصوص الرجوع و التنصيف فاذا كان الفارض هو الزوج و من كيسه فيرجع النصف اليه و اما اذا كان غيره كما هو المفروض فمقتضي القاعدة الرجوع اليه، فالحق كما في المتن و هو القول الثالث و هو رجوعه الي من دفعه.

و صفوة القول: ان الطلاق قبل الدخول في حكم الفسخ فكما ان الفسخ يقتضي رجوع كل من العوضين الي صاحبه و مالكه الاولي كذلك الطلاق قبل الدخول، و لا أقول

ان الطلاق فسخ كي يقال بأن الطلاق رفع لا فسخ بل أقول ان

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من ابواب المهور الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 176

و لا يتقدر قلة (1) و لا كثرة (2) و لا بد فيه من أن يكون متعينا و ان

______________________________

الطلاق كالفسخ من هذه الجهة، و هذا العرف ببابك فانه يفهم بفهمه الذي هو المناط في باب استفادة الأحكام من الظواهر ان النصف المرجوع يرجع الي من انتقل عنه هو يدخل في كيسه الا ان يدل دليل علي خلافه، فلاحظ.

(1) بلا خلاف بل لعل الاجماع بقسميه عليه هكذا في الجواهر، و يدل علي المدعي بالنصوصية بعض الروايات، لاحظ ما رواه فضيل بن يسار «1».

(2) علي المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة كادت تكون اجماعا- هكذا في الجواهر- و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي «وَ إِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدٰالَ زَوْجٍ مَكٰانَ زَوْجٍ وَ آتَيْتُمْ إِحْدٰاهُنَّ قِنْطٰاراً فَلٰا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً» «2».

و قيل: في تفسير القنطار هو ملؤ مسك الثور ذهبا و يكفي لإثبات المدعي اطلاق نصوص المهر، منها ما رواه ابو الصباح الكناني «3» و منها ما رواه فضيل بن يسار 4 و منها ما رواه الحلبي 5 و منها ما رواه جميل بن دراج 6 و منها ما رواه زرارة بن أعين 7 و منها ما رواه زرارة 8 و منها ما رواه جميل بن دراج 9.

و ربما يقال: كما عن المرتضي (قده) و غيره لا يجوز الأزيد من مهر السنة و هو خمسمائة درهم و لو زاد رد اليها بدعوي الاجماع عليه و ما يمكن أن يستدل به علي هذا القول أمران:

الأول: الاجماع المدعي في المقام، و فيه انه لا يبعد أن

يكون القائل به منحصرا بالمرتضي (قده).

______________________________

(1) لاحظ ص: 173

(2) النساء/ 20

(3) (3 و 4 و 5 و 6 و 7 و 8 و 9) لاحظ ص: 173

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 177

لم يكن معلوما بالوصف أو المشاهدة (1). و لو اجله وجب تعيين الاجل و لو في الجملة مثل ورود المسافر و وضع الحمل و نحو ذلك (2) و لو كان الاجل مبهما بحتا مثل الي زمان ما او ورود مسافر ما صح العقد و صح المهر أيضا علي الاظهر و سقط التأجيل (3) و لو لم يذكر

______________________________

الثاني: ما رواه الحسين بن خالد، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن مهر السنة كيف صار خمسمائة؟ فقال: ان اللّه تبارك و تعالي اوجب علي نفسه أن لا يكبره مؤمن مائة تكبيرة و يسبحه مائة تسبيحة و يحمده مائة تحميدة و يهلله مائة تهليلة و يصلي علي محمد و آله مائة مرة ثم يقول: «اللهم زوجني من الحور العين» الا زوجه اللّه حوراء عيناء، و جعل ذلك مهرها، ثم أوحي اللّه الي نبيه صلي اللّه عليه و آله ان سن مهور المؤمنات خمسمائة درهم، ففعل ذلك رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و ايما مؤمن خطب الي اخيه حرمته فبذل له خمسمائة درهم فلو يزوجه فقد عقه و استحق من اللّه عز و جل أن لا يزوجه حوراء «1» و هذه الرواية ضعيفة بحسين بن خالد.

(1) اذ المبهم لا واقع له فلا بد فيه من التعيين و هذا ظاهر واضح و أما عدم لزوم التوصيف أو المشاهدة فلعدم دليل عليه بل الدليل علي خلافه فان المستفاد من النصوص كما تقدم جواز جعل المهر مما تراضيا عليه

و دليل الغرر لا عموم فيه، مضافا الي النقاش في تحقق الغرر في بعض الصور.

(2) اذ المبهم لا واقع له فلا بد من الاشارة اليه بنحو و تعيينه بخصوصية من الخصوصيات.

(3) و الوجه فيه ان الابهام في حكم عدم التأجيل فالنتيجة صحة العقد و ثبوت

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب المهور الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 178

صح العقد (1) و كان لها مع الدخول مهر المثل (2).

______________________________

المهر بلا تأجيل بل معجلا.

(1) قال في الحدائق «1» «لا خلاف بين الأصحاب في جواز اخلاء العقد من المهر، و ادعي عليه جماعة الاجماع» الخ.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي «لٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسٰاءَ مٰا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَ مَتِّعُوهُنَّ عَلَي الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَي الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتٰاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَي الْمُحْسِنِينَ» «2» فانه يستفاد من الاية الشريفة جواز النكاح بدون المهر و بعبارة اخري: تدل الاية الشريفة بوضوح علي عدم جناح في الطلاق قبل الدخول و قبل تعيين المهر كما ان الاية التالية و هي قوله تعالي: وَ إِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَ قَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مٰا فَرَضْتُمْ الاية «3» تدل علي المقصود بتقريب ان المستفاد منها حكم الطلاق قبل الدخول مع تعيين المهر و التقسيم قاطع للشركة، فيفهم من الآيتين انه يجوز الطلاق قبل الدخول علي الاطلاق غاية الأمر اذا كان في مورد عدم تعيين المهر تجب المتعة و اذا كان المهر معينا يتعين نصفه.

و الحاصل انه لا اشكال في انه يفهم من الاية الشريفة جواز اخلاء العقد من المهر، و تدل علي المدعي أيضا جملة من النصوص، و ستمر عليك طائفة منها.

(2) تدل علي المدعي

عدة روايات، منها ما رواه الحلبي قال: سألته عن الرجل

______________________________

(1) ج 24 ص: 475

(2) البقرة/ 236

(3) النساء/ 237

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 179

______________________________

يتزوج امرأة فدخل بها و لم يفرض لها مهرا ثم طلقها، فقال: لها مهر مثل مهور نسائها و يمتعها «1».

و منها: ما رواه منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام في رجل يتزوج امرأة و لم يفرض لها صداقا، قال: لا شي ء لها من الصداق فان كان دخل بها فلها مهر نسائها «2».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام في رجل تزوج امرأة و لم يفرض لها صداقها، ثم دخل بها، قال: لها صداق نسائها 3.

و في المقام رواية تدل علي ثبوت مهر السنة بالدخول فيما لم يجعل المهر و هي ما رواه أبو بصير قال: سألته عن رجل تزوج امرأة فوهم أن يسمي لها صداقا حتي دخل بها، قال: السنة و السنة خمسمائة درهم. الحديث 4 فيقع التعارض بين هذه الرواية و تلك النصوص فلا بد من العلاج.

و ربما يقال- كما في الوسائل- ان هذه تحمل علي مورد وقوع النكاح مع جعل المهر مهر السنة، و الانصاف انه لا شاهد عليه بل في غاية البعد.

و ربما يقال: انه يجمع بين الطرفين بحمل النصوص الدالة علي ثبوت مهر نسائها علي النساء المؤمنات، و المراد من مهرهن مهر السنة الذي سنه النبي صلي اللّه عليه و آله فيرتفع التعارض من البين، و يؤيد هذا الجمع ما يدل من النصوص

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب المهور الحديث: 1

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 3

(3) (4) الوسائل الباب 13 من

ابواب المهور الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 180

______________________________

علي حصر المهر في المهر المسمي و مهر السنة، منها ما رواه الحلبي «1» و منها ما رواه جميل بن دراج 2 و منها ما رواه جميل بن دراج أيضا 3.

و الانصاف ان هذا الجمع أيضا ليس جمعا عرفيا فان الظاهر من قوله عليه السلام في حديث الحلبي و غيره «لها مثل مهور نسائها» ان الميزان ما يكون مهرا لأمثالها، و الذي يوضح المدعي انه لو فرض ان نسائها لم تكن مؤمنات.

و بعبارة واضحة: ان ارادة المؤمنات من نسائها لا دليل عليها و ان شئت قلت مهر السنة مهر لها بما هي مؤمنة لا مثل مهور المؤمنات و علي الجملة انه لو كان المراد من الجملة مهر السنة لم يكن هذا التعبير مناسبا، فلاحظ، فما الحيلة فان قلنا بأن حديث أبي بصير وارد في مورد خاص أي مورد نسيان الصداق فيرتفع التعارض و لكن هل يمكن الالتزام به فان توهم ذكر الصداق و الغفلة عنه من مصاديق ترك الصداق، و ان قلنا لا تصل النوبة الي التعارض اذ كون الحكم و هو مهر المثل مورد التسالم و الاجماع.

قال في الجواهر 4 في هذا المقام «بلا خلاف بل الاجماع بقسميه عليه» فيرتفع النزاع و لا نحتاج الي الجمع و أما علي فرض تمامية التعارض فالظاهر ان الترجيح مع حديث أبي بصير اذ يستفاد من كتاب الفقه علي المذاهب الأربعة 5 ان العامة قائلون بمهر المثل عند عدم القسمية و هل يمكن الالتزام بخلاف ما ذهب اليه الأصحاب مع دعوي الاجماع بقسميه عليه و لو قلنا بعدم الدليل علي الترجيح بمخالفة القوم يدخل المقام في اشتبه الحجة بغيرها فلا

يميز الحديث عن القديم كي

______________________________

(1) (1 و 2) لاحظ ص: 173

(2) (3) لاحظ ص: 173

(3) (4) ج- 31 ص 51

(4) (5) ج- 4 ص: 108

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 181

و مع الطلاق لها المتعة (1).

______________________________

يرجح الحادث بالأحدثية لكن علي كل تقدير كيف يمكن خلاف الاجماع المدعي بقسميه و اللّه العالم.

(1) بلا خلاف اجده بل لعل الاجماع بقسميه عليه، هكذا في الجواهر «1» و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي «2» فان المستفاد من الاية الشريفة بمقتضي ان التقسيم قاطع للشركة ان المطلقة قبل الدخول ان لم يسم لها مهر تكون لها المتعة، و اما إن كانت ذات مهر مسمي يكون لها النصف و بهذا التقريب يقيد اطلاق قوله تعالي «وَ لِلْمُطَلَّقٰاتِ مَتٰاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَي الْمُتَّقِينَ» «3» فان المراد من هذه الاية الشريفة ان كانت المتعة يقيد اطلاقها بما يستفاد من تلك الاية من القيد.

و لنا ان نقول: ان الاية الشريفة لا عموم لها كي يحتاج الي التقييد اذ قد علم من الاية السابقة عليها «4» بالتقريب الذي ذكرنا ان المتعة تختص بالمفوضة المطلقة قبل الدخول و مع لحاظها لا عموم لقوله تعالي «وَ لِلْمُطَلَّقٰاتِ مَتٰاعٌ» كي يخصص فلا مجال لأن يقال تخصيص الاية الكريمة بخصوص المفوضة المطلقة قبل الدخول يستلزم تخصيص الأكثر المستهجن.

لكن لقائل أن يقول: انه لا تنافي بين الآيتين بالنسبة الي المدخول بها، فيبقي قوله تعالي «وَ لِلْمُطَلَّقٰاتِ» علي عمومه بالنسبة الي ما بعد الدخول.

هذا ما يستفاد من الكتاب، و أما النصوص الواردة في المقام فهي علي طوائف:

______________________________

(1) ج- 31 ص: 51

(2) لاحظ ص: 178

(3) البقرة/ 241

(4) لاحظ ص: 178

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 182

______________________________

الطائفة الاولي: ما يدل علي ثبوت المتعة في

المطلقة علي الاطلاق، منها:

ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يطلق امرأته قال: يتمتعها قبل أن يطلق، قال اللّه تعالي: «وَ مَتِّعُوهُنَّ عَلَي الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَي الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ» «1».

و منها: ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر، عن بعض اصحابنا، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان متعة المطلقة فريضة 2.

و منها: ما رواه حفص بن البختري، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يطلق امرأته أ يمتعها؟ قال: نعم اما يجب أن يكون من المحسنين، أما يجب أن يكون من المتقين 3.

و منها: ما رواه البزنطي قال: ذكر بعض أصحابنا ان متعة المطلقة فريضة 4 و منها: ما رواه البزنطي أيضا انه روي ان متعة المطلقة فريضة 5 و مقتضي اطلاق هذه النصوص ثبوت المتعة في المطلقة بلا تقييد بعدم الدخول و بلا فرق بين المفوضة و غيرها.

الطائفة الثانية: ما تدل علي ثبوت المتعة في المطلقة المفوضة و غيرها بشرط عدم الدخول، منها ما رواه أبو حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يريد أن يطلق امرأته قبل أن يدخل بها قال: يمتعها قبل أن يطلقها فان اللّه تعالي قال: وَ مَتِّعُوهُنَّ عَلَي الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَي الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ 6 و هذه الرواية لإرسالها لا اعتبار بها.

الطائفة الثالثة: ما يدل علي ثبوت المهر في المفوضة بشرط الدخول، لاحظ

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 48 من ابواب المهور الحديث: 1 و 2

(2) (3 و 4 و 5 و 6) نفس المصدر الحديث: 5 و 6 و 9 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 183

______________________________

ما رواه الحلبي «1».

الطائفة الرابعة: ما يدل علي ثبوت

المتعة في المطلقة علي الاطلاق بشرط الدخول، لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله تعالي:

«وَ لِلْمُطَلَّقٰاتِ مَتٰاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَي الْمُتَّقِينَ» قال: متاعها بعد ما تنقضي عدتها علي الموسع قدره و علي المقتر قدره، و كيف يتمعها في عدتها و هي ترجوه و يرجوها، و يحدث اللّه عز و جل بينهما ما يشاء. الحديث «2» فان مقتضي هذه الرواية ثبوت المتعة للمطلقة المدخول بها.

الطائفة الخامسة: ما يدل علي ثبوت المتعة في المطلقة التي لم يدخل بها، لاحظ ما رواه علي بن احمد بن اشيم قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: اخبرني عن المطلقة التي يجب لها علي زوجها المتعة ايهن هي؟ فان بعض مواليك يزعم انها تجب المتعة للمطلقة التي قد بانت، و ليس لزوجها عليها رجعة، فأما التي عليها رجعة فلا متعة لها، فكتب عليه السلام: البائنة «3».

الطائفة السادسة: ما يدل علي ثبوت المتعة للمفوضة المطلقة قبل الدخول، لاحظ ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يطلق امرأته قبل أن يدخل بها، قال: عليه نصف المهر ان كان فرض لها شيئا، و ان لم يكن فرض لها شيئا فليمتعها علي نحو ما يمتع به مثلها من النساء «4».

و لاحظ ما رواه أبو الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فلها نصف مهرها، و ان لم يكن سمي لها

______________________________

(1) لاحظ ص: 178

(2) الوسائل الباب 50 من ابواب المهور الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 48 من ابواب المهور الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 184

______________________________

مهرا فمتاع بالمعروف علي الموسع قدره و علي المقتر قدره،

و ليس لها عدة تزوج ان شاءت من ساعتها «1».

و لاحظ ما رواه الحسن بن زياد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها، قال: فقال: ان كان سمي لها مهرا فلها نصفه و ان لم يكن سمي لها مهرا فلا مهر لها، و لكن يمتعها، ان اللّه يقول في كتابه: وَ لِلْمُطَلَّقٰاتِ مَتٰاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَي الْمُتَّقِينَ «2».

اذا عرفت ما تقدم فمقتضي الصناعة ان تقيد الطائفة الاولي بالطائفة السادسة كما ان مقتضي القاعدة تقييد الطائفة الخامسة بالسادسة حيث ان الطائفة الخامسة مطلقة من حيث التفويض و عدمه فتقيد بالسادسة، المفصلة بين المفوضة و الممهورة و أما الطائفة الثانية فحيث ان سندها مخدوش فلا اعتبار بها.

و أما الطائفة الثالثة و الرابعة فتعارضان الطائفة السادسة حيث ان الطائفة السادسة تدل بالمفهوم علي عدم المتعة للمدخول بها، لاحظ ما رواه الحلبي «3» و ابو الصباح الكناني «4» و هما تدلان علي ثبوتها لها، فان قلنا بأن مقتضي القاعدة حمل ما يدل علي ثبوتها علي الاستحباب فهو و الا فلو رجح ما يدل علي عدمها حيث انه مخالف للتقية علي ما قيل فهو و الا يقع التعارض بين الطرفين بلا ترجيح لأحدهما علي الاخر و النتيجة هو التساقط فتصل النوبة الي الأصل و مقتضاه البراءة.

و لكن اذا وصلت النوبة الي التعارض يكون الترجيح مع ما يدل علي ثبوت المتعة لكونه موافقا مع عموم الكتاب و هو قوله تعالي «وَ لِلْمُطَلَّقٰاتِ مَتٰاعٌ بِالْمَعْرُوفِ»

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 49 من ابواب المهور الحديث: 8

(3) لاحظ ص: 183

(4) لاحظ ص: 183

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 185

علي الموسر و علي الفقير بحسب قدرهما (1)

و لو مات احدهما قبل الدخول فلا مهر و لا متعة (2).

______________________________

و هل يمكن الالتزام بثبوتها بالنسبة الي المطلقة المدخول بها؟

الانصاف: ان الالتزام بها في غاية الاشكال مع تسالمهم علي عدمها، و جريان السيرة من المتشرعة علي عدم الالتزام بها الا أن يقال: ان احراز السيرة بالنسبة الي المفوضة المطلقة بعد الدخول مشكل، و طريق الاحتياط ظاهر، و اللّه العالم.

(1) كما في الاية الشريفة «1» و الظاهر من المتن ان الميزان في المتعة بحال الزوج فانه يستفاد من الاية الشريفة كما ان المستفاد من بعض النصوص كذلك لاحظ ما رواه أبو الصباح الكناني «2» و يستفاد من بعض النصوص ان الميزان بحالها لاحظ ما رواه الحلبي «3» و حيث انه لا تنافي بين الدليلين يكون مقتضي الصناعة الجمع بين الأمرين، و عن المبسوط ان الاعتبار بهما جميعا عندنا.

(2) للأصل و جملة من النصوص، منها ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة هلك زوجها و لم يدخل بها، قال: لها الميراث و عليه العدة كاملة، و ان سمي لها مهرا فلها نصفه، و ان لم يكن سمي لها مهرا فلا شي ء لها «4».

و منها: ما رواه زرارة «5» و منها ما رواه ابن ابي يعفور 6 و منها

______________________________

(1) لاحظ ص: 178

(2) لاحظ ص: 183

(3) لاحظ ص: 183

(4) الوسائل الباب 58 من ابواب المهور الحديث: 4

(5) (5 و 6) لاحظ ص: 168

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 186

[مسألة 2: لو وطأ امرأة شبهة كان لها مهر المثل]

(مسألة 2): لو وطأ امرأة شبهة كان لها مهر المثل سواء أ كان الوطء بعقد باطل او لا بعقد (1).

______________________________

ما رواه عبيد بن زرارة «1» و منها ما رواه سليمان بن خالد «2»

و منها ما رواه الكناني 3، و منها ما رواه الحلبي 4.

(1) أما بالنسبة الي غير المعقودة بالعقد الفاسد فلجملة من النصوص، منها:

ما رواه الحلبي 5 و منها ما رواه حفص بن البختري 6 و منها ما رواه داود بن سرحان 7 و منها ما رواه يونس بن يعقوب 8 و منها ما رواه محمد بن مسلم 9 و منها ما رواه حفص بن البختري 10 و منها ما رواه محمد بن مسلم 11.

و أما بالنسبة الي المعقودة بالعقد الفاسد ففيه اختلاف فذهب بعض الي أن مهرها مهر المثل و ذهب بعض آخر الي ان مهرها المسمي، و لا يبعد أن يكون وجه الاختلاف في الفتوي اختلافهم فيما يستفاد من النصوص الواردة في المقام.

منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سألته عن رجل تزوج امرأة في عدتها قال: فقال: يفرق بينهما و ان كان دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها و يفرق بينهما فلا تحل له أبدا و ان لم يكن دخل بها فلا شي ء لها من مهرها 12.

و منها: ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في رجل نكح

______________________________

(1) لاحظ ص: 169

(2) (2 و 3) لاحظ ص: 162

(3) (4) لاحظ ص: 162

(4) (5 و 6 و 7 و 8 و 9 و 10 و 11) لاحظ ص: و 146

(5) (12) الوسائل الباب 17 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 187

و لو تزوجها بحكم احدهما صح و يلزم ما يحكم به صاحب الحكم (1).

______________________________

امرأة و هي في عدتها قال: يفرق بينهما ثم تقضي عدتها فان كان دخل بها فلها المهر بما

استحل من فرجها و يفرق بينهما و ان لم يكن دخل بها فلا شي ء لها الحديث «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتزوج المرأة المطلقة قبل أن تنقضي عدتها قال: يفرق بينهما و لا تحل له أبدا و يكون لها صداقها بما استحل من فرجها او نصفه ان لم يكن دخل بها 2.

فان قلنا بأن الظاهر من المهر الوارد في النصوص المشار اليها المسمي يثبت القول الثاني و ان قلنا بأن الظاهر منه مهر المثل يثبت القول الأول و ان قلنا بأن لفظ المهر الواقع في الروايات مجمل و ذو احتمالين يكون المرجع اطلاق الروايات الدالة علي ثبوت المهر بالدخول فان الظاهر منها ان الدخول يوجب ثبوت مهر المثل في غير المعقودة بالعقد الصحيح.

و ربما يقال: كما في كلام بعض ان ذكر التزويج قرينة علي كون المراد من المهر المسمي، و الظاهر من نصوص الباب مهر المثل، فان قوله عليه السلام فيها «بما استحل من فرجها» ظاهر في مهر المثل، فان المهر المسمي يثبت بالعقد لا بالدخول، مضافا الي أن التزويج يمكن وقوعه مع الخلو عن المهر، و اللّه العالم.

(1) هذا علي طبق القاعدة الأولية، مضافا الي النص لاحظ ما رواه الحسن بن زرارة عن أبيه قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل تزوج امرأة علي حكمها قال: لا يجاوز حكمها مهور آل محمد اثنتي عشرة اوقية و نشا، و هو وزن خمس مائة درهم من الفضة، قلت: أ رأيت ان تزوجها علي حكمه و رضيت بذلك، قال

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 17 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها: الحديث 8 و

21

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 188

ما لم يتجاوز حكم المرأة مهر السنة ان كانت هي الحاكمة (1).

______________________________

فقال: ما حكم من شي ء فهو جائز عليها، قليلا كان او كثيرا قال: فقلت له: فكيف لم تجز حكمها عليه و اجزت حكمه عليها؟ قال: فقال: لأنه حكمها فلم يكن لها أن تجوز ما سن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله، و تزوج عليه نسائه فرددتها الي السنة و لأنها هي حكمته و جعلت الأمر اليه في المهر و رضيت بحكمه في ذلك، فعليها أن تقبل حكمه قليلا كان او كثيرا «1».

و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في رجل تزوج امرأة علي حكمها أو علي حكمه فمات أو ماتت قبل أن يدخل بها، قال: لها المتعة و الميراث و لا مهر لها، قلت: فان طلقها و قد تزوجها علي حكمها قال: اذا طلقها و قد تزوجها علي حكمها لم تجاوز حكمها عليه أكثر من وزن خمسمائة درهم فضة مهور نساء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله 2.

و في المقام حديث لأبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يفوض اليه صداق امرأته فنقص عن صداق نسائها، قال: تلحق بمهر نسائها 3 و هذا الحديث معارض لحديث زرارة، و حمل هذا الحديث علي الندب كما في الوسائل و الجواهر و هذا الحمل لعله ليس حملا عرفيا فلا بد من علاج التعارض و الترجيح بالأحدثية مع حديث أبي بصير، لكن الترجيح بمخالفة القوم مقدم علي الترجيح بالأحدثية عند الأصحاب و الترجيح بمخالفة القوم مع حديث زرارة فان المستفاد من كتاب الخلاف 4 ان العامة قائلون بالمهر المثل، فلاحظ،

(1) لاحظ ما

رواه الحسن بن زرارة 5 و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم 6

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 21 من ابواب المهور الحديث: 1 و 2 و 4

(2) (4) ج- 2 ص: 196 مسألة: 21

(3) (5) لاحظ ص: 187

(4) (6) لاحظ اول هذه الصحيفة

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 189

و لو مات الحكم قبله و قبل الدخول فلها المتعة (1) و بعد الدخول فلها مهر المثل، ان كان الحكم الي الزوج (2) و اما ان كان الي الزوجة فلا يبعدان يكون مهر السنة (3) و لو تزوجها علي خادم مطلقا او دار او بيت كان لها وسط ذلك (4).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1» بتقريب ان المستفاد من الرواية بحسب الفهم العرفي انه لو مات الحاكم قبل الحكم و قبل الدخول تكون للمرأة المتعة.

(2) للنصوص الدالة علي أن المهر يثبت بالدخول، و الظاهر منه كما تقدم مهر المثل اذ المفروض انه لم يسم المهر في العقد، و قد فرض موت الحاكم.

(3) الذي يختلج بالبال أن يقال: ان المستفاد من النص انه لو حكمت بأزيد من مهر السنة يرجع اليها فبطريق اولي يرجع اليها في فرض عدم الحكم.

و لقائل أن يقول: الأحكام الشرعية تعبدية و لا تنالها افهامنا و مقتضي النصوص الدالة علي ثبوت المهر بالدخول ثبوته في المقام، فلاحظ.

(4) كما تدل علي المدعي جملة من النصوص، منها ما رواه علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن رجل زوج ابنه ابنة اخيه و أمهرها بيتا و خادما ثم مات الرجل، قال: يؤخذ المهر من وسط المال قال: قلت: فالبيت و الخادم قال: وسط من البيوت، و الخادم وسط من

الخدم، قلت: ثلاثين أربعين دينارا و البيت نحو من ذلك، فقال: هذا سبعين ثمانين دينارا مائة نحو من ذلك «2» و منها: ما رواه علي بن أبي حمزة قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام تزوج رجل امرأة علي خادم قال: فقال لي: وسط من الخدم، قال: قلت: علي

______________________________

(1) لاحظ ص: 188

(2) الوسائل الباب 25 من ابواب المهور الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 190

و لو قال: علي السنة فخمسائة درهم (1) و لو تزوج الذميان علي خمر صح (2).

______________________________

بيت، قال: وسط من البيوت «1».

و منها: ما رواه موسي بن عمر، عن بعض اصحابنا، عن أبي الحسن عليه السلام في رجل تزوج امرأة علي دار، قال: لها دار وسط 2 و هذه الروايات ضعيفة سندا، أما الأولي و الثانية فبالبطائني و أما الثالثة فبالارسال لكن لا يبعد أن يقال ان المتبادر من اللفظ ما هو الوسط، فلاحظ.

(1) لاحظ ما رواه اسامة بن حفص و كان قيما لأبي الحسن موسي عليه السلام قال: قلت له: رجل يتزوج امرأة و لم يسم لها مهرا، و كان في الكلام: اتزوجك علي كتاب اللّه و سنة نبيه، فمات عنها أو أراد أن يدخل بها فما لها من المهر؟ قال مهر السنة، قال: قلت: يقولون: لها مهور نسائها، فقال: مهر السنة، و كلما قلت له شيئا قال: مهر السنة 3 و هذه الرواية ضعيفة سندا و لا ينجبر ضعف الرواية بالعمل كما مر مرارا فلا بد من اتمام المدعي بالتسالم و الاجماع بل القاعدة الأولية تقتضيه لأن المفروض قصدهما أن يكون المهر المجعول مهر السنة و هو هذا المقدار.

(2) لجملة من النصوص، منها ما رواه عبد اللّه بن سنان قال:

قذف رجل رجلا مجوسيا عند أبي عبد اللّه عليه السلام فقال: مه، فقال الرجل: انه ينكح امه و اخته فقال: ذلك عندهم نكاح في دينهم 4.

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: نهي

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 25 من ابواب المهور الحديث: 2 و 3

(2) (3) الوسائل الباب 13 من ابواب المهور الحديث: 1

(3) (4) الوسائل الباب 83 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 191

______________________________

رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن يقال للإماء: يا بنت كذا و كذا، فان لكل قوم نكاحا «1».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل قوم يعرفون النكاح من السفاح فنكاحهم جائز 2.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

سألته عن رجل هاجر و ترك امرأته مع المشركين ثم لحقت به بعد ذلك أ يمسكها بالنكاح الأول أو تنقطع عصمتها؟ قال: بل يمسكها و هي امرأته 3.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان اهل الكتاب و جميع من له ذمة اذا أسلم احد الزوجين فهما علي نكاحهما الحديث 4

و منها: ما رواه أبو مريم الأنصاري قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن طعام اهل الكتاب و نكاحهم حلال هو؟ قال: نعم قد كانت تحت طلحة يهودية 5.

و منها: ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل تكون له الزوجة النصرانية فتسلم هل يحل لها أن تقيم معه؟ قال: اذا أسلمت لم تحل له، قلت: فان الزوج

أسلم بعد ذلك أ يكونان علي النكاح؟ قال:

لا يتزوج بتزويج جديد 6.

و منها: ما رواه طلحة بن زيد «عن أبي عبد اللّه عليه السلام خ» قال: سألته عن رجلين من اهل الذمة أو من اهل الحرب تزوج كل واحد منهما امرأة و مهرها خمرا و خنازير ثم أسلما قال: ذلك النكاح جائز حلال لا يحرم من قبل الخمر

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 83 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 2 و 3

(2) (3 و 4 و 5) الوسائل الباب 5 من ابواب ما يحرم بالكفر و نحوه الحديث: 1 و 2 و 3

(3) (6) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 192

فان اسلما قبل القبض فلها القيمة و ان أسلم احدهما قبله فالظاهر لزوم القيمة أيضا (1) و لو تزوج المسلم عليها ففيه أقوال اقواها صحة

______________________________

و الخنازير و قال: اذا أسلما حرم عليهما أن يدفعا اليه «اليهما خ ل» شيئا من ذلك يعطيا هما صداقهما «1».

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: النصراني يتزوج النصرانية علي ثلاثين دنا خمرا و ثلاثين خنزيرا ثم اسلما بعد ذلك، و لم يكن دخل بها، قال: ينظر كم قيمة الخنازير و كم قيمة الخمر و يرسل به اليها ثم يدخل عليها و هما علي نكاحهما الاول 2.

(1) لا يبعد ان الماتن استند في الحكم المذكور الي حديث عبيد بن زرارة 3 و الرواية تامة سندا علي مسلكه اذ القاسم بن محمد الجوهري الواقع في السند موثق بنظره بلحاظ التوثيق العام و هو وقوع الراوي في اسناد كامل الزيارات، و صرح بهذا في رجاله.

و لكن هذا المسلك غير تام عندنا

و لذا تكون الرواية ضعيفة سندا و طريق الصدوق (قده) الي رومي بن زرارة ضعيف فلا اعتبار بالرواية بلحاظ سندها الاخر، فلاحظ.

و لا يخفي: ان سيدنا الاستاد بعد جزمه بهذا المسلك و اصراره علي صحته رجع عنه بعد مضي سنين عديدة و زمان طويل، و لكن قد كتبنا في مستدركات ج 2) من كتابنا «مصباح الناسك في شرح المناسك» عدم اعتبار هذا المسلك، فراجع ما ذكرناه هناك، و الحمد للّه علي الوفاق.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 3 من ابواب المهور الحديث: 1 و 2

(2) (3) و قد مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 193

العقد (1).

______________________________

و أما الحديث الاخر الوارد في الباب، و هو ما رواه طلحة بن زيد «1» فهو أيضا ضعيف سندا بطلحة حيث انه لم يوثق فلا بد من العمل علي طبق القاعدة و المفروض صحة النكاح بمقتضي النصوص كما تقدمت.

فربما يقال: انه لو اسلم كلاهما لا يكون الزوج ملزما بشي ء اذ لا دليل علي الزامه لا من ناحية اشتغال الذمة و لا من ناحية الحكم التكليفي و ان أسلم الزوج دون الزوجة يجب علي الزوج تسليم الخمر اليها اذ لا دليل علي حرمة تسليم الخمر و ان اسلمت الزوجة دون الزوج فلا دليل علي اشتغال ذمته بغير الخمر و لا دليل علي وجوب شي ء آخر عليه فلاحظ و اللّه العالم.

(1) من الاقوال قول بفساد العقد و ذكر في وجهه ان الرضا علق بالفاسد و الباطل و هو يقتضي ارتفاعه و لأنه بعد ذكر المهر يصير عقد النكاح عقد معاوضة كبقية العقود المعاوضية و العقد المعاوضي يبطل ببطلان العوض و لذا يبطل البيع ببطلان الثمن، و الشاهد علي المدعي قوله تعالي «فَمَا

اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ فِيمٰا تَرٰاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ «2» فسمي المهر بالاجر.

ان قلت: لا اشكال في صحة النكاح بلا مهر قلت: لا تنافي بين الأمرين فانه لو جعل المهر فيه يدخل في العقود المعاوضية و يترتب عليه حكمها، و يؤيد المدعي ان لم يدل عليه ما دل من النصوص علي أن المهر ما تراضيا عليه لاحظ ما رواه أبو الصباح الكناني «3» و ما رواه فضيل بن يسار 4 و ما رواه الحلبي 5 و ما رواه جميل بن دراج 6 و ما رواه زرارة بن أعين 7 و ما رواه

______________________________

(1) لاحظ ص: 191

(2) النساء/ 24

(3) (3 و 4 و 5 و 6 و 7) لاحظ ص: 173

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 194

______________________________

زرارة أيضا «1» و ما رواه جميل بن دراج 2 فما لم يتراضيا عليه لا يكون مهرا فينافي ما يدل علي عدم اخلاء البضع من المهر و لذا لو لم يجعل المهر يثبت بالدخول مهر المثل فالمهر لا بد منه في النكاح.

و في قبال هذا القول بالصحة بل عن بعض نفي الخلاف علي ما في الجواهر الا من مالك و بعض الأصحاب للعمومات الدالة علي الصحة، و اجيب عن التعليق و التعارض ان جعل المهر داعيا للزوجة لا أن الرضا معلق علي المهر الكذائي و بعبارة اخري: هناك أمران احدهما الرضا بالتزويج ثانيهما كون المهر الخمر مثلا و علي الجملة في باب المعاوضات كلها يتحقق أمران و لا يكون أحد الأمرين معلقا علي الاخر غاية الأمر بطلان المعاوضة ببطلان العوض بحكم الشرع كما هو كذلك في البيع ففي كل مورد اعتبار الشارع في المعاوضة العوض

تبطل تلك المعاوضة ببطلان العوض و أما اذا لم يكن كذلك كما هو كذلك في النكاح لا تفسد بفساد العوض كما في المقام و لذا نري ان الخصم يعترف بصحة النكاح و لو مع عدم جعل المهر فيه و أيضا لو جعل حيوانا خارجيا مهرا فبان خنزيرا يصح النكاح بلا اشكال فيعلم ان الشارع لا يعتبر قوام النكاح بالعوض بخلاف البيع.

و استدل علي المدعي أيضا بأنه لو اشترط في النكاح الشرط الفاسد يصح النكاح مع تعليق الرضا بالشرط الفاسد و يشهد للمدعي ما رواه الوشاء عن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول: لو ان رجلا تزوج المرأة و جعل مهرها عشرين الفا و جعل لأبيها عشرة آلاف كان المهر جائزا و الذي جعله لأبيها فاسدا 3 و الذي ينبغي أن يقال في المقام حسب ما يختلج بالبال القاصر انه لا اشكال في ان مقتضي المقابلة التعويض و التعليق و ارتباط أحد الأمرين بالاخر و بعبارة

______________________________

(1) (1 و 2) لاحظ ص: 173

(2) (3) الوسائل الباب 9 من ابواب المهور الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 195

و ثبوت مهر المثل مع الدخول بها (1).

______________________________

اخري: ليس في المعاوضات أمران بل أمر واحد مقيد و الوجدان أصدق شاهد علي المدعي و العقود تابعة للقصود فلا مجال لأن يقال ان المعاوضة في العقود المعاوضية بحكم الشارع، و أما صحة النكاح فيما لا يذكر المهر فصحته بحكم الشارع و لا يقتضي الصحة في المقام اذ فرق بين مورد عدم تعيين العوض و اعتبار التزويج بلا قيد و مورد تقييد النكاح بمهر كذائي كما ان الحكم بالصحة فيما لو جعل الخمر المجهول مهرا بظن انه خل حكم شرعي ثابت بدليله.

و أما اشتراط

الشرط الفاسد في العقود فالحق انها لا توجب فسادها مطلقا و السر فيه ان العقد و الاعتبار معلق علي التزام الطرف المقابل و هذا الالتزام موجود عند العقد مثلا لو باع زيد دارا من بكر بشرط أن يشرب بكر مقدارا من الخمر يصح البيع و يفسد الشرط، و لا يسري فساده الي عقد البيع و الوجه فيه ان البيع معلق علي التزام بكر بشربه الخمر و التزامه موجود و متحقق عند البيع فيصح البيع لكن الشرط فاسد لكونه مخالفا للشرع، فظهر ان ما افيد لا يقتضي الصحة في المقام فان أحد المقامين اجنبي عن الاخر.

و أما الاستدلال بالنص ففيه ان الرواية ضعيفة بالوشاء و ان كانت دلالتها علي المدعي تامة فعلي هذا نقول لو تم اجماع كاشف عن رأي المعصوم عليه السلام فهو و الا يشكل الجزم بالمدعي نعم مقامنا و مورد جعل شي ء مهرا كما لو ظن ان الموجود الخارجي خلا فجعل مهرا ثم بان خمرا من واد واحد أي لا يكون نص بل لا بد من اتمام الأمر بالإجماع و التسالم.

(1) أما مع عدم الدخول فلا مهر لها بحسب الجعل اذ المفروض بطلان ما جعل مهرا و فساده و مع بطلانه و عدم ماليته لا مجال لأن تصل النوبة الي قيمته.

و بعبارة اخري: بعد عدم استحقاق شي ء شرعا لا موضوع للتدارك بالبدل كما

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 196

و لو امهر المدبر بطل التدبير (1).

[مسألة 3: لو شرط في العقد محرما بطل الشرط دون العقد]

(مسألة 3): لو شرط في العقد محرما بطل الشرط (2) دون العقد (3) و لو اشترط أن لا يخرجها من بلدها لزم الشرط (4) و يجوز أن تشترط الزوجة علي الزوج في عقد النكاح أو غيره أن لا يتزوج

عليها (5) و يلزم الزوج العمل به (6) و لكن لو تزوج صح تزويجه (7) كما يجوز أن تشترط

______________________________

انه لا متعة لها ان قلنا باختصاصها بالمفوضة لخروجها عن ذلك العنوان كما انه لا شي ء لها مع الموت و أما مع الدخول فالظاهر ثبوت مهر المثل لإطلاق جملة من النصوص الدالة علي ثبوت المهر بالدخول.

(1) اذ مع انتفاء الموضوع لا يبقي مجال للحكم و بعبارة اخري: تحقق العتق بعد الموت يتوقف علي بقاء العبد في ملك المولي الي حين وفاته و بقاء التدبير بحاله، و المفروض في المقام خروجه عن ملك المولي بجعله مهرا، فلاحظ.

(2) لأن نفوذ الشرط مشروط بعدم كونه مخالفا مع الشرع، فاذا كان مخالفا لا ينفذ.

(3) اذ لا وجه لفساد العقد بفساد الشرط فان العقد معلق علي الالتزام بذلك المحرم و المفروض تحقق ذلك الالتزام فيصح العقد بتحقق ما علق عليه و التعليق علي الأمر الموجود المحرز وجوده عند العقد لا دليل علي كونه مفسدا، و أما الالتزام فلا أثر له لكون متعلقه مخالفا مع الشرع.

(4) لنفوذ الشرط و المؤمنون عند شروطهم.

(5) لأنه شرط جائز فينفذ.

(6) فان الوفاء بالشرط واجب فيحرم عليه التزويج الجديد.

(7) لعدم ما يقتضي فساده، و ان شئت قلت: لا تنافي بين الصحة الوضعية

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 197

الوكالة علي طلاق نفسها عند ارتكابه بعض الامور من سفر طويل أو جريمة موجبة لحبسه أو غير ذلك فتكون وكيلة علي طلاق نفسها حينئذ (1) و لا يجوز له عزلها (2) فاذا طلقت نفسها صح طلاقها (3).

[مسألة 4: القول قول الزوج في قدر المهر]

(مسألة 4): القول قول الزوج في قدر المهر (4) و لو انكره بعد الدخول لزمه أقلّ الامرين مما تدعيه و مهر المثل (5) و لو

ادعت المواقعة فالقول قوله مع يمينه (6).

[مسألة 5: لو زوج الأب الصغير ضمن المهر إن لم يكن للولد مال و إلا كان علي الولد]

(مسألة 5): لو زوج الاب الصغير ضمن المهر إن لم يكن للولد مال و الا كان علي الولد (7).

______________________________

و الحرمة التكليفية و انما الواجب علي الزوج أن لا يتزوج و هذا الوجوب لا يسلب عنه حقه الوضعي أي صحة عقده، فلاحظ.

(1) اذ الوكالة في الطلاق جائز و تلزم بالشرط.

(2) أي لا يصح عزلها اذا الوكالة و لو كانت من العقود الجائزة لكن تلزم بوقوعه مورد الشرط.

(3) لأنه صدر من اهله حيث فرض انها وكيلة و فعل الوكيل كفعل الموكل واقع في محله.

(4) اذ البينة علي المدعي و أما المنكر فيسمع قوله لكونه موافق مع الأصل.

(5) اذ لو كان مهر المثل أقلّ مما تدعيه فالقول قول المنكر فيؤخذ بقوله و ان كان ما تدعيه أقلّ فتؤخذ باقرارها و اقرار العقلاء علي انفسهم جائز.

(6) لأن قوله موافق مع الأصل فيؤخذ به.

(7) بلا خلاف اجده بيننا بل الاجماع بقسميه عليه، هكذا في الجواهر،

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 198

[مسألة 6: للمرأة الامتناع قبل الدخول حتي تقبض المهر]

(مسألة 6): للمرأة الامتناع قبل الدخول حتي تقبض المهر (1).

______________________________

و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يزوج ابنه و هو صغير قال: ان كان لابنه مال فعليه المهر و ان لم يكن للابن مال فالأب ضامن المهر ضمن أو لم يضمن «1» و منها غيره المذكور في الباب المشار اليه و في المعتبر من هذه النصوص كفاية.

(1) قال في الحدائق: «2» «الظاهر انه لا خلاف بين الأصحاب في أنه يجوز للزوجة الغير المدخول بها الامتناع من تسليم نفسها حتي تقبض اذا كان المهر حالا و الزوج مؤسرا» الي أن قال، «و المشهور بل ادعي عليه

الاجماع هو جواز الامتناع لها» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و استدل علي المدعي مضافا الي الاجماع بوجوه: الاول: ان النكاح مع الاصداق معاوضة فلا يجب التسليم الا في صورة قبض العوض كما ان الأمر كذلك في باب المعاوضات كالبيع.

و يمكن أن يرد عليه: بأن النكاح ليس من المعاوضات الحقيقية فلا يترتب عليه حكم المعاوضات و هذا الايراد فاسد اذ لا اشكال في أنه يصدق التعاوض علي النكاح الذي يجعل فيه الصداق و لذا يقال بالنسبة الي المرأة التي تنكح نفسها بلا مهر انها مفوضة فقابل التفويض التعويض، نعم المعاوضة بين التزويج و الصداق

و بعبارة اخري: ليس الصداق في مقابل البضع بل الصداق في مقابل التزويج الا أن يقال بمقتضي الشرط الضمني الارتكازي تشترط الزوجة علي الزوج ان لا تمكنه من نفسها قبل قبض الصداق فان قلنا بأن الشرط الضمني في باب النكاح يؤثر كالشرط الضمني الواقع في بقية العقود نلتزم به.

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من ابواب المهور الحديث: 1

(2) ج- 24 ص: 459

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 199

______________________________

الثاني: ما رواه سماعة «1» بتقريب ان مقتضي مفهوم الرواية انه لا يجوز الدخول قبل اخذها صداقها ان قلت: مقتضي اطلاق الرواية عدم الجواز حتي مع عدم امتناعها و لا يمكن الالتزام به قلت: العرف يفهم من الحديث ان الحكم بلحاظ مراعاة الزوجة و مع عدم امتناعها لا مجال للمراعاة و هذا الوجه قوي أيضا فان مقتضي الظهور العرفي ان القبض موضوع لوجوب التسليم و التمكين.

الثالث: النصوص الدالة علي عدم جواز الدخول الا بعد اعطائها شيئا، منها ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا تزوج الرجل المرأة فلا يحل له فرجها حتي يسوق

اليها شيئا درهما فما فوقه او هدية من سويق أو غيره «2».

و منها: ما رواه بريد العجلي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل تزوج امرأة علي ان يعلمها سورة من كتاب اللّه، فقال: ما احب أن يدخل حتي يعلمها السورة و يعطيها شيئا، قلت: أ يجوز أن يعطيها تمرا أو زبيبا؟ قال: لا بأس بذلك اذا رضيت به كائنا ما كان «3».

و منها: ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرأة تهب نفسها للرجل ينكحها بغير مهر، فقال: انما كان هذا للنبي صلي اللّه عليه و آله، و أما لغيره فلا يصلح هذا حتي يعوضها شيئا يقدم اليها قبل أن يدخل بها قل او كثر، و لو ثوب أو درهم و قال: يجزي الدرهم 4 فان مقتضي هذه النصوص وجوب الاعطاء قبل الدخول.

______________________________

(1) لاحظ ص: 163

(2) الوسائل الباب 7 من ابواب المهور الحديث: 1

(3) (3 و 4) نفس المصدر الحديث: 2 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 200

الا أن يكون مؤجلا فلا يجوز لها الامتناع (1).

______________________________

و فيه اولا: ان هذه النصوص لا ترتبط بالمهر كما هو ظاهر و الكلام في المهر و ثانيا يعارضها ما رواه زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة أ يحل له أن يدخل بها قبل أن يعطيها شيئا؟ قال: نعم «1» فان قلنا بأن مقتضي الجمع العرفي بين الجانبين حمل تلك النصوص علي الاستحباب فهو و الا فيقع التعارض بين الطرفين و يسقطان و المرجع حديث سماعة حيث دل علي جواز الامتناع قبل تسلم الصداق و قبضه.

الرابع: ان الوفاء بالعقود لازم بمقتضي عموم الاية الشريفة و الوفاء في باب

المعاوضات تسليط كل منهما الطرف علي ما عنده بازاء التسليط الاخر فلا يجب علي المرأة تسليم نفسها قبل تسليم الطرف الصداق و فيه: ان وجوب الوفاء ارشاد الي اللزوم و لا يستفاد منه الوجوب التكليفي كما حقّقناه في كتاب البيع، فلا يرتبط بالمقام.

الخامس: ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة تهب نفسها للرجل ينكحها بغير مهر، فقال: انما كان هذا للنبي صلي اللّه عليه و آله فأما لغيره فلا يصلح هذا حتي يعوضها شيئا يقدم اليها قبل أن يدخل بها قل أو كثر، و لو ثوب او درهم. و قال: يجزي الدرهم «2» فان المستفاد من هذه الرواية انه لا يصلح النكاح بغير العوض و أيضا لا يصلح الدخول الا بعد تقديم ما جعل المهر و فيه: انه لا اشكال في جواز التفويض من قبل الزوجة، مضافا الي أنه لا يستفاد من الحديث فساد النكاح بلا مهر.

(1) بتقريب انه مع التأجيل لا حق للمرأة أن تمتنع، و بعبارة اخري الزوجة

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب المهور الحديث: 17

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب عقد النكاح و اولياء العقد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 201

و ان حل الاجل (1) و لا فرق بين الموسر و المعسر (2) و اذا مكنت من نفسها فليس لها الامتناع بعد ذلك لأجل ان تقبض المهر (3) فلو امتنعت حينئذ

______________________________

انما تقدر علي الامتناع في المورد الذي لها حق مطالبة العوض و مع فرض التأجيل لا مجال لمطالبة الصداق.

و فيه: ان المدرك لو كان حديث سماعة «1» فالظاهر انه لا فرق بين التأجيل و التعجيل فان مقتضي هذه الرواية عدم جواز الدخول الا بعد تسليم المهر

و الابراء كما انه لو كان المدرك الاشتراط لا بد من ملاحظة سعة دائرة الشرط و ضيقها و بعبارة اخري: يرتبط الاشتراط بما جعله المتعاقدان سعة و ضيقا و ان كان المدرك الاجماع فالقدر المعلوم منه صورة عدم التأجيل.

(1) بتقريب انه قبل حلول الأجل لم يكن وجه لجواز الامتناع فلا وجه له بعده و فيه: انه ان كان المدرك لجواز الامتناع حديث سماعة يجوز لها الامتناع بعده و اما ان كان المدرك هو الاجماع فلا يجوز لعدم الاجماع بعده، فيجب عليها التسليم.

(2) بتقريب ان القدر المعلوم من الاجماع جواز الامتناع في غير صورة التأجيل و أما مع التأجيل فلا اجماع و مقتضي وجوب التمكين وجوبه الا فيما قام الاجماع علي خلافه و لا يبعد أن يقال ان مقتضي حديث سماعة باطلاقه جواز الامتناع بلا فرق بين عسر الزوج و يسره فان المستفاد من الرواية جواز الامتناع قبل قبض المهر الا أن يقوم اجماع علي خلافه.

(3) لو كان المدرك الاجماع فلا يجوز لها الامتناع لعدم الاجماع، و اما ان كان المدرك حديث سماعة فالظاهر ان مقتضي اطلاقه جواز الامتناع كما انه لو

______________________________

(1) لاحظ ص: 163

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 202

صارت ناشزا (1).

[الفصل الثامن في القسمة و النشوز]

الفصل الثامن في القسمة و النشوز الظاهر عدم وجوب القسمة ابتداء مع تعدد الزوجات بالمبيت و لكن اذا بات عند احداهن ليلة من اربع ليال وجب المبيت عند الاخري ليلة منها (2).

______________________________

كان المدرك الاشتراط في ضمن العقد يكون الأمر كذلك فيختلف الحكم باختلاف مداركه، فلاحظ و اللّه العالم.

(1) اذ المفروض وجوبه عليها و مع فرض الوجوب لو امتنعت يتحقق النشوز.

(2) قال في الجواهر «1» «المشهور علي ما حكاه غير واحد وجوب القسمة ابتداء» الي

أن قال: «و قيل- و القائل الشيخ- فيما حكي عن مبسوطه: لا تجب القسمة حتي يبتدأ بها» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و ما يمكن أن يقال في تقريب الاستدلال علي الوجوب ابتداء وجوه: الوجه الاول قوله تعالي «وَ عٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» «2» بتقريب: ان المبيت عند الزوجة و المضاجعة معها من معظمها و من ناحية اخري الأمر في المقام للتكرار و ليس في كل الاوقات فيبقي أن تكون بحسب ما تقتضيه القسمة اذ لا قائل بثالث.

و بعبارة اخري: لا اشكال في أن الاية دالة علي وجوب المعاشرة بالمعروف فاذا قلنا بأن المضاجعة منها أو من اهمها تكون واجبه و لو لا الاجماع و النصوص

______________________________

(1) ج 31 ص: 150 و 152

(2) النساء/ 19

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 203

______________________________

علي عدم وجوبها في كل ليلة لقلنا بوجوب المبيت في كل ليلة فهذه الاية تكفي لإثبات المدعي ان لم يقم دليل علي خلافها فمقتضي الاية وجوب المضاجعة و لو مع كون الزوجة واحدة.

الوجه الثاني قوله تعالي وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسٰاءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ فَلٰا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهٰا كَالْمُعَلَّقَةِ «1» بتقريب ان الشارع ينهي عن كل الميل الي احدي الزوجتين لأجل عدم صيرورة الاخري كالمعلقة لا ذات بعل و لا مطلقة و حيث ان عدم المضاجعة يوجب ترتب هذه النتيجة تجب القسمة و لو مع عدم تعدد الزوجة.

و فيه: اولا ان ايجاب عدمها ترتب هذه النتيجة علي الاطلاق اول الكلام و الاشكال اذ يمكن جبران تركها بامور اخر و ثانيا ان الحكم المذكور في الاية حكم خاص وارد في مورد مخصوص و سريانه الي غير ذلك الموضوع يحتاج الي الدليل و بعبارة واضحة تختص بمورد

تعدد الزوجة و لا تشمل مورد كون الزوجة واحدة.

الوجه الثالث قوله تعالي وَ اللّٰاتِي تَخٰافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضٰاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَّ «2» بتقريب ان الاية الشريفة تدل علي جواز هجرهن في المضاجع مع خوف النشوز فلا يجوز مع عدم الخوف و هذا هو المطلوب.

و فيه: انه لا مقتضي للمفهوم اذ الوصف و اللقب لا مفهوم لهما.

الوجه الرابع: النصوص الدالة علي وجوب القسمة بين الحرة و الامة بالتثليث منها ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام قال سألته عن الرجل

______________________________

(1) النساء/ 130

(2) النساء/ 35

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 204

______________________________

يتزوج المملوكة علي الحرة قال: لا فاذا كانت تحته امرأة مملوكة فتزوج عليها حرة قسم للحرة مثلي ما يقسم للمملوكة «1».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام و يتزوج الحرة علي الامة و للحرة ليلتان و للأمة ليلة «2».

و منها: ما عنه أيضا و ان شاء نكح الحرة علي الامة ثم يقسم للحرة مثلي ما يقسم للامة «3».

و منها: ما عن أبي جعفر عليه السلام و اذا كانت الامة عنده قبل نكاح الحرة علي الامة قسم للحرة الثلثين من ماله و نفسه يعني نفقته و الامة الثلث من ماله و نفسه «4»

و الظاهر ان هذه النصوص صالحة لإثبات وجوب القسمة بين الامة و الحرة و تدل علي وجوب القسمة بين الحرتين أيضا لكن هذه الروايات لا تفي باثبات وجوب القسمة بالنسبة الي الزوجة الواحدة كما هو ظاهر.

الوجه الخامس: النصوص الدالة علي أن المرأة اذا احلت زوجها من ليلتها حلت له منها ما عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله تعالي: «وَ إِنِ امْرَأَةٌ خٰافَتْ

مِنْ بَعْلِهٰا نُشُوزاً أَوْ إِعْرٰاضاً» هي المرأة تكون عند الرجل فيكرهها فيقول لها اني اريد أن اطلقك فتقول له لا تفعل اني اكره ان تشمت بي و لكن انظر في ليلتي فاصنع بها ما شئت «5».

و منها: ما عن أبي الحسن عليه السلام في الاية اذا كان كذلك فهم بطلاقها فقالت

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب القسم و النشوز و الشقاق الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 11 من ابواب القسم و النشوز الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 205

______________________________

له أمسكني و أدع لك بعض ما عليك و احللك من يومي و ليلتي حل له ذلك «1»

و منها: حديث الشحام و لا تطلقني و ادع لك ما علي ظهرك و احل لك يومي و ليلتي فقد طاب له ذلك «2».

و منها: ما عن أبي جعفر عليه السلام من تزوج امرأة فلها ما للمرأة من النفقة و القسمة «3».

فانه يفهم عرفا من هذه النصوص ان القسمة واجبة و من حقوق الزوجة ان قلت الحكم لا يبين موضوعه و من الممكن أن تكون النصوص ناظرة الي مورد وجوب القسمة و هو عند تعدد الزوجة و الشروع في البيتوته عند واحدة قلت الانصاف ان حمل جميع هذه النصوص علي ذلك الفرض بعيد و العرف ببابك و اشتمال هذه النصوص علي اليوم و الحال ان اليوم ليس حقا لها لا يوجب رفع اليد عن الدليل بالنسبة الي الليل كما هو المقرر عندهم.

الوجه السادس: النصوص الدالة علي أن لكل امرأة ليلة لاحظ ما رواه حسين بن زياد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال سألته عن الرجل تكون

له المرأتان و احداهما احب اليه من الاخري، له أن يفضلها بشي ء؟ قال نعم له أن يأتيها ثلاثة ليال و الاخري ليلة، لأن له أن يتزوج أربع نسوة فليلتاه يجعلهما حيث يشاء (الي أن قال:) و للرجل أن يفضل نساءه بعضهن علي بعض ما لم يكن أربعا «4».

و تقريب الاستدلال انه يفهم من الحديث بلحاظ التعليل المذكور فيه ان لكل

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 1 من ابواب القسم و النشوز و الشقاق الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 206

______________________________

زوجة ليلة من أربع ليالي و لذا جوز الشارع تزويج اربع نسوة و علي هذا تكون القسمة واجبة حتي بالنسبة الي الزوجة الواحدة و لكن الانصاف انه لا يستفاد من هذه الطائفة وجوب القسمة بالنسبة الي الزوجة الواحدة اذ من الممكن ان الحكم لكل زوجة ليلة يكون مخصوصا بصورة التعدد فتأمل نعم يستفاد من هذه الأحاديث وجوب القسمة بالنسبة الي مورد تعدد الزوجة ابتداء و لا تشترط بالشروع و بالمبيت عند واحدة منهن.

الوجه السابع: النصوص الدالة علي أن اشتراط عدم القسم اذا كان قبل النكاح يكون باطلا و يكون تارك القسمة آثما منها ما رواه زرارة قال: كان الناس بالبصرة يتزوجون سرا فيشترط عليها أن لا آتيك الا نهارا و لا آتيك بالليل و لا اقسم لك قال زرارة و كنت أخاف أن يكون هذا تزويجا فاسدا، فسألت أبا جعفر عليه السلام عن ذلك فقال: لا بأس به يعني التزويج الا أنه ينبغي أن يكون هذا الشرط بعد النكاح و لو أنها قالت له بعد هذه الشروط قبل التزويج، نعم ثم قالت بعد ما تزوجها اني لا

أرض الا أن تقسم و تبيت عندي فلم يفعل كان آثما «1».

و منها: ما رواه أيضا قال: سئل أبو جعفر عليه السلام عن النهارية يشترط عليها عند عقدة النكاح أن يأتيها متي شاء كل شهر و كل جمعة يوما و من النفقة كذا و كذا قال ليس ذلك الشرط بشي ء و من تزوج امرأة فلها ما للمرأة من النفقة و القسمة «2».

فان هذه الطائفة تدل علي أن القسمة واجبة و لو مع وحدة الزوجة و ظهورها في المدعي غير قابل للإنكار.

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من ابواب المهور الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 207

______________________________

الوجه الثامن: ما رواه في الدعائم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه ان عليا صلوات اللّه عليه قال للرجل أن يتزوج اربعا فان لم يتزوج غير واحدة فعليه أن يبيت عندها ليلة من أربع ليالي و له أن يفعل في الثلاث ما احب مما احله اللّه له «1» فانه لا اشكال في دلالة الرواية علي المدعي.

الوجه التاسع: ما رواه الطبرسي عن الصادق عليه السلام عن آبائه ان النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم كان يقسم بين نسائه في مرضه فيطاف به بينهن «2» بتقريب ان هذه الرواية تدل علي مواظبة النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم علي القسمة و التأسي به واجب.

و فيه اولا: ان السند ضعيف بالارسال و ثانيا ان التأسي بالنبي صلي اللّه عليه و آله لا دليل علي وجوبه علي الاطلاق فتحصل ان المستفاد من الأدلة كتابا و سنة وجوب القسمة و لو بالنسبة الي الزوجة الواحدة.

و في مقابل هذا القول قول ذهب اليه بعض الأعاظم و هو المنقول

عن مبسوط الشيخ قدس سره و هو عدم وجوب القسم له بالنسبة الي الزوجة الواحدة و لا بالنسبة الي الزوجة المتعددة و الذي يمكن أن يستدل به علي المدعي وجوه أيضا الوجه الاول اصالة البراءة عن الوجوب و فيه انه لا مجال للأصل مع الدليل الاجتهادي.

الوجه الثاني: قوله تعالي فَإِنْ خِفْتُمْ أَلّٰا تَعْدِلُوا فَوٰاحِدَةً أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ ذٰلِكَ أَدْنيٰ أَلّٰا تَعُولُوا «3» بتقريب ان المستفاد من الاية ان الزوجة الواحدة

______________________________

(1) المستدرك الباب 1 من ابواب القسم و النشوز الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 5 من ابواب القسم و النشوز و الشقاق الحديث: 2

(3) النساء/ 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 208

______________________________

لا قسمة لها كالأمة و اذا ثبت عدم الوجوب بالنسبة الي الزوجة الواحدة يثبت بالنسبة الي المتعددة لعدم القول بالفصل الا مع الشروع.

و فيه: انه لا يستفاد من الاية هذا المعني بل المستفاد منها ان اختيار الزوجة الواحدة كملك اليمين يحفظ المكلف من ارتكاب خلاف العدالة و اما حكم الزوجة الواحدة ما هو؟ فلا تعرض في الاية له.

الوجه الثالث: النصوص الدالة علي حصر حقوق الزوجة في جملة من الامور ليست القسمة منها منها ما رواه اسحاق بن عمار أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن حق المرأة علي زوجها قال يشبع بطنها و يكسو جثتها و ان جهلت غفر لها «1».

و منها ما رواه عمرو بن جبير العزرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: جاءت امرأة الي النبي صلي اللّه عليه و آله فسألته عن حق الزوج علي المرأة فخبرها ثم قالت فما حقها عليه؟ قال: يكسوها من العري و يطعمها من الجوع و اذا اذنبت غفر لها قالت. فليس لها عليه شي ء غير

هذا قال لا «2».

و منها: ما رواه يونس بن عمار قال: زوجني أبو عبد اللّه عليه السلام جارية كانت لإسماعيل ابنه فقال احسن اليها قلت و ما الاحسان اليها قال اشبع بطنها و اكس جثتها و اغفر ذنبها «3».

و منها: ما رواه أبو القاسم الفارسي قال: قلت للرضا عليه السلام جعلت فداك ان اللّه يقول في كتابه فامساك بمعروف أو تسريح باحسان و ما يعني بذلك فقال:

اما الامساك بالمعروف فكف الاذي و احباء النفقة و أما التسريح باحسان فالطلاق

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 10، ص: 208

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب النفقات الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 209

و الا حوط القسمة ابتداء (1) بل الاحوط القسمة و ان اتحدت الزوجة (2) و لو وهبته احداهن وضع ليلتها حيث شاء (3) و لو وهبت

______________________________

علي ما نزل به الكتاب «1».

و منها: ما رواه شهاب بن عبد ربه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ما حق المرأة علي زوجها؟ قال: يسد جوعتها و يستر عورتها و لا يقبح لها وجها فاذا فعل ذلك فقد و اللّه أدي اليها حقها قلت فالدهن قال: غبا يوم و يوم لا قلت: فاللحم قال: في كل ثلاثة فيكون في الشهر عشر مرات لا اكثر من ذلك و الصبغ في كل ستة أشهر و يكسوها في كل سنة أربعة أثواب ثوبين للشتاء و ثوبين للصيف و لا ينبغي أن يفقد بيته من ثلاثة أشياء دهن الرأس و الخل و الزيت الحديث «2».

و فيه: ان غاية ما

تدل عليه هذه النصوص عدم وجوب شي ء آخر غير ما ذكر فيها و بعبارة اخري مقتضي الاطلاق و عدم البيان عدم وجوب شي ء آخر و مقتضي الصناعة تقييد الاطلاق بالمقيد فالنتيجة انه لو لا دليل خارجي دال علي عدم الوجوب لكان مقتضي ما تقدم وجوب القسمة ابتداء حتي بالنسبة الي الزوجة الواحدة.

(1) بل عرفت انها الأظهر و اللّه العالم.

(2) بل الأظهر انه كذلك.

(3) لجملة من النصوص منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل له امرأتان قالت احداهما: ليلتي و يومي لك يوما أو شهرا أو ما كان أ يجوز ذلك؟ قال: اذا طابت نفسها و اشتري ذلك منها فلا بأس «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب النفقات الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 6 من ابواب القسم و النشوز الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 210

______________________________

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن قول اللّه عز و جل: «وَ إِنِ امْرَأَةٌ خٰافَتْ مِنْ بَعْلِهٰا نُشُوزاً أَوْ إِعْرٰاضاً» فقال: هي المرأة تكون عند الرجل فيكرهها فيقول لها: اني اريد أن اطلقك فتقول له لا تفعل اني اكره أن تشمت بي و لكن انظر في ليلتي فاصنع بها ما شئت و ما كان سوي ذلك من شي ء فهو لك و دعني علي حالتي فهو قوله تعالي «فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا أَنْ يُصْلِحٰا بَيْنَهُمٰا صُلْحاً» و هذا هو الصلح «1».

و منها: ما رواه علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول اللّه عز و جل: (وَ إِنِ امْرَأَةٌ خٰافَتْ مِنْ بَعْلِهٰا نُشُوزاً أَوْ إِعْرٰاضاً) قال: اذا كان

كذلك فهم بطلاقها فقالت له: امسكني و ادع لك بعض ما عليك و احللك من يومي و ليلتي حل له ذلك و لا جناح عليهما «2».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن قول اللّه جل اسمه (وَ إِنِ امْرَأَةٌ خٰافَتْ مِنْ بَعْلِهٰا نُشُوزاً أَوْ إِعْرٰاضاً) قال: هذا تكون عنده المرأة لا تعجبه فيريد طلاقها فتقول له أمسكني و لا تطلقني و ادع لك ما علي ظهرك و اعطيك من مالي و احللك من يومي و ليلتي فقد طاب ذلك كله «3».

و منها ما رواه زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام «في الاية» هو أن تكون المرأة عند الرجل لا تعجبه فيريد طلاقها فتقول. امسكني و لا تطلقني و أدع لك ما علي ظهرك و احل لك يومي و ليلتي فقد طاب له ذلك «4».

و منها: ما رواه احمد بن محمد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال النشوز

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب القسم و النشوز الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 211

ضرتها بات عندها ان رضي بالهية (1) و الواجب المضاجعة ليلا لا المواقعة (2).

______________________________

الرجل يهم بطلاق امرأته فتقول له: ادع ما علي ظهرك و اعطيك كذا و كذا و احللك من يومي و ليلتي علي ما اصطلحا فهو جائز «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: ان تزوج امرأة و خافت منه نشوزا أو خافت أن يتزوج عليها فصالحت من حقها علي شي ء من قسمتها أو بعضها فان ذلك جائز لا بأس به «2».

(1) قال

في الحدائق و أما الهبة لبعض الزوجات فيدل عليه ما نقله في المسالك من رواية سودة بنت زمعة زوجة النبي صلي اللّه عليه و آله قال: بعد ذكر الحكم المذكور و الأصل في ذلك ما روي ان سودة بنت زمعة لما كبرت وهبت ليلتها لعائشة و كان النبي صلي اللّه عليه و آله يقيم لها يوما و يوم سودة انتهي.

و هذه الرواية لا اعتبار بها و لكن الذي يظهر من كلماتهم التسالم عليه و لا يبعد أن يقال ان الأمر علي طبق القاعدة اذ الحق بين الزوج و الزوجة فاذا رضيت الزوجة علي رفع اليد عن حقها بهذا النحو يجوز فيجب علي الزوج مع رضاه العمل بمقتضاه فلاحظ.

(2) بلا خلاف ظاهرا و مقتضي الاصل الأولي عدم وجوب المواقعة مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه ابراهيم الكرخي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل له أربع نسوة فهو يبيت عند ثلاث منهن في لياليهن فيمسهن فاذا بات عند الرابعة في ليلتها لم يمسها فهل عليه في هذا اثم قال انما عليه أن يبيت عندها في ليلتها و يظل عندها في صبيحتها و ليس عليه أن يجامعها اذا لم يرد ذلك «3»

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 5 من ابواب القسم و النشوز الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 212

و اذا تزوج حرة و أمة (1) او كتابية كان للحرة ليلتان من ثمان و للامة و الكتابية ليلة من ثمان

______________________________

(1) بلا خلاف معتد به اجده فيه هكذا في الجواهر و يدل علي المدعي ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليه السلام قال: سألته عن الرجل يتزوج المملوكة علي

الحرة؟ قال: لا، فاذا كانت تحته امرأته مملوكة فتزوج عليها حرة قسم للحرة مثلي ما يقسم للمملوكة «1».

و تدل علي الحكم بالنسبة الي تزويج الحرة و الامة جملة اخري من النصوص منها ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام و اذا كانت الامة عنده قبل نكاح الحرة علي الامة قسم للحرة الثلثين من ماله و نفسه يعني نفقته و الامة الثلث من ماله و نفسه «2».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا يتزوج الامة علي الحرة و يتزوج الحرة علي الامة و للحرة ليلتان و للامة ليلة «3»

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام و ان شاء نكح الحرة علي الامة ثم يقسم للحرة مثلي ما يقسم للامة «4».

(2) بلا خلاف معتد به اجده فيه بل عن الخلاف الاجماع عليه هكذا في الجواهر و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام هل للرجل أن يتزوج النصرانية علي المسلمة و الامة علي الحرة فقال لا تتزوج واحدة منهما علي المسلمة و تزوج المسلمة علي الامة و النصرانية

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب القسم و النشوز الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 213

و لا قسمة للمتمتع بها (1).

______________________________

و للمسلمة الثلثان و للامة و النصرانية الثلث «1».

و ربما يقال يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه أبو بصير يعني المرادي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل له امرأة نصرانية له أن يتزوج

عليها يهودية؟ فقال: ان أهل الكتاب مماليك للإمام و ذلك موسع منا عليكم خاصة فلا بأس أن يتزوج قلت فانه تزوج عليهما أمة قال: لا يصلح له أن يتزوج ثلاث اماء فان تزوج عليهما حرة مسلمة و لم تعلم أن له امرأة نصرانية ثم دخل بها فان لها ما أخذت من المهر فان شاءت أن تقيم بعد معه اقامت و ان شاءت أن تذهب الي أهلها ذهبت و اذا حاضت ثلاثة حيض أو مرت لها ثلاثة أشهر حلت للأزواج قلت فان طلق عليها اليهودية و النصرانية قبل أن تنقضي عدة المسلمة له عليها سبيل أن يردها الي منزله قال نعم «2».

و بما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن نصرانية كانت تحت نصراني و طلقها هل عليها عدة مثل عدة المسلمة قال: لا لأن اهل الكتاب (الكتابين) مماليك للإمام الحديث «3».

بتقريب ان الكتابية نزلت في الحديثين منزلة الاماء و مقتضي اطلاق التنزيل وحدة الحكم فيهما من هذه الجهة فتأمل.

(1) فان المتعة لا تحديد فيها من حيث العدد و الحال انه يفهم من النصوص الواردة في القسمة انها تختص بمورد التحديد أي اربع نسوة لاحظ ما رواه حسين بن زياد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: سألته عن الرجل تكون له

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب ما يحرم بالكفر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب ما يحرم بالكفر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 45 من ابواب العدد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 214

و لا للموطوءة بالملك (1) و تختص البكر عند الدخول بسبع و الثيب بثلاث (2).

______________________________

امرأتان و احداهما أحب اليه من الاخري له أن يفضلها بشي ء قال نعم

له أن يأتيها ثلاث ليال و الاخري ليلة لأن له أن يتزوج أربع نسوة فليلتاه يجعلهما حيث يشاء «1».

(1) لعدم ما يدل عليها و مقتضي الاصل الاولي عدم الوجوب مضافا الي عدم الخلاف و الاجماع بقسيمه كما في الجواهر.

(2) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت له الرجل تكون عنده المرأة يتزوج اخري أله أن يفضلها قال: نعم ان كانت بكرا فسبعة ايام و ان كانت ثيبا فثلاثة أيام «2» و هذه الرواية مرسلة و لا يخرجها عن الارسال التعبير بغير واحد.

و لاحظ ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتزوج البكر قال يقيم عندها سبعة ايام «3».

و هذه الرواية تامة سندا و لكن يتم دلالتها بالنسبة الي تفضيل البكر و في المقام طائفة من النصوص تدل علي تفضيل البكر بثلاث لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: اذا تزوج الرجل بكرا و عنده ثيب فله أن يفضل البكر بثلاثة أيام «4».

و ما رواه الحسن بن زياد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت له الرجل تكون عنده المرأة فيتزوج جارية بكرا قال: فليفضلها حين يدخل بها ثلاث ليال «5»، فيقع التعارض بين ما يدل علي الثلاث و بين ما يدل علي السبع و مع

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب القسم و النشوز الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب القسم و النشوز الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 215

و يستحب التسوية في الانفاق (1).

______________________________

عدم المرجح في احد الطرفين يتساقطان فتصل النوبة الاطلاق القسمة الا أن يتم

المدعي باجماع تعبدي قائم علي السبع و اللّه العالم.

و يمكن أن يقال: ان حديث هشام الدال علي السبع مطلق و لم يقيد الحكم يكون الزوج له زوجة اخري و ما يدل علي الثلاث مقيد بكونه ذا زوجة اخري فيقيد الاطلاق بما فيه التقييد و أما علي فرض التعارض فالظاهر ان الترجيح مع ما يدل علي الثلاث فان الدال علي السبع موافق لقول جماعة من العامة- علي ما يظهر من خلاف الطوسي قدس سره- «1».

و لكن قد تقدم منا في الجزء الثامن من هذا الشرح انه لا دليل علي ترجيح احد المتعارضين علي الاخر بموافقة الكتاب او بمخالفة العامة بل الترجيح منحصر بالأحدثية و حيث ان الأحدث غير محرز فلا طريق الي الترجيح فيدخل المقام في اشتباه الحجة بلا حجة فلا بد من العمل علي طبق القاعدة المقررة فلاحظ.

هذا بالنسبة الي البكر و أما تفضيل الثيب بثلاث ليال فالظاهر ان اثباته بنصوص الباب مشكل فان حديث محمد بن مسلم «2» ضعيف سندا بالارسال كما تقدم و أما حديث محمد بن مسلم الثاني قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام:

رجل تزوج امرأة و عنده امرأة فقال: ان كانت بكرا فليبت عندها سبعا و ان كانت ثيبا فثلاثا «3»، فأيضا ضعيف بالحضرمي.

(1) قال في الحدائق «4»: «و منها استحباب التسوية بين الزوجات في الانفاق و حسن المعاشرة و طلاقة الوجه و الجماع و نحو ذلك لما في ذلك من رعاية

______________________________

(1) ج- 2 ص: 210

(2) لاحظ ص: 214

(3) الوسائل الباب 2 من ابواب القسم و النشوز و الشقاق الحديث: 5

(4) ج 24 ص: 609

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 216

و يجب علي الزوجة التمكين (1).

______________________________

العدل و الانصاف و من الاخبار الجارية

في هذا المضمار ما رواه الصدوق مرسلا قال: و قال الصادق عليه السلام: رحم اللّه عبدا أحسن فيما بينه و بين زوجته فان اللّه عز و جل قد ملكه ناصيتها و جعله القيم عليها «1».

و قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: خيركم خيركم لأهله و أنا خيركم لأهلي «2» و قال: و قال صلي اللّه عليه و آله: عيال الرجل اسراؤه و احب العباد الي اللّه عز و جل أحسنهم صنعا الي اسرائه «3».

(1) ادعي عليه الاجماع و الظاهر انه لا اشكال في كون الحكم متسالما عليه عند القوم مضافا الي جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: جاءت امرأة الي النبي صلي اللّه عليه و آله فقالت: يا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ما حق الزوج علي المرأة؟ فقال لها: أن تطيعه و لا تعصيه و لا تصدق من بيته الا باذنه و لا تصوم تطوعا الا باذنه و لا تمنعه نفسها و ان كانت علي ظهر قتب و لا تخرج من بيتها الا باذنه و ان خرجت بغير اذنه لعنتها ملائكة السماء و ملائكة الارض و ملائكة الغضب و ملائكة الرحمة حتي ترجع الي بيتها قالت:

يا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله من أعظم الناس حقا علي الرجل؟ قال: والده قالت: فمن أعظم الناس حقا علي المرأة؟ قال: زوجها قالت: فما لي عليه من الحق مثل ماله علي قال: لا و لا من كل مأئة واحدة الحديث «4».

و منها: ما رواه عمرو بن جبير العزرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: جاءت امرأة الي رسول اللّه صلي اللّه

عليه و آله فقالت: يا رسول اللّه ما حق الزوج علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 88 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) الوسائل الباب 79 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 217

و ازالة المنفر (1) و له ضرب الناشزة من دون ادماء لحم و لا كسر عظم بعد و عظها و هجرها علي الترتيب (2).

______________________________

المرأة؟ فقال: أكثر من ذلك قالت: فخبرني عن شي ء منه قال: ليس لها أن تصوم الا باذنه يعني تطوعا و لا تخرج من بيتها بغير اذنه و عليها أن تتطيب بأطيب طيبها و تلبس أحسن ثيابها و تتزين بأحسن زينتها و تعرض نفسها عليه غدوة و عشية و أكثر من ذلك حقوقه عليها «1».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أتت امرأة الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقالت: ما حق الزوج علي المرأة؟ قال: أن تجيبه الي حاجته و ان كانت علي قتب و لا تعطي شيئا الا باذنه فان فعلت فعليها الوزر و له الأجر و لا تبيت ليلة و هو عليها ساخط قالت: يا رسول اللّه و ان كان ظالما؟ قال نعم الحديث «2».

(1) عن الجواهر: «ضرورة تحقق النشوز بالعبوس و الاعراض و التثاقل و اظهار الكراهة بالفعل و القول و نحوهما مما ينقص استمتاعه بها و تلذذه بها و عن محكي المسالك: يجب عليها التنظيف المعتاد و ازالة المنفر».

و يؤيد المدعي ما رواه عمرو بن جبير العزرمي «3» و يمكن أن يقال:

وجوب ازالة المنفر عليها من الواضحات فان المنفر مانع عن الاستمتاع و اساس الازدواج

و النكاح علي استمتاع الرجل من المرأة فلاحظ و اللّه العالم.

(2) في هذه الجملة التي أفاده الماتن فروع:

الفرع الاول: ان الزوجة اذا نشزت يعظها الزوج و عن علي بن ابراهيم في

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 216

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 218

______________________________

تفسيره: «اذا نشزت المرأة عن فراش زوجها قال: زوجها: اتقي اللّه و ارجعي الي فراشك فهذه الموعظة» الخ.

و الظاهر من المتن ان الامور المذكورة تترتب علي النشوز بأن الشرط حصوله و قد وقع الخلاف بين الاصحاب بأنه هل تثبت هذه الامور مع تحقق النشوز أو ظهور اماراته قبل وقوعه أو معها و الاصل في هذا الحكم قوله تعالي: «الرِّجٰالُ قَوّٰامُونَ عَلَي النِّسٰاءِ بِمٰا فَضَّلَ اللّٰهُ بَعْضَهُمْ عَليٰ بَعْضٍ وَ بِمٰا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوٰالِهِمْ فَالصّٰالِحٰاتُ قٰانِتٰاتٌ حٰافِظٰاتٌ لِلْغَيْبِ بِمٰا حَفِظَ اللّٰهُ وَ اللّٰاتِي تَخٰافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضٰاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلٰا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ عَلِيًّا كَبِيراً» «1».

و المستفاد من الاية الشريفة بحسب الفهم العرفي انه يكفي في ترتب الامور الثلاثة خوف النشوز اي احتماله احتمالا عقلائيا فان الخوف علي ما يستفاد من اللمعة علي الأمر المتوقع حصوله و أما الحزن فعلي الامر الواقع و استعمال الخوف احيانا في العلم لا يقتضي حمله عليه بلا قرينة.

و علي الجملة: الظهور حجة و مقتضاه في المقام جواز الاقدام بالامور المذكورة بمجرد الخوف و احتمال النشوز و عليه لا يتوقف علي تحققه بل لا يتوقف علي ظهور اماراته فان ظهور الامارات لا تكون له موضوعية بل تمام الموضوع احتمال تحقق النشوز.

ان قلت: كيف يجوز الضرب قبل تحقق النشوز و الحال ان العقوبة لا بد أن تكون علي

فعل مضافا الي الاجماع علي عدم جواز الضرب قبل تحقق النشوز.

قلت: الكلام في الهجر هو الكلام فان المضاجعة حق لها و تجب علي الزوج فكيف

______________________________

(1) النساء/ 34

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 219

______________________________

تجوز بلا تحققه و الحل انه لا مجال لهذا التقريب في قبال ظهور الاية في الجواز و أما الاجماع فالمحصل منه غير حاصل و المنقول منه غير حجة فالنتيجة: ان الامور المذكورة تترتب علي خوف النشوز فلاحظ.

الفرع الثاني: ان الامور المذكورة مترتبة فالدرجة الاولي الموعظة و الدرجة الثانية الهجر و الدرجة الثالثة الضرب و الاقوال متعددة مختلفة في المقام و المستفاد من الاية- ظاهرا- جواز الامور الثلاثة عند خوف النشوز بلا ترتيب بينها لعدم دليل علي الترتيب و مقتضي العاطف هو الجمع كما هو المقرر عند اهل الادب و علي الجملة يجوز ترتيب الامور الثلاثة علي خوف النشوز بلا ملاحظة الترتيب بينها بل يجوز الضرب ثم الهجر ثم الموعظة كما يجوز الجمع بينها و اللّه العالم.

الفرع الثالث: انه لا بد أن يكون الضرب علي نحو لا يدمي و لا يكسر و الاقوال فيه أيضا مختلفة فعن علي بن ابراهيم في تفسيره في جملة كلام له: «و الا ضربها ضربا غير مبرح» الي آخر كلامه.

و قال صاحب الحدائق: «و المراد من غير المبرح ما لا يدمي لحما و لا يهشم عظما. و نقل عن الشيخ في المبسوط انه نقل عن قوم ان المراد من الضرب أن يكون بمنديل ملفوف او درة و لا يكون بسياط و لا خشب».

و عن الفقه الرضوي «1»: «و الضرب بالسواك و شبهه ضربا رفيقا و عن مجمع البيان «2» عن الباقر عليه السلام: «انه الضرب بالسواك».

و في المقام رواية منقولة

عن تخف العقول عن النبي صلي اللّه عليه و آله «انه

______________________________

(1) الحدائق ج 24 ص: 618

(2) الحدائق ج 24 ص: 618

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 220

و لو نشز طالبته (1).

______________________________

قال في خطبة الوداع: ان لنسائكم عليكم حقا و لكم عليهن حقا حقكم عليهن أن لا يوطين فرشكم و لا يدخلن بيوتكم احدا تكرهونه الا باذنكم و أن لا يأتين بفاحشة فان فعلن فان اللّه قد أذن لكم أن تعظوهن و تهجروهن في المضاجع و تضربوهن ضربا غير مبرح فاذا انتهين و أطعنكم فعليكم رزقهن و كسوتهن بالمعروف «1»

و هذه الرواية ظاهرة الدلالة علي المدعي و في مجمع البحرين في مادة «برح»: «ضرب مبرح بكسر الراء أي شاق» و عليه يكون الضرب المبرح اعم من المدمي و الكاسر و لكن المرسلات لا اعتبار بها و اما حديث الفقه الرضوي فكون الكتاب منسوبا اليه عليه السلام اول الكلام و الاشكال فاتمام المدعي بالدليل المعتبر مشكل و اطلاق الاية الكريمة ينفي القيود و دينك اخوك فاحتط لدينك و اللّه العالم

(1) قال في الجواهر «2» «و أما اذا ظهر من الزوج النشوز بمنع حقوقها الواجبة من قسم و نفقة و نحوهما فلها المطالبة بها و وعظها اياه و الا رفعت أمرها الي الحاكم و كان للحاكم الزامه بها و ليس لها هجره و لا ضربه كما صرح به غير واحد مرسلين له ارسال المسلمات و ان رجت عوده الي الحق بهما لأنهما متوقفان علي الاذن الشرعي و ليست» الخ.

و يظهر من عبارة الماتن- كما يظهر من عبارة الجواهر- تقديم المطالبة علي رفع الأمر الي الحاكم و الذي تقتضيه القاعدة جواز المطالبة اذ المفروض منع الزوج حقها فلها مطالبته و

أما تقديمه علي الترافع و عدم جواز المراجعة الي الحاكم الا بعد عدم ترتب الفائدة علي الطلب فالظاهر انه لا وجه له و لذا لم يقيد في الحدائق جواز رفع الأمر الي الحاكم بهذا الشرط بل أفاد جواز الرجوع الي الحاكم

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب النفقات الحديث: 2

(2) ج- 31 ص: 207

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 221

و لها ترك بعض حقها أو كله استمالة و يحل قبوله (1).

______________________________

بمجرد النشوز.

(1) و الاصل فيه قوله تعالي: «وَ إِنِ امْرَأَةٌ خٰافَتْ مِنْ بَعْلِهٰا نُشُوزاً أَوْ إِعْرٰاضاً فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا أَنْ يُصْلِحٰا بَيْنَهُمٰا صُلْحاً وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ» «1».

و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن قول اللّه عز و جل: «وَ إِنِ امْرَأَةٌ خٰافَتْ مِنْ بَعْلِهٰا نُشُوزاً أَوْ إِعْرٰاضاً» فقال هي المرأة تكون عند الرجل فيكرهها فيقول لها: اني اريد أن اطلقك فتقول له: لا تفعل اني أكره أن تشمت بي و لكن انظر في ليلتي فاصنع بها ما شئت و ما كان سوي ذلك من شي ء فهو لك و دعني علي حالتي فهو قوله تعالي «فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا أَنْ يُصْلِحٰا بَيْنَهُمٰا صُلْحاً» و هذا هو الصلح «2».

و منها: ما رواه علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول اللّه عز و جل: «وَ إِنِ امْرَأَةٌ خٰافَتْ مِنْ بَعْلِهٰا نُشُوزاً أَوْ إِعْرٰاضاً» قال: اذا كان كذلك فهم بطلاقها فقالت له: أمسكني و أدع لك بعض ما عليك و احللك من يومي و ليلتي حل له ذلك و لا جناح عليهما «3».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال: سألته عن قول اللّه جل اسمه: «وَ إِنِ امْرَأَةٌ خٰافَتْ مِنْ بَعْلِهٰا نُشُوزاً أَوْ إِعْرٰاضاً» قال: هذا تكون عنده المرأة لا تعجبه فيريد طلاقها فتقول له: أمسكني و لا تطلقني و أدع لك ما علي ظهرك و اعطيك من مالي و احللك من يومي و ليلتي فقد طاب ذلك كله «4».

______________________________

(1) النساء/ 128

(2) الوسائل الباب 11 من ابواب القسم و النشوز و الشقاق الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 222

و لو كره كل منهما صاحبه أنفذ الحاكم حكمين من أهلهما أو اجنبيين مع تعذر الاهليين علي الاحوط (1).

______________________________

و منها: ما رواه زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: النشوز يكون من الرجل و المرأة جميعا فأما الذي من الرجل فهو ما قال اللّه عز و جل في كتابه:

«وَ إِنِ امْرَأَةٌ خٰافَتْ مِنْ بَعْلِهٰا نُشُوزاً أَوْ إِعْرٰاضاً فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا أَنْ يُصْلِحٰا بَيْنَهُمٰا صُلْحاً وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ» و هو أن تكون المرأة عند الرجل لا تعجبه فيريد طلاقها فتقول أمسكني و لا تطلقني و ادع لك ما علي ظهرك و احل لك يومي و ليلتي فقد طاب له ذلك «1» و منها: غيرها المذكور في الباب 11 من أبواب القسم و النشوز و الشقاق من الوسائل.

(1) و هذا هو الشقاق قال في الحدائق «2»: «و هو أن يكره كل واحد من الزوجين صاحبه فيكون كل واحد منهما بكراهيته للاخر في شق عنه أي ناحية و الحكم في ذلك بعث كل واحد منهما حكما من أهله» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و الاصل في هذا الحكم قوله تعالي: «وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقٰاقَ بَيْنِهِمٰا فَابْعَثُوا حَكَماً

مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِهٰا إِنْ يُرِيدٰا إِصْلٰاحاً يُوَفِّقِ اللّٰهُ بَيْنَهُمٰا إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ عَلِيماً خَبِيراً» «3».

و في ذيل الاية جملة من النصوص منها: ما رواه سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عز و جل: «فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِهٰا» أ رأيت ان استأذن الحكمان فقالا للرجل و المرأة: أ ليس قد جعلتما أمر كما إلينا في الاصلاح و التفريق؟ فقال الرجل و المرأة: نعم فاشهدا بذلك شهودا عليهما أ يجوز

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) ج 24 ص: 622

(3) النساء/ 34

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 223

______________________________

تفريقهما عليهما؟ قال: نعم و لكن لا يكون ذلك الا علي طهر من المرأة من غير جماع من الزوج قيل له: أ رأيت ان قال أحد الحكمين: قد فرقت بينهما و قال الاخر: لم افرق بينهما فقال: لا يكون التفريق حتي يجتمعا جميعا علي التفريق فاذا اجتمعا علي التفريق جاز تفريقهما «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: و سألته عن قول اللّه تعالي: «فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِهٰا» قال: ليس للمصلحين أن يفرقا حتي يستأمرا «2».

و منها: ما رواه زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله تعالي:

«فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِهٰا» قال: ليس للحكمين أن يفرقا حتي يستأمرا الرجل و المرأة «3».

و منها: ما في خبر آخر عن الحلبي عنه: و يشترط عليهما ان شاء اجمعا و ان شاء افرقا فان جمعا فجائز و ان فرقا فجائز «4».

و منها: ما في رواية فضالة فان رضيا و قلداهما الفرقة ففرقا فهو جائز «5».

و منها: ما رواه

عبيدة قال: أتي علي بن أبي طالب عليه السلام رجل و امرأة مع كل واحد منهما فئام من الناس فقال علي عليه السلام: ابعثوا حكما من اهلها و حكما من اهله ثم قال للحكمين: هل تدريان ما عليكما ان رأيتها أن تجمعا

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من ابواب القسم و النشوز و الشقاق الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 224

______________________________

جمعتها و ان شئتما أن تفرقا فرقتها فقالت المرأة: رضيت بكتاب اللّه علي ولي فقال الرجل: أما في الفرقة فلا فقال علي عليه السلام: لا تبرح حتي تقر بما أقرت به «1».

و للبحث في هذا المقام جهات: الجهة الاولي في أن الشقاق هل يتحقق بكراهة كل منهما صاحبه و لو لم يمتنع احدهما من حقوق الاخر؟ كما هو ظاهر المتن او يتوقف علي النشوز من كل منهما؟ الذي يظهر من الاية الشريفة و من النصوص الواردة في ذيلها كفاية الكراهة الموجبة لخوف الشقاق فاذا صدق عنوان الخوف من الشقاق يترتب عليه حكمه و بعبارة اخري يكفي في تحقق الحكم مجرد الاحتمال العقلائي كما مر في نشوز الزوجة و صفوة القول انه يكفي في ترتب الحكم احتمال الشقاق احتمالا عقلائيا فلاحظ.

نعم يستفاد من حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا نشزت المرأة علي الرجل فهي الخلعة فليأخذ منها ما قدر عليه و اذا نشز الرجل مع نشوز المرأة فهو الشقاق «2»، توقف الشقاق علي ظهور النشوز من الرجل و المرأة لكن الحديث ضعيف سندا فلا يترتب عليه اثر.

الجهة الثانية: انه من هو المخاطب في الاية الشريفة؟ ربما يقال: ان المخاطب

هما زوجان و يرد عليه: انه يعلم خلافه من الضمائر الموجودة في الاية و ان المخاطب غير الزوجين فان المناسب كان أن يقال: «و ان خفتما الشقاق بينكما فابعثا حكمين من اهلكما» و ربما يقال: بأن المخاطب اهل الزوجين و هذا القول أيضا لا يساعده ظاهر الاية الشريفة اذ المناسب أن يقال: «فابعثوا حكمين منكم».

و في المقام قول ثالث و هو ان المخاطب الحاكم الشرعي- كما في المتن-

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 11 من ابواب القسم و النشوز و الشقاق الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 225

______________________________

و هذا هو الاقوي ظاهرا فالمامور بهذا الأمر الالهي الحكام و لا ينافي ما ذكر مع ما في حديث سماعة و الحلبي «1» من استيذان الحكمين الزوجين اذ لا مانع من كون البعث راجعا الي الحاكم و مع ذلك يعتبر استيذانهما مضافا الي أن الاستيذان في الحديث راجع الي الطلاق فلاحظ.

الجهة الثالثة: ان الأمر بالبعث الوارد في الاية للوجوب او الاستحباب؟

لا اشكال في ظهور الامر في الوجوب- كما حقق في الاصول- و لا وجه لرفع اليد عن الظهور و مناسبة الحكم و الموضوع تقتضي الوجوب فان الصلح خير و الشقاق و النزاع مبغوض عند الشارع الأقدس لكن السيرة الخارجية ليست جارية عليه و دعوي: ان حكام الشرع يبعثون الحكمين في كل مورد يخافون الشقاق بين الزوجين جزافية.

الجهة الرابعة: في أنه هل اللازم أن يكون الحكمان من اهلهما أم لا يعتبر؟

أم يعتبر مع الامكان و لا يعتبر مع عدم الامكان؟ لا اشكال في أن مقتضي نص الاية الشريفة هو الاعتبار و ما قيل في تقريب القول الثاني وجوه:

الاول: ان الغرض يحصل بالأجنبي كما يحصل بالأهل. و فيه انه

اجتهاد في مقابل النص الكتابي.

الثاني: ان الاية مسوقة للإرشاد و فيه: ان الظاهر من الأمر المولوية لا الارشاد مضافا الي أن الارشاد يقتصر عليه بمقدار دلالة الدليل.

الثالث: ظهور النصوص في الاطلاق. و فيه: انه لا اطلاق في النصوص من هذه الجهة اذ ليست في مقام البيان من هذا الحيثية.

الرابع: ان الحكم عام للزوجين اللذين لهما أهل و لغيرهما. و فيه: ان

______________________________

(1) لاحظ ص: 222- 226

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 226

فان رأيا الصلح أصلحا (1) و ان رأيا الفرقة راجعاهما في الطلاق و البذل (2) و مع اختلافهما لا بد للزوجة من أن تصبر مع زوجها ان كان العصيان منها أو منهما (3) و ان كان من الزوج فقط رفعت أمرها الي

______________________________

المفروض ان الموضوع مقيد و التعدي عن مورد الحكم الي مورد آخر بلا وجه كما هو المقرر عندهم في جميع الموارد و الاستحسان لا مجال له عند اصحابنا مضافا الي أن الزوجين اللذين لا أهل لهما في غاية الندرة و القلة بحيث لا يبعد أن يلحقا بالمعدوم فالحق هو القول الاول و مما ذكر ظهر انه لا وجه للقول الثالث فلاحظ.

(1) في بعض الكلمات «انه لا خلاف علي الظاهر بينهم في أن الحكمين يتبع نظرهما في الصلح بلا توقف علي شي ء» و لكن الذي يظهر من بعض نصوص الباب ان الصلح لا بد من كونه بنظر الزوجين و اذنهما لاحظ ما رواه سماعة «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان الصلح يتوقف علي موافقتهما و الا فلا يجوز و لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن قول اللّه عز و جل:

«فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِهٰا» قال:

ليس للحكمين أن يفرقا حتي يستأمرا الرجل و المرأة و يشترطان عليهما ان شاءا جمعا و ان شاء افرقا فان جمعا فجائز و ان فرقا فجائز «2» فان المستفاد من هذا الحديث ان الاصلاح يتوقف علي الاستيذان كما أن الطلاق يتوقف عليه فان تم المدعي اجماعا فهو و الا يشكل الجزم بالاطلاق و اللّه العالم.

(2) الظاهر انه يكفي احد الأمرين: اما المراجعة- كما في المتن- و اما الاشتراط من اول الأمر- كما في حديث الحلبي و سماعة- فلاحظ.

(3) اذ في هذه الصورة لا طريق الي اجبار الزوج علي أحد الأمرين من الامساك

______________________________

(1) لاحظ ص: 222

(2) الوسائل الباب 10 من ابواب القسم و النشوز و الشقاق الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 227

الحاكم الشرعي (1) فيأمر الحاكم زوجها بالرجوع و الانفاق أو الطلاق و التسريح (2).

______________________________

بالمعروف أو التسريح بالاحسان.

(1) فان المرجع في الحوادث الحاكم الشرعي فترجع اليه.

(2) فان المستفاد من قوله تعالي: «الطَّلٰاقُ مَرَّتٰانِ فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ» «1» و قوله تعالي: «وَ إِذٰا طَلَّقْتُمُ النِّسٰاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ» «2» و قوله تعالي: فَإِذٰا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فٰارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ «3»، ان حكم الزوج دائر بين أمرين اما امساك بمعروف أو تسريع باحسان كما ان التخيير بين الأمرين يستفاد من بعض النصوص.

لاحظ ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ظاهر من امرأته قال: ان أتاها فعليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا و الا ترك ثلاثة أشهر فان فاء و الا اوقف حتي يسأل لك حاجة في امرأتك أو تطلقها فان فاء فليس عليه شي ء و هي امرأته و ان

طلق واحدة فهو أملك برجعتها «4».

هذا من ناحية و من ناحية اخري ان المقام داخل في الامور الحسبية التي يكون القائم بها الحاكم الشرعي في الدرجة الاولي بل يستفاد من بعض النصوص انه لو لم ينفق عليها يفرق بينهما لاحظ ما رواه ربعي بن عبد اللّه و الفضيل بن يسار جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله تعالي: «وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّٰا

______________________________

(1) البقرة/ 229

(2) البقرة/ 231

(3) الطلاق/ 2

(4) الوسائل الباب 18 من ابواب الظهار

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 228

[الفصل التاسع في أحكام الأولاد]

اشارة

الفصل التاسع في أحكام الاولاد يلحق الولد بالاب في الدائم و المنقطع بشروط (1) الاول الدخول (2).

______________________________

آتٰاهُ اللّٰهُ» قال: ان انفق عليها ما يقيم ظهرها مع كسوة و الا فرق بينهما «1».

و ما رواه أبو بصير يعني المرادي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:

من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها و يطعمها ما يقيم صلبها كان حقا علي الامام أن يفرق بينهما «2».

و ما رواه روح بن عبد الرحيم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: قوله عز و جل «وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّٰا آتٰاهُ اللّٰهُ» قال: اذا أنفق عليها ما يقيم ظهرها مع كسوة و الا فرق بينهما «3».

و ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّٰا آتٰاهُ اللّٰهُ» قال: اذا أنفق الرجل علي امرأته ما يقيم ظهرها مع الكسوة و الا فرق بينهما «4».

(1) يقع الكلام تارة في العقد الدائم و اخري في العقد المنقطع فهنا مقامان:

المقام الاول: في العقد الدائم قال في الحدائق «5»: «لا خلاف بين

الاصحاب كما ادعاه جملة منهم ان ولد الزوجة الدائمة يلحق بالزوج بشروط ثلاثة» الخ.

(2) بلا خلاف فيه في الجملة كما في بعض الكلمات.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب النفقات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 12

(5) ج- 25 ص 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 229

مع العلم بالانزال أو احتماله (1) أو الانزال علي فم الفرج فتحمل (2).

______________________________

(1) اذ مع عدم العلم و عدم الاحتمال لا مجال للإلحاق و بعبارة اخري: كيف يمكن الالحاق مع القطع بالخلاف و يدل علي المدعي ما رواه أبو البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم السلام قال: جاء رجل الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقال: كنت اعزل عن جارية لي فجاءت بولد فقال عليه السلام: ان الوكاء قد ينفلت فألحق به الولد «1» و الحديث ضعيف بأبي البختري.

(2) المعروف من مذهب الأصحاب- كما في بعض الكلمات- ان الولد يلحق بالزوج في هذه الصورة و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه أبو البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام ان رجلا أتي علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: ان امرأتي هذه حامل و هي جارية حدثة و هي عذراء و هي حامل في تسعة أشهر و لا أعلم الا خيرا و أنا شيخ كبير ما افترعتها و انها لعلي حالها فقال له علي عليه السلام نشدتك اللّه هل كنت تحريق علي فرجها فقال علي عليه السلام ان لكل فرج ثقبين ثقب يدخل فيه ماء الرجل و ثقب يخرج منه البول و ان أفواه الرحم تحت ثقب الذي يدخل فيه ماء الرجل فاذا دخل الماء في

فم واحد من أفواه الرحم حملت المرأة بولد و اذا دخل من اثنين حملت باثنين و اذا دخل من ثلاثة حملت بثلاثة و اذا دخل من أربعة حملت بأربعة و ليس هناك غير ذلك و قد ألحقت بك ولدها فشق عنها القوابل فجاءت بغلام فعاش «2».

و بما رواه المفيد قال: روي نقلة الآثار من العامة و الخاصة ان امرأة نكحها شيخ كبير فحملت فزعم الشيخ انه لم يصل اليها و أنكر حملها فالتبس الأمر علي عثمان و سأل المرأة هل اقتضك الشيخ؟ و كانت بكرا فقالت: لا فقال عثمان: أقيموا

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من ابواب أحكام الاولاد

(2) الوسائل الباب 16 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 230

الثاني: مضي ستة اشهر من حين الوطي و نحوه (1).

______________________________

الحد عليها فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ان للمرأة سمين: سم البول و سم المحيض فلعل الشيخ كان ينال منها فسال ماؤه في سم المحيض فحملت منه فاسألوا الرجل عن ذلك فسئل فقال: قد كنت انزل الماء في قبلها من غير وصول اليها بالاقتضاض فقال أمير المؤمنين عليه السلام: الحمل له و الولد ولده و أري عقوبته علي الانكار له فصار عثمان الي قضائه «1» و الحديثان ضعيفان بأبي البختري و الارسال.

(1) قال في الجواهر «2»: «الثاني مضي ستة أشهر هلالية أو عددية أو ملفقة من حين الوطء لأنها أقلّ الحمل كتابا و سنة مستفيضة أو متواترة و اجماعا محكيا كذلك بل في المسالك نسبة ذلك الي علماء الإسلام بل و محصلا» الخ و المراد من الكتاب قوله تعالي: «وَ حَمْلُهُ وَ فِصٰالُهُ ثَلٰاثُونَ شَهْراً» «3».

و أما النصوص المشار اليها فمنها: ما رواه الحلبي عن أبي

عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كان للرجل منكم الجارية يطأها فيعتقها فاعتدت و نكحت فان وضعت لخمسة أشهر فانه لمولوها الذي اعتقها و ان وضعت بعد ما تزوجت لستة أشهر فانه لزوجها الاخير «4».

و منها: ما رواه وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: يعيش الولد لستة أشهر و لسبعة أشهر و لتسعة أشهر و لا يعيش لثمانية أشهر «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) ج- 31 ص: 224

(3) الاحقاف/ 15

(4) الوسائل الباب 17 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 231

الثالث: عدم التجاوز عن أقصي الحمل (1) و هو تسعة أشهر (2) أو عشرة أشهر (3) أو سنة (4) و المشهور الاول و الاظهر الاخير (5).

______________________________

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن سيابة عمن حدثه عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن غاية الحمل بالولد في بطن امه كم هو؟ فان الناس يقولون: ربما بقي في بطنها سنتين «سنين خ ل» فقال: كذبوا أقصي مدة الحمل تسعة اشهر و لا يزيد لحظة و لو زاد ساعة «لحظة» لقتل امه قبل أن يخرج «1».

و منها: ما رواه عبد الرحمن العزرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان بين الحسن و الحسين عليهما السلام طهر و كان بينهما في الميلاد ستة أشهر و عشرا «2» و منها غيرها المذكور في الباب 17 من أبواب أحكام الاولاد من الوسائل.

(1) عن الرياض اجماع المسلمين عليه.

(2) قال في الجواهر «3»: «و هو تسعة أشهر علي الأشهر بل المشهور بل عن ظاهر الاسكافي و الطوسي في المبسوط و الخلاف اجماعنا عليه».

(3) و القائل بهذا القول

الشيخ- قدس سره- في المحكي عن مبسوطه هكذا في الجواهر.

(4) قال في الجواهر: «و قيل سنة و هو متروك و ان نسب الي المرتضي في الانتصار مدعيا عليه الاجماع و الجامع و أبي الصلاح و مال اليه في المختلف بل في المسالك انه اقرب الي الصواب» الخ.

(5) كما تقدم و ما يمكن أن يستدل به علي القول المشهور وجوه: الوجه الأول الاجماع و حاله في الاشكال ظاهر.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) ج- 31 ص: 224

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 232

______________________________

الوجه الثاني: ما رواه عبد الرحمن عمن حدثه «1» و هذه الرواية تامة في الدلالة علي المدعي و لكنها لا اعتبار بسندها كما هو ظاهر.

الوجه الثالث: ما رواه وهب «2» فان الظاهر من هذه الرواية بمقتضي الاطلاق المقامي كون أقصي الحمل تسعة أشهر و هذا الاطلاق قابل للتقييد لو كان دليل علي تقييده مضافا إلي الاشكال في السند فان وهب الراوي عن الامام عليه السلام لم يثبت وثاقته بل في السند اشكال آخر.

الوجه الرابع: ما رواه محمد بن حكيم عن أبي الحسن عليه السلام قال:

قلت له: المرأة الشابة التي تحيض مثلها يطلقها زوجها فيرتفع طمثها كم عدتها؟

قال: ثلاثة أشهر قلت: فانها ادعت الحبل بعد ثلاثة أشهر قال: عدتها تسعة أشهر قلت: فانها ادعت الحبل بعد تسعة أشهر قال: انما الحمل تسعة أشهر قلت: تزوج قال: تحتاط بثلاثة أشهر قلت: فانها ادعت بعد ثلاثة أشهر قال: لا ريبة عليها تزوج ان شاءت «3».

و هذه الرواية و ان كانت لا بأس بدلالتها علي المدعي لكن سندها مخدوش بمحمد بن حكيم.

الوجه الخامس: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه أو أبي الحسن عليهما السلام قال:

قلت له: رجل طلق امرأته فلما مضت ثلاثة أشهر ادعت حبلا قال: ينتظر بها تسعة أشهر الحديث «4» و هذه الرواية ضعيفة سندا بمحمد بن حكيم و غيره.

______________________________

(1) لاحظ ص: 231

(2) لاحظ ص: 230

(3) الوسائل الباب 25 من ابواب العدد الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 233

______________________________

الوجه السادس: ما رواه أبان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان مريم حملت بعيسي تسع ساعات كل ساعة شهرا «1». و هذه الرواية ضعيفة سندا مضافا الي أنه لا دلالة فيها علي المدعي.

الوجه السابع: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سمعت أبا ابراهيم عليه السلام يقول: اذا طلق الرجل امرأته فادعت حبلا انتظر بها تسعة أشهر فان ولدت و الا أعتدت بثلاثة أشهر ثم قد بانت منه «2».

و الظاهر ان هذه الرواية تامة سندا و دلالة علي المدعي اذ المستفاد من الحديث ان أقصي الحمل تسعة أشهر و الامر بالاعتداد بثلاثة أشهر للتعبد و بعبارة اخري:

هي عدة شرعية نظير من مات زوجها قبل سنين من مفارقتها و ما شاكل.

و مما يدل علي المدعي ما رواه عمار الساباطي قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل عنده امرأة شابة و هي تحيض في كل شهرين أو ثلاثة أشهر حيضة واحدة كيف يطلقها زوجها؟ فقال: أمر هذه شديد هذه تطلق طلاق السنة تطليقة واحدة علي طهر من غير جماع بشهود ثم تترك حتي تحيض ثلاث حيض متي حاضتها فقد انقضت عدتها قلت له: فان مضت سنة و لم تحض فيها ثلاث حيض فقال يتربص بها بعد السنة ثلاثة أشهر ثم قد انقضت عدتها قلت فان ماتت او مات زوجها؟ قال: ايهما مات ورثه

صاحبه ما بينه و بين خمسة عشر شهرا «3».

فان الأمر بالاعتداد اذا كان بلحاظ اقصي مدة الحمل يلزم أن يكون أقصاه خمسة عشر شهرا و صفوة القول: ان باب التعبد واسع و من ناحية اخري الظهور

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 25 من ابواب العدد الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 13 من ابواب العدد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 234

______________________________

حجة و لا بد من مراعاته و الأخذ به.

الوجه الثامن: ما رواه أبو حمزة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الخلق قال: ان اللّه تبارك و تعالي لما خلق الخلق من طين أفاض بها كإفاضة القداح فأخرج المسلم فجعله سعيدا و جعل الكافر شقيا فاذا وقعت النطفة تلقتها الملائكة فصوروها ثم قالوا يا رب أ ذكرا أو انثي؟ فيقول الرب جل جلاله: أي ذلك شاء؟ فيقولان تبارك اللّه احسن الخالقين ثم توضع في بطنها فتردد تسعة أيام في كل عرق و مفصل و منها للرحم ثلاثة أقفال: قفل في أعلاها مما يلي أعلي الصرة من الجانب الايمن و القفل الاخر وسطها و القفل الاخر أسفل من الرحم فيوضع بعد تسعة أيام في القفل الأعلي فيمكث فيه ثلاثة أشهر فعند ذلك يصيب المرأة خبث النفس و التهوع ثم ينزل الي القفل الأوسط فيمكث فيه ثلاثة أشهر و صرة الصبي فيها مجمع العروق و عروق المرأة كلها منها يدخل طعامه و شرابه من تلك العروق ثم ينزل الي القفل الأسفل فيمكث فيه ثلاثة أشهر فذلك تسعة أشهر ثم تطلق المرأة فكل ما طلقت انقطع عرق من صرة الصبي فاصابها ذلك الوجع و يده علي صرته حتي يقع الي الارض و يده

مبسوطة فيكون رزقه حينئذ من فيه «1».

و الظاهر ان الحديث تام سندا ان كان المراد بابن فضيل الثقة و أما من حيث الدلالة فالظاهر منه زيادة تسعة أيام علي تسعة اشهر و يمكن ارجاعها- كما في الجواهر- في التسعة أشهر بضرب من التأويل بحمل قوله «في القفل الاول فيمكث» الي آخره علي الثلاثة التي منها التسعة و الشاهد عليه ذيل الرواية اي قوله: «فذلك تسعة أشهر» و باقي النصوص و قال في الجواهر: «ان ابقائه علي ظاهره مخالف للإجماع» فالمتحصل مما تقدم ان الحق الذي لا بد من الاخذ به

______________________________

(1) الكافي ج 6 ص 15 حديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 235

______________________________

بمقتضي الدليل هو القول المشهور.

و أما القول بالسنة فيمكن الاستدلال عليه أيضا بوجوه: الوجه الاول: الاستصحاب بتقريب: انه لا دليل علي أقل من السنة و مع الشك يجري استصحاب حكم الفراش.

و فيه: ان الدليل قائم علي كون التسع أقصي مدة الحمل و مع وجود الدليل لا مجال للاستصحاب مضافا الي عدم جريان الاستصحاب في الحكم الكلي.

الوجه الثاني: الاجماع فانه نقل عن المرتضي في الانتصار الاجماع علي المدعي و فيه ان الاجماع المنقول لا يكون حجة مضافا الي أنه يحتمل أن يكون الاجماع علي عدم كون المدة أزيد من السنة و أما الاجماع علي أن أقصاها السنة فلا فلاحظ.

الوجه الثالث: ما رواه غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال أدني ما تحمل المرأة لستة أشهر و أكثر ما تحمل لسنتين» «1» فان صاحب الوسائل ذكر السنة بالتثنية و لكن في بعض النسخ- علي ما في الجواهر- ذكر اللفظ مفردا فتكون الرواية دليلا علي القول الثالث و هذه الرواية ضعيفة سندا فلا مجال

للبحث في دلالتها مضافا الي اختلاف النسخة كما ذكرنا.

الوجه الرابع: ما ارسله حريز عن أحدهما عليهما السلام في قول اللّه عز و جل «يعلم ما تحمل كل انثي و ما تغيض الأرحام و ما تزداد» قال: الغيض كل حمل دون تسعة أشهر و ما تزداد كل شي ء يزداد علي تسعة أشهر فلما رأت المرأة الدم الخالص في حملها فانها تزداد بعدد الأيام التي رأت في حملها من الدم «2».

فان المستفاد من هذه الرواية امكان كون الحمل أكثر من تسعة أشهر و فيه: ان المرسل لا اعتبار به.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 15

(2) نفس المصدر الحديث 6 و تفسير البرهان ج 2 ص: 282 حديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 236

و لو غاب أو اعتزل أكثر من الاقصي ثم ولدت لم يلحق به (1) و القول قوله في عدم الدخول (2) و لو أعترف به ثم أنكر الولد لم ينتف

______________________________

الوجه الخامس: المرفوع المروي عن نوادر المعجزات للراوندي عن سيدة النساء فاطمة عليها السلام انها ولدت الحسين عليه السلام عند تمام سنة من حملها به «1».

و هذه الرواية لا اعتبار بسندها مضافا الي أنها معارضة بما يدل أن مدة حملها به كانت ستة أشهر لاحظ ما رواه العزرمي «2».

الوجه السادس: ما عن بعض الأعاظم قدس سره: انه نقل تحقق المدعي و هو تأخر حمل بعض النساء سنة و فيه: انه علي فرض تمامية شرائط الحجية يمكن أن يكون الحمل من غير الزوج اذا احتمل الوطء من شبهة أو مع عدم الشبهة مع عدم علمها بذلك كما لو لم تعلم بكونها حاملا- كما في الجواهر- بل اذا احتمل في حق الزوجة الفجور أمكن تحقق

المدعي بلا ترتب أثر عليه كما هو ظاهر و صفوة القول: انه لا يمكن رفع اليد عن النصوص الدالة علي القول المشهور و الأخذ بغيره بمثل هذه الوجوه و اللّه العالم.

(1) و الوجه فيه ظاهر اذ علي ما تقدم لا يمكن الالحاق.

(2) لأن قوله موافق مع الأصل مضافا الي ما في الجواهر من أن الدخول فعله فيقبل قوله فيه و في المقام اشكال و هو انه مع الشك في الدخول كيف يمكن الالتزام بعدم الدخول و عدم الالحاق و الحال ان مقتضي قوله صلي اللّه عليه و آله «الولد للفراش» «3» كون الولد للزوج.

______________________________

(1) الجواهر ج 31 ص: 228

(2) لاحظ ص: 231 و لاحظ الكافي ج 1 ص: 463

(3) الوسائل الباب 58 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 237

الا باللعان (1) و لا يجوز له الحاق ولد الزنا به (2) و ان تزوج بامه بعد الزنا (3) و كذا لو زني بأمة فأحبلها ثم اشتراها (4).

[مسألة 1: لو تزوجت الحرة أو الأمة بآخر بعد طلاق الأول و أتت بولد لأقل من ستة أشهر من عقد الثاني فهو للأول]

(مسألة 1): لو تزوجت الحرة أو الامة بآخر بعد طلاق الاول و أتت بولد لأقل من ستة أشهر من عقد الثاني فهو للأول (5) و تبين كون

______________________________

و يمكن أن يجاب عن هذا الاشكال بأن قاعدة الفراش مضروبة لمورد امكان الحاق الولد بحسب المقرر الشرعي و الحكم لا يتعرض لموضوع نفسه و مقتضي الأصل عدم تحقق الدخول فلا مجال للقاعدة و بعبارة اخري: النزاع في الدخول و عدمه بحيث لو لم يحصل الدخول لم يكن الولد له.

(1) لا يبعد أن يكون الماتن ناظرا الي صورة دوران الأمر بين كون الولد من الزوج أو من الزنا فان مقتضي قاعدة الفراش الحاق الولد به اذ في

هذه الصورة اعترف و أقر بما يكون شرطا للإلحاق و بحكم الشارع الولد ملحق به و انكار الولد يستلزم اللعان.

(2) فان للعاهر الحجر و لا ولد له.

(3) اذ التزويج اللاحق لا يغير الزنا السابق فلا مجال لإلحاق ولد الزنا به مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه الأشعري قال: كتب بعض أصحابنا الي أبي جعفر الثاني عليه السلام معي يسأله عن رجل فجر بامرأة ثم انه تزوجها بعد الحمل فجاءت بولد هو أشبه خلق اللّه به فكتب بخطه و خاتمه: الولد لغية لا يورث «1».

(4) الكلام فيه هو الكلام.

(5) فان الأمر دائر بينهما علي الفرض و من ناحية اخري لا يمكن الحاقه بالثاني

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب ميراث ولد الملاعنة و ما أشبهه الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 238

عقد الثاني في العدة (1) فتحرم عليه مؤبدا (2) و ان كان لستة فصاعدا فهو للأخير (3) سواء أمكن كونه للأول بأن لم تتجاوز أقصي مدة الحمل

______________________________

فيكون للأول مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كان للرجل منكم الجارية يطأها فيعتقها فاعتدت و نكحت فان وضعت لخمسة أشهر فانه من مولاه الذي أعتقها و ان وضعت بعد ما تزوجت لستة أشهر فانه لزوجها الأخير «1».

(1) اذ علم من الشرع الأقدس ان أقلّ الحمل ستة أشهر.

(2) فان العقد علي المعتدة مع الدخول يوجب التحريم الأبدي كما قرر في محله.

(3) بلا خلاف اجده فيه- كما في الجواهر- و يمكن الاستدلال علي المدعي ببعض النصوص لاحظ ما رواه الحلبي «2» و ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل اذا طلق امرأته ثم نكحت و قد

اعتدت و وضعت لخمسة أشهر فهو للأول و ان كان ولد أنقص من ستة أشهر فلامه و لأبيه الأول و ان ولدت لستة أشهر فهو للأخير «3».

و ما رواه أبو العباس قال: قال: اذا جاءت بولد لستة أشهر فهو للأخير و ان كان لأقل من ستة أشهر فهو للأول «4».

و ما رواه جميل بن صالح عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام في المرأة تزوج في عدتها قال: يفرق بينهما و تعتد عدة واحدة منهما فان جاءت بولد

______________________________

(1) الوسائل الباب 58 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 230

(3) الوسائل الباب 17 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 11

(4) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 239

من وطء الاول أم لم يمكن بأن تجاوز المدة المذكورة من وطئه (1) فلو كان لأقل من ستة أشهر من الثاني و أكثر من أقصي الحمل من وطء الاول فليس لهما (2) و كذا الامة لو بيعت بعد الوطء بالملك أو التزويج فوطأها المشتري أو زوجت فوطأها الزوج (3).

[مسألة 2: إذا طلقت المرأة فوطأها رجل شبهة و اشتبه إلحاق الولد]

(مسألة 2): اذا طلقت المرأة فوطأها رجل شبهة و اشتبه الحاق الولد قيل يقرع بينهما و قيل يلحق بالثاني و لعله الاظهر (4).

______________________________

لستة أشهر أو أكثر فهو للأخير و ان جاءت بولد لأقل من ستة أشهر فهو للأول «1» فان الظاهر ان الحكم يستفاد من هذه النصوص بلا اشكال.

(1) للإطلاق مضافا الي أنه يمكن الاستدلال علي المدعي أيضا بما رواه علي بن جعفر في كتابه عن اخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال: سألته عن رجل وطي جارية فباعها قبل أن تحيض فوطأها الذي اشتراها في ذلك الطهر فولدت له لمن الولد؟ قال: للذي هي عنده فليصبر

لقول رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله:

الولد للفراش و للعاهر الحجر «2» فان المستفاد من هذا الحديث ان الولد ملحق بالذي هي عنده فلاحظ.

(2) اذ مقتضي ما علم من الشرع الأقدس من الأقل و الأقصي لمدة الحمل عدم امكان الحاقه بهما فلا يلحق بهما.

(3) لعين التقريب و البيان.

(4) ربما يقال: انه يقرع بينهما لأن كلا منهما فراش فتتعارض قاعدة الفراش فيهما و لا ترجيح لأحدهما علي الاخر فيكون المقام من المشكل فيرجع فيه الي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 13

(2) الوسائل الباب 58 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 240

______________________________

القرعة لأنها لكل أمر مشكل.

و ما يمكن أن يستدل به علي ما في المتن وجوه: الوجه الاول: ان كلا منهما و ان كان فراشا و تتعارض قاعدة الفراش الا أن الترجيح مع الثاني اذ الثابت أولي من الزائل.

و فيه: ان بقاء الفراش لا دخل له بل الميزان فيه الانعقاد حال الفراش و لا ترجيح لأحدهما علي الاخر من هذه الجهة ان قلت: المفروض في المقام الوطء شبهة و كيف يصدق الفراش قلت: ما ذكر مبني علي أن المراد ما يقابل العاهر و من الظاهر ان الواطئ شبهة لا يكون عاهرا و زانيا و لكن الفراش لا يصدق بالنسبة الي الوطي شبهة فعليه يكون مقتضي قاعدة الفراش الحاق الولد بالمطلق.

الا أن يقال: ان المستفاد من حديث سعيد الأعرج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجلين وقعا علي جارية في طهر واحد لمن يكون الولد؟ قال:

للذي عنده لقول رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الولد للفراش و للعاهر الحجر «1» و حديث ابن جعفر «2»، ان الميزان في الالحاق

في باب الفراش بصدق عنوان كون المرأة عنده و بعبارة اخري: لا اثر للفراش الزائل و علي الجملة مقتضي الحديثين عدم عموم الحكم بل يختص الالحاق بمورد تحقق العنوان.

الوجه الثاني: مرسل جميل عن احدهما عليهما السلام في المرأة تزوج في عدتها قال: يفرق بينهما و تعتد عدة واحدة منهما جميعا و ان جاءت بولد لستة أشهر او اكثر فهو للأخير و ان جاءت بولد لأقل من ستة أشهر فهو للأول «3».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 239

(3) الوسائل الباب 17 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 241

و كذا المتمتع بها اذا وهبها المدة أو انتهت المدة (1) و اذا وطئت الزوجة أو المعتدة الرجعية شبهة ثم ولدت و علم لحوقه بالزوج أو الواطئ الحق به (2) و ان اشتبه أمره اقرع بينهما و عمل علي ما تقتضيه

______________________________

بتقريب: انه يفهم عرفا من الحديث ان الميزان في الالحاق بالثاني تحقق الوطء شبهة بلا فرق بين افرادها و مواردها و فيه: ان المرسل لا اعتبار به.

الوجه الثالث: جملة من النصوص لاحظ احاديث الحلبي و زرارة و أبي العباس «1» بتقريب: ان المستفاد من هذه النصوص ان الولد ان كان قابلا للإلحاق بالثاني يلحق به و لو مع امكان الحاقه بالأول و الظاهر ان بعض النصوص المشار اليها معتبر سندا و حيث ان العرف لا يفهم الخصوصية بل يفهم ان الميزان امكان اللحوق بالثاني فالحكم كلي و سار في جميع الموارد.

لكن الانصاف ان دعوي عدم الفرق جزافية اذ كيف يمكن ادعاء عدم الفرق بين الموردين مع كون الأحكام الشرعية تعبدية نعم في المقام- علي ما يظهر من الجواهر «2» - امكان دعوي عدم

القول بالفصل و من ناحية اخري ان خبر أبي العباس «3» يشمل المقام لكن دعوي عدم القول بالفصل ليس قولا بعدمه مضافا الي أن غايته الاجماع و هل يكون تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السلام و أما خبر أبي العباس فهو مخدوش سندا بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن فلاحظ.

(1) الكلام فيها هو الكلام.

(2) اذ مع العلم لا مجال للترديد كما هو ظاهر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 230 و 238

(2) ج 29 ص: 261

(3) لاحظ ص: 238

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 242

القرعة (1) و كذا لو ولدت زوجتان لزوجين أو لزوج واحد و اشتبه احد الولدين بالاخر (2) و لو اعترف بولد امته أو المتعة الحق به (3) و لا يقبل نفيه بعد ذلك (4).

______________________________

(1) الذي يختلج بالبال في هذه العجالة أن يقال يلحق بالزوج لما رواه ابن جعفر «1» فان المستفاد من هذا الحديث ان الميزان بالفراش الفعلي و صدق عنوان كونها عنده و من الظاهر ان العنوان المذكور يصدق علي الزوج و المعتدة الرجعية في حكم الزوجة.

(2) فانه لا سبيل الي التعيين غير القرعة فيقرع بينهما.

(3) فان اقرار العقلاء علي أنفسهم جائز.

(4) فان الانكار بعد الاقرار لا أثر له و المفروض انه لا طريق الي اللعان مضافا الي جملة من النصوص لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و ايما رجل اقر بولده ثم انتفي منه فليس له ذلك و لا كرامة يلحق به ولده اذا كان من امرأته أو وليدته «2».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا أقر رجل بولده ثم نفاه لزمه «3».

و ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا

عبد اللّه عليه السلام عن رجل ادعي ولد امرأة لا يعرف له أب ثم انتفي من ذلك قال: ليس له ذلك «4».

و ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال: اذا أقر الرجل

______________________________

(1) لاحظ ص: 239

(2) الوسائل الباب 6 من ابواب ميراث ولد الملاعنة و ما أشبهه الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 243

[مسألة 3: الأمة إذا وطأها المولي فولدت ولدا ألحق به]

(مسألة 3): الامة اذا وطأها المولي فولدت ولدا الحق به (1) الا اذا نفاه فيقبل نفيه (2).

______________________________

بالولد ساعة لم ينف عنه أبدا «1».

(1) قال في الجواهر «2»: «بلا خلاف بل في كشف اللثام اتفاقا بل و لا اشكال لقاعدة لحوق الولد للواطئ المحترم مع الامكان» انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في الفردوس مقامه.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه سعيد بن يسار قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل تكون له الجارية يطيف بها و هي تخرج فتعلق قال: يتهمها الرجل أو يتهمها أهله؟ قال: أما ظاهرة فلا قال: اذا لزمه الولد «3».

و يمكن الاستدلال علي المدعي برواية اخري لسعيد بن يسار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وقع علي جارية له تذهب و تجي ء و قد عزل عنها و لم يكن منه اليها شي ء ما تقول في الولد؟ قال: أري أن لا يباع هذا يا سعيد قال:

و سألت أبا الحسن عليه السلام فقال: أ تتهمها؟ فقلت: اما تهمة ظاهرة فلا قال:

أ يتهمها اهلك؟ قلت: أما شي ء ظاهر فلا قال: فكيف تستطيع أن لا يلزمك الولد «4».

(2) اجماعا بقسميه- كما في الجواهر «5» - و لا يجري في المقام اللعان لاختصاص دليله بالأزواج فلا

طريق للمولي لنفيه باللعان فينحصر الطريق في نفيه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) ج 31 ص: 238

(3) الوسائل الباب 56 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 5

(5) ج 31 ص: 239

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 244

و لو وطأها المولي و اجنبي فجورا فالولد للمولي (1) و لو وطأها المشتركون فتداعوه الحق بمن تخرجه القرعة (2) و يغرم للباقين حصصهم من قيمة الامة و قيمة

______________________________

و هو بمنزلة فعله لا يعلم الا من قبله فيقبل قوله فيه مضافا الي الاجماع و التسالم.

(1) للأصل المشار اليه أي القاعدة المقررة عند القوم من الحاق الولد بالواطي المحترم مع الامكان و لا يعارضه وطي الزاني الذي ليس له الا الحجر و لحديثي الاعرج و علي بن جعفر «1» فان مقتضي الحديثين الحاق الولد بالذي تكون عنده الجارية و هذا العنوان ينطبق علي المولي في المقام فلاحظ.

(2) فان القرعة لكل أمر مشكل و حيث انه لا يمكن الالحاق بجميعهم اجماعا و كون الأمر دائرا بينهم فلا بد من القرعة و يمكن الاستدلال علي المدعي ببعض النصوص لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا وطي رجلان أو ثلاثة جارية في طهر واحد فولدت فادعوه جميعا أقرع الوالي بينهم فمن قرع كان الولد ولده و يرد قيمة الولد علي صاحب الجارية قال: فان اشتري رجل جارية و جاء رجل فاستحقها و قد ولدت من المشتري رد الجارية عليه و كان له ولدها بقيمته «2».

و ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قضي علي عليه السلام في ثلاثة وقعوا علي امرأة في طهر واحد و ذلك في الجاهلية

قبل أن يظهر الإسلام فأقرع بينهم فجعل الولد للذي قرع و جعل عليه ثلثي الدية للآخرين فضحك

______________________________

(1) لاحظ ص: 239 و 240

(2) الوسائل الباب 57 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 245

______________________________

رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حتي بدت نواجده قال: و قال: ما أعلم فيها شيئا الا ما قضي علي عليه السلام «1».

و ما رواه الحلبي و محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا وقع الحر و العبد و المشرك بامرأة في طهر واحد فادعوا الولد اقرع بينهم فكان الولد للذي يخرج سهمه «2».

و ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: بعث رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عليا عليه السلام الي اليمن فقال له حين قدم: حدثني بأعجب ما ورد عليك قال: يا رسول اللّه أتاني قوم قد تبايعوا جارية فوطؤوها جميعا في طهر واحد فولدت غلاما و احتجوا فيه كلهم يدعيه فأسهمت بينهم و جعلته للذي خرج سهمه و ضمنته نصيبهم فقال النبي صلي اللّه عليه و آله: انه ليس من قوم تنازعوا ثم فوضوا أمرهم الي اللّه عز و جل الا خرج سهم المحق «3».

و ما رواه المفيد مرسلا قال: بعث رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عليا عليه السلام الي اليمن فرفع اليه رجلان بينهما جارية يملكان رقها علي السواء قد جهلا خطر وطيها معا فوطئاها معا في طهر واحد فحملت و وضعت غلاما فقرع علي الغلام باسميهما فخرجت القرعة لأحدهما فألحق به الغلام و الزمه نصف قيمته ان لو كان عبدا لشريكه فبلغ رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله القضية فأمضاها و

أقر الحكم بها في الإسلام «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 246

ولدها يوم سقوطه حيا (1) و لو وطأها اجنبي شبهة فحملت يلحق به الولد (2) فان كان لها زوج ردت عليه بعد العدة من الثاني (3).

[مسألة 4: المراد بوطء الشبهة الوطء غير المستحق]

(مسألة 4): المراد بوطء الشبهة الوطء غير المستحق مع بناء الواطئ علي استحقاقه له سواء كان معذورا فيه شرعا أو عقلا أم غير معذور (4).

______________________________

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا وقع المسلم و اليهودي و النصراني علي المرأة في طهر واحد اقرع بينهم فكان الولد للذي تصيبه القرعة «1».

(1) قال في الجواهر «2»: «فمن خرج سهمه الحق به الولد و اغرم حصص الباقين من قيمة امه و قيمته يوم سقط حيا» الخ و استدل علي المدعي بجملة من النصوص لاحظ احاديث سليمان و أبي بصير و مرسل المفيد «3».

(2) للقاعدة المقررة عندهم من الحاق الولد بالوطء المحترم و المفروض ان الوطء شبهة محترم عند الشارع الأقدس.

(3) اذ المفروض انها زوجة فلا بد من ردها علي زوجها.

(4) الوطء اما يتحقق مع الزوجة أو ملك اليمين أو يتحقق شبهة و أما يكون معنونا بعنوان الزنا قال في مجمع البحرين في تفسير الزنا: «هو بالقصر و المد وطئ المرأة حراما و عند فقهائنا هو ايلاج فرج البالغ العاقل في فرج امرأة محرمة من غير عقد و لا ملك و لا شبهة قدر الحشفة عالما مختارا» و قال الراغب في مفرداته

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب ميراث ولد الملاعنة و ما أشبهه

(2) ج 31 ص: 240

(3) لاحظ ص: 244 و 245

مباني

منهاج الصالحين، ج 10، ص: 247

______________________________

«الزنا وطئ المرأة من غير عقد شرعي».

و يستفاد من موارد عديدة من الكتاب العزيز ان الوطء الشرعي ما يكون مع الزوجة أو ملك اليمين و من تلك الموارد قوله تعالي وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حٰافِظُونَ إِلّٰا عَليٰ أَزْوٰاجِهِمْ أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغيٰ وَرٰاءَ ذٰلِكَ فَأُولٰئِكَ هُمُ العٰادُونَ* «1» و لكن لا اشكال و لا كلام في أن هناك قسما ثالثا يسمي بوطي الشبهة يترتب عليه جملة من الأحكام من العدة و الحاق الولد بالواطئ و نشر الحرمة فالوطي بالشبهة بما له من المفهوم من الموضوعات التي لا بد من تشخيصها و ترتيب تلك الاحكام عليها.

قال في الحدائق «2»: «و المراد به ما ليس بمستحق منه مع عدم العلم بتحريمه كالوطئ في نكاح فاسد أو شراء فاسد مع عدم العلم بفسادها الخ.

و قال في الجواهر «3»: «قد يقال: انه الوطء الذي ليس بمستحق في نفس الامر مع اعتقاد فاعله الاستحقاق أو صدوره عنه بجهالة مغتفرة في الشرع أو مع ارتفاع التكليف بسبب غير محرم» الخ.

اذا عرفت ذلك نقول: المستفاد من مفردات الراغب ان كل وطئ بلا عقد شرعي من مصاديق الزنا غاية الأمر يلحق بالعقد ملك اليمين فلو فرضنا تحقق الوطء بغير الزوجة و ملك اليمين لا بد من ترتيب أحكام الزنا عليه الا فيما علم انه من مصاديق الشبهة في الشرع الأقدس و عند الشك في الصدق لا بد من رعاية جميع القيود المحتملة.

______________________________

(1) المؤمنون/ 5 و 6

(2) ج 23 ص: 506

(3) ج 29 ص: 244

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 248

______________________________

و بعبارة اخري: لا بد من الاقتصار علي مورد اليقين كما أن مقتضي الاصل العملي عدم

دخول مورد الشك في موضوع الشبهة فان مقتضي الاستصحاب عدم ترتب أحكام الشبهة علي مورد الشك و الترديد هذا بحسب القاعدة الاولية.

و أما بحسب النصوص فقد وردت عدة نصوص ربما يستفاد منها حدود الشبهة فلا بد من النظر فيها كي يستفاد منها ما يكون موضوعا شرعا فمن تلك النصوص ما رواه يزيد الكناسي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة تزوجت في عدتها فقال: ان كانت تزوجت في عدة طلاق لزوجها عليها الرجعة فان عليها الرجم و ان كانت تزوجت في عدة ليس لزوجها عليها الرجعة فان عليها حد الزاني غير المحصن و ان كانت تزوجت في عدة بعد موت زوجها من قبل انقضاء الاربعة أشهر و العشرة ايام فلا رجم عليها و عليها ضرب مأئة جلدة قلت: أ رأيت ان كان ذلك منها بجهالة قال: فقال: ما من امرأة اليوم من نساء المسلمين الا و هي تعلم ان عليها عدة في طلاق أو موت و لقد كن نساء الجاهلية يعرفن ذلك قلت: فان كانت تعلم ان عليها عدة و لا تدري كم هي؟ فقال: اذا علمت أن عليها العدة لزمتها الحجة فتسأل حتي تعلم «1».

فانه لا يبعد أن يستفاد من هذه الرواية ان مجرد الجهل لا أثر له و لا يوجب العذر بل المعذور من لم تتم عليه الحجة كما لو كان جاهلا بحيث لا يجب عليه الفحص لاستناده الي الحجة الشرعية و مثله يكون قاصرا بحيث لا يخطر بباله شي ء و لكن هذه الرواية ضعيفة سندا لعدم كون الكناسي موثقا.

و منها: ما رواه الأصبغ بن نباتة قال: اتي عمر بخمسة نفر اخذوا في الزنا فأمر أن يقام علي كل واحد منهم

الحد و كان امير المؤمنين عليه السلام حاضرا فقال

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من ابواب حد الزنا الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 249

______________________________

يا عمر ليس هذا حكمهم قال: فأقم أنت الحد عليهم فقدم واحدا منهم فضرب عنقه و قدم الاخر فرجمه و قدم الثالث فضربه الحد و قدم الرابع فضربه نصف الحد و قدم الخامس فعزره فتحير عمر و تعجب الناس من فعله فقال عمر: يا أبا الحسن خمسة نفر في قضية واحدة أقمت عليهم خمسة حدود ليس شي ء منها يشبه الاخر فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أما الاول فكان ذميا فخرج عن ذمته لم يكن له حد إلا السيف و اما الثاني فرجل محصن كان حده الرجم و أما الثالث فغير محصن حده الجلد و اما الرابع فعبد ضربناه نصف الحد و اما الخامس فمجنون مغلوب علي عقله.

و رواه علي بن ابراهيم في تفسيره مرسلا الا أنه قال: ستة نفر ثم قال: و اما الخامس فكان ذلك عنه بالشبهة فعزرناه و أدبناه و اما السادس فمجنون مغلوب علي عقله سقط عنه التكليف «1» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال فلا مجال للبحث في دلالتها.

و منها: ما رواه أبو عبيدة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن امرأة تزوجت رجلا و لها زوج قال: فقال: ان كان زوجها الاول مقيما معها في المصر التي هي فيه تصل اليه و يصل اليها فان عليها ما علي الزاني المحصن [الزانية المحصنة] الرجم و ان كان زوجها الاول غائبا عنها أو كان مقيما معها في المصر لا يصل اليها و لا تصل اليه فان عليها ما علي الزانية غير المحصنة و لا لعان بينهما قلت من يرجمها

و يضربها الحد و زوجها لا يقدمها الي الامام و لا يريد ذلك منها؟ فقال ان الحد لا يزال للّه في بدنها حتي يقوم به من قام او تلقي اللّه و هو عليها قلت: فان كانت جاهلة بما صنعت قال: فقال: أ ليس هي في دار الهجرة؟ قلت: بلي قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب حد الزنا الحديث: 16 و 17

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 250

______________________________

ما من امرأة اليوم من نساء المسلمين الا و هي تعلم ان المرأة المسلمة لا يحل لها أن تتزوج زوجين قال: و لو أن المرأة اذا فجرت قالت: لم أدر أو جهلت أن الذي فعلت حرام و لم يقم عليها الحد اذا لتعطلت الحدود «1».

و لا يبعد أن يستفاد من هذه الرواية ان الجاهل بالحرمة معذور و لا يقام عليه الحد و لا يحكم عليه بالزنا لكن ليس المراد بحسب الظاهر الجاهل المردد الملتفت الذي يحتمل الحرمة بل المراد الجاهل المركب.

و بعبارة اخري: من يتخيل الجواز اذ لو كان مجرد الجهل و لو مع احتمال الحرمة مانعا عن الحد لعطل الحد و مقتضي اطلاق الرواية عدم الفرق بين كونه معذورا و بين كونه غير معذور كما لو قصر في المقدمات و لم يتعلم الأحكام هذا غاية ما يمكن أن يقال في المقام.

و لكن الانصاف انه لا يستفاد من الحديث أزيد من عدم اجراء الحد عليها و أما ان مثل هذا الوطء من مصاديق وطئ الشبهة أم لا فلا يستفاد من الحديث.

و منها: ما رواه عمرو بن عثمان مرسلا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن رجل أصاب جارية من الفي ء فوطأها قبل أن يقسم قال: تقوم الجارية و

تدفع اليه بالقيمة و يحط له منها ما يصيبه من الفي ء و يجلد الحد و يدرأ عنه من الحد بقدر ما كان له فيها فقلت: و كيف صارت الجارية تدفع اليه هو بالقيمة دون غيره؟ قال لأنه وطأها و لا يؤمن أن يكون ثم حبل «2» و المرسل لا اعتبار به مضافا الي أنه كيف يجمع بين الحد و الحاق الولد.

و ربما يقال: - كما في الجواهر- «3»: بأنه يستفاد من جملة من النصوص

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من ابواب حد الزنا الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 22 من ابواب حد الزنا الحديث: 6

(3) ج 29 ص: 251

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 251

______________________________

ان حكم الشبهة يترتب علي الوطء المحرم و لا يلزم في تحققها حلية الوطء بتقريب ان المستفاد من تلك النصوص اجراء أحكام الشبهة علي الوطء بلا فحص و بلا وصول الي طريق شرعي و من تلك النصوص ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا نعي الرجل الي اهله أو أخبروها انه قد طلقها فاعتدت ثم تزوجت فجاء زوجها الاول فان الاول أحق بها من هذا الأخير دخل بها الاول او لم يدخل بها و ليس للاخر أن يتزوجها أبدا و لها المهر بما استحل من فرجها «1»

و تقريب الاستدلال بالرواية انه عليه السلام حكم بأنه لها المهر بما استحل من فرجها فرتب عليه السلام علي نكاحها حكم الوطء شبهة و الحال انه لم يذكر في الرواية ان من أخبرها كان ثقة أم لا و بعبارة اخري مقتضي الاطلاق جواز ترتيب الاثر علي الخبر المذكور فلا يشترط جواز التزويج بعلم الزوجة بكون النكاح حلالا شرعا بل يكفي للجواز مجرد الاحتمال و الاخبار بالموت.

و

فيه: انه لا يستفاد من الخبر الاطلاق بل المستفاد منه ان المرأة تعمل علي ما هو المقرر من وجوب العدة من حين وصول نبأ الوفاة ثم تزوجت.

و بعبارة واضحة: محل النظر و مركز سؤال الراوي التزويج الثاني بعد تمامية مقدمات جواز نكاحها فلا مجال للإطلاق كما يظهر لمن له خبرة بالصناعة.

و منها: ما رواه محمد بن قيس قال: سألت ابا جعفر عليه السلام عن رجل حسب اهله انه قد مات او قتل فنكحت امرأته و تزوجت سريته و ولدت كل منهما من زوجها فجاء زوجها الاول و مولي السرية قال: فقال: يأخذ امرأته فهو أحق بها و يأخذ سريته و ولدها أو يأخذ رضا من ثمنه «2» و التقريب هو التقريب و الجواب

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 37 من ابواب العدد الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 252

______________________________

هو الجواب.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجلين شهدا علي رجل غائب عند امرأته انه طلقها فاعتدت المرأة و تزوجت ثم ان الزوج الغائب قدم فزعم انه لم يطلقها فأكذب نفسه احد الشاهدين فقال: لا سبيل للأخير عليها و يؤخذ الصداق من الذي شهد فيرد علي الأخير و الاول املك بها و تعتد من الاخير و لا يقربها الاول حتي تنقضي عدتها «1» و التقريب هو التقريب و الجواب هو الجواب.

و منها: ما رواه أبو بصير و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في شاهدين شهدا علي امرأة بأن زوجها طلقها أو مات عنها فتزوجت ثم جاء زوجها قال: يضربان الحد و يضمنان الصداق للزوج بما

غراه ثم تعتد و ترجع الي زوجها الاول «2» و التقريب عين التقريب و الجواب عين الجواب.

و منها: ما رواه شعيب قال: سألت ابا الحسن عليه السلام عن رجل تزوج امرأة لها زوج قال: يفرق بينهما قلت: فعليه ضرب؟ قال: لا ماله يضرب الي أن قال:

فأخبرت ابا بصير فقال: سمعت جعفرا عليه السلام يقول: ان عليا عليه السلام قضي في رجل تزوج امرأة لها زوج فرجم المرأة و ضرب الرجل الحد ثم قال: لو علمت أنك علمت لفضخت رأسك بالحجارة «3» و هذه الرواية لا تدل علي المدعي بأي نحو من انحاء الدلالات.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 27 من ابواب حد الزنا الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 253

______________________________

و منها: ما ارسله القمي «1» و المرسل لا اعتبار به مضافا الي أنه يمكن ان عليا عليه السلام عمل بعلم الامامة فلاحظ.

و منها: ما رواه السكوني عن جعفر عن ابيه ان عليا عليه السلام اتي برجل تزوج امرأة علي خالتها فجلده و فرق بينهما «2» و هذه الرواية لا تدل علي المدعي مضافا الي الضعف في سندها.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان شريحا القاضي بينما هو في مجلس القضاء اذ أتته امرأة فقالت: ايها القاضي اقض بيني و بين خصمي فقال لها: و من خصمك؟ قالت: انت قال: افرجوا لها فأفرجوا لها فدخلت فقال لها: و ما ظلامتك؟ فقالت: ان لي ما للرجال و ما للنساء قال شريح: فان أمير المؤمنين عليه السلام يقضي علي المبال قالت: فاني ابول منهما جميعا و يسكنان معا قال شريح: و اللّه ما سمعت بأعجب من

هذا قالت: اخبرك بما هو أعجب من هذا قال: و ما هو؟ قالت: جامعني زوجي فولدت منه و جامعت جاريتي فولدت مني فضرب شريح احدي يديه علي الاخري متعجبا ثم جاء الي أمير المؤمنين عليه السلام فقص عليه قصة المرأة فسألها عن ذلك فقالت: هو كما ذكر فقال لها: من زوجك؟ قالت: فلان فبعث اليه فدعاه فقال: أ تعرف هذه المرأة؟ قال: نعم هي زوجتي فسأله عما قالت فقال: هو كذلك فقال عليه السلام له: لأنت أجرأ من راكب الاسد حيث تقدم عليها بهذه الحال ثم قال: يا قنبر ادخلها بيتا مع امرأة تعد اضلاعها فقال زوجها: يا أمير المؤمنين لا آمن عليها رجلا و لا ائتمن عليها امرأة فقال علي عليه السلام: علي بدينار الخصي و كان من صالحي اهل الكوفة و كان يثق به فقال له: يا دينار ادخلها بيتا و عرها من ثيابها و مرها أن

______________________________

(1) لاحظ ص: 248 و 249

(2) الوسائل الباب 30 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوه الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 254

[مسألة 5: إذا أدخلت المرأة مني رجل أجنبي في فرجها أثمت]

(مسألة 5): اذا أدخلت المرأة مني رجل اجنبي في فرجها اثمت (1) و لحق بها الولد و بصاحب المني (2) فاذا كان الولد انثي لم يجز

______________________________

تشد مئزرا و عد اضلاعها ففعل دينار ذلك فكان أضلاعها سبعة عشر: تسعة في اليمين و ثمانية في اليسار فألبسها علي عليه السلام ثياب الرجال و القلنسوة و النعلين و ألقي عليه الرداء و ألحقه بالرجال فقال زوجها: يا امير المؤمنين ابنة عمي و قد ولدت مني تلحقها بالرجال؟ فقال: اني حكمت عليها بحكم اللّه ان اللّه تبارك و تعالي خلق حواء من ضلع آدم الأيسر الاقصي و أضلاع

الرجال تنقص و أضلاع النساء تمام «1».

و هذه الرواية لا تعرض فيها من الجهة المبحوث عنها في المقام و انما تدل علي ما هو الميزان في الرجولية فالمتحصل انه لم يقم دليل علي بيان حدود الشبهة فلا بد من الاقتصار علي القدر المتيقن فان حصل الاعتقاد بالجواز بالنسبة الي الوطء أو غفل عن الحرمة و لم يكن حين العمل ملتفتا الي الحكم الشرعي أو استند في مقام العمل الي حجة شرعية اجتهادا أو تقليدا يكون الوطء وطي شبهة يترتب عليه آثاره و أما اذا اعتقد الحرمة أو شك و لم يكن له حجة شرعية للارتكاب و أيضا لم تكن له حجة عقلية أو اكره علي الزنا فيجامع مع الاجنبية أو نحو هذه الامور لا يكون وطيه مصداقا للوطء شبهة و مما ذكرنا يظهر ما في المتن من الاشكال.

(1) فان رحم الزوجة معد للتولد من زوجها و ليس لها حق اشغال رحمها بماء الرجل الاجنبي و لا يبعد ان الفقيه يفهم من مذاق الشرع الاقدس حرمة العمل المذكور و لعل الحكم مورد تسالم الأصحاب و اللّه العالم.

(2) كما هو ظاهر لأن العمل المذكور ليس مصداقا للزنا و الولد يلحق بصاحب الماء و بعبارة اخري: يصدق عرفا و لغة انه ولده و ولدها و لم يتصرف الشارع فيه

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب ميراث الخنثي و ما أشبهه الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 255

لصاحب المني تزويجها (1) و كذا الحكم لو أدخلت مني زوجها في فرجها فحملت منه و لكن لا اثم عليها في ذلك (2) و يجوز للمرأة استعمال ما يمنع الحمل (3) اذا لم يكن فيه ضرر كثير (4) و ان لم يرض الزوج

بذلك (5) و لا يجوز اسقاط الحمل و ان كان نطفة و فيه الدية كما يأتي في المواريث (6).

______________________________

و لم ينفه فما أفاده تام.

(1) لأنها بنته فالحكم ظاهر واضح.

(2) كما هو ظاهر بل أظهر مما سبق و لا دليل علي حرمته.

(3) اذ لا دليل علي حرمته و لو لم يكن الزوج راضيا به.

(4) بناء علي حرمة الاضرار بالنفس اذا كان كثيرا و الظاهر انه لا دليل عليه الا دعوي الاجماع و فيه ما فيه و اللّه العالم.

(5) كما مر.

(6) لاحظ النصوص الواردة في هذا الباب منها: ما رواه عبد اللّه مسكان مرسلا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: دية الجنين خمسة أجزاء: خمس للنطفة عشرون دينارا و للعلقة خمسان اربعون دينارا و للمضغة ثلاثة اخماس ستون دينارا و للعظم أربعة اخماس ثمانون دينارا فاذا تم الجنين كانت له مائة دينار فاذا انشي ء فيه الروح فديته ألف دينار أو عشرة آلاف درهم ان كان ذكرا و ان كان انثي فخمسمائة دينار و ان قتلت المرأة و هي حبلي فلم يدر ذكرا كان ولدها أم انثي فديته للولد نصفين نصف دية الذكر و نصف دية الانثي و ديتها كاملة «1».

و منها: ما رواه سليمان بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام في النطفة عشرون

______________________________

(1) تهذيب الاحكام ج 10 ص 281 حديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 256

و اذا وطأ الرجل زوجته فساحقت بكرا فحملت البكر استحقت الزوجة الرجم و البكر الجلد و كان علي الزوجة مهر البكر و الحق الولد بصاحب النطفة كما الحق بالبكر للنص (1).

______________________________

دينارا و في العلقة اربعون دينارا و في المضغة ستون دينارا و في العظم ثمانون دينارا فاذا كسي اللحم

فمائة دينار ثم هي مائة دينار حتي يستهل قال: فاذا استهل فالدية كاملة «1».

و منها: ما رواه سعيد بن المسيب قال: سألت علي بن الحسين عليه السلام عن رجل ضرب امرأة حاملا برجله فطرحت ما في بطنها ميتا فقال: ان كان نطفة فان عليه عشرين دينار الحديث «2» و منها غيرها الوارد في تهذيب الاحكام ج 10 باب الحوامل و الحمول و غير ذلك من الاحكام.

و المستفاد من هذه النصوص وجوب الدية و هل يستفاد من وجوبها حرمة الاسقاط؟ لا اشكال في أن ثبوت الدية لا يلازم الحرمة و لذا نري أن القتل الخطئي يوجب الدية و الحال ان الخطاء لا حرمة فيه لكن يدل علي المدعي ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: المرأة تخاف الحبل فتشرب الدواء فتلقي ما في بطنها؟ قال: لا فقلت: انما هو نطفة فقال: ان اول ما يخلق نطفة «3».

(1) لاحظ ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت ابا جعفر و ابا عبد اللّه عليهما السلام يقولان: بينما الحسن بن علي في مجلس امير المؤمنين عليه السلام اذ أقبل قوم فقالوا: يا أبا محمد أردنا امير المؤمنين، قال: و ما حاجتكم؟ قالوا: أردنا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 7 من ابواب القصاص في النفس

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 257

[مسألة 6: يجب عند الولادة استبداد النساء و الزوج بالمرأة]

(مسألة 6): يجب عند الولادة استبداد النساء و الزوج بالمرأة (1).

______________________________

أن نسأله عن مسألة، قال: و ما هي تخبر و نابها؟ قالوا: امرأة جامعها زوجها فلما قام عنها قامت بحموتها فوقعت علي جارية بكر فساحقتها فوقعت النطفة فيها فحملت فما تقول في هذا؟ فقال الحسن: معضلة و ابو الحسن لها و

أقول فان أصبت فمن اللّه و من امير المؤمنين و ان اخطأت فمن نفسي فأرجو أن لا اخطي إن شاء اللّه «يعمد الي المرأة فيؤخذ منها مهر الجارية البكر في اول وهلة لأن الولد لا يخرج منها حتي تشق فتذهب عذرتها ثم ترجم المرأة لأنها محصنة و ينتظر بالجارية حتي تضع ما في بطنها و يرد الولد الي ابيه صاحب النطفة ثم تجلد الجارية الحد قال: فانصرف القوم من عند الحسن عليه السلام فلقوا امير المؤمنين عليه السلام فقال: ما قلتم لأبي محمد: و ما قال لكم؟ فاخبروه فقال: لو أنني المسئول ما كان عندي فيها اكثر مما قال ابني «1».

(1) قال في الجواهر «2» - في بحث احكام الولادة عند قول المصنف قدس سره- «فالواجب منها استبداد النساء بالمرأة عند الولادة دون الرجال الا مع عدم النساء» -: «بلا خلاف اجده في شي ء من ذلك بل و لا اشكال ضرورة وجوب حضور من علم بحالها من النساء كفاية لوجوب حفظ النفس المحترمة عند تحقق ما يخشي منه تلفها مع عدم الحضور و منه ما نحن فيه كضرورة وجوب استبدادهن بذلك للإجماع قيل و لملازمة اطلاع الرجال حتي المحارم لما يحرم عليهم من النظر للعورة و غيرها و مسها و سماع الصوت و نحو ذلك بل ربما أدي حضورهم الي تلفها و تلف ولدها باعتبار ما يحصل معها من الحياء و نحوه و ربما يرشد الي

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب حد السحق و القيادة الحديث: 1

(2) ج 31 ص: 250

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 258

و يستحب غسل المولود (1) و الاذان في اذنه اليمني و الاقامة في اليسري (2).

______________________________

ذلك ما دل من نص «1»

و فتوي علي قبول شهادة النساء منفردات بالولادة و الاستهلال و نحوهما» انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع مقامه.

و قال في الحدائق «2»: «و الواجب استبداد النساء بالمرأة عند الولادة دون الرجال الا مع عدم النساء و اما الزوج فلا بأس به و ان وجد النساء و علل وجوب استبداد النساء بها بأن مثل ذلك يوجب سماع صوتها غالبا و الاطلاع علي ما يحرم عليهم و فيه ما تقدم في غير موضع من عدم ثبوت تحريم سماع صوت الاجنبية بل قيام الدليل علي جوازه» انتهي موضع الحاجة من كلامه و الامر كما افاد العلمان.

(1) لاحظ حديث سماعة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن غسل الجمعة فقال: واجب الي أن قال: و غسل المولود واجب الحديث «3».

و لاحظ حديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: اغسلوا صبيانكم من الغمر فان الشيطان يشم الغمر فيفزع الصبي في رقاده و يتأذي به الكاتبان «4».

(2) لجملة من النصوص لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من ولد له مولود فليؤذن في اذنه اليمني بأذان الصلاة و ليقم في اذنه اليسري فانها عصمة من الشيطان الرجيم «5».

و ما رواه أبو يحيي الرازي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا ولد لكم

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من ابواب الشهادات الحديث: 2 و 38 و 41

(2) ج- 25 ص: 35

(3) الوسائل الباب 1 من ابواب الاغسال المسنونة الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 27 من ابواب الاغسال المسنونة

(5) الوسائل الباب 35 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص:

259

و تحنيكه بتربة الحسين عليه السلام (1) و بماء الفرات (2) و تسميته باسم احد الانبياء عليهم السلام (3).

______________________________

المولود أي شي ء تصنعون به؟ قلت: لا ادري ما يصنع به قال خذ عدسة جاوشير فديفه بماء ثم قطر في أنفه في المنخر الايمن قطرتين و في الايسر قطرة و أذن في اذنه اليمني و أقم في اليسري يفعل ذلك به قبل أن تقطع سرته فانه لا يفزع أبدا و لا تصيبه أم الصبيان «1».

و ما رواه ميثم قال: سمعت أمي تقول: سمعت نجمة أم الرضا عليه السلام تقول في حديث: لما وضعت ابني عليا دخل إلي أبوه موسي بن جعفر عليهما السلام فناولته اياه في خرقة بيضاء فأذن في اذنه اليمني و اقام في اليسري و دعا بماء الفرات فحنكه به ثم رده إلي فقال: خذيه فانه بقية اللّه في أرضه «2» و غيرها من الروايات الواردة في الباب 36 من ابواب احكام الاولاد من الوسائل.

(1) لاحظ ما رواه الكليني قال: و في رواية اخري حنكوا أولادكم بماء الفرات و بتربة قبر الحسين عليه السلام فان لم يكن فبماء السماء «3».

(2) لجملة من النصوص لاحظ ما رواه يونس مرسلا عن أبي جعفر عليه السلام قال: يحنك المولود بماء الفرات و يقام في اذنه «4» و لاحظ مرسل الكليني و حديث ميثم «5».

(3) لاحظ حديث الاصبغ عن علي عليه السلام قال: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: ما من اهل بيت فيهم اسم نبي الا بعث اللّه عز و جل اليهم ملكا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 36 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) مرا

آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 260

و الائمة (1) و الكنية (2).

______________________________

يقدسهم بالغداة و العشي «1».

و لاحظ مرسل أبي اسحاق عن أبي جعفر عليه السلام قال: أصدق الاسماء ما سمي بالعبودية و أفضلها أسماء الانبياء «2».

(1) لاحظ حديث العزرمي قال: استعمل معاوية مروان الحكم علي المدينة و أمره أن يفرض لشباب قريش ففرض لهم فقال: علي بن الحسين عليهما السلام فأتيته فقال: ما اسمك؟ فقلت: علي بن الحسين فقال: ما اسم اخيك؟ فقلت:

علي فقال علي و علي ما يريد أبوك أن يدع احدا من ولده إلا سماه عليا ثم فرض لي فرجعت الي أبي فأخبرته فقال: و يلي علي ابن الزرقاء دباغة الادم لو ولد لي مائة لا حببت أن لا اسمي احدا منهم الا عليا «3».

و لاحظ ما رواه سليمان الجعفري قال: سمعت ابا الحسن عليه السلام يقول:

لا يدخل الفقر بيتا فيه اسم محمد او احمد او علي او الحسن او الحسين او جعفر او طالب او عبد اللّه او فاطمة من النساء «4».

(2) لاحظ حديث معمر بن خثيم قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: ما تكني قال: ما اكتنيت بعد و مالي من ولد و لا امرأة و لا جارية قال: فما يمنعك من ذلك قال: قلت: حديث بلغنا عن علي عليه السلام قال: من اكتني و ليس له أهل فهو ابو جعفر فقال: أبو جعفر عليه السلام: شوه ليس هذا من حديث علي عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 25 من ابواب أحكام الاولاد

(4) الوسائل الباب 26 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 1

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد،

منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 10، ص: 261

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 261

و لا يكني محمد بأبي القاسم (1) و حلق رأسه يوم السابع (2) و العقيقة (3) بعده (4) و التصدق وزن شعره ذهبا أو فضة (5).

______________________________

انا لنكني أولادنا في صغرهم مخافة النبز ان يلحق بهم «1»، و حديث السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من السنة و البر أن يكني الرجل باسم ابنه «2»

(1) لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان النبي صلي اللّه عليه و آله نهي عن اربع كني: عن أبي عيسي و عن أبي الحكم و عن أبي مالك و عن أبي القاسم اذا كان الاسم محمدا «3».

(2) لجملة من النصوص منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المولود قال: يسمي في اليوم السابع و يعق عنه و يحلق رأسه و يتصدق بوزن شعره فضة و يبعث الي القابلة بالرجل مع الورك و يطعم منه و يتصدق «4».

(3) لاحظ ما رواه سماعة قال: قال ابو عبد اللّه عليه السلام: الصبي يعق عنه و يحلق رأسه و هو ابن سبعة أيام و يوزن شعره و يتصدق عنه بوزن شعره ذهب أو فضة و تطعم القابلة الرجل و الورك و قال: العقيقة بدنة أو شاة «5».

(4) لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت:

بأي ذلك نبدأ فقال: يلحق رأسه و يعق عنه و يتصدق بوزن شعره فضة يكون ذلك في مكان واحد «6».

(5) لاحظ ما رواه سماعة «7».

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 1

(2)

نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 29 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 44 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 6

(6) نفس المصدر الحديث: 9

(7) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 262

و ثقب اذنه (1) و ختانه فيه (2) و يجب عليه الختان بعد البلوغ لو لم يختن قبله (3).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان ثقب اذن الغلام من السنة و ختانة لسبعة ايام من السنة «1».

(2) لاحظ حديث مسعدة المتقدم آنفا و ما رواه عبد اللّه بن جعفر انه كتب الي أبي محمد عليه السلام انه روي عن الصادقين عليهم السلام: أن اختنوا أولادكم يوم السابع يطهروا فان الارض تضج الي اللّه عز و جل من بول الاغلف و ليس جعلني اللّه فداك لحجامي بلدنا حذق بذلك و لا يختنونه يوم السابع و عندنا حجاموا اليهود فهل يجوز لليهود أن يختنوا اولاد المسلمين أم لا ان شاء اللّه؟ فوقع عليه السلام: السنة يوم السابع فلا تخالفوا السنن ان شاء اللّه «2».

ثم ان في المقام كلاما و هو انه يجب علي الولي ختان ابنه أم لا يجب و يمكن الاستدلال علي الوجوب بما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال ختان الغلام من السنة و خفض الجارية ليس من السنة «3».

و تقريب الاستدلال بالرواية ان المستفاد منها ان خفض الجارية ليس من السنة و الحال انه لا اشكال في استحبابه فالمراد نفي الوجوب عنه فيعلم من التقابل ان ختان الغلام واجب فلاحظ لكن محمد بن عيسي الواقع في السند مخدوش.

(3) قال في الجواهر «4» - في

هذا المقام-: «بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه و ذلك لأن الختان واجب في نفسه بالضرورة من المذهب

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 52 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 56 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 2

(4) ج 31 ص: 260

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 263

______________________________

و الدين التي استغنت بذلك عن تظافر النصوص كغيرها من الضروريات». انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في علو مقامه.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: اذا أسلم الرجل اختتن و لو بلغ ثمانين سنة «1».

و بما رواه يعقوب بن جعفر عن أبي ابراهيم عليه السلام في حديث طويل ان رجلا من الرهبان أسلم علي يده الي أن قال: فدعا ابو ابراهيم عليه السلام بجبة خزو قميص قوهي و طيلسان و خف و قلنسوة فأعطاه اياه و صلي الظهر و قال: اختتن فقال: قد اختتنت في سابعي «2».

بتقريب: عدم الفصل بين الموارد لكن الحديثين ضعيفان سندا فيكونان مؤيدين للمدعي و يؤيد المدعي أيضا ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام انه كتب الي المأمون: و الختان سنة واجبة للرجال و مكرمة للنساء «3».

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه غياث بن ابراهيم عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال: قال علي عليه السلام: لا بأس بأن لا تختتن المرأة فأما الرجل فلا بد منه «4» و الظاهر ان هذه الرواية تامة سندا و دلالة.

و يؤكد المدعي ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

خفض النساء مكرمة و ليس من

السنة و لا شيئا واجبا و أي شي ء أفضل من المكرمة «5»

______________________________

(1) الوسائل الباب 55 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 52 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 8

(5) الوسائل الباب 56 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 264

و خفض الجواري مستحب (1) و ان بلغن (2) و الاولي أن يكون بعد

______________________________

فان استحباب خفض الجواري لا اشكال فيه فالمراد نفي الوجوب أي ليس من السنن الواجبة فيعلم ان ختان الرجال من السنن الواجبة.

(1) بلا خلاف بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- و تدل علي المدعي جملة من النصوص لاحظ ما رواه الفضل بن شاذان «1» و ما رواه مسعدة بن صدقة «2» و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الختان سنة في الرجال و مكرمة في النساء «3».

و ما روي عن الرضا عن آبائه عن علي عليه السلام في حديث الشامي انه سأله عن اول من امر بالختان فقال: ابراهيم و سأله عن اول من خفض من النساء؟

فقال: هاجر أم اسماعيل خفضتها سارة لتخرج عن يمينها الحديث «4».

و ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول سارة: اللهم لا تؤاخذني بما صنعت بهاجر انها كانت خفضتها لتخرج من يمينها بذلك «5»

و ما رواه عمرو بن ثابت عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: كانت امرأة يقال لها: أم طيبة «ظبية خ ل» تخفض الجواري فدعاها النبي صلي اللّه عليه و آله فقال: يا أم طيبة اذا خفضت فاشمي و لا تجحفي فانه أصفي للون الوجه و أحظي عند البعل

«6».

(2) للإطلاق.

______________________________

(1) لاحظ ص: 263

(2) لاحظ ص: 263

(3) الوسائل الباب 58 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

(6) الوسائل الباب 18 من ابواب ما يكتسب به الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 265

بلوغها سبع سنين (1).

[مسألة 7: يستحب أن يعق عن الذكر بذكر و عن الاثني بأنثي]

(مسألة 7): يستحب أن يعق عن الذكر بذكر و عن الاثني بانثي (2) و أن تكون سالمة من العيوب سمينة (3) و في الروايات: هي

______________________________

(1) لاحظ ما رواه وهب عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال: لا تخفض الجارية حتي تبلغ سبع سنين «1».

(2) لاحظ ما ارسله يونس عن أبي جعفر عليه السلام انه قال: اذا كان يوم السابع و قد ولد لأحدكم غلام او جارية فليعق عنه كبشا عن الذكر ذكرا و عن الانثي مثل ذلك عقوا عنه و أطعموا القابلة من العقيقة و سموه يوم السابع «2».

(3) لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه قال: في العقيقة يذبح عنه كبش فان لم يوجد كبش اجزأه ما يجزئ في الاضحية «3».

بتقريب: ان المستفاد من هذا الحديث ان شرائط الاضحية معتبرة في العقيقة و حيث ان السلامة من العيوب شرط في الاضحية فهي شرط في العقيقة أيضا و يرد عليه اولا: انه لا دليل علي الاشتراط المذكور في الاضحية لاحظ حديث علي بن جعفر في كتابه عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الاضحية فقال:

ضح بكبش املح اقرن فحلا سمينا فان لم يجد كبشا سمينا فمن فحولة المعز او موجوء من الضأن أو المعز فان لم تجد فنعجة من الضأن سمينة قال: و كان علي عليه السلام يقول: ضح بثنيّ فصاعدا

و اشتره سليم الاذنين و العينين الحديث «4» فانه لا يستفاد من هذه الرواية اشتراط السلامة من العيوب علي نحو العموم و ثانيا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 44 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 11

(3) الوسائل الباب 41 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 60 من ابواب الذبح الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 266

شاة لحم يجزئ فيها كل شي ء و ان خيرها اسمنها (1) و يكره أن يأكل الاب منها أو احد من عيال الاب (2) و الاحوط للأم الترك (3) و تجزئ

______________________________

انه يمكن أن يقال: ان المستفاد من حديث عمار انه يكفي في العقيقة ما يكفي في الاضحية بأنه ان لم يوجد الكبش يجزي غيره و بعبارة اخري: يكون الامام عليه السلام في مقام بيان كفاية غير الكبش عند عدمه و لا يكون في مقام بيان اشتراط العقيقة بشرائط الاضحية و اللّه العالم و يستفاد من بعض النصوص عدم الاشتراط لاحظ حديثي منهال و مرازم و الحديثان ضعيفان سندا.

(1) لاحظ ما رواه منهال القماط قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان اصحابنا يطلبون العقيقة اذا كان ابان يقدم الاعراب فيجدون الفحول و اذا كان غير ذلك الابان لم توجد فتعسر عليهم فقال: انما هي شاة لحم ليست بمنزلة الاضحية يجزئ منها كل شي ء «1» و ما رواه مرازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

العقيقة ليست بمنزلة الهدي خيرها أسمنها «2».

(2) لاحظ ما رواه أبو خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يأكل هو و لا أحد من عياله من العقيقة و قال: و للقابلة ثلث العقيقة و ان كانت القابلة أم الرجل أو من عياله فليس

لها منها شي ء و تجعل أعضاء ثم يطبخها و يقسمها و لا يعطيها الا أهل الولاية و قال: يأكل من العقيقة كل احد الآلام «3».

(3) لاحظ حديث أبي خديجة فانه صرح فيه بأنه يأكل من العقيقة كل احد

______________________________

(1) الوسائل الباب 45 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 47 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 267

الشاة و البقرة و البدنة (1) و الافضل الكبش (2) و يستحب أن يقطع

______________________________

الا الام و لاحظ حديث الكاهلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في العقيقة قال: لا تطعم الام منها شيئا «1» فانه نهي فيه بقوله: عليه السلام: «لا تطعم الام منها شيئا» و لكن مع ذلك لا يحرم عليها اذ لو كان حراما عليها لبان و ظهر مضافا الي ضعف السند في الحديثين المتقدمين.

(1) لاحظ حديثي منهال و مرازم «2» و لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا ولد لك غلام أو جارية فعق عنه يوم السابع شاة أو جزورا و كل منها و أطعم و سمه و احلق رأسه يوم السابع و تصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة و أعط القابلة طائفا من ذلك فأي ذلك فعلت فقد أجزأك «3».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن العقيقة واجبة هي قال: نعم يعق عنه و يحلق رأسه و هو ابن سبعة و يوزن شعره فضة أو ذهب يتصدق به و يطعم قابلته ربع الشاة و العقيقة شاه أو بدنة «4».

و لاحظ حديث محمد بن مارد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن العقيقة فقال:

شاة أو بقرة أو بدنة الحديث «5».

(2) لاحظ ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه قال في العقيقة: يذبح عنه كبش فان لم يوجد أجزأه ما يجزئ في الاضحية و الا فحمل أعظم ما يكون من حملان السنة «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 266

(3) الوسائل الباب 44 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 7

(4) نفس المصدر الحديث: 10

(5) الوسائل الباب 41 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 2

(6) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 268

جداول (1) و قبل يكره أن تكسر العظام (2) و يستحب أن يعطي القابلة منها الربع (3) و يقسم الباقي علي المحتاجين (4).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه أبو خديجة «1» و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: عق عنه و أحلق رأسه يوم السابع و تصدق بوزن شعره فضة و اقطع العقيقة جذاوي و اطبخها و ادع عليها رهطا من المسلمين «2».

(2) قال في الشرائع: «كراهة أن يكسر شيئا من عظامها بل تفصل اعضاء» و يدل علي المدعي ما رواه الكاهلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: العقيقة يوم السابع و تعطي القابلة الرجل مع الورك و لا يكسر العظم «3».

و يدل علي الجواز ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن العقيقة اذا ذبحت يكسر عظمها؟ قال: نعم يكسر عظمها و يقطع لحمها و يصنع بها بعد الذبح ما شئت «4» و بصراحة هذا الخبر في الجواز تحمل تلك الرواية علي الكراهة علي ما هو المقرر عندهم.

(3) لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: و سألته عن

العقيقة الي أن قال: و يعطي القابلة ربعها «5» و لكن في حديث أبي خديجة «6» ذكر الثلث.

(4) لاحظ حديث يحيي بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمي

______________________________

(1) لاحظ ص: 266

(2) الوسائل الباب 44 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 17

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) لاحظ ص: 266

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 269

و أفضل منه أن يطبخ و يعمل عليه وليمة (1) و الافضل أن يكون عددهم عشرة فما زاد (2).

______________________________

رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حسنا و حسينا يوم سابعهما و عق عنهما شاة شاة و بعثوا برجل شاة الي القابلة و نظروا ما غيره فأكلوا منه و اهدوا الي الجيران و حلقت فاطمة عليها السلام رءوسهما و تصدقت بوزن شعرهما فضة «1».

و لعل الماتن استفاد قيد الاحتياج من مرسل ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تأكل المرأة من عقيقة ولدها و لا بأس بأن يعطيها الجار المحتاج من اللحم «2» و أما الوارد في بقية النصوص ففي حديث أبي خديجة «3» عنوان أهل الولاية و في بعض الروايات ذكر عنوان المسلم كحديث عمار قال فيه:

و تطعم منه عشرة من المسلمين فان زادوا فهو أفضل «4».

(1) لاحظ ما رواه حفص الكناسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال:

الصبي اذا ولد عق عنه و حلق رأسه و تصدق بوزن شعره ورقا و اهدي الي القابلة الرجل مع الورك و يدعي نفر من المسلمين فيأكلوه و يدعون للغلام و يسمي يوم السابع «5».

(2) لاحظ ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه يعطي القابلة ربعها فان

لم تكن قابلة فلامه تعطيه من شاءت و يطعم منها عشرة من المسلمين فان

______________________________

(1) الوسائل الباب 50 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 47 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 266

(4) الوسائل الباب 44 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 270

كما أن الافضل أن يكون ما يطبخ به ماء و ملحا (1) و أما ما اشتهر بين بعض السواد من استحباب لف العظام بخرقة بيضاء و دفنها فلم نعثر علي مستنده و من بلغ و لم يعق عنه استحب له أن يعق عن نفسه (2) و لا يجزئ عن العقيقة التصدق بثمنها (3) و من ضحي عنه أجزأته الاضحية

______________________________

زاد فهو أفضل «1».

(1) لاحظ ما ارسله الصدوق قال: و روي أن افضل ما يطبخ به ماء و ملح «2» و لعل الماتن استفاد ارجحية الوليمة علي التقسيم من المناسبة بين الموضوع و الحكم.

(2) لاحظ ما رواه عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اني و اللّه ما أدري كان أبي عق عني أم لا قال: فأمرني أبو عبد اللّه عليه السلام فعققت عن نفسي و أنا شيخ كبير الحديث «3».

(3) بلا خلاف- كما في الجواهر- و الاصل يقتضيه اضف الي ذلك حديث عبد اللّه بن بكير قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فجاء رسول عمه عبد اللّه بن علي فقال له: يقول لك عمك: انا طلبنا العقيقة فلم نجدها فما تري نتصدق بثمنها؟ قال: لا ان اللّه يحب اطعام الطعام و اراقة الدماء «4».

و حديث محمد بن مسلم قال: ولد لأبي جعفر عليه السلام غلامان جميعا فأمر زيد بن

علي أن يشتري له جزورين للعقيقة و كان زمن غلاء فاشتري له واحدة و عسرت عليه الاخري فقال لأبي جعفر عليه السلام: قد عسرت علي الاخري فأتصدق بثمنها

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 15

(2) نفس المصدر الحديث: 16

(3) الوسائل الباب 39 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 40 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 271

عن العقيقة (1).

[مسألة 8: أفضل المراضع الأم]

(مسألة 8): أفضل المراضع الام (2) و للحرة الاجرة علي الاب (3).

______________________________

قال: لا اطلبها فان اللّه عز و جل يحب اهراق الدماء و اطعام الطعام «1».

(1) لاحظ حديث سماعة قال: سألته عن رجل لم يعق عنه والده حتي كبر فكان غلاما شابا أو رجلا قد بلغ فقال: اذا ضحي عنه أو ضحي الولد عن نفسه فقد أجزأ عنه عقيقته و قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الولد مرتهن بعقيقته فكه أبواه او تركاه «2».

و حديث عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و ان لم يعق حتي ضحي عنه فقد أجزأته الاضحية و كل مولود مرتهن بعقيقته «3».

و مرسل المقنع عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا لم يعق عن الصبي و ضحي عنه أجزأه ذلك عن عقيقته «4».

(2) قال في الحدائق «5»: «قالوا: ان أفضل ما يرضع به الصبي لبن امه لأنه اوفق بمزاجه و أنسب بطبعه و هو غذائه في بطن امه» الخ.

و يدل علي المدعي ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قال امير المؤمنين عليه السلام: ما من لبن رضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن امه «6».

(3) لأنها من النفقة الواجبة عليه اجماعا- كما في الجواهر- و

استدل علي المدعي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 65 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) ج- 25 ص: 71

(6) الوسائل الباب 68 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 272

اذا لم يكن للولد مال و الا فمن ماله (1) و مع موته فمن مال الرضيع ان كان له مال (2) و الا فمن مال من تجب عليه كما يأتي بيانه (3) و لا تجبر علي ارضاعه (4).

______________________________

بقوله تعالي: «فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ «1» و استدل عليه أيضا بقوله تعالي: «وَ عَلَي الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَ كِسْوَتُهُنَّ» «2» بتقريب: ان الرزق و الكسوة كناية عن اجرة الرضاع- كما في الجواهر- فتأمل.

(1) فانه لو كان له مال لا يجب علي الأب لأنه غني و لا يجب الانفاق علي الغني.

(2) كما هو ظاهر اذ مع كونه ذا مال لا يجب الانفاق عليه علي احد.

(3) فانتظر.

(4) بلا خلاف و لا اشكال- كما في بعض الكلمات- و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي: «فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» «3» فانه يفهم عرفا ان اختيار الرضاع بيدها و لا يجب عليها الا أن يقال: لا تنافي بين الوجوب و استحقاق الاجرة و يمكن الاستدلال بقوله تعالي: «لٰا تُضَارَّ وٰالِدَةٌ بِوَلَدِهٰا» «4» بتقريب ان اجبارها علي الارضاع نوع اضرار فلا يجب عليها و يمكن الاستدلال عليه بقوله تعالي: «وَ إِنْ تَعٰاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْريٰ» «5» بتقريب: انه لو كان الارضاع واجبا عليها لا تصل النوبة الي مرضعة اخري.

______________________________

(1) الطلاق/ 6

(2) البقرة/ 233

(3) الطلاق/ 6

(4) البقرة/ 234

(5) الطلاق/ 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 273

و تجبر الامة (1) و حد الرضاعة

حولان (2).

______________________________

و يدل علي المدعي ما رواه سليمان بن داود المنقري قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرضاع فقال: لا تجبر الحرة علي رضاع الولد و تجبر أمّ الولد «1»

و يكفي لعدم الوجوب عليها الاصل الاولي و مع عدم الوجوب لا وجه لجواز الاجبار فعدم جوازه علي القاعدة ان قلت: يدل قوله تعالي: وَ الْوٰالِدٰاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلٰادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كٰامِلَيْنِ لِمَنْ أَرٰادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضٰاعَةَ «2»، علي وجوب الارضاع عليها قلت: المستفاد من الاية الشريفة ان حد الرضاع حولان و بعبارة اخري:

يستفاد من الاية ان من أراد اتمام الرضاعة يجوز له الارضاع حولين.

(1) قال في الجواهر «3»: «و للمولي اجبار امته علي الرضاع لولده منها أو من غيرها أو غير ولده بلا خلاف و لا اشكال لأن جميع منافعها مملوكة له».

(2) للآية و هي قوله تعالي: «وَ الْوٰالِدٰاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلٰادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كٰامِلَيْنِ لِمَنْ أَرٰادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضٰاعَةَ» «4» و لقوله تعالي: «وَ فِصٰالُهُ فِي عٰامَيْنِ» «5».

و لحديث حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا رضاع بعد فطام قلت: و ما الفطام؟ قال: الحولين الذي قال اللّه عز و جل «6».

و تدل علي المدعي أيضا جملة من النصوص: لاحظ ما رواه الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ليس للمرأة أن تأخذ في رضاع ولدها أكثر من حولين

______________________________

(1) الوسائل الباب 68 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 1

(2) البقرة/ 234

(3) ج 31 ص: 276

(4) البقرة/ 234

(5) لقمان/ 15

(6) الوسائل الباب 5 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 274

و تجوز الزيادة علي ذلك (1).

______________________________

كاملين ان أراد الفصال قبل ذلك عن تراض منهما فهو حسن و الفصال

الفطام «1»

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه نهي أن يضار بالصبي أو تضار امه في رضاعه و ليس لها أن تأخذ في رضاعه فوق حولين كاملين فان أراد فصالا عن تراض منهما قبل ذلك كان حسنا و الفصال هو الفطام «2».

(1) قال في الجواهر: «و كيف كان فالمشهور بين الاصحاب انه يجوز الزيادة علي الحولين» الخ و يمكن الاستدلال علي الجواز باصالة البراءة عن الحرمة مضافا الي دلالة جملة من النصوص علي المدعي منها: ما رواه سعد بن سعد الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الصبي هل يرضع اكثر من سنتين؟

فقال: عامين فقلت: فان زاد علي سنتين هل علي أبويه من ذلك شي ء؟ قال:

لا «3».

فان هذه الرواية تدل علي المدعي بوضوح و منها حديثا الحلبي «4» و مثلها حديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: المطلقة الحبلي ينفق عليها حتي تضع حملها و هي أحق بولدها أن ترضعه بما تقبله امرأة اخري يقول اللّه عز و جل: «لٰا تُضَارَّ وٰالِدَةٌ بِوَلَدِهٰا وَ لٰا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَ عَلَي الْوٰارِثِ مِثْلُ ذٰلِكَ» لا يضار بالصبي و لا يضار بامه في ارضاعه و ليس لها أن تأخذ في رضاعه فوق حولين كاملين فاذا أراد الفصال عن تراض منهما كان حسنا و الفصال هو الفطام «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 70 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) لاحظ ص: 273 و اول هذه الصفحة

(5) الوسائل الباب 70 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 275

و اقله واحد و عشرون شهرا علي المشهور (1)

و الام احق بالرضاعة اذا

______________________________

فان المستفاد من هذه النصوص انه لا يجوز اخذ الاجرة بعد الحولين فيفهم ان الارضاع بعد الحولين بلا اجرة لا بأس به.

و ربما يستدل علي عدم الجواز بمرسلة دالة علي عدم الجواز و بأن اللبن بعد الحولين من فضلات ما لا يؤكل لحمه الممنوع أكلها بل الظاهر ان ذلك لكونه من الخبائث كالبصاق و باقي رطوباته و كلما حرم علي المكلف لخبثه يحرم اطعامه لغير المكلف كالدم و نحوه فالجواز يحتاج الي الدليل.

و هذا التقريب غير تام فان المرسل لا اعتبار به سيما مع الجهل بمضمونه و أما كون اللبن بعد الحولين من الخبائث فهو اول الكلام و الاشكال و علي فرض التسلم لا دليل علي حرمة اطعام كل محرم لخبثه لغير المكلف مضافا الي أن الكلام في جواز ارضاع الصبي بعد الحولين و لو من لبن امرأة ولدت لأقل من تلك المدة و بين المقامين بون بعيد فالحق ما أفاده الماتن.

(1) الظاهر من المتن بل صريحه جواز الاقتصار علي هذا المقدار و يمكن الاستدلال علي جواز الاقتصار بالاصل فان مقتضاه عدم الوجوب مضافا الي دعوي عدم الخلاف- كما في الجواهر- و يضاف الي ذلك النص الخاص لاحظ حديث عبد الوهاب بن صباح قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: الفرض في الرضاع أحد و عشرون شهرا فما نقص عن أحد و عشرين شهرا فقد نقص المرضع و ان أراد أن يتم الرضاعة فحولين كاملين «1».

و لاحظ احاديث الحلبي و أبي بصير «2» و لاحظ حديث سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الرضاع واحد و عشرون شهرا فما نقص فهو جور علي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 273

و 274

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 276

______________________________

الصبي «1».

بل يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي: «وَ حَمْلُهُ وَ فِصٰالُهُ ثَلٰاثُونَ شَهْراً» «2» بناء علي أن مدة الحمل غالبا تسعة اشهر و الاطلاق منصرف اليه فيكون الباقي واحد و عشرون شهرا و لكن ينافيه ما روي عن امير المؤمنين عليه السلام من الاستدلال علي امكان الحمل ستة اشهر بالآية الكريمة «3» بتقريب: ان الاية الاخري و هي قوله تعالي: «وَ الْوٰالِدٰاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلٰادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كٰامِلَيْنِ» «4» تدل علي أن مدة الرضاع حولان فاذا كان مجموع الحمل و الرضاع ثلاثون شهرا تكون مدة الرضاع حولين لكن الرواية ضعيفة سندا فالنتيجة ان الزيادة علي واحد و عشرين شهرا لا تجب انما الكلام في جواز الأقل و عدمه و ما يمكن أن يستدل به علي عدم الجواز وجهان:

الوجه الاول: ما رواه عبد الوهاب «5» و هذه الرواية ضعيفة سندا بعبد الوهاب الوجه الثاني: ما رواه سماعة «6» و الظاهر انه لا بأس بالاستدلال بهذه الرواية علي المدعي اذ صرح فيها بأن الاقل من هذا المقدار جور و من الظاهر ان الجور بالطفل حرام و أما النصوص الدالة علي جواز الفطام قبل الحولين فيقيد بهذه الرواية فالنتيجة عدم جواز الأقل الا أن يقوم اجماع تعبدي علي جوازه و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 70 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 5

(2) الاحقاف/ 15

(3) الوسائل الباب 17 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 9

(4) البقرة/ 234

(5) لاحظ ص: 275

(6) لاحظ ص: 275

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 277

رضيت بما يرضي به غيرها من اجرة أو تبرع (1).

[مسألة 9: الأم أحق بحضانة الولد إن شاءت إذا كانت حرة مسلمة عاقلة مأمونة علي الولد إلي سنتين]

(مسألة 9). الام احق بحضانة الولد ان شاءت اذا كانت حرة مسلمة عاقلة مأمونة علي الولد الي سنتين و

ان كان انثي و الاولي

______________________________

(1) عن الجواهر: «بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه» و عن الرياض: «اجماعا حكاه جماعة» و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها:

ما رواه داود بن الحصين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: وَ الْوٰالِدٰاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلٰادَهُنَّ قال: ما دام الولد في الرضاع فهو بين الابوين بالسوية فاذا فطم فالاب احق به من الام فاذا مات الاب فالام احق به من العصبة و ان وجد الاب من يرضعه بأربعة دراهم و قالت الام: لا أرضعه الا بخمسة دراهم فان له أن ينزعه منها الا أن ذلك خير له و أرفق به أن يترك مع امه «1».

و منها: ما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا طلق الرجل المرأة و هي حبلي أنفق عليها حتي تضع حملها و اذا وضعته أعطاها أجرها و لا يضارها الا أن يجد من هو أرخص أجرا منها فان هي رضيت بذلك الاجر فهي أحق بابنها حتي تفطمه 2.

و منها: ما رواه فضل أبو العباس قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل أحق بولده أم المرأة قال: لا بل الرجل فان قالت المرأة لزوجها الذي طلقها أنا أرضع ابني بمثل ما تجد من يرضعه فهي أحق به 3.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الحبلي المطلقة ينفق عليها حتي تضع حملها و هي أحق يولدها حتي ترضعه بما تقبله امرأة اخري ان اللّه يقول: لا تضار والدة بولدها و لا مولود له بولده الحديث 4.

______________________________

(1) (1 و 2 و 3 و 4) الوسائل الباب 81 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 1 و 2

و 3 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 278

جعله في حضانة الام الي سبع سنين و ان كان ذكرا و تسقط الحضانة لو تزوجت و لا تسقط لو زنت و لو مات الاب بعد انتقال الحضانة اليه أو كان مملوكا أو كافرا أو مجنونا فالام أولي به الي أن يبلغ من الوصي للأب و من الجد و الجدة له و غيرهما من اقاربه و ان تزوجت و لو ماتت الام في مدة الحضانة فالاب أولي به من وصيها و ابيها و امها و غيرهما من اقاربها و اذا فقد الابوان فأب الاب أولي به و مع فقده فالوصي لأحدهما و مع فقده فثبوت حق الحضانة للأقرب من الاقارب اشكال و اذا بلغ الولد رشيدا سقطت ولاية الابوين عنه و كان له الخيار في الانضمام الي من شاء منهما أو من غيرهما و اذا طلبت الام اجرة للرضاع زائدة علي غيرها أو وجد متبرع به و كان نظر الاب الارضاع من غيرها ففي سقوط حق الحضانة اشكال و الاظهر سقوطه و لو تزوجت فسقطت حضانتها ففي رجوع حضانتها بالطلاق قولان اقواهما العدم (1).

______________________________

(1) الذي ينبغي في المقام أن تلاحظ النصوص الواردة و استخراج الحكم الشرعي منها و من تلك النصوص ما رواه داود بن الحصين «1» و المستفاد من هذا الحديث ان الحق مشترك بين الأبوين مدة الرضاع و بعد الفطام يكون الاب احق و لا يبعد أن يستفاد من الرواية ان الحكم مخصوص بمورد يرتضع الولد من امه لكن الانصاف انه خلاف اطلاق الرواية فان مقتضاه ان الطفل في مدة الرضاع بين الابوين و لا اولوية لأحدهما علي الاخر.

______________________________

(1) لاحظ ص: 277

مباني منهاج الصالحين، ج 10،

ص: 279

______________________________

و منها: ما رواه الكناني «1» و المستفاد من هذه الرواية ان الام احق بارضاع الولد اذا رضيت بالاجرة التي يمكن اجارة مرضعة اخري بها.

و منها: ما رواه فضل ابو العباس «2» و المستفاد من هذه الرواية ما هو المستفاد من تلك الرواية و السند ضعيف.

و منها: ما رواه المنقري مرسلا قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يطلق امرأته و بينهما ولد ايهما احق بالولد؟ قال: المرأة أحق بالولد ما لم تتزوج «3».

و المستفاد من هذه الرواية ان المرأة احق بالولد ما لم تتزوج و السند ضعيف بكلا طريقيه و منها ما رواه الحلبي «4» و المستفاد من هذه الرواية ما هو المستفاد من رواية الكناني و هو كون الام احق مدة الرضاع بالشرط المذكور.

و منها: ما رواه ايوب بن نوح قال: كتب اليه بعض اصحابه كانت لي امرأة ولي منها ولد و خليت سبيلها فكتب عليه السلام: المرأة احق بالولد الي أن يبلغ سبع سنين الا أن تشاء المرأة «5» و المستفاد من هذه الرواية ان الام احق بالولد سبع سنين.

و منها: ما رواه أيضا قال: كتبت اليه مع بشر بن بشار: جعلت فداك رجل تزوج امرأة فولدت منه ثم فارقها متي يجب له أن يأخذ ولده؟ فكتب: اذا صار

______________________________

(1) لاحظ ص: 277

(2) لاحظ ص: 277

(3) الوسائل الباب 81 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 4

(4) لاحظ ص: 277

(5) الوسائل الباب 81 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 280

______________________________

له سبع سنين فان أخذه فله و ان تركه فله «1» و المستفاد من هذه الرواية ما هو المستفاد من حديثه الاخر.

هذه هي النصوص الواردة في المقام فنقول: تستفاد

من كلام الماتن في المقام فروع:

الفرع الاول: ان الام احق بحضانة الولد الي سنتين و الانصاف انه يستفاد من النصوص كونها احق بالنسبة الي ارضاعها الولد و اما الاحقية المطلقة التي هي محل الكلام في المقام فالنصوص متعارضة لاحظ حديث داود بن الحصين «2» أن المستفاد من هذا الحديث بالصراحة ان الولد في مدة الرضاع بين الابوين بالسوية و المستفاد من حديثي ايوب بن نوح «3» ان الام احق بالولد الي سبع سنين فيقع التعارض بين الطرفين و حيث لا مرجح لأحد الطرفين لا من الكتاب و لا من حيث المخالفة مع العامة مضافا الي انا بنينا في الجزء الثامن من هذا الكتاب في الخاتمة انه لا دليل علي الترجيح بموافقة الكتاب و مخالفة العامة فراجع هناك.

فتصل النوبة الي المرجح الثالث أي الاحدثية و المرجح من هذه الجهة مع حديث ايوب بن نوح فان الرجل من اصحاب الرضا و الجواد روحي فداهما.

فالنتيجة ان حق الحضانة مع الام الي سبع سنين الا أن يقوم الاجماع التعبدي و التسالم بين الطائفة علي خلافه.

الفرع الثاني: ان هذا الحق متحقق علي تقدير ان الام تشاء و الا فلا و لا يبعد أن يستفاد المدعي من حديث ايوب بن نوح حيث قال عليه السلام في ذيل الحديث

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) لاحظ ص: 277

(3) لاحظ ص: 279

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 281

______________________________

«الا أن تشاء» فلاحظ.

الفرع الثالث: ان حق الحضانة مخصوص بالمسلمة و استدل علي المدعي بقوله تعالي: «لَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا» «1» بتقريب: ان هذا نحو سبيل فلا حق و لا سبيل للكافرة علي ولد المسلم و بقوله عليه السلام:

«الإسلام يعلوا و لا يعلي عليه» «2» بتقريب:

ان الولاية نحو علو فليس لها و بأن المفروض ان الولد مسلم فلو كان في حضانتها و كفالتها يمكن أن يتغير حاله و يرغب عن الإسلام بعد ميله اليها.

و هذه الوجوه- كما تري- لا يرجع الي محصل فان الكافر يملك المسلم و لو في الجملة فليس المراد من الاية الشريفة هذا المعني و أما قوله: «الإسلام يعلو و لا يعلي عليه» فلا يبعد أن يكون اخبارا عن أمر خارجي و هو ان الإسلام عند اللّه في الدرجة العالية مضافا الي أن السند ضعيف و أما الوجه الثالث فيمكن دفعه بالنظارة عليه و حفظه عن الخطر المذكور مضافا الي أن مجرد الاحتمال لا يقتضي نفي ولاية الام.

الفرع الرابع: انه يشترط في الام أن تكون حرة فان منافع الامة مملوكة للمولي و ليس لها اختيار و ان الامة كل علي مولاها لا تقدر علي شي ء و للمولي ولاية عليها فكيف تكون هي وليا علي الغير مضافا الي دعوي عدم الخلاف فيه.

الفرع الخامس: أن تكون عاقلة بلا خلاف- كما في الجواهر- فان المجنونة بنفسها تحتاج الي الحضانة و لا بد لها من ولي و ارجاع أمر الطفل الي وليها ليس عليه دليل فلاحظ.

______________________________

(1) النساء/ 141

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب موانع الارث الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 282

______________________________

الفرع السادس: انه يشترط فيها أن تكون مأمونة علي الولد بتقريب: ان حفظ الولد عن الاخطار واجب فلو لم تكن مأمونة يكون حفظه بعدم تسليمه اليها مع فرض عدم احراز الامانة فيها و يمكن أن يقال: انه لا مجال لهذا التقريب بعد ان الشارع الأقدس جعل لها الولاية فلا بد من رعاية حقها الا في فرض خيانتها و احرازها و

اللّه العالم.

قال في الحدائق «1»: «الخامس أن تكون امينة فلا حضانة لمن لا امانة لها قال في شرح النافع: و هذا الشرط لم يعتبره المصنف و قد اعتبره الشيخ في المبسوط و جماعة منهم الشهيد في القواعد و لا بأس به لان من لا امانة لها ربما خانت في حفظ الولد و لأن في التكليف بتسليم الولد الي غير المأمونة عسرا و حرجا فكان منفيا» الخ.

و الحق أن يقال- كما في الحدائق-: ان التعليلات العليلة لا توجب رفع اليد عن الدليل الدال علي الحق للأم مضافا الي أن هذا التقريب مشترك بين الام و الاب فالامر كما تقدم بأن يقال: تارة يحرز الخيانة بحيث يكون تسليم الطفل اليها يعد خيانة بالنسبة الي الطفل في نظر العرف فلا حق لها و أما في مورد الشك فمقتضي القاعدة تسليم الولد و ما ذكر في تقريب المنع لا يرجع الي محصل صحيح.

الفرع السابع: ان الولاية و الحضانة الي سنتين و قد ظهر مما تقدم ان الحق انها الي سبع سنين بمقتضي النص الا مع التسالم علي الخلاف.

الفرع الثامن: انه لا فرق في مدة الحضانة بين الذكر و الانثي و ذلك لإطلاق النص فان عنوان الولد الوارد في النصوص يشمل الذكر و الانثي.

الفرع التاسع: ان حق الحضانة يسقط بتزويج الام ادعي عليه عدم الخلاف

______________________________

(1) ج 25 ص: 93

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 283

______________________________

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما ارسله المنقري «1».

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه داود الرقي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة حرة نكحت عبدا فاولدها اولادا ثم انه طلقها فلم تقم مع ولدها و تزوجت فلما بلغ العبد أنها تزوجت اراد أن

يأخذه ولدها منها و قال: انا احق بهم منك ان تزوجت فقال: ليس للعبد أن يأخذ منها ولدها و ان تزوجت حتي يعتق هي أحق بولدها منه ما دام مملوكا فاذا اعتق فهو احق بهم منها «2» اضف الي ذلك ما عن الروضة من دعوي الاجماع عليه.

الفرع العاشر: ان الام اذا زنت لا يسقط حقها و ذلك للإطلاق و عدم الدليل علي التقييد.

الفرع الحادي عشر: ان الاب اذا مات فالام اولي به الي زمان بلوغه من الوصي للأب و الجد و من الجد و الجدة له و غيرهما من اقاربه و ما يمكن أن يذكر في تقريب المدعي وجوه:

الوجه الاول: عدم الخلاف فيه بل تحقق الاجماع عليه- كما في الجواهر- و فيه: ان عدم الخلاف غايته الاجماع و الاجماع اما منقول او محصل اما المنقول منه فغير حجة و اما المحصل منه فعلي تقدير حصوله محتمل المدرك للوجوه المذكورة في المقام فلا يكون اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السلام.

الوجه الثاني: ان الام ارفق بالنسبة الي الولد من غيرها و فيه: اولا: ان الدليل اخص من المدعي اذ ربما لا يكون كذلك و كون الام كذلك بحسب الطبع الاولي لا يقتضي الكبري الكلية و ثانيا: هذا المقدار لا يكفي في قبال ما دل علي

______________________________

(1) لاحظ ص: 279

(2) الوسائل الباب 73 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 284

______________________________

قيمومة الوصي للأب حتي مع وجود الام.

الوجه الثالث: قوله تعالي: «وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْليٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ» * «1» و فيه: ان أي ربط بين الاية و المقام فان الاية الكريمة- علي ما ورد في تفسيرها- ناظرة الي طبقات الارث و ناسخة

لثبوت الارث بالمعاقدة مضافا الي أنه لا يستفاد من الاية شي ء و انما المستفاد منها ان بعض الارحام اولي ببعض في كتاب اللّه و اما تعيين البعض الاولي فيحتاج الي التفسير فلاحظ.

الوجه الرابع: ان الاب لو مات في اثناء مدة الرضاع فالام أحق به فبحكم الاستصحاب نحكم ببقاء حق الام بعد المدة و اذا ثبت حقها في مورد يثبت في بقية الموارد بعدم القول بالفصل و يرد عليه:

أولا: ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باصالة عدم الجعل الزائد فلا مجال لجريان الاستصحاب.

و ثانيا: ان هذا الاصل لا يجري لما دل من النصوص ان حقها محدود الي الغاية الخاصة أي سبع سنين و مقتضي اطلاق تلك الادلة عدم ولايتها في ظرف موت الاب.

و ثالثا: ان عدم القول بالفصل غايته أن يرجع الي الاجماع و فيه ما فيه، و رابعا نفرض بقاء الاب الي ما بعد مدة الرضاع و لا ولاية للأم بعد المدة مع وجود الاب فلو فرض موت الاب في ذلك الظرف يجري استصحاب عدم ولايتها و بعدم القول بالفصل يحكم بعدم ولايتها علي الاطلاق.

الوجه الخامس: ما رواه داود «2» فان المستفاد من هذه الرواية احقية

______________________________

(1) الانفال/ 75

(2) لاحظ ص: 277

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 285

______________________________

الام بعد وفاة الاب و فيه: ان المذكور في الرواية العصبة و ليس فيها ذكر من الوصي.

الوجه السادس: قوله تعالي: «لٰا تُضَارَّ وٰالِدَةٌ بِوَلَدِهٰا» «1» فان اطلاق الاية يقتضي ان لا تضار به بأخذه و اخراجه من حجرها.

الوجه السابع: ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل مات و ترك امرأة و معها منه ولد فألقته علي خادم لها فأرضعته ثم جاءت

تطلب رضاع الغلام من الوصي فقال: لها أجر مثلها و ليس للوصي أن يخرجه من حجرها حتي يدرك و يدفع اليه ماله «2».

فان الحديث صريح في عدم جواز الاخراج من حجرها للوصي و لا تعارض بين هذه الرواية و ادلة قيمومة الوصي لأنها أخص و تقدم عليها و الرواية و ان كان موردها زمان الرضاع لكن لا يبعد ان العرف يفهم منها ان الملاك عدم الادراك و البلوغ بل صريح الحديث كذلك مضافا الي دعوي عدم القول بالفصل بين الموارد و مقتضي اطلاق الرواية عدم الفرق بين تزويج الام و عدمه فلاحظ.

الفرع الثاني عشر: ان الاب اذا كان مملوكا يكون الحق للأم و لعله لا خلاف فيه هكذا في الجواهر و يستفاد المدعي من حديث داود «3» فان المستفاد من الرواية احقية الام حتي مع التزويج حال كون الاب مملوكا.

الفرع الثالث عشر: ان الاب اذا كان كافرا تصل النوبة الي الام و يمكن الاستدلال علي المدعي بما ورد في المملوك بتقريب الاولوية مضافا الي أن المستفاد من

______________________________

(1) البقرة/ 233

(2) الوسائل الباب 71 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 277

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 286

______________________________

الادلة الدالة علي احقية الام في صورة وفات الاب ان المانع من حق الام وجود الاب فمع عدمه أو مع وجوده و عدم قابليته للولاية تصل النوبة الي الام و العمدة في مستند الحكم عدم الخلاف فيه مضافا الي الاولوية المستفادة من عدم كون الاب المملوك معارض للأم فان الكفر انزل من الرقية.

الفرع الرابع عشر: ان الاب اذا كان مجنونا تكون الولاية للأم و التقريب المتقدم في الفرع السابق يجري في المقام بعينه مضافا الي دعوي الاجماع فلاحظ

الفرع الخامس عشر:

انه لو ماتت الام في مدة الحضانة فالاب أولي بالولد من البقية و يمكن الاستدلال علي المدعي بحديث أيوب بن نوح «1» بتقريب:

ان المستفاد من الحديث ان الام اولي بالولد من الاب في تلك المدة فالحق بينهما فاذا ماتت الام يتعين الاب علي الاطلاق بمقتضي اطلاق الرواية مضافا الي أن المستفاد من النص كما مر ان الاب لو مات تكون الام أولي فاذا ماتت الام يكون الاب أولي لعدم القول بالفصل بينهما من هذه الجهة كما ذكر في بعض الكلمات

الفرع السادس عشر: انه لو فقد الابوان فأب الاب اولي به ربما يقال: انه في فقدان الابوين تصل النوبة الي الخالة بمقتضي حديث عبيد اللّه بن علي عن الرضا عن آبائه عن علي عليهم السلام أن النبي صلي اللّه عليه و آله قضي بابنة حمزة لخالتها و قال: الخالة والدة «2» و فيه: ان السند ضعيف بعبيد اللّه.

و قال في الجواهر: «فان فقد الابوان فالحضانة لأب الاب اي الجد للأب وفاقا للمحكي عن ابن ادريس و الفاضل لأن اصل الحضانة للأب لأن له الولد انتقلت منه الي الام مع وجودها بالنص و الاجماع فاذا انتفيا انتقلت الي أب الأب

______________________________

(1) لاحظ ص: 279

(2) الوسائل الباب 73 من ابواب أحكام الاولاد الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 287

______________________________

لأنه أب و مشارك للأب في كون الولد له و له الولاية عليه في المال و غيره و كذا في الحضانة».

و الظاهر ان الامر كذلك لأنه مع وجود الجد لا تصل النوبة الي الوصي فالحق مع فقد الابوين لأب الاب ثم للوصي للأب ثم لوصي الجد.

الفرع السابع عشر: انه لو فقد الوصي لأحدهما ففي كون الولاية للأقارب اشكال اذ لا دليل

علي هذا القول و آية اولي الارحام لا تقتضي ثبوت الحق بتبع التقدم في الارث كما مر.

الفرع الثامن عشر: انه لا ولاية لهما بعد البلوغ، اذ لا ولاية لأحد علي البالغ الرشيد فله الخيار في اموره.

الفرع التاسع عشر: انه اذ طلبت أزيد من غيرها أو وجد متبرع يسقط حقها و المسألة ذات قولين و لا يبعد أن يستفاد من حديث داود بن الحصين «1» سقوط حق الحضانة حيث قال عليه السلام: «له أن ينزعه منها» فان نزعه منها ينافي بقاء حق حضانتها انما الكلام بالنسبة الي ما بعد مدة الرضاع فان الظاهر ان حقها محفوظ بالنسبة الي ما بعد المدة لعدم وجه لسقوطه و المرجع في مثل هذه الموارد عموم العام او اطلاق المطلق لا استصحاب حكم المخصص مضافا الي أن جريان الاستصحاب في الحكم الكلي الالهي معارض باصالة عدم الجعل الزائد.

الفرع العشرون: انه لو تزوجت فطلقت فهل يرجع حقها أم لا؟ المسألة ذات قولين فعن الشيخ عود الحق بالطلاق لوجود المقتضي و عدم المانع و عن ابن ادريس عدمه لاستصحاب السقوط و الظاهر ان ما ذهب اليه الشيخ تام لما تقدم من

______________________________

(1) لاحظ ص: 277

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 288

[مسألة 10: حق الحضانة الذي يكون للأم يسقط بإسقاطها]

(مسألة 10): حق الحضانة الذي يكون للأم يسقط باسقاطها بخلاف حق الحضانة الذي يكون للأب أو الجد فانه لا يسقط باسقاطه (1) و الظاهر انها تستحق الاجرة علي الحضانة (2) الا اذا كانت متبرعة

______________________________

أن المرجع في هذه الموارد عموم العام لا استصحاب حكم المخصص.

(1) و بعبارة اخري: هذا الحق كحق الخيار و استدل علي المدعي بما في حديث ايوب بن نوح «1» بتقريب: ان الحق علق علي مشيتها فيعلم ان الاختيار بيدها بقاء و

اسقاطا.

و يرد عليه النقض بالخيار الحكمي فان ذا الخيار له أن يفسخ و له أن لا يفسخ فمجرد كون الأمر تحت الاختيار لا يدل علي امكان اسقاط الحق و ثانيا ينقض بما في حديث آخر لأيوب «2» من قوله عليه السلام: «فان أخذه فله و ان تركه فله» فان المستفاد من هذه الجملة ان الاختيار بيد الأب و مع ذلك يقولون بأن حق الاب غير قابل للإسقاط و منهم الماتن حيث يري عدم جواز اسقاط حق الحضانة بالنسبة الي الاب و الحق أن يقال: ان مقتضي الادلة عدم الفرق بين الأب و الام و ان مقتضاها ان حق الحضانة غير قابل للإسقاط مطلقا و ذلك لأن التقييد يحتاج الي الدليل كما ان التفصيل بين الام و الاب بكونه قابلا للإسقاط بالنسبة الي الام و غير قابل له بالنسبة الي الاب يتوقف علي الدليل الدال عليه و حيث لا دليل عليه ففي كلا الموردين لا بد من الالتزام بعدم السقوط بالاسقاط و بعبارة اخري: مقتضي اطلاق ادلته بقائه بعد الاسقاط فلاحظ.

(2) لم يظهر لي وجه الاستحقاق و مقتضي الاصل عدمه.

______________________________

(1) لاحظ ص: 279

(2) لاحظ ص: 279

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 289

بها أو وجد متبرع بالحضانة (1) و اذا أخذ الاب أو غيره الطفل من امه و لو عدوانا لم يكن عليه تدارك حق الحضانة بقيمة أو نحوها (2) و يصح اسقاط حق الحضانة المستقبلة كما تصح يوما فيوما (3).

[الفصل العاشر في النفقات]

اشارة

الفصل العاشر في النفقات و هي اقسام نفقة الزوجة و نفقة الاقارب و نفقة المملوك انسانا كان أو حيوانا (4) أما نفقة الزوجة فتجب علي الزوج (5) و هي الاطعام

______________________________

(1) كما هو ظاهر اذ مع تبرعها لا

مجال لاستحقاقها كما انه اذا وجد متبرع يسقط حقها كما ان الامر كذلك في الرضاع.

(2) لعدم دليل علي وجوب التدارك و مقتضي الاصل عدم الوجوب.

(3) لأنه لا فرق بين الاسقاط الدفعي و التدريجي انما الكلام في جواز الاسقاط و قلنا لا دليل عليه.

(4) باجماع الامة كما عن جماعة الاعتراف به هكذا في الجواهر.

(5) باجماع الامة- كما في الجواهر- و يدل علي المدعي مضافا الي الاجماع و التسالم الكتاب و السنة أما من الكتاب فتدل علي المدعي جملة من الآيات المباركة و منها: قوله تعالي: «وَ إِنْ خِفْتُمْ أَلّٰا تُقْسِطُوا فِي الْيَتٰاميٰ فَانْكِحُوا مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ مَثْنيٰ وَ ثُلٰاثَ وَ رُبٰاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلّٰا تَعْدِلُوا فَوٰاحِدَةً أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ ذٰلِكَ أَدْنيٰ أَلّٰا تَعُولُوا» «1».

بتقريب: ان الاقتصار علي الزوجة الواحدة أقرب الي العدالة و ابعد من الجور

______________________________

(1) النساء/ 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 290

______________________________

و العدوان اذ الانفاق علي الواحدة أسهل من الانفاق علي المتعدد فيفهم ان نفقة الزوجة واجبة و فيه ان الظاهر من الاية العدالة بين الزوجات و لا ترتبط بالنفقة فلا ترتبط الاية بالمقام.

و منها قوله تعالي: «وَ عَلَي الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَ كِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» «1» فان الاية الشريفة بالصراحة تدل علي وجوب نفقة الامهات علي الازواج.

و منها: قوله تعالي: «فَإِذٰا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ» «2» و دلالة الاية علي وجوب الانفاق واضحة جدا.

و منها قوله تعالي: «وَ عٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» «3» فان المعاشرة بالمعروف تستلزم الانفاق كما هو ظاهر.

و منها: قوله تعالي: «الرِّجٰالُ قَوّٰامُونَ عَلَي النِّسٰاءِ بِمٰا فَضَّلَ اللّٰهُ بَعْضَهُمْ عَليٰ بَعْضٍ وَ بِمٰا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوٰالِهِمْ» «4» بتقريب: ان المستفاد من الاية ان وجه التفضيل انفاق الرجل علي المرأة فتأمل.

و منها:

قوله تعالي: الطَّلٰاقُ مَرَّتٰانِ فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ «5».

و أما من السنة فالنصوص الدالة علي المدعي فوق حد التواتر علي ما في الجواهر منها: ما رواه ربعي بن عبد اللّه و الفضيل بن يسار و منها ما رواه أبو بصير «6» و منها: ما رواه اسحاق بن عمار انه سأل ابا عبد اللّه عليه السلام عن

______________________________

(1) البقرة/ 233

(2) الطلاق/ 2

(3) النساء/ 19

(4) النساء/ 34

(5) البقرة/ 229

(6) لاحظ ص: 227 و 228

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 291

______________________________

حق المرأة علي زوجها قال: يشبع بطنها و يكسو جثتها و ان جهلت غفر لها الحديث «1».

و منها: ما رواه ابن أبي عمير عن جميل بن دراج قال: لا يجبر الرجل الاعلي نفقة الابوين و الولد قال ابن أبي عمير: قلت لجميل و المرأة قال: قد روي عنبسة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كساها ما يواري عورتها و يطعمها ما يقيم صلبها اقامت معه و الا طلقها قلت: فهل يجبر علي نفقة الاخت؟ فقال: لو اجبر علي نفقة الاخت كان ذلك خلاف الرواية «2».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

خمسة لا يعطون من الزكاة شيئا: الاب و الام و الولد و المملوك و المرأة و ذلك انهم عياله لازمون له «3».

و منها: ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: خمسة لا يعطون من الزكاة الولد و الوالدان و المرأة و المملوك لأنه يجير علي النفقة عليهم «4» و منها:

غيرها من الروايات الواردة في الباب 1 من أبواب النفقات من الوسائل ان قلت يستفاد من جملة من النصوص المشار اليها انه يكفي أن يسد جوعتها و

يكسوها و مقتضي الاطلاق عدم وجوب الازيد من هذا المقدار فلا يجب القيام بجميع شئونها قلت: علي فرض كون المستفاد من النصوص هذا المقدار فقط تكون الروايات مخالفة مع الكتاب حيث ان المستفاد منه وجوب العشرة بالمعروف كما

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب النفقات الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 13 من ابواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 292

و الكسوة و السكني و الفراش و الغطاء و آلة التنظيف و سائر ما تحتاج اليه بحسب حالها و منه الدواء و اجرة الطبيب و مصاريف الولادة علي الاقوي (1).

______________________________

تقدم فلا بد أن تضرب بها عرض الجدار بمقتضي بعض النصوص لاحظ ما رواه هشام «1».

(1) الأمر كما أفاده فانه يستفاد المدعي من قوله تعالي: «وَ عٰاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» «2» و من قوله تعالي: «فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ» «3» فان الواجب المعاشرة بالمعروف و الامساك كذلك فلا بد من القيام بما يكون متعارفا بين الازواج و الزوجات كما لا يبعد أن يستفاد المدعي من حديث ربعي و الفضيل «4» بأن يقال ان اقامة الظهر كناية عن كل ما تحتاج اليه.

و لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت: من الذي اجبر علي نفقته؟ قال: الوالدان و الولد و الزوجة و الوارث الصغير «5» فان المستفاد من الحديث ان الزوج يجبر علي نفقة الزوجة علي الاطلاق فلا يختص بشي ء خاص بل يجب عليه الانفاق عليها مطلقا.

و أما حديث شهاب بن عبد ربه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ما حق المرأة علي زوجها؟ قال: يسد جوعتها و يستر عورتها و لا يقبح لها وجهها فاذا فعل ذلك فقد

و اللّه أدي اليها حقها قلت: فالدهن قال: غبا يوم و يوم لا قلت: فاللحم قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب صفات القاضي الحديث: 15

(2) النساء/ 19

(3) البقرة/ 229

(4) لاحظ ص: 227

(5) الوسائل الباب 1 من ابواب النفقات الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 293

مع العقد الدائم (1) بشرط أن تكون عنده فاذا خرجت من عنده

______________________________

في كل ثلاثة فيكون في الشهر عشر مرات لا أكثر من ذلك و الصبغ في كل ستة أشهر و يكسوها في كل سنة أربعة أثواب: ثوبين للشتاء و ثوبين للصيف و لا ينبغي أن يقفر بيته من ثلاثة أشياء: دهن الرأس و الخل و الزيت و يقوتهن بالمد فاني أقوت به نفسي و ليقدر لكل انسان منهم قوته فان شاء أكله و ان شاء وهبه و ان شاء تصدق به و لا تكون فاكهة عامة الا أطعم عياله منها و لا يدع أن يكون للعبد عندهم فضل في الطعام أن يسني لهم «ينيلهم» في ذلك شي ء ما لم يسني «لا ينيلهم» لهم في سائر الايام «1»، الدال علي تعيين مقدار خاص فهو ضعيف سندا بالارسال.

و للرواية سند آخر و في السند نوح بن شعيب و الرجل لم يوثق صريحا بل قيل في حقه: «صالح مرضي» و في دلالة هذه العناوين علي التوثيق تأمل مضافا الي أن التفصيل الوارد في كلامه عليه السلام واقع بعد قوله في الصدر: «يسد جوعتها و يستر عورتها» مع ان المذكورات ليست داخلة فيما ذكر في الصدر فيعلم ان قوله عليه السلام في الصدر يسد جوعتها و يستر عورتها كناية عن وجوب الانفاق عليها علي نحو يمكنها الاعاشة فلا يبعد ان المذكورات في الحديث علي طبق

العادة الجارية في ذلك الزمان فالنتيجة ان الواجب القيام بما يكون متعارفا و لا تقدير لها و قد مر قريبا ان النصوص علي تقدير عدم دلالتها علي المدعي تكون مخالفة للكتاب فلا بد من رفع اليد عنها فراجع.

(1) اجماعا بقسميه- كما في الجواهر- و يدل علي المدعي ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث في المتعة قال: و لا نفقة و لا عدة عليك «2» فان المصرح به في الرواية عدم النفقة للمتعة و علي الجملة الامر ظاهر

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب النفقات

(2) الوسائل الباب 45 من ابواب المتعة

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 294

تاركة له من دون مسوغ شرعي لم تستحق النفقة (1) و المشهور ان

______________________________

واضح.

(1) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ايما امرأة خرجت من بيتها بغير اذن زوجها فلا نفقة لها حتي ترجع «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان وجوب النفقة مشروط بعدم الخروج بلا اذن الزوج و لكن الحديث بجميع اسناده ضعيف فلا يعتد به.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال اتقوا اللّه في النساء فانهن عواري عندكم اتخذتموهن بامانة اللّه و استحللتم فروجهن بكلمة اللّه و لهن عليكم رزقهن و كسوتهن بالمعروف «2» بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان الشرط في وجوب الانفاق كون الزوجة عند الزوج و فيه: ان الرواية لا اعتبار بسندها كما هو ظاهر و مثله في التقريب ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه تزوج ثم دخل بعد سنين و

لم ينفق «3» و فيه ان السند ضعيف.

نعم يمكن أن يقال: بأن القصور في المقتضي فان المستفاد من جملة من الآيات الشريفة ان الواجب العشرة بالمعروف و الامساك كذلك و من الظاهر انه لو لم تكن عنده بغير اذنه و عصت لا تلزم عليه النفقة في العرف و بعبارة اخري: لو لم ينفق عليها في حال العصيان و الخروج بلا اذنه لا يصدق عليه الامساك بغير معروف و المعاشرة بغير المتعارف الا أن يقال: و ان كان الامر كذلك بحسب جملة من الآيات القرآنية لكن يكفي للوجوب بعضها الاخر لاحظ قوله تعالي: «وَ عَلَي

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب النفقات الحديث: 1

(2) سنن البيهقي ج 7 ص 304 لاحظ الجواهر ج 31 ص: 305

(3) سنن النسائي ج 6 ص: 131 لاحظ الجواهر ج 31 ص: 305

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 295

وجوب النفقة مشروط بعدم النشوز و هو التمرد علي الزوج بمنعه عن حقوقه أو بفعل المنفرات له عنها و ان كان مثل سبه و شتمه و فيه اشكال (1).

______________________________

الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ» «1» و لاحظ قوله تعالي: الرِّجٰالُ قَوّٰامُونَ عَلَي النِّسٰاءِ «2» و لاحظ ما رواه ربعي و الفضيل «3» فان مقتضي الاطلاق المنعقد في هذه المذكورات و غيرها عدم التقييد و لا تنافي بين هذه الادلة و بين تلك الآيات التي تدل علي وجوب الامساك و المعاشرة بالمعروف و بعبارة اخري: لا تنافي بين المثبتات فالجزم بما أفاده في المتن مشكل.

(1) قال المحقق قدس سره في الشرائع: «و في وجوب النفقة بالعقد أو بالتمكين تردد اظهره بين الاصحاب وقوف الوجوب علي التمكين» انتهي. و ما يمكن أن يقال في تقريب المدعي او قيل وجوه:

الوجه الاول:

انه امر في الكتاب بالمعاشرة بالمعروف و الامساك كذلك و المعاشرة بالمعروف لا تقتضي النفقة مع عدم التمكين بل تقتضيها مع التمكين و فيه: ان الدليل لا ينحصر في الآيات المشار اليها فان مقتضي قوله تعالي: «وَ عَلَي الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ» و أيضا مقتضي حديث فضيل وجوب الانفاق علي الاطلاق.

الوجه الثاني: انه لا اطلاق في ادلة وجوب الانفاق فلا تشمل صورة عدم التمكين و فيه: انا لا نري مانعا من الاطلاق لاحظ حديث فضيل.

الوجه الثالث: ما عن النبي صلي اللّه عليه و آله «4» بتقريب: ان النبي

______________________________

(1) البقرة/ 233

(2) النساء/ 34

(3) لاحظ ص: 227

(4) لاحظ ص: 294

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 296

______________________________

صلي اللّه عليه و آله لم ينفق قبل دخوله سنين و فيه: ان السند ضعيف فلا تصل النوبة الي ملاحظة الدلالة مضافا الي انه لا دليل علي عدم التمكين.

الوجه الرابع: ما عن النبي صلي اللّه و آله «1» أيضا بتقريب: ان وجوب الانفاق مشروط بكون الزوجة في اختيار الزوج كالعارية في يد المستعير. و فيه: ان السند ضعيف فلا مجال لملاحظة الدلالة.

الوجه الخامس: ان العقد يوجب المهر و لا يوجب النفقة لأن النفقة مجهولة فالموجب لها التمكين. و فيه: ان النفقة بأمر الشارع لا باقتضاء التمكين فلا يرتبط احد الأمرين بالاخر.

الوجه السادس: ان مقتضي الأصل البراءة عن وجوب النفقة و انما نخرج من مقتضي الأصل في صورة التمكين فيبقي الباقي. و فيه: انه لا تصل النوبة الي الأصل مع وجود الدليل و قد قام الكتاب و السنة علي وجوب النفقة.

الوجه السابع: الاجماع قال في الجواهر «2» «و كيف كان فغاية ما ذكروه دليلا لذلك ان اشتراط هذا الشرط معروف بين الأصحاب بل كاد يكون

اجماعا مع انا لم نقف علي مخالف فيه صريحا و لا ظاهرا الا ما ربما يستفاد من تردد المصنف و استشكال الفاضل في القواعد و هو بمجرده لا يوجب المخالفة مع تصريح الأول بأن اعتباره هو الأظهر بين الأصحاب بكلمة الجمع المفيد للعموم الظاهر في الاجماع و نحوه شيخنا الشهيد في المسالك» الي آخر كلامه زيد في علو مقامه فعلي هذا هل يمكن الجزم بتحقق الاجماع التعبدي الكاشف عن رأي المعصوم عليه السلام؟

الوجه الثامن: السيرة العملية بتقريب: ان السيرة جارية علي عدم الانفاق في

______________________________

(1) لاحظ ص: 294

(2) ج 31 ص: 304

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 297

[مسألة 1: لا تجب نفقة الزوجة في الزمان الفاصل بين العقد و الزفاف]

(مسألة 1): لا تجب نفقة الزوجة في الزمان الفاصل بين العقد و الزفاف فان الارتكاز العرفي قرينة علي اسقاطها في هذه المدة (1).

[مسألة 2: تجب النفقة للزوجة الدائمة و إن كانت ذمية]

(مسألة 2): تجب النفقة للزوجة الدائمة (2) و ان كانت ذمية (3) أو امة (4) أو صغيرة (5) فان طلقت رجعيا بقيت لها النفقة (6).

______________________________

صورة عدم التمكين.

و فيه اولا: الاشكال في تحقق السيرة من المتشرعة و ثانيا: علي فرض تحققها يكون الاشكال في استمرارها الي زمان المعصوم فتحصل ان الاشتراط المذكور مشكل و اللّه العالم بحقائق الامور و عليه التوكل و التكلان.

(1) الانصاف ان الجزم بما ذكر مشكل فان الاسقاط من الأمور الانشائية و يحتاج الي القصد فكيف يكفي فيه الارتكاز مضافا الي أن كثيرا من الناس يتصورون عدم الوجوب في هذه المدة و لذا لا يطالبون أو يكونون غافلين عن هذه الجهة نعم لا اشكال في أن السيرة جارية علي عدم الاعطاء و علي عدم المطالبة و لكن هل يكفي مجرد السيرة الجارية الخارجية التي لا يعلم الوجه فيها؟ و هل هي مستمرة الي زمان المعصوم عليه السلام؟ كي تكون ممضاة عنده فالنتيجة ان الجزم بعدم الوجوب مشكل.

(2) كما تقدم.

(3) للإطلاق فان مقتضي اطلاق ادلة الوجوب عدم الفرق و التخصيص يتوقف علي الدليل.

(4) للإطلاق.

(5) للإطلاق و عدم تمكينها عذري مضافا الي الاشكال في اشتراطه كما تقدم.

(6) فان المطلقة الرجعية زوجة فيترتب عليها أحكام الزوجة مضافا الي قوله في الجواهر «بلا خلاف بل الاجماع بقسميه عليه» اضف الي ذلك جملة من الروايات منها ما رواه سعد بن أبي خلف قال: سألت أبا الحسن موسي عليه السلام عن شي ء

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 298

فان طلقت بائنا (1).

______________________________

من الطلاق فقال: اذا طلق الرجل امرأته

طلاقا لا يملك فيه الرجعة فقد بانت منه ساعة طلقها و ملكت نفسها و لا سبيل له عليها و تعتد حيث شاءت و لا نفقة لها قال: قلت:

أ ليس اللّه يقول: «لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لٰا يَخْرُجْنَ»؟ قال: فقال: انما عني بذلك التي تطلق تطليقة بعد تطليقة فتلك التي لا تخرج و لا تخرج حتي تطلق الثالثة فاذا طلقت الثالثة فقد بانت منه و لا نفقة لها و المرأة التي يطلقها الرجل تطليقة ثم يدعها حتي يخلوا أجلها فهذه أيضا تقعد في منزل زوجها و لها النفقة و السكني حتي تنقضي عدتها «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: المطلقة ثلاثا ليس لها نفقة علي زوجها انما ذلك للتي لزوجها عليها رجعة «2».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر قال: سألته عن المطلقة لها نفقة علي زوجها حتي تنقضي عدتها؟ قال: نعم «3».

(1) لعدم المقتضي للوجوب مع فرض انتفاء الموضوع مضافا الي النصوص الدالة علي عدم الوجوب لاحظ حديث سعد و زرارة «4» و ما رواه زرارة أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: المطلقة ثلاثا ليس لها نفقة علي زوجها انما هي للتي لزوجها عليها رجعة «5» و لا يعارضها ما رواه ابن جعفر «6» لأن هذه الرواية مطلقة و قابلة للتقييد مضافا الي ضعف رواية ابن جعفر فتكون النتيجة

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب النفقات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) لاحظ ص: 297

(5) الوسائل الباب 8 من ابواب النفقات الحديث: 4

(6) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 299

أو مات الزوج فلا نفقة لها مع عدم الحمل (1) و

أما مع الحمل فتجب

______________________________

التفضيل بين الرجعية و البائنة لكن في المقام حديث رواه ابن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المطلقة ثلاثا علي العدة لها سكني أو نفقة؟ قال: نعم «1» يدل علي وجوب النفقة و السكني للمطلقة البائنة و عن الشيخ قدس سره- كما في الوسائل- حمله علي الاستحباب بقرينة بقية الروايات الدالة علي عدم الوجوب و لكن هذا الجمع ليس عرفيا فلا بد من العلاج و حيث انه لا مرجح من الكتاب و من ناحية اخري ان أقوال العامة مختلفة في المقام حسب ما يظهر من الشيخ قدس سره في كتاب الخلاف «2» يسقطان بالمعارضة فتصل النوبة الي الاصل و مقتضاه عدم الوجوب مضافا الي أن عدمه لعله أوضح من أن يخفي هذا و لكنا بنينا اخيرا علي أن المرجح منحصر في الأحدث و حيث ان الاحدث غير محرز مع كونه موجودا في الواقع فيدخل المقام في اشتباه الحجة بلا حجة فتصل النوبة الي اصل البراءة مضافا الي ما ربما يقال من التسالم و الاجماع القطعي علي عدم الوجوب فلاحظ.

(1) اجماعا- كما في بعض الكلمات- و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرأة المتوفي عنها زوجها لها نفقة؟

فقال: لا «3».

و يمكن أيضا الاستدلال بفحوي ما دل علي عدم وجوب الانفاق علي الحامل المتوفي عنها زوجها لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب النفقات الحديث: 8

(2) ج 2 ص: 330

(3) الوسائل الباب 9 من ابواب النفقات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 300

في الطلاق (1).

______________________________

الحبلي المتوفي عنها زوجها انه لا نفقة لها

«1».

و في المقام رواية تدل علي الوجوب و هي ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: المتوفي عنها زوجها ينفق عليها من ماله «2» فلا بد من رفع التعارض بنحو صناعي و نتعرض له في بيان حكم الحامل المتوفي عنها زوجها ان شاء اللّه تعالي.

(1) بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- و يدل عليه قوله تعالي: «وَ إِنْ كُنَّ أُولٰاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتّٰي يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ» «3» و تدل عليه أيضا جملة من النصوص منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يطلق امرأته و هي حبلي قال: اجلها أن تضع حملها و عليه نفقتها حتي تضع حملها «4» و منها: ما رواه أبو الصباح الكناني «5».

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: الحامل أجلها أن تضع حملها و عليه نفقتها بالمعروف حتي تضع حملها «6».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الحبلي المطلقة ينفق

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الطلاق/ 6

(4) الوسائل الباب 7 من ابواب النفقات الحديث: 1

(5) لاحظ ص: 277

(6) الوسائل الباب 7 من ابواب النفقات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 301

دون الموت (1).

______________________________

عليها حتي تضع حملها الحديث «1» و منها: ما رواه أبو بصير «2».

(1) الأقوال في المقام مختلفة و العمدة النظر في النصوص الواردة و استفادة الحكم منها فمن تلك النصوص ما رواه الحلبي «3» و هذه الرواية تنفي النفقة بالنسبة الي الحبلي المتوفي عنها زوجها.

و منها: ما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرأة

الحامل المتوفي عنها زوجها هل لها نفقة؟ قال: لا «4» و هذه الرواية كسابقتها في الدلالة و مثلهما في المضمون ما رواه زرارة «5» غاية الأمر موردها مطلق المتوفي عنها زوجها و تشمل الرواية المقام بالاطلاق.

و منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة توفي عنها زوجها أين تعتد في بيتها أو حيث شاءت؟ قال: حيث شاءت الحديث «6» و هذه الرواية تدل أيضا علي عدم وجوب الانفاق عليها علي اشكال.

و منها: ما رواه ابو اسامة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحبلي المتوفي عنها زوجها هل لها نفقة؟ قال: لا «7».

و منها: ما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المرأة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص 274

(3) لاحظ ص: 299

(4) الوسائل الباب 9 من ابواب النفقات الحديث: 2

(5) لاحظ ص: 299

(6) الوسائل الباب 9 من ابواب النفقات الحديث: 5

(7) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 302

و تقضي مع الفوات (1).

______________________________

الحبلي المتوفي عنها زوجها ينفق عليها من مال ولدها الذي في بطنها «1» و المستفاد من هذه الرواية انه ينفق عليها من مال ولدها الذي في بطنها و هذه الرواية ضعيفة لاشتراك محمد بن الفضيل بين الموثق و المضعف و قال سيدنا الاستاد في رجاله: «لا دليل علي أن محمد بن فضيل الذي ينقل عن الكناني هو الثقة» فلا اعتبار بهذه الرواية.

و منها: ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال: نفقة الحامل المتوفي عنها زوجها من جميع المال حتي تضع «2» و المستفاد من هذه الرواية انه ينفق عليها من التركة حتي تضع حملها

و هذه الرواية ضعيفة بالبرقي حيث ان المتبادر منه محمد بن خالد و الرجل مخدوش و الحديث مخدوش بسنده الاخر أيضا.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «3» فان المستفاد من هذه الرواية ان المتوفي عنها زوجها ينفق عليها من مال الميت بلا قيد كونها حاملا و الظاهر ان هذا القول شاذ لا قائل به و لذا حمله الشيخ- علي ما في الوسائل- علي مال الولد فالنتيجة ان النفقة علي المتوفي عنها زوجها غير واجب اذ النصوص دالة علي عدم وجوب النفقة علي الحامل فلا بد اما من القول بتخصيص الحديث الدال علي الوجوب بغير الحامل و اما الالتزام بالوجوب علي الاطلاق و كلا القولين ضعيف.

(1) قال في الحدائق «4»: «لا خلاف بين الاصحاب في أن الزوجة تملك

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب النفقات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ ص: 300

(4) ج- 25 ص: 124

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 303

فلو ماتت انتقلت الي ورثتها (1) و أما نفقة الاقرب فيجب علي الولد الانفاق علي الابوين و علي الوالد الانفاق علي الولد (2).

______________________________

نفقة يومها مع التمكين فلو منعها و انقضي اليوم او الايام وجب قضائها» الخ و هذا علي طبق القاعدة اذ بعد الالتزام بأن نفقة الزوجة كالدين يجب أن تقضي و سيتعرض الماتن في (مسألة 6) ان الزوجة تملك النفقة علي مسلكه و نتعرض لشرح كلامه إن شاء اللّه تعالي و من الظاهر ان نتيجة الملكية ما ذكره في المقام فلاحظ.

(1) بمقتضي قانون الارث المنتقل الي الوارث بالموت.

(2) اجماعا من المسلمين فضلا عن المؤمنين و نصوصا مستفيضة او متواترة هكذا في الجواهر و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه عبد

الرحمن بن الحجاج «1».

و منها: ما رواه جميل بن دراج قال: لا يجبر الرجل الا علي نفقة الابوين و الولد الحديث «2».

و منها: ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: من الذي اجبر عليه و تلزمني نفقته؟ قال: الوالدان و الولد و الزوجة «3».

و منها: ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اتي امير المؤمنين عليه السلام بيتيم فقال: خذوا بنفقته أقرب الناس منه من العشيرة كما يأكل ميراثه «4».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

______________________________

(1) لاحظ ص: 291

(2) الوسائل الباب 11 من ابواب النفقات الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 304

و لا يسقط الوجوب بمجرد القدرة علي أخذ الحقوق مثل الزكاة و الخمس اذا كان فيه مهانة (1) بل مع عدمها أيضا (2) نعم لا يجب الانفاق مع البذل خارجا (3) كما لا يجب مع غناهم (4) أو قدرتهم علي الكسب (5).

______________________________

من يلزم الرجل من قرابته ممن ينفق عليه؟ قال: الوالدان و الولد و الزوجة «1»

(1) اذ المؤمن محترم و لا يرضي الشارع بأن يهان و يحقر فليس وظيفته أن يعرض نفسه للإهانة و المفروض احتياجه.

(2) لأنه ليس غنيا بل هو محتاج و مجرد القدرة علي اخذ الحقوق لا يوجب صدق عنوان الغني عليه.

(3) لانصراف الدليل عنه و الوجه فيه ان الواجب المعونة علي سد الخلة.

(4) بلا خلاف بل عن بعض دعوي الاجماع عليه- كما في الجواهر- و يقتضيه الاصل مع عدم ما يعارضه بعد انصراف دليل الوجوب الي غير المقام بمناسبة الحكم و الموضوع.

(5) ما يمكن

أن يستدل به عليه امور: منها الاجماع و عدم الخلاف: و حال الاجماع في الاشكال ظاهر و منها: «النبوي لا تحل الصدقة لغني و لا لقوي مكتسب «2» و هذه الرواية ضعيفة بالارسال مضافا الي أن الموضوع فيه عنوان المكتسب لا القادر علي الاكتساب.

و منها: صدق عنوان الغني و فيه: ان مجرد القدرة علي الاكتساب لا يخرج

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) مستدرك الوسائل الباب 6 من ابواب المستحقين للزكاة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 305

و يشترط في الوجوب قدرة المنفق علي الانفاق (1) فان عجز بقيت في ذمته نفقة الزوجة (2) و سقطت نفقة الاقارب (3) و المشهوران نفقة الاولاد مع فقد الآباء علي الام (4).

______________________________

الشخص عن الفقر قال في الجواهر: «لكن قد يناقش بمنع صدق الغني عرفا علي القادر المعرض عن الاكتساب و لا دليل علي أنه بحكم الغني شرعا» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

(1) لاشتراط كل تكليف بالقدرة علي المكلف به و مع عدمها لا يتحقق التكليف.

(2) اذ في مورد الزوجة مضافا الي الحكم التكليفي بكون مقتضي الحكم الوضعي بقاء اشتغال ذمته بنفقتها و سيظهر تقريب الاستدلال عليه عن قريب ان شاء اللّه تعالي.

(3) اذ في مورد الاقارب ليس الا الحكم التكليفي فلا مجال لبقاء شي ء مع سقوط التكليف.

(4) ما يمكن أن يستدل به أو استدل امور: منها الاجماع و عدم الخلاف و حال الاجماع من حيث الاشكال ظاهر.

و منها: الاية الشريفة «وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْليٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ» * «1» و فيه: ان المراد من الاية غير ظاهر و يتوقف علي تفسيره من اهل البيت الذين هم أدري بما في البيت.

و منها: قاعدة الاشتراك في التكليف المقتضية

لاشتراك الام مع الاب في هذا التكليف و فيه: انه كيف يمكن الاستدلال بالقاعدة و الحال انا نري ان الشارع

______________________________

(1) الانفال/ 75

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 306

فان فقدت فعلي ابيها و امها بالسوية (1) و لو كانت معهما أمّ الاب شاركتهما في النفقة و هو لا يخلو من اشكال و ان كان أحوط (2) و لا تجب النفقة علي غير العمودين من الاخوة و الاعمام و الاخوال ذكورا أو اناثا و أولادهم (3).

______________________________

فرق بينهما في ايجاب النفقة علي الاب مع وجوده دون الام مع وجود الاب.

و يمكن أن يقال: ان التمسك بقاعدة الاشتراك يتوقف علي قيام اجماع تعبدي كاشف عن عنوان مطلق كي يتمسك بذلك العنوان في موارد الشك كما يتمسك بعموم العام أو باطلاق المطلق و هل يمكن هذه الدعوي؟.

و منها: ما رواه غياث «1» بتقريب: ان المستفاد من هذه الرواية ان الميزان في وجوب الانفاق الأقرب من العشيرة من حيث الدرجات في الارث و عدم العمل باطلاق الخبر لا يوجب رفع اليد عنه مطلقا.

(1) بالإجماع و آية اولوا الارحام و الخبر المشار اليه.

(2) قال في الجواهر- في هذا المقام-: «نعم لو كان معهما أم أب شاركتهم للتساوي في الدرجة» الخ و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه غياث «2» فان مقتضي الاطلاق في هذه الرواية ان الميزان الاقربية لوجوب الانفاق فان مقتضي القاعدة الاخذ باطلاق الحديث الا فيما قام الدليل علي خلافه.

(3) للأصل و عن الرياض الاجماع عليه و يمكن الاستدلال عليه بالحصر المستفاد من جملة من النصوص: لاحظ احاديث ابن أبي عمير و عبد الرحمن بن الحجاج و جميل بن دراج و حريز و غياث و محمد بن مسلم «3».

______________________________

(1) لاحظ ص:

303

(2) لاحظ ص: 303

(3) لاحظ ص: 291 و 303

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 307

______________________________

و يمكن الاستدلال علي المدعي أيضا بطائفة اخري من النصوص منها: ما رواه زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في الزكاة يعطي منها الاخ و الاخت و العم و العمة و الخال و الخالة و لا يعطي الجد و لا الجدة «1».

و منها: ما رواه أحمد بن حمزة قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: رجل من مواليك له قرابة كلهم يقول بك و له زكاة أ يجوز له أن يعطيهم جميع زكاته؟

قال: نعم «2».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال:

قلت له: لي قرابة انفق علي بعضهم و أفضل بعضهم علي بعض فيأتيني ابان الزكاة أ فأعطيهم منها؟ قال: مستحقون لها؟ قلت: نعم قال: هل أفضل من غيرهم الحديث «3».

و منها: ما رواه علي بن مهزيار عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرجل يضع زكاته كلها في أهل بيته و هم يتولونك؟ فقال: نعم «4».

و منها: ما رواه أبو خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

لا تعطين قرابتك الزكاة كلها و لكن أعطهم بعضا و اقسم بعضا في سائر المسلمين «5» فان المستفاد من هذه النصوص جواز اعطاء الزكاة للأقرباء و الحال انه لا يجوز اعطاها لوجوب النفقة.

و ما يمكن أن يستدل به علي الوجوب امور: منها: ما أرسله في المبسوط:

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من ابواب المستحقين للزكاة الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 308

______________________________

«و روي في

بعض اخبارنا انه ينفق علي من يرثه» «1» الخ و من الظاهر ان المرسل لا اعتبار به و لا يبعد- بل الظاهر- ان المراد به ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 10، ص: 308

و منها: قوله تعالي: «وَ عَلَي الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَ كِسْوَتُهُنَّ» الي أن قال:

«وَ عَلَي الْوٰارِثِ مِثْلُ ذٰلِكَ» «2».

بتقريب: ان المستفاد من الاية الشريفة وجوب النفقة علي الوارث علي الاطلاق و نقل في الجواهر ان القول المزبور معروف من ابن أبي ليلي الذي هو من الذين جعل اللّه الرشد في خلافهم» الخ فانه استدل علي مدعاه بالآية الشريفة بأن المراد من الوارث المذكور في الاية الشريفة وارث الصبي فيجب علي الوارث للصبي علي الاطلاق.

و فيه: ان الانصاف انه لا ظهور للآية في المدعي و غير معلوم ان المراد من الوارث وارث الاب أو المراد وارث الولد أو المراد نفس الولد مضافا الي أنه قد وردت في ذيل الاية نصوص:

منها: ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عن قوله «وَ عَلَي الْوٰارِثِ مِثْلُ ذٰلِكَ» قال: هو في النفقة علي الوارث مثل ما علي الوالد «3» فان المستفاد من هذا الحديث ان النفقة واجبة علي وارث الصبي و هذه الرواية ضعيفة بالارسال.

و منها: ما رواه أبو الصباح قال: سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه:

______________________________

(1) المبسوط ج 6 ص: 35

(2) البقرة/ 233

(3) الوسائل الباب 12 من ابواب النفقات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 309

______________________________

«وَ عَلَي الْوٰارِثِ مِثْلُ ذٰلِكَ» قال: لا ينبغي للوارث أن يضار المرأة

فيقول: لا أدع ولدها يأتيها يضار ولدها ان كان لهم عنده شي ء و لا ينبغي أن يقتر عليه «1» و المستفاد من هذه الرواية ان الوارث ليس له أن يضار الام و هذه الرواية ضعيفة أيضا بالارسال.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الحبلي المطلقة ينفق عليها حتي تضع حملها و هي أحق بولدها ان ترضعه بما تقبله امرأة اخري ان اللّه عز و جل يقول: لٰا تُضَارَّ وٰالِدَةٌ بِوَلَدِهٰا وَ لٰا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَ عَلَي الْوٰارِثِ مِثْلُ ذٰلِكَ قال: كانت المرأة منا ترفع يدها الي زوجها اذا أراد مجامعتها فتقول: لا أدعك لأني اخاف أن احمل علي ولدي و يقول الرجل: لا أجامعك اني اخاف أن تعلقي فاقتل ولدي فنهي اللّه عز و جل أن تضار المرأة الرجل و أن يضار الرجل المرأة و أما قوله: «وَ عَلَي الْوٰارِثِ مِثْلُ ذٰلِكَ» فانه نهي أن يضار بالصبي أو يضار امه في رضاعه و ليس لها أن تأخذ في رضاعه فوق حولين كاملين و ان أراد افصالا عن تراض منهما قبل ذلك كان حسنا و الفصال هو الفطام «2».

و هذه الرواية تامة سندا و المستفاد منها ان المراد انه كما لا يجوز للمولود له المضارة بالصبي أو بامه كذلك لا يجوز للوارث فلا ترتبط الرواية بالمقام اضف الي ذلك انه مع غمض العين عن جميع ما تقدم نقول حكم خاص وارد في مورد مخصوص و لا وجه لتسريته الي بقية الموارد.

و منها: ما رواه غياث «3» و هذه الرواية لا قصور فيها سندا و لا دلالة و لكن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الكافي ج 6 ص 103 حديث: 3

(3) لاحظ

ص: 303

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 310

______________________________

هل يمكن الالتزام بمفادها علي الاطلاق.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: من الذي اجبر علي نفقته؟ قال: الوالدان و الولد و الزوجة و الوارث الصغير يعني الاخ و ابن الاخ و غيره «1».

و هذه الرواية أيضا تامة سندا و دلالة و لكن كيف يمكن الالتزام بمفادها قال صاحب الجواهر قدس سره في هذا المقام: «ضرورة عدم الالتفات الي أمثال ذلك بعد استقرار الكلمة في الاعصار المتعددة علي عدم الوجوب» الخ و يضاف الي ذلك السيرة الخارجية فان مقتضاها عدم الوجوب و لو كان واجبا لشاع و ذاع لأنه مورد ابتلاء العموم و بعبارة اخري: لو كان واجبا لما صار محل البحث و القيل و القال.

و يؤيد المدعي بعض النصوص لاحظ ما رواه زكريا المؤمن رفعه الي أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من عال ابنتين أو اختين أو عمتين أو خالتين حجبتاه من من النار باذن اللّه «2».

و ما في تفسير العسكري في قوله تعالي: «وَ مِمّٰا رَزَقْنٰاهُمْ يُنْفِقُونَ» قال: من الزكاة و الصدقات و الحقوق اللازمات و سائر النفقات الواجبات علي الأهلين و ذوي الارحام القريبات و الآباء و الامهات و كالنفقات و المستحبات علي من لم يكن فرضا عليهم النفقة من سائر القرابات و كالمعروف بالاسعاف و القرض الحديث «3» فان المستفاد من الحديثين ان الانفاق علي بعض الاقرباء من الامور المستحبة

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب النفقات الحديث: 9 و من لا يحضره الفقيه ج 3 ص 59 باب 45 حديث: 1

(2) الوسائل الباب 12 من ابواب النفقات الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص:

311

[مسألة 3: نفقة النفس مقدمة علي نفقة الزوجة]

(مسألة 3): نفقة النفس مقدمة علي نفقة الزوجة (1) و هي مقدمة علي نفقة الاقارب (2) و الاقرب منهم مقدم علي الا بعد فالولد مقدم علي ولد الولد (3) و لو تساووا و عجز عن الانفاق عليهم تخير بينهم (4) و أما المملوك الانسان فتجب نفقته علي مولاه (5) و له أن يجعلها في كسبه مع

______________________________

المحبوبة للشارع الأقدس فلاحظ.

(1) بلا خلاف و لا اشكال لأهمية النفس عند الشارع- هكذا في الجواهر- و الظاهر ان المدعي مورد تسالم الاصحاب.

(2) استدل عليه بكونها معاوضة و لذا تجب لها مع غناها أيضا و لو كان الزوج فقيرا و لذا لو لم ينفق تبقي في ذمته دينا بخلاف نفقة الاقارب و لكن الحق أن يقال انه لو تم المدعي بالإجماع فهو و الا فلا وجه للتقديم مع قيام الدليل علي وجوب الانفاق علي جملة من الاقارب و علي الزوجة في عرض واحد في جملة من النصوص لاحظ أحاديث عبد الرحمن و حريز و غياث و محمد بن مسلم «1».

(3) لا بد من اتمام الامر بالإجماع و التسالم و الا فللمناقشة فيما أفاده مجال اذ نسأل هل يفهم من لفظ الولد و الوالد الواردين في النص الآباء و ان علو او الابناء و ان نزلوا أم لا يفهم الا الطبقة الاولي؟ فعلي الاول لا وجه لهذا التفصيل و علي الثاني لا بد في وجوب الانفاق عليهم من التماس دليل آخر غير النصوص التي بأيدينا فعلي هذا التقدير يمكن أن يقال بتقدم الابن علي ابن الابن اذ لو كان المدرك الاجماع يكون القدر المتيقن هذا المقدار.

(4) لعدم مرجح للترجيح فالنتيجة هو التخيير.

(5) اجماعا بقسميه- كما في الجواهر- و يدل علي

المدعي من النصوص ما

______________________________

(1) لاحظ ص: 291 و 303

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 312

الكفاية و إلا تممه المولي (1) و الاحوط للمالك النفقة للبهائم أو البيع أو الذبح ان كانت مذكاة (2).

______________________________

رواه عبد الرحمن «1».

(1) قال في الحدائق: «من كان كسوبا يخير المولي بين الانفاق عليه و أخذ كسبه و بين الانفاق عليه من كسبه و المرجع الي أمر واحد لأن كسبه أحد أموال السيد و لهذا لو قصر كسبه وجب الاتمام علي السيد».

(2) قد وردت في المقام عدة نصوص: منها: ما رواه اسماعيل بن أبي زياد باسناده يعني عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: للدابة علي صاحبها خصال يبدأ بعفلها اذا نزل و يعرض عليها الماء اذا مر به و لا يضرب وجهها فانها تسبح بحمد ربها و لا يقف علي ظهرها الا في سبيل اللّه و لا يحملها فوق طاقتها و لا يكلفها من المشي الا ما تطيق «2».

و هذه الرواية ضعيفة لعدم العلم بطريق الصدوق الي اسماعيل بن أبي زياد و الحديث بسنده الاخر أيضا ضعيف.

و منها: ما رواه ابن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال علي عليه السلام: من سافر منكم بدابة فليبدأ حين ينزل بعلفها و سقيها «3» و هذه الرواية ضعيفة بالقاسم بن يحيي.

و منها: ما رواه في الخصال باسناده عن علي عليه السلام في حديث الأربعمائة قال: و ذكر مثل حديث ابن مسلم و زاد: و لا تضربوا الدواب علي وجوهها فانها

______________________________

(1) لاحظ ص: 291

(2) الوسائل الباب 9 من ابواب أحكام الدواب الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 313

[مسألة 4 الأشهر أن القدرة علي النفقة ليست شرطا في صحة النكاح]

(مسألة

4) الاشهر ان القدرة علي النفقة ليست شرطا في صحة النكاح (1).

______________________________

تسبح بحمد ربها «1» و هذه الرواية ضعيفة بالقاسم بن يحيي و باليقطيني.

و منها: ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: للدابة علي صاحبها ستة حقوق لا يحملها فوق طاقتها و لا يتخذ ظهرها مجالس «مجلسا» يتحدث عليها و يبدأ بعلفها اذا نزل و لا يسمها «يشتمها» و لا يضرب في وجهها فانها تسبح و يعرض عليها الماء اذا مر به «2» و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي و الحديث ضعيف بسنده الاخر.

و منها: ما رواه عمرو بن جميع عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا تتوركوا «تتوكئوا» علي الدواب و لا تتخذوا ظهورها مجالس «3» و هذه الرواية ضعيفة بعمرو بن جميع و أما بقية الروايات الواردة في الباب فلا دلالة فيها علي المدعي فالنتيجة عدم الدليل علي الوجوب مضافا الي أن عدم الوجوب مقتضي الاصل الاولي و لكن الاحتياط موافق لما في المتن و انه خروج عن شبهة الخلاف فما أفاده في المتن من الامور الثلاثة موافق للاحتياط.

(1) و هذا هو الحق لعدم الدليل علي الاشتراط بل لا يبعد أن يستدل علي الجواز بقوله تعالي: «وَ أَنْكِحُوا الْأَيٰاميٰ مِنْكُمْ وَ الصّٰالِحِينَ مِنْ عِبٰادِكُمْ وَ إِمٰائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرٰاءَ يُغْنِهِمُ اللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ» «4» فان مقتضي الجمع المعرف جواز النكاح

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) النور/ 32

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 314

______________________________

الفقير و لو كان عاجزا عن الكسب.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه علي بن مهزيار قال:

كتب علي بن أسباط الي

أبي جعفر عليه السلام في أمر بناته و انه لا يجد أحدا مثله فكتب اليه أبو جعفر عليه السلام: فهمت ما ذكرت من أمر بناتك و انك لا تجد أحدا مثلك فلا تنظر في ذلك رحمك اللّه فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: اذا جاءكم من ترضون خلقه و دينه فزوجوه إِلّٰا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَ فَسٰادٌ كَبِيرٌ «1».

و منها: ما رواه بعض اصحابنا قال الكليني: سقط عني اسناده قال: ان اللّه عز و جل لم يترك شيئا مما يحتاج اليه الا و علمه نبيه صلي اللّه عليه و آله فكان من تعليمه اياه انه صعد المنبر ذات يوم فحمد اللّه و أثني عليه ثم قال: «ايها الناس ان جبرئيل اتاني عن اللطيف الخبير فقال: ان الابكار بمنزلة الثمر علي الشجر اذا أدرك ثمارها فلم تجتن افسدته الشمس و نثرته الرياح و كذلك الأبكار اذا ادركن ما يدرك النساء فليس لهن دواء الا البعولة و الا لم يؤمن عليهن الفساد لأنهن بشر» قال: فقام اليه رجل فقال: يا رسول اللّه فمن نزوج؟ فقال: الأكفاء فقال: و من الاكفاء؟ فقال: المؤمنون بعضهم أكفاء بعض المؤمنون بعضهم أكفاء بعض «2»

و منها: ما رواه أبو حيون مولي الرضا عن الرضا عليه السلام قال: نزل جبرئيل علي النبي صلي اللّه عليه و آله فقال: يا محمد ربك يقرءك السلام و يقول: ان الابكار من النساء بمنزلة الثمر علي الشجر و ذكر نحوه و زاد ثم لم ينزل حتي زوج ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب المقداد بن الأسود الكندي ثم قال: ايها الناس

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1

(2)

الوسائل الباب 23 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 315

______________________________

انما زوجت ابنة عمي المقداد ليتضع النكاح «1».

و منها: ما رواه أبو حمزة في قضية تزويج الدلفاء من جويبر قال في آخر الحديث: يا زياد جويبر مؤمن و المؤمن كفو المؤمنة و المسلم كفو المسلمة فزوجه يا زياد و لا ترغب عنه «2».

و في مقابل هذا القول قول بالاشتراط ذهب اليه جملة من الأساطين- علي ما نسب اليهم- و ما ذكر في وجه الاشتراط أمور: منها قوله تعالي: «وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنٰاتِ الْمُؤْمِنٰاتِ فَمِنْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ مِنْ فَتَيٰاتِكُمُ الْمُؤْمِنٰاتِ» «3» بتقريب: ان المستفاد من الاية الشريفة ان من لا يتمكن من الانفاق و يكون معسرا يكتفي بملك اليمين و فيه: ان الاية في مقام الارشاد و إراءة الطريق و الحث الي الخروج عن العزوبة.

و منها: قول النبي صلي اللّه عليه و آله لفاطمة بنت قيس لما أخبرته ان معاوية يخطبها: «ان معاوية صعلوك لا مال له» «4» و فيه: اولا ان سند هذا الحديث ضعيف و ثانيا: الكلام فيه هو الكلام فان جواب النّبيّ صلي اللّه عليه و آله في مقام جوابها ارشاد و نصيحة و ليس في مقام بيان الحكم الشرعي الالهي.

و منها: ما رواه أبان عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الكفو أن يكون عفيفا و عنده يسار «5» و ما رواه محمد بن فضيل «6».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 25 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1

(3) النساء/ 25

(4) سنن البيهقي ج 7 ص 135 لاحظ الجواهر ج 30 ص: 103

(5) الوسائل الباب 28 من

ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 4

(6) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 316

فاذا تزوجت المرأة الرجل العاجز أو طرأ العجز بعد العقد لم يكن لها الخيار في الفسخ لا بنفسها و لا بواسطة الحاكم (1) و لكن يجوز لها أن ترفع أمرها الي الحاكم الشرعي فيأمر زوجها بالطلاق فان امتنع طلقها الحاكم الشرعي و اذا امتنع القادر علي النفقة عن الانفاق جاز لها أن ترفع أمرها الي الحاكم الشرعي فيلزمه باحد الامرين من الانفاق و الطلاق فان امتنع عن الامرين و لم يمكن الانفاق عليها من ماله جاز للحاكم طلاقها (2).

______________________________

و فيه: ان الحديثين ضعيفان سندا أما الاول فبالارسال و اما الثاني فبالبرقي مضافا الي أن الحديث في التهذيب ج 7 ص 394 الحديث 1، مرسل و يضاف الي ذلك عدم اشتراط العفة قطعا و منها: انه اضرار بالمرأة.

و فيه: انه لا اضرار بها بعد الاعلام و علمها بالحال مضافا الي أنه كيف يكون اضرارا مع أمره تعالي بتزويج الفقراء و قوله عز من قائل: «ان يكونوا فقراء يغنيهم اللّه من فضله».

و منها: ان الفقر نقص في الزوج و فيه: اولا انه ليس نقصا مع كون أولياء اللّه غالبا كذلك و ثانيا: ان اشتراط عدم النقص في الزوج اول الاشكال.

و منها: ما رواه عبد اللّه الفضل الهاشمي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

الكفو أن يكون عفيفا و عنده يسار «1» و الحديث ضعيف سندا مضافا الي ما مر من عدم اشتراط العفة قطعا.

(1) لعدم الدليل علي جواز الفسخ لا بواسطة الحاكم و لا بنفسها.

(2) بلا كلام اذ لها احقاق حقها و تدل علي المدعي جملة من النصوص لاحظ

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث:

7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 317

و لا فرق بين الحاضر و الغائب (1) نعم اذا كان الزوج مفقودا و علمت حياته وجب عليها الصبر (2) و ان لم يكن له مال ينفق عليها منه و لا ولي ينفق من مال نفسه (3) و يأتي في مبحث العدة التعرض لبقية أحكام المفقود (4).

[مسألة 5: لا يجوز للزوجة أن تخرج من بيتها بغير إذن زوجها]

(مسألة 5): لا يجوز للزوجة أن تخرج من بيتها بغير اذن زوجها فيما اذا كان خروجها منافيا لحق الاستمتاع بها (5) بل مطلقا (6).

______________________________

احاديث ربعي و الفضيل و أبي بصير و روح بن عبد الرحيم «1» و مقتضي هذه النصوص عدم ترتب طلاق الحاكم علي امتناعه من الطلاق و عدم الانفاق من ماله بل مقتضاه جواز الطلاق في صورة عدم الانفاق و صفوة القول ان المستفاد من النصوص ان الحاكم له أن يطلق في ظرف عدم الانفاق.

(1) للإطلاق.

(2) اذ المفروض حياته و بقاء الزوجية و عدم دليل علي جواز طلاق زوجته.

(3) لوحدة المناط و الملاك.

(4) و يأتي شرح كلامه هناك ان شاء اللّه تعالي فانتظر.

(5) بلا اشكال و لا كلام بحيث لا يحتاج الي الاستدلال و القيل و القال.

(6) كما هو المشهور عند القوم و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ايما امرأة خرجت من بيتها بغير اذن زوجها فلا نفقة لها حتي ترجع «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: جاءت امرأة الي النبي صلي اللّه عليه و آله فقالت: يا رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ما حق

______________________________

(1) لاحظ ص: 227 و 228

(2) الوسائل الباب

6 من ابواب النفقات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 318

علي الاحوط (1) فان خرجت بغير اذنه كانت ناشزا (2) و لا يحرم عليها

______________________________

الزوج علي المرأة؟ فقال لها: أن تطيعه و لا تعصيه و لا تصدق من بيته الا باذنه و لا تصوم تطوعا الا باذنه و لا تمنعه نفسها و ان كانت علي ظهر قتب و لا تخرج من بيتها الا باذنه و ان خرجت بغير اذنه لعنتها ملائكة السماء و ملائكة الارض و ملائكة الغضب و ملائكة الرحمة حتي ترجع الحديث «1».

و منها: ما رواه عمرو بن جبير العزرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

جاءت امرأة الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقالت: يا رسول اللّه ما حق الزوج علي المرأة فقال: أكثر من ذلك قالت: فخبرني عن شي ء منه قال: ليس لها أن تصوم الا باذنه يعني تطوعا و لا تخرج من بيتها بغير اذنه الحديث «2».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان رجلا من الانصار علي عهد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله خرج في بعض حوائجه فعهد الي امرأته أن لا تخرج من بيتها حتي يقدم قال: و ان أباها قد مرض فبعثت المرأة الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله تستأذنه أن تعوده فقال: لا اجلسي في بيتك و اطيعي زوجك قال: فثقل فأرسلت اليه ثانيا بذلك فقال: اجلسي في بيتك و اطيعي زوجك قال: فمات أبوها فبعثت اليه ان أبي قد مات فتأمرني أن اصلي عليه فقال: لا اجلسي في بيتك و اطيعي زوجك قال: فدفن الرجل فبعث اليها رسول اللّه صلي اللّه عليه

و آله ان اللّه قد غفر لك و لأبيك بطاعتك لزوجك «3».

(1) لم يظهر لي وجه الاحتياط مع وضوح دلالة خبر محمد بن مسلم علي المدعي و صحة سنده.

(2) كما هو ظاهر و لا يبعد أن يقال: ان الماتن جمع بين المتنافيين في كلامه

______________________________

(1) الوسائل الباب 79 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 91 من ابواب مقدمات النكاح و آدابه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 319

سائر الافعال بغير اذن الزوج الا أن يكون منافيا لحق الاستمتاع (1).

[مسألة 6: ما كان من النفقة يتوقف الانتفاع به علي ذهاب عينه كالطعام و الشراب و الصابون و نحوها تملك لزوجة عينه]

(مسألة 6): ما كان من النفقة يتوقف الانتفاع به علي ذهاب عينه كالطعام و الشراب و الصابون و نحوها تملك لزوجة عينه فلها مطالبة الزوج بتمليكه اياها (2) و لها لاجتزاء بما يبذله لها منه كما هو

______________________________

اذ كيف يمكن الجمع بين قوله: «كانت ناشزا» علي نحو الجزم و بين بناء عدم جواز خروجها من بيتها بلا اذن زوجها علي الاحتياط فان الخروج من البيت ان كان حراما فلا معني للاحتياط و ان كان جائزا فلا وجه لتحقق النشوز و قد فسر النشوز بخروج احد الزوجين عن الحقوق الواجبة عليه و اللّه العالم.

(1) كما هو ظاهر فان المسلم الذي لا ريب فيه من حق الواجب علي الزوجة التمكين التام للاستمتاع و عدم خروجها من البيت و أما ما ورد في حديث ابن مسلم من قوله عليه السلام «تطيعه و لا تعصيه» فان الظاهر ان الجملات الواقعة بعد هذه الجملة عطف بيان لها فالواجب عليها ظاهرا الامور المذكورة في الحديث و الا فكيف يمكن أن يقال بوجوب اطاعة الزوج علي الاطلاق علي الزوجة و الحال انه خلاف الواقع قطعا.

(2) أما بالنسبة

الي الطعام و الكسوة فيمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي «وَ عَلَي الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَ كِسْوَتُهُنَّ» «1» فان الظاهر من الجملة الحكم الوضعي اذ جعل نفس الرزق و الكسوة علي المولود له و لا يصح جعل العين علي المكلف الا باعتبار الحكم الوضعي و الرزق بما له من المفهوم و ان كان عاما و لا يختص بخصوص المأكول و المشروب لكن حيث انه قوبل بالكسوة يختص بالمأكول و المشروب.

______________________________

(1) البقرة/ 233

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 320

المتعارف فتأكل و تشرب من طعامه و شرابه (1) و أما ما تبقي عينه بالانتفاع به فان كان مثل المسكن و الخادم فلا اشكال في كونه امتاعا لا تمليكا فليس لها المطالبة بتمليكها اياه (2) و الظاهر ان الفراش و الغطاء أيضا كذلك (3) أما الكسوة ففي كونها كالأول أو كالثاني اشكال و لا يبعد ان

______________________________

و يؤيد المدعي ما ورد في جملة من الروايات من أن وظيفته الزوج أن يكسو عورة زوجته و يشبع بطنها الا أن يقال: انه لا وجه لرفع اليد عن اطلاق الرزق و نلتزم بعمومه و شموله لكل ما يصدق عليه مفهوم الرزق و نقول عطف الكسوة عليه من مصاديق عطف الخاص علي العام و حمل الاية الشريفة علي كون الحكم بلحاظ وجوب نفقة الولد غير صحيح اذ قد ورد في النصوص كما مر انه لو لم ترض الام بما يرضي به غيرها لا يجب دفع الزائد اليها بل يجوز اخذ الطفل منها لأن ترضعه مرضعة اخري بالاقل و ربما يستدل علي المدعي بما رواه شهاب «1» بتقريب:

ان المصرح به في الرواية جواز التصدق بما دفع اليها فيعلم انه يصير ملكا لها و الا فكيف

يجوز لها التصدق به.

و اورد فيه: بأنه يجوز التصرف المطلق بالاباحة المطلقة و الاذن العام فلا يكون جواز التصدق و الهبة دليلا علي صيرورته ملكا لها.

(1) بلا اشكال بمقتضي السيرة القطعية الجارية الخارجية بلا نكير من احد.

(2) بلا كلام فان وجوب التمليك في المسكن و الخادم مقطوع الخلاف فليس لها المطالبة بالتمليك في مورد المسكن و الخادم.

(3) للسيرة و لا يبعد أن يكون الامر كذلك بالنسبة الي الطعام أيضا فانه مع بذل الزوج جميع الامور اللائقة بحالها هل لها المطالبة بالتمليك و الحال ان الظاهر

______________________________

(1) لاحظ ص: 292

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 321

الاول اقرب (1) و لا يجوز لها في القسم الثاني نقله الي غيرها و لا التصرف فيه علي غير النحو المتعارف بغير اذن الزوج و يجوز لها ذلك كله في القسم الاول (2).

[مسألة 7: مر أن الزوجة إذا خرجت من عند زوجها تاركة له من دون مسوغ شرعي سقطت نفقتها]

(مسألة 7): مر ان الزوجة اذا خرجت من عند زوجها تاركة له من دون مسوغ شرعي سقطت نفقتها و يستمر السقوط ما دامت كذلك فاذا رجعت و تابت رجع الاستحقاق (3).

[مسألة 8: إذا نشز الزوج فلم يؤد إلي زوجته النفقة اللازمة من غير عذر و تعذر رفع أمرها إلي الحاكم الشرعي]

(مسألة 8): اذا نشز الزوج فلم يؤد الي زوجته النفقة اللازمة من غير عذر و تعذر رفع أمرها الي الحاكم الشرعي ففي جواز نشوزها

______________________________

انها خلاف السيرة و خلاف المرتكز.

(1) لا يبعد أن يكون منشأ الاشكال ذكرها في سياق الرزق في الاية الشريفة و ذكرها في سياق اشباع البطن في جملة من النصوص الواردة في المقام هذا من ناحية و من ناحية اخري عدم ذكرها في حديث شهاب لاحظ قوله عليه السلام: «يسد جوعتها و يستر عورتها و لا يقبح لها وجها فاذا فعل ذلك فقد و اللّه ادي اليها حقها» الا أن يقال:

ان قوله عليه السلام: «و يستر عورتها» ايجاب للكسوة و كيف كان الاقرب الحاقها بالطعام لأجل ذكرها في النصوص في سياق الاشباع الدال علي اتحاد الحكم و الحق ان المقام غير خال عن الاشكال فان مقتضي الاية الشريفة كما مر صيرورة رزقها مملوكة لها و مقتضي اطلاق الرزق شموله لكل شي ء فلا بد من رفع اليد عن ظهور الاية من قيام دليل.

(2) لعدم جواز التصرف في مال الغير بلا اذنه و هذا ظاهر واضح.

(3) و قد مر الاشكال فيه فراجع.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 322

و امتناعها عن القيام بحقوق الزوج حينئذ اشكال (1).

[مسألة 9: إذا لم يكن للزوج مال ينفق منه علي زوجته و كان يتمكن من الكسب وجب عليه]

(مسألة 9): اذا لم يكن للزوج مال ينفق منه علي زوجته و كان يتمكن من الكسب وجب عليه (2) الا اذا كان لا يليق به (3) فتبقي النفقة دينا عليه (4) و الظاهر وجوب الاستدانة عليه اذا علم التمكن من الوفاء (5) أما اذا احتمل عدم التمكن من الوفاء ففي سقوط الوجوب اشكال (6) و الاقرب عدم السقوط (7).

[مسألة 10: نفقة الزوجة تقبل الإسقاط في كل يوم]

(مسألة 10): نفقة الزوجة تقبل الاسقاط في كل يوم اما الاسقاط في جميع الازمنة المستقبلة فلا يخلو من اشكال و ان كان الجواز أظهر (8).

______________________________

(1) لعدم الدليل علي جواز نشوزها و بعبارة اخري: مقتضي اطلاق الادلة حرمة نشوزها و لو مع نشوز الزوج فلاحظ.

(2) اذ المفروض ان النفقة واجبة عليه و المفروض توقف الامتثال علي الكسب فيجب من باب وجوب المقدمة بوجوب ذيها بالوجوب العقلي.

(3) اذا كان عدم اللياقة بحد يوجب الحرج فيرتفع التكليف به و الا فللمناقشة فيما افيد مجال و بعبارة اخري لقائل أن يقول: لا دليل علي سقوط الوجوب بمجرد كون الكسب غير لائق بحاله فلاحظ.

(4) اذ قد مر ان النفقة ثابتة وضعا كما انها واجبة تكليفا.

(5) لكونها مقدمة و مقدمة الواجب واجبة عقلا.

(6) بتقريب عدم وفاء دليل جواز الدين المقام.

(7) لإطلاق الدليل.

(8) قال في الجواهر «1»: «لا خلاف في أن الزوجة تملك المطالبة بنفقة

______________________________

(1) ج- 31 ص: 342

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 323

و أما نفقة الاقارب فلا تقبل الاسقاط لأنها واجبة تكليفا محضا (1).

[مسألة 11: يجزئ في الإنفاق علي القريب بذل النفقة في دار المنفق]

(مسألة 11): يجزئ في الانفاق علي القريب بذل النفقة في دار المنفق (2) و لا يجب عليه تمليكها و لا بذلها في دار اخري (3) و لو طلب المنفق عليه ذلك لم تجب اجابته (4) الا اذا كان عن عذر مانع له عن استيفاء النفقة في بيت المنفق من حر أو يرد أو وجود من يؤذيه هناك أو نحو ذلك مما يرجع الي خلل في محل الانفاق (5).

______________________________

يومها في صبيحته مع التمكين» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان قلنا بأن الزوجة تملك نفقتها في ذمة زوجها من اول زمان

الزوجية الي زمان انقضائها بمقتضي قوله تعالي: «وَ عَلَي الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَ كِسْوَتُهُنَّ» و هذه الملكية تحصل في اول زمان تحقق الزوجية فلا اشكال في جواز الاسقاط بالنسبة الي الازمنة المستقبلة اذ علي هذا التقدير يرجع اسقاطها الي ابراء ذمة زوجها و لا ريب في جواز الابراء و لكن الظاهر انهم غير ملتزمين بهذا القول و ان قلنا بأنها تملك نفقة كل يوم في صبيحة اليوم فلها الابراء بالنسبة الي ذلك اليوم أما بالنسبة الي الايام المتأخرة فجوازه مبني علي جواز اسقاط ما لم يجب و الظاهر انه لا مانع منه الا التعليق و لا دليل علي بطلان التعليق علي الاطلاق و لعل الماتن ناظر الي ما ذكرنا في تجويز الاسقاط و لو بالنسبة الي الايام المتأخرة.

(1) اذ لا دليل علي ثبوت الجهة الوضعية بل الثابت الوجوب التكليفي و مسقطه الامتثال أو العصيان.

(2) لإطلاق دليل وجوب الانفاق.

(3) لعدم الدليل عليه.

(4) لعدم دليل علي وجوب اجابته.

(5) اذ المستفاد من الدليل وجوب الانفاق عليهم علي النحو المتعارف و مع

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 324

[مسألة 12: إذا وجب السفر علي الزوجة لم تسقط نفقتها في السفر]

(مسألة 12): اذا وجب السفر علي الزوجة لم تسقط نفقتها في السفر و وجب علي الزوج القيام بها أما بذل اجور السفر و نحوها مما تحتاج اليه من حيث السفر فان كان السفر لشئون حياتها بأن كانت مريضة و توقف علاجها علي السفر الي طبيب وجب علي الزوج بذل ذلك (1) و اذا كان السفر اداءا الواجب في ذمتها فقط كما اذا استطاعت للحج أو نذرت الحج الاستحبابي باذن الزوج لم يجب علي الزوج بذل ذلك كما لا يجب عليه اداء الفدية و الكفارة و فداء الاحرام و نحو ذلك من الواجبات

التي لا تقوم بها حياتها (2).

______________________________

عدم التعارف لا يتحقق الامتثال.

(1) لعدم دليل علي السقوط و المقتضي للوجوب أي الزوجية بعد باق فلا بد من القيام بمصارفها اللائقة بحالها لوجوب المعاشرة بالمعروف.

(2) لا اشكال في عدم وجوب قيامه بمصارف حجها اذ وجوب الحج مترتب علي استطاعها فيجب عليها أن تحج من مالها و أما بالنسبة الي بقية المذكورات في المتن فيشكل الجزم بعدم الوجوب اذ يجب عليه أن يعاشرها بالمعروف فاذا فرض ان صومها يتوقف أن تأكل في السحور و الافطار الغذاء الفلاني لكي تقوي فهل يمكن أن يقال: انه لا يجب علي الزوج القيام به؟ لعدم توقف حياتها عليه بل المتوقف عليه اداء واجبها بل يمكن أن يقال: ان مقتضي قوله تعالي: «وَ عَلَي الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ» وجوب مطلق الرزق فيجب علي الزوج جميع الامور المذكورة وضعا فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 325

[4كتاب الطلاق]

اشارة

كتاب الطلاق

[مسائل]

[مسألة 1: في شرائط المطلق]

(مسألة 1): يشترط في المطلق البلوغ (1).

______________________________

(1) بلا خلاف اجده فيه في الجملة بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- و أما النصوص الواردة في المقام فهي علي طوائف: الطائفة الاولي ما يدل علي بطلان طلاق غير البالغ منها: ما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس طلاق الصبي بشي ء «1» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن الفضيل حيث انه مشترك بين الثقة و الضعيف.

و منها: ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل طلاق جائز الاطلاق المعتوه أو الصبي أو مبرسم أو مجنون أو مكره «2» و هذه الرواية ضعيفة بالنوفلي بل و بغيره.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يجوز طلاق الصبي و لا السكران «3» و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني.

و منها: ما رواه الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم السلام قال: لا يجوز طلاق الغلام حتي يحتلم «4» و هذه الرواية لا بأس بسندها ظاهرا و المستفاد منها عدم صحة طلاق الصبي علي الاطلاق.

و منها: ما رواه ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يجوز طلاق الغلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 32 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 326

______________________________

و وصيته و صدقته ان لم يحتلم و في نسخة يجوز و كذا في رواية الشيخ «1» و مقتضي هذه الرواية بنسخة الوسائل عدم صحة طلاق غير البالغ و في نسخة نقل هكذا «يجوز» بدل لا يجوز و في دوران الأمر بين

الزيادة و النقيصة الترجيح مع الزيادة أي يؤخذ بالزائد و يحمل علي الاشتباه في النقصان فان الاشتباه بالنقصان ارجح بالنسبة الي الاشتباه بالزيادة.

الطائفة الثانية: ما يدل علي صحة طلاقه علي الاطلاق منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن طلاق الغلام و لم يحتلم و صدقته فقال: اذا طلق للسنة و وضع الصدقة في موضعها و حقها فلا بأس و هو جائز «2».

الطائفة الثالثة: ما يدل علي التفصيل بين بلوغه عشر سنين و عدم بلوغه فيصح في الأول و يبطل في الثاني لاحظ ما رواه ابن أبي عمير مرسلا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يجوز طلاق الصبي اذا بلغ عشر سنين «3».

و لاحظ ما رواه ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: و يجوز طلاق الغلام اذا بلغ عشر سنين «4» و لكن الحديثين ضعيفان سندا أما الاول فبالارسال و أما الثاني فبسهل فالتعارض بين الطائفتين و بعد التعارض يتساقطان و المرجع بعد التساقط ما يدل علي أن عبد الصبي و خطاءه واحد «5» فتحصل ان الحق ما أفاده في المتن من اشتراط البلوغ في المطلق و لكن في المراجعة الاخيرة تبين ان الرواية تامة ببعض اسنادها لاحظ الاستبصار ج 3 ص: 302/ الباب 177/

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) الوسائل الباب 19 من ابواب العاقلة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 327

و العقل (1).

______________________________

الحديث: 1 و لاحظ التهذيب ج 8 ص 75 الحديث 173 فمقتضي الصناعة التفصيل الا أن يقوم اجماع تعبدي علي الخلاف و اللّه العالم.

(1) بلا خلاف اجده بيننا بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- و تدل

علي المدعي جملة من النصوص لاحظ ما رواه ابو خالد القماط قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: رجل يعرف رأيه مرة و يتكره اخري يجوز طلاق وليه عليه؟ قال: ما له هو لا يطلق؟ قلت: لا يعرف حد الطلاق و لا يؤمن عليه أن طلق اليوم أن يقول غدا لم أطلق قال: ما أراه الا بمنزلة الامام يعني الولي «1».

و ما رواه الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أن الموله «المدله» ليس له طلاق و لا عتقه عتق «2».

و ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل طلاق جائز الاطلاق المعتوه أو الصبي أو مبرسم أو مجنون أو مكره 3.

و ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن طلاق المعتوه الذاهب العقل أ يجوز طلاقه؟ قال: لا و عن المرأة اذا كانت كذلك أ يجوز بيعها و صدقتها؟

قال: لا 4.

و ما رواه عبد اللّه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن طلاق السكران و عتقه فقال: لا يجوز قال: و سألته عن طلاق المعتوه قال و ما هو؟ قال: قلت: الأحمق الذاهب العقل قال: لا يجوز قلت: فالمرأة كذلك يجوز بيعها و شراؤها قال: لا 5.

______________________________

(1) الوسائل الباب 34 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 3

(3) (4) نفس المصدر الحديث: 4

(4) (5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 328

______________________________

و ما رواه زكريا بن آدم قال: سألت الرضا عليه السلام عن طلاق السكران و الصبي و المعتوه و المغلوب علي عقله و من لم يتزوج بعد قال: لا يجوز «1».

و في

المقام حديث رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن المعتوه أ يجوز طلاقه؟ فقال: ما هو؟ قال: فقلت: الاحمق الذاهب العقل فقال:

نعم «2»، يدل علي صحة طلاق المجنون فيقع التعارض بينه و بين ما يدل علي المنع و بعد التساقط تصل النوبة الي اطلاقات ادلة الطلاق كقوله تعالي: «الطَّلٰاقُ مَرَّتٰانِ فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ» «3» و قوله صلي اللّه عليه و آله:

«الطلاق بيد من اخذ بالساق» «4» و لكن هل يمكن القول بجواز طلاقه مع دعاوي الاجماع علي بطلانه؟ و اللّه العالم.

و أما حمل الخبر علي بعض المحامل- كما في الوسائل-، فلا شاهد له و لقائل أن يقول: انه بعد التعارض و التساقط يمكن التمسك لإثبات المدعي بالنصوص الدالة علي بطلان طلاق السكران لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن طلاق السكران فقال: لا يجوز و لا كرامة «5» بتقريب: انه لو كان طلاق السكران باطلا يكون طلاق المجنون كذلك بالاولوية فلاحظ.

و لقائل أن يقول: لا وجه للتساقط مع موافقة دليل الجواز مع الاطلاق الكتابي لكن قد تقدم منا ان الترجيح منحصر في الاحدثية و حيث ان الاحدث غير محرز يدخل المقام في اشتباه الحجة بلا حجة لكن المرجع أيضا الاطلاق الكتابي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) البقرة/ 229

(4) مستدرك الوسائل الباب 25 من ابواب مقدمات الطلاق الحديث: 3

(5) الوسائل الباب 36 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 329

و الاختيار (1).

______________________________

بتقريب: انه يشك في التخصيص و الاصل عدمه الا أن يقوم الاجماع علي خلافه

(1) بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في

الجواهر- و تدل علي المدعي جملة من النصوص لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن طلاق المكره و عتقه فقال: ليس طلاقه بطلاق و لا عتقه بعتق فقلت: اني رجل تاجر امر بالعشار و معي مال فقال: غيبه ما استطعت وضعه مواضعه فقلت: فان حلفني بالطلاق و العتاق فقال: احلف له ثم اخذ تمرة فحفر بها من زبد كان قدامه فقال: ما ابالي حلفت لهم بالطلاق و العتاق أو آكلها «1» و ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: لو ان رجلا مسلما مر بقوم ليسوا بسلطان فقهروه حتي يتخوف علي نفسه أن يعتق أو يطلق ففعل لم يكن عليه شي ء «2».

و ما رواه اسماعيل الجعفي في حديث انه قال لأبي جعفر عليه السلام: امر بالعشار فيحلفني بالطلاق و العتاق قال: احلف له «3».

و ما رواه يحيي بن عبد اللّه بن الحسن عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: لا يجوز الطلاق في استكراه و لا تجوز يمين في قطيعة رحم و لا في شي ء من معصية اللّه و لا يجوز عتق في استكراه فمن حلف أو حلف في شي ء من هذا و فعله فلا شي ء عليه قال: و انما الطلاق ما اريد به الطلاق من غير استكراه و لا اضرار علي العدة و السنة علي طهر بغير جماع و شاهدين فمن خالف هذا فليس

______________________________

(1) الوسائل الباب 37 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 330

و القصد (1).

______________________________

طلاقه و لا يمينه بشي ء يرد الي كتاب اللّه عز

و جل «1» مضافا الي عموم حديث الرفع «2».

(1) بلا خلاف اجده فيه بيننا بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه اليسع قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في حديث و لو ان رجلا طلق علي سنة و علي طهر من غير جماع و أشهد و لم ينو الطلاق لم يكن طلاقه طلاقا «3».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام و عبد الواحد بن المختار عن أبي جعفر عليه السلام انهما قالا: لا طلاق الا لمن أراد الطلاق «4».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا طلاق الا ما اريد به الطلاق «5».

و منها: ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا طلاق الا لمن أراد الطلاق «6».

و منها: ما رواه عبد الواحد بن المختار الانصاري قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لا طلاق الا لمن أراد الطلاق «7».

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 56 من ابواب جهاد النفس

(3) الوسائل الباب 11 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 3

(6) نفس المصدر الحديث: 4

(7) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 331

فلا يصح طلاق الصبي و ان بلغ عشرا (1) و لا المجنون و ان كان جنونه ادواريا اذا كان الطلاق في دور الجنون (2) و لا طلاق المكره و ان رضي بعد ذلك (3) و لا طلاق السكران و نحوه مما لا قصد له معتدا به (4) و يجوز لولي المجنون

أن يطلق عنه (5).

______________________________

(1) قد مر ان سند الرواية الدالة علي التفصيل معتبر فلا بد من قيام اجماع تعبدي علي خلافها.

(2) اذ الميزان صدق الموضوع و المفروض صدق عنوان الجنون في الادواري في دور الجنون فلا يصح طلاقه في ذلك الزمان لكن قد مر الاشكال فيه فراجع.

(3) اذ المفروض صدور الطلاق علي اكراه و الشي ء لا ينقلب عما هو عليه و ان شئت قلت: في زمان صدور الطلاق كان مقارنا للإكراه و زمان رفع الاكراه و الرضا بالطلاق لا يتحقق الطلاق فلا مجال للصحة.

(4) لانتفاء شرط الصحة و هو القصد.

(5) و هو المشهور في الجملة بل ادعي عليه الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه أبو خالد القماط قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام الرجل الاحمق الذاهب العقل يجوز طلاق وليه عليه؟ قال: و لم لا يطلق هو؟ قلت لا يؤمن ان طلق هو أن يقول غدا: لم أطلق أو لا يحسن أن يطلق قال: ما أري وليه الا بمنزلة السلطان «1».

و منها: ما رواه شهاب بن عبد ربه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: المعتوه الذي لا يحسن أن يطلق عنه وليه علي السنة قلت: فطلقها ثلاثا في مقعد قال: ترد

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 332

مع المصلحة (1) و لا يجوز لولي الصبي (2).

______________________________

الي السنة فاذا مضت ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء فقد بانت منه بواحدة «1».

و منها: ما رواه أبو خالد القماط عن أبي عبد اللّه عليه السلام في طلاق المعتوه قال: يطلق عنه وليه فاني أراه بمنزلة الامام عليه «2».

(1) في النصوص الواردة في المقام

لم يذكر هذا القيد و من ناحية اخري ان المراد بالسلطان او الامام المذكورين في احاديث الباب الامام المعصوم عليه السلام و من الظاهر ان ولايته مطلقة فلعل التقييد من باب الاجماع و التسالم بالنسبة الي غير الامام.

(2) ادعي عليه عدم الخلاف بل نقل عليه الاجماع و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه فضل بن عبد الملك قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يزوج ابنه و هو صغير قال: لا بأس قلت: يجوز طلاق الأب؟

قال: لا الحديث «3».

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الصبي يزوج الصبية هل يتوارثان؟ قال: ان كان أبواهما هما اللذان زوجاهما فنعم قلنا يجوز طلاق الأب قال: لا «4».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الصبي يتزوج الصبية يتوارثان؟ فقال: اذا كان ابواهما اللذان زوجاهما فنعم قلت: فهل يجوز طلاق الأب؟ قال: لا «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 33 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 12 من ابواب عقد النكاح و أولياء العقد

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 333

و السكران أن يطلق عنهما (1) و هل يجوز لولي الصبي أن يهب المتمتع بها المدة قولان اظهرهما الجواز (2).

[مسألة 2: في شرائط المطلقة]

(مسألة 2): يشترط في المطلقة دوام الزوجية فلا يصح طلاق المتمتع بها و لا الموطوءة بملك اليمين و يشترط أيضا خلوها من الحيض و النفاس اذا كانت مدخولا بها و كانت حائلا و كان المطلق حاضرا فلو كانت غير مدخول بها أو حاملا مستبينة الحمل جاز طلاقها و

ان كانت حائضا و كذا اذا كان المطلق غائبا و كان جاهلا بحالها و لا فرق بين أن يكون المطلق هو الزوج أو الوكيل الذي فوض اليه أمر الطلاق نعم يشترط في صحة طلاقه علي الاحوط مضي مدة بعلم بحسب عادتها انتقالها فيها من طهر الي آخر فاذا مضت المدة المذكورة فطلقها صح طلاقها و ان كانت حائضا حال الطلاق و بحكم الغائب في ذلك الحاضر الذي لا يقدر بحسب العادة أن يعرف انها حائض أو طاهر كما ان الغائب الذي يقدر علي معرفة انها حائض أو طاهر

______________________________

(1) لعدم الدليل علي الجواز فان نفوذ طلاقه يحتاج الي الدليل مضافا الي اطلاق قوله صلي اللّه عليه و آله: «الطلاق بيد من اخذ بالساق» «1».

(2) مقتضي القاعدة الاولية عدم الجواز فان ثبوت الولاية يتوقف علي قيام دليل عليه و في هذه العجالة لا يحضرني ما يمكن أن يستدل به علي الجواز و قد ذكرنا في ذيل مسألة 24 من كتاب البيع ما له نفع في المقام فراجع.

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 25 من ابواب مقدمات الطلاق الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 334

لا يصح طلاقه و ان وقع الطلاق بعد المدة المزبورة الا اذا تبين انها طاهر في حال الطلاق ثم ان اعتبار المدة المذكورة في طلاق الغائب يختص بمن كانت تحيض فاذا كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض جاز طلاق الغائب لها بعد ثلاثة أشهر و ان احتمل طروء الحيض حال الطلاق و يشترط في المطلقة أيضا أن تكون طاهرا طهرا لم يجامعها فيه فلو طلقها في طهر قد جامعها فيه لم يصح الا اذا كانت صغيرة أو يائسة أو حاملا متبينة الحمل فان

كل واحدة من المذكورات يصح طلاقها و ان وقع في طهر قد جامعها فيه و مثلها من غاب عنها زوجها اذا كان جاهلا بذلك و كان طلاقها بعد انقضاء المدة المتقدمة علي الاحوط فانه يصح الطلاق و ان كان وقوعه في طهر قد جامعها فيه علي نحو ما تقدم في شرطية عدم الحيض و اذا أخبرت الزوجة انها طاهر فطلقها الزوج أو وكيله ثم أخبرت انها حائض حال الطلاق لم يقبل خبرها الا بالبينة و يكون العمل علي خبرها الاول ما لم يثبت خلافه (1).

______________________________

(1) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول: انه يشترط في المطلقة دوام الزوجية بلا خلاف بل الاجماع بقسميه عليه- كما في الجواهر- و يتفرع علي هذا الفرع انه لا يصح طلاق المتمتع بها و تدل علي المدعي مضافا الي ما مر من عدم الخلاف و الاجماع جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في المتعة ليس من الأربع لأنها لا تطلق و لا ترث و انما هي مستأجرة «1»

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب المتعة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 335

______________________________

و منها: ما رواه ابو القاسم بن عروة مثله و زاد قال: و عدتها خمس و اربعون ليلة «1».

و منها: ما رواه الحسن الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت: رجل طلق امرأته طلاقا لا تحل له حتي تنكح زوجا غيره فتزوجها رجل متعة أ تحل للأول قال: لا لأن اللّه يقول: «فَإِنْ طَلَّقَهٰا فَلٰا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّٰي تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهٰا» و المتعة ليس فيها طلاق «2».

و أيضا يتفرع عليه عدم طلاق الموطوءة بملك يمين و يدل

علي المدعي مضافا الي ما مر عدة روايات منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه سئل عن رجل قال: كل امرأة أتزوجها ما عاشت أمي فهي طالق فقال: لا طلاق الا بعد نكاح و لا عتق الا بعد ملك «3».

و منها: ما رواه سليمان في حديث عن علي بن الحسين عليهما السلام في رجل سمي امرأة بعينها و قال: يوم يتزوجها فهي طالق ثلاثا ثم بدا له أن يتزوجها أ يصلح ذلك؟ قال: فقال: انما الطلاق بعد النكاح «4».

و منها: ما رواه الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام انه كان يقول: لا طلاق لمن لا ينكح و لا عتاق لمن لا يملك قال: و قال علي عليه السلام و لو وضع يده علي رأسها «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 9 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 12 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 336

______________________________

الفرع الثاني: خلوها من الحيض و النفاس اذا كانت مدخولا بها و كانت حاملا و كان المطلق حاضرا و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل طلق امرأته و هي حائض فقال: الطلاق بغير السنة باطل «1».

و منها: ما رواه محمد الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يطلق امرأته و هي حائض قال: الطلاق علي غير السنة باطل قلت: فالرجل يطلق ثلاثا في مقعد قال: يرد الي السنة «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: قال أبو

جعفر عليه السلام: من طلق ثلاثا في مجلس علي غير طهر لم يكن شيئا انما الطلاق الذي أمر اللّه عز و جل به فمن خالف لم يكن له طلاق و ان ابن عمر طلق امرأته ثلاثا في مجلس و هي حائض فأمره رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن ينكحها و لا يعتد بالطلاق الحديث «3».

و منها: ما رواه الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام انهما قالا:

اذا طلق الرجل في دم النفاس أو طلقها بعد ما يمسها فليس طلاقه اياها بطلاق الحديث «4».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من طلق امرأته ثلاثا في مجلس و هي حائض فليس بشي ء و قد رد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله طلاق

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 337

______________________________

عبد اللّه بن عمر اذ طلق امرأته ثلاثا و هي حائض فأبطل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ذلك الطلاق و قال: كل شي ء خالف كتاب اللّه فهو رد الي كتاب اللّه عز و جل و قال لا طلاق الا في عدة «1».

و منها: ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل طلق امرأته بعد ما غشيها بشهادة عدلين قال: ليس هذا طلاقا الحديث «2».

و منها: ما رواه اليسع قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لا طلاق الا علي السنة و لا طلاق الا علي طهر من غير جماع الحديث «3».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي

جعفر عليه السلام في حديث قال: أما طلاق السنة فاذا أراد الرجل أن يطلق امرأته فلينتظر بها حتي تطمث و تطهر فاذا خرجت من طمثها طلقها تطليقة من غير جماع و يشهد شاهدين ثم ذكر في طلاق العدة مثل ذلك «4».

و منها: ما رواه بكير بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: الطلاق أن يطلق الرجل المرأة علي طهر من غير جماع و يشهد رجلين عدلين علي تطليقه ثم هو أحق برجعتها ما لم تمض ثلاثة قروء فهذا الطلاق الذي أمر اللّه به في القرآن و أمر به رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في سنته و كل طلاق لغير العدة فليس بطلاق «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 9 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 338

______________________________

و منها: ما رواه حريز قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن طلاق السنة فقال علي طهر من غير جماع بشاهدي عدل و لا يجوز الطلاق الا بشاهدين و العدة و هو قوله: «فطلقوهن لعدتهن و أحصوا العدة» الاية «1».

و منها: ما رواه أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: «فطلقوهن لعدتهن» و العدة الطهر من الحيض و أحصوا العدة «2».

الفرع الثالث: انه يصح طلاق غير المدخول بها و لو حال الحيض أو النفاس و تدل علي المدعي عدة روايات منها: ما رواه اسماعيل بن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: خمس يطلقن علي كل حال: الحامل المتبيّن حملها و التي لم يدخل بها زوجها و الغائب عنها زوجها و التي لم تحض

و التي قد جلست عن المحيض «3».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس بطلاق خمس علي كل حال: الغائب عنها زوجها و التي لم تحض و التي لم يدخل بها زوجها و الحبلي و التي قد يئست من المحيض «4».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم و زرارة و غيرهما عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قال: خمس يطلقن أزواجهن متي شاءوا: الحامل المستبين حملها و الجارية التي لم تحض و المرأة التي قد قعدت من المحيض و الغائب عنها زوجها

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 25 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 339

______________________________

و التي لم يدخل بها «1».

و منها: ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: خمس يطلقن علي كل حال: الحامل و التي قد يئست من المحيض و التي لم يدخل بها و الغائب عنها زوجها و التي لم تبلغ المحيض «2».

الفرع الرابع: انه يصح طلاق الحامل اذا كانت مستبينة الحمل و لو في حال الحيض و النفاس و تدل علي المدعي جملة من النصوص و قد تقدمت قريبا و بعض النصوص المشار اليها لم يقيد فيه الحمل بالاستبانة لكن يقيد بما قيد فيه اذ لو كان المولي في مقام التحديد و اعطاء الضابط الكلي ينعقد لكلامه المفهوم فما قيد بالاستبانة يدل بالمفهوم علي نفي الحكم عن غير المتصف بهذا الوصف.

الفرع الخامس: ان الزوج اذا كان غائبا يجوز أن يطلق زوجته و ان لم تكن خالية عن الحيض و النفاس و الدليل عليه

جملة من الروايات و قد تقدمت قريبا بشرط أن يكون جاهلا بحالها بتقريب: ان النصوص الدالة علي بطلان الطلاق الواقع في حال الحيض بطلانه مطلقا و انما المخرج عن الكلية الروايات الدالة علي جواز طلاق الغائب و المنساق من هذه النصوص صورة الجهل بالحال فصورة العلم تبقي تحت ادلة المنع فلاحظ.

الفرع السادس: انه لا فرق بين كون المطلق هو الزوج أو الوكيل الذي فوض اليه أمر الطلاق و الظاهر ان الوجه فيه الاطلاق المنعقد في نصوص الباب لاحظ ما رواه اسماعيل بن جابر الجعفي «3» فان مقتضي اطلاق الرواية جواز الطلاق

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) لاحظ ص: 338

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 340

______________________________

بلا فرق بين كون المطلق هو الزوج أو وكيله.

الفرع السابع: انه يشترط في صحة طلاقه علي الأحوط مضي مدة يعلم بحسب عادتها انتقالها فيها من طهر الي آخر فاذا مضت المدة المذكورة فطلقها صح طلاقها و ان كانت حائضا حال الطلاق و النصوص الواردة في المقام علي طوائف.

الطائفة الاولي: ما يدل علي جواز الطلاق علي الاطلاق لاحظ احاديث اسماعيل بن جابر و الحلبي و محمد بن مسلم و زرارة و حماد بن عثمان «1» و ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عن الرجل يطلق امرأته و هو غائب قال: يجوز طلاقه علي كل حال و تعتد امرأته من يوم طلقها «2».

و ما رواه أبو بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يطلق امرأته و هو غائب فيعلم انه يوم طلقها كانت طامثا قال: يجوز «3».

الطائفة الثانية: ما يدل علي الجواز بعد شهر لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه

عليه السلام قال: الغائب اذا أراد أن يطلقها تركها شهرا «4».

و ما رواه ابن سماعة قال: سألت محمد بن أبي حمزة متي يطلق الغائب؟

فقال: حدثني اسحاق بن عمار أو روي اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أو أبي الحسن عليه السلام قال: اذا مضي له شهر «5».

الطائفة الثالثة: ما يدل علي الجواز بعد ثلاثة أشهر لاحظ ما رواه جميل بن

______________________________

(1) لاحظ ص: 338 و 339

(2) الوسائل الباب 26 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 341

______________________________

دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الرجل اذا خرج من منزله الي السفر فليس له أن يطلق حتي تمضي ثلاثة أشهر «1».

و ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السلام: الغائب الذي يطلق أهله كم غيبته؟ قال: خمسة أشهر ستة أشهر قال: حد دون ذا؟ قال: ثلاثة أشهر «2».

الطائفة الرابعة: ما يدل علي أن الغائب يطلق بالأهلة و الشهور لاحظ ما رواه بكير قال: اشهد علي أبي جعفر عليه السلام أني سمعته يقول: الغائب يطلق بالأهلة و الشهور «3».

و حمل هذه التقديرات علي الاستحباب لا دليل عليه كما أن حملها علي اختلاف حالات النساء بحسب اختلاف عادتهن في الحيض بلا شاهد فلا بد من معاملة التعارض معها و مقتضي التعارض التساقط و المرجع بعد التساقط اطلاق نصوص جواز طلاق الغائب و حيث ان المشهور علي ما نسب اليهم قائلون بتقدير المدة بمقدار انتقالها من طهر الي آخر يكون مقتضي الاحتياط رعاية هذا المقدار.

و ربما يقال: ان الترجيح مع ما دل علي الثلاثة أشهر لاحظ حديث

اسحاق بن عمار «4» فان هذا الحديث مروي عن أبي ابراهيم موسي بن جعفر عليه السلام فيرجح علي ما يعارضه بالأحدثية و يمكن أن يجاب عنه بأن حديث عبد الرحمن بن الحجاج يعارضه قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل تزوج امرأة سرا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 342

______________________________

من اهلها «أهله. يه» و هي في منزل أهلها «أهله. يه» و قد اراد أن يطلقها و ليس يصل اليها فيعلم طمثها اذا طمثت و لا يعلم بطهرها اذا طهرت قال: فقال: هذا مثل الغائب عن أهله يطلق بالأهلة و الشهور قلت: أ رأيت ان كان يصل اليها الأحيان و الاحيان لا يصل اليها فيعلم حالها كيف يطلقها؟ قال: اذا مضي له شهر لا يصل اليها فيه يطلقها اذا نظر الي غرة الشهر الاخر بشهود و يكتب الشهر الذي يطلقها فيه و يشهد علي طلاقها رجلين فاذا مضي ثلاثة أشهر فقد بانت منه و هو خاطب من الخطاب و عليه نفقتها في تلك الثلاثة الأشهر التي تعتد فيها «1».

فان الظاهر ان هذا الحديث أيضا مروي عن أبي الحسن الكاظم عليه السلام الا أن يقال: يمكن الجمع بين الحديثين بأن يقال: يفهم عرفا من الحديثين ان الميزان في الجواز مضي شهر و نقل عن الشح في نهايته «2» بأنه متي كان للرجل زوجة معه في البيت غير انه لا يصل اليها فهو بمنزلة الغائب عن زوجته فاذا أراد طلاقها فليصبر الي أن يمضي ما بين شهر الي ثلاثة أشهر ثم طلقها و للمناقشة فيما ذكر مجال فلا بد من الاحتياط.

الفرع الثامن: كون الحاضر غير

المتمكن من الاستعلام بحكم الغائب لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج «3».

الفرع التاسع: ان الغائب المتمكن من الاستعلام لا يجوز له أن يطلق بلا استعلام إذ يفهم العرف من مجموع الادلة الميزان في الجواز مع عدم احراز الشرط عدم التمكن من الاستعلام فلا أثر للطلاق مع عدم الاستعلام بعد المدة لأن مقتضي

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

(2) الجواهر ج 32 ص: 39

(3) لاحظ ص: 341

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 343

______________________________

القاعدة الاولية عدم الجواز الا بعد احراز الشرط و انما نخرج عن القاعدة بمقدار وجود الدليل و المفروض انه لا دليل علي الجواز مع امكان الاستعلام.

الفرع العاشر: انه لو طلق بلا استعلام و وقع طلاقه في محله صح كما هو ظاهر اذ المفروض انه وقع الطلاق جامعا للشرائط فيصح.

الفرع الحادي عشر: ان المسترابة تطلق بعد ثلاثة أشهر ثم ان مقتضي حديث اسماعيل بن سعد الأشعري قال: سألت الرضا عليه السلام عن المسترابة من المحيض كيف تطلق؟ قال: تطلق بالشهور «1» جواز طلاق المسترابة بعد ثلاثة أشهر و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين الحاضر و الغائب.

و يؤكد المدعي مرسل داود بن أبي يزيد العطار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المرأة يستراب بها و مثلها تحمل و مثلها لا تحمل و لا تحيض و قد واقعها زوجها كيف يطلقها اذا اراد طلاقها؟ قال: يمسك عنها ثلاثة أشهر ثم يطلقها «2».

و مقتضي اطلاق الرواية جواز الطلاق و لو مع احتمال طروّ الحيض بل مقتضي استصحاب بقائها علي الحالة السابقة طلاقها بالشهور كما في الرواية لكن يشكل بأن الحكم رتب في الرواية علي المسترابة و لا بد في ترتيب

الحكم من احراز الموضوع فمع عدم احرازه لا مجال للأخذ باطلاق الدليل لعدم جواز الأخذ بالعموم أو الاطلاق في الشبهة المصداقية نعم لا مانع من استصحاب الحالة السابقة لكن ترتيب الحكم ببركة الاستصحاب حكم ظاهري و مع انكشاف الخلاف لا يتم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب العدد الحديث: 17

(2) الوسائل الباب 40 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 344

______________________________

و صفوة القول: ان المسترابة و هي التي لا تري الحيض و هي في سن من تحيض تطلق بالشهور بلا فرق بين كون زوجها حاضرا و بين كونه غائبا فلو صادف الطلاق الحيض لا يكون صحيحا لأنه مع تحقق الحيض لا تكون مسترابة.

الفرع الثاني عشر: انه يشترط في المطلقة أن تكون طاهرا طهرا لم يجامعها فيه بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه زرارة «1».

الفرع الثالث عشر: انه لا يشترط الطهر المذكور في الصغير و اليائسة و الحامل المستبين حملها و الدليل علي المدعي ما رواه محمد بن مسلم و زرارة «2».

الفرع الرابع عشر: ان الغائب لو طلق مع رعاية الشرط المقرر في حقه و صادف طلاقه زمان الحيض يصح طلاقه و قد مر الكلام حول طلاق الغائب و ملخص الكلام انه مع رعاية الشرط لو صادف طلاقه أيام الحيض أو الطهر الذي جامعها زوجها يصح طلاقها لا طلاق الدليل الوارد في مورده.

الفرع الخامس عشر: انه اذا أخبرت المرأة بطهرها فطلقت ثم أخبرت بأنها كانت حائضا حال الطلاق لم يسمع قولها الا مع قيام البينة و الظاهر ان الوجه فيه انه قد دل الدليل علي تصديقها اذا ادعت الطهر

أو الحيض لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: العدة و الحيض للنساء اذا ادعت صدقت «3».

و يؤكد المدعي جملة اخري من النصوص: منها: ما رواه عبد العزيز المهتدي قال: سألت الرضا عليه السلام قلت: جعلت فداك ان اخي مات و تزوجت امرأته

______________________________

(1) لاحظ ص: 337

(2) لاحظ ص: 338

(3) الوسائل الباب 24 من ابواب العدد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 345

______________________________

فجاء عمي فادعي انه كان تزوجها سرا فسألتها عن ذلك فانكرت أشد الانكار و قالت ما كان بيني و بينه شي ء قط فقال: يلزمك اقرارها و يلزمه انكارها «1».

و منها: ما رواه يونس قال: سألته عن رجل تزوج امرأة في بلد من البلدان فسألها لك زوج؟ فقالت: لا فتزوجها ثم ان رجلا اتاه فقال: هي امرأتي فأنكرت المرأة ذلك ما يلزم الزوج؟ فقال: هي امرأته الا أن يقيم البينة «2».

و منها: ما رواه عمر بن حنظلة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اني تزوجت امرأة فسألت عنها فقيل فيها فقال: و أنت لم سألت أيضا ليس عليكم التفتيش «3»

و منها: ما رواه أبو بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: القي المرأة بالفلاة التي ليس فيها أحد فاقول لها: أ لك زوج فتقول: لا فأتزوجها؟ قال: نعم هي المصدقة علي نفسها «4».

و منها: ما رواه محمد بن عبد اللّه الأشعري قال: قلت للرضا عليه السلام الرجل يتزوج بالمرأة فيقع في قلبه ان لها زوجا فقال: و ما عليه؟ أ رأيت لو سألها البينة كان يجد من يشهد أن ليس لها زوج «5».

فبمقتضي الدليل يجوز تصديقها و ترتيب الاثر علي قولها فالطلاق وقع صحيحا بمقتضي الدليل الشرعي و لا دليل

علي اعتبار قولها بعد ذلك و لقائل أن يقول:

مقتضي القاعدة التعارض بين قولها الاول و قولها الثاني و لا ترجيح للأول علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من ابواب عقد النكاح و أولياء العقد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 25 من ابواب عقد النكاح و أولياء العقد الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 10 من ابواب المتعة الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 346

______________________________

الثاني و بعبارة اخري: نسبة دليل الاعتبار الي كل منهما علي السواء فلا وجه للترجيح و شموله لكليهما مرجعه الي التناقض فيلزم التساقط الا أن يتم الأمر بالإجماع و التسالم و يمكن أن يكون للحكم المذكور و ترجيح الاول علي الثاني مدرك لا يحضرني علي العجالة و اللّه العالم بحقائق الامور.

و قال في المستمسك «1» - في شرح قول الماتن في مشابه المقام-: «اذ لا دليل علي سماعها و النصوص المتقدمة لا تشملها» و قال سيدنا الاستاد «2» في شرح قول الماتن-: «فان المستفاد من النصوص انما هو اخبارها بالنسبة الي جواز التزويج و اما بالنسبة الي ابطال زوجيته محكومة بالصحة ظاهرا فلا دليل علي حجية اخبارها فيه بل مقتضي كونه اقرارا في حق الغير عدم السماع» انتهي.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم انه تارة نقول: بأن الدليل الدال علي حجية قولها مختص بالفرد الاول منه و لا يشمل المصداق الثاني المعارض لقولها الاول و اخري نقول: بأنه لا فرق بين المصداق الاول و المصداق الثاني في كون كل واحد منهما مشمولا لدليل الاعتبار اما علي الاول فلا اعتبار للمصداق الثاني بل الاعتبار بالمصداق الاول بلا فرق بين الموارد فلا يكون معتبرا الا المصداق الاول فلا موضوع للتعارض و لكن

هذا القول بمراحل عن الواقع اذ لا موجب له و لا مقتضي للتقييد فالحق هو القول بشمول الدليل لكلا المصداقين و عليه نقول: صحة التزويج باستناد قولها صحة ظاهرية مستندة الي قولها و يحكم بالصحة ما دام بقاء قولها معتبرا لا أزيد من ذلك و بعد التعارض و التساقط لا مجال للاستناد.

و ان شئت قلت: كما ان حدوث التزويج يحتاج الي دليل و مدرك كذلك يتوقف

______________________________

(1) ج- 14 ص: 443

(2) مستند العروة كتاب النكاح ج 2 ص 239

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 347

[مسألة 3: لو طلق الغائب زوجته قبل مضي المدة المذكورة فتبين كون الطلاق في طهر لم يجامعها فيه صح]

(مسألة 3): لو طلق الغائب زوجته قبل مضي المدة المذكورة فتبين كون الطلاق في طهر لم يجامعها فيه صح (1) و أما اذا طلق الحاضر زوجته غير مستبينة الحمل في طهر المجامعة فتبين كونها حاملا ففي صحة طلاقه اشكال و الاحتياط باعادة الطلاق لا يترك (2) و كذا

______________________________

بقائه علي بقاء المستند و المفروض بطلانه بالتعارض.

و بعبارة ثالثة: يتوقف اعتبار قولها الاول علي عدم اعتبار القول الثاني و عدمه يتوقف علي اعتباره فيدور مصرحا.

و صفوة القول: ان التعارض يسقط اعتبار قولها الاول فلا مجال للاستناد اليه فبطلان التزويج باعتبار عدم دليل معتبر علي كونها خلية فلا مجال لأن يقال: ان اقرارها لا يؤثر في حق الغير فان حق الغير مستند الي قولها فرضا و قولها ساقط بقاء فلا يكون قابلا للاستناد فلاحظ و تأمل لكن الانصاف ان دعوي عدم شمول الدليل لقولها بعد التزويج كما في كلام السيد الحكيم قدس سره ليست جزافية و بعبارة اخري: لا يفهم من الدليل حجية قول المرأة المزوجة تزويجا صحيحا شرعيا بأن تدعي فساد زواجها و ان ابيت فلا أقلّ من عدم الجزم بالاطلاق.

(1) اذ المفروض وقوع

الطلاق جامعا للشرائط فيصح.

(2) اذ لو قلنا بأن مجرد الحمل لا يكفي بل يشترط فيه الاستبانة فطلاق الحامل في طهر المواقعة باطل الا مع استبانة الحمل و لا مجال لأن يقال ان العلم طريق الي الواقع و الموضوع هو الواقع فيكفي تحققه و لو مع الجهل فان الأحكام الشرعية امور تعبدية و ليس لأحد التصرف فيها كما انه لا مجال لأن يقال حيث انه لا تنافي و لا تعارض بين المثبتين فلا تنافي بين الدليل الدال علي كون الموضوع الحامل مع الاستبانة و بين الدليل الدال علي جعل الموضوع مطلق الحمل اذ التحديد و اعطاء لضابط الكلي يدل بالمفهوم علي عدم الصحة في غير صورة الاستبانة مضافا الي

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 348

الاشكال فيما اذا وطأها حال الحيض عمدا أو خطأ ثم طلقها بعد أن طهرت من الحيض بل لا يبعد فيه البطلان (1).

و اذا طلقها اعتمادا علي استصحاب الطهر او استصحاب عدم الدخول صح الطلاق ظاهرا أما صحته واقعا فتابعة لتحقق الشرط

______________________________

أن الاكتفاء بمجرد الحمل يوجب الغاء موضوعية الاستبانة.

(1) لا يبعد أن يستفاد من حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال أما طلاق السنة فاذا أراد الرجل أن يطلق امرأته فلينتظر بها حتي تطمث و تطهر فاذا خرجت من طمثها طلقها تطليقة من غير جماع و يشهد شاهدين «1» انه يشترط الانتظار بها حتي تطمث و تصير طاهرا من غير جماع في تمام مدة الانتظار لا أن يكون قيدا فقط لزمان الطهر و الإطلاق المنعقد في بقية النصوص يقيد بهذه الرواية كما هو مقتضي تقييد المطلق بالمقيد.

و لكن الأنصاف ان الظاهر من الرواية ان الشرط لصحة الطلاق عدم تحقق الجماع في

الطهر و يدل علي المدعي بوضوح ما رواه محمد بن مسلم انه سال أبا جعفر عليه السلام عن رجل قال لامراته انت علي حرام او بائنة أو بتة او برية او خلية قال: هذا كله ليس بشي ء انما الطلاق أن يقول لها في قبل العدة بعد ما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها أنت طالق او اعتدي يريد بذلك الطلاق و يشهد علي ذلك رجلين عدلين «2» لكن لقائل أن يقول ان الاطلاق المذكور علي تقدير تسلمه يقيد بما رواه أبو بصير «3» فان الظاهر من هذه الرواية انه يشترط في صحة

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 16 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 3

(3) لاحظ الرواية في (مسألة 1) من فصل في أقسام الطلاق في ذيل قوله «و لو كان الرجوع بعقد جديد»

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 349

واقعا (1).

[مسألة 4: إذا كانت المرأة مسترابة]

(مسألة 4): اذا كانت المرأة مسترابة بأن كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض سواء أ كان لعارض اتفاقي أم لعادة جارية في أمثالها كما في ايام ارضاعها او في اوائل بلوغها جاز طلاقها في طهر قد جامعها فيه اذا كان قد اعتزلها حتي مضت ثلاثة اشهر فانه اذا طلقها بعد مضي المدة المذكورة صح طلاقها و ان كان في طهر المجامعة (2).

[مسألة 5: يشرط في صحة الطلاق تعيين المطلقة مع تعدد الزوجات]

(مسألة 5): يشرط في صحة الطلاق تعيين المطلقة مع تعدد الزوجات (3).

______________________________

الطلاق عدم الوقاع حتي في حال الحيض فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر فان الصحة الظاهرية مغياة بعدم ظهور الخلاف و بعبارة اخري الحكم تابع للموضوع الواقعي فلاحظ.

(2) بلا خلاف كما في الجواهر و يدل علي المدعي ما رواه الأشعري قال سألت الرضا عليه السلام عن المسترابة من المحيض كيف تطلق؟ قال تطلق بالشهور «1».

و يؤيد المدعي ما ارسله العطار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن المرأة يستراب بها و مثلها تحمل و مثلها لا تحمل و لا تحيض و قد واقعها زوجها كيف يطلقها اذا اراد طلاقها؟ قال ليمسك عنها ثلاثة اشهر ثم يطلقها «2».

(3) الظاهر انه لا اشكال في لزوم التعيين اذ لو لم يعين فاما يقصد الكلي في

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب العدد الحديث: 17

(2) الوسائل الباب 40 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 350

______________________________

المعين نظير بيع صاع من الصبرة و اما يقصد المردد المبهم فان قصد المردد المبهم فلا اشكال في بطلانه لأن المردد المبهم لا واقع له و ان قصد الكلي في المعين فلا دليل علي صحته و قياسه علي بيع الكلي قياس مع الفارق لوجود

الدليل علي الصحة في المقيس عليه مضافا الي أن الظاهر من ادلة الأحكام المترتبة علي الطلاق ترتبها عليه بعد تحققه و الحال انه مع عدم التعيين كيف يمكن ترتيبها عليه و ترتيبها بعد التعيين لا دليل عليه.

و علي الجملة الأحكام الشرعيته امور تعبدية و تتوقف علي وجود دليل عليها و لا يمكن ترتيبها بمجرد الإمكان الثبوتي و الإمكان العقلي و يضاف الي ذلك كله ان اشتراط التعيين يستفاد من بعض النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1» فانه يستفاد من هذه الرواية ان الطلاق الشرعي منحصر في التعيين.

ان قلت ان الإمام عليه السلام في مقام الجواب ناظر الي كيفية الصيغة لا الي بقية الجهات و ذكر الخصوصيات بلحاظ وقوعها في كلام السائل.

قلت هذا خلاف الظاهر فان المستفاد من كلامه ظاهرا وجوب رعاية هذه الخصوصيات غاية الأمر نعلم من الخارج ان الخطاب الي المطلقة في تحقق الطلاق ليس لازما و أصرح في الدلالة علي المدعي ما رواه محمد بن احمد قال كتبت الي أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام اني تزوجت اربع نسوة و لم اسأل عن اسمائهن ثم اني اردت طلاق احداهن و تزويج امرأة اخري فكتب عليه السلام أنظر الي علامة ان كانت بواحدة منهن فتقول اشهدوا ان فلانة التي بها علامة كذا و كذا هي طالق ثم تزوج الأخري اذا انقضت العدة «2».

______________________________

(1) لاحظ ص: 348

(2) الوسائل الباب 3 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 351

فلو كانت له زوجة واحدة فقال زوجتي طالق صح (1) و لو كانت له زوجتان أو زوجات فقال زوجتي طالق فان نوي معينة منها صح و قبل تفسيره (2) و ان

نوي غير معينة بطل علي الاقوي (3).

[مسألة 6: يجوز التوكيل في الطلاق من الحاضر و الغائب للحاضر و الغائب]

(مسألة 6): يجوز التوكيل في الطلاق من الحاضر و الغائب للحاضر و الغائب (4).

______________________________

فالنتيجة انه لو طلق واحدة من زوجاته بلا تعيين يكون طلاقه باطلا و لا دليل علي صحة تعيينه بعد الطلاق كما انه لا دليل علي صحة التعيين بالقرعة و قيام الدليل علي التعيين بالقرعة في بعض الموارد لا يقتضي الالتزام بها في المقام كما هو ظاهر لمن يكون خبيرا بالصناعة.

(1) الأمر كما أفاده اذ لا موجب للفساد.

(2) ان تم المدعي بالإجماع و التسالم فهو و الا يشكل الجزم بالصحة اذ قد تقدم ان المستفاد من حديث ابن مسلم اشتراط التعيين و يضاف الي جميع ذلك انه لو شك في تحقق الطلاق فيما اذا لم بعين يكون مقتضي الاستصحاب بقاء العلقة الزوجية و لا مجال لأن يقال يعارضه استصحاب عدم الجعل الزائد و ذلك لأنه لا شبهة في تحقق الزوجية الدائمية غاية الأمر الطلاق الشرعي يرفع الزوجية و يقطع تلك العلاقة الثابتة فاذا شك في كون الطلاق الكذائي شرعيا أم لا يجري استصحاب الزوجية و عدم ارتفاعها بما يحتمل كونه رافعا و يكون المقام نظير الشك في تحقق الفسخ و ارتفاع الملكية فانا ذكرنا في ذلك المقام ان مقتضي الاستصحاب بقاء الملكية و عدم كون ما يشك في كونه رافعا برافع و كلا المقامين من واد واحد لكن مع ذلك كله ما افاده الماتن تام اذ المفروض لزوم التعيين و المفروض انه عينه في قصده و إنشائه كما لو قال هند طالق و لا فرق بين قوله هند و قوله زوجتي و اللّه العالم.

(3) كما مر.

(4) بلا اشكال و لا كلام و عليه السيرة القطعية مضافا

الي دلالة جملة من النصوص

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 352

[مسألة 7: الصيغة التي يقع بها الطلاق]

(مسألة 7): الصيغة التي يقع بها الطلاق أن يقول: انت طالق و هي طالق أو فلانة طالق (1).

______________________________

علي المدعي منها ما رواه سعيد الأعرج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل جعل أمر امرأته الي رجل فقال اشهدوا اني قد جعلت أمر فلانة الي فلان فيطلقها أ يجوز ذلك للرجل فقال نعم «1».

و منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في رجل جعل طلاق امرأته بيد رجلين فطلق أحدهما و أبي الأخر فأبي امير المؤمنين عليه السلام أن يجيز ذلك حتي يجتمعا جميعا علي طلاق «2».

و منها ما رواه أبو هلال الرازي قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام رجل و كل رجلا يطلق امرأته اذا حاضت و طهرت و خرج الرجل فبدا له فأشهد انه قد ابطل ما كان أمره به و أنه قد بدا له في ذلك قال فليعلم اهله و ليعلم الوكيل 3.

و منها ما رواه مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل جعل طلاق امرأته بيد رجلين فطلق احدهما و أبي الأخر فابي علي عليه السلام أن يجيز ذلك حتي يجتمعا علي الطلاق جميعا 4.

و أما حديث زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تجوز الوكالة في الطلاق 5 فضعيف سندا مضافا انه حملت الرواية علي بعض المحامل.

(1) النصوص الواردة في المقام مختلفة فمنها ما رواه ابن سماعة قال: ليس الطلاق الا كما روي بكير بن أعين أن يقول لها و هي طاهر من غير جماع: أنت

______________________________

(1) الوسائل الباب 39 من ابواب مقدمات الطلاق و

شرائطه الحديث: 1

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 3

(3) (4) نفس المصدر الحديث: 4

(4) (5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 353

______________________________

طالق و يشهد شاهدي عدل و كل ما سوي ذلك فهي ملغي «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا.

و منها: ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: يرسل اليها فيقول الرسول: اعتدي فان فلانا قد فارقك قال ابن سماعة: و انما معني قول الرسول:

اعتدي فان فلانا قد فارقك يعني الطلاق انه لا تكون فرقة الا بطلاق «2» و هذه الرواية ضعيفة سندا أيضا.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: الطلاق للعدة ان يطلق الرجل امرأته عند كل طهر يرسل اليها أن اعتدي فان فلانا قد طلقك قال:

و هو أملك برجعتها ما لم تنقض عدتها «3» و هذه الرواية ضعيفة سندا أيضا.

و منها: ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام في الرجل يقال له: أطلقت امرأتك؟ فيقول: نعم قال: قال: قد طلقها حينئذ «4» و هذه الرواية ضعيفة سندا أيضا.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «5» و لا يبعد أن تكون هذه الرواية تامة سندا و المستفاد منها جواز الطلاق باحد اللفظين المذكورين.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الطلاق أن يقول لها:

اعتدي أو يقول لها: أنت طالق «6» و هذه الرواية تامة سندا و مفادها كمفاد

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

(5) لاحظ ص: 348

(6) الوسائل الباب 16 من ابواب مقدمات الطلاق الحديث:

4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 354

______________________________

سابقتها.

و منها: ما رواه حسن بن زياد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الطلاق أن يقول الرجل لامرأته اختاري فان اختارت نفسها فقد بانت منه و ان اختارت زوجها فليس بشي ء أو يقول: أنت طالق فأي ذلك فعل فقد حرمت عليه «1» و هذه الرواية تامة سندا.

و المستفاد منها جواز اجراء الطلاق بإحدي الصيغتين فالنتيجة انه لا اشكال نصا و فتوي في أنه يقع الطلاق بلفظ طالق فان النصوص الواردة في المقام تدل علي كفاية هذا اللفظ بل و تدل علي الانحصار فلا يجوز الطلاق الا بهذه المادة المتهيئة بهذه الهيئة الخاصة اذا كان الطلاق بهذه المادة غاية الامر لا يلزم اجرائه بهذه الصيغة علي نحو الخطاب كما في النصوص للقطع بجواز الطلاق علي غير نحو الخطاب و في غياب الزوجة بل و بدون اطلاعها و هل يكفي في الطلاق قول الزوج اعتدي كما دلت علي جوازه النصوص الواردة في المقام مقتضي هذه النصوص جوازه فلا بد من دليل معتبر يدل علي المنع و ما يمكن أن يذكر في هذا المقام او ذكر وجوه:

الوجه الاول: ان المشهور اعرضوا عن هذه النصوص و لم يعملوا بها. و فيه اولا ان اعراض المشهور لا يوجب رفع اليد عن النص المعتبر و ثانيا انهم لم يعرضوا عن هذه النصوص بل انهم لم يعملوا بهذه الفقرة الواردة فيها الا أن يقال انه يصدق الاعراض عن هذه الجملة و بعبارة اخري ليس الاعراض الا عدم العمل بالرواية.

الوجه الثاني: ان لفظ اعتدي من غير تقدم قول الزوج أنت طالق لا معني له لأنه لها ان تسأل من أي شي ء أعتد و عليه يتعين أن يكون

المراد ان لفظ اعتدي انما

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 355

و في وقوعه بمثل: طلقت فلانة أو طلقتك أو انت مطلقة أو فلانة مطلقة اشكال بل الاظهر البطلان (1) و لا يقع بالكتابة (2).

______________________________

يعتبر اذا تقدم قوله انت طالق و فيه: انه اذا قصد الرجل بهذه الكلمة الطلاق يتحقق الطلاق و يصح أن يجيب اعتدي من الطلاق الذي اوقعته بهذه الكلمة و جعلها الشارع ماضية فلا اشكال من هذه الناحية أيضا.

الوجه الثالث: انه يحتمل ارادة معني الواو من أو علي أن يكون المراد ان الطلاق يتحقق بقوله أنت طالق و قوله بعد او اعتدي يراد منه ما يتفرع علي الطلاق من العدة و فيه: انه خلاف الظاهر لا يصار اليه الا مع القرينة و المفروض عدمها.

الوجه الرابع: حمل هذه النصوص علي التقية لموافقتها لمذهب العامة و فيه ان مجرد موافقة خبر مع العامة لا يقتضي حمله علي التقية بل الحمل عليها في مقام التعارض و ترجيح المخالف علي الموافق في مقام التعارض و الترجيح علي ما هو المشهور عندهم و في المقام ليس الأمر كذلك فعليه لا بد من اتمام الأمر بالتسالم و تحقق السيرة علي ايقاعه بقوله انت أو هي طالق و مما ذكرنا يظهر الحال في جواز ايقاعه بقول الزوج لزوجته اختاري الذي دل علي جواز ايقاعه حديث حسن بن زياد «1».

(1) قد تقدم آنفا عدم وقوعه بهذه الصيغ و لا بد أن يكون بلفظ طالق.

(2) مقتضي النصوص الواردة في المقام الحاصرة جواز ايقاعه بصيغة خاصة عدم جواز ايقاعه بالكتابة مضافا الي قوله عليه السلام انما يحل الكلام و يحرم الكلام «2».

و يضاف الي ذلك ما رواه زرارة قال: سألته

عن رجل كتب الي امرأته بطلاقها

______________________________

(1) لاحظ ص: 354

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب احكام العقود الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 356

و الاشارة للقادر علي النطق (1) و يقع بهما للعاجز عنه (2) و لو خير

______________________________

أو كتب بعتق مملوكه و لم ينطق به لسانه قال: ليس بشي ء حتي ينطق به «1».

و ما رواه أيضا قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل كتب بطلاق امرأته أو بعتق غلامه ثم بدا له فمحاه قال: ليس ذلك بطلاق و لا عتاق حتي يتكلم به 2 فان هذين الحديثين يدلان بوضوح علي المدعي.

لكن يعارض النصوص المشار اليها ما رواه الثمالي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل قال لرجل: اكتب يا فلان الي امرأتي بطلاقها أو اكتب الي عبدي بعتقه يكون ذلك طلاقا أو عتقا؟ قال: لا يكون طلاقا و لا عتقا حتي ينطق به لسانه أو يخطه بيده و هو يريد الطلاق أو العتق و يكون ذلك منه بالاهلة و الشهود يكون غائبا عن اهله 3 و حيث ان الحكم المذكور مختص بالغائب لا بد من تخصيص بقية النصوص بهذه الرواية الا أن يقوم الاجماع و التسالم علي خلافها و اللّه العالم.

(1) قولا واحدا كما في الجواهر و تدل علي المدعي النصوص الدالة علي الحصر فلاحظ.

(2) قال في الجواهر- في هذا المقام-: «و ذلك لأنه لا خلاف و لا اشكال في أنه يقع طلاق الأخرس و عقده و ايقاعه بالاشارة الدالة علي ذلك علي نحو غيره من مقاصده» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و يدل علي المدعي ما رواه البزنطي انه سأل ابا الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل تكون عنده المرأة يصمت و لا

يتكلم قال: أخرس هو قلت: نعم و يعلم منه بغض لامرأته و كراهة لها أ يجوز ان يطلق عنه وليه؟ قال: لا و لكن يكتب

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 14 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1 و 2

(2) (3) الوسائل الباب 14 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 357

زوجته و قصد تفويض الطلاق اليها فاختارت نفسها بقصد الطلاق قيل يقع الطلاق رجعيا و قيل لا يقع اصلا و هو الاقوي (1).

______________________________

و يشهد علي ذلك، قلت: فانه لا يكتب و لا يسمع كيف يطلقها؟ قال بالذي يعرف به من أفعاله مثل ما ذكرت من كراهته و بغضه لها «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان من لا يقدر علي التكلم يجوز أن يطلق بالكتابة أو الاشارة التي تفيد المقصود و لكن لا يبعد أن يستفاد من الحديث انه مع امكان الكتابة لا تصل النوبة الي الاشارة فان مقتضي قوله عليه السلام «و لكن يكتب» تعيين الكتابة غاية الأمر يفهم من الذيل كفاية الاشارة المفهمة في صورة عدم امكان الكتابة و لعل ابن ادريس قدس سره ناظر الي هذا الوجه حيث قدم الكتابة علي الاشارة علي ما نقل عنه و اللّه العالم.

(1) و القائل ابن أبي عقيل علي ما في الجواهر و يمكن الاستدلال علي المدعي ببعض النصوص لاحظ ما رواه حسن بن زياد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

الطلاق أن يقول الرجل لامرأته: اختاري فان اختارت نفسها فقد بانت منه و هو خاطب من الخطاب و ان اختارت زوجها فليس بشي ء أو يقول انت طالق فأي ذلك فعل فقد حرمت عليه و لا يكون طلاق و لا

خلع و لا مباراة و لا تخيير الا علي طهر من غير جماع بشهادة شاهدين «2».

و قريب منه ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يخير امرأته او أباها أو أخاها أو وليها فقال: كلهم بمنزلة واحدة اذا رضيت «3» و ما رواه

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 41 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 15

(3) نفس المصدر الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 358

______________________________

الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قال لامرأته: قد جعلت الخيار إليك فاختارت نفسها قبل أن تقوم قال: يجوز ذلك عليه فقلت فلها متعة؟

قال نعم. قلت فلها ميراث ان مات الزوج قبل أن تنقضي عدتها قال: نعم و ان ماتت هي ورثها الزوج «1».

و قد وردت عدة روايات اخر في الباب المشار اليه تدل علي المدعي و كلها ضعيفة سندا و كيف كان لا مجال للعمل بهذه النصوص للتسالم علي خلافها و قال في الجواهر «و علي كل حال فهو من الاقوال النادرة المهجورة نحو ما سمعته من القول بوقوعه بقول اعتدي أو نحوه من الكنايات».

و تؤيد المدعي جملة من النصوص الدالة علي عدم صحة الطلاق بالنحو المزبور منها ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الخيار فقال و ما هو و ما ذاك انما ذاك شي ء كان لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله «2».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل اذا خير امرأته قال: انما الخيرة لنا ليس لأحد و انما خير رسول الله صلي الله عليه و آله

لمكان عائشة فاخترن اللّه و رسوله و لم يكن لهن أن يخترن غير رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله 3.

و منها: ما رواه عيص بن قاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل خير امرأته فاختارت نفسها بانت منه؟ قال: لا انما هذا شي ء كان لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله خاصه امر بذلك ففعل و لو اخترن انفسهن لطلقهن و هو قول اللّه عز و جل: قُلْ لِأَزْوٰاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيٰاةَ الدُّنْيٰا وَ زِينَتَهٰا فَتَعٰالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 17

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 359

و لو قيل له هل طلقت زوجتك فلانة؟ فقال: نعم، بقصد إنشاء الطلاق قيل يقع الطلاق بذلك و قيل لا و هو الاقوي (1).

______________________________

و اسرحكن سراحا جميلا «1».

و منها: ما رواه هارون «مروان» بن مسلم عن بعض اصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: ما تقول في رجل جعل أمر امرأته بيدها؟ قال: فقال لي:

ولي الأمر من ليس اهله و خالف السنة و لم يجز النكاح «2».

و منها: ما رواه ابراهيم بن محرز قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام و انا عنده فقال: رجل قال لامرأته: أمرك بيدك قال: أني يكون هذا و اللّه يقول الرجل قوامون علي النساء، ليس هذا بشي ء 3.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 10، ص: 359

و منها: ما في المقنع قال: روي ما للناس و التخيير انما ذلك شي ء خص اللّه به نبيه صلي اللّه عليه و آله 4.

و

منها: ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي عليه السلام قال: سألته عن رجل قال لامرأته: اني احببت أن تبيني فلم يقل شيئا حتي افترقا ما عليه؟ قال:

ليس عليه شي ء و هي امرأته 5.

(1) يظهر من الجواهر ان الشيخ قدس سره و بعض اتباعه و المحقق قدس سره قائلون بوقوعه به و مستندهم حديث السكوني عن جعفر عن ابيه عن علي عليه السلام في الرجل يقال له: أطلقت امرأتك؟ فيقول: نعم قال: قال قد طلقها حينئذ 6.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 5 و 6

(3) (4 و 5) نفس المصدر الحديث: 18 و 19

(4) (6) الوسائل الباب 16 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 360

[مسألة 8: يشترط في صحة الطلاق عدم تعليقه علي الشرط المحتمل الحصول أو الصفة المعلومة الحصول متأخرا]

(مسألة 8): يشترط في صحة الطلاق عدم تعليقه علي الشرط المحتمل الحصول أو الصفة المعلومة الحصول متأخرا فلو قال: اذا جاء زيد فانت طالق أو اذا طلعت الشمس فانت طالق بطل (1).

نعم اذا كان الشرط المحتمل الحصول مقوما لصحة الطلاق كما اذا قال ان كنت زوجتي فأنت طالق (2) او كانت الصفة المعلومة الحصول غير متأخرة كما اذا اشار الي يده و قال ان كانت هذه يدي فأنت طالق صح (3) و يشترط أيضا في صحة الطلاق سماع رجلين عدلين (4) و لا يعتبر معرفة المرأة بعينها بحيث تصح الشهادة عليها فلو قال:

______________________________

و هذه الرواية ضعيفة سندا و غير قابلة للاستناد فلا تقاوم النصوص الدالة علي حصر الصيغة في قوله انت طالق أو هي أو غيرهما.

(1) ادعي عليه الاجماع و مقتضي النصوص الواردة في المقام هو البطلان اذ الظاهر منها تحقق الطلاق بانشاء الصيغة فلا يتأخر عن الانشاء

لاحظ ما رواه حسن بن زياد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الطلاق أن يقول الرجل لامرأته اختاري فان اختارت نفسها فقد بانت منه و ان اختارت زوجها فليس بشي ء أو يقول: أنت طالق فأي ذلك فعل فقد حرمت عليه «1» فان الظاهر بل الصريح في هذه الرواية تحقق الطلاق بانشائه و لا يتوقف علي شي ء آخر فلا مجال لتعليقه علي أمر متأخر.

(2) كما هو ظاهر فان مثله لا ينافي النصوص و لا يكون خلافا للإجماع.

(3) الكلام فيه هو الكلام فلاحظ.

(4) بلا اشكال و لا خلاف كما في الجواهر و ادعي في الجواهر الاجماع بقسميه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 361

زوجتي هند طالق بمسمع الشاهدين صح و ان لم يكونا يعرفان هندا بعينها (1).

______________________________

عليه و يدل عليه من الكتاب قوله تعالي أَوْ فٰارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ «1» و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه احمد بن محمد قال: سألت ابا الحسن عليه السلام عن رجل طلق امرأته بعد ما غشيها بشهادة عدلين قال: ليس هذا طلاقا قلت: فكيف طلاق السنة فقال يطلقها اذا طهرت من حيضها قبل أن يغشيها بشاهدين عدلين كما قال اللّه عز و جل في كتابه فان خالف ذلك رد الي كتاب اللّه قلت: فان طلق علي طهر من غير جماع بشاهد و امرأتين قال: لا تجوز شهادة النساء في الطلاق الحديث «2».

(1) ربما يقال- كما عن سيد المدارك-: لا بد في الشهادة علي الطلاق العلم بالمطلقة بوجه و استدل لهذا القول بحديثين احدهما ما رواه محمد بن احمد بن مطهر قال: كتبت الي أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام اني تزوجت

اربع نسوة و لم أسأل عن أسمائهن ثم اني أردت طلاق احداهن و تزويج امرأة اخري فكتب عليه السلام انظر الي علامة ان كانت بواحدة منهن فتقول اشهدوا ان فلانة التي بها علامة كذا و كذا هي طالق ثم تزوج الاخري اذا انقضت العدة «3» و محمد بن احمد بن مطهر لم يوثق فلا اعتبار بحديثه.

ثانيهما: ما رواه حمران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يكون خلع و لا تخيير و لا مباراة الا علي طهر من المرأة من غير جماع و شاهدين يعرفان الرجل و يريان المرأة و يحضران التخيير و اقرار المرأة أنها علي طهر من غير جماع يوم

______________________________

(1) الطلاق/ 2

(2) الوسائل الباب 10 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 362

______________________________

خبرها «1».

و هذه الرواية ضعيفة ببنان بن محمد فالحديثان غير قابلين للاستناد بهما في الحكم الشرعي مضافا الي أن مقتضي اطلاق النصوص المتقدمة عدم الاشتراط بل يكفي مجرد الشهادة علي الطلاق و من النصوص التي تدل بوضوح علي المدعي حديث البزنطي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل كانت له امرأة طهرت من محيضها فجاء الي جماعة فقال: فلانة طالق يقع عليها الطلاق و لم يقل أشهدوا قال: نعم «2».

و حديث صفوان عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سئل عن رجل طهرت امرأته من حيضها فقال فلانة طالق و قوم يسمعون كلامه و لم يقل لهم أشهدوا أيقع الطلاق عليها؟ قال: نعم هذه شهادة 3.

فان الحديثين يدلان بوضوح علي عدم الاشتراط حيث ان المطلق لم يطلب منهم الشهادة بل طلق و الحال

انهم يسمعون كلامه اضف الي جميع ذلك ما رواه المرادي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل تزوج أربع نسوة في عقدة واحدة أو قال في مجلس واحد و مهورهن مختلفة قال: جائز له و لهن قلت: أ رأيت ان هو خرج الي بعض البلدان فطلق واحدة من الأربع و أشهد علي طلاقها قوما من اهل تلك البلاد و هم لا يعرفون المرأة ثم تزوج امرأة من اهل تلك البلاد بعد انقضاء عدة المطلقة ثم مات بعد ما دخل بها كيف يقسم ميراثه؟ قال: ان كان له ولد فان للمرأة التي تزوجها اخيرا من اهل تلك البلاد ربع ثمن ما ترك و ان عرفت

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 2

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 21 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 363

______________________________

التي طلقت من الأربع بعينها و نسبها فلا شي ء لها من الميراث و عليها العدة «1».

فانه صرح في هذه الرواية بعدم معرفة الشاهدين المرأة و مع ذلك حكم بصحة الطلاق و يضاف الي جميع ذلك السيرة الجارية بين المتشرعة علي الطلاق بلا ملاحظة معرفة الشاهدين للمرأة فالحق ما أفاده في المتن.

بقي شي ء و هو انه يظهر من بعض النصوص عدم اعتبار العدالة في الشاهدين لاحظ حديث البزنطي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل طلق امرأته الي أن قال قلت: فان أشهد رجلين ناصبيين علي الطلاق أ يكون طلاقا؟ فقال:

من ولد علي الفطرة اجيزت شهادته علي الطلاق بعد أن يعرف منه خير «2».

و حديث ابن المغيرة قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: رجل طلق امرأته و أشهد

شاهدين ناصبيين قال: كل من ولد علي الفطرة و عرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته «3».

و يستفاد من حديث ابن المغيرة ان من ولد علي الفطرة و عرف بالصلاح تكون شهادته نافذة جائزة و هذه الرواية لا تنافي اشتراط العدالة اذ حسن الظاهر كاشف عن العدالة و بعبارة اخري: اذا عرف احد بالصلاح في نفسه علي الاطلاق يكون عادلا بل يمكن أن يقال: ان المستفاد من الحديث اشتراط معرفة الشخص بالصلاح علي الاطلاق فلا يكون الحديث ناظرا الي مقام الاثبات بل ناظر الي مقام الثبوت و الفاسق لا يكون صالحا كما هو ظاهر.

و أما حديث البزنطي فلا يمكن العمل به فانه كيف يمكن العمل به و الاكتفاء

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 10 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 41 من ابواب الشهادات الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 364

بل و ان اعتقدا غيرها (1) و لو طلقها وكيل الزوج لم تكف شهادة الزوج و لا شهادته (2) و تكفي شهادة الوكيل علي التوكيل عن الزوج في إنشاء الطلاق (3).

[فصل في أقسام الطلاق]

اشارة

فصل في اقسام الطلاق و هو قسمان: بدعة و سنة (4) فالاول: طلاق الحائض الحائل أو النفساء حال حضور الزوج مع امكان معرفة حالها أو مع غيبته كذلك أو قبل المدة المعتبرة و الطلاق في طهر المواقعة مع عدم الياس و الصغير و الحمل و طلاق المسترابة قبل انتهاء ثلاثة اشهر و طلاق الثلاث اما مرسلا بأن يقول هي طالق ثلاثا و اما ولاء بأن يقول هي طالق هي طالق هي طالق (5) و الكل باطل (6) عدا طلاق الثلاث فان

______________________________

بشهادة الفاسق و

الحال انه صرح في قوله تعالي وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ.

(1) للإطلاق فان مقتضي اطلاق النصوص ما أفاده فلاحظ.

(2) فان الظاهر من الادلة انه لا بد أن يكون الشاهدان غير المطلق فلا تكفي شهادة الزوج لأنه المطلق كما انه لا تكفي شهادة الوكيل حيث انه وجود تنزيلي للمطلق.

(3) كما هو ظاهر لأنه لا يكون مطلقا علي ما هو المفروض في المتن فتكفي شهادته كبقية الشهود.

(4) قال المحقق قدس سره في الشرائع «و لفظه يقع علي البدعة و السنة».

(5) فانه لا اشكال عند الأصحاب في بطلانه فالاتيان به بما انه مشروع بدعة و لذا تسمي بالبدعي.

(6) بلا كلام و التعرض لأدلة البطلان موكول الي محالها.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 365

فيه تصح واحدة و يبطل الزائد (1).

______________________________

(1) ربما يفصل في الطلاق الثلاث بين الصورتين فيحكم في صورة الارسال بالبطلان و في الصورة الاخري بصحة واحدة منها و مقتضي اطلاق جملة من النصوص صحة الواحدة بلا فرق بين الصورتين منها ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الطلاق ثلاثا في غير عدة ان كانت علي طهر فواحدة و ان لم تكن علي طهر فليس بشي ء «1».

و منها: ما رواه زرارة عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عن رجل طلق امرأته في مجلس واحد و هي طاهر قال: هي واحدة «2».

و منها: ما رواه أيضا عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عن الذي يطلق في حال طهر في مجلس ثلاثا قال: هي واحدة 3.

و منها: ما رواه شهاب بن عبد ربه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال قلت فطلقها ثلاثا في مقعد قال: ترد الي السنة فاذا مضت ثلاثة اشهر أو ثلاثة قروء فقد

بانت منه بواحدة 4.

و منها: ما رواه عمرو بن البراء قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ان اصحابنا يقولون: ان الرجل اذا طلق امرأته مرة او مائة مرة فانما هي واحدة و قد كان يبلغنا عنك و عن آبائك أنهم كانوا يقولون: اذا طلق مرة أو مائة مرة فانما هي واحدة، فقال هو كما بلغكم 5.

و منها: ما رواه زرارة عن احدهما عليهما السلام في التي تطلق في حال طهر

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1

(2) (2 و 3 و 4) نفس المصدر الحديث: 2 و 3 و 4

(3) (5) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 366

______________________________

في مجلس ثلاثا قال: هي واحدة «1».

و منها: ما رواه بكير بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان طلقها للعدة اكثر من واحدة فليس الفضل علي الواحدة بطلاق 2.

و منها: ما رواه أبو محمد الوابشي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل ولي امرأته رجلا و أمره أن يطلقها علي السنة فطلقها ثلاثا في مقعد واحد قال: يرد الي السنة فاذا مضت ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء؟ فقد بانت بواحدة 3.

و منها: ما رواه اسماعيل بن عبد الخالق قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام و هو يقول طلق عبد اللّه بن عمر امرأته ثلاثا فجعلها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله واحدة فردها الي الكتاب و السنة 4.

بل صرح بصحة الطلاق في حديث الصير في عن جعفر عن أبيه ان عليا عليه السلام كان يقول: اذا طلق الرجل المرأة قبل أن يدخل بها ثلاثا في كلمة واحدة فقد بانت منه و لا ميراث بينهما و لا رجعة

و لا تحل له حتي تنكح زوجا غيره و ان قال هي طالق هي طالق فقد بانت منه بالأولي و هو خاطب من الخطاب ان شاءت نكحته نكاحا جديدا و ان شاءت لم تفعل 5 و لكن الحديث ضعيف سندا.

و ربما يقال: ان النصوص المشار اليها لا تفي بالمقصود اذ ذكر فيها في مجلس واحد أو مقعد واحد و المرسلة لا يتصور فيها تعدد المجلس فيفهم ان المراد الصورة الاخري.

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 11 و 12

(2) (3 و 4) نفس المصدر الحديث: 13 و 18

(3) (5) نفس المصدر الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 367

______________________________

و يمكن أن يجاب عن هذا الاشكال بأن الاطلاق عبارة عن رفض القيود و اطلاق النصوص يشمل كلا الفردين و يكفي لتصحيح التعبير المذكور قابلية احد القسمين لتعدد المجلس مضافا الي أنه ليس في بعض نصوص الباب هذا التعبير و فيه الكفاية لاحظ ما روي عن أبي جعفر عليه السلام «1».

و يظهر من بعض النصوص بطلان المرسلة لاحظ ما رواه علي بن اسماعيل قال كتب عبد اللّه بن محمد الي أبي الحسن عليه السلام روي أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يطلق امرأته ثلاثا بكلمة واحدة علي طهر بغير جماع بشاهدين انه يلزمه تطليقة واحدة فوقع بخطه: أخطأ علي أبي عبد اللّه عليه السلام انه لا يلزم الطلاق و يرد الي الكتاب و السنة ان شاء اللّه «2».

و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسناد الشيخ الي علي بن اسماعيل و يظهر من بعض النصوص بطلان الطلاق الثلاث في مجلس واحد مطلقا منها ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتابه الي المأمون قال:

و اذا طلقت المرأة بعد العدة ثلاث مرات لم تحل لزوجها حتي تنكح زوجا غيره قال: و قال أمير المؤمنين عليه السلام: اتقوا تزويج المطلقات ثلاثا في موضع واحد فانهن ذوات أزواج «3».

و منها: ما رواه صفوان الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان رجلا قال له:

اني طلقت امرأتي ثلاثا في مجلس قال: ليس بشي ء ثم قال: أما تقرأ كتاب اللّه:

يا أيها النبي اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن الي قوله: «لعل اللّه يحدث بعد ذلك أمرا» ثم قال: كلما خالف كتاب اللّه و السنة فهو يرد الي كتاب اللّه

______________________________

(1) لاحظ ص: 366

(2) الوسائل الباب 29 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 19

(3) نفس المصدر الحديث: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 368

[مسألة 1: إذا طلق المخالف زوجته طلاقا بدعيا جاز لنا تزويجها إلزاما له بما ألزم به نفسه]

(مسألة 1): اذا طلق المخالف زوجته طلاقا بدعيا جاز لنا تزويجها الزاما له بما الزم به نفسه (1).

______________________________

و السنة «1».

و منها: ما رواه موسي بن أشيم قال: دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام فسألته عن رجل طلق امرأته ثلاثا في مجلس فقال ليس بشي ء 2 و هذه النصوص ضعيفة سندا.

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص منها ما رواه ابراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت الي أبي جعفر الثاني عليه السلام مع بعض اصحابنا فاتاني الجواب بخطه: فهمت ما ذكرت من أمر ابنتك و زوجها (الي أن قال:) و من حنثه بطلاقها غير مرة فانظر فان كان ممن يتولانا و يقول بقولنا فلا طلاق عليه لأنه لم يأت أمرا جهله و ان كان ممن لا يتولانا و لا يقول بقولنا فاختلعها منه فانه انما نوي الفراق بعينه 3.

و منها: ما رواه عبد الرحمن البصري عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال قلت له امرأة طلقت علي غير السنة فقال يتزوج هذه المرأة لا تترك بغير زوج 4.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سألته عن رجل طلق امرأته لغير عدة ثم امسك عنها حتي انقضت عدتها هل يصلح لي أن أتزوجها قال: نعم لا تترك المرأة بغير زوج 5.

و منها: ما رواه عبد الأعلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 25 و 28

(2) (3 و 4 و 5) الوسائل الباب 30 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث: 1 و 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 369

و لو طلقها ثلاثا بانت منه حتي تنكح زوجا غيره فلا يجوز له مراجعتها (1).

______________________________

يطلق امرأته ثلاثا قال: ان كان مستخفا بالطلاق ألزمته ذلك «1».

و منها: مرسل الصدوق قال: و قال عليه السلام من كان يدين بدين قوم لزمته احكامهم 2 و رواه بسنده عن الرضا عليه السلام أيضا.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن طاوس قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام ان لي ابن أخ زوجته ابنتي و هو يشرب الشراب و يكثر ذكر الطلاق فقال: ان كان من اخوانك فلا شي ء عليه و ان كان من هؤلاء فابنها منه فانه عني الفراق قال:

قلت: أ ليس قد روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اياكم و المطلقات ثلاثا في مجلس فانهن ذوات الأزواج فقال ذلك من اخوانكم لا من هؤلاء انه من دان بدين قوم لزمته احكامهم 3.

و منها: ما رواه أبو العباس البقباق قال: دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال لي: ارو عني ان من طلق امرأته ثلاثا في

مجلس واحد فقد بانت منه 4 مضافا الي أن قاعدة الالزام معروفة عندهم بل لا يبعد أن تكون متسالما عليها.

(1) لاحظ ما رواه الهمداني 5 فان المستفاد من هذه الرواية ان طلاقه و ان كان علي غير الطريق الشرعي لكن يلزم بطلاقه فاذا طلق ثلاثا في مجلس واحد بانت منه حتي تنكح زوجا غيره لكن الحديث ضعيف سندا نعم يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه البقباق 6 و هذه الرواية ضعيفة أيضا الا أن يقال: ان

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 7 و 10

(2) (3 و 4) نفس المصدر الحديث: 11 و 8

(3) (5) لاحظ ص: 368

(4) (6) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 370

نعم اذا تبصر جري عليه حكم المتبصر (1).

الثاني قسمان بائن و رجعي (2) فالاول طلاق اليائسة (3).

______________________________

الصحة مقتضي قاعدة الالزام و اتمام هذه القاعدة مشكل لعدم الدليل المعتبر عليها الا أن يتم المدعي بالإجماع و التسالم و اللّه العالم.

(1) لتغير الموضوع و كل حكم تابع لموضوع نفسه.

(2) الطلاق البائن ما لا يجوز للزوج الرجوع بها و الرجعي ما يجوز له الرجوع.

(3) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم قال:

سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في التي قد يئست من المحيض: يطلقها زوجها قال: قد بانت منه و لا عدة عليها «1».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ثلاث يتزوجن علي كل حال: التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض قلت: و متي تكون كذلك، قال: اذا بلغت ستين سنة فقد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض 2.

و منها: ما رواه حماد بن عثمان

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن التي قد يئست من المحيض و التي لا يحيض مثلها قال: ليس لها عدة 3 و منها ما رواه جميل بن دراج عن بعض اصحابنا عن احدهما عليهما السلام في الرجل يطلق الصبية التي لم تبلغ و لا يحمل مثلها و قد كان دخل بها و المرأة التي قد يئست من المحيض و ارتفع حيضها فلا يلد مثلها قال: ليس عليهما عدة و ان دخل بهما 4

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 3 من ابواب العدد الحديث: 1 و 5

(2) (3) الوسائل الباب 2 من ابواب العدد الحديث: 1

(3) (4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 371

و الصغيرة غير البالغة تسعا (1) و غير المدخول بها (2) و لو دبرا (3).

______________________________

(1) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه حماد بن عثمان «1»

(2) تدل عليه جملة من النصوص منها: ما رواه جميل عن بعض اصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا طلقت المرأة التي لم يدخل بها بانت منه بتطليقة واحدة «2».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل اذا طلق امرأته و لم يدخل بها فقال: قد بانت منه و تزوج ان شاءت من ساعتها 3 و منها: ما رواه زرارة عن احدهما عليهما السلام في رجل تزوج امرأة بكرا ثم طلقها قبل أن يدخل بها ثلاث تطليقات كل شهر تطليقة قال: بانت منه في التطليقة الاولي و اثنتان فضل الحديث 4.

(3) قال في الجواهر في هذا المقام: «فانه معتبر كالقبل لصدق المس و الادخال و الدخول و المواقعة و التقاء الختانين

ان فسر بالتحاذي و امكان سبق المني فيه الي الرحم و كونه احد المأتيين» 5 انتهي.

و يدل علي المدعي ما رواه حفص بن سوقه عمن اخبره قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي اهله من خلفها قال هو احد المأتيين فيه الغسل 6.

و في الكل اشكال أما المس فالمراد به المس الخاص و ارادة الجامع منه اول الكلام و أما مجرد صدق الإدخال و الدخول فلا يترتب عليه الحكم كما هو ظاهر

______________________________

(1) لاحظ ص: 370

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 1 من ابواب العدد الحديث: 5 و 6

(3) (4) نفس المصدر الحديث: 2

(4) (5) الجواهر ج 32 ص: 120

(5) (6) الوسائل الباب 12 من ابواب الجنابة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 372

و المختلعة و المباراة (1) مع استمرار الزوجة علي البذل (2) و المطلقة ثلاثا بينها رجعتان (3).

______________________________

فان الدخول المعهود موضوع الحكم و الاطلاق ليس مرادا و المواقعة منصرفة الي المتعارف منها لا أقول الفرد غير المتعارف ينصرف عنه الاطلاق بل اقول الظهور العرفي من اللفظ هو الوقاع المتعارف و العرف ببابك و لا أقلّ من الشك في الاطلاق و صدق الالتقاء يتوقف علي التفسير المذكور الذي لا يصلح و امكان سبق المني لا يوجب الالتزام بالحكم الشرعي و أما الرواية فيرد علي الاستدلال بها أولا أنها ضعيفة سندا بالارسال و ثانيا يعارضها مرفوع بعض الكوفيين الي أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يأتي المرأة في دبرها و هي صائمة قال: لا ينقض صومها و ليس عليها غسل «1» و الشيخ قدس سره- علي حسب نقل صاحب الوسائل- حمل الحديث الأول علي التقية.

(1) لاحظ ما رواه ابن مسلم عن أبي

عبد اللّه عليه السلام قال: الخلع و المباراة تطليقة بائن و هو خاطب من الخطاب «2».

(2) اذ مع رجوعها في البذل ينقلب الطلاق البائن الي الرجعي.

(3) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: و أما طلاق العدة الذي قال اللّه عز و جل: فطلقوهن لعدتهن و أحصوا العدة فاذا أراد الرجل منكم أن يطلق امرأته طلاق العدة فلينتظر بها حتي تحيض و تخرج من حيضها ثم يطلقها تطليقة من غير جماع بشهادة شاهدين عدلين و يراجعها من يومه ذلك ان أحب أو بعد ذلك بأيام قبل أن تحيض و يشهد علي رجعتها و يواقعها حتي تحيض فاذا حاضت و خرجت من حيضها طلقها تطليقة اخري من غير جماع يشهد علي ذلك

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب العدد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 373

و لو كان الرجوع بعقد جديد ان كانت حرة (1).

______________________________

ثم يراجعها أيضا متي شاء قبل أن تحيض و يشهد علي رجعتها و يواقعها و تكون معه الي أن تحيض الحيضة الثالثة فاذا خرجت من حيضتها الثالثة طلقها التطليقة بغير جماع و يشهد علي ذلك: فاذا فعل ذلك فقد بانت منه و لا تحل له حتي تنكح زوجا غيره «1».

(1) لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن طلاق السنة فقال طلاق السنة اذا أراد الرجل أن يطلق امرأته يدعها ان كان قد دخل بها حتي تحيض ثم تطهر فاذا طهرت طلقها واحدة بشهادة شاهدين ثم يتركها حتي تعتد ثلاثة قروء فاذا مضي ثلاثة قروء فقد بانت منه بواحدة و حلت للأزواج و كان زوجها خاطبا من الخطاب

ان شاءت تزوجته و ان شاءت لم تفعل فان تزوجها بمهر جديد كانت عنده علي اثنتين باقيتين و قد مضت الواحدة فان هو طلقها واحدة اخري علي طهر من غير جماع بشهادة شاهدين ثم تركها حتي تمضي أقراؤها فاذا مضت أقراؤها من قبل أن يراجعها فقد بانت منه باثنتين و ملكت أمرها و حلت للأزواج و كان زوجها خاطبا من الخطاب ان شاءت تزوجته و ان شاءت لم تفعل فان هو تزوجها تزويجا جديدا بمهر جديد كانت معه بواحدة باقية و قد مضت ثنتان فان أراده أن يطلقها طلاقا لا تحل له حتي تنكح زوجا غيره تركها حتي اذا حاضت و طهرت أشهد علي طلاقها تطليقة واحدة ثم لا تحل له حتي تنكح زوجا غيره «2»

و لاحظ ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في امرأة طلقها زوجها ثلاثا قبل أن يدخل بها قال: لا تحل له حتي تنكح زوجا غيره «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 3 من أبواب اقسام الطلاق الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 374

و المطلقة طلقتين بينهما رجعة و لو بعقد جديد ان كانت امة (1).

و الثاني: ما عدا ذلك و يجوز للزوج الرجوع فيه أثناء العدة (2).

______________________________

(1) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قضي أمير المؤمنين عليه السلام في أمة طلقها زوجها تطليقتين ثم وقع عليها فجلده «1».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن طلاق الأمة قال: تطليقتان 2.

و منها: ما رواه

زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن حر تحته أمة أو عبد تحته حرة كم طلاقها؟ و كم عدتها؟ قال السنة في النساء في الطلاق فان كانت حرة فطلاقها ثلاثا و عدتها ثلاثة اقراء و ان كان حر تحته أمة فطلاقها تطليقتان و عدتها قرآن 3.

و منها: ما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا كان الرجل حرا و امرأته أمة فطلاقها تطليقتان و اذا كان الرجل عبدا و هي حرة فطلاقها ثلاث 4.

و مقتضي اطلاق النصوص عدم الفرق فاذا كان الطلاق واقعا بعد عقد جديد يؤثر أثره و لا يختص بالطلاق الواقع بعد الرجوع فلاحظ.

(2) قال في الجواهر 5 في هذا المقام «و الرجعي هو الذي للمطلق مراجعتها فيه سواء راجع أو لم يراجع بلا خلاف و لا اشكال و هو ما عدا السنة

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 24 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 3 و 4

(2) (3) الوسائل الباب 12 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 1

(3) (4) الوسائل الباب 25 من أبواب اقسام الطلاق الحديث: 2

(4) (5) ج 32 ص: 121

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 375

______________________________

المزبورة كتابا و سنة و اجماعا اعتدت بالأقراء أو الشهور أو الوضع» انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في علو مقامه.

و يدل علي المدعي من الكتاب قوله تعالي وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ «1» و تدل عليه من السنة جملة من الروايات منها ما رواه زرارة «2» و مثله في الدلالة علي جواز الرجوع في العدة جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: طلاق الحبلي واحدة و ان شاء راجعها قبل أن

تضع فان وضعت قبل أن يراجعها فقد بانت منه و هو خاطب من الخطاب «3».

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار، عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال:

سألته عن الحبلي تطلق الطلاق الذي لا تحل له حتي تنكح زوجا غيره؟ قال نعم قلت: أ لست قلت لي اذا جامع لم يكن له أن يطلق؟ قال: ان الطلاق لا يكون الا علي طهر قد بان او حمل قد بان و هذه قد بان حملها «4».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن بكير عن بعضهم قال في الرجل تكون له المرأة الحامل و هو يريد أن يطلقها قال: يطلقها اذا أراد الطلاق بعينه يطلقها بشهادة الشهود فان بدا له في يومه أو من بعد ذلك أن يراجعها يريد الرجعة بعينها فليراجع و ليواقع ثم يبدو له فيطلق أيضا ثم يبدو له فيراجع كما راجع اولا ثم يبدو له فيطلق فهي التي لا تحل له حتي تنكح زوجا غيره اذا كان اذا راجع يريد المواقعة و الإمساك و يواقع 5.

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن

______________________________

(1) البقرة/ 228

(2) لاحظ ص: 372

(3) الوسائل الباب 9 من ابواب العدد الحديث: 8

(4) (4 و 5) الوسائل الباب 20 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 8 و 9

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 376

[مسألة 2: الطلاق العدي هو أن يطلق مع اجتماع الشرائط]

(مسألة 2): الطلاق العدي هو أن يطلق مع اجتماع الشرائط ثم يراجع قبل خروجها من العدة فيواقعها ثم يطلقها في طهر آخر ثم يراجعها فيه و يواقعها ثم يطلقها في طهر آخر فتحرم عليه حتي تنكح زوجا آخر (1) فاذا نكحت و خلت منه فتزوجها الاول فطلقها ثلاثا علي النهج السابق حرمت

عليه حتي تنكح زوجا آخر فاذا نكحت آخر و خلت منه فتزوجها الاول فطلقها ثلاثا علي النهج السابق حرمت في التاسعة تحريما مؤبدا اذا كانت حرة (2).

______________________________

رجل طلق امرأته و هي حامل ثم راجعها ثم طلقها ثم راجعها ثم طلقها الثالثة في يوم واحد تبين منه؟ قال نعم «1».

و منها: ما رواه يزيد الكناسي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن طلاق الحبلي فقال: يطلقها واحدة للعدة بالشهور و الشهود قلت: فله أن يراجعها قال:

نعم و هي امرأته قلت فان راجعها و مسها ثم أراد أن يطلقها تطليقة اخري قال:

لا يطلقها حتي يمضي لها بعد ما يمسها شهر قلت: و ان طلقها ثانية و أشهد ثم راجعها و أشهد علي رجعتها و مسها ثم طلقها التطليقة الثالثة و أشهد علي طلاقها لكل عدة شهر هل تبين منه كما تبين المطلقة للعدة التي لا تحل لزوجها حتي تنكح زوجا غيره قال: نعم قلت: فما عدتها؟ قال: عدتها أن تضع ما في بطنها ثم قد حلت للأزواج «2».

(1) لاحظ ما رواه زرارة «3».

(2) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه أبو بصير عن أبي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) لاحظ ص: 372

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 377

______________________________

عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: سألته عن الذي يطلق ثم يراجع ثم يطلق ثم يراجع ثم يطلق قال: لا تحل له حتي تنكح زوجا غيره فيتزوجها رجل آخر فيطلقها علي السنة ثم ترجع الي زوجها الاول فيطلقها ثلاث مرات و تنكح زوجا غيره فيطلقها ثلاث مرات علي السنة ثم تنكح فتلك التي لا تحل له ابدا «1».

و منها: ما رواه داود بن سرحان عن

أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

و الذي يطلق الطلاق الذي لا تحل له حتي تنكح زوجا غيره ثلاث مرات و تزوج ثلاث مرات لا تحل له أبدا 2.

و منها: ما رواه محمد بن سنان عن الرضا عليه السلام فيما كتب اليه في العلل و علة الطلاق ثلاثا لما فيه من المهلة فيما بين الواحدة الي الثلاث لرغبة تحدث او سكون غضبه ان كان و يكون ذلك تخويفا و تأديبا للنساء و زجرا لهن عن معصية أزواجهن فاستحقت المرأة الفرقة و المباينة لدخوله فيما لا ينبغي من معصية زوجها و علة تحريم المرأة بعد تسع تطليقات فلا تحل له أبدا عقوبة لئلا يتلاعب بالطلاق فلا يستضف المرأة و يكون ناظرا في اموره متيقظا معتبرا و ليكون ذلك مؤيسا لهما عن الاجتماع بعد تسع تطليقات 3.

و هذه النصوص كلها ضعيفة أما الاول فبالبطائني و أما الثاني فبالمثني و أما الثالث فبمحمد بن سنان و لعله بغيره أيضا لكن الحكم معروف عند القوم و مورد تسالمهم و في الجواهر في شرح قول المحقق «حرمت في التاسعة تحريما مؤبدا» قال: «بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه».

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 4 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 2 و 4

(2) (3) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 378

أما اذا كانت امة فانها تحرم بعد كل تطليقتين حتي تنكح زوجا آخر و في السادسة تحرم مؤبدا (1) و ما عدا ذلك فليس بعدي (2) و اذا لم يكن الطلاق عديا فالمشهور انها لا تحرم المطلقة مؤبدا و ان زاد عدد الطلاق علي التسع لكنه لا يخلو من اشكال و الاحتياط لا يترك (3).

______________________________

(1) لجملة

من النصوص منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

طلاق الحرة اذا كانت تحت العبد ثلاث تطليقات و طلاق الأمة اذا كانت تحت الحر تطليقتان «1».

و منها: ما رواه أبو بصير يعني المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

طلاق الحرة اذا كانت تحت العبد ثلاث تطليقات و طلاق الأمة اذا كانت تحت الحر تطليقتان 2.

و منها: ما رواه أبو اسامة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال عمر علي المنبر ما تقولون يا اصحاب محمد في تطليق الأمة؟ فلم يجبه احد فقال: ما تقول يا صاحب البرد المعافري يعني أمير المؤمنين عليه السلام فاشار بيده تطليقتان 3 فان المستفاد من هذه النصوص ان الفارق بين الحرة و الأمة بكون طلاق الأولي ثلاثا و الثانية اثنتين.

(2) كما يستفاد من رواية زرارة 4.

(3) يقع الكلام في مقامين: المقام الاول في المقتضي للعموم المقام الثاني في وجود المانع بعد فرض تمامية المقتضي أما المقام الاول فمقتضي بعض النصوص عموم الحكم لاحظ ما رواه زرارة و ابن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 25 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 4 و 5

(2) (3) الوسائل الباب 24 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 5

(3) (4) لاحظ ص: 372

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 379

______________________________

حديث قال: و الذي يطلق الطلاق الذي لا تحل له حتي تنكح زوجا غيره ثلاث مرات و تزوج ثلاث مرات لا تحل له أبدا «1» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية عدم اختصاص الحكم بالطلاق العدي و هذه الرواية ضعيفة بالمثني و لاحظ ما رواه محمد بن سنان «2» و هذه الرواية ضعيفة بمحمد بن سنان و لاحظ

ما رواه أبو بصير «3» و هذه الرواية ضعيفة بالبطائني.

و لاحظ ما رواه جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا طلق الرجل المرأة فتزوجت ثم طلقها فتزوجها الاول ثم طلقها فتزوجت رجلا ثم طلقها فاذا طلقها علي هذا ثلاثا لم تحل له أبدا «4».

و هذه الرواية تامة سندا و مفادها خاص بغير طلاق العدة فالمقتضي تام و أما المقام الثاني فقد ذكرت وجوه للمنع:

الأول: الاجماع فان تم فهو و لكن هل يمكن تحصيل الاجماع التعبدي الكاشف؟ و اللّه العالم.

الثاني: ما رواه ابراهيم بن عبد الرحمن عن موسي بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد قال: سئل أبي عليه السلام عما حرم اللّه عز و جل من الفروج في القرآن الي أن قال و تزويج الرجل امرأة قد طلقها للعدة تسع تطليقات «5» و هذه الرواية ضعيفة بسهل بن صالح بل و بغيره أيضا.

الثالث: ما رواه ابن خنيس عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل طلق امرأته

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 377

(3) لاحظ ص: 376

(4) الوسائل الباب 1 من ابواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 2

(5) الوسائل الباب 1 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 380

نعم تحرم المطلقة الحرة في الثالث مطلقا حتي تنكح زوجا غيره (1) و الامة المطلقة تحرم في الثاني حتي تنكح زوجا غيره (2).

[مسألة 3: الطلاق السني أقسام]

(مسألة 3): الطلاق السني اقسام: سني بالمعني الاعم و هو كل

______________________________

ثم لم يراجعها حتي حاضت ثلاث حيض ثم تزوجها ثم طلقها فتركها حتي حاضت ثلاث حيض ثم تزوجها ثم طلقها من غير أن يراجع ثم تركها حتي حاضت ثلاث حيض قال: له أن

يتزوجها ابدا ما لم يراجع و يمس الحديث «1» و هذه الرواية ضعيفة بعبيد اللّه بن احمد بل و بغيره أيضا فالحق ما أفاده في المتن من لزوم الاحتياط.

(1) لجملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في امرأة طلقها زوجها ثلاثا قبل أن يدخل بها قال: لا تحل له حَتّٰي تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ «2».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل طلق امرأته ثم تركها حتي انقضت عدتها ثم تزوجها ثم طلقها من غير أن يدخل بها حتي فعل ذلك بها ثلاثا قال: لا تحل له حَتّٰي تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ «3».

و منها: ما عن الرضا عليه السلام قال: البكر اذا طلقت ثلاث مرات و تزوجت من غير نكاح فقد بانت منه و هو لا تحل لزوجها حتي تنكح زوجا غيره 4.

(2) لجملة من النصوص و قد تقدمت 5 فراجع.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 13

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) (3 و 4) نفس المصدر الحديث: 4 و 1

(4) (5) لاحظ ص: 378

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 381

طلاق جامع للشرائط مقابل الطلاق البدعي (1) و سني مقابل العدي و هو ما يراجع فيه في العدة من دون جماع (2) و سني بالمعني الاخص و هو أن يطلق الزوجة فيراجعها حتي تنقضي العدة ثم يتزوجها (3).

______________________________

(1) فيكون المراد منه ما يكون مطابقا للسنة في قبال ما يكون بدعة في الدين.

(2) يستفاد من جملة من النصوص ان الطلاق العدي أن يراجع الزوج في العدة و يجامع منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام «1» و منها ما رواه أبو

بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث الي أن قال: فان طلقها علي طهر بشهود ثم راجعها و انتظر بها الطهر من غير مواقعة فحاضت و طهرت ثم طلقها قبل أن يدنسها بمواقعة بعد الرجعة لم يكن طلاقه لها طلاقا الحديث «2»، فكل طلاق يراجع الزوج في العدة بدون جماع يكون سنيا في مقابل العدي أما كونه سنيا فلأجل كونه مشروعا و أما كونه في قبال العدي فلأنه مشترك معه في الرجوع في العدة و يخالفه في عدم الجماع.

(3) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: كل طلاق لا يكون علي السنة او طلاق علي العدة فليس بشي ء قال زرارة قلت لأبي جعفر عليه السلام فسر لي طلاق السنة و طلاق العدة فقال: أما طلاق السنة فاذا أراد الرجل أن يطلق امرأته فلينتظر بها حتي تطمث و تطهر فاذا خرجت من طمثها طلقها تطليقة من غير جماع و يشهد شاهدين علي ذلك ثم يدعها حتي تطمث طمثتين فتنقضي عدتها بثلاث حيض و قد بانت منه و يكون خاطبا من الخطاب ان شاءت تزوجته الحديث «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 372

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب أقسام الطلاق الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 1 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 382

[مسألة 4: المشهور أنه يشترط في الزوج الذي يكون نكاحه محللا للزوجة بعد ثلاث تطليقات في الحرة أو تطليقتين في الأمة أمور]

(مسألة 4): المشهور انه يشترط في الزوج الذي يكون نكاحه محللا للزوجة بعد ثلاث تطليقات في الحرة أو تطليقتين في الامة امور: بلوغه (1).

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: طلاق السنة يطلقها تطليقة يعني علي طهر من غير جماع بشهادة شاهدين ثم يدعها حتي تمضي

أقراؤها فاذا مضت اقراؤها فقد بانت منه و هو خاطب من الخطاب ان شاءت نكحته و ان شاءت فلا «1».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام «2».

و منها: ما رواه الحسن بن زياد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن طلاق السنة كيف يطلق الرجل امرأته؟ قال: يطلقها في قبل عدتها من غير جماع بشهود فان طلقها واحدة ثم تركها حتي يخلو أجلها فقد بانت منه و هو خاطب من الخطاب فان راجعها فهي عنده علي تطليقة ماضية و بقي تطليقتان فان طلقها الثانية ثم تركها حتي يخلو أجلها فقد بانت منه «3».

و منها: ما رواه ابن بكير و غيره عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: الطلاق الذي أمر اللّه عز و جل به في كتابه و الذي سن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أن يخلي الرجل عن المرأة فاذا حاضت و طهرت من محيضها أشهد رجلين عدلين علي تطليقه و هي طاهر من غير جماع و هو احق برجعتها ما لم تنقض ثلاثة قروء و كل طلاق ما خلا هذا فباطل ليس بطلاق 4.

(1) قال في الجواهر- في مقام بيان شروط المحلل-: «احدها أن يكون الزوج

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 373

(3) (3 و 4) الوسائل الباب 1 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 4 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 383

______________________________

المحلل بالغا فلا يكفي غير المراهق من الصبيان الذين لا يتلذذون بالنكاح و لا يلتذ بهم قولا واحدا بين المسلمين فضلا عن المؤمنين و هو الحجة مضافا الي ما ستعرف نعم في المراهق للبلوغ منهم تردد و خلاف أشبهه انه لا يحلل الخ».

و

الذي يمكن أن يذكر في مقام بيان المنع و اشتراط البلوغ وجوه الوجه الاول: الشهرة العظيمة علي ما يظهر من الجواهر. و فيه ان الشهرة الفتوائية لا تكون حجة.

الوجه الثاني: ما رواه الواسطي قال: كتبت الي الرضا عليه السلام: رجل طلق امرأته الطلاق الذي لا تحل له حَتّٰي تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فتزوجها غلام لم يحتلم قال: لا حتي يبلغ، فكتبت اليه: ما حد البلوغ: فقال ما اوجب اللّه علي المؤمنين الحدود «1».

و فيه: ان الرواية ضعيفة سندا بسهل و لعله بغيره أيضا و عمل المشهور بها لا يوجب اعتبارها كما هو المقرر عندنا تبعا لسيدنا الاستاد.

الوجه الثالث: ما ورد في جملة من النصوص منها ما رواه أبو بصير قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام المرأة التي لا تحل لزوجها حتي تنكح زوجا غيره؟ قال هي التي تطلق ثم تراجع ثم تطلق ثم تراجع ثم تطلق الثالثة فهي التي لا تحل له حَتّٰي تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ و يذوق عسيلتها «2».

و منها ما رواه سماعة بن مهران قال: سألته عن المرأة التي لا تحل لزوجها حتي تنكح زوجا غيره و تذوق عسيلته و يذوق عسيلتها و هو قول اللّه عز و جل: الطَّلٰاقُ مَرَّتٰانِ فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ قال: التسريح باحسان التطليقة الثالثة 3.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب أقسام الطلاق الحديث: 1

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 4 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 1 و 13

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 384

______________________________

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: فاذا طلقها ثلاثا لم تحل له حتي تنكح زوجا غيره فاذا تزوجها غيره و لم يدخل بها و طلقها او مات

عنها لم تحل لزوجها الاول حتي يذوق الاخر عسيلتها «1».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل طلق امرأته فتزوجها رجل آخر و لم يصل اليها حتي طلقها تحل للأول؟ قال: لا حتي يذوق عسيلتها 2.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يطلق امرأته تطليقة ثم يراجعها بعد انقضاء عدتها فاذا طلقها الثالثة لم تحل له حتي تنكح زوجا غيره فاذا تزوجها غيره و لم يدخل بها و طلقها أو مات عنها لم تحل لزوجها الاول حتي يذوق الأخر عسيلتها 3، من اشتراط ذوق المحلل عسيلتها بتقريب ان الفرد الكامل من ذوق العسيلة الأنزال و فيه انه لا وجه لحمل المطلقات علي الفرد الكامل من الجماع و الفرد الكامل من ذوق العسيلة بل بمقتضي الاطلاق يكفي مطلق اللذة فتأمل.

الوجه الرابع: استصحاب بقاء الحرمة مع الشك في تحقق التحليل و فيه:

انه لا مجال للاستصحاب مع وجود الدليل الاجتهادي و مع عدمه يكون المقام داخلا في تعارض استصحاب الحكم الكلي مع اصالة عدم الجعل الزائد.

الوجه الخامس: انصراف الاية و النصوص الي الأفراد الشائعة دون الأفراد النادرة غير المتعارفة و كون المحلل مراهقا غير بالغ من الأفراد النادرة و فيه ان المطلق لا ينصرف الي الفرد النادر لا أنه منصرف عنه.

الوجه السادس: ان المستفاد من قوله تعالي فَإِنْ طَلَّقَهٰا فَلٰا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّٰي

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 7 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 1 و 3

(2) (3) الوسائل الباب 3 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 385

و وطؤه قبلا (1) بالعقد الصحيح الدائم فاذا فقد واحدا منها لم تحل للأول (2).

______________________________

تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهٰا

فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا أَنْ يَتَرٰاجَعٰا «1»، انه يشترط في المحلل الازدواج الدائم فاذا طلق مع الشروط يحل للأول و الطلاق بيد من أخذ بالساق و ليس للولي الطلاق فلا بد من الانتظار حتي يبلغ كي يطلق لكن هذا التقريب لا يمنع عن كون المحلل غير بالغ فيمكن أن يقال انه لا يجوز أن يكون المراهق محللا غاية الأمر لا يحصل الطلاق الا بعد البلوغ.

(1) اجماعا من المسلمين ممن عدا سعيد بن المسيب- كما في الجواهر- و هل يكفي مجرد الدخول و لو بمقدار منه و ان لم ينزل أم يلزم الدخول الكامل مع الأنزال لا يبعد أن يستفاد من نصوص ذوق العسيلة اشتراط الأنزال الا أن يقال:

ان ذوق العسيلة لا يدل علي الجماع الكامل بل يدل علي كفاية مجرد الذوق الذي يقال له في الفارسية (چشيدن).

و لكن يرد عليه انه يفهم عرفا من هذه الجملة في المقام الالتذاذ الكامل و هو لا يحصل الا بالإنزال نعم لا يبعد أن يكون مقتضي الاطلاق كفاية مطلق الدخول فيكفي أن يكون بمقدار يوجب الغسل بل للمناقشة في لزومه مجال ان لم يكن اجماع علي الاشتراط.

(2) بلا خلاف أجده بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي فَلٰا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّٰي تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهٰا فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا أَنْ يَتَرٰاجَعٰا فانه يستفاد من الاية الشريفة انه يشترط في التحليل أن يكون العقد عقدا دائما و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه أبو

______________________________

(1) البقرة/ 230

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 386

و لكنه لا يخلو من اشكال في التزويج بالمراهق (1) و الوطء في الدبر (2).

______________________________

بصير «1».

و منها: ما عن

أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله فَإِنْ طَلَّقَهٰا فَلٰا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّٰي تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ، هي هنا التطليقة الثالثة فان طلقها الأخير فلا جناح عليهما أن يتراجعا بتزويج جديد «2».

و منها: ما رواه عمر بن حنظلة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قال الرجل لامرأته: أنت طالقة ثم راجعها ثم قال: أنت طالقة ثم راجعها ثم قال: انت طالقة لم تحل له حتي تنكح زوجا غيره فان طلقها و لم يشهد فهو يتزوجها اذا شاء 3.

فالمستفاد من الكتاب و السنة و الاجماع اشتراط كون العقد عقد دوام فلا أثر للوطئ الحرام أو الشبهة كما انه لا أثر للوطئ بملك اليمين أو المتعة مضافا الي جملة اخري من النصوص الدالة علي المطلوب منها ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عن رجل طلق امرأته ثلاثا ثم تمتع فيها رجل آخر هل تحل للأول؟ قال: لا 4.

و منها: ما رواه عبد الملك بن أعين قال سألته عن رجل زوج جاريته رجلا فمكثت معه ما شاء اللّه ثم طلقها فرجعت الي مولاها فوطأها أ تحل لزوجها اذا أراد أن يراجعها؟ فقال: لا حتي تنكح زوجا غيره 5.

(1) قد مر الكلام حوله فراجع.

(2) لا وجه لإلحاق الدبر بالقبل فان المنصرف اليه من النصوص ما هو المتعارف

______________________________

(1) لاحظ ص: 376

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 4 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 11 و 15

(3) (4) الوسائل الباب 9 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 2

(4) (5) الوسائل الباب 27 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 387

نعم الاشتراط احوط (1) و كما يهدم نكاحه الطلقات الثلاث تهدم ما دونها

فلو نكحت زوجا آخر بعد تطليق الاول تطليقتين لم تحرم عليه اذا طلقها الثالثة بل لا بد في تحريمها عليه من ثلاث تطليقات مستأنفة (2).

______________________________

و العرف ببابك.

(1) ان لم يكن أظهر.

(2) المسألة ذات قولين و منشأ الخلاف اختلاف النصوص الواردة في المقام فطائفة منها تدل علي الهدم منها ما رواه رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن رجل طلق امرأته حتي بانت منه و انقضت عدتها ثم تزوجت زوجا آخر فطلقها أيضا ثم تزوجت زوجها الاول أ يهدم ذلك الطلاق الاول؟ قال: نعم «1»

و منها: ما رواه رفاعة بن موسي أن الزوج يهدم الطلاق الاول فان تزوجها فهي عنده مستقبلة قال أبو عبد اللّه عليه السلام يهدم الثلاث و لا يهدم الواحدة و الثنتين 2 و منها: ما رواه عبد اللّه بن عقيل بن أبي طالب قال: اختلف رجلان في قضية علي عليه السلام و عمر في امرأة طلقها زوجها تطليقة أو اثنتين فتزوجها آخر فطلقها أو مات عنها فلما انقضت عدتها تزوجها الاول فقال عمر هي علي ما بقي من الطلاق و قال امير المؤمنين عليه السلام: سبحان اللّه يهدم الثلاث و لا يهدم واحدة 3

و منها: ما رواه رفاعة بن موسي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام رجل طلق امرأته تطليقة واحدة فتبين منه ثم يتزوجها آخر فيطلقها علي السنة فتبين منه ثم يتزوجها الاول علي كم هي عنده؟ قال علي غير شي ء ثم قال: يا رفاعة كيف اذا طلقها ثلاثا ثم تزوجها ثانية استقبل الطلاق فاذا طلقها واحدة كانت علي

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 6 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 1 و 2 و 3

مباني منهاج

الصالحين، ج 10، ص: 388

______________________________

اثنتين «1».

و منها: ما رواه رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المطلقة تبين ثم تزوج زوجا غيره قال انهدم الطلاق 2.

و منها: ما رواه رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: هي عنده علي ثلاث 3.

و منها: ما رواه اسحاق بن جرير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سأله بعض اصحابنا و أنا حاضر عن رجل طلق امرأته تطليقة واحدة ثم تركها حتي بانت منه ثم تزوجها الزوج الاول قال: فقال: نكاح جديد و طلاق جديد و ليس التطليقة الأولي بشي ء هي عنده علي ثلاث تطليقات مستأنفات 4.

و طائفة اخري تدل علي عدم الهدم منها ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل طلق امرأته تطليقة واحدة ثم تركها حتي مضت عدتها فتزوجت زوجا غيره ثم مات الرجل أو طلقها فراجعها زوجها الاول قال: هي عنده علي تطليقتين باقيتين 5.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن محمد قال: قلت له روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يطلق امرأته علي الكتاب و السنة فتبين منه بواحدة و تتزوج زوجا غيره فيموت عنها أو يطلقها فترجع الي زوجها الأول أنها تكون عنده علي تطليقتين و واحدة قد مضت فكتب عليه السلام: صدقوا 6.

و منها: ما رواه منصور عن أبي عبد اللّه عليه السلام في امرأة طلقها زوجها

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 4 و 13 و 12

(2) (4) نفس المصدر الحديث: 14

(3) (5 و 6) نفس المصدر الحديث: 6 و 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 389

______________________________

واحدة أو اثنتين ثم تركها حتي تمضي عدتها فتزوجها غيره فيموت أو يطلقها فيتزوجها الاول،

قال: هي عنده علي ما بقي من الطلاق «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ان عليا كان يقول في الرجل يطلق امرأته تطليقة «واحدة» ثم يتزوجها بعد زوج: انها عنده علي ما بقي من طلاقها 2.

و منها: ما رواه علي بن مهزيار قال: كتب عبد اللّه بن محمد الي أبي الحسن عليه السلام روي بعض اصحابنا عن أبي عبد اللّه في الرجل يطلق امرأته علي الكتاب و السنة فتبين منه بواحدة فتزوج زوجا غيره فيموت عنها أو يطلقها فترجع الي زوجها الاول أنها تكون عنده علي تطليقتين و واحدة قد مضت فوقع عليه السلام بخطه: صدقوا و روي بعضهم أنها تكون عنده علي ثلاث مستقبلات و أن تلك التي طلقها ليست بشي ء لأنها قد تزوجت زوجا غيره فوقع عليه السلام بخطه:

لا 3.

و منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا طلق الرجل المرأة فتزوجت ثم طلقها فتزوجها الأول ثم طلقها فتزوجت رجلا ثم طلقها فاذا طلقها علي هذا ثلاثا لم تحل له أبدا 4.

و منها: ما رواه ابراهيم بن عبد الحميد عن أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام قال: اذا طلق الرجل المرأة فتزوجت ثم طلقها زوجها فتزوجها الأول ثم طلقها فتزوجت رجلا ثم طلقها فتزوجها الأول ثم طلقها الزوج الأول و هكذا ثلاثا

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 9 و 10

(2) (3) الفروع من الكافي ج 5 ص 426 حديث 6

(3) (4) الوسائل الباب 11 من ابواب استيفاء العدد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 390

______________________________

لم تحل له أبدا «1».

فيقع التعارض بين الجانبين و لا بد من اعمال قانون التعارض و

حيث ان مقتضي قوله تعالي فَإِنْ طَلَّقَهٰا فَلٰا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّٰي تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ «2»، عدم الهدم فالنصوص الدالة علي عدمه ترجح بموافقتها الكتاب علي ما يعارضها و تؤكد المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: المرأة التي لا تحل لزوجها حتي تنكح زوجا غيره قال: هي التي تطلق ثم تراجع ثم تطلق ثم تراجع ثم تطلق و هي التي لا تحل له حتي تنكح زوجا غيره و قال:

الرجعة بالجماع و الا فانما هي واحدة «3».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: اذا طلق الرجل امرأته فليطلق علي طهر بغير جماع بشهود فان تزوجها بعد ذلك فهي عنده علي ثلاث و بطلت التطليقة الأولي و ان طلقها اثنتين ثم كف عنها حتي تمضي الحيضة الثالثة بانت منه بثنتين و هو خاطب من الخطاب فان تزوجها بعد ذلك فهي عنده علي ثلاث تطليقات و بطلت الاثنتان فان طلقها ثلاث تطليقات علي العدة لم تحل له حتي تنكح زوجا غيره «4».

و اعراض الاصحاب عن نصوص عدم الهدم علي فرض تماميتها لا يوجب سقوطها عن الاعتبار كما هو المقرر عندنا و حيث ناقشنا اخيرا في ترجيح احد المتعارضين علي الأخر بموافقة الكتاب و مخالفة العامة تصل النوبة الي الترجيح

______________________________

(1) الفروع من الكافي ج 5 ص 428 حديث 7

(2) البقرة/ 230

(3) الوسائل الباب 4 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 3 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 15

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 391

[مسألة 5: الرجوع الموجب لرجوع الزوجية من الإيقاعات]

(مسألة 5:) الرجوع الموجب لرجوع الزوجية من الايقاعات (1) فيصح إنشاؤه باللفظ مثل رجعت بك و راجعتك و ارجعتك الي نكاحي

و نحو ذلك و بالفعل كالتقبيل بشهوة و نحو ذلك (2) مما لا يحل الا للزوج (3) و لا بد في تحقق الرجوع بالفعل من قصده فلو وقع من الساهي او بظن انها غير المطلقة او نحو ذلك لم يكن رجوعا (4) نعم الظاهر تحقق الرجوع بالوطء و ان لم يقصده به (5) و لا يجب الاشهاد في الرجوع

______________________________

بالأحدثية و مقتضاه الالتزام بعدم الهدم أيضا لاحظ ما رواه ابن مهزيار قال: كتب عبد اللّه بن محمد الي أبي الحسن عليه السلام روي في الرجل يطلق امرأته علي الكتاب و السنة فتبين منه بواحدة و تتزوج زوجا غيره فيموت عنها أو يطلقها فترجع الي زوجها الأول أنها تكون عنده علي تطليقتين و واحدة قد مضت فكتب عليه السلام:

صدقوا «1» فان الحديث مروي عن أبي الحسن عليه السلام فالترجيح بالأحدثية يقتضي الالتزام بعدم الهدم.

(1) كما هو ظاهر اذ لا اشكال في كونه من الامور الانشائية كما انه لا اشكال في عدم كونه من العقود فيكون من الإيقاعات.

(2) كبقية الامور الانشائية المتحققة باللفظ و الفعل.

(3) يمكن أن يقال: انه لا وجه لهذا القيد فان الميزان صدق العنوان الرجوع و لو بالفعل الذي يكون جائزا لغير الزوج أيضا كالإشارة المفهمة للمقصود فلاحظ.

(4) اذ لا اشكال في تقوم الانشاء بالقصد.

(5) لاحظ ما رواه محمد بن قاسم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

من غشي امرأته بعد انقضاء العدة جلد الحد و ان غشيها قبل انقضاء العدة كان غشيانه

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 392

فيصح بدونه (1) و ان كان الاشهاد أفضل (2) و يصح فيه التوكيل فاذا قال الوكيل ارجعتك الي

نكاح موكلي او رجعت بك قاصدا ذلك صح (3).

[مسألة 6: يقبل قول المرأة في انقضاء العدة بالحيض]

(مسألة 6): يقبل قول المرأة في انقضاء العدة بالحيض

______________________________

اياها رجعة لها «1» فان مقتضي اطلاق هذه الرواية تحقق الرجوع بنفس الوطء لكن الاشكال في سندها فان محمد بن قاسم الواقع في السند لم يوثق فالجزم به مشكل الا أن يقوم دليل آخر عليه.

(1) بلا خلاف بيننا بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- و مقتضي اطلاق النصوص عدم الاشتراط.

(2) فانه يستفاد من ملاحظة جملة من النصوص استحباب الأشهاد منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الذي يراجع و لم يشهد قال: يشهد أحب إلي و لا أري بالذي صنع بأسا «2».

و منها: ما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان الطلاق لا يكون بغير شهود و ان الرجعة بغير شهود رجعة و لكن يشهد بعد فهو أفضل 3.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: و ان أراد أن يراجعها أشهد علي رجعتها قبل أن تنقضي اقراؤها 4 فان مقتضي الجمع بينها هو الاستحباب.

(3) كبقية الامور الانشائية القابلة للتوكيل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من ابواب حد الزنا الحديث: 1

(2) (2 و 3 و 4) الوسائل الباب 13 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 2 و 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 393

و بالشهور (1) و يقبل قول الرجل في الطلاق حتي بعد انقضاء العدة بالنسبة الي اصل الطلاق و عدم الحق له علي زوجته (2) و أما بالنسبة الي حقوق الزوجة كمطالبتها النفقة للأيام السابقة علي اخباره بالطلاق فلا يقبل قوله علي الاظهر (3) و يثبت الرجوع بمجرد ادعاء الزوج و اخباره

به اذا كان في اثناء العدة (4) أما بعد انقضاء

______________________________

(1) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال العدة و الحيض للنساء اذا ادعت صدقت «1».

(2) الظاهر ان الوجه قاعدة «من ملك شيئا ملك الاقرار به» و حيث ان الزوج مالك للطلاق و له أن يطلق يكون له الاقرار به مضافا الي جواز اقرار العقلاء علي أنفسهم فان اقرار كل احد نافذ عليه.

(3) لأنه ادعاء بالنسبة الي الغير فلا يسمع و الدليل غير قائم علي سماع دعواه لا يقال: اذا ثبت باخباره طلاقه يترتب علي طلاقه حكمه من عدم النفقة فانه يقال:

يمكن أن يكون الوجه في سماع قوله بالنسبة الي أصل الطلاق الاجماع و الدليل اللبي يقتصر فيه علي اليقين و اما الزائد فلا.

و يمكن تقريب المدعي بوجه آخر و هو ان اقرار العقلاء علي انفسهم جائز و اما الاقرار بالنسبة الي الغير فلا يسمع فلاحظ.

(4) لا يبعد أن يكون الوجه قاعدة «من ملك» و يمكن الاستدلال علي المدعي بوجه آخر و هو انه لا خلاف بينهم- علي ما في الجواهر- في أن انكار الطلاق رجوع بل ادعي صاحب الجواهر قدس سره انه اجماعي بقسميه مضافا الي حديث أبي ولاد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن امرأة ادعت علي زوجها أنه

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من ابواب العدد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 394

العدة اذا أخبر بالرجعة سابقا في العدة فلا يقبل الا بالبينة (1) و في قبول شهادة شاهد و يمين اشكال (2) و كذا بشهادة شاهد و امرأتين (3) و ان

______________________________

طلقها تطليقة طلاق العدة طلاقا صحيحا يعني علي طهر من غير جماع و أشهد لها شهودا علي ذلك

ثم انكر الزوج بعد ذلك، فقال: ان كان انكار الطلاق قبل انقضاء العدة فان انكاره الطلاق رجعة لها و ان كان انكر الطلاق بعد انقضاء العدة فان علي الامام أن يفرق بينهما بعد شهادة الشهود بعد أن تستحلف ان انكاره للطلاق بعد انقضاء العدة و هو خاطب من الخطاب «1» فان ثبت الرجوع بالانكار يثبت بالاخبار بالاولوية فتأمل.

(1) بمقتضي قانون ان البينة علي المدعي و لا دليل علي اثبات قوله فلا بد من اقامة البينة.

(2) لا يبعد أن يكون وجه الاشكال عدم دليل علي ثبوت دعواه بهما و أما حديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لو كان الأمر إلينا أجزنا شهادة الرجل الواحد اذا علم منه خير مع يمين الخصم في حقوق الناس فأما ما كان من حقوق اللّه عز و جل أو رؤية الهلال فلا «2»، فمخدوش سندا بعبيد اللّه بن احمد و أما اسناد الصدوق الي حسن بن محبوب فهو ضعيف فالرواية ضعيفة بكلا سنديها.

(3) لا يبعد أن يكون الوجه في الاشكال النقاش- كما في الجواهر «3» - في الدليل علي اعتبار شهادة رجل و امرأتين في غير الدين.

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من ابواب اقسام الطلاق

(2) الوسائل الباب 14 من ابواب كيفية الحكم و احكام الدعاوي الحديث: 12

(3) ج 41 ص: 167

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 395

كان الاظهر في الثاني القبول (1).

[مسألة 7: إذا طلقها فادعت الزوجة بعده إن الطلاق كان في المحيض و أنكره الزوج كان القول قوله مع يمينه]

(مسألة 7): اذا طلقها فادعت الزوجة بعده ان الطلاق كان في المحيض و انكره الزوج كان القول قوله مع يمينه (2) و اذا رجع الزوج و ادعت الزوجة انقضاء عدتها صدقت (3) و اذا علم بالرجوع

______________________________

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص منها ما رواه الحلبي

عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن شهادة النساء في النكاح فقال: تجوز اذا كان معهن رجل و كان علي عليه السلام يقول لا أجيزها في الطلاق، قلت: تجوز شهادة النساء مع الرجل في الدين؟ قال: نعم و سألته عن شهادة القابلة في الولادة قال تجوز شهادة الواحدة و قال: تجوز شهادة النساء في المنفوس و العذرة و حدثني من سمعه يحدث أن أباه أخبره ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أجاز شهادة النساء في الدين مع يمين الطالب يحلف باللّه أن حقه لحق «1».

(2) فان مقتضي اصالة الصحة وقوع الطلاق صحيحا و يشكل بأن المرأة مصدقة بالنسبة الي دعوي الحيض بمقتضي النص لاحظ ما رواه زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول العدة و الحيض الي النساء «2» و مع كون المرأة مصدقة في دعوي الحيض لا تصل النوبة الي جريان اصالة الصحة اذ الأصل الجاري في الموضوع لا يبقي مجالا للأصل الحكمي فالحكم بعد التعارض استصحاب بقاء الزوجية بل لا يبعد أن يقال انه يقدم قول الزوجة بالتقريب الذي ذكرناه.

(3) لكونها مصدقة بالنسبة الي العدة لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: العدة و الحيض للنساء اذا ادعت صدقت «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من ابواب الشهادات الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 47 من ابواب الحيض الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 396

و انقضاء العدة و شك في المتقدم و المتأخر فادعي الزوج تقدم الرجوع و ادعت الزوجة تأخره كان القول قول الزوج سواء أ كان تاريخ العدة معلوما و تاريخ الرجوع مجهولا أم كان تاريخ الرجوع معلوما أم كانا مجهولي التاريخ (1).

______________________________

(1)

لا يبعد أن يكون الوجه في نظر الماتن في تقديم قول الزوج قاعدة من ملك فان الزوج مالك للرجوع في العدة فاقراره بالنسبة اليه نافذ و لولاه يشكل تقديم قوله لتعارض الاستصحابين فان مقتضي بقاء العدة الي زمان الرجوع صحته و مقتضي عدم تحقق الرجوع الي زمان انقضاء العدة فساده فالوجه في التقديم قاعدة من ملك.

لكن يرد عليه ان هذه القاعدة اجماعية- حسب ما يظهر من الكلمات- و ليس عليها دليل لفظي كي يمكن الأخذ باطلاقه و الدليل اللبي لا اطلاق فيه و المقدار المعلوم منه نفوذ الاقرار في زمان كون المقر مالكا لذلك الأمر كالرجعة في المقام و الحال ان المفروض ان دعوي الزوج الرجوع بعد تمامية العدة فلا أثر لدعواه فيقع التعارض بين قوليهما و لا وجه لترجيح احد الطرفين علي الأخر بل لا يبعد القول بتقديم قول الزوجة فان العدة و الحيض للنساء بمقتضي النص الخاص لاحظ ما رواه زرارة «1».

و يؤيد ما ذكرناه ما أفاده في الجواهر «2» من تقديم قول الزوجة في مورد اختلافهما في طول مدة العدة و قصرها فحكم بتقديم قول المرأة المدعية لقصر المدة مستدلا عليه بان المرجع في الطهر و الحيض اليها و اللّه العالم.

______________________________

(1) لاحظ ص: 395

(2) ج 32 ص: 229

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 397

[فصل في العدة]

اشارة

فصل في العدة

[مسألة 1: لا عدة في الطلاق علي الصغيرة]

(مسألة 1): لا عدة في الطلاق علي الصغيرة (1).

______________________________

(1) و تدل علي المدعي جملة من الروايات منها ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن التي قد يئست من المحيض و التي لا يحيض مثلها، قال: ليس عليها عدة «1».

و ربما يقال: ان المستفاد من قوله تعالي و اللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة اشهر و اللائي لم يحضن «2»، ان المرأة التي لم تبلغ مبلغ الحيض تعتد ثلاثة أشهر و كذلك المرأة التي بلغت حد اليأس بتقريب ان الاية الشريفة تشمل الموردين المذكورين.

ان قلت قد قيد الحكم في الاية الشريفة بالارتياب و في الصغيرة و اليائسة لا ارتياب اذ من الواضح ان الصغيرة بحسب الخلقة الالهية غير قابلة لأن تري الحيض و كذلك البالغة حد اليأس كالخمسين او الستين قلت اذا كان الشرط هكذا ان كان مثلهن تحيض في اليائسات و في اللواتي لم يبلغن المحيض اذا كان مثلهن يحيض فان مقتضاه اثبات الحكم للمرأة التي لا تحيض و هي في سن من تحيض و لم يكن مجال لشمول الاية للصغيرة و اليائسة لكن الشرطية لا تكون كذلك فيكون المراد من الارتياب الجهل بعدة هؤلاء النساء اللاتي لم يحضن اليائسات من المحيض.

و يؤيد المدعي ما روي عن سنن البيهقي في سبب نزول الاية أن ابي بن كعب

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من أبواب العدد الحديث: 1

(2) الطلاق/ 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 398

______________________________

قال يا رسول اللّه ان عددا من عدد النساء لم تذكر في الكتاب: الصغار و الكبار و اولات الاحمال فأنزل اللّه تعالي الاية فكان هذا دالا علي ان المراد بالارتياب

ما ذكرناه لا الارتياب بأنها آيسة أو غير آيسة لأنه تعالي قد قطع في الاية علي اليأس من المحيض فالمشكوك في حالها و المرتاب في أنها تحيض أولا تحيض لا تكون آيسة علي أنه لو كان المراد ذلك لكان حقه أن يقول ان ارتبتن لأن المرجع في ذلك إليهن و لما قال: ان ارتبتم، علم ارادة الارتياب بالمعني الذي ذكرناه «1».

اضف الي ذلك ان جمهور المفسرين و اهل العلم قالوا: ان المراد بالارتياب عدم العلم بمبلغ العدة و اورد عليه في الجواهر بأنه خلاف الظاهر فان المناسب علي اساس هذا الادعاء أن يقال ان كنتم جاهلين مضافا الي أن جميع الأحكام لأجل تعليم الجاهلين فما فائدة ذكر الجملة في المقام و أما خبر ابي فمضافا الي كونه مخدوشا سندا يرد عليه بأنه يلزم تقدم عدة ذوات الاقراء مع انها ذكرت في البقرة و هي مدنية و هذه الاية ذكرت في الطلاق و هي مكية في المشهور و بعبارة اخري:

مقتضي الحديث المذكور نزول هذه الاية بعد تلك الاية و الحال ان الأمر بالعكس لا يتعين في غير البالغة و اليائسة فلا تكون الاية صريحة في الفريقين بل تشمل مطلق من يكون معنونا بهذا العنوان.

و أما ما نقل عن جمهور المفسرين و اهل العلم فهو معارض بما في المحكي عن مجمع البيان في تفسيرها قال: فلا تدرون لكبر ارتفع حيضهن أم لعارض الي أن قال في الجواهر: «و من ذلك كله يعلم ان المراد بالارتياب غير ما ذكره» الي أن قال: «بل لعل التأمل الجيد في الاية يقتضي استفادة حكم عدة اربع نساء منها مفهوما و منطوقا ضرورة ان اليائسة المرتاب فيها تعتد بثلاثة أشهر و أما

اليائسة التي

______________________________

(1) الجواهر ج 32 ص 234

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 399

______________________________

لا ريب فيها فلا عدة عليها لا الثلاثة و لا الاقراء و أما التي لا تحيض المقدر فيها الشرط أيضا فالمرتاب فيها و هي البالغة سن الحيض فثلاثة أيضا و اما التي لا ارتياب فيها و هي غير البالغة ذلك الحد فلا عدة لها و لعل ما ذكرنا مراد من الحديث المنقول عن ابي فان الصغار و الكبار شامل للجميع».

هذا بحسب الاية و أما بلحاظ السنة فتدل علي خلاف المدعي جملة من النصوص منها ما رواه أبو بصير قال: عدة التي لم تبلغ الحيض ثلاثة أشهر و التي قد قعدت من المحيض ثلاثة أشهر «1».

و منها: ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: في الجارية التي لم تدرك الحيض قال: يطلقها زوجها بالشهور قيل فان طلقها تطليقة ثم مضي شهر ثم حاضت في الشهر الثاني قال: فقال: اذا حاضت بعد ما طلقها بشهر ألقت ذلك الشهر و استأنفت العدة بالحيض فان مضي لها بعد ما طلقها شهران ثم حاضت في الثالث تمت عدتها بالشهور فاذا مضي لها ثلاثة أشهر فقد بانت منه و هو خاطب من الخطاب و هي ترثه و يرثها ما كانت في العدة 2.

و منها: ما رواه هارون بن حمزة الغنوي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن جارية حدثة طلقت و لم تحض بعد فمضي لها شهران ثم حاضت أ تعتد بالشهرين قال: نعم و تكمل عدتها شهرا فقلت: أ تكمل عدتها بحيضة؟ قال: لا بل بشهر يمضي (مضي) آخر عدتها علي ما يمضي (مضي) عليه اولها 3.

و اجاب في الجواهر عن هذه النصوص اولا

بأنها موافقة مع العامة فيؤخذ بما يعارضها و ثانيا أفاد بأنه يمكن تقييد اطلاقها بما يدل علي عدم العدة للصغيرة و اليائسة و الذي يختلج بالبال في هذه العجالة ان ما أفاده أخيرا لا بأس به فان تقييد

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 2 من ابواب العدد الحديث: 6 و 7 و 9

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 400

و اليائسة و ان دخل بهما (1) و علي غير المدخول بها قبلا (2) و لا دبرا (3) و يتحقق الدخول بادخال الحشفة (4) و ان لم ينزل حراما كان كما اذا

______________________________

المطلق بالمقيد علي طبق القاعدة.

(1) لجملة من النصوص منها ما رواه ابن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في التي قد يئست من المحيض يطلقها زوجها قال: قد بانت منه و لا عدة عليها «1» الي غيرها من النصوص الواردة في الباب المشار اليه و مقتضي اطلاق هذه الروايات عدم العدة عليها و لو مع فرض الدخول بل صرح في بعضها بالعدم و لو مع الدخول لاحظ الحديث الثالث من الباب و هو ما رواه حماد بن عثمان عمن رواه (زرارة) عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الصبية التي لا يحيض مثلها و التي قد يئست من المحيض قال: ليس عليهما عدة و ان دخل بهما.

(2) تدل علي المدعي عدة روايات منها ما رواه عبد الرحمن قال: قال: أبو عبد اللّه عليه السلام ثلاث تتزوجن علي كل حال التي لم تحض و مثلها لا تحيض قال:

قلت، و ما حدها؟ قال: اذا أتي لها أقلّ من تسع سنين و التي لم يدخل بها و التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض،

قلت: و ما حدها؟ قال: اذا كان لها خمسون سنة «2».

(3) قد تقدم الكلام حول هذه الجهة «3» و انقدح مما ذكرنا هناك ان الحاق الدبر بالقبل في الأحكام مبني علي الاحتياط فراجع.

(4) لجملة من الروايات منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل دخل بامرأة قال: اذا التقي الختانان وجب المهر و العدة «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب العدد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب العدد الحديث: 4

(3) تقدم في القسم الثاني من اقسام الطلاق

(4) الوسائل الباب 54 من ابواب المهور الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 401

دخل في نهار الصوم الواجب المعين أو في حالة الحيض او حلالا (1).

[مسألة 2: عدة الطلاق في التي تحيض ثلاثة أطهار إن كانت حرة و كانت مستقيمة الحيض]

(مسألة 2): عدة الطلاق في التي تحيض ثلاثة اطهار ان كانت حرة و كانت مستقيمة الحيض (2) فاذا رأت دم الحيضة الثالثة فقد

______________________________

(1) كل ما ذكر للإطلاق فان مقتضي اطلاق الدخول المأخوذ موضوعا في لسان الدليل سريان الحكم في جميع الفروض المذكورة في المتن.

(2) بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- و يدل علي المدعي قوله تعالي وَ الْمُطَلَّقٰاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلٰاثَةَ قُرُوءٍ «1» فان القرء قد فسر في عدة نصوص بالطهر منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: القرء ما بين الحيضتين «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: القرء ما بين الحيضتين 3.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: الاقراء هي الأطهار 4 و منها: ما رواه زرارة أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام سمعت ربيعة الرأي يقول: من رأيي أن الاقراء التي سمي اللّه عز و

جل في القرآن انما هو الطهر فيما بين الحيضتين فقال: كذب لم يقل برأيه و لكنه انما بلغه عن علي عليه السلام فقلت أ كان علي عليه السلام يقول ذلك: فقال: نعم انما القرء الطهر الذي يقرء فيه الدم فيجمعه فاذا جاء المحيض دفعه 5.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: عدة التي تحيض و يستقيم حيضها ثلاثة قروء و القرء جمع الدم بين الحيضتين 6.

______________________________

(1) البقرة/ 228

(2) (2 و 3 و 4) الوسائل الباب 14 من ابواب العدد الحديث: 1 و 2 و 3

(3) (5 و 6) نفس المصدر الحديث: 4 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 402

خرجت من العدة (1).

______________________________

و تدل علي المدعي أيضا جملة من النصوص: منها ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: المطلقة تعتد في بيتها و لا ينبغي لها أن تخرج حتي تنقضي عدتها و عدتها ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر الا أن تكون تحيض «1».

و منها: ما رواه داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: عدة المطلقة ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر ان لم تكن تحيض 2.

(1) و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه اسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: رجل طلق امرأته قال: هو أحق برجعتها ما لم تقع في الدم من الحيضة الثالثة 3.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة اذا طلقها زوجها متي تكون أملك بنفسها؟ قال: اذا رأت الدم من الحيضة الثالثة فهي أملك بنفسها 4.

ثم ان ظاهر الكتاب اعتبار

جميع مدة ما بين الدمين في الطهر فيتوقف صدق عنوان الاقراء الثلاثة علي ذلك لكن ادعي عدم الخلاف بل ادعي امكان الاجماع علي الاكتفاء في القرء الاول بلحظة منه مضافا الي دلالة بعض النصوص عليه منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له اصلحك اللّه رجل طلق امرأته علي طهر من غير جماع بشهادة عدلين فقال: اذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد انقضت عدتها 5 بتقريب ان مقتضي اطلاق كلامه عليه السلام كفاية مطلق الطهر في القرء الاول و مثل هذه الرواية غيرها المذكور في الباب المشار اليه.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 12 من ابواب العدد الحديث: 2 و 3

(2) (3 و 4) الوسائل الباب 15 من ابواب العدد الحديث: 2 و 5

(3) (5) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 403

______________________________

و يمكن الاستدلال علي المدعي بتقريب آخر و هو أن المستفاد من هذه النصوص ظهورا بل صراحة انقضاء العدة بتحقق الحيضة الثالثة فيكفي ما بقي من الطهر الواقع فيه الطلاق.

ثم انه وقع الكلام بين الأصحاب في أن المراد بالاقراء الأطهار أو المراد منها ثلاث حيضات و القول الأول مقتضي أشهر الروايتين فان النصوص الواردة في المقام طائفتان الطائفة الأولي: ما يدل علي كون المراد بها الأطهار لاحظ احاديث زرارة و محمد بن مسلم «1» فان مقتضي هذه النصوص ان العدة تنقضي بتحقق الحيضة الثالثة فأيام الاقراء هي أيام الأطهار مضافا الي ما أفاده في الجواهر في شرح قول المحقق- علي اشهر الروايتين عملا و رواية-: «بل لم اقف علي مخالف و ان ارسله بعضهم بل عن صريح الانتصار و الخلاف و ظاهر الاستبصار و غيرها الاجماع عليه بل

يمكن تحصيله أو القطع بذلك و لو بملاحظة النصوص» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

الطائفة الثانية: ما يدل علي كون المراد بأيام الاقراء أيام الدم منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: عدة التي تحيض و يستقيم حيضها ثلاثة قروء و هي ثلاثة حيض «2».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن المطلقة كم عدتها؟ فقال: ثلاث حيض تعتد اول تطليقة 3.

و منها: ما رواه أبو بصير قال: عدة التي تحيض و يستقيم حيضها ثلاثة اقراء

______________________________

(1) لاحظ ص: 401

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 14 من ابواب العدد الحديث: 7 و 8

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 404

______________________________

و هي ثلاث حيض «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن ميمون عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه قال:

قال علي عليه السلام اذا طلق الرجل المرأة فهو أحق بها ما لم تغتسل من الثالثة «2»

و منها: ما رواه اسحاق بن عمار عمن حدثه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

جاءت امرأة الي عمر تسأله عن طلاقها فقال: اذهبي الي هذا فاسأليه يعني عليا عليه السلام فقالت لعلي عليه السلام ان زوجي طلقني قال: غسلت فرجك؟ فرجعت الي عمر فقالت: ارسلتني الي رجل يلعب فردها اليه مرتين كل ذلك ترجع فتقول يلعب قال: فقال لها انطلقي اليه فانه أعلمنا قال: فقال لها علي عليه السلام: غسلت فرجك؟ قالت لا: قال فزوجك أحق ببعضك ما لم تغسلي فرجك «3».

و منها: ما رواه رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المطلقة حين تحيض لصاحبها عليها رجعة؟ قال نعم حتي تطهر 4.

و منها: ما رواه

محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يطلق امرأته تطليقة علي طهر من غير جماع يدعها حتي تدخل في قرئها الثالث و يحضر غسلها ثم يراجعها و يشهد علي رجعتها قال: هو أملك بها ما لم تحل لها الصلاة 5.

فيقع التعارض بين الجانبين و قد حملوا الطائفة الثانية علي التقية قال في الوسائل في ذيل الباب الرابع عشر من ابواب العدد بعد نقل حديث المخالف «اقول حملهما الشيخ علي التقية» و لكن قد بنينا اخيرا علي انحصار الترجيح بالأحدثية و الترجيح بها مع ما يدل علي أن المراد بالقرء الدم لاحظ حديث ابن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 15 من ابواب العدد الحديث: 12

(3) (3 و 4 و 5) نفس المصدر الحديث: 13 و 14 و 15

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 405

و أما غير المستقيمة كمن تحيض في كل أربعة اشهر مثلا مرة فعدتها ثلاثة أشهر (1).

______________________________

جعفر «1».

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص منها ما رواه ابن مسلم عن احدهما عليهما السلام انه قال: في التي تحيض في كل ثلاثة أشهر مرة أو في سبعة أشهر و المستحاضة التي لم تبلغ الحيض و التي تحيض مرة و يرتفع مرة و التي لا تطمع في الولد و التي قد ارتفع حيضها و زعمت أنها لم تيأس و التي تري الصفرة من حيض ليس بمستقيم فذكر أن عدة هؤلاء كلهن ثلاثة أشهر «2» فان المستفاد من هذه الرواية ان المرأة التي تحيض في كل ثلاثة مثلا عدتها ثلاثة أشهر.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في المرأة التي يطلقها زوجها و هي تحيض في

كل ثلاثة أشهر حيضة فقال: اذا انقضت ثلاثة أشهر انقضت عدتها يحسب لها لكل شهر حيضة «3» و التقريب هو التقريب.

و مثلهما في الدلالة علي المدعي ما رواه زرارة عن احدهما عليهما السلام قال أي الأمرين سبق اليها فقد انقضت عدتها ان مرت بها ثلاثة أشهر لا تري فيها دما فقد انقضت عدتها، و ان مرت ثلاثة أقراء فقد انقضت عدتها «4».

و مثلها في الدلالة علي المدعي ما رواه زرارة أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: أمران أيهما سبق بانت منه المطلقة: المسترابة ان مرت بها ثلاثة أشهر بيض ليس فيها دم بانت منه، و ان مرت بها ثلاثة حيض ليس بين الحيضتين ثلاثة أشهر

______________________________

(1) لاحظ ص: 403

(2) الوسائل الباب 4 من ابواب العدد الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 406

______________________________

بانت بالحيض قال ابن أبي عمر: قال جميل: و تفسير ذلك ان مرت بها ثلاثة أشهر الا يوما فحاضت ثم مرت بها ثلاثة أشهر الا يوما فحاضت ثم مرت ثلاثة أشهر الا يوما فحاضت فهذه تعتد بالحيض علي هذا الوجه و لا تعتد بالشهور و ان مرت بها ثلاثة أشهر بيض لم تحض فيها فقد بانت «1».

و مثلها في الدلالة علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه أبو العباس قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل طلق امرأته بعد ما ولدت و طهرت و هي امرأة لا تري دما ما دامت ترضع ما عدتها قال: ثلاثة اشهر «2».

و منها: ما رواه محمد بن حكيم عن عبد صالح عليه السلام قال قلت له:

المرأة الشابة التي لا تحيض و مثلها يحمل طلقها زوجها قال: عدتها

ثلاثة أشهر «3»

و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن التي لا تحيض الا في ثلاث سنين أو أربع سنين قال تعتد بثلاثة أشهر ثم تزوج ان شاءت 4

و منها: ما رواه زرارة أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: أمران أيهما سبق الي المسترابة انقضت به عدتها: ان مرت بها ثلاثة أشهر بيض ليس فيها دم انقضت عدتها بالشهور و ان مرت بها ثلاث حيض ليس بين الحيضتين ثلاثة أشهر انقضت عدتها بالحيض 5 و منها ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر عن جميل مثله الا أنه قال أمران أيهما سبق اليها بانت به المطلقة المسترابة التي تستريب الحيض: ان مرت بها ثلاثة أشهر بيض ليس فيها دم بانت بها ثم ذكر الباقي مثله 6.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) (3 و 4) نفس المصدر الحديث: 8 و 11

(4) (5 و 6) نفس المصدر الحديث: 12 و 13

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 407

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن حكيم قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن امرأة يرتفع حيضها فقال: ارتفاع الطمث ضربان: فساد من حيض و ارتفاع من حمل فايهما كان فقد حلت للأزواج اذا وضعت أو مرت بها ثلاثة أشهر بيض ليس فيها دم «1».

و منها: ما رواه اسماعيل بن سعد الأشعري قال: سألت الرضا عليه السلام عن المسترابة من المحيض كيف تطلق؟ قال: تطلق بالشهور «2».

و منها: ما رواه محمد بن حكيم قال: سألت أبا الحسن عليه السلام فقلت:

المرأة التي لا تحيض مثلها و لم تحض كم تعتد؟ قال: ثلاثة أشهر قلت فانها ارتابت قال: تعتد آخر الأجلين

تعتد تسعة أشهر قلت فانها ارتابت قال: ليس عليها ارتياب لأن اللّه عز و جل جعل للحبل وقتا فليس بعده ارتياب 3.

و منها: ما رواه الفضل بن الحسن الطبرسي في مجمع البيان في قوله تعالي و اللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم، فلا تدرون لكبر ارتفع حيضهن أم لعارض فعدتهن ثلاثة أشهر و هن اللواتي أمثالهن يحضن لأنهن لو كن في سن من لا تحيض لم يكن للارتياب معني قال: و هذا هو المروي عن أئمتنا عليهم السلام 4.

فان المستفاد من هذه النصوص ان المرأة اذا لم تكن مستقيمة الحيض تكون عدتها ثلاثة أشهر ثم انه هل يكتفي بثلاثة أشهر و ان لم تكن بيضا كما عن التحرير أم لا يكتفي بها بل لا بد من ثلاثة أشهر بيض مقتضي جملة من النصوص هو الاكتفاء

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 16

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 17 و 18

(3) (4) نفس المصدر الحديث: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 408

______________________________

فان مقتضي اطلاقها عدم التقييد و عدم اشتراطها بكونها بيضا لكن مقتضي بعض النصوص هو التقييد لاحظ حديثي زرارة و ابن حكيم «1» فان مقتضي الحديثين تقييد الثلاثة بالبيض و لم يؤخذ الموضوع في الرواية عنوان المسترابة كي يقال كما في الجواهر بأن الحكم يختص بالمسترابة نعم قد اخذ الموضوع في جملة من النصوص عنوان المسترابة لاحظ حديثي زرارة و ابن أبي نصر «2» لكن لا تعارض بين المثبتين.

اذا عرفت ما ذكر فاعلم بأن مقتضي القاعدة تقييد المطلق بالمقيد و صاحب الجواهر قدس سره ادعي عدم وجدان الخلاف و نقل عن كشف اللثام الاتفاق و جزم بالاطلاق و قال قدس سره في ذيل كلامه: «بل هي

يعني المسترابة تعتد بثلاثة أشهر و ان تخلل بينهما دم لإطلاق النصوص المزبورة المعتضدة بالفتاوي بل كأنه صريح المحكي في المسالك عن التحرير أو ظاهره و ان كنا لم نتحققه».

و قال سيد اليزدي قدس سره في ملحقات عروته في مسئلة 6 و ان كانت غير مستقيمة الحيض فعدتها أسبق الأمرين من الاقراء أو الأشهر «3» فكأن المسألة مورد الاتفاق بينهم كما ان مقتضي اطلاق المتن كذلك و اللّه العالم.

ثم ان في المقام اشكالا و هو ان المستفاد من جملة من النصوص ان المرأة التي تحيض في كل ثلاث سنين او أكثر مرة تعتد بعادتها السابقة فما الحيلة؟ منها ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه «4».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في التي لا تحيض الا

______________________________

(1) لاحظ ص: 405 و 406

(2) لاحظ ص: 406

(3) ملحقات العروة ص 56

(4) لاحظ ص: 406

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 409

______________________________

في كل ثلاث سنين أو اكثر من ذلك قال: فقال مثل قرئها الذي كانت تحيض في استقامتها و لتعتد ثلاثة قروء و تزوج ان شاءت «1».

و منها: ما رواه أبو الصباح قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن التي لا تحيض في كل ثلاث سنين الا مرة واحدة كيف تعتد: قال تنتظر مثل قرئها التي كانت تحيض في استقامتها و لتعتد ثلاثة قروء ثم تزوج ان شاءت 2.

و منها: ما رواه هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرأة التي لا تحيض الا في كل ثلاث سنين أو اربع سنين او خمس سنين قال: تنتظر مثل قروئها التي كانت تحيض فلتعتد ثم تزوج ان شاءت 3.

قال في الجواهر:

«لم أجد عاملا به فلا بأس بطرحه او حمله علي ارادة الكناية بذلك عن الأشهر علي معني احتساب كل شهر بحيضة كما اومي اليه في خبر أبي بصير 4 مضافا الي ما قيل في هذا المقام بتعين ارادة المعني الكنائي من النصوص اذ المفروض في السؤال أنها تحيض كل ثلاث سنين مرة و هذه الجملة ظاهرة في عدم عادة مغايرة لذلك لها سابقا و لا أقلّ من السكوت عن ذلك فقوله عليه السلام «تنتظر مثل قرئها الذي كانت تحيض في الاستقامة» كما تري لا يلائم مع السؤال الا بارادة أنها تفرض مستقيمة الحيض فيكون المراد أنها تعتد بثلاثة أشهر لأن لكل شهر حيضا في حال الاستقامة».

و الذي يختلج بالبال أن يقال: المستفاد من كلامه عليه السلام بيان حكم المرأة التي كانت مستقيمة الحيض سابقا فان تم اجماع تعبدي علي خلاف النصوص فهو

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 4 من ابواب العدد الحديث: 14 و 15

(2) (3) نفس المصدر الحديث: 19

(3) (4) لاحظ ص: 405

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 410

و أما ان كانت الزوجة أمة فعدتها طهران فاذا رأت دم الحيضة الثانية فقد خرجت من العدة (1) و الاحوط انتظار انتهاء الحيضة الاخيرة (2) و ان كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض لخلقة او لعارض من رضاع أو غيره فان كانت حائلا فعدتها ثلاثة أشهر (3) و لو كانت ملفقة ان كانت حرة (4) و ان كانت امة فعدتها خمسة و اربعون يوما (5) و ان

______________________________

و الا فلا بد من العمل علي طبق الاحتياط.

(1) كما هو المقرر في الامة و هو الفارق بين الحرة و الامة.

(2) و الاحتياط طريق النجاة و لا يبعد

أن يكون هو الاقوي و اللّه العالم.

(3) بلا خلاف و لا اشكال- كما في الجواهر- و عن كشف اللثام الاتفاق عليه و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي وَ اللّٰائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسٰائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلٰاثَةُ أَشْهُرٍ «1» فان المستفاد من الاية الشريفة ان المرأة التي لا تحيض عدتها ثلاثة أشهر و يدل علي المدعي بعض النصوص لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: عدة المرأة التي لا تحيض و المستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر و عدة التي تحيض و يستقيم حيضها ثلاثة قروء قال: و سألته عن قول اللّه عز و جل: «إِنِ ارْتَبْتُمْ» ما الريبة فقال: ما زاد علي شهر فهو ريبة فلتعتد ثلاثة أشهر و لتترك الحيض، و ما كان في الشهر لم يزد في الحيض علي ثلاث حيض فعدتها ثلاث حيض «2».

(4) للإطلاق.

(5) كما هو المقرر فيها.

______________________________

(1) الطلاق/ 4

(2) الوسائل الباب 4 من ابواب العدد الحديث: 7

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 10، ص: 411

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 411

كانت حاملا و ان كان حملها باراقة ماء زوجها في فرجها من دون دخول فعدتها الي وضع الحمل (1).

______________________________

(1) ادعي عليه الاجماع بقسميه و يدل عليه قوله تعالي وَ أُولٰاتُ الْأَحْمٰالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ «1» و تدل عليه جملة من النصوص منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: طلاق الحامل واحدة فاذا وضعت ما في بطنها فقد بانت منه «2».

و منها: ما رواه اسماعيل الجعفي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: طلاق الحبلي

واحدة فاذا وضعت ما في بطنها فقد بانت 3.

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن طلاق الحبلي فقال: واحدة و أجلها أن تضع حملها 4.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا طلقت المرأة و هي حامل فاجلها أن تضع حملها و ان وضعت من ساعتها 5.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: طلاق الحبلي واحدة و ان شاء راجعها قبل أن تضع فان وضعت قبل أن يراجعها فقد بانت منه و هو خاطب من الخطاب 6.

و مقتضي اطلاق الكتاب و السنة عدم الفرق بين كون حملها بالدخول و الانزال في الفرج و بين اراقة الماء في فرجها و اختار الماتن هذا القول و في مقابل هذا القول قول بأن عدتها أقرب الأجلين من الشهور و الاقراء و من الوضع و نسب هذا القول الي الصدوق و ابن حمزة و استدل علي هذا القول بجملة من النصوص:

______________________________

(1) الطلاق/ 4

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 9 من ابواب العدد الحديث: 1 و 4

(3) (4 و 5 و 6) نفس المصدر الحديث: 5 و 7 و 8

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 412

______________________________

منها: ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام طلاق الحامل الحبلي واحدة و أجلها أن تضع حملها و هو أقرب الأجلين «1».

و منها: ما رواه أبو الصباح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: طلاق الحامل واحدة و عدتها أقرب الأجلين 2.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: طلاق الحبلي واحدة و أجلها أن تضع حملها و هو أقرب الأجلين 3.

اذا عرفت ما تقدم نقول: النصوص الواردة

في المقام علي الطوائف الطائفة الأولي: ما يدل علي ان المطلقة عدتها ثلاثة قروء او ثلاثة أشهر منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا ينبغي للمطلقة أن تخرج الا باذن زوجها حتي تنقضي عدتها ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر ان لم تحض 4.

الطائفة الثانية: ما يدل علي ان عدة الحامل تنقضي بوضعها لاحظ ما رواه زرارة 5 مضافا الي الاية الشريفة 6 الطائفة الثالثة ما يدل علي ان عدتها أقرب الأجلين لاحظ أحاديث أبي بصير و أبي الصباح و الحلبي.

فان المستفاد من هذه النصوص ان عدتها اقرب الاجلين و من الظاهر ان انقضاء العدة بالوضع لا يكون أمرا دائميا و بعبارة اخري: قد يكون الوضع أقرب كما لو طلقها في اواخر زمان الحمل فيقدم الوضع علي الاقراء و الشهور و قد ينعكس

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 2 و 3

(2) (3) نفس المصدر الحديث: 6

(3) (4) الوسائل الباب 12 من ابواب العدد الحديث: 1

(4) (5) لاحظ ص: 411

(5) (6) لاحظ ص: 411

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 413

و ان كان سقطا (1) و لا فرق بين الحرة و الامة (2) و عدة المتوفي عنها زوجها ان كانت حرة حائلا اربعة اشهر و عشرة ايام (3).

______________________________

كما هو ظاهر فالمستفاد من هذه النصوص التفصيل بأن يقال: ان كان الوضع تحقق قبل مضي الاقراء و الشهور تنقضي العدة بالوضع و ان انعكس يكون بالاقراء أو الشهور و حيث ان نسبة هذه النصوص بالآية و بقية النصوص نسبة الخاص الي العام يكون مقتضي القاعدة تخصيص تلك المطلقات بهذه الطائفة الخاصة.

و يؤيد المدعي ان صاحب الجواهر قدس سره قوي هذا القول و ضعف القول الاخر

بما حاصله: ان الذهاب الي القول الأول ان كان من باب عدم امكان الجمع بين الروايات فلا وجه له بل مقتضي القاعدة الجمع بينها بتخصيص المطلقات و العمومات بالمقيد و لقد أجاد فيما افاد و اللّه دره و علي اللّه أجره و نعم المؤيد هو و كيف لا و الحال انه لو قيل في حقه امام الفقهاء لم يكن جزافا و اللّه العالم بحقايق الأشياء.

(1) لإطلاق الاية و الرواية بل صرح بالمدعي في بعض النصوص لاحظ ما رواه عبد الرحمن عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الحبلي اذا طلقها زوجها فوضعت سقطا تم أو لم يتم أو وضعته مضغة فقال: كل شي ء يستبين أنه حمل تم او لم يتم فقد انقضت عدتها و ان كان مضغة «1».

(2) للإطلاق كتابا و سنة فلاحظ.

(3) بلا خلاف بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْوٰاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً «2» ان قلت ينافيها قوله تعالي وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب العدد

(2) البقرة/ 234

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 414

______________________________

وَ يَذَرُونَ أَزْوٰاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوٰاجِهِمْ مَتٰاعاً إِلَي الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرٰاجٍ «1».

بتقريب: ان المستفاد منه وجوب العدة الي سنة قلت لا دليل علي كون المراد من الاية العدة بل الظاهر من الاية ان الذين يقرب موتهم يوصون لأزواجهم فان التكليف لا يتوجه الي الأموات فلا بد من فرض حياتهم كي يصح توجه التكليف اليهم بالايصاء و علي فرض تسليم الدلالة يقع التعارض بين الآيتين و نتيجة التعارض التساقط و المرجع النصوص الدالة علي المدعي مضافا الي الاجماع و التسالم و عدم

الخلاف و يضاف الي ذلك كله ان السيرة جارية علي المنوال المشهور.

و ان شئت قلت: لو كانت عدة من يتوفي عنها زوجها الي السنة لبان و ظهر و شاع و ذاع اضف الي ذلك كله ما في كلام الأصحاب- كصاحب الجواهر- من أن الاية الثانية منسوخة بالأولي و يدل عليه ما رواه في رسالة المحكم و المتشابه نقلا من تفسير النعماني باسناده الآتي عن علي عليه السلام في بيان الناسخ و المنسوخ قال و من ذلك: ان العدة كانت في الجاهلية علي المرأة سنة كاملة و كان اذا مات الرجل القت المرأة خلف ظهرها شيئا بعرة أو ما يجري مجراها و قالت البعل أهون علي من هذه و لا اكتحل و لا امتشط و لا أتطيب و لا أتزوج سنة فكانوا الا يخرجونها من بيتها بل يجرون عليها من تركة زوجها سنة فانزل اللّه في اول الإسلام: «وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْوٰاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوٰاجِهِمْ مَتٰاعاً إِلَي الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرٰاجٍ» فلما قوي الإسلام أنزل اللّه تعالي وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْوٰاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً فَإِذٰا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ الي آخر الاية «2».

و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه أبو بصير يعني المرادي

______________________________

(1) البقرة/ 240

(2) الوسائل الباب 30 من ابواب العدد الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 415

______________________________

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال للنساء اف لكن قد كنتن قيل ان أبعث فيكن و ان المرأة منكن اذا توفي عنها زوجها اخذت بعرة فرمت بها خلف ظهرها ثم قالت لا أمتشط و لا أكتحل

و لا أختضب حولا كاملا و انما أمرتكن بأربعة أشهر و عشرا ثم لا تصبرن «1».

و منها: ما رواه علي بن ابراهيم في تفسيره رفعه قال: كانت عدة النساء في الجاهلية اذا مات الرجل من امرأته تعتد امرأته سنة فلما بعث اللّه رسوله لم ينقلهم عن ذلك بل تركهم علي عاداتهم و أنزل اللّه عليه بذلك قرآنا فقال: «وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْوٰاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوٰاجِهِمْ مَتٰاعاً إِلَي الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرٰاجٍ» فكانت العدة حولا فلما قوي الإسلام أنزل اللّه: وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْوٰاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً فنسخت قوله: متاعا الي الحول غير اخراج «2».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قوله:

مَتٰاعاً إِلَي الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرٰاجٍ قال منسوخة نسختها يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً و نسختها آية الميراث «3».

و منها: ما رواه أبو بكر الحضرمي عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: لما نزلت هذه الاية «وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْوٰاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً» جئن النساء يخاصمن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و قلن: لا نصبر فقال لهن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كانت احداكن اذا مات زوجها أخذت

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 416

صغيرة كانت أم كبيرة يائسة كانت أم غيرها مسلمة كانت أم غيرها مدخولا بها أم غير مدخول بها دائما أم متمتعا بها و لا فرق في الزوج بين الكبير و الصغير و الحر و العبد و العاقل و غيره (1).

______________________________

بعرة فالقتها خلفها في دويرها في خدرها ثم

قعدت، فاذا كان مثل ذلك اليوم من الحول اخذتها ففتتها ثم اكتحلت بها ثم تزوجت فوضع اللّه عنكن ثمانية أشهر «1».

(1) كل ذلك لإطلاق الكتاب و السنة و الاجماع و النصوص الدالة علي عدم العدة علي الصغيرة أو اليائسة و لا يقاوم ما يعارضه فان الدليل علي الوجوب موافق مع الكتاب فيرجح علي ما يعارضه مضافا الي ما دل علي الوجوب بالنصوصية في بعض الأقسام المذكورة منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة يتزوجها الرجل متعة ثم يتوفي عنها هل عليها العدة فقال تعتد أربعة أشهر و عشرا، و اذا انقضت أيامها و هو حي فحيضة و نصف مثل ما يجب علي الامة «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في الرجل يموت و تحته امرأة لم يدخل بها، قال لها نصف المهر و لها الميراث كاملا و عليها العدة كاملة «3».

و منها: ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام ما عدة المتعة اذا مات عنها الذي تمتع بها؟ قال: أربعة أشهر و عشرا قال ثم قال يا زرارة كل النكاح اذا مات الزوج فعلي المرأة حرة كانت او امة و علي أي وجه كان النكاح منه متعة أو تزويجا أو ملك يمين فالعدة اربعة أشهر و عشرا و عدة المطلقة ثلاثة أشهر و الأمة المطلقة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 22 من ابواب المتعة الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 35 من ابواب العدد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 417

و الاحوط استحبابا ان تكون الشهور عددية فتكون المدة مائة و ثلاثين يوما (1) و ان كانت حرة حاملا فعدتها

أبعد الاجلين من المدة المذكورة و وضع الحمل كما سبق (2).

______________________________

عليها نصف ما علي الحرة و كذلك المتعة عليها مثل ما علي الامة «1».

أضف الي ذلك كله انه قد صرح في حديث زرارة بالعموم فلا مجال لملاحظة النسبة بل هذه الرواية بصراحتها تقيد النصوص المعارضة بالاطلاق أو العموم و أما خبر الساباطي «2» و سألته عن المتوفي عنها زوجها قبل أن يدخل بها قال:

لا عدة عليها فمخدوش سندا.

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط و ربما يقال- كما عن الأوزاعي- بانها تبين بطلوع فجر العاشر بتقريب ان العدد المذكور في الاية مذكر فيكون تمييزه مؤنثا فيكون المقدر لفظ ليالي و فيه انه لا مجال له في قبال ما ذكر في المقام من الاتفاق المنقول عن كشف اللثام و الاجماع المنقول عن المسالك علي أن المراد بالعشر عشر ليال مع عشرة ايام علي أن المحكي عن بعض اهل العربية ان ذلك مع ذكر التمييز أما مع عدمه كما في الاية فلا يدل علي ذلك و يجوز تناوله للمذكر و المؤنث بل قد يقال كونه مؤنثا لا ينافي ارادة عشر ليال بأيامها- هكذا في الجواهر- «3».

(2) بلا خلاف اجده فيه عندنا بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في الحامل المتوفي عنها زوجها تنقضي عدتها آخر الأجلين «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 52 من ابواب العدد الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 35 من ابواب العدد الحديث: 4

(3) الجواهر ج 32 ص 274

(4) الوسائل الباب 31 من ابواب العدد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 418

[مسألة 3: يجب علي المعتدة عدة الوفاة الحداد ما دامت في العدة]

(مسألة 3): يجب علي المعتدة عدة الوفاة

الحداد ما دامت في العدة (1) بترك الزينة في البدن و اللباس مثل الكحل و الطيب

______________________________

و منها: ما رواه سماعة قال: قال: المتوفي عنها زوجها الحامل أجلها آخر الأجلين ان كانت حبلي فتمت لها اربعة أشهر و عشر و لم تضع فان عدتها الي أن تضع و ان كانت تضع حملها قبل أن يتم لها اربعة أشهر و عشر تعتد بعد ما تضع تمام اربعة أشهر و عشر و ذلك أبعد الأجلين «1».

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضي أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة توفي زوجها و هي حبلي فولدت قبل أن تنقضي أربعة أشهر و عشر فتزوجت فقضي أن يخلي عنها ثم لا يخطبها حتي ينقضي آخر الأجلين فان شاء اولياء المرأة انكحوها و ان شاءوا أمسكوها فان أمسكوها ردوا عليه ماله 2.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: عدة المتوفي عنها زوجها آخر الأجلين لأن عليها أن تحد أربعة أشهر و عشرا و ليس عليها في الطلاق أن تحد 3.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الحبلي المتوفي عنها زوجها عدتها آخر الأجلين 4.

(1) ادعي في الجواهر عدم الخلاف فيه نصا و فتوي و ادعي الاجماع بقسميه عليه مضافا الي النص الدال علي الوجوب لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا مات عنها يعني و هو غائب فقامت البينة علي موته فعدتها من يوم يأتيها الخبر اربعة أشهر و عشرا لأن عليها أن تحد عليه في الموت اربعة أشهر و عشرا

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 2 و

3

(2) (3 و 4) نفس المصدر الحديث: 4 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 419

و الخضاب و الحمرة و ماء الذهب و لبس مثل الاحمر و الاصفر اذا كان لباس زينة عند العرف و ربما يكون لباس الاسود كذلك أما لكيفية تفصيله أو لبعض الخصوصيات الموجودة فيه مثل كونه مخططا و بالجملة ما يكون زينة من اللباس يحرم لبسه و منه الحلي (1).

______________________________

فتمسك عن الكحل و الطيب و الأصباغ «1».

و ما رواه زرارة أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان الامة و الحرة كلتيهما اذا مات عنها زوجها سواء في العدة الا أن الحرة تحد و الامة لا تحد «2».

(1) لا يبعد أن يستفاد المدعي من جملة من النصوص الواردة في بعض الأبواب منها ما رواه زرارة «3» و منها ما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المتوفي عنها زوجها قال: لا تكتحل للزينة و لا تطيب و لا تلبس ثوبا مصبوغا و لا تبيت عن بيتها و تقضي الحقوق و تمتشط بغسلة و تحج و ان كان في عدتها «4».

و منها: ما رواه أبو العباس قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام المتوفي عنها زوجها قال: لا تكتحل لزينة و لا تطيب و لا تلبس ثوبا مصبوغا و لا تخرج نهارا و لا تبيت عن بيتها قلت أ رأيت ان ارادت أن تخرج الي حق كيف تصنع؟ قال:

تخرج بعد نصف الليل و ترجع عشاء 5.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المتوفي عنها زوجها

______________________________

(1) الوسائل الباب 29 من ابواب العدد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 42 من ابواب العدد الحديث: 2

(3) لاحظ

ص: 418

(4) (4 و 5) الوسائل الباب 29 من ابواب العدد الحديث: 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 420

______________________________

ليس لها أن تطيب و لا تزين حتي تنقضي عدتها أربعة أشهر و عشرة أيام «1» و منها ما رواه أبو بصير «2».

و منها: ما رواه ابو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المرأة يتوفي عنها زوجها و تكون في عدتها أ تخرج في حق؟ فقال ان بعض نساء النبي صلي اللّه عليه و آله سألته فقالت: ان فلانة توفي عنها زوجها فتخرج في حق ينوبها فقال لها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله اف لكن قد كنتن قبل أن ابعث فيكن و ان المرأة منكن اذا توفي عنها زوجها أخذت بعرة فرمت بها خلف ظهرها ثم قالت لا امتشط و لا اكتحل و لا اختضب حولا كاملا و انما امرتكن باربعة اشهر و عشرة أيام ثم لا تصبرن لا تمتشط و لا تكتحل و لا تختضب و لا تخرج من بيتها نهارا و لا تبيت عن بيتها فقالت: يا رسول اللّه فكيف تصنع ان عرض لها حق؟ فقال: تخرج بعد زوال الشمس و ترجع عند المساء فتكون لم تبت عن بيتها قلت له فتحج؟ قال:

نعم «3».

فان المستفاد من مجموع النصوص حرمة الزينة لها في مدة العدة و الحداد الواجب عليها من الحد علي ما في الجواهر بمعني المنع من حدت المرأة تحد حدا أي منعت نفسها من التزيين فهي حادة الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و يستفاد من حديث عمار عن ابي عبد اللّه عليه السلام انه سأله عن المرأة يموت عنها زوجها هل يحل أن تخرج من منزلها

في عدتها؟ قال نعم و تختضب و تكتحل و تمتشط و تصبغ و تلبس المصبغ و تصنع ما شاءت بغير زينة لزوج «4»، جواز

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 414

(3) الوسائل الباب 33 من ابواب العدد الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 29 من أبواب العدد الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 421

و لا بأس بما لا يعد زينة مثل تنظيف البدن و اللباس و تقليم الاظفار و دخول الحمام (1) و لا فرق بين المسلمة و الذمية (2) و لا فرق في الزوج

______________________________

الزينة علي الاطلاق.

و لا بد من حمله علي بعض المحامل كالضرورة مثلا و لا يمكن ابقائه بحاله و الحال ان المسألة كأنها متفق عليها بين المسلمين قال الشيخ الطوسي في الخلاف «المتوفي عنها زوجها عليها الحداد طول العدة و به قال جميع الفقهاء و اهل العلم الا الشعبي و الحسن البصري فانهما قالا لا يلزمها الحداد في جميع العدة و انما يلزمها في بعض العدة» «1».

فيظهر من هذا الكلام كما تري انه لا خلاف من احد في اصل الحكم و انما خلافهما في مدته فلا ريب في الحكم المذكور و اللّه العالم و مقتضي الاطلاق الوارد في النصوص ان المنهي عنه الزينة علي الاطلاق فلا وجه لتخصيصها كما في كلام سيد العروة قدس سره بالزينة التي تكون للزوج مضافا الي أن الزينة لا تكون علي قسمين بل الزينة نحو واحد جامع بين جميع أفرادها و المراجعة الي ما في الخارج و المتعارف بين النساء أكبر شاهد علي ما ذكرناه فلاحظ.

(1) لعدم ما يقتضي الحرمة بعد خروجه عن موضوع الحرمة.

(2) قال الشيخ في الخلاف الذمية اذا كانت تحت مسلم فمات عنها وجب عليها عدة

الوفاة بلا خلاف و يلزمها الحداد عندنا و عند الشافعي و قال أبو حنيفة لا حداد عليها الخ «2».

و مقتضي اطلاق الأدلة وجوبه عليها بعد فرض كون الكفار مكلفين بالفروع ككونهم مكلفين بالأصول و الماتن لا يري كونهم مكلفين بالفروع لكن يكفي

______________________________

(1) كتاب الخلاف ج 2 ص 310 مسألة 26

(2) كتاب الخلاف ج 2 ص 311 مسألة 29

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 422

بين الكبير و الصغير (1) و الاقوي عدم ثبوت الحداد في الصغيرة (2).

______________________________

لإثبات المدعي النص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن نصرانية كانت تحت نصراني و طلقها هل عليها عدة مثل عدة المسلمة؟ فقال: لا الي أن قال: قلت له: فان اسلمت بعد ما طلقها قال:

اذا أسلمت بعد ما طلقها فان عدتها عدة المسلمة قلت: فان مات عنها و هي نصرانية و هو نصراني فأراد رجل من المسلمين أن يتزوجها قال: لا يتزوجها المسلم حتي تعتد من النصراني أربعة أشهر و عشرا عدة المسلمة المتوفي عنها زوجها قلت له: كيف جعلت عدتها اذا طلقت عدة الأمة، و جعلت عدتها اذا مات عنها عدة الحرة المسلمة و أنت تذكر أنهم مماليك للإمام قال: ليس عدتها في الطلاق كعدتها اذا توفي عنها زوجها، ثم قال: ان الأمة و الحرة كلتيهما اذا مات عنهما زوجهما سواء في العدة الا ان الحرة تحد و الأمة لا تحد «1».

فانه قد صرح في ذيل الحديث بأن الفرق بين الحرة و الأمة بأن الحرة يجب عليها الحداد و الأمة لا يجب عليها فيجب الحداد علي الذمية كما في المتن.

(1) لإطلاق الأدلة و النصوص الواردة في المقام.

(2) لا يبعد أن يكون

الوجه في عدم الوجوب عدم كون الصغيرة داخلة تحت عنوان المكلف فلا يشملها دليل الوجوب و الشيخ قدس سره ادعي عدم الخلاف في وجوبها عليها و نقل الرواية عن النّبيّ و استدل باطلاقها علي الوجوب «2» و الرواية لا اعتبار بها لإرسالها مضافا الي أنه لو كان الإطلاق كافيا للاستدلال كفي الإطلاق المنعقد في النصوص و ملخص الكلام انه لو تم اجماع كاشف تعبدي علي الوجوب فهو و الا فالحق ما أفاده في المتن.

______________________________

(1) الوسائل الباب 45 من ابواب العدد الحديث: 1

(2) كتاب الخلاف ج 2 ص 310 مسألة 28

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 423

كما ان الظاهر اختصاص الوجوب بالحرة فلا يجب علي الامة (1) نعم الاقوي وجوبه علي المتمتع بها كالدائمة (2) و الظاهر انه ليس شرطا في العدة فلو تركته عمدا أو لعذر جاز لها التزويج بعد انقضاء العدة و لا يجب عليها استئنافها (3).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه زراة «1».

(2) لإطلاق النصوص و لا وجه للقول بانصرافها عن المتعة كما في كلام سيد العروة في ملحقات عروته و علي فرض التسليم بدوي و ربما يقال كما في ملحقات العروة انه يستفاد من حديث زرارة «2» انه ليس علي المتمتع بها حداد فانه عليه السلام قال في هذه الرواية «و كذلك المتعة عليها مثل ما علي الأمة» بتقريب ان الأمة لا حداد عليها فعلي المتمتع بها أيضا لا حداد و فيه ان المستفاد من الحديث ان ما علي الأمة يكون ثابتا علي المتمتع بها و ليس في الحديث ان ما ليس علي الأمة لا يكون علي المتمتع بها كي يتم التقريب فلاحظ.

(3) قال السيد اليزدي قدس سره في الملحقات في مسئلة (7) من مسائل

العدد من عدة الوفاة: الظاهر عدم كون الحداد شرطا في صحة العدة بحيث لو خالفت عصيانا أو جهلا أو نسيانا وجب عليها الاستيناف أو تدارك مقدار ما فات من الأيام لأن الظاهر انه واجب تعبدي في واجب لا أن يكون قيدا فيه لأصالة عدم الاشتراط فيشمله جميع ما دل علي جواز نكاحها بعد انقضاء أربعة أشهر و عشر من مثل قوله تعالي فَإِذٰا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ فِيمٰا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ «3».

و قد حكي عليه الشهرة نعم نقل الخلاف عن أبي الصلاح و السيد الفاخر فحكما

______________________________

(1) لاحظ ص: 419

(2) لاحظ ص: 416

(3) البقرة/ 234

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 424

______________________________

ببطلانها مع المخالفة عمدا او مطلقا علي اختلاف النقلين لعدم حصول الامتثال و فيه ان عدم امتثال الأمر بالحداد لا يضر بامتثال الأمر بالعدة بعد عدم شرطيته فيها بمقتضي الأصل بل ظهور الأدلة هذا و لكن قال في الجواهر بعد نقل خلافهما و لكن الأنصاف عدم خلوه عن الوجه خصوصا مع ملاحظة الاحتياط و قاعدة وجوب الشي ء في الشي ء و النصوص المتكثرة في تعليل وجوب الاعتداد عليها عند بلوغ الخبر بخلاف المطلقه بوجوب الحداد عليها في عدتها بل قال أبو جعفر عليه السلام في خبر زرارة منها ان من مات عنها زوجها و هو غائب فقامت البينة علي موته فعدتها من يوم يأتيها الخبر أربعة اشهر و عشرا لأن عليها أن تحد عليه في الموت اربعة اشهر و عشرا فتمسك عن الكحل و الطيب و الاصباغ «1» لا أقلّ من الشك بعد انقضاء العدة بدونه انتهي.

و فيه ان الاحتياط غير واجب و التعليل لا يدل علي الشرطية غاية الأمر ان الحكمة في جعل العدة من

حين بلوغ الخبر اتيان هذا الواجب و هذا غير الشرطية و الخبر المذكور لا دلالة فيه علي ما ذكره فالاقوي ما عليه المشهور انتهي كلامه رفع مقامه.

و الأنصاف انه أجاد فيما افاد و صفوة القول انه لا دليل علي ارتباط احد الأمرين بالاخر و لا وجه للالتزام بالشرطية و العمدة اطلاق دليل الاعتداد و أما تقريب الاستدلال باصالة عدم الاشتراط فيمكن أن يرد فيه بأن الشك في جواز النكاح مرجعه الي الشك في تحقق الزوجية و عدمه و مقتضي الاصل عدم تحققها و اصالة عدم الاشتراط لا تقتضي الصحة الا علي النحو المثبت مضافا الي أن مقتضي الاصل عدم الاطلاق مثلا لو شك في اشتراط صيغة البيع بالعربية هل يمكن اثبات عدمه بالاصل فيلتزم

______________________________

(1) لاحظ ص: 418

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 425

و الاقوي جواز خروجها من بيتها علي كراهية (1) الا لضرورة (2) او اداء

______________________________

بحصول الملكية و لو مع عدم رعاية العربية في الصيغة فالعمدة اطلاق دليل العدة و عدم دليل علي الاشتراط فما أفاده في المتن تام.

(1) النصوص الواردة في المقام مختلفة فبعضها يدل علي المنع عن البيتوتة عن المنزل لاحظ ما رواه ابن أبي يعفور و ابي العباس «1» و بعض النصوص يدل علي جواز الخروج علي الاطلاق و منها ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرأة المتوفي عنها زوجها هل يحل لها أن تخرج من منزلها في عدتها قال نعم «2» و قال في خبر آخر قال: لا بأس أن تحج المتوفي عنها في عدتها و تنتقل من منزل الي منزل 3.

و منها: ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن

المتوفي عنها زوجها تخرج من بيت زوجها؟ قال: تخرج من بيت زوجها تحج و تنتقل من منزل الي منزل 4.

و مقتضي تقييد المطلق بالمقيد تقييد المطلقات فيحرم البيتوتة عن البيت فلا وجه للحكم بالجواز علي كراهية كما في المتن بل مقتضي الجمع بين النصوص ما ذكرنا و لكن قد صرح في حديث أبي العباس 5 بأنها لا تخرج نهارا فيخصص به ما يدل علي جواز الخروج فالنتيجة اختصاص جواز الخروج بموارد وجود الدليل علي الجواز كالخروج لدفع الضرورة و نحوه فلاحظ.

(2) لا يبعد أن يستفاد الجواز من حديث الصفار انه كتب الي أبي محمد الحسن

______________________________

(1) لاحظ ص: 419

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 33 من ابواب العدد الحديث: 1 و 2

(3) (4) نفس المصدر الحديث: 5

(4) (5) لاحظ ص: 419

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 426

حق (1) او فعل طاعة (2) او قضاء حاجة (3).

______________________________

بن علي عليهما السلام في امرأة مات عنها زوجها و هي في عدة منه و هي محتاجة لا تجد من ينفق عليها و هي تعمل للناس هل يجوز لها أن تخرج و تعمل و تبيت عن منزلها في عدتها؟ قال فوقع عليه السلام لا بأس بذلك ان شاء اللّه «1».

(1) يستفاد من حديث أبي العباس «2» انه يجوز خروجها الي حق لكن تخرج بعد نصف الليل و ترجع عشاء و المستفاد من حديث ابي بصير «3»، انه يجوز خروجها ان عرض لها حق لكن تخرج بعد زوال الشمس و ترجع عند المساء و هذان الحديثان يسقطان بالمعارضة لكن يستفاد جواز الخروج لأجل اداء الحق من حديث عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المتوفي عنها زوجها أ تحج و

تشهد الحقوق؟ قال: نعم «4» لكن يشكل بأن مقتضي التعارض الأخذ بالاحدث و حيث انه غير محرز يدخل المقام في العلم الإجمالي فلا بد من اعمال قانونه.

(2) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن المرأة يموت عنها زوجها أ يصلح لها أن تحج أو تعود مريضا؟ قال: نعم تخرج في سبيل اللّه و لا تكتحل و لا تطيب «5».

(3) لاحظ ما رواه الطبرسي قال: مما ورد من صاحب الزمان عليه السلام الي محمد بن جعفر الحميري في جواب مسائله حيث سأله عن المرأة يموت زوجها

______________________________

(1) الوسائل الباب 34 من ابواب العدد الحديث: 1

(2) لاحظ ص: 419

(3) لاحظ ص: 420

(4) الوسائل الباب 33 من ابواب العدد الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 427

[مسألة 4: عدة الأمة الحائل ذات الولد كعدة الحرة علي الأقوي أربعة أشهر و عشرة أيام]

(مسألة 4): عدة الامة الحائل ذات الولد كعدة الحرة علي الاقوي اربعة اشهر و عشرة ايام سواء كان الاعتداد من وفاة سيدها أم من وفاة زوجها اذا كانت مزوجة و كذلك غير ذات الولد من وفاة سيدها اذا كانت موطوءة له و أما عدتها من وفاة زوجها فالظاهر انها شهران و خمسة ايام أما اذا كانت حاملا فعدتها ابعد الاجلين من عدة الحامل و من وضع الحمل (1).

______________________________

هل يجوز لها أن تخرج في جنازته أم لا؟ التوقيع: تخرج في جنازته و هل يجوز لها و هي في عدتها أن تزور قبر زوجها أم لا؟ التوقيع: تزور قبر زوجها و لا تبيت عن بيتها و هل يجوز لها أن تخرج في قضاء حق يلزمها أم لا تخرج من بيتها و هي في عدتها؟ التوقيع: اذا كان حق خرجت فيه و قضته و ان كان

لها حاجة و لم يكن لها من ينظر فيها خرجت لها حتي تقضيها و لا تبيت الا في منزلها «1».

فان المستفاد من هذه الرواية جواز الخروج لقضاء الحاجة لكن مع عدم من ينظر فيها فلا يستفاد منه الجواز علي الاطلاق انما الاشكال في سند الحديث من حيث الارسال.

(1) في هذه المسألة فروع: الفرع الاول: ان عدة الامة ذات الولد من وفاة سيدها اربعة أشهر و عشرة ايام و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الامة يموت سيدها قال: تعتد عدة المتوفي عنها زوجها «2» فان هذه الرواية تدل علي المدعي بالصراحة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 42 من ابواب العدد الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 428

______________________________

الفرع الثاني: أن الامة ذات الولد تعتد من وفاة زوجها أربعة أشهر و عشرة أيام و يمكن الاستدلال عليه بما رواه وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل كانت له أم ولد فزوجها من رجل فأولدها غلاما ثم ان الرجل مات فرجعت الي سيدها أله أن يطأها؟ قال: تعتد من الزوج اربعة أشهر و عشرة ايام ثم يطأها بالملك بغير نكاح «1».

الفرع الثالث: ان غير ذات الولد اذا كانت موطوئة تكون عدتها من وفاة سيدها اربعة أشهر و عشرة أيام و يمكن الاستدلال عليه بما رواه داود عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المدبرة اذا مات مولاها ان عدتها اربعة اشهر و عشرا من يوم يموت سيدها اذا كان سيدها يطأها قيل له: فالرجل يعتق مملوكته قبل موته بيوم أو بساعة ثم يموت قال: فقال فهذه تعتد بثلاث حيض أو ثلاثة قروء من

يوم اعتقها سيدها «2».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له الرجل يكون تحته السرية فيعتقها فقال: لا يصلح له أن تنكح حتي تنقضي عدتها ثلاثة أشهر و ان توفي عنها مولاها فعدتها اربعة أشهر و عشر «3».

و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في الامة اذا غشيها سيدها ثم اعتقها فان عدتها ثلاث حيض فان مات عنها فأربعة أشهر و عشرا «4».

الفرع الرابع: ان غير ذات الولد عدتها من وفاة زوجها شهران و خمسة ايام لاحظ ما رواه ابن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الامة اذا توفي عنها

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 43 من ابواب العدد الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 429

[مسألة 5: إذا وطأ أمته ثم أعتقها اعتدت منه كالحرة بثلاثة أطهار إن كانت مستقيمة الحيض]

(مسألة 5): اذا وطأ امته ثم اعتقها اعتدت منه كالحرة بثلاثة اطهار ان كانت مستقيمة الحيض و الا فبثلاثة اشهر (1).

______________________________

زوجها فعدتها شهران و خمسة ايام «1».

الفرع الخامس: ان الامة اذا كانت حاملا فعدتها أبعد الأجلين قال في الجواهر «بلا خلاف اجده بل الاجماع بقسميه عليه بل دليله واضح الخ» «2» و يمكن الاستدلال علي المدعي بما يدل علي ان عدة المتوفي عنها زوجها أبعد الأجلين و هو ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في الحامل المتوفي عنها زوجها تنقضي عدتها آخر الأجلين «3» بضميمة ما دل علي التسوية بين الحرة و الامة في عدة الوفاة لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان الامة و الحرة كلتيهما اذا مات عنها زوجها سواء في العدة الا ان الحرة تحد و الامة لا تحد

«4» و ما دل علي أن عدة من مات عنها سيدها عدة المتوفي عنها زوجها و هو ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت ابا ابراهيم عليه السلام عن الامة يموت سيدها قال تعتد عدة المتوفي عنها زوجها 5.

(1) لاحظ ما رواه الرقي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المدبرة اذا مات مولاها ان عدتها اربعة أشهر و عشرا من يوم يموت سيدها اذا كان سيدها يطأها قيل له:

فالرجل يعتق مملوكته قبل موته بيوم أو بساعة ثم يموت قال: فقال فهذه تعتد بثلاث حيض او ثلاثة قروء من يوم اعتقها سيدها 6.

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من ابواب العدد الحديث: 9

(2) الجواهر ج 32 ص: 315

(3) الوسائل الباب 31 من أبواب العدد الحديث: 1

(4) (4 و 5) الوسائل الباب 42 من ابواب العدد الحديث: 2 و 4

(5) (6) الوسائل الباب 43 من ابواب العدد الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 430

[مسألة 6: إذا طلق زوجته رجعيا فمات في أثناء العدة اعتدت عدة الوفاة]

(مسألة 6): اذا طلق زوجته رجعيا فمات في اثناء العدة اعتدت عدة الوفاة فان كانت حرة اعتدت عدة الحرة للوفاة و ان كانت امة اعتدت عدة الامة للوفاة (1) أما لو كان الطلاق بائنا أكملت عدة الطلاق لا غير حرة كانت أم أمة (2).

[مسألة 7: الحمل الذي يكون وضعه هو منتهي عدة الحامل]

(مسألة 7): الحمل الذي يكون وضعه هو منتهي عدة الحامل اعم مما كان سقطا تاما أو غير تام حتي لو كان مضغة أو علقة (3).

[مسألة 8: إذا كانت حاملا باثنين لم تخرج من العدة إلا بوضع الاثنين]

(مسألة 8): اذا كانت حاملا باثنين لم تخرج من العدة الا بوضع الاثنين (4).

______________________________

(1) فان الرجعية زوجة او في حكمها فيترتب عليه ما ذكره في المتن.

(2) اذ المفروض ان المرأة بالطلاق ابينت من زوجها فعدتها عدة الطلاق و لا اثر لموت الزوج و عدمه في عدتها فلاحظ.

(3) لاحظ ما رواه عبد الرحمن عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الحبلي اذا طلقها زوجها فوضعت سقطا تم او لم يتم أو وضعته مضغة فقال: كل شي ء يستبين انه حمل تم او لم يتم فقد انقضت عدتها و ان كان مضغة «1» فانه عليه السلام قد صرح بعموم الحكم في الرواية و ذكر عليه السلام المضغة لأجل سؤال الراوي عن المضغة بالخصوص فلا يختص الحكم بمورد دون مورد بل الميزان بتحقق الحمل و لو كان علقة كما في المتن و قد مر في المسألة 2 ما له نفع في المقام فراجع.

(4) اذ لا يصدق الوضع الموضوع لانقضاء العدة الا بوضع الجميع و ربما

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب العدد

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 431

[مسألة 9: لا بد من العلم بوضع الحمل]

(مسألة 9): لا بد من العلم بوضع الحمل (1) فلا يكفي الظن به فضلا عن الشك (2) نعم يكفي قيام الحجة علي ذلك كالبينة و ان لم تفد الظن (3) و المشهور علي انه يعتبر الحاق الولد بذي العدة فلو لم يلحق به كما لو كان الزوج بعيدا عنها بحيث لا يحتمل تولده منه لم يكن وضعه موجبا للخروج عن العدة منه بل يكون عدتها الاقراء

______________________________

يقال بكفاية الوضع الاول لخبر عبد الرحمن عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل طلق امرأته و هي حبلي و كان في بطنها اثنان

فوضعت واحدا و بقي واحد قال: تبين بالاول و لا تحل للأزواج حتي تضع ما في بطنها «1».

و لصدق الوضع بالوضع الاول و بأنه لا ريب في كفاية حال الانفراد فيستصحب كونه كذلك حال الاجتماع.

و يرد علي الوجه الاول ان الرواية ضعيفة سندا بجعفر بن سماعة و علي الوجه الثاني انه لا يصدق عليه الوضع علي الاطلاق بل يصدق الوضع مقيدا بالاول و الحال ان العدة تنقضي بوضع الحمل علي الاطلاق و بعبارة اخري: يلزم انه يصدق انها وضعت ما في رحمها و يرد علي الوجه الثالث انه لا مجال للاستصحاب اذ كونه موضوعا للحكم في زمان لا يكون معه غيره مضافا الي رجوعه الي الاستصحاب التعليقي الذي لا نقول به اضف الي ذلك كله ان الاستصحاب لا يجري في الحكم الكلي.

(1) اذ مع عدمه او ما بحكمه يجري استصحاب عدمه.

(2) فانه لا يغني عن الحق شيئا.

(3) كما هو ظاهر فانه لازم الحجية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب العدد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 432

او الشهور (1) و لكنه لا يخلو من اشكال و الاحتياط لا يترك (2).

[مسألة 10: الغائب إن عرف خبره و علمت حياته صبرت امرأته]

(مسألة 10): الغائب ان عرف خبره و علمت حياته صبرت امرأته (3) و كذا ان جهل خبره و انفق عليها وليه من مال الغائب او من مال نفسه (4) و ان لم يكن للغائب مال و لم ينفق الولي عليها من مال

______________________________

(1) ادعي عليه عدم وجدان الخلاف فيه- كما في الجواهر-.

(2) لعل وجه الاشكال ان مقتضي اطلاق دليل ما يدل علي انقضاء العدة بالوضع عدم الفرق بين الموردين.

(3) اذ المفروض كون الزوج حيا فلا مناص من الصبر و الانتظار مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه

سماعة قال: سألته عن المفقود فقال: ان علمت انه في ارض فهي منتظرة له أبدا حتي يأتيها موته أو يأتيها طلاق و ان لم تعلم اين هو من الارض و لم يأتها منه كتاب و لا خبر فانها تأتي الامام عليه السلام فيأمرها أن تنتظر أربع سنين فيطلب في الارض فان لم يوجد له خبر حتي يمضي الأربع سنين امرها أن تعتد اربعة أشهر و عشرا ثم تحل للأزواج فان قدم زوجها بعد ما تنقضي عدتها فليس له عليها رجعة و ان قدم و هي في عدتها اربعة أشهر و عشرا فهو أملك برجعتها «1».

(4) اذ مع الجهل يحكم ببقائه بالاستصحاب فيجب علي زوجته الصبر مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن المفقود فقال: المفقود اذا مضي له أربع سنين بعث الوالي أو يكتب الي الناحية التي هو غائب فيها فان لم يوجد له أثر امر الوالي وليه أن ينفق عليها فما أنفق عليها فهي امرأته قال قلت: فانها تقول: فاني اريد ما تريد النساء: قال ليس ذاك لها و لا كرامة فان لم ينفق عليها وليه او وكيله أمره أن يطلقها فكان ذلك عليها طلاقا

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 433

نفسه فان صبرت المرأة علي ذلك فهو (1) و ان لم تصبر فالمشهور انها ترفع امرها الي الحاكم الشرعي فيؤجلها اربع سنين ثم يفحص عنه في الجهات التي فقد فيها فان

______________________________

واجبا «1».

(1) اذ مع الصبر و عدم رفع الأمر الي الحاكم يعمل علي مقتضي الاستصحاب المقتضي لبقائه و كونه حيا و مع فرض احراز حياته

و لو بالأصل لا مفر لزوجته مضافا الي ما رواه بريد بن معاوية قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن المفقود كيف تصنع امرأته؟ فقال: ما سكتت عنه و صبرت فخل عنها، و ان هي رفعت امرها الي الوالي أجلها اربع سنين ثم يكتب الي الصقع الذي فقد فيه فليسأل عنه فان خبر عنه بحياة صبرت و ان لم يخبر عنه بحياة حتي تمضي الاربع سنين دعا ولي الزوج المفقود فقيل له: هل للمفقود مال؟ فان كان للمفقود مال أنفق عليها حتي يعلم حياته من موته و ان لم يكن له مال قيل للولي أنفق عليها، فان فعل فلا سبيل لها الي أن تتزوج ما انفق عليها و ان أبي أن ينفق عليها اجبره الوالي علي أن يطلق تطليقة في استقبال العدة و هي طاهر فيصير طلاق الولي طلاق الزوج فان جاء زوجها قبل أن تنقضي عدتها من يوم طلقها الولي فبدا له أن يراجعها فهي امرأته و هي عنده علي تطليقتين و ان انقضت العدة قبل أن يجي ء و يراجع فقد حلت للأزواج و لا سبيل للأول عليها «2» فانه عليه السلام صرح في هذه الرواية بأنها ما صبرت و سكتت عنه فخل عنها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 434

علم حياته صبرت (1) و ان علم موته اعتدت عدة الوفاة (2) و ان جهل حاله و انقضت الاربع سنين أمر الحاكم وليه بأن يطلقها فان امتنع اجبره (3) فان لم يكن له ولي أو لم يمكن اجباره طلقها الحاكم (4).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه بريد «1».

(2) كما هو ظاهر.

(3) لاحظ حديث بريد

المتقدم ذكره آنفا.

(4) يستفاد من حديث الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام في امرأة غاب عنها زوجها اربع سنين و لم ينفق عليها و لم تدر أحي هو أم ميت أ يجبر وليه علي أن يطلقها؟ قال: نعم و ان لم يكن له ولي طلقها السلطان قلت: فان قال الولي:

أنا انفق عليها قال: فلا يجبر علي طلاقها قال: قلت أ رأيت ان قالت أنا اريد مثل ما تريد النساء و لا اصبر و لا اقعد كما أنا قال: ليس لها ذلك و لا كرامة اذا انفق عليها «2»، انه ان كان له ولي اجبره الحاكم و ان لم يكن له ولي طلقها السلطان لكن الاشكال في سند الحديث من جهة محمد بن الفضيل فلا بد من ملاحظة حديث سماعة «3».

فان المستفاد من هذا الحديث ان الامام يأمرها أن تنتظر اربع سنين فيطلب زوجها فان لم يوجد له خبر في هذه المدة يأمرها أن تعتد اربعة أشهر و عشرا ثم تحل للأزواج و مقتضي الصناعة أن يقيد حديث سماعة بالطائفة الأولي أي حديث بريد فالنتيجة انه لو كان له ولي يأمره أن يطلقها وليها و ان امتنع أجبره و ان لم يمكن اجباره يطلق نيابة عنه من باب انه ولي الممتنع و اما ان لم يكن له ولي يعمل بما

______________________________

(1) لاحظ ص: 433

(2) الوسائل الباب 23 من ابواب اقسام الطلاق الحديث: 5

(3) لاحظ ص: 432

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 435

ثم اعتدت عدة الوفاة (1) و ليس عليها فيها حداد (2) فاذا خرجت من العدة صارت اجنبية عن زوجها و جاز لها أن تتزوج من شاءت و اذا جاء زوجها حينئذ فليس له عليها سبيل و

ما ذكره المشهور قريب و ان منعه بعض (3) و لو كانت له زوجات اخري لم ترفعن امرهن الي الحاكم فهل يجوز للحاكم طلاقهن اذا طلبن ذلك فيجتزي بمضي المدة المذكورة و الفحص عنه بعد طلب احداهن أو يحتاج الي تأجيل و فحص جديد؟

و جهان اقربهما الاول (4) كما انه لا يبعد الاجتزاء بمضي الاربع سنين بعد فقده مع الفحص فيها و ان لم يكن بتأجيل من الحاكم (5) و لكن

______________________________

يستفاد من حديث سماعة اللهم الا أن يقوم اجماع تعبدي كاشف علي لزوم الطلاق علي كل تقدير و اللّه العالم.

(1) الظاهر من حديث بريد ان عدتها عدة الطلاق نعم المستفاد من حديث سماعة ان عدتها عدة الوفاة لكن يختلف الموضوع في احدهما عن الاخر فلا مجال لتقييد خبر بريد بحديث سماعة و ملخص الكلام ان حديث بريد اخص من حديث سماعة و المستفاد منه ظاهرا بحسب الفهم العرفي ان العدة المأمور بها فيه عدة الطلاق فالصناعة تقتضي أن يقيد حديث سماعة به هذا ما يختلج ببالي القاصر في هذه العجالة و اللّه العالم.

(2) لعدم الدليل عليه بل لا يبعد أن يقال بأن الاطلاق المقامي يقتضي عدمه.

(3) كما هو مقتضي النص.

(4) فانه يفهم عرفا الكفاية فان وجوب الفحص طريقي لا نفسي و في النفس شي ء.

(5) لتحقق الموضوع في نظر العرف و عدم الموضوعية لأمر الحاكم.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 436

الحاكم يأمر حينئذ بالفحص عنه مقدارا ما ثم يأمر بالطلاق أو يطلق (1) و الاحوط الاولي أن يكون التأجيل و الفحص في تلك المدة من قبله (2) و لو فقد في بلد مخصوص أو جهة مخصوصة بحيث دلت القرائن علي عدم انتقاله منها كفي البحث في ذلك

البلد أو تلك الجهة (3) و لو تحقق الفحص التام في مدة يسيرة فان احتمل الوجدان بالفحص في المقدار الباقي و لو بعيدا لزم الفحص (4) و ان تيقن عدم الوجدان سقط وجوب الفحص (5) و لكن يجب الانتظار تمام المدة علي الاحوط (6) و لو تمت المدة و احتمل وجدانه بالفحص بعدها لم يجب بل يكتفي

______________________________

(1) لم يظهر لي وجهه فانه علي تقدير موضوعية أمره فلا بد من استئناف الفحص و الا فلا وجه لأمره بمقدار من الفحص و لعله ناظر الي وجه لا اعلمه و اللّه العالم.

(2) لا اشكال في حسن الاحتياط سيما في المقام.

(3) لعدم موضوعية للفحص فلا وجه له مع القطع لعدم ترتب اثر عليه و لكن مقتضي القاعدة الفحص مع احتمال الظفر علي الاطلاع منه اذ يمكن عدم انتقاله من مكان فلاني و مع ذلك يوجد في غير ذلك المكان من كان مطلعا بحاله فيلزم الفحص لإطلاق الدليل لكن في حديث بريد ذكر هكذا «ثم يكتب الي الصقع الذي فقد فيه» فيختص الفحص بذلك الصقع.

(4) كما هو ظاهر اذ يجب العمل بما عين من حيث الوظيفة.

(5) اذ مع اليقين بعدم ترتب اثر علي الفحص لا وجه له لعدم موضوعيته.

(6) لعدم دليل علي جواز التزويج قبل انتهاء المدة.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 437

بالفحص في المدة المضروبة (1) و لا فرق في المفقود بين المسافر و من كان في معركة قتال و من انكسرت سفينته ففقد (2) و يجوز للحاكم الاستنابة في الفحص (3) و لو الزوجه (4) و يكفي في النائب الوثاقة (5) و لا فرق في الزوج بين الحر و العبد و كذلك الزوجة (6) و الظاهر اختصاص الحكم بالدوام

فلا يجري في المتعة (7) و الطلاق الواقع من الولي أو الحاكم رجعي تجب فيه النفقة (8) و اذا حضر الزوج في اثناء العدة جاز له الرجوع بها (9) و اذا مات احدهما في العدة ورثه الاخر

______________________________

(1) لإطلاق الدليل.

(2) لإطلاق النص و لا وجه للتقييد.

(3) فان المستفاد من النص الوارد في المقام لزوم الاستخبار و الاستطلاع بلا خصوصية لمن يتصدي ذلك فتجوز الاستنابة.

(4) فانها كبقية الأفراد من هذه الجهة ان كانت ثقة مأمونة.

(5) لاعتبار قول الثقة في الموضوعات بمقتضي السيرة العقلائية الممضاة شرعا.

(6) للإطلاق.

(7) بدليل وجوب الانفاق و الطلاق و كلاهما مختصان بالدوام.

(8) كما صرح به في النص و بعد كون الطلاق رجعيا يترتب عليه حكمه من وجوب النفقة لكن علي ما سلكنا لا بد من التفصيل بين الطلاق و الانتظار بلا طلاق كما هو المستفاد من حديث سماعة فاذا طلقت يكون طلاقها طلاقا رجعيا و يجب النفقة و اما اذا لم تطلق فلا.

(9) كما صرح به في حديث بريد فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 438

و لو مات بعد العدة فلا توارث بينهما (1).

[مسألة 11: ذكر بعض الأكابر أن المفقود المعلوم حياته مع عدم تمكن زوجته من الصبر يجوز للحاكم أن يطلق زوجته]

(مسألة 11): ذكر بعض الاكابر ان المفقود المعلوم حياته مع عدم تمكن زوجته من الصبر يجوز للحاكم أن يطلق زوجته و كذلك المحبوس الذي لا يمكن اطلاقه من الحبس ابدا اذا لم تصبر زوجته علي هذه الحال و ما ذكره قدس سره بعيد و أبعد منه ما ذكره أيضا من أن المفقود اذا أمكن اعمال الكيفيات المذكورة من ضرب الاجل و الفحص لكن كان ذلك موجبا للوقوع في المعصية تجوز المبادرة الي طلاقها من دون ذلك و لازم كلامه جواز المبادرة الي طلاق الزوجة بلا اذن من الزوج اذا علم كون

بقائها علي الزوجية موجبا للوقوع في المعصية و هو كما تري (2).

نعم اذا كان الزوج ممتنعا من الانفاق علي زوجته مع استحقاقها النفقة عليه رفعت أمرها الي الحاكم فيأمر زوجها بالانفاق أو الطلاق فان

______________________________

(1) لا بد من التفصيل فانه لو طلقت يثبت التوارث اذ المفروض ان الطلاق رجعي و المطلقة الرجعية في حكم الزوجة من جميع الجهات و المورد من مصاديقها.

(2) و لقد أجاد الماتن فيما أفاد في المقام فان هذه التقريبات لا تقتضي التصدي للطلاق مع كونه بيد من أخذ بالساق و علي الجملة الولاية علي الغير تحتاج الي الدليل فما دام لم يقم دليل عليها لا يمكن القول بها و لو كان هذا التقريب تاما لكان مقتضيا لإمكان تحليل المحرمات كي لا يتحقق الوقوع في المعصية فنحكم بحلية شرب الخمر لعدم وقوع شاربه في المعصية و هكذا و هكذا و هذا خلاف ضرورة المذهب بل خلاف ضرورة الدين و شريعة سيد المرسلين.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 439

امتنع عن كليهما طلقها الحاكم كما مر (1) و الظاهر ان الطلاق حينئذ بائن لا يجوز للزوج الرجوع بها أثناء العدة و عدتها عدة الطلاق (2).

[مسألة 12: عدة الموطوءة بشبهة عدة الطلاق]

(مسألة 12): عدة الموطوءة بشبهة عدة الطلاق (3) فان كانت

______________________________

(1) لجملة من النصوص منها ما رواه ربعي و الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله تعالي وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّٰا آتٰاهُ اللّٰهُ قال: ان أنفق عليها ما يقيم ظهرها مع كسوة و الا فرق بينهما «1».

و منها: ما رواه أبو بصير يعني المرادي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها و يطعمها ما يقيم صلبها

كان حقا علي الامام أن يفرق بينهما 2.

و منها: ما رواه أبو بصير أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّٰا آتٰاهُ اللّٰهُ قال: اذا أنفق الرجل علي امرأته ما يقيم ظهرها مع الكسوة و الا فرق بينهما 3.

(2) يمكن الاستدلال علي المدعي بوجهين احدهما ان الطلاق الرجعي يحتاج الي دليل و الأصل الأولي عدم كونه رجعيا فان كل حادث مسبوق بالعدم و مقتضي الاستصحاب بقائه علي ما كان فلا يكون الطلاق رجعيا و بتقريب آخر ان الزوجية الزائلة لا تعود الا مع قيام دليل ثانيهما: ان تصدي الحاكم للطلاق لنجاة المرأة عن قيد زوجية من لا يقدم بمقتضي وظيفته و امكان الرجوع للزوج نقض لهذا الغرض فلاحظ.

(3) قال في الجواهر: «لا خلاف و لا اشكال في أن وطئ الشبهة يسقط معه الحد الذي موضوعه الزنا و تجب له العدة» الخ و تدل علي المدعي النصوص

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 1 من ابواب النفقات الحديث: 1 و 2

(2) (3) نفس المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 440

حاملا فبوضع الحمل (1) و ان كانت حائلا مستقيمة الحيض فبالاقراء و الا فبالشهور (2) و كذلك المفسوخ نكاحها بعد الدخول بفسخ فاسخ لعيب او نحوه (3).

______________________________

الدالة علي ثبوت العدة بالدخول و الايلاج و التقاء الختانين فمن تلك النصوص ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل دخل بامرأة: قال اذا التقي الختانان وجب المهر و العدة «1».

و منها: ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا التقي الختانان وجب المهر و العدة و الغسل 2.

(1) بمقتضي

الكتاب وَ أُولٰاتُ الْأَحْمٰالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ 3.

(2) يدل علي المدعي ما يدل من النصوص الدالة علي من تزوج بذات عدة و دخل بها منها ما رواه الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن المرأة الحبلي يموت زوجها فتضع و تزوج قبل أن تمضي لها اربعة أشهر و عشرا فقال:

ان كان دخل بها فرق بينهما و لم تحل له أبدا و اعتدت ما بقي عليها من الاول و استقبلت عدة اخري من الاخر ثلاثة قروء و ان لم يكن دخل بها فرق بينهما و اعتدت بما بقي عليها من الاول و هو خاطب من الخطاب 4 فان المستفاد من هذه النصوص انه تجب العدة لوطئ الشبهة و تكون عدتها عدة الطلاق.

(3) لاحظ ما رواه ابو عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام قال في رجل تزوج امرأة من وليها فوجد بها عيبا بعد ما دخل بها الي أن قال: قال: و تعتد منه عدة المطلقة

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 54 من ابواب المهور الحديث: 3 و 4

(2) (3) الطلاق/ 4

(3) (4) الوسائل الباب 17 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 441

أو بانفساخ لارتداد (1) أو رضاع أو غيره (2) نعم اذا ارتد الزوج عن فطرة فالعدة عدة الوفاة (3) اما اذا كان الفسخ قبل الدخول فلا عدة عليها هذا في الحرة (4) و كذلك الامة علي الاحوط (5).

______________________________

ان كان دخل بها، و ان لم يكن دخل بها فلا عدة عليها و لا مهر لها «1».

(1) ادعي عليه عدم الخلاف و عن الرياض: ظاهر الاصحاب الاتفاق عليه بل صرح به جماعة و يؤيد المدعي ما رواه الحضرمي:

ان ارتد الرجل المسلم عن الإسلام بانت منه امرأته كما تبين المطلقة ثلاثا و تعتد منه كما تعتد المطلقة «2».

(2) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: عدة المرأة التي لا تحيض و المستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر و عدة التي تحيض و يستقيم حيضها ثلاثة قروء «3» و مثله غيره فان هذه الطائفة من النصوص تدل باطلاقها علي أن العدة في النساء كذلك و لا بد في الخروج عن الكلية من دليل.

(3) لاحظ ما رواه الساباطي قال: سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول: كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الإسلام و جحد محمدا صلي اللّه عليه و آله نبوته و كذبه فان دمه مباح لمن سمع ذلك منه و امرأته بائنة منه يوم ارتد و يقسم ماله علي ورثته و تعتد امرأته عدة المتوفي عنها زوجها و علي الامام أن يقتله و لا يستتيبه «4».

(4) اذ مع فرض عدم الدخول لا عدة فالسالبة بانتفاء الموضوع فلاحظ.

(5) قال السيد اليزدي قدس سره في ملحقات عروته في مسئلة 6 من مسائل عدة الامة في الطلاق: «اذا وطئت شبهة ففي كون الحكم الاستبراء أو العدة و جهان

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 6 من ابواب موانع الارث الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 4 من ابواب العدد الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 1 من أبواب حد المرتد الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 442

[مسألة 13: لا عدة علي المزني بها من الزنا إن كانت حرة]

(مسألة 13): لا عدة علي المزني بها من الزنا ان كانت حرة و لا استبراء عليها ان كانت امة فيجوز لزوجها أن يطأها (1) و يجوز التزويج بها للزاني و غيره (2).

______________________________

مقتضي الاستصحاب

الثاني مع انه احوط».

و لا اشكال في ان الاحتياط طريق النجاة و أما الاستدلال بالاستصحاب ففيه ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد و يمكن أن يقال: ان مقتضي اطلاق بعض النصوص التسوية في العدة عن الوطء شبهة بين الحرة و الامة لاحظ ما رواه الحلبي «1» فان مقتضي هذه الرواية عدم الفرق بين المرأة الحبلي المذكور في هذا الرواية بين كونها حرة و أمة و حيث ان هذه المسألة لا تكون مورد الابتلاء في زماننا لا نطيل الكلام فيها و نكتفي بهذا المقدار من البحث فيها و اللّه العالم بحقايق الامور و عليه التوكل و التكلان.

(1) لعدم الحرمة لماء الزاني فيجوز لزوجها أن يطأها و يدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل له جارية فوثب عليها ابن له ففجر بها فقال: قد كان رجل عنده جارية و له زوجة فأمرت ولدها أن يثب علي جاريته فسئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن ذلك فقال: لا يحرم ذلك علي ابيه الا أنه لا ينبغي أن يأتيها حتي يستبرئها للولد فان وقع فيما بينهما ولد فالولد للأب اذا كانا جامعاها في يوم واحد و شهر واحد «2».

(2) المستفاد من حديث الحلبي حرمة التزويج بالمرأة المعلنة بالزنا الا بعد التوبة قال: قال ابو عبد اللّه عليه السلام لا تتزوج المرأة المعلنة بالزنا و لا يتزوج

______________________________

(1) لاحظ ص: 440

(2) الوسائل الباب 55 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 443

______________________________

الرجل المعلن بالزنا الا بعد أن تعرف منهما التوبة «1».

و يستفاد من حديث ابن جرير جواز التمتع بالزانية بلا اشتراط بالتوبة قال قلت:

لأبي عبد اللّه عليه السلام ان عندنا بالكوفة امرأة معروفة بالفجور أ يحل أن أ تزوجها متعة قال: فقال: رفعت راية؟ قلت: لا لو رفعت راية أخذها السلطان قال: نعم تزوجها متعة قال: ثم أصغي الي بعض مواليه فاسر اليه شيئا، فلقيت مولاه فقلت له: ما قال لك فقال: انما قال لي و لو رفعت راية ما كان عليه في تزويجها شي ء انما يخرجها من حرام الي حلال «2».

و النسبة بين الحديثين عموم من وجه فان ما به الافتراق من ناحية حديث الحلبي التزويج الدائم بالزانية المعلنة فانه لا يعارضه حديث ابن جرير كما انه ما به الافتراق من ناحية حديث ابن جرير المتمتع بالزانية غير المعلة فانه لا يعارضه حديث الحلبي و يتعارضان في التزويج متعة بالزانية غير المعلنة و الترجيح مع دليل الجواز لموافقته مع الكتاب و ان أبيت عن الترجيح بالكتاب و قلت: ان المستفاد من الكتاب العقد الدائم قلت كيف لا يكون الكتاب متعرضا لجواز المتعة و الحال ان مقتضي بعض النصوص ان المتعة نزلت في القرآن لاحظ ما رواه أبو بصير قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن المتعة فقال: نزلت في القرآن فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ فِيمٰا تَرٰاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ «3».

و لاحظ ما رواه زرارة قال جاء عبد اللّه بن عمر الليثي الي أبي جعفر عليه السلام فقال: ما تقول في متعة النساء؟ فقال أحلها اللّه في كتابه و علي سنة نبيه، فهي حلال الي يوم القيمة فقال: يا أبا جعفر مثلك يقول هذا و قد حرمها عمر و نهي عنها؟

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث:

1

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب المتعة الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 1 من ابواب المتعة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 444

لكن الاحوط لزوما أن لا يتزوج بها الزاني الا بعد استبرائها بحيضة (1).

______________________________

فقال: و ان كان فعل فقال: فاني اعيذك باللّه من ذلك أن تحل شيئا حرمه عمر فقال له:

فانت علي قول صاحبك و أنا علي قول رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فهلم الا عنك ان الحق ما قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و ان الباطل ما قال صاحبك «1».

و علي فرض الإغماض يكون الترجيح بالمخالفة مع العامة أيضا مع دليل الجواز و ان ابيت عن هذا أيضا قلت غاية ما في الباب التساقط بعد التعارض فتصل النوبة الي الاخذ باطلاق دليل جواز التمتع و استحبابه فالنتيجة انه يجوز التزويج متعة علي الاطلاق و أما النكاح الدائم فيجوز مع التوبة لكن في المقام اشكال و هو ان استفادة الجواز متعة مع الاعلان عن حديث ابن جرير يتوقف علي حجية قول بعض الموالي الذي قال «انما قال: و لو رفعت راية ما كان عليه في تزويجها شي ء» و اعتبار قوله لا دليل عليه فالنتيجة: انه لا يجوز تزويج المعلنة الا بعد التوبة و اللّه العالم.

(1) لاحظ ما رواه ابن جرير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يفجر بالمرأة ثم يبدو له في تزويجها هل يحل له ذلك: قال: نعم اذا هو اجتنبها حتي تنقضي عدتها باستبراء رحمها من ماء الفجور فله أن يتزوجها و انما يجوز له أن يتزوجها بعد أن يقف علي توبتها «2».

فان المستفاد من هذه الرواية عدم جواز تزويج الزاني بالزانية الا بعد

استبراء رحمها لكن بعد وقوفه علي توبتها و يدل علي شرطية التوبة ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يحل له أن يتزوج امرأة كان يفجر بها؟

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 11 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 445

[مسألة 14: الموطوءة شبهة لا يجوز لزوجها أن يطأها ما دامت في العدة]

(مسألة 14): الموطوءة شبهة لا يجوز لزوجها ان يطأها ما دامت في العدة (1) و في جواز سائر الاستمتاعات له اشكال (2).

______________________________

قال: ان آنس منها رشدا فنعم و الا فليراودها علي الحرام فان تابعته فهي عليه حرام و ان أبت فليتزوجها «1» لكن الظاهر ان هذا التفصيل بهذا النحو لا ينطبق عليه كلماتهم رضوان اللّه عليهم و اللّه العالم.

(1) لاحظ ما رواه ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجلين شهدا علي رجل غائب عند امرأته أنه طلقها فاعتدت المرأة و تزوجت ثم ان الزوج الغائب قدم فزعم أنه لم يطلقها فاكذب نفسه أحد الشاهدين فقال: لا سبيل للأخير عليها و يؤخذ الصداق من الذي شهد فيرد علي الأخير و الاول أملك بها و تعتد من الاخير و لا يقربها الاول حتي تنقضي عدتها «2» فان المستفاد من الحديث عدم جواز القرب ما دامت في العدة.

(2) بتقريب ان المستفاد من الحديث عدم القرب علي نحو الاطلاق فيشمل جميع الاستمتاعات و الانصاف ان انعقاد الاطلاق بهذا النحو محل الاشكال و الكلام بل لا يبعد أن يكون المتبادر من اللفظ عرفا القرب الخاص المعهود في الاذهان و العرف ببابك و العجب من سيدنا الاستاد انه استشكل في بقية الاستمتاعات بهذا التقريب و مع ذلك جوز النظر اليها اذا لم يكن مقرونا مع

اللذة بدعوي انه لا دليل علي حرمة النظر بل يدل علي جوازه دليل جواز النظر الي الزوجة و هذا جمع بين المتناقضين اذ المستفاد من الرواية ان كان المنع عن القرب بتمام معني الكلمة كما في عبارة التقرير فلا يجوز النظر علي الاطلاق.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 37 من ابواب العدد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 446

و الظاهر انه لا يجوز تزويجها في العدة لو كانت خلية (1).

______________________________

و بعبارة اخري: الحديث يخصص تلك الادلة بتمامها و ان كان المستفاد منه خصوص القرب الكذائي فبقية الامور جائزة بلا تقييد و تخصيص نعم في المقام حديث آخر رواه أبو بصير و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في شاهدين شهدا علي امرأة بأن زوجها طلقها او مات عنها فتزوجت ثم جاء زوجها قال:

يضربان الحد و يضمنان الصداق للزوج بما غراه ثم تعتد و ترجع الي زوجها الاول «1».

و الانصاف ان المستفاد من هذا الحديث أنها تجتنب عن الزوج ايام العدة و بعبارة اخري يستفاد منه انه بالحادث المفروض صارت حيلولة بين الزوجين لا تزول الا بالعدة الا أن يقال المذكور في الرواية لفظ (واو) و هي لا تدل علي الترتيب فالمرجع حديث ابن مسلم فلاحظ.

(1) لجملة من النصوص الدالة علي عدم جواز تزويج المعتدة منها ما رواه اسحاق بن عمار قال: قلت لأبي ابراهيم عليه السلام بلغنا عن ابيك ان الرجل اذا تزوج المرأة في عدتها لم تحل له أبدا فقال: هذا اذا كان عالما فاذا كان جاهلا فارقها و يعتد ثم يتزوجها نكاحا جديدا «2».

مضافا الي الآيات الدالة علي عدم جواز تزويج المعتدة و هو قوله تعالي يٰا أَيُّهَا النَّبِيُّ

إِذٰا طَلَّقْتُمُ النِّسٰاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ رَبَّكُمْ «3» و قوله وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْوٰاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً «4»

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 17 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 10

(3) الطلاق/ 1

(4) البقرة/ 234

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 447

[مسألة 15: مبدء عدة الطلاق من حين وقوعه حاضرا كان الزوج أو غائبا]

(مسألة 15): مبدء عدة الطلاق من حين وقوعه حاضرا كان الزوج (1) او غائبا (2).

______________________________

و قوله وَ إِذٰا طَلَّقْتُمُ النِّسٰاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلٰا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوٰاجَهُنَّ «1» وَ الْمُطَلَّقٰاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلٰاثَةَ قُرُوءٍ «2» بتقريب ان المستفاد من هذه الآيات ان التزويج في العدة لا يجوز.

(1) بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- مضافا الي أنه مقتضي القاعدة الاولية فان الظاهر من الادلة ان العدة متصلة بسببها ففي كل زمان تحقق الطلاق يكون اول زمان العدة و لصدق التربص المأمور به في دليلها.

(2) قال في الجواهر في هذا المقام: «عند المشهور بين الاصحاب بل عن الناصريات الاجماع عليه» الخ و يستفاد المدعي من جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام اذا طلق الرجل و هو غائب فليشهد علي ذلك فاذا مضي ثلاثة اقراء من ذلك اليوم فقد انقضت عدتها «3».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يطلق امرأته و هو غائب عنها من أي يوم تعتد به؟ فقال: ان قامت لها بينة عدل أنها طلقت في يوم معلوم و تيقنت فلتعتد من يوم طلقت و ان لم تحفظ في أي يوم و في أي شهر فلتعتد من يوم يبلغها 4 فان

المستفاد من هذه الروايات ان زمان عدة الغائب عنها زوجها يشرع من حين تحقق الطلاق.

______________________________

(1) البقرة/ 232

(2) البقرة/ 228

(3) (3 و 4) الوسائل الباب 26 من ابواب العدد الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 448

و مبدء عدة الوفاة في الحاضر من حينها (1) و في الغائب (2).

______________________________

(1) و هذا مشهور عند القوم و القاعدة الأولية تقتضي ذلك بالتقريب المتقدم و ان شئت قلت: لو لا الدليل الخارجي تحسب العدة من حين تحقق سببها و هذا ظاهر واضح.

(2) قال في الجواهر: «علي المشهور أيضا بل عن الناصريات الانفاق عليه بل عن السرائر و التحرير نفي الخلاف فيه» الخ و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام في الرجل يموت و تحته امرأة و هو غائب قال: تعتد من يوم يبلغها وفاته «1».

و منها: ما رواه بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال في الغائب عنها زوجها اذا توفي قال: المتوفي عنها تعتد من يوم يأتيها الخبر لأنها تحد عليه 2.

و منها: ما رواه ابن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال المتوفي عنها زوجها تعتد من يوم يبلغها لأنها تريد أن تحد عليه 3.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال:

المتوفي عنها زوجها و هو غائب تعتد من يوم يبلغها و لو كان قد مات قبل ذلك بسنة او سنتين 4.

و منها: ما رواه محمد بن علي بن الحسين باسناده الي قضايا أمير المؤمنين عليه السلام في حديث قال: و المطلقة تعتد من يوم طلقها زوجها و المتوفي عنها تعتد من يوم يبلغها

الخبر 5 فان المستفاد من هذه النصوص ان عدة من مات عنها

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 28 من ابواب العدد الحديث: 1 و 3

(2) (3 و 4) نفس المصدر الحديث: 4 و 8

(3) (5) نفس المصدر الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 449

______________________________

زوجها من حين وصول الخبر اليها.

و يستفاد من جملة من النصوص خلاف ما يستفاد من هذه الطائفة منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: امرأة بلغها نعي زوجها بعد سنة أو نحو ذلك قال: فقال: ان كانت حبلي فأجلها أن تضع حملها و ان كانت ليست بحبلي فقد مضت عدتها اذا قامت لها البينة انه مات في يوم كذا و كذا و ان لم يكن لها بينة فلتعتد من يوم سمعته «1» و هذه الرواية محل الاشكال من حيث السند فان الراوي عن الحلبي عبد اللّه علي ما في التهذيب.

و منها: ما رواه ابو البختري وهب بن وهب عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام انه سئل عن المتوفي عنها زوجها اذا بلغها ذلك و قد انقضت عدتها فالحداد يجب عليها فقال علي عليه السلام: اذا لم يبلغها ذلك حتي تنقضي عدتها فقد ذهب ذلك كله و تنكح من احبت «2» و هذه الرواية ضعيفة سندا.

و منها: ما رواه حسن بن زياد قال سألت أبا عبد اللّه عليه عن المطلقة يطلقها زوجها و لا تعلم الا بعد سنة و المتوفي عنها زوجها و لا تعلم بموته الا بعد سنة قال:

ان جاء شاهدان عدلان فلا تعتدان و الا تعتدان «3».

قال في الوسائل: «و يحتمل الحمل علي التقية» و لكن لا يبعد أن يكون الترجيح معه بموافقة

الكتاب حيث ان المستفاد منه بحسب الظهور العرفي ان مبدأ العدة من حين الموت فلا تصل النوبة الي ملاحظة الترجيح بمخالفة القوم.

و منها: ما رواه منصور بن حازم قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10 و تهذيب الاحكام ج 8 ص 164 حديث: 170

(2) الوسائل الباب 28 من ابواب العدد الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 450

و من بحكمه كالمحبوس من حين بلوغ خبر الوفاة (1) بل لا يبعد

______________________________

المرأة يموت زوجها أو يطلقها و هو غائب قال: ان كان مسيرة ايام فمن يوم يموت زوجها تعتد و ان كان من بعد فمن يوم يأتيها الخبر لأنها لا بد من أن تحد له «1»

و المستفاد من هذه الرواية التفصيل بين البعيد و القريب و عن الحدائق حمله علي البلاد المتسعة و معلوم انه خلاف الظاهر و قال صاحب الجواهر: «ان هذه الرواية لا تقاوم تلك النصوص» الخ و الظاهر ان ما هو المشهور عندهم متسالم عليه و لولاه لكان مقتضي القاعدة تخصيص تلك الروايات بهذه الرواية فلاحظ.

(1) قال السيد اليزدي قدس سره في ملحقات عروته: «الأقوي ان المدار علي الاطلاع بالموت و عدمه و أن التعبير بالغائب منزل علي الغالب خصوصا بملاحظة التعليل بالحداد مع انه يمكن تنزيل كلامهم أيضا علي الغائب» انتهي كلامه رفع مقامه.

و الانصاف ان رفع اليد عن ظواهر النصوص و التصرف في ظواهرها مشكل فان الأحكام التعبدية لا مجال للتصرف فيها و أما التعليل بالحداد فقد مر انه ليس شرطا في العدة بل واجب ظرفه زمان العدة فالنتيجة انه لا وجه لإلحاق المحبوس و امثاله بالغائب فضلا عن الحاضر الذي لم يبلغها

خبر وفاته الا بعد مدة و لكن مقتضي بعض النصوص ان العدة من زمان وصول خبر الوفاة اليها لاحظ حديث ابن أبي نصر «2» و حديث زياد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في المرأة اذا بلغها نعي زوجها تعتد من يوم يبلغها انما تريد أن تحد له «3» فان مقتضي اطلاقهما عموم الحكم حتي بالنسبة الي الحاضر في البلد و أما كون الحداد ليس شرطا في العدة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 12

(2) لاحظ ص: 448

(3) الوسائل الباب 28 من ابواب العدد الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 451

ذلك في الحاضر اذا لم يبلغها خبر وفاته الا بعد مدة (1) و في عموم الحكم للامة اذا مات من له العدة و علمت به بعد مدة اشكال (2) و كذا الاشكال في عمومه للصغيرة و المجنونة (3) و هل يشترط في تحقق البلوغ حجية الخبر؟ وجهان اظهرهما ذلك (4) و مبدء عدة الفسخ من

______________________________

فلا ينافي ان جعل العدة من الزمان الخاص بلحاظه فلا تغفل.

(1) قد ظهر الوجه لما أفاده فان بعض النصوص كما تقدم مطلق و اللّه العالم.

(2) التعليل المذكور في النصوص يقتضي اختصاص الحكم بالحرة و أما الامة فحيث لا حداد عليها تكون عدتها من حين الوفاة علي ما هو مقتضي القاعدة الاولية.

(3) اذ يشكل شمول الدليل لهما بل لا يبعد أن يقال ان الدليل منصرف عنهما فلاحظ.

(4) الانصاف ان الجزم بهذا الاشتراط مشكل فان مقتضي اطلاق البلوغ يقتضي التعميم الا أن يقال: الميزان بلوغ الوفاة لا خبرها لاحظ حديث ابن مسلم «1» فان الموضوع المأخوذ في الخبر بلوغها وفاته فما دام لا يكون الخبر حجة لا يصدق الموضوع.

و اما خبر الكناني عن أبي عبد

اللّه عليه السلام قال: التي يموت عنها زوجها و هو غائب فعدتها من يوم يبلغها ان قامت البينة أو لم تقم «2»، فلا يعتد به لضعف سنده فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالته و أما خبر احمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في المطلقة: ان قامت البينة أنه طلقها عند

______________________________

(1) لاحظ ص: 448

(2) الوسائل الباب 28 من ابواب العدد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 452

حينه (1) و كذا مبدء عدة وطؤ الشبهة فانه من حينه لا من حين زوال الشبهة علي الاظهر (2).

[مسألة 16: المطلقة بائنا بمنزلة الأجنبية لا تستحق نفقة علي زوجها]

(مسألة 16): المطلقة بائنا بمنزلة الاجنبية لا تستحق نفقة علي زوجها و لا تجب عليها اطاعته و لا يحرم عليها الخروج بغير اذنه (3) و أما المطلقة رجعيا فهي بمنزلة الزوجة ما دامت في العدة (4).

______________________________

كذا و كذا و كانت عدتها فقد انقضت فقد بانت و المتوفي عنها زوجها تعتد حين يبلغها الخبر لأنها تريد أن تحد له «1»، الدال علي ان الميزان بلوغ الخبر فالظاهر انه من باب الطريقية فيكون مشروطا بالحجية فلا تنافي بين هذا الخبر و خبر ان مسلم المتقدم ذكره فما إفادة في المتن من الاشتراط تام.

(1) فانه علي مقتضي القاعدة الاولية اذ لو لا الدليل الخارجي تكون العدة متصلة بسببها و اللّه العالم.

(2) الكلام فيه هو الكلام فلاحظ.

(3) كما هو مقتضي القاعدة الاولية فان الزوجة بالطلاق تبين عن زوجها و لا مقتضي لترتيب أحكام الزوجية عليها مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه سعد بن أبي خلف قال سألت أبا الحسن موسي عليه السلام عن شي ء من الطلاق فقال اذا طلق الرجل امرأته طلاقا لا يملك فيه الرجعة فقد بانت

منه ساعة طلقها و ملكت نفسها و لا سبيل له عليها و تعتد حيث شاءت و لا نفقة لها الخ «2» فان المستفاد من هذه الرواية التفصيل بين الطلاق الرجعي و البائن.

(4) المشهور عندهم ان المطلقة الرجعية بمنزلة الزوجة ما دامت في العدة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 14

(2) الوسائل الباب 20 من ابواب العدد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 453

فيجوز لزوجها الدخول عليها بغير اذن و يجوز لها (1) بل يستحب

______________________________

و استفادوا المدعي من جملة من الروايات منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المطلقة تعتد في بيتها و تظهر له زينتها لعل اللّه يحدث بعد ذلك أمرا «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المطلقة تكتحل و تختضب و تطيب و تلبس ما شاءت من الثياب لأن اللّه عز و جل يقول: «لَعَلَّ اللّٰهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذٰلِكَ أَمْراً» لعلها أن تقع في نفسه فيراجعها «2».

فانها تدل علي جواز زينتها له لعل اللّه يحدث بعد ذلك أمرا و بعبارة اخري:

تدل علي بقاء الزوجية ما دامت في العدة.

و يدل علي المدعي ما يدل علي التفصيل بين الرجعي و البائن ببقاء العصمة بينهما في الاول و عدمها في الثاني لاحظ ما رواه أبو بصير يعني المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن رجل اختلعت منه امرأته أ يحل له أن يخطب اختها من قبل أن تنقضي عدة المختلعة قال: نعم قد برئت عصمتها منه و ليس له عليها رجعة «3».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل طلق امرأة أو اختلعت أو بانت أله أن يتزوج باختها قال: فقال اذا

برئت عصمتها و لم يكن له عليها رجعة فله أن يخطب اختها 4.

(1) كما نص به في حديث محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال:

المطلقة تشوقت لزوجها ما كان له عليها رجعة و لا يستأذن عليها 5 و هذا الخبر

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من ابواب العدد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) (3 و 4) الوسائل الباب 48 من ابواب العدد الحديث: 1 و 2

(4) (5) الكافي ج 6 ص 91 حديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 454

اظهار زينتها له (1) و تجب عليه نفقتها (2) و تجب عليها اطاعته (3) و يحرم عليها الخروج من بيته بغير اذنه علي ما مر (4) و يتوارثان اذا مات أحدهما في أثناء العدة (5) و لا يجوز له أن يخرجها من بيت الطلاق الي بيت

______________________________

ضعيف بسهل لكن يمكن أن يستفاد المدعي من مجموع النصوص الواردة في المقام فان المستفاد منها ان المطلقة الرجعية بحكم الزوجة فلاحظ.

(1) و قد أشير الي تلك النصوص قريبا لاحظ ما رواه أبو بصير «1».

(2) لاحظ ما رواه سعد بن أبي خلف قال سألت ابا الحسن موسي عليه السلام عن شي ء من الطلاق الي أن قال و المرأة التي يطلقها الرجل تطليقة ثم يدعها حتي يخلو أجلها فهذه أيضا تقعد في منزل زوجها و لها النفقة و السكني حتي تنقضي عدتها «2».

(3) اذ بعد فرض بقاء الزوجية تترتب عليها احكامها منها وجوب الاطاعة لاحظ حديثي أبي بصير و زرارة «3» فان المستفاد من النص بقاء العصمة بينهما فيترتب عليها ما يترتب علي الزوجية فيجب اطاعته عليها كما كانت كذلك قبل الطلاق فلاحظ و يدل علي المدعي أيضا ما رواه معاوية بن

عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سمعته يقول المطلقة تحج في عدتها ان طابت نفس زوجها «4».

(4) و قد مر شرح كلام الماتن.

(5) لاحظ ما رواه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قضي أمير المؤمنين عليه السلام في رجل طلق امرأته ثم توفي عنها و هي في عدتها قال: ترثه و ان

______________________________

(1) لاحظ ص: 453

(2) الوسائل الباب 20 من ابواب العدد الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 453

(4) الوسائل الباب 22 من ابواب العدد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 455

آخر (1) الا ان تأتي بفاحشة مبينة (2).

______________________________

توفيت و هي في عدتها فانه يرثها و كل واحد منهما يرث من دية صاحبه ما لم يقتل أحدهما الاخر «1» و غيره المذكور في الباب المشار اليه.

(1) بصراحة الاية لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ «2» مضافا الي النص لاحظ ما رواه سعد بن أبي خلف قال سألت أبا الحسن موسي عليه السلام عن شي ء من الطلاق الي أن قال: قلت: أ ليس اللّه عز و جل يقول: لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لٰا يَخْرُجْنَ قال: فقال: انما عني بذلك التي تطلق تطليقة بعد تطليقة فتلك التي لا تخرج و لا تخرج حتي تطلق الثالثة فاذا طلقت الثالثة فقد بانت منه و لا نفقة لها «3».

و يضاف الي ذلك ما أفاده في الجواهر في هذا المقام بقوله: «بلا خلاف بل الاجماع بقسميه عليه».

(2) لاحظ الاية الشريفة وَ لٰا يَخْرُجْنَ إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ «4» ثم انه وقع الكلام بينهم في أنه ما المراد من الفاحشة المذكورة في الاية الشريفة و قد وردت جملة من الأحاديث في تفسيرها منها ما رواه علي بن ابراهيم عن أبيه

عن بعض اصحابه عن الرضا عليه السلام في قوله تعالي «لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لٰا يَخْرُجْنَ إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ» قال: أذاها لأهل زوجها و سوء خلقها «5».

و منها: ما رواه محمد بن علي بن جعفر قال سأل المأمون الرضا عليه السلام عن قول اللّه عز و جل «لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لٰا يَخْرُجْنَ إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ»

______________________________

(1) الوسائل الباب 36 من ابواب العدد الحديث: 2

(2) الطلاق/ 1

(3) الوسائل الباب 20 من ابواب العدد الحديث: 1

(4) الطلاق/ 1

(5) الوسائل الباب 23 من ابواب العدد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 456

______________________________

قال: يعني بالفاحشة المبينة أن تؤذي أهل زوجها فاذا فعلت فان شاء أن يخرجها من قبل أن تنقضي عدتها فعل «1».

و منها: ما رواه محمد بن علي بن الحسين قال: سئل الصادق عن قول اللّه عز و جل «وَ اتَّقُوا اللّٰهَ رَبَّكُمْ لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لٰا يَخْرُجْنَ إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ» قال: الا أن تزني فتخرج و يقام عليها الحد 2.

و منها: ما رواه سعد بن عبد اللّه عن صاحب الزمان عليه السلام قال: قلت له:

أخبرني عن الفاحشة المبينة الذي اذا أتت المرأة بها في أيام عدتها حل للزوج أن يخرجها من بيته قال عليه السلام: الفاحشة المبينة هي السحق دون الزنا فان المرأة اذا زنت و اقيم عليها الحد ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزويج بها لأجل الحد و إذا اسحقت وجب عليها الرجم و الرجم خزي و من قد أمر اللّه عز و جل برجمه فقد أخزاه و من أخزاه فقد أبعده و من أبعده فليس لأحد أن يقربه 3.

و منها: ما رواه

الفضل بن الحسن الطبرسي في قوله تعالي لٰا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لٰا يَخْرُجْنَ إِلّٰا أَنْ يَأْتِينَ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ قال قيل هي البذاء علي أهلها فيحل لهم اخراجها و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام 4.

و منها: ما رواه الطبرسي أيضا قال: و روي علي بن أسباط عن الرضا عليه السلام قال: الفاحشة أن تؤذي اهل زوجها و تسبهم 5.

و هذه الأحاديث كلها ضعيفة سندا و قال في مجمع البحرين في مادة فحش «قال في النهاية: قد تكرر ذكر الفحش و الفاحشة و الفواحش و هو كلما يشتد قبحه من الذنوب و المعاصي».

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 23 من ابواب العدد الحديث: 2 و 3

(2) (3) نفس المصدر الحديث: 4

(3) (4 و 5) نفس المصدر الحديث: 5 و 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 457

كما اذا كانت بذيئة اللسان (1) او أنها تتردد علي الاجانب أو انهم يترددون عليها (2) و لو اضطرت الي الخروج بغير اذن زوجها فالاحوط أن يكون بعد نصف الليل و ترجع قبل الفجر (3) اذا تأدت الضرورة بذلك (4).

______________________________

(1) لا يبعد صدق العنوان علي ما ذكر.

(2) هل التردد بمجرده يكون مصداقا للفاحشة؟ و اللّه العالم و علي الجملة لا بد من صدق هذا العنوان المأخوذ في الاية الشريفة موضوعا للحكم فلاحظ.

(3) لاحظ ما رواه سماعة بن مهران قال: سألته عن المطلقة أين تعتد؟ قال:

في بيتها لا تخرج و ان أرادت زيارة خرجت بعد نصف الليل و لا تخرج نهارا و ليس لها أن تحج حتي تنقضي عدتها «1».

(4) لاحظ مكاتبة الصفار انه كتب الي أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام في امرأة طلقها زوجها

و لم يجر عليها النفقة للعدة و هي محتاجة هل يجوز لها أن تخرج و تبيت عن منزلها للعمل أو الحاجة؟ فوقع عليه السلام لا بأس بذلك اذا علم اللّه الصحة منها «2» فان المستفاد من هذه المكاتبة جواز الخروج عند الضرورة علي الاطلاق و المستفاد من حديث سماعة جواز الخروج بعد انتصاف الليل و العود قبل الفجر بلا قيد الضرورة و الجمع بين الحديثين يقتضي أن يقال:

يجوز الخروج عند الضرورة و في فرض عدم الضرورة يجوز في الوقت الخاص بقي شي ء: و هو ان مفهوم النهار غير واضح و لا يبعد أن يكون لفظ النهار اسما لما بين طلوع الشمس و غروبها و عليه يكون المراد من لفظ النهار الواقع في خبر سماعة ما بين طلوع الشمس و غروبها فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من ابواب العدد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 55 من ابواب العدد

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 458

[مسألة 17: إذا طلقها بعد الدخول و رجع ثم طلقها قبل الدخول وجبت عليها العدة من حين الطلاق الثاني]

(مسألة 17): اذا طلقها بعد الدخول و رجع ثم طلقها قبل الدخول وجبت عليها العدة من حين الطلاق الثاني و قيل لا عدة عليها لأنه طلاق قبل الدخول لكنه ضعيف (1) و لو طلقها بائنا بعد الدخول ثم عقد عليها في اثناء العدة ثم طلقها قبل الدخول ففي جريان حكم الطلاق قبل الدخول في عدم العدة و عدمه و جهان اقواهما الثاني (2).

______________________________

(1) بتقريب ان الرجوع ارجاع للزوجية السابقة فيترتب عليه احكامها و من أحكامه أنه لو طلقها تجب عليها العدة فلا مجال لأن يقال انه يصدق عليها عنوان المطلقة من غير دخول فيجوز لها التزويج بلا عدة اذ لا عدة علي غير المدخول بها.

(2) ذهب الي كل من الوجهين طائفة من الاصحاب و تقريب

الاستدلال علي عدم وجوب العدة أنه يصدق عليها انها مطلقة و الحال أنها غير مدخول بها فيشمله قوله تعالي يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنٰاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمٰا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهٰا «1» فان مقتضي الاية الشريفة ان الطلاق لو تحقق قبل المسيس لا تجب العدة علي المطلقة كما انه يشمله النص و هو ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فليس عليها عدة تزوج من ساعتها ان شاءت و تبينها تطليقة واحدة و ان كان فرض لها مهرا فنصف ما فرض «2» و مثله في المفاد غيره.

فان المستفاد من عدة نصوص ان الميزان في وجوب العدة الدخول و مع عدمه لا تجب العدة.

ان قلت ان علة العدة وجبت بالنكاح الاول المفروض فيه الدخول و أيضا فرض

______________________________

(1) الاحزاب/ 49

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب العدد الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 459

______________________________

أنها طلقت بعد الدخول و العدة تجب لغير الزوج فما دام بقاء العدة لا يجوز لها التزويج لغير المطلق و بعبارة اخري مقتضي الاطلاق وجوب العدة و لو مع النكاح الجديد المفروض فيه عدم الدخول و بتقريب آخر لا مزاحمة بين المقتضي و ما لا اقتضاء له فان الطلاق السابق يقتضي وجوب العدة و الطلاق الثاني لا يقتضي العدة و لا تنافي بينهما و لا تزاحم قلت: المستفاد من الادلة التقابل بين المزوجة و المعتدة و عليه لا يصدق عليها بعد التزويج الثاني أنها معتدة بل يصدق عليها المزوجة.

و ان شئت قلت: ان النكاح الثاني أبطل عنوان العدة و ان أبيت عن هذا التقريب يمكن تقريب المدعي

بوجه آخر و هو ان دليل وجوب العدة يعارض دليل عدم وجوبها فان مقتضي قوله تعالي «وَ الْمُطَلَّقٰاتُ يَتَرَبَّصْنَ» وجوب العدة و لو مع تحقق نكاح جديد بعد تحقق الدخول المتعقب بالطلاق و مقتضي قوله تعالي في سورة الأحزاب عدم وجوبها و لو مع نكاح سابق فرض فيه الدخول المتعقب بالطلاق و بعد تعارض الدليلين و تساقطهما تصل النوبة الي الأخذ بدليل جواز النكاح.

لا يقال دليل عدم وجوب العدة لا يقتضي عدم وجوبها بالنسبة الي الطلاق السابق كما سبق فانه يقال: عدم اقتضائه للعدم بالنسبة الي الطلاق السابق و أما بالنسبة الي الطلاق اللاحق فيقتضي العدم و هذا البيان بعينه يجري في النصوص فان مقتضي ما دل من النصوص من ان الدخول يقتضي العدة باطلاقها يشمل المقام كما ان النصوص الدالة علي أن الدخول اذا لم يتحقق لا تجب العدة كذلك و بعد تعارضهما و تساقطهما تصل النوبة الي الأخذ بالأدلة الأولية الدالة علي جواز النكاح.

هذا علي القول بان مقتضي التعارض بالعموم من وجه التساقط و اما اذا قلنا

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 460

و لكنه لا يجب عليها استئناف العدة بل اللازم اكمال عدتها من الطلاق الاول (1) و كذا الحكم في المنقطعة اذا تزوجها فدخل بها ثم وهبها المدة ثم تزوجها ثانيا و وهبها المدة قبل الدخول (2).

______________________________

بان مقتضاه اجراء قانون باب التعارض كما هو الحق عندنا فنقول الترجيح مع دليل الجواز لكونه مخالفا مع العامة علي ما يظهر من كلام الشيخ في الخلاف قال في مسئلة 16: «اذا تزوج امرأة ثم خالعها ثم تزوجها و طلقها قبل الدخول بها لا عدة عليها و به قال داود فلها أن تزوج في الحال و قال

جميع الفقهاء عليها العدة» «1» انتهي موضع الحاجة من كلامه رفع في علو مقامه.

و لكن قد ذكرنا اخيرا ان المرجح منحصر في الأحدثية و لا دليل معتبر علي الترجيح بموافقة الكتاب أو مخالفة العامة و حيث انه لا مرجح من حيث الأحدثية تسقط الروايات باجمعها بالتعارض و تصل النوبة الي الأخذ باطلاق الكتاب بل بعمومه و هو قوله تعالي فَانْكِحُوا مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ النِّسٰاءِ الي بقية الاطلاقات و العمومات في الكتاب و السنة الدالة علي التزويج فلاحظ و لكن مع ذلك كله لا ينبغي ترك الاحتياط سيما في المقام.

(1) لعدم ما يقتضي الوجوب فان العدة للطلاق الاول لا الثاني.

(2) تقريب الاستدلال هو التقريب و الاشكال و الجواب كذلك غاية الأمر لا موضوع للتعارض المذكور في الكتاب و يختص بالسنة فان مقتضي جملة من النصوص انه لو تحقق الدخول تجب العدة و مع عدمه لا تجب منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه في رجل دخل بامرأة قال: اذا التقي الختان وجب المهر و العدة «2»

فان مقتضي منطوق هذه الرواية ثبوت العدة بالدخول كما ان مقتضي مفهومها

______________________________

(1) الخلاف ج 2 ص 307

(2) الوسائل الباب 54 من ابواب المهور الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 461

[مسألة 18: إذا طلقها فحاضت بحيث لم يتخلل زمان طهر بين الطلاق و الحيض]

(مسألة 18): اذا طلقها فحاضت بحيث لم يتخلل زمان طهر بين الطلاق و الحيض لم يحسب ذلك الطهر الذي وقع فيه الطلاق من الاطهار الثلاثة و احتاجت في انتهاء عدتها الي اطهار ثلاثة اخري فتنتهي عدتها برؤية الحيضة الرابعة (1) و لو تخلل زمان طهر بين الطلاق و الحيض احتسب ذلك الطهر اليسير من الاطهار الثلاثة و انتهت عدتها برؤية الحيضة الثالثة (2).

______________________________

عدمها مع عدم الدخول فلو قلنا: بعد

التزويج اللاحق تبطل العدة الواجبة بالدخول في التزويج السابق فهو و ان لم نقل بذلك نقول: مقتضي التعارض بين دليل الوجوب بالدخول و دليل عدم وجوبها مع عدم الدخول التساقط فتصل النوبة الي اطلاق دليل الجواز و استحباب المتعة.

و بعبارة واضحة: ان صدر الحديث و هو المنطوق في الشرطية يقتضي العدة و ذيله و هو المفهوم يقتضي عدمها فتسقط الرواية في مورد التعارض فلاحظ.

(1) و وجه عدم الاحتساب عدم تحقق الطهر فان العدة تحقق بثلاثة أطهار و المفروض في المقام عدم تخلل طهر بين الطلاق و الحيض فلا موضوع للاحتساب

(2) لجملة من النصوص منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:

قلت له: أصلحك اللّه رجل طلق امرأته علي طهر من غير جماع بشهادة عدلين فقال: اذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد انقضت عدتها و حلت للأزواج، قلت له أصلحك اللّه ان اهل العراق يروون عن علي عليه السلام أنه قال: هو أحق برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة فقال: فقد كذبوا «1» الي غيره مما ورد في باب 15 من ابواب العدد من الوسائل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب العدد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 462

[مسألة 19): إذا كانت المرأة تحيض بعد كل ثلاثة أشهر مرة فطلقها في أول الطهر و مرت عليها ثلاثة أشهر بيض]

(مسألة 19): اذا كانت المرأة تحيض بعد كل ثلاثة أشهر مرة فطلقها في اول الطهر و مرت عليها ثلاثة أشهر بيض فقد خرجت من العده و كانت عدتها الشهور لا الاطهار (1) و اذا كانت تحيض في كل

______________________________

(1) بلا خلاف اجده فيه بل في كشف اللثام اتفاقا كما في الخلاف و السرائر هكذا في الجواهر و يدل علي المدعي النص الخاص لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في

المرأة يطلقها زوجها و هي تحيض في كل ثلاثة أشهر حيضة فقال: اذا انقضت ثلاثة أشهر انقضت عدتها يحسب لها لكل شهر حيضة «1».

و ما رواه ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: في التي تحيض في كل ثلاثة أشهر مرة أو في سنة أو في سبعة أشهر، و المستحاضة التي لم تبلغ الحيض و التي تحيض مرة و يرتفع مرة و التي لا تطمع في الولد و التي قد ارتفع حيضها و زعمت أنها لم تيأس و التي تري الصفرة من حيض ليس بمستقيم فذكر أن عدة هؤلاء كلهن ثلاثة أشهر 2.

و ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: أي الأمرين سبق إليها فقد انقضت عدتها إن مرت بها ثلاثة أشهر لا تري فيها دما فقد انقضت عدتها و إن مرت ثلاثة أقراء فقد انقضت عدتها. 3

ما رواه زرارة أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: أمران أيهما سبق بانت منه المطلقة: المسترابة ان مرت بها ثلاثة أشهر بيض ليس فيها دم بانت منه و ان مرت بها ثلاثة حيض ليس بين الحيضتين ثلاثة أشهر بانت بالحيض قال ابن أبي عمير: قال جميل: و تفسير ذلك: ان مرت بها ثلاثة أشهر الا يوما فحاضت ثم

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 4 من أبواب العدد الحديث: 2 و 1

(2) (3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 463

ثلاثة أشهر مرة بحيث لا تمر عليها ثلاثة أشهر بيض لا حيض فيها فهذه عدتها الاطهار لا الشهور (1) و اذا اختلف حالها فكانت تحيض في الحر مثلا في أقلّ من ثلاثة أشهر مرة و في البرد بعد كل ثلاثة أشهر مرة اعتدت بالسابق من

الشهور و الاطهار فان سبق لها ثلاثة أشهر بيض كانت عدتها و ان سبق لها ثلاثة اطهار كانت عدتها أيضا (2). نعم اذا كانت مستقيمة الحيض فطلقها و رأت الدم مرة ثم ارتفع علي خلاف عادتها و جهل سببه و انه حمل او سبب آخر انتظرت تسعة أشهر من يوم طلقها فان لم تضع اعتدت بعد ذلك بثلاثة أشهر و خرجت بذلك عن العدة (3).

______________________________

مرت ثلاثة أشهر الا يوما فحاضت ثم مرت بها ثلاثة اشهر الا يوما فحاضت فهذه تعتد بالحيض علي هذا الوجه و لا تعتد بالشهور و ان مرت بها ثلاثة أشهر بيض لم تحض فيها فقد بانت «1».

(1) لعموم دليل وجوب الاعتداد بثلاثة قروء كقوله تعالي وَ الْمُطَلَّقٰاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلٰاثَةَ قُرُوءٍ «2».

(2) لاحظ ما رواه زرارة «3» و مثلها غيره الوارد في الباب المشار اليه فلاحظ.

(3) لا يبعد أن يستفاد المدعي من حديث عبد الرحمن قال سمعت أبا ابراهيم عليه السلام يقول: اذا طلق الرجل امرأته فادعت حبلا انتظر بها تسعة أشهر فان ولدت و الا اعتدت بثلاثة أشهر ثم قد بانت منه «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) البقرة/ 228

(3) لاحظ ص: 462

(4) الوسائل الباب 25 من أبواب العدد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 464

[مسألة 20: إذا رأت الدم مرة ثم بلغت سن اليأس أكملت العدة بشهرين]

(مسألة 20): اذا رأت الدم مرة ثم بلغت سن اليأس اكملت العدة بشهرين (1).

______________________________

و يؤيد المدعي جملة من النصوص الواردة في هذا الباب منها ما رواه محمد بن حكيم عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له: المرأة الشابة التي تحيض مثلها يطلقها زوجها فيرتفع طمثها كم عدتها؟ قال: ثلاثة أشهر، قلت: فانها ادعت الحبل بعد ثلاثة اشهر قال: عدتها تسعة أشهر قلت فانها ادعت

الحبل بعد تسعة اشهر قال: انما الحمل تسعة أشهر قلت: تزوج قال: تحتاط بثلاثة أشهر قلت:

فانها ادعت بعد ثلاثة أشهر قال: لا ريبة عليها تزوج ان شاءت «1».

و منها: ما رواه محمد بن حكيم عن العبد الصالح عليه السلام قال: قلت له:

المرأة الشابة التي تحيض مثلها يطلقها زوجها فيرتفع طمثها ما عدتها؟ قال: ثلاثة أشهر، قلت: فانها تزوجت بعد ثلاثة أشهر فتبين بها بعد ما دخلت علي زوجها أنها حامل؟ قال هيهات من ذلك يا بن حكيم رفع الطمث ضربان: اما فساد من حيضة فقد حل لها الأزواج و ليس بحامل، و اما حامل فهو يستبين في ثلاثة أشهر الحديث 2.

و منها: ما رواه محمد بن حكيم أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أو أبي الحسن عليهما السلام قال: قلت له: رجل طلق امرأته فلما مضت ثلاثة أشهر ادعت حبلا، قال: ينتظر بها تسعة أشهر قال قلت: فانها ادعت بعد ذلك حبلا قال: هيهات هيهات الحديث 3.

(1) لاحظ ما رواه ابن حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في امرأة طلقت و قد طعنت في السن فحاضت حيضة واحدة ثم ارتفع حيضها فقال: تعتد بالحيضة

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 2 و 4

(2) (3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 465

[مسألة 21: يختص العدة في وطؤ الشبهة بما إذا كان الواطئ جاهلا]

(مسألة 21): يختص العدة في وطؤ الشبهة بما اذا كان الواطئ جاهلا سواء كانت الموطوءة عالمة أم جاهلة اما اذا كان الواطئ عالما و الموطوءة جاهلة فالظاهر انه لا عدة له عليها (1).

[مسألة 22: إذا طلق بائنا ثم وطأها شبهة فهل تتداخل العدتان]

(مسألة 22): اذا طلق بائنا ثم وطأها شبهة فهل تتداخل العدتان بأن تستأنف عدة للوطئ و تشترك معها عدة الطلاق من دون فرق بين كون العدتين من جنس واحدا و من جنسين بأن يطلقها حاملا ثم وطأها او طلقها حائلا ثم وطأها فحملت اولا تتداخل قولان اشهرهما الثاني و اقربهما الاول بل لا يبعد ذلك لو وطأها اجنبي شبهة ثم طلقها زوجها او بالعكس و لكن لا يترك الاحتياط بتعدد العدة حينئذ و كذا اذا وطأها رجل شبهة ثم وطأها آخر كذلك نعم لا ينبغي الاشكال في

______________________________

و شهرين مستقبلين فانها قد يئست من المحيض «1».

لكن الرواية ضعيفة بابن اسحاق شعر نعم لا يبعد أن يتم المدعي بحسب القاعدة بأن يقال: قد ثبتت العدة بالطلاق و حيث ان المفروض انقطاع الدم عنها يقوم كل شهر مقام حيضة فتكون عدتها مركبة من الطهر الواقع فيه الطلاق و شهرين بعد انقطاع الدم و اللّه العالم.

(1) فانه لا حرمة لماء الزاني و الزنا لا عدة له و المفروض تحقق الزنا من طرف الواطئ فلا موضوع للعدة اذ العدة باحترام الواطئ و ان شئت قلت لا دليل علي وجوب العدة في المقام و الأدلة العامة الدالة علي وجوبها بالدخول مخصصة بالزنا و قال صاحب العروة قدس سره في ملحقات عروته في مسئلة 11 من مسائل العدد

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب العدد

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 466

التداخل اذا وطأها رجل شبهة مرة بعد اخري (1).

______________________________

«و أما اذا

كانت من طرفها خاصة ففيه قولان أقواهما الوجوب ثم ظاهرهم الاتفاق علي كونها مثل عدة الطلاق» انتهي و لم يظهر لي وجه لوجوبها اذا كانت الشبهة من طرفها خاصة و اللّه العالم.

(1) في هذه المسألة فروع الفرع الأول: أن يكون الواطئ واحدا و تكون العدتان من جنس واحد كما لو طلق الحامل ثم وطأها شبهة فان الظاهر تداخل العدتين في المقام فان التداخل علي القاعدة في المقام و توضيح المدعي ان كل مورد تكون النسبة بين الموضوعين عموم من وجه يكون التداخل علي القاعدة مثلا لو قال المولي في دليل: اكرم العالم و في دليل آخر اكرم هاشميا فاذا أكرم المكلف عالما هاشميا امتثل كلا التكليفين اذ انطباق المأمور به علي المأتي به قهري و الأجزاء عقلي و المقام كذلك اذ مقتضي دليل وجوب العدة كما تقدم اتصالها بسببها فلازمه التداخل.

و بعبارة واضحة: لو لا قيام دليل خارجي علي عدم الاكتفاء تكون القاعدة الأولية مقتضية للتداخل و لا فرق في هذا التقريب بين اتحاد جنس العدة و اختلافه.

و يمكن اثبات المدعي بتقريب آخر: و هو ان التداخل الذي قد حقق في محله كونه خلاف القاعدة يختص بمورد يكون قابلا كما لو وجبت الأغسال المتعددة فنقول: لو لا الدليل الخارجي لا نلتزم بالتداخل لأنه خلاف القاعدة و أما في المقام فلا مناص عن الالتزام بالتداخل اذا الزمان الواحد لا تعدد فيه هذا من ناحية و من ناحية اخري ظاهر الأدلة اتصال مبدأ العدة بسببها فلاحظ.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 10، ص: 466

الفرع الثاني: انه لو وطئها اجنبي شبهة ثم

طلقها زوجها أو بالعكس فلا يبعد القول بالتداخل بالتقريب المتقدم هذا بحسب القاعدة الأولية و اما من حيث النص

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 467

______________________________

الخاص فطائفة منها تدل علي عدم التداخل لاحظ ما رواه الحلبي «1» و طائفة اخري تدل علي التداخل منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في امرأة تزوجت قبل أن تنقضي عدتها قال: يفرق بينهما و تعتد عدة واحدة منهما جميعا «2» فيقع التعارض و الترجيح مع الطائفة الثانية لموافقتها مع الكتاب فان مقتضي قوله تعالي «وَ الْمُطَلَّقٰاتُ يَتَرَبَّصْنَ» هو التداخل بتقريب ان مقتضي اطلاق ظهور الاية كون التربص متصلا بالطلاق و مقتضي اطلاق التربص عدم الفرق بين الموارد و بعبارة اخري لم يفصل في الاية بين سبق عدة اخري و عدمه فلازم الاطلاق التداخل في بعض الموارد و اذا ثبت التداخل بالنسبة الي شخصين يثبت بالنسبة الي شخص واحد بالاولوية هذا علي القول بالترجيح بالكتاب و أما علي القول بعدم الترجيح بالكتاب و بمخالفة العامة كما اخترناه أخيرا يكون الترجيح مع ما يدل علي عدم التداخل لاحظ ما رواه علي بن جعفر قال: سألته عن امرأة توفي زوجها و هي حامل فوضعت و تزوجت قبل أن يمضي أربعة أشهر و عشرا ما حالها قال ان كان دخل بها زوجها فرق بينهما فاعتدت ما بقي عليها من زوجها ثم اعتدت عدة اخري من الزوج الاخر ثم لا تحل له أبدا و ان تزوجت من غيره و لم يكن دخل بها فرق بينهما فاعتدت ما بقي عليها من المتوفي عنها و هو خاطب: من الخطاب «3» فان الحديث مروي عن موسي بن جعفر عليه السلام.

و لقائل أن يقول: ان مقتضي القاعدة

تقييد ما يدل علي التداخل بما يدل علي عدمه فان الدال علي عدم التداخل مخصوص بالمرأة المتوفي عنها زوجها و ما يدل علي التداخل مطلق و مقتضي قانون تقييد المطلق بالمقيد هو التقييد الا أن يكون

______________________________

(1) لاحظ ص: 440

(2) الوسائل الباب 17 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 20

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 468

[مسألة 23: إذا طلق زوجته غير المدخول بها و لكنها كانت حاملا بإراقته علي فم الفرج اعتدت عدة الحامل]

(مسألة 23): اذا طلق زوجته غير المدخول بها و لكنها كانت حاملا باراقته علي فم الفرج اعتدت عدة الحامل (1) و كان له الرجوع

______________________________

خلاف الاجماع و التسالم فلا يترك الاحتياط كما في المتن.

الفرع الثالث: أنه اذا وطئها رجل شبهة ثم وطأها آخر كذلك فالحكم هو التداخل لا طلاق الدليل فان الظاهر من دليل وجوب العدة اتصالها بالسبب فتكون النتيجة التداخل.

الفرع الرابع: انه لا ينبغي الاشكال في التداخل اذا وطأها رجل شبهة مرة بعد اخري قال في الجواهر «نعم لو تعدد الوطء من المشتبه اجتزئ بعدة كاملة للأخير لكون الموجب لها حقيقة هو الوطء» «1».

و فيه: اولا النقض بما لو وطأ رجل شبهة ثم وطأها رجل آخر كذلك فان الموجب للعدة هو الوطء و ثانيا يرد عليه بأن التداخل في الأسباب علي خلاف القاعدة فلا وجه لهذا التفصيل الا أن يقال ان التداخل في المقام كما ذكرنا علي طبق القاعدة.

(1) يستفاد من بعض النصوص ان دخول المني المحترم في الفرج يوجب العدة لاحظ ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سأله أبي و أنا حاضر عن رجل تزوج امرأة فادخلت عليه و لم يمسها و لم يصل اليها حتي طلقها، هل عليها عدة منه؟ فقال: انما العدة من الماء قيل له: فان كان واقعها

في الفرج و لم ينزل؟ فقال: اذا أدخله وجب الغسل و المهر و العدة «2» هذا من ناحية و من ناحية اخري عدة الحامل وضع حملها فتجب في المقام العدة أي عدة الحامل.

______________________________

(1) الجواهر ج 32 ص 380

(2) الوسائل الباب 54 من ابواب المهور الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 469

فيها (1).

[فصل في الخلع و المباراة]

اشارة

فصل في الخلع و المباراة (2 و هما نوعان من الطلاق علي الاقوي (3) فاذا انضم الي احدهما تطليقتان حرمت الزوجة حتي تنكح زوجا غيره (4).

______________________________

(1) لجواز الرجوع ايام العدة فلاحظ.

(2) قال الطريحي قدس سره في مجمع البحرين في مادة خلع «الخلع بالضم أن يطلق الرجل زوجته علي عوض تبذله له و فائدته ابطال الزوجية الا بعقد جديد و هو استعارة من خلع اللباس لأن كل واحد من الزوجين لباس الآخر و اذا فعلا فكأن كل واحد نزع لباسه عنه و اختلعت المرأة اذا طلقت من زوجها طلاقا بعوض» و قال أيضا في مادة برأ: «و المباراة أن تقول المرأة لزوجها لك ما عليك و اتركني فيتركها الا أنه يقول لها: ان ارتجعت في شي ء فانا أملك ببضعك».

(3) و لا يكونان فسخا و نسب الي بعض العامة ان الخلع فسخ- علي ما في الجواهر- و كيف كان المشهور عندهم ان الخلع طلاق بل ادعي عليه الاجماع و المباراة كالخلع في الأحكام الا في بعض الامور و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه ابن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الخلع و المباراة تطليقة بائن و هو خاطب من الخطاب «1».

(4) كما نص به في حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: فاذا قالت المرأة ذلك لزوجها

حل له ما أخذ منها و كانت عنده علي تطليقتين باقيتين و كان الخلع تطليقة و قال: يكون الكلام من عندها و قال: لو كان الأمر إلينا لم نجز طلاقا

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب الخلع و المباراة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 470

[مسألة 1: يقع الخلع بقوله: أنت طالق علي كذا و فلانة طالق علي كذا]

(مسألة 1): يقع الخلع بقوله: انت طالق علي كذا و فلانة طالق علي كذا (1) و بقوله: خلعتك علي كذا او انت مختلعة علي كذا او فلانة مختلعة علي كذا بالفتح فيهما (2) و في الكسر اشكال (3) و ان لم يلحق بقوله: أنت طالق او هي طالق (4).

______________________________

الا للعدة «1».

(1) كما يستفاد من قوله تعالي الطَّلٰاقُ مَرَّتٰانِ فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ «2» فان المستفاد من الاية الشريفة انه يتحقق الخلع بالطلاق مع العوض و صفوة القول: ان الخلع قسم من الطلاق فيقع بصيغة الطلاق كما ان السلف قسم من البيع و يقع صحيحا و ان وقع بلفظ البيع.

(2) قال في الجواهر: «و اللفظ الصريح فيه أن يقول خلعتك علي كذا او فلانة مختلعة علي كذا بلا خلاف اجده في المقام» الخ و الحق جواز إنشاء الخلع بكل لفظ يفيد معني الخلع عرفا لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

عدة المختلعة عدة المطلقة، و خلعها طلاقها من غير أن يسمي طلاقا «3».

فان مقتضي هذا الحديث تحقق الخلع بأية هيئته و بأي نحو يفيد إنشاء الخلع

(3) الظاهر ان وجه الاشكال ان المختلع بالكسر هو الزوج الذي يختلع الزوجة فهي مختلعة بالفتح.

(4) قد وقع الخلاف بينهم في كفاية لفظ الخلع عن الطلاق و ذهب الي كل من الطرفين جملة من الأساطين و الظاهر ان ما أفاده في

المتن تام لجملة من النصوص منها ما رواه الحلبي «4» و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الخلع و المباراة الحديث: 2

(2) البقرة/ 229

(3) الوسائل الباب 3 من ابواب الخلع و المباراة الحديث: 4

(4) لاحظ ص: 469

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 471

______________________________

عليه السلام في حديث قال: فاذا قالت ذلك من غير أن يعلمها حل له ما أخذ منها و كانت تطليقة بغير طلاق يتبعها و كانت بائنا بذلك و كان خاطبا من الخطاب «1»

و منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: قلت: أ رأيت ان هو طلقها بعد ما خلعها أ يجوز عليها؟ قال: و لم يطلقها و قد كفاه الخلع؟ و لو كان الأمر إلينا لم نجز طلاقا 2.

و منها: ما رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن المرأة تباري زوجها أو تختلع منه بشهادة شاهدين علي طهر من غير جماع هل تبين منه بذلك أو تكون امرأته ما لم يتبعها بطلاق؟ فقال: تبين منه و ان شاءت أن يرد اليها ما اخذ منها و تكون امرأته فعلت فقلت: فانه قد روي لنا أنها لا تبين منه حتي يتبعها بطلاق قال: ليس ذلك اذا خلع فقلت: تبين منه؟ قال:

نعم 3.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يكون الخلع حتي تقول: لا اطيع لك أمرا (الي أن قال) و لا يكون ذلك الا عند سلطان فاذا فعلت ذلك فهي أملك بنفسها من غير أن يسمي طلاقا 4.

و منها: ما رواه البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام ان عليا عليه السلام كان

يقول في المختلعة: أنها تطليقة واحدة 5 فان مقتضي ظهور هذه النصوص بل مقتضي صراحة بعضها كفاية إنشاء الطلاق بلفظ الخلع و لا مجال للترديد.

و اما حديثا موسي بن بكر الظاهر ان في خلاف المقصود احدهما ما عن العبد

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 3 من ابواب الخلع و المباراة الحديث: 3 و 8

(2) (3) نفس المصدر الحديث: 9

(3) (4 و 5) نفس المصدر الحديث: 10 و 11

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 472

و ان كان الاحوط الحاقه به (1) و لا يقع بالتقابل بين الزوجين (2).

[مسألة 2: يشترط في الخلع الفدية]

(مسألة 2): يشترط في الخلع الفدية (3) و يعتبر فيها أن تكون مما يصح تملكه (4) و أن تكون معلومة قدرا و وصفا و لو في الجملة (5).

______________________________

الصالح عليه السلام قال: قال علي عليه السلام المختلعة يتبعها الطلاق ما دامت في العدة «1» و ثانيهما ما رواه عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: المختلعة يتبعها الطلاق ما دامت في عدة 2، فضعيفان سندا مضافا الي أن الترجيح مع تلك الروايات الدالة علي الجواز فلاحظ.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف.

(2) لعدم الدليل عليه.

(3) بلا اشكال و لا كلام و بعبارة اخري قوام الخلع بالفدية كتابا و سنة و فتوي.

(4) قال في الجواهر: «و كيف كان فقد ذكر غير واحد من الاصحاب بل لا أجد فيه خلافا ان كلما صح أن يكون مهرا صح أن يكون فداء في الخلع و مقتضاه ان كلما لا يصح أن يكون مهرا لا يصح أن يكون فداء حتي يتم ضابطا» الخ.

و يؤيد المدعي بل يدل عليه بعض النصوص لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: المباراة يؤخذ منها دون الصداق و المختلعة

يؤخذ منها ما شئت أو ما تراضيا عليه من صداق او أكثر و انما صارت المبارية يؤخذ منها دون الصداق و المختلعة يؤخذ منها ما شاء لأن المختلعة تعتدي في الكلام و تكلم بما لا يحل لها 3.

(5) الظاهر كما يظهر من كلام الجواهر في المقام انه لا دليل عليه فان تم المدعي بالإجماع و الا فالحكم مبني علي الاحتياط.

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 1 و 5

(2) (3) الوسائل الباب 4 من ابواب الخلع و المباراة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 473

و ان يكون بذلها باختيار المرأة فلا تصح مع اكراهها علي بذلها (1) سواء كان الاكراه من الزوج أم من غيره (2) و يجوز أن تكون أكثر من المهر و أقلّ منه و مساوية له (3) و يشترط في الخلع أيضا كراهة الزوجة للزوج (4).

______________________________

(1) بلا خلاف و لا اشكال ضرورة كونه ظلما محرما- هكذا في الجواهر- و يمكن الاستدلال علي المدعي بعدم الدليل علي جوازها مع الاكراه بل مقتضي حديث رفع الاكراه بطلانها فلاحظ.

(2) فان الميزان في البطلان الاكراه و لو من غير الزوج.

(3) كما نص به في بعض النصوص لاحظ ما رواه زرارة «1».

(4) عن الجواهر انه لا خلاف فيه و لا اشكال بل الاجماع بقسميه عليه و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا قالت المرأة لزوجها جملة لا أطيع لك أمرا مفسرا و غير مفسرا حل له ما أخذ منها و ليس له عليها رجعة «2».

و منها: ما رواه سماعة بن مهران قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام لا يجوز للرجل أن يأخذ من

المختلعة حتي تتكلم بهذا الكلام كله فقال: اذا قالت: لا أطيع اللّه فيك حل له أن يأخذ منها ما وجد «3».

و علي الجملة لا اشكال في اشتراط الكراهة من الزوجة انما الكلام في أنه هل يشترط بكون الخلع مسبوقا بتكلمها بهذه الكلمات التي قد وردت في هذه النصوص أم يكفي مجرد الكراهة مقتضي الصناعة هو الاشتراط فان المستفاد من

______________________________

(1) لاحظ ص 472

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب الخلع و المباراة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 474

و الاحوط أن تكون بحد يخاف منها الوقوع في الحرام (1) و عدم كراهة الزوج لها (2) و حضور شاهدين عادلين حال ايقاع الخلع (3).

______________________________

هذه النصوص انه لا يتحقق الخلع الا بعد تكلمها بالجملات المذكورة فيها غاية الأمر يكفي تحقق احد الانحاء المذكورة فان مفهوم كل شرطية يقيد بمنطوق الاخر و النتيجة كفاية أحد الانحاء و لكن السيرة جارية علي جريان الخلع بلا تقييد بهذا القيد و الاكتفاء بمجرد الكراهة و هذا هو العمدة في الحكم بالاكتفاء و عدم الاشتراط

و يؤيده ما أفاده في الجواهر بقوله: «بل يقوي في النظر من ذلك كله أن المدار علي الكراهة الا أنها لما كانت لا تعلم غالبا الا بالقول او الفعل» الي أن قال «كما ان كلام المتأخرين مثل المصنف و غيره ظاهر أو صريح في عدم خلاف في المسألة حملا لكلام المتقدمين الذي منه ما سمعته من ابن ادريس علي ارادة تحقق الكراهة منها لا ما فهمه في الرياض من أنه لا بد معها من التعدي في الكلام» الي أن قال: «بل في الحدائق لم يشترط أحد فيما أعلم ممن تقدم أو تأخر البلوغ الي هذا الحد

المستفاد من هذه الأخبار» «1» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

(1) الظاهر ان الوجه في الاحتياط المذكور ان المستفاد من الاية الشريفة فَإِنْ خِفْتُمْ أَلّٰا يُقِيمٰا حُدُودَ اللّٰهِ فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ «2»، تعليق الجواز علي خوف عدم اقامة حدود اللّه و لا اشكال في أنه احوط ان لم نقل بكونه أظهر.

(2) فانه لا خلع في هذه الصورة بل يكون مباراة- كما في الجواهر-.

(3) فانه مضافا الي أنه لا اشكال في المسألة- كما في الجواهر- يمكن الاستدلال علي المدعي بما تدل من النصوص الدالة علي كون الخلع فرد من أفراد الطلاق

______________________________

(1) الجواهر ج 33 ص 43 و 44

(2) البقرة/ 229

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 475

و أن لا يكون معلقا علي شرط مشكوك الحصول بل و لا معلوم الحصول اذا كان مستقبلا (1) فلو انتفت الكراهة منها لم يصح خلعا و لم يملك الزوج الفدية (2) و اذا وقع بدون حضور شاهدين عادلين بطل من

______________________________

و بعبارة اخري: منزل منزلته فيشترط ما يشترط في الطلاق لاحظ ما رواه الحلبي «1» و تؤيد المدعي جملة من النصوص منها ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا طلاق و لا تخيير و لا مباراة الا علي طهر من غير جماع بشهود «2».

و منها: ما رواه حمران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يكون خلع و لا تخيير و لا مباراة الا علي طهر من المرأة من غير جماع و شاهدين يعرفان الرجل و يريان المرأة 3.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: لا مباراة الا علي طهر من غير جماع بشهود 4 فان هذه النصوص تدل

بالصراحة علي اشتراطه بحضور الشاهدين فلاحظ.

(1) علي نحو ما تقدم في اشتراط صيغة الطلاق باشتراطها بعدم التعليق فيها فراجع.

(2) كما هو ظاهر فان الكراهة مقومة للخلع و بدونها لا يتحقق و مع عدم تحققه لا يكون موضوع لتحقق الملكية فان الملكية تتوقف علي تحقق سببها و لعل الظاهر من عبارة المتن ان الخلع يكون باطلا و لكن الطلاق يكون صحيحا و الوجه فيه ان المفروض تحقق الطلاق فاذا فرض كونه جامعا للشرائط يصح و بعبارة اخري:

لا وجه للملازمة بين بطلان الخلع و بطلان الطلاق من اصله الا أن يقال: ان الزوج قصد الطلاق الخاص المشروط بشرط مفقود فلا وجه للصحة و ان شئت قلت: ان

______________________________

(1) لاحظ ص: 470

(2) (2 و 3 و 4) الوسائل الباب 6 من ابواب الخلع و المباراة الحديث: 2 و 4 و 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 476

اصله (1) و كذا اذا كان معلقا علي شرط (2) نعم اذا كان معلقا علي شرط يقتضيه العقد كما اذا قال: خلعتك ان كنت زوجتي او كارهة صح (3).

[مسألة 3: يشترط في الزوج الخالع البلوغ و العقل و الاختيار و القصد]

(مسألة 3): يشترط في الزوج الخالع البلوغ و العقل و الاختيار و القصد (4) و لا يشترط في الزوجة المختلعة البلوغ و لا العقل علي الاقوي فيصح خلعها و يتولي الولي البذل (5) نعم يشترط فيها أن تكون حال الخلع طاهرا من الحيض و النفاس، و أن لا يكون الطهر طهر مواقعة فلو كانت حائضا أو نفساء أو طاهرة طهرا واقعها فيه الزوج لم يصح الخلع نعم اعتبار ذلك انما هو اذا كانت قد دخل بها بالغة غير آيس حائلا و كان الزوج حاضرا، اما اذا لم تكن مدخولا بها او كانت صغيرة او يائسة

او حاملا او كان الزوج غائبا صح خلعها و ان كانت

______________________________

ما قصده لا يمكنه تحققه.

(1) لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه.

(2) الكلام هو الكلام.

(3) كما مر نظيره في الطلاق فانه لا دليل علي البطلان لا في المقام و لا في باب الطلاق بل مقتضي اطلاق دليل الجواز جوازه و صحته.

(4) كما تقدم في شرط المطلق و التقريب هو التقريب اذ الخلع فرد من الطلاق.

(5) بتقريب ان الكراهة اذا كانت موجودة يصح الخلع لوجود شرطه و هي الكراهة علي الفرض و من ناحية اخري يجوز للولي التصرف في مال الصغير و المجنون اذا كان علي طبق مصلحتهما فيصح.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 477

حائضا او نفساء او كانت في طهر المواقعة، نعم الغائب الذي يقدر علي معرفة حالها بحكم الحاضر و الحاضر الذي لا يقدر علي معرفة حالها بحكم الغائب علي نحو ما تقدم في الطلاق (1).

[مسألة 4: يجوز للزوجة الرجوع في الفدية كلا أو بعضا]

(مسألة 4): يجوز للزوجة الرجوع في الفدية (2) كلا (3) او بعضا (4) ما دامت في العدة (5) و اذا رجعت كان للزوج الرجوع بها (6) و اذا لم يعلم الزوج برجوعها في الفدية حتي خرجت عن العدة.

______________________________

(1) و قد تقدم شرح كلام الماتن فراجع.

(2) ادعي عليه عدم الخلاف و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن اسماعيل عن الرضا عليه السلام في حديث الخلع قال: و ان شاءت أن يرد اليها ما أخذ منها و تكون امرئته فعلت «1».

و منها: ما رواه فضل أبو العباس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المختلعة ان رجعت في شي ء من الصلح يقول لأرجعن في بضعك «2».

(3) كما هو ظاهر نصوص الباب.

(4) كما هو المستفاد من حديث أبي العباس «3»

و لكن السند مخدوش بضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن.

(5) بلا اشكال اذ بعد انقضاء العدة لا مجال لصيرورة العدة رجعية و الحال ان المستفاد من النصوص انه لو رجعت الي البذل يمكن للزوج الرجوع اليها فلاحظ.

(6) كما صرح به في النصوص.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب الخلع و المباراة الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 478

كان رجوعه لغوا و كذا اذا علم برجوعها في الفدية قبل خروجها من العدة لكن كان الزوج لا يمكنه الرجوع بها بأن كان الخلع طلاقا بائنا لكونه طلاقا ثالثا أو كان قد تزوج باختها قبل رجوعها بالبذل أو نحو ذلك مما يمنع من رجوعه في العدة (1).

______________________________

(1) الذي يختلج ببالي القاصر أن يفصل بأن يقال لا يشترط في جواز الرجوع العلم به و لكن يشترط جواز الرجوع بامكان الرجوع شرعا و لأجل توضيح المدعي نذكر كل واحد من النصوص الواردة في المقام كي نري مقدار دلالتها فمن تلك النصوص ما رواه محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: سألت ابا الحسن الرضا عليه السلام عن المرأة تباري زوجها أو تختلع منه بشهادة شاهدين علي طهر من غير جماع هل تبين منه بذلك أو تكون امرأته ما لم يتبعها بطلاق؟ فقال: تبين منه و ان شاءت أن يرد اليها ما أخذ منها و تكون امرأته فعلت فقلت: فانه قد روي لنا أنها لا تبين منه حتي يتبعها بطلاق قال: ليس ذلك اذا خلع فقلت: تبين منه؟ قال نعم «1».

فان المستفاد من هذا الحديث أنها لو رجعت تصير امرأته و له الرجوع فيها فمع عدم امكان الرجوع لا يجوز الرجوع في البذل بمقتضي هذه الرواية

و اما اشتراطه بالعلم فلا تدل عليه الرواية.

و منها: ما رواه الفضل «2» و المستفاد من هذه الرواية ان الزوج له حق الرجوع عند رجوعها في البذل فلا موضوع للرجوع في البذل مع عدم امكان الرجوع في الزوجية و أما الاشتراط بالعلم فلا يستفاد من الحديث.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب الخلع و المباراة الحديث: 9

(2) لاحظ ص: 477

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 479

[مسألة 5: لا توارث بين الزوج و المختلعة لو مات أحدهما في العدة]

(مسألة 5): لا توارث بين الزوج و المختلعة لو مات احدهما في العدة (1) الا اذا رجعت في الفدية فمات أحدهما بعد ذلك في العدة (2).

[مسألة 6: لو كانت الفدية المسلمة مما لا يملكه المسلم كالخمر و الخنزير بطل الخلع]

(مسألة 6): لو كانت الفدية المسلمة مما لا يملكه المسلم كالخمر و الخنزير بطل الخلع (3) و لو كانت مستحقة لغير الزوجة ففي صحة الخلع و الرجوع الي البدل و بطلانه قولان اقربهما الثاني (4).

______________________________

و منها: ما رواه ابن سنان يعني عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الخلع لا يكون الا أن تقول المرأة لزوجها لا ابر لك قسما و لأخرجن بغير اذنك و لأوطين فراشك غيرك و لا أغتسل لك من جنابة أو تقول الي أن قال و ان ارتجعت في شي ء مما أعطيتني فانا أملك ببضعك «1».

و المستفاد من هذه الرواية ان الزوج املك بالمرأة عند رجوعها في البذل فلا بد من اشتراط امكان الرجوع و أما العلم فلا يستفاد اشتراطه من الحديث.

(1) لعدم المقتضي للإرث اذ المفروض ان الطلاق بائن فلا مقتضي للإرث مضافا الي النص لاحظ ما رواه الهاشمي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول لا ترث المختلعة و المباراة و المستأمرة في طلاقها من الزوج شيئا اذا كان ذلك منهن في مرض الزوج و ان مات في مرضه لأن العصمة قد انقطعت منهن و منه «2».

(2) اذ بعد رجوعها فيها تصير العدة رجعية و المعتدة الرجعية زوجة فالتوارث علي القاعدة.

(3) اذ المفروض عدم قابليته للتملك شرعا فيكون الخلع باطلا.

(4) بتقريب ان التبديل لا دليل له فالنتيجة هو البطلان.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب الخلع و المباراة الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 5 من ابواب الخلع و المباراة الحديث: 4

مباني منهاج

الصالحين، ج 10، ص: 480

[مسألة 7: إذا خلعها علي خل فبان خمرا بطل البذل]

(مسألة 7): اذا خلعها علي خل فبان خمرا بطل البذل بل الخلع أيضا علي الاظهر (1) و لو خالعها علي الف و لم يعين بطل (2).

[مسألة 8: قد عرفت أنه إذا بذلت له علي أن يطلقها و كانت كارهة له فقال لها: أنت طالق علي كذا صح خلعها]

(مسألة 8): قد عرفت انه اذا بذلت له علي أن يطلقها و كانت كارهة له فقال لها: أنت طالق علي كذا صح خلعها و ان تجرد عن لفظ الخلع (3) أما اذا لم تكن كارهة له فلا يصح خلعها (4) و هل يصح طلاقها؟ فيه اشكال و خلاف و الاقرب البطلان (5) الا اذا ملك البذل

______________________________

(1) أما بطلان البذل فواضح اذ الخمر لا حرمة له عند الشارع و أما بطلان الخلع فلأن الخلع متقوم بالفدية و المفروض عدمها و الالتزام بجعل بدل الخمر من الخل بذلك المقدار لا دليل عليه.

و بعبارة اخري: لا مقتضي لجعل البدل للخمر و ان شئت قلت: المفروض ان القصد تعلق بالخمر الذي لا يمكن جعله فدية و أما غيره فلم يتعلق به القصد فالنتيجة فساد البذل و الخلع كليهما كما في المتن و أما الطلاق فلا يبعد أن يلتزم بصحته لكونه مصداقا للطلاق فلا مانع من تحققه فتأمل.

(2) تارة لا تعين للفدية و لا يشار اليها و لو بالعنوان و اخري يشار اليها بعنوان من العناوين بحيث يكون له مطابق في الواقع أما علي الفرض الأول فلا اشكال في البطلان اذ المبهم لا مصداق له فلا مجال للصحة و أمات علي الفرض الثاني فلا مانع عن الصحة و الظاهر انه يشمله اطلاق الأدلة و لقد أجاد صاحب الجواهر قدس سره في المقام حيث جوز و اكتفي بالتعيين الإجمالي علي أي وجه كان و الحق معه قدس سره.

(3) و قد سبق شرح كلام الماتن.

(4) لقوام

الخلع بالكراهة من ناحية المرأة.

(5) الظاهر انه لا مانع من صحة الطلاق اذ لا اشكال في تحقق الطلاق جامعا

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 481

بسبب مستقل قد اخذ الطلاق شرطا فيه كما اذا صالحته علي مال و اشترطت عليه أن يطلقها فانه بعقد الصلح المذكور يملك المال و عليه الطلاق (1) و الطلاق حينئذ رجعي لا خلعي (2) حتي اذا اشترطت عليه عدم الرجوع الا انه يحرم عليه مخالفة الشرط (3).

[مسألة 9: الظاهر عدم صحة الخلع مع كون البذل من متبرع]

(مسألة 9): الظاهر عدم صحة الخلع مع كون البذل من متبرع (4) نعم لا تبعد صحة البذل و الطلاق (5) و يكون رجعيا او بائنا علي حسب

______________________________

للشرائط غاية الأمر يطلق بداعي تملكه لشي ء و التملك لا يتحقق لعدم تحقق سبب شرعي له و أما الطلاق فالمفروض وقوعه مقارنا مع شرائطه فلا وجه لفساده فالحق صحة الطلاق لتماميته و فساد الفدية لاختلال شرطه.

لكن يمكن أن يقال انه قصد الطلاق الذي يوجب تملكه البذل و المفروض عدم تملكه فلا يكون الطلاق صحيحا لأن الطلاق الذي قصده لم يتحقق و ما لم يقصده لا موجب لتحققه فالحق ما أفاده في المتن من البطلان و بعبارة واضحة:

اذا قصد الطلاق الذي يكون مصداقا للخلع شرعا لا يصح و أما اذا قصد الطلاق بقصد تملك البذل و يتصور انه خلع شرعا يصح الطلاق و يبطل البذل.

(1) لا اشكال في صحة الصلح المزبور لتمامية أركانه و يصح الاشتراط المزبور و يصح الطلاق لكونه جامعا للشرائط.

(2) بلا اشكال اذ المفروض صحة الطلاق و أيضا المفروض عدم كونه خلعيا.

(3) اذ الشرط لا يقتضي الفساد بل غايته حرمة الرجوع و لا تنافي بين حرمته تكليفا و صحته وضعا فلاحظ.

(4) اذ لا دليل عليه و مع

عدم الدليل كيف يمكن الالتزام بصحته.

(5) ان كان البذل بازاء الطلاق الخلعي لا يصح لعدم تحقق الخلع نعم اذا بذل

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 482

اختلاف موارده (1) و كذا لو بذلت الزوجة مال غيرها باذنه (2) نعم اذا ملكها الغير ماله فبذلته صح الخلع (3) و لو بذل السيد لزوج أمته علي أن يخلعها فخلعها ففي صحة الخلع و الزام المولي به اشكال (4).

[مسألة 10: لو خالعها علي عبد كاتب فتبين أنه غير كاتب]

(مسألة 10): لو خالعها علي عبد كاتب فتبين انه غير كاتب فان رضي به صح الخلع و ان رده بطل الخلع و صح طلاقا بلا عوض و كذا لو خالعها علي عين فتبين انها معيبة (5).

______________________________

بازاء الطلاق و يتصور انه يكون خلعا يصح لأنه من مصاديق الجعالة.

(1) لأن المفروض تحقق الطلاق و لا يكون خلعيا فيترتب عليه حكمه من الرجعية و البائنة.

(2) الكلام فيه هو الكلام و الاشكال عين الاشكال و هو عدم الدليل فلا يصح.

(3) بلا اشكال اذ تصير مالكة المبذول و تجعل مملوكها عوض الخلع فيصح.

(4) لا يبعد أن يكون وجه الاشكال عدم شمول الدليل اياه و المسألة خارجة عن الابتلاء فلا فائدة مهمة في البحث عنها.

(5) الظاهر من العبارة بل صريحها ان الكلام مفروض في العين الشخصية فنقول اما أن يتعلق الطلاق علي كونه كاتبا و اما يكون الطلاق مطلقا غاية الأمر اشترط الخيار عند تخلف الشرط أما علي الأول فيلزم بطلان الطلاق لعدم ما يتوقف عليه علي الفرض فلا يصح مضافا الي أن التعليق يوجب بطلان الطلاق كما مر في عبارة الماتن مرارا.

و أما علي الثاني فيلزم كون الطلاق صحيحا لتمامية أركانه و أما ثبوت الخيار فلم يظهر لي وجهه اذ الشرط لا يكون مشرعا فلا بد

من احراز صحة الشرط في الرتبة السابقة و الظاهر أنه لا دليل علي خيار المطلق في رد المبذول فعليه يكون

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 483

[مسألة 11: الأحوط المبادرة إلي إيقاع الخلع من الزوج بعد إيقاع البذل من الزوجة بلا فصل]

(مسألة 11): الاحوط المبادرة الي ايقاع الخلع من الزوج بعد ايقاع البذل من الزوجة بلا فصل فاذا قالت له: طلقني علي ألف درهم لزم فورا أن يقول: انت طالق علي ألف درهم (1).

______________________________

الطلاق خلعيا و لا أثر لرد المطلق فلاحظ.

(1) بتقريب ان الخلع قسم من المعاوضات و يشترط فيها الموالاة بين الايجاب و القبول قال في الجواهر: «و بالجملة ظاهر الأصحاب انه يعتبر في صيغة الخلع وقوعها علي جهة المعاوضة بينه و بين الزوجة» «1» و قال في موضع آخر «اذا قالت طلقني بألف كان الجواب علي الفور الذي تقتضيه المعاوضة لما عرفت فان تأخر علي وجه ينافي ذلك لم يستحق عوضا و كان الطلاق رجعيا» «2» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و ما يمكن أن يقال: في مقام الاستدلال علي المدعي وجوه: الوجه الأول:

تظافر النص و الفتوي بأن موضع الخلع تقدم الفداء و مقارنته بالطلاق بالعوض و فيه ان المستفاد من النصوص اشتراط الخلع باظهار الكراهة من الزوجة اولا و أما المقارنة بين الإنشاءين فلا.

الوجه الثاني: ان الخلع معاوضة و يدل عليه مضافا الي اتفاق الاصحاب حديثا البقباق «3» و أبي البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين لكل مطلقة متعة الا المختلعة فانها اشترت نفسها «4» هذا من ناحية و من ناحية اخري تعتبر في المعاوضة الموالاة.

______________________________

(1) الجواهر ج 33 ص: 13.

(2) المصدر ص: 18

(3) لاحظ ص: 477

(4) الوسائل الباب 11 من ابواب الخلع و المباراة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 484

[مسألة 12: يجوز أن يكون البذل و الخلع بمباشرة الزوجين و بتوكيلهما و بالاختلاف]

(مسألة 12): يجوز أن يكون البذل و الخلع بمباشرة الزوجين و بتوكيلهما و بالاختلاف (1) فاذا وقع بمباشرتهما فالاحوط أن تبدأ الزوجة فتقول: بذلت لك كذا علي

أن تطلقني فيقول الزوج أنت مختلعة علي كذا فانت طالق (2) و في جواز ابتداء الزوج بالطلاق و قبول الزوجة بعده اشكال (3) و اذا كان بتوكيلهما يقول وكيل الزوجة بذلت لك كذا علي أن تطلق موكلتي فلانة فيقول وكيل الزوج موكلتك فلانة زوجة موكلي مختلعة علي كذا فهي طالق و في جواز

______________________________

و فيه: ان الخلع ليس من المعاوضات و لذا لا اشكال في أن رجوع المرأة في البذل لا يقتضي بطلان الطلاق بل يوجب صيرورته رجعيا و اطلاق الصلح و الشراء في الحديثين أعم من المدعي مضافا الي ضعف الحديثين سندا أو يضاف الي ذلك ان اشتراط الموالاة في المعاوضة اول الكلام و الاشكال و تفصيل الكلام موكول الي مجال آخر.

الوجه الثالث: ان القدر المتيقن من نصوص الباب صورة عدم الفصل و التحفظ علي الموالاة و فيه: انه مع وجود الاطلاق لا وجه للاقتصار علي المتيقن فالعمدة الاجماع و التسالم بين الأصحاب فالاحتياط المذكور في المتن في محله و اللّه العالم.

(1) بلا اشكال كما عليه السيرة الجارية فان الخلع قسم من الطلاق قابل للتوكيل كما ان البذل من قبل الزوجة كذلك فلا مانع من التوكيل كما في المتن.

(2) لا اشكال في الصحة في هذه الصورة و انما الكلام في كفاية غيرها.

(3) يمكن أن يقال: ان المستفاد من النصوص الواردة في الخلع اشتراط سبق الكراهة و أما اشتراطه بسبق إنشاء البذل من الزوجة فلا و أما النصوص الواردة

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 485

ابتداء وكيل الزوج و قبول وكيل الزوجة بعده اشكال كما تقدم (1).

[مسألة 13: الكراهة المعتبرة في صحة الخلع اعم من أن تكون لذاته كقبح منظره و سوء خلقه أو عرضية]

(مسألة 13): الكراهة المعتبرة في صحة الخلع اعم من أن تكون لذاته كقبح منظره و سوء خلقه او عرضية من جهة

بعض الاعمال الصادرة منه التي هي علي خلاف ذوقها من دون أن يكون ظلما لها و اغتصابا لحقوقها الواجبة كالقسم و النفقة (2) فلو كان منشأ الكراهة ذلك فالظاهر عدم صحة البذل (3).

______________________________

في المباراة منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المباراة أن تقول المرأة لزوجها: لك ما عليك، و اتركني فتركها الا أنه يقول لها: ان ارتجعت في شي ء منه فانا أملك ببضعك «1».

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن المباراة كيف هي؟ فقال: يكون للمرأة شي ء علي زوجها من مهر أو من غيره و يكون قد أعطاها بعضه فيكره كل واحد منهما صاحبه فتقول المرأة لزوجها ما أخذت منك فهو لي و ما بقي عليك فهو لك و أبارئك فيقول الرجل لها: فان أنت رجعت في شي ء مما تركت فانا أحق ببضعك 2.

فانه يستفاد منها الترتيب بأن السابق البذل من الزوجة و اللاحق الانشاء من الزوج فالمسألة مبتنية علي الاحتياط كما في المتن.

(1) و قد تقدم وجهه.

(2) لإطلاق الأدلة فان مقتضي الاطلاق كفاية مطلق الكراهة و لا دليل علي التقييد

(3) لا يبعد أن يفصل في المقام بين أن يكون الداعي في عدم رعاية حقوقها بذلها و بعبارة اخري لا يراعي حقوقها كي تبذل و تطالب الطلاق و بين أن لا يكون

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 8 من ابواب الخلع الحديث: 1 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 486

[مسألة 14: المباراة كالخلع]

(مسألة 14): المباراة كالخلع (1) و تفترق عنه بأن الكراهة فيها منهما جميعا (2) و بلزوم اتباعها بالطلاق فلا يجتزأ بقوله: بارأتك او بارأت زوجتي علي كذا حتي يقول: فأنت طالق او هي طالق (3) كما انه يكفي

______________________________

كذلك بأن

يقال يبطل في الأول البذل لعدم صدق الكراهة و يصح في الثاني لصدق الكراهة و علي الجملة الميزان في البطلان و الصحة عدم صدق الكراهة و صدقها فلاحظ.

(1) قال في الجواهر: «و أما المباراة التي بمعني المفارقة فهي قسم من الخلع» «1» و يمكن أن يستفاد المدعي من النص لاحظ ما رواه حمران قال:

سمعت أبا جعفر عليه السلام يتحدث قال: المباراة تبين من ساعتها من غير طلاق و لا ميراث بينهما لأن العصمة منها قد بانت ساعة كان ذلك منها و من الزوج «2» فان المستفاد من هذا الحديث ان المباراة كالخلع في الأحكام.

(2) بلا خلاف أجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- و يدل علي المدعي النص الخاص لاحظ ما رواه سماعة «3» فان المستفاد من الرواية ان المباراة متقومة بالكراهة من الجانبين كما ان معناها اللغوي يناسب ما اصطلح عليه.

(3) اجماعا بقسميه- كما في الجواهر- و يستفاد من جملة من النصوص عدم اشتراطها باتباعها بالطلاق لاحظ ما رواه حمران «4» و ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المباراة تكون من غير أن يتبعها الطلاق «5».

______________________________

(1) الجواهر ج 33 ص: 88

(2) الوسائل الباب 9 من أبواب الخلع و المباراة الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 485

(4) مر آنفا

(5) الوسائل الباب 9 من ابواب الخلع و المباراة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 487

الاقتصار علي صيغة الطلاق فقط (1) و لا يجوز في الفدية فيها أن تكون أكثر من المهر (2).

[مسألة 15: طلاق المباراة بائن لا يجوز الرجوع فيه ما لم ترجع الزوجة في البذل قبل انتهاء العدة]

(مسألة 15): طلاق المباراة بائن لا يجوز الرجوع فيه ما لم ترجع الزوجة في البذل قبل انتهاء العدة (3) فاذا رجعت فيه في العدة

______________________________

و يمكن الاستدلال علي عدم

الاشتراط أيضا بما رواه محمد بن اسماعيل «1»

فان المستفاد من هذه الرواية ان المباراة كالخلع لا تحتاج الي الطلاق ان قلت مقتضي مفهوم الشرطية اختصاص الحكم بالخلع فالمباراة تحتاج الي الطلاق قلت ان قلنا بأن المباراة قسم من الخلع- كما عليه الأصحاب- فلا فرق بينهما و لا مجال للأخذ بالمفهوم اذ عليه يكون قوله عليه السلام (اذا خلع) شاملا لكليهما و ان لم نقل بذلك يتعارض صدر الحديث مع ذيله و يتساقطان فتصل النوبة الي الأخذ بحديثي حمران و جميل الدالين علي عدم الاشتراط فالنتيجة الاكتفاء بقوله بارأتك أو بارأت زوجتي علي كذا و طريق الاحتياط ظاهر و اللّه العالم.

(1) بلا اشكال و لا كلام.

(2) بلا خلاف أجده في عدم جواز الزيادة بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- و يدل علي المدعي النص الخاص لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المباراة تقول المرأة لزوجها: لك ما عليك و اتركني أو تجعل له من قبلها شيئا فيتركها الا انه يقول: فان ارتجعت في شي ء فأنا أملك ببضعك و لا يحل لزوجها أن يأخذ منها الا المهر فما دونه «2» فان المصرح به في الرواية عدم جواز اخذ اكثر من المهر.

(3) بلا اشكال و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه ابو الصباح

______________________________

(1) لاحظ ص: 478

(2) الوسائل الباب 8 من أبواب الخلع و المباراة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 488

جاز له الرجوع بها علي نحو ما تقدم في الخلع (1).

[كتاب الظهار]

كتاب الظهار و هو حرام (2).

______________________________

الكناني قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام ان بارأت امرأة زوجها فهي واحدة و هو خاطب من الخطاب «1».

و منها: ما

رواه اسماعيل الجعفي عن احدهما عليه السلام قال: المباراة تطليقة بائن و ليس فيها رجعة 2 و منها ما رواه حمران 3.

(1) لاحظ ما رواه أبو بصير 4 و غيره مما ورد في الباب المشار اليه.

و الحمد للّه اولا و آخرا و ظاهرا و باطنا و الصلاة علي محمد و آله الطاهرين المعصومين و عجل اللّه تعالي في فرج امامنا الغائب المهدي روحي و ارواح العالمين لتراب مقدمه الفداء و اللعن علي أعداء آل محمد من الان الي يوم الدين آمين رب العالمين.

(2) قال في الجواهر: «لا خلاف في أن الظهار محرم» الخ و يدل علي المدعي من الكتاب قوله تعالي وَ إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَ زُوراً 5 و من السنة ما رواه حمران عن أبي جعفر عليه السلام الي أن قال فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قد انزل اللّه فيك قرآنا فقرأ عليه ما أنزل اللّه من قوله: «قد سمع اللّه

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 9 من ابواب الخلع و المباراة الحديث: 1 و 2

(2) (3) لاحظ ص: 486

(3) (4) لاحظ ص: 487

(4) (5) المجادلة/ 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 489

و قيل انه معفو عنه (1) و لم يثبت (2) و صورته ان يقول: انت (3) او هند او نحوهما مما يميزها علي كظهر أمي (4) و في ثبوت الظهار في التشبيه بغير الظهر من اليد و الرجل و نحوهما اشكال و الاقرب العدم (5).

______________________________

قول التي تجاد لك الي قوله ان اللّه لعفو غفور فضم امرأتك إليك فانك قد قلت منكرا من القول و زورا قد عفا اللّه عنك و قد غفر لك فلا تعد «1» فانه يستفاد

من الحديث كون الظهار حراما اضف الي ذلك انه لا اشكال ظاهرا في حرمته.

(1) و قال في الجواهر لم يعرف قائله.

(2) فانه قيل في تقريب الاستدلال علي المدعي بأنه ذكر في الاية الشريفة بعد كونه منكرا من القول و زورا و ان اللّه لعفو غفور فيستلزم نفي العقاب و فيه: ان اثبات كونه تعالي عفوا غفورا لا يكون دليلا علي عفوه عن الذنب المذكور في الاية و ان شئت قلت لا اشكال في كونه تعالي عفوا غفورا يغفر الذنوب و يعفو عن المعاصي و لكن هذه الكبري لا تدل علي الفعلية بالنسبة الي الذنب المذكور أي الظهار و لا اشكال في أن التعرض للغفران في الاية يوجب الرجاء نعم لا اشكال في غفرانه تعالي و عفوه لأول الفاعلين و لعله باعتبار جهله فانه صرح في حديث حمران بالعفو عن أوس بن صامت الذي نزلت فيه الاية فلاحظ.

(3) بلا خلاف كما في الجواهر و يدل عليه حديث حمران، قال أقلت لامرأتك أنت علي حرام كظهر أمي فقال: قد قلت ذلك الحديث.

(4) فان العرف يفهم المثالية من لفظ ضمير الخطاب (أنت) المذكور في النص فيقوم مقامه ما يفيد و يميزها كما في المتن.

(5) مقتضي القاعدة الاولية عدم التحقق فان الحرمة و ثبوت الكفارة يحتاج

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من كتاب الظهار الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 490

و يلحق بالام جميع المحرمات النسبية كالعمة و الخالة و غيرهما (1).

______________________________

الي قيام الدليل و ما يمكن أن يقال في تقريب العموم و جهان: احدهما حديث سدير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يقول لامرئته أنت علي كشعر أمي أو ككفها أو كبطنها أو كرجلها قال ما

عني به ان أراد به الظهار فهو الظهار «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا.

و مثله في الضعف مرسل يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل قال لامرأته أنت علي كظهر أمي أو كيدها أو كبطنها أو كفرجها أو كنفسها أو ككعبها أ يكون ذلك الظهار؟ و هل يلزمه فيه ما يلزم المظاهر؟

قال المظاهر اذا ظاهر من امرأته فقال: هي عليه كظهر امه أو كيدها أو كرجلها أو كشعرها أو كشي ء منها ينوي بذلك التحريم فقد لزمه الكفارة في كل قليل منها أو كثير «2».

ثانيهما: دعوي الاجماع علي عموم الحكم من الشيخ قدس سره في الخلاف و قد ثبت في محله عدم اعتبار الاجماع المنقول.

(1) لاحظ ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الظهار فقال:

هو من كل ذي محرم من أم أو اخت او عمة او خالة و لا يكون الظهار في يمين «3»

و ما رواه جميل قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام الرجل يقول لامرأته:

أنت علي كظهر عمته او خالته، قال هو الظهار «4» فان المستفاد من الحديثين عموم الحكم لجميع المحرمات النسبية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من كتاب الظهار الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 4 من كتاب الظهار الحديث: 1

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 491

و لو قالت الزوجة لزوجها انت علي كظهر ابي لم يصح (1) و لا تلحق المحرمات بالرضاع و بالمصاهرة بالنسبية في ذلك (2).

______________________________

و في المقام حديث آخر و هو لسيف التمار قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام الرجل يقول لامرأته: أنت علي ظهر اختي او عمتي أو خالتي قال: فقال: انما ذكر

اللّه الامهات و ان هذا الحرام «1».

ربما يقال: ان المستفاد منه اختصاص الحكم بالأم بتقريب ان المستفاد منه ان المذكور في كلامه تعالي خصوص الامهات فلا يعم غيرها و يمكن أن يقال ان حديث سيف لا يعارض الحديثين الاخرين بل يوافقهما في المفاد بتقريب ان المستفاد من الرواية ان كلامه تعالي مختص بالامهات و لكن الحكم عام و التشبيه بغير الأم كالتشبيه بالأم حرام فالرواية ظاهرة في عموم الحكم و ان أبيت فلا أقل من الاجمال فالحق عموم الحكم كما في المتن.

(1) لعدم دليل علي الالحاق و مقتضي الأصل عدمه فلاحظ.

(2) لعدم الدليل علي الالحاق و ربما يقال ان اطلاق دليل التنزيل في دليل التحريم «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» «2» يقتضي العموم في المقام و فيه ان المستفاد من النصوص ان الرضاع قائم مقام النسب مثلا الاخت الرضاعية تقوم مقام الاخت النسبية في الحرمة و لا دليل علي كون الظهار بالام الرضاعية قائما مقام الظهار بالام النسبية.

و صفوة القول أنه لا دليل علي كون الام الرضاعية قائمة مقام الام النسبية في جميع الأحكام الشرعية المتعلقة بالام و لذا لا اشكال في عدم وجوب الانفاق علي الأم الرضاعية و عن المسالك ان من في الخبر اما تعليلية كقوله تعالي مِمّٰا خَطِيئٰاتِهِمْ

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 492

و شرطه سماع شاهدي عدل قول المظاهر (1).

______________________________

أُغْرِقُوا «1» و أما سببية كقوله تعالي يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ «2» فالمراد يستفاد من الخبر علي كلا التقديرين أي يحرم لأجل الرضاع أو بسبب الرضاع ما يحرم لأجل النسب أو بسببه و فيه انه لا دليل

علي كون تحقق الظهار به كتحققه بالأم و أما حديث زرارة «3» فان المستفاد منه ترتب الحكم علي النسبيات و لا يشمل الرضاعيات و العرف ببابك كما أنه لا يشمل ما يحرم بالمصاهرة.

و صفوة القول: ان حديث زرارة لأجل تفسيره المراد بالنسبيات لا يشمل المحرمات بالرضاع و بالمصاهرة فلاحظ فالنتيجة انه لا دليل علي العموم.

(1) بلا خلاف فيه نصا و فتوي بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- و استدل علي المدعي بما رواه حمران في حديث قال: قال أبو جعفر عليه السلام لا يكون ظهار في يمين و لا في اضرار و لا في غضب و لا يكون ظهار الا في طهر من غير جماع بشهادة شاهدين مسلمين «4».

و ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: لا يكون ظهار الا علي طهر بغير جماع بشهادة شاهدين مسلمين 5.

و عن المسالك انه لا دليل علي كون الشاهدين عدلين اذ المذكور في الحديثين عنوان الإسلام فقط.

و يمكن ذب الاشكال بأن الأمر و ان كان كذلك لكن لا بد من التقييد بما رواه ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتي تقبل شهادته لهم و عليهم فقال: أن تعرفوه بالستر و العفاف و كف البطن و الفرج

______________________________

(1) نوح/ 25

(2) الشوري/ 45

(3) لاحظ ص: 490

(4) (4 و 5) الوسائل الباب 2 من كتاب الظهار الحديث: 1 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 493

و كما له بالبلوغ و العقل و الاختيار و القصد (1) و عدم الغضب (2).

______________________________

و اليد و اللسان و يعرف باجتناب الكبائر التي أو عد اللّه عليها النار من شرب الخمر و الزنا

و الربا و حقوق الوالدين و الفرار من الزحف و غير ذلك و الدلالة علي ذلك كله أن يكون ساترا لجميع عيوبه حتي يحرم علي المسلمين ما وراء ذلك من عثراته و عيوبه و تفتيش ما وراء ذلك و يجب عليهم تزكيته و اظهار عدالته في الناس الخ «1» فان المستفاد من هذه الرواية اشتراط العدالة في الشهادة علي الاطلاق.

و ان شئت قلت يستفاد من الحديث مفروغية اعتبار العدالة في الشاهد. و أما حديث ابن المغيرة قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام رجل طلق امرأته و أشهد شاهدين ناصبيين، قال: كل من ولد علي الفطرة و عرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته «2» فلا مجال للعمل به اذ لا اشكال في نجاسة الناصب و كفره و خروجه عن زمرة المسلمين فلا مجال لأن يقال أنه يكفي مجرد الإسلام في الشاهد مضافا الي الاشكال في الدلالة علي خلاف المدعي فلاحظ.

(1) ادعي في الجواهر عدم الخلاف في اعتبارها بل ادعي الاجماع بقسميه عليه و يكفي لإثبات المدعي الأدلة العامة الدالة علي اعتبارها اضف الي ذلك ان المستفاد من دليل الظهار انه لا بد من كون المظاهر مكلفا اذ مع عدم التكليف لا يمكن أن يكون الفعل منكرا و زورا و يستفاد اشتراطه بالقصد مضافا الي وضوحه من حديث زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث أنه سأله كيف الظهار فقال:

يقول الرجل لامرته و هي طاهر من غير جماع: أنت علي حرام مثل ظهر أمي و هو يريد بذلك الظهار «3».

(2) لاحظ حديث ابن أبي نصر عن الرضا عليه السلام قال: الظهار لا يقع

______________________________

(1) الوسائل الباب 41 من ابواب الشهادات الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3)

الوسائل الباب 2 من كتاب الظهار الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 494

و ايقاعه في طهر لم يجامعها فيه اذا كان حاضرا و مثلها تحيض (1) و يقع في المتمتع بها (2).

______________________________

علي الغضب «1» و حديث حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يكون ظهار في يمين و لا في اضرار و لا في غضب 2.

(1) ادعي في الجواهر عدم الخلاف فيه و الاجماع بقسميه عليه و يدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه حمران 3 و منها ما رواه ابن فضال عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يكون الظهار الا علي مثل موضع الطلاق 4

و يستفاد من المتن جوازه و صحته مع الدخول أيضا اذا كان غائبا و مقتضي اطلاق النص عدم الفرق لكن ادعي في الجواهر عدم الخلاف في جوازه و الاجماع بقسميه عليه كما ادعي عدم الخلاف و الاجماع علي جوازه بالنسبة الي اليائسة و غير البالغة بلا رعاية الشرط المذكور و يؤيد المدعي ما أرسله ابن فضال المتقدم آنفا.

(2) بتقريب ان مقتضي الاطلاق عدم اختصاص الحكم بالزوجة الدائمة لكن يمكن أن يقال: ان المستفاد من دليل تخيير الزوج بين الفئة و الطلاق الاختصاص لاحظ ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ظاهر من امرأته قال: ان أتاها فعليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا و الا ترك ثلاثة أشهر فان فاء و الا اوقف حتي يسأل لك حاجة في امرأتك أو تطلقها فان فاء فليس عليه شي ء و هي امرأته و ان طلق واحدة فهو أملك برجعتها 5.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 7

من كتاب الظهار الحديث: 1 و 2

(2) (3) لاحظ ص: 492

(3) (4) الوسائل الباب 2 من كتاب الظهار الحديث: 3

(4) (5) الوسائل الباب 18 من كتاب الظهار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 495

و الامة (1) و يصح مع التعليق علي الشرط (2).

______________________________

فان المستفاد من الحديث بحسب الفهم العرفي اختصاص الحكم بالزوجة الدائمة و لا مجال لأن يقال ان التخيير المذكور حكم وارد في مورد كون الزوجية دائمية و لا يدل علي الاختصاص بل مقتضي اطلاق دليل الظهار عدم الاختصاص فان الظاهر من الحديث ان قوام الظهار بكون العقد و الازدواج دائميا.

(1) لجملة من النصوص منها ما رواه اسحاق بن عمار قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن الرجل يظاهر من جاريته فقال: الحرة و الامة في ذا سواء «1»

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سئل عن الظهار علي الحرة و الأمة قال: نعم 2.

و أما حديث ابن حمران قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل جعل جاريته عليه كظهر أمه قال: يأتيها و ليس عليها شي ء 3 فهو ضعيف سندا بحمزة.

(2) لإطلاق دليل الظهار مضافا الي النص الخاص منها ما رواه عبد الرحمن بن حجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الظهار ضربان: أحدهما فيه الكفارة قبل المواقعة و الأخر بعده فالذي يكفر قبل المواقعة الذي يقول: أنت علي كظهر أمي و لا يقول: ان فعلت بك كذا و كذا، و الذي يكفر بعد المواقعة الذي يقول: أنت علي كظهر أمي ان قربتك 4.

و منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام اني ظاهرت من أم ولدي ثم وقعت عليها ثم كفرت فقال:

هكذا يصنع الرجل الفقيه اذا وقع كفر 5

و منها: ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الظهار ظهاران فأحدهما

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 11 من كتاب الظهار الحديث: 1 و 2

(2) (3) نفس المصدر الحديث: 5

(3) (4 و 5) الوسائل الباب 16 من كتاب الظهار الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 496

______________________________

أن يقول: أنت علي كظهر أمي ثم يسكت، فذلك الذي يكفر فاذا قال: أنت علي كظهر أمي ان فعلت كذا و كذا ففعل و حنث فعليه الكفارة حين يحنث «1».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: الظهار علي ضربين في أحدهما الكفارة اذا قال: أنت علي كظهر أمي و لا يقول أنت علي كظهر أمي ان قربتك «2»

و في قبال هذه النصوص ما يدل علي عدم الصحة لاحظ حديث الزيات قال:

قلت لأبي الحسن عليه السلام اني ظاهرت من امرأتي فقال: كيف قلت قال قلت:

أنت علي كظهر أمي ان فعلت كذا و كذا فقال لي: لا شي ء عليك و لا تعد «3».

و مرسل ابن بكير عن رجل قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: اني قلت لامرأتي أنت علي كظهر أمي ان خرجت من باب الحجرة فخرجت، فقال ليس عليك شي ء، فقلت: اني أقوي علي أن أكفر فقال: ليس عليك شي ء، فقلت اني أقوي علي أن أكفر رقبة و رقبتين فقال: ليس عليك شي ء، قويت أو لم تقو «4».

و الحديثان ضعيفان و لحديث ابن بكير طريق آخر و الظاهر أنه لا بأس به فيقع التعارض بين الجانبين و الترجيح مع الطائفة الدالة علي الانعقاد مع التعليق للموافقة مع الاطلاق الكتابي و قد ذكرنا اخيرا ان دليل الترجيح بموافقة

الكتاب و مخالفة القوم غير تام فتصل النوبة الي الترجيح بالأحدثية و الترجيح بها مع حديث ابن بكير اذ هو مروي عن مولانا أبي الحسن عليه السلام فلاحظ و حيث ان الترجيح بالأحدث خلاف المشهور عند القوم ينبغي التعرض لما يمكن الاستدلال به علي المدعي علي نحو الاجمال فنقول: يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه ابن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 497

______________________________

مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: ما بال اقوام يروون عن فلان و فلان عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لا يتهمون بالكذب فيجي ء منكم خلافه؟ قال:

ان الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن «1».

و مقتضي هذه الرواية ان الحديث الأول ينسخ بالحديث الثاني و مع وجود الحديث الثاني لا يبقي مجال للخبر الاول و أورد سيدنا الاستاد علي الاستدلال بالحديث بقوله: - كما في التقرير-: أما الرواية الأولي فلا يصح التمسك بها للترجيح اذ لو كان المراد من النسخ في هذه الرواية هو النسخ الاصطلاحي بناء علي امكانه بعد انقطاع الوحي أيضا لكونه بمعني بنيان امد الحكم لا ارتفاع الحكم المستمر فلا بد من أن يكون المراد من الحديث الناسخ للحديث النبوي مقطوع الصدور فان ضرورة المذهب قاضية بعدم نسخ الكتاب و السنة بالخبر الظني بل هذا ممن اتفق عليه الفريقان فاذا لو كان المراد من النسخ هو النسخ الاصطلاحي فلا بد من أن يكون المراد من الناسخ المقطوع الصدور و هو خارج عن محل الكلام «2» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و يرد عليه: انه لم يفرض في الرواية كون الخبر عن النبي صلي

اللّه عليه و آله مقطوع الصدور و عليه لا مانع من الالتزام بكون الخبر الثاني ناسخا للحديث الأول بالمعني الجائز للنسخ و ادعاء ضرورة المذهب علي بطلان النسخ بهذا المعني حتي فيما لا يكون الحديث الأول مقطوع الصدور عن النبي صلي اللّه عليه و آله علي مدعيه و اللّه العالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب صفات القاضي الحديث: 4

(2) مصباح الاصول ج 3 ص 417

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 498

حتي الزمان علي الاقوي (1) و لا يقع في غير المدخول بها (2) و لا يقع في اضرار علي الاظهر (3) نعم لا يقع في يمين بأن كان غرضه الزجر عن فعل كما لو قال ان كلمتك فانت علي كظهر أمي أو البعث علي فعل كما لو قال أن تركت الصلاة فانت علي كظهر أمي (4).

______________________________

(1) للإطلاق.

(2) لاحظ ما رواه الفضيل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مملك ظاهر من امرأته فقال لي: لا يكون ظهار و لا ايلاء حتي يدخل بها «1».

و ما رواه ابن مسلم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قال: في المرأة التي لم يدخل بها زوجها قال: لا يقع عليها ايلاء و لا ظهار 2.

(3) لاحظ ما رواه حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يكون ظهار في يمين و لا في اضرار و لا في غضب 3 و في صحة السند اشكال من حيث عدم ثبوت وثاقة حمران.

(4) بلا خلاف اجده فيه كما في الجواهر و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الظهار فقال: هو من كل ذي محرم من أم أو

اخت أو عمة أو خالة و لا يكون الظهار في يمين 4.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن المغيرة و غيره قال: تزوج حمزة بن حمران بنت بكير فلما كان في الليلة التي ادخل بها عليه قلن له النساء: أنت لا تبالي بالطلاق و ليس هو عندك بشي ء و ليس تدخلها عليك حتي تظاهر من امهات اولادك قال ففعل

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 8 من كتاب الظهار الحديث: 1 و 2

(2) (3) الوسائل الباب 7 من كتاب الظهار الحديث: 2

(3) (4) الوسائل الباب 4 من كتاب الظهار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 499

و لو قيده بمدة كشهر او سنة ففي صحته اشكال (1) و مع ارادة الوطء تجب الكفارة بمعني تحريم الوطء حتي يكفر (2) فان طلق و راجع في العدة

______________________________

فذكر ذلك لأبي عبد اللّه عليه السلام فأمره أن يقربهن «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن المغيرة قال: تزوج حمزة بن حمران ابنة بكير فلما أراد أن يدخل بها قال له النساء: لسنا ندخلها عليك حتي تحلف لنا، و لسنا نرضي أن تحلف بالعتق لأنك لا تراه شيئا لكن احلف لنا بالظهار و ظاهر من امهات اولادك و جواريك فظاهر منهن ثم ذكر ذلك لأبي عبد اللّه عليه السلام فقال: ليس عليك شي ء ارجع إليهن «2» و منها ما رواه حمران «3».

(1) منشأ الاشكال ما رواه الأعرج عن موسي بن جعفر عليه السلام في رجل ظاهر من امرأته فوفي قال: ليس عليه شي ء «4».

فان المذكور في بعض النسخ علي ما نقل يوما بدل و في و من الظاهر ان المرجع بعد اختلاف النسخة اطلاق دليل الظهار فالحق جوازه في الصورة المفروضة بحسب

الصناعة و لكن طريق الاحتياط ظاهر فلاحظ.

(2) بلا خلاف بل اجماعا كما يظهر من الجواهر و يدل علي المدعي قوله تعالي وَ الَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمٰا قٰالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا «5».

و يدل عليه أيضا النص الخاص لاحظ ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من كتاب الظهار الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 6 من كتاب الظهار الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 498

(4) الوسائل الباب 16 من كتاب الظهار الحديث: 10

(5) المجادلة/ 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 500

لم تحل حتي يكفر (1) و لو خرجت عن العدة أو كان الطلاق بائنا و تزوجها في العدة أو مات أحدهما أو ارتد بنحو لا يمكن الرجوع الي الزوجية كما لو كان الارتداد قبل الدخول أو بعده و كان المرتد الرجل عن فطرة فلا كفارة (2).

______________________________

عليه السلام عن الرجل يظاهر من امرأته ثم يريد أن يتم علي طلاقها قال: ليس عليه كفارة، قلت: ان أراد أن يمسها؟ قال: لا يمسها حتي يكفر، قلت فان فعل فعليه شي ء؟ قال: أي و اللّه انه لإثم ظالم قلت: عليه كفارة غير الأولي؟ قال: نعم يعتق أيضا رقبة «1».

(1) بلا خلاف اجده فيه- هكذا في الجواهر- و الوجه فيه ان المطلقة الرجعية زوجة أو في حكم الزوجة فالحكم بوجوب الكفارة بحاله و أما مرسل النميري عن عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل ظاهر ثم طلق قال سقطت عنه الكفارة اذا طلق قبل أن يعاود المجامعة قيل: فانه راجعها قال: ان كان انما طلقها لإسقاط الكفارة عنه ثم راجعها فالكفارة لازمة له أبدا اذا عاود المجامعة و ان كان طلقها و هو لا ينوي

شيئا من ذلك فلا بأس أن يراجع و لا كفارة عليه «2»، فلا اعتبار به سندا.

(2) هذا هو المشهور عندهم علي ما يظهر من الجواهر و الوجه فيه ان الظاهر من دليل وجوب الكفارة صورة الرجوع بالسبب الأول و أما التزويج الجديد فلا يترتب عليه ذلك الحكم و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه يزيد الكناسي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل ظاهر من امرأته ثم طلقها تطليقة فقال: اذا طلقها تطليقة فقد بطل الظهار و هدم الطلاق الظهار قلت: فله أن يراجعها؟ قال: نعم هي امرأته فان راجعها وجب عليه ما يجب علي المظاهر من

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من كتاب الظهار الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 10 من كتاب الظهار الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 501

و لو وطأ قبل التكفير عامدا لزمه كفارتان احداهما للوطؤ و الاخري لإرادة العود اليه (1).

______________________________

قبل أن يتماسا قلت: فان تركها حتي يخلو أجلها و تملك نفسها ثم تزوجها بعد هل يلزمه الظهار قبل أن يمسها قال: لا قد بانت منه و ملكت نفسها «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل ظاهر من امرأته ثم طلقها قبل أن يواقعها فبانت منه هل عليه كفارة؟ قال: لا 2

و منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

سألناه عن الظهار متي يقع علي صاحبه الكفارة؟ قال: اذا أراد أن يواقع امرأته قلت: فان طلقها قبل أن يواقعها أ عليه كفارة؟ قال لا سقطت عنه الكفارة 3.

فان مقتضي صريح بعضها و اطلاق بعضها الاخر عدم وجوب الكفارة بالتزويج الجديد و أما حديث ابن

جعفر أنه سأل أخاه موسي بن جعفر عليه السلام عن رجل ظاهر من امرأته ثم طلقها بعد ذلك بشهر أو شهرين فتزوجت ثم طلقها الذي تزوجها فراجعها الاول، هل عليه الكفارة للظهار الاول، قال: نعم عتق رقبة أو صيام أو صدقة 4، فمحمول علي التقية لكن يظهر من كلام الوسائل في هذا المقام انه مذهب قوم من المخالفين لا جميعهم فتصل النوبة الي الترجيح بالأحدثية و حديث ابن جعفر احدث و اللّه العالم.

(1) لجملة من النصوص منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: اذا واقع المرأة الثانية قبل أن يكفر فعليه كفارة اخري ليس في هذا اختلاف 5 و منها ما رواه الحلبي 6.

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 3 و 4

(2) (4) نفس المصدر الحديث: 9

(3) (5) الوسائل الباب 15 من كتاب الظهار الحديث: 1

(4) (6) لاحظ ص: 499

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 502

و تتكرر الكفارة بتكرر الوطء (1) كما انها تتكرر بتكرر الظهار مع تعدد المجلس (2).

______________________________

و انما قيد الماتن موضوع التكرار بالعمد بلحاظ حديث ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: الظهار لا يقع الا علي الحنث فاذا حنث فليس له أن يواقعها حتي يكفر فان جهل و فعل فانما عليه كفارة واحدة «1» فانه يستفاد من هذا الحديث انه مع الجهل لا تتكرر الكفارة مضافا الي النص الدال علي أن ارتكاب الأمر بجهالة لا يوجب شيئا و هو ما رواه عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان رجلا أعجميا دخل المسجد يلبي و عليه قميصه فقال لأبي عبد اللّه عليه السلام اني كنت رجلا أعمل

بيدي و اجتمعت لي نفقة فحيث أحج لم أسأل أحدا عن شي ء و أفتوني هؤلاء أن أشق قميصي و أنزعه من قبل رجلي و ان حجي فاسد، و ان علي بدنة، فقال له: متي لبست قميصك أبعد ما لبيت أم قبل؟ قال قبل أن ألبّي قال فأخرجه من رأسك، فانه ليس عليك بدنة و ليس عليك الحج من قابل أي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شي ء عليه الحديث «2».

(1) اذ بالوطي يتحقق موضوع الكفارة و من ناحية اخري مقتضي الأصل الأولي عدم التداخل مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه أبو بصير «3» و لقائل أن يقول هذه الرواية انما تدل علي وجوب الكفارة للمرة الثانية و أما وجوبها لكل مرة فلا و لكن يمكن الاستدلال بما رواه الحلبي «4».

(2) وفاقا للأكثر- كما في الجواهر- و الوجه فيه ظهور الأدلة في كون كل واحد

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من كتاب الظهار الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 45 من أبواب تروك الاحرام الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 501

(4) لاحظ ص: 499

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 503

أما مع اتحاده ففيه اشكال (1) و لو عجز لم يجزه الاستغفار

______________________________

سببا مستقلا و التداخل علي خلاف القاعدة الاولية مضافا الي النص الخاص الدال علي التعدد لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عن رجل ظاهر من امرأته خمس مرات او اكثر فقال: قال علي عليه السلام مكان كل مرة كفارة «1».

و ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ظاهر من امرأته ثلاث مرات قال: يكفر ثلاث مرات 2.

و ما رواه جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام فيمن ظاهر من امرأته خمس عشرة

مرة فقال: عليه خمس عشرة كفارة 3.

و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل ظاهر من امرأته خمس مرات او اكثر ما عليه؟ قال: عليه مكان كل مرة كفارة 4

و ما رواه أبو الجارود زياد بن منذر قال سأل ابو الورد أبا جعفر عليه السلام و أنا عنده عن رجل قال لامرأته: أنت علي كظهر أمي مائة مرة فقال أبو جعفر عليه السلام يطيق لكل مرة عتق نسمة؟ قال لا قال: يطيق اطعام ستين مسكينا مائة مرة قال لا قال فيطيق صيام شهرين متتابعين مائة مرة؟ قال لا، قال: يفرق بينهما 5.

(1) الظاهر ان الوجه في الاشكال حديث ابن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل ظاهر من امرأته أربع مرات في كل مجلس واحدة قال: عليه كفارة واحدة 6.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 13 من كتاب الظهار الحديث: 1 و 2

(2) (3 و 4) نفس المصدر الحديث: 3 و 4

(3) (5) نفس المصدر الحديث: 5

(4) (6) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 504

علي الاحوط (1) و اذا رافعته انظره الحاكم ثلاثة أشهر من حين المرافعة فيضيق عليه بعدها حتي يكفر او يطلق بلا خلاف بل ادعي عليه الاجماع و النص يدل عليه في الجملة (2) و لو ظاهر زوجته

______________________________

فان المذكور في الحديث علي ما في التهذيب و الاستبصار (في مجلس واحد) فلا بد من تخصيص العموم فانه يخصص بهذه الرواية بقية الروايات.

(1) لا طلاق الأدلة كتابا وَ الَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمٰا قٰالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا «1» و سنة منها ما رواه أبو بصير «2».

و منها: ما

رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: فان واقع يعني المظاهر قبل أن يكفر؟ قال يستغفر اللّه و يمسك حتي يكفر «3».

مضافا الي حديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل من عجز عن الكفارة التي تجب عليه من صوم أو عتق أو صدقة في يمين أو نذر أو قتل أو غير ذلك مما يجب علي صاحبه فيه الكفارة فالاستغفار له كفارة ما خلا يمين الظهار فانه اذا لم يجد ما يكفر به حرم عليه أن يجامعها و فرق بينهما الا أن ترضي المرأة أن يكون معها و لا يجامعها «4».

و حديث أبي الجارود «5» و لم يظهر لي وجه بناء الحكم علي الاحتياط.

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ظاهر من امرأته قال: ان أتاها فعليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين او اطعام ستين

______________________________

(1) المجادلة/ 3

(2) لاحظ ص: 501

(3) الوسائل الباب 15 من كتاب الظهار الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 6 من الكفارات الحديث: 1

(5) لاحظ ص: 503

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 505

الامة ثم اشتراها و وطأها بالملك فلا كفارة (1).

[كتاب الإيلاء]

كتاب الايلاء و هو الحلف علي ترك وطؤ الزوجة (2) و لا ينعقد بغير اسم اللّه تعالي (3).

______________________________

مسكينا و الا ترك ثلاثة أشهر فان فاء و الا اوقف حتي يسأل لك حاجة في امرأتك أو تطلقها فان فاء فليس عليه شي ء و هي امرأته و ان طلق واحدة فهو أملك برجعتها «1».

و ليس في الحديث ما يدل علي التضييق عليه فلا بد من اتمام الأمر بالإجماع قال في الجواهر في هذا المقام: «بلا خلاف أجده في شي ء من

ذلك بل في المسالك ظاهر الاصحاب الاتفاق علي هذا الحكم بل في نهاية المراد و هذه الأحكام مقطوع بها في كلام الأصحاب و ظاهرهم انه موضع وفاق و في كشف اللثام الاتفاق علي هذه الأحكام كما هو الظاهر و في الرياض ظاهر جماعة الاجماع عليه و ظاهرهما معا خصوصا الأخير منهما ان ذلك هو الحجة فيها دون موثق أبي بصير».

(1) اذ تبطل الزوجية بالملك و بعبارة اخري يبطل عقد النكاح فلا يترتب عليه الآثار كما مر و الحمد للّه اولا و آخرا قد وقع الفراغ من كتابة كتاب الظهار في يوم السبت الثامن و العشرين من شهر شوال المكرم من السنة 1409 هجري.

(2) في الجواهر- في مقام تعريف الإيلاء «شرعا: حلف الزوج علي ترك وطؤ زوجته الدائمة المدخول بها قبلا او مطلقا مقيدا بالزيادة علي الاربعة أشهر او مطلقا للإضرار بها» الخ.

(3) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه أبو بصير يعني المرادي

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من كتاب الظهار الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 506

و لا لغير اضرار (1).

______________________________

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الايلاء ما هو؟ فقال: هو أن يقول الرجل لامرأته: و اللّه لا أجامعك كذا و كذا و يقول و اللّه لأغيظنّك فيتربص بها أربعة أشهر ثم يؤخذ فيوقف بعد الاربعة أشهر فان فاء و هو أن يصالح اهله فان اللّه غفور رحيم و ان لم يف جبر علي أن يطلق و لا يقع طلاق فيما بينهما و لو كان بعد أربعة أشهر ما لم ترفعه الي الامام «1» و منها غيره فانه يستفاد من هذه النصوص انه يلزم أن يكون الحلف باسمه تعالي و يستفاد

من حديث محمد بن مسلم قال قلت لأبي جعفر عليه السلام قول اللّه عز و جل وَ اللَّيْلِ إِذٰا يَغْشيٰ وَ النَّجْمِ إِذٰا هَوي، و ما أشبه ذلك فقال: للّه أن يقسم من خلقه بما يشاء و ليس لخلقه أن يقسموا الا به «2».

و حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا أري أن يحلف الرجل الا باللّه «3»، انه يلزم أن يكون باسمه تعالي و لو لم يكن الاسم لفظ الجلالة و بعبارة اخري يستفاد من الحديثين انه يجب أن يكون الحلف به و المستفاد من حديث أبي بصير «4» انه يلزم أن يكون الحلف بخصوص لفظ الجلالة و يكون حرف القسم (الواو) فلا بد من تقييد الاطلاق به فلاحظ.

(1) بلا خلاف أجده في ذلك بل في كشف اللثام الاتفاق عليه- هكذا في الجواهر- و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أتي رجل أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين ان امرأتي أرضعت غلاما و اني قلت: و اللّه لا أقربك حتي تفطمه فقال: ليس في

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب الايلاء الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 3 من ابواب الايلاء الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) لاحظ ص: 505

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 507

فلو كان لمصلحة و ان كانت راجعة الي الطفل لم ينعقد ايلاء بل انعقد يمينا و جري عليه حكم الايمان (1) و يشترط وقوعه من بالغ

______________________________

الاصلاح ايلاء «1».

و منها: ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يهجر امرأته من غير طلاق و لا يمين سنة فلا يأتي فراشه، قال: ليأت أهله، و

قال: عليه السلام ايما رجل آلي من امرأته و الايلاء أن يقول: و اللّه لا اجامعك كذا و كذا و اللّه لأغيظنك ثم يغاضبها فانه يتربص به أربعة أشهر «2».

و منها: ما رواه حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا غاضب الرجل امرأته فلم يقربها من غير يمين أربعة أشهر استعدت عليه فأما أن يفي ء و اما أن يطلق فان تركها من غير مغاضبة أو يمين فليس بمؤل 3.

و منها: ما رواه أبو الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل آلي من امرأته بعد ما دخل بها فقال: اذا مضت أربعة أشهر وقف و ان كان بعد حين فان فاء فليس بشي ء و هي امرأته و ان عزم الطلاق فقد عزم و قال: الايلاء أن يقول الرجل لامرأته و اللّه لأغيظنك و لأسوأنك ثم يهجرها و لا يجامعها حتي تمضي اربعة أشهر فقد وقع الايلاء و ينبغي للإمام أن يجبره علي أن يفي ء أو يطلق فان فاء فَإِنَّ اللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلٰاقَ فَإِنَّ اللّٰهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ و هو قول اللّه تبارك و تعالي في كتابه 4.

(1) اذ فرض عدم تحقق الايلاء بفقدان بعض شرائطه فيدخل تحت حكم اليمين و تترتب عليه أحكامه لاحظ حديث السكوني 5.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب الايلاء.

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 1 من ابواب الايلاء الحديث: 1 و 2

(3) (3) (4) الوسائل الباب 9 من ابواب الايلاء الحديث: 3

(4) (5) لاحظ ص: 506

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 508

كامل مختار قاصد (1) و ان كان عبدا (2) او خصصيا (3) بل مجبوبا علي اشكال قوي فيمن لا يتمكن من

الايلاج (4) و لا بد أن تكون امرأة منكوحة بالدائم (5) مدخولا بها (6) و ان يولي مطلقا او أزيد من أربعة

______________________________

(1) قال في الجواهر لا خلاف كما لا اشكال بل الاجماع بقسميه عليه في أنه يعتبر فيه البلوغ و كمال العقل و الاختيار و القصد مضافا الي ما عرفته مكررا من الأدلة العامة الدالة علي اشتراطها في غيره من العقود و الإيقاعات.

(2) للعموم كتابا و سنة بل لا اجد فيه خلافا و لا اشكالا- هكذا في الجواهر-.

(3) لعموم الأدلة اذ الخصي يمكنه الايلاج غاية الأمر لا ينزل.

(4) وجه الاشكال انه مع عدم الآلة لا يتصور الحلف علي ترك الجماع و بعبارة اخري: المجبوب من لا آلة له فلا موضوع بالنسبة اليه لهذا الحكم نعم اذا بقي من آلته دون الحشفة يمكنه أن يلجه في الفرج و ينزل منه يمكن القول بجريانه بالنسبة اليه أيضا فالحق هو التفصيل.

(5) بتقريب ان قوله تعالي لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ «1» منصرف الي خصوص الزوجة الدائمة و يدل علي المدعي دلالة واضحة قوله تعالي في الاية التالية وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلٰاقَ 2 اذ الطلاق لا يتصور في الانقطاع فالحكم مخصوص بالدوام.

(6) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يقع الايلاء الا علي امرأة قد دخل بها زوجها 3.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: الرجل يؤلي من امرأته قبل أن يدخل بها فقال: لا يقع الايلاء حتي يدخل بها 4

______________________________

(1) (1 و 2) البقرة/ 226- 227

(2) (3 و 4) الوسائل الباب 6 من ابواب الايلاء الحديث: 2 و

4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 509

أشهر (1).

______________________________

و منها غيرهما المذكور في الباب المشار اليه مضافا الي دعوي عدم وجدان الخلاف من الجواهر.

(1) الحكم مشهور بين القوم و يدل علي المدعي ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: رجل آلي أن لا يقرب امرأته ثلاثة أشهر قال: فقال:

لا يكون ايلاء حتي يحلف علي اكثر من أربعة أشهر «1».

و يمكن الاستدلال بجملة كثيرة من النصوص منها ما رواه حفص بن البختري «2» و منها ما رواه بريد بن معاوية عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنهما قالا:

اذا آلي الرجل أن لا يقرب امرأته فليس لها قول و لا حق في الاربعة أشهر و لا اثم عليه في كفه عنها في الاربعة أشهر فان مضت الاربعة أشهر قبل أن يمسها فسكتت و رضيت فهو في حل وسعة فان رفعت أمرها قيل له: اما أن تفي ء فتمسها و اما أن تطلق و عزم الطلاق أن يخلي عنها فاذا حاضت و طهرت طلقها و هو أحق برجعتها ما لم تمض ثلاثة قروء فهذا الايلاء الذي انزل اللّه تعالي في كتابه و سنة رسوله صلي اللّه عليه و آله «3».

و منها: ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليه السلام قال: سأله صفوان و أنا حاضر عن الايلاء فقال: انما يوقف اذا قدمه الي السلطان فيوقفه السلطان اربعة أشهر ثم يقول له: اما أن تطلق و اما أن تمسك «4».

و منها: ما رواه أبو بصير «5» فانه يستفاد من هذه النصوص ان الايلاء يلزم

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب الايلاء الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 507

(3) الوسائل الباب 2 من ابواب الايلاء

(4)

الوسائل الباب 8 من أبواب الايلاء الحديث: 5

(5) لاحظ ص: 505

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 510

فاذا رافعته انظره الحاكم الي أربعة أشهر من حين المرافعة (1).

______________________________

أن يتعلق بأزيد من اربعة أشهر فلاحظ.

(1) لاحظ ما رواه بريد بن معاوية «1» و لاحظ أيضا ما رواه بريد بن معاوية قال سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول في الايلاء: اذا آلي الرجل أن لا يقرب امرأته و لا يمسها و لا يجمع رأسه و رأسها فهو في سعة ما لم تمض الاربعة أشهر فاذا مضت أربعة أشهر وقف فأما أن يفي ء فيمسها و أما أن يعزم علي الطلاق فيخلي عنها حتي اذا حاضت و تطهرت من محيضها طلقها تطليقة قبل أن يجامعها بشهادة عدلين ثم هو أحق برجعتها ما لم تمض الثلاثة الاقراء «2» و لاحظ ما عن الرضا عليه السلام «3».

و مثله حديثان آخر ان احدهما ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الايلاء هو أن يحلف الرجل علي امرأته أن لا يجامعها فان صبرت عليه فلها أن تصبر و ان رفعته الي الامام انظره أربعة أشهر ثم يقول له بعد ذلك اما أن ترجع الي المناكحة و اما أن تطلق فان أبي حبسه أبدا «4».

ثانيهما: ما رواه العباس بن هلال عن الرضا عليه السلام قال: ذكر لنا أن أجل الايلاء أربعة أشهر بعد ما يأتيان السلطان فاذا مضت الأربعة أشهر فان شاء أمسك و ان شاء طلق و الإمساك المسيس 5.

فانه يستفاد من مجموع النصوص ان المرأة اذا رافعته عند الحاكم انظره الي اربعة أشهر من حين المرافعة و خيره بين الرجوع و الطلاق كما في المتن مضافا الي

______________________________

(1) لاحظ ص:

509

(2) الوسائل الباب 10 من ابواب الايلاء الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 509

(4) (4 و 5) الوسائل الباب 8 من ابواب الايلاء الحديث: 6 و 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 511

فان رجع و كفر بعد الوطء (1) و الا الزمه بالطلاق او الفئة و التكفير (2) و يضيق عليه في المطعم و المشرب حتي يقبل أحدهما (3) فان امتنع

______________________________

ما في الجواهر من دعوي الشهرة بل الاجماع عليه.

(1) لاحظ ما رواه منصور قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل آلي من امرأته فمرت اربعة أشهر، قال يوقف فان عزم الطلاق بانت منه و عليها عدة المطلقة و الا كفر عن يمينه و أمسكها «1».

(2) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: ايما رجل آلي من امرأته و الايلاء أن يقول: و اللّه لا اجامعك كذا و كذا و اللّه لأغيظنّك ثم يغاضبها فانه يتربص به اربعة اشهر ثم يؤخذ بعد الأربعة أشهر فيوقف فاذا فاء و هو أن يصالح اهله فان اللّه غفور رحيم و ان لم يف اجبر علي الطلاق و لا يقع بينهما طلاق حتي يوقف و ان كان أيضا بعد الأربعة الأشهر ثم يجبر علي أن يفي ء أو يطلق «2».

(3) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه حماد بن عثمان عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال المؤلي اذا ابي أن يطلق قال: كان امير المؤمنين عليه السلام يجعل له حظيرة من قصب و يجعله «يحبسه» فيها و يمنعه من الطعام و الشراب «3»

و منها: ما رواه غياث بن ابراهيم عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: كان امير المؤمنين عليه السلام اذا ابي

المؤلي أن يطلق جعل له حظيرة من قصب و اعطاه ربع قوته حتي يطلق 4 و منها غيرهما و الظاهر ان النصوص المشار اليها ضعيفة فلا بد من اتمام الأمر بالإجماع و التسالم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب الايلاء الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب الايلاء الحديث: 1

(3) (3 و 4) الوسائل الباب 11 من ابواب الايلاء الحديث: 1 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 512

عن كليهما طلقها الحاكم (1).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل آلي من امرأته فقال: الايلاء أن يقول الرجل: و اللّه لا أجامعك كذا و كذا، فانه يتربص اربعة أشهر، فان فاء و الإيفاء أن يصالح اهله فان اللّه غفور رحيم، و ان لم يف بعد اربعة أشهر حتي يصالح اهله او يطلق جبر علي ذلك و لا يقع طلاق فيما بينهما حتي يوقف و ان كان بعد الأربعة أشهر فان أبي فرق بينهما الامام «1».

فانه يستفاد من الحديث انه بعد اربعة أشهر اجبر الي الطلاق فان أبي عن الأمرين طلق الامام الا أن يقال أي دليل دل علي ان الحاكم كالإمام في هذه الجهة و يمكن أن يجاب عن هذه الشبهة ان المورد من موارد الامور الحسبية التي يكون أمرها بيد الحاكم الشرعي و ان شئت قلت: انما يطلقه الامام من جهة انه ولي الأمر و المفروض ان الحاكم الشرعي في زمان غيبته عليه السلام يكون مرجعا للأمور العامة و في المقام حديث يستفاد منه ان وظيفة الحاكم بعد اباء المولي عن الطلاق و الرجوع أن يحسبه أبدا لاحظ ما رواه أبو بصير «2» فلا بد من علاج المعارضة فنقول حيث ان الكتاب لا تعرض فيه

من هذه الجهة فلا يكون مرجحا لأحد الطرفين و اما العامة فيظهر من كلام الشيخ في الخلاف ان اقوالهم مختلفة «3» فلا مرجح لأحد الطرفين من هذه الجهة أيضا فتصل النوبة الي الترجيح بالأحدثية و الترجيح بها مع الطائفة الأولي الدالة علي ان الامام يطلق لاحظ ما رواه عثمان بن عيسي عن أبي الحسن عليه السلام أنه سأله «سئل» عن رجل آلي من امرأته متي يفرق بينهما؟ قال: اذا مضت اربعة أشهر و وقف، قلت له: من يوقفه؟ قال: الامام قلت: فان لم يوقفه عشر سنين؟ قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب الايلاء الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 501

(3) الخلاف ج 2 ص 55 مسألة 8

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 513

و لو طلق يقع الطلاق رجعيا و بائنا علي حسب اختلاف موارده (1).

______________________________

هي امرأته «1» فان المذكور في الحديث عنوان التوقيف فيوقفه الامام اولا ثم يطلقها و مثله غيره فلاحظ.

(1) الأمر كما افاده فان كونه رجعيا و بائنا تابع لتحققه بأي نحو فان وقع رجعيا فهو و ان وقع بائنا فكذلك هذا بحسب القاعدة الاولية و أما بحسب النصوص فهي متعارضة فطائفة منها تدل علي الاطلاق علي كون الطلاق بائنا منها ما رواه منصور بن حازم قال: ان المؤلي يجبر علي أن يطلق تطليقة بائنة «2».

و منها: ما رواه منصور بن حازم أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المولي اذا وقف فلم يفي ء طلق تطليقة بائنة 3.

و طائفة منها تدل علي كون الطلاق رجعيا منها ما رواه بريد بن معاوية 4 و منها ما رواه أبو مريم عن أبي جعفر عليه السلام قال: المؤلي يوقف بعد الأربعة الأشهر فان شاء امساك بمعروف أو تسريح

باحسان فان عزم الطلاق فهي واحدة و هو أملك برجعتها 5.

و طائفة ثالثة تدل علي الطلاق علي الاطلاق منها ما رواه أبو بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: اذا آلي الرجل من امرأته و الايلاء أن يقول: و اللّه لا أجامعك كذا و كذا أو يقول: و اللّه لأغيظنك ثم يغاضبها ثم يتربص بها اربعة أشهر فان فاء و الايفاء أن يصالح اهله او يطلق عند ذلك و لا يقع بينهما طلاق حتي يوقف و ان كان بعد الأربعة أشهر حتي يفي ء او يطلق 6.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب الايلاء الحديث: 4

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 10 من ابواب الايلاء الحديث: 3 و 5

(3) (4) لاحظ ص: 510

(4) (5) الوسائل الباب 10 من ابواب الايلاء الحديث: 2

(5) (6) الوسائل الباب 9 من ابواب الايلاء الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 514

و لو آلي مدة فدافع حتي خرجت فلا كفارة عليه (1) و عليه الكفارة لو وطأ قبله (2) و لو ادعي الوطء فالقول قوله مع يمينه (3) و فئة القادر هو

______________________________

و منها: ما رواه ابو الصباح الكناني «1» فلا بد من العلاج و المرجح الكتابي مع الطائفة الثانية الدالة علي كون طلاقه رجعيا لقوله تعالي وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ «2» فان مقتضي الاية الشريفة ان المطلق علي الاطلاق احق بالرجوع الا ما خرج بالدليل نعم اذا طلق طلاقا بائنا يكون كذلك لتحقق موضوعه فلاحظ لكن قد مر منا ان المرجح منحصر في الأحدثية و حيث ان الأحدث غير محرز يدخل المقام في اشتباه الحجة بغيرها فالمرجع اطلاق الكتاب اذ يشك في التقييد فيؤخذ بالاطلاق و اللّه العالم.

(1) لعدم ما يقتضي

الكفارة.

(2) لحنث القسم.

(3) بلا خلاف أجده فيه- كما في الجواهر- و قيل في وجهه: ان اقامة البينة متعذرة او متعسرة فلو لم يقبل قوله مع امكان صدقه يلزم الحرج و لأنه لا يعلم الا من قبله و مقتضي الاصل بقاء النكاح و عدم تحقق الحق علي الاجبار و استدل بما رواه ابن عمار عن جعفر عن ابيه ان عليا عليه السلام سئل عن المرأة تزعم أن زوجها لا يمسها و يزعم أنه يمسها قال: يحلف ثم يترك «تحلف و تترك» «3».

و الحديث و ان كان تاما دلالة لكن سنده ضعيف بابن كلوب نعم قد دلت رواية أبي حمزة علي قبول قوله بالنسبة الي الدخول قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول اذا تزوج الرجل المرأة الثيب التي تزوجت زوجا غيره فزعمت أنه لم يقربها منذ دخل بها فان القول في ذلك قول الرجل، و عليه أن يحلف باللّه لقد جامعها لأنها

______________________________

(1) لاحظ ص: 507

(2) البقرة/ 228

(3) الوسائل الباب 13 من ابواب الايلاء

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 515

الوطء قبلا (1) و فئة العاجز اظهار العزم علي الوطء مع القدرة (2) و لا تتكرر الكفارة بتكرر اليمين اذا كان الزمان المحلوف علي ترك الوطء فيه واحدا (3).

______________________________

المدعية قال: فان تزوجت و هي بكر فزعمت أنه لم يصل اليها فان مثل هذا تعرف النساء فلينظر اليها من يوثق به منهن فاذا ذكرت انها عذراء فعلي الامام أن يؤجله سنة فان وصل اليها و الا فرق بينهما و اعطيت نصف الصداق و لا عدة عليها «1» و الظاهر ان سند الرواية تام كما ان الظاهر ان العرف يستفيد عدم الفرق بين الموارد و اللّه العالم.

(1) كما هو ظاهر.

(2) قد

تقدم عدم تصور الايلاء بالنسبة الي العاجز عن الوطء.

(3) يظهر من كلام الجواهر امكان تحقق الاجماع و لا يبعد أن يقال ان القاعدة الاولية تقتضي ذلك اذ الايلاء من اقسام الحلف و الحلف المتعدد لا مجال له بالنسبة الي شي ء واحد.

و بعبارة اخري: التكرر يوجب التأكد و لكن في النفس شي ء و هو ان مقتضي اطلاق الدليل تعدد الايلاء و لا دليل علي تداخل الاسباب فيصدق ان زيدا آلي من امرأته مرتين لكن الظاهر انه خلاف الاجماع اذ علي هذا يلزم انه لو حلف علي شي ء مرتين ثم حنث مرتين تجب عليه الكفارة مرتين و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم.

و الحمد للّه اولا و آخرا و ظاهرا و باطنا قد وقع الفراغ من كتابة مسائل كتاب الايلاء في صبيحة الثلثاء الواحد و العشرين من شهر ربيع الثاني من سنة 1410 بعد الهجرة علي مهاجرها و آله آلاف التحية و الثناء و اللعن علي أعدائهم أعداء اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من ابواب العيوب و التدليس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 516

[كتاب اللعان]

كتاب اللعان و سببه قذف الزوجة بالزنا مع ادعاء المشاهدة و عدم البينة (1) و في ثبوت اللعان بانكار و لد يلحق به ظاهرا بدون القذف اشكال (2) و يشترط في الملاعن و الملاعنة التكليف (3).

______________________________

الي يوم الدين.

(1) قال في الجواهر: «لا يترتب اللعان بالقذف الا علي رمي الزوجة المحصنة غير المشهورة بالزنا المدخول بها بالزنا قبلا بل أو دبرا عندنا بل عن الخلاف الاجماع عليه خلافا لأبي حنيفة فنفاه فيه مع دعوي المشاهدة و عدم البينة» الخ «1».

و يدل علي تحقق اللعان بالقذف قوله تعالي وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ

شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ «2».

(2) يستفاد من حديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يقع اللعان حتي يدخل الرجل بامرأته و لا تكون اللعان الا بنفي الولد «3» انحصار اللعان بنفي الولد فيكون الحديث مخالفا للقرآن فعليه يمكن أن يكون وجه الاشكال في نظر الماتن ما ذكرنا اذ علي تقدير صحة هذا التقريب لا يكون الحديث معتبرا و اللّه العالم.

(3) أما بالنسبة الي الملاعن فقد ادعي الاجماع بقسميه عليه و أما بالنسبة الي الملاعنة فقال في الجواهر: «لا خلاف كما لا اشكال في أنه يعتبر فيها حال الملاعنة البلوغ و كمال العقل» انتهي و يمكن الاستدلال علي المدعي بأن غير المكلف

______________________________

(1) الجواهر ج 34 ص 6

(2) النور/ 6

(3) الوسائل الباب 9 من ابواب اللعان الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 517

و سلامة المرأة من الصمم و الخرس (1) و دوام النكاح (2) و الدخول (3) و صورته ان يقول الرجل: اشهد باللّه اني لمن الصادقين فيما قلته عن هذه المرأة أربع مرات و ان لعنة اللّه عليه ان كان من الكاذبين ثم تقول المرأة أربع مرات: أشهد باللّه انه

______________________________

لا عبرة بعبارته فلا يترتب أثر علي قوله فلاحظ.

(1) لاحظ ما رواه أبو بصير قال سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن رجل قذف امرأته بالزنا و هي خرساء صماء لا تسمع ما قال قال: ان كان لها بينة فشهدت عند الامام جلد الحد و فرق بينها و بينه، ثم لا تحل له أبدا، و ان لم يكن لها بينة فهي حرام عليه ما أقام معها و لا اثم عليها منه «1».

و لاحظ ما رواه ابن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في

رجل قذف امرأته و هي خرساء قال يفرق بينهما «2».

و لاحظ ما رواه ابن مروان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرأة الخرساء كيف بلا عنها زوجها قال: يفرق بينهما و لا تحل له ابدا «3» فان المستفاد من من هذه النصوص ان اللعان لا يتحقق مع كون المرأة صماء أو خرساء.

(2) لاحظ حديث ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يلاعن الرجل المرأة التي يتمتع منها «4» و حديث ابن سنان عن ابي عبد اللّه قال: لا يلاعن الحر الامة و لا الذمية و لا التي يتمتع بها 5.

(3) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب اللعان الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 10، ص: 517

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) (4 و 5) الوسائل الباب 10 من ابواب اللعان الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 518

لمن الكاذبين و ان غضب اللّه عليها ان كان من الصادقين (1).

______________________________

عليه السلام قال: لا يقع اللعان حتي يدخل الرجل بأهله «1».

و منها: ما رواه ابن أبي عمير عن بعض اصحابه قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام الرجل يقذف امرأته قبل أن يدخل بها قال: يضرب الحد و يخلي بينه و بينها 2.

و منها: ما رواه محمد بن مضارب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: من قذف امرأته قبل أن يدخل بها جلد الحد و هي امرأته 3.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي

جعفر عليه السلام قال: لا تكون الملاعنة و لا الايلاء الا بعد الدخول 4.

و منها: ما رواه ابو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يقع اللعان حتي يدخل الرجل بامرأته 5.

(1) كما أنها كذلك في فتاوي الأصحاب كقول المحقق قدس سره في الشرائع و يدل علي المدعي قوله تعالي وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ فَشَهٰادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصّٰادِقِينَ وَ الْخٰامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللّٰهِ عَلَيْهِ إِنْ كٰانَ مِنَ الْكٰاذِبِينَ وَ يَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذٰابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكٰاذِبِينَ وَ الْخٰامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللّٰهِ عَلَيْهٰا إِنْ كٰانَ مِنَ الصّٰادِقِينَ» 6.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه عبد الرحمن قال: ان عباد البصري سأل أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده حاضر كيف يلاعن الرجل المرأة؟ فقال: ان رجلا من المسلمين أتي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه أ رأيت لو ان

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 2 من ابواب اللعان الحديث: 2 و 3 و 4

(2) (4 و 5) نفس المصدر الحديث: 5 و 6

(3) (6) النور/ 6 الي 9

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 519

فتحرم عليه أبدا (1) و يجب التلفظ بالشهادة (2) و قيامهما عند التلفظ (3).

______________________________

رجلا دخل منزله فرأي مع امرأته رجلا يجامعها ما كان يصنع؟ فأعرض عنه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فانصرف الرجل و كان ذلك الرجل هو الذي ابتلي بذلك من امرأته قال: فنزل الوحي من عند اللّه عز و جل بالحكم فيها، قال: فأرسل رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الي ذلك الرجل فدعاه

فقال: أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلا؟ فقال: نعم فقال له: انطلق فائتني بامرأتك فان اللّه عز و جل قد أنزل الحكم فيك و فيها قال: فاحضرها زوجها فوقفها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و قال للزوج أشهد اربع شهادات باللّه انك لمن الصادقين فيها رميتها به قال: فشهد قال ثم قال رسول اللّه أمسك و وعظه ثم قال: اتق اللّه فان لعنة اللّه شديدة، ثم قال: أشهد الخامسة ان لعنة اللّه عليك ان كنت من الكاذبين قال: فشهد فأمر به فنحي ثم قال عليه السلام للمرأة اشهدي اربع شهادات باللّه ان زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به قال: فشهدت ثم قال لها: امسكي فوعظها ثم قال لها اتقي اللّه فان غضب اللّه شديد، ثم قال لها اشهدي الخامسة أن غضب اللّه عليك ان كان زوجك من الصادقين فيما رماك به قال فشهدت قال: ففرق بينهما و قال لهما لا تجتمعا بنكاح ابدا بعد ما تلاعنتما «1».

(1) لاحظ ذيل حديث عبد الرحمن فان المستفاد منه الحرمة الأبدية.

(2) كما تدل عليه الاية و الرواية.

(3) لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن اخيه أبي الحسن عليه السلام في حديث قال: سألته عن الملاعنة قائما يلاعن أم قاعدا؟ قال الملاعنة و ما اشبهها من قيام «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب اللعان الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 520

و بدء الرجل (1) و تعيين المرأة (2) و النطق بالعربية مع القدرة (3) و يجوز غيرها مع التعذر (4) و البدأة بالشهادة ثم باللعن في الرجل و المرأة تبدأ بالشهادة ثم بالغضب (5) و يستحب جلوس الحاكم مستدبر القبلة و وقوف الرجل عن

يمينه و المرأة عن يساره (6).

______________________________

(1) يستفاد من الكتاب و السنة و العرف ببابك و قد صرح به في حديث ابن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الملاعن و الملاعنة كيف يصنعان قال:

يجلس الامام مستدبر القبلة يقيمهما بين يديه مستقبل القبلة بحذائه و يبدأ بالرجل ثم المرأة و التي يجب عليها الرجم ترجم من ورائها و لا ترجم من وجهها، لأن الضرب و الرجم لا يصيبان الوجه يضربان علي الجسد علي الاعضاء كلها «1».

(2) لاحظ ما رواه ابن الحجاج «2» قال فيه اربع شهادات باللّه انك لمن الصادقين فيها رميتها به فلا بد من تعيين المرمي بها بالقذف.

(3) كما ورد بها في الكتاب و السنة و الفتاوي.

(4) كما جاز في غير هذا المورد مع التعذر و بعبارة اخري: تقريب المدعي ان المستفاد من الشريعة المقدسة انه يجوز النطق بغير العربية في هذه الموارد اذا لم يكن الناطق قادرا علي التلفظ بالعربي.

(5) كما في الكتاب و السنة و الفتاوي.

(6) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه البزنطي أنه سأل ابا الحسن الرضا عليه السلام فقال له: اصلحك اللّه كيف الملاعنة؟ قال يقعد الامام و يجعل ظهره الي القبلة و يجعل الرجل عن يمينه و المرأة و الصبي عن يساره «3»

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 518 و 519

(3) الوسائل الباب 1 من ابواب اللعان الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 521

و حضور من يستمع اللعان (1) و الوعظ قبل اللعن و الغضب (2) و لو اكذب نفسه بعد اللعان فلا يحد للقذف و لم يزل التحريم (3).

______________________________

و منها: ما رواه محمد بن مسلم «1» و منها ما رواه احمد بن محمد

بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام كيف الملاعنة؟ فقال: يقعد الامام و يجعل ظهره الي القبلة و يجعل الرجل عن يمينه و المرأة عن يساره «2».

و الظاهر من هذه الروايات الوجوب و لا يبعد أن يكون وجه رفع اليد عن الظهور بلحاظ الاجماع علي عدم الوجوب.

(1) قال في الجواهر: «و من الندب أيضا أن يحضر من يسمع اللعان جماعة غير الحاكم من الأعيان و الصلحاء فان ذلك أعظم للأمر» الخ «3».

(2) لاحظ ما رواه عبد الرحمن «4».

(3) خلافا لبعض العامة علي ما نقل حيث قال يجوز تجديد الزوجية و الحق ما أفاده في المتن فان مقتضي النص انه باللعان تحرم عليه ابدا كما ان مقتضي الاية الشريفة عدم الحد بعد تحقق اللعان مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل لا عن امرأته و هي حبلي ثم ادعي ولدها بعد ما ولدت و زعم أنه منه، قال: يرد اليه الولد و لا يجلد لأنه قد مضي التلاعن «5»

و أما حديث محمد بن الفضيل عن أبي الحسن قال: سألته عن رجل لا عن امرأته و انتفي من ولدها ثم اكذب نفسه هل يرد عليه ولده؟ فقال: اذا اكذب نفسه

______________________________

(1) لاحظ ص 520

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب اللعان الحديث: 5

(3) الجواهر ج 34 ص 61

(4) لاحظ ص: 518 و 519

(5) الوسائل الباب 6 من ابواب اللعان الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 522

و في أثنائه يحد و لا تثبت احكام اللعان (1) و يرثه الولد مع اعترافه بعد اللعان (2) و لا يرثه الاب و لا من يتقرب به (3).

______________________________

جلد الحد ورد عليه ابنه

و لا ترجع اليه امرأته ابدا «1» الدال علي أنه يحد بعد تكذيب نفسه فلا اعتبار بسنده بمحمد بن فضيل.

(1) لعدم تمامية الموضوع فيحد للقذف مضافا الي النص لاحظ ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قذف الرجل امرأته ثم اكذب نفسه جلد الحد و كانت امرأته و ان لم يكذب نفسه تلاعنا و فرق بينهما «2».

(2) لاحظ ما رواه الحلبي «3» و ما رواه ابن مسلم و ما رواه زرارة «4».

(3) بمقتضي جملة من النصوص منها: ما رواه ابو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ابن الملاعنة ينسب الي امه و يكون امره و شأنه كله اليها «5».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن ابي عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ولد الملاعنة من يرثه قال: امه قلت: فان ماتت امه من يرثه؟ قال:

اخواله 6.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الملاعن ان أكذب نفسه قبل اللعان ردت اليه امرأته و ضرب الحد و ان لاعن لم تحل له ابدا و ان قذف رجل امرأته كان عليه الحد و ان مات ولده ورثه اخواله فان ادعاه ابوه لحق به و ان مات

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) لاحظ ذيل هذه الصفحة

(4) الوسائل الباب 2 من ابواب ميراث ولد الملاعنة و ما أشبهه الحديث: 2 و 4

(5) (5 و 6) الوسائل الباب 1 و 3 من هذه الابواب الحديث: 8 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 523

و لو اعترفت المرأة بعد اللعان اربعا ففي الحد تردد (1) و الاظهر العدم (2) و لو ادعت المرأة المطلقه

الحمل منه فانكر الدخول فاقامت بينة بارخاء الستر فالاقرب ثبوت اللعان و اللّه العالم بحقائق الاحكام (3).

______________________________

ورثه الابن و لم يرثه الأب «1».

(1) من أن اللعان اسقط الحد عنها بمقتضي النص لاحظ حديث الحلبي قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل لا عن امرأته و هي حبلي قد استبان حملها و انكر ما في بطنها فلما وضعت ادعاه و أقر به و زعم أنه منه قال: فقال: يرد اليه ولده و يرثه و لا يجلد لأن اللعان قد مضي «2» و من أن الاعتراف بالخيانة بعد اللعان يبطله فان اقرار العقلاء نافذ.

(2) لو تم اجماع تعبدي علي عدم الحد فهو و الا يشكل الجزم به لما مر آنفا من بطلان حكم اللعان بالاقرار و الاعتراف الا أن يقال ان المستفاد من النص ان التكذيب لا يؤثر فلا مجال لتأثير الاقرار فلاحظ.

(3) لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن اخيه ابي الحسن عليه السلام في حديث قال: سألته عن رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها فادعت أنها حامل فقال: ان اقامت البينة علي أنه أرخي عليها سترا ثم أنكر الولد لا عنها ثم بانت منه و عليه المهر كملا «3».

و الحمد للّه و له الشكر و قد وقع الفراغ من كتابة كتاب اللعان في يوم السبت الخامس و العشرين من شهر ربيع الثاني من سنة 1410.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب ميراث ولد الملاعنة و ما أشبهه الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 6 من ابواب اللعان الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 2 من ابواب اللعان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 524

[كتاب العتق]

اشارة

كتاب العتق و فيه فصول

[الفصل الأول في الرق]

الفصل الاول في الرق و يختص الاسترقاق باهل الحرب و بأهل الذمة ان اخلوا بالشرائط علي تفصيل في محله فان أسلموا بقي الرق بحاله فيهم و في أعقابهم و يحكم علي المقر بالرقية مختارا بالغا و لا يقبل قول مدعي الحرية اذا كان يباع في الاسواق الا ببينة و لا يملك الرجل و لا المرأة احد الابوين و ان علوا و الاولاد و ان نزلوا و لا يملك الرجل المحارم بالنسب من النساء و لو ملك احد هؤلاء عتق و حكم الرضاع حكم النسب.

[الفصل الثاني في صيغة العتق]

الفصل الثاني في صيغة العتق و الصريح: انت حر، و في لفظ العتق اشكال اظهره الوقوع به و لا يقع بغيرهما و لا بالاشارة و الكتابة مع القدرة و لا يقع معلقا علي شرط و لا في يمين كما اذا قال ان كلمت زيدا فعبدي حر، علي نحو ما سبق في المظاهر و لو شرط مع العتق شيئا من خدمة و غيرها جاز و يشترط في المعتق البلوغ و يشترط الاختيار و القصد و القربة و يشترط في المعتق بالفتح الملك و في اشتراط اسلامه اشكال و الاقرب العدم و يكره عتق المخالف و يستحب أن يعتق من مضي عليه في ملكه سبع سنين فصاعدا، و لو اعتق ثلث عبيده استخرج بالقرعة، و لو اعتق

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 525

بعض عبده عتق كله، و لو كان له شريك قوم عليه حصة شريكه، و لو كان معسرا سعي العبد في النصيب، و لو اعتق الحبلي فالوجه تبعية الحمل لها، و عمي المملوك و جذامه و تنكيل المولي به، و كذا اسلام العبد و خروجه عن دار الحرب قبل مولاه اسباب العتق و

كذا الاقعاد علي المشهور المدعي عليه الاجماع و يحتمل ذلك في الجنون لو مات ذو المال و له وارث مملوك لا غير اشتري من مولاه و اعتق و أعطي الباقي، و لا فرق بين المملوك للواحد و المتعدد.

[الفصل الثالث في التدبير]

الفصل الثالث في التدبير و هو أن يقول: انت حر بعد وفاتي، و نحو ذلك مما دل صريحا علي ذلك من العبارات من الكامل القاصد فيعتق من الثلث بعد الوفاة كالوصية و له الرجوع متي شاء، و هو متأخر عن الدين، و لو دبر الحبلي اختصت بالتدبير دون الحمل فلا يدبر بمجرد تدبيرها هذا فيما اذا لم يعلم المولي بحملها و الا فلا تبعد التبعية، أما لو تجدد الحمل من مملوك بعد التدبير فانه يكون مدبرا و حينئذ يصح رجوعه في تدبير الام و لا يصح رجوعه في تدبير ولدها علي الاقوي و ولد المدبر المولود بعد تدبير أبيه اذا كان مملوكا لمولاه مدبر و لا يبطل تدبير الولد بموت أبيه قبل مولاه و ينعتقون من الثلث فان قصر استسعوا. و اباق المدبر ابطال لتدبيره و تدبير اولاده الذين

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 526

ولدوا بعد الاباق.

[الفصل الرابع في الكتابة]

الفصل الرابع في الكتابة و هي قسمان: مطلقة و مشروطة، فالمطلقة ان يقول لعبده أو أمته: كاتبتك علي كذا علي ان تؤديه في نجم كذا، اما في نجم واحد او نجوم متعددة فيقول العبد: قبلت، فهذا يتحرر منه بقدر ما يؤدي و ليس له و لا لمولاه فسخ الكتابة و ان عجز بفك من سهم الرقاب و في وجوب ذلك تأمل، و ان اولد من مملوكة تحرر من اولاده بقدر ما فيه من الحرية و ان مات و لم يتحرر منه شي ء كان ميراثه للمولي، و ان تحرر منه شي ء كان لمولاه من ماله بقدر الرقية و لورثته الباقي و يؤدون ما بقي من مال الكتابة ان كانوا تابعين له في الحرية و الرقية و لو لم يكن له

مال سعي الاولاد فيما بقي علي أبيهم و مع الاداء ينعتق و لو اوصي او اوصي له بشي ء صح بقدر الحرية و كذا لو وجب عليه حد و لو وطأ المولي امته المكاتبة حد بنصيب الحرية (و أما) المشروطة فان يقول المولي بعد ذلك فان عجزت فانت رد في الرق و هذا لا يتحرر منه شي ء إلا بأداء جميع ما عليه فان عجز رد في الرق، و حد العجز أن يؤخر نجما عن وقته لا عن مطل الا ان يكون الشرط عدم التأخير مطلقا، و المدار في جواز الرد عدم القيام بالشرط و يستحب للمولي الصبر عليه،

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 527

و لا بد في المولي من جواز التصرف و في العبد من البلوغ و كمال العقل و في العوض من كونه دينا مؤجلا علي قول عينا كان او منفعة كخدمة سنة معلوما مما يصح تملكه، و اذا مات المكاتب في المشروطة بطلت الكتابة و كان ما له و اولاده لمولاه و ليس للمكاتب ان يتصرف في ماله بغير الاكتساب الا باذن المولي و ينقطع تصرف المولي عن ماله بغير الاستيفاء باذنه، و لو وطأ مكاتبته فلها المهر و ليس لها ان تتزوج بدون اذن المولي و اولادها بعد الكتابة مكاتبون اذا لم يكونوا احرارا كما اذا كان زوجها حرا (1).

[كتاب الأيمان و النذر و العهد]

اشارة

كتاب الايمان و النذر و العهد و فيه فصول:

[الفصل الأول في اليمين]

الفصل الاول في اليمين ينعقد اليمين باللّه باسمائه المختصة أو بما دل عليه جل و علا مما ينصرف اليه (2).

______________________________

(1) و حيث ان احكام العتق خارجة عن محل الابتلاء في هذه الأعصار لا نتعرض لشرح ما أفاده الماتن في المقام و اللّه المستعان و عليه التوكل و التكلان.

(2) بلا خلاف بل الاجماع بقسميه عليه- كما في الجواهر- مضافا الي جملة من النصوص منها:

منها: ما رواه علي بن مهزيار قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام: قول اللّه عز و جل «وَ اللَّيْلِ إِذٰا يَغْشيٰ وَ النَّهٰارِ إِذٰا تَجَلّٰي» و قوله عز و جل: «وَ النَّجْمِ إِذٰا هَويٰ» و ما أشبه هذا فقال: ان اللّه عز و جل يقسم من خلقه بما شاء و ليس لخلقه أن

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 528

______________________________

يقسموا الا به عز و جل «1».

و منها: ما رواه الحسين زيد عن الصادق عليه السلام عن آبائه عن النبي صلي اللّه عليه و آله في حديث المناهي انه نهي أن يحلف الرجل بغير اللّه و قال: من حلف بغير اللّه فليس من اللّه في شي ء و نهي أن يحلف الرجل بسورة من كتاب اللّه عز و جل و قال: من حلف بسورة من كتاب اللّه فعليه بكل آية منها كفارة يمين فمن شاء برّ و من شاء فجر و نهي أن يقول الرجل للرجل: لا و حياتك و حياة فلان «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: قول اللّه عز و جل: «وَ اللَّيْلِ إِذٰا يَغْشيٰ وَ النَّجْمِ إِذٰا هَوي» و ما أشبه ذلك فقال: ان للّه عز و

جل أن يقسم من خلقه بما شاء و ليس لخلقه أن يقسموا الا به «3».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا أري للرجل أن يحلف الا باللّه فأما قول الرجل: لا أب لشانيك فانه قول اهل الجاهلية و لو حلف الرجل بهذا او اشباهه لترك الحلف باللّه و اما قول الرجل: يا هناة و يا هناه فانما ذلك لطلب الاسم و لا اري به بأسا و اما قوله: لعمرو اللّه و قوله: لاهاه فانما ذلك باللّه عز و جل «4».

و منها: ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا أري للرجل أن يحلف الا باللّه و قال: قول الرجل حين يقول: «لا بل لشانيك فانما هو من قول الجاهلية و لو حلف الناس بهذا و شبهه لترك أن يحلف باللّه» «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من ابواب الايمان الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 529

______________________________

و منها: ما رواه ميسرة قال: ان امير المؤمنين عليه السلام مر برحبة القصابين بالكوفة فسمع رجلا يقول: لا و الذي احتجب بسبع طباق قال: فعلاه بالدرة و قال له: ويحك ان اللّه لا يحجبه شي ء و لا يحتجب عن شي ء قال الرجل: انا اكفر عن يميني يا امير المؤمنين؟ قال: لا لأنك حلفت بغير اللّه «1».

و منها: ما رواه زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول اللّه «مٰا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّٰهِ إِلّٰا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ» قال: من ذلك قول الرجل: لا و حياتك «2».

و منها: ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال:

شرك طاعة قول الرجل لا و اللّه و فلان الحديث «3».

و منها: ما رواه عبد اللّه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال:

اليمين التي تكفر أن يقول الرجل: لا و اللّه و نحو ذلك «4».

و منها: ما رواه العلاء قال: سألته عن قوله «فَلٰا أُقْسِمُ بِمَوٰاقِعِ النُّجُومِ» قال:

اعظم اثم من حلف بها «5».

فان المستفاد من هذه النصوص انه لا بد من انعقاد اليمين أن يكون باللّه و مقتضي اطلاقها كفاية صدق عنوان اليمين باللّه و أما حديث السكوني عن جعفر عن ابيه عن علي عليه السلام قال: اذا قال الرجل: أقسمت أو خلفت فليس بشي ء حتي يقول: أقسمت او حلفت باللّه «6»، الدال علي لزوم كون القسم

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 11

(3) نفس المصدر الحديث: 12

(4) نفس المصدر الحديث: 13

(5) نفس المصدر الحديث: 15

(6) الوسائل الباب 15 من ابواب الايمان الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 530

و كذا مما لا ينصرف اليه علي الاحوط (1) و لا ينعقد بالبراءة منه أو من احد الانبياء و الائمة عليهم السلام (2) و يحرم اليمين بها علي الاحوط (3).

______________________________

بلفظ الجلالة فلا يترتب عليه أثر لضعف سنده فلاحظ.

(1) ان تم المدعي بالإجماع فهو و لا فللمناقشة فيه مجال فانه مع صدق العنوان و هو عنوان القسم به تعالي لا وجه للإشكال اذ مقتضي اطلاق النصوص كفاية هذا العنوان فلاحظ.

(2) بلا خلاف و لا اشكال- كما في الجواهر- و الوجه فيه ان المستفاد من النصوص كما مر ان اليمين الشرعي ما يكون باللّه فلا يكون غيره يمينا شرعا و لكن المستفاد من رواية محمد بن يحيي قال: كتب محمد بن الحسن الي ابي

محمد عليه السلام: رجل حلف بالبراءة من اللّه و رسوله فحنث ما توبته و كفارته؟ فوقع عليه السلام: يطعم عشرة مساكين لكل مسكين مد و يستغفر اللّه عز و جل «1»، انعقاده فيشكل الجزم بعدمه الا أن يتم الأمر بالإجماع و التسالم و اللّه العالم.

(3) قال في الجواهر: «لا خلاف في أنه يأثم و لو كان صادقا بل و لا اشكال» الخ و استدل علي المدعي بجملة من النصوص منها: ما رواه ابن أبي عمير رفعه قال: سمع رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله رجلا يقول: أنا بري ء من دين محمد فقال له رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ويلك اذا برئت من دين محمد فعلي دين من تكون؟ قال: فما كلمه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حتي مات «2».

و منها: ما رواه يونس بن ظبيان قال: قال لي: يا يونس لا تحلف بالبراءة منافاته من حلف بالبراءة منا صادقا كان او كاذبا فقد برئ منا «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من ابواب الكفارات الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 7 من ابواب الايمان الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 531

و يشترط في الحالف التكليف و القصد و الاختيار (1).

______________________________

و منها: مرسل الصدوق قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من برئ من اللّه صادقا كان او كاذبا فقد برئ من اللّه «1» و لكن النصوص الدالة علي الحرمة ضعيفة سندا و لا يبعد أن يكون الوجه في بناء الماتن الحكم علي الاحتياط ما ذكر.

(1) بلا خلاف و لا اشكال- كما في الجواهر- مضافا الي ما ورد في غير البالغ من كون عمده و خطائه واحد «2» و

مضافا الي حديث رفع الاكراه «3» المقتضي لاشتراط الاختيار و مضافا الي قوله تعالي: «لٰا يُؤٰاخِذُكُمُ اللّٰهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمٰانِكُمْ» * «4».

بالاضافة الي النصوص الواردة في المقام لاحظ ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: في قول اللّه عز و جل: «لٰا يُؤٰاخِذُكُمُ اللّٰهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمٰانِكُمْ» * قال: اللغو قول الرجل: لا و اللّه و بلي و اللّه و لا يعقد علي شي ء «5».

و ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل كان له علي رجل دين فلزمه فقال الملزوم: كل حل عليه حرام ان برح حتي يرضيك فخرج من قبل أن يرضيه و لا يدري ما يبلغ يمينه و ليس له فيها نية فقال: ليس بشي ء «6».

و ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «لٰا يُؤٰاخِذُكُمُ*

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 11 من ابواب العاقلة الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 12 من ابواب الايمان الحديث: 12

(4) البقرة/ 225 و المائدة/ 89

(5) الوسائل الباب 17 من ابواب الايمان الحديث: 1

(6) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 532

و يصح من الكافر (1).

______________________________

اللّٰهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمٰانِكُمْ» * قال: هو لا و اللّه و بلي و اللّه «1».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله تعالي:

«وَ لٰا تَجْعَلُوا اللّٰهَ عُرْضَةً لِأَيْمٰانِكُمْ» قال: هو قول الرجل لا و اللّه و بلي و اللّه «2»

و ما رواه ابو الصباح قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن قوله: «لٰا يُؤٰاخِذُكُمُ اللّٰهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمٰانِكُمْ» * قال: هو لا و اللّه

و بلي و اللّه و كلا و اللّه لا يعقد عليها أو لا يعقد علي شي ء «3» فلا أثر لليمين بلا قصد.

(1) و عليه اكثر المتأخرين- علي ما في الجواهر- و يمكن الاستدلال علي المدعي باطلاق الأدلة كتابا و سنة بعد الالتزام بكون الكافر مكلفا بالاصول بالاضافة الي عموم قوله صلي اللّه عليه و آله: البينة علي المدعي و اليمين علي المدعي عليه «4».

و بالاضافة الي النصوص الواردة في حكم حلف الكافر بغير اللّه لاحظ ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يحلف اليهودي و لا النصراني و لا المجوسي بغير اللّه عز و جل يقول: «فاحكم بينهم بما أنزل اللّه» «5».

و ما رواه جراح المدائني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يحلف بغير اللّه و قال: اليهودي و النصراني و المجوسي لا تحلفوهم الا باللّه عز و جل «6».

و ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن اهل الملل يستحلفون

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 3 من ابواب كيفية الحكم و الدعاوي الحديث: 5

(5) الوسائل الباب 32 من ابواب الايمان الحديث: 1

(6) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 533

و انما ينعقد علي فعل الواجب أو المندوب أو المباح مع الاولوية أو ترك الحرام أو ترك المكروه أو ترك المباح مع الاولوية (1) و لو تساوي متعلق اليمين و عدمه في الدين و الدنيا فالاظهر وجوب العمل بمقتضي اليمين (2).

______________________________

فقال: لا تحلفوهم الا باللّه عز و جل «1».

و ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته هل يصلح لأحد أن

يحلف أحدا من اليهود و النصاري و المجوسي بآلهتهم؟ قال: لا يصلح لأحد أن يحلف احدا الا باللّه عز و جل «2».

و ما رواه الحلبي قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن اهل الملل كيف يستحلفون؟ فقال: لا تحلفوهم الا باللّه «3» و قال في الجواهر: «لا قائل بالفصل بين المقامين».

(1) بلا كلام و لا اشكال فان انعقاد اليمين فيما يكون متعلقه راجحا من الواضحات التي لا ريب فيها.

(2) لا يبعد ان المستفاد من النصوص ان اليمين اذا كان متعلقه مرجوحا لا ينعقد و الا ينعقد لاحظ حديث سعيد الأعرج قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يحلف علي اليمين فيري ان تركها أفضل و ان لم يتركها خشي أن يأثم أ يتركها؟ قال: أما سمعت قول رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: اذا رأيت خيرا من يمينك فدعها «4» فان المستفاد من هذا الحديث ان متعلقه اذا كان مرجوحا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) الوسائل الباب 18 من ابواب الايمان الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 534

______________________________

لا ينعقد و الا ينعقد.

و لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول: ليس كل يمين فيها كفارة اما ما كان منها مما أوجب اللّه عليك أن تفعله فحلفت أن لا تفعله فليس عليك فيه الكفارة و أما ما لم يكن مما أوجب اللّه عليك أن تفعله فحلفت أن لا تفعله ثم فعلته فعليك الكفارة «1».

و ما رواه زرارة عن احدهما عليهما السلام قال: سألته عما يكفر من الايمان فقال: ما كان عليك أن تفعله فحلفت أن لا تفعله ففعلته

فليس عليك شي ء اذا فعلته و ما لم يكن عليك واجبا أن تفعله فحلفت أن لا تفعله ثم فعلته فعليك الكفارة «2» فان المستفاد منهما باطلاقهما انعقاد اليمين فيما يكون طرفاه متساويين.

و يستفاد من حديث حمران قال: قلت لأبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام اليمين التي تلزمني فيها الكفارة فقالا: ما حلفت عليه مما للّه فيه طاعة أن تفعله فعليه فيه الكفارة و ما حلفت عليه مما للّه فيه المعصية فكفارته تركه و ما لم يكن فيه طاعة و لا معصية فليس هو بشي ء «3»، انه لا ينعقد اذا كان متعلقه مباحا و هذه الرواية ضعيفة سندا بحمزة بن حمران.

و أما حديث ابي الربيع الشامي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تجوز يمين في تحليل حرام و لا تحريم حلال و لا قطعية رحم «4».

و حديث عبد اللّه بن سنان قال: سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا تجوز

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من ابواب الايمان الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 11 من ابواب الايمان الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 535

______________________________

يمين في تحليل حرام و لا تحريم حلال و لا قطعية رحم «1» الدالان علي عدم انعقاد اليمين اذا كان محرما للحلال فكلا هما ضعيفان سندا اما الأول فبأبي الربيع و اما الثاني فبمعلي بن محمد و الوشاء.

و أما النصوص الدالة علي عدم انعقاد اليمين اذا لم تكن له تعالي فلا ترتبط بالمقام لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل يمين لا يراد بها وجه اللّه في طلاق أو عتق فليس بشي ء «2».

و ما رواه أيضا عن ابي

عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: كل يمين لا يراد بها وجه اللّه عز و جل فليس بشي ء في طلاق أو عتق [أو غيره] «3».

و ما رواه صفوان الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان المنصور قال له:

رفع إلي ان مولاك المعلي بن خنيس يدعو إليك و يجمع لك الأموال فقال: و اللّه ما كان فقال: لا ارض منك الا بالطلاق و العتق و الهدي و المشي فقال: أبا الأنداد من دون اللّه تأمرني أن أحلف؟ انه من لم يرض باللّه فليس من اللّه في شي ء الحديث «4».

و غيرها المذكور في الباب 14 من ابواب الايمان فان المستفاد من تلك النصوص انه لا بد أن تكون اليمين باللّه تعالي مضافا الي القطع بعدم اشتراط كون متعلق اليمين امرا قريبا فالنتيجة ان ما أفاده تام.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 14 من ابواب الايمان الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 536

و لا يتعلق بفعل الغير و تسمي بيمين المناشدة كما اذا قال: و اللّه لتفعلن (1).

______________________________

و اما حديث احمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن عليه السلام قال:

ان أبي كان يحلف علي بعض امهات أولاده أن لا يسافر بها فان سافر بها فعليه أن يعتق نسمة تبلغ مائة دينار فأخرجها معه و أمرني فاشتريت نسمة بمائة دينار فاعتقها «1» فلا بد من رد علمه الي أهله و اللّه العالم.

(1) ادعي عليه الاجماع و هذا حكم علي طبق القاعدة الأولية اذ لا وجه للإلزام و لا مقتضي له لا بالنسبة الي الغير كما هو واضح و لا بالنسبة الي الحالف اذ فعل الغير لا

يكون فعله و لا دليل علي انعقاد اليمين بالنسبة الي فعل الغير و لو كان تحت اختيار الحالف مضافا الي جملة من النصوص:

منها: ما رواه حفص و غير واحد من اصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سئل عن الرجل يقسم علي اخيه قال: ليس عليه شي ء انما أراد اكرامه «2».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: سألته عن الرجل يقسم علي الرجل في الطعام ليأكل هل عليه في ذلك الكفارة؟ و ما اليمين التي تجب فيها الكفارة؟ فقال: الكفارة في الذي يحلف علي المتاع أن لا يبيعه و لا يشتريه ثم يبدو له فيكفر عن يمينه الحديث «3».

و منها: ما رواه أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقسم علي الرجل في الطعام يأكل هل عليه في ذلك كفارة؟ قال: لا «4» و منها غيرها

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من ابواب الايمان الحديث: 6

(2) الوسائل الباب 42 من ابواب الايمان الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 537

و لا بالماضي (1) و لا بالمستحيل فلا يترتب اثر علي اليمين في جميع ذلك (2) و لو تجدد العجز عن الممكن مستمرا الي انقضاء الوقت المحلوف عليه أو ابدا ان لم يكن له وقت انحلت اليمين (3) و يجوز أن يحلف علي خلاف الواقع مع تضمن المصلحة الخاصة كدفع الظالم عن ماله أو مال المؤمن (4).

______________________________

المذكور في الباب 42 من أبواب الايمان من الوسائل.

(1) عن الجواهر: انه عليه الاجماع بقسميه و لا مقتضي لانعقادها و ترتب كفارة عليها فيما يكون مخالفا مع الواقع.

(2) فان الحلف عبارة عن الالتزام بشي ء مقرونا بالقسم و

الالتزام لا يتعلق الا بالأمر المقدور للملتزم كما هو ظاهر.

(3) كما هو ظاهر اذ لا معني لعدم انحلاله و بقائه بحاله مع فرض العجز.

(4) لجملة من النصوص: منها: ما رواه اسماعيل بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في حديث قال: سألته عن رجل أحلفه السلطان بالطلاق أو غير ذلك فحلف قال: لا جناح عليه و عن رجل يخاف علي ماله من السلطان فيحلف لينجو به منه قال: لا جناح عليه و سألته هل يحلف الرجل علي مال اخيه كما يحلف علي ماله؟ قال: نعم «1».

و منها: ما رواه أبو الصباح قال: و اللّه لقد قال لي جعفر بن محمد عليه السلام ان اللّه علم نبيه التنزيل و التأويل فعلمه رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عليا قال: و علمنا و اللّه ثم قال: ما صنعتم من شي ء أو حلفتم عليه من يمين في تقية فأنتم منه في سعة «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب الايمان الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 538

و لو مع امكان التورية (1) بل قد يجب الحلف اذا كان به التخلص عن الحرام أو تخليص نفسه أو نفس مؤمن من الهلاك (2) و لو استثني بالمشيئة

______________________________

و منها: مرسل يونس عن احدهما عليهما السلام في رجل حلف تقية فقال:

ان خفت علي مالك و دمك فاحلف ترده بيمينك فان لم تر أن ذلك يرد شيئا فلا تحلف لهم «1».

و منها: ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: احلف باللّه كاذبا و نج أخاك من القتل «2».

و منها: ما رواه مسعدة

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ما آمن باللّه من و في لهم بيمين «3».

و منها: ما رواه زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام نمر بالمال علي العشار فيطلبون منا أن نحلف لهم يخلون سبيلنا و لا يرضون منا الا بذلك قال: فاحلف لهم فهو احل «أحلي» من التمر و الزبد «4».

و منها: غيرها المذكور في الباب 12 من ابواب الايمان من الوسائل فان المستفاد من هذه النصوص جوازه كاذبا في هذه الموارد.

(1) للإطلاق المنعقد في النصوص فلاحظ.

(2) كما لو كان مقدمة للواجب فان مقدمة الواجب واجبة عقلا و الموارد المذكورة في المتن من هذا القسم فيجب الحلف مقدمة للتخليص.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 539

انحلت اليمين كما اذا قال: ان شاء اللّه قاصدا به التعليق (1).

______________________________

(1) الذي يختلج ببالي القاصر في هذه العجالة ان مقتضي القاعدة الاولية الانعقاد اذ كل فعل من أفعال المكلف متوقف علي مشيئته «و ما تشاؤون الا أن يشاء اللّه» و لا يلزم الجبر الفاسد و أثبتنا في بحث الجبر و الاختيار ان الحق انه لا جبر و لا تفويض بل أمر بين الامرين.

و صفوة القول: ان الحالف جازم بالارتكاب و يحلف فلا مانع من الانعقاد هذا بحسب القاعدة و اما بالنظر الي الدليل الثانوي فقال في الجواهر «1» في هذا المقام: «و علي كل حال فهو يوقف اليمين عن الانعقاد بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه لو لم يكن المحلوف عليه الواجب أو المندوب أو ترك الحرام أو المكروه فلا يحنث حينئذ بالفعل المحلوف عليه و لا تلزمه الكفارة للنبوي

المنجبر بما عرفت «من حلف علي يمين فقال إن شاء اللّه تعالي لم يحنث» الي آخر كلامه مع رفع في علو مقامه.

و من الظاهر انه لا اعتبار بالنبوي مضافا الي أن مقتضي النبوي عدم انعقاده في الصورة المفروضة علي الاطلاق و مقتضي الاجماع المذكور في كلام الجواهر التقييد بصورة خاصة و أما حديث السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام من استثني في اليمين فلا حنث و لا كفارة «2»، فلا اعتبار بسنده.

و أما حديث علي بن جعفر في كتابه عن اخيه موسي عليه السلام قال: سألته عن الرجل يحلف علي اليمين و يستثني ما حاله؟ قال: هو علي ما استثني «3»، فلا

______________________________

(1) ج- 35 ص: 242

(2) الوسائل الباب 28 من ابواب الايمان الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 540

أما اذا كان قصده التبرك لزمت (1) و لا يمين للولد مع الاب و لا للزوجة مع الزوج و لا للعبد مع المولي (2) بمعني ان للأب حل يمين الولد و للزوج حل يمين الزوجة و للمولي حل يمين العبد و ان كان اليمين في نفسه صحيحا في الجميع قبل الحل (3) و انما تجب الكفارة بترك ما يجب فعله أو فعل ما يجب تركه باليمين (3) لا بالغموس و هي اليمين كذبا علي وقوع أمر و قد يظهر من بعض النصوص اختصاصها باليمين علي حق امرء أو منع حقه كذبا (5).

______________________________

دليل علي أن المراد منه المشيئة بل الظاهر منه انه لو استثني الحالف شيئا من المحلوف عليه لا ينعقد بالنسبة الي صورة الاستثناء فلا يرتبط بالمقام و اللّه العالم.

(1) كما هو ظاهر لوجود المقتضي و

عدم المانع.

(2) لاحظ ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا يمين للولد مع والده و لا لمملوك مع مولاه و لا للمرأة مع زوجها و لا نذر في معصية و لا يمين في قطعية رحم «1».

(3) هذا خلاف ظاهر الرواية فان مقتضي ظاهرها عدم الانعقاد بلا اذن هؤلاء و اللّه العالم.

(4) و تفصيل الحال من هذه الجهة موكول الي كتاب الكفارات فانتظر.

(5) قال في مجمع البحرين: «اليمين الغموس بفتح الغين هي اليمين الكاذبة الفاجرة التي يقطع بها الحالف ما لغيره مع علمه ان الأمر بخلافه و ليس فيها كفارة لشدة الذنب فيها سميت بذلك لأنها تغمس صاحبها في الاثم ثم في النار» الخ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب الايمان الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 541

و لا يجوز أن يحلف الا مع العلم (1) و ينعقد لو قال و اللّه لا فعلن

______________________________

و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها مرسل علي بن حديد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الايمان ثلاث: يمين ليس فيها كفارة و يمين فيها كفارة و يمين غموس توجب النار فاليمين التي ليست فيها كفارة الرجل يحلف علي باب بر أن لا يفعله فكفارته أن يفعله و اليمين التي تجب فيها الكفارة الرجل يحلف علي باب معصية أن لا يفعله فيفعله فيجب عليه الكفارة و اليمين الغموس التي توجب النار الرجل يحلف علي حق امرء مسلم علي حبس ماله «1».

و منها: ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في رجل قيل له: فعلت كذا و كذا؟ فقال: لا

و اللّه ما فعلته و قد فعله فقال:

كذبة كذبها يستغفر اللّه منها «2».

و منها: مرسل الصدوق قال: قال الصادق عليه السلام: اليمين علي وجهين الي أن قال: و أما التي عقوبتها دخول النار فهو أن يحلف الرجل علي مال امرء مسلم أو علي حقه ظلما فهذه يمين غموس توجب النار و لا كفارة عليه في الدنيا «3»

و منها: مرسل حديد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اليمين الغموس التي توجب النار الرجل يحلف علي حق امرء مسلم علي حبس ماله «4».

مضافا الي أن عدم الكفارة فيها علي القاعدة اذ لا يتصور في موردها ارتكاب خلاف ما عزم عليه و ان شئت قلت: لا حنث فيها فلا موضوع للكفارة فلاحظ.

(1) اذ مع عدم العلم يلزم الكذب مضافا الي ما يترتب من بعض المحاذير

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب الايمان الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 542

أو باللّه أو برب الكعبة أو تاللّه أو ايم اللّه أو لعمرو اللّه أو اقسم باللّه أو احلف برب المصحف (1) دون ما اذا قال: و حق اللّه (2) الا اذا قصد به الحلف باللّه تعالي (3) و اللّه العالم.

[الفصل الثاني في النذر]

الفصل الثاني في النذر و يشترط في الناذر التكليف (4).

______________________________

كما لو منع حق احد.

(1) اذ الحلف باللّه صحيح شرعا و ينعقد بمقتضي النص كما تقدم ففي كل مورد يصدق هذا العنوان ينعقد كما هو ظاهر.

(2) لأن الحلف الموضوع للحكم شرعا الحلف باللّه فالحلف بحقه تعالي لا أثر له اذ انه ليس حلفا به.

(3) و صدق انه أقسم باللّه فان مقتضي اطلاق دليل الانعقاد عدم الفرق بين مصاديقه و

اللّه العالم و له الشكر و له الحمد.

(4) فلا يصح من الصبي ادعي في الجواهر الاجماع بقسميه عليه مضافا الي سلب عبارته و كون عمده و خطائه واحد بمقتضي النص الخاص «1» بالاضافة الي أن غير البالغ غير مكلف فلا يكون نذره مؤثرا و يضاف الي ذلك كله انه مرفوع عنه القلم بمقتضي النص لاحظ ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الغلام متي تجب عليه الصلاة؟ قال: اذا أتي عليه ثلاث عشرة سنة فان احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة و جري عليه القلم و الجارية مثل ذلك ان أتي لها ثلاث عشرة سنة أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب العاقلة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 543

و الاختيار (1) و القصد (2) و اذن المولي للعبد (3) و في اعتبار اذن الزوج أيضا في نذر ما لا ينافي حقه اشكال و لا يبعد عدم اعتبار اذنه و لا سيما في نذرها أمرا لا يتعلق بمالها (4) أما نذر ما ينافي حق الزوج فلا اشكال في اعتبار اذنه

______________________________

و جري عليها القلم «1».

فان مقتضي هذه الرواية عدم ترتب الأثر الشرعي علي فعل الصبي فلاحظ و لا يصح من المجنون بلا خلاف و لا اشكال- كما في الجواهر- مضافا الي أن المجنون لا يتوجه اليه التكليف فلا أثر لنذره.

(1) فانه لا أثر للفعل الصادر عن الاكراه لحديث الرفع لاحظ ما رواه اسماعيل الجعفي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: وضع عن هذه الامة ست خصال: الخطاء و النسيان و ما استكرهوا عليه و ما لا يعلمون و ما لا

يطيقون و ما اضطروا اليه «2».

(2) بلا كلام اذ مع عدم القصد لا دليل علي ترتب الأثر المطلوب عليه و ان شئت قلت: النذر قوامه بالقصد فمع عدم القصد يكون خارجا عن الموضوع تخصصا و يؤيد المدعي بعض النصوص لاحظ ما رواه مسعدة بن صدقة «3».

(3) لاحظ ما رواه الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يقول: ليس علي المملوك نذر الا أن يأذن له سيده «4».

(4) مقتضي حديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 12

(2) الوسائل الباب 16 من ابواب الايمان الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 351

(4) الوسائل الباب 15 من ابواب النذر و العهد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 544

في صحته و لو كانت لاحقة اذا كان النذر في حال زوجيتها بل اذا كان قبلها أيضا علي الاظهر (1) و أما الوالد بالنسبة الي نذر ولده فالظاهر انه لا ينعقد مع نهيه عما تعلق به النذر و ينحل بنهيه عنه بعد النذر (2) و هو اما بر شكرا كقوله: ان رزقت ولدا فلله علي كذا أو استدفاعا لبلية كقوله: ان برئ المريض فلله علي كذا و اما زجر كقوله: ان فعلت محرما فلله علي كذا أو ان لم افعل الطاعة فلله علي كذا و اما تبرع كقوله: للّه علي كذا (3).

______________________________

للمرأة مع زوجها أمر في عتق و لا صدقة و لا تدبير و لا هبة و لا نذر في مالها الا باذن زوجها الا في حج أو زكاة أو بر والديها أو صلة رحمها «1»، انه يشترط انعقاد نذر الزوجة في مالها

باذن الزوج فلا تصل النوبة الي التفصيل الذي ذكره في المتن

(1) بتقريب ان متعلق النذر لا بد أن لا يكون مستلزما للعصيان فعليه لو كان منافيا لحق الزوج لم ينعقد و فيه انه لا دليل علي هذه الدعوي بل يكفي كون متعلقة راجحا و في صورة التزاحم يجري قانونه و احكامه.

(2) بتقريب: انه مع نهيه يكون متعلق النذر حراما عليه و لا يجوز نذر المحرم و هذا التقريب يتوقف علي وجوب اطاعة الوالد و وجوبها علي الاطلاق محل الكلام و الاشكال و اللّه العالم.

(3) قال السيد الاصفهاني في وسيلة النجاة: «النذر اما نذر بر و يقال له نذر المجازات و هو ما علق علي أمر اما شكرا لنعمة دنيوية أو اخروية كأن يقول: ان رزقت ولدا أو ان وقفت لزيارة بيت اللّه فلله علي كذا و اما استدفاعا لبلية كأن يقول

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 545

و لو قال: علي كذا و لم يقل للّه لم يجب (1).

______________________________

ان شفي اللّه مريضي فلله علي كذا و اما نذر زجر و هو ما علق علي فعل حرام أو مكروه زجرا للنفس عن ارتكابهما مثل أن يقول: ان تعمدت الكذب أو بلت في الماء فلله علي كذا أو علي ترك واجب او مستحب زجرا لها عن تركهما مثل أن يقول ان تركت فريضة أو نافلة الليل فلله علي كذا و اما نذر تبرع و هو ما كان مطلقا و لم يعلق علي شي ء كأن يقول: للّه علي أن اصوم غدا لا اشكال و لا خلاف في انعقاد الاولين و في انعقاد الأخير قولان أقواهما الانعقاد» انتهي.

قال في الجواهر «1» «و هو ان النذر ينقسم الي

معلق علي شرط و متبرع به و يعتبر في الأول أن يكون متعلق النذر مقصودا فيه الشكر علي شي ء صالح لأن يشكر عليه أو الزجر عن فعل يرجح له الانزجار عنه و لو لأنه مباح مرجوح فلو لم يقصد الزجر و لا الشكر و لو لأن الشرط غير صالح لكل منهما عرفا لم ينعقد النذر كما هو ظاهر المتن و غيره ممن قصر نذر المعلق في الأمرين و لعله للأصل و ظهور النصوص في ذلك بل قد يدعي انه المتعارف في النذر و لعله لذا جزم في الروضة بأنه لو انتفي القصد في القسمين لم ينعقد لفقد الشرط» انتهي.

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص منها: ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قال الرجل علي المشي الي بيت اللّه و هو محرم بحجة أو علي هدي كذا و كذا فليس بشي ء حتي يقول: للّه علي المشي الي بيته أو يقول: للّه علي أن احرم بحجة أو يقول: للّه علي هدي كذا و كذا ان لم افعل كذا و كذا «2».

و منها: ما رواه أبو الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن

______________________________

(1) ج 35 ص: 365

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب النذر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 546

______________________________

رجل قال: علي نذر قال: ليس النذر بشي ء حتي يسمي للّه صياما او صدقة أو هديا أو حجا «1».

و منها: مرسل الصدوق قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل أغضب فقال: علي المشي الي بيت اللّه الحرام فقال: اذا لم يقل للّه علي فليس بشي ء «2».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد

اللّه عليه السلام عن الرجل يقول:

علي نذر قال: ليس بشي ء حتي يسمي شيئا و يقول: علي صوم للّه أو يصدق أو يعتق أو يهدي هديا فان قال الرجل أنا اهدي هذا الطعام فليس هذا بشي ء انما تهدي البدن «3».

و منها: ما رواه مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام و سئل عن الرجل يحلف بالنذر و نيته في يمينه التي حلف عليها درهم أو أقلّ قال: اذا لم يجعل للّه فليس بشي ء «4».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان قلت: للّه علي فكفارة يمين «5».

فان المستفاد من هذه النصوص بعد تقييد مطلقها بمقيدها انه لا ينعقد النذر الا بقوله: «للّه علي كذا» كما هو المستفاد من حديث منصور بن حازم فان المستفاد من هذا الحديث حصر الصيغة فيما ذكر و أيضا المستفاد من مرسل الصدوق كذلك فلاحظ

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) الوسائل الباب 23 من ابواب الكفارات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 547

و لو جاء بالترجمة ففي وجوبه اشكال (1) و متعلق النذر يجب أن يكون طاعة للّه مقدورا للناذر (2).

______________________________

(1) بل لا يبعد أن يقال: ان الأظهر عدم الكفاية و وجوب الاتيان بالنحو المذكور في حديث منصور فلا يكفي الترجمة اذ لا دليل عليه و مقتضي الأصل عدم ترتب أثر عليه.

(2) ربما يقال في تقريب الاستدلال علي المدعي بأن النذر جعل الفعل للّه و كيف يمكن جعل المباح له تعالي و فيه: ان اللام في المقام لام الملك و بعبارة اخري:

مقتضي النذر جعل الفعل مملوكا له تعالي و ان شئت قلت: بالنذر

يجعل المكلف نفسه مشغولة له تعالي و هذا المعني لا يستلزم كون الفعل واجبا أو مستحبا بل يمكن أن يكون مباحا و بالنذر يصير واجبا.

و علي الجملة: لا يكون المراد من النذر الاتيان بالفعل لأجله تعالي كي يقال لا يعقل الا أن يكون العمل راجحا في نفسه فعليه لا بد من الاتيان بدليل آخر لإثبات المدعي فنقول- مضافا الي وضوح الأمر- يمكن الاستدلال عليه بجملة من النصوص لاحظ ما رواه منصور و أبو الصباح و أبو بصير «1» فان المستفاد من هذه النصوص ان متعلق النذر لا بد أن يكون طاعة و عبادة.

و ربما يستفاد من بعض الروايات انعقاد النذر المتعلق بالمباح منها: ما رواه الحسن بن علي عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له ان لي جارية ليس لها مني مكان و لا ناحية و هي تحتمل الثمن الا أني كنت حلفت فيها بيمين فقلت: للّه علي أن لا ابيعها أبدا و لي الي ثمنها حاجة مع تخفيف المئونة فقال: ف للّه بقولك له «2» و الحديث ضعيف بالرازي.

______________________________

(1) لاحظ ص: 545 و 546

(2) الوسائل الباب 17 من ابواب النذر و العهد الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 548

و لو نذر فعل طاعة و لم يعين تصدق بشي ء أو صل ركعتين أو صام يوما أو فعل أمرا آخر من الخيرات (1) و لو نذر صوم حين كان عليه ستة

______________________________

و منها: ما رواه يحيي بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه ان امرأة نذرت أن تغار مزمومة بزمام في أنفها فوقع بعير فخرم أنفها فأتت عليا عليه السلام تخاصم فأبطله فقال: انما نذرت للّه «1» و هذه الرواية ضعيفة بابن

أبي العلاء.

فالنتيجة: ان انعقاد النذر يتوقف علي تعلقه بالأمر العبادي لكن الظاهر ان الأصحاب يكتفون في انعقاده بالرجحان الشرعي و لا يلزمون أن يكون عبادة و مع الشك لا بد من الاقتصار علي القدر المعلوم الا أن يقوم اجماع علي عدم الاختصاص بكون متعلقه عبادة و اللّه العالم.

هذا بالنسبة الي كونه طاعة و أما اشتراط كونه مقدورا فالوجه فيه ظاهر اذ مع عدم القدرة لا مجال للالتزام به كما انه لا مجال لتعلق الأمر به اذ القدرة شرط عقلي في عامة التكاليف فلاحظ.

(1) ادعي عليه عدم الخلاف و القاعدة الأولية تقتضيه اذ المفروض ان نذره تعلق بالطاعة علي الاطلاق فيتحقق الامتثال بكل ما يصدق عليه هذا العنوان و أما حديث مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن رجل نذر و لم يسم شيئا قال: ان شاء صلي ركعتين و ان شاء صام يوما و ان شاء تصدق برغيف «2» فضعيف سندا فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالته.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من ابواب النذر و العهد الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب النذر و العهد الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 549

أشهر و لو قال زمانا فخمسة أشهر (1) و لو نذر الصدقة بمال كثير فالمروي انه ثمانون درهما و عليه العمل (2).

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون ناظرا الي النص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه السكوني عن جعفر عن آبائه عليهم السلام ان عليا صلوات اللّه عليه قال في رجل نذر أن يصوم زمانا قال: الزمان خمسة أشهر و الحين ستة أشهر لأن اللّه عز و جل يقول:

«تُؤْتِي أُكُلَهٰا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهٰا»

«1».

و ما رواه أبو الربيع عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل قال: للّه علي أن أصوم حينا و ذلك في شكر فقال أبو عبد اللّه عليه السلام قد أتي علي عليه السلام في مثل هذا فقال: صم ستة أشهر فان اللّه عز و جل يقول: تؤتي اكلها كل حين باذن ربها يعني ستة أشهر «2».

و الحديثان ضعيفان سندا فلا بد من العمل علي طبق القاعدة الأولية و يمكن أن يقال: بجواز الاكتفاء بمجرد تحقق الطبيعي الا أن يقوم اجماع تعبدي كاشف يدل علي ما في المتن و أني لنا بذلك.

(2) قد وردت جملة من الروايات في هذا المقام منها: ما رواه علي بن ابراهيم عن بعض اصحابه ذكره قال: لما سمي المتوكل نذر ان عوفي أن يتصدق بمال كثير فلما عوفي سأل الفقهاء عن حد المال الكثير فاختلفوا عليه فقال بعضهم مائة ألف و قال بعضهم: عشرة آلاف فقالوا فيه أقاويل مختلفة فاشتبه عليه الأمر فقال رجل من ندمائه يقال له صفوان ألا تبعث الي هذا الأسود فتسأله عنه فقال له المتوكل من تعني ويحك؟ فقال: ابن الرضا عليه السلام فقال له: و هو يحسن من هذا

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من ابواب بقية الصوم الواجب الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 550

______________________________

أشياء فقال: ان أخرجك من هذا فلي عليك كذا و كذا و الا فاضربني مائة مقرعة فقال المتوكل: قد رضيت: يا جعفر بن محمود صر اليه و سله عن حد المال الكثير فصار جعفر بن محمود الي أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام فسأله عن حد المال الكثير فقال له: الكثير ثمانون فقال جعفر يا

سيدي انه يسألني عن العلة فيه فقال أبو الحسن عليه السلام ان اللّه يقول: «لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّٰهُ فِي مَوٰاطِنَ كَثِيرَةٍ» فعددنا تلك المواطن فكانت ثمانين «1».

و منها: ما رواه أبو بكر الحضرمي قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فسأله رجل عن رجل مرض فنذر للّه شكرا ان عافاه اللّه أن يتصدق من ماله بشي ء كثير و لم يسم شيئا فما تقول؟ قال: يتصدق بثمانين درهما فانه يجزيه و ذلك بين في كتاب اللّه اذ يقول لنبيه صلي اللّه عليه و آله: «لقد نصركم اللّه في مواطن كثيرة» و الكثيرة في كتاب اللّه ثمانون «2».

و منها: مرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في رجل نذر أن يتصدق بمال كثير فقال: الكثير ثمانون فما زاد لقول اللّه تعالي: «لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّٰهُ فِي مَوٰاطِنَ كَثِيرَةٍ» و كانت ثمانون موطنا «3».

و منها: ما رواه يوسف بن السخط قال: اشتكي المتوكل شكاة شديدة فنذر للّه أن يتصدق بمال كثير فعوفي من علته فسأل أصحابه عن ذلك الي أن قال: فقال ابن يحيي المنجم لو كتبت الي ابن عمك يعني أبا الحسن عليه السلام فأمر أن يكتب له فيسأله فكتب أبو الحسن عليه السلام: تصدق بثمانين درهما فقالوا هذا غلط

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب النذر و العهد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 551

و لو نذر عتق كل عبد قديم عتق من مضي عليه ستة أشهر فصاعدا في ملكه (1) هذا كله اذا لم تكن هناك قرينة تصرفه عنه و الا كان العمل عليها (2) و لو نذر عتق اول مملوك يملكه فملك جماعة

فان قصد عتق

______________________________

سله من أين قال هذا؟ فكتب: قال اللّه لرسوله: «لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّٰهُ فِي مَوٰاطِنَ كَثِيرَةٍ» و المواطن التي نصر اللّه رسوله فيها ثمانون موطنا فثمانون درهما من حلفه مال كثير «1».

و هذه الروايات كلها ضعيفة سندا و عمل المشهور بها لا يوجب اعتبارها عند سيدنا الاستاد و عليه لا بد من العمل علي طبق القاعدة و مقتضاها التصدق بما يصدق عليه عنوان الكثير.

(1) و الأصل فيه ما أرسله النهدي قال: دخل ابن أبي سعيد المكاري علي أبي الحسن عليه السلام الي أن قال: فقال: رجل قال عند موته: كل مملوك لي قديم فهو حر لوجه اللّه قال: نعم ان اللّه عز ذكره يقول في كتابه: «حَتّٰي عٰادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ» فما كان من مماليكه اتي عليه ستة أشهر قديم و هو حر الحديث «2» و الرواية مرسلة لا اعتبار بها و لكن قال في الجواهر «3» في شرح قول الماتن:

«بلا خلاف أجده فيه بل في المسالك ربما كان اجماعا» الخ و الذي يهون الخطب عدم الابتلاء بمسائل العتق.

(2) كما هو ظاهر فانه مع القرينة لا اشكال في استفادة المراد منها و مع فرض انكشاف مقصود الناذر لا مجال للتحير و الترديد كما هو واضح فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الكافي ج 6 ص 195/ الحديث: 6

(3) ج- 35 ص: 413

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 552

الواحد عينه بالقرعة (1) و ان قصد عتق كل مملوك ملكه اولا فعليه عتق الجميع (2) و لو عجز عما نذر سقط فرضه اذا استمر العجز (3) فلو تجددت القدرة عليه في وقته وجب (4) و اذا أطلق النذر لا يتقيد بوقت (5) و لو قيده بوقت معين أو مكان

كذلك لزم (6) و لو نذر صوم يوم فاتفق له السفر

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قال: اول مملوك املكه فهو حر فورث سبعة جميعا قال: يقرع بينهم و يعتق الذي قرع «1»

و ما رواه عبد اللّه بن سليمان قال: سألته عن رجل قال: اول مملوك أملكه فهو حر فلم يلبث أن ملك ستة ايهم يعتق؟ قال: يقرع بينهم ثم يعتق واحدا الحديث «2»

و عن جملة من الأساطين التخيير و المدرك حديث الحسن الصيقل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قال: اول مملوك املكه فهو حر فأصاب ستة قال:

انما كانت نيته علي واحد فليختر ايهم شاء فليعتقه «3» و السند ضعيف فالقول الأول هو الصحيح.

(2) كما هو مقتضي القاعدة و يؤيد المدعي ما عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: من اعتق حملا لمملوكة له أو قال لها: ما ولدت أو اول ولد تلدنيه فهو حر فذلك جائز فان ولدت توأمين عتقا جميعا «4».

(3) كما هو ظاهر لاشتراط التكليف بالقدرة.

(4) لتحقق الموضوع فيترتب عليه الحكم.

(5) لعدم ما يقتضي التقييد.

(6) فانه مقتضي القاعدة الأولية فان النذر تابع لقصد الناذر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 57 من ابواب العتق الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) مستدرك الوسائل الباب 27 من أبواب العتق الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 553

أو المرض أو حاضت المرأة أو نفست أو كان عيدا افطر و لزمه القضاء (1).

و لو نذر أن يجعل دابته أو عبده أو جاريته هديا لبيت اللّه تعالي أو المشاهد استعملت في مصالح البيت أو المشهد (2) فان لم يمكن

______________________________

(1) لاحظ ما رواه علي بن مهزيار في

حديث قال: كتبت اليه يعني الي أبي الحسن عليه السلام يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما من الجمعة دائما ما بقي فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحي أو أيام التشريق أو سفر أو مرض هل عليه صوم ذلك اليوم أو قضائه و كيف يصنع يا سيدي؟ فكتب اليه: قد وضع اللّه عنه الصيام في هذا الأيام كلها و يصوم يوما بدل يوم ان شاء اللّه و كتب اليه يسأله: يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما فوقع ذلك اليوم علي أهله ما عليه من الكفارة؟ فكتب اليه يصوم يوما يدل يوم و تحرير رقبة مؤمنة «1».

و لاحظ ما رواه عبد اللّه ميمون عن عبد اللّه بن جندب قال: سأل عباد بن ميمون و أنا حاضر عن رجل جعل علي نفسه نذرا صوما و أراد الخروج الي مكة فقال عبد اللّه بن جندب: سمعت من رواه عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سأله عن رجل جعل علي نفسه نذرا صوما فحضرته نية في زيارة أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

يخرج و لا يصوم في الطريق فاذا رجع قضي ذلك «2».

(2) مقتضي القاعدة الاولية ما أفاده في المتن و لكن مقتضي النص الخاص خلافه لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل جعل جاريته هديا للكعبة فقال: مر مناديا يقوم علي الحجر فينادي: ألا من قصرت به نفقة أو قطع به أو نقد طعامه فليأت فلان بن فلان و مره أن يعطي اولا

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب النذر و العهد

(2) الوسائل الباب 13 من أبواب النذر و العهد

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 554

ذلك

بيعت و صرف ثمنها في مصالحه من سراج و فراش و تنظيف و تعمير و غير ذلك (1) و لو نذر شيئا للنبي صلي اللّه عليه و آله أو الولي فالمدار علي قصد الناذر و يرجع في تعيينه مع الشك الي ظاهر كلام الناذر و لو لم يقصد الا نفس هذا العنوان يصرف علي جهة راجعة الي المنذور له كالإنفاق علي زواره الفقراء و الانفاق علي حرمه الشريف و نحو ذلك و لو نذر شيئا لمشهد من المشاهد المشرفة صرف في مصارفه فينفق علي عمارته او انارته أو في شراء فراش له و ما الي ذلك من شئونه (2).

______________________________

فأولا حتي ينفد ثمن الجارية «1».

فان قلنا باختصاص الرواية بخصوص الجارية فلا بد من التفصيل و ان قلنا بعدم الاختصاص كما ادعي عليه الاجماع فعن المسالك الاجماع علي عدم الفرق فالحكم عام لكن كيف يمكن تحصيل الاجماع التعبدي الكاشف و عليه لا بد من التفصيل و اللّه العالم.

(1) الجزم بما افيد مشكل اذ لا دليل عليه و مقتضي القاعدة الاولية سقوط الوجوب لأن المفروض عدم امكان الاتيان بمتعلق النذر و في المقام رواية رواها علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يقول: هو يهدي الي الكعبة كذا و كذا ما عليه اذا كان لا يقدر علي ما يهديه؟ قال: ان كان جعله نذرا و لا يملكه فلا شي ء عليه و ان كان مما يملك غلام أو جارية أو شبهه باعه و اشتري بثمنه طيبا فطيب به الكعبة و ان كانت دابة فليس عليه شي ء «2» لكنها ضعيفة سندا فلا تصل النوبة الي ملاحظة الدلالة.

(2) الظاهر ان ما أفاده تام علي

طبق القاعدة الأولية فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من ابواب مقدمات الطواف الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 18 من ابواب النذر و العهد

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 555

[الفصل الثالث في العهد]

الفصل الثالث في العهد و هو أن يقول عاهدت اللّه أو علي عهد اللّه انه متي كان كذا فعلي كذا (1) و الظاهر انعقاده أيضا لو كان مطلقا غير معلق (2) و هو لازم (3) و متعلقه كمتعلق النذر علي اشكال (4) و لا ينعقد النذر بل العهد أيضا الا

______________________________

(1) فانه مصداق للعهد فيتحقق به و قال في الجواهر «1»: «صورته أن يقول عاهدت اللّه أو علي عهد اللّه انه متي كان كذا فعلي كذا».

(2) فان مقتضي عموم دليل الحكم عدم الفرق بين القسمين مضافا الي ما في الجواهر بأنه عن الخلاف الاجماع علي عدم الفرق.

(3) اذ بعد انعقاده يحتاج الجواز الي الدليل.

(4) الظاهر انه لا دليل عليه قال في الجواهر: «و دعوي كونه كالنذر في اعتبار كون مورده طاعة خالية عن الدليل المعتد به» و قال أيضا: «يظهر منهم الاجماع علي أنه لو كان ما عاهد علي تركه فعله أولي من ذلك و لو من جهة الدنيا و كان ما عاهد علي فعله تركه أولي فليفعل الأولي و لا كفارة عليه عندنا» الي آخر كلامه فلا وجه لاشتراط كون متعلقة كمتعلق النذر بل ينعقد اذا كان متعلقه مباحا و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن رجل عاهد اللّه في غير معصية ما عليه ان لم يف بهذه؟ قال: يعتق رقبة أو يتصدق بصدقة أو يصوم شهرين متتابعين «2».

______________________________

(1) ج 35 ص: 447

(2) الوسائل الباب 24 من

ابواب الكفارات.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 556

باللفظ و ان كان الاحوط فيه أن لا يتخلف عما نواه (1) و لو عاهد اللّه

______________________________

(1) ربما يقال بكفاية القصد فيهما و ما يمكن أن يذكر في تقريب الاستدلال علي المدعي وجوه: الوجه الاول: الأصل و فيه انه لا أصل لهذا الأصل.

الوجه الثاني: عموم الأدلة و فيه: ان التمسك بالعموم فرع الصدق و مع عدمه و لا أقلّ من الشك فيه لا مجال للأخذ به.

الوجه الثالث: انهما عبادة و الاصل فيهما الاعتقاد و الضمير و فيه: ان العبادية اعم و من الممكن أن تكون العبادة لفظا كالقراءة في الصلاة مضافا الي أن النذر و العهد لا يكونان عبادة.

الوجه الرابع: ما عن النبي صلّي اللّه عليه و آله قال: انما الأعمال بالنيات الحديث «1» و انما للحصر و الباء للسببية و ذلك يدل علي حصر العمل في النية و لا يتوقف علي غيرها و الا يلزم جعل ما ليس سببا سببا و فيه اولا ان السند ضعيف و ثانيا: ان الحديث لا يدل الا علي أن العمل لا أثر له الا مع النية لا ان النية تمام المؤثر و كم فرق بين الأمرين.

الوجه الخامس: ان التلفظ بالألفاظ لإظهار ما في النفس و اللّه عالم بالسرائر فلا يحتاج الي الألفاظ و فيه: انه ربما يكون اللفظ بما هو لفظ له موضوعية في غرض المولي فمجرد كونه تعالي عالما بالسرائر لا يوجب الاكتفاء بالنية اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان الذي يختلج بالبال أن يقال: أما النذر فلا اشكال في عدم انعقاده بالقصد و النية بل لا بد من الاتيان باللفظ و قد دلت عليه جملة من النصوص لاحظ أحاديث منصور و

أبي الصباح و أبي بصير و مسعدة و مرسل الصدوق «2» و أما العهد فان صدق

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب مقدمة العبادات الحديث: 10

(2) لاحظ ص: 545 و 546

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 557

أن يتصدق بجميع ما يملكه و خاف الضرر قومه و تصدق به شيئا فشيئا حتي يوفي (1).

______________________________

العنوان يمكن أن يقال: فيه بالكفاية و نسب الي كشف اللثام التفصيل بين المقامين

(1) لاحظ ما رواه الخثعمي قال: كنا عند أبي عبد اللّه عليه السلام جماعة اذ دخل عليه رجل من موالي أبي جعفر عليه السلام فسلم عليه ثم جلس و بكا ثم قال له:

جعلت فداك اني كنت أعطيت اللّه عهدا ان عافاني اللّه من شي ء كنت اخافه علي نفسي أن اتصدق بجميع ما أملك و أن اللّه عافاني منه و قد حولت عيالي من منزلي الي قبة في خراب الأنصار و قد حملت كل ما أملك فأنا بايع داري و جميع ما أملك فاتصدق به فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: انطلق و قوم منزلك و جميع متاعك و ما تملك بقيمة عادلة و اعرف ذلك ثم اعمد الي صحيفة بيضاء فاكتب فيها جملة ما قومت ثم انظر الي أوثق الناس في نفسك فادفع الي الصحيفة و أوصه و مره ان حدث بك الموت أن يبيع منزلك و جميع ما تملك فيتصدق به عنك ثم ارجع الي منزلك و قم في مالك علي ما كنت فيه فكل أنت و عيالك مثل ما كنت تأكل ثم انظر كل شي ء تصدق به فيما تستقبل من صدقة أو صلة قرابة أو في وجوه البر فاكتب ذلك كله و أحصه فاذا كان رأس السنة فانطلق الي الرجل

الذي أوصيت اليه فمره أن يخرج إليك الصحيفة ثم اكتب فيها جملة ما تصدقت و أخرجت من صدقة أو بر في تلك السنة ثم افعل ذلك في كل سنة حتي تفي للّه بجميع ما نذرت فيه و يبقي لك منزلك و مالك إن شاء اللّه الحديث «1».

و قد وقع الفراغ من كتابة أحكام العهد في صبيحة اليوم السبت الموافق للعيد الأعظم و هو عيد الغدير و الحمد للّه أولا و ظاهرا و باطنا و صلي اللّه علي محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و التسعة المعصومين من أولاد الحسين و اللعن

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من ابواب النذر و العهد

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 558

[كتاب الكفارات]

اشارة

كتاب الكفارات و هي مرتبة و مخيرة و ما يجتمع فيه الامران و كفارة الجمع (1) فالمرتبة كفارة الظهار و قتل الخطاء و يجب فيهما عتق رقبة فان عجز صام شهرين متتابعين فان عجز أطعم ستين مسكينا (2) و كفارة من افطر

______________________________

الدائم علي أعدائهم الي يوم الدين و اسأل اللّه أن يوفقني لإتمام هذا الشرح و يجعله ذخرا ليوم فاقتي يوم لا ينفع مال و لا بنون الا من أتي اللّه بقلب سليم.

(1) قال في الجواهر «و كيف كان فالكفارة مرتبة و مخيرة و ما يحصل فيه الأمر ان و كفارة الجمع» الي آخر كلامه «1».

(2) أما بالنسبة الي الظهار فيدل علي المدعي قوله تعالي وَ الَّذِينَ يُظٰاهِرُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمٰا قٰالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا الاية «2».

و يدل علي المدعي من السنة ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سمعته يقول: جاء رجل الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و

آله فقال: يا رسول اللّه ظاهرت من امرأتي، قال: اذهب فاعتق رقبة قال ليس عندي، قال: اذهب فصم شهرين متتابعين، قال: لا اقوي قال: اذهب فاطعم ستين مسكينا، قال: ليس عندي قال فقال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله انا اتصدق عنك فاعطاه تمرا لا طعام ستين مسكينا، قال اذهب فتصدق بها، فقال، و الذي بعثك بالحق ما اعلم بين لا لابتيها احدا أحوج اليه مني و من عيالي، قال: فاذهب فكل و اطعم عيالك «3».

و أما بالنسبة الي القتل الخطئي فيدل علي العتق و الصوم قوله تعالي: وَ مٰا

______________________________

(1) الجواهر ج 33 ص: 169

(2) المجادلة/ 3

(3) الوسائل الباب 2 من ابواب الكفارات

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 559

يوما من قضاء شهر رمضان بعد الزوال و يجب فيها اطعام عشرة مساكين فان عجز صام ثلاثة ايام و الاحوط أن تكون متتابعات (1) و المخيرة كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان أو خالف عهدا و هي عتق رقبة او صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا (2) و ما يجتمع فيه الامران

______________________________

كٰانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلّٰا خَطَأً وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ الي قوله تعالي فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ شَهْرَيْنِ مُتَتٰابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللّٰهِ وَ كٰانَ اللّٰهُ عَلِيماً حَكِيماً «1».

و يدل علي الثلاثة ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام:

كفارة الدم اذا قتل الرجل مؤمنا متعمدا الي ان قال: و اذا قتل خطأ ادي ديته الي أوليائه ثم اعتق رقبة فان لم يجد صام شهرين متتابعين فان لم يستطع أطعم ستين مسكينا مدا مدا و كذلك اذا وهبت له دية المقتول فالكفارة عليه فيما بينه

و بين ربه لازمة «2».

(1) تعرض لهذا الفرع الماتن في كتاب الصوم و تقدم هناك شرح كلامه فراجع ما ذكرناه هناك.

(2) أما بالنسبة الي افطار شهر رمضان فقد تقدم الكلام حوله في كتاب الصوم عند تعرض الماتن فراجع و أما بالنسبة الي من حالف العهد: فقد ادعي عليه الاجماع و يدل علي المدعي ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل عاهد اللّه في غير معصية ما عليه ان لم يف بعهده؟

قال: يعتق رقبة أو يتصدق بصدقة أو يصوم شهرين متتابعين «3».

و ما رواه أبو بصير، عن احدهما عليهما السلام قال: من جعل عليه عهد اللّه

______________________________

(1) النساء/ 92

(2) الوسائل الباب 10 من ابواب الكفارات.

(3) الوسائل الباب 23 من ابواب الكفارات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 560

كفارة اليمين و كفارة النذر حتي نذر صوم يوم معين و هي عتق رقبة او اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فان عجز صام ثلاثة ايام متواليات (1).

______________________________

و ميثاقه في امر اللّه طاعة فحنث فعليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا «1» و كلا الحديثين ضعيفان سندا و لا مجال لانجبارهما بالإجماع المدعي الا ان يتم الامر بالإجماع و التسالم.

(1) أما بالنسبة الي اليمين فقال في الجواهر «2» «بلا خلاف اجده فيه بل في المسالك الحكم في هذه الكفارة محل وفاق بين المسلمين من حيث انها منصوصة في القرآن» لاحظ قوله تعالي لٰا يُؤٰاخِذُكُمُ اللّٰهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمٰانِكُمْ وَ لٰكِنْ يُؤٰاخِذُكُمْ بِمٰا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمٰانَ فَكَفّٰارَتُهُ إِطْعٰامُ عَشَرَةِ مَسٰاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مٰا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلٰاثَةِ أَيّٰامٍ ذٰلِكَ كَفّٰارَةُ أَيْمٰانِكُمْ إِذٰا

حَلَفْتُمْ وَ احْفَظُوا أَيْمٰانَكُمْ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ اللّٰهُ لَكُمْ آيٰاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «3».

و أما كفارة النذر فتدل جملة من النصوص علي كونها مثل كفارة اليمين:

منها: ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان قلت: للّه علي فكفارة يمين «4».

و منها: ما رواه صفوان الجمال، عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له بابي انت و أمي جعلت علي نفسي مشيا الي بيت اللّه، قال: كفر يمينك فانما جعلت علي نفسك يمينا و ما جعلته له فف به 5.

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من ابواب الكفارات الحديث: 2

(2) ج 33 ص: 178

(3) المائدة/ 89

(4) (4 و 5) الوسائل الباب 23 من ابواب الكفارات الحديث: 1 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 561

______________________________

و منها: ما رواه حفص بن غياث، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن كفارة النذر فقال: كفارة النذر كفارة اليمين، و من نذر بدنة فعليه ناقة يقلدها و يشعرها و يقف بها بعرفة و من نذر جزورا فحيث شاء نحره «1».

و منها: ما رواه جميل بن صالح عن أبي الحسن موسي عليه السلام انه قال:

كل من عجز عن نذر نذره فكفارته كفارة يمين 2.

و منها: ما رواه عمرو بن خالد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: النذر نذران فما كان للّه فف به، و ما كان لغير اللّه فكفارته كفارة يمين 3.

و مقتضي هذه الروايات ان كفارة النذر كفارة اليمين و أما حديث ابن مهزيار قال: و كتب اليه يسأله يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما فوقع ذلك اليوم علي اهله ما عليه من الكفارة فكتب اليه يصوم يوما بدل يوم و تحرير رقبة مؤمنة 4.

فلا بد من جعله

تخصيصا للروايات الدالة علي أن كفارة النذر كفارة اليمين و نلتزم بأن النذر اذا تعلق بالصوم فكفارته تحرير رقبة مؤمنة و التخصيص ليس بعزيز.

و يعارض هذه النصوص ما رواه عبد الملك بن عمرو عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عمن جعل للّه عليه أن لا يركب محرما سماه فركبه، قال: لا و لا أعلمه الا قال: فليعتق رقبة أو ليصم شهرين متتابعين أو ليطعم ستين مسكينا 5.

و حيث لا مرجح لأحد الطرفين يدخل المقام تحت الكبري الكلية و هي اشتباه الحجة بغيرها اذ المتأخر صدورا يكون مقدما عند المعارضة. و حيث انه لا يميز المتأخر لا بد من العمل علي طبق العلم الإجمالي.

و أما خبر علي و اسحاق ان ابراهيم بن محمد اخبرهما قال: كتبت الي الفقيه

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 23 من ابواب الكفارات الحديث: 4 و 5 و 6

(2) (4 و 5) نفس المصدر الحديث: 2 و 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 562

و كذا الايلاء (1) و كفارة الجمع في قتل المؤمن عمدا ظلما و هي

______________________________

عليه السلام: يا مولاي نذرت أن اكون متي فاتتني صلاة الليل صمت في صبيحتها ففاته ذلك كيف يصنع؟ و هل له من ذلك من مخرج؟ و كم يجب عليه من الكفارة في صوم كل يوم تركه ان كفر ان أراد ذلك فكتب يفرق عن كل يوم بمدين طعام كفارة «1» فضعيف سندا.

و ربما يقال ان حديث عبد الملك وارد، في خصوص نذر ترك الحرام. فيمكن تخصيص تلك الروايات بهذه الرواية اللهم الا ان يقال انه خلاف الاجماع المركب.

و يمكن أن يقال: ان الترجيح مع تلك النصوص لاحظ حديث جميل بن صالح «2» فان

الحديث مروي عن أبي الحسن عليه السلام فيرجح علي معارضة بالأحدثية و اللّه العالم.

بقي شي ء: و هو ان الماتن قيد صوم الثلاثة بالتوالي بقوله متواليات و الدليل علي لزوم التوالي ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل صوم يفرق الي ثلاثة أيام في كفارة اليمين «3».

فان المستفاد من الحديث ان الصوم في كفارة اليمين لزم أن تكون الثلاثة متواليات و الماتن تعرض لكفارة حنث نذر صوم اليوم المعين بقوله حتي نذر صوم اليوم المعين و تقدم ان المستفاد من حديث ابن مهزيار ان كفارته تغاير مع كفارة حنث النذر في بقية الموارد.

(1) فان الايلاء داخل تحت عنوان الحلف، فلو حنث تكون كفارته، كفارة حنث الحلف و قد تقدم في كتاب الايلاء انه لوفاء تجب عليه الكفارة فلاحظ قال في الجواهر كفارة الايلاء مثل كفارة اليمين لأنه من اليمين «4» الخ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) لاحظ ص: 561

(3) الوسائل الباب 10 من ابواب بقية الصوم الواجب الحديث: 1

(4) الجواهر ج 33 ص: 277

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 563

عتق رقبة و صيام شهرين متتابعين و اطعام ستين مسكينا (1) و اذا اشترك جماعة في القتل وجبت الكفارة علي كل واحد منهم (2) و كذا في قتل الخطأ (3) و اذا كان المقتول مهدور الدم شرعا كالزاني المحصن و اللائط و المرتد فقتله غير الامام لم تجب الكفارة اذا كان باذنه (4) و أما ان

______________________________

(1) بالإجماع كما في الجواهر و يدل علي المدعي ما رواه عبد اللّه بن سنان و ابن بكير جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمدا «الي أن قال:» فقال: ان

لم يكن علم به انطلق الي أولياء المقتول فاقر عندهم بقتل صاحبه فان عفوا عنه فلم يقتلوه اعطاهم الدية و اعتق نسمة و صام شهرين متتابعين و اطعم ستين مسكينا توبة الي اللّه عز و جل «1».

(2) قال في الجواهر «2» «و لو اشترك جماعة في قتل واحد عمدا أو خطأ فعلي كل واحد كفارة بلا خلاف اجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه مضافا الي عموم النص» انتهي.

و الظاهر ان المراد من النص ما رواه عبد اللّه بن سنان و ابن بكير «3» و مثله في الدلالة علي المدعي غيره الوارد في الباب المشار اليه و الانصاف ان النص لا يشمل الشريك في القتل، و لا يصدق علي الشريك عنوان القاتل و العرف ببابك و عليه: فان تم المدعي بالإجماع فهو و الا يشكل الجزم به

(3) الكلام فيه هو الكلام.

(4) كما هو ظاهر، اذ لا وجه للكفارة مع فرض كون الدم مهدورا و وقع القتل

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من ابواب الكفارات الحديث: 1

(2) ج 43 ص: 411 كتاب الديات

(3) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 564

كان بغير اذن الامام ففيه اشكال (1).

______________________________

باذن ولي الأمر و ان شئت قلت: لا كفارة في ارتكاب الوظيفة الشرعية.

(1) الظاهر ان وجه الاشكال عدم النص في المقام ليستفاد منه الحكم نعم قد وردت عدة نصوص: منها: ما رواه سعيد بن المسيب ان معاوية كتب الي أبي موسي الأشعري:

ان ابن أبي الجسرين وجد رجلا مع امرأته فقتله فاسأل لي عليا عن هذا، قال ابو موسي فلقيت عليا عليه السلام فسألته الي أن قال: فقال: أنا ابو الحسن ان جاء بأربعة يشهدون علي ما شهد و الا دفع برمته «1».

و منها: ما

رواه سعيد المسيب ان رجلا بالشام يقال له ابن الخيبري وجد مع امرأته رجلا فقتله، فرفع ذلك الي معاوية فكتب الي بعض اصحاب علي عليه السلام يسئله فقال: علي عليه السلام ان هذا شي ء ما كان قبلنا فاخبره ان معاوية كتب اليه فقال علي عليه السلام ان لم يجي ء بأربعة شهداء يشهدون به اقيد به «2».

و منها: ما عن الجعفريات عن علي عليهم السلام: ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: لرجل من الانصار هو سعد بن عبادة أ رأيت لو وجدت رجلا مع امرأة في ثوب واحد ما كنت صانعا بهما؟ قال: سعد اقتلهما يا رسول اللّه فقال: رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فاين الشهداء الأربعة 3.

و منها: ما رواه سعيد بن المسيب ان رجلا من اهل الشام يقال له ابن جري وجد مع امرئته رجلا فقتله أو قتلها فاشكل علي معاوية القضاء فيه فكتب الي أبي موسي الأشعري يسئل له عن ذلك علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له ان هذا الشي ء

______________________________

(1) الوسائل الباب 69 من القصاص في النفس الحديث: 2

(2) (2 و 3) مستدرك الوسائل الباب 54 من ابواب القصاص في النفس الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 565

و قيل من حلف بالبراءة فحنث فعليه كفارة ظهار فان عجز فكفارة اليمين (1) و لا دليل عليه (2) و قيل اطعام عشرة مساكين و به رواية معتبرة (3).

______________________________

ما هو بأرضنا، عزمت عليك لتخبرني فقال أبو موسي الأشعري كتب إلي في ذلك معاوية، فقال: علي عليه السلام أنا ابو الحسن ان لم يأت بأربعة شهداء و الا فليعط برمته «1».

و هذه النصوص علي تقدير تماميتها خاصة بالزوج

و لا تشمل الأجنبي فمن ناحية كون دم المقتول مهدورا يخطر بالبال عدم ترتب أثر علي فعل القاتل و من ناحية اخري: انه لا حق لغير الامام أن يتصدي للقتل و قال صاحب الجواهر: «و لو قتل من اباح الشرع قتله كالزاني بعد الاحصان و قاطع الطريق، ففي القواعد و شرحها لا كفارة بقتله و ان حكم بايمانه و لم يكن القاتل ممن له قتله، لانتفاء حرمته شرعا و خروجه عن النصوص قطعا، و الاثم بتصديه لما ليس له- لعدم اذن الامام- لا يوجب الكفارة و لكن للنظر فيه مجال لا طلاق الأدلة «2».

(1) القائل الشيخان و جماعة علي ما في الجواهر.

(2) عن الغنية الاجماع عليه و لكن اجماع المدعي موهون بمخالفة كثير من الأعاظم، بل عن الشيخ في الخلاف ان اجماع الامامية و اخبارهم علي خلاف هذا القول.

(3) لاحظ ما رواه محمد بن يحيي قال: كتب محمد بن الحسن الي أبي محمد عليه السلام رجل حلف بالبراءة من اللّه و رسوله فحنث ما توبته و كفارته؟ فوقع عليه السلام يطعم عشرة مساكين لكل مسكين مد و يستغفر اللّه عز و جل «3».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 54 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 3

(2) الجواهر ج 43 ص 412

(3) الوسائل الباب 20 من ابواب الكفارات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 566

و في جز المرأة شعرها في المصاب كفارة رمضان (1) و في نتفه أو خدش وجهها اذا ادمته او شق الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته كفارة يمين (2).

______________________________

و أما حديث عمرو بن حريث: عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل قال: ان كلم ذا قرابة له فعليه المشي الي

بيت اللّه و كل ما يملكه في سبيل اللّه و هو بري ء من دين محمد، قال: يصوم ثلاثة ايام و يتصدق علي عشرة مساكين «1» فضعيف سندا.

(1) لاحظ ما رواه خالد بن سدير اخو حنان بن سدير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل شق ثوبه علي أبيه أو علي امه أو علي اخيه أو علي قريب له فقال لا بأس بشق الجيوب، قد شق موسي بن عمران علي اخيه هارون، و لا يشق الوالد علي ولده، و لا زوج علي امرأته و تشق المرأة علي زوجها و اذا شق زوج علي امرأته أو والد علي ولده فكفارته حنث يمين، و لا صلاة لهما حتي يكفرا أو يتوبا من ذلك، فاذا خدشت المرأة وجهها أو جزت شعرها أو نتفته ففي جز الشعر عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا و في الخدش اذا أدميت و في النتف كفارة حنث يمين، و لا شي ء في اللطم علي الخدود سوي الاستغفار و التوبة، و لقد شققن الجيوب و لطمن الخدود الفاطميات علي الحسين بن علي عليهما السلام، و علي مثله تلطم الخدود و تشق الجيوب «2» و الرواية ضعيفة سندا، الا أن يتم الأمر بالإجماع.

(2) أما بالنسبة الي النتف و الخدش فيمكن الاستدلال بحديث خالد، و أما بالنسبة الي شق الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته فقد ادعي في الجواهر عدم وجدان الخلاف و نقل عن الانتصار الاجماع علي المدعي، مضافا الي خبر ابن سدير فلاحظ و السند ضعيف.

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من ابواب الكفارات الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 31 من ابواب الكفارات

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 567

و لو تزوج بامرأة

ذات بعل او في العدة الرجعية فارقها (1) و الاحوط ان يكفر بخمسة اصوع من دقيق (2) و ان كان الاقوي عدم وجوبه (3) و لو نام عن صلاة العشاء الآخرة حتي خرج الوقت أصبح صائما علي الاحوط استحبابا (4) و لو نذر صوم يوم أو ايام فعجز عنه فالاحوط أن يتصدق

______________________________

(1) كما هو ظاهر، اذ المفروض ان النكاح باطل، فتجب المفارقة.

(2) لاحظ مرسل ابن أبي عمير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتزوج المرأة و لها زوج قال: اذا لم يرفع الي الامام فعليه أن يتصدق بخمسة اصوع دقيقا «1».

و لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن امرأة تزوجها رجل فوجد لها زوجا، قال: عليه الجلد و عليها الرجم، لأنه تقدم بعلم و تقدمت هي بعلم و كفارته ان لم يقدم الي الامام أن يتصدق بخمسة إصبع دقيقا «2».

(3) لعدم تمامية الحديثين من حيث السند، و اسناد الصدوق الي أبي بصير ضعيف علي ما كتبه الحاجياني في رجاله و مقتضي القاعدة عدم وجوب الكفارة.

(4) لاحظ مرسل الصدوق قال: و روي فيمن نام عن العشاء الآخرة الي نصف الليل انه يقضي و يصبح صائما عقوبة، و انما وجب ذلك عليه لنومه عنها الي نصف الليل «3».

و مرسل عبد اللّه بن مغيرة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل نام عن العتمة فلم يقم الي انتصاف الليل قال: يصليها و يصبح صائما 4 و المرسل لا اعتبار به و لا اشكال في حسن الاحتياط، بل في استحبابه و محبوبيته.

______________________________

(1) الوسائل الباب 36 من ابواب الكفارات الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 27 من ابواب حد الزنا الحديث: 5

(3)

(3 و 4) الوسائل الباب 29 من ابواب المواقيت الحديث: 3 و 8

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 568

لكل يوم بمد علي مسكين او يعطيه مدين ليصوم عنه (1).

[مسائل]

اشارة

مسائل

[الأولي: من وجد ثمن الرقبة و أمكنه الشراء فقد وجد الرقبة]

(الاولي) من وجد ثمن الرقبة و امكنه الشراء فقد وجد الرقبة (2).

______________________________

(1) بتقريب انه قد ورد في المقام طائفتان من الروايات الطائفة الاولي ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل يجعل عليه صياما في نذر فلا يقوي قال: يعطي من يصوم عنه في كل يوم مدين «1».

و مقتضي هذه الطائفة اعطاء مدين ليصوم عنه الطائفة الثانية ما رواه محمد بن منصور قال: سألت الرضا عليه السلام عن رجل نذر نذرا في صيام فعجز، فقال:

كان أبي يقول: عليه مكان كل يوم مد «2».

و روي أيضا محمد بن منصور انه سأل موسي بن جعفر عليه السلام عن رجل نذر صياما فثقل الصيام عليه، قال يتصدق لكل يوم بمد من حنطة «3».

و مقتضي هذه الطائفة التصدق لكل يوم بمد و بنصوصية كل واحد منهما نرفع اليد عن التعيين و تكون النتيجة التخيير.

و لكن علي ما سلكناه من ان العرف يري هذه الموارد من مصاديق التعارض لا بد من اعمال المرجح، و الترجيح مع الطائفة الثانية بالأحدثية و لا يبعد أن يكون الوجه في بناء الماتن المسألة علي الاحتياط عدم تمامية اسناد احاديث المشار اليها فان اسنادها محل اشكال و اللّه العالم.

(2) كما هو الظاهر فانه مع القدرة علي تحصيل الرقبة لا يصدق عليه انه لا يقدر

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من احكام النذر و العهد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 15 من ابواب بقية الصوم الواجب الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 12 من احكام النذر و العهد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 569

و يشترط فيها الايمان بمعني الإسلام وجوبا في القتل (1) و كذا في غيره علي الاظهر (2).

______________________________

و غير واجد لها و

العرف ببابك.

(1) اجماعا بين المسلمين بقسميه هكذا في الجواهر و يدل علي المدعي بالنسبة الي الخطاء قوله تعالي: وَ مٰا كٰانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلّٰا خَطَأً وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ الاية «1».

و ربما يقال: ان العرف يفهم من الاية الشريفة: ان عتق الرقبة المؤمنة كفارة للقتل بما هو قتل لا لخصوصية في الخطاء فتأمل و لا يبعد أن يقال: انه اذا وجب عتق المؤمنة في القتل عن الخطاء يجب في القتل العمدي بالاولوية اذ مناسبة الحكم و الموضوع تقتضي أن تكون كفارة العمد اشد فلاحظ.

(2) ما يمكن أن يستدل به علي المدعي أو استدل وجوه الأول الاجماع قال في الجواهر: «الاشبه اشتراطه وفاقا للمحكي عن السيد و الشيخ و الحلي و غيرهم بل في الرياض و غيره نسبته الي الأكثر، بل عن الانتصار الاول و كشف الحق الاجماع عليه «2» الي آخر كلامه و فيه انه لا يتحقق بهذه التقريبات اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم.

الوجه الثاني: عدة نصوص منها ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام في حديث الظهار قال: و الرقبة يجزي عنه صبي ممن ولد في الإسلام «3» و الرواية واردة في كفارة الظهار.

و منها: ما رواه المشرقي عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل

______________________________

(1) النساء/ 92

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 10، ص: 569

(2) الجواهر ج 33 ص 195

(3) الوسائل الباب 7 من ابواب الكفارات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 570

______________________________

أفطر من شهر رمضان اياما متعمدا ما عليه من الكفارة؟ فكتب من أفطر يوما من

شهر رمضان فعليه عتق رقبة مؤمنة الحديث «1» و الرواية واردة في مورد خاص و سندها ان كان تاما تكون مؤيدة.

و منها: ما رواه ابن مهزيار انه كتب اليه يسأله يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما بعينه فوقع ذلك اليوم علي أهله ما عليه من الكفارة؟ فكتب اليه يصوم يوما بدل يوم و تحرير رقبة مؤمنة «2».

و منها: ما رواه الصيقل انه كتب اليه أيضا يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما للّه تعالي فوقع في ذلك اليوم علي اهله ما عليه من الكفارة؟ فأجابه يصوم يوما بدل يوم و تحرير رقبة مؤمنة 3 و الحديث الثاني ضعيف سندا، و الحديث الاول وارد في مورد خاص.

الوجه الثالث: عدم جواز عتق الكافر و استدل عليه بالإجماع المنقول و خبر سيف بن عميرة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام أ يجوز للمسلم أن يعتق مملوكا مشركا؟ قال: لا 4.

و فيه: ان الاجماع المنقول لا يكون حجة و علي فرض تحصيله يكون محتمل المدرك فلا يكون حجة أيضا و أما الرواية فلا تكون حجة لضعف سنده مضافا الي اختصاصها بالمشرك فلا وجه للإطلاق، و عدم القول بالفصل لا يرجع الي محصل صحيح.

الوجه الرابع قوله تعالي: وَ لٰا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ الاية 5 بتقريب

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث: 11

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 7 من ابواب بقية الصوم الواجب الحديث: 1 و 3

(3) (4) الوسائل الباب 17 من ابواب العتق الحديث: 5

(4) (5) البقرة/ 267

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 571

______________________________

ان المستفاد من الاية الشريفة النهي عن الانفاق بالخبيث، و الكافر خبيث النفس، بل الخباثة النفسية أشد من الرداءة المالية.

و

فيه: ان الظاهر من الاية الانفاق المالي، و يؤيده ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبٰاتِ مٰا كَسَبْتُمْ وَ مِمّٰا أَخْرَجْنٰا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ لٰا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم اذا أمر بالنخل أن يزكي يجي ء قوم بألوان من التمر و هو من أردي التمر يؤدونه من زكاتهم تمرا يقال له: الجعرور و المعافارة قليلة اللحاء عظيمة النوي، و كان بعضهم يجي ء بها عن التمر الجيد، فقال: رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و سلم: لا تخرصوا هاتين التمرتين، و لا تجيئوا منهما بشي ء، و في ذلك نزل «وَ لٰا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَ لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلّٰا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ» و الاغماض ان يأخذ هاتين التمرتين «1» فلا ترتبط الاية بالمقام.

الوجه الخامس: انه يعتبر في العتق قصد القربة، و كيف يمكن قصد القربة لعتق الكافر، و الحال ان اللّه تبارك و تعالي منع عن الموادة بالنسبة الي من حاد اللّه بقوله تعالي: لٰا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوٰادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كٰانُوا آبٰاءَهُمْ أَوْ أَبْنٰاءَهُمْ أَوْ إِخْوٰانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ الاية «2» و بقوله تعالي:

يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِيٰاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَ قَدْ كَفَرُوا بِمٰا جٰاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ الاية «3».

و فيه: اولا قد صرح في آية اخري بالجواز بالنسبة الي غير المقاتل بقوله

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من ابواب الزكاة الغلات الحديث: 1

(2) المجادلة/ 22

(3) الممتحنة/ 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 572

و الاحوط استحبابا اعتبار

الايمان بالمعني الاخص في الجميع (1) و يجزي الآبق (2).

______________________________

تعالي لٰا يَنْهٰاكُمُ اللّٰهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقٰاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَ لَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيٰارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَ تُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ «1» فعتق الكافر لا يكون حراما علي الاطلاق.

و يؤيد المدعي ما رواه الحلبي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: الرقبة تعتق من المستضعفين؟ قال نعم «2» و ثانيا: ان مجرد عتق الكافر لا يكون مودة بالنسبة اليه، بل يختلف الحال بتغير الاحوال، و الذي يهون الخطب: ان المسألة لا تكون محلا للابتلاء في هذه الأزمنة.

الوجه السادس: قاعدة الشغل، فان الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة كذلك و فيه: انه مع وجود الاطلاق في ادلة العتق لا مجال لقاعدة الاشتغال، مضافا الي ان مقتضي القاعدة البراءة عن القيد الزائد.

(1) لا يبعد أن يكون منشأ الاحتياط ذهاب بعض الي الاشتراط كالتنقيح و ابن ادريس.

(2) للإطلاق و يدل علي المدعي ما رواه الجعفري قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل ابق منه مملوكه يجوز أن يعتقه في كفارة اليمين و الظهار قال: لا بأس به ما لم تعرف منه موتا «ما علم انه مرزوق» «3».

و لا يشكل الاستدلال بها من حيث اختلاف النسخة، ففي نسخة قيد الحكم

______________________________

(1) الممتحنة/ 7

(2) الوسائل الباب 17 من أبواب العتق الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 48 من ابواب العتق الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 573

و الاحوط استحبابا اعتبار وجود طريق الي حياته (1) و أمّ الولد (2) و المدبر اذ انقض تدبيره قبل العتق (3) و المكاتب المشروط و المطلق الذي لم

______________________________

بما لم تعرف منه موتا و في نسخة قيد بقوله عليه السلام ما علم انه حي مرزوق اذ قد

حقق في الاصول قيام الاستصحاب مقام القطع الطريقي، فببركة الاستصحاب يحكم بحياته.

(1) خروجا عن شبهة الخلاف، و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(2) للإطلاق و عدم المقيد بل ادعي الاجماع بالنسبة الي مورد وفات ولدها، علي ما في الجواهر «1» و يدل علي المدعي ما رواه السكوني عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليه السلام قال: أمّ الولد تجزي في الظهار «2» و الرواية و ان كانت في خصوص الظهار، و لكن قال في الجواهر يتم بعدم القول بالفصل، و العمدة اطلاق الدليل.

(3) لاحظ ما رواه ابراهيم الكرخي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان هشام بن ادين «اديم خ ل» سألني أن أسألك عن رجل جعل لعبده العتق ان حدث بسيده حدث الموت فمات السيد و عليه تحرير رقبة واجبة في كفارة، أ يجزي عن الميت عتق العبد الذي كان السيد جعل له العتق بعد موته في تحرير الرقبة التي كانت علي الميت؟ فقال: لا «3».

و ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل يجعل لعبده العتق ان حدث به حدث و علي الرجل تحرير رقبة في كفارة يمين أو ظهار أ يجزي عنه أن يعتق عبده ذلك في تلك الرقبة الواجبة؟ قال: لا 4.

______________________________

(1) الجواهر ج 33 ص: 211

(2) الوسائل الباب 26 من ابواب الكفارات

(3) (3 و 4) الوسائل الباب 9 من ابواب الكفارات الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 574

يؤد شيئا من مال الكتابة (1).

[الثانية: من لم يجد الرقبة أو وجدها و لم يجد الثمن انتقل إلي الصوم في المرتبة]

(الثانية): من لم يجد الرقبة او وجدها و لم يجد الثمن انتقل الي الصوم في المرتبة (2) و لا يبيع ثياب بدنه و لا خادمه و لا مسكنه و لا غيرها مما

يكون بيعه ضيقا و حرجا عليه لحاجته اليه (3).

[الثالثة: كفارة العبد في الظهار في الصوم صوم شهر و هو نصف كفارة الحر]

(الثالثة): كفارة العبد في الظهار في الصوم صوم شهر و هو نصف كفارة الحر (4) و المشهور علي ان الكفارة في قتل الخطاء كذلك

______________________________

فان المستفاد من الحديثين عدم جواز العتق في الكفارة اذا كان العبد مدبرا، لكن حديث الكرخي لا يرتبط بالمقام، اذ فرض موت المدبر فعدم الجواز علي القاعدة، يبقي حديث الحلبي، فان مقتضاه عدم الجواز، نعم لو نقض التدبير يجوز علي طبق القاعدة، فما أفاده في المتن تام.

(1) لأنه علي كلا التقديرين لا يكون خارجا عن الرقية داخلا في الحرية.

(2) لعدم القدرة و مع عدمها تصل النوبة الي اللاحقة.

(3) لرفع الحرج في الشريعة المقدسة.

(4) و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه حمران قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المملوك أ عليه ظهار؟ فقال: عليه نصف ما علي الحر صوم شهر، و ليس عليه كفارة من صدقة و لا عتق «1».

و منها: ما رواه جميل بن دراج، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث الظهار قال: ان الحر و المملوك سواء غير ان علي المملوك نصف ما علي الحر من الكفارة و ليس عليه عتق و لا صدقة انما عليه صيام شهر 2.

و منها: ما رواه الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن المملوك

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 12 من ابواب الظهار الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 575

لكنه مشكل (1).

[الرابعة: إذا عجز عن الصيام في المرتبة و لو لا جل كونه حرجا عليه وجب الإطعام]

(الرابعة): اذا عجز عن الصيام في المرتبة و لو لا جل كونه حرجا عليه وجب الاطعام (2) فان كان بالتسليم لزم لكل مسكين مدمن الحنطة او الدقيق او الخبز علي الاحوط في كفارة اليمين (3).

______________________________

أ عليه ظهار؟ فقال: نصف ما علي الحر

من الصوم، و ليس عليه كفارة صدقة و لا عتق «1».

(1) الظاهر ان وجه الاشكال ان المستفاد من النصوص المشار اليها اختصاص الحكم بكفارة الظهار و لا تشمل مطلق الكفارة و عدم القول بالفصل لا يرجع الي محصل فالمرجع اطلاق دليل وجوب صوم شهرين في قتل الخطأ.

(2) اذ مع وجود الحرج لا يكون الصوم واجبا فتصل النوبة الي الوظيفة اللاحقة و هو الاطعام.

(3) لاحظ ما رواه هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في كفارة اليمين مد مد من حنطة و حفنة تكون الحفنة في طحنه و حطبه «2» فان المستفاد من هذا الحديث ان الكفارة في اليمين اطعام كل مسكين مدا من الحنطة أو الدقيق أو الخبز.

و الظاهر ان الوجه فيما أفاده من التخيير بين الدقيق و الحنطة و الخبز حديث هشام اذ ذكر فيه حفنة لتكون في طحنه و طبخه، فيعلم انه يكفي الدقيق و الخبز و لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في كفارة اليمين يطعم «عنه

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب الظهار الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 14 من ابواب الكفارات الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 576

و أما في غيرها فيجزي مطلق الطعام كالتمر و الارز و الاقط و الماش و الذرة (1) و لا تجزي القيمة (2) و الا فضل بل الاحوط مدان (3).

______________________________

خ» عشرة مساكين لكل مسكين مدمن حنطة أو مدمن دقيق و حفنة أو كسوتهم لكل انسان ثوبان، أو عتق رقبة و هو في ذلك بالخيار أي ذلك «الثلاثة» شاء صنع فان لم يقدر علي واحدة من الثلاث فالصيام عليه ثلاثة أيام «1».

و مثله ما رواه الثمالي قال: سألت أبا عبد اللّه

عليه السلام عمن قال: و اللّه، ثم لم يف، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: كفارته اطعام عشرة مساكين مدا مدا دقيق أو حنطة أو كسوتهم أو تحرير رقبة أو صوم ثلاثة أيام متوالية اذا لم يجد شيئا من ذا «2» و لم يظهر لي وجه بناء الماتن الحكم المذكور علي الاحتياط فانه مقتضي النصوص المشار اليها فلا وجه للترديد و اللّه العالم.

(1) للإطلاق لاحظ ما رواه أبو بصير و ابن سنان «3».

(2) لعدم الدليل بل يظهر من الجواهر انه ادعي عليه الاجماع.

(3) لا يبعد أن يكون الوجه في الافضلية انه مصداق للإحسان الأكثر فيكون أفضل و اما وجه كونه احوط فلدعوي الاجماع علي لزومه و أما خبر أبي بصير، عن احدهما عليهما السلام في كفارة الظهار قال: تصدق علي ستين مسكينا ثلاثين صاعا لكل مسكين مدين مدين «4»، فيختص بكفارة الظهار، و لا وجه لرفع اليد عنه، بل مقتضي القاعدة لزوم الالتزام به في كفارة الظهار، و أما في غيرها فيعمل بالاطلاق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب الكفارات الحديث: 1

(2) عين المصدر الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 558 و 559

(4) الوسائل الباب 14 من ابواب الكفارات الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 577

و لو كان بالإشباع اجزأه مطلق الطعام (1) و يستحب الادام و اعلاه اللحم و اوسطه الخل و ادناه الملح (2) و يجوز اطعام الصغار بتمليكهم و تسليمه الي وليهم ليصرفه عليهم (3) و لو كان بالاشباع فلا يعتبر اذن الولي علي الاقوي (4) و الاحوط احتساب الاثنين منهم بواحد (5) و يجوز التبعيض

______________________________

(1) للإطلاق.

(2) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «مِنْ أَوْسَطِ

مٰا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ» قال: هو كما يكون أن يكون في البيت من يأكل المد و منهم من يأكل أكثر من المد و منهم من يأكل أقلّ من المد، فبين ذلك و ان شئت جعلت لهم ادما و الادم ادناه ملح و أوسطه الخل و الزيت، و ارفعه اللحم «1».

(3) للإطلاق، فان مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين الصغير و الكبير مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه يونس عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل عليه كفارة اطعام عشرة مساكين أ يعطي الصغار و الكبار سواء و النساء و الرجال أو يفضل الكبار علي الصغار، و الرجال علي النساء؟ قال كلهم سواء الحديث «2»

(4) لعدم الدليل علي التوقف، و مقتضي الاطلاق الكفاية.

(5) لاحتمال عدم كفاية اطعام الطفل، و لا اشكال في حسن الاحتياط. نعم في المقام رواية تدل علي المدعي: بالنسبة الي كفارة اليمين و هو ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يجزي اطعام الصغير في كفارة اليمين و لكن صغيرين بكبير «3» و لو لا الاجماع يلزم أن يقال: يجب في كفارة اليمين

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 17 من ابواب الكفارات الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 578

في التسليم و الاشباع فيشبع بعضهم و يسلم الي الباقي (1) و لكن لا يجوز التكرار مطلقا بان يشبع واحدا مرات متعددة او يدفع اليه امدادا متعددة من كفارة واحدة (2) الا اذا تعذر استيفاء تمام العدد (3).

______________________________

احتساب الصغيرين بكبير.

و أما حديث السكوني، عن جعفر عن أبيه، أن عليا عليه السلام قال: من اطعم في كفارة اليمين صغارا و كبارا فليزود الصغير بقدر

ما اكل الكبير «1» فضعيف سندا فلا يعتد به.

(1) اذ يستفاد من الدليل بحسب الفهم العرفي محبوبية الجامع بين الأمرين فيجوز التبعيض.

(2) كما هو ظاهر لعدم تحقق الامتثال، مضافا الي النص الخاص، لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار، قال: سألت ابا ابراهيم عليه السلام عن اطعام عشرة مساكين أو اطعام ستين مسكينا أ يجمع ذلك لإنسان واحد يعطاه؟ قال: لا، و لكن يعطي انسانا انسانا كما قال اللّه تعالي، قلت: فيعطيه الرجل قرابته ان كانوا محتاجين؟ قال:

نعم الحديث «2».

(3) لاحظ ما رواه السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ان لم يجد في الكفارة الا الرجل و الرجلين فيكرر عليهم حتي يستكمل العشرة يعطيهم اليوم ثم يعطيهم غدا «3» و المدعي يستفاد من الرواية بوضوح لكن سند الحديث ضعيف، فلا بد من العمل علي طبق القواعد فنقول لو تمكن و لو بعد مضي مدة طويلة يجب الامتثال علي طبق المقرر الشرعي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 16 من ابواب الكفارات الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 579

[الخامسة: الكسوة لكل فقير ثوب وجوبا و ثوبان استحبابا]

(الخامسة): الكسوة لكل فقير ثوب وجوبا و ثوبان استحبابا بل هما مع القدرة احوط (1).

______________________________

و مع عدم التمكن بالكلية يكون مقتضي البراءة عدم شي ء عليه، و مقتضي الاحتياط العمل بما في الحديث و اللّه العالم.

(1) النصوص الواردة في المقام مختلفة: فقسم: منها فسرت فيها الكسوة بثوبين، لاحظ ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في كفارة اليمين يطعم «عنه خ» عشرة مساكين لكل مسكين مد من حنطة أو مد من دقيق و حفنة، أو كسوتهم لكل انسان ثوبان الحديث «1».

و ما رواه علي بن أبي

حمزة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن كفارة اليمين، فقال: عتق رقبة أو كسوة، و الكسوة ثوبان الحديث 2.

و ما رواه أبو خالد القماط انه سمع أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: في كفارة اليمين: من كان له ما يطعم فليس له أن يصوم اطعم عشرة مساكين مدا مدا، أو عتق رقبة، أو كسوتهم، و الكسوة ثوبان الحديث 3.

و ما رواه ابو جميلة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: في كفارة اليمين عتق رقبة أو اطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم الي أن قال و الكسوة ثوبان 4.

و ما رواه ابن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: في كفارة اليمين- الي أن قال- او كسوتهم ثوبين 5.

و ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في كفارة اليمين- الي أن قال- و الكسوة ثوبان الحديث 6.

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 12 من ابواب الكفارات الحديث: 1 و 2 و 13

(2) (4 و 5 و 6) الوسائل الباب 14 من ابواب الكفارات الحديث: 2 و 8 و 9

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 580

______________________________

و ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في كفارة اليمين- الي أن قال او كسوتهم لكل انسان ثوبان، الحديث «1».

و قسم منها فسرت الكسوة فيه بثوب واحد لاحظ ما رواه محمد بن قيس قال قال أبو جعفر عليه السلام: قال اللّه عز و جل لنبيه صلي اللّه عليه و آله: «يٰا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مٰا أَحَلَّ اللّٰهُ لَكَ قَدْ فَرَضَ اللّٰهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمٰانِكُمْ» فجعلها يمينا و كفرها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قلت:

بما كفر؟ قال: اطعم عشرة مساكين لكل مسكين مد قلنا: فمن وجد الكسوة؟ قال: ثوب يواري به عورته «2».

و ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن أوسط ما تطعمون اهليكم الي أن قال- قلت كسوتهم، قال: ثوب واحد 3.

و الترجيح مع القسم الثاني لموافقته مع اطلاق الكتاب لاحظ قوله تعالي:

فَكَفّٰارَتُهُ إِطْعٰامُ عَشَرَةِ مَسٰاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مٰا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ الاية 4 فان اطلاق الكسوة يقتضي كفاية ثوب واحد و ان اغمضنا عن هذا التقريب، يمكن اثبات المدعي بتقريب آخر:

و هو انه يقع التعارض بين القسمين من النصوص و بعد التعارض يتساقطان فيكون المرجع اطلاق الكتاب و السنة أما اطلاق الكتاب فقد اشير اليه آنفا و أما اطلاق السنة فلاحظ ما رواه أبو حمزة الثمالي 5 و لكن الترجيح مع الطائفة الأولي فان الطائفة الأولي مروية عن أبي عبد اللّه عليه السلام و الطائفة الثانية مروية عن أبي جعفر

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 1 و 5

(3) (4) المائدة/ 89

(4) (5) لاحظ ص: 576

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 581

[السادسة: لا بد من التعيين مع اختلاف نوع الكفارة و التكليف و الإسلام في المكفر]
اشارة

(السادسة): لا بد من التعيين مع اختلاف نوع الكفارة (1) و التكليف (2) و الإسلام في المكفر (3) و لا بد في مصرفها من الفقر (4) و الاحوط اعتبار الايمان (5).

______________________________

و الترجيح بالأحدثية مع الطائفة الأولي، و قد بنينا اخيرا علي أن المرجح منحصرا بالأحدثية و لا دليل علي الترجيح بموافقة الكتاب أو مخالفة العامة فلاحظ.

(1) بتقريب انه لا يحصل الامتثال بلا تعيين كما لو وجب عليه قضاء صلاة نفسه و قضاء صلاة والده، فانه مع عدم القصد و التعيين لا يحصل الامتثال و ان شئت قلت:

مع عدم التعيين اما يسقط كلا الأمرين أو احدهما المعين أو احدهما المردد أو لا يسقط شي ء منهما، أما الأول: فلا وجه له مع عدم الامتثال و أما الثاني فترجيح بلا مرجح و أما الثالث: فلا واقع له، فان المردد صرف المفهوم فالمتعين هو الرابع.

(2) اذ مع عدم التكليف لا موضوع للامتثال.

(3) بتقريب ان الكافر غير مكلف بالفروع، و المسألة مورد الخلاف و تحقيقها موكول الي مجال آخر.

(4) فان المسكين لا يصدق علي الغني كما هو ظاهر.

(5) لا اشكال في حسن الاحتياط سيما مع ذهاب بعض الأساطين الي لزومه و لكن مقتضي الاطلاق الكتابي و الخبري عدم الاشتراط، مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار، قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن اطعام عشرة مساكين أو اطعام ستين مسكينا «الي أن قال»: قلت: فيعطيه الضعفاء من غير أهل الولاية؟ قال نعم و اهل الولاية احب إلي «1» فان مقتضي هذا الحديث استحباب رعاية الايمان في موردها.

______________________________

(1) الوسائل الباب 18 من ابواب الكفارات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 582

و لا يجوز دفعها لواجب النفقة (1).

______________________________

(1) بلا خلاف أجده فيه هكذا في الجواهر و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي: فَكَفّٰارَتُهُ إِطْعٰامُ عَشَرَةِ مَسٰاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مٰا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ الاية «1»

فان المستفاد من جملة اوسط ما تطعمون اهليكم انه لا يمكن دفعه الي الأهل لكن علي فرض تمامية التقريب انما يتم بالنسبة الي من يصدق عليه الأهل فلا يشمل الأب و الام مضافا الي أن الاية الشريفة تختص بكفارة اليمين، و الكلام في مطلق الكفارة.

و ربما يستدل علي المدعي بما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: خمسة

لا يعطون من الزكاة شيئا: الأب و الام و الولد و المملوك و المرأة و ذلك انهم عياله لازمون له «2».

بتقريب: ان واجب النفقة لازم للمعيل فلا يجوز أن يعطيه الكفارة و فيه: ان الحكم مختص بباب الزكاة، و ربما يقال بأن الكفارة من الصدقة و كيف يجوز اعطائها للعيال.

و فيه اولا: ان كون الكفارة من الصدقة اول الكلام فانها لو كانت صدقة لكانت مشروطة بقصد القربة و الظاهر انه لا دليل علي الاشتراط و ثانيا: لا دليل علي التنافي

و قد يدعي معلومية ذلك من الشرع بحيث يعرفه كل متشرع و فيه ان اثبات هذه الدعوي علي مدعيها فالنتيجة ان الحكم بالنسبة الي غير الأهل مبني علي الاحتياط و يستفاد من حديث ابن عمار، عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: الظهار اذا عجز صاحبه عن الكفارة فليستغفر ربه و ينوي أن لا يعود قبل أن يواقع ثم ليواقع، و قد اجزأ ذلك عنه من الكفارة فاذا وجد السبيل الي ما يكفر يوما من الأيام فيكفر،

______________________________

(1) المائدة/ 89

(2) الوسائل الباب 13 من ابواب المستحقين للزكاة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 583

و يجوز دفعها الي الاقارب (1) بل لعله افضل (2) و المدار في الكفارة المرتبة علي حال الاداء فلو كان قادرا علي العتق ثم عجز صام و لا يستقر العتق في ذمته (3) و يكفي في تحقق الموجب للانتقال الي البدل فيها العجز العرفي في وقت (4) فاذا اتي بالبدل ثم طرأت القدرة اجزأ (5).

بل اذا عجز عن الرقبه فصام شهرا ثم تمكن منها اجتزأ باتمام الصوم (6).

______________________________

و ان تصدق و اطعم نفسه و عياله فانه يجزيه اذا كان محتاجا «1»، ان اطعام النفس

و العيال يكفي في كفارة الظهار اذا كان محتاجا و يدل علي المدعي أيضا ما رواه أبو بصير «2».

(1) لوجود المقتضي و عدم المانع.

(2) اذ يكون دفعها اليهم نحو صلة للرحم.

(3) اذ التكليف لم يسقط بعد، و لم يحصل الامتثال، فلو صدق العجز تصل النوبة الي المرتبة التالية و لا دليل علي استقرار العتق.

(4) بتقريب ان الموضوع هو العجز فاذا صدق عرفا يجوز الاتيان بالبدل.

(5) ما أفاده يشكل بأن مقتضي القاعدة الأولية انه لا تصل النوبة الي البدل الا مع العجز عن الاتيان بالمبدل منه في تمام الوقت و بعبارة اخري: الأجزاء يحتاج الي الدليل الا أن يقال: ان مقتضي اطلاق الدليل ان العجز عن المبدل منه موضوع لجواز الاتيان بالبدل و مع الاتيان به لا تبقي الذمة مشغولة، فلا مجال لوجوب المبدل منه و لو مع التمكن الحاصل بعد ذلك فلاحظ.

(6) لاحظ ما رواه علي بن جعفر، عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب الكفارات الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 558

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 584

و في كفارة الجمع اذا عجز عن العتق وجب الباقي (1) و عليه الاستغفار علي الاحوط (2).

______________________________

سألته عن رجل صام من الظهار ثم أيسر و بقي عليه يومان أو ثلاثة من صومه، فقال اذا صام شهرا ثم دخل في الثاني اجزأه الصوم فليتم صومه و لا عتق عليه «1» لكن الحديث يختص بكفارة الظهار.

(1) اذ لا وجه لسقوط الوجوب عن الباقي و بعبارة اخري: بمقتضي الدليل الشرعي تجب علي المكلف امور عديدة، و المفروض عروض العجز عن الاتيان ببعضها فيسقط وجوبه، و أما غيره فلا وجه له و ان شئت قلت: لا دليل علي

الارتباط بينها.

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل من عجز عن الكفارة التي تجب عليه من صوم أو عتق أو صدقة في يمين أو نذر أو غير ذلك مما يجب علي صاحبه فيه الكفارة فالاستغفار له كفارة ما خلا يمين الظهار الحديث «2» فان مقتضي هذه الرواية، ان الاستغفار بدل لكل خصلة من خصال الكفارات الا في كفارة يمين الظهار.

و يعارضها ما رواه ابن عمار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الظهار اذا عجز صاحبه عن الكفارة فليستغفر ربه و ينوي أن لا يعود قبل أن يواقع، ثم ليواقع و قد أجزأ ذلك عنه من الكفارة، فاذا وجد السبيل الي ما يكفر يوما من الأيام فليكفر و ان تصدق و اطعم نفسه و عياله فانه يجزيه اذا كان محتاجا، و الا يجد ذلك فليستغفر ربه و ينوي ان لا يعود فحسبه ذلك و اللّه كفارة «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب الكفارات الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 6 من ابواب الكفارات الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 585

و كذا اذا عجز عن غيره من الخصال (1) و يجب في المخيرة التكفير بجنس واحد فلا يجوز أن يكفر بنصفين من جنسين بأن يصوم شهرا و يطعم ثلاثين مسكينا (2) و الاشبه في الكفارة المالية و غيرها جواز التأخير بمقدار لا يعد من المسامحة في اداء الواجب (3) و لكن المبادرة احوط (4) و من الكفارات المندوبة ما روي عن الصادق (عليه السلام) من ان كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الاخوان (5) و كفارة المجالس

______________________________

فلا بد من اعمال قانون التعارض، و الظاهر ان حديث ابي بصير

موافق للكتاب فان مقتضي قوله تعالي: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ شَهْرَيْنِ مُتَتٰابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعٰامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذٰلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللّٰهِ وَ رَسُولِهِ الاية «1» انه بعد العجز عن الخصال المذكورة المرتبة في الاية يبقي التحريم بحاله و لا أثر للاستغفار.

و قد ذكرنا اخيرا انه لا دليل علي الترجيح بموافقة الكتاب و لا بمخالفة العامة بل الترجيح منحصر في الأحدثية، و حيث لا يميز الاحدث من الخبرين تصل النوبة الي البراءة فلاحظ.

(1) بمقتضي عموم حديث أبي بصير فلاحظ.

(2) كما هو ظاهر لعدم دليل علي الأجزاء.

(3) للإطلاق و عدم التقييد.

(4) بلا كلام و بلا اشكال، كما انه لا ريب في حسنه.

(5) لاحظ مرسلة محمد بن علي بن الحسين قال: قال الصادق عليه السلام:

كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الاخوان «2».

______________________________

(1) المجادلة/ 4

(2) الوسائل الباب 33 من أبواب الكفارات

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 586

ان تقول عند قيامك منها سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام علي المرسلين و الحمد للّه رب العالمين (1) و كفارة الضحك اللهم لا تمقتني (2) و كفارة الاغتياب الاستغفار للمغتاب (3) و كفارة الطيرة التوكل (4) و كفارة اللطم علي الخدود الاستغفار و التوبة (5).

[مسألة: إذا عجز عن الكفارة المخيرة]

(مسألة): اذا عجز عن الكفارة المخيرة لإفطار شهر رمضان

______________________________

(1) لاحظ ما ارسله الصدوق قال: قال الصادق عليه السلام: كفارات المجالس أن تقول عند قيامك منها: سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام علي المرسلين و الحمد للّه رب العالمين «1».

(2) لاحظ ما ارسله الصدوق قال: قال الصادق عليه السلام: كفارة الضحك اللهم لا تمقتني «2».

(3) لاحظ ما رواه جعفر بن عمر، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل رسول اللّه صلي

اللّه عليه و آله ما كفارة الاغتياب؟ قال: تستغفر لمن اغتبته كما ذكرته «3»

(4) لاحظ ما رواه السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: كفارة الطيرة التوكل «4».

(5) لاحظ ما رواه خالد بن سدير اخو حنان بن سدير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل شق ثوبه علي ابيه- الي أن قال-: و لا شي ء في اللطم علي الخدود سوي الاستغفار و التوبة الحديث «5».

______________________________

(1) الوسائل الباب 37 من أبواب الكفارات

(2) الوسائل الباب 34 من أبواب الكفارات

(3) الوسائل الباب 32 من أبواب الكفارات

(4) الوسائل الباب 35 من أبواب الكفارات الحديث: 1

(5) الوسائل الباب 31 من أبواب الكفارات

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 587

عمدا استغفر و تصدق بما يطيق علي الاحوط و لكن اذا تمكن بعد ذلك لزمه التكفير علي الاحوط وجوبا (1).

[كتاب الصيد و الذباحة]

اشارة

كتاب الصيد و الذباحة لا يجوز اكل الحيوان بدون التذكية (2) و التذكية تكون بالصيد و الذبح و النحر و غيرها (3) فهنا فصول

[فصل في الصيد]

اشارة

الفصل الاول في الصيد.

[مسألة 1: لا يحل الحيوان إذا اصطاده غير الكلب]

(مسألة 1): لا يحل الحيوان اذا اصطاده غير الكلب من انواع

______________________________

(1) قد تعرض الماتن لهذا الفرع في كتاب الصوم، و تعرضنا لشرح كلامه، راجع المجلد السادس من هذا الشرح ص 126- 128 و الحمد للّه اولا و آخرا و الصلاة علي محمد و آله الطاهرين و اللعن علي اعدائهم الي يوم الدين و قد وقع الفراغ من كتابة كتاب الكفارات في ليلة الأربعاء السابع من شهر جمادي الأولي من السنة 1410 بعد الهجرة.

(2) كما يستفاد من قوله تعالي: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَ مٰا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّٰهِ بِهِ وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّيَةُ وَ النَّطِيحَةُ وَ مٰا أَكَلَ السَّبُعُ إِلّٰا مٰا ذَكَّيْتُمْ الاية «1».

فانه يستفاد من هذه الاية انه لا يحل أكل الحيوان الا المذكي، نعم لا يستفاد من الاية حرمة أكل الحيوان الحي اذا كان محلل الأكل كما لو ابتلع احد السمك حيا، فان الاية بحسب الفهم العرفي ناظرة الي الحيوان الذي زهق عنه الروح بأحد الاسباب فلو لا دليل آخر علي الحرمة لا تكون الاية دالة عليها فلاحظ.

(3) و نتعرض إن شاء اللّه تعالي لشرح كل واحد منها تبعا للماتن.

______________________________

(1) المائدة/ 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 588

الحيوان كالعقاب و الباشق، و الصقر، و البازي، و الفهد، و النمر، و غيرها (1).

______________________________

(1) علي المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة يمكن دعوي تحصيل الاجماع معها، بل عن الانتصار و الخلاف و الغنية و السرائر و ظاهر سلم المبسوط الاجماع علي ذلك هكذا في الجواهر «1».

و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: في كتاب امير المؤمنين

عليه السلام في قول اللّه عز و جل «وَ مٰا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوٰارِحِ مُكَلِّبِينَ» قال هي الكلاب «2».

و منها: ما رواه أبو بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سأله عن صيد البزاة و الصقورة و الكلب و الفهد، فقال: لا تأكل صيد شي ء من هذه الا ما ذكيتموه الا الكلب المكلب، قلت: فان قتله؟ قال: كل لأن اللّه عز و جل يقول:

وَ مٰا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوٰارِحِ مُكَلِّبِينَ فَكُلُوا مِمّٰا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللّٰهِ عَلَيْهِ 3.

و منها: ما رواه أبو بكر الحضرمي مثله و زاد ثم قال: كل شي ء من السباع تمسك الصيد علي نفسها الا الكلاب المعلمة فانها تمسك علي صاحبها، و قال:

اذا أرسلت الكلب المعلم فاذكر اسم اللّه عليه فهو ذكاته 4.

و منها: ما رواه أبو عبيدة الحذاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال ليس شي ء يؤكل منه مكلب الا الكلب 5.

______________________________

(1) ج- 36 ص: 8

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 1 من أبواب الصيد الحديث: 1 و 3

(3) (4) نفس المصدر الحديث: 4

(4) (5) الوسائل الباب 3 من ابواب الصيد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 589

______________________________

و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه قال: و أما خلاف الكلب مما تصيد الفهود و الصقور و اشباه ذلك فلا تأكل من صيده الا ما أدركت ذكاته لأن اللّه عز و جل قال: «مُكَلِّبِينَ» فما كان خلاف الكلاب فليس صيده بالذي يؤكل الا ان تدرك ذكاته «1».

فان المستفاد: من هذه النصوص اختصاص الحلية بصيد الكلب مضافا الي أن مقتضي الأصل الاولي كذلك اذ الحلية تختص بالمذكي و لا دليل علي تحقق

التذكية بغير الكلب بل يستفاد الاختصاص من قوله تعالي: وَ مٰا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوٰارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمّٰا عَلَّمَكُمُ اللّٰهُ الاية «2» فان الظاهر من هذه الاية الشريفة: ان الشارع الأقدس في مقام التحديد.

و يؤكد المدعي ما رواه الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: كان أبي عليه السلام يفتي و كان يتقي و نحن نخاف في صيد البزاة و الصقورة و أما الان فانا لا نخاف و لا يحل صيدها الا ان تدرك ذكاته، فانه في كتاب علي عليه السلام ان اللّه عز و جل قال: «وَ مٰا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوٰارِحِ مُكَلِّبِينَ» في الكلاب «3».

و عن ابن أبي عقيل جواز صيد غير الكلب من السباع المعلمة و قد ظهر بما تقدم انه لا يمكن مساعدته و يستفاد من بعض النصوص خلاف القول المشهور، فلا بد من ملاحظة تلك النصوص المعارضة منها ما رواه ابن مهزيار قال: كتب الي أبي جعفر عليه السلام عبد اللّه بن خالد بن نصر المدائني: جعلت فداك البازي اذا أمسك صيده و قد سمي عليه فقتل الصيد هل يحل اكله؟ فكتب عليه السلام بخطه و خاتمه

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب الصيد الحديث: 3

(2) المائدة/ 4

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب الصيد الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 590

______________________________

اذا سميته اكلته، و قال علي بن مهزيار: قرأته «1» فانه يستفاد من هذا الحديث جوز أكل ما يصيده البازي.

و منها: ما رواه ابو مريم الأنصاري قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الصقورة و البزاة، من الجوارح هي؟ قال: نعم هي بمنزلة الكلاب 2.

و منها: ما رواه زكريا بن آدم قال: سألت الرضا عليه السلام عن صيد البازي و الصقر يقتل

صيده و الرجل ينظر اليه قال: كل منه و ان كان قد اكل منه أيضا شيئا قال فرددت عليه ثلاث مرات، كل ذلك يقول مثل هذا 3.

و هذه النصوص معارضة بجملة اخري من الروايات منها: ما رواه أبو بكر الحضرمي 4.

و منها: ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن صيد البازي و الكلب اذا صاد و قد قتل صيده و أكل منه، آكل قتلهما أم لا؟ فقال: اما ما قتله الطير فلا تأكل منه الا أن تذكيه الحديث 5 و منها: ما رواه الحلبي 6.

و منها: ما رواه ليث المرادي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصقورة و البزاة و عن صيدهما فقال: كل ما لم يقتل اذا أدركت ذكاته، و آخر الزكاة اذا كانت العين تطرف و الرجل تركض و الذنب يتحرك، و قال ليست الصقورة و البزاة في القرآن 7.

و منها: ما رواه أبو بصير قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان ارسلت بازا

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) نفس المصدر الحديث: 16 و 17 و 18

(2) (4) لاحظ ص: 588

(3) (5) الوسائل الباب 9 من أبواب الصيد الحديث: 2

(4) (6) لاحظ ص: 589

(5) (7) الوسائل الباب 9 من ابواب الصيد الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 591

______________________________

أو صقرا أو عقابا فلا تأكل حتي تدركه فتذكيه، و ان قتل فلا تأكل «1».

و منها: ما رواه حسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه قال: قال علي عليه السلام ما اخذ البازي و الصقر فقتل فلا تأكل منه الا ما ادركت ذكاته انت «2».

و هذه الروايات معارضة بجملة اخري من الروايات و الترجيح مع دليل المنع اولا

لموافقته مع الكتاب و ثانيا: لكونه مخالفا للتقية كما يستفاد من بعض النصوص المشار اليها.

و يستفاد من بعض النصوص جواز صيد الفهد منها: ما رواه زكريا بن آدم قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الكلب و الفهد يرسلان فيقتل قال: فقال:

هما مما قال اللّه «مُكَلِّبِينَ» فلا بأس بأكله «3».

و منها: ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر قال: سأل زكريا بن آدم أبا الحسن عليه السلام و صفوان حاضر عما قتل الكلب و الفهد فقال: قال جعفر بن محمد عليه السلام: الفهد و الكلب سواء قدرا 4.

و منها: ما رواه رفاعة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الفهد مما قال اللّه «مُكَلِّبِينَ» 5.

و منها: ما رواه احمد بن محمد، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عما قتل الكلب و الفهد، فقال: قال أبو جعفر عليه السلام الكلب و الفهد سواء فاذا هو اخذه فأمسكه فمات و هو معه فكل فانه امسك عليك، و اذا أمسكه و أكل منه فلا تأكل فانه أمسك علي نفسه 6.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 5

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) (3 و 4 و 5) الوسائل الباب 6 من أبواب الصيد الحديث: 4 و 5 و 8

(4) (6) الوسائل الباب 2 من أبواب الصيد الحديث: 18

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 592

______________________________

و يعارضه جملة اخري من النصوص منها رواه أبو عبيدة الحذاء، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قلت: فالفهد؟ قال: ان ادركت ذكاته فكل، قلت: أ ليس الفهد بمنزلة الكلب؟ قال: لا، ليس شي ء يؤكل منه مكلب الا الكلب «1».

و منها: ما رواه جميل بن دراج، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال

و لا ينبغي أن يؤكل مما قتله الفهد «2».

و منها: ما رواه سماعة بن مهران في حديث قال: سألته عن صيد الفهد و هو معلم للصيد، فقال: ان ادركته حيا فذكه و كله، و ان كان قد قتله فلا تأكل منه 3

و الترجيح مع دليل المنع للموافقة مع الكتاب و علي تقدير التعارض و التساقط يكون المرجع ما يستفاد من الكتاب من اختصاص الحلية بصيد الكلب المعلم فلاحظ.

و لكن قد ذكرنا أخيرا انه لا دليل علي الترجيح بموافقة الكتاب و لا بمخالفة العامة بل الترجيح منحصر في الأحدثية، و الترجيح بها مع دليل الجواز لاحظ ما رواه زكريا بن آدم قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الكلب و الفهد يرسلان فيقتل قال: فقال: هما مما قال اللّه «مُكَلِّبِينَ» فلا بأس بأكله 4.

فان المستفاد من هذه الرواية ان صيد الفهد يجوز اكله، و لاحظ ما رواه ابن مهزيار 5.

فان المستفاد من الحديث جواز أكل صيد البازي فالنتيجة جواز أكل صيد

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من أبواب الصيد الحديث: 1

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 3

(3) (4) عين المصدر الحديث: 4

(4) (5) لاحظ ص: 589

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 593

و يحل اذا اصطاده الكلب (1) من دون فرق بين السلوقي و غيره و الاسود و غيره (2) فكل حيوان حلال اللحم قد قتله الكلب بعقره و جرحه فهو ذكي و يحل اكله كما اذا ذبح (3).

[مسألة 2: يشترط في حلية صيد الكلب أمور]
اشارة

(مسألة 2): يشترط في حلية صيد الكلب امور

[الأول: أن يكون معلما للاصطياد]

(الاول): ان يكون معلما للاصطياد (4).

______________________________

الفهد و البازي الا أن يتم عدم الجواز بالإجماع التعبدي الكاشف و اللّه العالم.

(1) كما يدل عليه الكتاب و السنة و الاجماع.

(2) لإطلاق دليل الجواز كتابا و سنة و اجماعا و عن ابن الجنيد اشتراط عدم كونه الأسود البهيم و الدليل عليه ما رواه السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الكلب الأسود البهيم لا تأكل صيده لأن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله أمر بقتله «1» و الحديث ضعيف سندا فلا يكون قابلا للاستناد فلاحظ.

(3) كما هو المستفاد من الكتاب و السنة.

(4) كما يدل عليه الكتاب و السنة، اما الكتاب: فقوله تعالي: وَ مٰا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوٰارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمّٰا عَلَّمَكُمُ اللّٰهُ فَكُلُوا مِمّٰا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللّٰهِ عَلَيْهِ «2».

و من السنة جملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في كتاب أمير المؤمنين عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «وَ مٰا

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب الصيد الحديث: 2

(2) المائدة/ 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 594

و يتحقق ذلك بامرين: احدهما استرساله اذا ارسل بمعني انه متي اغراه صاحبه بالصيد هاج عليه و انبعث اليه، ثانيهما أن ينزجر اذا زجره (1) و هل يعتبر فيه الانزجار بالزجر حتي اذا كان بعد ارساله

______________________________

عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوٰارِحِ مُكَلِّبِينَ» قال: هي الكلاب «1».

و منها: ما رواه أبو عبيدة الحذاء قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسرح كلبه المعلم و يسمي اذا سرحه قال: يأكل مما امسك عليه، فاذا أدركه قبل قتله ذكاه و ان

وجد معه كلبا غير معلم فلا يأكل منه، الحديث 2.

و منها: ما رواه أبو بكر الحضرمي 3 و منها: ما رواه ابو بكر الحضرمي أيضا 4 و منها: ما رواه أبو عبيدة 5.

و منها: ما رواه أبو بكر الحضرمي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صيد البزاة و الصقورة و الفهد و الكلب فقال: لا تأكل صيد شي ء من هذه الا ما ذكيتموه الا الكلب المكلب الحديث 6.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه قال: و أما خلاف الكلب مما تصيد الفهود و الصقور و اشباه ذلك فلا تأكل من صيده الا ما ادركت ذكاته لأن اللّه عز و جل قال: (مُكَلِّبِينَ) فما كان خلاف الكلاب فليس صيده بالذي يؤكل الا ان تدرك ذكاته 7.

(1) الذي يلزم اعتباره كون الكلب معلما و صدق هذا المفهوم بنظر العرف.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 1 من ابواب الصيد الحديث: 1 و 2

(2) (3) لاحظ ص: 588

(3) (4) لاحظ ص: 588

(4) (5) لاحظ ص 588

(5) (6 و 7) الوسائل الباب 3 من ابواب الصيد الحديث: 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 595

و جهان اقواهما العدم (1) و الاحوط اعتبار أن لا يأكل مما يمسكه في معتاد الاكل، و لا بأس باكله اتفاقا اذا لم لكن معتادا (2).

______________________________

و بعبارة اخري: الحكم مترتب علي صيد الكلب المعلم و صدق كونه معلما في نظر العرف يتوقف علي استرساله اذا ارسل و بانزجاره اذا زجره.

(1) قال في الجواهر «1»: «الثاني أن ينزجر بزجره (اذا زجره خ ل) كما اطلقه غير واحد، الا انه يمكن تنزيله علي ما في التحرير و الدروس بل

و المسالك من تقييده بما اذا لم يكن بعد ارساله علي الصيد، فلا يقدح عدم انزجاره بعده، لأنه من الفروض النادرة، بل قل ما يتحقق التعليم بهذا الوجه، فلو كان معتبرا لزم سقوط الانتفاع بصيده، مضافا الي عدم منافاة مثل ذلك للتعليم عرفا» و الأمر كما أفاده.

و علي الجملة يترتب الحكم مع تحقق الموضوع و تحقق العنوان المأخوذ فيه عرفا و لو مع عدم اعتبار هذا الشرط بهذا القيد و مع تحققه عرفا يكفي في ترتب الحكم كما هو ظاهر.

(2) ما يمكن أن يذكر في تقريب التحريم أو ذكر وجوه: الوجه الأول الأصل بتقريب انه مع الشك في تحقق التذكية لا يجوز الأكل، فان جوازه متفرع علي تحقق التذكية و فيه انه لو لم يدل دليل علي الاشتراط يكفي اطلاق دليل جواز ما يصيده الكلب فالعمدة ملاحظة هذه الجهة.

الوجه الثاني: عدم صدق المعلم مع اعتياد الأكل و فيه: انه يمكن أن يناقش فيه اذ التعليم يصدق بالاسترسال عند الارسال و ان يهيج عند الإغراء، و العرف ببابك.

______________________________

(1) ج 36 ص: 19

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 596

______________________________

الوجه الثالث: قوله تعالي: فَكُلُوا مِمّٰا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ «1» بدعوي ان الأكل رتب علي الإمساك علينا و لا يتحقق الامساك علينا مع اعتياد الأكل، و هذا الوجه أيضا قابل للنقاش، اذ يصدق الإمساك علينا بالنسبة الي ما بقي من مأكوله

الوجه الرابع: جملة من النصوص منها: ما رواه سماعة بن مهران قال:

سألته عما أمسك عليه الكلب المعلم للصيد و هو قول اللّه تعالي «وَ مٰا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوٰارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمّٰا عَلَّمَكُمُ اللّٰهُ فَكُلُوا مِمّٰا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللّٰهِ عَلَيْهِ» قال: لا بأس ان تأكلوا مما أمسك الكلب مما

لم يأكل الكلب منه، فاذا اكل الكلب منه قبل أن تدركه فلا تأكل منه الحديث «2».

و منها: ما رواه رفاعة بن موسي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام، عن الكلب يقتل، فقال: كل قلت: ان أكل منه؟ قال: اذا أكل منه فلم يمسك عليك انما امسك علي نفسه 3.

و منها: ما رواه احمد بن محمد، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عما قتل الكلب و الفهد، فقال: قال أبو جعفر عليه السلام: الكلب و الفهد سواء فاذا هو اخذه فامسكه فمات و هو معه فكل فانه امسك عليك و اذا أمسكه و اكل منه فلا تأكل فانه امسك علي نفسه 4.

فان المستفاد من هذه النصوص اشتراط جواز الأكل بعدم أكل الكلب من الصيد، و هذه النصوص معارضة بطائفة اخري: منها: ما رواه حكم بن حكيم الصير في قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ما تقول في الكلب يصيد الصيد فيقتله؟ قال: لا بأس بأكله، قلت: انهم يقولون: انه اذا قتله أكل منه فانما أمسك

______________________________

(1) المائدة/ 4

(2) (2 و 3 و 4) الوسائل الباب 2 من ابواب الصيد الحديث: 16 و 17 و 18

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 597

______________________________

علي نفسه فلا تأكله، فقال: كل أو ليس قد جامعوكم علي أن قتله ذكاته؟ قال: قلت بلي قال: فما يقولون في شاة ذبحها رجل ذكاها؟ قال: قلت: نعم، قال: فان السبع جاء بعد ما ذكاها فأكل بعضها أ تؤكل البقية؟ قلت: نعم قال: فاذا أجابوك الي هذا فقل لهم: كيف تقولون: اذا ذكي ذلك و أكل منه لم تأكلوا و اذا ذكي هذا و أكل أكلتم؟ «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم و غير واحد

عنهما عليهما السلام جميعا انهما قالا في الكلب يرسله الرجل و يسمي قالا: ان اخذه فادركت ذكاته فذكه و ان ادركته و قد قتله و أكل منه فكل ما بقي و لا ترون ما يرون في الكلب «2».

و منها: ما رواه يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ارسل كلبه فأدركه و قد قتل قال: كل و ان أكل 3.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و أما ما قتله الكلب و قد ذكرت اسم اللّه عليه فكل منه و ان أكل منه 4.

و منها: ما رواه مسعدة بن زياد عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: سئل عن صيد الكلاب و البزاة و الرمي فقال: أما ما صاد الكلب المعلم و قد ذكر اسم اللّه عليه فكله و ان كان قد قتله و أكل منه الحديث 5.

و منها: ما رواه الحسين بن علوان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليه السلام قال: اذا أخذ الكلب المعلم الصيد فكله أكل منه أو لم يأكل قتل أو لم يقتل 6.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 6

(3) (4 و 5 و 6) عين المصدر الحديث: 9 و 11 و 12

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 598

و لا بأس بأكله اتفاقا اذا لم يكن معتادا (1).

[الثاني: أن يكون بإرساله للاصطياد]

(الثاني): ان يكون بارساله للاصطياد فلو استرسل بنفسه من دون ارسال لم يحل مقتوله (2).

______________________________

و منها: ما رواه محمد الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من ارسل كلبه و لم يسم فلا يأكله قال: و سألته عن الكلب يصطاد فيأكل

من صيده أ تأكل بقيته؟

قال نعم «1».

و هذه الطائفة دالة علي الجواز فلا بد من ترجيح أحد الطرفيين علي الطرف الاخر من مرجح يوجب الترجيح فان قلنا: ان المدعي يستفاد من نفس الاية الشريفة بالتقريب المتقدم ذكره يكون الترجيح مع دليل الاشتراط و الا يكون الترجيح مع دليل الجواز فلاحظ و طريق الاحتياط ظاهر و اللّه العالم بحقائق الامور و علي المختار الاخير يكون الترجيح مع دليل عدم الجواز بالأحدثية، لاحظ ما رواه احمد بن محمد «2».

الوجه الخامس: الاجماع فان تم اجماعا تعبديا كاشفا فهو و الا يشكل الاستناد اليه و كيف يمكن تحصيل الاجماع التعبدي الكاشف مع امكان استناد المجمعين الي الوجوه المذكورة في المقام.

(1) التفصيل المذكور ان تم بالإجماع التعبدي الكاشف فهو، و الا فلا أري وجها للتفصيل فان الوجوه المذكورة في المقام ان تم دلالتها علي المدعي يثبت المنع علي الاطلاق و ان لم تتم يثبت الجواز كذلك فلاحظ.

(2) ادعي عليه عدم الخلاف، بل ادعي عليه الاجماع، فان تم اجماعا تعبديا

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 15

(2) لاحظ ص: 596

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 599

و كذا اذا ارسله لأمر غير الاصطياد من طرد عدو او سبع فاصطاد حيوانا فانه لا يحل (1) و اذا استرسل بنفسه فاغراه صاحبه لم يحل صيده و ان اثر الإغراء فيه اثرا كزيادة العدو علي الاحوط (2) و اذا استرسل لنفسه فزجره صاحبه فوقف ثم اغراه و ارسله فاسترسل كفي ذلك في حل مقتوله (3).

______________________________

كاشفا يكفي لإثبات المدعي و استدل عليه في الجواهر مضافا الي الاجماع باصالة عدم التذكية، و انما نرفع اليد عنها في مورد الارسال للصيد و أما في مورد الاسترسال من قبل نفسه فلا تكون التذكية

محرزة فلا يحل الصيد.

و الانصاف انه لا مانع من الاطلاق و هذا العرف ببابك فان الدليل الدال علي حلية أكل الصيد بسبب الكلب المعلم آية و رواية يشمل المقام فلا تصل النوبة الي اصالة عدم التذكية نعم يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه أبو بكر الحضرمي «1».

فان هذه الرواية بمفهومها تدل علي عدم الجواز اذا لم يكن بالارسال لكن الحديث ضعيف بالحضرمي حيث انه لم يوثق و أما حديث قاسم بن سليمان قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن كلب افلت و لم يرسله صاحبه فصاد فادركه صاحبه و قد قتله أ يأكل منه؟ فقال: لا الحديث «2» فضعيف سنده بقاسم فلاحظ.

(1) لانتفاء الشرط و هو الارسال للاصطياد.

(2) لعدم تحقق الموضوع و هو الارسال و يمكن ان يكون الوجه في بناء المسألة علي الاحتياط عدم تحقق الاجماع في هذا الفرض و مقتضي الاطلاق هو الجواز، لكنه خلاف الاحتياط.

(3) لصدق موضوع التذكية فيحل صيده في الفرض المذكور.

______________________________

(1) لاحظ ص: 588

(2) الوسائل الباب 11 من أبواب الصيد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 600

و اذا ارسله لصيد غزال بعينه فصاد غيره حل، و كذا اذا صاده و صاد غيره معه فانهما يحلان فالشرط قصد الجنس لا قصد الشخص (1).

[الثالث: أن يكون المرسل مسلما]

(الثالث): أن يكون المرسل مسلما فاذا أرسله كافر فاصطاد لم يحل صيده (2).

______________________________

(1) لصدق الارسال فلا يشمله دليل المنع و يمكن أن يكون الوجه فيما أفاده عدم شمول الاجماع المدعي للمقام فيحل باطلاق ما يدل علي حلية صيد الكلب، اضف الي ما ذكر ما أفاده في الجواهر «1» في هذا المقام حيث قال: «و لو ارسل كلبه علي صيد معين و سمي حين ارساله فقتل غيره حل بلا

خلاف اجده فيه و لا اشكال بعد اطلاق الأدلة و عمومها: و خصوص خبر عباد بن صهيب «2» الوارد في الرمي الذي لا فرق بينه و بين ارسال الكلب في ذلك قطعا» الخ.

(2) ما يمكن أن يذكر في تقريب الاستدلال علي المدعي وجوه: الوجه الأول قوله تعالي وَ لٰا تَأْكُلُوا مِمّٰا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّٰهِ عَلَيْهِ الاية «3» بتقريب ان الكافر لا يعرف اللّه فلا يذكره، و لا يشترط التسمية شرطا للصحة و فيه: ان بعض الكفار يعتقد باللّه مضافا الي أن عدم الاعتقاد لا يلازم عدم التسمية، و الكلام في فرض تحقق التسمية و بعبارة اخري الكلام في موضوعية الإسلام في المرسل.

الوجه الثاني: عدم الاعتماد بتحقق التسمية في حق الكافر و فيه: ان المفروض تحققها فلا مجال لهذا التقريب.

الوجه الثالث: ان الاكتفاء بارساله نحو ركون الي الظالم فيدخل تحت النهي

______________________________

(1) الجواهر ج 36 ص 45

(2) الوسائل الباب 27 من أبواب الصيد الحديث: 1

(3) الانعام/ 121

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 601

______________________________

الوارد في الاية الشريفة: «وَ لٰا تَرْكَنُوا إِلَي الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّٰارُ» الاية «1» و فيه: انه يلزم عدم حلية ارسال المسلم اذا كان ظالما لوحدة الملاك مضافا الي ان الأكل في الصيد الذي بارسال الكافر ليس ركونا اليه كما هو ظاهر واضح.

الوجه الرابع: ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كلب المجوسي لا تأكل صيده الا أن يأخذه المسلم فيعلمه و يرسله و كذلك البازي و كلاب أهل الذمة و بزاتهم حلال للمسلمين أن يأكلوا صيدها «2» فان المستفاد من هذه الرواية اشتراط كون المرسل مسلما و فيه ان الحديث ضعيف سندا.

الوجه الخامس: الأصل فان مقتضاه عدم تحقق التذكية عند الشك

و فيه: ان الميزان بتحقق الاطلاق في أدلة صيد الكلب فان تم لا تصل النوبة الي الأصل، فان التمسك بالأصل عند الشك كما هو ظاهر.

الوجه السادس: ان الصيد نوع من التذكية علي ما يستفاد من النصوص:

لاحظ ما رواه قاسم بن سليمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن كلب افلت و لم يرسله صاحبه فصاد فادركه صاحبه و قد قتله أ يأكل منه؟ فقال: لا الحديث «3».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: اذا صاد الكلب و قد سمي فليأكل و اذا صاد و لم يسم فلا يأكل، و هذا مما علمتم من الجوارح مكلبين «4».

و ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن القوم يخرجون جماعتهم الي الصيد فيكون الكلب لرجل منهم و يرسل صاحب الكلب كلبه و يسمي

______________________________

(1) هود/ 113

(2) الوسائل الباب 15 من ابواب الصيد الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 11 من ابواب الصيد الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 12 من ابواب الصيد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 602

و لا فرق في المسلم بين المؤمن و المخالف (1) حتي الصبي (2) كما لا فرق في الكافر بين الوثني و غيره و الحربي و الذمي (3).

______________________________

غيره أ يجزي ذلك؟ قال: لا يسمي الا صاحبه الذي أرسله «1» و يستفاد من النصوص الواردة في الذبح اشتراط الإسلام في المذكي.

و فيه: ان المستفاد من تلك النصوص اشتراط الإسلام في الذابح لا في التذكية مضافا الي ما فيه من الكلام كما سيظهر عند التعرض لتلك النصوص.

الوجه السابع: الشهرة الفتوائية و فيه: ان الشهرة الفتوائية لا تكون من الأدلة فلا تكون الأدلة المذكورة صالحة للاستدلال الا أن

يتم الأمر بالإجماع التعبدي الكاشف علي فرض حصوله فلاحظ.

(1) اذ الميزان أن يكون المرسل مسلما بلا فرق بين أقسامه.

(2) ان تم المدعي بالإجماع فهو و الا يشكل بعد قيام الدليل علي ان عمد الصبي خطاء لاحظ ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: عمد الصبي و خطأه واحد «2».

و قد دل الدليل علي جواز ذبح الصبي و ان قلنا ان العرف يفهم عدم الفرق بين الصيد و الذبح فهو و الا يشكل لعدم صحة القياس.

(3) لأن المانع علي الفرض الكفر و قد فرض تحققه، و يظهر من الماتن عدم تسرية المنع الي من يكون محكوما بالكفر من فرق المسلمين كالناصبي أو المنكر للضروري.

و يمكن أن يكون الوجه فيما أفاده في الاختصاص و عدم الشمول ان النصوص المانعة عن ذبيحة الكافر واردة في أهل الكتاب فلا يشمل دليل المنع المسلمين المحكومين بالكفر كالناصبي و المنكر الضروري و اللّه العالم بحقائق الامور.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من ابواب الصيد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 11 من ابواب العاقله الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 603

[الرابع: أن يسمي عند إرساله]
اشارة

(الرابع): أن يسمي عند ارساله (1) و الاقوي الاجتزاء بها بعد الارسال قبل الاصابة (2).

______________________________

(1) ادعي في الجواهر عدم الخلاف فيه بل ادعي الاجماع بقسميه عليه.

و يستفاد من قوله تعالي: وَ لٰا تَأْكُلُوا مِمّٰا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّٰهِ عَلَيْهِ وَ إِنَّهُ لَفِسْقٌ الاية «1» فان مقتضي هذه الاية الشريفة حرمة لحم ما لم يسم عليه و يدل علي المدعي أيضا قوله تعالي: فَكُلُوا مِمّٰا، أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَ اذْكُرُوا اسْمَ اللّٰهِ عَلَيْهِ الاية «2».

و يدل عليه بعض النصوص لاحظ ما رواه الحلبي، قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: من

ارسل كلبه و لم يسم فلا يأكله الحديث «3».

(2) المسألة ذات قولين: احدهما عدم الاجتزاء ثانيهما: الاجتزاء و يمكن الاستدلال علي القول الأول بوجوه: الوجه الأول الاجماع و فيه انه علي فرض حصوله محتمل المدرك، فلا يكون اجماعا تعبديا كاشفا عن قول المعصوم عليه السلام.

الوجه الثاني: انه مقتضي الأصل، بتقريب انه لو شك في قيد لا بد من اعتباره لعدم العلم بالتذكية و فيه: ان جريانه يتوقف علي عدم دليل علي الاطلاق.

الوجه الثالث: ان الارسال بمنزلة الذكاة و يشترط التسمية في التذكية فلا بد من اعتبارها عند الارسال و ان التسمية لا بد من مقارنتها مع فعل المذكي و لا فعل للمرسل الا الارسال فلا بد من اعتبارها عنده و فيه: ان هذا التقريب لا يتم مع وجود دليل يقتضي الاطلاق و العموم.

الوجه الرابع: جملة من النصوص: منها: ما رواه الحذاء قال: سألت أبا

______________________________

(1) الانعام/ 121

(2) المائدة/ 4

(3) الوسائل الباب 12 من ابواب الصيد الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 604

______________________________

عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسرح كلبه المعلم و يسمي اذا سرحه قال: يأكل مما أمسك عليه فاذا ادركه قبل قتله ذكاه و ان وجد معه كلبا غير معلم فلا يأكل منه الحديث «1».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث لزوم مقارنة التسمية مع الارسال. و فيه:

ان الجملة المستدل بها واقعة في كلام السائل لا في كلام الامام عليه السلام فلا اعتبار بها.

و منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن كلب المجوسي يأخذه الرجل المسلم فيسمي حين يرسله أ يأكل مما (ما- خ ل) أمسك عليه؟ قال: نعم لأنه مكلب «كلب خ ل» و ذكر اسم اللّه عليه «2»

و التقريب هو التقريب و الجواب هو الجواب و مثلهما في التقريب عدة اخري من الروايات

منها: ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصيد يضربه الرجل بالسيف أو يطعنه بالرمح أو يرميه بسهم فيقتله و قد سمي حين فعل فقال:

كل «كله- يب» لا بأس به «3».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الصيد يرميه الرجل بسهم فيصيبه معترضا فيقتله و قد كان سمي حين رمي و لم تصبه الحديدة، قال: ان كان السهم الذي اصابه هو الذي قتله فاذا رآه فيأكل «4».

و منها: ما رواه الحلبي أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصيد يصيبه

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من أبواب الصيد الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 15 من ابواب الصيد الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 16 من أبواب الصيد الحديث: 3

(4) الوسائل الباب 22 من ابواب الصيد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 605

______________________________

السهم معترضا و لم يصبه بحديدة و قد سمي حين رمي قال: يأكل اذا اصابه و هو يراه، الحديث «1».

بتقريب: ان المستفاد من هذه النصوص لزوم مقارنة التسمية للضرب و الرمي فيكون الارسال كذلك و فيه: ان القيد واقع في كلام السائل و لا اعتبار به و لا دلالة في هذه النصوص علي تقرير الامام عليه السلام للمرتكز في اذهان السائلين و منها:

ما رواه الحضرمي «2» فان الاشتراط مستفاد من كلام الامام عليه السلام في هذه الرواية و الحديث ضعيف بالحضرمي.

و منها: ما رواه زرارة، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: في صيد الكلب ان ارسله الرجل «صاحبه به» و قد سمي فليأكل «كل ما به» مما أمسك عليه

و ان قتل و ان أكل فكل ما بقي الحديث «3» و هذه الرواية ضعيفة بموسي بن بكر.

و منها: ما رواه زرارة أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا ارسل الرجل كلبه و نسي ان يسمي فهو بمنزلة من ذبح و نسي ان يسمي، و كذلك اذا رمي بالسهم و نسي أن يسمي «4» و هذه الرواية ضعيفة بموسي بن بكر.

و منها: ما رواه الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام من ارسل كلبه و لم يسم فلا يأكله الحديث «5».

و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان المستفاد من هذه الرواية اشتراط المقارنة

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من ابواب الصيد الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 588

(3) الوسائل الباب 2 من ابواب الصيد الحديث: 7

(4) الوسائل الباب 12 من ابواب الصيد الحديث: 2

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 606

فاذا ترك التسمية عمدا لم يحل الصيد (1) اما اذا كان نسيانا حل و كذلك حكم الصيد بالآلة الجمادية كالسهم (2).

[مسألة 3: يكفي الاقتصار في التسمية هنا و في الذبح و النحر علي ذكر اللّه مقترنا بالتعظيم]

(مسألة 3): يكفي الاقتصار في التسمية هنا و في الذبح و النحر علي ذكر اللّه مقترنا بالتعظيم مثل اللّه اكبر و الحمد للّه و بسم اللّه (3) و في الاكتفاء بذكر الاسم الشريف مجردا اشكال (4:

______________________________

فان قوله عليه السلام من ارسل كلبه و لم يسم ظاهر ان لم يكن صريحا في حرمة الأكل مع عدم المقارنة، فلا بد من تقييد المطلقات كتابا و سنة بهذه الرواية، كما هو المقرر عندهم، مضافا الي ان ملاحظ المقارنة موافقة مع الاحتياط بل يمكن الاستدلال بحديث آخر للحلبي، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصيد يصيبه السهم معترضا و لم يصبه بحديدة و قد سمي

حين رمي، قال: يأكل اذا اصابه و هو يراه و عن صيد المعراض قال: ان لم يكن له نبل غيره و كان قد سمي حين رمي فليأكل منه و ان كان له نبل غيره فلا «1» فانه عليه السلام: قال: «ان لم يكن له نبل غيره و كان قد سمي حين رمي فليأكل منه» فان المستفاد من الحديث الاشتراط كما هو ظاهر.

(1) كما هو ظاهر فان الشرط لو انتفي انتفي المشروط.

(2) لاحظ ما رواه زرارة «2» فان الرواية تدل علي المدعي بوضوح لكنها مخدوشة سندا بموسي بن بكر حيث انه لم يوثق، فان تم المدعي بالإجماع فهو و الا يشكل فلاحظ.

(3) للإطلاق كتابا و سنة.

(4) يمكن أن يكون الوجه في الاشكال انصراف الأدلة عن صورة ذكر الاسم

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من أبواب الصيد الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 605

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 607

[الخامس: أن يستند موت الحيوان الي جرح الكلب و عقره]

(الخامس): أن يستند موت الحيوان الي جرح الكلب و عقره أما اذا استند الي سبب اخر من صدمة او اختناق او اتعاب في العدو او نحو ذلك لم يحل (1).

[مسألة 4: إذا أرسل الكلب إلي الصيد فلحقه فأدركه ميتا بعد إصابة الكلب حل أكله]

(مسألة 4): اذا ارسل الكلب الي الصيد فلحقه فادركه ميتا بعد اصابة الكلب حل اكله، و كذا اذا ادركه حيا بعد اصابته و لكن لم يسع الزمان لتذكيته فمات (2).

______________________________

الشريف مجردا مضافا الي حديث محمد بن مسلم قال: سألته عن رجل ذبح فسبح أو كبر أو هلل أو حمد اللّه قال: هذا كله من اسماء اللّه لا بأس به «1» فانه لا يبعد ان هذه الرواية تشعر باشتراط كون ذكره تعالي بأحد هذه الانواع الا أن يقال انه لا يستفاد من هذه الرواية و غيرها الا لزوم ذكر اسمه الشريف و أما الزائد عليه فلا و اللّه العالم.

(1) هذا من الواضحات فان التذكية شرط لحلية أكل لحم الحيوان المذكي و مع عدم التذكية لا يحل.

(2) فان جعل الشارع الصيد بسبب الكلب سببا للحلية يقتضي ما أفاده في المتن من الحلية في الصورتين المذكورتين، مضافا الي دلالة النص الخاص علي المدعي لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان اصبت كلبا معلما أو فهدا بعد ان تسمي فكل ما أمسك عليك قتل أو لم يقتل أكل أو لم يأكل و ان ادركت صيده فكان في يدك حيا فذكه فان عجل عليك فمات قبل ان تذكيه فكل «2».

و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم و غير واحد عنهما عليهما السلام جميعا انهما قالا في الكلب يرسله الرجل و يسمي قالا: ان أخذته فادركت ذكاته فذكه

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من ابواب الذبح الحديث:

1

(2) الوسائل الباب 4 من ابواب الصيد الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 608

اما اذا كان يسع لتذكيته فتركه حتي مات لم يحل (1) و كذا الحال اذا ادركه بعد عقر الكلب له حيا لكنه كان ممتنعا بان بقي منهزما بعد وفاته اذا تبعه فوقف فان ادركه ميتا حل و كذا اذا ادركه حيا و لكنه لم يسع الزمان لتذكيته أما اذا كان يسع لتذكيته فتركه حتي مات لم يحل (2).

[مسألة 5: أدني زمان تدرك فيه ذكاته أن يجده تطرف عينه أو تركض رجله أو يتحرك ذنبه أو يده]

(مسألة 5) أدني زمان تدرك فيه ذكاته ان يجده تطرف عينه او تركض رجله او يتحرك ذنبه او يده (3).

______________________________

الحديث «1».

و لاحظ ما رواه أبو عبيدة عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سأله عن الرجل يسرح كلبه المعلم و يسمي اذا سرحه، قال: يأكل مما أمسك عليه فاذا ادركه قبل قتله ذكاه الحديث 2.

(1) لاحظ حديثي أبي عبيدة و ابن مسلم.

(2) قد ظهر تقريب الاستدلال علي ما أفاده مما تقدم آنفا فلاحظ.

(3) لجملة من النصوص: منها: ما رواه ليث المرادي 3 و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: كل كل شي ء من الحيوان غير الخنزير و النطيحة و المتردية و ما أكل السبع و هو قول اللّه عز و جل «إِلّٰا مٰا ذَكَّيْتُمْ» فان ادركت شيئا منها و عين تطرف أو قائمة تركض أو ذنب يمصح فقد ادركت ذكاته فكله.

الحديث 4.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الذبيحة:

فقال: اذا تحرك الذنب أو الطرف أو الاذن فهو ذكي 5.

______________________________

(1) (1 و 2) عين المصدر الحديث: 2 و 1

(2) (3) لاحظ ص: 590

(3) (4 و 5) الوسائل الباب 11 من ابواب الذبح الحديث: 1

و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 609

فانه اذا ادركه كذلك و لم يذكه و الزمان متسع لتذكيته لم يحل الا بالتذكية (1).

[مسألة 6: إذا اشتغل عن تذكيته بمقدمات التذكية من سل السكين و رفع الحائل من شعر و نحوه عن موضع الذبح و نحو ذلك فمات قبل أن يذبحه]

(مسألة 6): اذا اشتغل عن تذكيته بمقدمات التذكية من سل السكين و رفع الحائل من شعر و نحوه عن موضع الذبح و نحو ذلك فمات قبل أن يذبحه حل كما اذا لم يسع الوقت للتذكية (2).

أما اذا لم تكن عنده آلة الذبح فلم يذبحه حتي مات لم يحل (3) نعم لو اغري الكلب به حينئذ حتي يقيله فقتله حل اكله علي الاقوي (4).

______________________________

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سليمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في كتاب علي عليه السلام اذا طرفت العين أو ركضت الرجل أو تحرك الذنب فادركته فذكه «1» الي غيرها من النصوص المذكور في الباب المشار اليه.

(1) اذ المفروض امكان التذكية و لم يذك فيحرم.

(2) فان المفروض عدم سعة الوقت للتذكية فلا وجه للحرمة.

(3) لأنه قد فرض سعة الزمان و القصور من ناحية المذكي فلا وجه للحلية.

(4) لاحظ ما رواه جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يرسل الكلب علي الصيد فيأخذه و لا يكون معه سكين فيذكيه بها أ فيدعه حتي يقتله و يأكل منه؟ قال: لا بأس قال اللّه عز و جل فَكُلُوا مِمّٰا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ الحديث «2» و ما رواه أيضا قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ارسل للكلب و اسمي عليه فيصيد و ليس معي ما أذكيه به قال: دعه حتي يقتله و كل منه 3.

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 7

(2) (2 و 3) الوسائل باب 8 من ابواب الصيد الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص:

610

[مسألة 7: الظاهر عدم وجوب المبادرة إلي الصيد من حين إرسال الكلب و لا من حين إصابته له]

(مسألة 7): الظاهر عدم وجوب المبادرة الي الصيد من حين ارسال الكلب و لا من حين اصابته له اذا بقي علي امتناعه (1).

و في وجوب المبادرة حينما اوقفه و صيره غير ممتنع و جهان احوطهما الاول هذا اذا احتمل ان في المسارعة اليه ادراك ذكاته (2) أما اذا علم بعدم ذلك و لو من جهة بعد المسافة علي نحو لا يدركه الا بعد موته بجناية الكلب فلا اشكال في عدم وجوب المسارعة اليه (3).

[مسألة 8: إذا عض الكلب الصيد كان موضع العضة نجسا فيجب غسله]

(مسألة 8) اذا عض الكلب الصيد كان موضع العضة نجسا فيجب غسله (4).

______________________________

(1) فانه لا وجه لها مع فرض الامتناع و بعبارة اخري: لا يترتب أثر عملي علي المبادرة.

(2) لا اشكال في أن المبادرة موافقة مع الاحتياط لكن الظاهر ان مقتضي الصناعة عدم الوجوب اذ مقتضي الأصل عدم التمكن من التذكية و مع عدم التمكن منها لا وجه للمسارعة بل يجوز و يحل بقتل الكلب.

(3) كما هو ظاهر فان المسارعة لا موضوعية لها كما ان المفروض انه لا طريقية لها أيضا فلا تجب.

(4) فان المستفاد من الدليل نجاسة الجسم الملاقي مع الكلب لاحظ ما رواه الفضل أبو العباس قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان اصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله الحديث «1» و ربما يقال بعدم وجوب الغسل و نقل هذا القول عن الشيخ الطوسي بتقريب: ان المستفاد: من الاية الشريفة حلية أكل صيد سمي عليه و فيه: ان الحكم حيثي و بعبارة اخري: المستفاد من الاية الشريفة حلية الصيد من

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب النجاسات الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 611

[مسألة 9: لا يعتبر في حل الصيد وحدة المرسل]

(مسألة 9): لا يعتبر في حل الصيد وحدة المرسل فاذا ارسل جماعة كلبا واحدا مع اجتماع الشرائط في الجميع أو في واحد منهم مع كفاية اغرائه في ذهاب الكلب لو كان هو المغري وحده حل صيده (1) و كذا لا يعتبر وحدة الكلب فاذا أرسل شخص واحد كلابا فاصطادت علي الاشتراك حيوانا حل (2).

______________________________

حيث التذكية لا من جميع الجهات كما هو ظاهر، و أما لزوم الحرج لو توقف علي التطهير ففيه انه ليس كذلك فلاحظ.

(1) لقائل أن يقول انه مع اشتراك جماعة في الارسال و الاغراء لا يصدق العنوان

المطلوب الا مع وجود الشرائط في الجميع و الا يشكل الجزم بالجواز و الحلية اذ المفروض عدم استناد الصيد الي ارسال الجامع للشرائط و اغرائه، و مجرد كفاية اغرائه وحده لا يقتضي صدق السبب المحلل الا أن يقوم عليه دليل خاص.

(2) كما يستفاد من بعض النصوص لاحظ ما رواه أبو عبيدة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث صيد الكلب قال: و ان وجدت معه كلبا غير معلم فلا تأكل منه «1».

و ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن قوم ارسلوا كلابهم و هي معلمة كلها و قد سموا عليها فلما ان مضت الكلاب دخل فيها كلب غريب لا يعرفون له صاحبا فاشترك جميعها في الصيد، فقال: لا يؤكل منه لأنك لا تدري أخذه معلم أم لا 2.

فان المستفاد من هذه الطائفة من النصوص جواز اشتراك الكلاب في الصيد.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 5 من أبواب الصيد الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 612

نعم يعتبر في المتعدد اجتماع الشرائط فلو أرسل مسلم و كافر كلبين فاصطادا حيوانا لم يحل و كذا اذا كانا مسلمين فسمي احدهما و لم يسم الاخر أو كان كلب احدهما معلما دون كلب الاخر هذا اذا استند القتل اليهما معا (1) أما اذا استند الي احدهما كما اذا سبق احدهما فاثخنه و اشرف علي الموت ثم جاءه الاخر فاصابه يسيرا بحيث استند الموت الي السابق اعتبر اجتماع الشروط في السابق لا غير و اذا اجهز عليه اللاحق بعد ان اصابه السابق و لم يوقفه بل بقي علي امتناعه بحيث استند موته الي اللاحق لا غير اعتبر اجتماع الشروط في اللاحق (2).

[مسألة 10: إذا شك في أن موت الصيد كان مستندا إلي جناية الكلب أو إلي سبب آخر لم يحل]

(مسألة 10): اذا شك في أن موت الصيد كان مستندا الي جناية الكلب او الي سبب آخر لم يحل (3).

______________________________

(1) كما هو ظاهر اذ مع فقد بعض الشرائط ينتفي المشروط.

(2) اذ المفروض حصول الصيد بفعله فيكفي اجتماع الشرائط فيه و عدمها في الاخر غير مضر بالمقصود كما هو ظاهر.

(3) و هذا مقتضي الأصل الأولي، فان الاستناد غير معلوم فيحكم عليه بالعدم بالأصل مضافا الي جملة من النصوص:

منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرمية يجدها صاحبها أ يأكلها؟ قال: ان كان يعلم ان رميته هي التي قتلته فليأكل «1»

و منها: ما رواه حريز قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرمية يجدها صاحبها من الغد أ يأكل منه؟ قال: ان علم «ان كان يعلم: يه» ان رميته هي التي قتله فليأكل، و ذلك اذا كان قد سمي 2.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 18 من أبواب الصيد الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 613

نعم اذا كانت هناك امارة عرفية علي استناده اليها حل و ان لم يحصل منها العلم (1).

[مسألة 11: لا يحل الصيد المقتول بالآلة الجمادية]

(مسألة 11): لا يحل الصيد المقتول بالآلة الجمادية الا اذا كانت الآلة سلاحا قاطعا كان كالسيف و السكين و الخنجر و نحوها او شائكا كالرمح و السهم و العصا (2).

______________________________

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل رمي حمار وحش أو ظبيا فاصابه ثم كان في طلبه فوجده من الغد و سهمه فيه، فقال: ان علم انه اصابه و ان سهمه هو الذي قتله فليأكل منه و الا فلا يأكل منه «1» الي غيرها من النصوص الواردة في الباب.

(1) لاحظ ما رواه الحسين بن

علوان عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يقول: اذا رميت صيدا فتغيب عنك فوجدت سهمك فيه في موضع مقتل فكل 2

(2) لا اشكال في حرمة لحم الحيوان اذا لم يذك، فلا بد في الحكم بالحلية من تحقق التذكية و علي هذا تكون الحرمة مقتضي القاعدة الأولية و الحلية تحتاج الي قيام الدليل عليها قال في الجواهر: «و أما الصيد بغيره من الجمادات فيجوز الاصطياد (الصيد) بالسيف و الرمح و السهام و كل ما فيه تصل بلا خلاف علي ما حكاه بعض بل عن آخر دعوي الاجماع عليه» الخ 3.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: من جرح صيدا بسلاح و ذكر اسم اللّه عليه ثم بقي ليلة أو ليلتين لم يأكل منه سبع و قد علم ان سلاحه هو الذي قتله فليأكل منه ان شاء.

______________________________

(1) (1 و 2) عين المصدر الحديث: 3 و 6

(2) (3) الجواهر، ج 36 ص 11

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 614

و ان لم يكن في طرفهما حديدة بل كانا محددين بنفسهما (1). نعم يعتبر الجرح فيما لا حديدة له (2). دون ما فيه حديدة فانه اذا قتل بوقوعه علي الحيوان حل و ان لم يجرحه (3).

______________________________

الحديث «1».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: كل من الصيد ما قتل من السيف و الرمح و السهم الحديث 2.

و منها: ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصيد يضربه الرجل بالسيف أو يطعنه بالرمح أو يرميه بسهم فيقتله و قد سمي حين فعل فقال:

كل «كله- يب» لا بأس به

3.

(1) لاحظ ما رواه أبو عبيدة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا رميت بالمعراض فخرق فكل، و ان لم يخرق و اعترض فلا تاكل 4 فان المستفاد من هذه الرواية انه لا تشترط الحلية بوجود الحديدة في السلاح.

(2) كما في حديث أبي عبيدة.

(3) للإطلاق المنعقد في بعض النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: كل من الصيد ما قتل من السيف و الرمح و السهم الحديث 5.

لكن المستفاد من حديث محمد بن قيس 6 اشتراط الجرح بالسلاح، فان مقتضي مفهوم هذه الرواية عدم الجواز اذا لم يحصل الجرح لكن يشكل بأن النسبة بين حديث محمد بن قيس و غيره عموم من وجه، فان الماخوذ في موضوع حديث

______________________________

(1) (1 و 2 و 3 و 5) الوسائل الباب 16 من ابواب الصيد الحديث: 1 و 2 و 3

(2) (4) الوسائل الباب 22 من ابواب الصيد الحديث: 1

(3) (6) لاحظ ص 613

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 615

بخلاف ما لا حديدة له فانه لا يحل اذا وقع معترضا فالمعراض و هو كما قيل خشبة غليظة الوسط محددة الطرفين ان قتل معترضا لم يحل ما يقتله و ان قتل بالخرق حل (1).

______________________________

محمد بن قيس عنوان السلاح الأعم من الحديد كما ان المأخوذ في غيره عنوان الصيد بالسيف مثلا فيقع التعارض بين الجانبين فيما يصاد بآلة من حديد كالسيف و لم يجرح، و الترجيح مع الطائفة التي يستفاد منه كفاية القتل بلا تقييد بالجرح فانها أحدث.

الا أن يقال: لا يختص السيف و الرمح بالحديدة، بل يشمل العنوان و لو كان من غير الحديد فيكون اعم مطلق من عنوان السلاح الجارح فلاحظ.

(1) فان التفصيل

المذكور مستفاد من حديث أبي عبيدة فلاحظ و الذي يختلج بالبال أن يقال: ان الميزان في الحلية بالصيد بالآلة الجمادية صدق الصيد بالسلاح فانه مقتضي الاطلاق و أما التفصيل بين تحقق الجرح و عدمه فانما هو مخصوص بالصيد بالمعراض و لا وجه للتعدي عنه و تسرية الحكم الي غيره.

ثم ان المستفاد من حديث مسعدة بن زياد عن جعفر بن محمد عليهما السلام في حديث قال: و الذي ترميه بالسيف و الحجر و النشاب و المعراض لا تأكل منه الا ما ذكي «1»، عدم تحقق التذكية بالصيد بالمعراض علي الاطلاق، لكن مقتضي تقييد اطلاق المطلق بالمقيد ان يقيد الاطلاق المشار اليه بحصول التذكية في صورة تحقق الخرق به و في المعراض تفصيل آخر يستفاد من جملة اخري من الروايات:

منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عما صرع المعراض من الصيد، فقال: ان لم يكن له نبل غير المعراض و ذكر اسم اللّه عليه فليأكل ما قتل

______________________________

(1) الوسائل الباب 22 من ابواب الصيد الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 616

______________________________

و ان كان له نبل غيره فلا قلت: و ان كان له نبل غيره قال: لا، خ ل» «1».

و منها: ما رواه زرارة و اسماعيل الجعفي انهما سألا أبا جعفر عليه السلام عما قتل المعراض قال: لا بأس اذا كان هو مرماتك أو صنعته لذلك 2.

و منها: ما رواه أيضا انه سمع أبا جعفر عليه السلام يقول: فيما قتل المعراض لا بأس به اذا كان انما يصنع لذلك 3.

و منها: مرسل محمد بن الحسين قال: و كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول اذا كان ذلك سلاحه الذي يرمي به فلا باس به 4.

و

منها: مرسله الاخر قال: و في خبر آخر: ان كانت تلك مرماته فلا بأس 5

فان المستفاد من هذه النصوص: انه لو لم يكن للصياد نبل غيره يحل الصيد به كما انه يحل لو صنعه لذلك و مقتضي الصناعة ان يلتزم بمفادها، فتكون النتيجة ان الصيد بالمعراض يحل في ثلاثة موارد: المورد الأول: ما يحصل به الجرح و الخرق المورد الثاني: ما لو صنعه الصياد للصيد و لو لم يحصل به الجرح المورد الثالث: ما لو لم يكن له نبل غيره فيحل و لو لم يحصل الخرق.

فان القاعدة كما حققت في بحث المفاهيم من الاصول تقتضي أن يكون كل واحد من الأسباب سببا و موضوعا لثبوت الحكم و اللّه العالم.

بقي شي ء: و هو ان المستفاد من حديث مسعدة بن زياد 6 عدم صحة الصيد بالسيف و النشاب أي السهام و الظاهر: ان الأصحاب لم يلتزموا بمفاده و الحديث معارض بجملة من الروايات الدالة علي جواز الصيد بالسيف و الرمح و السهم لاحظ ما رواه محمد بن مسلم و الحلبي 7.

______________________________

(1) (1 و 2 و 3 و 4 و 5) نفس المصدر الحديث: 4 و 5 و 6 و 7 و 8

(2) (6) لاحظ ص: 615

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 10، ص: 616

(3) (7) لاحظ ص: 614

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 617

[مسألة 12: الظاهر أنه يجزي عن الحديد غيره من الفلزات]

(مسألة 12): الظاهر انه يجزي عن الحديد غيره من الفلزات كالذهب و الفضة و الصفر و غيرها فيحل الحيوان المقتول بالسيف أو الرمح المصنوعين منها (1).

[مسألة 13: لا يحل الصيد المقتول بالحجارة و المقمعة و العمود و الشبكة و الشرك و الحبالة و نحوها]

(مسألة 13): لا يحل الصيد المقتول بالحجارة و المقمعة و العمود و الشبكة و الشرك و الحبالة و نحوها من آلات الصيد مما ليست قاطعة و لا شائكة (2).

______________________________

و لا يبعد أن يقال ان حديث مسعدة بن زياد يقيد بصورة عدم احراز استناد القتل الي الآلة التي تحقق الصيد بها مضافا الي أن الترجيح بالأحدثية مع حديث الجواز فلاحظ.

(1) بتقريب ان الميزان الصيد بالسلاح الوارد في حديث محمد بن قيس «1» و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بعد صدق الموضوع و الانصراف الي المصنوع من الحديد علي فرض تسلمه بدوي يزول بعد التأمل فلاحظ.

(2) اذ الميزان الصيد بالسلاح بأي نحو كان مضافا الي جملة من النصوص:

منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عما قتل الحجر و البندق أ يؤكل منه؟ فقال: لا «2».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه عن قتل الحجر و البندق أ يؤكل؟ قال: لا 3.

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام ما أخذت الحبالة من صيد فقطعت منه يدا أو رجلا فذروه فانه ميت

______________________________

(1) لاحظ ص: 613

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 23 من أبواب الصيد الحديث: 1 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 618

[مسألة 14: في الاجتزاء بمثل المخيط و الشك و نحوهما مما لا يصدق عليه السلاح عرفا و إن كان شائكا إشكال]

(مسألة 14): في الاجتزاء بمثل المخيط و الشك و نحوهما مما لا يصدق عليه السلاح عرفا و ان كان شائكا اشكال (1) و اما ما يصدق عليه السلاح فلا اشكال فيه و ان لم يكن معتادا (2).

[مسألة 15: لا يبعد حل الصيد بالبنادق المتعارفه في هذه الأزمنة إذا كانت محدودة مخروطة]

(مسألة 15): لا يبعد حل الصيد بالبنادق المتعارفه في هذه الازمنة اذا كانت محدودة مخروطة سواء أ كانت من الحديد أم الرصاص أم غيرهما (3).

______________________________

و كلوا ما ادركتم حيا و ذكرتم اسم اللّه عليه «1».

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ما أخذت الحبالة فقطعت منه شيئا فهو ميت (ميتة: به) و ما ادركت من سائر جسده حيا فذكه ثم كل منه «2».

(1) وجه الاشكال عدم صدق السلاح.

(2) اذ مع فرض الصدق يتم الموضوع فيترتب عليه الحكم و عدم الاعتياد لا يضر بالاطلاق.

(3) بتقريب: انه يصدق عليها عنوان السلاح الذي رتب عليه الحل في حديث محمد بن قيس و أما النصوص الدالة علي عدم حل الصيد بالبندق فلا تشمل البنادق المتعارفة في هذه الأزمنة لاحظ ما رواه سليمان بن خالد قال: سالت أبا عبد اللّه عليه السلام عما قتل الحجر و البندق أ يؤكل؟ قال: لا «3».

و ما رواه غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه كره الجلاهق 4

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من أبواب الصيد الحديث: 1

(2) عين المصدر الحديث: 2

(3) (3 و 4) الوسائل الباب 23 من ابواب الصيد الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 619

نعم اذا كانت البنادق صغيرة الحجم المعبر عنها في عرفتا (بالصجم) ففيه اشكال (1).

[مسألة 16: يشترط في حل الصيد بالآلة الجمادية كون الرامي مسلما]

(مسألة 16): يشترط في حل الصيد بالآلة الجمادية كون الرامي مسلما (2). و التسمية (3).

______________________________

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن قتل الحجر و البندق أ يؤكل منه؟ فقال: لا «1» الي غيرها من النصوص الواردة في الباب.

و تلك النصوص منصرفة الي المتعارف في

ذلك الزمان، و لكن لم يظهر لي وجه تقييد الماتن بكونها محدودة مخروطة، بل يكفي في ترتب الحكم عليها صدق عنوان السلاح كما تقدم.

(1) الميزان صدق عنوان السلاح و علي فرض الشك في الصدق لا يترتب الحكم عليها لعدم جواز التمسك بالدليل في الشبهة المصداقية، بل يمكن احراز عدم الصدق بالأصل علي مسلكنا من جريان الاستصحاب في الشبهات المفهومية فلاحظ

(2) تقدم الكلام في اشتراط الإسلام في صيد الكلب فلا وجه للإعادة.

(3) تدل علي المدعي مضافا الي دلالة الكتاب كما تقدم جملة من النصوص:

منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل لحق حمارا أو ظبيا فضربه بالسيف فقطعه نصفين هل يحل أكله؟ قال: نعم اذا سمي «2» و منها: ما رواه حريز «3».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر قال: سألته عن ظبي أو حمار وحش أو طير صرعه رجل ثم رماه غيره بعد ما صرعه فقال: كل ما لم

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من ابواب الصيد الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 16 من ابواب الصيد الحديث: 4

(3) لاحظ ص: 612

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 620

حال الرمي (1) و استناد القتل الي الرمي (2) و ان يكون الرمي بقصد الاصطياد فلو

______________________________

يتغيب اذا سمي و رماه «1».

(1) لاحظ ما رواه الحلبي «2» فان المستفاد: من هذا الحديث اشتراط التسمية حين الضرب أو الطعن أو الرمي و يؤيد المدعي ما رواه ابن جعفر «3».

الا أن يقال: ان الجملة الواقعة في الحديث كلام السائل، و الامام عليه أجاب بالحلية في الصورة المفروضة، و اثبات الشي ء لا ينفي ما عداه نعم: ربما يقال:

ان المرتكز في ذهن السائل الاشتراط

المذكور.

و فيه: انه لا دليل علي هذا الارتكاز، بل يسئل الامام عليه السلام عن حكم ما فرضه فهذه الرواية لا تدل علي المدعي فان تم الأمر بالإجماع و الا فيمكن أن يقال انه لا يبعد انصراف الروايات الدالة علي اشتراط التسمية الي صورة كونها حال الرمي، و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصيد يصيبه السهم معترضا و لم يصبه بحديدة و قد سمي حين رمي قال: يأكل اذا أصابه و هو يراه، و عن صيد المعراض قال: ان لم يكن له نبل غيره و كان قد سمي حين رمي فليأكل ما قتل، و ان كان له نبل غيره فلا «قلت و ان كان له نبل غيره قال: لا. خ- ل» «4» فان القيد وارد في كلام الامام عليه السلام و مقتضي مفهوم الشرطية عدم الحلية عند انتفاء المقدم فلاحظ.

(2) كما هو ظاهر اذ التذكية عبارة عن قتل الحيوان بالطريق الشرعي، مضافا

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من أبواب الصيد الحديث: 2

(2) لاحظ ص: 613

(3) لاحظ ص: 619

(4) الوسائل الباب 22 من ابواب الصيد الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 621

رمي لا بقصد شي او بقصد هدف او عدو او خنزير فاصاب غزالا فقتله لم يحل و كذا اذا افلت من يده فاصاب غزالا فقتله (1) و لو رمي بقصد الاصطياد فأصاب غير ما قصد حل (2) و ان تستقل الآلة المحللة في القتل فلو شاركها غيرها لم يحل كما اذا سقط في الماء أو سقط من أعلي الجدار الي الارض بعد ما أصابه السهم فاستند الموت اليهما (3) و كذا اذا رماه مسلم و كافر و من

يسمي و من لم يسم أو من قصد و من لم يقصد و استند القتل اليهما معا (4) و اذا شك في الاستقلال في الاستناد الي المحلل بني علي الحرمة (5).

______________________________

الي النص الخاص لاحظ ما رواه محمد بن قيس «1».

(1) ان تم المدعي بالإجماع التعبدي الكاشف فهو و الا فلا بد من اتمامه بتقريب آخر و لا يبعد أن يقال انه مقتضي الانصراف فان دعواه لا تكون جزافا فلاحظ.

(2) لاحظ ما رواه عباد بن صهيب قال: سالت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل سمي و رمي صيدا فاخطأه و أصاب آخر قال: يأكل منه «2».

(3) كما هو مقتضي القاعدة الأولية مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه محمد بن قيس «3» فان مفهوم الشرطية عدم الاكتفاء في صورة عدم الاستقلال.

(4) فان المركب من الداخل و الخارج خارج و قد مر الكلام حوله في الصيد بالكلب.

(5) لأصالة عدم الاستقلال و بعبارة اخري: كلما شك في تحقق التذكية بشرائطها

______________________________

(1) لاحظ ص: 613

(2) الوسائل الباب 27 من ابواب الصيد الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 613

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 622

[مسألة 17: إذا رمي سهما فأوصله الريح فقتله حل]

(مسألة 17): اذا رمي سهما فأوصله الريح فقتله حل و ان كان لو لا الريح لم يصل و كذا اذا أصاب السهم الارض ثم وثب فأصاب فقتله (1).

[مسألة 18: لا يعتبر في حلية الصيد بالآلة وحدة الآلة و لا وحدة الصائد]

(مسألة 18): لا يعتبر في حلية الصيد بالآلة وحدة الآلة و لا وحدة الصائد فلو رمي احد صيدا بسهم و طعنه اخر برمح فمات منهما معا حل اذا اجتمعت الشرائط في كل منهما بل اذا أرسل احد كلبه الي الحيوان فعقره و رماه آخر بسهم فاصابه فمات منهما معا حل أيضا (2).

______________________________

يكون مقتضي الأصل عدمها الا أن يدل عليها دليل معتبر شرعي.

(1) لصدق الموضوع الذي رتب عليه الحكم في النصوص و بعبارة اخري:

يصدق ان الحيوان قتل برمي الصياد.

(2) لا يبعد ان ما أفاده علي طبق القاعدة اذا المفروض اجتماع الشرائط في الآلة و الصائد و يمكن الاستدلال علي المدعي بجملة من النصوص: منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: سئل عن صيد صيد فتوزعه القوم قبل أن يموت، قال: لا بأس به «1».

و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: و قال في أيل يصطاده رجل فيقطعه الناس و الرجل يتبعه (يمنعه- يب) أ فنراه نهبة؟

قال: ليس بنهبة و ليس به باس «2».

و منها: ما رواه الحلبي قال: سألته عن الرجل يرمي الصيد فيصرعه فيبتدره القوم فيقطعونه فقال: كله 3 و يؤيد المدعي ما رواه ابن جعفر 4.

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من ابواب الصيد الحديث: 1

(2) (2 و 3) عين المصدر الحديث: 2 و 3

(3) (4) لاحظ ص: 619

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 623

[مسألة 19: إذا اصطاد بالآلة المغصوبة حل الصيد]

(مسألة 19): اذا اصطاد بالآلة المغصوبة حل الصيد (1) و ان اثم باستعمال الآلة (2) و كان عليه اجرة المثل اذا كان للاصطياد بها اجرة (3) و يكون الصيد ملكا للصائد لا لصاحب الآلة (4).

______________________________

(1) اذ لا

تنافي بين الحكم الوضعي و التكليفي و لذا لا اشكال في حصول الطهارة من الخبث بالغسل بالماء الغصبي و ان شئت قلت: مقتضي اطلاق النصوص عدم الفرق و لا مقيد لتلك الاطلاقات.

(2) لحرمة التصرف في مال الغير.

(3) لاحترام مال الغير و تحقق الضمان بالانتفاع به.

(4) لاحظ ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل يصيد الطير يساوي دراهم كثيرة و هو مستوي الجناحين فيعرف صاحبه أو يجيئه فيطلبه من لا يتهمه، فقال: لا يحل له امساكه يرده عليه، فقلت له: فان صاد ما هو مالك لجناحيه لا يعرف له طالبا، قال: هو له «1».

فان المستفاد من الحديث ان الصيد يملك به، و لكن الحديث مخصوص بصيد الطير الا أن يقال: ان العرف يفهم عدم الفرق بين الموارد مضافا الي انه لا يبعد أن يقال: ان الارتكاز العقلائي يقتضي أن يكون الصيد للصياد فلا فرق بين موارده مضافا الي الاجماع المدعي.

قال في الجواهر «2» لا خلاف و لا اشكال في أن ما يثبت في آلة الصائد علي وجه يخرج عن كونه ممتنعا كالحبالة و الشبكة و الفخ و نحوها يملكه ناصبه للاصطياد

______________________________

(1) الوسائل الباب 36 من ابواب الصيد الحديث: 1

(2) ج 36 ص: 202

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 624

[مسألة 20: يختص الحل بالاصطياد بالآلة الحيوانية و الجمادية بما كان ممتنعا]

(مسألة 20): يختص الحل بالاصطياد بالآلة الحيوانية و الجمادية بما كان ممتنعا بحيث لا يقدر عليه الا بوسيلة كالطير و الظبي و بقر الوحش و حماره و نحوها فلا تقع علي الاهلي الذي يقدر عليه بلا وسيلة كالبقر و الغنم و الابل و الدجاج و نحوها (1) و اذا استوحش الاهلي حل لحمه بالاصطياد و اذا تاهل الوحشي

كالظبي و الطير المتأهلين لم يحل لحمه بالاصطياد (2) و ولد الحيوان الوحشي قبل أن تقوي علي الفرار و فرخ الطير قبل نهوضه للطيران بحكم الاهلي فاذا رمي طيرا و فرخه فما تاحل الطير و حرم الفرخ (3).

______________________________

و كذا كل ما يعتاد للاصطياد به بلا خلاف أجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه.

و قال في الجواهر أيضا: «بل لا خلاف أجده بيننا في أنه يملكه الصائدون صاحب الآلة لأن الصيد من المباحات التي تملك بالمباشرة المتحققه من الغاصب و ان حرم استعماله للآلة».

(1) اذ مع عدم الامتناع لا يصدق عنوان الصيد فلا يترتب عليه الحكم و بعبارة اخري: الصيد مصداق للتذكية الموجبة لحل الأكل، و لا يتحقق الصيد الا مع امتناع الحيوان.

(2) لتبعية الحكم لموضوعه فالمستوحش الأهلي يحل أكل لحمه بالاصطياد لصدقه و الوحشي المتأهل لا يحل لعدم صدق موضوع الحل.

(3) لعدم صدق عنوان ما اخذ في الموضوع. و يدل علي المقصود ما رواه الأفلح قال: سألت علي بن الحسين عليه السلام عن العصفور يفرخ في الدار هل تؤخذ فراخه؟ فقال: لا ان الفرخ في و كرها في ذمة اللّه ما لم يطر و لو ان رجلا رمي

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 625

[مسألة 21: الثور المستعصي و البعير العاصي و الصائل من البهائم يحل لحمه بالاصطياد]

(مسألة 21): الثور المستعصي و البعير العاصي و الصائل من البهائم يحل لحمه بالاصطياد كالوحشي بالاصل (1).

______________________________

صيدا في و كره فأصاب الطير و الفراخ جميعا فانه يأكل الطير و لا يأكل الفراخ و ذلك ان الفراخ ليس بصيد ما لم يطرو انما تؤخذ باليد و انما يكون صيدا اذا طار «1».

(1) ادعي في الجواهر عدم وجدان الخلاف فيه و العمدة النصوص الواردة في الباب: منها ما رواه الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه

عليه السلام في ثور تعاصي فابتدره قوم بأسيافهم و سموا فاتوا عليا عليه السلام فقال: هذه ذكاة و حية و لحمه حلال «2» و هذه الرواية واردة في الثور المستعصي.

و منها: ما رواه عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان ثورا بالكوفة ثار فبادر الناس اليه باسيافهم فضربوه فاتوا أمير المؤمنين عليه السلام فاخبروه «فسألوه- يه» فقال ذكاة و حية و لحمه حلال 3 و هذه الرواية كالرواية السابقة بلا فرق بينهما في المفاد.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان قوما اتو النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم فقالوا: ان بقرة لنا غلبتنا و استعصبت «و استعصت خ ل» علينا فضربناها بالسيف فامرهم باكلها 4 و هذه الرواية أيضا واردة في الثور المستعصي.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان امتنع عليك بعير و أنت تريد أن تنحره فانطلق منك فان خشيت أن يسبتك فضربته بسيف أو طعنته

______________________________

(1) الوسائل الباب 31 من ابواب الصيد

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 10 من ابواب الذبائح الحديث: 1 و 2

(3) عين المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 626

و كذلك كل ما تردي من البهائم في بئر و نحوها و يتعذر ذبحه او نحره فان تذكيته تحصل بعقره في اي موضع من جسده و ان لم يكن في موضع النحر أو الذبح و يحل لحمه حينئذ (1) و لكن في عموم الحكم للعقر بالكلب اشكال فالاحوط الاقتصار

______________________________

بحربة «برمح- خ ل» بعد أن تسمي فكل الا أن تدركه و لم يمت بعد فذكه «1» و الرواية واردة

في البعير مع انها ضعيفة سندا بالبطائني.

و منها: ما رواه عن علي عليه السلام قال: اذا استصعبت عليكم الذبيحة فعرقبوها و ان لم تقدروا علي أن تعرقبوها فانه يحلها ما يحل الوحش 2 و هذه الرواية ضعيفة سندا.

و لعل الوجه في عموم الحكم مع اختصاص النصوص بالبقر ان العرف يفهم متها عدم الفرق و لا يبعد هذه الدعوي للتناسب بين الحكم و الموضوع هذا علي تقدير عدم صدق الصيد في هذه الحالة و أما علي تقدير الصدق فالأمر أوضح من أن يخفي اذ يكفي للاستدلال ما يدل علي تحقق التذكية بالصيد فلاحظ.

(1) لاحظ ما رواه زرارة: عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن بعير تردي في بعر فذبح من قبل ذنبه فقال لا باس اذا ذكر اسم اللّه عليه 3.

و ما روي عن علي عليه السلام انه سئل عما تردي علي منحره فيقطع و يسمي عليه فقال لا باس به و أمره بأكله 4.

و يدل علي المدعي علي نحو الاطلاق ما عن علي عليه السلام أيضا قال: ايما انسية ترددت في بئر فلم يقدر علي منحرها فلينحرها من حيث يقدر عليه و يسمي اللّه عليها و تؤكل 5.

______________________________

(1) (1 و 2) عين المصدر الحديث: 5 و 9

(2) (3 و 4) عين المصدر الحديث: 6 و 7

(3) (5) عين المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 627

في تذكيته بذلك علي العقر بالآلة الجمادية (1).

[مسألة 22: لا فرق في تحقق الذكاة بالاصطياد بين حلال اللحم و حرامه]

(مسألة 22): لا فرق في تحقق الذكاة بالاصطياد بين حلال اللحم و حرامه فالسباع اذا اصطيدت صارت ذكية و جاز الانتفاع بجلدها هذا اذا كان الصيد بالآلة الجمادية (2) أما اذا كانت بالكلب ففيه قولان (3).

[مسألة 23: إذا قطعت آلة الصيد الحيوان قطعتين]

(مسألة 23): اذا قطعت آلة الصيد الحيوان قطعتين فان كانت الآلة مما يجوز الاصطياد بها مثل السيف و الكلب فان زالت الحياة عنهما معا حلتا جميعا مع اجتماع شرائط التذكية (4). و كذا ان بقيت الحياة و لم يتسع الزمن لتذكيته (5).

______________________________

(1) لعدم الدليل عليه.

(2) لاحظ ما رواه سماعة قال: سألته عن جلود السباع ينتفع بها؟ قال: اذا رميت و سميت فانتفع بجلده و أما الميتة فلا «1» فانه يظهر من هذا الحديث حصول التذكية بالصيد بالنسبة الي كل حيوان قابل للتذكية فلاحظ.

(3) أما وجه القول بحصول التذكية بالصيد بالكلب فبتقريب عدم الفرق بين كون سبب الصيد الجماد أو الحيوان، و أما القول بالاختصاص بما يكون السبب الآلة الجمادية كالرمي فلعدم الدليل في الكلب، و الأحكام الشرعية تعبدية غير قابلة للقياس و الحق هو القول الثاني و اللّه العالم.

(4) كما هو مقتضي القاعدة، اذ المفروض قتل الحيوان بالصيد علي النحو المقرر الشرعي فيحل لحمه.

(5) كما تقدم.

______________________________

(1) الوسائل الباب 49 من ابواب النجاسات الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 628

و ان وسع الزمان لتذكيته حرم الجزء الذي ليس فيه الرأس و حل ما فيه الرأس بالتذكية (1) فان مات و لم يذك حرم هو أيضا (2).

و ان كانت الآلة مما لا يجوز الاصطياد بها كالحبالة و الشبكة حرم ما ليس فيه الرأس و حل ما فيه الرس بالتذكية فان لم يذك حتي مات حرم أيضا (3).

[مسألة 24: الحيوان الممتنع بالأصل يملك بأخذه]

(مسألة 24): الحيوان الممتنع بالاصل يملك بأخذه كما اذا قبض علي يده او رجله او رباطه فانه يملكه الاخذ (4).

______________________________

(1) أما حلية ما فيه الرأس فلتحقق التذكية بالذبح الشرعي، و أما حرمة ما ليس فيه الرأس فلحرمة القطعة المبانة، و

بعبارة اخري: لا وجه لحلية تلك القطعة.

(2) كما تقدم.

(3) أما حرمة ما ليس فيه الرأس فلعدم المقتضي للحلية كما تقدم آنفا، و أما حلية ما فيه الرأس فلتحقق التذكية علي الفرض و أما مع عدم التذكية فيحرم لكونه ميتة.

(4) بلا اشكال و لا كلام و الحكم المذكور أوضح من أن يخفي و عليه السيرة الخارجية القطعية مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه السكوني، عن جعفر بن محمد عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليه السلام انه سأله عن رجل ابصر طيرا فتبعه حتي وقع علي شجرة، فجاء رجل آخر فاخذه قال: للعين ما رأت و لليد ما أخذت «1».

و ما رواه اسماعيل بن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: له الطائر يقع علي الدار فيؤخذ أ حلال هو أم حرام لمن أخذه؟ قال: يا اسماعيل عاف أو (أم خ- ل)

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من أبواب اللقطة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 629

و كذا اذا نصب شبكة او شركا او نحوهما من الالات التي يعتاد الاصطياد بها فوقع فيها فانه يملكه ناصبها (1). و كذا اذا رماه بسهم او نحوه من آلات الصيد فصيره غير ممتنع كما اذا جرحه فعجز عن العدو أو كسر جناحه فعجز عن الطيران فانه يملكه الرامي (2) و يكون له نماءه (3) و لا يجوز لغيره التصرف فيه الا باذنه (4) و اذا افلت من يده او شبكته او برأ من العوار الذي أصابه بالرمي فصار ممتنعا

______________________________

غير عاف؟ قلت: و ما العافي؟ قال: المستوي جناحاه، المالك جناحيه يذهب حيث شاء (قال- كا): هو لمن أخذه حلال «1».

و ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

قال أمير المؤمنين عليه السلام ان الطائر اذا ملك جناحيه فهو صيد و هو حلال لمن أخذه، 2 الي غيرها من الروايات.

(1) مضافا الي عدم الخلاف و الاجماع علي ما يظهر من الجواهر، يمكن الاستدلال علي المدعي بالسيرة الخارجية الجارية، فان الظاهر انها غير قابلة- للإنكار فلاحظ.

(2) لاحظ ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل يصيد الطير الذي يسوي دراهم كثيرة و هو مستوي الجناحين و هو يعرف صاحبه أ يحل له امساكه؟ فقال: اذا عرف صاحبه رده عليه، و ان لم يكن يعرفه و ملك جناحه فهو له، و ان جاءك طالب لا تتهمه رده عليه 3.

(3) فان النماء تابع للملك في الملكية.

(4) لحرمة التصرف في مال الغير الا باذنه.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 37 من أبواب الصيد الحديث: 2 و 3

(2) (3) الوسائل الباب 15 من ابواب اللقطه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 630

فاصطاده غيره لم يملكه (1) و وجب دفعه الي مالكه (2) نعم اذا نصب الشبكة لا بقصد الاصطياد لم يملك ما ثبت فيها و كذا اذا رمي لا بقصد الاصطياد فانه لا يملك الرمية (3) و يجوز لغيره اخذه (4) و لو اخذه لا بقصد الملك ففي تحقق ملكه له اشكال (5) و الاقرب ذلك (6).

______________________________

(1) اذ المفروض صيرورته ملكا للصياد و لا مقتضي لخروجه عن ملكه و مع فرض بقائه في ملكه لا يجوز لغيره التصرف فيه لحرمة التصرف في مال الغير.

(2) فانه يجب رد مال الغير الي صاحبه.

(3) لعدم الدليل في هذه الصورة.

(4) لكونه من المباحات الأولية.

(5) بتقريب: ان القدر المعلوم من الأدلة قصد التملك و

يمكن أن يستفاد من حديث أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث ان رجلا عابدا من بني اسرائيل كان محارفا، فاخذ غزالا فاشتري به سمكة فوجد في بطنها لؤلؤة فباعها بعشرين ألف درهم، فجاء سائل فدق الباب فقال له الرجل: ادخل فقال له خذ احد الكيسين فاخذ أحدهما و انطلق فلم يكن باسرع من ان دق السائل الباب فقال له الرجل: ادخل فدخل فوضع الكيس في مكانه ثم قال: كل هنيئا مريئا انا ملك من ملائكة ربك انما أراد ربك أن يبلوك فوجدك شاكرا، ثم ذهب «1» ان مجرد الأخذ بقصد الحيازة يوجب الملكية و لو مع عدم قصد التملك مضافا الي انه لا يبعد أن يكون حصول الملكية بالحيازة أمرا عقلائيا.

(6) لعل مستنده السيرة الخارجية الحاكمة علي صيرورة المأخوذ ملكا لأخذه مضافا الي النصوص الدالة علي كون الاخذ مملكا فانها باطلاقها يشمل الأخذ و لو

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب اللقطة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 631

[مسألة 25: إذا توحل الحيوان في أرضه أو وثبت السمكة في سفينته لم يملك شيئا من ذلك]

(مسألة 25): اذا توحل الحيوان في ارضه او وثبت السمكة في سفينته لم يملك شيئا من ذلك (1) أما اذا اعد شيئا من ذلك للاصطياد كما اذا أجري الماء في ارضه لتكون موحلة او وضع سفينته في موضع معين ليثب فيها السمك فوثب فيها او وضع الحبوب في بيته و أعده لدخول العصافير فيه فدخلت و اغلق عليها باب البيت او طردها الي مضيق لا يمكنه الخروج منه فدخله و نحو ذلك من الاصطياد بغير الالات التي يعتاد الاصطياد بها ففي الحاق ذلك بآلة الصيد المعتادة في حصول الملك اشكال (2) و ان كان هو الاظهر (3).

[مسألة 26: إذا سعي خلف حيوان فوقف للأعياء لم يملكه حتي يأخذه]

(مسألة 26): اذا سعي خلف حيوان فوقف للأعياء لم يملكه حتي يأخذه (4).

______________________________

لم يكن بقصد التملك، و لكن الانصاف: ان في النفس شيئا، أما السيرة فاحرازها مشكل، و أما النصوص فلا يبعد انصرافها الي صورة قصد التملك و اللّه العالم.

(1) لعدم المقتضي فان الملكية يتوقف علي تحقق سببها و المفروض عدم تحققه فلا تحصل الملكية.

(2) يمكن أن يكون وجه الاشكال عدم ذكر هذه الأسباب في النصوص، و مقتضي الأصل عدم تحقق الملكية بها.

(3) الأمر كما أفاده فان السيرة الخارجية العقلائية و الشرعية جارية علي التملك بها، و لعل النقاش فيها يعد مستنكرا أو ناشيا من الوسواس في استنباط الحكم الشرعي.

(4) لعدم المقتضي و مقتضي الأصل عدم تحقق الملكية به.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 632

فاذا اخذه غيره قبل أن يأخذه هو ملكه (1).

[مسألة 27: اذا وقع حيوان في شبكة منصوبة للاصطياد]

(مسألة 27): اذا وقع حيوان في شبكة منصوبة للاصطياد فلم تمسكه الشبكة لضعفها و قوته فانفلت منها لم يملكه ناصبها (2).

[مسألة 28: إذا رمي الصيد فأصابه لكنه تحامل طائرا أو عاديا]

(مسألة 28: اذا رمي الصيد فاصابه لكنه تحامل طائرا او عاديا بحيث بقي علي امتناعه و لم يقدر عليه الا بالاتباع و الاسراع لم يملكه الرامي (3).

[مسألة 29: إذا رمي اثنان صيدا دفعة]

(مسألة 29): اذا رمي اثنان صيدا دفعة فان تساويا في الاثر بان اثبتاه معا فهو لهما (4). و اذا كان احدهما جارحا و الاخر مثبتا و موقفا له كان للثاني (5) و لا ضمان علي الجارح (6) و اذا كان تدريجا فهو ملك من صيره رمية غير ممتنع سابقا كان اولا حقا (7).

[مسألة 30: إذا رمي صيدا باعتقاد كونه كلبا أو خنزيرا فقتله]

(مسألة 30): اذا رمي صيدا باعتقاد كونه كلبا او خنزيرا فقتله

______________________________

(1) فان من حاز ملك و قد مر ان الأخذ مملك.

(2) لعدم الدليل علي الملكية في الصورة المفروضة و الأصل عدمها.

(3) لعدم الدليل و مقتضي الاصل عدم تحقق الملكية و بعبارة اخري: المفروض في الكلام عدم تحقق الصيد فلا دليل علي حصول الملكية و ان شئت قلت: لا دليل علي كون اصابة الرمي بنفسها من المملكات.

(4) لعدم ترجيح احدهما علي الاخر فهو لهما بالاشتراك.

(5) فان تحقق الصيد بالإيقاف فيكون للموقف.

(6) لأن الجرح لم يقع علي ملك الغير بل علي المباح فلا وجه للضمان.

(7) الكلام هو الكلام و لا دخل للسبق و اللحوق.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 633

لم يحل (1).

[مسألة 31: إذا رماه فجرحه لكن لم يخرج عن الامتناع فدخل دارا فأخذه صاحب الدار ملكه باخذه]

(مسألة 31): اذا رماه فجرحه لكن لم يخرج عن الامتناع فدخل دارا فاخذه صاحب الدار ملكه باخذه (2) لا بدخول الدار (3).

[مسألة 32: إذا صنع برجا في داره لتعشعش فيه الحمام فعشعشت فيه لم يملكها]

(مسألة 32): اذا صنع برجا في داره لتعشعش فيه الحمام فعشعشت فيه لم يملكها فيجوز لغيره صيدها و يملكها بذلك (4).

[مسألة 33: إذا أطلق الصائد صيده من يده]

(مسألة 33): اذا أطلق الصائد صيده من يده فان لم يكن ذلك عن اعراض عنه بقي علي ملكه لا يملكه غيره باصطياده (5) و ان كان عن اعراض صار كالمياح بالاصل فيجوز لغيره اصطياده و يملكه بذلك (6).

______________________________

(1) قال في الجواهر: «بلا خلاف أجده فيه بل ادعي بعض الناس الاجماع لانسباق قصد الصيد المحلل من اطلاق الأدلة الذي خرج به عن أصل عدم الحل و عدم التذكية» انتهي «1» و الأمر كما أفاده فان هذا الانصراف غير قابل للإنكار فلاحظ.

(2) اذ المفروض ان الصيد لم يتحقق شرطه و قد فرض انه باق علي الامتناع فالذي يأخذه يملكه بالأخذ.

(3) فان دخول الدار لا يكون مملكا في قبال بقية المملكات.

(4) لعدم الدليل علي كون ما ذكر مملكا نعم اذا كان قصده من عمله تملك الطير و صدق عنوان الحيازة و الأخذ و الاستيلاء لا يبعد تحقق الملكية فان الحيازة الواردة علي المباحات الأصلية موجبة لحصول الملكية و اللّه العالم.

(5) لعدم ما يقتضي الخروج فيكون باقيا في ملكه و ليس لأحد التصرف فيه.

(6) اذ الأعراض يوجب خروج المعرض عنه عن ملكه فيصبر من المباحات

______________________________

(1) الجواهر ج 36 ص: 225

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 634

و ليس للأول الرجوع عليه (1) و كذا الحكم في كل مال اعرض عنه مالكه حيوانا كان او غيره (2) بل الظاهر انه لا فرق بين أن يكون الاعراض ناشئا عن عجز المالك عن بقائه في يده و تحت استيلائه لقصور في المال أو المالك و أن يكون لا عن عجز عنه بل لغرض

آخر (3).

[مسألة 34: قد عرفت أن الصائد يملك الصيد بالاصطياد إذا كان مباحا بالأصل او بمنزلته]

(مسألة 34): قد عرفت ان الصائد يملك الصيد بالاصطياد اذا كان مباحا بالاصل او بمنزلته كما تقدم و لا يملكه اذا كان مملوكا لمالك (4). و اذا شك في ذلك بني علي الاول (5) الا اذا كانت امارة علي الثاني مثل أن يوجد طوق في عنقه او قرط في اذنه او حبل مشدود في يده أو رجله او غيرها (6). و اذا علم كونه مملوكا لمالك وجب رده اليه (7). و اذا جهل جري عليه حكم اللقطه ان كان ضائعا (8).

______________________________

الأصلية و يجوز للغير تملكه.

(1) لعدم دليل علي ذلك فليس له الرجوع.

(2) فان حكم الامثال واحد.

(3) لعدم المقتضي للتفريق فان الميزان هو الأعراض و المفروض تحققه في كلا الشقين.

(4) و قد تقدم شرح كلام الماتن.

(5) لاستصحاب عدم دخول حيوان في ملك احد.

(6) فانه لا مجال لجريان الأصل مع وجوده الامارة.

(7) لوجوب رد المال الي مالكه بالضرورة.

(8) تقدم الكلام حول هذا الفرع في كتاب اللقطة فراجع.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 635

و الآجري عليه حكم مجهول المالك (1) و لا فرق في ذلك بين الطير و غيره (2) نعم اذا ملك الطائر جناحيه فهو لمن اخذه الا اذا كان له مالك معلوم معين فيجب رده اليه (3) و ان كان الاحوط فيما اذا علم ان له مالكا غير معين اجراء حكم اللقطة او مجهول المالك عليه (4).

[فصل في ذكاة السمك و الجراد]

اشارة

فصل في ذكاة السمك و الجراد

[ذكاة السمك]
[مسألة 1: ذكاة السمك تحصل بالاستيلاء عليه حيا خارج الماء]

(مسألة 1): ذكاة السمك تحصل بالاستيلاء عليه حيا خارج الماء (5) اما بأخذه من داخل الماء الي خارجه حيا باليد أو من شبكة و (شص)

______________________________

(1) لكونه من مصاديق تلك الكبري فيترتب عليه حكمها.

(2) لعدم ما يقتضي التفريق فلا فرق.

(3) لاحظ ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر «1» فان التفصيل المذكور في المتن يستفاد من هذا الحديث و اللّه العالم.

(4) لا اشكال في حسن الاحتياط و لعل وجه الاحتياط الاستحبابي في نظر الماتن الخروج عن شبهة الخلاف و اللّه العالم.

(5) لا اشكال في أن السمك يحتاج الي التذكية، و انما البحث في طريق تذكيته فافاد الماتن بأن ذكاة السمك الاستيلاء عليه حيا خارج الماء و العمدة النصوص الواردة في المقام و يستفاد من بعض النصوص ان صيد السمك اخذها:

منها: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صيد المجوس للسمك حين يضربون بالشبك و لا يسمون أو يهودي قال: لا باس انما صيد الحيتان

______________________________

(1) لاحظ ص: 629

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 636

و (فالة) و غيرها (1). أو بأخذه خارج الماء باليد او بالآلة بعد ما خرج بنفسه أو بنضوب الماء عنه أو غير ذلك (2).

______________________________

اخذها «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن صيد المجوس للحيتان حين يضربون عليها بالشباك و يسمون بالشرك فقال: لا بأس بصيدهم انما صيد الحيتان أخذه 2.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام مثل ذلك يعني انه سئل عن صيد الحيتان و ان لم يسم عليه قال: لا بأس به ان كان حيا أن تاخذه قال:

و سألته عن صيد

السمك و لا يسمي قال: لا بأس 3 فان المستفاد من هذه النصوص انه تحصل التذكية بأخذه.

و يستفاد من حديث علي بن جعفر عن اخيه قال: سألته عن السمك يصاد و لم يوثق فيرد الي الماء حتي يجي ء من يشتريه فيموت بعضه أ يحل أكله قال: لا لأنه مات في الذي فيه حياته 4، انه لو مات في الماء لا يكون ذكيا.

(1) كل ذلك للإطلاق فان التذكية تحصل بالأخذ و مقتضي اطلاقه عدم الفرق بين الأقسام المذكورة.

(2) لاحظ ما رواه ابن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن سمكة وثبت من نهر فوقعت علي الجد من النهر فماتت هل يصلح أكلها؟

قال: ان أخذتها قبل أن تموت تم ماتت فكلها و ان ماتت قبل أن تأخذها فلا تأكلها 5.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 32 من ابواب الذبائح الحديث: 5 و 9

(2) (3) الوسائل الباب 31 من ابواب الذبائح الحديث: 2

(3) (4) الوسائل الباب 33 من أبواب الذبائح الحديث: 6

(4) (5) الوسائل الباب 34 من أبواب الذبائح الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 637

فاذا وثب في سفينة أو علي الارض فاخذ حيا صار ذكيا (1) و اذا لم يؤخذ حتي مات صار ميتة و حرم اكله (2). و ان كان قد نظر اليه و هو حي يضطرب (3) و اذا ضربها و هي في الماء بآلة فقسمها نصفين ثم اخرجهما حيين فان صدق علي احدهما انه سمكة ناقصة كما لو كان فيه الرأس حل هو (4) دون غيره (5) و اذا لم يصدق علي احدهما انه سمكة ففي حلهما اشكال

______________________________

(1) الأمر كما أفاده فانه مقتضي الحديث كما تقدم آنفا.

(2) لعدم تحقق ما

تحصل به التذكية فلا يكون حلالا.

(3) لعدم دليل علي كفاية النظر و أما حديث السلمة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان عليا عليه السلام كان يقول في صيد السمكة اذا أدركتها و هي تضطرب و تضرب بيدها و تحرك ذنبها و تطرف بعينها فهي ذكاتها «1».

و حديث زرارة قال: قلت: السمك يثب من الماء فيقع علي الشط فيضطرب حتي يموت فقال: كلها 2.

فكلاهما ضعيفان سندا نعم في المقام رواية اخري لزرارة قال قلت: سمكة ارتفعت فوقعت علي الجدد فاضطربت حتي ماتت آكلها؟ فقال نعم 3 بسند اخر لا بأس به، فعليه يكون الحكم مبنيا علي الاحتياط و الاشكال في الحديث الثالث بكونه مضمرا لعله في غير محله بعد فرض كون الراوي مثل زرارة فهل يمكن أن يضمر زرارة و اضرابه عن غير المعصوم عليه السلام.

(4) لتحقق التذكية فلا وجه للحرمة.

(5) فانه من مصاديق القطعة المبانة و بعبارة اخري لم تحصل التذكية بالنسبة

______________________________

(1) (1 و 2) عين الحديث 2 و 4

(2) (3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 638

و الاظهر العدم (1).

[مسألة 2: لا يشترط في تذكية السمك الإسلام]

(مسألة 2): لا يشترط في تذكية السمك الإسلام (2).

______________________________

اليه و يدل علي المدعي حديث غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يضرب الصيد فيجد له بنصفين قال: يأكلهما جميعا و ان ضربه فأبان منه عضوا لم يأكل منه ما أبان منه و أكل سايره «1».

(1) لعدم تحقق التذكية فلا مقتضي للحلية فان الحلية متفرعة علي التذكية و المفروض عدمها.

(2) لجملة من النصوص منها: ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صيد الحيتان و ان لم يسم فقال: لا باس و عن صيد

المجوسي للسمك فقال: ما كنت لا كله حتي انظر اليه «2».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن مجوسي يصيد السمك أ يؤكل منه؟ فقال: ما كنت لأكله حتي انظر اليه قال حماد: يعني حتي اسمع يسمي 3.

و منها: ما رواه عيسي بن عبد اللّه قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صيد المجوسي فقال: لا بأس اذا أعطوكاه أحياء و السمك أيضا و الا فلا تجوز شهادتهم الا أن تشهده 4.

و منها: ما رواه سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحيتان التي تصيدها المجوس فقال: ان عليا عليه السلام كان يقول الحيتان و الجراد ذكي 5.

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صيد المجوس

______________________________

(1) الوسائل الباب 35 من ابواب الصيد الحديث: 1

(2) (2 و 3 و 4 و 5) الوسائل الباب 32 من ابواب الذبائح الحديث: 1 و 2 و 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 639

و لا التسميه (1) فلو اخرجه الكافر حيا من الماء او اخذه بعد ان خرج فمات صار ذكيا كما

______________________________

للسمك حين يضربون بالشبك و لا يسمون أو يهودي قال: لا بأس انما صيد الحيتان أخذها «1».

و منها: ما رواه أبو مريم قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ما تقول فيما صادت المجوس من الحيتان؟ فقال: كان علي عليه السلام يقول: الحيتان و الجراد ذكي 2.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

لا بأس بكوا ميخ المجوس و لا باس بصيدهم السمك 3.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن

أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عما أصاب (صاد- خ ل) المجوس من الجراد و السمك أ يحل أكله؟ قال صيده ذكاته لا باس 4 فان المستفاد من هذه النصوص بالنصوصية عدم اعتبار الإسلام في الأخذ.

(1) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صيد الحيتان و ان لم يسم فقال: لا باس به 5 و منها:

ما رواه محمد بن مسلم 6.

و منها: ما رواه زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن صيد الحيتان و ان لم يسم عليه؟ فقال: لا بأس به ان كان حيا ان تأخذه 7.

______________________________

(1) (1 و 2 و 3 و 4) عين المصدر الحديث: 5 و 6 و 7 و 8

(2) (5) الوسائل الباب 31 من ابواب الذبائح الحديث: 1

(3) (6) لاحظ ص: 636

(4) (7) الوسائل الباب 31 من أبواب الذبائح الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 640

في المسلم (1) و لا فرق في الكافر بين الكتابي و غيره (2).

[مسألة 3: إذا وجد السمك في يد الكافر و لم يعلم أنه ذكاة أم لا بني علي العدم]

(مسألة 3): اذا وجد السمك في يد الكافر و لم يعلم انه ذكاة أم لا بني علي العدم (3). و اذا اخبره بأنه ذكاه لم يقبل خبره (4).

______________________________

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن صيد الحيتان و ان لم يسم عليه؟ فقال: لا باس به «1».

(1) كما صرح به في النصوص.

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير «2».

(3) لأصالة عدم التذكية.

(4) فانه مقتضي اصالة عدم التذكية و بعبارة اخري: التذكية تحتاج الي الاثبات و مع الشك فيها يكون مقتضي الأصل عدمها.

مضافا الي حديث عيسي بن عبد اللّه قال: سألت

أبا عبد اللّه عليه السلام عن صيد المجوس فقال: لا باس اذا أعطوكه حيا و السمك أيضا و الا فلا تجوز شهادتهم عليه الا أن تشهده «3» لكن الحديث ضعيف بعيسي فان ابن داود نقل توثيقه عن الكشي و ابن داود بنفسه محل الاشكال و الكلام و قال في الجواهر في هذا المقام:

«لأن الأصل عدم التذكية» الي أن قال: و لا أصل يقتضي بصحة في فعله و قوله كالمسلم حتي يكون قاطعا لذلك الخ «4».

و علي الجملة: مقتضي الاصل الأولي عدم تحقق التذكية و اثباتها يتوقف علي قيام دليل عليه.

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 4

(2) لاحظ ص: 638

(3) الوسائل الباب 34 من ابواب الصيد الحديث: 1

(4) الجواهر ج 36 ص: 168

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 641

و اذا وجده في يد مسلم يتصرف فيه بما يدل علي التذكية (1) او اخبر بتذكيته بني علي ذلك (2).

______________________________

(1) قد تعرضنا لكون يد المسلم امارة علي التذكية في الجزء الثالث من هذا الشرح ص 177.

(2) بتقريب اعتبار قول ذي اليد بالنسبة الي ما في يده و لا يبعد أن يستفاد المدعي من حديث ابن أبي نصر قال: سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فراء لا يدري أذكية هي أم غير ذكية، أ يصلي فيها؟ فقال: نعم ليس عليكم المسألة، ان أبا جعفر عليه السلام كان يقول: ان الخوارج ضيقوا علي أنفسهم بجهالتهم، ان الدين أوسع من ذلك «1».

و مثله في المفاد جملة اخري من النصوص لاحظ ما رواه أيضا عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الخفاف يأتي السوق فيشتري الخف، لا يدري أ ذكي هو أم لا، ما تقول في الصلاة فيه و هو لا يدري؟ أ يصلي

فيه؟ قال: نعم، انا اشتري الخف من السوق و يصنع لي و أصلي فيه و ليس عليكم المسالة «2».

و ما رواه اسماعيل بن عيسي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن جلود الفراء يشتريها الرجل في سوق من اسواق الجبل، أ يسأل عن ذكاته اذا كان البائع مسلما غير عارف؟ قال: عليكم انتم ان تسألوا عنه اذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك، و اذا رأيتم يصلون فيه فلا تسألوا عنه 3.

و ما رواه حماد بن عيسي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: كان أبي يبعث بالدراهم الي السوق فيشتري بها جبنا فيسمي و يأكل و لا يسأل عنه 4.

بتقريب: ان المستفاد من الروايات المشار اليها اعتبار قول ذي اليد حيث،

______________________________

(1) الوسائل الباب 50 من أبواب النجاسات الحديث: 3

(2) (2 و 3 و 4) عين المصدر الحديث: 6 و 7 و 8

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 642

[مسألة 4: إذا وثبت السمكة في سفينة لم يملكها السفان و لا صاحب السفينة حتي تؤخذ]

(مسألة 4): اذا و ثبت السمكة في سفينة لم يملكها السفان و لا صاحب السفينة حتي تؤخذ (1) فيملكها آخذها و ان كان غيرهما (2) نعم اذا قصد صاحب السفينة الاصطياد بها و عمل بعض الاعمال المستوجبة لذلك كما اذا وضعها في مجتمع السمك و ضرب الماء بنحو يوحب و ثوب السمك فيها كان ذلك بمنزلة اخراجه من الماء حيا في صيرورته ذكيا (3) و في تحقق الملك بمجرد ذلك ما لم يؤخذ باليد و نحوها اشكال و قد تقدم انه هو الاظهر (4).

[مسألة 5: إذا وضع شبكة في الماء فدخل فيها السمك ثم أخرجها من الماء و وجد فيها ميتا كله أو بعضه فالظاهر حليته]

(مسألة 5): اذا وضع شبكة في الماء فدخل فيها السمك ثم اخرجها من الماء و وجد فيها ميتا كله أو بعضه فالظاهر حليته (5).

______________________________

ان الامام عليه السلام في مقام الجواب قال: ليس عليكم المسألة فيعلم انه مع السؤال يكون اخبار البائع حجة و يمكن أن يقع المكلف في الضيق أو بتقريب:

ان المستفاد من الحديث ان المرتكز في ذهن السائل اعتبار قول ذي اليد و الامام عليه السلام قرره علي ما في ذهنه.

(1) لعدم ما يقتضي الملكية فلا تحصل.

(2) بعنوان التملك و أما مع عدم القصد فالجزم بحصول الملكية بمجرد الأخذ مشكل لكن قد تقدم انه لا يبعد حكم العقلاء بحصولها للأخذ و لو مع عدم قصد الملكية مضافا الي حديث أبي حمزة «1».

(3) لتحقق الموضوع و هو عنوان اخذه من الماء حيا فتأمل.

(4) قد تقدم شرح كلامه فراجع.

(5) وفاقا للعماني و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه محمد

______________________________

(1) لاحظ ص: 630

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 643

______________________________

بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل نصب شبكة في الماء ثم رجع الي بيته و تركها منصوبة فاتاها بعد ذلك

و قد وقع فيها سمك فيموتن فقال: ما عملت يده فلا باس بأكل ما وقع فيها (فيه- خ ل) «1».

و منها: ما رواه الحلبي قال: سألته عن الحظيرة من القصب تجعل في الماء للحيتان فيدخل فيها الحيتان فيموت بعضها فيها فقال: لا بأس به ان تلك الحظيرة انما جعلت ليصاد بها 2.

و منها: رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعت أبي يقول اذا ضرب صاحب الشبكة بالشبكة فما اصاب فيها من حي أو ميت فهو حلال ما خلا ما ليس له قشر و لا يؤكل الطافي من السمك 3.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الحظيرة من القصب تجعل للحيتان في الماء فيدخلها الحيتان فيموت بعضها فيها قال: لا بأس 4.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الصيد نحبسه فيموت في مصيدته أ يحل أكله؟ قال: اذا كان محبوسا فكله فلا باس 5.

و يعارضها ما رواه عبد المؤمن قال: امرت رجلا ان يسأل لي أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صاد سمكا و هن احياء ثم اخرجهن بعد ما مات بعضهن فقال:

ما مات فلا تأكله فانه مات فيما كان فيه حياته 6.

و لنا ان نقول: ان الترجيح مع الطائفة المجوزة لقوله تعالي: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعٰامُهُ مَتٰاعاً لَكُمْ وَ لِلسَّيّٰارَةِ وَ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ الاية 7 فان

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 35 من أبواب الذبائح الحديث: 2 و 3

(2) (3 و 4 و 5 و 6) عين المصدر الحديث: 4 و 5 و 6 و

1

(3) (7) المائدة/ 96

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 644

[مسألة 6: إذا نصب شبكة او صنع حظيرة لاصطياد السمك فدخلها ثم نضب الماء بسبب الجزر او غيره فمات بعد نضوب الماء]

(مسألة 6): اذا نصب شبكة او صنع حظيرة لاصطياد السمك فدخلها ثم نضب الماء بسبب الجزر او غيره فمات بعد نضوب الماء صار ذكيا و حل اكله (1) أما اذا مات قبل نضوب الماء فقولان اقواهما الحلية (2).

[مسألة 7: إذا أخرج السمك من الماء حيا ثم ربطه بحبل مثلا و ارجعه إليه فمات فيه]

(مسألة 7): اذا اخرج السمك من الماء حيا ثم ربطه بحبل مثلا و ارجعه اليه فمات فيه فالظاهر الحرمة (3).

______________________________

المستفاد من الاية الشريفة جواز صيد البحر، و مقتضي اطلاق الاية عدم تقييد الحلية بقيد من القيود مضافا الي الاشكال في سند الحديث، لاحظ رجال سيدنا الاستاد الجزء 11 ص 7 فان المستفاد من كلامه ان عبد المؤمن الراوي للحديث ضعيف فلا موضوع للترجيح كي يقال لا دليل علي الترجيح بموافقة الكتاب.

(1) بتقريب انه يصدق عليه الأخذ حيا و مات خارج الماء و لكن الانصاف ان صدق عنوان الأخذ عليه مشكل، و الموضوع المذكور في النصوص عنوان الأخذ الا أن يقال: ان المستفاد من حديث زرارة قال: قلت سمكة ارتفعت فوقعت علي الجد فاضطربت حتي ماتت آكلها؟ فقال: نعم «1»، حلية أكل السمك الذي يموت خارج الماء لكن يشترط الحلية بمقتضي الحديث بصيرورته مضطربة خارج الماء لا الموت علي الاطلاق.

(2) الظاهر ان الوجه في نظر الماتن النصوص الدالة علي حلية ما مات في الشبكة، لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «2» و ما رواه الحلبي 3 و ما رواه مسعدة 4.

(3) كما هو المشهور علي ما يستفاد من الجواهر و يدل علي المدعي النص

______________________________

(1) الوسائل الباب 34 من ابواب الذبائح الحديث: 5

(2) (2 و 3 و 4) لاحظ 643

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 645

و اذا اخرجه ثم وجده ميتا و شك في أن موته كان في الماء أو

في خارجه حكم بحليته (1) سواء علم تاريخ الاخراج أو الموت أو جهل التاريخان (2) و اذا اضطر السماك الي ارجاعه الي الماء و خاف موته فيه فليكن ذلك بعد موته و لو بأن يقتله هو بضرب او غيره (3).

______________________________

الخاص لاحظ ما رواه أبو ايوب، انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اصطاد سمكة فربطها بخيط و ارسلها في الماء فماتت أ تؤكل؟ فقال: لا «1».

و ما رواه عبد الرحمن بن سيابة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن السمك يصاد ثم يجعل في شي ء ثم يعاد في الماء فيموت فيه فقال: لا تأكل لأنه مات في الذي فيه حياته 2.

(1) بتقريب: ان المستفاد من النصوص حرمة السمك الذي يموت في الماء و بمقتضي الأصل يحكم بعدم موته في الماء و بعبارة اخري: لا اشكال في أخذه حيا هذا من ناحية، و من ناحية اخري بمقتضي الاستصحاب نحكم بعدم موته في الماء فتحصل التذكية، لكن لازم هذا التقريب انه لو اخذ شخص السمك و أخرجه من الماء فوجده ميتا و شك في أنه مات في الماء أو في خارجه يحكم عليه بالحلية بعين التقريب المتقدم.

(2) اذ لا فرق في جريان الاستصحاب في معلوم التاريخ و مجهوله، و من ناحية اخري لا تعارض بين الأصلين اذ استصحاب عدم خروجه من الماء ما دام حيا لا يثبت موته داخل الماء الا علي القول بالاثبات الذي لا نقول به.

(3) لأن التذكية تحصل بالموت خارج الماء و بهذا النحو المذكور تحصل فيحل.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 32 من ابواب الذبائح الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 646

[مسألة 8: إذا طفي السمك علي وجه الماء بسبب ابتلاعه ما يسمي بالزهر أو عض حيوان له أو غير ذلك مما يوجب عجزه عن السباحة]

(مسألة 8): اذا طفي السمك علي

وجه الماء بسبب ابتلاعه ما يسمي بالزهر أو عض حيوان له أو غير ذلك مما يوجب عجزه عن السباحة فان اخذ حيا صار ذكيا و حل اكله و ان مات حرم (1).

[مسألة 9: إذا ألقي إنسان الزهر في الماء لا بقصد اصطياد السمك فابتلعه السمك و طفي]

(مسألة 9): اذا القي انسان الزهر في الماء لا بقصد اصطياد السمك فابتلعه السمك و طفي لم يملكه (2) الا اذا اخذه (3) فان اخذه غيره ملكه (4) و اما اذا كان بقصد الاصطياد فالظاهر انه لا يملكه به (5) من دون فرق بين أن يقصد سمكة معينة او بعضا غير معين (6) نعم لو رماه بالبندقة او بسهم أو طعنه برمح فعجز عن السباحة و طفي علي وجه الماء لم يبعد كونه ملكا للرامي و الطاعن (7).

[مسألة 10: لا يعتبر في حل السمك اذا اخرج من الماء حيا أن يموت بنفسه]

(مسألة 10): لا يعتبر في حل السمك اذا اخرج من الماء حيا أن يموت بنفسه فلو مات بالتقطيع او بشق بطنه او بالضرب علي رأسه

______________________________

(1) الوجه فيه ظاهر، أما وجه الحلية فلتحقق اخذه حيا من الماء و أما وجه الحرمة فلموته داخل الماء.

(2) لعدم ما يقتضي الملكية.

(3) بتقريب ان من حاز شيئا ملكه.

(4) لتحقق سبب الملكية بالنسبة الي الغير فهو يملكه دون ملقي الزهر.

(5) لعدم دليل علي مملكية الصيد علي نحو الاطلاق.

(6) لوحدة الملاك و هو عدم الدليل.

(7) بتقريب: انه يستفاد من دليل الصيد بالرمي ان الصيد مملك علي الاطلاق لكن لو لا الاجماع و السيرة ان كانت يشكل الجزم بالمدعي فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 647

فمات حل أيضا (1) بل لو شواه في النار حيا فمات حل اكله (2).

بل الاقوي جواز اكله حيا (3).

[مسألة 11: إذا أخرج السمك من الماء حيا فقطع منه قطعة و هو حي و ألقي في الماء فمات فيه حلت القطعة المبانة منه]

(مسألة 11): اذا اخرج السمك من الماء حيا فقطع منه قطعة و هو حي و القي في الماء فمات فيه حلت القطعة المبانة منه و حرم الباقي (4) و اذا قطعت منه قطعة و هو في الماء قبل اخراجه ثم اخرج حيا فمات خارج الماء حرمت القطعة و حل الباقي (5).

______________________________

(1) لأن الميزان في الحلية موته خارج الماء.

(2) لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الجراد يشوي و هو حي قال: نعم لا باس به و عن السمك يشوي و هو حي قال نعم لا باس به «1».

و ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن السمك يشوي و هو حي قال: نعم لا باس به و سئل عن الجراد اذا كان في قراح فيحرق ذلك القراح فيحرق ذلك الجراد

و ينضج بتلك النار هل يؤكل؟ قال: لا 2.

(3) بتقريب ان المحرم الميتة و السمك الحي لا يكون مصداقا لها فلا يحرم.

(4) بتقريب ان التذكية حصلت بالخروج عن الماء فتكون القطعة المبانة حلالا و أما الميت في الماء فحرام لموته في الماء و لقائل أن يقول: انه لا تحل القطعة المبانة في الصورة الأولي اذ لا تحصل التذكية بمجرد الخروج عن الماء، بل التذكية تحصل بموته خارج الماء و لذا لو عاد الي الماء و مات فيه يحرم فعليه تكون القطعة المبانة محرمة لأنها قطعت من الحي فلا وجه للحلية.

(5) فيكون الأمر بعكس الصورة الأولي فان القطعة محرمة لأنها قطعت منه قبل التذكية و أما ما اخرج حيا فيكون حلالا لتحقق التذكية بالنسبة اليه.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 37 من ابواب الذبائح الحديث: 6 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 648

[ذكاة الجراد]
اشارة

ذكاة الجراد

[(مسألة 12: ذكاة الجراد أخذه حيا]

(مسألة 12): ذكاة الجراد اخذه حيا (1) سواء أ كان الاخذ باليد أم بالآلة (2) فما مات قبل اخذه حرم (3) و لا يعتبر في تذكيته التسمية (4).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه علي بن جعفر: و سألته عن الجراد نصيده فيموت بعد ان نصيده أ يؤكل؟ قال: لا بأس «1».

و لاحظ أيضا ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال سألته عما أصاب (صاد خ- ل) المجوس من الجراد و السمك أ يحل أكله؟ قال:

صيده ذكاته لا باس «2».

فان المستفاد من الحديثين ان صيد الجراد يكون تذكية له و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين انحائه فاذا تحقق عنوان الصيد يكون حلالا فلا وجه للتقييد بخصوص الأخذ و قال في الجواهر: «صرح غير واحد من الأصحاب بل لا أجد فيه خلافا بينهم من أن الكلام في تذكية الجراد كالكلام في السمك» الخ «3» و علي الجملة مقتضي النص كما قلنا كفاية صدق عنوان الصيد في تحقق التذكية.

(2) للإطلاق.

(3) كما هو واضح.

(4) ادعي الاجماع في المقام فان تم اجماع تعبدي فهو و الا يشكل الأمر حيث انه يستفاد من قوله تعالي وَ لٰا تَأْكُلُوا مِمّٰا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّٰهِ عَلَيْهِ «4» اشتراط

______________________________

(1) الوسائل الباب 37 من ابواب الذبائح الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 32 من أبواب الذبائح الحديث: 8

(3) الجواهر ج 36 ص: 176

(4) الانعام/ 121

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 649

و الإسلام فما يأخذه الكافر حيا فهو أيضا ذكي حلال (1) نعم لا يحكم بتذكية ما في يده الا أن يعلم بها (2) و ان أخبر بأنه ذكاه لا يقبل خبره (3).

______________________________

التذكية بالتسمية حتي بالنسبة الي الجراد و مقتضي اطلاق قوله عليه

السلام ذكاة الجراد صيده عدم الاشتراط فتقع المعارضة بين الاية و الرواية في صيد الجراد بلا تسمية و ما خالف الكتاب لا يكون معتبرا الا أن يتم المدعي بالإجماع و اللّه العالم.

(1) كما نص به في بعض النصوص لاحظ حديث ابن جعفر «1».

(2) بتقريب ان الشك في التذكية موضوع لأصالة عدمها.

(3) قال الماتن في مسألة 461 من فصل المطهرات من كتاب الطهارة «تثبت الطهارة بالعلم و البينة و باخبار ذي اليد اذا لم تكن قرينة علي اتهامه» و قد تعرضنا لما يمكن أن يستدل به لحجية قول ذي اليد السيرة العقلائية الممضاة عند الشارع فان ذا اليد أعرف بما تحت يده و هو اعلم بصفات ما في يده من النجاسة و الطهارة و الحلية و الحرمة و غيرها من غيره و الشارع الأقدس امضي هذه السيرة الجارية بين العقلاء، و رفع اليد عن السيرة في خصوص مورد يحتاج الي وجه فنقول: انما لا يقبل قول ذي اليد بالنسبة الي حلية ما في يده كالمقام بوجهين:

احدهما: ان السيرة لا تكون دليلا لفظيا كي يؤخذ باطلاقه أو عمومه بل المعتبر منها المقدار المعلوم المتيقن و حيث انه لم يحرز جريانها في كل مورد حتي مع التهمة لا يمكن الجزم بالمطلوب، و المفروض ان مقتضي الأصل في أمثال المقام عدم كون قوله موافقا مع الواقع و بعبارة اخري: مقتضي الأصل عدم التذكية.

و بتعبير اخر: اذا كان المخبر متهما كما لو اخبر الكافر الذي يكون ذي اليد بتذكية ما في يده لا نجزم بجريان السيرة فيه.

______________________________

(1) لاحظ ص: 648

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 650

[مسألة 13: لا يحل الدبا من الجراد و هو الذي لم يستقل بالطيران]

(مسألة 13): لا يحل الدبا من الجراد و هو الذي لم يستقل بالطيران (1).

______________________________

ثانيهما: ما

رواه ابن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل من أهل المعرفة بالحق يأتيني بالبختج و بقول: قد طبخ علي الثلث و انا اعرف انه يشربه علي النصف أ فأشربه بقوله و هو يشربه علي النصف؟ فقال: لا تشربه، قلت فرجل من غير اهل المعرفة ممن لا نعرفه يشربه علي الثلث و لا يستحله علي النصف يخبرنا ان عنده يختجا علي الثلث قد ذهب ثلثاه و بقي ثلثه يشرب منه؟ قال:

نعم «1».

فان مقتضي هذه الرواية التفصيل في اعتبار قول ذي اليد بالنسبة الي الحلية بين عدم كونه متهما و بين كونه متهما بالقبول في الأول و عدمه في الثاني و استدل سيدنا الاستاد علي المدعي بهذه الرواية «2».

و يمكن الاستدلال علي المدعي أيضا بما روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام انهما قالا في ذبائح اهل الكتاب: فاذا شهدتموهم و قد سموا اسم اللّه فكلوا ذبائحهم و ان لم تشهدوهم فلا تأكلوا و ان اتاك رجل مسلم فاخبرك انهم سموا فكل «3».

فان المستفاد: من هذه الرواية عدم اعتبار قول الكتابي بالنسبة الي تحقق التذكية، و مقتضي اطلاقها بل صراحتها عدم اعتبار قول صاحب اليد و مع عدم اعتباره تصل النوبة الي اصالة عدم التذكية.

(1) قال في الجواهر: «بلا خلاف اجده بل يمكن تحصيل الاجماع عليه

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب الأطعمة و الاشربة الحديث: 4

(2) دروس في فقه الشيعه ج 2 ص: 68

(3) الوسائل الباب 27 من أبواب الذبائح الحديث: 38

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 651

[مسألة 14: إذا اشتعلت النار في موضع فيه الجراد فمات قبل أن يؤخذ حيا حرم أكله]

(مسألة 14): اذا اشتعلت النار في موضع فيه الجراد فمات قبل أن يؤخذ حيا حرم اكله (1) و اذا اشتعلت النار في موضع

فجاء الجراد الذي كان في المواضع المجاورة لذلك و القي نفسه فيه فمات ففي حله بذلك اشكال (2).

اشارة

فصل في الذباحة

[(مسألة 1: يشترط في حل الذبيحة بالذبح أن يكون الذابح مسلما]

(مسألة 1): يشترط في حل الذبيحة بالذبح أن يكون الذابح

______________________________

بل في كشف اللثام الاتفاق عليه» الخ «1» و يدل علي المدعي ما رواه علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الجراد نصيبه ميتا في الماء أو في الصحراء أ يؤكل؟ قال: لا تأكله قال و سألته عن الدبا من الجراد أ يؤكل قال لا يحل حتي يستقل بالطيران «2».

(1) اذ المفروض انه لم يؤخذ و لم يصد و الحال ان ذكاته بصيده مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه عمار «3».

(2) الظاهر ان وجه عدم الجزم انه يمكن أن يقال بالحلية لحديث عمار «4» و لكن الحق أن يقال: ان المستفاد من الدليل ان صيده ذكاته فاذا احرق قبل الصيد لا يكون حلالا، و أما لو فرض امكان كون النار آلة للصيد بأن يؤججها و يصطاده بها حل في هذه الصورة لصدق عنوان الصيد السبب لحصول التذكية.

______________________________

(1) الجواهر ج 36 ص: 178

(2) الوسائل الباب 37 من ابواب الذبائح الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 647

(4) لاحظ ص: 647

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 652

مسلما فلا تحل ذبيحة الكافر و ان كان كتابيا (1).

______________________________

(1) قال في الجواهر: «كاد يكون من ضروريات المذهب في زماننا» و العمدة النصوص الواردة في المقام، فنقول يستفاد من جملة من النصوص حرمة ذبيحة الكافر و ان كان كتابيا لاحظ ما روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام «1» و ما رواه الاعمش قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده فقال له: الغنم يرسل فيها اليهودي و النصراني فتعرض فيها العارضة فيذبح أ نأكل ذبيحته؟ فقال أبو عبد اللّه عليه

السلام لا تدخل ثمنها مالك و لا تأكلها فانما هو الاسم و لا يؤمن عليه الا مسلم. فقال: له الرجل: قال اللّه تعالي (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبٰاتُ وَ طَعٰامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ حِلٌّ لَكُمْ) فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: كان أبي يقول: انما هو الحبوب و اشباهها «2»

و ما رواه ابن منذر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: انا قوم نختلف الي الجبل و الطريق بعيد بيننا و بين الجبل فراسخ فنشتري القطيع و الاثنين و الثلاثة و يكون في القطيع الف و خمس مأئة شاة و الف و ستمائة و الف و سبعمائة شاة فتقع الشاة و الاثنتان و الثلاثة فنسأل الرعاة الذين يجيئون بها عن أديانهم قال: فيقولون نصاري قال: فقلت: أي شي ء قولك في ذبائح اليهود و النصاري؟ فقال: يا حسين الذبيحة بالاسم و لا يؤمن عليها الا أهل التوحيد «3».

و ما رواه الحسين بن المنذر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: انا نتكاري هؤلاء الاكراد في قطاع الغنم و انما هم عبدة النيران و اشباه ذلك فتسقط العارضة فيذبحونها و يبيعونها فقال: ما احب أن تجعله في مالك انما الذبيحة اسم و لا يؤمن علي الاسم الا مسلم «4».

______________________________

(1) لاحظ ص: 650

(2) الوسائل الباب 26 من أبواب الذبائح الحديث: 1

(3) عين المصدر الحديث: 2

(4) عين المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 653

______________________________

و ما رواه ابن سدير قال: دخلنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام انا و أبي فقلنا له:

جعلنا فداك ان لنا خلطاء من النصاري و انا نأتيهم فيذبحون لنا الدجاج و الفراخ و الجداء أ فنأكلها قال: لا تأكلوها و لا تقربوها فانهم يقولون علي

ذبائحهم ما لا احب لكم أكلها- الي أن قال- فقالوا صدق انا لنقول: بسم المسيح «1».

و ما رواه حمران قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في ذبيحة الناصب و اليهودي و النصراني: لا تاكل ذبيحته حتي تسمعه يذكر اسم اللّه فقلت: المجوسي فقال: نعم اذا سمعته يذكر اسم اللّه، أما سمعت قول اللّه: و لا تاكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه 2.

و ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: كل ذبيحة المشرك اذا ذكر اسم اللّه عليها و انت تسمع و لا تاكل ذبيحة نصاري العرب 3.

و ما رواه جميل و محمد بن حمران انهما سألا أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذبائح اليهود و النصاري و المجوس فقال: كل، فقال بعضهم: انهم لا يسمون فقال: فان حضرتموهم فلم يسموا فلا تاكلوا و قال: اذا غاب فكل 4.

و ما رواه حريز قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن ذبائح اليهود و النصاري و المجوس فقال: اذا سمعتم يسمون و شهد لك من رآهم يسمون فكل و ان لم تسمعهم و ان يشهد عندك من رآهم يسمون فلا تأكل ذبيحتهم 5.

و هذه الطائفة لا تدل علي المدعي بل تدل علي الخلاف اذ المستفاد منها ان النهي بلحاظ عدم التسمية.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 27 من ابواب الذبائح الحديث 3 و 31

(2) (3 و 4) عين المصدر الحديث: 32 و 33

(3) (5) عين المصدر الحديث: 39

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 654

______________________________

و تدل جملة اخري من النصوص علي حرمة ذبيحة الكافر بلا تعرض للتسمية منها: ما رواه الأحمسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال، قال له رجل: اصلحك اللّه

ان لنا جارا قصابا فيجي ء بيهودي فيذبح له حتي يشتري منه اليهود فقال: لا تاكل عن ذبيحته و لا تشتر منه «1» و هذه الرواية ضعيفة بالاحمسي.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن نصاري العرب أ تؤكل ذبائحهم فقال: كان علي عليه السلام ينهي عن ذبائحهم و عن صيدهم و مناكحتهم 2.

و الظاهر ان السند تام، و في المقام طائفة اخري من الروايات تدل بالنصوصية علي حرمة ذبيحة الكافر و لو مع التسمية و من تلك الروايات ما رواه زيد الشحام قال سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن ذبيحة الذمي فقال: لا تأكله ان سمي و ان لم يسم 3 و هذه الرواية ضعيفة سندا فان ابن صالح لم يوثق.

و منها: ما رواه ابن علوان عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يقول:

كلوا من طعام المجوس كله ما خلا ذبائحهم فانها لا تحل و ان ذكر اسم اللّه عليها 4 و هذه الرواية تختص بالمجوسي و لا وجه للتعدي عنه.

و يستفاد من جملة من النصوص التفصيل في ذبيحة الكافر بين تحقق التسمية و عدمه و من تلك النصوص ما رواه ابن وهب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذبائح اهل الكتاب فقال: لا بأس اذا ذكر اسم اللّه و لكن اعني منهم من يكون علي أمر موسي و عيسي عليهما السلام 5 و هذه الرواية ضعيفة بابن مرار.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) عين المصدر الحديث: 1 و 6 و 5

(2) (4 و 5) عين المصدر الحديث:

12 و 11

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 655

______________________________

عن ذبيحة اليهود و النصاري هل تحل؟ قال: كل ما ذكر اسم اللّه عليه «1» و هذه الرواية ضعيفة بعبد اللّه بن حسن.

و منها: ما رواه ابن حنظلة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه: فكلوا مما ذكر اسم اللّه عليه قال: أما المجوس فلا فليسوا من اهل الكتاب و أما اليهود و النصاري فلا باس اذا سموا 2 و هذه الرواية ضعيفة بابن حنظلة.

و منها: ما رواه العياشي مرسلا عن حمدان قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في ذبيحة الناصب و اليهودي قال: لا تأكل ذبيحته حتي تسمعه يذكر اسم اللّه أما سمعت اللّه يقول و لا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه 3 و المرسل لا اعتبار به

و منها: ما رواه ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: كل ذبيحة المشرك اذا ذكر اسم اللّه عليها و انت تسمع و لا تأكل ذبيحة نصاري العرب 4 و الظاهر ان الحديث تام سندا.

و منها: ما رواه جميل و محمد بن حمران انهما سألا أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذبائح اليهود و النصاري و المجوس فقال: كل فقال بعضهم: انهم لا يسمون فقال:

فان حضرتموهم فلم يسموا فلا تأكلوا و قال: اذا غاب فكل 5 و الظاهر ان السند تام و منها: ما روي عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام 6 و الظاهر ان الحديث تام سندا.

و منها: ما رواه عامر بن علي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام انا نأكل ذبائح اهل الكتاب و لا ندري يسمون عليها أم لا؟ فقال اذا سمعتم قد سموا فكلوا

______________________________

(1) (1

و 2) عين المصدر الحديث: 14 و 17

(2) (3 و 4 و 5) عين المصدر الحديث: 18 و 32 و 33

(3) (6) لاحظ ص: 650

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 656

______________________________

الحديث «1».

هذه هي النصوص الواردة في المقام و حيث انها لا تعارض فيها و قابلة للجمع العرفي لا وجه لحمل جملة منها علي التقية و رفع اليد عنها، و الجمع بين هذه الروايات يقتضي أن يقال: انه تحل ذبيحة الكافر مع تحقق التسمية.

و يستفاد من جملة من الروايات جواز اكل ذبيحة الكافر و لو مع الاكتفاء باسم المسيح منها: ما رواه عبد الملك بن عمرو قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ما تقول في ذبائح النصاري؟ فقال لا باس بها قلت: فانهم يذكرون عليها المسيح فقال:

انما ارادوا بالمسيح اللّه 2.

و منها: ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذبيحة اليهودي فقال: حلال قلت: و ان سمي المسيح قال: و ان سمي المسيح فانه انما يريد اللّه 3.

و يعارضها ما رواه حنان بن سدير قال: دخلنا علي أبي عبد اللّه عليه السلام أنا و أبي فقلنا له: جعلت فداك ان لنا خلطاء من النصاري و انا نأتيهم فيذبحون لنا الدجاج و الفراخ و الجداء أ فنأكلها قال: لا تأكلوها و لا تقربوها فانهم يقولون علي ذبائحهم ما لا احب لكم أكلها- الي أن قال- فقالوا صدق انا لنقول: بسم المسيح 4.

و الترجيح مع حديث حنان لموافقته مع الكتاب و قد ذكرنا اخيرا انه لا دليل علي الترجيح لا بموافقة الكتاب و لا بمخالفة العامة بل الترجيح منحصر في الأحدثية

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) عين المصدر الحديث: 45 و 35 و

36

(2) (4) عين المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 657

______________________________

و حيث انها مجهولة تصل النوبة الي الأخذ بالاطلاق الكتابي و مقتضاه اشتراط ذكر اسمه تعالي.

و يستفاد من جملة من النصوص عدم جواز ذبح الكافر الأضحية منها ما رواه الحلبي قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذبائح نصاري العرب هل تؤكل فقال كان علي عليه السلام ينهاهم عن أكل ذبائحهم و صيدهم و قال لا يذبح لك يهودي و لا نصراني اضحيتك «1».

و منها: ما رواه أبو بصير يعني المرادي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا يذبح أضحيتك يهودي و لا نصراني و لا مجوسي و ان كانت امرأة فلتذبح لنفسها «2».

و منها: ما رواه أبو حفص عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان عليا عليه السلام كان يقول: لا يذبح ضحاياك اليهود و لا النصاري و لا يذبحها الا مسلم 3.

ثم ان المستفاد من بعض النصوص حرمة ذبيحة المجوسي و لو مع التسمية لاحظ ما رواه ابن علوان عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السلام كان يقول: كلوا من طعام المجوس كله ما خلا ذبائحهم فانها لا تحل و ان ذكر اسم اللّه عليها 4.

و يعارضه ما رواه حمران 5 لكن حديث حمران ضعيف سندا بحمران نعم يكفي للمعارضة ما رواه جميل و محمد بن حمران 6 و بعد المعارضة يكون الترجيح بموافقة الكتاب مع حديث الجواز فان المستفاد من الكتاب اشتراط التسمية و أما الإسلام فلا و علي تقدير عدم الترجيح بموافقة الكتاب يكون الاطلاق الكتابي مرجعا

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 19

(2) (2 و 3) عين المصدر الحديث: 20 و 21

(3) (4 و 5 و 6) لاحظ ص:

654 و 653

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 658

و لا يشترط فيه الايمان فتحل ذبيحة المخالف اذا كان محكوما باسلامه علي الاقوي (1).

______________________________

و مقتضاه الجواز ثم ان المستفاد من بعض النصوص حلية ذبيحة المشرك مع التسمية لاحظ ما رواه ابن مسلم «1» فالنتيجة جواز ذبيحة الكافر و لو كان مشركا.

نعم قد نهي في بعض النصوص عن أكل ذبيحة نصاري العرب منها ما رواه ابن مسلم 2 و منها: ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لا تأكلوا ذبيحة نصاري العرب فانهم ليسوا أهل الكتاب 3.

(1) وفاقا للمشهور علي ما في الجواهر و استدل علي المدعي بوجوه: الوجه الاول الاصل و فيه ان الاصل في أمثال ما نحن فيه يقتضي الاشتراط و التقييد فان مقتضي الاصل عدم كفاية ذبح غير المؤمن و أما اصالة عدم التقييد فلا تثبت الاطلاق الا علي القول بالمثبت الذي لا نقول به، مضافا الي أنها تعارضها اصالة عدم الاطلاق.

الوجه الثاني: ان المستفاد من جملة من النصوص كما مر ان الميزان في الحلية بالتسمية و قد تقدم هذه النصوص بالتفصيل.

الوجه الثالث: السيرة القطعية الخارجية الممضاة قولا و فعلا فانه لا اشكال في جريان السيرة علي معاملة المذكي مع الحيوان الذي ذبحه مسلم اذا كان جامعا للشرائط.

الوجه الرابع: نفي الحرج في الشريعة، بتقريب: ان المستفاد من الشرع ان دين الإسلام سهل و معه لا يمكن اشتراط كون الذابح شيعيا اذ يلزم الحرج الشديد و لا بد من تقريب المدعي بالوجه المذكور لا بتقريب ان دليل الحرج يرفع الاحكام

______________________________

(1) (1 و 2) لاحظ ص: 655

(2) (3) عين المصدر الحديث: 23

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 659

______________________________

الحرجية اذ

قد ثبت في الاصول ان دليل الرفع لا يستفاد منه الا نفي الحكم عن موضوع و أما اثبات حكم اخر لذلك الموضوع أو لموضوع اخر فلا يستفاد منه فلا يمكن استفادة عدم الاشتراط بحديث رفع الحرج في الدين فلا تغفل.

الوجه الخامس: ان مقتضي اطلاق جملة من النصوص كفاية ذبح من دان بكلمة الإسلام و صام و صلي لاحظ ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ذبيحة من دان بكلمة الإسلام و صام و صلي لكم حلال اذا ذكر اسم اللّه تعالي عليه «1».

الوجه السادس: النصوص الدالة علي جواز شراء اللحم و ما يكون في حكمه و حليته من اسواق المسلمين منها: ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الخفاف التي تباع في السوق، فقال: اشتر وصل فيها حتي تعلم انه ميته بعينه «2».

و منها: ما رواه ابن أبي نصر قال: سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فراء لا يدري أذكية هي أم غير ذكية، أ يصلي فيها؟ فقال نعم ليس عليكم المسألة، ان أبا جعفر عليه السلام كان يقول: ان الخوارج ضيقوا علي أنفسهم بجهالتهم، ان الدين أوسع من ذلك 3.

و منها: ما رواه علي بن أبي حمزة ان رجلا سئل أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا عنده عن الرجل يتقلد السيف و يصلي فيه؟ قال نعم، فقال الرجل: ان فيه الكيمخت قال: و ما الكيمخت؟ قال جلود دواب منه ما يكون ذكيا، و منه ما يكون ميتة فقال ما علمت انه ميتة فلا تصل فيه 4 الي غيرها من النصوص.

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من ابواب الذبائح الحديث: 1

(2) (2

و 3 و 4) الوسائل الباب 50 من النجاسات الحديث: 2 و 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 660

و لا تحل اذا كان محكوما بكفره كالناصب (1).

______________________________

فان المستفاد من هذه النصوص بوضوح كفاية ذبح المسلم و لا يشترط بكون الذابح شيعيا.

الوجه السابع: حديث السفرة الذي رواه السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن سفرة و جدت في الطريق مطروحة كثير لحمها و خبزها و جبنها و بيضها و فيها سكين، فقال: امير المؤمنين عليه السلام يقوم ما فيها ثم يؤكل لأنه يفسد و ليس له بقاء- الي أن قال- قيل له يا أمير المؤمنين عليه السلام لا يدري سفرة مسلم أو سفرة مجوسي؟ فقال: هم في سعة حتي يعلموا «1».

الوجه الثامن: اطلاق قوله تعالي: فَكُلُوا مِمّٰا ذُكِرَ اسْمُ اللّٰهِ عَلَيْهِ الاية «2»

و قوله تعالي: وَ مٰا لَكُمْ أَلّٰا تَأْكُلُوا مِمّٰا ذُكِرَ اسْمُ اللّٰهِ عَلَيْهِ الاية 3.

و قوله تعالي، وَ لٰا تَأْكُلُوا مِمّٰا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّٰهِ عَلَيْهِ الاية 4 فان اطلاقها يقتضي حلية ذبيحة كل من يسمي و يذبح الا أن يقوم دليل علي المنع.

و يستفاد من بعض النصوص عدم حلية ذبيحة غير الامامي لاحظ ما رواه زكريا بن آدم قال: قال أبو الحسن عليه السلام: اني انهاك عن ذبيحة كل من كان علي خلاف الذي انت عليه و اصحابك الا في وقت الضرورة اليه 5 و لكن لا يمكن الالتزام بمفاده فان جواز أكل ذبيحة المسلم أمر ظاهر واضح.

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي بتقريبين: احدهما: بعدم الخلاف بل ادعي عليه الاجماع كما في الجواهر فان تم فهو و ان نوقش فيه باحتمال استناد المجمعين

______________________________

(1) عين المصدر

الحديث: 11

(2) (2 و 3 و 4) الانعام/ 118 و 119 و 121

(3) (5) الوسائل الباب 28 من ابواب الذبائح الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 661

______________________________

الي الوجه الثاني من الوجوه المتقدمة التي ذكرناها فيشكل اذ مع هذا الاحتمال لا يكون حجة فيختص الدليل في التقريب الآتي.

ثانيهما: ان الناصبي كافر و لا تجوز ذبيحة الكافر و لكن قد مر الاشكال في هذه الكلية و قلنا مقتضي الجمع بين النصوص حلية ذبيحة الكافر مع التسمية.

نعم يمكن الاستدلال علي المدعي ببعض النصوص لاحظ ما رواه أبو بصير قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ذبيحة الناصب لا تحل «1» و يؤكد المدعي ما رواه أبو بصير أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عن الرجل يشتري اللحم من السوق و عنده من يذبح و يبيع من اخوانه فيتعمد الشراء من النصاب فقال أي شي ء تسألني أن أقول؟ ما يأكل الا مثل الميتة و الدم و لحم الخنزير قلت: سبحان اللّه مثل الدم و الميتة و لحم الخنزير؟ فقال: نعم و اعظم عند اللّه من ذلك ثم قال: ان هذا في قلبه علي المؤمنين مرض 2.

و يؤكد المدعي أيضا ما رواه فضيل بن يسار، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

ذكر النصاب، فقال: لا تناكحهم و لا تأكل ذبيحتهم و لا تسكن معهم 3.

و لكن يستفاد الجواز من حديث حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: لا تأكل ذبيحة الناصب الا أن تسمعه يسمي 4.

فان المستفاد من الحديث جواز ذبيحة الناصب مع التسمية و علي تقدير التعارض يكون الترجيح بموافقة الكتاب مع حديث الجواز بالتقريب الذي قد مناه، الا أن يناقش في سند حديث حمران بأنه

لم يوثق.

لكن لا يبعد أن يقال: لا مجال لهذه المناقشة، قال في الوسائل و روي الكشي

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 28 من أبواب الذبائح الحديث: 2 و 4 و 7

(2) (4) الوسائل الباب 10 من ابواب ما يحرم بالكفر الحديث: 16

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 662

و الخارجي (1) و بعض اقسام الغالي (2).

______________________________

مدحه و كذا غيره و مدائحه كثيرة و قال أبو غالب الزراري في رسالته لولده كان حمران من اكبر مشايخ الشيعة المفضلين الذين لا يشك فيهم و كان احد حملة القرآن و كان عالما بالنحو و اللغة الخ فان العرف يفهم من هذا الكلام كون الرجل كاملا من جميع الجهات الي غير ذلك مما ورد في حقه من المعصوم الدال علي جلالة قدره و قد تعرض سيدنا الاستاد لترجمة الرجل علي نحو التفصيل و حكم باعتبار خبره.

و لكن مع ذلك كله يشكل الجزم بكونه معتبرا لإمكان المناقشة في اسناد روايات التوثيق و علي تقدير تمامية سند حديث حمران، يمكن أن يقال: انه لا تعارض بين حديث المنع و حديث الجواز، فان حديث المنع مطلق من حديث التسمية و حديث الجواز يختص بصورة التسمية و طريق الاحتياط ظاهر.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 10، ص: 662

(1) فانه من أقسام الناصب لأهل البيت عليهم السلام، و قد دل بعض النصوص علي حرمة ذبيحة الحرورية لاحظ ما رواه ابن المختار عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام انه قال لا تحل (لم يحل- ر) ذبائح الحرورية «1».

لكن يعارضه ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه

السلام قال: سألته عن ذبيحة المرجئ و الحروري فقال: كل و قر و استقر حتي يكون ما يكون 2.

و المرجح الكتابي مع حديث الجواز الا أن يستدل علي عدم الجواز بالتسالم و الاتفاق و لولاه تصل النوبة الي الأخذ بما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام لترجيح الاحدث علي ما بنينا عليه من انحصار الترجيح به فلاحظ.

(2) الذي يحكم بكفره كالقائلين بالالوهية بالنسبة الي مولي الموحدين امير المؤمنين عليه السلام فلو قلنا باشتراط الإسلام في الذابح نقول به في المقام و الا

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 28 من أبواب الذبائح الحديث: 3 و 8

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 663

[مسألة 2: يجوز أن تذبح المسلمة]

(مسألة 2): يجوز أن تذبح المسلمة (1).

______________________________

فلا الا أن يقال: ان مقتضي حديث زكريا بن آدم «1» عدم حل ذبيحة غير الشيعي الا في الموارد التي قام الدليل علي الجواز.

(1) قال في الجواهر: «2» «لا خلاف في أنه يجوز أن تذبح المسلمة» الي أن قال «و لا اشكال بل يمكن تحصيل الاجماع عليه» و يمكن الاستدلال مضافا الي ما ذكر باطلاق الاية الشريفة فَكُلُوا مِمّٰا ذُكِرَ اسْمُ اللّٰهِ عَلَيْهِ الاية «3» و قوله تعالي:

وَ مٰا لَكُمْ أَلّٰا تَأْكُلُوا مِمّٰا ذُكِرَ اسْمُ اللّٰهِ عَلَيْهِ الاية 4 و قوله تعالي: وَ لٰا تَأْكُلُوا مِمّٰا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّٰهِ عَلَيْهِ الاية 5.

فان مقتضاه عدم الاشتراط و يمكن الاستدلال علي المدعي باطلاق قوله تعالي «إِلّٰا مٰا ذَكَّيْتُمْ» 6 فان التذكية كما في مجمع البحرين عبارة عن الذبح أو النحر و في مفردات الراغب فسر لفظ التذكية بالذبح، فالتذكية عبارة عن ذبح الحيوان مع شرائطه و عليه لو تمت مقدمات الاطلاق يؤخذ به، و ينفي كل قيد محتمل كما

هو المقرر عند الاصحاب، اضف الي ذلك النصوص الدالة علي المطلوب منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان علي بن الحسين كانت له جارية تذبح له اذا أراد 7.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن ذبيحة الجارية هل تصلح؟ قال: اذا كانت لا تنخع و لا تكسر الرقبة فلا بأس قال: و قد كانت لأهل علي بن الحسين عليه السلام جارية تذبح لهم 8.

______________________________

(1) لاحظ ص: 660

(2) ج 36 ص: 90

(3) (3 و 4 و 5) الانعام/: 118 و 119 و 121

(4) (6) المائدة/ 3

(5) (7 و 8) الوسائل الباب 23 من ابواب الذبائح الحديث: 2 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 664

______________________________

و منها: ما رواه مسعدة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه سئل عن ذبيحة المرأة فقال: اذا كانت مسلمة فذكرت اسم اللّه عليها (فكل- خ) «1».

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كانت لعلي بن الحسين عليه السلام جارية تذبح له اذا أراد «2».

و منها ما رواه ابن علوان عن جعفر بن محمد عن ابيه عن علي عليه السلام انه كان يقول: لا بأس بذبيحة المرأة 3.

و يستفاد من جملة من النصوص النهي عن ذبيحة المرأة الا مع الضرورة منها ما عن جعفر بن محمد عن آبائه في وصية النبي صلي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام قال: يا علي ليس علي النساء جمعة (الي أن قال): و لا تذبح الا عند الضرورة 4.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث

انه سأله عن ذبيحة المرأة فقال: اذا كان نساء ليس معهن رجل فلتذبح اعقلهن و لتذكر اسم اللّه عليه 5.

و منها ما رواه سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذبيحة الغلام و المرأة هل تؤكل؟ فقال: اذا كانت المرأة مسلمة فذكرت اسم اللّه علي ذبيحتها حلت ذبيحتها و كذلك الغلام اذا قوي علي الذبيحة فذكر اسم اللّه و ذلك اذ اخيف فوت الذبيحة و لم يوجد من يذبح غيرهما 6.

و منها مرسل احمد بن محمد قال سأل المرزبان الرضا عليه السلام عن ذبيحة

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) (2 و 3) عين المصدر الحديث: 9 و 12

(3) (4 و 5 و 6) عين المصدر الحديث: 3 و 5 و 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 665

______________________________

الصبي قبل أن يبلغ و ذبيحة المرأة قال: لا بأس بذبيحة الصبي و الخصي و المرأة اذا اضطروا اليه «1».

و اما الحديث الثالث و العاشر فضعيفان سندا فلا اعتبار بهما و اما الحديث الخامس فلا بد من تقييده بالحديث السابع لان الحديث مطلق و السابع مقيد و مقتضي الصناعة تقييد المطلق بالمقيد، فالنتيجة انه لا يجوز ان تذبح المرأة الا عند خوف فوت الذبيحة و لا يكون من يذبحها.

و هل يمكن حمل الحديث الرابع عليه و الحال ان المستفاد منه ان ذبح الجارية كان عادة جارية عنده عليه السلام، اذ قد عبر في الحديث و قد كانت لأهل علي بن الحسين عليه السلام جارية تذبح لهم، فان المستفاد من هذه الجملة ان الجارية المشار اليها كانت قائمة بهذه المهمة و كان ذبحها لهم عملا جاريا و العرف ببابك.

و بعبارة اخري: غير قابل للتقييد بخوف فوت الذبيحة فيقع

التعارض بين الحديثين و المرجح الاول في باب التراجيح موافقة الكتاب و حديث الجواز موافق مع الكتاب بالتقريب الذي تقدم و ملخص ذلك التقريب: ان المحكم في موارد الشك في الاشتراط فيه في التذكية اطلاق قوله تعالي إِلّٰا مٰا ذَكَّيْتُمْ، «2» مضافا الي أن الجواز عند القوم ظاهر واضح، اضف الي ذلك كله ان حديث الجواز أحدث لاحظ ما رواه علي بن جعفر «3» فان الترجيح بالأحدثية مع حديث ابن جعفر و قد ذكرنا اخيرا انحصار الترجيح في الاحدثية ان قلت:

حديث عدم الجواز نقل عن أبي الحسن عليه السلام أيضا لاحظ ما رواه صفوان قال:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) المائده/ 3

(3) لاحظ ص: 663

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 666

و ولد المسلم (1).

______________________________

سأل المرزبان أبا الحسن عليه السلام عن ذبيحة ولد الزنا قد عرفناه بذلك قال:

لا بأس به و المرأة و الصبي اذا اضطروا اليه «1».

قلت: بعد التعارض و التساقط تصل النوبة الي الاطلاقات الاولية الدالة علي الجواز.

(1) قال في الجواهر: لا خلاف في انه يجوز أن تذبح المسلمة و الخصي و الجنب و الحائض و ولد المسلم و ان كان طفلا اذا احسن و الاعمي و ولد الزنا و الأغلف و لا اشكال بل يمكن تحصيل الاجماع عليه لإطلاق الادلة الخ و الامر كما افاده. فان مقتضي الاطلاق الكتابي جوازه، اضف الي ذلك ما دل من النصوص علي الجواز: منها ما رواه سليمان بن خالد «2».

و منها ما رواه عمر بن اذينة: عن غير واحد رواه عنهما ان ذبيحة المراة اذا اجادت و سمت فلا بأس بأكله و كذلك الصبي و كذلك الاعمي اذا سدت «3».

و منها: ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه

عليه السلام قال: سألت عن ذبيحة المرأة و الغلام هل تؤكل؟ قال نعم اذا كانت المرأة مسلمة و ذكرت اسم اللّه عليه حلت ذبيحتها 4.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذبيحة الصبي فقال: اذا تحرك و كان له خمسة أشبار و اطاق الشفرة 5 الحديث.

و منها: ما رواه مسعدة بن صدقه قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن ذبيحة الغلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من ابواب الذبائح

(2) لاحظ ص: 664

(3) (3 و 4) المصدر السابق الحديث: 8 و 11

(4) (5) الوسائل الباب 22 من أبواب الذبائح الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 667

و ان كان طفلا اذا احسن التذكية (1) و كذا الاعمي (2) و الاغلف (3) و الخصي (4) و الجنب (5).

______________________________

فقال: اذا قوي علي الذبح و كان يحسن ان يذبح و ذكر اسم اللّه عليها فكل الحديث «1».

و منها ما رواه عبد الرحمن بن ابي عبد اللّه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: اذا بلغ الصبي خمسة اشبار اكلت ذبيحته 2 لكن المستفاد من حديث ابن خالد 3.

اختصاص الجواز بصورة الضرورة و خوف فوت الذبيحة و عدم وجدان من يذبح فيشكل الا ان يتم الامر بالإجماع و التسالم و اللّه العالم.

(1) لعدم ما يقتضي التفصيل.

(2) كما هو المعروف علي ما في بعض الكلمات و يكفي للجواز المطلقات الاولية و فيها الاطلاق الكتابي مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه ابن اذينة 4.

(3) لعدم الدليل علي التقيد و كفاية الاطلاقات كما مرت الاشارة اليها مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه مسعدة بن صدقة عن جعفر عليه السلام انه سئل عن ذبيحة الاغلف قال:

كان علي عليه السلام لا يري به بأسا 5.

(4) لاحظ ما رواه ابراهيم بن أبي البلاد قال سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن ذبيحة الخصي فقال: لا بأس 6.

(5) لاحظ ما رواه ابن أبي عمير مرسلا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 22 من ابواب الذبائح الحديث: 2 و 3

(2) (3) لاحظ ص: 664

(3) (4) لاحظ ص: 666

(4) (5) الوسائل الباب 17 من ابواب الذبائح الحديث: 3

(5) (6) الوسائل الباب 24 من ابواب الذبائح الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 668

و الحائض (1) و الفاسق (2) و لا يجوز ذبح غير الشاعر بفعله كالمجنون و النائم و السكران (3) نعم الظاهر جواز ذبح المجنون و نحوه اذا كان مميزا في الجملة مع تحقق سائر الشرائط (4).

[مسألة 3: لا يعتبر في الذبح الاختيار]

(مسألة 3): لا يعتبر في الذبح الاختيار فيجوز ذبح المكره و ان كان اكراهه بغير حق (5) كما لا يعتبر أن يكون الذابح ممن يعتقد وجوب

______________________________

بأن يذبح الرجل و هو جنب «1» و تكفي للجواز الاطلاقات الاولية الدالة علي الجواز.

(1) لاحظ ما ارسل عن علي عليه السلام: انه سئل عن الذبح علي غير طهارة فرخص فيه «2». و يكفي الاطلاقات الأولية الدالة علي الجواز.

(2) لا مجال لان يشك فيه فان جوازه أوضح من أن يخفي.

(3) بتقريب: ان المتفاهم من الدليل بحسب الفهم العرفي ما يصدر عن شعور و قصد و اختيار و لذا قال في الجواهر: و أما المكره ففي المسالك اذا اكره علي الذبح فذبح فان بلغ الاكراه حدا يرفع القصد فلا اشكال في عدم حل ذبحه «3».

(4) كما نقل عن المسالك و أورد عليه في الجواهر: «بأن الشارع

الغي فعله و قوله بعد صدق اسم المجنون» الخ فلا اعتبار بذبحه.

و فيه: انه لا دليل علي هذا المدعي فالحق ما أفاده في المسالك و تبعه الماتن فانه لو ميز و قصد يكون مشمولا للمطلقات فلاحظ.

(5) تارة يعلم من الدليل عدم مدخلية القصد و الاختيار في تحقق الحكم الشرعي و اخري يشترط في ترتب الحكم صدور الفعل عن قصد و اختيار- مثلا- حصول الطهارة و زوال النجاسة لا يتوقف علي القصد و الاختيار بل تحصل الطهارة بتحقق

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من ابواب الذبائح الحديث: 1

(2) مستدرك الوسائل الباب 15 من ابواب الذبائح

(3) الجواهر ج 36 ص: 97

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 669

التسمية فيجوز ذبح غيره اذا كان قد سمي (1).

[مسألة 4: يجوز ذبح ولد الزنا إذا كان مسلما بالغا كان أم غيره]

(مسألة 4): يجوز ذبح ولد الزنا اذا كان مسلما بالغا كان أم غيره (2).

[مسألة 5: لا يجوز الذبح بغير الحديد في حال الاختيار]

(مسألة 5): لا يجوز الذبح بغير الحديد في حال الاختيار (3).

______________________________

المطهر بأي نحو كان فلا مدخلية للقصد و الاختيار و الشعور، و أما لو اعتبر فيه القصد فالظاهر ان شمول الدليل للفعل الاكراهي مشكل لأن مقتضي اطلاق حديث رفع ما استكرهوا عليه عدم تحقق الحكم الشرعي، فما أفاده في المتن يشكل الالتزام به.

(1) لإطلاق الدليل فان مقتضاه كفاية تحقق التسمية فيشمل ذبح من لا يعتقد في صورة الاتيان بها مضافا الي دعوي السيرة علي معاملة المذكي مع المأخوذ من مسلم لا يعتقد بها كما في الجواهر.

(2) كما يقتضيه الاطلاق لكن المستفاد من حديث صفوان «1» التقييد بصورة الضرورة و الاضطرار، الا أن يقال: ان القيد يرجع الي ذيل كلامه فيختص بالمرأة و الصبي.

(3) بلا خلاف كما عن الرياض و عندنا كما عن المسالك و اتفاقا كما عن كشف اللثام، و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الذبيحة بالليطة و بالمروة فقال: لا ذكاة الا بحديدة «2».

و منها: رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن ذبيحة العود و الحجر و القصبة فقال: قال علي عليه السلام: لا يصلح الا بالحديدة «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 665

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب الذبائح الحديث: 1

(3) عين المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 670

و ان كان من المعادن المنطبعة كالنحاس و الصفر و الرصاص و الذهب و الفضة فان ذبح بغيره مع القدرة عليه لا يحل المذبوح (1) أما مع عدم القدرة علي الحديد فيجوز الذبح بكل ما

يفري الاوداج و ان كان ليطة او خشبة او حجرا حادا او زجاجة (2).

______________________________

و منها: ما رواه الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: لا يؤكل ما لم يذبح بحديدة «1».

و منها: ما رواه سماعة بن مهران قال: سألته عن الذكاة فقال: لا تذك الا بحديدة نهي عن ذلك أمير المؤمنين عليه السلام 2.

(1) لإطلاق دليل المنع.

(2) اتفاقا كما عن الجواهر و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه ابن الحجاج قال: سألت أبا ابراهيم عليه السلام عن المروة و القصبة و العود يذبح بهن الانسان اذا لم يجد سكينا فقال: اذ افري الاوداج فلا بأس بذلك 3.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس أن تأكل ما ذبح بحجر اذا لم تجد حديدة 4.

و منها: ما رواه زيد الشحام، قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل لم يكن بحضرته سكين أ يذبح بقصبة؟ فقال: اذبح بالحجر و بالعظم و بالقصبة و العود اذا لم تصب الحديدة اذا قطع الحلقوم و خرج الدم فلا بأس به 5.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام في الذبيحة بغير حديدة قال: اذا اضطررت اليها فان لم تجد حديدة فاذبحها بحجر 6.

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 3 و 4

(2) (3 و 4 و 5 و 6) الوسائل الباب 2 من أبواب الذبائح الحديث: 1 و 2 و 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 671

و الاظهر عدم اعتبار خوف فوت الذبيحة في الضرورة (1) و ان كان الاعتبار احوط (2) و في جوازه حينئذ بالسن و

الظفر اشكال (3).

______________________________

(1) لإطلاق النصوص.

(2) خروجا عن شبهة الخلاف فان المحقق قدس سره في الشرائع قيد الجواز بخوف فوت الذبيحة.

(3) الظاهر ان وجه الاشكال استثنائهما عن معقد الاجماع كما يستفاد من كلام الجواهر «1» و يستفاد من حديث ابن علوان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليه السلام انه كان يقول: لا بأس بذبيحة المروة و العود و اشباههما ما خلا السن و العظم «2»، عدم جواز الذبح بالسن و العظم و لكن يقيد في العظم بحديث زيد الشحام «3».

فالنتيجة: ان مقتضي القاعدة عدم الجواز بالسن و الجواز بالعظم و الظفر في حال الضرورة الا أن يقال: يقع التعارض بين دليل عدم جواز الذبح بالسن علي الاطلاق و بين ما يدل علي الجواز بغير الحديد عند الضرورة في رواية محمد بن مسلم «4» بالعموم من وجه و مورد التعارض الذبح بالسن عند الضرورة.

و لكن يمكن أن يقال ان الترجيح بموافقة الكتاب مع دليل الجواز فان اطلاق التذكية يقتضي الجواز، و الذي يهون الخطب ان الرواية الدالة علي الجواز بغير حديدة عند الضرورة مخدوشة سندا بعبيد بن محمد، مضافا الي أنه لا يبعد أن يستفاد منها انه عند الضرورة يجب الذبح بالحجر فلاحظ.

______________________________

(1) ج 36 ص: 102

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب الذبائح الحديث: 5

(3) لاحظ ص: 670

(4) لاحظ ص: 670

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 672

و لا يبعد جواز الذبح اختيارا بالمنجل و نحو مما يقطع الاوداج و لو بصعوبة (1) و ان كان الاحوط الاقتصار علي حال الضرورة (2).

[مسألة 6: الواجب قطع الأعضاء الأربعة]

(مسألة 6): الواجب قطع الاعضاء الاربعة و هي: المري و هو مجري الطعام، و الحلقوم و هو مجري النفس و محله فوق المري، و

الودجان و هما عرقان محيطان بالحلقوم و المري (3) و في الاجتزاء بفريها من دون قطع اشكال (4).

______________________________

(1) فان المستفاد من النصوص بحسب الفهم العرفي جوازه بكل شي ء حاد قابل لأن يقطع به.

(2) لاحتمال انصراف النصوص الي غيره و لا اشكال في حسن الاحتياط.

(3) هذا هو المشهور بين القوم علي ما في الجواهر، بل نقل عليه الاجماع فان قام اجماع تعبدي كاشف فهو و الا فللمناقشة مجال اذ بمقتضي بعض النصوص يمكن أن يقال: بكفاية قطع الحلقوم و خروج الدم لاحظ ما رواه زيد الشحام «1» فان مقتضي هذا الحديث كفاية قطع الحلقوم و خروج الدم نعم مقتضي حديث ابن الحجاج «2» لزوم فري الاوداج الأربعة كما في المتن، و لكن مقتضي تخصيص كل من الدليلين بالاخر كفاية أحد الامرين اما فري الاوداج الاربعة و اما قطع الحلقوم مع خروج الدم و بعبارة اخري: مقتضي القاعدة تقييد كل من المفهومين بمنطوق الاخر.

(4) اذ وقع الخلاف في معني الفري بأن معناه القطع أو الشق و حيث ان الحلية قد علقت علي الفري و لا يحصل الجزم بحصوله الا مع القطع يلزم تحقق

______________________________

(1) لاحظ ص: 670

(2) لاحظ ص: 670

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 673

و كذا الاشكال في الاجتزاء بقطع الحلقوم وحده (1) و ان كان الاظهر عدمه (2).

[مسألة 7: الظاهر أن قطع تمام الأعضاء يلازم بقاء الخرزة المسماة في عرفتا (بالجوزة) في العنق]

(مسألة 7): الظاهر ان قطع تمام الاعضاء يلازم بقاء الخرزة المسماة في عرفتا (بالجوزة) في العنق فلو بقي شي ء منها في الجسد لم يتحقق قطع تمامها كما شهد بذلك بعض الممارسين المختبرين (3).

______________________________

القطع.

(1) قد ظهر وجه الاشكال.

(2) قد ظهر مما ذكرنا الاشكال في ما أفاده فيما خرج الدم.

(3) الذي يستفاد من النصوص ان الحكم مترتب علي اجادة الذبح لاحظ

ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: و ان ذبحت ذبيحة فاجدت الذبح فوقعت في النار أو في الماء او من فوق بيتك اذا كنت قد أجدت الذبح فكل «1».

و ما رواه محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يذبح و لا يسمي، قال: ان كان ناسيا فلا بأس اذا كان مسلما و كان يحسن أن يذبح و لا يقطع الرقبة بعد ما يذبح «2».

و ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه سأله عن الرجل يذبح فينسي أن يسمي أ تؤكل ذبيحته؟ فقال: نعم اذا كان لا يتهم و كان يحسن الذبح الحديث 3 فلو كان بقاء مقدار من الخرزة في الجسد كاشفا عن عدم تحقق الموضوع يكشف بقائها في الجسد عن عدم الحلية بلحاظ عدم تمامية الموضوع الشرعي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من ابواب الذبائح الحديث: 1

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 15 من أبواب الذبائح الحديث: 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 674

[مسألة 8: يعتبر قصد الذبح]

(مسألة 8): يعتبر قصد الذبح فلو وقع السكين من يده علي الاعضاء الاربعة فقطعها لم يحل و ان سمي حين اصاب الاعضاء (1) و كذا لو كان قصد بتحريك السكين علي المذبح شيئا غير الذبح فقطع الاعضاء او كان سكرانا او مغمي عليه او مجنونا غير مميز علي ما تقدم (2).

[مسألة 9: الظاهر عدم وجوب تتابع قطع الأعضاء]

(مسألة 9): الظاهر عدم وجوب تتابع قطع الاعضاء فلو قطع بعضها ثم ارسلها ثم اخذها فقطع الباقي قبل أن تموت حل لحمها (3) و لكن الاحتياط بالتتابع اولي و احسن (4).

[مسألة 10: ذهب جماعة كثيرة إلي أنه يشترط في حل الذبيحة استقرار الحياة]

(مسألة 10): ذهب جماعة كثيرة الي أنه يشترط في حل الذبيحة استقرار الحياة بمعني امكان أن يعيش مثلها اليوم و الايام و ذهب الآخرون الي عدم اشتراط ذلك و هو الاقوي (5) نعم يشترط الحياة

______________________________

(1) لعدم صدق الموضوع اذ فرض عدم تحقق الذبح منه.

(2) قد مر الكلام حوله و قلنا لعله من باب الظهور العرفي بأن يفهم العرف من الدليل ان الموضوع للحلية ما يكون عن قصد و شعور و تمييز.

(3) لإطلاق الدليل.

(4) بل أوجبه بعضهم بدعوي انه مع عدم التتابع لا تكون الحياة مستقرة فيقع الذبح علي الميت و فيه: انه اخص من المدعي اذ يمكن استقرار الحياة مع قطع بعض الاوداج، مضافا الي أن عدم استقرار الحياة لا يقتضي أن يصدق عنوان الميت علي الحيوان و لكن لا اشكال في حسن الاحتياط لا سيما في المقام.

(5) و الوجه فيه ان التذكية تقع علي الحيوان الحي و مع فرض الحياة يتحقق الموضوع فلا وجه لاستقرار الحياة.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 675

حال قطع الاعضاء بالمعني المقابل للموت فلا تحل الذبيحة بالذبح اذا كانت ميتة و هذا مما لا اشكال فيه (1) و علي هذا فلو قطعت رقبة الذبيحة من فوق و بقيت فيها الحياة فقطعت الاعضاء علي الوجه المشروع حلت و كذا اذا شق بطنها و انتزعت أمعاؤها فلم تمت بذلك فانها اذا ذبحت حلت و كذا اذا عقرها سبع أو ذئب او ضربت بسيف او بندقية و اشرفت علي الموت فذبحت قبل أن

تموت فانها تحل (2).

[مسألة 11: لو أخذ الذابح بالذبح فشق آخر بطنه و انتزع إمعاءه مقارنا للذبح فالظاهر حل لحمه]

(مسألة 11): لو اخذ الذابح بالذبح فشق آخر بطنه و انتزع امعاءه مقارنا للذبح فالظاهر حل لحمه و كذا الحكم في كل فعل يزهق اذا كان مقارنا للذبح (3).

______________________________

(1) بلا اشكال و لا كلام و ما أفاده من الواضحات الاولية فان التذكية لا تقع علي الميت.

(2) كل ذلك للإطلاق.

(3) بتقريب: ان التذكية وقعت علي الحيوان الحي و الموضوع للحلية قد تحقق في الخارج و لا دليل علي اشتراط عدم ما فرض في المتن فلا وجه للإشكال و ربما يقال: يستفاد من النصوص الواردة في الصيد ان الاشتراك في السبب يوجب الحرمة لاحظ ما رواه أبو عبيدة في حديث صيد الكلب قال: و ان وجدت معه كلبا غير معلم فلا تأكل منه «1».

و ما رواه محمد بن علي بن الحسين قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام اذا ارسلت كلبك علي صيد و شاركه كلب آخر فلا تأكل منه الا أن تدرك ذكاته «2» و فيه:

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب الصيد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 676

و لكن الاحتياط اولي (1).

[مسألة 12: لا يعتبر اتحاد الذابح]

(مسألة 12): لا يعتبر اتحاد الذابح فيجوز وقوع الذبح من اثنين علي سبيل الاشتراك مقترنين بأن يأخذا السكين بيديهما و يذبحا معا او يقطع احدهما بعض الاعضاء و الاخر الباقي دفعة أو علي التدريج بأن يقطع احدهما بعض الاعضاء ثم يقطع الاخر الباقي (2).

______________________________

اولا انه حكم وارد في الصيد و لا وجه للقياس بعد تمامية الموضوع في المقام و ثانيا:

ان المستفاد من حديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن قوم ارسلوا كلابهم و هي معلمة كلها و قد سموا عليها فلما أن مضت الكلاب

دخل فيها كلب غريب لا يعرفون له صاحبا فاشتركت جميعها في الصيد، فقال: لا يؤكل منه لأنك لا تدري أخذه معلم أم لا «1»، ان الموجب للحرمة هناك احتمال ان الكلب غير الصيود قتل الصيد بخلاف المقام، و اذا وصلت النوبة الي الشك يكون اطلاق الكتاب «2» محكما، فان اطلاق عنوان التذكية يقتضي نفي القيود المحتملة فلا تصل النوبة الي الاصل فلاحظ.

(1) لعله للخروج عن شبهة الخلاف.

(2) الذي يختلج ببالي القاصر في هذه العجالة: ان المستفاد من بعض النصوص اشتراط اتحاد الذابح لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج و ما رواه الشحام و ما رواه ابن مسلم «3» فان المستفاد من هذه الروايات بحسب الفهم العرفي أن يكون الذابح واحدا فتأمل.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) المائدة/ 3

(3) لاحظ ص: 670

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 677

و تجب التسمية عليهما معا و لا يحتزأ بتسمية احدهما علي الاقوي (1).

[مسألة 13: إذا اخطأ الذابح فذبح من فوق الجوزة و التفت فذبحها من تحت الجوزة قبل أن تموت حل لحمها]

(مسألة 13): اذا اخطأ الذابح فذبح من فوق الجوزة و التفت فذبحها من تحت الجوزة قبل أن تموت حل لحمها كما تقدم (2).

[مسألة 14: إذا قطع بعض الأعضاء الأربعة علي غير النهج الشرعي]

(مسألة 14): اذا قطع بعض الاعضاء الاربعة علي غير النهج الشرعي بأن ضربها شخص بآلة فانقطع بعض الاعضاء او عضها الذئب فقطعه باسنانه او غير ذلك و بقيت الحياة و كان بعض الاعضاء سالما امكنت تذكيتها بقطع العضو الباقي و بفري العضو المقطوع من فوق

______________________________

(1) ان لم نقل باشتراط وحدة الذابح كما يقول به الماتن فالظاهر عدم وجوب تعدد التسمية، و يدل علي المدعي اطلاق الكتاب فان قوله تعالي: فَكُلُوا مِمّٰا ذُكِرَ اسْمُ اللّٰهِ عَلَيْهِ باطلاقه يقتضي الاكتفاء بطبيعي التسمية، و يدل علي المدعي من السنة ما رواه ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: و لا تأكل من ذبيحة ما لم يذكر اسم اللّه عليها «1» فان المستفاد من هذا الحديث كفاية مطلق التسمية.

ان قلت: المستفاد من حديث آخر لابن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يذبح و لا يسمي قال: ان كان ناسيا فلا بأس اذا كان مسلما و كان يحسن أن يذبح و لا ينخع و لا يقطع الرقبة بعد ما يذبح 2، وجوب التسمية للذابح علي الاطلاق.

قلت: الظاهر من هذه الرواية كون الذابح واحدا فلا يشمل مورد تعدده، و مع الإغماض و تسلم المعارضة تصل النوبة الي الترجيح و الترجيح بموافقة الكتاب مع دليل الاجتزاء كما انه مع المعارضة و التساقط يكون المرجع الاطلاق الكتابي

(2) فراجع.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 15 من ابواب الذبائح الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 678

محل القطع من العضو المقطوع او من تحته و

تحل بذلك (1، نعم اذا قطع الذئب او غيره تمام العضو فلم يبق ما يكون قابلا للفري حرمت (2).

[مسألة 15: إذا ذبحت الذبيحة ثم وقعت في نار أو ماء أو سقطت إلي الأرض من شاهق أو نحو ذلك مما يوجب زوال الحياة لم تحرم]

(مسألة 15): اذا ذبحت الذبيحة ثم وقعت في نار أو ماء او سقطت الي الارض من شاهق او نحو ذلك مما يوجب زوال الحياة لم تحرم (3) و ليس الحكم كذلك في الصيد كما تقدم فتفترق التذكية

______________________________

(1) بتقريب ان الموضوع للتذكية الشرعية يتحقق بالنحو المذكور فيترتب عليه الحكم و بعبارة اخري: ان التذكية لا تحصل الا بقطع الاوداج و مع بقاء بعضها يتحقق الموضوع و فيه: ان التذكية لا تحصل الا بقطع الاوداج و المفروض عدم امكانه لانقطاع بعض الاعضاء و لو كفي فري المقطوع كما في المتن فليكن كافيا في صورة قطع تمام الاعضاء.

و بعبارة اخري: لا وجه للتفصيل المذكور في المتن و يظهر من الجواهر امكان التذكية مع بقاء الحياة و لو مع قطع تمام الاعضاء «1».

و صفوة القول: ان موضوع التذكية قطع الاوداج و مع قطع جميعها أو بعضها لو التزمنا بعدم امكان تحقق الموضوع بعد لاستحالة تحصيل الحاصل فلا فرق بين قطع جميعها و قطع بعضها و ان قلنا: ان الموضوع عبارة عن القطع و يصدق هذا العنوان و لو بالفرد الثاني من المفهوم فأيضا لا وجه للتفريق و لا يبعد أن يقال لا يصدق عنوان الموضوع بعد قطع الاعضاء أو بعضها.

(2) لعدم بقاء الموضوع علي الفرض فلا مجال للتذكية، لكن قد مر الاشكال في التفصيل فلاحظ.

(3) بتقريب ان الموضوع الشرعي يتحقق و بتحققه يحصل الحل فلا وجه

______________________________

(1) الجواهر ج 36 ص: 153

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 679

بالصيد عن التذكية بالذبح فانه يعتبر في الاول العلم باستناد الموت اليها و لا يعتبر

ذلك في الثانية (1).

[مسألة 16: يشترط في التذكية بالذبح أمور]
اشارة

(مسألة 16): يشترط في التذكية بالذبح امور:

[الأول: الاستقبال بالذبيحة حال الذبح]
اشارة

(الاول): الاستقبال بالذبيحة حال الذبح بأن يوجه مقاديمها و يذبحها الي القبلة (2) فان اخل بذلك عالما عامدا حرمت (3) و ان كان ناسيا او جاهلا بالحكم او خطأ منه في القبلة بأن وجهها الي جهة اعتقد انها القبلة فتبين الخلاف لم تحرم في جميع ذلك (4) و كذا اذا لم يعرف

______________________________

للحرمة.

(1) و الفارق النص فراجع ما ذكرناه هناك.

(2) ادعي في الجواهر عدم الخلاف بل ادعي الاجماع بقسميه عليه و يدل علي المدعي من النصوص ما رواه ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال، سألته عن الذبيحة فقال: استقبل بذبيحتك القبلة «1» فان المستفاد من الحديث اشتراط الذبح بكون الذبيحة مستقبلة القبلة.

(3) بلا اشكال فان المشروط ينتفي بانتفاء شرطه.

(4) فانه يستفاد من جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم قال، سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل ذبح ذبيحة فجهل أن يوجهها الي القبلة، قال: كل منها، فقلت له: فانه لم يوجهها فقال: فلا تأكل منها و لا تأكل من ذبيحة ما لم يذكر اسم اللّه عليها، و قال: اذا اردت أن تذبح فاستقبل بذبيحتك القبلة «2»

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الذبيحة تذبح

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من ابواب الذبائح الحديث: 1

(2) عين المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 680

القبلة او لم يتمكن من توجيهها اليها و اضطر الي تذكيتها كالحيوان المستعصي أو الواقع في بئر و نحوه (1).

[مسألة 17: لا يشترط استقبال الذابح و إن كان أحوط]

(مسألة 17): لا يشترط استقبال الذابح (2) و ان كان احوط (3).

[مسألة 18: إذا خاف موت الذبيحة لو اشتغل بالاستقبال بها فالظاهر عدم لزومه]

(مسألة 18): اذا خاف موت الذبيحة لو اشتغل بالاستقبال بها فالظاهر عدم لزومه (4).

______________________________

لغير القبلة، فقال: كل و لا بأس اذا لم يتعمد الحديث «1».

و منها: ما رواه ابن مسلم قال: سئل أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذبيحة ذبحت لغير القبلة، فقال: كل و لا بأس بذلك ما لم يتعمده 2.

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن اخيه قال: سألته عن الرجل يذبح علي غير قبلة قال: لا بأس اذا لم يتعمد الحديث 3.

(1) بتقريب: انه لا يصدق عنوان العمد، و يرد عليه ان الجهل مع الالتفات لا يوجب عدم صدق التعمد و عليه فمجرد الجهل بالحكم أو الموضوع لا يقتضي نفي الاشتراط، و مما ذكرنا يظهر الاشكال في صورة عدم امكان التوجيه، و أما الحيوان المستعصي فقد مر الكلام حوله، و صفوة القول: انه تارة يكون موضوع الجواز وجود العذر و اخري عدم صدق العمد و بين العنوانين بون بعيد فلاحظ.

(2) لعدم المقتضي للاشتراط فان المستفاد من الدليل لزوم استقبال القبلة بالذبيحة.

(3) لا اشكال في حسن الاحتياط.

(4) بتقريب انه مع الفرض المذكور لا يصدق عنوان التعمد و قد مر ان العذر

______________________________

(1) (1 و 2) عين المصدر الحديث: 3 و 4

(2) (3) عين المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 681

[مسألة 19: يجوز في وضع الذبيحة علي الأرض حال الذبح أن يضعها علي الجانب الأيمن]

(مسألة 19): يجوز في وضع الذبيحة علي الارض حال الذبح أن يضعها علي الجانب الايمن كهيئة الميت حال الدفن و أن يضعها علي الايسر و يجوز أن يذبحها و هي قائمة مستقبلة القبلة (1).

[الثاني: التسمية من الذابح مع الالتفات]
اشارة

الثاني: التسمية من الذابح مع الالتفات (2) و لو تركها عمدا حرمت الذبيحة (3) و لو تركها نسيانا لم تحرم (4) و الاحوط استحبابا الاتيان بها عند الذكر (5).

______________________________

لا يوجب سلب العنوان.

(1) لصدق العنوان المأخوذ في الدليل و مقتضي الاطلاق كفاية جميع الافراد المنطبق عليها العنوان.

(2) كتابا و سنة و اجماعا فان مقتضي قوله تعالي: وَ لٰا تَأْكُلُوا مِمّٰا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّٰهِ عَلَيْهِ الاية «1» عدم جواز أكل ما لم يسم عليه و أما السنة فتدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: و لا تأكل من ذبيحة ما لم يذكر اسم اللّه عليها «2» و أما الاجماع فقد ادعي في الجواهر قيامه عليه بقسميه «3».

(3) كما هو ظاهر.

(4) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه سأله عن الرجل يذبح فينسي أن يسمي أ تؤكل ذبيحته؟ فقال: نعم اذا كان لا يتهم و كان يحسن الذبح قبل ذلك و لا ينخع و لا يكسر الرقبة حتي تبرد الذبيحة «4».

(5) لاحظ ما رواه ابن مسلم في حديث انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل

______________________________

(1) الانعام/ 121

(2) الوسائل الباب 15 من ابواب الذبائح الحديث: 1

(3) الجواهر ج 36 ص: 113

(4) الوسائل الباب 15 من ابواب الذبائح الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 682

و لو تركها جهلا بالحكم فالظاهر الحرمة (1).

[مسألة 20: الظاهر لزوم الإتيان بالتسمية]

(مسألة 20): الظاهر لزوم الاتيان بالتسمية بعنوان كونها علي الذبيحة من جهة الذبح و لا تجزي التسمية الاتفاقية أو المقصود منها عنوان آخر (2) و الظاهر لزوم الاتيان بها عند الذبح مقارنة له عرفا و لا

يجزي الاتيان بها عند مقدمات الذبح كربط المذبوح (3).

[مسألة 21: يجوز ذبح الأخرس]

(مسألة 21): يجوز ذبح الاخرس و تسميته تحريك لسانه و اشارته باصبعه (4).

[مسألة 22: يكفي في التسمية الإتيان بذكر اللّه تعالي]

(مسألة 22): يكفي في التسمية الاتيان بذكر اللّه تعالي مقترنا

______________________________

ذبح و لم يسم فقال ان كان ناسيا فليسم حين يذكر و يقول بسم اللّه علي اوله و (علي خ) آخره «1».

فان الظاهر منه و ان كان مقتضيا للوجوب و لكن الظاهر عدم الخلاف عندهم في عدم الوجوب فيحمل علي الاستحباب.

(1) اذ لا وجه لسقوط الشرطية و مقتضي الاشتراط عدم تحقق التذكية عند الجهل.

(2) فانه الظاهر من الدليل عرفا اذ العرف يفهم من الادلة كون اللازم الاتيان بها بهذا العنوان فلاحظ.

(3) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال من لم يسم اذا ذبح فلا تأكله «2» فان الظاهر من الحديث لزوم مقارنة التسمية مع الذبح.

(4) علي ما هو المقرر عند القوم من كفاية اشارة الاخرس مع كونه قاصدا.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 683

بالتعظيم مثل: اللّه اكبر و الحمد للّه و بسم اللّه و في الاكتفاء بمجرد ذكر الاسم الشريف اشكال كما تقدم في الصيد (1)

[الثالث: خروج الدم المعتدل علي النحو المتعارف علي الأحوط]

الثالث: خروج الدم المعتدل علي النحو المتعارف علي الاحوط لو لم يكن اقوي (2) فلو لم

______________________________

(1) و قد تقدم الكلام هناك فراجع.

(2) يمكن أن يكون ناظرا فيما افاده الي قوله عليه السلام في حديث سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا بأس به اذا سال الدم «1» فان المستفاد من هذا الحديث ترتب الحلية علي سيلان الدم بعد الذبح، لكن هذا وارد في مورد خاص و هو مورد ابانة الرأس و قطعه فلا وجه للحكم به علي الاطلاق.

و أما خبر محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن مسلم ذبح و سمي فسبقته السكين بحدتها

فأبان الرأس فقال: ان خرج الدم فكل 2.

فالمناط خروج الدم كما ان الامر كذلك في حديث زيد الشحام قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل لم يكن بحضرته سكين- الي أن قال- اذا قطع الحلقوم و خرج الدم فلا بأس به 3.

و يمكن أن يقال: ان العرف يفهم من قوله عليه السلام خرج الدم أن يكون خروجه علي النحو المتعارف و لكن الجزم بكون الظهور كذلك مشكل.

و أما حديث حسن بن مسلم قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام اذ جاءه محمد بن عبد السلام الي أن قال: فان كان الرجل الذي ذبح البقرة حين ذبح خرج الدم معتد لا فكلوا و اطعموا و ان كان خرج خروجا متثاقلا فلا تقربوه 4، فهو ضعيف سندا.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 9 من ابواب الذبائح الحديث: 4 و 2

(2) (3) الوسائل الباب 2 من أبواب الذبائح الحديث: 3

(3) (4) الفروع من الكافي ج 6 ص: 232 حديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 684

يخرج الدم او خرج متثاقلا او متقاطرا لم تحل (1) و ان علم حياتها حال الذبح (2) و العبرة في ذلك بملاحظة نوع الحيوان، فقد يكون الحيوان و لو من جهة المرض يخرج منه الدم متثاقلا متقاطرا لكنه متعارف في نوعه فلا يضر ذلك بحليته (3)

[الرابع: أن يكون الذبح من المذبح]

الرابع: أن يكون الذبح من المذبح فلا يجوز أن يكون من القفاء (4) بل الاحوط وضع السكين

______________________________

(1) أما في صورة عدم الخروج فالوجه واضح فان مقتضي الشرطية بحسب المفهوم الحرمة و أما في صورة خروجه متثاقلا أو متقاطرا فلما تقدم من ظهور الدليل في كون الخروج علي النحو المتعارف.

(2) بأن يقال يكفي أحد الامرين لكن

مقتضي حديث الشحام اشتراطه علي الاطلاق. و بعبارة اخري: ان لخروج الدم موضوعية بحسب ما يفهم من الدليل فلاحظ.

(3) فان المتعارف يختلف بحسب اختلاف حالات الحيوان.

(4) للنصوص: منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: و لا تأكل ذبيحة لم تذبح من مذبحها «1».

و منها: ما رواه معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام النحر في اللبة و الذبح في الحلق 2.

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل ضرب بسيفه جزورا أو شاة في غير مذبحها و قد سمي حين ضرب قال: لا يصلح أكل ذبيحة لا تذبح من مذبحها يعني اذا تعمد ذلك و لم تكن حاله حال اضطرار، فأما اذا اضطر اليه و استصعب عليه ما يريد أن يذبح فلا بأس بذلك 3.

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 4 من أبواب الذبائح الحديث: 1 و 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 685

علي المذبح ثم قطع الاوداج فلا يكفي ادخال السكين تحت الاوداج ثم قطعها الي الفوق (1).

[مسألة 23: إذا شك في حياة الذبيحة كفي في الحكم بها حدوث حركة بعد تمامية الذبح]

(مسألة 23): اذا شك في حياة الذبيحة كفي في الحكم بها حدوث حركة بعد تمامية الذبح و ان كانت قليلة مثل أن تطرف عينها او تحرك ذنبها او اذنها أو تركض برجلها او نحو ذلك و لا حاجة الي هذه الحركة اذا علم بحياتها حال الذبح (2).

______________________________

(1) لا يبعد أن يكون الوجه فيه الظهور العرفي.

(2) لا يبعد أن يكون المستفاد من حديث أبي بصير يعني المرادي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الشاة تذبح فلا تتحرك و يهراق منها دم كثير عبيط، فقال لا تأكل، ان

عليا عليه السلام كان يقول اذا ركضت الرجل أو طرفت العين فكل «1» بحسب الظهور العرفي لزوم حركة الحيوان بعد الذبح و بعبارة اخري: حمل الحديث علي الطريقية المحضة مشكل و في المقام طائفة اخري من النصوص منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: كل شي ء من الحيوان غير الخنزير و النطيحة و المتردية و ما أكل السبع- الي أن قال- و عين تطرف أو قائمة تركض أو ذنب يمصع فقد ادركت ذكاته فكله، الحديث «2».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الذبيحة فقال: اذا تحرك الذنب أو الطرف أو الاذن فهو ذكي 3.

و منها: ما رواه رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في الشاة اذا طرفت عينها أو حركت ذنبها فهي ذكية 4.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب الذبائح الحديث: 1

(2) (2 و 3 و 4) الوسائل الباب 11 من ابواب الذبائح الحديث: 1 و 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 686

[مسألة 24: الأحوط عدم قطع رأس الذبيحة عمدا]

(مسألة 24): الاحوط عدم قطع رأس الذبيحة عمدا (1) و لا بأس به اذا لم يكن عن عمد بل كان لغفلة او سبقته السكين أو غير ذلك (2).

______________________________

و منها: ما رواه ابان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا شككت في حياة شاة فرأيتها تطرف عينها أو تحرك اذنيها أو تمصع بذنبها فاذبحها فانها لك حلال «1»، لا يبعد أن يكون المستفاد منها ان الحيوان اذا كان بحيث يتحرك بهذا المقدار يكون قابلا للتذكية.

بل حديث ابان بن تغلب يكون صريحا، لكن الحديث ضعيف سندا فيقع التعارض بين الدال علي الطريقية و الموضوعية و حيث لا

مرجح بالأحدثية تصل النوبة الي الاطلاق الكتابي.

(1) لا يبعد أن يستفاد من بعض النصوص اشتراط التذكية بعدم التعمد في قطع الرأس لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن رجل ذبح طيرا فقطع رأسه أ يؤكل منه؟ قال: نعم و لكن لا يتعمد قطع رأسه «2».

و ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل ذبح فقطع الرأس قبل أن تبرد الذبيحة كان ذلك منه خطأ أو سبقه السكين، أ يؤكل ذلك قال: نعم و لكن لا يعود 3.

(2) فان المستفاد من نصوص الباب التفصيل و يظهر من الجواهر 4 الحلية حتي مع العمد استنادا الي اطلاق الادلة و قال في جملة كلام له بل لو جعل

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من أبواب الذبائح الحديث: 5

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 9 من أبواب الذبائح الحديث: 5 و 7

(3) (4) ج 36 ص: 122

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 687

كما ان الاحوط أن لا تنخع الذبيحة عمدا بأن يصاب نخاعها حين الذبح و المراد به الخيط الابيض الممتد في وسط الفقار من الرقبة الي الذنب (1).

[مسألة 25: تختص الإبل من بين البهائم بأن تذكيتها بالنحر]

(مسألة 25): تختص الابل من بين البهائم بأن تذكيتها بالنحر (2).

______________________________

السكين مفعولا في حديث حسين بن علوان المتقدم كان كالصريح في حل الأكل حينئذ و كذا صحيح الطير و يرد عليه: انه سلمنا ان السكين يكون مفعولا في خبر حسين لكن لا اشكال في أن دلالة الخبر علي الحلية بالاطلاق من حيث التعمد و عدمه و يستفاد من خبر الطير انه لو قطع عمدا يحرم.

(1) لاحظ حديث ابن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الذبيحة فقال

استقبل بذبيحتك القبلة و لا تنخعها حتي تموت الحديث «1».

و حديث الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا تنخع الذبيحة حتي تموت فاذا ماتت فانخعها 2.

(2) بلا خلاف كما يظهر من الجواهر بل ادعي عليه الاجماع و السيرة الخارجية برهان واضح علي المدعي و يؤيد المقصود ما أرسله الصدوق قال، قال الصادق عليه السلام: كل منحور مذبوح حرام و كل مذبوح منحور حرام 3.

فان المستفاد من هذه المرسلة: ان الحيوان علي قسمين قسم لا بد فيه من الذبح و قسم لا بد فيه من النحر و من الواضح ان النحر يجوز بالنسبة الي الابل فلا يجوز فيه الذبح و يؤكد المدعي ما عن أبي جعفر عليه السلام انه سئل عن البعير يذبح أو ينحر قال السنة أن ينحر قيل كيف ينحر قال يقام قائما حيال القبله و تعقل يده الواحدة و يقوم الذي ينحره حيال القبلة فيضرب في لبته بالشفرة حتي تقطع

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 6 من ابواب الذبائح الحديث: 1 و 2

(2) (3) الوسائل الباب 5 من أبواب الذبائح الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 688

و لا يجوز ذلك في غيرها (1) فلو ذكي الابل بالذبح أو ذكي غيرها بالنحر لم يحل (2) نعم لو ادرك ذكاته بأن نحر غير الابل و امكن ذبحه قبل أن يموت فذبحه حل و كذا لو ذبح الابل ثم نحرها قبل أن تموت حلت (3).

[مسألة 26: لا يجب في الذبح ان يكون الذبح في أعلي الرقبة]

(مسألة 26): لا يجب في الذبح ان يكون الذبح في اعلي الرقبة بل يجوز أن يكون في وسطها و في اسفلها اذا تحقق قطع الاوداج الاربعة (4).

______________________________

و تفري «1» بل يمكن الاستدلال علي المدعي بالنصوص الواردة في كيفية النحر:

منها: ما رواه الكناني قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام كيف تنحر البدنة؟

فقال: تنحر و هي قائمة من قبل اليمين «2» فان المستفاد من الحديث انه لا اشكال في أن البدنة تنحر و انما السؤال عن كيفيته فلاحظ.

(1) لعدم الدليل علي الجواز بل الدليل قائم علي عدمه، لاحظ حديث صفوان قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن ذبح البقر من المنحر فقال: للبقر الذبح و ما نحر فليس بذكي «3».

(2) كما هو ظاهر اذ علي الفرض لا تتحقق التذكية الشرعية فلا تحل.

(3) الامر كما افاده اذ عليه تحقق التذكية الشرعية فتحل فلاحظ.

(4) لعدم الدليل علي التقييد و مقتضي الاطلاق كفاية ما قرر في الشرع علي أي

______________________________

(1) المستدرك الباب 2 من ابواب الذبائح الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 35 من أبواب الذبح من كتاب الحج الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب الذبائح الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 689

[مسألة 27: كيفية النحر أن يدخل الآلة من سكين او غيره حتي مثل المنجل في اللبة]

(مسألة 27): كيفية النحر أن يدخل الآلة من سكين او غيره حتي مثل المنجل في اللبة و هو الموضع المنخفض الواقع في أعلي الصدر متصلا بالعنق (1) و يشترط في الناحر ما يشترط في الذابح و في آلة النحر ما يشترط في آلة الذبح و يجب التسمية فيه و الاستقبال بالمنحور و الحياة حال النحر و خروج دم المعتدل و يجوز نحر الابل قائمة و باركة مستقبلا بها القبلة (2).

[مسألة 28: إذا تعذر ذبح الحيوان أو نحره]

(مسألة 28): اذا تعذر ذبح الحيوان او نحره كالمستعصي و الواقع عليه جدار و المتردي في بئر او نهر و نحوهما علي نحو لا يتمكن من ذبحه او نحره جاز أن يعقر بسيف أو خنجر أو سكين او غيرها و ان لم يصادف موضع التذكية و يحل لحمه بذلك، نعم لا بد من التسمية و اجتماع شرائط الذابح في العاقر و قد تقدم التعرض لذلك

______________________________

نحو كان كما هو المقرر عند القوم من الاخذ باطلاق الدليل.

(1) تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها ما رواه معاوية بن عمار قال قال ابو عبد اللّه عليه السلام النحر في اللبة و الذبح في الحلق «1».

(2) لا يبعد أن يكون الحكم مورد التسالم و الاتفاق عند القوم مضافا الي أن رعاية بعض الشروط علي طبق القاعدة الأولية كالتسمية فان مقتضي النهي عن أكل ما لم يسم عليه حرمته كما ان لزوم الاستقبال مستفاد من بعض نصوص الباب لاحظ ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا اشتريت هديك فاستقبل به القبلة و انحره أو اذبحه، الي أن قال: ثم امر السكين و لا تنخعها حتي تموت «2»

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب الذبائح الحديث:

1

(2) الوسائل الباب 37 من ابواب الذبائح الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 690

في الصيد فراجع (1).

[مسألة 29: ذكاة الجنين ذكاة أمه]

(مسألة 29) ذكاة الجنين ذكاة امه (2) فاذا ماتت امه بدون تذكية فان مات هو في جوفها حرم اكله (3) و كذا اذا اخرج حيا منها فمات بلا تذكية (4) و اما اذا اخرج حيا فذكي حل اكله (5) و اذا ذكيت امه

______________________________

و مع ذلك كله في النفس شي ء كما ان اشتراط كونه بالحديد يستفاد من اطلاق جملة من النصوص منها ما رواه ابن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الذبيحة بالميطة و بالمروة فقال: لا ذكاة الا بحديدة «1».

(1) و قد تقدم شرح كلام الماتن هناك فراجع.

(2) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحوار تذكي امه أ يؤكل بذكاتها فقال: اذا كان تاما «تماما يب» و نبت عليه الشعر فكل «2».

و منها: ما رواه سماعة، قال: سألته عن الشاة بذبحها و في بطنها ولد و قد اشعر قال ذكاته ذكاة امه 3.

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال سألت أحدهما عليهما السلام عن قول اللّه عز و جل «أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعٰامِ» قال الجنين في بطن امه اذا أشعر و أو بر فذكاته ذكاة امة فذلك الذي عني اللّه عز و جل 4 الي غيرها من النصوص.

(3) كما هو ظاهر لأن المفروض عدم تحقق التذكية لا بالاصالة و لا بالتبعية.

(4) اذ مع خروجه حيا لم تقع عليه التذكية فلا بد من تذكيته علي النحو الشرعي و الا يحرم.

(5) كما هو ظاهر لفرض تحقق التذكية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب الذبائح

الحديث: 1

(2) (2 و 3 و 4) الوسائل الباب 18 من ابواب الذبائح الحديث: 1 و 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 691

فمات في جوفها حل اكله (1) و اذا اخرج حيا فان ذكي حل اكله و ان لم يذك حرم (2).

[مسألة 30: إذا ذكيت أمه فخرج حيا و لم يتسع الزمان لتذكيته فمات بلا تذكية]

(مسألة 30): اذا ذكيت امه فخرج حيا و لم يتسع الزمان لتذكيته فمات بلا تذكية فالاقوي حرمته (3) و أما اذا ماتت امه بلا تذكية فخرج حيا و لم يتسع الزمان لتذكيته فمات بدونها فلا اشكال في حرمته (4).

[مسألة 31: الظاهر وجوب المبادرة إلي شق جوف الذبيحة و إخراج الجنين منها]

(مسألة 31): الظاهر وجوب المبادرة الي شق جوف الذبيحة و اخراج الجنين منها علي النحو المتعارف فاذا تواني عن ذلك زائدا علي المتعارف فخرج ميتا حرم اكله (5).

[مسألة 32: يشترط في حل الجنين بذكاة أمه أن يكون تام الخلقة]

(مسألة 32): يشترط في حل الجنين بذكاة امه ان يكون تام الخلقة بان يكون قد اشعر أو اوبر فان لم يكن تام الخلقة فلا يحل

______________________________

(1) كما هو المستفاد من النصوص.

(2) قد ظهر الوجه فيما ذكر مما تقدم فلاحظ.

(3) ربما يقال: ان مقتضي قوله عليه السلام: «ذكاته ذكاة امه» حليته بتذكية امه و لكن الظاهر من النصوص صورة موته و عدم خروجه حيا.

(4) و الأمر كما افاده لعدم المقتضي للحلية.

(5) اذ يحتمل موته بعد ذبح امه مع الفصل و لا دليل علي حليته في هذه الصورة و بعبارة اخري: المتفاهم من النصوص ما يجري مجري العادة، و ان شئت قلت:

مع الفصل لو شك في بقائه بعد ذبح امه و عدمه يكون مقتضي الاصل عدم تحقق التذكية.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 692

بذكاة امه (1).

[مسألة 33: الذي يتحصل مما ذكرنا أن حلية الجنين بلا تذكية مشروطة بامور]

(مسألة 33): الذي يتحصل مما ذكرنا ان حلية الجنين بلا تذكية مشروطة بامور: تذكية امه، و تمام خلقته، و موته قبل خروجه من بطنها (2) و لا فرق في التذكية بذلك بين محلل الاكل و محرمه اذا كان مما يقبل التذكية (3).

______________________________

(1) كما هو منصوص في النصوص لاحظ حديث ابن مسلم «1».

(2) كما تقدم.

(3) لإطلاق الدليل فعلي القول بقابلية تذكية الحيوان الذي يحرم أكله كالسباع نلتزم بتحقق التذكية بالنسبة الي جنينه أيضا للإطلاق، فالمتحصل من جميع ما تقدم تحقق التذكية بالنسبة الي محلل الأكل و محرمه، و كذا تحققها بالنسبة الي الجنين، لكن بقي شي ء و هو: انه هل يصح الذبح المستحدث المتداول في عصرنا و هو حسب ما نقل يوقف عدد كثير من الغنم مثلا الي القبلة و بوسيلة القوة الكهربائية تقطع رءوسها من القفاء بآلة قتالة من الحديد.

فنقول: أما من ناحية

الاستقبال بالذبيحة فلا اشكال، و أما من ناحية التسمية فيمكن أن يقال كفاية التسمية الواحدة للجميع اذ يصدق الذبح مع التسمية، و أما من ناحية ان الحيوان قائم عند الذبح فلا يكون فيه اشكال كما مر، و أما من ناحية الذبح من القفاء فالظاهر عدم جوازه فان الذبح من المذبح كما صرح به في النص كما انه يشكل من ناحية قطع النخاع و قطع الرأس و أما من ناحية كون الذابح لا بد من كونه مسلما فيمكن أن يقال: بأنه يصدق انه ذبح فلان الحيوان غاية الامر بهذه الوسيلة، الا أن يقال ان الدليل منصرف الي ما يكون متعارفا عندنا و لكن لقائل أن يقول ان الانصراف المذكور من ناحية انس الذهن فيكون بدويا

______________________________

(1) لاحظ ص: 690

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 693

[مسألة 34: تقع التذكية علي كل حيوان مأكول اللحم]

(مسألة 34): تقع التذكية علي كل حيوان مأكول اللحم (1) فاذا ذكي صار طاهرا و حل اكله (2) و لا تقع علي نجس العين من الحيوان كالكلب و الخنزير فاذا ذكي كان باقيا علي النجاسة (3) و لا تقع علي الانسان فاذا مات نجس و ان ذكي و لا يطهر بدنه الا بالغسل اذا كان مسلما (4) أما الكافر الذي هو نجس العين فلا يطهر بالغسل أيضا (5) و اما غير الاصناف المذكورة من الحيوانات غير مأكولة اللحم فالظاهر وقوع الذكاة عليه اذا كان له جلد يمكن الانتفاع به بلبس و فرش و نحوهما و يطهر لحمه و جلده بها (6).

______________________________

يزول بالتأمل فالنتيجة عدم جواز الذبح بالطريق المتداول في بلاد الكفر.

(1) بلا كلام و لا اشكال.

(2) فان المذكي طاهر كما انه حلال و ان شئت قلت: ما ذكر من الواضحات

(3) هذا أيضا واضح

فان نجس العين غير قابل لأن يطهر الا بالاستحالة كصيرورة الكلب ملحا و الخنزير رمادا فلا أثر للتذكية بالنسبة اليه.

(4) فان المستفاد: من الدليل ان بدنه لا يطهر الا بالغسل.

(5) الامر كما افاده علي تقدير كون الكافر نجس العين و أما علي تقدير عدم القول بكون الكافر نجس العين الا بعض اصنافه فأيضا الأمر فيه كذلك اذ بالموت ينجس، و لا مجال لغسله كي يطهر، لأن الغسل يختص بالمسلم.

(6) وقع الكلام بينهم في أن الأصل الأولي امكان وقوع التذكية علي كل حيوان قابل لها الا ما خرج كنجس العين أو ان الاصل الأولي عدم امكانها الا ما ثبت بالدليل و اختار الماتن القول الاول، و الحق ما أفاده، و الدليل علي ما ذكر النصوص لاحظ ما رواه ابن بكير قال: سئل زرارة أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 694

______________________________

الثعالب و الفنك و السنجاب و غيره من الوبر، فأخرج كتابا زعم انه املاء رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ان الصلاة في و بر كل شي ء حرام أكله فالصلاة في وبره و شعره و جلده و بوله و روثه و كل شي ء منه فاسد، لا تقبل تلك الصلاة حتي يصلي في غيره مما أحل اللّه أكله، ثم قال يا زرارة هذا عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فاحفظ ذلك يا زرارة فان كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره و بوله و شعره و روثه و البانه و كل شي ء منه جائز اذا علمت انه ذكي و قد ذكاه الذبح، و ان كان غير ذلك مما قد نهيت عن أكله و حرم عليك أكله فالصلاة في كل

شي ء منه فاسد، ذكاه الذبح أو لم يذكه «1».

فان قوله عليه السلام في ذيل الحديث و ان كان غير ذلك الخ يدل علي قبول غير مأكول اللحم من الحيوان التذكية، فهذا الحديث دليل علي قابلية كل حيوان للتذكية و مما ذكرنا يظهر ما في عبارة المتن من التقييد فان المستفاد من الحديث ان كل حيوان علي نحو العموم قابل للتذكية و ان لم يكن له جلد قابل للانتفاع فلاحظ.

و أما بالنسبة الي السباع فيدل علي المدعي مضافا الي حديث ابن بكير حديث سماعة قال: سألته عن جلود السباع أ ينتفع بها؟ فقال: اذا رميت و سميت فانتفع بجلده و أما الميتة فلا «2».

و يمكن الاستدلال علي المدعي أيضا بما رواه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن لباس الفراء و السمور و الفنك و الثعالب و جميع الجلود قال: لا بأس بذلك «3» فان المستفاد من هذا الحديث انه لا بأس بالانتفاع بجميع

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب لباس المصلي الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 34 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 5 من ابواب لباس المصلي الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 695

و لا فرق بين السباع كالأسد و النمر و الفهد و الثعلب و غيرها و بين الحشرات التي تسكن باطن الارض اذا كان لها جلد علي النحو المذكور مثل ابن عرس و الجرذ و نحوهما (1) فيجوز استعمال جلدها اذا ذكيت فيما يعتبر فيه الطهارة فيتخذ ظرفا للسمن و الماء و لا ينجس ما يلاقيها برطوبة (2).

[مسألة 35: غير مأكول اللحم إذا لم تكن له نفس سائلة ميتته طاهرة]

(مسألة 35): غير مأكول اللحم اذا لم تكن له نفس سائلة ميتته طاهرة (3) و يجوز الانتفاع بما يمكن الانتفاع به

من اجزائه كالجلد علي الاظهر (4).

______________________________

الجلود و الحال انه لو لم يكن الحيوان غير الكلب و الخنزير قابلا للتذكية لا يمكن الانتفاع بالجلود من دون قيد أما علي القول بحرمة الانتفاع بالميتة فواضح و أما علي القول بجوازه فلا اشكال في أن الميتة تنجس ما تلاقيه فلا يجوز الانتفاع بها علي نحو الاطلاق فلاحظ.

فالنتيجة: ان كل حيوان غير الانسان و غير الكلب و الخنزير يكون قابلا للتذكية، اذ بالنسبة الي كل حيوان يتصور ترتب الأثر علي قبول تذكيته، و أما علي فرض عدم تصور الأثر في مورد يكون مرجعه الي عدم الفارق بين الالتزام بتذكيته و عدمه، و هل يمكن أن يتصور مثله.

(1) للعموم المستفاد من حديث ابن بكير.

(2) اذ بعد فرض التذكية لا مجال للتوقف في الجواز.

(3) كما تقدم متنا و شرحا في النجاسات في الجزء الثالث من هذا الشرح فراجع.

(4) فان الجواز مقتضي الاصل الأولي و لا دليل علي الحرمة و الروايات المستدل

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 696

و لكن لا يجوز بيعه (1) فاذا ذكي جاز بيعه أيضا (2).

[مسألة 36: لا فرق في الحيوان غير مأكول اللحم في قبوله للتذكية اذا كان له جلد بين الطير و غيره]

(مسألة 36): لا فرق في الحيوان غير مأكول اللحم في قبوله للتذكية اذا كان له جلد بين الطير و غيره (3).

[مسألة 37: إذا وجد لحم الحيوان الذي يقبل التذكية و جلده و لم يعلم أنه مذكي أم لا]

(مسألة 37): اذا وجد لحم الحيوان الذي يقبل التذكية و جلده و لم يعلم انه مذكي أم لا، يبني علي عدم التذكية فلا يجوز اكل لحمه و لا استعمال جلده فيما يعتبر فيه التذكية (4) و لكن لا يحكم بنجاسة ملاقيه برطوبة حتي اذا كانت له نفس سائلة ما لم يعلم انه ميتة (5).

______________________________

بها علي الحرمة تختص بما له نفس سائلة.

(1) تقدم الكلام متنا و شرحا في مسئلة 3 من المكاسب المحرمة في الجزء السابع من هذا الشرح فراجع.

(2) كما هو ظاهر فان موضوع الحرمة الميتة لا المذكي.

(3) لعموم حديث ابن بكير و بعبارة اخري: تقدم ان المستفاد: من الدليل قابلية كل حيوان للتذكية.

(4) كما هو ظاهر، فان التذكية امر حادث و مقتضي الاستصحاب عدمها، فيترتب الاحكام المترتبة علي غير المذكي، و أما حديث السفرة «1» فهو ضعيف سندا.

(5) تقدم الكلام حول هذه الجهة في مسألة 364 من بحث النجاسات في الجزء الثالث من هذا الشرح، و قلنا هناك ان المستفاد من كلمات أهل اللغة ان الميتة عبارة عن غير المذكي و نقلنا هناك عن مفردات الراغب و اقرب الموارد و المنجد ان

______________________________

(1) لاحظ ص: 660

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 697

______________________________

الميت من الحيوان اذا كان غير المذكي يكون ميتة، و أيضا قلنا ان المحكي عن القاموس و الصحاح كذلك، مضافا الي أن المنقول عن لسان العرب ان الميتة ما لم تدرك تذكيته و المنقول عن المصباح ان المراد بالميتة في عرف الشرح ما مات حتف انفه أو قتل علي هيئة غير مشروعة الخ.

و لكن

قال: سيدنا الاستاد: علي ما في تقرير درسه الشريف «و هي كما نص عليه المصباح عنوان وجودي و هو غير عنوان عدم التذكية» «1».

فعلي تقدير ثبوت هذه الدعوي و اثباتها أو الشك في أن الميتة عنوان وجودي أو عدمي لا يجري استصحاب عدم التذكية، اذ اثبات أحد الضدين لا يمكن باستصحاب عدم الضد الاخر الا علي القول بالمثبت و كيف يجمع بين الكلمات و لا يبعد أن يكون التقابل بين المذكي و الميتة تقابل العدم و الملكة فان الميتة ما من شأنه أن يذكي و لم يذك لا تقابل الضدين.

و لا يبعد أن يقال: ان المستفاد من حديث سماعة «2» ان الميتة عبارة عن الحيوان الذي مات و لم يذك بتقريب ان مفهوم الشرطية أمر عدمي أي مع عدم التذكية لا يجوز الانتفاع، فالظاهر انه عليه السلام عبر عن هذا المفهوم بعنوان الميتة فلفظ الميتة في لسان الشارع عبارة عن غير المذكي.

و بتقريب آخر: ان الميتة علي ما يظهر من كلمات اهل اللغة اما عبارة عن الحيوان الذي مات حتف أنفه، و اما عبارة عن الحيوان الذي لم تقع عليه التذكية و أما احتمال أن يكون المراد من الميتة الحيوان الميت الذي مات بغير سبب شرعي فلا يستفاد من كلماتهم، و يشهد لما ذكر قوله تعالي: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ

______________________________

(1) التنقيح ج 1 ص 439

(2) لاحظ ص: 694

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 698

نعم اذا وجد بيد المسلم يتصرف فيه بما يناسب التذكية مثل تعريضه للبيع و الاستعمال باللبس و الفرش و نحوهما يحكم بانه مذكي حتي يثبت خلافه (1) و الظاهر عدم الفرق بين كون تصرف المسلم مسبوقا

______________________________

وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَ مٰا أُهِلَّ لِغَيْرِ

اللّٰهِ الاية «1».

فان الميتة ان كانت عبارة عن الجامع بين هذه الامور فما الوجه في ذكر هذه الأسباب مع ان الظاهر من الاية تقسيم الحيوان الميت الي أقسام و التقسيم قاطع للشركة فالنتيجة: ان الميتة ليست عبارة عن الجامع فعلي هذا نقول المراد بالميتة في الرواية المشار اليها اما خصوص الحيوان الذي مات حنف أنفه و اما الحيوان الذي لم يذك بذكاة شرعية، و الاحتمال الأول باطل لعدم اختصاص التحريم به بل كل حيوان ميت غير ذكي حرام، فيكون الاحتمال الثاني هو المتعين، فالنتيجة: ان المراد بالميتة في لسان الشرع عبارة عن غير المذكي الا أن يقال:

لا اشكال في أن المستفاد من الحديث ان غير المذكي ميتة و لكن لا يستفاد منه ان الميتة عنوان عدمي و الانصاف ان الجزم بأن عنوان الميتة عبارة عن غير المذكي مشكل و مع عدم الاحراز لا مانع من جريان اصالة الطهارة و اللّه العالم.

(1) قد تعرض الماتن لهذه الجهة في مسألة 365 من الاعيان النجسة و تعرضنا لشرح كلامه في ذيل المسألة هناك في الجزء الثالث من هذا الشرح «2» و قلنا الوجه في تقييد اعتبار يد المسلم بمورد ينتفع بما في يده انتفاعا متوقفا علي التذكية عدم اطلاق أو عموم في مقام الاثبات، فان عمدة الدليل السيرة الخارجية، و السيرة لا لسان لها فلا يكون لها اطلاق أو عموم و أما النصوص الدالة علي المدعي فأيضا كذلك فراجع ما ذكرنا هناك.

______________________________

(1) المائده/ 3

(2) لاحظ ج 3 ص: 178

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 699

بيد الكافر و عدمه (1) نعم اذا علم ان المسلم اخذه من الكافر من دون تحقيق حكم عليه بعدم التذكية (2) و المأخوذ من مجهول

الإسلام بمنزلة المأخوذ من المسلم اذا كان في بلاد يغلب عليها المسلمون (3) و اذا كان بيد المسلم من دون تصرف يشعر بالتذكية كما اذا رأينا لحما بيد المسلم لا يدري انه يريد اكله او وضعه لسباع الطير لا يحكم بأنه مذكي و كذا اذا صنع الجلد ظرفا للقاذورات مثلا (4).

[مسألة 38: ما يؤخذ من يد الكافر من جلد و لحم و شحم يحكم بأنه غير المذكي]

(مسألة 38): ما يؤخذ من يد الكافر من جلد و لحم و شحم يحكم بأنه غير المذكي (5) و ان أخبر بأنه مذكي (6) الا اذا علم انه كان في

______________________________

(1) لعدم الفرق بين الصورتين لا بلحاظ السيرة و لا بالنظر الي النصوص فلاحظ.

(2) اذ يد المسلم من الامارات، و اعتبار الامارة في صورة عدم القطع بعدم اماريته و أما مع القطع فلا اعتبار بها و بعبارة اخري: يد المسلم لا يكون لها موضوعية بل انما تكون لها الطريقية فقط.

(3) لا يبعد أن يكون الوجه فيما أفاده انه اذا كان الغالب المسلمين يصدق انه أخذ من سوقهم و قد استفيد من النص أن سوق المسلمين امارة التذكية و ان شئت قلت ان سوق المسلمين امارة لاحظ ما رواه الحلبي «1».

(4) قد ظهر وجهه مما تقدم.

(5) لعدم الدليل علي كون يد الكافر امارة علي التذكية و الأصل عدمها.

(6) لا يبعد أن يستفاد من بعض النصوص ان قول ذي اليد انما يكون معتبرا فيما لا يكون موردا للاتهام، لاحظ حديث ابن عمار «2» فان المستفاد من الحديث

______________________________

(1) لاحظ ص: 659

(2) لاحظ ص: 650

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 700

تصرف المسلم الدال علي التذكية (1) و اما دهن السمك المجلوب من بلاد الكفار فلا يجوز شربه من دون ضرورة اذا اشتري من الكافر و ان احرز تذكية السمكة الماخوذ

منها الدهن اذا لم يحرز انها كانت ذات فلس و يجوز شربه اذ اشتري من المسلم الا اذا علم ان المسلم اخذه من الكافر من دون تحقيق (2).

______________________________

ان ذا اليد اذا كان متهما لا يقبل قوله و الا يقبل و حيث ان الكافر في اخباره بالتذكية متهم فلا يقبل قوله.

(1) اذ في هذه الصورة يحكم علي ما في يده بالتذكية كما تقدم قريبا.

(2) لم يظهر لي وجه التفصيل بين الموردين فان مقتضي اصالة الاباحة حليتها كما ان مقتضي استصحاب عدم كونه من السمك الذي لا فلس له الحلية، و أما حديث معاوية بن عمار «1» فلا يخل بالمدعي لأن مقتضي الأصل هناك الحرمة، اذ لو لا دليل علي اثبات ذهاب الثلثين يكون مقتضي الأصل عدم ذهاب الثلثين فيحرم بخلاف المقام، فان مقتضي الاستصحاب عدم كون الدهن مما لا فلس له فيحل.

و يمكن أن يكون الوجه فيما أفاده: ان المستفاد من الأدلة اختصاص الحلية بما يكون ذا فلس و أما ما لا فلس له فيحرم فاذا شك في كونه ذا فلس يحرز عدمه بالاصل و هو استصحاب العدم الأزلي فلا مجال لأصالة الإباحة بعد احراز موضوع الحرمة بالأصل.

لكن يبقي سؤال في المقام: و هو انه ما الفرق بين الاشتراء من المسلم و بين اشترائه من الكافر اذ استصحاب عدم كونه ذا فلس يجري علي كلا التقديرين و أي دليل علي جواز شربه فيما يشتري من المسلم و بعبارة اخري: قد دل الدليل علي

______________________________

(1) لاحظ ص: 650

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 701

[مسألة 39: لا فرق في المسلم الذي يكون تصرفه امارة علي التذكية بين المؤمن و المخالف]

(مسألة 39): لا فرق في المسلم الذي يكون تصرفه امارة علي التذكية بين المؤمن و المخالف و بين من يعتقد طهارة الميتة بالذبح و غيره،

و بين من يعتبر الشروط المعتبرة في التذكية كالاستقبال و التسمية و كون المذكي مسلما و قطع الاعضاء الاربعة و غير ذلك و من لا يعتبرها (1).

[مسألة 40: إذا كان الجلد مجلوبا من بلاد الإسلام و مصنوعا فيها حكم بأنه مذكي]

(مسألة 40): اذا كان الجلد مجلوبا من بلاد الإسلام و مصنوعا فيها حكم بانه مذكي (2) و كذا اذا وجد مطروحا في ارضهم و عليه اثر استعمالهم له باللبس و الفرش و الطبخ أو بصنعه لباسا أو فراشا أو نحوها من الاستعمالات الموقوفة علي التذكية، او المناسبة لها فانه يحكم بانه مذكي و يجوز استعماله استعمال المذكي من دون حاجة الي الفحص عن حاله (3).

______________________________

تذكية الحيوان فيما يؤخذ من المسلم و يتصرف فيه تصرفا متوقفا علي التذكية، و أما كون يده امارة علي الحلية فلا دليل عليه.

(1) لعدم ما يقتضي الفرق و المستفاد من الدليل امارية تصرف المسلم بما هو مسلم بلا خصوصية لطائفة خاصة دون اخري.

(2) لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار، عن العبد الصالح عليه السلام انه قال:

لا بأس بالصلاة في الفراء اليماني و فيما صنع في أرض الإسلام، قلت: فان كان فيها غير أهل الإسلام؟ قال: اذا كان الغالب عليها المسلمين فلا بأس به «1» فان المستفاد من هذا الحديث: ان المصنوع في بلاد الإسلام محكوم بكونه من المذكي

(3) فان يد المسلم امارة علي التذكية مع التصرف.

______________________________

(1) الوسائل الباب 50 من ابواب النجاسات الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 702

[مسألة 41: قد ذكر للذبح و النحر آداب]

(مسألة 41): قد ذكر للذبح و النحر آداب فيستحب في ذبح الغنم ان تربط يداه و رجل واحدة (1) و يمسك صوفه او شعره حتي يبرد (2) و في ذبح البقر أن يعقل يداه و رجلاه و يطلق الذنب (3) و في الابل ان تربط اخفافه الي آباطه و تطلق رجلاه هذا اذا نحرت باركة (4) أما اذا نحرت

______________________________

(1) الظاهر ان ما أفاده خلاف ما ورد به في حديث حمران بن أعين

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الذبح فقال: اذا ذبحت فارسل و لا تكتف و لا تقلب السكين لتدخلها تحت الحلقوم و تقطعه الي فوق و الارسال للطير خاصة فان تردي في جب أو وهدة من الأرض فلا تأكله و لا تطعمه فانك لا تدري التردي قتله أو الذبح، و ان كان شي ء من الغنم فامسك صوفه أو شعره و لا تمسكن يدا و رجلا الحديث «1» فان المستفاد من هذا الحديث عدم ربط يده و رجله.

و قال السيد الخوانساري قدس سره في جامع المدارك: و في المسالك بعد ان ذكر ان مستند الحكم روايات منها حسنة حمران الخ قال: و المراد بقوله:

و لا تمسك الخ انه يربط يديه و احدي رجليه من غير أن يمسكه بيد و ما ذكره- قدس سره- يحتاج الي دليل و لعله عثر به «2».

(2) لعله مستفاد من حديث حمران حيث أمر عليه السلام بإمساك صوفه أو شعره و حيث ان الأمر بالإمساك مطلق يحمل علي هذا المقدار من باب التناسب بين الموضوع و الحكم.

(3) لاحظ حديث حمران.

(4) لاحظ حديث حمران.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب الذبائح الحديث: 2

(2) جامع المدارك ج 5 ص: 127

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 703

قائمة فينبغي ان تكون يدها اليسري معقولة (1) و في الطير يستحب أن يرسل بعد الذباحة (2) و يستحب حد الشفرة (3) و سرعة القطع و ان لا يري الشفرة للحيوان و لا يحركه من مكان الي آخر بل يتركه في مكانه الي أن يموت و أن يساق الي الذبح برفق و يعرض عليه الماء قبل الذبح و يمر السكين بقوة ذهابا و ايابا و يجد في الاسراع

ليكون اسهل و عن النبي صلي اللّه عليه و آله ان اللّه تعالي شانه كتب عليكم الاحسان في كل شي ء فاذا قتلتم فاحسنوا القتلة و اذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة و ليجد احدكم شفرته و ليرح ذبيحته، و في خبر آخر انه (صلي اللّه

______________________________

(1) لاحظ ما عن أبي عبد اللّه عليه السلام، انه سئل عن البعير يذبح أو ينحر قال السنة أن ينحر، قيل كيف ينحر؟ قال يقام قائما حيال القبلة و تعقل يده الواحدة الحديث «1».

و لاحظ ما رواه أبو خديجة، قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام و هو ينحر بدنته معقولة يدها اليسري، ثم يقوم به من جانب يدها اليمني الحديث «2».

(2) لاحظ حديث حمران حيث قال عليه السلام «و الارسال للطير خاصة».

(3) لاحظ ما عن رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال من ذبح ذبيحة فليحد شفرته و ليرح ذبيحته «3» و لاحظ ما عن الباقر عليه السلام، انه قال: اذا اردت أن تذبح ذبيحة فلا تعذب البهيمة أحد الشفرة و استقبل القبلة و لا تنخعها حتي تموت 4

______________________________

(1) المستدرك الباب 2 من ابواب الذبائح الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 35 من أبواب الذبح من كتاب الحج الحديث: 3

(3) (3 و 4) المستدرك الباب 2 من أبواب الذبائح الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 704

عليه و آله و سلم) امر أن تحد الشفار و أن تواري عن البهائم (1).

[مسألة 42: تكره الذباحة ليلا]

(مسألة 42): تكره الذباحة ليلا (2) و كذا نهار الجمعة الي الزوال (3).

______________________________

(1) قال في المسالك: «و قد بقي للذبح وظائف منصوصة ينبغي الحاقها بما ذكر و هي تحديد الشفرة و سرعة القطع و أن لا يري الشفرة للحيوان و أن

يستقبل الذابح القبلة و لا يحركه و لا يجره من مكان الي آخر بل يتركه الي أن تفارقه الروح و ان يساق الي الذبح برفق و يضجع برفق، و يعرض عليه الماء قبل الذبح و يمر السكين بقوة و تحامل ذهابا و عودا و يجد في الإسراع ليكون ارخي و اسهل و روي شداد بن اويس ان النبي صلّي اللّه عليه و آله قال: ان اللّه كتب عليكم الاحسان في كل شي ء فاذا قتلتم فاحسنوا القتلة و اذا ذبحتم فاحسنوا الذبيحة و ليحد أحدكم شفرته و ليرح ذبيحته و في حديث آخر انه صلي اللّه عليه و آله أمران تحد الشفار و ان تواري عن البهائم و قال اذا ذبح احدكم فليجهز به «1».

(2) لاحظ ما رواه ابان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان علي بن الحسين يأمر غلمانه أن لا يذبحوا حتي يطلع الفجر في نوادر الجمعة «2».

(3) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله يكره الذبح و اراقه الدم (الدماء- خ) يوم الجمعة قبل الصلاة الا عن ضرورة «3».

قد وقع الفراغ من كتاب الصيد و الذباحة في ليلة الأحد التاسع عشر من شهر ربيع الثاني من سنة: 1410 بعد الهجرة علي مهاجرها و آله آلاف التحية و الثناء

______________________________

(1) المسالك ج 2 كتاب الصيد و الذباحة

(2) الوسائل الباب 21 من ابواب الذبائح الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 20 من أبواب الذبائح الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 705

[فصل في الذباحة]

[كتاب الأطعمة و الأشربة]

اشارة

كتاب الأطعمة و الاشربة و فيه مباحث

[الأول: في حيوان البحر]

اشارة

(الاول) في حيوان البحر:

[مسألة 1: لا يؤكل منه إلا سمك]

(مسألة 1): لا يؤكل منه إلا سمك (1).

______________________________

في بلدة قم المشرفة علي مشرفها الصلاة و السلام.

(1) يمكن الاستدلال علي المدعي بوجوه: الوجه الأول: الاجماع فانه ادعي قيامه علي حرمة غير السمك و الطير من الحيوان البحري، فان حصل اجماع تعبدي كاشف كما ادعاه في الجواهر يكون دليلا علي الحكم.

الوجه الثاني: عموم ما دل علي حرمة الميتة بناء علي أن المراد منه مطلق ما فارقته الروح، أو علي أن الأصل عدم حصول التذكية الشرعية المسوغة للأكل في كل ما شك فيه من الحيوان و بعبارة اخري: اذا قلنا بأن مقتضي القاعدة الأولية عدم قابلية الحيوان للتذكية الا ما خرج يكون حراما الا في مورد قام الدليل علي قبوله للتذكية و في كلا التقريبين مجال للإشكال.

الوجه الثالث: ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن الربيثا، فقال لا تأكلها، فانا لا نعرفها في السمك يا عمار الحديث «1» فان المستفاد من هذه الرواية ان الحلية تختص بما يكون من انواع السمك، و يصدق عليه هذا العنوان.

و الظاهر ان هذا الوجه تام لإثبات المدعي، و لا ينافي الالتزام بالجواز في الربيثا الواقع مورد السؤال في الرواية، اذ لا اشكال في استفادة الكلية من الحديث غاية الأمر نرفع اليد عنه بالنسبة الي الربيثا و أما الكلية فهي باقية علي اعتبارها

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 706

له فلس (1).

______________________________

فلاحظ.

(1) قال في الجواهر «1»: لا خلاف معتد به بين المؤمنين في اشتراط ذلك بأن يكون له فلس أي قشر كالورق الخ و تدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها ما رواه محمد بن مسلم عن

أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: قلت له:

رحمك اللّه انا نؤتي بسمك ليس له قشر فقال: كل ما له قشر من السمك و ما ليس له قشر فلا تأكله «2».

و منها: ما رواه حماد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: جعلت فداك الحيتان ما يؤكل منها؟ قال: ما كان له قشر الحديث «3».

و منها: ما رواه حريز عمن ذكره عنهما عليهما السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام كان يكره الجريث و يقول لا تأكل من السمك الا شيئا عليه فلوس و كره المار ما هي «4».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان علي عليه السلام بالكوفة يركب بغلة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله ثم يمر بسوق الحيتان فيقول: لا تأكلوا و لا تبيعوا ما لم يكن له قشر من السمك «5».

و منها: ما رواه سدير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: ما لم يكن له قشر من السمك فلا تقربه «6».

______________________________

(1) ج 36 ص 243

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

(6) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 707

______________________________

و منها ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام كان يركب بغلة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله ثم يمر بسوق الحيتان فيقول ألا لا تأكلوا و لا تبيعوا ما لم يكن له قشر «1».

و منها ما رواه محمد بن علي بن الحسين قال: قال الصادق عليه السلام كل من السمك ما كان

له فلوس و لا تأكل منه ما ليس له فلس «2».

و يظهر من بعض النصوص جواز أكل ما ليس له فلس. منها ما رواه الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا يكره شي ء من الحيتان الا الجري «3».

و منها ما رواه حكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يكره شي ء من الحيتان الا الجريث «4».

و منها ما رواه زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجريث فقال و ما الجريث؟ فنعته له، فقال: قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَليٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ الي آخر الاية، ثم قال لم يحرم اللّه شيئا من الحيوان في القرآن الا الخنزير بعينه و يكره كل شي ء من البحر ليس له قشر مثل الورق و ليس بحرام انما هو مكروه «5»

و منها ما رواه محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الجري و المار ما هي و الزمير و ما ليس له قشر من السمك أ حرام هو؟ فقال لي: يا محمد اقرأ هذه الاية التي في الأنعام: «قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً» قال: فقرأتها حتي فرغت منها فقال: انما الحرام ما حرم اللّه و رسوله في كتابه: و لكنهم قد كانوا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) الوسائل الباب 9 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 17

(4) عين المصدر الحديث: 18

(5) نفس المصدر الحديث: 19

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 708

و اذا شك في وجود الفلس بني علي حرمته (1) و يحرم الميت الطافي علي وجه الماء (2).

______________________________

يعافون اشياء فنحن نعافها «1».

و لكن لا مجال للتوقف في الحرمة اذ الترجيح مع ما يدل عليها

فان ما يدل علي الجواز موافق مع العامة، مضافا الي أن وضوح حرمة أكل ما ليس له فلس بنحو لا يمكن الالتزام بخلافه، و هذا هو العمدة و الا فناقشنا اخيرا في الترجيح بمخالفة القوم.

(1) اذ الأصل يقتضي عدمه، فيحرز به موضوع الحرمة.

(2) لحرمة الميتة كتابا و سنة و اجماعا مضافا الي عدم الخلاف في الحرمة في المقام بل الاجماع بقسميه عليه علي ما في الجواهر و يضاف الي ذلك كله جملة من النصوص: منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

و سألته عما يوجد من السمك طافيا علي الماء، أو يلقيه البحر ميتا، فقال:

لا تأكله «2».

و منها: ما رواه زيد الشحام قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عما يؤخذ من الحيتان طافيا علي الماء أو يلقيه البحر ميتا آكله؟ قال: لا «3».

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تأكل ما نبذه الماء من الحيتان و لا ما نضب الماء عنه «4».

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 10، ص: 708

و منها ما رواه مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و لا

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 20

(2) الوسائل الباب 13 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

(3) عين المصدر الحديث: 2

(4) عين المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 709

و الجلال منه (1) حتي يزول الجلل منه عرفا (2) و الجري (3).

______________________________

يؤكل الطافي من السمك «1».

و منها ما عن أبي عبد اللّه عليه السلام و ذكر الطافي و ما يكره الناس منه فقال:

انما

الطافي من السمك المكروه هو ما تغير ريحه «2».

(1) لحرمة الجلالات بمقتضي النص لاحظ ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تأكل لحوم الجلالات و ان اصابك من عرقها فاغسله «3».

(2) فان الحكم تابع للموضوع و مع زوال العنوان الموضوع للحرمة تزول و أما المرسل المروي: علي ان السمك الجلال يربط يوما الي الليل في الماء «4» فلا اعتبار به للإرسال و أيضا لا اعتبار بسند ما رواه يونس عن الرضا عليه السلام في السمك انه سأله عنه فقال: ينتظر به يوما و ليلة «5».

(3) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم قال:

اقرأني أبو جعفر عليه السلام شيئا من كتاب علي عليه السلام فاذا فيه انهاكم عن الجري و الزمير و المارماهي «6».

و منها ما رواه حنان بن سدير قال: سأل العلاء بن كامل أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا حاضر عن الجري فقال: وجدناه في كتاب علي عليه السلام اشياء من السمك محرمة فلا تقربه الحديث «7».

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 4

(2) عين المصدر الحديث: 5

(3) الوسائل الباب 27 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 28 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 7

(5) نفس المصدر الحديث: 5

(6) الوسائل الباب 9 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

(7) عين المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 710

و المارماهي (1).

______________________________

و منها ما رواه محمد بن علي بن الحسين قال: قال الصادق عليه السلام:

لا تأكل الجري الحديث «1».

و منها ما رواه حبابة الوالبية قالت: سمعت مولاي أمير المؤمنين عليه السلام يقول انا اهل بيت لا نشرب المسكر و لا نأكل الجري الحديث «2».

و منها ما رواه

الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتابه الي المأمون قال: محض الإسلام شهادة ان لا إله الا اللّه الي أن قال و تحريم الجري الحديث «3».

و منها ما رواه عبيد اللّه عن الصادق عليه السلام قال: من اقر سبعة اشياء فهو مؤمن الي أن قال و تحريم الجري الحديث «4».

و منها ما رواه الحلبي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا تأكل الجري و لا الطحال فان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله كرهه، و قال: ان في كتاب علي عليه السلام ينهي عن الجري الحديث «5».

و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الجري يحل أكله؟ فقال: انا وجدناه في كتاب أمير المؤمنين عليه السلام حراما «6».

(1) لاحظ حديث ابن مسلم «7» و لاحظ ما عن الصادق عليه السلام لا تأكل

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 6

(2) عين المصدر الحديث: 8

(3) نفس المصدر الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 10

(5) نفس المصدر الحديث: 16

(6) نفس المصدر الحديث: 21

(7) لاحظ ص: 709

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 711

و الزمير (1) و السلحفاة و الضفادع و السرطان (2) و لا باس بالكنعت (3) و الربيثا (4).

______________________________

الجري و المارماهي و لا الزمير الحديث «1».

و لاحظ أيضا ما عن الرضا عليه السلام في كتابه الي المأمون قال: محض الإسلام شهادة ان لا إله الا اللّه الي أن قال و تحريم الجري من السمك و السمك الطافي و المارماهي و الزمير الحديث «2».

(1) لاحظ حديث ابن مسلم «3» و لاحظ ما عن الصادق عليه السلام «4» و لاحظ أيضا ما عن الرضا عليه السلام.

(2) لاحظ ما رواه ابن جعفر عن

أخيه أبي الحسن الأول عليه السلام قال:

لا يحل أكل الجري و لا السلحفاة و لا السرطان و سألته عن اللحم الذي يكون في أصداف البحر و الفرات أ يؤكل؟ قال: ذلك لحم الضفادع لا يحل أكله «5».

(3) لاحظ ما رواه حماد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام الحيتان ما يؤكل منها؟ فقال ما كان له قشر، قلت ما تقول في الكنعت؟ قال: لا بأس بأكله قال: قلت: فانه ليس له قشر، فقال بلي، و لكنها حوت سيئة الخلق تحنك بكل شي ء الحديث «6».

(4) يدل علي حلية أكله بعض النصوص منها: ما رواه هشام بن سالم عن عمر بن

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 6

(2) عين المصدر الحديث: 9

(3) لاحظ ص: 709

(4) لاحظ: 710

(5) الوسائل الباب 16 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

(6) الوسائل الباب 10 من هذه الابواب الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 712

______________________________

حنظلة قال: حملت الربيثا يابسة في صرة فدخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام فسألته عنها، فقال: كلها، و قال: لها قشر «1».

و منها: ما رواه حنان بن سدير قال: اهدي فيض بن مختار الي أبي عبد اللّه عليه السلام ربيثا، فادخلها عليه و انا عنده فنظر اليها فقال: هذه لها قشر، فأكل منها و نحن نراه «2».

و منها: ما رواه ابن بزيع قال: كتبت الي أبي الحسن الرضا عليه السلام اختلف الناس علي في الربيثا فما تأمرني به فيها؟ فكتب عليه السلام لا بأس بها «3».

و يدل علي حرمته ما رواه عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الربيثا، فقال لا تأكلها، فانا لا نعرفها في السمك يا عمار

الحديث «4».

و الترجيح مع الطائفة الأولي الدالة علي الحلية فان الطائفة الثانية مضافا الي عدم العمل بها مخالفة مع الاطلاق الكتابي في قوله تعالي قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَليٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّٰا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ الاية «5».

فان مقتضاه الحلية، اضف الي ذلك كله ان الدال علي الحلية مروي عن الرضا عليه السلام، فالترجيح بالأحدثية أيضا مع الدال علي الحلية فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

(2) عين المصدر الحديث: 2

(3) عين المصدر الحديث: 3

(4) عين المصدر الحديث: 4

(5) الانعام/ 145

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 713

و الطمر و الطيراني و الابلامي (1) و الاربيان (2).

[مسألة 2: يؤكل من السمك ما يوجد في جوف السمكة المباحة إذا كان مباحا]

(مسألة 2): يؤكل من السمك ما يوجد في جوف السمكة المباحة اذا كان مباحا (3).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الطبري قال: كتبت إلي أبي الحسن عليه السلام اسأله عن سمك يقال له الابلامي، و سمك يقال له الطيراني و سمك يقال له الطمر و أصحابي ينهون عن أكله قال: فكتب: كله لا بأس به و كتبت بخطي «1». مضافا الي النصوص الدالة علي جواز أكل ما فيه الفلس.

(2) قال في الجواهر «2» «و أما الأربيان فلا خلاف نصا و فتوي في حله» الخ و يدل علي المدعي ما رواه يونس بن عبد الرحمن عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك ما تقول في أكل الأربيان قال: فقال لي: لا باس بذلك «3».

و ما رواه محمد بن جمهور عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سأله عن الأربيان و قال: هذا يتخذ منه شي ء يقال له الربيثا فقال: كل فانه جنس من السمك

ثم قال: أما تراها تقلقل في قشرها «4» مضافا الي أن حليته علي القاعدة لقيام الدليل علي حلية كل سمك ذي قشر فلاحظ.

(3) بتقريب ان مقتضي الاستصحاب بقاء حياته الي حين خروجه من الماء و بعبارة اخري: احد جزئي الموضوع وجداني و هو أخذه و الجزء الاخر محرز

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 9

(2) الجواهر ج 36 ص: 252

(3) الوسائل الباب 12 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 714

و لا يؤكل من السمك ما تقذفه الحية (1) الا أن يضطرب و يؤخذ حيا خارج الماء (2) و الاحوط الاولي اعتبار عدم انسلاخ فلسه أيضا (3).

______________________________

بالاستصحاب فيتم الموضوع للجواز و لا يتوجه اشكال المثبت و ان شئت قلت:

التذكية في السمك أخذه من الماء حيا و هذا العنوان محرز بعضه بالوجدان و بعضه بالأصل فلا اشكال من ناحية الاثبات كما انه لا مجال للإشكال من ناحية استصحاب الحرمة حال الحياة لأن الحرمة حال الحياة اول الكلام.

مضافا الي أن الموضوع متبدل و بالاضافة الي أنه مع احراز موضوع الجواز لا مجال لاستصحاب الحرمة نعم يبقي الاشكال من ناحية اخري: و هو ان الاستصحاب المذكور يعارضه استصحاب عدم خروجه الي حين الموت فان الموت وجداني و محرز به، و يحرز عدم الخروج بالاستصحاب فيقع التعارض بين الاستصحابين و بعد التساقط لا مجال للأكل لأن موضوع الجواز المذكي و هو مشكوك فيه فلاحظ و اللّه العالم.

(1) لتوقف التذكية علي أخذه حيا خارج الماء كما تقدم في كتاب الصيد و الذباحة.

(2) لتحقق التذكية علي الفرض فيجوز أكله.

(3) لا اشكال في حسن الاحتياط و أما حديث ايوب بن أعين عن أبي

عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك ما تقول في حية ابتلعت سمكة ثم طرحتها و هي حية تضطرب أ فآكلها، فقال عليه السلام: ان كانت فلوسها قد تسلحت فلا تأكلها و ان لم يكن تسلخت فكلها «1» فضعيف سندا و مقتضي اطلاق دليل الجواز عدم الفرق بين الانسلاخ و عدمه فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 715

[مسألة 3: البيض تابع لحيوانه]

(مسألة 3): البيض تابع لحيوانه (1) و مع الاشتباه قيل يؤكل الخشن المسمي في عرفنا (ثروب) و لا يؤكل الاملس المسمي في عرفنا (حلبلاب) و فيه تأمل (2).

______________________________

(1) لاحظ حديث ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: ان الدجاجة تكون في المنزل و ليس معها الديكة تعتلف من الكناسة و غيرها و تبيض من غير أن يركبها الديكة فما تقول في أكل ذلك البيض؟ فقال: ان البيض اذا كان مما يؤكل لحمه فلا بأس بأكله و هو حلال «1».

و حديث داود بن فرقد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الشاة و البقرة ربما درت من اللبن من غير أن يضربها الفحل، و الدجاجة ربما باضت من غير أن يركبها الديكة قال: فقال عليه السلام: هذا حلال طيب كل شي ء يؤكل لحمه فجميع ما كان منه من لبن أو بيض أو انفحة فكل ذلك حلال طيب و ربما يكون هذا من ضربة الفحل و يبطئ و كل هذا حلال «2».

و الحديثان ضعيفان بالارسال لكن مقتضي قاعدة الحل الجواز بل مقتضي قوله تعالي- قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَليٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّٰا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً «3» الاية، جواز الأكل.

هذا بالنسبة الي

بيض ما يؤكل لحمه، و أما بيض ما لا يؤكل لحمه، فيمكن أن يقال: بجواز أكله بمقتضي التقريب المذكور الا أن يقوم اجماع علي حرمته أو يقال ان العرف يفهم من دليل حرمة الحيوان حرمة بيضه فتأمل.

(2) و ليس عليه دليل ظاهرا فلا اعتبار بهذا الميزان.

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من ابواب الأطعمة المباحة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الانعام/ 145

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 716

بل الاظهر الحرمة في الجميع (1)

[الثاني في البهائم]

اشارة

(الثاني) في البهائم.

[مسألة 4: يؤكل من النعم الأهلية: الإبل، و البقر و الغنم]

(مسألة 4): يؤكل من النعم الاهلية: الابل، و البقر و الغنم (2) و من الوحشية كبش الجبل و البقر و الحمير و الغزلان و اليحامير (3).

______________________________

(1) لم يظهر لي وجه جزم الماتن بالحرمة مع أن مقتضي أصل البراءة الجاري في الشبهات الموضوعية الجواز فلاحظ.

(2) قال في الجواهر: «لا خلاف بين المسلمين في أنه يؤكل من الانسية منها جميع أصناف الابل و البقر و الغنم بل هو من ضروري الدين» الخ «1».

و عن المستند ان حلية الثلاثة من الضروريات الدينية و يدل علي المدعي قوله تعالي قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَليٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّٰا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً الاية «2» و أيضا يدل علي المدعي قوله تعالي وَ الْأَنْعٰامَ خَلَقَهٰا لَكُمْ فِيهٰا دِفْ ءٌ وَ مَنٰافِعُ وَ مِنْهٰا تَأْكُلُونَ «3» بالاضافة الي النصوص الواردة في المقام.

(3) عن المسالك انه لا خلاف بين المسلمين في حلية الخمسة المذكورة.

مضافا الي الأصل و العمومات كقوله تعالي: قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَليٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّٰا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ الاية «4»

بالاضافة الي النصوص الخاصة الدالة علي المدعي بالنسبة الي بعض المذكورات لاحظ ما رواه نضر بن محمد قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام اسئله عن لحوم الحمر الوحشية فكتب: يجوز أكلها وحشية و تركه عندي

______________________________

(1) الجواهر ج 36 ص 264

(2) الانعام 145

(3) النحل: 5

(4) الانعام 145

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 717

و في تخصيص الحل بهذه الخمسة اشكال (1).

______________________________

أفضل «1».

و لاحظ ما رواه سعد بن سعد قال: سألت الرضا عليه السلام عن اللامص فقال و ما هو؟ فذهبت اصفه فقال: أ ليس اليحامير قلت:

بلي، قال: أ ليس تأكلونه بالحل و الخردل و الأبزار؟ قلت بلي قال: لا بأس به «2».

و لاحظ ما رواه محمد بن سنان عن الرضا عليه السلام فيما كتب اليه في جواب مسائله: و أحل اللّه تبارك و تعالي لحوم البقر و الابل و الغنم لكثرتها و امكان وجودها و تحليل البقر الوحشي و غيرها من أصناف ما يؤكل من الوحش المحلل، لأن غذاها غير مكروه و لا محرم و لا هي مضرة بعضها ببعض و لا مضرة بالانس و لا في خلقها تشويه و كره أكل لحوم البغال و الحمر الأهلية لحاجات الناس الي ظهورها و استعمالها و الخوف من قلتها لا لقذر خلقتها و لا قذر غذائها «3».

و لاحظ ما رواه ابن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

سألته عن ظبي أو حمار وحش أو طير صرعه رجل ثم رماه بعد ما صرعه غيره فمتي يؤكل؟ قال: كله ما لم يتغير اذا سمي و رمي «4» قال: و سألته عن الرجل يلحق الظبي أو الحمار فيضربه بالسيف فيقطعه نصفين هل يحل أكله؟ قال: اذا سمي «5».

(1) الظاهر ان وجه الاشكال عدم الدليل علي الحرمة في غير المذكورات و مقتضي القاعدة الأولية جواز الأكل فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من ابواب الأطعمة المباحة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) عين المصدر الحديث: 3

(4) عين المصدر الحديث: 5

(5) عين المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 718

[مسألة 5: يكره الخيل و البغال و الحمير]

(مسألة 5): يكره الخيل و البغال و الحمير (1).

______________________________

(1) قال في الجواهر: «المشهور بيننا شهرة كادت تكون اجماعا كما اعترف به غير واحد ان لم تكن كذلك انه يكره الخيل و البغال و الحمير الأهلية»

الي أن قال بل عن الخلاف الاجماع علي ذلك الخ «1».

و النصوص الواردة في المقام طائفتان: الطائفه الأولي ما يدل علي الجواز منها: ما رواه محمد بن مسلم و زرارة عن أبي جعفر عليه السلام انهما سألاه عن أكل لحوم الحمر الأهلية فقال: نهي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله عن أكلها يوم خيبر و انما نهي عن أكلها في ذلك الوقت لأنها كانت حمولة الناس و انما الحرام ما حرم اللّه في القرآن «2».

و منها: ما رواه أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول ان المسلمين كانوا جهدوا في خيبر فاسرع المسلمون في دوابهم فأمرهم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله باكفاء القدور و لم يقل انها حرام و كان ذلك ابقاء علي الدواب «3».

و منها: ما رواه محمد بن علي بن الحسين قال: انما نهي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله عن أكل لحوم الحمر الا نسية بخيبر لئلا تفني ظهورها و كان ذلك نهي كراهة لا نهي تحريم «4».

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: نهي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله عن أكل لحوم الحمير و انما نهي عنها من اجل ظهورها مخافة أن يفنوها و ليست الحمير بحرام ثم قرأ هذه الاية: قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما

______________________________

(1) الجواهر ج 36 ص 264

(2) الوسائل الباب 4 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

(3) عين المصدر الحديث: 2

(4) عين المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 719

______________________________

عَليٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ الي آخر الاية «1».

و منها: ما رواه الميثمي عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: سئل أبي عن لحوم

الحمر الأهلية فقال: نهي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله عن أكلها لأنها كانت حمولة الناس يومئذ و انما الحرام ما حرم اللّه في القرآن و الا فلا «2».

و منها: ما رواه أبو بصير يعني المرادي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ان الناس أكلوا لحوم دوابهم يوم خيبر، فأمر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله باكفاء قدورهم و نهاهم عنها و لم يحرمها «3».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن لحوم الخيل و البغال و الحمير فقال: حلال و لكن الناس يعافونها «4».

و منها: ما رواه زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام قال: أتيت انا و رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله رجلا من الأنصار فاذا فرس له يكبد بنفسه فقال له رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: انحره يضعف لك به أجران بنحرك اياه و احتسابك له، فقال: يا رسول اللّه ألي منه شي ء؟ قال: نعم كل و اطعمني قال: فاهدي للنبي صلّي اللّه عليه و آله فخذا منه فأكل منه و اطعمني «5».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم أيضا عن أبي جعفر عليه السلام: انه سئل عن سباع الطير و الوحش حتي ذكر له القنافذ و الوطواط و الحمر و البغال و الخيل فقال ليس الحرام الا ما حرم اللّه في كتابه و قد نهي رسول اللّه يوم خيبر عنها و انما نها هم

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 6

(2) عين المصدر الحديث: 7

(3) عين المصدر الحديث: 11

(4) الوسائل الباب 5 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 720

______________________________

من أجل

ظهورهم أن يفنوه و ليست الحمر بحرام ثم قال: اقرء هذه الاية قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَليٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّٰا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّٰهِ بِهِ «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن أبوال الخيل و البغال و الحمير قال: فكرهها قلت: أ ليس لحمها حلالا قال: فقال: أ ليس قد بين اللّه لكم: و الأنعام خلقها لكم فيها دف ء و منافع و منها تأكلون و قال: و الخيل و البغال و الحمير لتركبوها و زينة فجعل للأكل الأنعام التي قص اللّه في الكتاب و جعل للركوب الخيل و البغال و الحمير و ليس لحومها بحرام و لكن الناس عافوها «2».

و الطائفة الثانية: ما يدل علي الحرمة منها ما رواه ابان بن تغلب عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن لحوم الخيل فقال: لا تؤكل الا أن يصيبك ضرورة و لحوم الحمر الأهلية قال: و في كتاب علي عليه السلام انه منع أكلها «3»

و منها: ما رواه ابن مسكان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن لحوم الحمر الأهلية فقال: نهي رسول اللّه عن أكلها يوم خيبر «4».

و منها: ما رواه محمد بن سنان ان الرضا عليه السلام كتب اليه فيما كتب من جواب مسائله: كره أكل لحوم البغال و الحمر الأهلية لحاجة الناس الي ظهورها و استعمالها و الخوف من فنائها و قلتها لا لقذر خلقها و لا قذر غذائها «5».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) عين المصدر الحديث: 8

(3) الوسائل الباب 4 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3

(4) نفس

المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 721

______________________________

و منها: ما رواه: علي بن جعفر عن أخيه قال: سألته عن لحوم الحمر الأهلية أ تؤكل فقال: نهي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و انما نهي عنها لأنهم كانوا يعملون عليها فكره ان يفنوها «1».

و منها: ما رواه ابن مسكان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام الي أن قال:

و سألته عن أكل الخيل و البغال فقال: نهي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله عنها و لا تأكلها الا أن تضطر اليها «2».

و منها: ما رواه ابان بن تغلب عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن لحوم الخيل قال: لا تأكل الا أن تصيبك ضرورة الحديث «3».

و منها: ما رواه سعد بن سعد عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن لحوم البرازين و الخيل و البغال فقال: لا تأكلها «4».

فيقع التعارض بين الطرفين و الترجيح مع دليل الجواز لموافقته مع الكتاب فان مقتضي قوله تعالي قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ الاية «5» الجواز بل يرجح دليل الجواز بمخالفته مع العامة علي ما في الجواهر.

بالاضافة الي أن حلية أكل المذكورات من الواضحات و هذا هو العمدة و الا يكون الترجيح بالأحدثية مع دليل المنع لاحظ ما رواه علي بن جعفر «6» و قد ذكرنا أخيرا انه لا دليل علي الترجيح بموافقة الكتاب و لا بمخالفة القوم.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) الوسائل الباب 5 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 5 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 2

(4) الوسائل الباب 5 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 5

(5) الانعام/ 145

(6) مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 722

[مسألة 6: يحرم الجلال من المباح و هو ما يأكل عذرة الإنسان خاصة]

(مسألة 6): يحرم الجلال من المباح (1) و هو ما يأكل عذرة الانسان خاصة (2).

______________________________

(1) قال في الجواهر: «المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة انه يحرم أكل الجلال حتي يستبرء» الخ «1» و تدل علي المدعي عدة نصوص منها ما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تأكل لحوم الجلالات و ان اصابك من عرقها فاغسله «2».

و منها: ما رواه أبو البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تشرب من ألبان الإبل الجلالة و ان اصابك شي ء من عرقها فاغسله «3».

و منها: ما رواه زكريا بن آدم عن أبي الحسن عليه السلام انه سأله عن دجاج الماء فقال: اذا كان يلتقط غير العذرة فلا بأس «4».

(2) فان الحكم تابع للموضوع قال في مجمع البحرين: «و الجلالة من الحيوان بتشديد اللام الأولي التي تكون غذائها عذرة الانسان محضا» و ان شئت قلت: مع عدم احراز العنوان المأخوذ في الموضوع لا مجال لترتيب الحكم الشرعي عليه بل يمكن احراز عدم تحقق العنوان بجريان الاستصحاب بناء علي ما سلكناه من جريان الاستصحاب في الشبهات المفهومية.

و في المنجد: «فسر العذرة بالغائط» فلا تصدق علي غير عذرة الانسان و قال في الجواهر: «و ما في الصحاح من أن الجلالة البقرة التي تتبع النجاسات تفسير بالأعم» فالنتيجة ان الجلل لا يتحقق بأكل غير عذرة الانسان.

______________________________

(1) الجواهر ج 36 ص 272

(2) الوسائل الباب 27 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) عين المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 723

الا مع الاستبراء و زوال الجلل (1) و الاحوط مع ذلك ان يطعم الناقة بل مطلق الابل علفا طاهرا اربعين يوما و البقر عشرين

و الشاة عشرة و البطة خمسة أو سبعة و الدجاجة ثلاثة (2).

______________________________

(1) اذ الحكم تابع للموضوع و موضوع الحرمة عنوان الجلل و مع زواله لا مجال لبقاء حكمه.

(2) الظاهر ان الوجه في الاحتياط المذكور جملة من النصوص منها ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عليهما السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الدجاجة الجلالة لا يؤكل لحمها حتي تغتذي ثلثه أيام و البطة الجلالة بخمسة أيام و الشاة الجلالة عشرة أيام و البقرة الجلالة عشرين يوما و الناقة الجلالة اربعين يوما «1».

و منها: ما رواه مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام الناقة الجلالة لا يؤكل لحمها و لا يشرب لبنها حتي تغذي اربعين يوما و البقرة الجلالة لا يؤكل لحمها و لا يشرب لبنها حتي تغذي ثلاثين (عشرين- خ ل يب) (اربعين- ر) يوما و الشاة الجلالة لا يؤكل لحمها و لا يشرب لبنها حتي تغذي عشرة ايام و البطة الجلالة لا يوكل لحمها حتي تربي خمسة أيام و الدجاجة ثلاثة أيام «2».

و منها: ما رواه بسام الصير في عن أبي جعفر عليه السلام في الابل الجلالة قال لا يؤكل لحمها و لا تركب أربعين يوما «3».

و منها: ما رواه يعقوب بن يزيد رفعه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: الابل الجلالة اذا أردت نحرها تحبس البعير اربعين يوما و البقرة تلتبن يوما و الشاة عشرة

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 724

[مسألة 7: لو شرب الجدي لبن خنزيرة و اشتد لحمه حرم هو و نسله]

(مسألة 7): لو شرب الجدي لبن خنزيرة و اشتد لحمه حرم هو و نسله (1)

و لو لم يشتد استبرأ سبعة ايام فيلقي علي ضرع شاة و اذا كان

______________________________

أيام «1».

و منها: ما رواه يونس عن الرضا عليه السلام في السمك الجلال انه سأله عنه فقال ينتظر به يوما و ليلة قال السياري ان هذا لا يكون الا بالبصرة و قال في الدجاجة تحبس ثلثه أيام و البطة سبعة أيام و الشاة أربعة عشر يوما و البقرة ثلاثين يوما و الابل اربعين يوما ثم تذبح «2».

و منها: ما رواه قاسم بن محمد الجوهري ان في روايته ان البقرة تربط عشرين يوما و الشاة تربط عشرة أيام و البطة تربط ثلاثة أيام «3».

و روي ستة أيام و الدجاجة تربط ثلاثة أيام و السمك الجلال يربط يوما الي الليل في الماء «4».

و الظاهر ان النصوص المذكورة ضعيفة سندا فالحكم بالاستبراء بهذا النحو مبني علي الاحتياط.

(1) قال في الجواهر: «5» «ان اشتد حرم لحمه و لحم نسله أبدا و لا استبراء بلا خلاف أجده فيه، كما اعترف به غير واحد، بل علي الغنية الاجماع علي التحريم» الخ.

و يمكن أن يستدل علي المدعي بما رواه حنان بن سدير قال: سئل أبو عبد اللّه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) عين المصدر الحديث: 5

(3) عين المصدر الحديث: 6

(4) عين المصدر الحديث: 7

(5) ج 36 ص: 282

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 725

مستغنيا عن الرضاع علف و يحل بعد ذلك (1) و لا يلحق بالخنزيرة الكلبة و الكافرة (2) و في عموم أكله لشرب اللبن من غير ارتضاع اشكال و الاظهر العدم (3).

[مسألة 8: يحرم كل ذي ناب كالأسد و الثعلب]

(مسألة 8): يحرم كل ذي ناب كالأسد و الثعلب (4).

______________________________

عليه السلام و انا حاضر عنده عن جدي رضع من لبن خنزيرة حتي شب و كبر و اشتد

عظمه، ثم ان رجلا استفحله في غنمه فخرج له نسل فقال: أما ما عرفت من نسله بعينه فلا تقربه، و أما ما لم تعرفه فكله فهو بمنزلة الجبن و لا تسأل عنه «1» و المذكور في النص اشتداد العظم به لا اشتداد اللحم.

(1) لاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن حمل غذي بلبن خنزيرة فقال: قيدوه و اعلفوه الكسب و النوي و الشعير و الخبز ان كان استغني عن اللبن و ان لم يكن استغني عن اللبن فيلقي علي ضرع شاة سبعة أيام ثم يؤكل لحمه «2» و الحديث ضعيف سندا.

(2) لحرمة القياس و مقتضي القاعدة الاولية الجواز.

(3) فان الحكم تابع للموضوع و المفروض ان الوارد في النص عنوان الرضاع فلا وجه للتعدي فلاحظ.

(4) بلا خلاف بل الاجماع بقسميه عليه مضافا الي السيرة كما في الجواهر.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل ذي ناب من السباع و مخلب من الطير حرام «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 3 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 726

______________________________

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم قال: كل ذي ناب من السباع أو مخلب من الطير حرام، و قال لا تأكل من السباع شيئا «1».

و منها: ما رواه سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المأكول من الطير و الوحش فقال: حرم رسول

اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم كل ذي مخلب من الطير و كل ذي ناب من الوحش فقلت: ان الناس يقولون من السبع فقال:

يا سماعة السبع كله حرام و ان كان سبعا لا ناب له و انما قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله هذا تفضيلا- الي أن قال و كل ما صف و هو ذو مخلب فهو حرام «2».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يصلح أكل شي ء من السباع اني لأكرهه و اقذره «3».

و منها: ما رواه محمد بن سنان عن الرضا عليه السلام فيما كتب اليه من جواب مسائله: و حرم سباع الطير و الوحش كلها لأكلها من الجيف و لحوم الناس و العذرة و ما اشبه ذلك فجعل اللّه عز و جل دلايل ما أحل من الطير و الوحش و ما حرم كما قال أبي عليه السلام: كل ذي ناب من السباع و ذي مخلب من الطير حرام و كل ما كانت له قانصة من الطير فحلال و علة اخري تفرق بين ما أحل و ما حرم قوله عليه السلام كل ما دف و لا تأكل ما صف «4».

و منها: ما رواه الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام: في كتابه الي المأمون محض الإسلام شهادة ان لا إله الا اللّه الي أن قال و تحريم كل ذي ناب من السباع

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) عين المصدر الحديث: 5

(4) عين المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 727

و يحرم الارنب و الضب و اليربوع و الحشرات و القمل و البق و البراغيث (1).

______________________________

و كل ذي مخلب من الطير

«1».

و منها: ما رواه الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما السلام في حديث شرايع الدين قال: و الشراب كل ما اسكر كثيره فقليله حرام و كل ذي ناب من السباع و مخلب من الطير حرام الحديث «2».

و يستفاد من بعض النصوص جواز أكل السبع لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام: انه سئل عن سباع الطير و الوحش حتي ذكر له القنافذ و الوطواط و الحمر و البغال و الخيل فقال: ليس الحرام الا ما حرم اللّه في كتابه و قد نهي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله يوم خيبر عنها و انما نهاهم من أجل ظهورهم ان يفنوه و ليست الحمر بحرام ثم قال: اقرء هذه الاية: قُلْ لٰا أَجِدُ فِي مٰا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَليٰ طٰاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّٰا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّٰهِ بِهِ «3».

لكن لا اشكال في حرمة السباع و لا بد من رفع اليد عن مثل هذه النصوص.

(1) قال في الجواهر: «لا خلاف بل الاجماع بقسميه عليه في أنه يحرم الارنب و الضب و الحشرات كلها التي هي صغار دواب الارض أو التي تاوي نقب الأرض كالحية و الفارة و العقرب و الجرذان و الخنافس و الصراصر و بنات وردان و البراغيث و القمل و غيرها مما هو مندرج في الخبائث أو الحشرات أو المسوخ» «4».

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 8

(2) عين المصدر الحديث: 9

(3) الوسائل الباب 5 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 6

(4) الجواهر ج 36 ص: 296

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 728

[مسألة 9: إذا وطأ الإنسان حيوانا محللا أكله و مما يطلب لحمه حرم لحمه و لحم نسله و لبنهما]

(مسألة 9): اذا وطأ الانسان حيوانا محللا اكله و مما يطلب لحمه

حرم لحمه و لحم نسله و لبنهما (1).

______________________________

و قد دل الدليل علي حرمة المسوخ لاحظ ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه في حديث قال: و حرم اللّه و رسوله المسوخ جميعا «1» و من ناحية اخري قد دل الدليل علي كون جملة من المذكورات من المسوخ.

لاحظ ما رواه الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام: قال الفيل مسخ كان ملكا زناء و الذئب مسخ كان اعرابيا ديوثا و الارنب مسخ كانت امرأة تخون زوجها و لا تغتسل من حيضها و الوطواط مسخ كان يسرق تمور الناس و القردة و الخنازير قوم من بني اسرائيل اعتدوا في السبت و الجريث و الضب فرقة من بني اسرائيل لم يؤمنوا حيث نزلت المائدة علي عيسي بن مريم فتاهوا فوقعت فرقة في البحر و فرقه في البر و الفارة و هي الفويسقة و العقرب كان نماما و الدب و الوزغ و الزنبور كان لحاما يسرق في الميزان «2» فان المستفاد من هذه الرواية ان الأرنب من المسوخ و كذلك الضب.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بتقريب آخر: و هو انه لا اشكال عندنا في حرمة السباع و الخبائث و المسوخ، و كل واحد من المذكورات داخل تحت واحد من هذه العناوين و ان شئت قلت: بعد الاجماع و التسالم علي المذكورات لا يبقي مجال للتوقف في الحكم و عليه لا يمكن رفع اليد عنه بما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم عزوف النفس و كان يكره الشي ء و لا يحرمه فاتي بالارنب فكرهها و لم يحرمها «3».

(1) قال في الجواهر: «اذا وطأ الانسان صغيرا أو

كبيرا عاقلا أو مجنونا حرا

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 21

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 729

______________________________

أو عبدا عالما أو جاهلا مكرها أو مختارا حيوانا مأكول اللحم قبلا أو دبرا حرم لحمه و لحم نسله و لبنهما بلا خلاف أجده فيه كما اعترف غير واحد بل عن بعض نسبته الي الأصحاب الظاهرة في الاجماع بل ادعاه آخر» «1» و يمكن الاستدلال علي بعض المقصود بجملة من النصوص منها ما رواه محمد بن عيسي عن الرجل عليه السلام انه سئل عن الرجل نظر الي راع نزا علي شاة قال: ان عرفها ذبحها و احرقها، و ان لم يعرفها قسمها نصفين أبدا حتي يقع السهم بها فتذبح و تحرق و قد نجت سائرها «2».

و منها: ما رواه سماعة قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي بهيمة أو شاة أو ناقة أو بقرة، فقال عليه السلام: ان يجلد حدا غير الحد ثم ينفي من بلاده الي غيرها و ذكروا ان لحم تلك البهيمة محرم و لبنها «3».

و منها: ما رواه مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان امير المؤمنين عليه السلام سئل عن البهيمة التي تنكح قال حرام لحمها و لبنها «4».

و منها: ما عن تحف العقول عن أبي الحسن الثالث عليه السلام في جواب مسائل يحيي بن اكثم قال: و أما الرجل الناظر الي الراعي و قد نزا علي شاة فان عرفها ذبحها و أحرقها و ان لم يعرفها قسم الغنم نصفين و ساهم بينهما فاذا وقع علي أحد النصفين فقد نجا النصف الاخر ثم يفرق النصف الاخر فلا يزال كذلك حتي يبقي

شاتان فيقرع بينهما فايهما وقع السهم بها ذبحت و احرقت و نجا ساير

______________________________

(1) الجواهر ج 36 ص: 284

(2) الوسائل الباب 30 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 730

و لا فرق في الواطئ بين الصغير و الكبير علي الاحوط (1) كما

______________________________

الغنم «1» و هذه النصوص كلها ضعيفة.

و يمكن الاستدلال بما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام و عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام و عن صباح الحذاء عن اسحاق بن عمار عن أبي ابراهيم موسي عليه السلام في الرجل يأتي البهيمة فقالوا جميعا: ان كانت البهيمة للفاعل ذبحت فاذا ماتت احرقت بالنار و لم ينتفع بها و ضرب هو خمسة و عشرين [و ن] سوطا ربع حد الزاني و ان لم تكن البهيمة له قومت و أخذ ثمنها منه و دفع الي صاحبها و ذبحت و احرقت بالنار و لم ينتفع بها و ضرب خمسة و عشرين [و ن] سوطا، فقلت: و ما ذنب البهيمة؟ فقال لا ذنب لها و لكن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله فعل هذا و امر به كيلا يجتري الناس بالبهائم و ينقطع النسل «2».

و بما رواه سدير عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يأتي البهيمة قال: يجلدون الحد و يغرم قيمة البهيمة لصاحبها لأنه أفسدها عليه و تذبح و تحرق ان كانت مما يؤكل لحمه و ان كانت مما يركب ظهره غرم قيمتها و جلد دون الحد و اخرجها من المدينة التي فعل بها فيها الي بلاد اخري حيث لا تعرف فيبيعها فيها كيلا يعير بها صاحبها «3».

فلا اشكال

في حرمة الحيوان، و أما حرمة نسله فمضافا الي الاجماع المدعي يمكن أن يستدل عليها بما يستفاد من النصوص من عدم الانتفاع بالبهيمة بعد الوطء فيحرم نسله و كذلك يحرم لبنهما.

(1) لا يبعد أن يكون الوجه في عدم الجزم بالحكم انصراف الدليل عن الصغير

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 4

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب نكاح البهائم الحديث: 1

(3) عين المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 731

لا فرق بين العاقل و المجنون و الحر و العبد و العالم و الجاهل و المختار و المكره (1) و لا فرق في الموطوء بين الذكر و الانثي (2) و لا يحرم الحمل اذا كان متكونا قبل الوطء (3) كما لا يحرم الموطوء اذا كان ميتا (4) او كان من غير ذوات الاربع (5) ثم ان الموطوء ان كان مما يقصد لحمه ذبح فاذا مات احرق فان كان الواطئ غير المالك اغرم قيمته للمالك، و ان كان المقصود ظهره نفي الي بلد غير بلد الوطء و اغرم الواطئ قيمته للمالك اذا كان غير المالك ثم يباع في البلد الاخر (6) و في رجوع الثمن الي المالك او الواطئ أو يتصدق به علي الفقراء وجوه خيرها اوسطها (7).

______________________________

بل لا يصدق عنوان الرجل علي الصغير و أما الاجماع فحيث يحتمل كونه مدركيا لا يترتب عليه الأثر.

(1) كل ذلك للإطلاق.

(2) للإطلاق فان الموضوع الوارد في النص عنوان البهيمة و هذا العنوان يصدق علي الانثي و الذكر و لا يختص بالانثي.

(3) اذ لا يصدق علي الحمل المتكون قبل الوطء انه من فوائد الموطوء فلا وجه لحرمته.

(4) اذ الميت غير قابل للذبح فلا يشمله الدليل.

(5) فان العنوان المأخوذ في الدليل عنوان البهيمة و هذا العنوان

لا يصدق علي غير ذوات الاربع.

(6) لاحظ ما رواه سدير «1».

(7) كما هو ظاهر حديث سدير. اذ المفروض ان الحيوان بعد شرائه يصير

______________________________

(1) لاحظ ص: 730

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 732

و اذا اشتبه الموطوء فيما يقصد لحمه اخرج بالقرعة (1).

[مسألة 10: إذا شرب الحيوان المحلل الخمر فسكر فذبح جاز أكل لحمه]

(مسألة 10): اذا شرب الحيوان المحلل الخمر فسكر فذبح جاز أكل لحمه (2) و لا بد من غسل ما لاقته الخمر مع بقاء عينها (3) و لا يؤكل ما في جوفه من القلب و الكرش و غيرهما علي الاحوط (4) و لو

______________________________

ملكا للواطي.

(1) لاحظ حديثي سماعة و ابن شعبة «1» و الحديثان ضعيفان سندا و مقتضي القاعدة الاحتياط علي ما هو المقرر عندهم من تنجز العلم الإجمالي و لكن لنا كلام في الكبري نعم يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه سيابة و ابراهيم بن عمر جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قال: اول مملوك أملكه فهو حر فورث ثلاثة قال: يقرع بينهم فمن أصابه القرعة اعتق قال: و القرعة سنة «2».

و بما رواه منصور بن حازم قال: سأل بعض أصحابنا عن مسألة فقال: هذه تخرج في القرعة ثم قال: فأي قضية أعدل من القرعة اذا فوضوا أمرهم الي اللّه عز و جل أ ليس اللّه يقول: «فَسٰاهَمَ فَكٰانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ» «3».

فانه لا يبعد أن يستفاد من الحديثين و غيرهما المذكور في الباب المشار اليه الضابط الكلي لجميع الموارد و التفصيل موكول الي مجال آخر و قد تعرضنا لتفصيل الحكم في بحث القرعة.

(2) لعدم الدليل علي الحرمة و مقتضي القاعدة الاولية هو الجواز.

(3) لتنجسه بالخمر علي الفرض فلا بد من غسله.

(4) لاحظ ما رواه زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه

قال في شاة شربت

______________________________

(1) لاحظ ص: 729

(2) الوسائل الباب 13 من ابواب كيفية الحكم و الدعاوي الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 17

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 733

شرب بولا او غيره من النجاسات لم يحرم لحمه (1) و يؤكل ما في جوفه بعد غسله مع بقاء عين النجاسة فيه (2).

[الثالث في الطيور]

اشارة

(الثالث في الطيور)

[مسألة 11: يحرم السبع منها كاليازي و الرخمة]

(مسألة 11): يحرم السبع منها كاليازي و الرخمة (3) و كل

______________________________

خمرا حتي سكرت ثم ذبحت علي تلك الحال: لا يؤكل ما في بطنها «1» و الحديث ضعيف سندا.

(1) لعدم الدليل عليه و قال في الجواهر: «لم يحرم بلا خلاف و لا اشكال».

(2) اذ مع بقاء عين النجاسة ينجس ما يلاقيها فلا بد من أن يغسل.

(3) اجماعا بقسميه كما في الجواهر و يدل علي المدعي جملة من النصوص:

منها: ما رواه داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل ذي ناب من السباع و مخلب من الطير حرام «2».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قال: كل ذي ناب من السباع أو مخلب من الطير حرام و قال: لا تأكل من السباع شيئا 3.

و منها: ما رواه سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المأكول من الطير و الوحش فقال: حرم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله كل ذي مخلب من الطير و كل ذي ناب من الوحش فقلت: ان الناس يقولون: من السبع فقال يا سماعة السبع كله حرام و ان كان سبعا لا ناب له و انما قال رسول اللّه صلّي اللّه

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 3 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 734

ما كان صفيفه اكثر من دفيفه (1) فان تساويا فالاظهر الحلية اذا كانت فيه احدي العلامات الآتية الا فيحرم و العلامات هي القانصة و الحوصلة و الصيصية و هي الشوكة التي خلف

رجل الطائر خارجة عن الكف و القانصة هي في الطير بمنزلة الكرش في غيره (2) و يكفي وجود

______________________________

عليه و آله هذا تفضيلا- الي أن قال- و كل ما صف و هو ذو مخلب فهو حرام و الصفيف كما يطير البازي و الحداة و الصقر و ما اشبه ذلك و كلما ما دف فهو حلال «1».

(1) بلا خلاف أجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه هكذا في الجواهر «2» و يدل علي المدعي ما رواه سماعة بن مهران «3» فانه يستفاد من هذه الرواية ان الميزان في الحرمة و الحلية اكثرية الصفيف و اكثرية الدفيف.

(2) المستفاد من حديث سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: كل من طير البر ما كانت له حوصلة و من طير الماء ما كانت له قانصة كقانصة الحمام لا معدة كمعدة الانسان، الي أن قال: و القانصة و الحوصلة يمتحن بهما من الطير ما لم يعرف طيرانه و كل طير مجهول «4»، ان الميزان الاولي في الحرمة و الحلية الصفيف و الدفيف و مع الجهل بالطيران تصل النوبة الي ملاحظة القانصة و الحوصلة فمع التساوي تتوقف الحلية علي أحد الامرين و أما الصيصية فالدال عليها حديث ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كل من الطير ما كانت له قانصة أو صيصية أو حوصلة 5.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3 و الباب 19 من هذه الابواب الحديث: 2

(2) الجواهر ج 36 ص: 304

(3) لاحظ ص: 733

(4) (4 و 5) الوسائل الباب 18 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 735

واحدة في الحل (1) و اذا انتفت كلها حوم (2) و اذا

تعارض انتقاء الجميع مع الدفيف قدم الدفيف فيحل ما كان دفيفه اكثر و ان لم تكن له احدي الثلاث، (3) و اذا كانت له احدي الثلاث و كان صفيفه اكثر حرم (4) نعم اذا وجدت له احدي الثلاث او جميعها و شك في كيفية طيرانه حكم بالحل (5) و اما اللقلق فقد حكي وجود الثلاث فيه لكن المظنون ان صفيفه اكثر فيكون حراما كما افتي بذلك بعض الاعاظم علي ما حكي (6).

[مسألة 12: يحرم الخفاش]

(مسألة 12): يحرم الخفاش (7).

______________________________

و الحديث ضعيف سندا فالأمر منحصر في المذكورين في حديث سماعة.

(1) المستفاد من حديث سماعة كفاية أحد الأمرين.

(2) بل اذا انتفي الامران.

(3) فان المستفاد من حديث سماعة ان الميزان الاولي في الحلية اكثرية الدفيف كما تقدم.

(4) كما مر.

(5) اذا وجد أحد الأمرين كما في حديث سماعة فانه صرح فيه بأنه يمتحن بهما الطير.

(6) الظن لا يغني عن الحق شيئا فلو احرز فيه ملاك الحل و شك في أكثرية صفيفه حكم بالحلية و اللّه العالم.

(7) و هو الوطواط و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن الحسن الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال القبل مسخ الي أن قال

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 736

و الطاوس (1).

______________________________

الوطواط مسخ كان يسرق تمور الناس الحديث «1».

و منها: ما رواه علي بن مغيرة عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن جده عليه السلام قال المسوخ من بني آدم ثلاثة عشر صنفا منهم القردة و الخنازير و الخفاش الحديث «2»

و منها: ما رواه معتب عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: سألت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم عن المسوخ

فقال: هم ثلثه عشر الفيل و الدب و الخنزير و القرد و الجريث و الضب و الوطواط و الدعموص و العقرب و العنكبوت و الارنب و سهيل و الزهرة ثم ذكر اسباب مسخها «3».

و منها: ما رواه علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال:

المسوخ ثلاثة عشر الفيل و الدب و الارنب و العقرب و الضب و العنكبوت و الدعموص و الجري و الوطواط و القرد و الخنزير الحديث «4».

و منها: ما رواه محمد بن سليمان الديلمي عن الرضا عليه السلام انه قال: كان الخفاش امرأة سحرت ضرة لها فمسخها اللّه خفاشا الحديث «5» فان هذه النصوص بضميمة حرمة المسوخ تدل علي المدعي.

(1) يدل علي المدعي ما رواه الجعفري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال الطاوس لا يحل أكله و لا بيضه «6».

و ما رواه أيضا عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال الطاوس مسخ كان رجلا جميلا فكابر امرأة رجل مؤمن تحبه فوقع بها ثم راسلته بعد فمسخهما اللّه طاوسين

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 7

(2) نفس المصدر الحديث: 12

(3) نفس المصدر الحديث: 13

(4) عين المصدر الحديث: 14

(5) عين المصدر الحديث: 15

(6) عين المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 737

و الجلال من الطير حتي يستبرأ (1) و يحرم الزنابير (2) و الذباب (3) و بيض الطير المحرم (4).

______________________________

انثي و ذكرا فلا تأكل لحمه و لا بيضه «1» و الحديثان ضعيفان سندا الا أن يتم الأمر بكون الطاوس من المسوخ أو بالتسالم فيما بين القوم و اللّه العالم.

(1) قد مر الكلام في الجلال و انه يحل بزوال العنوان و أن يستبرأ بالأيام باختلافها و قلنا: ان الحكم

بالاستبراء بالايام مبني علي الاحتياط.

(2) لاحظ حديث محمد بن الحسن الاشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال الفيل مسخ الي أن قال و الزنبور كان لحاما يسرق في الميزان «2».

(3) فانه من الخبائث و يحرم أكلها.

(4) قال في الجواهر في هذا المقام: «بلا خلاف أجده بل عن ظاهر المختلف و صريح الغنية الاجماع عليه و في كشف اللثام الاتفاق عليه و لعله كذلك» الخ «3» و يدل علي المدعي حديث ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ان الدجاجة تكون في المنزل و ليس معها الديكة تعتلف من الكناسة و غيره و تبيض بلا أن يركبها الديكة فما تقول في أكل ذلك البيض؟ قال فقال: ان البيض اذا كان مما يؤكل لحمه فلا بأس بأكله فهو حلال «4».

و حديث داود بن فرقد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الشاة و البقرة ربما درت من اللبن من غير أن يضربها الفحل، و الدجاجة ربما باضت من غير أن يركبها الديكة قال: فقال عليه السلام هذا حلال طيب كل شي ء يؤكل لحمه فجميع ما كان منه من لبن أو بيض أو انفحة فكل ذلك حلال طيب و ربما يكون هذا من

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 6

(2) عين المصدر الحديث: 7

(3) الجواهر ج 36 ص: 334

(4) الوسائل الباب 27 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 738

و كذا يحرم الغراب (1).

______________________________

ضربة الفحل و يبطئ و كل هذا حلال «1» و الحديثان ضعيفان سندا فلا بد من اتمام الأمر بالإجماع و التسالم و اللّه العالم.

(1) النصوص الواردة في المقام مختلفة، فمنها ما يدل علي حلية لحم الغراب لاحظ ما رواه زرارة

عن احدهما عليهما السلام انه قال: ان أكل الغراب ليس بحرام انما الحرام ما حرم اللّه في كتابه و لكن الا نفس تتنزه عن كثير من ذلك تفززا (تقذرا ط) «2».

و منها: ما يدل علي الحرمة لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الغراب الا بقع و الأسود أ يحل أكلهما؟ فقال: لا يحل أكل شي ء من الغربان زاغ و لا غيره «3».

و لاحظ ما رواه الصدوق قال: قال الصادق عليه السلام: لا يؤكل من الغربان شي زاغ و لا غيره و لا يؤكل من الحيات شي ء «4».

و يستفاد من كلام الجواهر ان حديث المنع مخالف مع العامة فيرجح علي دليل الجواز. و لكن الترجيح بموافقة الكتاب مقدم علي الترجيح بخلاف القوم و دليل الجواز موافق مع الكتاب و طريق الاحتياط ظاهر و علي ما يظهر من كلماتهم ان بعض أقسام الغربان داخل تحت عنوان الخبيث بواسطة أكله الجيف و حرمته علي طبق القاعدة و اللّه العالم بحقائق الأشياء.

و علي ما اخترناه أخيرا من انحصار المرجح في الاحدثية يقدم دليل الحرمة لكونه أحدث.

و أما حديث الواسطي سئل عن الرضا عليه السلام عن الغراب الا بقع فقال:

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من ابواب الأطعمة المباحة الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 7 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 739

علي اشكال في بعض اقسامه و ان كان الاظهر الحرمة في الجميع (1) و ما اتفق طرفاه من البيض المشتبه حرام (2).

______________________________

انه لا يؤكل و من احل لك الاسود؟ «1» فهو ضعيف سندا.

(1) لا يبعد أن يكون ناظرا الي الزاغ و

هو غراب الزرع و الغداف و هو اصغر منه، حيث فصل في الحرمة بين هذين، و القسمين الاخرين احدهما الكبير الاسود الذي يسكن الجبال و يأكل الجيف و الأبقع.

قال في الجواهر: و علي كل فلم نجد شيئا يدل علي شي من هذه التفاصيل كما اعترف به غير واحد، سوي ما عساه يقال مما أرسله في الخلاف من ورود الرخصة في الاخيرين الخ «2».

و مراده بالاخيرين غراب الزرع و الغداف فهو منشأ الاشكال و لكن حيث انه لا دليل علي التفصيل قال و ان كان الاظهر الحرمة في الجميع و لكن الكلام و الاشكال في أصل الحكم كما مر و قد تقدم ان حديث الحرمة أرجح.

(2) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: اذا دخلت اجمة فوجدت بيضا فلا تأكل منه الا ما اختلف طرفاه «3».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سأل أبي أبا عبد اللّه عليه السلام و أنا اسمع ما تقول في الحباري؟ فقال: ان كانت له قانصة فكله و سأله عن طير الماء فقال: مثل ذلك، و سأله غيره عن بيض طير الماء فقال: ما كان منه مثل بيض الدجاج يعني علي خلقته فكل «4».

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الجواهر ج 36 ص 302

(3) الوسائل الباب 20 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

(4) عين المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 740

[مسألة 13: يكره الخطاف و الهدهد]

(مسألة 13): يكره الخطاف (1) و الهدهد (2).

______________________________

و منها: ما رواه أبو الخطاب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يدخل الاجمة فيجد فيها بيضا مختلفا لا يدري بيض ما هو أبيض ما يكره من الطير

أو يستحب؟ فقال: ان فيه علما لا يخفي: انظر كل بيض تعرف رأسها من أسفلها فكلها و ما سوي ذلك فدعه «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث انه سأله عن البيض في الاجام فقال: ما استوي طرفاه فلا تأكله و ما اختلف طرفاه فكل «2».

(1) لاحظ ما رواه عمار بن موسي يرويه عن الصادق عليه السلام قال: خرء الخطاف لا بأس به هو مما يؤكل لحمه و لكن كره أكله لأنه استجار بك و آوي في منزلك و كل طير يستجير بك فأجره «3» و المستفاد من هذه الرواية ان أكل لحمه مكروه و ببركة هذا الخبر يفهم المراد.

(2) بلا خلاف أجده فيه كما في الجواهر و لا يبعد أن يستفاد المدعي من حديث ابن جعفر قال سألت أخي موسي بن جعفر عليه السلام عن الهدهد و قتله و ذبحه فقال لا يؤذي و لا يذبح فنعم الطير هو «4» و الانصاف انه يمكن ان يقال ان المستفاد من الحديث كراهة قتله لا كراهة أكله.

و يدل علي المدعي تقابله بالأمر بقتل جملة من الحيوانات التي يحرم أكلها لاحظ ما عن الرضا عليه السلام و زاد و النملة، و زاد أيضا: و أمر بقتل خمسة:

الغراب و الحداة و الحية و العقرب و الكلب العقور «5».

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 3

(2) عين المصدر الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 39 من ابواب الصيد و الذبائح الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 40 من أبواب الصيد و الذبائح الحديث: 1

(5) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 741

و الصرد (1) و الصوام (2) و الشقراق (3) و الفاختة (4).

______________________________

(1) قد ذكر الصرد في جملة من النصوص

منها: ما رواه عبد اللّه بن احمد بن عامر عن ابيه عن الرضا عليه السلام في حديث مسائل الشامي انه سأل عليا عليه السلام كم حج آدم من حجة؟ فقال سبعين حجة ما شيا علي قدميه و اول حجة حجها كان معه الصرد يدله علي موضع الماء و خرج معه من الجنة، و قد نهي عن أكل الصرد و الخطاف «1».

و منها: ما رواه سليمان بن جعفر الجعفري عن الرضا عن آبائه عليهم السلام ان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله نهي عن قتل خمسة: الصرد و الصوام و الهدهد الحديث 2 و الحديثان ضعيفان سندا فالجزم بالكراهة مشكل و اللّه العالم.

(2) قد ذكر في حديث الجعفري و الحديث ضعيف فالجزم بالكراهة مشكل.

(3) يظهر من الجواهر ان المدرك للكراهة فتوي الأصحاب و قاعدة التسامح و عليه يشكل الجزم بالحكم فلاحظ.

(4) قد وردت فيها جملة من النصوص منها: ما ارسله حفص البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كانت في دار أبي جعفر فاختة فسمعها يوما و هي يصيح فقال لهم أ تدرون ما تقول هذه الفاختة؟ فقالوا لا قال: تقول: فقدتكم فقدتكم ثم قال لنفقدنها قبل أن تفقدنا ثم أمر بها فذبحت 3.

و منها: ما رواه أبو بصير قال دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال لي يا با محمد اذهب بنا الي اسماعيل نعوده و كان شاكيا فقمنا و دخلنا و اذا في منزله فاختة في قفص تصيح فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام يا بني ما يدعوك الي إمساك هذه الفاختة أ فما علمت انها منثومة أو ما تدري ما تقول قال له اسماعيل لا قال

______________________________

(1) (1 و 2)

الوسائل الباب 17 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3 و 4

(2) (3) الوسائل الباب 4 من أبواب احكام الدواب الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 742

و القبرة (1).

[الرابع في الجامد]

اشارة

الرابع في الجامد:

[مسألة 14: تحرم الميتة و أجزائها]

(مسألة 14): تحرم الميتة و اجزائها (2) و هي نجسة اذا كان

______________________________

انما تدعوا علي اربابها تقول: فقدتكم فقدتكم فاخرجوها «1».

و منها: ما رواه علي بن سنان قال: كنا عند أبي عبد اللّه عليه السلام فسمع صوت فاختة في الدار فقال: أي هذه الذي اسمع صوتها قلنا هي في الدار اهديت لبعضهم فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: أما لنفقدنك قبل أن تفقدينا قال: فأمر بها فاخرجت من الدار «2».

فان هذه النصوص مع قطع النظر عن اسنادها لا دلالة فيها علي المدعي فيشكل الحكم بها أيضا.

(1) قد وردت في القبرة جملة من النصوص منها: ما رواه الجعفري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: لا تأكلوا القنبرة الحديث «3» و هذه الرواية ضعيفة سندا.

و منها: ما رواه أيضا قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول:

لا تقتلوا القنبرة و لا تأكلوا لحمها الحديث 4 و هذه الرواية ضعيفة أيضا و بقية النصوص الواردة في الباب المشار اليه لا تدل علي المدعي مضافا الي ضعف اسنادها اللهم الا أن يتم الأمر بالإجماع و التسالم.

(2) اجماعا بقسميه كما في الجواهر و يدل علي المدعي قوله تعالي: حُرِّمَتْ

______________________________

(1) عين المصدر الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) (3 و 4) الوسائل الباب 41 من كتاب الصيد و الذبائح الحديث: 1 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 743

الحيوان ذا نفس سائلة و كذلك اجزائها عدا صوف ما كان طاهرا في حال حياته و شعره و وبره و ريشه و قرنه و عظمه و ظلفه و بيضه اذا اكتسي الجلد الفوقاني و ان كان مما لا يحل اكله و الانفحة. (1) و يحرم من الذبيحة علي المشهور القضيب، و

الانثيان و الطحال (2) و الفرث

______________________________

عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ الاية «1».

مضافا الي دلالة بعض النصوص عليه: لاحظ ما رواه مفضل بن عمر قال:

قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: اخبرني جعلني فداك لم حرم اللّه الخمر و الميتة و الدم و لحم الخنزير؟ قال ان اللّه تبارك و تعالي لم يحرم ذلك علي عباده و احل لهم ما سواه (ذلك علل) من رغبة منه فيما حرم عليهم (احل لهم- يه) و لا زهد فيما احل لهم (حرم عليهم- يه) و لكنه خلق الخلق فعلم ما تقوم به ابدانهم و ما يصلحهم فاحله لهم و اباحه تفضلا منه عليهم به لمصلحتهم و علم ما يضرهم فنهاهم عنه و حرم عليهم ثم اباحه للمضطر و احله في الوقت الذي لا يقوم بدنه الا به فأمره أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك ثم قال: أما الميتة فانه لا بد منها (لم ينل منها- خ ل) احد الا ضعف بدنه (و نحل جسمه) و ذهبت قوته و انقطع نسله و لا يموت آكل الميتة الا فجأة الحديث «2».

و يضاف الي ذلك كله ان حرمة الميتة من الواضحات التي لا تكون قابلة للخدشة.

(1) تعرض الماتن لنجاسة الميتة في كتاب الطهارة و شرحنا هناك كلامه فراجع

(2) لاحظ حديث اسماعيل بن مرار عنهم عليهم السلام قال: لا يؤكل مما يكون

______________________________

(1) المائدة/ 3

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 744

و الدم (1) و المثانة و المرارة (2) و المشيمة و الفرج (3) و العلباء و النخاع و الغدد (4) و خرزة الدماغ و الحدق (5) و في تحريم بعضها اشكال (6) و الاجتناب احوط (7) هذا في

ذبيحة غير الطيور و أما الطيور فالظاهر عدم وجود شي من الامور المذكورة فيها ما عدا الرجيع و الدم و المرارة و الطحال و البيضتين في بعضها و يكره الكلي (8).

______________________________

في الابل و البقر و الغنم و غير ذلك مما لحمه حلال: الفرج بما فيه ظاهره و باطنه و القضيب و البيضتان و المشيمة و هي موضع الولد و الطحال لأنه دم و الغدد مع العروق و المخ الذي يكون في الصلب و المرارة و الحدق و الخزرة الذي تكون في الدماغ و الدم «1».

(1) لاحظ مرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يؤكل من الشاة عشرة أشياء: الفرث و الدم و الطحال و النخاع و العلباء و الغدد و القضيب و الانثيان و الحياء و المرارة 2.

(2) لاحظ حديث عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام قال: حرم من الشاة سبعة أشياء الدم و الخصيتان و القضيب و المثانة و الغدد و الطحال و المرارة 3.

(3) لاحظ حديث ابن مرار.

(4) لاحظ مرسل ابن أبي عمير.

(5) لاحظ حديث ابن مرار.

(6) الظاهر ان وجه الاشكال عدم تمامية سند بعض الروايات.

(7) لا اشكال في حسن الاحتياط.

(8) لاحظ ما رواه محمد بن صدقة عن موسي بن جعفر عن آبائه عليهم السلام

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 31 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3 و 4 و 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 745

و اذنا القلب (1) و تحرم الاعيان النجسة كالعذرة (2) و القطعة المبانة من الحيوان الحي (3).

______________________________

قال: كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله لا يأكل الكليتين من غير أن يحرمهما لقربهما من البول «1».

(1) لاحظ حديث عبد اللّه

الهاشمي عن أبيه عن آبائه ان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله كان يكره أكل خمسة: الطحال و القضيب و الأنثيين و الحيا و آذان القلب 2 و مقتضي القاعدة الاولية الحلية.

(2) الظاهر انه لا اشكال في حرمتها مضافا الي كون جملة منها من الخبائث و يؤكد المدعي ما عن تحف العقول عن الصادق عليه السلام في حديث قال: و أما وجوه الحرام من البيع و الشراء- الي أن قال- و البيع للميتة أو الدم أو لحم الخنزير أو الخمر أو شي من وجوه النجس، فهذا كله حرام و محرم، لأن ذلك كله منهي عن أكله و شربه و لبسه و ملكه و امساكه و التقلب فيه، فجميع تقلبه في ذلك حرام 3.

قال في الجواهر في هذا المقام في شرح قول المحقق «بلا خلاف أجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه مضافا الي السنة المقطوع بها ان لم تكن متواترة اصطلاحا الخ.

و لا أدري انه ما المراد من السنة المقطوعة، الا أن يكون المراد بها انه لا شبهة في هذا الحكم و انه قد علم منهم حرمة أكل الأعيان النجسة و اللّه العالم.

(3) بلا اشكال و تدل علي المدعي جملة من النصوص: منها: ما رواه الكاهلي قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام و انا عنده عن قطع أليات الغنم فقال: لا بأس

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 31 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 13 و 10

(2) (3) الوسائل الباب 66 من ابواب الأطعمة المحرمة

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 746

و كذا يحرم الطين (1).

______________________________

بقطعها اذا كنت تصلح بها مالك ثم قال: ان في كتاب علي عليه السلام ان ما قطع منها ميت لا ينتفع

به «1».

و منها: ما رواه حسن بن علي قال: سألت أبا الحسن عليه السلام فقلت: جعلت فداك ان اهل الجبل تثقل عندهم أليات الغنم فيقطعونها قال: هي حرام قلت:

فتصطبح بها؟ قال اما تعلم انه يصيب اليد و الثوب و هو حرام «2».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: في أليات الضأن تقطع و هي احياء انها ميتة 3.

و منها: ما رواه محمد بن ادريس في اخر السرائر نقلا من كتاب جامع البزنطي صاحب الرضا عليه السلام قال: سألته عن الرجل يكون له الغنم يقطع من ألياتها و هي احياء أ يصلح أن ينتفع بما قطع؟ قال نعم يذيبها و يسرج بها و لا يأكلها و لا يبيعها 4.

(1) قال في الجواهر بلا خلاف أجده بل الاجماع بقسميه عليه بل المحكي مستفيض أو متواترة و ربما يستدل علي المدعي بجملة من النصوص منها: ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أكل الطين يورث النفاق 5.

و منها: ما رواه طلحة بن زيد أيضا عن أبي عبد اللّه ان عليا عليه السلام قال: من انهمك في أكل الطين فقد شرك في دم نفسه 6.

و منها: ما رواه ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قيل لأمير المؤمنين عليه السلام في رجل يأكل الطين فنهاه و قال لا تأكله فان اكلته و مت كنت اعنت علي نفسك 7.

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من كتاب الصيد و الذبائح الحديث: 1

(2) (2 و 3 و 4) نفس المصدر الحديث: 2 و 3 و 4

(3) (5 و 6 و 7) الوسائل الباب 58 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 3

و 4 و 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 747

عدا اليسير (1).

______________________________

و منها: ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله من أكل الطين فمات فقد أعان علي نفسه «1».

و منها: غيرها مما ورد في الباب 59 من ابواب الأطعمة المحرمة من الوسائل و اتمام المدعي بهذه النصوص مشكل فانها قاصرة عنه.

(1) قال في الجواهر: فانه يجوز الاستشفاء به بلا خلاف بل الاجماع بقسميه عليه و تؤيد المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه أبو يحيي الواسطي عن رجل قال، قال أبو عبد اللّه عليه السلام الطين حرام كله كلحم الخنزير و من أكله ثم مات منه لم اصل عليه إلا طين القبر فان فيه شفاء من كل داء و من أكله بشهوة لم يكن فيه شفاء «2».

و منها: ما عن سعد بن سعد قال: سئلت أبا الحسن عليه السلام عن الطين فقال اكل الطين حرام مثل الميتة و الدم و لحم الخنزير الا طين الحائر فان فيه شفاء من كل داء و امنا من كل خوف «3».

و منها: ما رواه الثمالي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه سئل عن طين الحائر هل فيه شي ء من الشفاء؟ فقال يستشفي ما بينه و بين القبر علي رأس اربعة أميال و كذلك قبر جدي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و كذا طين قبر الحسن و علي و محمد فخذ منها فانها شفاء من كل داء الحديث 4.

و منها: ما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اكل الطين حرام علي بني آدم ما خلا طين قبر الحسين عليه السلام

من أكله من وجع شفاه اللّه 5.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) الوسائل الباب 59 من أبواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

(3) (3 و 4 و 5) نفس المصدر الحديث: 2 و 3 و 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 748

______________________________

و منها: ما رواه حنان بن سدير عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال: من أكل من طين قبر الحسين عليه السلام غير مستشف به فكأنما أكل من لحومنا الحديث «1»

و منها: ما رواه حنان بن سدير أيضا. قال و روي ان رجلا سأل الصادق عليه السلام فقال: اني سمعتك تقول ان تربة الحسين عليه السلام من الأدوية المفردة و انها لا تمر بداء إلا هضمته فقال قد قلت ذلك فما بالك؟ قلت اني تناولتها فما انتفعت بها الي أن قال و لا تناول منها اكثر من حمصة فان من تناول منها اكثر من ذلك فكأنما أكل من لحومنا أو دمائنا الحديث 2.

و منها: ما رواه أبو الصباح الكناني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: طين قبر الحسين عليه السلام فيه شفاء و ان اخذ علي رأس ميل 3.

و منها: ما رواه ابن فضال عن أبيه عن بعض أصحابه، عن احدهما عليهما السلام قال: ان اللّه تعالي خلق آدم من الطين فحرم الطين علي ولده قال: فقلت:

ما تقول في طين قبر حسين بن علي عليهما السلام؟ فقال: يحرم علي الناس أكل لحومهم و يحل لهم أكل لحومنا؟ و لكن اليسير منه مثل الحمصة 4.

و منها: ما رواه عمرو بن واقد عن موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام في حديث انه اخبره بموته و دفنه الي أن قال: و لا تأخذوا من تربتي شيئا لتبركوا به فان

كل تربة لنا محرمة الا تربة جدي الحسين بن علي عليهما السلام فان اللّه عز و جل جعلها شفاء لشيعتنا و اوليائنا 5.

و منها: ما رواه سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الطين الذي يؤكل، فقال: كل طين حرام كالميتة و الدم و ما اهل لغير اللّه به ما

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 6 و 7

(2) (3) الوسائل الباب 67 من ابواب المزار الحديث: 9

(3) (4 و 5) الوسائل الباب 72 من ابواب المزار الحديث: 1 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 749

الذي لا يتجاوز قدر الحمصة من تربة الحسين عليه السلام للاستشفاء (1) و لا يحرم غيره من المعادن (2) و كذا يحرم سموم القاتلة (3) و كل ما يضر الانسان ضررا يعتد به (4) و منه (الافيون) المعبر عنه بالترياك (5) سواء أ كان من جهة زيادة المقدار المستعمل منه أم من جهة المواظبة عليه (6).

[الخامس: في المائع]

اشارة

(الخامس) في المائع:

______________________________

خلا طين قبر الحسين عليه السلام فانه شفاء من كل داء «1».

و منها: ما رواه أبو بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لو ان مريضا من المؤمنين يعرف حق أبي عبد اللّه عليه السلام و حرمته و ولايته و أخذ من طين قبره مثل رأس انملة كان له دواء 2 و انما عبرنا بالتأييد لأن كلها ضعيفة سندا فلاحظ.

(1) قال في الجواهر: «بلا خلاف بل يمكن تحصيل الاجماع عليه» الخ و يدل علي المدعي ما أرسله في مصباح المتجهد عن حنان 3.

(2) لعدم الدليل علي الحرمة و مقتضي القاعدة الاولية كتابا و سنة هو الجواز.

(3) كما هو ظاهر فان حرمة قتل النفس من الواضحات الاولية.

(4)

بتقريب ان الاضرار بالنفس اذا كان معتدا به يكون حراما.

(5) فان حكم الأمثال واحد الا أن يكون تركه حرجيا أو يكون تركه أيضا مضرا.

(6) لوحدة الملاك.

______________________________

(1) (1 و 2) عين المصدر الحديث: 3 و 4

(2) (3) لاحظ ص: 748

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 750

[مسألة 15: تحرم كل مسكر من خمر و غيره حتي الجامد]

(مسألة 15): تحرم كل مسكر من خمر و غيره حتي الجامد (1) و الفقاع (2).

______________________________

(1) قال في الجواهر في هذا المقام: «بلا خلاف فيه بين المسلمين بل هو من ضروريات دينهم علي وجه يدخل مستحله في الكافرين و كذا لا خلاف في أنه يحرم كل مسكر و لو قلنا بعدم تسميته خمرا بل الاجماع بقسميه عليه» الخ.

و صفوة القول: انه لا اشكال في حرمة الخمر كتابا و سنة و اجماعا و اما المسكر الذي لا يصدق عليه عنوان الخمر فمضافا الي دعوي عدم الخلاف و الاجماع يدل علي حرمته ما رواه ابن يقطين عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: ان اللّه عز و جل لم يحرم الخمر لاسمها و لكن حرمها لعاقبتها، فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو حرام «1».

فان مقتضي هذه الرواية حرمة كل مسكر و مثل هذه الرواية في الدلالة علي المدعي غيرها المذكور في الباب.

و يؤيد المدعي النبوي عن النبي صلّي اللّه عليه و آله: قال كل مسكر خمر و كل خمر حرام و من شرب مسكرا نجست صلواته اربعين صباحا فان تاب تاب اللّه عليه فان عاد الرابعة كان حقا علي اللّه ان يسقيه من طينة الخبال، قيل و ما طينة الخبال؟ قال صديد اهل النار الخبر «2» فالنتيجة انه لا فرق في حرمة المسكر بين الخمر و غيره، كما انه لا فرق بين المائع منه

و الجامد.

(2) بلا خلاف بل الاجماع عليه بقسميه- هكذا في الجواهر- و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه الوشاء قال: كتبت اليه يعني الرضا عليه السلام أسأله عن الفقاع قال فكتب حرام و هو خمر الحديث «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من ابواب الاشربة المحرمة الحديث: 1

(2) مستدرك الوسائل الباب 11 من ابواب الاشربة المحرمة الحديث: 15

(3) الوسائل الباب 27 من ابواب الاشربة المحرمة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 751

______________________________

و منها: ما رواه ابن فضال قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الفقاع فقال: هو الخمر و فيه حد شارب الخمر «1».

و منها: ما رواه الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه السلام: قال كل مسكر حرام و كل مخمر حرام و الفقاع حرام 2.

و منها: ما رواه عمار بن موسي قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفقاع فقال: هو خمر 3.

و منها: ما رواه زكريا ابو يحيي قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الفقاع و اصفه له فقال: لا تشربه فاعدت عليه كل ذلك اصفه له كيف يصنع قال:

لا تشربه و لا تراجعني فيه 4.

و منها: ما رواه حسين القلانسي قال: كتبت الي أبي الحسن الماضي عليه السلام أسأله عن الفقاع فقال: لا تقربه فانه من الخمر 5.

و منها: ما رواه محمد بن سنان قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الفقاع فقال: هي الخمر بعينها 6.

و منها: ما رواه هشام بن الحكم انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفقاع فقال لا تشربه فانه خمر مجهول و اذا اصاب ثوبك فاغسله 7.

و منها: ما رواه زاذان عن أبي عبد اللّه عليه السلام

قال: لو ان لي سلطانا علي اسواق المسلمين لرفعت عنهم هذه الخميرة يعني الفقاع 8.

و منها: ما رواه ابن فضال قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الفقاع، فكتب ينهاني عنه 9.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 10، ص: 751

و منها: ما رواه حسن بن جهم و ابن فضال جميعا قالا: سألنا أبا الحسن عليه السلام عن الفقاع فقال: هو خمر مجهول و فيه حد شارب الخمر 10.

______________________________

(1) (1 و 2 و 3 و 4 و 5 و 6 و 7 و 8 و 9 و 10) الوسائل الباب 27 من ابواب الاشربة المحرمة الحديث: 2 و 3 و 4 و 5 و 6 و 7 و 8 و 9 و 10 و 11

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 752

و الدم (1).

______________________________

و منها: ما رواه فضل بن شاذان قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: لما حمل رأس الحسين بن علي عليهما السلام الي الشام أمر يزيد لعنه اللّه فوضع و نصب عليه مائدة فاقبل هو و اصحابه يأكلون و يشربون الفقاع، فلما فرغوا أمر بالرأس فوضع في طشت تحت سريره و بسط عليه رقعة الشطرنج و جلس يزيد لعنة اللّه يلعب بالشطرنج الي أن قال: و يشرب الفقاع فمن كان من شيعتنا فليتورع من شرب الفقاع و الشطرنج و من نظر الي الفقاع و الي الشطرنج فليذكر الحسين عليه السلام و ليلعن يزيد و آل يزيد يمحو اللّه عز و جل بذلك ذنوبه و لو كانت بعدد النجوم «1».

و منها: ما رواه عبد السلام بن صالح الهروي قال:

سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: اول من اتخذ له الفقاع في الإسلام بالشام يزيد بن معاوية لعنهما اللّه تعالي فاحضر و هو علي المائدة و قد نصبها علي رأس الحسين عليه السلام فجعل يشربه و يسقي أصحابه- الي أن قال: فمن كان من شيعتنا فليتورع عن شرب الفقاع فانه شراب اعدائنا فان لم يفعل فليس منا الحديث 2.

و منها: ما رواه اسحاق بن يعقوب فيما ورد عليه من توقيعات صاحب الزمان عليه السلام بخطه أما ما سألت عنه أرشدك اللّه و ثبتك من أمر المنكرين- الي أن قال- و أما الفقاع فحرام و لا بأس بالسلمان 3.

(1) بلا خلاف و لا اشكال بل الاجماع بقسميه عليه كما في الجواهر و يمكن الاستدلال علي المدعي أيضا بكونه نجسا في بعض أقسامه و كونه خبيثا أيضا في بعض الأخر و يحرم تناول النجس و الخبيث، مضافا الي النصوص الدالة علي حرمة عدة أشياء منها الدم، و قد تقدمت هذه النصوص في شرح ما يحرم من الذبيحة اضف

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) نفس المصدر الحديث: 13 و 14 و 15

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 753

و العلقة و ان كانت في البيضة (1) و كل ما ينجس من المائع و غيره (2).

______________________________

الي ذلك قوله تعالي حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ الاية «1».

(1) قال في الجواهر لا اشكال و لا خلاف في حرمة العلقة و ان كانت من المأكول الخ و يمكن الاستدلال علي المدعي بكونه نجسا و بكونه خبيثا، بل يمكن أن يقال انه يشمل دليل ما يحرم من الذبيحة اياه فلاحظ.

(2) و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه معاوية بن وهب عن

أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت: جرز مات في زيت أو سمن أو عسل فقال:

أما السمن و العسل فيؤخذ الجرز و ما حوله، و الزيت يستصبح به «2».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا وقعت الفارة في السمن فماتت فيه فان كان جامدا فالقها و ما يليها و كل ما بقي و ان كان ذائبا فلا تأكله و استصبح به و الزيت مثل ذلك 3.

و منها: ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفارة و الدابة تقع في الطعام و الشراب فتموت فيه فقال: ان كان سمنا أو عسلا أو زيتا فانه ربما يكون بعض هذا فان كان الشتاء فانزع ما حوله و كله، و ان كان الصيف فارفعه حتي تسرج به و ان كان ثردا فاطرح الذي كان عليه و لا تترك طعامك من أجل دابة ماتت عليه 4.

و منها: ما رواه سعيد الأعرج عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث انه سأله عن الفارة تموت في السمن و العسل فقال: قال علي عليه السلام خذ ما حولها و كل بقيته و عن الفارة تموت في الزيت؟ فقال لا تأكله و لكن اسرج به 5.

______________________________

(1) المائدة/ 3

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 43 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1 و 3

(3) (4 و 5) نفس المصدر الحديث: 4 و 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 754

[مسألة 16: تلقي النجاسة و ما يكتنفها من الجامد]

(مسألة 16): تلقي النجاسة و ما يكتنفها من الجامد كالسمن و العسل الجامدين و يحل الباقي (1) و اذا كان المائع غليظا ثخينا فهو كالجامد لا تسري النجاسة الي تمام اجزائه اذا لاقت بعضها بل تختص النجاسة بالبعض

الملاقي لها و يبقي الباقي علي طهارته (2).

[مسألة 17: الدهن المتنجس بملاقاة النجاسة يجوز بيعه و الاستصباح به تحت السماء خاصة]

(مسألة 17): الدهن المتنجس بملاقاة النجاسة يجوز بيعه (3) و الاستصباح به تحت السماء خاصة (4) علي الاحوط الاولي (5).

______________________________

و منها: ما رواه سماعة قال سألته عن السمن تقع فيه الميتة فقال: ان كان جامدا فالق ما حوله و كل الباقي فقلت: الزيت؟ فقال اسرج به «1».

و منها: ما رواه علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسي بن جعفر عليهما السلام قال: سألته عن الفارة تموت في السمن و العسل الجامد أ يصلح أكله؟ قال اطرح ما حول مكانها الذي ماتت فيه و كل ما بقي و لا بأس 2 فان المستفاد من هذه النصوص حرمة أكل المتنجس.

(1) لاحظ ما رواه ابن وهب 3.

(2) لوحدة الملاك فما أفاده تام.

(3) لوجود المقتضي و عدم المانع و قد تقدم الكلام حول جواز بيع المتنجس في المسألة 7 من مسائل المكاسب المحرمة.

(4) لاحظ حديث ابن وهب 4.

(5) خروجا عن شبهة الخلاف فان المنقول عن بعضهم انه لا يجوز الاستصباح به تحت الضلال، لكن اطلاق النص يقتضي الجواز علي الاطلاق و لا وجه للتقييد

______________________________

(1) (1 و 2) نفس المصدر الحديث: 6 و 8

(2) (3) لاحظ ص: 753

(3) (4) لاحظ ص: 753

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 755

[مسألة 18: تحرم الأبوال مما لا يؤكل لحمه]

(مسألة 18): تحرم الابوال مما لا يؤكل لحمه (1) بل مما يؤكل علي الاحوط (2) عدا بول الابل للاستشفاء (3) و في رواية الحاق بول

______________________________

نعم لا اشكال في حسن الاحتياط.

(1) قال في الجواهر: «الرابع: الأعيان النجسة، كالبول مما لا يؤكل لحمه، نجسا كان الحيوان كالكلب و الخنزير أو طاهرا كالأسد و النمر فانه لا يجوز شربها اختيارا اجماعا أو ضرورة» «1».

(2) ربما يقال انها حرام للاستخباث، فان صدق عليها هذا العنوان يحرم،

لحرمة الخبائث، و أما ان لم يصدق أو شك في الصدق فلا يمكن الجزم بالحرمة من هذه الناحية و ربما يقال بكونها حراما لحرمة المثانة، فيدل علي حرمة البول بالأولوية فان الظرف اذا كان حراما يكون المظروف حراما بالأولوية.

و فيه اولا: ان اسناد تلك الروايات ضعيفة و ثانيا: ان ملاك حرمة المثانة غير واضحة، فلا وجه للأولوية فالنتيجة: انه لا وجه للجزم بالحرمة بل مقتضي القاعدة الأولية الحلية و يدل علي الجواز ما رواه أبو البختري عن جعفر عن أبيه ان النبي صلّي اللّه عليه و آله قال: لا بأس ببول ما اكل لحمه «2» نعم لا اشكال في حسن الاحتياط.

(3) لاحظ ما رواه صاحب الدعائم قال: روينا عن أبي عبد اللّه عن ابيه عن آبائه عن امير المؤمنين عليه السلام قال: قدم علي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قوم من بني ضبة مرضي، فقال: لهم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله اقيموا عندي فاذا برئتم بعثتكم في سرية فاستوخموا المدينة فاخرجهم الي ابل الصدقة و أمرهم أن

______________________________

(1) الجواهر ج 36 ص: 390

(2) الوسائل الباب 59 من ابواب الأطعمة المباحة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 756

البقر و الغنم (1) و كذا يحرم لبن الحيوان المحرم (2) دون الانسان فانه يحل لبنه. (3).

[مسألة 19: لو اشتبه اللحم فلم يعلم انه مذكي]

(مسألة 19): لو اشتبه اللحم فلم يعلم انه مذكي و لم يكن عليه

______________________________

يشربوا من ألبانها و أبوالها يتداوون بذلك الخبر «1».

(1) لاحظ حديث عمار بن موسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن بول البقر يشربه الرجل قال: ان كان محتاجا اليه يتداوي به يشربه، و كذلك أبوال الإبل و الغنم «2».

و حديث سماعة قال: سألت أبا

عبد اللّه عليه السلام عن شرب الرجل ابوال الابل و البقر و الغنم ينعت له من الوجع هل يجوز له أن يشرب؟ قال: نعم لا بأس به 3.

(2) قال في الجواهر 4: «بلا خلاف اجده فيه، بل عن الغنية الاجماع عليه، ان لم يكن محصلا، مضافا الي مفهوم مرسل ابي علي الأشعري عن داود بن فرقد قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن الشاة و البقرة ربما درت من اللبن من غير أن يضربها الفحل، و الدجاجة ربما باضت من غير أن يركبها الديكة قال:

فقال عليه السلام: هذا حلال طيب كل شي يؤكل لحمه فجميع ما كان منه من لبن أو بيض أو انفحة فكل ذلك حلال طيب الحديث 5 و هل يمكن اثبات الحرمة بما ذكر من الدليل؟ فلاحظ.

(3) فان الحلية مقتضي الاصل الأولي فلاحظ.

______________________________

(1) المستدرك الباب 23 من ابواب الاشربة المباحة الحديث: 2

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 59 من ابواب الأطعمة المباحة الحديث: 1 و 7

(3) (4) الجواهر ج 36 ص 394

(4) (5) الوسائل الباب 40 من ابواب الأطعمة المباحة الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 757

يد مسلم تشعر بالتذكية اجتنب (1) و لو اشتبه فلم يعلم انه من نوع الحلال أو الحرام حكم بحله (2).

[مسألة 20: يجوز للإنسان أن يأكل من بيت من تضمنته الآية الشريفة المذكورة في سورة النور]

(مسألة 20): يجوز للإنسان ان يأكل من بيت من تضمنته الاية الشريفة المذكورة في سورة النور و هم الآباء و الامهات، و الاخوان و الاخوات و الاعمام و العمات و الاخوال و الخالات و الاصدقاء و الموكل المفوض اليه الامر (3).

______________________________

(1) فان مقتضي اصالة عدم التذكية حرمته.

(2) لأصالة الحل الجارية في الشبهات الموضوعية.

(3) و قد وردت في المقام جملة من النصوص منها: ما رواه محمد

الحلبي قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن هذه الاية: ليس عليكم جناح أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبٰائِكُمْ الي اخر الاية قلت ما يعني بقوله: أَوْ صَدِيقِكُمْ؟ قال: هو و اللّه الرجل يدخل بيت صديقه فيأكل بغير اذنه «1».

و منها: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل: «أَوْ صَدِيقِكُمْ» فقال: هؤلاء الذين سمي اللّه عز و جل في هذه الاية تأكل بغير اذنهم من التمر و المأدوم و كذلك تأكل المرأة بغير اذن زوجها و أما ما خلا ذلك من الطعام فلا «2».

و منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: للمرأة ان تأكل و ان تتصدق و للصديق أن يأكل في منزل اخيه و يتصدق 3.

و منها: ما رواه زرارة، قال: سألت احدهما عليهما السلام عن هذه الاية: ليس

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من ابواب المائدة الحديث: 1

(2) (2 و 3) نفس المصدر الحديث: 2 و 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 758

و تلحق بهم الزوجة (1) و الولد (2) فيجوز الاكل من بيوت من ذكر علي النحو المتعارف (3) مع عدم العلم بالكراهية (4) بل عدم

______________________________

عليكم جناح أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبٰائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهٰاتِكُمْ الاية فقال ليس عليك جناح فيما أطعمت أو اكلت مما ملكت مفاتحه ما لم تفسد «1» و منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عما يحل للرجل من بيت اخيه من الطعام قال: المأدوم و التمر و كذلك يحل للمرأة من بيت زوجها «2» و منها ما رواه ابو اسامة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله

عز و جل: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنٰاحٌ الاية قال: باذن و بغير اذن «3» الي غيرها المذكور في الباب المشار اليه.

(1) كما نص به في بعض الروايات المذكورة.

(2) قال في الجواهر: «ثم ان الظاهر اولوية بيوت الاولاد من المذكورين» الخ «4» و الأمر كما أفاده فان الجواز بالنسبة الي بيت الولد يفهم من الاية بالاولوية.

(3) الظاهر انه لا وجه لتقييد الأكل بالمتعارف فان المرجع الاطلاق و لا وجه للانصراف الي المتعارف الا أن يقوم اجماع عليه.

(4) مقتضي الاطلاق الكتابي الجواز حتي مع العلم بالكراهة، الا أن يتحقق اجماع تعبدي قائم علي الحرمة في صورة العلم بالكراهة أو يقال ان المتفاهم العرفي من الاية الشريفة يقيد الجواز بصورة عدم الكراهة فلاحظ.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 6

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) الجواهر ج 36 ص: 412

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 759

الظن بها علي الاحوط (1) بل مع الشك فيها و الاظهر الجواز (2).

[مسألة 21: إذا انقلب الخمر خلا طهرت و حلت بعلاج كان أو غيره ما لم تمازجها نجاسة]

(مسألة 21): اذا انقلب الخمر خلا طهرت و حلت بعلاج كان او غيره ما لم تمازجها نجاسة (3).

[مسألة 22: لا يحرم شي من المربيات و ان شم منها رائحة المسكر]

(مسألة 22): لا يحرم شي من المربيات و ان شم منها رائحة المسكر (4).

[مسألة 23: العصير من العنب إذا غلي بالنار أو بغيرها أو نش حرم حتي يذهب ثلثاه بالنار أو ينقلب خلا]

(مسألة 23): العصير من العنب اذا غلي بالنار أو بغيرها او نش حرم حتي يذهب ثلثاه بالنار أو ينقلب خلا (5).

[مسألة 24: يجوز للمضطر تناول المحرم]

(مسألة 24): يجوز للمضطر تناول المحرم (6).

______________________________

(1) كما مال اليه في كشف اللثام علي ما نقل عنه، و لا اشكال في أنه احوط، لكن لا وجه للجزم به مع اطلاق الاية.

(2) الأمر كما أفاده، فان الأقوي الجواز في صورة الشك، اذ لا وجه للمنع مع الشك في الكراهة و صفوة القول ان مقتضي اطلاق الاية و الرواية الجواز علي الاطلاق و التقييد يحتاج الي قيام الدليل علي خلافه.

(3) قد تقدم الكلام حول هذا الفرع في المطهرات فراجع.

(4) لعدم ما يقتضي الحرمة فان رائحة المسكر لا توجب الحرمة.

(5) قد تعرض الماتن لهذا الفرع في بحث النجاسات و شرحنا كلامه فراجع ما ذكرناه هناك.

(6) قال في الجواهر: «أما مع الضرورة فلا خلاف في أنه يسوع التناول ما عدا الخمر منه قيل: أو الطين بل الاجماع بقسميه عليه» الخ «1» و يمكن الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي: إِنَّمٰا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ

______________________________

(1) الجواهر ج 36 ص 424

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 760

______________________________

وَ مٰا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّٰهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بٰاغٍ وَ لٰا عٰادٍ فَلٰا إِثْمَ عليه «1».

فان مقتضاه جواز أكل الميتة و غيرها من المذكورات عند الاضطرار و حكم الامثال واحد و بعبارة اخري: يعلم من الاية الشريفة بالفهم العرفي ان الملاك للجواز حصول الاضطرار.

و يمكن أيضا الاستدلال بقوله تعالي: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَ مٰا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّٰهِ بِهِ وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّيَةُ وَ النَّطِيحَةُ وَ مٰا أَكَلَ السَّبُعُ الي قوله تعالي فَمَنِ اضْطُرَّ فِي

مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجٰانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «2» و التقريب هو التقريب كما انه يمكن الاستدلال بحديث رفع الاضطرار المروي عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال اذا حلف الرجل تقية لم يضره اذا هو اكره و اضطر اليه و قال ليس شي مما حرم اللّه الا و قد احله لمن اضطر اليه «3» و يدل علي المدعي أيضا قاعدة نفي الحرج مع تحقق موضوعه.

و يؤيد المدعي بل يدل عليه ما يستفاد من جملة من النصوص من ان ما غلبه اللّه عليه فهو أولي بالعذر منها: ما رواه علي بن مهزيار انه سأله يعني أبا الحسن الثالث عليه السلام عن هذه المسألة، فقال: لا يقتضي الصوم و لا يقضي الصلاة، و كلما غلب اللّه عليه فاللّه أولي بالعذر «4».

اضف الي ذلك: ما رواه مفضل بن عمر قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام جعلني اللّه فداك الي أن قال ثم اباحه للمضطر و احله له في الوقت الذي لا يقوم بدنه

______________________________

(1) البقرة الاية 173

(2) المائدة: 3

(3) الوسائل الباب 12 من ابواب الايمان الحديث: 18

(4) الوسائل الباب 3 من ابواب قضاء الصلوات الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 761

بقدر ما يمسك رمقه (1) الا الباغي (2) و هو الخارج علي الامام (3) او باغي الصيد لهوا (4) و العادي (5).

______________________________

الا به فامره أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك الحديث «1» فانه قد صرح في هذه الرواية بجواز التناول بمقدار الضرورة.

(1) فان الضرورات تقدر بقدرها و ان شئت قلت: لا وجه للجواز مع عدم الضرورة، و الضرورة ترتفع بسد الرمق فلا يجوز الزائد عليه.

(2) كما نص به في الاية الشريفة.

(3) قد فسر

الباغي في بعض النصوص بما ذكر في المتن لاحظ ما رواه احمد بن محمد بن أبي نصر عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بٰاغٍ وَ لٰا عٰادٍ فلا اثم عليه قال: الباغي الذي يخرج علي الامام و العادي الذي يقطع الطريق لا تحل له الميتة «2».

و منها: ما في المجمع عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام في قوله تعالي غَيْرَ بٰاغٍ وَ لٰا عٰادٍ: غير باغ علي امام المسلمين و لا عاد بالمعصية طريقة المحقين 3 و الحديثان ضعيفان سندا.

(4) لاحظ ما رواه حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عز و جل «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بٰاغٍ وَ لٰا عٰادٍ» قال الباغي باغي الصيد و العادي السارق ليس لهما أن يأكلا الميتة اذا اضطرا هي حرام عليهما ليس هي عليهما كما هي علي المسلمين 4 و لا يخفي ان المستفاد من الحديث ان المحرم علي الباغي و العادي خصوص الميتة فلا وجه التسرية الحكم الي باقي المحرمات و حيث ان الحديث في مقام تفسير الاية الشريفة و بيانها لا مجال للأخذ بها و الالتزام بعموم الحكم.

(5) كما نص به في الاية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

(2) (2 و 3 و 4) الوسائل الباب 56 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 5 و 6 و 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 762

و هو قاطع الطريق (1) او السارق (2) و يجب عقلا في باغي الصيد و العادي ارتكاب المحرم من باب وجوب ارتكاب أقلّ القبيحين و يعاقب عليه (3) و أما الخارج علي الامام فلا

يبعد شمول وجوب قتله لنفسه أيضا (4).

[مسألة 25: يحرم الأكل بل الجلوس علي مائدة فيها المسكر]

(مسألة 25): يحرم الاكل بل الجلوس علي مائدة فيها المسكر (5).

______________________________

(1) لاحظ مرسل البزنطي.

(2) لاحظ ما رواه حماد بن عثمان «1».

(3) من باب حكم العقل بلزوم الأخذ باقل المحذورين و بعبارة اخري:

المستفاد من الكتاب و السنة حرمة أكل الميتة للباغي و العادي و لو مع الضرورة، و عليه يكون اختيار أكل الحرام بحكم العقل من باب اختيار أقلّ المحذورين، اذ يحرم عليه الأكل، و أيضا يجب عليه حفظ نفسه فأقل المحذورين الأكل بمقدار سد الرمق.

(4) حيث ان المسألة خارجة عن محل الابتلاء فالاغماض عن الاطالة فيها اولي و اللّه العالم.

(5) لاحظ ما رواه ابن الجهم قال كنا مع أبي عبد اللّه عليه السلام بالحيرة حين قدم علي أبي جعفر المنصور فختن بعض القواد ابنا له و صنع طعاما و دعا الناس، و كان أبو عبد اللّه عليه السلام فيمن دعا فبينما هو علي المائدة يأكل و معه عدة علي المائدة فاستسقي رجل منهم فأتي بقدح فيه شراب لهم فلما صار القدح في يد الرجل قام أبو عبد اللّه عليه السلام عن المائدة فسئل عن قيامه فقال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله ملعون، ملعون من جلس علي مائدة يشرب عليها الخمر «2» و السند ضعيف.

______________________________

(1) لاحظ ص: 761

(2) الوسائل الباب 62 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 763

[مسألة 26: يستحب غسل اليدين قبل الطعام و التسمية]

(مسألة 26): يستحب غسل اليدين قبل الطعام (1) و التسمية (2).

______________________________

و لاحظ ما رواه عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن المائدة اذا شرب عليها الخمر أو مسكر قال: حرمت المائدة، سئل فان قام رجل علي مائدة منصوبة يؤكل مما عليها و مع الرجل مسكر و لم يسق

احدا ممن عليها بعد؟ قال: لا تحرم حتي يشرب عليها الحديث «1» و المستفاد من هذا الحديث حرمة الأكل.

و لاحظ ما رواه ابن جعفر في كتابه عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال سألته عن الطعام يوضع علي السفرة أو الخوان قد اصابه الخمر أ يؤكل؟ قال ان كان الخوان يابسا فلا بأس «2».

فان المستفاد من هذا الحديث حرمة الجلوس علي مائدة فيه الخمر، و المذكور في هذه الرواية عنوان الخمر لا المسكر الا أن يقال ان كل مسكر خمر و يستفاد من الحديث حرمة الأكل لا الجلوس المجرد فالحكم بالنسبة اليه مبني علي الاحتياط

(1) لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام غسل اليدين قبل الطعام و بعده زيادة في العمر و اماطة للغمر عن الثياب و يجلو البصر «3».

(2) تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: اذا وضعت المائدة حفها أربعة آلاف ملك، فاذا قال العبد بسم اللّه قالت الملائكة: بارك اللّه عليكم في طعامكم ثم يقولون للشيطان اخرج يا فاسق لا سلطان لك عليهم فاذا فرغوا فقالوا:

الحمد للّه قالت الملائكة قوم انعم اللّه عليهم فادوا شكر ربهم و اذا لم يسموا قالت

______________________________

(1) الوسائل الباب 33 من ابواب الاشربة المحرمة الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 62 من ابواب الأطعمة المحرمة الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 49 من أبواب المائدة الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 764

و الاكل باليمني (1) و غسل اليد بعده (2) و الحمد للّه تعالي (3) و الاستلقاء

______________________________

الملائكة (للشيطان- محاسن) ادن يا فاسق فكل

معهم فاذا رفعت المائدة و لم يذكر اسم اللّه عليها قالت الملائكة قوم انعم اللّه عليهم فنسوا ربهم «1».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا وضع الخوان فقل بسم اللّه فاذا أكلت فقل: بسم اللّه اوله و آخره 2 الي غيرها من النصوص الواردة في الباب المشار اليه.

(1) لاحظ ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يأكل بشماله و يشرب بها فقال: لا يأكل بشماله و لا يشرب بشماله و لا يتناول بها شيئا 3.

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير 4.

(3) تدل عليه جملة من النصوص: منها: ما رواه مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: ما من رجل يجمع عياله و يضع مائدته فيسمون في اول طعامهم و يحمدون في آخره فترفع المائدة حتي يغفر لهم 5.

و منها: ما رواه محمد بن علي بن الحسين، قال: قال الصادق عليه السلام:

ما اتخمت قط و ذلك اني لم ابدء بطعام الا قلت: بسم اللّه و ان لم افرغ من طعام الا قلت: الحمد للّه 6.

و منها: ما رواه عمر بن قيس الماصر قال: دخلت علي أبي جعفر عليه السلام و بين يديه خوان و هو يأكل فقلت له ما حد هذا الخوان؟ فقال اذا وضعته فسم اللّه

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 57 من ابواب المائدة الحديث: 1 و 2

(2) (3) الوسائل الباب 10 من ابواب آداب المائدة الحديث: 1

(3) (4) لاحظ ص: 763

(4) (5 و 6) الوسائل الباب 57 من ابواب آداب المائدة الحديث: 6 و 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 765

و جعل

الرجل اليمني علي اليسري (1).

[كتاب الميراث]

اشارة

كتاب الميراث و فيه فصول

[الفصل الأول و فيه فوائد]

اشارة

الفصل الاول و فيه فوائد:

[الفائدة الأولي: في بيان موجباته]
اشارة

(الفائدة الاولي: في بيان موجباته و هي نوعان: نسب و سبب

[أما النسب فله ثلاث مراتب]
اشارة

أما النسب فله ثلاث مراتب:

[المرتبة الأولي صنفان]

(المرتبة الاولي) صنفان: احدهما الابوان المتصلان دون الاجداد و الجدات: و ثانيهما الاولاد و ان نزلوا ذكورا و اناثا.

[المرتبة الثانية صنفان أيضا]

(المرتبة الثانية) صنفان أيضا: احدهما الاجداد و الجدات و ان

______________________________

و اذا رفعته فاحمد اللّه و قم ما حول الخوان فهذا حده الحديث «1».

و منها: ما رواه عبد اللّه بن هلال عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لما جاء المرسلون الي ابراهيم عليه السلام جاءهم بالعجل فقال: كلوا فقالوا لا نأكل حتي تخبرنا ما ثمنه فقال: اذا اكلتم فقولوا: بسم اللّه فاذا فرغتم فقولوا الحمد للّه الحديث 2.

و منها: ما رواه فضل بن يونس قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام و سمعته يقول و قد اتينا بالطعام الحمد للّه الذي جعل لكل شي حدا قلنا ما حد هذا الطعام؟

فقال حده اذا وضع أن تسمي عليه و اذا رفع ان تحمد اللّه عليه 3.

و منها: ما روي عن أبي الحسن موسي عليه السلام قال: في وصية رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله لعلي عليه السلام: يا علي اذا أكلت فقل بسم اللّه و اذا فرغت فقل الحمد للّه فان حافظيك لا يبرحا يكتبان لك الحسنات حتي تبعده عنك 4

(1) لاحظ ما أرسله احمد بن محمد بن أبي نصر قال: رأيت أبا الحسن الرضا

______________________________

(1) (1 و 2 و 3) الوسائل الباب 57 من ابواب آداب المائده الحديث: 8 و 10 و 11

(2) (4) عين المصدر الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 766

علوا كآبائهم و اجدادهم. و ثانيهما الاخوة و الاخوات و ان نزلوا كأولادهم و اولاد اولادهم.

[المرتبة الثالثة: صنف واحد]

(المرتبة الثالثة) صنف واحد: و هم الاعمام و الاخوال و ان علوا كأعمام الآباء و الامهات و اخوالهم، و اعمام الاجداد و الجدات و اخوالهم و كذلك اولادهم و ان نزلوا كأولاد اولادهم و اولاد اولاد أولادهم و هكذا

بشرط صدق القرابة للميت عرفا. (و أما السبب) فهو قسمان زوجية و ولاء. و الولاء ثلاث مراتب: ولاء العتق، ثم ولاء ضمان الجريرة ثم ولاء الامامة (1)

[الفائدة الثانية: ينقسم الوارث الي خمسة أقسام]

الفائدة الثانية: ينقسم الوارث الي خمسة

______________________________

عليه السلام اذا تغذي استلقي علي قفاه و القي رجله اليمني علي اليسري «1».

و الحمد للّه اولا و آخرا قد وقع الفراغ عن كتابة شرح كتاب الأطعمة و الأشربة في يوم الاربعاء العشرين من شهر محرم الحرام من السنة 1410 علي مهاجرها و اهل بيته آلاف التحية و الثناء.

(1) ففي المرتبة الأولي و الثانية كل واحد من الصنفين يكون في عرض الصنف الاخر فاذا اجتمع الأبوان و الحفيد يرث الحفيد كما يرث الأبوان و لا يكون الابوان مقدمين علي الحفيد و قس عليه المرتبة الثانية و أما المرتبة الثالثة التي ليست لها الا صنف واحد يكون الأقرب مقدما و ما دام موجودا لا تصل النوبة الي البعيد و السبب كالمرتبة الأولي و الثانية من النسب أي له قسمان و لذا يكون الولاء في عرض الزوجية نعم الولاء بنفسه له مراتب ثلاث و يستفاد هذه التفاصيل من الأدلة

______________________________

(1) الوسائل الباب 74 من ابواب آداب المائدة الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 767

اقسام (1 (الاول) من يرث بالفرض لا غير دائما و هو الزوجة فان لها الربع مع عدم الولد و الثمن معه (2) و لا يرد عليها ابدا (3).

(الثاني) من يرث بالفرض دائما و ربما يرث معه بالرد كالأم فان لها السدس مع الولد و الثلث مع عدمه اذا لم يكن حاجب (4) و ربما يرد عليها زائدا علي الفرض كما اذا زادت الفريضة علي السهام (5).

______________________________

الشرعية كتابا و سنة و اجماعا كما يتضح

ذلك اثناء المباحث الآتية ان شاء اللّه فانظر.

(1) يستضع لك إن شاء اللّه تعالي تفصيل الحال و الادلة القائمة علي مواردها.

(2) و يدل عليه قوله تعالي: «وَ لَكُمْ نِصْفُ مٰا تَرَكَ أَزْوٰاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كٰانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهٰا أَوْ دَيْنٍ وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كٰانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ» الخ» «1» فان المستفاد من الاية الشريفة انها ترث الثمن مع الولد و الربع مع عدمه.

(3) لعدم الدليل عليه.

(4) لقوله تعالي «يُوصِيكُمُ اللّٰهُ فِي أَوْلٰادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسٰاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثٰا مٰا تَرَكَ وَ إِنْ كٰانَتْ وٰاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَ لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّٰا تَرَكَ إِنْ كٰانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَوٰاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كٰانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهٰا أَوْ دَيْنٍ الاية» «2» فان المستفاد من الاية ان الام ترث السدس مع وجود الولد و لها الثلث مع عدم الولد و عدم الحاجب.

(5) و نتعرض لدليله اثناء الابحاث الآتية.

______________________________

(1) النساء/ 12

(2) النساء/ 11

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 768

و كالزوج فانه يرث الربع مع الولد و النصف مع عدمه (1) و يرد عليه اذا لم يكن وارث الا الامام (2).

(الثالث) من يرث بالفرض تارة و بالقرابة اخري كالأب فانه يرث بالفرض مع وجود الولد و بالقرابة مع عدمه (3) و البنت و البنات فانها ترث مع الابن بالقرابة و بدونه بالفرض (4) و الاخت و الاخوات للأب أو للأبوين فانها ترث مع الاخ بالقرابة و مع عدمه بالفرض

(5) و كالاخوة و الاخوات من الام فانها ترث بالفرض (6) اذا لم يكن جد

______________________________

(1) كما تدل عليه الاية الشريفة.

(2) و نتعرض لدليله فيما بعد ان شاء اللّه تعالي.

(3) كما تدل عليه الاية الشريفة فان المستفاد منها ان له السدس مع الولد و مع عدم الولد يرث بالقرابة فانه في المرتبة الاولي كما تقدم في تعداد المراتب.

(4) كما تدل عليه الاية الشريفة فان المستفاد منها ان البنت مع عدم الولد ترث بالفرض و معه بالقرابة.

(5) يدل عليه قوله تعالي «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّٰهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلٰالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَهٰا نِصْفُ مٰا تَرَكَ وَ هُوَ يَرِثُهٰا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهٰا وَلَدٌ فَإِنْ كٰانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثٰانِ مِمّٰا تَرَكَ وَ إِنْ كٰانُوا إِخْوَةً رِجٰالًا وَ نِسٰاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّٰهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَ اللّٰهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ «1».

(6) كما يستفاد من الاية الشريفة «وَ إِنْ كٰانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلٰالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ الاية «2».

______________________________

(1) النساء/ 176

(2) النساء/ 12

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 769

للأم (1) و بالقرابة معه (2).

(الرابع) من لا يرث الا بالقرابة كالابن و الاخوة للأبوين أو للأب و الجد و الاعمام و الاخوال (3).

(الخامس) من لا يرث بالفرض و لا بالقرابة بل يرث بالولاء كالمعتق و ضامن الجريرة و الامام (4).

[الفائدة الثالثة: الفرض]

(الفائدة الثالثة) الفرض هو السهم المقدر في الكتاب المجيد و هو ستة انواع: النصف، و الربع، و الثمن، و الثلثان، و الثلث، و السدس و اربابها ثلاث عشر. (فالنصف) للبنت الواحدة (5) و الاخت للأبوين أو للأب فقط

اذا لم يكن معها أخ (6) و الزوج مع عدم الولد للزوجة (7).

______________________________

(1) يستفاد القيد المذكور من السنة لا من الكتاب.

(2) كما هو مقتضي القاعدة الاولية.

(3) اذ لم يجعل له بالفرض و المفروض قرابته فارثه بالقرابة لا بالفرض.

(4) اذ المفروض انه لا فرض له و أيضا لا يكون قريبا و مع ذلك يرث بمقتضي الدليل الشرعي الذي نتعرض له فيما بعد إن شاء اللّه تعالي.

(5) لقوله تعالي «وَ إِنْ كٰانَتْ وٰاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ» «1».

(6) لقوله تعالي «فَلَهٰا نِصْفُ مٰا تَرَكَ» «2».

(7) لقوله تعالي «وَ لَكُمْ نِصْفُ مٰا تَرَكَ أَزْوٰاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ» «3»

______________________________

(1) النساء/ 11

(2) النساء/ 176

(3) النساء/ 12

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 770

و ان نزل (1).

(و الربع) للزوج مع الولد للزوجة (2) و ان نزل (3) و للزوجة مع عدم الولد للزوج (4) و ان نزل (5) فان كانت واحدة اختصت به (6) و الا فهو لهن بالسوية (7).

______________________________

(1) قد مر ان الولد في المرتبة الاولي و ان نزل.

(2) لقوله تعالي «فَإِنْ كٰانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْنَ» «1».

(3) قد مرت الاشارة اليه آنفا.

(4) لقوله تعالي «وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ» «2».

(5) كما تقدمت الاشارة اليه.

(6) اذ العنوان لا يتعديها.

(7) فان الترجيح يحتاج الي الدليل مضافا الي النص، لاحظ ما رواه أبو عمر العبدي عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه كان يقول: الفرائض من ستة اسهم:

الثلثان أربعة أسهم، و النصف ثلاثة أسهم و الثلث سهمان و الربع سهم و نصف و الثمن ثلاثة أرباع سهم و لا يرث مع الولد الا الأبوان و الزوج و المرأة و لا يحجب الأم عن الثلث الا الولد

و الأخوة، و لا يزاد الزوج عن النصف و لا ينقص من الربع و لا تزاد المرأة علي الربع و لا تنقص عن الثمن، و ان كن أربعا أو دون ذلك فهن فيه سواء الحديث «3».

______________________________

(1) النساء/ 12

(2) النساء/ 12

(3) الوسائل الباب 7 من ابواب موجبات الارث الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 771

(و الثمن) للزوجة مع الولد للزوج (1) و ان نزل (2) فان كانت واحدة اختصت به و الا فهو لهن بالسوية (3). (و الثلثان) للبنتين فصاعدا مع عدم الابن المساوي (4) و للأختين فصاعدا للأبوين أو للأب فقط مع عدم الاخ (5 (و الثلث) سهم الام مع عدم الولد (6) و ان نزل (7) علي تفصيل يأتي (8) و للأخ و الاخت من الام مع التعدد (9 (و السدس) لكل واحد من الابوين مع الولد (10) و ان نزل (11 و للأم مع الاخوة للأبوين

______________________________

(1) لقوله تعالي: «فَإِنْ كٰانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ» «1».

(2) كما تقدم.

(3) كما تقدم بيانه.

(4) لقوله تعالي «فَإِنْ كُنَّ نِسٰاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثٰا مٰا تَرَكَ» «2».

(5) لقوله تعالي «فَإِنْ كٰانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثٰانِ مِمّٰا تَرَكَ» «3».

(6) لقوله تعالي «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَوٰاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ» «4».

(7) كما تقدم في نظائر المقام.

(8) فانتظر.

(9) لقوله تعالي «فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ» «5».

(10) لقوله تعالي «وَ لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّٰا تَرَكَ إِنْ كٰانَ لَهُ وَلَدٌ الاية» «6».

(11) كما تقدم.

______________________________

(1) النساء/ 12

(2) النساء/ 11

(3) النساء/ 176

(4) النساء/ 11

(5) النساء/ 12

(6) النساء/ 11

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 772

او للأب (1) علي تفصيل يأتي (2) و للأخ الواحد من الام و الاخت

الواحدة منها (3).

[الفائدة الرابعة: الورثة إذا تعددوا فتارة يكونون جميعا ذوي فروض]

(الفائدة الرابعة) الورثة اذا تعددوا فتارة يكونون جميعا ذوي فروض و اخري لا يكونون جميعا ذوي فروض و ثالثة يكون بعضهم ذا فرض دون بعض و اذا كانوا جميعا ذوي فروض فتارة تكون فروضهم مساوية للفريضة، و اخري تكون زائدة عليها، و ثالثة تكون ناقصة عنها، فالاولي مثل أن يترك الميت أبوين و بنتين فان سهم كل واحد من الابوين السدس و سهم البنتين الثلثان و مجموعها مساو للفريضة و الثانية مثل أن يترك الميت زوجا و ابوين و بنتين فان السهام في الفرض الربع و السدسان و الثلثان و هي زائدة علي الفريضة و هذه هي مسئلة العول و مذهب المخالفين فيها ورود النقص علي كل واحد من ذوي الفروض علي نسبة فرضه و عندنا يدخل النقص علي بعض منهم معين دون بعض (4).

______________________________

(1) لقوله تعالي «فَإِنْ كٰانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ» «1».

(2) فانتظر.

(3) لقوله تعالي «وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ الاية» «2».

(4) قال في الجواهر: «العول عندنا معاشر الاماميه باطل لاستحالة أن يفرض اللّه سبحانه في مال ما لا يقوم به الخ «3» و بطلان العول عند الإمامية أمر معروف

______________________________

(1) النساء/ 11

(2) النساء/ 12

(3) الجواهر ج 39 ص: 105

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 773

______________________________

بحيث يعرفون به و تدل علي بطلانه جملة من النصوص. لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام، قال: السهام لا تعول «1» و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم و ابن يسار و بريد العجلي و زرارة بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال السهام لا تعول لا تكون أكثر من ستة «2».

و لاحظ ما رواه علي بن

سعيد، قال: قلت لزرارة: ان بكير بن أعين حدثني عن أبي جعفر عليه السلام أن السهام لا تعول و لا تكون أكثر من ستة، فقال: هذا ما ليس فيه اختلاف بين اصحابنا عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام «3».

و لاحظ ما رواه زرارة قال: أمر أبو جعفر عليه السلام أبا عبد اللّه عليه السلام فأقرأني صحيفة الفرائض فرأيت جل ما فيها علي أربعة أسهم «4».

و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام ان السهام لا تكون أكثر من ستة أسهم «5».

و لاحظ ما رواه ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أصل الفرائض من ستة أسهم لا تزيد علي ذلك و لا تعول عليها، ثم المال بعد ذلك لأهل السهام الذين ذكروا في الكتاب «6».

و لاحظ ما رواه أبو بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ربما اعيل السهام حتي يكون علي المائة أو أقل أو أكثر، فقال: ليس تجوز ستة، ثم قال: كان

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب موجبات الارث الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) نفس المصدر الحديث: 5

(6) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 774

______________________________

أمير المؤمنين عليه السلام يقول: ان الذي أحصي رمل عالج ليعلم أن السهام لا تعول علي ستة لو يبصرون وجهها لم تجز ستة «1» و لاحظ ما رواه الفضلاء عن أبي جعفر عليه السلام: ان السهام لا تعول «2».

و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم، قال: أقرأني أبو جعفر عليه السلام صحيفة كتاب الفرائض التي هي املاء رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و خط علي عليه السلام

بيده فاذا فيها: ان السهام لا تعول «3» و لاحظ ما رواه أبو بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان ابن عباس يقول: ان الذي يحصي رمل عالج ليعلم أن السهام لا تعول من ستة، فمن شاء لاعنته عند الحجران السهام لا تعول من ستة «4».

و لاحظ ما رواه ابن أبي عمير عن غير واحد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سهام المواريث من ستة أسهم لا تزيد عليها فقيل له: يا بن رسول اللّه و لم صارت ستة أسهم؟ قال: لأن الانسان خلق من ستة أشياء و هو قول اللّه عز و جل: «وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسٰانَ مِنْ سُلٰالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنٰاهُ نُطْفَةً فِي قَرٰارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظٰاماً فَكَسَوْنَا الْعِظٰامَ لَحْماً» «5».

و لاحظ ما رواه أبو بصير، عن أبي جعفر عليه السلام أن امير المؤمنين عليه السلام كان يقول: ان الذي أحصي رمل عالج يعلم أن السهام لا تعول علي ستة لو يبصرون وجهها لم تجز ستة «6» و لاحظ ما رواه أبو بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 10

(3) نفس المصدر الحديث: 11

(4) نفس المصدر الحديث: 12

(5) نفس المصدر الحديث: 13

(6) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 775

______________________________

عليه السلام قال: كان ابن عباس يقول: ان الذي يحصي رمل عالج يعلم أن السهام لا تعول من ستة «1» و لاحظ ما رواه ابن شاذان عن الرضا عليه السلام في كتابه الي المأمون قال: و الفرائض علي ما انزل اللّه في كتابه و لا عول فيها «2».

و علي الجملة لا اشكال و لا

ريب في بطلان العول عند الامامية نصا و اجماعا.

و قال صاحب الجواهر قدس سره في هذا المقام في جملة كلام له «3» «فانه مستلزم لجعل اللّه تعالي المال نصفين و ثلثا و ثلثين و نصفا و نحو ذلك مما لا يصدر من جاهل فضلا عن رب العزة المتعال عن الجهل و العبث و عما يقول الظالمون علوا كبيرا، ضرورة ذهاب النصفين بالمال فأين موضع الثلث بل مستلزم علي غير ما فرضها اللّه تعالي فانه لو فرض الوارث أبوين و بنتين و زوجا و كانت الفريضة اثني عشر و اعلناها الي خمسة عشر فاعطينا الأبوين منها أربعة اسهم من خمسة عشر فليست سدسين بل خمس و ثلث خمس و اعطينا الزوج ثلاثا فليست ربعا بل خمس و اعطينا البنتين ثمانية فليست ثلثين بل ثلث و خمس و هو الذي اشار اليه أمير المؤمنين عليه السلام لما سئل و هو علي المنبر فقام اليه رجل و قال: يا أمير المؤمنين رجل مات و ترك بنتين و ابوين و زوجة فقال عليه السلام: صار ثمن المرأة تسعا الحديث.

فان الظاهر ارادته بذلك التعريض بقول المؤدي الي تغيير الفرائض كصيرورة الثمن تسعا في الفرض لأنه لما أعيلت الفريضة الي تسعة و أعطينا الامرأة واحدا لم يوافق ما فرضه اللّه تعالي لذوي الفروض التي سماها اذ الواحد من التسع ليس ثمنها كما ان الاثنين منها ليسا سدسا الثمانية بل مستلزم في بعض الفروض زيادة نصيب الانثي علي فرضها ذكرا كما لو ماتت المرأة و خلفت زوجا و أبوين و ابنا أو

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 15

(2) نفس المصدر الحديث: 16

(3) الجواهر ج 39 ص: 108

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 776

ففي ارث اهل

المرتبة الاولي يدخل النقص علي البنت او البنات و في ارث المرتبة الثانية كما اذا ترك زوجا و اختا من الابوين و اختين من الام فان سهم الزوج النصف و سهم الاخت من الابوين النصف و سهم الاختين من الام الثلث و مجموعها زائد علي الفريضة يدخل النقص علي المتقرب بالابوين كالأخت في المثال دون الزوج و دون المتقرب بالام (1). و الثالثة ما اذا ترك بنتا واحدة فان لها النصف و تزيد الفريضة نصفا و هذه هي مسألة التعصيب، و مذهب المخالفين فيها اعطاء النصف الزائد الي العصبة و هم الذكور الذين ينتسبون الي الميت بغير واسطة أو بواسطة الذكور و ربما عمموها للأنثي علي تفصيل عندهم، و أما عندنا فيرد علي ذوي الفروض كالبنت في الفرض فترث النصف بالفرض و النصف بالرد و اذا لم يكونوا جميعا ذوي

______________________________

زوجا و اختين لام و أخا لأب فانه في كل من الموضعين يعطي الابن و الأخ الباقي عندنا و عند الخصم و بتقدير أن يكون بدل الابن بنتا و بدل الأخ اختا اخذت أكثر من الذكر قطعا عند الخصم و الكتاب المتضمن لتفضيل الرجال علي النساء درجة و السنة علي خلاف ذلك.

و من الغريب قياسهم ما نحن فيه علي مسئلة الدين الذي لا مانع عقلا من تعلقه و ان كثر بالمال و ان قل علي وجه يقتضي التوزيع عليه بخلاف تعلق نحو النصفين و الثلث الذي لا يرضي من له ادني عقل من ينسب ذلك الي نفسه الا أن ينص علي ارادة العول و حينئذ يكون خارجا عما نحن فيه» الخ.

(1) علي ما هو المستفاد من النصوص الواردة عنهم عليهم السلام.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 777

فروض

قسم المال بينهم علي تفصيل يأتي، و اذا كان بعضهم ذا فرض دون آخر أعطي ذو الفرض فرضه و اعطي الباقي لغيره علي تفصيل يأتي ان شاء اللّه تعالي (1).

______________________________

(1) قال في الجواهر «1»: «اجمع اصحابنا و تواترت اخبارنا عن سادتنا عليهم السلام بل هو من ضروريات مذهبنا انه لا يثبت الميراث عندنا بالتعصيب» الخ.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص لاحظ ما رواه حسين الرزاز قال: أمرت من يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام المال لمن هو؟ للأقرب؟ أو العصبة؟ فقال: المال للأقرب و العصبة في فيه التراب «2» و ما رواه زيد بن ثابت أنه قال: من قضاء الجاهلية أن يورث الرجال دون النساء «3».

و ما رواه أبو بكر بن عياش في حديث أنه قيل له: ما تدري ما أحدث نوح بن دراج في القضاء أنه ورث الخال و طرح العصبة و أبطل الشفعة فقال أبو بكر بن عياش: ما عسي أن أقول لرجل قضي بالكتاب و السنة، ان النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلم لما قتل حمزة بن عبد المطلب بعث علي بن أبي طالب عليه السلام فأتاه علي عليه السلام بابنة حمزة فسوغها رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم الميراث كله «4».

و ما رواه قارية بن مضرب قال: جلست الي ابن عباس و هو بمكة فقلت: يا بن عباس حديث يرويه أهل العراق عنك و طاوس مولاك يرويه أن ما أبقت الفرائض فلا ولي عصبة ذكر فقال: أمن هل العراق أنت؟ قلت: نعم قال: أبلغ من وراك

______________________________

(1) الجواهر ج 39 ص 99

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب موجبات الارث الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس

المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 778

______________________________

أني أقول: ان قول اللّه عز و جل: آبٰاؤُكُمْ وَ أَبْنٰاؤُكُمْ لٰا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللّٰهِ» و قوله: «وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْليٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ» و هل هذه الا فريضتان و هل أبقتا شيئا ما قلت هذا و لا طاوس يرويه علي، قال قارية بن مضرب: فلقيت طاوسا فقال: لا و اللّه ما رويت هذا علي ابن عباس قط و انما الشيطان ألقاه علي السنتهم قال سفيان أراه من قبل ابنه عبد اللّه بن طاوس فانه كان علي خاتم سليمان بن عبد الملك و كان يحمل علي هؤلاء حملا شديدا- يعني بني هاشم «1».

و ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اختلف علي بن أبي طالب عليه السلام و عثمان في الرجل يموت و ليس له عصبة يرثونه و له ذو قرابة لا يرثونه ليس لهم سهم مفروض فقال علي عليه السلام: ميراثه لذوي قرابته لأن اللّه تعالي يقول: «وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْليٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ» و قال عثمان: اجعل ما له في بيت مال المسلمين «2».

و ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان علي عليه السلام لا يعطي الموالي شيئا مع ذي رحم، سميت له فريضة أم لم يسم له فريضة و كان يقول: «و اولوا الارحام بعضهم ولي ببعض في كتاب اللّه ان اللّه بكل شي ء عليم» قد علم مكانهم فلم يجعل لهم مع أولي الأرحام «3».

و لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه: «وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْليٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ»

ان بعضهم أولي بالميراث من بعض لأن أقربهم اليه رحما أولي به ثم قال أبو جعفر عليه السلام: أيهم اولي بالميت و أقربهم اليه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 10

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 779

[الفصل الثاني موانع الإرث ثلاثة الكفر و القتل، و الرق]

اشارة

الفصل الثاني موانع الارث ثلاثة: الكفر و القتل، و الرق،

[و الكلام في مانع الأول و هو الكفر يقع في مسائل] اشارة
اشارة

و الكلام في الاول يقع في مسائل:

[مسألة 1: لا يرث الكافر من المسلم]

(مسألة 1): لا يرث الكافر من المسلم (1).

______________________________

أمه؟ أو اخوه؟ أ ليس الأم اقرب الي الميت من اخوته و اخواته «1».

و نتعرض لشرح المذكورات علي نحو التفصيل فيما بعد عند تعرض الماتن إن شاء اللّه تعالي فانتظر.

(1) قال في الجواهر في هذا المقام: «بلا خلاف فيه بين المسلمين بل الاجماع بقسميه عليه بل المنقول منه مستفيض أو متواتر كالنصوص» الخ و يستفاد المدعي من جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: لا يرث اليهودي و النصراني المسلمين و يرث المسلمون اليهود و النصاري «2».

و منها: ما رواه جميل و هشام عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال: فيما روي الناس عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلم أنه قال لا يتوارث أهل ملتين قال: نرثهم و لا يرثونا ان الإسلام لم يزده في حقه الا شدة «3» و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أعين قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قوله صلّي اللّه عليه و آله و سلم:

لا يتوارث أهل ملتين قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: نرثهم و لا يرثونا ان الإسلام

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) نفس المصدر الباب 1 من ابواب موانع الارث الحديث: 7

(3) نفس المصدر الحديث: 14

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 780

و ان قرب (1) و لا فرق في الكافر بين الاصلي ذميا كان أو حربيا و المرتد فطريا كان أو مليا (2) و لا في المسلم بين المؤمن و غيره (3).

[مسألة 2: الكافر لا يمنع من يتقرب به]

(مسألة 2): الكافر لا يمنع من يتقرب به فلو مات مسلم و له ولد كافر و للولد ولد مسلم كان ميراثه لولد

ولده (4) و لو مات المسلم

______________________________

لم يزده في ميراثه الا شدة «1».

(1) للإطلاق المنعقد في النصوص و معقد الاجماع.

(2) بعين التقريب.

(3) الكلام فيه هو الكلام فان الوارد في لسان الادلة عنوان المسلم و هو بما له من المفهوم أعم من المؤمن.

(4) ادعي في الجواهر عدم وجدان الخلاف فيه بل ادعي عليه الاجماع بقسميه و يدل علي المدعي ما رواه حسن بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال:

المسلم يحجب الكافر و يرثه و الكافر لا يحجب المسلم و لا يرثه «2» مضافا الي أن الحكم واضح لدي الكل.

ان قلت: قد ورد في بعض النصوص أنه لا يتوارث اهل ملتين لاحظ ما رواه هشام و جميل و ما رواه عبد الرحمن بن أعين «3» و ما رواه عبد اللّه بن الحسن عن علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن نصراني يموت ابنه و هو مسلم هل يرث؟ فقال: لا يرث اهل ملة «4».

قلت: المراد منه كما نص في الحديث نفي التوارث من الجانبين فلا ينافي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 17

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) لاحظ: 779

(4) الوسائل الباب 1 من ابواب موانع الارث الحديث: 24

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 781

و فقد الوارث المسلم كان ميراثه للإمام (1).

[مسألة 3: المسلم يرث الكافر و يمنع من إرث الكافر للكافر]

(مسألة 3): المسلم يرث الكافر (2) و يمنع من ارث الكافر للكافر (3).

______________________________

أن يرث المسلم من الكافر كما دل حديث حسن بن صالح علي نفي ارث الكافر من المسلم فيمكن أن يرث المسلم من الكافر.

(1) اذ المفروض انه ليس له وارث مسلم فيكون و ارثه الامام عليه السلام كما يأتي تفصيله و صفوة القول ان المستفاد من الأدلة عدم ارث الكافر عن المسلم

و عدم كونه حاجبا فيرث المسلم الكافر و لو كان بعيدا و لا يرث الكافر المسلم و ان كان قريبا و مع عدم ارثه يكون مقتضي القاعدة الاولية انه يرث المسلم و لو مع بعد الطبقة مضافا الي أن الأمر واضح عند القوم و مع عدم الوارث يكون الوارث الامام عليه السلام.

(2) بلا خلاف و لا اشكال نصا و فتوي.

(3) كما هو المستفاد من حديث ابن صالح المتقدم ذكره «1» مضافا الي دعوي عدم الخلاف و الاجماع بقسميه عليه كما في الجواهر اضف الي ذلك النص الخاص الوارد في المقام لاحظ ما رواه عبد الملك بن أعين و مالك بن اعين جميعا عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن نصراني مات و له ابن أخ مسلم و ابن أخت مسلم و له أولاد و زوجة نصاري فقال: أري أن يعطي ابن اخيه المسلم ثلثي ما تركه و يعطي ابن اخته المسلم ثلث ما ترك ان لم يكن له ولد صغار، فان كان له ولد صغار فان علي الوارثين أن ينفقا علي الصغار مما ورثا عن أبيهم حتي يدركوا الحديث «2».

و لاحظ ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: لو أن رجلا ذميا أسلم و ابوه حي و لأبيه ولد غيره ثم مات الأب ورثه المسلم جميع ما له و لم يرثه ولده

______________________________

(1) لاحظ ص: 780

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب موانع الارث الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 782

فلو مات كافر و له ولد كافر و اخ مسلم او عم مسلم أو معتق أو ضامن جريرة ورثه و لم يرثه الكافر (1) فان لم يكن له وارث الا الامام كان ميراثه للكافر (2)

هذا اذا كان الكافر اصليا. أما اذا كان مرتدا عن ملة أو فطرة فالمشهور ان وارثه الامام و لا يرثه الكافر و كان بحكم المسلم (3).

______________________________

و لا امرأته مع المسلم شيئا «1».

(1) فانه من آثار ارثه من الكافر و كونه حاجبا عن ارث الكافر و لو كان قريبا فان المسلم علي فرض وجوده يمنع الكافر عن الارث.

(2) كما هو مقتضي القاعدة الاولية من قانون الارث و عدم المخصص و بعبارة اخري لا اشكال عند القوم في ارث الكافر من الكافر و لو كان وجود الامام عليه السلام مانعا لم يكن للإرث بعضهم عن بعض موضوع قال المحقق قدس سره لو لم يخلف الكافر مسلما ورثه الوارث الكافر.

(3) قال في الجواهر في هذا المقام «2» «فانه كالمسلم بلا خلاف أجده فيه في الفطري بل الاجماع بقسميه عليه و علي المشهور بين الاصحاب في أعلي شهرة عظيمة كادت تكون اجماعا» الخ و النص الوارد في المقام ما رواه ابراهيم بن عبد الحميد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: نصراني أسلم ثم رجع الي النصرانية ثم مات قال: ميراثه لولده النصاري، و مسلم تنصر ثم مات قال: ميراثه لولده المسلمين «3» فان المستفاد من النص التفريق بين المرتد الفطري و المرتد الملي و مقتضي هذه الرواية ان المرتد الملي ميراثه لولده النصاري و ان كان له وارث مسلم و قال في الجواهر: و هو خلاف الاجماع و النص.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب موانع الارث الحديث: 1

(2) جواهر الكلام ج 39 ص 17

(3) الوسائل الباب 6 من ابواب موانع الارث الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 783

و لكن لا يبعد أن يكون المرتد كالكافر الاصلي و لا

سيما اذا كان مليا (1).

[مسألة 4: لو أسلم الكافر قبل القسمة]

(مسألة 4): لو اسلم الكافر قبل القسمة فان كان مساويا في المرتبة شارك و ان كان اولي انفرد بالميراث (2) و لو اسلم بعد القسمة

______________________________

(1) لا يبعد أن منشأ عدم استبعاد الماتن ان الرواية لا تشمل مورد انحصار الوارث بالامام مضافا الي أن الرواية غير قابلة للعمل بها كما مر عن الجواهر و بعبارة اخري ان الرواية مضافا الي عدم امكان العمل بها لا تدل علي عدم ارث الوارث الكافر مع الامام و الاجماع المدعي في المقام اجماع منقول غير حجة و قد مر ان الكافر يرث الكافر فيما لا يكون وارث الا الامام و ان شئت قلت ارث الكافر من الكافر مع انحصار الوارث في الامام أمر علي طبق القاعدة و لا دليل علي الخروج عن تحت هذه القاعدة.

(2) اجماعا بقسميه كما في الجواهر و تدل علي المدعي جملة من النصوص.

لاحظ ما رواه أبو بصير يعني المرادي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مسلم مات و له أم نصرانية و له زوجة و ولد مسلمون فقال: ان اسلمت أمه قبل أن يقسم ميراثه اعطيت السدس قلت: فان لم يكن له امرأة و لا ولد و لا وارث له سهم في الكتاب مسلمين و له قرابة نصاري ممن له سهم في الكتاب لو كانوا مسلمين لمن يكون ميراثه؟ قال: ان أسلمت امه فان ميراثه لها، و ان لم تسلم امه و أسلم بعض قرابته ممن له سهم في الكتاب فان ميراثه له، فان لم يسلم أحد من قرابته فان ميراثه للإمام «1».

و لاحظ ما رواه عبد اللّه ابن مسكان عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: من

أسلم علي ميراث قبل أن يقسم فله ميراثه، و ان اسلم و قد قسم فلا ميراث له «2».

______________________________

(1) نفس المصدر الباب 3 من ابواب موانع الارث الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 784

لم يرث (1) و كذا لو اسلم مقارنا للقسمة (2) و لا فرق فيما ذكرنا بين كون الميت مسلما و كافرا (3) هذا اذا كان الوارث متعددا، و أما اذا كان الوارث واحدا لم يرث (4). نعم لو كان الواحد هو الزوجة و اسلم

______________________________

و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام قال: من اسلم علي ميراث فهو له، و من اسلم بعد ما قسم فلا ميراث له و من اعتق علي ميراث قبل أن يقسم الميراث فهو له و من اعتق بعد ما قسم فلا ميراث له، و قال في المرأة اذا اسلمت قبل أن يقسم الميراث فلها الميراث «1».

و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن ابي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسلم علي الميراث قال: ان كان قسم فلا حق له، و ان كان لم يقسم فله الميراث قال: قلت العبد يعتق علي ميراث قال: هو بمنزلة «2» و لاحظ ما رواه أبو العباس البقباق قال: قال ابو عبد اللّه عليه السلام: من اسلم علي ميراث قبل أن يقسم فهو له «3»

(1) كما صرح به في حديث ابن مسلم مضافا الي أن مقتضي مفهوم الشرط اختصاص الحكم بخصوص ما اذا اسلم قبل القسمة.

(2) فانه مقتضي مفهوم الشرط كما ان مقتضي اشتراط عدم ارثه بكون اسلامه بعدها ارثه في صورة المقارنة و بعد التعارض و التساقط تصل النوبة الي الأخذ بدليل عدم ارث الكافر

من المسلم.

(3) لإطلاق الدليل.

(4) اذ مع كونه واحدا لا مجال للقسمة فلا يكون مشمولا للدليل.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 785

قبل القسمة بينها و بين الامام ورث و الا لم يرث (1).

[مسألة 5: لو أسلم بعد قسمة بعض التركة]

(مسألة 5): لو اسلم بعد قسمة بعض التركة ففيه اقوال: قيل يرث من الجميع و قيل لا يرث من الجميع و قيل بالتفصيل و انه يرث مما لم يقسم و لا يرث مما قسم و هو الاقرب (2).

______________________________

(1) في مفروض الكلام يكون الوارث منحصرا في الامام فلا مجال للقسمة و بعبارة اخري يرد عليه ان اسلامه قبل القسمة لا معني له اذ مع الانحصار لا مقتضي للقسمة كي يكون مجال لهذا الترديد و نقل عن المبسوط و ابن حمزة و غيرهما علي ما في الجواهر ان كان اسلام الوارث قبل نقل التركة الي بيت المال يرث الوارث و الا فلا و لا دليل علي هذا التفصيل مضافا الي أنه علي هذا لا فرق بين الزوجة و غيرها نعم قد وردت في المقام رواية «1» لاحظ ما رواه أبو بصير فان المستفاد من هذه الرواية ان من له سهم في كتاب اللّه من قرابة لو اسلم يكون الارث له و الا يكون للإمام و لكن الحديث لا ينطبق علي ما في المتن و لعله مستند الي وجه آخر و اللّه العالم و اما حديث ابن مسلم «2».

فالمستفاد منه ان الزوجة لو اسلمت قبل القسمة فلها الميراث و لا يرتبط بما في المتن و يمكن أن يكون المراد من العبارة انه لو فرض ان وارث الميت زوجته و له وارث آخر لا يكون مسلما

فان اسلم الكافر قبل قسمة الارث بين الزوجة و الامام يرث و الا فلا يرث و هذا و ان كان صحيحا لكن لا وجه لذكره اذ ما ذكر احد مصاديق الكبري الكلية و الأمر سهل.

(2) بتقريب ان موضوع الارث باق بالنسبة الي البعض و لا يكون باقيا بالنسبة الي البعض الاخر فيترتب علي كل واحد حكمه و الذي يختلج بالبال أن يقال ان

______________________________

(1) لاحظ ص: 783

(2) لاحظ ص: 784

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 786

[مسألة 6: المسلمون يتوارثون و إن اختلفوا في المذاهب و الآراء]

(مسألة 6): المسلمون يتوارثون و ان اختلفوا في المذاهب و الآراء (1).

______________________________

الحق هو القول الاول بتقريب ان حكم الشارع رتب علي المجموع لا علي كل فرد لاحظ ما رواه ابن مسكان «1» فان المستفاد من الحديث ان الميزان تقسيم الميراث و عدمه و المفروض عدمه و بعبارة اخري في صورة التبعيض يصح أن يقال ان الميراث لم يقسم فيترتب عليه حكمه من الارث و ان ابيت فلا أقل من عدم صدق احد العنوانين فتكون النتيجة القول الثاني و عدم الارث علي الاطلاق فان الكافر لا يرث مع وجود الوارث المسلم الا أن يقال ان الظاهر من الدليل ان الموضوع مأخوذ علي نحو القضية الحقيقية فكل مورد وقع التسليم فيه يصدق عليه العنوان و يترتب عليه الحكم و كل مورد لم يتحقق لا يترتب عليه الحكم فالحق ما أفاده في المتن من التفصيل.

(1) هذا هو المشهور بين القوم علي ما في الجواهر و تدل علي المدعي الآيات الشريفة لاحظ سورة النساء الاية (7) «لِلرِّجٰالِ نَصِيبٌ مِمّٰا تَرَكَ الْوٰالِدٰانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ لِلنِّسٰاءِ نَصِيبٌ مِمّٰا تَرَكَ الْوٰالِدٰانِ وَ الْأَقْرَبُونَ مِمّٰا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً».

و الاية (11) «يُوصِيكُمُ اللّٰهُ فِي أَوْلٰادِكُمْ لِلذَّكَرِ

مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ الاية» و الاية (12) «وَ لَكُمْ نِصْفُ مٰا تَرَكَ أَزْوٰاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ» و الاية (33) «وَ لِكُلٍّ جَعَلْنٰا مَوٰالِيَ مِمّٰا تَرَكَ الْوٰالِدٰانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمٰانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ عَليٰ كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيداً» و الاية (176) «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّٰهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلٰالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَهٰا نِصْفُ مٰا تَرَكَ الاية».

و النصوص لاحظ ما رواه زرارة قال: سمعت أبا عبد اللّه يقول: «وَ لِكُلٍّ جَعَلْنٰا مَوٰالِيَ مِمّٰا تَرَكَ الْوٰالِدٰانِ وَ الْأَقْرَبُونَ» قال: انما عني بذلك اولوا الارحام في

______________________________

(1) لاحظ ص: 783

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 787

______________________________

المواريث و لم يعن اولياء النعمة، فأولاهم بالميت أقربهم اليه من الرحم التي يجره اليها «1».

و لاحظ ما رواه يزيد الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام قال: ابنك أولي بك من ابن ابنك، و ابن ابنك أولي بك من أخيك، قال: و أخوك لأبيك و أمك أولي بك من أخيك لأبيك و أخوك لأبيك أولي بك من اخيك لأمك الحديث «2».

و لاحظ ما رواه حسين الرزاز قال: أمرت من يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام المال لمن هو؟ للأقرب؟ أو العصبة؟ فقال: المال للأقرب و العصبة في فيه التراب «3»

اضف الي ذلك ما ورد في بعض النصوص من ابتناء الارث علي الإسلام و علي الشهادة بالتوحيد و التصديق بالرسول لاحظ ما رواه سماعة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أخبرني عن الإسلام و الايمان أ هما مختلفان؟ فقال: ان الايمان يشارك الإسلام و الإسلام لا يشارك الايمان فقلت: فصفهما لي، فقال: الإسلام شهادة أن لا إله الا اللّه و التصديق برسول اللّه صلّي اللّه

عليه و آله و سلم، به حقنت الدماء و عليه جرت المناكح و المواريث و علي ظاهره جماعة الناس، و الايمان الهدي و ما يثبت في القلوب من صفة الإسلام الحديث «4».

و لاحظ ما رواه فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: ان الايمان يشارك الإسلام و لا يشاركه الإسلام، ان الايمان ما وقر في القلوب و الإسلام ما عليه المناكح و المواريث و حقن الدماء، و الايمان يشرك الإسلام و الإسلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب موجبات الارث الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) عين المصدر الحديث: 3

(4) اصول الكافي ج 2 باب ان الايمان يشرك الإسلام و الإسلام لا يشرك الايمان ص 25 الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 788

______________________________

لا يشرك الايمان «1».

فلا مجال لأن يقال ان المستفاد من جملة من النصوص كفر المخالف لاحظ ما رواه ياسر الخادم قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسي الرضا عليهما السلام يقول: من شبه اللّه بخلقه فهو مشرك، و من نسب اليه ما نهي عنه فهو كافر «2» و لاحظ ما رواه مفضل بن عمر قال: دخلت علي أبي الحسن موسي بن جعفر عليهما السلام و علي ابنه في حجره و هو يقبله و يمص لسانه و يضعه علي عاتقه و يضمه اليه و يقول: بأبي أنت ما أطيب ريحك و اطهر خلقك و أبين فضلك- الي أن قال-:

قلت: هو صاحب هذا الأمر من بعدك قال: نعم من أطاعه رشد، و من عصاه كفر «3».

و لاحظ ما رواه أبو مالك الجهني قال: سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول:

ثلاثة لا يكلمهم اللّه يوم القيامة و لا ينظر اليهم و لا يزكيهم

و لهم عذاب أليم: من ادعي اماما ليست امامته من اللّه و من جحد اماما امامته من عند اللّه، و من زعم ان لهما في الإسلام نصيبا «4» و لاحظ ما رواه أبو حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: منا الامام المفروض طاعته، من جحده مات يهوديا أو نصرانيا الحديث «5» و لاحظ ما رواه المفضل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ان اللّه جعل عليا عليه السلام علما بينه و بين خلقه، ليس بينه و بينهم علم غيره، فمن تبعه كان مؤمنا و من جحده كان كافرا، و من شك فيه كان مشركا «6»

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 10 من ابواب حد المرتد الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 8

(5) نفس المصدر الحديث: 11

(6) نفس المصدر الحديث: 13

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 789

و الكافرون يتوارثون علي ما بينهم و ان اختلفوا في الملل (1).

[مسألة 7: المراد من المسلم و الكافر وارثا و مورثا و حاجبا و محجوبا اعم من المسلم و الكافر بالاصالة و بالتبعية]

(مسألة 7): المراد من المسلم و الكافر وارثا و مورثا و حاجبا و محجوبا اعم من المسلم و الكافر بالاصالة و بالتبعية كالطفل و المجنون فكل طفل كان احد ابويه مسلما حال انعقاد نطفته بحكم المسلم فيمنع

______________________________

و لاحظ ما رواه محمد بن حسان عن محمد بن جعفر عن أبيه عليه السلام قال: علي عليه السلام باب هدي من خالفه كان كافرا و من أنكره دخل النار «1» و غيرها من الروايات الواردة في الباب المذكور.

(1) بلا خلاف معتد به كما في الجواهر و تدل علي المدعي الادلة العامة كتابا و سنة، اضف الي ذلك ما دل علي المدعي بالنصوصية، لاحظ ما رواه يونس قال:

ان اهل

الكتاب و المجوس يرثون و يورثون ميراث الإسلام الحديث «2» و ما دل علي عدم التوارث بين ملتين قد فسر في بعض النصوص بعدم ارث الكافر عن المسلم لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن أعين، عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يتوارث اهل ملتين نحن نرثهم و لا يرثونا ان اللّه عز و جل لم يزدنا بالاسلام الا عزا «3» و لاحظ ما رواه جميل و هشام «4» و لاحظ ما رواه ابو العباس قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا يتوارث أهل ملتين يرث هذا هذا و يرث هذا هذا الا أن المسلم يرث الكافر و الكافر لا يرث المسلم «5» و لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن أعين «6»

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 14

(2) الوسائل الباب 4 من ابواب موانع الارث الحديث: 3

(3) الوسائل الباب 1 من أبواب موانع الارث الحديث: 6

(4) لاحظ ص: 779

(5) الوسائل الباب 1 من ابواب موانع الارث الحديث: 15

(6) لاحظ ص: 779

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 790

من ارث الكافر و لا يرثه الكافر بل يرثه الامام اذا لم يكن له وارث مسلم و كل طفل كان ابواه معا كافرين حال انعقاد نطفته بحكم الكافر فلا يرث المسلم مطلقا كما لا يرث الكافر اذا كان له وارث مسلم غير الامام (1) نعم اذا اسلم احد ابويه قبل بلوغه تبعه في الإسلام و جري عليه حكم المسلمين (2).

[مسألة 8: المرتد قسمان فطري و ملي]

(مسألة 8): المرتد قسمان فطري و ملي فالفطري من انعقدت نطفته و كان احد ابويه مسلما ثم كفر (3) و في اعتبار اسلامه بعد البلوغ قبل الكفر قولان أقربهما العدم (4) و حكمه انه يقتل في الحال و تعتد

امرأته من حين الارتداد عدة الوفاة و يقسم ميراثه بين ورثته (5) و لا تسقط الاحكام

______________________________

مضافا الي جميع ذلك الاجماع بقسميه كما في كلام الجواهر.

(1) لإطلاق الأدلة.

(2) لكون الولد تابعا لأشرف الأبوين.

(3) قال في الجواهر: «و المراد به من انعقد حال اسلام احد ابويه الخ «1» و المراد رجوعه عن الفطرة الأصلية فان كل مولود يولد علي الفطرة و الفطرة الأولية هو الإسلام.

(4) عن كشف اللثام، او اسلم احد ابويه و هو طفل ثم بلغ و وصف الإسلام كاملا ثم ارتد قال في الجواهر: «و هو مشكل» و لعل وجه الاشكال انه خلاف اطلاق الادلة الاولية اذ المفروض انه كان محكوما بالاسلام من حين انعقاد نطفته فلو كفر بعد البلوغ يكون مرتدا فطريا و تجري عليه احكامه.

(5) اجماعا بقسميه كما في الجواهر و تدل علي المدعي بعض النصوص لاحظ

______________________________

(1) ج 39 ص: 33

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 791

المذكورة بالتوبة (1) نعم اذا تاب تقبل توبته باطنا علي الاقوي (2) بل ظاهرا أيضا بالنسبة الي غير الاحكام المذكورة فيحكم بطهارة بدنه و صحة تزويجه جديدا حتي بامرأته السابقة (3) و أما المرتد الملي و هو ما يقابل

______________________________

ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن المرتد فقال: من رغب عن الإسلام و كفر بما أنزل علي محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلم بعد اسلامه فلا توبة له و قد وجب قتله و بانت منه امرأته و يقسم ما ترك علي ولده «1».

و لاحظ ما رواه عمار الساباطي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الإسلام و جحد محمدا صلّي اللّه عليه و آله نبوته

و كذبه فان دمه مباح لمن سمع ذلك منه، و امرأته بائنة منه يوم ارتد، و يقسم ما له علي ورثته، و تعتد امرأته عدة المتوفي عنها زوجها و علي الامام أن يقتله و لا يستتيبه «2»

(1) لعدم الدليل علي السقوط بل الدليل قائم علي عدمه لاحظ ما رواه ابن مسلم «3».

(2) فان باب الرحمة الالهية واسعة و كيف يمكن أن يتوب احد و لا تقبل توبته مع التصريح في الكتاب الكريم بأن يغفر الذنوب جميعا.

(3) ما أفاده خلاف ظاهر ما يستفاد من حديث ابن مسلم «4» فان مقتضي اطلاق قوله عليه السلام فلا توبة له، عدم قبولها علي نحو الاطلاق و قوله بعد ذلك «و قد وجب قتله» ليس تفسيرا لقوله فلا توبة له بل تصريح بأحكام مترتبة علي الارتداد فان كان للارتداد احكام غير ما ذكر تترتب علي المرتد حتي بعد

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب حد المرتد الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) قد مر آنفا

(4) قد مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 792

الفطري فحكمه انه يستتاب فان تاب و إلا قتل (1) و ينفسخ نكاحه لزوجته (2) فتبين منه ان كانت غير مدخول بها (3) و تعتد عدة الطلاق من حين

______________________________

التوبة و ان شئت قلت ترتب الاحكام المذكورة علي الارتداد بحكم الشارع علي الاطلاق و بعبارة اخري مقتضي الاطلاق وجوب قتله بلا فرق بين أن يتوب و بين أن لا يتوب و اما عدم قبول توبته المستفاد من تصريحه عليه السلام فلا وجه للالتزام بأن المراد منه ما يتعلق بالامور المذكورة و قد تعرضنا لهذه الجهة في كون الإسلام مطهرا في بحث المطهرات فراجع ما ذكرناه هناك و لكن اخترنا هناك

خلاف ما بيناه في المقام.

(1) لاحظ ما رواه علي بن جعفر عن اخيه أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن مسلم تنصر، قال: يقتل و لا يستتاب، قلت: فنصراني أسلم ثم ارتد، قال:

يستتاب فان رجع، و الا قتل «1».

(2) لاحظ ما رواه الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا ارتد الرجل عن الإسلام بانت منه امرأته كما تبين المطلقة، فان قتل أو مات قبل انقضاء العدة فهي ترثه في العدة و لا يرثها ان ماتت و هو مرتد عن الإسلام «2».

و لاحظ ما رواة عثمان بن عيسي مرفوعا قال كتب عامل «غلام» أمير المؤمنين عليه السلام اليه اني أصبت قوما من المسلمين زنادقة و قوما من النصاري زنادقة، فكتب اليه: أما من كان من المسلمين ولد علي الفطرة، ثم تزندق فاضرب عنقه و لا تستتبه و من لم يولد منهم علي الفطرة فاستتبه فان تاب و الا فاضرب عنقه و أما النصاري فما هم عليه أعظم من الزندقه «3».

(3) لعدم ما يقتضي العدة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب حد المرتد الحديث: 5

(2) الوسائل الباب 6 من ابواب موانع الارث الحديث: 4

(3) الوسائل الباب 5 من ابواب حد المرتد الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 793

الارتداد ان كانت مدخولا بها (1) و لا تقسم امواله الا بعد الموت بالقتل او بغيره (2) و اذا تاب ثم ارتد ففي وجوب قتله من دون استتابة في الثالثة او الرابعة قولان (3) و اما المرأة المرتدة فلا تقتل (4) و لا تنتقل اموالها عنها الي الورثة الا بالموت (5) و ينفسخ نكاحها (6) فان كانت مدخولا

______________________________

(1) كما في حديث الحضرمي «1».

(2) لعدم الدليل عليه و يمكن أن

يستفاد المدعي من حديث الحضرمي و السند بلحاظ كون الحضرمي فيه لا يخلو عن الاشكال الا أن يقال انه لا مجال للتأمل في المدعي.

(3) تفصيل الكلام موكول الي كتاب الحدود.

(4) لاحظ ما رواه حماد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرتدة عن الإسلام قال: لا تقتل و تستخدم خدمة شديدة و تمنع الطعام و الشراب الا ما يمسك نفسها و تلبس خشن الثياب و تضرب علي الصلوات «2» فانه قد صرح في الرواية بأنها لا تقتل.

(5) لعدم الدليل علي الانتقال قبل الموت و مقتضي القاعدة الاولية الانتقال بالموت و بسبب الارث لا بغيره.

(6) قال في الجواهر: «بل قد يقال ان المرتد مطلقا و ان كان مليا لا يصح نكاحه ابتداء و لا استدامة و لو لكافرة كتابية أو غيرها و كذا المرتدة» «3» و الظاهر ان الحكم مورد التسالم بين القوم و قد تعرضنا للفرع علي التفصيل في كتاب النكاح في بحث ان الكفر مانع عن صحة النكاح.

______________________________

(1) لاحظ ص: 792

(2) الوسائل الباب 4 من ابواب حد المرتد الحديث: 1

(3) الجواهر ج 30 ص: 48

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 794

بها اعتدت عدة الطلاق (1) و الا بانت بمجرد الارتداد (2) و تحبس و يضيق عليها و تضرب اوقات الصلاة حتي تتوب (3) فان تابت قبلت توبتها (4) و لا فرق بين أن تكون عن ملة و عن فطرة (5).

[مسألة 9: يشترط في ترتيب الأثر علي الارتداد البلوغ و كمال العقل و الاختيار]

(مسألة 9): يشترط في ترتيب الاثر علي الارتداد البلوغ و كمال العقل و الاختيار فلو اكره علي الارتداد فارتد كان لغوا،

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الحضرمي ان ارتد الرجل المسلم عن الإسلام بانت منه امرأته كما تبين المطلقة ثلاثا و تعتد منه كما تعتد المطلقة فان

رجع الي الإسلام و تاب قبل أن تتزوج فهو خاطب و لا عدة عليها منه له و انما عليها العدة لغيره فان قتل أو مات قبل انقضاء العدة اعتدت منه عدة المتوفي عنها زوجها و هي ترثه في العدة و لا يرثها ان ماتت و هو مرتد عن الإسلام «1» فان المستفاد من الرواية ان العدة المترتبة علي الارتداد عدة الطلاق و بعبارة اخري يستفاد من الحديث ان العدة المترتبة علي الارتداد عدة الطلاق فلا فرق بين ارتداد الزوج و الزوجة.

(2) لعدم ما يقتضي العدة.

(3) لاحظ ما رواه حماد «2» فان المدعي يستفاد بوضوح من الحديث.

(4) لاحظ ما رواه عباد بن صهيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المرتد يستتاب فان تاب و الا قتل، و المرأة تستتاب فان تابت و الا حبست في السجن و اضربها «3».

(5) لإطلاق الدليل و عدم التفصيل بين القسمين.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب موانع الارث ملحق الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 793

(3) الوسائل الباب 4 من ابواب حد المرتد الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 795

و كذا اذا كان غافلا أو ساهيا او سبق لسانه أو كان صادرا عن الغضب الذي لا يملك به نفسه و يخرج به عن الاختيار او كان عن جهل بالمعني (1)

[الثاني من موانع الإرث القتل]
اشارة

الثاني من موانع الارث القتل.

[مسألة 10: القاتل لا يرث المقتول إذا كان القتل عمدا ظلما]

(مسألة 10): القاتل لا يرث المقتول اذا كان القتل عمدا ظلما (2) أما اذا كان خطأ محضا فلا يمنع كما اذا رمي طائرا فاصاب الموروث (3).

______________________________

(1) فان البلوغ و العقل من شرائط التكليف و ان شئت قلت لا يترتب علي ما يصدر عن غير البالغ و العاقل أثر كما ان الاكراه يقتضي رفع التكاليف و كما ان الفعل الصادر عن الساهي و الغافل و عن غير الاختيار لا يترتب عليه الآثار المترتبة علي الأفعال فلاحظ.

(2) بلا خلاف أجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه- هكذا في الجواهر- و يدل علي المدعي من النصوص ما رواه هشام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله: لا ميراث للقاتل «1».

(3) لاحظ حديث محمد بن قيس عن أبي جعفر أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: اذا قتل الرجل أمه خطأ ورثها و ان قتلها متعمدا فلا يرثها «2» و حديث ابن سنان قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قتل امه أ يرثها؟ قال: ان كان خطأ ورثها و ان كان عمدا لم يرثها 3 و أما ما يعارض هذه الطائفة فسنده لا اعتبار به لاحظ حديث فضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يقتل الرجل بولده اذا قتله و يقتل الولد بوالده اذا قتل والده، و لا يرث الرجل أباه اذا قتله و ان كان خطأ 4 و لاحظ حديث علا ابن الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و لا يرث الرجل

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب موانع الارث الحديث: 1

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 9 من

أبواب موانع الارث الحديث: 1 و 2

(3) (4) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 796

و كذا اذا كان بحق قصاصا او دفاعا عن نفسه او عرضه او ماله (1) اما اذا كان الخطأ شبيها بالعمد كما اذا ضربه بما لا يقتل قاصدا ضربه غير قاصد قتله فقتل به ففيه قولان اقواهما انه بحكم الخطأ من حيث عدم المنع من الارث (2).

______________________________

الرجل اذا قتله و ان كان خطأ «1».

(1) بلا خلاف أجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه هكذا في الجواهر «2» و يدل علي المدعي ما رواه حفص بن غياث قال: سألت جعفر بن محمد عليهما السلام عن طائفتين من المؤمنين احداهما باغية و الأخري عادلة اقتتلوا فقتل الرجل من اهل العراق أباه او ابنه أو أخاه أو حميمه و هو من اهل البغي و هو وارثه أ يرثه قال: نعم لأنه قتله بحق «3».

بتقريب ان مقتضي عموم العلة المذكورة في الرواية عدم شمول المنع لكل قتل يكون بحق و لكن الاشكال في سند الرواية اذ طريق الصدوق الي المنقري ضعيف و كذا طريق الشيخ اليه و ربما يقال كما في الجواهر ان دليل المنع منصرف عن صورة كون القتل بحق و اللّه العالم.

(2) الظاهر ان منشأ الاختلاف في الفتوي اختلاف النصوص في المضمون فلا بد من ملاحظتها فالحكم بمقتضاها بمقتضي الصناعة فنقول طائفة من النصوص تدل علي أن القاتل لا يرث علي الاطلاق منها ما رواه هشام «4» و منها ما رواه جميل بن دراج عن احدهما عليهما السلام قال: لا يرث الرجل اذا قتل ولده أو والده و لكن

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) ج 39 ص 36

(3) الوسائل الباب 13 من ابواب

موانع الارث

(4) لاحظ ص: 795

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 797

و ان كان بحكم العمد من حيث كون الدية فيه علي الجاني لا علي العاقله (1) و هم الآباء و الابناء و الاخوة من الاب و اولادهم و الاعمام و اولادهم بخلاف الخطاء المحض فان الدية فيه عليهم فان عجزوا

______________________________

يكون الميراث لورثة القاتل «1».

و منها: ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا قتل الرجل أباه قتل به و ان قتله أبوه لم يقتل به و لم يرثه 2 و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يتوارث رجلان قتل أحدهما صاحبه 3.

و منها: ما رواه قاسم بن سليمان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قتل امه أ يرثها قال: سمعت أبي عليه السلام يقول: لا ميراث للقاتل 4 و منها ما رواه الحلبي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقتل ابنه أ يقتل به؟

فقال لا؟ و لا يرث أحدهما الاخر اذا قتله 5.

و طائفة اخري تدل علي التفصيل بين العمد و الخطأ لاحظ حديثي محمد بن قيس و ابن سنان 6 و طائفة ثالثة تدل علي عدم الارث و لو مع الخطأ لاحظ حديثي الفضيل و علا ابن فضيل 7 و الطائفة الأخيرة ضعيفة سندا و الطائفة الثانية أخص من الطائفة الأولي فتخصص الطائفة الأولي بالثانية و النتيجة التفصيل بين العمد و الخطاء.

(1) علي القاعدة فان كون الدية علي العاقلة في الخطاء المحض و أما اذا كان شبيها بالعمد فلا تكون الدية علي العاقلة.

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 7 من ابواب موانع الارث الحديث: 3 و 4

________________________________________

قمّي، سيد تقي

طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 10، ص: 797

(2) (3 و 4) نفس المصدر الحديث: 5 و 6

(3) (5) نفس المصدر الحديث: 7

(4) (6) لاحظ ص: 795

(5) (7) لاحظ ص: 795

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 798

عنها أو عن بعضها يكون النقص علي الجاني فان عجز فعلي الامام و الخيار في تعيين الدية من الاصناف الستة للجاني لا المجني عليه و المراد من الاصناف الستمائة مائة من الابل و مائتان من البقر و ألف شاة و ألف دينار و عشرة آلاف درهم و مائتا حلة هذا للرجل و دية المرأة نصف ذلك (1) و لا فرق في القتل العمدي بين أن يكون بالمباشرة كما لو ضربه بالسيف فمات و أن يكون بالتسبيب كما لو كتفه و القاه الي السبع فافترسه أو أمر صبيا غير مميز أو مجنونا بقتل أحد فقتله (2) و اما اذا أمر به شخصا عاقلا مختارا فامتثل أمره بارادته و اختياره فقتله فلا اشكال في انه ارتكب حراما (3) و يحكم بحبسه الي أن يموت (4) الا انه لا يكون قاتلا لا عمدا و لا خطأ (5) و اذا قتل اثنان شخصا عمدا و كانا و ارثين منعا جميعا (6) و كان لولي المقتول القصاص منهما

______________________________

(1) تحقيق هذه الجهة و ما يتعلق بها موكول الي كتاب الديات.

(2) لصدق الموضوع فيشمله اطلاق الدليل.

(3) فان حرمته من الواضحات الأولية التي لا مجال للتأمل فيها.

(4) لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في رجل أمر رجلا بقتل رجل (فقتله) فقال: يقتل به الذي قتله و يحبس الأمر بقتله في الحبس حتي

يموت «1».

(5) لعدم صدق عنوان القاتل عليه فلاحظ.

(6) قال في الجواهر «2»: «و المشارك في القتل كالمنفرد كما عن جماعة

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من أبواب قصاص النفس الحديث: 1

(2) ج 39 ص 41

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 799

جميعا ورد نصف الدية علي كل واحد منهما (1) و اذا قتل واحد اثنين منع من ارثهما (2) و كان لولي كل منهما القصاص منه (3) فاذا اقتص منه لأحدهما ثبتت للاخر الدية في مال الجاني و ان كان المشهور العدم (4).

[مسألة 11: القتل خطأ لا يمنع من إرث غير الدية]

(مسألة 11): القتل خطأ لا يمنع من ارث غير الدية كما مر (5) و في منعه عن ارث الدية اشكال (6).

______________________________

التصريح به فيمنع مما يمنع منه المنفرد و ان لم يستقل بالتأثير لو انفرد» و لا يبعد أن يستفاد المدعي من أن الشارع حكم بجواز القصاص من كل منهما فيكون كل واحد منهما قاتلا في حكم الشارع.

(1) كما هو المحرر في كتاب القصاص لاحظ ما رواه ابن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجلين قتلا رجلا قال: ان شاء أولياء المقتول أن يؤدوا دية و يقتلوهما جميعا قتلوهما «1».

(2) كما هو ظاهر لصدق الموضوع و يترتب عليه الحكم.

(3) فان موضوع القصاص يتحقق بالنسبة الي كل واحد منهما.

(4) و تحقيق هذه الجهة موكول الي مجال آخر.

(5) فراجع.

(6) يمكن أن يكون وجه الاشكال ذهاب جملة من الأعاظم الي عدم ارثه من الدية بل نقل عن بعض انه المشهور و الذي يختلج بالبال أن يقال لا فرق بين الدية و غيرها نعم قد ورد النص الدال علي عدم الارث من الدية بالنسبة الي خصوص الزوجة و الزوج اذا قتل احدهما الاخر و هو ما رواه محمد بن

قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: المرأة ترث من دية زوجها و يرث من ديتها ما لم يقتل أحدهما

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب قصاص النفس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 800

[مسألة 12: القاتل لا يرث و لا يحجب من هو أبعد منه و إن تقرب به]

(مسألة 12): القاتل لا يرث (1) و لا يحجب من هو أبعد منه و ان تقرب به (2) فاذا قتل الولد أباه و لم يكن له ولد آخر و كان للقاتل عمدا ولد كان ولده وارثا لأبيه فان كان للمقتول أب أو أم كان الارث له و لولد القاتل و اذا انحصر الوارث في الطبقة الاولي بالولد القاتل انتقل ارث المقتول الي اجداده أو اخوته و مع عدمهم فالي اعمامه و اخواله (3) و لو لم يكن له وارث الا الامام كان ميراثه للإمام (4) و اذا

______________________________

صاحبه «1» و ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: للمرأة من دية زوجها و للرجل من دية امرأته ما لم يقتل أحدهما صاحبه «2».

(1) كما تقدم الكلام عليه.

(2) يدل علي المدعي النص الخاص و هو ما رواه جميل عن أحدهما عليهما السلام في رجل قتل اباه قال: لا يرثه و ان كان للقاتل ولد ورث الجد المقتول «3» مضافا الي أنه يمكن أن يقال بأنه مقتضي القاعدة الأولية اذ بعد فرض كون القاتل كالعدم بالنسبة الي ارثه تصل النوبة طبعا الي المرتبه اللاحقة.

(3) فان ما أفاده متفرع علي ما تقدم اذ المستفاد من الدليل ان القاتل لا يرث و لا يكون حاجبا فتصل النوبة الي ارث من لا يكون من رتبته كما هو المستفاد من النص الخاص لاحظ ما رواه جميل «4».

(4) فانه وارث من لا وارث له فهو

يرث المقتول.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب موانع الارث الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 11 من ابواب موانع الارث الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 12 من أبواب موانع الارث الحديث: 1

(4) قد مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 801

اسقطت الام جنينها كانت عليها ديته لأبيه أو غيره من ورثته (1) و هي عشرون دينارا اذا كان نطفة و اربعون اذا كان علقة و ستون اذا كان مضغة و ثمانون اذا كان عظاما و مائة اذا تم خلقه و لم تلجه الروح فان ولجته الروح كان ديته دية الانسان الحي (2).

______________________________

(1) للإطلاق و العموم المقتضيين لعدم الفرق بين الأم و غيرها.

(2) لاحظ ما عن علي عليه السلام قال جعل دية الجنين مائة دينار و جعل مني الرجل الي أن يكون جنينا خمسة أجزاء، فاذا كان جنينا قبل أن تلجه الروح مائة دينار و ذلك أن اللّه عز و جل خلق الانسان من سلالة و هي النطفة فهذا جزء، ثم علقة فهو جزء ان ثم مضغة فهو ثلاثة أجزاء ثم عظما فهو أربعة أجزاء ثم يكسا لحما فحينئذ تم جنينا فكملت لخمسة أجزاء مائة دينار و المائة دينار خمسة أجزاء فجعل للنطفة خمس المائة عشرون دينارا و للعلقة خمسي المائة أربعين دينارا و للمضغة ثلاثة أخماس المائة ستين دينارا و للعظم أربعة اخماس المائة ثمانين دينارا فاذا كسا اللحم كانت له مائة كاملة فاذا نشأ فيه خلق آخر و هو الروح و هو حينئذ نفس بألف دينار كاملة ان كان ذكرا و ان كان انثي فخمسمائة دينار «1» و الرواية ضعيفة سندا.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه ابن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يضرب

المرأة فتطرح النطفة فقال: عليه عشرون دينارا فقلت:

يضربها فتطرح العلقة، فقال: عليه أربعون دينارا فقلت: فيضربها فتطرح المضغة فقال عليه ستون دينارا فقلت فيضربها فتطرحه و قد صار له عظم فقال: عليه الدية كاملة و بهذا قضي امير المؤمنين عليه السلام «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من ابواب ديات الاعضاء الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 802

و اذا كان الاب هو الجاني علي الجنين كانت ديته لأمه (1) و في تحديد المراتب المذكورة خلاف (2) و الاظهر انه اربعون يوما نطفة و اربعون علقة و أربعون مضغة (3).

______________________________

و اطلاق العظم في هذه الرواية يقيد بحديث أبي عبيدة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في امرأة شربت دواء و هي حامل لتطرح ولدها فالقت ولدها قال: ان كان له عظم قد نبت عليه اللحم و شق له السمع و البصر فان عليها دية تسلمها الي أبيه قال: و ان كان جنينا علقة أو مضغة فان عليها أربعين دينارا أو غرة تسلمها الي أبيه قلت فهي لا ترث من ولدها من ديته قال: لا لأنها قتلته «1» بل يستفاد المدعي من ذيل حديث ابن مسلم لاحظ قوله: قلت فما صفة خلقته اذا كان عظما فقال: اذا كان عظما شق له السمع و البصر و رتبت جوارحه فاذا كان كذلك فان فيه الدية كاملة».

و يعرف حكم العظم المجرد عن اللحم و الأعضاء من بقية النصوص.

(1) لإطلاق الدليل.

(2) لعل وجهه اختلاف النصوص.

(3) لاحظ ما رواه أبو جرير قال: سألت العبد الصالح عليه السلام عن النطفة ما فيها من الدية؟ و ما في العلقة؟ و ما في المضغة؟ و ما في المخلقة و ما يقر في الأرحام؟

فقال: انه يخلق في بطن امه خلقا من بعد خلق يكون نطفة أربعين يوما ثم تكون علقة أربعين يوما ثم مضغة أربعين يوما ففي النطفة اربعون دينارا و في العلقة ستون دينارا و في المضغة ثمانون دينارا فاذا اكتسي العظام لحما ففيه مائة دينار: قال اللّه عز و جل «ثُمَّ أَنْشَأْنٰاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبٰارَكَ اللّٰهُ أَحْسَنُ الْخٰالِقِينَ» فان كان ذكرا ففيه

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من ابواب ديات الاعضاء الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 803

[مسألة 13: الدية في حكم مال المقتول تقضي منها ديونه و تخرج منها وصاياه]

(مسألة 13): الدية في حكم مال المقتول تقضي منها ديونه و تخرج منها وصاياه (1) سواء أ كان القتل خطأ أم كان عمدا فاخذت

______________________________

الدية و ان كانت انثي ففيها ديتها «1» فان المدعي يستفاد من هذه الرواية ان لم يكن اشكال في السند بابي جرير و يظهر من كلام سيدنا الاستاد في رجاله ان الرجل ثقة «2».

(1) قال في الجواهر: «الدية عندنا و ان تجددت بعده في حكم مال المقتول يقضي منها دينه و يخرج منها وصاياه سواء قتل عمدا فاخذت الدية أو خطأ بل في محكي المهذب الاجماع عليه بل في محكي المبسوط و الخلاف انه قول عامة الفقهاء الا أبا ثور «3» و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه اسحاق بن عمار عن جعفر عليه السلام ان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم قال: اذا قبلت دية العمد فصارت مالا فهي ميراث كسائر الأموال «4».

و منها: ما عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام:

من أوصي بثلثه ثم قتل خطأ فان ثلث ديته داخل في وصيته «5».

و منها: ما عن أمير المؤمنين أيضا في رجل أوصي لرجل بوصية

مقطوعة غير مسماة من ماله ثلثا أو ربعا أو أقلّ من ذلك او أكثر ثم قتل بعد ذلك الموصي فودي فقضي في وصيته انها تنفذ من ماله و من ديته كما أوصي «6».

و منها: ما عن أبي الحسن عليه السلام في رجل قتل و عليه دين و لم يترك مالا

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من ابواب دية الاعضاء الحديث: 9

(2) معجم الرجال ج 21 ص 81

(3) ج 39 ص 44- 45

(4) الوسائل الباب 14 من ابواب موانع الارث

(5) الوسائل الباب 14 من ابواب أحكام الوصايا الحديث: 2

(6) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 804

الدية صلحا أو لتعذر القصاص بموت الجاني أو فراره أو نحوها (1) و يرثها كل وارث سواء أ كان ميراثه بالنسب أم السبب (2) حتي الزوجين (3) و ان كان لا يرثان من القصاص شيئا (4) نعم لا يرثها من يتقرب بالام سواء الاخوة و الاخوات و اولادهم (5) و غيرهم كالأجداد للأم و الاخوال (6) و اذا جرح شخصا فمات لكن المجروح ابرأه في حياته

______________________________

فأخذ اهله الدية من قاتله عليهم أن يقضوا دينة؟ قال: نعم قلت: و هو لم يترك شيئا قال: انما اخذوا الدية فعليهم أن يقضوا دينه «1».

(1) لإطلاق معقد الاجماع كما يظهر من الجواهر و لإطلاق النص الوارد في المقام.

(2) بلا خلاف أجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه هكذا في الجواهر و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام قضي أمير المؤمنين عليه السلام ان الدية يرثها الورثة الا الاخوة و الأخوات من الام فانهم لا يرثون من الدية شيئا «2».

(3) لاحظ حديث ابن

سنان فانه بعمومه يشمل الزوجين بل تدل علي المدعي جملة من النصوص الخاصة «3».

(4) اجماعا كما في الجواهر «4».

(5) لاحظ حديث ابن سنان.

(6) قال في الجواهر «5» في هذا المقام: «لم يذكر الا الأخوة و الأخوات

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من ابواب الدين و القرض الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 10 من ابواب موانع الارث الحديث: 2

(3) لاحظ الأحاديث في الباب 11 من ابواب موانع الارث

(4) ج 39 ص 47 و ج 42 ص 283

(5) ج 39 ص 47

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 805

لم تسقط الدية عمدا كان أو خطأ (1).

[مسألة 14: إذا لم يكن للمقتول عمدا وارث سوي الإمام رجع الأمر إليه]

(مسألة 14): اذا لم يكن للمقتول عمدا وارث سوي الامام رجع الامر اليه (2) و له المطالبة بالقصاص و له اخذ الدية مع التراضي (3) و اذا كان الوارث غير الامام كان له العفو بلا مال (4).

______________________________

و عنوان المصنف و غيره من يتقرب منهم بالام و يمكن أن يكون ذلك للقطع بالمساواة أو الاولوية ضرورة اقربيتهم من غيرهم» و الظاهر ان ما أفاده متين و ان كان للتأمل فيه مجال.

(1) يمكن أن يكون ناظرا في ما أفاده الي حديث ابن عمار عن جعفر أن عليا عليه السلام كان يقول: لا يقضي في شي ء من الجراحات حتي تبرأ «1».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان الحكم بالدية متوقف علي البرء فيكون ابراء المجروح قبل البرء اسقاطا لما لم يجب و لا دليل علي صحته و فيه: ان السند مخدوش بغياث بن كلوب و حكم كل جراحة معلوم من الأدلة و مقتضي تلك الأدلة ثبوت الدية علي الجارح في زمان تحقق الجناية فلا يكون اسقاطا لما لم يجب و لعل الماتن ناظر الي وجه آخر و اللّه العالم.

(2) فانه

عليه السلام وارث من لا وارث له.

(3) فانه ولي الدم و يدل علي المدعي حديث أبي ولاد قال: قال ابو عبد اللّه عليه السلام في الرجل يقتل و ليس له ولي الا الامام انه ليس للإمام أن يعفو له أن يقتل أو يأخذ الدية فيجعلها في بيت مال المسلمين الحديث «2».

(4) لأن الأمر راجع اليه و له الخيار في اختيار القصاص او الدية أو العفو و يدل

______________________________

(1) الوسائل الباب 42 من أبواب موجبات الضمان الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 60 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 806

و لو عفا بشرط المال لم يسقط القصاص و لم تثبت الدية الا مع رضا الجاني (1) و لو عفا بعض الوراث عن القصاص قيل لم يجز لغيره الاستيفاء و قيل: يجوز له مع ضمان حصة من لم يأذن و الاظهر الثاني (2) و اذا كان المقتول مهدور الدم شرعا كالزاني المحصن و اللائط فقتله قاتل بغير اذن الامام قيل لم يثبت القصاص و لا الدية و لا الكفارة و فيه

______________________________

علي المقصود حديث أبي ولاد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مسلم قتل رجل مسلما (عمدا) فلم يكن للمقتول اولياء من المسلمين الا اولياء من اهل الذمة من قرابته فقال: علي الامام أن يعرض علي قرابته من اهل بيته «دينه» الإسلام فمن أسلم منهم فهو وليه يدفع القاتل اليه فان شاء قتل و ان شاء عفا و ان شاء اخذ الدية فان لم يسلم احد كان الامام ولي امره فان شاء قتل و ان شاء أخذ الدية فجعلها في بيت مال المسلمين لأن جناية المقتول كانت علي الامام فكذلك تكون ديته لإمام

المسلمين قلت: فان عفا عنه الامام قال: فقال: انما هو حق جميع المسلمين و انما علي الامام أن يقتل أو يأخذ الدية و ليس له أن يعفو «1».

(1) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول:

من قتل مؤمنا متعمدا قيد منه الا أن يرضي أولياء المقتول أن يقبلوا الدية فان رضوا بالدية و احب ذلك القاتل فالدية «2» فان المستفاد من الرواية ان الدية لا تجب علي القاتل الا مع رضاه.

(2) لاحظ ما رواه أبو ولاد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قتل و له أم و أب و ابن فقال الابن انا اريد ان اقتل قاتل أبي و قال الأب انا اريد أن اعفو و قالت الام انا اريد أن آخذ الدية قال: فقال: فليعط الابن أم المقتول السدس من الدية

______________________________

(1) الوسائل الباب 60 من ابواب القصاص في النفس الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 19 من ابواب القصاص في النفس الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 807

اشكال (1) نعم يصح ذلك فيما يجوز فيه القتل كموارد الدفاع عن النفس أو العرض أو قتل ساب النبي و الائمة عليهم السلام و نحو ذلك (2).

[مسألة 15: إذا كان علي المقتول عمدا ديون و ليس له تركة توفي منها جاز للولي القصاص و ليس للديان المنع عنه]

(مسألة 15): اذا كان علي المقتول عمدا ديون و ليس له تركة توفي منها جاز للولي القصاص و ليس للديان المنع عنه (3) و اذا كانت الجناية علي الميت بعد الموت لم تعط الدية الي الورثة بل صرفت

______________________________

و يعطي ورثة القاتل السدس من الدية حق الأب الذي عفا و ليقتله «1».

(1) لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أيما رجل قتله الحد أو القصاص فلا دية له «2»

و لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام في حديث قال: و من قتله القصاص فلا دية له «3» و يمكن أن يكون وجه الاشكال انه ليس في هذه النصوص تعرض لنفي الكفارة و لا يبعد أن يكون وجه الاشكال ان المستفاد من النصوص ان الحد الشرعي حكمه كذلك و المفروض في المقام ان القاتل قتل مهدور الدم بدون اذن الامام فلم يقع عن اهله و اللّه العالم.

(2) اذ المفروض ان القتل مأذون فيه من قبل الشارع فلا يترتب عليه لا القصاص و لا الدية و لا الكفارة.

(3) اذ لا وجه لمنعهم عن حقه و أما حديث أبي بصير يعني المرادي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قتل و عليه دين و ليس له مال فهل لأوليائه يهبوا دمه لقاتله و عليه دين؟ فقال: ان اصحاب الدين هم الخصماء للقاتل فان وهب اوليائه دمه للقاتل ضمن الدية للغرماء و الا فلا «4» فضعيف سندا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 52 من ابواب القصاص في النفس الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 24 من أبواب القصاص في النفس الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) الوسائل الباب 59 من ابواب القصاص في النفس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 808

في وجوه البر عنه (1) و اذا كان عليه دين ففي وجوب قضائه منها اشكال و الاظهر الوجوب (2).

______________________________

(1) نقل انه مشهور و أيضا نقل انه اجماعي و استدل سيدنا الاستاد «1» علي المدعي بما رواه حسين بن خالد (عن أبي الحسن عليه السلام) قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل قطع رأس ميت فقال: ان اللّه حرم منه ميتا كما حرم منه حيا فمن

فعل بميت فعلا يكون في مثله اجتياح نفس الحي فعليه الدية فسألت عن ذلك أبا الحسن عليه السلام فقال: صدق ابو عبد اللّه عليه السلام هكذا قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله قلت فمن قطع رأس ميت أو شق بطنه أو فعل به ما يكون فيه اجتياح نفس الحي فعليه دية النفس كاملة فقال: لا لكن ديته دية الجنين في بطن امه قبل أن تلج فيه الروح و ذلك مأئة دينار و هي لو رثته و دية هذا هي له لا للورثة قلت: فما الفرق بينهما قال: ان الجنين أمر مستقبل مرجو نفعه و هذا قد مضي و ذهبت منفعته فلما مثل به بعد موته صارت ديته بتلك المثلة له لا لغيره يحج بها عنه و يفعل بها ابواب الخير و البر من صدقة أو غيره الحديث «2» و قال:

«ان الحديث ضعيف بجميع طرقه الا ما رواه البرقي في المحاسن فان الحديث بذلك الطريق صحيح» و لكن حيث ان البرقي ينقل عن أبيه محمد بن خالد و هو مخدوش عندنا لا يمكننا الاستناد الي الرواية فان تم اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم عليه السلام فهو و الا يشكل الجزم بالحكم المذكور فلا بد من العمل بما يقتضيه الاحتياط.

(2) يمكن أن يكون وجه الاشكال ان الدليل قد دل علي صرف ديته في الصورة المفروضة في الخيرات فلا يقضي منها دينه و لكن لقائل أن يقول: ان الحديث

______________________________

(1) مباني تكملة المنهاج ج 2 ص 421

(2) الوسائل الباب 24 من ابواب ديات الاعضاء الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 809

[الثالث من موانع الإرث الرق]
اشارة

الثالث من موانع الارث الرق فانه مانع في الوارث و الموروث من غير فرق بين

المتشبث بالحرية كأم الولد و المكاتب المشروط و المطلق الذي لم يؤد شيئا من مال الكتابة فاذا مات المملوك كان ما له لسيده و اذا مات الحر و كان له وارث حر و آخر مملوك كان ميراثه للحر دون المملوك و ان كان اقرب من الحر و لو كان الوارث مملوكا و له ولد حر كان الميراث لولده دونه و اذا لم يكن له وارث اصلا كان ميراثه للإمام.

[مسألة 16: إذا أعتق المملوك قبل القسمة شارك مع المساواة و انفرد بالميراث إذا كان أولي]

(مسألة 16): اذا اعتق المملوك قبل القسمة شارك مع المساواة و انفرد بالميراث اذا كان اولي و لو اعتق بعد القسمة او مقارنا لها أو كان الوارث واحدا لم يرث نعم اذا كان الوارث الزوجة و الامام فاعتق قبل القسمة بينهما ورث كما تقدم في الكافر و اذا انحصر الوارث بالمملوك اشتري من التركة اتحد او تعدد و ان كان ضامن جريرة و الاحوط عتقه بعد الشراء فان زاد من المال شي ء دفع اليه

______________________________

المشار اليه يدل علي عدم حق للوارث فيها و لا يدل علي عدم قضاء ديونه منها فما يدل علي أن ديونه تقضي من ديته يشمل المقام بلا معارض.

لاحظ ما رواه الازرق عن أبي الحسن عليه السلام في رجل قتل و عليه دين و لم يترك ما لا فاخذ اهله الدية من قاتله عليهم أن يقضوا دينه؟ قال نعم قلت: و هو لم يترك شيئا قال: انما اخذوا الدية فعليهم أن يقضوا دينه «1» فان الحديث المذكور يدل علي وجوب اداء دينه من ديته.

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من ابواب الدين و القرض الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 810

و اذا امتنع مالكه عن بيعه قهر علي بيعه و اذا قصرت التركة عن قيمته لم

يفك و كان الارث للإمام.

[مسألة 17: لو كان الوارث المملوك متعددا و وفت حصة بعضهم بقيمته دون الآخر فلا يبعد لزوم فك الأول]

(مسألة 17): لو كان الوارث المملوك متعددا و وفت حصة بعضهم بقيمته دون الاخر فلا يبعد لزوم فك الاول و اذا كانت حصة كل منهم لا تفي بقيمته كان الوارث الامام.

[مسألة 18: لو كان المملوك قد تحرر بعضه ورث من نصيبه بقدر حريته]

(مسألة 18): لو كان المملوك قد تحرر بعضه ورث من نصيبه بقدر حريته و اذا مات و كان له مال ورث منه الوارث بقدر حريته و الباقي لمالكه و لا فرق بين ما جمعه بجزئه الحر و غيره (1)

[الفصل الثالث في مراتب الإرث]

اشارة

الفصل الثالث في مراتب الارث

[المرتبة الأولي الآباء و الأبناء]
اشارة

المرتبة الاولي الآباء و الابناء (2).

______________________________

(1) لا يخفي علي البصير الخبير ان المسائل المتعلقة بالرق لا تكون موردا للابتلاء في هذه الأزمنة فالاولي الاشتغال بالفروع المبتلي بها و اللّه الهادي الي سواء السبيل.

(2) فانه لا يتقدمهم أحد من الأرحام اجماعا كما في الجواهر و يدل علي المدعي من الكتاب قوله تعالي «1» فان المستفاد من الاية الشريفة انه مع وجود الأبوين و الأولاد لا يرث الميت أحد من الأرحام كما انه تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في امرأة ماتت و تركت زوجها و ابويها و ابنتها قال: للزوج الربع ثلاثة أسهم من اثني عشر سهما و للأبوين لكل واحد منهما السدس سهمين من اثني عشر سهما و بقي خمسة أسهم فهي للابنة لأنه لو كان ذكرا لم يكن له أكثر من خمسة أسهم من اثني عشر سهما لأن الأبوين لا ينقصان كل واحد منها من السدس شيئا و ان الزوج لا ينقص من الربع شيئا «2»

______________________________

(1) النساء/ 11

(2) الوسائل الباب 18 من ابواب ميراث الابوين و الاولاد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 811

و فيه مسائل

[مسألة 1: للأب المنفرد تمام المال و للأم المنفردة الثلث منه بالفرض و الزائد عليه بالرد]

(مسألة 1): للأب المنفرد تمام المال (1) و للأم المنفردة الثلث منه بالفرض (2) و الزائد عليه بالرد (3) و لو اجتمع الابوان و ليس للميت ولد و لا زوج او زوجة كان للأم الثلث مع عدم الحاجب (4) و السدس معه علي ما يأتي (5) و الباقي للأب (6) و لو كان معهما زوج كان له النصف

______________________________

و منها: ما رواه بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لو ان امرأة تركت زوجها و ابويها و

أولادا ذكورا و أناثا كان للزوج الربع في كتاب اللّه و للأبوين السدسان و ما بقي لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ «1» الي غيرهما من الروايات في الباب 18 و الباب 17 من ابواب ميراث الأبوين و الأولاد من الوسائل.

(1) للقرابة فان مقتضي قوله تعالي وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْليٰ بِبَعْضٍ* «2» ان الأقرب يمنع الأبعد.

(2) اذ فرضها الثلث مع عدم الولد بمقتضي قوله تعالي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَوٰاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ «3».

(3) للقرابة بمقتضي آية أولوا الأرحام.

(4) بمقتضي الاية الشريفة.

(5) فانتظر.

(6) للقرابة.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 4

(2) الانفال/ 75 و الاحزاب/ 6

(3) النساء/ 11

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 812

و لو كان معهما زوجة كان لها الربع (1) و للأم الثلث او السدس (2) و الباقي للأب (3).

[مسألة 2: للابن المنفرد تمام المال و للبنت المنفردة النصف و الباقي يرد عليها]

(مسألة 2): للابن المنفرد تمام المال (4) و للبنت المنفردة النصف و الباقي يرد عليها (5) و للإبنين المنفردين فما زاد تمام المال (6) يقسم بينهم بالسوية (7) و للبتين المنفردتين فما زاد الثلثان (8) و يقسم بينهن

______________________________

(1) لقوله تعالي وَ لَكُمْ نِصْفُ مٰا تَرَكَ أَزْوٰاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ الي قوله تعالي وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ «1».

(2) كما تقدم.

(3) بالقرابة فلاحظ.

(4) قرابة فان الأقرب يمنع الأبعد بمقتضي الأولوية المستفادة من الكتاب.

(5) اجماعا كما في الجواهر و كتابا «وَ إِنْ كٰانَتْ وٰاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ» «2» و سنة لاحظ ما رواه سلمة بن محرز قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام ان رجلا مات و أوصي إلي بتركته و ترك ابنته قال: فقال لي: أعطها النصف قال: فاخبرت زرارة بذلك فقال لي اتقاك انما المال لها قال: فدخلت عليه بعد

فقلت: اصلحك اللّه ان أصحابنا زعموا انك اتقيتني فقال: لا و اللّه ما اتقيتك و لكني اتقيت عليك أن تضمن فهل علم بذلك أحد؟ قلت: لا قال: فأعطها ما بقي «3».

(6) بالقرابة.

(7) لعدم الترجيح.

(8) لقوله تعالي فَإِنْ كُنَّ نِسٰاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثٰا مٰا تَرَكَ «4».

______________________________

(1) النساء/ 12

(2) النساء/ 11

(3) الوسائل الباب 4 من ابواب ميراث الابوين و الاولاد الحديث: 3

(4) النساء/ 11

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 813

بالسوية (1) و الباقي يرد عليهن (2) كذلك (3).

[مسألة 3: لو اجتمع الأبناء و البنات منفردين كان لهم تمام المال]

(مسألة 3): لو اجتمع الابناء و البنات منفردين كان لهم تمام المال (4) يقسم بينهم لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (5).

[مسألة 4: إذا اجتمع الأبوان مع ابن واحد كان لكل من الأبوين السدس و الباقي للابن]

(مسألة 4): اذا اجتمع الابوان مع ابن واحد كان لكل من الابوين السدس (6) و الباقي للابن (7) و اذا اجتمعا مع الابناء الذكور فقط كان لكل واحد منهما السدس (8) و الباقي يقسم بين الابناء بالسوية (9) و اذا كان مع الابن الواحد او الابناء البنات قسم الباقي بينهم جميعا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (10) و اذا اجتمع أحد الابوين مع ابن واحد كان له السدس (11 و الباقي للابن (12 و اذا اجتمع مع الابناء الذكور كان له

______________________________

(1) لعدم ما يقتضي الترجيح.

(2) للقرابة.

(3) الكلام فيه هو الكلام.

(4) للقرابة.

(5) لقوله تعالي لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.

(6) لقوله تعالي «وَ لِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّٰا تَرَكَ إِنْ كٰانَ لَهُ وَلَدٌ».

(7) بالقرابة.

(8) للآية الشريفة.

(9) بالقرابة و حيث لا ترجيح يقسم بينهم بالسوية.

(10) لقوله تعالي لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.

(11) بالفرض المستفاد من قوله تعالي فانه يستفاد من قوله تعالي ان نصيب أحد الأبوين مع الولد السدس.

(12) بالقرابة.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 814

السدس (1) و الباقي يقسم بين الابناء بالسوية (2) و لو كان مع الابن الواحد او الابناء البنات كان لأحد الابوين السدس (3) و الباقي يقسم بين الابناء و البنات لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (4).

[مسألة 5: إذا اجتمع أحد الأبوين مع بنت واحدة لا غير كان لأحد الأبوين الربع بالتسمية و الرد و الثلاثة أرباع للبنت كذلك]

(مسألة 5): اذا اجتمع أحد الابوين مع بنت واحدة لا غير كان لأحد الابوين الربع بالتسمية و الرد و الثلاثة أرباع للينت كذلك (5) و اذا اجتمع أحد الابوين مع البنتين فما زاد لا غير كان له الخمس بالتسمية و الرد و الباقي للبنتين أو البنات بالتسمية و الرد يقسم بينهن بالسوية (6).

______________________________

(1) لما تقدم.

(2) بالقرابة و حيث لا ترجيح يقسم بينهم بالسوية.

(3) لما تقدم.

(4) لقوله تعالي «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ»

*.

(5) و الدليل عليه قوله تعالي الدال علي أن لأحد الأبوين السدس مع الولد و أما النصف فللبنت الواحدة و أما الرد بالنحو المذكور فلجملة من النصوص منها:

ما رواه حمران بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام في رجل ترك ابنته و أمه أن الفريضة من اربعة أسهم فان للبنت ثلاثة اسهم و للأم السدس سهم و بقي سهمان فهما أحق بهما من العم و ابن الأخ و العصبة لأن البنت و الأم سمي لهما و لم يسم لهم فيرد عليهما بقدر سهامهما «1» الي غيره من الروايات المذكورة في الباب المشار اليه.

(6) أما الفرض فلقوله تعالي الدال علي كون نصيب البنتين فصاعدا الثلثين و الدال علي نصيب كل واحد من الأبوين السدس مع وجود الولد و أما الرد بالنحو المذكور فللقرابة و يؤيد المدعي حديث حمران حديث و موسي بن بكر «2».

لكن المستفاد من حديث ابي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل مات

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من أبواب ميراث الابوين و الاولاد الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 815

و اذا اجتمع الابوان معا مع البنت الواحدة لا غير كان لكل واحد منهما الخمس بالتسمية و الرد و الباقي للبنت كذلك (1) و اذا اجتمعا معا مع البنتين فما زاد كان لكل واحد منهما السدس و الباقي للبنتين (2).

______________________________

و ترك ابنتيه و أباه قال: للأب السدس و للابنتين الباقي قال: و لو ترك بنات و بنتين لم ينقص الأب من السدس شيئا قلت له: فانه ترك بنات و بنين و أما قال: للأم السدس و الباقي يقسم لهم للذكر مثل حظ الأنثيين «1» انه لو اجتمع الأب مع

بنتين يكون السدس للأب و الباقي لهما و قال صاحب الجواهر «2»: «ان الحديث شاذ مردود» فان رد الحديث بالشذوذ و الا يجب التخصيص بهذا الخبر فلاحظ.

(1) لدلالة الكتاب علي كون نصيب البنت الواحدة النصف و نصيب كل واحد من الأبوين السدس و اما الرد بالنحو المذكور فلما اشير اليه من النصوص منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: اقرأني أبو جعفر عليه السلام صحيفة كتاب الفرائض التي هي املاء رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و خط علي عليه السلام بيده فوجدت فيها: رجل ترك ابنته و امه للابنة النصف ثلاثة أسهم و للأم السدس سهم يقسم المال علي اربعة أسهم فما أصاب ثلاثة أسهم فللابنة و ما أصاب سهما فللأم الي ان قال قال محمد و وجدت فيها: رجل ترك أبويه و ابنته فللابنة النصف و لأبويه لكل واحد منهما السدس يقسم المال علي خمسة أسهم فما اصاب ثلاثة فللابنة و ما أصاب سهمين فللأبوين «3».

و منها: ما رواه زرارة قال: وجدت في صحيفة الفرائض: رجل مات و ترك ابنته و أبويه فللابنة ثلاثة أسهم و للأبوين لكل واحد سهم يقسم المال علي خمسة أجزاء فما أصاب ثلاثة أجزاء فللابنة و ما أصاب جزءين و للأبوين «4».

(2) فان نصيب كل واحد منهما السدس و نصيب البنات و ما زاد الثلثان و لا يبقي

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 7

(2) ج 39 ص: 115

(3) الوسائل الباب 17 من ابواب ميراث الابوين و الاولاد الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 17 من ابواب ميراث الابوين و الاولاد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 816

[مسألة 6: لو اجتمع زوج أو زوجة مع أحد الأبوين و معهم البنت أو البنات]

(مسألة 6): لو اجتمع زوج او زوجة مع أحد الابوين و معهم البنت او

البنات كان للزوج الربع (1) و للزوجة الثمن (2) و للبنت النصف (3) و للبنات الثلثان (4) و لأحد الابوين السدس (5) فان بقي شي ء يرد عليه و علي البنت او البنات (6) و اذا اجتمع زوج مع الابوين و البنت كان للزوج الربع (7) و للأبوين السدسان (8) و للبنت سدسان و نصف سدس ينتقص من سهمها و هو النصف نصف السدس و لو كان البنتان مكان البنت كان لهما سدسان و نصف فينتقص من سهمهما و هو الثلثان سدس و نصف سدس (9

______________________________

شي ء كي يرد فلاحظ.

(1) لقوله تعالي «فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهٰا أَوْ دَيْنٍ» «1».

(2) لقوله تعالي «فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ».

(3) لقوله تعالي «وَ إِنْ كٰانَتْ وٰاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ».

(4) لقوله تعالي «فَلَهُنَّ ثُلُثٰا مٰا تَرَكَ».

(5) لقوله تعالي «لِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمّٰا تَرَكَ».

(6) بالقرابة.

(7) كما تقدم.

(8) كما تقدم.

(9) لبطلان العول عندنا كما تقدم تحقيقه و من ناحية اخري قد دل الدليل علي عدم ورود النقصان علي الوالدين و الزوجين لاحظ ما رواه ابو بصير عن أبي عبد اللّه

______________________________

(1) النساء/ 12

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 817

و اذا اجتمعت زوجة مع الابوين و بنتين كان للزوجة الثمن (1) و للأبوين السدسان (2) و للبنتين الباقي و هو أقلّ من الثلثين الذين هما سهم البنتين (3) و اذا كان مكان البنتين في الفرض بنت فلا نقص بل يزيد ربع السدس (4) فيرد علي الابوين و البنت خمسان منه للأبوين و ثلاثة أخماس منه للبنت (5).

[مسألة 7: إذا خلف الميت مع الأبوين أخا و أختين أو أربع]

(مسألة 7): اذا خلف الميت مع الابوين أخا و اختين او اربع

______________________________

عليه السلام قال: اربعة لا يدخل عليهم ضرر في الميراث: الوالدان و الزوج و المرأة

«1».

(1) كما تقدم.

(2) كما تقدم.

(3) كما تقدم مر آنفا.

(4) اذ نصيب البنت الواحدة النصف فاذا فرضنا المخرج اربعا و عشرين يكون نصيب البنت الواحدة اثني عشر سهما و نصيب الوالدين ثمانية لكل واحد منهما اربعة أسهم و نصيب الزوجة ثلاثة أسهم و الباقي سهم واحد يكون ربع السدس كما في المتن.

(5) كما تدل عليه النص «2» فان المستفاد من النص كما تقدم ان الزائد بحساب عدد الأسهم و المفروض ان سهم البنت ثلاثة لو فرض عدد المخرج منه و لكل واحد من الأبوين سهم فيكون المجموع خمسة ثلاثة منها للبنت و خمسان للأبوين كما استفيد من النصوص فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب موجبات الارث الحديث: 3

(2) لاحظ ص: 815

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 818

اخوات او اخوين حجبوا الام عما زاد علي السدس (1) بشرط أن يكونوا مسلمين (2).

______________________________

(1) لا اشكال و لا كلام في اصل الحكم و هو حجب الأخوة الأم عما زاد عن السدس فان صاحب الجواهر قدس سره يدعي الاجماع بقسميه عليه «1» و يدل علي المدعي قوله تعالي فَإِنْ كٰانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ «2» و تدل علي المدعي أيضا جملة من النصوص منها ما رواه أبو العباس عن ابي عبد اللّه عليه السلام قال اذا ترك الميت أخوين فهم اخوة مع الميت حجبا الام عن الثلث و ان كان واحدا لم يحجب الأم و قال: اذا كن أربع اخوات حجبن الأم عن الثلث لأنهن بمنزلة الأخوين و ان كن ثلاثا لم يحجبن «3» ففي صورة كون الحاجب أخا و اختين يمكن أن يستدل بما رواه أبو العباس فان المستفاد من هذه الرواية ان اختين بمنزلة أخ واحد و من ناحية

اخري تدل علي أن الأخوين يحجبان فتكون النتيجة ان الأخ الواحد و اختين يكون وجودهم حاجبا مضافا الي حديث العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان الطفل و الوليد لا يحجبك و لا يرث الا من اذن بالصراخ و لا شي ء أكنه البطن و ان تحرك الا ما اختلف عليه الليل و النهار و لا يحجب الام عن الثلث الاخوة و الأخوات من الأم ما بلغوا و لا يحجبها الا أخوان او أخ و اختان او اربع أخوات لأب أو لأب و أم او اكثر من ذلك و المملوك لا يحجب و لا يرث «4» فان الحديث يدل علي المدعي.

(2) للإجماع بقسميه كما في الجواهر و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المملوك و المشرك

______________________________

(1) الجواهر ج 39 ص 83

(2) النساء/ 11

(3) الوسائل الباب 11 من ابواب ميراث الابوين و الاولاد الحديث: 1

(4) الوسائل الباب 13 من أبواب ميراث الابوين و الاولاد

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 819

غير مماليك (1) و يكونوا منفصلين بالولادة لا حملا (2) و يكونوا من الابوين او من الاب (3) و يكون الاب موجودا (4) فان فقد بعض

______________________________

يحجبان اذا لم يرثا؟ قال: لا «1».

و منها: ما رواه الحسن بن صالح عن أبي عبد اللّه عليهما السلام قال: المسلم يحجب الكافر و يرثه و الكافر لا يحجب المسلم و لا يرثه «2».

(1) اجماعا بقسميه كما في الجواهر و يدل علي المدعي ما رواه ابن مسلم.

(2) «هذا الشرط مشهور بين القوم شهرة عظيمة بل لم يعرف القائل بالعدم بل قيل انه لا خلاف فيه بل لم يعرف

التردد فيه قبل المصنف» هكذا في الجواهر و القاعدة الأولية تقتضيه فان المستفاد من الدليل كتابا و سنة بحسب المتفاهم العرفي و لو بحسب الانصراف كذلك بل يمكن أن يقال انه يشك في صدق الأخوة قبل الانفصال مضافا الي النص لاحظ ما رواه العلاء «3».

(3) اجماعا بقسميه كما في الجواهر و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه ابن اذينة قال: قلت: لزرارة حدثني رجل عن احدهما عليهما السلام في أبوين و اخوة لأم أنهم يحجبون و لا يرثون فقال: هذا و اللّه هو الباطل و لا اروي لك شيئا و الذي أقول لك و اللّه هو الحق؟ ان الرجل اذا ترك أبوين فلامه الثلث و لأبيه الثلثان في كتاب اللّه عز و جل فان كان له اخوة يعني الميت يعني اخوة لأب و أم أو اخوة لأب فلامه السدس و للأب خمسة أسداس و انما و فر للأب من أجل عياله الخ «4» و منها: ما رواه العلاء «5».

(4) كما هو المشهور نقلا و تحصيلا هكذا في الجواهر و يدل علي المدعي

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من ابواب ميراث الابوين و الاولاد الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 15 من ابواب ميراث الابوين و الاولاد الحديث: 1

(3) لاحظ ص: 818

(4) الوسائل الباب 10 من ابواب ميراث الابوين و الاولاد الحديث: 4

(5) لاحظ ص: 818

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 820

هذه الشرائط فلا حجب (1) و اذا اجتمعت هذه الشرائط فان لم يكن مع الابوين ولد ذكر او أنثي كان للأم السدس خاصة و الباقي للأب (2) و ان كان معهما بنت فلكل من الابوين السدس و للبنت النصف (3) و الباقي يرد علي الاب و البنت

أرباعا (4) و لا يرد شي ء منه علي الام (5).

______________________________

قوله تعالي وَ وَرِثَهُ أَبَوٰاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كٰانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ «1» فانه لا اشكال من أن المستفاد من الاية ان موضوع الحكم فرض كون الأب وارثا و يدل علي المدعي أيضا ما رواه زرارة عن ابي عبد اللّه و أبي جعفر عليهما السلام أنهما قالا: ان مات رجل و ترك امه و اخوة و اخوات لأب و أم و اخوة و أخوات لأم و ليس الأب حيا فانهم لا يرثون و لا يحجبونها لأنه لم يورث كلالة «2».

(1) اذ المشروط ينتفي بانتفاء شرطه.

(2) اذ المفروض ان الام مع وجود الأخوة لا ترث ازيد من السدس فالباقي للأب بالفرض و الرد و لارد علي الأم لاحظ ما رواه ابن أذينة «3» فان المستفاد من صريح الحديث عدم الرد علي الأم مع وجود الأخوة فلاحظ.

(3) فان نصيب كل واحد منهما السدس بمقتضي الكتاب كما ان مقتضاه كون النصف نصيب البنت الواحدة.

(4) كما يستفاد من النصوص لاحظ ما رواه زرارة «4» و قد تقدم الكلام عليه.

(5) كما تقدم آنفا فان المستفاد من حديث ابن أذينة عدم الرد علي الأم مع وجود

______________________________

(1) النساء/ 11

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب ميراث الابوين و الاولاد الحديث: 3

(3) لاحظ ص: 819

(4) لاحظ ص: 815

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 821

[مسألة 8: أولاد الاولاد يقومون مقام الأولاد عند عدمهم]

(مسألة 8): أولاد الاولاد يقومون مقام الاولاد عند عدمهم و يأخذ كل فريق منهم نصيب من يتقرب به (1).

______________________________

الأخوة مع اجتماع الشرائط المعتبرة.

(1) هذا هو المعروف بين الأصحاب علي ما في الجواهر و ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجوه:

الوجه الأول: الاجماع، فان صاحب الجواهر قدس سره اولا ينقل الاجماع

علي المدعي عن الغنية و القواعد ثم يقول بل يمكن تحصيل الاجماع «1» و الانصاف ان ما ادعاه من امكان تحصيل الاجماع قريب فان المخالف في المسألة علي ما يظهر من الجواهر ابن بابويه في الفقيه و المقنع و نتعرض إن شاء اللّه لما يمكن الاستدلال به علي ما رامه.

الوجه الثاني: قوله تعالي: يُوصِيكُمُ اللّٰهُ فِي أَوْلٰادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ الاية «2» فان الاية الشريفة باطلاقها بل بعمومها تشمل الولد مع الواسطة بناء علي صدق الولد علي ولد الولد و في الجواهر ينقل عن ابن ادريس الاجماع عليه ثم يقول: و علي القول بالمجازية فانه مراد هنا قطعا لإجماع الأصحاب علي الاستدلال بهذه الاية علي اقتسام اولاد الابن نصيبهم للذكر ضعف الانثي و قال قدس سره بل المراد بالولد في قوله تعالي و لأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك ان كان له ولد فان لم يكن له ولد و ورثه أبواه فلامه الثلث ما يعم ولد الولد و قد حكي المرتضي و غيره الاجماع علي ذلك و اذا كان ولد الولد حاجبا للأبوين الي السدسين لم يكن لهما جميع المال».

الوجه الثالث: النصوص الواردة في المقام لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن

______________________________

(1) الجواهر ج 39 ص: 117

(2) النساء/ 11

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 822

______________________________

الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: بنات الابنة يرثن اذا لم يكن بناتكن مكان البنات «1».

و لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ابن الابن يقوم مقام ابيه «2» و لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ابن الابن اذا لم يكن من صلب الرجل أحد

قام مقام الابن، قال: و ابنة الابنة اذا لم يكن من صلب الرجل أحد قامت مقام البنت «3».

و لاحظ ما رواه زرارة قال: هذا مما ليس فيه اختلاف عند اصحابنا، عن أبي عبد اللّه و عن أبي جعفر عليهما السلام انهما سئلا عن امرأة تركت زوجها و امها و ابنتيها قال: للزوج الربع و للأم السدس، و للابنتين ما بقي لأنهما لو كانا ابنين لم يكن لهما شي ء الا ما بقي الي أن قال و لا يرد علي الزوج شي ء و لا يرث أحد من خلق اللّه مع الولد الا الأبوان و الزوج و الزوجة ان لم يكن ولد و كان ولد الولد ذكورا أو اناثا فانهم بمنزلة الولد و ولد البنين بمنزلة البنين يرثون ميراث البنين و ولد البنات بمنزلة البنات يرثون ميراث البنات، و يحجبون الأبوين و الزوجين عن سهامهم الاكثر و ان سفلوا ببطنين و ثلاثة و اكثر يرثون ما يرث ولد الصلب و يحجبون ما يحجب ولد الصلب «4».

و لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في رجل ترك أبا و ابن ابن قال للأب السدس، و ما بقي فلابن الابن، لأنه ابن يقوم مقام أبيه اذا لم يكن أبوه و كذا ولد الولد ما تسافلوا، اذا لم يكن أقرب منهم من الولد فهم بمنزلة الولد،

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب ميراث الابوين و الاولاد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الباب 18 من ابواب ميراث الابوين و الاولاد الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 823

______________________________

و من قرب منهم حجب من بعد، و كذلك بنو البنت ولد «1» فان هذه النصوص

تدل بوضوح علي المدعي.

و عن الصدوق قدس سره أنه شرط في توريثهم عدم الأبوين و يمكن الاستدلال علي ما ادعاه بوجهين احدهما: ان الأقرب يمنع الا بعد و فيه انه اجتهاد في مقابل النص.

و ثانيهما: حديث سعد بن أبي الخلف عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال بنات الابنة يقمن مقام البنات اذا لم يكن للميت بنات و لا وارث غيرهن، و بنات الابن يقمن مقام الابن اذا لم يكن للميت أولاد و لا وارث غيرهن «2».

و حديث عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: بنات الابنة يقمن مقام الابنة اذا لم يكن للميت بنات و لا وارث غيرهن، و بنات الابن يقمن مقام الابن اذا لم يكن للميت ولد و لا وارث غيرهن «3».

فيقع التعارض بين الحديثين و تلك الروايات التي تقدمت و الترجيح مع تلك الطائفة لموافقتها مع الكتاب بناء علي صدق الولد مع الواسطة و أيضا يمكن ترجيح تلك الطائفة بمخالفتها مع العامة، قال في الجواهر: فان كثيرا من العامة وافقوا الصدوق كما عن الكليني و المجلسي و غيرهما حكايته انتهي.

اضف الي ذلك انه ادعي ان الخبرين فيهما اجمال اذ المراد من عدم الوارث في الخبرين لا يكون واضح الدلالة، لكن قد ذكرنا اخيرا انه لا دليل علي الترجيح بموافقة الكتاب و مخالفة العامة بل الترجيح منحصر في الأحدثية و الترجيح بالأحدثية مع الطائفة الثانية فان حديث سعد بن أبي الخلف، عن أبي الحسن الاول عليه

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 6 من ابواب ميراث الابوين و الاولاد الحديث: 3

(2) الوسائل الباب 7 من ابواب ميراث الابوين و الاولاد الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 824

فلو

كان له أولاد بنت و أولاد ابن كان لأولاد البنت الثلث يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين و لأولاد الابن الثلثان يقسم بينهم كذلك (1) و لا يرث اولاد الاولاد اذا كان للميت ولد و لو انثي، فاذا كان له بنت و ابن ابن كان الميراث للبنت و الاقرب من أولاد الاولاد يمنع الا بعد، فاذا كان للميت ولد ولد و ولد ولد ولد كان الميراث لولد الولد دون ولد ولد الولد و يشار كون الابوين كآبائهم لان الآباء مع الاولاد صنفان (2) و لا يمنع قرب الابوين الي الميت عن ارثهم (3) فاذا ترك أبوين و ولد ابن كان لكل من الابوين السدس و لولد الابن الباقي (4).

______________________________

السلام فلا بد من اتمام المدعي بالإجماع و التسالم مضافا الي الاجمال في الحديث المعارض فلاحظ.

(1) فانه مقتضي قيام اولاد الاولاد مقام الاولاد و بعبارة اخري قد صرح في النصوص علي قيام اولاد البنين مقامهم و اولاد البنات مقامهن الظاهر في اصل الارث و مقداره و كيفيته فلو كان للبنت ابنان و بنت يقسم الثلث بينهم للذكر ضعف الانثي لأن المقدار و الكيفية في الأصل كذلك مضافا الي الاجماع المدعي في المقام.

(2) لقاعدة منع الأقرب الأبعد و الاجماع المدعي و النص الخاص دال علي المدعي أيضا، لاحظ ما رواه سعد «1».

(3) خلافا للصدوق و جمع من العامة علي ما نقل عنهم.

(4) كما هو ظاهر فان نصيب كل من الأبوين مع الولد السدس و الباقي للولد بالقرابة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 823

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 825

و اذا ترك أبوين و اولاد بنت كان للأبوين السدسان و لأولاد البنت النصف (1) و يرد السدس علي الجميع علي النسبة ثلاثة اخماس

منه لأولاد البنت و الخمسان للأبوين فقسم مجموع التركة أخماسا، ثلاثة منها لأولاد البنت بالتسمية و الرد، و اثنان منهما للأبوين بالتسمية و الرد كما تقدم في صورة ما اذا ترك أبوين و بنتا (2) و اذا ترك احد الابوين مع أولاد البنت كان لأولاد البنت ثلاثة ارباع التركة بالتسمية و الرد و الربع الرابع لأحد الابوين كما تقدم فيما اذا ترك أحد الابوين و بنتا و هكذا الحكم في بقية الصور (3) فيكون الرد علي أولاد البنت كما يكون الرد علي البنت (4) و اذا شاركهم زوج أو زوجة دخل النقص علي اولاد البنت فاذا ترك زوجا و أبوين و أولاد بنت كان للزوج الربع و للأبوين السدسان و لأولاد البنت سدسان و نصف سدس فينقص من سهم البنت و هو النصف نصف سدس (5).

[مسألة 9: يحبي الولد الذكر الأكبر وجوبا مجانا بثياب بدن الميت و خاتمه و سيفه و مصحفه لا غيرها]

(مسألة 9): يحبي الولد الذكر الاكبر وجوبا مجانا بثياب بدن الميت و خاتمه و سيفه و مصحفه لا غيرها (6).

______________________________

(1) الأمر كما أفاده فان نصيب البنت الواحدة النصف.

(2) علي ما تقدم.

(3) فراجع.

(4) كما تقدم.

(5) فانه قد تقدم عدم النقص علي الزوج و الزوجة و الأبوين فلاحظ.

(6) قال في الجواهر: «من منفردات الامامية و معلومات مذهبهم انه يحيي

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 826

______________________________

الولد الأكبر من تركة ابيه بثياب بدنه و خاتمه و سيفه و مصحفه و بذلك تظافرت نصوصهم عن ائمتهم عليهم السلام» انتهي «1».

و العمدة النصوص الواردة في المقام، منها ما رواه ربعي بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا مات الرجل فسيفه و مصحفه و خاتمه و كتبه و رحله و راحلته و كسوته لأكبر ولده فان كان الأكبر ابنة فللأكبر من الذكور «2».

و هذه الرواية تامة سندا فان اسناد الصدوق الي حماد بن عيسي تام علي ما كتب الحاجياني في رجاله و مقتضي هذه الرواية ان الحبوة عبارة عن السيف و المصحف و الخاتم و الكتب و الرحل و الراحلة و الكسوة.

و منها: ما رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا مات الرجل فللأكبر من ولده سيفه و مصحفه و خاتمه و درعه «3» و الظاهر ان السند تام و المستفاد منه ان الحبوة عبارة عن السيف و المصحف و الخاتم و الدرع.

و منها: ما رواه حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا هلك الرجل و ترك ابنين فللأكبر السيف و الدرع و الخاتم و المصحف، فان حدث به حدث فللأكبر منهم «4» و السند تام و المستفاد منه ان الحبوة عبارة عن السيف و الدرع و الخاتم و المصحف.

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الميت اذا مات فان لابنه الأكبر السيف و الرحل و الثياب ثياب جلده «5» و هذه الرواية تامة سندا

______________________________

(1) ج 39 ص 127

(2) الوسائل الباب 3 من ابواب ميراث الابوين و الاولاد الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

(4) نفس المصدر الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 827

______________________________

و المستفاد منها ان الحبوة عبارة عن السيف و الرحل و الثياب ثياب جلده.

و منها: ما رواه سماعة قال: سألته عن الرجل يموت ما له من متاع البيت؟ قال:

السيف و السلاح و الرحل و ثياب جلده «1» و هذه الرواية تامة سندا و المستفاد منها ان الحيوة عبارة عن السيف و السلاح و الرحل و ثياب جلده.

و منها: ما رواه

ابن اذينة عن بعض اصحابه عن احدهما عليهما السلام ان الرجل اذا ترك سيفا و سلاحا فهو لابنه، فان كان له بنون فهو لأكبرهم «2» و المرسل لا اعتبار به.

و منها: ما رواه الفضلاء عن أحدهما عليهما السلام ان الرجل اذا ترك سيفا أو سلاحا فهو لابنه فان كانوا اثنين فهو لأكبرهم «3».

و منها: ما رواه شعيب العقرقوفي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يموت ما له من متاع بيته؟ قال: السيف، و قال: الميت اذا مات فان لابنه السيف و الرحل و الثياب ثياب جلده «4».

و منها: ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: كم من انسان له حق لا يعلم به قلت: و ما ذاك أصلحك اللّه؟ قال: ان صاحبي الجدار كان لهما كنز تحته لا يعلمان به أما انه لم يكن بذهب و لا فضه قلت: و ما كان؟ قال: كان علما قلت:

فأيهما أحق به؟ قال: الكبير كذلك نقول نحن «5».

و منها: ما رواه علي بن اسباط عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعناه

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 10

(2) نفس المصدر الحديث: 4

(3) نفس المصدر الحديث: 6

(4) نفس المصدر الحديث: 7

(5) نفس المصدر الحديث: 8

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 828

و اذا تعدد الثوب أعطي الجميع (1) و لا يترك الاحتياط عند تعدد غيره من المذكورات بالمصالحة مع سائر الورثة في الزائد علي الواحد (2) و اذا كان علي الميت دين مستغرق للتركة فكها المحبو بما يخصها من الدين و اذا لم يكن مستغرقا لها فكها المحبو بالنسبة فاذا كان دينه عشرة دراهم و كان ما زاد علي الحبوة من التركة يساوي ثمانية و قيمة الحبوة أربعة

فكها المحبو بثلاثة دراهم و ثلث درهم و اذا كان الدين في الفرض المذكور ثمانية دراهم فكها المحبو بدرهمين و ثلثي

______________________________

و ذكر كنز اليتيمين فقال: كان لوحا من ذهب فيه: بسم اللّه الرحمن الرحيم لا إله الا اللّه، محمد رسول اللّه، عجب لمن أيقن بالموت كيف يفرح، و عجب لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، و عجب لمن رأي الدنيا و تقلبها بأهلها كيف يركن اليها و ينبغي لمن عقل عن اللّه أن لا يستبطئ اللّه في رزقه، و لا يتهمه في قضائه، فقال له حسين بن اسباط: فالي من صار؟ الي أكبرهما؟ قال: نعم «1».

و هذه الروايات ضعيفة بضعف أسناد الشيخ الي علي بن الحسن الفضال، فنقول لو قام اجماع و تسالم و اتفاق علي خروج غير الاربعة اعني بها ثياب بدنه و مصحفه و سيفه و خاتمه فهو و الا يكون مقتضي الصناعة ان نأخذ بالنصوص التامة سندا و ان كانت مختلفة من حيث المضمون فانه ثبت في الاصول عدم تعارض الأدلة المثبتة اذا كان الحكم علي نحو مطلق الوجود لا صرفه و لو لا الاجماع و التسالم لا دليل علي الاقتصار علي الأربعة.

(1) اذ الوارد في الدليل: «و ثياب بدنه» فعلي فرض التعدد نلتزم بكونها له.

(2) لا اشكال في أن الاحتياط طريق النجاة لكن الذي يختلج بالبال أن يقال:

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 829

درهم و هكذا و كذا الحكم في الكفن و غيره من مؤنة التجهيز التي تخرج من اصل التركة (1).

[مسألة 10: إذا أوصي الميت بها أو ببعضها لغير المحبو نفذت وصيته و حرم المحبو منها]

(مسألة 10): اذا أوصي الميت بها أو ببعضها لغير المحبو نفذت وصيته و حرم المحبو منها (2) و اذا أوصي بثلث ما له أخرج الثلث منها و

من غيرها، و كذلك اذا أوصي بمائة دينار مثلا فانها تخرج من مجموع التركة بالنسبة ان كانت تساوي ثلث الباقي أو تنقص عنه (3) و لو كانت اعيانها أو بعضها مرهونة وجب فكها من مجموع التركة (4).

[مسألة 11: لا فرق بين الكسوة الشتائية و الصيفية و لا بين القطن و الجلد و غيرهما]

(مسألة 11): لا فرق بين الكسوة الشتائية و الصيفية و لا بين القطن و الجلد و غيرهما و لا بين الصغيرة و الكبيرة فيدخل فيها مثل

______________________________

لو لم يقم اجماع علي الخلاف يكون مقتضي القاعدة اختصاص الابن الأكبر بهذه المذكورات علي الاطلاق اذ الحكم تابع للموضوع و المفروض صدق الامور المذكورة علي الواحد و علي الأكثر علي حد سواء فلا وجه للتوقف و اللّه العالم.

(1) بتقريب ان الحبوة جزء من التركة و يعطي للولد الأكبر بعنوان الارث و بعبارة اخري داخل فيما تركه الميت و علي هذا يقدم عليها الدين و الوصية و الكفن و لا وجه للتفرقة فلاحظ.

(2) اذ الوصية مقدمة علي الارث، فلا تصل النوبة الي الارث مع وجود الوصية.

(3) الكلام فيه هو الكلام و حكم الأمثال واحد.

(4) فان الدين مقدم علي الارث و لا مرجح لأدائه من مورد خاص فيفك الرهن و يقتضي الدين من مجموع التركة كبقية الديون فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 830

القلنسوة (1) و في الجورب و الحزام و النعل تردد (2) أظهره الدخول (3) و لا يتوقف صدق الثياب و نحوها علي اللبس بل يكفي اعدادها لذلك (4)، نعم اذا أعدها للتجارة أو لكسوة غيره من أهل بيته و اولاده و خدامه لم تكن من الحبوة (5) و لا يدخل في الحبوة مثل الساعة (6) و في دخول مثل الدرع و الطاس و المغفر و نحوها من معدات الحرب اشكال بل الاظهر

العدم (7)، و الاحوط في مثل البندقية و الخنجر

______________________________

(1) للإطلاق.

(2) وجه التردد الشبهة في صدق الثياب عليها.

(3) فان العرف بمناسبة الحكم و الموضوع يفهم من الدليل دخولها فيها اضف الي ذلك ان الوارد في بعض الأدلة عنوان الكسوة و كيف كان لو شك في الصدق لا يمكن الأخذ باطلاق الدليل أو عمومه لعدم جواز الأخذ بالعام في الشبهة المصداقية مضافا الي أنه يمكن احراز عدم صدق المفهوم باستصحاب العدم الأزلي علي مسلكنا كما مرت الاشارة منا اليه كرارا في أبحاث هذا الشرح.

(4) اذ يكفي في الصدق مجرد الاعداد و العرف ببابك.

(5) لعدم الصدق فان المذكورات من أمواله و مملوكاته لا من كسوته و ثيابه فلاحظ.

(6) لعله لعدم صدق موضوع الحكم عليها.

(7) لو لم نلتزم بكون السلاح من الحبوة لم يكن لدخول المذكورات فيها وجه لكن قد ذكر عنوان السلاح في حديث سماعة «1» كما انه ذكر الدرع في حديث الربعي «2».

______________________________

(1) لاحظ ص: 827

(2) لاحظ ص: 826

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 831

و نحوهما من آلات السلاح المصالحة مع سائر الورثة (1) نعم لا يبعد تبعية غمد السيف و قبضته و بيت المصحف و حمائلها لهما (2) و في دخول ما يحرم لبسه مثل خاتم الذهب وثوب الحرير اشكال (3)، و اذا كان مقطوع اليدين فالسيف لا يكون من الحبوة (4) و لو كان اعمي فالمصحف ليس منها (5) نعم لو طرأ ذلك اتفاقا و كان قد أعدهما قبل ذلك لنفسه كانا منها (6).

[مسألة 12: إذا اختلف الذكر الأكبر و سائر الورثة في ثبوت الحبوة أو في أعيانها أو في غير ذلك من مسائلها]

(مسألة 12): اذا اختلف الذكر الاكبر و سائر الورثة في ثبوت الحبوة أو في أعيانها أو في غير ذلك من مسائلها لاختلافهم في الاجتهاد أو في التقليد رجعوا الي الحاكم الشرعي في

فصل خصومتهم (7).

[مسألة 13: إذا تعدد الذكر مع التساوي في السن]

(مسألة 13): اذا تعدد الذكر مع التساوي في السن فالمشهور

______________________________

(1) لا اشكال في حسن الاحتياط.

(2) الانصاف انه لا يبعد كما أفاده.

(3) الظاهر ان الحرمة الشرعية لا تنافي صدق مفهوم موضوع الحكم و علي تقدير الصدق يشمله الدليل و اللّه العالم.

(4) اذا كان من مختصاته و صدق هذا العنوان عليه يكون داخلا في الموضوع و بعبارة اخري لو أعده لنفسه بأي غاية من الغايات يدخل في الموضوع.

(5) الكلام هو الكلام في السيف.

(6) بلا اشكال و لا كلام.

(7) كما هو المقرر عندهم في المرافعات و الدعاوي و بعبارة اخري الحاسم لمادة التشاجر و النزاع حكم الحاكم فلا بد من مراجعته.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 832

الاشتراك فيها و لا يخلو من وجه قوي (1).

[مسألة 14: المراد بالأكبر الأسبق ولادة لا علوقا]

(مسألة 14): المراد بالاكبر الاسبق ولادة لا علوقا (2) و اذا اشتبه فالمرجع في تعيينه القرعة (3) و الظاهر اختصاصها بالولد الصلبي فلا تكون لولد الولد (4) و لا يشترط انفصاله بالولادة فضلا عن اشتراط بلوغه حين الوفاة (5).

[مسألة 15: قيل يشترط في المحبو أن لا يكون سفيها]

(مسألة 15): قيل يشترط في المحبو أن لا يكون سفيها (6) و فيه اشكال بل الاظهر عدمه (7) و قيل يشترط ان يخلف الميت مالا غيرها (8).

______________________________

(1) و عن ابن حمزة اشتراط كونه واحدا و مع التعدد تسقط الحبوة لتبادر الواحد من الدليل و الانصاف ان ما أفاده متين و عليه فما أفاده الماتن من عدم خلو فتوي المشهور من وجه قوي، مشكل.

(2) فان المتبادر من الأكبر اسبق ولادة فلا اعتبار بسبق العلقة.

(3) فانها لكل أمر مشكل و المورد من مصاديق تلك الكبري.

(4) أما علي تقدير عدم صدق عنوان الولد علي الولد مع الواسطة فظاهر و أما علي تقدير الصدق فللتسالم و الاتفاق علي الاختصاص.

(5) بتقريب ان الميزان هو الواقع و لذا يعزل نصيب الحمل و بعبارة اخري الحبوة قسم من الميراث فيجري عليه حكمه و عليه لا يتوجه اشكال عدم صدق العنوان قبل الولادة.

(6) القائل بالاشتراط علي ما في الجواهر ابنا حمزة و ادريس علي ما حكي عنهما.

(7) اذ لا وجه لهذا الاشتراط مع اطلاق الدليل فالأظهر عدمه.

(8) عن المسالك انه المشهور بدعوي شمول دليل الارث المقام و انصراف

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 833

و فيه تأمل (1).

[مسألة 16: يستحب لكل من الأبوين الوارثين لولدهما إطعام الجد و الجدة المتقرب به سدس الأصل إذا زاد نصيبه عن السدس]

(مسألة 16): يستحب لكل من الابوين الوارثين لولدهما اطعام الجد و الجدة المتقرب به سدس الاصل اذا زاد نصيبه عن السدس (2).

______________________________

دليل الحبوة عن المورد.

(1) لا أري وجها للتأمل فان مقتضي اطلاق دليل اختصاص الحبوة بالأكبر شموله للمقام و اللّه العالم.

(2) المدرك لهذا الحكم النصوص الواردة في المقام فلا بد من ملاحظة ما يكون سنده معتبرا و الالتزام بمفاده فنقول منها رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام أن رسول اللّه صلّي اللّه عليه

و آله و سلم أطعم الجدة أم الام السدس و ابنتها حية «1» و المستفاد من هذه الرواية استحباب اعطاء السدس أم الام و الحال ان ابنتها حية و مقتضي هذه الرواية باطلاقها عدم تقييد الحكم بخصوص ما زاد عن النصيب كما ان مقتضي اطلاقها عدم الفرق بين صورة وجود الولد للميت و صورة فقده.

و منها: ما رواه جميل بن دراج أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله أطعم الجدة السدس «2» و مقتضي هذه الرواية باطلاقها استحباب اطعام الجدة أم الأب أو أمّ الام السدس بلا تقييد بالزيادة عن النصيب و بلا تقييد بصورة فقد الولد.

و منها: ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام و عنده أبان بن تغلب فقلت أصلحك اللّه ان ابنتي هلكت و أمي حية فقال أبان:

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من ابواب ميراث الابوين و الاولاد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 834

و هل يختص بصورة اتحاد الجد فلا يشمل التعدد (1) أو صورة

______________________________

لا ليس لأمك شي ء، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: سبحان اللّه اعطها السدس «1» و مقتضي هذه الرواية استحباب اعطاء السدس أم الأب بلا تقييد بالزيادة عن النصيب و بلا فرق بين وجود الولد و عدمه.

و منها: ما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام أن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله أطعم الجدة أم الأب السدس و ابنها حي، و أطعم الجدة أم الأم السدس و ابنتها حية «2» و مقتضي هذه الرواية استحباب اعطاء أمّ الأب و أمّ الام

السدس بلا تقييد بالزيادة عن النصيب.

و منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

ان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله أطعم الجد فاجاز اللّه ذلك له «3» و مقتضي هذه الرواية اطعام الجد من الأب او من الام السدس بلا تقييد بصورة الزيادة عن النصيب و بلا تقييد بوجود الولد و عدمه، فالنتيجة استحباب اطعام الجد و الجدة السدس علي الاطلاق و أما بقية الروايات الواردة في الباب فأما الثالثة كسابقتها في المفاد و أما الرابعة فضعيفة بموسي بن بكر و أما الخامسة فبمحمد بن سنان مضافا الي اتحاد مفادها مع الحديث السابع عشر و أما السابعة فبالارسال و أما الثامنة فبالارسال أيضا و أما العاشرة فبأبي جميلة و أما الثاني عشر فبالارسال و بغيره و أما بقية الروايات فبضعف اسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال و أما الحادي عشر فبالرفع و أما السادس عشر فمضافا الي ضعف سند الرواية لا يستفاد منه الا اطعام الجد.

(1) مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين صورة وحدة الجد و تعدده قال في

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) نفس المصدر الحديث: 17

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 835

فقد الولد للميت فلا يشمل صورة وجوده اشكال (1).

[المرتبة الثانية: الإخوة و الأجداد]
اشارة

(المرتبة الثانية) الاخوة و الاجداد و لا ترث هذه المرتبة الا اذا لم يكن للميت ولد و ان نزل و لا أحد الابوين المتصلين.

[مسألة 17: للأخ من الأبوين المال كله يرثه بالقرابة]

(مسألة 17): للأخ من الابوين المال كله يرثه بالقرابة (2) و مع

______________________________

الجواهر: «1» «يمكن دعوي كون المستفاد من النصوص عدم الفرق في اطعام الأبوين السدس لأبويهما بين المتحد منهما و متعددة و ان لم يذكر فيها الا الجد و الجدة الا ان الظاهر ارادة طعمة الجد من حيث الجدودة و من هنا لم يفرق الأصحاب بينهما فيشتركان حينئذ في السدس لعدم ترجيح احدهما علي الاخر فيه نعم عن القواعد لا طعمة للأجداد اذا علوا للأصل و اختصاص ظواهر النصوص بالأجداد الأقربين، و هو ان لم يكن اجماعا لا يخلو من بحث و اللّه العالم» الخ و ما أفاده متين اذ لو لا الاجماع يكون مقتضي الاطلاق شمول الحكم للجد و ان علا الا أن يقال ان المنصرف اليه اللفظ خصوص الأقربين فلاحظ.

(1) قد ظهر مما ذكرنا عدم وجه للتقييد.

(2) بلا خلاف و لا اشكال كما في الجواهر و يدل علي المدعي قوله تعالي:

«وَ هُوَ يَرِثُهٰا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهٰا وَلَدٌ» الاية «2» فان مقتضي اطلاق قوله تعالي و هو يرثها انه الوارث علي الاطلاق و يدل عليه من السنة ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل مات و ترك أخاه و لم يترك وارثا غيره قال: المال له، قلت: فان كان مع الأخ للأم جد قال: يعطي الأخ للأم السدس و يعطي الجد الباقي، قلت: فان كان الأخ للأب، قال: المال بينهما سواء «3»

______________________________

(1) ج 39 ص: 147

(2) النساء/ 176

(3) الوسائل الباب

2 من ابواب ميراث الاخوة و الاجداد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 836

التعدد ينقسم بينهم بالسوية (1) و للأخت المنفردة من الابوين المال كله ترث نصفه بالفرض كما تقدم (2) و نصفه الاخر ردا بالقرابة (3) و للأختين أو الاخوات من الابوين المال كله يرثن ثلثيه بالفرض كما تقدم (4) و الثلث الثالث ردا بالقرابة (5) و اذا ترك اخوة و اخوات معا فلا فرض بل يرثون المال كله بالقرابة يقتسمونه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين (6).

[مسألة 18: للأخ المنفرد من الأم و الأخت كذلك المال كله يرث السدس بالفرض و الباقي ردا بالقرابة]

(مسألة 18): للأخ المنفرد من الام و الاخت كذلك المال

______________________________

(1) فان الأصل في الشركة التسوية و عدم التفاضل سيما فيما يكون سبب الشركة أمرا واحدا.

(2) لقوله تعالي: «إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَهٰا نِصْفُ مٰا تَرَكَ» «1».

(3) لأولوية أولي الأرحام في قوله تعالي: «وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْليٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ» * الاية «2».

(4) للآية الشريفة «فَإِنْ كٰانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثٰانِ مِمّٰا تَرَكَ» الاية «3».

(5) للآية اولي الأرحام في سورتي الانفال و الأحزاب «4».

(6) للآية الشريفة «وَ إِنْ كٰانُوا إِخْوَةً رِجٰالًا وَ نِسٰاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ» «5».

______________________________

(1) النساء/ 176

(2) الانفال/ 75 و الاحزاب/ 6

(3) النساء/ 176

(4) قد مر آنفا

(5) النساء/ 176

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 837

كله يرث السدس بالفرض (1) و الباقي ردا بالقرابة (2) و للاثنين فصاعدا من الاخوة من الام ذكورا أو اناثا أو ذكورا و اناثا المال كله يرثون ثلثه بالفرض (3) و الباقي ردا بالقرابة (4) و يقسم بينهم فرضا و ردا بالسوية (5).

[مسألة 19: لا يرث الأخ أو الأخت للأب مع وجود الأخ و الأخت للأبوين]

(مسألة 19): لا يرث الاخ أو الاخت للأب مع وجود الاخ و الاخت للأبوين (6) نعم مع فقدهم يرثون علي نهج ميراثه فللأخ من

______________________________

(1) يدل علي المدعي قوله تعالي: «وَ إِنْ كٰانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلٰالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ الاية» «1».

(2) للأولوية المستفادة في الارث.

(3) لقوله تعالي: «فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ الاية» «2»

و يدل علي المدعي ما رواه بكير بن أعين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

الذي عني اللّه في قوله: «وَ إِنْ كٰانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلٰالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ

فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ، فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ» انما عني بذلك الأخوة و الأخوات من الام خاصة «3».

(4) كما تقدم آنفا.

(5) كما هو الأصل في القسمة سيما فيما يكون سبب الاشتراك واحدا.

(6) فان الأقرب يمنع الأبعد مضافا الي النصوص الخاصة الواردة في المقام لاحظ ما رواه بريد الكناسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ابنك أولي بك من ابن ابنك و ابن ابنك أولي بك من أخيك و أخوك لأبيك و امك أولي بك من اخيك

______________________________

(1) النساء/ 12

(2) نفس المصدر

(3) الوسائل الباب 8 من ابواب ميراث الاخوة و الاجداد الحديث: 11

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 838

الاب واحدا كان أو متعددا تمام المال بالقرابة، و للأخت الواحدة النصف بالفرض و النصف الاخر بالقرابة و للأخوات المتعددات تمام المال يرثن ثلثيه بالفرض و الباقي ردا بالقرابة و اذا اجتمع الاخوة و الاخوات كلهم للأب كان لهم تمام المال يقتسمونه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين (1).

______________________________

لأبيك، الحديث «1».

و لاحظ ما رواه الحارث عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: أعيان بني الام يرثون دون بني العلات «2» و لاحظ ما رواه الحسن بن عمارة انه قال لأبي- عبد اللّه عليه السلام: حدثنا ابو اسحاق السبيعي عن الحارث الاعور عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه كان يقول: أعيان بني الام أقرب من بني العلات فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: جئت بها من عين صافية الحديث «3» و لاحظ ما رواه الصدوق ره قال: قال النبي صلّي اللّه عليه و آله: أعيان بني الام أحق بالميراث من بني العلات «4».

(1) قال في الجواهر: بلا خلاف أجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه و يمكن

الاستدلال بقوله تعالي: «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّٰهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلٰالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَهٰا نِصْفُ مٰا تَرَكَ وَ هُوَ يَرِثُهٰا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهٰا وَلَدٌ فَإِنْ كٰانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثٰانِ مِمّٰا تَرَكَ وَ إِنْ كٰانُوا إِخْوَةً رِجٰالًا وَ نِسٰاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ» «5» فان مقتضي اطلاق الاية شموله للمقام غاية الامر نرفع اليد و نلتزم بعدم ارث

______________________________

(1) الوسائل الباب 13 من ابواب ميراث الاخوة و الاجداد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

(4) نفس المصدر الحديث: 4

(5) النساء/ 176

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 839

[مسألة 20: إذا اجتمع الإخوة بعضهم من الأبوين و بعضهم من الأم]

(مسألة 20): اذا اجتمع الاخوة بعضهم من الابوين و بعضهم من الام فان كان الذي من الام واحدا كان له السدس ذكرا كان أو انثي (1) و الباقي لمن كان من الابوين (2) و ان كان الذي من الام متعددا

______________________________

المتقرب بالأب وحده مع وجود المتقرب بالأبوين بالدليل المخصص و علي هذا يكون للأخت الواحدة النصف بالفرض و الباقي بالرد للقرابة و للأخوات المتعددات تمام المال الثلثان منه بالفرض و الباقي بالرد و اذا كانوا رجالا و نساء للذكر مثل حظ الأنثيين.

(1) كما تقدم.

(2) ادعي عليه الاجماع بقسميه و يمكن الاستدلال عليه بما رواه بكير بن أعين قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: امرأة تركت زوجها و اخوتها و اخواتها لأمها و اخوتها و اخواتها لأبيها قال: للزوج النصف ثلاثة أسهم الي أن قال: و الذي عنا اللّه تبارك و تعالي في قوله: «وَ إِنْ كٰانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلٰالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ» انما عنا بذلك

الأخوة و الأخوات من الام خاصة الحديث «1» و مثله في الدلالة ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام «2» قال: قلت له: ما تقول في امرأة ماتت و تركت زوجها و اخوتها لأمها و اخوة و اخوات لأبيها فقال: للزوج النصف ثلاثة أسهم و لإخوتها لأمها الثلث سهمان الذكر و الانثي فيه سواء و بقي سهم فهو للأخوة و الأخوات من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين لأن السهام لا تعول و ان الزوج لا ينقص من النصف و لا الاخوة من الام من ثلثهم لأن اللّه عز و جل يقول: «فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ» و ان كان واحدا فله السدس و انما عني

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب ميراث الاخوة و الاجداد الحديث: 2

(2) الفروع من الكافي ج 7 باب ميراث الاخوة و الاخوات مع الولد ص 103 الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 840

كان له الثلث يقسم بينهم بالسوية ذكورا كان أو اناثا أو ذكورا و اناثا (1) و الباقي لمن كان من الابوين واحدا كان أو متعددا و مع اتفاقهم في الذكورة و الانوثة يقسم بالسوية (2) و مع الاختلاف فيهما يقسم للذكر مثل حظ الأنثيين (3) نعم في صورة كون المتقرب بالابوين اناثا و كون الاخ من الام واحدا كان ميراث الاخوات من

______________________________

اللّه في قوله تعالي: «وَ إِنْ كٰانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلٰالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ» انما عني بذلك الأخوة و الأخوات من الأم خاصة و قال في آخر سورة النساء: «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّٰهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلٰالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ»:

«يعني بذلك اختا لأب و أم أو اختا لأب» فلها نصف ما ترك و هو يرثها ان لم يكن لها ولد فان كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك و ان كانوا اخوة رجالا و نساء فللذكر مثل حظ الأنثيين و هم الذين يزادون و ينقصون قال: و لو ان امرأة تركت زوجها و اختيها لأمها و اختيها لأبيها كان للزوج النصف ثلاثة أسهم و لأختيها لأمها الثلث سهمان و لأختيها لأبيها السدس سهم و ان كانت واحدة فهو لها لأن الاختين من الأب لا يزادون علي ما بقي و لو كان أخ لأب لم يزد علي ما بقي.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بأن المتقرب بالأبوين أقرب و الأقرب يمنع الأبعد بتقريب: ان مقتضي الأقربية ان المال كله لمن يكون متقربا بالأبوين غاية الأمر نرفع اليد عن القاعدة بمقدار دلالة الدليل المقيد.

(1) كما تقدم.

(2) كما تقدم آنفا.

(3) كما سبق بيانه.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 841

الابوين بالفرض ثلثين و بالقرابة السدس (1) و اذا كان المتقرب بالابوين انثي واحدة كان لها النصف فرضا و ما زاد علي سهم المتقرب بالام و هو السدس أو الثلث ردا عليها (2) و لا يرد علي المتقرب بالام (3) و اذا وجد معهم اخوة من الاب فقط فلا ميراث لهم كما عرفت (4).

[مسألة 21: إذا لم يوجد للميت إخوة من الأبوين و كان له إخوة بعضهم من الأب فقط و بعضهم من الأم فقط]

(مسألة 21): اذا لم يوجد للميت اخوة من الابوين و كان له اخوة بعضهم من الاب فقط و بعضهم من الام فقط فالحكم كما سبق في الاخوة مع الابوين من أنه اذا كان الاخ من الام واحدا كان له السدس و اذا كان متعددا كان له الثلث يقسم بينهم بالسوية و الباقي الزائد علي السدس أو الثلث يكون

للأخوة من الاب يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين مع اختلافهم في الذكورة و الانوثة و مع عدم الاختلاف فيهما يقسم بينهم بالسوية و في الصورة التي يكون المتقرب بالاب انثي يكون أيضا ميراثهم ما زاد علي سهم المتقرب بالام بعضه بالفرض

______________________________

(1) كما هو المستفاد من الكتاب فانه في الصورة المفروضة يكون سهم الاناث المتقربات بالأبوين الثلثين و يكون سهم المتقرب بالام السدس و السدس الباقي يرد الي المتقربات بالأبوين فانهن أقرب الي الميت مضافا الي الاجماع المدعي.

(2) كما هو المستفاد من الاية الشريفة اذ المستفاد من الاية ان الاخت الواحدة لها النصف فيكون فرضها النصف و الباقي يرد عليها من باب الأقربية.

(3) اذ الأقرب يمنع الأبعد فان المتقرب بالأبوين أقرب فلاحظ.

(4) و تقدم شرح كلام الماتن و تقريب الاستدلال علي المدعي.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 842

و بعضه بالرد بالقرابة (1).

[مسألة 22: في جميع صور انحصار الوارث القريب بالإخوة]

(مسألة 22): في جميع صور انحصار الوارث القريب بالاخوة سواء كانوا من الابوين أم من الام أم بعضهم من الابوين و بعضهم من الاب و بعضهم من الام اذا كان للميت زوج كان له النصف و اذا كانت له زوجة كان لها الربع (2) و للأخ من الام مع الاتحاد السدس و مع التعدد الثلث (3) و الباقي للأخوة من الابوين أو من الاب اذا كانوا ذكورا أو ذكورا او اناثا (4) أما اذا كانوا اناثا ففي بعض الصور

______________________________

(1) و يدل علي المدعي ما رواه محمد بن مسلم «1» فان المستفاد من الحديث ان سهم المتقرب بالام لا ينقص و لا يزيد و قال عليه السلام في حديثي بكير و ابن مسلم «2» (فهم) و هم الذين يزادون و ينقصون، أي المتقرب بالأبوين أو

بالأب وحده، فجميع ما أفاده الماتن في هذا الفرع يستفاد من الحديثين.

(2) لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: أربعة لا يدخل عليهم ضرر في الميراث: الوالدان، و الزوج و المرأة «3» فان المستفاد من هذه الرواية ان نصيب الزوجين لا ينقص و أيضا يستفاد المدعي بالنسبة الي الزوج عن حديثي بكير و ابن مسلم «4» فلاحظ.

(3) كما يستفاد من الكتاب و حديثي بكير و ابن مسلم «5».

(4) كما يستفاد من الحديثين.

______________________________

(1) لاحظ ص: 839

(2) لاحظ ص: 839

(3) الوسائل الباب 7 من ابواب موجبات الارث الحديث: 3

(4) لاحظ ص: 839

(5) لاحظ ص: 839

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 843

تكون الفروض اكثر من الفريضة كما اذا ترك زوجا أو زوجة و أختين من الابوين أو الاب و أختين أو أخوين من الام فان سهم المتقرب بالام الثلث و سهم الاختين من الابوين او الاب الثلثان و ذلك تمام الفريضة و يزيد عليها سهم الزوج أو الزوجة و كذا اذا ترك زوجا و اختا واحدة من الابوين أو الاب و اختين أو اخوين من الام فان نصف الزوج و نصف الاخت من الابوين يستوفيان الفريضة و يزيد عليها سهم المتقرب بالام ففي مثل هذه الفروض يدخل النقص علي المتقرب بالابوين أو بالاب خاصة و لا يدخل النقص علي المتقرب بالام (1) و لا علي الزوج أو الزوجة (2) و في بعض الصور تكون الفريضة أكثر كما اذا ترك زوجة و أختا من الابوين و أخا أو اختا من الام فان الفريضة تزيد علي الفروض بنصف سدس فيرد علي الاخت من الابوين فيكون لها نصف التركة و نصف سدسها و للزوجة ربع و للأخ

أو الاخت من الام السدس (3).

[مسألة 23: إذا انحصر الوارث بالجد أو الجدة للأب أو للأم]

(مسألة 23): اذا انحصر الوارث بالجد او الجدة للأب أو للأم

______________________________

(1) كما صرح به في الحديثين.

(2) كما تقدم و ذكرنا النص الدال علي المدعي.

(3) فانه صرح في الخبرين بأن نصيب المتقرب بالأب وحده أو الأبوين يزيد و ينقص و بقرينة المقابلة يفهم ان نصيب المتقرب بالام لا يزيد و لا ينقص و بعبارة اخري التقسيم قاطع للشركة مضافا الي أن صاحب الجواهر قدس سره قال:

«و يقوم مقام كلالة الأب و الام مع عدمهم كلالة الأب أي الاخوة و الأخوات له

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 844

كان له المال كله (1) و اذا اجتمع الجد و الجدة معا فان كانا لأب كان المال لهما (2) يقسم بينهما للذكر ضعف الانثي (3).

______________________________

و يكون حكمهم في الانفراد و الاجتماع حكم كلالة الأب و الام بلا خلاف أجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه» الخ «1».

(1) بلا اشكال و لا كلام لأن المفروض انحصار الوارث في الجد أو الجدة و مع الانحصار يكون جميع المال له بالقرابة.

(2) و هذا واضح اذ فرض الانحصار فيهما فيكون تمام الارث لهما.

(3) قال في الجواهر «2»: «لا أجد فيه خلافا كما عن جماعة الاعتراف به انتهي و يمكن الاستدلال علي المدعي بما روي عن أحدهما عليهما السلام قال: ان الجد مع الاخوة من الأب يصير مثل واحد من الاخوة ما بلغوا، قال: قلت: رجل ترك أخاه لأبيه و امه وجده أو أخاه لأبيه أو قلت: ترك جده و أخاه لأبيه و امه فقال: المال بينهما و ان كانا أخوين أو مائة فله مثل نصيب واحد من الاخوة قال:

قلت: رجل ترك جده و أخته فقال: للذكر مثل حظ الأنثيين و

ان كانتا اختين فالنصف للجد و النصف الاخر للأختين، و ان كن أكثر من ذلك فعلي هذا الحساب و ان ترك اخوة و أخوات لأب و أم أو لأب و جدا، فالجد أحد الاخوة و المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، و قال زرارة: هذا مما لا يؤخذ علي فيه قد سمعته من أبيه و منه قبل ذلك، و ليس عندنا في ذلك شك و لا اختلاف «3».

فان المستفاد من هذا الحديث ان الجد الأبي كأحد الاخوة من الأبوين أو من الأب و انه لو اجتمع الجد مع الاخت يكون نصيب الجد ضعف نصيب الاخت

______________________________

(1) الجواهر ج 39 ص 148

(2) ج 39 ص 154

(3) الوسائل الباب 6 من ابواب ميراث الاخوة و الاجداد الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 845

و ان كانا لام فالمال أيضا لهما لكن يقسم بينهما بالسوية (1) و اذا اجتمع الاجداد بعضهم للأم و بعضهم للأب كان للجد للأم الثلث و ان كان واحدا و للجد للأب الثلثان (2).

______________________________

و حيث ان الجدة كالأخت يعلم حكمها أيضا.

و يمكن الاستدلال بما رواه الطبرسي في مجمع البيان عند تفسير قوله تعالي:

«وَ لَكُمْ نِصْفُ مٰا تَرَكَ أَزْوٰاجُكُمْ» قال: في هاتين الآيتين دلالة علي تقدير سهام المواريث و نحن نذكر من ذلك جملة موجزة منقولة عن أهل البيت عليهم السلام دون غيرهم الي أن قال: و متي اجتمع قرابة الأب مع قرابة الام مع استوائهم في الدرج كان لقرابة الام الثلث بينهم بالسوية و الباقي لقرابة الأب للذكر مثل حظ الأنثيين الخ «1».

فانه قد صرح في الرواية بأن من يتقرب بالأب يكون نصيب الذكر فيه ضعف نصيب الانثي و أما المتقرب بالام يكون النصيب فيه بالسوية

و يدل علي المدعي ما عن فقه الرضا عليه السلام: فان ترك جدا من قبل الأب و جدا من قبل الام، فللجد من قبل الام الثلث و للجد من قبل الأب الثلثان، فان ترك جدين من قبل الام و جدين من قبل الأب فللجد و الجدة من قبل الام الثلث بينهما بالسوية، و ما بقي فللجد و الجدة من قبل الأب، للذكر مثل حظ الأنثيين «2» فان هذه الرواية تدل علي المدعي بوضوح.

(1) قد ظهر تقريب الاستدلال علي المدعي مما تقدم آنفا.

(2) قال في الجواهر «3»: «علي المشهور بين الأصحاب في أن القسمة بينهم بالثلث و الثلثين و لو مع الانوثة و الاتحاد بل عليه عامة المتأخرين بل ربما

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب موجبات الارث الحديث: 5

(2) مستدرك الوسائل الباب 8 من ابواب ميراث الاخوة و الاجداد الحديث: 2

(3) ج 39 ص: 152

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 10، ص: 846

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 846

______________________________

اشعرت بعض العبارات بالإجماع عليه بل في كشف اللثام عن الخلاف الاجماع» و يدل علي المدعي ما رواه أبو أيوب الخزاز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان في كتاب علي عليه السلام أن كل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجربه الا أن يكون وارث أقرب الي الميت منه فيحجبه «1».

فان المستفاد من الحديث ان نصيب المتقرب نصيب من يتقرب به و حيث ان نصيب الام مع عدم الولد الثلث فيكون الثلثان للأب يكون نصيب من يتقرب بالأب ضعف نصيب من يتقرب بالام.

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه محمد بن مسلم

عن أبي جعفر عليه السلام قال قال أبو جعفر عليه السلام: اذا لم يترك الميت الا جده أبا أبيه و جدته أم أمه فان للجدة الثلث و للجد الباقي، قال و اذا ترك جده من قبل أبيه و جد أبيه و جدته من قبل امه و جدة امه كان للجدة من قبل الام الثلث و سقط جدة الام و الباقي للجد من قبل الأب و سقط جد الأب «2» فان المدعي يستفاد من هذه الرواية بوضوح.

و أما حديث زرارة قال: أراني أبو عبد اللّه عليه السلام صحيفة الفرائض فاذا فيها: لا ينقص الجد من السدس شيئا و رأيت سهم الجد فيها مثبتا «3» فهو ضعيف سندا فلا اعتبار به كي يقال ان المستفاد منه ان نصيب الجد ثابت و أما ما دل علي أن الأب كأحد الاخوة مثل حديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن رجل ترك اخوة و أخوات لأب و أم و جدا، قال: الجد كواحد من الاخوة المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين «4» فانما هو ناظر الي حال اجتماع

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من موجبات الارث الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 9 من ابواب ميراث الاخوة و الاجداد الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 6 من ابواب ميراث الاخوة و الاجداد الحديث: 21

(4) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 847

و لا فرق فيما ذكرنا بين الجد الادني و الاعلي (1) نعم اذا اجتمع الجد الادني و الجد الا علي كان الميراث للأدني و لم يرث الا علي شيئا (2) و لا فرق بين أن يكون الادني ممن يتقرب به الا علي كما اذا ترك جدة و

أبا جدة و غيره كما اذا ترك جده و أبا جدته فان الميراث في الجميع للأدني (3).

[مسألة 24: إذا اجتمع الزوج أو الزوجة مع الأجداد كان للزوج نصفه و للزوجة ربعها]

(مسألة 24): اذا اجتمع الزوج أو الزوجة مع الاجداد كان للزوج نصفه و للزوجة ربعها (4) و يعطي المتقرب بالام ثلثه و الباقي منه للمتقرب بالاب (5).

[مسألة 25: الجد و إن علا كالأخ و الجدة و إن علت كالأخت فالجد و إن علا يقاسم الإخوة]

(مسألة 25): الجد و ان علا كالأخ و الجدة و ان علت كالأخت فالجد و ان علا يقاسم الاخوة فاذا اجتمع الاخوة و الاجداد فاما ان

______________________________

الجد مع الاخوة و لا صورة الانفراد و علي تقدير الاطلاق يقيد بما دل علي خلافه

(1) للإطلاق.

(2) فان الأقرب يمنع الأبعد بمقتضي الكتاب مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه أبو أيوب الخزاز «1» و لاحظ ما رواه ابن مسلم «2».

(3) اذ الميزان الأقربية فلا فرق بين مصاديقها.

(4) فان سهم الزوجين ثابت.

(5) فان نصيب الام مع عدم ولد الثلث فسهم من يتقرب بها كذلك و الباقي للمتقرب بالأب بالقرابة.

______________________________

(1) لاحظ ص: 846

(2) لاحظ ص: 846

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 848

يتحد نوع كل منهما مع الاتحاد في جهة النسب بأن يكون الاجداد و الاخوة كلهم للأب أو كلهم للأم او مع الاختلاف فيها بأن يكون الاجداد للأب و الاخوة للأم و اما أن يتعدد نوع كل منهما بأن يكون كل من الاجداد و الاخوة بعضهم للأب و بعضهم للأم أو يتعدد نوع احدهما و يتحد الاخر بأن يكون الاجداد نوعين بعضهم للأب و بعضهم للأم و الاخوة للأب لا غير أو للأم لا غير أو يكون الاخوة بعضهم للأب و بعضهم للأم و الاجداد للأب لا غير أو للأم لا غير، ثم ان كلا منهما اما أن يكون واحدا ذكرا أو أنثي أو متعددا ذكورا أو اناثا أو ذكورا و اناثا فهنا صور: الاولي: أن يكون الجد واحدا ذكرا أو أنثي أو متعددا ذكورا

أو اناثا، أو ذكورا و اناثا من قبل الام و كان الاخ علي أحد الاقسام المذكورة أيضا من قبل الام فيقتسمون المال بينهم بالسوية (1).

______________________________

(1) لأن المفروض انه لا وارث الا من يتقرب بالام و المفروض كما تقدم ان المتقربين بالام لا تفاضل بينهم بالذكورة و الانوثة فالمال يقسم بينهم بالسوية بمقتضي النصوص الدالة علي ان الجد شريك الاخوة لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن أخ لأب و جد قال: المال بينهما سواء «1»

و لاحظ ما رواه أبو بصير يعني المرادي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام:

رجل مات و ترك ستة اخوة و جدا، قال: هو كأحدهم «2» و لاحظ ما رواه الحلبي

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب ميراث الاخوة و الاجداد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 849

الثانية: ان يكون كل من الجد و الاخ علي أحد الاقسام المذكورة فيهما للأب فيقتسمون المال بينهم أيضا بالسوية ان كانوا جميعا ذكورا أو اناثا و ان اختلفوا في الذكورة و الانوثة اقتسموا المال بالتفاضل للذكر مثل حظ الأنثيين (1).

(الثالثة: أن يكون الجد للأب و الاخ للأبوين و الحكم فيها كذلك (2).

______________________________

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الاخوة من الام مع الجد قال: للأخوة فريضتهم الثلث مع الجد «1».

و غيرها من الروايات المذكورة في الباب 6 و الباب 8 من ابواب ميراث الاخوة و الأجداد من الوسائل.

فان المستفاد من هذه النصوص أنه لو اجتمع الجد مع الأخ يكون حكمه حكم الأخ فكما ان سهم الأخوين من الام الثلث كذلك سهم الأخ من الام مع الجد من الام الثلث، مضافا

الي ما في الجواهر «2» من دعوي عدم وجدان الخلاف بل دعوي الاجماع عليه من بعض.

(1) الأمر كما أفاده اذ المفروض ان المتقربين بالأب يتفاضلون بالذكورة و الانوثة و المفروض أيضا انه لا وارث ممن يتقرب بالام فعلي هذا لو كان كلهم ذكورا أو اناثا يقسم المال بينهم بالسوية لعدم التفاضل و مع الاختلاف يكون سهم الذكر ضعف الانثي.

(2) كما هو ظاهر واضح فان المفروض انهم في رتبة واحدة و جميعهم متقربون بالأب.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من أبواب ميراث الاخوة و الاجداد الحديث: 5

(2) ج 39 ص 155

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 850

الرابعة: أن يكون الاجداد متفرقين بعضهم للأب و بعضهم للأم ذكورا أو اناثا أو ذكورا و اناثا و الاخوة كذلك بعضهم للأب و بعضهم للأم ذكورا أو اناثا أو ذكورا و اناثا فللمتقرب بالام من الاخوة و الاجداد جميعا الثلث يقتسمونه بالسوية و للمتقرب بالاب منهم جميعا الثلثان يقتسمونهما للذكر مثل حظ الأنثيين مع الاختلاف بالذكورة و الانوثة و الا فبالسوية (1).

الخامسة: أن يكون الجد علي أحد الاقسام المذكورة للأب و الاخ علي أحد الاقسام المذكورة أيضا للأم فيكون للأخ السدس ان كان واحدا و الثلث ان كان متعددا يقسم بينهم بالسوية (2) و الباقي للجد واحدا كان أو متعددا و مع الاختلاف في الذكورة و الانوثة يقتسمونه بالتفاضل (3).

______________________________

(1) و هذا أيضا ظاهر فانه مع الاجتماع يكون سهم المتقرب بالام الثلث كسهم الام و الباقي للمتقرب بالاب فيقسم كما في المتن و الوجه فيما أفاده ان سهم المتقربين بالاب يقسم بينهم بالتفاضل بخلاف المتقربين بالام.

(2) فان سهم الأخ الواحد من الام السدس و ان كان أكثر يكون سهمه الثلث يقسم بينهم بالسوية.

(3)

و الدليل عليه قوله تعالي:

وَ إِنْ كٰانُوا إِخْوَةً رِجٰالًا وَ نِسٰاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ «1» بضميمة ان الجد كأحد الاخوة.

______________________________

(1) النساء/ 176

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 851

السادسة: أن ينعكس الفرض بأن كان الجد باقسامه المذكورة للأم و الاخ للأب فيكون للجد الثلث و للأخ الثلثان (1) و اذا كانت مع الجد للأم أخت للأب فان كانتا اثنتين فما زاد لم تزد الفريضة علي السهام (2) و ان كانت واحدة كان لها النصف (3) و للجد الثلث (4) و في السدس الزائد من الفريضة لا يترك الاحتياط بالصلح (5).

______________________________

(1) فان سهم المتقرب بالأم الثلث كالأم و الباقي للأخ من الاب بالقرابة.

(2) كما هو ظاهر فلا موضوع للرد.

(3) كما دل عليه قوله تعالي: إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَهٰا نِصْفُ مٰا تَرَكَ «1».

(4) و هو نصيب الام بنص الكتاب «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَوٰاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ «2».

(5) الظاهر ان المنشأ للاحتياط انه قال بعض بالاشتراك علي ما في الجواهر «3» و لا اشكال في حسن الاحتياط و لكن لزومه لا وجه له مع التصريح في حديث بكير قال: قلت لأبي عبد اللّه الي أن قال يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّٰهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلٰالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ يعني اختا لأب و أم أو اختا لأب فَلَهٰا نِصْفُ مٰا تَرَكَ وَ هُوَ يَرِثُهٰا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهٰا وَلَدٌ و إِنْ كٰانُوا إِخْوَةً رِجٰالًا وَ نِسٰاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فهم الذين يزادون و ينقصون و كذلك اولادهم الذين يزادون و ينقصون «4» و أيضا

______________________________

(1) النساء/ 176

(2) النساء/ 11

(3) ج 39 ص 160

(4) الوسائل الباب 3 من ميراث

الاخوة و الاجداد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 852

و اذا كان الاجداد متفرقين و كان معهم اخ او اكثر لأب كان للجد للأم و ان كان أنثي واحدة الثلث (1) و مع تعدد الجد يقتسمونه بالسوية و لو مع الاختلاف في الذكورة و الانوثة (2) و الثلثان للأجداد للأب مع الاخوة له يقسمونه للذكر مثل حظ الأنثيين (3) و اذا كان معهم أخ لام كان للجد للأم مع الاخ للأم الثلث بالسوية و لو مع الاختلاف بالذكورة و الانوثة (4) و للأجداد للأب الثلثان للذكر مثل حظ الأنثيين (5).

______________________________

يستفاد الحصر من حديث موسي بن بكر قال قلت لزرارة: ان بكيرا حدثني عن أبي جعفر عليه السلام ان الاخوة للأب و الاخوات للأب و الام يزادون و ينقصون لأنهن لا يكن أكثر نصيبا من الاخوة للأب و الام لو كانوا مكانهم لأن اللّه عز و جل يقول: ان امرء هلك ليس له ولد و له اخت فلها نصف ما ترك و هو يرثها ان لم يكن لها ولد يقول: يرث جميع مالها ان لم يكن لها ولد فاعطوا من سمي اللّه له النصف كملا و عمدوا فاعطوا الذي سمي له المال كله أقل من النصف و المرأة لا تكون أبدا أكثر نصيبا من رجل لو كان مكانها قال فقال زرارة: و هذا قائم عند اصحابنا لا يختلفون فيه «1».

(1) فان سهم الأم الثلث فالمتقرب بالام سهمه كذلك.

(2) فان المستفاد من الكتاب ان المتقرب بالام تكون القسمة بينهم بالسوية مضافا الي أن التفاضل يحتاج الي الدليل.

(3) بالقرابة و القسمة تكون بالتفاضل بالكتاب و السنة و الاجماع.

(4) فان الجد في حكم الأخ فيكون للجد و الأخ الثلث

و القسمة بالسوية كما تقدم تقريبها.

(5) كما تقدم بيانه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ميراث الاخوة و الاجداد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 853

و اذا كان الجد للأب لا غير و الاخوة متفرقين فللإخوة للأم السدس ان كان واحدا و الثلث ان كان متعددا يقتسمونه بالسوية (1) و للأخوة للأب مع الاجداد للأب الباقي (2) و لو كان الجد للأم لا غير و الاخوة متفرقين كان للجد مع الاخوة للأم الثلث بالسوية و للأخ للأب الباقي (3).

______________________________

(1) بنص الكتاب «وَ إِنْ كٰانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلٰالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وٰاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كٰانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكٰاءُ فِي الثُّلُثِ» «1».

(2) كما تقدم بيانه و تقريب دليله.

(3) كما هو ظاهر فان سهم المتقرب بالأم في الصورة المفروضة الثلث يقسم بينهم بالسوية و الباقي للأخ بالقرابة و اللّه العالم.

بقي شي ء و هو انه نقل عن المقنع انه لو ترك اختا لأب و أم و جدا فللأخت النصف و للجد النصف فان ترك اختين للأب و أم أو للأب و جدا فلأختين الثلثان و الباقي للجد و يمكن الاستدلال له بما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في الأخوات مع الجد: ان لهن فريضتهن «فريضتين» ان كانت واحدة فلها النصف و ان كانتا اثنتين أو أكثر من ذلك فلهما الثلثان و ما بقي فللجد «2» و ما رواه أبو- بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الاخوات مع الجد لهن فريضتهن، ان كانت واحدة فلها النصف و ان كانتا اثنتين أو أكثر من ذلك فلهن الثلثان و ما بقي فللجد 3.

و الحديثان ضعيفان أما الأول فبمحمد بن الفضيل

و المفضل و أما الثاني فبالبطائني فلاحظ.

______________________________

(1) النساء/ 12

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 6 من ميراث الاخوة و الاجداد الحديث: 17 و 18

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 854

[مسألة 26: أولاد الإخوة لا يرثون مع الإخوة شيئا]

(مسألة 26): اولاد الاخوة لا يرثون مع الاخوة شيئا فلا يرث ابن الاخ للأبوين مع الاخ من الاب او الام بل الميراث للأخ (1) هذا اذا زاحمه. أما اذا لم يزاحمه كما اذا ترك جدا لام و ابن أخ لام مع الاخ لأب فابن الاخ يرث مع الجد الثلث و الثلثان للأخ (2).

______________________________

(1) كما هو ظاهر فانهم بدل لهم و مع وجود المبدل منه لا تصل النوبة الي البدل و ان شئت قلت ان الأقرب في كل سلسلة و طبقة يمنع الأبعد في تلك السلسلة.

(2) قال في الجواهر «1» «المعروف بين الاصحاب بل هو كالمجمع عليه بينهم انه لو اجتمع أخ من أم مع ابن أخ لأب و أم فالميراث كله للأخ من الأم لأنه أقرب» انتهي.

و الأمر كما أفاده قدس سره فان قاعدة ان الأقرب يمنع الأبعد مسلمة عندهم و الخروج عنها يحتاج الي قيام دليل معتبر ان قلت هذه القاعدة انما تجري فيما تكون الجهة واحدة و الا لا تجري و لذا لا يمنع الأب الحفيد عن الارث قلت الجهة المؤثرة هي الاخوة و هي مشتركة و لذا أفاد الماتن في أول الكتاب بقوله المرتبة الثانية صنفان أيضا أحدهما الأجداد و الجدات و ان علوا كآبائهم و اجدادهم و ثانيهما الاخوة و الاخوات و ان نزلوا كأولادهم و أولاد أولادهم.

و يمكن الاستدلال علي المدعي بما رواه أبو أيوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان في كتاب علي عليه السلام ان العمة بمنزلة

الاب و الخالة بمنزلة الام و بنت الاخ بمنزلة الاخ و كل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجربه الا أن يكون وارث أقرب الي الميت منه فيحجبه «2».

فان المستفاد من هذه الرواية بوضوح ان كل رحم بمنزلة الرحم الذي يجره

______________________________

(1) ج 39 ص 166

(2) الوسائل الباب 5 من ابواب ميراث الاخوة و الاجداد الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 855

و كما اذا ترك اخوة لام و جدا قريبا لأب و جدا بعيدا لام او ترك اخوة لأب مع جد قريب لام و جد بعيد لأب فان الجد البعيد في الصورتين يشارك الاخوة (1) و اذا فقد الاخوة قام اولادهم مقامهم في مقاسمة الاجداد (2).

______________________________

به الا أن يكون وارث أقرب الي الميت منه و يدل علي المدعي أيضا ما ارسله يونس عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا التفت القرابات فالسابق أحق بميراث قريبه فان استوت قام كل واحد منهم مقام قريبه «1».

و يدل علي المدعي بالصراحة ما عن فقه الرضا عليه السلام و من ترك واحدا ممن له سهم ينظر كان من بقي من درجته أولي بالميراث ممن سفل و هو أن يترك الرجل أخا و ابن أخيه فالاخ أولي من ابن أخيه «2».

و لكن الظاهر ان ما أفاده الماتن تام اذ المفروض ان الام مع عدم الولد ترث الثلث فعلي تقدير عدم ابن الأخ من الام يكون الثلث بتمامه للجد من الام لأن سهمه سهم الام و الأقرب انما يمنع عن الأبعد فيما يكون سهم الأبعد و بعبارة اخري انما يكون الأقرب حاجبا لانتقال الارث الي الأبعد و في المقام لا يكون كذلك اذ لا ينتقل السدس الي الاخ من الاب

فان الثلث علي كل حال ينتقل الي المتقرب بالام غاية الامر ان لم يكن غير الجد وارث ينتقل اليه بتمامه و الا ينتقل اليهما.

(1) الكلام فيه هو الكلام فان الملاك واحد و هو ان الاقرب يمنع الأبعد في مقام المزاحمة لا مطلقا فلاحظ.

(2) بلا خلاف نصا و فتوي و لا اشكال هكذا في الجواهر و تدل علي المدعي

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب موجبات الارث الحديث: 3

(2) مستدرك الوسائل الباب 4 من ابواب ميراث و الاخوة الاجداد الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 856

و كل واحد من الاولاد يرث نصيب من يتقرب به (1) فلو خلف الميت أولاد أخ أو أخت لام لا غير كان لهم سدس أبيهم أو أمهم بالفرض و الباقي بالرد (2) و لو خلف اولاد أخوين أو أختين او أخ و أخت كان لأولاد كل واحد من الاخوة السدس بالفرض و سدسين بالرد (3).

______________________________

جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم قال: نشر أبو جعفر عليه السلام صحيفة فأول ما تلقاني فيها ابن أخ و جد المال بينهما نصفان فقلت: جعلت فداك ان القضاة عندنا لا يقضون لابن الاخ مع الجد بشي ء فقال: ان هذا الكتاب بخط علي عليه السلام و املاء رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله «1» و أما ما رواه محمد بن مسلم أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: بنات اخ و ابن أخ قال:

المال لابن الأخ قلت: قرابتهم واحدة، قال: العاقلة و الدية عليهم و ليس علي النساء شي ء «2» فهو ضعيف سندا فلا اعتبار به.

(1) يظهر من الجواهر انه لا اشكال و لا خلاف فيه أيضا و يظهر المدعي من النصوص

لاحظ حديث ابن مسلم «3» فانه يستفاد من الحديث أن ابن الاخ قائم مقام أبيه فان الاخ يشارك الجد فكل واحد من الاولاد يرث نصيب من يتقرب به كما في المتن.

(2) اذ نصيب اخ واحد او اخت واحدة من الام السدس فيكون للأولاد بالفرض و الباقي بالقرابة.

(3) اذ نصيب الاخوين أو الاختين من الام الثلث فيكون للأولاد بالفرض و الباقي بالقرابة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من أبواب ميراث الاخوة و الاجداد الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 13

(3) قد مر آنفا

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 857

و لو خلف اولاد ثلاثة اخوة كان لكل فريق من اولاد واحد منهم حصة ابيه أو أمه (1) و هكذا الحكم في اولاد الاخوة للأبوين او للأب و يقسم المال بينهم بالسوية ان كانوا اولاد أخ لام و ان اختلفوا بالذكورة و الانوثه و بالتفاضل للذكر مثل حظ الأنثيين ان كانوا اولاد أخ للأبوين او للأب (2) و اذا خلف اولاد أخ لام و اولاد أخ للأبوين أو للأب كان لأولاد الاخ للأم السدس و ان كثروا و لا ولاد الاخ للأبوين او للأب

______________________________

(1) بالتقريب المتقدم و لا حاجة الي الاعادة.

(2) لوحدة الملاك غاية الأمر انه مع الاختلاف بالذكورة و الانوثة يحصل التفاضل اذ المفروض ان اولاد الاخوة يرثون ما يرث آبائهم و قد تقدم ان ارث الاخوة مع الأخوات بالتفاضل ان قلت أي دليل دل علي التفاضل بين الذكر و الانثي هذا من ناحية و من ناحية اخري ان مقتضي الاشتراك التسوية سيما مع وحدة السبب و التفاضل يتوقف علي الدليل قلت الظاهر انه يمكن الاستدلال علي لزوم التفاضل بما رواه الأحول قال: قال ابن أبي العوجاء: ما بال المرأة المسكينة

الضعيفة تاخذ سهما واحدا و يأخذ الرجل سهمين؟ قال فذكر ذلك بعض أصحابنا لأبي عبد اللّه عليه السلام فقال: ان المرأة ليس عليها جهاد و لا نفقة و لا معقلة و انما ذلك علي الرجال فلذلك جعل للمرأة سهما واحدا و للرجل سهمين «1».

فان عموم العلة يقتضي سريان الحكم و ان شئت قلت: المشهور في السنتهم ان العلة تعمم و تخصص و لو اغمض عن النص المشار اليه يشكل الجزم بالحكم لعدم الدليل عليه و لقائل أن يقول ان المستفاد من الدليل ان الاولاد يرثون ارث آبائهم و المفروض ان ارث الآباء بهذا النحو فلاحظ و تأمل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب ميراث الابوين و الاولاد الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 858

الباقي و ان قلوا (1) و اذا مات الاخوة و اولادهم الصلبيون كان الميراث لأولاد الاولاد و الا علي طبقة (2) و ان كان من الاب يمنع من ارث الطبقة الثانية و ان كانت من الابوين (3)

[المرتبة الثالثة: الأعمام و الأخوال]
اشارة

المرتبة الثالثة: الاعمام و الاخوال و لا يرثون مع وجود المرتبتين الاولتين و هم صنف واحد يمنع الاقرب منهم الابعد (4).

______________________________

(1) كما ان الأمر كذلك في الاخوة و الأخوات و قد مر تفصيله فيكون ارث الاولاد مثل آبائهم و بعبارة اخري ولد الاخ لام اذا كان واحدا يكون له السدس و الا يكون سهمه الثلث و الباقي لأولاد الاخ للأبوين أو للأب.

(2) الظاهر ان المدعي مورد التسالم و يمكن أن يستدل عليه بما رواه أبو أيوب «1» فان مقتضي عموم قوله عليه السلام «و كل ذي رحم» شمول الحكم لجميع الطبقات.

(3) فان الاقرب يمنع الأبعد مطلقا و اللّه العالم.

(4) بلا خلاف يعتد به أجده فيه بل

الاجماع بقسميه عليه هكذا في الجواهر «2» و يدل علي المدعي ما رواه الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام قال: ابنك أولي بك من ابن ابنك و ابن ابنك اولي بك من اخيك قال: و اخوك لأبيك و امك اولي بك من اخيك لأبيك و اخوك لأبيك اولي بك من اخيك لأمك قال: و ابن أخيك لأبيك و امك اولي بك من ابن اخيك لأبيك قال: و ابن اخيك من ابيك أولي بك من عمك قال: و عمك اخو ابيك من ابيه و امه أولي بك من عمك أخي ابيك من ابيه «3».

______________________________

(1) لاحظ ص: 854

(2) ج 39 ص 172

(3) الوسائل الباب 1 من ابواب موجبات الارث الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 859

______________________________

و يدل علي المدعي أيضا ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

الخال و الخالة يرثان اذا لم يكن معها أحد يرث غيرهم ان اللّه تبارك و تعالي يقول وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْليٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ* «1».

مضافا الي قاعدة ان الاقرب يمنع من الأبعد المسلمة عندهم المستفاد من الاية الشريفة «وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْليٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ» * «2» المفسرة بلسان اهل البيت و هم أدري بما في البيت فانه يستفاد من جملة من النصوص ان المراد بالآية الشريفة ان الاقرب الي الميت أولي بارثه من الأبعد منها ما رواه أبو- بصير «3».

و منها: ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اختلف علي بن أبي طالب عليه السلام و عثمان في الرجل يموت و ليس له عصبة يرثونه و له ذو قرابة لا يرثونه ليس لهم سهم مفروض فقال علي عليه

السلام: ميراثه لذوي قرابته لان اللّه تعالي يقول: «وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْليٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ» * و قال عثمان اجعل ما له في بيت مال المسلمين «4».

و منها: ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان علي عليه السلام لا يعطي الموالي شيئا مع ذي رحم سميت له فريضة أم لم يسم له فريضة و كان يقول: وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْليٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ إِنَّ اللّٰهَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ قد علم مكانهم فلم يجعل لهم مع اولي الارحام 5.

و منها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه «وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ*

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب ميراث الاعمام و الاخوال الحديث: 1

(2) الانفال/ 75 و الاحزاب/ 6

(3) قد مر آنفا

(4) (4 و 5) الوسائل الباب 8 من ابواب موجبات الارث الحديث: 9 و 10

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 860

[مسألة 27: للعم المنفرد تمام المال]

(مسألة 27): للعم المنفرد تمام المال (1) و كذا لعمين فما زاد (2) يقسم بينهم بالسوية (3) و كذا العمة و العمتان و العمات لأب كانوا أم لام أم لهما (4) و اذا اجتمع الذكور و الاناث كالعم و العمة و الاعمام و العمات فالمشهور و المعروف ان القسمة بالتفاضل للذكر مثل حظ الأنثيين ان كانوا جميعا كانوا للأبوين او للأب لكن لا يبعد أن تكون القسمة بينهم بالتساوي و الاحوط الرجوع الي الصلح (5).

______________________________

بَعْضُهُمْ أَوْليٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ» * ان بعضهم أولي بالميراث من بعض لان أقربهم اليه رحما أولي به ثم قال ابو جعفر عليه السلام: أيهم أولي بالميت و اقربهم اليه امه أو اخوه أ ليس الام أقرب الي الميت

من اخوته و اخواته «1».

(1) بالقرابة.

(2) بعين الملاك.

(3) فان الترجيح و التفاضل يحتاج الي الدليل.

(4) بعين التقريب و الملاك و هي القرابة.

(5) ما يمكن أن يستدل به علي التفاضل وجوه الوجه الاول: الاجماع قال في الجواهر في هذا المقام: «بلا خلاف أجده فيه بل عن الغنيه الاجماع عليه» الخ و يمكن أن يرد فيه بأن عدم وجدان الخلاف لا يكون دليلا برأسه و الاجماع المنقول لا يكون حجة كما حقق في محله.

الوجه الثاني: ما رواه سلمة بن محرز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في عم و عمة قال: للعم الثلثان و للعمة الثلث «2» فانه قد صرح في الحديث بالتفاضل بين الذكر و الانثي و الرواية ضعيفة سندا بسلمة و عمل المشهور بها علي تقدير

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 11

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب ميراث الاعمام و الاخوال الحديث: 9

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 861

______________________________

تماميته لا يكون جابرا.

الوجه الثالث: قاعدة التفاضل المستفادة من الكتاب و السنة أما الكتاب فقوله:

لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ* «1» بتقريب ان المستفاد من الآيتين في الموضعين ان سهم الذكر ضعف الانثي و فيه انه حكم خاص وارد في مورد كذلك و لا وجه للقياس و اما السنة فعدة روايات منها ما رواه الاحول «2».

بتقريب: ان المستفاد من الحديث ان العلة الموجبة للتفاضل ما ذكر فيه و حيث ان العلة تعمم يكون الحكم عاما و الانصاف ان التقريب المذكور متين ان قلت نري أنه لا يكون كذلك في بعض الموارد كالاخوة و الاخوات من الام قلت كل عام و مطلق قابل لان يخصص و يقيد و لذا لو قال المولي لا تأكل الرمان لأنه حامض الا الحامض الكذائي نأخذ بعموم

العلة و نحكم بحرمة كل حامض و نخصص العام بالاستثناء المذكور في الكلام.

و منها: ما رواه يونس عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قلت له: كيف صار الرجل اذا مات و ولده من القرابة سواء يرث النساء نصف ميراث الرجال و هن اضعف من الرجال و أقلّ حيلة؟ فقال: لان اللّه عز و جل فضل الرجال علي النساء درجة لان النساء يرجعن عيالا علي الرجال «3» و التقريب هو التقريب لكن الحديث ضعيف سندا.

و منها: ما رواه اسحاق النخعي قال سأل النهيكي أبا محمد عليه السلام ما بال المرأة المسكينة الضعيفة تأخذ سهما واحدا و يأخذ الرجل سهمين فقال أبو محمد عليه السلام: ان المرأة ليس عليها جهاد و لا نفقة و لا عليها معقلة انما ذلك علي الرجال

______________________________

(1) النساء/ 11 و 176

(2) لاحظ ص: 857

(3) الوسائل الباب 2 من ابواب ميراث الابوين و الاولاد الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 862

أما اذا كانوا جميعا للأم ففيه قولان أقربهما القسمة بالسوية (1).

[مسألة 28: إذا اجتمع الأعمام و العمات و تفرقوا في جهة النسب]

(مسألة 28): اذا اجتمع الاعمام و العمات و تفرقوا في جهة النسب بأن كانوا بعضهم للأبوين و بعضهم للأم و بعضهم للأب سقط المتقرب بالاب (2).

______________________________

فقلت في نفسي: قد كان قيل لي ان ابن أبي العوجاء سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن هذه المسألة فاجابه بهذا الجواب فاقبل علي أبو محمد عليه السلام فقال:

نعم هذه المسألة مسئلة ابن أبي العوجاء و الجواب منا واحد اذا كان معني المسألة واحدا «1» و التقريب هو التقريب و لا يبعد أن يكون الحديث تاما سندا.

و منها ما رواه محمد بن سنان ان الرضا عليه السلام كتب اليه فيما كتب من جواب مسائله، علة اعطاء

النساء نصف ما يعطي الرجال من الميراث لان المرأة اذا تزوجت أخذت و الرجل يعطي فلذلك و فر علي الرجال و علة اخري في اعطاء الذكر مثلي ما تعطي الانثي لان الانثي في عيال الذكر ان احتاجت و عليه أن يعولها و عليه نفقتها، و ليس علي المرأة أن تعول الرجل و لا تأخذ بنفقته ان احتاج فوفر علي الرجال لذلك و ذلك قول اللّه عز و جل «الرِّجٰالُ قَوّٰامُونَ عَلَي النِّسٰاءِ بِمٰا فَضَّلَ اللّٰهُ بَعْضَهُمْ عَليٰ بَعْضٍ وَ بِمٰا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوٰالِهِمْ» «2» و الرواية ضعيفة سندا فالنتيجة ان مقتضي الصناعة الالتزام بالتفاضل لكن لا اشكال في حسن الاحتياط بالصلح.

(1) الذي يختلج بالبال أن يقال مقتضي دليل التفاضل معللا بالعلة المنصوصة جريان الحكم في المقام فان مقتضي التعليل الوارد في حديث الاحول عدم الفرق بين المقامين الا أن يتم الفرق بالإجماع و اللّه العالم.

(2) استدل علي المدعي بالإجماع و عدم الخلاف قال في الجواهر: «من دون

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

(2) نفس المصدر الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 863

و لو فقد المتقرب بالابوين قام المتقرب بالاب مقامه (1) و المشهور علي أن المتقرب بالام ان كان واحدا كان له السدس و ان كان متعددا كان له الثلث يقسم بينهم بالسوية و الزائد علي السدس أو الثلث يكون للمتقرب بالابوين واحدا كان او اكثر يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين (2) و لكن لا يبعد أن يكون الاعمام و العمات من طرف الام كالأعمام و العمات من الابوين و يقتسمون المال بينهم جميعا بالسوية (3).

______________________________

خلاف يعرف فيه بينهم كما عن جماعة الاعتراف به بل عن الغنية و السرائر الاجماع عليه» و بخبر الكناسي «1» عن

أبي جعفر عليه السلام الي أن قال: و عمك اخو ابيك من أبيه و امه أولي بك من عمك أخي أبيك من أبيه.

(1) كما تقدم و دل عليه النص أيضا فلاحظ.

(2) ادعي في الجواهر عدم الخلاف و أفاد: بأنه لعل الوجه في ذلك انه لما كان تقربهم الي الميت بالاخوة قاموا مقام كلالة الميت التي قد عرفت ان ارثها كذلك أو لأنه لما انتقل اليهم ارث من تقربوا به عوملوا معاملة الورثة له بل لعله هو معني انه يرثون نصيب من يتقربون به أي يعاملون معاملة الوارث له» الخ «2».

(3) بتقريب ان القاعدة الاولية في الاشتراك التسوية و عدم التفاضل و عدم الخلاف المدعي لا يكون اجماعا تعبديا علي الحكم و أما كون تقربهم بالاخوة مقتضيا للتفاضل فلا دليل عليه فان كل حكم تابع لموضوعه و أما أنهم يرثون نصيب من يتقربون به ففيه ان من يتقرب به العم بالميت هو الاب فيلزم أن يكون سهمه كسهم الاب فان المستفاد من حديث أبي أيوب «3» ان كل ذي رحم في حكم

______________________________

(1) راجع ص: 858

(2) الجواهر ج 29 ص 176

(3) لاحظ ص: 854

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 864

[مسألة 29: للخال المنفرد المال كله]

(مسألة 29): للخال المنفرد المال كله (1) و كذا الخالان فما زاد (2) يقسم بينهم بالسوية (3) و للخالة المنفردة المال كله و كذا الخالتان و الخالات (4) و اذا اجتمع الذكور و الاناث بأن كان للميت خال فما زاد و خالة فما زاد يقسم المال بينهم بالسوية الذكر و الانثي سواء أ كانوا للأبوين أم للأب أم للأم (5) أما لو تفرقوا بأن كان بعضهم للأبوين و بعضهم للأب و بعضهم للأم سقط المتقرب بالاب (6) و

لو فقد المتقرب بالابوين قام مقامه (7).

______________________________

من يتصل بالميت في كونه وارثا له الا أن يكون وارث أقرب و بعبارة واضحة ان العم يرث ما يرثه الاب لكن لا دليل علي التفاضل نعم مقتضي عموم العلة المستفاد من حديث الاحول «1» ان سهم الذكر ضعف الانثي علي الاطلاق الا في مورد قام فيه الدليل علي عدمه و لكن مقتضي الاحتياط التصالح و اللّه العالم.

(1) بالقرابة فان المفروض انحصار الوارث فيه فيكون المال كله له.

(2) بعين التقريب.

(3) اذ لا وجه للتفاضل و مقتضي القاعدة الاولية التسوية.

(4) الكلام فيها هو الكلام و التقريب هو التقريب.

(5) لعدم دليل علي التفاضل و قال في الجواهر «2» في هذا المقام: «بلا خلاف أجده فيه نعم مقتضي حديث الاحول «3» التفاضل.

(6) كما تقدم فان المتقرب بالابوين مقدم علي المتقرب بالأب.

(7) كما تقدم أيضا.

______________________________

(1) لاحظ ص: 857

(2) ج 39 ص: 181

(3) لاحظ ص: 857

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 865

و المشهور علي أنه للمتقرب بالام السدس ان كان واحدا و الثلث ان كان متعددا يقسم بينهم بالسوية و الباقي للمتقرب بالابوين يقسم بينهم بالسوية أيضا (1) و لكن لا يبعد أن يكون المتقرب بالام كالمتقرب بالابوين و أنهم يقتسمون المال جميعا بينهم بالسوية (2).

[مسألة 30: إذا اجتمع الأعمام و الأخوال كان للأخوال الثلث]

(مسألة 30): اذا اجتمع الاعمام و الاخوال كان للأخوال الثلث و ان كان واحدا ذكرا أو أنثي و الثلثان للأعمام و ان كان واحدا ذكرا أو أنثي (3) فان تعدد الاخوال اقتسموا الثلث علي ما تقدم و اذا تعدد الاعمام اقتسموا الثلثين كذلك (4).

______________________________

(1) كما تقدم تقريب الاستدلال عليه في العم و العمة فراجع.

(2) لعدم دليل معتد به علي التفضيل و مقتضي القاعدة الاولية التسوية في المال المشترك و

مقتضي حديث أبي أيوب «1» ان الخالة بمنزلة الام فالعلة للإرث هذه الجهة و لا فرق فيها بين المتقرب بالأب و بين المتقرب بالام فالحق التقسيم بالسوية الا أن يقال ان مقتضي التعليل الوارد في حديث الاحول «2» التفاضل.

(3) علي المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة كما في الجواهر و يدل علي المدعي ما رواه أبو أيوب «3» فان المستفاد من هذه الرواية ان كل رحم بمنزلة الرحم الذي يجربه الي الميت و المفروض ان من تقرب به الخال و الخالة الام و نصيبها الثلث و ان من يتقرب به العم و العمة الأب و نصيبه الثلثان.

(4) و قد تقدم شرح كلام الماتن.

______________________________

(1) لاحظ ص: 854

(2) لاحظ ص: 857

(3) راجع ص: 854

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 866

[مسألة 31: إذا دخل الزوج أو الزوجة علي الأعمام و الأخوال معا]

(مسألة 31): اذا دخل الزوج او الزوجة علي الاعمام و الاخوال معا كان للزوج أو الزوجة نصيبه الا علي أعني النصف او الربع و للأخوال ثلث الاصل و للأعمام الباقي (1).

[مسألة 32: أولاد الأعمام و العمات و الأخوال و الخالات يقومون مقام آبائهم عند فقدهم]

(مسألة 32): اولاد الاعمام و العمات و الاخوال و الخالات يقومون مقام آبائهم عند فقدهم فلا يرث ولد عم او عمة مع عم و لا عمة و لا خال و خالة و لا يرث ولد خال او خالة مع خال و لا مع خالة و لا مع عم و لا مع عمة بل يكون الميراث للعم أو الخال أو العمة أو الخالة لما عرفت من أن هذه المرتبة كلها صنف واحد لا صنفان كي يتوهم ان ولد العم لا يرث مع العم و العمة و لكن يرث مع الخال و الخالة و ان ولد الخال لا يرث مع الخال او الخالة و لكن يرث مع العم أو العمة بل الولد لا يرث مع وجود العم او الخال ذكرا او أنثي و يرث مع فقدهم جميعا (2).

______________________________

(1) فانه لا ينقص من نصيب الزوجين فلهما نصيبهما و الاخوال يرثون نصيب الام و سهم الام الثلث فيرثون الثلث و الباقي للأعمام بالقرابة و هذا واضح.

(2) الأمر كما أفاده فان الاعمام و الاخوال صنف واحد فمع وجود الاقرب لا تصل النوبة الي الأبعد كتابا و سنة أما الكتاب فقوله تعالي وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْليٰ بِبَعْضٍ* «1» و أما السنة فعدة نصوص منها ما رواه أبو أيوب «2» و منها ما رواه زرارة «3».

______________________________

(1) الانفال/ 75 و الاحزاب/ 6

(2) لاحظ ص: 854

(3) لاحظ ص: 859

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 867

[مسألة 33: يرث كل واحد من أولاد العمومة و الخؤولة نصيب من يتقرب به]

(مسألة 33): يرث كل واحد من اولاد العمومة و الخؤولة نصيب من يتقرب به فاذا اجتمع ولد عمة و ولد خال أخذ ولد العمة و ان كان واحدا أنثي الثلثين، و ولد الخال و ان كان ذكرا متعددا الثلث

(1).

[مسألة 34: قد عرفت أن العم و الخال ذكرا أم أنثي يمنع ولد العم و كذلك الأقرب من الأولاد يمنع الأبعد]

(مسألة 34): قد عرفت ان العم و الخال ذكرا أم أنثي يمنع ولد العم و كذلك الاقرب من الاولاد يمنع الا بعد فولد العم يمنع ولد ولد العم و العمة و ولد ولد الخال و الخالة (2) الا في صورة واحدة و هي ابن عم لأبوين مع عم لأب فان ابن العم يمنع العم و يكون المال كله له و لا يرث معه العم للأب اصلا (3) و لو كان معهما خال أو خالة سقط ابن العم و كان الميراث للعم و الخال و الخالة (4) و لو تعدد العم

______________________________

(1) لاحظ ما رواه أبو أيوب «1».

(2) و قد عرفت شرح كلام الماتن.

(3) بلا خلاف فيه بيننا بل الاجماع بقسميه عليه هكذا في الجواهر «2» و قد استدل علي المدعي بما ارسله الصدوق قال: فان ترك عما لأب و ابن عم لأب و أم فالمال كله لابن العم للأب و الام لأنه قد جمع الكلالتين كلالة الاب و كلالة الأم و ذلك بالخبر الصحيح المأثور عن الأئمة عليهم السلام «3».

(4) لأن الاجماع قائم في مورد خاص و في غيره يعمل بما هو مقتضي القاعدة و المفروض ان الأقرب مقدم و هو يمنع الأبعد.

______________________________

(1) لاحظ ص: 854

(2) ج 39 ص: 176

(3) الوسائل الباب 5 من ابواب ميراث الاعمام و الاخوال الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 868

أو ابن العم او كان زوج أو زوجة ففي جريان الحكم الاول اشكال (1).

[مسألة 35: الأقرب من العمومة و الخؤولة يمنع الأبعد منهما]

(مسألة 35): الاقرب من العمومة و الخؤولة يمنع الا بعد منهما فاذا كان للميت عم و عم أب او عم أم او خال لأب او أم كان الميراث لعم الميت و لا يرث معه عم أبيه و

لا خال أبيه و لا عم أمه و لا خال أمه و لو لم يكن للميت عم أو خال لكن كان له عم أب و عم جدا و خال جد كان الميراث لعم الاب دون عم الجد أو خاله (2).

[مسألة 36: أولاد العم و الخال مقدمون علي عم أب الميت و خال أبيه و عم أم الميت و خالها]

(مسألة 36): اولاد العم و الخال مقدمون علي عم أب الميت و خال أبيه و عم أم الميت و خالها و كذلك من نزلوا من الاولاد و ان بعدوا فانهم مقدمون علي الدرجة الثانية من الاعمام و الاخوال (3).

______________________________

(1) الظاهر ان وجه الاشكال اختصاص الحكم بمورده و لا يشمل غيره.

(2) و الوجه فيه ان الاقرب يمنع الأبعد.

(3) قال في الجواهر «1» في هذا المقام: «فعمومة الميت و عماته و اولادهم و ان نزلوا و خئولته و خالاته و اولادهم و ان نزلوا أحق بالميراث من عمومة الاب و عماته و خئولته و خالاته و أحق من عمومة الام و عماتها و خئولتها و خالاتها لأن عمومة الميت و خئولته أقرب اليه و كل أقرب أولي من الأبعد كتابا «2» و سنة «3» و اجماعا و اولادهم يقومون مقامهم علي ان ابنة الخالة مثلا من ولد الجدة و عمة الام مثلا من ولد جدة الام و ولد جدة الميت أولي بالميراث من ولد جدة أمّ الميت» الخ.

______________________________

(1) ج 39 ص 188

(2) الانفال/ 75

(3) الوسائل الباب 2 من ابواب موجبات الارث الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 869

[مسألة 37: إذا اجتمع عم الأب و عمته و خاله و خالته و عم الأم و عمتها و خالها و خالتها]

(مسألة 37): اذا اجتمع عم الاب و عمته و خاله و خالته و عم الام و عمتها و خالها و خالتها كان للمتقرب بالام الثلث يقسم بينهم بالسوية (1) و المشهور ان ثلثهما لخال أبيه و خالته يقسم بينهما بالسوية و الباقي يقسم بين عم أبيه و عمته للذكر مثل حظ الأنثيين (2) و لا يبعد ان المتقربين بالاب أيضا يقتسمون المال بينهم بالسوية من دون فرق بين الخال و العم (3).

[مسألة 38: إذا دخل الزوج أو الزوجة علي الأعمام و الأخوال]

(مسألة 38): اذا دخل الزوج أو الزوجة علي الاعمام و الاخوال

______________________________

و علي الجملة عم الميت أولي بالميت من عم أب الميت و المفروض ان ولد العم يقوم مقامه في ظرف عدمه فيمنع عم أب الميت عن الارث فلاحظ.

(1) لعدم ما يقتضي التفاضل فتكون شركتهم بالسوية و بعبارة اخري كل قريب يرث نصيب من يتقرب به الي الميت و المفروض ان المتقربين بالام يرثون سهم الام و سهمها الثلث يقسم بينهم بالسوية لعدم ما يقتضي التفاضل مع ملاحظة مجموع الادلة كتابا و سنة.

(2) و قد تقدم تقريب استدلال ما ذهب اليه المشهور و رده.

(3) فان التسوية مقتضي القاعدة الاولية و التفاضل يحتاج الي الدليل و ان شئت قلت ان المتقرب بالاب يرث الثلثين نصيب الاب و المتقرب بالام يرث نصيب الام و هو الثلث بمقتضي حديث أبي أيوب «1» و لكن لا دليل علي التفاضل نعم علي ما ذكرنا من أن مقتضي حديث الاحوال «2» التفاضل علي الاطلاق يلزم الالتزام به في كل مورد الا فيما قام الدليل علي خلافه.

______________________________

(1) راجع ص: 854

(2) راجع ص: 857

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 870

كان للزوج أو الزوجة نصيبه الا علي من النصف او الربع (1) و للأخوال

الثلث و للأعمام الباقي كما عرفت (2) و اما قسمة الثلث بين الاخوال و كذلك قسمة الباقي بين الاعمام فعلي ما تقدم (3).

[مسألة 39: إذا دخل الزوج أو الزوجة علي الأخوال فقط و كانوا متعددين]

(مسألة 39): اذا دخل الزوج أو الزوجة علي الاخوال فقط و كانوا متعددين اخذ نصيبه الا علي من النصف و الربع و الباقي يقسم بينهم علي ما تقدم و هكذا الحكم فيما لو دخل الزوج أو الزوجة علي الاعمام المتعددين (4).

[مسألة 40: إذا اجتمع لوارث سببان للميراث]

(مسألة 40): اذا اجتمع لوارث سببان للميراث فان لم يمنع احدهما الاخر ورث بهما معا سواء اتحدا في النوع كجد لأب هو جد لام أم تعددا كما اذا تزوج أخ الشخص لأبيه باخته لأمه فولدت له فهذا الشخص بالنسبة الي ولد الشخص عم و خال و ولد الشخص بالنسبة الي ولدهما ولد عم لأب و ولد خال لام و اذا منع أحد السببين الاخر ورث بالمانع كما اذا تزوج الاخوان زوجتين فولدتا لهما ثم

______________________________

(1) فان نصيب الزوجين ثابت كما تقدم.

(2) فان الاخوال يرثون سهم الام و فرضها الثلث فهم يرثون فرضها فانه تقدم ان الام فرضها ثابت و الباقي للأعمام الذين يقومون مقام الاب فكما ان الأب يرث الباقي كذلك الاعمام يرثون الباقي.

(3) و قد تقدم شرح كلامه.

(4) هذا ظاهر واضح فانه لا ينقص من سهم الزوجين و بعد اخراج سهم الزوج أو الزوجة يكون الباقي للأخوال أو الأعمام.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 871

مات أحدهما فتزوجها الاخر فولدت له فولد هذه المرأة من زوجها الاول ابن عم لولدها من زوجها الثاني و أخ لام فيرث بالاخوة لا بالعمومة (1)

[فصل في الميراث بالسبب]

اشارة

فصل في الميراث بالسبب و هو اثنان الزوجية و الولاء فهنا مبحثان

[الأول في الزوجية]
اشارة

الاول في الزوجية.

[مسألة 1: يرث الزوج من الزوجة النصف مع عدم الولد لها و الربع مع الولد]

(مسألة 1): يرث الزوج من الزوجة النصف مع عدم الولد لها و الربع مع الولد (2).

______________________________

(1) الامر كما أفاده و تقريب المدعي كما في المتن فلا وجه للتطويل.

(2) بالكتاب و السنة أما الكتاب فقوله تعالي: «وَ لَكُمْ نِصْفُ مٰا تَرَكَ أَزْوٰاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كٰانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهٰا أَوْ دَيْنٍ وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كٰانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمّٰا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهٰا أَوْ دَيْنٍ» الاية «1».

و أما السنة فتدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا يرث مع الام و لا مع الاب و لا مع الابن و لا مع الابنة الا الزوج و الزوجة و ان الزوج لا ينقص من النصف شيئا اذا لم يكن ولد و الزوجة لا تنقص من الربع شيئا اذا لم يكن ولد فاذا كان معهما ولد فللزوج الربع و للمرأة الثمن «2».

______________________________

(1) النساء/ 12

(2) الوسائل الباب 1 من أبواب ميراث الازواج الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 872

و ان نزل (1) و ترث الزوجة من الزوج الربع مع عدم الولد له و الثمن مع الولد و ان نزل (2).

[مسألة 2: إذا لم تترك الزوجة وارثا لها ذا نسب أو سبب إلا الإمام]

(مسألة 2): اذا لم تترك الزوجة وارثا لها ذا نسب أو سبب الا الامام فالنصف لزوجها بالفرض (3) و النصف الاخر يرد عليه علي الاقوي (4).

______________________________

(1) أما علي تقدير صدق الولد علي الولد مع الواسطة فظاهر و أما علي تقدير عدم الصدق فلا بد من اتمام المدعي بالتسالم و الاجماع.

(2) قد ظهر تقريب المدعي مما تقدم فلاحظ.

(3)

لما مر من أن الزوج مع عدم الولد للزوجة يرث النصف.

(4) يظهر من الجواهر ان الحكم مشهور شهرة عظيمة كادت تكون اجماعيا و عن الشيخين و جماعة دعوي الاجماع عليه و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام في امرأة توفيت و لم يعلم لها احد و لها زوج قال الميراث لزوجها «1».

و منها: ما رواه أبو بصير قال: قرأ علي أبو عبد اللّه عليه السلام فرائض علي عليه السلام فاذا فيها: الزوج يحوز المال كله اذا لم يكن غيره «2».

و منها: ما رواه أيضا قال كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فدعا بالجامعة فنظر فيها فاذا: امرأة ماتت و تركت زوجها لا وارث لها غيره المال له كله «3»

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب ميراث الازواج الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 873

و اذا لم يترك الزوج وارثا له ذا نسب او سبب الا الامام فلزوجته الربع فرضا (1) و هل يرد عليها الباقي مطلقا (2) أو اذا كان الامام غائبا (3) اولا يرد

______________________________

و غيرها من الروايات الواردة في الباب فراجع فلا اشكال في المسألة و لكن ذهب الديلمي علي ما نقل عنه الي انه لا يرد عليه و يكون الزائد للإمام و استدل عليه بالاصل و بالآية «1» و بما رواه جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يكون الرد علي الزوج و لا زوجة «2».

و فيه: ان الأصل لا مجال له بعد قيام النصوص كما هو ظاهر و أما الاية فغايتها الاطلاق فلا مانع من تقييدها بالنصوص المقيدة لها

و أما الرواية فهي ضعيفة سندا بضعف أسناد الشيخ الي علي بن الحسن بن فضال مضافا الي أن ابن بنت الياس مخدوش و اللّه العالم.

(1) كما تقدم بمقتضي الاية و الرواية و الاجماع.

(2) و هو المنسوب الي المفيد قدس سره و استدل عليه بما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: رجل مات و ترك امرأته قال: المال لها «3» و مثله في الدلالة علي المدعي حديثه الاخر عن أبي عبد اللّه عليه السلام في امرأة ماتت و تركت زوجها قال: المال كله له قلت: فالرجل يموت و يترك امرأته قال المال لها «4».

(3) هذا القول منسوب الي الصدوق قدس سره بتقريب ان مقتضي الجمع بين خبر أبي بصير و ما يدل علي خلافه التفصيل بين زماني الحضور و الغيبة و هو

______________________________

(1) النساء/ 12

(2) الوسائل الباب 3 من ابواب ميراث الازواج الحديث: 8

(3) الوسائل الباب 4 من ابواب ميراث الازواج الحديث: 9

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 874

عليها بل يكون الباقي للإمام (1) اقوال اقواها الاخير (2).

______________________________

ما رواه علي بن مهزيار قال: كتب محمد بن حمزة العلوي الي أبي جعفر الثاني عليه السلام: مولي لك أوصي بمائة درهم إلي و كنت أسمعه يقول كل شي ء هو لي فهو لمولاي، فمات و تركها و لم يأمر فيها بشي ء و له امرأتان احداهما ببغداد و لا اعرف لها موضعا الساعة و الاخري بقم ما الذي تأمرني في هذه المائة درهم؟

فكتب اليه: انظر أن تدفع من هذه المائة درهم الي زوجتي الرجل و حقهما من ذلك الثمن ان كان له ولد و ان لم يكن له ولد فالربع و تصدق

بالباقي علي من تعرف ان له اليه حاجة إن شاء اللّه «1».

و ما رواه محمد بن نعيم الصحاف قال: مات محمد بن أبي عمير بياع السابري و أوصي إلي و ترك امرأة لم يترك وارثا غيرها فكتبت الي العبد الصالح عليه السلام فكتب إلي: أعط المرأة الربع و احمل الباقي إلينا «2» و غيرهما من الأحاديث الواردة في هذا الباب.

(1) هذا القول مشهور شهرة عظيمة بين القوم كادت تكون اجماعا بل لعلها كذلك بل ظاهر المحكي عن ابن ادريس أو صريحه الاجماع عليه هكذا في الجواهر «3».

(2) اذ علي تقدير الالتزام بالتعارض لا مجال للجمع المذكور فانه جمع تبرعي و بلا دليل فلا بد من اعمال قانون التعارض و النصوص الدالة علي عدم ارثها موافقة مع الكتاب حيث ان المستفاد منه ان ارثه مع عدم الولد الربع علي الاطلاق فالحق

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الجواهر ج 39 ص: 80

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 875

[مسألة 3: إذا كان للميت زوجتان فما زاد اشتركن في الثمن بالسوية]

(مسألة 3): اذا كان للميت زوجتان فما زاد اشتركن في الثمن بالسوية مع الولد و في الربع بالسوية مع عدم الولد (1) و اذا طلق المريض زوجاته و كن أربعا و تزوج اربعا اخري و دخل بهن و مات في مرضه قبل انتهاء السنة من الطلاق اشركت المطلقات مع الزوجات في الربع أو الثمن (2).

______________________________

ما أفاده في المتن و قد ذكرنا أخيرا انه لا دليل معتبر علي الترجيح بالكتاب بل الترجيح منحصر بالأحدثية و الترجيح بها أيضا يقتضي عدم الرد لاحظ ما رواه ابن مهزيار و ابن نعيم «1» فالنتيجة هي النتيجة.

(1) فان الثمن أو الربع سهم الزوجة المقتضي للاشتراك بالتسوية خصوصا اذا كان السبب واحدا.

(2) سيتعرض

الماتن لهذا الفرع و هو ارث الزوجة لو طلقت في مرض الموت مع شرائطه في المسألة 5 من هذا الفصل و نتعرض لشرح كلامه هناك فانتظر و أما وجه تقييده الحكم بالارث بالدخول فلعدة من النصوص منها ما رواه أبو ولاد الحناط قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج في مرضه فقال: اذا دخل بها فمات في مرضه ورثته و ان لم يدخل بها لم ترثه و نكاحه باطل «2»

و منها: ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: ليس للمريض أن يطلق و له أن يتزوج فان هو تزوج و دخل بها فهو جائز و ان لم يدخل بها حتي مات في مرضه فنكاحه باطل و لا مهر لها و لا ميراث «3» و غيرهما المذكور في البابين

______________________________

(1) لاحظ ص: 874

(2) الوسائل الباب 18 من ابواب ميراث الازواج الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 21 من ابواب اقسام الطلاق و احكامه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 876

[مسألة 4: يشترط في التوارث بين الزوجين دوام العقد فلا ميراث بينهما في الانقطاع]

(مسألة 4): يشترط في التوارث بين الزوجين دوام العقد فلا ميراث بينهما في الانقطاع كما تقدم (1) و لا يشترط الدخول في التوارث فلو مات احدهما قبل الدخول ورثه الاخر زوجا كان أم زوجة (2) و المطلقة رجعيا يرثه و تورث بخلاف البائن (3).

______________________________

المشار اليهما.

(1) و تقدم شرح كلام الماتن في كتاب النكاح فراجع.

(2) لصدق الموضوع فيشمله دليل تحقق الارث كتابا و سنة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «1» و غيره فان الموضوع المأخوذ في الأدلة عنوان الزوج و الزوجة و لم يقيد بالدخول مضافا الي الاجماع بقسميه عليه كما في الجواهر اضف الي ذلك التصريح به في بعض النصوص لاحظ ما رواه ابن

مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يتزوج المرأة ثم يموت قبل أن يدخل بها فقال:

لها الميراث و عليها العدة اربعة اشهر و عشر و ان كان سمي لها مهرا يعني صداقا فلها نصفه و ان لم يكن سمي لها مهرا فلا مهر لها «2».

(3) فان التفصيل يستفاد من النصوص الخاصة منها ما رواه محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: اذا طلقت المرأة ثم توفي عنها زوجها و هي في عدة منه لم تحرم عليه فانها ترثه و يرثها ما دامت في الدم من حيضتها الثانية من التطليقتين الاولتين فان طلقها الثالثة فانها لا ترث من زوجها شيئا و لا يرث منها «3» و غيره من الروايات الواردة في هذا الباب فراجع.

______________________________

(1) لاحظ ص: 871

(2) الوسائل الباب 12 من أبواب ميراث الازواج الحديث: 1

(3) الوسائل الباب 13 من أبواب ميراث الازواج الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 877

[مسألة 5: يصح طلاق المريض لزوجته و لكنه مكروه]

(مسألة 5): يصح طلاق المريض لزوجته و لكنه مكروه (1) فاذا

______________________________

(1) بلا اشكال و لا كلام قال في الجواهر «1» في هذا المقام «بلا خلاف كما عن المبسوط بل لعله اجماع حتي من القائل بعدم الجواز الذي لا ينافي الصحة المستفادة من جملة من النصوص المستفيضة أو المتواترة» انتهي لاحظ ما رواه أبو العباس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا طلق الرجل المرأة في مرضه ورثته ما دام في مرضه و ان انقضت عدتها الا أن يصح منه قال: قلت: فان طال به المرض فقال: ما بينه و بين سنة «2».

و ما رواه سماعة قال: سألته عن رجل طلق امرأته و هو مريض قال: ترثه ما دامت في عدتها

و ان طلقها في حال اضرار فهي ترثه الي سنة الحديث «3» و غيرها المذكور في الباب المشار اليه.

و علي الجملة لا اشكال في صحة طلاق المريض انما الكلام في أنه حرام تكليفا أو مكروه و يستفاد من جملة من النصوص حرمة طلاق المريض منها ما رواه زرارة «4» و منها غيره المذكور في الباب المشار اليه.

فان المستفاد من هذه النصوص حرمة طلاقه لكن يظهر من الجواهر ان المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة كراهة طلاقه بل لم يتحقق الخلاف في ذلك و يمكن أن يقال انه لو كان حراما لشاع و ذاع و الحال ان الأمر علي خلاف الحرمة و انه لو طلق المريض زوجته لا يعد طلاقه مورد الانكار فيكون مكروها غاية الأمر تكون كراهته أشد من كراهة مطلق الطلاق و لقائل أن يقول ان الظهور الاولي للنصوص المشار اليها الحرمة الوضعية كما في بقية موارد المعاملات حيث يحمل النهي فيها

______________________________

(1) الجواهر ج 32 ص 148

(2) الوسائل الباب 22 من ابواب اقسام الطلاق و أحكامه الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) لاحظ ص: 875

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 878

طلقها في مرضه و ماتت الزوجة في العدة الرجعية ورثها و لا يرثها في غير ذلك (1) و أما اذا مات الزوج فهي ترثه سواء أ كان الطلاق رجعيا أم كان بائنا اذا كان موته قبل انتهاء السنة من حين الطلاق (2) و لم يبرأ من مرضه الذي طلق فيه (3) و لم يكن الطلاق بسؤالها و لم يكن خلعا و لا مباراة (4) و لم تتزوج بغيره (5) فلو مات بعد انتهاء السنة و لو بلحظة

______________________________

علي الوضع بقرينة الوضوح خارجا و بقية النصوص الدالة علي

الصحة تحمل علي الكراهة فالنتيجة واحدة فلاحظ.

(1) كما تقدم و قلنا يستفاد التفصيل من النص.

(2) لجملة من النصوص منها ما رواه أبو العباس «1» و منها غيره المذكور في الباب 22 من أبواب أقسام الطلاق و أحكامه و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين كون الطلاق رجعيا أو بائنا.

(3) لاحظ حديث أبي العباس المشار اليه آنفا فانه استثني فيه صورة البرء من مرضه الذي طلق فيه.

(4) لاحظ ما رواه محمد بن القاسم الهاشمي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: لا ترث المختلعة و لا المباراة و لا المستأمرة في طلاقها من الزوج شيئا اذا كان ذلك منهن في مرض الزوج و ان مات لأن العصمة قد انقطعت منهن و منه «2» فان المستفاد من هذه الرواية ان الطلاق لو كان بسؤالها أو كان طلاقا خلعيا أو مباراة لا يتحقق الارث و هذه الرواية ضعيفة فان الهاشمي المذكور لم يوثق.

(5) لاحظ ما رواه أبو عبيدة الحذاء و مالك بن عطية كلاهما عن محمد بن علي

______________________________

(1) لاحظ ص: 877

(2) الوسائل الباب 15 من أبواب ميراث الازواج

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 879

او برئ من مرضه فمات لم ترثه (1) و أما اذا كان الطلاق بسؤالها او كان الطلاق خلعا او مباراة او كانت قد تزوجت المرأة بغيره ففيه اشكال (2).

[مسألة 6: إذا طلق واحدة من أربع فتزوج أخري ثم مات و اشتبهت المطلقة في الزوجات الأول]

(مسألة 6): اذا طلق واحدة من اربع فتزوج اخري ثم مات و اشتبهت المطلقة في الزوجات الاول ففي الرواية و عليها العمل انه كان للتي تزوجها أخيرا ربع الثمن و تشترك الاربع المشتبهة فيهن

______________________________

عليهما السلام قال: اذا طلق الرجل امرأته تطليقة في مرضه ثم مكث في مرضه حتي انقضت عدتها ثم مات في ذلك المرض بعد انقضاء

العدة فانها ترثه ما لم تتزوج فان كانت قد تزوجت بعد انقضاء العدة فانها لا ترثه «1» فان الحديث تام من حيث الدلالة علي المدعي لكنه ضعيف سندا فان ربيع الأصم لم يوثق بل السند مخدوش من غير هذه الجهة أيضا.

(1) اذ المقيد ينتفي بانتفاء احد قيوده.

(2) لضعف الدليل سندا كما تقدم فالاشكال المذكور من هذه الناحية فلاحظ بقي شي ء و هو ان المستفاد من بعض النصوص اختصاص الارث بصورة قصد الاضرار لاحظ حديث سماعة «2».

و مثله في الدلالة مرسل يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته ما العلة التي من أجلها اذا طلق الرجل امرأته و هو مريض في حال الاضرار ورثته و لم يرثها؟ و ما حد الاضرار عليه؟ فقال: هو الاضرار و معني الاضرار منعه اياها ميراثها منه فالزم الميراث عقوبة «3» فان مقتضي مفهوم الشرطية

______________________________

(1) الوسائل الباب 14 من ابواب ميراث الازواج الحديث: 8 و الباب 22 من اقسام الطلاق الحديث: 5

(2) لاحظ ص: 877

(3) الوسائل الباب 14 من ابواب ميراث الازواج الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 880

المطلقة بثلاثة ارباعه هذا اذا كان للميت ولد و الا كان لها ربع الربع و تشترك الاربعة الاولي في ثلاثة ارباعه (1) و هل يتعدي الي كل مورد اشتبهت فيه المطلقة بغيرها او يعمل بالقرعة قولان اقواهما الثاني (2).

[مسألة 7: يرث الزوج من جميع ما تركته الزوجة منقولا و غيره أرضا و غيرها]

(مسألة 7): يرث الزوج من جميع ما تركته الزوجة منقولا و غيره ارضا و غيرها (3) و ترث الزوجة مما تركه الزوج من المنقولات

______________________________

انه لو لم يكن قاصدا للإضرار لا ترثه و اللّه العالم.

(1) بلا خلاف أجده مما عدا ابن ادريس هكذا في الجواهر و يدل علي المدعي حديث

أبي بصير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل تزوج أربع نسوة في عقدة واحدة أو قال: في مجلس واحد و مهورهن مختلفة قال: جائز له و لهن قلت: أ رأيت ان هو خرج الي بعض البلدان فطلق واحدة من الأربع و أشهد علي طلاقها قوما من اهل تلك البلاد و هم لا يعرفون المرأة ثم تزوج امرأة من أهل تلك البلاد بعد انقضاء عدة تلك المطلقة ثم مات بعد ما دخل بها كيف يقسم ميراثه؟

فقال: ان كان له ولد فان للمرأة التي تزوجها أخيرا من أهل تلك البلاد ربع ثمن ما ترك و ان عرفت التي طلقت من الأربع بعينها و نسبها فلا شي ء لها من الميراث و [ليس] عليها العدة قال: و يقتسمن الثلاثة النسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترك و عليهن العدة و ان لم تعرف التي طلقت من الاربع قسمن النسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترك بينهن جميعا و عليهن جميعا العدة «1» و سند الحديث نقي و دلالته علي المدعي ظاهرة.

(2) لاختصاص النص بمورده و لا وجه للتعدي فتصل النوبة الي قاعدة القرعة التي تكون لكل أمر مشكل.

(3) قال في الجواهر: «لا خلاف بين المسلمين في أن الزوج يرث من جميع

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من أبواب ميراث الازواج

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 881

و السفن و الحيوانات (1) و لا ترث من الارض لا عينا و لا قيمة (2).

______________________________

ما تركته زوجته من ارض و بناء و غيرهما» الخ و يكفي لإثبات المدعي اطلاق الكتاب «1» و السنة لاحظ ما رواه محمد بن مسلم «2» و لاحظ ما رواه ابن أبي يعفور «3» و غيرهما.

(1) بعين التقريب المتقدم.

(2) يظهر من الجواهر

«4» ان المسألة اجماعية و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أن المرأة لا ترث مما ترك زوجها من القري و الدور و السلاح و الدواب شيئا و ترث من المال و الفرش و الثياب و متاع البيت مما ترك و تقوم النقض و الأبواب و الجذوع و القصب فتعطي حقها منه «5».

و منها: ما رواه محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ترث المرأة الطوب و لا ترث من الرباع شيئا قال: قلت: كيف ترث من الفرع و لا ترث من الرباع شيئا؟ فقال: ليس لها منه نسب ترث به و انما هي دخيل عليهم فترث من الفرع و لا ترث من الأصل و لا يدخل عليهم داخل بسببها «6» و غيرهما من الروايات الواردة في الباب المشار اليه.

و نسب الخلاف الي ابن جنيد و استدل له بما رواه ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل هل يرث من دار امرأته أو ارضها من

______________________________

(1) لاحظ ص: 871

(2) لاحظ ص: 871

(3) لاحظ ذيل هذه الصفحة

(4) الجواهر ج 39 ص: 207

(5) الوسائل الباب 6 من ابواب ميراث الازواج الحديث: 1

(6) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 882

و ترث مما ثبت فيها من بناء و أشجار و آلات و اخشاب و نحو ذلك (1).

______________________________

التربة شيئا؟ أو يكون في ذلك بمنزلة المرأة فلا يرث من ذلك شيئا؟ فقال:

يرثها و ترثه من كل شي ء ترك و تركت «1».

و قال في الجواهر يتجه حمل هذه الرواية علي التقية أقول: المرجح الأول في باب الترجيح هو موافقة الكتاب و الترجيح من

هذه الجهة مع حديث ابن أبي يعفور الدال علي ارث الزوجة من العقار اذ المستفاد من اطلاق الكتاب ان الزوجة ترث من كل شي ء الا أن يقال ان عدم ارثها منها مورد التسالم و الاجماع و لا يكون قابلا للنقاش و عليه تحمل الرواية المعارضة علي التقية من باب عدم الطرح لا من باب ترجيح المعارض بمخالفته مع القوم.

و أما التفصيل بين كون الزوجة ذات ولد من الميت و عدمه بالالتزام بالارث من العقار في الأول و عدمه في الثاني فلا دليل عليه الا مقطوعة ابن اذينة في النساء اذا كان لهن ولد اعطين من الرباع «2» و هذه الرواية مقطوعة لا اعتبار بها لعدم دليل علي صدورها من الامام عليه السلام و دعوي القطع بكونها عن الامام عليه السلام عهدتها علي مدعيها و أما الظن بكونها عن الامام عليه السلام فعلي تقدير التسليم لا أثر له فان الظن لا يغني من الحق شيئا.

(1) كما هو المشهور بين القوم و تدل عليه النصوص منها ما رواه الأحول عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: لا يرثن النساء من العقار شيئا و لهن قيمة البناء و الشجر و النخل يعني من البناء الدور و انما عني من النساء الزوجة «3».

و منها: ما رواه زرارة «4» فانه يستفاد المدعي من هذه النصوص بوضوح

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب ميراث الازواج الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 6 من أبواب ميراث الازواج الحديث: 16

(4) لاحظ ص: 881

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 883

______________________________

و لكن لا يخفي علي الخبير ان المستفاد من مجموع الاخبار ان الزوجة ترث من قيمة الثابت في الأرض فان المستفاد من حديث

محمد بن مسلم «1» و ان كان ارثها الطوب و لكن بقرينة بقية النصوص يعلم انها ترث من القيمة لاحظ ما رواه ميسر بياع الزطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن النساء ما لهن من الميراث قال: لهن قيمة الطوب و البناء و الخشب و القصب فأما الأرض و العقارات فلا ميراث لهن فيه قال: قلت: فالبنات؟ قال: البنات لهن نصيبهن منه قال: قلت: كيف صار ذا و لهذه الثمن و لهذه الربع مسمي؟ قال: لأن المرأة ليس لها نسب ترث به و انما هي دخيل عليهم انما صار هذا كذا لئلا تتزوج المرأة فيجي ء زوجها أو ولدها من قوم آخرين فيزاحم قوما آخرين في عقارهم «2».

و ما رواه زرارة و محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا ترث النساء من عقار الدور شيئا و لكن يقوم البناء و الطوب و تعطي ثمنها أو ربعها، قال و انما ذلك لئلا يتزوجن فيفسدن علي أهل المواريث مواريثهم «3» و ما رواه الأحول «4».

فان الظاهر انه يفهم من مجموع النصوص ان ارثها من قيمة البناء قال صاحب الجواهر «5» في هذا المقام «نعم ترث القيمة خاصة من آلات البناء كالطوب و الجذوع و الخشب و القصب و النقض بلا خلاف أجد فيه بل الاجماع بقسميه عليه للنصوص المستفيضة أو المتواترة فيه» الخ.

______________________________

(1) لاحظ ص: 881

(2) الوسائل الباب 6 من ابواب ميراث الازواج الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 7

(4) لاحظ ص: 882

(5) الجواهر ج 39 ص 215

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 884

و لكن للوارث دفع القيمة اليها و يجب عليها القبول (1) و لا فرق في الارض بين الخالية و المشغولة

بغرس أو بناء أو زرع أو غيرها (2).

______________________________

ان قلت: الاجماع المدعي في المقام ان كان منقولا فلا يكون حجة و ان كان محصلا فيمكن أن يكون مدركيا و أما النصوص فلا اشكال في التعارض بين حديث ابن مسلم الدال علي ارثها الطوب و بين ما يدل علي ارثها من قيمة الطوب.

لاحظ حديث الفضلاء و فيه: ان المرأة لا ترث من تركة زوجها من تربة دار أو أرض الا أن يقوم الطوب و الخشب قيمة فتعطي ربعها أو ثمنها «1» فعلي فرض التعارض يكون الترجيح بموافقة الكتاب مع حديث ابن مسلم حيث ان مقتضي الكتاب ارثها من كل شي ء قلت علي هذا يلزم أن يحتاط بالنسبة الي الطوب و يتم الأمر بالمصالحة ان قلت الاجماع قائم علي عدم التفريق بين الطوب و غيره قلت هذا رجوع الي الاجماع فلا تصل النوبة الي المعارضة.

و لا يخفي انا رجعنا أخيرا عن الترجيح بموافقة الكتاب و مخالفة القوم و قلنا الترجيح يختص بالأحدثية و حيث ان الأحدث مجهول يدخل المقام في باب اشتباه الحجة بلا حجة و يسقط الطرفان عن الاعتبار فتصل النوبة الي الأخذ بالاطلاق الكتابي و ان شئت قلت: يشك في تخصيص الكتاب و تقييده فالمرجع عمومه و اطلاقه و اللّه العالم.

(1) كما هو ظاهر فانه لا مقتضي لجواز عدم قبولها بل النصوص دالة علي المدعي بوضوح و لكن تقدم ان مقتضي القاعدة الالتزام بارثها من نفس العين.

(2) قال في الجواهر «و علي كل حال فلا ريب في أن القول الاول أظهر و هو حرمانها من مطلق الأرض عينا و قيمة دارا أو بستانا أو غيرهما مشغولة بزرع او غرس أو خالية» «2» الخ و الحق كما

افاده فان النصوص المشار اليها دالة علي المدعي

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب ميراث الازواج الحديث: 5

(2) الجواهر ج 36 ص: 215

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 885

[مسألة 8: كيفية التقويم أن يفرض البناء ثابتا من غير أجرة]

(مسألة 8): كيفية التقويم أن يفرض البناء ثابتا من غير اجرة ثم يقوم علي هذا الفرض فتستحق الزوجة الربع أو الثمن من قيمته (1).

[مسألة 9: الظاهر أنها تستحق من عين ثمرة النخل و الشجر و الزرع الموجودة حال موت الزوج]

(مسألة 9): الظاهر انها تستحق من عين ثمرة النخل و الشجر و الزرع الموجودة حال موت الزوج و ليس للوارث اجبارها علي القيمة (2).

______________________________

بقي شي ء و هو انه يستفاد من حديث زرارة «1» و حديثه الاخر «2».

ان الزوجة لا ترث من الدواب و السلاح شيئا و قال المجلسي عليه الرحمة في ذيل هذا الخبر في الجزء السابع من فروع الكافي ص 128: «قال في المسالك ما اشتمل عليه هذا الخبر من الدواب و السلاح منفي بالإجماع و حمله بعضهم علي ما يحيي به الولد من السلاح كالسيف فانها لا ترث منه شيئا و علي ما أوصي به من الدواب أو وقفه او عمل به ما يمنع من الارث و لا يخفي كونه خلاف الظاهر الا ان فيه جمعا بين الأخبار و هو خير من اطراحه رأسا انتهي».

(1) فان الظاهر من النصوص ان الشجر الباقي في الأرض الي أن يفني مورد حقها فطريق التقويم كما ذكره لا أن يقوم نفس الشجر بما هو بلا لحاظ بقائه و بعبارة اخري ان المستفاد من النصوص انها لا ترث من نفس الأرض و أما الثابت في الأرض فترثه بما هو كذلك فلاحظ.

(2) و الوجه فيه ان مقتضي الأدلة الأولية من الكتاب و السنة ارثها من جميع تركته و دليل الاستثناء لا يشمل الثمرة الموجودة حين الموت فترث منها فلا وجه لإجبارها علي القيمة فلا حق للورثة في اجبارها.

______________________________

(1) لاحظ ص: 881

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب ميراث الازواج الحديث: 12

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 886

[مسألة 10: إذا لم يدفع الوارث القيمة لعذر أو لغير عذر سنة أو أكثر]

(مسألة 10): اذا لم يدفع الوارث القيمة لعذر أو لغير عذر سنة أو اكثر كان للزوجة المطالبة باجرة البناء (1) و اذا أثمرت الشجرة

في تلك المدة كان لها فرضها من الثمرة عينا فلها المطالبة بها و هكذا ما دام الوارث لم يدفع القيمة تستحق الحصة من المنافع و الثمرة و غيرهما من النماءات (2).

[مسألة 11: إذا انقلعت الشجرة أو انكسرت أو انهدم البناء]

(مسألة 11): اذا انقلعت الشجرة او انكسرت أو انهدم البناء فالظاهر عدم جواز اجبارها علي اخذ القيمة فيجوز لها المطالبة بحصتها من العين كالمنقول (3) نعم اذا كان البناء مستعدا للهدم و الشجرة مستعدا للكسر و القطع جاز اجبارها علي اخذ القيمة ما دام لم ينهدم و لم ينكسر و كذا الحكم في الفسيل المعد للقطع (4) و هل يلحق بذلك الدولاب و المحالة و العريش الذي يكون عليه اغصان الكرم و جهان

______________________________

(1) بتقريب انها شريكة مع الورثة فيها فيكون لها المطالبة و لكن قد مر ان المستفاد من الأدلة خلافه فلا وجه لمطالبتها نعم علي ما قلنا أخيرا تكون مالكة لنفس البناء كما تقدم فلا تغفل.

(2) التقريب هو التقريب و الجواب و الاشكال كما تقدم فلاحظ.

(3) بتقريب انها سهيمة في العين و جواز اجبارها بأخذ القيمة يختص بغير حال الانكسار و الهدم و فيه ما تقدم من عدم كونها سهيمة بل لها القيمة و لكن قد تقدم الكلام عليه علي المسلك الاخر.

(4) اذ قبل الانهدام يكون مضمونا بعنوان كونه شجرا فيترتب عليه الحكم الثابت في الأصل.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 887

اقواهما ذلك فللوارث اجبارها علي اخذ قيمتها و كذا بيوت القصب (1).

[مسألة 12: القنوات و العيون و الآبار ترث الزوجة من آلاتها و للوارث إجبارها علي أخذ القيمة]

(مسألة 12): القنوات و العيون و الا بار ترث الزوجة من آلاتها و للوارث اجبارها علي اخذ القيمة (2) و أما الماء الموجود فيها فانها ترث من عينه و ليس للوارث اجبارها علي اخذ قيمته (3) و لو حفر سردابا او بئرا قبل أن يصل الي مائها فمات ورثت منها الزوجة و عليها اخذ القيمة (4).

[مسألة 13: لو لم يرغب الوارث في دفع القيمة للزوجة عن الشجر و البناء فدفع لها العين نفسها]

(مسألة 13): لو لم يرغب الوارث في دفع القيمة للزوجة عن الشجر و البناء فدفع لها العين نفسها كانت شريكة فيها كسائر الورثة و لا يجوز لها المطالبة بالقيمة (5) و لو عدل الوارث عن بذل العين الي

______________________________

(1) بتقريب ان العرف يفهم من النصوص الحاقها بالثوابت قال في الجواهر «1» «و علي كل حال فهل يدخل في الالات الدولاب و المحالة و العريش الذي عليه اغصان الكرم و نحوها و جهان اقواهما دخول كل ما يسمي من آلات البناء من غير فرق بين ما اتخذ السكني و غيرها من المصالح كالرحي» الخ و الانصاف ان الجزم بالكلية مشكل.

(2) بل تقدم انها ترث من قيمتها و علي الجملة حكمها حكم بقية الالات مع ما تقدم فلاحظ.

(3) لوجود المقتضي و عدم شمول دليل المنع اياه فترث من عينه.

(4) الكلام فيه هو الكلام فانها ترث من القيمة مع الاشكال المتقدم فلا تغفل.

(5) بتقريب ان الاختيار بيد الوارث فله أن يدفع المبدل و له أن يدفع البدل

______________________________

(1) ج 39 ص 217 و 218

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 888

القيمة ففي وجوب قبولها اشكال (1) و ان كان الاظهر العدم (2).

[مسألة 14: المدار في القيمة علي قيمة يوم الدفع]

(مسألة 14): المدار في القيمة علي قيمة يوم الدفع (3).

[مسألة 15: قد تقدم في كتاب النكاح أنه لو تزوج المريض و دخل بزوجته ورثته و إذا مات قبل الدخول فنكاحه باطل]

(مسألة 15): قد تقدم في كتاب النكاح أنه لو تزوج المريض و دخل بزوجته ورثته و اذا مات قبل الدخول فنكاحه باطل و لا مهر لها و لا ميراث (4).

[المبحث الثاني: في الولاء و أقسامه ثلاثة]
اشارة

(المبحث الثاني) في الولاء و اقسامه ثلاثة

[الأول: ولاء العتق]
اشارة

(الاول) ولاء العتق

[مسألة 16: يرث المعتق عتيقه بشروط ثلاثة]
اشارة

(مسألة 16): يرث المعتق عتيقه بشروط ثلاثة

[الشرط الأول: أن لا يكون عتقه في واجب كالكفارة و النذر]
اشارة

(الشرط الاول) أن لا يكون عتقه في واجب كالكفارة و النذر و الا لم يثبت للمنعم الميراث و كذا المكاتب الا اذا شرط المولي عليه الميراث فانه حينئذ يرثه نعم اذا شرط عليه مع وجود القريب لم يصح الشرط.

______________________________

و علي كلا التقديرين ليس لها الخيار و لكن قد مر ان سهمها من القيمة لا من العين فلها المطالبة بالقيمة و الكلام فيها هو الكلام المتقدم.

(1) بتقريب ان خياره مستمر.

(2) اذ لا دليل علي الاستمرار بل الظاهر ان حق الوارث ما دام لم يدفع و أما بعد الدفع فليس له الخيار هذا علي ما رامه الماتن و أما علي ما سلكناه فليس للزوجة الا قيمة الثوابت مع الكلام المتقدم ذكره و اللّه العالم.

(3) و الأمر كما أفاده فانها شريكة في المالية فالميزان بيوم الدفع و أما الماتن فيري ان العين بنفسها للوارث فلحاظ يوم الدفع علي القاعدة و تقدم ان الحق ارثها من العين بمقتضي الكتاب و أما مقتضي الاحتياط فالمصالحة.

(4) و قد تقدم شرح كلام الماتن فراجع ما ذكرناه هناك.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 889

[مسألة 17: الظاهر أنه لا فرق في عدم الولاء لمن أعتق عبده عن نذر بين أن يكون قد نذر عتق عبد كلي]

(مسألة 17): الظاهر انه لا فرق في عدم الولاء لمن اعتق عبده عن نذر بين أن يكون قد نذر عتق عبد كلي فاعتق عبدا معينا وفاء بنذره و أن يكون قد نذر عتق عبد بعينه فيعتقه وفاء بنذره.

[مسألة 18: لو تبرع بالعتق عن غيره ممن كان العتق واجبا عليه لم يرث عتيقه]

(مسألة 18): لو تبرع بالعتق عن غيره ممن كان العتق واجبا عليه لم يرث عتيقه.

[الشرط الثاني: أن لا يتبرأ من ضمان جريرته]

(الشرط الثاني) أن لا يتبرأ من ضمان جريرته فلو اشترط عليه عدم ضمان جريرته لم يضمنها و لم يرثه و لا يشترط في سقوط ضمان الاشهاد علي الاقوي و هل يكفي التبري بعد العتق او لا بد أن يكون حال العتق وجهان

[الشرط الثالث أن لا يكون للعتيق قرابة]

(الشرط الثالث) ان لا يكون للعتيق قرابة قريبا كان أو بعيدا فلو كان له قريب كان هو الوارث.

[مسألة 19: إذا كان للعتيق زوج أو زوجة كان له نصيبه الأعلي و الباقي للمعتق]

(مسألة 19): اذا كان للعتيق زوج او زوجة كان له نصيبه الاعلي و الباقي للمعتق.

[مسألة 20: إذا اشترك جماعة في العتق اشتركوا في الميراث ذكورا كانوا أم اناثا]

(مسألة 20): اذا اشترك جماعة في العتق اشتركوا في الميراث ذكورا كانوا أم اناثا أم ذكورا و اناثا و اذا عدم المعتق فان كان ذكرا انتقل الولاء الي ورثته الذكور كالأب و البنين دون النساء كالزوجة و الام و البنات و اذا كان أنثي انتقل الي عصبتها و هم اولاد ابيها دون اولادها ذكورا و اناثا و في عدم كون الاب نفسه من العصبة اشكال.

[مسألة 21: يقوم أولاد الأولاد مقام آبائهم عند عدمهم]

(مسألة 21): يقوم أولاد الاولاد مقام آبائهم عند عدمهم و يرث كل منهم نصيب من يتقرب به كما تقدم في الميراث بالقرابة.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 890

[مسألة 22: مع فقد الأب و الأولاد حتي من نزلوا يكون الولاء للإخوة و الأجداد من الأب دون الأخوات و الجدات و الأجداد من الأم]

(مسألة 22) مع فقد الاب و الاولاد حتي من نزلوا يكون الولاء للأخوة و الاجداد من الاب دون الاخوات و الجدات و الاجداد من الام و مع فقدهم فللأعمام دون الاخوال و العمات و الخالات و مع فقد قرابة المعتق يرثه المعتق له فان عدم و كان ذكرا ورثه اولاده الذكور و ابوه و اقاربه من الاب دون الام و ان كان أنثي ورثته العصبة

[مسألة 23: لا يرث العتيق مولاه]

(مسألة 23): لا يرث العتيق مولاه بل اذا لم يكن له قريب و لا ضامن جريرة كان ميراثه للإمام.

[مسألة 24: لا يصح بيع الولاء و لا هبته]

(مسألة 24): لا يصح بيع الولاء و لا هبته و لا اشتراطه في بيع

[مسألة 25: إذا حملت الأمة المعتقة بعد العتق من رق فالولد حر و ولاؤه لمولي الأمة الذي أعتقها]

(مسألة 25): اذا حملت الامة المعتقة بعد العتق من رق فالولد حر و ولاؤه لمولي الامة الذي اعتقها فاذا اعتق ابوه انجر الولاء من معتق امه الي معتق ابيه فان فقد فالي ورثته الذكور فان فقدوا فالي عصبته فان فقدوا فالي معتق ابيه ثم الي ورثته الذكور ثم الي عصبته ثم الي معتق معتق ابيه و هكذا فان فقد الموالي و عصباتهم فلمولي عصبة موالي الاب ثم الي عصبات موالي العصبات فان فقد الموالي و عصباتهم و مواليهم فالي ضامن الجريرة فان لم يكن فالي الامام عليه السلام و لا يرجع الي مولي الام و لو كان له زوج رد عليه و لم يرثه الامام و لو كان زوجة كان الزائد علي نصيبها للإمام عليه السلام.

[مسألة 26: إذا حملت من حر لم يكن لمولي أمه ولاء]

(مسألة 26): اذا حملت من حر لم يكن لمولي أمه ولاء و اذا حملت به قبل العتق فتحرر لا بعتق امه فولاؤه لمعتقه.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 891

[مسألة 27: إذا فقد معتق الأم كان ولاء الولد لورثته الذكور]

(مسألة 27): اذا فقد معتق الام كان ولاء الولد لورثته الذكور فاذا فقدوا فلعصبة المعتق ثم الي معتقه ثم الي ورثته الذكور فان فقدوا فلعصبته فان فقدوا فلمعتقه و هكذا فان فقد الموالي و عصباتهم و موالي عصباتهم فالي ضامن الجريرة فان فقد فالي الامام عليه السلام

[مسألة 28: إذا مات المولي عن ابنين ثم مات المعتق بعد موت أحدهما اشترك الابن الحي و ورثة الميت الذكور]

(مسألة 28): اذا مات المولي عن ابنين ثم مات المعتق بعد موت احدهما اشترك الابن الحي و ورثة الميت الذكور لان الاقوي كون ارثهم من اجل ارث الولاء (1)

[الثاني: ولاء ضمان الجريرة]
اشارة

(الثاني): ولاء ضمان الجريرة.

[مسألة 29: يجوز لأحد الشخصين أن يتولي الآخر علي أن يضمن جريرته أي جنايته]

(مسألة 29): يجوز لأحد الشخصين أن يتولي الاخر علي أن يضمن جريرته اي جنايته فيقول له مثلا عاقدتك علي ان تعقل عني و ترثني فيقول الاخر: قبلت فاذا عقدا العقد المذكور صح و ترتب عليه اثره و هو العقل و الارث (2) و يجوز الاقتصار في العقد علي العقل

______________________________

(1) قد سبق منا ان المسائل المتعلقة بالعبيد و الاماء و العتق و ولائه لا تكون مورد الابتلاء في هذه الاعصار فالاشتغال بغيرها اهم و أولي و اللّه الهادي الي سواء السبيل.

(2) قال في الجواهر: «لا خلاف نصا و فتوي في مشروعيته بل الاجماع بقسميه علي أن من توالي و ركن الي أحد برضاه فاتخذه وليا يعقله و يضمن حدثه و يكون ولائه له صح ذلك و يثبت به الميراث» «1» الخ و من النصوص الدالة علي المدعي حديث عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أراد أن يعتق مملوكا له و قد كان مولاه يأخذ منه ضريبة فرضها عليه في كل سنة الي أن قال قلت: فاذا اعتق مملوكا مما كان اكتسب سوي الفريضة لمن يكون ولاء المعتق قال

______________________________

(1) الجواهر ج 39 ص: 254

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 892

وحده من دون ذكر الارث فيترتب عليه الارث (1) و أما الاقتصار علي ذكر الارث ففي صحته و ترتب الارث عليه اشكال فضلا عن ترتب العقل عليه بل الاظهر العدم فيهما و المراد من العقل الدية فمعني عقله عنه قيامه بدية جنايته (2).

[مسألة 30: يجوز التولي المذكور بين الشخصين]

(مسألة 30): يجوز التولي المذكور بين الشخصين علي أن يعقل احدهما بعينه الاخر دون العكس كما يجوز التولي علي أن يعقل كل منهما عن الاخر فيقول مثلا عاقدتك علي أن

تعقل عني و اعقل عنك و ترثني و أرثك فيقول الاخر قبلت، فيترتب عليه العقل من الطرفين و الارث كذلك (3).

______________________________

يذهب فيوالي من احب فاذا ضمن جريرته و عقله كان مولاه و ورثه، قلت له: أ ليس قد قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله الولاء لمن أعتق؟ قال: هذا سائبة لا يكون ولاؤه لعبد مثله، قلت: فان ضمن العبد الذي اعتقه جريرته أ يلزمه ذلك و يكون مولاه و يرثه؟ قال: لا يجوز ذلك و لا يرث عبد حرا «1» و حديث هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال اذا ولي الرجل فله ميراثه و عليه معقلته «2».

(1) لاحظ ما رواه أبو عبيدة [أيوب] قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أسلم فتوالي الي رجل من المسلمين قال: ان ضمن عقله و جنايته ورثه و كان مولاه «3».

(2) لعدم الدليل عليه و خلو النصوص عنه فلاحظ.

(3) لا يبعد أن يكون وجه الجواز اطلاق نصوص المقام فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب ولاء ضمان الجريرة و الامامة الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) نفس المصدر الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 893

[مسألة 31: لا يصح العقد المذكور إلا إذا كان المضمون لا وارث له من النسب و لا مولي معتق]

(مسألة 31): لا يصح العقد المذكور الا اذا كان المضمون لا وارث له من النسب و لا مولي معتق فان كان الضمان من الطرفين اعتبر عدم الوارث النسبي و المولي المعتق لهما معا و ان كان من احد الطرفين اعتبر ذلك في المضمون لا غير فلو ضمن من له وارث نسبي او مولي معتق لم يصح (1) و لأجل ذلك لا يرث ضامن الجريرة الا مع فقد القرابة من النسب و المولي المعتق (2).

[مسألة 32: إذا وقع الضمان مع من لا وارث له بالقرابة و لا مولي معتق ثم ولد له بعد ذلك]

(مسألة 32): اذا وقع الضمان مع من لا وارث له بالقرابة و لا مولي معتق ثم ولد له بعد ذلك فهل يبطل العقد او يبقي مراعي بفقده وجهان (3).

______________________________

(1) قال في الجواهر «1»: «بلا خلاف أجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه».

(2) اذ موضوعه عدم وجود الرتبة المتقدمة فمع وجود المناسب أو من له ولاء العتق لا موضوع لولاء الجريرة فلاحظ.

(3) قال في الجواهر «2»: «أما لو ضمنه مجردا كما لو لم يكن للمضمون ولد مثلا حال الضمان ثم ولد له بعد ذلك ففي بطلان العقد أو بقائه مراعي وجهان من استصحاب صحته و من دعوي ظهور الدليل في شرطية عدم الوارث ابتداء و استدامة» الخ.

أقول: أما استصحاب الصحة فهو معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد علي المقدار المعلوم و أما دعوي ظهور الدليل في الشرطية فلا أدري ما المراد من

______________________________

(1) ج 39 ص 259

(2) ج 39 ص 259

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 894

[مسألة 33: إذا وجد الزوج أو الزوجة مع ضامن الجريرة كان له نصيبه الأعلي]

(مسألة 33): اذا وجد الزوج او الزوجة مع ضامن الجريرة كان له نصيبه الا علي و كان الباقي للضامن (1).

[مسألة 34: إذا مات الضامن لم ينتقل الولاء إلي ورثته]

(مسألة 34): اذا مات الضامن لم ينتقل الولاء الي ورثته (2).

[الثالث ولاء الإمامة]
اشارة

(الثالث ولاء الامامة)

[مسألة 35: إذا فقد الوارث المناسب و المولي المعتق و ضامن الجريرة كان الميراث للإمام]

(مسألة 35): اذا فقد الوارث المناسب و المولي المعتق و ضامن الجريرة كان الميراث للإمام (3).

______________________________

الأدلة فان نصوص الباب لا تعرض فيها من هذه الجهة فلا يبعد أن يقال: مقتضي اطلاق نصوص الباب الصحة و اللّه العالم.

(1) فان ارث الزوج و الزوجة علي طبق الموازين الأولية و لا مقتضي لرفع اليد عنها و تخصيصها و بعبارة اخري ارثها ثابت في جميع الأحوال.

(2) بلا خلاف يعتد به أجده بل عن الغنية الاجماع عليه هكذا في الجواهر «1» و لا يبعد أن يقال ان عدم ارث ولاء الجريرة علي طبق القاعدة الأولية فانه لا دليل علي انتقال كل ما يكون للميت الي وارثه بالارث و اللّه العالم.

(3) ادعي في الجواهر الاجماع بقسميه عليه و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: من مات و ليس له وارث من قرابته و لا مولي عتاقة قد ضمن جريرته فما له من الانفال «2».

و منها: ما رواه حسن بن محبوب قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول اللّه عز و جل «وَ لِكُلٍّ جَعَلْنٰا مَوٰالِيَ مِمّٰا تَرَكَ الْوٰالِدٰانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمٰانُكُمْ» قال: انما عني بذلك الأئمة عليهم السلام بهم عقد اللّه ايمانكم» «3».

______________________________

(1) ج 39 ص 258

(2) الوسائل الباب 3 من ابواب ولاء ضمان الجريرة و الامامة الحديث: 1

(3) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 895

الا اذا كان له زوج فانه يأخذ النصف بالفرض و يرد الباقي عليه و اذا كانت له زوجة كان لها الربع و الباقي يكون للإمام كما تقدم (1).

[مسألة 36: إذا كان الإمام ظاهرا كان الميراث له يعمل به ما يشاء]

(مسألة 36): اذا كان الامام ظاهرا كان الميراث له يعمل

به ما يشاء و كان علي عليه السلام يعطيه لفقراء بلده و ان كان غائبا كان المرجع فيه الحاكم الشرعي و سبيله سبيل سهمه عليه السلام من الخمس يصرف في مصارفه كما تقدم في كتاب الخمس (2).

[مسألة 37: إذا أوصي من لا وارث له إلا الإمام بجميع ماله في الفقراء و المساكين و ابن السبيل]

(مسألة 37): اذا أوصي من لا وارث له الا الامام بجميع ماله في الفقراء و المساكين و ابن السبيل ففي نفوذ وصيته في جميع المال كما عن ظاهر بعضهم و تدل عليه بعض الروايات أولا كما هو ظاهر الاصحاب اشكال و لا يبعد الاول (3) و لو اوصي بجميع ماله في غير الامور

______________________________

و منها: ما رواه محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه تعالي «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفٰالِ» قال: من مات و ليس له مولي فماله من الانفال «1» و غيرها من الروايات الواردة في الباب مضافا الي وضوح الأمر و ارتكازه في الأذهان من أهل الشرع فلاحظ.

(1) و تقدم شرح كلام الماتن فراجعه.

(2) و تقدم شرح كلامه هناك فراجعه.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، مباني منهاج الصالحين، 10 جلد، منشورات قلم الشرق، قم - ايران، اول، 1426 ه ق مباني منهاج الصالحين؛ ج 10، ص: 895

(3) و تدل علي المدعي ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام أنه سئل عن الرجل يموت و لا وارث له و لا عصبة قال: يوصي بماله حيث شاء في

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 3

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 896

المذكورة فالاظهر عدم نفوذ الوصية (1) و اللّه سبحانه العالم.

[فصل: في ميراث ولد الملاعنة و الزنا و الحمل و المفقود]

اشارة

فصل: في ميراث ولد الملاعنة و الزنا و الحمل و المفقود

[مسألة 1: ولد الملاعنة ترثه أمه و من يتقرب بها]

(مسألة 1): ولد الملاعنة ترثه امه و من يتقرب بها من اخوة و اخوال و الزوج و الزوجة (2) و لا يرثه الاب و لا من يتقرب به وحده (3) فان ترك امه منفردة كان لها الثلث فرضا و الباقي يرد عليها علي الاقوي (4).

______________________________

المسلمين و المساكين و ابن السبيل «1» و هذه الرواية ضعيفة بضعف اسنادي الشيخ و الصدوق الي السكوني.

(1) لأن الوصية نافذة في الثلث و لا دليل علي صحتها فيما زاد عن الثلث فعدم النفوذ علي القاعدة الا أن يتم الأمر بقيام دليل معتبر علي خلافها و اللّه العالم.

(2) لا خلاف في أنه يرث ولد الملاعنة ولده و امه و الزوج أو الزوجة بل الاجماع بقسميه عليه دون أبيه المنقطع نسبه عنه باللعان الفاسخ للعقد و النافي للفراش هكذا في الجواهر «2» و يستفاد من بعض النصوص ان ارثه لأخواله لاحظ حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و ان لا عن لم تحل له أبدا و ان قذف رجل امرأته كان عليه الحد و ان مات ولده ورثه اخواله «3» و حمل هذا الحديث علي مورد لا يكون وارث أقرب منهم.

(3) كما تقدم في كتاب اللعان.

(4) كما هو مقتضي القاعدة الأولية فان الارث لأقرب الناس الي الميت كتابا

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب الوصايا الحديث: 1

(2) ج 39 ص: 265- 266

(3) الوسائل الباب 1 من ابواب ارث والد الملاعنة و ما اشبهه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 897

و ان ترك مع الام اولادا كان لها السدس و الباقي لهم للذكر مثل حظ الأنثيين الا اذا

كان الولد بنتا فلها النصف (1) و يرد الباقي ارباعا عليها و علي الام (2). و اذا ترك زوجا او زوجة كان له نصيبه كغيره (3) و تجري

______________________________

و سنة و اجماعا مضافا الي ما دل من النص الخاص علي المدعي لاحظ ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال ابن الملاعنة ينسب الي امه و يكون أمره و نشأته كله اليها «1».

و يستفاد من بعض النصوص ان ثلث ما تركه لأمه و الباقي للإمام لاحظ ما رواه أبو عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام قال: ابن الملاعنة ترثه امه الثلث و الباقي لإمام المسلمين «2» و ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضي أمير المؤمنين عليه السلام في ابن الملاعنة ترثه امه الثلث و الباقي للإمام عليه السلام «3»

و الترجيح مع الطائفة الأولي لكونها مستفادة من الكتاب «4» بل الترجيح من حيث المخالفة مع العامة مع الطائفة الأولي أيضا علي ما في الجواهر كما ان المدعي يرجح بالأحدثية فلاحظ.

(1) كما هو المستفاد من الكتاب «5».

(2) علي ما تقدم فان سهم البنت ثلاثة من الستة و سهم الام واحد منها فيرد الباقي عليها ارباعا.

(3) علي ما هو المستفاد من الأدلة كتابا و ستة و لا مقتضي للتخصيص أو التقييد

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 8

(2) الوسائل الباب 3 من أبواب ميراث ولد الملاعنة و ما أشبهه الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 4

(4) الانفال/ 70

(5) النساء/ 11

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 898

الاحكام السابقة في مراتب الميراث جميعا (1) و لا فرق بينه و بين غيره من الاموات الا في عدم ارث الاب و من يتقرب به وحده كالأعمام و الاجداد و اخوة للأب

(2) و لو ترك اخوة من الابوين قسم المال بينهم جميعا بالسوية و ان كانوا ذكورا و اناثا (3).

[مسألة 2: يرث ولد الملاعنة أمه و قرابتها و لا يرث اباه]

(مسألة 2): يرث ولد الملاعنة امه و قرابتها (4) و لا يرث اباه الا أن يعترف به الاب بعد اللعان (5) و لا يرث هو من يتقرب بالاب اذا لم يعترف به (6) و هل يرثهم اذا اعترف به الاب قولان اقواهما العدم (7).

[مسألة 3: إذا تبرأ الأب من جريرة ولده و من ميراثه ثم مات الولد]

(مسألة 3): اذا تبرأ الاب من جريرة ولده و من ميراثه ثم مات الولد قيل كان ميراثه لعصبة ابيه دون ابيه و قيل لا اثر للتبري المذكور

______________________________

(1) بمقتضي أدلتها بلا موجب لرفع اليد عنها.

(2) لعدم ما يدل علي الفرق الا في عدم ارث الأب و من يتقرب به وحده.

(3) علي ما تقدم و حيث ان الانتساب الي الأب غير ملحوظ يكون التقسيم بالسوية اذ قد مر و سبق ان الاخوة من قبل الام لا تفاضل فيها بين الذكور و الاناث

(4) علي طبق الأدلة و الموازين الأولية.

(5) كما تقدم في كتاب اللعان.

(6) كما هو ظاهر لأن اللعان يوجب انقطاع النسبة فلا موضوع للإرث بحسب القاعدة.

(7) في المسألة قولان و الوجه فيما أفاده الماتن من اقوائية العدم ان اللعان يوجب انقطاع النسبة و الاعتراف به بعد الانقطاع لا دليل علي تأثيره الا بالمقدار الذي قام عليه الدليل من ارثه من أبيه و أما الزائد عليه فلا و اللّه العالم.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 899

في نفي التوارث و هو الاقوي (1).

[مسألة 4: ولد الزنا لا يرثه أبوه الزاني]

(مسألة 4): ولد الزنا لا يرثه ابوه الزاني و لا من يتقرب به و لا يرثهم هو (2).

______________________________

(1) المدرك للقول الأول حديثان أحدهما ما رواه بريد بن خليل قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تبرأ عند السلطان من جريرة ابنه و ميراثه ثم مات الابن و ترك مالا من يرثه؟ قال: ميراثه لأقرب الناس الي أبيه «1» و هذه الرواية ضعيفة بابن خليل.

ثانيهما: ما رواه أبو بصير قال: سألته عن المخلوع يتبرأ منه أبوه عند السلطان و من ميراثه و جريرته لمن ميراثه؟ فقال: قال علي عليه السلام: هو لأقرب الناس اليه «2» و

هذه الرواية لا تدل علي المدعي اذ ذكر فيها ان الميراث لأقرب الناس الي المخلوع و أقرب الناس اليه أبوه فلاحظ.

(2) بلا خلاف أجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه هكذا في الجواهر «3» و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته فقلت له: جعلت فداك، كم دية ولد الزنا؟ قال: يعطي الذي أنفق عليه ما أنفق عليه قلت: فانه مات و له مال من يرثه؟ قال: الامام «4».

و منها: ما رواه محمد بن الحسن الأشعري قال: كتب بعض أصحابنا الي أبي جعفر الثاني عليه السلام معي يسأله عن رجل فجر بامرأة ثم انه تزوجها بعد الحمل فجاءت بولد هو اشبه خلق اللّه به فكتب بخطه و خاتمه: الولد لغية لا يورث «5»

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب ميراث ولد الملاعنة و ما أشبهه الحديث: 2

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) ج 39 ص: 274

(4) الوسائل الباب 8 من ابواب ميراث ولد الملاعنة و ما أشبهه الحديث: 3

(5) نفس المصدر الحديث: 2

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 900

و في عدم ارث امه الزانية و من يتقرب بها اشكال (1) و يرثه ولده و زوجه أو زوجته و يرثهم هو (2) و اذا مات مع عدم الوارث فارثه

______________________________

فان المستفاد من حديث ابن سنان انه لا يرثه احد كما ان المستفاد من حديث الأشعري انه لا يرث أيضا من أبيه بل مطلقا أي لا يرث لا من الزاني و لا من الزانية.

(1) عن الصدوق و أبي الصلاح و أبي علي انه يرث امه و من يتقرب بها و يرثونه و يمكن الاستدلال علي المدعي بحديثين احدهما

ما رواه يونس قال: ميراث ولد الزنا لقرابته من قبل امه علي ميراث ابن الملاعنة «1» و هذه الرواية مقطوعة و لا اعتبار بها.

ثانيهما: ما رواه اسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام كان يقول ولد الزنا و ابن الملاعنة ترثه امه و اخواله و اخوته لأمه أو عصبتها «2» و هذه الرواية ضعيفة سندا فالحق هو القول الاخر فان مقتضي اطلاق بعض النصوص عدم الارث علي الاطلاق لاحظ حديث الأشعري «3» مضافا الي قوله عليه السلام في حديث الحلبي «4» (و للعاهر الحجر) فان المستفاد من هذه الجملة ان الفجور يسقط اعتبار الولدية فلا فرق بين الأب و الام اضف الي ذلك ما أفاده في الجواهر «5» «بلا خلاف معتد به أجده في شي ء من ذلك بل يمكن تحصيل ما اشعرت به عبارة غير واحد من الأصحاب من الاجماع».

(2) علي طبق القاعدة الأولية.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب ميراث ولد الملاعنة و ما أشبهه الحديث: 6

(2) نفس المصدر الحديث: 9

(3) لاحظ ص: 899

(4) الوسائل الباب 8 من ابواب ميراث ولد الملاعنة و ما أشبهه الحديث: 1

(5) ج 39 ص: 275

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 901

للمولي المعتق ثم الضامن ثم الامام (1، و اذا كان له زوج او زوجة حينئذ كان له نصيبه الاعلي (2) و لا يرد علي الزوجة اذا لم يكن وارث الا الامام بل يكون له ما زاد علي نصيبها نعم يرد علي الزوج علي ما سبق (3).

[مسألة 5: الحمل و إن كان نطفة حال موت المورث يرث إذا سقط حيا]

(مسألة 5): الحمل و ان كان نطفة حال موت المورث يرث اذا سقط حيا (4) و ان لم يكن كاملا (5) و لا بد من اثبات ذلك و

ان كان بشهادة النساء (6) و اذا مات بعد ان سقط حيا كان ميراثه لوارثه (7).

______________________________

(1) علي حسب مراتب الارث المقررة شرعا.

(2) كما هو المقرر شرعا اذ لا مقتضي لعدم الارث بالزوجية.

(3) و قد تقدم شرح كلام الماتن فراجع و اللّه العالم.

(4) بلا خلاف و لا اشكال كما في الجواهر و يدل علي المدعي حديث ربعي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في السقط اذا سقط من بطن امه فتحرك تحركا بينا: يرث و يورث فانه ربما كان أخرس «1» و حديث أبي بصير قال:

قال أبو عبد اللّه عليه السلام قال أبي عليه السلام اذا تحرك المولود تحركا بينا فانه يرث و يورث فانه ربما كان أخرس «2» فان المستفاد منهما ان المولود اذا سقط حيا يرث و يورث.

(5) لإطلاق النص.

(6) فان موضوع الحكم لا بد من اثباته بالدليل المعتبر.

(7) علي ما هو الميزان في الارث.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب ميراث الخنثي الحديث: 4

(2) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 902

و ان لم يكن مستقر الحياة (1) و اذا سقط ميتا لم يرث (2) و ان علم انه حي حال كونه حملا او تحرك بعد ما انفصل اذا لم تكن حركته حركة حياة (3).

[مسألة 6: إذا خرج نصفه و استهل صائحا ثم مات فانفصل ميتا لم يرث و لم يورث]

(مسألة 6): اذا خرج نصفه و استهل صائحا ثم مات فانفصل ميتا لم يرث و لم يورث (4).

______________________________

(1) لإطلاق دليل الارث و اطلاق دليل كونه وارثا من مورثه اذا سقط حيا.

(2) لانتفاء الشرط فان المستفاد من حديث ربعي ان شرط الارث سقوطه حيا.

(3) لإطلاق النص فان الموضوع سقوطه حيا و مع عدمه لا يرث علي الاطلاق.

(4) لعدم تحقق الموضوع و مقتضي بعض النصوص ان الميزان في

ارثه صياحه لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان في ميراث المنفوس من الدية قال: لا يرث شيئا حتي يصيح و يسمع صوته «1».

و حديث ربعي بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول في المنفوس اذا تحرك ورث أنه ربما كان أخرس «2» و حديث عبد اللّه بن سنان أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا يصلي علي المنفوس و هو المولود الذي لم يستهل و لم يصح و لم يورث من الدية و لا من غيرها فاذا استهل فصل عليه و ورثه «3» و حديث عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المنفوس لا يرث من والديه [الدية] شيئا حتي يصيح و يسمع صوته «4».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من أبواب ميراث الخنثي و ما أشبهه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 3

(3) نفس المصدر الحديث: 5

(4) نفس المصدر الحديث: 6

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 903

[مسألة 7: يترك للحمل قبل الولادة نصيب ذكرين احتياطا]

(مسألة 7): يترك للحمل قبل الولادة نصيب ذكرين احتياطا و يعطي اصحاب الفرائض سهامهم من الباقي فان ولد حيا و كان ذكرين فهو و ان كان ذكرا او انثي أو ذكرا واحدا أو انثيين أو انثي واحدة قسم الزائد علي اصحاب الفرائض بنسبة سهامهم هذا اذا رضي الورثة بذلك و الا يترك له سهم ذكر واحد و يقسم الباقي مع الوثوق بحفظ السهم الزائد للحمل و امكان اخذه له و لو بعد التقسيم علي تقدير سقوطه حيا (1).

______________________________

و يمكن أن يجمع بين النصوص بأن الميزان كونه حيا بعد تولده و لا موضوعية للحركة و لا الصياح بل هما طريقان الي اثبات الحياة فلا تعارض بينهما و علي فرض التعارض

بينهما يتقيد كل من المفهومين بمنطوق الدليل الاخر كما هو الميزان المقرر فلاحظ.

(1) قال في الجواهر «1» قال الشيخ: لو كان للميت ابن موجود و حمل أعطي الموجود الثلث و وقف للحمل ثلثان لأنه الأغلب في الكثرة و ما زاد نادر لا يحتاط له خصوصا ما زاد علي الأربعة فانه قد نقل عن امرأة في نواحي الشامات انها ولدت اربعين ولدا ذكرا في كيس واحد كان قدر كل واحد منهم مثل فرخ الهرة و كلهم عاشوراء».

و قال أيضا «2»: «لا خلاف أجده بين الأصحاب في أنه يوقف و يعزل للحمل نصيب ذكرين احتياطا عن تولده كذلك بل لو لا ندرة الزائد لعزل أزيد من ذلك فلو اجتمع مع الحمل ذكر اعطي الثلث و عزل للحمل الثلثان أو انثي اعطيت الخمس حتي يتبين حال الحمل» الي أن قال «و لعل الوجه في جميع ذلك بعد ظهور الاجماع عليه و علي كون الحمل مانعا من ارث غيره هو اصالة السلامة

______________________________

(1) ج 39 ص: 303

(2) الجواهر ج 39 ص: 73- 74

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 904

[مسألة 8: دية الجنين يرثها من يرث الدية علي ما تقدم]

(مسألة 8): دية الجنين يرثها من يرث الدية علي ما تقدم (1).

[مسألة 9: المفقود خبره و المجهول حاله يتربص بماله]

(مسألة 9): المفقود خبره و المجهول حاله يتربص بماله و في مدة التربص اقوال (2).

______________________________

في الحمل و التولد حيا و عدم انتقال المال الي الوارث غير الحمل فهو حينئذ كالمال الذي يعلم عدد وارثيه و اصالة عدم التعدد في الحمل يمكن المناقشة في جريانها باعتبار رجوعها الي تشخيص كيفية انعقاد النطفة و هي قاصرة عن افادة ذلك» الخ

و يظهر من كلماتهم في هذا المقام انه ليس نص واردا في الحكم المذكور و عليه فلو تم المدعي بالإجماع فهو و الا يكون مقتضي القاعدة أن لا يترك له الأسهم انثي واحدة اذ مقتضي الأصل عدم تعدد الولد كما ان مقتضاه عدم كونه ذكرا و أما ما أفاده بقوله «هو اصالة السلامة» الخ فيرد عليه ان مقتضي الأصل عدم كون الولد متعددا و عدم كونه ذكرا فلا يبقي مجال لأصالة عدم انتقال المال الي الوارث اذ مع عدم الوارث الاخر يكون مقتضي قانون الارث الانتقال و بعبارة اخري أصل عدم كونه متعددا أو ذكرا حاكم علي اصالة عدم الانتقال فلاحظ.

(1) و تقدم شرح المتن فراجع.

(2) قال في الجواهر «1» «في قدر التربص أقوال مختلفة المشهور فيها نقلا و تحصيلا خصوصا بين المتأخرين انه لا يورث حتي يتحقق موته بالتواتر أو بالبينة أو بالخبر المحفوف بالقرائن المفيد للعلم أو بأن تنقضي مدة لا يعيش مثله اليها غالبا لأصلي بقاء الحياة و التركة علي ملكه من غير معارض و هي مختلفة باختلاف الأزمان و الأصقاع و ربما قدرت بالمائة و خمسين سنة- الي أن قال- و قيل كما عن الاسكافي في المحكي عن مختصره يورث بعد انقضاء

عشر سنين من غيبته» الي آخر كلامه و يظهر من طي كلامه ان القول بالأربعة أحد الأقوال.

______________________________

(1) الجواهر ج 39 ص 63- 64

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 905

و الاقوي انها اربع سنين يفحص عنه فيها فاذا جهل خبره قسم ماله بين ورثته الذين يرثونه لو مات حين انتهاء مدة التربص (1) و لا يرث من مورثه لو مات بعد انتهاء مدة التربص و يرث من مات قبل ذلك (2) و الاظهر جواز التقسيم بعد مضي عشر سنوات بلا حاجة الي الفحص (3).

______________________________

(1) لاحظ حديث سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المفقود يحبس ماله علي الورثة قدر ما يطلب في الأرض أربع سنين فان لم يقدر عليه قسم ماله بين الورثة فان كان له ولد حبس المال و انفق علي ولده تلك الأربع سنين «1» و حديث اسحاق بن عمار قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: المفقود يتربص بماله أربع سنين ثم يقسم «2» فان المستفاد من حديث سماعة انه يتربص به أربع سنين و يطلب في المدة المضروبة فلو لم يوجد يقسم ما له.

(2) اذ المفروض الحكم بموته في انتهاء مدة التربص فلا مجال لأن يرث من يموت بعده و أما ارثه من مات قبله فعلي القاعدة.

(3) لاحظ ما رواه علي بن مهزيار قال سألت أبا جعفر الثاني عليه السلام عن دار كانت لامرأة و كان لها ابن و ابنة فغاب الابن [في] بالبحر و ماتت المرأة فادعت ابنتها ان امها كانت صيرت هذه الدار لها و باعث أشقاصا منها و بقيت في الدار قطعة الي جنب دار رجل من اصحابنا و هو يكره أن يشتريها لغيبة الابن و ما يتخوف أن

لا يحل شراؤها و ليس يعرف للابن خبر فقال لي: و منذ كم غاب؟ قلت: منذ سنين كثيرة قال: ينتظر به غيبة عشر سنين ثم يشتري، فقلت: اذا انتظر به غيبة عشر سنين يحل شراؤها؟ قال: نعم «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب ميراث الخنثي و ما أشبهه الحديث: 9

(2) نفس المصدر الحديث: 5

(3) نفس المصدر الحديث: 7

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 906

[مسألة 10: إذا تعارف اثنان بالنسب و تصادقا عليه توارثا إذا لم يكن وارث آخر]

(مسألة 10): اذا تعارف اثنان بالنسب و تصادقا عليه توارثا اذا لم يكن وارث آخر (1) و الا ففيه اشكال كما تقدم في كتاب الاقرار (2).

______________________________

و الذي يخطر ببالي القاصر ان الماتن في هذا التفصيل ناظر الي أنه مقتضي الجمع بين الحديثين بأن نقول يلزم في جواز أخذ ماله ارثا أحد أمرين اما مضي عشر سنوات و لو مع عدم طلبه و اما مضي أربع سنين مع الطلب و الفحص و كيف كان لا يبعد أن يكون ما أفاده مقتضي الصناعة فان مقتضي مفهوم قوله عليه السلام في حديث ابن مهزيار «اذا انتظر به غيبة عشر سنين» انه لا يورث و لا يجوز التصرف الا بهذا النحو و منطوق حديث سماعة يقيد المفهوم و يخصصه.

(1) بلا خلاف فيه بيننا بل و لا اشكال بعد عموم قوله صلّي اللّه عليه و آله اقرار العقلاء علي أنفسهم جائز «1» و انحصار الحق فيهما هكذا في الجواهر «2» و استدل صاحب الجواهر علي المدعي مضافا الي ما تقدم بحديث عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحميل فقال: و أي شي ء الحميل قال: قلت: المرأة تسبي من أرضها و معها الولد الصغير فتقول: هو ابني و الرجل يسبي فيلقي أخاه

فيقول: هو أخي و ليس لهم بينة الا قولهم قال: فقال: ما يقول الناس فيهم عندكم؟ قلت: لا يورثونهم لأنه لم يكن لهم علي ولادتهم بينة و انما هي ولادة الشرك فقال: سبحان اللّه اذا جاءت بابنها أو ابنتها و لم تزل مقرة به و اذا عرف أخاه و كان ذلك في صحة منهما و لم يزالا مقرين بذلك ورث بعضهم من بعض «3» و الظاهر انه لا بأس بالرواية سندا و دلالة فلاحظ.

(2) و تقدم شرح كلامه فراجع ما ذكرناه هناك.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب الاقرار الحديث: 2

(2) ج 39 ص: 303

(3) الوسائل الباب 9 من أبواب ميراث ولد الملاعنة و ما اشبهه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 907

[فصل في ميراث الخنثي]

اشارة

فصل في ميراث الخنثي

[مسألة 1: الخنثي و هو من له فرج الرجال و فرج النساء]

(مسألة 1): الخنثي و هو من له فرج الرجال و فرج النساء (1).

______________________________

(1) لعدم الواسطة بين الصنفين و يمكن الاستدلال علي المدعي بالكتاب و السنة أما الكتاب فتدل علي المدعي جملة من الآيات الكريمة منها قوله تعالي أَمِ اتَّخَذَ مِمّٰا يَخْلُقُ بَنٰاتٍ وَ أَصْفٰاكُمْ بِالْبَنِينَ «1» و منها قوله تعالي يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ إِنّٰا خَلَقْنٰاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثيٰ الاية «2» و منها قوله تعالي وَ أَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثيٰ «3» و منها فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثيٰ «4» و منها وَ مٰا خَلَقَ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثيٰ «5» و منها أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرٰاناً وَ إِنٰاثاً الاية «6».

و أما السنة فتدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما في المناقب قال: قال عمران الصابي للرضا عليه السلام: ما بال الرجل اذا كان مؤنثا و المرأة اذا كانت مذكرة؟ قال عليه السلام: علة ذلك ان المرأة اذا حملت و صار الغلام منها في الرحم موضع الجارية كان مؤنثا و اذا صارت الجارية موضع الغلام كانت مذكرة و ذلك أن موضع الغلام في الرحم مما يلي ميامنها، و الجارية مما يلي مياسرها و ربما ولدت المرأة ولدين في بطن واحد، فان عظم ثديا جميعا تحمل توأمين و ان عظم أحد ثدييها كان ذلك دليلا علي أنه تلد واحدا الا انه اذا كان الثدي الايمن أعظم كان المولود

______________________________

(1) الزخرف/ 15

(2) الحجرات/ 13

(3) النجم/ 45

(4) القيامه/ 39

(5) الليل/ 3

(6) الشوري/ 50

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 908

و ان علم انه من الرجال أو النساء عمل به (1) و إلا رجع الي الامارات فمنها البول من احدهما بعينه فان كان يبول من فرج الرجال فهو

رجل و ان كان يبول من فرج النساء فهو امرأة و ان كان يبول من كل منهما كان المدار علي ما سبق البول منه (2) فان تساويا في السبق قيل

______________________________

ذكرا و اذا كان الايسر أعظم كان المولود انثي، و اذا كانت حاملا فضمر ثديها الايمن فانها يسقط غلاما و اذا ضمر ثديها الايسر فانها تسقط انثي، و اذا ضمرا جميعا تسقطهما جميعا قال: من أي شي ء الطول و القصر في الانسان؟ فقال: من قبل النطفة، اذا خرجت من الذكر فاستدارت جاء القصر، و ان استطالت جاء الطول «1».

و منها: ما رواه سليمان الديلمي عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام قال: ان اللّه عز و جل خلق خلاقين الي أن قال فاذا تمت له أربعة أشهر قالوا: يا رب تخلق ما ذا؟ فيأمرهم بما يريد من ذكر و انثي، أبيض أو اسود فاذا خرجت الروح من البدن خرجت هذه النطفة بعينها منه كائنا ما كان صغيرا أو كبيرا ذكرا أو انثي فلذلك يغسل الميت غسل الجنابة «2» و غيرهما من الروايات الواردة في الباب فلاحظ.

(1) كما هو ظاهر واضح.

(2) قال في الجواهر «3»: «لا خلاف و لا اشكال في أنه يرث علي الفرج الذي يبول منه فان كان من فرج الرجال ورث ميراث ذكر و ان كان من فرج النساء ورث ميراث الانثي بل الاجماع بقسميه عليه» الخ و يدل علي المدعي ما رواه هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له: المولود يولد، له ما للرجال

______________________________

(1) البحار ج 60 باب بدء خلق الانسان في الرحم الصفحة 335 الحديث: 8

(2) نفس المصدر ص 337 الحديث: 13

(3) الجواهر ج 39 ص

278

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 909

علي ما ينقطع عنه البول اخيرا (1) و لا يخلو من اشكال (2) و علي كل حال اذا لم تكن امارة علي احد الامرين اعطي نصف سهم الرجل و نصف سهم امرأة فاذا خلف الميت ولدين ذكرا و خنثي فرضتها ذكرين تارة ثم ذكرا و انثي اخري و ضربت احدي الفريضتين في الاخري فالفريضة علي الفرض الاول اثنان و علي الفرض الثاني ثلاثة فاذا ضرب الاثنان في الثلاثة كان حاصل الضرب ستة فاذا ضرب في مخرج النصف و هو اثنان صار اثني عشر، سبعة منها للذكر و خمسة للخنثي، و اذا خلف ذكرين و خنثي فرضتها ذكرا فالفريضة ثلاثة لثلاثة ذكور و فرضتها انثي فالفريضة خمسة للذكرين أربعة

______________________________

و له ما للنساء، قال: يورث من حيث يبول من حيث سبق بوله فان خرج منهما سواء فمن حيث ينبعث، فان كانا سواء ورث ميراث الرجال و ميراث النساء «1»

(1) قال في الجواهر «اجماعا في محكي السرائر و التحرير و المفاتيح و ظاهر الغنية و الخلاف بل و كتاب الأعلام للمفيد» الخ و يدل علي المدعي ما ارسله الكليني ره قال: و في رواية اخري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المولود له ما للرجال و له ما للنساء يبول منهما جميعا قال: من أيهما سبق، قيل: فان خرج منهما جميعا قال: فمن ايهما استدر، قيل: فان استدرا جميعا قال: فمن ابعدهما «2»

(2) لا يبعد أن يكون الوجه في الاشكال عدم تمامية الاجماع فان المنقول منه ليس حجة و المحصل منه علي فرض حصوله محتمل المدرك فلا يكون معتبرا و المرسل لا اعتبار به.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب ميراث الخنثي و

ما اشبهه الحديث: 1

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب ميراث الخنثي و ما اشبهه الحديث: 4

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 910

و للأنثي واحد فاذا ضرب الثلاثة في الخمسة كان خمسة عشر، فاذا ضربت في الاثنين صارت ثلاثين يعطي منها للخنثي ثمانية و لكل من الذكرين احد عشر و ان شئت قلت في الفرض الاول لو كانت انثي كان سهمها أربعة من اثني عشر، و لو كانت ذكرا كان سهمها ستة فيعطي الخنثي نصف الاربعة و نصف الستة و هو خمسة و في الفرض الثاني لو كانت ذكرا كان سهمها عشرة و لو كانت انثي كان سهمها ستة فيعطي الخنثي نصف الستة (1).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه هشام «1» فان المستفاد من الحديث انه مع عدم الامارة علي أحد الطرفين يعطي نصف سهم الذكر و نصف سهم الانثي و يستفاد من حديث محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان شريحا القاضي بينما هو في مجلس القضاء اذ أتته امرأة فقالت: أيها القاضي اقض بيني و بين خصمي، فقال لها: و من خصمك؟ قالت: أنت قال: أفرجوا لها، فافرجوا لها فدخلت، فقال لها: و ما ظلامتك؟ فقالت: أن لي ما للرجال و ما للنساء، قال شريح: فان أمير المؤمنين عليه السلام يقضي علي المبال قالت: فاني أبول منهما جميعا و يسكنان معا، قال شريح: و اللّه ما سمعت بأعجب من هذا قالت: اخبرك بما هو أعجب من هذا، قال: و ما هو؟ قالت جامعني زوجي فولدت منه، و جامعت جاريتي فولدت مني، فضرب شريح احدي يديه علي الاخري متعجبا، ثم جاء الي أمير المؤمنين عليه السلام فقص عليه قصة المرأة فسألها عن ذلك فقالت هو

كما ذكر فقال لها: من زوجك؟ قالت: فلان، فبعث اليه فدعاه فقال: أ تعرف هذه المرأة قال: نعم هي زوجتي فسأله عما قالت: فقال: هو كذلك، فقال عليه السلام له:

______________________________

(1) لاحظ ص: 908

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 911

______________________________

لأنت أجرأ من راكب الأسد حيث تقدم عليها بهذه الحال، ثم قال: يا قنبر ادخلها بيتا مع امرأة تعد اضلاعها، فقال زوجها: يا أمير المؤمنين لا آمن عليها رجلا و لا اؤتمن عليها امرأة، فقال علي عليه السلام: علي بدينار الخصي و كان من صالحي أهل الكوفة و كان يثق به، فقال له: يا دينار ادخلها بيتا و عرها من ثيابها و مرها ان تشد مئزرا و عد اضلاعها، ففعل دينار ذلك فكان اضلاعها سبعة عشر: تسعة في اليمين و ثمانية في اليسار فألبسها علي عليه السلام ثياب الرجال و القلنسوة و النعلين و ألقي عليه الرداء و ألحقه بالرجال، فقال زوجها: يا أمير المؤمنين عليه السلام ابنة عمي و قد ولدت مني تلحقها بالرجال؟ فقال أني حكمت عليها بحكم اللّه ان اللّه تبارك و تعالي خلق حواء من ضلع آدم الايسر الأقصي و اضلاع الرجال تنقص و اضلاع النساء تمام «1».

انه يميز بينهما بعد الاضلاع و سند الرواية تام و لا أدري ما الوجه في عدم تعرض سيدنا الاستاد لمفادها فان المستفاد من الحديث انه لو لم يميز بالمبال تصل النوبة الي عد الاضلاع و أما وجه عدم ذكر الماتن القرعة فلا يبعد أن يكون ناظرا الي حديث هشام حيث انه عليه السلام بعد عدم تميزه بالمبال حكم بارثه و لم يأمر بالقرعة فلا مجال لها مع النص علي الخلاف كما ان الأمر كذلك في حديث محمد

بن قيس.

و اما النصوص الدالة علي الرجوع الي القرعة و هي ما رواه اسحاق العزرمي قال: سئل و انا عنده يعني أبا عبد اللّه عليه السلام عن مولود ولد و ليس بذكر و لا انثي و ليس له إلا دبر كيف يورث؟ قال: يجلس الامام عليه السلام و يجلس معه ناس فيدعو اللّه و يجيل السهام علي أي ميراث يورثه ميراث الذكر أو ميراث الانثي

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب ميراث الخنثي و ما اشبهه الحديث: 5

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 912

[مسألة 2: من له رأسان أو بدنان علي حقو واحد]

(مسألة 2): من له رأسان أو بدنان علي حقو واحد فان انتبها معا فهما واحد و الا فاثنان (1) و الظاهر التعدي عن الميراث الي سائر

______________________________

فأي ذلك خرج ورثه عليه، ثم قال: و أي قضية اعدل من قضية يجال عليها بالسهام ان اللّه تبارك و تعالي يقول: «فَسٰاهَمَ فَكٰانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ» «1».

و ما رواه الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن مولود ليس له ما للرجال و لا له ما للنساء قال: يقرع عليه الامام أو المقرع يكتب علي سهم عبد اللّه و علي سهم أمة اللّه، ثم يقول الامام أو المقرع: اللهم أنت اللّه لا إله الا أنت عالم الغيب و الشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، بين لنا أمر هذا المولود كيف [حتي] يورث ما فرضت له في الكتاب، ثم تطرح السهام [السهمان] في سهام مبهمة ثم تجال السهام علي ما خرج ورث عليه «2» و غيرهما من الروايات الواردة في الباب، فموردها من ليس له علامة الذكر و الانثي و انما له ثقب كما في الرواية الخامسة من هذا الباب أو دبر كما

في الرواية الأولي و الثالثة و الرابعة من هذا الباب فلا تشمل ما نحن فيه.

(1) في المقام حديثان أحدهما ما رواه حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ولد علي عهد أمير المؤمنين عليه السلام مولود له رأسان و صدران علي حقو واحد، فسئل أمير المؤمنين عليه السلام يورث ميراث اثنين أو واحدا؟ فقال: يترك حتي ينام ثم يصاح به فان انتبها جميعا كان له ميراث واحد، و ان انتبه واحد و بقي الاخر نائما فانما يورث ميراث اثنين «3».

ثانيهما: ما رواه المفيد في [الارشاد] قال: روي أهل النقل و حملة الآثار أن

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب ميراث الخنثي و ما اشبهه الحديث: 1

(2) نفس المصدر الحديث: 2

(3) الوسائل الباب 5 من أبواب ميراث الخنثي و ما اشبهه الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 913

الاحكام (1).

[مسألة 3: من جهل حاله و لم يعلم أنه ذكر أو أنثي لغرق و نحوه]

(مسألة 3): من جهل حاله و لم يعلم انه ذكر أو انثي لغرق و نحوه يورث بالقرعة و كذا من ليس له فرج الرجال و لا فرج النساء يكتب علي سهم (عبد اللّه) و علي سهم آخر (امة اللّه) ثم يقول المقرع «اللهم انت اللّه لا إله الا انت عالم الغيب و الشهادة انت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون بين لنا هذا المولود حتي يورث ما فرضت له في الكتاب» ثم يطرح السهمان في سهام مبهمة تشوش

______________________________

امرأة ولدت في فراش زوجها ولدا له بدنان و رأسان علي حقو واحد، فالتبس الأمر علي أهله أ هو واحد أو اثنان، فصاروا الي أمير المؤمنين عليه السلام يسألونه عن ذلك ليعرفوا الحكم فيه، فقال لهم: اعتبروه اذا نام ثم انتبهوا أحد البدنين فان انتبها جميعا

معا في حالة واحدة فهما انسان واحد و ان استيقظ أحدهما و الاخر نائم فهما اثنان، و حقهما من الميراث حق الاثنين «1».

و كلاهما ضعيفان سندا فيشكل الاستناد اليهما في الحكم المذكور فلاحظ و لا يبعد أن يقال: انه لو انتبه أحدهما دون الاخر يكونان فردين من الانسان و الا فلا و صفوة القول انه لو صدق انهما فردان يترتب عليهما حكم المتعدد و الا فلا و هذا ظاهر.

(1) بتقريب ان المستفاد من الحديث انه عليه السلام عرف طريق الوصول الي التعدد و عدمه بلا خصوصية للإرث و أما لو قلنا بأن الحكم دائر مدار التشخيص الخارجي العرفي فالأمر اوضح.

______________________________

(1) نفس المصدر

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 914

السهام ثم يجال السهم علي ما خرج و يورث عليه (1).

و الظاهر ان الدعاء مستحب و ان كان ظاهر جماعة الوجوب (2).

[فصل في ميراث الغرقي و المهدوم عليهم)]

اشارة

فصل- (في ميراث الغرقي و المهدوم عليهم)

[مسألة 1: يرث الغرقي بعضهم من بعض و كذلك المهدوم عليهم بشروط ثلاثة]

(مسألة 1): يرث الغرقي بعضهم من بعض و كذلك المهدوم عليهم بشروط ثلاثة (3).

______________________________

(1) لاحظ ما رواه الفضيل بن يسار «1» و الحديث و ان كان مورده خصوص المولود الذي ليس له ما للرجال و لا ما للنساء لكن لا يبعد أن يفهم العرف الميزان الكلي في تشخيص المذكر عن المؤنث مضافا الي ما ورد في جملة من النصوص الدالة علي أن القرعة لكل أمر مشتبه سيما في الأمور المالية لاحظ ما رواه سيابة و ابراهيم بن عمر جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل قال: اول مملوك أملكه فهو حر، فورث ثلاثة قال: يقرع بينهم فمن أصابه القرعة اعتق، قال: و القرعة سنة «2».

(2) لا اشكال في كون الرواية ظاهرة في الوجوب و لا بد من رفع اليد عن اصالة البراءة في قبال الدليل و قال في الجواهر «3»: «الظاهر هو استحباب الدعاء كما في الدروس و غيرها خلافا لظاهر جماعة فالوجوب» و لم افهم المراد من ادعاء الظهور في المقام الا أن يكون عدم الوجوب مستفادا في نظرهم من الاجماع و الاتفاق و اللّه العالم.

(3) بلا خلاف أجده فيه بل الاجماع بقسميه عليه و النصوص به مستفيضة بل

______________________________

(1) لاحظ ص: 912

(2) الوسائل الباب 13 من ابواب كيفية الحكم الحديث: 2

(3) ج 39 ص 296

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 915

(الاول) أن يكون لهم أو لأحدهم مال (1).

(الثاني) أن يكون بينهم نسب أو سبب يوجب الارث من دون مانع (2).

(الثالث) أن يجهل المتقدم و المتأخر (3) فمع اجتماع الشرائط المذكورة يرث كل واحد منهما من صاحبه من ماله الذي مات عنه لا مما ورثه منه فيفرض

كل منهما حيا حال موت الاخر فما يرثه منه يرثه اذا غرقا، مثلا اذا غرق الزوجان و اشتبه المتقدم و المتأخر و ليس لهما ولد ورث الزوج النصف من تركة الزوجة و ورثت الزوجة ربع ما تركه زوجها فيدفع النصف الموروث للزوج الي ورثته مع ثلاثة أرباع تركته الباقية بعد اخراج ربع الزوجة و يدفع ربع الموروث للزوجة مع نصف تركتها الباقي بعد نصف الزوج

______________________________

متواترة هكذا في الجواهر «1» و من النصوص الدالة علي المدعي ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القوم يغرقون في السفينة أو يقع عليهم البيت فيموتون فلا يعلم أيهم مات قبل صاحبه قال: يورث بعضهم من بعض كذلك هو في كتاب علي عليه السلام «2».

(1) كما هو ظاهر فانه بدون المال لا موضوع للإرث.

(2) هذا أيضا واضح فانه بدون المقتضي أو مع وجود المانع لا يتحقق الارث

(3) و هذا أيضا مثل سابقيه اذ مع العلم بالتقدم و التأخر لا مجال لهذا البحث فلاحظ.

______________________________

(1) ج 39 ص 306

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب ميراث الغرقي و المهدوم عليهم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 916

الي ورثتها هذا حكم توارثهما فيما بينهما. اما حكم ارث الحي غيرهما من احدهما من ماله الاصلي فهو انه يفرض الموروث سابقا في الموت و يورث الثالث الحي منه و لا يفرض لا حقا في الموت، مثلا، اذا غرقت الزوجة و بنتها فالزوج يرث من زوجته الربع و ان لم يكن للزوجة ولد غير البنت و لا يرث النصف، و كذا ارث البنت فانها تفرض سابقة فيكون لأمها التي غرقت معها الثلث و لأبيها الثلثان، و اذا غرق الاب و

بنته التي ليس له ولد سواها كان لزوجته الثمن و لا يفرض موته بعد البنت. و اما حكم ارث غيرهما الحي لأحدهما من ماله الذي ورثه من صاحبه الذي غرق معه فهو أنه يفرض الموروث لا حقا لصاحبه في الموت فيرثه وارثه علي هذا التقدير و لا يلاحظ فيه احتمال تقدم موته عكس ما سبق في ارث ماله الاصلي، و اذا كان الموتي ثلاثة فما زاد فرض موت كل واحد منهم و حياة الاخرين فيرثان منه كغيرهما من الاحياء (1).

______________________________

(1) فانه الظاهر من نصوص الباب مضافا الي النص الخاص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في رجل سقط عليه و علي امرأته بيت قال: تورث المرأة من الرجل و يورث الرجل من المرأة معناه يورث بعضهم من بعض من صلب أموالهم لا يورثون مما يورث بعضهم بعضا شيئا «1».

و ما رواه حمران بن أعين عمن ذكره عن أمير المؤمنين عليه السلام في قوم غرقوا جميعا أهل البيت قال: يورث هؤلاء من هؤلاء و هؤلاء من هؤلاء و لا يرث

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من أبواب ميراث الغرقي و المهدوم عليهم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 917

[مسألة 2: إذا ماتا بسبب غير الغرق و الهدم كالحرق و القتل في معركة قتال أو افتراس سبع أو نحو ذلك]

(مسألة 2): اذا ماتا بسبب غير الغرق و الهدم كالحرق و القتل في معركة قتال أو افتراس سبع أو نحو ذلك ففي الحكم بالتوارث من الطرفين كما في الغرقي و الهدم قولان اقواهما ذلك، بل الظاهر عموم الحكم لما اذا ماتا حتف انفهما بلا سبب (1).

[مسألة 3: إذا كان الغرقي و المهدوم عليهم يتوارث بعضهم من بعض دون بعض آخر إلا علي تقدير غير معلوم]

(مسألة 3): اذا كان الغرقي و المهدوم عليهم يتوارث بعضهم من بعض دون بعض آخر الا علي تقدير غير معلوم كما اذا غرق الاب و ولداه فان الولدين لا يتوارثان الا مع فقد الاب ففي الحكم بالتوارث اشكال بل الاظهر العدم (2).

[مسألة 4: المشهور اعتبار صلاحية التوارث من الطرفين]

(مسألة 4): المشهور اعتبار صلاحية التوارث من الطرفين فلو انتفت من احدهما لم يحكم بالارث من احد الطرفين كما اذا غرق اخوان لأحدهما ولد دون الاخر و قيل: لا يعتبر ذلك و يحكم بالارث

______________________________

هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شيئا، و لا يورث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شيئا «1»

(1) الظاهر ان ما أفاده مشكل لعدم الدليل عليه و القياس ليس من المذهب و تنقيح المناط لا طريق اليه و عدم الفرق عهدة دعواه علي مدعيه مضافا الي حديث ابن القداح عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: ماتت أم كلثوم بنت علي عليه السلام و ابنها زيد بن عمر بن الخطاب في ساعة واحدة لا يدري أيهما هلك قبل فلم يورث أحدهما من الاخر و صلي عليهما جميعا «2».

(2) لعدم شمول الدليل للمقام.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث: 2

(2) الوسائل الباب 5 من ابواب ميراث الغرقي و المهدوم عليهم الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 918

من احد الطرفين و هو قوي (1).

[فصل في ميراث المجوس]

اشارة

(فصل في ميراث المجوس)

[مسألة 1: لا إشكال في أن المجوس يتوارثون بالنسب و السبب الصحيحين]

(مسألة 1): لا اشكال في ان المجوس يتوارثون بالنسب و السبب الصحيحين و هل يتوارثون بالنسب و السبب الفاسدين كما اذا تزوج من يحرم عليه نكاحها عندنا فاولدها قيل: نعم فاذا تزوج اخته فاولدها و مات ورثت اخته نصيب الزوجة و ورث ولدها نصيب الولد. و قيل: لا، ففي المثال لا ترثه اخته الزوجة و لا ولدها. و قيل بالتفصيل بين النسب و السبب فيرثه في المثال المذكور الولد و لا ترثه الزوجة و الاقوال المذكورة كلها مشهورة و اقواها الاول للنص (2) و لولاه لكان الاخير هو الاقوي (3).

[مسألة 2: إذا اجتمع للوارث سببان و ورث بهما معا]

(مسألة 2): اذا اجتمع للوارث سببان و ورث بهما معا كما اذا

______________________________

(1) لوجود المقتضي من طرف واحد و عدمه من الطرف الاخر.

(2) لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان قال: قذف رجل مجوسيا عند أبي عبد اللّه عليه السلام فقال: مه فقال الرجل: انه ينكح امه و اخته، فقال: ذاك عندهم نكاح في دينهم «1» فان المستفاد من الرواية ان نكاحه مع امه يجب ترتيب الأثر عليه فلا فرق بين السبب الصحيح و الفاسد فالقول الأول هو الأقوي.

(3) اذ لو لا النص يكون السبب باطلا و لا يترتب عليه الأثر و أما النسب فيصدق عنوان الأب و الابن و الام و الأخ الي غيرها فيكون مقتضي القاعدة الأولية تحقق الارث.

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب ميراث المجوس الحديث: 1

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 919

تزوج امه فمات ورثته امه نصيب الام و نصيب الزوجة، و كذا اذا تزوج بنته فانها ترثه نصيب الزوجة و نصيب البنت و اذا اجتمع سببان احدهما يمنع الاخر ورث من جهة المانع دون الممنوع كما اذا تزوج امه فاولدها فان الولد

اخوه من امه فهو يرث من حيث كونه ولدا و لا يرث من حيث كونه اخا و كما اذا تزوج بنته فاولدها فان ولدها ولد له و ابن ابنته فيرث من السبب الاول و لا يرث من السبب الثاني (1).

[مسألة 3: المسلم لا يرث بالسبب الفاسد و يرث بالنسب الفاسد ما لم يكن زنا فولد الشبهة يرث و يورث]

(مسألة 3): المسلم لا يرث بالسبب الفاسد و يرث بالنسب الفاسد ما لم يكن زنا فولد الشبهة يرث و يورث و اذا كانت الشبهة من طرف واحد اختص التوارث به دون الاخر (2) و اللّه سبحانه العالم.

[خاتمه]

اشارة

خاتمه مخارج السهام المفروضة في الكتاب العزيز خمسة الاثنان مخرج النصف و الثلاثة مخرج الثلث و الثلثين و الاربعة مخرج الربع و الستة مخرج السدس و الثمانية مخرج الثمن.

[(مسألة: لو كان في الفريضة كسران فإن كانا متداخلين]

(مسألة): لو كان في الفريضة كسران فان كانا متداخلين بأن كان مخرج أحدهما يفني مخرج الاخر اذا سقط منه مكررا

______________________________

(1) ما أفاده علي طبق القاعدة الأولية.

(2) قد ظهر الوجه مما تقدم فان النسب بعد تحققه يترتب عليه حكمه من التوارث و أما السبب الفاسد فوجوده كالعدم فلاحظ.

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 920

كالنصف و الربع فان مخرج النصف و هو الاثنان يفني مخرج الربع و هو الاربعة و كالنصف و الثمن و الثلث و السدس، فاذا كان الامر كذلك كانت الفريضة مطابقة للأكثر فاذا اجتمع النصف و الربع كانت الفريضة أربعة و اذا اجتمع النصف و السدس كانت ستة و اذا اجتمع النصف و الثمن كانت ثمانية، و ان كان الكسران متوافقين بأن كان مخرج احدهما لا يفني مخرج الاخر اذا سقط منه مكررا و لكن يفني مخرجيهما عدد ثالث اذا سقط مكررا من كل منهما كالربع و السدس فان مخرج الربع أربعة و مخرج السدس ستة و الاربعة لا تفني الستة و لكن الاثنين يفني كلا منهما و كسر ذلك العدد وفق بينهما فاذا كان الامر كذلك ضرب احد المخرجين في وفق الاخر و تكون الفريضة مطابقة لحاصل الضرب، فاذا اجتمع الربع و السدس ضربت نصف الاربعة في الستة أو نصف الستة في الاربعة و كان الحاصل هو عدد الفريضة و هو اثنا عشر و اذا اجتمع السدس و الثمن كانت الفريضة أربعة و عشرين حاصلة من ضرب نصف مخرج السدس و هو ثلاثة في الثمانية

أو نصف مخرج الثمن و هو الاربعة في الستة و ان كان الكسران متباينين بأن كان مخرج أحدهما لا يفني مخرج الاخر و لا يفنيهما ثالث غير الواحد كالثلث و الثمن ضرب مخرج أحدهما في مخرج الاخر و كان المتحصل هو عدد الفريضة ففي المثال المذكور تكون الفريضة اربعة و عشرون حاصلة من ضرب الثلاثة في الثمانية و اذا اجتمع الثلث و الربع كانت الفريضة اثنتي

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 921

عشرة حاصلة من ضرب الاربعة في الثلاثة.

[مسألة: إذا تعدد أصحاب الفرض الواحد كانت الفريضة حاصلة من ضرب عددهم في مخرج الفرض]

(مسألة): اذا تعدد اصحاب الفرض الواحد كانت الفريضة حاصلة من ضرب عددهم في مخرج الفرض كما اذا ترك اربع زوجات و ولدا فان الفريضة تكون من اثنين و ثلاثين حاصلة من ضرب الاربعة «عدد الزوجات» في الثمانية مخرج الثمن و اذا ترك أبوين و أربع زوجات كانت الفريضة من ثمانية و أربعين حاصلة من ضرب الثلاث التي هي مخرج الثلث في الاربعة التي هي مخرج الربع فتكون اثنتي عشرة فتضرب في الاربع (عدد الزوجات) و يكون الحاصل ثمانية و اربعين و هكذا تتضاعف الفريضة بعدد من ينكسر عليه السهم (1).

هذا ما وقفنا اللّه تعالي لبيانه و كان الفراغ منه في اليوم الرابع من شهر صفر المظفر من السنة الثالثة و التسعين بعد الالف و ثلاثمائة الهجرية علي مهاجرها أفضل الصلاة و اكمل التحية و منه سبحانه نستمد المعونة و هو حسبنا و نعم الوكيل و الحمد للّه رب العالمين (2).

______________________________

(1) و الظاهر ان ما أفاده في الخاتمة تام.

(2) قد حصل الفراغ من شرح كتاب الارث في ليلة الأحد الخامس و العشرين من شهر جمادي الأولي من سنة 1410 و الحمد للّه اولا و آخرا ولد الشكر و عليه

التكلان و قد تم بحول اللّه و قوته شرح كتاب منهاج الصالحين في بلدة قم المشرفة في أجزاء عشرة كاملة.

يا سيدنا يا أبا صالح المهدي يا من يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا يا حافظ الدين القويم يا هادي الضالين و المضلين الي صراط المستقيم

مباني منهاج الصالحين، ج 10، ص: 922

______________________________

يا وارث الأئمة الطاهرين يا غوث الملحوفين يا باب الرحمة يا وسيلة نجاة الامة هذه جهودي بين يديك في سبيل خدمة الدين المبين و الشريعة المقدسة اسألك بحق آبائك الطاهرين و بحق امك الطاهرة المرضية أن تشفع لي عند ربك ليرحمني عند سكرات الموت و في البرزخ و عند الحساب و يجعل كتابي بيدي اليمني و يجعلني من أهل الجنة و من مرافقيك و مرافقي آبائك في الفردوس الأعلي يا وصي الحسن و الخلف الحجة ايها القائم المنتظر المهدي يا بن رسول اللّه يا حجة اللّه علي خلقه يا سيدنا و مولانا انا توجهنا و استشفعنا و توسلنا بك الي اللّه و قدمناك بين يدي حاجاتنا يا وجيها عند اللّه اشفع لنا عند اللّه و الصلاة و السلام عليك و علي آبائك و علي امك الطاهرة الزكية الي يوم القيامة و رحمة اللّه و بركاته.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.